حسن الأسوة بما ثبت من الله ورسوله في النسوة

صديق حسن خان

مقدمة المؤلف

مُقَدّمَة الْمُؤلف لَا يخفى عَلَيْك أَن النِّسَاء نصف هَذِه الْأمة بل أَكْثَرهَا وَهن شقائق الرِّجَال فِي جَمِيع مَا ورد من الشَّرِيعَة الحقة إِلَّا أَشْيَاء خصهن الله تَعَالَى وَرَسُوله بهَا من دون الرِّجَال وَقد تفضل عَلَيْهِنَّ كَمَا تفضل عَلَيْهِم بأنواع من الإفضال فَلَهُنَّ مَا لَهُم وعليهن مَا عَلَيْهِم فِي جملَة الشَّرَائِع وَالْأَحْكَام وَهِي أَبْوَاب كَثِيرَة طيبَة جدا لَا يَتَّسِع لذكرها الْمقَام كَيفَ وَمَا من خِصَال حَسَنَة نزل بهَا الْقُرْآن والْحَدِيث إِلَّا وَهِي مَطْلُوب مِنْهُنَّ فعلهَا وَمَا من شيم سَيِّئَة نطق بهَا الْكتاب وَالسّنة إِلَّا وَهِي مَقْصُود مِنْهُنَّ تَركهَا لكني خصصت هَذَا الْكتاب بِبَيَان مَا ورد فِي ذكرهن على الْخُصُوص وَهَذَا شطر علم من عُلُوم الدَّين وشطره الْبَاقِي مُشْتَرك بَينهم وبينهن بِالْيَقِينِ وَكم من تفاسير للآيات الْبَينَات وَرِوَايَات الْأَحَادِيث والدرايات جاءتنا من قبل نسَاء الْأَنْصَار والمهاجرات حَتَّى إِن نصف هَذَا الْعلم نقل إِلَيْنَا من عالمتهن عَائِشَة الصديقة رَضِي الله عَنْهَا وَكَانَت أعلمهن بأيام الله وأشعار الْعَرَب وَأَسْبَاب نزُول الْآي وأرواهن لأحاديثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَآله من أَبْوَاب كَثِيرَة من الشَّرَائِع وَكَانَ لَهَا قُوَّة الِاجْتِهَاد فِي عُلُوم الْملَّة الصادقة فَمن أتاح الله لَهُ علم هَذَا الْكتاب وَكَانَ قد رزق سائره الْمُشْتَرك

بَينهمَا من قبل فقد فَازَ بالقدح الْمُعَلَّى فِي مجَالِس أولي الْعلم والألباب وَإِيَّاك أَن تمر بِمَا فِي هَذَا السّفر من نفائس الْأَخْبَار والْآثَار ومحاسن آيَات الله الْوَاحِد الْغفار على غَفلَة مِنْك غير مبال بهَا بل عَلَيْك أَن تستفيد بِتِلْكَ الدَّلَائِل وتستفيد بتيك المخايل وتشيعها فِيهِنَّ وتحملهن على تعلمه وتعليمه لغيرهن مَا استطعن فان الله شَاكر لمن شكر ذَاكر لمن ذكر غَافِر لمن تَابَ وأناب إِلَيْهِ واستغفر والسعيد من وعظ بِغَيْرِهِ وتحلى بِعلم كل أَمر مِنْهُنَّ شَره وخيره وَإِذا عسر عَلَيْك فهم شَيْء من مباني الْآي وَالسّنَن ومعانيها فَارْجِع إِلَى تفاسير الْكتاب الْمُعْتَمد عَلَيْهَا فِي هَذَا الْبَاب وشروح كتب الصِّحَاح وَالسّنَن من جمَاعَة من أهل الْأَلْبَاب كفتح الْبَيَان وَفتح الْبَارِي وَالرَّوْضَة الندية والنيل والسيل وَأَخَوَاتهَا فَإِن فِيهَا مَا يرشدك إِلَى الْحق بِالْقبُولِ والاتباع ويغنيك عَن الْميل إِلَى كتب الْفُرُوع الَّتِي لفقها أهل الرَّأْي وأرباب الابتداع وَلَو لم أكن فِي شغل شاغل وفكر هائل لأتيتك بذلك كُله ونبأتك بكثيره وقله وَحَيْثُ إِن آيَات الْكتاب متصفة بِالْبَيِّنَاتِ وَأَحَادِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَوْصُوفَة بِأَن لَيْلهَا كنهارها فِي الوضوح واللمعات لَا يحْتَاج الْعَالم بهما وعارفهما إِلَى غَيرهمَا فِي هَذِه الشَّرَائِع والأبواب إِن شَاءَ الله تَعَالَى فَهَذَا الْكتاب مَعَ اختصاره واقتصاره فِي جمع آيَاته وآثاره بَين لَا يتقنع وجلي لَا يتبرقع وَفِيه كِفَايَة ومقنع وبلاغ لمن لَهُ هِدَايَة فاصبر عَلَيْهِ صبرا جميلا فَخير الحَدِيث كتاب الله وَخير الْهدى هدي مُحَمَّد وَشر الْأُمُور محدثاتها وكل بِدعَة ضَلَالَة وَمن أصدق من الله وَرَسُوله قيلا وَبِأَيِّ حَدِيث بعده يُؤمنُونَ وَسَيعْلَمُ الَّذين ظلمُوا أَي مُنْقَلب يَنْقَلِبُون

الكتاب الأول في آيات الكتاب العزيز

الْكتاب الأول فِي آيَات الْكتاب الْعَزِيز

باب ما نزل في إسكان الأبوين آدم وحواء في الجنة وإزلال الشيطان لهما عنها

1 - بَاب مَا نزل فِي إسكان الْأَبَوَيْنِ آدم وحواء فِي الْجنَّة وإزلال الشَّيْطَان لَهما عَنْهَا {يَا آدم اسكن أَنْت وزوجك الْجنَّة وكلا مِنْهَا رغدا حَيْثُ شئتما وَلَا تقربا هَذِه الشَّجَرَة فتكونا من الظَّالِمين فأزلهما الشَّيْطَان عَنْهَا فأخرجهما مِمَّا كَانَا فِيهِ} قَالَ الله تَعَالَى فِي سُورَة الْبَقَرَة {يَا آدم اسكن أَنْت وزوجك الْجنَّة} أَي اتخذ الْجنَّة مأوى ومنزلا وَهُوَ مَحل السّكُون وَالزَّوْج هِيَ حَوَّاء بِالْمدِّ وَالزَّوْج فِي اللُّغَة الفصيحة بِغَيْر هَاء وَقد جَاءَ بهاء قَلِيلا كَمَا فِي صَحِيح مُسلم قَالَ يَا فلَان هَذِه زَوْجَتي فُلَانُهُ الحَدِيث وَكَانَ خلق حَوَّاء من ضلعه الْيُسْرَى فَلِذَا كَانَ كل إِنْسَان نَاقِصا ضلعا

من الْجَانِب الْأَيْسَر فجهة الْيَمين أضلاعها ثَمَانِي عشرَة وجهة الْيَسَار أضلاعها سبع عشرَة وقصة خلقهَا مبسوطة فِي كتب السّنة وَاخْتلفُوا فِي الْجنَّة الَّتِي أَمر آدم وزوجه بسكناها فَقيل إِنَّهَا كَانَت فِي الأَرْض وَقيل هِيَ دَار الْجَزَاء وَالثَّوَاب وَقد استوعب الْعَلامَة ابْن الْقيم فِي كِتَابه حادي الْأَرْوَاح الى بِلَاد الأفراح أَدِلَّة الْفَرِيقَيْنِ وَلكُل وجهة هُوَ موليها وَصحح بَعضهم القَوْل الأول وَمِنْهُم من صحّح القَوْل الثَّانِي وَقيل كِلَاهُمَا مُمكن فَلَا وَجه للْقطع وَالْأولَى الْوَقْف وَالله تَعَالَى أعلم وَقَالَ تَعَالَى {فأزلهما} أَي استزل آدم وحواء الشَّيْطَان عَنْهَا أَي الْجنَّة ودعاهما إِلَى الزلة وَهِي الْخَطِيئَة وَقيل نحاهما قيل إِنَّه كَانَ ذَلِك بمشافهة مِنْهُ لَهما وَإِلَيْهِ ذهب الْجُمْهُور مستدلين بقوله تَعَالَى {وقاسمهما إِنِّي لَكمَا لمن الناصحين} والمقاسمة ظَاهرهَا المشافهة وَقيل لم يصدر مِنْهُ إِلَّا مُجَرّد الوسوسة والمفاعلة لَيست على بَابهَا بل للْمُبَالَغَة وَقيل غير ذَلِك {فأخرجهما مِمَّا كَانَا فِيهِ} أَي صرفهما عَمَّا كَانَا عَلَيْهِ من الطَّاعَة إِلَى الْمعْصِيَة وَقيل الضَّمِير إِلَى الْجنَّة وعَلى هَذَا فالفعل مضمن معنى أبعدهُمَا وَإِنَّمَا نسب ذَلِك إِلَى الشَّيْطَان لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي تولى إغواء آدم حَتَّى أكل من الشَّجَرَة وَبِالْجُمْلَةِ فهبط آدم على سرنديب من أَرض الْهِنْد على جبل يُقَال لَهُ نود وأهبطت حَوَّاء على جدة وهما أصل هَذَا النَّوْع الانساني وَعَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ مَا سكن آدم الْجنَّة إِلَّا مَا بَين صَلَاة الْعَصْر

باب ما نزل في ذبح الأبناء واستحياء النساء

إِلَى غرُوب الشَّمْس أخرجه عبد بن حميد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَعنهُ مَا غَابَتْ الشَّمْس من ذَلِك الْيَوْم حَتَّى أهبط من الْجنَّة وَعَن الْحسن قَالَ لبث آدم فِي الْجنَّة سَاعَة من نَهَار وَتلك السَّاعَة مائَة وَثَلَاثُونَ سنة من أَيَّام الدُّنْيَا وَعَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَوْلَا لم تخن أُنْثَى زَوجهَا أخرجه البُخَارِيّ وَالْحَاكِم وَقد روى عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَمن بعدهمْ حكايات فِي صفة هبوط آدم وزوجه من الْجنَّة وَمَا أهبط مَعَهُمَا وَمَا صنعا عِنْد وصولهما إِلَى الأَرْض فَلَا حَاجَة لنا ببسط جَمِيع ذَلِك فِي هَذَا الْكتاب وَذكر طرفا مِنْهَا ابْن الْقيم فِي الْحَادِي فَرَاجعه 2 - بَاب مَا نزل فِي ذبح الْأَبْنَاء واستحياء النِّسَاء {يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وَفِي ذَلِكُم بلَاء من ربكُم عَظِيم} قَالَ تَعَالَى {يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم} الذّبْح فِي الأَصْل الشق وَهُوَ فري أوداج الْمَذْبُوح وَهل نسَاء جمع نسْوَة أَو جمع امْرَأَة من حَيْثُ الْمَعْنى قَولَانِ وَالْمرَاد يتركون نساءكم أَحيَاء ليستخدموهن ويمتهنوهن عبر عَن الْبَنَات باسم النِّسَاء لِأَنَّهُ جنس يصدق عَلَيْهِنَّ وَلَا يخفى مَا فِي قتل الْأَبْنَاء واستحياء الْبَنَات للْخدمَة وَنَحْوهَا من إِنْزَال الذل بهم وإلصاق الإهانة الشَّدِيدَة بجميعهم لما فِي ذَلِك من الْعَار وَيُشِير إِلَى هَذَا قَوْله تَعَالَى {وَفِي ذَلِكُم بلَاء من ربكُم عَظِيم}

باب ما نزل في الإحسان إلى الوالدين

3 - بَاب مَا نزل فِي الْإِحْسَان إِلَى الْوَالِدين {وَإِذ أَخذنَا مِيثَاق بني إِسْرَائِيل لَا تَعْبدُونَ إِلَّا الله وبالوالدين إحسانا} قَالَ تَعَالَى {وَإِذ أَخذنَا مِيثَاق بني إِسْرَائِيل لَا تَعْبدُونَ إِلَّا الله وبالوالدين إحسانا} قَالَ مكي هَذَا الْمِيثَاق أَخذه الله عَلَيْهِم فِي حياتهم على ألسن أَنْبِيَائهمْ وَالْجُمْلَة خبر بِمَعْنى النَّهْي وَهُوَ أبلغ من صَرِيح النَّهْي لما فِيهِ من الاعتناء بشأن الْمنْهِي عَنهُ وتأكد طلب امتثاله حَتَّى كَأَنَّهُ امتثل وَأخْبر عَنهُ وَعبادَة الله إِثْبَات توحيده وتصديق رسله وَالْعَمَل بِمَا أنزل الله فِي كتبه وَالْمرَاد بِالْإِحْسَانِ معاشرة الْأَبَوَيْنِ بِالْمَعْرُوفِ والتواضع لَهما وامتثال أَمرهمَا وَسَائِر مَا أوجبه الله على الْوَلَد لوَالِديهِ من الْحُقُوق وَمِنْه الْبر بهما وَالرَّحْمَة لَهما وَالنُّزُول عِنْد أَمرهمَا فِيمَا لَا يُخَالف أَمر الله وَأمر رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويوصل إِلَيْهِمَا مَا يحتاجان إِلَيْهِ وَلَا يؤذيهما وَإِن كَانَا كَافِرين وَأَن يدعوهما إِلَى الْإِيمَان بالرفق واللين وَكَذَا إِن كَانَا فاسقين يأمرهما بِالْمَعْرُوفِ من غير عنف وَلَا يَقُول لَهما أُفٍّ 4 - بَاب مَا نزل فِي ابْن مَرْيَم عَلَيْهِمَا السَّلَام {وآتينا عِيسَى ابْن مَرْيَم الْبَينَات} قَالَ تَعَالَى {وآتينا عِيسَى ابْن مَرْيَم الْبَينَات} أَي الدلالات الواضحات الْمَذْكُورَة فِي سُورَة آل عمرَان والمائدة وَقيل هِيَ الْإِنْجِيل وَاسم عِيسَى بالسُّرْيَانيَّة يسوع وَمَرْيَم بِمَعْنى الْخَادِم وَقيل هُوَ اسْم علم لَهَا كزيد من الرِّجَال

باب ما نزل في التفريق بين المرء وزوجه

5 - بَاب مَا نزل فِي التَّفْرِيق بَين الْمَرْء وزوجه {فيتعلمون مِنْهُمَا مَا يفرقون بِهِ بَين الْمَرْء وزوجه وَمَا هم بضارين بِهِ من أحد إِلَّا بِإِذن الله ويتعلمون مَا يضرهم وَلَا يَنْفَعهُمْ} قَالَ تَعَالَى {فيتعلمون مِنْهُمَا} أَي من الْملكَيْنِ {مَا يفرقون بِهِ بَين الْمَرْء وزوجه} أَي سحرًا يكون سَببا فِي التَّفْرِيق بَينهمَا كالنفث فِي العقد وَنَحْو ذَلِك مِمَّا يحدث الله تَعَالَى عِنْده الْبغضَاء وَالْخلاف بَين الزَّوْجَيْنِ على حسب الْعَادة الإلهية من خلق المسببات عقب الْأَسْبَاب العادية ابتلاء من الله تَعَالَى وَفِي الْآيَة دلَالَة على أَن للسحر تَأْثِيرا فِي نَفسه وَحَقِيقَة ثَابِتَة وَلم يُخَالف فِي ذَلِك إِلَّا الْمُعْتَزلَة وَأَبُو حنيفَة {وَمَا هم بضارين بِهِ من أحد إِلَّا بِإِذن الله ويتعلمون مَا يضرهم وَلَا يَنْفَعهُمْ} يَعْنِي السحر لأَنهم يقصدون بِهِ الْعَمَل أَو لِأَن الْعلم يجر إِلَى الْعَمَل غَالِبا قَالَ أَبُو السُّعُود فِيهِ إِن الاجتناب عَمَّا لَا تؤمن غوائله خير كتعلم الفلسفة الَّتِي لَا يُؤمن أَن تجر إِلَى الغواية انْتهى 6 - بَاب مَا نزل فِي قصاص الْأُنْثَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا كتب عَلَيْكُم الْقصاص فِي الْقَتْلَى الْحر بِالْحرِّ وَالْعَبْد بِالْعَبدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} قَالَ تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا كتب عَلَيْكُم الْقصاص فِي الْقَتْلَى الْحر بِالْحرِّ وَالْعَبْد بِالْعَبدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} أستدل بِهَذِهِ الْآيَة على أَن الذّكر لَا يقتل

ما نزل في وصية الوالدين

بِالْأُنْثَى إِلَّا إِذا سلم أَوْلِيَاء الْمَرْأَة الزِّيَادَة على دِيَتهَا من دِيَة الرجل وَبِه قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق وَالثَّوْري وَأَبُو ثَوْر وَذهب الْجُمْهُور إِلَى أَنه يقتل الرجل بِالْمَرْأَةِ وَلَا زِيَادَة وَهُوَ الْحق وَقد بسط الشَّوْكَانِيّ رَحمَه الله الْبَحْث فِي نيل الأوطار فَرَاجعه 7 - مَا نزل فِي وَصِيَّة الْوَالِدين {كتب عَلَيْكُم إِذا حضر أحدكُم الْمَوْت إِن ترك خيرا الْوَصِيَّة للْوَالِدين والأقربين بِالْمَعْرُوفِ} قَالَ تَعَالَى {كتب عَلَيْكُم إِذا حضر أحدكُم الْمَوْت إِن ترك خيرا الْوَصِيَّة للْوَالِدين والأقربين بِالْمَعْرُوفِ} الْوَصِيَّة هُنَا عبارَة عَن الْأَمر بالشَّيْء بعد الْمَوْت وَقد اتّفق أهل الْعلم على وُجُوبهَا على من عَلَيْهِ دين أَو عِنْده وَدِيعَة أَو نَحْوهَا وَأما إِن لم يكن كَذَلِك فَذهب أَكْثَرهم إِلَى أَنَّهَا غير وَاجِبَة عَلَيْهِ سَوَاء كَانَ فَقِيرا أَو غَنِيا وَقَالَت طَائِفَة إِنَّهَا وَاجِبَة وَذَهَبت جمَاعَة إِلَى أَن الْآيَة محكمَة وَالْمرَاد بهَا من الْوَالِدين من لَا يَرث كالأبوين الْكَافرين وَمن هُوَ فِي الرّقّ قَالَ ابْن الْمُنْذر أجمع كل من يحفظ عَنهُ من أهل الْعلم على أَن الْوَصِيَّة لَهما جَائِزَة وَقَالَ كثير من أهل الْعلم إِنَّهَا مَنْسُوخَة بِآيَة الْمَوَارِيث وَقيل نسخ الْوُجُوب وَبَقِي النّدب

باب ما نزل في حل الرفث إلى النساء ومباشرتهن في ليالي الصوم

8 - بَاب مَا نزل فِي حل الرَّفَث إِلَى النِّسَاء ومباشرتهن فِي ليَالِي الصَّوْم {أحل لكم لَيْلَة الصّيام الرَّفَث إِلَى نِسَائِكُم هن لِبَاس لكم وَأَنْتُم لِبَاس لَهُنَّ} {فَالْآن باشروهن وابتغوا مَا كتب الله لكم} {وَلَا تباشروهن وَأَنْتُم عاكفون فِي الْمَسَاجِد} قَالَ تَعَالَى {أحل لكم لَيْلَة الصّيام الرَّفَث إِلَى نِسَائِكُم} الرَّفَث كِنَايَة عَن الْجِمَاع قَالَ الزّجاج هُوَ كلمة جَامِعَة لكل مَا يُرِيد الرجل من امْرَأَته وَكَذَا قَالَ الْأَزْهَرِي وَقيل أَصله الْفُحْش وَلَيْسَ هُوَ المُرَاد هُنَا وعدي بإلى لتَضَمّنه معنى الْإِفْضَاء {هن لِبَاس لكم وَأَنْتُم لِبَاس لَهُنَّ} جعل النِّسَاء لباسا للرِّجَال وَالرِّجَال لباسا لَهُنَّ لامتزاج كل وَاحِد مِنْهُمَا بِالْآخرِ عِنْد الْجِمَاع كالامتزاج الَّذِي يكون بَين الثَّوْب ولابسه قَالَ أَبُو عُبَيْدَة وَغَيره يُقَال للْمَرْأَة لِبَاس وفراش وَإِزَار وَقيل إِنَّمَا جعل كل وَاحِد مِنْهُمَا لباسا للْآخر لِأَنَّهُ يستره عِنْد الْجِمَاع عَن أعين النَّاس وَعَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا هن سكن لكم وَأَنْتُم سكن لَهُنَّ قيل لَا يسكن شَيْء إِلَى شَيْء كسكون إِحْدَى الزَّوْجَيْنِ إِلَى الآخر وَقَالَ الدُّخُول والتغشي والإفضاء والمباشرة والرفث واللمس والمس هِيَ الْجِمَاع فَإِن الله حييّ كريم يكني بِمَا شَاءَ وَقَالَ تَعَالَى {فَالْآن باشروهن} أَي جامعوهن فَهُوَ حَلَال لكم فِي ليَالِي الصَّوْم وَسميت المجامعة مُبَاشرَة لتلاصق بشرة كل وَاحِد بِصَاحِبِهِ {وابتغوا مَا كتب الله لكم} أَي ابْتَغوا بِمُبَاشَرَة نِسَائِكُم حُصُول مَا هُوَ مُعظم الْمَقْصُود من النِّكَاح وَهُوَ حُصُول النَّسْل وَالْولد وَقيل ابْتَغوا مَا كتب الله لكم من الْإِمَاء والزوجات

باب ما نزل في أجر النفقة للوالدين

وَقَالَ تَعَالَى {وَلَا تباشروهن وَأَنْتُم عاكفون فِي الْمَسَاجِد} قيل المُرَاد الْجِمَاع وَقيل يَشْمَل التَّقْبِيل واللمس إِذا كَانَا بِشَهْوَة لَا إِذا كَانَا بغَيْرهَا فهما جائزان قَالَه عَطاء وَالشَّافِعِيّ وَابْن الْمُنْذر وَغَيرهم 9 - بَاب مَا نزل فِي أجر النَّفَقَة للْوَالِدين {مَا أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل} قَالَ تَعَالَى {مَا أنفقتم من خير فللوالدين} قدمهما لوُجُوب حَقّهمَا على الْوَلَد لِأَنَّهُمَا السَّبَب فِي وجوده {والأقربين واليتامى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل} انْظُر إِلَى هَذَا التَّرْتِيب الْحسن العجيب فِي كَيْفيَّة الْإِنْفَاق كَيفَ فَصله 10 - بَاب مَا نزل فِي نِكَاح المشركات {وَلَا تنْكِحُوا المشركات حَتَّى يُؤمن وَلأمة مُؤمنَة خير من مُشركَة وَلَو أَعجبتكُم وَلَا تنْكِحُوا الْمُشْركين حَتَّى يُؤمنُوا ولعَبْد مُؤمن خير من مُشْرك وَلَو أعجبكم} قَالَ تَعَالَى {وَلَا تنْكِحُوا المشركات حَتَّى يُؤمن} أَي لَا تتزوجوا وَالْمرَاد بِالنِّكَاحِ العقد لَا الْوَطْء وَفِي هَذِه الْآيَة النَّهْي عَن نِكَاح المشركات قيل المُرَاد بهَا الوثنيات وَقيل تعم الكتابيات لما أخرج البُخَارِيّ عَن ابْن عمر قَالَ حرم الله نِكَاح المشركات على الْمُسلمين وَلَا أعرف

شَيْئا من الْإِشْرَاك أعظم من أَن تَقول الْمَرْأَة إِن رَبهَا عِيسَى وَهُوَ عبد من عباد الله قَالَت طَائِفَة جَاءَت آيَة الْمَائِدَة فخصصت الكتابيات من هَذَا الْعُمُوم وَهُوَ القَوْل الراسخ عَن مقَاتل بن حَيَّان قَالَ نزلت هَذِه الْآيَة فِي أبي مرْثَد الغنوي وَكَانَ قد اسْتَأْذن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي عنَاق أَن يَتَزَوَّجهَا وَكَانَت ذَات حَظّ من الْجمال وَهِي مُشركَة وَأَبُو مرْثَد يَوْمئِذٍ مُسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله إِنَّهَا تعجبني فَأنْزل الله {وَلَا تنْكِحُوا المشركات} الْآيَة أخرجه ابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر {وَلأمة مُؤمنَة خير من مُشركَة} أَي رقيقَة مُؤمنَة أَنْفَع وَأصْلح وَأفضل من حرَّة مُشركَة وَيُسْتَفَاد مِنْهُ تَفْضِيل الْحرَّة المؤمنة على الْحرَّة المشركة بِالْأولَى قَالَ ابْن عَرَفَة يَجِيء التَّفْضِيل فِي كَلَامهم إِيجَابا للْأولِ ونفيا عَن الثَّانِي فعلى هَذَا يلْزم عدم الْخَيْر فِي المشركة مُطلقًا {وَلَو أَعجبتكُم} أَي المشركة من جِهَة كَونهَا ذَات جمال أَو مَال أَو نسب أَو شرف قَالَ السُّيُوطِيّ وَهَذَا مَخْصُوص بِغَيْر الكتابيات بِآيَة {وَالْمُحصنَات من الَّذين أُوتُوا الْكتاب} {وَلَا تنْكِحُوا الْمُشْركين} أَي لَا تزوجوا الْكفَّار بالمؤمنات خطاب للأولياء {حَتَّى يُؤمنُوا} قَالَ الْقُرْطُبِيّ أَجمعت الْأمة على أَن الْمُشرك لَا يطَأ المؤمنة بِوَجْه لما فِي ذَلِك من الغضاضة على الْإِسْلَام {ولعَبْد مُؤمن خير من مُشْرك وَلَو أعجبكم} أَي بحسنه وجماله وَنسبه وَمَاله

باب ما نزل في عدم قرب النساء حتى يطهرن

11 - بَاب مَا نزل فِي عدم قرب النِّسَاء حَتَّى يطهرن {ويسألونك عَن الْمَحِيض قل هُوَ أَذَى فاعتزلوا النِّسَاء فِي الْمَحِيض وَلَا تقربوهن حَتَّى يطهرن فَإِذا تطهرن فأتوهن من حَيْثُ أَمركُم الله إِن الله يحب التوابين وَيُحب المتطهرين} قَالَ تَعَالَى {ويسألونك عَن الْمَحِيض} وَهُوَ اسْم الْحيض أَي الْحَدث وأصل الْكَلِمَة من السيلان والانفجار {قل هُوَ أَذَى} أَي شَيْء يتَأَذَّى بِهِ أَي برائحته والأذى كِنَايَة عَن القذر أَو مَحَله {فاعتزلوا النِّسَاء فِي الْمَحِيض} أَي اجتنبوهن واتركوا وطأهن فِي زمَان الْمَحِيض إِن حمل الْمَحِيض على الْمصدر أَو فِي مَحل الْحيض إِن حمل على الِاسْم وَالْمرَاد مِنْهُ ترك المجامعة لَا ترك المجالسة أَو الملابسة فَإِن ذَلِك جَائِز بل يجوز الِاسْتِمْتَاع بِهن مَا عدا الْفرج أَو مَا دون الْإِزَار على خلاف فِي ذَلِك وَلَا خلاف بَين أهل الْعلم فِي تَحْرِيم وَطْء الْحَائِض وَهُوَ مَعْلُوم من ضَرُورَة الدَّين {وَلَا تقربوهن حَتَّى يطهرن} قريء بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيف وَالطُّهْر انْقِطَاع الْحيض والتطهر الِاغْتِسَال وبسبب اخْتِلَاف الْقُرَّاء اخْتلف أهل الْعلم فَذهب الْجُمْهُور إِلَى منع الْجِمَاع حَتَّى تتطهر بِالْمَاءِ وَقَالَ

باب ما نزل في موضع إتيان النساء

آخَرُونَ حلت لزَوجهَا وَإِن لم تَغْتَسِل وَرجح الطَّبَرِيّ قِرَاءَة التَّشْدِيد وَالْأولَى أَن يُقَال إِن الله تَعَالَى جعل للْحلّ غايتين كَمَا تَقْتَضِيه القراءتان إِحْدَاهمَا انْقِطَاع الدَّم وَالْأُخْرَى التطهر مِنْهُ والغاية الْأُخْرَى مُشْتَمِلَة على زِيَادَة على الْغَايَة الأولى فَيجب الْمصير إِلَيْهَا وَقد دلّ على أَن الْغَايَة الْأُخْرَى هِيَ الْمُعْتَبرَة وَقَوله سُبْحَانَهُ بعد ذَلِك {فَإِذا تطهرن} فَإِن ذَلِك يُفِيد أَن الْمُعْتَبر التطهر لَا مُجَرّد انْقِطَاع الدَّم وَقد تقرر أَن الْقِرَاءَتَيْن بِمَنْزِلَة الْآيَتَيْنِ فَكَمَا أَنه يجب الْجمع بَين الْآيَتَيْنِ الْمُشْتَملَة إِحْدَاهمَا على زِيَادَة بِالْعَمَلِ بِتِلْكَ الزِّيَادَة كَذَلِك يجب الْجمع بَين الْقِرَاءَتَيْن {فأتوهن من حَيْثُ أَمركُم الله} أَي فجامعوهن وكنى عَنهُ بالإتيان وَالْمرَاد أَنهم يجامعونهن فِي المأتى الَّذِي أَبَاحَهُ الله وَهُوَ الْقبل وَقيل من قبل الْحَلَال لَا من قبل الزِّنَى {إِن الله يحب التوابين} من إتْيَان النِّسَاء فِي أدبارهن أَو فِي الْمَحِيض {وَيُحب المتطهرين} من الْجَنَابَة والأحداث والعموم أولى 12 - بَاب مَا نزل فِي مَوضِع إتْيَان النِّسَاء {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} قَالَ تَعَالَى (نِسَاؤُكُمْ حرث لكم) لفظ الْحَرْث يُفِيد أَن الْإِبَاحَة لم تقع إِلَّا فِي الْفرج الَّذِي هُوَ الْقبل خَاصَّة إِذْ هُوَ مزدرع الذُّرِّيَّة كَمَا أَن الْحَرْث مزدرع النَّبَات فقد شبه مَا يلقى فِي أرحامهن من النطف الَّتِي مِنْهَا النَّسْل بِمَا يلقى فِي الأَرْض من البزور الَّتِي مِنْهَا النَّبَات بِجَامِع أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا مَادَّة لما يحصل مِنْهُ {فَأتوا حَرْثكُمْ} أَي مَحل زرعكم واستنباتكم الْوَلَد وَهُوَ الْقبل وَهَذَا على سَبِيل التَّشْبِيه جعل فرج الْمَرْأَة كالأرض

والنطفة كالبزر وَالْولد كالزرع {أَنى شِئْتُم} أَي أَي من أَي جِهَة شِئْتُم من خلف وَقُدَّام وباركة ومستلقية ومضطجعة وقائمة وَقَاعِدَة ومقبلة ومدبرة إِذا كَانَ فِي مَوضِع الْحَرْث وَقد ذهب السّلف وَالْخلف من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَالْأَئِمَّة الْمُجْتَهدين إِلَى أَن إتْيَان الزَّوْجَة فِي دبرهَا حرَام وروى عَن مَالك من طرق مَا يَقْتَضِي إِبَاحَة ذَلِك وَفِي أسانيدها ضعف وَأخرج الشَّيْخَانِ وَأهل السّنَن وَغَيرهم عَن جَابر قَالَ كَانَت الْيَهُود تَقول إِذا أَتَى الرجل امْرَأَة من خلفهَا فِي قبلهَا ثمَّ حملت جَاءَ الْوَلَد أَحول فَنزلت {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} أَي إِن شَاءَ مجبية وَإِن شَاءَ غير مجبية بِحَيْثُ يكون ذَلِك فِي صمام وَاحِد وَقد رُوِيَ هَذَا عَن جمَاعَة من السّلف وصرحوا أَنه السَّبَب والصمام السَّبِيل وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ جَاءَ عمر إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله هَلَكت قَالَ وَمَا أهْلكك قَالَ حولت رحلي اللَّيْلَة فَلم يرد عَلَيْهِ شَيْئا فَأوحى الله إِلَى رَسُوله هَذِه الْآيَة {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم} يَقُول أقبل وَأدبر وَاتَّقِ الدبر والحيضة أخرجه أَحْمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ والضياء فِي المختارة وَغَيرهم وَأخرج الشَّافِعِي فِي الْأُم وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق خُزَيْمَة بن ثَابت أَن سَائِلًا سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن إتْيَان النِّسَاء فِي أدبارهن فَقَالَ حَلَال أَو لَا بَأْس فَلَمَّا ولى دَعَاهُ فَقَالَ كَيفَ قلت أَمن دبرهَا فِي قبلهَا فَنعم أم من دبرهَا فَلَا إِن الله لَا يستحي من الْحق لَا تَأْتُوا النِّسَاء فِي أدبارهن

باب ما نزل في الإيلاء من النساء

وَقد ورد النَّهْي عَن ذَلِك من طرق وَقد ثَبت نَحْو ذَلِك عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ مَرْفُوعا وموقوفا وَقد روى القَوْل بحله عَن بَعضهم وَلَيْسَ فِي أَقْوَال هَؤُلَاءِ حجَّة الْبَتَّةَ وَلَا يجوز لأحد أَن يعْمل بأقوالهم فَإِنَّهُم لم يَأْتُوا بِدَلِيل يدل على الْجَوَاز فَمن زعم مِنْهُم أَنه فهم ذَلِك من الْآيَة فقد أَخطَأ فِي فهمه فقد فَسرهَا لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأكابر أَصْحَابه بِخِلَاف مَا قَالَه هَذَا المخطيء فِي فهمه كَائِنا من كَانَ وأينما كَانَ وَمن زعم مِنْهُم أَن سَبَب نزُول الْآيَة أَن رجلا أَتَى امْرَأَته فِي دبرهَا فَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يدل على أَن الْآيَة أحلّت ذَلِك وَمن زعم ذَلِك فقد أَخطَأ بل الَّذِي تدل عَلَيْهِ الْآيَة أَن ذَلِك حرَام فكون ذَلِك هُوَ السَّبَب لَا يسْتَلْزم أَن تكون الْآيَة نازلة فِي تَحْلِيله فَإِن الْآيَات النَّازِلَة على أَسبَاب تَأتي تَارَة بتحليل هَذَا وَتارَة بِتَحْرِيمِهِ 13 - بَاب مَا نزل فِي الْإِيلَاء من النِّسَاء {للَّذين يؤلون من نِسَائِهِم تربص أَرْبَعَة أشهر فَإِن فاؤوا فَإِن الله غَفُور رَحِيم وَإِن عزموا الطَّلَاق فَإِن الله سميع عليم} قَالَ تَعَالَى {للَّذين يؤلون من نِسَائِهِم تربص أَرْبَعَة أشهر} الْإِيلَاء أَن يحلف أَن لَا يطَأ امْرَأَته أَكثر من أَرْبَعَة أشهر فَمَا دونهَا فَإِن حلف على أَرْبَعَة أشهر فَمَا دونهَا لم يكن مؤليا وَكَانَت يَمِينا مَحْضَة وَبِهَذَا قَالَ

مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَأَبُو ثَوْر وَقَالَ الثَّوْريّ وَأهل الْكُوفَة الْإِيلَاء أَن يحلف على أَرْبَعَة أشهر فَصَاعِدا وَقَالَ أبن عَبَّاس لَا يكون مؤليا حَتَّى يحلف أَن لَا يَمَسهَا أبدا وَلَفظ من نِسَائِهِم يَشْمَل الْحَرَائِر وَالْإِمَاء إِذا كن زَوْجَات وَكَذَلِكَ يدْخل تَحت قَوْله يؤلون العَبْد إِذا حلف من زَوجته قَالَ أَحْمد وَالشَّافِعِيّ وَأَبُو ثَوْر إيلاؤه كَالْحرِّ وَقَالَ مَالك وَأَبُو حنيفَة إِن أَجله شَهْرَان وَقَالَ الشّعبِيّ إِيلَاء الْأمة نصف إِيلَاء الْحرَّة والتربص التأني والتأخر وَإِنَّمَا وَقت الله بِهَذِهِ الْمدَّة دفعا للضرار عَن الزَّوْجَة وَقد كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يؤلون السّنة والسنتين وَأكْثر من ذَلِك يقصدون بذلك ضرار النِّسَاء وَقد قيل إِن الْأَرْبَعَة الْأَشْهر هِيَ الَّتِي لَا تطِيق الْمَرْأَة الصَّبْر عَن زَوجهَا زِيَادَة عَلَيْهَا {فَإِن فاؤوا} أَي رجعُوا فِيهَا أَو بعْدهَا عَن الْيَمين إِلَى الْوَطْء وللسلف فِي الْفَيْء أَقْوَال هَذَا أولاها لُغَة وَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي الرُّجُوع إِلَيْهِ {فَإِن الله غَفُور رَحِيم} {وَإِن عزموا الطَّلَاق} فِيهِ دَلِيل على أَنَّهَا لَا تطلق بِمُضِيِّ أَرْبَعَة أشهر كَمَا قَالَ مَالك مَا لم يَقع إنْشَاء تطليق بعد الْمدَّة {فَإِن الله سميع عليم} يَعْنِي لَيْسَ لَهُم بعد تربص مَا ذكر إِلَّا الْفَيْء أَو الطَّلَاق وَلَا يخفى عَلَيْك أَن أهل كل مَذْهَب قد فسروا هَذِه الأية بِمَا يُطَابق مَذْهَبهم وتكلفوا بِمَا لم يدل عَلَيْهِ اللَّفْظ وَلَا دَلِيل آخر وَمَعْنَاهَا ظَاهر وَاضح وَهُوَ أَن الله جعل الْأَجَل لمن يؤلي أَي يحلف من امْرَأَته أَرْبَعَة أشهر ثمَّ قَالَ فَإِن فاؤوا أَي رجعُوا إِلَى بَقَاء الزَّوْجَة واستدامة النِّكَاح فَإِن الله لَا يؤاخذهم بِتِلْكَ الْيَمين بل يغْفر لَهُم ويرحمهم وَإِن وَقع الْعَزْم مِنْهُم على الطَّلَاق وَالْقَصْد لَهُ فَإِن الله سميع لذَلِك عليم بِهِ فَهَذَا معنى الْآيَة الَّذِي لَا شكّ فِيهِ وَلَا شُبْهَة فَمن حلف أَن لَا يطَأ امْرَأَته وَلم يُقيد بِمدَّة أَو قيد بِزِيَادَة على أَرْبَعَة أشهر كَانَ علينا إمهاله أَرْبَعَة أشهر فَإِذا مَضَت فَهُوَ بِالْخِيَارِ

باب ما نزل في عدة المطلقات ودرجة الرجال عليهن

إِمَّا أَن يرجع إِلَى نِكَاح امْرَأَته وَكَانَت زَوجته بعد مُضِيّ الْمدَّة كَمَا كَانَت زَوجته قبلهَا أَو يطلقهَا وَكَانَ لَهُ حكم الْمُطلق لامْرَأَته ابْتِدَاء وَأما إِذا وَقت بِدُونِ أَرْبَعَة أشهر فَإِن أَرَادَ أَن يبر فِي يَمِينه اعتزل امْرَأَته الَّتِي حلف مِنْهَا حَتَّى تَنْقَضِي الْمدَّة كَمَا فعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين إِلَى من نِسَائِهِ شهرا فَإِنَّهُ اعتزلهن حَتَّى مضى الشَّهْر وَإِن أَرَادَ أَن يطَأ امْرَأَته قبل تِلْكَ الْمدَّة الَّتِي هِيَ دون أَرْبَعَة أشهر فِي يَمِينه وَلَزِمتهُ الْكَفَّارَة وَكَانَ ممتثلا لما صَحَّ عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَوْله من حلف على يَمِين فَرَأى غَيره خيرا مِنْهُ فليأت الَّذِي هُوَ خير وليكفر عَن يَمِينه وَالله أعلم 14 - بَاب مَا نزل فِي عدَّة المطلقات ودرجة الرِّجَال عَلَيْهِنَّ {والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَة قُرُوء وَلَا يحل لَهُنَّ أَن يكتمن مَا خلق الله فِي أرحامهن إِن كن يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر وبعولتهن أَحَق بردهن فِي ذَلِك إِن أَرَادوا إصلاحا ولهن مثل الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وللرجال عَلَيْهِنَّ دَرَجَة وَالله عَزِيز حَكِيم} قَالَ تَعَالَى {والمطلقات} أَي المخليات من حبال أَزوَاجهنَّ والمطلقة هِيَ الَّتِي أوقع الزَّوْج عَلَيْهَا الطَّلَاق {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَة قُرُوء} تمْضِي من حِين الطَّلَاق فَتدخل تَحت عُمُومه الْمُطلقَة قبل الدُّخُول ثمَّ خصصت بقوله تَعَالَى {فَمَا لكم عَلَيْهِنَّ من عدَّة تعتدونها} سُورَة الْأَحْزَاب فَوَجَبَ بِنَاء الْعَام على الْخَاص وَخرجت من هَذَا الْعُمُوم الْمُطلقَة قبل الدُّخُول وَكَذَلِكَ خرجت الْحَامِل بقوله تَعَالَى {وَأولَات الْأَحْمَال أَجلهنَّ أَن يَضعن حَملهنَّ} الطَّلَاق 4 وَكَذَلِكَ خرجت الْآيَة بقوله تَعَالَى {فعدتهن ثَلَاثَة أشهر} سُورَة الطَّلَاق

والتربص الِانْتِظَار قيل هُوَ خبر فِي معنى الْأَمر أَن ليتربصن قصد بِإِخْرَاجِهِ مخرج الْخَبَر تَأْكِيد وُقُوعه وزاده تَأْكِيدًا وُقُوعه خَبرا للمبتدأ قَالَ ابْن الْعَرَبِيّ وَهَذَا بَاطِل وَإِنَّمَا هُوَ خبر عَن حكم الشَّرْع فَإِن وجدت مُطلقَة لَا تَتَرَبَّص فَلَيْسَ ذَلِك من الشَّرْع وَلَا يلْزم من ذَلِك وُقُوع خبر الله سُبْحَانَهُ على خلاف مخبره والقروء جمع قرء وَمن الْعَرَب من يُسَمِّي الْحيض قرءا وَمِنْهُم من يُسَمِّي الطُّهْر قرءا وَمِنْهُم من جَمعهمَا جَمِيعًا فيسمي الْحيض مَعَ الطُّهْر قرءا وَالْحَاصِل أَن الْقُرْء فِي لُغَة الْعَرَب مُشْتَرك بَين الْحيض وَالطُّهْر وَلأَجل ذَلِك الِاشْتِرَاك اخْتلف أهل الْعلم فِي تعْيين مَا هُوَ المُرَاد بالقروء الْمَذْكُورَة فِي الْآيَة فَقَالَ أهل الْكُوفَة هِيَ الْحيض وَقَالَ أهل الْحجاز هِيَ الْأَطْهَار وَاسْتدلَّ كل وَاحِد بأدلة على قَوْله وَعِنْدِي أَنه لَا حجَّة فِي بعض مَا احْتج بِهِ أهل الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا وَيُمكن أَن يُقَال إِن الْعدة تَنْقَضِي بِثَلَاثَة أطهار أَو بِثَلَاث حيض وَلَا مَانع من ذَلِك فقد جوز جمع من أهل الْعلم حمل الْمُشْتَرك على معنييه وَبِذَلِك يجمع بَين الْأَدِلَّة ويرتفع الْخلاف ويندفع النزاع {وَلَا يحل لَهُنَّ أَن يكتمن مَا خلق الله فِي أرحامهن} قيل المُرَاد بِهِ الْحيض وَقيل الْحمل وَقيل كِلَاهُمَا وَوجه النَّهْي عَن الكتمان مَا فِيهِ فِي بعض الْأَحْوَال من الْإِضْرَار بِالزَّوْجِ وإذهاب حَقه فَإِذا قَالَت الْمَرْأَة إِنَّهَا حَاضَت وَهِي لم تَحض ذهبت بِحقِّهِ من الارتجاع وَإِذا قَالَت إِنَّهَا لم تَحض وَهِي قد حَاضَت ألزمته من النَّفَقَة مَا لم يلْزمه فأضرت بِهِ وَكَذَلِكَ الْحمل رُبمَا تكتمه لتقطع حَقه من الارتجاع وَرُبمَا تدعيه لتوجب عَلَيْهِ النَّفَقَة وَنَحْو ذَلِك من الْمَقَاصِد المستلزمة للإضرار بِالزَّوْجِ وَقد اخْتلفت الْأَقْوَال فِي الْمدَّة الَّتِي تصدق فِيهَا الْمَرْأَة إِذا ادَّعَت انْقِضَاء عدتهَا وَفِيه دَلِيل على قبُول قولهن فِي ذَلِك نفيا وإثباتا

{إِن كن يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر} فِيهِ وَعِيد شَدِيد للكاتمات وَبَيَان أَن من كتمت ذَلِك مِنْهُنَّ لم تسْتَحقّ اسْم الْإِيمَان وَهَذَا الشَّرْط لَيْسَ للتَّقْيِيد بل للتغليظ حَتَّى لَو لم يكن مؤمنات كَانَ عَلَيْهِنَّ الْعدة أَيْضا {وبعولتهن} جمع بعل وَهُوَ الزَّوْج وَهُوَ أَيْضا مصدر من بعل الرجل إِذا صَار بعلا فَهُوَ لفظ مُشْتَرك بَين الْمصدر وَالْجمع {أَحَق بردهن} أَي برجعتهن وَذَلِكَ يخْتَص بِمن كَانَ يجوز للزَّوْج مراجعتها فَيكون فِي حكم التَّخْصِيص لعُمُوم قَوْله {والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ} لِأَنَّهُ يعم المثلثات وغيرهن وَصِيغَة التَّفْضِيل لإِرَادَة أَن الرجل إِذا أَرَادَ الرّجْعَة وَالْمَرْأَة تأباها وَجب إِيثَار قَوْله على قَوْلهَا وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَن لَهَا حَقًا فِي الرّجْعَة قَالَه أَبُو السُّعُود {فِي ذَلِك} يَعْنِي فِي مُدَّة التَّرَبُّص فَإِن انْقَضتْ مُدَّة التَّرَبُّص فَهِيَ أَحَق بِنَفسِهَا وَلَا تحل لَهُ إِلَّا بِنِكَاح مُسْتَأْنف بولِي وشهود وَمهر جَدِيد وَلَا خلاف فِي ذَلِك وَالرَّجْعَة تكون بِاللَّفْظِ وَتَكون بِالْوَطْءِ وَلَا يلْزم المراجع شَيْء من أَحْكَام النِّكَاح بِلَا خلاف {إِن أَرَادوا إصلاحا} أَي بالمراجعة أَي إصْلَاح حَاله مَعهَا وحالها مَعَه فَإِن قصد الْإِضْرَار بهَا فَهِيَ مُحرمَة لقَوْله تَعَالَى {وَلَا تمسكوهن ضِرَارًا لتعتدوا} وَقيل إِذا قصد بالرجعة الضرار فَهِيَ صَحِيحَة وَإِن ارْتكب بِهِ محرما وظلم نَفسه وعَلى هَذَا فَيكون الشَّرْط الْمَذْكُور فِي الْآيَة لحث الْأزْوَاج على قصد الصّلاح والزجر لَهُم عَن قصد الضرار وَلَيْسَ المُرَاد بِهِ جعل قصد الصّلاح شرطا لصِحَّة الرّجْعَة {ولهن مثل الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} أَي من حُقُوق الزَّوْجَات على الرِّجَال مثل مَا للرِّجَال عَلَيْهِنَّ فَيحسن عشرتها بِمَا هُوَ مَعْرُوف من عَادَة النَّاس أَنهم يَفْعَلُونَهُ لنسائهم وَهِي كَذَلِك تحسن عشرَة زَوجهَا بِمَا هُوَ مَعْرُوف من عَادَة النِّسَاء أَنَّهُنَّ يفعلنه لِأَزْوَاجِهِنَّ من طَاعَة وتزين وتحبب وَنَحْو ذَلِك قَالَ أبن عَبَّاس فِي الْآيَة إِنِّي أحب أَن أتزين لامرأتي كَمَا أحب أَن

تتزين لي لِأَن الله تَعَالَى قَالَ ولهن مثل الَّذِي عَلَيْهِنَّ قَالَ الْكَرْخِي أَي فِي الْوُجُوب لَا فِي الْجِنْس فَلَو غسلت ثِيَابه أَو خبزت لَهُ لم يلْزمه أَن يفعل ذَلِك وَقيل فِي مُطلق الْوُجُوب لَا فِي عدد الْأَفْرَاد وَلَا فِي صفة الْوَاجِب {وللرجال عَلَيْهِنَّ دَرَجَة} أَي منزلَة لَيست لَهُنَّ وَهِي قِيَامه عَلَيْهَا فِي الْإِنْفَاق وَكَونه من أهل الْجِهَاد وَالْعقل وَالْقُوَّة وَله من الْمِيرَاث أَكثر مِمَّا لَهَا وَكَونه يجب عَلَيْهَا امْتِثَال أمره وَالْوُقُوف عِنْد رِضَاهُ وَالشَّهَادَة وَالدية وصلاحية الْإِمَامَة وَالْقَضَاء وَله أَن يتَزَوَّج عَلَيْهَا ويتسرى وَلَيْسَ لَهَا ذَلِك وَبِيَدِهِ الطَّلَاق وَالرَّجْعَة وَلَيْسَ شَيْء من ذَلِك بِيَدِهَا وَلَو لم يكن من فَضِيلَة الرِّجَال على النِّسَاء إِلَّا كونهن خُلِقْنَ من الرِّجَال لما ثَبت أَن حَوَّاء خلقت من ضلع آدم لكفي وَقد أخرج أهل السّنَن عَن عمر بن الْأَحْوَص أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَلا إِن لكم على نِسَائِكُم حَقًا ولنسائكم عَلَيْكُم حَقًا أما حقكم على نِسَائِكُم أَن لَا يوطئن فرشكم من تَكْرَهُونَ وَلَا يَأْذَن فِي بُيُوتكُمْ لمن تَكْرَهُونَ أَلا وحقهن عَلَيْكُم أَن تحسنوا إلَيْهِنَّ فِي كسوتهن وطعامهن وَصَححهُ التِّرْمِذِيّ وَأَصله عِنْد مُسلم فِي الصَّحِيح وَأخرجه أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ الْبَيْهَقِيّ {وَالله عَزِيز حَكِيم} فِيمَا دبر خلقه وَعَن أبي ظبْيَان أَن معَاذ بن جبل خرج فِي غزَاة بَعثه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهَا ثمَّ رَجَعَ فَرَأى رجَالًا يسْجد بَعضهم لبَعض فَذكر ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَو أمرت أحدا أَن يسْجد لأحد لأمرت الْمَرْأَة أَن تسْجد لزَوجهَا

باب ما نزل في مدارج الطلاق والخلع

15 - بَاب مَا نزل فِي مدارج الطَّلَاق وَالْخلْع {الطَّلَاق مَرَّتَانِ فإمساك بِمَعْرُوف أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان وَلَا يحل لكم أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئا إِلَّا أَن يخافا أَلا يُقِيمَا حُدُود الله فَإِن خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُود الله فَلَا جنَاح عَلَيْهِمَا فِيمَا افتدت} قَالَ تَعَالَى {الطَّلَاق مَرَّتَانِ} أَي عدد الطَّلَاق الَّذِي تثبت فِيهِ الرّجْعَة للأزواج هُوَ مَرَّتَانِ فَالْمُرَاد بِالطَّلَاق الْمَذْكُور هُوَ الرَّجْعِيّ إِذْ لَا رَجْعَة بعد الثَّالِثَة وَإِنَّمَا قَالَ سُبْحَانَهُ مَرَّتَانِ وَلم يقل طَلْقَتَانِ إِشَارَة إِلَى أَنه يَنْبَغِي أَن يكون الطَّلَاق مرّة بعد أُخْرَى لَا طَلْقَتَانِ دفْعَة وَاحِدَة كَذَا قَالَ جمَاعَة من الْمُفَسّرين وَلما لم يكن بعد الطَّلقَة الثَّانِيَة إِلَّا أحد أَمريْن إِمَّا إِيقَاع الثَّالِثَة الَّتِي تبين بهَا الزَّوْجَة أَو الْإِمْسَاك لَهَا واستدامة نِكَاحهَا وَعدم إِيقَاع الثَّالِثَة عَلَيْهَا قَالَ سُبْحَانَهُ {فإمساك} أَي بعد الرّجْعَة لمن طَلقهَا زَوجهَا طَلْقَتَيْنِ {بِمَعْرُوف} عِنْد النَّاس من حسن الْعشْرَة وَحُقُوق النِّكَاح {أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان} أَي بإيقاع طَلْقَة ثَالِثَة من دون ضرار لَهَا وَقيل المُرَاد بالإمساك رَجْعَة بعد الطَّلقَة الثَّانِيَة وبالتسريح ترك الرّجْعَة بعد الثَّانِيَة حَتَّى تَنْقَضِي عدتهَا وَالْأول أظهر قَالَ أَبُو عَمْرو أجمع الْعلمَاء على أَن التسريح هِيَ الطَّلقَة الثَّالِثَة بعد الطلقتين وَإِيَّاهَا عني بقوله {فَإِن طَلقهَا فَلَا تحل لَهُ من بعد حَتَّى تنْكح زوجا غَيره} وَقد اخْتلف أهل الْعلم فِي إرْسَال الثَّلَاث دفْعَة وَاحِدَة هَل تقع ثَلَاث أَو وَاحِدَة فَقَط فَذهب إِلَى الأول الْجُمْهُور وَذهب إِلَى الثَّانِي من عداهم وَهُوَ الْحق وَقد قَرَّرَهُ الْعَلامَة الشَّوْكَانِيّ فِي مؤلفاته تقريرا بَالغا وأفرده برسالة مُسْتَقلَّة وَكَذَا الْحَافِظ ابْن الْقيم فِي إغاثة اللهفان وإِعْلَام الموقعين

{وَلَا يحل لكم أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئا} الْخطاب للأزواج أَي لَا يحل لَهُم أَن يَأْخُذُوا فِي مُقَابلَة الطَّلَاق مِمَّا دفعوه إِلَى نِسَائِهِم من الْمهْر شَيْئا على وَجه المضارة لَهُنَّ وتنكير شَيْء للتحقير أَي شَيْئا نزرا فضلا عَن الْكثير وَخص مَا دفعوه إلَيْهِنَّ بِعَدَمِ حل الْأَخْذ مِنْهُ مَعَ كَونه لَا يحل للأزواج أَن يَأْخُذُوا من أَمْوَالهم الَّتِي يملكنها من غير الْمهْر لكَون ذَلِك هُوَ الَّذِي يتَعَلَّق بِهِ نفس الزَّوْج ويتطلع لأَخذه دون مَا عداهُ مِمَّا هُوَ فِي ملكهَا على أَنه إِذا كَانَ أَخذ مَا دَفعه إِلَيْهَا فِي مُقَابلَة الْبضْع عِنْد خُرُوجه عَن ملكه لَا يحل لَهُ كَانَ مَا عداهُ مَمْنُوعًا مِنْهُ بِالْأولَى وَقيل الْخطاب للأئمة والحكام ليطابق قَوْله {فَإِن خِفْتُمْ} فَإِن الْخطاب فِيهِ لَهُم وعَلى هَذَا يكون إِسْنَاد الْأَخْذ إِلَيْهِم لكَوْنهم الآمرين بذلك وَالْأول أولى لقَوْله {مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} فَإِن إِسْنَاده إِلَى غير الْأزْوَاج بعيد جدا لِأَن إيتَاء الْأزْوَاج لم يكن عَن أَمرهم وَقيل إِن الثَّانِي أولى لِئَلَّا يشوش النّظم {إِلَّا أَن يخافا} أَي يعلمَا أَي الزَّوْجَانِ من أَنفسهمَا فِيهِ الْتِفَات من الْخطاب إِلَى الْغَيْبَة {أَلا يُقِيمَا حُدُود الله} أَي تخَاف الْمَرْأَة أَن تَعْصِي الله فِي أُمُور زَوجهَا وَيخَاف الزَّوْج أَنه إِذا لم تطعه أَن يعتدي عَلَيْهَا {فَإِن خِفْتُمْ} أَي خشيتم وأشفقتم وَقيل ظننتم {أَلا يُقِيمَا حُدُود الله} يَعْنِي مَا أوجب الله على كل وَاحِد مِنْهُمَا من طَاعَته فِيمَا أَمر بِهِ من حسن الصُّحْبَة والمعاشرة بِالْمَعْرُوفِ وَقيل هُوَ يرجع إِلَى الْمَرْأَة وَهُوَ سوء خلقهَا واستخفافها بِحَق زَوجهَا {فَلَا جنَاح عَلَيْهِمَا فِيمَا افتدت بِهِ} أَي لَا جنَاح على الرجل فِي الْأَخْذ وَلَا على الْمَرْأَة فِي الْإِعْطَاء بِأَن تَفْتَدِي نَفسهَا من ذَلِك النِّكَاح ببذل شَيْء من المَال يرضى بِهِ الزَّوْج فيطلقها لأَجله وَهَذَا هُوَ الْخلْع وَقد ذهب الْجُمْهُور إِلَى ذَلِك للزَّوْج وَأَنه يحل لَهُ الْأَخْذ مَعَ ذَلِك الْخَوْف وَهُوَ الَّذِي صرح بِهِ الْقُرْآن وَحكى ابْن الْمُنْذر عَن بعض أهل الْعلم أَنه لَا يحل لَهُ مَا أَخذ وَيجْبر على رده وَهَذَا فِي الْغَايَة السُّقُوط وَقد ورد فِي ذمّ المختلعات أَحَادِيث مِنْهَا عَن ابْن عَبَّاس عِنْد ابْن

مَاجَه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تسْأَل الْمَرْأَة زَوجهَا الطَّلَاق فِي غير كنهه فتجد ريح الْجنَّة وَإِن رِيحهَا لتوجد فِي مَسَافَة أَرْبَعِينَ عَاما وَقد اخْتلف أهل الْعلم فِي عدَّة المختلعة وَالرَّاجِح أَنَّهَا تَعْتَد بِحَيْضَة لما أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر امْرَأَة ثَابت بن قيس أَن تَعْتَد بِحَيْضَة وَلما أخرجه التِّرْمِذِيّ عَن الرّبيع بنت معوذ بن عفراء أَنَّهَا اخْتلعت على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تَعْتَد بِحَيْضَة قَالَ التِّرْمِذِيّ الصَّحِيح أَنَّهَا أمرت أَن تَعْتَد بِحَيْضَة وَفِي الْبَاب أَحَادِيث وَلم يرد مَا يُعَارض هَذَا من الْمَرْفُوع بل ورد عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ أَن عدَّة المختلعة كعدة الطَّلَاق وَبِه قَالَ الْجُمْهُور قَالَ التِّرْمِذِيّ وَهُوَ قَول أَكثر أهل الْعلم من الصَّحَابَة وَغَيرهم وَاسْتَدَلُّوا على ذَلِك بِأَن المختلعة من جملَة المطلقات فَهِيَ دَاخله تَحت عُمُوم الْقُرْآن وَالْحق مَا ذَكرْنَاهُ لِأَن مَا ورد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخصص عُمُوم الْقُرْآن وَقد اخْتلف أهل الْعلم إِذا طلب الزَّوْج من الْمَرْأَة زِيَادَة على مَا دَفعه إِلَيْهَا من الْمهْر وَمَا يتبعهُ ورضيت بذلك هَل يجوز أم لَا ظَاهر الْقُرْآن الْجَوَاز لعدم تَقْيِيده بِمِقْدَار معِين وَبِهَذَا قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأَبُو ثَوْر وَرُوِيَ مثل ذَلِك عَن جمَاعَة الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَقَالَ أَحْمد وَغَيره لَا يجوز لما ورد فِي ذَلِك عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

باب ما نزل في التحليل

16 - بَاب مَا نزل فِي التَّحْلِيل {فَإِن طَلقهَا فَلَا تحل لَهُ من بعد حَتَّى تنْكح زوجا غَيره فَإِن طَلقهَا فَلَا جنَاح عَلَيْهِمَا أَن يتراجعا إِن ظنا أَن يُقِيمَا حُدُود الله} قَالَ تَعَالَى {فَإِن طَلقهَا} أَي الطَّلقَة الثَّالِثَة الَّتِي ذكرهَا سُبْحَانَهُ بقوله {أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان} فَإِن وَقع مِنْهُ ذَلِك فقد حرمت عَلَيْهِ بالتثليث سَوَاء كَانَ قد رَاجعهَا أم لَا وَسَوَاء انْقَضتْ عدتهَا فِي صُورَة عدم الرّجْعَة أم لَا {فَلَا تحل لَهُ من بعد} وَالْحكمَة فِي شرع هَذَا الحكم الردع عَن المسارعة إِلَى الطَّلَاق وَعَن الْعود إِلَى الْمُطلقَة الثَّالِثَة وَالرَّغْبَة فِيهَا {حَتَّى تنْكح زوجا غَيره} أَي حَتَّى تتَزَوَّج زوجا آخر غير الْمُطلق بعد انْقِضَاء عدتهَا من الأول فيجامعها وَالنِّكَاح يتَنَاوَل العقد وَالْوَطْء جَمِيعًا وَالْمرَاد هُنَا الْوَطْء وَقد أَخذ بِظَاهِر الْآيَة سعيد بن الْمسيب وَمن وَافقه فَقَالُوا يَكْفِي مُجَرّد العقد لِأَنَّهُ المُرَاد وَذهب الْجُمْهُور من السّلف وَالْخلف إِلَى أَنه لَا بُد مَعَ العقد من الْوَطْء لما ثَبت عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من اعْتِبَار ذَلِك وَهُوَ زِيَادَة يتَعَيَّن قبُولهَا وَلَعَلَّه لم يبلغ ابْن الْمسيب وَمن تَابعه وَفِي الْآيَة دَلِيل على أَنه لَا بُد أَن يكون ذَلِك نِكَاحا شَرْعِيًّا مَقْصُودا لذاته لَا نِكَاحا غير مَقْصُود لذاته بل حِيلَة للتحليل وذريعة إِلَى ردهَا إِلَى الزَّوْج الأول فَإِن ذَلِك حرَام للأدلة الْوَارِدَة فِي ذمه وذم فَاعله وَإِن التيس الْمُسْتَعَار الَّذِي لَعنه الشَّارِع وَلعن من اتَّخذهُ لذَلِك أخرج الشَّافِعِي وَعبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت جَاءَت امْرَأَة رِفَاعَة الْقرظِيّ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت إِنِّي كنت عِنْد رِفَاعَة فطلقني فَبت طَلَاقي فتزوجني

عبد الرَّحْمَن بن الزبير وَمَا مَعَه إِلَّا مثل هدبة الثَّوْب فَتَبَسَّمَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أَتُرِيدِينَ أَن تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَة لَا حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَته وَيَذُوق عُسَيْلَتك وَقد رُوِيَ نَحْو هَذَا عَنْهَا من طرق وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن الغميصاء أَو الرميصاء أَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي آخِره فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ ذَلِك لَك حَتَّى يَذُوق عسالتك رجل غَيره والعسيلة والعسالة مجَاز عَن قَلِيل الْجِمَاع أَو يَكْفِي قَلِيل الانتشار شبهت تِلْكَ اللَّذَّة بالعسل وصغرت بِالْهَاءِ لِأَن الْغَالِب على الْعَسَل التَّأْنِيث قَالَه الْجَوْهَرِي وَقد ثَبت لعن الْمُحَلّل والمحلل لَهُ فِي أَحَادِيث كَثِيرَة مِنْهَا عَن ابْن مَسْعُود عِنْد أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ صَححهُ النَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه قَالَ لعن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُحَلّل والمحلل لَهُ وَفِي الْبَاب أَحَادِيث فِي ذمّ التَّحْلِيل وفاعله أَطَالَ بذكرها ابْن الْقيم فِي إغاثة اللهفان وإعلام الموقعين وَهُوَ بحث نَفِيس جدا فَرَاجعه {فَإِن طَلقهَا فَلَا جنَاح عَلَيْهِمَا أَن يتراجعا} أَي إِن طَلقهَا الزَّوْج الثَّانِي فَلَا جنَاح على الزَّوْج الأول وَالْمَرْأَة أَن يرجع كل وَاحِد مِنْهُمَا لصَاحبه يَعْنِي بِنِكَاح جَدِيد قَالَ ابْن الْمُنْذر أجمع أهل الْعلم على أَن الْحر إِذا طلق زَوجته ثَلَاثًا ثمَّ انْقَضتْ عدتهَا ونكحت زوجا دخل بهَا ثمَّ فَارقهَا وَانْقَضَت عدتهَا ثمَّ نَكَحَهَا الزَّوْج الأول أَنَّهَا تكون عِنْده على ثَلَاث تَطْلِيقَات {إِن ظنا} أَي علما وأيقنا وَقيل إِن رجوا إِذْ لَا يعلم مَا هُوَ كَائِن إِلَّا الله تَعَالَى {أَن يُقِيمَا حُدُود الله} أَي حُقُوق الزَّوْجِيَّة الْوَاجِبَة لكل مِنْهُمَا على الآخر وَأما إِذا لم يحصل ظن ذَلِك بِأَن يعلمَا أَو أَحدهمَا عدم الْإِقَامَة لحدود الله أَو ترددا أَو أَحدهمَا وَلم يحصل لَهما الظَّن فَلَا يجوز الدُّخُول فِي هَذَا النِّكَاح لِأَنَّهُ مَظَنَّة لمعصية الله والوقوع فِيمَا حرمه على الزَّوْجَيْنِ

باب ما نزل في بلوغ أجل العدة وعدم الضرار بهن

17 - بَاب مَا نزل فِي بُلُوغ أجل الْعدة وَعدم الضرار بِهن {وَإِذا طلّقْتُم النِّسَاء فبلغن أَجلهنَّ فأمسكوهن بِمَعْرُوف أَو سرحوهن بِمَعْرُوف وَلَا تمسكوهن ضِرَارًا لتعتدوا} قَالَ تَعَالَى {وَإِذا طلّقْتُم النِّسَاء فبلغن أَجلهنَّ} أَي قاربن انْقِضَاء عدتهن وشارفن مُنْتَهَاهَا وَلم يرد انْقِضَاء الْعدة فَهَذَا من بَاب الْمجَاز الَّذِي يُطلق فِيهِ اسْم الْكل على الْأَكْثَر وَقيل إِن الْأَجَل اسْم للزمان فَيحمل على الزَّمَان الَّذِي هُوَ آخر زمَان يُمكن إِيقَاع رَجْعَة فِيهِ بِحَيْثُ إِذا فَاتَ لَا يبْقى بعده مكنة إِلَى الرّجْعَة وعَلى هَذَا لَا حَاجَة إِلَى الْمجَاز {فأمسكوهن بِمَعْرُوف} أَي راجعوهن بِمَعْرُوف وَهُوَ أَن يشْهد على رَجعتهَا وَأَن يُرَاجِعهَا بالْقَوْل لَا بِالْوَطْءِ وَقيل هُوَ الْقيام بِحُقُوق الزَّوْجِيَّة وَهُوَ الظَّاهِر {أَو سرحوهن بِمَعْرُوف} أَي اتركوهن حَتَّى تَنْقَضِي عدتهن فيملكن أَنْفسهنَّ وَالْمعْنَى إِذا طلّقْتُم النِّسَاء فقاربن آخر الْعدة فَلَا تضاروهن بالمراجعة من غير قصد لاستمرار الزَّوْجِيَّة واستدامتها بل اخْتَارُوا أحد الْأَمريْنِ إِمَّا الْإِمْسَاك أَو التسريح {وَلَا تمسكوهن ضِرَارًا} كَمَا كَانَت تفعل الْجَاهِلِيَّة من طَلَاق الْمَرْأَة حَتَّى يقرب انْقِضَاء عدتهَا ثمَّ مراجعتها لَا عَن حَاجَة وَلَا لمحبة وَلَكِن لقصد تَطْوِيل الْعدة وتوسيع مُدَّة الِانْتِظَار ضِرَارًا {لتعتدوا} أَي لقصد الاعتداء مِنْكُم عَلَيْهِنَّ وَالظُّلم بِهن وَمن يفعل ذَلِك فقد ظلم نَفسه

باب ما نزل في عضل النساء عن النكاح

18 - بَاب مَا نزل فِي عضل النِّسَاء عَن النِّكَاح {وَإِذا طلّقْتُم النِّسَاء فبلغن أَجلهنَّ فَلَا تعضلوهن أَن ينكحن أَزوَاجهنَّ إِذا تراضوا بَينهم بِالْمَعْرُوفِ} قَالَ تَعَالَى {وَإِذا طلّقْتُم النِّسَاء فبلغن أَجلهنَّ فَلَا تعضلوهن أَن ينكحن أَزوَاجهنَّ} الْخطاب إِمَّا للأزواج وَيكون معنى العضل مِنْهُم أَن يمنعوهن من أَن يتزوجن من أردن من الْأزْوَاج بعد انْقِضَاء عدتهن لحمية الْجَاهِلِيَّة كَمَا يَقع كثيرا من الْخُلَفَاء والسلاطين غيرَة على من كن تَحْتهم من النِّسَاء أَن يصرن تَحت غَيرهم لأَنهم لما نالوه من رئاسة الدُّنْيَا وَمَا صَارُوا فِيهِ من النخوة والكبرياء يتخيلون أَنهم قد خَرجُوا من جنس بني آدم إِلَّا من عصمه الله مِنْهُم بالورع والتواضع وَإِمَّا أَن يكون الْخطاب للأولياء وَيكون معنى إِسْنَاد الطَّلَاق إِلَيْهِم أَنهم سَبَب لَهُ لكَوْنهم المزوجين للنِّسَاء المطلقات من الْأزْوَاج المطلقين لَهُنَّ وَالْمرَاد ببلوغ الْأَجَل نهايته لَا كَمَا سبق فِي الْآيَة الأولى وَلِهَذَا قَالَ الشَّافِعِي اخْتِلَاف الْكَلَامَيْنِ على افْتِرَاق البلوغين والعضل الْحَبْس وَقيل التَّضْيِيق وَالْمَنْع وَهُوَ رَاجع إِلَى معنى الْحَبْس وَقَوله أَزوَاجهنَّ إِن أُرِيد بِهِ المطلقون لَهُنَّ فَهُوَ مجَاز بِاعْتِبَار مَا كَانَ وَإِن أُرِيد من يردن أَن يتزوجنه فَهُوَ مجَاز أَيْضا بِاعْتِبَار مَا سَيكون {إِذا تراضوا بَينهم بِالْمَعْرُوفِ} يَعْنِي إِذا تراضى الْخطاب وَالنِّسَاء وَالْمَعْرُوف هُنَا مَا وَافق الشَّرْع من عقد حَلَال وَمهر جَائِز وَقيل هُوَ أَن يرضى كل وَاحِد مِنْهُمَا بِمَا الْتَزمهُ لصَاحبه بِحَق العقد حَتَّى تحصل الصُّحْبَة الْحَسَنَة وَالْعشرَة الجميلة والعيشة الرضية قيل سَبَب نُزُولهَا أَن أُخْت معقل بن يسَار طَلقهَا زَوجهَا فَأَرَادَ

باب ما نزل في إرضاع الوالدة الولد والفصال

أَن يُرَاجِعهَا فَمنعهَا معقل كَمَا رَوَاهُ الْحَاكِم وَاسْمهَا جميلَة وَاسم زَوجهَا عَاصِم بن عدي فَلَمَّا نزلت هَذِه الْآيَة كفر عَن يَمِينه وأنكحها إِيَّاه وَتَمام الْقِصَّة فِي البُخَارِيّ 19 - بَاب مَا نزل فِي إِرْضَاع الوالدة الْوَلَد والفصال {والوالدات يرضعن أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلين لمن أَرَادَ أَن يتم الرضَاعَة وعَلى الْمَوْلُود لَهُ رزقهن وكسوتهن بِالْمَعْرُوفِ لَا تكلّف نفس إِلَّا وسعهَا لَا تضار وَالِدَة بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُود لَهُ بولده وعَلى الْوَارِث مثل ذَلِك فَإِن أَرَادَا فصالا عَن ترَاض مِنْهُمَا وتشاور فَلَا جنَاح عَلَيْهِمَا وَإِن أردتم أَن تسترضعوا أَوْلَادكُم فَلَا جنَاح عَلَيْكُم إِذا سلمتم مَا آتيتم بِالْمَعْرُوفِ} قَالَ تَعَالَى {والوالدات يرضعن أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلين} تَأْكِيد للدلالة على أَن هَذَا التَّقْدِير تحقيقي لَا تقريبي وَفِيه رد على أبي حنيفَة فِي قَوْله إِن مُدَّة الرَّضَاع ثَلَاثُونَ شهرا وعَلى زفر فِي قَوْله إِنَّهَا ثَلَاث سِنِين ذَلِك {لمن أَرَادَ أَن يتم الرضَاعَة} فِيهِ دَلِيل على أَن إِرْضَاع الْحَوْلَيْنِ لَيْسَ حتما بل هُوَ التَّمام وَيجوز الِاقْتِصَار على مَا دونه وَلَيْسَ لَهُ حد مَحْدُود وَإِنَّمَا هُوَ على مِقْدَار إصْلَاح الطِّفْل وَمَا يعِيش بِهِ وَالْآيَة تدل على وجوب الرَّضَاع على الْأُم لولدها وَقد حمل ذَلِك على مَا إِذا لم يقبل الرَّضِيع غَيرهَا {وعَلى الْمَوْلُود لَهُ} أَي على الْأَب الَّذِي يُولد لَهُ وآثر هَذَا اللَّفْظ دون قَوْله وعَلى الْوَالِد للدلالة على أَن الْأَوْلَاد للآباء لَا للأمهات وَلِهَذَا ينسبون إِلَيْهِم دونهن كَأَنَّهُمْ ولدن لَهُم فَقَط ذكر مَعْنَاهُ فِي الْكَشَّاف

{رزقهن} أَي الطَّعَام الْكَافِي الْمُتَعَارف بِهِ بَين النَّاس {وكسوتهن} أَي مَا يَتَعَارَفُونَ بِهِ أَيْضا {بِالْمَعْرُوفِ} أَي على قدر الميسرة وَفِي ذَلِك دَلِيل على وجوب ذَلِك على الْآبَاء للأمهات المرضعات وَهَذَا فِي المطلقات طَلَاقا بَائِنا وَأما غير المطلقات فنفقتهن وكسوتهن وَاجِبَة على الْأزْوَاج من غير إرضاعهن لأولادهن وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ الْأَظْهر أَن الْآيَة فِي الزَّوْجَات فِي حَال بَقَاء النِّكَاح لِأَنَّهُنَّ المستحقات للنَّفَقَة وَالْكِسْوَة أرضعن أَو لم يرضعن وهما فِي مُقَابلَة التَّمْكِين لَكِن إِذا اشتغلت الزَّوْجَة بالإرضاع لم يكمل التَّمْكِين وَلَا التَّمَتُّع بهَا فقد يتَوَهَّم أَن هَذِه النَّفَقَة تسْقط حَالَة الْإِرْضَاع فَدفع هَذَا التَّوَهُّم بقوله {وعَلى الْمَوْلُود لَهُ} ثمَّ قَالَ فِي مَحل آخر وَفِي هَذِه الْآيَة دَلِيل على وجوب نَفَقَة الْوَلَد على الْوَالِد لعَجزه وَضَعفه وَنسبه تَعَالَى للْأُم لِأَن الْغذَاء يصل إِلَيْهِ بواسطتها فِي الرَّضَاع وَأجْمع الْعلمَاء على أَنه يجب على الْأَب نَفَقَة أَوْلَاده الْأَطْفَال الَّذين لَا مَال لَهُم انْتهى {لَا تكلّف نفس} أَي من النَّفَقَة وَالْكِسْوَة {إِلَّا وسعهَا لَا تضار وَالِدَة بِوَلَدِهَا} أَي لَا تضار من زَوجهَا بِأَن يقصر عَلَيْهَا فِي شَيْء مِمَّا يجب عَلَيْهِ أَو ينْزع وَلَدهَا مِنْهَا بِلَا سَبَب {وَلَا مَوْلُود لَهُ بولده} أَي لَا يضار الْأَب بِسَبَب الْوَلَد بِأَن تطلب مِنْهُ مَا لَا يقدر عَلَيْهِ من الرزق وَالْكِسْوَة هَذَا إِذا قريء على الْبناء للْمَفْعُول وَأما إِذا قريء على الْبناء للْفَاعِل فَالْمَعْنى لَا تضر وَالِدَة بوالدها فتسيء تَرْبِيَته أَو تقصر فِي غذائه وَلَا وَالِد بِأَن يفرط فِي حفظ الْوَلَد وَالْقِيَام بِمَا يحْتَاج إِلَيْهِ وقدمها لفرط شفقتها وأضيف الْوَلَد تَارَة إِلَى الْأَب وَتارَة إِلَى الْأُم للاستعطاف لَا لبَيَان النّسَب

إِذْ لَو كَانَت لَهُ لم تصح إِلَّا للوالد لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي ينْسب إِلَيْهِ الْوَلَد {وعَلى الْوَارِث مثل ذَلِك} قيل هُوَ وَارِث الصَّبِي إِذا مَاتَ أَبوهُ كَانَ عَلَيْهِ إرضاعه قَالَه أَحْمد وَأَبُو حنيفَة على خلاف بَينهمَا هَل يكون الْوُجُوب على من يَأْخُذ نَصِيبا من الْمِيرَاث أَو على الذُّكُور فَقَط أَو على كل ذِي رحم لَهُ وَإِن لم يكن وَارِثا وَقيل وَارِث الْأَب تجب عَلَيْهِ نَفَقَة الْمُرضعَة وكسوتها بِالْمَعْرُوفِ إِذا لم يكن للصَّبِيّ مَال فَإِن كَانَت أخذت أُجْرَة رضاعه من مَاله وَقيل هُوَ الصَّبِي نَفسه أَي عَلَيْهِ من مَاله إِرْضَاع نَفسه إِذا مَاتَ أَبوهُ وَورث من مَاله وَقيل هُوَ الْبَاقِي من وَالِدي الْمَوْلُود بعد موت الآخر مِنْهُمَا فَإِذا مَاتَ الْأَب كَانَ على الْأُم كِفَايَة الطِّفْل إِذا لم يكن لَهُ مَال وَقيل وَارِث الْمُرضعَة يجب عَلَيْهِ أَن يضع بالمولود كَمَا كَانَت الْأُم تَصنعهُ بِهِ من الرَّضَاع والخدمة والتربية {فَإِن أَرَادَا فصالا} أَي فطاما عَن الرَّضَاع والتفريق بَين الصَّبِي والثدي {عَن ترَاض مِنْهُمَا} أَي على اتِّفَاق من الْوَالِدين إِذا كَانَ قبل الْحَوْلَيْنِ (وتشاور) يشاورون أهل الْعلم فِي ذَلِك حَتَّى يخبروا أَن الْفِطَام قبل الْحَوْلَيْنِ لَا يضر بِالْوَلَدِ {فَلَا جنَاح عَلَيْهِمَا} فِي ذَلِك الفصال {وَإِن أردتم} خطاب للآباء لَا للأمهات {أَن تسترضعوا أَوْلَادكُم} غير الوالدة فَلَا جنَاح {إِذا سلمتم} إِلَى الْأُمَّهَات {مَا آتيتم} من أجرهن بِحِسَاب مَا قد أرضعن لكم وَقيل إِذا سلمتم مَا أردتم إعطاءه إِلَى المرضعات {بِالْمَعْرُوفِ} مستبشري الْوُجُوه ناطقين بالْقَوْل الْجَمِيل مطيبين لأنفس المراضع بِمَا أمكن

باب ما نزل في عدة المتوفى عنها زوجها وتعرضها للخطاب وغير ذلك

20 - بَاب مَا نزل فِي عدَّة الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا وتعرضها للخطاب وَغير ذَلِك {وَالَّذين يتوفون مِنْكُم ويذرون أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَة أشهر وَعشرا فَإِذا بلغن أَجلهنَّ فَلَا جنَاح عَلَيْكُم فِيمَا فعلن فِي أَنْفسهنَّ بِالْمَعْرُوفِ} قَالَ تَعَالَى {وَالَّذين يتوفون مِنْكُم ويذرون أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَة أشهر وَعشرا} أَي الَّذين يموتون ويتركون النِّسَاء ينتظرن بِأَنْفُسِهِنَّ قدر هَذِه الْمدَّة وَوجه الْحِكْمَة أَن الْجَنِين الذّكر يَتَحَرَّك فِي الْغَالِب لثَلَاثَة أشهر وَالْأُنْثَى لأربعة أشهر فَزَاد سُبْحَانَهُ عشرا لِأَن الْجَنِين رُبمَا يضعف عَن الْحَرَكَة فتتأخر حركته قَلِيلا وَلَا يتَأَخَّر عَن هَذَا الْأَجَل وَظَاهر هَذِه الْآيَة الْعُمُوم وَأَن كل من مَاتَ عَنْهَا زَوجهَا تكون عدتهَا هَذِه الْمدَّة وَلكنه قد خصص هَذَا الْعُمُوم قَوْله تَعَالَى {وَأولَات الْأَحْمَال أَجلهنَّ أَن يَضعن حَملهنَّ} وَإِلَى هَذَا ذهب الْجُمْهُور وَهُوَ الْحق وَقد صَحَّ عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه أذن لسبيعة الأسْلَمِيَّة أَن تتَزَوَّج بعد الْوَضع وَظَاهر الْآيَة عدم الْفرق بَين الصَّغِيرَة والكبيرة والحرة وَالْأمة وَذَات الْحيض والايسة وَقيل عدَّة الْأمة نصف عدَّة الْحرَّة شَهْرَان وَخَمْسَة أَيَّام وَالْأول أولى وَفِي حَدِيث عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ لَا تلبسوا علينا سنة نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عدَّة أم الْوَلَد إِذا توفّي عَنْهَا سَيِّدهَا أَرْبَعَة أشهر وَعشرا أخرجه أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَضَعفه أَحْمد وَأَبُو عبيد وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ الصَّوَاب أَنه مَوْقُوف قَالَ أَبُو حنيفَة تَعْتَد بِثَلَاث حيض وَقَالَ أَحْمد بِالْأولِ وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ عدتهَا

حَيْضَة وَقد أجمع الْعلمَاء على أَن هَذِه الْآيَة ناسخة لما بعد من الِاعْتِدَاد بالحول وَإِن كَانَت هَذِه الْآيَة مُتَقَدّمَة فِي التِّلَاوَة {فَإِذا بلغن أَجلهنَّ} أَي انْقِضَاء الْعدة {فَلَا جنَاح عَلَيْكُم} الْخطاب للأولياء وَقيل جَمِيع الْمُسلمين {فِيمَا فعلن فِي أَنْفسهنَّ} من التزيين والتعرض للخطاب والنقلة من الْمسكن الَّذِي كَانَت مُعْتَدَّة فِيهِ (بِالْمَعْرُوفِ) الَّذِي لَا يُخَالف شرعا وَلَا عَادَة مستحسنة وَقد اسْتدلَّ بذلك على وجوب الْإِحْدَاد على الْمُعْتَدَّة عدَّة الْوَفَاة وَقد ثَبت ذَلِك فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من غير وَجه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا يحل لامْرَأَة تؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر أَن تحد على ميت فَوق ثَلَاث إِلَّا على زوج أَرْبَعَة أشهر وَعشرا وَكَذَلِكَ ثَبت عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا النَّهْي عَن الْكحل فِي عدَّة الْوَفَاة والإحداد ترك الزِّينَة من الطّيب وَترك لبس الثِّيَاب الجيدة والحلي وَغير ذَلِك وَلَا خلاف فِي وجوب ذَلِك فِي عدَّة الْوَفَاة وَلَا خلاف فِي عدَّة الرَّجْعِيَّة وَاخْتلفُوا فِي عدَّة البائنة على قَوْلَيْنِ وَمحل ذَلِك كتب علم الْفُرُوع وَاحْتج أَصْحَاب أبي حنيفَة على جَوَاز النِّكَاح بِغَيْر ولي بِهَذِهِ الْآيَة لِأَن إِضَافَة الْفِعْل إِلَى الْفَاعِل مَحْمُول على الْمُبَاشرَة وَأجِيب بِأَنَّهُ خطاب للأولياء وَلَو صَحَّ العقد بِغَيْر ولي لما كَانَ مُخَاطبا وَالله أعلم

باب ما نزل في التعريض بخطبة النساء

21 - بَاب مَا نزل فِي التَّعْرِيض بِخطْبَة النِّسَاء {وَلَا جنَاح عَلَيْكُم فِيمَا عرضتم بِهِ من خطْبَة النِّسَاء أَو أكننتم فِي أَنفسكُم علم الله أَنكُمْ ستذكرونهن وَلَكِن لَا تواعدوهن سرا إِلَّا أَن تَقولُوا قولا مَعْرُوفا وَلَا تعزموا عقدَة النِّكَاح حَتَّى يبلغ الْكتاب أَجله} قَالَ تَعَالَى {وَلَا جنَاح عَلَيْكُم فِيمَا عرضتم بِهِ من خطْبَة النِّسَاء} المتوفي عَنْهُن أَزوَاجهنَّ فِي الْعدة وَكَذَا المطلقات طَلَاقا بَائِنا وَأما الرجعيات فَيحرم التَّعْرِيض وَالتَّصْرِيح بخطبتهن فَفِي الْمَفْهُوم تَفْصِيل {أَو أكننتم} أَي سترتم وأضمرتم من التَّزْوِيج بعد انْقِضَاء الْعدة وأَو هُنَا للْإِبَاحَة أَو التَّخْيِير أَو التَّفْصِيل أَو الْإِبْهَام على الْمُخَاطب {فِي أَنفسكُم} من قصد نِكَاحهنَّ وَقيل هُوَ أَن يدْخل وَيسلم وَيهْدِي إِن شَاءَ وَلَا يتَكَلَّم بِشَيْء {علم الله أَنكُمْ ستذكرونهن} وَلَا تصبرون عَن النُّطْق لَهُنَّ برغبتكم فِيهِنَّ فَرخص لكم فِي التَّعْرِيض دون التَّصْرِيح {وَلَكِن لَا تواعدوهن سرا} أَي لَا يقل الرجل لهَذِهِ الْمُعْتَدَّة تزوجيني بل يعرض تعريضا وَإِلَى هَذَا ذهب جُمْهُور الْعلمَاء وَقيل السِّرّ الزِّنَى أَي لَا يكن مِنْكُم مواعدة على الزِّنَا فِي الْعدة ثمَّ التَّزْوِيج بعْدهَا وَاخْتَارَهُ الطَّبَرِيّ وَغَيره وَقيل السِّرّ الْجِمَاع أَي لَا تصفوا أَنفسكُم لَهُنَّ بِكَثْرَة الْجِمَاع ترغيبا لَهُنَّ فِي النِّكَاح وَإِلَى هَذَا ذهب الشَّافِعِي قَالَ ابْن عَطِيَّة أَجمعت الْأمة على أَن الْكَلَام مَعَ الْمُعْتَدَّة بِمَا هُوَ رفث من ذكر الْجِمَاع أَو تحريض عَلَيْهِ لَا يجوز وَقَالَ أَيْضا أَجمعت الْأمة على كَرَاهَة المواعدة فِي الْعدة للْمَرْأَة فِي نَفسهَا وَللْأَب فِي ابْنَته الْبكر وَللسَّيِّد فِي أمته وَقَالَ ابْن الْعَبَّاس المواعدة سرا أَن يَقُول لَهَا إِنِّي عاشق وعاهديني أَن

باب ما نزل في طلاق ما لم يمسوهن أو لم يفرضوا لهن

لَا تتزوجي غَيْرِي وَنَحْو هَذَا {إِلَّا أَن تَقولُوا قولا مَعْرُوفا} أَي تعريضا قَالَ ابْن عَبَّاس هُوَ قَوْله إِن رَأَيْت أَن لَا تسبقيني بِنَفْسِك أَو يَقُول إِنَّك لجميلة وَأَنَّك إِلَيّ خير وَإِن النِّسَاء من حَاجَتي وَإِنِّي أُرِيد التَّزْوِيج وَإِنِّي لأحب الْمَرْأَة من أمرهَا كَذَا وَكَذَا وَإِن من شأني النِّسَاء ولوددت أَن الله يسر لي امْرَأَة صَالِحَة رَوَاهُ البُخَارِيّ وَجَمَاعَة {وَلَا تعزموا عقدَة النِّكَاح} أَي فِي الْعدة {حَتَّى يبلغ الْكتاب أَجله} أَي تَنْقَضِي الْعدة وَهَذَا الحكم مجمع عَلَيْهِ وَالْمرَاد بالأجل آخر مُدَّة الْعدة 22 بَاب مَا نزل فِي طَلَاق مَا لم يمسوهن أَو لم يفرضوا لَهُنَّ {لَا جنَاح عَلَيْكُم إِن طلّقْتُم النِّسَاء مَا لم تمَسُّوهُنَّ أَو تفرضوا لَهُنَّ فَرِيضَة ومتعوهن على الموسع قدره وعَلى المقتر قدره مَتَاعا بِالْمَعْرُوفِ حَقًا على الْمُحْسِنِينَ وَإِن طلقتموهن من قبل أَن تمَسُّوهُنَّ وَقد فرضتم لَهُنَّ فَرِيضَة فَنصف مَا فرضتم إِلَّا أَن يعفون أَو يعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح وَأَن تعفوا أقرب للتقوى وَلَا تنسوا الْفضل بَيْنكُم} قَالَ تَعَالَى {لَا جنَاح عَلَيْكُم إِن طلّقْتُم النِّسَاء مَا لم تمَسُّوهُنَّ} أَي مُدَّة عدم مسيسكم أَو غير ماسين لَهُنَّ أَو اللَّاتِي لم تمَسُّوهُنَّ أَي مَا لم تجامعوهن {أَو تفرضوا لَهُنَّ فَرِيضَة} أَي أَلا تفرضوا وَقيل حَتَّى تفرضوا وَقيل وتفرضوا وَلست أرى لهَذَا التَّطْوِيل وَجها وَمعنى الْآيَة أوضح من أَن يلتبس فَإِن الله سُبْحَانَهُ رفع الْجنَاح عَن المطلقين مَا لم يَقع أحد الْأَمريْنِ أَي مُدَّة انتقاء ذَلِك الْأَحَد وَلَا يَنْتَفِي الْأَحَد الْمُبْهم إِلَّا بِانْتِفَاء الْأَمريْنِ

مَعًا فَإِن وجد الْمَسِيس وَجب الْمُسَمّى أَو مهر الْمثل وَإِن وجد الْفَرْض وَجب نصفه مَعَ عدم الْمَسِيس وكل وَاحِد مِنْهُمَا جنَاح أَي الْمُسَمّى أَو مهر الْمثل أَو نصفه فَائِدَة اعْلَم أَن المطلقات أَربع مُطلقَة مَدْخُول بهَا مَفْرُوض لَهَا وَهِي الَّتِي تقدم ذكرهَا قبل هَذِه الْآيَة وفيهَا نهي الْأزْوَاج عَن أَن يَأْخُذُوا مِمَّا آتوهن شَيْئا وَأَن عدتهن ثَلَاثَة قُرُوء ومطلقة غير مَفْرُوض لَهَا وَلَا مَدْخُول بهَا وَهِي الْمَذْكُورَة هُنَا فَلَا مهر لَهَا بل الْمُتْعَة وَبَين فِي سُورَة الْأَحْزَاب أَن غير الْمَدْخُول بهَا إِذا طلقت فَلَا عدَّة عَلَيْهَا ومطلقة مَفْرُوض لَهَا غير مَدْخُول بهَا وَهِي الْمَذْكُورَة فِيمَا سَيَأْتِي بقوله سُبْحَانَهُ {وَإِن طلقتموهن من قبل أَن تمَسُّوهُنَّ} الْآيَة ومطلقة مَدْخُول بهَا غير مَفْرُوض لَهَا وَهِي الْمَذْكُورَة فِي قَوْله تَعَالَى {فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ} وفريضة فِيهَا وَجْهَان أَحدهمَا أَنَّهَا مفعول بِهِ وَالتَّقْدِير شَيْئا مَفْرُوضًا وَالثَّانِي أَن تكون مصدرا أَي تفرضوا لَهُنَّ فرضا واستجود أَبُو الْبَقَاء الْوَجْه الأول {ومتعوهن} أَي أعطوهن شَيْئا يكون مَتَاعا لَهُنَّ وَظَاهر الْأَمر الْوُجُوب وَبِه قَالَ جمَاعَة وَمن أَدِلَّة الْوُجُوب قَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا نكحتم الْمُؤْمِنَات ثمَّ طلقتموهن من قبل أَن تمَسُّوهُنَّ فَمَا لكم عَلَيْهِنَّ من عدَّة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا} وَقَالَ مَالك وَغَيره إِنَّهَا مَنْدُوبَة لَا وَاجِبَة لقَوْله تَعَالَى {حَقًا على الْمُحْسِنِينَ} وَلَو كَانَت وَاجِبَة لأطلقها على الْخلق أَجْمَعِينَ وَيُجَاب عَنهُ بِأَن ذَلِك لَا يُنَافِي الْوُجُوب بل هُوَ تَأْكِيد لَهُ كَمَا فِي الْآيَة الْأُخْرَى {حَقًا على الْمُتَّقِينَ} وكل مُسلم يجب عَلَيْهِ أَن يحسن وَيَتَّقِي ثمَّ اخْتلف فَقيل أَنَّهَا مَشْرُوعَة لكل مُطلقَة وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَأحمد وَاخْتلفُوا هَل هِيَ وَاجِبَة أم مَنْدُوبَة فَقَط ثمَّ قَالُوا إِنَّهَا مُخْتَصَّة بالمطلقة

قبل الْبناء وَالْفَرْض لِأَن الْمَدْخُول بهَا تسْتَحقّ جَمِيع الْمُسَمّى أَو مهر الْمثل وَغير الْمَدْخُول بهَا الَّتِي قد فرض لَهَا تسْتَحقّ نصف الْمُسَمّى وَقد وَقع الْإِجْمَاع على أَن الْمُطلقَة قبل الدُّخُول وَالْفَرْض لَا تسْتَحقّ إِلَّا الْمُتْعَة إِذا كَانَت حرَّة وَأما إِذا كَانَت أمة فَذهب الْجُمْهُور إِلَى أَن لَهَا الْمُتْعَة وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري لَا مُتْعَة لَهَا وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَا حد لَهَا مَعْرُوف بل مَا يَقع عَلَيْهِ اسْم الْمُتْعَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا تنَازع الزَّوْجَانِ فِي قدر الْمُتْعَة يجب لَهَا نصف مهر مثلهَا وَلَا ينقص من خَمْسَة دَرَاهِم وللسلف فِيهَا أَقْوَال (على الموسع قدره وعَلى المقتر قدره) هَذَا يدل على أَن الِاعْتِبَار فِي ذَلِك بِحَال الزَّوْج فالمتعة من الْغَنِيّ فَوق الْمُتْعَة من الْفَقِير والموسع من اتسعت حَاله والمقتر الْمقل قَالَ ابْن عَبَّاس الْمس النِّكَاح وَالْفَرِيضَة الصَدَاق وَأمر الله أَن يمتعها على قدر عسره ويسره فَإِن كَانَ مُوسِرًا مَتعهَا بخادم وَإِن كَانَ مُعسرا مَتعهَا بِثَلَاثَة أَثوَاب أَو نَحْو ذَلِك وَعنهُ قَالَ مُتْعَة الطَّلَاق أَعْلَاهَا الْخَادِم وَدون ذَلِك الْوَرق وَدون ذَلِك الْكسْوَة وَعَن ابْن عمر أدنى مَا يكون من الْمُتْعَة ثَلَاثُونَ درهما ومتع الْحسن بن عَليّ رضى الله عَنْهُمَا بِعشْرين ألفا وزقاق من عسل وَعَن شُرَيْح أَنه متع بِخَمْسِمِائَة دِرْهَم وَعَن ابْن سِيرِين أَنه كَانَ يمتع بالخادم وَالنَّفقَة وَالْكِسْوَة قَالَ تَعَالَى {وَإِن طلقتموهن من قبل أَن تمَسُّوهُنَّ وَقد فرضتم لَهُنَّ فَرِيضَة فَنصف مَا فرضتم} فِيهِ دَلِيل على أَن الْمُتْعَة لَا تجب لهَذِهِ الْمُطلقَة لوقوعها فِي مُقَابلَة الْمُطلقَة قبل الْبناء وَالْفَرْض الَّتِي تسْتَحقّ الْمُتْعَة أَي فَالْوَاجِب عَلَيْكُم نصف مَا سميتم لَهُنَّ من الْمهْر وَهَذَا مجمع عَلَيْهِ وَقد وَقع الِاتِّفَاق أَيْضا على أَن الْمَرْأَة الَّتِي لم يدْخل بهَا زَوجهَا وَمَات وَقد فرض لَهَا مهْرا تستحقه كَامِلا بِالْمَوْتِ وَله الْمِيرَاث وَعَلَيْهَا الْعدة وَاخْتلفُوا فِي الْخلْوَة هَل تقوم مقَام الدُّخُول وتستحق بهَا الْمَرْأَة كَامِل الْمهْر كَمَا تستحقه بِالدُّخُولِ أم لَا

باب ما نزل في وصية المتوفى للزوج

فَذهب إِلَى الأول مَالك وَالشَّافِعِيّ فِي الْقَدِيم وَأهل الْكُوفَة وَالْخُلَفَاء الراشدون وَجُمْهُور أهل الْعلم وَتجب أَيْضا عِنْدهم الْعدة وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْجَدِيد لَا يجب إِلَّا نصف الْمهْر وَهُوَ ظَاهر الْآيَة لما تقدم من أَن الْمَسِيس هُوَ الْجِمَاع وَلَا تجب عِنْده الْعدة وَإِلَيْهِ ذهب جمَاعَة من السّلف {إِلَّا أَن يعفون} أَي المطلقات {أَو يعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح} قيل هُوَ الزَّوْج وَبِه قَالَ الشَّافِعِي فِي الْجَدِيد وَأَبُو حنيفَة وَجَمَاعَة من السّلف وَرجحه ابْن جرير وَفِيه قُوَّة وَضعف وَقيل هُوَ الْوَالِي وَبِه قَالَ مَالك وَفِيه أَيْضا ضعف وَقُوَّة وَالرَّاجِح هُوَ القَوْل الأول {وَأَن تعفوا أقرب للتقوى} قيل خطاب للرِّجَال وَالنِّسَاء تَغْلِيبًا {وَلَا تنسوا الْفضل بَيْنكُم} وَمن جملَة ذَلِك أَن تتفضل الْمَرْأَة بِالْعَفو عَن النّصْف ويتفضل الرجل عَلَيْهَا بإكمال الْمهْر 23 - بَاب مَا نزل فِي وَصِيَّة الْمُتَوفَّى للزَّوْج {وَالَّذين يتوفون مِنْكُم ويذرون أَزْوَاجًا وَصِيَّة لأزواجهم مَتَاعا إِلَى الْحول غير إِخْرَاج فَإِن خرجن فَلَا جنَاح عَلَيْكُم فِي مَا فعلن فِي أَنْفسهنَّ من مَعْرُوف} قَالَ تَعَالَى {وَالَّذين يتوفون مِنْكُم ويذرون أَزْوَاجًا} أَي يقربون من الْوَفَاة قَالَ الْجُمْهُور إِنَّهَا مَنْسُوخَة بالأربعة الْأَشْهر وَالْعشر وَقَالَ مُجَاهِد هِيَ محكمَة وَحكى ابْن عَطِيَّة وعياض أَن الْإِجْمَاع مُنْعَقد على أَن الْحول مَنْسُوخ وَأَن عدتهَا أَرْبَعَة أشهر وَعشر {وَصِيَّة لأزواجهم} بِثَلَاثَة أَشْيَاء

باب ما نزل في متعة المطلقات

النَّفَقَة وَالْكِسْوَة وَالسُّكْنَى وَهَذِه الثَّلَاثَة تستمر سنة وَحِينَئِذٍ يجب على الزَّوْجَة مُلَازمَة الْمسكن وَترك التزيين والإحداد {مَتَاعا إِلَى الْحول} وَهُوَ نَفَقَة السّنة وَالسُّكْنَى من تَركتهم {غير إِخْرَاج} أَي لَا يخْرجن من مساكنهن {فَإِن خرجن} باختيارهن قبل الْحول {فَلَا جنَاح عَلَيْكُم} أَي على الْوَلِيّ وَالْحَاكِم {فِيمَا فعلن فِي أَنْفسهنَّ} من التَّعْرِيض للخطاب {من مَعْرُوف} فِي الشَّرْع غير مُنكر فِيهِ وَفِيه دَلِيل على أَن النِّسَاء كن مخيرات فِي سُكْنى الْحول وَلَيْسَ ذَلِك بحتم عَلَيْهِنَّ 24 - بَاب مَا نزل فِي مُتْعَة المطلقات {وللمطلقات مَتَاع بِالْمَعْرُوفِ} قَالَ تَعَالَى {وللمطلقات مَتَاع بِالْمَعْرُوفِ} قيل هِيَ الْمُتْعَة وَأَنَّهَا وَاجِبَة لكل مُطلقَة وَقيل الْآيَة خَاصَّة باللواتي قد جومعن وَقيل عَامَّة تَشْمَل الْمُتْعَة الْوَاجِبَة وَغَيرهَا وَهِي مُتْعَة سَائِر المطلقات فَإِنَّهَا مُسْتَحبَّة فَقَط وَقيل المُرَاد بِالْمُتْعَةِ النَّفَقَة 25 - بَاب مَا نزل فِي شَهَادَة النِّسَاء {فَإِن لم يَكُونَا رجلَيْنِ فَرجل وَامْرَأَتَانِ مِمَّن ترْضونَ من الشُّهَدَاء أَن تضل إِحْدَاهمَا} قَالَ تَعَالَى {فَإِن لم يَكُونَا رجلَيْنِ فَرجل وَامْرَأَتَانِ} هَذِه قِطْعَة من آيَة

الدَّين الطولي {مِمَّن ترْضونَ من الشُّهَدَاء} فِيهِ أَن الْمَرْأَتَيْنِ فِي الشَّهَادَة بِرَجُل وَأَنَّهَا لَا تجوز شَهَادَة النِّسَاء إِلَّا مَعَ الرجل لَا وحدهن إِلَّا فِيمَا لَا يطلع عَلَيْهِ غَيْرهنَّ للضَّرُورَة وَاخْتلفُوا هَل يجوز الحكم بِشَهَادَة امْرَأتَيْنِ مَعَ يَمِين الْمُدَّعِي كَمَا جَازَ الحكم بِشَهَادَة رجل مَعَ يَمِين الْمُدَّعِي فَذهب مَالك وَالشَّافِعِيّ إِلَى أَنه يجوز ذَلِك لِأَن الله تَعَالَى قد جعل الْمَرْأَتَيْنِ كَالرّجلِ فِي هَذِه الْآيَة وَذهب أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه إِلَى أَنه لَا يجوز وَهَذَا يرجع إِلَى الْخلاف فِي الحكم بِشَاهِد مَعَ يَمِين الْمُدَّعِي وَالْحق أَنه جَائِز لوُرُود الدَّلِيل عَلَيْهِ وَهُوَ زِيَادَة لم تخَالف مَا فِي الْكتاب الْعَزِيز فَيتَعَيَّن قبُولهَا كَمَا أوضح ذَلِك فِي شرح الْمُنْتَقى وَمَعْلُوم عِنْد كل من يفهم أَنه لَيْسَ فِي هَذِه الْآيَة مَا يرد بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِين وَلم يدفعوا هَذَا إِلَّا بقاعدة مَبْنِيَّة على شفا جرف هار وَهِي قَوْلهم إِن الزِّيَادَة على النَّص نسخ وَهَذِه دَعْوَى بَاطِلَة بل الزِّيَادَة على النَّص شَرِيعَة ثَابِتَة جَاءَنَا بهَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالنَّصِّ الْمُتَقَدّم عَلَيْهَا وَأَيْضًا كَانَ يلْزمهُم أَن لَا يحكموا بنكول الْمَطْلُوب وَلَا بِيَمِين الرَّد على الطَّالِب وَقد حكمُوا بهَا الْجَواب الْجَواب {أَن تضل إِحْدَاهمَا} أَي تنسى فَتذكر إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى أَي الذاكرة الناسية وَهَذِه الْآيَة تَعْلِيل لاعْتِبَار الْعدَد فِي النِّسَاء أَي فليشهد رجل ولتشهد امْرَأَتَانِ عوضا عَن الرجل الآخر لأجل تذكير إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى إِذا ضلت وَإِنَّمَا اعْتبر فيهمَا التَّذْكِير لما يلحقهما من ضعف النِّسَاء بِخِلَاف الرِّجَال

باب ما نزل في حب الشهوة من النساء

26 - بَاب مَا نزل فِي حب الشَّهْوَة من النِّسَاء {زين للنَّاس حب الشَّهَوَات من النِّسَاء} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة آل عمرَان {زين للنَّاس حب الشَّهَوَات} المُرَاد بِالنَّاسِ الْجِنْس والشهوات جمع شَهْوَة وَهِي نزوع النَّفس إِلَى مَا تريده وتوقانها إِلَى الشَّيْء المشتهي وَالْمرَاد هُنَا المشتهيات عبر عَنْهَا بالشهوات مُبَالغَة فِي كَونهَا مرغوبا فِيهَا أَو تحقيرا لَهَا {من النِّسَاء} بَدَأَ بِهن لِكَثْرَة تشوق النُّفُوس إلَيْهِنَّ والاستئناس والالتذاذ بِهن لِأَنَّهُنَّ حبائل الشَّيْطَان وَأقرب إِلَى الافتتان (إِن النِّسَاء شياطين خُلِقْنَ لنا ... نَعُوذ بِاللَّه من شَرّ الشَّيَاطِين)

باب ما نزل في نذر امرأة عمران وفي مريم عليهما السلام

27 - بَاب مَا نزل فِي نذر امْرَأَة عمرَان وَفِي مَرْيَم عَلَيْهِمَا السَّلَام {إِذْ قَالَت امْرَأَة عمرَان رب إِنِّي نذرت لَك مَا فِي بَطْني محررا فَتقبل مني إِنَّك أَنْت السَّمِيع الْعَلِيم فَلَمَّا وَضَعتهَا قَالَت رب إِنِّي وَضَعتهَا أُنْثَى وَالله أعلم بِمَا وضعت وَلَيْسَ الذّكر كالأنثى وَإِنِّي سميتها مَرْيَم وَإِنِّي أُعِيذهَا بك وذريتها من الشَّيْطَان الرَّجِيم فتقبلها رَبهَا بِقبُول حسن وأنبتها نباتا حسنا وكفلها زَكَرِيَّا كلما دخل عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَاب وجد عِنْدهَا رزقا قَالَ يَا مَرْيَم أَنى لَك هَذَا قَالَت هُوَ من عِنْد الله إِن الله يرْزق من يَشَاء بِغَيْر حِسَاب} قَالَ تَعَالَى {إِذْ قَالَت امْرَأَة عمرَان} اسْمهَا حنة بنت فاقوذ أم مَرْيَم فَهِيَ جدة عِيسَى وَعمْرَان هُوَ ابْن باشم جد عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَلَيْسَ نَبيا {رب إِنِّي نذرت لَك مَا فِي بَطْني محررا} هَذَا النّذر كَانَ جَائِزا فِي شريعتهم وَالْمرَاد بِالْحُرِّيَّةِ هُنَا ضد الْعُبُودِيَّة وَقيل الْمُحَرر الْخَالِص لله لَا يشوبه شَيْء من أَمر الدُّنْيَا وَهلك عمرَان وَهِي حَامِل {فَتقبل مني} قَالَ ابْن عَبَّاس نذرت أَن تَجْعَلهُ فِي الْكَنِيسَة يتعبد بهَا وَقَالَ مُجَاهِد خَادِمًا لِلْبيعَةِ {إِنَّك أَنْت السَّمِيع الْعَلِيم} فَلَمَّا وَضَعتهَا قَالَت {رب إِنِّي وَضَعتهَا أُنْثَى وَالله أعلم بِمَا وضعت وَلَيْسَ الذّكر كالأنثى} أَي أَمر هَذِه الْأُنْثَى عَظِيم وشأنها فخم فَهِيَ خير مِنْهُ وَإِن لم تصلح للسدانة فَإِن فِيهَا مزايا أخر لَا تُوجد فِي الذّكر وعَلى هَذَا فَالْكَلَام على ظَاهره وَلَا قلب وَقيل لَيْسَ الذّكر الَّذِي أردْت أَن يكون خَادِمًا وَيصْلح للنذر كالأنثى الَّتِي لَا تصلح لذَلِك بل هُوَ خير مِنْهَا وَكَأَنَّهَا اعتذرت إِلَى رَبهَا وعَلى هَذَا فَفِي الْكَلَام قلب وَكَانَت مَرْيَم من اجمل النِّسَاء وأفضلهن فِي وَقتهَا

باب ما نزل في ولادة العاقر وزوجها شيخ كبير

{وَإِنِّي سميتها مَرْيَم} أَي العابدة ومقصودها من هَذَا الْإِخْبَار بِالتَّسْمِيَةِ التَّقَرُّب إِلَى الله فَإِن معنى مَرْيَم خَادِم الرب بلغتهم {وَإِنِّي أُعِيذهَا بك وذريتها من الشَّيْطَان الرَّجِيم} عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول مَا من بني آدم من مَوْلُود إِلَّا نخسه الشَّيْطَان حِين يُولد فَيَسْتَهِل صَارِخًا من نخسه إِيَّاه إِلَّا مَرْيَم وَابْنهَا مُتَّفق عَلَيْهِ وَلِلْحَدِيثِ أَلْفَاظ عَنهُ {فتقبلها رَبهَا بِقبُول حسن} أَي رَضِي بهَا فِي النّذر وسلك بهَا مَسْلَك السُّعَدَاء {وأنبتها نباتا حسنا} أَي سوى خلقهَا من غير زِيَادَة وَلَا نُقْصَان {وكفلها زَكَرِيَّا} أَي ضمهَا إِلَيْهِ بِالْقُرْعَةِ لَا بِالْوَحْي وَكَانَ من ذُرِّيَّة سُلَيْمَان وَعَن ابْن عَبَّاس وناس من الصَّحَابَة أَن مَرْيَم كَانَت ابْنة سيدهم وإمامهم فتشاح عَلَيْهَا أَحْبَارهم فاقترعوا فِيهَا بسهامهم أَيهمْ يكفلها وَكَانَ زَكَرِيَّا زوج أُخْتهَا فكفلها وَجعلهَا مَعَه فِي محرابه وَكَانَت عِنْده وحضنها {كلما دخل عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَاب وجد عِنْدهَا رزقا} قيل فَاكِهَة الشتَاء فِي الصَّيف وَفَاكِهَة الصَّيف فِي الشتَاء وَقَالَ ابْن عَبَّاس عنبا فِي مكتل فِي غير حِينه (قَالَ يَا مَرْيَم أَنى لَك هَذَا قَالَت هُوَ من عِنْد الله إِن الله يرْزق م يَشَاء بِغَيْر حِسَاب) وَهَذَا يدل على جَوَاز الْكَرَامَة لأولياء الله تَعَالَى 28 - بَاب مَا نزل فِي ولادَة العاقر وَزوجهَا شيخ كَبِير {قَالَ رب أَنى يكون لي غُلَام وَقد بَلغنِي الْكبر وامرأتي عَاقِر قَالَ كَذَلِك الله يفعل مَا يَشَاء} قَالَ تَعَالَى {قَالَ رب أَنى يكون لي غُلَام وَقد بَلغنِي الْكبر وامرأتي عَاقِر}

باب ما نزل في اصطفاء مريم وأمرها بالعبادة

استبعد حُصُول الْوَلَد مِنْهُمَا مَعَ كَون الْعَادة قاضية بِأَنَّهُ لَا يحدث من مثلهَا لِأَنَّهُ كَانَ يَوْم التبشير ابْن تسعين سنة وَقيل ابْن مائَة وَعشْرين سنة وَكَانَت امْرَأَته فِي ثَمَان وَتِسْعين سنة والعاقر الَّتِي لَا تَلد وَقيل إِنَّه قد مر بعد دُعَائِهِ إِلَى وَقت بشارتها أَرْبَعُونَ سنة وَقيل عشرُون سنة فَكَانَ الاستبعاد من هَذِه الْحَيْثِيَّة {قَالَ كَذَلِك الله يفعل مَا يَشَاء} من الْأَفْعَال العجيبة مثل ذَلِك الْفِعْل وَهُوَ إِيجَاد الْوَلَد من الشَّيْخ الْكَبِير وَالْمَرْأَة العاقر 29 - بَاب مَا نزل فِي اصطفاء مَرْيَم وأمرها بِالْعبَادَة {وَإِذ قَالَت الْمَلَائِكَة يَا مَرْيَم إِن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نسَاء الْعَالمين يَا مَرْيَم اقنتي لِرَبِّك واسجدي واركعي مَعَ الراكعين} قَالَ تَعَالَى {وَإِذ قَالَت الْمَلَائِكَة يَا مَرْيَم إِن الله اصطفاك وطهرك} من مَسِيس الرِّجَال أَو الْكفْر أَو الذُّنُوب أَو من الأدناس على عمومها وَكَانَت لَا تحيض وَقيل إِنَّهَا حَاضَت قبل حملهَا بِعِيسَى مرَّتَيْنِ {واصطفاك على نسَاء الْعَالمين} قيل هن نسَاء عَالم زمانها وَهُوَ الْحق وَقيل نسَاء جَمِيع الْعَالم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَاخْتَارَهُ الزّجاج {يَا مَرْيَم اقنتي لِرَبِّك} أَي أطيلي الْقيام فِي الصَّلَاة أَو ادعيه ودومي على طَاعَته بأنواع الطَّاعَات {واسجدي واركعي مَعَ الراكعين} أَي صلي مَعَ الْمُصَلِّين فِيهِ دلَالَة على مَشْرُوعِيَّة الْجَمَاعَة قَالَ الْأَوْزَاعِيّ لما قَالَت الْمَلَائِكَة لَهَا ذَلِك شفاها قَامَت حَتَّى تورمت قدماها وسالت دَمًا وقيحا وَحكي عَن مُجَاهِد نَحوه

باب ما نزل في تبشير مريم بالولد

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من حَدِيث عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول خير نسائها مَرْيَم بنت عمرَان وَخير نسائها خَدِيجَة بنت خويلد وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا مَرْفُوعا أفضل نسَاء الْعَالمين خَدِيجَة وَفَاطِمَة وَمَرْيَم وآسية امْرَأَة فِرْعَوْن وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من حَدِيث أبي مُوسَى يرفعهُ كمل من الرِّجَال كثير وَلم يكمل من النِّسَاء إِلَّا مَرْيَم بنت عمرَان وآسية امْرَأَة فِرْعَوْن وَفضل عَائِشَة على النِّسَاء كفضل الثَّرِيد على سَائِر الطَّعَام وَفِي الْمَعْنى أَحَادِيث كَثِيرَة تفِيد أَن مَرْيَم عَلَيْهَا السَّلَام سيدة نسَاء عالمها فَقَط وَيُؤَيِّدهُ مَا أخرجه ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَربع نسْوَة سيدات نسَاء عالمهن مَرْيَم بنت عمرَان وآسية بنت مُزَاحم وَخَدِيجَة بنت خويلد وَفَاطِمَة بنت مُحَمَّد وأفضلهن عَالما فَاطِمَة رَضِي الله عَنْهَا 30 - بَاب مَا نزل فِي تبشير مَرْيَم بِالْوَلَدِ {إِذْ قَالَت الْمَلَائِكَة يَا مَرْيَم إِن الله يبشرك بِكَلِمَة مِنْهُ اسْمه الْمَسِيح عِيسَى ابْن مَرْيَم} {قَالَت رب أَنى يكون لي ولد وَلم يمسسني بشر قَالَ كَذَلِك الله يخلق مَا يَشَاء} قَالَ تَعَالَى {إِذْ قَالَت الْمَلَائِكَة يَا مَرْيَم إِن الله يبشرك بِكَلِمَة مِنْهُ} أَي كائنة من عِنْده وناشئة مِنْهُ من غير وَاسِطَة الْأَسْبَاب العادية وَهِي ولد يُولد لَك من غير بعل وَلَا فَحل وَفِي تَفْسِير أبي السُّعُود مفتي الْحَنَفِيَّة فِي ديار الرّوم فِي سُورَة النِّسَاء يحْكى أَن طَبِيبا حاذقا نَصْرَانِيّا جَاءَ

باب ما نزل في المباهلة بدعوة النساء فيها

[@ 61 @ الرشيد فناظر عَليّ بن الْحُسَيْن الْوَاقِدِيّ ذَات يَوْم فَقَالَ لَهُ إِن فِي كتابكُمْ مَا يدل على أَن عِيسَى جُزْء من الله وتلا هَذِه الْآيَة أَي قَوْله {وكلمته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم وروح مِنْهُ} فَقَرَأَ لَهُ الْوَاقِدِيّ {وسخر لكم مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْض جَمِيعًا مِنْهُ} وَقَالَ إِذن يلْزم أَن يكون جَمِيع تِلْكَ الْأَشْيَاء جُزْءا مِنْهُ سُبْحَانَهُ فَانْقَطع النَّصْرَانِي وَأسلم وَفَرح الرشيد فَرحا شَدِيدا وَأعْطى الْوَاقِدِيّ صلَة فاخرة وَذَلِكَ الْوَلَد اسْمه {الْمَسِيح ابْن مَرْيَم} قَالَ أَبُو عبيد هُوَ بالعبرانية مشيحا فعرب كَمَا عرب موشى بمُوسَى قَالَ فِي الْكَشَّاف هُوَ لقب من الألقاب المشرفة وَمَعْنَاهُ باللغة العبرانية الْمُبَارك إِلَى قَوْله سُبْحَانَهُ {قَالَت رب أَنى يكون لي ولد وَلم يمسسني بشر قَالَ كَذَلِك الله يخلق مَا يَشَاء} مِنْك من غير أَن يمسك بشر وَعبر هُنَا بالخلق وَفِي قصَّة يحيى بِالْفِعْلِ لما أَن ولادَة الْعَذْرَاء من غير أَن يَمَسهَا بشر أبدع وَأغْرب من ولادَة عَجُوز عَاقِر من شيخ كَبِير 31 - بَاب مَا نزل فِي المباهلة بدعوة النِّسَاء فِيهَا {فَقل تَعَالَوْا نَدع أبناءنا وأبناءكم وَنِسَاءَنَا ونساءكم وأنفسنا وَأَنْفُسكُمْ ثمَّ نبتهل فَنَجْعَل لعنة الله على الْكَاذِبين} قَالَ تَعَالَى {فَقل تَعَالَوْا نَدع أبناءنا وأبناءكم وَنِسَاءَنَا ونساءكم وأنفسنا وَأَنْفُسكُمْ ثمَّ نبتهل فَنَجْعَل لعنة الله على الْكَاذِبين} نزلت فِي قصَّة مباهلة نَصَارَى نَجْرَان والبهل اللَّعْنَة والمباهلة الْمُلَاعنَة وَالْعبْرَة بِعُمُوم اللَّفْظ لَا بِخُصُوص السَّبَب فَيدل على جَوَاز المباهلة مِنْهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لكل من حَاجَة فِي عِيسَى وَأمته أسوته

باب ما نزل في عدم ضياع عمل الأنثى

وَالْآيَة دَلِيل على فضل أَصْحَاب الكساء وَفضل من أَتَى مِنْهُم من أهل بَيته وهم عَليّ وَالْحسن وَالْحُسَيْن وَفَاطِمَة رَضِي الله عَنْهُم وفيهَا أَن أَبنَاء الْبَنَات يسمون أَبنَاء وَإِنَّمَا خص الْأَبْنَاء وَالنِّسَاء لأَنهم أعز الْأَهْل وَعَن سعد رَضِي الله عَنهُ لما نزلت هَذِه الْآيَة دَعَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاطِمَة وحسنا وَحسَيْنا فَقَالَ اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهلِي رَوَاهُ مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ والمباهلة جَائِزَة بعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أَمر مُهِمّ شرعا وَقع فِيهِ اشْتِبَاه وعناد لَا يَتَيَسَّر دَفعه إِلَّا بهَا وَقد بَاهل بعض السّلف كالحافظ ابْن الْقيم فِي مَسْأَلَة صِفَات الْبَارِي والحافظ ابْن حجر وَغَيرهمَا جمَاعَة من المقلدة فَلم يقومُوا بهَا وانهزموا وَللَّه الْحَمد وَمن منع مِنْهَا الْأمة بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يصب وَلم يَأْتِ بِدَلِيل وَكَأَنَّهُ جَاهِل بمسائل الدَّين 32 - بَاب مَا نزل فِي عدم ضيَاع عمل الْأُنْثَى {أَنِّي لَا أضيع عمل عَامل مِنْكُم من ذكر أَو أُنْثَى بَعْضكُم من بعض} قَالَ تَعَالَى {أَنِّي لَا أضيع عمل عَامل مِنْكُم} أَي لَا أحبطه بل أثيبكم عَلَيْهِ {من ذكر أَو أُنْثَى} من بَيَانِيَّة مُؤَكدَة لما تَقْتَضِيه النكرَة الْوَاقِعَة فِي سِيَاق النَّفْي من الْعُمُوم {بَعْضكُم من بعض} أَي رجالكم مثل نِسَائِكُم فِي ثَوَاب الطَّاعَة وَالْعِقَاب وَنِسَاؤُكُمْ مثل رجالكم فيهمَا وَقيل فِي الدَّين والفطرة والموالاة وَالْأول أولى

باب ما نزل في خلق حواء من آدم عليهما السلام

33 - بَاب مَا نزل فِي خلق حَوَّاء من آدم عَلَيْهِمَا السَّلَام {خَلقكُم من نفس وَاحِدَة وَخلق مِنْهَا زَوجهَا وَبث مِنْهُمَا رجَالًا كثيرا وَنسَاء وَاتَّقوا الله الَّذِي تساءلون بِهِ والأرحام} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة السناء {خَلقكُم من نفس وَاحِدَة} آدم عَلَيْهِ السَّلَام {وَخلق مِنْهَا زَوجهَا} حَوَّاء قيل خلقت قبل دُخُوله الْجنَّة وَقيل بعد دُخُوله إِيَّاهَا {وَبث مِنْهُمَا} أَي فرق وَنشر من آدم وحواء الْمعبر عَنْهَا بِالنَّفسِ وَالزَّوْج {رجَالًا كثيرا وَنسَاء} أَي نسَاء كَثِيرَة وَترك التَّصْرِيح بِهِ اسْتغْنَاء أَو اكْتِفَاء بِالْوَصْفِ الأول {وَاتَّقوا الله الَّذِي تساءلون بِهِ والأرحام} كَانُوا يقرنون بَينهمَا فِي السُّؤَال والمناشدة فَيَقُولُونَ أَسأَلك بِاللَّه وَالرحم وأنشدك الله وَالرحم قيل التَّقْدِير وَاتَّقوا قطع مَوَدَّة الْأَرْحَام فَإِن قطع الرَّحِم من أكبر الْكَبَائِر وصلَة الْأَرْحَام بَاب لكل خير فتزيد فِي الْعُمر وتبارك فِي الرزق وقطعها سَبَب لكل شَرّ وَلذَا وصل تقوى الرَّحِم بتقوى الله وصلَة الرَّحِم تخْتَلف باخْتلَاف النَّاس فَتَارَة تكون عَادَته مَعَ رَحمَه الصِّلَة بِالْإِحْسَانِ وَتارَة بِالْخدمَةِ وَقَضَاء الْحَاجة وَتارَة بالمكاتبة وَتارَة بِحسن الْعبارَة وَغير ذَلِك والأرحام اسْم لجَمِيع الْأَقَارِب من غير فرق بَين الْمحرم وَغَيره لَا خلاف فِي هَذَا بَين أهل الشَّرْع واللغة وَقد خصص أَبُو حنيفَة رَحمَه الله الرَّحِم بالمحرم فِي منع الرُّجُوع فِي الْهِبَة مَعَ مُوَافَقَته على أَن مَعْنَاهَا أَعم وَلَا وَجه لهَذَا التَّخْصِيص

باب ما نزل في تعدد الأنكحة

43 - بَاب مَا نزل فِي تعدد الْأَنْكِحَة {فانكحوا مَا طَابَ لكم من النِّسَاء مثنى وَثَلَاث وَربَاع فَإِن خِفْتُمْ أَلا تعدلوا فَوَاحِدَة أَو مَا ملكت أَيْمَانكُم ذَلِك أدنى أَلا تعولُوا وَآتوا النِّسَاء صدقاتهن نحلة فَإِن طبن لكم عَن شَيْء مِنْهُ نفسا فكلوه هَنِيئًا مريئا} قَالَ تَعَالَى {فانكحوا مَا طَابَ لكم من النِّسَاء} من بَيَانِيَّة أَو تبعيضية {مثنى وَثَلَاث وَربَاع} أَي اثْنَتَيْنِ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثًا ثَلَاثًا وأربعا وأربعا وَقد اسْتدلَّ بِالْآيَةِ على تَحْرِيم مَا زَاد على الْأَرْبَع وَالْآيَة على خلاف مَا استدلوا بِهِ فَالْأولى أَن يسْتَدلّ على تَحْرِيم الزِّيَادَة على الْأَرْبَع بِالسنةِ لَا بِالْقُرْآنِ كَمَا فِي حَدِيث ابْن عمر فِي قصَّة غيلَان الثَّقَفِيّ عِنْد أَحْمد وَغَيره وَكَانَت تَحْتَهُ عشر نسْوَة فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اختر مِنْهُنَّ وَفِي لفظ أمسك مِنْهُنَّ أَرْبعا وَفَارق سائرهن وَله أَلْفَاظ وطرق وَفِي الْبَاب حَدِيث نَوْفَل الديلمي وَكَانَت عِنْده خمس نسْوَة فَقَالَ لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمسك أَرْبعا وَفَارق الْأُخْرَى أخرجه الشَّافِعِي وَحَدِيث

قيس الْأَسدي وَكَانَت تَحْتَهُ ثَمَان نسْوَة فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اختر مِنْهُنَّ أَرْبعا وخل سائرهن أخرجه إِبْنِ مَاجَه لَوْلَا أَن فِي هَذِه السّنَن مقَالا {فَإِن خِفْتُمْ أَلا تعدلوا} بَين الزَّوْجَات فِي الْقسم وَالنَّفقَة وَنَحْوهمَا {فَوَاحِدَة} أَي فانكحوا وَاحِدَة وَفِيه الْمَنْع من الزِّيَادَة على الْوَاحِدَة لمن خَافَ ذَلِك {أَو مَا ملكت أَيْمَانكُم} أَي اقتصروا على السراري وَإِن كثر عددهن كَمَا يفِيدهُ الْمَوْصُول إِذْ لَيْسَ لَهُنَّ من الْحُقُوق مَا لِلزَّوْجَاتِ وَالْمرَاد نِكَاحهنَّ بطرِيق الْملك لَا بطرِيق النِّكَاح وَفِيه دَلِيل على أَنه لَا حق للمملوكات فِي الْقسم كَمَا يدل على ذَلِك جعله قسيما للواحدة فِي الْأَمْن من عدم الْعدْل {ذَلِك} أَي نِكَاح الْأَرْبَعَة فَقَط أَو الْوَاحِدَة أَو التَّسَرِّي {أدنى} أَي أقرب {أَلا تعولُوا} تَجُورُوا وَقيل تميلوا وَقيل تفتقروا {وَآتوا النِّسَاء صدقاتهن نحلة} أَي عَطاء وَقيل تدينا وَقيل طيبَة النَّفس وَقيل الْمهْر وَمعنى الْآيَة على كَون الْخطاب للأزواج أعطوهن مهورهن عَطِيَّة أَو ديانَة أَو فَرِيضَة وعَلى كَون الْخطاب للأولياء أعطوهن تِلْكَ المهور الَّتِي قبضتم من أَزوَاجهنَّ وَالْأول أولى وَهُوَ الْأَشْبَه بِظَاهِر الْآيَة وَعَلِيهِ الْأَكْثَر وَفِي الْآيَة دَلِيل على أَن الصَدَاق وَاجِب على الْأزْوَاج للنِّسَاء وَهُوَ مجمع عَلَيْهِ وَأَجْمعُوا على أَنه لَا حد لكثيره وَاخْتلفُوا فِي قَلِيله {فَإِن طبن لكم عَن شَيْء مِنْهُ نفسا} قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا إِذا كَانَ من غير إِضْرَار وَلَا خديعة فَهُوَ هنيء مريء كَمَا قَالَ تَعَالَى {فكلوه هَنِيئًا مريئا} وَفِي طبن دَلِيل على أَن الْمُعْتَبر فِي تَحْلِيل ذَلِك مِنْهُنَّ لَهُم إِنَّمَا هُوَ طيبَة النَّفس لَا مُجَرّد مَا يصدر مِنْهَا من الْأَلْفَاظ الَّتِي لَا يتَحَقَّق مَعهَا طيبَة النَّفس فَإِذا ظهر مِنْهَا مَا يدل على عدم طيبَة نَفسهَا لم يحل للزَّوْج

باب ما نزل في نصيب النساء مما ترك الوالدان

وَلَا للْوَلِيّ وَإِن كَانَت تلفظت بِالْهبةِ أَو النّذر أَو نَحْوهمَا وَمَا أقوى دلَالَة هَذِه الْآيَة على عدم اعْتِبَار مَا يصدر من النِّسَاء من الْأَلْفَاظ المفيدة للتَّمْلِيك بمجردها لنُقْصَان عقولهن وَضعف إدراكهن وَسُرْعَة إنخداعهن وانجذابهن إِلَى مَا يُرَاد مِنْهُنَّ بأيسر ترغيب أَو ترهيب 35 - بَاب مَا نزل فِي نصيب النِّسَاء مِمَّا ترك الْوَالِدَان {للرِّجَال نصيب مِمَّا ترك الْوَالِدَان وَالْأَقْرَبُونَ وللنساء نصيب مِمَّا ترك الْوَالِدَان وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قل مِنْهُ أَو كثر نَصِيبا مَفْرُوضًا} قَالَ تَعَالَى {للرِّجَال نصيب مِمَّا ترك الْوَالِدَان وَالْأَقْرَبُونَ} المتوفون من الْمِيرَاث {وللنساء نصيب مِمَّا ترك الْوَالِدَان وَالْأَقْرَبُونَ} من المَال المخلف عَن الْمَيِّت {مِمَّا قل مِنْهُ أَو كثر نَصِيبا مَفْرُوضًا} فَرْضه الله وَهُوَ آكِد من الْوَاجِب فَفِي الْآيَة دَلِيل على أَن الْوَارِث لَو أعرض عَن نصِيبه لم يسْقط حَقه بِالْإِعْرَاضِ قَالَه الْبَيْضَاوِيّ أجمل سُبْحَانَهُ فِي الْموضع قدر النَّصِيب الْمَفْرُوض ثمَّ أنزل قَوْله {يُوصِيكُم الله فِي أَوْلَادكُم} فَبين مِيرَاث كل فَرد وَسَيَأْتِي

باب ما نزل في سهام النساء من الميراث

36 - بَاب مَا نزل فِي سِهَام النِّسَاء من الْمِيرَاث {يُوصِيكُم الله فِي أَوْلَادكُم للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِن كن نسَاء فَوق اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثلثا مَا ترك وَإِن كَانَت وَاحِدَة فلهَا النّصْف ولأبويه لكل وَاحِد مِنْهُمَا السُّدس مِمَّا ترك إِن كَانَ لَهُ ولد فَإِن لم يكن لَهُ ولد وَورثه أَبَوَاهُ فلأمه الثُّلُث فَإِن كَانَ لَهُ إخْوَة فلأمه السُّدس من بعد وَصِيَّة يُوصي بهَا أَو دين} قَالَ تَعَالَى {يُوصِيكُم الله فِي أَوْلَادكُم} هَذَا تَفْصِيل لما أجمل فِي الْآيَة الأولى من أَحْكَام الْمَوَارِيث وَقد اسْتدلَّ بهَا على جَوَاز الْبَيَان عَن وَقت الْحَاجة وَهَذِه الْآيَة بِطُولِهَا ركن من أَرْكَان الدَّين وعمدة من عمد الْأَحْكَام وَأم من أُمَّهَات الْآيَات لاشتمالها على مَا يهم من علم الْفَرَائِض وَقد كَانَ هَذَا الْعلم من أجل عُلُوم الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم وَأكْثر مناظراتهم فِيهِ وَهَذِه الْآيَة ناسخة لما كَانَ فِي صدر الْإِسْلَام من الموارثة بِالْحلف وَالْهجْرَة وَالْمُعَاقَدَة {للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ} المُرَاد حَال اجْتِمَاع الذُّكُور وَالْإِنَاث أما حَال الإنفراد فللذكر جَمِيع الْمِيرَاث وللأنثى النّصْف وللأنثيين فَصَاعِدا الثُّلُثَانِ {فَإِن كن} الْأَوْلَاد المتروكات {نسَاء} لَيْسَ مَعَهُنَّ ذكر {فَوق اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثلثا مَا ترك} أَي الْمَيِّت وَظَاهر النّظم القرآني أَن الثُّلثَيْنِ فَرِيضَة الثَّلَاث من الْبَنَات فَصَاعِدا وَلم يسم للاثنتين فَرِيضَة وَلِهَذَا اخْتلف فِي فريضتهما فَذهب الْجُمْهُور إِلَى أَن لَهما إِذا انفردتا عَن الْبَنِينَ الثُّلثَيْنِ وَذهب ابْن عَبَّاس إِلَى أَن فريضتهما النّصْف وأوضح مَا يحْتَج بِهِ الْجُمْهُور حَدِيث جَابر قَالَ جَاءَت امْرَأَة سعد بن

الرّبيع إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت يَا رَسُول الله هَاتَانِ ابنتا سعد بن الرّبيع قتل أَبوهُمَا مَعَك فِي أحد شَهِيدا وَإِن عَمهمَا أَخذ مَالهمَا فَلم يدع لَهما مَالا وَلَا تنكحان إِلَّا وَلَهُمَا مَال فَقَالَ يقْضِي الله فِي ذَلِك فَنزلت آيَة الْمِيرَاث فَأرْسل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى عَمهمَا فَقَالَ أعْط ابْنَتي سعد الثُّلثَيْنِ وأمهما الثّمن وَمَا بَقِي فَهُوَ لَك أخرجه ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَأَبُو يعلي وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه وأخرجوه من طرق عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل عَن جَابر قَالَ التِّرْمِذِيّ وَلَا يعرف إِلَّا من حَدِيثه {وَإِن كَانَت وَاحِدَة} بِالرَّفْع أَي فَإِن وجدت بنت وَاحِدَة على أَن كَانَ تَامَّة وَقُرِئَ بِالنّصب أَي وَإِن كَانَت المتروكة أَو المولودة وَاحِدَة وَهَذِه قِرَاءَة حَسَنَة {فلهَا النّصْف} يَعْنِي فرضا لَهَا {ولأبويه} أَي الْمَيِّت وَالْمرَاد بهما الْأَب وَالأُم وَهَذَا شُرُوع فِي إِرْث الْأُصُول {لكل وَاحِد مِنْهُمَا السُّدس مِمَّا ترك} وَاخْتلف فِي الْجد هَل هُوَ بِمَنْزِلَة الْأَب فَيسْقط بِهِ الْإِخْوَة أم لَا فَذهب أَبُو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ إِلَى الأولى وَلم يُخَالِفهُ أحد من الصَّحَابَة أَيَّام خِلَافَته وَاخْتلفُوا فِي ذَلِك بعد وَفَاته وَبِقَوْلِهِ قَالَ أَبُو حنيفَة وَذهب عَليّ وَزيد بن ثَابت إِلَى تَوْرِيث الْجد مَعَ الْإِخْوَة لِأَبَوَيْنِ أَو لأَب وَلَا ينقص مَعَهم من الثُّلُث وَلَا ينقص مَعَ ذَوي الْفُرُوض من السُّدس فِي قَول مَالك وَأبي يُوسُف وَالشَّافِعِيّ وَذهب الْجُمْهُور إِلَى أَن الْجد يسْقط بني الْإِخْوَة وَأجْمع الْعلمَاء على أَن للجدة السُّدس إِذا لم يكن للْمَيت أم وَأَجْمعُوا على أَنَّهَا سَاقِطَة مَعَ وجود الْأُم وعَلى أَن الْأَب لَا يسْقط الْجدّة أم الْأُم وَاخْتلفُوا فِي تَوْرِيث الْجدّة وإبنها حَيّ فَقيل إِنَّهَا لَا تَرث وَبِه قَالَ مَالك وَأَصْحَاب الرَّأْي وَقيل تَرث وَبِه قَالَ أَحْمد {إِن كَانَ لَهُ ولد} الْوَلَد يَقع على الذّكر وَالْأُنْثَى لكنه إِذا كَانَ الْمَوْجُود

الذّكر من الْأَوْلَاد وَحده أَو مَعَ الْأُنْثَى مِنْهُم فَلَيْسَ للْجدّ إِلَّا السُّدس وَإِن كَانَ الْمَوْجُود أُنْثَى كَانَ للْجدّ السُّدس بِالْفَرْضِ وَهُوَ عصبَة فِيمَا عدا السُّدس وَأَوْلَاد إِبْنِ الْمَيِّت كأولاد الْمَيِّت {فَإِن لم يكن لَهُ ولد} وَلَا ولد ابْن لما تقدم من الْإِجْمَاع {وَورثه أَبَوَاهُ} مفردين عَن سَائِر الْوَرَثَة أَو مَعَ زوج {فلأمه الثُّلُث} أَي ثلث المَال كَمَا ذهب إِلَيْهِ الْجُمْهُور من أَن الْأُم لَا تَأْخُذ ثلث التَّرِكَة إِلَّا إِذا لم يكن للْمَيت وَارِث غير الْأَبَوَيْنِ أما لَو كَانَ مَعَهُمَا أحد الزَّوْجَيْنِ فَلَيْسَ للْأُم إِلَّا الثُّلُث الْبَاقِي بعد الْمَوْجُودين من الزَّوْجَيْنِ {فَإِن كَانَ لَهُ إخْوَة} يَعْنِي ذُكُورا أَو إِنَاثًا اثْنَيْنِ فَصَاعِدا {فلأمه السُّدس} يَعْنِي لأم الْمَيِّت سدس التَّرِكَة إِذا كَانَ مَعهَا إخْوَة وَإِطْلَاق الْإِخْوَة يدل على أَنه لَا فرق بَين الْإِخْوَة لِأَبَوَيْنِ أَو لأَحَدهمَا وَقد أجمع أهل الْعلم على أَن الِاثْنَيْنِ من الْإِخْوَة يقومان مقَام الثَّلَاثَة فَصَاعِدا فِي حجب الْأُم إِلَى السُّدس وَأَجْمعُوا أَيْضا على أَن الْأُخْتَيْنِ فَصَاعِدا كالأخوين فِي حجب الْأُم {من بعد وَصِيَّة يُوصي بهَا أَو دين} يَعْنِي أَن هَذِه الأنصبة والسهام إِنَّمَا تقسم بعد قَضَاء الدَّين وإنفاذ وَصِيَّة الْمَيِّت فِي ثلثه وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَالْحَاكِم وَغَيرهم عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ إِنَّكُم تقرأون هَذِه الْآيَة {من بعد وَصِيَّة يُوصي بهَا أَو دين} وَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قضى بِالدّينِ قبل الْوَصِيَّة وَإِن أَعْيَان بني الْأُم يتوارثون دون بني العلات

باب ما نزل في سهم الأزواج من الزوجات

37 - بَاب مَا نزل فِي سهم الْأزْوَاج من الزَّوْجَات {وَلكم نصف مَا ترك أزواجكم إِن لم يكن لَهُنَّ ولد فَإِن كَانَ لَهُنَّ ولد فلكم الرّبع مِمَّا تركن من بعد وَصِيَّة يوصين بهَا أَو دين} قَالَ تَعَالَى {وَلكم نصف مَا ترك أزواجكم إِن لم يكن لَهُنَّ ولد} مِنْكُم أَو غَيْركُمْ الْخطاب هُنَا للرِّجَال وَالْمرَاد بِالْوَلَدِ ولد الصلب أَو ولد الْوَلَد ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى لما قدمنَا من الْإِجْمَاع {فَإِن كَانَ لَهُنَّ ولد فلكم الرّبع مِمَّا تركن} وَهَذَا مجمع عَلَيْهِ لم يخْتَلف أهل الْعلم فِي أَن للزَّوْج مَعَ عدم الْوَلَد النّصْف وَمَعَ وجوده وَإِن سفل الرّبع {من بعد وَصِيَّة يوصين بهَا أَو دين} أَي حَالَة كونهن غير مضارات فِي الْوَصِيَّة وَألْحق بِالْوَلَدِ فِي ذَلِك ولد الإبن بِالْإِجْمَاع وَهَذَا مِيرَاث الْأزْوَاج من الزَّوْجَات 38 - بَاب مَا نزل فِي سهم الزَّوْجَات من الْأزْوَاج {ولهن الرّبع مِمَّا تركْتُم إِن لم يكن لكم ولد فَإِن كَانَ لكم ولد فَلَهُنَّ الثّمن مِمَّا تركْتُم من بعد وَصِيَّة توصون بهَا أَو دين وَإِن كَانَ رجل يُورث كَلَالَة أَو امْرَأَة وَله أَخ أَو أُخْت فَلِكُل وَاحِد مِنْهُمَا السُّدس فَإِن كَانُوا أَكثر من ذَلِك فهم شُرَكَاء فِي الثُّلُث من بعد وَصِيَّة يوصى بهَا أَو دين غير مضار وَصِيَّة من الله} قَالَ تَعَالَى {ولهن} أَي الزَّوْجَات تعددن أَولا {الرّبع مِمَّا تركْتُم} هَذَا

بَيَان مِيرَاث الزَّوْجَات من الْأزْوَاج {إِن لم يكن لكم ولد فَإِن كَانَ لكم ولد فَلَهُنَّ الثّمن مِمَّا تركْتُم} هَذَا النَّصِيب مَعَ الْوَلَد والنصيب مَعَ عَدمه تنفرد بِهِ الْوَاحِدَة من الزَّوْجَات ويشترك فِيهِ الْأَكْثَر من الْوَاحِدَة لَا خلاف فِي ذَلِك يَعْنِي أَن الْوَاحِدَة من النِّسَاء لَهَا الرّبع أَو الثّمن وَكَذَلِكَ لَو كن أَربع زَوْجَات فَإِنَّهُنَّ يشتركن فِي الرّبع أَو الثّمن وَلَا فرق بَين الْوَلَد وَولد الإبن وَولد الْبِنْت فِي ذَلِك وَسَوَاء كَانَ الْوَلَد للرجل من الزَّوْجَة أَو من غَيرهَا {من بعد وَصِيَّة توصون بهَا أَو دين} أَي من بعد أحد هذَيْن مُنْفَردا أَو مَضْمُونا إِلَى الآخر {وَإِن كَانَ رجل} ميت {يُورث} من ورث لَا من أورث {كَلَالَة} وَهُوَ الْمَيِّت الَّذِي لَا ولد لَهُ وَلَا وَالِد قَالَه جُمْهُور أهل الْعلم وَقد قيل إِنَّهَا إِجْمَاع وَهُوَ قَول الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وَورد فِيهِ حَدِيث مَرْفُوع {أَو امْرَأَة} أَي كَانَت الْمَرْأَة الموروثة خَالِيَة من الْوَالِد وَالْولد {وَله أَخ أَو أُخْت} قَالَ الْقُرْطُبِيّ أجمع الْعلمَاء على أَن الْإِخْوَة هَا هُنَا هم الْإِخْوَة للْأُم قَالَ وَلَا خلاف بَين أهل الْعلم أَن الْإِخْوَة للْأَب وَالأُم أَو للْأَب لَيْسَ ميراثهم هَكَذَا وأفرد الضَّمِير فِي قَوْله {وَله} لِأَن المُرَاد كل وَاحِد مِنْهُمَا {فَلِكُل وَاحِد مِنْهُمَا السُّدس} مِمَّا ترك الْمُورث {فَإِن كَانُوا أَكثر من ذَلِك} بِأَن يكون الْمَوْجُود إثنين فَصَاعِدا ذكرين أَو انثيين أَو ذكرا وَأُنْثَى قيل وَهَذَا إِجْمَاع ودلت الْآيَة على أَن الْإِخْوَة لأم إِذا استكملت بهم الْمَسْأَلَة كَانُوا أقدم من الْإِخْوَة لِأَبَوَيْنِ أَو لأَب وَذَلِكَ فِي الْمَسْأَلَة الْمُسَمَّاة بالحمارية وَإِذا تركت الْميتَة زوجا وَأما وأخوين لأم وإخوة لِأَبَوَيْنِ فَإِن للزَّوْج النّصْف وَللْأُمّ السُّدس وللأخوين لأم الثُّلُث وَلَا شَيْء للإخوة لِأَبَوَيْنِ وَيُؤَيّد هَذَا حَدِيث ألْحقُوا الْفَرَائِض بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِي فَلأولى رجل ذكر وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا وَقد قرر الشَّوْكَانِيّ رَحمَه الله دلَالَة الْآيَة والْحَدِيث على ذَلِك فِي رسَالَته

باب ما نزل في الآتيات بالفاحشة

المباحث الدرية فِي الْمسَائِل الحمارية وَفِي هَذِه الْمَسْأَلَة خلاف بَين الصَّحَابَة فَمن بعدهمْ مَعْرُوف {فهم شُرَكَاء فِي الثُّلُث} يَسْتَوِي فِيهِ ذكرهم وأنثاهم {من بعد وَصِيَّة يُوصي بهَا أَو دين} ظَاهر الْآيَة تدل على جَوَاز الْوَصِيَّة بِكُل المَال وببعضه لَكِن ورد فِي السّنة مَا يدل على تَقْيِيد هَذَا الْمُطلق وتخصصه وَهُوَ قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَدِيث سعد بن أبي وَقاص الثُّلُث وَالثلث كثير أخرجه الشَّيْخَانِ فَفِي هَذَا دَلِيل على أَن الْوَصِيَّة لَا تجوز بِأَكْثَرَ من الثُّلُث وَأَن النُّقْصَان عَن الثُّلُث جَائِز {غير مضار} لوَرثَته بِوَجْه من وُجُوه الْإِضْرَار {وَصِيَّة من الله} وَفِي كَون هَذِه الْوَصِيَّة من الله سُبْحَانَهُ دَلِيل على أَنه قد وصّى عباده بِهَذِهِ التفاصيل الْمَذْكُورَة فِي الْفَرَائِض وَأَن كل وَصِيَّة من عباده تخالفها فَهِيَ مسبوقة بِوَصِيَّة الله كالوصايا المتضمنة لتفضيل بعض الْوَرَثَة على بعض والمشتملة على الضرار بِوَجْه من الْوُجُوه 39 - بَاب مَا نزل فِي الآتيات بالفاحشة {واللاتي يَأْتِين الْفَاحِشَة من نِسَائِكُم فاستشهدوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَة مِنْكُم فَإِن شهدُوا فأمسكوهن فِي الْبيُوت حَتَّى يتوفاهن الْمَوْت أَو يَجْعَل الله لَهُنَّ سَبِيلا} قَالَ تَعَالَى {واللاتي يَأْتِين الْفَاحِشَة} أَي الفعلة القبيحة وَالْمرَاد بهَا هُنَا الزِّنَى خَاصَّة وإتيانها فعلهَا ومباشرتها {من نِسَائِكُم} هن المسلمات {فاستشهدوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَة} خطاب للأزواج أَو للحكام قَالَ عمر بن الْخطاب إِنَّمَا جعل الله الشُّهُود أَرْبَعَة سترا يستركم بِهِ دون فواحشكم {مِنْكُم} المُرَاد بِهِ الرِّجَال الْمُسلمُونَ {فَإِن شهدُوا} بهَا {فأمسكوهن} أَي احبسونهم {فِي الْبيُوت} وامنعوهن من مُخَالطَة النَّاس {حَتَّى يتوفاهن الْمَوْت}

باب ما نزل في إيراث النساء والعضل وعدم أخذ المهر منهن وإن زاد

أَو يَجْعَل الله لَهُنَّ سَبِيلا) ذَلِك السَّبِيل كَانَ مُجملا فَلَمَّا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خُذُوا عني قد جعل الله لَهُنَّ سَبِيلا الْبكر بالبكر جلد مائَة وتغريب عَام وَالثَّيِّب بِالثَّيِّبِ جلد مائَة وَالرَّجم رَوَاهُ مُسلم من حَدِيث عبَادَة صَار هَذَا الحَدِيث بَيَانا لتِلْك الْآيَة لَا نسخا لَهَا 40 - بَاب مَا نزل فِي إيراث النِّسَاء والعضل وَعدم أَخذ الْمهْر مِنْهُنَّ وَإِن زَاد {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا يحل لكم أَن ترثوا النِّسَاء كرها وَلَا تعضلوهن لتذهبوا بِبَعْض مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبينَة وعاشروهن بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كرهتموهن فَعَسَى أَن تكْرهُوا شَيْئا وَيجْعَل الله فِيهِ خيرا كثيرا وَإِن أردتم استبدال زوج مَكَان زوج وَآتَيْتُم إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئا أتأخذونه بهتانا وإثما مُبينًا وَكَيف تأخذونه وَقد أفْضى بَعْضكُم إِلَى بعض وأخذن مِنْكُم ميثاقا غليظا} قَالَ تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا يحل لكم أَن ترثوا النِّسَاء كرها} أَي مكرهين على ذَلِك وَمعنى الْآيَة يَتَّضِح بِمَعْرِِفَة سَبَب نُزُولهَا وَهُوَ مَا أخرجه البُخَارِيّ وَغَيره عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانُوا إِذا مَاتَ الرجل كَانَ أولياؤه أَحَق بامرأته إِن شَاءَ بَعضهم تزَوجهَا وَإِن شاؤوا زوجوها وَإِن شاؤوا لم يزوجوها فهم أَحَق بهَا من أَهلهَا فَنزلت الْآيَة وَفِي لفظ لأبي دَاوُد عَنهُ كَانَ الرجل يَرث امْرَأَة ذَات قرَابَة فيعضلها حَتَّى تَمُوت أَو ترد إِلَيْهِ صَدَاقهَا وَفِي لفظ لِابْنِ جرير وَابْن أبي حَاتِم عَنهُ فَإِن كَانَت جميلَة تزَوجهَا وَإِن كَانَت دَمِيمَة حَبسهَا حَتَّى تَمُوت فيرثها وَقد رُوِيَ هَذَا السَّبَب

بِأَلْفَاظ فمعناها لَا يحل لكم أَو تأخذوهن بطرِيق الارث فتزعموا أَنكُمْ أَحَق بِهن من غَيْركُمْ وتحبسوهن لأنفسكم {لَا يحل لكم أَن ترثوا النِّسَاء كرها وَلَا تعضلوهن} عَن أَن يتزوجن غَيْركُمْ ضِرَارًا {لتذهبوا بِبَعْض مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} أَي لِتَأْخُذُوا ميراثهن إِذا متن أَو ليدفعن إِلَيْكُم صداقهن إِذا أذنتم لَهُنَّ فِي النِّكَاح وَقيل الْخطاب لِأَزْوَاج النِّسَاء إِذا حبسوهن مَعَ سوء الْعشْرَة طَمَعا فِي إرثهن أَو يفتدين بِبَعْض مهورهن وَاخْتَارَهُ ابْن عَطِيَّة وأصل العضل الْمَنْع أَي لَا تمنعوهن من الْأزْوَاج وَدَلِيل ذَلِك قَوْله {إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبينَة} فَإِنَّهَا إِذا أَتَت بِفَاحِشَة فَلَيْسَ للْوَلِيّ حَبسهَا حَتَّى يذهب بمالها إِجْمَاعًا من الْأمة وَإِنَّمَا ذَلِك للزَّوْج قَالَ الْحسن إِذا زنت الْبكر تجلد مائَة وتنفى وَيرد إِلَى زَوجهَا مَا أخذت مِنْهُ وَقَالَ أَبُو قلَابَة إِذا زنت امْرَأَة الرجل فَلَا بَأْس أَن يضارها ويشق عَلَيْهَا حَتَّى تَفْتَدِي مِنْهُ وَقَالَ السّديّ إِذا فعلن ذَلِك فَخُذُوا مهورهن وَقَالَ قوم الْفَاحِشَة الْبذاء بِاللِّسَانِ وَسُوء الْعشْرَة قولا وفعلا وَقَالَ مَالك وَجَمَاعَة من أهل الْعلم للزَّوْج أَن يَأْخُذ من الناشزه جَمِيع مَا تملك وَهَذَا كُله على أَن الْخطاب فِي قَوْله {وَلَا تعضلوهن} للأزواج وَقد عرفت فِي سَبَب النُّزُول أَن الْخطاب لمن خُوطِبَ بقوله {لَا يحل لكم} فَيكون الْمَعْنى إِن يَأْتِين بِفَاحِشَة جَازَ لكم حبسهن عَن الْأزْوَاج وَلَا يخفي مَا فِي هَذَا من التعسف مَعَ عدم جَوَاز حبس من أَتَت بِفَاحِشَة عَن أَن تتَزَوَّج وتستعف من الزِّنَى وكما أَن فِي جعل قَوْله {وَلَا تعضلوهن} خطابا للأولياء فِيهِ التعسف كَذَلِك جعل قَوْله {وَلَا يحل لكم} خطابا للأزواج فِيهِ تعسف ظَاهر مَعَ مُخَالفَته لسَبَب نزُول الْآيَة وَالْأولَى أَن يُقَال إِن الْخطاب فِي قَوْله {وَلَا يحل لكم} للْمُسلمين أَي لَا تَفعلُوا كَمَا كَانَت تَفْعَلهُ الْجَاهِلِيَّة وَلَا تحبسوهن عنْدكُمْ مَعَ عدم رغبتكم فِيهِنَّ بل لقصد أَن تذْهبُوا بِبَعْض مَا آتَيْتُمُوهُنَّ

من المهور يفتدين بِهِ من الْحَبْس والبقاء تحتكم وَفِي عقدتكم مَعَ كراهتكم لَهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبينَة جَازَ لكم مخالعتهن بِبَعْض مَا آتَيْتُمُوهُنَّ {وعاشروهن بِالْمَعْرُوفِ} خطاب للأزواج أَو أَعم وَذَلِكَ مُخْتَلف باخْتلَاف الْأزْوَاج فِي الْغنى والفقر والرفعة والضعة قَالَ السّديّ أَي خالطوهن وَقيل خالقوهن قَالَ عِكْرِمَة حَقّهَا عَلَيْك الصُّحْبَة الْحَسَنَة وَالْكِسْوَة والرزق بِالْمَعْرُوفِ {فَإِن كرهتموهن} بِسَبَب من الْأَسْبَاب من غير ارْتِكَاب فَاحِشَة وَلَا نشوز فَعَسَى أَن يؤول الْأَمر إِلَى مَا تحبونه من ذهَاب الْكَرَاهَة وتبدلها بالمحبة فَيكون فِي ذَلِك خير كثير من اسْتِدَامَة الصُّحْبَة وَحُصُول الْأَوْلَاد فَيكون الْجَزَاء على هَذَا محذوفا مدلولا عَلَيْهِ بعلته أَي فَإِن كرهتموهن فَاصْبِرُوا وَلَا تفارقوهن بِمُجَرَّد هَذِه النفرة {فَعَسَى أَن تكْرهُوا شَيْئا وَيجْعَل الله فِيهِ خيرا كثيرا} قَالَ ابْن عَبَّاس الْخَيْر الْكثير أَن يعْطف عَلَيْهَا فيرزق مِنْهَا ولدا وَيجْعَل الله فِي وَلَدهَا خيرا كثيرا وَعَن السّديّ نَحوه وَقَالَ مقَاتل يطلقهَا فتتزوج من بعده رجلا فَيجْعَل الله لَهُ مِنْهَا ولدا وَيجْعَل فِي تَزْوِيجهَا خيرا كثيرا وَعَن الْحسن نَحوه وَقيل فِي الْآيَة ندب إِلَى إمْسَاك الْمَرْأَة مَعَ الْكَرَاهَة لَهَا لِأَنَّهُ إِذا كره صحبتهَا وَتحمل ذَلِك الْمَكْرُوه طلبا للثَّواب وَأنْفق عَلَيْهَا وَأحسن صحبتهَا اسْتحق الثَّنَاء الْجَمِيل فِي الدُّنْيَا وَالثَّوَاب الجزيل فِي الْآخِرَة {وَإِن أردتم استبدال زوج مَكَان زوج} الْخطاب للرِّجَال وَالْمرَاد بِالزَّوْجِ الزَّوْجَة {وَآتَيْتُم إِحْدَاهُنَّ} وَهِي المرغوب عَنْهَا {قِنْطَارًا} أَي مَالا كثيرا وَفِي الْآيَة دَلِيل على جَوَاز المغالاة فِي المهور {فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئا} وَالْمرَاد هُنَا غير المختلعة قَالَ ابْن عَبَّاس إِن كرهت امْرَأَتك وَأَعْجَبَك غَيرهَا فَطلقت هَذِه وَتَزَوَّجت تِلْكَ فأعط هَذِه مهرهَا وَإِن كَانَ قِنْطَارًا فَائِدَة أخرج سعيد بن مَنْصُور وَأَبُو يعلى قَالَ السُّيُوطِيّ بِسَنَد

باب ما نزل في النهي عن نكاح نساء الآباء

جيد أَن عمر نهى النَّاس أَن يزِيدُوا النِّسَاء فِي صدقاتهن على أَرْبَعمِائَة دِرْهَم فاعترضت لَهُ امْرَأَة من قُرَيْش فَقَالَت أما سَمِعت مَا أنزل الله يَقُول {وَآتَيْتُم إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} فَقَالَ اللَّهُمَّ غفرا كل النَّاس أفقه من عمر فَركب الْمِنْبَر فَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس إِنِّي كنت نَهَيْتُكُمْ أَن تَزِيدُوا النِّسَاء فِي صدقاتهن على أَرْبَعمِائَة دِرْهَم فَمن شَاءَ أَن يُعْطي من مَاله مَا أحب قَالَ أَبُو يعلي وَأَظنهُ قَالَ فَمن طابت نَفسه فَلْيفْعَل قَالَ ابْن كثير إِسْنَاده جيد قوي وَقد رويت هَذِه الْقِصَّة بِأَلْفَاظ مُخْتَلفَة هَذَا أَحدهَا وَقيل الْمَعْنى لَو جعلتم ذَلِك الْقدر لَهُنَّ صَدَاقا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئا وَذَلِكَ أَن سوء الْعشْرَة إِمَّا أَن يكون من قبل الزَّوْج أَو من قبل الزَّوْجَة فَإِن كَانَ من قبل الزَّوْج وَأَرَادَ طَلَاق الْمَرْأَة فَلَا يحل لَهُ أَن يَأْخُذ شَيْئا من صَدَاقهَا وَإِن كَانَ النُّشُوز من قبل الْمَرْأَة جَازَ لَهُ ذَلِك {أتأخذونه بهتانا وإثما مُبينًا وَكَيف تأخذونه وَقد أفْضى بَعْضكُم إِلَى بعض} قَالَ الْهَرَوِيّ والكلبي هُوَ إِذا كَانَا فِي لِحَاف وَاحِد جَامع أَو لم يُجَامع وبنحوه قَالَ الْفراء وَقَالَ ابْن عَبَّاس وَاخْتَارَهُ الزّجاج هُوَ فِي هَذِه الْآيَة الْجِمَاع وَلَكِن الله يكنى بِهِ {وأخذن مِنْكُم ميثاقا غليظا} هُوَ عقد النِّكَاح وَقيل هُوَ الْإِمْسَاك والتسريح وَقيل هُوَ الْأَوْلَاد وَكَانَ ابْن عمر إِذا نكح قَالَ نكحتك على مَا أَمر الله بِهِ إمْسَاك بِمَعْرُوف أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان 41 - بَاب مَا نزل فِي النَّهْي عَن نِكَاح نسَاء الْآبَاء {وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح آباؤكم من النِّسَاء إِلَّا مَا قد سلف إِنَّه كَانَ فَاحِشَة ومقتا وساء سَبِيلا} قَالَ تَعَالَى {وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح آباؤكم من النِّسَاء} نهى عَمَّا كَانَت

عَلَيْهِ الْجَاهِلِيَّة من نِكَاح نسَاء آبَائِهِم وَالْمرَاد آباؤكم من نسب أَو رضَاع {إِلَّا مَا قد سلف} فِي الْجَاهِلِيَّة فَاجْتَنبُوهُ وَدعوهُ فَإِنَّهُ مغْفُور {إِنَّه كَانَ فَاحِشَة ومقتا} وَقد كَانَت الْجَاهِلِيَّة تسميه نِكَاح المقت وَهَذِه الْجُمْلَة دلّت على أَنه من أَشد الْمُحرمَات وأقبحها قَالَ ثَعْلَب سَأَلت ابْن الْأَعرَابِي عَن نِكَاح المقت فَقَالَ هُوَ أَن يتَزَوَّج رجل امْرَأَة أَبِيه إِذا طَلقهَا أَو مَاتَ عَنْهَا وَيُقَال لهَذَا الضيزن وَيُسمى الْوَلَد من امْرَأَة أَبِيه مقيتا وَكَانَ مِنْهُم الْأَشْعَث بن قيس وَأَبُو معيط وَعَن الْبَراء رَضِي الله عَنهُ قَالَ لقِيت خَالِي وَمَعَهُ الرَّايَة قلت أَيْن تُرِيدُ قَالَ بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى رجل تزوج امْرَأَة أَبِيه من بعده فَأمرنِي أَن اضْرِب عُنُقه وَآخذه مَاله رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه {وساء سَبِيلا} أَي ذَلِك النِّكَاح لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى مقت الله وَقيل مقولا فِي حَقه سَاءَ سَبِيلا فَإِن أَلْسِنَة الْأُمَم كَافَّة لم تزل ناطقة بذلك فِي الْأَمْصَار والأعصار قيل مَرَاتِب الْقبْح ثَلَاث وَقد وصف الله هَذَا النِّكَاح بِكُل ذَلِك فَقَوله فَاحِشَة مرتبَة قبحه الْعقلِيّ وَقَوله مقتا مرتبَة قبحه الشَّرْعِيّ وَقَوله سَاءَ سَبِيلا مرتبَة قبحه العادي وَمَا اجْتمعت فِيهِ هَذِه الْمَرَاتِب فقد بلغ أقْصَى مَرَاتِب الْقبْح أعاذنا الله مِنْهُ

باب ما نزل في النساء المحرمات على الرجال

42 - بَاب مَا نزل فِي النِّسَاء الْمُحرمَات على الرِّجَال {حرمت عَلَيْكُم أُمَّهَاتكُم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وَبَنَات الْأَخ وَبَنَات الْأُخْت وأمهاتكم اللَّاتِي أرضعنكم وأخواتكم من الرضَاعَة وَأُمَّهَات نِسَائِكُم وربائبكم اللَّاتِي فِي حجوركم من نِسَائِكُم اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهن فَإِن لم تَكُونُوا دَخَلْتُم بِهن فَلَا جنَاح عَلَيْكُم وحلائل أَبْنَائِكُم الَّذين من أصلابكم وَأَن تجمعُوا بَين الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قد سلف إِن الله كَانَ غَفُورًا رحِيما} قَالَ تَعَالَى {حرمت عَلَيْكُم أُمَّهَاتكُم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وَبَنَات الْأَخ وَبَنَات الْأُخْت وأمهاتكم اللَّاتِي أرضعنكم وأخواتكم من الرضَاعَة وَأُمَّهَات نِسَائِكُم وربائبكم اللَّاتِي فِي حجوركم من نِسَائِكُم اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهن فَإِن لم تَكُونُوا دَخَلْتُم بِهن فَلَا جنَاح عَلَيْكُم وحلائل أَبْنَائِكُم الَّذين من أصلابكم وَأَن تجمعُوا بَين الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قد سلف إِن الله كَانَ غَفُورًا رحِيما} بَين الله سُبْحَانَهُ فِي هَذِه الْآيَة مَا يحل وَمَا يحرم من النِّسَاء فَحرم سبعا من النّسَب وستا من الرَّضَاع والصهر وألحقت السّنة المتواترة تَحْرِيم الْجمع بَين الْمَرْأَة وعمتها وَبَين الْمَرْأَة وخالتها وَوَقع عَلَيْهِ الْإِجْمَاع والسبع الْمُحرمَات من النّسَب الْأُمَّهَات وَالْبَنَات وَالْأَخَوَات والعمات والخالات وَبَنَات الْأَخ وَبَنَات الْأُخْت والمحرمات بالصهر وَالرّضَاع الْأُمَّهَات من الرضَاعَة وَالْأَخَوَات من الرضَاعَة وَأُمَّهَات النِّسَاء والربائب وحلائل الْأَبْنَاء وَالْجمع بَين الْأُخْتَيْنِ فَهَؤُلَاءِ سِتّ وَالسَّابِعَة منكوحات الْآبَاء وَالثَّامِنَة الْجمع بَين الْمَرْأَة وعمتها قَالَ الطَّحَاوِيّ وكل هَذَا من الْمُحكم الْمُتَّفق عَلَيْهِ وَغير جَائِز نِكَاح

وَاحِدَة مِنْهُنَّ بِالْإِجْمَاع إِلَّا أُمَّهَات النِّسَاء اللواتي لم يدْخل بِهن أَزوَاجهنَّ قلت وَيدخل فِي لفظ الْأُمَّهَات أمهاتهن وجداتهن وَأم الْأَب وجداته وَإِن علون لِأَن كُلهنَّ أُمَّهَات لمن ولد من ولدنه وَإِن سفل وَيدخل فِي لفظ الْبَنَات بَنَات الْأَوْلَاد وَإِن سفلن وَالْأَخَوَات يصدقن على الْأُخْت لِأَبَوَيْنِ أَو لأَحَدهمَا والعمة إسم لكل أُنْثَى شاركت أَبَاك أَو جدك فِي أصليه أَو أَحدهمَا وَقد تكون الْعمة من جِهَة الْأُم وَهِي أُخْت أبي الْأُم وَالْحَالة اسْم لكل أُنْثَى شاركت أمك أَو جدتك فِي أصليها أَو أَحدهمَا وَقد تكون الْخَالَة من جِهَة الْأَب وَهِي أُخْت أم أَبِيك وَبنت الْأَخ إسم لكل أُنْثَى لأخيك عَلَيْهَا ولادَة بِوَاسِطَة ومباشرة وَإِن بَعدت وَكَذَلِكَ بنت الْأُخْت وَأُمَّهَات الرضَاعَة مُطلق مُقَيّد بِمَا ورد فِي السّنة من كَون الرَّضَاع فِي الْحَوْلَيْنِ إِلَّا فِي مثل قصَّة إِرْضَاع سَالم مولى أبي حُذَيْفَة وَظَاهر النّظم القرآني أَنه يثبت حكم الرَّضَاع بِمَا يصدق عَلَيْهِ الرَّضَاع لُغَة وَشرعا وَلكنه ورد تَقْيِيده بِخمْس رضاعات فِي أَحَادِيث صَحِيحَة عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة وَتَقْرِير ذَلِك وتحقيقه يطول جدا وَالْأُخْت من الرَّضَاع هِيَ الَّتِي أرضعتها أمك بلبان أَبِيك سَوَاء أرضعتها مَعَك أَو مَعَ من قبلك أَو بعْدك من الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات وَيلْحق بذلك

بِالسنةِ الْبَنَات مِنْهَا وَمن أرضعتهن موطوءته والعمات والخالات وَبَنَات الْأُخْت مِنْهَا لحَدِيث يحرم الرَّضَاع مَا يحرم من النّسَب رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَالْأُخْت من الْأُم هِيَ الَّتِي أرضعتها أمك بلبان رجل آخر وَأُمَّهَات النِّسَاء من نسب أَو رضَاع والربيبة بنت امْرَأَة الرجل من غَيره سميت بذلك لِأَنَّهُ يُرَبِّيهَا فِي حجره قَالَ الْقُرْطُبِيّ اتّفق الْفُقَهَاء على أَن الربيبة تحرم على زوج أمهَا إِذا دخل بِالْأُمِّ وَإِن لم تكن الربيبة فِي حجره وَاخْتلف أهل الْعلم فِي معنى الدُّخُول الْمُوجب لتَحْرِيم الربائب فَروِيَ عَن ابْن عَبَّاس وَغَيره أَنه الْجِمَاع وَقَالَ مَالك وَأَبُو حنيفَة إِذا لمس بِشَهْوَة حرمت عَلَيْهِ ابْنَتهَا وَالَّذِي يَنْبَغِي التعويل عَلَيْهِ فِي مثل هَذَا الْخلاف هُوَ النّظر فِي معنى الدُّخُول شرعا أَو لُغَة فَإِن كَانَ خَاصّا بِالْجِمَاعِ فَلَا وَجه لإلحاق غَيره بِهِ من لمس أَو نظر أَو غَيرهمَا وَإِن كَانَ مَعْنَاهُ أوسع من الْجِمَاع بِحَيْثُ يصدق على مَا حصل فِيهِ نوع استمتاع كَانَ منَاط التَّحْرِيم هُوَ ذَلِك وَحكم الربيبة فِي ملك الْيَمين هُوَ حكم الربيبة الْمَذْكُورَة وَأجْمع الْعلمَاء على تَحْرِيم مَا عقد عَلَيْهِ الْآبَاء على الْأَبْنَاء وَمَا عقد عَلَيْهِ الْأَبْنَاء على الْآبَاء سَوَاء كَانَ مَعَ العقد وَطْء أم لم يكن لعُمُوم هَذِه الْآيَة قَالَ ابْن الْمُنْذر أجمع كل من يحفظ عَنهُ الْعلم من عُلَمَاء الْأَمْصَار أَن الرجل إِذا وطىء امْرَأَة بِنِكَاح فَاسد تحرم على أَبِيه وإبنه وعَلى أجداده وَكَذَا إِذا اشْترى جَارِيَة فلمس أَو قبل حرمت على أَبِيه وإبنه وَلَا أعلمهم يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَأما زَوْجَة الابْن من الرَّضَاع فَذهب الْجُمْهُور إِلَى أَنَّهَا تحرم على أَبِيه وَقد قيل إِنَّه إِجْمَاع وَقد اخْتلف أهل الْعلم فِي وَطْء الزِّنَى هَل يَقْتَضِي التَّحْرِيم أم لَا فَقَالَ أَكثر أهل الْعلم إِذا أصَاب رجل امْرَأَة بزنى لم يحرم عَلَيْهِ نِكَاحهَا بذلك وَكَذَلِكَ لَا تحرم عَلَيْهِ امْرَأَته إِذا زنى بأمها وابنتها فحسبه أَن يُقَام عَلَيْهِ الْحَد وَكَذَلِكَ يجوز لَهُ عِنْدهم أَن يتَزَوَّج بِأم من زنى بهَا وبابنتها وَقَالَت طَائِفَة

إِن الزِّنَى يَقْتَضِي التَّحْرِيم وَقد أخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن رجل زنى بِامْرَأَة فَأَرَادَ أَن يَتَزَوَّجهَا أَو ابْنَتهَا فَقَالَ لَا يحرم الْحَرَام الْحَلَال وَاحْتج المحرمون بِقصَّة جريج فِي الصَّحِيح أَنه قَالَ يَا غُلَام من أَبوك فَقَالَ فلَان الرَّاعِي فنسب الابْن نَفسه إِلَى أَبِيه من الزِّنَى وَهَذَا احتجاج سَاقِط ثمَّ اخْتلفُوا فِي اللواط هَل يَقْتَضِي التَّحْرِيم أم لَا فَقَالَ الثَّوْريّ إِذا لَاطَ بِالصَّبِيِّ حرمت عَلَيْهِ أمه وَهُوَ قَول ضَعِيف وَالْجمع بَين الْأُخْتَيْنِ يَشْمَل الْجمع بِالنِّكَاحِ وَالْوَطْء بِملك الْيَمين وَذهب الْعلمَاء كَافَّة إِلَى أَنه لَا يجوز الْجمع بَين الْأُخْتَيْنِ بِملك الْيَمين فِي الْوَطْء بِالْملكِ وَجوزهُ الظَّاهِرِيَّة وَأَجْمعُوا على أَنه يجوز الْجمع بَينهمَا فِي الْملك فَقَط وَاخْتلفُوا فِي جَوَاز عقد النِّكَاح على أُخْت الْجَارِيَة الَّتِي تُوطأ بِملك الْيَمين فَمَنعه الْأَوْزَاعِيّ وَجوزهُ الشَّافِعِي وَهل التَّحْرِيم فِي قَوْله {حرمت عَلَيْكُم أُمَّهَاتكُم} تَحْرِيم العقد عَلَيْهِنَّ أَو تَحْرِيم الْوَطْء فِيهِ خلاف وإشكال وَلَا يَصح الْحمل على العقد وَالْوَطْء جَمِيعًا لِأَنَّهُ من بَاب الْجمع بَين الْحَقِيقَة وَالْمجَاز وَهُوَ مَمْنُوع أَو من بَاب الْجمع بَين معنيي الْمُشْتَرك وَفِيه الْخلاف الْمَعْرُوف فِي الْأُصُول فَتدبر

باب ما نزل في تحريم ذوات الأزواج

43 - بَاب مَا نزل فِي تَحْرِيم ذَوَات الْأزْوَاج {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم كتاب الله عَلَيْكُم وَأحل لكم مَا وَرَاء ذَلِكُم أَن تَبْتَغُوا بأموالكم محصنين غير مسافحين} قَالَ تَعَالَى {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء} عطف على مَا تقدم أَي وَحرمت عَلَيْكُم ذَوَات الْأزْوَاج {إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم} بِالسَّبْيِ من أَرض الْحَرْب فَإِن هَؤُلَاءِ حَلَال لكم وطؤهن وَإِن كَانَ لَهَا زوج فِي دَار الْحَرْب بعد الِاسْتِبْرَاء وَبِه قَالَ الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وَغَيرهم وَالْمعْنَى تحرم عَلَيْكُم المزوجات مسلمات كن أَو كافرات إِلَّا مَا ملكتموهن إِمَّا بسبي أَو بشرَاء {كتاب الله عَلَيْكُم} أَي فَرْضه فرضا {وَأحل لكم مَا وَرَاء ذَلِكُم} وَهَذَا عَام مَخْصُوص بِمَا صَحَّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من تَحْرِيم الْجمع بَين الْمَرْأَة وعمتها وَبَين الْمَرْأَة وخالتها وَمن ذَلِك نِكَاح الْمُعْتَدَّة وَمن ذَلِك أَن من كَانَ تَحْتَهُ حرَّة بِالنِّكَاحِ لَا يجوز لَهُ نِكَاح الْأمة وَمن ذَلِك أَن الْقَادِر على الْحرَّة لَا يجوز لَهُ نِكَاح الْأمة وَمن ذَلِك أَن من عِنْده أَربع زَوْجَات لَا يجوز لَهُ نِكَاح خَامِسَة وَمن ذَلِك الْمُلَاعنَة فَإِنَّهَا مُحرمَة على الْملَاعن أبدا {أَن تَبْتَغُوا بأموالكم} النِّسَاء اللَّاتِي أحلهن الله لكم وَلَا تَبْتَغُوا بهَا الْحَرَام وَالْمرَاد بالأموال هُنَا مَا يدفعونه فِي مُهُور الْحَرَائِر وأثمان الْإِمَاء {محصنين غير مسافحين} أَي متزوجين غير زانين والسفاح الزِّنَى

باب ما نزر في حل المتعة بالنساء وتحريمها وإيتاء الأجر لهن

44 - بَاب مَا نزر فِي حل الْمُتْعَة بِالنسَاء وتحريمها وإيتاء الْأجر لَهُنَّ {فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ فَرِيضَة وَلَا جنَاح عَلَيْكُم فِيمَا تراضيتم بِهِ من بعد الْفَرِيضَة} قَالَ تَعَالَى {فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ} قيل مَعْنَاهُ أَن الزَّوْج مَتى وَطئهَا فِي النِّكَاح الصَّحِيح وَلَو مرّة وَجب عَلَيْهِ مهرهَا الْمُسَمّى أَو مهر الْمثل وَقَالَ الْجُمْهُور المُرَاد نِكَاح الْمُتْعَة ينْكح وقتا مَعْلُوما ثمَّ يسرحها وَفِي صَحِيح مُسلم من حَدِيث سُبْرَة بن معبد الْجُهَنِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ يَوْم فتح مَكَّة يَا أَيهَا النَّاس إِنِّي قد كنت أَذِنت لكم فِي الإستمتاع من النِّسَاء وَإِن الله قد حرم ذَلِك إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَمن كَانَ عِنْده مِنْهُنَّ شَيْء فَلْيخل سَبيله وَلَا تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئا وَفِي لفظ لمُسلم أَن ذَلِك فِي حجَّة الْوَدَاع فَهَذَا هُوَ النَّاسِخ وَالْأَحَادِيث فِي تَحْرِيم الْمُتْعَة وتحليلها وَهل كَانَ نسخهَا مرَّتَيْنِ أَو مرّة مَذْكُورَة فِي كتب الحَدِيث {فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ} أَي مهورهن الَّتِي فرضتم لَهُنَّ {فَرِيضَة} أَي مَفْرُوضَة مُسَمَّاة {وَلَا جنَاح عَلَيْكُم} وَلَا عَلَيْهِنَّ {فِيمَا تراضيتم بِهِ} أَنْتُم وَهن {من بعد الْفَرِيضَة} أَي من زِيَادَة ونقصان فِي الْمهْر فَإِن ذَلِك سَائِغ عِنْد التَّرَاضِي هَذَا عِنْد من قَالَ إِن الْآيَة فِي النِّكَاح الشَّرْعِيّ وَأما عِنْد الْجُمْهُور الْقَائِلين بِأَنَّهَا فِي الْمُتْعَة فَالْمَعْنى التَّرَاضِي فِي زِيَادَة هَذِه الْمُتْعَة أَو نقصانها أَو زِيَادَة مَا دَفعه إِلَيْهَا فِي مُقَابلَة الِاسْتِمْتَاع بهَا أَو نقصانه وَقيل مَا تراضيتم بِهِ

