حاشية السيوطي على سنن النسائي

السيوطي

كتاب الطهارة

كتاب الطَّهَارَة [1] أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ لَقَبٌ وَاسْمُهُ يحيى وَقيل عَليّ حَدثنَا سُفْيَان هُوَ بن عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شهَاب عَن أبي سَلمَة هُوَ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قِيلَ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَقِيلَ إِسْمَاعِيلُ وَقِيلَ اسْمُهُ كُنْيَتُهُ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ كَانَ عِنْدَنَا رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ اسْمُ أَحَدِهِمْ كُنْيَتُهُ مِنْهُمْ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ وَهُوَ أَحَدُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ عَلَى قَوْلٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ النَّوَوِيّ

اخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ عَلَى نَحْوِ ثَلَاثِينَ قَوْلًا أَصَحُّهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَخْرٍ وَقَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ فِي الْإِصَابَةِ هَذَا بِالتَّرْكِيبِ وَعِنْدَ التَّأَمُّلِ لَا تَبْلُغُ الْأَقْوَالُ عَشَرَةً خَالِصَةً وَمَرْجِعُهَا مِنْ جِهَةِ صِحَّةِ النَّقْلِ إِلَى ثَلَاثَةٍ عُمَيْرُ وَعَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَقَالَ الْبَغَوِيُّ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْمُؤَدِّبُ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ واسْمه عبد الرَّحْمَن قَالَ بن حَجَرٍ وَأَبُو إِسْمَاعِيلَ صَاحِبُ غَرَائِبَ مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ وَاسْمُهُ عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ صَخْرٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ أَبِي صَالِحٍ أَوْ مِنْ كَلَامِ مَنْ بَعْدَهُ وَأَخْلَقُ بِهِ أَنْ يَكُونَ أَبُو إِسْمَاعِيلَ الَّذِي تَفَرَّدَ بِهِ وَالْمَحْفُوظُ فِي هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ لِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كَانَ اسْمِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَبْدُ شَمْسِ بْنُ صَخْرٍ فَسَمَّانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ وَكُنِّيتُ أَبَا هُرَيْرَةَ لِأَنِّي وَجَدْتُ هِرَّةً فَحَمَلْتُهَا فِي كُمِّي فَقِيلَ لِي أَبُو هُرَيْرَةَ وَهَكَذَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْكُنَى مِنْ طَرِيقِهِ انْتَهَى إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي وَضُوئِهِ قَالَ الْحافِظُ بن حَجَرٍ فِي فَتْحِ الْبَارِي أَيِ الْإِنَاءُ الَّذِي أُعِدَّ لِلْوُضُوءِ انْتَهَى وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُفَسَّرَ بِالْمَاءِ لِأَنَّ الْوَضُوءَ بِفَتْحِ الْوَاوِ اسْمٌ لِلْمَاءِ وَبِالضَّمِّ اسْمٌ لِلْفِعْلِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْبُوَيْطِيِّ فَإِنْ لَمْ يَغْسِلْهَا إِلَّا مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ

أَوْ لَمْ يَغْسِلْهَا أَصْلًا حِينَ أَدْخَلَهَا فِي وَضُوئِهِ فَقَدْ أَسَاءَ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْن باتت يَده زَاد بن خُزَيْمَةَ مِنْهُ قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ مَعْنَاهُ أَنَّ أَهْلَ الْحِجَازِ كَانُوا يَسْتَنْجُونَ بِالْأَحْجَارِ وَبِلَادُهُمْ حَارَّةٌ فَإِذَا نَامَ أَحَدُهُمْ عَرِقَ فَلَا يَأْمَنُ النَّائِمُ أَنْ يُطَوِّفَ يَدَهُ عَلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ النَّجِسِ أَوْ عَلَى بَثْرَةٍ أَوْ قَمْلَةٍ أَوْ قَذَرٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ فِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ الْبَاعِثَ عَلَى الْأَمْرِ بِذَلِكَ احْتِمَالُ النَّجَاسَةِ لِأَنَّ الشَّرْعَ إِذَا ذَكَرَ حُكْمًا وَعَقَّبَهُ بِعِلَّةٍ دَلَّ عَلَى أَنَّ ثُبُوتَ الْحُكْمِ لِأَجْلِهَا وَمِنْهُ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ الْمُحْرِمِ الَّذِي سَقَطَ فَمَاتَ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ مُلَبِّيًا بَعْدَ نَهْيِهِمْ عَنْ تَطْيِيبِهِ فَنَبَّهَ عَلَى عِلَّةِ النَّهْي وَهِي كَونه محرما [2] كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ زَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةٍ يَتَهَجَّدُ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ قَالَ النَّوَوِيُّ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّ الشِّينِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَالشَّوْصُ دَلْكُ الْأَسْنَانِ بِالسِّوَاكِ عَرْضًا وَقِيلَ هُوَ الْغَسْلُ وَقِيلَ التَّنْقِيَةُ وَقِيلَ هُوَ الْحَكُّ وَتَأَوَّلَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ بِأُصْبُعِهِ قَالَ فَهَذِهِ أَقْوَالُ الْأَئِمَّةِ فِيهِ وَأَكْثَرُهَا مُتَقَارِبَةٌ وَأَظْهَرُهَا الْأَوَّلُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ انْتَهَى وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ يُدَلِّكُ أَسْنَانَهُ وَيُنَقِّيهَا وَقِيلَ هُوَ أَنْ يَسْتَاكَ مِنْ سُفْلٍ إِلَى عُلُوٍّ وَأَصْلُ الشَّوْصِ الْغَسْلُ وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ يَشُوصَ مُعَرَّبٌ يَعْنِي يَغْسِلُ بِالْفَارِسِيَّةِ حَكَاهُ الْمُنْذِرِيّ وَقَالَ لَا يَصح

[3] وَهُوَ يَسْتَنُّ قَالَ فِي النِّهَايَةِ الِاسْتِنَانُ اسْتِعْمَالُ السِّوَاكِ وَهُوَ افْتِعَالٌ مِنَ الْأَسْنَانِ أَيْ يُمِرُّهُ عَلَيْهَا وَطَرَفُ السِّوَاكِ بِفَتْحِ الرَّاءِ عَلَى لِسَانِهِ وَهُوَ يَقُول عأعأ بِتَقْدِيمِ الْعَيْنِ عَلَى الْهَمْزَةِ السَّاكِنَةِ وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ أُعْ أُعْ بِتَقْدِيمِ الْهَمْزَةِ الْمَضْمُومَةِ عَلَى الْعَيْنِ السَّاكِنَةِ وَلِأَبِي دَاوُدَ أُهْ وَلِلْجَوْزَقِيِّ أَخْ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَتِ الرُّوَاةُ لِتَقَارُبِ مَخَارِجِ هَذِهِ الْأَحْرُفِ وَكُلُّهَا تَرْجِعُ إِلَى حِكَايَةِ صَوْتِهِ إِذْ جَعَلَ السِّوَاكَ عَلَى طَرَفِ لِسَانِهِ وَالْمُرَادُ طَرَفُهُ الدَّاخِلُ كَمَا عِنْد أَحْمد يستن إِلَى فَوق

[5] السِّوَاكُ مِطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ مَطْهَرَةٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا لُغَتَانِ ذكرهمَا بن السِّكِّيتِ وَآخَرُونَ وَالْكَسْرُ أَشْهَرُ

وَهُوَ كُلُّ آلَةٍ يُتَطَهَّرُ بِهَا شُبِّهَ السِّوَاكُ بِهَا لِأَنَّهُ يُنَظِّفُ الْفَمَ وَالطَّهَارَةُ النَّظَافَةُ وَقَالَ زَيْنُ الْعَرَبِ فِي شَرْحِ الْمَصَابِيحِ مَطْهَرَةٌ وَمَرْضَاةٌ بِالْفَتْحِ كُلٌّ مِنْهُمَا مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الطَّهَارَةِ وَالْمَصْدَرُ يَجِيءُ بِمَعْنَى الْفَاعِلِ أَيْ مُطَهِّرٌ لِلْفَمِ وَمُرْضٍ لِلرَّبِّ أَوْ هُمَا بَاقِيَانِ عَلَى مَصْدَرِيَّتِهِمَا أَيْ سَبَبٌ لِلطَّهَارَةِ وَالرِّضَا وَمَرْضَاةٌ جَازَ كَوْنُهَا بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ أَيْ مَرْضِيٌّ لِلرَّبِّ وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ مَطْهَرَةٌ وَمَرْضَاةٌ إِمَّا مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ بِمَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ وَإِمَّا بِمَعْنَى الْآلَةِ فَإِنْ قُلْتَ كَيْفَ يَكُونُ سَبَبًا لِرِضَا اللَّهِ تَعَالَى قُلْتُ مِنْ حَيْثُ إِنَّ الْإِتْيَانَ بِالْمَنْدُوبِ مُوجِبٌ لِلثَّوَابِ وَمِنْ جِهَةِ أَنَّهُ مُقَدِّمَةٌ لِلصَّلَاةِ وَهِيَ مُنَاجَاةُ الرَّبِّ وَلَا شَكَّ أَنَّ طِيبَ الرَّائِحَةِ يُحِبُّهُ صَاحِبُ الْمُنَاجَاةِ وَقِيلَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَرْضَاةُ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ أَيْ مَرْضِيٌّ لِلرَّبِّ وَقَالَ الطِّيبِيُّ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إِنَّهَا مِثْلُ الْوَلَدِ مَبْخَلَةٌ مَجْبَنَةٌ أَيِ السِّوَاكُ مَظِنَّةٌ لِلطَّهَارَةِ وَالرِّضَا إِذْ يَحْمِلُ السِّوَاكُ الرَّجُلَ عَلَى الطَّهَارَةِ وَرِضَا الرَّبِّ وَعَطْفُ مَرْضَاةٍ يَحْتَمِلُ التَّرْتِيبَ بِأَنْ يَكُونَ الطَّهَارَةُ عِلَّةً لِلرِّضَا وَأَن يَكُونَا مستقلين فِي الْعلية [6] شُعَيْبُ بْنُ الْحَبْحَابِ بِحَاءَيْنِ مُهْمَلَتَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ وَبَاءَيْنِ مُوَحَّدَتَيْنِ الْأُولَى سَاكِنَةٌ قَدْ أَكْثَرْتُ عَلَيْكُمْ فِي السِّوَاك قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ أَيْ بَالَغْتُ فِي تَكْرِيرِ طَلَبِهِ

مِنْكُمْ أَوْ فِي إِيرَادِ الْأَخْبَارِ فِي التَّرْغِيبِ فِيهِ وَقَالَ بن التِّينِ مَعْنَاهُ أَكْثَرْتُ عَلَيْكُمْ وَحَقِيقٌ أَنْ أَفْعَلَ وَحَقِيقٌ أَنْ تُطِيعُوا قَالَ وَحَكَى الْكَرْمَانِيُّ أَنَّهُ رُوِيَ بِصِيغَةٍ مَجْهُولَةِ الْمَاضِي أَيْ بُولِغْتُ مِنْ عِنْد الله بِطَلَبِهِ مِنْكُم [7] لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ لَوْلَا كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى انْتِفَاءِ الشَّيْءِ لِثُبُوتِ غَيْرِهِ وَالْحَقُّ أَنَّهَا مُرَكَّبَةٌ مِنْ لَوِ الدَّالَّةِ عَلَى انْتِفَاءِ الشَّيْءِ لِانْتِفَاءِ غَيْرِهِ وَلَا النَّافِيَةِ فَدَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى انْتِفَاءِ الْأَمْرِ لِثُبُوتِ الْمَشَقَّةِ لِأَنَّ انْتِفَاءَ النَّفْيِ ثُبُوتٌ فَيَكُونُ الْأَمْرُ مَنْفِيًّا لِثُبُوتِ الْمَشَقَّةِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ لِلْوُجُوبِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ نَفَى الْأَمْرَ مَعَ ثُبُوتِ النَّدْبِيَّةِ وَلَوْ كَانَ لِلنَّدْبِ لَمَا جَازَ النَّفْيُ ثَانِيهِمَا أَنَّهُ جَعَلَ الْأَمْرَ مَشَقَّةً عَلَيْهِمْ وَذَلِكَ إِنَّمَا يَتَحَقَّقُ إِذَا كَانَ الْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ إِذِ النَّدْبُ لَا مَشَقَّةَ فِيهِ لِأَنَّهُ جَائِزُ التَّرْكِ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي اللُّمَعِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الِاسْتِدْعَاءَ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ لَيْسَ بِأَمْرٍ حَقِيقَةً لِأَنَّ السِّوَاكَ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ وَقَدْ أَخْبَرَ الشَّارِعُ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ بِهِ وَقَوْلُهُ لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ فِي فَتْحِ الْبَارِي أَيْ بِاسْتِعْمَالِ السِّوَاكِ لِأَنَّ السِّوَاكَ هُوَ الْآلَةُ وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى الْفِعْلِ أَيْضًا فَعَلَى هَذَا لَا تَقْدِير وَقَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ السِّرُّ فِي اسْتِحْبَابِ السِّوَاكِ عِنْدَ الْقِيَامِ إِلَى الصَّلَاةِ أَنَّا مَأْمُورُونَ فِي كُلِّ حَالَةٍ مِنْ أَحْوَالِ التَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنْ نَكُونَ فِي حَالَةِ كَمَالٍ وَنَظَافَةٍ إِظْهَارًا

لِشَرَفِ الْعِبَادَةِ قَالَ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ ذَلِكَ لِأَمْرٍ يَتَعَلَّقُ بِالْمَلَكِ وَهُوَ أَنْ يَضَعَ فَاهُ عَلَى فِيِّ الْقَارِئِ فَيَتَأَذَّى بِالرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ فَسُنَّ السِّوَاكُ لِأَجْلِ ذَلِكَ وَفِيهِ حَدِيثٌ فِي مُسْنَدِ الْبَزَّارِ وَقَالَ الْحافِظُ زَيْنُ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ حِكْمَتُهُ عِنْدَ إِرَادَةِ الصَّلَاةِ مَا وَرَدَ مِنْ أَنَّهُ يَقْطَعُ الْبَلْغَمَ وَيَزِيدُ فِي الْفَصَاحَةِ وَتَقْطِيعُ الْبَلْغَمِ مُنَاسِبٌ لِلْقِرَاءَةِ لِئَلَّا يَطْرَأَ عَلَيْهِ فيمنعه الْقِرَاءَة وَكَذَلِكَ الفصاحة قُلْتُ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ يَبْدَأُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ قَالَتْ بِالسِّوَاكِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ يَبْدَأُ بِصَلَاةِ النَّافِلَةِ فَقَلَّمَا كَانَ يَتَنَفَّلُ فِي الْمَسْجِدِ فَيَكُونُ السِّوَاكُ لِأَجْلِهَا وَقَالَ غَيْرُهُ الْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ رُبَّمَا تَغَيَّرَتْ رَائِحَةُ الْفَمِ عِنْدَ مُحَادَثَةِ النَّاسِ فَإِذَا دَخَلَ الْبَيْتَ كَانَ مِنْ حُسْنِ مُعَاشَرَةِ الْأَهْلِ إِزَالَةُ ذَلِكَ وَفِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ السِّوَاكِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَنْزِلِ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ أَبُو شَامَةَ وَالنَّوَوِيُّ قَالَ بن دَقِيق

الْعِيدِ وَلَا يَكَادُ يُوجَدُ فِي كُتُبِ الْفُقَهَاءِ ذكر ذَلِك [10] خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ قَالَ النَّوَوِيُّ هِيَ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَأَصْلُهَا الْخِلْقَةُ قَالَ تَعَالَى فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا وَاخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِهَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ فِي الْخِلَافِ وَالْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَصْحَابِنَا هِيَ الدِّينُ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ فَسَّرَهَا أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ فِي هَذَا الحَدِيث بِالسنةِ وَقَالَ بن الصَّلَاحِ وَفِيهِ إِشْكَالٌ لِبُعْدِ مَعْنَى السُّنَّةِ مِنْ مَعْنَى الْفِطْرَةِ فِي اللُّغَةِ قَالَ فَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ أَصْلَهُ سُنَّةُ الْفِطْرَةِ أَوْ آدَابُ الْفِطْرَةِ حُذِفَ الْمُضَافُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إِلَيْهِ مَقَامَهُ قَالَ النَّوَوِيّ وَتَفْسِير الْفطْرَة هَا هُنَا بِالسُّنَّةِ هُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّهُ وَرَدَ فِي رِوَايَةٍ مِنَ السُّنَّةِ قَصُّ الشَّارِبِ وَنَتْفُ الْإِبِطِ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ وَأَصَحُّ مَا فُسِّرَ بِهِ غَرِيبُ الْحَدِيثِ تَفْسِيرُهُ بِمَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى انْتَهَى وَقَالَ أَبُو شَامَةَ أَصْلُ الْفِطْرَةِ الْخِلْقَةُ الْمُبْتَدَأَةُ وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ إِذَا فُعِلَتِ اتَّصَفَ فَاعِلُهَا بِالْفِطْرَةِ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ الْعِبَادَ عَلَيْهَا وَحَثَّهُمْ عَلَيْهَا وَاسْتَحَبَّهَا لَهُمْ لِيَكُونُوا عَلَى أَكْمَلِ الصِّفَاتِ وَأَشْرَفِهَا صُورَةً

قَالَ الْحَافِظ أَبُو الْفضل بن حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ وَقَدْ رَدَّ الْبَيْضَاوِيُّ الْفِطْرَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِلَى مَجْمُوعِ مَا وَرَدَ فِي مَعْنَاهَا وَهُوَ الِاخْتِرَاعُ وَالْجِبِلَّةُ وَالسَّنُّ وَالسُّنَّةُ فَقَالَ هِيَ السُّنَّةُ الْقَدِيمَةُ

الَّتِي اخْتَارَهَا الْأَنْبِيَاءُ وَاتَّفَقَتْ عَلَيْهَا الشَّرَائِعُ فَكَأَنَّهَا أَمر جبلي فطروا عَلَيْهَا [14] أَنْ لَا نَتْرُكَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ لَا نَتْرُكَ تَرْكًا نُجَاوِزُ بِهِ أَرْبَعِينَ لَا أَنَّهُ وَقَّتَ لَهُمُ التَّرْكَ أَرْبَعِينَ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ هَذَا تَحْدِيدٌ لِأَكْثَرِ الْمُدَّةِ وَالْمُسْتَحَبُّ تَفَقُّدُ ذَلِكَ مِنَ الْجُمْعَةِ إِلَى الْجُمْعَةِ [15] اُحْفُوا الشَّوَارِب وَاعْفُوا اللحى قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ الْإِحْفَاءُ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْفَاء الِاسْتِقْصَاء وَمِنْه حَتَّى أحفوه بالمسئلة وَقَدْ وَرَدَ بِلَفْظِ انْهَكُوا الشَّوَارِبَ وَبِلَفْظِ جُزُّوا الشَّوَارِبَ وَكُلُّ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَطْلُوبَ الْمُبَالَغَةُ فِي الْإِزَالَةِ لِأَنَّ الْجَزَّ قَصُّ الشَّعْرِ وَالصُّوفِ إِلَى أَنْ يَبْلُغَ الْجِلْدَ وَالنَّهْكُ الْمُبَالَغَةُ فِي الْإِزَالَةِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْخَافِضَةِ أَشِمِّي وَلَا تُنْهِكِي أَيْ لَا تُبَالِغِي فِي خِتَانِ الْمَرْأَةِ قَالَ الطَّحَاوِيُّ لَمْ أَرَ عَنِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي ذَلِكَ شَيْئًا مَنْصُوصًا وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ رَأَيْنَاهُمْ كَالْمُزَنِيِّ وَالرَّبِيعِ كَانُوا يُحْفُونَ وَمَا أَظُنُّهُمْ أَخَذُوا ذَلِكَ إِلَّا عَنْهُ وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَصْحَابُهُ يَقُولُونَ الْإِحْفَاءُ أَفْضَلُ مِنَ التَّقْصِيرِ وَخَالَفَ مَالِكٌ انْتَهَى وَقَالَ الْأَشْرَمُ كَانَ أَحْمَدُ يُحْفِي شَارِبَهُ إِحْفَاءً شَدِيدًا وَنَصَّ عَلَى أَنَّهُ أَوْلَى مِنَ الْقَصِّ وَقَالَ النَّوَوِيُّ الْمُخْتَارُ فِي قَصِّ الشَّارِبِ أَنَّهُ يَقُصُّهُ حَتَّى يَبْدُوَ طَرَفُ الشَّفَةِ وَلَا يُحْفِيهِ مِنْ أَصْلِهِ وَأَمَّا رِوَايَةُ أَحْفُوا

فَمَعْنَاهُ أَزِيلُوا مَا طَالَ عَلَى الشَّفَتَيْنِ قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ مَا أَدْرِي هَلْ نَقَلَهُ عَنِ الْمَذْهَبِ أَوْ قَالَهُ اخْتِيَارًا مِنْهُ لِمَذْهَبِ مَالِكٍ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ ذَهَبَ كَثِيرٌ مِنَ السَّلَفِ إِلَى سُنِّيَّةِ اسْتِئْصَالِ الشَّارِبِ وَحَلْقِهِ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْفُوا وَانْهَكُوا وَهُوَ قَوْلُ الْكُوفِيِّينَ وَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ إِلَى مَنْعِ الْحَلْقِ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِلَى التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ قَصُّ الشَّارِبِ أَنْ يَأْخُذَ مَا طَالَ عَنِ الشَّفَةِ بِحَيْثُ لَا يُؤْذِي الْآكِلَ وَلَا يَجْتَمِعُ فِيهِ الْوَسَخُ وَالْجَزُّ وَالْإِحْفَاءُ هُوَ الْقَصُّ الْمَذْكُورُ وَلَيْسَ الِاسْتِئْصَالُ عِنْدَ مَالِكٍ قَالَ وَذَهَبَ الْكُوفِيُّونَ إِلَى أَنَّهُ الِاسْتِئْصَالُ وَبَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِلَى التَّخْيِيرِ فِي ذَلِكَ قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ هُوَ الطَّبَرِيُّ فَإِنَّهُ حَكَى قَوْلَ مَالِكٍ وَقَوْلَ الْكُوفِيِّينَ وَنَقَلَ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ الْإِحْفَاءَ الِاسْتِئْصَالُ ثُمَّ قَالَ دَلَّتِ السُّنَّةُ عَلَى الْأَمْرَيْنِ وَلَا تَعَارُضَ فَإِنَّ الْقَصَّ يَدُلُّ عَلَى أَخْذِ الْبَعْضِ وَالْإِحْفَاءُ يَدُلُّ عَلَى أَخْذِ الْكُلِّ وَكِلَاهُمَا ثَابِتٌ فَيَتَخَيَّرُ فِيمَا شَاءَ قَالَ الْحافِظُ بن حَجَرٍ وَيُرَجِّحُّ قَوْلَ الطَّبَرِيِّ ثُبُوتُ الْأَمْرَيْنِ مَعًا فِي الْأَحَادِيثِ فَأَمَّا الِاقْتِصَارُ عَلَى الْقَصِّ فَفِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ضِفْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ شَارِبِي وَفَاءً فَقَصَّهُ عَلَى سِوَاكٍ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِلَفْظِ فَوَضَعَ السِّوَاكَ تَحْتَ الشَّارِبِ وَقَصَّ عَلَيْهِ وَأَخْرَجَ الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْصَرَ رَجُلًا وَشَارِبُهُ طَوِيلٌ فَقَالَ ائْتُونِي بِمِقَصٍّ وَسِوَاكٍ فَجَعَلَ السِّوَاكَ عَلَى طَرَفِهِ ثُمَّ أَخَذَ مَا جَاوَزَهُ وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيّ من حَدِيث بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَحَسَّنَهُ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُصُّ شَارِبَهُ وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيّ وَالطَّبَرَانِيّ

مِنْ حَدِيثِ شُرَحْبِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ قَالَ رَأَيْتُ خَمْسَةً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يقصون شواربهم أَبُو أُمَامَة الْبَاهِلِيّ والمقدام بن معد يكرب الْكِنْدِيَّ وَعُتْبَةَ بْنَ عَوْفٍ السُّلَمِيَّ وَالْحَجَّاجَ بْنَ عَامِرٍ الشَّامِيَّ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ بِشْرٍ وَأَمَّا الْإِحْفَاءُ فَفِي رِوَايَةِ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ بن عُمَرَ قَالَ ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَجُوسَ فَقَالَ إِنَّهُمْ يُرْخُونَ سِبَالَهُمْ ويحلقون لحاهم فخالفوهم قَالَ وَكَانَ بن عُمَرَ يَسْتَعْرِضُ سَبَلَتَهُ فَيَجُزُّهَا كَمَا تُجَزُّ الشَّاةُ أَوِ الْبَعِيرُ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَأَخْرَجَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ قَالَ رَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ وَجَابِرَ بْنَ عَبْدِ الله وبن عُمَرَ وَرَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ وَأَبَا أُسَيدٍ الْأَنْصَارِيَّ وَسَلَمَةَ بْنَ الْأَكْوَعِ وَأَبَا رَافِعٍ يُنْهِكُونَ شَوَارِبَهُمْ كَالْحَلْقِ وَأَخْرَجَ أَبُو بَكْرٍ الْأَشْرَمُ مِنْ طَرِيقِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْت بن عُمَرَ يُحْفِي شَارِبَهُ حَتَّى لَا يَتْرُكَ مِنْهُ شَيْئًا وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بن أبي عُثْمَان قَالَ رَأَيْت بن عُمَرَ يَأْخُذُ مِنْ شَارِبِهِ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلَهُ وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُرْوَةَ وَسَالِمٍ وَالْقَاسِمِ وَأَبِي سَلَمَةَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَحْلِقُونَ شَوَارِبَهُمُ انْتَهَى مَا أوردهُ الْحَافِظ بن حَجَرٍ وَقَالَ النَّوَوِيُّ قَوْلُهُ أَحْفُوا وَأَعْفُوا بِقَطْعِ الْهمزَة فيهمَا وَقَالَ بن دُرَيْدٍ يُقَالُ أَيْضًا حَفَا الرَّجُلُ شَارِبَهُ يَحْفُوهُ حَفْوًا إِذَا اسْتَأْصَلَ أَخْذَ شَعْرِهِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ هَمْزَةُ اُحْفُوا هَمْزَةَ وَصْلٍ وَقَالَ غَيْرُهُ عَفَوْتُ الشَّعْرَ وَأَعْفَيْتُهُ لُغَتَانِ انْتَهَى وَفِي النِّهَايَةِ إِعْفَاءُ اللِّحَى أَنْ يُوَفِّرَ شَعْرَهَا وَلَا يُقَصُّ كَالشَّوَارِبِ مِنْ أَعْفَى الشَّيْءَ إِذَا كَثُرَ وَزَادَ [17] كَانَ إِذَا ذَهَبَ الِمَذْهَبَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْهَاءِ بَيْنَهُمَا ذَالٌ مُعْجَمَةٌ سَاكِنَةٌ مَفْعَلٌ مِنَ الذَّهَابِ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وغَيْرُهُ هُوَ اسْمٌ لِمَوْضِعِ التَّغَوُّطِ يُقَالُ لَهُ الْمَذْهَبُ وَالْخَلَاءُ وَالْمِرْفَقُ وَالْمِرْحَاضُ ائْتِنِي بِوضُوء بِفَتْح الْوَاو

[18] عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْتَهَى إِلَى سُبَاطَةِ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِمًا السُّبَاطَةُ بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هِيَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُرْمَى فِيهِ التُّرَابُ وَالْأَوْسَاخُ وَمَا يُكْنَسُ مِنَ الْمَنَازِلِ وَقِيلَ هِيَ الْكُنَاسَةُ نَفْسُهَا وَإِضَافَتُهَا إِلَى الْقَوْمِ إِضَافَةُ تَخْصِيصٍ لَا مِلْكٍ لِأَنَّهَا كَانَتْ مَوَاتًا مُبَاحَةً وَأَمَّا سَبَبُ بَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا فَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعُ الصُّلْبِ إِذْ ذَاكَ قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنُ فِي تَعْلِيقه

وَصَارَ هَذَا عَادَةً لِأَهْلِ هَرَاةَ يَبُولُونَ قِيَامًا فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً إِحْيَاءً لِتِلْكَ السُّنَّةِ وَقَوْلٌ ثَانٍ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَالَ قَائِمًا لِعِلَّةٍ بِمَأْبِضِهِ وَالْمَأْبِضُ بِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ بَعْدَ الْمِيمِ ثُمَّ بَاءٍ مُوَحدَة بَاطِن الرّكْبَة قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ لَوْ صَحَّ لَكَانَ فِيهِ غِنًى عَنْ كُلِّ مَا ذُكِرَ لَكِنْ ضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَقَوْلٌ ثَالِثٌ أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ مَكَانًا يَصْلُحُ لِلْقُعُودِ فَاضْطُرَّ إِلَى الْقِيَامِ لِكَوْنِ الطَّرَفُ الَّذِي يَلِيهِ مِنَ السُّبَاطَةِ كَانَ عَالِيًا مُرْتَفِعًا وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ وَعِيَاضٌ وَجْهًا رَابِعًا أَنَّهُ بَالَ قَائِمًا لِكَوْنِهَا حَالَةً يُؤْمَنُ فِيهَا خُرُوجُ الْحَدَثِ مِنَ السَّبِيلِ الْآخَرِ بِخِلَافِ الْقُعُودِ وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ وَجْهًا خَامِسًا أَنَّهُ فَعَلَهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ فِي هَذِهِ الْمرة وَرجحه بن حَجَرٍ وَذَكَرَ الْمُنْذِرِيُّ وَجْهًا سَادِسًا أَنَّهُ لَعَلَّهُ كَانَ فِيهَا نَجَاسَاتٌ رَطْبَةٌ وَهِيَ رَخْوَةٌ فَخَشِيَ أَن تتطاير عَلَيْهِ قَالَ بن سَيِّدِ النَّاسِ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ كَذَا قَالَ وَلَعَلَّ الْقَائِمَ أَجْدَرُ بِهَذِهِ الْخَشْيَةِ مِنَ الْقَاعِدِ قُلْتُ مَعَ أَنَّهُ يَؤَوَّلُ إِلَى الْوَجْهِ الثَّالِثِ وَذهب أَبُو عوَانَة وبن شاهين إِلَى أَنه مَنْسُوخ [19] عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخبث والخبائث قَالَ بن سَيِّدِ النَّاسِ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ الْخَلَاءُ بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ مَوْضِعُ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَقَوْلُهُ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ إِذَا أَرَادَ الدُّخُولَ نَحْوَ قَوْلُهِ تَعَالَى إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاة أَيْ إِذَا أَرَدْتُمُ الْقِيَامَ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ أَيْ إِذَا أَرَدْتَ الْقِرَاءَةَ وَكَذَلِكَ وَقَعَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ ابْتِدَاءُ الدُّخُولِ وَيُبْتَنَى عَلَيْهِ مَنْ دَخَلَ وَنَسِيَ التَّعَوُّذَ فَهَلْ يَتَعَوَّذُ أَمْ لَا كَرِهَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ السّلف مِنْهُم بن عَبَّاس

وَعَطَاءٌ وَالشَّعْبِيُّ فَحُمِلَ الْحَدِيثُ عِنْدَهُمْ عَلَى الْمَعْنَى الأول وَأَجَازَهُ جمَاعَة مِنْهُم بن عَمْرو بن سِيرِين وَالنَّخَعِيّ وَلَمْ يَحْتَجْ هَؤُلَاءِ إِلَى حَمْلِ الْحَدِيثِ عَلَى مَجَازِهِ مِنَ الْعِبَارَةِ بِالدُّخُولِ عَلَى إِرَادَتِهِ وَوَرَدَ فِي سَبَبِ هَذَا التَّعَوُّذِ مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الْعِلَلِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِن هَذِهِ الْحُشُوشَ مُحْتَضَرَةٌ فَإِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْخَلَاءَ فَلْيَقُلِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْخُبُثُ بِضَمِّ الْبَاءِ جَمْعُ خَبِيثٍ وَالْخَبَائِثُ جَمْعُ خَبِيثَةٍ يُرِيدُ ذُكْرَانَ الشَّيَاطِينِ وَإِنَاثَهُمْ وَعَامَّةُ أَهْلِ الْحَدِيثِ يَقُولُونَ الْخُبْثُ سَاكِنَةُ الْبَاءِ وَهُوَ غَلَطٌ وَالصَّوَابُ الْخُبُثُ مَضْمُومَةُ الْبَاءِ قَالَ وَأَمَّا الْخُبْثُ بِالسُّكُونِ فَهُوَ الشَّرُّ قَالَ بن الْأَعْرَابِيِّ أَصْلُ الْخُبْثِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْمَكْرُوهُ فَإِنْ كَانَ مِنَ الْكَلَامِ فَهُوَ الشَّتْمُ وَإِنْ كَانَ مِنَ الْمِلَلِ فَهُوَ الْكُفْرُ وَإِنْ كَانَ مِنَ الطَّعَامِ فَهُوَ الْحَرَامُ وَإِنْ كَانَ مِنَ الشَّرَاب فَهُوَ الضار قَالَ بن سَيِّدِ النَّاسِ وَهَذَا الَّذِي أَنْكَرَهُ الْخَطَّابِيُّ هُوَ الَّذِي حَكَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ وَحَسْبُكَ بِهِ جَلَالَةً وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَكْثَرُ رِوَايَاتِ الشُّيُوخِ بِالْإِسْكَانِ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ رُوِّينَاهُ بِالضَّمِّ والاسكان قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ مُؤَيِّدًا لِابْنِ سَيِّدِ النَّاسِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَدَّ مِثْلُ هَذَا غَلَطًا لِأَنَّ فُعُلَ بِضَمِّ الْفَاءِ وَالْعَيْنِ يُسَكِّنُونَ عَيْنَهُ قِيَاسًا فَلَعَلَّ مَنْ سَكَّنَهَا سَلَكَ ذَلِكَ الْمَسْلَكَ وَلَمْ يَرَ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يُخَالِفُ الْمَعْنَى الْأَوَّلَ وَقَالَ التُّورِبِشْتِيُّ فِي إِيرَادِ الْخَطَّابِيِّ هَذَا اللَّفْظَ فِي جُمْلَةِ الْأَلْفَاظِ الْمَلْحُونَةِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْخَبِيثَ إِذَا جُمِعَ يَجُوزُ أَنْ تُسَكَّنَ الْبَاءُ لِلتَّخْفِيفِ وَهَذَا مستفيض لَا يسع أحد مُخَالَفَتُهُ إِلَّا أَنْ يَزْعُمَ أَنَّ تَرْكَ التَّخْفِيفِ فِيهِ أَوْلَى لِئَلَّا يَشْتَبِهَ بِالْخُبْثِ الَّذِي هُوَ الْمصدر عَنْ رَافِعِ [20] بْنِ إِسْحَاقَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ وَهُوَ بِمِصْرَ يَقُولُ فِي رِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ فَقَدِمْنَا الشَّامَ فَوَجَدْنَا مَرَاحِيضَ قَدْ بُنِيَتْ قِبَلَ الْقِبْلَةِ فَكُنَّا نَتَحَرَّفُ عَنْهَا قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ فِي شَرْحِ أَبِي دَاوُدَ لَا تَنَافِيَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ فَيُمْكِنُ أَنَّهُ وَقَعَ لَهُ هَذَا فِي الْبَلَدَيْنِ مَعًا قَدِمَ كُلًّا مِنْهُمَا فَرَأَى مَرَاحِيضَهُمَا إِلَى الْقِبْلَةِ مَا أَدْرِي كَيْفَ أَصْنَعُ بِهَذِهِ الْكَرَايِيسِ بِيَاءَيْنِ مُثَّنَاتَيْنِ مِنْ تَحْتٍ قَالَ فِي النِّهَايَةِ يَعْنِي الْكُنُفَ وَاحِدُهَا كِرْيَاسٌ وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ مُشْرِفًا عَلَى سَطْحٍ بِقَنَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ فَإِذَا كَانَ أَسْفَلَ فَلَيْسَ بِكِرْيَاسٍ سُمِّيَ بِهِ لِمَا تَعَلَّقَ بِهِ مِنَ الْأَقْذَارِ وَيَتَكَرَّسُ كَكِرْسِ الدِّمَنِ وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي كتاب الْعين الكرناس بالنُّون

[21] لَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ أَخَذَ بِظَاهِرِهِ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَطَائِفَةٌ فَحَرَّمُوا ذَلِكَ فِي الصَّحْرَاءِ وَالْبُنْيَانِ وَخَصَّهُ آخَرُونَ بالصحراء وَعَلِيهِ الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة لحَدِيث بن عُمَرَ الَّذِي يَلِيهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ وَالْمُخْتَارُ الْأَوَّلُ لِأَنَّا إِذَا نَظَرْنَا إِلَى الْمَعَانِي فَالْحُرْمَةُ لِلْقِبْلَةِ فَلَا يَخْتَلِفُ فِي الْبُنْيَانِ وَلَا فِي الصَّحْرَاءِ وَإِنْ نَظَرْنَا إِلَى الْآثَار فَحَدِيث أبي أَيُّوب عَام وَحَدِيث بن عُمَرَ لَا يُعَارِضُهُ لِأَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا

أَنَّهُ قَوْلٌ وَهَذَا فِعْلٌ وَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ الثَّانِي أَنَّ الْفِعْلَ لَا صِيغَةَ لَهُ وَإِنَّمَا هُوَ حِكَايَةُ حَالٍ وَحِكَايَاتُ الْأَحْوَالِ مُعَرَّضَةٌ لِلْأَعْذَارِ وَالْأَسْبَابِ وَالْأَقْوَالُ لَا تَحْتَمِلُ ذَلِكَ الثَّالِثُ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ شَرْعٌ مُبْتَدَأٌ وَفِعْلُهُ عَادَةٌ وَالشَّرْعُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَادَةِ الرَّابِعُ أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ لَوْ كَانَ شَرْعًا لَمَا تَسَتَّرَ بِهِ انْتَهَى وَفِي الْآخَرِينَ نَظَرٌ لِأَنَّ فِعْلَهُ شَرْعٌ كَقَوْلِهِ وَالتَّسَتُّرُ عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ مَطْلُوبٌ بِالْإِجْمَاعِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي عِلَّةِ هَذَا النَّهْيِ عَلَى قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ فِي الصَّحْرَاءِ خَلْقًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ فَيَسْتَقْبِلُهُمْ بِفَرْجِهِ وَالثَّانِي أَنَّ الْعِلَّةَ إِكْرَامُ الْقِبْلَةِ وَاحْتِرَامُهَا لِأَنَّهَا جِهَةٌ معظمة قَالَ بن الْعَرَبِيِّ وَهَذَا التَّعْلِيلُ أَوْلَى وَرَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ أَيْضًا فِي شرح الْمُهَذّب [23] عَنْ عَمِّهِ وَاسِعِ

بْنِ حَبَّانَ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ لَقَدِ ارْتَقَيْتُ عَلَى ظَهْرِ بَيْتِنَا زَادَ الْبُخَارِيُّ لِبَعْضِ حَاجَتِي فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى لَبِنَتَيْنِ مُسْتَقْبِلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لِحَاجَتِهِ قَالَ بن الْقَصَّارِيِّ وَجَمَاعَةٌ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَتَعَمَّدْ ذَلِكَ بَلْ وَقَعَ مِنْهُ عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ فَإِنَّ قَصْدَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ مَا فِي بَعْضِ طُرُقِهِ فَحَانَتْ مِنِّي التفاته وَجوز بن بَطَّالٍ وَالْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُمَا أَنْ يَكُونَ قَصَدَ ذَلِكَ لِيَطَّلِعَ عَلَى كَيْفِيَّةِ جُلُوسِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْحَدَثِ وَأَنَّهُ تَحَفَّظَ مِنْ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى مَا لَا يَجُوزُ لَهُ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَفِيهِ بُعْدٌ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي الْعَمَلِ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَعَ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ وَنَحْوِهِ فَقَالَ قَوْمٌ هَذَا الْحَدِيثُ نَاسِخٌ لِأَحَادِيثِ النَّهْيِ فَجَوَّزُوا الِاسْتِقْبَالَ وَالِاسْتِدْبَارَ مُطْلَقًا وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى مَعْرِفَةِ تَأَخُّرِهِ عَنْهَا وَلَا يَجُوزُ دَعْوَى النَّسْخِ إِلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ التَّارِيخِ وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ إِنَّهُ مُتَقَدِّمٌ عَلَيْهَا لَكَانَ أَقْرَبَ فِي النَّظَرِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ عَلَى وَفْقِ الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ ثُمَّ وَرَدَ التَّحْرِيمُ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَسْلَمُ مِنْ دَعْوَى النَّسْخِ الَّذِي هُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ لَكِنْ لَا يَجُوزُ دَعْوَى التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ إِلَّا بِدَلِيلٍ وَقَالَ آخَرُونَ هَذَا خَاصٌّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْأَحَادِيثُ الدَّالَّة على الْمَنْع بَاقِيَة بِحَالِهَا وايده بن دَقِيقِ الْعِيدِ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ هَذَا الْفِعْلُ عَامًّا لِلْأُمَّةِ لَبَيَّنَهُ لَهُمْ بِإِظْهَارِهِ بِالْقَوْلِ فَإِنَّ الْأَحْكَامَ الْعَامَّةَ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهَا فَلَمَّا لَمْ يَقَعْ ذَلِكَ وَكَانَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ مِنِ بن عُمَرَ عَلَى طَرِيقِ الِاتِّفَاقِ وَعَدَمِ قَصْدِ الرَّسُولِ لَزِمَ عَدَمُ الْعُمُومِ فِي حَقِّ الْأُمَّةِ وَتَعَقَّبَهُ الْقُرْطُبِيُّ بِأَنَّ كَونَ هَذَا الْفِعْلِ فِي خَلْوَةٍ لَا يَصْلُحُ مَانِعًا مِنْ

