حسن السمت في الصمت
السيوطي
إهداء
إهداء إلى روح أبي في مثواه اللهم اغفر له خطاياه اللهم أعطه كتابه بيمينه اللهم لا تخزه يوم العرض عليك آمين آمين
المقدمة
المقدمة إن الحمد لله , نحمده , ونستعينه , ونستغفره , ونعوذ بالله من شرور أنفسنا , ومن سيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضل له , ومن يضلل فلا هادي له , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (آل عمران: 102) {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (النساء: 1) {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)} (الأحزاب: 70 - 71) وبعد: الحمد لله الذي أحسن خَلْقََنا , وعدَّل خُلُقنا , ونوَّر بصائرنا , الحمد لله على نعمه المتعددة , ومننه المتجددة , نحمدك يا ربنا غير مستكثري الحمد ولا كافِّين نحمدك على نعمة اللسان فبه نشكرك , وبه نحمدك , وبه نقرأ كلامك فتُشفى صدورنا وتُروى عقولنا , ولخطر جُرم هذا اللسان نرجو منك الإعانة على ألا نستبيح به عرض أحد ولا ننهش به لحم إخواننا , ولا نتكلم إلا بما يُرضيك عنَّا, أنت ولي ذلك والقادر عليه. واعلم أيها الإنسان أن مغبة الإفراط في ذنوب اللسان تؤول بك إلى النار , فخف من لسانك وارق به عن فتات الكلام , ولا تتكلم إلا إذا نُدِبت إلى الكلام , ولا تتكلم إلا فيما يعنيك , ولا تتكلم إلا بما لابد لك منه , فمن خاف سلم , واعلم أن باللسان قد تكفر
وباللسان قد تؤمن , فاحترز من اللسان , واعلم أن أول فريسة يفترسها اللسان صاحبه فلا تكن في غفلة عن هذا وضع خطر اللسان نصب عينيك. واحذر أن تكون قتيل لسانك , فقتيل اللسان ليس شهيدًا , فلو قتلك لسانك فعقوبتك النار إلا أن يرحمك الله , فلا تكن ممن سينكبون على مناخرهم يوم القيامة. واعلم أن اللسان زارع لسيئاتك وحسناتك , فإما أن تحصد به نار جهنم وأعوذ بالله لي ولك منها , وإما أن تحصد به نعيم الدنيا والآخرة ونسأل الله هذا. ونصيحتي لك أخي إذا هممت بكلام ترى فيه معصية لله , أو نهش لحم أخيك , أو غير ذلك من آفات اللسان , أن تبدل هذا الكلام بذكر الله وتسبيحه , فالكلام وإن كان في بعض الأحيان ضروري , فالسكوت في كثير من الأحيان أفضل من الكلام , ولو كنت فصيحا فهذه نعمة , فلا تستخدم نعم الله عليك في غير طاعته , أَيَمُنُّ عليك بنعمه فتستبيحها في معصية من وهبك إياها؟! ولو كنت حقًّا فصيحا فعليك أن تعلم أن من الفصاحة قلة الكلام , فالعاقل الفطن من أغلق فمه وألجمه بلجام , فيا أخي لا تطلق العنان للسانك فتندم أشد الندم يوم عرضك على خالقك. واعلم أن للسان آفات ومحاسن , فاتق آفاته وتنعم في محاسنه , فآفاته كالكذب والنميمة , والغيبة , وذكر الناس بالباطل , ورمي المحصنات الغافلات, وسب المسلم ولعنه والجدال والمراء , وغير ذلك مما يوقعك في معصية الله , فاتق هذه الآفات , ومن محاسن اللسان ذكر الله وتسبيحه , ودعوة الناس إلى الإسلام وحث المجاهدين على الحرب , وقراءة القرآن والجهر به , فعليك أن تنعم بهذه المحاسن. ويا أخي حسن السمت في الصمت لا يعني ألا تتكلم أبدًا , بل أن تتبع قواعد الكلام وتسير على نهج نبيك (صلى الله عليه وسلم) والصحابة رضي الله عنهم والسلف الصالح في الكلام.
وقواعد الكلام كثيرة , منها على سبيل المثال لا الحصر: ألا تتكلم إلا فيما يعنيك وتترك ما لا يعنيك , ولا تتكلم إلا عندما تٌستدعى إلى الكلام ولا تجيب إلا عندما تسأل , ولا تجيب إلا عن علم , فالسلف الصالح كانوا يميلون إلى السكوت لا إلى الكلام , بل منهم من كان يغضب عندما يسأله شخص عن مسألة هو - أي المسئول - على علم بها , أما ما نراه اليوم من لغط الكلام وكثرته على علم وبدون علم وتعدى الناس اليوم وجرأتهم على كتاب الله وسنة نبيه , فهم يفتون في الدين بغير علم ويكذبون على رسول الله وينسبون إليه أقوالًا وأحاديث وفتاوى لم تثبت عنه , فليتبوءوا مقاعدهم من النار. كان السلف الصالح يخافون من الكلام والفتوى وهم على علم , ونحن نتكلم من غير علم - رحمنا الله وغفر لنا - ألا تعلم أنه إن كان السكوت في بعض الأحيان من الأشياء التي تندم عليها , فإن ندمك على الكلام سيكون أكبر وأعظم , بل إنك قد لا تندم على سكوتك وتندم على كلامك في كثير من الأحيان وجُلها. أما بالنسبة لطالب العلم فإن عليه أن يميل إلى السكوت أكثر من العامة , وعليه أن يتحلى بآداب الصمت وحسن السمت أكثر من غيره , " فأدب العلم أكثر من العلم" (¬1) أي أن تعلم السمت الصالح في العلم أفضل من تعلم العلم نفسه , فالسلف كانوا يتعلمون من شيوخهم هديهم قبل أن يأخذوا عنهم علمهم , فكانوا إذا أتوا الرجل ليأخذوا العلم عنه نظروا إلى صلاته وسمته وهيئته ثم يأخذون عنه فعن الأعمش - رضي الله عنه - ... قال: " كانوا يتعلمون من الفقيه كل شيء حتى لباسه ونعليه " (¬2) ¬
وعلى المتعلم بعد أن يصير عالمًا أن يٌرى حسن السمت في كل حياته وأن يتحلي به ففي شعب الإيمان " قد كان الرجل يطلب العلم فلا يلبث أن يٌرى ذلك في تخشعه وهديه ولسانه وبصره ويده " (¬1). وخير من اهتدينا بهديه وسمته ودله ومشيه وحركاته ونومه وكل أفعاله نبينا - صلى الله عليه وسلم - , وكانت السيدة فاطمة - رضي الله عنها وأرضاها - أقرب الناس من سمت النبي - صلى الله عليه وسلم - , كما قالت السيدة عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - (¬2). من هنا ترجع أهمية هذا الكتاب الذي يحث فيه ابن أبي الدنيا على التحلي بالصمت وقام السيوطي - رحمه الله - باختصاره وأضاف كثيرًا من الأحاديث والأبيات الشعرية إليه لتكتمل الفائدة , فقمت بإخراج هذا الكتاب مرة أخرى وبشكل جديد معتمدًا فيه على نسختين مخطوطتين , بعد أن أخرجه نجم عبد الحمن خلف عام 1987 م وطبعته دار المأمون للتراث بدمشق , أما كتاب الصمت فقد حقق أكثر من مرة تحت اسم ... " الصمت وحفظ اللسان " تحقيق وتعليق محمد أحمد عاشور طبعته دار الاعتصام سنة 1406 هـ , في 365 ص. ومرة تحت اسم " الصمت وآداب اللسان " دراسة وتحقيق نجم عبد الرحمن خلف طبعته دار الغرب الإسلامي سنة 1406 هـ بيروت في 754 ص. وأخرى قام بتحقيقه أبو إسحاق الحويني , وطبعته: دار الكتاب العربي 1410هـ , تحت اسم "الصمت وآداب اللسان " , واعتمدت في مقابلة " حسن السمت في الصمت " بكتاب " الصمت على طبعة مؤسسة الكتب الثقافية 1414هـ - 1993م بتحقيق: محمد عبد القادر عطا. ¬
الدراسة
الدراسة
ارتكزت هذه الدراسة على عدة ركائز أساسية: أولا: تناولت في دراستي لهذا الكتاب - بإذن الله وعونه - الحديث عن معنى السمت وكيف تكون حَسَن السمت؟ ,ومن تَحَلَّى بالسمت الحسن من الصحابة والسلف الصالح وفضيلة التحلي بالسمت الحسن والفائدة من التزامنا حسن السمت , وكيف أن الله سبحانه وتعالى أثنى على من حَسُنَ سمته , وذكرت ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في حسن السمت , وكذا آراء العلماء في ذلك أيضًا , ومن اقترب سمته وهديه بالنبي صلى الله عليه وسلم. ثم قمت بالحديث عن منهج السيوطي في كتبه عامة , ثم في هذا الكتاب مدار التحقيق. *وترجمت للإمامين ابن أبي الدنيا والسيوطي. وقمت بالحديث عن الكتاب ونسبته للمصنف ووضحت رموز النسخ الخطية. هذا ما يتعلق بالدراسة , أما عن المنهج المتبع في تحقيق المخطوطتين: (1) -قمت بمقابلة النسخ الخطية معتمدًا على مطبوعة دار الكتب العلمية في " ب " ... و "ت" , والتي بدورها اعتمدت على مطبوعة " دار المأمون " , وفي فروق " ل" و "ط" اعتمدت على مطبوعة دار الكتب العلمية , وفي فروق " م1 " و "م2 " اعتمدت على نسختين خطيتين الاولى التي بدار الكتب المصرية " م1 " تحت رقم (530 مجاميع) والثانية " م2 " وهي نسخة المكتبة الأزهرية برقم (334 , 10135). فصار تحقيقي لهذا الكتاب على ستة نسخ خطية ومطبوعتين. وعن العمل في هامش التحقيق: قمت بتخريج الأحاديث.
(1) وضعت ترجمة مختصرة لجل الأعلام الموجودة في الكتاب , موضحًا المصادر التي تكلمت عنهم والتي وردت فيها أخبارهم. (2) قمت بالتعليق على بعض الفوائد في الكتاب. (3) صححت الأخطاء التي وردت في الأحاديث والآثار معتمدا في ذلك على المصادر التي نقل عنها السيوطي. (4) طابقت بين متن الكتاب وكتاب الصمت لابن أبي الدنيا باعتباره الأصل الذي اعتمد عليه السيوطي. (5) كما قمت بتوضيح ما زاده السيوطي على كتاب الصمت. (6) وما يخص عملي في الأبيات الشعرية قمت بذكر المصادر التي وردت فيها ناسبًا إياها إلى قائليها , أما الأبيات التي لم أقف على قائليها تركتها دون ذكر قائلها , كما صححت الأخطاء الواقعة في هذه الأبيات من قبل الناسخ أو من قبل السيوطي نفسه. (7) قمت بوضع فهرسة شاملة للكتاب من آيات قرآنية إلى أحاديث نبوية وآثار إلى أعلام مرتبة ترتيبًا هجائيًّا إلى الكتب التي وردت في المتن نفسه ثم قمت بعمل فهارس للأبيات الشعرية كل حسب قافيته , ثم قمت بعمل فهارس الموضوعات. وأرجو من الله تعالى أن ينفعنا وإياكم بهذا الكتاب وغيره من الكتب , وأرجو ممن يقرأ هذا الكتاب أن يدعو لوالدي بالجنة - رحمه الله -.
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على الهادي الأمين , المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد بن عبد الله , بعثه الله هاديًا ومبشرًا ونذيرا , وداعيًا إلى الله وسراجًا منيرا , ونسأل الله منزل الغيث , مخرج اللبن من الفرث , موزع للناس الإرث , واهب الإناث والذكور , جاعل من شاء عقيمًا أن يرحمنا ويجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه. وبعد: بدايةً أريد أن أوضح معنى حسن السمت كما ورد في كتب اللغة حتى يتيسر لنا أن نعرف مغزى الكتاب من عنوانه , كما أريد أن أوضح ثناء الله على من يتحلى بحسن السمت من الناس , وكيف وصف الله تعالى نبيه محمدًا بأنه حسن السمت , ووٌصف نبي الله يوسف بحسن السمت كما ورد في بعض كتب التفاسير وكذلك توضيح معنى الصمت يقول ابن منظور: " السَّمْتُ: حُسْنُ النَّحْو في مَذْهَبِ الدِّينِ، والفعلُ سَمَتَ يَسْمُتُ سَمْتاً، وإِنه لحَسَنُ السَّمْت أَي حَسَنُ القَصْدِ والمَذْهَب في دينه ودنْياه" (¬1). يقول الصاحب ابن عباد في معنى السمت: " السمْتُ: فِعْلُ الخَيْرِ وحُسْنُ النَحْوِ، سَمَتَ يَسْمُت ويَسْمِتُ سَمْتاً. وهو - أيضاً -: السيْرُ بالحَدْسِ والظَّنِّ. وسَمَتَ الطرِيْقَ: لَزِمَه. وتَسَمتَه: تَعَمدَه. والتسْمِيْتُ: ذِكْرُ اللهِ على الشيءِ. وسَمتَ لهم شيئاً: أي بَينَ. وفي الحَدِيث: "سَموا وسَمتُوا" أي ادْعُوا وصَلُّوا. وسَمَت الحَق: قَصَدْته (¬2). يقول الزمخشري: " خذ في هذا السمت وهو النحو والطريق، وما أحسن سمته، وقد سمت نحوه يسمت سمتاً. ¬
قال: خواضع بالركبان خوضاً عيونها ... وهن إلى البيت العتيق سوامت وسامته مسامتة. وتسمته: تعمده وقصد نحوه " (¬1) يقول الجوهري: " السَمْتُ: الطريق. وسَمَتَ يَسْمُت بالضم، أي قصد. والسَمْتُ: هيئة أهل الخير؛ يقال: ما أحسن سَمْتَه، أي هَدْيه. والسَمْتُ: السير بالظنّ والحدس. وقال: ليس بها رِيعٌ لِسَمْت السامت وتَسَمَّتَهُ، أي قَصَدَهُ " (¬2) هذا ما ورد في كتب اللغة من معنى للسمت أما ما ورد في الكتب التي وضحت غريب الحديث وبينت ما اشتبه علينا من ألفاظ , " يقول الهروي أن السمت له معنيين: ألا وأن أولهما: أن يكون الإنسان حسن الهيئة في مذهب دينه , وليس بأن يكون حسن الهيئة في جمال شكله وحسن زينته , فحسن السمت أن يكون له هيئة أهل الخير ومنظرهم والمعنى الآخر أن السمت يعني الطريق , يقال: الزم هذا السمت , فمعنى السمت أن تلتزم طريقة أهل الإسلام وهيئتهم " (¬3) * هذا وقد أثنى الله تبارك وتعالى على السمت الحسن وعلى أهله في غيرما آية , يقول تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26)} (الأعراف: 26). ¬
روى الطبري في تفسيره عن ابن عباس - رضي الله عنهما - بعد أن ذكر معانٍ كثيرة لمعنى قوله تعالى: " وَلِبَاسُ 3 {وَلِبَاسُ التَّقْوَى}. " وقال آخرون: بل ذلك هو السمت الحسن. ذكر من قال ذلك: حدثني زكريا بن يحيى بن أبي زائدة , قال: حدثنا عبد الله بن داود , عن محمد بن موسى , عن الزباء بن عمرو, عن ابن عباس: وَلِباسُ التّقْوَى قال: السمت الحسن في الوجه " (¬1) وروى القرطبي _ رحمه الله _هذا القول أيضًا عن ابن عباس:" وقال ابن عباس: "لباس التقوى" هو العمل الصالح. وعنه أيضا: السمت الحسن في الوجه ". فالسمت الحسن من التقوى وخشية الله فاللهم ألبسنا لباس التقوى في الدنيا واجعله سببًا من أسباب السعادة لنا في الآخرة , اللهم آمين آمين. ووصف الله سبحانه وتعالى نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - ومن معه من الصحابة بأنهم أشداء أقوياء على الكفار رحماء مع بعضهم بعضا , ووصفهم بأنهم يكثرون الركوع والسجود لله , كما وصف نبيه ووصف من معه بأنهم ممن حسُن سمتهم يقول تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29)} (سورة الفتح: 29) ¬
* قال الطبري في تفسيره: " وقال ابن عباس ومجاهد: السيما في الدنيا وهو السمت الحسن " (¬1). * ونقل ابن كثير هذا القول عن ابن عباس أيضًا قال: " قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: سيماهم في وجوههم يعني السمت الحسن " (¬2). * كما وصف الله سبحانه وتعالى نبيه يوسف بحسن السمت كما ورد عن ابن كثير في تفسيره للآية (36) من سورة يوسف , يقول تعالى: {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (36)}. * يقول ابن كثير في تفسيره: " قال السدي: كان سبب حبس الملك إياهما أنه توهم أنهما تمالاَ على سمه في طعامه وشرابه , وكان يوسف عليه السلام قد اشتهر في السجن بالجود والأمانة , وصدق الحديث , وحسن السمت , وكثرة العبادة , صلوات الله عليه وسلامه " (¬3). فحسن السمت صفة لازمة للأنبياء وصفة لازمة لمن اصطفاهم الله لهم ليؤازروهم في نشر دعوتهم فقد اشتهر الصحابة رضوان الله عليهم بحسن السمت وكان ابن أم عبد وهو عبد الله بن مسعود أقرب هؤلاء الصحابة من النبي سمتًا ودلًا كما وردت بعض ¬
الأحاديث النبوية والتي فيها ذكر لحسن السمت وكيف أنه من علامات النبوة وجزءًا من أجزائها، فعن عبد الله ابن عباس - رضي الله عنه _ أنه قال: " القصد والتؤدة , وحسن السمت , جزء من خمسة وعشرين جزءًا من النبوة " (¬1). يقول هشام الأندلسي في شرحه لألفاظ هذا الحديث: " قوله: إنه كان يقول القصد والتؤدة؛ والقصد: العدل في الأمر والتوسط فيه يقال: قصد يقصد , واقتصد يقتصد , قال تعالى " واقصد في مشيك " قال عبد الرحمن بن حسان: على الحكم المأتي يومًا إذا قضى ... قضيّته أن لا يجور ويقصد والتؤدة: الرفق , اتّأد: رفق. - قوله: " وحسن السمت " السمت: الهيئة " (¬2). قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه فتح الباري: (التؤدة والاقتصاد وحسن السمت جزء من ستة وعشرين جزءًا من النبوة أي النبوة مجموع خصال مبلغ أجزائها ذلك وهذه الثلاثة جزء منها، وعلى مقتضى ذلك يكون كل جزء من الستة والعشرين ثلاثة أشياء، فإذا ضربنا ثلاثة في ستة وعشرين انتهت إلى ثمانية وسبعين فيصح لنا أن عدد خصال النبوة من حيث آحادها ثمانية وسبعون , قال - يقصد القرطبي في كتابه المفهم -: ويصح أن يسمى كل اثنين منها جزءًا فيكون العدد بهذا الاعتبار تسعة وثلاثين، ويصح أن يسمى كل أربعة منها جزءًا فتكون تسعة عشر جزءًا ونصف جزء، ¬