باب ما نزل في نكاح المملوكات وحدهن إذا أتين بفاحشة

من الْإِبْرَاء من الْمهْر والافتداء والاعتياض وَقَالَ الزّجاج مَعْنَاهُ لَا جنَاح عَلَيْكُم أَن تهب الْمَرْأَة للزَّوْج مهرهَا وَأَن يهب الرجل للْمَرْأَة الَّتِي لم يدْخل بهَا نصف الْمهْر الَّذِي لَا يجب عَلَيْهِ 45 - بَاب مَا نزل فِي نِكَاح المملوكات وحدهن إِذا أتين بِفَاحِشَة {وَمن لم يسْتَطع مِنْكُم طولا أَن ينْكح الْمُحْصنَات الْمُؤْمِنَات فَمن مَا ملكت أَيْمَانكُم من فَتَيَاتكُم الْمُؤْمِنَات وَالله أعلم بإيمانكم بَعْضكُم من بعض فانكحوهن بِإِذن أهلهن وآتوهن أُجُورهنَّ بِالْمَعْرُوفِ محصنات غير مسافحات وَلَا متخذات أخدان فَإِذا أحصن فَإِن أتين بِفَاحِشَة فعليهن نصف مَا على الْمُحْصنَات من الْعَذَاب ذَلِك لمن خشِي الْعَنَت مِنْكُم وَأَن تصبروا خير لكم} قَالَ تَعَالَى {وَمن لم يسْتَطع مِنْكُم طولا} أَي غنى وسعة وَهُوَ كِنَايَة عَمَّا يصرف فِي الْمهْر وَالنَّفقَة وَقَالَ مَالك الطول الْمَرْأَة الْحرَّة {أَن ينْكح الْمُحْصنَات الْمُؤْمِنَات} أَي الْحَرَائِر {فَمن مَا ملكت أَيْمَانكُم} أَي جَارِيَة أَخِيك الْمُؤمن فَلَا يحل للْفَقِير أَن يتَزَوَّج بالمملوكة للْغَيْر إِلَّا إِذا كَانَ يخْشَى على نَفسه الْعَنَت كَمَا فِي آخر الْآيَة وَأما أمة الْإِنْسَان نَفسه فقد وَقع الْإِجْمَاع على أَنه لَا يجوز لَهُ أَن يَتَزَوَّجهَا وَهِي تَحت ملكه لتعارض الْحُقُوق واختلافها {من فَتَيَاتكُم الْمُؤْمِنَات} اسْتدلَّ بِهِ على أَنه لَا يجوز نِكَاح الْأمة الْكِتَابِيَّة وَبِه قَالَ أهل الْحجاز وَجوزهُ أهل الْعرَاق والفتاة هِيَ الشَّابَّة الْمَمْلُوكَة وَفِي الحَدِيث الصَّحِيح لَا يَقُولَن أحدكُم عَبدِي وَأمتِي وَلَكِن ليقل فَتَاي وَفَتَاتِي

{وَالله أعلم بإيمانكم} أَي كلكُمْ بَنو آدم وأكرمكم عِنْد الله أَتْقَاكُم فَلَا تستنكفوا من الزواج بالإماء عِنْد الضَّرُورَة فَرُبمَا كَانَ إِيمَان بعض الْإِمَاء أفضل من إِيمَان الْحَرَائِر {بَعْضكُم من} جنس {بعض} لأَنهم جَمِيعًا بَنو آدم فهم متصلون بالأنساب لأَنهم جَمِيعًا أهل مِلَّة وَاحِدَة وكتابهم وَاحِد ونبيهم وَاحِد ومتصلون بِالدّينِ {فانكحوهن بِإِذن أهلهن} أَي بِإِذن المالكين لَهُنَّ ومواليهن لِأَن منافعهن لَهُم لَا يجوز لغَيرهم أَن ينْتَفع بِشَيْء مِنْهَا إِلَّا بِإِذن من هِيَ لَهُ وَاتفقَ أهل الْعلم على أَن نِكَاح الْأمة بِغَيْر إِذن سَيِّدهَا بَاطِل لِأَن الله تَعَالَى جعل إِذن السَّيِّد شرطا فِي جَوَاز نِكَاح الْأمة {وآتوهن أُجُورهنَّ بِالْمَعْرُوفِ} أَي أَدّوا إلَيْهِنَّ مهورهن بِمَا هُوَ الْمَعْرُوف فِي الشَّرْع من غير مطل وَلَا نقص وَلَا ضرار وَقيل مُهُور أمثالهن وَقد اسْتدلَّ بِهَذَا من قَالَ إِن الْأمة أَحَق من سَيِّدهَا وَإِلَيْهِ ذهب مَالك وَذهب الْجُمْهُور إِلَى أَن الْمهْر للسَّيِّد وَإِنَّمَا أضافها إلَيْهِنَّ لِأَن التأدية إلَيْهِنَّ إِلَى سيدهن لكونهن مَاله وَالَّذِي يتَرَجَّح هُوَ الأول لكَونه ظَاهر النّظم القرآني وَالله أعلم {محصنات} عفائف {غير مسافحات} زانيات جَهرا وَهَذَا الشَّرْط على سَبِيل النّدب بِنَاء على الْمَشْهُور من جَوَاز نِكَاح الزواني وَلَو كن إِمَاء قَالَه الْخَطِيب {وَلَا متخذات أخدان} أخلاء يزنون بِهن سرا وَكَانَت الْعَرَب تعيب الإعلان بالزنى وَلَا تعيب إتخاذ الأخدان ثمَّ رفع الْإِسْلَام جَمِيع ذَلِك فَقَالَ الله تَعَالَى {وَلَا تقربُوا الْفَوَاحِش مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن} فَإِذا أحصن فَإِن أتين بِفَاحِشَة فعليهن نصف مَا على الْمُحْصنَات من المُرَاد بالإحصان هُنَا الْإِسْلَام وَبِه قَالَ الْجُمْهُور وَقيل التَّزْوِيج فعلى الأول لَا حد على الْأمة الْكَافِرَة وعَلى الثَّانِي لَا حد على الْأمة الَّتِي لم تتَزَوَّج وَقَالَ قوم هُوَ التَّزَوُّج وَلَكِن الْحَد وَاجِب على الْمسلمَة إِذا زنت قبل أَن تتَزَوَّج بِالسنةِ وَقَالَ ابْن عبد الْبر جَاءَت السّنة بجلدها وَإِن لم تحصن وَكَانَ ذَلِك

باب ما نزل في كون الرجال قوامين على النساء ومدح الصالحات منهن

زِيَادَة بَيَان وَالْمرَاد بِالْعَذَابِ هُنَا الْجلد وَإِنَّمَا نقص حد الْإِمَاء عَن حد الْحَرَائِر لِأَنَّهُنَّ أَضْعَف وَلم يذكر الله فِي هَذِه الْآيَة العبيد وهم لاحقون بالإماء بطرِيق الْقيَاس وَكَذَلِكَ يكون عَلَيْهِم وعليهن نصف الْحَد فِي الْقَذْف وَالشرب {ذَلِك} أَي نِكَاح المملوكات عِنْد عدم الطول {لمن خشِي الْعَنَت} أَي الْوُقُوع فِي الْإِثْم وَقيل الزِّنَى وَأُرِيد بِهِ هُنَا مَا يجر إِلَيْهِ الزِّنَى من الْعقَاب الدنيوي والأخروي وَبِالْجُمْلَةِ فقد أَبَاحَ الله نِكَاح الْأمة بِثَلَاثَة شُرُوط عدم الْقُدْرَة على نِكَاح الْحرَّة وَخَوف الْعَنَت وَكَون الْأمة مُؤمنَة {مِنْكُم} بِخِلَاف من لَا يخافه من الْأَحْرَار فَلَا يحل لَهُ نِكَاحهَا وَكَذَا من اسْتَطَاعَ طول حرَّة وَعَلِيهِ الشَّافِعِي وَكَذَلِكَ مَالك وَأحمد {وَإِن تصبروا} عَن نِكَاح الْإِمَاء {خير لكم} من نِكَاحهنَّ لِأَن نِكَاحهنَّ يُفْضِي إِلَى إرقاق الْوَلَد والغض من النَّفس 46 - بَاب مَا نزل فِي كَون الرِّجَال قوامين على النِّسَاء ومدح الصَّالِحَات مِنْهُنَّ {الرِّجَال قوامون على النِّسَاء بِمَا فضل الله بَعضهم على بعض وَبِمَا أَنْفقُوا من أَمْوَالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بِمَا حفظ الله} قَالَ تَعَالَى {الرِّجَال قوامون على النِّسَاء} قَالَ ابْن عَبَّاس أمروا عَلَيْهِنَّ فعلى الْمَرْأَة أَن تطيع زَوجهَا فِي طَاعَة الله {بِمَا فضل الله بَعضهم على بعض} من كَونهم فيهم الْأَنْبِيَاء وَالْخُلَفَاء والسلاطين والحكام وَالْأَئِمَّة والغزاة وَزِيَادَة الْعقل وَالدّين وَالشَّهَادَة وَالْجمع وَالْجَمَاعَات وَلِأَن الرجل يتَزَوَّج بِأَرْبَع نسْوَة وَلَا يجوز للْمَرْأَة غير زوج وَاحِد وَزِيَادَة النَّصِيب والتعصيب فِي الْمِيرَاث

باب ما نزل في علاج الناشزة

وَبِيَدِهِ الطَّلَاق وَالنِّكَاح وَالرَّجْعَة وَإِلَيْهِ الإنتساب وَغير ذَلِك من الْأُمُور فَكل هَذَا يدل على فضل الرِّجَال على النِّسَاء {وَبِمَا أَنْفقُوا من أَمْوَالهم} فِي مهورهن وَفِي الْجِهَاد وَالْعقل وَالدية والأرث وَالْكِتَابَة وَقد اسْتدلَّ جمَاعَة من الْعلمَاء بِهَذِهِ الْآيَة على جَوَاز فسخ النِّكَاح إِذا عجز الزَّوْج عَن نَفَقَة زَوجته وكسوتها وَبِه قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَغَيرهمَا {فالصالحات} أَي المحسنات العاملات بِالْخَيرِ من النِّسَاء {قانتات} أَي معطيات لله قائمات بِمَا يجب عَلَيْهِنَّ من حُقُوق أَزوَاجهنَّ {حافظات للغيب} أَي عِنْد غيبَة أَزوَاجهنَّ عَنْهُن من حفظ نفوسهن وفروجهن وَحفظ أموالهن {بِمَا حفظ الله} أَي بِحِفْظ الله إياهن ومعونته وتسديده أَو حافظات لَهُ بِمَا استحفظن من أَدَاء الْأَمَانَة إِلَى أَزوَاجهنَّ على الْوَجْه الَّذِي أَمر الله بِهِ أَو حافظات لَهُ بِحِفْظ الله لَهُنَّ بِمَا أوصى بِهِ الْأزْوَاج فِي شأنهن من حسن الْعشْرَة وَقَالَ السّديّ تحفظ على زَوجهَا مَاله وفرجها حَتَّى يرجع كَمَا أَمر الله تَعَالَى 47 - بَاب مَا نزل فِي علاج النَّاشِزَة {واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن فِي الْمضَاجِع واضربوهن فَإِن أطعنكم فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا إِن الله كَانَ عليا كَبِيرا} قَالَ تَعَالَى {واللاتي تخافون نشوزهن} هَذَا خطاب للأزواج والنشوز الْعِصْيَان ودلالته قد تكون بالْقَوْل وَالْفِعْل بِأَن رفعت صَوتهَا عَلَيْهِ أَو لم تجبه إِذا دَعَاهَا وَلم تبادر إِلَى أمره إِذا أمرهَا أَو لَا تخضع لَهُ إِذا خاطبها أَو لَا تقوم لَهُ إِذا دخل عَلَيْهَا

{فعظوهن} أَي ذكروهن بِمَا أوجب الله عَلَيْهِنَّ من الطَّاعَة وَحسن المعاشرة ورغبوهن إِذا ظهر مِنْهُنَّ أَمَارَات النُّشُوز وَهُوَ أَن يَقُول لَهَا اتقِي الله وخافيه فَإِن لي عَلَيْك حَقًا وارجعي عَمَّا أَنْت عَلَيْهِ واعلمي أَن طَاعَتي فرض عَلَيْك وَنَحْو ذَلِك فَإِن أصرت على ذَلِك هجرها فِي المضجع كَمَا قَالَ تَعَالَى {واهجروهن فِي الْمضَاجِع} يُقَال هِجْرَة أَي تبَاعد مِنْهُ والمضجع هُوَ مَحل الِاضْطِجَاع أَي لَا تدخلوهن تَحت مَا تجعلونه عَلَيْكُم حَال الضجعة من الثِّيَاب وَقيل هُوَ أَن يوليها ظَهره عِنْد الضجعة فِي الْفراش وَقيل هُوَ كِنَايَة عَن ترك جِمَاعهَا وَقيل لَا يبيت مَعهَا فِي الْبَيْت الَّذِي يضطجع فِيهِ قَالَ حَمَّاد يَعْنِي النِّكَاح أخرجه أَبُو دَاوُد {واضربوهن} إِن لم ينزعن بالهجران ضربا غير مبرح وَلَا شائن وَظَاهر النّظم القرآني أَنه يجوز للزَّوْج أَن يفعل جَمِيع هَذِه الْأُمُور عِنْد مَخَافَة النُّشُوز وَقيل حكم الْآيَة مَشْرُوع على التَّرْتِيب وَإِن دلّ ظَاهر الْعَطف بِالْوَاو على الْجمع لِأَن التَّرْتِيب مُسْتَفَاد من قرينَة الْمقَام وسوق الْكَلَام للرفق فِي إصلاحهن وإدخالهن تَحت الطَّاعَة فالأمور الثَّلَاثَة مرتبَة لِأَنَّهَا لدفع الضَّرَر كدفع الصَّائِل فَاعْتبر فِيهَا الأخف فالأخف وَقيل إِنَّه لَا يهجرها إِلَّا بعد عدم تَأْثِير الْوَعْظ فَإِن أثر الْوَعْظ لم ينْتَقل إِلَى الهجر وَإِن كَفاهُ الهجر لم ينْتَقل إِلَى الضَّرْب قيل هُوَ أَن يضْربهَا بِالسِّوَاكِ وَنَحْوه قَالَ الشَّافِعِي الضَّرْب مُبَاح وَتَركه أفضل

وَفِي حَاشِيَة الْجمل على الجلالين إِن كلا من الهجر وَالضَّرْب مُقَيّد بِعلم النُّشُوز وَلَا يجوز بِمُجَرَّد الظَّن {فَإِن أطعنكم} كَمَا يجب وقمن بِوَاجِب حقكم وتركن النُّشُوز {فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا} أَي لَا تتعرضوا لَهُنَّ بِشَيْء مِمَّا يكْرهُونَ لَا بقول وَلَا بِفعل وَقيل الْمَعْنى لَا تكلفوهن الْحبّ لكم فَإِنَّهُ لَا يدْخل تَحت اختيارهن {إِن الله كَانَ عليا كَبِيرا} إِشَارَة إِلَى الْأزْوَاج بخفض الْجنَاح ولين الْجَانِب أَي وَإِن كُنْتُم تقدرون عَلَيْهِنَّ فاذكروا قدرَة الله عَلَيْكُم فَإِنَّهَا فَوق كل قدرَة وَهُوَ بالمرصاد لكم قَالَ ابْن عَبَّاس يضْربهَا ضربا غير مبرح وَلَا يكسر لَهَا عظما وَلَا يجرح بهَا جرحا وَعنهُ قَالَ يهجرها بِلِسَانِهِ ويغلظ لَهَا بالْقَوْل وَلَا يدع الْجِمَاع وَعَن عَمْرو بن الْأَحْوَص أَنه شهد خطْبَة الْوَدَاع مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ فِيهَا أَلا وَاسْتَوْصُوا بِالنسَاء خيرا فَإِنَّمَا هن عوار عنْدكُمْ لَيْسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئا غير ذَلِك إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبينَة فَإِن فعلن فاهجروهن فِي الْمضَاجِع واضربوهن ضربا غير مبرح فَإِن أطعنكم فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا أخرجه التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَعَن عبد الله بن زَمعَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أيضرب أحدكُم امْرَأَته كَمَا يضْرب العَبْد ثمَّ يُجَامِعهَا فِي آخر الْيَوْم أخرجه الشَّيْخَانِ وَفِي هَذَا دَلِيل على أَن الأولى ترك الضَّرْب للنِّسَاء فَإِن احْتَاجَ فَلَا يوالي بِالضَّرْبِ على مَوضِع وَاحِد من بدنهَا وليتق الْوَجْه لِأَنَّهُ مجمع المحاسن وَلَا يبلغ بِالضَّرْبِ عشرَة أسواط وَقيل يَنْبَغِي أَن يكون الضَّرْب بالمنديل وَالْيَد

باب ما نزل في بعث الحكم للإصلاح بينهن

وَلَا يضْرب بِالسَّوْطِ والعصا وَبِالْجُمْلَةِ فالتخفيف بأبلغ شَيْء أولى فِي هَذَا الْبَاب وَعَن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يسْأَل الرجل فيمَ ضرب امْرَأَته أخرجه أَبُو دَاوُد 48 - بَاب مَا نزل فِي بعث الحكم للإصلاح بَينهُنَّ {وَإِن خِفْتُمْ شقَاق بَينهمَا فَابْعَثُوا حكما من أَهله وَحكما من أَهلهَا إِن يريدا إصلاحا يوفق الله بَينهمَا إِن الله كَانَ عليما خَبِيرا} قَالَ تَعَالَى {وَإِن خِفْتُمْ شقَاق بَينهمَا} الْخطاب لِلْأُمَرَاءِ والحكام وَالضَّمِير للزوجين {فَابْعَثُوا} إِلَى الزَّوْجَيْنِ برضاهما خطاب للْإِمَام أَو لنائبه أَو لكل أحد من صالحي الْأمة أَو للزوجين {حكما} رجلا عدلا {من أَهله} أَقَاربه {وَحكما من أَهلهَا} فَإِذا لم يُوجد الحكمان مِنْهُم كَانَا من غَيرهم وَهَذَا إِذا أشكل أَمرهمَا وَلم يتَبَيَّن من هُوَ الْمُسِيء مِنْهُمَا فَأَما إِذا عرف الْمُسِيء فَإِنَّهُ يُؤْخَذ لصَاحبه الْحق مِنْهُ والبعث وَاجِب وَكَون الْحكمَيْنِ من أهلهما مَنْدُوب {إِن يريدا إصلاحا} أَي الحكمان وَقيل الزَّوْجَانِ وَالْأول أولى أَي على الْحكمَيْنِ أَن يسعيا فِي إصْلَاح ذَات الْبَين جهدهما فَإِن قدرا على ذَلِك عملا عَلَيْهِ وَإِن أعياهما إصْلَاح حَالهمَا ورأيا التَّفَرُّق بَينهمَا جَازَ لَهما ذَلِك من دون أَمر من الْحَاكِم فِي الْبَلَد وَلَا تَوْكِيل بالفرقة من الزَّوْجَيْنِ

وَعَن مَالك بلغه أَن عليا رَضِي الله عَنهُ قَالَ إِن إِلَيْهِمَا الْفرْقَة والاجتماع وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَحَكَاهُ ابْن كثير عَن الْجُمْهُور قَالُوا لِأَن الله تعال قَالَ {فَابْعَثُوا حكما من أَهله وَحكما من أَهلهَا} وَهَذَا نَص من الله سُبْحَانَهُ أَنَّهُمَا قاضيان لَا وكيلان وَلَا شَاهِدَانِ وَقَالَ أهل الْكُوفَة إِن التَّفْرِيق هُوَ إِلَى الإِمَام أَو الْحَاكِم فِي الْبَلَد لَا إِلَيْهِمَا مَا لم يوكلهما الزَّوْجَانِ أَو يأمرهما الإِمَام وَالْحَاكِم لِأَنَّهُمَا رسولان شَاهِدَانِ فَلَيْسَ إِلَيْهِمَا التَّفْرِيق ويرشد إِلَى هَذَا قَوْله {إِن يريدا} أَي الحكمان {إصلاحا يوفق الله بَينهمَا} لاقتصاره على ذكر الْإِصْلَاح دون التَّفْرِيق وَالْمعْنَى يُوقع الله الألفة والموافقة بَين الزَّوْجَيْنِ حَتَّى يعودا إِلَى الألفة وَحسن المعاشرة وَمعنى الْإِرَادَة خلوص نِيَّتهَا لصلاح الْحَالين بَين الزَّوْجَيْنِ وَقيل الضَّمِير فِي قَوْله بَينهمَا لِلْحكمَيْنِ أَي يوفق الله بَينهمَا فِي اتِّحَاد كلمتهما وَحُصُول مقصودهما وَقيل كلا الضميرين للزوجين أَي إِن يريدا إصْلَاح مَا بَينهمَا من الشقاق أوقع الله بِهِ بَينهمَا الألفة والوفاق وَإِذا اخْتلف الحكمان لم ينفذ حكمهمَا وَلَا يلْزم قبُول قَوْلهمَا بِلَا خلاف وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ بعثت أَنا وَمُعَاوِيَة حكمين فَقيل لنا إِن رَأَيْتُمَا أَن تجمعَا جَمعْتُمَا وَإِن رَأَيْتُمَا أَن تفَرقا فَرَّقْتُمَا وَالَّذِي بعثهما عُثْمَان {إِن الله كَانَ عليما خَبِيرا} يعلم كَيفَ يوفق بَين الْمُخْتَلِفين وَيجمع بَين المتفرقين وَفِيه وَعِيد شَدِيد للزوجين والحكمين إِن سلكوا غير طَرِيق الْحق

باب ما نزل في عظم حق الوالدين والإحسان إليهما وإلى المملوكات

49 - بَاب مَا نزل فِي عظم حق الْوَالِدين وَالْإِحْسَان إِلَيْهِمَا وَإِلَى المملوكات {وبالوالدين إحسانا} {وَمَا ملكت أَيْمَانكُم} قَالَ تَعَالَى {وبالوالدين إحسانا} أَي برا ولين جَانب وَقد دلّ ذكره بعد الْأَمر بِعبَادة الله وَالنَّهْي عَن الْإِشْرَاك بِهِ على عظم حَقّهمَا وَمثله {أَن اشكر لي ولوالديك} فَأمر سُبْحَانَهُ بِأَن يشكرا مَعَه وَهُوَ أَن يقوم بخدمتهما وَلَا يرفع صَوته عَلَيْهِمَا وَيسْعَى فِي تَحْصِيل مرادهما والإنفاق عَلَيْهِمَا بِقدر الْقُدْرَة وَقد وَردت أَحَادِيث كَثِيرَة فِي حقوقهما وَهِي مَعْرُوفَة إِلَى قَوْله {وَمَا ملكت أَيْمَانكُم} أَي أَحْسنُوا إِلَى الأرقاء وهم العبيد وَالْإِمَاء وَقيل أَعم فَيشْمَل الْحَيَوَانَات وَعَن عَليّ كرم الله وَجهه قَالَ كَانَ آخر كَلَام رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاتَّقوا الله فِيمَا ملكت أَيْمَانكُم 50 - بَاب مَا نزل فِي التَّيَمُّم من لمس النِّسَاء وَكَونه ضَرْبَة وَاحِدَة من التُّرَاب {أَو لامستم النِّسَاء فَلم تَجدوا مَاء فَتَيَمَّمُوا صَعِيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وَأَيْدِيكُمْ} قَالَ تَعَالَى {أَو لامستم النِّسَاء} وقريء لمستم وَالْمرَاد الْجِمَاع وَقيل مُطلق الْمُبَاشرَة وَقيل يجمع الْأَمريْنِ جَمِيعًا وَقيل معنى لامستم قبلتم ولمستم غشيتم قَالَت فرقة الْمُلَامسَة هُنَا مُخْتَصَّة بِالْيَدِ دون الْجِمَاع قَالُوا وَالْجنب لَا يتَيَمَّم بل يغْتَسل ويدع الصَّلَاة حَتَّى يجد المَاء وَالْأَحَادِيث الصَّحِيحَة

تَدْفَعهُ وتبطله كَحَدِيث عمار وَعمْرَان وَأبي ذَر فِي تيَمّم الْجنب قَالَت طَائِفَة هُوَ الْجِمَاع وَقَالَ مَالك الملامس بِالْجِمَاعِ يتَيَمَّم وَالْآيَة ظَاهِرَة فِي الْجِمَاع وَثبتت السّنة الصَّحِيحَة بِوُجُوب التَّيَمُّم على من أجنب وَلم يجد المَاء فَكَانَ الْجنب دَاخِلا فِي هَذَا الحكم بِهَذَا الدَّلِيل وعَلى فرض عدم دُخُوله فَالسنة تَكْفِي فِي ذَلِك {فَلم تَجدوا مَاء} تتطهرون بِهِ للصَّلَاة هَذَا الْقَيْد رَاجع إِلَى جمع مَا تقدم من الْمَرَض وَالسّفر والمجيء من الْغَائِط وملامسة النِّسَاء وَقيل رَاجع إِلَى الْأَخيرينِ وعَلى كل صُورَة لَا تَخْلُو الْآيَة عَن الْإِشْكَال وَالظَّاهِر أَن الْمَرَض بِمُجَرَّدِهِ مسوغ للتيمم وَإِن كَانَ المَاء مَوْجُودا إِذْ كَانَ يتَضَرَّر بِاسْتِعْمَالِهِ فِي الْحَال أَو فِي المَال وَلَا تعْتَبر خشيَة التّلف {فَتَيَمَّمُوا} التَّيَمُّم الْقَصْد ثمَّ كثر اسْتِعْمَال هَذِه الْكَلِمَة فِي مسح الْيَدَيْنِ وَالْوَجْه بِالتُّرَابِ وَظَاهر الْأَمر الْوُجُوب وَهُوَ مجمع عَلَيْهِ وَالْأَحَادِيث فِي تفاصيل التَّيَمُّم وَصِفَاته مبينَة فِي السّنة المطهرة {صَعِيدا طيبا} الصَّعِيد وَجه الأَرْض سَوَاء كَانَ عَلَيْهِ تُرَاب أم لم يكن وَقَالَت طَائِفَة التُّرَاب وَالثَّانِي أولى {فامسحوا بوجوهكم وَأَيْدِيكُمْ} يتَنَاوَل الْمسْح بضربة أَو ضربتين وَإِلَى كل ذهبت طَائِفَة وَالْأول أرجح وبينته السّنة بَيَانا شافيا وَالْحَاصِل أَن أَحَادِيث الضربتين لَا يَخْلُو جَمِيع طرقها من مقَال وَلَو صحت لَكَانَ الْأَخْذ بهَا مُتَعَيّنا لما فِيهَا من الزِّيَادَة فَالْحق الْوُقُوف على ماثبت فِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث عمار من الِاقْتِصَار على ضَرْبَة وَاحِدَة حَتَّى تصح الزِّيَادَة على ذَلِك الْمِقْدَار

باب ما نزل في الجهاد منهم وهن مستضعفات

51 - بَاب مَا نزل فِي الْجِهَاد مِنْهُم وَهن مستضعفات {وَمَا لكم لَا تقاتلون فِي سَبِيل الله وَالْمُسْتَضْعَفِينَ من الرِّجَال وَالنِّسَاء والولدان} قَالَ تَعَالَى {وَمَا لكم لَا تقاتلون فِي سَبِيل الله} خطاب للْمُؤْمِنين المأمورين بِالْقِتَالِ {وَالْمُسْتَضْعَفِينَ من الرِّجَال وَالنِّسَاء والولدان} حَتَّى تخلصوهم من الْأسر وتريحوهم مِمَّا هم فِيهِ من الْجهد وَفِيه دَلِيل على أَن الْجِهَاد وَاجِب وَلَا عذر لكم فِي تَركه وَقد بلغ حَال الْمُسْتَضْعَفِينَ مَا بلغ من الضعْف والأذى قَالَ ابْن عَبَّاس أَنا وَأمي من الْمُسْتَضْعَفِينَ رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَلَا يبعد أَن يُقَال إِن لفظ الْآيَة أوسع من هَذَا 52 - بَاب مَا نزل فِي كَفَّارَة قتل الْخَطَأ بِرَقَبَة مُؤمنَة {وَمن قتل مُؤمنا خطأ فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة} قَالَ تَعَالَى {وَمن قتل مُؤمنا خطأ فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة} أَي فَعَلَيهِ عتق نسمَة كَفَّارَة عَن قتل الْخَطَأ قيل هِيَ الَّتِي صلت وعقلت الْإِيمَان فَلَا تجزيء الصَّغِيرَة المولودة بَين الْمُسلمين وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ يجزيء كل من حكم لَهُ بِوُجُوب الصَّلَاة عَلَيْهِ إِن مَاتَ وَعَن أبي هُرَيْرَة أَن رجلا أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِجَارِيَة سَوْدَاء فَقَالَ يَا رَسُول الله أَن عَليّ عتق رَقَبَة مُؤمنَة فَقَالَ لَهَا أَيْن الله فَأَشَارَتْ إِلَى السَّمَاء بأصبعها

باب ما نزل في استضعاف النساء من الهجرة

فَقَالَ لَهَا فَمن أَنا فَأَشَارَتْ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِلَى السَّمَاء أَي أَنْت رَسُول الله فَقَالَ أعْتقهَا فَإِنَّهَا مُؤمنَة رَوَاهُ عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ وَقد رُوِيَ من طرق وَهُوَ فِي صَحِيح مُسلم من حَدِيث مُعَاوِيَة السّلمِيّ 53 - بَاب مَا نزل فِي استضعاف النِّسَاء من الْهِجْرَة {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ من الرِّجَال وَالنِّسَاء والولدان لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَة وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلا} قَالَ تَعَالَى {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ من الرِّجَال وَالنِّسَاء والولدان لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَة وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلا} وَردت هَذِه الْآيَة فِي شَأْن الْهِجْرَة ودلت على أَن من لم يتَمَكَّن من إِقَامَة دينه فِي بلد كَمَا يجب بِأَيّ سَبَب كَانَ وَعلم أَنه يتَمَكَّن من إِقَامَته فِي غَيره حقت عَلَيْهِ المهاجرة وَفِي الْبَاب أَحَادِيث قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنا وَأمي مِمَّن عذر الله تَعَالَى أَنا من الْولدَان وَأمي من النِّسَاء 54 - بَاب مَا نزل فِي دُعَاء الْإِنَاث من دون الله {إِن يدعونَ من دونه إِلَّا إِنَاثًا} قَالَ تَعَالَى {إِن يدعونَ من دونه إِلَّا إِنَاثًا} أَي أصناما لَهَا أَسمَاء مؤنثه كاللات والعزى والمناة وَقيل المُرَاد بالإناث الْأَمْوَات الَّتِي لَا روح لَهَا كالخشبة وَالْحجر وَقيل الْمَلَائِكَة لقَولهم هم بَنَات الله قَالَ الضَّحَّاك

باب ما نزل في بشارة الإناث بالجنة عند العمل الصالح

اتخذوهن أَرْبَابًا وصورهن صور الْجَوَارِي فحلوا وقلدوا وَقَالُوا هَؤُلَاءِ يشبهن بَنَات الَّذِي نعبده يعنون الْمَلَائِكَة 55 - بَاب مَا نزل فِي بِشَارَة الْإِنَاث بِالْجنَّةِ عِنْد الْعَمَل الصَّالح {وَمن يعْمل من الصَّالِحَات من ذكر أَو أُنْثَى وَهُوَ مُؤمن فَأُولَئِك يدْخلُونَ الْجنَّة وَلَا يظْلمُونَ نقيرا} قَالَ تَعَالَى {وَمن يعْمل من الصَّالِحَات من ذكر أَو أُنْثَى وَهُوَ مُؤمن} فِيهِ إِشَارَة إِلَى أَن الْأَعْمَال لَيست من الْإِيمَان {فَأُولَئِك يدْخلُونَ الْجنَّة وَلَا يظْلمُونَ نقيرا} وَهُوَ النقرة فِي ظهر النواة وَهَذَا على سَبِيل الْمُبَالغَة فِي نفي الظُّلم ووعد بتوفية جَزَاء أَعْمَالهم وأعمالهن من غير نُقْصَان كَيفَ والمجازي أرْحم الرَّاحِمِينَ 56 - بَاب مَا نزل فِي فَتْوَى الله فِي يتامى النِّسَاء {ويستفتونك فِي النِّسَاء قل الله يفتيكم فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُم فِي الْكتاب فِي يتامى النِّسَاء اللَّاتِي لَا تؤتونهن مَا كتب لَهُنَّ وترغبون أَن تنكحوهن وَالْمُسْتَضْعَفِينَ من الْولدَان وَأَن تقوموا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ} قَالَ تَعَالَى {ويستفتونك فِي النِّسَاء} أَي فِي شأنهن وميراثهن {قل الله يفتيكم فِيهِنَّ} قَالَ مُجَاهِد كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة لَا يورثون النِّسَاء وَلَا الصّبيان

باب ما نزل في مصالحة المرأة للزوج عند خوف النشوز

شَيْئا لأَنهم كَانُوا يَقُولُونَ إِنَّهُم لَا يغنمون وَلَا يغنمون خيرا فَفرض لَهُنَّ الْمِيرَاث حَقًا وَاجِبا {وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُم فِي الْكتاب} أَي الْقُرْآن أَو اللَّوْح الْمَحْفُوظ {فِي يتامى النِّسَاء اللَّاتِي لَا تؤتونهن مَا كتب} أَي فرض {لَهُنَّ} من الْمِيرَاث وَمن الصَدَاق وَغَيره وَذَلِكَ أَنهم كَانُوا يورثون الرِّجَال دون النِّسَاء والكبار دون الصغار قَالَ إِبْرَاهِيم كَانُوا إِذا كَانَت الْجَارِيَة يتيمة دَمِيمَة لَا يعطونها مِيرَاثهَا ويحبسونها من التَّزْوِيج حَتَّى تَمُوت فيرثوها فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة {وترغبون أَن تنكحوهن} بجمالهن ومالهن {وَالْمُسْتَضْعَفِينَ من الْولدَان وَأَن تقوموا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ} أَي الْعدْل فِي مهورهن ومواريثهن 57 - بَاب مَا نزل فِي مصالحة الْمَرْأَة للزَّوْج عِنْد خوف النُّشُوز {وَإِن امْرَأَة خَافت من بَعْلهَا نُشُوزًا أَو إعْرَاضًا فَلَا جنَاح عَلَيْهِمَا أَن يصلحا بَينهمَا صلحا وَالصُّلْح خير وأحضرت الْأَنْفس الشُّح وَإِن تحسنوا وتتقوا فَإِن الله كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرا} قَالَ تَعَالَى {وَإِن امْرَأَة خَافت من بَعْلهَا} أَي زَوجهَا وَيُطلق البعل أَيْضا على السَّيِّد {نُشُوزًا} أَي دوَام النُّشُوز بترك مضاجعتها وَالتَّقْصِير فِي نَفَقَتهَا ليغضها وطموح عينه إِلَى أجمل مِنْهَا {أَو إعْرَاضًا} مِنْهُ بِوَجْهِهِ قَالَ النّحاس الْفرق بَينهمَا أَن النُّشُوز التباعد والإعراض أَن لَا يكلمها وَلَا يأنس بهَا {فَلَا جنَاح عَلَيْهِمَا} أَي لَا حرج وَلَا إِثْم على الزَّوْج وَالْمَرْأَة {أَن يصلحا} ظَاهر الْآيَة أَنه يجوز التصالح بِأَيّ نوع من أَنْوَاعه إِمَّا بِإِسْقَاط النّوبَة أَو بَعْضهَا

باب ما نزل في الميل إلى إحداهن كل الميل

أَو بعض النَّفَقَة أَو بعض الْمهْر (بَينهمَا صلحا) أَي فِي الْقِسْمَة وَالنَّفقَة قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فَإِن صالحته على بعض حَقّهَا جَازَ وَإِن أنْكرت ذَلِك بعد الصُّلْح كَانَ ذَلِك لَهَا وَلها حَقّهَا {وَالصُّلْح خير} على الْإِطْلَاق أَو خير من الطَّلَاق والفرقة أَو من الْخُصُومَة أَو من النُّشُوز والإعراض وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ خشيت سَوْدَة أَن يطلقهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت يَا رَسُول الله لَا تُطَلِّقنِي وَاجعَل يومي لعَائِشَة فَفعل وَنزلت هَذِه الْآيَة أخرجه التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فَمَا اصطلحا عَلَيْهِ من شَيْء فَهُوَ جَائِز وَأخرج البُخَارِيّ عَن عَائِشَة فِي الْآيَة قَالَت الرجل يكون عِنْده الْمَرْأَة لَيْسَ بمستكثر مِنْهَا يُرِيد أَن يفارقها فَتَقول أجعلك من شأني فِي حل فَنزلت وَفِي الْبَاب رِوَايَات {وأحضرت الْأَنْفس الشُّح} أَي شدَّة الْبُخْل فالرجل يشح بِمَا يلْزمه للْمَرْأَة من حسن الْعشْرَة وَحسن النَّفَقَة وَنَحْو ذَلِك وَالْمَرْأَة تشح على الرجل بحقوقها اللَّازِمَة للزَّوْج فَلَا تتْرك لَهُ شَيْئا مِنْهَا {وَإِن تحسنوا} أَيهَا الْأزْوَاج الصُّحْبَة وَالْعشرَة {وتتقوا} مَا لَا يجوز من النُّشُوز والإعراض فِي حق الْمَرْأَة فَإِنَّهَا أَمَانَة عنْدكُمْ وَقيل الْمَعْنى أَن تحسنوا بِالْإِقَامَةِ مَعهَا على الْكَرَاهَة وتتقوا ظلمها والجور {فَإِن الله كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرا} فيجازيكم يَا معشر الْأزْوَاج بِمَا تستحقونه 58 - بَاب مَا نزل فِي الْميل إِلَى إِحْدَاهُنَّ كل الْميل {وَلنْ تستطيعوا أَن تعدلوا بَين النِّسَاء وَلَو حرصتم فَلَا تميلوا كل الْميل فتذروها كالمعلقة وَإِن تصلحوا وتتقوا فَإِن الله كَانَ غَفُورًا رحِيما وَإِن يَتَفَرَّقَا يغن الله كلا من سعته} قَالَ تَعَالَى {وَلنْ تستطيعوا أَن تعدلوا بَين النِّسَاء} على الْوَجْه الَّذِي لَا ميل

فِيهِ الْبَتَّةَ لما جبلت عَلَيْهِ الطباع البشرية من ميل النَّفس إِلَى هَذِه دون هَذِه وَزِيَادَة هَذِه فِي الْمحبَّة ونقصان هَذِه وَذَلِكَ بِحكم الْخلقَة بِحَيْثُ لَا يملكُونَ قُلُوبهم وَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْقِيف أنفسهم على التَّسْوِيَة وَلِهَذَا كَانَ يَقُول الصَّادِق المصدوق صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ هَذَا قسمي فِيمَا أملك وَلَا تلمني فِيمَا تملك وَلَا أملك رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَابْن الْمُنْذر عَن عَائِشَة وَإِسْنَاده حسن صَحِيح قَالَ ابْن مَسْعُود الْعدْل بَين النِّسَاء الْجِمَاع وَقَالَ الْحسن الْحبّ وَكَذَا المحادثة والمجالسة وَالنَّظَر إلَيْهِنَّ والتمتع {وَلَو حرصتم} على الْعدْل والتسوية بَينهُنَّ فِي الْحبّ وميل الْقلب (فَلَا تميلوا كل الْميل) إِلَى الَّتِي تحبونها فِي الْقسم وَالنَّفقَة {فتذروها} أَي الْأُخْرَى الممال عَنْهَا {كالمعلقة} الَّتِي لَيست ذَات زوج وَلَا مُطلقَة تَشْبِيها بالشَّيْء الَّذِي هُوَ مُعَلّق غير مُسْتَقر على شَيْء لَا فِي السَّمَاء وَلَا فِي الأَرْض أَي لَا أَيّمَا وَلَا ذَات زوج {وَإِن تصلحوا} مَا أفسدتم من الْأُمُور الَّتِي تركْتُم مَا يجب عَلَيْكُم فِيهَا من عشرَة النِّسَاء وَالْعدْل بَينهُنَّ فِي الْقسم وَالْحب {وتتقوا} الْجور فِي الْقسم وكل الْميل الَّذِي نهيتم عَنهُ {فَإِن الله كَانَ غَفُورًا رحِيما} {وَإِن يَتَفَرَّقَا} أَي لم يتصالحا بل فَارق كل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه بِالطَّلَاق {يغن الله كلا} أَي يَجعله مستغنيا عَن الآخر بِأَن يهيء للرجل امْرَأَة توافقه وتقر بهَا عينه وللمرأة رجلا تغتبط بِصُحْبَتِهِ ويرزقهما {من سعته} رزقا يغنيهما بِهِ عَن الْحَاجة وَفِي هَذَا تَسْلِيَة لكل وَاحِد من الزَّوْجَيْنِ بعد الطَّلَاق

باب ما نزل في ميراث الكلالة

59 - بَاب مَا نزل فِي مِيرَاث الْكَلَالَة {يستفتونك قل الله يفتيكم فِي الْكَلَالَة إِن امْرُؤ هلك لَيْسَ لَهُ ولد وَله أُخْت فلهَا نصف مَا ترك وَهُوَ يَرِثهَا إِن لم يكن لَهَا ولد فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا ترك وَإِن كَانُوا إخْوَة رجَالًا وَنسَاء فللذكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ} قَالَ تَعَالَى {يستفتونك} والمستفتي هُوَ جَابر وَعَن قَتَادَة أالصَّحَابَة أَهَمَّهُمْ شَأْن الْكَلَالَة فسألوا عَنْهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة {قل الله يفتيكم فِي الْكَلَالَة} وَقد تقدم الْكَلَام عَلَيْهَا وَاسم الْكَلَالَة يَقع على الْوَارِث والمورث فَإِن وَقع على الأول فهم من سوى الْوَلَد وَالْوَالِد وَإِن وَقع على الثَّانِي فَهُوَ من مَاتَ لَا يَرِثهُ أحد الْأَبَوَيْنِ وَلَا أحد الْأَوْلَاد وَعَن جَابر بن عبد الله قَالَ دخل عَليّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا مَرِيض لَا أَعقل فَتَوَضَّأ ثمَّ صب عَليّ فعقلت فَقلت إِنَّه لَا يَرِثنِي إِلَّا كَلَالَة فَكيف الْمِيرَاث فَنزلت آيَة الْفَرَائِض أخرجه السِّتَّة وَغَيرهم وَعَن جَابر رضى الله عَنهُ قَالَ اشتكيت وَعِنْدِي سبع أَخَوَات فَدخل عَليّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنفخ فِي وَجْهي فَأَفَقْت فَقلت يَا رَسُول الله أَلا أوصِي لأخواتي بالثلثين قَالَ أحسن قَالَ بالشطر قَالَ أحسن ثمَّ خرج وَتَرَكَنِي وَقَالَ يَا جَابر لَا أَرَاك مَيتا من وجعك هَذَا وَإِن الله تَعَالَى قد أنزل فَبين الَّذِي لأخواتك فَجعل لَهُنَّ الثُّلثَيْنِ فَكَانَ جَابر يَقُول أنزلت فِي هَذِه الْآيَة رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَفِي الْبَاب رِوَايَات {إِن امْرُؤ هلك لَيْسَ لَهُ ولد} أَي وَلَا وَالِد وَالْمرَاد بِالْوَلَدِ الابْن لِأَن الْبِنْت لَا تسْقط الْأُخْت {وَله أُخْت} أَي من الْأَبَوَيْنِ أَو لأَب لَا لأم فَإِن فَرضهَا السُّدس {فلهَا} أَي لأخت الْمَيِّت {نصف مَا ترك} قَالَ الْجُمْهُور

إِن الْأَخَوَات لِأَبَوَيْنِ أَو لأَب عصبَة للبنات وَإِن لم يكن مَعَهُنَّ أَخ وَذهب دَاوُد ال / اهري إِلَى أَنَّهُنَّ لَا يعصبن الْبَنَات وَأَنه لَا مِيرَاث للْأُخْت لِأَبَوَيْنِ أَو لأَب مَعَ الْبِنْت وَورد فِي السّنة مَا يدل على ثُبُوت مِيرَاث الْأُخْت مَعَ الْبِنْت وَهُوَ مَا ثَبت فِي الصَّحِيح أَن معَاذًا قضى على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بنت وَأُخْت فَجعل للْبِنْت النّصْف وَللْأُخْت النّصْف وَكَذَا صَحَّ عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قضى فِي بنت وَبنت ابْن وَأُخْت فَجعل للْبِنْت النّصْف ولبنت الإبن السُّدس وَللْأُخْت الْبَاقِي فَكَانَت هَذِه السّنة مقتضية بتفسير الْوَلَد بالإبن دون الْبِنْت {وَهُوَ} أَي الْأَخ {يَرِثهَا} أَي الْأُخْت {إِن لم يكن لَهَا ولد} ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى إِن كَانَ المُرَاد بإرثه لَهَا حيازته لجَمِيع مَا تركته وَإِن كَانَ المُرَاد ثُبُوت مِيرَاثه لَهَا فِي الْجُمْلَة أَعم من أَن يكون كلا أَو بَعْضًا يُفَسر الْوَلَد بِمَا يتَنَاوَل الذّكر فَقَط فَإِن كَانَ لَهَا ولد ذكر فَلَا شَيْء لَهُ أَو أُنْثَى فَلهُ مَا فضل عَن نصِيبهَا وَلَو كَانَت الْأُخْت أَو الْأَخ من أم ففرضه السُّدس وَالْمرَاد هُنَا سُقُوط الْأَخ مَعَ الْوَلَد فَقَط وَأما سُقُوطه مَعَ الْأَب فقد تبين بِالسنةِ كَمَا ثَبت فِي الصَّحِيح من قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ألْحقُوا الْفَرَائِض بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِي فَلأولى رجل ذكر وَالْأَب أولى من الْأَخ {وَإِن كَانَت} أَي إِن كَانَ من يَرث بالأخوة {اثْنَتَيْنِ} أَي الْأُخْتَيْنِ فَصَاعِدا لِأَنَّهَا نزلت عَن جَابر وَقد مَاتَ عَن أَخَوَات سبع أَو تسع {فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا ترك} الْأَخ إِن لم يكن لَهُ ولد كَمَا سلف وَمَا فَوق اثْنَتَيْنِ من الْأَخَوَات يكون لَهُنَّ الثُّلُثَانِ بِالْأولَى {وَإِن كَانُوا} أَي من يَرث بالأخوة {إخْوَة} أَي وأخوات {رجَالًا وَنسَاء} أَي مختلطين ذُكُورا وإناثا {فللذكر} مِنْهُم {مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ} تعصيبا

باب ما نزل في الكتابيات المحصنات

60 - بَاب مَا نزل فِي الكتابيات الْمُحْصنَات {وَالْمُحصنَات من الْمُؤْمِنَات وَالْمُحصنَات من الَّذين أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورهنَّ محصنين غير مسافحين وَلَا متخذي أخدان} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة الْمَائِدَة {وَالْمُحصنَات من الْمُؤْمِنَات} قيل هن العفائف وَقيل الْحَرَائِر {وَالْمُحصنَات من الَّذين أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ} يدْخل تَحت هَذِه الْآيَة الْحرَّة العفيفة من الكتابيات على جَمِيع الْأَقْوَال إِلَّا على قَول ابْن عمر فِي النَّصْرَانِيَّة وَلَا تدخل تحتهَا الْحرَّة الَّتِي لَيست بعفيفة وَالْأمة العفيفة على قَول من يَقُول أَنه يجوز اسْتِعْمَال الْمُشْتَرك فِي كلا معنييه وَأما من لم يجوز فَإِن حمل الْمُحْصنَات على الْحَرَائِر لم يقل بِجَوَاز نِكَاح الْأمة عفيفة كَانَت أَو غَيرهَا إِلَّا بِدَلِيل آخر وَيَقُول بِجَوَاز نِكَاح الْحرَّة عفيفة كَانَت أَو غَيرهَا وَإِن حمل على العفائف قَالَ بِجَوَاز نِكَاح الْحرَّة العفيفة وَالْأمة العفيفة دون غير العفيفة مِنْهُمَا وَمذهب أبي حنيفَة جَوَاز التَّزْوِيج بالأمة الْكِتَابِيَّة لعُمُوم هَذِه الْآيَة {إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورهنَّ} أَي مهورهن وَهَذَا الْعِوَض الَّذِي يبذله الزَّوْج للْمَرْأَة أَي فهن حَلَال وَهَذَا الشَّرْط بَيَان للأكمل وَالْأولَى لَا لصِحَّة العقد إِذْ لَا يتَوَقَّف على دفع الْمهْر وَلَا على الْتِزَامه كَمَا لَا يخفي {محصنين غير مسافحين} أَي مجاهرين بِالزِّنَا {وَلَا متخذي أخدان} أَي لم يتخذوا معشوقات فَقَط شَرط الله فِي الرِّجَال الْعِفَّة وَعدم المجاهرة بالزنى وَعدم اتِّخَاذ أخدان كَمَا شَرط فِي النِّسَاء أَن يكن محصنات

باب ما نزل في التيمم للمرضى وغيرهم

بَاب مَا نزل فِي التَّيَمُّم للمرضى وَغَيرهم {وَإِن كُنْتُم مرضى أَو على سفر أَو جَاءَ أحد مِنْكُم من الْغَائِط أَو لامستم النِّسَاء فَلم تَجدوا مَاء فَتَيَمَّمُوا صَعِيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} قَالَ تَعَالَى {وَإِن كُنْتُم مرضى أَو على سفر أَو جَاءَ أحد مِنْكُم من الْغَائِط أَو لامستم النِّسَاء فَلم تَجدوا مَاء فَتَيَمَّمُوا صَعِيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} تقدم تَفْسِير هَذِه الْآيَة وأحكامها فِي سُورَة النِّسَاء مُسْتَوفى 62 - بَاب مَا نزل فِي حد السارقة {وَالسَّارِق والسارقة فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا جَزَاء بِمَا كسبا نكالا من الله} {فَمن تَابَ من بعد ظلمه وَأصْلح فَإِن الله يَتُوب عَلَيْهِ} قَالَ تَعَالَى {وَالسَّارِق والسارقة فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا} ذكر السارقة مَعَ السَّارِق لزِيَادَة الْبَيَان لِأَن غَالب الْقُرْآن الِاقْتِصَار على الرِّجَال فِي تشريع الْأَحْكَام وَالسَّرِقَة بِكَسْر الرَّاء اسْم الشَّيْء الْمَسْرُوق والمصدر السرق وَهُوَ أَخذ الشَّيْء فِي خُفْيَة عَن الْعُيُون وَقدم السَّارِق هُنَا والزانية فِي آيَة الزِّنَا لِأَن الرِّجَال إِلَى السّرقَة أميل وَالنِّسَاء إِلَى الزِّنَا أميل وَالْمعْنَى اقْطَعُوا يَمِين كل وَاحِد مِنْهُمَا من الْكُوع وَقد بيّنت السّنة المطهرة أَن مَوضِع الْقطع الرسغ وَقيل يقطع من الْمرْفق وَقَالَ الْخَوَارِج من الْمنْكب وَالسَّرِقَة لَا بُد أَن تكون ربع دِينَار فَصَاعِدا وَتَكون من حرز كَمَا وَردت

باب ما نزل في كون مريم صديقة

بذلك الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة وَبِهَذَا قَالَ الْجُمْهُور وَذهب قوم إِلَى التَّقْدِير بِعشْرَة دَرَاهِم وَقَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ إِذا جمع الثِّيَاب فِي بَيت قطع {جَزَاء بِمَا كسبا نكالا من الله} أَي عُقُوبَة مِنْهُ سُبْحَانَهُ وَكَانَ عمر بن الْخطاب يَقُول إشتدوا على الْفُسَّاق واجعلوهم يدا يدا ورجلا رجلا إِلَى قَوْله تَعَالَى {فَمن تَابَ من بعد ظلمه وَأصْلح فَإِن الله يَتُوب عَلَيْهِ} فِيهِ قبُول التَّوْبَة وَلَيْسَ فِيهِ مَا يُفِيد أَنه لَا قطع على التائب 63 - بَاب مَا نزل فِي كَون مَرْيَم صديقَة {وَأمه صديقَة} قَالَ تَعَالَى {وَأمه صديقَة} أَي أم الْمَسِيح عَلَيْهِ السَّلَام صَادِقَة فِيمَا تَقوله أَو مصدقة لما جَاءَ بِهِ وَلَدهَا من الرسَالَة وَذَلِكَ لَا يسْتَلْزم الألوهية لَهَا بل هِيَ كَسَائِر من يَتَّصِف بِهَذَا الْوَصْف من النِّسَاء اللَّاتِي يلازمن الصدْق أَو التَّصْدِيق ويبالغن فِي الإتصاف فَمَا رتبتهما إِلَّا رُتْبَة بشرين أَحدهمَا نَبِي وَالْآخر صَحَابِيّ فَمن أَيْن لكم أَن تصفوهما بِمَا لَا يُوصف بِهِ سَائِر الْأَنْبِيَاء وخواصهم وَوَقع أسم الصديقة عَلَيْهَا بقوله تَعَالَى {وصدقت بِكَلِمَات رَبهَا وَكتبه} سُورَة التَّحْرِيم

باب ما نزل في نفي صاحبة الله سبحانه وتعالى

64 - بَاب مَا نزل فِي نفي صَاحِبَة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {وخرقوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَات بِغَيْر علم سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يصفونَ بديع السَّمَاوَات وَالْأَرْض أَنى يكون لَهُ ولد وَلم تكن لَهُ صَاحِبَة وَخلق كل شَيْء وَهُوَ بِكُل شَيْء عليم} قَالَ تَعَالَى {وخرقوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَات بِغَيْر علم سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يصفونَ بديع السَّمَاوَات وَالْأَرْض أَنى يكون لَهُ ولد وَلم تكن لَهُ صَاحِبَة وَخلق كل شَيْء وَهُوَ بِكُل شَيْء عليم} ادّعى الْمُشْركُونَ أَن الْمَلَائِكَة بَنَات الله وَذَلِكَ عَن جهل خَالص وَمن كَانَ خالقهما فَكيف يكون لَهُ ولد وَهُوَ من جملَة مخلوقاته وَكَيف يتَّخذ مَا يخلقه ولدا {وَلم تكن} تَأْكِيد لنفي الْوَلَد لِأَن الصَّحَابَة إِذا لم تُوجد اسْتَحَالَ وجود الْوَلَد 65 - بَاب مَا نزل فِي تَحْرِيم مَا فِي بطُون الْأَنْعَام على النِّسَاء {وَقَالُوا مَا فِي بطُون هَذِه الْأَنْعَام خَالِصَة لذكورنا ومحرم على أَزوَاجنَا وَإِن يكن ميتَة فهم فِيهِ شُرَكَاء سيجزيهم وَصفهم إِنَّه حَكِيم عليم} قَالَ تَعَالَى {وَقَالُوا مَا فِي بطُون هَذِه الْأَنْعَام خَالِصَة لذكورنا} أَي حَلَال لَهُم {ومحرم على أَزوَاجنَا} وَهن النِّسَاء فَيدْخل فِي ذَلِك الْبَنَات وَالْأَخَوَات ونحوهن فِيهِ بَيَان نوع من جهالتهم وضلالتهم وَالْمرَاد بالأنعام أجنة البحائر والسوائب وَقيل هُوَ اللَّبن {وَإِن يكن ميتَة} أَي مَا فِي بطونها {فهم فِيهِ شُرَكَاء} يَأْكُل مِنْهُ الذُّكُور وَالْإِنَاث {سيجزيهم وَصفهم إِنَّه حَكِيم عليم} فِيهِ وَعِيد على أهل الشّرك

باب ما نزل في أمر الأبوين في سكنى الجنة

66 - بَاب مَا نزل فِي أَمر الْأَبَوَيْنِ فِي سُكْنى الْجنَّة {وَيَا آدم اسكن أَنْت وزوجك الْجنَّة} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة الْأَعْرَاف {وَيَا آدم اسكن أَنْت وزوجك الْجنَّة} الْآيَة تقدم تَفْسِيرهَا فِي أول الْكتاب من سُورَة الْبَقَرَة وَاخْتلفُوا فِي خلق حَوَّاء فَقَالَ ابْن إِسْحَاق خلقت قبل دُخُول آدم الْجنَّة وَهُوَ ظَاهر هَذِه الْآيَة وَقيل بعده وَقيل الْخطاب للمعدوم لوُجُوده فِي علم الله والقصة مُشْتَمِلَة على فَوَائِد وَأَحْكَام لَا يَسعهَا هَذَا الْمقَام 67 - بَاب مَا نزل فِي ترك النِّسَاء وإتيان الرِّجَال {إِنَّكُم لتأتون الرِّجَال شَهْوَة من دون النِّسَاء بل أَنْتُم قوم مسرفون} {فأنجيناه وَأَهله إِلَّا امْرَأَته كَانَت من الغابرين} قَالَ تَعَالَى فِي قصَّة لوط عَلَيْهِ السَّلَام {إِنَّكُم لتأتون الرِّجَال شَهْوَة من دون النِّسَاء} أَي متجاوزين فِي فعلكم هَذَا للنِّسَاء اللَّاتِي هن مَحل لقَضَاء الشَّهْوَة وَمَوْضِع لطلب اللَّذَّة {بل أَنْتُم قوم مسرفون} أَي مجاوزون الْحَلَال إِلَى الْحَرَام يَعْنِي من فروج النِّسَاء إِلَى أدبار الرِّجَال إِلَى قَوْله {فأنجيناه وَأَهله إِلَّا امْرَأَته كَانَت من الغابرين} اسْتثْنى امْرَأَته من الْأَهْل لكَونهَا لم تؤمن بِهِ أَي بقيت فِي عَذَاب الله لِأَنَّهَا كَانَت كَافِرَة

باب ما نزل في شرك المرأة بالله تعالى

68 - بَاب مَا نزل فِي شرك الْمَرْأَة بِاللَّه تَعَالَى {هُوَ الَّذِي خَلقكُم من نفس وَاحِدَة وَجعل مِنْهَا زَوجهَا ليسكن إِلَيْهَا فَلَمَّا تغشاها حملت حملا خَفِيفا فمرت بِهِ فَلَمَّا أثقلت دعوا الله ربهما لَئِن آتيتنا صَالحا لنكونن من الشَّاكِرِينَ فَلَمَّا آتاهما صَالحا جعلا لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتاهما} قَالَ تَعَالَى {هُوَ الَّذِي خَلقكُم من نفس وَاحِدَة} أَي آدم عَلَيْهِ السَّلَام قَالَه جُمْهُور الْمُفَسّرين {وَجعل مِنْهَا} أَي من هَذِه النَّفس أَو من جِنْسهَا وَالْأول أولى {زَوجهَا} وَهِي حَوَّاء خلقهَا من ضلع من أضلاعه {ليسكن إِلَيْهَا} ويطمئن بهَا فَإِن الْجِنْس لجنسه أسكن وَإِلَيْهِ آنس وَكَانَ هَذَا فِي الْجنَّة {فَلَمَّا تغشاها} أَي جَامعهَا {حملت حملا خَفِيفا} أَي علقت بِهِ {فمرت بِهِ} أَي استمرت تقوم وتقعد فِي حوائجها لَا تَجِد ثقلا وَلَا مشقة وَلَا كلفة وَقيل جزعت وَقيل شكت أحملت أم لَا {فَلَمَّا أثقلت} أَي صَارَت ذَات ثقل لكبر الْوَلَد فِي بَطنهَا {دعوا الله ربهما لَئِن آتيتنا صَالحا لنكونن من الشَّاكِرِينَ} على هَذِه النِّعْمَة {فَلَمَّا آتاهما صَالحا جعلا لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتاهما} وَعَن سَمُرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لما ولدت حَوَّاء طَاف بهَا إِبْلِيس وَكَانَ لَا يعِيش لَهَا ولد فَقَالَ سميه عبد الْحَارِث فَإِنَّهُ يعِيش فَسَمتْهُ عبد الْحَارِث فَعَاشَ فَكَانَ ذَلِك من وَحي الشَّيْطَان وَأمره أخرجه أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَأَبُو يعلي وَابْن جرير وَابْن حَاتِم وَالرُّويَانِيّ والطبري وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَفِي الْبَاب رِوَايَات وفيهَا دَلِيل على الْجَاعِل شُرَكَاء فِيمَا آتاهما

باب ما نزل في تعذيب المنافقات

هُوَ حَوَّاء دون آدم عَلَيْهِ السَّلَام وَصِيغَة التَّثْنِيَة لَا تنَافِي ذَلِك لِأَنَّهُ قد يسند فعل الْوَاحِد إِلَى اثْنَيْنِ بل إِلَى جمَاعَة والأنبياء عصمهم الله تَعَالَى من الشّرك وَالْكفْر وَكَانَ هَذَا الشّرك من حَوَّاء شركا فِي التَّسْمِيَة دون الْعِبَادَة 69 - بَاب مَا نزل فِي تَعْذِيب المنافقات {المُنَافِقُونَ والمنافقات بَعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وَينْهَوْنَ عَن الْمَعْرُوف} {وعد الله الْمُنَافِقين والمنافقات وَالْكفَّار نَار جَهَنَّم خَالِدين فِيهَا هِيَ حسبهم ولعنهم الله وَلَهُم عَذَاب مُقيم} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة التَّوْبَة {المُنَافِقُونَ والمنافقات بَعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وَينْهَوْنَ عَن الْمَعْرُوف} إِلَى قَوْله {وعد الله الْمُنَافِقين والمنافقات وَالْكفَّار نَار جَهَنَّم خَالِدين فِيهَا هِيَ حسبهم ولعنهم الله وَلَهُم عَذَاب مُقيم} دلّت الْآيَة على أَن حكم أهل النِّفَاق من ذكر وَأُنْثَى حكم الْكفَّار فِي دُخُول النَّار وَاسْتِحْقَاق اللَّعْنَة وَالْعَذَاب 70 - بَاب مَا نزل فِي الترحم على الْمُؤْمِنَات {والمؤمنون وَالْمُؤْمِنَات بَعضهم أَوْلِيَاء بعض يأمرون بِالْمَعْرُوفِ وَينْهَوْنَ عَن الْمُنكر} سيرحمهم الله قَالَ تَعَالَى {والمؤمنون وَالْمُؤْمِنَات بَعضهم أَوْلِيَاء بعض يأمرون بِالْمَعْرُوفِ وَينْهَوْنَ عَن الْمُنكر} إِلَى قَوْله {سيرحمهم الله} السِّين للدلالة على تَحْقِيق ذَلِك

باب ما نزل في وعد المؤمنات بالجنة

وتقرره بمعونة الْمقَام والتوكيد فِي إنجاز الْوَعْد لكَونه بِشَارَة محضت لتأكيد الْوُقُوع 71 - بَاب مَا نزل فِي وعد الْمُؤْمِنَات بِالْجنَّةِ {وعد الله الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات جنَّات تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار خَالِدين فِيهَا ومساكن طيبَة فِي جنَّات عدن ورضوان من الله أكبر ذَلِك هُوَ الْفَوْز الْعَظِيم} قَالَ تَعَالَى {وعد الله الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات جنَّات تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار خَالِدين فِيهَا ومساكن طيبَة فِي جنَّات عدن ورضوان من الله أكبر ذَلِك هُوَ الْفَوْز الْعَظِيم} وصف الله الْجنَّة هُنَا بأوصاف الأول جري الْأَنْهَار من تحتهَا أَي من تَحت أشجارها وغرفها ليميل الطَّبْع إِلَيْهَا الثَّانِي إِنَّهُم فِيهَا خَالدُونَ لَا يعتريهم فِيهَا فنَاء وَلَا تغير وَالثَّالِث طيب مساكنها الخالية عَن الكدورات لتطبيها النُّفُوس ويطيب فِيهَا الْعَيْش الرَّابِع أَنَّهَا ذَات عدن أَي إِقَامَة غي مُنْقَطِعَة هَذَا على مَا هُوَ معنى عدن وَقيل هُوَ علم والجنات هِيَ الْبَسَاتِين الَّتِي يتحير فِي حسنها النَّاظر وَعَن أنس رَضِي الله عَنهُ نزل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا} الْآيَة عِنْد مرجعه من الْحُدَيْبِيَة فالفتح الْمُبين هُوَ فتح الْحُدَيْبِيَة فَقَالُوا هَنِيئًا لَك مريئا يَا رَسُول الله لقد بَين الله لَك مَا يفعل بك فَمَاذَا يفعل بِنَا فَنزلت {ليدْخل الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات جنَّات تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار} الْآيَة أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ

باب ما نزل في ولادة العجوز وزوجها الشيخ

72 - بَاب مَا نزل فِي ولادَة الْعَجُوز وَزوجهَا الشَّيْخ {وَامْرَأَته قَائِمَة فَضَحكت فبشرناها بِإسْحَاق وَمن وَرَاء إِسْحَاق يَعْقُوب قَالَت يَا ويلتى أألد وَأَنا عَجُوز وَهَذَا بعلي شَيخا إِن هَذَا لشَيْء عَجِيب قَالُوا أَتَعْجَبِينَ من أَمر الله رَحْمَة الله وَبَرَكَاته عَلَيْكُم أهل الْبَيْت إِنَّه حميد مجيد} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة هود {وَامْرَأَته} أَي سارة زَوْجَة إِبْرَاهِيم عَلَيْهِمَا السَّلَام وَهِي ابْنة هَارُون بن ناحور وَهِي إبنة عَم إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام {قَائِمَة} عِنْد تحاور الْمَلَائِكَة وَرَاء السّتْر تسمع كَلَامهم وَقيل واقفة تخْدم الْمَلَائِكَة {فَضَحكت} تَعَجبا وسرورا وَقيل حَاضَت وَالْأول أولى {فبشرناها بِإسْحَاق} ولد بعد الْبشَارَة بِسنة وَكَانَت وِلَادَته بعد إِسْمَاعِيل بِأَرْبَع عشرَة سنة {وَمن وَرَاء إِسْحَاق يَعْقُوب} هُوَ ولد الْوَلَد أَي فبشرت بِأَنَّهَا تعيش حَتَّى ترى ولد الْوَلَد {قَالَت يَا ويلتى أألد وَأَنا عَجُوز} أَي شيخة طعنت فِي السن {وَهَذَا بعلي شَيخا} لَا تحبل من مثله النِّسَاء قيل كَانَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام إِبْنِ مائَة وَعشْرين سنة وَهِي بنت تسع وَتِسْعين وَقيل تسعين فَقَط {إِن هَذَا لشَيْء عَجِيب} قيل كَانَ ولد لأبراهيم من هَاجر إِسْمَاعِيل فتمنت سارة أَن يكون لَهَا إِبْنِ وأيست مِنْهُ لكبر سنّهَا فبشرها الله على لِسَان مَلَائكَته {قَالُوا أَتَعْجَبِينَ من أَمر الله} أَي قَضَائِهِ وَقدره وَهُوَ لَا يَسْتَحِيل عَلَيْهِ شَيْء قَالُوا {رَحْمَة الله وَبَرَكَاته عَلَيْكُم أهل الْبَيْت إِنَّه حميد مجيد} فِيهِ دَلِيل على أَن أَزوَاج الرجل من أهل بَيته

باب ما نزل في كون البنات أطهر للوطء

73 - بَاب مَا نزل فِي كَون الْبَنَات أطهر للْوَطْء {قَالَ يَا قوم هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هن أطهر لكم} قَالَ تَعَالَى حاكيا عَن لوط عَلَيْهِ السَّلَام {يَا قوم هَؤُلَاءِ بَنَاتِي} أَي تزوجوهن ودعوا مَا تطلبونه من الْفَاحِشَة بأضيافي وَقد كَانَ لَهُ ثَلَاث بَنَات وَقيل ابنتان وَقيل أَرَادَ بِهن النِّسَاء لِأَن نَبِي الْقَوْم أَب لَهُم قَالَه ابْن عَبَّاس وَهَذَا أولى لَكِن فِيهِ مُخَالفَة لظَاهِر النّظم وَقيل كَانَ فِي مِلَّته يجوز تزوج الْكَافِر بالمسلمة وَقيل عرض بَنَاته عَلَيْهِم بِشَرْط الْإِسْلَام وَقيل إِنَّمَا كَانَ هَذَا القَوْل مِنْهُ على طَرِيق المدافعة وَلم يرد الْحَقِيقِيَّة {هن أطهر لكم} أَي أحل وأنزه عَمَّا لَا يحل 74 بَاب مِنْهُ {قَالُوا لقد علمت مَا لنا فِي بناتك من حق وَإنَّك لتعلم مَا نُرِيد} قَالَ تَعَالَى {قَالُوا لقد علمت مَا لنا فِي بناتك من حق} أَي من شَهْوَة وحاجة لِأَن من احْتَاجَ إِلَى شَيْء فَكَأَنَّهُ حصل لَهُ فِيهِ نوع حق وَقيل لَا حق لنا فِي نِكَاحهنَّ لِأَنَّهُ لَا ينكحهن إِلَّا رجل مُؤمن وَنحن لَا نؤمن أبدا وَقيل إِنَّهُم كَانُوا قد خطبوا بَنَاته من قبل فردهم وَكَانَ من سنتهمْ أَن من خطب فَرد لَا تحل لَهُ المخطوبة أبدا {وَإنَّك لتعلم مَا نُرِيد} من إتْيَان الذُّكُور وَالرِّجَال قَالَه السّديّ

باب ما نزل في تعذيب المرأة في الدنيا

75 - بَاب مَا نزل فِي تَعْذِيب الْمَرْأَة فِي الدُّنْيَا {فَأسر بأهلك بِقطع من اللَّيْل وَلَا يلْتَفت مِنْكُم أحد إِلَّا امْرَأَتك إِنَّه مصيبها مَا أَصَابَهُم إِن موعدهم الصُّبْح أَلَيْسَ الصُّبْح بقريب} قَالَ تَعَالَى {فَأسر بأهلك بِقطع من اللَّيْل وَلَا يلْتَفت مِنْكُم أحد إِلَّا امْرَأَتك} فَلَا تسر بهَا لكَونهَا كَافِرَة {إِنَّه مصيبها مَا أَصَابَهُم} من الْعَذَاب وَهُوَ رميهم بِالْحِجَارَةِ {إِن موعدهم الصُّبْح أَلَيْسَ الصُّبْح بقريب} لَعَلَّ جعل الصُّبْح ميقاتا لهلاكهم لكَون النُّفُوس فِيهِ أسكن وَالنَّاس فِيهِ مجتمعون لم يتفرقوا إِلَى أَعْمَالهم 76 - بَاب مَا نزل فِي الْأَمر للْمَرْأَة بإكرام الْمَمْلُوك المُشْتَرِي {وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ من مصر لامْرَأَته أكرمي مثواه} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة يُوسُف {وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ من مصر} هُوَ الْعَزِيز الَّذِي كَانَ على خَزَائِن مصر وَكَانَ وزيرا لملك مصر وَهُوَ الريان بن الْوَلِيد من العمالقة وَقيل إِن الْملك هُوَ فِرْعَوْن مُوسَى قَالَ ابْن عَبَّاس كَانَ اسْم المُشْتَرِي قطفير وَقيل إطفير إِبْنِ روحب وَكَانَت امْرَأَته راعيل بنت رعابيل وَاسم الَّذِي بَاعه من الْعَزِيز مَالك بن دعر قيل اشْتَرَاهُ بِعشْرين دِينَارا {لامْرَأَته} اسْمهَا زليخا بِفَتْح الزَّاي وَكسر اللَّام كَمَا فِي الْقَامُوس أَو بِضَم الزَّاي وَفتح اللَّام كَمَا قَالَ الشهَاب {أكرمي مثواه} أَي منزله الَّذِي يثوي فِيهِ بِالطَّعَامِ الطّيب واللباس الْحسن يَعْنِي أحسني تعهده

باب ما نزل في مراودة المرأة الرجل على الفاحشة وغلق الأبواب

عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ أَفرس النَّاس ثَلَاثَة الْعَزِيز حِين تفرس فِي يُوسُف فَقَالَ لامْرَأَته أكرمي مثواه وَالْمَرْأَة الَّتِي أَتَت مُوسَى فَقَالَت لأَبِيهَا يَا أَبَت اسْتَأْجرهُ وَأَبُو بكر حِين اسْتخْلف عمر 77 - بَاب مَا نزل فِي مراودة الْمَرْأَة الرجل على الْفَاحِشَة وغلق الْأَبْوَاب {وراودته الَّتِي هُوَ فِي بَيتهَا عَن نَفسه وغلقت الْأَبْوَاب وَقَالَت هيت لَك قَالَ معَاذ الله إِنَّه رَبِّي أحسن مثواي إِنَّه لَا يفلح الظَّالِمُونَ وَلَقَد هَمت بِهِ وهم بهَا لَوْلَا أَن رأى برهَان ربه} قَالَ تَعَالَى {وراودته} أَي راودت زليخا يُوسُف حِين بلغ مبلغ الرِّجَال قَالَه ابْن زيد والمراودة الْإِرَادَة والطلب بِرِفْق ولين {الَّتِي هُوَ فِي بَيتهَا} أَي امْرَأَة الْعَزِيز {وغلقت الْأَبْوَاب} أَي أطبقتها {وَقَالَت هيت لَك} أَي هَلُمَّ وتعال أَي أقبل {قَالَ معَاذ الله إِنَّه رَبِّي أحسن مثواي} فَكيف أخونه فِي أَهله {إِنَّه لَا يفلح الظَّالِمُونَ وَلَقَد هَمت بِهِ وهم بهَا لَوْلَا أَن رأى برهَان ربه} أَي لفعل مَا هم بِهِ وَأطَال الْمُفَسِّرُونَ فِي تعْيين الْبُرْهَان الَّذِي رَآهُ بِلَا دَلِيل عَلَيْهِ من السّنة المطهرة وَاخْتلفت أَقْوَالهم فِي ذَلِك اخْتِلَافا كثيرا وَالْحَاصِل أَنه رأى شَيْئا حَال بَينه وَبَين مَا هم بِهِ وَالله أعلم

باب ما نزل في كيد النساء

78 - بَاب مَا نزل فِي كيد النِّسَاء {واستبقا الْبَاب وقدت قَمِيصه من دبر وألفيا سَيِّدهَا لَدَى الْبَاب قَالَت مَا جَزَاء من أَرَادَ بأهلك سوءا إِلَّا أَن يسجن أَو عَذَاب أَلِيم قَالَ هِيَ راودتني عَن نَفسِي وَشهد شَاهد من أَهلهَا إِن كَانَ قَمِيصه قد من قبل فصدقت وَهُوَ من الْكَاذِبين وَإِن كَانَ قَمِيصه قد من دبر فَكَذبت وَهُوَ من الصَّادِقين فَلَمَّا رأى قَمِيصه قد من دبر قَالَ إِنَّه من كيدكن إِن كيدكن عَظِيم يُوسُف أعرض عَن هَذَا واستغفري لذنبك إِنَّك كنت من الخاطئين وَقَالَ نسْوَة فِي الْمَدِينَة امْرَأَة الْعَزِيز تراود فتاها عَن نَفسه قد شغفها حبا إِنَّا لنراها فِي ضلال مُبين فَلَمَّا سَمِعت بمكرهن أرْسلت إلَيْهِنَّ وأعتدت لَهُنَّ متكأ وآتت كل وَاحِدَة مِنْهُنَّ سكينا وَقَالَت اخْرُج عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رأينه أكبرنه وقطعن أَيْدِيهنَّ وقلن حاش لله مَا هَذَا بشرا إِن هَذَا إِلَّا ملك كريم قَالَت فذلكن الَّذِي لمتنني فِيهِ وَلَقَد راودته عَن نَفسه فاستعصم وَلَئِن لم يفعل مَا آمره ليسجنن وليكونن من الصاغرين قَالَ رب السجْن أحب إِلَيّ مِمَّا يدعونني إِلَيْهِ وَإِلَّا تصرف عني كيدهن أصب إلَيْهِنَّ وأكن من الْجَاهِلين} قَالَ تَعَالَى {واستبقا الْبَاب} أَي تسابقا إِلَيْهِ وَهَذَا كَلَام مُتَّصِل بقوله {وَلَقَد هَمت بِهِ وهم بهَا} الْآيَة وَمَا بَينهمَا اعْتِرَاض وَوجه تسابقهما أَن يُوسُف أَرَادَ الْفِرَار وَالْخُرُوج من الْبَاب وَامْرَأَة الْعَزِيز أَرَادَت أَن تسبقه إِلَيْهِ لتمنعه عَن الْفَتْح وَالْخُرُوج قَالَ السُّيُوطِيّ بَادر إِلَيْهِ يُوسُف للفرار وَهِي للتشبث بِهِ فَأَمْسَكت ثَوْبه

{وقدت} أَي جذبت قَمِيصه {من دبر} من وَرَائه فانشق إِلَى أَسْفَله {وألفيا سَيِّدهَا لَدَى الْبَاب} أَي وجدا الْعَزِيز هُنَالك {قَالَت مَا جَزَاء من أَرَادَ بأهلك سوءا} من الزِّنَا وَنَحْوه وَقَالَت هَذِه الْمقَالة طلبا للحيلة وللستر على نَفسهَا فنسبت مَا كَانَ مِنْهَا إِلَى يُوسُف {إِلَّا أَن يسجن أَو عَذَاب أَلِيم} هُوَ الضَّرْب بالسياط وَالظَّاهِر أَنه مَا يصدق عَلَيْهِ الْعَذَاب الْأَلِيم من ضرب أَو غَيره وَفِي الْإِبْهَام زِيَادَة تهويل {قَالَ هِيَ راودتني عَن نَفسِي} يَعْنِي طلبت مني الْفَحْشَاء فأبيت وفررت {وَشهد شَاهد من أَهلهَا} أَي من قرابتها قيل كَانَ ابْن عَم لَهَا وَقيل ابْن خَال لَهَا وَقيل طِفْل فِي المهد تكلم وَهُوَ الصَّحِيح للْحَدِيث الْوَارِد فِي ذَلِك {إِن كَانَ قَمِيصه قد من قبل فصدقت وَهُوَ من الْكَاذِبين وَإِن كَانَ قَمِيصه قد من دبر فَكَذبت وَهُوَ من الصَّادِقين} فِي دَعْوَاهُ عَلَيْهَا وَللَّه مَا أبلغ هَاتين الْآيَتَيْنِ معنى وأفصحها لفظا {فَلَمَّا رأى} الْعَزِيز {قَمِيصه} أَي قَمِيص يُوسُف {قد من دبر} كَأَنَّهُ لم يكن رأى ذَلِك بعد أَو لم يتدبره فَلَمَّا تنبه لَهُ وَعلم حَقِيقَة الْحَال وَعرف خِيَانَة امْرَأَته وَبَرَاءَة يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام {قَالَ إِنَّه من كيدكن} ومكركن وحيلكن يَا معشر النِّسَاء {إِن كيدكن عَظِيم} وصف كيدهن أَي جنس النِّسَاء بالعظيم لِأَنَّهُ مِنْهُنَّ أعظم من كيد جَمِيع الْبشر فِي إتْمَام مرادهن لَا يقدر عَلَيْهِ الرِّجَال فِي هَذَا الْبَاب فَإِنَّهُ ألطف وأعلق بِالْقَلْبِ وَأَشد تَأْثِيرا فِي النَّفس

وَعَن بعض الْعلمَاء إِنِّي أَخَاف من النِّسَاء مَا لَا أَخَاف الشَّيْطَان فَإِنَّهُ تَعَالَى يَقُول {إِن كيد الشَّيْطَان كَانَ ضَعِيفا} وَقَالَ للنِّسَاء (إِن كيدكن عَظِيم) وَلِأَن الشَّيْطَان يوسوس مسارقة وَهن يواجهن بِهِ الرِّجَال وَقَالَ الحفناوي هَذَا فِيمَا يتَعَلَّق بِأَمْر الْجِمَاع والشهوة لَا أَنه عَظِيم على الْإِطْلَاق إِذْ الرِّجَال أعظم مِنْهُنَّ فِي الْحِيَل والمكايدة فِي غير مَا يتَعَلَّق بالشهوة ثمَّ خَاطب الْعَزِيز يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام بقوله {يُوسُف أعرض عَن هَذَا} وأكتمه وَلَا تَتَحَدَّث بِهِ حَتَّى لَا يفشو ويشيع بَين النَّاس {واستغفري} يَا زليخا {لذنبك} الَّذِي وَقع مِنْك {إِنَّك كنت من الخاطئين} أَي من جنسهم برمي يُوسُف بالخطيئة {وَقَالَ نسْوَة} جمَاعَة من النِّسَاء {فِي الْمَدِينَة} هِيَ مصر وَقيل مَدِينَة الشَّمْس {امْرَأَة الْعَزِيز تراود فتاها عَن نَفسه} وَهُوَ يمْتَنع مِنْهَا {قد شغفها حبا} أَي غلبها حبه وَقيل دخل حبه فِي شغافها وَهُوَ غلاف الْقلب وَهُوَ جلدَة عَلَيْهِ وَقيل هُوَ وسط الْقلب وَقَالَ ابْن عَبَّاس قَتلهَا حب يُوسُف قَالَ السَّيِّد غُلَام على آزاد البلجرامي فِي سبْحَة المرجان فِي آثَار هندوستان لَا إستعباد فِي إِظْهَار الْعِشْق من جَانب الْمَرْأَة أما ترى فِي الْقُرْآن الْكَرِيم غرام امْرَأَة الْعَزِيز بِيُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام والأهاند يذكرُونَ الْعِشْق فِي تغزلاتهم من جَانب الْمَرْأَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى الرجل خلاف الْعَرَب وَسَببه أَن الْمَرْأَة فِي دينهم لَا تنْكح إِلَّا زوجا وَاحِدًا فحظ عيشها مَنُوط بحياة الزَّوْج وَإِذا مَاتَ تحرق نَفسهَا مَعَه والعشق بَين الرجل وَالْمَرْأَة وضع إلهي فَتَارَة يكون من الطَّرفَيْنِ وَتارَة يكون من أَحدهمَا وَإِذا لوحظ الْوَضع الإلهي فالمرأة معشوقة عاشقة وَالرجل عاشق معشوق وَأهل الْهِنْد وافقوا الْعَرَب فِي التغزل بِالنسَاء بِخِلَاف الْفرس وَغَيرهم فَإِن تغزلهم بالمرد فَقَط وَلَا ذكر للْمَرْأَة فِي أغزالهم ولعمر الْمحبَّة إِنَّهُم لظالمون حَيْثُ يضعون الشَّيْء فِي غير مَوْضِعه كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي قوم لوط عَلَيْهِ السَّلَام {وَمَا هِيَ من الظَّالِمين بِبَعِيد} والمولدون من

الْعَرَب فِي التغزل بالمرد مقلدون لَهُم وَالْأَصْل فِي التغزل بِالنسَاء وَمَعْنَاهُ الْوَصْف لَهُنَّ وَأما الأهاند فَلَا يعْرفُونَ التغزل بالمرد قطعا انْتهى حَاصله قلت الأَصْل فِي الْعِشْق هُوَ الرجل يعشق الْمَرْأَة تدل على ذَلِك قصَّة آدم فِي عشقه حَوَّاء عَلَيْهِمَا السَّلَام وَظُهُور الْعِشْق من جَانب الْمَرْأَة للرجل قصَّة مِلَّة الْكفْر كَمَا مر وَيُؤَيِّدهُ شِيمَة أهل الْهِنْد فَلَا حجَّة فِيهِ لجَوَاز الْعِشْق على الْمُسلمين وَأما عشق المرد سَمَّاهُ الله تَعَالَى فَاحِشَة فِي قصَّة لوط فالمقلدون لَهُم فِي ذَلِك من أهل الْفرس وَغَيرهم خاطئون مخطئون فَإِن هَذَا مِمَّا لَا يحل فِي أَي صُورَة وَلَا يستطاب عِنْد أحد من الْعُقَلَاء وللحافظ ابْن الْقيم وَالشَّيْخ مُحَمَّد حَيَاة الْمدنِي قدس الله سرهما كَلَام نَفِيس فِي الرَّد على عشق المرد والنسوان فِي إغاثة اللهفان والدَّاء والدواء وَغَيرهمَا وَعقد السَّيِّد آزاد رَحمَه الله تَعَالَى الْفَصْل الرَّابِع من كِتَابه الْمَذْكُور فِي بَيَان أَقسَام المعشوقات وأنواع العشاق وَأورد لكل قسم مِنْهُمَا أشعارا عَجِيبَة وأبياتا غَرِيبَة بِاعْتِبَار الْجِهَات المتنوعة والحيثيات المتلونة إِن رَآهَا السالي تذوب طَبِيعَته الجامدة أَو العاذل تشْتَمل ناره الخامدة وَلَيْسَ هَذَا الْكتاب مَحل ذكر مثل هَذِه الْأَبْوَاب وَفِي ذَلِك الْبَاب كتاب نشوة السَّكْرَان من صهباء تذكار الغزلان وَهُوَ أجمل مَا جمع فِي هَذَا الْبَاب وَلَا نشك أَن كل محبَّة من كل أحد لكل أحد يُخَالف الْإِسْلَام البحت وَالْإِيمَان الصّرْف وَالْإِحْسَان الْمَحْض إِلَّا مَا أرشد إِلَيْهِ خَالق الْبشر ومعطي القوى وَالْقدر وَرَسُوله الْمبلغ إِلَى الْأمة كل مَعْرُوف ومنكر وَقد قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {وَالَّذين آمنُوا أَشد حبا لله} فَهَذِهِ الْمحبَّة وشدتها تغني عَن كل عشق وغرام وتكفي عَن جَمِيع أَنْوَاع الوله والهيام اللَّهُمَّ اجْعَل حبك أحب إِلَيْنَا من كل شَيْء سواك وَلَا تدع لحب وَلَا لعشقه فِينَا موقعا واجعلنا من الَّذين قَالَ فيهم نبيك صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تعبد الله كَأَنَّك ترَاهُ فَإِن لم تكن ترَاهُ فَإِنَّهُ يراك (أَتَانِي هَواهَا قبل أَن أعرف الْهوى ... فصادف قلبا خَالِيا فتمكنا)

(وَكَيف ترى ليلى بِعَين ترى بهَا ... سواهَا وَمَا طهرتها بالمدامع) (وتلتذ مِنْهَا بِالْحَدِيثِ وَقد جرى ... حَدِيث سواهَا فِي حروق المسامع) (أَجلك يَا ليلى عَن الْعين إِنَّمَا ... أَرَاك بقلب خاضع لَك خاشع) (إِذا كَانَ هَذَا الدمع يجْرِي صبَابَة ... على غير ليلى فَهُوَ دمع مضيع) (دلّ آرامي كه دَاري دلّ درو نبد ... دكر جشم أزهمه عَالم فروند) وَهل يجوز فِي الْإِسْلَام أَن يعشق أحد خلقا من خلق الله أَو شَيْئا من كائناته سُبْحَانَهُ وَلَا يحب الله الَّذِي خلق هَذِه المعشوقات الفانية المكدرة المشوبة بالآلام المحفوفة بالأسقام وَيتْرك خَالِقهَا ذَا الْجمال الْمُطلق والجلال الْكَامِل وَتَمام الْإِكْرَام أَو رَسُوله الجائي إِلَيْنَا بِهَذَا الْإِيمَان وَالْإِحْسَان وَالْإِسْلَام وَللَّه در إِبْرَاهِيم الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام فِي قَوْله لَا أحب الآفلين وَكَيف يَأْتِي من الْعَاقِل أَن يخْتَار الفاني على الْبَاقِي ويرضى بالدنيء من الفاني وَهل هَذَا إِلَّا كَمَا حكى سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي هَذَا الْمقَام عَن النسْوَة الْمَذْكُورَات {إِنَّا لنراها فِي ضلال} عَن طَرِيق الرشد وَالصَّوَاب {مُبين} وَاضح لَا يلتبس على من نظر فِيهِ حَيْثُ تركت مَا يجب على أَمْثَالهَا من العفاف والستر {فَلَمَّا سَمِعت} امْرَأَة الْعَزِيز {بمكرهن} أَي بغيبتهن إِيَّاهَا {أرْسلت إلَيْهِنَّ} تدعوهن إِلَيْهَا لتقيم عذرها عِنْدهن ولينظرن إِلَى يُوسُف حَتَّى يقعن فِيمَا وَقعت فِيهِ قيل دعت أَرْبَعِينَ امْرَأَة من أَشْرَاف مدينتها فِيهِنَّ هَؤُلَاءِ اللائي عيرنها

{وأعتدت لَهُنَّ متكأ} أَي هيأت لَهُنَّ مجَالِس يتكئن عَلَيْهَا من نمارق ومسانيد {وآتت كل وَاحِدَة مِنْهُنَّ سكينا} ليقطعن مَا يحْتَاج إِلَى التقطيع من الْأَطْعِمَة قيل وَكَانَ من عادتهن أَن يأكلن اللَّحْم والفواكه بالسكين وَكَانَت تِلْكَ السكاكين خناجر {وَقَالَت اخْرُج عَلَيْهِنَّ} أَي فِي تِلْكَ الْحَالة الَّتِي هن عَلَيْهَا من الإتكاء وَالْأكل {فَلَمَّا رأينه أكبرنه} أَي أعظمنه وَقيل هبنه وَقيل دهشن من شدَّة جماله وَقيل أمذين وَقيل حضن وَالْأول أولى قَالَ الرَّازِيّ وَعِنْدِي أَنَّهُنَّ إِنَّمَا أكبرنه لِأَنَّهُنَّ رأين عَلَيْهِ نور النُّبُوَّة وسيماء الرسَالَة وشاهدن فِيهِ مهابة ملكية وَهِي عدم الِالْتِفَات إِلَى المطعوم والمنكوح وَعدم الِاعْتِدَاد بِهن فتعجبن من تِلْكَ الْحَالة فَلَا جرم أَنَّهُنَّ أكبرنه وعظمنه واحترمنه {وقطعن أَيْدِيهنَّ} أَي جرحنها حَتَّى سَالَ الدَّم وَقيل المُرَاد بِالْأَيْدِي هَهُنَا أناملهن وَقيل أكمامهن وَعَن مُنَبّه عَن أَبِيه قَالَ مَاتَ من النسْوَة تسع عشرَة امْرَأَة كمدا {وقلن حاش لله مَا هَذَا بشرا} إِنَّمَا نفين عَنهُ البشرية لِأَنَّهُ برز فِي صُورَة قد لبست من الْجمال البديع مَا لم يعْهَد لأحد من الْبشر وَلَا أبْصر المبصرون مَا يُقَارِبه فِي جَمِيع النَّسمَة البشرية {إِن هَذَا إِلَّا ملك كريم} على الله لِأَنَّهُ قد تقرر فِي الطباع وركز فِي النُّفُوس أَنهم على شكل فَوق شكل الْبشر فِي الذوات وَالصِّفَات وَأَن لَا شَيْء أحسن من الْملك وَأَنَّهُمْ فائقون فِي كل شَيْء كَمَا تقرر أَن الشَّيَاطِين على الْعَكْس من ذَلِك إِذْ لَا شَيْء أقبح مِنْهُم وَالْمَقْصُود من هَذَا إِثْبَات الْحسن الْفَائِق الباهر المفرط ليوسف عَلَيْهِ السَّلَام {قَالَت فذلكن الَّذِي لمتنني فِيهِ} قَالَت لَهُنَّ هَذَا لما رَأَتْ افتتانهن بِيُوسُف إِظْهَارًا لعذر نَفسهَا وَمعنى فِيهِ فِي حبه {وَلَقَد راودته عَن نَفسه فاستعصم} أَي استعف واستعصى وَامْتنع مِمَّا أريده طَالبا لعصمة نَفسه عَن ذَلِك (كرمن آلوده دامنم جه عجب ... همه عَالم كواه عصمت أوست)

باب ما نزل في تبين الحق بعد خفائه

إِنَّمَا صرحت بذلك لِأَنَّهَا علمت أَنه لَا ملامة عَلَيْهَا مِنْهُنَّ حِينَئِذٍ {وَلَئِن لم يفعل مَا آمره ليسجنن وليكونن من الصاغرين} قالته كاشفة لجلباب الْحَيَاة هاتكة لستر العفاف (هر كجا سُلْطَان عشق آمد نماند ... قوت بازوي تقوى رامحل) قَالَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام {رب السجْن أحب إِلَيّ مِمَّا يدعونني إِلَيْهِ وَإِلَّا تصرف عني كيدهن أصب إلَيْهِنَّ} أَي أمل وأطاوعهن من صبا يصبو إِذا مَال واشتاق وَمِنْه قَول الشَّاعِر (إِلَى هِنْد صبا قلبِي ... وَهِنْد حبها يصبي) {وأكن من الْجَاهِلين} أَي مِمَّن يجهل مَا يحرم ارتكابه وَيقدم عَلَيْهِ أَو مِمَّن يعْمل عمل الْجُهَّال أَو مِمَّن يسْتَحق صفة الذَّم بِالْجَهْلِ وَفِيه أَن من ارْتكب ذَنبا إِنَّمَا يرتكبه عَن جَهَالَة 79 - بَاب مَا نزل فِي تبين الْحق بعد خفائه {وَقَالَ الْملك ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُول قَالَ ارْجع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ مَا بَال النسْوَة اللَّاتِي قطعن أَيْدِيهنَّ إِن رَبِّي بكيدهن عليم قَالَ مَا خطبكن إِذْ راودتن يُوسُف عَن نَفسه قُلْنَ حاش لله مَا علمنَا عَلَيْهِ من سوء قَالَت امْرَأَة الْعَزِيز الْآن حصحص الْحق أَنا راودته عَن نَفسه وَإنَّهُ لمن الصَّادِقين ذَلِك ليعلم أَنِّي لم أخنه بِالْغَيْبِ وَأَن الله لَا يهدي كيد الخائنين}

باب ما نزل في علم الله بحمل الأنثى ونقصه وزيادته

قَالَ تَعَالَى {وَقَالَ الْملك ائْتُونِي بِهِ} أَي بِيُوسُف {فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُول قَالَ ارْجع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ مَا بَال النسْوَة اللَّاتِي قطعن أَيْدِيهنَّ إِن رَبِّي بكيدهن عليم قَالَ مَا خطبكن إِذْ راودتن يُوسُف عَن نَفسه قُلْنَ حاش لله مَا علمنَا عَلَيْهِ من سوء} فَلَمَّا علمت زليخا أَن هَذِه المناقشات إِنَّمَا هِيَ بِسَبَبِهَا كشفت الغطاء وصرحت بِمَا هُوَ الْوَاقِع {قَالَت امْرَأَة الْعَزِيز الْآن حصحص الْحق} أَي تبين وَظهر بعد خفائه {أَنا راودته عَن نَفسه وَإنَّهُ لمن الصَّادِقين} فِيمَا قَالَه من تَنْزِيه نَفسه وَنسبَة المراودة إِلَيْهَا {ذَلِك ليعلم أَنِّي لم أخنه بِالْغَيْبِ وَأَن الله لَا يهدي كيد الخائنين} والقصة بِتَمَامِهَا فِي كتب التفاسير 80 - بَاب مَا نزل فِي علم الله بِحمْل الْأُنْثَى ونقصه وزيادته {الله يعلم مَا تحمل كل أُنْثَى وَمَا تغيض الْأَرْحَام وَمَا تزداد} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة الرَّعْد {الله يعلم مَا تحمل كل أُنْثَى} أَي فِي بَطنهَا من علقَة أَو مُضْغَة أَو ذكر أَو أُنْثَى أَو صبيح أَو قَبِيح أَو سعيد أَو شقي أَو طَوِيل أَو قصير أَو تَامّ أَو نَاقص {وَمَا تغيض الْأَرْحَام وَمَا تزداد} الغيض النَّقْص وَعَلِيهِ أَكثر الْمُفَسّرين قيل المُرَاد نقص خلقَة الْحمل وزيادته كنقص أصْبع أَو زيادتها وَقيل نقص الْحمل عَن تِسْعَة أشهر أَو زيادتها وَقيل إِذا حَاضَت الْمَرْأَة فِي حَال حملهَا كَانَ ذَلِك نقصا فِي وَلَدهَا وَإِذا لم تَحض يزْدَاد الْوَلَد وينمو وَقيل نقص الدَّم وزيادته وَقيل نُقْصَان الْغذَاء زِيَادَة فِي مُدَّة الْحمل وَقيل الغيض السقط وَالزِّيَادَة التَّمام وَذَلِكَ أَن من النِّسَاء من تحمل عشرَة أشهر ومنهن

باب ما نزل في الأزواج الصالحات من بشارة الجنة

من تحمل تِسْعَة أشهر وَمُدَّة الْحمل أَكْثَرهَا عِنْد قوم سنتَانِ وَقيل أَربع سِنِين وَقيل خمس سِنِين وأقلها سِتَّة أشهر وَقد يُولد لهَذِهِ الْمدَّة ويعيش وَالْآيَة الشَّرِيفَة مسوقة لبَيَان إحاطته سُبْحَانَهُ بِالْعلمِ وَعلمه بِالْغَيْبِ الَّذِي هَذِه الْأُمُور مِنْهُ وَالله أعلم 81 - بَاب مَا نزل فِي الْأزْوَاج الصَّالِحَات من بِشَارَة الْجنَّة {جنَّات عدن يدْخلُونَهَا وَمن صلح من آبَائِهِم وأزواجهم} قَالَ تَعَالَى فِي حق الصابرين المقيمين الصَّلَاة المنفقين سرا وَعَلَانِيَة الدافعين السَّيئَة بِالْحَسَنَة إِن لَهُم {جنَّات عدن يدْخلُونَهَا وَمن صلح من آبَائِهِم وأزواجهم} اللَّاتِي متن فِي عصمتهم وذرياتهم وَذكر الصّلاح دَلِيل على أَنه لَا يدْخل الْجنَّة إِلَّا من كَانَ كَذَلِك وَلَا ينفع مُجَرّد كَونه مِنْهُم بِدُونِ صَلَاح 82 - بَاب مَا نزل فِي كَون الْأزْوَاج للرسل عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام {وَلَقَد أرسلنَا رسلًا من قبلك وَجَعَلنَا لَهُم أَزْوَاجًا وذرية} قَالَ تَعَالَى {وَلَقَد أرسلنَا رسلًا من قبلك وَجَعَلنَا لَهُم أَزْوَاجًا وذرية} أَي لَهُم أَزوَاج من النِّسَاء وَلَهُم ذُرِّيَّة تَوَالَدُوا مِنْهُم وَمن أَزوَاجهم وَفِي هَذَا رد على من كَانَ يُنكر على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تزَوجه بِالنسَاء أَي إِن هَذَا شَأْن رسل الله الْمُرْسلين قبل هَذَا الرَّسُول فَمَا بالكم تنكرون عَلَيْهِ مَا كَانُوا

باب ما نزل في دعاء الأبوين

عَلَيْهِ فَإِنَّهُ قد كَانَ لِسُلَيْمَان ثَلَاثمِائَة امْرَأَة وَسَبْعمائة سَرِيَّة فَلم يقْدَح ذَلِك فِي نبوته وَكَانَ لِأَبِيهِ دَاوُد مائَة امْرَأَة وَكَانُوا ينْكحُونَ ويأكلون وَيَشْرَبُونَ فَكيف يَجْعَل هَذَا قادحا فِي نبوته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَن الْحسن عَن سَمُرَة قَالَ نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن التبتل أخرجه ابْن مَاجَه وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَعَن سعد بن هِشَام قَالَ دخلت على عَائِشَة وَقلت إِنِّي أُرِيد أَن أتبتل قَالَت لَا تفعل أما سَمِعت الله يَقُول {وَلَقَد أرسلنَا رسلًا} الْآيَة أخرجه ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَقد ورد من النَّهْي عَن التبتل وَالتَّرْغِيب فِي النِّكَاح مَا هُوَ مَعْرُوف وَقد كَانَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَبْعَة أَوْلَاد أَربع إناث وَثَلَاثَة ذُكُور وَكَانُوا فِي الْولادَة على هَذَا التَّرْتِيب الْقَاسِم فزينب فرقية ففاطمة فَأم كُلْثُوم فعبد الله ويلقب بالطيب والطاهر فإبراهيم وَكلهمْ من خَدِيجَة إِلَّا إِبْرَاهِيم فَمن مَارِيَة الْقبْطِيَّة وماتوا جَمِيعًا فِي حَيَاته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا فَاطِمَة فَإِنَّهَا عاشت بعده سِتَّة أشهر 83 - بَاب مَا نزل فِي دُعَاء الْأَبَوَيْنِ {رَبنَا اغْفِر لي ولوالدي وَلِلْمُؤْمنِينَ يَوْم يقوم الْحساب} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام {رَبنَا اغْفِر لي ولوالدي وَلِلْمُؤْمنِينَ يَوْم يقوم الْحساب} فِيهِ مَشْرُوعِيَّة الدُّعَاء لِلْأَبَوَيْنِ ولغيرهم من أهل الْأَيْمَان وَأحد الْأَبَوَيْنِ هُوَ الْمَرْأَة وَأَن الدُّعَاء لَهما من خِصَال الْأَنْبِيَاء وهديهم فغيرهم أولى بذلك وَفِي الحَدِيث أَو ولد صَالح يَدْعُو لَهُ رَوَاهُ مُسلم بِطُولِهِ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ

باب ما نزل في امرأة لوط عليه السلام

84 - بَاب مَا نزل فِي امْرَأَة لوط عَلَيْهِ السَّلَام {إِلَّا آل لوط إِنَّا لمنجوهم أَجْمَعِينَ إِلَّا امْرَأَته قَدرنَا إِنَّهَا لمن الغابرين} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة الْحجر فِي قصَّة لوط عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالُوا {إِنَّا لمنجوهم} أَي آل لوط {أَجْمَعِينَ إِلَّا امْرَأَته قَدرنَا إِنَّهَا لمن الغابرين} أَي البَاقِينَ فِي الْعَذَاب مَعَ الْكَفَرَة وَقد تقدم مثله فِيمَا سبق وَفِيه أَنه قد تكون امْرَأَة النَّبِي كَافِرَة وبعلها رَسُول من الله وَفِي هَذَا عِبْرَة لمن اعْتبر وَتَذْكِرَة لمن تذكر 85 - بَاب مَا نزل فِي تَزْوِيج الْبَنَات {قَالَ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي إِن كُنْتُم فاعلين لعمرك إِنَّهُم لفي سكرتهم يعمهون} قَالَ تَعَالَى {قَالَ} أَي لوط عَلَيْهِ السَّلَام {هَؤُلَاءِ بَنَاتِي} فتزوجوهن حَلَالا إِن أسلمتم وَلَا ترتكبوا الْحَرَام وَتقدم تَفْسِير هَذَا فِي هود {إِن كُنْتُم فاعلين} مَا عزمتم عَلَيْهِ من فعل الْفَاحِشَة بضيفي وَمَا آمركُم بِهِ {لعمرك إِنَّهُم لفي سكرتهم يعمهون} هَذَا قسم مِنْهُ جلّ جَلَاله بِمدَّة حَيَاة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِاتِّفَاق أهل التَّفْسِير وإجماعهم تَشْرِيفًا لَهُ

باب ما نزل في جعل البنات لله تعالى

وَلم يقسم بحياة أحد غَيره لِأَنَّهُ أكْرم الْبَريَّة عِنْده وَعَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا حلف الله بحياة أحد إِلَّا بحياة مُحَمَّد قَالَ) لعمرك) الْآيَة أخرجه ابْن مرْدَوَيْه كَذَا فِي الدّرّ المنثور للسيوطي رَحمَه الله 86 بَاب مَا نزل فِي جعل الْبَنَات لله تَعَالَى {ويجعلون لله الْبَنَات سُبْحَانَهُ وَلَهُم مَا يشتهون} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة النَّحْل {ويجعلون لله الْبَنَات} وَقد كَانَت خُزَاعَة وكنانة تَقول الْمَلَائِكَة بَنَات الله {سُبْحَانَهُ وَلَهُم مَا يشتهون} نزه نَفسه عَمَّا نسبه إِلَيْهِ هَؤُلَاءِ وَإِنَّهُم يجْعَلُونَ لأَنْفُسِهِمْ مَا يشتهونه من الْبَنِينَ 87 - بَاب مَا نزل فِي اسوداد الْوَجْه من ولادَة الْأُنْثَى {وَإِذا بشر أحدهم بِالْأُنْثَى ظلّ وَجهه مسودا وَهُوَ كظيم يتَوَارَى من الْقَوْم من سوء مَا بشر بِهِ أيمسكه على هون أم يدسه فِي التُّرَاب أَلا سَاءَ مَا يحكمون} قَالَ تَعَالَى {وَإِذا بشر أحدهم بِالْأُنْثَى} أَي أخبر بِوِلَادَة بنت لَهُ {ظلّ وَجهه مسودا} أَي صَار متغيرا من الْغم والحزن والغيظ وَالْكَرَاهَة {وَهُوَ كظيم} أَي ممتليء من الْغم غيظا وحنقا {يتَوَارَى من الْقَوْم من سوء مَا بشر بِهِ} وسوءها من حَيْثُ كَونهَا يخَاف

باب ما نزل في امتنان الله على عباده بأن جعل أزواجهم من أنفسهم وجعل لهم من أزواجهم بنين وحفدة

عَلَيْهَا الزِّنَا وَمن حَيْثُ كَونهَا لَا تكتسب وَغير ذَلِك {أيمسكه على هون} أَي هوان أَو بلَاء ومشقة أَو سوء {أم يدسه فِي التُّرَاب} أَي يخفيه فِيهِ بالوأد كَمَا كَانَت تَفْعَلهُ الْعَرَب {أَلا سَاءَ مَا يحكمون} حَيْثُ أضافوا الْبَنَات الَّتِي يكرهونها إِلَى الله سُبْحَانَهُ وأضافوا الْبَنِينَ المحبوبين عِنْدهم إِلَى أنفسهم قَالَ السّديّ بئس مَا حكمُوا بقول شَيْء لَا يرضونه لأَنْفُسِهِمْ فَكيف يرضونه لله تَعَالَى 88 - بَاب مَا نزل فِي امتنان الله على عباده بِأَن جعل أَزوَاجهم من أنفسهم وَجعل لَهُم من أَزوَاجهم بَنِينَ وحفدة {وَالله جعل لكم من أَنفسكُم أَزْوَاجًا وَجعل لكم من أزواجكم بَنِينَ وحفدة} قَالَ تَعَالَى {وَالله جعل لكم من أَنفسكُم أَزْوَاجًا} قَالَ الْمُفَسِّرُونَ يَعْنِي النِّسَاء فَإِن حَوَّاء خلقت من ضلع آدم عَلَيْهِ السَّلَام وَالْمعْنَى خلق لكم من جنسكم أَزْوَاجًا لتستأنسوا بهَا لِأَن الْجِنْس يأنس إِلَى جنسه ويستوحش من غير جنسه وبسبب هَذِه الأنسة يَقع بَين الرِّجَال وَالنِّسَاء مَا هُوَ سَبَب النَّسْل {وَجعل لكم من أزواجكم بَنِينَ وحفدة} جمع حافد وَالْمرَاد أَوْلَاد الْأَوْلَاد قَالَ ابْن عَبَّاس الْحَفِيد ولد الابْن ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى وَولد الْبِنْت كَذَلِك وتخصيصه بِالذكر وَتَخْصِيص ولد الْأُنْثَى بالسبط عرف طَارِئ على أصل اللُّغَة وَقيل الحفدة الْأخْتَان قَالَه ابْن مَسْعُود وَغَيره وَقيل الأصهار وَقَالَ الْأَصْمَعِي الختن من كَانَ من قبل الْمَرْأَة كابنها وأخيها وَمَا أشبههما والأصهار مِنْهُمَا جَمِيعًا وَقيل هم أَوْلَاد امْرَأَة الرجل من

باب ما نزل في الإخراج من بطون الأمهات

غَيره وَقيل أَوْلَاد الرجل الَّذين يخدمونه وَقيل الْبَنَات الخادمات لأبيهن وكل هَذِه الْأَقْوَال مُتَقَارِبَة لِأَن اللَّفْظ يحْتَمل الْكل بِحَسب الْمَعْنى الْمُشْتَرك وَرجح كثير من الْعلمَاء أَنهم أَوْلَاد الْأَوْلَاد لِأَن الله سُبْحَانَهُ امتن على عباده بِأَن جعل لَهُم من الْأزْوَاج بَنِينَ وحفدة فالحفدة فِي الظَّاهِر عطف على الْبَنِينَ وَالله أعلم 89 - بَاب مَا نزل فِي الْإِخْرَاج من بطُون الْأُمَّهَات {وَالله أخرجكم من بطُون أُمَّهَاتكُم لَا تعلمُونَ شَيْئا} قَالَ تَعَالَى {وَالله أخرجكم من بطُون أُمَّهَاتكُم لَا تعلمُونَ شَيْئا} عطف على قَوْله {وَالله جعل لكم من أَنفسكُم أَزْوَاجًا} مُنْتَظم مَعَه فِي سلك أَدِلَّة التَّوْحِيد أَي أخرجكم من بطُون أُمَّهَاتكُم أطفالا لَا علم لكم بِشَيْء من منافعكم 90 - بَاب مَا نزل فِي طيب حَيَاة الْأُنْثَى العاملة عملا صَالحا {من عمل صَالحا من ذكر أَو أُنْثَى وَهُوَ مُؤمن فلنحيينه حَيَاة طيبَة ولنجزينهم أجرهم بِأَحْسَن مَا كَانُوا يعْملُونَ} قَالَ تَعَالَى {من عمل صَالحا من ذكر أَو أُنْثَى وَهُوَ مُؤمن فلنحيينه حَيَاة طيبَة} وَقد وَقع الْخلاف فِي الْحَيَاة الطّيبَة بِمَاذَا تكون فَقيل بالرزق الْحَلَال هُنَا وَالْجَزَاء الْحسن هُنَاكَ وَقيل بالقناعة وَقيل بِالْكَسْبِ الطّيب الْعَمَل الصَّالح وَقيل هِيَ حَيَاة الْجنَّة وَقيل السَّعَادَة وَقيل الْمعرفَة بِاللَّه

باب ما نزل في الإحسان إلى الوالدين ونهي الولد عن زجر الوالد

وَقيل حلاوة الطَّاعَة وَقيل الْعَيْش فِي الطَّاعَة وَقيل رزق يَوْم بِيَوْم وَقيل إِنَّمَا هِيَ تحصل فِي الْقَبْر لِأَن الْمُؤمن يستريح بِالْمَوْتِ من هَذِه الدُّنْيَا وتعبها وَقيل هِيَ أَن ينْزع عَن العَبْد تَدْبِير نَفسه وَيرد تَدْبيره إِلَى الْحق وَقيل هِيَ الإستغناء عَن الْخلق والإفتقار إِلَى الْحق وَاللَّفْظ أوسع من ذَلِك وَلَا مَانع من إِرَادَة الْكل وَأكْثر الْمُفَسّرين على أَن الْحَيَاة الطّيبَة هِيَ فِي الدُّنْيَا لَا فِي الْآخِرَة لِأَن حَيَاة الْآخِرَة ذكرت بقوله {ولنجزينهم أجرهم بِأَحْسَن مَا كَانُوا يعْملُونَ} وعَلى كل حَال فَفِي الْآيَة بِشَارَة للذّكر وَالْأُنْثَى إِذا كَانَا مُؤمنين 91 - بَاب مَا نزل فِي الْإِحْسَان إِلَى الْوَالِدين وَنهي الْوَلَد عَن زجر الْوَالِد {وَقضى رَبك أَلا تعبدوا إِلَّا إِيَّاه وبالوالدين إحسانا إِمَّا يبلغن عنْدك الْكبر أَحدهمَا أَو كِلَاهُمَا فَلَا تقل لَهما أُفٍّ وَلَا تنهرهما وَقل لَهما قولا كَرِيمًا واخفض لَهما جنَاح الذل من الرَّحْمَة وَقل رب ارحمهما كَمَا ربياني صَغِيرا} قَالَ تَعَالَى {وَقضى رَبك أَلا تعبدوا إِلَّا إِيَّاه} أَي أَمر أمرا جزما وَحكما قَاطعا وحتما مبرما وَفِيه وجوب عبَادَة الله وَالْمَنْع من عبَادَة غَيره وَهَذَا هُوَ الْحق ثمَّ أردفه بِالْأَمر ببر الْوَالِدين وَأَحَدهمَا أُنْثَى فَقَالَ {وبالوالدين إحسانا} أَي وَقضى بِأَن تحسنوا أَو أَحْسنُوا إِلَيْهِمَا وبروهما قيل وَجه ذكر الْإِحْسَان إِلَى الْوَالِدين بعد عبَادَة الله سُبْحَانَهُ أَنَّهُمَا السَّبَب الظَّاهِر فِي وجود الْمُتَوَلد مِنْهُمَا وَفِي جعل الْإِحْسَان إِلَى الْأَبَوَيْنِ قَرِيبا لتوحيد الله وعبادته من الإعلان بتأكد حَقّهمَا والعناية بشأنهما مَا لَا يخفى وَهَكَذَا جعل

سُبْحَانَهُ فِي آيَة أُخْرَى شكرهما مقترنا بشكره فَقَالَ {أَن اشكر لي ولوالديك} سُورَة لُقْمَان {إِمَّا يبلغن عنْدك الْكبر أَحدهمَا أَو كِلَاهُمَا} معنى عنْدك أَن يَكُونَا فِي كنفك وكفالتك {فَلَا تقل لَهما أُفٍّ} أَي فِي حالتي الِاجْتِمَاع والانفراد وَعَن الْحُسَيْن ابْن عَليّ رَضِي الله عَنْهُمَا مَرْفُوعا لَو علم الله شَيْئا من العقوق أدنى من أُفٍّ لحرمه وَقَالَ مُجَاهِد لَا تقل لَهما أُفٍّ لما تميط عَنْهُمَا من الْأَذَى أَي الْخَلَاء وَالْبَوْل كَمَا كَانَا لَا يقولانه حِين كَانَا يميطان عَنْك الْخَلَاء وَالْبَوْل وَفِي أُفٍّ أَرْبَعُونَ لُغَة مِثَاله السمين وَهُوَ اسْم فعل يُنبئ عَن التضجر والاستثقال لَهما {وَلَا تنهرهما} أَي لَا تزجرهما عَمَّا يتعاطيانه مِمَّا لَا يُعْجِبك وَالنَّهْي وَالنّهر والنهم أَخَوَات بِمَعْنى الزّجر والغلظة قَالَ الزّجاج مَعْنَاهُ لَا تكلمهما ضجرا صائحا فِي وُجُوههمَا {وَقل لَهما قولا كَرِيمًا} لطيفا لينًا جميلا سهلا أحسن مَا يُمكن التَّعْبِير عَنهُ من لطف القَوْل وكرامته مَعَ حسن الْأَدَب وَالْحيَاء والاحتشام قَالَ مُحَمَّد بن زبير يَعْنِي إِذا دعواك فَقل لبيكما وسعديكما وَقيل هُوَ أَن يَقُول يَا أُمَّاهُ يَا أبتاه وَلَا يدعوهما بأسمائهما وَلَا يكنيهما {واخفض لَهما جنَاح الذل} قَالَ سعيد بن جُبَير أَي إخضع لوالديك كَمَا يخضع العَبْد للسَّيِّد الْفظ الغيلظ {من الرَّحْمَة} أَي من أجل فرط الشَّفَقَة والعطف عَلَيْهِمَا لكبرهما وافتقارهما لمن كَانَ أفقر خلق الله إِلَيْهِمَا بالْأَمْس {وَقل رب ارحمهما} أَي وادع الله لَهما وَلَو خمس مَرَّات فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة أَن يرحمهما برحمته الْبَاقِيَة الدائمة وَأَرَادَ بِهِ إِذا كَانَا مُسلمين {كَمَا ربياني صَغِيرا} أَي رَحْمَة مثل تربيتهما لي

باب ما نزل في النهي عن الزنى

وَلَقَد بَالغ سُبْحَانَهُ بالوالدين مُبَالغَة تقشعر مِنْهَا جُلُود أهل التَّقْوَى وتقف عِنْدهَا شُعُورهمْ حَيْثُ افتتحها بِالْأَمر بتوحيده وعبادته ثمَّ شفعه بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمَا ثمَّ ضيق الْأَمر فِي مراعاتهما حَتَّى لم يرخص فِي أدنى كلمة تَنْفَلِت من المتضجر مَعَ مُوجبَات الضجر وَمَعَ أَحْوَال لَا يكَاد يصبر الْإِنْسَان مَعهَا وَأَن يذل ويخضع لَهما ثمَّ ختم بِالْأَمر بِالدُّعَاءِ لَهما والترحم عَلَيْهِمَا فَهَذِهِ خَمْسَة أَشْيَاء كلف الْإِنْسَان بهَا فِي حق الْوَالِدين وَقد ورد فِي بر الْوَالِدين أَحَادِيث كَثِيرَة ثَابِتَة فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا وَهِي مَعْرُوفَة فِي كتب الحَدِيث 92 - بَاب مَا نزل فِي النَّهْي عَن الزِّنَى {وَلَا تقربُوا الزِّنَى إِنَّه كَانَ فَاحِشَة وساء سَبِيلا} قَالَ تَعَالَى {وَلَا تقربُوا الزِّنَى إِنَّه كَانَ فَاحِشَة} أَي قبيحا بَالغا فِي الْقبْح مجاوزا للحد شرعا وعقلا {وساء سَبِيلا} أَي بئس طَرِيقا طَرِيقه وَذَلِكَ أَنه يُؤَدِّي إِلَى النَّار وَلَا خلاف فِي كَونه من كَبَائِر الذُّنُوب وَقد ورد فِي تقبيحه والتنفير عَنهُ من الْأَدِلَّة مَا هُوَ مَعْلُوم وَهُوَ يشْتَمل على أَنْوَاع من الْمَفَاسِد مِنْهَا الْمعْصِيَة وَإِيجَاب الْحَد على نَفسه وَمِنْهَا اخْتِلَاط الْأَنْسَاب فَلَا يعرف الرجل ولد من هُوَ وَلَا يقوم أحد بتربيته وَذَلِكَ يُوجب ضيَاع الْأَوْلَاد وَانْقِطَاع النَّسْل وَهُوَ خراب الْعَالم وَعَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ يَوْم نزلت هَذِه لم تكن حُدُود فَجَاءَت بعد ذَلِك الْحُدُود فِي سُورَة النُّور والمتعة حكمهَا حكم الزِّنَى

باب ما نزل في إهلاك الفاسق لرعاية حالة الوالدة المؤمنة والوالد المؤمن

93 - بَاب مَا نزل فِي إهلاك الْفَاسِق لرعاية حَالَة الوالدة المؤمنة وَالْوَالِد الْمُؤمن {وَأما الْغُلَام فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤمنين فَخَشِينَا أَن يرهقهما طغيانا وَكفرا} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة الْكَهْف {وَأما الْغُلَام فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤمنين} وَلم يكن هُوَ كَذَلِك {فَخَشِينَا أَن يرهقهما} أَن يرهق الْغُلَام أَبَوَيْهِ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ مَعْنَاهُ خشينا أَن يحملهما حبه على أَن يتبعاه فِي دينه وَهُوَ الْكفْر أَو خشينا أَن يرهق الْوَالِدين {طغيانا} عَلَيْهِمَا {وَكفرا} لنعمتهما بعقوقه وَالله أعلم 94 - بَاب مَا نزل فِي أَن الله يحفظ الصَّالح والصالحة فِي أَنفسهمَا وولدهما {وَكَانَ أَبوهُمَا صَالحا} قَالَ تَعَالَى {وَكَانَ أَبوهُمَا صَالحا} فَكَانَ صَلَاحه مقتضيا لرعاية ولديه وَحفظ مَالهمَا وَظَاهر اللَّفْظ أَنه أَبوهُمَا حَقِيقَة وَقيل هُوَ الَّذِي دَفنه وَقيل هُوَ الْأَب السَّابِع من عِنْد الدافن لَهُ وَقيل الْعَاشِر وَكَانَ من الأتقياء وَفِيه مَا يدل على أَن الله يحفظ الصَّالح فِي نَفسه وَفِي وَلَده وَإِن بعدوا وَعَن جَابر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله عز وَجل يصلح بصلاح الرجل الصَّالح وَلَده وَولد وَلَده وَأهل دويرته وَأهل دويرات حوله فَمَا يزالون فِي حفظ الله مَا دَامَ فيهم أخرجه ابْن مرْدَوَيْه وَعَن

باب ما نزل في بشارة زكريا بيحيى حال كونه شيخا كبيرا وامرأته عاقرا

ابْن عَبَّاس مثله قَالَ سعيد بن الْمسيب إِنِّي لأصلي فأذكر وَلَدي فأزيد فِي صَلَاتي وَقد روى أَن الله يحفظ الصَّالح فِي سَبْعَة من ذُريَّته وعَلى هَذَا يدل قَوْله تَعَالَى {إِن وليي الله الَّذِي نزل الْكتاب وَهُوَ يتَوَلَّى الصَّالِحين} سُورَة الْأَعْرَاف قَالَه الْقُرْطُبِيّ 95 - بَاب مَا نزل فِي بِشَارَة زَكَرِيَّا بِيَحْيَى حَال كَونه شَيخا كَبِيرا وَامْرَأَته عاقرا {وَكَانَت امْرَأَتي عاقرا} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة مَرْيَم {وَكَانَت امْرَأَتي عاقرا} وَهِي الَّتِي لَا تَلد لكبر سنّهَا وَالَّتِي لَا تَلد أَيْضا لغير كبر وَهِي المرادة هُنَا وَيُقَال للرجل الَّذِي لَا يلد عَاقِر أَيْضا وَكَانَ اسْم امْرَأَته أشاع بنت فاقوذ وَهِي أُخْت حنة وَهِي أم مَرْيَم فولد لأشاع يحيى ولحنة مَرْيَم وَقَالَ القتيبي هِيَ أشاع بنت عمرَان فعلى القَوْل الأول يكون يحيى بن زَكَرِيَّا ابْن خَالَة أم عِيسَى وعَلى الثَّانِي يكونَانِ ابْني خَالَة كَمَا ورد الحَدِيث الصَّحِيح 96 - بَاب مَا نزل فِي بر الْوَالِدين {وَبرا بِوَالِديهِ وَلم يكن جبارا عصيا} قَالَ تَعَالَى {وَبرا بِوَالِديهِ} أَي لطيفا بهما ومحسنا إِلَيْهِمَا لِأَنَّهُ لَا عبَادَة بعد تَعْظِيم الله أعظم من برهما {وَلم يكن جبارا عصيا} أَي متكبرا عَاصِيا وَهَذَا وصف ليحيى عَلَيْهِ السَّلَام بلين الْجَانِب وخفض الْجنَاح

باب ما نزل في ولادة عيسى من مريم عليهما السلام وذكر المخاض

97 - بَاب مَا نزل فِي ولادَة عِيسَى من مَرْيَم عَلَيْهِمَا السَّلَام وَذكر الْمَخَاض {وَاذْكُر فِي الْكتاب مَرْيَم إِذْ انتبذت من أَهلهَا مَكَانا شرقيا فاتخذت من دونهم حِجَابا فَأَرْسَلنَا إِلَيْهَا رُوحنَا فتمثل لَهَا بشرا سويا قَالَت إِنِّي أعوذ بالرحمن مِنْك إِن كنت تقيا قَالَ إِنَّمَا أَنا رَسُول رَبك لأهب لَك غُلَاما زكيا قَالَت أَنى يكون لي غُلَام وَلم يمسسني بشر وَلم أك بغيا قَالَ كَذَلِك قَالَ رَبك هُوَ عَليّ هَين ولنجعله آيَة للنَّاس وَرَحْمَة منا وَكَانَ أمرا مقضيا فَحَملته فانتبذت بِهِ مَكَانا قصيا فأجاءها الْمَخَاض إِلَى جذع النَّخْلَة قَالَت يَا لَيْتَني مت قبل هَذَا وَكنت نسيا منسيا فناداها من تحتهَا أَلا تحزني قد جعل رَبك تَحْتك سريا وهزي إِلَيْك بجذع النَّخْلَة تساقط عَلَيْك رطبا جنيا فكلي واشربي وقري عينا فإمَّا تَرين من الْبشر أحدا فَقولِي إِنِّي نذرت للرحمن صوما فَلَنْ أكلم الْيَوْم إنسيا فَأَتَت بِهِ قَومهَا تحمله قَالُوا يَا مَرْيَم لقد جِئْت شَيْئا فريا يَا أُخْت هَارُون مَا كَانَ أَبوك امْرأ سوء وَمَا كَانَت أمك بغيا فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيفَ نُكَلِّم من كَانَ فِي المهد صَبيا قَالَ إِنِّي عبد الله آتَانِي الْكتاب وَجَعَلَنِي نَبيا وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْن مَا كنت وأوصاني بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاة مَا دمت حَيا وَبرا بوالدتي وَلم يَجْعَلنِي جبارا شقيا وَالسَّلَام عَليّ يَوْم ولدت وَيَوْم أَمُوت وَيَوْم أبْعث حَيا ذَلِك عِيسَى ابْن مَرْيَم قَول الْحق الَّذِي فِيهِ يمترون}

قَالَ تَعَالَى {وَاذْكُر فِي الْكتاب مَرْيَم} أَي قصَّتهَا وخبرها ونبأها {إِذْ انتبذت} أَي تنحت وَتَبَاعَدَتْ وَقيل اعتزلت وانفردت {من أَهلهَا} من قَومهَا {مَكَانا شرقيا} أَي من جَانب الشرق {فاتخذت} أَي ضربت {من دونهم} أَي من دون أَهلهَا {حِجَابا} أَي حاجزا وسترا يَسْتُرهَا عَنْهُم لِئَلَّا يروها حَال الْعِبَادَة أَو حَال التطهر من الْحيض {فَأَرْسَلنَا إِلَيْهَا رُوحنَا} هُوَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام ليبشرها بالغلام ولينفخ فِيهَا فَتحمل بِهِ {فتمثل لَهَا} جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام {بشرا سويا} تَاما مستوي الْخلق لم يفقد من نعوت بني آدم شَيْئا {قَالَت إِنِّي أعوذ بالرحمن مِنْك إِن كنت تقيا} مِمَّن يَتَّقِي الله ويخافه ويعامل بِمُقْتَضى التَّقْوَى وَالْإِيمَان {قَالَ إِنَّمَا أَنا رَسُول رَبك} الَّذِي استعذت بِهِ {لأهب لَك غُلَاما زكيا} هُوَ الطَّاهِر من الذُّنُوب الَّذِي يَنْمُو على النزاهة والعفة قيل المُرَاد بالزكي النَّبِي {قَالَت أَنى يكون لي غُلَام وَلم يمسسني بشر} زوج بِنِكَاح (وَلم أك بغيا) فاجرة وَالْبَغي هِيَ الزَّانِيَة الَّتِي تبغي الرِّجَال تَعْنِي أَن الْوَلَد لَا يكون إِلَّا من نِكَاح أَو سفاح وَلم يكن هُنَا وَاحِد مِنْهُمَا {قَالَ كَذَلِك} أَي هَكَذَا من خلق غُلَام مِنْك من غير أَب {قَالَ رَبك هُوَ عَليّ هَين ولنجعله آيَة للنَّاس} يستدلون بهَا على كَمَال الْقُدْرَة على أَنْوَاع الْخلق فَإِن الله خلق آدم من غير ذكر وَلَا أُنْثَى وَخلق حَوَّاء من ذكر بِلَا أُنْثَى وَخلق عِيسَى من أُنْثَى بِلَا ذكر وَخلق بَقِيَّة الْخلق من ذكر وَأُنْثَى قَالَه الْكَرْخِي {وَرَحْمَة} عَظِيمَة كائنة {منا وَكَانَ أمرا مقضيا فَحَملته فانتبذت بِهِ مَكَانا قصيا} أَي اعتزلت إِلَى مَكَان بعيد ن أَهلهَا مَخَافَة اللائمة قيل حملت بِهِ سِتَّة أشهر وَذَلِكَ آيَة أُخْرَى لِأَنَّهُ لَا يعِيش من ولد لهَذِهِ الْمدَّة وَقيل سَبْعَة أشهر وَقيل تِسْعَة أشهر كحمل النِّسَاء وَقيل كَانَ الْحمل والولادة فِي سَاعَة وَاحِدَة

{فأجاءها الْمَخَاض} أَي وجع الْولادَة {إِلَى جذع النَّخْلَة} أَي سَاقهَا الْيَابِسَة الَّتِي لَا رَأس لَهَا كَأَنَّهَا طلبت شَيْئا تستند إِلَيْهِ وتعتمد عَلَيْهِ وتتعلق بِهِ كَمَا تتَعَلَّق الْحَامِل لشدَّة وجع الطلق بِشَيْء مِمَّا تَجدهُ عِنْدهَا {قَالَت يَا لَيْتَني مت قبل هَذَا وَكنت نسيا منسيا} أَي شَيْئا حَقِيرًا متروكا تمنت الْمَوْت استحياء من النَّاس أَو خوفًا من الفضيحة {فناداها} أَي خاطبها لما سمع قَوْلهَا {من تحتهَا} والمنادي جِبْرِيل وَقيل عِيسَى {أَلا تحزني قد جعل رَبك تَحْتك سريا} أَي نَهرا صَغِيرا {وهزي إِلَيْك بجذع النَّخْلَة تساقط عَلَيْك رطبا جنيا} أَي طريا طيبا {فكلي واشربي} من الرطب وَالْمَاء {وقري عينا} أَي وطيبي نفسا {فإمَّا تَرين من الْبشر أحدا فَقولِي إِنِّي نذرت للرحمن صوما فَلَنْ أكلم الْيَوْم إنسيا فَأَتَت بِهِ قَومهَا تحمله قَالُوا يَا مَرْيَم لقد جِئْت شَيْئا فريا} عجيبا نَادرا {يَا أُخْت هَارُون} قيل هُوَ هَارُون أَخُو مُوسَى قيل كَانَت مَرْيَم من وَلَده وَقيل هُوَ رجل صَالح فِي ذَلِك الْوَقْت شبهت بِهِ فِي عفتها وصلاحها وَعَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة قَالَ بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أهل نَجْرَان فَقَالُوا أَرَأَيْت مَا تقرأون {يَا أُخْت هَارُون} وَهُوَ قبل عِيسَى بِكَذَا وَكَذَا سنة قَالَ فَرَجَعت فَذكرت ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أَلا أَخْبَرتهم أَنهم كَانُوا يسمون بالأنبياء وَالصَّالِحِينَ قبلهم أخرجه أَحْمد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَعبد بن حميد وَابْن أبي شيبَة وَغَيرهم وَهَذَا التَّفْسِير النَّبَوِيّ يُغني عَن سَائِر مَا روى عَن السّلف فِي ذَلِك {مَا كَانَ أَبوك امْرأ سوء وَمَا كَانَت أمك بغيا فَأَشَارَتْ} أَي مَرْيَم {إِلَيْهِ} أَي إِلَى عِيسَى أَن كَلمُوهُ {قَالُوا كَيفَ نُكَلِّم من كَانَ فِي المهد صَبيا} فَلَمَّا سمع عِيسَى كَلَامهم ترك الرَّضَاع وَأَقْبل عَلَيْهِم {قَالَ إِنِّي عبد الله آتَانِي الْكتاب وَجَعَلَنِي نَبيا وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْن مَا كنت وأوصاني بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاة مَا دمت حَيا وَبرا بوالدتي} اقْتصر على الْبر بهَا لِأَنَّهُ قد

باب ما نزل في الإتيان بالنار إلى المرأة

علم فِي تِلْكَ الْحَال أَنه لم يكن لَهُ أَب {وَلم يَجْعَلنِي جبارا شقيا وَالسَّلَام عَليّ يَوْم ولدت وَيَوْم أَمُوت وَيَوْم أبْعث حَيا ذَلِك عِيسَى ابْن مَرْيَم} لَا مَا تَقوله النَّصَارَى من أَنه ابْن الله وَأَنه إِلَه {قَول الْحق الَّذِي فِيهِ يمترون} يَشكونَ ويختلفون 98 - بَاب مَا نزل فِي الْإِتْيَان بالنَّار إِلَى الْمَرْأَة {وَهل أَتَاك حَدِيث مُوسَى إِذْ رأى نَارا فَقَالَ لأَهله امكثوا إِنِّي آنست نَارا لعَلي آتيكم مِنْهَا بقبس أَو أجد على النَّار هدى} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة طه {وَهل أَتَاك حَدِيث مُوسَى إِذْ رأى نَارا فَقَالَ لأَهله امكثوا} المُرَاد بالأهل هُنَا امْرَأَته وَهِي بنت شُعَيْب وَاسْمهَا صفورا وَقيل صفوريا وَقيل صفوره وَاسم أُخْتهَا ليا وَقيل شرفا وَقيل عبدا وَاخْتلف فِي الَّتِي تزَوجهَا مُوسَى هَل هِيَ الصُّغْرَى أَو الْكُبْرَى {إِنِّي آنست نَارا لعَلي آتيكم مِنْهَا بقبس أَو أجد على النَّار هدى} أَي هاديا يهديني إِلَى الطَّرِيق ويدلني عَلَيْهَا وَكَانَ أخطأها لظلمة اللَّيْل 99 - بَاب مَا نزل فِي إرجاع الْوَلَد إِلَى الوالدة {إِذْ أَوْحَينَا إِلَى أمك مَا يُوحى أَن اقذفيه فِي التابوت فاقذفيه فِي اليم فليلقه اليم بالسَّاحل} {إِذْ تمشي أختك فَتَقول هَل أدلكم على من يكفله فرجعناك إِلَى أمك كي تقر عينهَا وَلَا تحزن}

باب ما نزل في بدو سوأة المرأة

قَالَ تَعَالَى {إِذْ أَوْحَينَا إِلَى أمك مَا يُوحى} اسْمهَا يوحانذ وَالْمرَاد بِالْوَحْي الإلهام أَو الْمَنَام أَو على لِسَان نَبِي أَو ملك لَا على طَرِيق النُّبُوَّة كالوحي إِلَى مَرْيَم {أَن اقذفيه فِي التابوت فاقذفيه فِي اليم فليلقه اليم بالسَّاحل} اليم هُنَا هُوَ النّيل إِلَى قَوْله {إِذْ تمشي أختك} وَكَانَت شقيقته وَاسْمهَا مَرْيَم {فَتَقول هَل أدلكم على من يكفله} وَذَلِكَ أَنَّهَا خرجت متعرفة لخبره فَوجدت فِرْعَوْن وَامْرَأَته آسيا يطلبان لَهُ مُرْضِعَة فَقَالَت لَهما هَذَا القَوْل وَكَانَت أمه قد أَرْضَعَتْه ثَلَاثَة أشهر وَقيل أَرْبَعَة قبل إلقائه فِي اليم فَقَالَا لَهَا وَمن هُوَ قَالَت أُمِّي فَقَالَا هَل لَهَا لبن قَالَت نعم لبن أخي هَارُون أكبر من مُوسَى بِسنة وَقيل بِأَكْثَرَ فَجَاءَت الْأُم فَقبل ثديها وَكَانَ لَا يقبل ثدي مُرْضِعَة غَيرهَا وَهَذَا هُوَ معنى {فرجعناك إِلَى أمك كي تقر عينهَا وَلَا تحزن} حِينَئِذٍ أَي لَا يحصل لَهَا مَا يكدر ذَلِك السرُور من الْحزن بِسَبَب من الْأَسْبَاب 100 - بَاب مَا نزل فِي بَدو سوأة الْمَرْأَة {فأكلا مِنْهَا فبدت لَهما سوآتهما وطفقا يخصفان عَلَيْهِمَا من ورق الْجنَّة} قَالَ تَعَالَى {فأكلا} أَي آدم وحواء {مِنْهَا} أَي من الشَّجَرَة {فبدت لَهما سوآتهما} يَعْنِي عريا من الثِّيَاب الَّتِي كَانَت عَلَيْهِمَا بِسَبَب تساقط حلل الْجنَّة عَنْهُمَا لما أكلا من الشَّجَرَة حَتَّى بَدَت فروجهما وَظَهَرت عورتهما وَسمي كل مِنْهُمَا سوأة لِأَن انكشافه يسوء صَاحبه ويحزنه {وطفقا} أَي أَقبلَا وأخذا وَجعلا {يخصفان} يلصقان {عَلَيْهِمَا} لستر سوأتهما {من ورق الْجنَّة} قيل من ورق التِّين بعضه بِبَعْضِه حَتَّى يصير طَويلا عريضا يصلح للاستتار بِهِ

باب ما نزل في إصلاح الله الزوجة

101 - بَاب مَا نزل فِي إصْلَاح الله الزَّوْجَة {وأصلحنا لَهُ زوجه} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة الْأَنْبِيَاء {وأصلحنا لَهُ} أَي لزكريا عَلَيْهِ السَّلَام {زوجه} قَالَ أَكثر الْمُفَسّرين إِنَّهَا كَانَت عاقرا فَجَعلهَا الله ولودا وَقيل كَانَت سَيِّئَة الْخلق وَلَا مَانع من إِرَادَة الْأَمريْنِ جَمِيعًا قَالَ ابْن عَبَّاس مَكَان فِي لِسَان امْرَأَة زَكَرِيَّا طول فأصلحه الله وروى نَحْو ذَلِك عَن جمَاعَة من التَّابِعين 102 - بَاب مَا نزل فِي نفخ الرّوح فِي الْمَرْأَة {وَالَّتِي أحصنت فرجهَا فنفخنا فِيهَا من رُوحنَا وجعلناها وَابْنهَا آيَة للْعَالمين} سُورَة الْأَنْبِيَاء قَالَ تَعَالَى {وَالَّتِي أحصنت فرجهَا} هِيَ مَرْيَم عَلَيْهَا السَّلَام فَإِنَّهَا أحصنت الْفرج من الْحَلَال وَالْحرَام وَلم يَمَسهَا بشر وَقيل المُرَاد بالفرج جيب الْقَمِيص أَي إِنَّهَا طَاهِرَة الأثواب وَالْأول أولى {فنفخنا فِيهَا من رُوحنَا} يُرِيد روح عِيسَى وَقيل هُوَ جِبْرِيل أمرناه فَنفخ فِي جيب درعها فَحملت بِعِيسَى {وجعلناها وَابْنهَا آيَة للْعَالمين} لِأَنَّهَا وَلدته من غير رجل

باب ما نزل في ذهول المرضعة عن رضيعها ووضع الحامل حملها من زلزلة الساعة

103 - بَاب مَا نزل فِي ذُهُول الْمُرضعَة عَن رضيعها وَوضع الْحَامِل حملهَا من زَلْزَلَة السَّاعَة {يَوْم ترونها تذهل كل مُرْضِعَة عَمَّا أرضعت وتضع كل ذَات حمل حملهَا وَترى النَّاس سكارى وَمَا هم بسكارى وَلَكِن عَذَاب الله شَدِيد} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة الْحَج {يَوْم ترونها} أَي ترَوْنَ زَلْزَلَة السَّاعَة {تذهل كل مُرْضِعَة عَمَّا أرضعت} أَي تغفل كل ذَات إِرْضَاع عَن رضيعها وَقيل تشتغل عَنهُ وَقيل تنسى وَقيل تلهو وَقيل تسلو والمعاني مُتَقَارِبَة وَهَذَا يدل على أَن هَذِه الزلزلة فِي الدُّنْيَا إِذْ لَيْسَ بعد الْقِيَامَة حمل وَلَا إِرْضَاع {وتضع كل ذَات حمل حملهَا} أَي تلقي جَنِينهَا بِغَيْر تَمام من شدَّة الهول {وَترى النَّاس سكارى وَمَا هم بسكارى وَلَكِن عَذَاب الله شَدِيد} فبسبب هَذِه الشدَّة والهول الْعَظِيم تطيش عُقُولهمْ وتضطرب أفهامهم فيصيرون كالسكارى بِجَامِع سلب كَمَال التَّمْيِيز وَصِحَّة الْإِدْرَاك 104 - بَاب مَا نزل فِي حفظ الْأزْوَاج لفروجهم إِلَّا على الزَّوْجَات {وَالَّذين هم لفروجهم حافظون إِلَّا على أَزوَاجهم أَو مَا ملكت أَيْمَانهم فَإِنَّهُم غير ملومين فَمن ابْتغى وَرَاء ذَلِك فَأُولَئِك هم العادون} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة الْمُؤْمِنُونَ {وَالَّذين هم لفروجهم حافظون إِلَّا}

باب ما نزل في جعل أم عيسى آية للناس وهي مريم عليها السلام

على أَزوَاجهم أَو مَا ملكت أَيْمَانهم فَإِنَّهُم غير ملومين) أَي يلامون على كل مُبَاشرَة إِلَّا على مَا أحل لَهُم فَإِنَّهُم غير ملومين عَلَيْهِ وَالْمرَاد بالأزواج الْحَرَائِر وَبِمَا ملكوا الْإِمَاء والسراري والجواري وَالْآيَة فِي الرِّجَال خَاصَّة لِأَن الْمَرْأَة لَا يجوز لَهَا أَن تستمتع بفرج مملوكها {فَمن ابْتغى وَرَاء ذَلِك فَأُولَئِك هم العادون} أَي المجاوزون إِلَى مَا لَا يحل لَهُم وَقد دلّت هَذِه الْآيَة على تَحْرِيم نِكَاح الْمُتْعَة وَاسْتدلَّ بهَا بعض أهل الْعلم على تَحْرِيم الاستمناء لِأَنَّهُ من الوراء لما ذكر فَهُوَ حرَام عِنْد الْجُمْهُور وَخَالفهُم غَيرهم فجوزه 105 - بَاب مَا نزل فِي جعل أم عِيسَى آيَة للنَّاس وَهِي مَرْيَم عَلَيْهَا السَّلَام {وَجَعَلنَا ابْن مَرْيَم وَأمه آيَة وآويناهما إِلَى ربوة ذَات قَرَار ومعين} سُورَة الْمُؤْمِنُونَ قَالَ تَعَالَى {وَجَعَلنَا ابْن مَرْيَم وَأمه آيَة} أَي عَلامَة تدل على عَظِيم قدرتنا وبديع صنعنَا أَي وَلدته من غير أَب وَخلق من غير نُطْفَة {وآويناهما} أَي أسكناهما وأنزلناهما وأوصلناهما وجعلناهما يأويان {إِلَى ربوة} هِيَ الْمَكَان الْمُرْتَفع من الأَرْض وَهُوَ أحسن مَا يكون فِيهِ النَّبَات وَقيل هُوَ أَعلَى مَكَان من الأَرْض فيزيد على غَيره فِي الِارْتفَاع ثَمَانِيَة عشر ميلًا قيل هِيَ أَرض دمشق وَقيل بَيت الْمُقَدّس وَقيل فلسطين وَعَن مرّة الْبَهْزِي قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول الربوة الرملة أخرجه الطَّبَرَانِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَابْن جرير وَغَيرهم

باب ما نزل في أن حد الزانية جلد مائة إذا لم تحصن

وَقيل مصر فهربت بِهِ إِلَى تِلْكَ الربوة وَمَكَثت بهَا اثْنَتَيْ عشرَة سنة حَتَّى هلك ذَلِك الْملك {ذَات قَرَار} مُسْتَقر يسْتَقرّ عَلَيْهِ ساكنوه وَقيل ذَات خصب وَقيل ذَات أثمار {بِمَاء معِين} وَهُوَ المَاء الْجَارِي فِي الْعُيُون 106 - بَاب مَا نزل فِي أَن حد الزَّانِيَة جلد مائَة إِذا لم تحصن {الزَّانِيَة وَالزَّانِي فاجلدوا كل وَاحِد مِنْهُمَا مائَة جلدَة وَلَا تأخذكم بهما رأفة فِي دين الله إِن كُنْتُم تؤمنون بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر وليشهد عذابهما طَائِفَة من الْمُؤمنِينَ} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة النُّور {الزَّانِيَة وَالزَّانِي} الزِّنَى هُوَ وَطْء الرجل الْمَرْأَة فِي فرجهَا من غير نِكَاح وَلَا شُبْهَة نِكَاح وَقيل هُوَ إيلاج فرج فِي فرج مشتهى طبعا محرم شرعا والزانية هِيَ الْمَرْأَة المطاوعة للزنى الممكنة مِنْهَا كَمَا تنبيء عَنهُ الصِّيغَة لَا المكرهة وَكَذَلِكَ الزَّانِي وَتَقْدِيم الزَّانِيَة على الزَّانِي لِأَنَّهَا الأَصْل فِي الْفِعْل لكَون الداعية فِيهَا أوفر وَلَوْلَا تمكينها مِنْهُ لم يَقع قَالَه أَبُو السُّعُود وَقيل وَجه التَّقْدِيم أَن الزِّنَى فِي ذَلِك الزَّمَان كَانَ من النِّسَاء أَكثر حَتَّى كَانَ لَهُنَّ رايات تنصب على أبوابهن ليعرفهن من أَرَادَ الْفَاحِشَة مِنْهُنَّ {فاجلدوا} الْجلد الضَّرْب الشَّديد وَالْخطاب للأئمة وَمن قَامَ مقامهم وَقيل للْمُسلمين أَجْمَعِينَ لِأَن إِقَامَة الْحُدُود وَاجِبَة عَلَيْهِم جَمِيعًا وَالْإِمَام يَنُوب عَنْهُم إِذْ لَا يُمكنهُم الِاجْتِمَاع على إِقَامَة الْحُدُود {كل وَاحِد مِنْهُمَا مائَة جلدَة} هُوَ حد الزَّانِي الْحر الْبَالِغ الْبكر وَكَذَلِكَ الزَّانِيَة وَثَبت بِالسنةِ زِيَادَة على هَذَا الْجلد وَهُوَ تغريب عَام وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَقَالَ أَبُو حنيفَة

باب ما نزل في نكاح المشركة وغيرها

التَّغْرِيب إِلَى رَأْي الإِمَام والْحَدِيث يردهُ وَقَالَ مَالك يجلد الرجل ويغرب وتجلد الْمَرْأَة وَلَا تغرب وَأما الْمَمْلُوك والمملوكة فجلد كل وَاحِد مِنْهُمَا خَمْسُونَ جلدَة لقَوْله تَعَالَى {فَإِن أتين بِفَاحِشَة فعليهن نصف مَا على الْمُحْصنَات من الْعَذَاب} سُورَة النِّسَاء هَذَا نَص فِي الْإِمَاء وَألْحق بِهن العبيد لعدم الْفَارِق وَأما من كَانَ مُحصنا من الْأَحْرَار فَعَلَيهِ الرَّجْم بِالسنةِ الصَّحِيحَة المتواترة وبإجماع أهل الْعلم وَبِالْقُرْآنِ الْمَنْسُوخ لَفظه الْبَاقِي حكمه وَهُوَ الشَّيْخ وَالشَّيْخَة إِذا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ وَزَاد جمَاعَة من أهل الْعلم مَعَ الرَّجْم جلد مائَة وَهُوَ حق وَقَالَ النَّسَفِيّ التَّغْرِيب مَنْسُوخ بِالْآيَةِ وَلَيْسَ بِصَحِيح فقد أثبتته السّنة الصَّحِيحَة نعم هَذِه الْآيَة ناسخة لآيَة الْحَبْس وَآيَة الْأَذَى اللَّتَيْنِ فِي سُورَة النِّسَاء {وَلَا تأخذكم بهما رأفة} أَي رقة وَرَحْمَة {فِي دين الله} أَي فِي طَاعَته وَحكمه {إِن كُنْتُم تؤمنون بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر} وَكفى بذلك أُسْوَة برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَيْثُ قَالَ لَو سرقت فَاطِمَة بنت مُحَمَّد لَقطعت يَدهَا {وليشهد عذابهما طَائِفَة من الْمُؤمنِينَ} ندبا قيل أقلهَا ثَلَاثَة وَقيل أَرْبَعَة وَقيل عشرَة وَلَا يجب على الإِمَام حُضُور الرَّجْم وَلَا الشُّهُود لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر برجم مَاعِز والغامدية وَلم يحضر رجمهما وَخص الْمُؤمنِينَ بالحضور لِأَن ذَلِك أفضح وَالْفَاسِق بَين صلحاء قومه أخجل 107 - بَاب مَا نزل فِي نِكَاح المشركة وَغَيرهَا {الزَّانِي لَا ينْكح إِلَّا زَانِيَة أَو مُشركَة والزانية لَا ينْكِحهَا إِلَّا زَان أَو مُشْرك وَحرم ذَلِك على الْمُؤمنِينَ} سُورَة النُّور قَالَ تَعَالَى {الزَّانِي لَا ينْكح إِلَّا زَانِيَة أَو مُشركَة والزانية لَا ينْكِحهَا إِلَّا زَان أَو مُشْرك}

) يَعْنِي أَن الْغَالِب أَن المائل إِلَى الزِّنَى لَا يرغب فِي نِكَاح الصوالح والزانية لَا يرغب فِيهَا الصلحاء فَإِن المشاكلة عِلّة الألفة وَاخْتلف أهل الْعلم فِي معنى الْآيَة على أَقْوَال سَبْعَة أرجحها مَا ذكرنَا بِلَفْظ الْغَائِب وَالْمَقْصُود زجر الْمُؤمنِينَ عَن نِكَاح الزواني بعد زجرهم عَن الزِّنَى وَسبب النُّزُول يشْهد لَهُ وَقد اخْتلف فِي جَوَاز تزوج الرجل بِامْرَأَة قد زنى بهَا فَقَالَ الشَّافِعِي وَأَبُو حنيفَة بِجَوَاز ذَلِك وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه لَا يجوز وَقَالَ ابْن مَسْعُود إِذا زنى الرجل بِالْمَرْأَةِ ثمَّ نَكَحَهَا بعد ذَلِك فهما زانيان أبدا وَبِه قَالَ مَالك {وَحرم ذَلِك} أَي الزِّنَى أَو نِكَاح الزواني {على الْمُؤمنِينَ} قيل مَكْرُوه فَقَط وَعبر بِالتَّحْرِيمِ عَن كَرَاهَة التَّنْزِيه مُبَالغَة فِي الزّجر

باب ما نزل في رمي المحصنات وحد الرامي

108 - بَاب مَا نزل فِي رمي الْمُحْصنَات وحد الرَّامِي {وَالَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات ثمَّ لم يَأْتُوا بأَرْبعَة شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جلدَة وَلَا تقبلُوا لَهُم شَهَادَة أبدا وَأُولَئِكَ هم الْفَاسِقُونَ إِلَّا الَّذين تَابُوا من بعد ذَلِك وَأَصْلحُوا فَإِن الله غَفُور رَحِيم} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة النُّور {وَالَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات} أَي النِّسَاء العفيفات بالزنى وَكَذَا المحصنين وَإِنَّمَا خصهن بِالذكر لِأَن قذفهن أشنع والعار فِيهِنَّ أعظم وَيلْحق الرِّجَال بِالنسَاء فِي هَذَا الحكم بِلَا خلاف بَين عُلَمَاء هَذِه الْأمة وَقيل أَرَادَ بالمحصنات الْفروج فتعم الْآيَة الرِّجَال وَالنِّسَاء وَالْأول أولى وَذهب الْجُمْهُور إِلَى أَنه لَا حد على من قذف كَافِرًا أَو كَافِرَة وَقيل يجب عَلَيْهِ الْحَد وَالْعَبْد يجلد أَرْبَعِينَ جلدَة وَقيل ثَمَانِينَ وَالْأول أولى وشرائط الْإِحْصَان خَمْسَة الْإِسْلَام وَالْعقل وَالْبُلُوغ وَالْحريَّة والعفة من الزِّنَى {ثمَّ لم يَأْتُوا بأَرْبعَة شُهَدَاء} يشْهدُونَ عَلَيْهِنَّ بِوُقُوع الزِّنَا مِنْهُنَّ برؤيتهم وَظَاهر الْآيَة أَن يكون الشُّهُود مُجْتَمعين وَمُتَفَرِّقِينَ وَإِذا لم يكمل الشُّهُود أَرْبَعَة كَانُوا قذفة يحدون حد الْقَذْف قَالَ الْحسن وَالشعْبِيّ وَلَا حد على الشُّهُود وَلَا على الْمَشْهُود عَلَيْهِ وَبِه قَالَ أَحْمد ونعمان وَيرد ذَلِك مَا وَقع فِي خلَافَة عمر رَضِي الله عَنهُ من جلده للثَّلَاثَة الَّذين أشهدوا على الْمُغيرَة بالزنى وَلم يُخَالف فِي ذَلِك أحد من الصَّحَابَة {فَاجْلِدُوهُمْ} أَي لكل وَاحِد مِنْهُم {ثَمَانِينَ جلدَة وَلَا تقبلُوا لَهُم شَهَادَة} لأَنهم قد صَارُوا بِالْقَذْفِ غير عدُول بل فسقة {أبدا} مَا داموا فِي الْحَيَاة {وَأُولَئِكَ هم الْفَاسِقُونَ} لإتيانهم كَبِيرَة وَفِيه دَلِيل على أَن الْقَذْف من الْكَبَائِر

باب ما نزل في الملاعنة بين الزوج والزوجة

{إِلَّا الَّذين تَابُوا من بعد ذَلِك} أَي بعد اقترافهم لذنب الْقَذْف {وَأَصْلحُوا} أَعْمَالهم وأقوالهم بِالتَّوْبَةِ والانقياد للحد {فَإِن الله غَفُور رَحِيم} يغْفر ذنوبهم ويرحمهم قَالَ الْجُمْهُور إِذا تَابَ الْقَاذِف قبلت شَهَادَته وَزَالَ عَنهُ الْفسق وَقَالَ أَبُو حنيفَة يرْتَفع بِالتَّوْبَةِ وصف الْفسق لَا تقبل شَهَادَته أصلا وَالْحق هُوَ الأول 109 - بَاب مَا نزل فِي الْمُلَاعنَة بَين الزَّوْج وَالزَّوْجَة {وَالَّذين يرْمونَ أَزوَاجهم وَلم يكن لَهُم شُهَدَاء إِلَّا أنفسهم فشهادة أحدهم أَربع شَهَادَات بِاللَّه إِنَّه لمن الصَّادِقين وَالْخَامِسَة أَن لعنة الله عَلَيْهِ إِن كَانَ من الْكَاذِبين ويدرأ عَنْهَا الْعَذَاب أَن تشهد أَربع شَهَادَات بِاللَّه إِنَّه لمن الْكَاذِبين وَالْخَامِسَة أَن غضب الله عَلَيْهَا إِن كَانَ من الصَّادِقين} سُورَة النُّور قَالَ تَعَالَى {وَالَّذين يرْمونَ أَزوَاجهم} جمع زوج بِمَعْنى الزَّوْجَة لم يُقيد هُنَا بالمحصنات إِشَارَة إِلَى أَن اللّعان يشرع فِي قذف المحصنة وَغَيرهَا فَهُوَ فِي قذف المحصنة يسْقط الْحَد عَن الزَّوْج وَفِي قذف غَيرهَا يسْقط التَّعْزِير كَأَن كَانَت ذِمِّيَّة أَو أمة أَو صغيره تحْتَمل الْوَطْء بِخِلَاف قذف الصغيره الَّتِي لَا تحتمله وَبِخِلَاف قذف الْكَبِيرَة الَّتِي ثَبت زنَاهَا بِبَيِّنَة أَو إِقْرَار فَإِن الْوَاجِب فِي قذفهما التَّعْزِير لكنه لَا يُلَاعن لدفعه كَمَا فِي كتب الْفُرُوع وَقد وَقع قذف الزَّوْجَة بالزنى لجَماعَة من الصَّحَابَة كهلال بن أُميَّة وعويمر الْعجْلَاني وَعَاصِم بن عدي {وَلم يكن لَهُم شُهَدَاء} يشْهدُونَ بِمَا رموهن بِهِ من الزِّنَى {إِلَّا أنفسهم فشهادة أحدهم} أَي الشَّهَادَة الَّتِي تزيل عَنهُ حد الْقَذْف أَو فَالْوَاجِب

شَهَادَة أحدهم أَو فَعَلَيْهِم أَن يشْهد أحدهم {أَربع شَهَادَات بِاللَّه إِنَّه لمن الصَّادِقين} فِيمَا رَمَاهَا بِهِ من الزِّنَى الْمَشْهُود بِهِ والشَّهَادَة {وَالْخَامِسَة أَن لعنة الله عَلَيْهِ إِن كَانَ من الْكَاذِبين} فِيمَا رَمَاهَا بِهِ من الزِّنَى {ويدرأ} أَي يدْفع {عَنْهَا} أَي عَن الْمَرْأَة {الْعَذَاب} الدنيوي وَهُوَ الْحَد وَالْمعْنَى أَنه يدْفع عَن الْمَرْأَة الْحَد {أَن تشهد أَربع شَهَادَات بِاللَّه إِنَّه} أَي الزَّوْج {لمن الْكَاذِبين} فِيمَا رماني بِهِ من الزِّنَى وتشهد الشَّهَادَة {وَالْخَامِسَة أَن غضب الله عَلَيْهَا إِن كَانَ} أَي الزَّوْج {من الصَّادِقين} فِيمَا رَمَاهَا بِهِ من الزِّنَى وَتَخْصِيص الْغَضَب بِالْمَرْأَةِ للتغليظ عَلَيْهَا لكَونهَا أصل الْفُجُور ومادته وَلِأَن النِّسَاء يكثرن اللَّعْن فِي الْعَادة وَمَعَ استكثارهن مِنْهُ لَا يكون لَهُ فِي قلوبهن كَبِير موقع بِخِلَاف الْغَضَب وَعَن ابْن عَبَّاس أَن هِلَال بن أُميَّة قذف امْرَأَته عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِشريك ابْن سَحْمَاء فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْبَيِّنَة وَإِلَّا حد فِي ظهرك فَقَالَ يَا رَسُول الله إِذا رأى أَحَدنَا على امْرَأَته رجلا أينطلق يلْتَمس الْبَيِّنَة فَجعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول الْبَيِّنَة وَإِلَّا حد فِي ظهرك فَقَالَ هِلَال وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ إِنِّي لصَادِق ولينزلن الله مَا يبريء ظَهْري من الْحَد فَنزل جِبْرِيل وَأنزل عَلَيْهِ {وَالَّذين يرْمونَ أَزوَاجهم} حَتَّى بلغ {إِن كَانَ من الصَّادِقين} فَانْصَرف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأرْسل إِلَيْهِمَا فجَاء هِلَال فَشهد وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول الله يعلم أَن أَحَدكُمَا لَكَاذِب فَهَل مِنْكُمَا تائب ثمَّ قَامَت الْمَرْأَة فَشَهِدت فَلَمَّا كَانَت عِنْد الْخَامِسَة وقفوها وَقَالُوا إِنَّهَا مُوجبَة فتلكأت أَي نكصت حَتَّى ظننا أَنَّهَا ترجع ثمَّ قَالَت لَا أفضح قومِي سَائِر الْيَوْم فمضت فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أبصروها فَإِن جَاءَت بِهِ أكحل الْعَينَيْنِ سابغ الأليتين خَدلج السَّاقَيْن فَهُوَ لِشَرِيك بن سَحْمَاء فَجَاءَت بِهِ كَذَلِك

فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَوْلَا مَا مضى من كتاب الله لَكَانَ لي وَلها شَأْن أخرجه البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَأخرج هَذِه الْقِصَّة أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ وَعبد الرَّزَّاق وَأحمد وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس مُطَوَّلَة وأخرجها البُخَارِيّ وَمُسلم وَغَيرهمَا وَلم يسموا الرجل وَلَا الْمَرْأَة وَفِي آخر الْقِصَّة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ اذْهَبْ فَلَا سَبِيل لَك عَلَيْهَا فَقَالَ يَا رَسُول الله مَالِي قَالَ لَا مَال لَك إِن كنت صدقت عَلَيْهَا فَهُوَ بِمَا استحللت من فرجهَا وَإِن كنت كذبت عَلَيْهَا فَذَاك أبعد لَك مِنْهَا وَأخرج الشَّيْخَانِ وَغَيرهمَا عَن سهل بن سعد قَالَ جَاءَ عُوَيْمِر إِلَى عَاصِم بن عدي فَقَالَ سل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرَأَيْت رجلا وجد مَعَ امْرَأَته رجلا فَقتله أيقتل بِهِ أم كَيفَ يصنع فَسَأَلَ عَاصِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمسَائِل فَقَالَ عُوَيْمِر وَالله لَآتِيَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولأسألنه فَأَتَاهُ فَوَجَدَهُ قد أنزل عَلَيْهِ فَدَعَا بهما فلاعن بَينهمَا قَالَ عُوَيْمِر إِن انْطَلَقت بهَا يَا رَسُول الله لقد كذبت عَلَيْهَا ففارقها قبل أَن يَأْمُرهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَصَارَت سنة للمتلاعنين فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أبصروها فَإِن جَاءَت بِهِ أسحم أدعج الْعَينَيْنِ عَظِيم الأليتين فَلَا أرَاهُ إِلَّا قد صدق وَإِن جَاءَت بِهِ أُحَيْمِر كَأَنَّهُ وحرة فَلَا أرَاهُ إِلَّا كَاذِبًا فَجَاءَت بِهِ مثل النَّعْت الْمَكْرُوه وَفِي الْبَاب أَحَادِيث كَثِيرَة يَأْتِي بَعْضهَا فِي مَحَله وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عمر بن الْخطاب وَعلي وَابْن مَسْعُود قَالُوا لَا يجْتَمع المتلاعنان أبدا

باب ما نزل في الجائين بالإفك في حق النساء ورميهن

110 - بَاب مَا نزل فِي الجائين بالإفك فِي حق النِّسَاء ورميهن {إِن الَّذين جاؤوا بالإفك عصبَة مِنْكُم لَا تحسبوه شرا لكم بل هُوَ خير لكم لكل امْرِئ مِنْهُم مَا اكْتسب من الْإِثْم وَالَّذِي تولى كبره مِنْهُم لَهُ عَذَاب عَظِيم لَوْلَا إِذْ سمعتموه ظن الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَات بِأَنْفسِهِم خيرا وَقَالُوا هَذَا إفْك مُبين} {إِن الَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات الْغَافِلَات الْمُؤْمِنَات لعنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَلَهُم عَذَاب عَظِيم} سُورَة النُّور قَالَ تَعَالَى {إِن الَّذين جاؤوا بالإفك} وَهُوَ أَسْوَأ الْكَذِب وأفحشه وأقبحه فالإفك هُوَ الحَدِيث المقلوب لكَونه مصروفا عَن الْحق وَقيل هُوَ الْبُهْتَان وَأجْمع الْمُسلمُونَ على أَن المُرَاد بِمَا فِي الْآيَة مَا وَقع من الْإِفْك على عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ وَإِنَّمَا وَصفه الله بِأَنَّهُ إفْك لِأَن الْمَعْرُوف من حَالهَا رَضِي الله عَنْهَا خلاف ذَلِك {عصبَة مِنْكُم} وَهِي الْجَمَاعَة من الْعشْرَة إِلَى الْأَرْبَعين وَالْمرَاد بهم هُنَا عبد الله بن أبي رَأس الْمُنَافِقين وَزيد بن رِفَاعَة وَحسان بن ثَابت ومسطح بن أثاثه وَحمْنَة بن جحش وَمن ساعدهم وَقد أخرج الشَّيْخَانِ وَأهل السّنَن وَغَيرهم حَدِيث عَائِشَة الطَّوِيل فِي سَبَب نزُول هَذِه الْآيَات بِأَلْفَاظ مُتعَدِّدَة وطرق مُخْتَلفَة حَاصله أَنَّهَا خرجت من هودجها تلتمس عقدا لَهَا من جزع انْقَطع فرحلوا وهم يظنون أَنَّهَا فِي هودجها فَرَجَعت وَقد ارتحل الْجَيْش والهودج مَعَهم فأقامت فِي ذَلِك الْمَكَان وَمر بهَا صَفْوَان بن الْمُعَطل مُتَأَخِّرًا عَن الْجَيْش فَأَنَاخَ رَاحِلَته وَحملهَا عَلَيْهَا فَلَمَّا رأى ذَلِك أهل الْإِفْك قَالُوا مَا قَالُوا فبرأها الله مِمَّا قَالُوا هَذَا حَاصِل الْقِصَّة مَعَ طولهَا وتشعب أطرافها

{لَا تحسبوه شرا لكم بل هُوَ خير لكم لكل امْرِئ مِنْهُم مَا اكْتسب من الْإِثْم} بِسَبَب تكَلمه بالإفك {وَالَّذِي تولى} أَي تحمل {كبره} أَي معظمه {مِنْهُم} فَبَدَأَ بالخوض فِيهِ وأشاعه وَهُوَ ابْن أبي {لَهُ عَذَاب عَظِيم} إِلَى قَوْله {إِن الَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات} أَي العفائف بالزنى {الْغَافِلَات} أَي اللَّاتِي غفلن عَن الْفَاحِشَة بِحَيْثُ لَا تخطر ببالهن وَلَا يفْطن لَهَا وَقيل هن السليمات الصُّدُور النقيات الْقُلُوب اللَّاتِي لَيْسَ فِيهِنَّ دهاء وَلَا مكر لِأَنَّهُنَّ لم يجربن الْأُمُور فَلَا يفْطن لما تفطن لَهُ المجربات وَكَذَلِكَ البله من الرِّجَال الَّذين غلبت عَلَيْهِم سَلامَة الصُّدُور وَحسن الظَّن بِالنَّاسِ أغفلوا أَمر دنياهم فجهلوا حذق التَّصَرُّف فِيهَا وَأَقْبلُوا على آخرتهم فشغلوا نُفُوسهم بهَا {الْمُؤْمِنَات} بِاللَّه وَرَسُوله {لعنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَلَهُم عَذَاب عَظِيم} وَالْآيَة نَص على كَون الرافضة ملعونين فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة لأَنهم يرْمونَ من هِيَ أفضل الْمُحْصنَات الْغَافِلَات الْمُؤْمِنَات أقمأهم الله تَعَالَى قيل هَذَا خَاصَّة فِي عَائِشَة وَسَائِر أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دون سَائِر الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات فَمن قذف إِحْدَاهُنَّ فَهُوَ من أهل هَذِه الْآيَة وَلَا تَوْبَة لَهُ وَمن قذف غَيْرهنَّ فَلهُ التَّوْبَة وَقيل تعم كل قَاذف ومقذوف من الْمُحْصنَات والمحصنين وَهُوَ الْمُوَافق لما قَرَّرَهُ أهل الْأُصُول من أَن الِاعْتِبَار بِعُمُوم اللَّفْظ لَا بِخُصُوص السَّبَب وَنزل ثَمَانِي عشرَة آيَة فِي بَرَاءَة عَائِشَة الصديقة رَضِي الله عَنْهَا تَنْتَهِي بقوله سُبْحَانَهُ {أُولَئِكَ مبرؤون}

باب ما نزل في كون الخبيثات للخبيثين والطيبات للطيبين

111 - بَاب مَا نزل فِي كَون الخبيثات للخبيثين والطيبات للطيبين {الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات أُولَئِكَ مبرؤون مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مغْفرَة ورزق كريم} سُورَة النُّور قَالَ تَعَالَى {الخبيثات} من النِّسَاء {للخبيثين} من الرِّجَال أَي مختصات بهم لَا يكدن يتجاوزنهم إِلَى غَيرهم {والخبيثون للخبيثات} أَي مختصون بِهن لَا يتجاوزونهن لِأَن المجانسة من دواعي الأنضمام {والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات} قَالَ أَكثر الْمُفَسّرين مَعْنَاهُ الْكَلِمَات الخبيثات من القَوْل للخبيثين من الرِّجَال والخبيثون من الرِّجَال للخبيثات من الْكَلِمَات والكلمات الطَّيِّبَات من القَوْل للطيبين من النَّاس والطيبون من النَّاس للطيبات من الْكَلِمَات وَعَن ابْن عَبَّاس مثله وَكَذَا رُوِيَ عَن جمَاعَة من التَّابِعين قَالَ النّحاس وَهَذَا أحسن مَا قيل وَقَالَ الزّجاج مَعْنَاهُ لَا يتَكَلَّم بالخبيثات إِلَّا الْخَبيث من الرِّجَال وَالنِّسَاء وَلَا يتَكَلَّم بالطيبات إِلَّا الطّيب من الرِّجَال وَالنِّسَاء وَهَذَا ذمّ للَّذين قذفوا السيدة عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا بالخبث ومدح للَّذين برأوها وَقيل إِن هَذِه الْآيَة مَبْنِيَّة على قَوْله {الزَّانِي لَا ينْكح إِلَّا زَانِيَة} فالخبيثات الزواني والطيبات العفائف وَكَذَا الخبيثون والطيبون {أُولَئِكَ مبرؤون مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مغْفرَة} عَظِيمَة {ورزق كريم} أَي فِي الْجنَّة

باب ما نزل في إبداء النسوة زينتهن وإخفائها

112 - بَاب مَا نزل فِي إبداء النسْوَة زينتهن وإخفائها {وَقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن وَلَا يبدين زينتهن إِلَّا مَا ظهر مِنْهَا وَليَضْرِبن بِخُمُرِهِنَّ على جُيُوبهنَّ وَلَا يبدين زينتهن إِلَّا لبعولتهن أَو آبائهن أَو آبَاء بعولتهن أَو أبنائهن أَو أَبنَاء بعولتهن أَو إخوانهن أَو بني إخوانهن أَو بني أخواتهن أَو نسائهن أَو مَا ملكت أيمانهن أَو التَّابِعين غير أولي الإربة من الرِّجَال أَو الطِّفْل الَّذين لم يظهروا على عورات النِّسَاء وَلَا يضربن بأرجلهن ليعلم مَا يخفين من زينتهن} سُورَة النُّور قَالَ تَعَالَى {وَقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن} خص الْإِنَاث بِهَذَا الْخطاب على طَرِيق التَّأْكِيد لدخولهن تَحت خطاب الْمُؤمنِينَ تَغْلِيبًا كَمَا فِي سَائِر الخطابات القرآنية وَعَن مقَاتل قَالَ بلغنَا أَن جَابر بن عبد الله الْأنْصَارِيّ حدث أَن أَسمَاء بنت يزِيد كَانَت فِي نخل لَهَا لبني حَارِثَة فَجعل النِّسَاء يدخلن عَلَيْهَا غير متزرات فيبدو مَا فِي أرجلهن يَعْنِي الخلاخل وتبدو صدورهن وذوائبهن فَقَالَت أَسمَاء مَا أقبح هَذَا فَأنْزل الله فِي ذَلِك هَذِه الْآيَة وَبِالْجُمْلَةِ لَا يحل للْمَرْأَة أَن تنظر إِلَى الرجل لِأَن علاقتها بِهِ كعلاقته بهَا وقصدها مِنْهُ كقصده مِنْهَا قَالَ مُجَاهِد إِذا أَقبلت الْمَرْأَة جلس إِبْلِيس على رَأسهَا فزينها لمن ينظر وَإِذا أَدْبَرت جلس على عجيزتها فزينها لمن ينظر {ويحفظن فروجهن} أَي يجب عَلَيْهِنَّ حفظهَا عَمَّا يحرم عَلَيْهِنَّ وَالْمرَاد ستر الْفروج عَن أَن يَرَاهَا من لَا تحل لَهُ رؤيتها قَالَ أَبُو الْعَالِيَة كل مَا فِي

الْقُرْآن من حفظ الْفرج فَهُوَ عبارَة عَن صونه من الزِّنَى إِلَّا مَا فِي هَذَا الْموضع فَإِنَّهُ أَرَادَ بِهِ الاستتار حَتَّى لَا يَقع بصر الْغَيْر عَلَيْهِ وَأخرج البُخَارِيّ وَأهل السّنَن وَغَيرهم عَن بهر بن حَكِيم عَن أَبِيه عَن جده قَالَ قلت يَا رَسُول الله عوراتنا مَا نأتي مِنْهَا وَمَا نذر قَالَ احفظ عورتك إِلَّا من زَوجتك أَو مَا ملكت يَمِينك قلت يَا نَبِي الله إِذا كَانَ الْقَوْم بَعضهم فِي بعض قَالَ إِن اسْتَطَعْت أَن لَا يرينها أحد فَلَا يرينها قلت إِذا كَانَ أَحَدنَا خَالِيا قَالَ الله أَحَق أَن يستحيا مِنْهُ من النَّاس وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتب الله على ابْن آدم حَظه من الزِّنَى أدْرك ذَلِك لَا محَالة فزنى الْعين النّظر وزنى اللِّسَان النُّطْق وزنى الْأُذُنَيْنِ السماع وزنى الْيَدَيْنِ الْبَطْش وزنى الرجلَيْن الخطو وَالنَّفس تتمنى والفرج يصدق ذَلِك أَو يكذبهُ وَلَفظ ابْن آدم يعم الرِّجَال وَالنِّسَاء وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن حُذَيْفَة مَرْفُوعا النظرة سهم من سِهَام إِبْلِيس مَسْمُومَة فَمن تَركهَا من خوف الله أثابه الله إِيمَانًا يجد حلاوة فِي قلبه وَالْأَحَادِيث فِي هَذَا الْبَاب كَثِيرَة

{وَلَا يبدين زينتهن} أَي مَا يتزين بِهِ من الحلى وَغَيرهَا مثل الخلخال والخصاب فِي الرجل والسوار فِي المعصم والقرط فِي الْأذن والقلائد فِي الْعُنُق فَلَا يجوز للْمَرْأَة إظهارها وَلَا يجوز للْأَجْنَبِيّ النّظر إِلَيْهَا {إِلَّا مَا ظهر مِنْهَا} أَي مَا جرت الْعَادة وَالْحِيلَة على ظُهُوره وَاخْتلف النَّاس فِي ظَاهر هَذِه الزِّينَة مَا هُوَ فَقيل هُوَ الثِّيَاب وَقيل الْوَجْه وَقيل الْوَجْه والكفان وَقيل هُوَ الْخَاتم والسوار والكحل والخضاب فِي الْكَفّ وَقيل الجلباب والخمار وَنَحْوهمَا مِمَّا فِي الْكَفّ والقدمين من الْحلِيّ وَنَحْوهَا هَذَا ظَاهر النّظم القرآني وَإِن كَانَ المُرَاد موَاضعهَا كَانَ الِاسْتِثْنَاء رَاجعا إِلَى مَا يشق عَلَيْهَا ستره كالكفين والقدمين وَنَحْو ذَلِك وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة أَن أَسمَاء بنت أبي بكر دخلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَلَيْهَا ثِيَاب رقاق فَأَعْرض عَنْهَا وَقَالَ يَا أَسمَاء إِن الْمَرْأَة إِذا بلغت الْمَحِيض لم يصلح أَن يرى مِنْهَا إِلَّا هَذَا وَأَشَارَ إِلَى وَجهه وكفيه وَهَذَا مُرْسل وَإِنَّمَا رخص لَهَا فِي هَذَا الْقدر لِأَن الْمَرْأَة لَا تَجِد بدا من مزاولة الْأَشْيَاء بِيَدَيْهَا وَمن الْحَاجة إِلَى كشف وَجههَا خُصُوصا فِي الشَّهَادَة والمحاكمة وَالنِّكَاح وتضطر إِلَى الْمَشْي فِي الطرقات وَظُهُور قدميها وخاصة الفقيرات مِنْهُنَّ فَيجوز نظره لأَجْنَبِيّ إِن لم يخف فتْنَة فِي أحد الْوَجْهَيْنِ وَالثَّانِي يحرم لِأَنَّهُ مَظَنَّة الْفِتْنَة وَرجح حسما للباب قَالَه الْمحلي {وَليَضْرِبن بِخُمُرِهِنَّ على جُيُوبهنَّ} جمع خمار وَهُوَ مَا تغطي بِهِ الْمَرْأَة رَأسهَا والجيب مَوضِع الْقطع من الدرْع والقميص وَقيل المُرَاد بهَا هُنَا الْعُنُق أَي مَحَله قَالَ الْمُفَسِّرُونَ إِن نسَاء الْجَاهِلِيَّة كن يسدلن خمرهن من خلفهن وَكَانَت جُيُوبهنَّ من قُدَّام وَاسِعَة فتنكشف نحورهن