الِاقْتِدَاءِ لِأَنَّ أَهْلَ بَيْتِهِ كَانُوا يَنْقُلُونَ مَا يَفْعَلُهُ فِي بَيْتِهِ مِنَ الْأُمُورِ الْمَشْرُوعَةِ وَقَالَ آخَرُونَ هَذَا

الْحَدِيثُ إِنَّمَا وَرَدَ فِي الْبُنْيَانِ وَالْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي النَّهْيِ مُطْلَقَةٌ فَتُحْمَلُ عَلَى الصَّحْرَاءِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ وَهَذَا أَصَحُّ الْأَجْوِبَةِ لِمَا فِيهِ من الْجمع بَين الدَّلِيلَيْنِ [29] أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مَنْ حَدَّثَكُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَالَ قَائِمًا فَلَا تُصَدِّقُوهُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ إِنَّهُ أَحْسَنُ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَصَحُّ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ إِنَّهُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَقَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ هَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ لِينٌ لِأَنَّ فِيهِ شَرِيكًا الْقَاضِي وَهُوَ مُتَكَلَّمٌ فِيهِ بِسُوءِ الْحِفْظِ وَقَوْلُ التِّرْمِذِيِّ إِنَّهُ أَصَحُّ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ لَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ وَلذَلِك قَالَ بن الْقَطَّانِ إِنَّهُ لَا يُقَالُ فِيهِ صَحِيحٌ وَتَسَاهُلُ الْحَاكِمِ فِي التَّصْحِيحِ مَعْرُوفٌ وَكَيْفَ يَكُونُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ مَعَ أَنَّ الْبُخَارِيَّ لَمْ يُخَرِّجْ لِشَرِيكٍ بِالْكُلِّيَّةِ وَمُسْلِمٌ خَرَّجَ لَهُ اسْتِشْهَادًا لَا احْتِجَاجًا وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَحَدِيثُ حُذَيْفَةَ أَصَحُّ مِنْهُ بِلَا تَرَدُّدٍ وَلَوْ تَكَافَآ فِي الصِّحَّةِ فَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ نَفْيَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لَا يَقْدَحُ فِي إِثْبَاتِ حُذَيْفَةَ وَهُوَ سَيِّدٌ مَقْبُولُ النَّقْلِ إِجْمَاعًا وَنَفْيُهَا كَانَ بِحَسَبِ عِلْمِهَا وَلَا شَكَّ أَنَّ مَا أَثْبَتَتْهُ وَنَفَتْ غَيْرَهُ كَانَ هُوَ الْغَالِبُ مِنْ حَالِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَفِي سنَن بن مَاجَهْ عَنْ سُفْيَانَ

الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ الرِّجَالُ أَعْلَمُ بِهَذَا مِنْهَا أَيْ أَنَّ هَذَا لَمْ يَقَعْ فِي الْبَيْتِ بَلْ فِي الطَّرِيقِ فِي مَوْضِعٍ يُشَاهِدُ فِيهِ الرِّجَالُ دُونَ زَوْجَاتِهِ وَقَدْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبُولُ قَائِمًا وَرَوَى الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَالَ قَائِمًا مِنْ جُرْحٍ كَانَ بِمَأْبِضِهِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْمَرَّةُ الَّتِي كَانَ مَعَهُ فِيهَا حُذَيْفَةُ وَيحْتَمل أَن تكون غَيرهَا وَفِي مُصَنف بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ مَا بَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا الا مرّة فِي كثيب أعجبه [30] عَن عبد الرَّحْمَن بن حَسَنَة هُوَ أَخُو شُرَحْبِيل بن حَسَنَةَ وَحَسَنَةُ اسْمُ أُمِّهِمَا وَاسْمُ أَبِيهِمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُطَاعِ وَلَيْسَ لِعَبْدِ اللَّهِ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ عِنْدَ المُصَنّف وَأبي دَاوُد وبن مَاجَهْ وَلَهُ فِي غَيْرِهَا أَحَادِيثُ أُخَرُ وَذَكَرَ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ أَنَّهُ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ سِوَى زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ رَوَى عَنْهُ أَيْضًا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَارِضٍ وَرِوَايَتُهُ عَنْهُ فِي مُعْجَمِ الطَّبَرَانِيِّ كَهَيْئَةِ الدَّرَقَةِ بِفَتْحِ الدَّالِ وَالرَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَالْقَافِ الْحَجَفَةُ وَالْمُرَادُ بِهَا التُّرْسُ إِذَا كَانَ مِنْ جُلُودٍ وَلَيْسَ فِيهِ مِنْ خَشَبٍ وَلَا عَصَبٍ وَهُوَ الْقَصَبُ الَّذِي تُعْمَلُ مِنْهُ الْأَوْتَارُ وَذَكَرَ الْقَزَّازُ أَنَّهَا مِنْ جُلُودِ دَوَابٍّ تَكُونُ فِي بِلَادِ الْحَبَشَةِ فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ اُنْظُرُوا يَبُولُ كَمَا

تَبُولُ الْمَرْأَةُ قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ هَلِ الْمُرَادُ التَّشَبُّهُ بِهَا فِي السِّتْرِ أَوِ الْجُلُوسِ أَوْ فِيهِمَا مُحْتَمَلٌ وَفَهِمَ النَّوَوِيُّ الْأَوَّلَ فَقَالَ فِي شَرْحِ أَبِي دَاوُدَ مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ كَرِهُوا ذَلِكَ وَزَعَمُوا أَنَّ شَهَامَةَ الرِّجَالِ لَا تَقْتَضِي السِّتْرَ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ وَيُؤَيِّدُ الثَّانِي رِوَايَةُ الْبَغَوِيِّ فِي مُعْجَمِهِ فَإِنَّ لَفْظَهَا فَقَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ يَبُولُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا تَبُولُ الْمَرْأَةُ وَهُوَ قَاعِدٌ وَفِي مُعْجَمِ الطَّبَرَانِيِّ يَبُولُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ جَالِسٌ كَمَا تَبُولُ الْمَرْأَة وَفِي سنَن بن مَاجَهْ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ كَانَ مِنْ شَأْنِ الْعَرَبِ الْبَوْلُ قَائِمًا أَلَا ترَاهُ فِي حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن حَسَنَةَ يَقُولُ يَقْعُدُ وَيَبُولُ مَا أَصَابَ صَاحِبَ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ بِالرَّفْعِ وَيَجُوزُ نَصْبُهُ كَانُوا إِذَا أَصَابَهُمْ شَيْءٌ مِنَ الْبَوْلِ قَرَضُوهُ بِالْمَقَارِيضِ فِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ كَانَ أَحَدُهُمْ إِذَا أَصَابَ شَيْئًا مِنْ جَسَدِهِ بَوْلٌ قرضه بِالْمَقَارِيضِ [31] مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَبْرَيْنِ فِي رِوَايَةِ بِقَبْرَيْنِ وَمَرَّ بِمَعْنَى اجتاز يتَعَدَّى تَارَة بِالْبَاء وَتارَة بعلي وَزَاد بن مَاجَهْ فِي رِوَايَتِهِ جَدِيدَيْنِ فَقَالَ إِنَّهُمَا يُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ زَادَ فِي رِوَايَةِ البُخَارِيّ

بَلَى وَإِنَّهُ لَكَبِيرٌ قَالَ أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ الْبَوْنِيُّ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظن أَن ذَلِك غير كَبِير فَأوحى إِلَيْهِ فِي الْحَالِ أَنَّهُ كَبِيرٌ فَاسْتَدْرَكَ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي وَإِنَّهُ يَعُودُ عَلَى الْعَذَابِ لِمَا ورد فِي صَحِيح بن حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ يُعَذَّبَانِ عَذَابًا شَدِيدًا فِي ذَنْبٍ هَيِّنٍ وَقِيلَ الضَّمِيرُ يَعُودُ عَلَى أَحَدِ الذَّنْبَيْنِ وَهُوَ النَّمِيمَةُ لِأَنَّهَا مِنَ الْكَبَائِر وَقَالَ الدَّاودِيّ وبن الْعَرَبِيِّ كَبِيرُ الْمَنْفِيُّ بِمَعْنَى أَكْبَرُ وَالْمُثْبَتُ وَاحِدُ الْكَبَائِرِ أَيْ لَيْسَ ذَلِكَ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ كَالْقَتْلِ مَثَلًا وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا فِي الْجُمْلَةِ وَقِيلَ الْمَعْنَى لَيْسَ بِكَبِيرٍ فِي الصُّورَةِ لِأَنَّ تَعَاطِيَ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى الدَّنَاءَةِ وَالْحَقَارَةِ وَهُوَ كَبِيرٌ فِي الذَّنْبِ وَقِيلَ لَيْسَ بِكَبِيرٍ فِي اعْتِقَادِهِمَا أَوْ فِي اعْتِقَادِ الْمُخَاطَبِينَ وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ كَبِيرٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ الله عَظِيم وَقِيلَ لَيْسَ بِكَبِيرٍ فِي مَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ أَيْ كَانَ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِمَا الِاحْتِرَازُ مِنْ ذَلِكَ وَهَذَا الْأَخِيرُ جَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَرَجَّحَهُ بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَجَمَاعَةٌ وَقِيلَ لَيْسَ بِكَبِيرٍ بِمُجَرَّدِهِ وَإِنَّمَا صَارَ كَبِيرًا بِالْمُوَاظَبَةِ عَلَيْهِ وَيُرْشِدُ إِلَى ذَلِكَ السِّيَاقُ فَإِنَّهُ وَصَفَ كُلًّا مِنْهُمَا بِمَا يَدُلُّ عَلَى تَجَدُّدِ ذَلِكَ عَنْهُ وَاسْتِمْرَارِهِ عَلَيْهِ لِلْإِتْيَانِ بِفِعْلِ الْمُضَارَعَةِ بَعْدَ كَانَ قَالَ الْحافِظُ بن حَجَرٍ وَلَمْ يُعْرَفِ اسْمُ الْمَقْبُورَيْنِ وَلَا أَحَدِهُمَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ عَلَى عَمْدٍ مِنَ الرُّوَاةِ لِقَصْدِ السَّتْرِ عَلَيْهِمَا وَهُوَ عَمَلٌ مُسْتَحْسَنٌ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُبَالَغَ فِي الْفَحْصِ عَنْ تَسْمِيَةِ مَنْ وَقَعَ فِي حَقِّهِ مَا يُذَمُّ بِهِ قَالَ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِمَا فَقِيلَ كَانَا كَافِرَيْنِ وَبِهِ جَزَمَ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ قَالَ لِأَنَّهُمَا لَوْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ لَمَا كَانَ لِشَفَاعَتِهِ إِلَى أَنْ يَيْبَسَ الْجَرِيدَتَانِ مَعْنًى وَلَكِنَّهُ لَمَّا رَآهُمَا يُعَذَّبَانِ لَمْ يَسْتَجِزْ لِلُطْفِهِ وَعَطْفِهِ حِرْمَانَهُمَا مِنْ إِحْسَانِهِ فَتَشَفَّعَ لَهُمَا إِلَى الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَجزم بن الْقَصَّارِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ بِأَنَّهُمَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَهُوَ الْأَظْهر وَقَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ مَجْمُوعِ طُرُقِ الْحَدِيثِ أَمَّا هَذَا فَكَانَ لَا يَسْتَنْزِهُ مِنْ بَوْلِهِ بِنُونٍ سَاكِنَةٍ بَعْدَهَا زَايٌ ثُمَّ هَاءٌ وَأَمَّا هَذَا فَإِنَّهُ كَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ قَالَ النَّوَوِيُّ هِيَ نَقْلُ كَلَامِ النَّاسِ بِقَصْدِ الْإِضْرَارِ

ثُمَّ دَعَا بِعَسِيبٍ رَطْبٍ بِمُهْمَلَتَيْنِ بِوَزْنِ فَعِيلٍ وَهِيَ الْجَرِيدَةُ الَّتِي لَمْ يَنْبُتْ فِيهَا خُوصٌ فَإِنْ نَبَتَ فَهِيَ السَّعَفَةُ فَشَقَّهُ بِاثْنَيْنِ قَالَ النَّوَوِيُّ الْبَاءُ زَائِدَةٌ لِلتَّوْكِيدِ وَالنَّصْبُ عَلَى الْحَالِ فَغَرَسَ عَلَى هَذَا وَاحِدًا وَعَلَى هَذَا وَاحِدًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الرَّافِعِيِّ قَالَ الْحافِظُ سَعْدُ الدِّينِ الْحَارِثِيُّ مَوْضِعُ الْغَرْسِ كَانَ بِإِزَاءِ الرَّأْسِ ثَبَتَ ذَلِكَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ انْتَهَى لَعَلَّه قَالَ بن مَالِكٍ الْهَاءُ ضَمِيرُ الشَّأْنِ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا بِالضَّمِّ وَفَتْحِ الْفَاءِ الْأُولَى أَيِ الْعَذَابُ عَنِ الْمَقْبُورَيْنِ مَا لَمْ يَيْبَسَا بِالْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ أَوَّلَهُ وَالْبَاءُ مَفْتُوحَةٌ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا أَيِ الْعُودَانِ وَقَالَ الْمَازِرِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أُوحِيَ إِلَيْهِ أَنَّ الْعَذَابَ يُخَفف عنهماهذه الْمُدَّةَ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ قِيلَ إِنَّهُ تَشَفَّعَ لَهُمَا هَذِهِ الْمُدَّةَ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ دَعَا لَهُمَا بِالتَّخْفِيفِ مُدَّةَ بَقَاءِ النَّدَاوَةِ لَا أَنَّ فِي الْجَرِيدِ مَعْنًى خَصَّهُ وَلَا أَنَّ فِي الرَّطْبِ مَعْنًى لَيْسَ فِي الْيَابِسِ قَالَ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ يُسَبِّحُ مَا دَامَ رَطْبًا فَيَحْصُلُ التَّخْفِيفُ بِبَرَكَةِ التَّسْبِيحِ وَعَلَى هَذَا فَيَطَّرِدُ فِي كُلِّ مَا فِيهِ رُطُوبَةٌ مِنَ الْأَشْجَارِ وَغَيْرِهَا وَكَذَلِكَ مَا فِيهِ بركَة كالذكر وتلاوة الْقُرْآن من بَاب أولى وَقَالَ بن بَطَّالٍ إِنَّمَا خَصَّ الْجَرِيدَتَيْنِ مِنْ دُونِ سَائِرِ النَّبَاتِ لِأَنَّهَا أَطْوَلُ الثِّمَارِ بَقَاءً فَتَطُولُ مُدَّةُ التَّخْفِيفِ وَهِيَ شَجَرةٌ شَبَّهَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمُؤْمِنِ وَقِيلَ إِنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ فَضْلَةِ طِينَةِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَالَ الطِّيبِيُّ الْحِكْمَةُ فِي كَوْنِهِمَا مَا دَامَتَا رَطْبَتَيْنِ يَمْنَعَانِ الْعَذَابَ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ لَنَا كَعَدَدِ الزَّبَانِيَةِ وَقَدِ اسْتَنْكَرَ الْخَطَّابِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ وَضْعَ النَّاسِ الْجَرِيدَ وَنَحْوَهُ فِي الْقَبْرِ عَمَلًا بِهَذَا الْحَدِيثِ وَقَالَ الطُّرْطُوشِيُّ لِأَنَّ ذَلِكَ خَاصُّ بِبَرَكَةِ

يَدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ الْحافِظُ بن حَجَرٍ لَيْسَ فِي السِّيَاقِ مَا يَقْطَعُ بِأَنَّهُ بَاشَرَ الْوَضْعَ بِيَدِهِ الْكَرِيمَةِ بَلْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَمَرَ بِهِ وَقَدْ تَأَسَّى بُرَيْدَةُ بْنُ الْحُصَيْبِ الصَّحَابِيُّ بِذَلِكَ فَأَوْصَى أَنْ يُوضَعَ عَلَى قَبْرِهِ جَرِيدَتَانِ وَهُوَ أَوْلَى بِأَنْ يُوضَعَ مِنْ غَيْرِهِ انْتَهَى قُلْتُ وَأَثَرُ بُرَيْدَةَ مُخَرَّجٌ فِي طَبَقَات بن سَعْدٍ وَقَدْ أَوْرَدْتُهُ فِي كِتَابِي شَرْحُ الصُّدُورِ مَعَ أَثَرٍ آخَرَ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ مخرج فِي تَارِيخ بن عَسَاكِرَ وَقَدْ رَدَّ النَّوَوِيُّ اسْتِنْكَارَ الْخَطَّابِيِّ وَقَالَ لَا وَجه لَهُ [32] أَخْبَرَتْنِي حُكَيْمَةُ بِنْتُ أُمَيْمَةَ عَنْ أُمِّهَا أُمَيْمَةَ بِنْتِ رُقَيْقَةَ الثَّلَاثَةُ بِالتَّصْغِيرِ وَرُقَيْقَةُ بِقَافَيْنِ قَالَ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ أُمَيْمَةُ صَحَابِيَّةٌ مَشْهُورَةٌ مُخَرَّجٌ حَدِيثُهَا فِي الْوِحْدَانِ وَقَالَ الْحافِظُ جَمَالُ الدِّينِ الْمُزَنِيُّ فِي التَّهْذِيبِ رُقَيْقَةُ أُمُّهَا وَهِيَ أُمَيْمَةُ بِنْتُ عِيدٍ وَيُقَالُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِجَادِ بْنِ عُمَيْرٍ وَرُقَيْقَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ أُخْتُ خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَقَالَ الذَّهَبِيُّ حُكَيْمَةُ لَمْ تَرْوِ إِلَّا عَن أمهَا وَلم يرو عَنْهَا غير بن جريج وَقَالَ غَيره ذكرهَا بن حبَان فِي الثقاة وَخَرَّجَ حَدِيثَهَا فِي صَحِيحِهِ قَالَتْ كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدَحٌ مِنْ عَيْدَانٍ يَبُولُ فِيهِ وَيَضَعُهُ تَحْتَ السَّرِيرِ هَذَا مُخْتَصَرٌ وَقد أتمه بن عَبْدِ الْبَرِّ فِي الِاسْتِيعَابِ فَقَالَ فَبَالَ لَيْلَةً فَوَضَعَ تَحْتَ سَرِيرِهِ فَجَاءَ فَإِذَا الْقَدَحُ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ فَسَأَلَ الْمَرْأَةَ يُقَالَ لَهَا بَرَكَةُ كَانَت

تَخْدُمُ أُمَّ حَبِيبَةَ جَاءَتْ مَعَهَا مِنَ الْحَبَشَةِ فَقَالَ أَيْنَ الْبَوْلُ الَّذِي كَانَ فِي هَذَا الْقَدَحِ فَقَالَتْ شَرِبْتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ هَذِهِ سُنَّةٌ غَرِيبَةٌ وَقَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ أَبِي دَاوُدَ والحافظ بن حَجَرٍ فِي تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الرَّافِعِيِّ عَيْدَانُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَمُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ سَاكِنَةٍ وَقَالَ الْإِمَامُ بَدْرُ الدِّينِ الزَّرْكَشِيُّ فِي تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الرَّافِعِيِّ عَيْدَانُ مُخْتَلَفٌ فِي ضَبْطِهِ بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ وَاللُّغَتَانِ بِإِزَاءِ مَعْنَيَيْنِ فَالْكَسْرُ جَمْعُ عُودٍ وَالْفَتْحُ جَمْعُ عَيْدَانَةِ بِفَتْحِ الْعَيْنِ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ هِيَ النَّخْلَة الطَّوِيلَةُ الْمُتَجَرِّدَةُ وَهِيَ بِالْكَسْرِ أَشْهَرُ رِوَايَةً وَفِي كِتَابِ تَثْقِيفِ اللِّسَانِ مَنْ كَسَرَ الْعَيْنَ فَقَدْ أَخْطَأَ يَعْنِي لِأَنَّهُ أَرَادَ جَمْعَ عُودٍ وَإِذَا اجْتَمَعَتِ الْأَعْوَادُ لَا يَتَأَتَّى مِنْهَا قَدَحٌ يَحْفَظُ الْمَاءَ بِخِلَافِ مَنْ فَتَحَ الْعَيْنَ فَإِنَّهُ يُرِيدُ قَدَحًا مِنْ خَشَبٍ هَذِهِ صِفَتُهُ يُنْقَرُ لِيَحْفَظَ مَا يُجْعَلُ فِيهِ انْتَهَى وَقَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ يُعَارِضُهُ مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَرْفُوعًا لَا يُنْقَعُ بَوْلٌ فِي طَسْتٍ فِي الْبَيْتِ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ بَوْل منتقع وروى بن أبي شيبَة فِي مُصَنفه عَن بن عُمَرَ قَالَ لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ بَوْلٌ وَالْجَوَابُ لَعَلَّ الْمُرَادَ بِانْتِقَاعِهِ طُولُ مُكْثِهِ وَمَا يُجْعَلُ فِي الْإِنَاءِ لَا يَطُولُ مُكْثُهُ غَالِبًا وَقَالَ مُغَلْطَايُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ كَثْرَةَ النَّجَاسَةِ فِي الْبَيْتِ بِخِلَافِ الْقَدَحِ فَإِنَّهُ لَا يحصل بِهِ نجاسه لمَكَان آخر [33] دَعَا بِالطَّسْتِ أَصْلُهُ طَسٌّ أُبْدِلَتْ السِّينُ الثَّانِيَةُ تَاءً وَهُوَ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ فَانْخَنَثَتْ نَفْسُهُ بِنُونَيْنِ بينهماخاء مُعْجَمَةٌ وَبَعْدَ الثَّانِيَةِ ثَاءٌ مُثَلَّثَةٌ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيِ انْكَسَرَ وَانْثَنَى لِاسْتِرْخَاءِ أَعْضَائِهِ عِنْدَ الْمَوْت

[34] عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ فَإِنْ قُلْتَ قَدْ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ مَا أَعْلَمُ قَتَادَةَ سَمِعَ مِنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مِنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قِيلَ لَهُ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَرْجِسَ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَرْوِهِ سَمَاعًا قُلْتُ قَدْ صَحَّحَ أَبُو زُرْعَةَ سَمَاعَهُ مِنْهُ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ لَمْ يَلْقَ مِنَ الصَّحَابَةِ إِلَّا أَنَسًا وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَرْجِسَ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الرَّافِعِيِّ سَرْجِسَ بِفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَكَسْرِ الْجِيمِ وَآخِرُهُ سِينٌ مُهْمَلَةٌ عَلَى مِثَالِ نَرْجِسَ وَهُوَ غَيْرُ مُنْصَرِفٍ لِلْعُجْمَةِ وَالْعَلَمِيَّةِ وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ فَعْلِلُ بِكَسْرِ اللَّامِ لِأَنَّ هَذَا الْوَزْنَ مُخْتَصٌّ بِالْأَمْرِ مِنَ الرُّبَاعِيِّ وَأَمَّا نَرْجِسُ فَنُونُهُ زَائِدَةٌ وَإِنْ كَانَ عَرَبِيًّا لَا يَبُولَنَّ أَحَدكُمْ فِي جُحْرٍ بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَرَاءٍ قَالَ

صَاحِبُ الْمُحْكَمِ كُلُّ شَيْءٍ يَحْتَفِرُهُ الْهَوَامُّ وَالسِّبَاعُ لِأَنْفُسِهَا يُقَالُ إِنَّهَا مَسَاكِنُ الْجِنِّ قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ أَعَادَ الضَّمِيرَ عَلَى الْجُحْرِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُؤَنَّثٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ الْجِحَرَةَ الَّتِي هِيَ جَمْعُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ ذكرهَا [36] عَن الْأَشْعَث هُوَ بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرٍ الْحُدَّانِيُّ وَيُقَالُ لَهُ الْأَزْدِيُّ وَالْأَعْمَى عَنِ الْحَسَنِ قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ لَا يُعْتَبَرُ بِمَا وَقَعَ فِي أَحْكَامِ عَبْدِ الْحَقِّ مِنْ أَنَّ أَشْعَثَ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ الْحَسَنِ فَإِنَّهُ وَهْمٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ وَتَشْدِيدِهَا قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ قَدْ صَرَّحَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ بِسَمَاعِ الْحَسَنِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي مُسْتَحَمِّهِ بِفَتْحِ الْحَاءِ زَادَ أَبُو دَاوُدَ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ فِيهِ فَإِنَّ عَامَّةَ الْوَسْوَاسِ بِفَتْحِ الْوَاوِ مِنْهُ قَالَ فِي الصِّحَاحِ الْمُسْتَحَمُّ أَصْلُهُ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُغْتَسَلُ فِيهِ بالحميم

وَهُوَ الْمَاءُ الْحَارُّ ثُمَّ قِيلَ لِلِاغْتِسَالِ بِأَيِّ مَاءٍ كَانَ اسْتِحْمَامٌ وَذَكَرَ ثَعْلَبُ أَنَّ الْحَمِيمَ يُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الْمَاءِ الْبَارِدِ مِنَ الْأَضْدَادِ وَعَامَّةُ الشَّيْءِ بِمَعْنَى جَمِيعِهِ وَبِمَعْنَى مُعْظَمِهِ وَالْوَسْوَاسُ حَدِيثُ النَّفْسِ وَالْأَفْكَارِ وَالْمَصْدَرُ بِالْكَسْرِ قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ عَلَّلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا النَّهْيَ بِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ يُورِثُ الوسواس وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْمُغْتَسِلَ يَتَوَهَّمُ أَنَّهُ أَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْ قطره ورشاشه فَيحصل لَهُ وسواس وروى بن أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ إِنَّمَا يُكْرَهُ الْبَوْلُ فِي الْمُغْتَسَلِ مَخَافَةَ اللَّمَمِ وَذَكَرَ صَاحِبُ الصِّحَاحِ وَغَيْرُهُ أَنَّ اللَّمَمَ طَرَفٌ مِنَ الْجُنُونِ قَالَ وَيُقَالُ أَيْضًا أَصَابَتْ فُلَانًا لَمَّةٌ من الْجِنّ وَهُوَ الْمَسُّ وَالشَّيْءُ الْقَلِيلُ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْعِلَّةَ فِي النَّهْيِ عَنِ الْبَوْلِ فِي الْمُغْتَسَلِ خَشْيَةَ أَنْ يُصِيبَهُ شَيْءٌ مِنَ الْجِنِّ وَهُوَ مَعْنًى مُنَاسِبٌ لِأَنَّ الْمُغْتَسَلَ مَحَلُّ حُضُورِ الشَّيَاطِينِ لِمَا فِيهِ مَنْ كَشْفِ الْعَوْرَةِ فَهُوَ فِي مَعْنَى الْبَوْلِ فِي الْجُحْرِ لَكِنَّ الْمَعْنَى الَّذِي عَلَّلَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى بِالِاتِّبَاعِ قَالَ وَيُمْكِنُ جَعْلُهُ مُوَافِقًا لِقَوْلِ أَنَسٍ بِأَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْوَسْوَاسِ فِي الْحَدِيثِ الشَّيْطَانُ وَفِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ فَإِنَّ عَامَّةَ فِعْلِ الْوَسْوَاسِ أَيِ الشَّيْطَانِ مِنْهُ لَكِنَّهُ خِلَافُ مَا فَهِمَهُ الْعُلَمَاءُ مِنَ الْحَدِيثِ وَلَا مَانِعَ مِنَ التَّعْلِيلِ بِهِمَا فَكُلٌّ مِنْهُمَا عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ انْتَهَى قُلْتُ بَلْ هُنَا عِلَّةٌ وَاحِدَةٌ وَلَا مُنَافَاةَ فَإِنَّ اللَّمَمَ الَّذِي ذَكَرَهُ أَنَسٌ هُوَ الْوَسْوَاسُ بِعَيْنِهِ وَذَلِكَ طَرَفٌ مِنَ الْجُنُونِ فَإِنَّ الَّذِي يُسَمَّى فِي لُغَةِ الْعَرَبِ الْوَسْوَاسُ هُوَ الَّذِي فِي لُغَةِ الْيُونَانِ المَالَيْخُولِيا وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ فَسَادِ الْفِكْرِ وَقَدْ كَثُرَ فِي أَشْعَارِ الْعَرَبِ وَالْأَحَادِيثِ وَالْآثَارِ إِطْلَاقُ الْوَسْوَاسِ مُرَادًا بِهِ ذَلِكَ مِنْهَا حَدِيثُ أَحْمَدَ عَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَزِنَ أَصْحَابُهُ حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يُوَسْوَسُ وَقِيلَ لَوْلَا مَخَافَةُ الْوَسْوَاسِ لَسَكَنْتُ فِي أَرض

لَيْسَ بِهَا نَاسٌ فَاَلَّذِي قَالَهُ أَنَسٌ هُوَ عَيْنُ الَّذِي قَالَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ حَمَلَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى مَا إِذَا كَانَ الْمُغْتَسَلُ لَيِّنًا وَلَيْسَ فِيهِ مَنْفَذٌ بِحَيْثُ إِذَا نَزَلَ فِيهِ الْبَوْلُ شَرِبَتْهُ الْأَرْضُ وَاسْتَقَرَّ فِيهَا فَإِنْ كَانَ صُلْبًا بِبَلَاطٍ وَنَحْوِهِ بِحَيْثُ يَجْرِي عَلَيْهِ الْبَوْلُ وَلَا يَسْتَقِرُّ أَوْ كَانَ فِيهِ مَنْفَذٌ كَالْبَالُوعَةِ وَنَحْوِهَا فَلَا نَهْيَ روى بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ إِذَا كَانَ يسيل فَلَا بَأْس وَقَالَ بن الْمُبَارَكِ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْهُ التِّرْمِذِيُّ قَدْ وُسِّعَ فِي الْبَوْلِ فِي الْمُغْتَسَلِ إِذَا جَرَى فِيهِ المَاء وَقَالَ بن مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ الطُّنَافِسِيَّ يَقُولُ إِنَّمَا هَذَا فِي الْحَفِيرَةِ فَأَمَّا الْيَوْمُ فَلِمُغْتَسَلَاتِهِمُ الْجِصُّ وَالصَّارُوجُ وَالْقَيْرُ فَإِذَا بَالَ فَأَرْسَلَ عَلَيْهِ الْمَاءَ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ إِنَّمَا يُنْهَى عَنْ ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَكُنِ الْمَكَانُ جُدُدًا مُسْتَوِيًا لَا تُرَابَ عَلَيْهِ وَصُلْبًا أَوْ مُبَلَّطًا أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَسْلَكٌ يَنْفُذُ فِيهِ الْبَوْلُ وَيَسِيلُ مِنْهُ الْمَاءُ فَيَتَوَهَّمُ الْمُغْتَسِلُ أَنَّهُ أَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْ قَطْرِهِ وَرَشَاشِهِ فَيُورِثُهُ الْوَسْوَاسَ وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِهِ إِنَّمَا نَهَى عَنْ الِاغْتِسَالِ فِيهِ إِذَا كَانَ صُلْبًا يَخَافُ إِصَابَةَ رَشَاشِهِ فَإِنْ كَانَ لَا يَخَافُ ذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ مَنْفَذٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ فَلَا كَرَاهَةَ قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ وَهُوَ عَكْسُ مَا ذَكَرَهُ الْجَمَاعَةُ فَإِنَّهُمْ حَمَلُوا النَّهْيَ عَلَى الْأَرْضِ اللَّيِّنَةِ وَحَمَلَهُ هُوَ عَلَى الصُّلْبَةِ وَقَدْ لَمَحَ هُوَ مَعْنًى آخَرَ وَهُوَ أَنَّهُ فِي الصُّلْبَةِ يُخْشَى عَوْدُ الرَّشَاشِ بِخِلَافِ الرَّخْوَةِ وَهُمْ نَظَرُوا إِلَى أَنَّهُ فِي الرَّخْوَةِ يَسْتَقِرُّ مَوْضِعَهُ وَفِي الصُّلْبَةِ يَجْرِي وَلَا يَسْتَقِرُّ فَإِذَا صُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ ذَهَبَ أَثَرُهُ بِالْكُلِّيَّةِ قُلْتُ الَّذِي قَالَهُ النَّوَوِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَبَقَهُ إِلَيْهِ صَاحِبُ النِّهَايَةِ فَإِنَّهُ قَالَ وَإِنَّمَا نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَسْلَكٌ يَذْهَبُ فِيهِ الْبَوْلُ أَوْ كَانَ صُلْبًا فَيَتَوَهَّمُ الْمُغْتَسِلُ أَنَّهُ أَصَابَهُ مِنْهُ شَيْءٌ فَيَحْصُلُ مِنْهُ الْوَسْوَاسُ ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ إِذَا جَعَلْنَا الِاغْتِسَالَ مَنْهِيًّا عَنْهُ بَعْدَ الْبَوْلِ فِيهِ فَيَحْتَمِلُ أَنَّ سَبَبَ الْوَسْوَاسِ الْبَوْلُ فِيهِ عَلَى انْفِرَادِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ سَبَبَهُ الِاغْتِسَالُ بعد الْبَوْل

فِيهِ وَيَكُونُ قَوْلُهُ فَإِنَّ عَامَّةَ الْوَسْوَاسِ مِنْهُ أَيْ مِنْ مَجْمُوعِ مَا تَقَدَّمَ أَوْ مِنْ الِاغْتِسَالِ أَوِ الْوُضُوءِ فِيهِ الَّذِي هُوَ أَقْرَبُ مَذْكُورٍ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ مَنْ تَوَضَّأَ فِي مَوْضِعِ بَوْلِهِ فَأَصَابَهُ الْوَسْوَاسُ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ رَوَاهُ بن عدي من حَدِيث بن عَمْرٍو فَجَعَلَ سَبَبَ الْوَسْوَاسِ الْوُضُوءَ فِي مَوْضِعِ بَوْله انْتهى [38] عَنْ حُضَيْنِ بْنِ الْمُنْذِرِ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ ثُمَّ مُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ ثُمَّ نُونٍ قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْعَسْكَرِيُّ لَا أَعْرِفُ مَنْ يُسَمَّى حُضَيْنًا بِالضَّادِ غَيْرَهُ وَحَكَى مُغَلْطَايُ أَنَّهُ قِيلَ فِيهِ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ وَفِيهِ نَظَرٌ أَبِي سَاسَانَ بِمُهْمَلَتَيْنِ وَهُوَ لَقَبٌ وَكُنْيَتُهُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَنِ الْمُهَاجِرِ بْنِ قُنْفُذٍ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَهُمَا لَقَبَانِ وَاسْمُ الْمُهَاجِرِ عَمْرٌو وَاسْمُ قُنْفُذٍ خَلَفٌ رَوَى الْعَسْكَرِيُّ فِي الصَّحَابَةِ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ عَنْهُ أَنَّهُ هَاجَرَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَهُ الْمُشْرِكُونَ فَأَوْثَقُوهُ عَلَى بَعِيرٍ فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ الْبَعِيرَ سَوْطًا وَيَضْرِبُونَهُ سَوْطًا فَأَفْلَتَ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ هَذَا الْمُهَاجِرُ حَقًا وَلم يكن يَوْمئِذٍ اسْمه المُهَاجر [39] عَنْ أَبِي عُثْمَانَ بْنِ سَنَّةَ بفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ أَنْ يَسْتَطِيبَ قَالَ فِي النِّهَايَةِ الِاسْتِطَابَةُ وَالْإِطَابَةُ كِنَايَةٌ عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ أَيْ يطهر

[40] وَيَنْهَى عَنِ الرَّوْثِ وَالرِّمَّةِ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هِيَ الْعَظْمُ الْبَالِي وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَمْعَ رَمِيمٍ قَالَ وَإِنَّمَا نهى عَنْهَا لأنهار بِمَا كَانَتْ مَيْتَةً وَهِيَ نَجِسَةٌ أَوْ لِأَنَّ الْعَظْمَ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْحَجَرِ لِمَلَاسَتِهِ قُلْتُ وَلِمَا ورد أَن الْعظم طَعَام الْجِنّ [41] قَالَ لَهُ رجل زَاد بن مَاجَهْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِنَّ صَاحِبَكُمْ لَيُعَلِّمُكُمْ حَتَّى الْخِرَاءَةَ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ بِكَسْرِ الْخَاءِ مَمْدُودٌ وَهُوَ اسْمُ فِعْلِ الْحَدَثِ وَأَمَّا الْحَدَثُ نَفْسُهُ فَبِغَيْرِ تَاءٍ مَمْدُودٌ وَبِفَتْحِ الْخَاءِ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ عَوَامُّ النَّاسِ يَفْتَحُونَ الْخَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيثَ فَيَفْحُشُ مَعْنَاهُ وَإِنَّمَا هُوَ مَكْسُورُ الْخَاءِ مَمْدُودُ الْأَلِفِ يُرِيدُ الْجِلْسَةَ لِلتَّخَلِّي وَالتَّنْظِيفَ مِنْهُ وَالْأَدَبَ فِيهِ قَالَ أَجَلْ بِسُكُونِ اللَّامِ حَرْفُ جَوَابٍ بِمَعْنى نعم

[42] عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ لَيْسَ أَبُو عُبَيْدَةَ هُوَ بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ذَكَرَهُ أَيْ لِي وَلَكِنَّ عَبْدَ الرّحْمَنِ بْنَ الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ وَإِنَّمَا عَدَلَ أَبُو إِسْحَاقَ عَنِ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ إِلَى الرِّوَايَةِ عَنْ عَبْدِ الرّحْمَنِ مَعَ أَنَّ رِوَايَةَ أَبِي عُبَيْدَةَ أَعْلَى لَهُ لِكَوْنِ أَبِي عُبَيْدَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِّ عَلَى الصَّحِيحِ فَتَكُونُ