فيكون اختلاف الروايات في العدد بحسب اختلاف اعتبار الأجزاء ولا يلزم منه اضطراب , قال: وهذا أشبه ما وقع لي في ذلك مع أنه لم ينشرح به الصدر ولا اطمأنت إليه النفس , قلت: وتمامه أن يقول في الثمانية والسبعين بالنسبة لرواية السبعين ألغي فيها الكسر وفي التسعة والثلاثين بالنسبة لرواية الأربعين جبر الكسر ولا تحتاج إلى العدد الأخير لما فيه من ذكر النصف , وما عدا ذلك من الأعداد قد أشار إلى أنه يعتبر بحسب ما يقدر من الخصال , ثم قال: وقد ظهر لي وجه آخر وهو أن النبوة معناها أن الله يطلع من يشاء من خلقه على ما يشاء من أحكامه ووحيه إما بالمكالمة , وإما بواسطة الملك, وإما بإلقاء في القلب بغير واسطة لكن هذا المعنى المسمى بالنبوة لا يخص الله به إلا من خصه بصفات كمال نوعه من المعارف والعلوم والفضائل والآداب مع تنزهه عن النقائص أطلق على تلك الخصال نبوة , كما في حديث التؤدة والاقتصاد أي تلك الخصال من خصال الأنبياء والأنبياء مع ذلك متفاضلون فيها كما قال تعالى: { ... وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ ... } (الإسراء من الآية 55) ومع ذلك فالصدق أعظم أوصافهم يقظة ومنامًا فمن تأسى بهم في الصدق حصل من رؤياه على الصدق , ثم لما كانوا في مقاماتهم متفاوتين كان أتباعهم من الصالحين كذلك وكان أقل خصال الأنبياء ما إذا اعتبر كان ستة وعشرين جزءًا وأكثرها ما يبلغ سبعين وبين العددين مراتب مختلفة بحسب ما اختلفت ألفاظ الروايات , وعلى هذا فمن كان من غير الأنبياء في صلاحه وصدقه على رتبة تناسب حال نبي من الأنبياء كانت رؤياه جزءًا من نبوة ذلك النبي ولما كانت كمالاتهم متفاوتة كانت نسبة أجزاء منامات الصادقين متفاوتة على ما فصلناه , قال: وبهذا يندفع الاضطراب إن شاء الله) (¬1). ¬
وروى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه , قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " خصلتان لا تجتمعان في منافق: حسن سمت، ولا فقه في الدين " (¬1). *ووصف كثيٌر جدًّا من السلف وكثير من العلماء بحسن السمت , وذكر ذلك المترجمون والمؤرخون , وألزموا أنفسهم بذكر حسن سمتهم إن وُصِفُوا بذلك. عبد الله بن مسعود: ممن وصف بحسن السمت من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن مسعود كما ذكرت آنفًا. فعن عبد الرحمن بن يزيد - رحمه الله - قال: " سألنا حذيفةَ عن رجل قريب السَّمْتِ والهَدي والدَّلِّ من رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- حتى نأخذَ عنه؟ فقال: ما أعرف أحدًا أقربَ سَمْتا وهَدْيا ودَلاّ بالنبيِّ - صلى الله عليه وسلم- من ابنِ أمِّ عبد " يقصد عبد الله بن مسعود " (¬2) ويقول ابن حجر العسقلاني: " ما أعلم أحدًا أقرب سمتًا , أي: خشوعًا , وهديًا أي: طريقة ودلاً أي: سيرة وحالة وهيئة , وكأنه مأخوذ مما يدل ظاهر حاله على حسن ... فعاله " (¬3). ¬
السيدة فاطمة رضي الله عنها
ومما ورد عن النبي في فضائل ابن مسعود: (عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ " إِنِّى لاَ أَدْرِى مَا قَدْرُ بَقَائِى فِيكُمْ فَاقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِى وَأَشَارَ إِلَى أَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ وَاهْتَدُوا بِهَدْىِ عَمَّارٍ وَمَا حَدَّثَكُمُ ابْنُ مَسْعُودٍ فَصَدِّقُوهُ " (¬1). وعبد الله بن مسعود هو ابن غافل بن حبيب من قبيلة مضر وكان سادس ستة في الإسلام وقد أرسله عمر بن الخطاب إلى الكوفة ليعلم الناس أمور دينهم , وأمرهم باتباعه وطاعته وقد شهد عبد الله بدرًا. * السيدة فاطمة رضي الله عنها: والسيدة فاطمة - سيدة نساء المؤمنين - كانت كذلك قريبة الشبه برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سمته ودله وهديه , وكانت عليها السلام تشبهه في مشيته , ففي الصحيحين عن مسروق عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ إِنَّا كُنَّا أَزْوَاجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَهُ جَمِيعًا، لَمْ تُغَادَرْ مِنَّا وَاحِدَةٌ، فَأَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - تَمْشِى، لاَ وَاللَّهِ مَا تَخْفَى مِشْيَتُهَا مِنْ مِشْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا رَآهَا رَحَّبَ قَالَ " مَرْحَبًا بِابْنَتِى " .......... " (¬2). ¬
وروي بطريق آخر عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: " مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشْبَهَ سَمْتًا وَدَلاًّ وَهَدْيًا بِرَسُولِ اللَّهِ فِى قِيَامِهَا وَقُعُودِهَا مِنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ......... " (¬1) 1). * وممن وُصِفَ بحسن السمت من غير الصحابة كثير أذكر بعضًا منهم مما وردت تراجمهم في كتب السير والتراجم. * يقول الصفدي في " أعيان العصر وأعوان النصر " في ترجمته لأحمد ابن عثمان بن مفرج: " كان حسن السمت كثير المروءة دينًا عفيفًا ". وأيضًا في ترجمته لعبد الله بن حسن , يقول: " وكان خيّرًا وقورًا , ساكنًا صبورًا حسن السمت لا يرى في حالة عوج ولا أمت ". * وفي وفيات الأعيان , يقول ابن خلكان في ترجمته لشرف الدين بن منعة: " كان إمامًا كبيرًا فاضلًا عاقلًا حسن السمت جميل المنظر " (¬2). * وفي فوات الوفيات يقول ابن شاكر الكتبي عن أبي الفضل بن النطروني: " وكان فقيهًا مالكيًا أديبًا حسن الشيبة حسن السمت " (¬3). ¬
* وفي المغرب في حلي المغرب يقول ابن سعيد المغربي عن أبي عبد الله الإلبيري: ... " وكان حسن السمت جميل المذهب في قضائه " (¬1). * ويقول العماد الأصفهاني في خريدته عن جمال الدين أبو العباس أحمد ابن خذداذ: " حسن السمت متكلف للصمت وضئ الوجه ". * وفي نهاية الأرب يقول النويري عن ابن جامع: " وكان حسن السمت كثير الصلاة ". * فحسن السمت من الأشياء التي مدح بها الناس بعضهم بعضًا , فهي كما ذكرنا على لسان نبينا - صلى الله عليه وسلم - إحدى خصال النبوة , وهي لا تجتمع مع التقوى في منافق , فالمنافق من الممكن أن يكون حسن السمت , ولكنه لا يستطيع أن يكون تقيًا لذا أقول إن حسن السمت ليس معناه حسن المظهر الخارجي إنما المعنى الحقيقي له: التقى والعفاف في الدين، والسير على طريق ونهج الإسلام. وفي الحقيقة التمسك بالسمت الحسن ومكارم الأخلاق وعرى الإسلام من الأمور التي تميزنا عن غيرنا من أصحاب الديانات الأخرى , فكما قال الشنقيطي في تفسيره لقوله تعالى في سورة بني إسرائيل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45)} (الأنفال الآية 45). فأمره في هذه الآية الكريمة بذكر الله كثيرًا عند التحام القتال يدل على ذلك أيضاً دلالة واضحة. فالكفار خَيَّلوا لضعاف العقول أن النسبة بين التقدم والتمسك بالدين، ¬
حث العلماء على التزام الصمت والتحلي بحسن السمت
والسمت الحسن والأخلاق الكريمة ـ تباين مقابلة كتباين النقيضين كالعدم والوجود، والنفي والإثبات. أو الضدين " (¬1). * حث العلماء على التزام الصمت والتحلي بحسن السمت: وقد حث كثير من العلماء على حسن السمت , والتزام الصمت فإن ذلك من الآداب التي يجب أن يتحلى بها المسلم عامة وطالب العلم خاصة، فمن العلماء الذين حثوا على ذلك ابن عبد البر - رحمه الله - في كتابه " جامع بيان العلم وفضله " يقول: " وأحسن ما رأيت في آداب التعلم والتفقه من النظم ما ينسب إلى اللؤلؤ من الرجز وبعضهم ينسبه إلى المأمون , وقد رأيت إيراد ما ذكر من ذلك لحسنه , ولما رجوت من النفع به لمن طالع كتابي هذا نفعنا الله وإياه به , قال: فالتمس العلم وأجمل في الطلب ... والعلم لا يحسن إلا بالأدب والأدب النافع حسن السمت ... وفي كثير القول بعض المقت فكن لحسن السمت ما حييتا ... مقارفًا تحمد ما بقيتا وإن بدت بين الناس مسألة ... معروفة في العلم أو مفتعلة فلا تكن إلى الجواب سابقًا ... حتى ترى غيرك فيها ناطقًا فكم رأيت من عجول سابق ... من غير فهم بالخطأ ناطق أزرى به ذلك في المجالس ... عند ذوي الألباب والتنافس والصمت فاعلم بك حقًا أزين ... إن لم يكن عندك علم متقن وقل إذا أعياك ذاك الأمر ... مالي بما تسأل عنه خبر فذاك شطر العلم عند العلما ... كذاك ما زالت تقول الحكما ¬
والصمت فاعلم بك حقا أزين ... إن لم يكن عندك علم متقن إياك والعجب بفضل رأيكا ... واحذر جواب القول من خطائكا كم من جواب أعقب الندامة ... فاغتنم الصمت مع السلامة " (¬1) ومن جميل ما قيل من أبيات في حسن السمت والتزام الصمت وفضله , وما يضيفهما من وقار وهيبة على المتحلي بهما , تلك الأبيات التي انتقيتها حتى تثري وتؤكد على ما ذكرت من فضيلة حسن السمت والصمت نفعني الله وإياكم بهذه الأبيات وجعلنا من متخذي السمت الجميل سمة لنا , وممن يؤثرون الصمت على كثرة الكلام دون فائدة ودون علم آمين آمين , يقول الشاعر عبد اللطيف بن علي فتح الله (¬2) مفتخرًا بأن حسن السمت من الصفات التي تحلى بها كل فرد في عائلته , وذيوع ذلك بين الناس , يقول: حسن السمت شاع فينا ... مثل مسك وعنبر ثم عود * ويقول أيضًا خليل مطران مادحًا حسن السمت: السجية في كل نبيل مرآتها الهندام *ويقول الشافعي رحمه الله مرجحًا الصمت عن الجاهل والأحمق عن الدخول معهم في مشادة كلامية، وقديمًا قالوا: إذا أنت ناظرت العالم غلبته وإن ناظرت الجاهل غلبك ليس بعلمه وإنما بجهله , أما العالم فمناظرته ستعتمد على المنطق والعلم فمن السهل إن كنت على حق أن تقنعه بما تعلم يقول الشافعي: قالوا سكت وقد خوصمت قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ... وفيه أيضًا لصون العرض إصلاح أما ترى الأُُسُد تُخْشَى وهي صامتة؟ ... والكلب يخسى (¬3) لعمري وهو نبَّاح ¬
فالشافعي - رحمه الله - يقصد إن الصمت عن الجاهل يصون عرض وكرامة الإنسان ولا يوقعه في شماتة الشامتين , ولا يوقعه في براثن التعلق بأخطائه والتي ينتظرها الناس الطامعين في النيل منه , وشبه الشافعي السكوت عن الجاهل كالأسد الساكت فسكوته هذا يخيف الناس ويرعبهم , أما من يتكلم مع الجاهل فهو كالكلب الذي يرجمه الناس بالحجارة عندما ينبح , فيالروعة وجمال التشبيه الشافعي , وشبه الشافعي سكوته بالتجارة الرابحة , وألزم نفسه به , فهو أكثر المتاجر ربحًا - للعالم بالطبع - يقول: وجدت سكوتي متجرًا فلزمته ... إذا لم أجد ربحًا فلست بخاسر وما الصمت إلا في الرجال متاجر ... وتاجره يعلو على كل تاجر * ويحذر الشافعي الناس من حصائد ألسنتهم كما حذرنا النبي من ذلك عندما حذر معاذ رضي الله عنه من شر اللسان وقال إنه يكب الناس على مناخيرهم يوم القيامة في النار يقول الشافعي: احفظ لسانك أيها الإنسان ... لا يلدغنك إنه ثعبان كم في المقابر من قتيل لسانه ... كانت تهاب لقاءه الأقران * وحسن السمت والتزام الصمت فيما لا ينفع من الأخلاق التي يجب أن يتحلى بها من يحفظ كتاب الله , فهو نبراس للآخرين فيجب أن يكون قدوة حسنة لغيره , والتزام الصمت لا يعني عدم الإجابة أو الرد على من يسألني في مسألة أنا أعلم بها , بل التزام الصمت عندما يكون جواب تلك المسألة ليس عندي , في هذه الحالة يجب التزام الصمت وأما عن حسن السمت لحامل القرآن فيعني الاهتمام بالمظهر الخارجي وكذلك الداخلي فيجب أن يكون حسن السمت أمام الله وأمام الناس , وكذلك التحلي بحسن السمت في
مشيته ومأكله ومشربه وكلامه وكل معاملاته مع الناس وفي ذلك يقول الآجري في كتابه "أخلاق حملة القرآن ": " فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَاً لِقَلْبِهِ، يُعَمِّرَ بِهِ مَا خَرَبَ مِنْ قَلْبِهِ، وَيَتَأَدَّبَ بِآدَابِ الْقُرْآنِ، وَيَتَخَلَّقَ بِأَخْلاقٍ شَرِيفَةٍ، تَبِينُ بِهِ عَنْ سَائِرِ النَّاسِ مِمَّنْ لا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ. فَأَوَّلُ مَا يَنْبَغِي لَهُ: أَنْ يَسْتَعْمِلَ تَقْوَى اللهِ عَزَّ وجلَّ فِي السِّرِ وَالْعَلانِيَةِ، بِاسْتِعْمَالِ الْوَرَعِ فِي مَطْعَمِهِ، وَمَشْرَبِهِ، وَمَلْبَسِهِ، وَمَكْسَبِهِ، وَيَكُونَ بَصِيرَاً بِزَمَانِهِ وَفَسَادِ أَهْلِهِ، فَهُوَ يَحْذَرُهُمْ عَلَى دِينِهِ، مُقْبِلاً عَلَى شَأْنِهِ، مَهْمُومَاً بِإِصَلاحِ مَا فَسَدَ مِنْ أَمْرِهِ، حَافِظَاً لِلِسَانِهِ، مُمَيِّزَاً لِكَلامِهِ إِنْ تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ بِعِلْمٍ، إِذَا رَأَى الْكَلامَ صَوَابَاً، وَإِذَا سَكَتَ سَكَتَ بِعِلْمٍ، إِذَا كَانَ السُّكُوتُ صَوَابَاً، قَلِيلَ الْخَوْضِ فِيمَا لا يَعْنِيهِ، يَخَافُ مِنْ لِسَانِهِ أَشَدَّ مِمَّا يَخَافُ مِنْ عَدُوهِ، يَحْبِسُ لِسَانَهُ كَحَبْسِهِ لِعَدُوهِ، لِيَأْمَنَ مِنْ شَرِّهِ وَسُوءِ عَاقِبَتِهِ، قَلِيلَ الضَّحِكِ فِيمَا يَضْحَكُ فِيهِ النَّاسُ، لِسُوءِ عَاقِبَةِ الضَّحِكِ، إِنْ سُرَّ بِشَيءٍ مِمَّا يُوَافِقُ الْحَقَّ تَبَسَّمَ، يَكْرَهُ الْمِزَاحَ خَوْفَاً مِنْ اللَّعِبِ، فَإِنْ مَزَحَ قَالَ حَقَّاً، بَاسِطَ الْوَجْهِ، طَيِّبَ الْكَلامِ. لا يَمْدَحُ نَفْسَهُ بِمَا فِيهِ، فَكَيْفَ بِمَا لَيْسَ فِيهِ، يَحْذَرُ مِنْ نَفْسَهُ أَنْ تَغْلِبَهُ عَلَى مَا تَهْوَى مِمَّا يُسْخِطُ مَوْلاهُ. لا يَغْتَابُ أَحَدَاً، وَلا يَحْقِرُ أَحَدَاً، وَلا يَسُبُّ أَحَدَاً، وَلا يَشْمَتُ بِمُصِيبَةٍ، وَلا يَبْغِي عَلَى أَحَدٍ، وَلا يَحْسِدُهُ، وَلا يُسِيءُ الظَّنَّ بِأَحَدٍ إِلا بِمَنْ يَسْتَحِقُ، يَحْسِدُ بِعِلْمٍ، وَيَظُنُ بِعِلْمٍ، وَيَتَكَلَّمُ بِمَا فِي الإِنْسَانِ مِنْ عَيْبٍ بِعِلْمٍ، وَيَسْكُتُ عَنْ حَقِيقِةِ مَا فِيهِ بِعِلْمٍ) (¬1) ا. هـ * هناك مسألة هامة في موضوع حسن السمت هذا ألا وهي: هل حسن السمت من الممكن أن نتعلمه؟ , والإجابة: بالطبع نعم من السهل أن تكون حسن السمت , فاتباعك لكلام النبي وهديه وسننه في الطعام والشراب وركوب الدابة والسفر والجماع والتعامل مع ¬
الناس واللباس والكلام والمظهر الخارجي , كل هذا سيؤدي بك إلى أن تكون حسن السمت ... وكذلك فاتباع العلماء وملازمتهم والقرب منهم يجعلك تلتقط أشياء كثيرة تؤدي بك في النهاية إلى أن تكون ممن حسُن سمتهم , ولعلك في التزامك لأبيك - إن كان ممن اشتهر بحسن السمت - ما يضفي عليك حلة جمال السمت ويلبسك عباءته , من ذلك التزام الصحابة مثلًا لنبيهم صلى الله عليه وسلم , فكانوا ينظرون لكل أفعاله ويقلدوها، بل وسكناته أيضًا , ولعل التزامك بحسن المظهر يدفعك إلى تحسين ما بداخلك , لذا حث العلماء على التحلي بالزي الإسلامي كارتداء الجلباب والسروال , واستعمال السواك والتطيب وإعفاء اللحية وهي من أهم الأشياء التي تضفي على صاحبها حسن السمت وقام العلامة الشنقيطي في تفسيره لقوله تعالى: {قَالَ يَبْنَؤُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (94)} (طه: 94) , يقول: ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن هارون قاله لأخيه موسى {قَالَ يَبْنَؤُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي ... } وذلك يدل على أنه لشدة غضبه أراد أن يمسك برأسه ولحيته وقد بين تعالى في "الأعراف" أنه أخذ برأسه يجره إليه , وذلك في قوله: { ... أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ ... } , وقوله: { ... وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي} من بقية كلام هارون. أي: خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل، وأن تقول لي لم ترقب قولي أي لم تعمل بوصيتي وتمتثل لأمري. تنبيه: هذه الآية الكريمة بضميمة آية "الأنعام" إليها تدل على لزوم إعفاء اللحية، فهي دليل قرآني على إعفاء اللحية وعدم حلقها , وآية الأنعام المذكورة هي قوله تعالى: { ... وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ ... }.