وقلائدهن فأمرن أَن يضربن مقانعهن على الْجُيُوب ليستر بذلك مَا كَانَ يَبْدُو مِنْهَا وَعَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت رحم الله نسَاء الْمُهَاجِرَات الأولات لما أنزل الله {وَليَضْرِبن بِخُمُرِهِنَّ على جُيُوبهنَّ} شققْنَ أكثف مروطن فَاخْتَمَرْنَ بِهِ أخرجه البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وَغَيرهم وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن جرير وَغَيرهمَا عَنْهَا بِلَفْظ أَخذ النِّسَاء أزرهن فشققنها من قبل الْحَوَاشِي فَاخْتَمَرْنَ بهَا {وَلَا يبدين زينتهن} أَي مَوَاضِع الزِّينَة الْبَاطِنَة وَهِي مَا عدا الْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ والصدر والساق وَالرَّأْس وَنَحْوهَا {إِلَّا لبعولتهن} أَي أَزوَاجهنَّ {أَو آبائهن أَو آبَاء بعولتهن أَو أبنائهن أَو أَبنَاء بعولتهن أَو إخوانهن أَو بني إخوانهن أَو بني أخواتهن أَو نسائهن} المختصات بِهن من جِهَة الِاشْتِرَاك فِي الْإِيمَان الملابسات لَهُنَّ بِالْخدمَةِ والصحبة فجوز للنِّسَاء أَن يبدين زينتهن الْبَاطِنَة لهَؤُلَاء لِكَثْرَة المخالطة الضرورية بَينهم وبينهن وَعدم خشيَة الْفِتْنَة من قبلهم لما فِي الطباع من النفرة عَن مماسة القرائب وَقد روى عَن الْحسن وَالْحُسَيْن عَلَيْهِمَا السَّلَام أَنَّهُمَا كَانَا لَا ينْظرَانِ إِلَى أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ ذَهَابًا مِنْهُمَا إِلَى أَن أَبنَاء البعولة لم يذكرُوا فِي الْآيَة الَّتِي فِي أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهِي قَوْله {لَا جنَاح عَلَيْهِنَّ فِي آبائهن} وَالْمرَاد بأبناء بعولتهن ذُكُور أَوْلَاد الْأزْوَاج وَيدخل فِي قَوْله {أبنائهن} أَوْلَاد الْأَوْلَاد وَإِن سفلوا وَكَذَا آبَاء البعولة وآباء الْآبَاء وآباء الْأُمَّهَات وَإِن علوا وَكَذَلِكَ أَبنَاء البعولة وَإِن سفلوا وَكَذَلِكَ أَبنَاء الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات وَذهب الْجُمْهُور إِلَى أَن الْعم وَالْخَال كَسَائِر الْمَحَارِم فِي جَوَاز النّظر إِلَى مَا يجوز لَهُم وَقَالَ الشّعبِيّ وَعِكْرِمَة لَيْسَ الْعم وَالْخَال من الْمَحَارِم قَالَ الْكَرْخِي وَعدم ذكر الْأَعْمَام والأخوال لما أَن الْأَحْوَط أَن يتسترن مِنْهُم حذرا من أَن يصفوهن لأبنائهم وَالْمعْنَى أَن سَائِر الْقرَابَات تشترك مَعَ الْأَب وَالِابْن فِي

الْمَحْرَمِيَّة إِلَّا إبني الْعم وَالْخَال وَهَذَا من الذلالات البليغة فِي وجوب الِاحْتِيَاط عَلَيْهِنَّ من النّسَب وَلَيْسَ فِي الْآيَة ذكر الرَّضَاع وَهُوَ كالنسب وَيخرج من هَذِه الْآيَة الشَّرِيفَة نسَاء الْكفَّار من أهل الذِّمَّة وَغَيرهم فَلَا يحل لَهُنَّ أَن يبدين زينتهن لَهُنَّ لِأَنَّهُنَّ لَا يتحرجن عَن وصفهن للرِّجَال وَفِي هَذِه الْمَسْأَلَة خلاف بَين أهل الْعلم قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا هن المسلمات لَا تبديها ليهودية وَلَا نَصْرَانِيَّة وَهُوَ النَّحْر والقرط والوشاح وَمَا يحرم أَن يرَاهُ إِلَّا محرم وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن الْمُنْذر عَن عمر بن الْخطاب أَنه كتب إِلَى أبي عُبَيْدَة أما بعد فَإِنَّهُ بَلغنِي أَن نسَاء من نسَاء الْمُؤمنِينَ يدخلن الحمامات مَعَ نسَاء أهل الشّرك فانه من قبلك عَن ذَلِك فَإِنَّهُ لَا يحل لامْرَأَة تؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر أَن ينظر إِلَى عورتها إِلَّا أهل ملتها {أَو مَا ملكت أيمانهن} فَيجوز لَهُم نظرهن إِلَّا مَا بَين السُّرَّة وَالركبَة فَيحرم نظره لغير الْأزْوَاج وَظَاهر الْآيَة يَشْمَل العبيد وَالْإِمَاء من غير فرق بَين أَن يَكُونُوا مُسلمين أَو كَافِرين وَبِه قَالَ جمَاعَة من أهل الْعلم وَكَانَ الشّعبِيّ يكره أَن ينظر الْمَمْلُوك إِلَى شعر مولاته وَجوزهُ غَيره وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو دَاوُد وَغَيرهمَا عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَى فَاطِمَة بِعَبْد قد وهبه لَهَا وَعَلَيْهَا ثوب إِذا قنع بِهِ رَأسهَا لم يبلغ رِجْلَيْهَا وَإِذا غطت بِهِ رِجْلَيْهَا لم يبلغ رَأسهَا فَلَمَّا رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا تلقى قَالَ إِنَّه لَيْسَ عَلَيْك بَأْس إِنَّمَا هُوَ أَبوك وغلامك وَهُوَ ظَاهر الْقُرْآن وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد عَن أم سَلمَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا كَانَ لإحداكن مكَاتب وَكَانَ لَهُ مَا يُؤَدِّي فلتحتجب مِنْهُ

قَالَ سُلَيْمَان الْجمل عَن شيخة فَيجوز لَهُنَّ أَن يكشفن لَهُم مَا عدا مَا بَين السُّرَّة وَالركبَة وَيجوز للعبيد أَيْضا أَن ينْظرُوا لَهُ وَأَن يكشفوا لَهُنَّ من أبدانهم مَا عدا مَا بَين السُّرَّة وَالركبَة وَلَكِن بِشَرْط الْعِفَّة وَعدم الشَّهْوَة من الْجَانِبَيْنِ {أَو التَّابِعين غير أولي الإربة من الرِّجَال} أَي الْحَاجة وَالْمرَاد بهؤلاء الحمقى الَّذين لَا حَاجَة لَهُم فِي النِّسَاء وَقيل البله وَقيل الْعنين وَقيل الْخصي وَقيل المخنث وَقيل الشَّيْخ الْكَبِير وَقيل الْمَجْبُوب وَلَا وَجه لهَذَا التَّخْصِيص بل الْمَجْبُوب الَّذِي بَقِي أنثياه والخصي الَّذِي بَقِي ذكره والعنين الَّذِي لَا يقدر على إتْيَان النِّسَاء والمخنث المتشبه بِالنسَاء وَالشَّيْخ الْهَرم كالفحل كَذَا أطلق الْأَكْثَرُونَ وَالْمرَاد بِالْآيَةِ ظَاهرهَا وهم من يتتبع أهل الْبَيْت فِي فضول الطَّعَام وَلَا حَاجَة لَهُ فِي النِّسَاء وَلَا يحصل مِنْهُ ذَلِك فِي حَال من الْأَحْوَال فَيدْخل فِي هَؤُلَاءِ من هُوَ بِهَذِهِ الصّفة وَيخرج من عداهُ وَعَن عَائِشَة قَالَت كَانَ مخنث يدْخل على أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانُوا يَدعُونَهُ من غير أولي الإربة فَدخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا وَهُوَ عِنْد بعض نِسَائِهِ وَهُوَ ينعَت امْرَأَة قَالَ إِذا أَقبلت أَقبلت بِأَرْبَع وَإِذا أَدْبَرت أَدْبَرت بثمان فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا أرى هَذَا يعرف مَا هَهُنَا لَا يدخلن عليكن فحجبوه {أَو الطِّفْل الَّذين لم يظهروا على عورات النِّسَاء} أَي لم يبلغُوا حد الشَّهْوَة للجماع وَقيل لم يعرفوا الْعَوْرَة من غَيرهَا من الصغر وَقيل لم يبلغُوا أَوَان الْقُدْرَة على الْوَطْء والعورة هِيَ مَا يُرِيد الْإِنْسَان ستره من بدنه وَغلب على السوأتين وَاخْتلف الْعلمَاء فِي وجوب ستر مَا عدا الْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ من الْأَطْفَال فَقيل لَا يلْزم لِأَنَّهُ لَا تَكْلِيف عَلَيْهِم وَهُوَ الصَّحِيح وَكَذَا اخْتلف فِي عَورَة

باب ما نزل في إنكاح الأيامي

الشَّيْخ الْكَبِير السَّاقِط الشَّهْوَة وَالْأولَى بَقَاء الْحُرْمَة كَمَا كَانَت وَأما حد الْعَوْرَة فأجمع الْمُسلمُونَ على أَن السوأتين عَورَة من الرِّجَال وَالْمَرْأَة وَأَن الْمَرْأَة كلهَا عَورَة إِلَّا وَجههَا ويديها على خلاف فِي ذَلِك وَقَالَ الْأَكْثَر إِن عَورَة الرجل من سرته إِلَى ركبته {وَلَا يضربن بأرجلهن ليعلم مَا يخفين من زينتهن} فَإِن ذَلِك مِمَّا يُورث الرِّجَال ميلًا إلَيْهِنَّ ويوهم أَن لَهُنَّ ميلًا إِلَى الرِّجَال وَهَذَا سد لباب الْمُحرمَات وَتَعْلِيم للأحوط وَإِلَّا فصوت النِّسَاء لَيْسَ بِعَوْرَة عِنْد الشَّافِعِي فضلا عَن صَوت خلخالهن وَقَالَ الزّجاج سَماع هَذِه الزِّينَة أَشد تحريكا للشهوة من إبدائها وَقَالَ ابْن عَبَّاس هُوَ أَن تقرع الخلخال بِالْآخرِ عِنْد الرِّجَال فنهين عَن ذَلِك لِأَنَّهُ من عمل الشَّيْطَان وَسَمَاع صَوت الزِّينَة كإظهارها وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ من فعل ذَلِك مِنْهُنَّ فَرحا بحليهن فَهُوَ مَكْرُوه وَمن فعل تبرجا وتعرضا للرِّجَال فَهُوَ حرَام مَذْمُوم وَكَذَلِكَ من ضرب بنعله الأَرْض من الرِّجَال إِن فعل ذَلِك عجبا حرم فَإِن الْعجب كَبِيرَة وَإِن فعل ذَلِك تبرجا لم يحرم انْتهى 113 - بَاب مَا نزل فِي إنكاح الأيامي {وَأنْكحُوا الْأَيَامَى مِنْكُم وَالصَّالِحِينَ من عبادكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِم الله من فَضله} سُورَة النُّور قَالَ تَعَالَى {وَأنْكحُوا الْأَيَامَى مِنْكُم} الأيم هِيَ الَّتِي لَا زوج لَهَا وَمن لَيْسَ لَهُ زَوْجَة فَيشْمَل الرجل وَالْمَرْأَة غير المتزوجين وَالْخطاب للأولياء والسادة وَقيل للأزواج وَالْأول أرجح وَفِيه دَلِيل على أَن الْمَرْأَة لَا تنْكح نَفسهَا وَعَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيّمَا امْرَأَة نكحت بِغَيْر إِذن وَليهَا فنكاحها بَاطِل ثَلَاثًا أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَعِنْدَهُمَا عَن أبي مُوسَى

يرفعهُ لَا نِكَاح إِلَّا بولِي وَاخْتلف فِي هَذَا النِّكَاح فَقَالَ الشَّافِعِي مُبَاح وَقَالَ مَالك وَأَبُو حنيفَة مُسْتَحبّ وَقَالَ غَيرهم وَاجِب على تَفْصِيل لَهُم فِي ذَلِك وَالْحق أَنه سنة من السّنَن الْمُؤَكّدَة لأحاديث وَردت فِي ترغيب النِّكَاح قَالَ ابْن عَبَّاس رغبهم فِيهِ وَوَعدهمْ فِي ذَلِك الْغنى وَقَالَ أَبُو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ أطِيعُوا الله فِيمَا أَمركُم من النِّكَاح ينجز لكم مَا وَعدكُم من الْغَنِيّ وَعَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ مَا رَأَيْت كَرجل لم يلْتَمس الْغنى فِي الْبَاءَة وَقد وعد الله فِيهَا مَا وعد فَقَالَ {إِن يَكُونُوا فُقَرَاء} وَعَن ابْن مَسْعُود نَحوه وَعَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انكحوا النِّسَاء فَإِنَّهُنَّ يَأْتينكُمْ بِالْمَالِ أخرجه الْبَزَّار وَالدَّارَقُطْنِيّ وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي مراسيله عَن عُرْوَة مَرْفُوعا وَالْمرَاد بالأيامي هَهُنَا الْأَحْرَار والحرائر وَأما المماليك فقد بَين ذَلِك بقوله {وَالصَّالِحِينَ من عبادكُمْ وَإِمَائِكُمْ} وَالصَّلَاح هُوَ الْإِيمَان وَالْقِيَام بِحُقُوق النِّكَاح أَو أَن لَا تكون صَغِيرَة لَا تحْتَاج إِلَى النِّكَاح وَلم يذكر الصّلاح فِي الْأَحْرَار لِأَن الْغَالِب فيهم الصّلاح بِخِلَاف المماليك وَفِيه دَلِيل على أَن الْمَمْلُوك لَا يُزَوّج نَفسه وَإِنَّمَا يُزَوجهُ ويتولى تَزْوِيجه مَالِكه وسيده وَلَا يجوز للسَّيِّد أَن يكره عَبده وَأمته على النِّكَاح وَقَالَ مَالك يجوز وَالْأول مَذْهَب الْجُمْهُور {إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِم الله من فَضله} أَي لَا تمنعوا من تَزْوِيج الْأَحْرَار بِسَبَب فقد الرجل وَالْمَرْأَة أَو أَحدهمَا مَالا فَإِنَّهُم إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِم الله سُبْحَانَهُ ويتفضل عَلَيْهِم بذلك فَإِن فِي فضل الله غنية عَن المَال فَإِنَّهُ غاد ورائح وَمثله قَوْله تَعَالَى {وَإِن خِفْتُمْ عيلة فَسَوف يغنيكم الله من فَضله إِن شَاءَ إِن الله عليم حَكِيم} سُورَة التَّوْبَة

باب ما نزل في النهي عن الإكراه للفتيات على البغاء

وَبِالْجُمْلَةِ فَفِي الْآيَة دلَالَة على جَوَاز النِّكَاح الثَّانِي للأيم رجلا كَانَ أَو امْرَأَة بل إِيجَاب لَهُ لِأَن الْحَقِيقَة فِي الْأَمر الْوُجُوب وَلَا صَارف لَهُ هُنَا 11 4 - بَاب مَا نزل فِي النَّهْي عَن الْإِكْرَاه للفتيات على الْبغاء) {وَلَا تكْرهُوا فَتَيَاتكُم على الْبغاء إِن أردن تَحَصُّنًا لتبتغوا عرض الْحَيَاة الدُّنْيَا وَمن يكرههن فَإِن الله من بعد إكراههن غَفُور رَحِيم} سُورَة النُّور قَالَ تَعَالَى {وَلَا تكْرهُوا فَتَيَاتكُم على الْبغاء} أَي إماءكم على الزِّنَى {إِن أردن تَحَصُّنًا} أَي تعففا وتزوجا وَعَن جَابر بن عبد الله قَالَ كَانَ عبد الله بن أبي يَقُول لجارية لَهُ اذهبي فابغينا شَيْئا وَكَانَت كارهة فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَغَيرهم وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة يكْرهُونَ إماءهم على الزِّنَى فَيَأْخُذُونَ أُجُورهنَّ فَنزلت هَذِه الْآيَة وَقد ورد النَّهْي عَن مهر الْبَغي وَكسب الْحجام وحاوان الكاهن وَفِي سَبَب نزُول هَذِه الْآيَة رِوَايَات {لتبتغوا عرض الْحَيَاة الدُّنْيَا} وَهُوَ مَا تكسبه الْأمة بفرجها {وَمن يكرههن فَإِن الله من بعد إكراههن غَفُور رَحِيم} مَعْنَاهُ أَن عُقُوبَة الْإِكْرَاه رَاجِعَة إِلَى المكرهين لَا إِلَى المكرهات وَقيل إِن الله غَفُور رَحِيم لَهُم إِمَّا مُطلقًا أَو بِشَرْط التَّوْبَة

باب ما نزل في الاستئذان للدخول على النساء

115 - بَاب مَا نزل فِي الاسْتِئْذَان للدخول على النِّسَاء {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لِيَسْتَأْذِنكُم الَّذين ملكت أَيْمَانكُم وَالَّذين لم يبلغُوا الْحلم مِنْكُم ثَلَاث مَرَّات من قبل صَلَاة الْفجْر وَحين تضعون ثيابكم من الظهيرة وَمن بعد صَلَاة الْعشَاء ثَلَاث عورات لكم لَيْسَ عَلَيْكُم وَلَا عَلَيْهِم جنَاح بعدهن طَوَّافُونَ عَلَيْكُم} سُورَة النُّور قَالَ تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لِيَسْتَأْذِنكُم الَّذين ملكت أَيْمَانكُم} العبيد وَالْإِمَاء عَن مقَاتل بن حَيَّان قَالَ بلغنَا أَن رجلا من الْأَنْصَار وَامْرَأَته أَسمَاء بنت مرشده صنعا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَعَاما فَقَالَت أَسمَاء يَا رَسُول الله مَا أقبح هَذَا إِنَّه ليدْخل على الْمَرْأَة وزجها وهما فِي ثوب وَاحِد غلامهما بِغَيْر إِذن فَأنْزل الله فِي ذَلِك هَذِه الْآيَة يَعْنِي بهَا العبيد وَالْإِمَاء وَعَن السّديّ قَالَ كَانَ أنَاس من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعجبهم أَن يواقعوا نِسَاءَهُمْ فِي هَذِه السَّاعَات ليغتسلوا ثمَّ يخرجُوا إِلَى الصَّلَاة فَأمروا المملوكين والغلمان أَن لَا يدخلُوا عَلَيْهِم فِي تِلْكَ السَّاعَات إِلَّا بِإِذن {وَالَّذين لم يبلغُوا الْحلم مِنْكُم} أَي الصّبيان وَالْمرَاد الْأَحْرَار من الرِّجَال وَالنِّسَاء وَاتَّفَقُوا على أَن الِاحْتِلَام بُلُوغ وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا بلغ خمس عشرَة سنة وَلم يَحْتَلِم فَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يكون بَالغا حَتَّى يبلغ ثَمَانِي عشرَة سنة ويستكملها وَالْجَارِيَة سبع عشرَة سنة وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد فِي الْغُلَام وَالْجَارِيَة بِخمْس عشرَة سنة يصير مُكَلّفا وتجري عَلَيْهِ الْأَحْكَام وَإِن لم يَحْتَلِم {ثَلَاث مَرَّات} أَي ثَلَاثَة أَوْقَات فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة {من قبل صَلَاة الْفجْر وَحين تضعون ثيابكم} فِي النَّهَار {من} شدَّة حر {الظهيرة} وَذَلِكَ عِنْد

انتصاف النَّهَار {وَمن بعد صَلَاة الْعشَاء} وَذَلِكَ لِأَنَّهُ وَقت التجرد عَن ثِيَاب الْيَقَظَة وَالْخلْوَة بالأهل والالتحاف بِثِيَاب النّوم {ثَلَاث عورات لكم} أَي أَوْقَات يخْتل فِيهَا السّتْر وَقيل ثَلَاث استئذانات وَالْأول أرجح لحَدِيث عبد الله بن سُوَيْد قَالَ سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن العورات الثَّلَاث فَقَالَ إِذا أَنا وضعت ثِيَابِي بعد الظهيرة لم يلج عَليّ أحد من الخدم من الَّذين لم يبلغُوا الْحلم وَلَا أحد لم يبلغ الْحلم من الاحرار إِلَّا بِإِذن وَإِذا وضعت ثِيَابِي بعد صَلَاة الْعشَاء وَمن قبل صَلَاة الصُّبْح أخرجه ابْن مرْدَوَيْه وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ إِنَّه لم يُؤمن بهَا أَكثر النَّاس يَعْنِي آيَة الْإِذْن وَإِنِّي لآمر جاريتي هَذِه جَارِيَة قَصِيرَة قَائِمَة على رَأسه أَن تستأذن عَليّ وَعنهُ قَالَ ترك النَّاس ثَلَاث آيَات لم يعملوا بِهن هَذِه الْآيَة وَالْآيَة الَّتِي فِي سُورَة النِّسَاء {وَإِذا حضر الْقِسْمَة} الْآيَة وَالْآيَة الَّتِي فِي الحجرات {إِن أكْرمكُم عِنْد الله أَتْقَاكُم} وَعنهُ أَن رجلا سَأَلَهُ عَن الاسْتِئْذَان فِي الثَّلَاث العورات فَقَالَ إِن الله ستير يحب السّتْر وَكَانَ النَّاس لَهُم ستور على أَبْوَابهم وَلَا حجاب فِي بُيُوتهم فَرُبمَا فجأ الرجل خادمه أَو وَلَده أَو يتيمه فِي حجره وَهُوَ على أَهله فَأَمرهمْ أَن يستأذنوا فِي تِلْكَ العورات الَّتِي سَمَّاهَا الله ثمَّ جَاءَ الله بعد بالستور وَبسط عَلَيْهِم الرزق فاتخذوا الستور والحجال فَرَأى النَّاس أَن ذَلِك قد كفاهم من الاسْتِئْذَان الَّذِي أمروا بِهِ وَعَن ابْن عمر فِي الْآيَة قَالَ هِيَ على الذُّكُور دون الْإِنَاث وَلَا وَجه لهَذَا التَّخْصِيص وَعَن السّلمِيّ قَالَ هِيَ فِي النِّسَاء خَاصَّة وَالرِّجَال يستأذنون على كل حَال فِي اللَّيْل وَالنَّهَار {لَيْسَ عَلَيْكُم وَلَا عَلَيْهِم جنَاح بعدهن} أَي بعد كل وَاحِدَة من هَذِه العورات الثَّلَاث {طَوَّافُونَ عَلَيْكُم} أَي يطوفون وهم خدمكم فَلَا بَأْس أَن يدخلُوا عَلَيْكُم فِي غير هَذِه الْأَوْقَات بِغَيْر إِذن

باب ما نزل في القواعد من النساء

116 - بَاب مَا نزل فِي الْقَوَاعِد من النِّسَاء {وَالْقَوَاعِد من النِّسَاء اللَّاتِي لَا يرجون نِكَاحا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جنَاح أَن يَضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وَأَن يستعففن خير لَهُنَّ} قَالَ تَعَالَى {وَالْقَوَاعِد من النِّسَاء} أَي الْعَجَائِز اللَّاتِي قعدن عَن الْمَحِيض أَو عَن الِاسْتِمْتَاع أَو عَن الْوَلَد من الْكبر فَلَا يلدن وَلَا يحضن {اللَّاتِي لَا يرجون نِكَاحا} أَي لَا يطمعن فِيهِ لكبرهن وَقيل هن اللواتي إِذا رآهن الرِّجَال استقذروهن فَأَما من كَانَت فِيهَا بَقِيَّة جمال وَهِي مَحل الشَّهْوَة فَلَا تدخل فِي حكم هَذِه الْآيَة {فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جنَاح أَن يَضعن ثيابهن} الَّتِي تكون على ظَاهر الْبدن كالجلباب والرداء الَّذِي فَوق الثِّيَاب والقناع الَّذِي فَوق الْخمار وَنَحْوهَا لَا الثِّيَاب الَّتِي على الْعَوْرَة الْخَاصَّة والخمار وَإِنَّمَا جَازَ لَهُنَّ ذَلِك لانصراف الْأَنْفس عَنْهُن إِذْ لَا رَغْبَة للرِّجَال فِيهِنَّ فأباح الله سُبْحَانَهُ لَهُنَّ مَا لم يبحه لغيرهن {غير متبرجات بزينة} أَي غير مظهرات للزِّينَة الَّتِي أمرن بإخفائها فِي قَوْله {وَلَا يبدين زينتهن} لينْظر إلَيْهِنَّ الرِّجَال أَو زِينَة خُفْيَة كقلادة وسوار وخلخال والتبرج التكشف والظهور للعيون والتكلف فِي إِظْهَار مَا يخفى وَإِظْهَار الْمَرْأَة زينتها ومحاسنها للرِّجَال {وَأَن يستعففن خير لَهُنَّ} أَي وَأَن يتركن وضع الثِّيَاب ويطلبن الْعِفَّة عَنهُ كَانَ ذَلِك خيرا فِي حقهن وَأقرب من التَّقْوَى

باب ما نزل في الأكل من بيوت النساء

117 - بَاب مَا نزل فِي الْأكل من بيُوت النِّسَاء {لَيْسَ على الْأَعْمَى حرج وَلَا على الْأَعْرَج حرج وَلَا على الْمَرِيض حرج وَلَا على أَنفسكُم أَن تَأْكُلُوا من بُيُوتكُمْ أَو بيُوت آبائكم أَو بيُوت أُمَّهَاتكُم أَو بيُوت إخْوَانكُمْ أَو بيُوت أخواتكم أَو بيُوت أعمامكم أَو بيُوت عماتكم أَو بيُوت أخوالكم أَو بيُوت خالاتكم أَو مَا ملكتم مفاتحه أَو صديقكم لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَو أشتاتا} قَالَ تَعَالَى {لَيْسَ على الْأَعْمَى حرج وَلَا على الْأَعْرَج حرج وَلَا على الْمَرِيض حرج وَلَا على أَنفسكُم أَن تَأْكُلُوا من بُيُوتكُمْ} الَّتِي فِيهَا مَتَاعكُمْ وأهلكم فَيدْخل بيُوت الْأَوْلَاد كَذَا قَالَ الْمُفَسِّرُونَ لكَون بَيت ابْن الرجل بَيته فَلِذَا لم يذكر سُبْحَانَهُ بيُوت الْأَوْلَاد وَذكر بيُوت الْآبَاء وبيوت الْأُمَّهَات وَمن بعدهمْ أَو الْمَعْنى من بيُوت أزواجكم لِأَن بَيت الْمَرْأَة كبيت الزَّوْج وَلِأَن الزَّوْجَيْنِ صَارا كَنَفس وَاحِدَة {أَو بيُوت آبائكم أَو بيُوت أُمَّهَاتكُم أَو بيُوت إخْوَانكُمْ أَو بيُوت أخواتكم أَو بيُوت أعمامكم أَو بيُوت عماتكم أَو بيُوت أخوالكم أَو بيُوت خالاتكم} قَالَ بعض الْعلمَاء جَوَاز الْأكل من بيُوت هَؤُلَاءِ بِالْإِذْنِ مِنْهُم لِأَن الْإِذْن ثَابت دلَالَة وَقَالَ آخَرُونَ لَا يشْتَرط الْإِذْن قيل وَهَذَا إِذا كَانَ الطَّعَام مبذولا فَإِن كَانَ محرزا دونهم لم يجز لَهُم أكله قَالَه الْخَطِيب وَهَؤُلَاء يَكْفِي فيهم أدنى قرينَة بل يَنْبَغِي أَن يشْتَرط فيهم أَن لَا يعلم عدم الرِّضَا بِخِلَاف غَيرهم من الْأَجَانِب فَلَا بُد فيهم من صَرِيح الْإِذْن أَو قرينَة قَوِيَّة هَذَا مَا ظهر لي وَلم أر من تعرض لذَلِك {أَو مَا ملكتم مفاتحه} أَي الْبيُوت الَّتِي تَمْلِكُونَ التَّصَرُّف فِيهَا بِإِذن

باب ما نزل في النسب والصهر

أَرْبَابهَا وَذَلِكَ كالوكلاء والخزان وَقيل المُرَاد بيُوت المماليك {أَو صديقكم} وَإِن لم يكن بَيْنكُم وَبَينه قرَابَة فَإِن الصّديق فِي الْغَالِب يسمح لصديقه بذلك وتطيب بِهِ نَفسه {لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَو أشتاتا} أَي مُجْتَمعين أَو مُتَفَرّقين 118 - بَاب مَا نزل فِي النّسَب والصهر {وَهُوَ الَّذِي خلق من المَاء بشرا فَجعله نسبا وصهرا} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة الْفرْقَان {وَهُوَ الَّذِي خلق من المَاء بشرا فَجعله نسبا وصهرا} قيل النّسَب هُوَ الَّذِي لَا يحل نِكَاحه والصهر مَا يحل نِكَاحه وَقيل الصهر قرَابَة النِّكَاح فقرابة الزَّوْجَة هم الْأخْتَان وقرابة الزَّوْج هم الأحماء والأصهار تعمهما وَفِي الْقَامُوس الصهر بِالْكَسْرِ الْقَرَابَة والختن وَقَالَ الْخَلِيل الصهر أهل بَيت الْمَرْأَة وَقَالَ الْأَزْهَرِي الصهر يشْتَمل على قَرَابَات النِّسَاء ذَوي الْمَحَارِم وَذَوَات الْمَحَارِم كالأبوين وَالإِخْوَة وَأَوْلَادهمْ والأعمام والأخوال والخالات فَهَؤُلَاءِ أَصْهَار زوج الْمَرْأَة وَمن قبل الزَّوْج من ذَوي قرَابَته الْمَحَارِم فهم أَصْهَار الْمَرْأَة أَيْضا وَقَالَ ابْن السّكيت كل من كَانَ من قبل الزَّوْج من أَبِيه أَو أُخْته أَو عَمه فهم الأحماء وَمن كَانَ من قبل الْمَرْأَة فهم الْأخْتَان وَيجمع الصِّنْفَيْنِ الأصهار وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ النّسَب والصهر مَعْنيانِ يعمان كل قربى تكون بَين آدميين

باب ما نزل في الدعاء للأزواج والذرية

وَقَالَ الواحدي قَالَ الْمُفَسِّرُونَ النّسَب سَبْعَة أَصْنَاف من الْقَرَابَة يجمعها قَوْله {حرمت عَلَيْكُم أُمَّهَاتكُم} إِلَى قَوْله {وَأُمَّهَات نِسَائِكُم} وَمن هُنَا إِلَى قَوْله {وَأَن تجمعُوا بَين الْأُخْتَيْنِ} تَحْرِيم بالصهر وَهُوَ الْخلطَة الَّتِي تشبه الْقَرَابَة وَهُوَ النّسَب الْمحرم للنِّكَاح وَقد حرم الله سَبْعَة أَصْنَاف من النّسَب من جِهَة الصهر أَي السَّبَب واشتملت الْآيَة الْمَذْكُورَة على سِتَّة مِنْهَا وَالسَّابِعَة قَوْله {وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح آباؤكم من النِّسَاء} وَقد جعل ابْن عَطِيَّة والزجاج وَغَيرهمَا الرَّضَاع من جملَة النّسَب وَيُؤَيِّدهُ قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحرم من الرَّضَاع مايحرم من النّسَب أَرَادَ سُبْحَانَهُ تَقْسِيم الْبشر قسمَيْنِ ذَوي النّسَب أَي ذُكُورا ينْسب اليهم فَيُقَال فلَان ابْن فلَان وفلانة بنت فلَان وَذَوَات صهر أَي إِنَاثًا يصاهر بِهن كَقَوْلِه تَعَالَى {فَجعل مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذّكر وَالْأُنْثَى} 119 بَاب مَا نزل فِي الدُّعَاء للأزواج والذرية {وَالَّذين يَقُولُونَ رَبنَا هَب لنا من أَزوَاجنَا وَذُرِّيَّاتنَا قُرَّة أعين واجعلنا لِلْمُتقين إِمَامًا} الْفرْقَان 74 قَالَ تَعَالَى {وَالَّذين يَقُولُونَ رَبنَا هَب لنا من أَزوَاجنَا وَذُرِّيَّاتنَا قُرَّة أعين} قَالَ ابْن عَبَّاس يعنون من يعْمل بِالطَّاعَةِ فتقر بِهِ أَعيننَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَإِنَّهُ لَيْسَ شَيْء أقرّ لعين الْمُؤمن من أَن يرى زَوجته وَأَوْلَاده مُطِيعِينَ لله عز وَجل فيطمع أَن يحلوا مَعَه فِي الْجنَّة فَيتم سروره وتقر عينه بذلك {واجعلنا لِلْمُتقين إِمَامًا} أَي قدوة يقْتَدى بِنَا فِي الْخَيْر وَإِقَامَة

باب ما نزل في إباحة الزوجات للزوج

مراسم الدَّين بإفاضة الْعلم والتوفيق للْعَمَل الصَّالح وَفِي آخر هَذِه الْآيَة وعد الْجنَّة لهَؤُلَاء الداعين اللَّهُمَّ أرزقنا إِيَّاهَا 120 - بَاب مَا نزل فِي إِبَاحَة الزَّوْجَات للزَّوْج {أتأتون الذكران من الْعَالمين وتذرون مَا خلق لكم ربكُم من أزواجكم بل أَنْتُم قوم عادون} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة الشُّعَرَاء {أتأتون} أَي أتنكحون {الذكران} جمع الذّكر ضد الْأُنْثَى وهم بَنو آدم أَو كل حَيَوَان {من الْعَالمين} أَي من النَّاس وَقد كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِك بالغرباء {وتذرون} أَي تتركون {مَا خلق} أَي أصلح وَأحل وأباح {لكم ربكُم} لأجل استمتاعكم بِهِ {من أزواجكم} المُرَاد بِهن جنس الْإِنَاث وَقَالَ مُجَاهِد تركْتُم أقبال النِّسَاء إِلَى أدبار الرِّجَال وأدبار النِّسَاء وَعَن عِكْرِمَة نَحوه وَفِيه دَلِيل على تَحْرِيم أدبار الزَّوْجَات والمملوكات قَالَ النَّسَفِيّ من أجَازه فقد أَخطَأ خطأ عَظِيما {بل أَنْتُم قوم عادون} أَي مجاوزون للحد فِي جَمِيع الْمعاصِي وَمن جُمْلَتهَا هَذِه الْمعْصِيَة الَّتِي ترتكبونها من الذكران

باب ما نزل في الدعاء للوالدة

121 - بَاب مَا نزل فِي الدُّعَاء للوالدة {وَقَالَ رب أوزعني أَن أشكر نِعْمَتك الَّتِي أَنْعَمت عَليّ وعَلى وَالِدي وَأَن أعمل صَالحا ترضاه وأدخلني بِرَحْمَتك فِي عِبَادك الصَّالِحين} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة النَّمْل {وَقَالَ رب أوزعني أَن أشكر نِعْمَتك الَّتِي أَنْعَمت عَليّ وعَلى وَالِدي وَأَن أعمل صَالحا ترضاه وأدخلني بِرَحْمَتك فِي عِبَادك الصَّالِحين} معنى أوزعني ألهمني الدُّعَاء مِنْهُ بِأَن يوزعه الله شكر نعْمَته على وَالِديهِ كَمَا أوزعه شكر نعْمَته عَلَيْهِ لِأَن الإنعام عَلَيْهِمَا إنعام عَلَيْهِ وَذَلِكَ يسْتَوْجب الشُّكْر مِنْهُ لله سُبْحَانَهُ قَالَ أهل الْكتاب وَأمه هِيَ زَوْجَة أوريا بِوَزْن قوتلا الَّتِي امتحن الله بهَا دَاوُد قَالَه الْقُرْطُبِيّ وَالله أعلم بِصِحَّتِهِ 122 - بَاب مَا نزل فِي كَون الْمَرْأَة ملكة لمملكة {إِنِّي وجدت امْرَأَة تملكهم وَأُوتِيت من كل شَيْء وَلها عرش عَظِيم وَجدتهَا وقومها يَسْجُدُونَ للشمس من دون الله وزين لَهُم الشَّيْطَان أَعْمَالهم فصدهم عَن السَّبِيل فهم لَا يَهْتَدُونَ} سُورَة النَّمْل قَالَ تَعَالَى {إِنِّي وجدت امْرَأَة تملكهم} هِيَ بلقيس بنت شرَاحِيل وَقيل بنت ذِي شرح وجدهَا الهدهد تملك أهل سبأ وَكَانَ أَبوهَا ملك أَرض الْيمن وَلم يكن لَهُ ولد غَيرهَا فَغلبَتْ على الْملك وَكَانَت هِيَ وقومها

مجوسا يعْبدُونَ الشَّمْس وَقَالَ ابْن عَبَّاس هِيَ بنت ذِي شيره وَكَانَت شعراء قيل كَانَت من نسل يعرب بن قحطان وَعَن أَي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحد أَبَوي بلقيس كَانَ جنيا أخرجه ابْن عَسَاكِر وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن جرير {وَأُوتِيت من كل شَيْء} من الْأَشْيَاء الَّتِي تحْتَاج إِلَيْهَا الْمُلُوك من الْآلَة وَالْعدة وَكَانَ تخدمها النِّسَاء {وَلها عرش عَظِيم} أَي سَرِير كَبِير ضخم قيل كَانَ مسبوكا من الذَّهَب وَالْفِضَّة طوله ثَمَانُون ذِرَاعا وَعرضه أَرْبَعُونَ ذِرَاعا وارتفاعه فِي السَّمَاء ثَلَاثُونَ ذِرَاعا مكللا بالدر والياقوت الْأَحْمَر والزبرجد الْأَخْضَر والزمرد قَالَ ابْن عَطِيَّة وَاللَّازِم من الْآيَة أَنَّهَا امْرَأَة ملكت على مداين الْيمن ذَات ملك عَظِيم وسرير وَكَانَت كَافِرَة من قوم كفار وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ سَرِير كريم من ذهب وقوائمه من جَوْهَر ولؤلؤ حسن الصَّنْعَة غالي الثّمن عَلَيْهِ سَبْعَة أَبْيَات على كل بَيت بَاب مغلق {وَجدتهَا وقومها يَسْجُدُونَ للشمس من دون الله} أَي يعبدونها متجاوزين عبَادَة الله سُبْحَانَهُ قيل كَانُوا مجوسا وَقيل زنادقة {وزين لَهُم الشَّيْطَان أَعْمَالهم} الَّتِي يعملونها وَهِي عبَادَة الشَّمْس وَسَائِر أَعمال الْكفْر {فصدهم عَن السَّبِيل} أَي الطَّرِيق الْوَاضِح وَهُوَ الْإِيمَان بِاللَّه وتوحيده {فهم لَا يَهْتَدُونَ} إِلَى ذَلِك إِلَى آخر الْآيَة وَفِي الْآيَة ورد الشّرك بِاللَّه فِي الْعِبَادَة وَقد وقفت فِي هَذَا الْبَاب على كتاب سَمَّاهُ مُؤَلفه الدَّين الْخَالِص جمع فِيهِ كل مَا فِيهِ شرك أَو بِدعَة ضَالَّة وكل مَا ورد فِي ذَلِك من الْآيَات وَالسّنة

باب ما نزل في إجابة المرأة الرجل على كتابته إليها

123 - بَاب مَا نزل فِي إِجَابَة الْمَرْأَة الرجل على كِتَابَته إِلَيْهَا {قَالَت يَا أَيهَا الْمَلأ إِنِّي ألقِي إِلَيّ كتاب كريم إِنَّه من سُلَيْمَان وَإنَّهُ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم أَلا تعلوا عَليّ وأتوني مُسلمين قَالَت يَا أَيهَا الْمَلأ أفتوني فِي أَمْرِي مَا كنت قَاطِعَة أمرا حَتَّى تَشْهَدُون قَالُوا نَحن أولُوا قُوَّة وأولو بَأْس شَدِيد وَالْأَمر إِلَيْك فانظري مَاذَا تأمرين قَالَت إِن الْمُلُوك إِذا دخلُوا قَرْيَة أفسدوها وَجعلُوا أعزة أَهلهَا أَذِلَّة وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ وَإِنِّي مُرْسلَة إِلَيْهِم بهدية فناظرة بِمَ يرجع المُرْسَلُونَ} {فَلَمَّا جَاءَت قيل أهكذا عرشك قَالَت كَأَنَّهُ هُوَ وأوتينا الْعلم من قبلهَا وَكُنَّا مُسلمين وصدها مَا كَانَت تعبد من دون الله إِنَّهَا كَانَت من قوم كَافِرين قيل لَهَا ادخلي الصرح فَلَمَّا رَأَتْهُ حسبته لجة وكشفت عَن سَاقيهَا قَالَ إِنَّه صرح ممرد من قَوَارِير قَالَت رب إِنِّي ظلمت نَفسِي وَأسْلمت مَعَ سُلَيْمَان} سُورَة النَّمْل قَالَ تَعَالَى {قَالَت} أَي بلقيس {يَا أَيهَا الْمَلأ إِنِّي ألقِي إِلَيّ كتاب كريم} الْمَلأ الْأَشْرَاف والكريم الْمُعظم أَو الْمَخْتُوم فَإِن كَرَامَة الْكتاب خَتمه كَمَا رُوِيَ ذَلِك مَرْفُوعا قَالَ ابْن المقفع من كتب إِلَى أَخِيه كتابا وَلم يختمه فقد استخف بِهِ {أَنه من} عبد الله {سُلَيْمَان} بن دَاوُد إِلَى بلقيس ملكة سبأ {وَإنَّهُ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} أَي مفتتح بِالتَّسْمِيَةِ أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَيْمُون بن مهْرَان أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يكْتب بِاسْمِك اللَّهُمَّ حَتَّى نزلت هَذِه الْآيَة فَكَانَ يكْتب الْبَسْمَلَة وَبعدهَا السَّلَام على من اتبع الْهدى

{أَلا تعلوا} لَا تتكبروا {على} كَمَا تَفْعَلهُ جبابرة الْمُلُوك {وأتوني مُسلمين} أَي طائعين منقادين للدّين مُؤمنين بِمَا جِئْت بِهِ قيل لم يزدْ سُلَيْمَان على مَا نَص الله فِي كِتَابه وَكَذَلِكَ الْأَنْبِيَاء كَانُوا يَكْتُبُونَ جملا لَا يطيلون وَلَا يكثرون قيل طبعه سُلَيْمَان بالمسك أَي جعل عَلَيْهِ قِطْعَة مِنْهُ كالشمع ثمَّ خَتمه بِخَاتمِهِ {قَالَت يَا أَيهَا الْمَلأ أفتوني فِي أَمْرِي مَا كنت قَاطِعَة أمرا حَتَّى تَشْهَدُون} أَي تشيروا عَليّ {قَالُوا نَحن أولُوا قُوَّة} فِي الْعدَد وَالْعدة {وأولو بَأْس شَدِيد} عِنْد الْحَرْب واللقاء {وَالْأَمر إِلَيْك} أَي إِلَى رَأْيك ونظرك {فانظري} أَي تأملي {مَاذَا تأمرين} إيانا بِهِ فَنحْن سامعون لأمرك مطيعون لَهُ فَلَمَّا سَمِعت تفويضهم الْأَمر إِلَيْهَا لم ترض بِالْحَرْبِ بل مَالَتْ للصلح وبينت السَّبَب فِي رغبتها فِيهِ {قَالَت إِن الْمُلُوك إِذا دخلُوا قَرْيَة} من الْقرى {أفسدوها} أَي خربوا مبانيها وغيروا مغانيها وأتلفوا أموالها وَفرقُوا شَمل أَهلهَا إِذا أخذوها عنْوَة وقهرا أخربوها قَالَه ابْن عَبَّاس {وَجعلُوا أعزة أَهلهَا أَذِلَّة} أَي أهانوا أَشْرَافهَا وحطوا مَرَاتِبهمْ فصاروا عِنْد ذَلِك أَذِلَّة وَإِنَّمَا يَفْعَلُونَ ذَلِك لأجل ان يتم لَهُم الْملك وتستحكم لَهُم الْوَطْأَة وتتقرر لَهُم فِي قُلُوبهم المهابة وَالْمَقْصُود من قَوْلهَا هَذَا تحذير قَومهَا من مسير سُلَيْمَان إِلَيْهِم ودخوله بِلَادهمْ {وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} أَرَادَت أَن هَذِه عَادَتهم المستمرة الَّتِي لَا تَتَغَيَّر لِأَنَّهَا كَانَت فِي بَيت الْملك الْقَدِيم فَسمِعت نَحْو ذَلِك وَرَأَتْ {وَإِنِّي مُرْسلَة إِلَيْهِم} أَي إِنِّي أجرب هَذَا الرجل بإرسال رُسُلِي إِلَيْهِ {بهدية} مُشْتَمِلَة على نفائس الْأَمْوَال فَإِن كَانَ ملكا أرضيناه بذلك وكفينا أمره وَإِن كَانَ نَبيا لم يرضه ذَلِك لِأَن غَايَة مطلبه ومنتهى أربه

هُوَ الدُّعَاء إِلَى الدَّين فَلَا ينجينا مِنْهُ إِلَّا إجَابَته ومتابعته والتدين بِدِينِهِ وسلوك طَرِيقَته وَلِهَذَا قَالَت {فناظرة بِمَ يرجع المُرْسَلُونَ} بالهدية من قبُول أَو رد فعاملة بِمَا يَقْتَضِيهِ ذَلِك وَذَلِكَ أَن بلقيس كَانَت امْرَأَة لَبِيبَة عَاقِلَة قد سادت الْأُمُور وجربتها وَقد طول الْمُفَسِّرُونَ فِي ذكر هَذِه الْهَدِيَّة فَلَا فَائِدَة فِي التَّطْوِيل بذكرها هُنَا ثمَّ ذكر سُبْحَانَهُ قصَّة رد الْهَدِيَّة وَطلب عرشها وإتيانه فِي طرفَة الْعين وتنكيره لَهَا إِلَى قَوْله {فَلَمَّا جَاءَت} أَي بلقيس إِلَى سُلَيْمَان {قيل أهكذا عرشك قَالَت كَأَنَّهُ هُوَ} أجابت أحسن جَوَاب إِذْ لم تقل هُوَ هُوَ وَلَا لَيْسَ بِهِ وَذَلِكَ من رجاحة عقلهَا {وأوتينا الْعلم من قبلهَا وَكُنَّا مُسلمين وصدها مَا كَانَت تعبد من دون الله إِنَّهَا كَانَت من قوم كَافِرين قيل لَهَا ادخلي الصرح} أَي الْقصر أَو الصحن أَو كل بِنَاء مُرْتَفع {فَلَمَّا رَأَتْهُ حسبته لجة} أَي مُعظم المَاء وَقيل الْبَحْر {وكشفت عَن سَاقيهَا} لتخوض المَاء خوفًا عَلَيْهَا أَن تبتل فَإِذا هِيَ أحسن النِّسَاء ساقا سليمَة مِمَّا قَالَت الْجِنّ فِيهَا غير أَنَّهَا كَانَت كَثِيرَة الشّعْر فَلَمَّا فعلت ذَلِك وَبَلغت إِلَى هَذَا الْحَد {قَالَ} لَهَا سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام بعد أَن صرف بَصَره عَنْهَا {إِنَّه صرح ممرد من قَوَارِير} أَي مسقف بسطح {قَالَت رب إِنِّي ظلمت نَفسِي} أَي بِمَا كنت عَلَيْهِ من عبَادَة غَيْرك {وَأسْلمت مَعَ سُلَيْمَان} مُتَابعَة لَهُ دَاخِلَة فِي دينه وَهُوَ الْإِسْلَام {لله رب الْعَالمين} أخرج ابْن الْمُنْذر وَعبد بن حميد وَابْن أبي شيبَة وَغَيرهم عَن ابْن عَبَّاس فِي أثر طَوِيل أَن سُلَيْمَان تزَوجهَا بعد ذَلِك قَالَ أَبُو بكر بن أبي شيبَة مَا أحْسنه من حَدِيث قَالَ ابْن كثير فِي تَفْسِيره بعد حِكَايَة هَذَا القَوْل بل هُوَ مُنكر جدا وَلَعَلَّه من أَوْهَام عَطاء بن السَّائِب على ابْن عَبَّاس وَالله أعلم

باب ما نزل في إهلاك امرأة لوط عليه السلام

وَالْأَقْرَب فِي مثل هَذِه السياقات أَنَّهَا مُتَلَقَّاة عَن أهل الْكتاب مِمَّا يُوجد فِي صُحُفهمْ كروايات كَعْب ووهب سامحهما الله فِيمَا نقلا إِلَى هَذِه الْأمة من بني إِسْرَائِيل من الأوابد والغرائب والعجائب مِمَّا كَانَ وَمِمَّا لم يكن وَمِمَّا حرف وَبدل وَنسخ انْتهى وَقيل انْتهى أمرهَا إِلَى قَوْلهَا أسلمت وَلَا علم لأحد وَرَاء ذَلِك لِأَنَّهُ لم يذكر فِي الْكتاب وَلَا فِي خبر صَحِيح وَرُوِيَ أَن سُلَيْمَان ملك وَهُوَ ابْن ثَلَاث عشرَة سنة وَمَات وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَخمسين سنة وانقضى ملك سُلَيْمَان فسبحان من لَا انْقِضَاء لدوام ملكه 124 - بَاب مَا نزل فِي إهلاك امْرَأَة لوط عَلَيْهِ السَّلَام {أئنكم لتأتون الرِّجَال شَهْوَة من دون النِّسَاء بل أَنْتُم قوم تجهلون} {فأنجيناه وَأَهله إِلَّا امْرَأَته قدرناها من الغابرين} سُورَة النَّمْل قَالَ تَعَالَى {أئنكم لتأتون الرِّجَال شَهْوَة} هِيَ اللواطة {من دون النِّسَاء} اللَّاتِي هن مَحل للنسل {بل أَنْتُم قوم تجهلون} التَّحْرِيم أَو الْعقُوبَة على هَذِه الْمعْصِيَة إِلَى قَوْله {فأنجيناه وَأَهله إِلَّا امْرَأَته قدرناها من الغابرين} فِي الْعَذَاب وَقد تقدم تَفْسِير مثل هَذِه الْآيَة

باب ما نزل في الإلهام إلى المرأة

125 - بَاب مَا نزل فِي الإلهام إِلَى الْمَرْأَة {وأوحينا إِلَى أم مُوسَى أَن أرضعيه فَإِذا خفت عَلَيْهِ فألقيه فِي اليم وَلَا تخافي وَلَا تحزني إِنَّا رادوه إِلَيْك وجاعلوه من الْمُرْسلين} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة الْقَصَص {وأوحينا إِلَى أم مُوسَى} أَي ألهمناها الَّذِي صنعت وَقد أجمع الْعلمَاء على أَنَّهَا لم تكن نبية وَكَانَ أسمها يوحانذ وَقيل لوخا بنت هاند بن لاوي بن يَعْقُوب نَقله الْقُرْطُبِيّ عَن الثَّعْلَبِيّ {أَن أرضعيه} قيل أَرْضَعَتْه ثَمَانِيَة أشهر وَقيل أَرْبَعَة وَقيل ثَلَاثَة وَكَانَت ترْضِعه وَهُوَ لَا يبكي وَلَا يَتَحَرَّك فِي حجرها وَكَانَ الْوَحْي بإرضاعه قبل وِلَادَته وَقيل بعْدهَا {فَإِذا خفت عَلَيْهِ} من فِرْعَوْن بِأَن يبلغ خَبره إِلَيْهِ فيذبحه {فألقيه فِي اليم} هُوَ بَحر النّيل {وَلَا تخافي} عَلَيْهِ الْغَرق أَو الضَّيْعَة {وَلَا تحزني إِنَّا رادوه إِلَيْك} عَن قريب على وَجه تكون بِهِ نجاته وتأمنين عَلَيْهِ {وجاعلوه من الْمُرْسلين} الَّذين نرسلهم إِلَى الْعباد

باب ما نزل في تبني المرأة ابن غيرها ولدا وإرضاع الأم ولدها

126 - بَاب مَا نزل فِي تبني الْمَرْأَة ابْن غَيرهَا ولدا وإرضاع الْأُم وَلَدهَا {وَقَالَت امْرَأَة فِرْعَوْن قُرَّة عين لي وَلَك لَا تقتلوه عَسى أَن ينفعنا أَو نتخذه ولدا وهم لَا يَشْعُرُونَ وَأصْبح فؤاد أم مُوسَى فَارغًا إِن كَادَت لتبدي بِهِ لَوْلَا أَن ربطنا على قَلبهَا لتَكون من الْمُؤمنِينَ وَقَالَت لأخته قصيه فبصرت بِهِ عَن جنب وهم لَا يَشْعُرُونَ وحرمنا عَلَيْهِ المراضع من قبل فَقَالَت هَل أدلكم على أهل بَيت يكفلونه لكم وهم لَهُ ناصحون فرددناه إِلَى أمه كي تقر عينهَا وَلَا تحزن ولتعلم أَن وعد الله حق وَلَكِن أَكْثَرهم لَا يعلمُونَ} الْقَصَص قَالَ تَعَالَى {وَقَالَت امْرَأَة فِرْعَوْن} وَهِي آسِيَة بنت مُزَاحم وَكَانَت من خِيَار النِّسَاء وَبَنَات الْأَنْبِيَاء وَقيل كَانَت من بني إِسْرَائِيل وَقيل كَانَت عمَّة مُوسَى حَكَاهُ السُّهيْلي {قُرَّة عين لي وَلَك لَا تقتلوه عَسى أَن ينفعنا أَو نتخذه ولدا وهم لَا يَشْعُرُونَ} أَنهم على خطأ فِي الْتِقَاطه وَأَن هلاكهم على يَده {وَأصْبح فؤاد أم مُوسَى فَارغًا} من كل شَيْء إِلَّا من أَمر مُوسَى كَأَنَّهَا لم تهتم بِشَيْء سواهُ {إِن كَادَت لتبدي بِهِ} أَي تظهر {لَوْلَا أَن ربطنا على قَلبهَا لتَكون من الْمُؤمنِينَ} المصدقين بوعد الله {وَقَالَت لأخته} وَاسْمهَا مَرْيَم وَقَالَ الضَّحَّاك إِن اسْمهَا كاتمة وَقَالَ السُّهيْلي كُلْثُوم {قصيه} أَي تتبعي أَثَره واعرفي خَبره وانظري أَيْن وَقع وَإِلَى من صَار {فبصرت بِهِ} أَي أبصرته {عَن جنب} أَي عَن جَانب {وهم لَا يَشْعُرُونَ} أَنَّهَا أُخْته أخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن أبي أُمَامَة أَن رَسُول

باب ما نزل في سقي المرأة ماشيتها

الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لِخَدِيجَة أما شَعرت أَن الله زَوجنِي مَرْيَم بنت عمرَان وكلثوم أُخْت مُوسَى وَامْرَأَة فِرْعَوْن أَي فِي الْجنَّة قَالَت هَنِيئًا لَك يَا رَسُول الله وَأخرجه ابْن عَسَاكِر عَن أبي رداد مَرْفُوعا بأطول من هَذَا وَفِي آخِره أَنَّهَا قَالَت بالرفاء والبنين {وحرمنا عَلَيْهِ المراضع من قبل} أَي من قبل أَن نرده إِلَى أمه أَو من قبل قصها لأثره {فَقَالَت} أُخْته لما رَأَتْ امْتِنَاعه من الرَّضَاع وحنوهم عَلَيْهِ {هَل أدلكم على أهل بَيت يكفلونه لكم} وَهِي امْرَأَة قتل وَلَدهَا وَأحب شَيْء إِلَيْهَا أَن تَجِد ولدا ترْضِعه {وهم لَهُ ناصحون} أَي مشفقون عَلَيْهِ لَا يقصرون فِي إرضاعه وتربيته {فرددناه إِلَى أمه كي تقر عينهَا} بِوَلَدِهَا {وَلَا تحزن} على فِرَاقه {ولتعلم أَن وعد الله حق وَلَكِن أَكْثَرهم لَا يعلمُونَ} 127 - بَاب مَا نزل فِي سقِِي الْمَرْأَة ماشيتها {وَلما ورد مَاء مَدين وجد عَلَيْهِ أمة من النَّاس يسقون وَوجد من دونهم امْرَأتَيْنِ تذودان قَالَ مَا خطبكما قَالَتَا لَا نسقي حَتَّى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كَبِير فسقى لَهما ثمَّ تولى إِلَى الظل فَقَالَ رب إِنِّي لما أنزلت إِلَيّ من خير فَقير فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهمَا تمشي على استحياء قَالَت إِن أبي يَدْعُوك ليجزيك أجر مَا سقيت لنا فَلَمَّا جَاءَهُ وقص عَلَيْهِ الْقَصَص قَالَ لَا تخف نجوت من الْقَوْم الظَّالِمين قَالَت إِحْدَاهمَا يَا أَبَت اسْتَأْجرهُ إِن خير من اسْتَأْجَرت الْقوي الْأمين} سُورَة الْقَصَص قَالَ تَعَالَى {وَلما ورد مَاء مَدين} أَي وصل مُوسَى إِلَيْهِ وَهُوَ المَاء الَّذِي

يستقون مِنْهُ وَالْمرَاد بِالْمَاءِ هُنَا بِئْر فِيهَا {وجد عَلَيْهِ أمة من النَّاس} أَي جمَاعَة كَثِيرَة {يسقون} مَوَاشِيهمْ {وَوجد من دونهم} أَي فِي مَوضِع أَسْفَل مِنْهُم أَو بعيد مِنْهُم {امْرَأتَيْنِ تذودان} أَي تحبسان أغنامهما من المَاء حَتَّى يفرغ النَّاس ويخلوا بَينهمَا وَبَين المَاء وَقيل تكفان الْغنم عَن أَن تختلط بأغنام النَّاس وَقيل تمنعان أغنامهما عَن أَن تند وَتذهب وَالْأول أولى لقَوْله {قَالَ} مُوسَى للمرأتين {مَا خطبكما} أَي مَا شأنكما لَا تسقيان غنمكما مَعَ النَّاس {قَالَتَا لَا نسقي حَتَّى يصدر الرعاء} عَن المَاء وينصرفوا مِنْهُ حذرا من مخالطتهم أَو عَجزا عَن السَّقْي مَعَهم والرعاء جمع رَاع على غير قِيَاس {وأبونا شيخ كَبِير} عالي السن لَا يقدر أَن يسْقِي مَاشِيَته من الْكبر فَلذَلِك احتجنا إِلَى الْوُرُود وَنحن امْرَأَتَانِ ضعيفتان مستورتان لَا نقدر على مزاحمة الرِّجَال وعَلى أَن نسقي الْغنم لعدم وجود رجل يقوم لنا بذلك قيل كَانَ أَبوهُمَا شُعَيْب عَلَيْهِ السَّلَام وَقيل هُوَ ثيرون ابْن أخي شُعَيْب وَقيل رجل مِمَّن آمن بشعيب وَالْأول أولى وَإِنَّمَا رَضِي شُعَيْب لابنتيه بسقي الْمَاشِيَة لِأَن هَذَا الْأَمر فِي نَفسه لَيْسَ بمحظور وَالدّين لَا يأباه وَأما الْمُرُوءَة فعادات النَّاس فِي ذَلِك متباينة وأحوال الْعَرَب فِيهَا خلاف الْعَجم وَمذهب أهل البدو فِيهِ غير مَذْهَب أهل الْحَضَر خُصُوصا إِذا كَانَت الْحَالة حَالَة الضَّرُورَة فَلَمَّا سمع مُوسَى كَلَامهمَا رق لَهما ورحمهما {فسقى لَهما} أَي لأجلهما رَغْبَة فِي الْمَعْرُوف وإغاثة للملهوف قَالَ الْمحلى من بِئْر أُخْرَى بقربها بِأَن رفع حجرا عَنْهَا لَا يرفعهُ إِلَّا عشرَة أنفس انْتهى {ثمَّ تولى إِلَى الظل} فَجَلَسَ فِيهِ من شدَّة الْحر وَهُوَ جَائِع {فَقَالَ رب إِنِّي لما أنزلت إِلَيّ من خير} أَي أَي خير كَانَ {فَقير} أَي مُحْتَاج إِلَى ذَلِك قَالَ ابْن عَبَّاس لقد قَالَ هَذَا وَهُوَ أكْرم خلقه إِلَيْهِ وَلَقَد افْتقر إِلَى شقّ تَمْرَة وَلَقَد لصق بَطْنه بظهره من شدَّة الْجُوع وَعنهُ قَالَ مَا سَأَلَ إِلَّا الطَّعَام وَعنهُ قَالَ سَأَلَ فلقا من الْخبز يشد بهَا صلبه من الْجُوع

باب ما نزل في كون مهر المرأة استئجارا إلى مدة معلومة

{فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهمَا} وَهِي الْكُبْرَى وَاسْمهَا صفوراء وَقيل صفراء وَقيل هِيَ الصُّغْرَى وَهِي ليا وقيلى صفيراء {تمشي على استحياء} حالتي الْمَشْي والمجيء وَهَذَا دَلِيل كَمَال إيمَانهَا وَشرف عنصرها لِأَنَّهَا كَانَت تَدعُوهُ إِلَى ضيافتها وَلم تعلم أيجيبها أم لَا فَأَتَتْهُ مستحيية قَالَ عمر بن الْخطاب جَاءَت مستترة بكم درعها على وَجههَا من الْحيَاء والاستحياء بِالْمدِّ الحشمة والانقباض الانزواء {قَالَت إِن أبي يَدْعُوك ليجزيك أجر مَا سقيت لنا} فأجابها مُنْكرا فِي نَفسه أَخذ الْأُجْرَة وَقيل أجَاب لوجه الله أَو للتبرك بِرُؤْيَة الشَّيْخ {فَلَمَّا جَاءَهُ وقص عَلَيْهِ الْقَصَص} يَعْنِي قَتله القبطي وَغَيره إِلَى وُصُوله إِلَى مَاء مَدين {قَالَ} شُعَيْب {لَا تخف نجوت من الْقَوْم الظَّالِمين} أَي فِرْعَوْن وَأَصْحَابه لِأَن فِرْعَوْن لَا سُلْطَان لَهُ على مَدين وَفِيه دَلِيل على جَوَاز الْعَمَل بِخَبَر الْوَاحِد وَلَو عبدا أَو أُنْثَى وعَلى الْمَشْي مَعَ الْأَجْنَبِيَّة مَعَ ذَلِك الِاحْتِيَاط والتورع {قَالَت إِحْدَاهمَا} وَهِي الَّتِي جَاءَتْهُ {يَا أَبَت اسْتَأْجرهُ} ليرعى الْغنم {إِن خير من اسْتَأْجَرت الْقوي الْأمين} لكَونه جَامعا بَين خصلتي الْقُوَّة وَالْأَمَانَة قَالَ ابْن مَسْعُود أَفرس النَّاس ثَلَاث بنت شُعَيْب وَصَاحب يُوسُف فِي قَوْله عَسى أَن ينفعنا وَأَبُو بكر فِي أَمر عمر كَمَا تقدم 128 - بَاب مَا نزل فِي كَون مهر الْمَرْأَة استئجارا إِلَى مُدَّة مَعْلُومَة {قَالَ إِنِّي أُرِيد أَن أنكحك إِحْدَى ابْنَتي هَاتين على أَن تَأْجُرنِي ثَمَانِي حجج فَإِن أتممت عشرا فَمن عنْدك وَمَا أُرِيد أَن أشق عَلَيْك ستجدني إِن شَاءَ الله من الصَّالِحين قَالَ ذَلِك بيني وَبَيْنك أَيّمَا الْأَجَليْنِ قضيت فَلَا عدوان عَليّ وَالله على مَا نقُول وَكيل} الْقَصَص

قَالَ تَعَالَى {قَالَ إِنِّي أُرِيد أَن أنكحك إِحْدَى ابْنَتي هَاتين} وَفِيه مَشْرُوعِيَّة عرض ولي الْمَرْأَة لَهَا على الرجل وَهَذِه سنة ثَابِتَة فِي الْإِسْلَام وَثَبت عرض عمر ابْنَته على أبي بكر وَعُثْمَان وَغير ذَلِك مِمَّا وَقع فِي أَيَّام الصَّحَابَة وَأَيَّام النُّبُوَّة وَكَذَلِكَ مَا وَقع عَن عرض الْمَرْأَة لنَفسهَا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قيل إِن شعيبا زوجه الْكُبْرَى قَالَ الْأَكْثَرُونَ الصُّغْرَى وَقَوله هَاتين يدل على أَنه كَانَ لَهُ غَيرهمَا وَقَالَ البقاعي إِنَّه كَانَ لَهُ سبع بَنَات وَهَذِه مواعدة مِنْهُ وَلم يكن ذَلِك عقد نِكَاح إِذْ لَو كَانَ عقدا لقَالَ أنكحتك {على أَن تَأْجُرنِي ثَمَانِي حجج} جمع حجَّة وَهِي السّنة أَي ترعى غنمي فِي تِلْكَ الْمدَّة والتزوج على رعي الْغنم جَائِز لِأَنَّهُ من بَاب الْقيام بِأَمْر الزَّوْجِيَّة (فَإِن أتممت عشرا فَمن عنْدك) أَي تفضلا مِنْك وتبرعا لَا إلزاما مني لَك وَلَيْسَ بِوَاجِب عَلَيْك {وَمَا أُرِيد أَن أشق عَلَيْك} بإلزامك إتْمَام الْعشْرَة الأعوام وَلَا بالمناقشة فِي مُرَاعَاة الْأَوْقَات وَاسْتِيفَاء الْأَعْمَال {ستجدني إِن شَاءَ الله من الصَّالِحين} وَفِي حسن الصُّحْبَة ولطف الْمُعَامَلَة ولين الْجَانِب وَالْوَفَاء بالعهد وَقيل أَرَادَ الصّلاح على الْعُمُوم وَقيد ذَلِك بِالْمَشِيئَةِ تفويضا لِلْأَمْرِ إِلَى توفيق الله ومعونته وللتبرك بِهِ {قَالَ ذَلِك بيني وَبَيْنك أَيّمَا الْأَجَليْنِ قضيت فَلَا عدوان عَليّ وَالله على مَا نقُول وَكيل} أَي شَاهد وحفيظ فَلَا سَبِيل لِأَحَدِنَا إِلَى الْخُرُوج عَن شَيْء من ذَلِك أخرج الطَّبَرَانِيّ وَغَيره عَن عتبَة بن النّذر السّلمِيّ قَالَ كُنَّا عِنْد سَوَّلَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَرَأَ سُورَة طسم حَتَّى إِذا بلغ قصَّة مُوسَى قَالَ إِن مُوسَى آجر نَفسه ثَمَانِي سِنِين أَو عشرا على عفة فرجه وَطَعَام بَطْنه فَلَمَّا وَفِي الْأَجَل قيل يَا رَسُول الله أَي الْأَجَليْنِ قضى مُوسَى قَالَ أبرهما وأوقاهما فَلَمَّا أَرَادَ فِرَاق شُعَيْب أَمر امْرَأَته أَن تسْأَل أَبَاهَا أَن يُعْطِيهَا من غنمه مَا يعيشون

باب ما نزل في النهي عن طاعة الوالدين فيما فيه شرك بالله تعالى

بِهِ فَأَعْطَاهَا مَا ولدت غنمه الحَدِيث بِطُولِهِ وَفِيه مسلمة الدِّمَشْقِي ضعفه الْأَئِمَّة قَالَ أَبُو السُّعُود وَلَيْسَ مَا حُكيَ عَنْهُمَا فِي الْآيَة تَمام مَا جرى بَينهمَا من الْكَلَام فِي إنْشَاء عقد النِّكَاح وَعقد الْإِجَازَة وإيقاعهما بل هُوَ بَيَان لما عزما عَلَيْهِ واتفقا على إِيقَاعه حَسْبَمَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ مساق الْقِصَّة إِجْمَالا من غير تعرض لبَيَان وَاجِب الْعقْدَيْنِ فِي تِلْكَ الشَّرِيعَة تَفْصِيلًا وَالله أعلم 129 - بَاب مَا نزل فِي النَّهْي عَن طَاعَة الْوَالِدين فِيمَا فِيهِ شرك بِاللَّه تَعَالَى {وَوَصينَا الْإِنْسَان بِوَالِديهِ حسنا وَإِن جَاهَدَاك لتشرك بِي مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم فَلَا تطعهما} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة العنكبوت {وَوَصينَا الْإِنْسَان بِوَالِديهِ حسنا} أَي إيصاء حسنا أَو أمرا ذَا حسن وَالْآيَة فِيهَا التوصية للْإنْسَان بِوَالِديهِ بِالْبرِّ لَهما والعطف عَلَيْهِمَا وَالْإِحْسَان إِلَيْهِمَا بِكُل مَا يُمكنهُ من وُجُوه الْإِحْسَان فَيشْمَل ذَلِك إِعْطَاء المَال والخدمة ولين القَوْل وَعدم الْمُخَالفَة وَغير ذَلِك {وَإِن جَاهَدَاك لتشرك بِي مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم فَلَا تطعهما} فِي الْإِشْرَاك وَعبر بِنَفْي الْعلم عَن نفي الْإِلَه

باب ما نزل في مودة الزوجة ورحمتها على الزوج وبالعكس

130 - بَاب مَا نزل فِي مَوَدَّة الزَّوْجَة ورحمتها على الزَّوْج وَبِالْعَكْسِ {وَمن آيَاته أَن خلق لكم من أَنفسكُم أَزْوَاجًا لتسكنوا إِلَيْهَا وَجعل بَيْنكُم مَوَدَّة وَرَحْمَة} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة الرّوم {وَمن آيَاته أَن خلق لكم من أَنفسكُم} أَي من جنسكم فِي البشرية والإنسانية {أَزْوَاجًا} قيل المُرَاد حَوَّاء فَإِنَّهُ خلقهَا من ضلع آدم وَالنِّسَاء بعْدهَا خُلِقْنَ من أصلاب الرِّجَال وترائب النِّسَاء {لتسكنوا} أَي تألفوا وتميلوا {إِلَيْهَا} أَي إِلَى الْأزْوَاج {وَجعل بَيْنكُم مَوَدَّة وَرَحْمَة} أَي ودادا وتراحما بِسَبَب عصمَة النِّكَاح يعْطف بِهِ بَعْضكُم على بعض من غير أَن يكون بَيْنكُم من قبل ذَلِك معرفَة فضلا عَن مَوَدَّة وَرَحْمَة قَالَ مُجَاهِد الْمَوَدَّة الْجِمَاع وَالرَّحْمَة الْوَلَد وَقيل الْمَوَدَّة حب الرجل امْرَأَته وَالرَّحْمَة رَحمته إِيَّاهَا من أَن يُصِيبهَا بِسوء وَقيل غير ذَلِك 131 - بَاب مَا نزل فِي مصاحبة الْأُمَّهَات بِالْمَعْرُوفِ {وَوَصينَا الْإِنْسَان بِوَالِديهِ حَملته أمه وَهنا على وَهن وفصاله فِي عَاميْنِ أَن اشكر لي ولوالديك إِلَيّ الْمصير وَإِن جَاهَدَاك على أَن تشرك بِي مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم فَلَا تطعهما وصاحبهما فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفا} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة لُقْمَان {وَوَصينَا الْإِنْسَان بِوَالِديهِ حَملته أمه} @ 181 @ وَهنا على وَهن) أَي ضعفا على ضعف فَإِنَّهَا لَا يزَال يتضاعف ضعفها وَقيل شدَّة بعد شدَّة وخلقا بعد خلق وَقيل الْحمل وَهن والطلق وَهن والوضع وَهن وَالرضَاعَة وَهن {وفصاله فِي عَاميْنِ}

باب ما نزل في أن النساء المظاهرات لسن كالأمهات في التحريم الأبدي

الفصال الْفِطَام عَن الرَّضَاع وَفِيه دَلِيل على أَن مُدَّة الرَّضَاع حولان {أَن اشكر لي ولوالديك} قَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة من صلى الصَّلَوَات الْخمس فقد شكر الله وَمن دَعَا لوَالِديهِ فِي أدبار الصَّلَوَات الْخمس فقد شكر الْوَالِدين {إِلَيّ الْمصير} لَا إِلَى غَيْرِي {وَإِن جَاهَدَاك على أَن تشرك بِي مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم فَلَا تطعهما} فِي ذَلِك لِأَنَّهُ لَا طَاعَة لمخلوق فِي مَعْصِيّة الْخَالِق وَجُمْلَة هَذَا الْبَاب أَن طَاعَة الْأَبَوَيْنِ لَا تراعى فِي ركُوب كَبِيرَة وَلَا ترك فَرِيضَة وَإِنَّمَا تلْزم طاعتهما فِي الْمُبَاحَات {وصاحبهما فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفا} ببرهما إِن كَانَا على دين يقران عَلَيْهِ وَقيل الْمَعْرُوف هُوَ الْبر والصلة وَالْعشرَة الجميلة والخلق الْجَمِيل والحلم وَالِاحْتِمَال وَمَا تَقْتَضِيه مَكَارِم الْأَخْلَاق ومعالي الشيم 132 - بَاب مَا نزل فِي أَن النِّسَاء المظاهرات لسن كالأمهات فِي التَّحْرِيم الأبدي {وَمَا جعل أزواجكم اللائي تظاهرون مِنْهُنَّ أُمَّهَاتكُم} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة الْأَحْزَاب {وَمَا جعل أزواجكم اللائي تظاهرون مِنْهُنَّ أُمَّهَاتكُم} الظِّهَار أَصله أَن يَقُول الرجل لامْرَأَته أَنْت عَليّ كَظهر أُمِّي أَي مَا جَعلهنَّ كأمهاتكم فِي التَّحْرِيم وَلكنه مُنكر من القَوْل

باب ما نزل في كون أزواج النبي أمهات المؤمنين

وزور وَإِنَّمَا تجب فِيهِ الْكَفَّارَة بِشَرْطِهِ وَهُوَ الْعود كَمَا ذكر فِي سُورَة المجادلة {وَالَّذين يظاهرون من نِسَائِهِم ثمَّ يعودون لما قَالُوا} أَي فِيهِ بِأَن يخالفوه بإمساك الْمظَاهر مِنْهَا زَمنا يُمكنهُ أَن يفارقها فِيهِ وَلَا يفارقها لِأَن مَقْصُود الْمظَاهر وصف الْمَرْأَة بِالتَّحْرِيمِ وإمساكها يُخَالِفهُ قَالَه الْكَرْخِي 133 - بَاب مَا نزل فِي كَون أَزوَاج النَّبِي أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ {النَّبِي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم} الْأَحْزَاب قَالَ تَعَالَى {النَّبِي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم} فَإِذا دعاهم لشَيْء ودعتهم أنفسهم إِلَى غَيره وَجب عَلَيْهِم أَن يقدموا مَا دعاهم إِلَيْهِ ويؤخروا مَا دعتهم أنفسهم إِلَيْهِ وَيجب عَلَيْهِم أَن يطيعوه فَوق طاعتهم لأَنْفُسِهِمْ ويقدموا طَاعَته على مَا تميل إِلَيْهِ أنفسهم وتطلبه خواطرهم وَالْآيَة من أَدِلَّة رد التَّقْلِيد بفحوى الْخطاب كَمَا صرح بذلك بعض أولي الْأَلْبَاب {وأزواجه أمهاتهم} أَي مِثْلهنَّ فِي الحكم بِالتَّحْرِيمِ ومنزلات منزلتهن فِي اسْتِحْقَاق التَّعْظِيم فَلَا يحل لأحد أَن يتَزَوَّج بِوَاحِدَة مِنْهُنَّ كَمَا لَا يحل أَن يتَزَوَّج بِأُمِّهِ فَهَذِهِ الأمومة مُخْتَصَّة بِتَحْرِيم النِّكَاح لَهُنَّ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا وبالتعظيم لجنابهن لَا فِي جَوَاز النّظر إلَيْهِنَّ وَالْخلْوَة بِهن فَإِنَّهُ حرَام فِي حقهن كَمَا فِي سَائِر الْأَجَانِب قَالَ الْقُرْطُبِيّ الَّذِي يظْهر لي أَنَّهُنَّ أُمَّهَات الرِّجَال وَالنِّسَاء تَعْظِيمًا لحقهن وَفِي مصحف أبي وَهُوَ أَب لَهُم وَعَن أم سَلمَة قَالَت

باب ما نزل في تخيير النساء وأنه ليس بطلاق

أَنا أم الرِّجَال مِنْكُم وَالنِّسَاء وَهن فِيمَا وَرَاء ذَلِك كَالْإِرْثِ وَنَحْوه كالأجنبيات وَلِهَذَا لم يَتَعَدَّ التَّحْرِيم إِلَى بناتهن 134 - بَاب مَا نزل فِي تَخْيِير النِّسَاء وَأَنه لَيْسَ بِطَلَاق {يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك إِن كنتن تردن الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزينتهَا فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا وَإِن كنتن تردن الله وَرَسُوله وَالدَّار الْآخِرَة فَإِن الله أعد للمحسنات مِنْكُن أجرا عَظِيما} قَالَ تَعَالَى {يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك} قَالَ الواحدي قَالَ الْمُفَسِّرُونَ إِن أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سألنه شَيْئا من عرض الدُّنْيَا وطلبن مِنْهُ الزِّيَادَة فِي النَّفَقَة وآذينه بغيرة بَعضهنَّ على بعض فآلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهُنَّ شهرا وَأنزل الله آيَة التَّخْيِير هَذِه وَكن يَوْمئِذٍ تسعا {إِن كنتن تردن الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزينتهَا} أَي سعتها ونضارتها ورفاهيتها وَكَثْرَة الْأَمْوَال والتنعم فِيهَا {فتعالين} أَي أقبلن إِلَيّ بإرادتكن واختياركن لأحد الْأَمريْنِ {أمتعكن} أَي أعطيكن الْمُتْعَة {وأسرحكن} أَي أطلقكن {سراحا جميلا} وَهُوَ الْوَاقِع من غير ضرار على مُقْتَضى السّنة {وَإِن كنتن تردن الله وَرَسُوله وَالدَّار الْآخِرَة} أَي الْجنَّة وَنَعِيمهَا {فَإِن الله أعد للمحسنات مِنْكُن أجرا عَظِيما} لَا يُمكن وَصفه وَلَا يقدر قدره وَذَلِكَ بِسَبَب إحسانهن وبمقابلة صَالح عملهن وَاخْتلف أهل الْعلم فِي كَيْفيَّة تَخْيِير النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَزوَاجه على قَوْلَيْنِ الأول أَنه خيرهن بِإِذن الله فِي الْبَقَاء على الزَّوْجِيَّة أَو الطَّلَاق فاخترن الْبَقَاء

باب ما نزل في تضعيف عذاب أهل البيت النبوي على فرض وقوع المعصية منهن

وَالثَّانِي أَنه إِنَّمَا خيرهن بَين الدُّنْيَا فيفارقهن وَبَين الْآخِرَة فيمسكهن وَلم يُخَيِّرهُنَّ فِي الطَّلَاق وَالرَّاجِح الأول وَالرَّاجِح أَن التَّخْيِير لَا يكون طَلَاقا لحَدِيث عَائِشَة فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي ذَلِك وَدَعوى أَنه كِنَايَة من كنايات الطَّلَاق مدفوعة بِأَن الْمُخَير لم يرد الْفرْقَة بِمُجَرَّد التَّخْيِير بل أَرَادَ تَفْوِيض الْمَرْأَة فَإِن اخْتَارَتْ الْبَقَاء بقيت وَإِن اخْتَارَتْ الْفرْقَة صَارَت مُطلقَة وَالْحق أَنه رَجْعِيَّة وَاحِدَة لَا بَائِنَة وَفِي سَبَب النُّزُول رِوَايَات فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا تَأتي فِي محلهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى 135 - بَاب مَا نزل فِي تَضْعِيف عَذَاب أهل الْبَيْت النَّبَوِيّ على فرض وُقُوع الْمعْصِيَة مِنْهُنَّ {يَا نسَاء النَّبِي من يَأْتِ مِنْكُن بِفَاحِشَة مبينَة يُضَاعف لَهَا الْعَذَاب ضعفين} قَالَ تَعَالَى {يَا نسَاء النَّبِي من يَأْتِ مِنْكُن بِفَاحِشَة} أَي مَعْصِيّة {مبينَة} ظَاهِرَة الْقبْح وَاضِحَة الْفُحْش وَقد عَصَمَهُنَّ الله عَن ذَلِك وبرأهن وطهرهن فَهُوَ كَقَوْلِه تَعَالَى {لَئِن أشركت ليحبطن عَمَلك} سُورَة الزمر وَقيل المُرَاد بالفاحشة النُّشُوز وَسُوء الْخلق وَقيل الزِّنَى وَقيل سَائِر الْمعاصِي وَقيل عقوق الزَّوْج وَفَسَاد عشرته

باب ما نزل في تضعيف أجرهن

{يُضَاعف لَهَا الْعَذَاب ضعفين} أَي مثلي عَذَاب غَيْرهنَّ من النِّسَاء إِذا أتين تِلْكَ الْفَاحِشَة وَذَلِكَ لشرفهن وعلو درجتهن وارتفاع منزلتهن وَلِأَن مَا قبح فِي سَائِر النِّسَاء كَانَ مِنْهُنَّ أقبح فَزِيَادَة قبح الْمعْصِيَة تتبع زِيَادَة الْفضل وَلَيْسَ لأحد فِي النِّسَاء مثل فضل نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلذَا كَانَ الذَّم للعاصي وَالْعَام اشد فِي العَاصِي الْجَاهِل لِأَن الْمعْصِيَة من الْعَالم أقبح وَلذَا فضل حد الْأَحْرَار على العبيد وَقد ثَبت فِي هَذِه الشَّرِيعَة فِي غير مَوضِع أَن تضَاعف الشّرف وارتفاع الدَّرَجَات يُوجب لصَاحبه إِذا عصى تضَاعف الْعُقُوبَات وَقَالَ قوم لَو قدر الله الزِّنَى من وَاحِدَة وَقد أعاذهن الله من ذَلِك لكَانَتْ تحد حَدَّيْنِ لعظم قدرهَا فَمَعْنَى الضعفين معنى المثلين والمرتين وَقَالَ مقَاتل هَذَا التَّضْعِيف فِي الْعَذَاب إِنَّمَا هُوَ فِي الْآخِرَة كَمَا أَن إيتَاء الْأجر مرَّتَيْنِ فِيهَا وَهَذَا حسن لِأَن نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يَأْتِين بِفَاحِشَة توجب حدا قَالَ ابْن عَبَّاس مَا بَغت امْرَأَة نَبِي قطّ وَإِنَّمَا خانت فِي الْإِيمَان وَالطَّاعَة وَالله أعلم 136 - بَاب مَا نزل فِي تَضْعِيف أجرهن {وَمن يقنت مِنْكُن لله وَرَسُوله وتعمل صَالحا نؤتها أجرهَا مرَّتَيْنِ وأعتدنا لَهَا رزقا كَرِيمًا} قَالَ تَعَالَى {وَمن يقنت} أَي يطع {مِنْكُن لله وَرَسُوله وتعمل صَالحا نؤتها أجرهَا مرَّتَيْنِ} يَعْنِي أَنه يكون لَهُنَّ من الْأجر على الطَّاعَة ضعفا مَا يسْتَحقّهُ غَيْرهنَّ من النِّسَاء إِذا فعلن تِلْكَ الطَّاعَة {وأعتدنا لَهَا رزقا كَرِيمًا} جليل الْقدر قَالَ الْمُفَسِّرُونَ هُوَ نعيم الْجنَّة

باب ما نزل في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأمرهن بالعلم والعمل

137 - بَاب مَا نزل فِي أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأمرهن بِالْعلمِ وَالْعَمَل {يَا نسَاء النَّبِي لستن كَأحد من النِّسَاء إِن اتقيتن فَلَا تخضعن بالْقَوْل فيطمع الَّذِي فِي قلبه مرض وقلن قولا مَعْرُوفا وَقرن فِي بيوتكن وَلَا تبرجن تبرج الْجَاهِلِيَّة الأولى وأقمن الصَّلَاة وآتين الزَّكَاة وأطعن الله وَرَسُوله إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت وَيُطَهِّركُمْ تَطْهِيرا واذكرن مَا يُتْلَى فِي بيوتكن من آيَات الله وَالْحكمَة إِن الله كَانَ لطيفا خَبِيرا} قَالَ تَعَالَى {يَا نسَاء النَّبِي لستن كَأحد من النِّسَاء} بل أنتن أكْرم عَليّ وثوابكن أعظم لدي {إِن اتقيتن} بَين سُبْحَانَهُ أَن هَذِه الْفَضِيلَة لَهُنَّ إِنَّمَا تكون لملازمتهن للتقوى لَا لمُجَرّد اتصالهن بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد كن وَللَّه الْحَمد على غَايَة من التَّقْوَى الظَّاهِرَة والباطنة وَالْإِيمَان الْخَالِص وَالْمَشْي على طَريقَة الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَيَاته وَبعد مماته {فَلَا تخضعن بالْقَوْل} أَي لَا تلن القَوْل عِنْد مُخَاطبَة النَّاس كَمَا تَفْعَلهُ المريبات من النِّسَاء وَلَا ترققن الْكَلَام {فيطمع الَّذِي فِي قلبه مرض} أَي فجور وشهوة أوشك وريبة أَو نفاق وَالْمعْنَى لَا تقلن قولا يجد الْمُنَافِق والفاجر بِهِ سَبِيلا إِلَى الطمع فيكُن وَالْمَرْأَة مَنْدُوبَة إِلَى الغلظة فِي الْمقَال إِذا خاطبت الْأَجَانِب لقطع الأطماع فِيهِنَّ {وقلن قولا مَعْرُوفا} أَي حسنا مَعَ كَونه خشنا بَعيدا من الرِّيبَة على سنَن الشَّرْع لَا يُنكر مِنْهُ سامعه شَيْئا بِبَيَان من غير خضوع {وَقرن فِي بيوتكن} أَي الزمنها قَالَ مُحَمَّد بن سِيرِين نبئت

أَنه قيل لسودة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تحجين وَلَا تعتمرين كَمَا تفعل أخواتك قَالَت قد حججْت واعتمرت وَأَمرَنِي الله أَن أقرّ فِي بَيْتِي فوَاللَّه لَا أخرج بَيْتِي حَتَّى أَمُوت قَالَ فوَاللَّه مَا خرجت من بَاب حُجْرَتهَا حَتَّى أخرجت بجنازتها {وَلَا تبرجن تبرج الْجَاهِلِيَّة الأولى} التبرج أَن تبدي الْمَرْأَة من زينتها ومحاسنها مَا يجب ستره مِمَّا تستدعي بِهِ شَهْوَة الرجل وَقد اخْتلف فِي المُرَاد بالجاهلية الأولى فَقيل مَا بَين آدم ونوح أَو زمن دَاوُد وَسليمَان وَقيل مَا بَين نوح وَإِدْرِيس وَكَانَت ألف سنة وَقيل مَا بَين نوح وَإِبْرَاهِيم وَقيل مَا بَين مُوسَى وَعِيسَى أَو مَا بَين عِيسَى وَمُحَمّد عَلَيْهِ السَّلَام وَقيل مَا قبل الْإِسْلَام والجاهلية الْأُخْرَى قوم يَفْعَلُونَ مثل فعلهم فِي آخر الزَّمَان أَو الأولى جَاهِلِيَّة الْكفْر وَالْأُخْرَى جَاهِلِيَّة الفسوق والفجور فِي الْإِسْلَام وَقد بَين حكمهَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَا يبدين زينتهن} وَقيل تذكر الأولى وَإِن لم تكن لَهَا أُخْرَى وَكَانَ نسَاء الْجَاهِلِيَّة يظهرن مَا يقبح إِظْهَاره حَتَّى كَانَت الْمَرْأَة تجْلِس مَعَ زَوجهَا وخليلها فينفرد خليلها بِمَا فَوق الْإِزَار إِلَى أَعلَى وينفرد زَوجهَا بِمَا دون الْإِزَار إِلَى أَسْفَل وَرُبمَا سَأَلَ أَحدهمَا صَاحبه الْبَدَل قَالَ ابْن عَطِيَّة وَالَّذِي يظْهر لي أَنه أَشَارَ إِلَى الْجَاهِلِيَّة الَّتِي لحقنها وأدركنها فأمرن بالنقلة عَن سيرتهن فِيهَا وَهِي مَا كَانَ قبل الشَّرْع من سيرة الْكَفَرَة لأَنهم كَانُوا لَا غيرَة عِنْدهم فَكَانَ أَمر النِّسَاء دون حجبة وَجعلهَا أولى بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا كن عَلَيْهِ وَلَيْسَ الْمَعْنى أَن ثمَّ جَاهِلِيَّة أُخْرَى كَذَا قَالَ وَهُوَ قَول حسن وَيُمكن أَن يُرَاد بالجاهلية الْأُخْرَى مَا يَقع فِي الْإِسْلَام من التَّشَبُّه بِأَهْل الْجَاهِلِيَّة بقول أَو فعل أَي لَا تحدثن بأفعالكن وأقوالكن جَاهِلِيَّة تشابه الْجَاهِلِيَّة الَّتِي كَانَت من قبل وَعَن عَائِشَة قَالَت الْجَاهِلِيَّة الأولى على عهد إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام

وَكَانَت الْمَرْأَة تلبس الدرْع من اللُّؤْلُؤ فتمشي وسط الطَّرِيق لعرض نَفسهَا على الرِّجَال وَكَانَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا إِذا قَرَأت هَذِه الْآيَة تبْكي حَتَّى يبتل خمارها رَوَاهُ مَسْرُوق {وأقمن الصَّلَاة} الْوَاجِبَة {وآتين الزَّكَاة} الْمَفْرُوضَة {وأطعن الله وَرَسُوله} فِيمَا أَمر وَنهى وَخص الصَّلَاة وَالزَّكَاة لِأَنَّهُمَا أصل الطَّاعَات الْبَدَنِيَّة والمالية ثمَّ عمم فأمرهن بِالطَّاعَةِ لله وَرَسُوله فِي كل مَا هُوَ مَشْرُوع لِأَن من واظب عَلَيْهِمَا جرتاه إِلَى مَا وراءهما {إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس} أَي الْإِثْم والذنب المدنسين للأعراض الحاصلين بِسَبَب ترك مَا أَمر الله بِهِ وَفعل مَا نهى عَنهُ فَيدْخل فِي ذَلِك كل مَا لَيْسَ فِيهِ رضَا الله تَعَالَى قيل الرجس الشَّك وَقيل السوء وَقيل عمل الشَّيْطَان والعموم أولى {أهل الْبَيْت وَيُطَهِّركُمْ} من الأرجاس والأدناس {تَطْهِيرا} وَفِي اسْتِعَارَة الرجس للمعصية والترشيح لَهَا بالتطهير تنفير عَنْهَا بليغ وزجر لفاعلها شَدِيد وَقد اخْتلف أهل الْعلم فِي أهل الْبَيْت فِي هَذِه الْآيَة فَقَالَ قوم من السّلف هُوَ زَوْجَات النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة وَالْمرَاد بِالْبَيْتِ بَيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومساكن زَوْجَاته لقَوْله تَعَالَى {واذكرن مَا يُتْلَى فِي بيوتكن} وَلِأَن السِّيَاق فِيهِنَّ من قَوْله {يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك} إِلَى قَوْله {لطيفا خَبِيرا} وَقَالَ قوم هم عَليّ وَفَاطِمَة وَالْحسن وَالْحُسَيْن خَاصَّة وَمن حججهم الْخطاب فِي الْآيَة بِمَا يصلح للذكور وَالْإِنَاث وَهُوَ قَوْله {عَنْكُم} و {ليطهركم} وَلَو كَانَ للنِّسَاء خَاصَّة لقَالَ عنكن وليطهركن وَأجِيب بِأَن التَّذْكِير بِاعْتِبَار لفظ الْأَهْل كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ {أَتَعْجَبِينَ من أَمر الله رَحْمَة الله وَبَرَكَاته عَلَيْكُم أهل الْبَيْت} وَيدل على القَوْل الأول مَا أخرجه ابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ نزلت فِي نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة

وَقَالَ عِكْرِمَة من شَاءَ باهلته أَنَّهَا نزلت فِي أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرُوِيَ هَذَا عَنهُ بطرق وَفِي الْبَاب رِوَايَات أُخْرَى تدل على القَوْل الثَّانِي مَذْكُورَة فِي تَفْسِير فتح الْبَيَان فِي مَقَاصِد الْقُرْآن وتوسطت طَائِفَة ثَالِثَة بَين الطَّائِفَتَيْنِ فَجعلت هَذِه الْآيَة شَامِلَة لِلزَّوْجَاتِ ولعلي وَفَاطِمَة الْحسن وَالْحُسَيْن وَالْحَاصِل أَن من جعل الْآيَة خَاصَّة بِأحد الْفَرِيقَيْنِ أعمل بعض مَا يجب إعماله وأهمل مَا لَا يجوز إهماله وَقد رجح هَذَا القَوْل جمَاعَة من الْمُحَقِّقين مِنْهُم الْقُرْطُبِيّ وَابْن كثير وَغَيرهمَا وَقَالَ جمَاعَة هم بَنو هَاشم فَهَؤُلَاءِ ذَهَبُوا إِلَى أَن المُرَاد بِالْبَيْتِ النّسَب {واذكرن مَا يُتْلَى فِي بيوتكن من آيَات الله وَالْحكمَة} أَي اذكرن مَوضِع النِّعْمَة إِذْ صيركن الله فِي بيُوت يُتْلَى فِيهَا الْقُرْآن وَالسّنة المطهرة واذكرن وتفكرن فِيهَا لتتعظن بمواعظ الله واذكرنها للنَّاس ليتعظوا بهَا ويهتدوا بهداها أَو اذكرنها بالتلاوة لَهَا لتحفظنها وَلَا تتركن الاستكثار من التِّلَاوَة قَالَ الْقُرْطُبِيّ قَالَ أهل التَّأْوِيل يَعْنِي الْمُفَسّرين آيَات الله هِيَ الْقُرْآن وَالْحكمَة السّنة وَقَالَ قَتَادَة فِي الْآيَة الْقُرْآن وَالسّنة المطهرة وَكَذَا يُرَاد بهَا فِي أَلْفَاظ الحَدِيث الشريف كَحَدِيث الْكَلِمَة الْحِكْمَة ضَالَّة الْمُؤمن فَحَيْثُ وجدهَا فَهُوَ أَحَق بهَا أَو كَمَا قَالَ وتأويلها بِغَيْر هَذَا تَأْوِيل لم يدل عَلَيْهِ دَلِيل لَا من الْقُرْآن وَلَا من السّنة

باب ما نزل في أجر الصالحات

{إِن الله كَانَ لطيفا خَبِيرا} بِجَمِيعِ خلقه فيجازي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته 138 - بَاب مَا نزل فِي أجر الصَّالِحَات {إِن الْمُسلمين وَالْمُسلمَات وَالْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات وَالصَّابِرِينَ والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا وَالذَّاكِرَات أعد الله لَهُم مغْفرَة وَأَجرا عَظِيما} قَالَ تَعَالَى {إِن الْمُسلمين وَالْمُسلمَات وَالْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} وَالْفرق بَين الْإِسْلَام وَالْإِيمَان هُوَ مَا ورد فِي حَدِيث جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام الْمَشْهُور وَهُوَ نَص فِي مَحل النزاع {والقانتين والقانتات} الْقُنُوت الطَّاعَة وَالْعِبَادَة {والصادقين والصادقات} هما من يتَكَلَّم بِالصّدقِ ويتجنب الْكَذِب ويفي بِمَا عوهد عَلَيْهِ {وَالصَّابِرِينَ والصابرات} هما من يصبر عَن الشَّهَوَات وعَلى مشاق التَّكْلِيف {والخاشعين والخاشعات} أَي المتواضعين لله الْخَائِفِينَ مِنْهُ والخاضعين فِي عِبَادَتهم لله {والمتصدقين والمتصدقات} هما من تصدق من مَاله بِمَا أوجبه الله عَلَيْهِ وَقيل ذَلِك أَعم من صَدَقَة الْفَرْض وَالنَّفْل {والصائمين والصائمات} قيل ذَلِك مُخْتَصّ بِالْفَرْضِ وَقيل هُوَ أَعم {والحافظين فروجهم والحافظات} فروجهن عَن الْحَرَام بالتعفف والتنزه والاقتصار على الْحَلَال {والذاكرين الله كثيرا وَالذَّاكِرَات}

هما من يذكر الله فِي جَمِيع أَحْوَاله وَفِي ذكر الْكَثْرَة دَلِيل على مَشْرُوعِيَّة الاستكثار من ذكر الله بِالْقَلْبِ وَاللِّسَان وَفِي جمع الْأَذْكَار المأثورة كتب جمَاعَة من أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ من أَتَى بِمَا فِيهَا من الْأَذْكَار والدعوات فَهُوَ دَاخل تَحت هَذِه الْآيَة بِلَا شكّ وَلَا رِيبَة وَمن أحْسنهَا كتاب الْحصن الْحصين وعدته وجنته وَسلَاح الْمُؤمن وفرنده وَعمل الْيَوْم وَاللَّيْلَة لِابْنِ السّني ونزل الْأَبْرَار وَهُوَ أحسن من كل مَا جمع فِي هَذَا الْبَاب وَقد وقفت على ذَلِك كُله وَللَّه الْحَمد {أعد الله لَهُم مغْفرَة} لذنوبهم الَّتِي أذنبوا بهَا {وَأَجرا عَظِيما} على طاعاتهم الَّتِي فَعَلُوهَا من الْإِسْلَام وَالْإِيمَان والقنوت والصدق وَالصَّبْر والخشوع وَالتَّصَدُّق وَالصَّوْم والعفاف وَالذكر وَوصف الْأجر بالعظم للدلالة على أَنه بَالغ الْغَايَة وَلَا شَيْء أعظم من أجر هُوَ الْجنَّة وَنَعِيمهَا الدَّائِم الَّذِي لَا يَنْقَطِع وَلَا ينفذ اللَّهُمَّ أَغفر ذنوبنا وَعظم أجورنا وَقد أخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أم سَلمَة قَالَت قلت يَا رَسُول الله فَمَا لنا لَا نذْكر فِي الْقُرْآن كَمَا تذكر الرِّجَال فَلم يرعني مِنْهُ ذَات يَوْم إِلَّا نداؤه على الْمِنْبَر وَهُوَ يَقُول إِن الله يَقُول {إِن الْمُسلمين وَالْمُسلمَات} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وحسنة وَالطَّبَرَانِيّ عَن أم عمَارَة الْأَنْصَارِيَّة أَنَّهَا أَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت مَا أرى كل شَيْء إِلَّا للرِّجَال وَمَا أرى النِّسَاء يذكرن بِشَيْء فَنزلت هَذِه الْآيَة وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَت النِّسَاء يَا رَسُول الله مَا باله يذكر الْمُؤمنِينَ وَلَا يذكر الْمُؤْمِنَات فَنزلت هَذِه الْآيَة أخرجه الطَّبَرَانِيّ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه باسناد قَالَ السُّيُوطِيّ حسن وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق وَهُوَ الْمُسْتَعَان

باب ما نزل في عدم خيرتهن بعد قضاء الله ورسوله صلى الله عليه وسلم

139 - بَاب مَا نزل فِي عدم خيرتهن بعد قَضَاء الله وَرَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَمَا كَانَ لمُؤْمِن وَلَا مُؤمنَة إِذا قضى الله وَرَسُوله أمرا أَن يكون لَهُم الْخيرَة من أَمرهم وَمن يعْص الله وَرَسُوله فقد ضل ضلالا مُبينًا} قَالَ تَعَالَى {وَمَا كَانَ لمُؤْمِن وَلَا مُؤمنَة إِذا قضى الله وَرَسُوله أمرا أَن يكون لَهُم الْخيرَة من أَمرهم} قَالَ الْقُرْطُبِيّ لفظ مَا كَانَ وَمَا يَنْبَغِي وَنَحْوهمَا مَعْنَاهُ الْحَظْر وَالْمَنْع من الشَّيْء والإخبار بِأَنَّهُ لَا يحل شرعا أَن يكون وَقد يكون لما يمْتَنع عقلا كَقَوْلِه {مَا كَانَ لكم أَن تنبتوا شَجَرهَا} سُورَة النَّمْل وَمعنى الْآيَة أَنه لَا يحل لمن يُؤمن بِاللَّه وَرَسُوله إِذا قضى الله وَرَسُوله أمرا أَن يخْتَار من أَمر نَفسه مَا شَاءَ بل يجب عَلَيْهِ أَن يذعن للْقَضَاء وَيُوقف نَفسه تَحت مَا قضى الله وسوله عَلَيْهِ وَاخْتَارَهُ لَهُ وَيجْعَل رَأْيه تبعا لرأيه وَجمع الضَّمِير فِي قَوْله لَهُم وأَمرهم لِأَن مُؤمنا ومؤمنة وَقعا فِي سِيَاق النَّفْي فهما يعمان كل مُؤمن ومؤمنة {وَمن يعْص الله وَرَسُوله} فِي أَمر من الْأُمُور وَشَيْء من الْأَشْيَاء وَمن ذَلِك عدم الرِّضَا بِمَا قضى الله بِهِ فِي كِتَابه أَو رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سنته {فقد ضل ضلالا مُبينًا} ظَاهرا وَاضحا لَا يخفى فَإِن كَانَ الْعِصْيَان عصيان رد وَامْتِنَاع عَن الْقبُول كحالة بعض أهل الرَّأْي وَأَصْحَاب الْفُرُوع فَهُوَ ضلال كفر وَإِن كَانَ عصيان فعل مَعَ قبُول الْأَمر واعتقاد الْوُجُوب كحالة بعض أهل التَّوْحِيد فَهُوَ ضلال خطأ وَفسق وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انْطلق ليخطب على فتاه زيد بن حارثه فَدخل على زَيْنَب بنت جحش الأَسدِية فَخَطَبَهَا قَالَت لست بناكحته قَالَ بلَى فانكحيه قَالَت يَا رَسُول الله أؤامر نَفسِي

فَبَيْنَمَا هما يتحدثان إِذْ أنزل الله هَذِه الْآيَة على رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت قد رضيته لي ناكحا قَالَ نعم قَالَت إِذا لَا أعصي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد أنكحته نَفسِي أخرجه ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَعنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِزَيْنَب إِنِّي أُرِيد أَن أزَوجك زيد بن حَارِثَة فَإِنِّي قد رضيته لَك قَالَت يَا رَسُول الله لكني لَا أرضاه لنَفْسي وَأَنا أيم قومِي وَبنت عَمَّتك فَلم أكن لأَفْعَل فَنزلت هَذِه الْآيَة {وَمَا كَانَ لمُؤْمِن} يَعْنِي زيدا {وَلَا مُؤمنَة} يَعْنِي زَيْنَب {إِذا قضى الله وَرَسُوله أمرا} يَعْنِي النِّكَاح فِي هَذَا الْموضع {أَن يكون لَهُم الْخيرَة من أَمرهم} خلاف مَا أَمر الله بِهِ قَالَت قد أطعتك فَاصْنَعْ مَا شِئْت فَزَوجهَا زيدا وَدخل عَلَيْهَا أخرجه ابْن مرْدَوَيْه وَعَن ابْن زيد قَالَ نزلت فِي أم كُلْثُوم بنت عقبَة بن أبي معيط وَكَانَت أول امْرَأَة هَاجَرت فَوهبت نَفسهَا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَزَوجهَا زيد بن حَارِثَة فَسَخِطَتْ هِيَ وأخوها وَقَالا إِنَّمَا أردنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَزَوجهَا عَبده وَكَانَ تزوج زيد بِزَيْنَب قبل الْهِجْرَة بِنَحْوِ ثَمَان سِنِين وَبعد مَا طلق زيد زَيْنَب زوجه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أم كُلْثُوم وَكَانَ زوجه قبلهَا أم أَيمن وَولدت لَهُ أُسَامَة وَكَانَت وِلَادَته بعد الْبعْثَة بِثَلَاث سِنِين وَقيل بِخمْس وَفِي شرح الْمَوَاهِب أَن أم أَيمن هِيَ بركَة الحبشية بنت ثَعْلَبَة أعْتقهَا عبد الله أَبُو النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقيل بل أعْتقهَا هُوَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقيل كَانَت لأمه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أسلمت قَدِيما وَهَاجَرت الهجرتين وَمَاتَتْ بعده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِخَمْسَة أشهر وَقيل بِسِتَّة قَالَ أهل الْعلم دلّت الْآيَة على لُزُوم اتِّبَاع قَضَاء الْكتاب وَالسّنة وذم التَّقْلِيد والرأي وَعدم خيرة الْأَمر فِي مُقَابلَة النَّص من الله وَرَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِن كَانَ السَّبَب خَاصّا فَإِن الِاعْتِبَار بِعُمُوم اللَّفْظ لَا بِخُصُوص السَّبَب

باب ما نزل في نفي الحرج عن أزواج الأدعياء

140 - بَاب مَا نزل فِي نفي الْحَرج عَن أَزوَاج الأدعياء {وَإِذ تَقول للَّذي أنعم الله عَلَيْهِ وأنعمت عَلَيْهِ أمسك عَلَيْك زَوجك وَاتَّقِ الله وتخفي فِي نَفسك مَا الله مبديه وتخشى النَّاس وَالله أَحَق أَن تخشاه فَلَمَّا قضى زيد مِنْهَا وطرا زَوَّجْنَاكهَا لكَي لَا يكون على الْمُؤمنِينَ حرج فِي أَزوَاج أدعيائهم إِذا قضوا مِنْهُنَّ وطرا وَكَانَ أَمر الله مَفْعُولا} قَالَ تَعَالَى {وَإِذ تَقول للَّذي أنعم الله عَلَيْهِ وأنعمت عَلَيْهِ أمسك عَلَيْك زَوجك} هُوَ زيد بن حَارِثَة أنعم الله عَلَيْهِ بِالْإِسْلَامِ وأنعم عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن أعْتقهُ من الرّقّ وَكَانَ من سبي الْجَاهِلِيَّة اشْتَرَاهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْجَاهِلِيَّة وَأعْتقهُ وتبناه قَالَ جمَاعَة إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقع مِنْهُ اسْتِحْسَان لِزَيْنَب وَهِي فِي عصمَة زيد وَكَانَت حريصة على أَن يطلقهَا زيد فيتزوجها النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ إِن زيدا أخبر بِأَنَّهُ يُرِيد فراقها شكا مِنْهَا غلظة القَوْل وعصيان الْأَمر والأذى بِاللِّسَانِ والتعظم بالشرف قَالَ لَهُ {وَاتَّقِ الله} فِي أمرهَا وَلَا تعجل بِطَلَاقِهَا وَأمْسك عَلَيْك زَوجك {وتخفي فِي نَفسك مَا الله مبديه} وَهُوَ نِكَاحهَا إِن طَلقهَا زيد وَقيل حبها وَلكنه فعل مَا يجب عَلَيْهِ من الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ {وتخشى النَّاس وَالله أَحَق أَن تخشاه} فِي كل حَال وَهَذَا التَّقْرِير أحسن مَا قيل فِي هَذِه الْآيَة {فَلَمَّا قضى زيد مِنْهَا وطرا} أَي حَاجَة سَمَّاهُ الله فِي الْقُرْآن حَتَّى صَار اسْمه يُتْلَى فِي المحاريب ونوه بِهِ غَايَة التنويه {زَوَّجْنَاكهَا} فَدخل عَلَيْهَا

بِغَيْر إِذن وَلَا عقد وَلَا تَقْدِير صدَاق وَلَا شَيْء مِمَّا هُوَ مُعْتَبر فِي النِّكَاح فِي حق أمته وَهَذَا من خصوصياته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّتِي لَا يُشَارِكهُ فِيهَا أحد بِإِجْمَاع الْمُسلمين وَكَانَ تزَوجه بِزَيْنَب سنة خمس من الْهِجْرَة وَقيل سنة ثَلَاث وَهِي أول من مَاتَ بعده من زَوْجَاته المطهرات مَاتَت بعده بِعشر سِنِين عَن ثَلَاث وَخمسين سنة وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَغَيرهم عَن أنس قَالَ جَاءَ زيد بن حَارِثَة يشكو زَيْنَب إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول اتَّقِ الله وَأمْسك عَلَيْك زَوجك فَنزلت {وتخفي فِي نَفسك مَا الله مبديه} فَتَزَوجهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمَا أولم على امْرَأَة من نِسَائِهِ مَا أولم عَلَيْهَا ذبح شَاة وَأطْعم النَّاس خبْزًا وَلَحْمًا حَتَّى تَرَكُوهُ فَكَانَت تفتخر على أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَقول زوجكن أهليكن وزوجني الله من فَوق سبع سماوات وَكَانَت تَقول لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جدي وَجدك وَاحِد وَلَيْسَ من نِسَائِك من هِيَ كَذَلِك غَيْرِي وَقد أنكحنيك الله والسفير فِي ذَلِك جِبْرِيل قَالَه الخازن {لكَي لَا يكون على الْمُؤمنِينَ حرج فِي أَزوَاج أدعيائهم} أَي فِي التَّزَوُّج بِأَزْوَاج من يجعلونه ابْنا كَمَا كَانَت تَفْعَلهُ الْعَرَب وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد تبنى زيد بن حَارِثَة وَكَانَ يُقَال لَهُ زيد بن مُحَمَّد حَتَّى نزل قَوْله سُبْحَانَهُ {ادعوهُمْ لِآبَائِهِمْ} {إِذا قضوا مِنْهُنَّ وطرا} بِخِلَاف ابْن الصلب فَإِن امْرَأَته تحرم على أَبِيه بِنَفس العقد عَلَيْهَا {وَكَانَ أَمر الله مَفْعُولا} أَي قَضَاءَهُ فِي أَمر زَيْنَب أَن يَتَزَوَّجهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَاضِيا مَوْجُودا فِي الْخَارِج لَا محَالة وَعَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما تزوج زَيْنَب قَالُوا تزوج حَلِيلَة ابْنه فَأنْزل الله {مَا كَانَ مُحَمَّد أَبَا أحد من رجالكم وَلَكِن رَسُول الله وَخَاتم النَّبِيين} وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

باب ما نزل في أن لا عدة في الطلاق قبل المسيس

تبناه وَهُوَ صَغِير فَلبث حَتَّى صَار رجلا يُقَال لَهُ زيد بن مُحَمَّد فَأنْزل الله {ادعوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أقسط عِنْد الله} أخرجه التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَغَيرهم وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَغَيرهم عَن أنس قَالَ لما انْقَضتْ عدَّة زَيْنَب قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لزيد اذْهَبْ فاذكرها عَليّ فَانْطَلق قَالَ فَلَمَّا رَأَيْتهَا عظمت فِي صَدْرِي قلت يَا زَيْنَب أَبْشِرِي أَرْسلنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يذكرك قَالَت مَا أَنا بِصَانِعَةٍ شَيْئا حَتَّى أوَامِر رَبِّي فَقَامَتْ إِلَى مَسْجِدهَا وَنزل الْقُرْآن وَجَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَدخل عَلَيْهَا بِغَيْر إِذن وَلَقَد رَأَيْتنَا حِين دخلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أطعمنَا الْخبز وَاللَّحم فَخرج النَّاس وَبَقِي رجال يتحدثون فِي الْبَيْت بعد الطَّعَام فَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم واتبعته فَجعل يتتبع حجر نِسَائِهِ يسلم عَلَيْهِنَّ وَيَقُلْنَ يَا رَسُول الله كَيفَ وجدت أهلك فَمَا أَدْرِي هَل أَنا أخْبرته أَن الْقَوْم قد خَرجُوا أَو أخبرهُ غَيْرِي فَانْطَلق حَتَّى دخل الْبَيْت فَذَهَبت لأدخل مَعَه فَألْقى السّتْر بيني وَبَينه وَنزل الْحجاب وَوعظ الْقَوْم بِمَا وعظوا {لَا تدْخلُوا بيُوت النَّبِي إِلَّا أَن يُؤذن لكم} الْآيَة 141 - بَاب مَا نزل فِي أَن لَا عدَّة فِي الطَّلَاق قبل الْمَسِيس {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا نكحتم الْمُؤْمِنَات ثمَّ طلقتموهن من قبل أَن تمَسُّوهُنَّ فَمَا لكم عَلَيْهِنَّ من عدَّة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا} قَالَ تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا نكحتم الْمُؤْمِنَات} أَي عقدتم

بِهن عقد النِّكَاح {ثمَّ طلقتموهن من قبل أَن تمَسُّوهُنَّ} أَي تجامعوهن فكنى عَن ذَلِك بِلَفْظ الْمس وَمن آدَاب الْقُرْآن الْكِنَايَة عَن الْوَطْء بِلَفْظ الْمُلَامسَة والمماسة والقرب والتغشي والإتيان وَقد اسْتدلَّ بِهَذِهِ الْآيَة على أَن لَا طَلَاق قبل النِّكَاح وَبِه قَالَ الْجُمْهُور وَذهب مَالك وَأَبُو حنيفَة إِلَى صِحَّته إِذْ قَالَ إِذا تزوجت فُلَانَة فَهِيَ طَالِق وَيَردهُ الحَدِيث عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا طَلَاق فِيمَا لَا يملك الخ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ بِمَعْنَاهُ وَعَن أبن عَبَّاس جعل الله الطَّلَاق بعد النِّكَاح أخرجه البُخَارِيّ {فَمَا لكم عَلَيْهِنَّ من عدَّة تعتدونها} أَي تحصونها بِالْأَقْرَاءِ وَالْأَشْهر أجمع الْعلمَاء على أَنه إِذا كَانَ الطَّلَاق قبل الْمَسِيس وَالْخلْوَة فَلَا عدَّة وَذهب أَحْمد إِلَى أَن الْخلْوَة توجب الْعدة وَالصَّدَاق {فمتعوهن} أَي أعطوهن مَا يستمتعن بِهِ وَقد تقدم الْكَلَام عَلَيْهَا فِي سُورَة الْبَقَرَة ويخصص من هَذِه الْآيَة من توفّي عَنْهَا زَوجهَا فَإِنَّهُ إِذا مَاتَ بعد العقد عَلَيْهَا وَقبل الدُّخُول بهَا كَانَ الْمَوْت كالدخول فَتعْتَد أَرْبَعَة أشهر وَعشرا قَالَ ابْن كثير بِالْإِجْمَاع فَيكون الْمُخَصّص هُوَ الْإِجْمَاع لَا الْجِمَاع {وسرحوهن سراحا جميلا} أَي أخرجوهن من غير أضرار وَلَا منع حق من مَنَازِلكُمْ وَلَيْسَ لكم عَلَيْهِنَّ عدَّة وَقيل هُوَ أَن لَا يطالبها بِمَا كَانَ قد أَعْطَاهَا وَعَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ هَذَا فِي الرجل يتَزَوَّج الْمَرْأَة ثمَّ يطلقهَا من غير أَن يَمَسهَا فَإِذا طَلقهَا وَاحِدَة بَانَتْ مِنْهُ وَلَا عدَّة عَلَيْهَا فلهَا

باب ما نزل في الواهبة نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم

أَن تتَزَوَّج من شَاءَت وَإِن كَانَ سمى لَهَا صَدَاقا فَلَيْسَ لَهَا إِلَّا النّصْف وَإِن لم يكن سمى مَتعهَا على قدر عسره ويسره 142 - بَاب مَا نزل فِي الواهبة نَفسهَا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {يَا أَيهَا النَّبِي إِنَّا أَحللنَا لَك أَزوَاجك اللَّاتِي آتيت أُجُورهنَّ وَمَا ملكت يَمِينك مِمَّا أَفَاء الله عَلَيْك وَبَنَات عمك وَبَنَات عَمَّاتك وَبَنَات خَالك وَبَنَات خَالَاتك اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَك وَامْرَأَة مُؤمنَة إِن وهبت نَفسهَا للنَّبِي إِن أَرَادَ النَّبِي أَن يستنكحها خَالِصَة لَك من دون الْمُؤمنِينَ قد علمنَا مَا فَرضنَا عَلَيْهِم فِي أَزوَاجهم وَمَا ملكت أَيْمَانهم} قَالَ تَعَالَى {يَا أَيهَا النَّبِي إِنَّا أَحللنَا لَك أَزوَاجك اللَّاتِي آتيت أُجُورهنَّ} أَي مهورهن فَإِن المهور أجور الأبضاع قيل أحل لَهُ جَمِيع النِّسَاء مَا عدا ذَوَات الْمَحَارِم إِذا آتاها مهرهَا وَقيل أحل لَهُ أَزوَاجه لِأَنَّهُنَّ قد أخترنه على الدُّنْيَا وَهَذَا هُوَ الظَّاهِر {وَمَا ملكت يَمِينك مِمَّا أَفَاء الله عَلَيْك} أَي السراري اللَّاتِي دخلن فِي ملكك بِالْغَنِيمَةِ مثل صَفِيَّة وَجُوَيْرِية فأعتقهما وتزوجهما وَقد كَانَت مَارِيَة مِمَّا ملكت يَمِينه فَولدت لَهُ إِبْرَاهِيم وَخرجت الْآيَة مخرج الْغَالِب لِأَنَّهَا تحل لَهُ السّريَّة الْمُشْتَرَاة والموهوبة وَنَحْوهمَا {وَبَنَات عمك وَبَنَات عَمَّاتك} أَي نسَاء قُرَيْش {وَبَنَات خَالك وَبَنَات}

خَالَاتك) أَي نسَاء بني زهرَة {اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَك} هَذَا إِشَارَة إِلَى مَا هُوَ الْأَفْضَل وللإيذان بشرف الْهِجْرَة وَشرف من هَاجر أَي أحللن لَك زَائِدا على الْأزْوَاج اللَّاتِي آتيت أُجُورهنَّ على قَول الْجُمْهُور أخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَغَيرهم عَن أم هَانِيء بنت أبي طَالب قَالَت خطبني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاعتذرت إِلَيْهِ فعذرني فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة فَلم أكن أحل لَهُ لِأَنِّي لم أُهَاجِر مَعَه كنت من الطُّلَقَاء وَفِي الْبَاب رِوَايَات وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ حرم الله عَلَيْهِ سوى ذَلِك من النِّسَاء وَكَانَ قبل ذَلِك ينْكح أَي النِّسَاء شَاءَ لم يحرم ذَلِك عَلَيْهِ وَكَانَ نساؤه يجدن من ذَلِك وجدا شَدِيدا أَن ينْكح أَي النِّسَاء أحب فَلَمَّا نزلت الْآيَة أعجب ذَلِك نساؤه {وَامْرَأَة مُؤمنَة} هَذَا يَد على أَن الْكَافِرَة لَا تحل لَهُ فجوز لنا نِكَاح الْحَرَائِر الكتابيات وَقصر هُوَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْمُؤْمِنَات وَأما تسريه بالأمة الْكِتَابِيَّة فَالْأَصَحّ فِيهِ الْحل لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم استمتع بأمته رَيْحَانَة قبل إِن تسلم كَذَا فِي الْمَوَاهِب وَكَانَت يَهُودِيَّة من سبي قُرَيْظَة وَمِمَّا خص بِهِ أَيْضا يحرم عَلَيْهِ نِكَاح الْأمة وَلَو مسلمة {إِن وهبت نَفسهَا للنَّبِي} أَي مَلكتك بضعهَا وَأما من لم تكن مُؤمنَة فَلَا تحل لَك بِمُجَرَّد هبتها نَفسهَا لَك وَلَكِن لَيْسَ ذَلِك بِوَاجِب عَلَيْك بِحَيْثُ يلزمك قبُول ذَلِك بل مُقَيّد بإرادتك وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى {إِن أَرَادَ النَّبِي أَن يستنكحها} قيل إِنَّه لم يكن عِنْده مِنْهُنَّ شَيْء وَقَالَ قَتَادَة كَانَت عِنْده مَيْمُونَة بنت الحارس وَقيل هِيَ زَيْنَب بنت خُزَيْمَة الْأَنْصَارِيَّة أم الْمَسَاكِين وَقيل أم شريك بنت جَابر الأَسدِية وَقيل هِيَ أم حَكِيم السلمِيَّة وَعَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت كَانَت خَوْلَة بنت حَكِيم من اللَّاتِي وهبْنَ أَنْفسهنَّ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أما تَسْتَحي الْمَرْأَة أَن تهب نَفسهَا للرِّجَال فَلَمَّا نزلت {ترجي من تشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك من تشَاء}

باب ما نزل في التصرف في النساء بالأرجاء والايواء

قلت يَا رَسُول الله مَا أرى رَبك إِلَّا يُسَارع فِي هَوَاك أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا التِّرْمِذِيّ وَعَن أنس قَالَ جَاءَت امْرَأَة إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت يَا رَسُول الله هَل لَك بِي حَاجَة فَقَالَت ابْنة أنس مَا كَانَ أقل حياءها فَقَالَ هِيَ خير مِنْك رغبت فِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعرضت نَفسهَا عَلَيْهِ أخرجه البُخَارِيّ وَابْن مردوية وَفِي الْبَاب رِوَايَات وَكَانَ من خَصَائِصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن النِّكَاح ينْعَقد فِي حَقه بِالْهبةِ من غير ولي وَلَا شُهُود وَلَا مهر وَالزِّيَادَة على أَربع وَوُجُوب تَخْيِير النِّسَاء وَعَلِيهِ جمَاعَة وَاخْتلفُوا فِي انْعِقَاده فِي حق الْأمة فَذهب أَكْثَرهم إِلَى أَنه لَا ينْعَقد إِلَّا بِلَفْظ النِّكَاح وَالتَّزْوِيج وَقَالَ أهل الْكُوفَة ينْعَقد بِلَفْظ التَّمْلِيك وَالْهِبَة {خَالِصَة لَك من دون الْمُؤمنِينَ} وَالْحق أَن ذَلِك خَاص بِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى {قد علمنَا مَا فَرضنَا عَلَيْهِم فِي أَزوَاجهم} قَالَ ابْن عمر فِي الْآيَة فرض الله عَلَيْهِم أَنه لَا نِكَاح إِلَّا بولِي وشاهدين وَمثله عَن ابْن عَبَّاس وَزَاد وَمهر {وَمَا ملكت أَيْمَانهم} مِمَّن يجوز سبيه وحربه وَأَن تستبريء قبل الْوَطْء 143 - بَاب مَا نزل فِي التَّصَرُّف فِي النِّسَاء بالأرجاء والايواء {ترجي من تشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك من تشَاء وَمن ابْتَغَيْت مِمَّن عزلت فَلَا جنَاح عَلَيْك ذَلِك أدنى أَن تقر أعينهن وَلَا يحزن ويرضين بِمَا آتيتهن كُلهنَّ وَالله يعلم مَا فِي قُلُوبكُمْ} قَالَ تَعَالَى {ترجي من تشَاء مِنْهُنَّ} أَي تُؤخر {وَتُؤْوِي إِلَيْك من تشَاء} أَي تضم إِلَيْك وَالْمعْنَى أَن الله تَعَالَى وسع عَلَيْهِ فِي جعل الْخِيَار إِلَيْهِ فِي

نِسَائِهِ فيؤخر من شَاءَ مِنْهُنَّ وَيُؤَخر نوبتها وَيَتْرُكهَا وَلَا يَأْتِيهَا من غير طَلَاق وَيضم إِلَيْهِ من شَاءَ مِنْهُنَّ ويضاجعها ويبيت عِنْدهَا وَقد كَانَ الْقسم وَاجِبا عَلَيْهِ حَتَّى نزلت هَذِه الْآيَة فارتفع الْوُجُوب صَار الْخِيَار إِلَيْهِ وَكَانَ مِمَّن آوى إِلَيْهِ عَائِشَة وَحَفْصَة وَأم سَلمَة وَزَيْنَب وَمِمَّنْ أَرْجَى سَوْدَة وَجُوَيْرِية وَأم حَبِيبَة ومَيْمُونَة وَصفِيَّة فَكَانَ يُسَوِّي بَين من آوى فِي الْقسم وَكَانَ يقسم لمن أرجاه مَا شَاءَ وَهَذَا قَول الْجُمْهُور وَعَلِيهِ دلّت الْأَدِلَّة الثَّابِتَة فِي الصَّحِيح وَغَيره وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَغَيرهمَا عَن عَائِشَة قَالَت كنت أغار من اللَّاتِي وهبْنَ أَنْفسهنَّ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَقُول أما تستحيي الْمَرْأَة أَن تهب نَفسهَا فَلَمَّا أنزل الله {ترجي من تشَاء} الْآيَة قلت مَا أرى رَبك إِلَّا يُسَارع فِي هَوَاك وَفِي الْبَاب رِوَايَات {وَمن ابْتَغَيْت مِمَّن عزلت} الابتغاء الطّلب والعزل الْإِزَالَة أَي إِن أردْت أَن تؤوي إِلَيْك امْرَأَة مِمَّن قد عزلتهن من الْقِسْمَة {فَلَا جنَاح عَلَيْك} فِي ذَلِك {ذَلِك أدنى أَن تقر أعينهن} أَي ذَلِك التَّخْيِير والتفويض أقرب إِلَى رضاهن {وَلَا يحزن} بإيثارك بَعضهنَّ دون بعض {ويرضين بِمَا آتيتهن كُلهنَّ} أَي من تقريب وإرجاء وعزل وإيواء وَكَانَ يقسم بَينهم حَتَّى توفّي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يسْتَعْمل شَيْئا مِمَّا أُبِيح لَهُ ضبطا لنَفسِهِ وأخذا بالأفضل غير سَوْدَة فَإِنَّهَا وهبت لَيْلَتهَا لعَائِشَة {وَالله يعلم مَا فِي قُلُوبكُمْ} من كل مَا تضمرونه من أُمُور النِّسَاء والميل إِلَى بَعضهنَّ

باب ما نزل في النهي عن تبديل الأزواج للنبي صلى الله عليه وسلم

144 - بَاب مَا نزل فِي النَّهْي عَن تَبْدِيل الْأزْوَاج للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد وَلَا أَن تبدل بِهن من أَزوَاج وَلَو أعْجبك حسنهنَّ إِلَّا مَا ملكت يَمِينك} قَالَ تَعَالَى {لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد} أَي بعد هَؤُلَاءِ التسع اللواتي اخترنك واجمعن فِي عصمتك وَهن من توفّي عَنْهُم وَاخْتلف أهل الْعلم فِي تَفْسِير هَذِه الْآيَة على أَقْوَال ذكرت فِي فتح الْبَيَان {وَلَا أَن تبدل بِهن من أَزوَاج} غَيْرهنَّ من الكتابيات لِأَنَّهُ لَا تكون أم الْمُؤمنِينَ يَهُودِيَّة وَلَا نَصْرَانِيَّة {وَلَو أعْجبك حسنهنَّ} أَي حسن غَيْرهنَّ وجمالهن مِمَّن أردْت أَن تجعلها بَدَلا من إِحْدَاهُنَّ وَهَذَا التبديل من جملَة مَا نسخه الله فِي حق رَسُوله على القَوْل الرَّاجِح ونسخه إِمَّا بِالسنةِ أَو بقوله {إِنَّا أَحللنَا لَك أَزوَاجك} وترتيب النُّزُول لَيْسَ على تَرْتِيب الْمُصحف قَالَ ابْن عَبَّاس لما اسْتشْهد جَعْفَر أَرَادَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يخْطب امْرَأَته أَسمَاء بنت عُمَيْس فنهي عَن ذَلِك {إِلَّا مَا ملكت يَمِينك} أَي تحل لَك الْإِمَاء وَقد ملك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعدهن مَارِيَة الْقبْطِيَّة أهداها لَهُ الْمُقَوْقس ملك القبط وهم أهل مصر وَولدت لَهُ إِبْرَاهِيم فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان وَمَات فِي حَيَاة أَبِيه وَله سَبْعُونَ يَوْمًا وَقيل سنة وَعشرَة أشهر وَفِي تَحْلِيل الْأمة الْكَافِرَة لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَولَانِ وَلكُل وجهة وَفِي الْآيَة دَلِيل على جَوَاز النّظر إِلَى من يُرِيد نِكَاحهَا من النِّسَاء وَيدل

باب ما نزل في حجاب النساء

عَلَيْهِ مَا رُوِيَ عَن جَابر مَرْفُوعا إِذا خطب أحدكُم الْمَرْأَة فَإِن اسْتَطَاعَ أَن ينظر إِلَى مَا يَدعُوهُ إِلَى نِكَاحهَا فَلْيفْعَل أخرجه أَبُو دَاوُد وَعَن أبي هُرَيْرَة أَن رجلا أَرَادَ أَن يتَزَوَّج امْرَأَة من الْأَنْصَار فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنظر إِلَيْهَا فَإِن فِي أعين الْأَنْصَار شَيْئا قَالَ الْحميدِي يَعْنِي الصغر وَعَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة قَالَ خطبت امْرَأَة فَقَالَ لي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَل نظرت إِلَيْهَا قلت لَا قَالَ فَانْظُر إِلَيْهَا فَإِنَّهُ أَحْرَى أَن يُؤْدم بَيْنكُمَا أخرجه التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حسن 145 - بَاب مَا نزل فِي حجاب النِّسَاء {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تدْخلُوا بيُوت النَّبِي إِلَّا أَن يُؤذن لكم} {وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعا فَاسْأَلُوهُنَّ من وَرَاء حجاب ذَلِكُم أطهر لقلوبكم وقلوبهن وَمَا كَانَ لكم أَن تُؤْذُوا رَسُول الله وَلَا أَن تنْكِحُوا أَزوَاجه من بعده أبدا إِن ذَلِكُم كَانَ عِنْد الله عَظِيما} قَالَ تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تدْخلُوا بيُوت النَّبِي} هَذَا نهي عَام لكل مُؤمن عَن أَن يدْخل بيُوت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا بِإِذن مِنْهُ وَسبب النُّزُول مَا وَقع من بعض الصَّحَابَة فِي وَلِيمَة زَيْنَب وَعَن أنس قَالَ قَالَ عمر بن الْخطاب يَا رَسُول الله إِن نِسَاءَك يدْخل عَلَيْهِنَّ الْبر والفاجر فَلَو أمرت أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ بالحجاب فَأنْزل الله آيَة الْحجاب أخرجه الشَّيْخَانِ وَفِي الْبَاب رِوَايَات وفيهَا سَبَب النُّزُول وَكَانَ نزُول الْحجاب فِي ذِي الْقعدَة سنة خمس من الْهِجْرَة وَقيل سنة ثَلَاث

باب ما نزل في رفع حجابهن عن ذوي القربى

{إِلَّا أَن يُؤذن لكم} اسْتثِْنَاء مفرغ من أَعم الْأَحْوَال أَي لَا تدخلوها فِي حَال من الْأَحْوَال إِلَّا فِي حَال كونكم مَأْذُونا لكم إِلَى قَوْله {وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعا فَاسْأَلُوهُنَّ من وَرَاء حجاب} فَبعد هَذِه الْآيَة لم يكن لأحد أَن ينظر إِلَى امْرَأَة من نسَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم متنقبة أَو غير متنقبة {ذَلِكُم أطهر لقلوبكم وقلوبهن} وَفِي هَذَا أدب لكل مُؤمن وتحذير لَهُ من أَن يَثِق بِنَفسِهِ فِي الْخلْوَة مَعَ من لَا تحل لَهُ والمكالمة من دون الْحجاب لمن تحرم عَلَيْهِ فَإِن مجانبة ذَلِك أحسن بِحَالهِ وَأحسن لنَفسِهِ وَأتم لعصمته {وَمَا كَانَ لكم أَن تُؤْذُوا رَسُول الله} بِشَيْء من الْأَشْيَاء كَائِنا مَا كَانَ {وَلَا أَن تنْكِحُوا أَزوَاجه من بعده أبدا} أَي بعد وَفَاته أَو فِرَاقه لِأَنَّهُنَّ أُمَّهَات وَلَا يحل للأولاد نِكَاح الْأُمَّهَات قَالَ ابْن عَبَّاس نزلت هَذِه الْآيَة فِي رجل هم بِأَن يتَزَوَّج بعض نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد مَوته قَالَ سُفْيَان وَذكروا أَنَّهَا عَائِشَة وَفِي الْبَاب رِوَايَات {إِن ذَلِكُم كَانَ عِنْد الله عَظِيما} أَي ذَنبا عَظِيما وخطئا هائلا شَدِيدا 146 - بَاب مَا نزل فِي رفع حجابهن عَن ذَوي الْقُرْبَى {لَا جنَاح عَلَيْهِنَّ فِي آبائهن وَلَا أبنائهن وَلَا إخوانهن وَلَا أَبنَاء إخوانهن وَلَا أَبنَاء أخواتهن وَلَا نسائهن وَلَا مَا ملكت أيمانهن واتقين الله} قَالَ تَعَالَى {لَا جنَاح عَلَيْهِنَّ فِي آبائهن وَلَا أبنائهن وَلَا إخوانهن وَلَا أَبنَاء إخوانهن وَلَا أَبنَاء أخواتهن} أَي فَهَؤُلَاءِ لَا يجب على نسَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا على غَيْرهنَّ من النِّسَاء الاحتجاب مِنْهُم فِي رُؤْيَة وَكَلَام وَلم يذكر الْعم وَالْخَال

باب ما نزل في إيذاء المؤمنات بالبهتان

لِأَنَّهُمَا يجريان مجْرى الْوَالِدين {وَلَا نسائهن} أَي النِّسَاء الْمُؤْمِنَات لِأَن الكافرات غير مأمونات على العورات وَالنِّسَاء كُلهنَّ عَورَة فَيجب على أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الاحتجاب عَنْهُن كَمَا يجب على سَائِر المسلمات مَا عدا مَا يَبْدُو عِنْد المهنة فَلَا يجب على المسلمات حجبه وستره عَن الكافرات وَلِهَذَا قيل هُوَ خَاص بِأَزْوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَا يجوز للكتابيات الدُّخُول عَلَيْهِنَّ وَقيل عَام فِي المسلمات والكتابيات {وَلَا مَا ملكت أيمانهن} من العبيد وَالْإِمَاء أَن يروهن ويكلموهن من غير حجاب وَقيل الْإِمَاء خَاصَّة وَمن لم يبلغ من العبيد وَالْخلاف فِي ذَلِك مَعْرُوف {واتقين الله} فِي كل الْأُمُور الَّتِي من جُمْلَتهَا الْحجاب قَالَ ابْن عَبَّاس نزلت هَذِه فِي نسَاء النَّبِي خَاصَّة يَعْنِي وجوب الاحتجاب عَلَيْهِنَّ لَا على سَائِر نسَاء الْأمة فَإِن الْحجاب فِي حقهن مُسْتَحبّ لَا وَاجِب وَلَا فرض 147 - بَاب مَا نزل فِي إِيذَاء الْمُؤْمِنَات بالبهتان {وَالَّذين يُؤْذونَ الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات بِغَيْر مَا اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مُبينًا} قَالَ تَعَالَى {وَالَّذين يُؤْذونَ الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} بِوَجْه من وُجُوه الْأَذَى من قَول أَو فعل {بِغَيْر مَا اكتسبوا} قيل يقعون فيهم ويرمونهم بِغَيْر جرم فَإِن الأذية بِمَا كسبوه مِمَّا يُوجب حدا أَو تعزيرا وَنَحْوهمَا فَذَلِك حق الشَّرْع وَأمر أمرنَا الله بِهِ وندبنا إِلَيْهِ وَهَكَذَا إِذا وَقع من الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات

باب ما نزل في ثياب الحرائر والاماء وتمييزهن بها

الِابْتِدَاء بشتم لمُؤْمِن أَو مُؤمنَة أَو ضرب فَإِن الْقصاص من الْفَاعِل لَيْسَ من الأذية الْمُحرمَة على أَي وَجه كَانَ مَا لم يُجَاوز مَا شَرعه الله {فقد احتملوا بهتانا وإثما مُبينًا} أَي ظَاهرا وَاضحا لَا شكّ فِي كَونه من الْبُهْتَان وَالْإِثْم قيل نزلت فِي شَأْن عَائِشَة وَقيل نزلت فِي الزناة كَانُوا يَمْشُونَ فِي طرق الْمَدِينَة يتبعُون النِّسَاء وَهن كارهات 148 - بَاب مَا نزل فِي ثِيَاب الْحَرَائِر والاماء وتمييزهن بهَا {يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك وبناتك وَنسَاء الْمُؤمنِينَ يدنين عَلَيْهِنَّ من جلابيبهن ذَلِك أدنى أَن يعرفن فَلَا يؤذين} قَالَ تَعَالَى {يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك وبناتك وَنسَاء الْمُؤمنِينَ يدنين عَلَيْهِنَّ من جلابيبهن} جمع جِلْبَاب وَهُوَ ثوب أكبر من الْخمار وَهُوَ الملاءة الَّتِي تشْتَمل بهَا الْمَرْأَة فَوق الدرْع والخمار قَالَ الْجَوْهَرِي الجلباب الملحفة وَقَالَ الشهَاب إزر وَاسع يلتحف بِهِ وَقيل القناع وَقيل هُوَ كل ثوب يستر جَمِيع بدن الْمَرْأَة من كسَاء وَغَيره كَمَا ثَبت فِي الصَّحِيح من حَدِيث أم عَطِيَّة أَنَّهَا قَالَت يَا رَسُول الله إحدانا لَا يكون لَهَا جِلْبَاب فَقَالَ لتلبسها أُخْتهَا من جلبابها قَالَ الواحدي قَالَ الْمُفَسِّرُونَ يغطين وجوههن ورؤسهن إِلَّا عينا وَاحِدَة فَيعلم أَنَّهُنَّ حرائر فَلَا يتَعَرَّض لَهُنَّ بأذى وَبِه قَالَ ابْن عَبَّاس وَقَالَ الْحسن تغطي نصف وَجههَا وَقَالَ قَتَادَة تلويه فَوق الجبين وتشده ثمَّ تعطفه على الْأنف وَإِن ظَهرت عَيناهَا لكنه يستر الصَّدْر ومعظم الْوَجْه وَقَالَ الْمبرد يرخينها عَلَيْهِنَّ ويغطين بهَا وجوههن وأعطافهن

باب ما نزل في تعذيب المنافقات والتوبة على المؤمنات

{ذَلِك أدنى أَن يعرفن} فتميزهن عَن الْإِمَاء وَيظْهر للنَّاس أَنَّهُنَّ حرائر {فَلَا يؤذين} من جِهَة أهل الرِّيبَة بالتعرض لَهُنَّ مراقبة لَهُنَّ ولأهلهن واستنبط بعض أهل الْعلم من هَذِه الْآيَة أَن مَا يَفْعَله عُلَمَاء هَذَا الزَّمَان فِي ملابسهم من سَعَة الأكمام والعمة وَلبس الطيلسان حسن وَإِن لم يَفْعَله السّلف لِأَن فِيهِ تمييزا لَهُم وَبِذَلِك يعْرفُونَ فيلتفت إِلَى فتاواهم وأقوالهم قَالَ السُّبْكِيّ وَمِنْه يعلم أَن تَمْيِيز الْأَشْرَاف بعلامة أَمر مَشْرُوع أَيْضا انْتهى وَأَقُول مَا أبرد هَذَا الاستنباط وأبعده وَمَا أقل نَفعه وجدواه لَا سِيمَا بعد مَا ورد فِي السّنة المطهرة من النَّهْي عَن الْإِسْرَاف فِي اللبَاس وإطالته وَقد منع من ذَلِك سلف الْأمة وأئمتها فَأَيْنَ هَذَا من ذَاك وَإِنَّمَا هُوَ بِدعَة قبيحة شنيعة مَرْدُودَة على صَاحبهَا أحدثها عُلَمَاء السوء ومشايخ الدُّنْيَا وَمن هُنَا قَالَ عَليّ الْقَارِي فِي معرض الذَّم لأهل مَكَّة لَهُم عمائم كالأبراج وكمائم كالأخراج وَمَا ذكره من أَن زِيّ الْعلمَاء والأشراف فِي هَذَا الزَّمَان سنة رده ابْن الْحَاج فِي الْمدْخل بِأَنَّهُ مُخَالف لزيهم فِي زمن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وزمن الْخُلَفَاء الرَّاشِدين وَمن بعدهمْ من خير الْقُرُون فَإِن قيل إِنَّهُم بِهِ يعْرفُونَ قيل إِنَّهُم لَو بقوا على الزي الأول لعرفوا بِهِ أَيْضا لمُخَالفَته لما عَلَيْهِ غَيرهم الْآن وَأطَال فِي إِنْكَار مَا قَالُوهُ واختاروه فِي الزي وَفِي سَبَب نزُول هَذِه الْآيَة رِوَايَات فِيهَا ذكر خُرُوج سَوْدَة وَغَيرهَا للْحَاجة بِاللَّيْلِ وإيذاء الْمُنَافِقين لَهُنَّ 149 - بَاب مَا نزل فِي تَعْذِيب المنافقات وَالتَّوْبَة على الْمُؤْمِنَات {ليعذب الله الْمُنَافِقين والمنافقات وَالْمُشْرِكين والمشركات وَيَتُوب الله على الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات}

باب ما نزل في جعل الله الإنسان أزواجا من جنسه

قَالَ تَعَالَى {ليعذب الله الْمُنَافِقين والمنافقات وَالْمُشْرِكين والمشركات وَيَتُوب الله على الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} فِيهِ تَوْفِيَة لكل من مقَامي الْوَعيد والوعد حَقه وَهَذِه الْآيَة بعد ذكر {إِنَّا عرضنَا الْأَمَانَة} إِلَى قَوْله {إِنَّه كَانَ ظلوما جهولا} قَالَ ابْن قُتَيْبَة أَي عرضنَا ذَلِك ليظْهر نفاق الْمُنَافِق وشرك الْمُشرك فيعذبهما الله وَيظْهر إِيمَان الْمُؤمن فَيَعُود عَلَيْهِ بالمغفرة وَالرَّحْمَة إِن حصل مِنْهُ تَقْصِير فِي بعض الطَّاعَات وَلذَلِك ذكر بِلَفْظ التَّوْبَة فَدلَّ على أَن الْمُؤمن العَاصِي خَارج عَن الْعَذَاب اللَّهُمَّ اغْفِر لنا وَتب علينا 150 - بَاب مَا نزل فِي جعل الله الْإِنْسَان أَزْوَاجًا من جنسه {وَالله خَلقكُم من تُرَاب ثمَّ من نُطْفَة ثمَّ جعلكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تحمل من أُنْثَى وَلَا تضع إِلَّا بِعِلْمِهِ} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة فاطر {وَالله خَلقكُم من تُرَاب ثمَّ من نُطْفَة ثمَّ جعلكُمْ أَزْوَاجًا} فالذكر زوج الْأُنْثَى وَبِالْعَكْسِ أَو جعلكُمْ أصنافا ذكرانا وأناثا {وَمَا تحمل من أُنْثَى وَلَا تضع إِلَّا بِعِلْمِهِ} أَي لَا يكون حمل وَلَا وضع إِلَّا وَالله عَالم بِهِ فَلَا يخرج شَيْء عَن علمه وتدبيره وَالْآيَة حجَّة على من يَنْفِي علمه سُبْحَانَهُ بالجزئيات ورد عَلَيْهِ 151 - بَاب مَا نزل فِي حشر الزَّوْجَات مَعَ الْأزْوَاج {احشروا الَّذين ظلمُوا وأزواجهم} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة الصِّفَات {احشروا الَّذين ظلمُوا} أَمر من الله

باب ما نزل في جعل حواء زوجة لآدم عليهما السلام

للْمَلَائكَة بِأَن يحْشرُوا الْمُشْركين {وأزواجهم} أَي أمثالهم فِي الشّرك والتابعون لَهُم فِي الْكفْر وَقَالَ الْحسن وَمُجاهد المُرَاد بأزواجهم نِسَاؤُهُم المشركات الموافقات لَهُم على الْكفْر وَالظُّلم وَقَالَ عمر بن الْخطاب أمثالهم أَي يحْشر أَصْحَاب الرِّبَا مَعَ أَصْحَاب الرِّبَا وَأَصْحَاب الزِّنَى مَعَ أَصْحَاب الزِّنَى إِلَى غير ذَلِك وَفِي الْآيَة أَقْوَال أَحدهمَا مَا تقدم من أَن المُرَاد بهم نِسَاؤُهُم 152 - بَاب مَا نزل فِي جعل حَوَّاء زَوْجَة لآدَم عَلَيْهِمَا السَّلَام {خَلقكُم من نفس وَاحِدَة} وَهِي نفس آدم {ثمَّ جعل مِنْهَا زَوجهَا} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة الزمر {خَلقكُم من نفس وَاحِدَة ثمَّ جعل مِنْهَا زَوجهَا} حَوَّاء أَي خلقهَا من ضلع آدم وَتقدم تَفْسِير هَذِه الْآيَة فِي سُورَة الْأَعْرَاف 153 - بَاب مَا نزل فِي ظلمات بطن الْأُمَّهَات {يخلقكم فِي بطُون أُمَّهَاتكُم خلقا من بعد خلق فِي ظلمات ثَلَاث ذَلِكُم الله ربكُم لَهُ الْملك لَا إِلَه إِلَّا هُوَ فَأنى تصرفون} قَالَ تَعَالَى {يخلقكم فِي بطُون أُمَّهَاتكُم خلقا من بعد خلق} قَالَ قَتَادَة وَالسُّديّ نُطْفَة ثمَّ علقَة ثمَّ مُضْغَة ثمَّ عظما ثمَّ لَحْمًا وَقَالَ ابْن زيد من بعد خَلقكُم فِي ظهر آدم

باب ما نزل في خسران الأهلين

{فِي ظلمات ثَلَاث} هِيَ ظلمَة الْبَطن وظلمة الرَّحِم وظلمة المشيمة وَقيل ظلمَة اللَّيْل بدل ظلمَة الْبَطن وَقيل ظلمَة صلب الرجل وظلمة بطن الْمَرْأَة وظلمة الرَّحِم وَالرحم دَاخل الْبدن والمشيمة دَاخل الرَّحِم {ذَلِكُم الله ربكُم لَهُ الْملك لَا إِلَه إِلَّا هُوَ فَأنى تصرفون} عَن عِبَادَته إِلَى عبَادَة غَيره أَو عَن طَرِيق الْحق بعد الْبَيَان 154 - بَاب مَا نزل فِي خسران الأهلين {قل إِن الخاسرين الَّذين خسروا أنفسهم وأهليهم يَوْم الْقِيَامَة أَلا ذَلِك هُوَ الخسران الْمُبين} قَالَ تَعَالَى {قل إِن الخاسرين} أَي الكاملين فِي الخسران {الَّذين خسروا أنفسهم وأهليهم يَوْم الْقِيَامَة} بتخليد الْأَنْفس فِي النَّار بِعَدَمِ وصولهم إِلَى الْحور الْمعدة لَهُم فِي الْجنَّة لَو آمنُوا لِأَن من دخل النَّار فقد خسر نَفسه وَأَهله قيل المُرَاد بأهليهم أَزوَاجهم وخدمهم وَقيل أَهْليهمْ فِي الدُّنْيَا {أَلا ذَلِك هُوَ الخسران الْمُبين} الَّذِي بلغ من الْعظم إِلَى غَايَة لَيْسَ فَوْقهَا غَايَة 155 - بَاب مَا نزل فِي الدُّعَاء لِلزَّوْجَاتِ {رَبنَا وأدخلهم جنَّات عدن الَّتِي وعدتهم وَمن صلح من آبَائِهِم وأزواجهم وذرياتهم إِنَّك أَنْت الْعَزِيز الْحَكِيم} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة الْمُؤمن {رَبنَا وأدخلهم جنَّات عدن الَّتِي وعدتهم}

باب ما نزل في دخول الأنثى الجنة إذا عملت صالحا

إِيَّاهَا وأَدخل {وَمن صلح من آبَائِهِم وأزواجهم وذرياتهم} الصّلاح هُنَا الْإِيمَان بِاللَّه وَالْعَمَل بِمَا شَرعه الله فَمن فعل ذَلِك فقد صلح لدُخُول الْجنَّة {إِنَّك أَنْت الْعَزِيز الْحَكِيم} وَهَذَا الدُّعَاء من حَملَة الْعَرْش للْمُؤْمِنين وَالْمُؤْمِنَات 156 - بَاب مَا نزل فِي دُخُول الْأُنْثَى الْجنَّة إِذا عملت صَالحا {وَمن عمل صَالحا من ذكر أَو أُنْثَى وَهُوَ مُؤمن فَأُولَئِك يدْخلُونَ الْجنَّة يرْزقُونَ فِيهَا بِغَيْر حِسَاب} قَالَ تَعَالَى {وَمن عمل صَالحا من ذكر أَو أُنْثَى وَهُوَ مُؤمن} بِمَا جَاءَت بِهِ رسل الله {فَأُولَئِك} الَّذين جمعُوا بَين الْإِيمَان وَالْعَمَل الصَّالح {يدْخلُونَ الْجنَّة يرْزقُونَ فِيهَا بِغَيْر حِسَاب} أَي بِغَيْر تَقْدِير ومحاسبة دلّت إِشَارَة النَّص على أَن الْعَمَل دَاخل فِي مَفْهُوم الْإِيمَان الْكَامِل وَلَا ينفع الصَّالح مِنْهُ إِلَّا مَا كَانَ مَعَه 157 - بَاب مَا نزل فِي علم الله سُبْحَانَهُ بِحمْل الْأُنْثَى ووضعها {وَمَا تحمل من أُنْثَى وَلَا تضع إِلَّا بِعِلْمِهِ} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة فصلت {وَمَا تحمل من أُنْثَى} حملا فِي بَطنهَا {وَلَا تضع} ذَلِك الْحمل {إِلَّا بِعِلْمِهِ} سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى شَأْنه وَفِيه دَلِيل على أَن أَصْحَاب الْكَشْف والكهان وَأهل التنجيم لَا يُمكنهُم

باب ما نزل في أن الزوجة من جنس الزوج

الْقطع والجزم بِشَيْء مِمَّا يَقُولُونَهُ الْبَتَّةَ وَإِنَّمَا غَايَته ادِّعَاء ظن ضَعِيف أَو وهم خَفِيف وَعلم الله هُوَ الْعلم الْيَقِين الْمَقْطُوع بِهِ الَّذِي لَا يشركهُ فِيهِ أحد 158 - بَاب مَا نزل فِي أَن الزَّوْجَة من جنس الزَّوْج {جعل لكم من أَنفسكُم أَزْوَاجًا وَمن الْأَنْعَام أَزْوَاجًا يذرؤكم فِيهِ} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة الشورى {جعل لكم من أَنفسكُم أَزْوَاجًا وَمن الْأَنْعَام أَزْوَاجًا يذرؤكم فِيهِ} أَي يبثكم وَهِي الْأَصْنَاف الثَّمَانِية الَّتِي ذكرهَا فِي سُورَة الْأَنْعَام 159 - بَاب مَا نزل فِي شَأْن ولادَة النسْوَة ذُكُورا وإناثا وَجعل من يَشَاء الله عقيما {يهب لمن يَشَاء إِنَاثًا ويهب لمن يَشَاء الذُّكُور أَو يزوجهم ذكرانا وإناثا وَيجْعَل من يَشَاء عقيما إِنَّه عليم قدير} قَالَ تَعَالَى {يهب لمن يَشَاء إِنَاثًا} لَا ذُكُور مَعَهُنَّ وَقَالَ ابْن عَبَّاس يُرِيد لوطا وشعيبا لِأَنَّهُمَا لم يكن لَهما إِلَّا الْبَنَات والعموم أولى {ويهب لمن يَشَاء الذُّكُور} لَا إناث مَعَهم قيل يُرِيد إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام لِأَنَّهُ لم يكن لَهُ إِلَّا الذُّكُور والعموم أولى وتعريف الذُّكُور للدلالة على شرفهم على الْإِنَاث وَقيل لَا دلَالَة فِيهَا على هَذَا وَهِي مسوقة لِمَعْنى

باب ما نزل في عجز المرأة عن إقامة الحجة

آخر وتقديمهن فِي الذّكر لكثرتهن بِالنِّسْبَةِ إِلَى الذُّكُور وَقيل لتطييب قُلُوب آبائهن وَقيل غير ذَلِك مِمَّا لَا فَائِدَة فِي ذكره وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من بركَة الْمَرْأَة ابتكارها بِالْأُنْثَى لِأَن الله قَالَ يهب لمن يَشَاء إِنَاثًا {أَو يزوجهم ذكرانا وإناثا} أَي يقرن بَين النَّوْعَيْنِ فيهمَا جَمِيعًا لبَعض خلقه يُرِيد مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِنَّهُ كَانَ لَهُ من الْبَنِينَ ثَلَاثَة على الصَّحِيح الْقَاسِم وَعبد الله وَإِبْرَاهِيم وَمن الْبَنَات أَربع زَيْنَب ورقية وَفَاطِمَة وَأم كُلْثُوم قَالَه ابْن عَبَّاس والعموم أولى لِأَن الْعبْرَة بِهِ لَا بِخُصُوص السَّبَب قَالَ مُجَاهِد الْمَعْنى أَن تَلد الْمَرْأَة غُلَاما ثمَّ تَلد جَارِيَة وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة هُوَ أَن تَلد توأما غُلَاما وَجَارِيَة وَمعنى الْآيَة أوضح من أَن يخْتَلف فِي مثله {وَيجْعَل من يَشَاء عقيما} لَا يُولد لَهُ ذكر وَلَا أُنْثَى يُرِيد يحيى وَعِيسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام قَالَ أَكثر الْمُفَسّرين هَذَا على وَجه التَّمْثِيل وَإِنَّمَا الحكم عَام فِي كل النَّاس لِأَن الْمَقْصُود بَيَان نَفاذ قدرَة الله تَعَالَى فِي تكوين الْأَشْيَاء كَيفَ يَشَاء فَلَا معنى للتخصيص {إِنَّه عليم قدير} بليغ الْعلم عَظِيم الْقُدْرَة 160 - بَاب مَا نزل فِي عجز الْمَرْأَة عَن إِقَامَة الْحجَّة {وَإِذا بشر أحدهم بِمَا ضرب للرحمن مثلا ظلّ وَجهه مسودا وَهُوَ كظيم أَو من ينشأ فِي الْحِلْية وَهُوَ فِي الْخِصَام غير مُبين}

باب ما نزل في دخول الأزواج الجنة مع بعولتهن

قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة الزخرف {وَإِذا بشر أحدهم بِمَا ضرب للرحمن مثلا} من كَونه سُبْحَانَهُ جعل لنَفسِهِ الْبَنَات وَالْمعْنَى إِذا بشر أحدهم بِأَنَّهَا ولدت لَهُ بنت أغتم لذَلِك وَظهر عَلَيْهِ أَثَره وَهُوَ معنى قَوْله {ظلّ} أَي صَار {وَجهه مسودا} بِسَبَب حُدُوث الْأُنْثَى لَهُ حَيْثُ لم يكن الْحَادِث لَهُ ذكرا مَكَانهَا {وَهُوَ كظيم} شَدِيد الْحزن كثير الكرب مَمْلُوء مِنْهُ {أَو من ينشأ فِي الْحِلْية} النشوء التربي والحلية الزِّينَة وَهِي للْأُنْثَى أَي أيجعلون لله الْأُنْثَى الَّتِي تتربى فِي الزِّينَة لنقصها إِذْ لَو كملت فِي نَفسهَا لما تكملت بالزينة {وَهُوَ فِي الْخِصَام غير مُبين} أَي عَاجز عَن أَن يقوم بِأَمْر نَفسه وَإِذا خوصم لَا يقدر على إِقَامَة حجَّته وَتَقْرِير دَعْوَاهُ وَدفع مَا يُجَادِل بِهِ خَصمه لنُقْصَان عقله وَضعف رَأْيه وَفِيه أَنه جعل النشأة فِي الزِّينَة من المعايب فعلى الأولى أَن يجسب ذَلِك قَالَ قَتَادَة قَلما تَكَلَّمت امْرَأَة بحجتها إِلَّا تَكَلَّمت بِالْحجَّةِ عَلَيْهَا قَالَ ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة هُوَ النِّسَاء فرق بَين زيهن وزي الرِّجَال ونقصهن من الْمِيرَاث وبالشهادة وأمرهن بالقعدة وسماهن الْخَوَالِف 161 - بَاب مَا نزل فِي دُخُول الْأزْوَاج الْجنَّة مَعَ بعولتهن {الَّذين آمنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسلمين ادخُلُوا الْجنَّة أَنْتُم وأزواجكم تحبرون} قَالَ تَعَالَى {الَّذين آمنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسلمين ادخُلُوا الْجنَّة} أَي يُقَال لَهُم ذَلِك {أَنْتُم وأزواجكم} أَي نِسَاؤُكُمْ الْمُؤْمِنَات وَقيل قرناؤهم من الْمُؤمنِينَ

باب ما نزل في مدة الرضاع

وَقيل زوجاتهم من الْحور الْعين وَلَا مَانع من إِرَادَة الْجَمِيع {تحبرون} تكرمون وتنعمون أَو تفرحون وتسرون أَو تعْجبُونَ وَالْأولَى تَفْسِير ذَلِك بالفرح وَالسُّرُور 162 - بَاب مَا نزل فِي مُدَّة الرَّضَاع {وَوَصينَا الْإِنْسَان بِوَالِديهِ إحسانا حَملته أمه كرها وَوَضَعته كرها وَحمله وفصاله ثَلَاثُونَ شهرا} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة الْأَحْقَاف {وَوَصينَا الْإِنْسَان بِوَالِديهِ إحسانا} تقدم تَفْسِيرهَا فِي مَحَله {حَملته أمه كرها وَوَضَعته كرها} اقْتصر على الْأُم لِأَن حَقّهَا أعظم وَلذَلِك كَانَ لَهَا ثلثا الْبر قَالَه الْخَطِيب وَإِنَّمَا ذكر حمل الْأُم ووضعها تَأْكِيدًا بِوُجُوب الْإِحْسَان إِلَيْهَا الَّذِي وصّى الله بِهِ أَي إِنَّهَا حَملته ذَات كره وَوَضعه ذَات كره {وَحمله وفصاله ثَلَاثُونَ شهرا} أَي عدتهما هَذِه الْمدَّة من عِنْد ابْتِدَاء حمله إِلَى أَن يفصل من الرَّضَاع أَي يفطم عَنهُ وَقد اسْتدلَّ بِهَذِهِ الْآيَة على أَن أقل مُدَّة الْحمل سِتَّة أشهر لِأَن مُدَّة الرَّضَاع سنتَانِ فَذكر فِي هَذِه الْآيَة أقل مُدَّة الْحمل وَأكْثر مُدَّة الرَّضَاع وَفِي الْآيَة إِشَارَة إِلَى أَن حق الْأُم آكِد من حق الْأَب لِأَنَّهَا حَملته بِمَشَقَّة وَوَضَعته بِمَشَقَّة وأرضعته هَذِه الْمدَّة بتعب وَنصب وَلم يشاركها الْأَب فِي شَيْء من ذَلِك وَعَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يَقُول إِذا ولدت الْمَرْأَة لتسعة أشهر كفاها من الرَّضَاع وَاحِد وَعِشْرُونَ شهرا وَإِذا ولدت لسبعة أشهر كفاها من الرَّضَاع

باب ما نزل في إساءة الولد إلى والديه

ثَلَاثَة وَعِشْرُونَ شهرا وَإِذا وضعت لسِتَّة أشهر فحولان كاملان لِأَن الله يَقُول {وَحمله وفصاله ثَلَاثُونَ شهرا} قلت لَا دَلِيل فِي الْآيَة على هَذَا التَّفْصِيل فِي مُدَّة الرَّضَاع فَلَعَلَّ الدَّال عَلَيْهِ التجريب وَلَا حجَّة فِيهِ 163 - بَاب مَا نزل فِي إساءة الْوَلَد إِلَى وَالِديهِ {وَالَّذِي قَالَ لوَالِديهِ أُفٍّ لَكمَا أتعدانني أَن أخرج وَقد خلت الْقُرُون من قبلي وهما يستغيثان الله وَيلك آمن إِن وعد الله حق فَيَقُول مَا هَذَا إِلَّا أساطير الْأَوَّلين} قَالَ تَعَالَى {وَالَّذِي قَالَ لوَالِديهِ أُفٍّ لَكمَا} الصَّحِيح أَنه لَيْسَ المُرَاد من الْآيَة شخص معِين بل المُرَاد كل شخص كَانَ مَوْصُوفا بِهَذِهِ الصّفة وَهُوَ كل من دَعَاهُ أَبَوَاهُ إِلَى الدَّين الصَّحِيح وَالْإِيمَان بِالْبَعْثِ فَأبى وَأنكر وَقيل نزلت فِي كل كَافِر عَاق لوَالِديهِ {أتعدانني أَن أخرج} أَي أبْعث بعد الْمَوْت وَهَذَا هُوَ الْمَوْعُود بِهِ {وَقد خلت الْقُرُون من قبلي} وَلم يبْعَث أحد مِنْهُم {وهما يستغيثان الله} لَهُ ويطلبان مِنْهُ التَّوْفِيق إِلَى الْإِيمَان {وَيلك آمن} لَيْسَ المُرَاد بِهِ الدُّعَاء عَلَيْهِ بل الْحَث لَهُ على الْإِيمَان أَي اعْترف بِالْبَعْثِ وَصدقه {إِن وعد الله حق فَيَقُول مَا هَذَا إِلَّا أساطير الْأَوَّلين} أَي أَحَادِيثهم وأباطيلهم الَّتِي يسطرونها فِي الْكتب من غير أَن تكون لَهَا حَقِيقَة إِلَى آخر الْآيَة وفيهَا الْوَعيد عَلَيْهِ

باب ما نزل في استغفار النبي صلى الله عليه وسلم للمؤمنات

164 - بَاب مَا نزل فِي اسْتِغْفَار النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للمؤمنات {واستغفر لذنبك وَلِلْمُؤْمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {واستغفر لذنبك} أَن يَقع مِنْك قيل المُرَاد بِهِ الفترات والغفلات عَن الذّكر الَّذِي كَانَ شَأْنه الدَّوَام عَلَيْهِ فَإِذا فتر وغفل عد ذَلِك ذَنبا واستغفر مِنْهُ وَقيل كَانَ استغفاره الدَّوَام عَلَيْهِ فَإِذا فتر وغفل عد ذَلِك ذَنبا واستغفر مِنْهُ وَقيل كَانَ استغفاره شكرا ويأباه قَوْله لذنبك وَقيل الْخطاب لَهُ وَالْمرَاد الْأمة ويأبى هَذَا قَوْله {وَلِلْمُؤْمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} فَإِن المُرَاد بِهِ استغفاره لذنوب أمته بِالدُّعَاءِ لَهُم بالمغفرة عَمَّا فرط من ذنوبهم وَهَذَا إكرام مِنْهُ سُبْحَانَهُ لهَذِهِ الْأمة حَيْثُ أَمر نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يسْتَغْفر لذنوبهم وَهُوَ الشَّفِيع المجاب فيهم إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَقد وَردت أَحَادِيث فِي استغفاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لنَفسِهِ ولأمته وترغيبه فِيهِ جمعتها كتب السّنة من الْأَذْكَار والدعوات وَغَيرهَا 165 - بَاب مَا نزل فِي تَكْفِير سيئات الْمُؤْمِنَات وتعذيب المنافقات {ليدْخل الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات جنَّات تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار خَالِدين فِيهَا وَيكفر عَنْهُم سيئاتهم وَكَانَ ذَلِك عِنْد الله فوزا عَظِيما ويعذب الْمُنَافِقين والمنافقات وَالْمُشْرِكين والمشركات} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة الْفَتْح {ليدْخل الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات جنَّات تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار خَالِدين فِيهَا وَيكفر عَنْهُم سيئاتهم} أَي يغطيها وَلَا يظهرها وَلَا يعذبهم بهَا

باب ما نزل في ذم سخرية النساء بينهن

{وَكَانَ ذَلِك عِنْد الله فوزا عَظِيما} أَي ظفرا بِكُل مَطْلُوب وَنَجَاة من كل غم وجلبا لكل نفع ودفعا لكل ضرّ {ويعذب الْمُنَافِقين والمنافقات وَالْمُشْرِكين والمشركات} فِي الدُّنْيَا بإيصال الهموم والغموم إِلَيْهِم بِسَبَب علو كلمة الْإِسْلَام وَظُهُور الْمُسلمين وقهر الْمُخَالفين لَهُ وَفِي الْآخِرَة بِعَذَاب جَهَنَّم والنفاق أَشد على الْمُؤمنِينَ من الْكفْر فَلذَلِك قدم الْمُنَافِقين على الْمُشْركين 166 - بَاب مَا نزل فِي ذمّ سخرية النِّسَاء بَينهُنَّ {وَلَا نسَاء من نسَاء عَسى أَن يكن خيرا مِنْهُنَّ} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة الحجرات {وَلَا نسَاء من نسَاء عَسى أَن يكن} المسخور بِهن {خيرا مِنْهُنَّ} يَعْنِي من الساخرات بِهن أفرد النِّسَاء بِالذكر لِأَن السخرية مِنْهُنَّ أَكثر قَالَ ابْن عَبَّاس نزلت فِي صَفِيَّة بنت حييّ قَالَ لَهَا بعض نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَهُودِيَّة بنت يَهُودِيّ وَالِاعْتِبَار بِعُمُوم اللَّفْظ لَا بِخُصُوص السَّبَب 167 - بَاب مَا نزل فِي كَرَامَة التَّقْوَى فِي الذّكر وَالْأُنْثَى {يَا أَيهَا النَّاس إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ من ذكر وَأُنْثَى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إِن أكْرمكُم عِنْد الله أَتْقَاكُم} قَالَ تَعَالَى {يَا أَيهَا النَّاس إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ من ذكر وَأُنْثَى} هما آدم وحواء

باب ما نزل في تبشير الملائكة إبراهيم بولد حال كونه شيخا كبيرا وامرأته عجوز عقيم

الْمَقْصُود أَنهم متساوون لاتصالهم بِنسَب وَاحِد وكونهم يجمعهُمْ أَب وَاحِد وَأم وَاحِدَة وَأَنه لَا مَوضِع للتفاخر بَينهم بالأنساب فَالْكل سَوَاء وَعَن الزُّهْرِيّ قَالَ أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بني بياضة أَن يزوجوا أَبَا هِنْد امْرَأَة مِنْهُم فَقَالُوا يَا رَسُول الله أنزوج بناتنا موالينا فَنزلت هَذِه الْآيَة أخرجه أَبُو دَاوُد فِي مراسيله وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه {وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا} أَي ليعرف بَعْضكُم بَعْضًا وينتسب كل وَاحِد مِنْكُم إِلَى نسبه وَلَا يعتزي إِلَى غَيره ويصل رَحمَه لَا للتفاخر بأنسابهم وَأَن هَذَا الشّعب أفضل من هَذَا الشّعب وَهَذِه الْقَبِيلَة أكْرم من هَذِه الْقَبِيلَة وَهَذَا الْبَطن أشرف من هَذَا الْبَطن وَإِنَّمَا الْفَخر بالتقوى كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ {إِن أكْرمكُم عِنْد الله أَتْقَاكُم} فَمن تلبس بهَا فَهُوَ الْمُسْتَحق لِأَن يكون أكْرم مِمَّن لم يتلبس بهَا وأشرف وَأفضل فدعوا مَا أَنْتُم فِيهِ من التفاخر فِي الْأَنْسَاب فَإِن ذَلِك لَا يُوجب كرما وَلَا يثبت شرفا وَلَا يَقْتَضِي فضلا 168 - بَاب مَا نزل فِي تبشير الْمَلَائِكَة إِبْرَاهِيم بِولد حَال كَونه شَيخا كَبِيرا وَامْرَأَته عَجُوز عقيم {وبشروه بِغُلَام عليم فَأَقْبَلت امْرَأَته فِي صرة فصكت وَجههَا وَقَالَت عَجُوز عقيم قَالُوا كَذَلِك قَالَ رَبك} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة الذاريات فِي قصَّة ضيف إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام

باب ما نزل في أجنة البطون والنهي عن تزكية النفس

{وبشروه بِغُلَام} وَهُوَ إِسْحَاق {عليم} يكمل علمه إِذا بلغ {فَأَقْبَلت امْرَأَته} أَي سارة عَلَيْهَا السَّلَام {فِي صرة} أَي جَاءَت صائحة لِأَنَّهَا لما بشرت بِالْوَلَدِ وجدت حرارة الدَّم أَي دم الْحيض وَقيل الصرة الْجَمَاعَة وَقيل الشدَّة من حَرْب أَو غَيرهَا وَقيل إِنَّه الرنة والتأوه {فصكت وَجههَا} أَي ضربت بِيَدِهَا مبسوطة على وَجههَا كَمَا جرت بذلك عَادَة النِّسَاء عِنْد التَّعَجُّب قَالَ مقَاتل وَغَيره جمعت أصابعها فَضربت جبينها تَعَجبا وَقَالَ ابْن عَبَّاس لطمت {وَقَالَت عَجُوز عقيم} استبعدت ذَلِك لكبر سنّهَا ولكونها عقيما لَا تَلد {قَالُوا} أَي الْمَلَائِكَة {كَذَلِك} أَي كَمَا قُلْنَا لَك وأخبرناك {قَالَ رَبك} فَلَا تشكي فِي ذَلِك وَلَا تعجبي مِنْهُ فَإِن مَا أَرَادَ الله كَائِن لَا محَالة وَقد كَانَت إِذْ ذَاك بنت تسع وَتِسْعين سنة وَإِبْرَاهِيم ابْن مائَة سنة وَكَانَ بَين التبشير والولادة سنة 169 - بَاب مَا نزل فِي أجنة الْبُطُون وَالنَّهْي عَن تَزْكِيَة النَّفس {هُوَ أعلم بكم إِذْ أنشأكم من الأَرْض وَإِذ أَنْتُم أجنة فِي بطُون أُمَّهَاتكُم فَلَا تزكوا أَنفسكُم} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة النَّجْم {هُوَ أعلم بكم إِذْ أنشأكم من الأَرْض} أَي حِين خَلقكُم مِنْهَا فِي ضمن خلق أبيكم وحينما صوركُمْ فِي الْأَرْحَام {وَإِذ أَنْتُم أجنة} جمع جَنِين وَهُوَ الْوَلَد مَا دَامَ فِي الْبَطن سمي بذلك لاجتنانه أَي استتاره فِي بطن أمه وَلذَا قَالَ {فِي بطُون أُمَّهَاتكُم} فَلَا يُسمى من خرج من الْبَطن جَنِينا

باب ما نزل في النور الساعي بين يدي المؤمنين والمؤمنات

{فَلَا تزكوا أَنفسكُم} أَي لَا تمدحوها وَلَا تثنوا عَلَيْهَا خيرا فَإِن ترك تَزْكِيَة النَّفس أبعد من الرِّيَاء وَأقرب إِلَى الْخُشُوع 170 - بَاب مَا نزل فِي النُّور السَّاعِي بَين يَدي الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات {يَوْم ترى الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات يسْعَى نورهم بَين أَيْديهم وبأيمانهم بشراكم الْيَوْم جنَّات تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار خَالِدين فِيهَا ذَلِك هُوَ الْفَوْز الْعَظِيم يَوْم يَقُول المُنَافِقُونَ والمنافقات للَّذين آمنُوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارْجعُوا وراءكم فالتمسوا نورا} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة الْحَدِيد {يَوْم ترى الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات يسْعَى نورهم} أَي نور التَّوْحِيد والطاعات {بَين أَيْديهم وبأيمانهم} وَذَلِكَ على الصِّرَاط يَوْم الْقِيَامَة وَهُوَ دليلهم إِلَى الْجنَّة {بشراكم الْيَوْم جنَّات تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار خَالِدين فِيهَا ذَلِك هُوَ الْفَوْز الْعَظِيم} لَا يقدر قدره حَتَّى كَأَنَّهُ لَا فوز غَيره وَلَا اعْتِدَاد بِمَا سواهُ {يَوْم يَقُول المُنَافِقُونَ والمنافقات للَّذين آمنُوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارْجعُوا وراءكم} أَي الْموضع الَّذِي أَخذنَا مِنْهُ النُّور {فالتمسوا نورا} أَي اطْلُبُوا هُنَالك وَقيل مَعْنَاهُ إرجعوا إِلَى الدُّنْيَا فالتمسوه بِمَا التمسنا بِهِ من الْإِيمَان والأعمال الصَّالِحَة وَقيل أَرَادوا بِهِ الظلمَة تهكما بهم وَالله أعلم

باب ما نزل في المصدقين والمصدقات

171 - بَاب مَا نزل فِي المصدقين والمصدقات {إِن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله قرضا حسنا يُضَاعف لَهُم وَلَهُم أجر كريم} قَالَ تَعَالَى {إِن المصدقين والمصدقات} قرىء بِالتَّاءِ وبعدمها فَالْأول من الصَّدَقَة وَالثَّانِي من الصدْق {وأقرضوا الله قرضا حسنا} وَهُوَ عبارَة عَن الْإِنْفَاق فِي سَبِيل الله مَعَ خلوص نِيَّة وَصِحَّة قصد واحتساب أجر {يُضَاعف لَهُم} أَي ثوابهم {وَلَهُم أجر كريم} وَهُوَ الْجنَّة 172 - بَاب مَا نزل فِي الظِّهَار وكفارته {قد سمع الله قَول الَّتِي تُجَادِلك فِي زَوجهَا وتشتكي إِلَى الله وَالله يسمع تحاوركما إِن الله سميع بَصِير الَّذين يظاهرون مِنْكُم من نِسَائِهِم مَا هن أمهاتهم إِن أمهاتهم إِلَّا اللائي ولدنهم وَإِنَّهُم ليقولون مُنْكرا من القَوْل وزورا وَإِن الله لعفو غَفُور وَالَّذين يظاهرون من نِسَائِهِم ثمَّ يعودون لما قَالُوا فَتَحْرِير رَقَبَة من قبل أَن يتماسا ذَلِكُم توعظون بِهِ وَالله بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير فَمن لم يجد فَصِيَام شَهْرَيْن مُتَتَابعين من قبل أَن يتماسا فَمن لم يسْتَطع فإطعام سِتِّينَ مِسْكينا} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة المجادلة {قد سمع الله قَول الَّتِي تُجَادِلك فِي زَوجهَا}

وتشتكي إِلَى الله وَالله يسمع تحاوركما) قَالَ الْمُفَسِّرُونَ نزلت فِي خَوْلَة بنت ثَعْلَبَة وَزوجهَا أَوْس بن الصَّامِت وَكَانَ بِهِ لمَم فَاشْتَدَّ بِهِ لممه ذَات يَوْم فَظَاهر مِنْهَا ثمَّ نَدم على ذَلِك وَكَانَ الظِّهَار طَلَاقا فِي الْجَاهِلِيَّة وَقيل هِيَ خَوْلَة بنت حَكِيم وَاسْمهَا جميله وَالْأول أصح رُوِيَ عَن عمر بن الْخطاب مر بهَا فِي زمن خِلَافَته وَهُوَ على حمَار وَالنَّاس حوله فاستوقفته ووعظته فَقيل لَهُ أتقف لهَذِهِ الْعَجُوز هَذَا الْموقف فَقَالَ أَتَدْرُونَ من هَذِه الْعَجُوز هِيَ خوله بنت ثَعْلَبَة سمع الله قَوْلهَا من فَوق سبع سموات أيسمع رب الْعَالمين قَوْلهَا وَلَا يسمعهُ عمر وَقد أخرج ابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ وَغَيرهم عَن عَائِشَة قَالَت تبَارك الَّذِي وسع سَمعه كل شَيْء إِنِّي لأسْمع كَلَام خَوْلَة بنت ثَعْلَبَة ويخفي عَليّ بعضه وَهِي تَشْتَكِي زَوجهَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهِي تَقول يَا رَسُول الله أكل شَبَابِي وَنَثَرت لَهُ بَطْني حَتَّى إِذا كبر سني وَانْقطع وَلَدي ظَاهر مني اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْكُو إِلَيْك قَالَت فَمَا بَرحت حَتَّى نزل جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام بهؤلاء الْآيَات وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق يُوسُف ابْن عبد الله قَالَ حَدَّثتنِي خوله بنت ثَعْلَبه قَالَت فِي وَالله وَفِي أَوْس بن الصَّامِت أنزل الله صدر سُورَة المجادلة قَالَت كنت عِنْده وَكَانَ شَيخا كَبِيرا قد سَاءَ خلقه فَدخل عَليّ يَوْمًا فراجعته بِشَيْء فَغَضب فَقَالَ أَنْت عَليّ كَظهر أُمِّي ثمَّ رَجَعَ فَجَلَسَ فِي نَادِي قومه سَاعَة ثمَّ دخل عَليّ فَإِذا هُوَ يراودني عَن نَفسِي قلت كلا وَالَّذِي نفس خوله بِيَدِهِ لَا تصل إِلَيّ وَقد قلت مَا