مُنْقَطِعَةً بِخِلَافِ رِوَايَةِ عَبْدِ الرّحْمَنِ فَإِنَّهَا مَوْصُولَةٌ وَرِوَايَةُ أَبِي إِسْحَاقَ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ طَرِيقِ إِسْرَائِيلَ عَنْ يُونُسَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ فَمُرَادُ أَبِي إِسْحَاقَ هُنَا بِقَوْلِهِ لَيْسَ أَبُو عُبَيْدَةَ ذَكَرَهُ أَيْ لَسْتُ أَرْوِيهِ الْآنَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ وَإِنَّمَا أَرْوِيهِ عَنْ عَبْدِ الرّحْمَنِ قَالَ وَالْأَسْوَدُ وَالِدُهُ هُوَ بن يزِيد النَّخعِيّ صَاحب بن مَسْعُود وَقَالَ بن التِّينِ هُوَ الْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ الزُّهْرِيُّ وَهُوَ غَلَطٌ فَاحِشٌ فَإِنَّ الْأَسْوَدَ الزَّهْرِيَّ لَمْ يُسْلِمْ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَعِيشَ حَتَّى يَرْوِيَ عَن بن مَسْعُودٍ أَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْغَائِطَ أَيِ الْأَرْضَ الْمُطْمَئِنَّةَ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ وَأَمَرَنِي أَنْ آتِيهِ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ أَنْ هُنَا مَصْدَرِيَّةٌ صِلَةٌ لِلْأَمْرِ أَيْ أَمَرَنِي بِإِتْيَانِ الْأَحْجَارِ لَا مُفَسِّرَةٌ بِخِلَافِ أَمَرْتُهُ أَنِ افْعَلْ فَإِنَّهَا تَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ صِلَةً وَأَنْ تَكُونَ مُفَسِّرَةً فَأَخَذْتُ روثه فِي رِوَايَة بن خُزَيْمَةَ أَنَّهَا كَانَتْ رَوْثَةَ حِمَارٍ وَنَقَلَ التَّيْمِيُّ أَنَّ الرَّوْثَ مُخْتَصٌّ بِمَا يَكُونُ مِنَ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَأَلْقَى الرَّوْثَةَ وَقَالَ هَذِهِ رِكْسٌ زَادَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ بَعْدَهُ ائْتِنِي بِحَجَرٍ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ أَثَبَاتٌ وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْقَصَّارِ الْمَالِكِيُّ رَوَى أَنَّهُ أَتَاهُ بِثَالِثٍ لَكِنْ لَا يَصح وَقَوله ركس قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ كَذَا وَقَعَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْكَافِ فَقِيلَ هِيَ لُغَةٌ فِي رِجْس بِالْجِيم وَيدل عَلَيْهِ رِوَايَة بن ماجة وبن خُزَيْمَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَإِنَّ عِنْدَهُمَا رِجْسٌ بِالْجِيمِ وَقِيلَ الرِّكْسُ الرَّجِيعُ مِنْ حَالَةِ الطَّهَارَةِ إِلَى حَالَةِ النَّجَاسَةِ قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ رُدَّ مِنْ حَالَةِ الطَّعَامِ إِلَى حَالَة الروث وَقَالَ بن بَطَّالٍ لَمْ أَرَ هَذَا الْحَرْفَ فِي اللُّغَةِ يَعْنِي الركس بِالْكَاف وَتعقبه بن عَبْدِ الْمَلِكِ بِأَنَّ مَعْنَاهُ الرَّدُّ كَمَا قَالَ تَعَالَى أركسوا فِيهَا أَيْ رُدُّوا فَكَأَنَّهُ قَالَ هَذَا رَدٌّ عَلَيْكَ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ مَا قَالَ لَكَانَ بِفَتْحِ الرَّاءِ يُقَالُ أَرْكَسَهُ رَكْسًا إِذَا رَدَّهُ وَفِي رِوَايَة

التِّرْمِذِيِّ هَذَا رِكْسٌ يَعْنِي نَجِسًا وَهُوَ يُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ وَقَالَ النَّسَائِيُّ عَقِبَ هَذَا الْحَدِيثِ الرِّكْسُ طَعَامُ الْجِنِّ وَهَذَا إِنْ ثَبَتَ فِي اللُّغَةِ فَهُوَ صَرِيحٌ بِلَا إِشْكَالٍ انْتَهَى كَلَامُ الْحافِظِ بن حَجَرٍ وَفِي النِّهَايَةِ الرِّكْسُ شَبِيهُ الْمَعْنَى بِالرَّجِيعِ يُقَالُ رَكَسْتُ الشَّيْءَ وَأَرْكَسْتُهُ إِذَا رَدَدْتُهُ وَرَجَّعْتُهُ وَفِي رِوَايَةٍ رَكِيسٌ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ الرِّكْسُ بِكَسْرِ الرَّاءِ الرِّجْسُ وَبِالْفَتْحِ رَدُّ الشَّيْء مقلوبا وَقَالَ بن سَيِّدِ النَّاسِ رَكَسَ كَقَوْلِهِ رَجَعَ يَعْنِي نَجِسًا لِأَنَّهَا أُرْكِسَتْ أَيْ رُدَّتْ فِي النَّجَاسَةِ بَعْدَ أَن كَانَت طَعَاما [44] أَبِي حَازِمٍ اسْمُهُ سَلَمَةُ بْنُ دِينَارٍ الْمَدَنِيُّ أَحَدُ الْأَعْلَامِ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ التَّمَّارُ وَتَبِعَهُ الْمِزِّيُّ فِي التَّهْذِيبِ وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ إِنَّهُ وَهْمٌ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ قُرْطٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي التَّخْرِيجِ بِضَمِّ الْقَافِ وَسُكُونِ

الرَّاءِ وَطَاءٍ مُهْمَلَةٍ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ غَيْرُ أَبِي حَازِمٍ وَلَا يُعْرَفُ هَذَا الْحَدِيثُ بِغَيْرِ هَذَا الْإِسْنَادِ وَلَا ذِكْرَ لِابْنِ قُرْطٍ فِي غَيْرِهِ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ بِمَدْحٍ وَلَا قَدْحٍ وَقَالَ الشَّيْخ ولي الدّين ذكره بن حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَقَالَ يُخْطِئُ وَلَا نَعْرِفُهُ بِأَكْثَرَ مِنْ أَنَّهُ رَوَى عَنْ عُرْوَةَ قَالَ وَفِي هَذَا الْإِسْنَادِ رِوَايَةُ تَابِعِيٍّ عَمَّنْ لَيْسَ بِتَابِعِيٍّ لِأَنَّ أَبَا حَازِمٍ تَابِعِيٌّ أَكْثَرَ الرِّوَايَةَ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَمُسْلِمِ بْنِ قُرْطٍ لَا يُعْرَفُ بِغَيْرِ رِوَايَتِهِ عَنْ عُرْوَةَ وَلِذَلِكَ ذكره بن حِبَّانَ فِي الطَّبَقَةِ الثَّالِثَةِ وَهِيَ طَبَقَةُ أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ فَإِنَّهَا تَجْزِي عَنْهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ بِفَتْحِ التَّاءِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى لَا تجزى نفس عَن نفس شَيْئا [45] عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ أَحْمِلُ أَنَا وَغُلَامٌ مَعِي نَحْوِي أَيْ مُقَارِبٌ لِي فِي السِّنِّ وَالْغُلَامُ هُوَ الْمُتَرَعْرِعُ قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ وَقَالَ فِي الْمُحْكَمِ مِنْ لَدُنِ الْفِطَامِ إِلَى سَبْعِ سِنِينَ وَحَكَى الزَّمَخْشَرِيُّ فِي أَسَاسِ الْبَلَاغَةِ أَنَّ الْغُلَامَ هُوَ الصَّغِيرُ إِلَى حَدِّ الِالْتِحَاءِ فَإِنْ قِيلَ لَهُ بَعْدَ الِالْتِحَاءِ غُلَامٌ فَهُوَ مَجَازٌ إِدَاوَةً بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ إِنَاءٌ صَغِيرٌ مِنْ جِلْدٍ مِنْ مَاءٍ أَيْ مَمْلُوءَةٍ مِنْ مَاءٍ فَيَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ قِيلَ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ قَوْلِ عَطَاءٍ وَهُوَ مَرْدُودٌ وَالصَّوَابُ أَنَّهَا من قَول أنس قَالَه عِيَاض

[47] إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَتَنَفَّسْ فِي إِنَائِهِ هَذَا نَهْيُ تَأْدِيبٍ لِإِرَادَةِ الْمُبَالَغَةِ فِي النَّظَافَةِ إِذْ قَدْ يَخْرُجُ مَعَ التَّنَفُّسِ بُصَاقٌ أَوْ مُخَاطٌ أَوْ بُخَارٌ رَدِيءٌ فَيُكْسِبُهُ رَائِحَةً كَرِيهَةً فَيَتَقَذَّرُ بِهَا هُوَ أَوْ غَيْرُهُ عَنْ شُرْبِهِ وَإِذَا أَتَى الْخَلَاءَ فَلَا يَمَسُّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ بِفَتْحِ الْمِيمِ فِي الْأَفْصَحِ وَفِي الرِّوَايَةِ الَّتِي تَلِيهِ وَأَنْ يَمَسَّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ وَأَطْلَقَ فَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَخْتَصُّ النَّهْيُ بِحَالَةِ الْبَوْلِ لِقَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى إِذَا بَالَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَمَسْ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ وَفِي الْأُخْرَى لَا يُمْسِكَنَّ أَحَدُكُمْ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ وَهُوَ يَبُولُ حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ فَإِنَّ الْحَدِيثَ وَاحِدٌ وَالْمَخْرَجَ وَاحِدٌ كُلُّهُ رَاجِعٌ إِلَى حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ وَقَدْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ لَا خِلَافَ فِي حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ عِنْدَ اتِّحَادِ الْوَاقِعَةِ وَالْمُرَادُ مَسُّ الذَّكَرِ عِنْدَ الِاسْتِبْرَاءِ مِنَ الْبَوْلِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِهِ لَا فَرْقَ بَيْنَ حَالِ الِاسْتِنْجَاءِ وَغَيْرِهِ وَإِنَّمَا ذُكِرَتْ حَالَةُ الِاسْتِنْجَاءِ فِي الْحَدِيثِ تَنْبِيهًا عَلَى مَا سِوَاهَا لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ الْمَسُّ بِالْيَمِينِ مَكْرُوهًا فِي حَالَةِ الِاسْتِنْجَاءِ مَعَ أَنَّهُ مَظِنَّةُ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا فَغَيْرُهُ مِنَ الْأَحْوَالِ الَّتِي لَا حَاجَة فِيهَا

إِلَى الْمس أولى انْتهى [49] نَهَانَا أَنْ يَسْتَنْجِيَ أَحَدُنَا بِيَمِينِهِ وَيَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ وَقَالَ لَا يَسْتَنْجِي أَحَدُكُمْ بِدُونِ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي التَّخْرِيجِ وَقَعَ لِابْنِ حَزْمٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَهْمَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ صَحَّفَهُ وَبَنَى عَلَى ذَلِكَ التَّصْحِيفِ حُكْمًا شَرْعِيًّا فَقَالَ لَا يَجْزِي أَحَدًا أَنْ يَسْتَنْجِيَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ فِي بِنَاءٍ كَانَ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ بِلَفْظِ نَهَانَا أَنْ يَسْتَنْجِيَ أَحَدُنَا بِيَمِينِهِ أَوْ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ هَكَذَا قَالَ أَوْ مُسْتَقْبِلَ بِالْمِيمِ فِي أَوَّلِهِ وَإِنَّمَا الْمَحْفُوظُ وَيَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتٍ وَقَدْ رَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُ فَقَالَ أَوْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ بِالْعَطْفِ بِأَوْ الثَّانِي أَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ لِقَوْلِهِ لَا يَسْتَنْجِي أَحَدُكُمْ بِدُونِ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ قَالَ لِأَنَّ دُونَ تُسْتَعْمَلُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ بِمَعْنَى أَقَلَّ أَوْ بِمَعْنَى غَيْرَ كَمَا قَالَ تَعَالَى وَاتَّخَذُوا من دون الله أَيْ غَيْرَهُ فَلَا يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى أَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ دُونَ الْآخَرِ قَالَ فَصَحَّ بِمُقْتَضَى هَذَا الْخَبَرِ أَنْ لَا يُجْزِئَ فِي الْمَسْحِ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ وَلَا يَجُوزُ غَيْرُهَا إِلَّا مَا جَاءَ بِهِ النَّصُّ زَائِدًا وَهُوَ الْمَاءُ قَالَ بن طبرزذ وَهَذَا خَطَأٌ عَلَى اللُّغَةِ فَإِنَّ الْعَدَدَ إِنَّمَا وُضِعَ لِبَيَانِ مَا هُوَ أَقَلُّ مَا يُجْزِئُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ كَمَا أَنَّ خَمْسًا مِنَ الْإِبِلِ أَوْ خَمْسَ أَوَاقٍ أَقَلُّ مَا يَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنَ الْإِبِلِ وَالْوَرِقِ فَلَا يَسْتَقِيمُ

أَنْ يَكُونَ دُونَ هُنَا بِمَعْنَى غَيْرِ لِفَسَادِهِ بِالْإِجْمَاعِ لَكِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُرِدْ بِهَا فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ إِلَّا معنى أقل انْتهى [50] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ فَلَمَّا اسْتَنْجَى دَلَكَ يَدَهُ بِالْأَرْضِ قَالَ الطَّبَرَانِيُّ لَمْ يَرْوِهِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ إِلَّا إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَرِيرٍ تَفَرَّدَ بِهِ شَرِيكٌ وَقَالَ بن الْقَطَّانِ لِهَذَا الْحَدِيثِ عِلَّتَانِ إِحْدَاهُمَا شَرِيكٌ فَهُوَ سيء الْحِفْظِ مَشْهُورٌ بِالتَّدْلِيسِ وَالثَّانِيَةُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَرِيرٍ فَإِنَّهُ لَا يعرف حَاله ورد بِأَن بن حبَان ذكره فِي الثِّقَات وَقَالَ بن عَدِيٍّ لَمْ يُضَعَّفْ فِي نَفْسِهِ وَإِنَّمَا قِيلَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ شَيْئًا وَأَحَادِيثُهُ مُسْتَقِيمَةٌ تُكْتَبُ قَالَ الذَّهَبِيُّ وَضَعْفُ حَدِيثِهِ جَاءَ مِنْ جِهَةِ الِانْقِطَاعِ لَا مِنْ قِبَلِ سُوءِ الْحِفْظِ وَهُوَ صَدُوقٌ قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ وَأَشَارَ النَّسَائِيُّ إِلَى تَضْعِيفِ الْحَدِيثِ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى فَقَالَّ بَعْدَ أَنْ رَوَاهُ [51] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الصَّباح قَالَ حَدثنَا شُعَيْب يَعْنِي بن حَرْبٍ حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَرِيرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَى الْخَلَاءَ فَقَضَى الْحَاجَةَ ثُمَّ قَالَ يَا جَرِيرُ هَاتِ طَهُورًا فَأَتَيْتُهُ بِالْمَاءِ فَاسْتَنْجَى بِالْمَاءِ وَقَالَ بِيَدِهِ فَدَلَكَ بِهَا الْأَرْضَ قَالَ أَبُو عَبْدِ الرّحْمَنِ هَذَا أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ مِنْ حَدِيثِ

شريك قَالَ بن الْمَوَّاقِ مَعْنَى كَلَامِ النَّسَائِيِّ أَنَّ كَوْنَ الْحَدِيثِ مِنْ مُسْنَدِ جَرِيرٍ أَوْلَى مِنْ كَوْنِهِ مِنْ مُسْنَدِ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا أَنَّهُ حَدِيثٌ صَحِيحٌ فِي نَفْسِهِ فَإِنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ جَرِيرٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ شَيْئًا قَالَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو دَاوُدَ إِنَّ حَدِيثه عَنهُ مُرْسل لَكِن بن خُزَيْمَةَ لَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى هَذَا فَأَخْرَجَ رِوَايَتَهُ عَنْهُ فِي صَحِيحِهِ قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ وَفِي تَرْجِيحِ النَّسَائِيِّ رِوَايَةَ أَبَانٍ عَلَى رِوَايَةِ شَرِيكٍ نَظَرٌ فَإِنَّ شَرِيكًا أَعْلَى وَأَوْسَعُ رِوَايَةً وَأَحْفَظُ وَقَدْ أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ وَلَمْ يُخْرِجْ لِأَبَانٍ الْمَذْكُورِ مَعَ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ فَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقَيْنِ عَنْهُ وَعَنْ مَوْلَى لِأَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهَذَا الِاخْتِلَافُ عَلَى أَبَانٍ مِمَّا يُضْعِفُ رِوَايَتَهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ لِإِبْرَاهِيمَ فِيهِ إِسْنَادَانِ أَحَدُهُمَا عَنْ أَبِي زُرْعَةَ وَالْآخَرُ عَنْ أَبِيهِ وَأَنْ يَكُونَ لِأَبَانٍ فِيهِ إِسْنَادَانِ أَحَدُهُمَا عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَرِيرٍ وَالْآخَرُ عَن مولى لأبي هُرَيْرَة وهات بِكَسْرِ التَّاءِ وَهَلْ هُوَ اسْمُ فِعْلٍ أَوْ فِعْلٌ غَيْرُ مُنْصَرِفٍ قَوْلَانِ لِلنُّحَاةِ وَقَدْ بَسَطْتُ الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي عُقُودِ الزَّبَرْجَدِ فِي إِعْرَابِ الحَدِيث [52] وَمَا يَنُوبُهُ أَيْ يَنْزِلُ بِهِ وَيَقْصِدُهُ إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلِ الْخَبَثَ فِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُدَ لَا يَنْجُسُ وَفِي أُخْرَى لِلْحَاكِمِ لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ وَهُوَ مُفَسِّرٌ لِقَوْلِهِ لَمْ يَحْمِلِ الْخَبَثَ أَيْ يَدْفَعُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَلَا يَقْبَلُهُ وَلَوْ كَانَ مَعْنَاهُ كَمَا قِيلَ أَنه يضعف عَنْ حَمْلِهِ لَمْ يَكُنْ لِلتَّقْيِيدِ بِالْقُلَّتَيْنِ مَعْنًى فَإِن مَا دونهمَا أولى بذلك أتتوضأ بمثناتين من فَوق خطاب للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من بِئْر بضَاعَة بِضَم الْبَاء واعجام الضَّاد فِي الْأَشْهر وَالْحيض بِكَسْر الْحَاء وَفتح الْيَاء قَالَ النَّوَوِيّ مَعْنَاهُ الْخرق الَّتِي يمسح بهَا دم الْحيض عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ سَمَّاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي رِوَايَة عبد الرَّحْمَن

[53] أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَالَ فِي الْمَسْجِدِ رَوَى أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ مِنْ مُرْسَلِ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ ذُو الْخُوَيِّصَةِ لَا تُزْرِمُوهُ بِضَمِّ التَّاءِ وَإِسْكَانِ الزَّاي بَعْدَهَا رَاءٌ أَيْ لَا تَقْطَعُوا عَلَيْهِ بِدَلْوٍ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ

[56] فَتَنَاوَلَهُ النَّاسُ أَيْ بِأَلْسِنَتِهِمْ وَلِمُسْلِمٍ فَقَالُوا مَهْ مَه وأهريقوا قَالَ بن التِّينِ هُوَ بِإِسْكَانِ الْهَاءِ وَنَقَلَ عَنْ سِيبَوَيْهِ أَنَّهُ قَالَ أَهْرَاقَ يُهْرِيقُ إِهْرِيَاقًا مِثْلُ اسْطَاعَ يسطيع اسطياعا بِقَطْعِ الْأَلِفِ وَفَتْحِهَّا فِي الْمَاضِي وَضَمِّ الْيَاءِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَهِيَ لُغَةٌ فِي أَطَاعَ يُطِيعُ فَجُعِلَتِ السِّينُ وَالْهَاءُ عِوَضًا مِنْ ذَهَابِ حَرَكَةِ عَيْنِ الْفِعْلِ قَالَ وَرُوِيَ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَوُجِّهَ بِأَنَّهَا مُبْدَلَةٌ مِنَ الْهَمْزَةِ لِأَنَّ أَصْلَ هَرَاقَ أَرَاقَ ثُمَّ اُجْتُلِبَتِ الْهَمْزَةُ وَسُكِّنَتِ الْهَاءُ عِوَضًا مِنْ حَرَكَةِ عَيْنِ الْفِعْلِ كَمَا تَقَدَّمَ فَتَحْرِيكُ الْهَاءِ عَلَى إِبْقَاءِ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ مِنْهُ وَلَهُ نَظَائِرٌ وَذَكَرَ لَهُ الْجَوْهَرِيُّ تَوْجِيهًا آخَرَ أَنَّ أَصْلَهُ أَأْرِيقُهُ فَأُبْدِلَتِ الْهَمْزَةُ الثَّانِيَةُ هَاءً لِلْخِفَّةِ وَجَزَمَ ثَعْلَبُ فِي الْفَصِيحِ بِأَنَّ أَهَرِيقُهُ بِفَتْحِ الْهَاء وَقد

بَسَطْتُ الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي عُقُودِ الزَّبَرْجَدِ فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ إِسْنَادُ الْبَعْثِ إِلَيْهِمْ عَلَى طَرِيقِ الْمَجَازِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْمَبْعُوثُ بِمَا ذُكِرَ لَكِنَّهُمْ لَمَّا كَانُوا فِي مَقَامِ التَّبْلِيغِ عَنْهُ فِي حُضُورِهِ وَغَيْبَتِهِ أَطْلَقَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ أَوْ هُمْ يُبْعَثُونَ مِنْ قِبَلِهِ بِذَلِكَ أَيْ مَأْمُورُونَ وَكَانَ ذَلِكَ شَأْنُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَقِّ كُلِّ مَنْ بَعَثَهُ إِلَى جِهَةٍ مِنَ الْجِهَات يَقُول يسروا وَلَا تُعَسِّرُوا [58] لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ أَيِ الرَّاكِدِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ قَالَ النَّوَوِيُّ الرِّوَايَةُ بِرَفْعِ يغْتَسل أَي ثمَّ هُوَ يغْتَسل وَجوز بن مَالِكٍ جَزْمَهُ وَنَصْبَهُ وَالْكَلَامُ عَلَيْهِ مَبْسُوطٌ فِي عُقُود الزبرجد

[59] هُوَ الطَّهَورُ مَاؤُهُ بِفَتْحِ الطَّاءِ الْحِلُّ بِكَسْرِ الْحَاءِ أَيِ الْحَلَالُ مَيْتَتُهُ بِفَتْحِ الْمِيمِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَعَوَامُّ الرُّوَاةِ يَكْسِرُونَهَا وَإِنَّمَا هُوَ بِالْفَتْحِ يُرِيد حَيَوَان الْبَحْر إِذا مَاتَ فِيهِ سكت

هُنَيْهَةً أَيْ مَا قَلَّ مِنَ الزَّمَانِ وَهُوَ تَصْغِيرُ هَنَةٍ وَيُقَالُ هُنَيَّةٌ أَيْضًا اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالثَّلْجِ وَالْمَاءِ وَالْبَرَدِ قَالَ النَّوَوِيُّ اسْتِعَارَةٌ لِلْمُبَالَغَةِ فِي الطَّهَارَةِ مِنَ الذُّنُوبِ وَقَالَ الْكرْمَانِي

فَإِنْ قَلْتَ الْعَادَةُ أَنَّهُ إِذَا أُرِيدَ الْمُبَالَغَةُ فِي الْغَسْلِ أَنْ يُغْسَلَ بِالْمَاءِ الْحَارِّ لَا الْبَارِدِ لَا سِيَّمَا الثَّلْجُ وَنَحْوُهُ قُلْتُ قَالَ الْخَطَّابِيُّ هَذِهِ أَمْثَالٌ لَمْ يُرَدْ بِهَا أَعْيَانُ الْمُسَمَّيَاتِ وَإِنَّمَا أُرِيدَ بِهَا التَّوْكِيدُ فِي التَّطْهِيرِ مِنَ الْخَطَايَا وَالْمُبَالَغَةُ فِي مَحْوِهَا عَنْهُ وَالثَّلْجُ وَالْبَرَدُ مَاءَانِ مَقْصُورَانِ عَلَى الطَّهَارَةِ لَمْ تَمَسَّهُمَا الْأَيْدِي وَلَمْ يَمْتَهِنْهُمَا اسْتِعْمَالٌ وَكَانَ ضَرْبُ الْمَثَلِ بِهِمَا آكَدُ فِي بَيَانِ مَا أَرَادَهُ مِنَ التَّطْهِيرِ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ جَعَلَ الْخَطَايَا بِمَنْزِلَةِ نَارِ جَهَنَّمَ لِأَنَّهَا مُؤَدِّيَةٌ إِلَيْهَا فَعَبَّرَ عَنْ إِطْفَاءِ حَرَارَتِهَا بِالْغُسْلِ تَأْكِيدًا فِي الْإِطْفَاءِ وَبَالَغَ فِيهِ بِاسْتِعْمَالِ الْمُبَرِّدَاتِ وَالْبَرَدُ بِفَتْحِ الرَّاءِ حب الْغَمَام وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ بِضَمِّ

الزَّاي وَسُكُونِهَا وَهُوَ فِي الْأَصْلِ قِرَى الضَّيْفِ [64] إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْ شَرِبَ بِطَرَفِ لِسَانِهِ وَقَالَ ثَعْلَبُ هُوَ أَنْ يُدْخِلَ لِسَانَهُ فِي الْمَاءِ وَغَيْرِهِ مِنْ كُلِّ مَائِعٍ فيحركه زَاد بن دَرَسْتَوَيْهِ شَرِبَ أَوْ لَمْ يَشْرَبْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ قَالَ أَبُو الْبَقَاءِ أَصْلُهُ مَرَّاتٍ سَبْعًا عَلَى الصِّفَةِ فَلَمَّا قُدِّمَتِ الصِّفَةُ وَأُضِيفَتْ إِلَى الْمصدر نصبت نصب الْمصدر [66] قَالَ أَبُو عبد الرَّحْمَن لَا أعلم أحدا تَابَعَ عَلِيَّ بْنَ مُسْهِرٍ عَلَى قَوْلِهِ فَلْيُرِقْهُ وَكَذَا قَالَ حَمْزَةُ الْكِنَانِيُّ إِنَّهَا غَيْرُ مَحْفُوظَةٍ وَقَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ لَمْ يَذْكُرْهَا الْحُفَّاظُ مِنْ أَصْحَابِ الْأَعْمَش كَأبي مُعَاوِيَة وَشعْبَة وَقَالَ بن مَنْدَهْ لَا تُعْرَفُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ إِلَّا عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَقَالَ الْحافِظُ بن حَجَرٍ قَدْ وَرَدَ الْأَمْرُ بِالْإِرَاقَةِ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا أَخْرَجَهُ بن عَدِيٍّ لَكِنْ فِي رَفْعِهِ نَظَرٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ وَكَذَا ذَكَرَ الْإِرَاقَةَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَن أَيُّوب عَن بن سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَوْقُوفًا وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيره

[67] عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغَفَّلِ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفتح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَالْفَاء وَقد يُقَال بن مُغَفَّلٍ وَهِيَ لَامُ لَمْحِ الصِّفَةِ كَالْحَسَنِ وَحَسَنٍ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمَرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ هَذَا الْأَمْرُ مَنْسُوخٌ وَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ نَهَى بَعْدُ عَنْ قَتْلِهَا وَاسْتَقَرَّ الشَّرْعُ عَلَيْهِ قَالَ وَأَمَرَ بِقَتْلِ الْأَسْوَدِ الْبَهِيمِ وَكَانَ هَذَا فِي الِابْتِدَاءِ وَهُوَ الْآنَ مَنْسُوخٌ قَالَ النَّوَوِيُّ وَلَا مَزِيدَ عَلَى تَحْقِيقِهِ وَرَخَّصَ فِي كَلْبِ الصَّيْدِ وَالْغَنَمِ زَادَ مُسْلِمٌ وَالزَّرْعِ وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ ظَاهِرُهُ وُجُوبُ غَسْلِهِ ثَامِنَةً وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ عَنْهُ وَنُقِلَ عَنِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قَالَ هَذَا حَدِيثٌ لَمْ أَقِفْ عَلَى صِحَّتِهِ وَقَدْ صَحَّ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ وَجَنَحَ بَعْضُهُمْ إِلَى تَرْجِيحِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَيْهِ وَرُدَّ بِأَنَّ التَّرْجِيحَ لَا يُصَارُ إِلَيْهِ مَعَ إِمْكَان الْجمع وَالْأَخْذ بِحَدِيث بن مُغَفَّلٍ يَسْتَلْزِمُ الْأَخْذَ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ دُونَ الْعَكْسِ وَالزِّيَادَةُ مِنَ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ وَلَوْ سَلَّمْنَا التَّرْجِيحَ فِي هَذَا الْبَابِ لَمْ نَقُلْ

بِالتَّرْتِيبِ أَصْلًا لِأَنَّ رِوَايَةَ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ بِدُونِهِ أَرْجَحُ مِنْ رِوَايَةِ مَنْ أَثْبَتَهُ وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ قُلْنَا بِهِ أَخْذًا بِزِيَادَةِ الثِّقَةِ وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بِضَرْبٍ مِنَ الْمَجَازِ فَقَالَ لَمَّا كَانَ التُّرَابُ جِنْسًا غَيْرَ الْمَاءِ جُعِلَ اجْتِمَاعُهُمَا فِي الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ مَعْدُودَةً بِاثْنَتَيْنِ وَتعقبه بن دَقِيقِ الْعِيدِ بِأَنَّ قَوْلَهُ وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ ظَاهِرٌ فِي كَونهَا غسلة مُسْتَقلَّة [68] عَنْ حُمَيْدَةَ بِنْتِ عُبَيْدٍ هِيَ زَوْجَةُ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الرَّاوِي عَنْهَا وَالْأَكْثَرُ عَلَى ضَمِّ حَائِهَا فَأَصْغَى أَيْ أَمَالَ إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ ثُمَّ النَّوَوِيّ ثمَّ بن دَقِيق الْعِيد ثمَّ بن سَيِّدِ النَّاسِ مَفْتُوحُ الْجِيمِ مِنَ النَّجَاسَةِ قَالَ تَعَالَى إِنَّمَا الْمُشْركُونَ نجس إِنَّمَا هِيَ مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ قَالَ الْبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ شَبَّهَهَا بِالْمَمَالِيكِ مِنْ خَدَمِ الْبَيْتِ الَّذِينَ يَطُوفُونَ عَلَى بَيْتِهِ للْخدمَة كَقَوْلِه تَعَالَى طَوَّافُونَ عَلَيْكُم وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ شَبَّهَهَا بِمَنْ يَطُوفُ لِلْحَاجَةِ يُرِيدُ أَنَّ الْأَجْرَ فِي مُوَاسَاتِهَا كَالْأَجْرِ فِي مُوَاسَاةِ مَنْ يَطُوفُ لِلْحَاجَةِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ وَقَوْلُ الْأَكْثَرِ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ أَبِي دَاوُدَ وَقَالَ وَلَمْ يَذْكُرْ جَمَاعَةٌ سِوَاهُ وَالطَّوَّافَاتِ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ أَوِ الطَّوَّافَاتِ وَكِلَا الْوَجْهَيْنِ يُرْوَى عَن مَالك

قَالَ بن سَيِّدِ النَّاسِ جَاءَتْ صِيغَةُ هَذَا الْجَمْعِ فِي الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ عَلَى صِيغَةِ جَمْعِ مَنْ يَعْقِلُ [69] يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ فَإِنَّهَا رِجْسٌ قَالَ فِي النِّهَايَةِ الرِّجْسُ الْقَذَرُ وَقَدْ يُعَبَّرُ بِهِ عَنِ الْحَرَامِ وَالْفِعْلِ الْقَبِيحِ وَالْعَذَابِ وَاللَّعْنَةِ وَالْكُفْرِ [70] أَتَعَرَّقُ الْعَرْقَ هُوَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الرَّاءِ الْعَظْمُ إِذَا أُخِذَ عَنْهُ مُعْظَمُ اللَّحْمِ وَجَمْعُهُ عِرَاقٍ وَهُوَ جَمْعٌ نَادِرٌ يُقَالُ عَرَّقْتَ اللَّحْمَ وَأَعْرَقْتَهُ وَتَعَرَّقْتَهُ إِذَا أَخَذْتَ عَنْهُ اللَّحْمَ بِأَسْنَانِكَ

[73] بِمَكُّوكٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ الْكَافِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَرَادَ بِهِ الْمُدَّ وَقِيلَ الصَّاعَ

وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ لِأَنَّهُ جَاءَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ مُفَسَّرًا بِالْمُدِّ وَأَصْلُهُ اسْمُ الْمِكْيَالِ وَيَخْتَلِفُ مِقْدَارُهُ بِاخْتِلَافِ اصْطِلَاحِ النَّاسِ عَلَيْهِ فِي الْبِلَادِ قَالَ وَالْمَكَاكِيُّ جَمْعُ مَكُّوكٍ عَلَى إِبْدَالِ الْيَاءِ مِنَ الْكَاف الْأَخِيرَة [75] إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ لَا بُدَّ مِنْ مَحْذُوفٍ يَتَعَلَّقُ بِهِ الْجَارُ وَالْمَجْرُورُ فَقَدَّرَهُ بَعْضُهُمْ

بِالْكَوْنِ الْمُطْلَقِ وَقِيلَ يُقَدَّرُ تُعْتَبَرُ وَقِيلَ تَصِحُّ وَقِيلَ تَكْمُلُ وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْجُمْلَةُ الْأُولَى لِبَيَانِ مَا يُعْتَبَرُ مِنَ الْأَعْمَالِ وَالثَّانِيَةُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا وَقَالَّ النَّوَوِيُّ أَفَادَتِ الْجُمْلَةُ الثَّانِيَةُ اشْتِرَاطَ تَعْيِينِ الْمَنْوِيِّ كَمَنْ عَلَيْهِ صَلَاةٌ فَائِتَةٌ لَا يَكْفِيهِ أَنْ يَنْوِيَ الْفَائِتَةَ فَقَطْ حَتَّى يُعَيِّنَهَا ظُهْرًا مَثَلًا أَوْ عَصْرًا وَقَالَ بن السَّمْعَانِيِّ فِي أَمَالِيهِ أَفَادَتْ أَنَّ الْأَعْمَالَ الْخَارِجَةَ عَنِ الْعِبَادَةِ لَا تُفِيدُ الثَّوَابَ إِلَّا إِذَا نَوَى بِهَا فَاعِلُهَا الْقُرْبَةَ كَالْأَكْلِ إِذَا نَوَى بِهِ الْقُوَّةَ عَلَى الطَّاعَةِ فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ إِلَى آخِرِهِ اتَّحَدَ الشَّرْطُ وَالْجَزَاءُ فِي الْجُمْلَتَيْنِ

وَالْقَاعِدَةُ تَغَايُرُهُمَا لِقَصْدِ التَّعْظِيمِ فِي الْجُمْلَةِ الْأُولَى والتحقير فِي الثَّانِيَة وَحَانَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ الْوَاوُ لِلْحَالِ بِتَقْدِيرِ قَدْ فَأتى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِوَضُوءٍ بِفَتْحِ الْوَاوِ يَنْبُعُ بِضَمِّ الْبَاءِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا وَفَتْحُهَا [77] فَأُتِيَ بِتَوْرٍ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ شِبْهِ الطَّسْتِ وَقِيلَ هُوَ الطَّسْتُ حَيَّ عَلَى الطَّهُورِ وَالْبَرَكَةِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ أَبُو الْبَقَاءِ وَالْبَرَكَةُ مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى الطَّهُورِ وَصَفَهُ بِالْبَرَكَةِ لِمَا فِيهِ مِنَ الزِّيَادَةِ وَالْكَثْرَةِ مِنَ الْقَلِيل وَلَا معنى للرفع هُنَا

[78] تَوَضَّئُوا بِسْمِ اللَّهِ أَيْ قَائِلِينَ قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَفْعَالُ الْعَبْدِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ مَا سُنَّتْ فِيهِ التَّسْمِيَةُ وَمَا لَمْ تُسَنْ وَمَا تُكْرَهُ فِيهِ الْأَوَّلُ كَالْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَالتَّيَمُّمِ وَذَبْحِ الْمَنَاسِكِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَمِنْهُ أَيْضًا مُبَاحَاتٌ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ وَالثَّانِي كَالصَّلَاةِ وَالْأَذَانِ وَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَالْأَذْكَارِ وَالدَّعَوَاتِ وَالثَّالِثُ الْمُحَرَّمَاتُ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنَ الْبَسْمَلَةِ التَّبَرُّكُ فِي الْفِعْلِ الْمُشْتَمِلِ عَلَيْهِ وَالْحَرَامُ لَا يُرَادُ كَثْرَتُهُ وَبَرَكَتُهُ وَكَذَلِكَ الْمَكْرُوهُ قَالَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا سُنَّتْ فِيهِ الْبَسْمَلَةُ مِنَ الْقُرُبَاتِ وَبَيْنَ مَا لَمْ تُسَنْ فِيهِ عَسِيرٌ فَإِنْ قِيلَ إِنَّمَا لَمْ تُسَنِ الْبَسْمَلَةُ فِي ذَلِكَ الْقِسْمِ لِأَنَّهُ بَرَكَةٌ فِي نَفْسِهِ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى التَّبْرِيكِ قُلْنَا هَذَا مُشْكِلٌ بِمَا سُنَّتْ فِيهِ الْبَسْمَلَةُ كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ بَرَكَةٌ فِي نَفْسِهِ وَلَوْ بَسْمَلَ عَلَى ذَلِكَ لَجَازَ وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي كَوْنِهِ سُنَّةً وَلَوْ كَانَتْ سُنَّةً لَنُقِلَ عَنِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالسَّلَفِ الصَّالِحِ كَمَا نُقِلَ غَيْرُهُ مِنَ السُّنَنِ وَالنَّوَافِلِ حَتَّى تَوَضَّئُوا مِنْ عِنْدَ آخِرِهِمْ قَالَ التَّيْمِيُّ أَيْ تَوَضَّئُوا كُلُّهُمْ حَتَّى وَصَلَتِ النَّوْبَةُ إِلَى الْآخِرِ وَقَالَ

الْكَرْمَانِيُّ حَتَّى لِلتَّدْرِيجِ وَمِنْ لِلْبَيَانِ أَيْ تَوَضَّأَ النَّاسُ حَتَّى تَوَضَّأَ الَّذِينَ هُمْ عِنْدَ آخِرِهِمْ وَهُوَ كِنَايَة

عَنْ جَمِيعِهِمْ وَعِنْدَ بِمَعْنَى فِي وَكَأَنَّهُ قَالَ الَّذِينَ هُمْ فِي آخِرِهِمْ وَقَالَ النَّوَوِيُّ مِنْ فِي مِنْ عِنْدَ آخِرِهِمْ بِمَعْنَى إِلَى وَهِيَ لُغَةٌ سَطِيحَةٌ قَالَ فِي النِّهَايَةِ السَّطِيحَةُ مِنَ الْمَزَادَةِ مَا كَانَ مِنْ جِلْدَيْنِ قُوبِلَ أَحَدُهُمَا

بِالْآخَرِ فَسَطَحَ عَلَيْهِ وَتَكُونُ صَغِيرَةً وَكَبِيرَةً وَهِيَ من أواني الْمِيَاه [83] اسْتَوْكَفَ ثَلَاثًا قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيِ اسْتَقْطَرَ الْمَاءَ وَصَبَّهُ عَلَى يَدَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَبَالَغَ حَتَّى وكف مِنْهَا المَاء [84] ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ نَفْسَهُ فِيهِمَا بِشَيْءٍ زَادَ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ فِي رِوَايَةٍ مِنَ الدُّنْيَا وَقَالَ النَّوَوِيُّ الْمُرَادُ لَا يُحَدِّثُ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا وَمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ وَلَوْ عَرَضَ لَهُ حَدِيثٌ فَأَعْرَضَ عَنْهُ بِمُجَرَّدِ عُرُوضِهِ عُفِيَ عَنْ ذَلِكَ وَحَصَلَتْ لَهُ هَذِهِ الْفَضِيلَةُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ وَقَدْ عُفِيَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَنِ الْخَوَاطِرِ الَّتِي تَعْرِضُ وَلَا تَسْتَقِرُّ وَقَدْ قَالَ مَعْنَى مَا ذَكَرْتُهُ الْمَازِرِيُّ وَتَابَعَهُ عَلَيْهِ القَاضِي عِيَاض غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ قَالَ النَّوَوِيّ وَالْمرَاد الصَّغَائِر دون الْكَبَائِر فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَبِيتُ عَلَى خَيْشُومِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ أَعْلَى الْأَنْفِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدِّمَاغِ وَقَالَ عِيَاضٌ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَأَنْ يَكُونَ عَلَى الِاسْتِعَارَةِ فَإِنَّ مَا يَنْعَقِدُ مِنَ الْغُبَارِ وَرُطُوبَةِ الْخَيَاشِيمِ قَذَارَةٌ تُوَافِقُ الشَّيْطَانَ فكفأ أَي أمال الْإِنَاء بِالسَّبَّاحَتَيْنِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ السَّبَّاحَةُ وَالْمُسَبِّحَةُ الْأُصْبُعُ الَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا يُشَارُ بهَا عِنْد التَّسْبِيح