ثم إنه تعالى قال بعد أن عد الأنبياء الكرام المذكورين: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ... } , فدل ذلك على أن هارون من الأنبياء الذين أمر نبينا صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بهم، وأمره صلى الله عليه وسلم بذلك أمر لنا لأن أمر القدوة أمر لاتباعه كما بينا إيضاحه بالأدلة القرآنية في هذا الكتاب المبارك في سورة "المائدة" , وقد قدمنا هناك: أنه ثبت في صحيح البخاري: أن مجاهدًا سأل ابن عباس: من أين أخذت السجدة في "ص" قال: أو ما تقرأ { ... وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ ... } {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ... } فسجدها داود فسجدها رسول الله صلى الله عليه وسلم , فإذا علمت بذلك أن هارون من الأنبياء الذين أمر نبينا صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بهم في سورة "الأنعام"، وعلمت أن أمره أمر لنا لأن لنا فيه الأسوة الحسنة، وعلمت أن هارون كان موفرًا شعر لحيته بدليل قوله لأخيه: { ... لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي ... } لأنه لو كان حالقاً لما أراد أخوه الأخذ بلحيته ـ تبين لك من ذلك بإيضاح: أن إعفاء اللحية من السمت الذي أُمرنا به في القرآن العظيم، وأنه كان سمت الرسل الكرام صلوات الله وسلامه عليهم , والعجب من الذين مضخت ضمائرهم، واضمحل ذوقهم، حتى صاروا يفرون من صفات الذكورية وشرف الرجولة، إلى خنوثة الأنوثة، ويمثلون بوجوههم بحلق أذقانهم، ويتشبهون بالنساء حيث يحاولون القضاء على أعظم الفوارق الحسية بين الذكر والأنثى وهو اللحية , وقد كان صلى الله عليه وسلم كثيف اللحية، وهو أجمل الخلق وأحسنهم صورة , والرجال الذين أخذوا كنوز كسرى وقيصر، ودانت لهم مشارق الأرض ومغاربها: ليس فيهم حالق.
نرجو الله أن يرينا وإخواننا المؤمنين الحق حقًا، ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلً ويرزقنا ... اجتنابه " (¬1). * وحب النبي صلى الله عليه وسلم لابد وأن يتبعه العمل بما جاء , يقول محقق كتاب حقوق آل البيت لشيخ الإسلام ابن تيمية: " وكان اجتماعه بهم, واقتداؤهم به في العمل عاملا رئيسيًّا في تحويل حبهم النفسي إلى حب عقلي وجداني بلغ قمته في قول الأنصار: " والله يا رسول الله لو استعرضت بنا هذا البحر لخضناه معك". وكانت عهودهم معه تنص على: أن يحموه مما يحمون به أنفسهم وأهليهم ... وبذلوا دماءهم تعبيرًا صادقًا عن حب الله ورسوله , وطاعة الله ورسوله {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ... } (¬2) عبّروا عن حبهم بالعمل على مقتضى سنته ومقتضى القرآن لا يحيدون ولا يكسلون , وعلموا: أن الحب هو الموافقة في القول والعمل والسمت والحلية وداسوا في سبيل العمل كل زينة وكل بهرج تهواه النفس بخداعها وضلالها ومحاولتها الحيدة بصاحبها عن المنهاج السوي (¬3). * فالعمل والمظهر هما وجهان لعملة واحدة وهي حسن السمت , وهما مقترنان لا يفترقان أبدًا , يقول شيخ الإسلام ابن تيمية عن كيفية أن تقتضي الصراط المستقيم: " الصراط المستقيم: أمور باطنة، وأمور ظاهرة، وبينهما مناسبة ,ثم إن الصراط المستقيم هو أمور باطنة في القلب: من اعتقادات، وإرادات، وغير ذلك، وأمور ظاهرة: من أقوال، أو أفعال قد تكون عبادات، وقد تكون أيضاً عادات في الطعام واللباس، والنكاح والمسكن والاجتماع والافتراق، والسفر والإقامة، والركوب وغير ذلك؛ وهذه الأمور الباطنة ¬
والظاهرة بينهما ارتباط ومناسبة، فإن ما يقوم بالقلب من الشعور والحال يوجب أمورًا ظاهرة، وما يقوم بالظاهر من سائر الأعمال يوجب للقلب شعورًا وأحوالاً. الأمر بمخالفة المغضوب عليهم والضالين في الهدي الظاهر لأمور منها: إن المشاركة في الظاهر تورث تناسبًا بين المتشابهين يقود إلى الموافقة في الأخلاق والأعمال وقد بعث الله محمدًا صلى الله عليه وسلم بالحكمة التي هي سنته، وهي الشرعة والمنهاج الذي شرعه له فكان من هذه الحكمة أن شرع له من الأعمال والأقوال ما يباين سبيل المغضوب عليهم والضالين، فأمر بمخالفتهم في الهدي الظاهر، وإن لم يظهر لكثير من الخلق في ذلك مفسدة لأمور منها: * أن المشاركة في الهدي الظاهر تورث تناسبًا وتشاكلًا بين المتشابهين، يقود إلى موافقة ما في الأخلاق والأعمال، وهذا أمر محسوس، فإن اللابس ثياب أهل العلم يجد من نفسه نوع انضمام إليهم، واللابس لثياب الجند المقاتلة - مثلاً - يجد من نفسه نوع تخلق بأخلاقهم ويصير طبعه متقاضيًا لذلك، إلا أن يمنعه مانع. * أن المخالفة في الهدي الظاهر توجب المفارقة وترك موجبات الغضب. ومنها:- * أن المخالفة في الهدي الظاهر توجب مباينة ومفارقة توجب الانقطاع عن موجبات الغضب، وأسباب الضلال والانعطاف على أهل الهدى، والرضوان، وتحقق ما قطع الله من الموالاة بين جنده المفلحين وأعدائه الخاسرين " (¬1). * قلت: واعلم أخي الحبيب أن التمسك بالسمت الحسن أي سمت النبي وسمت أصحابه والتابعين لهم هو الذي سينقذك في زمن زادت فيه الفواحش والمنكرات , وعمت ¬
منهج السيوطي
فيه الرذيلة، بل وأصبحت أيسر من كوب الماء , فالرذيلة صارت في كل بيت , صارت أقرب إلينا من حبل الوريد , ولن ينجو منها إلا المتمسك بالسمت الصالح سمت السلف , فها هو عبد الله بن مسعود يقول: " أنا من غير الدجال أخوف عليكم من الدجال أمور تكون من كبرائكم فأيما رجل ... أو امرأة أدرك ذلك الزمان فالسمت الأول فالسمت الأول " (¬1). منهج السيوطي. للإمام المحدث الفقيه الحافظ المفسر المؤرخ النحوي الأديب العالم الموسوعي الجليل العلامة جلال الدين السيوطي صاحب التصانيف الكثيرة والمؤلفات العديدة منهج التزم به في جٌل كتبه , ألا وهو التحقق في كل كلمة يكتبها أو ينقلها عن غيره , فالسيوطي قد عاش في عصر سادته الفوضى وساده الظلم الاجتماعي والحروب , هذا ما يتعلق بالحياتين السياسية والاجتماعية , أما ما يتعلق بالحياة العلمية فهي على النقيض تمامًا فقد ازدهرت في شتى العلوم والمعارف , كما كان قبل ذلك في العصر العباسي الثاني والذي انتشر فيه الفساد والحروب وازدهرت الحياة العلمية , ففي كثير من الأحيان يؤدي الفساد السياسي والاجتماعي إلى ازدهار الحياة العلمية , ففي الفترة العباسية المتدهورة ظهر المتنبي وأبو فراس الحمداني وابن نباتة السعدي وغيرهم من الشعراء الذين شٌهد لهم بالنبوغ الشعري, كما ظهر في هذا العصر الفضل بن العميد والصاحب بن عباد وأبو حيان وغيرهم وفي عصر السيوطي ظهر العديد من العلماء أصحاب الفضل في ازدهار العلم ليس في عصرهم فقط بل امتد فضلهم حتى الآن , من هؤلاء العلماء العالم الجليل محمد بن يعقوب الفيروزأبادي صاحب " القاموس المحيط " , والقلقشندي أبو العباس صاحب أشهر ¬
موسوعة أدبية تاريخية وهو كتابه " صبح الأعشى في صناعة الإنشا " , وكذلك إمام الأئمة الحبر ابن حجر العسقلاني. الذي توفى بعد مولد السيوطي بست سنوات صاحب أفضل كتب الرجال التي اعتمد عليها الناس إلى يومنا هذا , فمن منا لا يعرف كتاب " تهذيب التهذيب " و " لسان الميزان " و " الإصابة " , ومن منا لا يعرف أفضل الشروح لصحيح البخاري وهو كتابه " فتح الباري في شرح صحيح البخاري , ومن العلماء الأجلاء أيضًا الذين عاشوا في هذا العصر ابن تغري بردي صاحب " النجوم الزاهرة في أخبار مصر والقاهرة " , وكذلك السخاوي عبد الرحمن صاحب " الضوء اللامع في أعيان القرن التاسع". فعصر عاش فيه السيوطي كهذا العصر المؤجج بالعلماء الأفذاذ والمحدثين الفقهاء أوجب عليه الدقة في كل ما يكتب , خاصة وإن عرفنا أنه كان هناك من العلماء من يتصيد له الأخطاء والسقطات وهما معاصريه السخاوي وتلميذه الذي صار على نهجه في خصومته للسيوطي وهو القسطلاني أحمد بن محمد , وتلميذه الآخر ابن الكركي إبراهيم بن ... عبد الرحمن وكانا شديدي الخصام للسيوطي - رحمهم الله -. وابن الكركي هذا خصه السيوطي برسائل مثل " طرز العمامة في التفرقة بين المقامة والقمامة " , و " الجواب الزكي عن قمامة ابن الكركي " , و " الصارم الهندي في عنق ابن الكركي ". ومن عموم منهجه أنه عندما يكتب في علم من العلوم يكتب في شتى موضوعاته غير تارك موضوع واحد منها , فمثلًا مؤلفاته في علوم القرآن نجدها اشتملت على التفسير ... (تفسير الجلالين) الذي أكمل فيه تفسير جلال الدين المحلي الذي توفي قبل أن يتمه والتفسير بالمأثور (الدر المنثور في التفسير بالمأثور) , والتفسير بمعرفة أسباب النزول (الدر المنثور في أسباب النزول) , و (الإكليل في استنباط التنزيل) , وتناول ما وقع في القرآن
من متشابه (متشابه القرآن) , و (معترك الأقران في مشترك القرآن) , وألّف في مبهمات القرآن (مفحمات الأقران في مبهمات القرآن) , بل وتطرق إلى طبقات المفسرين (طبقات المفسرين). وكذلك في علوم الحديث النبوي نجده فعل فيها مثل ما فعله مع علوم القرآن فقام بشرح كتب السنة , وانتقى منها , وتكلم عن رجال الحديث , وألف مؤلفات خاصة بالأحاديث الموضوعة , ووضع ألفية في الحديث , وكما فعل في القرآن والحديث فعل في الفقه والنحو والأدب والتاريخ والتراجم والطبقات. فالسيوطي قد التزم بمنهج علماء الحديث وهو التدقيق في التعامل مع كلام ... النبي - صلى الله عليه وسلم - وكذلك الآثار الواردة عن الصحابة والسلف الصالح. وفي الحقيقة أن السيوطي عندما يكتب في علوم التاريخ والطبقات والتفسير والأدب والفقه واللغة , إنما يريد أن يخدم الدين وهذا هو أكثر ما يميز منهج السيوطي في كتبه وهو خدمة الدين. ومن أهم ما يميز صاحبنا ذكره أماكن استشهاداته وإرجاع نقوله إلى الأصل الذي نقل منه. أما عن كتابنا " حسن السمت في الصمت " فقد التزم السيوطي فيه الأمانة حيث ذكر أن هذا الكتاب هو اختصار لكتاب " الصمت " الذي ألفه ابن أبي الدنيا , ولم يكتفِ السيوطي باختصاره فقط بل أضاف عليه أحاديث كثيرة وأبيات شعرية تكاد تفوق عدد ما نقله من كتاب الصمت , وفي الحقيقة اختصار السيوطي لهذا الكتاب لم يخل بمضمونه ولم يذهب برونق الكتاب , بل أضاف إليه رونقًا على رونقه , وفائدة على فائدته.