قلت حَتَّى يحكم الله وَرَسُوله فِينَا ثمَّ جِئْت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرت ذَلِك لَهُ فَمَا بَرحت حَتَّى نزل الْقُرْآن فتغشى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا كَانَ يتغشاه ثمَّ سري عَنهُ فَقَالَ لي يَا خَوْلَة قد أنزل الله فِيك وَفِي صَاحبك ثمَّ قَرَأَ عَليّ {قد سمع} إِلَى قَوْله {عَذَاب أَلِيم} فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مريه فليعتق رَقَبَة قلت يَا رَسُول الله مَا عِنْده مَا يعْتق قَالَ فليصم شَهْرَيْن مُتَتَابعين قلت وَالله أَنه لشيخ كَبِير مَا بِهِ من صِيَام قَالَ فليطعم سِتِّينَ مِسْكينا وسْقا من تمر قلت وَالله مَا ذَاك عِنْده قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَنا سأعينه بعرق من تمر فَقلت وَأَنا يَا رَسُول الله سأعينه بآخر قَالَ قد أصبت وأحسنت فاذهبي وتصدقي بِهِ ثمَّ استوصي بِابْن عمك خيرا قَالَت فَفعلت وَفِي الْبَاب أَحَادِيث {الَّذين يظاهرون} الظِّهَار شرعا أَن يَقُول الرجل لامْرَأَته أَنْت عَليّ كَظهر أُمِّي وَأَنت مني أَو معي أَو عِنْدِي كَظهر أُمِّي وَلَا خلاف فِي كَون هَذَا ظِهَارًا فَإِن قَالَ كَظهر ابْنَتي أَو أُخْتِي وَنَحْوهمَا من ذَوَات الْمَحَارِم فَذهب مَالك وَأَبُو حنيفَة إِلَى أَنه ظِهَار وَقَالَ قوم بل يخْتَص الظِّهَار بِالْأُمِّ وَحدهَا وَالظَّاهِر أَنه إِذا قصد بذلك وَبِقَوْلِهِ أَنْت عَليّ كرأس أُمِّي أَو يَدهَا أَو رجلهَا أَو نَحْو ذَلِك الظِّهَار كَانَ ظِهَارًا {مِنْكُم من نِسَائِهِم مَا هن أمهاتهم إِن أمهاتهم إِلَّا اللائي ولدنهم} والمرضعات ملحقات بِهن بِوَاسِطَة الرَّضَاع وَكَذَا أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لزِيَادَة حرمتهن وَأما الزَّوْجَات فأبعد شَيْء من الأمومة {وَإِنَّهُم ليقولون مُنْكرا من القَوْل وزورا وَإِن الله لعفو غَفُور} إِذْ جعل الْكَفَّارَة عَلَيْهِم مخلصة لَهُم من هَذَا الْكَذِب {وَالَّذين يظاهرون من نِسَائِهِم ثمَّ يعودون لما قَالُوا} اخْتلف فِي تَفْسِير الْعود على أَقْوَال فَقيل هُوَ الْعَزْم على الْوَطْء وَقيل هُوَ الْوَطْء نَفسه وَقيل هُوَ تَكْرِير الظِّهَار

بِلَفْظِهِ وَقيل هُوَ الْعود إِلَيْهِ بِالنَّقْضِ وَالرَّفْع والإزالة وَإِلَى هَذَا الِاحْتِمَال ذهب أَكثر الْمُجْتَهدين وَقيل هُوَ السُّكُوت عَن الطَّلَاق بعد الظِّهَار وَقيل النَّدَم فيرجعون إِلَى الألفة {فَتَحْرِير رَقَبَة من قبل أَن يتماسا} التمَاس هُنَا الْجِمَاع فَلَا يجوز لَهُ الْوَطْء حَتَّى يكفر قَالَ ابْن عَبَّاس أَتَى رجل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِنِّي ظَاهَرت من امْرَأَتي ثمَّ رَأَيْت بَيَاض خلْخَالهَا فِي ضوء الْقَمَر فَوَقَعت عَلَيْهَا قبل أَن أكفر فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ألم يقل الله من قبل أَن يتماسا قَالَ قد فعلت يَا رَسُول الله قَالَ أمسك عَنْهَا حَتَّى تكفر وَأخرج نَحوه أهل السّنَن وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَنهُ ثمَّ قَالَ تَعَالَى {فَمن لم يجد} الرَّقَبَة فِي ملكه وَلَا تمكن من قيمتهَا {فَصِيَام شَهْرَيْن مُتَتَابعين} لَا يفْطر فيهمَا فَإِن أفطر اسْتَأْنف إِن كَانَ لغير عذر وَإِن كَانَ لعذر مرض أَو سفر فيبني وَلَا يسْتَأْنف {من قبل أَن يتماسا} فَلَو وطأ لَيْلًا وَنَهَارًا عمدا أَو خطأ اسْتَأْنف {فَمن لم يسْتَطع فإطعام سِتِّينَ مِسْكينا} لكل مِسْكين مدان وهما نصف صَاع وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة وَقيل مد وَاحِد وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَالظَّاهِر من الْآيَة أَن يُطعمهُمْ حَتَّى يشبعوا مرّة وَاحِدَة أَو يدْفع إِلَيْهِم مَا يشبعهم وَلَا يلْزمه أَن يجمعهُمْ مرّة وَاحِدَة بل يجوز لَهُ أَن يطعم بعض السِّتين فِي يَوْم وَبَعْضهمْ فِي يَوْم آخر وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن مَاجَه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَغَيرهم عَن سَلمَة بن صَخْر الْأنْصَارِيّ قَالَ كنت رجلا قد أُوتيت من جماع النِّسَاء مَا لم يُؤْت غَيْرِي فَلَمَّا دخل رَمَضَان ظَاهَرت من امْرَأَتي حَتَّى يَنْسَلِخ رَمَضَان فرقا من أَن أُصِيب مِنْهَا فِي ليلِي فأتتابع فِي ذَلِك وَلَا

أَسْتَطِيع أَن أنزع حَتَّى يدركني الصُّبْح فَبَيْنَمَا هِيَ تخدمني ذَات لَيْلَة إِذْ انْكَشَفَ لي مِنْهَا شَيْء فَوَثَبت عَلَيْهَا فَلَمَّا أَصبَحت غَدَوْت على قومِي فَأَخْبَرتهمْ خبري فَقلت انْطَلقُوا معي إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأخبروه بأَمْري فَقَالُوا لَا وَالله لَا نَفْعل نتخوف أَن ينزل فِينَا الْقُرْآن أَو يَقُول فِينَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مقَالَة يبْقى علينا عارا وَلَكِن اذْهَبْ أَنْت فَاصْنَعْ مَا بدا لَك قَالَ فَخرجت فَأتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته خبري فَقَالَ أَنْت بِذَاكَ قلت أَنا بِذَاكَ قَالَ أَنْت بِذَاكَ قلت أَنا بِذَاكَ قَالَ أَنْت بِذَاكَ قلت أَنا بِذَاكَ وَهَا أَنا ذَا فَامْضِ فِي حكم الله فَإِنِّي صابر لذَلِك قَالَ أعتق رَقَبَة فَضربت عنقِي بيَدي وَقلت لَا وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ مَا أَصبَحت أملك غَيرهَا قَالَ فَصم شَهْرَيْن مُتَتَابعين فَقلت هَل أصابني مَا أصابني إِلَّا فِي الصّيام قَالَ فاطعم سِتِّينَ مِسْكينا قلت وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لقد بتنا ليلتنا هَذِه وحشا مَا لنا عشَاء قَالَ اذْهَبْ إِلَى صَاحب صَدَقَة بني زُرَيْق فَقل لَهُ فليدفعها إِلَيْك فاطعم عَنْك مِنْهَا وسْقا سِتِّينَ مِسْكينا ثمَّ اسْتَعِنْ بسائرها عَلَيْك وعَلى عِيَالك فَرَجَعت إِلَى قومِي فَقلت وجدت عنْدكُمْ الضّيق وَسُوء الرَّأْي وَوجدت عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم السعَة وَالْبركَة أَمر لي بصدقتكم فادفعوها إِلَيّ فدفعوها إِلَيْهِ

باب ما نزل في امتحان المهاجرات المؤمنات ونكاحهن

173 - بَاب مَا نزل فِي امتحان الْمُهَاجِرَات الْمُؤْمِنَات ونكاحهن {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا جَاءَكُم الْمُؤْمِنَات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فَإِن علمتموهن مؤمنات فَلَا ترجعوهن إِلَى الْكفَّار لَا هن حل لَهُم وَلَا هم يحلونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفقُوا وَلَا جنَاح عَلَيْكُم أَن تنكحوهن إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورهنَّ وَلَا تمسكوا بعصم الكوافر واسألوا مَا أنفقتم وليسألوا مَا أَنْفقُوا ذَلِكُم حكم الله يحكم بَيْنكُم وَالله عليم حَكِيم وَإِن فاتكم شَيْء من أزواجكم إِلَى الْكفَّار فعاقبتم فآتوا الَّذين ذهبت أَزوَاجهم مثل مَا أَنْفقُوا} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة الممتحنة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا جَاءَكُم الْمُؤْمِنَات مهاجرات} من بَين الْكفَّار وَذَلِكَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما صَالح قُريْشًا يَوْم الْحُدَيْبِيَة على أَن يرد عَلَيْهِم من جَاءَهُم من الْمُسلمين فَلَمَّا هَاجر إِلَيْهِ النِّسَاء أَبى الله أَن يردهن إِلَى الْمُشْركين وَأمر بامتحانهن فَقَالَ {فامتحنوهن} بِالْحلف هَل هن مسلمات حَقِيقَة أم لَا وَفِي سَبَب النُّزُول رِوَايَات فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا وَكَانَت أم كُلْثُوم بنت عقبَة بن أبي معيط مِمَّن خرج إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهِي عاتق فجَاء أَهلهَا يسْأَلُون رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يرجعها إِلَيْهِم حَتَّى أنزل الله فِي الْمُؤْمِنَات مَا أنزل رَوَاهُ البُخَارِيّ عَن الْمسور بن مخرمَة قيل الامتحان أَن تَقول بِالْحلف مَا خرجت إِلَّا حبا لله وَرَسُوله

مَا خرجت لالتماس دنيا وَمن بغض زوج وَقيل أَن تشهد بِالْكَلِمَةِ الطّيبَة وَالْأَكْثَر على دُخُول النِّسَاء فِي الْهُدْنَة فَتكون الْآيَة مخصصة لذَلِك الْعَهْد وعَلى القَوْل بِعَدَمِ الدُّخُول لَا نسخ وَلَا تَخْصِيص {الله أعلم بإيمانهن فَإِن علمتموهن مؤمنات} بِحَسب الظَّاهِر بعد الامتحان {فَلَا ترجعوهن إِلَى الْكفَّار} أَي إِلَى أَزوَاجهنَّ الْكَافرين {لَا هن حل لَهُم وَلَا هم يحلونَ لَهُنَّ} فِيهِ دَلِيل على أَن المؤمنة لَا تحل لكَافِر وَأَن إِسْلَام الْمَرْأَة يُوجب فرقتها من زَوجهَا لَا مُجَرّد هجرتهَا {وَآتُوهُمْ مَا أَنْفقُوا} أَي عَلَيْهِنَّ من المهور {وَلَا جنَاح عَلَيْكُم أَن تنكحوهن} بعد انْقِضَاء الْعدة {إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورهنَّ} قَالَ أَبُو حنيفَة الْمهْر أجر الْبضْع فَلَا عدَّة على المهاجرة وَالْأول أولى {وَلَا تمسكوا بعصم الكوافر} جمع عصمَة وَالْمرَاد هُنَا عصمَة عقد النِّكَاح والكوافر جمع كَافِرَة وَهِي الَّتِي بقيت فِي دَار الْحَرْب أَو لحقت بهَا مرتدة أَي لَا يكن بَيْنكُم وبينهن عصمَة وَلَا علقَة زوجية وَهَذَا خَاص بالكوافر المشركات دون الكوافر من أهل الْكتاب وَقيل عَامَّة {واسألوا مَا أنفقتم} أَي اطْلُبُوا مُهُور نِسَائِكُم اللاحقات بالكفار مِمَّن تزَوجهَا {وليسألوا مَا أَنْفقُوا} من مُهُور نِسَائِهِم الْمُهَاجِرَات مِمَّن تزَوجهَا إِلَى قَوْله تَعَالَى {وَإِن فاتكم شَيْء من أزواجكم إِلَى الْكفَّار} مِمَّا دفعتم إِلَيْهِ من مُهُور النِّسَاء المسلمات {فعاقبتم} أَي أصبتموهم فِي الْقِتَال بعقوبة وَقيل غَنِمْتُم {فآتوا الَّذين ذهبت أَزوَاجهم مثل مَا أَنْفقُوا} من مهر المهاجرة الَّتِي تزوجوها ودفعوه إِلَى الْكفَّار وَلَا تؤتوه زَوجهَا الْكَافِر سَوَاء كَانَت الرِّدَّة قبل الدُّخُول أَو بعده قيل هَذِه الْآيَة مَنْسُوخَة بعد الْفَتْح وَقيل غير مَنْسُوخَة

باب ما نزل في مبايعة النساء وأركانها

174 - بَاب مَا نزل فِي مبايعة النِّسَاء وأركانها {يَا أَيهَا النَّبِي إِذا جَاءَك الْمُؤْمِنَات يبايعنك على أَن لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّه شَيْئا وَلَا يَسْرِقن وَلَا يَزْنِين وَلَا يقتلن أَوْلَادهنَّ وَلَا يَأْتِين بِبُهْتَان يَفْتَرِينَهُ بَين أَيْدِيهنَّ وَأَرْجُلهنَّ وَلَا يَعْصِينَك فِي مَعْرُوف فبايعهن} قَالَ تَعَالَى {يَا أَيهَا النَّبِي إِذا جَاءَك الْمُؤْمِنَات يبايعنك} على الْإِسْلَام أخرج البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَغَيرهمَا عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يمْتَحن من هَاجر إِلَيْهِ من الْمُؤْمِنَات بِهَذِهِ الْآيَة إِلَى قَوْله غَفُور رَحِيم فَمن أقرّ بِهَذَا الشَّرْط من الْمُؤْمِنَات قَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد بَايَعْتُك كلَاما وَلَا وَالله مَا مست يَده يَد امْرَأَة قطّ من المبايعات مَا بايعهن إِلَّا بقوله قد بَايَعْتُك على ذَلِك {على أَن لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّه شَيْئا} هَذَا كَانَ يَوْم فتح مَكَّة أتين يبايعنه {وَلَا يَسْرِقن وَلَا يَزْنِين وَلَا يقتلن أَوْلَادهنَّ} كَمَا كَانَت تَفْعَلهُ الْجَاهِلِيَّة من وأد الْبَنَات {وَلَا يَأْتِين بِبُهْتَان يَفْتَرِينَهُ بَين أَيْدِيهنَّ وَأَرْجُلهنَّ} أَي لَا يلحقن بأزواجهن ولدا لَيْسَ مِنْهُم قَالَ ابْن عَبَّاس كَانَت الْحرَّة تولد لَهَا الْجَارِيَة فتجعل مَكَانهَا غُلَاما {وَلَا يَعْصِينَك فِي مَعْرُوف} أَي فِي كل مَا هُوَ طَاعَة لله وإحسان إِلَى النَّاس وكل مَا نهى عَنهُ الشَّرْع قَالَ المقاتلان عني بِالْمَعْرُوفِ النَّهْي عَن النوح وتمزيق الثِّيَاب وجز الشّعْر وشق الْجُيُوب وخمش الْوُجُوه وَالدُّعَاء بِالْوَيْلِ وَمعنى الْقُرْآن أوسع مِمَّا قَالَاه

باب ما نزل في عداوة الزوجات والأولاد للأزواج

أخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه عَن أُمَيْمَة بنت رقيقَة قَالَت أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي نسَاء لنبايعة فَأخذ علينا مَا فِي الْقُرْآن أَن لَا نشْرك بِاللَّه شَيْئا حَتَّى بلغ وَلَا يَعْصِينَك فِي مَعْرُوف فَقَالَ فِيمَا استطتعن وأطقتن فَقُلْنَا الله وَرَسُوله أرْحم بِنَا من أَنْفُسنَا يَا رَسُول الله أَلا تصافحنا قَالَ إِنِّي لَا أُصَافح النِّسَاء إِنَّمَا قولي لمِائَة امْرَأَة كَقَوْلي لامْرَأَة وَاحِدَة وَفِي الْبَاب أَحَادِيث {فبايعهن} أَي الْتزم لَهُنَّ مَا وعدناهن بِهِ على ذَلِك من إِعْطَاء الثَّوَاب فِي نَظِير مَا ألزمن أَنْفسهنَّ من الطَّاعَات فَهِيَ مبايعة لغوية قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ وَجُمْلَة من أحصي من المبايعات إِذْ ذَاك أَرْبَعمِائَة وَسبع وَخَمْسُونَ امْرَأَة وَلم يُصَافح فِي الْبيعَة امْرَأَة وَإِنَّمَا بايعهن بالْكلَام بِهَذِهِ الْآيَة وَهَذِه الْبيعَة الثَّابِتَة بِالسنةِ فِي دين الْإِسْلَام فَمن أنكرها فقد أنكر الْقُرْآن وَالْأَمر للْوُجُوب عِنْد الطّلب مِنْهُنَّ وَهَكَذَا ثَبت ذَلِك فِي الرِّجَال وَهِي على أَنْوَاع بيعَة الْجِهَاد وبيعة ترك السُّؤَال وبيعة قبُول الْإِسْلَام وبيعة عدم الْفِرَار من الزَّحْف وَحج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهُ مائَة ألف وَأَرْبَعَة وَعِشْرُونَ نفسا كلهم من الْمُبَايِعين وبيعة الصُّوفِيَّة الْيَوْم إِذا وَافَقت إِحْدَى صور الْبيعَة المأثورة فَهِيَ السّنة وَإِذا خَالَفت فَأَيْنَ هَذَا من ذَاك 175 - بَاب مَا نزل فِي عَدَاوَة الزَّوْجَات وَالْأَوْلَاد للأزواج {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن من أزواجكم وَأَوْلَادكُمْ عدوا لكم فاحذروهم وَإِن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فَإِن الله غَفُور رَحِيم إِنَّمَا أَمْوَالكُم وَأَوْلَادكُمْ فتْنَة} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة التغابن {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن من أزواجكم}

يدْخل فِيهِ الذّكر وَالْأُنْثَى {وَأَوْلَادكُمْ عدوا لكم} يَعْنِي أَنهم يعادونكم ويشغلونكم عَن الْخَيْر وَعَن طَاعَة الله أَو يخاصمونكم فِي أَمر الدَّين وَالدُّنْيَا {فاحذروهم} أَن تطيعوهم فِي التَّخَلُّف عَن الْخَيْر قَالَ مُجَاهِد مَا عادوهم فِي الدُّنْيَا وَلَكِن حملتهم مَوَدَّتهمْ على أَن اتَّخذُوا لَهُم الْحَرَام فأعطوهم إِيَّاه {وَإِن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فَإِن الله غَفُور رَحِيم} عَن إِبْنِ عَبَّاس قَالَ هَؤُلَاءِ رجال أَسْلمُوا من أهل مَكَّة وَأَرَادُوا أَن يَأْتُوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأبى أَزوَاجهم وَأَوْلَادهمْ أَن يَأْتُوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا أَتَوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأَوْا النَّاس قد فقهوا فِي الدَّين فَهموا بِأَن يعاقبوهم فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة أخرجه التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن صَحِيح {أَنما أَمْوَالكُم وَأَوْلَادكُمْ فتْنَة} أَي بلَاء واختبار وشغل عَن الْآخِرَة ومحنة يحملونكم على كسب الْحَرَام وتناوله وَمنع حق الله والوقوع فِي العظائم وغصب مَال الْغَيْر وَأكل الْبَاطِل وَنَحْو ذَلِك فَلَا تطيعوهم فِي مَعْصِيّة الله وَعَن بُرَيْدَة قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب فَأقبل الْحسن وَالْحُسَيْن وَعَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ يمشيان ويعثران فَنزل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْمِنْبَر فحملهما وَاحِدًا من ذَا الشق وواحدا من ذَا الشق ثمَّ صعد الْمِنْبَر فَقَالَ صدق الله الْعَظِيم {أَنما أَمْوَالكُم وَأَوْلَادكُمْ فتْنَة} إِنِّي لما نظرت إِلَى هذَيْن الغلامين يمشيان ويعثران لم أَصْبِر أَن قطعت كَلَامي وَنزلت إِلَيْهِمَا أخرجه أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن أبي شيبَة

باب ما نزل في طلاق النسوة لعدتهن

176 - بَاب مَا نزل فِي طَلَاق النسْوَة لعدتهن {يَا أَيهَا النَّبِي إِذا طلّقْتُم النِّسَاء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا الْعدة وَاتَّقوا الله ربكُم لَا تخرجوهن من بُيُوتهنَّ وَلَا يخْرجن إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبينَة وَتلك حُدُود الله وَمن يَتَعَدَّ حُدُود الله فقد ظلم نَفسه لَا تَدْرِي لَعَلَّ الله يحدث بعد ذَلِك أمرا فَإِذا بلغن أَجلهنَّ فأمسكوهن بِمَعْرُوف أَو فارقوهن بِمَعْرُوف وَأشْهدُوا ذَوي عدل مِنْكُم وَأقِيمُوا الشَّهَادَة لله} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة الطَّلَاق {يَا أَيهَا النَّبِي إِذا طلّقْتُم النِّسَاء} خطاب لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِلَفْظ الْجمع تَعْظِيمًا لَهُ أَو خطاب لَهُ ولأمته {فطلقوهن لعدتهن} المُرَاد بِالنسَاء الْمَدْخُول بِهن ذَوَات الْأَقْرَاء وَأما غير الْمَدْخُول بِهن فَلَا عدَّة عَلَيْهِنَّ بِالْكُلِّيَّةِ وَأما ذَوَات الْأَشْهر فَسَيَأْتِي ذكرهن فِي قَوْله {واللائي يئسن} وَالْمعْنَى مستقبلات لعدتهن أَو فِي قبل عدتهن أَو لقبل عدتهن أَو لزمان عدتهن وَهُوَ الطُّهْر وَعَن ابْن مَسْعُود قَالَ من أَرَادَ أَن يُطلق للسّنة كَمَا أمره الله فَلْيُطَلِّقهَا طَاهِرا فِي غير جماع وَعَن ابْن عمر أَنه طلق امْرَأَته وَهِي حَائِض فَذكر ذَلِك عمر لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتغيظ ثمَّ قَالَ ليراجعها ثمَّ يمْسِكهَا حَتَّى تطهر ثمَّ تحيض فَإِن بدا لَهُ أَن يطلقهَا فَلْيُطَلِّقهَا طَاهِرا قبل أَن يَمَسهَا فَتلك الْعدة الَّتِي أَمر الله أَن تطلق لَهَا النِّسَاء وَقَرَأَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة أخرجه الشَّيْخَانِ وَغَيرهمَا وَفِي الْبَاب أَحَادِيث {وأحصوا الْعدة} أَي احفظوها واحفظوا الْوَقْت الَّذِي وَقع فِيهِ الطَّلَاق حَتَّى تتمّ الْعدة وَهِي ثَلَاثَة قُرُوء مستقبلات كوامل لَا نُقْصَان فِيهِنَّ وَالْخطاب

للأزواج لغفلة النِّسَاء وَقيل لِلزَّوْجَاتِ وَقيل للْمُسلمين عَامَّة وَالْأول أولى لِأَن الضمائر كلهَا لَهُم وَلَكِن الزَّوْجَات داخلات فِي هَذَا الْخطاب بالإلحاق بالأزواج لِأَن الزَّوْج يحصي الْعدة ليراجع وَينْفق أَو يقطع ويسكن أَو يخرج وَيلْحق نسبه أَو يقطع وَهَذِه كلهَا أُمُور مُشْتَركَة بَينه وَبَين الْمَرْأَة وَقيل أَمر بإحصاء الْعدة لتفريق الطَّلَاق على الْأَقْرَاء إِذا أَرَادَ أَن يُطلق ثَلَاثًا وَقيل للْعلم بِبَقَاء زمَان الرّجْعَة ومراعاة أَمر النَّفَقَة وَالسُّكْنَى {وَاتَّقوا الله ربكُم} فِي تَطْوِيل الْعدة عَلَيْهِنَّ والإضرار بِهن {لَا تخرجوهن من بُيُوتهنَّ} أَي الَّتِي كُنَّا فِيهَا عِنْد الطَّلَاق مَا دمن فِي الْعدة {وَلَا يخْرجن} من تِلْكَ الْبيُوت مَا دمن فِي الْعدة إِلَّا لأمر ضَرُورِيّ قَالَ أَبُو السُّعُود وَلَو بِإِذن من الْأزْوَاج فَإِن الْإِذْن بِالْخرُوجِ فِي حكم الْإِخْرَاج وَقَالَ الْخَطِيب لِأَن فِي الْعدة حَقًا لله تَعَالَى فَلَا يسْقط بتراضيهما وَهَذَا كُله عِنْد عدم الْعذر أما إِذا كَانَ لعذر كَشِرَاء من لَيْسَ لَهَا على المفارق نَفَقَة فَيجوز لَهَا الْخُرُوج نَهَارا وَإِذا خرجت من غير عذر فَإِنَّهَا تَعْصِي وَلَا تنْتَقض عدتهَا {إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبينَة} هِيَ الزِّنَى وَذَلِكَ أَن تَزني فَتخرج لإِقَامَة الْحَد عَلَيْهَا ثمَّ ترد إِلَى منزلهَا وَقيل هِيَ الْبذاء فِي اللِّسَان والاستطالة بهَا على من هُوَ سَاكن مَعهَا فِي ذَلِك الْبَيْت قَالَ ابْن عَبَّاس فَإِذا بذأت عَلَيْهِم بلسانها فقد حل لَهُم إخْرَاجهَا لسوء خلقهَا {وَتلك حُدُود الله وَمن يَتَعَدَّ حُدُود الله فقد ظلم نَفسه لَا تَدْرِي لَعَلَّ الله يحدث بعد ذَلِك أمرا} خلاف مَا فعله الْمُتَعَدِّي قَالَ أهل التَّفْسِير أَرَادَ بِالْأَمر هُنَا الرَّغْبَة فِي الرّجْعَة وَالْمعْنَى التحريض على الطَّلَاق الْوَاحِد أَو الْمَرَّتَيْنِ وَالنَّهْي عَن الثَّلَاث فَلَا يجد إِلَى الْمُرَاجَعَة سَبِيلا وَعَن محَارب بن دثار أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا أحل الله شَيْئا أبْغض إِلَيْهِ من الطَّلَاق أخرجه أَبُو دَاوُد مُرْسلا

باب ما نزل في عدة الآيسات والحوامل

وروى الثَّعْلَبِيّ من حَدِيث ابْن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن أبْغض الْحَلَال إِلَى الله الطَّلَاق وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة مَوْصُولا وَصَححهُ الْحَاكِم وَغَيره وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ وَالْبَيْهَقِيّ مُرْسلا عَن محَارب بن دثار وَرجح أَبُو حَاتِم وَالدَّارقطني إرْسَاله وَعَن عَليّ كرم الله وَجهه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ تزوجوا وَلَا تطلقوا فَإِن الطَّلَاق يَهْتَز مِنْهُ الْعَرْش رَوَاهُ ابْن عدي فِي الْكَامِل بِإِسْنَاد ضَعِيف بل قيل مَوْضُوع وَرَوَاهُ الْخَطِيب أَيْضا مَرْفُوعا وَفِي سَنَده ضعف وَفِي الْبَاب أَحَادِيث غالبها ضَعِيف {فَإِذا بلغن أَجلهنَّ} أَي قاربن انْقِضَاء أجل الْعدة وشارفن آخرهَا {فأمسكوهن بِمَعْرُوف} أَي راجعوهن بِحسن معاشرة وإنفاق مُنَاسِب ورغبة فِيهِنَّ من غير قصد إِلَى مضارة لَهُنَّ بِطَلَاق آخر {أَو فارقوهن} أَي اتركوهن حَتَّى تَنْقَضِي عدتهن فيملكن نفوسهن مَعَ إيفائهن بِمَا هُوَ لَهُنَّ عَلَيْكُم من الْحُقُوق وَترك المضارة لَهُنَّ بِالْفِعْلِ وَالْقَوْل {وَأشْهدُوا ذَوي عدل مِنْكُم} وَهَذِه شَهَادَة على الرّجْعَة وَقيل على الطَّلَاق وَقيل عَلَيْهِمَا قطعا للتنازع وحسما لمادة الْخُصُومَة وَالْأَمر للنَّدْب وَقيل للْوُجُوب وَبِه قَالَ الشَّافِعِي {وَأقِيمُوا الشَّهَادَة لله} بِأَن يَأْتُوا بِمَا شهدُوا بِهِ تقربا إِلَى الله 177 - بَاب مَا نزل فِي عدَّة الآيسات والحوامل {واللائي يئسن من الْمَحِيض من نِسَائِكُم إِن ارتبتم فعدتهن ثَلَاثَة أشهر واللائي لم يحضن وَأولَات الْأَحْمَال أَجلهنَّ أَن يَضعن حَملهنَّ}

قَالَ تَعَالَى {واللائي يئسن من الْمَحِيض من نِسَائِكُم} وَهن الْكِبَار اللواتي قد انْقَطع حيضهن وأيسن مِنْهُ {إِن ارتبتم} أَي شَكَكْتُمْ وجهلتم كَيفَ عدتهن وَمَا قدرهَا {فعدتهن ثَلَاثَة أشهر} فَإِذا كَانَت هَذِه عدَّة المرتاب بهَا فَغير المرتاب بهَا أولى بذلك {واللائي لم يحضن} لصغرهن وَعدم بلوغهن سنّ الْمَحِيض أَو لِأَنَّهُنَّ لَا يحضن أصلا وَإِن كن بالغات فعدتهن ثَلَاثَة أشهر أَيْضا {وَأولَات الْأَحْمَال أَجلهنَّ أَن يَضعن حَملهنَّ} أَي انْتِهَاء عدتهن بِوَضْع الْحمل وَظَاهر الْآيَة أَن عدَّة الْحَوَامِل بِالْوَضْعِ سَوَاء كن مطلقات أَو متوفي عَنْهُن أَزوَاجهنَّ وعمومها بَاقٍ فَهِيَ مخصصة لآيَة {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ} أَي مَا لم يكن حوامل وَعَن أبي بن كَعْب فِي الْآيَة قَالَ قلت للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَهِي الْمُطلقَة ثَلَاثًا أَو الْمُتَوفَّى عَنْهَا قَالَ هِيَ الْمُطلقَة ثَلَاثًا والمتوفى عَنْهَا أخرجه عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الْمسند وَأَبُو يعلى وَغَيرهمَا وَفِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث أم سَلمَة أَن سبيعة توفّي عَنْهَا زَوجهَا وَهِي حُبْلَى فَوضعت بعد مَوته بِأَرْبَعِينَ لَيْلَة فَخطبت فَأَنْكحهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي الْبَاب أَحَادِيث

باب ما نزل في سكنى المطلقات ونفقتهن وإرضاعهن الولد

178 - بَاب مَا نزل فِي سُكْنى المطلقات ونفقتهن وإرضاعهن الْوَلَد {أسكنوهن من حَيْثُ سكنتم من وجدكم وَلَا تضاروهن لتضيقوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كن أولات حمل فأنفقوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضعن حَملهنَّ فَإِن أرضعن لكم فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ وأتمروا بَيْنكُم بِمَعْرُوف وَإِن تعاسرتم فسترضع لَهُ أُخْرَى لينفق ذُو سَعَة من سعته وَمن قدر عَلَيْهِ رزقه فلينفق مِمَّا آتَاهُ الله لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا مَا آتاها سَيجْعَلُ الله بعد عسر يسرا} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة الطَّلَاق {أسكنوهن من حَيْثُ سكنتم} أَي يجب للنِّسَاء المطلقات وغيرهن من المفارقات من السُّكْنَى {من وجدكم} أَي من سعتكم وطاقتكم وَذهب مَالك وَالشَّافِعِيّ إِلَى أَن للمطلقة ثَلَاثًا سُكْنى وَلَا نفقه لَهَا وَذهب نعْمَان وَأَصْحَابه إِلَى أَن لَهَا النَّفَقَة وَالسُّكْنَى وَذهب أَحْمد إِلَى أَنه لَا نَفَقَة وَلَا سُكْنى وَهَذَا هُوَ الْحق كَمَا قَرَّرَهُ فِي نيل الأوطار {وَلَا تضاروهن لتضيقوا عَلَيْهِنَّ} نَهَاهُم سُبْحَانَهُ عَن مضارتهن بالتضييق عَلَيْهِنَّ فِي الْمسكن وَالنَّفقَة وَقَالَ أَبُو الضُّحَى هُوَ أَن يطلقهَا فَإِذا بَقِي يَوْمَانِ من عدتهَا رَاجعهَا ثمَّ طَلقهَا {وَإِن كن} أَي المطلقات الرجعيات أَو البائنات دون الْحَوَامِل المتوفي عَنْهُن {أولات حمل فأنفقوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضعن حَملهنَّ} أَي إِلَى غَايَة هِيَ وضعهن للْحَمْل وَلَا خلاف بَين الْعلمَاء فِي وجوب النَّفَقَة وَالسُّكْنَى للحامل الْمُطلقَة فَأَما الْحَامِل الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا فَقيل ينْفق عَلَيْهَا من

جَمِيع المَال حَتَّى تضع وَقيل لَا ينْفق عَلَيْهَا إِلَّا من نصِيبهَا وَبِه قَالَ الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة غير أَحْمد وَهُوَ الْحق للادلة الْوَارِدَة فِي ذَلِك من السّنة المطهرة {فَإِن أرضعن لكم} أَوْلَادكُم بعد ذَلِك {فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ} أَي أجور إرضاعهن {وأتمروا بَيْنكُم بِمَعْرُوف} خطاب للأزواج والزوجات أَي بِمَا هُوَ مُتَعَارَف بَين النَّاس غير مُنكر عِنْدهم {وَإِن تعاسرتم} فِي حق الْوَلَد وَأجر الرَّضَاع فَأبى الزَّوْج أَن يُعْطي الْأُم الْأجر وأبت الْأُم أَن ترْضِعه إِلَّا بِمَا تُرِيدُ من الْأجر {فسترضع لَهُ أُخْرَى} أَي يسْتَأْجر مُرْضِعَة أُخْرَى ترْضع وَلَده وَلَا يجب عَلَيْهِ أَن يسلم مَا تطلبه الزَّوْجَة وَلَا يجوز لَهُ أَن يكرهها على الْإِرْضَاع بِمَا يُرِيد من الْأجر {لينفق ذُو سَعَة من سعته وَمن قدر عَلَيْهِ رزقه فلينفق مِمَّا آتَاهُ الله} من الرزق لَيْسَ عَلَيْهِ غير ذَلِك وتقديرها بِحَسب حَال الزَّوْج وَحده من عسره ويسره وَلَا اعْتِبَار بِحَالِهَا فَيجب لابنَة الْخَلِيفَة مَا يحب لابنَة الحارس وَهُوَ ظَاهر هَذَا النّظم القرآني فَجعل الِاعْتِبَار بِالزَّوْجِ فِي الْعسر واليسر وَلِأَن الِاعْتِبَار بِحَالِهَا يودي إِلَى الْخُصُومَة لِأَن الزَّوْج يَدعِي أَنَّهَا تطلب فَوق كفايتها وَهِي تزْعم أَنَّهَا تطلب قدر كفايتها فقدرت قطعا للخصومة وَالتَّقْدِير الْمَذْكُور مُسلم فِي نَفَقَة الزَّوْجَة وَنَفَقَة الْمُطلقَة إِذا كَانَت رَجْعِيَّة مُطلقًا أَو بَائِنا حَامِلا {لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا مَا آتاها} من الرزق فَلَا يُكَلف الْفَقِير أَن ينْفق مَا لَيْسَ فِي وَسعه بل عَلَيْهِ مَا تبلغ إِلَيْهِ طاقته {سَيجْعَلُ الله بعد عسر يسرا} قَالَ أهل التَّفْسِير وَقد صدق الله وعده فِيمَن كَانُوا موجودين عِنْد نزُول الْآيَة فَفتح عَلَيْهِم جَزِيرَة الْعَرَب ثمَّ فَارس وَالروم حَتَّى صَارُوا أغْنى النَّاس وَصدق الْآيَة دَائِم غير أَن فِي الصَّحَابَة أتم لِأَن إِيمَانهم أقوى من غَيرهم

باب ما نزل في تحريم المرأة الحلال

179 - بَاب مَا نزل فِي تَحْرِيم الْمَرْأَة الْحَلَال {يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك تبتغي مرضات أَزوَاجك وَالله غَفُور رَحِيم} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة التَّحْرِيم {يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك تبتغي مرضات أَزوَاجك} أَي لَا يَنْبَغِي لَك أَن تشتغل بِمَا يُرْضِي الْخلق بل اللَّائِق أَن أَزوَاجك وَسَائِر الْخلق تسْعَى فِي رضاك وتتفرغ أَنْت لما يُوحى إِلَيْك من رَبك قَالَ أَكثر الْمُفَسّرين كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بَيت حَفْصَة فزارت أَبَاهَا فَلَمَّا رجعت أَبْصرت مَارِيَة الْقبْطِيَّة فِي بَيتهَا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم تدخل حَتَّى خرجت مَارِيَة ثمَّ دخلت فَلَمَّا رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي وَجه حَفْصَة الْغيرَة والكآبة قَالَ لَهَا لَا تُخْبِرِي عَائِشَة وَلَك عَليّ أَن لَا أقربها أبدا فَأخْبرت حَفْصَة عَائِشَة وكانتا متصافيتين فَغضِبت عَائِشَة وَلم تزل بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى حلف أَن لَا يقرب مَارِيَة فَأنْزل الله هَذِه السُّورَة وَقيل نزلت فِي تَحْرِيم الْعَسَل حِين قَالَت لَهُ عَائِشَة وَحَفْصَة إِنَّا نجد مِنْك ريح مَغَافِير وَقيل

باب ما نزل في إفشاء بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم سره وإخبار الله تعالى به

هِيَ سَوْدَة شرب عِنْدهَا من الْعَسَل وَقيل هِيَ أم سَلمَة وَقيل هِيَ الْمَرْأَة الَّتِي وهبت نَفسهَا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْجمع مُمكن بِوُقُوع الْقصَّتَيْنِ قصَّة مَارِيَة وقصة الْعَسَل وَأَن الْقُرْآن نزل فيهمَا جَمِيعًا وَفِي كل وَاحِد مِنْهُمَا أَنه أسر الحَدِيث إِلَى بعض أَزوَاجه {وَالله غَفُور رَحِيم} لما فرط مِنْك من تَحْرِيم مَا أحل الله لَك وَعَن ابْن عَبَّاس أَنه جَاءَهُ رجل فَقَالَ إِنِّي جعلت امْرَأَتي عَليّ حَرَامًا فَقَالَ كذبت لَيست عَلَيْك بِحرَام ثمَّ تَلا {لم تحرم مَا أحل الله لَك} وَقَالَ عَلَيْك أغْلظ الْكَفَّارَات عتق رَقَبَة 180 - بَاب مَا نزل فِي إفشاء بعض أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سره وإخبار الله تَعَالَى بِهِ {وَإِذ أسر النَّبِي إِلَى بعض أَزوَاجه حَدِيثا فَلَمَّا نبأت بِهِ وأظهره الله عَلَيْهِ عرف بعضه وَأعْرض عَن بعض فَلَمَّا نبأها بِهِ قَالَت من أَنْبَأَك هَذَا قَالَ نَبَّأَنِي الْعَلِيم الْخَبِير إِن تَتُوبَا إِلَى الله فقد صغت قُلُوبكُمَا وَإِن تظاهرا عَلَيْهِ فَإِن الله هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيل وَصَالح الْمُؤمنِينَ وَالْمَلَائِكَة بعد ذَلِك ظهير عَسى ربه إِن طَلَّقَكُن أَن يُبدلهُ أَزْوَاجًا خيرا مِنْكُن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا} قَالَ تَعَالَى {وَإِذ أسر النَّبِي إِلَى بعض أَزوَاجه حَدِيثا} هِيَ حَفْصَة

والْحَدِيث هُوَ تَحْرِيم مَارِيَة أَو الْعَسَل وَقيل هُوَ فِي إِمَارَة أبي بكر وَعمر وَالْأول أولى وَأَصَح {فَلَمَّا نبأت بِهِ} أَي أخْبرت بِهِ غَيرهَا ظنا مِنْهَا أَن لَا حرج فِي ذَلِك فَهُوَ بِاجْتِهَاد مِنْهَا وَهِي مأجورة فِيهِ وَذَلِكَ لِأَن الِاجْتِهَاد جَائِز فِي عصره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الصَّحِيح كَمَا فِي جمع الْجَوَامِع {وأظهره الله عَلَيْهِ عرف بعضه} وَهُوَ تَحْرِيم مَارِيَة أَو الْعَسَل {وَأعْرض عَن بعض} قَالَ الْحسن مَا استقصى كريم قطّ وَقَالَ سُفْيَان مَا زَالَ التغافل من فعل الْكِرَام قيل هُوَ حَدِيث مَارِيَة وَقيل هُوَ أَن أَبَا حَفْصَة وَأَبا بكر يكونَانِ خليفتين بعده وللمفسرين هَهُنَا خلط وخبط {فَلَمَّا نبأها بِهِ} أَي أخْبرهَا بِمَا أفشت من الحَدِيث {قَالَت من أَنْبَأَك هَذَا قَالَ نَبَّأَنِي الْعَلِيم الْخَبِير إِن تَتُوبَا} خطاب لعَائِشَة وَحَفْصَة {إِلَى الله} فَهُوَ الْوَاجِب {فقد صغت قُلُوبكُمَا} أَي زاغت وأثمت {وَإِن تظاهرا عَلَيْهِ} أَي تعاضدا وتعاونا عَلَيْهِ بِمَا يسوؤه من الإفراط فِي الْغيرَة وإفشاء سره وَقيل كَانَ التظاهر بَين عَائِشَة وَحَفْصَة فِي التحكم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النَّفَقَة {فَإِن الله هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيل وَصَالح الْمُؤمنِينَ} قَالَ بُرَيْدَة أَي أَبُو بكر وَعمر وَقيل عَليّ {وَالْمَلَائِكَة بعد ذَلِك ظهير عَسى ربه إِن طَلَّقَكُن أَن يُبدلهُ أَزْوَاجًا خيرا مِنْكُن} قيل كل عَسى فِي الْقُرْآن وَجب الْوُقُوع إِلَّا فِي هَذِه الْآيَة ثمَّ نعت الْأزْوَاج بقوله {مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات} أَي صائمات {ثيبات وأبكارا} أَي بَعضهنَّ كَذَا وبعضهن كَذَا وَالثَّيِّب تمدح من جِهَة أَنَّهَا أَكثر تجربة وعقلا وأسرع حبلا غَالِبا وَالْبكْر تمدح من جِهَة أَنَّهَا أطهر وَأطيب وَأكْثر مداعبة وملاعبة غَالِبا قَالَ بُرَيْدَة فِي الْآيَة وعد الله نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يُزَوجهُ بِالثَّيِّبِ آسِيَة وبالبكر مَرْيَم

باب ما نزل في وقاية الزوجة من النار

181 - بَاب مَا نزل فِي وقاية الزَّوْجَة من النَّار {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا قوا أَنفسكُم وأهليكم نَارا وقودها النَّاس وَالْحِجَارَة} قَالَ تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا قوا أَنفسكُم وأهليكم} من النِّسَاء والولدان وكل من يدْخل فِي هَذَا الِاسْم {نَارا وقودها النَّاس وَالْحِجَارَة} أَي اجْعَلُوهَا وقاية بالتأسي بِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ترك الْمعاصِي وَفعل الطَّاعَات 183 بَاب مَا نزل فِي امْرَأتَيْنِ كافرتين {ضرب الله مثلا للَّذين كفرُوا امْرَأَة نوح وَامْرَأَة لوط كَانَتَا تَحت عَبْدَيْنِ من عبادنَا صالحين فَخَانَتَاهُمَا فَلم يغنيا عَنْهُمَا من الله شَيْئا وَقيل ادخلا النَّار مَعَ الداخلين} قَالَ تَعَالَى {ضرب الله مثلا للَّذين كفرُوا امْرَأَة نوح} اسْمهَا وَاهِلَة وَقيل والهة {وَامْرَأَة لوط} وَاسْمهَا واعلة وَقيل والعة {كَانَتَا تَحت عَبْدَيْنِ من عبادنَا صالحين} وهما نوح وَلُوط عَلَيْهِمَا السَّلَام أَي كَانَتَا فِي عصمَة نِكَاحهمَا {فَخَانَتَاهُمَا} أَي وَقعت مِنْهُمَا الْخِيَانَة لَهما أما خِيَانَة امْرَأَة نوح فَكَانَت تَقول للنَّاس إِنَّه مَجْنُون وَأما خِيَانَة امْرَأَة لوط فَكَانَت بدلالتها على الضَّيْف وَقيل بالْكفْر وَقيل بالنفاق وَقيل بالنميمة وَقد وَقعت الْأَدِلَّة الإجماعية على أَنه مَا زنت امْرَأَة نَبِي قطّ {فَلم يغنيا عَنْهُمَا من الله شَيْئا} أَي لم ينفعهما نوح وَلُوط بِسَبَب كَونهمَا زَوْجَتَيْنِ لَهما شَيْئا من النَّفْع وَلَا دفعا عَنْهُمَا من عَذَاب الله مَعَ كرامتهما على

باب ما نزل في امرأتين مؤمنتين

الله ونبوتهما شَيْئا من الدّفع وَفِيه تَنْبِيه على أَن الْعَذَاب يدْفع بِالطَّاعَةِ لَا بالوسيلة {وَقيل} أَي يُقَال لَهما فِي الْآخِرَة أَو عِنْد مَوْتهمَا {ادخلا النَّار مَعَ الداخلين} أَي من أهل الْكفْر والمعاصي قَالَ يحيى بن سَلام ضرب الله مثلا للَّذين كفرُوا يحذر بِهِ عَائِشَة وَحَفْصَة من الْمُخَالفَة لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين تظاهرتا عَلَيْهِ وَمَا أحسن مَا قَالَ فَإِن ذكر امْرَأَتي النَّبِيين بعد ذكر قصتهما على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرشد أتم إرشاد ويلوح أبلغ تلويح إِلَى أَن المُرَاد تخويفهما مَعَ سَائِر أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ وَبَيَان أَنَّهُمَا وَإِن كَانَتَا تَحت عصمَة خير خلق الله وَخَاتم رسله فَإِن ذَلِك لَا يُغني عَنْهُمَا من الله شَيْئا وَقد عصمهما الله سُبْحَانَهُ من ذَنْب تِلْكَ المظاهرة بِمَا وَقع مِنْهُمَا من التَّوْبَة الصَّحِيحَة الْخَالِصَة 183 - بَاب مَا نزل فِي امْرَأتَيْنِ مؤمنتين {وَضرب الله مثلا للَّذين آمنُوا امْرَأَة فِرْعَوْن إِذْ قَالَت رب ابْن لي عنْدك بَيْتا فِي الْجنَّة ونجني من فِرْعَوْن وَعَمله ونجني من الْقَوْم الظَّالِمين وَمَرْيَم ابْنة عمرَان الَّتِي أحصنت فرجهَا فنفخنا فِيهِ من رُوحنَا وصدقت بِكَلِمَات رَبهَا وَكتبه وَكَانَت من القانتين} قَالَ تَعَالَى {وَضرب الله مثلا للَّذين آمنُوا امْرَأَة فِرْعَوْن} هِيَ آسِيَة بنت مُزَاحم وَكَانَت ذَات فراسة صَادِقَة آمَنت بمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فعذبها

فِرْعَوْن بالأوتاد الْأَرْبَعَة أَي جعل الله حَالهَا مثلا لحَال الْمُؤمنِينَ ترغيبا لَهُم فِي الثَّبَات على الطَّاعَة والتمسك بِالدّينِ وَالصَّبْر فِي الشدَّة وَأَن وصلَة الْكفْر لَا تَضُرهُمْ كَمَا لم تضر امْرَأَة فِرْعَوْن وَقد كَانَت تَحت أكفر الْكَافرين وَصَارَت بإيمانها بِاللَّه فِي جنَّات النَّعيم وَفِيه دَلِيل على أَن وصلَة الْكفْر لَا تضر مَعَ الْأَيْمَان {إِذْ قَالَت رب ابْن لي عنْدك بَيْتا فِي الْجنَّة ونجني من فِرْعَوْن وَعَمله} أَي من ذَاته الخبيثة وشركه وَمَا يصدر عَنهُ من أَعمال الشَّرّ وَقَالَ إِبْنِ عَبَّاس من عمله يَعْنِي جمَاعَة وَعَن سلمَان قَالَ كَانَت امْرَأَة فِرْعَوْن تعذب بالشمس فَإِذا انصرفوا عَنْهَا أظلتها الْمَلَائِكَة بأجنحتها وَكَانَت ترى بَيتهَا فِي الْجنَّة {ونجني من الْقَوْم الظَّالِمين} قَالَ الْكَلْبِيّ هم أهل مصر وَقَالَ مقَاتل هم القبط فَفرج الله لَهَا عَن بَيتهَا فِي الْجنَّة فرأته وَقبض الله روحها قَالَ الْحسن وَابْن كيسَان نجاها الله أكْرم نجاة ورفعها إِلَى الْجنَّة فَهِيَ تَأْكُل وتشرب وَفِيه دَلِيل على أَن الِاسْتِعَاذَة بِاللَّه والالتجاء إِلَيْهِ وَمَسْأَلَة الْخَلَاص مِنْهُ عِنْد المحن والنوازل من سير الصَّالِحين والصالحات وديدن الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات بِيَوْم الدَّين وَعَن أبي هُرَيْرَة أَن فِرْعَوْن وتد لامْرَأَته أَرْبَعَة أوتاد وأضجعها وَجعل على صدرها رحى واستقبل بهَا عين الشَّمْس فَرفعت رَأسهَا إِلَى السَّمَاء وَقَالَت {رب ابْن لي} الْآيَة {وَمَرْيَم ابْنة عمرَان} مثل الْمُؤمنِينَ بامرأتين كَمَا مثل حَال الْكفَّار بامرأتين وَالْمَقْصُود من ذكرهَا أَن الله سُبْحَانَهُ جمع لَهَا بَين كَرَامَتِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة واصطفاها على نسَاء الْعَالمين مَعَ كَونهَا بَين قوم كَافِرين {الَّتِي أحصنت} أَي حفظت {فرجهَا} عَن الْفَوَاحِش وَالرِّجَال فَلم يصل إِلَيْهَا رجل لَا بِنِكَاح وَلَا بزنى قَالَ الْمُفَسِّرُونَ المُرَاد بالفرج هُنَا الجيب {فنفخنا فِيهِ من رُوحنَا} المخلوقة لنا وَذَلِكَ أَن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام نفخ

باب ما نزل في تفدية المرأة عن نفس الرجل

فِي جيب درعها أَي طوق قميصها فَحملت بِعِيسَى عقب النفخ {وصدقت بِكَلِمَات رَبهَا} يَعْنِي بشرائعه الَّتِي شرعها الله لِعِبَادِهِ وَقيل بِعِيسَى لِأَنَّهُ كلمة الله وَقيل صحفه الَّتِي أنزلهَا على إِدْرِيس وَغَيره {وَكتبه} الْمنزلَة على الْأَنْبِيَاء كإبراهيم ومُوسَى وَابْنهَا عِيسَى {وَكَانَت من القانتين} أَي من الْقَوْم المطيعين لرَبهم وَقيل وَمن الْمُصَلِّين وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفضل نسَاء أهل الْجنَّة خَدِيجَة بنت خويلد وَفَاطِمَة بنت مُحَمَّد وَمَرْيَم بنت عمرَان وآسية بنت مُزَاحم امْرَأَة فِرْعَوْن مَعَ مَا قصّ الله علينا من خَبَرهَا فِي الْقُرْآن أخرجه أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من حَدِيث مُوسَى الْأَشْعَرِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كمل من الرِّجَال كثير وَلم يكمل من النِّسَاء إِلَّا آسِيَة امْرَأَة فِرْعَوْن وَمَرْيَم بنت عمرَان وَخَدِيجَة بنت خويلد وَإِن فضل عَائِشَة على النِّسَاء كفضل الثَّرِيد على سَائِر الطَّعَام 184 - بَاب مَا نزل فِي تفدية الْمَرْأَة عَن نفس الرجل {يود المجرم لَو يفتدي من عَذَاب يَوْمئِذٍ ببنيه وصاحبته وأخيه} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة المعارج {يود المجرم} أَي الْكَافِر أَو كل من يُذنب ذَنبا يسْتَحق بِهِ النَّار {لَو يفتدي من عَذَاب يَوْمئِذٍ} أَي الْعَذَاب الَّذِي ابتلوا بِهِ {ببنيه وصاحبته} أَي زَوجته {وأخيه} فَإِن هَؤُلَاءِ أعز النَّاس عَلَيْهِ وَأكْرمهمْ لَدَيْهِ فَلَو قبل مِنْهُ الْفِدَاء لفدى بهم نَفسه وخلص مِمَّا نزل بِهِ من الْعَذَاب

باب ما نزل في التجاوز عن الزوجات إلى غيرهن

185 - بَاب مَا نزل فِي التجاوز عَن الزَّوْجَات إِلَى غَيْرهنَّ {وَالَّذين هم لفروجهم حافظون إِلَّا على أَزوَاجهم أَو مَا ملكت أَيْمَانهم فَإِنَّهُم غير ملومين فَمن ابْتغى وَرَاء ذَلِك فَأُولَئِك هم العادون} قَالَ تَعَالَى {وَالَّذين هم لفروجهم حافظون إِلَّا على أَزوَاجهم أَو مَا ملكت أَيْمَانهم} من الْإِمَاء {فَإِنَّهُم غير ملومين} على ترك الْحِفْظ {فَمن ابْتغى} أَي طلب منكحا {وَرَاء ذَلِك} أَي غير الزَّوْجَات والمملوكات {فَأُولَئِك هم العادون} أَي المتجاوزون عَن الْحَلَال إِلَى الْحَرَام وَهَذِه الْآيَة تدل على تَحْرِيم الْمُتْعَة واللواط والزنى وَوَطْء الْبَهَائِم والاستمناء بالكف وَقد تقدم تَفْسِير مثل هَذِه الْآيَة فِي سُورَة الْمُؤمنِينَ 186 - بَاب مَا نزل فِي الدُّعَاء للْوَالِدين وَالْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات {رب اغْفِر لي ولوالدي وَلمن دخل بَيْتِي مُؤمنا وَلِلْمُؤْمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات وَلَا تزد الظَّالِمين إِلَّا تبارا} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة نوح عَلَيْهِ السَّلَام {رب اغْفِر لي ولوالدي} وَكَانَا مُؤمنين وَأَبوهُ لامك أَو لمك بِفتْحَتَيْنِ وَأمه شمخا بِوَزْن سكرى بنت أنوش وَقَالَ سعيد بن جُبَير أَرَادَ بِوَالِديهِ أَبَاهُ وجده {وَلمن دخل بَيْتِي مُؤمنا} يَعْنِي مَسْجده وَقيل منزله الَّذِي هُوَ سَاكن فِيهِ وَقيل سفينته وَقيل دينه {وَلِلْمُؤْمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} أَي واغفر لكل

باب ما نزل في خلق المرأة من المني

متصف بِالْإِيمَان من الذُّكُور ولإناث {وَلَا تزد الظَّالِمين إِلَّا تبارا} أَي هَلَاكًا وخسرانا ودمارا 187 - بَاب مَا نزل فِي خلق الْمَرْأَة من الْمَنِيّ {فَجعل مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذّكر وَالْأُنْثَى أَلَيْسَ ذَلِك بِقَادِر على أَن يحيي الْمَوْتَى} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة الْقِيَامَة {فَجعل مِنْهُ} أَي من الْإِنْسَان وَقيل من الْمَنِيّ {الزَّوْجَيْنِ} أَي الصِّنْفَيْنِ قَالَ الْكَرْخِي أَي لَا خُصُوص الفردين وَإِلَّا فقد تحمل الْمَرْأَة بذكرين وَأُنْثَى وَبِالْعَكْسِ ثمَّ بَين ذَلِك فَقَالَ {الذّكر وَالْأُنْثَى} أَي الرجل وَالْمَرْأَة فَتَارَة يَجْتَمِعَانِ وَتارَة أُخْرَى ينْفَرد كل مِنْهُمَا عَن الآخر {أَلَيْسَ ذَلِك بِقَادِر على أَن يحيي الْمَوْتَى} أَي يُعِيد الْأَجْسَام بِالْبَعْثِ كَمَا كَانَت عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا فَإِن الْإِعَادَة أَهْون من الِابْتِدَاء وأيسر مؤونة مِنْهُ 188 - بَاب مَا نزل فِي الْفِرَار من الصاحبة وَغَيرهَا يَوْم الْقِيَامَة {يَوْم يفر الْمَرْء من أَخِيه وَأمه وَأَبِيهِ وصاحبته وبنيه لكل امْرِئ مِنْهُم يَوْمئِذٍ شَأْن يُغْنِيه} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة عبس {يَوْم يفر الْمَرْء من أَخِيه وَأمه وَأَبِيهِ وصاحبته وبنيه} أَي لَا يلْتَفت إِلَى وَاحِد من هَؤُلَاءِ لشغله بِنَفسِهِ قيل أول من يفر من أَخِيه قابيل وَمن أَبَوَيْهِ إِبْرَاهِيم وَمن صاحبته لوط وَمن أبنه نوح والعموم أولى

باب ما نزل في سؤال الموءودة

لكل امريء مِنْهُم يَوْمئِذٍ شَأْن يُغْنِيه) أَي لكل إِنْسَان يَوْم الْقِيَامَة شان يشْغلهُ عَن الأقرباء ويصرفه عَنْهُم 189 - بَاب مَا نزل فِي سُؤال الموءودة {وَإِذا الموؤودة سُئِلت بِأَيّ ذَنْب قتلت} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة التكوير {وَإِذا الموؤودة سُئِلت} أَي المدفونة حَيَّة {سُئِلت بِأَيّ ذَنْب قتلت} كَانَت الْعَرَب إِذا ولدت لأَحَدهم بنت دَفنهَا حَيَّة مَخَافَة الْعَار وَالْحَاجة والإملاق وخشية الإسترقاق وتوجيه السُّؤَال إِلَيْهَا لإِظْهَار كَمَال الغيظ على قاتلها حَتَّى كَأَنَّهُ لَا يسْتَحق أَن يُخَاطب وَيسْأل عَن ذَلِك وَفِيه تبكيت لقاتلها وتوبيخ لَهُ شَدِيد بِصَرْف الْخطاب وَهَذِه الطَّرِيقَة أفظع فِي ظُهُور جِنَايَة الْقَاتِل وإلزام الْحجَّة عَلَيْهِ وَقيل لتقول بِلَا ذَنْب قتلت وعَلى هَذَا فَهُوَ سُؤال تلطف وَفِي الْآيَة دَلِيل على أَن أَطْفَال الْمُشْركين لَا يُعَذبُونَ وعَلى أَن التعذيب لَا يكون بِلَا ذَنْب وَعَن عمر بن الْخطاب قَالَ جَاءَ قيس بن عَاصِم التَّمِيمِي إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِنِّي وَأَدت ثَمَانِي بَنَات لي فِي الْجَاهِلِيَّة فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعتق عَن كل وَاحِدَة رَقَبَة قَالَ إِنِّي صَاحب إبل قَالَ فأهد عَن كل وَاحِدَة بَدَنَة أخرجه الْبَزَّار وَالْحَاكِم فِي الكنى وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه

باب ما نزل في فتنة المؤمنات

190 - بَاب مَا نزل فِي فتْنَة الْمُؤْمِنَات {إِن الَّذين فتنُوا الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات ثمَّ لم يتوبوا فَلهم عَذَاب جَهَنَّم وَلَهُم عَذَاب الْحَرِيق} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة البروج {إِن الَّذين فتنُوا الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} أَي حرقوهم بالنَّار فِي الْأُخْدُود وَقَالَ الرَّازِيّ يحْتَمل أَن يكون المُرَاد كل من فعل ذَلِك قَالَ وَهَذَا أولى لِأَن اللَّفْظ عَام وَالْحكم بالتخصيص ترك الظَّاهِر من غير دَلِيل {ثمَّ لم يتوبوا} من قبح صنعهم وَلم يرجِعوا عَن كفرهم وفتنتهم {فَلهم} فِي الْآخِرَة {عَذَاب جَهَنَّم} بِسَبَب كفرهم {وَلَهُم} عَذَاب آخر وَهُوَ {عَذَاب الْحَرِيق} قَالَ مقَاتل وَمَفْهُوم الْآيَة أَنهم لَو تَابُوا لخرجوا من هَذَا الْوَعيد 191 - بَاب مَا نزل فِي خلق الْوَلَد من مني الْوَالِد والوالدة {فَلْينْظر الْإِنْسَان مِم خلق خلق من مَاء دافق يخرج من بَين الصلب والترائب إِنَّه على رجعه لقادر} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة الطارق {فَلْينْظر الْإِنْسَان مِم خلق خلق من مَاء دافق} وَهُوَ الْمَنِيّ والدفق الصب أَرَادَ سُبْحَانَهُ مَاء الرجل وَالْمَرْأَة لِأَن الْإِنْسَان مَخْلُوق مِنْهُمَا لَكِن جَعلهمَا مَاء وَاحِدًا لامتزاجهما ثمَّ وصف هَذَا المَاء فَقَالَ {يخرج من بَين الصلب والترائب} أَي صلب الرجل وترائب الْمَرْأَة والترائب جمع تريبة وَهِي مَوضِع القلادة من الصَّدْر وَالْولد لَا يكون

باب ما نزل في خلق الأنثى ومسألة الخنثى

إِلَّا من الماءين وَقيل الترائب مَا بَين الثديين قَالَ الضَّحَّاك ترائب الْمَرْأَة اليدان وَالرجلَانِ والعينان وَقيل هِيَ الْجيد وَقيل هِيَ مَا بَين الْمَنْكِبَيْنِ والصدر وَقيل الصَّدْر وَقيل التراقي وَقيل عصارة الْقلب وَالْمَشْهُور فِي اللُّغَة أَنَّهَا عِظَام الصَّدْر والنحر وَقيل إِن مَاء الرجل ينزل من الدِّمَاغ وَلَا يُخَالف مَا فِي الْآيَة لِأَنَّهُ إِذا نزل من الدِّمَاغ نزل من بَين الصلب والترائب وَقيل إِن الْمَنِيّ يخرج من جَمِيع أَجزَاء الْبدن وَلَا يُخَالف الْآيَة كَذَلِك لِأَن نِسْبَة خُرُوجه إِلَى مَا بَين الصلب والترائب بِاعْتِبَار أَن أَكثر أَجزَاء الْبدن هِيَ الصلب والترائب وَمَا يجاورها وَمَا فَوْقهَا مِمَّا يكون تنزله مِنْهَا قَالَ ابْن عَادل إِن الْوَلَد يخلق من مَاء الرجل فَيخرج من صلبه الْعظم والعصب وَمن مَاء الْمَرْأَة فَيخرج من ترائبها اللَّحْم وَالدَّم {إِنَّه على رجعه لقادر} أَي على إِعَادَته بعد الْمَوْت بِالْبَعْثِ 192 - بَاب مَا نزل فِي خلق الْأُنْثَى وَمَسْأَلَة الْخُنْثَى {وَاللَّيْل إِذا يغشى وَالنَّهَار إِذا تجلى وَمَا خلق الذّكر وَالْأُنْثَى} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة اللَّيْل {وَاللَّيْل إِذا يغشى وَالنَّهَار إِذا تجلى وَمَا خلق الذّكر وَالْأُنْثَى} قيل آدم وحواء وَالظَّاهِر الْعُمُوم قَالَ الْمحلي وَالْخُنْثَى الْمُشكل عندنَا مَعْلُوم عِنْد الله تَعَالَى ذكرا أَو أُنْثَى فَيحنث بتكليمه من حلف لَا يكلم ذكرا وَلَا أُنْثَى انْتهى وَعبارَة الْخَطِيب وَإِن أشكل أمره عندنَا فَهُوَ عِنْد الله غير مُشكل مَعْلُوم بالذكورة أَو الْأُنُوثَة انْتَهَت وَقَالَ الْكَرْخِي يَحْنَث بتكليمه لِأَن الله لم يخلق من ذَوي الْأَرْوَاح من لَيْسَ ذكرا وَلَا أُنْثَى وَالْخُنْثَى إِنَّمَا هُوَ مُشكل بِالنِّسْبَةِ إِلَيْنَا خلافًا لأبي

باب ما نزل في المرأة النمامة وهي زوجة أبي لهب

الْفضل الهمذاني فِيمَا حَكَاهُ وَجها أَنه نوع ثَالِث ويدفعه قَوْله تَعَالَى {يهب لمن يَشَاء إِنَاثًا ويهب لمن يَشَاء الذُّكُور} وَنَحْو ذَلِك قَالَه الْإِسْنَوِيّ 193 - بَاب مَا نزل فِي الْمَرْأَة النمامة وَهِي زَوْجَة أبي لَهب {سيصلى نَارا ذَات لَهب وَامْرَأَته حمالَة الْحَطب فِي جيدها حَبل من مسد} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة تبت {سيصلى نَارا} أَي أَبُو لَهب بِنَفسِهِ النَّار ويحترق بهَا {ذَات لَهب} اشتعال وتوقد وَهِي نَار جَهَنَّم {وَامْرَأَته حمالَة الْحَطب} أَي وتصلى امْرَأَته أَيْضا وَهِي أم جميل بنت حَرْب أُخْت أبي سُفْيَان وَكَانَت عوراء تحمل الغضا والشوك والسعدان فتطرحها بِاللَّيْلِ على طَرِيق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَذَا قَالَ جمَاعَة وَقَالَ قوم إِنَّهَا تمشي بالنميمة بَين النَّاس وَالْعرب تَقول فلَان يحطب على فلَان إِذا نم بِهِ وَقيل مَعْنَاهُ أَنَّهَا حمالَة الْخَطَايَا والذنُوب كَقَوْلِه تَعَالَى {وهم يحملون أوزارهم على ظُهُورهمْ} وَقيل حمالَة الْحَطب فِي النَّار وَقيل حمالَة الْحَطب نقالة الحَدِيث {فِي جيدها حَبل من مسد} الْجيد الْعُنُق والمسد الليف الَّذِي تفتل مِنْهُ الحبال قَالَ الضَّحَّاك وَغَيره هَذَا فِي الدُّنْيَا كَانَت تعير النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالفقر وَهِي تحتطب فِي حَبل تَجْعَلهُ فِي عُنُقهَا فخنقها الله بِهِ فأهلكها وَهُوَ فِي الْآخِرَة حَبل من النَّار وَقيل غير ذَلِك

باب ما نزل في الاستعاذة من النساء النفاثات

194 - بَاب مَا نزل فِي الِاسْتِعَاذَة من النِّسَاء النفاثات {وَمن شَرّ النفاثات فِي العقد} قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة الفلق {وَمن شَرّ النفاثات فِي العقد} هن السواحر أَي وَأَعُوذ بِرَبّ الفلق من شَرّ النُّفُوس النفاثات أَو النِّسَاء النفاثات والنفث النفخ كَانَ يفعل ذَلِك من يرقي ويسحر قيل مَعَ ريق وَهُوَ دَلِيل على بطلَان قَول الْمُعْتَزلَة فِي إِنْكَار تحقق السحر وَظُهُور أَثَره وَالْعقد جمع عقدَة وَذَلِكَ أَنَّهُنَّ كن ينفثن فِي عقد الخيوط حِين يسحرون بهَا قَالَ أَبُو عُبَيْدَة النفاثات هن بَنَات لبيد بن الأعصم الْيَهُودِيّ سحرن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من عقد عقدَة ثمَّ نفث فِيهَا فقد سحر وَمن سحر فقد أشرك وَمن تعلق بِشَيْء وكل إِلَيْهِ هَذَا آخر آيَات الْكتاب الْعَزِيز الْوَارِدَة فِي النِّسَاء الْمُتَعَلّقَة بِهن فِي أَمر دينهن ودنياهن مِمَّا لَهُ أيسر مُنَاسبَة بِهن والاضافة تصح بِأَدْنَى مُلَابسَة وَقد اقتصرت فِي بَيَان مَعَانِيهَا وَشرح مبانيها على أوجز كَلَام وَأحلت بسطها لمن يُرِيد الْوُقُوف عَلَيْهَا على تَفْسِير فتح الْبَيَان فَإِنَّهُ تكفل بِبَيَان مَقَاصِد الْقُرْآن وَمَا ذكرته هُنَا هُوَ نخبة مَا فِيهِ من تَفْسِير هَذِه الْآيَات وَالْحَمْد لله الَّذِي بنعمته تتمّ الصَّالِحَات أنْتَهى الْكتاب الأول من حسن الأسوة فِيمَا يتَعَلَّق من آيَات الْكتاب الْعَزِيز بالنسوة ويليه الْكتاب الثَّانِي فِيمَا ورد بِهن من أَحَادِيث السّنة المطهرة

الكتاب الثاني فيما ورد بالنسوة من أحاديث السنة المطهرة

الْكتاب الثَّانِي فِيمَا ورد بالنسوة من أَحَادِيث السّنة المطهرة

إنما الأعمال بالنيات

إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ رُوِيَ عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لكل امريء مَا نوى فَمن كَانَت هجرته إِلَى الله وَرَسُوله فَهجرَته إِلَى الله وَرَسُوله وَمن كَانَت هجرته إِلَى دنيا يُصِيبهَا أَو امْرَأَة يَتَزَوَّجهَا فَهجرَته إِلَى مَا هَاجر إِلَيْهِ مُتَّفق عَلَيْهِ وَهُوَ الَّذِي اتّفق عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ أَعنِي البُخَارِيّ وَمُسلمًا من صَحَابِيّ وَاحِد وَهَذَا النَّوْع أَعلَى أَنْوَاع الحَدِيث فِي الصِّحَّة وَالْقَبُول وَكَانُوا يستحبون الْبدَاءَة بِهِ فِي الْكتب تَنْبِيها للطَّالِب على تَصْحِيح النِّيَّة وَهُوَ أصل عَظِيم من أصُول الدَّين وَقَاعِدَة كَبِيرَة من قَوَاعِد الشَّرْع الْمُبين أنظر شرح هَذَا الحَدِيث فِي شُرُوح الصَّحِيحَيْنِ ثمَّ فِي عون الْبَارِي شرح تَجْرِيد البُخَارِيّ والسراج الْوَهَّاج تَلْخِيص صَحِيح مُسلم بن الْحجَّاج وَمن لطائف هَذَا الْمقَام أَن هَذَا الحَدِيث فِيهِ ذكر الْمَرْأَة فَبَدَأت بِهِ أُسْوَة بِأَهْل الحَدِيث ثمَّ سردت سَائِر الْأَحَادِيث على تَرْتِيب الْأَبْوَاب وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق

باب ما جاء في فضل الإيمان والإسلام

1 - بَاب مَا جَاءَ فِي فضل الْإِيمَان وَالْإِسْلَام عَن عبَادَة بن الصَّامِت الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من شهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله وَأَن عِيسَى عبد الله وَرَسُوله وكلمته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم وروح مِنْهُ وَالْجنَّة حق وَالنَّار حق أدخلهُ الله الْجنَّة على مَا كَانَ مِنْهُ من الْعَمَل أخرجه الشَّيْخَانِ وَالتِّرْمِذِيّ وَفِي أُخْرَى لمُسلم من شهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله حرم الله تَعَالَى عَلَيْهِ النَّار وَعَن الشريد بن سُوَيْد الثَّقَفِيّ قَالَ قلت يَا رَسُول الله إِن أُمِّي أوصت أَن أعتق رَقَبَة مُؤمنَة وَعِنْدِي جَارِيَة سَوْدَاء نوبية أفأعتقها قَالَ أدعها فدعوتها فَجَاءَت فَقَالَ من رَبك قَالَت الله قَالَ فَمن أَنا قَالَت رَسُول الله قَالَ أعْتقهَا فَإِنَّهَا مُؤمنَة أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَعَن مُعَاوِيَة بن الحكم السّلمِيّ قَالَ أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت إِن جَارِيَة كَانَت ترعى غنما لي فجئتها وَقد فقدت شَاة فسألتها عَنْهَا فَقَالَت أكلهَا الذِّئْب فأسفت عَلَيْهَا وَكنت من بني آدم فلطمت وَجههَا وَعلي

باب ما ورد في بيعة النساء وقدم تقدم في الكتاب الأول في تفسير الآيات

رَقَبَة أفأعتقها فَقَالَ لَهَا النَّبِي أَيْن الله قَالَت فِي السَّمَاء قَالَ فَمن أَنا قَالَت أَنْت رَسُول الله فَقَالَ أعْتقهَا فَإِنَّهَا مُؤمنَة أخرجه مُسلم وَمَالك وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ والْحَدِيث على ظَاهره لَا يجْرِي فِيهِ التَّأْوِيل وَبِه قَالَ السّلف الصَّالح وَذهب إِلَيْهِ الْجُمْهُور 2 - بَاب مَا ورد فِي بيعَة النِّسَاء وَقدم تقدم فِي الْكتاب الأول فِي تَفْسِير الْآيَات عَن أُمَيْمَة بنت رقيقَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي نسْوَة من الْأَنْصَار فَقُلْنَا نُبَايِعك على أَن لَا نشْرك بِاللَّه شَيْئا وَلَا نَسْرِق وَلَا نزني وَلَا نقْتل أَوْلَادنَا وَلَا نأتي بِبُهْتَان نفتريه بَين أَيْدِينَا وأرجلنا وَلَا نَعْصِيك فِي مَعْرُوف فَقَالَ فِيمَا استطعتن وأطقتن فَقُلْنَا الله وَرَسُوله أرْحم بِنَا منا بِأَنْفُسِنَا هَلُمَّ نُبَايِعك قَالَ سُفْيَان يعنين صافحنا فَقَالَ إِنِّي لَا أُصَافح النِّسَاء إِنَّمَا قولي لمِائَة امْرَأَة كَقَوْلي لامْرَأَة وَاحِدَة أخرجه مَالك وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وللشيخين وَأبي دَاوُد عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا مَا مس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَد امْرَأَة قطّ إِلَّا أَن يَأْخُذ عَلَيْهَا فَإِذا أَخذ عَلَيْهَا فَأَعْطَتْهُ قَالَ اذهبي فقد بَايَعْتُك 3 - بَاب مَا ورد فِي الاستيصاء بِالنسَاء وَهَذَا أَيْضا تقدم هُنَالك عَن عَمْرو بن الْأَحْوَص فِي حَدِيث طَوِيل فِي ذكر حجَّة الْوَدَاع عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَلا وَاسْتَوْصُوا بِالنسَاء خيرا فَإِنَّهُنَّ عوان عنْدكُمْ لَيْسَ

باب ما ورد في الأقتصاد في العمل وفي تزوج النساء

تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئا غير ذَلِك إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبينَة فَإِن فعلن فاهجروهن فِي الْمضَاجِع واضربوهن ضربا غير مبرح فَإِن أطعنكم فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا أَلا وَإِن لكم على نِسَائِكُم حَقًا ولنسائكم عَلَيْكُم حَقًا فَأَما حقكم على نِسَائِكُم فَلَا يوطئن فرشكم من تَكْرَهُونَ وَلَا يَأْذَن فِي بُيُوتكُمْ لمن تَكْرَهُونَ أَلا وَإِن حقهن عَلَيْكُم أَن تحسنوا إلَيْهِنَّ فِي كسوتهن وطعامهن الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَمعنى عوان أسيرات 4 - بَاب مَا ورد فِي الأقتصاد فِي الْعَمَل وَفِي تزوج النِّسَاء عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ جَاءَ ثَلَاثَة رَهْط إِلَى بَيت أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسْأَلُون عَن عِبَادَته فَلَمَّا أخبروا كَأَنَّهُمْ تقالوها قَالُوا أَيْن نَحن من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر قَالَ أحدهم أما أَنا فأصلي اللَّيْل أبدا وَقَالَ الآخر وَأَنا أعتزل النِّسَاء وَلَا أَتزوّج أبدا وَقَالَ الآخر وَأَنا أَصوم الدَّهْر وَلَا أفطر فجَاء رَسُول لله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَيْهِم فَقَالَ أَنْتُم الَّذين قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا أما وَالله إِنِّي لأخشاكم لله وأتقاكم لَهُ وَلَكِنِّي أَصوم وَأفْطر وأصلي وأرقد وأتزوج النِّسَاء فَمن رغب عَن سنتي فَلَيْسَ مني أخرجه الشَّيْخَانِ وَالنَّسَائِيّ وَعَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى عُثْمَان ابْن مَظْعُون يَقُول أرغبت عَن سنتي فَقَالَ لَا وَالله يَا رَسُول الله وَلَكِن سنتك أطلب فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِنِّي أَنَام وأصلي وَأَصُوم وَأفْطر وأنكح النِّسَاء فَاتق الله يَا عُثْمَان فَإِن لأهْلك عَلَيْك حَقًا وَإِن لضيفك عَلَيْك حَقًا وَإِن لنَفسك عَلَيْك حَقًا فَصم وَأفْطر وصل ونم أخرجه أَبُو دَاوُد وَزَاد رزين وَكَانَ حلف أَن يقوم اللَّيْل كُله ويصوم النَّهَار وَلَا ينْكح النِّسَاء فَسَأَلَ عَن يَمِينه فَنزل {لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُم} ويروى أَنه نوى ذَلِك وَلم يعزم وَهُوَ أصح

باب ما ورد في اعتكاف النساء

وَعَن أنس قَالَ دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَسْجِد فَإِذا حَبل مَمْدُود بَين الساريتين فَقَالَ مَا هَذَا قَالُوا حَبل لِزَيْنَب فَإِذا فترت تعلّقت بِهِ فَقَالَ لَا حلوه ليصل أحدكُم نشاطه فَإِذا فتر فليقعد أخرجه البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَعَن عَائِشَة قَالَت دخل عَليّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعِنْدِي امْرَأَة من بني أَسد فَقَالَ من هَذِه قلت فُلَانَة لَا تنام اللَّيْل فَقَالَ مَه عَلَيْكُم من الْأَعْمَال مَا تطيقون فَإِن الله لَا يمل حَتَّى تملوا وَكَانَ أحب الدَّين إِلَيْهِ مَا داوم عَلَيْهِ صَاحبه أخرجه الشَّيْخَانِ وَمَالك وَالنَّسَائِيّ وَعَن أبي جُحَيْفَة قَالَ آخى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين سلمَان وَأبي الدَّرْدَاء فزار سلمَان أَبَا الدَّرْدَاء فَرَأى أم الدَّرْدَاء متبذلة فَقَالَ مَا شَأْنك قَالَت أَخُوك أَبُو الدَّرْدَاء لَيْسَ لَهُ حَاجَة فِي الدُّنْيَا الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَفِي آخِره فَقَالَ سلمَان إِن لِرَبِّك عَلَيْك حَقًا وَإِن لأهْلك عَلَيْك حَقًا فأعط كل ذِي حق حَقه فَذكر ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ صدق سلمَان وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَزَاد ولضيفك عَلَيْك حَقًا وَعَن مَالك أَنه بلغه أَن عَائِشَة كَانَت ترسل إِلَى أَهلهَا بعد الْعَتَمَة تَقول أَلا تريحون الْكتاب وَعَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ أخبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن مولاة لَهُ تقوم اللَّيْل وتصوم النَّهَار فَقَالَ لكل عَامل شَره وَلكُل شرة فَتْرَة فَمن صَارَت فترته إِلَى سنتي فقد اهْتَدَى وَمن أَخطَأ فقد ضل 5 - بَاب مَا ورد فِي اعْتِكَاف النِّسَاء عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعْتَكف الْعشْر الْأَوَاخِر من رَمَضَان ثمَّ اعْتكف أَزوَاجه من بعده أخرجه السِّتَّة

وَفِي رِوَايَة قَالَ فاستأذنته عَائِشَة أَن تعتكف فَأذن لَهَا فَضربت فِيهِ قبَّة فَسمِعت بهَا حَفْصَة فَضربت قبَّة وَضربت زينت أُخْرَى فَلَمَّا انْصَرف من الْغَدَاة أبْصر أَربع قباب فَقَالَ مَا هَذِه فَأخْبر بذلك فَقَالَ مَا حَملهنَّ على هَذَا الْبر إنزعوها فَلَا أَرَاهَا فنزعت فَلم يعْتَكف فِي رَمَضَان حَتَّى اعْتكف فِي آخر الْعشْر من شَوَّال وَهَذَا الحَدِيث فِي تيسير الْوُصُول فِي كتاب الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَعَن عَائِشَة أَنَّهَا كَانَت ترجل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهِي حَائِض وَهُوَ معتكف فِي الْمَسْجِد وَهِي فِي حُجْرَتهَا يدني إِلَيْهَا رَأسه الحَدِيث أخرجه السِّتَّة وَزَاد أَبُو دَاوُد وَقَالَت السّنة للمعتكف أَن لَا يعود مَرِيضا وَلَا يشْهد جَنَازَة وَلَا يمس امْرَأَة وَلَا يُبَاشِرهَا وَلَا يخرج إِلَّا لما لَا بُد لَهُ مِنْهُ والترجيل تَسْرِيح الشّعْر وتنظيفه وتحسينه وعنها قَالَت اعْتكف مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم امْرَأَة من أَزوَاجه مُسْتَحَاضَة فَكَانَت ترى الدَّم والصفرة وَهِي تصلي وَرُبمَا وضعت الطست تحتهَا من الدَّم أخرجه البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَعَن عَليّ بن الْحُسَيْن رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَت صَفِيَّة رَضِي الله عَنْهَا كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم معتكفا فَأَتَيْته أَزورهُ لَيْلًا فَحَدَّثته ثمَّ قُمْت لأنقلب فَقَامَ معي حَتَّى إِذا بلغ بَاب الْمَسْجِد مر رجلَانِ من الْأَنْصَار فَلَمَّا رَأيا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَسْرعَا فَقَالَ على رِسْلكُمَا إِنَّهَا صَفِيَّة بنت حييّ فَقَالَا سُبْحَانَ الله يَا رَسُول الله فَقَالَ إِن الشَّيْطَان يجْرِي من ابْن آدم مجْرى الدَّم وَإِنِّي خشيت أَن يقذف فِي قُلُوبكُمَا شرا أَو قَالَ شَيْئا أخرجه الشَّيْخَانِ وَأَبُو دَاوُد والانقلاب الرُّجُوع وَهَذِه الْأَحَادِيث الثَّلَاثَة أَيْضا فِي التَّيْسِير فِي الْكتاب الْمَذْكُور

باب ما ورد في أن امرأة المؤلي تطلق بمضي أربعة أشهر

6 - بَاب مَا ورد فِي أَن امْرَأَة المؤلي تطلق بِمُضِيِّ أَرْبَعَة أشهر عَن ابْن عمر إِذا مَضَت أَرْبَعَة أشهر يُوقف حَتَّى يُطلق وَلَا يَقع عَلَيْهِ الطَّلَاق حَتَّى يُطلق يَعْنِي المؤلي وَيذكر ذَلِك عَن عُثْمَان وَعلي وَأبي الدَّرْدَاء وَعَائِشَة واثني عشر رجلا من الصَّحَابَة أخرجه البُخَارِيّ وَمَالك وَفِي أُخْرَى للْبُخَارِيّ قَالَ يَعْنِي ابْن عمر الْإِيلَاء الَّذِي سَمَّاهُ الله تَعَالَى لَا يحل لأحد بعد الْأَجَل إِلَّا أَن يمسك بِالْمَعْرُوفِ أَو يعزم الطَّلَاق كَمَا أَمر الله تَعَالَى وَعَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ إِذا آلى الرجل من امْرَأَته لم يَقع عَلَيْهِ طَلَاق وَإِن مَضَت الْأَرْبَعَة أشهر حَتَّى يُوقف فإمَّا أَن يُطلق وَإِمَّا أَن يفِيء أخرجه مَالك وَقَالَ مَالك من حلف على امْرَأَته أَن لَا يَطَأهَا حَتَّى تفطم وَلَدهَا لم يكن مؤليا وَبَلغنِي عَن عَليّ أَنه سُئِلَ عَن ذَلِك فَلم يره إِيلَاء وَعَن عَائِشَة قَالَت آلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من نِسَائِهِ وَحرم فَجعل الْحَرَام حَلَالا وَجعل فِي الْيَمين كَفَّارَة أخرجه التِّرْمِذِيّ قلت الْإِيلَاء هُوَ أَن يحلف الزَّوْج بِأَن لَا يقرب جَمِيع نِسَائِهِ أَو بَعضهنَّ وَهُوَ ظَاهر فَإِن وَقت بِدُونِ أَرْبَعَة أشهر اعتزل حَتَّى يَنْقَضِي مَا وَقت بِهِ لما ثَبت فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آلى من نِسَائِهِ شهرا ثمَّ دخل بِهن بعد ذَلِك وَإِن وَقت بِأَكْثَرَ مِنْهَا خير بعد مضيها بَين أَن يفِيء أَو يُطلق لقَوْله تَعَالَى {تربص أَرْبَعَة أشهر} وَأخرج الدَّارقطني عَن سُلَيْمَان بن يسَار قَالَ أدْركْت بضعَة عشر رجلا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كلهم يوقفون المؤلي وَقد ذهب إِلَى جَوَاز الْإِيلَاء دون أَرْبَعَة أشهر جمَاعَة من أهل الْعلم وَهُوَ الْحق بِدَلِيل مَا وَقع مِنْهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

باب ما ورد فيما يكون بين الزوج والزوجة

من إِيلَاء شهر وَقد تقدم قَرِيبا فَلَو كَانَ لَا يَصح لم يَقع مِنْهُ ذَلِك فَالْحق جَوَازه أَرْبَعَة اشهر فَصَاعِدا أَو أقل مِنْهَا وَالله أعلم 7 - بَاب مَا ورد فِيمَا يكون بَين الزَّوْج وَالزَّوْجَة عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ قَالَ جَاءَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى بَيت فَاطِمَة فَلم يجد عليا فَقَالَ أَيْن ابْن عمك فَقَالَت كَانَ بيني وَبَينه شَيْء فغاضبني فَخرج فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لإِنْسَان انْظُر أَيْن هُوَ فَقَالَ هُوَ فِي الْمَسْجِد رَاقِد فَجَاءَهُ وَهُوَ مُضْطَجع وَقد سقط رِدَاؤُهُ عَن شقَّه فَأَصَابَهُ تُرَاب فَجعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول قُم يَا أَبَا تُرَاب قُم يَا أَبَا تُرَاب قَالَ سهل وَمَا كَانَ لَهُ اسْم أحب إِلَيْهِ مِنْهُ أخرجه الشَّيْخَانِ وَأوردهُ فِي التَّيْسِير فِي فصل من سَمَّاهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم 8 بَاب مَا ورد فِي كنى النِّسَاء عَن عَائِشَة قَالَت قلت يَا رَسُول الله كل صواحبي لَهُنَّ كنى قَالَ فاكتني بابنك عبد الله بن الزبير فَكَانَت تكنى أم عبد الله أخرجه أَبُو دَاوُد وَزَاد رزين فَإِن الْخَالَة أم 9 - بَاب مَا ورد فِي جَوَاز التَّسْمِيَة باسم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وكنيته عَن عَائِشَة أَن امْرَأَة قَالَت يَا رَسُول الله إِنِّي ولدت غُلَاما فسميته مُحَمَّدًا وكنيته أَبَا الْقَاسِم فَذكر لي أَنَّك تكره ذَلِك فَقَالَ مَا الَّذِي أحل اسْمِي وَحرم كنيتي أَو مَا الَّذِي حرم كنيتي وَأحل اسْمِي أخرجه أَبُو دَاوُد

باب ما ورد في التأذين في أذن المولود

10 - بَاب مَا ورد فِي التأذين فِي أذن الْمَوْلُود عَن أبي رَافع قَالَ رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد أذن فِي أذن الْحسن بن عَليّ حِين وَلدته فَاطِمَة رَضِي الله عَنْهَا أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَزَاد رزين وَقَرَأَ فِي أُذُنه سُورَة الْإِخْلَاص وحنكه بتمرة وَسَماهُ قلت وتستحب الْعَقِيقَة وَهِي شَاتَان عَن الذّكر وشَاة عَن الْأُنْثَى يَوْم سَابِع الْمَوْلُود وَفِيه يُسمى ويحلق رَأسه وَيُؤذن فِي أُذُنَيْهِ وَيتَصَدَّق بوزنه ذَهَبا أَو فضَّة لأَمره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لفاطمة الزهراء بذلك والْحَدِيث عِنْد أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ وَفِي إِسْنَاده ابْن عقيل 11 - بَاب مَا ورد فِي آنِية الْمَرْأَة النَّصْرَانِيَّة عَن أبن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ تَوَضَّأ عمر بالحميم فِي جر نَصْرَانِيَّة وَمن بَيتهَا أخرجه رزين قلت وَترْجم بِهِ البُخَارِيّ 12 - بَاب مَا ورد فِي بر الوالدة عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ جَاءَ رجل فَقَالَ يَا رَسُول الله من أَحَق النَّاس بِحسن صَحَابَتِي قَالَ أمك قَالَ ثمَّ من قَالَ أمك قَالَ ثمَّ من قَالَ أمك قَالَ ثمَّ من قَالَ أَبوك أخرجه الشَّيْخَانِ وَفِي رِوَايَة أُخْرَى قَالَ أمك ثمَّ أمك ثمَّ أمك ثمَّ أدناك فأدناك هَذَا لَفْظهمَا وَزَاد مُسلم فَقَالَ نعم وَأَبِيك لتنبأن وَعَن كُلَيْب بن مَنْفَعَة عَن جده كُلَيْب الْحَنَفِيّ أَنه أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

فَقَالَ يَا رَسُول الله من أبر قَالَ أمك وأباك وأختك وأخاك ومولاك الَّذِي يَلِي ذَلِك حَقًا وَاجِبا ورحما مَوْصُولَة أخرجه أَبُو دَاوُد وَعَن بهز بن حَكِيم عَن أَبِيه عَن جده مُعَاوِيَة بن حيدة الْقشيرِي قَالَ قلت يَا رَسُول الله من أبر قَالَ أمك قلت ثمَّ من قَالَ أمك قلت ثمَّ من قَالَ أمك قلت ثمَّ من قَالَ أَبَاك ثمَّ الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَعَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ رغم أَنفه رغم أَنفه قيل من يَا رَسُول الله قَالَ من أدْرك وَالِديهِ عِنْد الْكبر أَو أَحدهمَا ثمَّ لم يدْخل الْجنَّة أخرجه مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَاللَّفْظ لمُسلم وَعَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ اسْتَأْذن رجل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْجِهَاد فَقَالَ أَحَي والدك قَالَ نعم قَالَ ففيهما فَجَاهد أخرجه الْخَمْسَة وَفِي أُخْرَى لمُسلم أُبَايِعك على الْهِجْرَة وَالْجهَاد أَبْتَغِي الْأجر من الله تَعَالَى قَالَ فَهَل من والديك أحد قَالَ نعم بل كِلَاهُمَا حَيّ قَالَ فتبتغي الْأجر من الله تَعَالَى قَالَ نعم قَالَ فَارْجِع إِلَى والديك فَأحْسن صحبتهما وَفِي أُخْرَى لأبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَتركت أَبَوي يَبْكِيَانِ قَالَ فَارْجِع إِلَيْهِمَا فأضحكهما كَمَا أبكيتهما وَلأبي دَاوُد فِي أُخْرَى عَن أبي سعيد أَن رجلا من أهل الْيمن هَاجر إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ هَل لَك أحد بِالْيمن قَالَ أبواي قَالَ أأذنا لَك قَالَ لَا قَالَ فَارْجِع إِلَيْهِمَا فاستأذنهما فَإِن أذنا لَك فَجَاهد وَإِلَّا فبرهما وَعَن مُعَاوِيَة بن جاهمة أَن جاهمة أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله أردْت أَن أغزو وَقد جِئْت أستشيرك فَقَالَ هَل لَك من أم قَالَ نعم قَالَ فالزمها فَإِن الْجنَّة عِنْد رجلهَا أخرجه النَّسَائِيّ

وَعَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ كَانَت تحتي امْرَأَة أحبها وَكَانَ عمر يكرهها فَقَالَ لي طَلقهَا فأبيت فَأتى عمر إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر ذَلِك لَهُ فَقَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَلقهَا أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَعَن بُرَيْدَة رَضِي الله عَنهُ أَن امْرَأَة قَالَت يَا رَسُول الله إِنِّي تَصَدَّقت على أُمِّي بِجَارِيَة وَإِنَّهَا مَاتَت قَالَ وَجب أجرك وردهَا عَلَيْك الْمِيرَاث وَقَالَت إِنَّه كَانَ عَلَيْهَا صَوْم شهر أفأصوم عَنْهَا قَالَ صومي عَنْهَا قَالَت إِنَّهَا لم تحج أفأحج عَنْهَا قَالَ حجي عَنْهَا أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَفِيه دَلِيل على جَوَاز حج الْقَرِيب عَن الْقَرِيب وَعَن أَسمَاء بنت أبي بكر قَالَت قدمت على أُمِّي وَهِي مُشركَة فاستفتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت قدمت عَليّ أُمِّي وَهِي راغبة أفأصل أُمِّي قَالَ نعم صلي أمك أخرجه الشَّيْخَانِ وَأَبُو دَاوُد وَعَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ أَتَى رجل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِنِّي أصبت ذَنبا عَظِيما فَهَل لي من تَوْبَة قَالَ هَل لَك من أم قَالَ لَا قَالَ هَل لَك من خَالَة قَالَ نعم قَالَ فبرها أخرجه التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَزَاد فِي الْأُخْرَى عَن الْبَراء بن عَازِب الْخَالَة بِمَنْزِلَة الْأُم وَعَن أبي أسيد مَالك بن ربيعَة السَّاعِدِيّ أَن رجلا قَالَ يَا رَسُول الله هَل بَقِي من بر أَبَوي شَيْء أبرهما بِهِ بعد مَوْتهمَا قَالَ نعم الصَّلَاة عَلَيْهِمَا وَالِاسْتِغْفَار لَهما وإنفاذ عهدهما من بعدهمَا وصلَة الرَّحِم الَّتِي لَا توصل إِلَّا بهما وإكرام صديقهما أخرجه أَبُو دَاوُد وَعَن عمر بن السَّائِب أَنه بلغه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ جَالِسا فَأقبل أَبوهُ من الرضَاعَة فَوضع لَهُ بعض ثَوْبه فَقعدَ عَلَيْهِ ثمَّ أَقبلت أمه من الرضَاعَة فَوضع لَهَا شقّ ثَوْبه من جَانِبه الآخر فَجَلَست عَلَيْهِ ثمَّ أقبل إِلَيْهِ أَخُوهُ من الرضَاعَة

باب ما ورد في بر الأولاد والأقارب

فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأجلسه بَين يَدَيْهِ أخرجه أَبُو دَاوُد وَعَن زيد بن أَرقم قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من حج عَن أحد أَبَوَيْهِ أَجْزَأَ ذَلِك عَنهُ وَبشر روحه بذلك فِي السَّمَاء وَكتب عِنْد الله بارا وَلَو كَانَ عاقا وَفِي أُخْرَى كتب لِأَبِيهِ بِحَجّ وَله بِسبع أخرجه رزين وَفِي الحَدِيث دلَالَة على جَوَاز حج الْوَلَد عَن وَالِديهِ وَلم يرد فِي حَدِيث صَحِيح إِلَّا حج الْقَرِيب عَن الْقَرِيب 13 - بَاب مَا ورد فِي بر الْأَوْلَاد والأقارب عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت دخلت عَليّ امْرَأَة وَمَعَهَا ابنتان لَهَا تسْأَل فَلم تَجِد عِنْدِي شَيْئا غير تَمْرَة فأعطيتها إِيَّاهَا فقسمتها بَين ابنتيها وَلم تَأْكُل مِنْهَا ثمَّ خرجت فَدخل عَليّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته فَقَالَ من ابْتُلِيَ من هَذِه الْبَنَات بِشَيْء فَأحْسن إلَيْهِنَّ كن لَهُ سترا من النَّار أخرجه الشَّيْخَانِ وَالتِّرْمِذِيّ وَعَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من عَال جاريتين حَتَّى تبلغا جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة وَكنت أَنا وَهُوَ وَضم أَصَابِعه أخرجه مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَعِنْده دخلت أَنا وَهُوَ الْجنَّة كهاتين وَأَشَارَ بِأُصْبُعَيْهِ وَعَن أبي سعيد قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من عَال ثَلَاث بَنَات أَو ثَلَاث أَخَوَات أَو أُخْتَيْنِ أَو إبنتين فأدبهن وَأحسن إلَيْهِنَّ وزوجهن فَلهُ الْجنَّة أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَهَذَا لفظ أبي دَاوُد وَله فِي أُخْرَى وَلم يهنها وَلم يُؤثر وَلَده يَعْنِي الذُّكُور عَلَيْهَا أدخلهُ الله تَعَالَى الْجنَّة وَعَن عَوْف بن مَالك الْأَشْجَعِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنا وَامْرَأَة سعفاء الْخَدين كهاتين يَوْم الْقِيَامَة وَأَوْمَأَ يزِيد بن زُرَيْع الرَّاوِي بالوسطى

باب ما ورد في التسامح في البيع

والسبابة امْرَأَة آمت من زَوجهَا ذَات منصب وجمال حبست نَفسهَا على يتاماها حَتَّى بانوا أَو مَاتُوا أخرجه أَبُو دَاوُد والسفعة نوع من السوَاد لَيْسَ بِكَثِير وَأَرَادَ أَنَّهَا بذلت نَفسهَا ليتاماها وَتركت الزِّينَة والترفه حَتَّى شحب لَوْنهَا وأسود وآمت بِالْمدِّ أَقَامَت بِلَا زوج وَمعنى بانوا انفصلوا واستغنوا وَعَن خَوْلَة بنت حَكِيم قَالَت خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات يَوْم وَهُوَ محتضن أحد ابْني بنته وَهُوَ يَقُول إِنَّكُم لتبخلون وتجبنون وتجهلون وَإِنَّكُمْ لمن ريحَان الله أخرجه التِّرْمِذِيّ وَمَعْنَاهُ تحملون على الْبُخْل والجبن وَالْجهل وَعَن الْبَراء قَالَ أَتَى أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ ابْنَته عَائِشَة وَقد أصابتها الْحمى فَقَالَ كَيفَ أَنْت يَا بنية وَقبل خدها أخرجه أَبُو دَاوُد وَأخرجه الشَّيْخَانِ فِي جملَة حَدِيث وَعَن عَائِشَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَيركُمْ خَيركُمْ لأَهله وَأَنا خَيركُمْ لأهلي إِذا مَاتَ صَاحبكُم فَدَعوهُ أخرجه التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ 14 - بَاب مَا ورد فِي التسامح فِي البيع عَن عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن قَالَت ابْتَاعَ رجل تَمرا من رب حَائِط فعالجه وَقَامَ فِيهِ حَتَّى تبين لَهُ النُّقْصَان فَسَأَلَ رب الْحَائِط أَن يضع لَهُ أَو يقيله فَحلف أَن لَا يفعل فَذَهَبت أم المُشْتَرِي إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرت ذَلِك لَهُ فَقَالَ تألى أَن لَا يفعل خيرا فَسمع بذلك رب الْحَائِط قأتى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله هُوَ لَهُ أخرجه مَالك

باب ما ورد فيما لا يجوز بيعه من أمهات الأولاد والقينات

15 - بَاب مَا ورد فِيمَا لَا يجوز بَيْعه من أُمَّهَات الْأَوْلَاد والقينات عَن ابْن عمر أَن عمر قَالَ أَيّمَا وليدة ولدت من سَيِّدهَا فَإِنَّهُ لَا يَبِيعهَا وَلَا يَهَبهَا وَلَا يُورثهَا ويستمتع بهَا مَا عَاشَ فَإِذا مَاتَ فَهِيَ حرَّة أخرجه مَالك ورزين عَن جَابر قَالَ بعنا أُمَّهَات الْأَوْلَاد على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر رَضِي الله عَنهُ فَلَمَّا كَانَ عمر نَهَانَا فَانْتَهَيْنَا قَالَ ابْن الْأَثِير وَلم أَجِدهُ فِي الْأُصُول وَعَن أبي أُمَامَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تَبِيعُوا الْقَيْنَات وَلَا تَشْتَرُوهُنَّ وَلَا تُعَلِّمُوهُنَّ وَلَا خير فِي تِجَارَة فِيهِنَّ وَثَمَنهنَّ حرَام وَفِي مثل هَذَا نزلت {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} 16 - بَاب مَا ورد فِي الخداع فِي عدم شِرَاء الْأمة عَن عبد الْمجِيد بن وهب قَالَ قَالَ لي العداء بن خَالِد أَلا أقرئك كتابا كتبه لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قلت بلَى فَأخْرج إِلَيّ كتابا هَذَا مَا اشْترى العداء بن هَوْذَة من مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اشْترى مِنْهُ عبدا أَو أمة لاداء وَلَا غائلة وَلَا خبثة بيع الْمُسلم من الْمُسلم قَالَ قَتَادَة الغائلة الزِّنَا وَالسَّرِقَة والإباق أخرجه البُخَارِيّ تَعْلِيقا وَالتِّرْمِذِيّ 17 - بَاب مَا ورد فِي الشَّرْط وَالِاسْتِثْنَاء عَن ابْن مَسْعُود أَنه اشْترى جَارِيَة من امْرَأَته واشترطت عَلَيْهِ أَنَّك إِن بعتها فَهِيَ لي بِالثّمن الَّذِي ابتعتها بِهِ فاستفتى فِي ذَلِك عمر فَقَالَ لَا

باب ما ورد في الحض على تزوج البكر

تَقربهَا وفيهَا شَرط لأحد أخرجه مَالك وَعَن عَائِشَة أَن بَرِيرَة جاءتها لتستعين بهَا فِي كتَابَتهَا وَلم تكن قَضَت من كتَابَتهَا شَيْئا فَقَالَت لَهَا عَائِشَة إرجعي إِلَى أهلك فَإِن أَحبُّوا أَن أَقْْضِي عَنْك كتابتك وَيكون ولاؤك لي فعلت فَذكرت ذَلِك بَرِيرَة لأَهْلهَا فَأَبَوا وَقَالُوا إِن شَاءَت أَن تحتسب عَلَيْك فلتفعل وَيكون لنا ولاءك فَذكرت ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهَا ابتاعي واعتقي فَإِنَّمَا الْوَلَاء لمن أعتق ثمَّ قَامَ فَقَالَ مَا بَال أنَاس يشترطون شُرُوطًا لَيست فِي كتاب الله تَعَالَى من اشْترط شرطا لَيْسَ فِي كتاب الله تَعَالَى فَلَيْسَ لَهُ وَإِن اشْترط مائَة شَرط شَرط الله أَحَق وأوثق أخرجه السِّتَّة وَفِي أُخْرَى قَالَ اشتريها وأعتقيها وليشترطوا مَا شاؤوا فاشترتها فأعتقتها وَاشْترط أَهلهَا ولاءها فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْوَلَاء لمن أعتق وَإِن اشترطوا مائَة شَرط 18 - بَاب مَا ورد فِي الحض على تزوج الْبكر عَن جَابر فِي حَدِيث طَوِيل أَنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين استأذنته هَل تزوجت بكرا أم ثَيِّبًا قلت بل ثَيِّبًا قَالَ هلا بكرا تلاعبها وتلاعبك قلت يَا رَسُول الله توفّي وَالِدي ولي أَخَوَات صغَار فَكرِهت أَن أَتزوّج مِثْلهنَّ فَلَا تؤدبهن وَلَا تقوم عَلَيْهِنَّ فَتزوّجت ثَيِّبًا لتقوم عَلَيْهِنَّ وتؤدبهن الحَدِيث أخرجه الْخَمْسَة 19 - بَاب مَا ورد فِي النَّهْي عَن خطْبَة الرجل على خطْبَة أَخِيه وَغَيره عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا يبع بَعْضكُم على بيع بعض

باب ما ورد في تفريق الولد عن الوالدة

أخرجه السِّتَّة وَزَاد مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَلَا يخْطب على خطْبَة أَخِيه إِلَّا أَن يَأْذَن لَهُ وَعَن أبي هُرَيْرَة قَالَ نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يخْطب الْمَرْء على خطْبَة أَخِيه وَلَا تسْأَل الْمَرْأَة طَلَاق أُخْتهَا لتكفأ مَا فِي إنائها أخرجه السِّتَّة 20 - بَاب مَا ورد فِي تَفْرِيق الْوَلَد عَن الوالدة عَن أبي أَيُّوب قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من فرق بَين وَالِدَة وَوَلدهَا فرق الله بَينه وَبَين أحبته يَوْم الْقِيَامَة أخرجه التِّرْمِذِيّ وَأحمد وَالدَّارقطني وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَعَن عَليّ كرم الله وَجهه أَنه فرق بَين وَالِدَة وَوَلدهَا فَنَهَاهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِك ورد البيع أخرجه أَبُو دَاوُد وَالدَّارقطني وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَقد أعل بالانقطاع وَبِالْجُمْلَةِ فَالْحَدِيث فِيهِ دَلِيل على أَنه لَا يجوز التَّفْرِيق بَين الْمَحَارِم 21 - بَاب مَا ورد فِي الرِّبَا فِي شِرَاء الْجَارِيَة عَن أم يُونُس قَالَت جَاءَت أم ولد زيد بن أَرقم إِلَى عَائِشَة فَقَالَت بِعْت جَارِيَة من زيد بثمانمائة دِرْهَم إِلَى الْعَطاء ثمَّ اشْتَرَيْتهَا مِنْهُ قبل حُلُول الْأَجَل بستمائة دِرْهَم وَكنت شرطت عَلَيْهِ أَنَّك إِن بعتها فَأَنا أشتريها مِنْك فَقَالَت عَائِشَة بئس مَا شريت وَبئسَ مَا اشْتريت أبلغي زيد بن أَرقم أَنه قد أبطل جهاده مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لم يتب مِنْهُ قَالَت فَمَا نصْنَع فتلت عَائِشَة {فَمن جَاءَهُ موعظة من ربه فَانْتهى فَلهُ مَا سلف وَأمره إِلَى الله} سُورَة

باب ما ورد في الرد بالعيب

الْبَقَرَة فَلم يُنكر أحد على عَائِشَة وَالصَّحَابَة متوافرون أخرجه رزين 22 - بَاب مَا ورد فِي الرَّد بِالْعَيْبِ عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف اشْترى جَارِيَة من عَاصِم بن عدي فَوَجَدَهَا ذَات زوج فَردهَا أخرجه مَالك 23 - بَاب مَا ورد فِي فديَة الصَّوْم عَن عَطاء أَنه سمع ابْن عَبَّاس يقْرَأ {وعَلى الَّذين يطيقُونَهُ فديَة طَعَام مِسْكين} وَقَالَ لَيست بمنسوخة هِيَ للشَّيْخ الْكَبِير وَالْمَرْأَة الْكَبِيرَة لَا يستطيعان أَن يصوما فيطعمان مَكَان كل يَوْم مِسْكينا أخرجه البُخَارِيّ وَهَذَا لَفظه وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَزَاد أَبُو دَاوُد فِي أُخْرَى لَهُ أَثْبَتَت للحبلى والمرضع يَعْنِي الْفِدْيَة والإفطار 24 - بَاب مَا ورد فِي جَوَاز قرب النِّسَاء فِي لَيْلَة الصّيام عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ لما نزل صَوْم رَمَضَان كَانُوا لَا يقربون النِّسَاء رَمَضَان كُله وَكَانَ رجال يخونون أنفسهم فَأنْزل الله {علم الله أَنكُمْ كُنْتُم تختانون أَنفسكُم فَتَابَ عَلَيْكُم وَعَفا عَنْكُم} أخرجه البُخَارِيّ

باب ما ورد في الطلاق الرجعي

وَفِي رِوَايَة لَهُ وَلأبي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ أَن قيس بن صرمة الْأنْصَارِيّ كَانَ صَائِما فَلَمَّا حضر الْإِفْطَار أَتَى امْرَأَته فَقَالَ أعندك طَعَام قَالَت لَا وَلَكِن أَنطلق فأطلبه لَك وَكَانَ يعْمل فغلبته عينه فَجَاءَت امْرَأَته فَلَمَّا رَأَتْهُ قَالَت خيبة لَك فَلَمَّا انتصف النَّهَار غشي عَلَيْهِ فَذكر ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزلت هَذِه الْآيَة {أحل لكم لَيْلَة الصّيام الرَّفَث إِلَى نِسَائِكُم} فَفَرِحُوا بهَا فَرحا شَدِيدا الحَدِيث 25 - بَاب مَا ورد فِي الطَّلَاق الرَّجْعِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وبعولتهن أَحَق بردهن} قَالَ كَانَ الرجل إِذا طلق امْرَأَته فَهُوَ أَحَق برجعتها وَإِن طَلقهَا ثَلَاثًا فنسخ ذَلِك بقوله تَعَالَى {الطَّلَاق مَرَّتَانِ} أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَعَن عُرْوَة بن الزبير قَالَ كَانَ الرجل إِذا طلق امْرَأَته ثمَّ رَاجعهَا قبل أَن تَنْقَضِي عدتهَا كَانَ ذَلِك لَهُ وَإِن طَلقهَا ألف مرّة فَعمد رجل إِلَى امْرَأَته فَطلقهَا حَتَّى إِذا شارفت انْقِضَاء عدتهَا رَاجعهَا ثمَّ قَالَ وَالله لَا آويك إِلَيّ وَلَا تحلين أبدا فَأنْزل الله تَعَالَى {الطَّلَاق مَرَّتَانِ فإمساك بِمَعْرُوف أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان} فَاسْتقْبل النَّاس طَلَاقا جَدِيدا من ذَلِك الْيَوْم من كَانَ طلق أَو لم يُطلق أخرجه مَالك وَالتِّرْمِذِيّ وَعَن معقل بن يسَار قَالَ كَانَت لي أُخْت تخْطب إِلَيّ وأمنعها من النَّاس فَأَتَانِي ابْن عمي فأنكحتها إِيَّاه فاصطحبا مَا شَاءَ الله ثمَّ طَلقهَا طَلَاقا لَهُ رَجْعَة ثمَّ تَركهَا حَتَّى انْقَضتْ عدتهَا فَلَمَّا خطبت أَتَانِي يخطبها مَعَ الْخطاب فَقلت لَهُ خطبت إِلَيّ فمنعتها النَّاس وآثرتك بهَا فزوجتكها ثمَّ طَلقتهَا طَلَاقا رَجْعِيًا ثمَّ تركتهَا حَتَّى انْقَضتْ عدتهَا فَلَمَّا خطبت أتيتني تخطبها مَعَ الْخطاب وَالله لَا أنكحتكها أبدا قَالَ فَفِي نزلت هَذِه الْآيَة {وَإِذا طلّقْتُم النِّسَاء فبلغن أَجلهنَّ فَلَا تعضلوهن أَن ينكحن أَزوَاجهنَّ}

باب ما ورد في المتوفي عنها زوجها

الْآيَة قَالَ فكفرت عَن يَمِيني وأنكحتها إِيَّاه أخرجه البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَفِي أُخْرَى للْبُخَارِيّ فَدَعَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقرأها عَلَيْهِ فَترك الحمية وانقاد لأمر الله عز وَجل قلت وَهَكَذَا يَنْبَغِي لكل مُؤمن ومؤمنة بِاللَّه أَن يتْرك الحمية والجهالة والعصبية فِي كل أَمر مَعْرُوف قَالَ الله أَو قَالَه رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهما لَا يَقُولَانِ إِلَّا مَا هُوَ حق صرف وصواب بحت وَحسن مَحْض وَخير قح 26 - بَاب مَا ورد فِي المتوفي عَنْهَا زَوجهَا عَن عبد الله بن الزبير قَالَ قلت لعُثْمَان إِن هَذِه الْآيَة الَّتِي فِي الْبَقَرَة {وَالَّذين يتوفون مِنْكُم ويذرون أَزْوَاجًا} إِلَى قَوْله {غير إِخْرَاج} قد نسختها الْآيَة الْأُخْرَى فَلم تَكْتُبهَا قَالَ ندعها يَا ابْن أخي لَا أغير شئيا من مَكَانَهُ أخرجه البُخَارِيّ 27 - بَاب مَا ورد فِي المقلات عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ نزل قَوْله تَعَالَى {لَا إِكْرَاه فِي الدَّين} فِي الْأَنْصَار كَانَت الْمَرْأَة وَهِي مقلات تجْعَل على نَفسهَا إِن عَاشَ لَهَا ولد أَن تهوده

باب ما ورد في هجرة المرأة

فَلَمَّا أجليت بَنو النَّضِير كَانَ فيهم كثير من أَبنَاء الْأَنْصَار فَقَالُوا لَا نَدع أبناءنا فَأنْزل الله تَعَالَى {لَا إِكْرَاه فِي الدَّين قد تبين الرشد من الغي} أخرجه أَبُو دَاوُد وَقَالَ المقلات الَّتِي لَا يعِيش لَهَا ولد 28 - بَاب مَا ورد فِي هِجْرَة الْمَرْأَة عَن أم سَلمَة قَالَت قلت يَا رَسُول الله مَا سَمِعت الله تَعَالَى ذكر النِّسَاء فِي الْهِجْرَة بِشَيْء فَأنْزل الله {أَنِّي لَا أضيع عمل عَامل مِنْكُم من ذكر أَو أُنْثَى} الْآيَة أخرجه التِّرْمِذِيّ 29 - بَاب مَا ورد فِي الْيَتِيمَة عَن عَائِشَة أَن رجلا كَانَت لَهُ يتيمية فنكحها وَكَانَ لَهُ عذق نخل وَكَانَت شريكته فِيهِ وَفِي مَاله فَكَانَ يمْسِكهَا عَلَيْهِ وَلم يكن لَهَا من نَفسه شَيْء فَنزلت {وَإِن خِفْتُمْ أَلا تقسطوا فِي الْيَتَامَى} الْآيَة أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا التِّرْمِذِيّ وَفِي رِوَايَة هِيَ الْيَتِيمَة تكون فِي حجر وَليهَا فيرغب فِي جمَالهَا وَمَالهَا وَيُرِيد أَن ينتقص صَدَاقهَا فنهوا عَن نِكَاحهنَّ إِلَّا أَن يقسطوا لَهُنَّ فِي إِكْمَال الصَدَاق وَأمرُوا بِنِكَاح من سواهن وَفِي أُخْرَى قَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَالَّذِي ذكره الله تَعَالَى أَنه يُتْلَى عَلَيْكُم فِي الْكتاب الْآيَة الأولى الَّتِي قَالَ فِيهَا {وَإِن خِفْتُمْ أَلا تقسطوا فِي الْيَتَامَى فانكحوا مَا طَابَ لكم من النِّسَاء} قَالَت وَقَول الله عز وَجل فِي الاية الْأُخْرَى {وترغبون أَن تنكحوهن} رَغْبَة أحدكُم عَن يتيمته الَّتِي تكون فِي حجره حِين تكون قَليلَة المَال وَالْجمال

باب ما ورد في ميراث البنتين

وَفِي رِوَايَة فِي قَوْله تَعَالَى {ويستفتونك فِي النِّسَاء} إِلَى آخر الْآيَة قَالَت عَائِشَة هِيَ الْيَتِيمَة تكون فِي حجر الرجل قد شركته فِي مَاله فيرغب عَن أَن يَتَزَوَّجهَا وَيكرهُ أَن يُزَوّجهَا غَيره فَيدْخل عَلَيْهِ فِي مَاله فيحبسها فنهاهم الله عَن ذَلِك زَاد أَبُو دَاوُد وَقَالَ ربيعَة فِي قَوْله {وَإِن خِفْتُمْ أَلا تقسطوا فِي الْيَتَامَى} قَالَ يَقُول اتركوهن إِن خِفْتُمْ فقد أحللت لكم أَرْبعا 30 - بَاب مَا ورد فِي مِيرَاث البنتين عَن جَابر قَالَ جَاءَت امْرَأَة ببنتين لَهَا فَقَالَت يَا رَسُول الله هَاتَانِ بِنْتا ثَابت بن قيس قتل مَعَك يَوْم أحد وَقد استفاء عَمهمَا مَالهمَا وميراثهما كُله فَلم يدع لَهما مَالا إِلَّا أَخذه فَمَا ترى يَا رَسُول الله فوَاللَّه لَا تنكحان أبدا إِلَّا وَلَهُمَا مَال فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْضِي الله فِي ذَلِك فَنزلت سُورَة النِّسَاء {يُوصِيكُم الله فِي أَوْلَادكُم} الْآيَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أدعوا إِلَيّ الْمَرْأَة وصاحبها فَقَالَ لعمهما أعطهما الثُّلثَيْنِ وَأعْطِ أمهما الثّمن وَمَا بَقِي فَهُوَ لَك أخرجه أَبُو دَاوُد وَهَذَا لَفظه وَالتِّرْمِذِيّ وَفِي أُخْرَى لأبي دَاوُد أَن امْرَأَة سعد بن الرّبيع قَالَت وَذكر الحَدِيث وَقَالَ هَذَا هُوَ الصَّوَاب وَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ 31 - بَاب مَا ورد فِي حد الْبكر وَالثَّيِّب عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ كَانَ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا نزل عَلَيْهِ الْوَحْي كرب لذَلِك وَتَربد وَجهه فَأنْزل الله تَعَالَى عَلَيْهِ ذَات يَوْم فلقي كَذَلِك فَلَمَّا سري عَنهُ قَالَ خُذُوا عني خُذُوا عني فقد جعل الله لَهُنَّ سَبِيلا الْبكر بالبكر جلد

باب ما ورد في النوبة

مائَة وَنفي سنة وَالثَّيِّب بِالثَّيِّبِ جلد مائَة وَالرَّجم أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَمعنى تَرَبد تغير 32 - بَاب مَا ورد فِي النّوبَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ خشيت سَوْدَة أَن يطلقهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت لَا تُطَلِّقنِي وَأَمْسِكْنِي وَاجعَل نوبتي لعَائِشَة فَفعل فَنزلت {فَلَا جنَاح عَلَيْهِمَا أَن يصلحا بَينهمَا صلحا وَالصُّلْح خير} فَمَا اصطلحا عَلَيْهِ من شَيْء فَهُوَ جَائِز أخرجه التِّرْمِذِيّ 33 - بَاب مَا ورد فِي الانتشار للنِّسَاء عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رجلا أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِنِّي إِذا أصبت اللَّحْم انتشرت للنِّسَاء وأخذتني شَهْوَة فَحرمت عَليّ اللَّحْم فَأنْزل الله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم} الْآيَة أخرجه التِّرْمِذِيّ 34 - بَاب مَا ورد فِي طواف العريانة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ كَانَت الْمَرْأَة تَطوف بِالْبَيْتِ وَهِي عُرْيَانَة فَتَقول من يعيرني تطوافا حَتَّى تَجْعَلهُ على فرجهَا (الْيَوْم يَبْدُو بعضه أَو كُله ... فَمَا بدا مِنْهُ فَلَا أحله)

باب ما ورد في أن الزوجة الصالحة خير ما يكنز

فَنزلت هَذِه الْآيَة {خُذُوا زينتكم عِنْد كل مَسْجِد} أخرجه مُسلم وَالنَّسَائِيّ 35 - بَاب مَا ورد فِي أَن الزَّوْجَة الصَّالِحَة خير مَا يكنز عَن ثَوْبَان قَالَ لما نزلت {وَالَّذين يكنزون الذَّهَب وَالْفِضَّة وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيل الله} كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بعض أَسْفَاره فَقَالَ بعض أَصْحَابه أنزلت فِي الذَّهَب وَالْفِضَّة فَلَو علمنَا أَي المَال خير لأتخذناه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفضله لِسَان ذَاكر وقلب شَاكر وَزَوْجَة صَالِحَة تعين الْمُؤمن على إيمَانه أخرجه التِّرْمِذِيّ وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما نزلت هَذِه الْآيَة كبر ذَلِك على الْمُسلمين فَقَالَ عمر أَنا أفرج عَنْكُم الحَدِيث وَفِيه ثمَّ قَالَ لَهُ يَعْنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا أخْبرك بِخَير مَا يكنز الْمَرْء الْمَرْأَة الصَّالِحَة إِذا نظر إِلَيْهَا زَوجهَا سرته وَإِذا أمرهَا أَطَاعَته وَإِذا غَابَ عَنْهَا حفظته أخرجه أَبُو دَاوُد 36 - بَاب مَا ورد فِي كَفَّارَة من أصَاب النِّسَاء دون الْمس عَن ابْن مَسْعُود قَالَ جَاءَ رجل فَقَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي عَالَجت امْرَأَة فِي أقْصَى الْمَدِينَة وَإِنِّي أصبت مِنْهَا مَا دون أَن أَمسهَا وَأَنا هَذَا فَاقْض فِي مَا شِئْت فَقَالَ عمر لقد سترك الله لَو سترت على نَفسك وَلم يرد النَّبِي

باب ما ورد فيمن يعبد الله على حرف لولادة امرأته

صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا فَقَامَ الرجل فَانْطَلق فَأتبعهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجلا فَتلا عَلَيْهِ هَذِه الْآيَة {وأقم الصَّلَاة طرفِي النَّهَار وَزلفًا من اللَّيْل إِن الْحَسَنَات يذْهبن السَّيِّئَات ذَلِك ذكرى لِلذَّاكِرِينَ} سُورَة هود فَقَالَ رجل يَا رَسُول الله هَذَا لَهُ خَاصَّة قَالَ بل للنَّاس كَافَّة أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا النَّسَائِيّ وَفِي الحَدِيث دلَالَة على قَاعِدَة أصولية اتّفق عَلَيْهَا فحول عُلَمَاء الْأُصُول أَن الْعبْرَة فِي آي الْكتاب وأخبار السّنة بِعُمُوم اللَّفْظ لَا بِخُصُوص السَّبَب وَهَذِه الْقَاعِدَة المستقيمة تدخل تحتهَا مسَائِل كَثِيرَة لَا يفيها الْحصْر 37 - بَاب مَا ورد فِيمَن يعبد الله على حرف لولادة امْرَأَته عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {وَمن النَّاس من يعبد الله على حرف} سُورَة الْحَج قَالَ كَانَ الرجل يقدم الْمَدِينَة فَإِن ولدت امْرَأَته غُلَاما ونتجت خيله قَالَ هَذَا دين صَالح فَإِن لم تَلد امْرَأَته وَلم تنْتج خيله قَالَ هَذَا دين سوء أخرجه البُخَارِيّ 38 - بَاب مَا ورد فِي سُؤال الْمَرْأَة عَن معنى الْآيَة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا قَالَت قلت يَا رَسُول الله {وَالَّذين يُؤْتونَ مَا آتوا وَقُلُوبهمْ وَجلة} سُورَة الْمُؤْمِنُونَ أهم الَّذين يشربون الْخمر وَيَسْرِقُونَ قَالَ لَا يَا بنت الصّديق وَلَكنهُمْ الَّذين يَصُومُونَ وَيَتَصَدَّقُونَ وَيَخَافُونَ أَن لَا يقبل مِنْهُم أخرجه التِّرْمِذِيّ 39 - بَاب مَا ورد فِي نِكَاح الزَّانِيَة عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ كَانَ رجل يُقَال لَهُ مرْثَد

باب القرعة بين النساء

ابْن أبي مرْثَد وَكَانَ رجل يحمل الأسرى من مَكَّة حَتَّى يَأْتِي بهم الْمَدِينَة فَكَانَت امْرَأَة بغي بِمَكَّة يُقَال لَهَا عنَاق وَكَانَت صديقَة لَهُ وَكَانَ وعد رجلا من أسرى مَكَّة يحملهُ قَالَ فَجئْت حَتَّى انْتَهَيْت إِلَّا ظلّ جِدَار من جدران مَكَّة فِي لَيْلَة مُقْمِرَة فَجَاءَت عنَاق فَأَبْصَرت سَواد ظِلِّي تَحت الْحَائِط فَلَمَّا انْتَهَت إِلَيّ عَرفتنِي فَقَالَت مرْثَد قلت مرْثَد فَقَالَت مرْحَبًا وَأهلا هَلُمَّ فَبت عندنَا اللَّيْلَة فَقلت يَا عنَاق قد حرم الله تَعَالَى الزِّنَا قَالَت يَا أهل الْخيام هَذَا الرجل الَّذِي يحمل أَسْرَاكُم قَالَ فَتَبِعَنِي ثَمَانِيَة فانتهيت إِلَى غَار فجاؤوا حَتَّى قَامُوا على رَأْسِي وَأَعْمَاهُمْ الله تَعَالَى عني قَالَ ثمَّ رجعُوا وَرجعت إِلَى صَاحِبي فَحَملته حَتَّى قدمت الْمَدِينَة فَأتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت يَا رَسُول الله أنكح عنَاقًا فَأمْسك وَلم يرد عَليّ شَيْئا حَتَّى نزل {الزَّانِي لَا ينْكح إِلَّا زَانِيَة أَو مُشركَة والزانية لَا ينْكِحهَا إِلَّا زَان أَو مُشْرك وَحرم ذَلِك على الْمُؤمنِينَ} فَقَالَ يَا مرْثَد لَا تنكحها أخرجه أَصْحَاب السّنَن 40 - بَاب الْقرعَة بَين النِّسَاء عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَرَادَ سفرا ضرب الْقرعَة بَين نِسَائِهِ فأيتهن خرج اسْمهَا خرج بهَا مَعَه الحَدِيث بِطُولِهِ وَفِيه ذكر خُرُوج عَائِشَة فِي غزَاة وقصة أولي الْإِفْك بِطُولِهَا لَيْسَ محلهَا فِي هَذَا الْمُخْتَصر

باب ما ورد في استثناء القواعد

41 - بَاب مَا ورد فِي اسْتثِْنَاء الْقَوَاعِد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {وَقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن} الْآيَة قَالَ فنسخ وَاسْتثنى من ذَلِك {وَالْقَوَاعِد من النِّسَاء اللَّاتِي لَا يرجون نِكَاحا} الْآيَة أخرجه أَبُو دَاوُد 42 - بَاب مَا ورد فِي بركَة الطَّعَام من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَابْتِدَاء حكم الْحجاب عَن أنس قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم معرسا بِزَيْنَب فَقَالَت لي أم سليم لَو أهدينا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَدِيَّة فَقلت لَهَا افعلي فعمدت إِلَى تمر وَسمن وأقط فاتخذت حيسة فِي برمة فَأرْسلت بهَا معي فَانْطَلَقت بهَا إِلَيْهِ فَقَالَ ضعها ثمَّ أَمرنِي فَقَالَ أدع لي رجَالًا سماهم وادع لي من لقِيت قَالَ فَفعلت ثمَّ رجعت فَإِذا الْبَيْت غاص بأَهْله فَوضع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَده فِي تِلْكَ الحيسة وَتكلم بِمَا شَاءَ الله ثمَّ جعل يَدْعُو عشرَة عشرَة يَأْكُلُون مِنْهُ وَيَقُول لَهُم اذْكروا اسْم الله تَعَالَى وليأكل كل رجل مِمَّا يَلِيهِ حَتَّى تصدعوا كلهم فَخرج من خرج وَبَقِي نفر يتحدثون ثمَّ خرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَحْو الحجرات وَخرجت فِي أَثَره فَقلت إِنَّهُم قد ذَهَبُوا فَرجع فَدخل الْبَيْت وأرخى السّتْر وَإِنِّي لفي الْحُجْرَة وَهُوَ يَقُول {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تدْخلُوا بيُوت النَّبِي} إِلَى قَوْله تَعَالَى {وَالله لَا يستحيي من الْحق} أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا أَبَا دَاوُد

باب ما ورد في كفارة كثرة الزنا لمن تاب

43 - بَاب مَا ورد فِي كَفَّارَة كَثْرَة الزِّنَا لمن تَابَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن قوما قتلوا فَأَكْثرُوا وزنوا فَأَكْثرُوا وانتهكوا فَأَكْثرُوا فَأتوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا يَا مُحَمَّد إِن مَا تدعونا إِلَيْهِ لحسن لَو تخبرنا أَن لما عَملنَا كَفَّارَة فَنزلت {وَالَّذين لَا يدعونَ مَعَ الله إِلَهًا آخر} إِلَى قَوْله {فَأُولَئِك يُبدل الله سيئاتهم حَسَنَات} سُورَة الْفرْقَان قَالَ يُبدل الله شركهم إِيمَانًا وزناهم إحصانا وَنزلت {يَا عبَادي الَّذين أَسْرفُوا على أنفسهم لَا تقنطوا من رَحْمَة الله} سُورَة الزمر أخرجه النَّسَائِيّ وَعَن أَسمَاء بنت يزِيد قَالَت سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن الله يغْفر الذُّنُوب جَمِيعًا وَلَا يُبَالِي أخرجه التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ 44 - بَاب مَا ورد فِي بَرَاءَة عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا عَن يُوسُف بن مَاهك قَالَ كَانَ مَرْوَان على الْحجاز اسْتَعْملهُ مُعَاوِيَة فَخَطب وَجعل يذكر يزِيد بن مُعَاوِيَة لكَي يُبَايع لَهُ بعد أَبِيه فَقَالَ لَهُ عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر شَيْئا فَقَالَ خذوه فَدخل بَيت عَائِشَة فَلم يقدروا عَلَيْهِ فَقَالَ مَرْوَان هَذَا الَّذِي أنزل الله تَعَالَى فِيهِ {وَالَّذِي قَالَ لوَالِديهِ أُفٍّ لَكمَا أتعدانني} سُورَة الْأَحْقَاف فَقَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا من وَرَاء الْحجاب مَا أنزل الله فِينَا شَيْئا إِلَّا مَا أنزل فِي سُورَة النُّور من براءتي أخرجه البُخَارِيّ

باب ما ورد في اللمم من بني آدم رجلا أو امرأة

4 - بَاب مَا ورد فِي اللمم من بني آدم رجلا أَو امْرَأَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ مَا رَأَيْت شَيْئا أشبه باللمم مِمَّا قَالَ أَبُو هُرَيْرَة إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الله كتب على ابْن آدم حَظه من الزِّنَا أدْرك ذَلِك لَا محَالة فزنا الْعَينَيْنِ النّظر وزنا اللِّسَان النُّطْق وَالنَّفس تتمنى وتشتهي والفرج يصدق ذَلِك أَو يكذبهُ أخرجه الشَّيْخَانِ وَأَبُو دَاوُد وَعنهُ فِي قَوْله تَعَالَى {الَّذين يجتنبون كَبَائِر الْإِثْم وَالْفَوَاحِش إِلَّا اللمم} سُورَة النَّجْم قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن تغْفر اللَّهُمَّ تغْفر جما ... وَأي عبد لَك لَا ألما ... ) أخرجه التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ 46 - بَاب مَا ورد فِي عَجَائِز الدُّنْيَا عَن أنس فِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إنْشَاء} إِن من الْمُنْشَآت اللَّاتِي كن فِي الدُّنْيَا عَجَائِز عمشًا رمصا أخرجه التِّرْمِذِيّ 47 - بَاب مَا ورد فِي الإيثار على النَّفس عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي قَوْله {ويؤثرون على أنفسهم وَلَو كَانَ بهم خصَاصَة} الْآيَة سُورَة الْحَشْر أَن رجلا من الْأَنْصَار بَات عِنْده ضيف وَلم يكن عِنْده إِلَّا قوته وقوت صبيانه فَقَالَ لامْرَأَته نومي الصبية وأطفئي السراج وقربي للضيف مَا عنْدك فَنزلت الْآيَة أخرجه التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ

باب ما ورد في مبايعة النساء

48 - بَاب مَا ورد فِي مبايعة النِّسَاء عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُبَايع النِّسَاء بالْكلَام بِهَذِهِ الْآيَة {أَن لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّه شَيْئا} سُورَة الممتحنة وَمَا مست يَد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَد امْرَأَة لَا يملكهَا قطّ وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أقررن بذلك من قولهن يَقُول انطلقن فقد بايعتكن لَا وَالله مَا مست يَده يَد امْرَأَة قطّ غير أَنه بايعهن بالْكلَام أخرجه الشَّيْخَانِ وَالتِّرْمِذِيّ وَعَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَا يَعْصِينَك فِي مَعْرُوف} قَالَ إِنَّمَا هُوَ شَرط شَرطه الله تَعَالَى للنِّسَاء أخرجه البُخَارِيّ 49 - بَاب مَا ورد فِي الطَّلَاق لعدة عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قَرَأَ فطلقوهن لقبل عدتهن أخرجه مَالك وَقَالَ يَعْنِي بذلك أَن يُطلق فِي كل طهر مرّة وللنسائي عَن ابْن عَبَّاس مثله 50 - بَاب مَا ورد فِي نزُول سُورَة التَّحْرِيم عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ لَهُ أمة يَطَؤُهَا فَلم تزل بِهِ عَائِشَة وَحَفْصَة حَتَّى حرمهَا على نَفسه فَنزل {لم تحرم مَا أحل الله لَك} الْآيَة أخرجه النَّسَائِيّ 51 - بَاب مَا ورد فِي الوأد عَن ابْن مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الوائدة والموؤودة فِي

باب ما ورد في جلد المرأة

النَّار أخرجه أَبُو دَاوُد الموؤودة الْبِنْت الصَّغِيرَة تدفن وَهِي حَيَّة وَكَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة يَفْعَلُونَ ذَلِك فحرمه الْإِسْلَام 52 - بَاب مَا ورد فِي جلد الْمَرْأَة عَن عبد الله بن زَمعَة فِي حَدِيث طَوِيل قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب فَذكر النِّسَاء وَوعظ بِهن فَقَالَ يعمد أحدكُم فيجلد امْرَأَته جلد العَبْد فَلَعَلَّهُ يضاجعها آخر يَوْمه الحَدِيث أخرجه الشَّيْخَانِ وَالتِّرْمِذِيّ 53 - بَاب مَا ورد فِي نزُول سُورَة الضُّحَى عَن جُنْدُب بن سُفْيَان قَالَ اشْتَكَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يقم لَيْلَة أَو لَيْلَتَيْنِ فَجَاءَتْهُ امْرَأَة فَقَالَت يَا مُحَمَّد إِنِّي لأرجو أَن يكون شَيْطَانك قد تَركك لم أره قربك مُنْذُ لَيْلَتَيْنِ أَو ثَلَاث فَنزل {وَالضُّحَى وَاللَّيْل إِذا سجى مَا وَدعك رَبك وَمَا قلى} أخرجه الشَّيْخَانِ وَالتِّرْمِذِيّ وَفِي رِوَايَة أَبْطَأَ جِبْرِيل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ الْمُشْركُونَ قد ودع مُحَمَّد فَنزلت الْآيَة وَمَا قلى أَي مَا هجر 54 - بَاب مَا ورد فِي إِخْبَار الأَرْض عَن عمل كل أمة وَعبد عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {يَوْمئِذٍ تحدث أَخْبَارهَا} قَالَ أَتَدْرُونَ مَا أَخْبَارهَا قَالُوا الله

باب ما ورد في نسخ القرآن من مصحف المرأة

وَرَسُوله أعلم هُوَ أَن تشهد على كل أمة وَعبد بِمَا عمل على ظهرهَا تَقول عمل يَوْم كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا فَهَذِهِ أَخْبَارهَا أخرجه التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ 55 - بَاب مَا ورد فِي نسخ الْقُرْآن من مصحف الْمَرْأَة عَن أنس أَن حُذَيْفَة قدم على عُثْمَان فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أدْرك هَذِه الْأمة قبل أَن يَخْتَلِفُوا فِي الْكتاب اخْتِلَاف الْيَهُود وَالنَّصَارَى فَأرْسل إِلَى حَفْصَة أَن أرسلي إِلَيْنَا بالصحف ننسخها ونردها إِلَيْك فَأرْسلت بهَا فَأمر زيد بن ثَابت وَعبد الله بن الزبير وَسَعِيد بن الْعَاصِ وَعبد الله بن الحارس بن هِشَام فنسخوها الحَدِيث وَفِيه حَتَّى إِذا نسخوا الصُّحُف فِي الْمَصَاحِف أرسل إِلَى كل أفق بمصحف وَأمر بِمَا سوى ذَلِك من الْقُرْآن فِي كل صحيفَة أَو مصحف أَن يحرق أخرجه البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ يخرق بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة والمهملة والإحراق إِذا كَانَ للصيانة لَا للإهانة لَا بَأْس بِهِ 56 - بَاب مَا ورد فِي رُؤْيَاهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي شَأْن الزواني عَن سَمُرَة بن جُنْدُب فِي حَدِيث طَوِيل فَانْطَلق فأتينا على مثل التَّنور فَإِذا فِيهِ لغط وأصوات فَإِذا فِيهِ رجال وَنسَاء عُرَاة وَإِذا هم يَأْتِيهم لَهب من أَسْفَل مِنْهُم فَإِذا أَتَاهُم ذَلِك اللهب ضوضأوا قلت مَا هَؤُلَاءِ قَالَا انْطلق إِلَى قَوْله وَأما الرِّجَال وَالنِّسَاء العراة الَّذين هم فِي مثل بِنَاء التَّنور فَإِنَّهُم الزناة والزواني أخرجه البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَفِيه بَيَان جَزَاء هَؤُلَاءِ العصاة وَالتَّوْبَة محاءة الذُّنُوب إِن شَاءَ الله تَعَالَى

باب ما ورد في رؤية المرأة في المنام

57 - بَاب مَا ورد فِي رُؤْيَة الْمَرْأَة فِي الْمَنَام عَن ابْن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأَيْت امْرَأَة سَوْدَاء ثائرة الرَّأْس خرجت من الْمَدِينَة حَتَّى نزلت بمهيعة وَهِي الْجحْفَة فأولت أَن وباء الْمَدِينَة نقل إِلَيْهَا أخرجه البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ 58 - بَاب مَا ورد فِي رُؤْيا الْمَرْأَة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت رَأَيْت ثَلَاثَة أقمار سقطن فِي حُجْرَتي فقصصت رُؤْيَايَ على أبي بكر فَسكت فَلَمَّا توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَدفن فِي بَيْتِي قَالَ أَبُو بكر هَذَا أحد أقمارك وَهُوَ خَيرهَا أخرجه مَالك 59 - بَاب مَا ورد فِي تنقب الْمَرْأَة عَن عبد الْخَبِير بن قيس بن ثَابت بن قيس بن شماس عَن أَبِيه عَن جده قَالَ جَاءَت امْرَأَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُقَال لَهَا أم خَلاد وَهِي متنقبة تسْأَل عَن ابْن لَهَا قتل فِي سَبِيل الله تَعَالَى فَقَالَ لَهَا بعض أَصْحَابه جِئْت تسألين عَن ابْنك وَأَنت متنقبة فَقَالَت إِن أرزأ بِابْني فَلَنْ أرزأ بحيائي فَقَالَ لَهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن ابْنك لَهُ أجر شهيدين قَالَت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ قَتله أهل الْكتاب أخرجه أَبُو دَاوُد 60 - بَاب مَا ورد فِي سبي الْمَرْأَة فِي حَدِيث ابْن عون عَن نَافِع قَالَ أغار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على بني المصطلق وهم غَارونَ أَي غافلون إِلَى قَوْله وَسَب ذَرَارِيهمْ وَأصَاب يَوْمئِذٍ جوَيْرِية أخرجه الشَّيْخَانِ وَأَبُو دَاوُد

باب ما ورد في قتل المرأة في الغزو

61 - بَاب مَا ورد فِي قتل الْمَرْأَة فِي الْغَزْو عَن ابْن عمر قَالَ وجدت امْرَأَة مقتولة فِي بعض مغازي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنهى عَن قتل النِّسَاء وَالصبيان أخرجه السِّتَّة إِلَّا النَّسَائِيّ 62 - بَاب مَا ورد فِي مداواة النِّسَاء للجرحى وَالْقِيَام على المرضى عَن نجدة بن عَامر الحروري أَنه كتب إِلَى ابْن عَبَّاس يسْأَله عَن خمس خِصَال أما بعد فَأَخْبرنِي هَل كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَغْزُو بِالنسَاء وَهل كَانَ يضْرب لَهُنَّ سَهْما وَهل كَانَ يقتل الصّبيان إِلَى قَوْله فَكتب إِلَيْهِ ابْن عَبَّاس قد كَانَ يَغْزُو بِهن فيداوين الْجَرْحى ويحذين من الْغَنِيمَة وَأما بِسَهْم فَلم يضْرب لَهُنَّ الحَدِيث وَقتل الصّبيان مَمْنُوع الْبَتَّةَ أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَعَن أم عَطِيَّة قَالَت غزوت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سبع غزوات وَكنت أخلفهم فِي رحالهم أصنع لَهُم الطَّعَام وأداوي الْجَرْحى وأقوم على المرضى أخرجه مُسلم 63 - بَاب مَا ورد فِي الَّتِي هَاجَرت من أهل الْحَرْب عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ الْمُشْركُونَ على منزلتين من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْمُؤمنِينَ وَكَانُوا مُشْركي أهل حَرْب يقاتلهم ويقاتلونه ومشركي أهل عهد لَا يقاتلهم

باب ما ورد في ضرب النساء بعد الأمان

وَلَا يقاتلونه فَكَانَ إِذا هَاجَرت الْمَرْأَة من أهل الْحَرْب لم تخْطب حَتَّى تحيض وتطهر فَإِذا طهرت حل لَهَا النِّكَاح فَإِن هَاجر زَوجهَا قبل أَن تنْكح ردَّتْ إِلَيْهِ فَإِن هَاجر مِنْهُم عبد أَو أمة فهما حران لَهما مَا للمهاجرين ثمَّ ذكر من أهل الْعَهْد مثل حَدِيث مُجَاهِد فَإِن هَاجر عبد أَو أمة للْمُشْرِكين من أهل الْعَهْد لم يردوا وَردت أثمانهم قَالَ وَكَانَت قريبَة بنت أبي أُميَّة عِنْد عمر بن الْخطاب فَطلقهَا فَتَزَوجهَا مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان وَكَانَت أم الحكم تَحت عِيَاض بن غنم الفِهري فَطلقهَا فَتَزَوجهَا عبد الله بن عُثْمَان الثَّقَفِيّ أخرجه البُخَارِيّ 64 - بَاب مَا ورد فِي ضرب النِّسَاء بعد الْأمان عَن الْعِرْبَاض بن سَارِيَة السّلمِيّ فِي قصَّة خَيْبَر قَالَ ثمَّ قَامَ يَعْنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أيحسب أحدكُم مُتكئا على أريكته قد يظنّ أَن الله تَعَالَى لم يحرم شَيْئا إِلَّا مَا فِي الْقُرْآن أَلا وَإِنِّي وَالله لقد وعظت وَأمرت ونهيت عَن أَشْيَاء إِنَّهَا لمثل الْقُرْآن أَو أَكثر وَإِن الله تَعَالَى لم يحل لكم أَن تدْخلُوا بيُوت أهل الْكتاب إِلَّا بِإِذن وَلَا ضرب نِسَائِهِم وَلَا أكل ثمارهم إِذا أعْطوا الَّذِي عَلَيْهِم أخرجه أَبُو دَاوُد 65 - بَاب مَا ورد فِي إِعْطَاء الرزق للْمَرْأَة عَن ابْن عمر فِي حَدِيث صلح أهل خَيْبَر وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُعْطي كل امْرَأَة من نِسَائِهِ ثَمَانِينَ وسْقا من تمر كل عَام وَعشْرين وسْقا من شعير الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَفِي رِوَايَة أُخْرَى عَنهُ قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُعْطي من خَيْبَر أَزوَاجه كل سنة مائَة وسق وَثَمَانِينَ وسْقا من تمر وَعشْرين من شعير فَلَمَّا ولي

باب ما ورد في إجارة المرأة

عمر قسمهَا حِين أجلى الْيَهُود مِنْهَا فَخير أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين أَن يقطع لَهُنَّ من المَاء وَالْأَرْض أَو يمْضِي لَهُنَّ الأوساق فمنهن من اخْتَارَتْ الأَرْض وَالْمَاء ومنهن عَائِشَة وَحَفْصَة وَاخْتَارَ بَعضهنَّ الوسق أخرجه الشَّيْخَانِ وَأَبُو دَاوُد 66 - بَاب مَا ورد فِي إِجَارَة الْمَرْأَة عَن أم هَانِيء قَالَت أجرت رجلَيْنِ من أحمائي فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد أجرنا من أجرت أخرجه السِّتَّة إِلَّا النَّسَائِيّ قَالَ ابْن الْمُنْذر أجمع أهل الْعلم على جَوَاز أَمَان الْمَرْأَة انْتهى 67 - بَاب مَا ورد فِي سهم النِّسَاء عَن ابْن الزبير قَالَ ضرب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَام خَيْبَر للزبير أَرْبَعَة أسْهم سهم للزبير وَسَهْم لذِي الْقُرْبَى مِنْهُم صَفِيَّة بنت عبد الْمطلب أم الزبير وسهمان للْفرس أخرجه النَّسَائِيّ وَعَن حشرج بن زِيَاد عَن جدته أم أَبِيه أَنَّهَا خرجت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة خَيْبَر سادسة سِتّ نسْوَة قَالَت فَبلغ ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَبعث إِلَيْنَا فَجِئْنَا فَرَأَيْنَا فِيهِ الْغَضَب فَقَالَ مَعَ من خرجتن وبإذن من خرجتن فَقُلْنَا خرجنَا نغزل الشّعْر ونعين بِهِ فِي سَبِيل الله ونناول السِّهَام ومعنا دَوَاء للجرحى ونسقي السويق قَالَ أقمن إِذا فَلَمَّا فتح الله تَعَالَى خَيْبَر أسْهم لنا كَمَا أسْهم للرِّجَال قَالَ فَقلت يَا جدة مَا كَانَ ذَلِك قَالَت تَمرا أخرجه أَبُو دَاوُد

باب ما ورد في الصفي من النساء

وَفِي إِسْنَاده رجل مَجْهُول وَهُوَ حشرج قَالَ الْخطابِيّ إِسْنَاده ضَعِيف لَا تقوم بِهِ الْحجَّة وَقد حمل السهْم هُنَا على الرضخ جمعا بَين الْأَحَادِيث وَبِه قَالَ الْجُمْهُور 68 - بَاب مَا ورد فِي الصفي من النِّسَاء عَن قَتَادَة قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا غزا بِنَفسِهِ يكون سهم صفي يَأْخُذهُ من حَيْثُ شَاءَ عبدا أَو أمة أَو فرسا يختاره قبل الْخمس فَكَانَت صَفِيَّة من ذَلِك السهْم وَكَانَ إِذا لم يغز بِنَفسِهِ ضرب لَهُ بِسَهْم وَلم يخْتَر أخرجه أَبُو دَاوُد وَقد دلّ هَذَا الحَدِيث على أَنه للْإِمَام الصفي وسهمه كَأحد الْجَيْش ويعارضه مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من حَدِيث أنس قَالَ صَارَت صَفِيَّة لدحية الْكَلْبِيّ ثمَّ صَارَت لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي رِوَايَة اشْتَرَاهَا مِنْهُ بسبعة أرؤس 69 - بَاب مَا ورد فِي عدم غَزْو من ملك امْرَأَة يُرِيد الْبناء بهَا عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غزا نَبِي من الْأَنْبِيَاء فَقَالَ لِقَوْمِهِ لَا يَتبعني رجل ملك بضع امْرَأَة وَهُوَ يُرِيد أَن يَبْنِي بهَا وَلما يبن بهَا الحَدِيث بِطُولِهِ أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم 70 - بَاب مَا ورد فِي قسْمَة الخرز للْحرَّة وَالْأمة عَن عَائِشَة قَالَت أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بظبية فِيهَا خرز فَقَسمهَا للْحرَّة

باب ما ورد في قسمة المروط بين النساء

وَالْأمة قَالَت وَكَانَ أبي يقسم للْحرّ وَالْعَبْد أخرجه أَبُو دَاوُد 71 - بَاب مَا ورد فِي قسْمَة المروط بَين النِّسَاء عَن ثَعْلَبَة بن أبي مَالك أَن عمر بن الْخطاب قسم مروطا بَين نسَاء أهل الْمَدِينَة فَبَقيَ مِنْهَا مرط جيد فَقَالَ لَهُ بعض من عِنْده يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أعْط هَذَا ابْنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّتِي عنْدك يُرِيد أم كُلْثُوم بنت عَليّ فَقَالَ أم سليط أَحَق بِهِ فَإِنَّهَا مِمَّن بَايع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَت تزفر لنا الْقرب يَوْم أحد أخرجه البُخَارِيّ والمرط كسَاء من خَز أَو صوف يؤتزر بِهِ وتزفر تخيط 72 - بَاب مَا ورد فِي شَهَادَة النِّسَاء عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الشُّهَدَاء خَمْسَة الحَدِيث وَفِيه الْمَرْأَة تَمُوت بِجمع رَوَاهُ مَالك وَالتِّرْمِذِيّ يُقَال مَاتَت الْمَرْأَة بِجمع إِذا مَاتَت وَوَلدهَا فِي بَطنهَا 73 - بَاب مَا ورد فِي حج النِّسَاء عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لامْرَأَة يُقَال لَهَا أم سِنَان مَا مَنعك أَن تَكُونِي حججْت مَعنا قَالَت ناضحان كَانَا لأبي فلَان تَعْنِي زَوجهَا حج هُوَ وَابْنه على أَحدهمَا وَكَانَ الآخر يسْقِي أَرضًا لنا قَالَ فعمرة فِي رَمَضَان تقضي حجَّة أَو حجَّة معي فَإِذا جَاءَ رَمَضَان فاعتمري فَإِن عمْرَة فِيهِ تعدل حجَّة أخرجه الشَّيْخَانِ إِلَى قَوْله معي وَالنَّسَائِيّ بِتَمَامِهِ

باب ما ورد في إحرام النساء

الناضح الْبَعِير الَّذِي يسقى عَلَيْهِ وَعَن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن قَالَ جَاءَت امْرَأَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت إِنِّي كنت تجهزت لِلْحَجِّ فَاعْترضَ لي فَقَالَ اعتمري فِي رَمَضَان فَإِن عمْرَة فِيهِ كحجة أخرجه أَبُو دَاوُد وَعَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جِهَاد الصَّغِير وَالْكَبِير والضعيف وَالْمَرْأَة الْحَج وَالْعمْرَة أخرجه النَّسَائِيّ وَعَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا صرورة فِي الْإِسْلَام أخرجه أَبُو دَاوُد الصرورة الَّذِي لم يحجّ رجلا كَانَ أَو امْرَأَة 74 - بَاب مَا ورد فِي إِحْرَام النِّسَاء عَن ابْن عمر قَالَ سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا يلبس الْمحرم الحَدِيث وَفِيه وَلَا تنتقب الْمَرْأَة الْمُحرمَة وَلَا تلبس القفازين أخرجه البُخَارِيّ القفاز بِضَم الْقَاف وَتَشْديد الْفَاء شَيْء يعْمل لِلْيَدَيْنِ يحشى بِقطن وَتَكون لَهُ أزرار يزر بهَا على الساعدين من الْبرد تلبسه الْمَرْأَة فِي يَديهَا وَعنهُ قَالَ نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النِّسَاء فِي إحرامهن عَن القفازين والنقاب وَمَا مس الورس والزعفران من الثِّيَاب ولتلبس بعد ذَلِك مَا أحبت من أَنْوَاع الثِّيَاب من معصفر أَو خَز أَو حلي أَو سَرَاوِيل أَو قَمِيص أَو خف أخرجه أَبُو دَاوُد وَفِي رِوَايَة عَن عَائِشَة أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رخص للنِّسَاء فِي الْخُفَّيْنِ وَعَن عُرْوَة قَالَ كَانَت أَسمَاء بنت أبي بكر رَضِي الله عَنْهُمَا تلبس المعصفرات وَهِي مُحرمَة لَيْسَ فِيهَا زعفران أخرجه مَالك

وَعَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت كَانَ الركْبَان يَمرونَ بِنَا وَنحن مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُحرمَات فَإِذا حاذوا بِنَا سدلت إحدانا جلبابها من رَأسهَا على وَجههَا فَإِذا جاوزونا كشفناه أخرجه أَبُو دَاوُد وَعَن فَاطِمَة بنت الْمُنْذر قَالَت كُنَّا نخمر وُجُوهنَا ونَحن مُحرمَات مَعَ أَسمَاء بنت أبي بكر أخرجه مَالك وَعَن عَائِشَة قَالَت أَنا طيبت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد إِحْرَامه ثمَّ طَاف فِي نِسَائِهِ ثمَّ أصبح محرما ينضح طيبا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وعنها قَالَت كُنَّا نخرج مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى مَكَّة فنضمد جباهنا بالسك المطيب عِنْد الْإِحْرَام فَإِذا عرقت إحدانا سَالَ على وَجههَا فيراه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَا ينهانا أخرجه أَبُو دَاوُد وَمعنى نضمد نلطخ والسك نوع مَعْرُوف من الطّيب وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ تزوج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَيْمُونَة وَهُوَ محرم أخرجه الْخَمْسَة وَهَذَا لفظ الشَّيْخَيْنِ وَزَاد البُخَارِيّ فِي أُخْرَى فِي عمْرَة الْقَضَاء وَبنى بهَا وَهُوَ حَلَال وَمَاتَتْ بسرف وَقَالَ أَبُو دَاوُد قَالَ ابْن الْمسيب وهم ابْن عَبَّاس فِي تَزْوِيج مَيْمُونَة وَهُوَ محرم وَفِي أُخْرَى للنسائي تزوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ محرم وَلم يذكر مَيْمُونَة وَعَن أبي رَافع قَالَ تزوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَيْمُونَة وَهُوَ حَلَال وَبنى بهَا وَهُوَ حَلَال وَكنت أَنا الرَّسُول بَينهمَا أخرجه التِّرْمِذِيّ بنى الرجل بِزَوْجَتِهِ دخل بهَا وَقَالَ الْجَوْهَرِي لَا يُقَال بنى بهَا بل بنى عَلَيْهَا وَعَن مَيْمُونَة قَالَت تزَوجنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنحن حلالان بسرف أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَهَذَا لفظ أبي دَاوُد وَعند مُسلم تزَوجهَا وَهُوَ حَلَال قَالَ الرَّاوِي وَهُوَ يزِيد بن الْأَصَم وَكَانَت خَالَتِي

باب ما ورد في المرأة النفساء والحائض كيف تحرم

وَخَالَة ابْن عَبَّاس وَزَاد التِّرْمِذِيّ وَبنى بهَا حَلَالا وَمَاتَتْ بسرف ودفناها فِي الظلة الَّتِي بنى بهَا فِيهَا وسرف بِوَزْن كنف جبل بطرِيق الْمَدِينَة وَعَن سُلَيْمَان بن يسَار قَالَ بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَا رَافع مَوْلَاهُ ورجلا من الْأَنْصَار فزوجاه مَيْمُونَة بنت الْحَارِث وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْمَدِينَةِ قبل أَن يخرج أخرجه مَالك وَعَن عُثْمَان قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا ينْكح الْمحرم وَلَا ينْكح وَلَا يخْطب أخرجه السِّتَّة إِلَّا البُخَارِيّ وَعَن نَافِع قَالَ قَالَ ابْن عمر لَا ينْكح الْمحرم وَلَا ينْكح وَلَا يخْطب على نَفسه وَلَا على غَيره وَعَن أبي غطفان المري أَن أَبَاهُ طريفا تزوج امْرَأَة وَهُوَ محرم فَرد عمر نِكَاحه أخرجهُمَا مَالك قلت أَحَادِيث النِّكَاح وَهُوَ حَلَال أرجح من حَدِيث ابْن عَبَّاس وعَلى فرض صِحَّته ومطابقته للْوَاقِع فَلَا يُعَارض الْأَحَادِيث المصرحة بِالنَّهْي بل يكون هَذَا خَاصَّة بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمذهب أهل الْحجاز ومختارهم عدم جَوَاز النِّكَاح والإنكاح ومختار أهل الْعرَاق جوازهما قَالَ فِي الْحجَّة الْبَالِغَة وَلَا يخفى عَلَيْك أَن الْأَخْذ بِالِاحْتِيَاطِ أفضل انْتهى 75 - بَاب مَا ورد فِي الْمَرْأَة النُّفَسَاء وَالْحَائِض كَيفَ تحرم عَن عَائِشَة أَن أَسمَاء بنت عُمَيْس نفست بِمُحَمد بن أبي بكر بِالشَّجَرَةِ فَأمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَا بكر أَن يأمرها أَن تَغْتَسِل وتهل أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد نفست الْمَرْأَة بِضَم النُّون وَفتحهَا إِذا ولدت وَعَن أَسمَاء بنت عُمَيْس أَنَّهَا ولدت مُحَمَّدًا بِالْبَيْدَاءِ وَذكر مثله أخرجه

باب ما ورد في حك الجسد للمحرم

مَالك وَالنَّسَائِيّ وَفِي رِوَايَة مَالك بِذِي الحليفة فَأمرهَا أَبُو بكر أَن تَغْتَسِل ثمَّ تهل بِالْحَجِّ زَاد النَّسَائِيّ فِي أُخْرَى ثمَّ تهل بِالْحَجِّ وتصنع مَا يصنع النَّاس إِلَّا أَنَّهَا لَا تَطوف بِالْبَيْتِ وَذَلِكَ فِي حجَّة الْوَدَاع وَفِي أُخْرَى لَهُ أرْسلت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَيفَ أصنع فَقَالَ اغْتَسِلِي واستثفري ثمَّ أَهلِي واستثفرت الْحَائِض إِذا شدت على فرجهَا خرقَة وعلقت طرفيها إِلَى شَيْء مشدود فِي وَسطهَا من مقدمها ومؤخرها مَأْخُوذ من ثفر الدَّابَّة وَهُوَ مَا يكون تَحت ذنبها وَعَن ابْن عمر أَنه قَالَ فِي الْمَرْأَة الْحَائِض الَّتِي تهل بِالْحَجِّ أَو بِالْعُمْرَةِ أَنَّهَا تهل بحجها أَو عمرتها إِذا أَرَادَت وَلَكِن لَا تَطوف بِالْبَيْتِ وَلَا بَين الصَّفَا والمروة وَتشهد الْمَنَاسِك كلهَا مَعَ النَّاس وَلَا تقرب الْمَسْجِد حَتَّى تطهر أخرجه مَالك وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النُّفَسَاء وَالْحَائِض إِذا اتتا على الْمِيقَات تغتسلان وتحرمان وتقضيان الْمَنَاسِك كلهَا غير الطّواف بِالْبَيْتِ أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ قلت الْمَسْأَلَة أَن الْحَائِض تفعل مَا يفعل الْحَاج غير أَنَّهَا لَا تَطوف طواف الْقدوم وَكَذَا طواف الْوَدَاع بِالْبَيْتِ 76 - بَاب مَا ورد فِي حك الْجَسَد للْمحرمِ عَن عَلْقَمَة بن أبي عَلْقَمَة عَن أمه أَنَّهَا سَمِعت عَائِشَة تسْأَل عَن الْمحرم يحك جسده قَالَت نعم فليحكه وليشدد ثمَّ قَالَت لَو ربطت يداي وَلم أجد إِلَّا رجْلي لحككت أخرجه مَالك

باب ما ورد في جلوس المرأة إلى جنب المحرم

77 - بَاب مَا ورد فِي جُلُوس الْمَرْأَة إِلَى جنب الْمحرم عَن أَسمَاء بنت أبي بكر قَالَت خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حجاجا حَتَّى إِذا كُنَّا بالعرج نزل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ونزلنا فَجَلَست عَائِشَة إِلَى جَانِبه وَجَلَست إِلَى جنب أبي بكر فَكَانَت زاملة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وزاملة أبي بكر وَاحِدَة مَعَ غُلَام لأبي بكر فَجَلَسَ أَبُو بكر ينْتَظر أَن يطلع عَلَيْهِ فطلع وَلَيْسَ مَعَه بعيره فَقَالَ أَبُو بكر أَيْن بعيرك فَقَالَ أضللته البارحة فَقَالَ أَبُو بكر بعير وَاحِد تضله وطفق يضْربهُ وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتبسم وَيَقُول انْظُرُوا إِلَى هَذَا الْمحرم مَا يصنع وَمَا يزِيد على ذَلِك أخرجه أَبُو دَاوُد 78 - بَاب مَا ورد فِي الوقاع فِي الْحَج عَن مَالك قَالَ بَلغنِي أَن عمر وعليا وَأَبا هُرَيْرَة رَضِي الله عَنْهُم سئلوا عَن رجل أصَاب أَهله وَهُوَ محرم بِالْحَجِّ فَقَالُوا ينفذان لوجههما حَتَّى يقضيا حجهما ثمَّ عَلَيْهِمَا حج قَابل وَالْهَدْي وَقَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ إِذا أَهلا بِالْحَجِّ من عَام قَابل تفَرقا حَتَّى يقضيا حجهما وَعَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن رجل وَاقع أَهله وَهُوَ بمنى قبل أَن يفِيض فَأمره أَن ينْحَر بَدَنَة وَفِي رِوَايَة قَالَ الَّذِي يُصِيب أَهله قبل أَن يفِيض يعْتَمر وَيهْدِي أخرجه مَالك 79 - بَاب مَا ورد فِي مُتْعَة الْحَج للنِّسَاء عَن عِكْرِمَة قَالَ سُئِلَ ابْن عَبَّاس عَن مُتْعَة الْحَج فَقَالَ أهل الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَار وَأَزْوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حجَّة الْوَدَاع وأهللنا فَلَمَّا قدمنَا مَكَّة قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اجعلوا إهلالكم بِالْحَجِّ عمْرَة إِلَّا من قلد

باب ما ورد في العمرة للنساء من الحل

الْهَدْي فطفنا بِالْبَيْتِ وبالصفا وبالمروة وأتينا النِّسَاء ولبسنا الثِّيَاب وَقَالَ من قلد الْهَدْي فَإِنَّهُ لَا يحل حَتَّى يبلغ الْهَدْي مَحَله ثمَّ أمرنَا عَشِيَّة التَّرويَة أَن نهل بِالْحَجِّ فَإِذا فَرغْنَا من الْمَنَاسِك جِئْنَا فطفنا بِالْبَيْتِ وبالصفا والمروة وَقد تمّ حجنا وعلينا الْهَدْي كَمَا قَالَ تَعَالَى {فَمَا اسْتَيْسَرَ من الْهَدْي} الْآيَة أخرجه البُخَارِيّ تَعْلِيقا والْحَدِيث دلّ على أَن أفضل أَنْوَاع الْحَج التَّمَتُّع وَهَذِه الْمَسْأَلَة طَال فِيهَا النزاع واضطربت فِيهَا الْأَقْوَال وَالرَّاجِح مَا ذَكرْنَاهُ لِأَنَّهُ لم يُعَارض هَذِه الْأَدِلَّة معَارض وَقد وضح فِيهَا مَا يدل على أَن الْمُتْعَة أفضل من النَّوْع الَّذِي فعله وَهُوَ الْقُرْآن وَقَالَ لَو اسْتقْبلت من أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرت مَا سقت الْهَدْي ولجعلتها عمْرَة وَأفْتى بِجَوَاز فسخهم الْحَج إِلَى عمْرَة ثمَّ أفتاهم باستحبابه ثمَّ أفتاهم بِفِعْلِهِ حتما وَلم ينسخه شَيْء بعد قَالَ ابْن الْقيم وَهُوَ الَّذِي ندين الله بِهِ أَن القَوْل بِوُجُوبِهِ أقوى وَأَصَح من القَوْل بِالْمَنْعِ مِنْهُ والبحث طَوِيل مَبْسُوط فِي المبسوطات 80 - بَاب مَا ورد فِي الْعمرَة للنِّسَاء من الْحل عَن جَابر فِي حَدِيث طَوِيل وحاضت عَائِشَة فنسكت الْمَنَاسِك كلهَا غير أَنَّهَا لم تطف بِالْبَيْتِ فَلَمَّا طهرت طافت وَقَالَت يَا رَسُول الله أتنطلقون بِحَجّ عمْرَة وأنطلق بِحجَّة فَأمر عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر أَن يخرج مَعهَا إِلَى التَّنْعِيم فاعتمرت بعد الْحَج أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا التِّرْمِذِيّ وَهَذَا لفظ الشَّيْخَيْنِ وَفِي أُخْرَى لمُسلم أَقبلنَا مهلين مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِحَجّ مُفْرد وأهلت عَائِشَة بِعُمْرَة حَتَّى إِذا كُنَّا بسرف عركت عَائِشَة إِلَى قَوْله ثمَّ دخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

على عَائِشَة وَهِي تبْكي فَقَالَ مَا شَأْنك قَالَت حِضْت وَقد حل النَّاس وَلم أحل وَلم أطف وَالنَّاس يذهبون الْآن إِلَى الْحَج فَقَالَ إِن هَذَا شَيْء كتبه الله على بَنَات آدم فاغتسلي ثمَّ أَهلِي بِالْحَجِّ فَفعلت ووقفت المواقف كلهَا حَتَّى إِذا طهرت طافت بِالْبَيْتِ فَقَالَ قد حللت من حجك وعمرتك جَمِيعًا فَقَالَت إِنِّي أجد فِي نَفسِي أَنِّي لم أطف بِالْبَيْتِ حِين حججْت قَالَ فَاذْهَبْ بهَا يَا عبد الرَّحْمَن فأعمرها من التَّنْعِيم وَذَلِكَ لَيْلَة الحصبة وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجلا سهلا إِذا هويت شَيْئا تابعها عَلَيْهِ وَعَن عَائِشَة قَالَت خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أشهر الْحَج وَحرم الْحَج وليالي الْحَج فنزلنا بسرف فَقَالَ من لم يكن مَعَه هدي وَأحب أَن يَجْعَلهَا عمْرَة فَلْيفْعَل وَمن كَانَ مَعَه الْهَدْي فَلَا قَالَت فالآخذ بهَا والتارك لَهَا من أَصْحَابه وَأما رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرِجَال من أَصْحَابه فَكَانُوا أهل قُوَّة وَكَانَ مَعَهم الْهَدْي فَلم يقدروا على الْعمرَة قَالَت فَدخل عَليّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا أبْكِي فَقَالَ مَا يبكيك يَا هنتاه فَقلت سَمِعت قَوْلك لأصحابك فمنعت الْعمرَة فَقَالَ وَمَا شَأْنك قلت لَا أُصَلِّي قَالَ لَا يَضرك إِنَّمَا أَنْت امْرَأَة من بَنَات آدم عَلَيْهِ السَّلَام كتب الله عَلَيْك مَا كتب عَلَيْهِنَّ فكوني فِي حجك فَعَسَى الله تَعَالَى أَن يرزقيكها أخرجه السِّتَّة إِلَّا التِّرْمِذِيّ وَفِي أُخْرَى فَلم أزل حَائِضًا حَتَّى كَانَ يَوْم عَرَفَة وَلم أهلل إِلَّا بِعُمْرَة وطهرت فَأمرنِي أَن أنقض رَأْسِي وأمتشط وَأهل الْحَج وأترك الْعمرَة فَفعلت حَتَّى قضيت حجي وَعَن أبي دَاوُد قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا عبد الرَّحْمَن أرْدف أختك فأعمرها

باب ما ورد في طواف النساء بالكعبة

من التَّنْعِيم فَإِذا هَبَطت من الأكمة فلتحرم فَإِنَّهَا عمْرَة متقبلة دلّت هَذِه الْأَحَادِيث على أَن إِحْرَام الْعمرَة يَنْبَغِي أَن يكون من ميقاتها وَهُوَ التَّنْعِيم وَإِن كَانَ فِي مَكَّة فَيخرج أَيْضا إِلَى الْحل ثمَّ يطوف وَيسْعَى ويحلق أَو يقصر وَهِي مَشْرُوعَة فِي جَمِيع السّنة وَبِهَذَا قَالَ الْجُمْهُور وَقَالَ شيخ الْإِسْلَام وتلميذه الإِمَام ابْن الْقيم لَا دَلِيل على إِحْرَام الْعمرَة من الْحل وَإِنَّمَا جوز النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عمْرَة عَائِشَة مَعَ أَخِيهَا من التَّنْعِيم تطييبا لخاطرها وَلَيْسَ بحتم فَيجوز للآفاقي وللمكي إِحْرَامه من منزله سَوَاء كَانَ بِمَكَّة أَو بغَيْرهَا وَهَذَا وَإِن صَحَّ فِي نفس الْأَمر فالاحتياط فِي قَول الْجُمْهُور فَإِن تَقْرِير النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَهَا وَإِن كَانَ للتطييب فَهُوَ شرع والإعمال خير من الإهمال نعم لَا نقُول أَن من اعْتَمر من منزله فعمرته فَاسِدَة بل الْكَلَام فِي الأولى وَالْأَفْضَل وَالله أعلم بِالصَّوَابِ وَعَلِيهِ الْمعول 81 - بَاب مَا ورد فِي طواف النِّسَاء بِالْكَعْبَةِ عَن أم سَلمَة قَالَت شَكَوْت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شكاة بِي فَقَالَ طوفي من وَرَاء النَّاس وَأَنت راكبة فطفت وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي إِلَى جنب الْبَيْت يقْرَأ {وَالطور وَكتاب مسطور} أخرجه السِّتَّة إِلَّا التِّرْمِذِيّ 82 - بَاب مَا ورد فِي نفر الْحَائِض عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ رخص للحائض أَن تنفر إِذا حَاضَت أخرجه الشَّيْخَانِ وَفِي رِوَايَة قَالَ أَمر النَّاس أَن يكون آخر عَهدهم بِالْبَيْتِ إِلَّا أَنه خفف عَن الْمَرْأَة الْحَائِض وَعَن عَائِشَة أَن صَفِيَّة بنت حييّ زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَاضَت فَذكر ذَلِك

باب ما ورد في طواف الرجال مع النساء

لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أحابستنا هِيَ فَقَالُوا إِنَّهَا قد أفاضت قَالَ فَلَا إِذا أخرجه السِّتَّة وَهَذَا لفظ الشَّيْخَيْنِ وَعَن عمْرَة أَن عَائِشَة كَانَت إِذا حجت وَمَعَهَا نسَاء تخَاف أَن يحضن قدمتهن يَوْم النَّحْر فأفضن فَإِن حضن بعد ذَلِك لم تنتظرهن بل تنفر بِهن وَهن حيض أخرجه مَالك 83 - بَاب مَا ورد فِي طواف الرِّجَال مَعَ النِّسَاء عَن ابْن جريج قَالَ أَخْبرنِي عَطاء إِذْ منع ابْن هِشَام النِّسَاء الطّواف مَعَ الرِّجَال قَالَ كَيفَ يمنعهن وَقد طافت نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ الرِّجَال قَالَ قلت أبعد الْحجاب أم قبله قَالَ لقد أَدْرَكته بعد الْحجاب قَالَ قلت كَيفَ يخالطن الرِّجَال قَالَ لم يكن يخالطن الرِّجَال كَانَت عَائِشَة تَطوف حجرَة من الرِّجَال لَا تخالطهم فَقَالَت امْرَأَة انطلقي نستلم يَا أم الْمُؤمنِينَ قَالَت انطلقي عَنْك وأبت وَكن يخْرجن متنكرات بِاللَّيْلِ أخرجه البُخَارِيّ حجرَة بِفتْحَتَيْنِ أَي نَاحيَة مُنْفَرِدَة 84 - بَاب مَا ورد فِي طواف الْمَرْأَة المجذومة عَن ابْن أبي مليكَة أَن عمر رَضِي الله عَنهُ مر بِامْرَأَة مجذومة تَطوف بِالْبَيْتِ فَقَالَ يَا أمة الله لَا تؤذي النَّاس لَو جَلَست فِي بَيْتك لَكَانَ خيرا لَك فَجَلَست فِي بَيتهَا فَمر بهَا رجل بَعْدَمَا مَاتَ عمر فَقَالَ لَهَا إِن الَّذِي نهاك قد مَاتَ فاخرجي فَقَالَت وَالله مَا كنت لأطيعه حَيا وأعصيه مَيتا أخرجه مَالك

باب ما ورد في دخول النساء البيت

قلت وجلوس الْمَرْء المجذوم فِي بَيته مقيس على جُلُوس تِلْكَ الْمَرْأَة فِي بَيتهَا 85 - بَاب مَا ورد فِي دُخُول النِّسَاء الْبَيْت عَن عَائِشَة قَالَت كنت أحب أَن أَدخل الْبَيْت وأصلي فِيهِ فَأخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بيَدي فَأَدْخلنِي فِي الْحجر فَقَالَ صلي فِيهِ إِن أردْت دُخُول الْبَيْت فَإِنَّمَا هُوَ قِطْعَة مِنْهُ وَإِن قَوْمك اقتصروا حِين بنوا الْكَعْبَة فأخرجوه عَن الْبَيْت أخرجه الْأَرْبَعَة وَفِي أُخْرَى للنسائي قلت يَا رَسُول الله أَلا أَدخل الْبَيْت قَالَ ادخلي الْحجر فَإِنَّهُ من الْبَيْت 86 - بَاب مَا ورد فِي إفَاضَة النِّسَاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ أَنا مِمَّن قدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة الْمزْدَلِفَة فِي ضعفة أَهله أخرجه الْخَمْسَة وَعَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت اسْتَأْذَنت سَوْدَة رَضِي الله عَنْهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تفيض من جمع بلَيْل وَكَانَت امْرَأَة ضخمة ثبطة فَأذن لَهَا قَالَت عَائِشَة لَيْتَني كنت استأذنته كَمَا استأذنته وَكَانَت عَائِشَة لَا تفيض إِلَّا مَعَ الإِمَام أخرجه الشَّيْخَانِ وَالنَّسَائِيّ وثبطة أَي بطيئة وعنها قَالَت أرسل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأم سَلمَة لَيْلَة النَّحْر فرمت الْجَمْرَة قبل الْفجْر ثمَّ مَضَت فأفاضت أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَعَن فَاطِمَة بنت الْمُنْذر قَالَت كَانَت أَسمَاء بنت أبي بكر تَأمر الَّذِي يُصَلِّي لَهَا ولأصحابها الصُّبْح بِالْمُزْدَلِفَةِ أَن يُصَلِّي حِين يطلع الْفجْر ثمَّ تركب فتسير إِلَى منى وَلَا تقف أخرجه مَالك

باب ما ورد في رمي النساء الجمرة

87 - بَاب مَا ورد فِي رمي النِّسَاء الْجَمْرَة عَن نَافِع أَن أبنة أَخ لصفية بنت أبي عبيد امْرَأَة عبد الله بنت عمر نفست بِالْمُزْدَلِفَةِ فتخلفت هِيَ وَصفِيَّة حَتَّى أتتا منى بعد أَن غربت الشَّمْس يَوْم النَّحْر فَأَمرهمَا ابْن عمر أَن ترميا حِين قدمتا وَلم ير عَلَيْهِمَا بَأْسا أخرجه مَالك 88 - بَاب مَا ورد فِي الْحلق وَالتَّقْصِير للنِّسَاء عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تحلق الْمَرْأَة رَأسهَا أخرجه التِّرْمِذِيّ وَزَاد رزين وَقَالَ فِي الْحَج وَالْعمْرَة إِنَّمَا عَلَيْهَا التَّقْصِير 89 - بَاب مَا ورد فِي وَقت التَّحَلُّل عَن ابْن عمر أَن عمر قَالَ من رمى الْجَمْرَة ثمَّ حلق أَو قصر وَنحر هَديا إِن كَانَ مَعَه فقد حل لَهُ مَا حرم عَلَيْهِ إِلَّا النِّسَاء وَالطّيب حَتَّى يطوف بِالْبَيْتِ أخرجه مَالك وَعَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ إِذا رمى الْجَمْرَة يَعْنِي جَمْرَة الْعقبَة فقد حل لَهُ كل شَيْء حرم عَلَيْهِ إِلَّا النِّسَاء الحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ وَعَن حَفْصَة قَالَت أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَزوَاجه أَن يحللن عَام حجَّة الْوَدَاع قلت فَمَا يمنعك أَن تحل قَالَ إِنِّي لبدت رَأْسِي وقلدت هَدْيِي فَلَا أحل حَتَّى أنحر هَدْيِي أخرجه السِّتَّة إِلَّا التِّرْمِذِيّ وَعَن نَافِع قَالَ كَانَ ابْن عمر يَقُول الْمَرْأَة الْمُحرمَة إِذا حلت لم تتمشط حَتَّى تَأْخُذ من قُرُون رَأسهَا وَإِن كَانَ لَهَا هدي لم تَأْخُذ من شعرهَا شَيْئا