[104] يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْخِمَارِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَرَادَ بِهِ الْعِمَامَةَ لِأَنَّ الرَّجُلَ يُغَطِّي بِهَا رَأْسَهُ كَمَا أَنَّ الْمَرْأَةَ تُغَطِّيهِ بِخِمَارِهَا وَذَلِكَ إِذَا كَانَ قَدِ اعْتَمَّ عِمَّةَ الْعَرَبِ فَأَدَارَهَا تَحْتَ الْحَنَكِ فَلَا يَسْتَطِيعُ رَفْعُهَا فِي كُلِّ وَقْتٍ فَتَصِيرُ كَالْخُفَّيْنِ غَيْرَ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى مسح الْقَلِيل من الرَّأْس ثمَّ يمسح على الْعِمَامَة بدل الِاسْتِيعَاب

قَالَ مَعْنَى مَا ذَكَرْتُهُ الْمَازِرِيُّ وَتَابَعَهُ عَلَيْهِ القَاضِي عِيَاض غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ

قَالَ النَّوَوِيّ وَالْمرَاد الصَّغَائِر دون الْكَبَائِر [90] فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَبِيتُ عَلَى خَيْشُومِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ

هُوَ أَعْلَى الْأَنْفِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدِّمَاغِ وَقَالَ عِيَاضٌ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَأَنْ يَكُونَ عَلَى الِاسْتِعَارَةِ فَإِنَّ مَا يَنْعَقِدُ من الْغُبَار رُطُوبَة الخياشيم قذارة توَافق الشَّيْطَان فكفأ أَي أمال الْإِنَاء

بِالسَّبَّاحَتَيْنِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ السَّبَّاحَةُ وَالْمُسَبِّحَةُ الْأُصْبُعُ الَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا يُشَارُ

بهَا عِنْد التَّسْبِيح

[111] وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ جَمْعُ الْعَقِبِ بِكَسْرِ الْقَافِ وَهُوَ مُؤَخَّرُ الْقَدَمِ قَالَ الْبَغَوِيُّ مَعْنَاهُ وَيْلٌ لِأَصْحَابِ الْأَعْقَابِ الْمُقَصِّرِينَ فِي غَسْلِهَا نَحْوَ واسأل الْقرْيَة وَقِيلَ أَرَادَ أَنَّ الْأَعْقَابَ تُخَصُّ بِالْعَذَابِ إِذَا قصر فِي غسلهَا

[117] النِّعَالُ السِّبْتِيَّةُ بِالْكَسْرِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ هِيَ الْمُتَّخَذَةُ مِنَ السِّبْتِ وَهِيَ جُلُودُ الْبَقَرِ الْمَدْبُوغَةِ بِالْقَرَظِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ شَعْرَهَا قَدْ سَبَتَ عَنْهَا أَيْ حُلِقَ وَأُزِيلَ وَقِيلَ لِأَنَّهَا أُسْبِتَتْ بِالدِّبَاغِ أَي لانت [139] لَا يَقْبَلِ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ ضُبِطَ بِفَتْح الطَّاء وَضمّهَا

[143] أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ غُفْرَانِهَا وَيَحْتَمِلُ مَحْوَهَا مِنْ كِتَابِ الْحَفَظَةِ وَيَكُونُ دَلِيلًا على غفرانها وَيرْفَع بِهِ

صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ ضُبِطَ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَضَمِّهَا

الدَّرَجَاتِ هُوَ أَعْلَى الْمَنَازِلِ فِي الْجَنَّةِ إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ أَيْ إِتْمَامُهُ عَلَى الْمَكَارِهِ يُرِيدُ بَرْدَ الْمَاءِ وَأَلَمَ الْجِسْمِ وَإِيثَارَ الْوُضُوءِ عَلَى أُمُورِ الدُّنْيَا فَلَا يَأْتِي بِهِ مَعَ ذَلِكَ إِلَّا كَارِهًا مُؤْثِرًا لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ يَعْنِي بِهِ بُعْدَ الدَّارِ وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا الْجُلُوسُ فِي الْمَسْجِدِ وَالثَّانِي تَعَلُّقُ الْقَلَبِ بِالصَّلَاةِ وَالِاهْتِمَامُ بِهَا وَالتَّأَهُّبُ لَهَا فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ أَيِ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَحَقِيقَتُهُ رَبْطُ النَّفْسِ وَالْجِسْمِ مَعَ الطَّاعَاتِ وَحِكْمَةُ تَكْرَارِهِ قِيلَ الِاهْتِمَامُ بِهِ وَتَعْظِيمُ شَأْنِهِ وَقِيلَ كَرَّرَه

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَادَتِهِ فِي تَكْرَارِ الْكَلَامِ لِيُفْهَمَ عَنْهُ قَالَ النَّوَوِيُّ وَالْأَوَّلُ أظهر [147] كَيَوْمَ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ بِفَتْحِ يَوْمَ لِإِضَافَتِهِ إِلَى جملَة صدرها مبْنى

[148] فُتِحَتْ لَهُ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يَدْخُلُ مِنْ أَيهَا شَاءَ قَالَ بن سَيِّدِ النَّاسِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْعُلَمَاءُ فِي فَتْحِ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ وَالدُّعَاءِ مِنْهَا مَا فِيهِ مِنَ التَّشْرِيفِ فِي الْمَوْقِفِ وَالْإِشَارَةِ بِذِكْرِ مَنْ حَصَلَ لَهُ ذَلِك على رُؤُوس الْأَشْهَادِ فَلَيْسَ مَنْ يُؤْذَنُ لَهُ فِي الدُّخُولِ مِنْ بَابٍ لَا يَتَعَدَّاهُ كَمَنْ يُتَلَقَّى مِنْ كُلِّ بَابٍ وَيَدْخُلُ مِنْ حَيْثُ شَاءَ هَذَا فَائِدَة التَّعَدُّد فِي فتح أَبْوَاب الْجنَّة [149] يَا بَنِي فَرُّوخَ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَخَاءٍ مُعْجَمَةٍ قِيلَ هُوَ مِنْ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَثُرَ نَسْلُهُ فَوَلَدَ الْعَجَمَ

[150] خَرَجَ إِلَى الْمَقْبَرَةِ بِتَثْلِيثِ الْبَاءِ وَالْكَسْرُ قَلِيلٌ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ قَالَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ دَارَ مَنْصُوبٌ عَلَى الِاخْتِصَاصِ أَوِ النِّدَاءِ الْمُضَافِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ قَالَ وَيَصِحُّ الْخَفْضُ عَلَى الْبَدَلِ مِنَ الْكَافِ وَالْمِيمِ فِي عَلَيْكُمْ وَالْمُرَادُ بِالدَّارِ عَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ الْجَمَاعَةُ أَوْ أَهْلُ الدَّارِ وَعَلَى الْأَوَّلِ مِثْلُهُ أَوِ الْمَنْزِلُ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ قَالَ النَّوَوِيُّ أَتَى بِالِاسْتِثْنَاءِ مَعَ أَنَّ الْمَوْتَ لَا شَكَّ فِيهِ وَلِلْعُلَمَاءِ فِيهِ أَقْوَالٌ أَظْهَرُهَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلشَّكِّ وَلَكِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهُ لِلتَّبَرُّكِ وَامْتِثَالِ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدا الا أَن يَشَاء الله وَدِدْتُ أَنِّي قَدْ رَأَيْتُ إِخْوَانَنَا أَيْ فِي الْحَيَاةِ بَلْ أَنْتُمْ أَصْحَابِي قَالَ النَّوَوِيُّ لَيْسَ نَفْيًا لِأُخُوَّتِهِمْ وَلَكِنْ ذَكَرَ مَرْتَبَتَهُمُ الزَّائِدَةَ بِالصُّحْبَةِ فَهَؤُلَاءِ إِخْوَةٌ صَحَابَةٌ وَاَلَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا إِخْوَةٌ لَيْسُوا بِصَحَابَةٍ وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ قَالَ الْهَرَوِيُّ وَغَيْرُهُ مَعْنَاهُ أَنَا أَتَقَدَّمُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ يُقَالُ فَرَطْتَ الْقَوْمَ إِذَا تَقَدَّمْتَهُمْ لِتَرْتَادَ لَهُمُ المَاء وتهيىء

لَهُمُ الدِّلَاءَ وَالرِّشَاءَ فِي خَيْلٍ دُهْمٍ جَمْعُ أَدْهَمَ وَهُوَ الْأَسْوَدُ بُهْمٍ جَمْعُ بَهِيمٍ فَقِيلَ هُوَ الْأَسْوَدُ أَيْضًا وَقِيلَ الْبَهِيمُ الَّذِي لَا يُخَالِطُ لَوْنُهُ لَوْنًا سِوَاهُ سَوَاءٌ كَانَ أَبْيَضَ أَوْ أَسْوَدَ أَوْ أَبْيَضَ أَوْ أَحْمَرَ بَلْ يكون لَونه خَالِصا [151] يُقْبِلُ عَلَيْهِمَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ جَمَعَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَاتَيْنِ اللَّفْظَتَيْنِ أَنْوَاعَ الْخُضُوعِ وَالْخُشُوعِ لِأَنَّ الْخُضُوعَ فِي الْأَعْضَاءِ وَالْخُشُوعَ فِي الْقَلْبِ عَلَى مَا قَالَهُ جمَاعَة من الْعلمَاء مَذَّاءً أَيْ كَثِيرَ الْمَذْيِ مَذَاكِيرَهُ قِيلَ هُوَ جَمْعُ ذَكَرٍ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَقِيلَ جَمْعٌ لَا وَاحِدَ لَهُ وَقِيلَ وَاحِدُهُ مِذْكَارٌ قَالَ بن خَرُوفٍ وَإِنَّمَا جَمَعَهُ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْجَسَدِ مِنْهُ إِلَّا وَاحِدٌ بِالنَّظَرِ لِمَا يَتَّصِلُ بِهِ وَأَطْلَقَ عَلَى الْكُلِّ اسْمَهُ فَكَأَنَّهُ جَعَلَ كُلَّ جُزْءٍ مِنَ الْمَجْمُوعِ كَالذَّكَرِ فِي حُكْمِ الْغسْل إِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ تَضَعُهَا لِتَكُونَ وِطَاءً لَهُ إِذَا مَشَى وَقِيلَ هُوَ بِمَعْنَى التَّوَاضُعِ لَهُ تَعْظِيمًا بِحَقِّهِ وَقِيلَ أَرَادَ بِوَضْعِ الْأَجْنِحَةِ نُزُولَهُمْ عِنْدَ مَجَالِسِ الْعِلْمِ وَتَرْكِ الطَّيَرَانِ وَقِيلَ أَرَادَ إظلالهم بهَا نعس بِفتْحَتَيْنِ أَوْ بَضْعَةٌ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَقَدْ تُكْسَرُ وَهِيَ الْقطعَة من اللَّحْم

[169] أعوذ برضاك من سخطك قَالَ بن خَاقَانَ الْبَغْدَادِيُّ سَمِعْتُ النَّقَّادَ يَقُولُ طَلَبُ الِاسْتِغَاثَةِ

كالذكر فِي حكم الْغسْل [158] إِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ تَضَعُهَا

لِتَكُونَ وِطَاءً لَهُ إِذَا مَشَى وَقِيلَ هُوَ بِمَعْنَى التَّوَاضُعِ لَهُ تَعْظِيمًا بِحَقِّهِ وَقِيلَ أَرَادَ بِوَضْع الأجنحة

نُزُولَهُمْ عِنْدَ مَجَالِسِ الْعِلْمِ وَتَرْكِ الطَّيَرَانِ وَقِيلَ أَرَادَ إظلالهم بهَا نعس بِفتْحَتَيْنِ 165

أَوْ بَضْعَةٌ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَقَدْ تُكْسَرُ وَهِيَ الْقطعَة من اللَّحْم

مِنَ اللَّهِ نَقْصٌ مِنَ التَّوَكُّلِ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ أَيْ أَنْتَ الْمَلْجَأُ دُونَ حَائِلٍ بَيْنِي وَبَيْنَكَ لِصِدْقِ فَقْرِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالْغَيْبَةِ عَنِ الْأَحْوَالِ وَإِضْمَارِ الْخَيْرِ أَيْ أَسْأَلُكَ الرِّضَاءَ عِوَضًا من السخط ذكره بن ماكولة الشِّيرَازِيُّ فِي كِتَابِ أَخْبَارِ الْعَارِفِينَ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَسَخَطُهُ وَمُعَافَاتُهُ وَعُقُوبَتُهُ مِنْ صِفَاتِ كَمَالِهِ فَاسْتَعَاذَ مِنَ الْمَكْرُوهِ مِنْهُمَا إِلَى الْمَحْبُوبِ وَمِنَ الشَّرِّ إِلَى الْخَيْرِ قَالَ الْقُرْطُبِيّ ثمَّ ترقى عَن الْأَفْعَال إِلَى منشىء الْأَفْعَالِ فَقَالَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ مُشَاهَدَةً لِلْحَقِّ وَغَيْبَةً عَنِ الْخَلْقِ وَهَذَا مَحْضُ الْمَعْرِفَةِ الَّذِي لَا يُعَبِّرُ عَنْهُ قَوْلٌ وَلَا يَضْبِطُهُ صِفَةٌ وَقَوْلُهُ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَيْ لَا أُطِيقُهُ أَيْ لَا أَنْتَهِي إِلَى غَايَتِهِ وَلَا أُحِيطُ بِمَعْرِفَتِهِ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ فَأَحْمَدُهُ بِمَحَامِدَ لَا أَقْدِرُ عَلَيْهَا الْآنَ وَرَوَى مَالِكٌ لَا أُحْصِي نِعْمَتَكَ وَإِحْسَانَكَ وَالثَّنَاءَ عَلَيْكَ وَإِنِ اجْتَهَدْتُ فِي ذَلِكَ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَلِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ وَمَعْنَى ذَلِكَ اعْتِرَافٌ بِالْعَجْزِ عِنْدَ مَا ظَهَرَ لَهُ مِنْ صِفَاتِ جَلَالِهِ تَعَالَى وَكَمَالِهِ وَصَمَدِيَّتِهِ وَقُدُوسِيَّتِهِ وَعَظَمَتِهِ وَكِبْرِيَائِهِ وَجَبَرُوتِهِ مَا لَا يُنْتَهَى إِلَى عَدِّهِ وَلَا يُوصَلُ إِلَى حَدِّهِ وَلَا يَحْمِلُهُ عَقْلٌ وَلَا يُحِيطُ بِهِ فِكْرٌ وَعِنْدَ الِانْتِهَاءِ إِلَى هَذَا الْمَقَامِ انْتَهَتْ مَعْرِفَةُ الْأَنَامِ وَلِذَلِكَ قَالَ الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ الْعَجْزُ عَنْ دَرْكِ الْإِدْرَاكِ إِدْرَاكٌ وَقَالَ بَعْضُ الْعَارِفِينَ سُبْحَانَ مَنْ رَضِيَ فِي مَعْرفَته بِالْعَجزِ عَن مَعْرفَته وَقَالَ بن

الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ بَدَأَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِالرِّضَا وَفِي رِوَايَةٍ بَدَأَ بِالْمُعَافَاةِ ثُمَّ بِالرِّضَا وَإِنَّمَا ابْتَدَأَ بِالْمُعَافَاةِ مِنَ الْعُقُوبَةِ لِأَنَّهَا مِنْ صِفَاتِ الْأَفْعَالِ كَالْإِمَاتَةِ وَالْإِحْيَاءِ وَالرِّضَا وَالسَّخَطُ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ وَصِفَاتُ الْأَفْعَالِ أَدْنَى مَرْتَبَةً مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ فَبَدَأَ بِالْأَدْنَى مُتَرَقِّيًا إِلَى الْأَعْلَى ثُمَّ لَمَّا ازْدَادَ يَقِينًا وَارْتِقَاءً تَرَكَ الصِّفَاتِ وَقَصَرَ نَظَرَهُ عَلَى الذَّاتِ فَقَالَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ ثُمَّ ازْدَادَ قُرْبًا اسْتَحْيَا مَعَهُ مِنْ الِاسْتِعَاذَةِ عَلَى بِسَاطِ الْقُرْبِ فَالْتَجَأَ إِلَى الثَّنَاءِ فَقَالَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ قُصُورٌ فَقَالَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ وَأَمَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى فَإِنَّمَا قَدَّمَ الِاسْتِعَاذَةَ بِالرِّضَا مِنَ السَّخَطِ لِأَنَّ الْمُعَافَاةِ مِنَ الْعُقُوبَةِ تَحْصُلُ بِحُصُولِ الرِّضَا وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا لِأَنَّ دَلَالَةَ الْأَوَّلِ عَلَيْهَا دَلَالَةُ تَضَمُّنٍ فَأَرَادَ أَنْ يَدُلَّ عَلَيْهَا دَلَالَةَ مُطَابَقَةٍ فَكَنَّى عَنْهَا أَوَّلًا ثُمَّ صَرَّحَ ثَانِيًا وَلِأَنَّ

الرَّاضِيَ قَدْ يُعَاقَبُ لِلْمَصْلَحَةِ أَوْ لِاسْتِيفَاءِ حَقِّ الْغَيْر اه [173] أَثْوَارَ أَقِطٍ جَمْعُ ثَوْرٍ بِالْمُثَلَّثَةِ وَهِيَ قِطْعَةٌ من الاقط وَهُوَ لبن جامد فَثُرِّيَ بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ بل بِالْمَاءِ نَجْلٍ بِسُكُونِ الْجِيمِ الْمَاءُ الْقَلِيلُ النَّزْوُ وَالْجَمْعُ أنجال

[192] إِذَا قَعَدَ أَيِ الرَّجُلُ بَيْنُ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ جَمْعُ شُعْبَةٍ وَهِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ الشَّيْءِ فَقِيلَ الْمُرَادُ هُنَا يَدَاهَا وَرِجْلَاهَا وَقِيلَ رِجْلَاهَا وَفَخِذَاهَا وَقِيلَ سَاقُهَا وَفَخِذَاهَا وَاسْتَاهَا وَقِيلَ فَخِذَاهَا وَشَعْرُهَا وَقِيلَ نَوَاحِي فَرْجِهَا الْأَرْبَعُ وَحَذَفَ الْفَاعِلَ فِي قَعَدَ لِلْعِلْمِ بِهِ وَلِابْنِ الْمُنْذِرِ إِذَا غَشِيَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَقَعَدَ إِلَخْ فَعُلِمَ أَنَّ حَذْفَهُ مِنْ تَصَرُّفِ الرُّوَاةِ ثُمَّ اجْتَهَدَ كِنَايَةٌ عَنْ معالجة الايلاج

[196] أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ هِيَ أُمُّ أَنَسٍ وَاخْتُلِفَ فِي اسْمِهَا فَقِيلَ سَهْلَةُ وَقِيلَ رُمَيْلَةُ وَقِيلَ رُمَيْثَةُ وَقِيلَ أُنَيْفَةُ وَيُقَالُ الرُّمَيْصَاءُ وَالْغُمَيْصَاءُ إِن الله لَا يستحي مِنَ الْحَقِّ قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَاهُ لَا يَمْتَنِعُ مِنْ بَيَانِ الْحَقِّ فَكَذَا أَنَا لَا أَمْتَنِعُ مِنْ سُؤَالِي عَمَّا أَنَا مُحْتَاجَةٌ إِلَيْهِ وَقِيلَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْحَيَاءِ فِي الْحَقِّ وَلَا يُبِيحُهُ وَإِنَّمَا قَالَتْ هَذَا اعْتِذَارًا بَيْنَ يَدَيْ سُؤَالِهَا عَمَّا دعت الْحَاجة إِلَيْهِ مِمَّا يستحي النِّسَاءُ فِي الْعَادَةِ عَنِ السُّؤَالِ عَنْهُ وَذِكْرِهِ بِحَضْرَةِ الرِّجَالِ وَيَسْتَحْيِي بِيَاءَيْنِ وَيُقَالُ أَيْضًا بِيَاءٍ وَاحِدَةٍ فَقُلْتُ لَهَا أُفٍّ لَكِ قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ مَعْنَاهُ اسْتِحْقَارًا لَهَا وَلِمَا تَكَلَّمَتْ بِهِ وَهِيَ كَلِمَةٌ تُسْتَعْمَلُ فِي الِاحْتِقَارِ وَالِاسْتِقْذَارِ وَالْإِنْكَارِ قَالَ الْبَاجِيُّ وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا الْإِنْكَارُ وَأَصْلُ الْأُفِّ وَسَخُ الْأَظْفَارِ وَفِي أُفٍّ لُغَاتٌ كَثِيرَةٌ قَالَ أَبُو الْبَقَاءِ مَنْ كَسَرَ بَنَاهُ عَلَى الْأَصْلِ وَمَنْ فَتَحَ طَلَبَ التَّخْفِيفَ وَمَنْ ضَمَّ أَتْبَعَ وَمَنْ نَوَّنَ أَرَادَ التَّنْكِيرَ وَمَنْ لَمْ يُنَوِّنْ أَرَادَ التَّعْرِيفَ وَمَنْ خَفَّفَ الْفَاءَ حَذَفَ أَحَدَ الْمِثْلَيْنِ تَخْفِيفًا أَوَ تَرَى الْمَرْأَةُ ذَلِكَ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ إِنْكَارُ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ عَلَى أُمِّ سُلَيْمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ قَضِيَّةَ احْتِلَامِ النِّسَاءِ يَدُلُّ عَلَى قِلَّةِ وُقُوعِهِ مِنَ النِّسَاءِ قُلْتُ وَظَهَرَ لِي أَنْ يُقَالَ إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَقَعُ لَهُنَّ احْتِلَامٌ لِأَنَّهُ مِنَ الشَّيْطَانِ فَعُصِمْنَ مِنْهُ تَكْرِيمًا لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا عُصِمَ هُوَ مِنْهُ ثُمَّ رَأَيْتُ الشَّيْخَ وَلِيَّ الدِّينِ قَالَ وَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ أَصْحَابِنَا يَبْحَثُ فِي الدَّرْسِ مَنْعَ وُقُوعِ الِاحْتِلَامِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُنَّ لَا يُطِعْنَ غَيْرَهُ لَا يَقَظَةً وَلَا نَوْمًا وَالشَّيْطَانُ لَا يَتَمَثَّلُ بِهِ فَسُرِرْتُ بِذَلِكَ كَثِيرًا تَرِبَتْ يَمِينُكَ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ لِلْعُلَمَاءِ فِي مَعْنَاهُ

عَشَرَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا اسْتَغْنَيْتِ الثَّانِي ضَعُفَ عَقْلُكِ الثَّالِثُ تَرِبَتْ مِنَ الْعِلْمِ الرَّابِعُ تَرِبَتْ إِنْ لَمْ تَعْقِلْ هَذَا الْخَامِسُ أَنَّهُ حَثٌّ عَلَى الْعِلْمِ كَقَوْلِهِ اُنْجُ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ وَلَا يُرِيدُ أَنْ تُثْكَلَ السَّادِسُ أَصَابَهَا التُّرَابُ السَّابِعُ خَابَتْ الثَّامِنُ اتَّعَظَتْ التَّاسِعُ أَنَّهُ دُعَاءٌ خَفِيفٌ الْعَاشِرُ أَنَّهُ بِثَاءٍ مُثَلَّثَةٍ فِي أَوَّلِهِ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ هَذِهِ الْكَلِمَةُ جَارِيَةٌ عَلَى أَلْسِنَةِ الْعَرَبِ لَا يُرِيدُونَ بِهِ الدُّعَاءَ عَلَى الْمُخَاطَبِ وَلَا وُقُوعَ الْأَمْرِ بِهَا كَمَا يَقُولُونَ قَاتَلَهُ اللَّهُ وَقِيلَ مَعْنَاهَا لِلَّهِ دَرُّكِ وَقِيلَ أَرَادَ بِهِ الْمَثْلَ لِيَرَى الْمَأْمُورُ بِذَلِكَ الْجِدَّ وَأَنَّهُ إِنْ خَالَفَهُ فَقَدْ أَسَاءَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ دُعَاءٌ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَأَنَّهُ قَالَ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَرِبَتْ يَمِينُكِ لِأَنَّهُ رَأَى الْفَقْرَ خَيْرًا لَهَا وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ يُعَضِّدُهُ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ خُزَيْمَةَ أَنْعِمْ صَبَاحًا تَرِبَتْ يَدَاكَ فَإِنَّ هَذَا دُعَاءٌ لَهُ وَتَرْغِيبٌ فِي اسْتِعْمَالِهِ مَا تَقَدَّمَتِ الْوَصِيَّةُ بِهِ أَلَا تَرَاهُ قَالَ أَنْعِمْ صَبَاحًا ثُمَّ عَقَّبَهُ بِتَرِبَتْ يَدَاكِ وَكَثِيرًا مَا يَرِدُ لِلْعَرَبِ أَلْفَاظٌ ظَاهِرُهَا الذَّمُّ وَإِنَّمَا يُرِيدُونَ بِهَا الْمَدْحَ كَقَوْلِهِمْ لَا أَبَ لَكَ وَلَا أُمَّ لَكَ وَمَوْتَ أُمِّهِ وَلَا أَرْضَ لَكَ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ خِلَافٌ كَثِيرٌ مُنْتَشِرٌ جِدًّا لِلسَّلَفِ وَالْخَلَفِ مِنَ الطَّوَائِفِ كُلِّهَا وَالْأَصَحُّ الْأَقْوَى الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ أَنَّهَا كَلِمَةٌ أَصْلُهَا افْتَقَرَتْ وَلَكِنَّ الْعَرَبَ اعْتَادَتِ اسْتِعْمَالَهَا غَيْرَ قَاصِدَةٍ حَقِيقَةَ مَعْنَاهَا الْأَصْلِيِّ فَيَذْكُرُونَ تَرِبَتْ يَدَاكَ وَقَاتَلَهُ اللَّهُ مَا أَشْجَعَهُ وَلَا أُمَّ لَكَ وَثَكِلَتْهُ أُمُّهُ وَوَيْلَ أُمِّهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ أَلْفَاظِهِمْ يَقُولُونَهَا عِنْدَ إِنْكَارِهِمُ الشَّيْءَ أَوِ الزَّجْرَ عَنْهُ أَوِ الذَّمَّ لَهُ أَوِ اسْتِعْظَامَهُ أَوِ الْحَثَّ عَلَيْهِ أَوِ الْإِعْجَابَ بِهِ فَمِنْ أَيْنَ يَكُونُ الشَّبَهُ قَالَّ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّ الْوَلَدَ مُتَوَلِّدٌ مِنْ مَاءِ الرَّجُلِ وَمَاءِ الْمَرْأَةِ فَأَيُّهُمَا غَلَبَ كَانَ الشَّبَهُ لَهُ وَإِذَا كَانَ لِلْمَرْأَةِ مَنِيٌّ فَإِنْزَالُهُ وَخُرُوجُهُ مِنْهَا مُمْكِنٌ وَيُقَالُ شِبْهٌ بِكَسْرِ الشِّينِ

وَسُكُونِ الْبَاءِ وَشَبَهٌ بِفَتْحِهِمَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ إِذَا احْتَلَمَتْ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ إِذَا رَأَتْ أَنَّ زَوْجَهَا يُجَامِعُهَا فِي الْمَنَامِ [198] إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ أَي المنى بعد الاستيقاظ

[200] مَاءُ الرَّجُلِ غَلِيظٌ أَبْيَضُ وَمَاءُ الْمَرْأَةِ رَقِيقٌ أَصْفَرُ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ مَا ذَكَرَهُ فِي صِفَةِ الْمَاءَيْنِ إِنَّمَا هُوَ فِي غَالِبِ الْأَمْرِ وَاعْتِدَالِ الْحَالِ وَإِلَّا فَقَدْ تَخْتَلِفُ أَحْوَالُهُمَا لِلْعَوَارِضِ فَأَيُّهُمَا سَبَقَ كَانَ الشَّبَهُ الْمُرَادُ سَبْقُ الْإِنْزَالِ فَفِي رِوَايَة بن عَبْدِ الْبَرِّ أَيُ النُّطْفَتَيْنِ سَبَقَتْ إِلَى الرَّحِمِ غَلَبَتْ عَلَى الشَّبَهِ وَجَوَّزَ الْقُرْطُبِيُّ أَنْ يَكُونَ سَبَقَ بِمَعْنَى غَلَبَ مِنْ قَوْلِهِمْ سَابَقَنِي فُلَانٌ فَسَبَقْتُهُ أَيْ غَلَبْتُهُ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى وَمَا نَحن بمسبوقين أَي مغلوبين وَيكون مَعْنَاهُ كثر [215] عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَإِسْكَانِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ بَعْدَهَا شِينٌ مُعْجَمَةٌ اسْمُهُ قَيْسُ بْنُ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى أَنَّهَا كَانَتْ تُسْتَحَاضُ هُوَ مِنَ الْأَفْعَالِ اللَّازِمَةِ الْبِنَاءَ لِلْمَفْعُولِ فَقَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ فِي شَرْحِ أَبِي دَاوُدَ اعْلَمْ أَنَّ اللَّاتِي ذُكِرَ أَنَّهُنَّ اُسْتُحِضْنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِسْعٌ فَاطِمَةُ هَذِهِ وَأُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ جَحْشٍ وَأُخْتُهَا حَمْنَةُ وَأُخْتُهَا زَيْنَبُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ صَحَّ وَسَهْلَةُ بِنْتُ سَهْلٍ وَسَوْدَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ وَأَسْمَاءُ بِنْتُ مَرْثَدٍ الْحَارِثِيَّةُ وَزَيْنَبُ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ وَبَادِنَةُ بِنْتُ غَيْلَانَ الثَّقَفِيَّةُ قُلْتُ وَقَدْ نَظَمْتُهُنَّ فِي بَيْتَيْنِ وَهُمَا قَدِ اسْتُحِيضَتْ فِي زَمَانِ الْمُصْطَفَى تِسْعُ نِسَاءٍ قَدْ رَوَاهَا الرَّاوِيَهْ بَنَاتُ جَحْشٍ سَوْدَةُ وَالْفَاطِمَهْ زَيْنَبُ أَسْمَا سَهْلَةُ وَبَادِنَهْ [217] إِنَّمَا ذَلِكِ بِكَسْرِ الْكَافِ عِرْقٌ زَادَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ انْقَطَعَ

[217] فَإِذَا أَقْبَلَتِ الحَيْضَةُ ضَبَطَهُ النَّوَوِيُّ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر الَّذِي فِي روايتنا بِالْفَتْح [203] اسْتُحِيضَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ جَحْشٍ قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ قَالَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ الصَّحِيحُ أَنَّهَا أم حبيب بلاهاء وَاسْمُهُا حُبَيْبَةُ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ قَوْلُ الْحَرْبِيِّ صَحِيحٌ وَكَانَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِهَذَا الشَّأْنِ وَقَالَ بن الْأَثِيرِ يُقَالُ لَهَا أُمُّ حَبِيبَةَ وَقِيلَ أُمُّ حَبِيبٍ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَكْثَرُ قَالَ وَأَهْلُ السِّيَرِ يَقُولُونَ الْمُسْتَحَاضَةُ أُخْتُهَا حَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ الصَّحِيحُ أَنَّهُمَا كَانَتَا تُسْتَحَاضَانِ أَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ هُوَ بِفَتْحِ الْحَاءِ لَا غَيْرُ كَمَا نَقَلَهُ الْخَطَّابِيُّ عَنْ أَكْثَرِ الْمُحَدِّثِينَ أَوْ كُلِّهِمْ وَقَالَ النَّوَوِيُّ إِنَّهُ مُتَعَيَّنٌ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ إِثْبَاتَ الِاسْتِحَاضَةِ وَنفي الْحيض

[208] إِن امْرَأَة كَانَت تهراق الدَّم قَالَ بن مَالِكٍ هَذَا مِنْ زِيَادَةِ أَلْ فِي التَّمْيِيزِ وَقَالَ بن الْحَاجِبِ فِي أَمَالِيهِ يَجُوزُ فِيهِ الرَّفْعُ عَلَى الْبَدَلِ مِنَ الضَّمِيرِ فِي تُهْرَاقُ وَالنَّصْبُ عَلَى التَّمْيِيزِ أَوْ تَوَهُّمِ التَّعَدِّي أَوْ بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ وَهُوَ الْأَوْجَهُ كَأَنَّهُ لَمَّا قِيلَ تُهْرَاقُ قِيلَ مَا تَهْرِيقُ قَالَ تَهْرِيقُ الدَّمَ مِثْلَ لِيَبْكِ يَزِيدٌ ضَارِعٌ لِخُصُومَةٍ وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي الْإِعْرَابِ وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ فِي كَلَامِهِمْ اه وَقَدْ بَسَطْتُ الْكَلَام عَلَيْهِ فِي عُقُود الزبر

مُتَعَيَّنٌ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ إِثْبَات الِاسْتِحَاضَة وَنفى الْحيض

[213] عِرْقٌ عَانِدٌ قَالَ فِي النِّهَايَةِ شُبِّهَ بِهِ لِكَثْرَةِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ عَلَى خِلَافِ عَادَتِهِ وَقيل العاند الَّذِي لَا يرقأ [214] حِين نفست بِضَم النُّون من النّفاس

[228] وَهُوَ الْفَرَقُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالرَّاءِ مِكْيَالٌ يَسَعُ سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلًا وَهِيَ اثْنَا عَشَرَ مُدًّا وَقِيلَ هُوَ ثَلَاثَةُ أَقْسَاطٍ وَالْقِسْطُ نِصْفُ صَاعٍ قَالَ صَاحِبُ تَثْقِيفِ اللِّسَانِ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ مَنْ يَغْلَطُ فِيهِ فَيُسَكِّنُ رَاءَهُ وَهِيَ مَفْتُوحَةٌ وَكَذَا أنكر السّكُون الْبَاجِيّ وبن الْأَثِيرِ وَرُدَّ بِأَنَّهُمَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ حَكَاهُمَا صَاحِبُ الصِّحَاح والمحكم [241] أَشُدُّ ضَفْرَ رَأْسِي قَالَ النَّوَوِيُّ بِفَتْحِ الضَّادِ وَإِسْكَانِ الْفَاءِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ الْمَعْرُوفُ فِي رِوَايَةِ الْحَدِيثِ وَالْمُسْتَفِيضُ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ وَالْفُقَهَاءِ وَغَيْرِهِمْ وَمَعْنَاهُ أحكم فتل شعري وَقَالَ الإِمَام بن بَرِّيٍّ فِي الْجُزْءِ الَّذِي صَنَّفَهُ فِي لَحْنِ الْفُقَهَاءِ إِنَّهُ لَحْنٌ وَصَوَابُهُ ضَمُّ الضَّادِ وَالْفَاءِ جَمْعُ ضَفِيرَةٍ كَسَفِينَةٍ وَسُفُنٍ وَلَيْسَ كَمَا زَعَمَهُ بَلِ الصَّوَابُ بِجَوَازِ الْأَمْرَيْنِ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا مَعْنًى صَحِيحٌ وَيَتَرَجَّحُ الْأَوَّلُ لِكَوْنِهِ الْمَرْوِيَّ الْمَسْمُوعَ فِي الرِّوَايَات الثَّابِتَة الْمُتَّصِلَة

[251] أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ غُسْلِهَا مِنَ الْحَيْضِ هِيَ أَسْمَاءُ بِنْتُ شَكَلٍ وَقِيلَ أَسْمَاءُ بِنْتُ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ فَأَخْبَرَهَا كَيْفَ تَغْتَسِلُ لَفْظُ مُسْلِمٍ فَقَالَ تَأْخُذُ إِحْدَاكُنَّ مَاءَهَا وَسِدْرَهَا فَتَطْهُرُ فَتُحْسِنُ الطَّهُورَ ثُمَّ تَصُبُّ عَلَى رَأْسِهَا فَتَدْلُكُهُ دَلْكًا شَدِيدًا حَتَّى تَبْلُغَ شُئُونَ رَأْسِهَا ثُمَّ تَصُبُّ عَلَيْهَا الْمَاءَ ثُمَّ تَأْخُذُ فِرْصَةً الْحَدِيثَ ثُمَّ قَالَ خذي فرْصَة بِكَسْر الْفَاء وَحكى بن سِيدَهْ تَثْلِيثَهَا وَبِإِسْكَانِ الرَّاءِ وَإِهْمَالِ الصَّادِ قِطْعَةٌ مِنْ صُوفٍ أَوْ قُطْنٍ أَوْ جِلْدَةٌ عَلَيْهَا صُوفٌ حَكَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ وَحَكَى أَبُو دَاوُدَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْأَحْوَصِ قَرْصَةً بِفَتْحِ الْقَافِ وَوَجَّهَهُ الْمُنْذِرِيُّ فَقَالَ يَعْنِي شَيْئًا يَسِيرًا مثل القرصة بِطرف الأصبعين وَقَالَ بن قُتَيْبَةَ هِيَ قُرْضَةُ بِضَمِّ الْقَافِ وَبِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ قَالَ وَقَوْلُهُ مِنْ مَسْكٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْمُرَادُ قِطْعَةُ جِلْدٍ وَوَهِيَ مَنْ قَالَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُمْ كَانُوا فِي ضِيقٍ يَمْتَنِعُ مَعَهُ أَنْ يَمْتَهِنُوا الْمِسْكَ مَعَ غَلَاءِ ثَمَنِهِ وَتَبِعَهُ بن بَطَّالٍ وَفِي الْمَشَارِقِ أَنَّ أَكْثَرَ الرِّوَايَاتِ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَرَجَّحَ النَّوَوِيُّ الْكَسْرَ وَأَنَّ الْمَقْصُودَ التَّطَيُّبُ وَدفع الرَّائِحَة الكريهة وَمَا استبعده بن قُتَيْبَة من

الْمَشْهُور المع فِي رِوَايَةِ الْحَدِيثِ وَالْمُسْتَفِيضُ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ وَالْفُقَهَاءِ وَغَيْرِهِمْ وَمَعْنَاهُ أُحْكِمُ فَتْلَ

شعري وَقَالَ الامام بن بَرِّيٍّ فِي الْجُزْءِ الَّذِي صَنَّفَهُ فِي لَحْنِ الْفُقَهَاءِ إِنَّهُ لَحْنٌ وَصَوَابُهُ ضَمُّ الضَّادِ

وَالْفَاءِ جَمْعُ ضَفِيرَةٍ كَسَفِينَةٍ وَسُفُنٍ وَلَيْسَ كَمَا زَعَمَهُ بَلِ الصَّوَابُ بِجَوَازِ الْأَمْرَيْنِ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا معنى

صَحِيحٌ وَيَتَرَجَّحُ الْأَوَّلُ لِكَوْنِهِ الْمَرْوِيَّ الْمَسْمُوعَ فِي الرِّوَايَات الثَّابِتَة الْمُتَّصِلَة

امْتِهَانِ الْمِسْكِ لَيْسَ بِبَعِيدٍ لِمَا عُرِفَ مِنْ شَأْنِ أَهْلِ الْحِجَازِ مِنْ كَثْرَةِ اسْتِعْمَالِ الطِّيبِ وَقَدْ يَكُونُ الْمَأْمُورُ بِهِ مَنْ يَقْدِرُ عَلَيْهِ قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ وَيُقَوِّي ذَلِكَ مَا فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ حَيْثُ وَقَعَ عِنْدَهُ مِنْ ذَرِيرَةٍ وَقُلْتُ تَتَّبِعِينَ بِهَا أَثَرَ الدَّمِ قَالَ النَّوَوِيُّ الْمُرَادُ بِهِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ الْفَرْجُ وَقَالَ الْمَحَامِلِيُّ

يُسْتَحَبُّ لَهَا أَنْ تُطَيِّبَ كُلَّ مَوْضِعٍ أَصَابَهُ الدَّمُ مِنْ بَدَنِهَا قَالَ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَظَاهر الحَدِيث حجَّة لَهُ قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَيُؤَيِّدهُ رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ فَلَمَّا رَأَيْته يستحى عَلَّمْتُهَا وَقُلْتُ تَبْتَغِي بِهَا مَوَاضِعَ الدَّمِ زَادَ الدَّارِمِيُّ وَهُوَ يَسْمَعُ فَلَا يُنْكِرُ وَقِيلَ الْحِكْمَةُ فِيهِ كَوْنُهُ أَسْرَعَ إِلَى الْحَبَلِ وَضَعَّفَهُ النَّوَوِيُّ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَاخْتَصَّتْ بِهِ الْمُزَوَّجَةُ وَإِطْلَاق الْأَحَادِيث يردهُ [253] بالمنديل بِكَسْر الْمِيم