ترجمة الإمام: ابن أبي الدنيا
ترجمة الإمام: ابن أبي الدنيا (¬1) اسمه ونسبه: عبد الله بن محمد بن عبيد بن سفيان بن قيس القرشي، مولاهم البغدادي المؤدب صاحب التصانيف السائرة، من موالي بني أمية. مولده: ولد سنة ثمان ومائتين، وكان يؤدب غير واحد من أولاد الخلفاء كذا قال ابن الخطيب في تاريخه. وروى ابن أبي الدنيا عن كثير منهم: ـ إبراهيم بن دينار البغدادي، إبراهيم بن زياد، أيوب بن محمد الصالحي، بشر بن آدم البصري , أحمد بن عيسى المصري، إبراهيم بن عبد الله الهروي، زهير بن حرب، عباد ابن موسى الختلي، عبد الله بن عون، عبد العزيز بن بحر الخلال، القاسم بن عبد الجبار محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، وأبيه محمد بن عبيد بن سفيان القرشي، يوسف ابن موسى القطان، ويونس بن عبد الرحيم العسقلاني وغيرهم كثير. ¬
آراء العلماء فيه وثناؤهم عليه
وروى عنه: ـ ابن ماجه في التفسير، إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد الختلي، أحمد بن محمد بن الجراح الحارث بن محمد بن أبي أسامة، أبو العلي الحسن بن محمد بن موسى بن إسحاق بن موسى الأنصاري، أبو عبد الله خلف بن محمد بن سفيان بن زياد بن عبد الله ابن مالك بن دينار، ومحمد بن يحيى بن سليمان المروزي وغيرهم كثير. آراء العلماء فيه وثناؤهم عليه: ـ قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: " كتبت عنه مع أبي، وسٌئل أبي عنه، فقال: صدوق". وعن عبد المؤمن بن خلف النسفي: " سألت أبا علي صالح بن محمد عن ابن أبي الدنيا، فقال: صدوق , وكان يختلف معنا إلا أنه كان يسمع من إنسان يقال له: محمد بن إسحاق بلخي وكان يضع للكلام إسناداً وكان كذاباً، يروي أحاديث من ذات نفسه مناكير ". وعن أبي القاسم الأزهري: " بلغني عن القاضي أبي الحسين بن أبي عمر محمد بن يوسف قال: بكرت إلى إسماعيل بن إسحاق القاضي، يوم مات ابن أبي الدنيا، فقلت له: أعز الله القاضي، فقال: رحم الله أبا بكر، مات معه علم كثير يا غلام، امض إلى يوسف حتى يصلي عليه , فحضر يوسف بن يعقوب، فصلى عليه في الشونيزية ودفن فيها". قال أحمد بن كامل: " كان ابن أبن الدنيا مؤدب المعتضد ".
مصنفاته
مصنفاته: ـ مصنفات ابن أبي الدنيا في الزهد والرقائق وغيرها كثير منها: القناعة، التوكل، اليقين، التوبة، الشكر، الموت، القبور، العزلة، الأخلاق ... الأحزان أخبار قريش، أخبار الأعراب، الجوع، دلائل النبوة، ذم الدنيا، ذم الشهوات ذم البخل، الزهد، الشكر، الشيب، الصمت، الصدقة، صفة النبي (صلى الله عليه وسلم) صفة النار صفة الجنة عقوبة الأنبياء، الفتوى، الفرج بعد الشدة، القبور، القناعة، كرامات الأولياء المطر المنامات، مقتل الزبير، مقتل الحسين، المناسك، مكارم الأخلاق محاسبة النفس، الهم، الحزن، الهدايا، الورع، الوقف والابتداء، الوجل، اليقين. وفاته: ـ توفى - رحمه الله - في سنة ثمان ومائتين هجرية. سمت بأسماء الكتب التي تم نشرها لابن أبي الدنيا مرتبة هجائيًّا: الإخلاص والنية: حققه وعلق عليه إياد خالد الطباع _ دبي - مركز جمعة الماجد , سنة 1413هـ. الإخوان: تحقيق وتعليق محمد عبد الرحمن طوالبة؛ إشراف ومراجعة نجم عبد الرحمن خلف طبعته له دار الاعتصام سنة 1408 هـ. الإشراف في منازل الأشراف: تحقيق وتعليق مجدي السيد إبراهيم طبعته له مكتبة القرآن - القاهرة , سنة 1410هـ وهناك طبعة أخرى للكتاب , تحقيق وتعليق نجم عبد الرحمن خلف طبعته له مكتبة الرشد سنة 1400 هـ.
إصلاح المال: تحقيق ودراسة مصطفى مفلح طبعته له دار الوفاء - القاهرة سنة 1410هـ الاعتبار وأعقاب السرور والأحزان: تقديم وتحقيق وتعليق نجم عبد الرحمن خلف طبعته له دار البشير - عمّان سنة 1413هـ. التهجد وقيام الليل: قٌدّم كرسالة ماجستير بتحقيق ودراسة مصلح بن جزاء بن فدغوش الحارثي، أشرف عليها عبد العزيز بن راجي الصاعدي - المدينة المنورة: الجامعة الإسلامية سنة 1412 هـ. التواضع والخمول: تحقيق وتعليق لطفي محمد الصغير , وأشرف عليه نجم عبد الرحمن خلف طبعته له دار الاعتصام - القاهرة سنة 1408 هـ. التوبة: تحقيق مجدي السيد إبراهيم طبعته له مكتبة القرآن - القاهرة سنة 1411هـ التوكل على الله: تحقيق وتعليق جاسم الفهيد الدوسري طبعته دار الأرقم - الكويت سنة 1404 هـ. وطبعته طبعة أخرى مكتبة القرآن - القاهرة تحقيق وتعليق مجدي السيد إبراهيم سنة 1406 هـ. حسن الظن بالله عز وجل: تحقيق مخلص محمد طبعته له دار طيبة - الرياض سنة 1408 هـ. وطبعته مكتبة القرآن - القاهرة سنة 1408 هـ بتحقيق وتعليق مجدي السيد إبراهيم.
الحلم: تحقيق وتعليق مجدي السيد إبراهيم طبعته له مكتبة القرآن - القاهرة سنة1406هـ ذم البغي: تقديم وتحقيق وتعليق نجم عبد الرحمن خلف طبعته له دار الراية - الرياض ... سنة 1409 هـ. ذم الدنيا: تحقيق وتعليق مجدي السيد إبراهيم طبعته له مكتبة الساعي- الرياض ... سنة 1408 هـ. ذم الغيبة والنميمة: تحقيق وتعليق نجم عبد الرحمن خلف طبعته له دار الاعتصام - القاهرة ... سنة 1390هـ. ذم المسكر: تقديم وتحقيق وتعليق نجم عبد الرحمن خلف طبعته له دار الراية - الرياض ... سنة 1409 هـ. ذم الملاهي: دراسة وتحقيق محمد عبد القادر عطا - القاهرة طبعته له دار الاعتصام ... سنة 14017 هـ. الرضا عن الله بقضائه: تحقيق ضياء الحسن السلفي طبعته له الدار السلفية بومباي سنة 1410 هـ.
الرقة والبكاء: تحقيق محمد خير رمضان يوسف طبعته دار الصميعي - الرياض سنة 1416هـ الشكر لله عز وجل: راجعه وخرج أحاديثه عبد القادر الأرناؤوط طبعته له دار ابن كثير سنة 1407 هـ. صفة النار: تحقيق محمد خير رمضان يوسف طبعته دار ابن حزم سنة 1417 هـ الصمت وحفظ اللسان: وهو الكتاب الذي لخصه السيوطي تحت اسم " حسن السمت في الصمت " طبع مرتين مرة بتحقيق وتعليق محمد أحمد عاشور وطبعته له دار الاعتصام طبعتين , الثانية منهما مزيدة ومنقحة , الأولى سنة 1406 هـ , والثانية سنة 1408 هـ؛ والمرة الثانية الذي حقق فيها حققه نجم عبد الرحمن خلف بعنوان " الصمت وآداب اللسان " طبعته له دار الغرب الإسلامي - بيروت سنة 1406 هـ. العقل وفضله: طبع هذا الكتاب ثلاث مرات , الأولى بواسطة محمد بن زاهد الكوثري الذي عرّف الكتاب وترجم لمؤلفه وصححه وطبعته مكتبة نشر الثقافة الإسلامية.؛ والمرة الثانية بتحقيق وتعليق لطفي محمد الصغير , تخت إشراف نجم عبد الرحمن خلف وطبعته دار الراية - الرياض سنة 1408 هـ؛ والمرة الثالثة بتحقيق وتعليق مجدي السيد إبراهيم طبعته مكتبة القرآن وكان معه كتاب اليقين لابن أبي الدنيا أيضًا سنة 1408 هـ. العمر والشيب: تحقيق وتعليق نجم عبد الرحمن خلف طبعته مكتبة الرشد - الرياض 1412 هـ.
العيال: تقديم وتحقيق وتعليق نجم عبد الرحمن خلف طبعته دار ابن القيم سنة 1410 هـ الغيبة والنميمة: تحقيق وتعليق عمرو علي عمر طبعته الدار السلفية بومباي سنة 1406 هـ. الفرج بعد الشدة: تخريج وتعليق أبي حذيفة عبيد الله بن عالية طبعته دار الريان للتراث - القاهرة سنة 1408 هـ. قصر الأمل: تحقيق وتعليق محمد خير رمضان يوسف طبعته دار ابن حزم- بيروت 1415هـ قضاء الحوائج: تحقيق وتعليق مجدي السيد إبراهيم طبعته مكتبة القرآن - القاهرة 1406 هـ. القناعة والتعفف: تحقيق وتعليق مجدي السيد إبراهيم طبعته مكتبة القرآن - القاهرة 1409 هـ. مجابو الدعوة: تحقيق وتعليق مجدي السيد إبراهيم طبعته مكتبة السباعي-الرياض1407 هـ محاسبة النفس: تحقيق وتعليق مجدي السيد إبراهيم طبعته مكتبة السباعي - الرياض 1407 هـ. مكارم الأخلاق: تحقيق وتقديم وشرح جميز أبلمي - فيسبادن توزيع فرانز شتاينر - ألمانيا سنة 1393 هـ وحقق مرة أخرى بتحقيق وتعليق مجدي السيد إبراهيم طبعته مكتبة القرآن - القاهرة سنة 1410 هـ.
مكائد الشيطان: تحقيق وتعليق مجدي السيد إبراهيم طبعته مكتبة القرآن -القاهرة 1411 هـ. من عاش بعد الموت: تحقيق عبد الله محمد الدرويش طبعته عالم الكتب - بيروت سنة 1406هـ. وهناك طبعة أخرى بتحقيق ودراسة وتعليق مصطفى عاشور - القاهرة طبعته مكتبة القرآن 1409 هـ. المنامات: تحقيق وتعليق مجدي السيد إبراهيم طبعته مكتبة القرآن - القاهرة 1409 هـ. الهم والحزن: تحقيق مجدي فتحي السيد طبعته دار السلام - القاهرة 1412 هـ. الهواتف: تحقيق وتعليق مجدي السيد إبراهيم طبعته مكتبة القرآن - القاهرة 1408 هـ. اليقين: تحقيق أبي هاجر محمد السعيد بن بسيوني زغلول طبعته دار الكتب العلمية - بيروت سنة 1407 هـ؛ وهناك طبعة أخرى وتحقيق وتعليق مجدي السيد إبراهيم طبعته مكتبة القرآن - القاهرة سنة 1408 هـ طبع مع كتاب " العقل وفضله ".
ترجمة جلال الدين السيوطي
ترجمة جلال الدين السيوطي هو عبد الرحمن بن الكمال أبي بكر بن محمد بن سابق الدين بن الفخر عثمان ابن ناظر الدين محمد بن سيف الدين خضر بن نجم الدين أبي الصلاح أيوب بن ناصر الدين محمد بن الشيخ همام الدين الهمام الحضيري الأسيوطي " (¬1). هذا اسمه كما ذكر هو في كتابه حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة والحضيري نسبة إلى محلة بغداد في الجانب الشرقي وتعرف بسوق حضير، والأسيوطي نسبة إلى أسيوط وهى مدينة غرب النيل بصعيد مصر وكذلك نٌسب فقيل: السيوطي , فذكر بعضهم السيوطي والبعض الآخر الأسيوطي. مولده: - ولد في ليلة الأحد من مستهل رجب سنة تسع وأربعين وثمان مئة (849 هـ). نشأته: نشأ السيوطي يتيمًا , حفظ القرآن وهو في سن ثماني سنوات وحباه الله بذكاء وسرعة تفكير وسرعة تعلم مما جعله إماماً من أئمة الدين في عصره، فتعلم النحو والفقه والفرائض. كيف لا؟!! وقد نشأ السيوطي في بيت علم , فجده الأعلى كما يقول هو في ترجمته لنفسه: " همام الدين " كان من أهل الحقيقة ومن مشايخ الطريقة " , أما من دونه " كانوا من أهل الوجاهة والرياسة , منهم من ولي الحكم ببلده , ومنهم من ولي ¬
شيوخه
الحسبة بها , ومنهم من كان تاجرًا في صحبة الأمير شيخون وبنى مدرسة بأسيوط ووقف عليها أوقافًا ". أما والده فيقول عنه في كتابه " التحدث بنعمة الله " (¬1): " والدي هو الإمام العلامة ذو الفنون الفقيه الفرض الحاسب الأصولي الجدلي النحوي التصريفي البياني البديعي المنشئ المترسل البارع كمال الدين أبو المناقب ..... ". ويقول عن مصنفات والده في نفس الكتاب: " وللوالد تعاليق وفوائد ضاعت، ولم أقف عليها , ومما رأيته من تعاليقه حواش على " شرح الألفية " لابن المصنف وصل فيها إلى الإضافة , وهى الآن في خزانة سلطان العصر قانصوه الغوري , وحاشية على " العضد " ورسالة في إعراب قول " المنهاج " , توفى أبوه بذات الحبن وقت أذان العشاء لليلة الاثنين من صفر سنة خمسة وخمسين وثمانمائة , وكان أبوه يختم القرآن في كل أسبوع مرة. شيوخه: ـ شيوخ السيوطي بلغت ست مئة شيخ ذكر ذلك تلميذه الشعراني في طبقاته الصغرى, أما أسماء شيوخه إجازة وسماعاً بلغوا إحدى وخمسين نفسًا ولعل أبرز شيوخه كما ذكر هو في كتابه حسن المحاضرة عندما ترجم لنفسه: ـ (1) - تقي الدين الشمني الحنفي المتوفي سنة (872 هـ): لازمه أربع سنوات وكتب له تقريظًا على شرح ألفية ابن مالك وعلى جمع الجوامع. (2) - محيي الدين الكافيجي المتوفي سنة (879 هـ): لزمه أربع عشرة سنة وأخذ عنه علوم التفسير والأصول والعربية والمعاني وغير ذلك ¬
(3) - علم الدين البلقيني: شيخ الإسلام لازمه السيوطي حتى مات , وعندما ألف جلال الدين كتابه الأول "شرح الاستعاذة والبسملة " أوقفه على شيخه علم الدين , وكان ذلك في مستهل سنة ست وستين وثمانمائة , فكتب عليه تقريظًا , ثم لازم ولده بعد وفاته. (4) - شرف الدين المناوي: لازمه بعد وفات ابن علم الدين البلقيني سنة ثمان وسبعين وثمانمائة , فقرأ عليه قطعة من المنهاج , وسمع دروسًا من شرح البهجة ومن حاشية عليها , ومن تفسير البيضاوي. (5) جلال الدين المحلي: هو أشهر من ارتبط اسمه بالسيوطي وعملا مع بعضهما تفسير الجلالين للقرآن الكريم , وقد ترجم له السيوطي. (6) - عبد القادر بن أبي القاسم الأنصاري: قاضي قضاة مكة وأحد الشيوخ المرموقين , له تأليف في الفقه المالكي وعلوم العربية والعروض , توفي في مستهل شعبان سنة ثمانين وثمانمائة. وللسيوطي شيوخ آخرين نذكر منهم على سبيل المثال: شهاب الدين الشارمساحي الذي أعطى للسيوطي إجازة بتدريس اللغة , وقاضي القضاة العز أحمد بن إبراهيم الكناني , وشمس الدين البابي. هذا وللسيوطي شيوخ من النساء وليس من الرجال فقط ومنهن: - أمة العزيز بنت محمد الإبناس. - فاطمة بنت جار الله بن صالح الطبري.
تلاميذه
- صفية بنت ياقوت المكية. - رقية بنت عبد القوي بن محمد الجاوي. - عائشة بنت عبد الهادي. - سارة بنت السراج بن جماعة. - زينب بنت الحافظ العراقي وأختاها جويرية وأم أيمن. تلاميذه: تلقى السيوطي العلم على أيدي الكثير من الشيوخ والعلماء , كما تلقى عنه العلم أيضًا كثيرًا وساروا علامات في عصرهم , منهم: (1) - شمس الدين محمد الداودي: شيخ أهل الحديث في عصره وترجم له الحافظ السيوطي , توفي يوم الأربعاء ثمان وعشرون من شوال سنة (945 هـ). (2) - ابن طولون الدمشقي الصالحي الحنفي: كان ماهرًا في النحو علامة في الفقه مشهورًا بالحديث. (3) - شمس الدين بن محمد بن أحمد الشهير بابن العجيمي: توفي ببيت المقدس في رمضان سنة (938 هـ) , أخذ أيضًا عن البرهان بن أبي شريف والقاضي زكريا , والشمس السخاوي وغيرهم. ونظرًا لعلم السيوطي ولي السيوطي مناصبًا عديدة منها إجازته في تدريس العربية في مستهل سنة (866 هـ) , وكذلك إجازته في التدريس والإفتاء سنة (876 هـ) , كما قام بتدريس الحديث بالشيخونية , وتولى مشيخة التصوف بتربة برقوق نائب أهل الشام, ... وكذا مشيخة الخانقاة البيبرسية.