باب ما ورد في الأضحية

حَتَّى تنحر هديها أخرجه مَالك وقرون الرَّأْس هِيَ الضفائر من الشّعْر 90 - بَاب مَا ورد فِي الْأُضْحِية عَن نَافِع أَن ابْن عمر لم يكن يُضحي عَمَّا فِي بطن الْمَرْأَة أخرجه مَالك وَعَن عَائِشَة قَالَت نحر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن آل مُحَمَّد فِي حجَّة الْوَدَاع بقرة وَاحِدَة أخرجه أَبُو دَاوُد قلت وَفِيهِمْ أَزوَاجه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فضحى عَنْهُن أَيْضا وَعَن أبي مُوسَى أَنه أَمر بَنَاته أَن يضحين بأيديهن مَعَ وضع الْقدَم على صفحة الذَّبِيحَة وَالتَّكْبِير وَالتَّسْمِيَة عِنْد الذّبْح أخرجه رزين وعلقه البُخَارِيّ وَفِيه دلَالَة على جَوَاز الذّبْح للنِّسَاء وَبَيَان كَيْفيَّة الذّبْح أَيْضا 91 - بَاب مَا ورد فِي نِيَابَة الْمَرْأَة فِي الْحَج عَن الْقَرِيب عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ الْفضل بن عَبَّاس رَدِيف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجَاءَتْهُ امْرَأَة من خثعم تستفتيه فَجعل الْفضل ينظر إِلَيْهَا وَتنظر إِلَيْهِ فَجعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصرف وَجه الْفضل إِلَى الشق الآخر قَالَت يَا رَسُول الله إِن فَرِيضَة الله على عباده فِي الْحَج أدْركْت أبي شَيخا كَبِيرا لَا يَسْتَطِيع أَن يثبت على الرَّاحِلَة أفأحج عَنهُ وَذَلِكَ فِي حجَّة الْوَدَاع أخرجه السِّتَّة وَعنهُ أَيْضا قَالَ أَتَى رجل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِن أُخْتِي نذرت أَن تحج وَإِنَّهَا مَاتَت فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو كَانَ عَلَيْهَا دين أَكنت قاضيه عَنْهَا

باب ما ورد في تكبير النساء في أيام التشريق

قَالَ نعم قَالَ فَاقْض الله تَعَالَى فَهُوَ أَحَق بِالْقضَاءِ أخرجه الشَّيْخَانِ وَالنَّسَائِيّ وَفِي حَدِيث طَوِيل لعَلي كرم الله وَجهه فِي صفة حج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم واستفتته جَارِيَة شَابة من خثعم قَالَت يَا رَسُول الله إِن أبي شيخ كَبِير قد أَدْرَكته فَرِيضَة الله تَعَالَى فِي الْحَج أفيجزي أَن أحج عَنهُ قَالَ حجي عَن أَبِيك ولوى عنق الْفضل فَقَالَ الْعَبَّاس يَا رَسُول الله لم لويت عنق ابْن عمك قَالَ رَأَيْت شَابًّا وشابة فَلم آمن الشَّيْطَان عَلَيْهِمَا الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَيُؤَيِّدهُ حَدِيث شبْرمَة عِنْد أبي دَاوُد وَغَيره وَفِي هَذِه الْأَحَادِيث دلَالَة ظَاهِرَة على أَن النِّيَابَة إِنَّمَا تكون من الْقَرِيب دون الْغَرِيب وَذهب أهل الرَّأْي وَغَيرهم إِلَى جَوَاز حج الْغَرِيب عَن الْغَرِيب وتدفعه هَذِه الْأَدِلَّة 92 - بَاب مَا ورد فِي تَكْبِير النِّسَاء فِي أَيَّام التَّشْرِيق عَن مَيْمُونَة أَنَّهَا كَانَت تكبر يَوْم النَّحْر وَكَانَ النِّسَاء يكبرن خلف أبان ابْن عُثْمَان أخرجه البُخَارِيّ فِي تَرْجَمَة بَاب 93 - بَاب مَا ورد فِي حج الْمَرْأَة عَن الصَّبِي عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لَقِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ركبا بِالرَّوْحَاءِ فَرفعت إِلَيْهِ امْرَأَة مِنْهُم صَبيا فَقَالَت أَلِهَذَا حج قَالَ نعم وَلَك أجر أخرجه مَالك

باب ما ورد في اشتراط المرأة في الحج

وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَعَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ كُنَّا نلبي عَن النِّسَاء وَالصبيان أخرجه التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث غَرِيب قَالَ فِي التَّيْسِير وَقد أجمع أهل الْعلم على أَن الْمَرْأَة لَا يلبى عَنْهَا 94 - بَاب مَا ورد فِي اشْتِرَاط الْمَرْأَة فِي الْحَج عَن عَائِشَة قَالَت دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على ضباعة بنت الزبير فَقَالَ لَعَلَّك أردْت الْحَج فَقَالَت وَالله مَا أجدني إِلَّا وجعة فَقَالَ حجي واشترطي وَقَوْلِي اللَّهُمَّ محلي حَيْثُ حبستني أخرجه الشَّيْخَانِ وَالنَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيّ نوع آخر عَن أبي وَاقد اللَّيْثِيّ قَالَ سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لأزواجه فِي حجَّة الْوَدَاع هَذِه ثمَّ ظُهُور الْحصْر أخرجه أَبُو دَاوُد الْحصْر جمع حَصِير وَالْمرَاد لَا تخرجن من بيوتكن بعد هَذِه الْحجَّة وَعَن إِبْرَاهِيم عَن أَبِيه عَن جده أَن عمر أذن لِأَزْوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي آخر حجَّة حَجهَا يَعْنِي فِي الْحَج وَبعث مَعَهُنَّ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَعُثْمَان ابْن عَفَّان أخرجه البُخَارِيّ قَالَ البرقاني هُوَ إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف قَالَ الْحميدِي فِي هَذَا نظر قلت لَعَلَّه إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن أبي ربيعَة المَخْزُومِي وَالله أعلم 95 - بَاب مَا ورد فِي حد الزواني عَن ابْن عَبَّاس قَالَ سَمِعت عمر بن الْخطاب يخْطب وَيَقُول إِن الله

بعث مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ وَأنزل عَلَيْهِ الْكتاب وَكَانَ مِمَّا أنزل عَلَيْهِ آيَة الرَّجْم فقرأناها ووعيناها ورجم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ورجمنا بعده وأخشى إِن طَال بِالنَّاسِ زمن أَن يَقُول قَائِل مَا نجد الرَّجْم فِي كتاب الله تَعَالَى فيضلوا بترك فَرِيضَة أنزلهَا الله تَعَالَى فِي كِتَابه فَإِن الرَّجْم فِي كتاب الله تَعَالَى حق على من زنى إِذا أحصن من الرِّجَال وَالنِّسَاء إِذا قَامَت الْبَيِّنَة أَو كَانَ حمل أَو اعْتِرَاف وَالله لَوْلَا أَن يَقُول النَّاس زَاد فِي كتاب الله تَعَالَى لكتبتها أخرجه السِّتَّة إِلَّا النَّسَائِيّ وَعنهُ قَالَ قَالَ الله تَعَالَى {واللاتي يَأْتِين الْفَاحِشَة من نِسَائِكُم} إِلَى قَوْله {سَبِيلا} سُورَة النِّسَاء فَذكر الرجل بعد الْمَرْأَة ثمَّ جَمعهمَا فَقَالَ {واللذان يأتيانها مِنْكُم} الْآيَة فنسخ الله ذَلِك بِآيَة الْجلد فَقَالَ {الزَّانِيَة وَالزَّانِي فاجلدوا كل وَاحِد مِنْهُمَا مائَة جلدَة} ثمَّ نزلت آيَة الرَّجْم فِي سُورَة النُّور فَكَانَ الأول للبكر ثمَّ رفعت آيَة الرَّجْم من التِّلَاوَة وَبَقِي الحكم بهَا أخرجه أَبُو دَاوُد إِلَى قَوْله مائَة جلدَة وَأخرج بَاقِيه رزين وَعَن أبي هُرَيْرَة أَن سعد بن عبَادَة قَالَ يَا رَسُول الله أَرَأَيْت لَو وجدت مَعَ امْرَأَتي رجلا لم أمسه حَتَّى آتِي بأَرْبعَة شُهَدَاء فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نعم أخرجه مُسلم وَمَالك وَأَبُو دَاوُد وَفِي أُخْرَى لمُسلم وَأبي دَاوُد قَالَ أَرَأَيْت رجلا وجد مَعَ امْرَأَته رجلا أَيَقْتُلُهُ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا قَالَ سعد بلَى وَالَّذِي أكرمك بِالْحَقِّ إِن كنت لأعاجله بِالسَّيْفِ قبل ذَلِك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسمعوا مَا يَقُول سيدكم وَعَن أبي هُرَيْرَة وَزيد بن خَالِد قَالَا سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْأمة

إِذا زنت وَلم تحصن قَالَ إِن زنت فاجلدوها ثمَّ إِن زنت فاجلدوها ثمَّ إِن زنت فاجلدوها ثمَّ بيعوها وَلَو بضفير أخرجه السِّتَّة إِلَّا النَّسَائِيّ وَقَالَ مَالك الضفير الْحَبل وَفِي رِوَايَة فليجلدها وَلَا يثرب عَلَيْهَا وَعَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ قَالَ خطب عَليّ رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس أقِيمُوا الْحُدُود على أرقائكم من أحصن مِنْهُم وَمن لم يحصن فَإِن أمة للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زنت فَأمرنِي أَن أجلدها فأتيتها فَإِذا هِيَ حَدِيثَة عهد بالنفاس فَخَشِيت إِن جلدتها قتلتها فَذكرت ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أَحْسَنت اتركها حَتَّى تتماثل أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَعَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه أَقَامَ حدا على بعض إمائه فَجعل يضْرب رِجْلَيْهَا وساقيها فَقَالَ لَهُ سَالم أَيْن قَول الله تَعَالَى {وَلَا تأخذكم بهما رأفة فِي دين الله} فَقَالَ أَترَانِي أشفقت عَلَيْهَا إِن الله لم يَأْمُرنِي أَن أقتلها أخرجه رزين وَعَن وَائِل بن حجر قَالَ خرجت امْرَأَة على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تُرِيدُ الصَّلَاة فتلقاها رجل فتجللها فَقضى حَاجته مِنْهَا فصاحت فَانْطَلق وَمر عَلَيْهَا رجل فَقَالَت إِن ذَلِك الرجل فعل بِي كَذَا وَكَذَا فمرت بعصابة من الْمُهَاجِرين فَقَالَت إِن ذَلِك الرجل فعل بِي كَذَا وَكَذَا فَانْطَلقُوا فَأخذُوا الرجل الَّذِي ظنت أَنه وَقع عَلَيْهَا فأتوها بِهِ فَقَالَت نعم هُوَ هَذَا فَأتوا بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا أَمر بِهِ أَن يرْجم قَامَ صَاحبهَا الَّذِي وَقع عَلَيْهَا فَقَالَ يَا رَسُول الله أَنا صَاحبهَا فَقَالَ لَهَا اذهبي فقد غفر الله لَك وَقَالَ للرجل قولا حسنا وَأمر بِالرجلِ الَّذِي وَقع عَلَيْهَا أَن يرْجم فرجم وَقَالَ لقد تَابَ تَوْبَة لَو تابها أهل الْمَدِينَة لوسعتهم وَزَاد التِّرْمِذِيّ وَلم يذكر أَنه جعل لَهَا مهْرا أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ

وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ أَتَى عمر بمجنونة قد زنت فَاسْتَشَارَ فِيهَا أُنَاسًا ثمَّ أَمر بهَا أَن ترْجم فَمر بهَا عَليّ فَقَالَ مَا شَأْن هَذِه فَقَالُوا مَجْنُونَة بني فلَان فَقَالَ ليرجعوها ثمَّ قَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لقد علمت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ رفع الْقَلَم عَن ثَلَاثَة عَن الصَّبِي حَتَّى يبلغ وَعَن النَّائِم حَتَّى يَسْتَيْقِظ وَعَن الْمَعْتُوه حَتَّى يبرأ وَإِن هَذِه معتوهة بني فلَان لَعَلَّ الَّذِي أَتَاهَا وَهِي فِي بلائها فخلى سَبِيلهَا أخرجه أَبُو دَاوُد وَعَن حبيب بن سَالم أَن رجلا يُقَال لَهُ عبد الرَّحْمَن بن حنين وَقع على جَارِيَة امْرَأَته فَرفع إِلَى النُّعْمَان بن بشير وَهُوَ أَمِير على الْكُوفَة فَقَالَ لأقضين فِيك بِقَضَاء قضى بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن كَانَت زَوجتك أحلتها لَك جلدتك مائَة جلدَة وَإِن لم تكن أحلتها لَك رَجَمْتُك فَوجدَ أَنَّهَا أحلتها لَهُ فجلده مائَة جلدَة أخرجه أَصْحَاب السّنَن وَعَن سَلمَة بن المحبق أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قضى فِي رجل وَقع على جَارِيَة امْرَأَته إِن كَانَ استكرهها فَهِيَ حرَّة وَعَلِيهِ لسيدتها مثلهَا وَإِن كَانَت طاوعته فَهِيَ لَهُ وَعَلِيهِ لسيدتها مثلهَا أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَعَن الْبَراء قَالَ مر بِي خَالِي أَبُو بردة بن نيار وَمَعَهُ لِوَاء فَقلت أَيْن تُرِيدُ فَقَالَ أَرْسلنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى رجل تزوج امْرَأَة أَبِيه وَأَمرَنِي أَن آتيه بِرَأْسِهِ أخرجه أَصْحَاب السّنَن واللواء الرَّايَة وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من وَقع على ذَات محرم

أَو قَالَ من نكح محرما فَاقْتُلُوهُ أخرجه رزين وَعَن أنس أَن رجلا كَانَ يتهم بِأم ولد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لعَلي اذْهَبْ فَاضْرب عُنُقه فَأَتَاهُ فَإِذا هُوَ فِي ركي يتبرد فَقَالَ لَهُ اخْرُج فَنَاوَلَهُ يَده فَأخْرجهُ فَإِذا هُوَ مجبوب لَيْسَ لَهُ ذكر فَكف عَنهُ وَأخْبر بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَحسن فعله وَزَاد فِي رِوَايَة فَقَالَ الشَّاهِد يرى مَا لَا يرَاهُ الْغَائِب أخرجه مُسلم وَعَن سهل بن سعد قَالَ أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجل فَأقر عِنْده أَنه زنى بِامْرَأَة سَمَّاهَا لَهُ فَبعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمَرْأَة فَسَأَلَهَا عَن ذَلِك فأنكرت أَن تكون زنت فجلده الْحَد وَتركهَا وَعَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رجلا من بكر بن لَيْث أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأقر عِنْده أَنه زنى بِامْرَأَة أَربع مَرَّات فجلده مائَة جلدَة وَكَانَ بكرا ثمَّ سَأَلَهُ الْبَيِّنَة على الْمَرْأَة فَقَالَت كذب وَالله يَا رَسُول الله فجلده حد الْفِرْيَة ثَمَانِينَ أخرجهُمَا أَبُو دَاوُد قلت حد الزَّانِي إِن كَانَ بكرا حرا جلد مائَة جلدَة بِنَصّ الْكتاب وَبعد الْجلد يغرب عَاما بِالسنةِ المطهرة وَإِن كَانَ ثَيِّبًا جلد كَمَا تجلد الْبكر لحَدِيث مَاعِز والغامدية ثمَّ يرْجم حَتَّى يَمُوت لآيَة الرَّجْم الْمَنْسُوخ تلاوتها وَلِحَدِيث أنيس وَيَكْفِي إِقْرَاره مرّة وَمَا ورد من التّكْرَار فِي وقائع الْأَعْيَان فلقصد الاستثبات فَمن أوجب التّكْرَار كَانَ الدَّلِيل عَلَيْهِ وَلَا دَلِيل هُنَا وَأما الشَّهَادَة فَلَا بُد من أَرْبَعَة وَلَا أعلم فِي ذَلِك خلافًا وَقد دلّ عَلَيْهِ الْكتاب وَالسّنة وَلَا بُد أَن يتَضَمَّن الْإِقْرَار وَالشَّهَادَة التَّصْرِيح بإيلاج الْفرج بالفرج وَيسْقط بِالشُّبُهَاتِ المحتملة وبالرجوع عَن الْإِقْرَار وبكون الْمَرْأَة عذراء أَو رتقاء وبكون الرجل مجبوبا أَو عنينا وَالله أعلم

باب ما جاء في اللائي حدهن رسول الله صلى الله عليه وسلم

96 - بَاب مَا جَاءَ فِي اللائي حدهن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن بُرَيْدَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ أَتَى مَاعِز بن مَالك الْأَسْلَمِيّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله ظلمت نَفسِي وزنيت فطهرني الحَدِيث وَفِيه فَلَمَّا كَانَ الرَّابِعَة حفر لَهُ حُفْرَة ثمَّ أَمر بِهِ فرجم قَالَ فَجَاءَت الغامدية فَقَالَت يَا رَسُول الله إِنِّي قد زَنَيْت فطهرني فَردهَا فَلَمَّا كَانَ من الْغَد قَالَت يَا رَسُول الله لم تردني لَعَلَّك أَن تردني كَمَا رددت ماعزا فوَاللَّه إِنِّي لحبلى قَالَ إِمَّا لَا فاذهبي حَتَّى تلدي فَلَمَّا ولدت أَتَتْهُ بِالصَّبِيِّ فِي خرقَة قَالَت هَذَا قد وَلدته قَالَ فاذهبي فأرضعيه حَتَّى تفطميه فَلَمَّا فَطَمته أَتَتْهُ بِالصَّبِيِّ وَفِي يَده كسرة خبز فَقَالَت هَذَا يَا نَبِي الله قد فَطَمته وَقد أكل الطَّعَام فَدفع الصَّبِي إِلَى رجل من الْمُسلمين ثمَّ أَمر بهَا فحفر لَهَا إِلَى صدرها وَأمر النَّاس أَن يرجموها فَأقبل خَالِد بن الْوَلِيد بِحجر فَرمى رَأسهَا فنضح الدَّم على وَجهه فسبها فَسمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سبه إِيَّاهَا فَقَالَ مهلا يَا خَالِد فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ لقد تابت تَوْبَة لَو تابها صَاحب مكس لغفر لَهُ ثمَّ أَمر بهَا فَصلي عَلَيْهَا ودفنت أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَعَن عمرَان بن الْحصين قَالَ أَتَت امْرَأَة من جُهَيْنَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهِي حُبْلَى من الزِّنَا فَقَالَت يَا رَسُول الله اسْتَوْجَبت حدا فأقمه عَليّ فَدَعَا وَليهَا فَقَالَ أحسن إِلَيْهَا فَإِذا وضعت فائتني بهَا فَفعل فَأمر بهَا فشدت عَلَيْهَا ثِيَابهَا ثمَّ أَمر بهَا فرجمت ثمَّ صلى عَلَيْهَا فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ أَتُصَلِّي عَلَيْهَا وَقد زنت فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقد تابت تَوْبَة لَو قسمت بَين سبعين من أهل الْمَدِينَة لوسعتهم وَهل وجدت أفضل من أَن جَادَتْ بِنَفسِهَا لله عز وَجل أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا البُخَارِيّ وَعَن أبي هُرَيْرَة وَزيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ أَن أَعْرَابِيًا أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الحَدِيث وَفِيه إِن ابْني كَانَ عسيفا لهَذَا فزنى بامرأته إِلَى قَوْله على ابْنك جلد مائَة وتغريب عَام اغْدُ يَا أنيس لرجل من أسلم على امْرَأَة

هَذَا فَإِذا اعْترفت فارجمها ففدا عَلَيْهَا فَاعْترفت فامر بهَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرجمت أخرجه السِّتَّة وَقَالَ مَالك العسيف الْأَجِير وَعَن مَالك قَالَ بَلغنِي أَن عُثْمَان أُتِي بِامْرَأَة ولدت لسِتَّة أشهر فَأمر برجمها فَقَالَ عَليّ إِن الله تَعَالَى يَقُول {وَحمله وفصاله ثَلَاثُونَ شهرا} وَقَالَ تَعَالَى {والوالدات يرضعن أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلين لمن أَرَادَ أَن يتم الرضَاعَة} فالحمل سِتَّة أشهر فَأمر عُثْمَان بردهَا فَوَجَدَهَا قد رجمت وَعَن الشّعبِيّ أَن عليا حِين رجم الْمَرْأَة ضربهَا يَوْم الْخَمِيس ورجمها يَوْم الْجُمُعَة وَقَالَ جلدتها بِكِتَاب الله ورجمتها بِسنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخرجه البُخَارِيّ وَحَدِيث أبي هُرَيْرَة الطَّوِيل فِي قصَّة رجل وَامْرَأَة من الْيَهُود زَنَيَا وَذكرت فِي رِوَايَة أبي دَاوُد وَفِيه قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِنِّي أحكم بِمَا فِي التَّوْرَاة فَأمر بهما فَرُجِمَا وَعَن أبي عمر أَن الْيَهُود جاؤوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرُوا لَهُ أَن امْرَأَة مِنْهُم ورجلا زَنَيَا فَقَالَ لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاة فِي شَأْن الرَّجْم فَقَالُوا نفضحهم ويجلدون فَقَالَ عبد الله بن سَلام كَذبْتُمْ إِن فِيهَا الرَّجْم فَأتوا بِالتَّوْرَاةِ فنشروها فَوضع أحدهم يَده على آيَة الرَّجْم وَقَرَأَ مَا قبلهَا وَمَا بعْدهَا فَقَالَ لَهُ عبد الله بن سَلام ارْفَعْ يدك فَرفع يَده فَإِذا فِيهَا آيَة الرَّجْم فَقَالُوا صدق يَا مُحَمَّد فَأمر بهما فَرُجِمَا قَالَ ابْن عمر فرايت الرجل يحني على الْمَرْأَة يَقِيهَا الْحِجَارَة أخرجه السِّتَّة إِلَّا النَّسَائِيّ قلت يحْفر للمرجوم إِلَى الصَّدْر لحَدِيث الغامدية وَلَا ترْجم الحبلى حَتَّى تضع وترضع وَلَدهَا إِن لم يُوجد من يرضعه

باب ما ورد في حد القاذفة

97 - بَاب مَا ورد فِي حد القاذفة عَن عَائِشَة قَالَت لما نزلت براءتي قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْمِنْبَر فَذكر ذَلِك وتلا الْآيَة فَلَمَّا نزل من الْمِنْبَر أَمر بِالرجلَيْنِ وَالْمَرْأَة أولي الْإِفْك فَضربُوا حَدهمْ أخرجه أَبُو دَاوُد وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من وَقع على ذَات محرم فَاقْتُلُوهُ هَذَا إِذا علم أخرجه البُخَارِيّ قلت من رمى غَيره بِالزِّنَا وَجب عَلَيْهِ حد الْقَذْف ثَمَانِينَ جلدَة وَيثبت ذَلِك بِإِقْرَارِهِ مرّة أَو بِشَهَادَة عَدْلَيْنِ وَمن لم يتب لم تقبل شَهَادَته فَإِن جَاءَ بعد الْقَذْف بأَرْبعَة شُهُود يشْهدُونَ على الْمَقْذُوف بِأَنَّهُ زنى سقط عَنهُ الْحَد وَهَكَذَا إِذا أقرّ الْمَقْذُوف بِالزِّنَا فَلَا حد على من رَمَاه بِهِ بل يحد الْمقر بِالزِّنَا 98 - بَاب مَا ورد فِي منع الشَّفَاعَة فِي حد السارقة عَن عَائِشَة أَن قُريْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْن المخزومية الَّتِي سرقت فَقَالُوا من يكلم فِيهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا وَمن يجتريء عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَة بن زيد حب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَلمهُ أُسَامَة فَقَالَ أَتَشفع فِي حد من حُدُود الله تَعَالَى ثمَّ قَامَ فَخَطب وَقَالَ إِنَّمَا أهلك الَّذين من قبلكُمْ أَنهم كَانُوا إِذا سرق فيهم الشريف تَرَكُوهُ وَإِذا سرق فيهم الضَّعِيف أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَد وأيم الله لَو أَن فَاطِمَة بنت مُحَمَّد سرقت لَقطعت يَدهَا أخرجه الْخَمْسَة

باب ما ورد في التسامح في الحدود

وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن ابْن عمر أَن امْرَأَة مخزومية كَانَت تستعير الْمَتَاع وَزَاد النَّسَائِيّ على أَلْسِنَة جاراتها وتجحده فَأمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِقطع يَدهَا قلت تحرم الشَّفَاعَة فِي الْحَد لهَذَا الحَدِيث وَغَيره وَمن سرق مُكَلّفا مُخْتَارًا ربع دِينَار قطعت كَفه الْيُمْنَى بِنَصّ الْكتاب الْعَزِيز {فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا} وَيَكْفِي الْإِقْرَار مرّة وَاحِدَة أَو شَهَادَة عَدْلَيْنِ وَينْدب تلقين الْمسْقط ويحسم مَوضِع الْقطع وَتعلق الْيَد فِي عنق السَّارِق وَيسْقط الْحَد بِالْعَفو عَن الْمَسْرُوق قبل تَبْلِيغ الإِمَام لَا بعده فَإِنَّهُ يجب وَلَا قطع فِي ثَمَر وَلَا كثر مَا لم يدْخلهُ فِي الجرين إِذا أكل وَلم يتَّخذ خبنة وَإِلَّا كَانَ عَلَيْهِ ثمن مَا حمله مرَّتَيْنِ وَضرب نكال وَلَيْسَ على الخائن والمنتهب والمختلس قطع وَقد ثَبت الْقطع فِي جحد الْعَارِية لحَدِيث الْبَاب هَذَا وَلَعَلَّ هَذِه المخزومية كَانَت قد جمعت بَين السّرقَة وَجحد الْعَارِية وَالله أعلم 99 - بَاب مَا ورد فِي التسامح فِي الْحُدُود عَن أبي أُمَامَة بن سهل بن حنيف عَن بعض أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْأَنْصَار قَالَ اشْتَكَى رجل من الْأَنْصَار حَتَّى أضنى فَعَاد جلده على عظم فَدخلت عَلَيْهِ جَارِيَة لبَعْضهِم فهش لَهَا فَوَقع عَلَيْهَا فَدخل عَلَيْهِ رجال من قومه يعودونه فَأخْبرهُم بذلك وَقَالَ استفتوا لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِنِّي وَقعت على جَارِيَة دخلت عَليّ فَذكرُوا ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا مَا رَأينَا بِأحد من الضّر مثل الَّذِي هُوَ بِهِ وَلَو حملناه إِلَيْك لتفسخت عِظَامه مَا هُوَ

باب ما ورد في الحضانة

إِلَّا جلد على عظم فَأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَأْخُذُوا لَهُ مائَة شِمْرَاخ فَيَضْرِبُوهُ بهَا ضَرْبَة وَاحِدَة أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ قلت فِيهِ أَنه يجوز الْحَد حَال الْمَرَض وَلَو بعثكال وَنَحْوه وَقد جمع بَين هَذَا الحَدِيث وَحَدِيث عَليّ فِي أمة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد تقدم أَن الْمَرِيض إِذا كَانَ مَرضه مرجوا أمْهل وَإِن كَانَ مأيوسا مِنْهُ جلد 100 - بَاب مَا ورد فِي الْحَضَانَة عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ أَتَت امْرَأَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت إِن ابْني هَذَا كَانَ بَطْني لَهُ وعَاء وثديي لَهُ سقاء وحجري لَهُ حَوَّاء وَإِن أَبَاهُ طَلقنِي وَأَرَادَ أَن ينتزعه مني فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنْت أَحَق بِهِ مَا لم تنكحي أخرجه أَبُو دَاوُد وَأحمد وَالْبَيْهَقِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَقد وَقع الْإِجْمَاع على أَن الْأُم أولى بالطفل من الْأَب وَحكى ابْن الْمُنْذر الْإِجْمَاع على أَن حَقّهَا يبطل بِالنِّكَاحِ وَعَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خير غُلَاما بَين أَبِيه وَأمه فَاخْتَارَ أمه فَأخذ بِيَدِهَا فَانْطَلَقت بِهِ أخرجه أَصْحَاب السّنَن وَهَذَا لفظ التِّرْمِذِيّ وَعَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ خرج زيد بن حارثه إِلَى مَكَّة فَقدم بِابْنِهِ حَمْزَة فَقَالَ جَعْفَر أَنا آخذها أَنا أَحَق بهَا وَهِي ابْنة عمي وَعِنْدِي خَالَتهَا وَإِنَّمَا الْخَالَة أم وَقَالَ عَليّ أَنا أَحَق بهَا وَهِي ابْنة عمي وَعِنْدِي ابْنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَهِيَ أَحَق بهَا وَقَالَ زيد أَنا أَحَق بهَا هِيَ ابْنة أخي وَإِنَّمَا خرجت إِلَيْهَا وقدمت بهَا فَقضى بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لجَعْفَر وَقَالَ إِنَّمَا الْخَالَة أم أخرجه أَبُو دَاوُد وَالْمرَاد بقول زيد ابْنة أخي أَن حَمْزَة وزيدا كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آخى بَينهمَا

باب ما ورد في الحياء

وَحَاصِل الْمَسْأَلَة أَن الأولى بالطفل أمه مَا لم تنْكح ثمَّ الْخَالَة ثمَّ الْأَب ثمَّ يعين الْحَاكِم من الْقَرَابَة من رأى فِيهِ صلاحا وَبعد بُلُوغ سنّ الِاسْتِقْلَال يُخَيّر الصَّبِي بَين أَبِيه وَأمه فَإِن لم يُوجد من لَهُ حق فِي ذَلِك بِنَصّ الشَّرْع الشريف أكفله من فِي كَانَ كفَالَته مصْلحَته 101 - بَاب مَا ورد فِي الْحيَاء عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَشد حَيَاء من الْعَذْرَاء فِي خدرها وَكَانَ إِذا رَأْي شَيْئا يكرههُ عَرفْنَاهُ فِي وَجهه أخرجه الشَّيْخَانِ 102 - بَاب مَا ورد فِي الْخلق عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أكمل الْمُؤمنِينَ إِيمَانًا أحْسنهم خلقا وخياركم خياركم لأَهله أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ 103 - بَاب مَا ورد فِي إِمَارَة النِّسَاء عَن أبي بكرَة أَنه قَالَ لقد نَفَعَنِي الله تَعَالَى بِكَلِمَة سَمعتهَا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيَّام الْجمل بَعْدَمَا كدت أَن ألحق بأصحاب الْجمل فأقاتل مَعَهم قَالَ لما بلغ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن أهل فَارس ملكوا عَلَيْهِم بنت كسْرَى قَالَ لن يفلح قوم ولوا أَمرهم امْرَأَة أخرجه البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَزَاد التِّرْمِذِيّ فَلَمَّا قدمت عَائِشَة الْبَصْرَة ذكرت ذَلِك فعصمني الله تَعَالَى بِهِ

باب ما ورد في مسؤولية الامام عن رعيته

104 - بَاب مَا ورد فِي مسؤولية الامام عَن رَعيته عَن ابْن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كلكُمْ رَاع وكلكم مسؤول عَن رَعيته الحَدِيث وَفِيه وَالْمَرْأَة فِي بَيت زَوجهَا راعية وَهِي مسؤولة عَن رعيتها أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا النَّسَائِيّ 105 - بَاب مَا ورد فِي الْخلَافَة الراشدة عَن جُبَير بن مطعم قَالَ أَتَت امْرَأَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فكلمته فِي شَيْء فَأمرهَا أَن ترجع قَالَت فَإِن لم أجدك كَأَنَّهَا تَعْنِي الْمَوْت قَالَ فَإِن لم تجديني فَأتي أَبَا بكر أخرجه الشَّيْخَانِ وَالتِّرْمِذِيّ 106 - بَاب مَا ورد فِي مِيرَاث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لفاطمة رَضِي الله عَنْهَا عَن عَائِشَة قَالَت أَتَت فَاطِمَة وَالْعَبَّاس أَبَا بكر رَضِي الله عَنْهُم يلتمسان ميراثهما من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لَا نورث مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَة إِنَّمَا يَأْكُل آل مُحَمَّد فِي هَذَا المَال وَإِنِّي وَالله لَا أدع أمرا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصنعه إِلَّا صَنعته إِنِّي أخْشَى إِن تركت شَيْئا من أمره أَن أزيغ فَهجرَته فَاطِمَة فَلم تكَلمه حَتَّى مَاتَت بعد سِتَّة أشهر فدفنها عَليّ لَيْلًا وَلم يُؤذن بهَا أَبَا بكر الحَدِيث بِطُولِهِ أخرجه الشَّيْخَانِ وَاللَّفْظ لمُسلم

باب ما ورد في ما يكون بين المرء وزوجه من المطايبة

107 - بَاب مَا ورد فِي مَا يكون بَين الْمَرْء وزوجه من المطايبة عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد قَالَ قَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وارأساه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَاك لَو كَانَ وَأَنا حَيّ فأستغفر لَك وأدعو لَك فَقَالَت واثكلاه وَالله إِنِّي لأظنك تحب موتِي وَلَو كَانَ ذَلِك لظللت آخر يَوْمك معرسا بِبَعْض أَزوَاجك فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بل أَنا وارأساه لقد هَمَمْت أَو أردْت أَن أرسل إِلَى أبي بكر وَابْنه وأعهد أَن يَقُول الْقَائِلُونَ أَو يتَمَنَّى المتمنون ثمَّ قلت يَأْبَى الله وَيدْفَع الْمُؤْمِنُونَ أَو يدْفع الله ويأبى الْمُؤْمِنُونَ أخرجه الشَّيْخَانِ وَاللَّفْظ للْبُخَارِيّ أعرس الرجل بِامْرَأَة إِذا دخل بهَا 108 - بَاب مَا ورد فِي ذوائب النِّسَاء عَن ابْن عمر قَالَ دخلت عَليّ حَفْصَة ونوساتها تنطف فَقَالَت أعلمت أَن أَبَاك غير مستخلف قلت إِنَّه فَاعل الحَدِيث أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا النَّسَائِيّ النوسات ذوائب الشّعْر وَمعنى تنطف تقطر مَاء 109 - بَاب مَا ورد فِي استجازة عمر عَائِشَة رَضِي الله عَنْهُمَا فِي الدّفن عَن عَمْرو بن مَيْمُون الأودي فِي حَدِيث طَوِيل جدا قَالَ لي عمر انْطلق إِلَى أم الْمُؤمنِينَ عَائِشَة فَقل يقْرَأ عَلَيْك عمر بن الْخطاب السَّلَام وَلَا تقل أَمِير الْمُؤمنِينَ فَإِنِّي لست الْيَوْم بأمير الْمُؤمنِينَ وَقل يسْتَأْذن عمر بن

باب ما ورد في الخلع

الْخطاب أَن يدْفن مَعَ صَاحِبيهِ قَالَ فَاسْتَأْذن وَسلم ثمَّ دخل عَلَيْهَا وَهِي تبْكي فَقَالَ يقْرَأ عَلَيْك عمر السَّلَام ويستأذن أَن يدْفن مَعَ صَاحِبيهِ فَقَالَت كنت أريده لنَفْسي ولأوثرنه الْيَوْم على نَفسِي الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ 110 - بَاب مَا ورد فِي الْخلْع عَن ثَوْبَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيّمَا امْرَأَة اخْتلعت من زَوجهَا من غير مَا بَأْس لم ترح رَائِحَة الْجنَّة أخرجه التِّرْمِذِيّ وَفِي أُخْرَى لأبي دَاوُد أَيّمَا امْرَأَة سَأَلت من زَوجهَا طَلاقهَا وَذكر نَحوه وَفِي أُخْرَى للنسائي عَن أبي هُرَيْرَة أَن المختلعات هن المنافقات وَعَن ابْن عَبَّاس أَن جميلَة بنت عبد الله بن سلول امْرَأَة ثَابت بن قيس ابْن شماس أَتَت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت لَهُ مَا أَعتب على ثَابت فِي خلق وَلَا دين وَلَكِنِّي أكره الْكفْر فِي الأسلام تَعْنِي أَنَّهَا تبْغضهُ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتردينَ عَلَيْهِ حديقته قَالَت نعم فَقَالَ لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اقبل الحديقة وَطَلقهَا تَطْلِيقَة أخرجه البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ وَلَفظ ابْن ماجة فَأمره رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَأْخُذ مِنْهَا حديقته وَلَا يزْدَاد وَفِي الْبَاب أَحَادِيث كَثِيرَة وَالْأَمر فِيهَا على ظَاهره وَقيل للإرشاد وَالْأول أولى والحديقة الْبُسْتَان من النّخل إِذا كَانَ عَلَيْهِ حَائِط وَعَن نَافِع عَن مولاة لصفية أَنَّهَا اخْتلعت من زَوجهَا بِكُل شَيْء لَهَا فَلم يُنكر ذَلِك ابْن عمر أخرجه مَالك قلت مفَاد الْأَدِلَّة الْوَارِدَة فِي هَذَا الْبَاب أَن الرجل إِذا خلع امْرَأَته كَانَ أمرهَا

باب ما ورد في الدعاء للمرأة

إِلَيْهَا بعد الْخلْع لَا يرجع إِلَيْهِ بِمُجَرَّد الرّجْعَة وَيجوز بِالْقَلِيلِ وَالْكثير مَا لم يُجَاوز مَا صَار إِلَيْهَا مِنْهُ لحَدِيث الْبَاب لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمره أَن يَأْخُذ الحديقة وَلَا يزْدَاد وَجوز الْجُمْهُور الزِّيَادَة وَيُجَاب بِأَن الرِّوَايَات المتضمنة للنَّهْي عَن الزِّيَادَة مخصصة لذَلِك وَلَا بُد من التَّرَاضِي بَين الزَّوْجَيْنِ على الْخلْع أَو إِلْزَام الْحَاكِم مَعَ الشقاق بَينهمَا وَاعْتِبَار إِلْزَام الْحَاكِم لمرافعة ثَابت مَعَ امْرَأَته إِلَى النَّبِي وإلزامه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن يقبل الحديقة وَيُطلق وَلقَوْله تَعَالَى {وَإِن خِفْتُمْ شقَاق بَينهمَا} الْآيَة وَهَذِه كَمَا تدل على بعث حكمين كَذَلِك تدل على اعْتِبَار الشقاق فِي الْخلْع وَقَوْلها أكره الْكفْر بعد الْإِسْلَام وَقَوْلها لَا أُطِيقهُ بغضا فَلهَذَا اعْتبر الشقاق فِيهِ وَالْخلْع فسخ وعدته حَيْضَة لحَدِيث الرّبيع بنت معوذ فِي قصَّة امْرَأَة ثَابت أمرهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تَعْتَد بِحَيْضَة وَاحِدَة وتلحق بِأَهْلِهَا أخرجه النَّسَائِيّ وَرِجَال إِسْنَاده كلهم ثِقَات وَفِي الْبَاب رِوَايَات وَهِي كَمَا تدل على أَن الْعدة فِي الْخلْع حَيْضَة كَذَلِك تدل على أَنه فسخ وَرجحه ابْن الْقيم 111 - بَاب مَا ورد فِي الدُّعَاء للْمَرْأَة عَن جَابر قَالَ قَالَت امْرَأَة يَا رَسُول الله صل عَليّ وعَلى زَوجي فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى الله عَلَيْك وعَلى زَوجك أخرجه أَحْمد والْحَدِيث دَلِيل على جَوَاز الصَّلَاة على غير الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام لَكِن بِدُونِ السَّلَام

باب ما ورد في التماس الزوج

112 - بَاب مَا ورد فِي التمَاس الزَّوْج عَن عَائِشَة قَالَت فقدته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْفراش فالتمسته فَوَقَعت يَدي على بطن قَدَمَيْهِ وَهُوَ ساجد يَقُول اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ برضاك من سخطك وَأَعُوذ بمعافاتك من عُقُوبَتك وأعوذب بك مِنْك لَا أحصي ثَنَاء عَلَيْك أَنْت كَمَا أثنيت على نَفسك) أخرجه مَالك وَالتِّرْمِذِيّ وَأَبُو دَاوُد 113 - بَاب مَا ورد فِي دُعَاء النّوم تَفْعَلهُ الْمَرْأَة عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَخذ مضجعه نفث فِي يَدَيْهِ وَقَرَأَ المعوذات وَقل هُوَ الله أحد يمسح بهما وَجهه وَجَسَده يفعل ذَلِك ثَلَاث مَرَّات فَلَمَّا اشْتَكَى كَانَ يَأْمُرنِي أَن أفعل ذَلِك بِهِ أخرجه السِّتَّة إِلَّا النَّسَائِيّ 114 - بَاب مَا ورد فِي تَعْلِيم دُعَاء الكرب والهم للْمَرْأَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ جَاءَت فَاطِمَة إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تسأله خَادِمًا فَقَالَ لَهَا قولي اللَّهُمَّ رب السَّمَوَات السَّبع وَرب الْعَرْش الْعَظِيم رَبنَا وَرب كل شَيْء منزل التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَالْفرْقَان فالق الْحبّ والنوى أعوذ بك من شَرّ كل شَيْء أَنْت آخذ بناصيته أَنْت الأول فَلَيْسَ قبلك شَيْء وَأَنت الآخر فَلَيْسَ بعْدك شَيْء وَأَنت الظَّاهِر فَلَيْسَ فَوْقك شَيْء وَأَنت الْبَاطِن فَلَيْسَ دُونك شَيْء اقْضِ عني الدَّين وأغنني من الْفقر أخرجه التِّرْمِذِيّ وَعَن أَسمَاء بنت عُمَيْس قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا أعلمك

باب ما ورد في دعاء المرأة ليلة القدر

كَلِمَات تقوليهن عِنْد الكرب الله الله رَبِّي لَا أشرك بِهِ شَيْئا أخرجه أَبُو دَاوُد 115 - بَاب مَا ورد فِي دُعَاء الْمَرْأَة لَيْلَة الْقدر عَن عَائِشَة قَالَت قلت يَا رَسُول الله إِن وَافَقت لَيْلَة الْقدر فَمَا أَدْعُو بِهِ قَالَ قولي اللَّهُمَّ إِنَّك عَفْو تحب الْعَفو فَاعْفُ عَنَّا أخرجه التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ 116 - بَاب مَا ورد فِي التَّسْبِيح وَغَيره للْمَرْأَة عَن يسيرَة مولاة لأبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ وَكَانَت الْمُهَاجِرَات الأول قَالَت قَالَ لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عليكن بالتسبيح والتهليل وَالتَّقْدِيس وَالتَّكْبِير واعقدن بالأنامل فَإِنَّهُنَّ مسؤولات مستنطقات وَلَا تغفلن فتنسين الرَّحْمَة أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَاللَّفْظ لَهُ وَعَن جوَيْرِية زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج من عِنْدهَا بكرَة حِين صلى الصُّبْح وَهِي فِي مَسْجِدهَا ثمَّ رَجَعَ إِلَيْهَا بعد أَن أضحى وَهِي جالسة فَقَالَ مَا زلت على الْحَال الَّتِي فارقتك عَلَيْهَا قَالَت نعم قَالَ لقد قلت بعْدك أَربع كَلِمَات ثَلَاث مَرَّات لَو وزنت بِمَا قلت الْيَوْم لوزنتهن سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ عدد خلقه ورضى نَفسه وزنة عَرْشه ومداد كَلِمَاته أجرجه الْخَمْسَة إِلَّا البُخَارِيّ وَمعنى زنة عَرْشه عظم قدره ومداد كَلِمَاته أَي مثلهَا وعددها وَقيل المداد مصدر كالمد

باب ما ورد في الصلاة على النساء

117 - بَاب مَا ورد فِي الصَّلَاة على النِّسَاء عَن أبي حميد السَّاعِدِيّ قَالَ قَالُوا يَا رَسُول الله كَيفَ نصلي عَلَيْك قَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى أَزوَاجه وَذريته كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وَبَارك على مُحَمَّد وعَلى أَزوَاجه وَذريته كَمَا باركت على إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد أخرجه السِّتَّة إِلَّا التِّرْمِذِيّ 118 - بَاب مَا ورد فِي دِيَة الْمَرْأَة عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عقل الْمَرْأَة مثل عقل الرجل حَتَّى يبلغ الثُّلُث من دِيَته أخرجه النَّسَائِيّ دلّ هَذَا الحَدِيث على أَن دِيَة الْمَرْأَة نصف دِيَة الرجل والأطراف وَغَيرهَا كَذَلِك فِي الزَّائِد على الثُّلُث والْحَدِيث أَيْضا أخرجه الدَّارقطني وَصَححهُ إِبْنِ خُزَيْمَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث معَاذ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دِيَة الْمَرْأَة نصف دِيَة الرجل قَالَ الْبَيْهَقِيّ إِسْنَاده لَا يثبت مثله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ أَنه قَالَ دِيَة الْمَرْأَة على النّصْف من دِيَة الرجل فِي الْكل وَأخرجه أَيْضا ابْن أبي شيبَة عَن عمر رَضِي الله عَنهُ وَقد أَفَادَ الحَدِيث الْمَذْكُور أَن دِيَتهَا على النّصْف من دِيَته وَأَن أَرْشهَا إِلَى الثُّلُث من الدِّيَة مثل أرش الرجل وَقد وَقع الْخلاف فِي ذَلِك بَين السّلف وَالْخلف

باب ما ورد في دية الجنين

119 - بَاب مَا ورد فِي دِيَة الْجَنِين عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ اقْتتلَتْ امْرَأَتَانِ من هُذَيْل فرمت إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى بِحجر فقتلتها وَمَا فِي بَطنهَا فاختصموا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقضى أَن دِيَة جَنِينهَا غرَّة عبد أَو أمة زَاد فِي رِوَايَة أبي دَاوُد أَو فرس أَو بغل وَقضى بدية الْمَرْأَة على عاقلتها وورثها وَلَدهَا وَمن مَعَهم أخرجه السِّتَّة وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قضى فِي جَنِين امْرَأَة من بني لحيان سقط مَيتا بغرة عبد أَو أمة وَنَحْوه فيهمَا من حَدِيث الْمُغيرَة وَمُحَمّد بن مسلمة وَأما إِذا خرج الْجَنِين حَيا ثمَّ مَاتَ من الْجِنَايَة فَفِيهِ الدِّيَة أَو الْقود وَعَن جَابر رَضِي الله عَنهُ أَن امْرَأتَيْنِ من هُذَيْل قتلت أحداهما الْأُخْرَى وَلكُل وَاحِدَة مِنْهُمَا زوج وَولد فَجعل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دِيَة المقتولة على عَاقِلَة القاتلة وبرأ زَوجهَا وَوَلدهَا لِأَنَّهُمَا مَا كَانَا من هُذَيْل فَقَالَ عَاقِلَة المقتولة مِيرَاثهَا لنا فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا مِيرَاثهَا لزَوجهَا وَوَلدهَا أخرجه أَبُو دَاوُد وَعَن ابْن شهَاب قَالَ مَضَت السّنة على أَن الرجل إِذا مَا أصَاب امْرَأَته بِجرح خطأ أَنه يَعْقِلهَا وَلَا يُقَاد مِنْهُ فَإِن أَصَابَهَا عمدا أقيد بهَا وَبَلغنِي أَن عمر قَالَ تقاد الْمَرْأَة من الرجل فِي كل عمد يبلغ ثلث نَفسهَا فَمَا دونه من الْجراح أخرجه رزين فَائِدَة دِيَة الرجل الْمُسلم مائَة من الْإِبِل أَو مِائَتَا بقرة أَو ألف شَاة أَو ألف دِينَار أَو إثنا عشر ألف دِرْهَم أَو مِائَتَا حلَّة 120 - بَاب مَا ورد فِي ذبح الْمَرْأَة وَآلَة الذّبْح عَن نَافِع أَنه سمع ابْنا لكعب بن مَالك يخبر ابْن عمر أَن أَبَاهُ أخبرهُ أَن جَارِيَة لَهُم كَانَت ترعى غنما فَأَبْصَرت بِشَاة مِنْهَا موتا فَكسرت

باب ما ورد في ذم الدنيا والتحذير من النساء

حجرا فذبحتها بِهِ فَقَالَ لأَهله لَا تَأْكُلُوا مِنْهَا حَتَّى أسأَل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَهُ فَأمره أَن يأكلها أخرجه البُخَارِيّ وَمَالك فَائِدَة الذّبْح هُوَ مَا أنهر الدَّم وأساله وفرى الْأَوْدَاج وقطعها وَذكر اسْم الله عَلَيْهِ وذبحه وَلَو بِحجر وَنَحْوه مَا لم يكن سنا أَو ظفرا وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَن الذّبْح جَائِز للنِّسَاء وَعَلِيهِ أهل الْعلم وَيحرم الذّبْح لغير الله تَعَالَى وَإِذا تعذر الذّبْح بِوَجْه جَازَ الطعْن وَالرَّمْي وَكَانَ ذَلِك كالذبح وذكاة الْجَنِين ذَكَاة أمه 121 - بَاب مَا ورد فِي ذمّ الدُّنْيَا والتحذير من النِّسَاء عَن أبي سعيد قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الدُّنْيَا حلوة خضرَة وَإِن الله تَعَالَى مستخلفكم فِيهَا فناظر كَيفَ تَعْمَلُونَ فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَالنِّسَاء فَإِن أول فتْنَة بني إِسْرَائِيل كَانَ من النِّسَاء أخرجه مُسلم وَالنَّسَائِيّ وَعنهُ فَمَا تركت بعدِي فتْنَة أضرّ على الرِّجَال من النِّسَاء قلت وَقد رأى جمَاعَة من أهل الْعلم وَالصَّلَاح الدُّنْيَا فِي الْمَنَام على صُورَة الْمَرْأَة فَمَا أحسن ذكرهَا فِي هَذَا الحَدِيث مَعَ ذكر فتْنَة الْمَرْأَة 122 - بَاب مَا ورد فِي أَن الله تَعَالَى أرْحم بعباده من الوالدة بِوَلَدِهَا عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ قدم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بسبي فَإِذا امْرَأَة من السَّبي تسْعَى وَقد تحلب ثديها فَوجدت صَبيا فِي السَّبي فَأَخَذته فألزقته بِبَطْنِهَا فأرضعته فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَرَوْنَ هَذِه الْمَرْأَة طارحة

باب ما ورد في رحمة المرأة للحيوان

وَلَدهَا فِي النَّار قُلْنَا لَا وَالله وَهِي تقدر على أَن لَا تطرحه قَالَ فَالله تَعَالَى أرْحم بعباده من هَذِه بِوَلَدِهَا أخرجه الشَّيْخَانِ 123 - بَاب مَا ورد فِي رَحْمَة الْمَرْأَة للحيوان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن امْرَأَة بغيا رَأَتْ كَلْبا فِي يَوْم حَار يطوف ببئر وَقد أدلع لِسَانه من شدَّة الْعَطش فنزعت لَهُ موقها فغفر لَهَا بِهِ أخرجه أَبُو دَاوُد وَالْبَغي الْمَرْأَة الزَّانِيَة الموق الْخُف وَعَن ابْن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخلت امْرَأَة النَّار فِي هرة قد ربطتها فَلم تطعمهما وَلم تدعها تَأْكُل من خشَاش الأَرْض أخرجه الشَّيْخَانِ وخشاش الأَرْض هوامها وحشراتها 124 - بَاب مَا ورد فِي الشّغَار عَن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الشّغَار وَهُوَ أَن يُزَوّج الرجل ابْنَته أَو أُخْته من الرجل على أَن يُزَوجهُ ابْنَته أَو أُخْته وَلَيْسَ بَينهمَا صدَاق أخرجه السِّتَّة وَعَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا جنب وَلَا جلب وَلَا شغار فِي الْإِسْلَام الحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ

باب ما ورد في زكاة حلي النساء

والشغار فِي النِّكَاح أَن يَقُول أحد لآخر زَوجنِي ابْنَتك أَو أختك فأزوجك ابْنَتي أَو أُخْتِي وصداق كل وَاحِدَة مِنْهُمَا بضع الْأُخْرَى فَإِن كَانَ بَينهمَا صدَاق مُسَمّى فَلَيْسَ بشغار وَقد ثَبت النَّهْي عَن الشّغَار فِي غير مَا حَدِيث فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا وَقَالَ ابْن عبد الْبر أجمع الْعلمَاء على أَن الشّغَار لَا يجوز وَلَكِن اخْتلفُوا فِي صِحَّته وَالْجُمْهُور على الْبطلَان قَالَ الشَّافِعِي هَذَا النِّكَاح بَاطِل كَنِكَاح الْمُتْعَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة جَائِز وَلكُل وَاحِدَة مِنْهُمَا مهر مثلهَا وَيدْفَع جَوَازه أَحَادِيث الْبَاب وَهِي حجَّة عَلَيْهِ وَلَو بلغه الحَدِيث لم يقل بذلك 125 - بَاب مَا ورد فِي زَكَاة حلي النِّسَاء عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَن امْرَأَة أَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهَا ابْنة لَهَا وَفِي يَد ابْنَتهَا مسكتان غليظتان من ذهب فَقَالَ لَهَا أتعطين زَكَاة هَذَا قَالَت لَا قَالَ أَيَسُرُّك أَن يسورك الله تَعَالَى بهما يَوْم الْقِيَامَة بسوارين من نَار قَالَ فخلعتهما وألقتهما إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَت هما لله وَلِرَسُولِهِ أخرجه أَصْحَاب السّنَن والمسكة بتحريك السِّين وَاحِدَة الْمسك وَهِي أسورة من ذبل أَو عاج فَإِذا كَانَت من غير ذَلِك أضيفت إِلَى مَا هِيَ مِنْهُ فَيُقَال من ذهب أَو فضَّة أَو نَحْوهمَا وَعَن عَطاء قَالَ بَلغنِي أَن أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت كنت ألبس أَوْضَاحًا من ذهب فَقلت يَا رَسُول الله أكنز هُوَ فَقَالَ مَا بلغ أَن تُؤدِّي زَكَاته فَزكِّي فَلَيْسَ بكنز

باب ما ورد في زكاة مال من لا أب له ذكرا كان أو أنثى

وَعَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد أَن عَائِشَة كَانَت تلِي بَنَات أَخِيهَا مُحَمَّد يتامى فِي حجرها ولهن الْحلِيّ وَلَا تزكيه وَعَن نَافِع أَن ابْن عمر كَانَ يحلي بَنَاته وجواريه الذَّهَب ثمَّ لَا يخرج من حليهن الزَّكَاة أخرج الْأَحَادِيث الثَّلَاثَة مَالك والأوضاح حلي من الدَّرَاهِم الصِّحَاح أَو من الْفضة قلت الْأَحَادِيث فِي زَكَاة الْحلِيّ متعارضة وَإِطْلَاق الْكَنْز عَلَيْهِ بعيد وَمعنى الْكَنْز حَاصِل وَالْخُرُوج من الِاخْتِلَاف أحوط فَائِدَة زَكَاة الذَّهَب وَالْفِضَّة إِذا حَال على أَحدهمَا الْحول ربع الْعشْر ونصاب الذَّهَب عشرُون دِينَارا ونصاب الْفضة مِائَتَا دِرْهَم وَلَا شَيْء فِيمَا دون ذَلِك وَلَا زَكَاة فِي غَيرهمَا من الْجَوَاهِر وأموال التِّجَارَة وَنقل ابْن الْمُنْذر الْإِجْمَاع على زَكَاة التِّجَارَة وَهَذَا النَّقْل لَيْسَ بِصَحِيح وَأول من يُخَالف فِي ذَلِك الظَّاهِرِيَّة وهم جمَاعَة من أَئِمَّة الْإِسْلَام وَهَكَذَا لَيست فِي المستغلات كالدور الَّتِي يكريها مَالِكهَا وَكَذَلِكَ الدَّوَابّ وَنَحْوهَا لعدم الدَّلِيل 126 - بَاب مَا ورد فِي زَكَاة مَال من لَا أَب لَهُ ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا من ولي يَتِيما لَهُ مَال فليتجر فِيهِ وَلَا يتْركهُ حَتَّى تَأْكُله الصَّدَقَة أخرجه التِّرْمِذِيّ قلت إِنَّمَا تجب الزَّكَاة فِي المَال إِذا كَانَ الْمَالِك مُكَلّفا واليتيم لَيْسَ بمكلف وَلم يُوجب الله على ولي الْيَتِيم واليتمة أَن يخرج الزَّكَاة من مَالهمَا وَلَا أمره بذلك رَسُوله وَلَا سوغه بل وَردت فِي أَمْوَال الْيَتَامَى تِلْكَ القوراع الَّتِي تتصدع لَهَا الْقُلُوب وترجف لَهَا الأفئدة وَالْخلاف فِي الْمَسْأَلَة مَعْرُوف وَالْحق مَا قُلْنَاهُ

باب ما ورد في زكاة الفطر على النساء

127 - بَاب مَا ورد فِي زَكَاة الْفطر على النِّسَاء عَن ابْن عمر قَالَ فرض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زَكَاة الْفطر صَاعا من تمر أَو صَاعا من شعير على كل عبد أَو حر صَغِير أَو كَبِير ذكر أَو أُنْثَى من الْمُسلمين أخرجه السِّتَّة وَفِي رِوَايَة فَعدل النَّاس بِهِ نصف صَاع من بر وَعَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مناديا فِي فجاج مَكَّة أَلا إِن صَدَقَة الْفطر وَاجِبَة على كل مُسلم ذكر أَو أُنْثَى حر أَو عبد صَغِير أَو كَبِير مدان من قَمح أَو سواهُ أَو صَاع من طَعَام أخرجه التِّرْمِذِيّ والقمح الْحِنْطَة قلت صَدَقَة الْفطر هِيَ صَاع من الْقُوت الْمُعْتَاد عَن كل فَرد لأحاديث الْبَاب وَإِلَيْهِ ذهب الْجُمْهُور وَقَالَ بعض النَّاس هِيَ من الْبر نصف صَاع لحَدِيث ابْن شُعَيْب الْمَذْكُور وَحَدِيث ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا صَدَقَة الْفطر مدان من قَمح أخرجه الْحَاكِم وَفِي الْبَاب رِوَايَات تعضد ذَلِك وَالْأول أرجح وَقَالَ الشَّافِعِي تجب فطْرَة الْمَرْأَة على زَوجهَا وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا تجب عَلَيْهِ قلت وَالْوُجُوب على سيد العَبْد والمنفق على الصَّغِير وَنَحْوه وَيكون إخْرَاجهَا قبل صَلَاة الْعِيد وَمن لَا يجد زِيَادَة على قوت يَوْمه وَلَيْلَته فَلَا فطْرَة عَلَيْهِ ومصرفها مصرف الزَّكَاة 128 - بَاب مَا ورد فِي حُرْمَة الصَّدَقَة على أهل الْبَيْت عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ أَخذ الْحسن بن عَليّ تَمْرَة من تمر الصَّدَقَة فَجَعلهَا فِي فِيهِ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كخ كخ ارْمِ بهَا أما علمت أَنا لَا

باب ما ورد في من تحل له الصدقة

نَأْكُل الصَّدَقَة أَو أَنا لَا تحل لنا الصَّدَقَة أخرجه الشَّيْخَانِ والْحَدِيث يَشْمَل أهل بَيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ونساءهم وذريتهم جَمِيعًا وَفِي حَدِيث أبي رَافع يرفعهُ أَن الصَّدَقَة لَا تحل لنا وَأَن موَالِي الْقَوْم من أنفسهم أخرجه أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن حبَان وَابْن خُزَيْمَة وصححاه قَالَ ابْن قدامَة لَا نعلم خلافًا فِي أَن بني هَاشم لَا تحل لَهُم الصَّدَقَة الْمَفْرُوضَة وَكَذَا حكى الْإِجْمَاع ابْن رسْلَان فِي شرح السّنَن وَقد وَقع الِاخْتِلَاف فِي الْآل الَّذين تحرم عَلَيْهِم الصَّدَقَة على أَقْوَال أظهرها أَنهم بَنو هَاشم وَحكم مواليهم حكمهم فِي ذَلِك وَكَذَلِكَ لَا تجوز من بني هَاشم لبني هَاشم 129 - بَاب مَا ورد فِي من تحل لَهُ الصَّدَقَة عَن أم عَطِيَّة وَاسْمهَا نسيبة قَالَت تصدق عَليّ بِشَاة فَأرْسلت إِلَى عَائِشَة بِشَيْء مِنْهَا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعندكم شَيْء فَقَالَت عَائِشَة لَا إِلَّا مَا أرْسلت بِهِ نسيبة من الشَّاة فَقَالَ هَاتِي فقد بلغت محلهَا أخرجه الشَّيْخَانِ وَفِي أُخْرَى لَهما وَلأبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِلَحْم تصدق بِهِ على بَرِيرَة فَقَالَ هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَة وَلنَا هَدِيَّة قلت بَرِيرَة أعتقتها عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فَلم تكن من موَالِي بني هَاشم 130 - بَاب مَا ورد فِي ترقيع الْمَرْأَة للثوب عَن عَائِشَة قَالَت قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن سرك اللحوق بِي

باب ما ورد في حب النساء للمساكين

فليكفك من الدُّنْيَا كزاد الرَّاكِب وَإِيَّاك ومجالسة الْأَغْنِيَاء وَلَا تستخلفي ثوبا حَتَّى ترقعيه أخرجه التِّرْمِذِيّ وَزَاد رزين فَقَالَ قَالَ عُرْوَة فَمَا كَانَت عَائِشَة تستجد ثوبا حَتَّى ترقع ثوبها وَلَقَد جاءها يَوْمًا من عِنْد مُعَاوِيَة ثَمَانُون ألفا فَمَا أَمْسَى وَعِنْدهَا دِرْهَم فَقَالَت جاريتها فَهَلا اشْتريت لنا مِنْهَا بدرهم لَحْمًا فَقَالَت لَو ذَكرتني لفَعَلت 131 - بَاب مَا ورد فِي حب النِّسَاء للْمَسَاكِين عَن أنس من حَدِيث طَوِيل مَرْفُوع فِي خطاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا يَا عَائِشَة لَا تردي الْمِسْكِين وَلَو بشق تَمْرَة يَا عَائِشَة أحبي الْمَسَاكِين وقربيهم يقربك الله تَعَالَى يَوْم الْقِيَامَة أخرجه التِّرْمِذِيّ 132 - بَاب مَا ورد فِي أَن عَامَّة أهل النَّار النِّسَاء عَن أُسَامَة بن زيد قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قُمْت على بَاب الْجنَّة فَكَانَ عَامَّة من دَخلهَا الْمَسَاكِين وَأَصْحَاب الْجد محبوسون غير أَن أَصْحَاب النَّار قد أَمر بهم إِلَى النَّار وَقمت على بَاب النَّار فَإِذا عَامَّة من دَخلهَا النِّسَاء أخرجه الشَّيْخَانِ وَالْجد الْحَظ والسعادة وَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أضحى أَو فطر إِلَى الْمصلى فَمر على النِّسَاء فَقَالَ يَا معشر النِّسَاء تصدقن فَإِنِّي رأيتكن أَكثر أهل النَّار

باب ما ورد في فقر النساء

فَقُلْنَ وَبِمَ يَا رَسُول الله قَالَ تكثرن اللَّعْن وتكفرن العشير الحَدِيث مُتَّفق عَلَيْهِ وَالْمعْنَى رأيتكن على سَبِيل الْكَشْف أَو طَرِيق الْوَحْي وَعَن جَابر قَالَ شهِدت الْعِيد مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قبل الْخطْبَة بِلَا أَذَان وَلَا إِقَامَة ثمَّ قَامَ متوكئا على بِلَال فَأمر بتقوى الله وحث على طَاعَته وَوعظ النَّاس وَذكرهمْ ثمَّ أَتَت النِّسَاء فوعظهن وذكرهن وَقَالَ تصدقن فَإِن أكثركن حطب جَهَنَّم فَقَامَتْ امْرَأَة من سطة النِّسَاء سفعاء الْخَدين فَقَالَت لم يَا رَسُول الله قَالَ لأنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير فَجعلْنَ يتصدقن من حليهن ويلقين فِي ثوب بِلَال أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا التِّرْمِذِيّ سطة السناء أوساطهن حسبا ونسبا والسفعة سَواد فِي اللَّوْن والشكاة بِفَتْح الشين الشكوى والعشير الزَّوْج 133 - بَاب مَا ورد فِي فقر النِّسَاء عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ يَأْتِي علينا الشَّهْر مَا نوقد فِيهِ نَارا إِنَّمَا هُوَ التَّمْر وَالْمَاء إِلَّا أَن نؤتى باللحيم أخرجه الشَّيْخَانِ وَالتِّرْمِذِيّ وَفِي رِوَايَة مَا شبع آل مُحَمَّد من خبز الْبر ثَلَاثًا حَتَّى مضى لسبيله وَفِي أُخْرَى مَا أكل آل مُحَمَّد أكلتين فِي يَوْم وَاحِد إِلَّا وإحداهما تمر وَعَن أنس قَالَ مشيت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِخبْز شعير وإهالة سنخة وَلَقَد سمعته يَقُول مَا أَمْسَى عِنْد آل مُحَمَّد صَاع تمر وَلَا صَاع حب وَإِن عِنْده يَوْمئِذٍ لتسْع نسْوَة أخرجه البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ الإهالة مَا أذيب من الشَّحْم والسنخ الْمُتَغَيّر الرَّائِحَة وَالْمرَاد بآل مُحَمَّد فِي هَذِه الْأَحَادِيث أَزوَاجه المطهرات وغيرهن

باب ما ورد في تحلي البنات

134 - بَاب مَا ورد فِي تحلي الْبَنَات عَن عَائِشَة قَالَت قدمت هَدَايَا من النَّجَاشِيّ فِيهَا خَاتم من ذهب فَأَخذه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِعُود أَو بِبَعْض أَصَابِعه معرضًا عَنهُ ثمَّ دَعَا أُمَامَة بنت أبي الْعَاصِ من بنته زَيْنَب فَقَالَ تحلي بِهَذَا يَا بنية أخرجه أَبُو دَاوُد 135 - بَاب مَا ورد فِي حلي النِّسَاء عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ أَتَت امْرَأَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت يَا رَسُول الله سِوَارَيْنِ من ذهب فَقَالَ سِوَارَيْنِ من نَار فَقَالَت طوقا من ذهب قَالَ طوقا من نَار فَقَالَت قرطين من ذهب قَالَ قرطين من نَار وَكَانَ عَلَيْهَا سواران من ذهب فرمت بهما وَقَالَت إِن الْمَرْأَة إِذا لم تتزين لزَوجهَا صلفت عِنْده فَقَالَ يمْنَع إحداكن أَن تضع قرطين من فضَّة ثمَّ تصفره بزعفران أَو قَالَ بعبير

أخرجه النَّسَائِيّ القرط من حلي الْأذن مَعْرُوف وصلفت إِذا لم تحظ عِنْد الزَّوْج والعبير أخلاط من الطّيب تجمع بالزعفران وَعَن ثَوْبَان قَالَ جَاءَت هِنْد بنت هُبَيْرَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي يَدهَا فتخ من ذهب أَي خَوَاتِم ضخام فَجعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يضْرب يَدهَا فَدخلت على فَاطِمَة رَضِي الله عَنْهَا تَشْكُو إِلَيْهَا فانتزعت فَاطِمَة سلسلة فِي عُنُقهَا من ذهب فَدخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والسلسلة فِي يَدهَا فَقَالَ يَا فَاطِمَة أَيَسُرُّك أَن يَقُول النَّاس ابْنة رَسُول الله فِي يَدهَا سلسلة من نَار ثمَّ خرج فَلم يقْعد فارسلت فَاطِمَة بالسلسلة فباعتها واشترت بِثمنِهَا عبدا فأعتقته فَحدث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذلك فَقَالَ الْحَمد لله الَّذِي نجى فَاطِمَة من النَّار أخرجه النَّسَائِيّ والفتخ جمع فتخة وَهِي حَلقَة لَا قصّ فِيهَا تجعلها الْمَرْأَة فِي أَصَابِع رِجْلَيْهَا وَرُبمَا وَضَعتهَا فِي يَديهَا وَعَن أُخْت لِحُذَيْفَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا معشر النِّسَاء أما لَكِن فِي الْفضة مَا تحلين بِهِ لَيْسَ مِنْكُن امْرَأَة تتحلى ذَهَبا وتظهره إِلَّا عذبت بِهِ أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَعَن عقبَة بن عَامر قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يمْنَع أَهله حلية الذَّهَب

باب ما ورد في خضاب النساء بالحناء

وَالْحَرِير وَيَقُول إِن كُنْتُم تحبون حلية الْجنَّة وحريرها فَلَا تلبسوها فِي الدُّنْيَا أخرجه النَّسَائِيّ وَفِي أُخْرَى لَهُ عَن ابْن عمر قَالَ نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن لبس الذَّهَب إِلَّا مقطعا والمقطع الشَّيْء الْيَسِير نَحْو الشنف والخاتم للنِّسَاء وَكره الْكثير للسرف وَالْخُيَلَاء وَعدم إِخْرَاج الزَّكَاة مِنْهُ وَعَن بنانة مولاة عبد الرَّحْمَن بن حَيَّان الْأنْصَارِيّ قَالَت دخلت على عَائِشَة بِجَارِيَة لَهَا خلاخل يصوتن فَقَالَت لَا تدخلنها عَليّ إِلَّا أَن تقطعي خلاخلها وَقَالَت سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لَا تدخل الْمَلَائِكَة بَيْتا فِيهِ جرس أخرجه أَبُو دَاوُد 136 - بَاب مَا ورد فِي خضاب النِّسَاء بِالْحِنَّاءِ عَن كَرِيمَة بنت همام أَن امْرَأَة سَأَلت عَائِشَة عَن خضاب الْحِنَّاء فَقَالَت لَا بَأْس بِهِ لكني أكرهه لِأَن حَبِيبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يكره رِيحه أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَعَن عَائِشَة قَالَت أَوْمَأت امْرَأَة من وَرَاء ستر بِيَدِهَا كتاب إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقبض صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَده فَقَالَ مَا أَدْرِي أيد رجل أم يَد امْرَأَة فَقَالَت بل يَد امْرَأَة فَقَالَ لَو كنت امْرَأَة لغيرت أظفارك يَعْنِي بِالْحِنَّاءِ أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وعنها أَن هِنْد بنت عتبَة قَالَت يَا رَسُول الله بايعني فَقَالَ لَا أُبَايِعك حَتَّى تغيري كفيك كَأَنَّهُمَا كفا سبع أخرجه أَبُو دَاوُد 137 - بَاب مَا ورد فِي النَّهْي للْمَرْأَة عَن حلق الرَّأْس عَن عَليّ قَالَ نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تحلق الْمَرْأَة رَأسهَا أخرجه النَّسَائِيّ قلت وَفِيه التَّشَبُّه بِالرجلِ

باب ما ورد في حب النساء

138 - بَاب مَا ورد فِي حب النِّسَاء عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حبب إِلَيّ من دنياكم الطّيب وَالنِّسَاء وَجعلت قُرَّة عَيْني فِي الصَّلَاة أخرجه النَّسَائِيّ وَفِي رِوَايَة عَنهُ بِلَفْظ حبب إِلَيّ النِّسَاء وَالطّيب وَجعلت قُرَّة عَيْني فِي الصَّلَاة أخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا 139 - بَاب مَا ورد فِي طيب النِّسَاء عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طيب الرِّجَال مَا ظهر رِيحه وخفي لَونه وَطيب النِّسَاء مَا ظهر لَونه وخفي رِيحه أخرجه التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَعَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا وَطيب الرِّجَال ريح لَا لون لَهُ وَطيب النِّسَاء لون لَا ريح لَهُ قَالَ بعض الروَاة هَذَا إِذا أخرجت أما إِذا كَانَت عِنْد زَوجهَا فلتطيب بِمَا شَاءَت أخرجه أَبُو دَاوُد وَعَن أبي أَيُّوب قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْحيَاء والتعطر والسواك وَالنِّكَاح من سنَن الْمُرْسلين أخرجه التِّرْمِذِيّ أَي فِي حق النِّسَاء وَالرِّجَال جَمِيعًا وَعَن أبي مُوسَى قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل عين زَانِيَة وَإِن الْمَرْأَة إِذا استعطرت ثمَّ مرت بِالْمَجْلِسِ فَهِيَ زَانِيَة أخرجه أَصْحَاب السّنَن واستعطرت استفعلت من الْعطر وَهُوَ الطّيب

باب ما ورد في أمور من زينة النساء

وَعَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيّمَا امْرَأَة أَصَابَت بخورا فَلَا تشهد مَعنا الْعشَاء الْآخِرَة أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ 140 - بَاب مَا ورد فِي أُمُور من زِينَة النِّسَاء عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْفطْرَة خمس الْخِتَان والاستحداد وقص الشَّارِب وتقليم الأظافر ونتف الْإِبِط أخرجه السِّتَّة والاستحداد خلق الْعَانَة وَنَحْو ذَلِك من التَّنْظِيف الَّذِي تحْتَاج الْمَرْأَة إِلَيْهِ وَعَن أم عَطِيَّة أَن امْرَأَة كَانَت تختن النِّسَاء بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تنهكي فَإِن ذَلِك أحظى للْمَرْأَة وَأحب إِلَى البعل أخرجه أَبُو دَاوُد وَضَعفه وَرَوَاهُ رزين أشمي وَلَا تنهكي فَإِنَّهُ أنور للْوَجْه وأحظى عِنْد الرجل وَعَن أبي الْحصين الْهَيْثَم قَالَ سَمِعت أَبَا رَيْحَانَة يَقُول نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن عشر عَن الوشر والوشم والنتف إِلَى قَوْله وَعَن مكامعة الْمَرْأَة الْمَرْأَة بِغَيْر شعار الحَدِيث بِطُولِهِ أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ والوشر أَن تحدد الْمَرْأَة أسنانها وترققها والمكامعة أَن يجْتَمع الرّجلَانِ أَو الْمَرْأَتَانِ فِي إِزَار وَاحِد لَا حاجز بَينهمَا والشعار الثَّوْب الَّذِي يَلِي جَسَد الْإِنْسَان وَعَن ابْن مَسْعُود قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكره عشر خلال الحَدِيث وَذكر مِنْهَا التبرج بالزينة لغير محلهَا وعزل المَاء عَن مَحَله وَفَسَاد الصَّبِي أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ والتبرج المذموم إِظْهَار الزِّينَة للأجانب أما للزَّوْج فَلَا والعزل أَن يعْزل الرجل مَاءَهُ عَن فرج الْمَرْأَة الَّذِي هُوَ مَحل المَاء وَفَسَاد الصَّبِي هُوَ أَن يطَأ الرجل امْرَأَته الْمُرْضع فَإِذا حملت فسد لَبنهَا وَكَانَ من

باب ما ورد في قرام النساء

ذَلِك فَسَاد الصَّبِي وَيُسمى الغيلة وَقَالَ فِي آخر هَذَا الحَدِيث غير مُحرمَة أَي كره هَذِه الْخِصَال جَمِيعهَا وَلم يبلغ بهَا حد التَّحْرِيم وَفِيه ذكر الخلوق والتختم أَيْضا وهما إِنَّمَا يكرهان أَي يحرمان على الرِّجَال دون النِّسَاء 141 - بَاب مَا ورد فِي قرام النِّسَاء عَن عَائِشَة قَالَت قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من سفر وَقد سترت سهوة لي بقرام فِيهِ تماثيل فَلَمَّا رَآهُ هتكه وتلون وَجهه وَقَالَ يَا عَائِشَة أَشد النَّاس عذَابا يَوْم الْقِيَامَة الَّذين يضاهئون خلق الله تَعَالَى قَالَت فقطعناه وجعلناه وسَادَة أَو وسادتين أخرجه الثَّلَاثَة وَالنَّسَائِيّ والسهوة كالكوة النافدة بَين الدَّاريْنِ وَقيل هِيَ الصّفة بَين يَدي الْبَيْت وَقيل هِيَ صفة صَغِيرَة كالمخدع والقرام السّتْر والمضاهأة المشابهة والمماثلة 142 - بَاب مَا ورد فِي رد الشَّيْء إِلَى الْمَرْأَة عَن أنس قَالَ كَانَت أم أنس أَعْطَتْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عذاقا كَانَت لَهَا فَلَمَّا فرغ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قتال أهل خَيْبَر رد الْمُهَاجِرُونَ إِلَى الْأَنْصَار منائحهم ورد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أم أنس عذاقها أخرجه الشَّيْخَانِ والعذاق جمع عذق بِفَتْح الْعين وَهُوَ النَّخْلَة وَمَا عَلَيْهَا من الْحمل والمنيحة هُنَا الْعَطِيَّة 143 - بَاب مَا ورد فِي سفر الْمَرْأَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يحل لامْرَأَة تؤمن بِاللَّه

باب ما ورد في القفول من السفر إلى الأهل

وَالْيَوْم الآخر أَن تُسَافِر مسيرَة يَوْم وَلَيْلَة إِلَّا وَمَعَهَا محرم لَهَا أخرجه السِّتَّة إِلَّا النَّسَائِيّ وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يخلون رجل بِامْرَأَة إِلَّا وَمَعَهَا محرم فَقَامَ رجل وَقَالَ إِن امْرَأَتي خرجت حَاجَة وَإِنِّي اكتتبت فِي غَزْوَة كَذَا وَكَذَا قَالَ فَانْطَلق وَحج مَعَ امْرَأَتك أخرجه الشَّيْخَانِ 144 - بَاب مَا ورد فِي القفول من السّفر إِلَى الْأَهْل عَن جَابر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا جِئْت من سفر فَلَا تأت أهلك طروقا حَتَّى تستحد المغيبة وتمتشط الشعثة وَعَلَيْك بالكيس أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا النَّسَائِيّ وَفِي رِوَايَة كَانَ ينهاهم أَن يطرقوا النِّسَاء لِئَلَّا يتخونوهن ويطلبوا عثراتهن وَفِي أُخْرَى لَا تلجوا على المغيبات فَإِن الشَّيْطَان يجْرِي من بني آدم مجْرى الدَّم فَقُلْنَا ومنك قَالَ ومني إِلَّا أَن الله أعانني عَلَيْهِ فَأسلم وَفِي أُخْرَى كَانَ إِذا قفل من غَزْوَة أَو سفر فوصل عَشِيَّة لم يدْخل حَتَّى يصبح فَإِن وصل قبل الصُّبْح لم يدْخل إِلَّا وَقت الْغَدَاة يَقُول أمهلوا كي تمتشط التفلة وتستحد المغيبة والطروق الْمَجِيء لَيْلًا والتخون طلب الْخِيَانَة والتهمة والاستحداد حلق الْعَانَة وَهُوَ استفعال من الْحَدِيد كَأَنَّهُ اسْتَعْملهُ على طَرِيق الْكِنَايَة والتورية والمغيبة الَّتِي غَابَ عَنْهَا زَوجهَا والشعثة الْبَعِيدَة الْعَهْد بِالْغسْلِ وتسريح الشّعْر والنظافة والتفلة الَّتِي لم تتطيب والكيس الْجِمَاع والكيس الْعقل فَيكون قد جعل طلب الْوَلَد من الْجِمَاع عقلا وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما نَهَاهُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يطرقوا النِّسَاء لَيْلًا طرق رجلَانِ بعد النَّهْي فَوجدَ كل وَاحِد مِنْهُمَا مَعَ امْرَأَته رجلا أخرجه التِّرْمِذِيّ

باب ما ورد في تبرك المرأة بفم السقاء

145 - بَاب مَا ورد فِي تبرك الْمَرْأَة بِفَم السقاء عَن كَبْشَة الْأَنْصَارِيَّة قَالَت دخل عَليّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَشرب من فِي قربَة معلقَة قَائِما فَقُمْت إِلَى فمها فقطعته أخرجه التِّرْمِذِيّ وَزَاد رزين فاتخذته ركوة أشْرب مِنْهَا الركوة دلو صَغِير يشرب مِنْهُ 146 - بَاب مَا ورد فِي الْقدح للنِّسَاء عَن أنس قَالَ كَانَ لأم سليم قدح فَقَالَت سقيت فِيهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل الشَّرَاب المَاء وَالْعَسَل وَاللَّبن والنبيذ أخرجه النَّسَائِيّ 147 - بَاب مَا ورد فِي النَّهْي عَن إنشاد الشّعْر بَين النِّسَاء عَن أنس قَالَ كَانَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حاد يُقَال لَهُ أَنْجَشَة وَكَانَ حسن الصَّوْت فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رويدك يَا أَنْجَشَة لَا تكسر الْقَوَارِير أَو سوقك بِالْقَوَارِيرِ يَعْنِي ضعفة النِّسَاء أخرجه الشَّيْخَانِ رويدك يَعْنِي أرْفق وتأن وَنَحْو ذَلِك وَشبه النِّسَاء بِالْقَوَارِيرِ لِأَن أقل شَيْء يُؤثر فِيهِنَّ من الحداء والغناء أَو أَرَادَ أَن النِّسَاء لَا قُوَّة لَهُنَّ على سرعَة السّير والحداء مِمَّا يهيج الْإِبِل ويبعثها على السّير وسرعته فَيضر ذَلِك بِالنسَاء اللَّاتِي عَلَيْهِنَّ 148 - بَاب مَا ورد فِي تَأْخِير الْعشَاء إِلَى أَن تنام النِّسَاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ أعتم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالعشاء فَخرج عمر فَقَالَ

باب ما ورد في حفظ العورة إلا من الزوجة

الصَّلَاة يَا رَسُول الله رقد النِّسَاء وَالصبيان فَخرج وَرَأسه يقطر وَيَقُول لَوْلَا أَن أشق على أمتِي لأمرتهن بِالصَّلَاةِ فِي هَذِه السَّاعَة أخرجه الشَّيْخَانِ وَالنَّسَائِيّ 149 - بَاب مَا ورد فِي حفظ الْعَوْرَة إِلَّا من الزَّوْجَة عَن بهز بن حَكِيم عَن أَبِيه عَن جده قَالَ قلت يَا رَسُول الله عوراتنا مَا نأتي مِنْهَا وَمَا نذر قَالَ إحفظ عورتك إِلَّا من زَوجتك أَو مَا ملكت يَمِينك الحَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا ينظر الرجل إِلَى عَورَة الرجل وَلَا الْمَرْأَة إِلَى عَورَة الْمَرْأَة وَلَا يُفْضِي الرجل إِلَى الرجل فِي الثَّوْب الْوَاحِد وَلَا تُفْضِي الْمَرْأَة إِلَى الْمَرْأَة فِي الثَّوْب الْوَاحِد أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْمرَاد من الْإِفْضَاء أَن يلصق جسده بجسدها وَعَن ابْن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا زوج أحدكُم أمته عَبده أَو أجيره فَلَا ينظرن إِلَى عورتها أخرجه أَبُو دَاوُد 150 - بَاب مَا ورد فِي خمار الْمَرْأَة عِنْد الصَّلَاة عَن عَائِشَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يقبل الله تَعَالَى صَلَاة الْحَائِض إِلَّا بخمار أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَعَن عبيد الله الْخَولَانِيّ وَكَانَ فِي حجر مَيْمُونَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كَانَت مَيْمُونَة تصلي فِي الدرْع الْوَاحِد والخمار لَيْسَ عَلَيْهَا إِزَار أخرجه مَالك وَعَن مُحَمَّد بن زيد بن قنفذ عَن أمه أَنَّهَا سَأَلت أم سَلمَة مَاذَا تصلي فِيهِ الْمَرْأَة من الثِّيَاب قَالَت تصلي فِي الْخمار والدرع السابغ إِذا غيب ظُهُور قدميها أخرجه مَالك وَأَبُو دَاوُد

باب ما ورد في صلاة المرأة خلف الرجل

151 - بَاب مَا ورد فِي صَلَاة الْمَرْأَة خلف الرجل عَن أنس أَن جدته مليكَة دعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لطعام صَنعته فَأكل مِنْهُ ثمَّ قَالَ قومُوا فأصلي بكم قَالَ أنس فَقُمْت إِلَى حَصِير لنا قد اسود من طول الْمدَّة فنضحته بِمَاء فَقَامَ عَلَيْهِ وصففت أَنا واليتيم وَرَاءه والعجوز من وَرَائِنَا فصلى بِنَا رَكْعَتَيْنِ ثمَّ انْصَرف أخرجه السِّتَّة 152 - بَاب مَا ورد فِي صَلَاة الرجل وَالْمَرْأَة حذاؤه عَن مَيْمُونَة قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا حذاؤه وَأَنا حَائِض وَرُبمَا أصابني ثَوْبه إِذا سجد وَكَانَ يُصَلِّي على الْخمْرَة أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا التِّرْمِذِيّ 153 - بَاب مَا ورد فِي اختبار الْجَارِيَة بالايمان بقوله أَيْن الله عَن مُعَاوِيَة بن الحكم السّلمِيّ فِي حَدِيث طَوِيل فِي ذكر الْكَلَام فِي الصَّلَاة قلت وَإنَّهُ كَانَت لي جَارِيَة ترعى غنما قبل أحد والجوانية فاطلعت ذَات يَوْم فَإِذا الذِّئْب قد ذهب بِشَاة من غنمها وَأَنا رجل من بني آدم آسَف كَمَا يأسفون فصككتها صَكَّة فَعظم ذَلِك عَليّ قلت أَفلا أعْتقهَا قَالَ ائْتِنِي بهَا فَأَتَيْته بهَا فَقَالَ لَهَا أَيْن الله قَالَت فِي السَّمَاء قَالَ من أَنا قَالَت أَنْت رَسُول الله قَالَ أعْتقهَا فَإِنَّهَا مُؤمنَة أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ والأسف الْغَضَب والصك الضَّرْب واللطم 154 - بَاب مَا ورد فِي تصفيق النِّسَاء عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم التَّسْبِيح للرِّجَال والتصفيق للنِّسَاء أخرجه الْخَمْسَة

باب ما ورد في اعتراض المرأة بين المصلي والقبلة

155 - بَاب مَا ورد فِي اعْتِرَاض الْمَرْأَة بَين الْمُصَلِّي والقبلة عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي من اللَّيْل وَأَنا مُعْتَرضَة بَينه وَبَين الْقبْلَة كاعتراض الْجِنَازَة فَإِذا اراد أَن يُوتر أيقظني فأوترت أخرجه السِّتَّة إِلَّا التِّرْمِذِيّ وَفِي أُخْرَى لِلشَّيْخَيْنِ ذكر عِنْد عَائِشَة مَا يقطع الصَّلَاة فَذكر الْكَلْب وَالْحمار وَالْمَرْأَة فَقَالَت لقد شبهتمونا بالحمر وَالْكلاب وَالله لقد رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي وَأَنا على السرير بَينه وَبَين الْقبْلَة مُضْطَجِعَة فتبدو لي الْحَاجة فأكره أَن أَجْلِس فأوذي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأنسل من قبل رجلَيْهِ وَفِي أُخْرَى مِمَّا يقطع الصَّلَاة الْحَائِض 156 - بَاب مَا ورد فِي حمل الْبِنْت فِي الصَّلَاة عَن أبي قَتَادَة قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَهُوَ حَامِل أُمَامَة بنت زَيْنَب بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا سجد وَضعهَا وَإِذا قَامَ حملهَا أخرجه السِّتَّة إِلَّا التِّرْمِذِيّ 157 - بَاب مَا ورد فِي وجد الْمَرْأَة للصَّبِيّ عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي لأدخل فِي الصَّلَاة وَأَنا أُرِيد أَن أطيلها فَأَسْمع بكاء الصَّبِي فأتجوز فِي صَلَاتي لما أعلم من وجد أمه من بكائه أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا أَبَا دَاوُد والوجد الْحزن

باب ما ورد في المكث حتى تنصرف النساء عن الصلاة

158 - بَاب مَا ورد فِي الْمكْث حَتَّى تَنْصَرِف النِّسَاء عَن الصَّلَاة عَن أم سَلمَة قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يمْكث فِي مَكَانَهُ يَسِيرا فنرى وَالله أعلم أَن مكثه لكَي تَنْصَرِف النِّسَاء قبل أَن يدركهن الرِّجَال أخرجه البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ 159 - بَاب مَا ورد فِي صُفُوف النِّسَاء عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خير صُفُوف الرِّجَال أَولهَا وشرها آخرهَا وَخير صُفُوف النِّسَاء أَخّرهَا وشرها أَولهَا أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا البُخَارِيّ وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه أَيْضا وَورد عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة مِنْهُم ابْن عَبَّاس وَعمر بن الْخطاب وَأنس بن مَالك وَأَبُو سعيد وَأَبُو أُمَامَة وَجَابِر بن عبد الله وَغَيرهم 160 - بَاب مَا ورد فِي أَمر الْمَرْأَة لعمل الْمِنْبَر عَن أبي حَازِم بن دِينَار فِي حَدِيث طَوِيل يرفعهُ أرسل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى امْرَأَة من الْأَنْصَار أَن مري غلامك النجار يعْمل لي أعوادا أكلم النَّاس عَلَيْهَا فَعمل هَذِه الثَّلَاث دَرَجَات الحَدِيث أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا التِّرْمِذِيّ 161 - بَاب مَا ورد فِي غسل الْمَرْأَة يَوْم الْجُمُعَة عَن أَوْس بن أَوْس الثَّقَفِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من غسل واغتسل وَبكر وابتكر إِلَى قَوْله كَانَ لَهُ بِكُل خطْوَة عمل سنة صيامها وقيامها أخرجه أَصْحَاب السّنَن وَقَالَ أَبُو دَاوُد سُئِلَ مَكْحُول من غسل واغتسل فَقَالَ غسل رَأسه وَجَسَده وَقَالَ سعيد بن عبد الْعَزِيز قَوْله غسل أَي جَامع امْرَأَته

باب ما ورد في عدم وجوب الجمعة على المرأة

فأحوجها إِلَى الْغسْل وَذَلِكَ يكون أَغضّ لطرفه إِذا خرج إِلَى الْجُمُعَة واغتسل هُوَ بعد الْجِمَاع وَقيل غسل أَي أَسْبغ الْوضُوء وأكمله ثمَّ اغْتسل بعده للْجُمُعَة 162 - بَاب مَا ورد فِي عدم وجوب الْجُمُعَة على الْمَرْأَة عَن طَارق بن شهَاب قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْجُمُعَة حق وَاجِب على كل مُسلم فِي جمَاعَة إِلَّا على أَرْبَعَة عبد مَمْلُوك أَو امْرَأَة أَو صبي أَو مَرِيض أخرجه أَبُو دَاوُد وَقَالَ طَارق قد رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يعد من أَصْحَابه وَلم يسمع مِنْهُ شَيْئا 163 - بَاب مَا ورد فِي أَخذ الْمَرْأَة الْقُرْآن من لِسَان الْخَطِيب عَن أم هِشَام بنت حَارِثَة بن النُّعْمَان قَالَت مَا أخذت {ق وَالْقُرْآن الْمجِيد} إِلَّا من لِسَان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْجُمُعَة يقْرَأ بهَا على الْمِنْبَر فِي كل جُمُعَة أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ 164 - بَاب مَا ورد فِي قَول الزَّوْج للزَّوْجَة أَحْسَنت عَن عَائِشَة قَالَت اعْتَمَرت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْمَدِينَة حَتَّى إِذا قدمت مَكَّة قلت بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله قصرت وَأَتْمَمْت وَأَفْطَرت وَصمت قَالَ أَحْسَنت يَا عَائِشَة وَمَا عَابَ عَليّ أخرجه النَّسَائِيّ 165 - بَاب مَا ورد فِي تحديث الزَّوْج مَعَ الزَّوْجَة بعد رَكْعَتي الْفجْر عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صلى رَكْعَتي الْفجْر فَإِن

باب ما ورد في إيقاظ المرأة الزوج للصلاة

كنت مستيقظة حَدثنِي وَإِلَّا اضْطجع حَتَّى يُؤذن بِالصَّلَاةِ أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا النَّسَائِيّ 166 - بَاب مَا ورد فِي إيقاظ الْمَرْأَة الزَّوْج للصَّلَاة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رحم الله رجلا قَامَ من اللَّيْل فصلى وَأَيْقَظَ امْرَأَته فَإِن أَبَت نضح فِي وَجههَا المَاء رحم الله امْرَأَة قَامَت من اللَّيْل فصلت وأيقظت زَوجهَا فَإِن أَبى نضحت فِي وَجهه المَاء أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ 167 - بَاب مَا ورد فِي حُضُور النِّسَاء فِي الْمصلى عَن أم عَطِيَّة قَالَت أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يخرج فِي الْعِيد الْعَوَاتِق وَذَوَات الْخُدُور وَالْحيض فَأَما الْحيض فيشهدن جمَاعَة الْمُسلمين ودعائهم ويعتزلن مصلاهم أخرجه الْخَمْسَة 168 - بَاب مَا ورد فِي الصَّلَاة على الْمَرْأَة المائتة عَن نَافِع بن أبي غَالب قَالَ صلى أنس على جَنَازَة رجل فَقَامَ عِنْد رَأسه فَكبر أَربع تَكْبِيرَات وَصلى على امْرَأَة فَقَامَ عِنْد عجيزتها وَكبر أَرْبعا فَقيل لَهُ أهكذا كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصنع قَالَ نعم أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَعَن عُثْمَان وَأبي هُرَيْرَة وَابْن عمر أَنهم كَانُوا يصلونَ على جَنَازَة الرِّجَال وَالنِّسَاء فيجعلون الرِّجَال مِمَّا يَلِي الإِمَام وَالنِّسَاء مِمَّا يَلِي الْقبْلَة أخرجه مَالك وَعَن مُحَمَّد بن أبي حَرْمَلَة أَن زَيْنَب بنت أبي سَلمَة توفيت وطارق أَمِير الْمَدِينَة فَأَنِّي بجنازتها بعد الصُّبْح فَوضعت بِالبَقِيعِ وَكَانَ طَارق يغلس

باب ما ورد في الصلاة على قبر المرأة وعلى الغائب

بالصبح فَقَالَ ابْن عمر لأَهْلهَا إِمَّا أَن تصلوا على جنازتكم الْآن وَإِمَّا أَن تتركوها حَتَّى ترْتَفع الشَّمْس وَعَن عَائِشَة أَنَّهَا لما مَاتَ سعد بن أبي وَقاص قَالَت ادخُلُوا بِهِ الْمَسْجِد حَتَّى أُصَلِّي عَلَيْهِ فأنكروا ذَلِك عَلَيْهَا فَقَالَت مَا أسْرع مَا نسي النَّاس وَالله لقد صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَسْجِد على ابْني بَيْضَاء سُهَيْل وأخيه أخرجه السِّتَّة إِلَّا البُخَارِيّ 169 - بَاب مَا ورد فِي الصَّلَاة على قبر الْمَرْأَة وعَلى الْغَائِب عَن أبي هُرَيْرَة أَن امْرَأَة سَوْدَاء كَانَت تقم الْمَسْجِد ففقدها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَ عَنْهَا فَقَالُوا مَاتَت فَقَالَ أَفلا كُنْتُم آذنتموني فَكَأَنَّمَا صغروا أمرهَا فَقَالَ دلوني على قبرها فدلوه فصلى عَلَيْهَا ثمَّ قَالَ إِن هَذِه الْقُبُور مَمْلُوءَة ظلمَة على أَهلهَا وَإِن الله تَعَالَى ينورها لَهُم بصلاتي عَلَيْهِم أخرجه الشَّيْخَانِ وَاللَّفْظ لمُسلم وَأَبُو دَاوُد والإيذان الْإِعْلَام وَفِي لفظ فَسَأَلَ عَنْهَا بعد أَيَّام فَقيل لَهُ إِنَّهَا مَاتَت فَقَالَ هلا آذنتموني فَأتى قبرها وَصلى عَلَيْهَا رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن مَاجَه بِإِسْنَاد صَحِيح وَاللَّفْظ لَهُ وَابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه إِلَّا أَنه قَالَ إِن امْرَأَة كَانَت تلْتَقط الْخرق والعيدان من الْمَسْجِد وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه أَيْضا وَابْن خُزَيْمَة وَعَن أبي سعيد قَالَ كَانَت سَوْدَاء تقم الْمَسْجِد فَتُوُفِّيَتْ لَيْلًا فَلَمَّا أصبح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخبر بهَا فَقَالَ هلا آذنتموني فَخرج بِأَصْحَابِهِ فَوقف على قبرها فَكبر عَلَيْهَا وَالنَّاس خَلفه ودعا لَهَا ثمَّ انْصَرف وروى الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير عَن ابْن عَبَّاس أَن امْرَأَة كَانَت تلقط القذى من الْمَسْجِد فَتُوُفِّيَتْ فَلم يُؤذن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بدفنها فَقَالَ إِذا مَاتَ لكم ميت فآذنوني وَصلى عَلَيْهَا وَقَالَ إِنِّي رَأَيْتهَا فِي الْجنَّة وروى أَبُو الشَّيْخ الْأَصْفَهَانِي عَن عبيد بن مَرْزُوق قَالَ كَانَت بِالْمَدِينَةِ

باب ما ورد في الرفث

امْرَأَة تقم الْمَسْجِد فَمَاتَتْ فَلم يعلم بهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمر على قبرها فَقَالَ مَا هَذَا الْقَبْر فَقَالُوا قبر أم محجن قَالَ أَهِي الَّتِي كَانَت تقم الْمَسْجِد قَالُوا نعم فَصف النَّاس وَصلى عَلَيْهَا ثمَّ قَالَ أَي الْعَمَل وجدت أفضل قَالُوا يَا رَسُول الله أتسمع قَالَ مَا أَنْتُم بأسمع مِنْهَا فَذكر أَنَّهَا أَجَابَتْهُ وَهَذَا مُرْسل وقم الْمَسْجِد بِالْقَافِ وَتَشْديد الْمِيم كنسه وَعَن ابْن الْمسيب أَن أم سعد مَاتَت وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَائِب فَلَمَّا قدم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى عَلَيْهَا وَقد مضى على ذَلِك شهر أخرجه التِّرْمِذِيّ 170 - بَاب مَا ورد فِي الرَّفَث عَن أبي هُرَيْرَة فِي حَدِيث طَوِيل يرفعهُ قَالَ فَإِذا كَانَ يَوْم صَوْم أحدكُم فَلَا يرْفث وَلَا يصخب الحَدِيث أخرجه السِّتَّة والرفث مُخَاطبَة الرجل الْمَرْأَة بِمَا يُريدهُ مِنْهَا وَقيل هُوَ التَّصْرِيح بِذكر الْجِمَاع وَهُوَ الْحَرَام فِي الْحَج وَأما الرَّفَث فِي الْكَلَام إِذا لم يكن مَعَ امْرَأَة فَلَا يحرم لَكِن يسْتَحبّ تَركه 171 - بَاب مَا ورد فِي استطعام الزَّوْج من الزَّوْجَة فِي صِيَام التَّطَوُّع عَن عَائِشَة قَالَت قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات يَوْم هَل عنْدكُمْ شَيْء قلت لَا قَالَ فَإِنِّي صَائِم فَلَمَّا خرج أهديت لنا هَدِيَّة فَلَمَّا جَاءَ قلت يَا رَسُول الله أهديت لنا هَدِيَّة وَقد خبأت لَك شَيْئا مِنْهَا قَالَ هاتيه فَجئْت بِهِ فَأكل ثمَّ قَالَ كنت أَصبَحت صَائِما أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا البُخَارِيّ

باب ما ورد في القبلة ومباشرة النساء

172 - بَاب مَا ورد فِي الْقبْلَة ومباشرة النِّسَاء عَن عَائِشَة قَالَت إِن كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليقبل بعض أَزوَاجه وَهُوَ صَائِم ثمَّ ضحِكت وَفِي أُخْرَى ويباشر وَهُوَ صَائِم وَكَانَ أملككم لإربه أخرجه السِّتَّة إِلَّا النَّسَائِيّ وَهَذَا لفظ الشَّيْخَيْنِ والإرب الْحَاجة وَهنا حَاجَة الْجِمَاع وَعَن أبي هُرَيْرَة قَالَ سَأَلَ رجل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْمُبَاشرَة للصَّائِم فَرخص لَهُ فَأَتَاهُ آخر فَسَأَلَهُ فَنَهَاهُ وَكَانَ الَّذِي رخص لَهُ شَيخا كَبِيرا وَالَّذِي نَهَاهُ شَابًّا أخرجه أَبُو دَاوُد وَعَن نَافِع أَن عبد الله بن عمر كَانَ ينْهَى عَن الْقبْلَة والمباشرة للصَّائِم أخرجه مَالك 173 - بَاب مَا ورد فِي صَوْم الْمَرْأَة يَوْم عَرَفَة عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد قَالَ كَانَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا تَصُوم يَوْم عَرَفَة وَلَقَد رَأَيْتهَا عَشِيَّة عَرَفَة يدْفع الإِمَام ثمَّ تقف حَتَّى يبيض مَا بَينهَا وَبَين النَّاس من الأَرْض ثمَّ تَدْعُو بِالْمَاءِ فتفطر أخرجه مَالك 174 - بَاب مَا ورد فِي إفطار الْمَرْأَة عَن عمَارَة بنت كَعْب أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل عَلَيْهَا فَقدمت إِلَيْهِ طَعَاما فَقَالَ لَهَا كلي فَقَالَت إِنِّي صَائِمَة فَقَالَ إِن الصَّائِم إِذا أكل طَعَامه عِنْده صلت عَلَيْهِ الْمَلَائِكَة حَتَّى يفرغوا أخرجه التِّرْمِذِيّ

باب ما ورد في صوم المرأة عن أمها

175 - بَاب مَا ورد فِي صَوْم الْمَرْأَة عَن أمهَا عَن ابْن عَبَّاس قَالَ جَاءَت امْرَأَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت إِن أُمِّي مَاتَت وَعَلَيْهَا صَوْم نذر أفأصوم عَنْهَا قَالَ أَرَأَيْت لَو كَانَ على أمك دين فقضيته أَكَانَ يُؤَدِّي ذَلِك عَنْهَا قَالَت نعم قَالَ فصومي عَن أمك أخرجه الْخَمْسَة 176 - بَاب مَا ورد فِي قَضَاء الصَّوْم للْمَرْأَة عَن عَائِشَة قَالَت كنت أَنا وَحَفْصَة صائمتين فأهدي لنا طَعَام فأكلنا مِنْهُ فَدخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت حَفْصَة وبدرتني بالْكلَام وَكَانَت بنت أَبِيهَا يَا رَسُول الله إِنِّي أَصبَحت أَنا وَعَائِشَة صائمتين متطوعتين فاهدي لنا طَعَام فأفطرنا عَلَيْهِ فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اقضيا مَكَانَهُ يَوْمًا آخر أخرجه مَالك وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَعَن أَسمَاء بنت أبي بكر قَالَت أفطرنا على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم غيم ثمَّ طلعت الشَّمْس فَقيل لهشام أفأمروا بِالْقضَاءِ قَالَ لَا بُد من قَضَاء أخرجه البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَعَن أسلم قَالَ فعل ذَلِك عمر يَعْنِي الْقَضَاء وَقَالَ الْخطب يسير وَقد اجتهدنا أخرجه مَالك الْخطب الْأَمر والشأن 177 - بَاب مَا ورد فِي مواقعة الْأَهْل فِي رَمَضَان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ جَاءَ رجل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله هَلَكت قَالَ مَا أهْلكك قَالَ وَقعت على أَهلِي وَأَنا صَائِم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَل تَجِد رَقَبَة تعتقها قَالَ لَا قَالَ فَهَل تَسْتَطِيع أَن تَصُوم شَهْرَيْن مُتَتَابعين قَالَ لَا قَالَ هَل تَجِد إطْعَام سِتِّينَ مِسْكينا قَالَ لَا قَالَ فاجلس

باب ما ورد في بكاء المرأة على الصبي

فَبينا نَحن على ذَلِك إِذْ أُتِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعرق فِيهِ تمر فَقَالَ أَيْن السَّائِل قَالَ أَنا قَالَ خُذ هَذَا فَتصدق بِهِ قَالَ أَعلَى الأَرْض أفقر مني فوَاللَّه مَا بَين لابتيها أهل بَيت أفقر منا فَضَحِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ أطْعمهُ أهلك والعرق الزنبيل أخرجه السِّتَّة إِلَّا النَّسَائِيّ واللابة الأَرْض ذَات الْحِجَارَة السود الْكَثِيرَة وَهِي الْحرَّة ولابتا الْمَدِينَة حرتاها من جانبيها وَعَن مَالك أَنه بلغه أَن عبد الله بن عمر سُئِلَ عَن الْحَامِل إِذا خَافت على وَلَدهَا وَاشْتَدَّ عَلَيْهَا الصّيام فَقَالَ تفطر وَتطعم مَكَان كل يَوْم مِسْكينا مدا من حِنْطَة بِمد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم 178 - بَاب مَا ورد فِي بكاء الْمَرْأَة على الصَّبِي عَن أنس قَالَ أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على امْرَأَة تبْكي على صبي لَهَا فَقَالَ اتقِي الله واصبري فَقَالَت وَمَا تبالي بمصيبتي فَلَمَّا ذهب قيل لَهَا إِنَّه رَسُول الله فَأَخذهَا مثل الْمَوْت فَأَتَت بَابه فَلم تَجِد على بَابه بوابين فَدخلت وَقَالَت يَا رَسُول الله لم أعرفك فَقَالَ الصَّبْر عِنْد الصدمة الأولى أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا النَّسَائِيّ 179 - بَاب مَا ورد فِي إخلاف الْمُصِيبَة بِخَير مِنْهَا عَن أم سَلمَة قَالَت سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من أُصِيب بمصيبة فَقَالَ مَا أمره الله إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون أللهم أجرني فِي مصيبتي واخلف لي خيرا مِنْهَا إِلَّا أخلف الله لَهُ خيرا مِنْهَا قَالَت فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلمَة قلت أَي الْمُسلمين خير من أبي سَلمَة أول بَيت هَاجر إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ إِنِّي قلتهَا فأخلف الله لي رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت فَأرْسل إِلَيّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَاطِب بن أبي بلتعة يخطبني لَهُ فَقلت إِن لي بِنْتا وَأَنا غيور فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أما ابْنَتهَا فندعو الله أَن يغنيها عَنْهَا وأدعو الله أَن يذهب بالغيرة أخرجه مُسلم وَمَالك وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ

باب ما ورد في أجر الصبر على الصرع

180 - بَاب مَا ورد فِي أجر الصَّبْر على الصرع عَن عَطاء بن أبي ريَاح قَالَ قَالَ لي ابْن عَبَّاس أَلا أريك امْرَأَة من أهل الْجنَّة قلت بلَى قَالَ هَذِه الْمَرْأَة السَّوْدَاء أَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت إِنِّي أصرع وَإِنِّي أتكشف فَادع الله لي قَالَ إِن شِئْت صبرت وَلَك الْجنَّة وَإِن شِئْت دَعَوْت الله أَن يعافيك قَالَت أَصْبِر فَادع الله لي أَن لَا أتكشف فَدَعَا لَهَا أخرجه الشَّيْخَانِ 181 - بَاب مَا ورد فِي تَعْزِيَة الْمَرْأَة عَن موت أبنها عَن أُسَامَة بن زيد قَالَ أرْسلت بنت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَيْهِ تَقول إِن ابْنا لي احْتضرَ فاشهده فَأرْسل يقْرَأ السَّلَام وَيَقُول إِن لله مَا أَخذ وَللَّه مَا أعْطى وكل شَيْء عِنْده بِأَجل مُسَمّى فَلتَصْبِر ولتحتسب أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا التِّرْمِذِيّ 182 - بَاب مَا ورد فِي طَاعَة الْمَرْأَة للزَّوْج عَن أنس قَالَ اشْتَكَى ابْن لأبي طَلْحَة فَمَاتَ وَأَبُو طَلْحَة خَارج وَلم يعلم بِمَوْتِهِ فَلَمَّا رَأَتْ امْرَأَته أَنه قد مَاتَ هيأت شَيْئا ونحته فِي جَانب الْبَيْت فَلَمَّا جَاءَ أَبُو طَلْحَة قَالَ كَيفَ الْغُلَام قَالَت قد هدأت نَفسه وَأَرْجُو أَن يكون قد استراح فَظن أَبُو طَلْحَة أَنَّهَا صَادِقَة ثمَّ قربت لَهُ الْعشَاء ووطأت لَهُ الْفراش فَلَمَّا أصبح اغْتسل فَلَمَّا أَرَادَ أَن يخرج أعلمته بِمَوْت الْغُلَام فصلى مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ أخبرهُ بِمَا كَانَ مِنْهَا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَعَلَّه أَن يُبَارك الله لَكمَا فِي ليلتكما فجاءهما تِسْعَة أَوْلَاد كلهم قرأوا الْقُرْآن أخرجه البُخَارِيّ 183 - بَاب مَا ورد فِي هَلَاك الْمَرْأَة وتعزية زَوجهَا عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد قَالَ هَلَكت امْرَأَة لي فَأَتَانِي مُحَمَّد بن كَعْب

باب ما ورد في كثرة النساء في آخر الزمان

الْقرظِيّ يعزيني بهَا فَقَالَ إِنَّه كَانَ فِي بني اسرائيل رجل فَقِيه عَالم عَابِد مُجْتَهد وَكَانَت لَهُ امْرَأَة وَكَانَ بهَا معجبا فَمَاتَتْ فَوجدَ عَلَيْهَا وجدا شَدِيدا حَتَّى خلا فِي بَيت وأغلق على نَفسه واحتجب فَلم يكن يدْخل عَلَيْهِ أحد فَسمِعت بِهِ امْرَأَة من بني اسرائيل فَجَاءَتْهُ فَقَالَت إِن لي إِلَيْهِ حَاجَة أستفتيه فِيهَا لَيْسَ يجزيني إِلَّا أَن اشافهه بهَا ولزمت بَابه فَأخْبر بهَا فَأذن لَهَا فَقَالَت أستفتيك فِي أَمر قَالَ وَمَا هُوَ قَالَت إِنِّي استعرت من جَارة لي حليها فَكنت ألبسهُ زَمَانا ثمَّ إِنَّهَا أرْسلت تطلبه أفأرده إِلَيْهَا قَالَ نعم قَالَت وَالله إِنَّه قد مكث عِنْدِي زَمَانا فَقَالَ ذَاك أَحَق لردك إِيَّاه فَقَالَت لَهُ يَرْحَمك الله أفتأسف على مَا اعارك الله ثمَّ أَخذه مِنْك وَهُوَ أَحَق بِهِ مِنْك فأبصر مَا كَانَ فِيهِ ونفعه الله بقولِهَا أخرجه مَالك 184 بَاب مَا ورد فِي كَثْرَة النِّسَاء فِي آخر الزَّمَان عَن أبي مُوسَى قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليَأْتِيَن على النَّاس زمَان يطوف الرجل فِيهِ بِالصَّدَقَةِ من الذَّهَب فَلَا يجد أحدا يَأْخُذهَا مِنْهُ وَيرى الرجل الْوَاحِد قد اتبعهُ أَرْبَعُونَ امْرَأَة يلذن بِهِ من قلَّة الرِّجَال وَكَثْرَة النِّسَاء أخرجه الشَّيْخَانِ 185 - بَاب مَا جَاءَ فِي الصَّدَقَة على الزَّانِيَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ رجل من بني إِسْرَائِيل لأتصدقن اللَّيْلَة بِصَدقَة فَخرج بِصَدَقَتِهِ إِلَى أَن قَالَ فوضعها فِي يَد زَانِيَة فَأَصْبحُوا يتحدثون تصدق اللَّيْلَة على زَانِيَة فَقَالَ اللَّهُمَّ لَك الْحَمد على زَانِيَة فَقيل أما صدقتك فقد قبلت وَأما الزَّانِيَة فلعلها أَن تستعف عَن زنَاهَا الحَدِيث أخرجه الشَّيْخَانِ وَالنَّسَائِيّ بِطُولِهِ وَفِيه ذكر الصَّدَقَة على السَّارِق والغني

باب ما ورد في الصدقة على الزوجة

186 - بَاب مَا ورد فِي الصَّدَقَة على الزَّوْجَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا بِالصَّدَقَةِ فَقَالَ رجل يَا رَسُول الله عِنْدِي دِينَار قَالَ تصدق بِهِ على نَفسك قَالَ عِنْدِي آخر قَالَ تصدق بِهِ على ولدك قَالَ عِنْدِي آخر قَالَ تصدق بِهِ على زَوجتك قَالَ عِنْدِي آخر قَالَ تصدق بِهِ على خدمك قَالَ عِنْدِي آخر قَالَ أَنْت أبْصر بِهِ أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ 187 - بَاب مَا ورد فِي إِنْفَاق الْمَرْأَة من بَيت زَوجهَا عَن عَائِشَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أنفقت الْمَرْأَة من طَعَام بَيت زَوجهَا غير مفْسدَة فلهَا أجرهَا بِمَا أنفقت وَللزَّوْج بِمَا اكْتسب وللخازن مثل ذَلِك لاينقص أجر بَعضهم من أجر بعض شَيْئا أخرجة الْخَمْسَة وَعَن أبي أُمَامَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تنْفق الْمَرْأَة من بَيت زَوجهَا إِلَّا بِإِذْنِهِ قيل يَا رَسُول الله وَلَا الطَّعَام قَالَ ذَلِك أفضل أَمْوَالنَا أخرجه التِّرْمِذِيّ وَعَن ابْن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يجوز لامْرَأَة عَطِيَّة إِلَّا بِإِذن زَوجهَا 188 - بَاب مَا ورد فِي الصَّدَقَة عَن الْأُم عَن ابْن عَبَّاس أَن رجلا قَالَ يَا رَسُول الله إِن أُمِّي توفيت أينفعها أَن أَتصدق عَنْهَا قَالَ نعم قَالَ إِن لي مخرافا فَأَنا أشهدك أَنِّي تَصَدَّقت بِهِ عَنْهَا أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا مُسلما والمخراف الحديقة وَعَن سعد بن عبَادَة قَالَ قلت يَا رَسُول الله إِن أُمِّي مَاتَت فَأَي

باب ما ورد في صلة الأرحام وقطعها

الصَّدَقَة أفضل قَالَ المَاء فحفر بِئْرا وَقَالَ هَذِه لأم سعد أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ 189 - بَاب مَا ورد فِي صلَة الْأَرْحَام وقطعها عَن عَائِشَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الرَّحِم معلقَة بالعرش تَقول من وصلني وَصله الله وَمن قطعني قطعه الله أخرجه الشَّيْخَانِ وَعَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من سره أَن يبسط الله تَعَالَى لَهُ فِي رزقه وَأَن ينسأ لَهُ فِي أَثَره فَليصل رَحمَه أخرجه البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَعند التِّرْمِذِيّ تعلمُوا من أنسابكم مَا تصلونَ بِهِ أَرْحَامكُم فَإِن صلَة الرَّحِم محبَّة فِي الْأَهْل مثراة فِي المَال منسأة فِي الْأَثر وينسأ أَي يُؤَخر والأثر هُنَا الْأَجَل وَعَن مَيْمُون قَالَت أعتقت وليدة وَلم اسْتَأْذن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا كَانَ يَوْمهَا الَّذِي يَدُور عَلَيْهَا فِيهِ قَالَت يَا رَسُول الله أشعرت أَنِّي أعتقت وليدتي قَالَ أوفعلت قَالَت نعم أما أَنَّك لَو أعطيتهَا أخوالك كَانَ أعظم لأجرك أخرجه الشَّيْخَانِ وَأَبُو دَاوُد وَعَن سلمَان بن عَامر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصَّدَقَة على الْمِسْكِين صَدَقَة وعَلى ذَوي الرَّحِم ثِنْتَانِ صَدَقَة وصلَة أخرجه النَّسَائِيّ وَعَن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الرَّحِم شجنة من الرَّحْمَن فَمن وَصلهَا وَصله الله وَمن قطعهَا قطعه الله أخرجه التِّرْمِذِيّ والشجنة بِكَسْر الشين وَفتحهَا بعْدهَا جِيم الْقَرَابَة المشتبكة كاشتباك الْعُرُوق وَعَن عبد الله بن أبي أوفى قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ

باب ما ورد في حق الرجل على الزوجة من الوقاع وغيره

لَا يجالسنا الْيَوْم قَاطع رحم فَقَامَ فَتى من الْحلقَة فَأتى خَالَة لَهُ كَانَ بَينهمَا بعض الشَّيْء فَاسْتَغْفر لَهَا واستغفرت لَهُ ثمَّ عَاد إِلَى الْمجْلس فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الرَّحْمَة لَا تنزل على قوم فيهم قَاطع رحم رَوَاهُ الْأَصْبَهَانِيّ وَالطَّبَرَانِيّ مُخْتَصر 190 - بَاب مَا ورد فِي حق الرجل على الزَّوْجَة من الوقاع وَغَيره عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو كنت آمرا أحدا أَن يسْجد لأحد لأمرت الزَّوْجَة أَن تسْجد لزَوجهَا أخرجه التِّرْمِذِيّ وَعَن أم سَلمَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيّمَا امْرَأَة مَاتَت وَزوجهَا عَنْهَا رَاض دخلت الْجنَّة أخرجه التِّرْمِذِيّ وَعَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ مَا من رجل يَدْعُو امْرَأَته إِلَى فرَاشه فتأبى عَلَيْهِ إِلَّا كَانَ الَّذِي فِي السَّمَاء ساخطا عَلَيْهَا حَتَّى يرضى عَنْهَا زَوجهَا وَفِي رِوَايَة إِذا دَعَا الرجل امْرَأَته إِلَى فرَاشه فَأَبت أَن تَجِيء فَبَاتَ غَضْبَان لعنتها الْمَلَائِكَة حَتَّى تصبح وَفِي رِوَايَة حَتَّى ترجع وَفِي رِوَايَة إِذا باتت الْمَرْأَة مهاجرة فرَاش زَوجهَا لعنتها الْمَلَائِكَة الحَدِيث أخرجه الشَّيْخَانِ وَأَبُو دَاوُد وَعنهُ قَالَ قيل يَا رَسُول الله أَي النِّسَاء خير قَالَ الَّتِي تسرهُ إِذا نظر إِلَيْهَا وَتُطِيعهُ إِذا أمرهَا وَلَا تخَالفه فِي نَفسهَا وَلَا مَالهَا بِمَا يكره أخرجه النَّسَائِيّ وَعَن عَطاء بن دِينَار الْهُذلِيّ يرفعهُ ثَلَاثَة لَا يقبل مِنْهُم صَلَاة وَلَا تصعد إِلَى السَّمَاء وَلَا تجَاوز رؤوسهم الحَدِيث وعدها وَقَالَ فِيهَا وَامْرَأَة دَعَاهَا زَوجهَا من اللَّيْل فَأَبت عَلَيْهِ رَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه هَكَذَا مُرْسلا وَرُوِيَ لَهُ سَنَد آخر إِلَى أنس يرفعهُ

وَعَن إِبْنِ عَبَّاس عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ثَلَاثَة لَا ترْتَفع صلَاتهم فَوق رؤوسهم شبْرًا الحَدِيث وفيهَا وَامْرَأَة باتت وَزوجهَا عَلَيْهَا ساخط الخ رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَلَفظه وَامْرَأَة باتت وَزوجهَا عَلَيْهَا غَضْبَان وَعَن أبي أُمَامَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثَة لَا تجَاوز صلَاتهم آذانهم العَبْد الْآبِق حَتَّى يرجع وَامْرَأَة باتت وَزوجهَا عَلَيْهَا ساخط الحَدِيث رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن غَرِيب وَعَن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يسْأَل الرجل فيمَ ضرب امْرَأَته أخرجه أَبُو دَاوُد وَعَن أبي سعيد قَالَ جَاءَت امْرَأَة صَفْوَان بن الْمُعَطل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَصَفوَان عِنْده فَقَالَت يَا رَسُول الله زَوجي يضربني إِذا صليت ويفطرني إِذا صمت وَلَا يُصَلِّي الْفجْر حَتَّى تطلع الشَّمْس فَسَأَلَهُ عَمَّا قَالَت فَقَالَ يَا رَسُول الله أما قَوْلهَا يضربني إِذا صليت فَإِنَّهَا تقْرَأ بسورتين وَقد نهيتها فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو كَانَت سُورَة وَاحِدَة لكفت النَّاس وَأما قَوْلهَا يفطرني إِذا صمت فَإِنَّهَا تَنْطَلِق تَصُوم وَأَنا رجل شَاب لَا أَصْبِر فَقَالَ رَسُول الله لَا تَصُوم امْرَأَة إِلَّا بِإِذن زَوجهَا وَأما قَوْلهَا لَا يُصَلِّي حَتَّى تطلع الشَّمْس فَإنَّا أهل بَيت قد عرف لنا ذَلِك لَا نكاد نستيقظ حَتَّى تطلع الشَّمْس فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا استيقظت يَا صَفْوَان فصل أخرجه أَبُو دَاوُد وَعَن أبي الْورْد بن ثُمَامَة قَالَ قَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ لِابْنِ أعبد أَلا أحَدثك عني وَعَن فَاطِمَة بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَت من أحب أَهله إِلَيْهِ قلت بلَى قَالَ إِنَّهَا جرت بالرحى حَتَّى أثرت فِي يَدهَا واستقت بالقربة حَتَّى أثرت فِي نحرها وكنست الْبَيْت حَتَّى اغبرت ثِيَابهَا فَأتي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بخدم فَقلت لَهَا لَو أتيت أَبَاك فَسَأَلته خَادِمًا فَأَتَتْهُ فَوجدت

باب ما ورد في حق المرأة على الزوج

عِنْده أحداثا فَرَجَعت فَأَتَاهَا من الْغَد فَقَالَ مَا كَانَت حَاجَتك فَسَكَتَتْ فَقلت أَنا أحَدثك يَا رَسُول الله إِنَّهَا جرت بالرحى حَتَّى أثرت فِي يَدهَا وحملت بالقربة حَتَّى أثرت فِي نحرها فَلَمَّا أَن جَاءَ الخدم أَمَرتهَا أَن تَأْتِيك تستخدمك خَادِمًا يَقِيهَا حر مَا هِيَ فِيهِ فَقَالَ اتقِي الله يَا فَاطِمَة وَأدِّي فَرِيضَة رَبك واعملي عمل أهلك وَإِذا أخذت مضجعك فسبحي ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ واحمدي ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وكبري أَرْبعا وَثَلَاثِينَ فَذَلِك مائَة هِيَ خير لَك من خَادِم قَالَت رضيت عَن الله وَعَن رَسُوله وَلم يخدمها خَادِم أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا النَّسَائِيّ دلّ الحَدِيث على أَن على الزَّوْجَة خدمَة الزَّوْج وَعمل الْبَيْت وَهل هَذَا الْأَمر للْإِيجَاب أم للإرشاد فِيهِ خلاف وَالظَّاهِر الثَّانِي 191 - بَاب مَا ورد فِي حق الْمَرْأَة على الزَّوْج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتَوْصُوا بِالنسَاء فَإِن الْمَرْأَة خلقت من ضلع وَإِن أَعْوَج مَا فِي الضلع أَعْلَاهُ فَإِن ذهبت تُقِيمهُ كَسرته وَإِن تركته لم يزل أَعْوَج فَاسْتَوْصُوا بِالنسَاء خيرا أخرجه الشَّيْخَانِ وَالتِّرْمِذِيّ وَعَن عَمْرو بن الْأَحْوَص قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتَوْصُوا بِالنسَاء خيرا فَإِنَّهُنَّ عوان عنْدكُمْ لَسْتُم تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئا غير ذَلِك إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبينَة فَإِن فعلن فاهجروهن فِي الْمضَاجِع واضربوهن ضربا غير مبرح فَإِن أطعنكم فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا أَلا إِن لكم على نِسَائِكُم حَقًا ولنسائكم عَلَيْكُم حَقًا فحقكم عَلَيْهِنَّ أَن لَا يوطئن فرشكم من تَكْرَهُونَ وَلَا يَأْذَن فِي بُيُوتكُمْ لمن تَكْرَهُونَ أَلا وحقهن عَلَيْكُم أَن تحسنوا إلَيْهِنَّ فِي كسوتهن وطعامهن أخرجه التِّرْمِذِيّ عوان جمع

عانية وَهِي الْأَسِيرَة شبه الْمَرْأَة فِي دُخُولهَا تَحت حكم الزَّوْج بالأسير والمبرح الشَّديد والشاق وَعَن حَكِيم بن مُعَاوِيَة عَن أَبِيه قَالَ قلت يَا رَسُول الله مَا حق زَوْجَة أَحَدنَا عَلَيْهِ قَالَ أَن تطعمها إِذا طعمت وَأَن تكسوها إِذا اكتسيت وَلَا تضرب الْوَجْه وَلَا تقبح وَلَا تهجر إِلَّا فِي الْبَيْت أخرجه أَبُو دَاوُد وَحَدِيث أم زرع عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت جَلَست إِحْدَى عشرَة امْرَأَة فتعاهدن وتعاقدن أَن لَا يكتمن من أَخْبَار أَزوَاجهنَّ شَيْئا فَقَالَت الأولى زَوجي لحم جمل غث على رَأس جبل وعر لَا سهل فيرتقي وَلَا سمين فَينْتَقل وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ فينتقى وَقَالَت الثَّانِيَة زَوجي لَا أبث خَبره إِنِّي أَخَاف أَن لَا أذره إِن أذكرهُ أذكر عُجَره وبجرة وَقَالَت الثَّالِثَة زَوجي العشنق إِن أنطق أطلق وَإِن أسكت أعلق وَقَالَت الرَّابِعَة زَوجي كليل تهَامَة لَا حر وَلَا قر وَلَا مَخَافَة وَلَا سآمة وَقَالَت الْخَامِسَة زَوجي إِن دخل فَهد وَإِن خرج أَسد وَلَا يسْأَل عَمَّا عهد وَقَالَت السَّادِسَة زَوجي إِن أكل لف وَإِن شرب اشتف وَإِن اضْطجع التف وَلَا يولج الْكَفّ ليعلم البث وَقَالَت السَّابِعَة زَوجي عياياء أَو غياياء طباقاء كل دَاء لَهُ دَوَاء شجك أَو فلك أَو جمع كلا لَك وَقَالَت الثَّامِنَة زَوجي الْمس مس أرنب وَالرِّيح ريح زرنب وَقَالَت التَّاسِعَة زَوجي رفيع الْعِمَاد طَوِيل النجاد عَظِيم الرماد قريب الْبَيْت من الناد وَقَالَت الْعَاشِرَة زَوجي مَالك وَمَا ملك مَالك خير من ذَلِك لَهُ إبل كثيرات الْمُبَارك قليلات المسارح وَإِذا سمعن صَوت المزهر أَيقَن أَنَّهُنَّ هوالك وَقَالَت الْحَادِيَة عشرَة زَوجي أَبُو زرع وَمَا أَبُو زرع أنَاس من حلي أُذُنِي وملأ من شَحم عضدي وبجحني فبجحت إِلَيّ نَفسِي وجدني فِي أهل غنيمَة بشق فجعلني فِي أهل صَهِيل وأطيط

ودائس ومنق فَعنده أَقُول فَلَا أقبح وأرقد فأتصبح وأشرب فأتقنح أم أبي زرع فَمَا أم أبي زرع عكومها رداح وبيتها فساح وَابْن أبي زرع وَمَا ابْن أبي زرع مضجعه كمسل شطبة وتشبعه ذِرَاع الجفرة وَبنت أبي زرع وَمَا بنت أبي زرع طوع أَبِيهَا وطوع أمهَا وملء كسائها وَفِي رِوَايَة وصفر ردائها وغيظ جارتها وَجَارِيَة أبي زرع وَمَا جَارِيَة أبي زرع لَا تبث حديثنا تبثيثا وَلَا تنقث ميرتنا تنقيثا وَلَا تملأ بيتنا تعشيشا قَالَت خرج أَبُو زرع والأوطاب تمخض فلقي امْرَأَة مَعهَا ولدان لَهَا كالفهدين يلعبان من تَحت خصرها برمانتين فطلقني ونكحها فنكحت بعده رجلا سريا ركب شريا وَأخذ خطيا وأراح عَليّ نعما ثريا وَأَعْطَانِي من كل رَائِحَة زوجا وَقَالَ كلي أم زرع وميري أهلك قَالَت فَلَو جمعت كل شَيْء أعطانيه مَا بلغ أَصْغَر آنِية أبي زرع قَالَت عَائِشَة قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كنت لَك كَأبي زرع لأم زرع أخرجه الشَّيْخَانِ البُخَارِيّ وَمُسلم قَالَ فِي تيسير الْوُصُول وَقد سقط حَدِيث أم زرع من تَجْرِيد قَاضِي الْقُضَاة وأثبته هُنَا من جَامع الْأُصُول لشهرته وَقد أفرد شرح هَذَا الحَدِيث بالتأليف فَرَأَيْت أَن أذكر هَا هُنَا من الْكَلَام عَلَيْهِ مَا تمس الْحَاجة إِلَيْهِ مِمَّا لَا بُد مِنْهُ فَأَقُول وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق قَول الأولى زَوجي لحم جمل غث أَي مهزول على رَأس جبل يصعب الْوُصُول إِلَيْهِ إِلَّا بِمَشَقَّة شَدِيدَة وَقَول الثَّانِيَة لَا أبث خَبره أَي لَا أنشره وأشيعه وَقَوْلها إِنِّي أَخَاف أَن لَا أذره أَي خَبره طَوِيل إِن شرعت فِي تَفْصِيله لَا أقدر على إِتْمَامه لكثرته والعجر والبجر المُرَاد بهما عيوبه الْبَاطِنَة وأسراره الكامنة والعجر تعقد العصب وَالْعُرُوق حَتَّى ترى ناتئة فِي الْجَسَد والبجر نَحْوهَا إِلَّا أَنَّهَا فِي الْبَطن خَاصَّة

وَقَول الثَّالِثَة العشنق هُوَ الطَّوِيل بِلَا نفع فَإِن ذكرت عيوبه طَلقنِي وَإِن سكت عَنْهَا علقني فتركني لَا عزبة وَلَا مُزَوّجَة قَالَ تَعَالَى {فتذروها كالمعلقة} وَقَول الرَّابِعَة كليل تهَامَة الخ هَذَا وصف بليغ وَصفته بِعَدَمِ الْأَذَى وبالراحة ولذاذة الْعَيْش والاعتدال كليل تهَامَة الَّذِي لَا حر فِيهِ وَلَا برد مفرطين وَأَنَّهَا لَا تخَاف غائلته لكرم أخلاقه وَلَا تخشى مِنْهُ مللا وَلَا سآمة وَقَول الْخَامِسَة زَوجي إِن دخل فَهد الخ هَذَا مدح بليغ وَصفته بِكَثْرَة النّوم إِذا دخل بَيته وَعدم السُّؤَال عَمَّا ذهب من مَتَاعه وَمَا بَقِي لقولها ولَا يسْأَل عَمَّا عهد أَي عَهده فِي الْبَيْت من مَتَاعه وَمَاله لكرمة وَقَوْلها إِن خرج أَسد أَي إِذا خرج إِلَى النَّاس ومارس الْحَرْب كَانَ كالأسد تصفه بالشجاعة وَقَول السَّادِسَة إِن أكل لف أَي أَكثر من الطَّعَام وخلط من صنوفه حَتَّى لَا يبْقى شَيْئا وَإِن شرب اشتف أَي استوعب جَمِيع مَا فِي الْإِنَاء لَا يولج الْكَفّ الخ هَذَا ذمّ لَهُ أَرَادَت أَنه إِن رقد واضطجع التف فِي ثِيَابه نَاحيَة وَلم يضاجعني ليعلم مَا عِنْدِي من محبته وَلَا بَث هُنَاكَ إِلَّا محبَّة الدنو من زَوجهَا وَقَول السَّابِعَة عياياء الخ بِمُهْملَة ومعجمة وَمَعْنَاهُ بِالْمُهْمَلَةِ الَّذِي لَا يلقح وَهُوَ الْعنين الَّذِي تعييه مباضعة النِّسَاء ويعجز عَنْهَا وبالمعجمة الَّذِي لَا يَهْتَدِي إِلَى مَسْلَك من الغياية وَهِي الظلمَة وَمعنى طباقاء المنطبقة عَلَيْهِ أُمُوره حمقا وَقيل الغبي الأحمق الفدم وَقَوْلها كل دَاء لَهُ دَوَاء أَي جَمِيع أدواء النَّاس مجتمعة فِيهِ والشج جرح الرَّأْس والفل الْكسر وَالضَّرْب تَقول أَنا مَعَه بَين جرح رَأس أَو ضرب أَو كسر عُضْو أَو جمع بَينهمَا

وَقَول الثَّامِنَة الْمس مس أرنب الخ وَصفته بلين الْخلق والجانب وَحسن الْعشْرَة وَأَنه طيب الرّيح أَو طيب الثَّنَاء فِي النَّاس وَقَول التَّاسِعَة رفيع الْعِمَاد الخ هُوَ وصف لَهُ بالشرف وسناء الذّكر والرفعة فِي قومه وطَوِيل النجاد بِكَسْر النُّون وصف لَهُ بطول الْقَامَة والنجاد حمائل السَّيْف والطويل يحْتَاج إِلَى طول حمائل سَيْفه وَالْعرب تمدح بذلك وعظيم الرماد وصف لَهُ بالجود وَكَثْرَة الضِّيَافَة من اللحوم وَالْخبْز فيكثر وقوده وَيكثر رماده وَقَوْلها قريب الْبَيْت من الناد أَي النادي وَهُوَ مجْلِس الْقَوْم وصف لَهُ بِالْكَرمِ والسؤدد لِأَنَّهُ لَا يقرب الْبَيْت من النادي إِلَّا من هَذِه صفته لِأَن الضيفان يقصدون النادي وَأَصْحَاب النادي يَأْخُذُونَ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ فِي مجلسهم من الْبَيْت الْقَرِيب من النادي وَهَذِه صفة الْكِرَام واللئام بِخِلَاف ذَلِك وَقَول الْعَاشِرَة زَوجي مَالك الخ تَقول هُوَ خير مِمَّا أصفه بِهِ لَهُ إبل كَثِيرَة فَهِيَ باركة بفنائه لَا يوجهها تسرح إِلَّا قَلِيلا عِنْد الضَّرُورَة ومعظم أَوْقَاتهَا تكون باركة بفنائه فَإِذا نزل بِهِ الضَّيْف قراهم من أَلْبَانهَا ولحومها والمزهر بِكَسْر الْمِيم عود الْغناء الَّذِي يضْرب بِهِ أَرَادَت أَن زَوجهَا عود إبِله إِذا نزل بِهِ الضيفان النَّحْر لَهُم مِنْهَا وإتيانهم بالعيدان وَالْمَعَازِف وَالشرَاب فَإِذا سَمِعت الْإِبِل صَوت المزهر علِمْنَ أَنه قد جَاءَ الضيفان وأنهن منحورات هوالك وَقَول الْحَادِيَة عشرَة زوحي أَبُو زرع الخ فَمَعْنَى أنَاس بنُون مُهْملَة من النوس وَهِي الْحَرَكَة من كل شَيْء متدل وأذني بتَشْديد الْيَاء على التَّثْنِيَة أَي حلاني قرطة وشنوفا فيهمَا فَهِيَ تنوس أَي تتحرك لكثرتها وَمعنى مَلأ من شَحم عضدي أَي أسمني وملأ بدني شحما لِأَن العضدين إِذا سمنا فغيرهما أولى وبجحني بتَشْديد الْجِيم فبجحت بِكَسْر الْجِيم وَفتحهَا وَالْفَتْح أفْصح أَي فرحني فَفَرِحت

وعظمني فعظمت عِنْد نَفسِي وغنيمة بِضَم الْغَيْن تَصْغِير الْغنم أَرَادَت أَن أَهلهَا كَانُوا أَصْحَاب غنم لَا أَصْحَاب خيل وإبل لِأَن الصهيل أصوات الْخَيل والأطيط أصوات الْإِبِل وحنينها وَالْعرب إِنَّمَا تَعْتَد بأصحابهما لَا بأصحاب الْغنم وَقَوله بشق بِكَسْر الشين وَفتحهَا قَالَ أَبُو عبيد هُوَ بِالْفَتْح والمحدثون يكسرونه تَعْنِي بشق جبل أَي ناحيته لقلتهم وَقلة غَنمهمْ ودائس هُوَ الَّذِي يدوس الزَّرْع فِي بيدره ومنق بِضَم أَوله وَفتح ثَانِيه على الْمَشْهُور وَقد يكسر وَتَشْديد الْقَاف وَالْمرَاد بِهِ بِالْفَتْح عِنْد الْجُمْهُور الَّذِي ينقي الطَّعَام أَي يُخرجهُ من تبنه وقشوره وينقيه وَقَوْلها فَعنده أَقُول فَلَا أقبح أَي لَا يقبح قولي فَيردهُ بل يقبله مني وأرقد فأتصبح أَي أَنَام الصبحة أَي بعد الصَّباح لكفايتها بِمن يخدمها وَقَوْلها أشْرب فاتقمح بِالْمِيم بعد الْقَاف وبالنون بدل الْمِيم مَعْنَاهُ بِالْمِيم أروي حَتَّى أدع الشَّرَاب من شدَّة الرّيّ وبالنون أقطع الشّرْب وأتمهل فِيهِ والعكوم الأعدال وأوعية الطَّعَام والرداح الْعَظِيمَة الْكَبِيرَة وفساح بِفَتْح الْفَاء وَتَخْفِيف السِّين الْمُهْملَة أَي وَاسع ومسل بِفَتْح الْمِيم وَالسِّين الْمُهْملَة وَتَشْديد اللَّام وشطبة بشين مُعْجمَة مَفْتُوحَة ثمَّ طاء مُهْملَة سَاكِنة ثمَّ مُوَحدَة ثمَّ تَاء مَا شطب من جريد النّخل أَي شقّ لِأَن الجريدة تشق مِنْهَا قضبان فمرادها أَنه مهفهف قَلِيل اللَّحْم كالشطبة وَهُوَ مِمَّا يمدح بِهِ الرجل وَقيل أَرَادَت أَنه كالسيف يسل من غمده والذراع مُؤَنّثَة وَقد تذكر والجفرة بِفَتْح الْجِيم الْأُنْثَى من أَوْلَاد الْمعز وَقيل من الضَّأْن وَهِي مَا بلغت أَرْبَعَة أشهر وفصلت عَن أمهَا أَرَادَت أَنه قَلِيل الْأكل وَالْعرب تمدح بِهِ وَقَوْلها طوع أَبِيهَا وطوع أمهَا أَي مطيعة لَهما منقادة لأمرهما وَمعنى ملْء كسائها ممتلئة الْجِسْم سَمِينَة وصفر ردائها بِكَسْر الصَّاد والصفر الْخَالِي أَي ضامرة الْبَطن وغيظ جارتها المُرَاد بالجارة هُنَا الضرة أَي يغِيظ ضَرَّتهَا مَا ترى من حسنها وجمالها خلقا وخلقا

364 - @ وَقَوْلها لَا تبث حديثنا أَي لَا تشيعه وتظهره بل تكتمه والميرة الطَّعَام المجلوب أَي لَا تفسده وَتذهب بِهِ وصفتها بالأمانة وَلَا تملأ بيتنا الخ أَي لَا تتْرك الكناسة وَالْقُمَامَة فِيهِ مُتَفَرِّقَة كعش الطَّائِر بل هِيَ مصلحَة لَهُ معتنية بتنظيفه وَرُوِيَ بالغين الْمُعْجَمَة من الْغِشّ فِي الطَّعَام والأوطاب جمع وطب بِفَتْح الْوَاو وَسُكُون الطَّاء وَهِي أسقية اللَّبن الَّتِي تمخض فِيهَا وَمعنى يلعبان الخ قَالَ أَبُو عبيد إِنَّهَا ذَات كفل عَظِيم فَإِذا استلقت على قفاها نتأ الكفل بهَا من الأَرْض حَتَّى تصير تحتهَا فجوة يجْرِي فِيهَا الرُّمَّان وَالسري السَّيِّد الشريف وَقيل السخي والشري بِالْمُعْجَمَةِ الْفرس الْفَائِق الْخِيَار والخطي بِفَتْح الْخَاء وَكسرهَا وَالْفَتْح أشهر الرمْح مَنْسُوب إِلَى الْخط قَرْيَة بساحل الْبَحْر عِنْد عمان وَسميت الرماح خطية لِأَنَّهَا تحمل إِلَى هَذَا الْموضع وتثقف فِيهِ وَمعنى أراح عَليّ نعما ثريا أَتَى بهَا إِلَى مراحلها وَهُوَ مَوضِع مبيتها وَالنعَم الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم والثري بتَشْديد الْيَاء الْكثير من المَال وَغَيره وَأَعْطَانِي من كل رَائِحَة أَي مَا تروح من الأبل وَالْبَقر وَالْغنم وَالْعَبِيد زوجا أَي اثْنَيْنِ وميري أهلك بِكَسْر الْمِيم من الْميرَة أَي أعطيهم وأفضلي عَلَيْهِم وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَائِشَة كنت لَك كَأبي زرع قَالَ الْعلمَاء هُوَ تطييب لنَفسهَا وإيضاح لحسن عشرته إِيَّاهَا وَمَعْنَاهُ أَنا لَك كَأبي زرع وَكَانَ زَائِدَة أَو للدوام وَالله أعلم هَذَا آخر كَلَام تيسير الْوُصُول وَلِهَذَا الحَدِيث أَي حَدِيث أم زرع شُرُوح مُسْتَقلَّة وشروح فِي ضمن كتب السّنة المطهرة وأحسنها بَيَانا وأجمعها شَأْنًا مَا فِي السراج الْوَهَّاج شرح تَلْخِيص الصَّحِيح لمُسلم بن الْحجَّاج لِلْمُنْذِرِيِّ رَحمَه الله تَعَالَى وَعَن جَابر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يفرك مُؤمن مُؤمنَة إِن كره مِنْهَا خلقا رَضِي آخر أخرجه مُسلم

باب ما ورد في نقصان عقل المرأة ونقصان دينها

192 - بَاب مَا ورد فِي نُقْصَان عقل الْمَرْأَة ونقصان دينهَا عَن ابْن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا رَأَيْت من ناقصات عقل وَدين أغلب لذِي لب من إحداكن قَالَت امْرَأَة مِنْهُنَّ جزلة وَمَا نُقْصَان الْعقل وَالدّين قَالَ أما نُقْصَان الْعقل فَإِن شَهَادَة امْرَأتَيْنِ بِشَهَادَة رجل وَأما نُقْصَان الدَّين فَإِن إحداكن تفطر رَمَضَان وتقيم أَيَّامًا لَا تصلي أخرجه أَبُو دَاوُد واللب الْعقل والجزلة التَّامَّة وَقيل ذَات كَلَام جزل أَي قوي شَدِيد وَفِي حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى قَوْله قَالَ مَا رَأَيْت من ناقصات عقل وَدين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن قُلْنَ وَمَا نُقْصَان ديننَا وعقلنا يَا رَسُول الله قَالَ أَلَيْسَ شَهَادَة الْمَرْأَة مثل نصف شَهَادَة الرجل قُلْنَ بلَى قَالَ فَذَلِك من نُقْصَان عقلهَا وَقَالَ أَلَيْسَ إِذا حَاضَت لم تصل وَلم تصم قُلْنَ بلَى قَالَ فَذَلِك من نُقْصَان دينهَا مُتَّفق عَلَيْهِ 193 - بَاب مَا ورد فِي كَون النِّسَاء فتْنَة عَن أُسَامَة بن زيد قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا تركت بعدِي فتْنَة هِيَ أضرّ على الرِّجَال من النِّسَاء أخرجه الشَّيْخَانِ وَالتِّرْمِذِيّ وَوجه كونهن أضرّ لِأَن الطباع تميل إلَيْهِنَّ كثيرا وَتَقَع فِي الْحَرَام لأجلهن وتسعى لِلْقِتَالِ والعداوة بسببهن وَأَقل ذَلِك أَن ترغبه فِي الدُّنْيَا وإفسادها أضرّ وَعَن حُذَيْفَة قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول فِي خطبَته الْخمر جماع الْإِثْم وَالنِّسَاء حبائل الشَّيْطَان وَحب الدُّنْيَا رَأس كل خَطِيئَة

باب ما ورد في أن النساء أقل ساكني الجنة

قَالَ وسمعته يَقُول أخروا النِّسَاء حَيْثُ أخرهن الله رَوَاهُ رزين أَي لَا تقدموهن ذكرا وَحكما ومرتبة وَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اتَّقوا النِّسَاء فَإِن أول فتْنَة بني إِسْرَائِيل كَانَت من النِّسَاء رَوَاهُ مُسلم وَهُوَ مَا رُوِيَ أَن رجلا من بني إِسْرَائِيل طلب مِنْهُ ابْن أَخِيه أَو ابْن عَمه أَن يُزَوجهُ ابْنَته قَالَ فَقتله لينكحها وَقيل لينكح زَوجته وَهُوَ الَّذِي نزلت فِيهِ قصَّة الْبَقَرَة ذكره ابْن الْملك وَالطِّيبِي وَعَن ابْن جَابر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الْمَرْأَة تقبل فِي صُورَة شَيْطَان وتدبر فِي صُورَة شَيْطَان إِذا أحدكُم أَعْجَبته امْرَأَة فَوَقَعت فِي قلبه فليعمد إِلَى امْرَأَته وليواقعها فَإِن ذَلِك رد مَا فِي نَفسه رَوَاهُ مُسلم وَعَن ابْن مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيّمَا رجل رأى امْرَأَة تعجبه فليذهب إِلَى أَهله فَإِن مَعهَا مثل الَّذِي مَعهَا رَوَاهُ الدَّارمِيّ وَعنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْمَرْأَة عَورَة فَإِذا خرجت استشرفها الشَّيْطَان رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَالْمرَاد بِهِ نظر الشَّيْطَان إِلَيْهَا ليغويها ويغوي بهَا أَو المُرَاد استشراف أهل الرِّيبَة والإسناد إِلَى الشَّيْطَان لكَونه الْبَاعِث على ذَلِك وَالله أعلم 194 - بَاب مَا ورد فِي أَن النِّسَاء أقل سَاكِني الْجنَّة عَن مطرف بن عبد الله بن الشخير وَكَانَت لَهُ امْرَأَتَانِ فَخرج من عِنْد إِحْدَاهمَا فَلَمَّا رَجَعَ قَالَت لَهُ أتيت من عِنْد فُلَانَة قَالَ أتيت من عِنْد عمرَان بن حُصَيْن وَقد حَدثنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن أقل سَاكِني الْجنَّة النِّسَاء أخرجه مُسلم

باب ما ورد في معرفة غضب المرأة على المرء

195 - بَاب مَا ورد فِي معرفَة غضب الْمَرْأَة على الْمَرْء عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي لأعْلم إِذا كنت عني راضية وَإِذا كنت عَليّ غَضبى قلت وَمن أَيْن تعرف ذَلِك قَالَ إِذا كنت عني راضية فَإنَّك تَقُولِينَ لَا وَرب مُحَمَّد إِذا كنت عَليّ غَضبى قلت لَا وَرب إِبْرَاهِيم قلت أجل يَا رَسُول الله وَالله مَا أَهجر إِلَّا إسمك أخرجه الشَّيْخَانِ 196 - بَاب مَا ورد فِي منع الْمَرْأَة وَلَدهَا إفشاء السِّرّ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَاجَة فأبطأت على أُمِّي فَلَمَّا جِئْت قَالَت مَا حَبسك قلت بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَاجَة قَالَت وَمَا هِيَ قلت إِنَّهَا سر قَالَت لَا تحدثن بسر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحدا أخرجه الشَّيْخَانِ وَاللَّفْظ لمُسلم 197 - بَاب مَا ورد فِي السَّلَام على الْأَهْل عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا بني إِذا دخلت على أهلك فَسلم يكن سلامك بركَة عَلَيْك وعَلى أهل بَيْتك أخرجه التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَعَن أَسمَاء بنت يزِيد قَالَت مر علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي نسْوَة فَسلم علينا أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَفِي رِوَايَة لِلتِّرْمِذِي فألوى يَده بِالتَّسْلِيمِ 198 - بَاب مَا ورد فِي إِنْزَال النَّاس مَنَازِلهمْ من الْمَرْأَة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا مر بهَا سَائل فَأَعْطَتْهُ كسرة وَمر بهَا آخر وَعَلِيهِ ثِيَاب وَله هَيْئَة الصّلاح فأقعدته فَأكل فَقيل لَهَا فِي ذَلِك فَقَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنزلوا النَّاس مَنَازِلهمْ أخرجه أَبُو دَاوُد

باب ما ورد في حق الجار للمرأة

199 - بَاب مَا ورد فِي حق الْجَار للْمَرْأَة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت قلت يَا رَسُول الله إِن لي جارين فَإلَى أَيهمَا أهدي قَالَ إِلَى أقربهما مِنْك بَابا أخرجه البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَفِي أُخْرَى لِلشَّيْخَيْنِ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تحقرن جَارة هَدِيَّة لجارتها وَلَو فرسن شَاة الفرسن خف الْبَعِير وَقد استعير هُنَا للشاة فَسُمي ظلفها بِهِ 200 - بَاب مَا ورد فِي هجران الْمَرْأَة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت اعتل بعير لصفية بنت حييّ وَعند زَيْنَب فضل ظهر فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِزَيْنَب أعطيها بَعِيرًا فَقَالَت أَنا أعطي تِلْكَ الْيَهُودِيَّة فَغَضب صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فهجرها ذَا الْحجَّة وَالْمحرم وَبَعض صفر أخرجه أَبُو دَاوُد 201 - بَاب مَا ورد فِي النّظر إِلَى النِّسَاء عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا لَا يخلون رجل بِامْرَأَة إِلَّا مَعَ ذِي محرم أخرجه الشَّيْخَانِ وَعَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قصَّة خطْبَة عمر بالجابية مَا خلا رجل بِامْرَأَة إِلَّا كَانَ ثالثهما الشَّيْطَان الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَعَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن امْرَأَة كَانَ فِي عقلهَا شَيْء فَقَالَت يَا رَسُول الله لي إِلَيْك حَاجَة قَالَ يَا أم فلَان انظري إِلَى أَي السكَك شِئْت حَتَّى أَقْْضِي لَك حَاجَتك فَخَلا مَعهَا فِي بعض الطّرق حَتَّى فرغت من حَاجَتهَا أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد

وَعَن بُرَيْدَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَلي رَضِي الله عَنهُ يَا عَليّ لَا تتبع النظرة النظرة فَإِن لَك الأولى وَلَيْسَت لَك الثَّانِيَة أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَلَفظ الدَّارمِيّ الْآخِرَة مَكَان الثَّانِيَة وَعَن أنس قَالَ أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاطِمَة بِعَبْد قد وهبه لَهَا وَعَلَيْهَا ثوب إِذا قنعت بِهِ رَأسهَا لم يبلغ رِجْلَيْهَا وَإِن غطت بِهِ رِجْلَيْهَا لم يبلغ رَأسهَا فَلَمَّا رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا تَلقاهُ من التحفظ قَالَ لَيْسَ عَلَيْك بَأْس إِنَّمَا هُوَ أَبوك وغلامك أخرجه أَبُو دَاوُد وَعَن أم سَلمَة قَالَت كنت عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعِنْده مَيْمُونَة بنت الْحَارِث فَأقبل ابْن أم مَكْتُوم وَذَلِكَ بعد أَن أمرنَا بالحجاب فَدخل علينا فَقَالَ احتجبا مِنْهُ فَقُلْنَا يَا رَسُول الله أَلَيْسَ هُوَ أعمى لَا يُبصرنَا فَقَالَ أفعمياوان أَنْتُمَا ألستما تبصرانه أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَعَن أبي أسيد قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ خَارج من الْمَسْجِد وَقد اخْتَلَط الرِّجَال مَعَ النِّسَاء فِي الطَّرِيق فَقَالَ استأخرن فَلَيْسَ لَكِن أَن تحققن الطَّرِيق عليكن بحافات الطَّرِيق فَكَانَت الْمَرْأَة تلصق بالجدار حَتَّى أَن ثوبها ليعلق بالجدار من لصوقها بِهِ أخرجه أَبُو دَاوُد وتحققن الطَّرِيق أَي تركن حَقّهَا هُوَ وَسطهَا

باب ما ورد في التخنث

وَعَن ابْن عمر قَالَ نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يمشي الرجل بَين الْمَرْأَتَيْنِ أخرجه أَبُو دَاوُد وَعَن أنس قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ إِحْدَى نِسَائِهِ فَمر بِهِ رجل فَدَعَاهُ وَقَالَ هَذِه زَوْجَتي فُلَانَة فَقَالَ يَا رَسُول الله من كنت أَظن بِهِ فَلم أكن أَظن بك فَقَالَ إِن الشَّيْطَان يجْرِي من ابْن آدم مجْرى الدَّم أخرجه مُسلم 202 - بَاب مَا ورد فِي التخنث عَن أم سَلمَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ عِنْدهَا وَفِي الْبَيْت مخنث فَقَالَ لعبد الله بن أُميَّة أخي أم سَلمَة يَا عبد الله إِن فتح الله لكم غَدا الطَّائِف فَإِنِّي أدلك على ابْنة غيلَان فَإِنَّهَا تقبل بِأَرْبَع وتدبر بثمان فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يدخلن هَؤُلَاءِ عَلَيْكُم يَعْنِي المخنثين فحجبوه قَالَ ابْن جريج المخنث هُوَ هيت أخرجه الثَّلَاثَة وَأَبُو دَاوُد وَقَوله تقبل بِأَرْبَع أَي أَربع عُكَن وتدبر بثمان أَرَادَ أَطْرَاف العكن الْأَرْبَع من الْجَانِبَيْنِ وَعَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ لعن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم المخنثين من

باب ما ورد في الصداق

الرِّجَال والمترجلات من النِّسَاء وَقَالَ أخرجوهم من بُيُوتكُمْ أخرجه البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ 203 - بَاب مَا ورد فِي الصَدَاق عَن سهل بن سعد قَالَ جَاءَت امْرَأَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت يَا رَسُول الله جِئْت أهب نَفسِي لَك فَنظر إِلَيْهَا فَصَعدَ النّظر فِيهَا وَصَوَّبَهُ وطأطأ رَأسه فَلَمَّا رَأَتْ أَنه لم يقْض فِيهَا شَيْئا جَلَست فَقَامَ رجل فَقَالَ يَا رَسُول الله إِن لم يكن لَك بهَا حَاجَة فزوجنيها فَقَالَ فَهَل عنْدك من شَيْء فَقَالَ لَا وَالله يَا رَسُول الله فَقَالَ اذْهَبْ إِلَى أهلك فَانْظُر هَل تَجِد شَيْئا فَذهب ثمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا وَالله يَا رَسُول الله مَا وجدت شَيْئا فَقَالَ انْظُر وَلَو خَاتمًا من حَدِيد فَذهب ثمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا وَالله يَا رَسُول الله وَلَا خَاتمًا من حَدِيد وَلَكِن هَذَا إزَارِي قَالَ سُهَيْل مَا لَهُ رِدَاء فلهَا نصفه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا تصنع بإزارك إِن لبسته لم يكن عَلَيْهَا مِنْهُ شَيْء وَإِن لبسته لم يكن عَلَيْك مِنْهُ شَيْء فَجَلَسَ الرجل حَتَّى إِذا طَال مَجْلِسه قَامَ فَرَآهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم موليا فَأمر بِهِ فدعي فَقَالَ مَاذَا مَعَك من الْقُرْآن قَالَ معي سُورَة كَذَا وَكَذَا عَددهَا فَقَالَ تقرأهن عَن ظهر قَلْبك قَالَ نعم قَالَ اذْهَبْ فقد ملكتكها وَفِي روايه أنكحتكها بِمَا مَعَك من الْقُرْآن أخرجه السِّتَّة وَفِي رِوَايَة لأبي دَاوُد عَن أبي هُرَيْرَة قُم فعلمها عشْرين آيَة وَهِي امْرَأَتك وَفِي أُخْرَى لَهُ عَن جَابر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أعْطى فِي صدَاق امْرَأَته ملْء كَفه سويقا أَو تَمرا فقد اسْتحلَّ وَعَن عبد الله بن عَامر عَن أَبِيه أَن امْرَأَة من بني فَزَارَة تزوجت على نَعْلَيْنِ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أرضيت من نَفسك وَمَالك بنعلين قَالَت

نعم فَأَجَازَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخرجه التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَعَن أنس قَالَ تزوج أَبُو طَلْحَة أم سليم رَضِي الله عَنْهُمَا فَكَانَ صدَاق مَا بَينهمَا الْإِسْلَام أسلمت أم سليم قبل أبي طَلْحَة فَخَطَبَهَا فَقَالَت إِنِّي قد أسلمت فَإِن أسلمت نكحتك فَأسلم فَكَانَ صدَاق مَا بَينهمَا الْإِسْلَام أخرجه النَّسَائِيّ وَعَن أبي الْعَجْفَاء السّلمِيّ قَالَ خطب عمر رَضِي الله عَنهُ يَوْمًا فَقَالَ أَلا لَا تغَالوا فِي صدقَات النِّسَاء فَإِن ذَلِك لَو كَانَ مكرمَة فِي الدُّنْيَا وتقوى عِنْد الله كَانَ أولاكم بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أصدق امْرَأَة من نِسَائِهِ وَلَا أصدقت امْرَأَة من بَنَاته أَكثر من اثْنَتَيْ عشرَة أُوقِيَّة أخرجه أَصْحَاب السّنَن وَعَن عَائِشَة وسئلت كم كَانَ صدَاق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأزواجه قَالَت ثِنْتَيْ عشرَة أُوقِيَّة ونشا أَتَدْرِي مَا النش قلت لَا قَالَت نصف أُوقِيَّة فَذَلِك خَمْسمِائَة دِرْهَم أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَعَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعتق صَفِيَّة وَجعل عتقهَا صَدَاقهَا أخرجه الْخَمْسَة وَعنهُ قَالَ لما قدم عبد الرَّحْمَن بن عَوْف آخى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينه وَبَين سعد بن الرّبيع الْأنْصَارِيّ وَعند الْأنْصَارِيّ امْرَأَتَانِ فَعرض عَلَيْهِ أَن يناصفه أَهله وَمَاله فَقَالَ لَهُ بَارك الله لَك فِي أهلك وَمَالك دلوني على السُّوق فَأتى السُّوق فربح شَيْئا من أقط وَسمن فَرَآهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد أَيَّام وَعَلِيهِ وضر من صفرَة فَقَالَ مَهيم يَا عبد الرَّحْمَن قَالَ تزوجت

باب ما ورد في أحكام من لم يفرض لها الصداق

أنصارية قَالَ فَمَا سقت إِلَيْهَا قَالَ وزن نواة من ذهب قَالَ أولم وَلَو بِشَاة أخرجه السِّتَّة وَزَاد فِي رِوَايَة بعد قَوْله من ذهب قَالَ فَبَارك الله لَك والوضر هُنَا أثر من خلوق أَو طيب ومهيم كلمة يَمَانِية بِمَعْنى مَا أَمرك وَمَا شَأْنك والنواة اسْم لما وَزنه خَمْسَة دَرَاهِم كَمَا سموا الْأَرْبَعين أُوقِيَّة وَالْعِشْرين نشا وَعَن أم حَبِيبَة أَنَّهَا كَانَت تَحت عبيد الله بن جحش فَمَاتَ بِأَرْض الْحَبَشَة فَزَوجهَا النَّجَاشِيّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَمْهَرهَا عَنهُ أَرْبَعَة آلَاف دِرْهَم وَبعث بهَا إِلَيْهِ مَعَ شُرَحْبِيل بن حَسَنَة وَكتب بذلك إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقبل أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ قلت حَاصِل مَسْأَلَة الصَدَاق أَن الْمهْر وَاجِب وَتكره المغالاة فِيهِ وَيصِح وَلَو بِخَاتم من حَدِيد أَو تَعْلِيم قُرْآن وَحَدِيث جَابر عَن الدَّارقطني أَن لَا مهر أقل من عشرَة دَرَاهِم فِي إِسْنَاده ضعيفان 204 - بَاب مَا ورد فِي أَحْكَام من لم يفْرض لَهَا الصَدَاق عَن عقبَة بن عَامر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لرجل أترضى أَن أزَوجك من فُلَانَة قَالَ نعم وَقَالَ للْمَرْأَة أترضين أَن أزَوجك من فلَان قَالَت نعم فزوج أَحدهمَا من صَاحبه فَدخل بهَا وَلم يفْرض لَهَا صَدَاقا وَلم يُعْطهَا شَيْئا وَكَانَ مِمَّن شهد الحديبيبة وَكَانَ لَهُ سهم بِخَيْبَر فَلَمَّا حَضرته الْوَفَاة قَالَ إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زَوجنِي فُلَانَة وَلم أفرض لَهَا صَدَاقا وَلم أعْطهَا شَيْئا وَإِنِّي أشهدكم أَنِّي أعطيتهَا من صَدَاقهَا سهمي بِخَيْبَر فَأَخَذته فباعته بعد مَوته بِمِائَة ألف وَزَاد أحد الروَاة فِي أول هَذَا الحَدِيث قَالَ

قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خير النِّكَاح أيسره أخرجه أَبُو دَاوُد وَعَن ابْن مَسْعُود وَسُئِلَ عَن امْرَأَة مَاتَ عَنْهَا زَوجهَا وَلم يدْخل بهَا وَلم يفْرض لَهَا صَدَاقا فَقَالَ لَهَا الصَدَاق كَامِلا وَعَلَيْهَا الْعدة وَلها الْمِيرَاث وَقَالَ معقل بن سِنَان سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قضى فِي بروع بنت واشق بِمثلِهِ ففرح بهَا ابْن مَسْعُود أخرجه أَصْحَاب السّنَن وَهَذَا لفظ التِّرْمِذِيّ وَعَن نَافِع أَن ابْنة كَانَت لِعبيد الله بن عمر وَأمّهَا بنت زيد بن الْخطاب وَكَانَت تَحت ابْن لعبد الله بن عمر فَمَاتَ عَنْهَا زَوجهَا وَلم يقربهَا وَلم يسم لَهَا صَدَاقا فَجَاءَت أمهَا تبغي من عبد الله صَدَاقهَا فَقَالَ لَهَا ابْن عمر لَا صدَاق لَهَا وَلَو كَانَ لَهَا صدَاق لم أمْسكهُ وَلم أظلمها فَأَبت أَن تقبل مِنْهُ فَجعلُوا بَينهم حكما زيد بن ثَابت فَقضى أَن لَا صدَاق لَهَا وَلها الْمِيرَاث أخرجه مَالك وَعَن ابْن عمر أَنه قَالَ لكل مُطلقَة مُتْعَة إِلَّا الَّتِي تطلق وَقد فرض لَهَا وَلم تمس فحسبها نصف مَا فرض لَهَا أخرجه مَالك وَعَن ابْن الْمسيب قَالَ قضى عمر أَنه إِذا أرخيت الستور فِي النِّكَاح وَجب الصَدَاق أخرجه مَالك وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما تزوج عَليّ فَاطِمَة رَضِي الله عَنْهُمَا أَرَادَ أَن يدْخل بهَا فَمَنعه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى يُعْطِيهَا شَيْئا فَقَالَ لَيْسَ لي شَيْء فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعْطهَا درعه فَأَعْطَاهَا ردعه ثمَّ دخل بهَا أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَعَن عَائِشَة قَالَت أَمرنِي رَسُول الله أَن أَدخل امْرَأَة على زَوجهَا قبل أَن يُعْطِيهَا شَيْئا أخرجه أَبُو دَاوُد وَعَن عقبَة بن عَامر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَحَق مَا أوفيتم بِهِ من

باب ما ورد في الماء الذي تلقى فيه خرق الحيض

الشُّرُوط مَا استحللتم بِهِ الْفروج أخرجه الخسمة قلت حَاصِل هَذِه الْمسَائِل أَن من تزوج امْرَأَة وَلم يسم لَهَا صَدَاقا وَمَات قبل أَن يدْخل بهَا فأقله مهر مثلهَا لحَدِيث معقل بن سِنَان الْمَذْكُور قَالَ ابْن الْقيم وَهَذِه فَتْوَى لَا معَارض لَهَا فَلَا سَبِيل إِلَى الْعُدُول عَنْهَا وَيسْتَحب تَقْدِيم شَيْء من الْمهْر قبل الدُّخُول بهَا 205 - بَاب مَا ورد فِي المَاء الَّذِي تلقى فِيهِ خرق الْحيض عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ قيل يَا رَسُول الله إِنَّا نستقي لَك المَاء من بِئْر بضَاعَة وتلقى فِيهَا لُحُوم الْكلاب وخرق المحائض وَعذر النَّاس فَقَالَ إِن المَاء طهُور لَا يُنجسهُ شَيْء أخرجه أَصْحَاب السّنَن وَهَذَا لفظ أبي دَاوُد وَقَالَ سَمِعت قُتَيْبَة بن سعيد قَالَ سَأَلت قيم بِئْر بضَاعَة عَن عمقها فَقلت مَا أَكثر مَا يكون المَاء فِيهَا قَالَ إِلَى الْعَانَة قلت وَإِذا نقص قَالَ دون الْعَوْرَة قَالَ أَبُو دَاوُد قدرت بِئْر بضَاعَة بردائي مددته عَلَيْهَا ثمَّ ذرعته فَإِذا عرضهَا سِتَّة أَذْرع وَسَأَلت الَّذِي فتح لي بَاب الْبُسْتَان هَل غير بناؤها عَمَّا كَانَت عَلَيْهِ قَالَ لَا وَرَأَيْت فِيهَا مَاء متغير اللَّوْن انْتهى أَقُول مَسْأَلَة المَاء من المضايق الَّتِي يتعثر فِي ساحاتها كل مُحَقّق ويتبلد عِنْد تشعب سبلها كل مدقق وحاصلها على الْوَجْه الْأَصَح وَالْقَوْل الْأَرْجَح أَن المَاء فِي عنصره طَاهِر وَلغيره مطهر لَا يُخرجهُ عَن هذَيْن الوصفين إِلَّا مَا غير رِيحه أَو لَونه أَو طعمه من النَّجَاسَات لَا من غَيرهَا وَعَن الْوَصْف الثَّانِي إِلَّا مَا أخرجه عَن اسْم المَاء الْمُطلق من المتغيرات الطاهرة وَلَا فرق بَين الْقَلِيل وَالْكثير مِنْهُ وَمَا فَوق الْقلَّتَيْنِ وَمَا دونهمَا والمتحرك والساكن والمستعمل وَغير الْمُسْتَعْمل وَهَذِه سِتّ مسَائِل هِيَ أرجح الْمذَاهب وأقواها دَلِيلا وَحجَّة

باب ما ورد في غسل المرأة من فضل ماء وضوء الرجل

206 - بَاب مَا ورد فِي غسل الْمَرْأَة من فضل مَاء وضوء الرجل عَن حميد الْحِمْيَرِي قَالَ لقِيت رجلا صحب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَربع سِنِين كَمَا صَحبه أَبُو هُرَيْرَة قَالَ نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تَغْتَسِل الْمَرْأَة بِفضل الرجل أَو يغْتَسل الرجل بِفضل الْمَرْأَة زادا فِي رِوَايَة وليغترفا جَمِيعًا أخرجه أَبُو دَاوُد وَاللَّفْظ لَهُ وَالنَّسَائِيّ وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ اغْتسل بعض أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي جَفْنَة فجَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليغتسل مِنْهَا أَو يتَوَضَّأ فَقَالَت إِنِّي كنت جنبا فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن المَاء لَا يجنب أخرجه التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَعَن نَافِع أَن ابْن عمر قَالَ لَا بَأْس أَن يغْتَسل الرجل بِفضل الْمَرْأَة مَا لم تكن حَائِضًا أَو جنبا أخرجه مَالك وَعَن عَائِشَة قَالَت كنت أَغْتَسِل أَنا وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من إِنَاء وَاحِد تخْتَلف أَيْدِينَا فِيهِ من الْجَنَابَة وَفِي رِوَايَة من قدح يُقَال لَهُ الْفرق قَالَ سُفْيَان وَالْفرق ثَلَاثَة آصَع أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا التِّرْمِذِيّ وَهَذَا لفظ الشَّيْخَيْنِ وَالْفرق بِفَتْح الرَّاء وسكونها قدح يسع سِتَّة عشر رطلا والصاع مكيال يسع أَرْبَعَة أَمْدَاد وَالْمدّ رَطْل وَثلث بالعراقي وَعَن ابْن عمر قَالَ كَانَ الرِّجَال وَالنِّسَاء يتوضؤون فِي زمَان رَسُول الله جَمِيعًا من إِنَاء وَاحِد أخرجه البُخَارِيّ وَمَالك وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ 207 - بَاب مَا ورد فِي بَوْل الْأُنْثَى عَن لبَابَة بنت الْحَارِث قَالَت كَانَ الْحُسَيْن بن عَليّ فِي حجر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَبَال عَليّ ثَوْبه فَقلت يَا رَسُول الله البس ثوبا وَأَعْطِنِي إزارك حَتَّى أغسله قَالَ إِنَّمَا يغسل من بَوْل الْأُنْثَى وينضح من بَوْل الذّكر أخرجه أَبُو دَاوُد

باب ما ورد في تطهير ثوب المرأة

قلت النَّجَاسَة هِيَ غَائِط الْإِنْسَان مُطلقًا وبوله إِلَّا الذّكر الرَّضِيع ولعاب كلب وروث وَدم حيض وَلحم خِنْزِير وَفِيمَا عدا ذَلِك خلاف وَالْأَصْل الطَّهَارَة فَلَا ينْقل عَنْهَا إِلَّا ناقل صَحِيح لم يُعَارضهُ مَا يُسَاوِيه أَو يقدم عَلَيْهِ والنضح رش المَاء على الشَّيْء وَلَا يبلغ الْغسْل 208 - بَاب مَا ورد فِي تَطْهِير ثوب الْمَرْأَة عَن أم سَلمَة أَنَّهَا قَالَت لَهَا امْرَأَة إِنِّي أطيل ذيلي وأمشي فِي الْمَكَان القذر فَقَالَت قَالَ رَسُول الله يطهره مَا بعده أخرجه الْأَرْبَعَة إِلَّا النَّسَائِيّ وَلأبي دَاوُد فِي أُخْرَى أَن امْرَأَة من بَين عبد الْأَشْهَل قَالَت قلت يَا رَسُول الله إِن لنا طَرِيقا إِلَى الْمَسْجِد مُنْتِنَة فَكيف نَفْعل إِذا مُطِرْنَا قَالَت فَقَالَ أَلَيْسَ بعْدهَا طَرِيق هِيَ أطيب مِنْهَا قَالَت بلَى قَالَ فَهَذِهِ بِهَذِهِ انْتهى قلت يطهر مَا يَتَنَجَّس بِغسْلِهِ حَتَّى لَا يبْقى لَهَا عين وَلَا لون وَلَا ريح وَلَا طعم والنعل بِالْمَسْحِ والاستحالة مطهرة لعدم وجود الْوَصْف الْمَحْكُوم عَلَيْهِ بِالنَّجَاسَةِ وَمَا لَا يُمكن غسله كالأرض والبئر فتطهيره الصب عَلَيْهِ أَو النزح مِنْهُ حَتَّى لَا يبْقى للنَّجَاسَة أثر وَالْمَاء هُوَ الأَصْل فِي التَّطْهِير فَلَا يقوم غَيره مقَامه إِلَّا بِإِذن من الشَّارِع كَمَا فِي هَذَا الحَدِيث 209 - بَاب مَا ورد فِي دم الْحيض عَن أَسمَاء بنت أبي بكر قَالَت جَاءَت امْرَأَة إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت أَحَدنَا يُصِيب ثوبها من دم حيض فَكيف تصنع بِهِ قَالَ تَحْتَهُ ثمَّ تقرصه بِالْمَاءِ ثمَّ تنضحه ثمَّ تصلي فِيهِ أخرجه السِّتَّة

باب ما ورد في سكب المرأة ماء الوضوء لأبي الزوج

وَعَن عَائِشَة مَا كَانَ لإحدانا إِلَّا ثوب وَاحِد تحيض فِيهِ فَإِذا أَصَابَهُ شَيْء من دم قَالَت بريقها أَو مصعته بظفرها أخرجه البُخَارِيّ وَهَذَا لفظ وَأَبُو دَاوُد وَله من أُخْرَى فتقرصه بريقها وَفِي أُخْرَى للْبُخَارِيّ قَالَت كَانَت إحدانا تحيض ثمَّ تقرص الدَّم من ثوبها عِنْد طهرهَا فتغسله وتنضح سائره ثمَّ تصلي فِيهِ والمصع التحريك والفرك وَهُوَ المُرَاد بالقرص كَمَا فِي رِوَايَة أبي دَاوُد والْحَدِيث دَلِيل على نَجَاسَة دم الْحيض وَحكم دم النّفاس حكمه وَأما سَائِر الدِّمَاء فالأدلة فِيهَا مُخْتَلفَة مضطربة والبراءة الْأَصْلِيَّة مستصحبة حَتَّى يَأْتِي الدَّلِيل الْخَالِص عَن الْمُعَارضَة الراجحة أَو المساوية وأنى لَهُم ذَلِك 210 - بَاب مَا ورد فِي سكب الْمَرْأَة مَاء الْوضُوء لأبي الزَّوْج عَن كَبْشَة بنت كَعْب بن مَالك وَكَانَت تَحت ابْن أبي قَتَادَة أَن أَبَا قَتَادَة دخل عَلَيْهَا فَسَكَبت لَهُ وضُوءًا فَجَاءَت هرة تشرب مِنْهُ فأصغى لَهَا الْإِنَاء حَتَّى شربت قَالَت فرآني أنظر إِلَيْهِ فَقَالَ أَتَعْجَبِينَ يَا ابْنة أخي قَالَت فَقلت نعم فَقَالَ إِن رَسُول الله قَالَ إِنَّهَا لَيست بِنَجس إِنَّمَا هِيَ من الطوافين عَلَيْكُم والطوافات أخرجه الْأَرْبَعَة 211 - بَاب مَا ورد فِي أكل الْمَرْأَة من حَيْثُ أكلت الْهِرَّة عَن دَاوُد بن صَالح بن دِينَار التمار عَن أمه أَن مولاتها أرسلتها بهريسة إِلَى عَائِشَة قَالَت فَوَجَدتهَا تصلي فَأَشَارَتْ إِلَيّ أَن ضعيها فَجَاءَت هرة فَأكلت مِنْهَا فَلَمَّا انصرفت عَائِشَة من صلَاتهَا أكلت من حَيْثُ أكلت الْهِرَّة وَقَالَت إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِنَّهَا لَيست بِنَجس إِنَّمَا هِيَ من الطوافين عَلَيْكُم وَإِنِّي رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتَوَضَّأ بفضلها أخرجه أَبُو دَاوُد

باب ما ورد في إنباذ المرأة في الجلد

212 - بَاب مَا ورد فِي إنباذ الْمَرْأَة فِي الْجلد عَن سَوْدَة بنت زَمعَة قَالَت مَاتَت لنا شَاة فدبغنا مسكها ثمَّ مَا زلنا ننبذ فِيهِ حَتَّى صَار شنا أخرجه البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ والمسك بِفَتْح الْمِيم الْجلد والشن الْقرْبَة البالية 213 - بَاب مَا ورد فِي سواك الْمَرْأَة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعطيني السِّوَاك لأغسله فأبدأ بِهِ فأستاك ثمَّ أغسله فأدفعه إِلَيْهِ أخرجه أَبُو دَاوُد 214 - بَاب مَا ورد فِي الاستحياء من الْمَسْأَلَة عَن الْمِقْدَاد أَن عليا رَضِي الله عَنهُ أمره أَن يسْأَل لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الرجل إِذا دنا من امْرَأَته فَخرج مِنْهُ الْمَذْي مَاذَا عَلَيْهِ فَإِن عِنْدِي ابْنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا أستحيي أَن أسأله قَالَ الْمِقْدَاد فَسَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِذا وجد أحدكُم ذَلِك فلينضح فرجه بِالْمَاءِ وليتوضأ وضوءه للصَّلَاة أخرجه مَالك وَأَبُو دَاوُد وَفِي أُخْرَى ليغسل ذكره وأنثييه وَفِي الْبَاب رِوَايَات 215 - بَاب مَا ورد فِي مس الْمَرْأَة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل امْرَأَة من نسائة ثمَّ خرج إِلَى الصَّلَاة وَلم يتَوَضَّأ أخرجه أَصْحَاب السّنَن وَعَن ابْن عمر أَنه كَانَ يَقُول قبْلَة الرجل امْرَأَته وجسها بِيَدِهِ من الْمُلَامسَة فَمن قبل امْرَأَته أَو جسها بِيَدِهِ فَعَلَيهِ الْوضُوء وَمثله عَن ابْن مَسْعُود أخرجه مَالك وَالْحجّة فِي الْمَرْفُوع دون الْمَوْقُوف