[260] عَن عبد الله بن دِينَار عَن بن عُمَرَ قَالَ ذَكَرَ عُمَرُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ عَلَى جَعْلِهِ من مُسْند بن عُمَرَ وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ وَالصَّحِيحُ قَوْلُ من قَالَ عَن بن عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ سَأَلَ أَنَّهُ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ أَيْ فِي اللَّيْلِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى إِذا نُودي للصَّلَاة من يَوْم الْجُمُعَة قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ فِي الزَّمَان أَي ابْتِدَاء إِصَابَة الْجَنَابَة اللَّيْلِ تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ ثُمَّ نَمْ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ أَمْرُ اسْتِحْبَابٍ وَقَالَ طَائِفَةٌ بِوُجُوبِهِ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ إِنَّهُ مَنْسُوخٌ وَفِي قَوْلِهِ ثُمَّ نم جناس مصحف محرف وَقَالَ الدَّاودِيّ وبن عَبْدِ الْبَرِّ فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ أَرَادَ اغْسِلْ ذَكَرَكَ وَتَوَضَّأْ وَالْوَاوُ لَا تُرَتِّبُ وَقَدْ أَخْرَجَهُ المُصَنّف فِي الْكُبْرَى وبن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقٍ بِلَفْظِ اغْسِلْ ذَكَرَكَ ثُمَّ تَوَضَّأْ ثُمَّ اُرْقُدْ وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ سَعْدٍ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ يَرْقُدُ الْجُنُبُ قَالَ مَا أُحِبُّ أَنْ يَرْقُدَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ فَإِنِّي أَخْشَى أَنَّهُ يُتَوَفَّى فَلَا يَحْضُرُهُ جِبْرِيلُ وَهُوَ تَصْرِيحٌ بِالْحِكْمَةِ فِيهِ وروى بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَرْقُدَ وَهُوَ جُنُبٌ فَلْيَتَوَضَّأْ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي لَعَلَّهُ تُصَابُ نَفْسُهُ فِي مَنَامِهِ وَعَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ إِذَا أَجْنَبَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ ثمَّ أَرَادَ أَنْ يَنَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ فَإِنَّهُ نِصْفُ الْجَنَابَةِ وَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى أَنَّ الْوُضُوءَ يُخَفِّفُ حَدَثَ الْجَنَابَةِ فَإِنَّهُ يَرْفَعُ الْحَدَثَ عَنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَقَالَ لَيْسَ هَذَا غَرَضُ الْحَدِيثِ وَلَا الْمَفْهُومُ مِنْ جَوَاب سُؤال عمر

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُجَيٍّ بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِ الْجِيمِ وَتَحْتِيَّةٍ تَابِعِيٌّ وَهُوَ أَبُوهُ لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ وَلَا كَلْبٌ وَلَا جُنُبٌ قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْمُرَادُ بِالْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ يَنْزِلُونَ بِالرَّحْمَةِ وَالْبَرَكَةِ لَا الْحَفَظَةُ فَإِنَّهُمْ لَا يُفَارِقُونَ الْجُنُبَ وَلَا غَيْرَهُ وَقِيلَ وَلَمْ يُرِدْ بِالْجُنُبِ مَنْ أَصَابَتْهُ جَنَابَةٌ فَأَخَّرَ الِاغْتِسَالِ إِلَى حُضُورِ الصَّلَاةِ وَلَكِنَّهُ الْجُنُبُ الَّذِي يَتَهَاوَنُ بِالْغُسْلِ وَيَتَّخِذُ تَرْكَهُ عَادَةً لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنَامُ وَهُوَ جُنُبٌ وَيَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ قَالَ وَأَمَّا الْكَلْبُ فَهُوَ أَنْ يُقْتَنَى لِغَيْرِ الصَّيْدِ وَالزَّرْعِ وَالْمَاشِيَةِ وحراسة الدّور قَالَ وَأما الصُّورَة فَهِيَ كل مَا صُوِّرَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْوَاحِ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى جِدَارٍ أَوْ سَقْفٍ أَوْ ثَوْبٍ انْتَهَى قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَفِي تَخْصِيصِهِ الْجُنُبَ بِالْمُتَهَاوِنِ وَالْكَلْبَ بِاَلَّذِي يَحْرُمُ اقْتِنَاؤُهُ نَظَرٌ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَقَالَ فِي شَرْحِ أَبِي دَاوُدَ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ عَامٌّ فِي كُلِّ كَلْبٍ وَأَنَّهُمْ يُمْنَعُونَ مِنَ الْجَمِيعِ لِإِطْلَاقِ الْأَحَادِيثِ وَلِأَنَّ الْجَرْوَ الَّذِي كَانَ فِي بَيْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتَ السَّرِيرِ كَانَ لَهُ فِيهِ عُذْرٌ ظَاهِرٌ فَإِنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَمَعَ هَذَا امْتَنَعَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ دُخُولِ الْبَيْتِ وَعُلِّلَ بِالْجَرْوِ فَلَوْ كَانَ الْعُذْرُ فِي وجود

الْكَلْبِ لَا يَمْنَعَهُمْ لَمْ يَمْتَنِعْ جِبْرِيلُ قَالَ وَقَالَ الْعُلَمَاءُ سَبَبُ امْتِنَاعِهِمْ مِنْ بَيْتٍ فِيهِ كَلْبٌ لِكَثْرَةِ أَكْلِ النَّجَاسَاتِ وَلِأَنَّ بَعْضَهَا يُسَمَّى شَيْطَانًا كَمَا جَاءَ بِهِ الْحَدِيثُ وَالْمَلَائِكَةُ ضِدُّ الشَّيَاطِينِ وَلِقُبْحِ رَائِحَةِ الْكَلْبِ وَالْمَلَائِكَةُ تَكْرَهُ الرَّائِحَةَ الْقَبِيحَةَ وَلِأَنَّهَا مَنْهِيٌّ عَنِ اتِّخَاذِهَا فَعُوقِبَ مُتَّخِذُهَا بِحِرْمَانِهِ دُخُولَ الْمَلَائِكَةِ بَيْتَهُ وَصَلَاتَهَا فِيهِ وَاسْتِغْفَارَهَا لَهُ وَتَبْرِيكَهَا فِي بَيْتِهِ وَدَفْعَهَا أَذَى الشَّيْطَانِ وَسَبَبُ امْتِنَاعِهِمْ عَنْ بَيْتٍ فِيهِ صُورَةٌ كَوْنُهَا مَعْصِيَةً فَاحِشَةً وَفِيهَا مُضَاهَاةٌ لِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى وَبَعْضُهَا فِي صُورَةِ مَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ وَذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ وَالْقَاضِي عِيَاضٌ أَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالصُّورَةِ الَّتِي يَحْرُمُ اتِّخَاذُهَا دُونَ الْمُمْتَهَنَةِ كَاَلَّتِي فِي الْبِسَاطِ وَالْوِسَادَةِ وَنَحْوِهَا قَالَ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ عَامٌّ فِي كُلِّ صُورَةٍ وَأَنَّهُمْ يَمْتَنِعُونَ مِنَ الْجَمِيعِ لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ انْتَهَى وَقَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ وَأَمَّا امْتِنَاعُهُمْ مِنْ دُخُولِ الْبَيْتِ الَّذِي فِيهِ جُنُبٌ إِنْ صَحَّتِ الرِّوَايَةُ فِيهِ فَيَحْتَمِلُ أَنَّ ذَلِكَ لِامْتِنَاعِهِ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْمُبَادَرَةِ إِلَى امْتِثَالِ الْأَمْرِ لَكِنْ فِي هَذَا نَظَرٌ لِأَنَّهُ صَحَّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُؤَخِّرُ الِاغْتِسَالَ وَانْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْفَوْرِ فَالْوَجْهُ مَا قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ وَكَذَا قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ أَرَادَ بِالْجُنُبِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي يَتْرُكُ الِاغْتِسَالَ مِنَ الْجَنَابَةِ عَادَةً فَيَكُونُ أَكْثَرَ أَوْقَاتِهِ جُنُبًا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى قِلَّةِ دِينِهِ وَخُبْثِ بَاطِنِهِ وَحَمَلَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ ذَلِكَ عَلَى مَا إِذَا لَمْ يَتَوَضَّأْ فَبَوَّبَ عَلَيْهِ النَّسَائِيُّ بَابٌ فِي الْجُنُبِ إِذَا لَمْ يَتَوَضَّأْ وَبَوَّبَ عَلَيْهِ الْبَيْهَقِيُّ بَابُ كَرَاهَةِ نَوْمِ الْجُنُبِ مِنْ غَيْرِ وُضُوءٍ انْتَهَى [262] أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَعُودَ تَوَضَّأَ اُخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِالْوُضُوءِ هُنَا فَقِيلَ غَسْلُ الْفَرْجِ فَقَطْ مِمَّا بِهِ

مِنْ أَذًى قَالَ عِيَاضٌ وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ زَادَ الْقُرْطُبِيُّ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ وَيُسْتَدَلُّ عَلَى ذَلِكَ بِأَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ وَرَدَ فِي رِوَايَةٍ فَلْيَغْسِلْ فَرْجَهُ مَكَانَ فَلْيَتَوَضَّأْ وَالثَّانِي أَنَّ الْوَطْءَ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ مَا شُرِعَ لَهُ الْوُضُوءُ فَإِنَّهُ بِأَصْلِ مَشْرُوعِيَّتِهِ لِلْقُرْبِ والعبادات وَالْوَطْء مَا بِهِ الْمَلَاذُّ وَالشَّهَوَاتُ وَهُوَ مِنْ جِنْسِ الْمُبَاحَاتِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مَشْرُوعًا لِأَجْلِ الْوَطْءِ لَشُرِعَ فِي الْوَطْءِ الْمُبْتَدَأِ فَإِنَّهُ مِنْ نَوْعِ الْمُعَادِ وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِمَا يَتَلَطَّخُ بِهِ الذَّكَرُ مِنْ مَاءِ الْفَرْجِ وَالْمَنِيِّ فَإِنَّهُ مِمَّا يُكْرَهُ وَيُسْتَثْقَلُ عَادَةً وَشَرْعًا وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ غَسْلُ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ روى بن أبي شيبَة عَن بن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ غَسَلَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ وَقِيلَ الْمُرَادُ الْوُضُوءُ الشَّرْعِيُّ الْكَامِلُ وَعَلَيْهِ أَصْحَابُنَا لِأَنَّ فِي رِوَايَة بن خُزَيْمَةَ فَلْيَتَوَضَّأْ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ وَادَّعَى الطَّحَاوِيُّ أَنَّ هَذَا مَنْسُوخٌ وَقَالَ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَمَرَ بِهَذَا فِي حَالِ مَا كَانَ الْجُنُبُ لَا يَسْتَطِيعُ ذِكْرَ اللَّهِ حَتَّى يَتَوَضَّأَ فَأَمَرَ بِالْوُضُوءِ لِيُسَمِّيَ عِنْدَ جِمَاعِهِ ثُمَّ رَخَّصَ لَهُمْ أَنْ يَتَكَلَّمُوا بِذِكْرِ اللَّهِ وَهُمْ جُنُبٌ فَارْتَفَعَ ذَلِكَ ثُمَّ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُجَامِعُ ثُمَّ يَعُودُ وَلَا يَتَوَضَّأُ وَيَنَامُ وَلَا يَغْتَسِلُ وَقَالَ فَهَذَا نَاسِخٌ لذَلِك انْتهى وَفِي رِوَايَة بن خُزَيْمَة وبن حِبَّانَ وَالْحَاكِمِ وَالْبَيْهَقِيِّ زِيَادَةٌ

فَإِنَّهُ أَنْشَطُ لِلْعَوْدِ أَيْ إِلَى الْجِمَاعِ وَهُوَ تَصْرِيح بالحكمة فِيهِ [264] كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ هَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ قُدُومِهِ مِنْ سَفَرٍ أَوْ عِنْدَ تَمَامِ الدَّوَرَانِ عَلَيْهِنَّ وَابْتِدَاءِ دَوْرٍ آخَرَ وَيَكُونُ ذَلِكَ عَنْ إِذْنِ صَاحِبَةِ النَّوْبَةِ أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ مَخْصُوصًا بِهِ وَإِلَّا فَوَطْءُ الْمَرْأَةِ فِي نَوْبَةِ ضَرَّتِهَا مَمْنُوعٌ مِنْهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلِمَةَ بِكَسْرِ اللَّامِ هُوَ الْمُرَادِيُّ رَوَى لَهُ الْأَرْبَعَةُ وَلَمْ يَكُنْ يَحْجُبُهُ عَنِ الْقُرْآنِ شَيْءٌ لَيْسَ الْجَنَابَةُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي التَّخْرِيجِ لَيْسَ هُنَا بِمَعْنَى غَيْرِ وَقَالَ الْبَزَّارُ إِنَّهَا بِمَعْنَى إِلَّا وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ بن حِبَّانَ إِلَّا الْجَنَابَةُ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ مَا خلا الْجَنَابَة [267] فَحِدْتُ عَنْهُ أَيْ مِلْتُ إِنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَضَمِّهَا

[268] فَأَهْوَى إِلَيْهِ أَيْ مَالَ [269] فَانْسَلَّ أَيْ ذَهَبَ فِي خفيه

[271] نَاوِلِينِي الْخُمْرَةَ هِيَ بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مَا يُصَلِّي عَلَيْهِ الرَّجُلُ مِنْ حَصِيرٍ وَنَحْوِهِ لَيْسَتْ حَيْضَتُكِ فِي يَدِكِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي إِصْلَاحِ الْأَلْفَاظِ الَّتِي يُصَحِّفُهَا الرُّوَاةُ أَكْثَرُهُمْ يَفْتَحُونَ الْحَاءَ وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ وَالصَّوَابُ حِيضَتُكِ مَكْسُورُ الْحَاءِ لِلِاسْمِ أَوِ الْحَالِ يُرِيدُ لَيْسَتْ نَجَاسَةُ الْمَحِيضِ وَأَذَاهُ فِي يَدِكِ فَأَمَّا الْحَيْضَةُ فَالْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ مِنَ الْحَيْضِ وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَصَوَّبَ الْفَتْحَ لِأَنَّ الْمُرَادَ الدَّمُ وَهُوَ الْحَيْضَةُ بِالْفَتْحِ بِلَا شَكٍّ وَقَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ الظَّاهِرُ وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَةِ لَا مَا قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ [273] فِي حِجْرِ إِحْدَانَا بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا قَالَ فِي النِّهَايَة طرف الثَّوْب الْمُقدم طَامِثٌ بِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ حَائِضٌ وَكَذَا عَارِكٌ وَكَانَ يَأْخُذُ الْعَرْقَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الرَّاءِ الْعَظْمُ الَّذِي أُخِذَ عَنْهُ مُعْظَمُ اللَّحْمِ وَبَقِيَ عَلَيْهِ بَقِيَّةٌ مِنَ اللَّحْمِ فَأَعْتَرِقُ يُقَالُ اعْتَرَقْتَ الْعَظْمَ وَعَرَّقْتَهُ وَتَعَرَّقْتَهُ إِذَا أَخَذْتَ عَنْهُ اللَّحْمَّ بِأَسْنَانِكَ

[283] بَيْنَمَا أَنَا مُضْطَجِعَةٌ بِالرَّفْعِ وَيَجُوزُ النَّصْبُ فِي الْخَمِيلَةِ هِيَ الْقَطِيفَةُ وَكُلُّ ثَوْبٍ لَهُ خَمْلٌ مِنْ أَيٍّ كَانَ فَأَخَذْتُ ثِيَابَ حَيْضَتِي قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ رُوِيَ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ وَجَزَمَ الْخَطَّابِيُّ بِالْكَسْرِ وَرَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَرَجَّحَ الْقُرْطُبِيُّ الْفَتْحَ لِوُرُودِهِ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ بِلَفْظِ حَيْضِي بِغَيْرِ تَاءٍ وَمَعْنَى الْفَتْحِ أَخَذْتُ ثِيَابِي الَّتِي أَلْبَسُهَا وَمَعْنَى الْكَسْرِ أَخَذْتُ ثِيَابِي الَّتِي أَعْدَدْتُهَا لِأَلْبَسَهَا حَالَةَ الْحَيْضِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَفِسْتِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ هُوَ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْفَاءِ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَحِضْتِ يُقَالُ نَفِسَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا حَاضَتْ وَنُفِسَتْ بِضَمِّ النُّونِ مِنَ النِّفَاسِ قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ وَهَذَا قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ لَكِنْ حَكَى أَبُو حَاتِمٍ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ أَنْ يُقَالَ نُفِسَتِ الْمَرْأَةُ فِي الْحَيْضِ وَالْوِلَادَةِ بِضَمِّ النُّونِ فِيهِمَا قَالَ وَقَدْ ثَبَتَ فِي رِوَايَتِنَا بِالْوَجْهَيْنِ فَتْحُ النُّونِ وَضَمُّهَا [284] فِي الشِّعَارِ هُوَ الثَّوْب الَّذِي يَلِي الْجَسَد

طَامِثٌ بِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ حَائِضٌ وَكَذَا عَارِكٌ وَكَانَ يَأْخُذُ الْعَرْقَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الرَّاءِ الْعَظْمُ الَّذِي أُخِذَ عَنْهُ مُعْظَمُ اللَّحْمِ وَبَقِيَ عَلَيْهِ بَقِيَّةٌ مِنَ اللَّحْمِ فَأَعْتَرِقُ يُقَالُ اعْتَرَقْتَ الْعَظْمَ وَعَرَّقْتَهُ وَتَعَرَّقْتَهُ إِذَا أَخَذْتَ عَنْهُ اللَّحْمَّ بِأَسْنَانِكَ

[287] عَنْ حَبِيبٍ مَوْلَى عُرْوَةَ هُوَ تَابِعِيٌّ رَوَى عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ الصِّدِّيقِ وَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَأَبِي دَاوُدَ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَلَهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ حَدِيثٌ آخَرَ عَنْ بُدَيَّةَ وَكَانَ اللَّيْثُ يَقُولُ نَدَبَةَ الْأَوَّلُ بِضَمِّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالْيَاءِ الْمُشَدَّدَةِ وَالثَّانِي بِفَتْحِ النُّونِ وَالدَّالِ بَعْدَهَا بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ ذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي الْأَحْكَامِ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ نَدَبَةُ بِفَتْحِ النُّونِ وَالدَّالِ فَقَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ هُوَ نَدْبَةُ الدَّال سَاكن انْتهى

وَقَالَ بن حَزْمٍ فِي الْمُحَلَّى أَبُو دَاوُدَ يَرْوِي هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ اللَّيْثِ فَقَالَ نَدَبَةُ بِفَتْحِ النُّونِ وَالدَّال وَمَعْمَرُ يَرْوِيهِ وَيَقُولُ نُدْبَةِ بِضَمِّ النُّونِ وَإِسْكَانِ الدَّالِ وَيُونُسُ يَقُولُ بُدَيَّةِ بِالْبَاءِ الْمَضْمُومَةِ وَالدَّالِ الْمَفْتُوحَةِ وَالْيَاءِ الْمُشَدَّدَةِ وَحَكَى الْمِزِّيُّ فِي التَّهْذِيبِ قَوْلًا آخَرَ أَنَّهَا بَدَنَةُ بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا نُونٌ يُبَاشِرُ الْمَرْأَةَ أَيْ يَسْتَمْتِعُ فِي غَيْرِ الْفَرْجِ مُحْتَجِزَةً بِهِ بِالزَّاي أَيْ شَادَّةً لَهُ عَلَى حُجْزَتِهَا وَهُوَ وَسَطُهَا وروى المُصَنّف فِي الْكُبْرَى بِلَفْظ محتجزته [288] وَلَمْ يُجَامِعُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ أَيْ لَمْ يُخَالِطُوهُنَّ فَسَأَلُوا نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن ذَلِك فَأنْزل الله عز وَجل ويسئلونك عَن الْمَحِيض روى بن جَرِيرٍ عَنِ السُّدِّيِّ أَنَّ الَّذِي سَأَلَ أَوَّلًا عَن ذَلِك هُوَ ثَابت بن الدحداح حُتِّيهِ بِالْمُثَنَّاةِ أَيْ حُكِّيهِ ثُمَّ اُقْرُصِيهِ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْقَرْصُ الدَّلْكُ بِأَطْرَافِ الْأَصَابِعِ وَالْأَظْفَارِ مَعَ صَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ حَتَّى يذهب أَثَره

[295] كُنْتُ أَغْسِلُ الْجَنَابَةَ أَيْ أَثَرَ الْجَنَابَةِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَوْ أَطْلَقَ اسْمَ الْجَنَابَةِ عَلَى الْمَنِيِّ مَجَازًا بُقَعَ بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِ الْقَافِ جَمْعُ بُقْعَةٍ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْبُقَعُ اخْتِلَافُ اللونين

الْأَصَابِعِ وَالْأَظْفَارِ مَعَ صَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ حَتَّى يذهب أَثَره

[302] عَنْ أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ واسكان الْحَاء وَفتح الصَّاد الْمُهْمَلَتَيْنِ قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ اسْمُهُا جُذَامَةُ بِالْجِيمِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَتَيْنِ وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ اسْمُهُا آمِنَةُ وَهِيَ أُخْتُ عُكَّاشَةَ بْنِ مِحْصَنٍ الْأَسَدِيِّ أَنَّهَا أَتَتْ بِابْنٍ لَهَا صَغِير قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ لَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَتِهِ وَمَاتَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ صَغِيرٌ فِي حَجْرِهِ بِفَتْحِ الْحَاءِ [302] فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ أَيْ ثَوْبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَأغْرب بن شَعْبَانَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ فَقَالَ الْمُرَادُ بِهِ ثَوْبُ الصَّبِيِّ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ وَلَمْ يَغْسِلْهُ قَالَ الْحافِظُ بن حَجَرٍ ادَّعَى الْأَصِيلِيُّ أَنَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ مُدْرَجَةٌ من كَلَام بن شِهَابٍ رَاوِي الْحَدِيثِ وَأَنَّ الْمَرْفُوعَ انْتَهَى عِنْدَ قَوْلِهِ فَنَضَحَهُ قَالَ وَكَذَلِكَ رَوَى مَعْمَرُ عَنِ بن شهَاب وَكَذَا أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ قَالَ فَرَشَّهُ لَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِك

[304] حَدَّثَنِي أَبُو السَّمْحِ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ لَا أَعْرِفُ اسْمَ أَبِي السَّمْحِ هَذَا وَلَا أَعْرِفُ لَهُ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَالَ الصَّغَانِيُّ فِي الْعُبَابِ لَمْ يُوقَفْ عَلَى اسْمِهِ وَفِي الِاسْتِيعَابِ قِيلَ اسْمُهُ إِيَادُ وَحَدِيثُهُ هَذَا فَرَّقَهُ الْمُصَنِّفُ فِي مَوْضِعَيْنِ وَلَفْظُهُ فِيمَا رَوَاهُ قَالَ كُنْتُ أَخْدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَغْتَسِلَ قَالَ وَلِّنِي قَفَاكَ فَأَوَّلِيهِ قَفَايَ فَأَسْتُرُهُ بِهِ فَأَتَى حَسَنٌ أَوْ حُسَيْنٌ فَبَالَ عَلَى صَدْرِهِ فَجِئْتُ أَغْسِلُهُ فَقَالَ يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الْجَارِيَةِ وَيُرَشُّ مِنْ بَوْلِ الْغُلَامِ قَالَ الْبَزَّارُ لَا يُعْلَمُ حَدِيثُ أَبِي السَّمْحِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا بِهَذَا الْحَدِيثِ وَلَيْسَ لَهُ إِسْنَادٌ إِلَّا هَذَا وَلَا نَحْفَظُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عبد الرَّحْمَن بن مهْدي [305] أَنَّ أُنَاسًا مِنْ عُكْلٍ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي بعده من عرينة فَزعم الدَّاودِيّ وبن التِّينِ أَنَّ عُرَيْنَةَ هُمْ عُكْلٌ قَالَ الْحافِظُ بن حَجَرٍ وَهُوَ غَلَطٌ بَلْ هُمَا قَبِيلَتَانِ مُتَغَايِرَتَانِ عُكْلٌ مِنْ عَدْنَانَ وَعُرَيْنَةُ مِنْ قَحْطَانَ وَعُكْلٌ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْكَافِ قَبِيلَةٌ مِنْ تَيْمِ الرَّبَابِ وَعُرَيْنَةُ بِالْعَيْنِ وَالرَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَالنُّونِ مُصَغَّرًا حَيٌّ مِنْ قُضَاعَةَ وَحَيٌّ

مِنْ بَجِيلَةَ وَالْمُرَادُ هُنَا الثَّانِي كَذَا ذَكَرَهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فِي الْمَغَازِي وَالْبُخَارِيُّ فِي الطَّهَارَةِ مِنْ عُكْلٍ أَوْ عُرَيْنَةَ عَلَى الشَّكِّ وَفِي الْمَغَازِي مِنْ عُكْلٍ وَعُرَيْنَةَ بِوَاوِ الْعَطْفِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ وَالطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانُوا أَرْبَعَةً مِنْ عُرَيْنَةَ وَثَلَاثَةً مِنْ عُكْلٍ وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي الْجِهَادِ وَفِي الدِّيَاتِ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَهْطًا مِنْ عُكْلٍ ثَمَانِيَةً لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الثَّامِنُ مِنْ غَيْرِ الْقَبِيلَتَيْنِ أَوْ كَانَ مِنْ أَتْبَاعِهِمْ فَلَمْ يُنْسَبْ ذَكَرَ بن إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي أَنَّ قُدُومَهُمْ كَانَ بَعْدَ غَزْوَةِ ذِي قَرَدٍ وَكَانَتْ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ سِتٍّ فَأَمَرَ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم بذود قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ اللَّامُ زَائِدَةً أَوْ لِلتَّعْلِيلِ أَوْ لِشِبْهِ الْمِلْكِ أَوْ الِاخْتِصَاصِ وَلَيْسَتْ لِلتَّمْلِيكِ انْتَهَى وَالذَّوْدُ بِمُعْجَمَةٍ أَوَّلَهُ وَمُهْمَلَةٍ آخِرَهُ مِنَ الْإِبِلِ مَا بَيْنَ الثِّنْتَيْنِ إِلَى التِّسْعِ وَقِيلَ مَا بَيْنَ الثَّلَاثِ إِلَى الْعَشْرِ وَاللَّفْظَةُ مُؤَنَّثَةٌ وَلَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا كَالنَّعَمِ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الذَّوْدُ مِنَ الْإِنَاثِ دُونَ الذُّكُورِ وَرَاعٍ اسْمُهُ يَسَارُ بِتَحْتِيَّةٍ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ خَفِيفَة وَذكر بن إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي قَالَ وَكَانَ غُلَامًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَابَهُ فِي غَزْوَةِ بَنِي ثَعْلَبَةَ فَرَآهُ يُحْسِنُ الصَّلَاةَ فَأَعْتَقَهُ وَبَعَثَهُ فِي لِقَاحٍ لَهُ بِالْحَرَّةِ فَكَانَ بِهَا وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ مَوْصُولا

مِنْ حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ مِنَ السَّوْقِ وَهُوَ السَّيْرُ الْعَنِيفُ فَبَعَثَ الطَّلَبَ فِي آثَارِهِمْ لِمُسْلِمٍ أَنَّ الْمَبْعُوثِينَ شَبَابٌ مِنَ الْأَنْصَارِ قَرِيبٌ مِنْ عِشْرِينَ رَجُلًا وَبَعَثَ مَعَهُمْ قَائِفًا يَقْتَصُّ آثَارَهُمْ وَلِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ بَعَثَ خَيْلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَمِيرُهُمْ كُرْزُ بْنُ جَابِرٍ الْفِهْرِيُّ وَفِي مَغَازِي الْوَاقِدِيِّ أَنَّ السَّرِيَّةَ كَانَتْ عِشْرِينَ رَجُلًا وَلَمْ يَقُلْ مِنَ الْأَنْصَارِ بَلْ سَمَّى مِنْهُمْ جَمَاعَةً مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مِنْهُمْ بُرَيْدَةُ بْنُ الْحُصَيْبِ وَسَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ الْأَسْلَمِيَّانِ وَجُنْدُبُ وَرَافِعُ بْنُ مُلَيْبٍ الْجُهَنِيَّانِ وَأَبُو ذَرٍّ وَأَبُو رُهْمٍ الْغِفَارِيَّانِ وَبِلَالُ بْنُ الْحَرْث وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِّيَانِ وَغَيْرُهُمْ وَفِي مَغَازِي مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ أَنَّ أَمِيرَ هَذِهِ السَّرِيَّةِ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ وَذَكَرَ غَيْرُهُ أَنَّهُ سَعْدُ بْنُ زَيْدٍ الْأَشْهَلِيِّ وَهُوَ أَنْصَارِي قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ رَأْسَ الْأَنْصَارِ وَكَانَ كُرْزُ أَمِيرَ الْجَمَاعَةِ فَسَمَرُوا أَعْيُنَهُمْ بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ أَيْ فَكَحَّلُوهَا بِمَسَامِيرَ مُحْمَاةٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي رِوَايَة البُخَارِيّ [306] فاجتووا الْمَدِينَة قَالَ بن فَارِسٍ اجْتَوَيْتُ الْبَلَدَ إِذَا كَرِهْتُ الْمُقَامَ فِيهِ وَإِنْ كُنْتُ فِي نِعْمَةٍ وَقَيَّدَهُ الْخَطَّابِيُّ بِمَا إِذَا تَضَرَّرَ بِالْإِقَامَةِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِهَذِهِ الْقِصَّةِ وَقَالَ الْقَزَّازُ اجْتَوَوْا أَيْ لَمْ يُوَافِقَهُمْ طَعَامُهَا وَقَالَ بن الْعَرَبِيِّ الْجَوَى دَاءٌ يَأْخُذُ مِنَ الْوَبَاءِ لِقَاحٍ بِلَامٍ مَكْسُورَةٍ وَقَافٍ

وَحَاءٍ مُهْمَلَةٍ النُّوقُ ذَوَاتُ الْأَلْبَانِ وَاحِدُهَا لِقْحَةٌ بِكَسْرِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ إِلَى ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ ثُمَّ هِيَ لبون لَهُ قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ ظَاهِرُهُ أَنَّ اللِّقَاحَ كَانَتْ مِلْكًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي رِوَايَةٍ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَأْتُوا إِبِلَ الصَّدَقَةِ قَالَ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَنَّ إِبِلَ الصَّدَقَةِ كَانَتْ تَرْعَى خَارِجَ الْمَدِينَةِ وَصَادَفَ بَعْثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلِقَاحِهِ إِلَى الْمَرْعَى وَطَلَبَ هَؤُلَاءِ الْخُرُوجَ إِلَى الصَّحْرَاءِ لِشُرْبِ أَلْبَانِ الْإِبِلِ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا مَعَ رَاعِيهِ فَخَرَجُوا مَعَهُ إِلَى الْإِبِلِ وَذكر بن سَعْدٍ أَنَّ عَدَدَ لِقَاحِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم كَانَت خَمْسَة عشرةوانهم نَحَرُوا مِنْهَا وَاحِدَةً يُقَالُ لَهَا الْحَسْنَاءُ وَأَمَرَهُمْ أَن يشْربُوا من أَلْبَانهَا وَأَبْوَالهَا قَالَ بن سَيِّدِ النَّاسِ أَلْبَانُ الْإِبِلِ وَأَبْوَالُهَا تَدْخُلُ فِي عِلَاجِ بَعْضِ أَنْوَاعِ الِاسْتِسْقَاءِ لَا سِيَّمَا إِبِلُ الْبَادِيَة الَّتِي ترعى الشيح والقيصوم [307] وَمَلَأٌ مِنْ قُرَيْشٍ جُلُوسٌ هُمُ السَّبْعَةُ الْمَدْعُوُّ عَلَيْهِمْ بَعْدُ بَيَّنَهُ الْبَزَّارُ فِي رِوَايَتِهِ وَقَدْ نَحَرَ جَزُورًا بِفَتْحِ الْجِيمِ وَهُوَ الْبَعِيرُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى إِلَّا أَنَّ اللَّفْظَةَ مُؤَنَّثَةٌ تَقُولُ هَذِهِ الْجَزُورُ وَإِنْ أَرَدْتَ ذَكِّرْهُ قَالَهُ فِي النِّهَايَةِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ أَبُو جَهْلٍ بَيَّنَهُ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ الْفَرْثُ بِالْمُثَلَّثَةِ اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ أَيْ بِإِهْلَاكِ قُرَيْشٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ زَادَ مُسْلِمٌ وَكَانَ إِذَا دَعَا دَعَا ثَلَاثًا وَإِذَا سَأَلَ سَأَلَ ثَلَاثًا اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِأَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيطٍ حَتَّى عَدَّ سَبْعَةً الثَّلَاثَةُ الْبَاقِيَةُ الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَلَدُ الْمُسَمَّى فِي رِوَايَةِ الْمُصَنِّفِ وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ وَعِمَارَةُ بْنُ الْوَلِيدِ فِي قَلِيبِ بِفَتْحِ الْقَافِ آخِرُهُ بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ وَهِيَ الْبِئْرُ الَّتِي لَمْ تُطْوَ وَقِيلَ الْعَادِيَةُ الْقَدِيمَةُ الَّتِي لَا يعرف صَاحبهَا

[309] إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلَا يَبْزُقُ بَيْنَ يَدَيْهِ زَادَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجهه قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ هُوَ كَلَامٌ خَرَجَ عَلَى التَّعْظِيمِ لِشَأْنِ الْقِبْلَةِ وَلَا عَنْ يَمِينِهِ زَادَ الْبُخَارِيُّ فَإِنَّ عَنْ يَمِينِهِ مَلَكًا وَلِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ فَإِنَّ عَنْ يَمِينِهِ كَاتِبُ الْحَسَنَاتِ وَلِلطَّبَرَانِيِّ فَإِنَّهُ يَقُومُ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَلَكٌ عَنْ يَمِينِهِ وَقَرِينُهُ عَنْ يَسَارِهِ [310] خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَاره قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ يُقَالُ أَنَّهُ كَانَ فِي غَزَاةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ بِالْبَيْدَاءِ هِي الشَّرَفُ الَّذِي قُدَّامَ ذِي الْحُلَيْفَةِ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ أَوْ ذَاتِ الْجَيْش هِيَ

بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ وَهِيَ الْبِئْرُ الَّتِي لَمْ تُطْوَ وَقِيلَ الْعَادِيَةُ الْقَدِيمَةُ الَّتِي لَا يُعْرَفُ صَاحِبُهَا

عَلَى بَرِيدٍ مِنَ الْمَدِينَةِ عِقْدٌ بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ كُلُّ مَا يُعْقَدُ وَيُطُوَّقُ فِي الْعُنُقِ عَلَى الْتِمَاسِهِ أَيْ لِأَجْلِ طَلَبِهِ يَطْعُنُ بِيَدِهِ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَذَا جَمِيعُ مَا هُوَ حِسِّيٌ وَأما الْمَعْنَوِيّ فَيُقَال يطعن بِالْفَتْح هَذَا هُوَ الْمَشْهُورِ فِيهِمَا وَحُكِيَ الْفَتْحُ فِيهِمَا مَعًا وَالضَّمُ فيهمَا مَعًا أسيد بْنُ حُضَيْرٍ بِالتَّصْغِيرِ فِيهِمَا وَحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَضَادٍ مُعْجَمَةٍ وَمِنَ النَّوَادِرِ مَا فِي تَارِيخِ الْأَنْدَلُسِ عَنْ أَصْبَغَ بْنِ خَلِيلٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِنِّمَا هُوَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ تَصْغِيرُ خِضْرٍ فَذُكِرَ ذَلِك لبَعض الْعلمَاء فَقَالَ مِسْكين أصبغ يخطىء

ويفسر مَا هِيَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ أَيْ هِيَ مَسْبُوقَةٌ بِغَيرِهَا مِنَ الْبَرَكَاتِ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ الْمُرَادُ بِآلِهِ نَفسه وَآله وَأَتْبَاعَهُ فَبَعَثْنَا الْبَعِيرَ أَيْ أَثَرْنَاهُ الَّذِي كُنْتُ عَلَيْهِ أَي حَالَة السّير [311] عَلَى أَبِي جُهَيْمٍ بِالتَّصْغِيرِ الْحَارِثِ كَذَا قَالَ طَائِفَةٌ إِنَّ اسْمَهُ الْحَارِثُ وَصَحَّحَ أَبُو حَاتِمٍ أَنَّ الْحَارِثَ اسْمُ أَبِيهِ لَا اسْمُهُ وَأَنَّ اسْمه عبد الله بن الصِّمَّةَ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ مِنْ نَحْوِ بِئْرِ الْجَمَلِ أَيْ مِنْ جِهَةِ الْمَوْضِعِ الَّذِي يُعْرَفُ بِذَلِكَ وَهُوَ مَعْرُوفٌ بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ بِفَتْحِ الْجِيم وَالْمِيم وَفِي رِوَايَة الْبُخَارِيِّ بِئْرُ جَمَلٍ وَلَقِيَهُ رَجُلٌ وَهُوَ أَبُو جُهَيْمٍ الرَّاوِيُّ بَيَّنَهُ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَتِهِ حَتَّى أَقْبَلَ عَلَى الْجِدَارِ زَادَ الشَّافِعِيُّ فَحَتَّهُ بِعَصًا

[314] مِنْ جَزْعٍ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الزَّاي الْخَرَزُ الْيَمَانِيُّ وَاحِدُهُ جَزْعَةٌ ظَفَارِ هِيَ مَدِينَةٌ بِالْيَمَنِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْكَسْرِ كَقَطَامِ وَرُوِيَ أَظْفَارٌ بِالْهَمْزَةِ وَخَطأَهُ صَاحب النِّهَايَة [321] أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ وَلَا مَاءَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ أَيْ معي مَوْجُود

أَتَتَوَضَّأُ بِتَاءَيْنِ مُثَّنَاتَيْنِ مِنْ فَوْقَ قَالَ النَّوَوِيُّ وَصَحَّفَهُ بَعْضُهُمْ بِالنُّونِ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ بِضَمِّ

الْمُوَحَّدَةِ وَإِعْجَامِ الضَّادِ وَفِي الْأَشْهَرِ قِيلَ هُوَ اسْم لصَاحب الْبِئْر وَقيل لموضعها

[348] لَا نُرَى إِلَّا الْحَجَّ بِضَمِّ النُّونِ أَيْ لَا نَظُنُّ فَلَمَّا كُنَّا بِسَرِفَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَفَاءٍ مَوْضِعٌ قَرِيبٌ مِنْ مَكَّةَ بَيْنَهُمَا نَحْوُ عَشْرَةِ أَمْيَالٍ وَهُوَ مَمْنُوعُ الصَّرْفِ وَقَدْ يُصْرَفُ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَن بن مَسْعُودٍ قَالَ كَانَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ يُصَلُّونَ جَمِيعًا فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ تَتَشَرَّفُ لِلرَّجُلِ فَأَلْقَى اللَّهُ عَلَيْهِنَّ الْحَيْضَ وَمَنَعَهُنَّ الْمَسَاجِدَ قَالَ الرَّاوِي لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ حَدِيثِ الْبَابِ فَإِنَّ نِسَاءَ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ فَعَلَى هَذَا قَوْلُهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ عَام أُرِيد بِهِ الْخُصُوص قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ مَعَ الْقَوْلِ بِالتَّعْمِيمِ بِأَنَّ الَّذِي أُلْقِيَ عَلَى نِسَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ طُولُ مُكْثِهِ بِهِنَّ عُقُوبَةً لَهُنَّ لَا ابْتِدَاءَ وُجُودِهِ وَقد روى بن جرير وَغَيره عَن بن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فِي قِصَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَامْرَأَته قَائِمَة فَضَحكت أَيْ حَاضَتْ وَالْقِصَّةُ مُتَقَدِّمَةٌ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِلَا ريب وروى بن الْمُنْذر وَالْحَاكِم بِسَنَد صَحِيح عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْحَيْضِ كَانَ عَلَى حَوَّاءَ بعد ان

أهبطت من الْجنَّة وَاسْتَثْفِرِي هُوَ أَنْ تَشُدَّ فَرْجَهَا بِخِرْقَةٍ عَرِيضَةٍ بَعْدَ أَنْ تَحْشِي قُطْنًا وَتُوثِقُ طَرَفَيْهَا فِي شَيْءٍ تَشُدُّهُ عَلَى وَسَطِهَا فَتَمْنَعُ بِذَلِكَ سَيْلَ الدَّمِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ ثُفْرِ الدَّابَّةِ بِالْمُثَلَّثَةِ الَّذِي