مصنفاته
مصنفاته: تعددت مصنفات السيوطي في علوم الحديث والقرآن واللغة والفقه والتاريخ والأدب وغير ذلك من العلوم , قد ذكر السيوطي مصنفاته وعددها في كتابه " التحدث بنعمة الله" وقسمها إلى سبعة أقسام: * القسم الأول: ما ادعى فيه التفرد ومعناه أنه لم يٌؤلف له نظير في الدنيا فيما علمت وذكر: (1) - الإتقان في علوم القرآن. (2) - الدر المنثور في التفسير بالمأثور. (3) - ترجمان القرآن. (4) - أسرار التنزيل. (5) - الإكليل في استنباط التنزيل. وعدّ ثمانية عشر مؤلفًا. * القسم الثاني: ما أٌلف ما يناظره ويمكن العلامة أن يأتي بمثله: (1) - المعجزات والخصائص النبوية " مجلد ضخم ". (2) - لباب النقول في أسباب النزول. (3) - تكملة تفسير الشيخ جلال الدين المحلي وهي من أول البقرة إلى آخر الإسراء. (4) - حاشية على تفسير البيضاوي وصلت فيها إلى آخر سورة الأنعام " مجلد وسط ". (5) - التوشيح على " الجامع الصغير " مجلد. وعدّ السيوطي لنفسه في هذا المجال خمسين مصنفًا.
* القسم الثالث: ما تم من الكتب المعتبرة الصغيرة الحجم التي هي من كراسين إلى عشرة: (1) - التحبير في علوم التفسير. (2) - معترك الأقران في مشترك القرآن. (3) - مفحمات الأقران في مبهمات القرآن. (4) - المهذب فيما وقع في القرآن من المعرب. (5) - خمائل الزهر في فضائل السور. وعد له ستين مؤلفًا. * القسم الرابع: ما كان كراسًا ونحوه سوى مسائل الفتاوى: (1) - كبت الأقران في كتب القرآن. (2) - مراصد المطالع في تناسب المقاطع والمطالع. (3) - الذيل الممهد على القول المسدد. (4) - تخريج أحاديث " شرح العقائد ". (5) - أنموذج اللبيب في خصائص الحبيب. وعدّ مائة ونيف مؤلفًا. * القسم الخامس: ما أٌلّف في واقعات الفتاوى: (1) - القول الفصيح في تعيين الذبيح. (2) - المصابيح في صلاة التراويح. (3) - بسط الكف في إتمام الصف. (4) - القول المضي في الحنث المعني. (5) - وصول الأماني بأصول التهاني. وعدّ ثمانين مؤلفًا.
* القسم السادس: مؤلفات لا أعتد بها لأنها على طريق البطالين: (1) - المسلسلات الكبرى مجلد. (2) - أربعون حديثًا متباينة. (3) - أربعون حديثًا توافق فيها اسم الشيخ والصحابي. (4) - الملتقط من الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة لابن حجر مجلد. (5) - المعجم الكبير لشيوخي يسمى حاطب ليل وجارف سيل. وعدّ أربعين مؤلفًا. * القسم السابع: ما شرحت فيه دفتر العزم عنه وكتب منه القليل: (1) - مجمع البحرين ومطلع البدرين في التفسير. (2) - مفاتيح الغيب تفسير مسند كبير جدًّا. (3) - شرح سنن ابن ماجة. (4) - شرح مسند الإمام الشافعي. (5) - مرقاة الصعود إلى سنن أبي داود. وعدّ ثلاثًا وثمانين مؤلفًا. هذا ولم يذكر السيوطي كل مؤلفاته في كتابه التحدث بنعمة الله، وذلك لأن السيوطي بالطبع قد ألف كتبًا أخريات بعد كتابته لهذا الكتاب. وفاته: مرض السيوطي سبعة أيام بورم شديد في ذراعه الأيسر ومات عن عمر إحدى وستين وعشرة أشهر وثمانية عشر يومًا في سمر ليل الجمعة التاسع عشر من جمادى الأولى سنة 911 هـ في منزله بروضة المقياس وهذا هو التاريخ الأقرب للصواب.
تحقيق نسبة الكتاب للمصنف ورموز النسخ
تحقيق نسبة الكتاب للمصنف ورموز النسخ. قام محمد إبراهيم الشيباني وأحمد سعيد الخازندار بعمل دليلا جمعا فيه مخطوطات السيوطي وأماكن وجودها في كل مكتبات العالم وسمياه: " دليل مخطوطات السيوطي وأماكن وجودها " (¬1). وفيها كتاب حسن السمت في الصمت وضعاه تحت رقم 669 , صفحة 142 , وفيه: كشف الظنون لحاجي خليفة (1/ 666). عقود الجوهر هدية العارفين للباباني (1/ 538). دار الكتب المصرية 530مجاميع شستر بيتي 4713 مركز المخطوطات والتراث والوثائق: 1/ 4713 (عن نسخة شستر بيتي) * لايدن 474/ 12 الخزانة التيمورية مكتبة الدراسات العليا - جامعة بغداد 1142/ 3 , مكتبة الأزهر 334 , 10135. وهي النسخة التي لم يعتمد عليها محقق مطبوعة دار الكتب العلمية , وحقيقة قام المحقق بمجهود كبير جعله الله في ميزان حسناته , إلا أن العمل العلمي خاصة مجال تحقيق التراث لابد فيه من قصور , ولابد للآتي من استدراك ما وقع فيه السابق من أخطاء وقصور. ولم يذكر واضعا الدليل نسخة دار الكتب المصرية الثانية والتي برقم (47 حديث طلعت). ¬
رموز النسخ نسخة مكتبة ليدن بهولندا (2409) رمزنا لها برمز: (ل). نسخة دار الكتب المصرية الأولى رمزنا لها برمز (530 مجاميع): (م1). نسخة مكتبة الأزهر 334 , 10135, رمزنا لها برمز (م2). نسخة دار الكتب المصرية الثانية رمزنا لها برمز: (ط). نسخة المكتبة الوطنية تونس (11329) رمزنا لها برمز: (ت). نسخة مكتبة كلية الآداب جامعة بغداد (1142/ 2) رمزنا لها برمز: (ب). أما عن المطبوعة الأولى لكتاب حسن الصمت والتي طبعتها دار المأمون للتراث بدمشق سنة 1405 هـ / 1985 , فقد كفانا محقق طبعة دار الكتب العلمية / بيروت - لبنان مؤونة الرجوع لها , فقد ذكر الفروق بينها وبين النسخ الخطية - جزاه الله عن صنيعه خيرًا , أما بالنسبة لمطبوعته والتي طبعتها دار الكتب العلمية فلم أرمز لها بل سميتها باسمها: " مطبوعة دار الكتب العلمية ". وحقيقة وجدت اختلافات بين هذه المطبوعة وبين النسخة الخطية التي وجدتها في مكتبة الأزهر وأثبت ذلك في هامش التحقيق , كما وجدنا اختلاف بين المطبوعة وبين" م1 " وهي نسخة دار الكتب المصرية التي برقم (530 مجاميع) بالرغم من اعتماد المحقق عليها وما أظن ذلك إلا سهوًا منه , كما لم يقم المحقق بتخريج الأحاديث كما يجب فخرجها من بعض كتب الحديث والسنن , ولم يخرجها من الأخرى , وأظنه اعتمد في ذلك على محقق كتاب الصمت , كما لم يقم المحقق بعمل دراسة عن الكتاب , ولم يقم بالإشارة إلى أماكن وجود الأعلام الواردين في متن كتاب " حسن السمت " , والأبيات الشعرية لم يخرجها كما يجب , وهذا ما دفعني إلى إعادة تحقيق هذا الكتاب المفيد النافع مرة أخرى.
هذا ولعل الله قد يسر لي في تحقيقي هذا , فإن وفقت فمن الله , وإن ابتعدت عن الصواب فمن نفسي , ولعلمي أنه لا يصل إلى الكمال أحد , فالكمال لله وحده , ومن فرط شغفي بياقوت الحموي أقول مثلما قال في مقدمة كتابه " إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب " يقول: " وأنا فقد اعترفت بقصوري فيما اعتمدت عن الغاية , وتقصيري عن الانتهاء إلى النهاية فأسأل الناظر فيه أن لا يعتمد العنت ولا يقصد قصد من إذا رأى حسنًا أثبته وعيبًا أظهره. وليتأمله بعين الإنصاف لا الإنحراف , فمن طلب عيبًا وجدَّ وجد , ومن افتقد زلل أخيه بعين الرضا فقد فقد. فرحم الله امرءًا قهر هواه , وأطاع الإنصاف ونواه , وعذرنا في خطإ إن كان منا , وزلل إن صدر عنا , فالكمال محال لغير ذي الجلال , فالمرء غير معصوم والنسيان في الإنسان غير معدوم. وإن عجز عن الاعتذار عنا والتصويب , فقد علم أن كلَّ مجتهد نصيب , فإنا وإن أخطأنا في مواضع يسيرة , فقد أصبنا في مواطن كثيرة ". وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. *****
الورقة الأولى من "م1"
الورقة الثانية من " م1 "
الورقة الأخيرة من " م1"
الورقة الأولى من م2.
الورقة الثالثة من م2.
الورقة الأخيرة من م2.
كتاب حسن السمت في الصمت
حُسْنُ السَّمْتِ فِي الصَّمْتِ تأليف الإمام جلال الدين عبد الرحمن السيوطي تحقيق ودراسة أحمد محمد سليمان
بسم الله الرحمن الرحيم (¬1) الحمد لله (وكفى) (¬2) , وسلام على عباده الذين اصطفى. (وبعد) (¬3): (هذا) (¬4) جزء (لطيف) (¬5) لخصته من كتاب " الصمت " لأبي بكر ابن أبي الدنيا (¬6) (مع زوائد عليه) (¬7) , وسمّيته: " حسن السمت في الصمت ". والله الموفق (للصواب). * أخرج أحمد (¬8) , والدارمي (¬9) , ¬
والترمذي (¬1) , وابن أبي الدنيا , والبيهقي في " شعب الإيمان " عن عبد الله بن عمرو (¬2) (- رضي الله عنهما -) (¬3) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم , قال: " مَنْ صَمَتَ نَجَا " (¬4). * وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي (¬5) ¬
في " شعب الإيمان " والقضاعي (¬1) في " مسند الشهاب " (عن أنس رضي الله عنه , قال: قال) (¬2) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَسْلَمْ فَلْيَلْزَمْ الصَّمْتَ " (¬3). * وأخرج ابن أبي الدنيا عن أبي ذر _ رضي الله عنه _ , قال: قال (لي) (¬4) رسول ... الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَلا أُعَلِّمُكَ بِعَمَلٍ خَفِيْفٍِ عَلَى البَدَنِ ثَقِيلٍ في المِيزَانِ؟ " (¬5) قلت: بلى يا رسول الله , قال: " هُوَ الصَّمْتُ , وَحُسْنُ الخُلُقِ , وَتَرْكُ مَا لا يَعْنِيكَ " (¬6). * وأخرج ابن أبي الدنيا عن صفوان بن سليم (¬7) , قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ¬
" أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأَيْسَرِ العِبَادَةِ وَأَهْوَنُهَا عَلَى البَدَنِ؟ الصَّمْتُ , وَحُسْنُ الخُلُقِ " (¬1). * وأخرج ابن النجار عن أبي ذر (¬2) (- رضي الله عنه -) (¬3) , قال: قلت: يا رسول الله أوصني , قال: " أُوصِيْكَ بِحُسْنَ الخُلُقِ , وَالصَّمْتِ , هُمَا أَخَفُّ الأعْمَاِل عَلَى الأَبْدَاِن ... (وَأَثْقَلهما) (¬4) في الميزان" (¬5). * وأخرج ابن أبي الدنيا عن الشعبي , قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أَلا أَدُلُّكَ عَلَى أَحْسَنِ العَمَلِ وَأَيْسَرَهُ؟ " قال: بلى بأبي أنت وأمي (يا رسول الله) (¬6) قال: حُسْنُ الخُلُقِ وَطُولُ الصَّمْتِ عَلَيْكَ بِهِمَا فَإِنَّكَ لَنْ َتْلَقى الله (تَعَالَى) (¬7) بِمِثْلِهِمَا (¬8). ¬
* " وأخرج أبو نعيم (¬1) عن أبي هريرة (¬2) _ رضي الله عنه _ , قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " الصمت أرفع (¬3) العبادة " (¬4). * (¬5) وأخرج أبو الشيخ عن أبي عبد الله محزر بن زهير الأسلمي (¬6) ¬
قال: قال رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _: " الصَّمْتُ (¬1) زَيْنٌ لِلَْعالِمِ وَسَتْرٌ لِلْجَاهِلِ " (¬2). * وأخرج الديلمي عن أنس (¬3) (-رضي الله عنه -) (¬4) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " الصَّمْتُ " سَيِّدِ " (¬5) الأَخْلاقِ " (¬6). * وأخرج أبو القاسم الزجاجي (¬7) في " أماليه" , والطبراني (¬8) عن عبادة بن الصامت (¬9):" أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج ذات يوم (فسافر) (¬10) على راحلته , فقال له معاذ بن جبل: أي الأعمال أفضل؟ فأشار رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى فيه , وقال: الصمت إلا في خير ". ¬
" قال " (¬1) معاذ (بن جبل) (¬2): وهل يؤاخذنا الله بما (تتكلم) (¬3) به ألسنتنا؟ فضرب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - على فخذ معاذ , ثم قال: يا معاذ (بن جبل) (¬4) ثكلتك أمك وهل يكب الناس على مناخرهم في جهنم إلا ما نطقت به ألسنتهم , فمن كان يؤمن بالله عز وجل (واليوم الآخر) (¬5) , فليقل خيرًا أو يسكت عن شر , قولوا خيرًا تغنموا واسكتوا عن شرّ تسلموا" (¬6) * وأخرج ابن عساكر (¬7) عن أنس (- رضي الله عنه -) (¬8) , قال: " قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: ¬
" (لمََّا) (¬1) أَهْبَطَ الله آدَمَ إِلَى الأَرْضِ مَكَثَ مَا شَاءَ الله أَنْ يَمْكُثْ , (ثم قال) (¬2) بنوه: يا أبانا تكلم , فقام خطيبًا في أربعين ألفا من ولده وولد ولده , (وولد ولد ولده) (¬3) , فقال: إن (الله) (¬4) أمرني , فقال: يا آدم ثقّل كلامك ترفع (¬5) إلى جواري " (¬6). * وأخرج الخطيب , وابن عساكر عن ابن عباس (- رضي الله عنه-) (¬7) , قال: " لما أهبط الله آدم إلى الأرض أكثر ذريته فنمت , فاجتمع إليه (ذات يوم) (¬8) ولده وولد ولده , وولد ولد ولده , فجعلوا يتحدثون حوله , وآدم (_عليه السلام _) (¬9) ساكت لا يتكلم فقالوا: يا أبانا ما لنا نحن نتكلم وأنت ساكت (لا تتكلم) (¬10) , فقال: يا بني إن الله (تعالى) (¬11) لما أهبطني من جواره إلى الأرض (¬12) عهد إلي , فقال يا آدم أقل الكلام حتى (ترجع) (¬13) إلى جواري " (¬14). ¬
* وأخرج الطبراني عن أبي ذر (¬1) (- رضي الله عنه -) (¬2) , قال: قال (لي) (¬3) رسول الله صلى الله عليه وسلم: " عليك بطول الصمت إلا من خير , فإنه مطردة ... (للشيطان) (¬4) عنك وعون لك على أمر دينك " (¬5). * وأخرج البيهقي في " الزهد " عن وهيب بن الورد (¬6) , قال: " كان يقال: الحكمة عشرة أجزاء تسعة منها في العزلة وواحد في الصمت " (¬7). ¬
* وأخرج البيهقي في " الزهد " , وابن لال (¬1) في " مكارم الأخلاق " عن أبي هريرة ... (-رضي الله عنه-) (¬2) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " الحكمة عشرة أجزاء تسعة منها في العزلة , وواحد في الصمت " (¬3). * وأخرج ابن أبي الدنيا , وأبو نعيم في " الحلية " , والبيهقي في " الزهد " عن ... (وهيب) (¬4) بن الورد , قال: " كان يقال الحكمة عشرة أجزاء (تسعة منها) (¬5) في الصمت وواحد في العزلة" فعالجت (¬6) " نفسي على شىء من الصمت فلم أقدر عليه , فصرت إلى العزلة (¬7) فحصلت (لي) (¬8) التسعة " (¬9). * وأخرج أبو نعيم , والبيهقي , عن وهيب بن الورد , قال: ¬