باب ما ورد في صلاة الكسوف للمرأة

وَعَن أبي بن كَعْب أَنه قَالَ يَا رَسُول الله إِذا جَامع الرجل امْرَأَته فَلم ينزل قَالَ يغسل مَا مس الْمَرْأَة مِنْهُ ثمَّ يتَوَضَّأ وَيُصلي أخرجه الشَّيْخَانِ وَهَذَا الحَدِيث مَنْسُوخ وناسخه حَدِيث إلتقاء الختانين وَفِيه وَجب الْغسْل 216 - بَاب مَا ورد فِي صَلَاة الْكُسُوف للْمَرْأَة عَن أَسمَاء بنت أبي بكر إِنَّهَا قَالَت فِي صَلَاة الْكُسُوف قُمْت حَتَّى تجلاني الغشي وَجعلت أصب فَوق رَأْسِي مَاء قَالَ عُرْوَة وَلم تتوضأ أخرجه الشَّيْخَانِ قلت صَلَاة الكسوفين أصح مَا ورد فِي صفتهَا رَكْعَتَانِ فِي كل رَكْعَة ركوعان وَورد ثَلَاثَة وَأَرْبَعَة وَخَمْسَة يقْرَأ بَين كل ركوعين وَورد فِي كل رَكْعَة رُكُوع وَندب الدُّعَاء وَالتَّكْبِير وَالتَّصَدُّق وَالِاسْتِغْفَار 217 - بَاب مَا ورد فِي ضِيَافَة الْمَرْأَة الْمَرْء عَن جَابر قَالَ خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا مَعَه فَدخل على امراة من الْأَنْصَار فذبحت لَهُ شَاة وَأَتَتْ بقناع من رطب فَأكل مِنْهُ ثمَّ تَوَضَّأ لِلظهْرِ وَصلى ثمَّ انْصَرف فَأَتَتْهُ بعلالة من شَاة فَأكل ثمَّ صلى الْعَصْر وَلم يتَوَضَّأ أخرجه الْأَرْبَعَة وَهَذَا لفظ التِّرْمِذِيّ وَلأبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ قَالَ كَانَ آخر الْأَمريْنِ من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ترك الْوضُوء مِمَّا غيرت النَّار القناع الطَّبَق والعلالة بَقِيَّة الشَّيْء 218 - بَاب مَا ورد فِي كَون الْمَرْأَة سَببا لنزول آيَة التَّيَمُّم عَن عَائِشَة قَالَت خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بعض أَسْفَاره حَتَّى إِذا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ أَو بِذَات الْجَيْش انْقَطع عقد لي فَأَقَامَ رَسُول الله

باب ما ورد في الغسل من الجماع

صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على التماسه وَأقَام النَّاس مَعَه وَلَيْسوا على مَاء وَلَيْسَ مَعَهم مَاء فَأتى النَّاس إِلَى أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ فَقَالُوا أَلا ترى إِلَى مَا صنعت عَائِشَة أَقَامَت برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وبالناس مَعَه وَلَيْسوا على مَاء وَلَيْسَ مَعَهم مَاء فجَاء أَبُو بكر وعاتبني وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاضع رَأسه على فَخذي قد نَام فَقَالَ حبست رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالنَّاس وَلَيْسوا على مَاء وَلَيْسَ مَعَهم مَاء قَالَت فعاتبني وَقَالَ لي مَا شَاءَ الله أَن يَقُول وَجعل يطعنني بِيَدِهِ فِي خاصرتي فَمَا يَمْنعنِي من التحرك إِلَّا مَكَان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على فَخذي فَنَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى أصبح على غير مَاء فَأنْزل الله تَعَالَى {فَتَيَمَّمُوا} الْآيَة قَالَ أسيد بن حضير وَهُوَ أحد النُّقَبَاء مَا هِيَ بِأول بركتكم يَا آل أبي بكر قَالَت فَبَعَثنَا الْبَعِير الَّذِي كنت عَلَيْهِ فَوَجَدنَا العقد تَحْتَهُ أخرجه السِّتَّة إِلَّا التِّرْمِذِيّ وَهَذَا لفظ الشَّيْخَيْنِ وَفِي الْبَاب رِوَايَات بألفاظه 219 - بَاب مَا ورد فِي الْغسْل من الْجِمَاع عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا جلس بَين شعبها الْأَرْبَع ثمَّ جهدها فقد وَجب الْغسْل وَزَاد فِي رِوَايَة وَإِن لم ينزل أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا التِّرْمِذِيّ وَهَذَا لفظ الشَّيْخَيْنِ وَعند أبي دَاوُد بعد قَوْله الْأَرْبَع فألزق الْخِتَان بالختان فقد وَجب الْغسْل وَفِي رِوَايَة مَالك عَن عَائِشَة إِذا جَاوز الْخِتَان الْخِتَان فقد وَجب الْغسْل فعلته أَنا وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاغتسلنا قيل شعبها الْأَرْبَع رجلاها وشفراها وَقيل ساقاها ويداها وَمعنى جهدها بَاشَرَهَا

باب ما ورد في احتلام المرأة

220 - بَاب مَا ورد فِي احْتِلَام الْمَرْأَة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا سُئِلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن احْتِلَام الرجل فَقَالَت أم سليم وَكَذَا الْمَرْأَة إِذا احْتَلَمت أعليها غسل قَالَ نعم النِّسَاء شقائق الرِّجَال أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ الشَّقِيق الْمثل والنظير وعنها أَن أم سليم سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْمَرْأَة ترى فِي منامها مَا يرى الرجل هَل عَلَيْهَا من غسل فَقَالَ نعم إِذا رَأَتْ المَاء قَالَت عَائِشَة فَقلت لَهَا تربت يداك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دعيها يَا عَائِشَة وَهل يكون الشّبَه إِلَّا من قبل ذَلِك إِذا علا مَاؤُهَا مَاء الرجل أبه الْوَلَد أَخْوَاله وَإِذا علا مَاء الرجل ماءها أشبه الْوَلَد أَعْمَامه أخرجه مُسلم وَهَذَا لَفظه وَمَالك وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَلمُسلم فِي أُخْرَى إِن مَاء الرجل غليظ أَبيض وَمَاء الْمَرْأَة رَقِيق أصفر فَأَيّهمَا علا أَو سبق يكون الشّبَه وَمعنى قَوْلهَا تربت يداك التَّعَجُّب وَالْإِنْكَار عَلَيْهَا دون الدُّعَاء 221 - بَاب مَا ورد فِي غسل الْمَرْأَة عَن ثَوْبَان قَالَ استفتي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْغسْل من الْجَنَابَة فَقَالَ أما الرجل فلينشر رَأسه وليغسله حَتَّى يبلغ أصُول الشّعْر وَأما الْمَرْأَة فَلَا عَلَيْهَا أَن لَا تنقضه ولتغرف على رَأسهَا ثَلَاث غرفات تكفيها أخرجه أَبُو دَاوُد وَعَن عَائِشَة كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يفِيض على رَأسه ثَلَاث مَرَّات وَنحن نفيض خمْسا من أجل الضفر أخرجه أَبُو دَاوُد وَفِي أُخْرَى للْبُخَارِيّ قَالَت كُنَّا إِذا أَصَابَت إحدانا جَنَابَة أخذت

باب ما ورد في الغسل الواحد من الطواف على النساء

بِيَدَيْهَا ثَلَاثًا فَوق رَأسهَا ثمَّ تَأْخُذ بِيَدِهَا الْيُمْنَى على شقها الْأَيْمن وبيدها الْأُخْرَى على شقها الْأَيْسَر وَعَن أم سَلمَة قَالَت قلت يَا رَسُول الله إِنِّي امْرَأَة أَشد ضفر رَأْسِي أفأنقضه للحيضة والجنابة قَالَ لَا إِنَّمَا يَكْفِيك أَن تحثي على رَأسك ثَلَاث حثيات ثمَّ تفيضي عَلَيْك المَاء فتطهرين أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا البُخَارِيّ وَهَذَا لفظ مُسلم الحثي أَخذ المَاء بالكفين ورميه على الْجَسَد وَعَن عبيد بن عُمَيْر اللَّيْثِيّ قَالَ بلغ عَائِشَة أَن عبد الله بن عمر يَأْمر النِّسَاء إِذا اغْتَسَلْنَ أَن يَنْقُضْنَ رؤوسهن فَقَالَت يَا عجبا لِابْنِ عمر وَهُوَ يَأْمر النِّسَاء أَن يَنْقُضْنَ رؤوسهن أَفلا يَأْمُرهُنَّ أَن يَحْلِقن لقد كنت أَغْتَسِل أَنا وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من إِنَاء وَاحِد وَمَا أَزِيد أَن أفرغ على رَأْسِي ثَلَاث إفْرَاغَات أخرجه مُسلم أفرغت الْإِنَاء إِذا قلبت مَا فِيهِ من المَاء 222 - بَاب مَا ورد فِي الْغسْل الْوَاحِد من الطّواف على النِّسَاء عَن قَتَادَة أَن أنس بن مَالك حَدثهمْ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَاف على نِسَائِهِ بِغسْل وَاحِد أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا مُسلما وَعَن أبي رَافع أَن رَسُول الله طَاف ذَات يَوْم على نِسَائِهِ وَكَانَ يغْتَسل عِنْد هَذِه وَعند هَذِه قَالَ فَقلت لَهُ يَا رَسُول الله أَلا تَجْعَلهُ غسلا وَاحِدًا آخرا قَالَ هَذَا أزكى وَأطيب وأطهر أخرجه أَبُو دَاوُد الزكاء الطَّهَارَة والنماء وَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا أَتَى أحدكُم أَهله ثمَّ بدا لَهُ أَن يعاود فَليَتَوَضَّأ بَينهمَا أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا البُخَارِيّ

باب ما ورد في ستر المرأة المرء عند الغسل وضمه إليها بعده

وَعَن عَائِشَة أَن رَسُول الله كَانَ يغْتَسل وَيُصلي الرَّكْعَتَيْنِ وَصَلَاة الْغَدَاة وَلَا أرَاهُ يحدث وضُوءًا بعد الْغسْل أخرجه أَصْحَاب السّنَن وعنها قَالَت كنت أَغْتَسِل أَنا وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من إِنَاء وَاحِد من قدح يُقَال لَهُ الْفرق قَالَ سُفْيَان الْفرق ثَلَاثَة آصَع وَفِي أُخْرَى عَن أبي سَلمَة قَالَ دخلت على عَائِشَة أَنا وأخوها من الرضَاعَة فسألناها عَن غسل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْجَنَابَة فدعَتْ بِإِنَاء قدر الصَّاع فاغتسلت وبيننا وَبَينهَا ستر فأفرغت على رَأسهَا ثَلَاثًا قَالَت وَكَانَ أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْخُذن من رؤوسهن حَتَّى تكون كالوفرة أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا التِّرْمِذِيّ وَهَذَا لفظ الشَّيْخَيْنِ الوفرة أَن يبلغ شعر الرَّأْس إِلَى شحمة الْأذن والجمة أطول من ذَلِك وعنها قَالَت كنت أَغْتَسِل أَنا وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من تور من شبه أخرجه أَبُو دَاوُد التور إِنَاء والشبه محركة النّحاس الْأَصْفَر 223 - بَاب مَا ورد فِي ستر الْمَرْأَة الْمَرْء عِنْد الْغسْل وضمه إِلَيْهَا بعده عَن أم هَانِيء قَالَت ذهبت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَام الْفَتْح فَوَجَدته يغْتَسل وَفَاطِمَة ابْنَته تستره بِثَوْب أخرجه مُسلم وَعَن عَائِشَة قَالَت رُبمَا اغْتسل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْجَنَابَة ثمَّ جَاءَ فاستدفأ بِي فضممته إِلَيّ وَأَنا لم أَغْتَسِل أخرجه التِّرْمِذِيّ وعنها قَالَت كُنَّا نغتسل وعلينا الضماد وَنحن مَعَ رَسُول الله محلات ومحرمات أخرجه أَبُو دَاوُد

باب ما ورد في غسل الحائض والنفساء

224 - بَاب مَا ورد فِي غسل الْحَائِض وَالنُّفَسَاء عَن عَائِشَة أَن امْرَأَة من الْأَنْصَار سَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن غسلهَا من الْمَحِيض فَأمرهَا كَيفَ تَغْتَسِل ثمَّ قَالَ خذي فرْصَة من مسك فتطهري بهَا قَالَت كَيفَ أتطهر بهَا قَالَ تطهري بهَا قَالَت كَيفَ قَالَ سُبْحَانَ الله تطهري فاجتذبتها إِلَيّ فَقلت تتبعي بهَا أثر الدَّم أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا التِّرْمِذِيّ وَفِي أُخْرَى خذي فرْصَة ممسكة فتوضئي ثَلَاثًا ثمَّ إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم استحيا وَأعْرض بِوَجْهِهِ وَهَذَا لفظ الشَّيْخَيْنِ وَلمُسلم فِي أُخْرَى أَن أَسمَاء وَهِي بنت شكل سَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن غسل الْمَحِيض فَقَالَ تَأْخُذ إحداكن ماءها وسدرها فَتطهر فتحسن الطّهُور فتصب على رَأسهَا فتدلكه دلكا شَدِيدا حَتَّى تبلغ شؤون رَأسهَا ثمَّ تصب عَلَيْهَا المَاء ثمَّ تَأْخُذ فرْصَة ممسكة فَتطهر بهَا قَالَت أَسمَاء وَكَيف تطهر بهَا قَالَ سُبْحَانَ الله تطهري بهَا قَالَت عَائِشَة كَأَنَّهَا تخفي ذَلِك تتبعي أثر الدَّم وَسَأَلته عَن غسل الْجَنَابَة فَقَالَ تَأْخُذ مَاء فَتطهر فتحسن الطّهُور أَو تبلغ الطّهُور ثمَّ تصب على رَأسهَا فتدلكه حَتَّى يبلغ شؤون رَأسهَا ثمَّ تفيض عَلَيْهَا المَاء فَقَالَت عَائِشَة نعم النِّسَاء نسَاء الْأَنْصَار لم يكن يمنعهن الْحيَاء أَن يتفقهن فِي الدَّين الفرصة بِكَسْر الْفَاء قِطْعَة من صوف أَو قطن أَو غَيره وشؤون الرَّأْس مواصل فتائل الْقُرُون وملتقاها وَالْمرَاد إِيصَال المَاء إِلَى منابت الشّعْر مُبَالغَة فِي الْغسْل 225 - بَاب مَا ورد فِي إرداف الْمَرْء الْمَرْأَة على الرحل عَن أُميَّة بن أبي الصَّلْت عَن امْرَأَة من بني غفار قد سَمَّاهَا قَالَت

باب ما ورد في غسل المرأة بعد الموت

أردفني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على حقيبة رَحْله قَالَت فو الله لنزل رَسُول الله إِلَى الصُّبْح فَأَنَاخَ وَنزلت عَن حقيبة رَحْله فَإِذا بهَا دم مني وَكَانَت أول حَيْضَة حضتها قَالَت فتقبضت إِلَى النَّاقة وَاسْتَحْيَيْت فَلَمَّا رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا بِي وَرَأى الدَّم قَالَ مَا لَك لَعَلَّك نفست قلت نعم قَالَ فأصلحي من نَفسك ثمَّ خذي إِنَاء من مَاء فاطرحي فِيهِ ملحا ثمَّ اغسلي مَا أصَاب الحقيبة من الدَّم ثمَّ عودي إِلَى مركبك قَالَت فَلَمَّا فتح خَيْبَر رضخ لي من الْفَيْء قَالَت وَكَانَت لَا تطهر من حَيْضَة إِلَّا جعلت فِي طهورها ملحا وأوصت بِهِ أَن يَجْعَل فِي غسلهَا حِين مَاتَت أخرجه أَبُو دَاوُد نفست الْمَرْأَة بِضَم النُّون وَفتحهَا مَعَ كسر الْفَاء إِذا ولدت وبفتح النُّون فَقَط إِذا حَاضَت والرضخ الْعَطاء الْقَلِيل والفيء مَا يحصل للْمُسلمين من أَمْوَال الْكفَّار وديارهم بِغَيْر قتال وَفِي الحَدِيث صفة غسل الْحَائِض وَجَوَاز اطراح الْملح فِي مَاء الْغسْل أَيْضا 226 - بَاب مَا ورد فِي غسل الْمَرْأَة بعد الْمَوْت عَن أم عَطِيَّة الْأَنْصَارِيَّة قَالَت دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين توفيت ابْنَته فَقَالَ اغسلنها ثَلَاثًا أَو أَكثر من ذَلِك إِن رأيتن ذَلِك بِمَاء وَسدر واجعلن فِي الْآخِرَة كافورا فَإِذا فرغتن فآذنني فَلَمَّا فَرغْنَا آذناه فأعطانا حقوة فَقَالَ أشعرنها إِيَّاه يَعْنِي إزَاره وَزعم ابْن سِيرِين أَن معنى أشعرنها إِيَّاه ألففنها فِيهِ وَكَذَلِكَ كَانَ ابْن سِيرِين يَأْمر الْمَرْأَة أَن تشعر وَلَا توزر وَفِي أُخْرَى اغسلنها وترا ثَلَاثًا أَو خمْسا أَو أَكثر من ذَلِك وابدأن بميامنها ومواضع الْوضُوء مِنْهَا وفيهَا قَالَت أم عَطِيَّة إنَّهُنَّ جعلن رَأس بنت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثَة قُرُون نقضنه ثمَّ غسلنه ثمَّ جعلنه ثَلَاثَة قُرُون قَالَ

باب ما ورد في غسل الميت بالماء البارد

سُفْيَان ناصيتها وقرنيها وَفِي أُخْرَى فضفرنا شعرهَا ثَلَاثَة قُرُون وألقيناها خلفهَا أخرجه السِّتَّة وَهَذَا لفظ الشَّيْخَيْنِ قلت يجب تكفين الْمَيِّت بِمَا يستره وَلَو لم يملك غَيره وأكمله فِي الرجل إِزَار وقميص وَمِلْحَفَة أَو حلَّة وَفِي الْمَرْأَة هَذِه مَعَ زِيَادَة مَا لِأَنَّهَا تناسبها زِيَادَة السّتْر وَلَا بَأْس بِالزِّيَادَةِ مَعَ التَّمَكُّن من غير مغالاة وَندب تطييب بدن الْمَيِّت 227 - بَاب مَا ورد فِي غسل الْمَيِّت بِالْمَاءِ الْبَارِد عَن أم قيس بنت مُحصن قَالَت توفّي ابْني فَجَزِعت عَلَيْهِ فَقلت للَّذي يغسلهُ لَا تغسل ابْني بِالْمَاءِ الْبَارِد فيقتله فَانْطَلق عكاشة بن مُحصن إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ بقولِهَا فَتَبَسَّمَ ثمَّ قَالَ مَا قَالَت طَال عمرها فَلَا نعلم امْرَأَة عمرت مَا عمرت أخرجه النَّسَائِيّ وَفِيه معْجزَة ظَاهِرَة للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم 228 بَاب غسل الْمَرْأَة زَوجهَا بعد الْمَوْت عَن عبد الله بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم أَن أَسمَاء بنت عُمَيْس امْرَأَة أبي بكر رَضِي الله عَنْهَا غسلت أَبَا بكر حِين توفّي ثمَّ خرجت فَسَأَلت من حضرها من الْمُهَاجِرين فَقَالَت إِنِّي صَائِمَة وَإِن هَذَا يَوْم شَدِيد الْبرد فَهَل عَليّ من غسل فَقَالُوا لَا أخرجه مَالك قلت يجب غسل الْمَيِّت على الْأَحْيَاء والقريب أولى بالقريب إِذا كَانَ من جنسه وَأحد الزَّوْجَيْنِ بِالْآخرِ وَيكون الْغسْل ثَلَاثًا أَو أَكثر بِمَاء وَسدر وَفِي الْآخِرَة كافور وَتقدم الميامن وَلَا يغسل الشَّهِيد وَثَبت عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ لعَائِشَة مَا ضرك لَو مت قبلي فغسلتك وكفنتك ثمَّ صليت عَلَيْك

باب ما ورد في دخول النساء الحمام

ودفنتك أخرجه أَحْمد وَابْن مَاجَه والدارمي وَالْبَيْهَقِيّ وَأَصله فِي صَحِيح البُخَارِيّ وَغسل عَليّ فَاطِمَة عَلَيْهِمَا السَّلَام كَمَا رَوَاهُ الشَّافِعِي وَالدَّارَقُطْنِيّ وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ وَإِسْنَاده حسن وَقَالَت عَائِشَة لَو اسْتقْبلت من أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرت مَا غسل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا نساؤه أخرجه أَحْمد وَابْن مَاجَه وَأَبُو دَاوُد 229 - بَاب مَا ورد فِي دُخُول النِّسَاء الْحمام عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى الرِّجَال وَالنِّسَاء عَن دُخُول الْحمام قَالَت ثمَّ رخص للرِّجَال أَن يدخلُوا فِي المآزر رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَلم يُضعفهُ وَالتِّرْمِذِيّ وَزَاد ابْن مَاجَه وَلم يرخص للنِّسَاء قَالَ الْحَافِظ الْمُنْذِرِيّ فِي التَّرْغِيب والترهيب رَوَوْهُ كلهم من حَدِيث أبي عذرة عَن عَائِشَة وَقد سُئِلَ أَبُو زرْعَة الرَّازِيّ عَن أبي عذرة هَل يُسمى فَقَالَ لَا أعلم أحدا سَمَّاهُ وَقَالَ أَبُو بكر الْحَازِمِي لَا يعرف هَذَا الحَدِيث إِلَّا من هَذَا الْوَجْه وَأَبُو عذرة غير مَشْهُور وَقَالَ التِّرْمِذِيّ إِسْنَاده لَيْسَ بِذَاكَ الْقَائِم وعنها قَالَت سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول الْحمام حرَام على نسَاء أمتِي رَوَاهُ الْحَاكِم وَقَالَ هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد وَعَن أبي أَيُّوب الإنصاري فِي حَدِيث طَوِيل يرفعهُ من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر من نِسَائِكُم فَلَا يدْخل الْحمام رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَاللَّفْظ لَهُ وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والأوسط وَعَن عمر بن الْخطاب يرفعهُ من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يدْخل حليلته الْحمام رَوَاهُ أَحْمد بِطُولِهِ وَرُوِيَ أَيْضا عَن أبي هُرَيْرَة

وَفِيه أَبُو خيرة قَالَ الْمُنْذِرِيّ لَا أعرفهُ والحليلة بِفَتْح الْحَاء هِيَ الزَّوْجَة وَعَن أبي مليح الْهُذلِيّ أَن نسَاء من أهل حمص أَو من أهل الشَّام دخلن على عَائِشَة فَقَالَت أنتن اللَّاتِي تدخلن الحمامات سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول مَا من امْرَأَة تضع ثِيَابهَا فِي غير بَيت زَوجهَا إِلَّا هتكت السّتْر بَينهَا وَبَين رَبهَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَاللَّفْظ لَهُ وَقَالَ حَدِيث حسن وَأَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرطهمَا وروى أَحْمد وَأَبُو يعلي وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم أَيْضا من طَرِيق دراج أبي السَّمْح عَن السَّائِب أَن نسَاء دخلن على أم سَلمَة فسألتهن من أنتن قُلْنَ من أهل حمص قَالَت من أَصْحَاب الحمامات قُلْنَ أَو بهَا بَأْس قَالَت سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول أَيّمَا امْرَأَة نزعت ثِيَابهَا فِي غير بَيت زَوجهَا خرق الله عَنْهَا ستره وَعَن عَائِشَة أَنَّهَا سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْحمام فَقَالَ إِنَّه سَيكون بعدِي حمامات وَلَا خير فِي الحمامات للنِّسَاء فَقَالَت يَا رَسُول الله إنَّهُنَّ يدخلنه بإزار فَقَالَ لَا وَإِن دخلنه بإزار وَدرع وخمار وَمَا من امْرَأَة تنْزع خمارها فِي غير بَيت زَوجهَا إِلَّا كشفت السّتْر فِيمَا بَينهَا وَبَين رَبهَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من رِوَايَة عبد الله بن لَهِيعَة وَعَن ابْن عَبَّاس فِي حَدِيث طَوِيل يرفعهُ من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يدْخل حليلته الْحمام الى قَوْله من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يخلون بِامْرَأَة لَيْسَ بَينه وَبَينهَا محرم رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَفِيه يحيى ابْن أبي سُلَيْمَان الْمدنِي وَعَن الْمِقْدَام عَمْرو بن معدي كرب قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّكُم ستفتحون أفقا فِيهَا بيُوت يُقَال لَهَا الحمامات حرَام على أمتِي دُخُولهَا فَقَالُوا يَا رَسُول الله إِنَّهَا تذْهب الوصب وتنقي الدَّرن قَالَ فَإِنَّهَا حَلَال لذكور أمتِي حرَام على إناثها رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ والأفق بِضَم الْألف

باب ما ورد في أحكام الحائض

وَسُكُون الْفَاء وَبِضَمِّهَا أَيْضا هِيَ النَّاحِيَة والوصب الْمَرَض وَفِي رِوَايَة أَن عَائِشَة دخل عَلَيْهَا نسْوَة من نسَاء أهل الشَّام فَقَالَت لعلكن من الكورة الَّتِي يدخلن نساؤها الحمامات قُلْنَ نعم قَالَت أما إِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول مَا من امْرَأَة تخلع ثِيَابهَا فِي غير بَيتهَا إِلَّا هتكت مَا بَينهَا وَبَين الله من حجاب أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ الكورة اسْم يَقع على جِهَة من الأَرْض مَخْصُوصَة كالشام وَالْعراق وفلسطين وَنَحْو ذَلِك وَعَن ابْن عَمْرو بن الْعَاصِ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ستفتح لكم أَرض الْعَجم وستجدون فِيهَا بُيُوتًا يُقَال لَهَا الحمامات فَلَا يدخلنها الرِّجَال إِلَّا بإزار وامنعوا مِنْهَا النِّسَاء إِلَّا مَرِيضَة أَو نفسَاء أخرجه ابْن مَاجَه وَأَبُو دَاوُد وَفِي إِسْنَاده عبد الرَّحْمَن بن زِيَاد بن أنعم وَعَن جَابر رضى الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يدْخل الْحمام بِغَيْر إِزَار وَمن كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يدْخل حليلته الْحمام من غير عذر وَمن كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يجلس على مائدة يدار عَلَيْهَا الْخمر أخرجه التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم 230 - بَاب مَا ورد فِي أَحْكَام الْحَائِض عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن الْيَهُود كَانُوا إِذا حَاضَت الْمَرْأَة فيهم لم يواكلوها وَلم يجامعوها فِي الْبيُوت فَسَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعض أَصْحَابه فَأنْزل الله تَعَالَى {ويسألونك عَن الْمَحِيض قل هُوَ أَذَى فاعتزلوا النِّسَاء فِي الْمَحِيض} إِلَى آخر الْآيَة سُورَة الْبَقَرَة فَقَالَ الرَّسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اصنعوا كل شَيْء إِلَّا النِّكَاح فَبلغ ذَلِك الْيَهُود فَقَالُوا مَا يُرِيد هَذَا الرجل أَن يدع من أمرنَا شَيْئا إِلَّا خَالَفنَا فِيهِ فجَاء أسيد بن حضير وَعباد بن بشر فَقَالَا يَا رَسُول الله إِن الْيَهُود تَقول كَذَا وَكَذَا أَفلا نجامعهن فَتغير وَجه

رَسُول الله حَتَّى ظننا أَنه قد وجد عَلَيْهِمَا فَخَرَجَا فاستقبلتهما هَدِيَّة من لبن إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأرْسل فِي آثارهما وسقاهما من اللَّبن فعرفا أَنه لم يجد عَلَيْهِمَا أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا البُخَارِيّ وَهَذَا لفظ مُسلم وجد عَلَيْهِ يجد موجدة إِذا غضب وَعَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من أَتَى حَائِضًا فِي فرجهَا أَو امْرَأَة فِي دبرهَا أَو كَاهِنًا فقد بَرِيء مِمَّا أنزل على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخرجه التِّرْمِذِيّ وَعَن عَائِشَة قَالَت كَانَت إحدانا إِذا حَاضَت وَأَرَادَ رَسُول الله أَن يُبَاشِرهَا أمرهَا أَن تتزر بإزار فِي فَور حَيْضَتهَا ثمَّ يُبَاشِرهَا فِيمَا دون الْفرج وَأَيكُمْ يملك إربه كَمَا كَانَ رَسُول الله يملك إربه أخرجه السِّتَّة وَهَذَا لفظ الشَّيْخَيْنِ وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد فِي فوح حَيْضَتهَا وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ عَن جَمِيع بن عمر قَالَ دخلت على عَائِشَة مَعَ أُمِّي وخالتي فسألناها كَيفَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصنع إِذا حَاضَت إحداكن قَالَ كَانَ يَأْمُرنَا إِذا حَاضَت إحدانا أَن نتزر بإزار وَاسع ثمَّ يلْتَزم صدرها وثدييها وَعند مَالك أَن عبيد الله بن عبد الله بن عمر أرسل إِلَى عَائِشَة يسْأَلهَا هَل يُبَاشر الرجل امْرَأَته وَهِي حَائِض فَقَالَت لِتشد إزَارهَا على أَسْفَلهَا ثمَّ يُبَاشِرهَا إِن شَاءَ وَفِي رِوَايَة لأبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُبَاشر الْمَرْأَة من نِسَائِهِ وَهِي حَائِض إِذا كَانَ عَلَيْهَا إِزَار إِلَى أَنْصَاف الفخذين والركبتين محتجزة فَور حَيْضَتهَا وفوح حَيْضَتهَا بالراء والحاء الْمُهْمَلَتَيْنِ أَي أَوله ومعضمه والأحتجاز شدّ الْإِزَار على الْعَوْرَة وَمِنْه حجزة السَّرَاوِيل

والحاجز الْحَائِل بَين الشَّيْئَيْنِ وَعَن زيد بن أسلم أَن رجلا سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ مَا يحل لي من امْرَأَتي وَهِي حَائِض فَقَالَ رَسُول الله لِتشد عَلَيْهَا إزَارهَا ثمَّ شَأْنك بِأَعْلَاهَا أخرجه مَالك وَعَن معَاذ قَالَ قلت يَا رَسُول الله مَا يحل لي من امْرَأَتي وَهِي حَائِض قَالَ مَا فَوق الْإِزَار وَالتَّعَفُّف عَن ذَلِك أفضل أخرجه رزين وَعَن عِكْرِمَة عَن بعض أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ إِذا أَرَادَ من الْحَائِض شَيْئا ألْقى على فرجهَا ثوبا أخرجه أَبُو دَاوُد دلّ الْكتاب وَالسّنة على أَن إتْيَان الْحَائِض فِي الْفرج حرَام ونجوز الْمُبَاشرَة فِيمَا دونه وَعَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله قَالَ اذا وَاقع رجل أَهله وَهِي حَائِض فليتصدق بِنصْف دِينَار أخرجه أَصْحَاب السّنَن وَفِي رِوَايَة قَالَ إِذا أَصَابَهَا أول الدَّم وَالدَّم أَحْمَر فدينار وَإِن أَصَابَهَا فِي انْقِطَاع الدَّم وَالدَّم أصفر فَنصف دِينَار قَالَ التِّرْمِذِيّ قد رُوِيَ هَذَا الحَدِيث عَن ابْن عَبَّاس مَوْقُوفا وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الَّذِي يَأْتِي أَهله وَهِي حَائِض قَالَ يتَصَدَّق بِدِينَار أَو بِنصْف دِينَار قَالَ أَبُو دَاوُد هَكَذَا الرِّوَايَة الصَّحِيحَة وَفِي رِوَايَة قَالَ إِذا أَصَابَهَا فِي الدَّم فدينار وَإِذا أَصَابَهَا فِي انْقِطَاع الدَّم فَنصف دِينَار وَعَن عَائِشَة قَالَت كنت أغسل رَأس النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا حَائِض أخرجه السِّتَّة وعنها قَالَت كَانَ النَّبِي يتكيء فِي حجري وَأَنا حَائِض فَيقْرَأ الْقُرْآن أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا التِّرْمِذِيّ

وعنها قَالَت قَالَ لي رَسُول الله ناوليني الْخمْرَة من الْمَسْجِد فَقلت إِنِّي حَائِض فَقَالَ إِن حيضتك لَيست فِي يدك أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا البُخَارِيّ والخمرة حَصِير صَغِير من لِيف أَو غَيره بِقدر الْكَفّ وَهُوَ الَّذِي تتخذه الشِّيعَة الْآن للسُّجُود والحيضة بِكَسْر الْحَاء الْحَالة الَّتِي تلزمها الْحَائِض وَبِفَتْحِهَا الدفعة الْوَاحِدَة من دفعات الْحيض وَعَن مَيْمُونَة قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يضع رَأسه فِي حجر إحدانا فيتلو الْقُرْآن وَهِي حَائِض وَتقوم إحدانا بخمرته إِلَى الْمَسْجِد فتبسطها وَهِي حَائِض أخرجه النَّسَائِيّ وَعَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن جواريه كن يغسلن رجلَيْهِ ويعطينه الْخمْرَة وَهن حيض أخرجه مَالك وَعَن أم سَلمَة قَالَت بَيْنَمَا أَنا مُضْطَجِعَة مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الخميلة إِذْ حِضْت فانسللت فَأخذت ثِيَاب حيضتي فلبستها فَقَالَ لي رَسُول الله أنفست قلت نعم فدعاني فاضطجعت مَعَه فِي الخميلة أخرجه الشَّيْخَانِ وَالنَّسَائِيّ الخميلة كسَاء لَهُ خمل أَو إِزَار وَعَن عمَارَة بن غراب أَن عمَّة لَهُ حدثته أَنَّهَا سَأَلت عَائِشَة فَقَالَت إحدانا تحيض وَلَيْسَ لَهَا ولزوجها إِلَّا فرَاش وَاحِد فَقَالَت عَائِشَة أخْبرك مَا صنع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل لَيْلًا وَأَنا حَائِض فَمضى إِلَى مَسْجده قَالَ أَبُو دَاوُد تَعْنِي مَسْجِد بَيته فَلم ينْصَرف حَتَّى غلبتني عَيْنَايَ وأوجعه الْبرد فَقَالَ ادني مني فَقلت إِنِّي حَائِض فَقَالَ اكشفي عَن فخذيك فَكشفت فَخذي فَوضع خَدّه وصدره على فَخذي وحنيت عَلَيْهِ حَتَّى دفيء فَنَامَ أخرجه أَبُو دَاوُد حَنى عَلَيْهِ يحنى إِذا انثنى عَلَيْهِ مائلا وحنا يحنو إِذا عطف عَلَيْهِ وأشفق

وَعَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت كنت أشْرب من الْإِنَاء وَأَنا حَائِض ثمَّ أناوله النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيَضَع فَاه على مَوضِع فِي أخرجه مُسلم بِهَذَا اللَّفْظ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَلَفْظهمَا كنت أتعرق الْعرق وَأَنا حَائِض فَأعْطِيه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيَضَع فَمه فِي الْموضع الَّذِي وضعت فمي فِيهِ وَفِي أُخْرَى للنسائي أَن شُرَيْح بن هَانِيء سَأَلَ عَائِشَة هَل تَأْكُل الْمَرْأَة مَعَ زَوجهَا وَهِي طامث قَالَت نعم كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يدعوني فَآكل مَعَه وَأَنا عارك فَكَانَ يَأْخُذ الْعرق فَيقسم عَليّ فِيهِ فَآخذهُ فأتعرقه وَيَضَع فَمه حَيْثُ وضعت فمي من الْعرق وَيَدْعُو بِالشرابِ فَيقسم عَليّ فِيهِ قبل أَن يشرب مِنْهُ فَآخذهُ فأشرب مِنْهُ ثمَّ أَضَعهُ فَيَأْخذهُ فيشرب مِنْهُ فَيَضَع فَمه حَيْثُ وضعت فمي من الْقدح الطامث الْمَرْأَة الْحَائِض وَهِي العارك أَيْضا والعرق الْعظم عَلَيْهِ بَقِيَّة لحم وتعرقه أكل اللَّحْم الْبَاقِي عَلَيْهِ وَعَن عبد الله بن سعد الْأنْصَارِيّ قَالَ سَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن مواكلة الْحَائِض فَقَالَ واكلها أخرجه التِّرْمِذِيّ وَعَن عَائِشَة أَن امْرَأَة قَالَت لَهَا أتجزيء إحدانا صلَاتهَا إِذا طهرت فَقَالَت أحرورية أَنْت كُنَّا نحيض مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فنؤمر بِقَضَاء الصَّوْم وَلَا نؤمر بِقَضَاء الصَّلَاة أخرجه الْخَمْسَة الحرورية جمَاعَة من الْخَوَارِج نزلُوا قَرْيَة تسمى حروراء وَقَوْلها أحرورية أَنْت تُرِيدُ أَنَّهَا خَالَفت السّنة وَخرجت عَن الْجَمَاعَة كخروج أُولَئِكَ عَن جمَاعَة الْمُسلمين وَعَن أم بسة الْأَزْدِيَّة وَاسْمهَا مسَّة قَالَت حججْت فَدخلت على أم الْمُؤمنِينَ فَقلت يَا أم الْمُؤمنِينَ إِن سَمُرَة بن جُنْدُب يَأْمر النِّسَاء أَن يقضين صَلَاة الْمَحِيض فَقَالَت لَا يقضين كَانَت الْمَرْأَة من نسَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تقعد من النّفاس أَرْبَعِينَ لَيْلَة لَا تصلي وَلَا يأمرها النَّبِي بِقَضَاء صَلَاة النّفاس أخرجه أَو دَاوُد وَعَن عَائِشَة رضى الله عَنْهَا أَنَّهَا قَالَت فِي الْمَرْأَة الْحَامِل ترى الدَّم

باب ما ورد في المستحاضة والنفساء

أَنَّهَا تدع الصَّلَاة أخرجه مَالك بلاغا وَعَن ابْن عمر أَنه قَالَ لَا تقْرَأ الْحَائِض وَلَا الْجنب شَيْئا من الْقُرْآن أخرجه التِّرْمِذِيّ قلت لم يَأْتِ فِي تَقْدِير أقل الْحيض وَأَكْثَره مَا تقوم بِهِ الْحجَّة وَكَذَلِكَ الطُّهْر فذات الْعَادة المتقررة تعْمل بهَا وَغَيرهَا ترجع إِلَى الْقَرَائِن فدم الْحيض يتَمَيَّز عَن غَيره فَتكون حَائِضًا إِذا رَأَتْ دم الْحيض ومستحاضة إِذا رَأَتْ غَيره وَهِي كالطاهرة وتغسل أثر الدَّم وتتوضأ لكل صَلَاة وَالْحَائِض لَا تصلي وَلَا تَصُوم وَلَا تُوطأ حَتَّى تَغْتَسِل وتقضي الصّيام هَذَا خُلَاصَة الْأَدِلَّة الْوَارِدَة فِي هَذَا الْبَاب وَالله أعلم 231 - بَاب مَا ورد فِي الْمُسْتَحَاضَة وَالنُّفَسَاء عَن عَائِشَة أَن أم حَبِيبَة بنت جحش استحيضت سبع سِنِين فَسَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأمرهَا أَن تَغْتَسِل وَقَالَ هَذَا عرق فَكَانَت تَغْتَسِل لكل صَلَاة أخرجه الْخَمْسَة وَهَذَا لفظ البُخَارِيّ وَلمُسلم أَن أم حَبِيبَة كَانَت تَحت عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَشَكتْ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الدَّم فَقَالَ لَهَا امكثي قدر مَا كَانَت تحبسك حيضتك ثمَّ اغْتَسِلِي فَكَانَت تَغْتَسِل عِنْد كل صَلَاة وَله فِي أُخْرَى قَالَت عَائِشَة إِنَّهَا كَانَت تَغْتَسِل فِي مركن فِي حجرَة أُخْتهَا زَيْنَب بنت جحش حَتَّى تعلو حمرَة الدَّم المَاء وَعند النَّسَائِيّ أَن أم حَبِيبَة استحيضت فَذكر شَأْنهَا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَيست بالحيضة وَلكنهَا ركضة من الرَّحِم لتنظر قدر أقرائها الَّتِي كَانَت تحيض بهَا فَتتْرك الصَّلَاة ثمَّ تنْتَظر بعد ذَلِك فتغتسل عِنْد كل صَلَاة

وَله فِي أُخْرَى أمرهَا أَن تتْرك الصَّلَاة قدر أقرائها وحيضتها وتغتسل وَتصلي فَكَانَت تَغْتَسِل عِنْد كل صَلَاة وَعَن حمْنَة بنت جحش قَالَت كنت أسْتَحَاض حَيْضَة كَثِيرَة شَدِيدَة فَأتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أستفتيه وَأخْبرهُ فَوَجَدته فِي بَيت أُخْتِي زَيْنَب بنت جحش فَقلت يَا رَسُول الله إِنِّي أسْتَحَاض حَيْضَة كَثِيرَة شَدِيدَة فَمَا ترى فِيهَا قد منعتني الصَّلَاة وَالصَّوْم قَالَ أَنعَت لَك الكرسف فَإِنَّهُ يذهب الدَّم قَالَت هُوَ أَكثر من ذَلِك قَالَ فاتخذي ثوبا قَالَت هُوَ أَكثر من ذَلِك إِنَّمَا أثج ثَجًّا قَالَ رَسُول الله سآمرك بأمرين أَيهمَا فعلت أَجْزَأَ عَنْك من الآخر وَإِن قويت عَلَيْهِمَا فَأَنت أعلم وَقَالَ لَهَا إِنَّمَا هَذِه ركضة من ركضات الشَّيْطَان فتحيضي سِتَّة أَيَّام أَو سَبْعَة أَيَّام فِي علم الله ثمَّ اغْتَسِلِي حَتَّى إِذا رَأَيْت أَنَّك قد طهرت واستنقيت فَصلي ثَلَاثًا وَعشْرين لَيْلَة أَو أَرْبعا وَعشْرين لَيْلَة وأيامها وصومي فَإِن ذَلِك يجزئك وَكَذَلِكَ فافعلي فِي كل شهر كَمَا تحيض النِّسَاء وكما يطهرن لميقات حيضهن وطهرهن وَإِن قويت على أَن تؤخري الظّهْر وتعجلي الْعَصْر فتغتسلين وتجمعين بَين الصَّلَاتَيْنِ الظّهْر وَالْعصر وتؤخرين الْمغرب وتعجلين الْعشَاء ثمَّ تغتسلين وتجمعين بَين الصَّلَاتَيْنِ فافعلي وتغتسلين مَعَ الْفجْر فافعلي وصومي إِن قدرت على ذَلِك قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهَذَا أعجب الْأَمريْنِ إِلَيّ وَبَعض الروَاة قَالَ قَالَت حمْنَة هَذَا أعجب الْأَمريْنِ إِلَيّ وَلم يَجعله من قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخرجه أَبُو دَاوُد وَاللَّفْظ لَهُ وَالتِّرْمِذِيّ بِنَحْوِهِ وَعنهُ بدل قَوْله فاتخذي ثوبا فتلجمي والثج السَّيْل أَرَادَت أَنه يجْرِي كثيرا والركضة الضَّرْبَة والدفعة والتلجم كالاستثفار وَهُوَ أَن تشد الْمَرْأَة فرجهَا بِخرقَة عريضة توثق الدَّم وَعَن أَسمَاء بنت عُمَيْس قَالَت قلت يَا رَسُول الله إِن فَاطِمَة بنت أبي حُبَيْش استحيضت مُنْذُ كَذَا وَكَذَا فَلم تصل فَقَالَ سُبْحَانَ الله

هَذَا من الشَّيْطَان لتجلس فِي مركن فَإِذا رَأَتْ صفرَة فَوق المَاء فلتغتسل لِلظهْرِ وَالْعصر غسلا وَاحِدًا وتغتسل للمغرب وَالْعشَاء غسلا وَاحِدًا وتغتسل للفجر غسلا وَاحِدًا وتتوضأ فِيمَا بَين ذَلِك قَالَ ابْن عَبَّاس لما اشْتَدَّ عَلَيْهَا الْغسْل أمرهَا أَن تجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ أخرجه أَو دَاوُد وَعَن أم سَلمَة قَالَت إِن امْرَأَة كَانَت تهراق الدِّمَاء على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاستفتيته لَهَا فَقَالَ لتنظر عدد الْأَيَّام والليالي الَّتِي كَانَت تحيض فِيهَا من الشَّهْر قبل أَن يُصِيبهَا الَّذِي أَصَابَهَا ولتترك الصَّلَاة قدر ذَلِك من الشَّهْر فَإِذا خلفت ذَلِك فلتغتسل ثمَّ لتستثفر بِثَوْب ثمَّ لتصل أخرجه الْأَرْبَعَة إِلَّا التِّرْمِذِيّ وَعَن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن أَن الْقَعْقَاع وَزيد بن أسلم أَرْسلَاهُ إِلَى سعيد بن الْمسيب رَحمَه الله ليسأله كَيفَ تَغْتَسِل الْمُسْتَحَاضَة قَالَ تَغْتَسِل من ظهر إِلَى ظهر وتتوضأ لكل صَلَاة فَإِن غلبها الدَّم استثفرت بِثَوْب أخرجه أَو دَاوُد قَالَ أَبُو دَاوُد وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَن ابْن عمر وَأنس وَهُوَ قَول سَالم بن عبد الله وَالْحسن وَعَطَاء رَحِمهم الله تَعَالَى وَقَالَ مَالك أَظن حَدِيث ابْن الْمسيب من ظهر إِلَى ظهر إِنَّمَا هُوَ من طهر إِلَى طهر وَلَكِن دخل عَلَيْهِم الْوَهم فِيهِ وَرَوَاهُ الْمسور بن عبد الْملك فَقَالَ من طهر إِلَى طهر فحرفها النَّاس من ظهر إِلَى ظهر قلت ذكر القَاضِي عِيَاض أَن رِوَايَة الْمُعْجَمَة صَحِيحَة وَالله أعلم وَعَن عَليّ قَالَ الْمُسْتَحَاضَة إِذا انْقَضى حَيْضهَا اغْتَسَلت كل يَوْم واتخذت صوفة فِيهَا سمن أَو زَيْت أخرجه أَبُو دَاوُد وَعَن عبد الله بن سُفْيَان قَالَ سَأَلت امْرَأَة ابْن عمر فَقَالَت إِنِّي أَقبلت أُرِيد أَن أَطُوف بِالْبَيْتِ حَتَّى إِذا كنت عِنْد بَاب الْمَسْجِد هرقت الدِّمَاء فَرَجَعت حَتَّى ذهب ذَلِك عني ثمَّ اغْتَسَلت حَتَّى كنت عِنْد بَاب الْمَسْجِد هرقت الدِّمَاء ثمَّ جِئْت فَكَذَلِك فَقَالَ إِنَّمَا ذَلِك ركضة من الشَّيْطَان

باب ما ورد في تسمية المرأة على الطعام

فاغتسلي ثمَّ استثفري بِثَوْب ثمَّ طوفي أخرجه مَالك وَعَن عِكْرِمَة قَالَ كَانَت أم حَبِيبَة تستحاض وَكَانَ زَوجهَا يَغْشَاهَا وَمثله عَن حمْنَة بنت جحش أخرجه أَبُو دَاوُد وَعَن أم عَطِيَّة قَالَت كُنَّا لَا نعد الكدرة والصفرة بعد الطُّهْر شَيْئا أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَعَن مرجانه مولاة عَائِشَة قَالَت كَانَت النِّسَاء يبْعَثْنَ إِلَى عَائِشَة بالدرجة فِيهَا الكرسف فِيهِ الصُّفْرَة من دم الْحيض يسألنها عَن الصَّلَاة فَتَقول لَا تعجلن حَتَّى تَرين الْقِصَّة الْبَيْضَاء تَعْنِي الطُّهْر أخرجه البُخَارِيّ فِي تَرْجَمته وَمَالك الْقِصَّة الجص وَالْمعْنَى أَن تخرج الْخِرْقَة الَّتِي تحتشي بهَا الْمَرْأَة بَيْضَاء نقية وَقيل أَن الْقِصَّة كالخيط الْأَبْيَض تخرج بعد انْقِطَاع الدَّم كُله وَعَن ابْنة زيد بن ثَابت أَنه بلغَهَا أَن نسائكن يدعونَ بالمصابيح من جَوف اللَّيْل ينظرن إِلَى الطُّهْر فَقَالَت مَا كَانَت النِّسَاء يصنعن هَذَا وعابت عَلَيْهِنَّ أخرجه البُخَارِيّ فِي تَرْجَمته وَمَالك وَعَن أم سَلمَة قَالَت كَانَت النُّفَسَاء على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تقعد بعد نفَاسهَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَأَرْبَعين لَيْلَة وَكُنَّا نطلي وُجُوهنَا بالورس تَعْنِي من الكلف أخرجه أَو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ قلت النّفاس أَكْثَره أَرْبَعُونَ يَوْمًا وَلَا حد لأقله وَهُوَ كالحيض فِي تَحْرِيم الْوَطْء وَترك الصَّلَاة وَالصِّيَام وَلَعَلَّ الْخَوَارِج يخالفون هَا هُنَا كَمَا خالفوا هُنَاكَ وَلَا يعْتد بهم وهم كلاب النَّار 232 - بَاب مَا ورد فِي تَسْمِيَة الْمَرْأَة على الطَّعَام عَن حُذَيْفَة قَالَ كُنَّا إِذا حَضَرنَا عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الطَّعَام لم نضع

باب ما ورد في وجود الضب عند المرأة

أَيْدِينَا حَتَّى يبْدَأ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيَضَع يَده وَإِنَّا حَضَرنَا مَعَه مرّة طَعَاما فَجَاءَت جَارِيَة كَأَنَّهَا تدفع فَذَهَبت لتَضَع يَدهَا فِي الطَّعَام فَأخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَدِهَا ثمَّ جَاءَ أَعْرَابِي كَأَنَّهُ يدْفع فَذهب ليضع يَده فِي الطَّعَام فَأخذ بِيَدِهِ ثمَّ قَالَ إِن الشَّيْطَان ليستحل الطَّعَام أَن لَا يذكر اسْم الله عَلَيْهِ وَإنَّهُ جَاءَ بِهَذِهِ الْجَارِيَة ليستحل بهَا فَأخذت بِيَدِهَا فجَاء بِهَذَا الْأَعرَابِي ليستحل بِهِ فَأخذت بِيَدِهِ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِن يَده لمع يدهما فِي يَدي ثمَّ ذكر اسْم الله تَعَالَى وَأكل أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَقَوله كَأَنَّهَا تدفع أَي كَأَن وَرَاءَهَا من يَدْفَعهَا إِلَى قدامها قلت تشرع للْأَكْل التَّسْمِيَة وَالْأكل من الْيَمين وَمن حافتي الطَّعَام لَا من وَسطه وَمِمَّا يَلِيهِ ويلعق أَصَابِعه والصحفة وَالْحَمْد عِنْد الْفَرَاغ وَالدُّعَاء وَلَا يَأْكُل مُتكئا هَذَا حَاصِل الْأَدِلَّة الْوَارِدَة فِي آدَاب الْأكل للرجل وَالْمَرْأَة 233 - بَاب مَا ورد فِي وجود الضَّب عِنْد الْمَرْأَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن خَالِد بن الْوَلِيد أخبرهُ أَنه دخل مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على مَيْمُونَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهِي خَالَته وَخَالَة ابْن عَبَّاس فَوجدَ عِنْدهَا ضبا محنوذا قدمت بِهِ أُخْتهَا حفيدة بنت الْحَارِث من نجد فقدمته إِلَيْهِ وَكَانَ قَلما يقدم بَين يَدَيْهِ طَعَام حَتَّى يحدث عَنهُ ويسمي لَهُ فَأَهوى بِيَدِهِ إِلَيْهِ فَقَالَت امْرَأَة من النسْوَة الْحُضُور أخبرن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَا قدمتن لَهُ فَقُلْنَ هُوَ الضَّب فَرفع يَده فَقَالَ خَالِد أحرام هُوَ يَا رَسُول الله قَالَ لَا وَلكنه لم يكن بِأَرْض قومِي فأجدني أعافه قَالَ خَالِد فاجتررته فأكلته وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينظر فَلم ينهني أخرجه السِّتَّة إِلَّا التِّرْمِذِيّ المحنوذ المشوي وعفت الشَّيْء أعافه إِذا كرهته قلت الأَصْل فِي كل شَيْء الْحل وَلَا يحرم إِلَّا مَا حرمه الله وَرَسُوله وَمَا سكتا عَنهُ فَهُوَ عَفْو

باب ما ورد في أكل المرأة لحم الخيل

234 - بَاب مَا ورد فِي أكل الْمَرْأَة لحم الْخَيل عَن أَسمَاء بنت أبي بكر قَالَت نحرنا عَليّ عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرسا وَنحن فِي الْمَدِينَة فأكلناه أخرجه الشَّيْخَانِ وَالنَّسَائِيّ وَفِي الْبَاب أَحَادِيث كلهَا يدل على جَوَاز أكل لحم الْخُيُول وَهُوَ الْحق 235 - بَاب مَا ورد فِي إهداء لحم الْجَزُور من نعم الْجِزْيَة إِلَى النِّسَاء عَن أسلم قَالَ قلت لعمر إِن فِي الظّهْر نَاقَة عمياء فَقَالَ ادفعها إِلَى أهل بَيت يَنْتَفِعُونَ بهَا قلت وَهِي عمياء قَالَ يقطرونها بِالْإِبِلِ فَقلت وَكَيف تَأْكُل من الأَرْض فَقَالَ أَمن نعم الْجِزْيَة أم من نعم الصَّدَقَة قلت بل من نعم الْجِزْيَة فَقَالَ أردتم وَالله أكلهَا فَقلت إِن عَلَيْهَا وسم نعم الْجِزْيَة فَأمر بهَا عمر فنحرت وَكَانَ عِنْده صحاف تسع فَلَا تكون فَاكِهَة وَلَا طريفة إِلَّا جعل مِنْهَا فِي تِلْكَ الصحاف فيبعث بهَا إِلَى أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيكون الَّذِي يبْعَث إِلَى حَفْصَة ابْنَته من آخر ذَلِك فَإِن كَانَ فِيهِ نُقْصَان كَانَ من حظها فَجعل فِي تِلْكَ الصحاف من لحم تِلْكَ الْجَزُور فَبعث بهَا إِلَى أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأمر بِمَا بَقِي من لحم تِلْكَ الْجَزُور فَصنعَ فَدَعَا إِلَيْهِ الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار أخرجه مَالك 236 بَاب مَا ورد فِي الْوَلِيمَة على الْمَرْأَة عَن أنس قَالَ رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أثر صفرَة فَقَالَ مَا هَذَا قَالَ تزوجت امْرَأَة على وزن نواة من ذهب فَقَالَ بَارك الله لَك أولم وَلَو بِشَاة أخرجه السِّتَّة وَعنهُ قَالَ مَا أولم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أحد من نِسَائِهِ مَا أولم على زَيْنَب بنت

باب ما ورد في العقيقة عن الجارية

جحش أولم بِشَاة وَفِي رِوَايَة أطْعمهُم خبْزًا وَلَحْمًا حَتَّى تَرَكُوهُ أخرجه الشَّيْخَانِ وَأَبُو دَاوُد وَعنهُ قَالَ أولم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على صَفِيَّة بنت حييّ بسويق وتمر أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وللبخاري عَن صَفِيَّة بنت شيبَة قَالَت أولم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على بعض نِسَائِهِ بمدين من شعير قلت الْوَلِيمَة مَشْرُوعَة وَتجب الْإِجَابَة إِلَيْهَا وَيقدم السَّابِق ثمَّ الْأَقْرَب بَابا وَلَا يجوز حُضُورهَا إِذا أفضت إِلَى مَعْصِيّة 237 بَاب مَا ورد فِي الْعَقِيقَة عَن الْجَارِيَة عَن أم كرز قَالَت سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول عَن الْغُلَام شَاتَان مكافئتان وَعَن الْجَارِيَة شَاة وَلَا يضركم ذكرانا كن أم أناثا أخرجه أَصْحَاب السّنَن مكافئتان بِكَسْر الْفَاء يُرِيد شَاتين مُسنَّتَيْنِ تجوزان فِي الضَّحَايَا لَا تكون إِحْدَاهمَا مُسِنَّة وَالْأُخْرَى غير مُسِنَّة وَعَن نَافِع أَن ابْن عمر لم يكن يسْأَله أحد من أَهله عقيقة إِلَّا أعطَاهُ إِيَّاهَا وَإِنَّمَا كَانَ يعق عَن وَلَده بِشَاة شَاة عَن الذُّكُور وَالْإِنَاث وَكَذَلِكَ كَانَ يفعل عُرْوَة بن الزبير قَالَ مَالك وَبَلغنِي أَن عَليّ بن أبي طَالب كَانَ يفعل ذَلِك أخرجه مَالك وَعَن عَليّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عق عَن الْحسن بِشَاة وَقَالَ يَا فَاطِمَة احلقي رَأسه وتصدقي بزنة شعره فضَّة فوزناه فَكَانَ وَزنه درهما أَو بعض دِرْهَم أخرجه التِّرْمِذِيّ وَعَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن فَاطِمَة أَنَّهَا وزنت شعر الْحسن وَالْحُسَيْن وَزَيْنَب وَأم كُلْثُوم وتصدقت بزنة ذَلِك فضَّة أخرجه مَالك

باب ما ورد في دواء الجارية وعلاج النساء

قلت الْعَقِيقَة مُسْتَحبَّة وَهِي شَاتَان عَن الذّكر وشَاة عَن الْأُنْثَى يَوْم سَابِع الْمَوْلُود وَفِيه يُسمى ويحلق رَأسه وَيتَصَدَّق بوزنه ذَهَبا أَو فضَّة هَذَا خُلَاصَة الْأَدِلَّة فِي هَذَا الْبَاب 238 - بَاب مَا ورد فِي دَوَاء الْجَارِيَة وعلاج النِّسَاء عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الكمأة من الْمَنّ وماؤها شِفَاء للعين إِلَى قَوْله فَأخذت ثَلَاثَة أكمؤ أَو خمْسا أَو سبعا فعصرتهن فِي قَارُورَة وكحلت بهَا جَارِيَة لي عمشاء فبرأت وَعَن امْرَأَة كَانَت تخْدم بعض أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاسْمهَا سلمى قَالَت مَا كَانَ ينَال رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قرحَة وَلَا نكبة إِلَّا أَمرنِي أَن أَضَع عَلَيْهَا الْحِنَّاء أخرجه التِّرْمِذِيّ وَعَن أَسمَاء بنت عُمَيْس قَالَت قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَ تستمشين قلت بالشبرم قَالَ حَار حَار قَالَت ثمَّ استمشيت بالسنا فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو أَن شَيْئا كَانَ فِيهِ شِفَاء من الْمَوْت كَانَ فِي السنا أخرجه التِّرْمِذِيّ قَوْله تستمشين أَي بِمَ تستطلقين وَبِأَيِّ دَوَاء تسهلين بَطْنك وكنى عَن ذَلِك بِالْمَشْيِ لاحتياج الْإِنْسَان فِيهِ إِلَى التَّرَدُّد بِالْمَشْيِ إِلَى الْخَلَاء والشبرم حب صَغِير يشبه الحمص يتَّخذ فِي الْأَدْوِيَة وَقَوله حَار حَار تَأْكِيد والسنا نبت مَعْرُوف يتداوى بِهِ وَعَن أم قيس بنت مُحصن قَالَت دخلت بِابْن لي على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد أعلقت عَلَيْهِ من الْعذرَة فَقَالَ علام تدغرن أَوْلَادكُنَّ بِهَذِهِ العلاق عليكن بِهَذَا الْعود الْهِنْدِيّ فَإِن فِيهِ سَبْعَة أشفية مِنْهَا ذَات الْجنب يسعط بِهِ من الْعذرَة ويلد بِهِ من ذَات الْجنب قَالَ الزُّهْرِيّ بَين لنا إثنين وَلم يبين لنا الْخَمْسَة أخرجه الشَّيْخَانِ وَأَبُو دَاوُد وَالْعود الْهِنْدِيّ هُوَ الْقسْط قَوْله علام تدغرن الدغر علاج الْعذرَة

باب ما ورد في التماس الجارية الرقية وأخذ الأجر عليها

بِرَفْع لهاة الصَّبِي الْمَعْذُور بالإصبع والعلاق كَذَا فِي بعض الرِّوَايَات وَالْمَعْرُوف الأعلاق والعذرة وجع يعرض فِي الْحلق من الدَّم وَعَن عَائِشَة قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أصَاب بعض أَهله وعك أَمر بالحساء من الخمير فيصنع ثمَّ أَمرهم فحسوا مِنْهُ وَيَقُول إِنَّه ليرتو فؤاد الحزين ويسرو عَن فؤاد السقيم كَمَا تسرو إحداكن الْوَسخ عَن وَجههَا بِالْمَاءِ أخرجه التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ يرتو أَي يشد الْفُؤَاد ويقويه ويسرو أَي يكْشف عَنهُ ضره ويزيله وَعَن سهل بن سعد قَالَ لما جرح وَجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم أحد جعلت فَاطِمَة تغسل الدَّم عَن وَجهه وَعلي يسْكب عَلَيْهَا المَاء فَلَمَّا رَأَتْ أَن المَاء لَا يزِيد الدَّم إِلَّا كَثْرَة أخذت قِطْعَة حَصِير فَأَحْرَقتهُ حَتَّى صَار رَمَادا فَأَلْصَقته بِالْجرْحِ فَاسْتَمْسك الدَّم أخرجه الشَّيْخَانِ وَالتِّرْمِذِيّ قلت يجوز التَّدَاوِي والتفويض أفضل لمن يقدر على الصَّبْر وَيحرم بالمحرمات وَيكرهُ الاكتواء وَلَا بَأْس بالحجامة 239 - بَاب مَا ورد فِي التمَاس الْجَارِيَة الرّقية وَأخذ الْأجر عَلَيْهَا عَن أبي سعيد قَالَ كُنَّا فِي مسير لنا فنزلنا منزلا فَجَاءَت جَارِيَة فَقَالَت إِن سيد الْحَيّ سليم لديغ وَإِن نفرنا غيب فَهَل مِنْكُم راق فَقَامَ مَعهَا رجل منا مَا كُنَّا نأبنه برقية فرقاه فبرأ فَأمر لَهُ بِثَلَاثِينَ شَاة وَسَقَانَا لَبَنًا فَقُلْنَا لَهُ أَكنت تحسن الرّقية فَقَالَ لَا مَا رقيت إِلَّا بِأم الْكتاب قُلْنَا لَا تحدثُوا شَيْئا حَتَّى نأتي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فنسأله فَلَمَّا قدمنَا ذَكرْنَاهُ لَهُ فَقَالَ وَمَا يدْريك أَنَّهَا رقية اقسموا واضربوا لي بِسَهْم أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا النَّسَائِيّ النَّفر هُنَا الرِّجَال خَاصَّة وأرادت أَنهم غائبون عَن الْحَيّ وَمعنى نأبنه أَي نتهمه

باب ما ورد في طلاق النساء

قلت لَا بَأْس بالرقية بِمَا يجوز من اللدغ وَالْعين والحمى وَغَيرهَا وَعَن ابْن مَسْعُود قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن من الرقي والتمائم والتولة شركا فَقَالَت امْرَأَة لَا تَقولُوا هَذَا لقد كَانَت عَيْني تقذف فَكنت أختلف إِلَى فلَان الْيَهُودِيّ فيرقيني فتسكن قَالَ عبد الله إِنَّمَا ذَلِك عمل الشَّيْطَان كَانَ ينخسها بِيَدِهِ فَإِذا رقاك كف عَنْهَا إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيك أَن تقولي كَمَا كَانَ يَقُول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أذهب الْبَأْس رب النَّاس اشف أَنْت الشافي لَا شِفَاء إِلَّا شفاؤك شِفَاء لَا يُغَادر سقما أخرجه أَبُو دَاوُد التولة بِكَسْر التَّاء وَفتح الْوَاو مَا يحبب الْمَرْأَة إِلَى زَوجهَا من أَنْوَاع السحر 240 - بَاب مَا ورد فِي طَلَاق النِّسَاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ إِذا قَالَ أَنْت طَالِق ثَلَاثًا بِفَم وَاحِد فَهِيَ وَاحِدَة أخرجه أَبُو دَاوُد وَفِي رِوَايَة ذكرهَا رزين إِذا قَالَ أَنْت طَالِق أَنْت طَالِق أَنْت طَالِق ثَلَاث مَرَّات فَهِيَ وَاحِدَة إِن أَرَادَ التوكيد للأولى وَكَانَت غير مَدْخُول بهَا وَعنهُ أَن رجلا قَالَ لَهُ إِنِّي طلقت امْرَأَتي مائَة تَطْلِيقَة فَمَاذَا ترى عَليّ فَقَالَ طلقت مِنْك بِثَلَاث وَسبع وَتسْعُونَ اتَّخذت بهَا آيَات الله هزوا أخرجه مَالك بلاغا وَعَن مَحْمُود بن لبيد قَالَ أخبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن رجل طلق امْرَأَته ثَلَاث تَطْلِيقَات جَمِيعًا فَقَامَ غَضْبَان ثمَّ قَالَ أَيلْعَبُ بِكِتَاب الله وَأَنا بَين أظْهركُم حَتَّى قَامَ رجل فَقَالَ يَا رَسُول الله أَلا أَقتلهُ أخرجه النَّسَائِيّ وَعَن عبد الله بن يزِيد بن ركانه عَن أَبِيه عَن جده قَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي طلقت امْرَأَتي الْبَتَّةَ فَقَالَ مَا أردْت بهَا قلت وَاحِدَة فَقَالَ الله مَا أردْت بهَا إِلَّا وَاحِدَة قلت وَالله مَا أردْت بهَا إِلَّا وَاحِدَة فَردهَا إِلَيْهِ

فَطلقهَا الثَّانِيَة فِي زمن عمر وَالثَّالِثَة فِي زمن عُثْمَان أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَعَن مَالك بلغه أَنه كتب إِلَى عمر بن الْخطاب من الْعرَاق أَن رجلا قَالَ لامْرَأَته حبلك على غاربك فَكتب إِلَى عَامله أَن مره أَن يوافيني بِمَكَّة فِي الْمَوْسِم فَبَيْنَمَا عمر يطوف إِذْ لقِيه الرجل فَسلم عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ عمر رَضِي الله عَنهُ من أَنْت قَالَ أَنا الَّذِي أمرت أَن أجلب إِلَيْك فَقَالَ لَهُ عمر أَسأَلك بِرَبّ هَذِه البنية مَاذَا أردْت بِقَوْلِك حبلك على غاربك فَقَالَ الرجل لَو استحلفتني فِي غير هَذَا الْمَكَان مَا صدقتك أردْت بذلك الْفِرَاق فَقَالَ عمر هُوَ مَا أردْت وَعَن نَافِع مولى ابْن عمر كَانَ يَقُول فِي الخلية والبرية كل وَاحِدَة مِنْهُمَا ثَلَاث تَطْلِيقَات أخرجه مَالك وَعَن مَالك أَنه بلغه أَن عليا كَانَ يَقُول فِي الرجل يَقُول لامْرَأَته أَنْت عَليّ حرَام أَنَّهَا ثَلَاث تَطْلِيقَات وَعَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ من حرم امْرَأَته فَلَيْسَ بِشَيْء هِيَ يَمِين يكفرهَا وَيَقُول {لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة} سُورَة الْأَحْزَاب أخرجه الشَّيْخَانِ وَاللَّفْظ لَهما وَالنَّسَائِيّ وَعِنْده أَتَى رجل ابْن عَبَّاس فَقَالَ إِنِّي جعلت امْرَأَتي عَليّ حَرَامًا فَقَالَ كذبت لَيست بِحرَام ثمَّ تَلا {يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك} سُورَة التَّحْرِيم ثمَّ قَالَ عَلَيْك أغْلظ الْكَفَّارَة عتق رَقَبَة وَعَن مَالك أَنه بلغه أَن رجلا أَتَى ابْن عمر فَقَالَ إِنِّي جعلت أَمر امْرَأَتي بِيَدِهَا فَطلقت نَفسهَا فَمَاذَا ترى فَقَالَ ابْن عمر أرَاهُ كَمَا قَالَت فَقَالَ يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن لَا تفعل قَالَ أَنا أفعل أَنْت فعلته وَعَن خَارجه بن زيد قَالَ كنت جَالِسا عِنْد زيد بن ثَابت فَأَتَاهُ مُحَمَّد

باب ما ورد في الطلاق ثلاثا قبل الدخول

ابْن أبي عَتيق وَعَيناهُ تدمعان فَقَالَ لَهُ زيد مَا شَأْنك فَقَالَ ملكت امْرَأَتي أمرهَا ففارقتني فَقَالَ مَا حملك على ذَلِك قَالَ الْقدر قَالَ ارتجعها إِن شِئْت إِنَّمَا هِيَ وَاحِدَة وَأَنت أملك بهَا أخرجه مَالك وَعَن مَسْرُوق قَالَ مَا أُبَالِي إِن خيرت امْرَأَتي وَاحِدَة أَو مائَة أَو ألفا بعد أَن تختارني وَلَقَد سَأَلت عَائِشَة عَنْهَا فَقَالَت خيرنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَفَكَانَ ذَلِك طَلَاقا أخرجه الْخَمْسَة قلت حَاصِل أَدِلَّة الْمقَام أَن الطَّلَاق جَائِز من مُكَلّف مُخْتَار وَلَو هازلا لمن كَانَت فِي طهر لم يَمَسهَا فِيهِ وَلَا طَلقهَا فِي الْحَيْضَة الَّتِي قبله أَو فِي حمل قد استبان وَيحرم إِيقَاعه على غير هَذِه الصّفة وَفِي وُقُوعه وَوُقُوع مَا فَوق الْوَاحِدَة من دون تحلل رَجْعَة خلاف وَالرَّاجِح عدم الْوُقُوع وَيَقَع بِالْكِنَايَةِ مَعَ النِّيَّة وبالتخيير إِذا اخْتَارَتْ الْفرْقَة وَإِذا جعله الزَّوْج إِلَى غَيره وَقع مِنْهُ وَلَا يَقع بِالتَّحْرِيمِ وَالرجل أَحَق بامرأته فِي عدَّة طَلَاقه يُرَاجِعهَا مَتى شَاءَ إِذا كَانَ الطَّلَاق رَجْعِيًا وَلَا تحل لَهُ بعد الثَّالِثَة حَتَّى تنْكح زوجا غَيره 241 - بَاب مَا ورد فِي الطَّلَاق ثَلَاثًا قبل الدُّخُول عَن طَاوُوس أَن أَبَا الصَّهْبَاء قَالَ لِابْنِ عَبَّاس أما علمت أَن الرجل كَانَ إِذا طلق امْرَأَته ثَلَاثًا قبل الدُّخُول بهَا جعلوها وَاحِدَة قَالَ ابْن عَبَّاس بلَى كَانَ الرجل إِذا طلق امْرَأَته ثَلَاثًا قبل أَن يدْخل بهَا جعلوها وَاحِدَة على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر وصدرا من إِمَارَة عمر رَضِي الله عَنْهُمَا فَلَمَّا رأى أَن النَّاس تتايعوا فِيهَا قَالَ أجيزوهن عَلَيْهِم أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَعَن مُحَمَّد بن إِيَاس بن البكير قَالَ طلق رجل امْرَأَته ثَلَاثًا قبل أَن يدْخل بهَا ثمَّ بدا لَهُ أَن ينْكِحهَا فجَاء يستفتي فَذَهَبت مَعَه فَسَأَلَ ابْن عَبَّاس وَأَبا هُرَيْرَة فَقَالَا لَا نرى أَن تنكحها حَتَّى تنْكح زوجا غَيْرك فَقَالَ إِنَّمَا طَلَاقي إِيَّاهَا وَاحِدَة فَقَالَ ابْن عَبَّاس إِنَّك أرْسلت من يدك مَا

باب ما ورد في طلاق الحائض

كَانَ لَك من فضل أخرجه مَالك وَهَذَا لَفظه وَأَبُو دَاوُد وَعَن عَطاء بن يسَار قَالَ سَأَلَ رجل عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ عَن رجل طلق امْرَأَته ثَلَاثًا قبل أَن يَمَسهَا فَقَالَ عَطاء إِنَّمَا طَلَاق الْبكر وَاحِدَة فَقَالَ لي عبد الله إِنَّمَا أَنْت قاص الْوَاحِدَة تبينها وَالثَّلَاث تحرمها حَتَّى تنْكح زوجا غَيره أخرجه مَالك 242 - بَاب مَا ورد فِي طَلَاق الْحَائِض عَن ابْن عمر أَنه طلق امْرَأَته وَهِي حَائِض فَسَأَلَ عمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ مره فَلْيُرَاجِعهَا ثمَّ يمْسِكهَا حَتَّى تطهر ثمَّ تحيض فَتطهر فَإِن بدا لَهُ أَن يطلقهَا فَلْيُطَلِّقهَا قبل أَن يَمَسهَا فَتلك الْعدة كَمَا أَمر الله عز وَجل أخرجه السِّتَّة وَفِي رِوَايَة لمُسلم مره فَلْيُرَاجِعهَا ثمَّ ليُطَلِّقهَا طَاهِرا أَو حَامِلا 243 - بَاب مَا ورد فِي طَلَاق الْمُكْره وَالْمَجْنُون والسكران عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل طَلَاق جَائِز إِلَّا طَلَاق الْمَعْتُوه والمغلوب على عقله أخرجه التِّرْمِذِيّ وَعَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل طَلَاق جَائِز إِلَّا طَلَاق الْمَعْتُوه وَالْمكْره وَقَالَ ألم تعلم أَن الْقَلَم رفع عَن ثَلَاثَة عَن الْمَجْنُون حَتَّى يفِيق وَعَن الصَّبِي حَتَّى يدْرك عَن النَّائِم حَتَّى يَسْتَيْقِظ أخرجه البُخَارِيّ فِي تَرْجَمته وَفِي أُخْرَى لَهُ عَن عُثْمَان لَيْسَ لسكران وَلَا لمَجْنُون طَلَاق وَله فِي أُخْرَى عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لَيْسَ لمستكره وَلَا لمَجْنُون طَلَاق

باب ما ورد في الطلاق قبل العقد

244 - بَاب مَا ورد فِي الطَّلَاق قبل العقد عَن مَالك أَنه بلغه أَن عمر بن الْخطاب وَعبد الله بن مَسْعُود وَسَالم ابْن عبد الله وَالقَاسِم بن مُحَمَّد وَابْن شهَاب وَسليمَان بن يسَار كَانُوا يَقُولُونَ إِذا حلف الرجل بِطَلَاق الْمَرْأَة قبل أَن ينْكِحهَا ثمَّ أَثم أَن ذَلِك لَازم لَهُ إِذا نَكَحَهَا وَعَن ابْن مَسْعُود أَنه كَانَ يَقُول فِيمَن قَالَ كل امْرَأَة أنْكحهَا فَهِيَ طَالِق إِذا لم يسم قَبيلَة أَو امْرَأَة بِعَينهَا فَلَا شَيْء عَلَيْهِ إِلَّا فِيمَا يملك أخرجه مَالك وَعَن عمر بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا طَلَاق وَلَا عتق وَلَا بيع إِلَّا فِيمَا يملك وَمن حلف على مَعْصِيّة فَلَا يَمِين لَهُ وَمن حلف على قطيعة رحم فَلَا يَمِين لَهُ وَلَا نذر إِلَّا فِيمَا يَبْتَغِي بِهِ وَجه الله أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ جعل الله الطَّلَاق بعد النِّكَاح أخرجه البُخَارِيّ فِي تَرْجَمته

باب ما ورد في طلاق العبد والأمة

245 - بَاب مَا ورد فِي طَلَاق العَبْد وَالْأمة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَلَاق الْأمة تَطْلِيقَتَانِ وعدتها حيضتان وَفِي نُسْخَة وقرؤها حيضتان أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَعَن ابْن عمر أَنه كَانَ يَقُول إِذا طلق العَبْد امْرَأَته ثِنْتَيْنِ حرمت عَلَيْهِ حَتَّى تنْكح زوجا غَيره حرَّة كَانَت أَو أمة وعدة الْحرَّة ثَلَاث حيض وعدة الْأمة حيضتان أخرجه مَالك وَعَن أبي حسن مولى بني نَوْفَل قَالَ قلت لِابْنِ عَبَّاس مَمْلُوك كَانَت تَحْتَهُ مَمْلُوكَة فَطلقهَا تَطْلِيقَتَيْنِ ثمَّ عتقا بعد ذَلِك فَهَل يصلح لَهُ أَن يخطبها قَالَ نعم بقيت لَهُ وَاحِدَة قضى بذلك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَعَن نَافِع قَالَ كَانَ ابْن عمر يَقُول من أذن لعَبْدِهِ أَن ينْكح فالطلاق بيد العَبْد لَيْسَ بيد غَيره من طَلَاقه شَيْء فَأَما أَن يَأْخُذ الرجل أمة غُلَامه أَو أمة وليدته فَلَا جنَاح عَلَيْهِ أحْرجهُ مَالك وَعَن سُلَيْمَان بن يسَار أَن نفيعا مكَاتبا كَانَ لأم سَلمَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو عبدا كَانَ تَحْتَهُ امْرَأَة حرَّة فَطلقهَا ثِنْتَيْنِ ثمَّ أَرَادَ أَن يُرَاجِعهَا فَسَأَلَ عُثْمَان وَزيد بن ثَابت فَقَالَا حرمت عَلَيْك أخرجه مَالك وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ طَلَاق الْأمة خمس عتقهَا وَطَلَاق زَوجهَا وَبيع سَيِّدهَا وهبته لَهَا وميراثها أخرجه رزين وَعَن عَائِشَة قَالَت أردْت أَن أعتق عَبْدَيْنِ لي فَأمرنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن أبدأ بِالرجلِ قبل الْمَرْأَة أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَزَاد رزين لِئَلَّا يكون لَهَا خِيَار

باب ما ورد في أحكام متفرقة من الطلاق وذمه

وعنها قَالَت كَانَ فِي بَرِيرَة ثَلَاث سنَن أعتقت فخيرت فِي زَوجهَا وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهَا الْوَلَاء لمن أعتق وَدخل والبرمة تَفُور فَقرب إِلَيْهِ خبز وإدام من أَدَم الْبَيْت فَقَالَ ألم أر البرمة تَفُور قَالُوا إِنَّه لحم تصدق بِهِ على بَرِيرَة وَأَنت لَا تَأْكُل الصَّدَقَة فَقَالَ هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَة وَلنَا هَدِيَّة أخرجه السِّتَّة وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ إِن زوج بَرِيرَة كَانَ عبدا يُقَال لَهُ مغيث وَكَأَنِّي أنظر إِلَيْهِ خلفهَا يطوف ودموعه تسيل على لحيته فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للْعَبَّاس أَلا تعجب من حب مغيث بَرِيرَة وَمن بغض بَرِيرَة مغيثا فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو راجعته فَقَالَت يَا رَسُول الله تَأْمُرنِي قَالَ لَا إِنَّمَا أشفع قَالَت لَا حَاجَة لي فِيهِ أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا مُسلما وَعَن مَالك قَالَ بَلغنِي أَن حَفْصَة أم الْمُؤمنِينَ زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعلمت زبراء وَهِي أمة كَانَت لبني عدي وعتقت تَحت عبد أَنه إِن سكت فَلَا خِيَار لَك فَقَالَت هُوَ الطَّلَاق ثمَّ الطَّلَاق ثمَّ الطَّلَاق ففارقته ثَلَاث قلت مَسْأَلَة الْبَاب أَنه إِذا تزوج العَبْد بِغَيْر إِذن سَيّده فنكاحه بَاطِل وَإِذا أعتقت الْأمة ملكت أَمر نَفسهَا وخيرت فِي زَوجهَا 246 - بَاب مَا ورد فِي أَحْكَام مُتَفَرِّقَة من الطَّلَاق وذمه عَن عبد الله بن عمر قَالَ طَلَاق السّنة أَن يطلقهَا طَاهِرا من غير جماع أخرجه النَّسَائِيّ قلت وَترْجم بِهِ البُخَارِيّ وَالله أعلم وَعَن مَالك قَالَ سَمِعت ابْن الْمسيب وَحميد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَعبيد الله بن عبد الله بن عتبَة وَسليمَان بن يسَار كلهم يَقُول سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول سَمِعت عمر رَضِي الله عَنهُ يَقُول أَيّمَا امْرَأَة طَلقهَا زَوجهَا تَطْلِيقَة أَو تَطْلِيقَتَيْنِ ثمَّ تَركهَا حَتَّى تحل ويتزوجها زوج

غَيره فَيَمُوت عَنْهَا أَو يطلقهَا ثمَّ يردهَا الأول أَنَّهَا تكون عِنْده على مَا بَقِي من طَلاقهَا قَالَ مَالك وَتلك السّنة الَّتِي لَا خلاف فِيهَا عندنَا وَعَن محَارب بن دثار عَن ابْن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أحل الله شَيْئا أبْغض إِلَيْهِ من الطَّلَاق أخرجه أَو دَاوُد وَعَن ثَوْبَان قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيّمَا امْرَأَة سَأَلت زَوجهَا طَلاقهَا من غير مَا بَأْس فَحَرَام عَلَيْهَا رَائِحَة الْجنَّة أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وحسنة وَابْن مَاجَه وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْبَيْهَقِيّ فِي حَدِيث قَالَ وَإِن المختلعات هن المنافقات وَمَا من امْرَأَة تسْأَل زَوجهَا الطَّلَاق من غير مَا بَأْس فتجد ريح الْجنَّة أَو قَالَ رَائِحَة الْجنَّة وَعَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أبْغض الْحَلَال إِلَى الله الطَّلَاق رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيره قَالَ الْخطابِيّ الْمَشْهُور فِيهِ عَن محَارب بن دثار عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يذكر فِيهِ ابْن عمر وَالله أعلم وَعَن عَائِشَة قَالَت كَانَ الرجل يُطلق امْرَأَته مَا شَاءَ أَن يُطلق وَهِي امْرَأَته إِذا رَاجعهَا وَهِي فِي الْعدة وَإِن طَلقهَا مائَة مرّة أَو أَكثر حَتَّى قَالَ رجل لامْرَأَته وَالله لَا أطلقك فتبينين مني وَلَا أؤويك أبدا قَالَت وَكَيف ذَلِك قَالَ أطلقك فَكلما هَمت عدتك أَن تَنْقَضِي رَاجَعتك فَذَهَبت الْمَرْأَة فَدخلت على عَائِشَة فَأَخْبَرتهَا بذلك فَسَكَتَتْ حَتَّى جَاءَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته فَسكت فَنزل الْقُرْآن {الطَّلَاق مَرَّتَانِ فإمساك بِمَعْرُوف أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان} سُورَة الطَّلَاق قَالَت عَائِشَة فاستأنف النَّاس الطَّلَاق مُسْتَقْبلا من كَانَ طلق وَمن لم يكن طلق أخرجه التِّرْمِذِيّ وَعَن عمرَان بن حُصَيْن أَنه سَأَلَهُ رجل طلق امْرَأَته ثمَّ وَاقعهَا وَلم يشْهد على طَلاقهَا وَلَا على رَجعتهَا فَقَالَ طلقت لغير السّنة وراجعت لغير السّنة أشهد على طَلاقهَا وعَلى رَجعتهَا وَلَا تعد أخرجه أَبُو دَاوُد وَعَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يحل لامْرَأَة أَن تسْأَل

باب ما ورد في شؤم المرأة

طَلَاق أُخْتهَا لتستفرغ صحفتها ولتنكح فَإِنَّمَا لَهَا مَا قدر لَهَا أخرجه السِّتَّة وَعنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثَة جدهن جد وهزلهن جد النِّكَاح وَالطَّلَاق وَالرَّجْعَة أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَعَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَنه طلق امْرَأَته فمتعها بوليدة أخرجه ملك 247 - بَاب مَا ورد فِي شُؤْم الْمَرْأَة عَن سهل بن سعد قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن كَانَ الشؤم فِي شَيْء فَفِي الْفرس وَالْمَرْأَة والمسكن أخرجه الثَّلَاثَة وَعَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الشؤم فِي الْمَرْأَة وَالدَّار وَالْفرس مُتَّفق عَلَيْهِ وَفِي رِوَايَة الشؤم فِي ثَلَاثَة فِي الْمَرْأَة والمسكن وَالدَّابَّة وشؤم الْمَرْأَة أَن لَا تَلد وَقيل غلاء مهرهَا وَسُوء خلقهَا

باب ما ورد في إعانة المظاهر في كفارة الظهار

248 - بَاب مَا ورد فِي إِعَانَة الْمظَاهر فِي كَفَّارَة الظِّهَار عَن سَلمَة بن صَخْر البياضي قَالَ كنت امْرأ أُصِيب من النِّسَاء مَا لَا يُصِيب غَيْرِي فَلَمَّا دخل شهر رَمَضَان خفت أَن أُصِيب من امْرَأَتي شَيْئا يتتايع بِي حَتَّى أصبح فظاهرت مِنْهَا حَتَّى يَنْسَلِخ شهر رَمَضَان فَبَيْنَمَا هِيَ تخدمني ذَات لَيْلَة إِذْ تكشف لي مِنْهَا شَيْء فَلم ألبث أَن نزوت عَلَيْهَا فَلَمَّا أَصبَحت خرجت إِلَى قومِي فَأَخْبَرتهمْ الْخَبَر فَقلت امشوا معي إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالُوا لَا وَالله فَانْطَلَقت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته فَقَالَ أَنْت بِذَاكَ يَا سَلمَة قلت أَنا بِذَاكَ يَا رَسُول الله مرَّتَيْنِ وَأَنا صابر لأمر الله فاحكم فِي بِمَا أَرَاك الله قَالَ حرر رَقَبَة قلت وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ نَبيا مَا أملك رَقَبَة غَيرهَا وَضربت صفحة رقبتي قَالَ فَصم شَهْرَيْن مُتَتَابعين قلت وَهل أصبت الَّذِي أصبت إِلَّا من الصّيام قَالَ فأطعم وسْقا من تمر بَين سِتِّينَ مِسْكينا قلت وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ نَبيا لقد بتنا وحشين مَا لنا طَعَام قَالَ فَانْطَلق إِلَى صَاحب صَدَقَة بني زُرَيْق فليدفعها إِلَيْك فأطعم سِتِّينَ مِسْكينا وسْقا من تمر وكل أَنْت وَعِيَالك بقيتها فَرَجَعت إِلَى قومِي فَقلت وجدت عنْدكُمْ الضّيق وَوجدت عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم السعَة وَحسن الرَّأْي وَقد أَمر لي بصدقتكم أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَلأبي دَاوُد فِي أُخْرَى أَن جميلَة كَانَت تَحت أَوْس بن الصَّامِت وَكَانَ رجلا بِهِ لمَم وَكَانَ إِذا اشْتَدَّ لممه ظَاهر من امْرَأَته فَأنْزل الله فِيهِ كَفَّارَة الظِّهَار التتايع التهافت فِي الشَّرّ واللجاج فِيهِ وَلَا يكون إِلَّا فِي الشَّرّ وَمعنى نزوت وَثَبت عَلَيْهَا وَأَرَادَ بِهِ الْجِمَاع وَمعنى بتنا وحشين أَي لَا طَعَام لنا يُقَال أوحش الرجل إِذا جَاع وتوحش إِذا خلا بَطْنه والنعت وَحش قلت الظِّهَار هُوَ قَول الزَّوْج لزوجته أَنْت عَليّ كَظهر أُمِّي أَو

باب ما ورد في تسمية المملوكين والمملوكات

ظاهرتك أَو نَحْو ذَلِك فَيجب عَلَيْهِ قبل أَن يَمَسهَا أَن يكفر بِعِتْق رَقَبَة فَإِن لم يجد فليطعم سِتِّينَ مِسْكينا فَإِن لم يجد فليصم شَهْرَيْن مُتَتَابعين وَيجوز للْإِمَام أَن يُعينهُ من صدقَات الْمُسلمين إِذا كَانَ فَقِيرا لَا يقدر على الصَّوْم وَله أَن يصرف مِنْهَا لنَفسِهِ وَعِيَاله وَإِذا كَانَ الظِّهَار موقتا فَلَا يرفعهُ إِلَّا انْقِضَاء الْوَقْت وَإِذا وطيء قبل انْقِضَاء الْوَقْت أَو قبل التفكير كف حَتَّى يكفر فِي الْمُطلق أَو يَنْقَضِي وَقت الْمُؤَقت وظهار العَبْد نَحْو ظِهَار الْحر وَصِيَام العَبْد فِي الظِّهَار شَهْرَان كَالْحرِّ بالِاتِّفَاقِ 249 - بَاب مَا ورد فِي تَسْمِيَة المملوكين والمملوكات عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يَقُولَن أحدكُم عَبدِي وَأمتِي وَلَا يَقُول الْمَمْلُوك رَبِّي وربتي وَليقل الْمَالِك فَتَاي وَفَتَاتِي وَليقل الْمَمْلُوك سَيِّدي وسيدتي فَإِنَّكُم المملوكون والرب هُوَ الله عز وَجل أخرجه الشَّيْخَانِ وَأَبُو دَاوُد وَفِي رِوَايَة لَا يقل أحدكُم عَبدِي وَأمتِي وَليقل فَتَاي وَفِي رِوَايَة أُخْرَى لمُسلم لَا يَقُولَن أحدكُم عبد وَأمتِي كلكُمْ عبيد الله وكل نِسَائِكُم إِمَاء الله 250 - بَاب مَا ورد فِي عتق المملوكات وإعتاق النِّسَاء لمماليكهن عَن ابْن عمر أَن عمر بن الْخطاب قَالَ أَيّمَا وليدة ولدت من سَيِّدهَا فَلَا يَبِيعهَا وَلَا يَهَبهَا وَلَا يُورثهَا وَهُوَ يسْتَمْتع بهَا فَإِذا مَاتَ فَهِيَ حرَّة أخرجه مَالك وَعَن سَمُرَة بن جُنْدُب قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من ملك ذَا رحم محرم فَهُوَ حر أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وذووا الْأَرْحَام الْأَقَارِب

باب ما ورد في التدبير والكتابة

وَيُطلق فِي الْفَرَائِض عَلَيْهِم من جِهَة النِّسَاء وَالْمحرم من ذَوي الْأَرْحَام من لَا يحل نِكَاحه كالأم وَالْبِنْت وَالْأُخْت وَمذهب الشَّافِعِي أَنه يعْتق عَلَيْهِ الْأُصُول وَالْفُرُوع دون الْإِخْوَة وَعَن سفينة قَالَ كنت مَمْلُوكا لأم سَلمَة فَقَالَت أعتقك وَأَشْتَرِط عَلَيْك أَن تخْدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا عِشْت قلت وَلَو لم تشترطي عَليّ لم أفعل غَيره فأعتقتني واشترطت عَليّ أخرجه أَبُو دَاوُد وَعَن عبد الرَّحْمَن بن أبي عمْرَة الْأنْصَارِيّ أَن أمه أَرَادَت أَن تعْتق فأخرت ذَلِك إِلَى أَن تصبح فَمَاتَتْ فَقلت للقاسم بن مُحَمَّد فَهَل ينفعها أَن أعتق عَنْهَا فَقَالَ الْقَاسِم إِن سعد بن عبَادَة أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِن أُمِّي هَلَكت فَهَل ينفعها أَن أعتق عَنْهَا قَالَ نعم أخرجه مَالك وَعَن يحيى بن سعيد قَالَ توفّي عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر فِي نومَة نامها فعتقت عَنهُ أُخْته عَائِشَة رقابا كَثِيرَة أخرجه مَالك وَعَن ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن أَن الزبير بن الْعَوام اشْترى عبدا فَأعْتقهُ وَلذَلِك العَبْد بنُون من امْرَأَة حرَّة فَقَالَ الزبير إِن بنيه موَالِي وَقَالَ موَالِي أمّهم بل هم موالينا فاختصموا إِلَى عُثْمَان فَقضى للزبير بولائهم أخرجه مَالك 251 - بَاب مَا ورد فِي التَّدْبِير وَالْكِتَابَة عَن نَافِع أَن ابْن عمر دبر جاريتين فَكَانَ يطأهما وهما مدبرتان أخرجه مَالك وَعَن أم سَلمَة قَالَت قَالَ لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا كَانَ عِنْد مكَاتب إحداكن مَا يُؤَدِّي فلتحتجب مِنْهُ أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَعَن عَائِشَة أَن بَرِيرَة جَاءَت تستعينها فِي كتَابَتهَا الحَدِيث أخرجه

باب ما ورد في عدة المطلقة والمختلعة

السِّتَّة وَزَاد النَّسَائِيّ كاتبت بَرِيرَة على نَفسهَا فِي تسع أَوَاقٍ فِي كل سنة أُوقِيَّة فَخَيرهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من زَوجهَا وَكَانَ عبدا فَاخْتَارَتْ نَفسهَا قَالَ عُرْوَة وَلَو كَانَ حرا مَا خَيرهَا قلت خُلَاصَة هذَيْن الْبَابَيْنِ أَن الْعتْق مَشْرُوع وَأفضل الرّقاب أَنْفسهَا وَيجوز الْعتْق بِشَرْط الْخدمَة وَنَحْوهَا وَمن ملك رَحمَه عتق عَلَيْهِ وَمن مثل بمملوكه فَعَلَيهِ أَن يعتقهُ وَإِلَّا أعْتقهُ الإِمَام وَالْحَاكِم وَمن أعتق شركا لَهُ فِي عبد ضمن لشركائه نصِيبهم إِن كَانَ مُوسِرًا وَإِلَّا عتق نصِيبه فَقَط واستسعي العَبْد وَلَا يَصح شَرط الْوَلَاء لغير من أعتق وَيجوز التَّدْبِير فَيعتق لمَوْت مَالِكه وَإِذا احْتَاجَ الْمَالِك جَازَ لَهُ بَيْعه وَيجوز مُكَاتبَة الْمَمْلُوك على مَال يُؤَدِّيه فَيصير عِنْد الْوَفَاء حرا وَيعتق مِنْهُ بِقدر مَا سلم وَإِذا عجز من تَسْلِيم مَال الْكِتَابَة عَاد فِي الرّقّ وَمن استولد أمته فَلَا يحل لَهُ بيعهَا وعتقت بِمَوْتِهِ أَو بتخييره لعتقها 252 - بَاب مَا ورد فِي عدَّة الْمُطلقَة والمختلعة عَن أَسمَاء بنت يزِيد بن السكن الْأَنْصَارِيَّة أَنَّهَا طلقت على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يكن للمطلقة عدَّة فَأنْزل الله تَعَالَى الْعدة للطَّلَاق فَكَانَت أول من نزل فِيهَا الْعدة للطَّلَاق وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ الله تَعَالَى {والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَة قُرُوء} الْبَقَرَة وَقَالَ تَعَالَى {واللائي يئسن من الْمَحِيض من نِسَائِكُم إِن ارتبتم فعدتهن ثَلَاثَة أشهر} الطَّلَاق فنسخ من ذَلِك فَقَالَ {ثمَّ طلقتموهن من قبل أَن تمَسُّوهُنَّ فَمَا لكم عَلَيْهِنَّ من عدَّة تعتدونها} الْأَحْزَاب أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ التَّرَبُّص الْمكْث والانتظار والقروء جمع قرء بِفَتْح الْقَاف وَهُوَ الطُّهْر عِنْد الشَّافِعِي وَالْحيض عِنْد أبي حنيفَة وَعنهُ فِي قَوْله تَعَالَى {والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَة قُرُوء وَلَا يحل لَهُنَّ} @ 417 @ {أَن يكتمن مَا خلق الله فِي أرحامهن إِن كن يُؤمن بِاللَّه} ) إِلَى قَوْله

باب ما ورد في عدة الوفاة للنساء

{إِن أَرَادوا إصلاحا} الْبَقَرَة وَذَلِكَ أَن الرجل كَانَ إِذا طلق امْرَأَته فَهُوَ أَحَق بهَا أَن يُرَاجِعهَا وَإِن طَلقهَا ثَلَاثًا فنسخ ذَلِك فَقَالَ {الطَّلَاق مَرَّتَانِ فإمساك بِمَعْرُوف أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان} الْبَقَرَة أخرجه النَّسَائِيّ وَعَن سُلَيْمَان بن يسَار أَن الْأَحْوَص هلك بِالشَّام حِين دخلت امْرَأَته فِي الدَّم من الْحَيْضَة الثَّالِثَة وَكَانَ قد طَلقهَا فَكتب مُعَاوِيَة إِلَى زيد بن ثَابت يسْأَله عَن ذَلِك فَكتب إِلَيْهِ زيد إِنَّهَا إِذا دخلت فِي الدَّم من الْحَيْضَة الثَّالِثَة فقد بَرِئت مِنْهُ وبريء مِنْهَا لَا يَرِثهَا وَلَا تَرثه أخرجه مَالك وَعَن الرّبيع بنت معوذ أَنَّهَا اخْتلعت على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأمرهَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو أمرت أَن تَعْتَد بِحَيْضَة أخرجه التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ الاختلاع فِي أَلْفَاظ الْفِقْه هُوَ أَن يطلقهَا على عوض وَفَائِدَته إبِْطَال الرّجْعَة إِلَّا بِنِكَاح جَدِيد 253 - بَاب مَا ورد فِي عدَّة الْوَفَاة للنِّسَاء عَن أم سَلمَة أَن امْرَأَة من أسلم يُقَال لَهَا سبيعة توفّي عَنْهَا زَوجهَا وَهِي حُبْلَى فَخَطَبَهَا أَبُو السنابل بن بعكك فَأَبت أَن تنكحه فَقَالَ وَالله مَا يصلح أَن تنكحي حَتَّى تعتدي آخر الْأَجَليْنِ فَمَكثت قَرِيبا من عشر لَيَال ثمَّ جَاءَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهَا انكحي أخرجه السِّتَّة إِلَّا أَبَا دَاوُد وَهَذَا لفظ البُخَارِيّ وَلَفظ مُسلم أَن أم سَلمَة قَالَت إِن سبيعة نفست بعد وَفَاة زَوجهَا بِليَال وَأَنَّهَا ذكرت ذَلِك لرَسُول الله فَأمرهَا أَن تتَزَوَّج وَعَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن قَالَ بَيْنَمَا أَنا وَأَبُو هُرَيْرَة عِنْد ابْن عَبَّاس إِذْ جَاءَتْهُ امْرَأَة فَقَالَت توفّي عَنْهَا زَوجهَا وَهِي حَامِل فَولدت لأدنى من أَرْبَعَة أشهر من يَوْم مَاتَ فَقَالَ ابْن عَبَّاس آخر الْأَجَليْنِ فَقَالَ أَبُو

باب ما جاء في استبراء النساء

سَلمَة أَخْبرنِي رجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه أَمر مثل هَذِه أَن تتَزَوَّج قَالَ أَبُو هُرَيْرَة وَأَنا أشهد على ذَلِك أخرجه النَّسَائِيّ وَعَن نَافِع قَالَ سُئِلَ ابْن عمر عَن الْمَرْأَة يتوفى عَنْهَا زَوجهَا وَهِي حَامِل فَقَالَ إِذا وضعت فقد حلت وَقَالَ عمر لَو وضعت وَزوجهَا على السرير لم يدْفن بعد حلت أخرجه مَالك وَعَن عَمْرو بن الْعَاصِ أَنه قَالَ لَا تلبسوا علينا سنة نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عدَّة الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا أَرْبَعَة أشهر وَعشر يَعْنِي فِي أم الْوَلَد أخرجه أَبُو دَاوُد وَعَن ابْن عمر أَنه كَانَ يَقُول عدَّة أم الْوَلَد إِذا توفّي عَنْهَا سَيِّدهَا حَيْضَة أخرجه مَالك قلت عدَّة طَلَاق الْحَامِل بِالْوَضْعِ وَالْحَائِض بِثَلَاث حيض وَغَيرهمَا بِثَلَاثَة أشهر والمتوفي عَنْهَا زَوجهَا أَرْبَعَة أشهر وَعشر وَإِن كَانَت حَامِلا بِالْوَضْعِ وَلَا عدَّة على غير مَدْخُول بهَا وَالْأمة كَالْحرَّةِ وعَلى الْمُعْتَدَّة للوفاة ترك التزين والمكث فِي الْبَيْت الَّذِي كَانَت فِيهِ عِنْد موت زَوجهَا أَو بُلُوغ خَبره 254 - بَاب مَا جَاءَ فِي اسْتِبْرَاء النِّسَاء عَن أبي سعيد قَالَ بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَيْشًا إِلَى أَوْطَاس فَلَقوا عدوا فقاتلوهم فظهروا عَلَيْهِم فَأَصَابُوا سَبَايَا فكأنهم تحرجوا من غشيانهن من أجل أَزوَاجهنَّ من الْمُشْركين فَنزل قَوْله تَعَالَى {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم} النِّسَاء أَي فهن لكم حَلَال إِذا انْقَضتْ عدتهن أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا البُخَارِيّ وَعَن الْعِرْبَاض بن سَارِيَة قَالَ نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تُوطأ السبايا حَتَّى يَضعن مَا فِي بطونهن أخرجه التِّرْمِذِيّ وَعَن رويفع بن ثَابت قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يحل لامريء

باب ما ورد في السكنى والنفقة

يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر أَن يسْقِي مَاؤُهُ زرع غَيره يَعْنِي إتْيَان الحبالى وَلَا يحل لامرىء يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر أَن يَقع على امْرَأَة من سبي حَتَّى يَسْتَبْرِئهَا وَلَا يحل لامرىء يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر أَن يَبِيع مغنما حَتَّى يقسم أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَعَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ نظر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بعض أَسْفَاره إِلَى امْرَأَة مجح بِبَاب فسطاط فَسَأَلَ عَنْهَا فَقيل أمة فلَان فَقَالَ لَعَلَّه يُرِيد أَن يلم بهَا فَقَالُوا نعم قَالَ لقد هَمَمْت أَن ألعنه لعنا يدْخل مَعَه قَبره كَيفَ يورثه وَهُوَ لَا يحل لَهُ أَو كَيفَ يستخدمه وَهُوَ لَا يحل لَهُ أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد المجح بجيم ثمَّ حاء مُهْملَة من مَادَّة أجح الْحَامِل إِذا دنا وَقت وِلَادَتهَا والفسطاط الْخَيْمَة الْكَبِيرَة وألم بهَا إِذا قاربها وَالْمرَاد بِهِ هُنَا الْجِمَاع وَالضَّمِير فِي يورثه ويستخدمه رَاجع إِلَى الْوَلَد الَّذِي فِي بَطنهَا وَالْمعْنَى أَن أمره مُشكل إِن كَانَ وَلَده لم يحل لَهُ استعباده وَإِن كَانَ ولد غَيره لم يحل لَهُ توريثه وَعَن ابْن عمر قَالَ إِذا وهبت الوليدة الَّتِي تُوطأ أَو بِيعَتْ أَو أعتقت فليستبرأ رَحمهَا بِحَيْضَة وَلَا تستبرأ الْعَذْرَاء أخرجه رزين وعلقه البُخَارِيّ قلت حَاصِل مَسْأَلَة الِاسْتِبْرَاء أَن اسْتِبْرَاء الْأمة المسبية أَو الْمُشْتَرَاة وَنَحْوهمَا بِحَيْضَة وَاجِب إِن كَانَت حَائِضًا وَالْحَامِل بِوَضْع الْحمل ومنقطعة الْحيض حَتَّى يتَبَيَّن حملهَا وَلَا تستبرأ بكر وَلَا صَغِيرَة مُطلقًا وَلَا يلْزم الِاسْتِبْرَاء على البَائِع وَنَحْوه لعدم الدَّلِيل على ذَلِك لَا بِنَصّ وَلَا قِيَاس صَحِيح بل هُوَ مَحْض رَأْي مُجَرّد وَالله أعلم 255 - بَاب مَا ورد فِي السُّكْنَى وَالنَّفقَة عَن فَاطِمَة بنت قيس أَن زَوجهَا طَلقهَا وَهُوَ غَائِب فَأرْسل إِلَيْهَا وَكيله

بشعير فسخطته فَقَالَ وَالله مَا لَك علينا من شَيْء فَجَاءَت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرت ذَلِك لَهُ فَقَالَ لَيْسَ لَك عَلَيْهِ نَفَقَة وأمرها أَن تَعْتَد فِي بَيت أم شريك ثمَّ قَالَ تِلْكَ امْرَأَة يَغْشَاهَا أَصْحَابِي اعْتدي عِنْد ابْن أم مَكْتُوم فَإِنَّهُ رجل أعمى تَضَعِينَ ثِيَابك فَإِذا حللت فآذنيني فَلَمَّا حلت ذكرت لَهُ أَن مُعَاوِيَة وَأَبا جهم خطباها فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أما أَبُو جهم فَلَا يدع عَصَاهُ عَن عَاتِقه وَأما مُعَاوِيَة فصعلوك لَا مَال لَهُ فَانْكِحِي أُسَامَة بن زيد فَكَرِهته ثمَّ قَالَ انكحي أُسَامَة فنكحته فَجعل الله فِيهِ خيرا واغتبطت أخرجه السِّتَّة إِلَّا البُخَارِيّ قَوْله يَغْشَاهَا أَصْحَابِي أَي يأْتونَ منزلهَا كثيرا وَقَوله فآذنيني أَي أعلميني وَأَرَادَ بقوله لَا يضع عَصَاهُ عَن عَاتِقه التَّأْدِيب وَالضَّرْب وَقيل أَرَادَ بِهِ كَثْرَة الْأَسْفَار عَن وَطنه وَعَن نَافِع أَن ابْنة سعيد بن زيد كَانَت تَحت عبد الله بن عَمْرو بن عُثْمَان فَطلقهَا الْبَتَّةَ فانتقلت فَأنْكر ذَلِك عَلَيْهَا عبد الله بن عمر أخرجه مَالك وَعَن جَابر قَالَ طلقت خَالَتِي فَأَرَادَتْ أَن تَجِد نخلها فزجرها رجل أَن تخرج فَأَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ بلَى فجدي نخلك فَعَسَى أَن تصدقي أَو تفعلي مَعْرُوفا أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ جد النّخل إِذا قطع ثَمَرهَا وَعَن مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى {وَالَّذين يتوفون مِنْكُم ويذرون أَزْوَاجًا} الاية الْبَقَرَة قَالَ كَانَ قَضَاء عدَّة الْمَرْأَة المتوفي عَنْهَا زَوجهَا عِنْد أَهله وَاجِبا فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الأية {وَالَّذين يتوفون مِنْكُم ويذرون}

باب ما ورد في الاحداد على غير الزوج فوق ثلاث ليال

{أَزْوَاجًا وَصِيَّة لأزواجهم مَتَاعا إِلَى الْحول غير إِخْرَاج} ) إِلَى قَوْله {من مَعْرُوف} الْبَقَرَة فَجعل الله تَعَالَى تَمام السّنة سَبْعَة أشهر وَعشْرين لَيْلَة وَصِيَّة إِن شَاءَت سكنت فِي وصيتها وَإِن شَاءَت خرجت وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {غير إِخْرَاج فَإِن خرجن فَلَا جنَاح عَلَيْكُم فِي مَا فعلن} فالعدة كَمَا هِيَ وَاجِبَة عَلَيْهَا قَالَ ابْن عَبَّاس نسخت هَذِه الْآيَة عدتهَا عِنْد أهل زَوجهَا فَتعْتَد حَيْثُ شَاءَت قَالَ عَطاء ثمَّ جَاءَ الْمِيرَاث فنسخ السُّكْنَى فَتعْتَد حَيْثُ شَاءَت وَلَا سُكْنى لَهَا أخرجه البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَعَن يحيى بن سعيد قَالَ جَاءَت امْرَأَة إِلَى عمر فَذكرت لَهُ وَفَاة زَوجهَا وَذكرت حرثا لَهُم بقناة وَسَأَلته هَل يصلح لَهَا أَن تبيت فِيهِ فَنَهَاهَا عَن ذَلِك وَكَانَت تخرج إِلَيْهِ سحرًا فتظل فِيهِ ثمَّ تدخل الْمَدِينَة فتبيت فِي بَيتهَا أخرجه مَالك قلت النَّفَقَة تجب على الزَّوْج للزَّوْجَة الْمُطلقَة رَجْعِيًا لَا بَائِنا فالبائنة لَا نَفَقَة لَهَا وَلَا سُكْنى والمعتدة عدَّة الْوَفَاة لَا نَفَقَة لَهَا وَلَا سُكْنى إِلَّا أَن تَكُونَا حاملتين لعدم وجود دَلِيل يدل على ذَلِك فِي غير الْحَامِل 256 - بَاب مَا ورد فِي الاحداد على غير الزَّوْج فَوق ثَلَاث لَيَال عَن حميد بن نَافِع قَالَ أَخْبَرتنِي زَيْنَب بنت أبي سَلمَة بِهَذِهِ الْأَحَادِيث الثَّلَاثَة قَالَت دخلت على أم حَبِيبَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين توفّي أَبوهَا أَبُو سُفْيَان بن حَرْب فدعَتْ أم حَبِيبَة بِطيب فِيهِ صفرَة خلوق أَو غَيره فدهنت بِهِ جَارِيَة ثمَّ مست بعارضيها ثمَّ قَالَت وَالله مَا لي بالطيب من حَاجَة غير أَنِّي سَمِعت رَسُول الله يَقُول لَا يحل لامْرَأَة تؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر أَن تحد على ميت فَوق ثَلَاث لَيَال إِلَّا على زوج أَرْبَعَة أشهر وَعشرا قَالَت زَيْنَب ثمَّ دخلت على زَيْنَب بنت جحش حِين توفّي أَخُوهَا

فدعَتْ بِطيب فمست مِنْهُ ثمَّ قَالَت أما وَالله مَا لي بالطيب من حَاجَة غير أَنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لَا يحل لامْرَأَة تؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر الحَدِيث أَو ذكرت نَحوه وَقَالَت سَمِعت أُمِّي أم سَلمَة تَقول جَاءَت امْرَأَة الى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت إِن ابْنَتي توفّي عَنْهَا زَوجهَا وَقد اشتكت عينهَا أفنكحلها فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَة أشهر وَعشر وَقد كَانَت إحداكن فِي الْجَاهِلِيَّة ترمي بالبعرة على رَأس الْحول قَالَت زَيْنَب كَانَت الْمَرْأَة فِي الْجَاهِلِيَّة إِذا توفّي عَنْهَا زَوجهَا دخلت حفشا ولبست شَرّ ثِيَابهَا حَتَّى تمر عَلَيْهَا سنة ثمَّ تُؤْتى بحيوان حمَار أَو شَاة أَو طير فتفتض بِهِ فقلما تفتض بِشَيْء إِلَّا مَاتَ ثمَّ تخرج فتعطى بَعرَة ثمَّ ترمي بهَا ثمَّ تراجع بعد مَا شَاءَت من طيب أَو غَيره قَالَ مَالك تفتض تمسح بِهِ جلدهَا أخرجه السِّتَّة الحفش بَيت صَغِير قصير سمي حفشا لضيقه وَعَن أم عَطِيَّة قَالَت كُنَّا ننهى أَن نحد على ميت فَوق ثَلَاث إِلَّا على زوج أَرْبَعَة أشهر وَعشرا وَلَا نكتحل وَلَا نتطيب وَلَا نلبس ثوبا مصبوغا إِلَّا ثوب عصب وَقد رخص لنا عِنْد الطُّهْر إِذا اغْتَسَلت إحدانا من محيضها فِي نبذة من كست أَو أظفار وَكُنَّا ننهي عَن اتِّبَاع الْجَنَائِز أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا التِّرْمِذِيّ النبذة الْقدر يسير من الشَّيْء والكست لُغَة فِي الْقسْط وَهُوَ شَيْء مَعْرُوف يتبخر بِهِ والأظفار ضرب من الْعطر وَعَن أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تلبس المتوفي عَنْهَا زَوجهَا المعصفر من الثِّيَاب وَلَا الممشقة وَلَا الْحلِيّ وَلَا تكتحل وَلَا تمتشط بِشَيْء إِلَّا بالسدر تغلف بِهِ رَأسهَا أخرجه الْأَرْبَعَة إِلَّا التِّرْمِذِيّ وَهَذَا لفظ أبي دَاوُد الممشقة مَا صبغ بالمشق وَهِي الْمغرَة بِسُكُون الْغَيْن وَعَن ابْن الْمسيب وَسليمَان بن يسَار أَن طليحة الأَسدِية كَانَت تَحت رشيد الثَّقَفِيّ فَطلقهَا فنكحت فِي عدتهَا فضربها عمر وَزوجهَا بالمخفقة ضربات

باب ما ورد في العمري والرقبى

وَفرق بَينهمَا ثمَّ قَالَ أَيّمَا امْرَأَة نكحت فِي عدتهَا فَإِن كَانَ زَوجهَا الَّذِي تزَوجهَا لم يدْخل بهَا فرق بَينهمَا واعتدت بَقِيَّة عدتهَا من الأول ثمَّ كَانَ الآخر خاطبا من الْخطاب فَإِن دخل بهَا فرق بَينهمَا ثمَّ اعْتدت بَقِيَّة عدَّة الأول ثمَّ اعْتدت من الآخر ثمَّ لَا يَجْتَمِعَانِ أبدا قَالَ ابْن الْمسيب وَلَهُمَا مهرهَا كَامِلا بِمَا اسْتحلَّ مِنْهَا أخرجه مَالك وَعَن نَافِع أَن صَفِيَّة بنت أبي عبيد اشتكت عينيها وَهِي حاد على زَوجهَا ابْن عمر فَلم تكتحل حَتَّى كَادَت عَيناهَا ترمصان أخرجه مَالك الرمص الْبيَاض الَّذِي تقذفه الْعين رطبا وَعَن ابْن مَسْعُود أَنه تَلا قَوْله تَعَالَى {والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَة قُرُوء} وَقَوله تَعَالَى {إِذا طلّقْتُم النِّسَاء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا الْعدة} {واللائي يئسن من الْمَحِيض من نِسَائِكُم إِن ارتبتم فعدتهن ثَلَاثَة أشهر واللائي لم يحضن} فَقَالَ هَذِه عدد المطلقات وَاسْتثنى الله تَعَالَى من ذَلِك غير الْمَدْخُول بهَا بقوله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا نكحتم الْمُؤْمِنَات ثمَّ طلقتموهن من قبل أَن تمَسُّوهُنَّ فَمَا لكم عَلَيْهِنَّ من عدَّة تعتدونها} وَقَالَ تَعَالَى {وَالَّذين يتوفون مِنْكُم ويذرون أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَة أشهر وَعشرا} ثمَّ أنزل الله رخصَة الْحَوَامِل مِنْهُنَّ بقوله {وَأولَات الْأَحْمَال أَجلهنَّ أَن يَضعن حَملهنَّ} أَي من مُطلقَة أَو متوفى عَنْهَا أخرجه رزين 257 - بَاب مَا ورد فِي الْعمريّ والرقبى عَن نَافِع أَن ابْن عمر ورث من أُخْته حَفْصَة دَارا كَانَت أسكنت فِيهَا بنت زيد بن الْخطاب مَا عاشت فَلَمَّا توفيت بنت زيد قبض ابْن عمر الْمسكن وَرَأى أَنه لَهُ أخرجه مَالك

باب ما ورد في فداء المرأة عن زوجها

قلت الْعُمْرَى أَن يُعْطي الانسان آخر دَارا أَو أَرضًا يَقُول لَهُ هِيَ لَك عمري أَو عمرك فَإِذا مت رجعت إِلَيّ والرقبى أَن يُعْطِيهِ إِيَّاهَا على أَن تكون للْبَاقِي مِنْهُمَا فَيَقُول إِن مت قبلك فَهِيَ لَك وَإِن مت قبلي فَهِيَ لي لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا يرقب موت صَاحبه 258 - بَاب مَا ورد فِي فدَاء الْمَرْأَة عَن زَوجهَا عَن عَائِشَة قَالَت لما بعث أهل مَكَّة فِي فدَاء أساراهم بعثت زَيْنَب فدَاء زَوجهَا أبي الْعَاصِ بن الرّبيع بِمَال وَبعثت فِيهِ بقلادة لَهَا كَانَت عِنْد خَدِيجَة أدخلتها بهَا على أبي الْعَاصِ فَلَمَّا رَآهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رق لَهَا رقة شَدِيدَة ثمَّ قَالَ إِن رَأَيْتُمْ أَن تطلقوا لَهَا أَسِيرهَا وتردوا عَلَيْهَا الَّذِي لَهَا فَقَالُوا نعم وَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخذ عَلَيْهِ أَو وعده أَن يخلي سَبِيل زَيْنَب إِلَيْهِ وَبعث صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زيد بن حَارِثَة ورجلا من الْأَنْصَار فَقَالَ لَهما كونا بِبَطن يأجج حَتَّى تمر بكما زَيْنَب فتصحباها فتأتيا بهَا أخرجه أَبُو دَاوُد 259 - بَاب مَا ورد فِي قسْمَة النِّسَاء بَين الْمُسلمين عَن ابْن عمر قَالَ حَارب بَنو النَّضِير وَقُرَيْظَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأجلى بني النَّضِير وَأقر قُرَيْظَة وَمن عَلَيْهِم حَتَّى حَارَبت قُرَيْظَة بعد ذَلِك فَقتل رِجَالهمْ وَقسم نِسَاءَهُمْ وَأَمْوَالهمْ وَأَوْلَادهمْ بَين الْمُسلمين أخرجه الشَّيْخَانِ وَأَبُو دَاوُد الإجلاء النَّفْي عَن الأوطان 260 - بَاب مَا ورد فِي النَّهْي عَن قتل النِّسَاء عَن عبد الرَّحْمَن بن كَعْب أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى الَّذين قتلوا ابْن أبي الْحقيق عَن قتل النِّسَاء والولدان فَقَالَ رجل مِنْهُم لقد بَرحت امْرَأَته علينا بالصياح فأرفع السَّيْف عَلَيْهَا فأذكر النَّهْي فأكف وَلَوْلَا ذَلِك لاسترحنا مِنْهَا

باب استيهاب المرأة من الرجل للفداء

أخرجه مَالك وَأحمد والإسماعيلي فِي مستخرجه وَرِجَاله رجال الصَّحِيح قلت يحرم قتل النِّسَاء والأطفال والشيوخ إِلَّا أَن ان يقاتلوا فيدفعوا بِالْقَتْلِ وَعَن ابْن عمر قَالَ وجدت امْرَأَة مقتولة فِي بعض مغازي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنهى عَن قتل النِّسَاء وَالصبيان أخرجه الشَّيْخَانِ وَغَيرهمَا 261 - بَاب استيهاب الْمَرْأَة من الرجل للْفِدَاء عَن سَلمَة بن الْأَكْوَع فِي ذكر غَزْوَة فَزَارَة وَفِيهِمْ امْرَأَة مِنْهُم مَعهَا ابْنة لَهَا من أجمل الْعَرَب قَالَ فسقتهم حَتَّى أتيت بهم أَبَا بكر فنفلني أَبُو بكر ابْنَتهَا فَقدمت الْمَدِينَة وَمَا كشفت لَهَا ثوبا فلقيني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي السُّوق فَقَالَ يَا سَلمَة هَب لي الْمَرْأَة فَقلت يَا رَسُول الله قد أعجبتني وَمَا كشفت لَهَا ثوبا ثمَّ لَقِيَنِي من الْغَد فَقَالَ يَا سَلمَة هَب لي الْمَرْأَة لله أَبوك فَقلت هِيَ لَك يَا رَسُول الله مَا كشفت لَهَا ثوبا فَبعث بهَا رَسُول الله إِلَى مَكَّة ففدى بهَا نَاسا من الْمُسلمين كَانُوا أسرى بِمَكَّة أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد 262 - بَاب مَا ورد فِي إِصَابَة الْمَرْأَة فِي الْغَزْو عَن عبد الله بن عون فِي غَزْوَة بني المصطلق أصَاب يَوْمئِذٍ جوَيْرِية يَعْنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الحَدِيث أخرجه الشَّيْخَانِ 263 - بَاب مَا ورد فِي أَن الْخَالَة بِمَنْزِلَة الْأُم فِي حضَانَة الْبَنَات عَن الْبَراء بن عَازِب فِي قصَّة عمْرَة الْقَضَاء أَتَوا عليا فَقَالُوا قل لصاحبك يخرج فقد مضى الْأَجَل فَخرج صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتبعته ابْنة حَمْزَة تنادي يَا عَم يَا عَم فَتَنَاولهَا عَليّ فَقَالَ لفاطمة دُونك بنت عمك

باب ما ورد في إرسال الكتاب على يد المرأة

فحملتها فاختصم فِيهَا عَليّ وَزيد وجعفر فَقَالَ عَليّ هِيَ ابْنة عمي وَقَالَ جَعْفَر هِيَ ابْنة عمي وخالتها تحتي وَقَالَ زيد هِيَ بنت أخي فَقضى بهَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لخالتها وَقَالَ الْخَالَة بِمَنْزِلَة الْأُم وَقَالَ لعَلي أَنْت مني وَأَنا مِنْك وَقَالَ لجَعْفَر أشبهت خلقي وَخلقِي وَقَالَ لزيد أَنْت أخونا ومولانا أخرجه الشَّيْخَانِ قلت الأولى بالطفل أمه مَا لم تنْكح ثمَّ الْخَالَة ثمَّ الْأَب ثمَّ يعين الْحَاكِم من الْقَرَابَة من رأى فِيهِ صلاحا وَبعد بُلُوغ سنّ الِاسْتِقْلَال يُخَيّر الصَّبِي بَين أَبِيه وَأمه فَإِن لم يُوجد من لَهُ فِي ذَلِك حق بِنَصّ الشَّارِع أكفله من كَانَ لَهُ فِي كفَالَته مصلحَة 264 - بَاب مَا ورد فِي إرْسَال الْكتاب على يَد الْمَرْأَة عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالزُّبَيْر والمقداد فَقَالَ انْطَلقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَة خَاخ فَإِن فِيهَا ظَعِينَة مَعهَا كتاب فَخُذُوهُ مِنْهَا فَانْطَلَقْنَا وخيلنا تَتَعَادَى بِنَا حَتَّى أَتَيْنَا الرَّوْضَة فَإِذا نَحن بِالظَّعِينَةِ فَقُلْنَا أَخْرِجِي الْكتاب فَقَالَت مَا معي كتاب فَقُلْنَا لتخْرجن الْكتاب أَو لتلْقين الثِّيَاب فَأَخْرَجته من عقاصها فأتينا بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا فِيهِ من حَاطِب بن أبي بلتعة إِلَى نَاس من الْمُشْركين من أهل مَكَّة يُخْبِرهُمْ بِبَعْض أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الحَدِيث أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا النَّسَائِيّ رَوْضَة خَاخ مَوضِع بَين مَكَّة وَالْمَدينَة والظعينة فِي الأَصْل الْمَرْأَة مَا دَامَت فِي الهودج ثمَّ جعلت الْمَرْأَة المسافرة ظَعِينَة ثمَّ نقلت إِلَى الْمَرْأَة نَفسهَا سَافَرت أَو أَقَامَت والعقاص الْخَيط الَّذِي تشد بِهِ الْمَرْأَة أَطْرَاف ذوائبها وَالْمعْنَى أخرجت الْكتاب من ضفائرها المعقوصة

باب ما ورد في اتخاذ المرأة السلاح لقتل الكفار

265 - بَاب مَا ورد فِي اتِّخَاذ الْمَرْأَة السِّلَاح لقتل الْكفَّار عَن أنس قَالَ اتَّخذت أم سليم خنجرا أَيَّام حنين فرآها النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات يَوْم والخنجر مَعهَا فَقَالَ لَهَا مَا هَذَا يَا أم سليم فَقَالَت اتخذته حَتَّى إِذا دنا مني أحد من الْمُشْركين بقرت بَطْنه فَجعل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يضْحك فَقَالَت يَا رَسُول الله اقْتُل من بَعدنَا من الطُّلَقَاء الَّذين انْهَزمُوا بك فَقَالَ لَهَا يَا أم سليم إِن الله قد كفى وَأحسن أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد الْبَقر الشق 266 - بَاب مَا ورد فِي غيرَة النِّسَاء على النِّسَاء عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج من عِنْدهَا لَيْلًا قَالَت فغرت عَلَيْهِ أَن يكون أَتَى بعض نِسَائِهِ فجَاء فَرَأى مَا أصنع فَقَالَ أغرت فَقلت وَهل مثلي لَا يغار على مثلك فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقد جَاءَك شَيْطَانك قلت أَو معي شَيْطَان قَالَ لَيْسَ أحد إِلَّا وَمَعَهُ شَيْطَان قلت ومعك قَالَ نعم وَلَكِن أعاني الله عَلَيْهِ فَأسلم أخرجه مُسلم وَالنَّسَائِيّ قَوْله فَأسلم أَي انْقَادَ وأذعن وَصَارَ طَوْعًا فَلَا يكَاد يعرض لي بِمَا لَا أُرِيد وَلَيْسَ من الْإِسْلَام الَّذِي هُوَ بِمَعْنى الْإِيمَان وعنها قَالَت مَا رَأَيْت صانعة طَعَام مثل صَفِيَّة صنعت لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَعَاما وَهُوَ فِي بَيْتِي فأخذني أفكل فارتعدت من شدَّة الْغيرَة فَكسرت الْإِنَاء ثمَّ نَدِمت فَقلت يَا رَسُول الله مَا كَفَّارَة مَا صنعت قَالَ إِنَاء مثل إِنَاء وَطَعَام مثل طَعَام أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ الأفكل بِفَتْح الْهمزَة الرعدة من برد أَو خوف 267 - بَاب مَا ورد فِي غيبَة النِّسَاء عَن عَائِشَة قَالَت قلت يَا رَسُول الله حَسبك من صَفِيَّة قصرهَا

باب ما ورد في غناء الجواري يوم العيد

قَالَ لقد قلت كلمة لَو مزج بهَا الْبَحْر لمزجته قَالَت وحكيت لَهُ على إِنْسَان فَقَالَ مَا أَحسب أَنِّي حكيت على إِنْسَان وَإِن لي كَذَا وَكَذَا أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ 268 - بَاب مَا ورد فِي غناء الْجَوَارِي يَوْم الْعِيد عَن عَائِشَة قَالَت دخل عَليّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعِنْدِي جاريتان تُغنيَانِ بغناء بُعَاث فاضطجع على الْفراش وحول وَجهه وَدخل أَبُو بكر فَانْتَهرنِي وَقَالَ مزمارة الشَّيْطَان فِي بَيت رَسُول الله فَأقبل عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ دعهما فَلَمَّا غفل غمزتهما فخرجتا قَالَت وَكَانَ يَوْم عيد وَكَانَ السودَان يَلْعَبُونَ بالدرق والحراب فِي الْمَسْجِد فَسَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أتشتهين أَن تنظري فَقلت نعم فأقامني وَرَاءه وَهُوَ يَقُول دونكم يَا بني أرفدة حَتَّى إِذا مللت قَالَ حَسبك قلت نعم قَالَ فاذهبي أخرجه الشَّيْخَانِ وَالنَّسَائِيّ بُعَاث اسْم حصن لِلْأَوْسِ كَانَ بِهِ يَوْم مَشْهُور بَين الْأَوْس والخزرج وَقَوْلها انتهرني أَي زجرني وَبَنُو أرفدة بِفَتْح الْفَاء وَكسرهَا جنس من الْحَبَش يرقصون وَعَن عَامر بن سعد قَالَ دخلت على قرظة بن كَعْب وَأبي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ فِي عرس فَإِذا جوَار يغنين فَقلت أَنْتُمَا صاحبا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أهل بدر يفعل هَذَا عنْدكُمْ فَقَالَا اجْلِسْ إِن شِئْت فاستمع مَعنا وَإِن شِئْت اذْهَبْ لقد رخص لنا فِي اللَّهْو عِنْد الْعرس أخرجه النَّسَائِيّ 269 - بَاب مَا ورد فِي فصل الْحُكُومَة فِي امْرَأتَيْنِ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَت امْرَأَتَانِ ومعهما ابناهما فجَاء الذِّئْب فَذهب بِابْن إِحْدَاهمَا فَقَالَت لصاحبتها إِنَّمَا ذهب

باب ما ورد في حفظ المرأة من نخس الشيطان

بابنك فتحاكما إِلَى دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام فَقضى بِهِ للكبرى فخرجتا إِلَيّ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام فأخبرتاه فَقَالَ ائْتُونِي بالسكين أشقه بَينهمَا فَقَالَت الصُّغْرَى لَا تفعل يَرْحَمك الله هُوَ ابْنهَا فَقضى بِهِ للصغرى أخرجه الشَّيْخَانِ وَالنَّسَائِيّ 270 - بَاب مَا ورد فِي حفظ الْمَرْأَة من نخس الشَّيْطَان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من بني آدم من مَوْلُود إِلَّا ينخسه الشَّيْطَان حِين يُولد فَيَسْتَهِل صَارِخًا من نخسه إِيَّاه إِلَّا مَرْيَم وَابْنهَا أخرجه الشَّيْخَانِ الاستهلال صياح الْمَوْلُود عِنْد الْولادَة والصراخ الصياح والبكاء وَعنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنا أولى النَّاس بِابْن مَرْيَم فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة لَيْسَ بيني وَبَينه نَبِي والأنبياء إخْوَة أَبنَاء علات أمهاتهم شَتَّى وَدينهمْ وَاحِد أخرجه الشَّيْخَانِ وَأَبُو دَاوُد أَبنَاء العلات هم الْإِخْوَة من أَب وَاحِد وأمهاتهم شَتَّى وضده أَبنَاء الأخياف وَإِذا كَانُوا لأَب وَاحِد وَأم وَاحِدَة فهم بَنو الْأَعْيَان 271 - بَاب مَا ورد فِي امْرَأَة أبي طَلْحَة عَن جَابر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعمر رَأَيْتنِي دخلت الْجنَّة فَإِذا أَنا بالرميصاء امْرَأَة أبي طَلْحَة إِلَى قَوْله وَرَأَيْت قصرا بفنائه جَارِيَة فَقلت لمن هَذَا قَالُوا لعمر بن الْخطاب فَأَرَدْت أَن أدخلهُ فَأنْظر إِلَيْهِ فَذكرت غيرتك فوليت مُدبرا فَبكى عمر وَقَالَ أمنك أغار يَا رَسُول الله أخرجه الشَّيْخَانِ

باب ما ورد في حبه صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها

272 - بَاب مَا ورد فِي حبه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا عَن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي النَّاس أحب إِلَيْك قَالَ عَائِشَة فَقلت وَمن الرِّجَال قَالَ أَبوهَا فَقلت ثمَّ من قَالَ عمر ثمَّ عد رجَالًا أخرجه الشَّيْخَانِ وَالتِّرْمِذِيّ 273 - بَاب مَا ورد فِي حبه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لفاطمة عَلَيْهَا السَّلَام عَن أُسَامَة قَالَ كنت جَالِسا عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ جَاءَ عَليّ وَالْعَبَّاس يستأذنان فَقَالَ أَتَدْرِي مَا جَاءَ بهما قلت لَا قَالَ لكني أَدْرِي ائْذَنْ لَهما فدخلا فَقَالَا يَا رَسُول الله جئْنَاك نَسْأَلك أَي أهلك أحب إِلَيْك قَالَ فَاطِمَة بنت مُحَمَّد قَالَا مَا جئْنَاك نَسْأَلك عَن النِّسَاء قَالَ أحب أَهلِي إِلَيّ من أنعم الله عَلَيْهِ وأنعمت عَلَيْهِ يَعْنِي أُسَامَة بن زيد الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ 274 - بَاب مَا ورد فِي قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنكن صَوَاحِب يُوسُف عَن ابْن عمر قَالَ لما اشْتَدَّ بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَرَض قيل لَهُ الصَّلَاة فَقَالَ مروا أَبَا بكر فَليصل بِالنَّاسِ فَقَالَت عَائِشَة إِن أَبَا بكر رَقِيق الْقلب إِلَى قَوْلهَا فَلَو أمرت عمر فَقَالَ مروا أَبَا بكر فَليصل فعاودته فَقَالَ مروه فَليصل فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِب يُوسُف أخرجه البُخَارِيّ أَرَادَ بقوله صَوَاحِب يُوسُف امْرَأَة الْعَزِيز وَالنِّسَاء اللَّاتِي قطعن أَيْدِيهنَّ أَي إنكن تحسن للرجل مَا لَا يجوز وتغلبن على رَأْيه

باب ما ورد في سبب ورود آية الحجاب

275 - بَاب مَا ورد فِي سَبَب وُرُود آيَة الْحجاب عَن عمر قَالَ وَافَقت رَبِّي فِي ثَلَاث قلت يَا رَسُول الله لَو اتَّخذت من مقَام إِبْرَاهِيم مصلى فَنزلت {وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مصلى} وَقلت يَا رَسُول الله يدْخل عَلَيْك الْبر والفاجر فَلَو أمرت أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ يحتجبن فَنزلت آيَة الْحجاب وَاجْتمعَ نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْغيرَة فَقلت عَسى ربه إِن طَلَّقَكُن أَن يُبدلهُ أَزْوَاجًا خيرا مِنْكُن فَنزلت كَذَلِك أخرجه الشَّيْخَانِ وَزَاد فِي رِوَايَة وَفِي أُسَارَى بدر 276 - بَاب مَا ورد فِي إِقَامَة الْمَرْء مَعَ الْمَرْأَة عِنْد مَرضهَا عَن عُثْمَان بن عبد الله بن موهب فِي حَدِيث طَوِيل وَأما تغيبه يَعْنِي عُثْمَان بن عَفَّان عَن بدر فَإِنَّهُ كَانَ تَحْتَهُ رقية بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَت مَرِيضَة فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أقِم مَعهَا وَلَك أجر مِمَّن شهد بَدْرًا وسهمه الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ 277 - بَاب فِي مَا ورد فِي كَون الْمَرْء خَليفَة فِي السناء عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ خلف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عليا فِي غَزْوَة تَبُوك فَقَالَ يَا رَسُول الله تخلفني فِي النِّسَاء وَالصبيان فَقَالَ أما ترْضى أَن تكون مني بِمَنْزِلَة هَارُون من مُوسَى إِلَّا أَنه لَا نَبِي بعدِي أخرجه الشَّيْخَانِ وَالتِّرْمِذِيّ

باب ما ورد في هم المرء من أمر المرأة

278 - بَاب مَا ورد فِي هم الْمَرْء من أَمر الْمَرْأَة عَن عَائِشَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لنسائه إِن أمركن مِمَّا يهمني من بعدِي وَلَيْسَ يصبر عليكن إِلَّا الصَّابِرُونَ الصديقون ثمَّ قَالَت لأبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن سقى الله أَبَاك من سلسبيل الْجنَّة وَكَانَ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف قد تصدق على أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ بِأَرْض بِيعَتْ بِأَرْبَعِينَ ألفا وَقَالَ أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أوصى عبد الرَّحْمَن بحديقة لأمهات الْمُؤمنِينَ بِيعَتْ بأربعمائة ألف أخرجه التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ السلسبيل اسْم عين فِي الْجنَّة 279 - بَاب مَا ورد فِي رُؤْيا الْمَرْأَة عَن سلمى وَهِي امْرَأَة من الْأَنْصَار قَالَت دخلت على أم سَلمَة وَهِي تبْكي فَقلت مَا يبكيك قَالَت رَأَيْت الْآن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَنَام وعَلى رَأسه ولحيته التُّرَاب وَهُوَ يبكي فَقلت وَمَا يبكيك يَا رَسُول الله قَالَ شهِدت قتل الْحُسَيْن آنِفا أخرجه التِّرْمِذِيّ 280 - بَاب مَا ورد فِي الاسْتِغْفَار للْأُم عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان فِي حَدِيث طَوِيل قَالَ يَعْنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غفر الله تَعَالَى لَك ولأمك وَفِي آخر الحَدِيث إِن فَاطِمَة سيدة نسَاء أهل الْجنَّة أخرجه التِّرْمِذِيّ

باب ما ورد في تسمية ولد المرأة

281 - بَاب مَا ورد فِي تَسْمِيَة ولد الْمَرْأَة عَن عَائِشَة قَالَت رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بَيت الزبير مصباحا فَقَالَ يَا عَائِشَة مَا أرى أَسمَاء إِلَّا قد نفست فَلَا تسموه حَتَّى أُسَمِّيهِ فَسَماهُ عبد الله وحنكه بتمرة بِيَدِهِ أخرجه التِّرْمِذِيّ 282 - فَضَائِل نسَاء نَبينَا المطهرات ذكرت خَدِيجَة عَلَيْهَا السَّلَام وَهِي بنت خويلد عَن أبي هُرَيْرَة رضى الله عَنهُ قَالَ أَتَى جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ يَا رَسُول الله هَذِه خَدِيجَة قد أَتَت وَمَعَهَا إِنَاء فِيهِ إدام أَو طَعَام أَو شراب فَإِذا هِيَ أتتك فاقرأ عَلَيْهَا السَّلَام من رَبهَا وبشرها بِبَيْت فِي الْجنَّة من قصب لَا صخب فِيهِ وَلَا نصب أخرجه الشَّيْخَانِ الْقصب هُنَا اللُّؤْلُؤ المجوف والصخب الصَّيْحَة والجلبة وَالنّصب التَّعَب وَعَن عَائِشَة قَالَت مَا غرت على أحد من نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا غرت على خَدِيجَة وَمَا رَأَيْتهَا قطّ وَلَكِن كَانَ يكثر ذكرهَا وَرُبمَا ذبح الشَّاة ثمَّ يقطعهَا أَعْضَاء ثمَّ يبعثها فِي صدائق خَدِيجَة وَرُبمَا قلت لَهُ كَأَنَّهُ لم يكن فِي الدُّنْيَا امْرَأَة إِلَّا خَدِيجَة فَيَقُول إِنَّهَا كَانَت وَكَانَت وَكَانَ لي مِنْهَا الْوَلَد قَالَت وَتَزَوَّجنِي بعْدهَا بِثَلَاث سِنِين أخرجه الشَّيْخَانِ وَالتِّرْمِذِيّ وَعَن عَليّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خير نسائها مَرْيَم بنت عمرَان وَخير نسائها خَدِيجَة وَأَشَارَ الرَّاوِي إِلَى السَّمَاء وَالْأَرْض أخرجه الشَّيْخَانِ وَالتِّرْمِذِيّ وَزَاد رزين فِي رِوَايَة قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كمل من الرِّجَال كثير وَلم يكمل من النِّسَاء إِلَّا مَرْيَم ابْنة عمرَان وآسية امْرَأَة فِرْعَوْن وَخَدِيجَة

بنت خويلد وَفَاطِمَة بنت مُحَمَّد وَفضل عَائِشَة على النِّسَاء كفضل الثَّرِيد على سَائِر الطَّعَام قلت وَمَا زَاده رزين أخرجه البُخَارِيّ بِدُونِ ذكر خَدِيجَة وَفَاطِمَة رَضِي الله عَنْهُمَا وَالله أعلم ذكر فَاطِمَة رَضِي الله عَنْهَا عَن جَمِيع بن عُمَيْر قَالَ دخلت مَعَ عَمَّتي على عَائِشَة فَسَأَلت أَي النِّسَاء كَانَت أحب إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت فَاطِمَة قيل وَمن الرِّجَال قَالَت زَوجهَا أخرجه التِّرْمِذِيّ وَعَن أم سَلمَة قَالَت دَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاطِمَة عَام الْفَتْح فناجاها فَبَكَتْ ثمَّ ناجاها فَضَحكت قَالَت فَلَمَّا توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَأَلتهَا عَن بكائها وضحكها قَالَت أَخْبرنِي أَنه يَمُوت فَبَكَيْت ثمَّ أَخْبرنِي أَنِّي سيدة نسَاء أهل الْجنَّة إِلَّا مَرْيَم بنت عمرَان فَضَحكت أخرجه التِّرْمِذِيّ ذكر عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا عائش هَذَا جِبْرِيل يقرؤك السَّلَام فَقلت وَعَلِيهِ السَّلَام وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته قَالَت وَهُوَ يرى مَا لَا أرى أخرجه الْخَمْسَة وَعَن أبي مُوسَى قَالَ مَا أشكل علينا أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَدِيث قطّ فسألنا عَنهُ عَائِشَة إِلَّا وجدنَا عِنْدهَا مِنْهُ علما أخرجه التِّرْمِذِيّ وَعَن أبي وَائِل قَالَ لما بعث عَليّ عمارا وَالْحسن إِلَى الْكُوفَة ليستنفرهم خطب عمار فَقَالَ إِنِّي لأعْلم أَنَّهَا زَوْجَة نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَلَكِن الله ابتلاكم ليعلم إِيَّاه تتبعون أَو إِيَّاهَا أخرجه البُخَارِيّ قلت الْمُخْتَار فِي مشاجرة الْأَصْحَاب والصحابيات أَن لَا يخاض فِيهَا وَيحسن الظَّن بهم وبهن وَلَا يسْلك مَسْلَك الْخَوَارِج وَالرَّوَافِض فِي السب والشتم وَجحد الْفَضَائِل وإنكار الفواضل فَإِن ذَلِك من عمل الشَّيْطَان وَقد أضلّ جبلا كثيرا من هَذِه الْأمة وَذهب بهم إِلَى الغواية عصمنا الله تَعَالَى

باب ما ورد في فضائل أهل بيته صلى الله عليه وسلم

ذكر صَفِيَّة بنت حييّ رَضِي الله عَنْهَا عَن أنس قَالَ بلغ صَفِيَّة أَن حَفْصَة قَالَت أَنَّهَا بنت يَهُودِيّ فَبَكَتْ فَدخل عَلَيْهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهِي تبْكي فَقَالَ مَا يبكيك قَالَت قَالَت لي حَفْصَة أَنْت ابْنة يَهُودِيّ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّك لابنَة نَبِي وَإِن عمك لنَبِيّ وَإنَّك لتَحْت نَبِي فَبِمَ تفتخر عَلَيْك ثمَّ قَالَ اتقِي الله يَا حَفْصَة أخرجه التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ والْحَدِيث دَلِيل على اعْتِبَار النّسَب الْبعيد وَللَّه الْحَمد ذكر سَوْدَة بنت زَمعَة رَضِي الله عَنْهَا عَن عِكْرِمَة قَالَ قيل لِابْنِ عَبَّاس بعد صَلَاة الصُّبْح مَاتَت سَوْدَة فَسجدَ فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا رَأَيْتُمْ آيَة فاسجدوا وَأي آيَة أعظم من ذهَاب أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَلم يسمياها وَذكرهَا رزين فِي رِوَايَة وسماها ذكر أم أَيمن رَضِي الله عَنْهَا عَن أنس قَالَ قَالَ أَبُو بكر لعمر بعد وَفَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انْطلق بِنَا إِلَى أم أَيمن نزورها كَمَا كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يزورها فَلَمَّا أَتَيَا إِلَيْهَا بَكت فَقَالَا لَهَا مَا يبكيك أما تعلمين أَن مَا عِنْد الله خير لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت بلَى إِنِّي لأعْلم أَن مَا عِنْد الله خير لرَسُول الله وَلَكِن أبْكِي على أَن الْوَحْي قد انْقَطع من السَّمَاء فهيجتهما على الْبكاء فَجعلَا يَبْكِيَانِ مَعهَا أخرجه مُسلم 283 - بَاب مَا ورد فِي فَضَائِل أهل بَيته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أم سَلمَة قَالَت نزلت هَذِه الْآيَة وَأَنا جالسة على بَاب بَيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت وَيُطَهِّركُمْ تَطْهِيرا} الْأَحْزَاب وَفِي الْبَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعلي وَفَاطِمَة وَالْحسن وَالْحُسَيْن رَضِي الله عَنْهُم فجللهم بكساء وَقَالَ اللَّهُمَّ إِن هَؤُلَاءِ من أهل بَيْتِي فَأذْهب عَنْهُم الرجس وطهرهم تَطْهِيرا فَقلت يَا رَسُول الله

أَلَسْت من أهل الْبَيْت فَقَالَ إِنَّك إِلَيّ خير أَنْت من أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخرجه التِّرْمِذِيّ الرجس النَّجس وكل مستقذر وَقيل الْإِثْم وَعَن أنس قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين نزلت {أَنما يُرِيد الله} الْآيَة يمر بِبَاب فَاطِمَة إِذا خرج إِلَى الصَّلَاة قَرِيبا من سِتَّة أشهر فَيَقُول الصَّلَاة أهل الْبَيْت {أَنما يُرِيد الله} إِلَى قَوْله {تَطْهِيرا} أخرجه التِّرْمِذِيّ وَعَن عَائِشَة قَالَت خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَلِيهِ مرط مرحل أسود فجَاء الْحسن فَأدْخلهُ ثمَّ جَاءَت فَاطِمَة فَأدْخلهَا ثمَّ جَاءَ عَليّ فَأدْخلهُ ثمَّ قَالَ {أَنما يُرِيد الله} الْآيَة أخرجه مُسلم المرط كسَاء من خَز أَو صوف يتغطى بِهِ والمرحل الْمُوشى المنقوش الَّذِي فِيهِ صور الرّحال وَقَالَ الْجَوْهَرِي هُوَ إِزَار خَز فِيهِ علم وَفِي الْقَامُوس هَذَا تَفْسِير غير جيد إِنَّمَا ذَلِك تَفْسِير الْمرجل بِالْجِيم وَعَن يزِيد بن حَيَّان عَن زيد بن أَرقم قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا وَأَنِّي تَارِك فِيكُم ثقلين أَحدهمَا كتاب الله تَعَالَى هُوَ حَبل الله الَّذِي من اتبعهُ كَانَ على هدى وَمن تَركه كَانَ على الضَّلَالَة وعترتي أهل بَيْتِي فَقُلْنَا من أهل بَيته نساؤه قَالَ أيم الله إِن الْمَرْأَة تكون مَعَ الرجل الْعَصْر من الدَّهْر فيطلقها فترجع إِلَى أَبِيهَا وقومها أهل بَيته أَصله وعصبته الَّذين حرمُوا الصَّدَقَة بعده أخرجه مُسلم وسمى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْقُرْآن الْعَزِيز وَأهل بَيته ثقلين لِأَن الْأَخْذ بهما وَالْعَمَل بِمَا يجب لَهما ثقيل وَقيل الْعَرَب تَقول لكل نَفِيس خطير ثقل فجعلهما ثقلين إعظاما لقدرهما وتفخيما لشأنهما والعصبة أهل الرجل من قبل الْآبَاء والأجداد وعَلى كل حَال فقد دلّ الحَدِيث على عَظِيم مرتبَة أهل بَيته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأولهم فَاطِمَة ثمَّ ابناها ثمَّ زَوجهَا حَيْثُ قرنهم مَعَ الْقُرْآن وَأطلق عَلَيْهِم الثّقل كَمَا أطلقهُ على كَلَام الله وَسِيَاق الحَدِيث يدل على الحض على اتِّبَاع الْكتاب وإكرام أهل بَيت وتعاهدهم بِالْخدمَةِ

باب ما ورد في فضيلة نساء قريش

الْحَسَنَة والتضحية الصادقة وهم باقون مَعَ الْقُرْآن إِلَى مَا بَقِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى فَمن كَانَ مِنْهُم فِي هَذَا الزَّمَان وَكَانَ فِي القَوْل وَالْعَمَل مَعَ السّنة المطهرة وآيات الْقُرْآن فتعظيمه على الْأمة وخدمته فِي الْملَّة وَاجِب حتما وَمن أنكر ذَلِك فقد أنكر الْكتاب والْحَدِيث وأزواجه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم داخلات فِي مَنْطُوق لفظ أهل الْبَيْت وَمَفْهُومه فَلَا يشك فِي ذَلِك من لَهُ أدنى إِلْمَام بِهَذَا الْعلم الشريف بل هن الْمَقْصُود الأولي بِآيَة التَّطْهِير وغيرهن دَاخل فِيهَا ثَانِيًا وبالتبع فَمن أخرجهن من أهل الْبَيْت فقد ظلم وتعدى وَتجَاوز الْحَد وَخَالف السّنة وَفَارق الْفرْقَان وَأما عترته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلهم فَضَائِل جمة أَيْضا غير مَا ذَكرْنَاهُ وَالْحق الْوَاضِح وَالصَّوَاب الأبلج أَن الْآيَة الشَّرِيفَة تَشْمَل الْأزْوَاج والعترة كليهمَا وَلَا يخرج أَحدهمَا مِنْهَا أبدا وَمن هُنَا يُقَال لَهُنَّ الْأزْوَاج المطهرات وَلَا تبال بالنواصب وَالرَّوَافِض فَإِن مِنْهُم من هم كلاب النَّار 284 - بَاب مَا ورد فِي فَضِيلَة نسَاء قُرَيْش عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نسَاء قُرَيْش خير نسَاء ركبن الْإِبِل أحناه على طِفْل فِي صغره وأرعاه على زوج فِي ذَات يَده وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَة يَقُول وَلم تركب مَرْيَم ابْنة عمرَان بَعِيرًا قطّ أخرجه الشَّيْخَانِ أحناه من الحنو وَهُوَ الْعَطف وأرعاه من المراعاة وَالْحِفْظ وَالِاحْتِيَاط والرفق بِهِ وَتَخْفِيف الكلف والإثقال وَذَات يَده مَا يملك من مَال غَيره 285 - بَاب مَا ورد فِي أَمر الْمَرْأَة بِالْعِتْقِ عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا فِي فضل بني تَمِيم وَكَانَت سبية مِنْهُم عِنْد

باب ما ورد في إحياء الموؤودة

عَائِشَة فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعتقيها فَإِنَّهَا من ولد إِسْمَاعِيل أخرجه الشَّيْخَانِ 286 - بَاب مَا ورد فِي إحْيَاء الموؤودة عَن أَسمَاء بنت أبي بكر قَالَت رَأَيْت زيد بن عَمْرو بن نفَيْل قَائِما مُسْندًا ظَهره إِلَى الْكَعْبَة يَقُول يَا معشر قُرَيْش وَالله مَا مِنْكُم على دين إِبْرَاهِيم غَيْرِي وَكَانَ يحيى الموؤودة يَقُول للرجل إِذا أَرَادَ أَن يقتل ابْنَته أَنا أكفيك مؤنتها فيأخذها فَإِذا ترعرعت قَالَ لأَبِيهَا إِن شِئْت دفعتها إِلَيْك وَإِن شِئْت كفيتك مؤنتها أخرجه البُخَارِيّ الموؤودة الطفلة كَانُوا إِذا ولد لأَحَدهم بنت حفر لَهَا حُفْرَة ودفنها وَهِي حَيَّة غيرَة وأنفة فَحرم الله تَعَالَى ذَلِك 287 - بَاب مَا ورد فِي الْكَلَام مَعَ الْمَرْأَة فِي أُمُور الدَّين عَن عَائِشَة قَالَت قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ألم ترى أَن قَوْمك حِين بنوا الْكَعْبَة اقتصروا عَن قَوَاعِد إِبْرَاهِيم فَقلت يَا رَسُول الله أَلا تردها على قَوَاعِد إِبْرَاهِيم فَقَالَ لَوْلَا حدثان قَوْمك بالْكفْر لفَعَلت فَقَالَ ابْن عمر إِن كَانَت عَائِشَة سَمِعت هَذَا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا أرى أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ترك الرُّكْنَيْنِ اللَّذين يليان الْحجر إِلَّا أَن الْبَيْت لم يتم على قَوَاعِد إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام أخرجه السِّتَّة إِلَّا أَبَا دَاوُد حَدثنَا الشَّيْء أَوله وَالْمرَاد بِهِ قرب عَهدهم بالجاهلية وَأَن الْإِسْلَام لم يتَمَكَّن بعد فكأنهم كَانُوا ينفرون لَو هدمت الْكَعْبَة وغيرت هيئتها 288 - بَاب مَا ورد فِي الْأجر فِي الْبضْع عَن أبي ذَر فِي حَدِيث يرفعهُ وَفِي بضع أحدكُم صَدَقَة قَالُوا يَا رَسُول الله أَيَأتِي أَحَدنَا شَهْوَته وَيكون لَهُ فِيهَا أجر قَالَ أَرَأَيْتُم لَو

باب ما ورد في إظلال العرش لمن خاف الله في النساء

وَضعهَا فِي حرَام أَكَانَ عَلَيْهِ وزر قَالُوا نعم قَالَ كَذَلِك إِذا وَضعهَا فِي الْحَلَال كَانَ لَهُ أجر أخرجه مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَهَذَا فِي تَمام رَحْمَة الله على عباده وإمائه يثيبهم على مَا فِيهِ قَضَاء شهوتهم إِذا نووا أَدَاء حق الزَّوْجَة وصون الْفرج وَللَّه الْحَمد 289 - بَاب مَا ورد فِي إظلال الْعَرْش لمن خَافَ الله فِي النِّسَاء عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَبْعَة يظلهم الله فِي ظله الحَدِيث وَفِيه وَرجل دَعَتْهُ امْرَأَة ذَات منصب وجمال فَقَالَ إِنِّي أَخَاف الله أخرجه السِّتَّة إِلَّا أَبَا دَاوُد وَفِي معنى هَذَا الحَدِيث قَوْله تَعَالَى {وَأما من خَافَ مقَام ربه وَنهى النَّفس عَن الْهوى فَإِن الْجنَّة هِيَ المأوى} النازعات 290 - بَاب مَا ورد فِي نهي النِّسَاء عَن سبّ الْحمى عَن جَابر قَالَ دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أم السَّائِب فَقَالَ مَالك تزفزفين فَقَالَت الْحمى لَا بَارك الله فِيهَا فَقَالَ لَا تسبي الْحمى فَإِنَّهَا تذْهب خَطَايَا بني آدم كَمَا يذهب الْكِير خبث الْحَدِيد أخرجه مُسلم أصل الزفيف الْحَرَكَة الشَّدِيدَة كَأَنَّهُ سمع مَا عرض لَهَا من رعدة الْحمى ويروي بالراء من رفرفة جنَاح الطَّائِر وَهِي تحريكه عِنْد الطيران فَشبه حَرَكَة رعدتها بِهِ وَالْأول أَكثر وَالله أعلم 291 - بَاب مَا ورد فِي ثَوَاب بلَاء المؤمنة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا يزَال الْبلَاء بِالْمُؤمنِ

باب ما ورد في وعظ النساء وذكر ثوابهن بموت أولادهن

والمؤمنة فِي نَفسه وَولده وَمَاله حَتَّى يلقى الله وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَة أخرجه مَالك وَالتِّرْمِذِيّ 292 - بَاب مَا ورد فِي وعظ النِّسَاء وَذكر ثوابهن بِمَوْت أَوْلَادهنَّ عَن أبي سعيد قَالَ قَالَت السناء للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا رَسُول الله غلبنا عَلَيْك الرِّجَال فَاجْعَلْ لنا يَوْمًا من نَفسك فوعدهن يَوْمًا فوعظهن وأمرهن وَكَانَ فِيمَا قَالَ لَهُنَّ مَا مِنْكُن امْرَأَة تقدم ثَلَاثَة من وَلَدهَا إِلَّا كَانَ ذَلِك لَهَا حِجَابا من النَّار فَقَالَت امْرَأَة يَا رَسُول الله واثنين قَالَ واثنين أخرجه الشَّيْخَانِ وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كَانَ لَهُ فرطان من أمتِي دخل الْجنَّة بهما قَالَت عَائِشَة وَمن كَانَ لَهُ فرط قَالَ وَمن كَانَ لَهُ فرط يَا موفقة قَالَت فَمن لم يكن لَهُ فرط من أمتك قَالَ أَنا فرط أمتِي لن يصابوا بمثلي أخرجه التِّرْمِذِيّ الفرط السَّابِق الْمُتَقَدّم على الْقَوْم فِي طلب المَاء والمنزل وَإِذا مَاتَ للْإنْسَان ولد صَغِير فَهُوَ فرط لَهُ 293 بَاب مَا ورد فِي مَوَارِيث النِّسَاء عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيّمَا رجل عاهر بحرة أَو أمة فَالْوَلَد ولد زنى لَا يَرث من أَبِيه وَلَا يَرِثهُ أخرجه التِّرْمِذِيّ وَلم يذكر وَلَا يَرِثهُ والمعاهرة الزِّنَى والعاهر الزَّانِي وعهر بهَا إِذا زنى بهَا وَعَن بُرَيْدَة قَالَ جعل النَّبِي للجدة السُّدس إِذا لم تكن دونهَا أم أخرجه أَبُو دَاوُد

باب ما ورد في ميراث البنات والأخوات

294 - بَاب مَا ورد فِي مِيرَاث الْبَنَات وَالْأَخَوَات عَن الْأسود بن يزِيد قَالَ أَتَانَا معَاذ بِالْيمن معلما وأميرا فَسَأَلْنَاهُ عَن رجل توفّي وَترك ابْنة وأختا فَقضى للإبنة بِالنِّصْفِ وَللْأُخْت بِالنِّصْفِ أخرجه البُخَارِيّ وَهَذَا لَفظه وَأَبُو دَاوُد وَعَن هزيل بن شُرَحْبِيل قَالَ سُئِلَ أَبُو مُوسَى عَن بنت وَبنت ابْن وَأُخْت فَقَالَ للْبِنْت النّصْف وَللْأُخْت النّصْف فَسئلَ ابْن مَسْعُود وَأخْبر بقول أبي مُوسَى فَقَالَ ابْن مَسْعُود لقد ضللت إِذا وَمَا أَنا من المهتدين ثمَّ قَالَ أَقْْضِي فِيهَا بِقَضَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للإبنة النّصْف ولإبنة الإبن السُّدس تَكْمِلَة للثلثين وَمَا بَقِي للْأُخْت فَأخْبر أَبُو مُوسَى فَقَالَ لَا تَسْأَلُونِي مَا دَامَ هَذَا الحبر فِيكُم أخرجه البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ الحبر بِالْفَتْح وَالْكَسْر الْعَالم 295 - بَاب مَا ورد فِي ولد الْمَرْأَة الْمُلَاعنَة عَن مَكْحُول قَالَ جعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِيرَاث ابْن الْمُلَاعنَة لأمه ثمَّ لورثتها من بعْدهَا أخرجه أَبُو دَاوُد الْمُلَاعنَة الَّتِي لاعنها زَوجهَا وانتفى من وَلَدهَا وَعَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تحوز الْمَرْأَة ثَلَاثَة مَوَارِيث عتيقها ولقيطها وَوَلدهَا الَّذِي لاعنت عَنهُ أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ اللَّقِيط الطِّفْل الَّذِي يُوجد مرميا على الطَّرِيق لَا يعرف أَبوهُ وَلَا أمه وَهُوَ حر لَا وَلَاء عَلَيْهِ لأحد عِنْد أَكثر الْفُقَهَاء وَذهب بَعضهم إِلَى أَن وَلَاء اللَّقِيط لملطقته وَاحْتج بِهَذَا الحَدِيث وَلَيْسَ بِحجَّة عِنْد الْأَكْثَر وَلَا ثَابت عِنْد أَكثر أهل النَّقْل

باب ما ورد في ميراث المعتدة

296 - بَاب مَا ورد فِي مِيرَاث الْمُعْتَدَّة عَن مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان قَالَ كَانَ عِنْد جدي حبَان امْرَأَتَانِ هاشمية وأنصارية فَطلق الْأَنْصَارِيَّة وَهِي ترْضع فمرت بهَا سنة ثمَّ هلك وَلم تَحض فَقَالَت أَنا أرثه فَلم أحض فاختصموا إِلَى عُثْمَان فَقضى لَهَا بِالْمِيرَاثِ فَلَامَتْهُ الهاشمية فَقَالَ هَذَا عمل ابْن عمك هُوَ أَشَارَ علينا بِهَذَا يَعْنِي عليا أخرجه مَالك وَعَن عبد الرَّحْمَن الْأَعْرَج أَن عُثْمَان بن عَفَّان ورث نسَاء ابْن مكمل مِنْهُ وَكَانَ طلقهن وَهُوَ مَرِيض أخرجه مَالك وَعَن ربيعَة بن عبد الرَّحْمَن قَالَ سَأَلت امْرَأَة عبد الرَّحْمَن بن عَوْف مِنْهُ الطَّلَاق فَقَالَ إِذا طهرت فآذنيني فآذنته فَطلقهَا الْبَتَّةَ أَو تَطْلِيقَة كَانَت بقيت لَهَا وَهُوَ مَرِيض يَوْمئِذٍ فَورثَهَا عُثْمَان من زَوجهَا مِيرَاثهَا بعد انْقِضَاء عدتهَا أخرجه مَالك 297 - بَاب مَا ورد فِي مِيرَاث ذَوي الْأَرْحَام عَن مُحَمَّد بن أبي بكر بن حزم أَنه سمع أَبَاهُ كثيرا يَقُول كَانَ عمر كثيرا يَقُول عجبا للعمة تورث وَلَا تَرث أخرجه مَالك وَعَن أبي مُوسَى قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ابْن أُخْت الْقَوْم مِنْهُم أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن أنس وَعِنْده أَن ابْن أُخْت الْقَوْم من أنفسهم 298 - بَاب مَا ورد فِي مِيرَاث الْمَرْأَة من الدِّيَة عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ كَانَ عمر يَقُول الدِّيَة على الْعَاقِلَة وهم

باب ما ورد في ميراث الصدقة للمرأة

يرثونها وَلَا تَرث الْمَرْأَة من دِيَة زَوجهَا فَقَالَ لَهُ الضَّحَّاك بن سُفْيَان إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتب إِلَيّ أَن ورث امْرَأَة أَشْيَم الضباني من دِيَة زَوجهَا وَكَانَت من قوم آخَرين فَرجع عمر رضى الله عَنهُ عَن قَوْله أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ 299 - بَاب مَا ورد فِي مِيرَاث الصَّدَقَة للْمَرْأَة عَن بُرَيْدَة قَالَ أَتَت امْرَأَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت كنت تَصَدَّقت على أُمِّي بوليدة وَإِنَّهَا مَاتَت وَتركت الوليدة فَقَالَ قد وَجب أجرك وردهَا عَلَيْك الْمِيرَاث أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَعَن مَالك أَنه بلغه أَن رجلا من الْأَنْصَار تصدق على أَبَوَيْهِ بِصَدقَة فهلكا فورث ابنهما المَال وَكَانَ نخلا فَسَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِك فَقَالَ لَهُ لقد أجرت فِي صدقتك وردهَا عَلَيْك الْمِيرَاث 300 - بَاب مَا ورد فِي مِيرَاث الْأَبَوَيْنِ وَولد الْأَبْنَاء وَالزَّوْجَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ المَال للْوَلَد وَالْوَصِيَّة للْوَالِدين فنسخ الله من ذَلِك مَا أحب فَجعل للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ وَجعل لِلْأَبَوَيْنِ لكل وَاحِد مِنْهُمَا السُّدس وَالثلث وَجعل للْمَرْأَة الثّمن وَالرّبع وَللزَّوْج الشّطْر وَالرّبع أخرجه البُخَارِيّ وَعَن زيد بن ثَابت قَالَ ولد الْأَبْنَاء بِمَنْزِلَة الْأَبْنَاء إِذا لم يكن دونهم أَبنَاء ذكرهم كذكرهم وأنثاهم كأنثاهم يَرِثُونَ كَمَا يَرِثُونَ ويحجبون كَمَا يحجبون وَلَا يَرث ولد ابْن مَعَ ابْن ذكر فَإِن ترك ابْنة وَابْن ابْن ذكر فللبنت النّصْف وَلابْن الابْن مَا بَقِي لقَوْل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ألْحقُوا الْفَرَائِض

باب ما ورد في ميراث الولاء للنساء

بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِي فَلأولى رجل ذكر أخرجه البُخَارِيّ فِي تَرْجَمته وَعَن زَيْنَب زوج ابْن مَسْعُود قَالَت اشتكت نسَاء من الْمُهَاجِرَات إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضيق منازلهن فَأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تورث دور الْمُهَاجِرين النِّسَاء فَمَاتَ ابْن مَسْعُود فورثت امْرَأَته مِنْهُ دَارا بِالْمَدِينَةِ أخرجه أَبُو دَاوُد 301 - بَاب مَا ورد فِي مِيرَاث الْوَلَاء للنِّسَاء عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْوَلَاء للأكبر من الذُّكُور وَلَا تَرث النِّسَاء من الْوَلَاء إِلَّا وَلَاء من أعتقن أَو أعتق من أعتقن أخرجه رزين وَعَن أبي هُرَيْرَة قَالَ أَرَادَت عَائِشَة أَن تشتري جَارِيَة لتعتقها فَأبى أَهلهَا إِلَّا أَن يكون لَهُم الْوَلَاء فَذكرت ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَا يمنعك ذَلِك فَإِنَّمَا الْوَلَاء لمن أعتق أخرجه مُسلم 302 - بَاب مَا ورد فِي طلب فَاطِمَة مِيرَاث أَبِيهَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن عَائِشَة قَالَت سَأَلت فَاطِمَة أَبَا بكر أَن يقسم لَهَا مِيرَاثهَا مِمَّا ترك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا نورث مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَة فَغضِبت فَهجرَته فَلم تزل كَذَلِك حَتَّى توفيت وَعَاشَتْ بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سِتَّة أشهر إِلَّا ليَالِي ثمَّ فعل ذَلِك عمر الحَدِيث أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا التِّرْمِذِيّ وَلَفظ البُخَارِيّ مُخْتَصر وَعَن أبي هُرَيْرَة قَالَ جَاءَت فَاطِمَة إِلَى أبي بكر فَقَالَت من يرثك فَقَالَ أَهلِي وَوَلَدي قَالَت فَمَا لي لَا أرث أبي فَقَالَ سمعته يَقُول لَا نورث وَلَكِن أعول من كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعوله وَأنْفق على من كَانَ ينْفق عَلَيْهِ أخرجه التِّرْمِذِيّ

باب ما ورد في فتنة الأهل

وَعَن عَائِشَة قَالَت أَرَادَت نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين توفّي أَن يبْعَثْنَ عُثْمَان إِلَى أبي بكر يسألنه ميراثهن فَقَالَت عَائِشَة أَلَيْسَ قد قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا نورث مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَة أخرجه الثَّلَاثَة وَأَبُو دَاوُد قلت أَحْكَام الْمَوَارِيث مفصلة فِي الْكتاب الْعَزِيز وَيجب الِابْتِدَاء بذوي الْفُرُوض الْمقدرَة وَمَا بَقِي فللعصبة وَالْأَخَوَات مَعَ الْبَنَات عصبَة ولبنت الابْن مَعَ الْبِنْت السُّدس تَكْمِلَة الثُّلثَيْنِ وَكَذَا الْأُخْت لأَب مَعَ الْأُخْت لِأَبَوَيْنِ وللجد والجدات السُّدس مَعَ عدم الْأُم وَهُوَ للْجدّ مَعَ من لَا يسْقطهُ وَلَا مِيرَاث للإخوة وَالْأَخَوَات مُطلقًا مَعَ الابْن أَو ابْن الابْن أَو الْأَب وَفِي ميراثهم مَعَ الْجد خلاف ويرثون مَعَ الْبَنَات إِلَّا الْإِخْوَة للْأُم وَيسْقط الْأَخ لأَب مَعَ الْأَخ لِأَبَوَيْنِ وأولو الْأَرْحَام يتوارثون وهم أقدم من بَيت المَال فَإِن تزاحمت الْفَرَائِض فالعول وَلَا يَرث ولد الْمُلَاعنَة والزانية إِلَّا من أمه وقرابتها وَبِالْعَكْسِ وَلَا يَرث الْمَوْلُود إِلَّا إِذا اسْتهلّ وميراث الْعَتِيق لمعتقه وَيسْقط بالعصبات وَله الْبَاقِي بعد ذَوي السِّهَام وَيحرم بيع الْوَلَاء وهبته وَلَا توارث بَين أهل ملتين وَلَا يَرث الْقَاتِل من الْمَقْتُول وَلَا يُورث الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام هَذَا خُلَاصَة الْفَرَائِض الثَّابِتَة بِالْكتاب وَالسّنة فَإِن عرض لَك من الْمَوَارِيث مَا لم يكن فيهمَا فاجتهد فِيهِ رَأْيك عملا بِحَدِيث معَاذ الْمَشْهُور وَلذَا لم نذْكر مَا كَانَ لَا مُسْتَند لَهُ إِلَّا مَحْض الرَّأْي فَلَيْسَ مُجَرّد الرَّأْي مُسْتَحقّا للتدوين فَلِكُل عَالم رَأْيه واجتهاده مَعَ عدم الدَّلِيل وَمَا ذَكرْنَاهُ هُنَا فِي أسطر عديدة هُوَ جَمِيع علم الْفَرَائِض الثَّابِت بِالْقُرْآنِ والْحَدِيث 303 - بَاب مَا ورد فِي فتْنَة الْأَهْل وَعَن حُذَيْفَة فِي حَدِيث طَوِيل قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول فتْنَة الرِّجَال فِي أَهله وَمَاله وَولده وَنَفسه وجاره يكفرهَا الصّيام

باب ما ورد في إتيان المرء الأم

وَالصَّلَاة وَالصَّدَََقَة وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر أخرجه الشَّيْخَانِ وَالتِّرْمِذِيّ 304 - بَاب مَا ورد فِي إتْيَان الْمَرْء الْأُم عَن ابْن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليَأْتِيَن على أمتِي مَا أَتَى على بني إِسْرَائِيل حَذْو النَّعْل بالنعل حَتَّى أَن مِنْهُم من أَتَى أمه عَلَانيَة لَيَكُونن فِي أمتِي من يصنع ذَلِك الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ 305 - بَاب مَا ورد فِي فسق النِّسَاء وطغيانهن عَن عَليّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَيفَ بكم إِذا فسق فَتَيَاتكُم وطغى نِسَاؤُكُمْ قَالُوا يَا رَسُول الله وَإِن ذَلِك لكائن قَالَ نعم وَأَشد الحَدِيث رَوَاهُ رزين وَعَن ابْن مَالك أَو أبي عَامر الْأَشْعَرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيَكُونن من أمتِي أَقوام يسْتَحلُّونَ الْحر وَالْحَرِير وَالْخمر وَالْمَعَازِف الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ المُرَاد بِالْحرِّ الزِّنَا وَفِيه ذكر مسخهم قردة وَخَنَازِير 306 - بَاب مَا ورد فِي طلب الْحجَّاج أم ابْن الزبير وجوابها لَهُ عَن أبي نَوْفَل فِي حَدِيث أَيَّام ابْن الزبير ثمَّ أرسل يَعْنِي الْحجَّاج إِلَى أمه أَسمَاء بنت أبي بكر رَضِي الله عَنْهُمَا فَأَبت أَن تَأتيه فَأَعَادَ عَلَيْهَا

باب ما ورد في جمع الخلق في بطن الأم إلى أن ينفخ فيه الروح

الرَّسُول لتَأْتِيني أَو لَأَبْعَثَن إِلَيْك من يسحبك بقرونك فَأَبت وَقَالَت وَالله لَا آتِي إِلَيْك حَتَّى تبْعَث من يسحبني بقروني فَقَالَ أروني سبتي فَأخذ نَعْلَيْه ثمَّ انْطلق يتوذف حَتَّى دخل عَلَيْهَا فَقَالَ كَيفَ رَأَيْتنِي صنعت بعدو الله يَعْنِي ابْنهَا قَالَت رَأَيْتُك أفسدت دُنْيَاهُ وأفسد عَلَيْك آخرتك بَلغنِي أَنَّك تَقول يَا ابْن ذَات النطاقين أَنا وَالله ذَات النطاقين أما أَحدهمَا فَكنت أرفع بِهِ طَعَام رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَطَعَام أبي وَأما الآخر فنطاق الْمَرْأَة الَّذِي لَا تَسْتَغْنِي عَنهُ أما أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَدثنَا أَن فِي تثقيف كذابا ومبيرا أما الْكذَّاب فقد رَأَيْنَاهُ وَأما المبير فَلَا إخالك إِلَّا إِيَّاه فَقَامَ وَلم يُرَاجِعهَا أخرجه مُسلم وَزَاد رزين إِن الْحجَّاج قَالَ دخلت عَلَيْهَا لأحزنها فأحزنتني قُرُون الْمَرْأَة ضفائرها والتوذف التَّبَخْتُر وَقيل الْإِسْرَاع والسبتيتان النَّعْلَانِ وَأَصله من السبت وَهُوَ جُلُود الْبَقر المدبوغة بالقرظ يعْمل مِنْهَا النِّعَال فنسبت إِلَيْهَا وَقيل من السبت وَهُوَ حلق الشّعْر لِأَن شعر الْجُلُود يرْمى عَنْهَا ثمَّ تعْمل مِنْهَا النِّعَال والمبير المهلك 307 - بَاب مَا ورد فِي جمع الْخلق فِي بطن الْأُم إِلَى أَن ينْفخ فِيهِ الرّوح عَن ابْن مَسْعُود قَالَ حَدثنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ الصَّادِق المصدوق إِن خلق أحدكُم يجمع فِي بطن أمه أَرْبَعِينَ يَوْمًا نُطْفَة ثمَّ يكون علقَة مثل ذَلِك ثمَّ يكون مُضْغَة مثل ذَلِك ثمَّ يبْعَث الله إِلَيْهِ ملكا بِأَرْبَع كَلِمَات يكْتب رزقه وأجله وَعَمله وشقي أم سعيد ثمَّ ينْفخ فِيهِ الرّوح الحَدِيث أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا النَّسَائِيّ وَزَاد رزين فَقَالَ إِذا وَقعت النُّطْفَة صَارَت فِي الرَّحِم أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثمَّ تكون علقَة أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثمَّ تكون مُضْغَة أَرْبَعِينَ يَوْمًا فَإِذا بلغت أَن

باب ما ورد في السعادة والشقاوة في بطن الأم

تخلق نفسا يبْعَث الله ملكا يصورها فَيَأْتِي الْملك بِتُرَاب بَين أصبعيه فيخلطه فِي المضغة ثمَّ يعجنه ثمَّ يصورها كَمَا يُؤمر فَيَقُول أذكر أم أُنْثَى أشقي أم سعيد وَمَا عمره وَمَا رزقه وَمَا أَثَره وَمَا مصائبه فَيَقُول الله فَيكْتب الْملك فَإِذا مَاتَ الْجَسَد دفن حَيْثُ أَخذ ذَلِك التُّرَاب النُّطْفَة المَاء الْقَلِيل وَالْكثير وَالْمرَاد بِهِ هُنَا الْمَنِيّ والعلقة الدَّم الجامد والمضغة الْقطعَة الْيَسِيرَة من اللَّحْم بِقدر مَا يمضغ وَفِي الْبَاب أَحَادِيث 308 - بَاب مَا ورد فِي السَّعَادَة والشقاوة فِي بطن الْأُم عَن عَامر بن وَاثِلَة قَالَ سَمِعت عبد الله بن مَسْعُود يَقُول الشقي من شقى فِي بطن أمه والسعيد من وعظ بِغَيْرِهِ 309 - بَاب مَا ورد فِي ادِّعَاء الْمَرْأَة على الْمَرْأَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ إِن امْرَأتَيْنِ كَانَتَا تخرزان فِي بَيت فَخرجت إِحْدَاهمَا وَقد نفذ الإشفي فِي كفها فادعت على الْأُخْرَى فَرفع ذَلِك إِلَى ابْن عَبَّاس فَقَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو يعْطى النَّاس بدعواهم لادعى رجال دِمَاء قوم وَأَمْوَالهمْ وَلَكِن الْبَيِّنَة على الْمُدَّعِي وَالْيَمِين على من أنكر ذكروها بِاللَّه واقرأوا عَلَيْهَا {إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَأَيْمَانهمْ ثمنا قَلِيلا} الْآيَة سُورَة أل عمرَان فذكروها فَاعْترفت أخرجه الْخَمْسَة وَهَذَا لفظ البُخَارِيّ 310 - بَاب مَا ورد فِي رد شَهَادَة الخائنة والزانية عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