يَجْعَل تَحت ذنبها فَتَمَعَّرَ بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ أَيْ تَغَيَّرَ فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمَا فَرَدَّهُمَا فَسَقَاهُمَا زَادَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ وَقَالَ لَهُمَا قَوْلَا اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ فَإِنَّهُمَا بِيَدِكَ لَا يَمْلِكُهُمَا أَحَدٌ

غَيْرك الْعَوَاتِقُ جَمْعُ عَاتِقٍ وَهِيَ مَنْ بَلَغَتِ الْحُلُمَ أَوْ قَارَبَتْ أَوِ اسْتَحَقَّتِ التَّزْوِيجَ أَوْ هِيَ الْكَرِيمَةُ عَلَى أَهْلِهَا أَوِ الَّتِي عُتِقَتْ عَنْ الِامْتِهَانِ فِي الْخُرُوجِ لِلْخِدْمَةِ وَذَوَاتُ الْخُدُورِ بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ جَمْعُ خِدْرٍ بِكَسْرِهَا وَسُكُونِ الدَّالِ وَهُوَ سِتْرٌ فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ تقعد الْبكر

وَرَاءه [395] أَبُو الْمِقْدَام ثَابت الْحداد عَن عدي بن دِينَارٍ لَيْسَ لَهُمَا فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ سِوَى هَذَا

الْحَدِيثِ حُكِّيهِ بِضِلَعٍ بِكَسْرِ الضَّادِ وَفَتْحِ اللَّامِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ بِعُودٍ وَالْأَصْلُ فِيهِ ضِلَعُ الْحَيَوَانِ يُسَمَّى بِهِ الْعُودُ الَّذِي يُشْبِهُهُ وَقَدْ تُسَكَّنُ اللَّامُ تَخْفِيفًا وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ هَكَذَا رَوَاهُ الثِّقَاتُ بِكَسْرِ الضَّادِ وَفَتْحِ اللَّامِ فَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن بن الْأَعْرَابِيِّ أَنَّهُ قَالَ الضِّلَعُ الْعُودُ هُنَا قَالَ الْأَزْهَرِيُّ أَصْلُ الضِّلَعِ ضِلَعُ الْجَنْبِ وَقِيلَ لِلْعُودِ الَّذِي فِيهِ عَرْضٌ وَاعْوِجَاجٌ ضِلَعٌ تَشْبِيهًا بِهِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي الْإِمَامِ أَنَّهُ وَجَدَهُ بِخَطِّهِ فِي رِوَايَتِهِ من جِهَة بن حَيْوَةَ عَنِ النَّسَائِيِّ بِصِلَعٍ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَفِي الْحَاشِيَةِ الصِّلَعُ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ الْحَجَرُ قَالَ وَقَعَ فِي مَوْقِعٍ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَلَعَلَّهُ تَصْحِيفٌ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى يَقْتَضِي تَخْصِيصَ الضِّلَعِ وَأَمَّا الْحَجَرُ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُحْمَلَ ذِكْرُهُ عَلَى غَلَبَةِ الْوُجُودِ وَاسْتِعْمَالِهِ فِي الْحَكِّ انْتَهَى قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ فَإِنَّهُ خِلَافُ الْمَعْرُوفِ فِي الرِّوَايَةِ وَالْمَضْبُوطِ فِي الْأُصُولِ ثُمَّ إِنَّ الْحَجَرَ يُقَالُ لَهُ الصُّلَّعُ بِضَمِّ الصَّادِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ الْمَفْتُوحَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَزْهَرِيُّ وَالْجَوْهَرِيُّ وبن سيدة وَضَبطه بن سيدالناس فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ اللَّامِ قَالَ وَهُوَ عِنْدَهُمُ الْحَجَرُ قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ وَلَمْ أَجِدْ لَهُ سَلَفًا فِي هَذَا الضَّبْطِ انْتَهَى وَذَكَرَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي الْأَحْكَامِ هَذَا الْحَدِيثَ وَقَالَ الْأَحَادِيثُ الصِّحَاحُ لَيْسَ فِيهَا ذكر الضلع والسدر قَالَ بن الْقَطَّانِ وَذَلِكَ غَيْرُ قَادِحٍ فِي صِحَّةِ هَذَا الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ وَلَا نَعْلَمُهُ رُوِيَ بِغَيْرِ هَذَا الْإِسْنَادِ وَلَا عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ فَلَا اضْطِرَابَ

فِي سَنَدِهِ وَلَا فِي مَتْنِهِ وَلَا نَعْلَمُ لَهُ عِلّة انْتهى [406] يَغْتَسِلُ بِالْبَرَازِ بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ الْفَضَاءُ الْوَاسِعُ حَيِيٌّ سَتِيرٌ بِوَزْنِ رَحِيمٍ قَالَ فِي النِّهَايَةِ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٌ أَيْ مِنْ شَأْنِهِ وإرادته حب السّتْر والصون

[409] خر عَلَيْهِ أَي سقط من علو

[424] دَعَا بِشَيْءٍ نَحْوَ الْحِلَابِ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ إِنَاءٌ يُحْلَبُ فِيهِ الْغَنَمُ كَالْمِحْلَبِ سَوَاءٌ قَالَهُ أَصْحَابُ الْمَعَانِي فِيمَا نَقَلَهُ الْأَزْهَرِيُّ قَالَ يَعْنُونَ أَنَّهُ كَانَ يَغْتَسِلُ فِي ذَلِكَ الْحِلَابِ أَيْ يَضَعُ فِيهِ الْمَاءَ الَّذِي يَغْتَسِلُ مِنْهُ وَصَحَّفَهُ بَعضهم بِالْجِيم

[431] يَنْضَخُ طِيبًا قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ يَفُوحُ رُوِيَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَقِيلَ بِالْمُعْجَمَةِ أَكْثَرُ مِنَ الَّذِي بِالْمُهْمَلَةِ وَقِيلَ عَكْسُهُ وَقِيلَ هُوَ بِالْمُعْجَمَةِ مَا فُعِلَ تَعَمُّدًا وَبِالْمُهْمَلَةِ مِنْ غَيْرِ تَعَمُّدٍ وَقِيلَ بِالْمُعْجَمَةِ مَا ثَخُنَ مِنَ الطِّيبِ وَبِالْمُهْمَلَةِ مَا رَقَّ كَالْمَاءِ وَقِيلَ هُمَا سَوَاء [432] حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ حَدَّثَنَا سَيَّارٌ عَنْ يَزِيدَ الْفَقِيرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ الْحافِظُ بن حَجَرٍ مَدَارُ حَدِيثِ جَابِرٍ هَذَا عَلَى هُشَيْمٍ بِهَذَا الْإِسْنَاد وَله شَوَاهِد من حَدِيث بن عَبَّاس وَأبي مُوسَى وَأبي ذَر وبن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَوَاهَا كُلَّهَا أَحْمَدُ بأسانيد جِيَاد وَيزِيد هُوَ بن صُهَيْب لقب الْفَقِير لِأَنَّهُ

شكى فَقَارَ ظَهْرِهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُعْطِيتُ خَمْسًا بَيَّنَ فِي رِوَايَة بن عُمَرَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ زَادَ الْبُخَارِيُّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ قبلي زَاد فِي حَدِيث بن عَبَّاس لَا أقولهن فخرا قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَمْ يُخَصَّ بِغَيْرِ الْخَمْسِ لَكِنْ وَرَدَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ وَوَرَدَتْ أَحَادِيثُ أُخَرُ بِخَصَائِصَ أُخْرَى وَطَرِيقُ الْجَمْعِ أَنْ يُقَالَ لَعَلَّهُ اطَّلَعَ أَوَّلًا عَلَى بَعْضِ مَا اخْتُصَّ بِهِ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى الْبَاقِي وَمَنْ لَا يَرَى مَفْهُومَ الْعَدَدِ حُجَّةً يَدْفَعُ هَذَا الْإِشْكَالِ مِنْ أَصْلِهِ ثُمَّ تَتَبَّعَ الْحافِظُ مِنَ الْأَحَادِيثِ خِصَالًا فَبَلَغَتِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ خَصْلَةً ثُمَّ قَالَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُوجَدَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ لِمَنْ أَمْعَنَ التَّتَبُّعَ وَنُقِلَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ النَّيْسَابُورِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي كِتَابِ شَرَفِ الْمُصْطَفَى إِنَّ الْخَصَائِصَ الَّتِي فُضِّلَ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ سِتُّونَ خَصْلَةً قُلْتُ وَقَدْ دَعَانِي ذَلِكَ لَمَّا أَلَّفْتُ التَّعْلِيقَ الَّذِي عَلَى الْبُخَارِيِّ فِي سَنَةِ بِضْعٍ وَسَبْعِينَ وَثَمَانِمِائَةِ إِلَى تَتَبُّعِهَا فَوَجَدْتُ فِي ذَلِكَ شَيْئًا كَثِيرًا فِي الْأَحَادِيثِ وَالْآثَارِ وَكُتُبِ التَّفْسِيرِ وَشُرُوحِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَالْأُصُولِ وَالتَّصَوُّفِ فَأَفْرَدْتُهَا فِي مُؤَلَّفٍ سَمَّيْتُهُ أُنْمُوذَجُ اللَّبِيبِ فِي خَصَائِصِ الْحَبِيبِ وَقَسَّمْتُهَا قِسْمَيْنِ مَا خُصَّ بِهِ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ وَمَا خُصَّ بِهِ عَنِ الْأُمَّةِ وَزَادَتْ عِدَّةُ الْقِسْمَيْنِ عَلَى أَلْفِ خِصِّيصَةٍ وَسَارَ الْمُؤَلَّفُ الْمَذْكُورُ إِلَى أَقَاصِي الْمَغَارِبِ وَالْمَشَارِقِ وَاسْتَفَادَهُ كُلُّ عَالِمٍ وَفَاضِلٍ وَسَرَقَ مِنْهُ كُلَّ مُدَّعٍ وَسَارِقٍ نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ زَادَ أَبُو أُمَامَةَ يُقْذَفُ فِي قُلُوب

أعدائي وَأعْطيت الشَّفَاعَة قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ الْأَقْرَبُ أَنَّ اللَّامَ فِيهَا لِلْعَهْدِ وَالْمُرَادُ الشَّفَاعَةُ الْعُظْمَى فِي إِرَاحَةِ النَّاسِ مِنْ هَوْلِ الْمَوْقِفِ وَلِذَا جَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَقِيلَ الشَّفَاعَةُ الَّتِي اخْتُصَّ بِهَا أَنَّهُ لَا يُرَدُّ فِيمَا يَسْأَلُ وَقِيلَ الشَّفَاعَةُ فِي خُرُوجِ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ هَذِهِ مُرَادَةٌ مَعَ الأولى وَقد وَقع فِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ فَأَخَّرْتُهَا لِأُمَّتِي فَهِيَ لِمَنْ لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا وَفِي حَدِيث بن عُمَرَ فَهِيَ لَكُمْ وَلِمَنْ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّفَاعَةِ الْمُخْتَصَّةِ بِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِخْرَاجُ مَنْ لَيْسَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ إِلَّا التَّوْحِيدَ وَهُوَ مُخْتَصٌّ أَيْضًا بِالشَّفَاعَةِ الْأُولَى لَكِنْ جَاءَ التَّنْوِيهُ بِذِكْرِ هَذِهِ لِأَنَّهَا غَايَةُ الْمَطْلُوبِ مِنْ تِلْكَ لِاقْتِضَائِهَا الرَّاحَةَ الْمُسْتَمِرَّةَ وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا زَاد فِي رِوَايَة بن عُمَرَ وَكَانَ مَنْ قَبْلِي إِنَّمَا كَانُوا يُصَلُّونَ فِي كَنَائِسِهِمْ قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَنْ قَبْلَنَا إِنَّمَا أُبِيحَتْ لَهُمُ الصَّلَوَاتُ فِي أَمَاكِنَ مَخْصُوصَةٍ كَالْبِيَعِ وَالصَّوَامِعِ وَطَهُورًا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَجُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قومه خَاصَّة قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ لَا يُعْتَرَضُ بِأَنَّ نُوحًا كَانَ مَبْعُوثًا إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ بَعْدَ الطُّوفَانِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ إِلَّا مَنْ كَانَ مُؤْمِنًا مَعَهُ وَقَدْ كَانَ مُرْسَلًا إِلَيْهِمْ لِأَنَّ هَذَا الْعُمُومَ لَمْ يَكُنْ فِي أَصْلِ بَعْثَتِهِ وَإِنَّمَا اتَّفَقَ بِالْحَادِثِ الَّذِي وَقَعَ وَهُوَ انْحِصَارُ الْخَلْقِ فِي الْمَوْجُودِينَ بَعْدَ هَلَاكِ سَائِرِ النَّاسِ وَأَمَّا نَبِيُّنَا فَعُمُومُ رِسَالَتِهِ مِنْ أَصْلِ الْبَعْثَةِ فَإِنْ قِيلَ يَدُلُّ عَلَى عُمُومِ بَعْثَةِ نُوحٍ كَوْنُهُ دَعَا عَلَى جَمِيعِ مَنْ فِي الْأَرْضِ فَأُهْلِكُوا بِالْغَرَقِ إِلَّا أَهْلَ السَّفِينَةِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَبْعُوثًا إِلَيْهِمْ لَمَا أُهْلِكُوا لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نبعث رَسُولا وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ أَوَّلُ الرُّسُلِ فَالْجَوَابُ أَنَّ دُعَاءَهُ قَوْمَهُ إِلَى التَّوْحِيدِ بَلَغَ سَائِرَ النَّاسِ لِطُولِ مُدَّتِهِ فَتَمَادَوْا عَلَى الشِّرْكِ فَاسْتَحَقُّوا الْعَذَابَ ذكره بن عَطِيَّة وَقَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّوْحِيدُ عَامًّا فِي بَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ وَإِنْ كَانَ الْتِزَامُ فُرُوعِ شَرِيعَتِهِ لَيْسَ عَامًّا لِأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ قَاتَلَ غَيْرَ قَوْمِهِ عَلَى الشِّرْكِ وَلَوْ لَمْ يَكُنِ التَّوْحِيدُ لَازِمًا لَهُمْ لَمْ يُقَاتِلْهُمْ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْأَرْضِ عِنْدَ إِرْسَالِ نُوحٍ إِلَّا قَوْمَ نُوحٍ فَبَعْثَتُهُ خَاصَّةٌ لِكَوْنِهَا إِلَى قَوْمِهِ فَقَطْ وَهِيَ عَامَّةٌ فِي الصُّورَةِ لِعَدَمِ وُجُودِ غَيْرِهِمْ لَكِنْ لَوِ اتَّفَقَ وُجُودُ غَيْرِهِمْ لَمْ يَكُنْ مَبْعُوثًا إِلَيْهِمْ وَقَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا أَنَّ سُلَيْمَانَ كَانَ يَسِيرُ فِي الْأَرْضِ وَيَأْمُرُ بِالْإِسْلَامِ كَبِلْقِيسَ وَغَيْرِهَا وَيُهَدِّدُهُمْ بِالْقِتَالِ وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى عُمُومِ الرِّسَالَةِ مَعَ أَنَّهُ مَا أُرْسِلَ إِلَّا إِلَى قَوْمِهِ قَالَ وَالْجَوَابُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِنَا فِي رِسَالَتِهِمْ خَاصَّةً أَيْ فِي الْوَاجِبَاتِ وَالْمُحَرَّمَاتِ أَمَّا فِي الْمَنْدُوبَاتِ فَهُمْ مَأْمُورُونَ أَنْ يَأْتُوا بِهَا مُطْلَقًا وَأَمَّا التَّهْدِيدُ بِالْقِتَالِ الَّذِي هُوَ مِنْ خَصَائِصِ الْوَاجِبِ فِي بَادِئِ الرَّأْي فَلَا نَقُولُ إِنَّهُ مِنْ خَصَائِصِهِ بَلِ الْعِقَابُ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ فَأَذِنَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لَهُ بِالْقِتَالِ عَلَى الْمَنْدُوبِ وَلَا يَلْزَمُ اللُّبْسُ لِحُصُولِ الْفَرْقِ بِالْعِقَابِ تَنْبِيهٌ سَقَطَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ الْخَصْلَةُ الْخَامِسَةُ وَهِيَ ثَابِتَةٌ فِي رِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ وَهِيَ وَأُحِلَّتْ لِي الْغَنَائِمُ وَلَمْ تَحِلْ لِنَبِيٍّ قَبْلِي وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدا وَطهُورًا خصْلَة وَاحِدَة لتعلقها بِالْأَرْضِ

[433] مِثْلُ سَهْمِ جَمْعٍ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ لَهُ سَهْمٌ مِنَ الْخَيْرِ جُمِعَ فِيهِ حَظَّانِ وَالْجِيمُ مَفْتُوحَةُ وَقِيلَ أَرَادَ بِالْجَمْعِ الْجَيْشَ أَيْ سَهْمُ الْجَيْشِ مِنَ الْغَنِيمَةِ وَقَالَ غَيْرُهُ سُئِلَ بن وَهْبٍ مَا تَفْسِيرُ جَمْعٍ قَالَ يَعْنِي أَنَّهُ لَهُ أَجْرُ الصَّلَاةِ مَرَّتَيْنِ وَلَمْ يُرِدْ جَمْعَ النَّاسِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَيُؤَيِّدُ هَذَا التَّفْسِيرَ مَا رُوِيَ عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ قَالَ فِي قِصَّةٍ لَهُ إِنَّ لِفَاطِمَةَ ابْنَتِي بَغْلَتِي الشَّهْبَاءَ وَعَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ وَلِابْنِي مُحَمَّدٍ سَهْمَ جَمْعٍ فَقَالَ نصيب رجلَيْنِ

[445] إِذَا أَفْضَى قَالَ الْفُقَهَاءُ الْإِفْضَاءُ لُغَةً الْمَسُّ بِبَطن الْكَفّ

كتاب الصلاة

(كتاب الصَّلَاة) [448] فَأُتِيتُ بِطَسْتٍ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَكَسَرِهَا مَلِيءٍ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ ذَكَرَ عَلَى مَعْنَى الْإِنَاءِ وَالطَّسْتُ مُؤَنَّثَةٌ حِكْمَةً وَإِيمَانًا مَنْصُوبَانِ عَلَى التَّمْيِيزِ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ وَأَمَّا جَعْلُ الْإِيمَانِ وَالْحِكْمَةِ فِي

الْإِنَاءِ وَإِفْرَاغُهُمَا مَعَ أَنَّهُمَا مَعْنَيَانِ وَهَذِهِ صِفَةُ الْأَجْسَامِ فَمَعْنَاهُ أَنَّ الطَّسْتَ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ يَحْصُلُ بِهِ كَمَالُ الْإِيمَانِ وَالْحِكْمَةِ وَزِيَادَتُهُمَا فَسُمِّيَ حِكْمَةً وَإِيمَانًا لِكَوْنِهِ سَبَبًا لَهُمَا وَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ الْمَجَازَاتِ أَوْ أَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّمْثِيلِ أَوْ تُمَثَّلُ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَعَانِي كَمَا تُمَثَّلُ لَهُ أَرْوَاحُ الْأَنْبِيَاءِ الدَّارِجَةِ بِالصُّوَرِ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا إِلَى مَرَاقِّ الْبَطْنِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هِيَ مَا سَفَلَ مِنَ الْبَطن فَمَا تَحْتَهُ من الْمَوَاضِع الَّتِي ترق جُلُودُهَا وَاحِدُهَا مَرَقٌ قَالَهُ الْهَرَوِيُّ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ لَا وَاحِد

لَهَا لَمْ يَعُودُوا آخِرَ مَا عَلَيْهِمْ قَالَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ بِنَصْبِ آخِرِ عَلَى الظَّرْفِ وَرَفْعُهُ على تَقْدِير

ذَلِكَ آخِرُ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ دُخُولِهِ قَالَ وَالرَّفْعُ أَوْجَهُ هُنَّ خَمْسٌ وَهُنَّ خَمْسُونَ الْمُرَادُ هن خمس

عَدَدًا بِاعْتِبَارِ الْفِعْلِ وَخَمْسُونَ اعْتِدَادًا بِاعْتِبَارِ الثَّوَابِ [450] بِبَيْتِ لَحْمٍ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ فَعَرَفْتُ أَنَّهَا مِنَ اللَّهِ صِرَّى قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ حَتْمٌ وَاجِبَةٌ وَعَزِيمَةٌ وَجِدٌّ وَقِيلَ هِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ صَرَّ إِذَا قَطَعَ

وَقِيلَ هِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ أَصْرَرْتُ الشَّيْءَ إِذَا لَزِمْتُهُ فَإِنْ كَانَ مِنْ هَذَا فَهُوَ بِالصَّادِ وَالرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ وَقَالَ أَبُو مُوسَى إِنَّهُ صِرِّيٌّ بِوَزْنِ جِنِّيٌّ وَصَرِّيُّ الْعَزْمِ أَيْ ثَابِتُهُ وَمُسْتَقَرُّهُ وَقَالَ بن فَارِسٍ الْإِصْرَارُ الثَّبَاتُ عَلَى الشَّيْءِ وَالْعَزْمُ عَلَيْهِ يُقَالُ هَذِهِ يَمِينٌ صِرَّى أَيْ جِدٌّ الْمُقْحِمَاتُ أَيِ الذُّنُوبُ الْعِظَامُ الَّتِي تُقْحِمُ أَصْحَابَهَا فِي النَّار أَي تلقيهم فِيهَا حشوته بِالضَّمِّ وَالْكَسْر الامعاء

[455] فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ زَادَ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ إِلَّا الْمَغْرِبَ فَإِنَّهَا كَانَتْ ثَلَاثًا قَالَ الْكَرْمَانِيُّ فَإِنْ قُلْتَ لِمَ انْتَصَبَ رَكْعَتَيْنِ قُلْتُ بِالْحَالِيَّةِ فَإِنْ قُلْتَ مَا حُكْمُ لَفْظِ رَكْعَتَيْنِ الثَّانِي قُلْتُ هُوَ تَكْرَارُ اللَّفْظِ الْأَوَّلِ وَهُمَا بِالْحَقِيقَةِ عِبَارَةٌ عَنْ كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ نَحْوَ مَثْنَى وَذَلِكَ كَالْحُلْوِ الْحَامِضِ الْقَائِمِ مَقَامَ الْمِزِّ فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ وَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ فِي رِوَايَة بن خُزَيْمَة وبن حِبَّانَ فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ زِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ رَكْعَتَانِ تُرِكَتْ صَلَاةُ الْفَجْرِ لِطُولِ الْقِرَاءَةِ وَصَلَاةُ الْمغرب لِأَنَّهَا وتر النَّهَار

[458] جَاءَ رَجُلٌ قِيلَ هُوَ ضَمَّامُ بْنُ ثَعْلَبَةَ ثَائِرَ الرَّأْسِ بِالرَّفْعِ عَلَى الصِّفَةِ وَبِالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ مُنْتَشِرَ الشَّعْرِ نَسْمَعُ بِالنُّونِ الْمَفْتُوحَةِ وَبِالْيَاءِّ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ الْمَضْمُومَةِ لِمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ وَكَذَا وَلَا يُفْهَمُ دَوِيَّ بِفَتْحِ الدَّالِ وَحُكِيَ ضَمُّهَا شِدَّةُ الصَّوْتِ وَبُعْدُهُ فِي الْهَوَاءِ فَإِذَا هُوَ إِذَا لِلْفُجَاءَةِ وَيَجُوزُ فِي يَسْأَلُ الْخَبَرِيَّةُ وَالْحَالِيَّةُ عَنِ الْإِسْلَامِ أَيْ عَنْ شَرَائِعِهِ خَمْسُ صَلَوَاتٍ مَرْفُوعٌ لِأَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ هُوَ إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ يُرِيدُ بِتَشْدِيدِ الطَّاءِ وَتَخْفِيفِهَا وَأَصْلُهُ تَتَطَوَّعُ فَمَنْ شَدَّدَ أَدْغَمَ إِحْدَى التَّاءَيْنِ فِي الطَّاءِ لِقُرْبِ الْمَخْرَجِ وَمَنْ خَفَّفَ حَذَفَ إِحْدَى التَّاءَيْنِ اخْتِصَارًا لِتَخِفَّ الْكَلِمَةُ قَالَ النَّوَوِيّ هُوَ اسْتثِْنَاء

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ زِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ رَكْعَتَانِ تُرِكَتْ صَلَاةُ الْفَجْرِ لِطُولِ الْقِرَاءَة وَصَلَاة الْمغرب لِأَنَّهَا وتر النَّهَار

مُنْقَطِعٌ مَعْنَاهُ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ لَكَ أَنْ تَطَوَّعَ فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ وَاَللَّهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُصُ مِنْهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي التَّنْقِيحِ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ أَخْبَرَ بِفَلَاحِهِ ثُمَّ أَعْقَبَهُ بِالشَّرْطِ الْمُتَأَخِّرِ لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ سَبَبَ فَلَاحِهِ صِدْقُهُ الثَّانِي أَنَّهُ فِعْلٌ مَاضٍ أُرِيدَ بِهِ مُسْتَقْبَلٌ الثَّالِثُ أَنَّهُ تَقَدَّمَ عَلَى حَرْفِ الشَّرْطِ وَالنِّيَّةُ بِهِ التَّأْخِيرُ كَمَا أَنَّ النِّيَّةَ بِقَوْلِهِ إِنْ صَدَقَ التَّقْدِيمُ وَالتَّقْدِيرُ إِنْ صَدَقَ أَفْلَحَ وَقَالَ النَّوَوِيُّ قِيلَ هَذَا الْفَلَاحُ رَاجِعٌ إِلَى قَوْلِهِ لَا أَنْقُصُ خَاصَّةً وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ عَائِدٌ إِلَى الْمَجْمُوعِ يَعْنِي إِذَا لَمْ يَزِدْ وَلَمْ يَنْقُصْ كَانَ مُفْلِحًا لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا عَلَيْهِ وَمَنْ أَتَى بِمَا عَلَيْهِ فَهُوَ مُفْلِحٌ وَلَيْسَ فِي هَذَا أَنَّهُ إِذَا أَتَى بِزَائِدٍ لَا يَكُونُ مُفْلِحًا لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يُعْرَفُ بِالضَّرُورَةِ فَإِنَّهُ إِذَا أَفْلَحَ بِالْوَاجِبِ فَلَأَنْ يُفْلِحَ بِالْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ أَوْلَى قَالَ الْقُرْطُبِيُّ قِيلَ مَعْنَاهُ لَا أُغَيِّرُ الْفُرُوضَ الْمَذْكُورَةَ بِزِيَادَةٍ فِيهَا وَلَا نُقْصَانٍ مِنْهَا وَقَالَ بن الْمُنِيرِ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ وَالنَّقْصُ يَتَعَلَّقُ بِالْإِبْلَاغِ لِأَنَّهُ كَانَ وَافِدَ قَوْمِهِ لِيَتَعَلَّمَ وَيُعَلِّمَهُمْ وَقَالَ الطِّيبِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْكَلَامُ صَدَرَ مِنْهُ عَلَى طَرِيقِ الْمُبَالَغَةِ فِي التَّصْدِيقِ وَالْقَبُولِ أَيْ قَبِلْتُ كَلَامَكَ قَبُولًا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ السُّؤَالِ وَلَا نُقْصَانَ فِيهِ من طَرِيق الْقبُول قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ وَهَذِهِ الِاحْتِمَالَاتُ الثَّلَاثَةُ مَرْدُودَةٌ بِرِوَايَةِ لَا أَتَطَوَّعُ شَيْئًا وَلَا أَنْقُصُ مِمَّا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ شَيْئًا رَوَاهَا الْبُخَارِيُّ فِي الصِّيَامِ قَالَ فَإِنْ قِيلَ فَكَيْفَ أَقَرَّهُ عَلَى حَلِفِهِ وَقَدْ وَرَدَ النَّكِيرُ عَلَى مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَفْعَلَ خَيْرًا أُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ وَالْأَشْخَاصِ وَهَذَا جَارٍ عَلَى

الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا إِثْمَ عَلَى تَارِكِ غَيْرِ الْفَرَائِضِ فَهُوَ مُفْلِحٌ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَكْثَرَ فلاحا مِنْهُ

أَرَأَيْتُمْ أَيْ أَخْبِرُونِي لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِفَتْحِ الْهَاءِ وَسُكُونِهَا مِنْ دَرَنِهِ بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالرَّاء وَنون أَي وسخه [463] أَنَّ الْعَهْدَ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلَاةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ قَالَ الْحافِظُ هُوَ تَوْبِيخٌ لِتَارِكِ الصَّلَاةِ وَتَحْذِيرٌ لَهُ مِنْ كُفْرٍ أَيْ سَيُؤَدِّيهِ ذَلِكَ إِلَيْهِ إِذَا تَهَاوَنَ بِالصَّلَاةِ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَذَا الْكُفْرِ كُفْرًا يُبِيحُ الدَّمَ لَا كُفْرًا يَرُدُّهُ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي الِابْتِدَاء وَقد روى عَن النَّبِي أَنَّهُ جَعَلَ إِقَامَتَهَا مِنْ أَسْبَابِ حَقْنِ الدَّمِ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ قِيلَ هُوَ لِمَنْ تَرَكَهَا جَاحِدًا وَقِيلَ أَرَادَ الْمُنَافِقِينَ لِأَنَّهُمْ يُصَلُّونَ رِيَاءً وَلَا سَبِيلَ عَلَيْهِمْ حِينَئِذٍ وَلَوْ تَرَكُوهَا فِي الظَّاهِرِ كَفَرُوا وَقِيلَ أَرَادَ بِالتَّرْكِ تَرْكَهَا مَعَ الْإِقْرَارِ بِوُجُوبِهَا أَوْ حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا وَلِذَلِكَ ذَهَبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إِلَى أَنَّهُ يَكْفُرُ بذلك حملا للْحَدِيث على الظَّاهِر

[466] إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَلَاتُهُ لَا يُنَافِي حَدِيثَ إِنَّ أَوَّلَ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الدِّمَاءِ لِأَنَّ ذَاكَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَظَالِمِ الْعِبَادِ وَهَذَا فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ كَانَ انْتَقَصَ مِنْهَا شَيْءٌ قَالَ اُنْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ لَهُ مِنْ تَطَوُّعٍ يُكْمِلُ لَهُ مَا ضَيَّعَ مِنْ فَرِيضَةٍ مِنْ تَطَوُّعِهِ ثُمَّ سَائِرُ الْأَعْمَالِ تجرى على حسب ذَلِك قَالَ بن الْعَرَبِيِّ يَحْتَمِلُ أَنْ يُكْمَلَ لَهُ مَا نَقَصَ مِنْ فَرْضِ الصَّلَاةِ وَأَعْدَادِهَا بِفَضْلِ التَّطَوُّعِ وَيَحْتَمِلُ مَا نَقَصَهُ مِنَ الْخُشُوعِ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ لِقَوْلِهِ وَسَائِرُ الْأَعْمَالِ كَذَلِكَ وَلَيْسَ فِي الزَّكَاةِ الأفرض أَوْ فَضْلٌ فَلَمَّا تَكَمَّلَ فَرْضُ الزَّكَاةِ بِفَضْلِهَا كَذَلِكَ الصَّلَاةُ وَفَضْلُ اللَّهِ تَعَالَى أَوْسَعُ وَوَعْدُهُ أَنْفَذُ وَكَرَمُهُ أَعَمُّ وَأَتَمُّ وَفِي أَمَالِي الشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ إِنَّ النَّوَافِلَ مِنَ الصَّلَوَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُكْمَلُ بهَا الْفَرَائِض المعني بذلك أَنَّهَا

الْإِيمَانِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَذَا الْكُفْرِ كُفْرًا يُبِيحُ الدَّمَ لَا كُفْرًا يَرُدُّهُ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي الِابْتِدَاءِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ جَعَلَ إِقَامَتَهَا مِنْ أَسْبَابِ حَقْنِ الدَّمِ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ قِيلَ هُوَ لِمَنْ تَرَكَهَا جَاحِدًا وَقِيلَ أَرَادَ الْمُنَافِقِينَ لِأَنَّهُمْ يُصَلُّونَ رِيَاءً وَلَا سَبِيلَ عَلَيْهِمْ حِينَئِذٍ وَلَوْ تَرَكُوهَا فِي الظَّاهِرِ كَفَرُوا وَقِيلَ أَرَادَ بِالتَّرْكِ تَرْكَهَا مَعَ الْإِقْرَارِ بِوُجُوبِهَا أَوْ حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا وَلِذَلِكَ ذَهَبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إِلَى أَنَّهُ يَكْفُرُ بِذَلِكَ حملا للْحَدِيث على الظَّاهِر

تَجْبُرُ السُّنَنَ الَّتِي فِي الصَّلَوَاتِ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَعْدِلَ شَيْءٌ مِنَ السُّنَنِ وَاجِبًا أَبَدًا إِذْ يَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِكَايَةً عَنِ اللَّهِ تَعَالَى مَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ أَحَدٌ بِمِثْلِ أَدَاءِ مَا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ فَفُضِّلَ الْفَرْضُ عَلَى النَّفْلِ سَوَاءٌ قَلَّ أَوْ كَثُرَ قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا وَإِنْ كَانَ يُعَضِّدُهُ الظَّاهِرُ إِلَّا أَنَّهُ يُشْكِلُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الثَّوَابَ وَالْعِقَابَ مُرَتَّبَانِ عَلَى حَسَبِ الْمَصَالِحِ وَالْمَفَاسِدِ وَلَا يُمْكِننَا أَنْ نَقُولَ إِنَّ ثَمَنَ دِرْهَمٍ مِنَ الزَّكَاةِ الْوَاجِبَةِ تَرْبُو مَصْلَحَتُهُ أَلْفَ دِرْهَمِ تَطَوُّعٍ وَأَنَّ قيام

الدَّهْرِ كُلِّهِ لَا يَعْدِلُ رَكْعَتَيِ الصُّبْحِ هَذَا على خلاف قَوَاعِد الشَّرِيعَة بِالْهَاجِرَةِ هِيَ اشْتِدَادُ الْحَرِّ نِصْفَ النَّهَارِ عَنَزَةٌ هِيَ نِصْفُ الرُّمْحِ أَوْ أَكْبَرُ شَيْئًا وَفِيهَا سِنَان الرمْح

فَآذِنِّي بالمدأي أعلمني [474] مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ حَبِطَ عَمَلُهُ أَيْ بَطل قَالَ بن عَبْدِ السَّلَامِ الْمُرَادُ بِهَذَا تَعْظِيمُ الْمَعْصِيَةِ لَا حَقِيقَة اللَّفْظ وَيكون من مجَاز التَّشْبِيه

[478] مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ رُوِيَ بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّ وُتِرَ بِمَعْنَى سُلِبَ وَهُوَ يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ وَبِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ بِمَعْنَى أُخِذَ فَيَكُونُ أَهْلُهُ هُوَ الْمَفْعُول الَّذِي لم يسم فَاعله

[485] يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ أَيْ تَأْتِي طَائِفَةٌ عَقِبَ طَائِفَةٍ ثُمَّ تَعُودُ الْأُولَى عقب الثَّانِيَة فَقَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ وَإِنَّمَا يَكُونُ التَّعَاقُبُ بَيْنَ طَائِفَتَيْنِ أَو رجلَيْنِ بِأَن يَأْتِي هذامرة وَيَعْقُبُهُ هَذَا وَضَمِيرُ فِيكُمْ لِلْمُصَلِّينَ أَوْ لِمُطْلَقِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْوَاوُ فِي يَتَعَاقَبُونَ عَلَامَةُ الْفَاعِلِ الْمَذْكُورِ الْجَمْعُ عَلَى لُغَةِ أَكَلُونِي الْبَرَاغِيثُ جَزَمَ بِهِ جمَاعَة من الشُّرَّاح وَوَافَقَهُمْ بن مَالِكٍ وَالرَّضِيُّ وَتَعَقَّبَهُ أَبُو حَيَّانَ بِأَنَّ الطَّرِيقَ اخْتَصَرَهَا الرَّاوِي فَقَدْ رَوَاهُ الْبَزَّارُ بِلَفْظِ إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ وَالْمُرَادُ بِهِمُ الْحَفَظَةُ نَقَلَهُ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ عَن الْجُمْهُور وَتردد بن بَرْزَةَ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ الْأَظْهَرُ عِنْدَي أَنَّهُمْ غَيْرُهُمْ

قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ وَيُقَوِّيهِ أَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّ الْحَفَظَةَ يُفَارِقُونَ الْعَبْدَ وَلَا أَنَّ حَفَظَةَ اللَّيْلِ غَيْرُ حَفَظَةِ النَّهَارِ ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فِي رِوَايَةٍ الَّذِينَ كَانُوا وَهِيَ أَوْضَحُ لِشُمُولِهَا لِمَلَائِكَةِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَفِي الْأُولَى اسْتِعْمَالُ لَفْظِ بَاتَ فِي الْإِقَامَةِ مَجَازًا [486] تَفْضُلُ صَلَاةُ الْجَمْعِ عَلَى صَلَاةِ أَحَدِكُمْ وَحْدَهُ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا قَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي حَدِيث بن عمر رَضِي الله عَنهُ بِسبع

وَعِشْرِينَ دَرَجَةً فَقِيلَ الدَّرَجَةُ أَصْغَرُ مِنَ الْجُزْءِ فَكَأَنَّ الْخَمْسَ وَالْعِشْرِينَ إِذَا جُزِّئَتْ دَرَجَاتٍ كَانَتْ سَبْعًا وَعِشْرِينَ وَقِيلَ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَتَبَ فِيهَا أَنَّهَا أَفْضَلُ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا ثُمَّ تَفَضَّلَ بِزِيَادَةِ دَرَجَتَيْنِ وَقِيلَ إِنَّ هَذَا بِحَسَبِ أَحْوَالِ الْمُصَلِّينَ فَمَنْ حَافَظَ عَلَى أَحْوَالِ الْجَمَاعَةِ وَاشْتَدَّتْ عِنَايَتُهُ بِذَلِكَ كَانَ ثَوَابُهُ سَبْعًا وَعِشْرِينَ وَمَنْ نَقَصَ عَنْ ذَلِكَ كَانَ ثَوَابُهُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ وَقِيلَ إِنَّهُ رَاجِعٌ إِلَى أَعْيَانِ الصَّلَاةِ فَيَكُونُ فِي بَعْضِهَا سَبْعًا وَعِشْرِينَ وَفِي بَعْضهَا خمْسا وَعشْرين انْتهى زَاد بن سَيِّدِ النَّاسِ ثُمَّ قِيلَ بَعْدَ ذَلِكَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَخْتَلِفَ بِاخْتِلَافِ الْأَمَاكِنِ بِالْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ قَالَ وَهَلْ هَذِهِ الدَّرَجَاتُ أَوِ الْأَجْزَاءُ بِمَعْنَى الصَّلَوَاتِ فَيَكُونُ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ بِمَثَابَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ أَوْ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ صَلَاةً أَوْ يُقَالُ إِنَّ لَفْظَ الدَّرَجَةِ وَالْجُزْءِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُمَا أَنْ يَكُونَا بِمِقْدَارِ الصَّلَاةِ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ فَفِي حَدِيثٍ لِأَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَعْدِلُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ صَلَاةً مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ رَوَاهُ السَّرَّاجُ وَفِي لَفْظٍ لَهُ صَلَاةٌ مَعَ الْإِمَامِ أَفْضَلُ مِنْ خَمْسَة وَعِشْرِينَ صَلَاةً يُصَلِّيهَا وَحْدَهُ إِسْنَادُهُمَا صَحِيحٌ وَفِي حَدِيث بن مَسْعُودٍ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ صَلَاةً انْتَهَى وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ عَامَّةُ مَنْ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ إِلَّا بن عمر رَضِي الله عَنهُ فَإِنَّهُ قَالَ بِسبع وَعشْرين [488] صَلَّيْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ قَالَ النَّوَوِيُّ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي أَنَّ اسْتِقْبَالَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ كَانَ ثَابِتًا بِالْقُرْآنِ أَمْ بِاجْتِهَادِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي فِي ذَلِكَ وَجْهَيْنِ