قال حكيم من الحكماء: العبادة - أو قال: الحكمة - عشرة أجزاء: تسعة منها في الصمت والعاشر: عزلة الناس " (¬1). * وأخرج (ابن الضريس) (¬2) في " فضائل القرآن" , وأبو يعلي عن أبي سعيد الخدري (¬3) (- رضي الله عنه-) (¬4) قال: قال رسول الله صلى عليه وسلم -: " عليك بتقوى الله فإنها جماع كل خير , واخزن لسانك إلا من خير , فإنك بذلك تغلب الشيطان" (¬5). * وأخرج ابن أبي الدنيا , وابن عساكر , عن عقيل بن مدرك أن رجلا قال لأبي سعيد الخدري: أوصني , قال:" عليك بالصمت إلا في الحق فإنك به تغلب الشيطان " (¬6). * وأخرج الحاكم , والبيهقي في " شعب الإيمان " , والخرائطي في " مكارم الأخلاق " عن أنس- رضي الله عنه-: " أن لقمان كان عند داود -عليه السلام- وهو يسرد الدرع فجعل يفتله (هكذا) (¬7) بيده (فجعل) (¬8) لقمان يتعجب , ويريد أن يسأله (وتمنعه حكمته أن يسأله) (¬9) , فلما فرغ ¬
منها (حبسها) (¬1) على نفسه , وقال: نعم درع (للحرب) (¬2) هذه , فقال لقمان: (¬3) الصمت حكمة وقليل فاعله كنت أردت (أن أسألك) (¬4) فسكت حتى كفيتني " (¬5). * وأخرج ابن عدي والبيهقي , والقضاعي في " مسند الشهاب" عن أنس (- رضي الله عنه) (¬6) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - , قال: " الصمت حكم وقليل فاعله " (¬7). * وأخرج أبو بكر (المقري) (¬8) في " فوائده " عن عمر- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:" الصمت حكمة وقليل فاعله " (¬9). * وأخرج أحمد عن معاذ بن جبل (¬10) (- رضي الله عنه -) (¬11) " أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أفضل الإيمان؟ , فقال: " أن تحب لله , وتبغض لله , وتستعمل ... (لسانك) (¬12) في ذكر الله عز وجل , قال: ¬
وماذا يا رسول الله؟ (قال) (¬1): وأن تحب للناس ما تحب لنفسك , وتكره لهم ما تكره لنفسك , وأن (تقول) (¬2) خيرًا أو تصمت " (¬3). * وأخرج البيهقي في " شعب الإيمان " عن أنس (- رضي الله عنه -) (¬4) , قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم , (ثلاث مرار) (¬5): " (يرحم) (¬6) الله امرأ تكلم فغنم أو سكت فسلم " (¬7). * وأخرج أبو يعلي والبيهقي عن أنس (- رضي الله عنه -) (¬8) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقي أبا ذر , فقال: " يا أبا ذر ألا أدلك على خصلتين هما أخف على الظهر , وأثقل في الميزان من غيرهما؟ " قال: بلى يا رسول الله قال: " عليك بحسن الخلق , وطول الصمت , (والذي) (¬9) نفس محمد بيده ما عمل الخلائق بمثلهما " (¬10). ¬
* وأخرج الخرائطي في " مكارم الأخلاق " عن ابن مسعود (¬1) - رضي الله عنه- قال: " أتى رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ آت , فقال: يا رسول الله إني مطاع في قومي (فبما آمرهم) (¬2) , فقال له: مرهم بإفشاء السلام , وقلة الكلام إلا فيما يعنيهم " (¬3). * وأخرج الطيالسي (¬4) , وأحمد عن جابر بن سمرة , قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم طويل الصمت " (¬5). ¬
* وأخرج الطبراني , والدارقطني (¬1) في " الإفراد " , والضياء في " المختارة" , وابن عساكر عن أبي مالك الأشجعي (¬2) عن أبيه , (قال) (¬3): " كنا نجلس إلى النبي - صلى الله عليه وسلم _ فما (رأينا) (¬4) أطول صمتًا منه , وكان إذا تكلم أصحابه (فأكثروا) (¬5) الكلام تبسم " (¬6). * وأخرج ابن أبي الدنيا والحاكم والبيهقي في " شعب الإيمان " عن أنس بن مالك ... (- رضي الله عنه-) (¬7) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أربع لا (يجتمعن في أحد من الناس) (¬8) إلا بعجب: ¬
الصمت وهو (أول العبادة) (¬1) , والتواضع لله (¬2) , والزهادة في الدنيا (¬3) , وقلة الشيء" (¬4). ¬
* وأخرج البخاري , ومسلم , وابن أبي الدنيا عن أبي هريرة (- رضي الله عنه-) (¬1) , قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا ... أو ليصمت " (¬2). * وأخرج البخاري , ومسلم , عن أبي شريح الخزاعي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت " (¬3). * وأخرج ابن أبي الدنيا , والبيهقي في " شعب الإيمان " عن الحسن (¬4) - رضي الله عنه - قال: " ذكر لنا أن (النبي) (¬5) - صلى الله عليه وسلم - قال: " رحم الله عبدًا تكلم فغنم أو (مسك) (¬6) فسلم " (¬7). * وأخرج ابن أبي الدنيا عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه , قال: " وار شخصك لا تذكر , واصمت تسلم " (¬8). * وأخرج ابن أبي الدنيا , والبيهقي عن ابن مسعود - رضي الله عنه - , أنه كان يقول: ¬
" يا لسان قل خيرًا تغنم , واصمت تسلم من قبل أن تندم " (¬1). * وأخرج ابن أبي الدنيا , والبيهقي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه كان يقول: " يا لسان قل خيرًا تغنم , واسكت عن شر تسلم " (¬2). * وأخرج ابن أبي الدنيا عن ميمون بن مهران (¬3) , قال: " جاء رجل إلى سلمان , فقال: (أوصني) (¬4) قال: لا تتكلم , قال (لا) (¬5) يستطيع من عاش في الناس أن لا يتكلم , قال: (فإن) (¬6) تكلمت فتكلم بحق أو اسكت " (¬7). * وأخرج ابن أبي الدنيا عن سفيان بن عيينة (¬8) , قال: " قالوا لعيسى - عليه السلام - ¬
دلنا على عمل ندخل به الجنة , قال: لا تنطقوا أبدا , قالوا: لا نستطيع ذلك , قال: لا تنطقوا إلا بخير " (¬1). * وأخرج ابن أبي الدنيا عن علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه - (¬2) , قال: " الصمت داعية إلى المحبة " (¬3). * وأخرج ابن أبي الدنيا عن وهب بن منبه (¬4) , قال:" (اجتمعت) (¬5) الأطباء على أن رأس الطب الحمية , (واجتمعت) (¬6) (الحكماء) (¬7) أن رأس الحكمة الصمت " (¬8). ¬
* وأخرج ابن أبي الدنيا , وابن عساكر عن الأوزاعي (¬1) , قال: " قال سليمان بن داود - عليهما السلام (¬2) -: " (إن كان الكلام من فضة) (¬3) (فالصمت من ذهب) (¬4) " (¬5). * وأخرج ابن أبي الدنيا عن عبد الله بن المبارك (¬6): " أنه سئل عن قول لقمان لابنه: إن كان الكلام من فضة فالصمت من ذهب؟ , فقال ابن المبارك: إن كان الكلام من فضة , فإن الصمت عن معصية الله من ذهب " (¬7). * وأخرج ابن أبي الدنيا عن عمر بن عبد العزيز (¬8) , قال: ¬
" إذا رأيتم الرجل يطيل الصمت ويهرب من الناس فاقتربوا منه فإنه يلقي الحكمة" (¬1). *وأخرج ابن أبي الدنيا , وابن عساكر عن عبد الله بن حبيب (¬2) , قال: " إن داود (النبي) (¬3) - عليه السلام - , قال:" رُبّ كلام قد ندمت عليه , ولم أندم على صمت قط" (¬4). * وأخرج ابن أبي الدنيا عن وهيب بن الورد (¬5) , قال: " وجدت العزلة (¬6) سكوت اللسان " (¬7). * وأخرج ابن أبي الدنيا عن سفيان قال: " كان يقال: طول الصمت مفتاح العبادة " (¬8) * وأخرج الخطيب في تاريخه عن سفيان - رضي الله عنه - , قال:" (الصمت أول العبادة) (¬9) , ¬
ثم طلب العلم , ثم حفظه , ثم العمل به , ثم نشره " (¬1). * وأخرج ابن أبي الدنيا عن مجاهد , قال: " كان يكتفون من الكلام باليسير " (¬2). * وأخرج ابن أبي الدنيا عن " عبد الرحمن " (¬3) بن شريح (¬4) , قال: " لو أن عبدًا اختار لنفسه ما اختار شيئًا أفضل من الصمت " (¬5). * وأخرج ابن أبي الدنيا عن موسى بن علي (¬6) , قال: " قال ربيط بني إسرائيل: " زين المرأة الحياء , وزين الحكيم الصمت " (¬7). * وأخرج ابن أبي الدنيا عن (أبي) عبد الله الخرشي (¬8) , قال: " سمعت بعض العلماء ممن قدم على عمر بن عبد العزيز , يقول:" الصامت على علم كالمتكلم على علم " ¬
" فقال عمر: إني لأرجو أن يكون المتكلم على علم " أفضلهما " (¬1) يوم القيامة حالًا وذلك أن منفعته للناس , وهذا (صمته) (¬2) لنفسه " قالوا ": يا أمير المؤمنين فكيف " بفتنة المنطق " (¬3)؟!؟ , قال: فبكى عمر بكاءً شديدًا " (¬4). * وأخرج عبد الجبار الخولاني في " تاريخ داريا " (¬5) عن أبي مسلم الخولاني , قال:" (نوم الصائم) تسبيح وأين (الصائم) (¬6) إلا من لزم الصمت وأقل من فضول (¬7) الكلام" (¬8). * وأخرج الشيرازي في " الألقاب " (¬9) عن عبد الله بن المبارك , قال: " (اجتمع) (¬10) أربعة من العلماء عند بعض الملوك , فقال: ليتكلم كل رجل منكم بكلمة خفيفة جامعة فقال الأول: " إن أفضل علم العلماء السكوت " وقال الثاني:" (إن أنفع الأشياء للرجل) (¬11) أن يعلم (¬12) قدر منزلته , ومبلغ عقله (¬13) , ويتكلم على قدر ذلك , وقال الثالث: " (ليس بأجزم من ألا يسكت إلى حادث نعمة , ولا يطمئن إليه ولا تكلفه مؤنته) " (¬14). ¬
وقال الرابع: " ليس شىء بأروح على البدن من الرضا بالقضاء والقنوع " (¬1). * وأخرج ابن أبي الدنيا عن أبي مسهر (¬2) , قال: " " الصمت " دعاء " (¬3) الأخيار " (¬4). وأخرج ابن أبي الدنيا عن صعصعة بن " صوحان" (¬5) , قال:" الصمت رأس المروءة " (¬6) * وأخرج ابن أبي الدنيا عن محمد بن النضر الحارثي (¬7):" كان يقال: كثرة الكلام تذهب الوقار" (¬8) * وأخرج ابن أبي الدنيا عن محمد بن عبد الوهاب (الكوفي) (¬9) , قال:" الصمت (يجمع للرجل) (¬10) خصلتين: السلامة في دينه , والفهم عن صاحبه " (¬11). وأخرج ابن أبي الدنيا , وأبو نعيم عن الفضيل بن عياض (¬12) , قال: ¬
" لا حج ولا جهاد ولا رباط أفضل من حفظ اللسان " (¬1). * وأخرج أبو نعيم عن وهب بن منبه: " أن رجلا قال له: إن الناس قد وقعوا فيما وقعوا فيه , وقد حدثت نفسي ألا أخالطهم , فقال: لا تفعل , فإنه لابد للناس منك ولابد (لك) (¬2) من الناس لهم إليك حوائج (ولك) (¬3) إليهم حوائج , ولكن كن فيهم أصم سميعًا وأعمى بصيرًا سَكوتًا نَطوقًا " (¬4). * وأخرج ابن أبي الدنيا وأبو نعيم عن وهيب (بن الورد) (¬5) , قال: " إن العبد ليصمت فيجتمع له لبه " (¬6). * وأخرج أبو نعيم عن عمر بن عبد العزيز (- رضي الله عنه -) (¬7) (قال) (¬8): " من عد كلامه من عمله قل كلامه " (¬9). ¬
* وأخرج أبو نعيم عن أبي بكر بن عياش (¬1) (- رضي الله عنه -) (¬2) , قال: " اجتمع أربعة (من الملوك) (¬3): ملك فارس , وملك الروم , وملك الهند , وملك الصين , فتكلموا بأربع كلمات كأنما رمي بهن عن قوس (واحد) (¬4). فقال أحدهم: أنا على (رد) (¬5) ما لم أقل أقدر مني على رد ما قلت " وقال الآخر: الكلمة إذا قلتها ملكتني وإذا لم أقلها ملكتها. وقال الآخر: لا أندم على ما لم أقل , وقد أندم على ما قلت. وقال الآخر: عجبت لمن يتكلم بالكلمة إن (رفعت إليه) (¬6) ضرته , وإن لم ترفع إليه لم تنفعه " (¬7). ¬
* وأخرج ابن باكويه عن أبي علي الروزبادي (¬1) , قال: " الحكماء ورثوا الحكمة بالصمت والفكر , فأطلق الله ألسنتهم بما ليس بينهم و (بينه) (¬2) " (¬3). * وأخرج ابن باكويه عن إبراهيم بن أحمد بن بشار (¬4) , قال: " اجتمعنا ذات يوم (فما منا) (¬5) أحد إلا تكلم بشيء , إلا إبراهيم بن أدهم , فإنه ساكت , فلما (تفرقت) (¬6) الناس عاتبته على ذلك , فقال: الكلام يظهر (خبث الرجل , وعقل الرجل) (¬7) , قلت: فلم نتكلم , فقال: إذا" اغتممت" (¬8) للسكوت أحب إلي من أن أندم للكلام " (¬9). ¬
* وأخرج البيهقي , وابن عساكر في تاريخه , (وابن باكويه) (¬1) عن بشر بن الحارث (¬2) - رضي الله عنه - قال: " الصبر هو الصمت , والصمت هو الصبر ولا يكون المتكلم أورع من (الصامت) (¬3) إلا رجل عالم يتكلم في موضعه , ويسكت في موضعه (¬4) " (¬5). * وأخرج ابن باكويه عن أحمد بن خلاَّد (¬6) عن أبيه , قال: " أدنى نفع الصمت السلامة , وأدنى ضرر (النطق) (¬7) الندامة , والصمت (بما) (¬8) لا يعني من أبلغ (الحكم) (¬9) , والناطق (من غير) (¬10) (علم غير ناج من الزلل , والصامت بما لا يعلم ليس بخارج عن الإيلاج) (¬11) " (¬12). ¬
* وأخرج ابن باكويه عن سهل بن عبد الله (¬1) (- رضي الله عنه -) (¬2) قال: " يصح الأدب بكماله في هذه (الأربع خصال): (¬3) التوبة , و (منع) (¬4) النفس من الشهوات , والصمت , والخلوة ". * وأخرج ابن باكويه (عن الأصمعي) (¬5) عن سفيان بن عيينه - رضي الله عنه - قال: "كان يقال: لا يكون المؤمن مؤمنًا حتى يطول صمته , ويحسن (لفظه) (¬6) , ويقل كذبه ويخلص ورعه ". * وأخرج ابن باكويه عن إبراهيم بن أدهم (¬7) - رضي الله عنه - قال: ¬
" (الخدم) (¬1) في المجالسة أن يكون الكلام على قدر الضرورة والحاجة مخافة الزلل , فإذا أمرت فاحكم , وإذا سألت (فأوضح) (¬2) , وإذا طلبت فأحسن , وإذا أخبرت فحقق , واحذر الإكثار والتخليط , (فمن أكثر) (¬3) كلامه كثر سقطه " (¬4). * وأخرج ابن باكويه عن (ابن الحارث) (¬5) قال: " كان (ابن عون) (¬6) يسكت فَقِيْلَ له لما لا تتكلم؟ , فقال: أَوَ يَنْجُو صَاحِبُ الكَلامِ " (¬7). * وأخرج البيهقي , وابن عساكر عن إسحاق بن خلف (¬8) - رضي الله عنه - قال: " الورع (في النطق أشبه) (¬9) منه في الذهب والفضة " (¬10). * وأخرج ابن أبي الدنيا , والبيهقي, وابن عساكر عن عبد الله بن أبي زكريا (¬11) الدمشقي ¬
قال: " تعلمت الصمت (عما) (¬1) (لا يعنيني) (¬2) عشرين سنة , فما بلغت منه ما أردت" (¬3). * وأخرج ابن سعد , وابن أبي الدنيا عن مورق العجلي (¬4) , قال: " (أمرٌ) (¬5) أطلبه منذ (عشرين سنة) (¬6) لم أقدر عليه ولست (بتارك) (¬7) طلبه , (قال) (¬8): ما هو؟ قال: الصمت عما لا يعنيني " (¬9). * وأخرج ابن أبي الدنيا عن " أرطاة " (¬10) بن المنذر , قال: " تعلم الرجل الصمت (أربعين سنة) (¬11) بحصاة يضعها في فمه (ولا) (¬12) ينزعها إلاعند الطعام أو الشراب ... أو (النوم) (¬13) ". ¬
* وأخرج ابن أبي الدنيا عن شيخ من قريش , قال: " قيل لبعض العلماء إنك تطيل الصمت , قال: (إني رأيت لساني) (¬1) سبعًا (عقورًا) (¬2) " أخاف أن أخلي عنه " (¬3) ... (فيعقرني) (¬4) " (¬5). * وأخرج ابن أبي الدنيا عن " وهب بن منبه " (¬6) , قال: " كان في بني (إسرائيل) (¬7) رجلان بلغت (عبادتهما) (¬8) أن مشيا على الماء , فبينما هما يمشيان في (البحر) (¬9) إذا هما برجل يمشي في الهواء , فقالا له: يا عبد الله بأي شيء أدركت هذه المنزلة؟ قال: بيسير من الدنيا فطمت نفسي " عن " (¬10) الشهوات وكففت لساني عما لا يعنيني ورغبت فيما دعاني إليه , ولزمت الصمت " فإن " (¬11) أقسمت على الله أبر قسمي , وإن سألته أعطاني " (¬12). ¬