باب ما ورد في قتل الساحرة

لَا تجوز شَهَادَة خائن وَلَا خَائِنَة وَلَا زَان وَلَا زَانِيَة وَلَا ذِي غمر على أَخِيه أخرجه أَبُو دَاوُد 311 - بَاب مَا ورد فِي قتل الساحرة عَن عبد الرَّحْمَن بن سعيد بن زُرَارَة أَنه بلغه أَنه حَفْصَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قتلت جَارِيَة لَهَا سحرتها وَقد كَانَت دبرتها أخرجه مَالك 312 - بَاب مَا ورد فِي قتل كلب الْمَرْأَة عَن ابْن عمر قَالَ كُنَّا نبعث فِي الْمَدِينَة وأطرافها فَلَا نَدع كَلْبا إِلَّا قَتَلْنَاهُ حَتَّى إِنَّا لنقتل كلب الْمَرْأَة من أهل الْبَادِيَة يتبعهَا أخرجه السِّتَّة إِلَّا أَبَا دَاوُد 313 - بَاب مَا ورد فِي قتل الشاتمة والسابة للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن عَليّ أَن يَهُودِيَّة كَانَت تَشْتُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَتَقَع فِيهِ فخنقها رجل حَتَّى مَاتَت فَأبْطل النَّبِي دَمهَا أخرجه أَبُو دَاوُد وَعَن ابْن عَبَّاس أَن أعمى قتل أم ولد لَهُ كَانَت تَشْتُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأهدر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَمهَا أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ 314 - بَاب مَا ورد فِي قتل الزَّانِيَة وَالزَّانِي عَن ابْن الْمسيب أَن رجلا من أهل الشَّام وجد رجلا مَعَ امْرَأَته فَقتله وقتلها فأشكل على مُعَاوِيَة الحكم فِيهِ فَكتب إِلَى أبي مُوسَى ليسأل لَهُ عَليّ بن أبي طَالب فَقَالَ لَهُ عَليّ هَذَا شَيْء مَا وَقع بأرضي عزمت عَلَيْك لتخبرني فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى إِن مُعَاوِيَة كتب إِلَيّ بِهِ أَن أَسأَلك فِيهِ فَقَالَ عَليّ أَنا أَبُو الْحسن إِن لم يَأْتِ بأَرْبعَة شُهَدَاء فليعط برمتِهِ أخرجه مَالك الرمة الْحَبل وَالْمرَاد بِهِ الْحَبل الَّذِي يُقَاد بِهِ الْجَانِي

باب ما ورد في قتل قاتل الجارية

315 - بَاب مَا ورد فِي قتل قَاتل الْجَارِيَة عَن أنس أَن يَهُودِيّا قتل جَارِيَة بِحجر على أوضاح لَهَا فجيء بهَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبهَا رَمق فَقيل لَهَا أَقْتلك فلَان فَأَشَارَتْ برأسها أَن لَا ثمَّ قيل لَهَا أَقْتلك فلَان فَأَشَارَتْ برأسها أَن لَا ثمَّ سَأَلَهَا الثَّالِثَة فَقَالَت نعم وأشارت برأسها فَقتله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بحجرين رضخ رَأسه بَينهمَا أخرجه الْخَمْسَة وَعند بَعضهم أَن الْيَهُودِيّ الَّذِي قَتلهَا لما أَخذ أقرّ وأعترف الأوضاح الْحلِيّ من النقرة 316 - بَاب مَا ورد فِي إهداء الْمَرْأَة الشَّاة المسمومة عَن أبي هُرَيْرَة رضى الله عَنهُ أَن امْرَأَة من الْيَهُود أَهْدَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَاة مَسْمُومَة فَمَا عرض لَهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخرجه أَبُو دَاوُد 317 بَاب مَا ورد فِي تحجز الْمَرْأَة عَن عَائِشَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على المقتتلين أَن ينحجزوا الأولى فَالْأولى وَإِن كَانَت إمرأة أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَعِنْده الأول فَالْأول المقتتلين بِفَتْح التائين وَبَيَان ذَلِك أَن يقتل رجل لَهُ وَرَثَة رجال وَنسَاء فَأَيهمْ عَفا وَإِن كَانَ امْرَأَة سقط الْقود واستحقوا الدِّيَة وَأَرَادَ بِالْأولَى فَالْأولى الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب 318 - بَاب مَا ورد فِي قصَّة أم إِسْمَاعِيل عَلَيْهِمَا السَّلَام عَن ابْن عَبَّاس قَالَ أقبل إِبْرَاهِيم بِإِسْمَاعِيل عَلَيْهِمَا السَّلَام وَأمه وَهِي ترْضِعه مَعهَا شنة حَتَّى وَضعهَا عِنْد الْبَيْت عِنْد دوحة فَوق زَمْزَم فِي أَعلَى الْمَسْجِد الحَدِيث بِطُولِهِ أخرجه البُخَارِيّ

باب ما ورد في قصة أصحاب الأخدود

319 - بَاب مَا ورد فِي قصَّة أَصْحَاب الْأُخْدُود عَن صُهَيْب فِي حَدِيث طَوِيل يرفعهُ فَجَاءَت امْرَأَة مَعهَا صبي فَتَقَاعَسَتْ أَن تقع فِيهَا أَي فِي النَّار فَقَالَ الْغُلَام لَهَا يَا أم اصْبِرِي فَإنَّك على الْحق أخرجه مُسلم 320 - بَاب مَا ورد فِي أَن عصيان الْأُم يسبب الِابْتِلَاء بِالزِّنَا عَن أبي هُرَيْرَة يرفعهُ كَانَ جريج رجلا عابدا فَاتخذ صومعة فَكَانَ فِيهَا فَأَتَتْهُ أمه وَهُوَ يُصَلِّي فَقَالَت يَا جريج فَقَالَ اللَّهُمَّ أُمِّي وصلاتي فَأقبل على صلَاته فَقَالَت بعد ثَالِث يَوْم فِي ثَالِث مرّة اللَّهُمَّ لَا تمته حَتَّى ينظر فِي وُجُوه المومسات فَذكر بَنو إِسْرَائِيل جريجا وعبادته وَكَانَت امْرَأَة بغي يتَمَثَّل بحسنها فَقَالَت إِن شِئْتُم لأفتننه فتعرضت لَهُ فَلم يلْتَفت إِلَيْهَا فَأَتَت رَاعيا كَانَ يأوي إِلَى صومعته فأمكنته من نَفسهَا فَوَقع عَلَيْهَا فَحملت فَلَمَّا ولدت قَالَت هُوَ من جريج فَأتوهُ فأنزلوه من صومعته وهدموها وَجعلُوا يضربونه فَقَالَ مَا شَأْنكُمْ قَالُوا زَنَيْت بِهَذِهِ الْبَغي فَولدت مِنْك فَقَالَ ايْنَ الصَّبِي فجاؤوا بِهِ فَقَالَ دَعونِي حَتَّى أُصَلِّي فصلى فَلَمَّا انْصَرف أَتَى الصَّبِي فطعن فِي بَطْنه وَقَالَ يَا غُلَام من أَبوك فَقَالَ فلَان الرَّاعِي فَأَقْبَلُوا على جريج يقبلونه ويتمسحون بِهِ وَقَالُوا نَبْنِي صومعتك من ذهب قَالَ لَا أعيدوها من لبن كَمَا كَانَت فَفَعَلُوا وبينما كَانَ الصَّبِي يرضع من أمه مر رجل على دَابَّة فارهة وشارة حَسَنَة فَقَالَت الْمَرْأَة اللَّهُمَّ اجْعَل ابْني مثل هَذَا فَترك الثدي وَأَقْبل ينظر إِلَيْهِ وَقَالَ اللَّهُمَّ لَا تجعلني مثله ثمَّ أقبل على ثديه وَجعل يرضع قَالَ فَكَأَنِّي أنظر إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يَحْكِي ارتضاعه بإصبعه السبابَة فِي فِيهِ يمصها ومروا بِجَارِيَة يضربونها وَيَقُولُونَ زَنَيْت سرقت وَهِي تَقول حسبي الله تَعَالَى وَنعم الْوَكِيل فَقَالَت أمه اللَّهُمَّ لَا تجْعَل ابْني

باب ما ورد في أن بر الوالدين يوجب الفلاح

مثلهَا فَترك الرَّضَاع وَنظر إِلَيْهَا فَقَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلنِي مثلهَا فهنالك تراجعا الحَدِيث فَقَالَ مر رجل حسن الْهَيْئَة فَقلت اللَّهُمَّ اجْعَل ابْني مثله فَقلت اللَّهُمَّ لَا تجعلني مثله ومروا بِهَذِهِ الْأمة يضربونها وَيَقُولُونَ زَنَيْت سرقت فَقلت اللَّهُمَّ لَا تجْعَل ابْني مثلهَا فَقلت اللَّهُمَّ اجْعَلنِي مثلهَا فَقَالَ إِن ذَلِك الرجل كَانَ جبارا فَقلت اللَّهُمَّ لَا تجعلني مثله وَإِن هَذِه يَقُولُونَ لَهَا زَنَيْت سرقت وَلم تزن وَلم تسرق فَقلت اللَّهُمَّ اجْعَلنِي مثلهَا أخرجه الشَّيْخَانِ وَهَذَا لفظ مُسلم المومسات جمع مومسة وَهِي الْفَاجِرَة والمياميس مثله الْبَغي الزَّانِيَة ويتمثل بحسنها أَي يعجب بِهِ فَيُقَال لكل من يستحسن هَذَا مثل فُلَانَة فِي الْحسن والشارة جمال الظَّاهِر فِي الْهَيْئَة والملبس والمركب وَنَحْو ذَلِك والجبار العاتي المتكبر القاهر للنَّاس وَالله تَعَالَى أعلم 321 - بَاب مَا ورد فِي أَن بر الْوَالِدين يُوجب الْفَلاح عَن عبد الله بن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انْطلق ثَلَاثَة نفر مِمَّن كَانَ قبلكُمْ حَتَّى آواهم الْمبيت إِلَى غَار فَدَخَلُوا فِيهِ فانحدرت صَخْرَة من الْجَبَل فَسدتْ عَلَيْهِم الْغَار فَقَالُوا إِنَّه لَا ينجيكم من هَذِه الصَّخْرَة إِلَّا أَن تدعوا الله تَعَالَى بِصَالح أَعمالكُم فَقَالَ أحدهم اللَّهُمَّ إِنَّه كَانَ لي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كبيران وَكنت أرعى عَلَيْهِمَا وَلَا أغبق قبلهمَا أَهلا أَو ولدا وَإنَّهُ نأى بِي طلب الشّجر يَوْمًا وَلم أرح عَلَيْهِمَا حَتَّى نَامَا فحلبت لَهما غبوقهما فوجدتهما قد نَامَا فَكرِهت أَن أغبق قبلهمَا أَهلا أَو ولدا وكرهت أَن أوقظهما والصبية يتضاغون عِنْد قدمي والقدح على يَدي أنْتَظر استيقاظهما حَتَّى برق الْفجْر اللَّهُمَّ إِن كنت تعلم إِنِّي فعلت ذَلِك ابْتِغَاء وَجهك فَفرج عَنَّا مَا نَحن فِيهِ من هَذِه الصَّخْرَة فانفرجت شَيْئا لَا يَسْتَطِيعُونَ الْخُرُوج مِنْهُ وَقَالَ الآخر اللَّهُمَّ إِنَّه كَانَت لي ابْنة عَم هِيَ أحب النَّاس إِلَيّ فأردتها على نَفسهَا فامتنعت مني حَتَّى ألمت بهَا سنة من السنين فجائتني فأعطيتها

باب ما ورد في خوف المرأة من الله عند إرادة الزنى

مائَة وَعِشْرُونَ دِينَارا على أَن تخلي بيني وَبَين نَفسهَا فَفعلت حَتَّى إِذا قدرت عَلَيْهَا قَالَت لَا يحِق لَك أَن تفض الْخَاتم إِلَّا بِحقِّهِ فتحرجت من الْوُقُوع عَلَيْهَا فَانْصَرَفت عَنْهَا وَهِي أحب النَّاس إِلَيّ وَتركت الذَّهَب اللَّهُمَّ إِن كنت فعلت ذَلِك ابْتِغَاء وَجهك فَفرج عَنَّا مَا نَحن فِيهِ فانفرجت الصَّخْرَة غير أَنهم لم يستطعيوا الْخُرُوج فَقَالَ الثَّالِث الحَدِيث إِلَى قَوْله فانفرجت الصَّخْرَة فَخَرجُوا يَمْشُونَ أخرجه الشَّيْخَانِ وَأَبُو دَاوُد وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه من حَدِيث أبي هُرَيْرَة بِاخْتِصَار الغبوق شرب آخر النَّهَار ويتضاغون يضجون ويصيحون من الْجُوع وَمعنى أردتها راودتها وَطلبت مِنْهَا أَن تمكنني من نَفسهَا وألمت بهَا سنة أَي أَصَابَهَا الجدب وفض الْخَاتم كِنَايَة عَن الْجِمَاع والتحرج الْهَرَب من الْحَرج وَالْإِثْم والضيق 322 - بَاب مَا ورد فِي خوف الْمَرْأَة من الله عِنْد إِرَادَة الزِّنَى عَن أبن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ فِيمَن كَانَ قبلكُمْ رجل يُسمى الكفل وَكَانَ لَا ينْزع عَن شَيْء فَأتى امْرَأَة علم أَن بهَا حَاجَة فَأَعْطَاهَا سِتِّينَ دِينَارا فَلَمَّا أرادها على نَفسهَا ارتعدت وبكت فَقَالَ مَا يبكيك فَقَالَت إِن هَذَا عمل مَا عملته قطّ وَمَا حَملَنِي عَلَيْهِ إِلَّا الْحَاجة فَقَالَ أتفعلين أَنْت هَذَا من مَخَافَة الله تَعَالَى فَأَنا أَحْرَى بِذَاكَ فاذهبي وَلَك مَا أَعطيتك وَوَاللَّه لَا أعصيه بعْدهَا أبدا فَمَاتَ من ليلته فَأصْبح مَكْتُوبًا على بَابه إِن الله تَعَالَى قد غفر للكفل فَعجب النَّاس من ذَلِك حَتَّى أوحى الله إِلَى نَبِي زمانهم بِشَأْنِهِ أخرجه التِّرْمِذِيّ

باب ما ورد في خيانة الأنثى

323 - بَاب مَا ورد فِي خِيَانَة الْأُنْثَى عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَوْلَا حَوَّاء لم تخن أُنْثَى زَوجهَا الدَّهْر أخرجه الشَّيْخَانِ خِيَانَة حَوَّاء لآدَم هِيَ ترك النَّصِيحَة لَهُ فِي الْأكل من الشَّجَرَة لَا فِي غَيرهَا 424 - بَاب مَا ورد فِي عبَادَة النِّسَاء الْأَصْنَام فِي قرب السَّاعَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تضطرب أليات نسَاء دوس حول ذِي الخلصة وَذُو الخلصة طاغية دوس الَّتِي كَانُوا يعبدونه فِي الْجَاهِلِيَّة أخرجه الشَّيْخَانِ وَذُو الخلصة بَيت أصنام كَانَ لدوس وخثعم وَمن كَانَ ببلادهم من الْعَرَب وَمعنى تَسْمِيَته بذلك أَن عبَادَة خلص لَهُ وَمعنى ذَلِك أَنهم يرتدون ويرجعون إِلَى جاهليتهم فِي عبَادَة الْأَوْثَان فترمل حوله نسَاء دوس طائفات بِهِ فترتج أردافهن 325 - بَاب مَا ورد فِي إطاعة الرجل لزوجته عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا فعلت أمتِي خمس عشرَة خصْلَة حل بهَا الْبلَاء الحَدِيث وَفِيه وأطاع الرجل زَوجته وعق أمه إِلَى قَوْله واتخذت الْقَيْنَات وَالْمَعَازِف أخرجه التِّرْمِذِيّ بِطُولِهِ وَفِي آخِره فليرتقبوا عِنْد ذَلِك ريحًا حَمْرَاء وخسفا أَو مسخا وقذفا

باب ما ورد في نساء الجنة

قلت وَهَذِه الْخِصَال قد وجدت الْيَوْم فِي الْأمة اللَّهُمَّ غفرا والقينات جمع قينة وَهِي الْمُغنيَة وَحكم المومسات الْمُغَنِّيَات الراقصات حكمهن لوُجُود الْجَامِع 326 - بَاب مَا ورد فِي نسَاء الْجنَّة عَن أنس يرفعهُ وَلَو أَن امْرَأَة من أهل الْجنَّة طلعت إِلَى أهل الأَرْض لَأَضَاءَتْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ولملأت مَا بَينهمَا ريحًا وَلنَصِيفهَا يَعْنِي الْخمار خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا أخرجه التِّرْمِذِيّ وَعَن عَليّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن فِي الْجنَّة لمجتمعا للحور الْعين يغنين بِأَصْوَات لم يسمع الْخَلَائق بِمِثْلِهَا يقلن نَحن الخالدات فَلَا نبيد وَنحن الناعمات فَلَا نبأس وَنحن الراضيات فَلَا نسخط طُوبَى لمن كَانَ لنا وَكُنَّا لَهُ أخرجه التِّرْمِذِيّ الْحور جمع حوراء وَهِي الشَّدِيدَة بَيَاض الْعين الشَّدِيدَة سوادها والعيناء وَاحِدَة الْعين وَهِي الواسعة الْعين وَمعنى لَا نبيد لَا نهلك وَلَا نتلف وَعنهُ كرم الله وَجهه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن فِي الْجنَّة لسوقا مَا فِيهَا شِرَاء وَلَا بيع إِلَّا الصُّور من الرِّجَال وَالنِّسَاء فَإِذا اشْتهى الرجل صُورَة دخل فِيهَا أخرجه التِّرْمِذِيّ 327 - بَاب مَا ورد فِي قُوَّة الْجِمَاع فِي الْجنَّة عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعْطى الْمُؤمن فِي الْجنَّة قُوَّة كَذَا وَكَذَا من الْجِمَاع قيل يَا رَسُول الله أَو يُطيق ذَلِك قَالَ يعْطى قُوَّة مائَة أخرجه التِّرْمِذِيّ وَعَن أبي رزين الْعقيلِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يكون لأهل الْجنَّة ولد أخرجه التِّرْمِذِيّ

باب ما ورد في مطاعم النساء

وَزَاد فِي رِوَايَة عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ إِن اشْتهى الْوَلَد كَانَ حمله وَوَضعه وسنه فِي سَاعَة وَاحِدَة كَمَا يَشْتَهِي قَالَ بَعضهم وَلَكِن لَا يَشْتَهِي 328 - بَاب مَا ورد فِي مطاعم النِّسَاء عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ قَالَت امْرَأَة يَا رَسُول الله إِنَّا كل على آبَائِنَا وأبنائنا وَأَزْوَاجنَا فَمَا يحل لنا من أَمْوَالهم قَالَ الرطب تأكلنه وتهدينه أخرجه أَبُو دَاوُد وَعَن عَائِشَة قَالَت قَالَت هِنْد امْرَأَة أبي سُفْيَان يَا رَسُول الله إِن أَبَا سُفْيَان رجل شحيح لَيْسَ يعطيني مَا يَكْفِينِي وَوَلَدي إِلَّا مَا أخذت مِنْهُ وَهُوَ لَا يعلم فَقَالَ خذي مَا يَكْفِيك وولدك بِالْمَعْرُوفِ أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا التِّرْمِذِيّ هَذَا الحَدِيث أصل فِي وجوب نَفَقَة الزَّوْجَة وَنَفَقَة الْأَوْلَاد على الزَّوْج وَالْأَب وَله شرح بسيط فِي الْفَتْح الرباني للْإِمَام الشَّوْكَانِيّ فَرَاجعه 329 - بَاب مَا ورد فِي مهر الْبَغي وَكسب الاماء عَن أبي مَسْعُود البدري قَالَ نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ثمن الْكَلْب وَمهر الْبَغي وحلوان الكاهن أخرجه السِّتَّة الْبَغي الزَّانِيَة ومهرها أجرهَا وحلوان الكاهن مَا يعْطى من الْهَدِيَّة ليخبرهم عَمَّا يسألونه عَنهُ وَفِي حَدِيث أبي جُحَيْفَة قَالَ نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن كسب الْبَغي وَلعن الواشمة والمستوشمة أخرجه البُخَارِيّ الوشم تغريز الْجلد بالإبرة وحشو النّيل فِي مَوضِع الغرز والواشمة الَّتِي تفعل ذَلِك والمستوشمة الَّتِي يفعل بهَا ذَلِك بطلبها وَعَن أبي هُرَيْرَة قَالَ نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن كسب الْإِمَاء أخرجه البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد

باب ما ورد في كذب النساء

وَعَن عُثْمَان قَالَ لَا تكلفوا الْأمة غير ذَات الصَّنْعَة الْكسْب فَإِنَّكُم مَتى كلفتموها كسبت بفرجها 330 - بَاب مَا ورد فِي كذب النِّسَاء عَن أَسمَاء أَن امْرَأَة قَالَت يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لي ضرَّة فَهَل عَليّ من جنَاح إِن تشبعت من زَوجي غير الَّذِي يعطيني فَقَالَ المتشبع بِمَا لم يُعْط كلابس ثوبي زور أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا التِّرْمِذِيّ وَعَن عبد الله بن عَامر قَالَ دعتني أُمِّي يَوْمًا وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَاعد فِي بيتنا فَقَالَت تعال أعطك فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أردْت أَن تعطيه قَالَت أردْت أَن أعْطِيه تَمرا فَقَالَ لَهَا أما أَنَّك لَو لم تعطه شَيْئا كتبت عَلَيْك كذبة أخرجه أَبُو دَاوُد 331 - بَاب مَا ورد فِي كذب الْمَرْء على الْمَرْأَة عَن أَسمَاء بنت يزِيد قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا أَيهَا النَّاس مَا يحملكم على أَن تتايعوا على الْكَذِب كتتايع الْفراش فِي النَّار الْكَذِب كُله على ابْن آدم حرَام إِلَّا فِي ثَلَاث خِصَال رجل كذب على امْرَأَته ليرضها الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ التتايع التهافت فِي الْأُمُور والفراش هَذَا الطَّائِر الَّذِي يتواقع فِي ضوء السراج فيحترق وَعَن صَفْوَان بن سليم الزرقي أَن رجلا قَالَ يَا رَسُول الله أكذب

باب ما ورد في أكبر الكبائر المتعلقة بالنساء

على امْرَأَتي فَقَالَ لَا خير فِي الْكَذِب قَالَ أفأعدها وَأَقُول لَهَا فَقَالَ لَا جنَاح عَلَيْك أخرجه مَالك وَعَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يكذب إِبْرَاهِيم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا ثَلَاث كذبات إِلَى قَوْله وَوَاحِدَة فِي شَأْن سارة فَإِنَّهُ قدم أَرض جَبَّار وَمَعَهُ سارة وَكَانَت ذَات حسن فَقَالَ لَهَا إِن هَذَا الْجَبَّار إِن يعلم أَنَّك امْرَأَتي يغلبني عَلَيْك فَإِن سَأَلَك فأخبريه أَنَّك أُخْتِي فَإنَّك أُخْتِي فِي الْإِسْلَام الحَدِيث بِطُولِهِ أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا النَّسَائِيّ 332 - بَاب مَا ورد فِي أكبر الْكَبَائِر الْمُتَعَلّقَة بِالنسَاء عَن أبي بكر يرفعهُ أَلا أنبئكم بأكبر الْكَبَائِر ثَلَاثًا قُلْنَا بلَى قَالَ الْإِشْرَاك بِاللَّه وعقوق الْوَالِدين الحَدِيث أخرجه الشَّيْخَانِ وَالتِّرْمِذِيّ وَفِي حَدِيث عبيد بن عُمَيْر عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَقد سَأَلَهُ رجل عَن الْكَبَائِر فَقَالَ هن تسع الحَدِيث وَفِيه قذف الْمُحْصنَات وعقوق الْوَالِدين أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْمُحصنَات هن العفائف وَذَوَات الْأزْوَاج وقذفهن رميهن بالزنى وَعَن ابْن مَسْعُود قَالَ قلت يَا نَبِي الله أَي الذَّنب أعظم عِنْد الله الى قَوْله فِي الْمرة الثَّالِثَة قلت ثمَّ أَي قَالَ أَن تُزَانِي حَلِيلَة جَارك أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا أَبَا دَاوُد وَعَن ابْن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن من الْكَبَائِر أَن يشْتم الرجل وَالِديهِ قَالُوا وَهل يشْتم الرجل وَالِديهِ قَالَ نعم يسب الرجل أَبَا الرجل فيسب أَبَاهُ ويسب أمه فيسب أمه أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا النَّسَائِيّ

باب ما ورد في إزرة النساء

333 - بَاب مَا ورد فِي إزرة النِّسَاء عَن ابْن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من جر ثَوْبه خُيَلَاء لم ينظر الله إِلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة فَقَالَت أم سَلمَة كَيفَ تصنع النِّسَاء بذيولهن قَالَ يرخين شبْرًا قَالَت إِذا تنكشف أقدامهن قَالَ فيرخين ذِرَاعا وَلَا يزدن عَلَيْهِ أخرجه أَصْحَاب السّنَن وَهَذَا لفظ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ 334 - بَاب مَا ورد فِي خمر النِّسَاء عَن دحْيَة الْكَلْبِيّ قَالَ أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقباطي فَأَعْطَانِي قبطية وَقَالَ اصدعها صدعين فاقطع أَحدهمَا قَمِيصًا وَأعْطِ الآخر امْرَأَتك تختمر بِهِ ولتجعل تَحْتَهُ ثوبا لَا يصفها أخرجه أَبُو دَاوُد الْقبَاطِي ثِيَاب رقاق بيض بِمصْر واحدتها قبطية بِضَم الْقَاف وَأما بِكَسْر الْقَاف فمنسوب إِلَى القبط وَهُوَ الجيل الْمَعْرُوف والصدع الشق أَي شقها نِصْفَيْنِ وكل وَاحِد مِنْهُمَا صدع بِكَسْر الصَّاد وَأما بِالْفَتْح فَهُوَ الْمصدر وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَت أم سَلمَة لَا تضع جلبابها عَنْهَا وَهِي فِي الْبَيْت طلبا للفضل أخرجه رزين وَعَن مَالك أَنه بلغه أَن أمة كَانَت لعبد الله بن عمر وَكَانَ قد رَآهَا تهيأت بهيئة الْحَرَائِر فَأنْكر ذَلِك عَلَيْهَا 335 - بَاب مَا ورد فِي انتعال الْمَرْأَة عَن ابْن أبي مليكَة قَالَ قيل لعَائِشَة هَل تلبس الْمَرْأَة نعل الرجل فَقَالَت قد لعن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم المترجلة من النِّسَاء أخرجه أَبُو دَاوُد المترجله هِيَ الَّتِي تتشبه بِالرِّجَالِ فِي هيئتهم وأحوالهم وأخلاقهم وأفعالهم

باب ما ورد في لباس النساء

وَعَن أبي هُرَيْرَة قَالَ لعن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الرجل يلبس لبسة الْمَرْأَة وَالْمَرْأَة تلبس لبسة الرجل أخرجه أَبُو دَاوُد 336 - بَاب مَا ورد فِي لِبَاس النِّسَاء عَن عبد الْوَاحِد بن أَيمن عَن أَبِيه قَالَ دخلت على عَائِشَة وَعَلَيْهَا درع قطري ثمنه خَمْسَة دَرَاهِم فَقَالَت ارْفَعْ بَصرك إِلَى جاريتي فَإِنَّهَا تزهى أَن تلبسه فِي الْبَيْت وَقد كَانَ لي مِنْهَا درع على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمَا كَانَت امْرَأَة تتقين بِالْمَدِينَةِ إِلَّا أَتَت إِلَيّ تستعيره أخرجه البُخَارِيّ الدروع القطرية دروع خمولها أَعْلَام فِيهَا بعض الخشونة وَقيل هِيَ حلل جِيَاد تحمل من قبل الْبَحْرين وتزهى أَي تتكبر وتتقين أَي تتزين للدخول على زَوجهَا 337 - بَاب مَا ورد فِي ألوان الثِّيَاب للنِّسَاء عَن امْرَأَة من بني أَسد قَالَت كنت يَوْمًا عِنْد زَيْنَب امراة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنحن نصبغ ثيابًا لَهَا بمغرة فَبينا نَحن كَذَلِك إِذْ طلع علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا رأى الْمغرَة رَجَعَ فَلَمَّا رَأَتْ زَيْنَب ذَلِك علمت أَنه كره ذَلِك فغسلته ووارت كل حمرَة فَرجع فَاطلع فَلَمَّا لم ير شَيْئا دخل أخرجه أَبُو دَاوُد وَفِي حَدِيث عمرَان بن حُصَيْن يرفعهُ أَلا وَطيب الرِّجَال ريح لَا لون لَهُ وَطيب النِّسَاء لون لَا ريح لَهُ أخرجه أَبُو دَاوُد وَعَن أم خَالِد بنت خَالِد بن سعيد بن الْعَاصِ قَالَت أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِثِيَاب فِيهَا خميصة سَوْدَاء فَقَالَ من ترَوْنَ أكسو هَذِه فَسَكَتُوا فَقَالَ ائْتُونِي بِأم خَالِد فَأتى بِي فألبسنيها بِيَدِهِ وَقَالَ أبلي وأخلفي أَو أخلقي مرَّتَيْنِ وَجعل ينظر إِلَى علم الخميصة وَيُشِير بِيَدِهِ إِلَيّ وَيَقُول

باب ما ورد في لبس المرأة الحرير

يَا أم خَالِد هَذَا سنا يَا أم خَالِد هَذَا سنا والسنا بِلِسَان الْحَبَشَة الْحسن أخرجه البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد أخلفي بِالْفَاءِ وَالْقَاف والخميصة كسَاء أسود لَهُ علم فَإِن لم يكن لَهُ علم فَلَيْسَ بخميصة 338 - بَاب مَا ورد فِي لبس الْمَرْأَة الْحَرِير عَن أبي مُوسَى يرفعهُ حرم لِبَاس الْحَرِير على ذُكُور أمتِي وَأحل لإناثهم أخرجه التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَعَن عَليّ قَالَ كساني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حلَّة سيراء فَخرجت بهَا فَرَأَيْت الْغَضَب فِي وَجهه فأطرتها خمرًا بَين نسَائِي أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا التِّرْمِذِيّ وَفِي رِوَايَة لمُسلم قَالَ شققه خمرًا بَين الفواطم جمع فَاطِمَة وَهن فَاطِمَة الزهراء بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفَاطِمَة بنت أَسد أم عَليّ بن أبي طَالب وَفَاطِمَة بنت حَمْزَة وَقيل فَاطِمَة بنت عتبَة بن ربيعَة وَكَانَت قد هَاجَرت والسيراء المخططة بالإبريسم والقز وأطرتها شققتها وقسمتها بَينهُنَّ 339 - بَاب مَا ورد فِي الْفرش للْمَرْأَة عَن جَابر قَالَ ذكر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْفرش فَقَالَ فرَاش للرجل وفراش للْمَرْأَة وفراش للضيف وَالرَّابِع للشَّيْطَان أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ 240 - بَاب مَا ورد فِي أكل الْمَرْأَة من مَال اللّقطَة وَعَن سهل بن سعد أَن عَليّ بن أبي طَالب دخل على فَاطِمَة وَالْحسن وَالْحُسَيْن يَبْكِيَانِ فَقَالَ مَا يبكيكما فَقَالَت الْجُوع فَخرج فَوجدَ دِينَارا فَأتى فَاطِمَة فَأَخْبرهَا فَقَالَت ائْتِ فلَانا الْيَهُودِيّ فاشتر بِهِ دَقِيقًا فَجَاءَهُ فَأخذ الدَّقِيق فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيّ أَنْت ختن هَذَا الَّذِي يزْعم أَنه نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

باب ما ورد في أن اللعان يوجب التفريق بين المتلاعنين

قَالَ نعم قَالَ فَخذ دينارك وَلَك الدَّقِيق فجَاء فَاطِمَة بالدقيق وَالدِّينَار فَأَخْبرهَا بِهِ فَقَالَت اذْهَبْ إِلَى فلَان الجزار فَخدَّ لنا بدرهم لَحْمًا فَذهب وَرهن الدِّينَار على دِرْهَم لحم فجَاء بِهِ فعجنت ونصبت وخبزت وَأرْسلت إِلَى أَبِيهَا فَجَاءَهُمْ فَقَالَت يَا رَسُول الله أذكرهُ لَك فَإِن رَأَيْته حَلَالا أكلناه وأكلت مَعنا فَمن شَأْنه كَذَا وَكَذَا فَقَالَ كلوا مِنْهُ باسم الله فَأَكَلُوا مِنْهُ فَبَيْنَمَا هم على مكانهم إِذا غُلَام ينشد لله تَعَالَى وللإسلام الدِّينَار فَدَعَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَهُ فَقَالَ يَا عَليّ إذهب إِلَى الجزار فَقل لَهُ إِن رَسُول الله يَقُول لَك أرسل إِلَيْهِ بالدينار ودرهمك عَلَيْهِ فَأرْسل بِهِ فَدفعهُ إِلَى الْغُلَام أخرجه أَبُو دَاوُد 341 - بَاب مَا ورد فِي أَن اللّعان يُوجب التَّفْرِيق بَين المتلاعنين عَن ابْن عَبَّاس قَالَ جَاءَ هِلَال بن أُميَّة من أرضه عشَاء فَوجدَ عِنْد أَهله رجلا رأى ذَلِك بِعَيْنيهِ وَسمع بأذنيه فَلم يهجه حَتَّى أصبح فغدا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي أتيت أَهلِي عشَاء فَوجدت عِنْدهم رجلا فَرَأَيْت بعيني وَسمعت بأذني فكره رَسُول الله مَا جَاءَ بِهِ وَاشْتَدَّ عَلَيْهِ فَنزلت {وَالَّذين يرْمونَ أَزوَاجهم وَلم يكن لَهُم شُهَدَاء إِلَّا أنفسهم فشهادة أحدهم أَربع شَهَادَات بِاللَّه إِنَّه لمن الصَّادِقين} إِلَى قَوْله {وَالْخَامِسَة أَن غضب الله عَلَيْهَا إِن كَانَ من الصَّادِقين} فَسرِّي عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا كَانَ وَقَالَ أبشر يَا هِلَال فقد جعل الله تَعَالَى لَك فرجا ومخرجا فَقَالَ هِلَال قد كنت أَرْجُو ذَلِك من رَبِّي فَأرْسل إِلَيْهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجَاءَت فَتلا عَلَيْهَا الْآيَات وذكرهما وأخبرهما أَن عَذَاب الدُّنْيَا أَهْون من عَذَاب الْآخِرَة فَقَالَ هِلَال وَالله لقد صدقت عَلَيْهَا فَقَالَت كذبت فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَاعِنُوا بَينهمَا فَشهد هِلَال أَربع شَهَادَات بِاللَّه إِنَّه لمن الصَّادِقين

فَلَمَّا كَانَت الْخَامِسَة قيل لَهُ يَا هِلَال اتَّقِ الله تَعَالَى فَإِن عَذَاب الدُّنْيَا أَهْون من عَذَاب الْآخِرَة وَإِن هَذِه الْمُوجبَة الَّتِي توجب عَلَيْك الْعَذَاب فَقَالَ وَالله لَا يُعَذِّبنِي الله عَلَيْهَا كَمَا لم يجلدني عَلَيْهَا فَشهد الْخَامِسَة أَن لعنة الله عَلَيْهِ إِن كَانَ من الْكَاذِبين ثمَّ قيل لَهَا تشهدين فَشَهِدت أَربع شَهَادَات بِاللَّه إِنَّه لمن الْكَاذِبين فَلَمَّا كَانَت الْخَامِسَة قيل لَهَا اتقِي الله تَعَالَى فَإِن عَذَاب الدُّنْيَا أَهْون من عَذَاب الْآخِرَة وَإِن هَذِه الْمُوجبَة الَّتِي توجب عَلَيْك الْعَذَاب فتلكأت سَاعَة ثمَّ قَالَت وَالله لَا أفضح قومِي سَائِر الْيَوْم فَشَهِدت الْخَامِسَة أَن غضب الله عَلَيْهَا إِن كَانَ من الصَّادِقين فَفرق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينهمَا وَقضى أَن لَا يدعى وَلَدهَا لأَب وَلَا ترمى وَلَا يرْمى وَلَدهَا وَمن رَمَاهَا أَو رمى وَلَدهَا فَعَلَيهِ الْحَد وَقضى أَنه لَا بَيت عَلَيْهِ لَهَا وَلَا لولدها قوت من أجل أَنَّهُمَا يتفرقان من غير طَلَاق وَلَا وَفَاة وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن جَاءَت بِهِ أُصَيْهِب أَي أريصح أثيبج ناتيء الأليتين أخمش السَّاقَيْن فَهُوَ لهِلَال وَإِن جَاءَت بِهِ أَوْرَق جَعدًا جمالِيًّا خَدلج السَّاقَيْن سابغ الأليتين فَهُوَ للَّذي رميت بِهِ فَجَاءَت بِهِ أَوْرَق جَعدًا جمالِيًّا خَدلج السَّاقَيْن سابغ الأليتين فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَوْلَا الْأَيْمَان لَكَانَ لي وَلها شَأْن قَالَ عِكْرِمَة وَكَانَ وَلَدهَا بعد ذَلِك أَمِيرا على مصر وَمَا يدعى لأَب أخرجه أَبُو دَاوُد بِهَذَا اللَّفْظ وللستة عَن ابْن عمر بِمَعْنَاهُ قَوْله فتلكأت أَي تباطأت وتوانت عَن تَمام الْيَمين والأصيهب تَصْغِير أصهب وَهُوَ الْأَشْقَر والأصهب من الْإِبِل مَا يخالط بياضه حمرَة والآريصح تَصْغِير أرصح وَهُوَ الْخَفِيف لحم الأليتين والأثيبج تَصْغِير أثبج وَهُوَ الناتيء الثبج وَهُوَ مَا بَين الْكَتِفَيْنِ وَجَاء بهَا مصغرة لِأَنَّهَا صفة الْمَوْلُود وأخمش السَّاقَيْن دقيقهما والأورق الأسمر والجعد الْقصير والجمالي الْعَظِيم الْخلقَة كَأَنَّهُ الْجمل فِي الْقد وَعَن ابْن عَبَّاس أَيْضا قَالَ لَاعن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين الْعجْلَاني وَامْرَأَته وَكَانَت حُبْلَى أخرجه النَّسَائِيّ

باب ما ورد في إلحاق الولد ودعوى النسب

وَفِي رِوَايَة لَهُ أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجلا حِين أَمر المتلاعنين بالتلاعن أَن يضع يَده عِنْد الْخَامِسَة على فِيهِ وَقَالَ إِنَّهَا مُوجبَة قلت إِذا رمى الرجل امْرَأَته بِالزِّنَا وَلم تقر بذلك وَلَا رَجَعَ عَن رميه لاعنها فَيشْهد الرجل أَربع شَهَادَات ثمَّ تشهد الْمَرْأَة أَربع شَهَادَات كَمَا فِي الحَدِيث وَفِي الْكتاب وَالشَّهَادَة الْخَامِسَة مِنْهُمَا مُوجبَة وَيفرق الْحَاكِم بَينهمَا وَتحرم عَلَيْهِ أبدا وَيلْحق الْوَلَد بِأُمِّهِ فَقَط وَمن رَمَاهَا بِهِ فَهُوَ قَاذف هَذَا حَاصِل هَذِه الْمَسْأَلَة 342 - بَاب مَا ورد فِي إِلْحَاق الْوَلَد وَدَعوى النّسَب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْوَلَد للْفراش وللعاهر الْحجر أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا أَبَا دَاوُد العاهر الزَّانِي وَقَوله للعاهر الْحجر أَي أَن الزَّانِي لَهُ الْحجر يرْجم بِهِ إِن كَانَ مُحصنا وَقيل مَعْنَاهُ لَهُ الخيبة وَعَن عَائِشَة أَن عتبَة بن أبي وَقاص عهد إِلَى أَخِيه سعد أَن ابْن وليدة زَمعَة مني فاقبضه إِلَيْك فَلَمَّا كَانَ عَام الْفَتْح أَخذه سعد وَقَالَ ابْن أخي عهد إِلَيّ فِيهِ وَقَالَ عبد بن زَمعَة أخي وَابْن وليدة أبي ولد على فرَاشه فتساوقا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ سعد يَا رَسُول الله ابْن أخي عهد إِلَيّ فِيهِ إِنَّه ابْنه انْظُر إِلَى شبهه وَقَالَ عبد بن زَمعَة أخي وَابْن وليدة أبي ولد على فرَاشه فَنظر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى شبهه فَرَأى شبها بَينا لعتبة فَقَالَ هُوَ لَك يَا عبد بن زَمعَة الْوَلَد للْفراش وللعاهر الْحجر ثمَّ قَالَ لسودة بن زَمعَة احتجبي مِنْهُ لما رأى من شبهه لعتبة فَمَا رَآهَا حَتَّى لَقِي الله تَعَالَى عز وَجل وَكَانَت سَوْدَة زَوْجَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخرجه السِّتَّة إِلَّا التِّرْمِذِيّ وَعَن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة قَالَ قَالَت أم عبد الله بن حذافة لعبد الله مَا رَأَيْت أعق مِنْك أأمنت أَن تكون أمك قد قارفت بعض مَا

يقارف نسَاء أهل الْجَاهِلِيَّة فتفضحها على أعين النَّاس فَقَالَ عبد الله وَالله لَو ألحقني بِعَبْد أسود للحقته رَوَاهُ مُسلم وَعَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ قَامَ رجل فَقَالَ يَا رَسُول الله إِن فلَانا ابْني عاهرت بِأُمِّهِ فِي الْجَاهِلِيَّة فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا دَعْوَة فِي الْإِسْلَام ذهب أَمر الْجَاهِلِيَّة الْوَلَد للْفراش وللعاهر الْحجر أخرجه أَبُو دَاوُد وَعَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين نزلت آيَة الْمُلَاعنَة أَيّمَا امْرَأَة أدخلت على قوم من لَيْسَ مِنْهُم فَلَيْسَتْ من الله فِي شَيْء وَلنْ يدخلهَا الله الْجنَّة الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَعَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ قضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن كل مستلحق استلحق بعد أَبِيه الَّذِي يدعى لَهُ ادَّعَاهُ ورثته فَقضى أَن كل من كَانَ من أمة يملكهَا يَوْم أَصَابَهَا فقد لحق بِمن اسْتَلْحقهُ وَلَيْسَ لَهُ مِمَّا قسم قبله من الْمِيرَاث شَيْء وَمَا أدْرك من مِيرَاث لم يقسم فَلهُ نصِيبه وَلَا يلْحق إِذا كَانَ أَبوهُ الَّذِي يدعى لَهُ أنكرهُ وَإِن كَانَ من أمة لم يملكهَا أَو من حرَّة عاهر بهَا فَإِنَّهُ لَا يلْحق بِهِ وَلَا يَرِثهُ وَإِن كَانَ الَّذِي يَدعِي لَهُ هُوَ ادَّعَاهُ فَهُوَ ولد زنية من حرَّة كَانَت أَو أمة أخرجه أَبُو دَاوُد

قَالَ الْخطابِيّ هَذِه أَحْكَام وَقعت فِي أول زمَان الشَّرِيعَة وَفِي ظَاهر لفظ الحَدِيث تعقد وإشكال وَبَيَانه أَن أهل الْجَاهِلِيَّة كَانَ لَهُم إِمَاء يبغين أَي يَزْنِين ويلم بِهن سادتهن وَلَا يجتنبونهن فَإِذا أَتَت وَاحِدَة مِنْهُنَّ بِولد وَقد وَطئهَا السَّيِّد وَغَيره بِالزِّنَا أَو ادعياه حكم بِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لسَيِّدهَا لِأَنَّهَا فرَاش لَهُ كَالْحرَّةِ ونفاه عَن الزَّانِي فَإِن دعِي للزاني مُدَّة حَيَاة السَّيِّد وَلم يَدعه السَّيِّد فِي حَيَاته وَلم يُنكره ثمَّ ادَّعَاهُ ورثته من بعده واستلحقوه لحق بِهِ وَلَا يَرث أَبَاهُ وَلَا يُشَارك إخْوَته الَّذين استلحقوه فِيمَا اقتسموه من مِيرَاث أَبِيهِم قبل الِاسْتِلْحَاق وَإِن أدْرك مِيرَاثا لم يقسم حَتَّى ثَبت نسبه بالاستلحاق شركهم فِيهِ أُسْوَة بِمن يُسَاوِيه فِي النّسَب مِنْهُم وَإِن مَاتَ من إخْوَته أحد وَلم يخلف من يَحْجُبهُ من الْمِيرَاث وَرثهُ وَإِن أنكر سيد الْأمة الْحمل وَلم يَدعه فَإِنَّهُ لَا يلْحق بِهِ وَلَيْسَ لوَرثَته استلحاقه بعد مَوته وَعَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا مساعاة فِي الْإِسْلَام من ساعي فِي الْجَاهِلِيَّة فقد لحق بعصبته وَمن ادّعى ولدا من غير رشدة فَلَا يَرث وَلَا يُورث أخرجه أَبُو دَاوُد المساعاة الزِّنَا بالإماء والرشدة النِّكَاح الصَّحِيح ضد الزنية وَعَن زيد بن أَرقم قَالَ جَاءَ رجل من أهل الْيمن إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِن ثَلَاثَة نفر أَتَوا عليا يختصمون إِلَيْهِ فِي ولد قد وَقَعُوا على امْرَأَة فِي طهر وَاحِد فَقَالَ لاثْنَيْنِ مِنْهُم طيبا بِالْوَلَدِ لهَذَا فغلبا ثمَّ قَالَ لاثْنَيْنِ مِنْهُم طيبا بِالْوَلَدِ لهَذَا فغلبا فَقَالَ أَنْتُم شُرَكَاء متشاكسون إِنِّي مقرع بَيْنكُم فَمن قرع فَلهُ الْوَلَد وَعَلِيهِ لصاحبيه ثلثا الدِّيَة فأقرع بَينهم فَجعله لمن قرع فَضَحِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى بَدَت أَضْرَاسه أَو نَوَاجِذه أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ التشاكس الِاخْتِلَاف والافتراق

باب ما ورد في لعب البنات واطلاع المرأة على اللعب

وَقد دلّ الحَدِيث على أَن الرَّأْي فِي الْقَضَاء مكرمَة وَفِي الشَّرِيعَة تَحْرِيف وَكَانَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ أقضاهم وَعَن عبد الحميد بن جَعْفَر قَالَ أَخْبرنِي أبي عَن جدي رَافع بن سِنَان أَنه أسلم وأبت امْرَأَته أَن تسلم فَأَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت ابْنَتي وَهِي فطيم وَقَالَ رَافع ابْنَتي فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اقعدي ناحيته وأقعد الصبية بَينهمَا ثمَّ قَالَ ادعواها فمالت الصبية إِلَى أمهَا فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ اهدها فمالت إِلَى أَبِيهَا فَأَخذهَا أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَعِنْده ابْن بدل الْبِنْت 343 - بَاب مَا ورد فِي لعب الْبَنَات واطلاع الْمَرْأَة على اللّعب عَن عَائِشَة قَالَت كنت أَلعَب بالبنات عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَت تَأتِينِي صواحبي فينقمعن من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ يسر بِهن إِلَيّ فيلعبن معي أخرجه الشَّيْخَانِ وَأَبُو دَاوُد الْبَنَات هِيَ التماثيل الَّتِي تلعب بهَا الْبَنَات الصغيرات الانقماع الاستتار والتعب وَيسر بِهن أَي يردهن إِلَيّ وَعَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت لقد رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسترني بردائه وَأَنا أنظر إِلَى الْحَبَشَة يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِد حَتَّى أكون أَنا الَّتِي أسأمه فاقدروا قدر الْجَارِيَة الحديثة السن الحريصة على اللَّهْو أخرجه الشَّيْخَانِ وللنسائي فِي أُخْرَى عَنْهَا قَالَت وَجَاءَت السودَان يَلْعَبُونَ بَين يَدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي يَوْم عيد فدعاني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكنت أطلع عَلَيْهِم من فَوق عَاتِقه حَتَّى كنت أَنا الَّتِي انصرفت 344 - بَاب مَا ورد فِي نهي الْمَرْأَة عَن لعن الدَّابَّة عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ بَيْنَمَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بعض أَسْفَاره

باب ما ورد في لعن النساء

إِذا امْرَأَة من الْأَنْصَار على نَاقَة لَهَا فضجرت فلعنتها فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خُذُوا مَا عَلَيْهَا ودعوها فَإِنَّهَا ملعونة قَالَ عمرَان فَكَأَنِّي أَرَاهَا تمشي فِي النَّاس مَا يعرض لَهَا أحد أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد 345 - بَاب مَا ورد فِي لعن النِّسَاء عَن أبي الطُّفَيْل عَن عَليّ مَرْفُوعا لعن الله من لعن وَالِديهِ الحَدِيث بِطُولِهِ أخرجه مُسلم وَالنَّسَائِيّ وَعنهُ قَالَ لعن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الواشمة والمستوشمة إِلَّا من دَاء والمحلل والمحلل لَهُ أخرجه النَّسَائِيّ وَعَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن أمه عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعن المختفي والمختفية يَعْنِي نباش الْقُبُور أخرجه مَالك 346 - بَاب مَا ورد فِي كَون النِّسَاء حبائل الشَّيْطَان عَن حُذَيْفَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْخمر جماع الْإِثْم وَالنِّسَاء حبائل الشَّيْطَان وَحب الدُّنْيَا رَأس كل خَطِيئَة أخرجه رزين جماع الْإِثْم أَي مجمعه ومظنته والحبائل الأشراك الَّتِي يصطاد بهَا 347 - بَاب مَا ورد فِي نَفَقَة الْأزْوَاج المطهرات رَضِي الله عَنْهُن عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ أعْطى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَيْبَر

باب ما ورد في المزاح مع المرأة

بِشَطْر مَا يخرج مِنْهَا من تمر أَو زرع فَكَانَ يُعْطي أَزوَاجه كل سنة مائَة وسق ثَمَانِينَ وسْقا من تمر وَعشْرين وسْقا من شعير فَلَمَّا ولي عمر قسم خَيْبَر وَخير أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يقطع لَهُنَّ الأَرْض وَالْمَاء أَو يضمن لَهُنَّ الأوساق فِي كل عَام فاختلفن فمنهن من اخْتَارَتْ الأَرْض وَالْمَاء ومنهن من اخْتَار الأوساق وَكَانَت عَائِشَة وَحَفْصَة مِمَّن اخْتَار الأَرْض وَالْمَاء أخرجه الْخَمْسَة 348 - بَاب مَا ورد فِي المزاح مَعَ الْمَرْأَة عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ أَتَت امْرَأَة إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت احْمِلْنَا على بعير فَقَالَ أحملكم على ولد النَّاقة قَالَت وَمَا نصْنَع بِولد النَّاقة قَالَ وَهل تَلد الْإِبِل إِلَّا النوق أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَهَذَا لَفظه 349 - بَاب مَا ورد فِي وَفَاة الْمَرْء عِنْد نوبَة الْمَرْأَة فِي بَيتهَا عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسْأَل فِي مَرضه يَقُول أَيْن أَنا غَدا أَيْن أَنا غَدا يُرِيد يَوْم عَائِشَة فَأذن لَهُ أَزوَاجه أَن يكون حَيْثُ شَاءَ قَالَت فَمَاتَ فِي بَيْتِي وَفِي يومي الَّذِي كَانَ يَدُور عَليّ فِيهِ ثمَّ قَبضه الله وَإِن رَأسه لبين سحرِي وَنَحْرِي وخالط رِيقه ريقي الحَدِيث رَوَاهُ البُخَارِيّ 350 - بَاب مَا ورد فِي رثاء الْبِنْت لأَبِيهَا عَن أنس قَالَ لما حضر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جعل يتغشاه الكرب فَقَالَت فَاطِمَة واكرب أبتاه فَقَالَ لَهَا لَيْسَ على أَبِيك كرب بعد الْيَوْم فَلَمَّا مَاتَ قَالَت يَا أبتاه أجَاب رَبًّا دَعَاهُ يَا أبتاه من جنَّة الفردوس مَأْوَاه يَا أبتاه إِلَى جِبْرِيل ننعاه فَلَمَّا دفن قَالَت يَا أنس كَيفَ طابت أَنفسكُم أَن تحثوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم التُّرَاب أخرجه البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ

باب ما ورد في بكاء النساء على الميت

351 - بَاب مَا ورد فِي بكاء النِّسَاء على الْمَيِّت عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ مَاتَ ميت من آل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاجتمعت النِّسَاء يبْكين عَلَيْهِ فَقَامَ عمر ينهاهن ويطردهن فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعْهُنَّ يَا عمر فَإِن الْعين دامعة وَالْقلب مصاب والعهد قريب أخرجه النَّسَائِيّ وَعَن جَابر بن عتِيك قَالَ جَاءَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعود عبد الله بن ثَابت فَوَجَدَهُ قد غلب عَلَيْهِ فَصَرَخَ بِهِ فَلم يجبهُ فَاسْتَرْجع وَقَالَ غلبنا عَلَيْك أَبَا الرّبيع فصاحت النِّسَاء وبكين عَلَيْهِ فَجعل ابْن عتِيك يسكتهن فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعْهُنَّ يبْكين فَإِذا وَجب فَلَا تبكين باكية قَالُوا وَمَا وَجب قَالَ إِذا مَاتَ فَقَالَت لَهُ ابْنَته وَالله إِن كنت لارجو أَن تكون شَهِيدا فَإنَّك قد قضيت جهازك فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله قد أوقع أجره على قدر نِيَّته وَمَا تَعدونَ الشَّهَادَة فِيكُم إِلَى قَوْله وَالْمَرْأَة تَمُوت بِجمع شهيدة أخرجه الْأَرْبَعَة إِلَّا التِّرْمِذِيّ 352 - بَاب مَا ورد فِي غسل الْمَرْأَة وكفنها عَن ليلى بنت قائف الثقفية قَالَت كنت فِيمَن غسل أم كُلْثُوم بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد الْبَاب مَعَه كفنها يناولنا ثوبا ثوبا فَأول مَا أَعْطَانَا الحقو ثمَّ الدرْع ثمَّ الْخمار ثمَّ الملحفة ثمَّ أدرجت فِي ثوب آخر أخرجه أَبُو دَاوُد الحقو الْإِزَار 353 - بَاب مَا ورد فِي نهي النِّسَاء عَن اتِّبَاع الْجَنَائِز عَن أم عَطِيَّة قَالَت نهينَا عَن اتِّبَاع الْجَنَائِز وَلم يعزم علينا أخرجه الشَّيْخَانِ وَأَبُو دَاوُد

باب ما ورد في دفن الأجنبي المرأة

354 - بَاب مَا ورد فِي دفن الْأَجْنَبِيّ الْمَرْأَة عَن أنس قَالَ شَهِدنَا بِنْتا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فدفنت وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالس على الْقَبْر فَرَأَيْت عَيناهُ تدمعان فَقَالَ هَل فِيكُم أحد لم يقارف اللَّيْلَة فَقَالَ أَبُو طَلْحَة أَنا يَا رَسُول الله قَالَ فَانْزِل فِي قبرها فَنزل أخرجه البُخَارِيّ لم يقارف أَي لم يُذنب وَقيل أَرَادَ بِهِ الْجِمَاع فكنى بِهِ عَنهُ 355 - بَاب مَا ورد فِي نقل الْمَيِّت وزيارة النِّسَاء الْمَوْتَى عَن ابْن أبي مليكَة فِي قصَّة وَفَاة عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر وَنَقله من الحبشي إِلَى مَكَّة فَلَمَّا قدمت عَائِشَة أَتَت قَبره وَقَالَت مقَالا كَانَ آخِره وَالله لَو حضرتك مَا دفنت إِلَّا حَيْثُ مت وَلَو شهدتك مَا زرتك أخرجه التِّرْمِذِيّ وَعَن عُرْوَة بن الزبير أَن عَائِشَة قَالَت لأَخِيهَا عبد الله ادفني مَعَ صواحبي وَلَا تدفني مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْبَيْت فَإِنِّي أكره أَن أزكى بِهِ أخرجه البُخَارِيّ 356 - بَاب مَا ورد فِي خُرُوج فَاطِمَة للتعزية عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ قبرنا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَيتا فَلَمَّا فَرغْنَا وانصرفنا مَعَه حَاذَى بَاب الْمَيِّت وَإِذا بِامْرَأَة مقبلة أَظُنهُ عرفهَا فَإِذا هِيَ فَاطِمَة فَقَالَ مَا أخرجك من بَيْتك قَالَت أتيت أهل هَذَا الْمَيِّت فرحمت إِلَيْهِم ميتهم أَو عزيتهم بِهِ فَقَالَ لَعَلَّك بلغت مَعَهم الكدى قَالَت معَاذ الله وَقد سَمِعتك تذكر فِيهَا مَا تذكر فَقَالَ لَو بلغت مَعَهم الكدى وَذكر تشديدا فِي ذَلِك قَالَ بَعضهم الكدى فِيمَا أَحسب

باب ما ورد في زيارة قبر الأم الكافرة

الْقُبُور أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَزَاد لَو بلغتهَا مَعَهم مَا رَأَيْت الْجنَّة حَتَّى يَرَاهَا جد أَبِيك 357 - بَاب مَا ورد فِي زِيَارَة قبر الْأُم الْكَافِرَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتَأْذَنت رَبِّي أَن أسْتَغْفر لأمي فَلم يَأْذَن لي واستأذنته فِي أَن أَزور قبرها فَأذن لي أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ دلّ الحَدِيث على أَن أمه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم تؤمن وَلم تمت على الْإِيمَان وَقد نَازع فِي ذَلِك شرذمة من الْمُتَأَخِّرين وَأتوا بِأَحَادِيث ضِعَاف بل مَوْضُوعَات وَلَا أَدْرِي مَا الَّذِي دعاهم إِلَى الْخَوْض فِيمَا لم يخض فِيهِ سلف هَذِه الْأمة وأئمتها وَالْحق طي هَذِه الْمَسْأَلَة على غرها وَالسُّكُوت عَنْهَا 358 - بَاب مَا ورد فِي تَعْزِيَة الثكلى عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من عزى ثَكْلَى كسي بردا فِي الْجنَّة أخرجه التِّرْمِذِيّ 359 - بَاب مَا ورد فِي ذكر الْيَهُودِيَّة عَذَاب الْقَبْر عَن عَائِشَة أَن يَهُودِيَّة دخلت عَلَيْهَا فَذكرت عَذَاب الْقَبْر فَقَالَت أَعَاذَك الله من عَذَاب الْقَبْر فَسَأَلت عَائِشَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن عَذَاب الْقَبْر فَقَالَ نعم إِن عَذَاب الْقَبْر حق وَإِنَّهُم يُعَذبُونَ فِي قُبُورهم عذَابا تسمعه الْبَهَائِم قَالَت فَمَا رَأَيْته بعد ذَلِك صلى صَلَاة إِلَّا تعوذ فِيهَا من عَذَاب الْقَبْر أخرجه الشَّيْخَانِ وَالنَّسَائِيّ

باب ما ورد في صلاة المرأة في المسجد

360 - بَاب مَا ورد فِي صَلَاة الْمَرْأَة فِي الْمَسْجِد عَن ابْن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا اسْتَأْذَنت أحدكُم امْرَأَته إِلَى الْمَسْجِد فَلَا يمْنَعهَا فَقَالَ بِلَال بن عبد الله وَالله لنمنعهن فَأقبل عَلَيْهِ عبد الله فَسَبهُ سبا مَا سَمِعت مثله قطّ وَقَالَ أخْبرك عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَتقول وَالله لنمنعهن أخرجه الثَّلَاثَة وَأَبُو دَاوُد 361 - بَاب مَا ورد فِي نهي الْحَائِض عَن دُخُول الْمَسْجِد عَن عَائِشَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وجهوا هَذِه الْبيُوت عَن الْمَسْجِد فَإِنِّي لَا أحل الْمَسْجِد لحائض وَلَا جنب أخرجه أَبُو دَاوُد 362 - بَاب مَا ورد فِي أَوْلَاده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ابْن عَبَّاس أَن قُريْشًا تواصت بَينهَا بالتمادي فِي الغي وَالْكفْر وَقَالَت الَّذِي نَحن عَلَيْهِ أَحَق مِمَّا عَلَيْهِ هَذَا الصنبور المنبتر فَأنْزل الله تَعَالَى {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر} إِلَى آخرهَا وَأَتَاهُ بعد ذَلِك خَمْسَة أَوْلَاد ذُكُور أَرْبَعَة من خَدِيجَة عبد الله وَهُوَ أكبرهم والطاهر وَقيل هُوَ عبد الله فهم ثَلَاثَة وَالطّيب وَالقَاسِم وَإِبْرَاهِيم من مَارِيَة وَكَانَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَربع بَنَات مِنْهُنَّ زَيْنَب وَكَانَت تَحت أبي الْعَاصِ بن الرّبيع ورقية وَأم كُلْثُوم كَانَتَا تَحت عتبَة وعتيبة ابْني أبي لَهب فَلَمَّا نزلت {تبت يدا أبي لَهب وَتب} أَمرهمَا بفراقهما وَتزَوج عُثْمَان أَولا رقية وَهَاجَرت مَعَه إِلَى أَرض الحبشه وَولدت هُنَاكَ ابْنه عبد الله وَبِه كَانَ يكنى ثمَّ مَاتَت وَتزَوج بعْدهَا أم كُلْثُوم وَفَاطِمَة وَكَانَت تَحت عَليّ وَولدت لَهُ حسنا وَحسَيْنا ومحسنا وَزَيْنَب وَكَانَت تَحت عبد الله بن جَعْفَر وَأم كُلْثُوم وَزوجهَا عَليّ من عمر بن الْخطاب رَوَاهُ رزين الصنبور فِي الأَصْل النَّخْلَة

باب ما ورد في أخذ المرأة من عرق النبي صلى الله عليه وسلم

الَّتِي تبقى مُنْفَرِدَة ويدق أَصْلهَا وَقيل هِيَ سعفات تنْبت فِي جزع النَّخْلَة غير ثَابِتَة فِي الأَرْض ثمَّ يقْلع مِنْهَا وَأَرَادَ كفار قُرَيْش أَن مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَنْزِلَة صنبور فِي جزع نَخْلَة فَإِذا قطع انْقَطع يعنون أَن لَا عقب لَهُ وَإِذا مَاتَ انْقَطع ذكره ويأبي الله إِلَّا أَن يتم نوره وَلَو كره الْكَافِرُونَ 363 - بَاب مَا ورد فِي أَخذ الْمَرْأَة من عرق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أنس قَالَ كَانَت أم سليم تبسط لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نطعا فيقيل عِنْدهَا فَإِذا نَام أخذت من عرقه وشعره فجمعته فِي قَارُورَة ثمَّ جعلته فِي سك فَلَمَّا حضر أنس أوصى أَن يَجْعَل فِي حنوطه من ذَلِك السك أخرجه الشَّيْخَانِ وَالنَّسَائِيّ السك شَيْء يتطيب بِهِ 364 - بَاب مَا ورد فِي مشي الْمَرْء مَعَ النِّسَاء عَن ابْن أبي أوفي قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يأنف أَن يمشي مَعَ الأرملة والمسكين فَيَقْضِي لَهما الْحَاجة أخرجه النَّسَائِيّ 365 - بَاب مَا ورد فِي بَدْء الْوَحْي عِنْد الْمَرْأَة عَن عَائِشَة فِي حَدِيثهَا الطَّوِيل فِي قصَّة غَار حراء فَدخل على خَدِيجَة فَقَالَ زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي حَتَّى ذهب عَنهُ الروع أخبر خَدِيجَة الْخَبَر وَقَالَ لقد خشيت على نَفسِي قَالَت لَهُ خَدِيجَة كلا أبشر فوَاللَّه لَا يخزيك الله أبدا إِلَى قَوْلهَا ثمَّ انْطَلَقت بِهِ إِلَى ورقة بن نَوْفَل الحَدِيث أخرجه الشَّيْخَانِ وَفِي حَدِيث أبي سَلمَة الطَّوِيل فَأتيت خَدِيجَة فَقلت دَثرُونِي فَنزل {يَا أَيهَا المدثر} الحَدِيث أخرجه الشَّيْخَانِ وَالتِّرْمِذِيّ

باب ما ورد في الإخبار عن المرأة

366 - بَاب مَا ورد فِي الْإِخْبَار عَن الْمَرْأَة عَن عدي بن حَاتِم فِي حَدِيثه الطَّوِيل يرفعهُ قَالَ إِن طَالَتْ بك حَيَاة لترين الظعينة ترتحل من الْحيرَة حَتَّى تَطوف بِالْكَعْبَةِ لَا تخَاف أحدا إِلَّا الله إِلَى قَول عدي فَرَأَيْت الظعينة ترتحل من الْحيرَة حَتَّى تَطوف بِالْبَيْتِ لَا تخَاف إِلَّا الله الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَفِيه معْجزَة طَاهِرَة للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم 367 - بَاب مَا ورد فِي اسْتِدْلَال الْمَرْأَة بِالْحَدِيثِ على الزَّوْج عَن جَابر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَل لكم من أنماط قلت وأنى يكون لنا الأنماط قَالَ إِنَّهَا سَتَكُون فَكَانَت كَمَا قَالَ فَأَنا أَقُول لَهَا يَعْنِي امْرَأَته أخري عَنَّا أنماطك فَتَقول ألم يقل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَتَكُون لكم أنماط فأدعها أخرجه الْخَمْسَة الأنماط جمع نمط وَهُوَ نوع من الْبسط مَعْرُوف 368 - بَاب مَا ورد فِي أطول النِّسَاء يدا عَن عَائِشَة أَن بعض أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قُلْنَ يَا رَسُول الله أَيّنَا أسْرع بك لُحُوقا قَالَ أَطْوَلكُنَّ يدا فأخذن قَصَبَة يذرعنها فَكَانَت سَوْدَة أَطْوَلهنَّ يدا فَعلمنَا بعد إِنَّمَا كَانَ طول يَدهَا الصَّدَقَة وَكَانَت تحب الصَّدَقَة وَكَانَت أَسْرَعنَا لُحُوقا بِهِ أخرجه الشَّيْخَانِ وَالنَّسَائِيّ وَلمُسلم فِي أُخْرَى أَسْرَعكُنَّ لُحُوقا بِي أَطْوَلكُنَّ يدا قَالَت فَكُن يَتَطَاوَلْنَ أيتهن أطول يدا فَكَانَت أطولنا زَيْنَب لِأَنَّهَا كَانَت تعْمل بِيَدِهَا وَتَتَصَدَّق 369 - بَاب مَا ورد فِي أَخذ كشح الْمَرْأَة عَن ابْن أبي كثير قَالَ قَالَ أَبُو سهم مرت بِي امْرَأَة فَأخذت بكشحها

باب ما ورد في صنع المرأة الطعام للضيافة

ثمَّ أطلقتها فَأصْبح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُبَايع النَّاس فَأَتَيْته فَقَالَ أَلَسْت بِصَاحِب الجذبة بالْأَمْس فَقلت بلَى وَإِنِّي لَا أَعُود يَا رَسُول الله فبايعني أخرجه رزين وَفِيه معْجزَة لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاضِحَة حَيْثُ أخبر عَن الْأَمر الْغَائِب 370 - بَاب مَا ورد فِي صنع الْمَرْأَة الطَّعَام للضيافة عَن جَابر قَالَ كُنَّا فِي حفر الخَنْدَق فَرَأَيْت برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خمصا شَدِيدا فَانْكَفَأت إِلَى امْرَأَتي فَقلت هَل عنْدك شَيْء فَإِنِّي رَأَيْت بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خمصا شَدِيدا فأخرجت جرابا فِيهِ صَاع من شعير وَلنَا بَهِيمَة دَاجِن فذبحتها وطحنت ففرغت إِلَى فراغي وقطعتها فِي برمتها ثمَّ وليت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت امْرَأَتي لَا تفضحني برَسُول الله وَمن مَعَه فَجِئْته فساررته فَقلت ذبحنا بَهِيمَة لنا وطحنا صَاعا من شعير كَانَ عندنَا فتعال أَنْت وَنَفر مَعَك فصاح بِأَعْلَى صَوته يَا أهل الخَنْدَق إِن جَابِرا قد صنع سؤرا فَحَيَّهَلا بكم ثمَّ قَالَ لَا تنزلن برمتكم وَلَا يخبزن عجينكم حَتَّى أجيء فَجئْت وَجَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقدم النَّاس حَتَّى جِئْت امْرَأَتي فَقَالَت بك وَبِك فَقلت قد فعلت الَّذِي قلت فأخرجت الْعَجِين فبصق فِيهِ وَبَارك ثمَّ عمد إِلَى البرمة فبصق فِيهَا وَبَارك ثمَّ قَالَ ادعِي خابزة فلتخبز مَعَك واقدحي من برمتك وَلَا تنزليها وهم ألف فأقسم بِاللَّه لأكلوا حَتَّى تركُوا وَإِن برمتنا لتغط كَمَا هِيَ وَإِن عجيننا يخبز كَمَا هُوَ أخرجه الشَّيْخَانِ الْبَهِيمَة تَصْغِير بهمة وَهِي ولد الضَّأْن ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى والداجن الشَّاة الَّتِي تألف الْبَيْت وتتربى فِيهِ والسؤر بِالْهَمْزَةِ كلمة فارسية مَعْنَاهَا الْوَلِيمَة وَالطَّعَام الَّذِي يدعى إِلَيْهِ قَالَ الْأَزْهَرِي فِي هَذَا إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد تكلم بِالْفَارِسِيَّةِ انْتهى

باب ما ورد في كف البنت الأذى عن أبيها

قلت وَمن هُنَا اسْتَعْملهُ أهل الْعلم فِي كتب الْإِسْلَام وَالْهِدَايَة وَلَا شكّ فِي أَنه لَيْسَ لِسَان من الْأَلْسِنَة بعد لِسَان الْعَرَب أحلى وَأطيب من لُغَة الْفرس وكل لِسَان لَيْسَ بعربي وَلَا فَارسي فَإِن عجمته تمجها السماع وتنفر عَنْهَا الطباع وَبَعض أَلْفَاظ هَذِه اللُّغَة قد اسْتعْملت فِي كتاب الله وَسنة رَسُوله فِي غير مَوضِع وَهَذَا يدل على جَوَاز التَّكَلُّم والتلفظ بِهِ واستعماله فِي مِلَّة الْمُسلمين وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَمعنى حيهلا تَعَالَوْا وعجلوا وغطت الْقدر غلت وغطيطها صَوتهَا 371 - بَاب مَا ورد فِي كف الْبِنْت الْأَذَى عَن أَبِيهَا عَن ابْن مَسْعُود قي قصَّة وضع سلا جزور بَين كَتِفي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد السَّجْدَة فَجَاءَت فَاطِمَة وَهِي جوَيْرِية فَطَرَحته عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ أَقبلت عَلَيْهِم تشتمهم فَلَمَّا قضى صلَاته رفع صَوته ثمَّ دَعَا عَلَيْهِم الحَدِيث أخرجه الشَّيْخَانِ وَفِيه ذكر إِجَابَة دُعَائِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم 372 - بَاب مَا ورد فِي دُعَاء الْهِدَايَة للْمَرْأَة وقبوله عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ كنت أَدْعُو أُمِّي إِلَى الْإِسْلَام وَهِي مُشركَة فتأبى عَليّ وَإِنِّي دعوتها يَوْمًا فأسمعتني فِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أكره فَأَتَيْته وَأَنا أبْكِي فَقَالَ مَا يبكيك قلت يَا رَسُول الله إِنِّي كنت أَدْعُو أُمِّي إِلَى الْإِسْلَام فتأبي عَليّ وَإِنِّي دعوتها الْيَوْم فأسمعتني فِيك مَا أكره فَادع الله أَن يهدي أم أبي هُرَيْرَة فَقَالَ اللَّهُمَّ اهد أم أبي هُرَيْرَة فَخرجت مُسْتَبْشِرًا بدعوته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا أتيت أُمِّي قصدت الْبَاب فَإِذا هُوَ مُجَاف وَسمعت أُمِّي خشف قدمي فَقَالَت مَكَانك يَا أَبَا هُرَيْرَة وَسمعت خضخضة المَاء فاغتسلت ولبست درعها وعجلت عَن خمارها وَفتحت الْبَاب وَهِي تَقول

باب ما ورد في علو مني المرأة على مني الرجل

أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله قَالَ فَرَجَعت إِلَى رَسُول الله وَأَنا أبْكِي من الْفَرح فَقلت يَا رَسُول الله أبشر فقد اسْتَجَابَ الله دعوتك وَهدى أم أبي هُرَيْرَة فَحَمدَ الله تَعَالَى وَقَالَ خيرا أخرجه مُسلم قَوْله مُجَاف أَي مغلق والخشف والخشفة الصَّوْت وَالْحَرَكَة 373 - بَاب مَا ورد فِي علو مني الْمَرْأَة على مني الرجل عَن ثَوْبَان فِي حَدِيث طَوِيل فِي قصَّة سُؤال الْيَهُودِيّ لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ سل قَالَ أَسأَلك عَن الْوَلَد مَاء الرجل أَبيض وَمَاء الْمَرْأَة أصفر فَإِذا اجْتمعَا فعلا مني الرجل مني الْمَرْأَة أذكرا بِإِذن الله تَعَالَى وَإِذا علا مني الْمَرْأَة مني الرجل آنثا بِإِذن الله تَعَالَى قَالَ صدقت وَإنَّك لنَبِيّ ثمَّ انْصَرف فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لقد سَأَلَني هَذَا عَن الَّذِي سَأَلَني عَنهُ وَمَا لي علم بِشَيْء مِنْهُ حَتَّى أَتَانِي الله تَعَالَى بِهِ أخرجه مُسلم 374 - بَاب مَا ورد فِي رُؤْيَة صُورَة الزَّوْجَة فِي الْمَنَام قبل التَّزَوُّج عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت قَالَ لي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأَيْتُك فِي الْمَنَام ثَلَاث لَيَال جائني بك الْملك فِي سَرقَة من حَرِير يَقُول هَذِه امْرَأَتك فأكشف عَنْهَا فَإِذا هِيَ أَنْت فَأَقُول إِن يَك هَذَا من عِنْد الله يمضه أخرجه الشَّيْخَانِ وَالتِّرْمِذِيّ السّرقَة شقة من حَرِير خَاصَّة 375 - بَاب مَا ورد فِي نِكَاح الصَّغِيرَة عَن عَائِشَة قَالَت تزَوجنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا بنت سِتّ سِنِين فقدمنا الْمَدِينَة فنزلنا فِي بني الْحَارِث بن الْخَزْرَج فوعكت فتمزق شعري فوفى

باب ما ورد في نكاح الأيم وعرض الرجل ابنته على الرجال

جميمة فأتتني أُمِّي أم رُومَان وَإِنِّي لفي أرجوحة وَمَعِي صَوَاحِب لي فأتيتها وَمَا أَدْرِي مَا تُرِيدُ مني فَأخذت بيَدي حَتَّى أوقفتني على بَاب الدَّار وَإِنِّي لأنهج حَتَّى سكن بعض نَفسِي ثمَّ أحضرت شَيْئا من مَاء فمسحت بِهِ وَجْهي ورأسي ثمَّ أدخلتني الدَّار فَإِذا نسْوَة من الْأَنْصَار فِي الْبَيْت فَقُلْنَ على الْخَيْر وَالْبركَة وعَلى خير طَائِر فأسلمتني إلَيْهِنَّ فأصلحن من شأني فَلم يرعني إِلَّا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأسلمنني إِلَيْهِ وَأَنا يَوْمئِذٍ بنت تسع سِنِين أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا التِّرْمِذِيّ تمرق الشّعْر إِذا سقط وانتثر من مرض أَو عِلّة تعرض لَهُ والجميمة تَصْغِير جمة وجمة الْإِنْسَان مُجْتَمع شعر الرَّأْس ووفي الشَّيْء إِذا كثر والأرجوحة مَعْرُوفَة من لعب الصغار 376 - بَاب مَا ورد فِي نِكَاح الأيم وَعرض الرجل ابْنَته على الرِّجَال عَن ابْن عمر أَن عمر قَالَ حِين تأيمت حَفْصَة من خُنَيْس بن حذافة السَّهْمِي وَكَانَ من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِمَّن شهد بَدْرًا وَتُوفِّي بِالْمَدِينَةِ قَالَ عمر فَلَقِيت عُثْمَان بن عَفَّان فعرضت عَلَيْهِ حَفْصَة فَقلت إِن شِئْت أنكحتك حَفْصَة ابْنة عمر فَقَالَ سَأَنْظُرُ فِي أَمْرِي فَلَبثت ليَالِي ثمَّ لَقيته فعرضت ذَلِك عَلَيْهِ فَقَالَ قد بدا لي أَن أَلا تزوج يومي هَذَا قَالَ عمر فَلَقِيت أَبَا بكر فَقلت لَهُ إِن شِئْت أنكحتك حَفْصَة ابْنة عمر فَصمت وَلم يرجع إِلَيّ شَيْئا فَكنت عَلَيْهِ أوجد مني على عُثْمَان فَلَبثت ليَالِي ثمَّ خطبهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأنكحتها إِيَّاه فلقيني أَبُو بكر فَقَالَ لَعَلَّك وجدت عَليّ حِين عرضت عَليّ حَفْصَة فَلم أرجع إِلَيْك شَيْئا فَقلت نعم فَقَالَ إِنَّه لم يَمْنعنِي أَن أرجع إِلَيْك فِيمَا عرضت عَليّ إِلَّا أَنِّي كنت علمت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد ذكرهَا فَلم أكن لأفشي سر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَو تَركهَا لقبلتها أخرجه البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ تأيمت الْمَرْأَة إِذا مَاتَ زَوجهَا أَو فَارقهَا وَقيل الأيم الَّتِي لَا زوج لَهَا تزوجت أَو لم تتَزَوَّج وَالرجل أَيْضا أيم

باب ما ورد في الرجوع بعد الطلاق

377 - بَاب مَا ورد فِي الرُّجُوع بعد الطَّلَاق عَن عمر بن الْخطاب أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طلق حَفْصَة ثمَّ رَاجعهَا أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ قلت وَورد أَن هَذِه الرّجْعَة كَانَت بِأَمْر الله تَعَالَى لنَبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم 378 - بَاب مَا ورد فِي نِكَاح أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا عَن أم سَلمَة رضى الله عَنْهَا قَالَت لما انْقَضتْ عدتي بعث إِلَيّ أَبُو بكر يخطبني فَلم أتزوجه فَبعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عمر بن الْخطاب يخطبني عَلَيْهِ فَقلت أخبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي امْرَأَة غيرى وَإِنِّي مصبية وَلَيْسَ أحد من أوليائي شَاهدا فَذكر ذَلِك لَهُ فَقَالَ ارْجع إِلَيْهَا فَقل لَهَا أما غيرتك فسأدعو الله أَن يذهبها عَنْك وَأما صبيتك فستكفين أَمرهم وَأما أولياؤك فَلَيْسَ مِنْهُم شَاهد وَلَا غَائِب يكره ذَلِك فَقَالَت لابنها يَا عمر قُم فزوج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَزَوجهُ أخرجه النَّسَائِيّ امْرَأَة غيرى كَثِيرَة الْغيرَة والمصبية ذَات صبيان وَأَوْلَاد صغَار 379 - بَاب مَا ورد فِي نِكَاح زَيْنَب رَضِي الله عَنْهَا عَن أنس قَالَ لما انْقَضتْ عدَّة زَيْنَب قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لزيد اذْهَبْ فاذكرها عَليّ فَانْطَلق زيد حَتَّى أَتَاهَا وَهِي تخمر عَجِينهَا قَالَ فَلَمَّا رَأَيْتهَا عظمت فِي صَدْرِي حَتَّى مَا أَسْتَطِيع أَن أنظر إِلَيْهَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكرهَا فَوليتهَا ظَهْري وَنَكَصت على عَقبي وَقلت يَا زَيْنَب أَرْسلنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يذكرك فَقَالَت مَا أَنا بِصَانِعَةٍ شَيْئا حَتَّى أوَامِر رَبِّي فَقَامَتْ إِلَى مَسْجِدهَا وَنزل الْقُرْآن وَجَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَدخل عَلَيْهَا بِغَيْر إِذن

باب ما ورد في نكاح أم حبيبة رضى الله عنها

قَالَ فَلَقَد رَأَيْتنَا أطعمنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْخبز وَاللَّحم حَتَّى امْتَدَّ النَّهَار فَخرج النَّاس وَبَقِي رجال يتحدثون فِي الْبَيْت بعد الطَّعَام فَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاتبعهُ فَجعل يتتبع حجر نِسَائِهِ وَيسلم عَلَيْهِنَّ وَيَقُلْنَ لَهُ يَا رَسُول الله كَيفَ وجدت أهلك قَالَ أنس فَمَا أَدْرِي أَنا أخْبرته أَن الْقَوْم قد خَرجُوا أَو غَيْرِي فَانْطَلق حَتَّى دخل الْبَيْت فَذَهَبت حَتَّى أَدخل مَعَه فَألْقى السّتْر بيني وَبَينه وَنزل الْحجاب وَوعظ الْقَوْم بِمَا وعظوا بِهِ وتلا {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تدْخلُوا بيُوت النَّبِي} إِلَى قَوْله {وَالله لَا يستحيي من الْحق} سُورَة الْأَحْزَاب أخرجه مُسلم وَالنَّسَائِيّ وَالْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ بِمَعْنَاهُ 380 - بَاب مَا ورد فِي نِكَاح أم حَبِيبَة رضى الله عَنْهَا عَن أم حَبِيبَة أَنَّهَا كَانَت تَحت عبيد الله بن جحش فَمَاتَ بِأَرْض الْحَبَشَة فَزَوجهَا النَّجَاشِيّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَمْهَرهَا عَنهُ أَرْبَعَة آلَاف دِرْهَم وَبعث بهَا إِلَيْهِ مَعَ شُرَحْبِيل بن حَسَنَة فَقبل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ 381 - بَاب مَا ورد فِي نِكَاح صَفِيَّة رَضِي الله عَنْهَا عَن أنس قَالَ قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَيْبَر فَلَمَّا فتح الله تَعَالَى عَلَيْهِ الْحصن وَذكر لَهُ جمال صَفِيَّة بنت حييّ بن أَخطب وَقد قتل زَوجهَا وَكَانَت عروسا فاصطفاها النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْمغنم وَخرج بهَا حَتَّى بلغ سد الروحاء فَبنى بهَا ثمَّ صنع حَيْسًا فِي نطع صَغِير ثمَّ قَالَ لي آذن من حولك فَكَانَت تِلْكَ وَلِيمَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على صَفِيَّة ثمَّ خرجنَا إِلَى الْمَدِينَة وَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحوي لَهَا وَرَاءه بعباءة ثمَّ يجلس عِنْد بعيره فَيَضَع ركبته فتضع

باب ما ورد في تزوج جويرية رضي الله عنها

صَفِيَّة رجلهَا على ركبته حَتَّى تركب أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا التِّرْمِذِيّ قَوْله يجوي الحوية كسَاء يعْمل حول سَنَام الْبَعِير ليركب عَلَيْهِ 382 - بَاب مَا ورد فِي تزوج جوَيْرِية رَضِي الله عَنْهَا عَن عَائِشَة قَالَت وَقعت جوَيْرِية بنت الْحَارِث من بني المصطلق فِي سهم ثَابت بن قيس بن شماس فكاتبت على نَفسهَا وَكَانَت امْرَأَة ملاحة لَهَا فِي الْعين حَظّ فَجَاءَت تسْأَل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي كتَابَتهَا قَالَت عَائِشَة فَلَمَّا قَامَت على الْبَاب ورأيتها كرهت مَكَانهَا وَعرفت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سيرى مِنْهَا مثل الَّذِي رَأَيْت فَقَالَت يَا رَسُول الله أَنا جوَيْرِية بنت الْحَارِث وَإنَّهُ كَانَ من أَمْرِي مَا لَا يخفى عَلَيْك وَإِنِّي وَقعت فِي سهم ثَابت بن قيس وَإِنِّي كاتبت على نَفسِي وجئتك تعينني فَقَالَ لَهَا فَهَل لَك فِيمَا هُوَ خير لَك قَالَت وَمَا هُوَ قَالَ أؤدي عَنْك كتابتك وأتزوجك قَالَت قد فعلت فَلَمَّا تسامع النَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد تزوج جوَيْرِية أرْسلُوا مَا بِأَيْدِيهِم من السَّبي وأعتقوهم وَقَالُوا أَصْهَار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت فَمَا رَأينَا امْرَأَة كَانَت أعظم بركَة على قَومهَا مِنْهَا أعتق فِي سَببهَا أَكثر من مائَة أهل بَيت من بني المصطلق الملاحة بِمَعْنى المليحة وَهَذَا الْبناء للْمُبَالَغَة فِي الملاحة وَالْكِتَابَة أَن يَشْتَرِي الْمَمْلُوك نَفسه من مَوْلَاهُ ليؤدي ثمنه إِلَيْهِ من كَسبه 383 - بَاب مَا ورد فِي تزوج ابْنة الجون عَن عَائِشَة قَالَت لما دخلت ابْنة الجون على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت أعوذ

باب ما ورد في أم شريك

بِاللَّه مِنْك فَقَالَ لَهَا لقد عذت بعظيم الحقي بأهلك أخرجه البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ 384 - بَاب مَا ورد فِي أم شريك عَن عَائِشَة أَن أم شريك كَانَت مِمَّن وهبت نَفسهَا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخرجه النَّسَائِيّ وَعَن ثَابت الْبنانِيّ قَالَ كنت عِنْد أنس وَعِنْده بنت لَهُ فَقَالَ أنس جَاءَت امْرَأَة إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تعرض عَلَيْهِ نَفسهَا فَقَالَت يَا رَسُول الله أَلَك بِي حَاجَة فَقَالَت بنت أنس مَا أقل حياؤها واسوأتاه فَقَالَ هِيَ خير مِنْك رغبت فِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعرضت نَفسهَا عَلَيْهِ أخرجه البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ 385 - بَاب مَا ورد فِي التمَاس الزَّوْجَات النَّفَقَة من الزَّوْج عَن جَابر أَن أَبَا بكر جَاءَ يسْتَأْذن على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَوجدَ النَّاس بِبَابِهِ جُلُوسًا لم يُؤذن لَهُم فَأذن لَهُ فَدخل فَوَجَدَهُ جَالِسا حوله نساؤه وَهُوَ سَاكِت ثمَّ اسْتَأْذن عمر فَأذن لَهُ وَهُوَ كَذَلِك فَقَالَ عمر لأقولن قولا أضْحك بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله لَو رَأَيْت ابْنة خَارِجَة تَسْأَلنِي النَّفَقَة فَقُمْت إِلَيْهَا فَوَجَأْت عُنُقهَا فَضَحِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ كل من حَولي كَمَا ترى تَسْأَلنِي النَّفَقَة فَقَامَ عمر إِلَى حَفْصَة يجَأ عُنُقهَا وَقَامَ أَبُو بكر إِلَى عَائِشَة يجَأ عُنُقهَا كِلَاهُمَا يَقُول تسألن رَسُول الله مَا لَيْسَ عِنْده فَقُلْنَ وَالله لَا نَسْأَلهُ أبدا مَا لَيْسَ عِنْده ثمَّ اعتزلهن شهرا ثمَّ نزلت هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك} حَتَّى بلغ {للمحصنات مِنْكُن أجرا عَظِيما} قَالَ فَبَدَأَ بعائشة فَقَالَ إِنِّي أُرِيد أَن أعرض عَلَيْك أمرا أحب أَن لَا تعجلِي فِيهِ حَتَّى تستشيري أَبَوَيْك قَالَت مَا هُوَ يَا رَسُول الله فَتلا عَلَيْهَا الْآيَة

باب ما ورد في الحث على نكاح النساء

فَقَالَت أفيك أستشير أَبَوي بل أخْتَار الله وَرَسُوله وَالدَّار الْآخِرَة وَأَسْأَلك أَن لَا تخبر أحدا من نِسَائِك بِالَّذِي قلت لَك قَالَ لَا تَسْأَلنِي امْرَأَة مِنْهُنَّ إِلَّا أخْبرتهَا لم يَبْعَثنِي الله تَعَالَى مُعنتًا وَلَا مُتَعَنتًا وَلَكِن بَعَثَنِي معلما وميسرا أخرجه مُسلم يُقَال وجأت عنق فلَان إِذا دستها برجلك وَنَحْو ذَلِك 386 - بَاب مَا ورد فِي الْحَث على نِكَاح النِّسَاء عَن معقل بن يسَار قَالَ جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِنِّي أصبت امْرَأَة ذَات حسب وجمال وَإِنَّهَا لَا تَلد أفأتزوجها قَالَ لَا ثمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَة فَنَهَاهُ ثمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَة فَقَالَ تزوجوا الْوَدُود الْوَلُود فَإِنِّي مُكَاثِر بكم الْأُمَم أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَعَن ابْن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الدُّنْيَا مَتَاع وَخير مَتَاع الدُّنْيَا الْمَرْأَة الصَّالِحَة أخرجه مُسلم وَالنَّسَائِيّ وَعَن ابْن أبي نجيح قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِسْكين مِسْكين رجل لَيست لَهُ امْرَأَة قَالُوا وَإِن كَانَ كثير المَال قَالَ وَإِن كَانَ كثير المَال مسكينة مسكينة امْرَأَة لَا زوج لَهَا قَالُوا وَإِن كَانَت كَثِيرَة المَال قَالَ وَإِن كَانَت كَثِيرَة المَال أخرجه رزين وَعَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تنْكح الْمَرْأَة لأَرْبَع خِصَال لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بِذَات الدَّين تربت يداك أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا التِّرْمِذِيّ حسب الْإِنْسَان مَا يعد من مفاخر آبَائِهِ وَقيل هُوَ شرف النَّفس وفضلها وَقَوله تربت يداك أَي التصقت بِالتُّرَابِ من الْفقر وَهَذَا الدُّعَاء وَأَمْثَاله كَانَ يرد من الْعَرَب بِغَيْر قصد الدُّعَاء بل فِي معرض الْمُبَالغَة فِي التحريض على الشَّيْء والتعجب مِنْهُ وَنَحْو ذَلِك

باب ما جاء في الخطبة والنظر

وَعَن جَابر قَالَ لما تزوجت قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا تزوجت قلت تزوجت ثَيِّبًا فَقَالَ هلا بكرا تلاعبها وتلاعبك أخرجه الْخَمْسَة وَعنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الْمَرْأَة تقبل فِي صُورَة شَيْطَان فَإِذا رأى أحدكُم من امْرَأَة مَا يُعجبهُ فليأت أَهله فَإِن ذَلِك يرد مَا فِي نَفسه أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ 387 - بَاب مَا جَاءَ فِي الْخطْبَة وَالنَّظَر عَن ابْن عمر قَالَ نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يخْطب الرجل على خطْبَة أَخِيه حَتَّى يتْرك الْخَاطِب قبله أَو يَأْذَن لَهُ أخرجه السِّتَّة وَهَذَا لفظ مَالك وَالنَّسَائِيّ وَالْبَاقُونَ بِمَعْنَاهُ وَعَن ابْن مَسْعُود قَالَ علمنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطْبَة الْحَاجة أَن نقُول الْحَمد لله نستعينه وَنَسْتَغْفِرهُ ونعوذ بِاللَّه من شرور أَنْفُسنَا وسيئات أَعمالنَا من يهده الله فَلَا مضل لَهُ وَمن يضلله فَلَا هادي لَهُ وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله {يَا أَيهَا النَّاس اتَّقوا ربكُم الَّذِي} {تساءلون بِهِ والأرحام إِن الله كَانَ عَلَيْكُم رقيبا} سُورَة النِّسَاء {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله حق تُقَاته وَلَا تموتن إِلَّا وَأَنْتُم مُسلمُونَ} سُورَة آل عمرَان {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله وَقُولُوا قولا سديدا يصلح لكم أَعمالكُم وَيغْفر لكم ذنوبكم وَمن يطع الله وَرَسُوله فقد فَازَ فوزا عَظِيما} سُورَة الْأَحْزَاب أخرجه أَصْحَاب السّنَن وَعَن رجل من بني سليم قَالَ خطبت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُمَامَة بنت عبد الْمطلب فأنكحني من غير أَن يستشهد أخرجه أَبُو دَاوُد وَعَن جَابر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا خطب أحدكُم الْمَرْأَة فَإِن اسْتَطَاعَ أَن ينظر مِنْهَا إِلَى مَا يَدعُوهُ إِلَى نِكَاحهَا فَلْيفْعَل أخرجه أَبُو دَاوُد

باب ما ورد في آداب النكاح

وَعَن أبي هُرَيْرَة قَالَ تزوج رجل امْرَأَة من الْأَنْصَار فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنظرت إِلَيْهَا قَالَ لَا قَالَ فَاذْهَبْ فَانْظُر إِلَيْهَا فَإِن فِي أعين الْأَنْصَار شَيْئا أخرجه مُسلم وَالنَّسَائِيّ وَعَن الْمُغيرَة أَنه خطب امْرَأَة فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انْظُر إِلَيْهَا فَإِنَّهُ أَحْرَى أَن يُؤْدم بَيْنكُمَا أخرجه التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ أَحْرَى أَي أَجْدَر ويؤدم أَي تجتمعا وتتفقا على مَا فِيهِ صَلَاح أمركما 388 - بَاب مَا ورد فِي آدَاب النِّكَاح عَن عَائِشَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعْلنُوا هَذَا النِّكَاح واجعلوه فِي الْمَسَاجِد واضربوا عَلَيْهِ بِالدُّفُوفِ أخرجه التِّرْمِذِيّ وعنها قَالَت زففنا امْرَأَة إِلَى رجل من الْأَنْصَار فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا عَائِشَة أما كَانَ مَعكُمْ لَهو فَإِن الْأَنْصَار يعجبهم اللَّهْو أخرجه البُخَارِيّ وَعَن مُحَمَّد بن حَاطِب الجُمَحِي قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فصل مَا بَين الْحَلَال وَالْحرَام الدُّف وَالصَّوْت أخرجه التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَزَاد فِي النِّكَاح وَعَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا تزوج أحدكُم امْرَأَة أَو اشْترى خَادِمًا فَلْيقل اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك خَيرهَا وَخير مَا جبلتها عَلَيْهِ وَأَعُوذ بك من شَرها وَشر مَا جبلتها عَلَيْهِ الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَعَن زيد بن أسلم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا تزوج أحدكُم الْمَرْأَة أَو اشْترى خَادِمًا فليأخذ بناصيتها وليدع بِالْبركَةِ الحَدِيث أخرجه مَالك وَعَن أبي هُرَيْرَة قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا رفأ من تزوج قَالَ

باب ما ورد في نكاح المتعة

بَارك الله لَك وَبَارك عَلَيْك وَجمع بَيْنكُمَا فِي خير أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَعَن الْحسن قَالَ تزوج عقيل بن أبي طَالب امْرَأَة من بني حثم فَقَالُوا بالرفاء والبنين فَقَالَ قُولُوا كَمَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَارك الله فِيكُم وَبَارك عَلَيْكُم أخرجه النَّسَائِيّ الرفاء الْمُوَافقَة وَحسن المعاشرة وَإِنَّمَا نهى عَنهُ لِأَنَّهُ كَانَ من شعار الْجَاهِلِيَّة وَعَن عَائِشَة قَالَت تزَوجنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي شَوَّال وَدخل بِي فِي شَوَّال فَأَي نِسَائِهِ كَانَ أحظى عِنْده مني وَكَانَت تسْتَحب أَن تدخل نساءها فِي شَوَّال أخرجه مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أما لَو أَن أحدكُم إِذا أَرَادَ أَن يَأْتِي أَهله قَالَ بِسم الله اللَّهُمَّ جنبنا الشَّيْطَان وجنب الشَّيْطَان مَا رزقتنا ثمَّ قدر بَينهمَا فِي ذَلِك ولد لم يضرّهُ الشَّيْطَان أبدا أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا النَّسَائِيّ 389 - بَاب مَا ورد فِي نِكَاح الْمُتْعَة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ كُنَّا نغزو مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَيْسَ مَعنا نسَاء فَقُلْنَا أَلا نختصي فنهانا عَن ذَلِك ثمَّ رخص لنا أَن نستمتع فَكَانَ أَحَدنَا ينْكح الْمَرْأَة بِالثَّوْبِ إِلَى أجل أخرجه الشَّيْخَانِ وَعَن سَلمَة بن الْأَكْوَع قَالَ رخص النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَام أَو طاس فِي الْمُتْعَة ثَلَاثًا ثمَّ نهى عَنْهَا أخرجه الشَّيْخَانِ وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ إِنَّمَا كَانَت الْمُتْعَة فِي أول الْإِسْلَام كَانَ الرجل يقدم الْبَلدة لَيْسَ لَهُ بهَا معرفَة فَيَتَزَوَّج الْمَرْأَة بِقدر مَا يرى أَنه يُقيم فتحفظ لَهُ مَتَاعه وَتصْلح لَهُ شَأْنه حَتَّى نزلت {إِلَّا على أَزوَاجهم أَو مَا ملكت أَيْمَانهم}

باب ما ورد في أنحاء نكاح الجاهلية

سُورَة الْمُؤْمِنُونَ فَقَالَ ابْن عَبَّاس كل فرج سواهُمَا فَهُوَ حرَام أخرجه التِّرْمِذِيّ وَعَن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة أَن عليا قَالَ لِابْنِ عَبَّاس إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن مُتْعَة النِّسَاء يَوْم خَيْبَر وَعَن أكل لُحُوم الْحمر الإنسية أخرجه السِّتَّة إِلَّا أَبَا دَاوُد وَعَن جَابر بن عبد الله قَالَ كُنَّا نستمتع بالقبضة من التَّمْر والدقيق الْأَيَّام على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر حَتَّى نهى عَنهُ عمر فِي شَأْن عَمْرو ابْن حُرَيْث أخرجه مُسلم قلت نِكَاح الْمُتْعَة مَنْسُوخ رخص فِيهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيَّامًا ثمَّ نهى عَنهُ وَثَبت النّسخ عَنهُ فِي حَدِيث جمَاعَة وَفِي لفظ عِنْد مُسلم يرفعهُ إِن الله حرم ذَلِك إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَالْخلاف فِي الْمَسْأَلَة طَوِيل وَرِوَايَة من روى تَحْرِيمه حجَّة فِي الْبَاب 390 - بَاب مَا ورد فِي أنحاء نِكَاح الْجَاهِلِيَّة عَن عُرْوَة قالأخبرتني عَائِشَة أَن النِّكَاح كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة على أَرْبَعَة أنحاء فنكاح مِنْهَا نِكَاح النَّاس الْيَوْم يخْطب الرجل إِلَى الرجل إبنته أَو وليته فيصدقها ثمَّ ينْكِحهَا وَنِكَاح آخر كَانَ الرجل يَقُول لامْرَأَته إِذا طهرت من طمثها أرسلي إِلَى فلَان فاستبضعي مِنْهُ ويعتزلها زَوجهَا وَلَا يَمَسهَا حَتَّى يتَبَيَّن حملهَا من ذَلِك الرجل الَّذِي تستبضع مِنْهُ فَإِذا تبين حملهَا أَصَابَهَا زَوجهَا إِذا أحب وَإِنَّمَا يفعل ذَلِك رَغْبَة فِي نجابة الْوَلَد فَكَانَ يُسمى نِكَاح الاستبضاع وَنِكَاح آخر يجْتَمع الرَّهْط مَا دون الْعشْرَة فَيدْخلُونَ على الْمَرْأَة كلهم يصيبونها فَإِذا حملت وَوضعت وَمَرَّتْ لَيَال بعد أَن تضع أرْسلت إِلَيْهِم فَلم يسْتَطع رجل مِنْهُم أَن يمْتَنع حَتَّى يجتمعوا عِنْدهَا فَتَقول لَهُم قد عَرَفْتُمْ الَّذِي كَانَ من أَمركُم وَقد ولدت فَهُوَ ابْنك يَا فلَان

باب ما ورد في أولياء النكاح والشهود

تلْحقهُ بِمن أحبت فَلَا يَسْتَطِيع أَن يمْتَنع وَنِكَاح آخر رَابِع يجْتَمع كثير من النَّاس فَيدْخلُونَ على الْمَرْأَة فَلَا تمْتَنع مِمَّن جاءها وَهن البغايا كن ينصبن على أبوابهن الرَّايَات فَمن أرادهن دخل عَلَيْهِنَّ فَإِذا حملت إِحْدَاهُنَّ وَوضعت حملهَا جمعُوا لَهَا ودعوا لَهَا الْقَافة فألحقوا وَلَدهَا بِالَّذِي يرَوْنَ فالتاط بِهِ ودعي ابْنه لَا يمْتَنع مِنْهُ فَلَمَّا بعث مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْحَقِّ هدم نِكَاح الْجَاهِلِيَّة كُله إِلَّا نِكَاح النَّاس الْيَوْم أخرجه البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد الاستبضاع طلب الْمَرْأَة نِكَاح الرجل لتنال مِنْهُ ولد والبغايا الزواني والقافة الَّذين يشبهون بَين النَّاس فيلحقون الْوَلَد بالشبه والتاط بِهِ أَي ألصقه بِنَفسِهِ وَجعله وَلَده 391 - بَاب مَا ورد فِي أَوْلِيَاء النِّكَاح وَالشُّهُود عَن عَائِشَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيّمَا امْرَأَة نكحت بِغَيْر إِذن وَليهَا فَإِن نِكَاحهَا بَاطِل ثَلَاث مَرَّات وَإِن دخل بهَا فالمهر لَهَا بِمَا اسْتحلَّ من فرجهَا فَإِن اشتجروا فالسلطان ولي من لَا ولي لَهُ أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَفِي رِوَايَة لَهما عَن أبي مُوسَى أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا نِكَاح إِلَّا بولِي وَالْمرَاد بالاشتجار هَا هُنَا الْمَنْع من العقد دون المشاحة فِي السَّبق إِلَيْهِ وَعَن سَمُرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيّمَا امْرَأَة زَوجهَا وليان فَهِيَ للْأولِ مِنْهُمَا الحَدِيث أخرجه أَصْحَاب السّنَن وَعَن جَابر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيّمَا عبد تزوج بِغَيْر إِذن موَالِيه فَهُوَ عاهر أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَعَن أبن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الأيم أَحَق بِنَفسِهَا من وَليهَا وَالْبكْر تستأذن فِي نَفسهَا وإذنها صماتها أخرجه السِّتَّة إِلَّا البُخَارِيّ

باب ما ورد في الكفاءة

وَعَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تنْكح الأيم حَتَّى تستأمر وَلَا الْبكر حَتَّى تستأذن قَالُوا يَا رَسُول الله كَيفَ إِذْنهَا قَالَ أَن تسكت أخرجه الْخَمْسَة وَعَن ابْن عَبَّاس أَن جَارِيَة ذكرت لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن أَبَاهَا زَوجهَا وَهِي كارهة فَخَيرهَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخرجه أَبُو دَاوُد وَعَن عَائِشَة أَن فتاة قَالَت تَعْنِي للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن أبي زَوجنِي من ابْن أَخِيه ليرْفَع بِي خسيسته وَأَنا كارهة فَأرْسل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أَبِيهَا فجَاء فَجعل الْأَمر إِلَيْهَا فَقَالَت يَا رَسُول الله إِنِّي قد أجزت مَا صنع أبي وَلَكِن أردْت أَن أعلم النِّسَاء أَن لَيْسَ للآباء من الْأَمر شَيْء أخرجه النَّسَائِيّ الخساسة الدناءة والخسيسة الْحَالة الَّتِي يكون عَلَيْهَا الخسيس وَهُوَ الدنيء وَعَن ابْن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آمرو النِّسَاء فِي بناتهن أخرجه أَبُو دَاوُد وَالْأَمر بذلك للاستحباب قلت حَاصِل هَذَا الْبَاب أَن تخْطب الْكَبِيرَة إِلَى نَفسهَا وَالْمُعْتَبر حُصُول الرِّضَا مِنْهَا لمن كَانَ كُفؤًا وَالصَّغِيرَة إِلَى وَليهَا ورضا الْبكر صماتها وَتحرم الْخطْبَة فِي الْعدة وعَلى الْخطْبَة وَيجوز لَهُ النّظر إِلَى المخطوبة وَلَا نِكَاح إِلَّا بولِي وشاهدين وَيجوز لكل وَاحِد من الزَّوْجَيْنِ أَن يُوكل لعقد النِّكَاح وَلَو وَاحِدًا 392 - بَاب مَا ورد فِي الْكَفَاءَة وَعَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا خطب إِلَيْكُم من ترْضونَ دينه وخلقه فَزَوجُوهُ إِلَّا تفعلوه تكن فتْنَة فِي الأَرْض وَفَسَاد كَبِير أخرجه التِّرْمِذِيّ

باب ما ورد في المحرمات من النساء

وَعنهُ قَالَ حجم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبُو هِنْد فِي يَافُوخه فَسَمعته يَقُول يَا بني بياضة أنكحوا أَبَا هِنْد وَانْكِحُوا إِلَيْهِ وَإِن كَانَ فِي شَيْء مِمَّا تداوون بِهِ خير فالحجامة أخرجه أَبُو دَاوُد وَعَن بُرَيْدَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن أَحْسَاب أهل الدُّنْيَا الَّذين يذهبون إِلَيْهَا المَال أخرجه النَّسَائِيّ وَعَن عَائِشَة أَن أَبَا حُذَيْفَة بن عتبَة بن ربيعَة بن عبد شمس وَكَانَ مِمَّن شهد بَدْرًا تبنى سالما وأنكحه ابْنة أَخِيه هندا بنت الْوَلِيد بن عتبَة بن ربيعَة وَهُوَ مولى لامْرَأَة من الْأَنْصَار كَمَا تبنى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زيدا وَكَانَ من تبنى رجلا فِي الْجَاهِلِيَّة دَعَاهُ النَّاس إِلَيْهِ فورث من مِيرَاثه حَتَّى نزل قَوْله تَعَالَى {ادعوهُمْ لِآبَائِهِمْ} سُورَة الْأَحْزَاب أخرجه البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَعَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا ينْكح الزَّانِي المجلود إِلَّا مثله أخرجه أَبُو دَاوُد قلت الْكَفَاءَة فِي الْإِسْلَام هِيَ الْإِسْلَام فَقَط وَمَا اعتبروه من الْحُرِّيَّة والحرفة واتحاد النّسَب واعتماد الْحسب فَلم يدل عَلَيْهِ دَلِيل من الْكتاب وَالسّنة فَإِن كَانَ لَا بُد من ذَلِك فالعمدة فِيهَا الْعلم والسيادة 393 - بَاب مَا ورد فِي الْمُحرمَات من النِّسَاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ حرم من النّسَب سبع وَمن الصهر سبع ثمَّ قَرَأَ {حرمت عَلَيْكُم أُمَّهَاتكُم} الْآيَة سُورَة النِّسَاء رَوَاهُ البُخَارِيّ وَعَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيّمَا رجل نكح امْرَأَة فَدخل بهَا فَلَا يحل لَهُ نِكَاح ابْنَتهَا وَأَيّمَا رجل نكح امْرَأَة فَلَا يحل أَن ينْكح أمهَا دخل بهَا أم لم يدْخل بهَا أخرجه التِّرْمِذِيّ

باب ما ورد في الرضاع

وَعَن عَليّ قَالَ لَا تحرم أُمَّهَات النِّسَاء إِلَّا بانضمام الْوَطْء إِلَى العقد فِي الْبِنْت وَلَا تحرم الْبِنْت إِلَّا بِالدُّخُولِ على الْأُم أخرجه التِّرْمِذِيّ 394 - بَاب مَا ورد فِي الرَّضَاع عَن عَليّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله حرم من الرَّضَاع مَا حرم من النّسَب أخرجه التِّرْمِذِيّ وَعَن عَائِشَة اسْتَأْذن عَليّ أَفْلح أَخُو أبي القعيس بَعْدَمَا نزل الْحجاب قلت وَالله لَا آذن لَهُ حَتَّى اسْتَأْذن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِن أَخا أبي القعيس لَيْسَ هُوَ أرضعني وَلَكِن أرضعتني امْرَأَة أبي القعيس فَدخل عَليّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت يَا رَسُول الله إِن الرجل لَيْسَ هُوَ أرضعني وَلَكِن ارضعتني امْرَأَته فَقَالَ ائذني لَهُ فَإِنَّهُ عمك تربت يَمِينك قَالَ عُرْوَة كَانَت عَائِشَة تَقول حرمُوا من الرَّضَاع مَا يحرم من النّسَب أخرجه السِّتَّة وَعَن عَليّ قَالَ يَا رَسُول الله مَالك تتوق إِلَى قريس وَتَدعنَا فَقَالَ أوعندكم شَيْء قلت نعم بنت حَمْزَة قَالَ إِنَّهَا لَا تحل لي إِنَّهَا ابْنة أخي من الرضَاعَة أخرجه مُسلم وَالنَّسَائِيّ التوق الْميل إِلَى الشَّيْء والرغبه فِيهِ وَعَن عَائِشَة قَالَت دخل عَليّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعِنْدِي رجل قَاعد فَاشْتَدَّ ذَلِك عَلَيْهِ فَرَأَيْت الْغَضَب فِي وَجهه فَقلت يَا رَسُول الله إِنَّه أخي من الرضَاعَة فَقَالَ انظرن من إخوانكن من الرضَاعَة فَإِنَّمَا الرضَاعَة من المجاعة

أخرجه الْخَمْسَة الا التِّرْمِذِيّ وعنها قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تحرم المصة والمصتان أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا البُخَارِيّ وَعَن قَتَادَة قَالَ كتبت إِلَى إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ أسأله عَن الرَّضَاع فَكتب إِن شريحا حَدثنَا أَن عليا وَابْن مَسْعُود كَانَا يَقُولَانِ يحرم من الرَّضَاع قَلِيله وَكَثِيره وَأَن أَبَا الشعْثَاء الْمحَاربي قَالَ إِن عَائِشَة حدثت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تحرم الْخَطفَة والخطفتان أخرجه النَّسَائِيّ قلت حَدِيث عَائِشَة أرجح لكَونه مَرْفُوعا وَحَدِيث عَليّ وَابْن مَسْعُود مَرْجُوح لكَونه مَوْقُوفا عَلَيْهِمَا وَعَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت كَانَ فِيمَا يقْرَأ من الْقُرْآن عشر رَضعَات مَعْلُومَات تحرمن ثمَّ نسخهن بِخمْس مَعْلُومَات فَتوفي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهن فِيمَا يقْرَأ من الْقُرْآن أخرجه السِّتَّة إِلَّا البُخَارِيّ وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ وَإِن كَانَت مصة وَاحِدَة فَهُوَ يحرم أخرجه مَالك وَهَذَا الْمَوْقُوف لَا تقوم بِهِ الْحجَّة وَعَن عبد الله بن دِينَار قَالَ سَأَلَ رجل ابْن عمر عَن رضاعة الْكَبِير فَقَالَ جَاءَ رجل إِلَى عمر فَقَالَ كَانَت لي وليدة أطؤها فعمدت امْرَأَتي فأرضعتها ثمَّ قَالَت لي دُونك فقد وَالله أرضعتها فَقَالَ لَهُ عمر أوجعها وائت جاريتك فَإِنَّمَا الرضَاعَة فِي الصغر أخرجه مَالك وَعَن يحيى بن سعيد قَالَ سَأَلَ رجل أَبَا مُوسَى فَقَالَ إِنِّي مصصت

من ثدي امْرَأَتي لَبَنًا فَذهب فِي بَطْني فَقَالَ أَبُو مُوسَى لَا أَرَاهَا إِلَّا قد حرمت عَلَيْك فَقَالَ ابْن مَسْعُود انْظُر مَا تُفْتِي بِهِ الرجل فَقَالَ مَا تَقول أَنْت فَقَالَ لَا رضاعة إِلَّا مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ فَقَالَ أَبُو مُوسَى لَا تَسْأَلُونِي مَا دَامَ هَذَا الحبر بَين أظْهركُم أخرجه مَالك وَأَبُو دَاوُد وَعَن أم سَلمَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يحرم من الرَّضَاع إِلَّا مَا فتق الأمعاء فِي الثدي وَكَانَ قبل الْفِطَام أخرجه التِّرْمِذِيّ وَعَن عقبَة بن الْحَارِث أَنه تزوج بِنْتا لأبي إهَاب بن عَزِيز فَأَتَتْهُ امْرَأَة فَقَالَت إِنِّي أرضعت عقبَة وَالَّتِي تزوج بهَا فَقَالَ لَهَا عقبَة مَا أعلم أَنَّك أرضعتني وَلَا أَخْبَرتنِي فَركب إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَيفَ وَقد قيل ففارقها عقبَة ونكحت زوجا غَيره أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا مُسلما وَعَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن رجل لَهُ امْرَأَتَانِ أرضعت إِحْدَاهمَا جَارِيَة وَالْأُخْرَى غُلَاما أَيحلُّ للغلام أَن ينْكح الْجَارِيَة قَالَ لَا لِأَن اللقَاح وَاحِد أخرجه مَالك وَالتِّرْمِذِيّ اللقَاح مَاء الْفَحْل وَعَن حجاج بن حجاج عَن أَبِيه قَالَ قلت مَا يذهب عني مذمة الرَّضَاع قَالَ غرَّة عبد أَو أمة أخرجه أَصْحَاب السّنَن وَصَححهُ التِّرْمِذِيّ ومذمة الرَّضَاع حَقه وحرمته الَّتِي يذم مضيعها قلت الرَّضَاع كالنسب لأحاديث الْبَاب وَغَيرهَا وَفِي بَعْضهَا بِلَفْظ يحرم من الرَّضَاع مَا يحرم من الرَّحِم رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَن ابْن عَبَّاس وَفِي لفظ من حَدِيث عَائِشَة مَا يحرم من الْولادَة وَقد حقق الْكَلَام على ذَلِك ابْن الْقيم رَحمَه الله فِي الْهَدْي النَّبَوِيّ

باب ما ورد في تحريم الجمع بين العمة والخالة ونحوهما

395 - بَاب مَا ورد فِي تَحْرِيم الْجمع بَين الْعمة وَالْخَالَة وَنَحْوهمَا عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كره رَسُول الله أَن يجمع بَين الْعمة وَالْخَالَة وَبَين العمتين والخالتين أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَلَفظه نهى أَن تزوج الْمَرْأَة على عَمَّتهَا أَو خَالَتهَا وَعَن الشّعبِيّ قَالَ سَمِعت جَابِرا يَقُول نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تنْكح الْمَرْأَة على عَمَّتهَا أَو خَالَتهَا أخرجه البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وللستة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تنْكح الْمَرْأَة على عَمَّتهَا وَالْمَرْأَة على خَالَتهَا فنرى خَالَة أَبِيهَا أَو عمَّة أَبِيهَا بِتِلْكَ الْمنزلَة وَعَن الضَّحَّاك بن فَيْرُوز عَن أَبِيه قَالَ قلت يَا رَسُول الله إِنِّي أسلمت وتحتي أختَان قَالَ طلق أَيَّتهمَا شِئْت أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَعَن قبيصَة بن ذُؤَيْب قَالَ سَأَلَ رجل عُثْمَان بن عَفَّان عَن أُخْتَيْنِ مملوكتين لرجل هَل يجمع بَينهمَا قَالَ أَحَلَّتْهُمَا آيَة وحرمتهما آيَة وَأما أَنا فَلَا أحب أَن أصنع ذَلِك فَخرج من عِنْده فلقي رجلا من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَهُ عَن ذَلِك فَقَالَ أما أَنا فَلَو كَانَ لي من الْأَمر شَيْء لم أجد أحدا فعل ذَلِك إِلَّا جعلته نكالا قَالَ ابْن شهَاب أرَاهُ عَليّ بن أبي طَالب قَالَ مَالك وَبَلغنِي عَن الزبير مثل ذَلِك أخرجه مَالك الْآيَة الَّتِي أَحَلَّتْهُمَا هِيَ {وَمَا ملكت أَيْمَانكُم} سُورَة النِّسَاء وَالْآيَة الَّتِي حرمتهما هِيَ {وَأَن تجمعُوا بَين الْأُخْتَيْنِ} سُورَة النِّسَاء والنكال الْعقُوبَة والهوان وَالْجمع بَين الْأُخْتَيْنِ بِالْملكِ حرَام 396 - بَاب مَا ورد فِي المبتوتة والمحلل عَن عَائِشَة قَالَت طلق رجل امْرَأَته ثَلَاثًا فَتَزَوجهَا رجل ثمَّ طَلقهَا

باب ما ورد في النهي عن الجمع بين بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبنت عدو الله أبي جهل وعن الجمع بين الحرة والأمة

قبل الْمَسِيس فَسئلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِك فَقَالَ لَا حَتَّى يَذُوق عسيلتها كَمَا ذاق الأول أخرجه السِّتَّة الْعسيلَة كِنَايَة عَن الْجِمَاع وأنثه لِأَن من الْعَرَب من يؤنث الْعَسَل وَعَن الزبير بن عبد الرَّحْمَن بن الزبير الْقرظِيّ أَن رِفَاعَة بن سموأل طلق امْرَأَته ثَلَاثًا فِي عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فنكحت بعده عبد الرَّحْمَن بن الزبير فَاعْترضَ عَنْهَا فَلم يسْتَطع أَن يَمَسهَا ففارقها فَأَرَادَ رِفَاعَة أَن ينْكِحهَا وَهُوَ زَوجهَا الأول فَذكر ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنَهَاهُ عَن تزَوجهَا وَقَالَ لَا تحل لَك حَتَّى تذوق الْعسيلَة أخرجه مَالك وَعَن زيد بن ثَابت كَانَ يَقُول فِي الرجل يُطلق الْأمة ثَلَاثًا ثمَّ يَشْتَرِيهَا إِنَّهَا لَا تحل لَهُ حَتَّى تنْكح زوجا غَيره أخرجه مَالك وَعَن مُحَمَّد بن إِيَاس قَالَ إِن ابْن عَبَّاس وَأَبا هُرَيْرَة وَابْن الْعَاصِ سئلوا عَن الْبكر يطلقهَا زَوجهَا ثَلَاثًا قبل الدُّخُول فكلهم قَالُوا لَا تحل لَهُ حَتَّى تنْكح زوجا غَيره أخرجه مَالك وَعَن عَليّ وَجَابِر وَابْن مَسْعُود قَالُوا لعن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُحَلّل والمحلل لَهُ أخرجه أَصْحَاب السّنَن وَصَححهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَسْعُود 397 - بَاب مَا ورد فِي النَّهْي عَن الْجمع بَين بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبنت عَدو الله أبي جهل وَعَن الْجمع بَين الْحرَّة وَالْأمة عَن الْمسور بن مخرمَة قَالَ خطب عَليّ بنت أبي جهل وَعِنْده فَاطِمَة فَسمِعت بذلك قَالَ فَأَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت يزْعم قَوْمك أَنَّك لَا تغْضب لبناتك وَهَذَا عَليّ ناكح بنت أبي جهل فَقَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَتشهد وَقَالَ أما

باب ما ورد في فسخ النكاح

بعد فَإِنِّي أنكحت أَبَا الْعَاصِ بن الرّبيع فَحَدثني وصدقني وَإِن فَاطِمَة بضعَة مني يريبني مَا يريبها وَالله لَا تَجْتَمِع بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبنت عَدو الله أبدا قَالَ فَترك عَليّ الْخطْبَة وَفِي أُخْرَى قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول وَهُوَ على الْمِنْبَر إِن بني هِشَام بن الْمُغيرَة استأذنوني أَن ينكحوا ابنتهم عَليّ بن أبي طَالب فَلَا آذن ثمَّ لَا آذن إِلَّا أَن يُرِيد عَليّ بن أبي طَالب أَن يُطلق ابْنَتي وينكح ابنتهم فَإِنَّمَا هِيَ بضعَة مني يريبني مَا يريبها وَيُؤْذِينِي مَا يؤذيها أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا النَّسَائِيّ الْبضْعَة الْقطعَة من اللَّحْم ويريبني بِفَتْح أَوله أَي يسوؤني مَا ساءها وَعَن ابْن شهَاب أَن عبد الله بن عَامر أهْدى لعُثْمَان جَارِيَة اشْتَرَاهَا بِالْبَصْرَةِ وَلها زوج فَقَالَ عُثْمَان لَا أقربها وَلها زوج فأرضى ابْن عَامر زَوجهَا ففارقها أخرجه مَالك وَعَن مَالك أَنه بلغه أَن ابْن عَبَّاس وَابْن عمر سئلا عَن رجل كَانَت تَحْتَهُ حره فَأَرَادَ أَن ينْكح عَلَيْهَا أمة فكرها أَن يجمع بَينهمَا 398 - بَاب مَا ورد فِي فسخ النِّكَاح عَن ابْن الْمسيب أَن عمر قَالَ أَيّمَا رجل تزوج امْرَأَة وَبهَا جُنُون أَو جذام أَو برص فمسها فلهَا صَدَاقهَا كَامِلا وَذَلِكَ لزَوجهَا غرم على وَليهَا أخرجه مَالك وَعنهُ أَن عمر قَالَ أَيّمَا امْرَأَة فقدت زَوجهَا فَلم تدر أَيْن هُوَ فَإِنَّهَا تنْتَظر أَربع سِنِين ثمَّ تقعد أَرْبَعَة أشهر وَعشرا ثمَّ تحل أخرجه مَالك وَعنهُ عَن رجل من الْأَنْصَار يُقَال لَهُ بصرة بن الأكثم من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ تزوجت امْرَأَة على أَنَّهَا بكر فَدخلت عَلَيْهَا

فَإِذا هِيَ حُبْلَى فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَهَا الصَدَاق بِمَا استحللت من فرجهَا وَالْولد عبد لَك وَفرق بَيْننَا وَقَالَ إِذا وضعت فحدوها أخرجه أَبُو دَاوُد قَالَ الْخطابِيّ هَذَا حَدِيث مُرْسل لَا أعلم أحدا من الْفُقَهَاء قَالَ بِهِ لِأَن ولد الزِّنَا من الْحرَّة حر وَيُشبه أَن يكون مَعْنَاهُ إِن ثَبت الْخَبَر أَنه أوصاه بِهِ خيرا وَأمره بتربيته وإنشائه لينْتَفع بخدمته إِذا بلغ فَيكون كَالْعَبْدِ لَهُ فِي الطَّاعَة مُكَافَأَة لَهُ على إحسانه وَيحْتَمل إِن صَحَّ الحَدِيث أَن يكون مَنْسُوخا وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ إِذا أسلمت النَّصْرَانِيَّة تَحت الذِّمِّيّ قبل زَوجهَا بساعة حرمت عَلَيْهِ أخرجه البُخَارِيّ وَعنهُ أَن رجلا جَاءَ مُسلما على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ جَاءَت امْرَأَته بعده مسلمة فَقَالَ زَوجهَا يَا رَسُول الله إِنَّهَا كَانَت قد أسلمت معي فَردهَا عَلَيْهِ أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَعنهُ قَالَ أسلمت امْرَأَة على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَتزوّجت فجَاء زَوجهَا فَقَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي كنت قد أسلمت وَعلمت بِإِسْلَامِي فانتزعها رَسُول الله من زَوجهَا الآخر وردهَا على الأول أخرجه أَبُو دَاوُد وَعنهُ قَالَ رد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ابْنَته زَيْنَب على أبي الْعَاصِ بِالنِّكَاحِ الأول بعد سِتّ سِنِين وَلم يحدث شَيْئا أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَعَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا رد زَيْنَب على زَوجهَا بِنِكَاح جَدِيد وَمهر جَدِيد أخرجه التِّرْمِذِيّ

وَعَن ابْن شهَاب قَالَ بَلغنِي أَن نسَاء كن على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسلمن بأرضهن وَهن غير مهاجرات وأزواجهن حِين أسلمن كفار مِنْهُنَّ بنت الْوَلِيد بن الْمُغيرَة وَكَانَت تَحت صَفْوَان بن أُميَّة فَأسْلمت يَوْم الْفَتْح وهرب صَفْوَان من الْإِسْلَام فَبعث إِلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ابْن عَمه وهب ابْن عُمَيْر بردائه أَمَانًا لَهُ وَقَالَ إِن رَضِي أمرا أقبله وَإِلَّا فسيره شَهْرَيْن فَلَمَّا قدم صَفْوَان نَادَى بِأَعْلَى صَوته يَا مُحَمَّد هَذَا وهب بن عُمَيْر جَاءَنِي بردائك وَزعم أَنَّك دعوتني إِلَى الْقدوم عَلَيْك فَإِن رضيت أمرا قبلته وَإِلَّا سيرتني شَهْرَيْن فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انْزِلْ أَبَا وهب فَقَالَ وَالله لَا أنزل حَتَّى تبين لي فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بل لَك تسيير أَرْبَعَة أشهر فَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل هوزان وَأرْسل إِلَى صَفْوَان يستعيره أَدَاة وسلاحا فَقَالَ طَوْعًا أم كرها فَقَالَ بل طَوْعًا فأعاره الأداة وَالسِّلَاح ثمَّ رَجَعَ مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ كَافِر فَشهد حنينا والطائف وَهُوَ كَافِر وَامْرَأَته مسلمة وَلم يفرق بَينهمَا حَتَّى أسلم صَفْوَان فاستقرت عِنْده امْرَأَته بذلك النِّكَاح وَكَانَ بَين إِسْلَامه وَإِسْلَام امْرَأَته نَحوا من شَهْرَيْن أخرجه مَالك وَعَن ابْن عمر أَنه كَانَ يَقُول فِي الْأمة تكون تَحت العَبْد فتعتق إِن لَهَا الْخِيَار مالم يَمَسهَا أخرجه مَالك وَعَن مَالك أَنه بلغه أَن عمر وَعُثْمَان قضيا فِي أمة غرت رجلا بِنَفسِهَا أَنَّهَا حرَّة فَتَزَوجهَا فَولدت لَهُ أَوْلَادًا أَن يفْدي أَوْلَاده بمثلهم من العبيد قَالَ مَالك وَالْقيمَة أعدل من هَذَا عِنْدِي أخرجه رزين قلت حَاصِل مَسْأَلَة إِسْلَام أحد الزَّوْجَيْنِ أَن تقر من أنكحة الْكفَّار إِذا أَسْلمُوا مَا يُوَافق الشَّرْع وَإِذا أسلم أحد الزَّوْجَيْنِ انْفَسَخ النِّكَاح وَتجب الْعدة فَإِن أسلم وَلم تتَزَوَّج الْمَرْأَة كَانَا على نِكَاحهمَا الأول وَلَو طَالَتْ الْمدَّة إِذا اختارا ذَلِك

باب ما ورد في العدل بين النساء

399 - بَاب مَا ورد فِي الْعدْل بَين النِّسَاء عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كَانَت لَهُ امْرَأَتَانِ وَلم يعدل بَينهمَا جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة وَشقه سَاقِط وَفِي أُخْرَى مائل أخرجه أَصْحَاب السّنَن وَتكلم فِيهِ التِّرْمِذِيّ وَرَوَاهُ الْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرطهمَا وَلَفظ أبي دَاوُد من كَانَت لَهُ امْرَأَتَانِ يمِيل إِلَى إِحْدَاهمَا على الْأُخْرَى جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة وَشقه مائل وَعَن عَائِشَة قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقسم ويعدل وَيَقُول اللَّهُمَّ هَذَا قسمي فِيمَا أملك فَلَا تلمني فِيمَا تملك وَلَا أملك يَعْنِي الْقلب أخرجه أَصْحَاب السّنَن وعنها أَن سَوْدَة بنت زَمعَة وهبت يَوْمهَا لعَائِشَة فَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقسم لعَائِشَة يَوْمهَا وَيَوْم سَوْدَة أخرجه الشَّيْخَانِ وعنها قَالَت بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَرضه إِلَى نِسَائِهِ فاجتمعن فَقَالَ إِنِّي لَا أَسْتَطِيع أَن أدور بينكن فَإِن رأيتن أَن تَأذن لي أَن أكون عِنْد عَائِشَة فعلتن فَأذن لَهُ أخرجه أَبُو دَاوُد وَعَن أنس قَالَ كَانَ عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تسع نسْوَة وَكَانَ إِذا قسم بَينهُنَّ لَا يَنْتَهِي إِلَى الْمَرْأَة الأولى إِلَّا فِي تسع فَكُن يجتمعن فِي كل لَيْلَة فِي بَيت الَّتِي يَأْتِيهَا فَكَانَ فِي بَيت عَائِشَة فَجَاءَت زَيْنَب فَمد يَده إِلَيْهَا فَقَالَت هَذِه زَيْنَب فَكف صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَده فتقاولتا حَتَّى استحثتا وأقيمت الصَّلَاة فَمر أَبُو بكر فَسمع أصواتهما فَقَالَ اخْرُج يَا رَسُول الله واحث فِي أفواههن التُّرَاب فَخرج صلى الله عَلَيْهِ وَسلم استحثتا أَي رميت كل وَاحِدَة مِنْهُمَا فِي وَجه صاحبتها التُّرَاب وَعنهُ قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدُور على نِسَائِهِ فِي السَّاعَة الْوَاحِدَة من اللَّيْل وَالنَّهَار وَهن إِحْدَى عشرَة قيل لأنس وَكَانَ يطيقه قَالَ

باب ما ورد في العزل والغيلة

كُنَّا نتحدث أَنه أعطي قُوَّة ثَلَاثِينَ أخرجه البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَعنهُ قَالَ من السّنة إِذا تزوج الْبكر على الثّيّب أَقَامَ عِنْدهَا سبعا ثمَّ قسم وَإِذا تزوج الثّيّب أَقَامَ عِنْدهَا ثَلَاثًا ثمَّ قسم أخرجه السِّتَّة إِلَّا النَّسَائِيّ وَعنهُ قَالَ لما أَخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَفِيَّة أَقَامَ عِنْدهَا ثَلَاثًا وَكَانَت ثَيِّبًا أخرجه أَبُو دَاوُد وَعَن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن عَن أم سَلمَة قَالَت لما تزَوجنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَقَامَ عِنْدِي ثَلَاثًا وَقَالَ إِنَّه لَيْسَ بك هوان على أهلك إِن شِئْت سبعت لَك وَإِن سبعت لَك سبعت لنسائي أخرجه مُسلم وَمَالك وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَعَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن المقسطين عِنْد الله على مَنَابِر من نور عَن يَمِين الرَّحْمَن وكلتا يَدَيْهِ يَمِين الَّذين يعدلُونَ فِي حكمهم وأهليهم وَمَا ولوا رَوَاهُ مُسلم وَغَيره 400 - بَاب مَا ورد فِي الْعَزْل والغيلة عَن أبي سعيد قَالَ خرجنَا مَعَ رَسُول الله فِي غَزْوَة بني المصطلق فأصبنا سبيا من سبي الْعَرَب فاشتهينا النِّسَاء واشتدت علينا الْعزبَة وأحببنا الْعَزْل فَقُلْنَا نعزل ورَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين أظهرنَا قبل أَن نَسْأَلهُ فَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ لَا عَلَيْكُم أَن لَا تَفعلُوا مَا من نسمَة كائنة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا وَهِي كائنة أخرجه السِّتَّة وَعَن أَسمَاء بنت يزِيد سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لَا تقتلُوا أَوْلَادكُم سرا فَإِن الغيل يدْرك الْفَارِس فيدعثره عَن فرسه أخرجه أَبُو دَاوُد دعثر الْحَوْض إِذا هَدمه والغيل أَن يُجَامع الرجل

باب ما ورد في لواحق الباب

امْرَأَته وَهِي ترْضع فتضعف لذَلِك قوى الرَّضِيع فَإِذا بلغ مبلغ الرِّجَال ضعف عَن مقاومة نَظِيره فِي الْحَرْب وانكسر بِسَبَب ذَلِك 401 - بَاب مَا ورد فِي لواحق الْبَاب عَن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ إِذا تزوج الرجل الْمَرْأَة وَشرط لَهَا أَن لَا يُخرجهَا من مصرها فَلَيْسَ لَهُ أَن يُخرجهَا بِغَيْر رِضَاهَا أخرجه التِّرْمِذِيّ وَعَن عَليّ أَنه سُئِلَ عَن ذَلِك فَقَالَ شَرط الله قبل شَرطهَا أخرجه التِّرْمِذِيّ وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله إِن امْرَأَتي لَا ترد يَد لامس فَقَالَ غربها فَقَالَ إِنِّي أَخَاف أَن تتبعها نَفسِي قَالَ فاستمتع بهَا أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ قَوْله لَا ترد يَد لامس يَعْنِي إِنَّهَا مطاوعة لمن طلب مِنْهَا الْفَاحِشَة وَقَوله غربها أَي طَلقهَا وَقَوله فاستمتع بهَا كِنَايَة عَن إِِمْسَاكهَا بِقدر مَا يقْضِي مِنْهَا حَاجَة النَّفس ووطرها وَعَن ابْن مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تباشر الْمَرْأَة الْمَرْأَة فتنعتها لزَوجهَا كَأَنَّهُ ينظر إِلَيْهَا أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَعَن عَطاء بن يسَار قَالَ جهز رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاطِمَة بخميل وقربة ووسادة حشوها إذخر أخرجه النَّسَائِيّ الخميل كسَاء لَهُ خمل وَعَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قلت يَا رَسُول الله إِنِّي رجل شَاب وأخاف الْعَنَت وَلَا أجد مَا أَتزوّج بِهِ أَلا أختصي فَسكت عني ثمَّ قلت فَسكت عني قَالَ ثمَّ قَالَ يَا أَبَا هُرَيْرَة جف الْقَلَم بِمَا أَنْت لَاق فاختص على ذَلِك أَو ذَر أخرجه البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَعَن معمر قَالَ قَالَ لي الثَّوْريّ هَل سَمِعت فِي الرجل يجمع لأَهله قوت

باب ما ورد في نذر المرأة الصلاة

سنتهمْ أَو بعض السّنة فَلم يحضرني مَا أَقُول ثمَّ ذكرت حَدِيثا حَدثنَا بِهِ ابْن شهَاب عَن مَالك بن أَوْس عَن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَبِيع نخل بني النَّضِير وَيحبس لأَهله قوت سنتهمْ أخرجه رزين 402 - بَاب مَا ورد فِي نذر الْمَرْأَة الصَّلَاة عَن ابْن عَبَّاس أَن امْرَأَة اشتكت فَقَالَت إِن شفاني الله تَعَالَى لأخْرجَن ولأصلين فِي بَيت الْمُقَدّس فبرأت فتجهزت لِلْخُرُوجِ فَجَاءَت مَيْمُونَة تسلم عَلَيْهَا فَأَخْبَرتهَا بذلك فَقَالَت لَهَا اجلسي فكلي مَا صنعت وَصلي فِي مَسْجِد الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِنِّي سمعته يَقُول صَلَاة فِيهِ أفضل من ألف صَلَاة فِي مَا سواهُ من الْمَسَاجِد إِلَّا مَسْجِد الْكَعْبَة أخرجه مُسلم 403 - بَاب مَا ورد فِي نذر الْمَرْأَة الْحَج عَن عقبَة بن عَامر قَالَ نذرت أُخْتِي أَن تمشي إِلَى بَيت الله الْحَرَام حافية فأمرتني أَن أستفتي لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاستفتيته فَقَالَ لتمش ولتركب أخرجه الْخَمْسَة وَزَاد فِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ حافية غير مختمرة فَقَالَ مروها فلتختمر ولتركب ولتصم ثَلَاثَة أَيَّام وَعَن ابْن عَبَّاس أَن أُخْت عقبَة نذرت الْحَج مَاشِيَة وَذكر عقبَة لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنَّهَا لَا تطِيق ذَلِك فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله لَغَنِيّ عَن مشي أختك فلتركب ولتهد بَدَنَة وَفِي رِوَايَة إِن الله لَا يصنع بمشي أختك إِلَى الْبَيْت شَيْئا أخرجه أَبُو دَاوُد

باب ما ورد في نذر المرأة ضرب الدف

404 - بَاب مَا ورد فِي نذر الْمَرْأَة ضرب الدُّف عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَن امْرَأَة قَالَت يَا رَسُول الله إِنِّي نذرت أَن أضْرب على رَأسك بالدف قَالَ أوفي بِنَذْرِك أخرجه أَبُو دَاوُد وَزَاد رزين قَالَت يَا رَسُول الله إِنِّي نذرت إِذا انصرفت من غزوتك سالما غانما أَن أضْرب عَلَيْك بالدف قَالَ إِن كنت نذرت فأوفي بِنَذْرِك وَإِلَّا فَلَا 405 - بَاب مَا ورد فِي نذر الْمَرْأَة نَحْو الابْن عَن يحيى بن سعيد قَالَ سَمِعت الْقَاسِم بن مُحَمَّد يَقُول أَتَت امْرَأَة إِلَى ابْن عَبَّاس فَقَالَت إِنِّي نذرت أَن أنحر ابْني قَالَ لَا تنحري ابْنك وكفري عَن يَمِينك فَقَالَ شيخ كَيفَ يكون فِي هَذَا كَفَّارَة فَقَالَ ابْن عَبَّاس إِن الله تَعَالَى قَالَ {وَالَّذين يظاهرون من نِسَائِهِم} سُورَة المجادلة ثمَّ جعل فِيهِ من الْكَفَّارَة مَا رَأَيْت أخرجه مَالك رَحمَه الله قلت حَاصِل هَذِه الْأَبْوَاب أَن النّذر إِنَّمَا يَصح إِذا ابْتغى بِهِ وَجه الله فَلَا بُد أَن يكون قربَة وَلَا نذر فِي مَعْصِيّة الله وَمن النّذر فِي الْمعْصِيَة مَا فِيهِ مُخَالفَة للتسوية بَين الْأَوْلَاد أَو مفاضلة بَين الْوَرَثَة مُخَالفَة لما شَرعه الله تَعَالَى وَمِنْه النّذر على الْقُبُور وعَلى مَا لم يَأْذَن بِهِ الله وَمن أوجب على نَفسه فعلا لم يشرعه الله لم يجب عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ النّذر إِن كَانَ مِمَّا شَرعه الله وَهُوَ لَا يطيقه وَمن نذر نذرا لم يسمه أَو كَانَ مَعْصِيّة أَو لَا يطيقه فَعَلَيهِ كَفَّارَة وَمن نذر بقربة وَهُوَ مُشْرك ثمَّ أسلم لزمَه الْوَفَاء وَلَا ينفذ النّذر إِلَّا من الثُّلُث وَإِذا مَاتَ النَّاذِر لقربة ففعلها عَنهُ وَلَده أَجزَأَهُ ذَلِك وَفِي الْبَاب أَحَادِيث تدل على مَا قُلْنَا

باب ما ورد في الهجرة للمرأة

406 - بَاب مَا ورد فِي الْهِجْرَة للْمَرْأَة عَن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لكل امرىء مَا نوى فَمن كَانَت هجرته إِلَى الله وَرَسُوله فَهجرَته إِلَى الله وَرَسُوله وَمن كَانَت هجرته إِلَى دنيا يُصِيبهَا أَو امْرَأَة ينْكِحهَا فَهجرَته إِلَى مَا هَاجر إِلَيْهِ أخرجه الْخَمْسَة قَالَ الْمُنْذِرِيّ فِي التَّرْغِيب والترهيب زعم بعض الْمُتَأَخِّرين أَن هَذَا الحَدِيث بلغ مبلغ التَّوَاتُر وَلَيْسَ كَذَلِك فَإِنَّهُ مِمَّا انْفَرد بِهِ يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ ثمَّ رَوَاهُ عَن الْأَنْصَار خلق كثير نَحْو مِائَتي راو وَقيل سَبْعمِائة وَقيل أَكثر من ذَلِك وَقد رُوِيَ من طرق كَثِيرَة غير طَرِيق الْأنْصَارِيّ وَلَا يَصح مِنْهَا شَيْء كَذَا قَالَ الْحَافِظ عَليّ بن الْمَدِينِيّ وَغَيره من الْأَئِمَّة وَقَالَ الْخطابِيّ لَا أعلم فِي ذَلِك خلافًا بَين أهل الحَدِيث وَالله أعلم انْتهى 407 - بَاب مَا ورد فِي هَدِيَّة الْمَرْأَة للْمَرْأَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تحقرن جَارة لجارتها وَلَو شقّ فرسن شَاة أخرجه التِّرْمِذِيّ فرسن الشَّاة ظلفها قلت الْهَدَايَا يشرع قبُولهَا ومكافأة فاعلها وَيجوز بَين الْمُسلم وَالْكَافِر وَيحرم الرُّجُوع فِيهَا وَيجب التَّسْوِيَة بَين الْأَوْلَاد وَالرَّدّ لغير مَانع شَرْعِي مَكْرُوه 408 - بَاب مَا ورد فِي منع الْمَرْأَة عَن الْعَطِيَّة إِلَّا بِإِذن زَوجهَا عَن ابْن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ لما فتح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَكَّة قَامَ خَطِيبًا فَقَالَ أَلا لَا يجوز لامْرَأَة عَطِيَّة إِلَّا بِإِذن زَوجهَا وَفِي رِوَايَة لَا يجوز لامْرَأَة أَمر فِي مَالهَا إِذا ملك زَوجهَا عصمتها أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ

باب ما ورد فيمن لا يرثه إلا ابنة

409 - بَاب مَا ورد فِيمَن لَا يَرِثهُ إِلَّا ابْنة عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ جَاءَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعودنِي عَام حجَّة الْوَدَاع من وجع اشْتَدَّ بِي فَقلت يَا رَسُول الله بلغ بِي من الوجع مَا ترى وَأَنا ذُو مَال وَلَا يَرِثنِي إِلَّا أبنة لي أفأتصدق بِثُلثي مَالِي قَالَ لَا قلت فَالشَّطْر قَالَ لَا قلت فَالثُّلُث قَالَ الثُّلُث وَالثلث كثير إِنَّك إِن تذر وَرثتك أَغْنِيَاء خير من أَن تذرهم عَالَة يَتَكَفَّفُونَ النَّاس وَإنَّك لن تنْفق نَفَقَة تبتغي بهَا وَجه الله تَعَالَى إِلَّا أجرت بهَا حَتَّى مَا تجْعَل فِي امْرَأَتك الحَدِيث أخرجه السِّتَّة 410 - بَاب مَا ورد فِي طواف الرجل على نِسَائِهِ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ سُلَيْمَان عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لأطوفن اللَّيْلَة على تسعين امْرَأَة كل امْرَأَة تَأتي بِفَارِس يُجَاهد فِي سَبِيل الله تَعَالَى فَقَالَ لَهُ الْملك قل إِن شَاءَ الله فَلم يقل فَلم تحمل مِنْهُنَّ إِلَّا امْرَأَة وَاحِدَة جَاءَت بشق رجل فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأيم الله الَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو قَالَ إِن شَاءَ الله تَعَالَى لَجَاهَدُوا فِي سَبِيل الله فُرْسَانًا أَجْمَعُونَ أخرجه الشَّيْخَانِ وَالنَّسَائِيّ 411 - بَاب مَا ورد فِي أَن النِّكَاح من سنَن الْمُرْسلين عَن أبي أَيُّوب قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَربع من سنَن الْمُرْسلين الْحيَاء والتعطر وَالنِّكَاح والسواك أخرجه التِّرْمِذِيّ 412 - بَاب مَا ورد فِي تخبيب الْمَرْأَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ منا من خبب امْرَأَة على

باب ما ورد في أن الولد للفراش

زَوجهَا أَو عبدا على سَيّده أخرجه أَبُو دَاوُد وَهَذَا أحد أَلْفَاظه وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَلَفظه من أفسد امْرَأَة على زَوجهَا فَلَيْسَ منا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير والأوسط بِنَحْوِهِ من حَدِيث ابْن عمر وَرَوَاهُ أَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من حَدِيث ابْن عَبَّاس ورواة أبي يعلى كلهم ثِقَات خبب أَي أفسد وخدع وَعَن بُرَيْدَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من حلف الْأَمَانَة لَيْسَ منا وَمن خبب على امرىء زَوجته أَو مَمْلُوكه فَلَيْسَ منا رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد صَحِيح وَاللَّفْظ لَهُ وَالْبَزَّار وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَعَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن إِبْلِيس يضع عَرْشه على المَاء ثمَّ يبْعَث سراياه فأدناهم مِنْهُ منزلَة أعظمهم فتْنَة يَجِيء أحدهم فَيَقُول فعلت كَذَا وَكَذَا فَيَقُول مَا صنعت شَيْئا ثمَّ يَجِيء أحدهم فَيَقُول فعلت كَذَا وَكَذَا حَتَّى فرقت بَينه وَبَين امْرَأَته فيدنيه مِنْهُ وَيَقُول نعم أَنْت فيلتزمه رَوَاهُ مُسلم وَغَيره 413 - بَاب مَا ورد فِي أَن الْوَلَد للْفراش عَن أبي أُمَامَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْوَلَد للْفراش وللعاهر الْحجر وحسابهم على الله وَمن ادّعى إِلَى غير أَبِيه أَو أنتمى إِلَى غير موَالِيه فَعَلَيهِ لعنة الله التابعة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة لَا تنْفق امْرَأَة من بَيت زَوجهَا إِلَّا بِإِذْنِهِ قيل يَا رَسُول الله وَلَا الطَّعَام قَالَ ذَلِك من أفضل أَمْوَالنَا الحَدِيث بِطُولِهِ أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ 414 - بَاب مَا ورد فِي نسَاء كاسيات عاريات عَن أبي هُرَيْرَة فِي حَدِيث طَوِيل قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صنفان من أهل النَّار لم أرهما قوم مَعَهم سياط كأذناب الْبَقر يضْربُونَ

باب ما ورد في إجابة المرأة المؤذن

بهَا النَّاس وَنسَاء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت لَا يدخلن الْجنَّة وَلَا يرحن رِيحهَا وَإِن رِيحهَا ليوجد من مسيرَة كَذَا وَكَذَا أخرجه مُسلم كاسيات أَي بنعم الله وعاريات أَي من شكره سُبْحَانَهُ وَقيل يسترن أجسامهن ويكشفن بَعْضهَا وَقيل يلبسن ثيابًا رقيقَة تصف مَا تحتهَا فهن كاسيات فِي ظَاهر الْأَمر عاريات فِي الْحَقِيقَة ومائلات أَي زائغات عَن طَاعَة الله تَعَالَى وَمَا يلزمهن من حفظ الْفروج ومميلات أَي يعلمن غَيْرهنَّ ذَلِك وَقيل مائلات للشر مميلات للرِّجَال إِلَى الْفِتْنَة وَقيل غير ذَلِك قَوْله رؤوسهن كأسنمة البخت أَي يكبرنها من المقانع وَالْخمر والعمائم أَو بصلَة الشّعْر بِمَا تصير كأسنمة البخت هَذَا آخر مَا لخصناه من كتاب تيسير الْوُصُول وَللَّه الْحَمد وَكَانَ زبره قد تمّ فِي يَوْم الْجُمُعَة يَوْم عَرَفَة من هَذِه السّنة الْحَاضِرَة بعد صَلَاة الْعَصْر وسنبدأ بعد هَذَا بِمَا فِي التَّرْغِيب والترهيب من الْأَحَادِيث الْمُتَعَلّقَة بِالنسَاء وَإِن تكَرر بَعْضهَا فَإِن بعض التكرير أحلى 415 - بَاب مَا ورد فِي إِجَابَة الْمَرْأَة الْمُؤَذّن عَن مَيْمُونَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَامَ بَين صف الرِّجَال وَالنِّسَاء فَقَالَ يَا معشر النِّسَاء إِذا سَمِعْتُمْ أَذَان هَذَا الحبشي وإقامته فَقُلْنَ كَمَا يَقُول فَإِن لَكِن بِكُل حرف ألف ألف دَرَجَة قَالَ عمر هَذَا للنِّسَاء فَمَا للرِّجَال قَالَ ضعفان يَا عمر رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَفِيه نَكَارَة 416 - بَاب مَا ورد فِي ترغيب النِّسَاء فِي الصَّلَاة فِي بُيُوتهنَّ ولزومها وترهيبهن من الْخُرُوج مِنْهَا عَن أم حميد امْرَأَة أبي حميد السَّاعِدِيّ أَنَّهَا جَاءَت إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

فَقَالَت يَا رَسُول الله إِنِّي أحب الصَّلَاة مَعَك قَالَ قد علمت أَنَّك تحبين الصَّلَاة معي وصلاتك فِي بَيْتك خير من صَلَاتك فِي حجرتك وصلاتك فِي حجرتك خير من صَلَاتك فِي دَارك وصلاتك فِي دَارك خير من صَلَاتك فِي مَسْجِد قَوْمك وصلاتك فِي مَسْجِد قَوْمك خير من صَلَاتك فِي مَسْجِدي قَالَ فَأمرت فَبنِي لَهَا مَسْجِد فِي أقْصَى شَيْء من بَيتهَا وأظلمه وَكَانَت تصلي فِيهِ حَتَّى لقِيت الله عز وَجل رَوَاهُ أَحْمد وَابْن حبَان فِي صَحِيحَيْهِمَا وَبَوَّبَ عَلَيْهِ ابْن خُزَيْمَة فَقَالَ بَاب اخْتِيَار صَلَاة الْمَرْأَة فِي حُجْرَتهَا على صلَاتهَا فِي دارها وصلاتها فِي مَسْجِد قَومهَا على صلَاتهَا فِي مَسْجِد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِن كَانَت صَلَاة فِي مَسْجِد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تعدل ألف صَلَاة فِي غَيره من الْمَسَاجِد وَهُوَ الدَّلِيل على أَن قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة فِي مَسْجِدي هَذَا أفضل من ألف صَلَاة فِيمَا سواهُ من الْمَسَاجِد إِنَّمَا أَرَادَ بِهِ صَلَاة الرِّجَال دون صَلَاة النِّسَاء هَذَا كَلَامه رَحمَه الله وَعَن أم سَلمَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ خير مَسَاجِد النِّسَاء قَعْر بُيُوتهنَّ رَوَاهُ أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَفِي إِسْنَاده ابْن لَهِيعَة وَرَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم من طَرِيق دراج أبي السَّمْح عَن السَّائِب مولى أم سلمى عَنْهَا وَقَالَ ابْن خُزَيْمَة لَا أعرف السَّائِب مولى أم سَلمَة بعدالة وَلَا جرح وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد وعنها قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة الْمَرْأَة فِي بَيتهَا خير من صلَاتهَا فِي حُجْرَتهَا وصلاتها فِي حُجْرَتهَا خير من صلَاتهَا فِي دارها وصلاتها فِي دارها خير من صلَاتهَا خَارِجهَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِإِسْنَاد جيد وَعَن ابْن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تمنعوا نساءكم الْمَسَاجِد وبيوتهن خير لَهُنَّ رُوَاة أَبُو دَاوُد وَعنهُ رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ الْمَرْأَة عَورَة وَإِنَّهَا إِذا خرجت من بَيتهَا استشرفها الشَّيْطَان وَإِنَّهَا لَا تكون أقرب إِلَى الله مِنْهَا

فِي قَعْر بَيتهَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَرِجَاله رجال الصَّحِيح وَعَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ صَلَاة الْمَرْأَة فِي بَيتهَا أفضل من صلَاتهَا فِي حُجْرَتهَا وصلاتها فِي مخدعها أفضل من صلَاتهَا فِي بَيتهَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه وَتردد فِي سَماع قَتَادَة هَذَا الْخَبَر من مُورق المخدع بِكَسْر الْمِيم وَإِسْكَان الْمُعْجَمَة وَفتح الدَّال الخزانة الَّتِي تكون فِي الْبَيْت وَعنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْمَرْأَة عَورَة فَإِذا خرجت استشرفها الشَّيْطَان رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان فِي صَحِيحَيْهِمَا بِلَفْظِهِ وَزَادا أقرب مَا تكون من وَجه رَبهَا وَهِي فِي قَعْر بَيتهَا وَعنهُ قَالَ مَا صلت امْرَأَة من صَلَاة أحب إِلَى الله من أَشد مَكَان فِي بَيتهَا ظلمَة رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَرَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه من رِوَايَة إِبْرَاهِيم الهجري عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن أحب صَلَاة الْمَرْأَة إِلَى الله فِي أَشد مَكَان فِي بَيتهَا ظلمَة وَفِي رِوَايَة عِنْد الطَّبَرَانِيّ قَالَ النِّسَاء عَورَة وَإِن الْمَرْأَة لتخرج من بَيتهَا وَمَا بهَا بَأْس فيستشرفها الشَّيْطَان فَيَقُول إِنَّك لم تمري بِأحد إِلَّا أَعْجَبته وَإِن الْمَرْأَة لتلبس ثِيَابهَا فَيُقَال أَيْن تريدين فَتَقول أَعُود مَرِيضا أَو أشهد جَنَازَة أَو أُصَلِّي فِي مَسْجِد وَمَا عبدت امْرَأَة رَبهَا مثل أَن تعبده فِي بَيتهَا وَإسْنَاد هَذَا حسن قَوْله فيستشرفها الشَّيْطَان أَي ينْتَصب وَيرْفَع بَصَره إِلَيْهَا ويهم بهَا لِأَنَّهَا قد تعاطت سَببا من أَسبَاب تسلطه عَلَيْهَا وَهُوَ خُرُوجهَا من بَيتهَا وَعَن أبي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ أَنه رأى عبد الله يخرج النِّسَاء من الْمَسْجِد يَوْم

باب ما ورد في إيقاظ الزوجة زوجها للصلاة

الْجُمُعَة وَيَقُول أخرجن إِلَى بيوتكن فَهُوَ خير لَكِن رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير بِإِسْنَاد لَا بَأْس بِهِ 417 - بَاب مَا ورد فِي إيقاظ الزَّوْجَة زَوجهَا للصَّلَاة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رحم الله رجلا قَامَ من اللَّيْل فصلى وَأَيْقَظَ امْرَأَته فَإِن أَبَت نضح فِي وَجههَا المَاء ورحم الله امْرَأَة قَامَت من اللَّيْل فصلت وأيقظت زَوجهَا فَإِن أَبى نضحت فِي وَجهه المَاء أخرجه أَبُو دَاوُد وَهَذَا لَفظه وَالنَّسَائِيّ وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان فِي صَحِيحهمَا وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم وَعند بَعضهم رش ورشت بدل نضح ونضحت وَهُوَ بِمَعْنَاهُ وروى الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير عَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من رجل يَسْتَيْقِظ فيوقظ امْرَأَته فَإِن غلبها النّوم نضح فِي وَجههَا المَاء فيقومان فِي بيتهما فيذكران الله عز وَجل سَاعَة من اللَّيْل إِلَّا غفر لَهما وَعَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد قَالَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أيقظ الرجل أَهله من اللَّيْل فَصَليَا أَو صليا رَكْعَتَيْنِ جَمِيعًا كتبا فِي الذَّاكِرِينَ الله وَالذَّاكِرَات رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَقَالَ رَوَاهُ ابْن كثير مَوْقُوفا على أبي سعيد وَلم يذكر أَبَا هُرَيْرَة وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم وَأَلْفَاظهمْ مُتَقَارِبَة من اسْتَيْقَظَ من اللَّيْل وَأَيْقَظَ أَهله فَصَليَا رَكْعَتَيْنِ وَزَاد النَّسَائِيّ جَمِيعًا كتبا من الذَّاكِرِينَ الله كثيرا وَالذَّاكِرَات قَالَ الْحَاكِم صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ

باب ما ورد في تعليم الذكر للمرأة

418 - بَاب مَا ورد فِي تَعْلِيم الذّكر للْمَرْأَة عَن عبد الحميد مولى بني هَاشم أَن أمة حدثته وَكَانَت تخْدم بعض بَنَات النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن ابْنة النَّبِي حدثتها أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يعلمهَا فَيَقُول قولي حِين تصبحين سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ لَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه مَا شَاءَ الله كَانَ وَمَا لم يَشَأْ لم يكن أعلم أَن الله على كل شَيْء قدير وَأَن الله قد أحَاط بِكُل شَيْء علما فَإِنَّهُ من قالهن حِين يصبح حفظ حَتَّى يُمْسِي وَمن قالهن حِين يُمْسِي حفظ حَتَّى يصبح رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَأم عبد الحميد لَا أعرفهَا وَعَن أنس بن مَالك قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لفاطمة مَا يمنعك أَن تسمعي مَا أوصيك بِهِ أَن تقولي إِذا أَصبَحت وَإِذا أمسيت يَا حَيّ يَا قيوم بِرَحْمَتك أستغيث أصلح لي شأني كُله وَلَا تَكِلنِي إِلَى نَفسِي طرفَة عين رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَالْبَزَّار بِإِسْنَاد حسن صَحِيح وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرطهمَا وَعَن أنس بن مَالك أَن أم سليم غَدَتْ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت عَلمنِي كَلِمَات أقولهن فِي صَلَاتي فَقَالَ كبري الله عشرا وسبحي عشرا واحمدي عشرا ثمَّ صلي مَا شِئْت يَقُول نعم نعم رَوَاهُ أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن غَرِيب وَالنَّسَائِيّ وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان فِي صَحِيحهمَا وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم 419 - بَاب مَا ورد فِي الساعية بفرجها عَن عُثْمَان عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ تفتح أَبْوَاب السَّمَاء نصف اللَّيْل فينادي مُنَاد هَل من دَاع يُسْتَجَاب لَهُ هَل من سَائل فَيعْطى هَل من مكروب فيفرج عَنهُ فَلَا يبْقى مُسلم يَدْعُو بدعوة إِلَّا اسْتَجَابَ الله لَهُ إِلَّا زَانِيَة تسْعَى بفرجها أَو عشار رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والأوسط وَفِي رِوَايَة لَهُ فِي الْكَبِير إِلَّا الْبَغي بفرجها أَو عشار

باب ما ورد في حرمة استمتاع النساء بالنساء

420 - بَاب مَا ورد فِي حُرْمَة استمتاع النِّسَاء بِالنسَاء عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا استحلت أمتِي خمْسا فَعَلَيْهِم الدمار إِذا ظهر التلاعن وَشَرِبُوا الْخُمُور ولبسوا الْحَرِير وَاتَّخذُوا القيان وَاكْتفى الرِّجَال بِالرِّجَالِ وَالنِّسَاء بِالنسَاء رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ 421 - بَاب مَا ورد فِي أَن مدمن الْخمر يشرب من فروج المومسات عَن أبي مُوسَى أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ثَلَاثَة لَا يدْخلُونَ الْجنَّة مدمن الْخمر وقاطع الرَّحِم ومصدق بِالسحرِ وَمن مَاتَ وَهُوَ مدمن الْخمر سقَاهُ الله عز وَجل من نهر الغوطة قيل وَمَا نهر الغوطة قَالَ نهر يجْرِي من فروج المومسات يُؤْذِي أهل النَّار ريح فروجهن رَوَاهُ أَحْمد وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد 422 - بَاب مَا ورد فِي قبُول الْمَرْأَة عطايا النَّاس عَن عبد الْمطلب بن عبد الله بن حنْطَب أَن عبد الله بن عَامر بعث إِلَى عَائِشَة بِنَفَقَة وَكِسْوَة فَقَالَت للرسول أَي بني لَا أقبل من أحد شَيْئا فَلَمَّا خرج الرَّسُول قَالَت ردُّوهُ عَليّ فَردُّوهُ فَقَالَت إِنِّي ذكرت شَيْئا قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا عَائِشَة من أَعْطَاك عَطاء بِغَيْر مَسْأَلَة فاقبليه فَإِنَّمَا هُوَ رزق عرضه الله إِلَيْك رَوَاهُ أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ ورواة أَحْمد ثِقَات لَكِن قَالَ التِّرْمِذِيّ قَالَ مُحَمَّد يَعْنِي البُخَارِيّ لَا أعرف للمطلب بن عبد الله سَمَاعا من أحد من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا قَوْله حَدثنِي من شهد خطْبَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَسمعت عبد الله بن عبد الرَّحْمَن يَقُول لَا نَعْرِف للمطلب

باب ما ورد في الترغيب في صدقة الزوجة على الزوج والأقارب وتقديمهم على غيرهم

سَمَاعا من أحد من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْمُنْذِرِيّ قد روى عَن أبي هُرَيْرَة وَأما عَائِشَة فَقَالَ أَبُو حَاتِم الْمطلب إِنَّه لم يُدْرِكهَا وَقَالَ أَبُو زرْعَة ثِقَة أَرْجُو أَن يكون سمع من عَائِشَة فالإسناد مُتَّصِل وَإِلَّا فالرسول إِلَيْهَا لم يسم وَالله أعلم 423 - بَاب مَا ورد فِي التَّرْغِيب فِي صَدَقَة الزَّوْجَة على الزَّوْج والأقارب وتقديمهم على غَيرهم عَن زَيْنَب الثقفية امْرَأَة عبد الله بن مَسْعُود قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تصدقن يَا معشر النِّسَاء وَلَو من حليكن قَالَت فَرَجَعت إِلَى عبد الله بن مَسْعُود فَقلت إِنَّك رجل خَفِيف ذَات الْيَد وَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد أمرنَا بِالصَّدَقَةِ فائته فَاسْأَلْهُ فَإِن كَانَ ذَلِك يجزيء عني وَإِلَّا صرفتها إِلَى غَيْركُمْ فَقَالَ عبد الله بل ائته أَنْت فَانْطَلَقت فَإِذا امْرَأَة من الْأَنْصَار بِبَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَاجَتهَا مثل حَاجَتي وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد ألقيت عَلَيْهِ المهابة فَخرج علينا بِلَال فَقُلْنَا لَهُ ائْتِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ أَن امْرَأتَيْنِ بِالْبَابِ تسألانك أتجزيء الصَّدَقَة عَنْهُمَا على أزواجهما وعَلى أَيْتَام فِي حجورهما وَلَا تخبره من نَحن قَالَت فَدخل بِلَال على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَهُ فَقَالَ لَهُ رَسُول الله من هما فَقَالَ امْرَأَة من الْأَنْصَار وَزَيْنَب فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي الزيانب قَالَ امْرَأَة عبد الله بن مَسْعُود فَقَالَ لَهَا أجر الْقَرَابَة وَأجر الصَّدَقَة رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَاللَّفْظ لَهُ وَعَن حَكِيم بن حزَام أَن رجلا سَأَلَ رَسُول الله عَن الصَّدقَات أَيهَا أفضل قَالَ على ذِي الرَّحِم الْكَاشِح رَوَاهُ أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَإسْنَاد أَحْمد حسن والكاشح هُوَ الَّذِي يضمر عداوته فِي كشحه وَهُوَ خصره يَعْنِي أَن أفضل الصَّدَقَة على ذِي الرَّحِم الْمُضمر الْعَدَاوَة فِي بَاطِنه

باب ما ورد في ترغيب المرأة في الصدقة مما لزوجها إذا أذن وترهيبها منها ما لم يأذن

وَعَن أم كُلْثُوم بنت عقبَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أفضل الصَّدَقَة الصَّدَقَة على ذِي الرَّحِم الْكَاشِح رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَرِجَاله رجال الصَّحِيح وَابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم 424 - بَاب مَا ورد فِي ترغيب الْمَرْأَة فِي الصَّدَقَة مِمَّا لزَوجهَا إِذا أذن وترهيبها مِنْهَا مَا لم يَأْذَن عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا أنفقت الْمَرْأَة من بَيتهَا غير مفْسدَة كَانَ لَهَا أجرهَا بِمَا أنفقت ولزوجها أجره بِمَا اكْتسب وللخازن مثل ذَلِك لَا ينقص بَعضهم من أجر بعض شَيْئا رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَاللَّفْظ لَهُ وَأَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَعند بَعضهم إِذا تَصَدَّقت بدل أنفقت وَعَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا يحل للْمَرْأَة أَن تَصُوم وَزوجهَا شَاهد إِلَّا بِإِذْنِهِ وَلَا تَأذن فِي بَيته إِلَّا بِإِذْنِهِ رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَفِي رِوَايَة لأبي دَاوُد أَن أَبَا هُرَيْرَة سُئِلَ عَن الْمَرْأَة هَل تَتَصَدَّق من بَيت زَوجهَا قَالَ لَا إِلَّا من قوتها وَالْأَجْر بَينهمَا وَلَا يحل لَهَا أَن تَتَصَدَّق من مَال زَوجهَا إِلَّا بِإِذْنِهِ وَزَاد رزين الْعَبدَرِي فِي جَامِعَة فَإِن أذن لَهَا فالأجر بَينهمَا فَإِن فعلت بِغَيْر إِذْنه فالأجر لَهُ وَالْإِثْم عَلَيْهَا وَعَن أَسمَاء قَالَت قلت يَا رَسُول الله مَالِي وَمَال إِلَّا مَا أدخلهُ عَليّ الزبير أفأتصدق بِهِ قَالَ تصدقي وَلَا توعي فيوعى عَلَيْك وَفِي رِوَايَة أَنَّهَا جَاءَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت يَا نَبِي الله لَيْسَ لي شَيْء

باب ما ورد في ثواب اللقمة تصلحها المرأة

إِلَّا مَا أَدخل عَليّ الزبير فَهَل عَليّ جنَاح أَن أرضخ بِمَا يدْخل عَليّ قَالَ أرضخي مَا اسْتَطَعْت وَلَا توعي فيوعى الله عَلَيْك رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَعَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا تَصَدَّقت الْمَرْأَة من بَيت زَوجهَا كَانَ لَهَا أجرهَا ولزوجها مثل ذَلِك لَا ينقص كل وَاحِد مِنْهُمَا من أجر صَاحبه شَيْئا لَهُ بِمَا كسب وَلها بِمَا أنفقت رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن وَعَن أبي أُمَامَة قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول فِي خطْبَة عَام حجَّة الْوَدَاع لَا تنْفق امْرَأَة شَيْئا من بَيت زَوجهَا إِلَّا بِإِذن زَوجهَا قيل يَا رَسُول الله وَلَا الطَّعَام قَالَ ذَلِك أفضل أَمْوَالنَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن 425 - بَاب مَا ورد فِي ثَوَاب اللُّقْمَة تصلحها الْمَرْأَة عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الله عز وَجل ليدْخل بلقمة الْخبز وقبصة التَّمْر وَمثله مِمَّا ينفع الْمِسْكِين ثَلَاثَة الْجنَّة الْآمِر لَهُ وَالزَّوْجَة الْمصلحَة لَهُ وَالْخَادِم الَّذِي يناول الْمِسْكِين وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْحَمد لله الَّذِي لم ينس خدمنا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْحَاكِم القبصة بِفَتْح الْقَاف وَضمّهَا وبالصاد الْمُهْملَة هِيَ مَا يتَنَاوَلهُ الْآخِذ برؤوس أَصَابِعه الثَّلَاث 426 - بَاب مَا ورد فِي ترهيب الْمَرْأَة أَن تَصُوم طَوْعًا وَزوجهَا حَاضر إِلَّا أَن تستأذنه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا يحل لامْرَأَة أَن تَصُوم وَزوجهَا شَاهد إِلَّا بِإِذْنِهِ وَلَا تَأذن فِي بَيته إِلَّا بِإِذْنِهِ رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم

باب ما ورد في جهاد النساء

وَغَيرهمَا وَرَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد حسن وَزَاد إِلَّا رَمَضَان وَفِي بعض رِوَايَات أبي دَاوُد غير رَمَضَان وَفِي رِوَايَة لِلتِّرْمِذِي وَابْن مَاجَه لَا تصم الْمَرْأَة وَزوجهَا شَاهد يَوْمًا من غير شهر رَمَضَان إِلَّا بِإِذْنِهِ وَرَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان فِي صَحِيحهمَا بِنَحْوِ مَا قَالَ التِّرْمِذِيّ وَعنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيّمَا امْرَأَة صَامت بِغَيْر إِذن زَوجهَا فأرادها على شَيْء فامتنعت عَلَيْهِ كتب الله عَلَيْهَا ثَلَاثًا من الْكَبَائِر رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من رِوَايَة بَقِيَّة وَهُوَ حَدِيث غَرِيب وَفِيه نَكَارَة وَالله أعلم وروى الطَّبَرَانِيّ حَدِيثا عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِيه وَمن حق الزَّوْج على الزَّوْجَة أَن لَا تَصُوم طَوْعًا إِلَّا بِإِذْنِهِ فَإِن فعلت جاعت وعطشت وَلَا يقبل مِنْهَا 427 - بَاب مَا ورد فِي جِهَاد النِّسَاء عَن عَائِشَة قَالَت قلت يَا رَسُول الله نرى الْجِهَاد أفضل الْأَعْمَال أَفلا نجاهد فَقَالَ لَكِن أفضل الْجِهَاد حج مبرور الحَدِيث رَوَاهُ البُخَارِيّ وَابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه وَلَفظه قَالَت قلت يَا رَسُول الله هَل على النِّسَاء من جِهَاد قَالَ عَلَيْهِنَّ جِهَاد لَا قتال فِيهِ الْحَج وَالْعمْرَة وَعَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ جِهَاد الْكَبِير والضعيف وَالْمَرْأَة الْحَج وَالْعمْرَة رَوَاهُ النَّسَائِيّ بِإِسْنَاد حسن وَعَن أم سَلمَة قَالَت قلت يَا رَسُول الله يَغْزُو الرِّجَال وَلَا يَغْزُو النِّسَاء إِنَّمَا لنا نصف الْمِيرَاث فَأنْزل الله تَعَالَى {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فضل الله بِهِ بَعْضكُم على بعض} سُورَة النِّسَاء قَالَ مُجَاهِد وَأنزل الله فِيهَا {إِن الْمُسلمين وَالْمُسلمَات} سُورَة الْأَحْزَاب وَكَانَت أم سَلمَة ظَعِينَة قدمت الْمَدِينَة مهاجرة أخرجه التِّرْمِذِيّ

باب ما ورد في لزوم المرأة بيتها بعد قضاء فرض الحج

428 - بَاب مَا ورد فِي لُزُوم الْمَرْأَة بَيتهَا بعد قَضَاء فرض الْحَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لنسائه عَام حجَّة الْوَدَاع هَذِه ثمَّ ظُهُور الْحصْر قَالَ وَكن كُلهنَّ يحججن إِلَّا زَيْنَب بنت جحش وَسَوْدَة بنت زَمعَة وكانتا تقولان وَالله لَا تحركنا دَابَّة بعد إِذْ سمعنَا ذَلِك من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ إِسْحَاق فِي حَدِيثه قَالَتَا وَالله لَا تحركنا دَابَّة بعد قَول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه ثمَّ ظُهُور الْحصْر رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو يعلي وَإِسْنَاده حسن وَرَوَاهُ عَن صَالح مولى التَّوْأَمَة ابْن أبي ذِئْب وَقد سمع مِنْهُ قبل اخْتِلَاطه وَعَن أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت قَالَ لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حجَّة الْوَدَاع هِيَ هَذِه الْحجَّة ثمَّ الْجُلُوس على ظُهُور الْحصْر فِي الْبيُوت رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَأَبُو يعلي وَرُوَاته ثِقَات وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما حج بنسائه قَالَ إِنَّمَا هِيَ هَذِه ثمَّ عَلَيْكُم بِظُهُور الْحصْر 429 - بَاب مَا ورد فِي سخط الزَّوْج على الزَّوْجَة عَن جَابر بن عبد الله قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثَة لَا يقبل الله لَهُم صَلَاة الحَدِيث وَفِيه الْمَرْأَة الساخط عَلَيْهَا زَوجهَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من رِوَايَة عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل وَاللَّفْظ لَهُ وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان فِي صَحِيحهمَا من رِوَايَة زُهَيْر بن مُحَمَّد وَعَن فضَالة بن عبيد عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثَة لَا يسْأَل عَنْهُم الحَدِيث وَفِيه وَامْرَأَة غَابَ عَنْهَا زَوجهَا وَقد كفاها مؤونة الدُّنْيَا فخانته بعده رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه

باب ما ورد في عتق النساء المؤمنات

وروى الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم فتبرجت بعده بدل فخانته وَقَالَ صَحِيح على شَرطهمَا وَلَا أعلم لَهُ عِلّة وَعَن ابْن عمر يرفعهُ اثْنَان لَا تجَاوز صلاتهما رؤوسهما الحَدِيث وَفِيه وَامْرَأَة عَصَتْ زَوجهَا حَتَّى ترجع رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالصَّغِير بِإِسْنَاد جيد وَالْحَاكِم وَعَن أبي أُمَامَة مَرْفُوعا ثَلَاثَة لَا تجَاوز صلَاتهم آذانهم الحَدِيث وَفِيه وَامْرَأَة باتت وَزوجهَا عَلَيْهَا ساخط رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن غَرِيب 430 - بَاب مَا ورد فِي عتق النِّسَاء الْمُؤْمِنَات عَن أبي أُمَامَة وَغَيره من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن النَّبِي قَالَ أَيّمَا امرىء مُسلم أعتق امْرَأتَيْنِ مسلمتين كَانَتَا فكاكه من النَّار يَجْزِي كل عُضْو مِنْهُمَا عضوا مِنْهُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن صَحِيح وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه من حَدِيث كَعْب بن مرّة وَرَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو دَاوُد بِمَعْنَاهُ من حَدِيث كَعْب وَزَاد وَأَيّمَا امْرَأَة مسلمة أعتقت امْرَأَة مسلمة كَانَت فكاكها من النَّار يَجْزِي كل عُضْو من أعضائها عضوا من أعضائها وَعَن عقبَة بن عَامر يرفعهُ من أعتق رَقَبَة مُؤمنَة فَهِيَ فكاكه من النَّار رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد صَحِيح وَاللَّفْظ لَهُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو يعلى وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد الرَّقَبَة تعم الْمَرْء وَالْمَرْأَة وَعَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فِي حَدِيث طَوِيل قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيّمَا امْرَأَة مسلمة أعتقت امْرَأَة مسلمة فَهِيَ فكاكها من النَّار يَجْزِي بِكُل عظم مِنْهَا عظما مِنْهَا وَأَيّمَا امرىء مُسلم أعتق امْرَأتَيْنِ مسلمتين فهما فكاكه من النَّار يَجْزِي بِكُل عظمتين من عظامهما عظما مِنْهُ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَلَا بَأْس بروايته إِلَّا أَن أَبَا سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن لم يسمع من أَبِيه

باب ما ورد في غض البصر عن المرأة

431 - بَاب مَا ورد فِي غض الْبَصَر عَن الْمَرْأَة عَن أبي أُمَامَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا من مُسلم ينظر إِلَى محَاسِن امْرَأَة ثمَّ يغض بَصَره إِلَّا أحدث الله لَهُ عبَادَة يجد حلاوتها فِي قلبه رَوَاهُ أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ إِلَّا أَنه قَالَ ينظر إِلَى امْرَأَة أول رمقة وَالْبَيْهَقِيّ وَقَالَ إِنَّمَا أَرَادَ إِن صَحَّ وَالله أعلم أَن يَقع بَصَره عَلَيْهَا من غير قصد فَيصْرف بَصَره عَنْهَا تورعا وَعَن عَليّ بن أبي طَالب أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ يَا عَليّ إِن لَك كنزا فِي الْجنَّة وَإنَّك ذُو قرنيها فَلَا تتبع النظرة النظرة فَإِنَّمَا لَك الأولى وَلَيْسَت لَك الْآخِرَة رَوَاهُ أَحْمد وروى التِّرْمِذِيّ وَأَبُو دَاوُد من حَدِيث بُرَيْدَة يرفعهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَلي يَا عَليّ لَا تتبع النظرة النظرة فَإِنَّمَا لَك الأولى وَلَيْسَت لَك الْآخِرَة وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث شريك ذُو قرنيها أَي ذُو قَرْني هَذِه الْأمة وَذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ شجتان فِي قَرْني رَأسه إِحْدَاهمَا من ابْن ملجم لَعنه الله وَالْأُخْرَى من عَمْرو بن ود وَقيل مَعْنَاهُ إِنَّك ذُو قَرْني الْجنَّة أَي ذُو طرفيها وملكها الْمُمكن فِيهَا الَّذِي يسْلك جَمِيع نَوَاحِيهَا كَمَا سلك الْإِسْكَنْدَر جَمِيع نواحي الأَرْض شرقا وغربا فَسُمي ذَا القرنين على أحد الْأَقْوَال وَهَذَا قريب وَقيل غير ذَلِك وَالله أعلم قلت التَّفْوِيض إِلَى مُرَاد الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أولى وَيَكْفِينَا أَنَّهَا كلمة بِشَارَة لَهُ رَضِي الله عَنهُ وَعَن جرير قَالَ سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن نظر الْفُجَاءَة فَقَالَ اصرف بَصرك رَوَاهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ

باب ما ورد في الخلوة مع الأجنبية

وَعَن أبي أُمَامَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لتغضن أبصاركم ولتحفظن فروجكم أَو ليكسفن الله وُجُوهكُم رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَعَن أبي سعيد قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من صباح إِلَّا وملكان يناديان ويل للرِّجَال من النِّسَاء وويل للنِّسَاء من الرِّجَال رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَعَن عَائِشَة قَالَت بَيْنَمَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالس فِي الْمَسْجِد إِذْ دخلت امْرَأَة من مزينة ترفل فِي زِينَة لَهَا فِي الْمَسْجِد فَقَالَ النَّبِي يَا أَيهَا النَّاس أنهوا نساءكم عَن لبس الزِّينَة والتبختر فِي الْمَسْجِد فَإِن بني إِسْرَائِيل لم يلعنوا حَتَّى لبست نِسَاؤُهُم الزِّينَة وتبخترن فِي الْمَسَاجِد رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَعَن عقبَة بن عَامر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إيَّاكُمْ وَالدُّخُول على النِّسَاء فَقَالَ رجل من الْأَنْصَار أَفَرَأَيْت الحم قَالَ الحم الْمَوْت رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ ثمَّ قَالَ وَمعنى كَرَاهِيَة الدُّخُول على النِّسَاء على نَحْو مَا رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا يخلون رجل بِامْرَأَة إِلَّا كَانَ ثالثهما الشَّيْطَان الحم بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْمِيم وبإثبات الْوَاو أَيْضا وبالهمز أَيْضا هُوَ أَبُو الزَّوْج وَمن أدلى بِهِ كالأخ وَالْعم وَابْن الْعم وَنَحْوهم وَهُوَ المُرَاد هُنَا كَذَا فسره اللَّيْث بن سعد وَغَيره وَأَبُو الْمَرْأَة أَيْضا وَمن أدلى بِهِ وَقيل هُوَ قريب الزَّوْج فَقَط وَقيل قريب الزَّوْجَة فَقَط قَالَ أَبُو عبيد فِي مَعْنَاهُ يَعْنِي فليمت وَلَا يفعلن ذَلِك فَإِذا كَانَ هَذَا رِوَايَة فِي أَب الزَّوْج وَهُوَ محرم فَكيف بالغريب انْتهى قَالَه الْمُنْذِرِيّ رَحمَه الله تَعَالَى 432 - بَاب مَا ورد فِي الْخلْوَة مَعَ الْأَجْنَبِيَّة عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا يخلون أحدكُم بِامْرَأَة إِلَّا مَعَ ذِي محرم رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَتقدم فِي أَحَادِيث الْحمام حَدِيث ابْن

باب ما ورد في أنحاء الزنى

عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِيه من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وباليوم الآخر فَلَا يخلون بِامْرَأَة لَيْسَ بَينه وَبَينهَا محرم رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَعَن معقل بن يسَار قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَن يطعن فِي رَأس أحدكُم بمخيط من حَدِيد خير لَهُ أَن يمس امْرَأَة لَا تحل لَهُ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وَرِجَال الطَّبَرَانِيّ ثِقَات رجال الصَّحِيح الْمخيط بِكَسْر الْمِيم وَفتح الْيَاء هُوَ مَا يخاط بِهِ كالإبرة والمسلة وَنَحْوهمَا وَعَن أبي أُمَامَة عَن رَسُول الله قَالَ إياك وَالْخلْوَة بِالنسَاء وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ مَا خلا رجل بِامْرَأَة إِلَّا دخل الشَّيْطَان بَينهمَا وَلِأَن يزحم رجلا خِنْزِير متلطخ بطين أَو حمأة خير لَهُ من أَن يزحم منكبة منْكب امْرَأَة لَا تحل لَهُ حَدِيث غَرِيب رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ الحمأة بِفَتْح الْحَاء وَسُكُون الْمِيم بعدهمَا همزَة وتاء تَأْنِيث الطين الْأسود المنتن 433 - بَاب مَا ورد فِي أنحاء الزِّنَى عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كتب على ابْن آدم نصِيبه من الزِّنَى فَهُوَ مدرك ذَلِك لَا محَالة العينان زناهما النّظر والأذنان زناهما الِاسْتِمَاع وَاللِّسَان زِنَاهُ الْكَلَام وَالْيَد زنَاهَا الْبَطْش وَالرجل زِنَاهُ الخطو وَالْقلب يهوى ويتمنى وَيصدق ذَلِك الْفرج أَو يكذبهُ رَوَاهُ مُسلم وَالْبُخَارِيّ بِاخْتِصَار وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَفِي رِوَايَة لمُسلم وَأبي دَاوُد وَالْيَدَانِ تزنيان فزناهما الْبَطْش وَالرجلَانِ تزنيان فزناهما الْمَشْي والفم يَزْنِي فزناه الْقبْلَة وَعَن عبد الله بن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ العينان تزنيان وَالرجلَانِ تزنيان والفرج يَزْنِي رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد صَحِيح وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى

باب ما ورد في نكاح الحرائر وذات الدين الولود

434 - بَاب مَا ورد فِي نِكَاح الْحَرَائِر وَذَات الدَّين الْوَلُود عَن أنس بن مَالك أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من أَرَادَ أَن يلقِي الله طَاهِرا مطهرا فليتزوج الْحَرَائِر رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَعَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ أَن رَسُول الله قَالَ الدُّنْيَا مَتَاع وَخير متاعها الْمَرْأَة الصَّالِحَة رَوَاهُ مُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَلَفظه إِنَّمَا الدُّنْيَا مَتَاع وَلَيْسَ من مَتَاع الدُّنْيَا شَيْء أفضل من الْمَرْأَة الصَّالِحَة وَعنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الدُّنْيَا مَتَاع وَمن خير متاعها امْرَأَة تعين زَوجهَا على الْآخِرَة مِسْكين مِسْكين رجل لَا امْرَأَة لَهُ مسكينة مسكينة امْرَأَة لَا زوج لَهَا ذكره رزين وَلم أره فِي شَيْء من أُصُوله وشطره الْأَخير مُنكر وَعَن أبي أُمَامَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يَقُول مَا اسْتَفَادَ الْمُؤمن بعد تقوى الله خير لَهُ من زَوْجَة صَالِحَة إِن أمرهَا أَطَاعَته وَإِن نظر إِلَيْهَا سرته وَإِن أقسم عَلَيْهَا أَبرته وَإِن غَابَ عَنْهَا نَصَحته فِي نَفسهَا وَمَاله رَوَاهُ ابْن مَاجَه عَن عَليّ بن يزِيد وَعَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَربع من أعطيهن فقد أعطي خير الدُّنْيَا وَالْآخِرَة قلبا شاكرا وَلِسَانًا ذَاكِرًا وبدنا على الْبلَاء صَابِرًا وَزَوْجَة لَا تبغيه حوبا فِي نَفسهَا وَمَاله رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والأوسط وَإسْنَاد أَحدهمَا جيد الْحُوب بِفَتْح الْحَاء وتضم هُوَ الْإِثْم عَن ثَوْبَان قَالَ قَالَ بعض أَصْحَابه لَو علمنَا أَي المَال خير فَنَتَّخِذهُ فَقَالَ أفضله لِسَان ذَاكر وقلب شَاكر وَزَوْجَة مُؤمنَة تعينه على إيمَانه رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَالتِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن سَأَلت مُحَمَّد بن اسماعيل يَعْنِي البُخَارِيّ فَقلت لَهُ هَل سَالم بن أبي الْجَعْد سمع من ثَوْبَان فَقَالَ لَا وَعَن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن سعد بن أبي وَقاص عَن أَبِيه عَن جده

قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من سَعَادَة ابْن آدم ثَلَاثَة وَمن شقوة ابْن آدم ثَلَاثَة من سَعَادَة ابْن آدم الْمَرْأَة الصَّالِحَة والمسكن الصَّالح والمركب الصَّالح وَمن شقوة ابْن آدم الْمَرْأَة السوء والمسكن السوء والمركب السوء رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد صَحِيح وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَزَّار وَالْحَاكِم وَصَححهُ إِلَّا أَنه قَالَ والمسكن الضّيق وَابْن حبَان فِي صَحِيحه إِلَّا أَنه قَالَ أَربع من السَّعَادَة الْمَرْأَة الصَّالِحَة والمسكن الْوَاسِع وَالْجَار الصَّالح والمركب الهنيء وَأَرْبع من الشَّقَاء الْجَار السوء وَالْمَرْأَة السوء والمركب السوء والمسكن الضّيق وَعَن مُحَمَّد بن سعد يَعْنِي ابْن أبي وَقاص عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ثَلَاث من السَّعَادَة الْمَرْأَة ترَاهَا تعجبك وتغيب فتأمنها على نَفسهَا إِلَى قَوْله وَثَلَاث من الشَّقَاء الْمَرْأَة ترَاهَا فتسوؤك وَتحمل لسانها عَلَيْك وَإِن غبت لم تأمنها على نَفسهَا الحَدِيث رَوَاهُ الْحَاكِم وَقَالَ تفرد بِهِ مُحَمَّد يَعْنِي ابْن بكير الخضرمي فَإِن كَانَ حفظه فإسناده على شَرطهمَا قَالَ الْمُنْذِرِيّ مُحَمَّد هَذَا صَدُوق وثقة غير وَاحِد وَعَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من رزقه الله امْرَأَة صَالِحَة فقد أَعَانَهُ على شطر دينه فليتق الله فِي الشّطْر الْبَاقِي رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْحَاكِم وَمن طَرِيقه الْبَيْهَقِيّ وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد وَفِي رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا تزوج العَبْد فقد اسْتكْمل نصف الدَّين فليتق الله فِي النّصْف الْبَاقِي وَعَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثَة حق على الله عونهم الحَدِيث وَفِيه والناكح الَّذِي يُرِيد العفاف رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَاللَّفْظ لَهُ وَقَالَ حَدِيث حسن صَحِيح وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم

وَعَن أنس بن مَالك فِي حَدِيث طَوِيل قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أما وَالله إِنِّي لأخشاكم لله وأتقاكم لَهُ لكني أَصوم وَأفْطر وأصلي وأرقد وأتزوج النِّسَاء فَمن رغب عَن سنتي فَلَيْسَ مني رَوَاهُ البُخَارِيّ وَاللَّفْظ لَهُ وَمُسلم وَغَيرهمَا وَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تنْكح الْمَرْأَة على إِحْدَى خِصَال لجمالها وَمَالهَا وخلقها ودينها فَعَلَيْك بِذَات الدَّين والخلق تربت يَمِينك رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد صَحِيح وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَعَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله قَالَ تنْكح الْمَرْأَة لأَرْبَع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بِذَات الدَّين تربت يداك رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه تربت يداك كلمة مَعْنَاهَا الْحَث والتحريض وَقيل هِيَ هُنَا دُعَاء عَلَيْهِ بالفقر وَقيل بِكَثْرَة المَال وَاللَّفْظ مُشْتَرك بَينهمَا قَابل لكل مِنْهُمَا وَالْآخر هُنَا أظهر وَمَعْنَاهُ اظفر بِذَات الدَّين وَلَا تلْتَفت إِلَى المَال أَكثر الله مَالك وَرُوِيَ الأول عَن الزُّهْرِيّ وَأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا قَالَ لَهُ ذَلِك لِأَنَّهُ رأى الْفقر خيرا لَهُ من الْغنى وَالله أعلم بِمُرَاد نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَن أنس عَن النَّبِي من تزوج امْرَأَة لعزها لم يزده الله إِلَّا ذلا وَمن تزَوجهَا لمالها لم يزده الله إِلَّا فقرا وَمن تزَوجهَا لحسبها لم يزده الله إِلَّا دناءة وَمن تزوج امْرَأَة لم يرد بهَا إِلَّا أَن يغض بَصَره ويحصن فرجه أَو يصل رَحمَه بَارك الله لَهُ فِيهَا وَبَارك لَهَا فِيهِ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَعَن عبد الله بن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تتزوجوا النِّسَاء لحسنهن فَعَسَى حسنهنَّ أَن يرديهن وَلَا تتزوجوهن لأموالهن فَعَسَى أموالهن أَن تطغيهن وَلَكِن تزوجوهن على الدَّين وَلأمة خرماء سَوْدَاء ذَات دين أفضل رَوَاهُ ابْن مَاجَه من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن زِيَاد بن أنعم

باب ما ورد في تغيير أسماء النساء

وَعَن معقل بن يسَار قَالَ جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي أصبت امْرَأَة ذَات حسب ومنصب وَمَال إِلَّا أَنَّهَا لَا تَلد أفأتزوجها فَنَهَاهُ ثمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَة فَقَالَ لَهُ مثل ذَلِك ثمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَة فَقَالَ لَهُ تزوجوا الْوَلُود فَإِنِّي مُكَاثِر بكم الْأُمَم رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَاللَّفْظ لَهُ وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد 435 - بَاب مَا ورد فِي تَغْيِير أَسمَاء النِّسَاء عَن ابْن عمر أَن ابْنة لعمر كَانَ يُقَال لَهَا عاصية فسماها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جميلَة رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن وَرَوَاهُ مُسلم بِاخْتِصَار قَالَ إِن رَسُول الله غير اسْم عاصية وَقَالَ أَنْت جميلَة وَعَن أبي هُرَيْرَة أَن زَيْنَب بنت أبي سَلمَة كَانَ اسْمهَا برة فَقيل تزكي نَفسهَا فسماها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زَيْنَب رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن مَاجَه وَغَيرهم وَعَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَطاء قَالَ سميت ابْنَتي برة فَقَالَت زَيْنَب بنت أبي سَلمَة إِن رَسُول الله نهى عَن هَذَا الِاسْم وَسميت برة فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تزكوا أَنفسكُم الله أعلم بِأَهْل الْبر مِنْكُم فَقَالُوا بِمَ نسميها فَقَالَ سَموهَا زَيْنَب رَوَاهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد 436 - بَاب مَا ورد فِيمَن مَاتَ لَهُ ثَلَاثَة من الْأَوْلَاد أَو أثنان أَو وَاحِد عَن أنس قَالَ إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من احتسب ثَلَاثَة من صلبه دخل الْجنَّة فَقَامَتْ امْرَأَة فَقَالَت أَو اثْنَان فَقَالَ أَو اثْنَان فَقَالَت يَا لَيْتَني قلت وَاحِدَة رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه مُخْتَصرا

وَعَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لنسوة من الْأَنْصَار لَا يَمُوت لإحداكن ثَلَاث من الْوَلَد فتحتسبه إِلَّا دخلت الْجنَّة فَقَالَت امْرَأَة مِنْهُنَّ أَو اثْنَان يَا رَسُول الله قَالَ أَو اثْنَان رَوَاهُ مُسلم وَفِي أُخْرَى لَهُ أَيْضا قَالَ أَتَت امْرَأَة بصبي لَهَا فَقَالَت يَا نَبِي الله ادْع الله لي فَلَقَد دفنت ثَلَاثَة فَقَالَ أدفنت ثَلَاثَة قَالَت نعم قَالَ لقد احتظرت بحظار شَدِيد من النَّار الحظار بِكَسْر الْحَاء والظاء الْمُعْجَمَة هُوَ الْحَائِط يَجْعَل حول الشَّيْء كالسور الْمَانِع وَمَعْنَاهُ لقد احتميت وتحصنت من النَّار بحمى عَظِيم وحصن حُصَيْن وَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ جَاءَت امْرَأَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت يَا رَسُول الله ذهب الرِّجَال بحديثك فَاجْعَلْ لنا من نَفسك يَوْمًا نَأْتِيك فِيهِ تعلمنا مِمَّا علمك الله فَقَالَ اجْتَمعْنَ يَوْم كَذَا وَكَذَا فِي مَوضِع كَذَا وَكَذَا فاجتمعن فأتاهن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعلمهن مِمَّا علمه الله ثمَّ قَالَ مَا مِنْكُن من امْرَأَة تقدم ثَلَاثَة من الْوَلَد إِلَّا كَانُوا لَهَا حِجَابا من النَّار فَقَالَت امْرَأَة واثنين فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم واثنين رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَغَيرهمَا وَعَن عقبَة بن عَامر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ من أثكل ثَلَاثَة من صلبه فاحتسبهم على الله فِي سَبِيل الله عز وَجل وَجَبت لَهُ الْجنَّة رَوَاهُ أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَرُوَاته ثِقَات وَعَن حَبِيبَة أَنَّهَا كَانَت عِنْد عَائِشَة فجَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى دخل عَلَيْهَا فَقَالَ مَا من مُسلمين يَمُوت لَهما ثَلَاثَة من الْوَلَد لم يبلغُوا الْحِنْث إِلَّا جِيءَ بهم يَوْم الْقِيَامَة حَتَّى يوقفوا على بَاب الْجنَّة فَيُقَال لَهُم ادخُلُوا الْجنَّة فَيَقُولُونَ حَتَّى تدخل آبَاءَنَا فَيُقَال لَهُم ادخُلُوا الْجنَّة أَنْتُم وآباؤكم رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير بِإِسْنَاد حسن جيد

باب ما ورد في إفشاء السر من الزوجين

437 - بَاب مَا ورد فِي إفشاء السِّرّ من الزَّوْجَيْنِ عَن أبي سعيد قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن من شَرّ النَّاس عِنْد الله منزلَة يَوْم الْقِيَامَة الرجل يُفْضِي إِلَى امْرَأَته وتفضي إِلَيْهِ ثمَّ ينشر أَحدهمَا سر صَاحبه وَفِي رِوَايَة إِن من أعظم الْأَمَانَة عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة الرجل يُفْضِي إِلَى امْرَأَته وتفضي إِلَيْهِ ثمَّ ينشر سرها رَوَاهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَغَيرهمَا وَعَن أَسمَاء بنت يزِيد أَنَّهَا كَانَت عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالرِّجَال وَالنِّسَاء قعُود عِنْده فَقَالَ لَعَلَّ رجلا يَقُول مَا فعل بأَهْله وَلَعَلَّ امْرَأَة تخبر بِمَا فعلت مَعَ زَوجهَا فأرم الْقَوْم فَقلت إِي وَالله يَا رَسُول الله إِنَّهُم ليفعلون وإنهن ليفعلن قَالَ فَلَا تَفعلُوا فَإِنَّمَا مثل ذَلِك مثل شَيْطَان لَقِي شَيْطَانَة فغشيها وَالنَّاس ينظرُونَ رَوَاهُ أَحْمد من رِوَايَة شهر بن حَوْشَب أرم بِفَتْح الرَّاء وَتَشْديد الْمِيم أَي سكتوا وَقيل سكتوا من خوف وَنَحْوه وَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا عَسى أحدكُم أَن يَخْلُو بأَهْله يغلق بَابا ثمَّ يُرْخِي سترا ثمَّ يقْضِي حَاجته ثمَّ إِذا خرج حدث أَصْحَابه بذلك أَلا عَسى إحداكن أَن تغلق بَابهَا وترخي سترهَا فَإِذا قَضَت حَاجَتهَا حدثت صواحبها فَقَالَت امْرَأَة سفعاء الْخَدين وَالله يَا رَسُول الله إنَّهُنَّ ليفعلن وَإِنَّهُم ليفعلون قَالَ فَلَا تَفعلُوا فَإِنَّمَا مثل ذَلِك مثل شَيْطَان لَقِي شَيْطَانَة على قَارِعَة الطَّرِيق فَقضى حَاجته مِنْهَا ثمَّ انْصَرف وَتركهَا رَوَاهُ الْبَزَّار وَله شَوَاهِد تقويه وَهُوَ عِنْد أبي دَاوُد مطولا بِنَحْوِهِ من حَدِيث شيخ من طفاوة وَلم يسمه عَن أبي هُرَيْرَة وَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَيْضا رضى الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ السبَاع حرَام قَالَ ابْن لَهِيعَة يَعْنِي الَّذِي يفتخر بِالْجِمَاعِ رَوَاهُ

باب ما ورد في ترهيب الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة والنامصة والمتنمصة والمتفلجة

أَحْمد وَأَبُو يعلي وَالْبَيْهَقِيّ كلهم من طَرِيق دراج عَن أبي الْهَيْثَم وَقد صححها غير وَاحِد السبَاع بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة بعْدهَا مُوَحدَة هُوَ الْمَشْهُور وَقيل بالشين الْمُعْجَمَة وَعَن جَابر بن عبد الله أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْمجَالِس بالأمانة إِلَّا ثَلَاث مجَالِس سفك دم حرَام أَو فرج حرَام أَو اقتطاع مَال بِغَيْر حق رَوَاهُ أَبُو دَاوُد من رِوَايَة ابْن أخي جَابر بن عبد الله وَهُوَ مَجْهُول وَفِيه أَيْضا عبد الله بن نَافِع الصَّائِغ روى لَهُ مُسلم وَغَيره وَفِيه كَلَام 438 - بَاب مَا ورد فِي ترهيب الْوَاصِلَة وَالْمسْتَوْصِلَة والواشمة والمستوشمة والنامصة والمتنمصة والمتفلجة عَن أَسمَاء رَضِي الله عَنْهَا أَن امْرَأَة سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت يَا رَسُول الله إِن ابْنَتي أصابتها الحصبة فتمزق شعرهَا وَإِنِّي زوجتها أفأصل فِيهِ فَقَالَ لعن الله الْوَاصِلَة وَالْمسْتَوْصِلَة رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن مَاجَه وَعَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعن الْوَاصِلَة وَالْمسْتَوْصِلَة والواشمة والمستوشمة رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَعَن ابْن مَسْعُود أَنه قَالَ لعن الله الْوَاشِمَات وَالْمُسْتَوْشِمَات وَالْمُتَنَمِّصَات وَالْمُتَفَلِّجَات لِلْحسنِ الْمُغيرَات خلق الله فَقَالَت لَهُ امْرَأَة فِي ذَلِك فَقَالَ وَمَا لي لَا ألعن من لَعنه الله رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ فِي كتاب الله قَالَ الله تَعَالَى {وَمَا آتَاكُم الرَّسُول فَخُذُوهُ وَمَا نهاكم عَنهُ فَانْتَهوا} سُورَة الْحَشْر رَوَاهُ

البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه المتفلجة هِيَ الَّتِي تفلج أسنانها بالبرد وَنَحْوه للتحسين وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ لعنت الْوَاصِلَة وَالْمسْتَوْصِلَة والنامصة والمتنمصة والواشمة والمستوشمة من غير دَاء رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيره الْوَاصِلَة هِيَ الَّتِي تصل شعرهَا بِشعر غَيرهَا وَالْمسْتَوْصِلَة الْمَعْمُول بهَا ذَلِك والنامصة الَّتِي تنقش الْحَاجِب حَتَّى ترققها كَذَا قَالَ أَبُو دَاوُد وَقَالَ الْخطابِيّ هُوَ من النمص وَهُوَ نتف الشّعْر عَن الْوَجْه والمتنمصة الْمَعْمُول بهَا ذَلِك والواشمة الَّتِي تغرز الْيَد أَو الْوَجْه بالإبر ثمَّ تحشو ذَلِك الْمَكَان بكحل أَو مداد والمستوشمة الْمَعْمُول بهَا ذَلِك وَعَن حميد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَنه سمع مُعَاوِيَة عَام حج خطب على الْمِنْبَر وَتَنَاول قصَّة من شعر كَانَت فِي يَد حرسي فَقَالَ يَا أهل الْمَدِينَة أَيْن عُلَمَاؤُكُمْ سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينْهَى عَن مثل هَذَا وَيَقُول إِنَّمَا هَلَكت بَنو إِسْرَائِيل حِين اتخذها نِسَاؤُهُم رَوَاهُ مَالك وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن ابْن الْمسيب قَالَ قدم مُعَاوِيَة الْمَدِينَة فَخَطَبنَا وَأخرج كبة من شعر فَقَالَ مَا كنت أرى أَن أحدا يَفْعَله إِلَّا الْيَهُود إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بلغه ذَلِك فَسَماهُ الزُّور وَفِي أُخْرَى لَهما أَن مُعَاوِيَة قَالَ ذَات يَوْم إِنَّكُم قد أحدثتم زِيّ سوء وَإِن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن الزُّور قَالَ قَتَادَة يَعْنِي مَا يكثر بِهِ النِّسَاء شعورهن من الْخرق الحرسي وَاحِد الحرس وهم خدم الْخَلِيفَة المرتبون لحفظه وحراسته

باب ما ورد في نهي المرأة عن الأكل مرتين في يوم واحد

439 - بَاب مَا ورد فِي نهي الْمَرْأَة عَن الْأكل مرَّتَيْنِ فِي يَوْم وَاحِد عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت رَآنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد أكلت فِي الْيَوْم مرَّتَيْنِ فَقَالَ يَا عَائِشَة أما تحبين أَن يكون لَك شغل إِلَّا جوفك الْأكل فِي الْيَوْم مرَّتَيْنِ من الْإِسْرَاف وَالله لَا يحب المسرفين رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ وَفِيه ابْن لَهِيعَة وَفِي رِوَايَة فَقَالَ يَا عَائِشَة اتَّخذت الدُّنْيَا لبطنك أَكثر من أَكلَة كل يَوْم سرف وَالله لَا يحب المسرفين 440 - بَاب مَا ورد فِي حِيلَة الْمَرْأَة فِي الوقاع وَأَن الْخمر أم الْخَبَائِث عَن عُثْمَان بن عَفَّان قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول اجتنبوا أم الْخَبَائِث فَإِنَّهُ كَانَ رجل مِمَّن كَانَ قبلكُمْ يتعبد ويعتزل النَّاس فعلقته امْرَأَة فَأرْسلت إِلَيْهِ خَادِمًا تَقول إِنَّا ندعوك لشهادة فَدخل فطفقت كلما دخل بَابا أغلقته دونه حَتَّى إِذا أفْضى إِلَى امْرَأَة وضيئة جالسة وَعِنْدهَا غُلَام وباطية فِيهَا خمر فَقَالَت إِنِّي لم أدعك لشهادة وَلَكِن دعوتك لتقتل هَذَا الْغُلَام أَو تقع عَليّ أَو تشرب كأسا من الْخمر فَإِن أَبيت صحت بك وفضحتك قَالَ فَلَمَّا رأى أَنه لَا بُد لَهُ من ذَلِك قَالَ اسْقِنِي كأسا من الْخمر فسقته كأسا من الْخمر فَقَالَ زيديني فَلم تزل حَتَّى وَقع عَلَيْهَا وَقتل النَّفس الحَدِيث رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَاللَّفْظ لَهُ وَالْبَيْهَقِيّ مَرْفُوعا مثله وموقوفا وَذكر أَنه المحفوط

باب ما ورد في الزنى بحليلة الجار

441 - بَاب مَا ورد فِي الزِّنَى بحليلة الْجَار عَن ابْن مَسْعُود قَالَ سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي الذَّنب أعظم عِنْد الله قَالَ أَن تجْعَل لله ندا وَهُوَ خلقك قَالَ قلت إِن ذَلِك لعَظيم ثمَّ أَي قَالَ أَن تقتل ولدك مَخَافَة أَن يطعم مَعَك قَالَ قلت ثمَّ أَي قَالَ أَن تُزَانِي حَلِيلَة جَارك قَالَ فَنزل تَصْدِيق ذَلِك قَوْله تَعَالَى {وَالَّذين لَا يدعونَ مَعَ الله إِلَهًا آخر وَلَا يقتلُون النَّفس الَّتِي حرم الله إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يزنون} سُورَة الْفرْقَان أخرجه الْخَمْسَة الحليلة الزَّوْجَة وَعَن الْمِقْدَاد بن الْأسود قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأَصْحَابه لِأَن يَزْنِي الرجل بِعشر نسْوَة أيسر عَلَيْهِ من أَن يَزْنِي بِامْرَأَة جَاره رَوَاهُ أَحْمد وَرُوَاته ثِقَات وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والأوسط وَعَن ابْن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الزَّانِي بحليلة جَاره لَا ينظر الله إِلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة وَلَا يُزَكِّيه وَيَقُول أَدخل النَّار مَعَ الداخلين رَوَاهُ ابْن أبي الدُّنْيَا والخرائطي وَغَيرهمَا وَعَن أبي قَتَادَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قعد على فرَاش مغيبة قيض الله لَهُ ثعبانا يَوْم الْقِيَامَة رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْكَبِير من رِوَايَة ابْن لَهِيعَة المغيبة بِضَم الْمِيم وَكسر الْغَيْن وبسكونها أَيْضا مَعَ كسر الْيَاء هِيَ الَّتِي غَابَ عَنْهَا زَوجهَا وَعَن ابْن عمر يرفعهُ مثل الَّذِي يجلس على فرَاش المغيبة مثل الَّذِي ينهشه أسود من أساود يَوْم الْقِيَامَة رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَرُوَاته ثِقَات الأساود الْحَيَّات وأحدها أسود

باب ما ورد في النهي عن إتيان النساء في أدبارهن

442 - بَاب مَا ورد فِي النَّهْي عَن إتْيَان النِّسَاء فِي أدبارهن عَن عبد الله بن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ هِيَ اللوطية الصُّغْرَى يَعْنِي الرجل يَأْتِي امْرَأَته فِي دبرهَا رَوَاهُ أَحْمد وَالْبَزَّار ورجالهما رجال الصَّحِيح وَعَن خُزَيْمَة بن ثَابت قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله لَا يستحي من الْحق ثَلَاث مَرَّات لَا تَأْتُوا النِّسَاء فِي أدبارهن رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَاللَّفْظ لَهُ وَالنَّسَائِيّ بأسانيد أَحدهَا جيد وَعَن عقبَة بن عَامر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعن الله الَّذين يأْتونَ النِّسَاء فِي محاشهن رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ من رِوَايَة عبد الصَّمد بن الْفضل المحاش جمع محشة وَهِي الدبر وَفِي هَذَا الْبَاب جملَة أَحَادِيث غير مَا ذكرنَا وَقد تقدم فِي تَفْسِير الْكتاب بعض مِنْهَا 443 - بَاب مَا ورد فِي نهي الْمَرْأَة عَن الدُّعَاء على السَّارِق عَن عَائِشَة أَنَّهَا سرق لَهَا شَيْء فَجعلت تَدْعُو عَلَيْهِ أَي السَّارِق فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تسبخي عَنهُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد أَي لَا تخففي عَنهُ الْعقُوبَة وتنقصي أجرك فِي الْآخِرَة بدعائك عَلَيْهِ والتسبيخ التَّخْفِيف وَهُوَ بسين ثمَّ مُوَحدَة ومعجمة 444 - بَاب مَا ورد فِي نهي الْمَرْأَة عَن المحقرات والإصرار على شَيْء مِنْهَا عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَا عَائِشَة إياك ومحقرات الذُّنُوب فَإِن لَهَا من الله طَالبا رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَاللَّفْظ لَهُ وَابْن مَاجَه وَابْن حبَان فِي

باب ما ورد في الترهيب من عقوق الوالدين

صَحِيحه وَقَالَ الْأَعْمَال بدل الذُّنُوب وَفِي رِوَايَة عَن سهل بن سعد مَرْفُوعا أَن محقرات الذُّنُوب مَتى يُؤْخَذ بهَا صَاحبهَا تهلكه رَوَاهُ أَحْمد وَرُوَاته مُحْتَج بهم فِي الصَّحِيح 445 - بَاب مَا ورد فِي التَّرْهِيب من عقوق الْوَالِدين عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الله حرم عَلَيْكُم عقوق الْأُمَّهَات الحَدِيث رَوَاهُ البُخَارِيّ وَغَيره وَعَن أبي بكرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا أنبئكم بأكبر الْكَبَائِر ثَلَاثًا قُلْنَا بلَى يَا رَسُول الله قَالَ الْإِشْرَاك بِاللَّه وعقوق الْوَالِدين الحَدِيث رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَعَن ابْن عَمْرو بن الْعَاصِ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ثَلَاثَة حرم الله تبَارك وَتَعَالَى عَلَيْهِم الْجنَّة مدمن الْخمر والعاق لوَالِديهِ والديوث الَّذِي يقر الْخبث فِي أَهله رَوَاهُ أَحْمد وَاللَّفْظ لَهُ وَالنَّسَائِيّ وَالْبَزَّار وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَورد غير هَذِه الْأَحَادِيث وَفِي مَا ذَكرْنَاهُ كِفَايَة لَا سِيمَا أَنه تقدم النَّهْي عَن ذَلِك فِي تَفْسِير الْكتاب الْعَزِيز 446 - بَاب مَا ورد فِي أَن مِنْهُنَّ الفواقر عَن فضَالة بن عبيد قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاث من الفواقر الحَدِيث وَذكر فِيهِ وَامْرَأَة إِن حضرت آذتك وَإِن غبت عَنْهَا خانتك رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَاد لَا بَأْس بِهِ وَعَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَربع من

باب ما ورد في ترهيب المرأة أن تسافر وحدها بغير محرم

السَّعَادَة الْمَرْأَة الصَّالِحَة إِلَى قَوْله وَأَرْبع من الشَّقَاء إِلَى قَوْله الْمَرْأَة السوء رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَقد تقدم بعض من هَذَا بَاب مَا ورد فِي ترهيب الْمَرْأَة أَن تُسَافِر وَحدهَا بِغَيْر محرم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يحل لامْرَأَة تؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر أَن تُسَافِر سفرا يكون ثَلَاثَة أَيَّام فَصَاعِدا إِلَّا وَمَعَهَا أَبوهَا أَو أَخُوهَا أَو زَوجهَا أَو ابْنهَا أَو ذُو محرم مِنْهَا رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ وَمُسلم لَا تُسَافِر الْمَرْأَة يَوْمَيْنِ من الدَّهْر إِلَّا وَمَعَهَا ذُو محرم مِنْهَا أَو زَوجهَا وَعَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يحل لامْرَأَة تؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر أَن تُسَافِر مسيرَة يَوْم وَلَيْلَة إِلَّا مَعَ ذِي محرم عَلَيْهَا وَفِي رِوَايَة مسيرَة يَوْم وَفِي أُخْرَى مسيرَة لَيْلَة إِلَّا وَمَعَهَا ذُو محرم مِنْهَا رَوَاهُ مَالك وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه وَفِي رِوَايَة لأبي دَاوُد وَابْن خُزَيْمَة أَن تُسَافِر بريدا 448 - بَاب مَا ورد فِي التَّرْغِيب فِي الصَّبْر للنِّسَاء على الْبلَاء وَالْمَرَض وَغَيرهمَا عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا يزَال الْبلَاء بِالْمُؤمنِ والمؤمنة فِي نَفسه وَولده وَمَاله حَتَّى يلقى الله تَعَالَى وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَة رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن صَحِيح وَرَوَاهُ الْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم وَعَن أبي هُرَيْرَة قَالَ جَاءَت امْرَأَة بهَا لمَم إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

باب ما ورد في ترهيب النساء من النياحة على الميت

فَقَالَت يَا رَسُول الله ادْع الله لي فَقَالَ إِن شِئْت دَعَوْت الله فشفاك وَإِن شِئْت صبرت وَلَا حِسَاب عَلَيْك قَالَت بل أَصْبِر وَلَا حِسَاب عَليّ رَوَاهُ الْبَزَّار وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَقد تقدم أَيْضا مثل هَذَا 449 - بَاب مَا ورد فِي ترهيب النِّسَاء من النِّيَاحَة على الْمَيِّت عَن النُّعْمَان بن بشير قَالَ أغمى على عبد الله بن رَوَاحَة فَجعلت أُخْته تبْكي عَلَيْهِ وَتقول واجبلاه واكذا واكذا تعدد عَلَيْهِ فَقَالَ حِين أَفَاق مَا قلت شَيْئا إِلَّا قيل لي أَنْت كَذَلِك رَوَاهُ البُخَارِيّ وَزَاد فِي رِوَايَة فَلَمَّا مَاتَ لم تبك عَلَيْهِ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير عَن الْأَعْمَش عَن عبد الله بن عمر بِنَحْوِهِ وَفِيه فَقَالَ يَا رَسُول الله أُغمي عَليّ فصاحت النِّسَاء واعزاه واجبلاه فَقَامَ ملك مَعَه مزربة فَجَعلهَا بَين رجْلي فَقَالَ أَنْت كَمَا تَقول قلت لَا وَلَو قلت نعم ضَرَبَنِي بهَا وَالْأَعْمَش لم يدْرك ابْن عمر وَعَن الْحسن قَالَ إِن معَاذ بن جبل أغمى عَلَيْهِ فَجعلت أُخْته تَقول واجبلاه أَو كلمة أُخْرَى فَلَمَّا أَفَاق قَالَ مَا زَالَت مؤذية لي مُنْذُ الْيَوْم قَالَت لقد كَانَ يعز عَليّ أَن أوذيك قَالَ مَا زَالَ ملك شَدِيد الِانْتِهَار كلما قلت واكذا قَالَ كَذَلِك أَنْت فَأَقُول لَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَالْحسن لم يدْرك معَاذًا وَعَن أبي مُوسَى أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا من ميت يَمُوت فَيقوم باكيهم فَيَقُول واجبلاه واسيداه أَو نَحْو ذَلِك إِلَّا وكل بِهِ ملكان يلهزانه أهكذا أَنْت رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَالتِّرْمِذِيّ وَاللَّفْظ لَهُ وَقَالَ حَدِيث حسن غَرِيب وَفِي الْبَاب أَحَادِيث لَيْسَ فِيهَا ذكر النِّسَاء وَلكنهَا تشملهن لِأَن النِّيَاحَة

على الْمَيِّت على الْوَجْه الْمَكْرُوه إِنَّمَا تصدر عَنْهُن غَالِبا وَعَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تصلي الْمَلَائِكَة على نائحة وَلَا مرنة رَوَاهُ أَحْمد وَإِسْنَاده حسن إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَعَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النائحة إِذا لم تتب قبل مَوتهَا تُقَام يَوْم الْقِيَامَة وَعَلَيْهَا سربال من قطران وَدرع من جرب رَوَاهُ مُسلم وَابْن مَاجَه وَلَفظه النِّيَاحَة من أَمر الْجَاهِلِيَّة وَإِن النائحة إِذا مَاتَت وَلم تتب قطع الله لَهَا ثيابًا من قطران وَدِرْعًا من لَهب النَّار القطران بِفَتْح الْقَاف وَكسر الطَّاء قَالَ ابْن عَبَّاس هُوَ النّحاس الْمُذَاب وَقَالَ الْحسن هُوَ قطران الْإِبِل وَقيل غير ذَلِك وَعَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن هَذِه النوائح يجعلن صفّين يَوْم الْقِيَامَة فِي جَهَنَّم صف عَن الْيَمين وصف عَن الْيَسَار فينبحن على أهل النَّار كَمَا تنبح الْكلاب رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ لعن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النائحة والمستمعة رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَلَيْسَ فِي إِسْنَاده من ترك وَرَوَاهُ الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَزَادا فِيهِ وَقَالَ لَيْسَ للنِّسَاء فِي الْجِنَازَة نصيب وَعَن أم سَلمَة قَالَت لما مَاتَ أَبُو سَلمَة قلت غَرِيب وَفِي أَرض غربَة لأبكينه بكاء يتحدث عَنهُ فَكنت قد تهيأت للبكاء عَلَيْهِ إِذْ أَقبلت امْرَأَة تُرِيدُ أَن تساعدني فَاسْتَقْبلهَا رَسُول الله فَقَالَ أَتُرِيدِينَ أَن تدخلي الشَّيْطَان بَيْتا أخرجه الله عَنهُ فكففت عَن الْبكاء فَلم أبك رَوَاهُ مُسلم وَعَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قلت لما جَاءَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نعي زيد بن حارثه وجعفر وَابْن رَوَاحَة رضى الله عَنْهُم جلس يعرف فِيهِ الْحزن وَأَتَاهُ رجل فَقَالَ إِن نسَاء جَعْفَر وَذكر بكاءهن فَأمر أَن ينهاهن فَذهب

باب ما ورد في الترهيب من زيارة النساء القبور واتباعهن الجنائز

ثمَّ أَتَى الثَّانِيَة فَذكر أَنَّهُنَّ لم يطعنه فَقَالَ انهن فَذهب ثمَّ أَتَى الثَّالِثَة فَقَالَ وَالله لقد غلبننا يَا رَسُول الله فَقَالَ احث فِي أفواههن التُّرَاب أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا التِّرْمِذِيّ وَعَن أنس بن مَالك أَن عمر لما طعن عولت عَلَيْهِ حَفْصَة فَقَالَ لَهَا عمر يَا حَفْصَة أما سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن الْمعول عَلَيْهِ يعذب قَالَت بلَى رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَعَن أبي بريده قَالَ وجع أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَرَأسه فِي حجر امْرَأَة من أَهله فَأَقْبَلت تصيح برنة فَلم يسْتَطع أَن يرد عَلَيْهَا شَيْئا فَلَمَّا أَفَاق قَالَ أَنا بَرِيء مِمَّن برِئ مِنْهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَرِيء من الصالقة والحالقة والشاقة رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن مَاجَه وَالنَّسَائِيّ إِلَّا أَنه قَالَ أَبْرَأ إِلَيْكُم كَمَا برِئ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ منا من حلق وخرق وصلق الصالقة الَّتِي ترفع صَوتهَا بالندب والنياحة والحالقة الَّتِي تحلق رَأسهَا عِنْد الْمُصِيبَة والشاقة الَّتِي تشق ثوبها وَعَن أسيد بن أسيد التَّابِعِيّ عَن امْرَأَة من المبايعات قَالَت كَانَ فِيمَا أَخذ علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَعْرُوف الَّذِي أَخذ علينا أَن لَا نخمش وَجها وَلَا نَدْعُو ويلا وَلَا نشق جيبا وَلَا ننشر شعرًا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَعَن أبي أُمَامَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعن الخامشة وَجههَا والشاقة جيبها والداعية بِالْوَيْلِ وَالثُّبُور رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَابْن حبَان فِي صَحِيحه 450 - بَاب مَا ورد فِي التَّرْهِيب من زِيَارَة النِّسَاء الْقُبُور واتباعهن الْجَنَائِز عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ زار النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبر أمه فَبكى وأبكى من حوله فَقَالَ اسْتَأْذَنت رَبِّي فِي أَن أسْتَغْفر لَهَا فَلم يَأْذَن لي واستأذنته فِي أَن أَزور

قبرها فَأذن لي فزوروا الْقُبُور فَإِنَّهَا تذكر الْمَوْت رَوَاهُ مُسلم وَغَيره وَعَن ابْن بُرَيْدَة عَن أَبِيه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كنت نَهَيْتُكُمْ عَن زِيَارَة الْقُبُور فقد أذن لمُحَمد فِي زِيَارَة قبر أمه فزوروها فَإِنَّهَا تذكر الْآخِرَة رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن صَحِيح قَالَ الْمُنْذِرِيّ قد كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن زِيَارَة الْقُبُور نهيا عَاما للرِّجَال وَالنِّسَاء ثمَّ أذن للرِّجَال فِي زيارتها وَاسْتمرّ النَّهْي فِي حق النِّسَاء وَقيل كَانَت الرُّخْصَة عَامَّة وَفِي هَذَا كَلَام طَوِيل ذكرته فِي غير هَذَا الْكتاب وَالله أعلم أنْتَهى وَأَقُول الرَّاجِح نهي النِّسَاء عَن زِيَارَة الْقُبُور وَإِلَيْهِ ذهب عِصَابَة أهل الحَدِيث كثر الله سوادهم وَقد دلّ حَدِيث الْبَاب على جَوَاز زِيَارَة قُبُور الْكفَّار والكوافر للْمُسلمين وَعَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعن زائرات الْقُبُور والمتخذين عَلَيْهَا الْمَسَاجِد والسرج رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وحسنة وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَابْن حبَان فِي صَحِيحه كلهم من رِوَايَة أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ الْحَافِظ وَأَبُو صَالح هَذَا هُوَ باذام وَيُقَال باذان مكي مولى أم هَانِئ وَهُوَ صَاحب الْكَلْبِيّ قيل لم يسمع من ابْن عَبَّاس وَتكلم فِيهِ البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَغَيرهمَا وَعَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعن زوارات الْقُبُور رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه أَيْضا وَابْن حبَان فِي صَحِيحه كلهم من رِوَايَة عمر بن أبي سَلمَة وَفِيه كَلَام عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن صَحِيح وَتقدم حَدِيث ابْن عَمْرو بن الْعَاصِ فِي خُرُوج فَاطِمَة للتعزية وَهُوَ

باب ما ورد في أن نساء الدنيا أفضل من الحور العين

عِنْد أبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَفِيه ربيعَة وَهُوَ من تَابِعِيّ أهل مصر فِيهِ مقَال لَا يقْدَح فِي حسن الْإِسْنَاد وَعَن عَليّ قَالَ خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا نسْوَة جُلُوس قَالَ مَا يجلسكن قُلْنَ نَنْتَظِر الْجِنَازَة قَالَ هَل تغسلن قُلْنَ لَا قَالَ هَل تحملن قُلْنَ لَا قَالَ هَل تدلين فِيمَن يُدْلِي قُلْنَ لَا قَالَ فارجعن مَأْزُورَات غير مَأْجُورَات رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَرَوَاهُ أَبُو يعلي من حَدِيث أنس 451 - بَاب مَا ورد فِي أَن نسَاء الدُّنْيَا أفضل من الْحور الْعين عَن أم سَلمَة فِي حَدِيث طَوِيل قَالَت قلت يَا رَسُول الله أَخْبرنِي عَن قَول الله عز وَجل {عربا أَتْرَابًا} سُورَة الْوَاقِعَة قَالَ هن اللواتي قبضن فِي دَار الدُّنْيَا عَجَائِز رمصا شُمْطًا خَلقهنَّ الله بعد الْكبر فجعلهن عذارى عربا مُتَعَشقَات محببات أَتْرَابًا أَي على مِيلَاد وَاحِد قلت يَا رَسُول الله أنساء الدُّنْيَا أفضل أم الْحور الْعين قَالَ نسَاء الدُّنْيَا أفضل من الْحور الْعين كفضل الظهارة على البطانة قلت يَا رَسُول الله وَبِمَ ذَا قَالَ بصلاتهن وصيامهن وعبادتهن الله عز وَجل ألبس الله عز وَجل وجوههن النُّور وأجسادهن الْحَرِير بيض الألوان خضر الثِّيَاب صفر الْحلِيّ مجامرهن الدّرّ وأمشاطهن الذَّهَب يقلن أَلا نَحن الخالدات فَلَا نموت أبدا أَلا نَحن الناعمات فَلَا نبأس أبدا أَلا نَحن المقيمات فَلَا نظعن أبدا أَلا نَحن الراضيات فَلَا نسخط أبدا طُوبَى لمن كُنَّا لَهُ وَكَانَ لنا قلت يَا رَسُول الله الْمَرْأَة منا تتَزَوَّج الزَّوْجَيْنِ وَالثَّلَاثَة وَالْأَرْبَعَة فِي الدُّنْيَا ثمَّ تَمُوت فَتدخل الْجنَّة ويدخلون مَعهَا فَمن يكون زَوجهَا قَالَ يَا أم سَلمَة ذهب حسن الْخلق بخيري الدُّنْيَا وَالْآخِرَة رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والأوسط وَهَذَا لَفظه وصدره الْحَافِظ الْمُنْذِرِيّ بقوله رُوِيَ وَفِيه إِشَارَة إِلَى ضعف الرِّوَايَة

باب ما ورد في اتيان الحرث

452 - بَاب مَا ورد فِي اتيان الْحَرْث عَن جَابر قَالَ قَالَ كَانَت الْيَهُود تَقول إِذا جَامعهَا من وَرَائِهَا جَاءَ الْوَلَد أَحول فأنزلت {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} سُورَة الْبَقَرَة أخرجه الْخَمْسَة إِلَّا النَّسَائِيّ وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ جَاءَ عمر إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله هَلَكت قَالَ وَمَا أهْلكك قَالَ حولت رحلي اللَّيْلَة فَلم يرد عَلَيْهِ شَيْئا فَأوحى الله تَعَالَى إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} أقبل وَأدبر وَاتَّقِ الدبر والحيضة رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَعنهُ قَالَ إِن ابْن عمر وَالله يغْفر لَهُ أوهم إِنَّمَا كَانَ هَذَا الْحَيّ من الْأَنْصَار وهم أهل وثن مَعَ هَذَا الْحَيّ من يهود وهم أهل كتاب فَكَانُوا يرَوْنَ لَهُم فضلا عَلَيْهِم فِي الْعلم وَكَانُوا يقتدون بِكَثِير من فعلهم وَكَانَ من أَمر أهل الْكتاب أَن لَا يَأْتُوا النِّسَاء إِلَّا على حرف وَذَلِكَ أستر مَا تكون الْمَرْأَة فَكَانَ هَذَا الْحَيّ من الْأَنْصَار قد أخذُوا ذَلِك من فعلهم وَكَانَ هَذَا الْحَيّ من قُرَيْش يشرحون النِّسَاء شرحا مُنْكرا ويتلذذون بِهن مقبلات ومدبرات ومستلقيات فَلَمَّا قدم الْمُهَاجِرُونَ الْمَدِينَة تزوج رجل مِنْهُم امْرَأَة من الْأَنْصَار فَذهب يصنع بهَا ذَلِك فأنكرته عَلَيْهِ وَقَالَت إِنَّا كُنَّا نؤتى على حرف فَاصْنَعْ ذَلِك وَإِلَّا فاجتنبني حَتَّى شرى أَمرهمَا فَبلغ ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأنزلت {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} أَي مقبلات ومدبرات ومستلقيات يَعْنِي بذلك مَوضِع الْوَلَد أخرجه أَبُو دَاوُد الشَّرْح بحاء مُهْملَة وَطْء الْمَرْأَة مستلقية على قفاها وشرى الْأَمر أَي عظم وتفاقم وَعَن أم سَلمَة رضى الله عَنْهَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى {نِسَاؤُكُمْ} الْآيَة فِي صمام وَاحِد أخرجه التِّرْمِذِيّ ويروى سمام بِالسِّين الْمُهْملَة أَي فِي مَسْلَك وَاحِد

باب ما ورد في قول المرأة الصالحة إني نذرت لك ما في بطني محررا

453 - بَاب مَا ورد فِي قَول الْمَرْأَة الصَّالِحَة إِنِّي نذرت لَك مَا فِي بَطْني محررا عَن ابْن عَبَّاس قَالَ تَفْسِير قَول الْمَرْأَة الصَّالِحَة {رب إِنِّي نذرت لَك مَا فِي بَطْني محررا} أَي خَالِصا لِلْمَسْجِدِ يَخْدمه أخرجه البُخَارِيّ فِي تَرْجَمَة بَاب وَعَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من بني آدم مَوْلُود إِلَّا نخسه الشَّيْطَان حِين يُولد فَيَسْتَهِل صَارِخًا من نخسه إِيَّاه إِلَّا مَرْيَم وَابْنهَا ثمَّ يَقُول أَبُو هُرَيْرَة اقرأوا إِن شِئْتُم {وَإِنِّي أُعِيذهَا بك وذريتها من الشَّيْطَان الرَّجِيم} أخرجه الشَّيْخَانِ 454 - بَاب مَا ورد فِي هجر الْمَرْأَة عَن أم سَلمَة قَالَت قلت يَا رَسُول الله لَا أسمع الله تَعَالَى ذكر النِّسَاء فِي الْهِجْرَة بِشَيْء فَأنْزل الله تَعَالَى {أَنِّي لَا أضيع عمل عَامل مِنْكُم من ذكر أَو أُنْثَى} الْآيَة سُورَة آل عمرَان أخرجه التِّرْمِذِيّ 455 - بَاب مَا ورد فِي حمل حَوَّاء عَن سَمُرَة بن جُنْدُب قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما حملت حَوَّاء عَلَيْهَا السَّلَام طَاف بهَا إِبْلِيس وَكَانَ لَا يعِيش لَهَا ولد فَقَالَ سميه عبد الْحَارِث فَإِنَّهُ يعِيش فَسَمتْهُ فَعَاشَ وَكَانَ ذَلِك من وَحي الشَّيْطَان وَأمره أخرجه التِّرْمِذِيّ 456 - بَاب مَا ورد فِي ذكر النِّسَاء فِي التَّنْزِيل عَن أم عمَارَة قَالَت قلت يَا رَسُول الله مَا أرى كل شَيْء إِلَّا

باب ما ورد في قصة زيد بن حارثة

للرِّجَال وَمَا أرى النِّسَاء يذكرن بِشَيْء فَنزلت {إِن الْمُسلمين وَالْمُسلمَات} الْآيَة سُورَة الْأَحْزَاب أخرجه التِّرْمِذِيّ 457 - بَاب مَا ورد فِي قصَّة زيد بن حَارِثَة عَن عَائِشَة قَالَت لَو كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَاتِما شَيْئا من الْوَحْي لكَتم هَذِه الْآيَة {وَإِذ تَقول للَّذي أنعم الله عَلَيْهِ} يَعْنِي بِالْإِسْلَامِ وأنعمت عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ أمسك عَلَيْك زَوجك) إِلَى قَوْله {وَكَانَ أَمر الله مَفْعُولا} سُورَة الْأَحْزَاب وَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما تزَوجهَا قَالُوا تزوج حَلِيلَة ابْنه فَأنْزل الله تَعَالَى {مَا كَانَ مُحَمَّد أَبَا أحد من رجالكم وَلَكِن رَسُول الله وَخَاتم النَّبِيين} سُورَة الْأَحْزَاب وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تبناه وَهُوَ صَغِير فَلبث حَتَّى صَار يُقَال لَهُ زيد بن مُحَمَّد فَأنْزل الله تَعَالَى {ادعوهُمْ لِآبَائِهِمْ} الْآيَة سُورَة الْأَحْزَاب فلَان ابْن فلَان وَفُلَان أَخُو فلَان أخرجه التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ 458 - بَاب مَا ورد فِي معذرة الْمَرْأَة عَن النِّكَاح عَن أم هَانِئ قَالَت خطبني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاعتذرت إِلَيْهِ فعذرني ثمَّ أنزل الله {إِنَّا أَحللنَا لَك أَزوَاجك اللَّاتِي آتيت أُجُورهنَّ} الْآيَة سُورَة الْأَحْزَاب قَالَت فَلم أكن أحل لَهُ لِأَنِّي لم أُهَاجِر إِذْ كنت من الطُّلَقَاء أخرجه التِّرْمِذِيّ الطليق الْأَسير إِذا خلي سَبيله 459 - بَاب مَا ورد فِي النَّهْي عَن أَصْنَاف من النِّسَاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أَصْنَاف من النِّسَاء

باب ما ورد في كشف الساق

إِلَّا مَا كَانَ من الْمُؤْمِنَات الْمُهَاجِرَات بقوله {لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد وَلَا أَن تبدل بِهن من أَزوَاج وَلَو أعْجبك حسنهنَّ إِلَّا مَا ملكت يَمِينك} سُورَة الْأَحْزَاب فأحل الله فَتَيَاتكُم الْمُؤْمِنَات {وَامْرَأَة مُؤمنَة إِن وهبت نَفسهَا للنَّبِي} سُورَة الْأَحْزَاب وَحرم كل ذَات دين غير الْإِسْلَام ثمَّ قَالَ {وَمن يكفر بِالْإِيمَان فقد حَبط عمله وَهُوَ فِي الْآخِرَة من الخاسرين} سُورَة الْمَائِدَة وَقَالَ {يَا أَيهَا النَّبِي إِنَّا أَحللنَا لَك أَزوَاجك اللَّاتِي آتيت أُجُورهنَّ وَمَا ملكت يَمِينك مِمَّا أَفَاء الله عَلَيْك} إِلَى قَوْله {خَالِصَة لَك من دون الْمُؤمنِينَ} سُورَة الْأَحْزَاب وَحرم مَا سوى ذَلِك من أَصْنَاف النِّسَاء أخرجه التِّرْمِذِيّ وَعَن عَائِشَة رضى الله عَنْهَا قَالَت مَا مَاتَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى أحل لَهُ النِّسَاء أخرجه التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ 460 - بَاب مَا ورد فِي كشف السَّاق عَن أبي سعيد قَالَ سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول يكْشف رَبنَا عَن سَاقه فَيسْجد لَهُ كل مُؤمن ومؤمنة وَيبقى من كَانَ يسْجد فِي الدُّنْيَا رئاء وَسُمْعَة فَيذْهب يسْجد فَيَعُود ظَهره طبقًا وَاحِدًا أخرجه البُخَارِيّ وكشف السَّاق صفة من صِفَات الله أجراه السّلف على ظَاهره وأوله الْخلف بِشدَّة الْأَمر وَالْأول أولى وَأسلم فَيجب الْإِيمَان بِهِ من دون تكييف وَلَا تَمْثِيل وَلَا تَشْبِيه وَلَا تَعْطِيل وَلَا تَأْوِيل 461 - بَاب مَا ورد فِي تعجب الله سُبْحَانَهُ من صَنِيع الْمَرْأَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِنِّي مجهود فَأرْسل إِلَى بعض نِسَائِهِ فَقَالَت وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ مَا عندنَا إِلَّا مَاء ثمَّ أرسل إِلَى أُخْرَى فَقَالَت مثل ذَلِك فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من يضيفه يرحمه الله فَقَامَ أَبُو

باب ما ورد في دية الجنين

طَلْحَة فَقَالَ أَنا يَا رَسُول الله فَانْطَلق بِهِ إِلَى رَحْله فَقَالَ لامْرَأَته هَل عنْدك شَيْء فَقَالَت لَا إِلَّا قوت صبياني قَالَ فعلليهم بِشَيْء ثمَّ نوميهم فَإِذا دخل ضيفنا فأريه أَنا نَأْكُل فَإِذا أَهْوى بِيَدِهِ ليَأْكُل فقومي إِلَى السراج كي تصلحيه فأطفئيه فَفعلت وقعدوا وَأكل الضَّيْف وباتا طاويين فَلَمَّا أصبح غَدا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقد عجب الله البارحة من صنيعكما لضيفكما فَنزل قَوْله تَعَالَى {ويؤثرون على أنفسهم وَلَو كَانَ بهم خصَاصَة} سُورَة الْحَشْر أخرجه الشَّيْخَانِ والمجهود المهزول الجائع وتعليل الطِّفْل وعده وتسويفه وَصَرفه عَمَّا يُرَاد صرفه عَنهُ وَإِذا نَام الصَّائِم وَلم يفْطر فَهُوَ طاو والخصاصة الْحَاجة والفاقة 462 - بَاب مَا ورد فِي دِيَة الْجَنِين عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي جَنِين امْرَأَة سقط بغرة عبد أَو أمة ثمَّ توفيت الْمَرْأَة الَّتِي قضى بهَا بالغرة فَقضى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن مِيرَاثهَا لبنيها وَزوجهَا وَأَن الْعقل على عصبتها أخرجه الشَّيْخَانِ وَالتِّرْمِذِيّ الْغرَّة عِنْد الْعَرَب العَبْد وَالْأمة وَعند الْفُقَهَاء مَا بلغ ثمنه من العبيد نصف عشر الدِّيَة وَالْعقل الدِّيَة والعاقلة أقَارِب الرجل الَّذين يؤدون عَنهُ مَا يلْزمه من الدِّيَة 463 - بَاب مَا ورد فِي مواعظ النسْوَة عَن أبن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا معشر النِّسَاء تصدقن وأكثرن من الاسْتِغْفَار فَإِنِّي رأيتن أَكثر أهل النَّار قُلْنَ وَمَا لنا أَكثر أهل النَّار قَالَ تكثرن اللَّعْن وتكفرن العشير مَا رَأَيْت من ناقصات عقل وَدين أغلب لذِي لب مِنْكُن قُلْنَ وَمَا نُقْصَان

باب ما ورد في أولياء النكاح والشهود

الْعقل وَالدّين قَالَ شَهَادَة امْرَأتَيْنِ بِشَهَادَة رجل وَاحِد وتمكث الْأَيَّام لَا تصلي أخرجه مُسلم العشير المعاشر وَالْمرَاد بِهِ هَا هُنَا الزَّوْج وكفرهن إِيَّاه جحدهن إحسانه إلَيْهِنَّ 464 - بَاب مَا ورد فِي أَوْلِيَاء النِّكَاح وَالشُّهُود عَن عَائِشَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيّمَا امْرَأَة نكحت بِغَيْر إِذن وَليهَا فَإِن نِكَاحهَا بَاطِل ثَلَاث مَرَّات وَإِن دخل بهَا فالمهر لَهَا بِمَا اسْتحلَّ من فرجهَا فَإِن اشتجروا فالسلطان ولي من لَا ولي لَهُ أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَفِي رِوَايَة لَهما عَن أبي مُوسَى أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا نِكَاح إِلَّا بولِي وَالْمرَاد بالاشتجار هَا هُنَا الْمَنْع من العقد دون المشاحة فِي السَّبق إِلَيْهِ وَعَن سَمُرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيّمَا امْرَأَة زَوجهَا وليان فَهِيَ للْأولِ مِنْهُمَا الحَدِيث أخرجه أَصْحَاب السّنَن وَعَن جَابر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيّمَا عبد تزوج بِغَيْر إِذن موَالِيه فَهُوَ عاهر أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الأيم أَحَق بِنَفسِهَا من وَليهَا وَالْبكْر تستأذن فِي نَفسهَا وإذنها صماتها أخرجه السِّتَّة إِلَّا البُخَارِيّ وَعَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تنْكح الأيم حَتَّى تستأمر وَلَا الْبكر حَتَّى تستأذن قَالُوا يَا رَسُول الله كَيفَ إِذْنهَا قَالَ أَن تسكت أخرجه الْخَمْسَة وَعَن ابْن عَبَّاس أَن جَارِيَة ذكرت لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن أَبَاهَا زَوجهَا

باب ما ورد في هيئة بول المرأة

وَهِي كارهة فَخَيرهَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخرجه أَبُو دَاوُد وَعَن عَائِشَة أَن فتاة قَالَت تَعْنِي للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن أبي زَوجنِي من ابْن أَخِيه ليرْفَع بِي خسيسته وَأَنا كارهة فَأرْسل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أَبِيهَا فجَاء فَجعل الْأَمر إِلَيْهَا فَقَالَت يَا رَسُول الله إِنِّي قد أجزت مَا صنع أبي وَلَكِن أردْت أَن أعلم النِّسَاء أَن لَيْسَ للآباء من الْأَمر شَيْء أخرجه النَّسَائِيّ الخساسة الدناءة والخسيسة الْحَالة الَّتِي يكون عَلَيْهَا الخسيس وَهُوَ الدنيء وَعَن ابْن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آمروا النِّسَاء فِي بناتهن أخرجه أَبُو دَاوُد وَالْأَمر بذلك للاستحباب قلت حَاصِل هَذَا الْبَاب أَن تخْطب الْكَبِيرَة إِلَى نَفسهَا وَالْمُعْتَبر حُصُول الرِّضَا مِنْهَا لمن كَانَ كُفؤًا وَالصَّغِيرَة إِلَى وَليهَا ورضا الْبكر صماتها وَتحرم الْخطْبَة فِي الْعدة وعَلى الْخطْبَة وَيجوز لَهُ النّظر إِلَى المخطوبة وَلَا نِكَاح إِلَّا بولِي وشاهدين إِلَّا أَن يكون العاضل أَو غير مُسلم وَيجوز لكل وَاحِد من الزَّوْجَيْنِ أَن يُوكل لعقد النِّكَاح وَلَو وَاحِدًا 465 - بَاب مَا ورد فِي هَيْئَة بَوْل الْمَرْأَة عَن عبد الرَّحْمَن بن حَسَنَة قَالَ خرج علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي يَده الدرقة فوضعها ثمَّ جلس فَبَال فِيهَا فَقَالَ بَعضهم انْظُرُوا إِلَيْهِ يَبُول كَمَا تبول الْمَرْأَة فَسَمعهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ وَيحك مَا علمت مَا أصَاب صَاحب بني اسرائيل كَانُوا إِذا أَصَابَهُم الْبَوْل قرضوه بِالْمَقَارِيضِ فنهاهم فعذب فِي قَبره رَوَاهُ ابْن ماجة وَابْن حبَان فِي صَحِيحه

باب ما ورد في الوعيد على تحلي النساء بالذهب إذا لم يؤدين زكاته

466 - بَاب مَا ورد فِي الْوَعيد على تحلي النِّسَاء بِالذَّهَب إِذا لم يؤدين زَكَاته عَن عمر بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَن امْرَأَة أَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهَا ابْنة لَهَا وَفِي يَد ابْنَتهَا مسكتان غليظتان من ذهب فَقَالَ لَهَا أتعطين زَكَاة هَذَا قَالَت لَا قَالَ أَيَسُرُّك أَن يسورك الله بهما يَوْم الْقِيَامَة سِوَارَيْنِ من نَار قَالَ فخلعتهما فألقتهما إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَت هما لله وَلِرَسُولِهِ رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَاللَّفْظ لَهُ وَالتِّرْمِذِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَلَفظ التِّرْمِذِيّ وَالدَّارقطني نَحوه أَن امْرَأتَيْنِ أتتا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي أَيْدِيهِمَا سواران من ذهب فَقَالَ لَهما أتؤديان زَكَاته قَالَتَا لَا فَقَالَ لَهما رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أتحبان أَن يسوركما الله بسوارين من نَار قَالَتَا لَا قَالَ فأديا زَكَاته رَوَاهُ النَّسَائِيّ مُرْسلا ومتصلا وَرجح الْمُرْسل المسكة محركة وَاحِدَة الْمسك وَهُوَ سوار من ذبل أَو قرن أَو عاج فَإِذا كَانَ من غير ذَلِك أضيف إِلَيْهِ قَالَ الْخطابِيّ فِي قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيَسُرُّك أَن يسورك الله بهما سِوَارَيْنِ من نَار إِنَّمَا هُوَ تَأْوِيل قَوْله عز وَجل {يَوْم يحمى عَلَيْهَا فِي نَار جَهَنَّم فتكوى بهَا جباههم وجنوبهم} سُورَة التَّوْبَة انْتهى قلت الْآيَة فِي الْكَنْز فَإِن ثَبت أَن الأسورة مِنْهُ صَحَّ التَّأْوِيل كَمَا قَالَ الْخطابِيّ وَإِلَّا فَلَا وَعَن عَائِشَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت دخل عَليّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرَأى فِي يَدي فتخات من ورق فَقَالَ مَا هَذَا يَا عَائِشَة فَقلت صنعتهن لأتزين لَك يَا رَسُول الله قَالَ أتؤدين زكاتهن قلت لَا أَو مَا شَاءَ الله قَالَ هِيَ حَسبك من النَّار رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالدَّارقطني وَفِي إِسْنَاده يحيى بن أَيُّوب الغافقي وَقد احْتج بِهِ الشَّيْخَانِ وَغَيرهمَا وَلَا اعْتِبَار بِمَا ذكره الدَّارقطني

من أَن مُحَمَّد بن عَطاء مَجْهُول فَإِن مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَطاء نسب إِلَى جده وَهُوَ ثِقَة ثَبت روى لَهُ أَصْحَاب السّنَن وَاحْتج بِهِ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحهمَا الفتخات جمع فتخة وَهِي حَلقَة لَا فص لَهَا تجعلها الْمَرْأَة فِي أَصَابِع رجلهَا وَرُبمَا وَضَعتهَا فِي يَدهَا وَقَالَ بَعضهم هِيَ خَوَاتِم كبار كَانَت النِّسَاء يتختمن بهَا قَالَ الْخطابِيّ وَالْغَالِب أَن الفتخات لَا تبلغ بانفرادها نِصَابا وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَن يضم إِلَى بَقِيَّة مَا عِنْدهَا من الْحلِيّ فتؤدي زَكَاتهَا فِيهِ وَعَن أَسمَاء بنت يزِيد قَالَت دخلت أَنا وخالتي على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعلينا أسورة من ذهب فَقَالَ لنا أتعطيان زَكَاته قَالَت فَقُلْنَا لَا فَقَالَ أما تخافان أَن يسوركما الله أسورة من نَار أديا زَكَاته رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد حسن وَعَن ثَوْبَان قَالَ جَاءَت هِنْد بنت هُبَيْرَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي يَدهَا فتخ من ذهب أَي خَوَاتِم ضخام فَجعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يضْرب يَدهَا فَدخلت على فَاطِمَة تَشْكُو إِلَيْهَا الَّذِي صنع بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فانتزعت فَاطِمَة سلسلة فِي عُنُقهَا من ذهب قَالَت هَذِه أهداها لي أَبُو حسن فَدخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا فَاطِمَة أَيَسُرُّك أَن يَقُول النَّاس إِنَّك إبنة رَسُول الله وَفِي يدك سلسلة من نَار ثمَّ خرج وَلم يقْعد فَأرْسلت فَاطِمَة السلسلة إِلَى السُّوق فباعتها واشترت بِثمنِهَا غُلَاما وَقَالَ مرّة عبدا وَذكر كلمة مَعْنَاهَا فأعتقته فَحدث بذلك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ الْحَمد لله الَّذِي أنجى فَاطِمَة من النَّار رَوَاهُ النَّسَائِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح وَعَن أَسمَاء بنت يزِيد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَيّمَا امْرَأَة تقلدت قلادة من ذهب قلدت فِي عُنُقهَا مثلهَا من النَّار يَوْم الْقِيَامَة وَأَيّمَا امْرَأَة جعلت فِي أذنها خرصا من ذهب جعل فِي أذنها مثله من النَّار رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ بِإِسْنَاد جيد

قَالَ الْمُنْذِرِيّ هَذِه الْأَحَادِيث الَّتِي ورد فِيهَا الْوَعيد على تحلي النِّسَاء بِالذَّهَب تحْتَمل وُجُوهًا من التَّأْوِيل أَحدهمَا أَن ذَلِك مَنْسُوخ فَإِنَّهُ قد ثَبت إِبَاحَة تحلي النِّسَاء بِالذَّهَب ا لثاني أَن هَذَا فِي حق من لَا يُؤَدِّي زَكَاته دون من أَدَّاهَا وَيدل على هَذَا حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده وَعَائِشَة وَأَسْمَاء وَقد اخْتلف الْعلمَاء فِي ذَلِك فَروِيَ عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أَنه أوجب فِي الْحلِيّ الزَّكَاة وَهُوَ مَذْهَب عبد الله بن عَبَّاس وَعبد الله بن مَسْعُود وَعبد الله بن عَمْرو وَسَعِيد بن الْمسيب وَعَطَاء وَسَعِيد بن جُبَير وَعبد الله ابْن شَدَّاد وَمَيْمُون بن مهْرَان وَابْن سِيرِين وَمُجاهد وَجَابِر بن زيد وَالزهْرِيّ وسُفْيَان الثَّوْريّ وَأبي حنيفَة وَأَصْحَابه وَاخْتَارَهُ ابْن الْمُنْذر وَمِمَّنْ أسقط الزكاه فِيهِ عبد الله بن عمر وَجَابِر بن عبد الله وَأَسْمَاء بنت أبي بكر وَعَائِشَة وَالشعْبِيّ وَالقَاسِم بن مُحَمَّد وَمَالك وَأحمد وَإِسْحَق وَأَبُو عُبَيْدَة قَالَ ابْن الْمُنْذر وَقد كَانَ الشَّافِعِي يَقُول بِهَذَا إِذْ هُوَ بالعراق ثمَّ وقف عَنهُ بِمصْر وَقَالَ هَذَا أستخير الله تَعَالَى فِيهِ وَقَالَ الْخطابِيّ الظَّاهِر من الْآيَات يشْهد بقول من أوجبهَا والأثر يُؤَيّدهُ وَمن أسقطها ذهب إِلَى النّظر وَمَعَهُ طرف من الْأَثر وَالِاحْتِيَاط أَدَاؤُهَا وَالله أعلم الثَّالِث أَنه فِي حق من تزينت بِهِ وأظهرته وَيدل لهَذَا مَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَأَبُو دَاوُد عَن ربعي بن خرَاش عَن امْرَأَته عَن أُخْت لِحُذَيْفَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَا معشر النِّسَاء أما لَكِن فِي الْفضة مَا تحلين بِهِ أما إِنَّه لَيْسَ مِنْكُن امْرَأَة تتحلى ذَهَبا وتظهره إِلَّا عذبت بِهِ وَأُخْت حُذَيْفَة اسْمهَا فَاطِمَة وَفِي بعض طرقه عَن النَّسَائِيّ عَن ربعي عَن امْرَأَة عَن أُخْت لِحُذَيْفَة وَكَانَ لَهُ أَخَوَات أدركن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ النَّسَائِيّ بَاب الْكَرَاهَة للنِّسَاء فِي إِظْهَار حلي الذَّهَب ثمَّ صَدره

بِحَدِيث عقبَة بن عَامر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يمْنَع أَهله الْحِلْية وَالْحَرِير وَيَقُول إِن كُنْتُم تحبون حلية الْجنَّة وحريرها فَلَا تلبسوهما فِي الدُّنْيَا وَهَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الْحَاكِم أَيْضا وَقَالَ صَحِيح على شَرطهمَا الرَّابِع من الِاحْتِمَالَات أَنه إِنَّمَا منع مِنْهُ فِي حَدِيث الأسورة والفتخات لما رأى من غلظه فَإِنَّهُ مَظَنَّة الْفَخر وَالْخُيَلَاء وَبَقِيَّة الْأَحَادِيث مَحْمُولَة على هَذَا وَفِي هَذَا الِاحْتِمَال شَيْء وَيدل عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ عَن عبد الله ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن لبس الذَّهَب إلامقطعا وروى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ أَيْضا عَن أبي قلَابَة عَن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن ركُوب النمار وَعَن لبس الذَّهَب إِلَّا مقطعا وَأَبُو قلَابَة لم يسمع من مُعَاوِيَة لَكِن روى النَّسَائِيّ أَيْضا عَن قَتَادَة عَن أبي شيخ أَنه سمع مُعَاوِيَة فَذكر نَحوه وَهَذَا مُتَّصِل وَأَبُو شيخ ثِقَة مَشْهُور وَفِي التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وصحيح ابْن حبَان عَن عبد الله بن بُرَيْدَة عَن أَبِيه قَالَ جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَلِيهِ خَاتم من حَدِيد فَقَالَ مَالِي أرى عَلَيْك حلية أهل النَّار الحَدِيث إِلَى أَن قَالَ من أَي شَيْء أتخذه قَالَ من ورق وَلَا تتمه مِثْقَالا وَالله أعلم انْتهى كَلَام الْمُنْذِرِيّ قلت وَفِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من أحب أَن يحلق حَبِيبه حَلقَة من نَار فليحلقه حَلقَة من ذهب وَمن أحب أَن يطوق حَبِيبه طوقا من نَار فليطوقه طوقا من ذهب وَمن أحب أَن يسور حَبِيبه بِسوار من نَار فليسوره بِسوار من ذهب وَلَكِن عَلَيْكُم بِالْفِضَّةِ فالعبوا بهَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَاد صَحِيح وَفِي رِوَايَة كَيفَ شِئْتُم

باب ما ورد في شهادة النفساء وبكائها على الموتى

467 - بَاب مَا ورد فِي شَهَادَة النُّفَسَاء وبكائها على الْمَوْتَى عَن عبَادَة بن الصَّامِت فِي حَدِيث طَوِيل وَفِي النُّفَسَاء يَقْتُلهَا وَلَدهَا جمعا شَهَادَة رَوَاهُ أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَاللَّفْظ لَهُ وَرُوَاته ثِقَات الْجمع مُثَلّثَة الْجِيم أَي مَاتَت وَوَلدهَا فِي بَطنهَا يُقَال مَاتَت الْمَرْأَة بِجمع إِذا مَاتَت وَوَلدهَا فِي بَطنهَا وَقيل إِذا مَاتَت عذراء أَيْضا وَعَن ربيع الْأنْصَارِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَاد ابْن أخي جُبَير الْأنْصَارِيّ فَجعل أَهله يَبْكُونَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُم جُبَير لَا تُؤْذُوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَصْوَاتِكُمْ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعْهُنَّ يبْكين مَا دَامَ حَيا فَإِذا وَجب فليسكتن إِلَى قَوْله وَالنُّفَسَاء بِجمع شَهَادَة رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَرُوَاته مُحْتَج بهم فِي الصَّحِيح إِذا وَجب أَي إِذا مَاتَ وَعَن رَاشد بن حُبَيْش فِي حَدِيث طَوِيل يرفعهُ وَالنُّفَسَاء يجرها وَلَدهَا بسرره إِلَى الْجنَّة الحَدِيث رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد حسن وَرَاشِد صَحَابِيّ مَعْرُوف وَعَن عقبَة بن عَامر مَرْفُوعا النُّفَسَاء فِي سَبِيل الله شَهِيد رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَعَن جَابر بن عتِيك أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَاءَ يعود عبد الله بن ثَابت فَوَجَدَهُ قد غلب عَلَيْهِ فصاح بِهِ فَلم يجبهُ فَاسْتَرْجع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ غلبنا عَلَيْك يَا أَبَا الرّبيع فصاحت النسْوَة وبكين وَجعل ابْن عتِيك يسكتهن فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعْهُنَّ فَإِذا وَجب فَلَا تبكين باكية قَالُوا وَمَا وَجب يَا رَسُول الله قَالَ إِذا مَاتَ إِلَى قَوْله وَالْمَرْأَة تَمُوت بِجمع شَهِيد رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن حبَان فِي صَحِيحه 468 - بَاب مَا ورد فِي ولادَة الْأمة ربتها عَن عمر بن الْخطاب فِي حَدِيث طَوِيل يُقَال لَهُ حَدِيث جِبْرِيل عَلَيْهِ

باب ما ورد في سخط الزوج على الزوجة

السَّلَام قَالَ فَأَخْبرنِي عَن أماراتها قَالَ أَن تَلد الْأمة ربتها الحَدِيث أخرجه الشَّيْخَانِ وَغَيرهمَا 469 - بَاب مَا ورد فِي سخط الزَّوْج على الزَّوْجَة عَن جَابر بن عبد الله قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثَة لَا يقبل الله لَهُم صَلَاة الحَدِيث وَفِيه الْمَرْأَة الساخط عَلَيْهَا زَوجهَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من رِوَايَة عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل وَاللَّفْظ لَهُ وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان فِي صَحِيحهمَا من رِوَايَة ابْن مُحَمَّد وَعَن فضَالة بن عبيد عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثَة لَا يسْأَل عَنْهُم الحَدِيث وَفِيه وَامْرَأَة غَابَ عَنْهَا زَوجهَا وَقد كفاها مؤونة الدُّنْيَا فخانته بعده رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه وروى الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم فتبرجت بعده بدل فخانته وَقَالَ صَحِيح على شَرطهمَا وَلَا أعلم لَهُ عِلّة وَعَن ابْن عمر يرفعهُ اثْنَان لَا تجَاوز صلاتهما رؤوسهما الحَدِيث وَفِيه وَامْرَأَة عَصَتْ زَوجهَا حَتَّى ترجع رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالصَّغِير بِإِسْنَاد جيد وَالْحَاكِم وَعَن أبي أُمَامَة مَرْفُوعا ثَلَاثَة لَا تجَاوز صلَاتهم آذانهم الحَدِيث وَفِيه وَامْرَأَة باتت وَزوجهَا ساخط عَلَيْهَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن غَرِيب

باب ما ورد في ترغيب الزوج في الوفاء بحق زوجته وحسن عشرتها والمرأة بحق زوجها وطاعته وترهيبها من إسخاطه ومخالفته

470 - بَاب مَا ورد فِي ترغيب الزَّوْج فِي الْوَفَاء بِحَق زَوجته وَحسن عشرتها وَالْمَرْأَة بِحَق زَوجهَا وطاعته وترهيبها من إسخاطه ومخالفته حَدِيث مَيْمُون عَن أَبِيه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيّمَا رجل تزوج امْرَأَة على مَا قل من الْمهْر أَو كثر وَلَيْسَ فِي نَفسه أَن يُؤَدِّي إِلَيْهَا حَقّهَا خدعها فَمَاتَ وَلم يؤد إِلَيْهَا حَقّهَا لَقِي الله يَوْم الْقِيَامَة وَهُوَ زَان الحَدِيث رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير والأوسط وَرُوَاته ثِقَات وَفِي الْبَاب عَن أبي هُرَيْرَة وصهيب الْخَيْر أما حَدِيث أبي هُرَيْرَة فلفظه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من تزوج امْرَأَة على صدَاق وَهُوَ يَنْوِي أَن لَا يُؤَدِّيه إِلَيْهَا فَهُوَ زَان الحَدِيث رَوَاهُ الْبَزَّار وَغَيره وَأما حَدِيث صُهَيْب فلفظه قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول أَيّمَا رجل تزوج امْرَأَة يَنْوِي أَن لَا يُعْطِيهَا من صَدَاقهَا شَيْئا مَاتَ يَوْم يَمُوت وَهُوَ زَان الحَدِيث رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَفِي إِسْنَاده عَمْرو بن دِينَار مَتْرُوك وَعَن عمر قَالَ سَمِعت رَسُول الله يَقُول كلكُمْ رَاع وكلكم مسؤول عَن رَعيته إِلَى قَوْله وَالْمَرْأَة راعية فِي بَيت زَوجهَا ومسؤولة عَن رعيتها رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَعَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أكمل الْمُؤمنِينَ إِيمَانًا أحْسنهم خلقا وخياركم خياركم لنسائهم رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن صَحِيح وَفِي لفظ من حَدِيث عَائِشَة ألطفهم بأَهْله رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرطهمَا كَذَا قَالَ وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن وَلَا نَعْرِف لأبي قلَابَة سَمَاعا من عَائِشَة

وَفِي أُخْرَى عَنْهَا خَيركُمْ خَيركُمْ لأَهله وَأَنا خَيركُمْ لأهلي رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَعَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ خَيركُمْ خَيركُمْ لأَهله وَأَنا خَيركُمْ لأهلي أخرجه ابْن مَاجَه وَالْحَاكِم إِلَّا أَنه قَالَ خَيركُمْ خَيركُمْ للنِّسَاء وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَعَن سَمُرَة بن جُنْدُب قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الْمَرْأَة خلقت من ضلع فَإِن أقمتها كسرتها فدارها تعش بهَا رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَعَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتَوْصُوا بِالنسَاء خيرا فَإِن الْمَرْأَة خلقت من ضلع وَإِن أَعْوَج مَا فِي الضلع أَعْلَاهُ فَإِن ذهبت تُقِيمهُ كَسرته وَإِن تركته لم يزل أَعْوَج فَاسْتَوْصُوا بِالنسَاء رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَغَيرهمَا وَفِي رِوَايَة لمُسلم إِن الْمَرْأَة خلقت من ضلع لن تستقيم لَك على طَريقَة فَإِن استمتعت بهَا استمتعت بهَا وفيهَا عوج وَإِن ذهبت تقيمها كسرتها وَكسرهَا طَلاقهَا الضلع بِكَسْر الضَّاد وَفتح اللَّام وبسكونها أَيْضا وَالْفَتْح أفْصح والعوج بِكَسْر الْعين وَفتح الْوَاو وَقيل إِذا كَانَ فِيمَا هُوَ منتصب كالحائط والعصا قيل فِيهِ عوج بِفتْحَتَيْنِ وَفِي غير المنتصب كَالدّين والخلق وَالْأَرْض وَنَحْو ذَلِك يُقَال فِيهِ عوج بِكَسْر الْعين وَفتح الْوَاو قَالَه ابْن السّكيت وَعَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يفرك مُؤمن مُؤمنَة إِن كره مِنْهَا خلقا رَضِي مِنْهَا آخر أَو قَالَ غَيره رَوَاهُ مُسلم يفرك بِسُكُون الْفَاء وَفتح الْيَاء وَالرَّاء وَضمّهَا شَاذ أَي يبغض وَعَن مُعَاوِيَة بن حيدة قَالَ قلت يَا رَسُول الله مَا حق زَوْجَة أَحَدنَا عَلَيْهِ قَالَ أَن تطعمها إِذا طعمت وتكسوها إِذا اكتسيت وَلَا

تضرب الْوَجْه وَلَا تقبح وَلَا تهجر إِلَّا فِي الْبَيْت رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْن حبَان فِي صَحِيحه إِلَّا أَنه قَالَ إِن رجلا سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا حق الْمَرْأَة على الزَّوْج فَذكره لَا تقبح بتَشْديد الْمُوَحدَة أَي لَا تسمعها الْمَكْرُوه وَلَا تشتمها وَلَا تقل قبحك الله وَنَحْو ذَلِك وَعَن عَمْرو بن الأخوص الْجُشَمِي أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حجَّة الْوَدَاع يَقُول بعد أَن حمد الله وَأثْنى عَلَيْهِ وَذكر وَوعظ ثمَّ قَالَ أَلا وَاسْتَوْصُوا بِالنسَاء خيرا فَإِنَّمَا هن عوان عنْدكُمْ لَيْسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئا غير ذَلِك إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبينَة فَإِن فعلن فاهجروهن فِي الْمضَاجِع واضربوهن ضربا غير مبرح فَإِن أطعنكم فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا أَلا إِن لكم على نِسَائِكُم حَقًا ولنسائكم عَلَيْكُم حَقًا فحقكم عَلَيْهِنَّ أَن لَا يوطئن فرشكم من تَكْرَهُونَ أَلا وحقهن عَلَيْكُم أَن تحسنوا إلَيْهِنَّ فِي كسوتهن وطعامهن رَوَاهُ ابْن ماجة وَالتِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن صَحِيح عوان بِفَتْح الْعين أَي أسيرات وَعَن أم سَلمَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيّمَا امْرَأَة مَاتَت وَزوجهَا عَنْهَا رَاض دخلت الْجنَّة رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْحَاكِم كلهم عَن مساور الْحِمْيَرِي عَن أمه عَنْهَا وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد وَعَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صلت الْمَرْأَة خمسها وحصنت فرجهَا وأطاعت بَعْلهَا دخلت من أَي أَبْوَاب الْجنَّة شَاءَت رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَعَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صلت الْمَرْأَة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجهَا وأطاعت زَوجهَا قيل لَهَا أدخلي الْجنَّة من أَي أَبْوَاب الْجنَّة شِئْت رَوَاهُ أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ ورواة

أَحْمد رُوَاة الصَّحِيح خلا ابْن لَهِيعَة وَحَدِيثه حسن فِي المتابعات وَعَن حُصَيْن بن مُحصن أَن عمَّة لَهُ أَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهَا أذات زوج أَنْت قَالَت نعم قَالَ فَأَيْنَ أَنْت مِنْهُ قَالَت مَا آلوه إِلَّا مَا عجزت عَنهُ قَالَ فَكيف أَنْت لَهُ فَإِنَّهُ جنتك ونارك رَوَاهُ أَحْمد وَالنَّسَائِيّ بِإِسْنَادَيْنِ جَيِّدين وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَعَن عَائِشَة قَالَت سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي النَّاس أعظم حَقًا على الْمَرْأَة قَالَ زَوجهَا قلت فَأَي النَّاس أعظم حَقًا على الرجل قَالَ أمه رَوَاهُ الْبَزَّار وَالْحَاكِم وَإسْنَاد الْبَزَّار حسن وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ جَاءَت امْرَأَة إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت يَا رَسُول الله أَنا وافدة النِّسَاء إِلَيْك هَذَا الْجِهَاد كتبه الله على الرِّجَال فَإِن يُصِيبُوا أجروا وَإِن قتلوا كَانُوا أَحيَاء عِنْد رَبهم يرْزقُونَ وَنحن معشر النِّسَاء نقوم عَلَيْهِم فَمَا لنا من ذَلِك قَالَ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أبلغي من لقِيت من النِّسَاء أَن طَاعَة الزَّوْج وَالِاعْتِرَاف بِحقِّهِ يعدل ذَلِك وَقَلِيل مِنْكُن من يَفْعَله رَوَاهُ الْبَزَّار هَكَذَا مُخْتَصرا وَالطَّبَرَانِيّ فِي حَدِيث قَالَ فِي آخِره ثمَّ جَاءَتْهُ يَعْنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم امْرَأَة فَقَالَت إِنِّي رَسُول النِّسَاء إِلَيْك وَمَا مِنْهُنَّ امْرَأَة علمت أَو لم تعلم إِلَّا وَهِي تهوى مخرجي إِلَيْك الله رب الرِّجَال وَالنِّسَاء وإلههن وَأَنت رَسُول الله إِلَى الرِّجَال وَالنِّسَاء كتب الله الْجِهَاد على الرِّجَال فَإِن أَصَابُوا أجروا وان اسْتشْهدُوا كَانُوا أَحيَاء عِنْد رَبهم يرْزقُونَ فَمَا يعدل ذَلِك من أَعْمَالهم من الطَّاعَة قَالَ طَاعَة أَزوَاجهنَّ والمعرفة بحقوقهم وَقَلِيل مِنْكُن من يَفْعَله وَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ أَتَى رجل بابنته إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِن ابْنَتي هَذِه أَبَت أَن تتَزَوَّج فَقَالَ لَهَا رَسُول الله أطيعي أَبَاك

فَقَالَت وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لَا أَتزوّج حَتَّى تُخبرنِي مَا حق الزَّوْج على زَوجته قَالَ حق الزَّوْج على زَوجته لَو كَانَت بِهِ قرحَة فلحستها أَو انتثر منخراه صديدا أَو دَمًا ثمَّ ابتلعته مَا أدَّت حَقه قَالَت وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لَا أَتزوّج أبدا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تنكحوهن إِلَّا بإذنهن رَوَاهُ الْبَزَّار بِإِسْنَاد جيد وَرُوَاته ثِقَات مَشْهُورُونَ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ جَاءَت امْرَأَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت أَنا فُلَانَة بنت فلَان قَالَ قد عرفتك فَمَا حَاجَتك قَالَت حَاجَتي إِلَى ابْن عمي فلَان العابد قَالَ قد عَرفته قَالَت يخطبني فَأَخْبرنِي مَا حق الزَّوْج على الزَّوْجَة فَإِن كَانَ شَيْئا أُطِيقهُ تزوجته قَالَ من حَقه أَن لَو سَالَ دَمًا وقيحا فلحسته بلسانها مَا أدَّت حَقه لَو كَانَ يَنْبَغِي لبشر أَن يسْجد لبشر لأمرت الْمَرْأَة أَن تسْجد لزَوجهَا إِذا دخل عَلَيْهَا لما فَضله الله عَلَيْهَا قَالَت وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لَا أَتزوّج مَا بقيت الدُّنْيَا رَوَاهُ الْبَزَّار وَالْحَاكِم وَكِلَاهُمَا عَن سُلَيْمَان بن دَاوُد اليمامي عَن الْقَاسِم بن الحكم وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد قَالَ الْمُنْذِرِيّ سُلَيْمَان واه وَعَن أنس بن مَالك فِي قصَّة سَجْدَة الْإِبِل لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرفعهُ قَالَ لَا يصلح لبشر أَن يسْجد لبشر وَلَو صلح لبشر أَن يسْجد لبشر لأمرت الْمَرْأَة أَن تسْجد لزَوجهَا لعظم حَقه عَلَيْهَا لَو كَانَ من قدمه إِلَى مفرق رَأسه قرحه تنبجس بالقيح والصديد ثمَّ استقبلته فلحسته مَا أدَّت حَقه رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد جيد رُوَاته ثِقَات مَشْهُورُونَ وَالْبَزَّار نَحوه وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ مُخْتَصرا وَابْن حبَان فِي صَحِيحه من حَدِيث أبي هُرَيْرَة بِنَحْوِهِ بِاخْتِصَار وَلم يذكر قَوْله لَو كَانَ إِلَى آخِره وَرُوِيَ معنى ذَلِك فِي حَدِيث أبي سعيد الْمُتَقَدّم تنبجس أَي تتفجر وتنبع وَعَن قيس بن سعد فِي قصَّة سَجْدَة أهل الْحيرَة لمرزبانهم قَالَ يَعْنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لي أَرَأَيْت لَو مَرَرْت بقبري أَكنت تسْجد لَهُ فَقلت لَا فَقَالَ

لَا تَفعلُوا لَو كنت آمرا أحدا أَن يسْجد لأحد لأمرت النِّسَاء أَن يَسْجُدْنَ لِأَزْوَاجِهِنَّ لما جعل الله لَهُم عَلَيْهِنَّ من الْحق رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَفِي إِسْنَاده شريك وَقد أخرج لَهُ مُسلم فِي المتابعات ووثق وَعَن أبن أبي أوفى قَالَ لما قدم معَاذ بن جبل من الشَّام سجد للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا هَذَا قَالَ يَا رَسُول الله قدمت الشَّام فوجدتهم يَسْجُدُونَ لبطارقتهم وأساقفتهم فَأَرَدْت أَن أفعل ذَلِك بك قَالَ فَلَا تفعل فَإِنِّي لَو أمرت شَيْئا أَن يسْجد لشَيْء لأمرت الْمَرْأَة أَن تسْجد لزَوجهَا وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا تُؤدِّي الْمَرْأَة حق رَبهَا حَتَّى تُؤدِّي حق زَوجهَا رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَاللَّفْظ لَهُ وَلَفظ ابْن ماجة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَا تَفعلُوا فَإِنِّي لَو كنت آمرا أحدا أَن يسْجد لغير الله لأمرت الْمَرْأَة أَن تسْجد لزَوجهَا وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَا تُؤدِّي الْمَرْأَة حق رَبهَا حَتَّى تُؤدِّي حق زَوجهَا وَلَو سَأَلَهَا نَفسهَا وَهِي على قتب لم تَمنعهُ وروى الْحَاكِم الْمَرْفُوع مِنْهُ من حَدِيث معَاذ وَلَفظه قَالَ لَو أمرت أحدا أَن يسْجد لأحد لأمرت الْمَرْأَة أَن تسْجد لزَوجهَا من عظم حَقه عَلَيْهَا وَلَا تَجِد امْرَأَة حلاوة الْإِيمَان حَتَّى تُؤدِّي حق زَوجهَا وَلَو سَأَلَهَا نَفسهَا وَهِي على ظهر قتب لم تَمنعهُ نَفسهَا وَعَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَو كنت آمرا أحدا أَن يسْجد لأحد لأمرت الْمَرْأَة أَن تسْجد لزَوجهَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن صَحِيح وَعَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَو أمرت أحدا أَن يسْجد لأحد لأمرت الْمَرْأَة أَن تسْجد لزَوجهَا وَلَو أَن رجلا أَمر امْرَأَته أَن تنْتَقل من جبل أَحْمَر إِلَى جبل أسود أَو من جبل أسود إِلَى جبل أَحْمَر لَكَانَ لَهَا أَن تفعل

رَوَاهُ ابْن مَاجَه من رِوَايَة عَليّ بن زيد بن جدعَان وَبَقِيَّة رُوَاته مُحْتَج بهم فِي الصَّحِيح وَعَن أنس بن مَالك عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا أخْبركُم بنسائكم فِي الْجنَّة قُلْنَا بلَى يَا رَسُول الله قَالَ كل ودود ولود إِذا أغضبت أَو أُسِيء إِلَيْهَا أَو الطَّبَرَانِيّ وَرُوَاته مُحْتَج بهم فِي الصَّحِيح إِلَّا إِبْرَاهِيم بن زِيَاد الْقرشِي فإنني لم أَقف فِيهِ على جرح وتعديل وَقد رُوِيَ هَذَا الْمَتْن من حَدِيث أبن عَبَّاس وَكَعب بن عجْرَة وَغَيرهمَا وَعَن معَاذ بن جبل عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا يحل لامْرَأَة تؤمن بِاللَّه أَن تَأذن لأحد فِي بَيت زَوجهَا وَهُوَ كَارِه وَلَا تخرج وَهُوَ كَارِه وَلَا تطيع فِيهِ أحدا وَلَا تعزل فرَاشه وَلَا تضر بِهِ فَإِن كَانَ هُوَ أظلم فلتأته حَتَّى ترضيه فَإِن قبل مِنْهَا فِيهَا ونعمت وَقبل الله عذرها وأفلج حجتها وَلَا إِثْم عَلَيْهَا وَإِن هُوَ لم يرض فقد أبلغت عِنْد الله عذرها رَوَاهُ الْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد كَذَا قَالَ أفلج بِالْجِيم أَي أظهر حجتها وقواها وَعَن ابْن عَبَّاس أَن امْرَأَة من خثعم أَتَت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت يَا رَسُول الله أَخْبرنِي مَا حق الزَّوْج على الزَّوْجَة فَإِنِّي امْرَأَة أيم فَإِن اسْتَطَعْت وَإِلَّا جَلَست أَيّمَا قَالَ فَإِن حق الزَّوْج على زَوجته إِن سَأَلَهَا نَفسهَا وَهِي على ظهر قتب أَن لَا تَمنعهُ نَفسهَا وَمن حق الزَّوْج على الزَّوْجَة أَن لَا تَصُوم تَطَوّعا إِلَّا بِإِذْنِهِ فَإِن فعلت جاعت وعطشت وَلَا يقبل مِنْهَا وَلَا تخرج من بَيتهَا إِلَّا بِإِذْنِهِ فَإِن فعلت لعنتها مَلَائِكَة السَّمَاء وملائكة الرَّحْمَة وملائكة الْعَذَاب حَتَّى ترجع قَالَت لَا جرم لَا أَتزوّج أبدا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَعَن زيد بن أَرقم قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَرْأَة لَا تُؤدِّي حق الله حَتَّى تُؤدِّي حق زَوجهَا كُله لَو سَأَلَهَا وَهِي على ظهر قتب لم تَمنعهُ نَفسهَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَاد جيد

وَعَن عبد الله بن عمر عَن رَسُول الله قَالَ لَا ينظر الله تبَارك وَتَعَالَى إِلَى امْرَأَة لَا تشكر لزَوجهَا وَهِي لَا تَسْتَغْنِي عَنهُ رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَالْبَزَّار بِإِسْنَادَيْنِ رُوَاة أَحدهمَا رُوَاة الصَّحِيح وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَعَن معَاذ بن جبل عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تؤذي امْرَأَة زَوجهَا فِي الدُّنْيَا إِلَّا قَالَت زَوجته من الْحور الْعين لَا تؤذيه قَاتلك الله فَإِنَّمَا هُوَ عنْدك دخيل يُوشك أَن يفارقك إِلَيْنَا رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَالتِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن يُوشك أَي يقرب ويسرع ويكاد وَعَن طلق بن عَليّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا دَعَا الرجل زَوجته لِحَاجَتِهِ فلتأته وَإِن كَانَت على التَّنور رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَعَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا دَعَا الرجل امْرَأَته إِلَى فرَاشه فَلم تأته فَبَاتَ غَضْبَان عَلَيْهَا لعنتها الْمَلَائِكَة حَتَّى تصبح رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ وَمُسلم قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ مَا من رجل يَدْعُو امْرَأَته إِلَى فرَاشه فتأبى عَلَيْهِ إِلَّا كَانَ الَّذِي فِي السَّمَاء ساخطا عَلَيْهَا حَتَّى يرضى عَنْهَا وَفِي رِوَايَة لَهما وللنسائي إِذا باتت الْمَرْأَة هاجرة فرَاش زَوجهَا لعنتها الْمَلَائِكَة حَتَّى تصبح وَعَن جَابر بن عبد الله قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثَة لَا تقبل لَهُم صَلَاة وَلَا تصعد لَهُم إِلَى السَّمَاء حَسَنَة الحَدِيث وَفِيه وَالْمَرْأَة الساخط عَلَيْهَا زَوجهَا حَتَّى يرضى رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من رِوَايَة عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان فِي صَحِيحهمَا من رِوَايَة زُهَيْر

باب ما ورد في النفقة على الزوجة والعيال والترهيب من إضاعتهم

ابْن مُحَمَّد وَاللَّفْظ لِابْنِ حبَان وَعَن ابْن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اثْنَان لَا تجَاوز صلاتهما رؤوسهما الحَدِيث وَفِيه وَامْرَأَة عَصَتْ زَوجهَا حَتَّى ترجع رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَاد جيد وَالْحَاكِم وَعنهُ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن الْمَرْأَة إِذا خرجت من بَيتهَا وَزوجهَا كَارِه لعنها كل ملك فِي السَّمَاء وكل شَيْء مرت عَلَيْهِ غير الْجِنّ وَالْإِنْس حَتَّى ترجع رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَرُوَاته ثِقَات إِلَّا سُوَيْد بن عبد الْعَزِيز 471 - بَاب مَا ورد فِي النَّفَقَة على الزَّوْجَة والعيال والترهيب من إضاعتهم عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دِينَار أنفقته فِي سَبِيل الله ودينار أنفقته فِي رَقَبَة ودينار تَصَدَّقت بِهِ على مِسْكين ودينار أنفقته على أهلك أعظمها أجرا الَّذِي أنفقته على أهلك رَوَاهُ مُسلم وَعَن ثَوْبَان مولى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفضل دِينَار يُنْفِقهُ الرجل على عِيَاله ودينار يُنْفِقهُ على فرسه ودينار يُنْفِقهُ على أَصْحَابه فِي سَبِيل الله قَالَ أَبُو قلَابَة بَدَأَ بالعيال ثمَّ قَالَ أَبُو قلَابَة أَي رجل أعظم أجرا من رجل ينْفق على عِيَال صغَار بَعضهم الله أَو يَنْفَعهُمْ الله بِهِ ويغنيهم رَوَاهُ مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَعَن سعد بن أبي وَقاص أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ إِنَّك لن تنْفق نفقه تبتغي بهَا وَجه الله إِلَّا أجرت عَلَيْهَا حَتَّى مَا تجْعَل فِي فِي امْرَأَتك رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم فِي حَدِيث طَوِيل وَعَن أبي مَسْعُود البدري عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا أنْفق الرجل على

أَهله نَفَقَة وَهُوَ يحتسبها كَانَت لَهُ صَدَقَة رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَعَن الْمِقْدَام بن معد يكرب قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أطعمت نَفسك فَهُوَ لَك صَدَقَة وَمَا أطعمت ولدك فَهُوَ لَك صَدَقَة وَمَا أطعمت زَوجتك فَهُوَ لَك صَدَقَة وَمَا أطعمت خادمك فَهُوَ لَك صَدَقَة رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد جيد وَعَن أبي أُمَامَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أنْفق على امْرَأَته وَولده وَأهل بَيته فَهُوَ صَدَقَة رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَادَيْنِ أَحدهمَا حسن وَعَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَوْمًا لأَصْحَابه تصدقوا فَقَالَ رجل يَا رَسُول الله عِنْدِي دِينَار قَالَ أنفقهُ على نَفسك قَالَ إِن عِنْدِي آخر قَالَ أنفقهُ على زَوجتك قَالَ إِن عِنْدِي آخر قَالَ أنفقهُ على ولدك قَالَ إِن عِنْدِي آخر قَالَ أنفقهُ على خادمك قَالَ إِن عِنْدِي آخر قَالَ أَنْت أبْصر بِهِ رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَفِي رِوَايَة لَهُ تصدق بدل أنْفق فِي الْكل وَعَن جَابر يرفعهُ مَا أنْفق الرجل على أَهله كتب لَهُ صَدَقَة الحَدِيث بِطُولِهِ رَوَاهُ الدَّارقطني وَالْحَاكِم وَصحح إِسْنَاده وَعنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أول مَا يوضع فِي ميزَان العَبْد نَفَقَته على أَهله رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَعَن عَمْرو بن أُميَّة قَالَ مر عُثْمَان بن عَفَّان أَو عبد الرَّحْمَن بن عَوْف بمرط فاستغلاه قَالَ فَمر بِهِ على عَمْرو بن أُميَّة فَاشْتَرَاهُ فَكَسَاهُ امْرَأَته سخيلة بنت عُبَيْدَة بن الْحَارِث بن الْمطلب فَمر بِهِ عُثْمَان أَو عبد الرَّحْمَن فَقَالَ مَا فعل المرط الَّذِي ابتعت قَالَ عَمْرو تَصَدَّقت بِهِ على سخيلة بنت عُبَيْدَة فَقَالَ إِن كل مَا صنعت إِلَى أهلك صَدَقَة فَقَالَ عَمْرو سَمِعت

باب ما ورد في النفقة على العيال والأقارب

رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول ذَاك فَذكر مَا قَالَ عَمْرو لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ صدق عَمْرو كل مَا صنعت إِلَى أهلك فَهُوَ صَدَقَة عَلَيْهِم رَوَاهُ أَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَرُوَاته ثِقَات وروى أَحْمد الْمَرْفُوع مِنْهُ قَالَ مَا أعْطى الرجل أَهله فَهُوَ لَهُ صدقه المرط بِكَسْر الْمِيم كسَاء من صوف أَو خَز يؤتزر بِهِ وَعَن العرباص بن سَارِيَة قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن الرجل إِذا سقى امْرَأَته من المَاء أجر قَالَ فأتيتها فسقيتها وحدثتها بِمَا سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَوَاهُ أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والأوسط وَعَن أنس بن مَالك قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَرْأَة راعية فِي بَيت زَوجهَا ومسؤولة عَن رعيتها الحَدِيث رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَغَيرهمَا 472 - بَاب مَا ورد فِي النَّفَقَة على الْعِيَال والأقارب عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْيَد الْعليا أفضل من الْيَد السُّفْلى وابدأ بِمن تعول أمك وأباك وأختك وأخاك وأدناك فأدناك رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَاد حسن وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا بِنَحْوِهِ من حَدِيث حَكِيم بن حزَام وَعَن كَعْب بن عجْرَة قَالَ مر على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجل فَرَأى أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من جلده ونشاطه فَقَالُوا يَا رَسُول الله لَو كَانَ هَذَا فِي سَبِيل الله فَقَالَ رَسُول الله إِن كَانَ خرج يسْعَى على وَلَده صغَارًا فَهُوَ فِي سَبِيل الله وَإِن كَانَ خرج يسْعَى على أبوين شيخين كبيرين فَهُوَ فِي سَبِيل الله وَإِن كَانَ خرج يسْعَى على نَفسه يعفها فَهُوَ فِي سَبِيل الله وَإِن كَانَ خرج يسْعَى رِيَاء ومفاخرة فَهُوَ فِي سَبِيل الشَّيْطَان رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَرِجَاله رجال الصَّحِيح

باب ما ورد في النفقة على البنات وتأديبهن

وَعَن جَابر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أنْفق الْمَرْء على نَفسه وَولده وَأَهله وَذي رَحمَه وقرابته فَهُوَ لَهُ صَدَقَة رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وشواهده كَثِيرَة وَعَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن المعونة تَأتي من الله على قدر المؤونة وَإِن الصَّبْر يَأْتِي من الله على قدر الْبلَاء رَوَاهُ الْبَزَّار وَرُوَاته مُحْتَج بهم فِي الصَّحِيح إِلَّا طَارق بن عمار فَفِيهِ كَلَام غَرِيب وَلم يتْرك والْحَدِيث غَرِيب وَعَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كفى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَن يضيع من يقوت رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم إِلَّا أَنه قَالَ من يعول وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَعَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الله سَائل كل رَاع عَمَّا استرعاه حفظ أم ضيع حَتَّى يسْأَل الرجل عَن أهل بَيته رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه 473 - بَاب مَا ورد فِي النَّفَقَة على الْبَنَات وتأديبهن عَن عَائِشَة قَالَت دخلت عَليّ امْرَأَة وَمَعَهَا ابنتان لَهَا تسْأَل فَلم تَجِد عِنْدِي شَيْئا غير تَمْرَة وَاحِدَة فأعطيتها إِيَّاهَا فقسمتها بَين ابنتيها وَلم تَأْكُل مِنْهَا ثمَّ قَامَت فَخرجت فَدخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم علينا فَأَخْبَرته فَقَالَ من ابتلى من هَذِه الْبَنَات بِشَيْء فَأحْسن إلَيْهِنَّ كن لَهُ سترا من النَّار رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَفِي لفظ ابتلى بِشَيْء من الْبَنَات فَصَبر عَلَيْهِنَّ كن لَهُ حِجَابا من النَّار وعنها قَالَت جَاءَت مسكينة تحمل ابْنَتَيْن لَهَا فأطعمتها ثَلَاث تمرات

فأعطت كل وَاحِدَة تَمْرَة وَرفعت إِلَى فِيهَا تَمْرَة لتأكلها فاستطعمتها ابْنَتهَا فشقت التمرة الَّتِي كَانَت تُرِيدُ أَن تأكلها فَأَعْجَبَنِي شَأْنهَا فَذكرت الَّذِي صنعت لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِن الله قد أوجب لَهَا بهما الْجنَّة أَو أعْتقهَا بهما من النَّار رَوَاهُ مُسلم وَعَن أنس رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من عَال جاريتين حَتَّى تبلغا جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة أَنا وَهُوَ وَضم أَصَابِعه رَوَاهُ مُسلم وَاللَّفْظ لَهُ وَالتِّرْمِذِيّ وَلَفظه من عَال جاريتين دخلت أَنا وَهُوَ الْجنَّة كهاتين وَأَشَارَ بِأُصْبُعَيْهِ السبابَة وَالَّتِي تَلِيهَا وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَلَفظه قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من عَال ابْنَتَيْن أَو ثَلَاثًا أَو أُخْتَيْنِ أَو ثَلَاثًا حَتَّى يبن أَو يَمُوت عَنْهُن كنت أَنا وَهُوَ فِي الْجنَّة كهاتين وَأَشَارَ بِأُصْبُعَيْهِ السبابَة وَالَّتِي تَلِيهَا وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من مُسلم لَهُ ابنتان فَيحسن إِلَيْهِمَا مَا صحبتاه أَو صحبهما إِلَّا أدخلتاه الْجنَّة رَوَاهُ ابْن ماجة بِإِسْنَاد صَحِيح وَابْن حبَان فِي صَحِيحه من رِوَايَة شُرَحْبِيل عَنهُ وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَعَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كفل يَتِيما لَهُ ذَا قرَابَة أَو لَا قرَابَة لَهُ فَأَنا وَهُوَ فِي الْجنَّة كهاتين وَضم أصبعيه وَمن سعى على ثَلَاث بَنَات فَهُوَ فِي الْجنَّة وَكَانَ لَهُ كَأَجر مُجَاهِد فِي سَبِيل الله صَائِما قَائِما رَوَاهُ الْبَزَّار من رِوَايَة لَيْث بن أبي سليم وروى الطَّبَرَانِيّ عَن عَوْف بن مَالك أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا من مُسلم يكون لَهُ ثَلَاث بَنَات فينفق عَلَيْهِنَّ حَتَّى يبن أَو يمتن إِلَّا كن لَهُ حِجَابا من النَّار فَقَالَت لَهُ امْرَأَة أَو بنتان قَالَ وبنتان وشواهده كَثِيرَة وَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كَانَ لَهُ ثَلَاث بَنَات أَو ثَلَاث أَخَوَات أَو بنتان أَو أختَان فَأحْسن صحبتهن

وَاتَّقَى الله فِيهِنَّ فَلهُ الْجنَّة رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَاللَّفْظ لَهُ وَأَبُو دَاوُد إِلَّا أَنه قَالَ فأدبهن وَأحسن إلَيْهِنَّ وزوجهن فَلهُ الْجنَّة وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَفِي رِوَايَة لِلتِّرْمِذِي قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يكون لأحدكم ثَلَاث بَنَات أَو ثَلَاث أَخَوَات فَيحسن إلَيْهِنَّ إِلَّا دخل الْجنَّة قَالَ الْمُنْذِرِيّ وَفِي أسانيدها اخْتِلَاف ذكرته فِي غير هَذَا الْكتاب يَعْنِي التَّرْغِيب والترهيب وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كَانَت لَهُ أُنْثَى فَلم يئدها وَلم يهنها وَلم يُؤثر وَلَده يَعْنِي الذُّكُور عَلَيْهَا أدخلهُ الله الْجنَّة رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم كِلَاهُمَا عَن ابْن جرير وَهُوَ غير مَشْهُور عَن ابْن عَبَّاس وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد قَوْله لم يئدها أَي لم يدفنها حيه وَكَانُوا يدفنون الْبَنَات أَحيَاء وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وَإِذا الموؤودة سُئِلت} وَعَن الْمطلب بن عبد الله المَخْزُومِي قَالَ دخلت على أم سلمى زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت يَا بني أَلا أحَدثك بِمَا سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قلت بلَى يَا أمه قَالَت سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من أنْفق على ابْنَتَيْن أَو أُخْتَيْنِ أَو ذواتي قرَابَة يحْتَسب النَّفَقَة عَلَيْهِمَا حَتَّى يغنيهما من فضل الله أَو يكفيهما كَانَتَا لَهُ سترا من النَّار رَوَاهُ أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ من رِوَايَة مُحَمَّد بن أبي حميد الْمدنِي وَلم يتْرك وَمَشاهُ بَعضهم وَلَا يضر فِي المتابعات وَعَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كَانَ لَهُ ثَلَاث بَنَات يؤويهن ويرحمهن ويكفلهن وَجَبت لَهُ الْجنَّة الْبَتَّةَ قيل يَا رَسُول الله فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ قَالَ وَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ قَالَ فَرَأى بعض الْقَوْم

باب ما ورد في ترهيب النساء من لبس الرقيق من الثياب الذي يشف عن البشرة

أَن لَو قيل وَاحِدَة لقَالَ وَاحِدَة رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد جيد وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَزَاد ويزوجهن وَعَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من كَانَ لَهُ ثَلَاث بَنَات فَصَبر على لأوائهن وضرائهن وسرائهن أدخلهُ الله الْجنَّة برحمته إياهن فَقَالَ رجل وَاثْنَتَانِ يَا رَسُول الله قَالَ وَاثْنَتَانِ قَالَ رجل يَا رَسُول الله وَوَاحِدَة قَالَ وَوَاحِدَة رَوَاهُ الْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد 474 - بَاب مَا ورد فِي ترهيب النِّسَاء من لبس الرَّقِيق من الثِّيَاب الَّذِي يشف عَن الْبشرَة عَن عبد الله بن عمر قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول يكون فِي آخر أمتِي رجال يركبون على سرج كأشباه الرِّجَال وينزلون على أَبْوَاب الْمَسَاجِد نِسَاؤُهُم كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البخت الْعِجَاف العنوهن فَإِنَّهُنَّ ملعونات لَو كَانَ وراءكم أمة من الْأُمَم خدمتهن نِسَاؤُكُمْ كَمَا خدمكم نسَاء الْأُمَم قبلكُمْ رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَاللَّفْظ لَهُ وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم وَعَن عَائِشَة أَن أَسمَاء بنت أبي بكر دخلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَلَيْهَا ثِيَاب رقاق فَأَعْرض عَنْهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ يَا أَسمَاء إِن الْمَرْأَة إِذا بلغت الْمَحِيض لم يصلح أَن يرى مِنْهَا إِلَّا هَذَا وَهَذَا وَأَشَارَ إِلَى وَجهه وكفيه رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَقَالَ هَذَا مُرْسل وخَالِد بن دريك لم يدْرك عَائِشَة 475 - بَاب مَا ورد فِي ترغيب النِّسَاء فِي ترك الذَّهَب وَالْحَرِير عَن عَليّ كرم الله وَجهه قَالَ رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخذ حَرِيرًا

باب ما ورد في الترهيب من تشبه الرجل بالمرأة المرأة بالرجل في لباس أو كلام أو حركة أو نحو ذلك

فَجعله فِي يَمِينه وذهبا فَجعله فِي شِمَاله ثمَّ قَالَ إِن هذَيْن حرَام على ذُكُور أمتِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَفِي رِوَايَة من هَذَا الحَدِيث حَلَال على إناث أمتِي أَو كَمَا قَالَ وَعَن خَليفَة بن كَعْب قَالَ سَمِعت ابْن الزبير يخْطب وَيَقُول لَا تلبسوا نساءكم الْحَرِير فَإِنِّي سَمِعت عمر بن الْخطاب يَقُول قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تلبسوا الْحَرِير فَإِن من لبسه فِي الدُّنْيَا لم يلْبسهُ فِي الْآخِرَة رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَعَن عقبَة بن عَامر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يمْنَع أَهله الْحِلْية وَالْحَرِير وَيَقُول إِن كُنْتُم تحبون حلية الْجنَّة وحريرها فَلَا تلبسوها فِي الدُّنْيَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرطهمَا وَعَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ويل للنِّسَاء من الأحمرين الذَّهَب والمعصفر رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَعَن أبي أُمَامَة قَالَ قَالَ رَسُول الله أريت أَنِّي دخلت الْجنَّة فَإِذا أعالي أهل الْجنَّة فُقَرَاء الْمُهَاجِرين وذراري الْمُؤمنِينَ وَإِذا لَيْسَ فِيهَا أحد أقل من الْأَغْنِيَاء وَالنِّسَاء فَقيل لي أما الْأَغْنِيَاء فَإِنَّهُم على الْبَاب يحاسبون ويمحصون وَأما النِّسَاء فألهاهن الأحمران الذَّهَب وَالْحَرِير الحَدِيث رَوَاهُ الشَّيْخ ابْن حبَان وَغَيره من طَرِيق عبيد الله بن زحر عَن عَليّ بن زيد عَن الْقَاسِم عَنهُ 476 - بَاب مَا ورد فِي التَّرْهِيب من تشبه الرجل بِالْمَرْأَةِ الْمَرْأَة بِالرجلِ فِي لِبَاس أَو كَلَام أَو حَرَكَة أَو نَحْو ذَلِك عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لعن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم المتشبهين من الرِّجَال بِالنسَاء والمتشبهات من النِّسَاء بِالرِّجَالِ رَوَاهُ البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ

وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَالطَّبَرَانِيّ وَعِنْده إِن امْرَأَة مرت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم متقلدة قوسا فَقَالَ لعن الله المتشبهات من النِّسَاء بِالرِّجَالِ والمتشبهين من الرِّجَال بِالنسَاء وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ لعن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم المخنثين من الرِّجَال والمترجلات من النِّسَاء المخنث بِفَتْح النُّون وَكسرهَا من فِيهِ انخناث وَهُوَ التكسر والتثني كَمَا تَفْعَلهُ النِّسَاء لَا الَّذِي يَأْتِي الْفَاحِشَة الْكُبْرَى وَعَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ لعن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الرجل يلبس لبسة الْمَرْأَة وَالْمَرْأَة تلبس لبسة الرجل رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم وَعَن رجل من هُذَيْل قَالَ رَأَيْت عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ منزله فِي الْحل ومسجده فِي الْحرم قَالَ فَبينا أَنا عِنْده رأى أم سعيد بنت أبي جهل متقلدة قوسا وَهِي تمشي مشْيَة الرجل فَقَالَ عبد الله من هَذِه فَقلت هَذِه أم سعيد بنت أبي جهل فَقَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لَيْسَ منا من تشبه بِالرِّجَالِ من النِّسَاء وَلَا من تشبه بِالنسَاء من الرِّجَال رَوَاهُ أَحْمد وَاللَّفْظ لَهُ وَرُوَاته ثِقَات إِلَّا الرجل الْمُبْهم وَلم يسم وَالطَّبَرَانِيّ مُخْتَصرا وَأسْقط الْمُبْهم فَلم يذكرهُ وَعَن أبي هُرَيْرَة قَالَ لعن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مخنثي الرِّجَال الَّذين يتشبهون بِالنسَاء والمترجلات من النِّسَاء المتشبهات بِالرِّجَالِ وراكب الفلاة وَحده رَوَاهُ أَحْمد وَرِجَاله رجال الصَّحِيح إِلَّا طيب بن مُحَمَّد وَفِيه مقَال والْحَدِيث حسن وَعَن أبي أُمَامَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرْبَعَة لعنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَأمنت الْمَلَائِكَة رجل جعله الله ذكرا فأنث نَفسه وتشبه بِالنسَاء وَامْرَأَة جعلهَا الله أُنْثَى فتذكرت وتشبهت بِالرِّجَالِ الحَدِيث

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ من طَرِيق عَليّ بن يزِيد الإلهاني وَفِي الحَدِيث غرابة وَعَن أبي هُرَيْرَة قَالَ أُتِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بمخنث قد خضب يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ بِالْحِنَّاءِ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا بَال هَذَا قَالُوا يتشبه بِالنسَاء فَأمر بِهِ فنفي إِلَى النقيع فَقيل يَا رَسُول الله أَلا نَقْتُلهُ فَقَالَ إِنِّي نهيت عَن قتل الْمُصَلِّين رَوَاهُ أَبُو دَاوُد قَالَ وَقَالَ أَبُو أُسَامَة والنقيع نَاحيَة من الْمَدِينَة كَانَ حمى وَلَيْسَ بِالبَقِيعِ يَعْنِي إِنَّه بالنُّون لَا بِالْبَاء قَالَ الْمُنْذِرِيّ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَن أبي يسَار الْقرشِي عَن أبي هَاشم عَن أبي هُرَيْرَة وَفِي مَتنه نَكَارَة وَأَبُو يسَار هَذَا لَا أعرف اسْمه وَقد قَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ لما سُئِلَ عَنهُ مَجْهُول وَلَيْسَ كَذَلِك فَإِنَّهُ قد روى عَنهُ الْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث فَكيف يكون مَجْهُولا وَالله أعلم وَعَن ابْن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثَة لَا يدْخلُونَ الْجنَّة الْعَاق لوَالِديهِ والديوث ورجلة النِّسَاء رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَالْبَزَّار الديوث هُوَ الَّذِي يعلم الْفَاحِشَة من أَهله ويقرهم عَلَيْهَا وَعنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ثَلَاثَة قد حرم الله تَعَالَى عَلَيْهِم الحَدِيث وَفِيه الديوث الَّذِي يقر فِي أَهله الْخبث رَوَاهُ أَحْمد وَاللَّفْظ لَهُ وَالْبَزَّار وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَعَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَرْبَعَة يُصْبِحُونَ فِي غضب الله وَيُمْسُونَ فِي سخط الله قلت من هم يَا رَسُول الله قَالَ المتشبهون من الرِّجَال بِالنسَاء والمتشبهات من النِّسَاء بِالرِّجَالِ وَالَّذِي يَأْتِي الْبَهِيمَة وَالَّذِي يَأْتِي الرِّجَال رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق مُحَمَّد بن سَلام الْخُزَاعِيّ وَلَا يعرف عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة وَقَالَ البُخَارِيّ لَا يُتَابع على حَدِيثه وَعَن عمار بن يَاسر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ثَلَاثَة لَا يدْخلُونَ الْجنَّة أبدا الديوث والرجلة من النِّسَاء ومدمن الْخمر وَقَالُوا يَا رَسُول

باب ما ورد في دخول المرأة النار في هرة

الله أما مدمن الْخمر فقد عَرفْنَاهُ فَمَا الديوث قَالَ الَّذِي لَا يُبَالِي من دخل على أَهله قُلْنَا فَمَا الرجلة من النِّسَاء قَالَ الَّتِي تتشبه بِالرِّجَالِ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَرُوَاته لَا أعلم فيهم مجروحا وشواهده كَثِيرَة قَالَه الْمُنْذِرِيّ 477 - بَاب مَا ورد فِي دُخُول الْمَرْأَة النَّار فِي هرة تقدم حَدِيث ابْن عمر فِي هَذَا الْبَاب فِي مَحَله وَهُوَ عِنْد البُخَارِيّ وَغَيره وَرَوَاهُ أَحْمد من حَدِيث جَابر وَزَاد فِي آخِره فَوَجَبت لَهَا النَّار بذلك وَفِيه ذكر خشَاش الأَرْض وَعَن عبد الله بن عَمْرو عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ دخلت الْجنَّة فَرَأَيْت أَكثر أَهلهَا الْفُقَرَاء واطلعت فِي النَّار فَرَأَيْت أَكثر أَهلهَا النِّسَاء وَرَأَيْت فِيهَا ثَلَاثَة يُعَذبُونَ امْرَأَة من حمير طوالة ربطت هرة لم تطعهما وَلم تسقها وَلم تدعها تَأْكُل من خشَاش الأَرْض فَهِيَ تنهش قبلهَا ودبرها الحَدِيث رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَفِي رِوَايَة لَهُ امْرَأَة حميرية سَوْدَاء طَوِيلَة تعذب فِي هره لَهَا أوثقتها فَلم تدعها تَأْكُل من خشَاش الأَرْض وَلم تطعهما حَتَّى مَاتَت فَهِيَ إِذا أَقبلت تنهشها وَإِذا أَدْبَرت تنهشها الحَدِيث وَعَن أَسمَاء بنت أبي بكر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى صَلَاة الْكُسُوف فَقَالَ دنت مني النَّار حَتَّى قلت أَي رب وَأَنا مَعَهم فَإِذا امْرَأَة حسبت أَنه قَالَ تخدشها هرة قَالَ مَا شَأْن هَذِه قَالُوا حبستها حَتَّى مَاتَت جوعا رَوَاهُ البُخَارِيّ

باب ما ورد في دعاء المرء وصيفة له أو زوجة

478 - بَاب مَا ورد فِي دُعَاء الْمَرْء وصيفة لَهُ أَو زَوْجَة عَن أم سَلمَة قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بَيْتِي وَكَانَ بِيَدِهِ مسواك فَدَعَا وصيفة لَهُ أَو لَهَا حَتَّى استبان الْغَضَب فِي وَجهه فَخرجت أم سَلمَة إِلَى الحجرات فَوجدت الوصيفة وَهِي تلعب ببهمة فَقَالَت أَلا أَرَاك تلعبين بِهَذِهِ البهمة وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدْعُوك فَقَالَت وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ مَا سَمِعتك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَوْلَا خشيَة الْقود لأوجعتك بِهَذَا السِّوَاك رَوَاهُ أَحْمد بأسانيد أَحدهَا جيد وَاللَّفْظ لَهُ وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِنَحْوِهِ 479 - بَاب مَا ورد فِي التَّرْهِيب من المداهنة فِي إِقَامَة الْحُدُود فِيهِ حَدِيث عَائِشَة فِي شَأْن المخزومية الَّتِي سرقت وَقد تقدم فِي الْكتاب فِي مَوْضِعه وَهُوَ عِنْد البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة فَارْجِع إِلَيْهِ 480 - بَاب مَا ورد فِي الزانيات عَن أبي مُوسَى أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ثَلَاثَة لَا يدْخلُونَ الْجنَّة الحَدِيث وَفِيه وَمن مَاتَ وَهُوَ مدمن الْخمْرَة سقَاهُ الله من نهر الغوطة قيل وَمَا نهر الغوطه قَالَ نهر يجْرِي من فروج المومسات يُؤْذِي أهل النَّار ريح فروجهن رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو يعلي وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم وَصَححهُ المومسات الزانيات وَعَن سَمُرَة بن جُنْدُب فِي حَدِيث طَوِيل رَأَيْت اللَّيْلَة رجلَيْنِ أتياني فأخرجاني إِلَى أَرض مُقَدَّسَة الحَدِيث وَفِيه فَإِذا فِيهِ أَي فِي ثقب مثل التَّنور رجال وَنسَاء عُرَاة وَإِذا هم يَأْتِيهم لَهب من أَسْفَل مِنْهُم إِلَى قَوْله فَإِنَّهُم الزناة والزواني رَوَاهُ البُخَارِيّ

باب ما ورد في نجاة المرأة من النار

وَعَن أبي أَمَامه يرفعهُ فِي حَدِيث طَوِيل ثمَّ انْطلق بِي فَإِذا أَنا بِقوم أَشد شَيْء انتفاخا وأنتنه ريحًا كَأَن ريحهم المراحيض قلت من هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ الزانون والزواني ثمَّ انْطلق بِي فَإِذا أَنا بنساء تنهش ثديهن الْحَيَّات قلت مَا بَال هَؤُلَاءِ قيل هَؤُلَاءِ يمنعن أَوْلَادهنَّ ألبانهن الحَدِيث رَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان فِي صَحِيحهمَا وَاللَّفْظ لِابْنِ خُزَيْمَة قَالَ الْمُنْذِرِيّ وَلَا عِلّة لَهُ وَعَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثَة لَا يكلمهم الله يَوْم الْقِيَامَة وَلَا يزكيهم وَلَا ينظر إِلَيْهِم وَلَهُم عَذَاب أَلِيم شيخ زَان وَملك كَذَّاب وعائل مستكبر رَوَاهُ مُسلم وَالنَّسَائِيّ وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَلَفظه لَا ينظر الله إِلَى الشَّيْخ الزَّانِي وَلَا الْعَجُوز الزَّانِيَة 481 - بَاب مَا ورد فِي نجاة الْمَرْأَة من النَّار عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صلت الْمَرْأَة خمسها وحصنت فرجهَا وأطاعت بَعْلهَا دخلت من أَي أَبْوَاب الْجنَّة شَاءَت رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَتقدم فِي مَحَله أَيْضا 482 - بَاب مَا ورد فِي بر الْوَالِدين عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي الْعَمَل أحب إِلَى الله قَالَ الصَّلَاة على وَقتهَا قلت ثمَّ أَي قَالَ بر الْوَالِدين قلت ثمَّ أَي قَالَ الْجِهَاد فِي سَبِيل الله رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَعَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ جَاءَ رجل إِلَى نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاستأذنه فِي الْجِهَاد فَقَالَ أَحَي والداك قَالَ نعم قَالَ ففيهما فَجَاهد رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ

وَفِي رِوَايَة لمُسلم قَالَ أقبل رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أُبَايِعك على الْهِجْرَة وَالْجهَاد أَبْتَغِي الْأجر من الله قَالَ فَهَل من والديك أحد حَيّ قَالَ نعم بل كِلَاهُمَا حَيّ قَالَ فتبتغي الْأجر من الله قَالَ نعم قَالَ فَارْجِع إِلَى والديك فَأحْسن صحبتهما وَعنهُ قَالَ جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ جِئْت أُبَايِعك على الْهِجْرَة وَتركت أبواي يَبْكِيَانِ فَقَالَ ارْجع إِلَيْهِمَا فأضحكهما كَمَا أبكيتهما رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَعَن أبي سعيد أَن رجلا من أهل الْيمن هَاجر إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ هَل لَك أحد فِي الْيمن قَالَ أبواي قَالَ هَل أذنا لَك قَالَ لَا قَالَ فَارْجِع إِلَيْهِمَا فاستأذنهما فَإِن أذنا لَك فَجَاهد وَإِلَّا فبرهما رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَعَن أبي هُرَيْرَة قَالَ جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليستأذنه فِي الْجِهَاد فَقَالَ أَحَي والداك قَالَ نعم قَالَ ففيهما فَجَاهد رَوَاهُ مُسلم وَغَيره وَعَن أنس قَالَ أَتَى رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِنِّي أشتهي الْجِهَاد وَلَا أقدر عَلَيْهِ قَالَ هَل بَقِي من والديك أحد قَالَ أُمِّي قَالَ قَابل الله فِي برهَا فَإِذا فعلت ذَلِك فَأَنت حَاج ومعتمر وَمُجاهد رَوَاهُ أَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير والأوسط وإسنادهما جيد وَمَيْمُون بن نجيح وَثَّقَهُ ابْن حبَان وَبَقِيَّة رُوَاته ثِقَات مَشْهُورُونَ وَعَن طَلْحَة بن مُعَاوِيَة السّلمِيّ قَالَ أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت يَا رَسُول الله إِنِّي أُرِيد الْجِهَاد فِي سَبِيل الله قَالَ هَل أمك حَيَّة قلت نعم قَالَ إلزم رجلهَا فثم الْجنَّة رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَعَن أبي أُمَامَة أَن رجلا قَالَ يَا رَسُول الله مَا حق الْوَالِدين على ولدهما قَالَ هما جنتك ونارك رَوَاهُ ابْن مَاجَه من طَرِيق عَليّ بن يزِيد عَن الْقَاسِم

وَعَن مُعَاوِيَة بن جاهمة ان جاهمة جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله أردْت أَن أغزو وَقد جِئْت أستشيرك فَقَالَ هَل لَك من أم قَالَ نعم قَالَ فالزمها فَإِن الْجنَّة عِنْد رجلهَا رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَالنَّسَائِيّ وَاللَّفْظ لَهُ وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَاد جيد وَلَفظه قَالَ أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَسْتَشِيرهُ فِي الْجِهَاد فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلَك والدان قلت نعم قَالَ ألزمهما فَإِن الْجنَّة تَحت أرجلهما وَعَن أبي الدَّرْدَاء أَن رجلا أَتَاهُ فَقَالَ إِن لي امْرَأَة وَإِن أُمِّي تَأْمُرنِي بِطَلَاقِهَا فَقَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول الْوَالِد أَوسط أَبْوَاب الْجنَّة فَإِن شِئْت فأضع ذَلِك الْبَاب أَو أحفظه رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَالتِّرْمِذِيّ وَاللَّفْظ لَهُ وَقَالَ رُبمَا قَالَ سُفْيَان أُمِّي وَرُبمَا قَالَ أبي قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث صَحِيح وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَلَفظه أَن رجلا أَتَى أَبَا الدَّرْدَاء فَقَالَ إِن أبي لم يزل بِي حَتَّى زَوجنِي وَإنَّهُ الْآن يَأْمُرنِي بِطَلَاقِهَا قَالَ مَا أَنا بِالَّذِي آمُرك أَن تعق والديك وَلَا بِالَّذِي آمُرك أَن تطلق امْرَأَتك غير أَنَّك إِن شِئْت حدثتك بِمَا سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سمعته يَقُول الْوَالِد أَوسط أَبْوَاب الْجنَّة فحافظ على ذَلِك الْبَاب إِن شِئْت أَو دع قَالَ فأحسب عَطاء قَالَ فَطلقهَا وَعَن ابْن عمر قَالَ كَانَ تحتي امْرَأَة أحبها وَكَانَ عمر يكرهها فَقَالَ لي طَلقهَا فأبيت فَأتى عمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر لَهُ ذَلِك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَلقهَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن صَحِيح وَعَن أنس بن مَالك قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من سره أَن يمد لَهُ

فِي عمره وَيُزَاد فِي رزقه فليبر وَالِديهِ وَليصل رَحمَه رَوَاهُ أَحْمد وَرُوَاته مُحْتَج بهم فِي الصَّحِيح وَهُوَ فِي الصَّحِيح بِاخْتِصَار ذكر الْبر وَعَن معَاذ بن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من بر وَالِديهِ فطوبى لَهُ زَاد الله فِي عمره رَوَاهُ أَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم والأصبهاني كلهم من طَرِيق زيان بن فائذ عَن سهل بن معَاذ عَن أَبِيه وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد وَعَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ عفوا عَن نسَاء النَّاس تعف نِسَاؤُكُمْ وبروا آبَاءَكُم تبركم أبناؤكم الحَدِيث رَوَاهُ الْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَفِي سَنَده سُوَيْد قَالَ الْمُنْذِرِيّ هُوَ ابْن عبد الْعَزِيز واه وَعَن ابْن عمر يرفعهُ بروا آبَاءَكُم تبركم أبناؤكم وعفوا تعف نِسَاؤُكُمْ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَاد حسن وَرَوَاهُ أَيْضا هُوَ وَغَيره من حَدِيث عَائِشَة وَعَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ رغم أَنفه ثمَّ رغم أَنفه ثمَّ رغم أَنفه قيل من يَا رَسُول الله قَالَ من أدْرك وَالِديهِ عِنْد الْكبر أَو أَحدهمَا ثمَّ لم يدْخل الْجنَّة رَوَاهُ مُسلم رغم أَنفه أَي لصق بالرغام وَهُوَ التُّرَاب وَعَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ صعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمِنْبَر فَقَالَ آمين آمين آمين أَتَانِي جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ يَا مُحَمَّد من أدْرك أحد أَبَوَيْهِ فَمَاتَ فَدخل النَّار فَأَبْعَده الله فَقل آمين فَقلت آمين الحَدِيث رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بأسانيد أَحدهَا حسن وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه من حَدِيث أبي هُرَيْرَة إِلَّا أَنه قَالَ فِيهِ وَمن أدْرك أَبَوَيْهِ أَو أَحدهمَا فَلم يَبرهُمَا فَدخل النَّار فَأَبْعَده الله قل آمين فَقلت آمين وَرَوَاهُ أَيْضا من حَدِيث الْحسن بن مَالك بن الْحُوَيْرِث عَن أَبِيه عَن جده وَرَوَاهُ الْحَاكِم وَغَيره

من حَدِيث كَعْب بن عجْرَة وَقَالَ فِي آخِره فَلَمَّا رقيت الثَّالِثَة قَالَ بعد من أدْرك أَبَوَيْهِ الْكبر عِنْده أَو أَحدهمَا فَلم يدْخلَاهُ الْجنَّة قلت آمين وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث ابْن عَبَّاس بِنَحْوِهِ وَفِيه من أدْرك وَالِديهِ أَو أَحدهمَا فَلم يَبرهُمَا دخل النَّار فَأَبْعَده الله وأسحقه قلت آمين وَعَن مَالك بن عَمْرو الْقشيرِي قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من أدْرك أحد وَالِديهِ ثمَّ لم يغْفر لَهُ فَأَبْعَده الله زَاد فِي رِوَايَة وأسحقه رَوَاهُ أَحْمد من طَرِيق أَحدهمَا حسن وَتقدم حَدِيث ثَلَاثَة نفر انحدرت صَخْرَة عَلَيْهِم فَسدتْ الْغَار وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَأَيْضًا رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه من حَدِيث أبي هُرَيْرَة بِلَفْظ آخر وَعَن أبي هُرَيْرَة قَالَ جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله من أَحَق النَّاس بِحسن صَحَابَتِي قَالَ أمك قَالَ ثمَّ من قَالَ أمك قَالَ ثمَّ من قَالَ أمك قَالَ ثمَّ من قَالَ أَبوك رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَتقدم حَدِيث أَسمَاء بنت أبي بكر فِي صلَة أمهَا الْكَافِرَة وَهُوَ عِنْد الشَّيْخَيْنِ وَأبي دَاوُد وَعَن ابْن عمر أَو ابْن عَمْرو قَالَ الْمُنْذِرِيّ لَا يحضرني أَيهمَا يرفعهُ قَالَ رضَا الرب تبَارك وَتَعَالَى فِي رضَا الْوَالِدين وَسخط الله تبَارك وَتَعَالَى فِي سخط الْوَالِدين رَوَاهُ الْبَزَّار وَعَن ابْن عمر قَالَ أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجل فَقَالَ إِنِّي أذنبت ذَنبا عَظِيما فَهَل لي من تَوْبَة فَقَالَ هَل لَك من أم قَالَ لَا قَالَ فَهَل لَك من خَالَة قَالَ نعم قَالَ فبرها رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَاللَّفْظ لَهُ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم إِلَّا أَنَّهُمَا قَالَا لَك والدان بالتثنية وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح على شَرطهمَا

وَعَن أبي أسيد مَالك بن ربيعَة السَّاعِدِيّ قَالَ بَيْنَمَا نَحن جُلُوس عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ جَاءَهُ رجل من بني سَلمَة فَقَالَ يَا رَسُول هَل بَقِي من بر أَبَوي شَيْء أبرهما بِهِ بعد مَوْتهمَا قَالَ نعم الصَّلَاة عَلَيْهِمَا والأستغفار لَهما وإنفاذ عهدهما وصلَة الرَّحِم الَّتِي لَا توصل إِلَّا بهما وإكرام صديقهما رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَزَاد فِي آخِره قَالَ الرجل مَا أَكثر هَذَا يَا رَسُول الله وأطيبه قَالَ فاعمل بِهِ

الخاتمة في بيان أن الأنثى تخالف الرجل في أحكام

الخاتمة فِي بَيَان أَن الْأُنْثَى تخَالف الرجل فِي أَحْكَام مِنْهَا أَن السّنة فِي عانتها النتف وَمِنْهَا أَنه لَا يسن خفاضها وَإِنَّمَا هُوَ تكرمة لِأَنَّهُ يزِيد فِي اللَّذَّة كَمَا فِي منية الْمُفْتِي لَكِن فِي الْبَزَّازِيَّة من الْكَرَاهَة فِي الْفَصْل التَّاسِع ختان النِّسَاء يكون سنة لِأَنَّهُ نَص على أَن الْخُنْثَى الْمُشكل تختن وَلَو كَانَ ختانها تكرمة لَا سنة لم تختن لاحْتِمَال أَنَّهَا أُنْثَى وَلَكِن لَا كالسنة فِي حق الرِّجَال وَمِنْهَا أَنه يسن حلق لحيتها وَمِنْهَا أَنَّهَا تمنع من حلق شعر رَأسهَا وَقَالَ بَعضهم لَا بَأْس للْمَرْأَة أَن تحلق رَأسهَا لعذر مرض ووجع وَبِغير عذر لَا يجوز انْتهى وَالْمرَاد بِلَا بَأْس هُنَا الْإِبَاحَة مَا ترك فعله أولى وَالظَّاهِر أَن المُرَاد بحلق شعر رَأسهَا إِزَالَته سَوَاء كَانَ بحلق أَو قصّ أَو نتف أَو نورة فَليُحرر وَالْمرَاد بِعَدَمِ الْجَوَاز كَرَاهَة التَّحْرِيم لما فِي مِفْتَاح السَّعَادَة وَلَو حلقت فَإِن فعلت ذَلِك تشبها بِالرِّجَالِ فَهُوَ مَكْرُوه لِأَنَّهَا ملعونة

وَمِنْهَا أَن منيها لَا يطهر بالفرك على قَول وَمِنْهَا أَنَّهَا تزيد فِي أَسبَاب الْبلُوغ بِالْحيضِ وَالْحمل وَمِنْهَا أَنه يكره أذانها وإقامتها علله ابْن نجيم صَاحب الْأَشْبَاه والنظائر فِي شَرحه على الْكَنْز بِأَنَّهَا منهية عَن رفع صَوتهَا لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى الْفِتْنَة انْتهى قَالَ الْحَمَوِيّ ويعاد أذانها على وَجه الِاسْتِحْبَاب كَمَا ذكره الزَّيْلَعِيّ وَغَيره فَحِينَئِذٍ الذُّكُورَة من صِفَات الْكَمَال للمؤذن لَا من شَرَائِط الصِّحَّة فعلى هَذَا يَصح تقريرها فِي وَظِيفَة الْأَذَان وَفِيه تردد ظَاهر وَفِي السراج الْوَهَّاج مَا يَقْتَضِي عدم صِحَة أذانهن فَإِنَّهُ قَالَ إِذا لم يُعِيدُوا أَذَان الْمَرْأَة فكأنهم صلوا بِغَيْر آذان فَلهَذَا كَانَ عَلَيْهِم الْإِعَادَة وَمِنْهَا أَن بدنهَا كُله عَورَة إِلَّا وَجههَا وكفيها وقدميها على الْمُعْتَمد وذراعيها على الْمَرْجُوح قَالَ ابْن نجم قَالَ الْحَمَوِيّ يَعْنِي الْحرَّة بِدَلِيل مَا بعده وَأما الْأمة فظهرها وبطنها عَورَة لما فِي الْقنية الْجنب تبع للبطن والأوجة أَن مَا يَلِي الْبَطن تبع لَهُ انْتهى ثمَّ إِطْلَاق الْأمة يَشْمَل القنة والمدبرة وَالْمُكَاتبَة وَأم الْوَلَد والمستسعاة وَعِنْدَهُمَا هِيَ حرَّة وَالْمرَاد بهَا مُعتقة الْبَعْض وَأما المستسعاة الْمَرْهُونَة إِذا اعتقها الرَّاهِن وَهُوَ مُعسر فحرة اتِّفَاقًا قَالَ المُصَنّف يَعْنِي ابْن نجيم فِي شرح الْكَنْز وَعبر بالكف دون الْيَد كَمَا وَقع فِي الْمُحِيط للدلالة على أَنه مُخْتَصّ بالباطن وَأَن ظَاهر الْكَفّ عَورَة كَمَا هُوَ ظَاهر الرِّوَايَة وَفِي مختلفات قَاضِي خَان ظَاهر الْكَفّ وباطنه ليسَا بِعَوْرَة إِلَى الرسغ وَرجحه فِي شرح الْمنية بِمَا أخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيل عَن قَتَادَة أَن الْمَرْأَة إِذا حَاضَت لَا يصلح أَن يرى مِنْهَا إِلَّا وَجههَا ويداها إِلَى الْمفصل وَالْمذهب خِلَافه انْتهى أَقُول فِيمَا ذكره المُصَنّف فِي شرح الْكَنْز بحث لعدم الْفرق بَين التعبيرين قَالَ فِي الْقَامُوس الْكَفّ الْيَد وَلَو أَرَادَ النَّسَفِيّ مَا ذكره لعبر بالراحة اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يُقَال الْكَفّ عرفا اسْم لباطن الْكَفّ يُقَال

فِي كَفه كَذَا وكفه مَمْلُوءَة وَالْمرَاد بَاطِنهَا وَإِنَّمَا اسْتثْنِي الْقدَم للابتلاء فِي إِظْهَاره خُصُوصا الفقيرات وَاخْتلف التَّصْحِيح فِيهَا قَالَ فِي الْهِدَايَة الصَّحِيح أَنه لَيْسَ بِعَوْرَة وَصحح الأقطع وقاضي خَان فِي فَتَاوَاهُ أَنه عَورَة وَاخْتَارَهُ الأسبيجابي والمرغيناني وَصحح صَاحب الِاخْتِيَار أَنه لَيْسَ بِعَوْرَة فِي الصَّلَاة وعورة خَارِجهَا وَفِي شرح الْوِقَايَة للبرجندي معزيا إِلَى الخزانة الصَّحِيح أَن الْقدَم لَيْسَ بِعَوْرَة فِي الصَّلَاة وَرجح فِي شرح الْمنية كَونه عَورَة مُطلقًا بِأَحَادِيث وَقَالَ على الْمُعْتَمد قيل كَأَنَّهُ لم يعْتَبر تَرْجِيح ابْن أَمِير الْحَاج فِي شرح الْمنية لِأَنَّهُ خلاف ظَاهر الرِّوَايَة وَلم يُصَحِّحهُ أحد من أَرْبَاب التَّرْجِيح انْتهى أَقُول لَيْسَ ابْن أَمِير الْحَاج من أَرْبَاب التَّرْجِيح بل هُوَ من نقلة الْمَذْهَب وَدَعوى أَنه خلاف ظَاهر الرِّوَايَة لم يُصَحِّحهُ أحد من أَرْبَاب التَّرْجِيح مَمْنُوع كَيفَ وَقد صَححهُ قَاضِي خَان فِي فَتَاوَاهُ وَاخْتَارَهُ الأسبيجابي كَمَا تقدم قَرِيبا وَقَالَ وذراعيها على الْمَرْجُوح قَالَ المُصَنّف فِي شرح الْكَنْز وَعَن أبي يُوسُف الذِّرَاع لَيْسَ بِعَوْرَة وَاخْتَارَهُ فِي الِاخْتِيَار للْحَاجة إِلَى كشفه للْخدمَة وَلِأَنَّهُ مثل الزِّينَة الظَّاهِرَة وَهُوَ السوار وَصحح فِي الْمَبْسُوط أَنه عَورَة وَصحح بَعضهم أَنه عَورَة فِي الصَّلَاة لَا خَارِجهَا انْتهى أَقُول كَيفَ يَدعِي هُنَا أَنه مَرْجُوح مَعَ نَقله فِي شَرحه على الْكَنْز اخْتِلَاف التَّصْحِيح فِي الذِّرَاع وَمِنْهَا أَن صَوتهَا عَورَة فِي قَول وَفِي شرح الْمنية الْأَشْبَه أَن صَوتهَا لَيْسَ بِعَوْرَة وَإِنَّمَا يُؤَدِّي إِلَى الْفِتْنَة وَفِي النَّوَازِل نَغمَة الْمَرْأَة عَورَة وَبني عَلَيْهَا أَن تعلمهَا الْقُرْآن من الْمَرْأَة أحب إِلَيّ من تعلمهَا من الْأَعْمَى وَلذَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام التَّسْبِيح للرِّجَال والتصفيق للنِّسَاء فَلَا يجوز أَن يسْمعهَا الرجل كَذَا فِي الْفَتْح وَفِيه تدافع ظَاهر إِلَّا أَن يُقَال معنى التَّعَلُّم أَن تسمع مِنْهُ فَقَط لَكِن حِينَئِذٍ لَا يظْهر الْبناء عَلَيْهِ وَمَشى النَّسَفِيّ فِي الْكَافِي

على أَنه عَورَة وَكَذَلِكَ صَاحب الْمُحِيط قَالَ الْمُحَقق ابْن الْهمام وعَلى هَذَا لَو قيل لَو جهرت فِي الصَّلَاة فَسدتْ كَانَ متجها انْتهى فَحِينَئِذٍ كَانَ الْمُنَاسب للمؤلف أَن يَقُول عقب قَوْله وصوتها عَورَة فَلَا تجْهر بِقِرَاءَتِهَا وتصفق لأمر نابها وَلَا تلبي جَهرا وَيكرهُ أذانها وإقامتها وَمِنْهَا أَنَّهَا يكره لَهَا دُخُول الْحمام وَقيل يكره إِلَّا أَن تكون مَرِيضَة أَو نفسَاء وَالْمُعْتَمد أَنه لَا كَرَاهَة مُطلقًا قَالَ الْحَمَوِيّ قيل لَكِن بِشَرْط أَن تخرج فِي ثِيَاب مهنة وَفِي فتاوي قَاضِي خَان دُخُول الْحمام مَشْرُوع للنِّسَاء وَالرِّجَال جَمِيعًا خلافًا لما يَقُوله بعض النَّاس رُوِيَ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل الْحمام وتنور وخَالِد بن الْوَلِيد رَضِي الله عَنهُ دخل حمام حمص لَكِن إِنَّمَا يُبَاح إِذا لم يكن فِيهِ إِنْسَان مَكْشُوف الْعَوْرَة انْتهى قَالَ الْمُحَقق ابْن الْهمام وعَلى هَذَا فَغير خَافَ منع النِّسَاء دُخُول الْحمام للْعلم بِأَن كثيرا مِنْهُنَّ مَكْشُوف الْعَوْرَة انْتهى وَفِي منية الْمُفْتِي لَا بَأْس للنِّسَاء بِدُخُول الْحمام بمئزر وبدونه حرَام وَمِنْهَا أَنَّهَا لَا ترفع يَديهَا حذاء أذنيها قَالَ الْحَمَوِيّ بل حذاء منكبيها كَمَا فِي الْوِقَايَة وَصَححهُ فِي الْهِدَايَة وَفِي الظَّهِيرِيَّة ترفع حذاء صدرها وَفِي الْقنية قيل هَذَا فِي الْحرَّة وَأما الْأمة فكالرجل لِأَن كفها لَيْسَ بِعَوْرَة وَفِي الْكَافِي رُوِيَ عَن الْأَمَام أَن الْمَرْأَة مُطلقًا كَالرّجلِ لِأَن كفها لَيْسَ بِعَوْرَة انْتهى وَفِي السراج الْوَهَّاج أَن الْأمة كَالرّجلِ فِي الرّفْع وكالحرة فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود وَالْقعُود وَمِنْهَا أَنَّهَا لَا تجْهر بِقِرَاءَتِهَا قَالَ الْحَمَوِيّ يَعْنِي فِي الصَّلَاة الجهرية حرَّة كَانَت أَو أمة وَمِنْهَا أَنَّهَا تضم فخذيها فِي ركوعها وسجودها قَالَ الْحَمَوِيّ يَعْنِي حرَّة كَانَت أَو أمة

وَمِنْهَا أَنَّهَا لَا تفرج أصابعها فِي الرُّكُوع وَمِنْهَا أَنَّهَا إِذا نابها شَيْء فِي صلَاتهَا صفقت وَلَا تسبح وَمِنْهَا أَنه تكره جماعتهن وَأَن يقف الإِمَام وسطهن وَمِنْهَا أَنَّهَا لَا تصلح إِمَامًا للرِّجَال قَالَ الْحَمَوِيّ المُرَاد بِعَدَمِ الصلاحية عدم الصِّحَّة لِأَن شَرط صِحَة الْإِمَامَة للرِّجَال الذُّكُورَة وَمِنْهَا أَنه يكره حُضُورهَا جمَاعَة الصَّلَاة فِي الْمَسْجِد وصلاتها فِي بَيتهَا أفضل قَالَ الْحَمَوِيّ وَبِه سقط مَا قيل يَنْبَغِي أَن يسْتَثْنى من ذَلِك جمَاعَة الْمَسْجِد الْحَرَام لِأَنَّهَا تَطوف بِالْبَيْتِ وَمِنْهَا أَنَّهَا تضع يَمِينهَا على شمالها تَحت ثديها وتضع يَديهَا فِي التَّشَهُّد على فخذيها حَتَّى تبلغ رُؤُوس أصابعها ركبتيها وَمِنْهَا أَنَّهَا تتورك قَالَ الْحَمَوِيّ أَي فِي حَال جلوسها للتَّشَهُّد وَبَقِي من أَحْكَامهَا الْمُتَعَلّقَة بِالصَّلَاةِ أَنَّهَا لَا يسْتَحبّ فِي حَقّهَا الْإِسْفَار بِالْفَجْرِ وَمِنْهَا أَنه لَا جُمُعَة عَلَيْهَا وَلَكِن تَنْعَقِد بهَا قَالَ الْحَمَوِيّ أَي تحسب من الْجَمَاعَة الَّتِي هِيَ شَرط انْعِقَاد الْجُمُعَة كالمسافر وَالْعَبْد وَالْمَرِيض وَمِنْهَا أَنه لَيْسَ عَلَيْهَا تَكْبِير تَشْرِيق قَالَ الْحَمَوِيّ هَذَا على رَأْي الإِمَام لِأَنَّهُ يشْتَرط الذُّكُورَة أما عِنْدهمَا فَيجب وَالْفَتْوَى على قَوْلهمَا كَمَا فِي السراج وَظَاهر إِطْلَاق المُصَنّف أَنه لَا يجب عَلَيْهَا وَإِن اقتدت بِمن يجب عَلَيْهِ مَعَ أَنه يجب عَلَيْهَا بطرِيق التّبعِيَّة وَبِه صرح فِي الْكَنْز وَالْمَسْأَلَة شهيرة وَمِنْهَا أَنَّهَا لَا تُسَافِر إِلَّا بِزَوْج أَو محرم وَلَا يجب الْحَج عَلَيْهَا إِلَّا بِأَحَدِهِمَا وَلَا تلبي جَهرا وَلَا تنْزع الْمخيط وَلَا تسْعَى بَين الميلين الأخضرين وَلَا تحلق إِنَّمَا تقصر لَا ترفل والتباعد فِي طوافها عَن الْبَيْت أفضل

وَمِنْهَا أَنَّهَا لَا تخْطب مُطلقًا قَالَ الْحَمَوِيّ أَي لَا فِي الْجُمُعَة وَلَا فِي غَيرهَا أما فِي الْجُمُعَة فَلَمَّا فِي الْقنية أَن الْخَطِيب يشْتَرط فِيهِ أَن يصلح إِمَامًا للْجُمُعَة وَأما فِي غَيرهَا فَلَمَّا تقدم أَن صَوتهَا عَورَة وَلَكِن يرد على مَا فِي الْقنية أَن السُّلْطَان لَو أذن لصبي بِخطْبَة الْجُمُعَة فَخَطب صَحَّ وَيُصلي بالقوم غَيره مَعَ أَنه لَا يصلح لَا فِي الْجُمُعَة وَلَا فِي غَيرهَا وَقد يُجَاب بِأَنَّهُ وَإِن لم يصلح للْإِمَامَة حَالا فَهُوَ يصلح لَهَا مَالا بِخِلَاف الْأُنْثَى فَإِنَّهَا لَا تصلح للْإِمَامَة بِالرِّجَالِ لَا حَالا وَلَا مَالا وَمِنْهَا أَنَّهَا تقف فِي حَاشِيَة الْموقف لَا عِنْد الصخرات وَتَكون قَاعِدَة وَهُوَ رَاكب وَمِنْهَا أَنَّهَا تلبس فِي إحرامها الْخُفَّيْنِ وَمِنْهَا أَنَّهَا تتْرك طواف الصَّدْر لعذر الْحيض وتؤخر طواف الزِّيَارَة لعذر الْحيض وَمِنْهَا أَنَّهَا تكفن فِي خَمْسَة أَثوَاب وَمِنْهَا أَنَّهَا لَا تؤم فِي الْجِنَازَة قَالَ الْحَمَوِيّ أَي لَا تؤم فِي صَلَاة الْجِنَازَة الرِّجَال أما النِّسَاء فتؤمهن وتقف وسطهن كَمَا فِي الصَّلَاة ذَات الرُّكُوع وَالسُّجُود وَلَو أمت الرِّجَال فِي صَلَاة الْجِنَازَة صحت صلَاتهَا وَسقط الْفَرْض وَإِن بطلت صَلَاة الرِّجَال خلفهَا وَمِنْهَا أَنَّهَا لَا تحمل الْجِنَازَة وَإِن كَانَ الْمَيِّت أُنْثَى وَمِنْهَا أَنه ينْدب لَهَا نَحْو الْقبَّة فِي التابوت وَمِنْهَا أَنه لَا سهم لَهَا وَإِنَّمَا يرْضخ لَهَا إِن قَاتَلت وَمِنْهَا أَنَّهَا لَا تقتل الْمُرْتَدَّة والمشركة قَالَ الْحَمَوِيّ بل تحبس الْمُرْتَدَّة حَتَّى تسلم وتؤسر المشركة وَإِطْلَاق المُصَنّف فِي الْمُرْتَدَّة مُقَيّد بِغَيْر

الْمُرْتَدَّة بِالسحرِ فَإِنَّهَا تقتل على الْأَصَح كَمَا فِي الْمُنْتَقى وَفِي المشركة بِأَن لَا تكون ذَات رَأْي فِي الْحَرْب أَو بِأَن لَا تكون ملكة فَإِن كَانَت ذَات رَأْي أَو ملكة تقتل وَمِنْهَا أَنه لَا تقبل شهادتها فِي الْحُدُود وَالْقصاص قَالَ الْحَمَوِيّ ظَاهر استثنائهما قبُول شهادتها فِيمَا عداهما وَيُخَالِفهُ مَا نَقله المُصَنّف فِي الْبَحْر عَن خزانَة الفتاوي أَن شَهَادَة النِّسَاء فِيمَا يَقع فِي الحمامات لَا تقبل وَإِن مست الْحَاجة انْتهى وَعلله البزازي بِأَن الشَّرْع شرع لذَلِك طَرِيقا وَهُوَ مَنعهنَّ عَن الحمامات فَإِذا لم يمتثلن كَانَ التَّقْصِير إلَيْهِنَّ لَا إِلَى الشَّرْع انْتهى وَمِنْهَا أَنه يُبَاح لَهَا خضب يَديهَا ورجليها بِخِلَاف الرجل إِلَّا لضَرُورَة قَالَ الْحَمَوِيّ ظَاهر الْإِطْلَاق سَوَاء كَانَ الخضاب فِيهِ تماثيل أَو لَا وَلَيْسَ كَذَلِك قَالَ فِي الْوَجِيز وَلَا بَأْس بخضاب الْيَد وَالرجل للنِّسَاء مَا لم يكن فِيهِ تماثيل انْتهى وَهل للرجل أَن يخضب شعره ولحيته قَالَ فِي مِفْتَاح السَّعَادَة يسْتَحبّ خضاب الشّعْر واللحية للرِّجَال وَلم يفصل بَين الْحَرْب وَغَيره وَفِي الْمَبْسُوط لَا بَأْس بِهِ فِي الْحَرْب وَغَيره وَهُوَ الْأَصَح وَاخْتلفت الرِّوَايَات فِي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَل فعل ذَلِك فِي عمره وَالأَصَح أَنه مَا فعل وَلَا خلاف فِي أَنه لَا بَأْس للغازي أَن يختضب فِي دَار الْحَرْب ليَكُون أهيب فِي عين الْعَدو وَأما من اختضب لأجل التزين لأجل النِّسَاء والحواري فقد منع من ذَلِك بعض الْعلمَاء وَالأَصَح أَنه لَا بَأْس بِهِ وَقَالَ عَامَّة الْمَشَايِخ الخضاب بِالسَّوَادِ مَكْرُوه وَبَعْضهمْ جوزه وَهُوَ مَرْوِيّ عَن أبي يُوسُف أما بالحمرة فَهُوَ سنة الرِّجَال وَلَا سِيمَا المسنين كَذَا فِي مجمع الفتاوي وَفِي الْوَجِيز وَلَا بَأْس بخضاب الرَّأْس واللحية بِالْحِنَّاءِ والوسمة للرِّجَال وَالنِّسَاء انْتهى وَمِنْهَا أَنَّهَا على النّصْف من الرجل فِي الْإِرْث وَالشَّهَادَة وَالدية نفسا وبعضا

وَمِنْهَا أَنَّهَا على النّصْف من الرجل فِي نَفَقَة الْقَرِيب ذِي الرَّحِم الْمحرم الْفَقِير الْعَاجِز عَن الْكسْب كَمَا لَو كَانَ لَهُ عَم وَأم أَو أم وَأَخ لأَب وَأم أَو لأَب فعلى الْأُم الثُّلُث وعَلى الْعم أَو الْأَخ الثُّلُثَانِ على قدر الْمِيرَاث كَمَا فِي التُّحْفَة وَمِنْهَا أَن بضعهَا مُقَابل بِالْمهْرِ دون الرجل قَالَ الْحَمَوِيّ لاحترامه فَلَا يجب على وَليهَا لَو كَانَت صَغِيرَة وَلَا عَلَيْهَا لَو كَانَت كَبِيرَة جهاز فِي ظَاهر الْمَذْهَب وَمَا فِي الْقنية من وجوب الجهاز عرفا فِي مُقَابلَة الْمهْر ضَعِيف وَمِنْهَا أَنه تجبر الْأمة على النِّكَاح دون العَبْد فِي رِوَايَة وَالْمُعْتَمد عدم الْفرق بَينهمَا فِي الْجَبْر وَمِنْهَا أَن الْأمة تخير إِذا اعتقت بِخِلَاف العَبْد وَلَو كَانَ زَوجهَا حرا وَمِنْهَا أَن لَبنهَا محرم فِي الرَّضَاع دونه وَمِنْهَا أَنَّهَا تقدم على الرِّجَال فِي الْحَضَانَة وَمِنْهَا أَنَّهَا تقدم فِي النَّفَقَة على الْوَلَد الصَّغِير قَالَ الْحَمَوِيّ أَي الَّذِي لَهُ أَب مَعَه وَذَلِكَ كَمَا لَو كَانَ للصَّغِير أم موسرة وجد مُوسر وَأب مُعسر فَإِن الْأُم تُؤمر بِالْإِنْفَاقِ دون الْجد كَمَا فِي الْمُحِيط وَقيل الْأُخْت أولى بالتحمل من الْأُم لِأَنَّهَا أقرب إِلَى الْأَب كَذَا فِي الْقنية وَعَلِيهِ يحمل كَلَام المُصَنّف لَا على مَا إِذا كَانَ الصَّغِير لَا أَب لَهُ أَو لَا مَال لَهُ وَله أم وجد أَبُو الْأَب موسران فَإِن النَّفَقَة تجب عَلَيْهِمَا على قدر الْإِرْث أَثلَاثًا لَا على الْأُم فَقَط كَمَا توهمه عبارَة المُصَنّف وَمِنْهَا أَنَّهَا تقدم على الرِّجَال فِي النَّفر من مُزْدَلِفَة إِلَى منى وَفِي الِانْصِرَاف من الصَّلَاة

وَمِنْهَا أَنَّهَا تُؤخر فِي جمَاعَة الرِّجَال والموقف قَالَ الْحَمَوِيّ قيل عَلَيْهِ قد مر سَابِقًا أَنه يكره حُضُورهَا الْجَمَاعَة وَأَن التباعد فِي طوافها عَن الْبَيْت أفضل وتقف فِي حَاشِيَة الْموقف لَا عِنْد الصخرات فَتَأَمّله مَعَ مَا هُنَا انْتهى أَقُول قد بَينا سَابِقًا أَن معنى قَوْله يكره حُضُورهَا الْجَمَاعَة جمَاعَة الصَّلَاة فِي الْمَسْجِد لَا مُطلق جمَاعَة وَكَون التباعد فِي طوافها عَن الْبَيْت أفضل لَا يُنَافِي أَنَّهَا تُؤخر فِي جمَاعَة الرِّجَال إِذا تركت مَا هُوَ الْأَفْضَل وَكَذَا فِي وقوفها فِي حَاشِيَة الْموقف لَا يُنَافِي أَنَّهَا تُؤخر فِي جمَاعَة الرِّجَال إِذا تركت الْوُقُوف فِي الْحَاشِيَة وَمِنْهَا أَنَّهَا تُؤخر فِي اجْتِمَاع الْجَنَائِز عِنْد الإِمَام فتجعل عِنْد الْقبْلَة وَالرجل عِنْد الإِمَام قَالَ الْحَمَوِيّ قَالَ فِي الْبُرْهَان وَلَو صلى على جنائز جملَة قدم الْأَفْضَل فَالْأَفْضَل إِلَى الإِمَام ثمَّ الصَّبِي ثمَّ الْمَرْأَة انْتهى فَهِيَ مؤخرة فِي التَّقْدِيم إِلَى الإِمَام وَإِن كَانَت مُقَدّمَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْقبْلَة وَمِنْهَا أَنَّهَا تُؤخر فِي اللَّحْد قَالَ الْحَمَوِيّ قَالَ فِي الْمُحِيط وَلَا يدْفن اثْنَان وَثَلَاثَة فِي قبر وَاحِد إِلَّا عِنْد الْحَاجة فَيُوضَع الرجل مِمَّا يَلِي الْقبْلَة ثمَّ خَلفه الْغُلَام ثمَّ خَلفه الْخُنْثَى ثمَّ خَلفه الْمَرْأَة وَيجْعَل بَين كل ميتين حاجز من التُّرَاب ليصير فِي حكم قبرين هَكَذَا فعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي شُهَدَاء أحد وَقَالَ قدمُوا أَكْثَرهم قُرْآنًا وَمِنْهَا أَن تجب الدِّيَة بِقطع ثديها أَو حلمته بِخِلَافِهِ من الرِّجَال فَإِن فِيهِ الْحُكُومَة قَالَ الْحَمَوِيّ أَي حُكُومَة الْعدْل وَمِنْهَا أَنه لَا قصاص بِقطع طرفها بِخِلَاف الرجل قَالَ الْحَمَوِيّ هَكَذَا فِي النّسخ وَالصَّوَاب كَمَا فِي جَمِيع الْمُتُون لَا قصاص فِي طرفِي رجل وَامْرَأَة لِأَن الْأَطْرَاف كالأموال وقاية للنَّفس وَبَينهمَا تفَاوت فِي دِيَة الطّرف فيتعذر الْقصاص لتعذر الْمُسَاوَاة كَمَا فِي أَكثر الْكتب لَكِن فِي الْوَاقِعَات لَو

قطعت امْرَأَة يَد رجل كَانَ لَهُ الْقود لِأَن النَّاقِص يَسْتَوْفِي بالكامل إِذا رَضِي صَاحب الْحق وَمِنْهَا أَنه لَا قسَامَة عَلَيْهَا وَمِنْهَا أَنَّهَا لَا تدخل مَعَ الْعَاقِلَة فَلَا شَيْء عَلَيْهَا من الدِّيَة لَو قتلت خطأ بِخِلَاف الرجل فَإِن الْقَاتِل كأحدهم قَالَ الْحَمَوِيّ نقل الشمني فِي شَرحه على النقاية عَن الْمُتَأَخِّرين أَنَّهَا تدخل مَعَهم لَو وجد قَتِيل فِي قريتها وَهُوَ اخْتِيَار الطَّحَاوِيّ وَهُوَ الْأَصَح وَمِنْهَا أَنه يحْفر لَهَا فِي الرَّجْم إِن ثَبت زنَاهَا بِالْبَيِّنَةِ وَقَالَ الْحَمَوِيّ أَو بِالْإِقْرَارِ كَمَا فِي الْهِدَايَة وَغَيرهَا وَمِنْهَا أَنَّهَا تجلد جالسة وَالرجل قَائِما وَمِنْهَا أَنَّهَا لَا تَنْفِي سياسة وينفي هُوَ عَاما بعد الْجلد سياسة لَا حدا وَمِنْهَا أَنَّهَا لَا تكلّف الْحُضُور للدعوى إِذا كَانَت مخدرة وَلَا للْيَمِين بل يحضر إِلَيْهَا القَاضِي أَو يبْعَث إِلَيْهَا القَاضِي نَائِبه يحلفها بِحَضْرَة شَاهِدين وَمِنْهَا أَنَّهَا لَا تبتدي الشَّابَّة بِسَلام وتعزية وَمِنْهَا أَنَّهَا لَا تجاب وَلَا تشمت قَالَ الْحَمَوِيّ يَعْنِي أَنَّهَا لَو بدأت بِالسَّلَامِ قيل عَلَيْهِ فِي بَاب الْبَزَّازِيَّة مَا يدل على أَنه يجيبها بِصَوْت غير مسموع وَعبارَته امْرَأَة عطست أَو سلمت شمتها ورد عَلَيْهَا وَلَو عجوزا بِصَوْت يسمع وَإِن شَابة بِصَوْت لَا يسمع انْتهى وَفِي خزانَة الْمُفْتِينَ وَإِذا عطست امْرَأَة فَلَا بَأْس بتشميتها إِلَّا أَن تكون شَابة انْتهى وفيهَا أَيْضا امْرَأَة عطست فَإِن كَانَت عجوزا يرد الرجل عَلَيْهَا وَإِن كَانَت شَابة يرد عَلَيْهَا سرا من نَفسه انْتهى وَاسْتشْكل بِأَن البزازي نَفسه قَالَ قبل نَقله للفرع الْمَذْكُور مَا نَصه

وَجَوَاب السَّلَام إِذا لم يسمعهُ الْمُسلم عَلَيْهِ لَا يَنُوب عَن الْفَرْض لِأَن الرَّد لَا يجب بِلَا سَماع فَلذَلِك لَا يحصل إِلَّا بِهِ انْتهى وَفِي خزانَة الْمُفْتِينَ أَيْضا رد جَوَاب السَّلَام وَلَو لم يسمعهُ الْمُسلم لَا يسْقط عَنهُ الْفَرْض لِأَن الْجَواب لَا يجب عَلَيْهِ إِلَّا بِالسَّمَاعِ فَكَذَا لَا يَقع موقعه إِلَّا بِالسَّمَاعِ انْتهى اللَّهُمَّ إِلَّا أَن تستثنى الشَّابَّة من الْعُمُوم وتؤول عبارَة المُصَنّف أَيْضا لتوافق عبارَة الْبَزَّازِيَّة بِأَن يُقَال وَلَا تجاب جَوَابا مسموعا أنْتَهى أَقُول كَأَنَّهُ يزْعم أَنه وَقع فِي كَلَام البزازي وَكَلَام خزانَة الْمُفْتِينَ تدافع وَلَيْسَ كَذَلِك فَإِن كلا مِنْهُمَا مَفْرُوض فِي السَّلَام الْمسنون الَّذِي يجب رده وَسَلام الشَّابَّة غير مسنون بل مَنْهِيّ عَنهُ لما فِي ذَلِك من الْفِتْنَة فَلَا يجب رده فضلا عَن أَن يشْتَرط فِيهِ الإسماع وَإِن أُبِيح لَهُ أَن يرد عَلَيْهَا بِصَوْت لَا يسمع لِأَن السَّلَام تَحِيَّة أهل الْإِسْلَام فَيُبَاح لَهُ الرَّد عَلَيْهَا بِصَوْت لَا يسمع رِعَايَة لحق الْإِسْلَام وَالله أعلم وَمِنْهَا أَن تحرم الْخلْوَة بالأجنبية وَيكرهُ الْكَلَام مَعهَا وَمِنْهَا أَنهم اخْتلفُوا فِي جَوَاز كَونهَا نبية قَالَ بعض الْمُحَقِّقين وَأما الْأُنْثَى فَلَا تصلح نبية قَالَ يعِيش خلافًا للأشعرية قَالَ الْغَزِّي فِي شرح منظومة قَاضِي الْقُضَاة سائق الدَّين عَليّ الْمَشْهُورَة بيقول العَبْد وَمَا نسب إِلَى الْأَشْعَرِيّ من جَوَاز نبوة الْأُنْثَى فَلم يَصح عَنهُ كَيفَ وَقد شَرط الذُّكُورَة فِي الْخلَافَة الَّتِي هِيَ دون النُّبُوَّة وَاخْتَارَ الشَّيْخ ابْن الْهمام فِي المسايرة جَوَاز كَونهَا نبية لَا رسولة لِأَن الرسَالَة مَبْنِيَّة على الأشتهار ومبني حالهن على السّتْر بِخِلَاف النُّبُوَّة وَنَصّ عِبَارَته فِيهَا على مَا ذكره الْحَمَوِيّ هَكَذَا شَرط النُّبُوَّة الذُّكُورَة إِلَى أَن قَالَ وَخَالف بعض أهل الظَّوَاهِر والْحَدِيث فِي اشْتِرَاط الذُّكُورَة حَتَّى حكمُوا بنبوة مَرْيَم عَلَيْهَا الصَّلَاة وَالسَّلَام وَفِي كَلَامهم مَا يشْعر بِالْفرقِ بَين الرسَالَة والنبوة بالدعوة وَعدمهَا وعَلى هَذَا لَا يبعد اشْتِرَاط

الذُّكُورَة لكَون أَمر الرسَالَة مَبْنِيا على الاشتهار والإعلان والتردد إِلَى المجامع للدعوة ومبني حالهن على السّتْر والقرار وَأما على مَا ذكره الْمُحَقِّقُونَ من أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنْسَان بَعثه الله لبتليغ مَا أُوحِي إِلَيْهِ وَكَذَا الرَّسُول فَلَا فرق انْتهى المُرَاد مِنْهُ وَمِنْه يعلم لم يُصَرح بِاخْتِيَار جَوَاز كَونهَا نبية كَيفَ وَقد شَرط فِي صدر عِبَارَته الذُّكُورَة فِي النُّبُوَّة هَذَا وَقد نقل القَاضِي فِي تَفْسِيره الْإِجْمَاع على أَنه تَعَالَى لم يسْتَثْن امْرَأَة بقوله تَعَالَى {وَمَا أرسلنَا قبلك إِلَّا رجَالًا نوحي إِلَيْهِم} أَقُول دَعْوَى القَاضِي مَبْنِيَّة على مرادفة النَّبِي للرسول وَإِلَّا فَلَيْسَ فِي الْآيَة دلَالَة على مَا ادَّعَاهُ من الْإِجْمَاع وَقد بسط الْكَلَام على هَذِه الْمَسْأَلَة فِي فتح الْبَارِي شرح البُخَارِيّ فِي كتاب الْأَنْبِيَاء فِي بَاب امْرَأَة فِرْعَوْن فَليُرَاجع وَمِنْهَا أَن النِّسَاء لَا تدخل فِي الغرامات السُّلْطَانِيَّة كَمَا فِي الْوَلوالجِيَّة من الْقِسْمَة قَالَ الْحَمَوِيّ قَالَ بعض الْفُضَلَاء الْوَاقِع فِي بِلَادنَا أَخذ الْعَوَارِض من النِّسَاء دورهن لِأَن السُّلْطَان يَجْعَلهَا على الْخَانَات وَهِي الدّور الَّتِي يظْهر أَن عدم دخولهن عَن إِطْلَاق طلب الغرامة وَأما إِذا عينهَا الإِمَام على الدّور وَجعل على كل دَار قدرا معينا دخلن بِالتَّعْيِينِ الصَّرِيح بِتَسْمِيَة الدَّار وَلَا بُد من إِنْفَاذ الْمُسَمّى لَا محَالة وَلَو لم يُؤْخَذ طرح على الغي وَلزِمَ تضَاعف الْغرم على أَرْبَاب الدّور وَعبارَة الْوَلوالجِيَّة السُّلْطَان إِذا غرم أهل قَرْيَة فارادوا الْقِسْمَة قَالَ بَعضهم ينظر فَإِن كَانَت الغرامة لتحصين الْأَمْلَاك قسمت على قدر الْأَمْلَاك لِأَنَّهَا مُؤنَة الْملك فَصَارَ كمؤنة حفر النَّهر وَإِن كَانَت الغرامة لتحصين الْأَبدَان قسمت على قدر الرؤوس الَّتِي يتَعَرَّض لَهَا لِأَنَّهَا مُؤنَة الرَّأْس وَلَا شَيْء على النِّسَاء وَالصبيان لِأَنَّهُ لَا يتَعَرَّض لَهُم انْتهى وَقَوله لِأَنَّهُ لَا يتَعَرَّض وَقَوله قبله لِأَنَّهَا مُؤنَة الْملك فَصَارَ كمؤنة حفر النَّهر يظْهر لَك صِحَة مَا أَفْتيت بِهِ فِي الْعَوَارِض من أَنَّهَا على قدر سِهَام الْملاك ذُكُورا كَانُوا

أَو إِنَاثًا فَتَأمل هَكَذَا فِي الْأَشْبَاه والنظائر لِابْنِ نجيم الْمصْرِيّ الْحَنَفِيّ وَشَرحه للسَّيِّد أَحْمد الْحَمَوِيّ وَفِي بعض هَذِه الخصائص نظر يظْهر بِالرُّجُوعِ إِلَى السّنة المطهرة لَا يخفي على من لَهُ ممارسة لعلم الحَدِيث وَمَعْرِفَة بِهِ وَالله أعلم هَذَا آخر مَا أردنَا جُمُعَة فِي هَذَا الْمُخْتَصر وَالْحَمْد لله ظَاهرا وَبَاطنا وأولا وآخرا وَتمّ زبره فِي ذِي الْحجَّة يَوْم الْأَحَد ثَمَان عشر مِنْهُ من شهور سنة 1301 هـ بِتَمَامِهِ تمّ الشَّهْر وَالْعَام وَالْمِائَة

§1/1