لِأَصْحَابِنَا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ كَانَ بِسُنَّةٍ لَا بِقُرْآنٍ وَقَوله بَيت الْمَقْدِسِ فِيهِ لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ إِحْدَاهُمَا فَتْحُ مِيمٍ وَسُكُونُ الْقَافِ وَكَسْرُ الدَّالِ الْمُخَفَّفَةِ وَالثَّانِيَةُ ضَمُّ الْمِيمِ وَفَتْحُ الْقَافِ وَالدَّالِ الْمُشَدَّدَةِ قَالَ الْوَاحِدِيُّ أَمَّا مَنْ شَدَّدَهُ فَمَعْنَاهُ الْمُطَهَّرُ وَأَمَّا مَنْ خَفَّفَهُ فَقَالَ أَبُو عَلَيٍّ الْفَارِسِيُّ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا أَوْ مَكَانًا فَإِنْ كَانَ مَصْدَرًا كَانَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ وَنَحْوِهِ مِنَ الْمَصَادِرِ وَإِنْ كَانَ مَكَانًا فَمَعْنَاهُ بَيْتُ الْمَكَانِ الَّذِي جَعَلَ فِيهِ الطَّهَارَةَ أَوْ بَيْتُ مَكَانِ الطَّهَارَةِ وَتَطْهِيرُهُ إِخْلَاؤُهُ مِنَ الْآثَامِ وَإِبْعَادُهُ مِنْهَا وَقَالَ الزَّجَّاجُ الْبَيْتُ الْمُقَدَّسُ وَالْمُطَهَّرُ

وَبَيْتُ الْمَقْدِسِ أَيِ الْمَكَانُ الَّذِي يُطَّهَّرُ فِيهِ من الذُّنُوب [493] بَيْنَمَا النَّاسُ بِقُبَاءٍ قَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ بِالْمَدِّ وَمَصْرُوفٌ وَمُذَكَّرٌ وَقِيلَ مَقْصُورٌ وَغَيْرُ مَصْرُوفٍ وَمُؤَنَّثٌ مَوْضِعٌ بِقُرْبِ الْمَدِينَةِ مَعْرُوفٌ وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا قَالَ النَّوَوِيُّ رُوِيَ فَاسْتَقْبِلُوهَا بِكَسْرِ الْبَاءِ وَفَتْحِهَا وَالْكَسْرُ أَصَحُّ وَأَشْهَرُ وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ تَمام الْكَلَام بعده

[494] فَقَالَ لَهُ عُرْوَة أما ان جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام قَدْ نَزَلَ فَصَلَّى أَمَامَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بن مَالِكٍ أَمَا حَرْفُ اسْتِفْتَاحٍ بِمَنْزِلَةِ أَلَا وَلَا إِشْكَالَ فِي فَتْحِ هَمْزَةِ أَمَامَ بَلْ فِي كَسْرِهَا لِأَنَّ إِضَافَةَ أَمَامَ مَعْرِفَةٌ وَالْمَوْضِعُ مَوْضِعُ الْحَالِ فَيُوجِبُ جَعْلُهُ نَكِرَةً بِالتَّأْوِيلِ كَغَيْرِهِ مِنَ المعارف الْوَاقِعَة أحوالا كأرسلها العراك

[497] عَنْ خَبَّابٍ بِمُعْجَمَةٍ وَمُوَحَّدَتَيْنِ شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّ الرَّمْضَاءِ هِيَ الرَّمْلُ فَلَمْ يُشْكِنَا قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ شَكَوْنَا إِلَيْهِ حَرَّ الشَّمْسِ وَمَا يُصِيبُ أَقْدَامَهُمْ مِنْهُ إِذَا خَرَجُوا إِلَى صَلَاةِ الظَّهْرِ وَسَأَلُوهُ تَأْخِيرَهَا قَلِيلًا فَلَمْ يُشْكِهِمْ أَيْ لَمْ يُجِبْهُمْ إِلَى ذَلِكَ وَلَمْ يُزِلْ شَكْوَاهُمْ يُقَالُ أَشْكَيْتُ الرَّجُلَ إِذَا أَزَلْتُ شَكْوَاهُ وَإِذَا حَمَلْتُهُ عَلَى الشَّكْوَى قَالَ وَهَذَا الْحَدِيثُ يُذْكَرُ فِي مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ لِأَجْلِ قَوْلِ أَبِي إِسْحَاقَ رِوَايَةً قِيلَ لِأَبِي إِسْحَاقَ فِي تَعْجِيلِهَا قَالَ نَعَمْ وَالْفُقَهَاءُ يَذْكُرُونَهُ فِي السُّجُودِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَضَعُونَ أَطْرَافَ ثِيَابِهِمْ تَحْتَ جِبَاهِهِمْ فِي السُّجُودِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ وَأَنَّهُمْ لَمَّا شَكَوْا إِلَيْهِ مَا يَجِدُونَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يُفْسِحْ لَهُمْ أَنْ يَسْجُدُوا عَلَى أَطْرَافِ ثِيَابِهِمْ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يُؤْمَرَ بِالْإِبْرَادِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُمْ طَلَبُوا زِيَادَةَ تَأْخِيرِ الظُّهْرِ عَلَى وَقْتِ الْإِبْرَادِ فَلَمْ يُجِبْهُمْ إِلَى ذَلِكَ وَقَدْ قَالَ ثَعْلَبٌ فِي قَوْلِهِ فَلَمْ يُشْكِنَا أَيْ لَمْ يُحْوِجْنَا إِلَى الشَّكْوَى وَرَخَّصَ لَنَا فِي الابراد حَكَاهُ عَنهُ

مَوْضِعُ الْحَالِ فَيُوجِبُ جَعْلُهُ نَكِرَةً بِالتَّأْوِيلِ كَغَيْرِهِ من المعارف الْوَاقِعَة أحوالا كارسلها العراك

الْقَاضِي أَبُو الْفَرَجِ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْأَحَادِيثُ كلهَا متواردة على معنى وَاحِد [500] فَأَبْرِدُوا عَنِ الصَّلَاةِ قَالَ الْقَاضِي عَنْ بِمَعْنَى الْبَاءِ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى بِالصَّلَاةِ وَقِيلَ زَائِدَةٌ أَيْ أَبْرِدُوا الصَّلَاةَ يُقَالُ أَبْرَدَ الرَّجُلُ كَذَا إِذَا فَعَلَهُ فِي بَرْدِ النَّهَارِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ أَيْ شِدَّةِ غَلَيَانِهَا وَالْجُمْهُورُ حَمَلُوهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَقِيلَ إِنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ التَّشْبِيهِ وَالتَّقْرِيبِ أَيْ كَأَنَّهُ نَارُ جَهَنَّم فِي الْحر

[503] كَانَ قَدْرُ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرُ فِي الصَّيْفِ ثَلَاثَةُ أَقْدَامٍ إِلَى خَمْسَةِ أَقْدَامٍ وَفِي الشِّتَاءِ خَمْسَةُ أَقْدَامٍ إِلَى سَبْعَةِ أَقْدَامٍ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هِيَ قَدَمُ كُلِّ إِنْسَانٍ عَلَى قَدْرِ قَامَتِهِ وَهَذَا أَمْرٌ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَقَالِيمِ وَالْبِلَادِ لِأَنَّ سَبَبَ طُولِ الظِّلِّ وَقِصَرِهِ هُوَ انْحِطَاطُ الشَّمْسِ وَارْتِفَاعُهَا إِلَى سَمْتِ الرَّأْسِ فَكُلَّمَا كَانَتْ أَعْلَى وَإِلَى مُحَاذَاةِ الرَّأْسِ فِي مَجْرَاهَا أَقْرَبَ كَانَ الظِّلُّ أَقْصَرَ وَيَنْعَكِسُ وَلِذَلِكَ تَرَى ظِلَّ الشِّتَاءِ فِي الْبِلَادِ الشَّمَالِيَّةِ أَبَدًا أَطْوَلَ مِنْ ظِلِّ الصَّيْفِ فِي كل مَوضِع مِنْهَا وَكَانَت صلَاته عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَهُمَا مِنَ الْإِقْلِيمِ الثَّانِي وَيُذْكَرُ أَنَّ الظِّلَّ فِيهِمَا عِنْدَ الِاعْتِدَالِ فِي أَدَارَ وَأَيْلُولَ ثَلَاثَةُ أَقْدَامٍ وَبَعْضُ قَدَمٍ فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ صَلَاتُهُ إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ مُتَأَخِّرَةً عَنِ الْوَقْتِ الْمَعْهُودِ قَبْلَهُ إِلَى أَنْ يَصِيرَ الظِّلُّ خَمْسَةَ أَقْدَامٍ أَوْ خَمْسَةً وَشَيْئًا وَيَكُونُ فِي الشِّتَاءِ أَوَّلُ الْوَقْتِ خَمْسَةُ أَقْدَامٍ وَآخِرُهُ سَبْعَةٌ أَوْ سَبْعَةٌ وَشَيْئًا فَيَنْزِلُ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى هَذَا التَّقْدِير

فِي ذَلِك الاقليم دون سَائِر الأقاليم [505] لَمْ يَظْهَرِ الْفَيْءُ قِيلَ مَعْنَاهُ لَمْ يَزَلْ وَقِيلَ لَمْ يَعْلُ السَّطْحَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى ومعارج عَلَيْهَا يظهرون [506] إِلَى قُبَاءٍ الْأَفْصَحُ فِيهِ الْمَدُّ وَالتَّذْكِيرُ وَالصَّرْفُ وَهُوَ عَلَى نَحْوِ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنَ الْمَدِينَةِ حَيَّةٌ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ حَيَّاتُهَا وُجُودُ حَرِّهَا وَصَفَاءُ لَوْنِهَا قَبْلَ أَنْ يَصْفَرَّ وَيَتَغَيَّرَ أَيْ مُرْتَفِعَةٌ وَالتَّحْلِيقُ الِارْتِفَاعُ وَمِنْهُ حَلَّقَ الطَّائِرُ فِي كَبِدِ السَّمَاءِ أَيْ صَعِدَ وَحَكَى الْأَزْهَرِيُّ عَنْ شَمِرٍ قَالَ تَحْلِيقُ الشَّمْسِ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ ارتفاعها وَمن آخِره انحدارها

[511] تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِ جَلَسَ يَرْقُبُ الْعَصْرَ حَتَّى إِذَا كَانَتْ بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ قِيلَ هُوَ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَظَاهِرِهِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُحَاذِيهَا بِقَرْنَيْهِ عِنْدَ غُرُوبِهَا وَكَذَا عِنْدَ طُلُوعِهَا لِأَنَّ الْكُفَّارَ يَسْجُدُونَ لَهَا حِينَئِذٍ فَيُقَارِنُهَا لِيَكُونَ السَّاجِدُونَ لَهَا فِي صُورَةِ السَّاجِدِينَ لَهُ وَقِيلَ هُوَ عَلَى الْمَجَازِ وَالْمُرَادُ بِقَرْنَيْهِ عُلُوُّهُ وَارْتِفَاعُهُ وَسُلْطَانُهُ وَغَلَبَةُ أَعْوَانِهِ وَسُجُودُ مُطِيعِيهِ مِنَ الْكُفَّارِ لِلشَّمْسِ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ هُوَ تَمْثِيلٌ وَمَعْنَاهُ أَنَّ تَأْخِيرَهَا تَزْيِينُ الشَّيْطَانِ وَمُدَافَعَتُهُ بِهِمْ عَنْ تَعْجِيلِهَا كَمُدَافَعَةِ ذَوَاتِ الْقُرُونِ لِمَا تَدْفَعُهُ قَامَ فَنَقَرَ أَرْبَعًا الْمُرَادُ بِالنَّقْرِ سُرْعَةُ الْحَرَكَاتِ كَنَقْرِ الطَّائِرِ

[512] الَّذِي تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ قَالَ النَّوَوِيُّ رُوِيَ بِنَصْبِ اللَّامَيْنِ وَرَفْعِهِمَا وَالنَّصْبُ هُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ ثَانٍ وَمَنْ رَفَعَ فَعَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ وَمَعْنَاهُ أُنْزِعَ مِنْهُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَهَذَا تَفْسِيرُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَأَمَّا عَلَى رِوَايَةِ النَّصْبِ فَقَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ مَعْنَاهُ نُقِصَ هُوَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ وَسُلِبَهُمْ فَبَقِيَ بِلَا أَهْلٍ وَلَا مَالٍ فَلْيَحْذَرْ مِنْ تَفْوِيتِهَا كَحَذَرِهِ من ذهَاب أَهله وَمَاله وَقَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ مَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالْفِقْهِ أَنَّهُ كَاَلَّذِي يُصَابُ بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ إِصَابَةً يَطْلُبُ بهَا وترا وَالْوتر

[519] حَاجِبُ الشَّمْسِ قِيلَ هُوَ طَرَفُ قُرْصِ الشَّمْسِ الَّذِي يَبْدُو عِنْدَ الطُّلُوعِ وَيَغِيبُ عِنْدَ الْغُرُوبِ وَقِيلَ النَّيَازِكُ الَّتِي تَبْدُو إِذَا كَانَ طُلُوعُهَا وَفِي الصِّحَاحِ حَوَاجِبُ الشَّمْسِ نَوَاحِيهَا ثُمَّ أَبْرَدَ بِالظُّهْرِ وَأَنْعَمَ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ أَطَالَ الا براد وَأَخَّرَ الصَّلَاةَ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ أَنْعَمَ الْفِكْرَ فِي الشَّيْء إِذا أَطَالَ التفكر فِيهِ

[521] أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ خَالِدِ بْنِ نُعَيْمٍ الْحَضْرَمِيِّ عَنِ بْنِ جُبَيْرَةَ قَالَ الْحافِظُ زَكِيُّ الدِّينِ الْمُنْذِرِيُّ هَكَذَا فِي الْأَصْلِ وَهُوَ خَطَأٌ فِي الِاسْمَيْنِ وَالصَّوَابُ خَيْرُ بْنُ نُعَيْمٍ عَنْ أَبِي هُبَيْرَةَ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هُبَيْرَةَ السَّبَائِيُّ قَالَ وَقَدْ ذَكَرَهُمَا عَلَى الصِّحَّةِ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَسَاكِرَ فِي الْأَطْرَافِ بِالْمُخَمَصِ بِمِيمٍ مَضْمُومَةٍ وَخَاءٍ مُعْجَمَةٍ ثُمَّ مِيمٍ مَفْتُوحَتَيْنِ مَوضِع مَعْرُوف

[522] مَا لَمْ يَسْقُطْ ثَوْرُ الشَّفَقِ بِالْمُثَلَّثَةِ أَيِ انْتِشَارُهُ وَثَوَرَانُ حُمْرَتِهِ مِنْ ثَارَ الشَّيْءُ يَثُورُ إِذا انْتَشَر وارتفع

[524] وَكَانَ الْفَيْءُ هُوَ الظِّلُّ بَعْدَ الزَّوَالِ قَدْرَ الشِّرَاكِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ أَحَدُ سُيُورِ النَّعْلِ الَّتِي تَكُونُ عَلَى وَجْهِهَا وَقَدْرُهُ هُنَا لَيْسَ عَلَى مَعْنَى التَّحْدِيدِ وَلَكِنْ زَوَالُ الشَّمْسِ لَا يَبِينُ إِلَّا بِأَقَلَّ مَا يُرَى مِنَ الظِّلِّ وَكَانَ حِينَئِذٍ بِمَكَّةَ هَذَا الْقَدْرُ وَالظِّلُّ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَزْمِنَةِ وَالْأَمْكِنَةِ وَإِنَّمَا يَتَبَيَّنُ ذَلِكَ فِي مِثْلِ مَكَّةَ مِنَ الْبِلَادِ الَّتِي يَقِلُّ فِيهَا الظِّلُّ فَإِذَا كَانَ أَطْوَلُ النَّهَارِ وَاسْتَوَتِ الشَّمْسُ فَوْقَ الْكَعْبَةِ لَمْ يُرَ لِشَيْءٍ مِنْ جَوَانِبِهَا ظِلٌّ فَكُلُّ بَلَدٍ يَكُونُ أَقْرَبَ إِلَى خَطِّ الِاسْتِوَاءِ وَمُعَدَّلُ النَّهَارِ يَكُونُ الظِّلُّ فِيهِ أَقْصَرَ وَكُلَّمَا بَعُدَ عَنْهُمَا إِلَى جِهَةِ الشِّمَالِ يَكُونُ الظِّلُّ فِيهِ أَطْوَلَ الْعَنَقِ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّون وقاف سير سريع

[525] تَدْحَضُ الشَّمْسُ أَيْ تَزُولُ عَنْ وَسَطِ السَّمَاءِ إِلَى جِهَةِ الْمَغْرِبِ كَأَنَّهَا دَحَضَتْ أَيْ زَلَقَتْ

[526] سَطَعَ الْفجْر أَي ارْتَفع

[527] إِذا وَجَبت الشَّمْس أَي سَقَطت

[539] وبيص خَاتمه هُوَ البريق وزنا وَمعنى

[540] لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ قَالَ الطِّيبِيُّ وُضِعَ الْمُضَارِعُ مَوْضِعَ الْمَاضِي لِيُفِيدَ اسْتِمْرَارَ الْعِلْمِ مَا فِي النِّدَاءِ أَيِ الْأَذَانِ وَرُوِيَ بِهَذَا اللَّفْظِ عِنْدَ السَّرَّاجِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ زَادَ أَبُو الشَّيْخِ فِي رِوَايَتِهِ مِنَ الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ اُخْتُلِفَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ هَلْ هُوَ الَّذِي يَلِي الْإِمَامَ أَوْ هُوَ الْمُبَكِّرُ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ أَيْ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنَ الْأَمْرَيْنِ وَالِاسْتِهَامُ الِاقْتِرَاعُ وَلَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي التَّهْجِيرِ أَيِ التَّبْكِيرِ إِلَى الصَّلَوَاتِ قَالَ الْهَرَوِيُّ وَحَمَلَهُ الْخَلِيلُ وَغَيْرُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَقَالُوا الْمُرَادُ الْإِتْيَانُ إِلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ لِأَنَّ التَّهْجِيرَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْهَاجِرَةِ وَهِيَ شِدَّةُ الْحَرِّ نِصْفَ النَّهَارِ وَهُوَ أَوَّلُ وَقْتِ الظُّهْرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ قَالَ بن أَبِي جَمْرَةَ الْمُرَادُ الِاسْتِبَاقُ مَعْنًى لَا حِسًّا لِأَنَّ الْمُسَابَقَةَ عَلَى الْأَقْدَامِ

حِسًّا مُقْتَضَى السُّرْعَةِ فِي الْمَشْيِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ [542] لَا تغلبنكم الْأَعْرَاب على اسْم صَلَاتكُمْ أَلا إِنَّهَا الْعِشَاءُ قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ الْعُظَمَاءَ إِذَا سَمَّوْا شَيْئًا بِاسْمٍ فَلَا يَلِيقُ الْعُدُولُ عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ تَنْقِيصٌ لَهُمْ وَرَغْبَةٌ عَنْ صَنِيعِهِمْ وَتَرْجِيحٌ لِغَيْرِهِ عَلَيْهِ وَذَلِكَ لَا يَلِيق وَالله سُبْحَانَهُ تَعَالَى سَمَّاهَا فِي كِتَابِهِ الْعِشَاءَ فِي قَوْلِهِ وَمِنْ بعد صَلَاة الْعشَاء فَيَقْبُحُ بَعْدَ تَسْمِيَةِ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ الْعُدُولُ إِلَى غَيره مُتَلَفِّعَاتٍ بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ وَالتَّلَفُّعُ هُوَ التَّلَفُّفُ إِلَّا أَنَّ فِيهِ زِيَادَةٌ تَغْطِيَةِ الرَّأْسِ فَكُلُّ مُتَلَفِّعٍ مُتَلَفِّفٌ وَلَيْسَ كُلُّ مُتَلَفِّفٍ مُتَلَفِّعًا بِمُرُوطِهِنَّ جَمْعُ مِرْطٍ وَهُوَ الْكِسَاءُ وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ لِلنِّسَاءِ وَقَالَ بن فَارِسٍ هِيَ مِلْحَفَةٌ يُؤْتَزَرُ بِهَا وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ وَقِيلَ الْمِرْطُ كِسَاءُ صُوفٍ مُرَبَّعٌ سُدَاهُ شَعْرٌ

[548] أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَسْفَرَ الصُّبْحُ إِذَا انْكَشَفَ وَأَضَاءَ قَالُوا يَحْتَمِلُ أَنَّهُمْ حِينَ أَمَرَهُمْ بِتَغْلِيسِ صَلَاةِ الْفَجْرِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا كَانُوا يُصَلُّونَهَا عِنْدَ الْفَجْرِ الْأَوَّلِ حِرْصًا وَرَغْبَةً فَقَالَ أَسْفِرُوا بِهَا أَيْ أَخِّرُوهَا إِلَى أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ الثَّانِي وَيَتَحَقَّقَ وَيُقَوِّي ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ لِبِلَالٍ نَوِّرْ بِالْفَجْرِ قَدْرَ مَا يُبْصِرُ الْقَوْمُ مَوَاقِعَ نَبْلِهِمْ وَقِيلَ إِنَّ الْأَمْرَ بِالْإِسْفَارِ خَاصٌّ بِاللَّيَالِي الْمُقْمِرَةِ لِأَنَّ أَوَّلَ الصُّبْحِ لَا يتَبَيَّن فِيهَا فَأمروا بالأسفار احْتِيَاطًا

المرط كسَاء صوف مربع سداه شعر

[552] وَيُصَلِّي الصُّبْحَ إِلَى أَنْ يَنْفَسِحَ الْبَصَرُ أَيْ يَتَّسِع

[560] ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ أَوْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا قَالَ الْقُرْطُبِيُّ رُوِيَ بِأَوْ وَبِالْوَاوِ وَهِيَ الْأَظْهَرُ وَيَكُونُ مُرَادُ النَّهْيِ الصَّلَاةَ عَلَى الْجِنَازَةِ وَالدَّفْنِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَكُونُ أَثَرُ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا وَأَمَّا رِوَايَةُ أَوْ فَفِيهَا إِشْكَالٌ إِلَّا إِذَا قُلْنَا إِنَّ أَوْ تَكُونُ بِمَعْنَى الْوَاوِ كَمَا قَالَهُ الْكُوفِيُّ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ هِيَ شِدَّةُ الْحَرِّ وَقَائِمُ الظَّهِيرَةِ قَائِمُ الظِّلِّ الَّذِي لَا يزِيد

وَلَا يَنْقُصُ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ وَذَلِكَ يَكُونُ مُنْتَصَفَ النَّهَارِ حِينَ اسْتِوَاءِ الشَّمْسِ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ قِيَامُ الشَّمْسِ وَقْتَ الزَّوَالِ مِنْ قَوْلِهِمْ قَامَتْ بِهِ دَابَّتُهُ أَيْ وَقَفَتْ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّمْسَ إِذَا بَلَغَتْ وَسَطَ السَّمَاءِ أَبْطَأَتْ حَرَكَةَ الظِّلِّ إِلَى أَنْ تَزُولَ فَيَحْسَبُ النَّاظِرُ أَنَّهَا قَدْ وَقَفَتْ وَهِيَ سَائِرَةٌ لَكِنَّ شَيْئًا لَا يَظْهَرُ لَهُ أَثَرٌ سَرِيعٌ كَمَا يَظْهَرُ قَبْلَ الزَّوَالِ بَعْدَهُ فَيُقَالُ لِذَلِكَ الْوُقُوفِ الْمُشَاهَدِ قَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ تَضَيَّفُ الشَّمْسُ أَيْ تَمِيلُ يُقَال ضافت تضيف إِذا مَالَتْ

تبزغ أَي تطلع

[572] مَحْضُورَةٌ مَشْهُودَةٌ أَيْ تَحْضُرُهَا مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَتَشْهَدُهَا قِيدَ رُمْحٍ أَيْ قَدْرَهُ وَتُسْجَرُ أَيْ توقد قَالَ الْخطابِيّ قَوْله تسجر جَهَنَّم وَبَين قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ وَأَمْثَالِهَا مِنَ الْأَلْفَاظِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي أَكْثَرُهَا يَتَفَرَّدُ الشَّارِعُ بِمَعَانِيهَا يَجِبُ عَلَيْنَا التَّصْدِيقُ بِهَا وَالْوُقُوفُ عِنْدَ الْإِقْرَارِ بِصِحَّتِهَا وَالْعَمَلُ بِمُؤَدَّاهَا قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّجْدَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ عِنْدِي قَطُّ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ يَعْنِي مِنَ الْوَقْتِ الَّذِي شُغِلَ

عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ فَقَضَاهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ ثُمَّ إِنَّهُ دَاوَمَ عَلَيْهِمَا فَأَخْبَرَتْ هُنَا عَنِ الدَّوَامِ وَإِلَّا فَقَبْلَ هَذَا لَمْ يَكُنْ يُصَلِّيهِمَا بعد الْعَصْر كَأَنَّهَا حجفة أَي ترس

[591] وَفَحْمَةُ الْعِشَاءِ هِيَ إِقْبَالُ اللَّيْلِ وَأَوَّلُ سَوَادِهِ

[596] إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ أَيْ إِذَا اهْتَمَّ بِهِ وَأَسْرَعَ فِيهِ وَقَالَ جَدَّ يَجُدُّ وَيَجِدُّ بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ وَجَدَّ بِهِ الْأَمْرُ وَأَجَدَّ الْأَمْرُ وجد فِيهِ إِذا اجْتهد أوحزبه أَمر أَي نزل بِهِ مُهِمّ إِلَّا بِجمع هِيَ مُزْدَلِفَة

[609] فَقُلْتُ لَهُ الصَّلَاةَ قَالَ أَبُو الْبَقَاءِ الْوَجْهُ النَّصْبُ عَلَى تَقْدِيرِ أَتُرِيدُ الصَّلَاةَ أَوْ أَتُصَلِّي الصَّلَاة

الا بِجمع هِيَ مُزْدَلِفَة

[614] أَو يغْفل بِضَم الْفَاء

[617] عَنْ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا نَامُوا عَنِ الصَّلَاةِ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلْيُصَلِّهَا أَحَدُكُمْ مِنَ الْغَدِ لوَقْتهَا قَالَ بن سَيِّدِ النَّاسِ رَوَي أَنَّهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَقْضِيهَا لِمِيقَاتِهَا مِنَ الْغَدِ قَالَ أَيَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الرِّبَا وَيَقْبَلُهُ مِنْكُمْ وَالْجَمْعُ أَنَّ ضَمِيرَ فَلْيُصَلِّهَا رَاجِعٌ إِلَى صَلَاةِ الْغَدِ أَيْ فَلْيُؤَدِّ مَا عَلَيْهِ مِنَ الصَّلَاةِ مِثْلَ مَا يَفْعَلُ كُلَّ يَوْمٍ بِلَا زِيَادَةٍ عَلَيْهَا فَتَتَّفِقُ الْأَلْفَاظُ كُلُّهَا عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ لَا يَجُوزُ غَيره

[619] يُونُس عَن بن شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً الْحَدِيثَ رَوَى أَبُو أَحْمَدُ الْحَاكِمُ فِي مَجْلِسٍ مِنَ الْعَالِيَةِ من طَرِيق معمر عَن بن شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ نَامَ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَصَلَّى وَقَالَ مَنْ نَامَ عَنِ الصَّلَاةِ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا حِينَ ذَكَرَهَا ثُمَّ قَرَأَ أقِم الصَّلَاة لذكري قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ فِي مَجْمُوعٍ لَهُ وَمِنْ خَطِّهِ نَقَلْتُ إِسْنَادَهُ صَحِيحٌ قَالَ وَيَحْسُنُ أَنْ يَكُونَ جَوَابًا عَنِ الْمَشْهُورِ وَهُوَ لَمْ يَقَعْ بَيَانُ جِبْرِيلَ إِلَّا فِي الظُّهْرِ وَقَدْ فُرِضَتِ الصَّلَاةُ بِاللَّيْلِ فَيُقَالُ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَائِمًا وَقْتَ الصُّبْحِ وَالنَّائِمُ لَيْسَ بِمُكَلَّفٍ قَالَ وَهَذِهِ فَائِدَةٌ جَلِيلَةٌ قُلْتُ وَقَدْ أَخَذْتُ هَذَا مِنْهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَذَكَرْتُهُ فِي كِتَابِ أَسْبَابِ الْحَدِيثِ ثُمَّ خَطَرَ لِي أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ الْإِسْرَاءَ الَّذِي هُوَ الْمِعْرَاجُ بَلْ لَيْلَةَ أُسْرِيَ فِي السَّفَرِ وَنَامَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَعْرُوفٌ بِذِكْرِهِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ وَقَدْ أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ وَفِي حَدِيثِ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَأَسْرَيْنَا لَيْلَةً فَلَمَّا كَانَ فِي وَجْهِ الصُّبْحِ نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَامَ وَنَامَ النَّاسُ فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ إِلَّا بِالشَّمْسِ الْحَدِيثَ فَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِالْإِسْرَاءِ وَبُرَيْدٌ بِمُوَحَّدَةٍ وَرَاءٍ مُصَغَّرٌ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُول

أقِم الصَّلَاة للذِّكْرَى قُلْتُ لِلزُّهْرِيِّ هَكَذَا قَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نَعَمْ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ بِلَامَيْنِ وَفَتْحِ الرَّاءِ مَقْصُورٌ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى التَّذَكُّرِ أَي لوقت تذكرها وَلَيْسَت فِي السَّبع

عِصَابَةٌ بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْجَمَاعَةُ مِنَ الْعَشَرَةِ إِلَى الْأَرْبَعِينَ وَلَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا وَيُجْمَعُ على عصائب [624] مَنْ يَكْلَؤُنَا أَيْ يَحْفَظُنَا وَيَحْرُسُنَا اللَّيْلَةَ يُنْصَبُ عَلَى الظَّرْفِ لَا نَرْقُدَ عَنِ الصَّلَاةِ قَالَ أَبُو الْبَقَاءِ التَّقْدِيرُ لِئَلَّا نَرْقُدَ فَلَمَّا حَذَفَ اللَّامَ وَإِنْ رُفِعَ الْفِعْلُ وَيَجُوزُ أَنْ يُرْوَى بِالنَّصْبِ عَلَى جَوَابِ الِاسْتِفْهَامِ إِلَّا أَنَّهُ حَذَفَ الْفَاءَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ أَيْ يَكْلَؤُنَا غَيْرَ رَاقِدِينَ فَيَكُونُ حَالًا مُقَدَّرَةً أَيْ يَكْلَؤُنَا فَنُفْضِي إِلَى تَيَقُّظِنَا وَقْتَ الْفَجْرِ فَضُرِبَ عَلَى آذَانِهِمْ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ كِنَايَةٌ عَنِ النَّوْمِ وَمَعْنَاهُ حَجْبُ الصَّوْتِ وَالْحِسِّ أَنْ يَلِجَ آذَانَهُمْ فَيَنْتَبِهُوا

فَكَأَنَّهَا ضُرِبَ عَلَيْهَا حِجَابٌ أَدْلَجَ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَدْلَجَ بِالتَّخْفِيفِ إِذَا سَارَ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ وَادَّلَجَ بِالتَّشْدِيدِ إِذَا سَارَ مِنْ آخِرِهِ وَالِاسْمُ مِنْهُمَا الدُّلْجَةُ وَالدَّلْجَةُ بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُ الْإِدْلَاجَ لِلَّيْلِ كُلِّهِ عَرَّسَ قَالَ فِي النِّهَايَةِ التَّعْرِيسُ نُزُولُ الْمُسَافِرِ آخِرَ اللَّيْلِ لِلنَّوْمِ وَالِاسْتِرَاحَةِ يُقَالُ مِنْهُ عَرَّسَ تَعْرِيسًا وَأَعْرَسَ والمعرس مَوضِع التَّعْرِيس

كتاب الأذان

(كتاب الْأَذَانِ) [626] فَيَتَحَيَّنُونَ الصَّلَاةَ قَالَ عِيَاضٌ مَعْنَاهُ يُقَدِّرُونَ حِينَهَا لِيَأْتُوا إِلَيْهَا وَالْحِينُ الْوَقْتُ مِنَ الزَّمَانِ [632] وَنَحْنُ عَنْهُ مُتَنَكِّبُونَ يُقَالُ نَكَّبَ عَنِ الطَّرِيقِ إِذَا عَدَلَ عَنْهُ وَتَنَكَّبَ أَيْ تَنَحَّى وَأَعْرَضَ

[633] فَعَلَّمَنِي كَمَا تُؤَذِّنُونَ الْآنَ بِهَا اللَّهُ أَكْبَرُ الله أكبر الخ قَالَ بن الْعَرَبِيِّ فَائِدَةُ الْأَذَانِ مُتَعَدِّدَةٌ مِنْهَا الْإِعْلَامُ بِالصَّلَاةِ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَوْحِيدِهِ وَتَصْدِيقِ رَسُولِهِ وَتَجْدِيدِ التَّوْحِيدِ فَإِنَّهَا تَرْجَمَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ تَرَاجِمَ لَا يُؤَلِّفُهَا إِلَّا اللَّهُ وَطَرْدُ الشَّيْطَانِ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ اعْلَمْ أَنَّ الْأَذَانَ كَلِمَاتٌ جَامِعَةٌ لِعَقِيدَةِ الْإِيمَانِ وَمُشْتَمِلَةٌ عَلَى نَوْعَيْهِ مِنَ الْعَقْلِيَّاتِ وَالسَّمْعِيَّاتِ فَابْتَدَأَ بِإِثْبَاتِ الذَّاتِ بِقَوْلِهِ اللَّهُ وَمَا يَسْتَحِقُّهُ مِنَ الْكَمَالِ وَالتَّنْزِيهِ عَنْ أَضْدَادِهَا الْمُضَمَّنَةِ تَحْتَ قَوْلِهِ اللَّهُ أَكْبَرُ فَإِنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ عَلَى قِلَّةِ كَلِمِهَا وَاخْتِصَارِ صِيغَتِهَا مُشْعِرَةٌ بِمَا قُلْنَاهُ لِمُتَأَمِّلِهِ ثُمَّ صَرَّحَ بِإِثْبَاتِ الرَّبَّانِيَّةِ وَالْإِلَهِيَّةِ وَنَفْيِ ضِدِّهَا مِنَ الشَّرِكَةِ الْمُسْتَحِيلَةِ فِي حَقِّهِ وَهَذِهِ هِيَ عُمْدَةُ الْإِيمَانِ وَالتَّوْحِيدِ الْمُقَدَّمَةُ عَلَى سَائِرِ وَظَائِفِهِ ثُمَّ صَرَّحَ بِإِثْبَاتِ النُّبُوَّةِ وَالشَّهَادَةِ بِالرِّسَالَةِ لِنَبِيِّنَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ والسَّلَامُ وَرِسَالَتِهِ لِهِدَايَةِ الْخَلْقِ وَدُعَائِهِمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَهِيَ قَاعِدَةٌ عَظِيمَةٌ بَعْدَ الشَّهَادَةِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَمَوْضِعُهَا بَعْدَ التَّوْحِيدِ لِأَنَّهَا مِنْ بَابِ الْأَفْعَالِ الْجَائِزَةِ الْوُقُوعِ وَتِلْكَ الْمُقَدِّمَاتُ مِنْ بَابِ الْوَاجِبَاتِ وَهُنَا كَمَّلَ تَرَاجِمَ الْعَقَائِدِ الْعَقْلِيَّاتِ فِيمَا يَجِبُ وَيَسْتَحِيلُ وَيَجُوزُ فِي حَقِّهِ تَعَالَى ثُمَّ دَعَا إِلَى مَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ مِنَ الْعِبَادَاتِ فَصَرَّحَ بِالصَّلَاةِ وَرُتْبَتِهَا بَعْدَ إِثْبَاتِ النُّبُوَّةِ إِذْ مَعْرِفَةُ وُجُوبِهَا مِنْ جِهَتِهِ عَلَيْهِ الصّلَاةُ والسَّلَامُ لَا مِنْ جِهَةِ الْعَقْلِ ثُمَّ دَعَا إِلَى الْفَلَاحِ وَهُوَ الْفَوْزُ وَالْبَقَاءُ فِي التَّنْعِيمِ الْمُقِيمِ وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِأُمُورِ الْآخِرَةِ مِنَ الْبَعْثِ وَالْجَزَاءِ وَهِيَ آخِرُ تَرَاجِمِ الْعَقَائِدِ الْإِسْلَامِيَّةِ ثمَّ كرر ذَلِك عِنْد

ث دَعَانِي حِينَ قَضَيْتُ التَّأْذِينَ فَأَعْطَانِي صُرَّةً فِيهَا شَيْء من فضَّة اسْتدلَّ بِهِ بن حِبَّانَ عَلَى الرُّخْصَةِ فِي أَخْذِ الْأُجْرَةِ وَعَارَضَ بِهِ الْحَدِيثَ الْوَارِدَ فِي النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ قَالَ بن سَيِّدِ النَّاسِ وَلَا دَلِيلَ فِيهِ لِوَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ حَدِيثُ أَبِي مَحْذُورَةَ هَذَا مُتَقَدِّمٌ قَبْلَ إِسْلَامِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ الرَّاوِي لِحَدِيثِ النَّهْيِ

فَحَدِيثُ عُثْمَانَ مُتَأَخِّرٌ بِيَقِينٍ الثَّانِي أَنَّهَا وَاقِعَةٌ يَتَطَرَّقُ إِلَيْهَا الِاحْتِمَالُ بَلْ أَقْرَبُ الِاحْتِمَالَاتِ فِيهَا أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ التَّأْلِيفِ لِحَدَاثَةِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ كَمَا أَعْطَى حِينَئِذٍ غَيْرَهُ مِنَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَوَقَائِعُ الْأَحْوَالِ إِذَا تَطَرَّقَ إِلَيْهَا الِاحْتِمَالُ سَلَبَهَا الِاسْتِدْلَالَ لِمَا يَبْقَى فِيهَا مِنَ الْإِجْمَالِ

إِقَامَةِ الصَّلَاةِ لِلْإِعْلَامِ بِالشُّرُوعِ فِيهَا وَهُوَ مُتَضَمِّنٌ لِتَأْكِيدِ الْإِيمَانِ وَتَكْرَارُ ذِكْرِهِ عِنْدَ الشُّرُوعِ فِي الْعِبَادَةِ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ وَلِيَدْخُلَ الْمُصَلِّي فِيهَا عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ أَمْرِهِ وَبَصِيرَةٍ مِنْ إِيمَانِهِ وَيَسْتَشْعِرَ عِظَمَ مَا دَخَلَ

فِيهِ وَعَظَمَةَ حَقِّ مَنْ يَعْبُدُهُ وَجَزِيلَ ثَوَابِهِ على عِبَادَته [636] أَهْلِ حِوَائِنَا الْحِوَاءُ بِالْكَسْرِ وَالْمَدِّ بُيُوتٌ مُجْتَمِعَةٌ من النَّاس على مَاء

[641] وَلْيَرْجِعَ قَائِمَكُمْ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْجِيمِ الْمُخَفَّفَةِ يُسْتَعْمَلُ هَكَذَا لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا تَقُولُ رَجَعَ زَيْدٌ وَرجعت زيدا قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ وَمَنْ رَوَاهُ بِالضَّمِّ وَالتَّثْقِيلِ فَقَدْ أَخْطَأَ وَالْمَعْنَى لِيَرُدَّ الْقَائِمَ الْمُتَهَجِّدَ إِلَى رَاحِلَتِهِ لِيَقُومَ إِلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ نَشِيطًا أَوْ يَكُونَ لَهُ نِيَّة فِي الصّيام فيتسحر

[645] الْمُؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ بِمَدِّ صَوْتِهِ قَالَ أَبُو الْبَقَاءِ الْجَيِّدُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ مَدَى صَوْتِهِ وَهُوَ ظَرْفُ مَكَانٍ وَأَمَّا مَدُّ صَوْتِهِ فَلَهُ وَجْهٌ وَهُوَ يَحْتَمِلُ شَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ تَقْدِيرُهُ مَسَافَةَ صَوْتِهِ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْمَصْدَرُ بِمَعْنَى الْمَكَانِ أَيْ مُمْتَدِّ صَوْتِهِ وَفِي الْمَعْنَى عَلَى هَذَا وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا مَعْنَاهُ لَوْ كَانَتْ ذُنُوبُهُ تَمْلَأُ هَذَا الْمَكَانَ لَغَفَرْتُ لَهُ وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِخْبَارًا عَنِ اللَّهِ تَعَالَى لَوْ جِئْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا أَي بملئها مِنَ الذُّنُوبِ وَالثَّانِي يُغْفَرُ لَهُ مِنَ الذُّنُوبِ مَا فَعَلَهُ فِي زَمَانٍ مُقَدَّرٍ بِهَذِهِ الْمَسَافَةِ