* وأخرج ابن أبي الدنيا عن " مخلد " (¬1) , قال: " كان رجل من بني إسرائيل كثير الصمت , فبعث إليه ملكهم (يسأله) (¬2) فلم يكلمه فبعث به (معهم) (¬3) إلى الصيد , فقال: لعله يرى شيئا (فيخبر عن أحواله) (¬4) فرأوا صيدًا فصاح , (فسرّعوا) (¬5) إليه (طير باز) (¬6) فأخذه , فقال الرجل: (السكوت حسن لكل شيء) (¬7) حتى للطير " (¬8). * وأخرج ابن أبي الدنيا من طريق الأعمش (¬9) ¬
عن إبراهيم (¬1) قال: " كانوا يجلسون فأطولهم سكوتا , أفضلهم في أنفسهم " (¬2). * وأخرج ابن أبي الدنيا عن يحيى بن أبي كثير (¬3) , قال: " خصلتان إذا " رأيتهما " (¬4) في الرجل فاعلم أن ما ورائهما خير منهما , إذا كان (حابسًا لسانه محافظًا على صلاته) " (¬5) * وأخرج ابن أبي الدنيا عن أبي سلمة (الصنعاني) (¬6) " عن كعب " , قال: " قلة (النطق) (¬7) حكم عظيم , فعليكم بالصمت , فإنه " رعَّة " (¬8) حسنة ¬
وقلة " وزر" (¬1) وخفة من الذنوب " (¬2). * وأخرج أبو نعيم عن مروان بن محمد , قال: " قيل لإبراهيم بن أدهم: إن فلانًا يتعلم (النحو) (¬3) , فقال: هو إلى أن يتعلم الصمت أحوج " (¬4). * وأخرج الخرائطي في مكارم الأخلاق عن أبي الدرداء (¬5) , قال: " تعلموا الصمت كما (تتعلمون) (¬6) الكلام " فإن الصمت حكم عظيم , وكن إلى أن " تسمع " (¬7) أحرص منك إلى أن تتكلم , ولا تتكلم في شيء لا يعنيك" (¬8). ¬
* وأخرج الديلمي (¬1) في مسند الفردوس عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: " قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " العبادة عشرة أجزاء: تسعة منها في الصمت , والعاشرة كسب (اليد) (¬2) من الحلال ". * وأخرج الديلمي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: " العافية عشرة أجزاء: تسعة منها في الصمت, (والاعتزال عن الناس) (¬3) " (¬4). ¬
* (وفي التذكرة الحمدونية) (¬1) , قال علي (- كرم الله وجهه -) (¬2): " بكثرة الصمت تكون الهيبة " (¬3). * وقال عمرو بن العاص - رضي الله عنه -: " الكلام كالدواء إن أقللت منه نفع , وإن أكثرت منه قتل " (¬4). * وقال علي (- كرم الله وجهه -) (¬5): " إذا تم العقل نقص الكلام " (¬6). * وقال بعضهم: " الصمت مفتاح السلامة " (¬7). * قيل: " كان بهرام جور قاعدًا ليلة تحت شجرة , فسمع فيها صوت طائر فرماه فأصابه فقال: ما أحسن حفظ اللسان بالطائر والإنسان؛ لو حفظ (هذا) (¬8) لسانه ما هلك " (¬9) * قيل: " سمع (بقراط رجلا) (¬10) يكثر (الكلام) (¬11) , فقال (له: يا هذا) (¬12) إن البارئ - عز وجل - جعل للإنسان لسانًا واحدًا وأذنين ليكون ما يسمع أكثر مما يقول " (¬13). ¬
* وفي " الطيوريات " (¬1) (عن) (¬2) الفضيل بن عياض , (قال) (¬3): " ما (نؤمن) (¬4) على المتكلم من الآفات ". * وقال عبد الله بن المبارك (¬5): ""أدَّبْتُ" (¬6) نفسي فما وجدت لها ... من بعد تقوى الإله "من أدب" (¬7) في كل"حالاتها" (¬8) وإن"قصرت" (¬9) ... أفضل من (صمتها) (¬10) عن الكذب "وعيب" (¬11) الناس إن (عيبهم) (¬12) ... حرمها ذو الجلال في الكتب " قلت لها طائعًا وأكرهها ... الحلم والعلم زين"ذي" (¬13) حسب " (¬14) ¬
إن كان من فضة كلامك يا ... نفس فإن السكوت من ذهب" (¬1) * وقال منصور بن إسماعيل الفقيه: (أخرج) (¬2) البيهقي في " شعب الإيمان ": " الخير (أجمعه) (¬3) في السكو ... ت وفي ملازمة البيوت فإذا تأتّى ذا وذا ... لك فاقتنع بأقل القوت " (¬4). * وقال آخر (¬5): قالوا نراك "تطيل الصمت" (¬6) قلت لهم ... ما طول صمتي من عىًّ ولا (خرسِ) (¬7) الصمت أحمد في الحالين عاقبة ... عندي وأحسن "بي (من) (¬8) منطق شكس" (¬9) قالوا فأنت مصيب (لست) (¬10) ذا خطأ ... فقلت "ماذا أردتني وجه مفترس" (¬11) ¬
(أأفرش) (¬1) البرّ فيمن ليس يعرفه؟ ... "أم أنثر" (¬2) الدر "بين" (¬3) العمي في الغلس؟ * وأخرج ابن (النجار) (¬4) في " تاريخه " من طريق أبي حاتم محمد بن حبان البستي (¬5) , قال: " أنشدني محمد بن (عبد) (¬6) الله الزنجي (بن) (¬7) البغدادي - رحمه الله تعالى - برحمته: ... (شعر) " أنت من الصمت (آمن) (¬8) الزلل ... ومن كثير الكلام في وجل لا تقل القول ثم تتبعه ... يا ليت ما كنت قلت لم أقل " (¬9) ¬
" وأخرج ابن النجار (¬1) من طريق ثعلب , قال: " (حدثنا) (¬2) محمد بن سلام الجمحي , قال: قال صالح بن "جناح" (¬3): إن أعظم الناس بلاءً , وأدومهم عناءً , وأطولهم سقمًا , (من ابتلي لسانًا مطلقًا وفؤادًا منطبقًا) (¬4) , (فهو) (¬5) لا يحسن أن ينطق ولا يقدر أن يسكت أقلل كلامك واستعذ من شره ... إن البلاء ببعضه مقرون واحفظ لسانك (واحترز) (¬6) من (غيه) (¬7) ... حتى يكون كأنه مسجون "وكّل" (¬8) فؤادك باللسان وقل له ... إن الكلام عليكما موزون " (¬9) ¬
* وقال " الخطفي جد جرير" (¬1): " عجبت لإزراء (الفتى) (¬2) بنفسه ... وصمت الذي كان بالقول أعلما وفي الصمت ستر (للعيى) (¬3) وإنما ... فضيحة لب المرء أن يتكلما " (¬4) * وقال آخر: " استر العي" (¬5) ما استطعت بصمت ... إن في الصمت راحة للصموت واجعل الصمت إن عييت جوابًا ... ربَّ قول جوابه (في) (¬6) السكوت " (¬7) ¬
* وقال (أبو) (¬1) النجم: هلال بن مقلد بن سعد المؤدب (¬2): " قالوا سكوتك حرمان فقلت لهم ... ما قدر الله يأيني بلا طلب (وإذ) (¬3) يكون كلامي حين أنشره ... من اللجين لكان الصمت من ذهب" (¬4) * وقال عبد الملك الشركسي (أورده) (¬5) الفاكهي (¬6) في شرح الأربعين: إذا ما "اضطررت" (¬7) إلى كلمة ... فدعها وباب السكوت أقصد (ولو) (¬8) كان نطقك من فضة ... لكان سكوتك من عسجد " (¬9) ¬
* (وقال آخر) (¬1): الصمت فالزم ولا تنطق بلا سبب ... إن (المقلل) (¬2) بالإكثار في تعب وإن ظننت بأن القول من ورق ... فاستيقن الصمت من ذهب " (¬3) * (وقال) (¬4) أبو الحسن المروزي (¬5): " لعمرك إن الحلم زين لأهله ... (وما الحلم إلا عادة وتحلم) (¬6) ¬
إذا لم يكن صمت الفتى من"ندامة" (¬1) ... وعي فإن الصمت (أهدى) (¬2) وأسلم " * وقال آخر: (أقلل من القول تسلم من غوائله ... وأرض السكوت تجافي الأرض معترضًا) (¬3) * وقال (عبد الله) (¬4) بن المبارك "أورده" (¬5) في الحلية - رحمه الله تعالى - (¬6): (شعر) " الصمت (أزين) (¬7) للفتى ... من منطق في غير حينه والصدق أجمل (للفتى) (¬8) ... (في) (¬9) "القول عندي من يمينه" (¬10) وعلى الفتى بوقاره ... "سمت يلوح" (¬11) على جبينه" (¬12) ¬
* (وقال آخر) (بيت): (¬1) " قد يخزن الورع (التقي) (¬2) لسانه ... حذر الكلام وإنه لمفوه " (¬3) * وفي كتاب " لباب الآداب " (¬4) تأليف " أسامة بن منقذ " (¬5) , قال أبو حاتم: " طلب رجلان العلم , فلما علما صمت أحدهما وتكلم الآخر , فكتب المتكلم إلى الصامت (بيت مفرد) (¬6): " وما شيء أردت به اكتسابًا ... بأجمع في المعيشة من لسان فكتب إليه الصامت: وما شيء أردت به كمالا ... أحق (بسجن) (¬7) من لسان " (¬8) ¬
" وقال سفيان بن عيينه " (- رحمه الله تعالى -) (¬1) (ورواه) (¬2) الخطيب , وابن عساكر " لأبي نواس " (¬3): (شعرًا) (¬4) (خل جنبيك لرام) (¬5) ... وامض عنه بسلام (مت بداء) (¬6) الصمت خير ... لك من (داء) (¬7) الكلام إن السالم من ألـ ... جم فاه بلجام " (¬8) ¬
* (وقال إبراهيم بن هرمة - رحمه الله -) (¬1): أرى الناس في أمر" سحيل فلا تزل " (¬2) ... على حذر حتى ترى الأمر مبرما فإنك لا تستطيع رد الذي مضى ... "إذا" (¬3) القول (عن) (¬4) زلاته فارق (الفما) (¬5) "وَكَاِئنٌ" (¬6) ترى من وافر "العرض" (¬7) صامتًا ... وآخر أردى نفسه "إن" (¬8) تكلما " (¬9) ¬
* (وقال آخر) (¬1): " سامح الناس ودع عر ... ضك وقفًا للسبيل وأعز سمعك وقرًا ... عند إكثار العذول والزم الصمت إذا ... خفت (لسان) (¬2) الفضول فلزوم الصمت خير ... لك من قال وقيل " (¬3) * وقال أبو العتاهية: " قد أفلح "الساكت" (¬4) الصموت ... كلام راعي الكلام قوت ما " كل " (¬5) نطق له جواب ... جواب ما (تكره) (¬6) السكوت" (¬7) ¬
* (وقال أيضًا) (¬1): لا خير في "حشو" (¬2) الكلا ... ـم إذا اهتديت إلى "عيونه" (¬3) (والصمت) (¬4) أجمل بالفتى ... من (منطق) (¬5) في غير حينه" (¬6) * (وقال آخر) (¬7): "انطق مصيبًا (بخير) (¬8) لا تكن (هذرًا) (¬9) ... "عيابة ناطقًا" (¬10) بالفحش والريب ¬
وكن رزينًا طويل الصمت ذا فكر ... "فإن" (¬1) نطقت فلا تكثر من الخٌطب ولا "تٌجب" (¬2) سائلا من غير تروية ... وبالذي عنه "لم" (¬3) تٌسأل فلا تٌجب" (¬4) * وقال " (أحيحة) (¬5) بن الجلاح " (¬6): " والصمت أجمل بالفتى ... ما لم يكن عيّ (يشينه) (¬7) والقول "ذو" (¬8) (خطل) (¬9) إذا ... (ما) (¬10) لم يكن لبّ "يعينه" (¬11) * وقال آخر: "متى تطبق على شفتيك تسلم ... وإن تفتحهما (فقل) (¬12) الصوابا فما أحد يطيل الصمت إلا ... (سيأمن) (¬13) أن يذم (وأن) (¬14) يعابا فقل خيرًا (أو اسكت) (¬15) عن كثير ... من القول المٌحلّ بك العتابا" (¬16) ¬
* وقال عبد الله بن معاوية بن جعفر: " أيها المرء لا تقولن قولا ... لست تدري "ما" (¬1) (يعيبٌك) (¬2) منه والزم الصمت إن في الصمت حكمًا ... وإذا أنت قلت قولا "فزنه" (¬3) وإذا القوم ألغطوا في كلام ... (ليس) (¬4) " تٌعني بشأنه فاله" (¬5) عنه * (وأخرج) (¬6) البيهقي في " شعب الإيمان " عن أحمد بن الحسن العدفي , قال: " سمعت أبا العتاهية ينشد: إن كان يعجبك السكوت فإنه ... قد كان يعجب قبلك الأخيارا (ولإن) (¬7) ندمت على سكوتك مرة ... (فلتندمن) (¬8) على الكلام مرارا ¬
إن السكوت سلامة ولربما ... "زرع" (¬1) الكلام عداوة و"ضرارا" (¬2) وإذا تقرب (خاسر من خاسر) (¬3) ... (زاد) (¬4) (بذلك) (¬5) خسارة وتبارا" (¬6) * وأخرج ابن أبي الدنيا , وابن عساكر في "تاريخه" (عن إبراهيم بن أبي "عبلة" (¬7) أنه قال) (¬8) " لسانك ما "بخلت" (¬9) به مصون ... فلا تهمله ليس له قيود ¬
وسكّن "بالصمات" (¬1) "خبئ" (¬2) صدر ... (كما) (¬3) "يخبا" (¬4) الزبرجد والفريد فإنك لن ترد الدهر قولا ... نطقت به "وأندية" (¬5) قعود كما لا (ترجع) (¬6) مسقاة ماء ... ولم يرتد في الرحم الوليد" (¬7) * وقال آخر: من (لزم) (¬8) الصمت اكتسى هيبةً ... تٌخفي (عن) (¬9) الناس مساويه لسان من يعقل في قلبه ... وقلب من (يجهل) (¬10) في فيه" (¬11) ¬
" وقال آخر (وأجاد , ووفى بالمراد) (¬1): مهلا سليمًا أقلي اللوم أو (فلُمي) (¬2) ... من أقعدته صروف الدهر لم (يقم) (¬3) حظي يقصر بي عن كل مكرمة ... ولا (تقصر) (¬4) بي عن نيلها (هممي) (¬5) سألزم الصمت ما دام الزمان (كذا) (¬6) ... وأمنع الدهر من نطق (اللسان) (¬7) فمي إن لامني لائم في الصمت (قلت له) (¬8) ... حبس الفتى نطقه (حرز) (¬9) من الندم" (¬10) (آخر "م1": وهذا آخر كتاب حسن السمت في الصمت والحمد لله وحده وصلى الله على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه وسلم وزاد بعدها في "م2": آمين. آخر "ل": تم الكتاب بحمد الله وحسن توفيقه , والحمد لله وحده , وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم. آخر "ط": والله أعلم بالصواب , وإليه المرجع والمآب , تم الكتاب بحدم الله وعونه , وحسن توفيقه , في أحسن حال , وأتم منوال , والحمد لله وحده , وكان الفراغ من كتابته أواخر ¬
شهر ذي الحجة الحرام لختام سنة 1154, وكتب برسم الجناب المكرم , والقدوة المبجل المعظم , الأمير عبد الرحمن حلي بن المرحوم عثمان الكاشف , رحم الله السلف , وأبقى الخلف في خير طاعة , آمين , والحمد لله رب العالمين. آخر "ب": آخر: والحمد لله رب العالمين , أولا وآخرا , وظاهرا وباطنا , وصلوات الله وسلامه ورحمته وبركاته على سيد الأولين والآخرين والمرسلين , وعلى آله , آمين , بقلم الفقير إلى الله تعالى محمد بن عبد الرحمن بن عامر الفقيه غفر الله له ولوالديه , وإخوانه المسلمين , آمين يا رب العالمين. *****
المراجع والمصادر
المراجع والمصادر الهمزة · " الآداب الشرعية في شرح منظومة الآداب " لابن مفلح المقدسي , تحقيق: شعيب الأرناؤوط وعمر القيام , طبعة: مؤسسة الرسالة بيروت الطبعة الثالثة , 1419هـ / 1999م. · " إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين " للزبيدي, تصوير بيروت. · " إحياء علوم الدين " الغزالي , دار القلم بيروت. · " أخبار أصبهان " أبو نعيم الأصبهاني , ط: دار الكتاب الإسلامي - بيروت. · " أخلاق حملة القرآن " لأبي بكر محمد بن الحسين لآجُرِّي , تحقيق وتعليق: أبو محمد أحمد شحاتة السكندري , ط: دار الصفا والمروة بالأسكندرية , الطبعة الأولى 1426هـ/ 20005 م. · " الإصابة في تمييز الصحابة " لابن حجر , ط: دار الجيل بيروت , تحقيق: علي محمد البجاوي الطبعة الأولى 1412هـ. · " أضواء البيان " الشنقيطي , ط: دار الفكر - بيروت لبنان , 1415 هـ / 1995 م. · " الأعلام " خير الدين اللزركلي , دار العلم للملايين - بيروت 1979م , (1 - 8). · " الأغاني " أبو الفرج الأصفهاني , تحقيق: سمير جابر , ط: دار الفكر بيروت , الطبعة الثانية. · " اقتضاء الصراط المستقيم " لابن تيمية , دراسة وتحقيق: ناصر عبد الكريم العقل ,ط: دار عالم الكتب بيروت - لبنان , الطبعة السابعة , 1419 هـ / 1999م.
· " الأنساب " للسمعاني , تحقيق الشيح عبد الرحمن بن يحيى المعلمي حيث قام بتحقيق السبعة أجزاء الأولى فقط , وحقق الجزء الثامن محمد عوامة , والجزء التاسع اشترك معه الأستاذ رياض مراد , وقام بتحقيق الجزء العاشر الدكتور عبد الفتاح محمد الحلو , والجزء الحادي عشر أشرف عليه الأستاذ رياض مراد والأستاذ مطيع حافظ , والجزء الثاني عشر والأخير قام بتحقيقه الأستاذ أكرم البوشي , مكتبة ابن تيمية - القاهرة , الطبعة الثانية 1400هـ - 1980م. (ب) · " البداية والنهاية " لأبي الفداء بن كثير , ط: مكتبة المعارف - بيروت , (1 - 14). · و" البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع " للشوكاني ,ط: مصر 1348هـ , (1 - 2) · " البيان والتبيين " أبو عثمان بن بحرو الجاحظ , تحقيق: عبد الحكيم راضي , ط: الهيئة العامة لقصور الثقافة , 2003م , (1 - 4). (ت) · تاريخ الأدب العربي " لكارل بروكلمان , ترجمة د. عبد الحليم النجار وآخرين , القاهرة 1955م -1977م. · " تاريخ بغداد " الخطيب البغدادي , ط: دار الكتاب العربي بيروت (1 - 14). · " تاريخ دمشق " لابن عساكر , تحقيق محب الدين العمروي , طبعة دار الفكر بيروت - لبنان 1415هـ - 1995م , عدد الأجزاء 78. · " تاريخ دمشق " ابن عساكر, طبعة دار إحياء التراث 1421هـ - 2001م. · " التاريخ الكبير " البخاري , ط: دار الفكر , تحقيق السيد هاشم النبوي.
· " التحدث بنعمة الله " للسيوطي , تحقيق: إليزابيث ماري , ط: الهيئة العامة لقصور الثقافة: (5). · " تذكرة الحفاظ " للذهبي , طبعة: حيدر أباد الدكن 1955م - 1957م , (1 - 4). · " الترغيب والترهيب " للمنذري , طبعة: دار إحياء الكتب العربية - القاهرة · " التعليق على الموطأ " لهشام بن أحمد الأندلسي , تحقيق د: عبد الرحمن العثيمين , ط: مكتبة العبيكان , الطبعة الأولى 1421 هـ / 2001 م. · "تفسير القرآن العظيم " أبو الفداء عمر بن كثير , تحقيق: سامي بن محمد سلامة, ط: دار طيبة للنشر والتوزيع , الطبعة الثانية 1420هـ - 1999م. · "تقريب التهذيب " لابن حجر , ط: دار الرشيد - سوريا , الطبعة الأولى 1406 هـ - 1986 م. · " التكملة لوفيات النقلة " لعبد العظيم المنذري , تحقيق د. بشار عواد معروف , بيروت - لبنان 1981م. · " تهذيب التهذيب " ابن حجر العسقلاني , ط: دار الفكر - بيروت , الطبعة الأولى 1404هـ 1984 م · " تهذيب الكمال " يوسف بن الزكي المزي , تحقيق: د. بشار عواد معروف , ط: مؤسسة الرسالة - بيروت , الطبعة الأولى 1400هـ - 1980م , (1/ 35) (ث) · " الثقات " ابن حبان , ط: دار الفكر , تحقيق: السيد شرف الدين أحمد , 1395 هـ 1975م.
(ج) · " جامع بيان العلم وفضله " ابن عبد البر القرطبي , ط: دار الكتب العلمية بيروت - لبنان د. ت. · " الجامع الصحيح " محمد بن عيسى بن سورة الترمذي , تحقيق: أحمد محمد شاكر وآخرون , ط: دار إحياء التراث العربي - بيروت , (1 - 5) , والأحاديث مزيلة بأحكام الألباني عليها · " جامع البيان في تأويل القرآن " محمد بن جرير الطبري: (12/ 367) , تحقيق: أحمد محمد شاكر , ط: مؤسسة الرسالة, الطبعة الأولى,1420هـ- 2000م, (1 - 24) · " الجامع المختصر " لابن الساعي طبعة بغداد ج 9. · " جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس " الحميدي أبي عبد الله محمد بن أبي نصر فتوح بن عبد الله الأزدي , طبعة الهيئة المصرية العامة للكتاب - القاهرة , 2008م. · " الجرح والتعديل " أبو حاتم الرازي , ط: دار إحياء التراث العربي - بيروت , الطبعة الأولى 1271 هـ - 1952م. (ح) · " حقوق آل البيت " شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية , مقدمة المحقق: عبد القادر عطا , ط: دار الكتب العلمية بيروت - لبنان , د ت. · " حسن السمت في الصمت " السيوطي , تحقيق: أبو هاجر محمد السعيد زغلول , ط: دار الكتب العلمية - بيروت 1407هـ - 1987م. · " حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة " للسيوطي , تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم , القاهرة 1967 - 1968.
· " حلية الأولياء وطبقات الأصفياء " أبو نعيم الأصبهاني , ط: دار إحياء التراث. (خ) · " خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب " البغدادي , باب حروف الجر , تحقيق: عبد السلام هارون , الناشر: مكتبة الخانجي - القاهرة 1420هـ - 2000م. (د) · " الدر المنثور " السيوطي , تصوير بيروت. · " دليل مخطوطات السيوطي وأماكن وجودها " إعداد: " محمد بن إبراهيم الشيباني ... و " أحمد سعيد الخازندار " , من منشورات مركز المخطوطات والتراث والوثائق / الكويت برقم: (53) , الطبعة الثانية وهي طبعة جديدة مزيدة 1416هـ - 1995م. · " ديوان أبو العتاهية " , طبعة بيروت - بيروت , 1406هـ / 1987م. · ديوان أبي نواس , طبعة (بيروت). (ذ) · " ذيل تاريخ بغداد " الحافظ محب الدين أبي عبد الله محمد بن محمود بن الحسن المعروف بابن النجار البغدادي , ط: دار الكتب العلمية بيروت - لبنان , تحقيق: قيصر أبو فرح. (ر) · " روضة العقلاء ونزهة الفضلاء " ابن حبان البستي , تحقيق: محمد محيي الدين بن عبد الحميد , طبعة دار الكتب العلمية - بيروت سنة 1397 هـ / 1977م. (ز) · " الزهد " أحمد بن حنبل , ط: دار الكتب العلمية بيروت.
(س) · " السلسلة الصحيحة"محمد ناصر الدين الألباني, ط: مكتبة المعارف الرياض (1 - 7) · " سنن ابن ماجه " محمد بن يزيد أبو عبد الله القزويني , تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي , ط: دار الفكر - بيروت , (1 - 2). · " سنن أبي داود " سليمان بن الأشعث أبو داود السجستاني , تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد ط: دار الفكر , (1 - 4). · " سنن الترمذي " محمد بن عيسى الترمذي , تحقيق: أحمد محمد شاكر وآخرون , ط: دار إحياء التراث العربي - بيروت , (1 - 5). · " سنن الدارمي " , تحقيق: فواز أحمد زمرلي وخالد السبع العلمي , دار الكتب العلمية بيروت - لبنان الطبعة الثانية 1407هـ (1 - 2). · " السنن الكبرى للنسائي " أحمد بن شعيب النسائي , تحقيق: د. عبد الغفار سليمان البنداري , سيد كسروي حسن , ط: دار الكتب العلمية - بيروت , (1 - 6). · " سير أعلام النبلاء " الذهبي , تحقيق: شعيب الأرناؤوط وأخرين , ط: مؤسسة الرسالة - بيروت 1981م - 1988 م. · " سير أعلام النبلاء " للذهبي , تحقيق د. بشار عواد معروف , د. محيي هلال سرحان مؤسسة الرسالة بيروت - لبنان 1985م. (ش) · " شذرات الذهب في أخبار من ذهب " لابن العماد الحنبلي , ط دار الآفاق الجديدة ثمانية أجزاء. · " شرح السنة " للبغوي: 14/ 318 , تحقيق: شعيب الأرناؤوط.
· " شعب الإيمان " أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي , تحقيق: محمد السعيد بسيوني زغلول , ط: دار الكتب العلمية - بيروت / لبنان , الطبعة الأولى 1410هـ , (1 - 7). (ص) · " صحيح ابن حبان " , تحقيق: شعيب الأرناؤوط , ط: مؤسسة الرسالة - بيروت الطبعة الثانية 1414هت - 1993م , (1 - 18). · " صحيح البخاري " محمد بن إسماعيل البخاري , تحقيق د. مصطفى ديب البغا , ط: دار ابن كثير - بيروت , (1 - 6) الطبعة الثالثة 1407هـ - 1987م. · " صحيح مسلم " مسلم بن الحجاج النيسابوري , تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي , ط: دار إحياء التراث العربي - بيروت , (1 - 5). · " الصمت وآداب اللسان" ابن أبي الدنيا , دراسة تحقيق: محمد عبد القادر عطا , ط: مؤسسة الكتب الثقافية - بيروت 1409هـ - 1988م. (ض) · " ضعيف الترغيب والترهيب " محمد ناصرالدين الألباني , ط: مكتبة المعارف - الرياض (1 - 2). (ط) · " طبقات الحنابلة " لأبي يعلي , ط: القاهرة. · " طبقات الشافعية " للسبكي , تحقيق: عبد الفتاح محمد الحلو , ومحمود محمد الطناحي , ط: عيسى البابلي , القاهرة 1964/ 1974 (ع) · " العلل ومعرفة الرجال " لأحمد بن حنبل, ط: المكتب الإسلامي , دار الخاني - بيروت والرياض , الطبعة الأولى 1408 هـ - 1988م , تحقيق: وصي الله بن محمد عباس.
· " عيون الأخبار " ابن قتيبة الدينوري, ط: الهيئة العامة لقصور الثقافة2003م (1 - 4) (غ) · " غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب " للسفاريني , ط: دار الكتب العلمية بيروت - لبنان · " غريب الحديث " للقاسم بن سلام أبي عبيد الهروي , تحقيق: د. محمد عبد المعيد خان ط: دار الكتاب العربي - بيروت - لبنان , الطبعة الأولى 1396هـ , (1 - 4). · " غريب الحديث " لابن الجوزي , تحقيق: د. عبد المعطي أمين قلعجي , ط: دار الكتب العلمية - بيروت , الطبعة الأولى 1985م , (1 - 2). (ف) · " فتح الباري شرح صحيح البخاري " أحمد بن علي بن حجر العسقلاني , ط: دار المعرفة - بيروت - لبنان 1379هـ , (1 - 13). · " الفهرست " لابن النديم , تحقيق: د. محمد عوني عبد الرؤوف ود. إيمان السعيد جلال ط: الهيئة العامة لقصور الثقافة 2006م. · " فوات الوفيات " لابن شاكر الكتبي المحقق: إحسان عباس , الناشر: دار صادر - بيروت الطبعة الأولى أربعة أجزاء والخامس خاص بالفهارس. · "فوات الوفيات " , طبعة: مصر / 1925م , تحقيق محي الدين عبد الحميد. (ق) · " قلائد الجمان " لابن الشعَّار , منشورات معهد تاريخ العلوم العربية والإسلامية فرنكفورت - ألمانيا 1990م.
· " القواعد النورانية الفقهية " لشيخ الإسلام ابن تيمية , تحقيق: محمد حامد الفقي , ط: مكتبة السنة المحمدية , الطبعة الأولى , 1370هـ - 1951 م. (ك) · " كشف الخفا ومزيل الألباس " للعجلوني , ط: مكتبة القدسي - القاهرة. · " كشف الظنون " لحاجي خليفة , طبعة دار الفكر بيروت - لبنان , 1410 هـ - 1990م. · " كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال " علي بن حسام الدين المتقي الهندي مؤسسة الرسالة - بيروت 1989م. (ل) · " لباب الآداب " لأسامة بن منقذ , تحقيق: أحمد محمد شاكر , منشورات مكتبة السنة بالقاهرة سنة 1407 هـ - 1987 م. · " لسان العرب" لابن منظور , ط: دار صادر - بيروت لبنان الطبعة الأولى (1 - 15). · " لسان الميزان " ابن حجر , الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات - بيروت الطبعة الثالثة، 1406هـ - 1986م , تحقيق: دائرة المعرف النظامية - الهند , (1 - 7). (م) · " مجمع الزوائد " الهيثمي , ط: دار الفكر، بيروت، طبعة 1412هـ، 1992م. · " محمد كأنك تراه " , د: عائض القرني , ط: دار ابن حزم , الطبعة الثانية سنة 1426 هـ _ 2005 م. · " مرآة الجنان وعبرة اليقظان " لليافعي , مؤسسة الأعلمي بيروت - لبنان , منشورات محمد علي بيضون , وضع حواشيه خليل المنصور , الطبعة الأولى 1417 هـ - 1997م.
· " المستطرف في كل فن مستظرف " الأبشيهي , الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت الطبعة الثانية 1986 م , تحقيق د. مفيد محمد قميحة. · " المستفاد من ذيل تاريخ بغداد " لابن النجار البغدادي , انتقاه كاتبه أحمد بن أيبك بن عبد الله الحسيني , تحقيق: قيصر أبو الفرج , الناشر دار الكتاب العربي - بيروت لبنان د. ت. · " مسند أبي يعلي " أحمد بن علي بن المثنى أبو يعلي , تحقيق: حسين سليم أسد , ط: دار المأمون للتراث - دمشق , الطبعة الأولى 1404هـ - 1984م , (1 - 13). · " مسند أحمد بن حنبل " أحمد بن حنبل أبو عبد الله الشيباني , ط: مؤسسة قرطبة - القاهرة , (1 - 6). · " مسند الشهاب " محمد بن سلامة بن حعفر القضاعي , تحقيق: حمدي بن عبد المجيد السلفي , ط: مؤسسة الرسالة: الطبعة الثانية , 1407هـ - 1987م. · " مشاهير علماء الأمصار " محمد بن حبان البستي , تحقيق: م. فلايشمهر , ط: دار الكتب العلمية - بيروت , 1959 م في جزء واحد. · " مشكاة المصابيح " محمد بن عبد الله الخطيب التبريزي , تحقيق: محمد ناصر الدين الألباني, ط: المكتب الإسلامي- بيروت , الطبعة الثالثة , 1405هـ / 1985م , (1 - 3) · " معجم الأدباء " ياقوت الحموي , تحقيق د: إحسان عباس, طبعة دار الغرب الإسلامي 1993م. · " معجم البلدان " لياقوت الحموي , طبعة دار صادر بيروت - لبنان 1397هـ - 1977م · " معجم البلدان " لياقوت , تحقيق فريد الجندي , طبعة دار الكتب العلمية بيروت - لبنان 1410 هـ / 1990م. · " معجم المؤلفين ": عمر رضا كحالة , طبعة: دار إحياء التراث بيروت - لبنان.
· " المنتظم " أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي , ط: دار صادر - بيروت , الطبعة الأولى 1358هـ , (1 - 10). · " المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج " أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري النووي الناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت , الطبعة الثانية، 1392هـ (1 - 18). · موطأ مالك , ط: دار التقوى , تحقيق: الشيخ كامل عويضة. · " ميزان الاعتدال "أبو عبد الله محمد بن عثمان الذهبي , تحقيق: علي محمد البجاوي ط: دار المعرفة - بيروت. (ن) · النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة " جمال الدين أبو المحاسن بن تغري بردي , ط: الهيئة العامة لقصور الثقافة 2008م. · " النهاية في غريب الحديث والأثر " ابن الجزري , تحقيق: طاهر أحمد الزواوي - ومحمود محمد الطناحي , ط: المكتبة العلمية - بيروت / لبنان , 1399هـ - 1997م (هـ) · " هدية العارفين " لإسماعيل باشا البغدادي طبع بعناية وكالة المعارف الجليلة في مطبعتها البهية 1955م , دار إحياء التراث - بيروت - لبنان. (و) · " الوافي بالوفيات " الصفدي تحقيق واعتناء أحمد الأرناؤوط وتزكي مصطفى , ط: دار إحياء التراث بيروت - لبنان 1420 هـ - 2000م. · " وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان " المؤلف: ابن خلكان , المحقق: إحسان عباس الناشر: دار صادر - بيروت 1972م , سبعة أجزاء والثامن للفهارس.