[653] فِي لَيْلَةٍ مَطِيرَةٍ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى الْمَاطِرَةِ وَإِسْنَادُ الْمَطَرِ إِلَى اللَّيْلَةِ مَجَازٌ إِذِ اللَّيْلُ ظَرْفٌ لَهُ لَا فَاعِلٌ وَلِلْعُلَمَاءِ فِي أَنْبَتَ الرَّبِيعُ الْبَقْلَ أَقْوَالٌ أَرْبَعَةٌ مَجَازٌ فِي الْإِسْنَادِ أَوْ فِي أَنْبَتَ أَوْ فِي الرَّبِيعِ وَسَمَّاهُ السَّكَّاكِيُّ اسْتِعَارَةً بِالْكِنَايَةِ أَوِ الْمَجْمُوعُ مَجَازٌ عَنِ الْمَقْصُودِ وَذَكَرَ الْإِمَامُ الرَّازِيُّ أَنَّهُ الْمَجَازُ

[662] قَالَ عَبْدُ اللَّهِ إِنَّ الْمُشْرِكِينَ شَغَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ يَوْم الخَنْدَق قَالَ بن سيد النَّاس اخْتلف الرِّوَايَاتُ فِي الصَّلَاةِ الْمَنْسِيَّةِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَفِي حَدِيث جَابر أَنَّهَا الْعَصْر وَفِي حَدِيث

الْعَقْلِيُّ فَإِنْ قُلْتَ لِمَ لَا تَجْعَلُهَا فَعِيلَةً بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ أَيْ مَمْطُورٌ فِيهَا وَحُذِفَ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ قُلْتُ لِأَنَّهُ يَسْتَوِي فِيهَا الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ وَلَا تَدْخُلُ تَاءُ التَّأْنِيثِ فِيهَا عِنْدَ ذِكْرِ موصوفها مَعهَا

[665] أَو عَازِب عَن أَهله أَي بعيد

بن مَسْعُودٍ أَنَّهَا أَرْبَعٌ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ وَالصَّحِيحُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي شُغِلَ عَنْهَا وَاحِدَةٌ هِيَ الْعَصْرُ وَمِنْهُمْ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ الْخَنْدَقَ كَانَتْ وَقْعَتُهُ أَيَّامًا فَكَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ فِي تِلْكَ الْأَيَّام قَالَ بن سَيِّدِ النَّاسِ وَهَذَا أَوْلَى مِنَ الْأَوَّلِ لِأَنَّ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ رَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ عَنِ الْمُزَنِيِّ عَن الشَّافِعِي حَدثنَا بن أبي فديك عَن بن أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ وَهَذَا إِسْنَاد صَحِيح جليل

[666] يَعْجَبُ رَبُّكَ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ يَعْظُمُ ذَلِكَ عِنْدَهُ وَيَكْبُرُ لَدَيْهِ عَلِمَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ إِنَّمَا يَتَعَجَّبُ الْآدَمِيُّ مِنَ الشَّيْءِ إِذَا عَظُمَ مَوْقِعُهُ عِنْدَهُ وَخَفِيَ عَلَيْهِ سَبَبُهُ فَأَخْبَرَهُمْ بِمَا يَعْرِفُونَ لِيَعْلَمُوا مَوْقِعَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ عِنْدَهُ وَقِيلَ مَعْنَى عَجِبَ رَبُّكَ رَضِيَ وَأَثَابَ فَسَمَّاهُ عَجَبًا مَجَازًا وَلَيْسَ بِعَجَبٍ فِي الْحَقِيقَةِ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ فِي رَأْسِ شَظِيَّةِ الْجَبَلِ بِفَتْحِ الشِّينِ وَكَسَرِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَتَيْنِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ قِطْعَةٌ مُرْتَفعَة فِي رَأس الْجَبَل

[670] إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ وَلَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لَا يَسْمَعَ التَّأْذِينَ قَالَ عِيَاضٌ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ لِأَنَّهُ جِسْمٌ مُتَغَذٍّ يَصِحُّ مِنْهُ خُرُوجُ الرِّيحِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ شِدَّةِ نِفَارِهِ فَإِذَا قُضِيَ النِّدَاءُ بِالْبِنَاءِ

لِلْمَفْعُولِ وَيُرْوَى بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ عَلَى إِضْمَارِ الْمُنَادَى أَقْبَلَ زَادَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَوَسْوَسَ حَتَّى إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ أَدْبَرَ بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ الْمَكْسُورِ قِيلَ هُوَ مِنْ ثَابَ إِذَا رَجَعَ وَقِيلَ مِنْ ثَوَّبَ إِذَا أَشَارَ بِثَوْبِهِ عِنْد الْفَزع لَا علام غَيْرِهِ وَالْمُرَادُ بِالتَّثْوِيبِ هُنَا الْإِقَامَةُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ حَتَّى إِذَا قَضَى التَّثْوِيبَ أَقْبَلَ حَتَّى يَخْطِرَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ سَمِعْنَاهُ مِنْ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ بِضَمِّ الطَّاءِ وَضَبَطْنَاهُ عَنِ الْمُتْقِنِينَ بِالْكَسْرِ وَهُوَ الْوَجْهُ وَمَعْنَاهُ يُوَسْوِسُ وَأَمَّا الضَّمُّ فَمِنَ الْمُرُورِ أَيْ يَدْنُو مِنْهُ فَيَمُرُّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَلْبِهِ فَيَشْغَلُهُ لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ زَادَ مُسْلِمٌ مِنْ قَبْلُ إِنْ يَدْرِي بِالْكَسْرِ نَافِيَةٌ بِمَعْنَى لَا وَرُوِيَ بِالْفَتْحِ وَوَهَّاهُ الْقُرْطُبِيُّ فَإِنْ قِيلَ مَا الْحِكْمَةُ فِي هَرَبِ الشَّيْطَانِ عِنْدَ سَمَاعِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ دُونَ سَمَاعِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ فِي الصَّلَاةِ أُجِيبَ بِأَوْجُهٍ مِنْهَا أَنَّهُ يَهْرُبُ حَتَّى لَا يَسْمَعَ الْمُؤَذِّنَ فَيَشْهَدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُ صَوْتَ الْمُؤَذّن جن وَلَا أنس الاشهد لَهُ وَقِيلَ لِاتِّفَاقِ الْجَمِيعِ عَلَى الْإِعْلَانِ بِشَهَادَةِ الْحق وَقَالَ بن الْجَوْزِيِّ عَلَى الْأَذَانِ هَيْبَةٌ يَشْتَدُّ انْزِعَاجُ الشَّيْطَانِ بِسَبَبِهَا لِأَنَّهُ لَا يَكَادُ يَقَعُ فِي الْأَذَانِ رِيَاءٌ وَلَا غَفْلَةٌ عِنْدَ النُّطْقِ بِهِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّ النَّفْسَ تَحْضُرُ فِيهَا فَيَفْتَحُ لَهَا الشَّيْطَان أَبْوَاب الوسوسة وَقَالَ بن بَطَّالٍ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الزَّجْرُ عَنْ خُرُوجِ الْمُؤْمِنِ مِنَ الْمَسْجِدِ بَعْدَ أَنْ يُؤَذِّنَ الْمُؤَذِّنُ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى لِئَلَّا يَكُونَ مُتَشَبِّهًا بِالشَّيْطَانِ

الَّذِي يفر عِنْد سَماع الْأَذَان [673] إِذَا سَمِعْتُمُ النِّدَاءَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذّن قَالَ بن سَيِّدِ النَّاسِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَقُولُ مِثْلَهُ عَقِبَ فَرَاغِهِ لَكِنَّ الْأَحَادِيثَ الَّتِي تَضَمَّنَتْ إِجَابَةَ كُلِّ كَلِمَةٍ عَقِبَهَا دَلَّتْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْمُسَاوَاةُ

[679] عَنِ الْحُكَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بِضَمِّ الْحَاءِ وَفَتْحِ الْكَافِ [680] حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ الْحِمْصِيُّ مِنْ كِبَارِ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ وَلَمْ يَلْقَهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ السِّتَّةِ غَيْرُهُ وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ الْقُدَمَاءُ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْهُ وَرَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ شَيْخُ

الْبُخَارِيِّ مَعَ تَقَدُّمِهِ عَنْ أَحْمَدَ عَنْهُ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيقه حَدثنَا شُعَيْب هُوَ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ ذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ أَنَّ شُعَيْبًا تَفَرَّدَ بِهِ عَن بن الْمُنْكَدِرِ فَهُوَ غَرِيبٌ مَعَ صِحَّتِهِ قَالَ الْحافِظُ بن حجر وَقد توبع بن الْمُنْكَدِرِ عَلَيْهِ عَنْ جَابِرٍ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ يَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَتَقَيَّدَ بِفَرَاغِهِ وَأَنْ يَتَقَيَّدَ بِهِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ بِفَتْحِ الدَّالِ هِيَ الْأَذَانُ وَسُمِّيَتْ تَامَّةً لِكَمَالِهَا وَعِظَمِ موقعها وَقَالَ بن التِّينِ لِأَنَّ فِيهَا أَتَمَّ الْقَوْلِ وَهُوَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَرَبَّ مُنَادَى ثَانٍ أَوْ بدل لاصفة لِأَنَّ مَذْهَبَ سِيبَوَيْهِ أَنَّ اللَّهُمَّ لَا يَجُوزُ وَصْفُهُ وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ أَيِ الَّتِي سَتَقُومُ أَيْ تُقَام وتحضر وَقَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ إِنَّ الْمُرَادَ بِالصَّلَاةِ الْمَعْهُودَةِ الْمَدْعُوِّ إِلَيْهَا حِينَئِذٍ وَقَالَ الطِّيبِيُّ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى قَوْلِهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ هِيَ الدَّعْوَةُ التَّامَّةُ وَالْحَيْعَلَةُ هِيَ الصَّلَاةُ الْقَائِمَةُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ الدُّعَاءُ وَبِالْقَائِمَةِ الدَّائِمَةُ مِنْ قَامَ عَلَى الشَّيْءِ إِذَا دَامَ عَلَيْهِ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ بَيَانٌ لِلدَّعْوَةِ التَّامَّةِ آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ فُسِّرَتْ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بِأَنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِ اللَّهِ وَالْفَضِيلَةَ قَالَ بن حَجَرٍ أَيِ الْمَرْتَبَةَ الزَّائِدَةَ عَلَى سَائِرِ الْخَلَائِقِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مَنْزِلَةً أُخْرَى أَوْ تَفْسِيرًا لِلْوَسِيلَةِ وَابْعَثْهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ كَذَا وَرَدَ هُنَا مُعَرَّفًا وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ مُنَكَّرًا الَّذِي وَعَدْتَهُ زَادَ فِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ قَالَ الطِّيبِيُّ الْمُرَادُ بِذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى عَسى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا وَأُطْلِقَ عَلَيْهِ الْوَعْدُ لِأَنَّ عَسَى مِنَ اللَّهِ وَاقع كَمَا صَحَّ عَن بن عُيَيْنَة وَغَيره وَقَالَ بن الْجَوْزِيِّ وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الشَّفَاعَةُ إِلَّا حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي أَيْ وَجَبَتْ كَمَا فِي رِوَايَةِ الطَّحَاوِيِّ أَوْ

نَزَلَتْ عَلَيْهِ وَاللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ حَلَّتْ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ هُنَا وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ إِلَّا يَحْتَاجُ إِلَى تَأْوِيلٍ وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ حَلَّتْ بِدُونِهَا وَهِيَ أَوْضَحُ لِأَنَّ أَوَّلَ الْكَلَامِ مَنْ قَالَ وَهُوَ شَرْطِيَّةٌ وَحَلَّتْ جَوَابَهَا وَلَا يَقْتَرِنُ جَزَاءُ الشَّرْطِ بِإِلَّا وَتَأْوِيلُهَا أَنَّهُ حَمَلَهُ عَلَى مَعْنَى لَا يَقُولُ ذَلِكَ أَحَدٌ إِلَّا حَلَّتْ وَقَدِ اسْتَشْكَلَ بَعْضُهُمْ جَعْلَ ذَلِكَ ثَوَابًا لِقَائِلِ ذَلِكَ مَعَ مَا ثَبَتَ أَنَّ الشَّفَاعَةَ لِلْمُذْنِبِينَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَفَاعَاتٍ أُخْرَى كَإِدْخَالِ الْجَنَّةِ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَكَرَفْعِ الدَّرَجَاتِ فَيُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ مَا يُنَاسِبُهُ وَنَقَلَ عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ أَنَّهُ كَانَ يَرَى اخْتِصَاصَ ذَلِكَ بِمَنْ قَالَهُ مُخْلِصًا مُسْتَحْضِرًا إِجْلَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا مَنْ قَصَدَ بِذَلِكَ مُجَرَّدَ الثَّوَابِ وَنَحْوِهِ قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَهُوَ تحكم غير مرضِي [681] بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ قَالَ فِي النِّهَايَةِ يُرِيدُ بِهَا السُّنَنَ الرَّوَاتِبَ الَّتِي تُصَلَّى بَيْنَ الْأَذَان وَالْإِقَامَة

[684] خرج رجل من الْمَسْجِد بعد مَا نُودِيَ بِالصَّلَاةِ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَمَّا هَذَا فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِدَلِيلِ ظَاهِرِ نِسْبَتِهِ إِلَيْهِ فِي مَعْرِضِ الِاحْتِجَاجِ بِهِ وَكَأَنَّهُ سَمِعَ مَا يَقْتَضِي تَحْرِيمَ الْخُرُوجِ مِنَ الْمَسْجِدِ بعد الْأَذَان فاطلق لفظ الْمعْصِيَة

كتاب المساجد

(كتاب الْمَسَاجِدِ) مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا يُذْكَرُ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ زَادَ الْبُخَارِيُّ فِي رِوَايَتِهِ يُبْتَغَى فِيهِ وَجْهَ اللَّهِ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ إِسْنَادُ الْبِنَاءِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مجَاز قَالَ بن الْجَوْزِيِّ مَنْ كَتَبَ اسْمَهُ عَلَى الْمَسْجِدِ الَّذِي

يبنيه كَانَ بَعيدا من الْإِخْلَاص [689] مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يَتَبَاهَى النَّاسُ فِي الْمَسَاجِد أَي يتفاخروا [690] سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ أَوَّلًا قَالَ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ قُلْتُ ثُمَّ أَيُّ قَالَ الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى قُلْتُ وَكَمْ بَيْنَهُمَا قَالَ أَرْبَعُونَ عَامًا قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِيهِ إِشْكَالٌ وَذَلِكَ أَنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَالْمَسْجِدُ الْأَقْصَى بَنَاهُ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَمَا أَخْرَجَهُ

النَّسَائِيّ من حَدِيث بن عُمَرَ وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ وَبَيْنَ إِبْرَاهِيمَ وَسُلَيْمَانَ أَيَّامٌ طَوِيلَةٌ قَالَ أَهْلُ التَّارِيخِ أَكْثَرُ مِنْ أَلْفِ سَنَةٍ قَالَ وَيَرْتَفِعُ الْإِشْكَالُ بِأَنْ يُقَالَ الْآيَةُ وَالْحَدِيثُ لَا يَدُلَّانِ عَلَى بِنَاءِ إِبْرَاهِيمَ وَسُلَيْمَانَ لِمَا بَيَّنَّا ابْتِدَاءً وَضْعَهُمَا لَهُمَا بَلْ ذَاكَ تَجْدِيدٌ لِمَا كَانَ أَسَّسَهُ غَيْرُهُمَا وَبَدَأَهُ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ بَنَى الْبَيْتَ آدَمُ وَعَلَى هَذَا فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُ مِنْ وَلَدِهِ وَضَعَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ مِنْ بَعْدِهِ بِأَرْبَعِينَ عَامًا انْتَهَى قُلْتُ بَلْ آدَمُ نَفْسُهُ هُوَ الَّذِي وَضعه أَيْضا قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ فِي كِتَابِ التِّيجَانِ لِابْنِ هِشَامٍ إِنَّ آدَمَ لَمَّا بَنَى الْكَعْبَةَ أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالسَّيْرِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَنْ يَبْنِيَهُ فَبَنَاهُ ونسك فِيهِ [691] الصَّلَاةُ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا مَسْجِدَ الْكَعْبَةِ قَالَ النَّوَوِيُّ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ بِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى حَسَبِ اخْتِلَافِهِمْ فِي مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ فَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ مَعْنَاهُ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَإِنَّ الصَّلَاةَ فِيهِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِي وَعِنْدَ مَالِكٍ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَإِنَّ الصَّلَاة فِي مَسْجِدي تفضله بِدُونِ الْألف [693] لَا ينهزه أَي لَا يحركه مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي الْمُرَادُ أَحَدُ بُيُوتِهِ لَا كُلِّهَا وَهُوَ بَيْتُ عَائِشَةَ الَّذِي صَارَ فِيهِ

[697] تَمَارَى رَجُلَانِ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ فَقَالَ رَجُلٌ هُوَ مَسْجِدُ قُبَاءٍ وَقَالَ آخَرُ هُوَ مَسْجِدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ مَسْجِدِي هَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا نَصٌّ بِأَنَّهُ الْمَسْجِدُ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى الْمَذْكُورُ فِي الْقُرْآنِ وَرَدٌّ لِمَا يَقُولُهُ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ إِنَّهُ مَسْجِدُ قُبَاءٍ وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ قَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَسْجِدُ قُبَاءٍ وَهَذَا الحَدِيث أرجح وَأَصَح وأصرح وَقَالَ بن عَطِيَّةَ فِي تَفْسِيرِهِ الَّذِي يَلِيقُ بِالْقِصَّةِ أَنَّهُ مَسْجِدُ قُبَاءٌ قَالَ إِلَّا أَنَّهُ لَا نَظَرَ مَعَ الحَدِيث

قَبْرُهُ وَقَدْ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مَا بَيْنَ الْمِنْبَرِ وَبَيْتِ عَائِشَةَ وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ بِلَفْظِ مَا بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ قِيلَ هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَنَّهُ رَوْضَةٌ حَقِيقَةً بِأَنْ يُنْقَلَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ بِعَيْنِهِ فِي الْآخِرَةِ إِلَى الْجَنَّةِ وَقِيلَ هُوَ تَشْبِيهٌ مَحْذُوفُ الْأَدَاةِ أَيْ كَرَوْضَةٍ فِي نُزُولِ الرَّحْمَةِ وَحُصُولِ السَّعَادَةِ بِمَا يَحْصُلُ مِنْ مُلَازَمَةِ حِلَقِ الذِّكْرِ لَا سِيمَا فِي عده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقِيلَ هُوَ مَجَازٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعِبَادَةَ فِيهِ تُؤَدِّي إِلَى الْجَنَّةِ وَنقل بن زِيَالَةَ أَنَّ ذَرْعَ مَا بَيْنَ الْمِنْبَرِ وَالْبَيْتِ الَّذِي فِيهِ الْقَبْرُ الْآنَ ثَلَاثَةٌ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا وَقِيلَ أَرْبَعٌ وَخَمْسُونَ وَسُدُسٌ وَقِيلَ خَمْسُونَ إِلَّا ثُلثي ذِرَاع

[700] لَا تشد قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ بِضَمِّ أَوَّلِهِ بِلَفْظِ النَّفْيِ وَالْمُرَادُ النَّهْيُ عَنِ السَّفَرِ إِلَى غَيْرِهَا الرِّحَالُ بِالْمُهْمَلَةِ جَمْعُ رَحل وَهُوَ الْبَعِير كالسرج للْفرس وكني بِشَدِّ الرِّحَالِ عَنِ السَّفَرِ لِأَنَّهُ لَازِمُهُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ اسْتِثْنَاءٌ مُفَرَّغٌ وَالتَّقْدِيرُ لَا تُشَدُّ إِلَى مَوْضِعٍ مَسْجِدِ الْحَرَامِ بِالْجَرِّ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ وَيَجُوزُ الرَّفْعُ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ وَهُوَ مِنْ إِضَافَةِ الْمَوْصُوفِ إِلَى الصِّفَةِ أَيِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَا فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَيِ الْمُحَرَّمِ وَالْمُرَادُ بِهِ جَمِيعُ الْحَرَمِ عَلَى الصَّحِيحِ وَمَسْجِدِي هَذَا الْمُرَادُ بِهِ مَسْجِدُ الصَّلَاةِ خَاصَّةً لَا كُلُّ الْحَرَمِ وَمَسْجِدِ الْأَقْصَى هُوَ أَيْضًا مِنْ إِضَافَةِ الْمَوْصُوفِ إِلَى الصِّفَةِ وَالْمُرَادُ بِهِ بَيْتُ الْمَقْدِسِ وَسُمِّيَ الْأَقْصَى لِبُعْدِهِ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فِي الْمَسَافَةِ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ لَيْسَ فِي الْأَرْضِ بُقْعَةٌ لَهَا فَضْلٌ لِذَاتِهَا حَتَّى تُشَدَّ الرِّحَالُ إِلَيْهَا لِذَلِكَ الْفَضْلِ غَيْرَ الْبِلَادِ الثَّلَاثَةِ وَأَمَّا غَيْرُهَا مِنَ الْبِلَادِ فَلَا تُشَدُّ إِلَيْهَا لِذَاتِهَا بَلْ لِزِيَارَةٍ أَوْ جِهَادٍ أَوْ علم أَو نَحْو ذَلِك [701] بيعتكم بِكَسْر الْبَاء

[702] فِي عُرْضِ الْمَدِينَةِ بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ الْجَانِبُ وَالنَّاحِيَةُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ثَامِنُونِي بِالْمُثَلَّثَةِ أَيِ اُذْكُرُوا لِي ثَمَنَهُ لِأَشْتَرِيَهُ مِنْكُمْ وَكَانَتْ فِيهِ خرب قَالَ بن الْجَوْزِيِّ الْمَعْرُوفُ فِيهِ فَتْحُ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرُ الرَّاءِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ جَمْعُ خَرِبَةٍ كَكَلِمٍ وَكَلِمَةٍ وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ أَيْضًا كَسْرَ أَوَّلِهِ وَفَتْحَ ثَانِيهِ جَمْعُ خَرِبَةٍ كَعِنَبٍ وَعِنَبَةٍ عِضَادَتَيْهِ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وضاد مُعْجمَة خشبتان من جانبيه

[703] لَمَّا نُزِلَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الزَّاي نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ فَطَفِقَ أَيْ جَعَلَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً هِيَ كِسَاءٌ لَهُ أَعْلَامٌ قَالَ وَهُوَ كَذَلِكَ أَيْ فِي تِلْكَ الْحَالِ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ اسْتَشْكَلَ ذِكْرُ النَّصَارَى فِيهِ إِذْ نَبِيُّهُمْ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُوَ لَمْ يَمُتْ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ كَانَ فِيهِمْ أَنْبِيَاءٌ أَيْضًا لَكِنَّهُمْ غَيْرُ مُرْسَلِينَ كَالْحَوَارِيِّينَ وَمَرْيَمَ فِي قَوْلٍ أَوْ ضَمِيرُ الْجَمْعِ فِي قَوْلِهِ أَنْبِيَائِهِمْ لِلْمَجْمُوعِ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى أَوِ الْمُرَادُ الْأَنْبِيَاءُ وَكِبَارُ أَتْبَاعِهِمْ فَاكْتَفَى بِذِكْرِ الْأَنْبِيَاءِ يُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ كَانُوا يَتَّخِذُونَ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ وَصَالِحِيهِمْ مَسَاجِدَ أَوِ الْمُرَادُ بِالِاتِّخَاذِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاعًا أَوِ اتِّبَاعًا فَالْيَهُودُ ابْتَدَعَتْ وَالنَّصَارَى اتَّبَعَتْ وَلَا رَيْبَ أَنَّ النَّصَارَى تُعَظِّمُ قُبُورَ جَمْعٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ يُعَظِّمُهُمُ الْيَهُودُ [704] أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ اسْمُهُا رَمْلَةُ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ وَأُمَّ سَلَمَةَ اسْمُهُا هِنْدُ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ الْمَخْزُومِيِّ إِنَّ أُولَئِكِ بِكَسْرِ الْكَافِ إِذَا كَانَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ لَمَّا كَانَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى يَسْجُدُونَ لِقُبُورِ أَنْبِيَائِهِمْ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِمْ وَيَجْعَلُونَهَا قِبْلَةً يَتَوَجَّهُونَ فِي الصَّلَاةِ

نَحْوَهَا وَاتَّخَذُوهَا أَوْثَانًا لَعَنَهُمْ وَمَنَعَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ فَأَمَّا مَنِ اتَّخَذَ مَسْجِدًا فِي جِوَارِ صَالِحٍ وَقَصَدَ التَّبَرُّكَ بِالْقُرْبِ مِنْهُ لَا التَّعْظِيمَ لَهُ وَلَا التَّوَجُّهَ نَحْوَهُ فَلَا يَدْخُلُ فِي ذَلِك الْوَعيد

[709] آلْبِرَّ تُرِدْنَ بِهَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ مَمْدُودَةً أَيِ الطَّاعَةَ وَالْعِبَادَة [711] يَحْمِلُ أُمَامَةَ بِنْتَ أَبِي الْعَاصِ اسْمُهُ لَقِيطٌ وَقِيلَ الْمِقْسَمُ وَقِيلَ الْقَاسِمُ وَقِيلَ مُهَشِّمٌ وَقِيلَ هُشَيْمٌ وَقِيلَ مَاسِرٌ أَسْلَمَ قَبْلَ الْفَتْحِ وَهَاجَرَ وَرَدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَتَهُ زَيْنَبَ وَمَاتَتْ مَعَهُ وَأَثْنَى عَلَيْهِ فِي مصاهرته وَكَانَت وَفَاته فِي خلَافَة الصّديق بن الرّبيع بن عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عَبْدِ

شَمْسٍ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ عَلَى عَاتِقِهِ يَضَعُهَا إِذَا رَكَعَ وَيُعِيدُهَا إِذَا قَامَ قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ ادَّعَى بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَنْسُوخٌ وَبَعْضُهُمْ أَنَّهُ مِنَ الْخَصَائِصِ وَبَعْضُهُمْ أَنَّهُ كَانَ لِضَرُورَةٍ وَكُلُّ ذَلِكَ دَعَاوَى بَاطِلَةٌ مَرْدُودَةٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يُخَالِفُ قَوَاعِدَ الشَّرْعِ لِأَنَّ الْآدَمِيَّ طَاهِرٌ وَمَا فِي جَوْفِهِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَثِيَابُ الْأَطْفَالِ وَأَجْسَادُهُمْ مَحْمُولَةٌ عَلَى الطَّهَارَةِ حَتَّى تُتَيَقَّنَ النَّجَاسَةُ وَالْأَعْمَالُ فِي الصَّلَاةِ لَا تُبْطِلُهَا إِذَا قَلَّتْ أَوْ تَفَرَّقَتْ وَدَلَائِلُ الشَّرْعِ مُتَظَاهِرَةٌ عَلَى ذَلِكَ وَإِنَّمَا فَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ لِبَيَانِ الْجَوَاز ثُمَامَة بِضَم

الْمُثَلَّثَة بن أُثَالٍ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ بَعْدَهَا مُثَلَّثَةٌ آخِرُهُ لَامٌ [713] طَافَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ عَلَى بَعِيرٍ قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِلْحَاجَةِ إِلَى أَخْذِ الْمَنَاسِكِ عَنْهُ وَلِذَلِكَ عَدَّهُ بَعْضُهُمْ مِنْ خَصَائِصِهِ وَاحْتَمَلَ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ رَاحِلَتُهُ عُصِمَتْ مِنَ التَّلْوِيثِ حِينَئِذٍ كَرَامَةً لَهُ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ زَادَ مُسْلِمٌ وَيُقَبِّلُ الْمِحْجَنَ وَهُوَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفتح الْجِيم وَنون عَصا محنية الرَّأْس [717] يَنْشُدُ ضَالَّةً بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ الشِّينِ يُقَالُ نشدت الضَّالة فانا نَاشد إِذا

[718] مَرَّ رَجُلٌ بِسِهَامٍ فِي الْمَسْجِدِ زَادَ الْبُخَارِيُّ فِي رِوَايَةٍ قَدْ أَبْدَى نُصُولَهَا وَلِمُسْلِمٍ أَنَّ الْمَارَّ الْمَذْكُورَ كَانَ يَتَصَدَّقُ بِالنَّبْلِ فِي الْمَسْجِدِ قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذْ بنصالها زَاد البُخَارِيّ كَيْلا تخدش مُسلما

طَلَبْتُهَا وَأَنْشَدْتُهَا فَأَنَا مُنْشِدٌ إِذَا عَرَّفْتُهَا مِنَ النشيد وَهُوَ رفع الصَّوْت

[723] البصاق فِي الْمَسْجِد خَطِيئَة قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ فِي الْمَسْجِدِ ظَرْفُ الْفِعْلِ وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْفَاعِلِ فِيهِ حَتَّى لَوْ بَصَقَ مَنْ هُوَ خَارِجُهُ فِيهِ تَنَاوَلَهُ النَّهْيُ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاض أَنما يكون خَطِيئَةٌ إِذَا لَمْ يَدْفِنْهُ وَأَمَّا مَنْ أَرَادَ دَفْنَهُ فَلَا وَرَدَّهُ النَّوَوِيُّ فَقَالَ هُوَ خِلَافُ صَرِيحِ الْحَدِيثِ وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْجُمْهُورُ يَدْفِنُهَا فِي تُرَابِ الْمَسْجِدِ وَرَمْلِهِ وَحَصْبَائِهِ وَحَكَى الرُّويَانِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِدَفْنِهَا إِخْرَاجُهَا مِنَ الْمَسْجِد أصلا [724] فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ إِذَا صَلَّى قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ هُوَ كَلَامٌ خَرَجَ

على التَّعْظِيم لشأن الْقبْلَة نُخَامَةً قِيلَ هِيَ مَا يَخْرُجُ مِنَ الصَّدْرِ وَقِيلَ النُّخَاعَةُ بِالْعَيْنِ مِنَ الصَّدْرِ

وبالميم من الرَّأْس خلوقا بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة طيب مَعْرُوف

[733] ان الْمَلَائِكَة تصلي على أحدكُم مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ مَا لَمْ يُحْدِثْ قِيلَ الْمُرَادُ بِالْحَدَثِ الرِّيحُ وَنَحْوُهُ وَقِيلَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ أَيْ مَا لَمْ يُحْدِثْ سوأ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ مَا لَمْ يُؤْذِ فِيهِ عَلَى أَنَّ الثَّانِيَةَ تَفْسِير للأولى

[735] نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ جَمْعُ عَطَنٍ وَهُوَ مَبْرَكُ الْإِبِلِ حَوْلَ الْمَاءِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ لَمْ يَنْهَ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهَا مِنْ جِهَةِ النَّجَاسَةِ فَإِنَّهَا مَوْجُودَةٌ فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ وَقَدْ أَمَرَ بِالصَّلَاةِ فِيهَا وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّ الْإِبِلَ تَزْدَحِمُ فِي الْمَنْهَلِ فَإِذَا شَرِبَتْ رفعت رؤوسها وَلَا يُؤْمَنُ مِنْ تَقَارُبِهَا وَتَفَرُّقِهَا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَتُؤْذِي الْمُصَلِّي عِنْدَهَا أَوْ تُلْهِيهِ عَنْ صلَاته أَو تنجسه برشاش أبوالها

[738] عَلَى الْخُمْرَةِ بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ حَصِيرٌ وَنَسِيجَةُ خُوصٌ وَنَحْوُهُ سُمِّيَتْ خُمْرَةً لِأَنَّ خُيُوطَهَا مَسْتُورَةٌ بِسَعَفِهَا وَفِي النِّهَايَةِ هِيَ مِقْدَارُ مَا يَضَعُ الرَّجُلُ عَلَيْهِ وَجْهَهُ فِي سُجُودِهِ وَلَا يَكُونُ خمرة الا فِي هَذَا الْمِقْدَار [739] قَدِ امْتَرَوْا فِي الْمِنْبَرِ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ مِنْ الامتراء وَهُوَ الشَّك وَقَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ مِنَ الْمُمَارَاةِ وَهِيَ الْمُجَادَلَةُ إِلَى فُلَانَةٍ امْرَأَة قد سَمَّاهَا سهل قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ لَا يُعْرَفُ اسْمُهُا قَالَ وَوَقَعَ فِي الذيل

لِأَبِي مُوسَى الْمَدِينِيِّ نَقْلًا عَنْ جَعْفَرٍ الْمُسْتَغْفِرِيِّ أَنَّ اسْمَهَا عُلَاثَةُ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ قَالَ أَبُو مُوسَى وَصَحَّفَ فِيهِ جَعْفَرٌ أَوْ شَيْخُهُ وَإِنَّمَا هُوَ فُلَانَةٌ وَوَقَعَ عِنْدَ الْكِرْمَانِيِّ قِيلَ اسْمهَا عَائِشَة قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ وَأَظُنُّهُ صَحَّفَ الْمُصَحَّفَ أَنْ مُرِي غُلَامَكِ النجار قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ اخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ عَلَى أَقْوَالٍ وَأَقْرَبُهَا مَا رَوَاهُ قَاسم بن أصبغ وبن سعد فِي شرف الْمُصْطَفى بِسَنَد فِيهِ بن لَهِيعَةَ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ كَانَ بِالْمَدِينَةِ نَجَّارٌ وَاحِدٌ يُقَالُ لَهُ مَيْمُونُ فَذَكَرَ قِصَّةَ الْمِنْبَرِ وَقِيلَ اسْمُهُ إِبْرَاهِيمُ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ جَابِرٍ بِسَنَدٍ فِيهِ مَتْرُوكٌ وَقِيلَ بِاَقْوَلٌ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ مُنْقَطِعٍ وَقِيلَ بِاَقْوَمٌ رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمَعْرِفَةِ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ وَقِيلَ صُبَاحٌ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وموحدة خَفِيفَة وَآخره مُهْملَة ذكره بن بَشْكُوَالَ بِسَنَدٍ شَدِيدِ الِانْقِطَاعِ وَقَيلَ قَبِيصَةُ أَوْ قَبِيصَةُ الْمَخْزُومِيُّ مَوْلَاهُمْ ذَكَرَهُ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ فِي الصَّحَابَةِ بِسَنَدٍ مُرْسَلٍ وَقِيلَ كِلَابٌ مَوْلَى الْعَبَّاس رَوَاهُ بن سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرِجَالُهُ ثِقَات الا الْوَاقِدِيّ وَقيل ميناء ذكره بن بَشْكُوَالَ بِسَنَدٍ مُعْضَلٍ وَقِيلَ تَمِيمُ الدَّارِيُّ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ عَن بن عُمَرَ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ بَاشَرَ عَمَلَهُ بَلْ تَبَيَّنَ مِنْ رِوَايَةِ بن سَعْدٍ أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْهُ وَإِنَّمَا عَمِلَهُ كِلَابٌ مولى الْعَبَّاس قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ وَأَشْبَهُ الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ مَيْمُونُ لِكَوْنِ الْإِسْنَادِ مِنْ طَرِيقِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَاوِي الْحَدِيثِ وَأَمَّا الْأَقْوَالُ الْأُخَرُ فَلَا اعْتِدَادَ بِهَا لِوَهَائِهَا وَيَبْعُدُ جِدًّا أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهَا بِأَنَّ النَّجَّارَ كَانَتْ لَهُ أَسْمَاءٌ مُتَعَدِّدَةٌ وَأَمَّا احْتِمَالُ كَوْنِ الْجَمِيعِ اشْتَرَكُوا فِي عَمَلِهِ فَمَنَعَ مِنْهُ قَوْلُهُ كَانَ بِالْمَدِينَةِ نَجَّارٌ وَاحِدٌ إِلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَاحِدِ الْمَاهِرُ فِي صِنَاعَتِهِ وَالْبَقِيَّةُ أَعْوَانُهُ فَعَمِلَهَا مِنْ طَرْفَاءِ الْغَابَةِ بِالْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ مَوْضِعٌ مِنْ عوالي الْمَدِينَة من جِهَة الشَّام وَجزم بن سَعْدٍ بِأَنَّ عَمَلَ الْمِنْبَرِ كَانَ فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِذِكْرِ الْعَبَّاسِ وَكَانَ قُدُومُ الْعَبَّاسِ بَعْدَ الْفَتْحِ فِي آخِرِ سَنَةِ ثَمَانٍ وقدوم تَمِيم سنة تسع وَجزم بن

النَّجَّارِ بِأَنَّ عَمَلَهُ كَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَلَمْ يَزَلِ الْمِنْبَرُ عَلَى حَالِهِ ثَلَاثَ دَرَجَاتٍ حَتَّى زَادَهُ مَرْوَانُ فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ سِتَّ دَرَجَاتٍ رَوَى الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ فِي أَخْبَارِ الْمَدِينَةِ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ بَعَثَ مُعَاوِيَةُ إِلَى مَرْوَانَ وَهُوَ عَامِلُهُ عي الْمَدِينَةِ أَنْ يَحْمِلَ الْمِنْبَرَ إِلَيْهِ فَقُلِعَ فَأَظْلَمَتِ الْمَدِينَةُ وَفِي رِوَايَةٍ فَكُسِفَتِ الشَّمْسُ حَتَّى رَأَيْنَا النُّجُومَ فَخَرَجَ مَرْوَانُ فَخَطَبَ فَقَالَ إِنَّمَا أَمَرَنِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ أَرْفَعَهُ فَدَعَا نَجَّارًا وَكَانَ ثَلَاثَ دَرَجَاتٍ فَزَادَ سِتَّ دَرَجَاتٍ وَقَالَ إِنَّمَا زِدْت فِيهِ حِين كثر النَّاس قَالَ بن النَّجَّارِ وَغَيْرُهُ اسْتَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا مَا أُصْلِحَ مِنْهُ إِلَى أَنِ احْتَرَقَ مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَسِتُّمِائَةٍ فَاحْتَرَقَ فَجَدَّدَ الْمُظَفَّرُ صَاحِبُ الْيَمَنِ سَنَةَ سِتِّ وَخَمْسِينَ مِنْبَرًا ثُمَّ أَرْسَلَ الظَّاهِرُ بِيبَرْسُ بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ مِنْبَرًا فَأُزِيلَ مِنْبَرُ الْمُظَفَّرِ فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ إِلَى سَنَةِ عِشْرِينَ وَثَمَانِمِائَةٍ فَأَرْسَلَ الْمَلِكُ الْمُؤَيَّدُ شِيخُو منبرا جَدِيدا ذكر ذَلِك الْحَافِظ بن حَجَرٍ وَقَدِ احْتَرَقَ مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ أَيْضًا بَعْدَ ثَمَانِينَ وَثَمَانِمِائَةٍ فَجَدَّدَهُ الْمَلِكُ الْأَشْرَفُ قَايِتْبَايْ وَعَمِلَ مِنْبَر جَدِيد فَأمر بهَا فَوضعت الضَّمِير للأعواد ورقى بِكَسْرِ الْقَافِ نَزَلَ الْقَهْقَرَى بِالْقَصْرِ الْمَشْيُ إِلَى خَلْفٍ فَسَجَدَ فِي أَصْلِ الْمِنْبَرِ أَيْ عَلَى الْأَرْضِ إِلَى جَنْبِ الدَّرَجَةِ السُّفْلَى مِنْهُ وَلِتَعَلَّمُوا بِكَسْرِ اللَّامِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْديد اللَّام الثَّانِيَة أَي لتتعلموا

كتاب القبلة

(كتاب الْقبْلَة) [745] وَقَدْ أَمَرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا قَالَ الْقُرْطُبِيُّ رُوِيَ بِفَتْحِ الْبَاءِ عَلَى الْخَبَرِ وَبِكَسْرِهَا على الْأَمر

[746] مِثْلُ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هِيَ بِالْهَمْزَةِ وَالسُّكُونِ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ فِي آخِرَتِهِ وَقَدْ منع مِنْهَا بَعضهم وَلَا تشدد

[750] مِثْلُ آخِرَةِ الرَّحْلِ بِالْمَدِّ الْخَشَبَةُ الَّتِي يَسْتَنِدُ إِلَيْهَا الرَّاكِبُ مِنْ كُورِ الْبَعِيرِ يَقْطَعُ صَلَاتَهُ الْمَرْأَةُ وَالْحِمَارُ وَالْكَلْبُ الْأَسْوَدُ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي الْخَوْفِ عَلَى قَطْعِهَا بِالشَّغْلِ بِهَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ تَفْتِنُ وَالْحِمَارَ يَنْهَقُ وَالْكَلْبَ يُرَوِّعُ فَيَتَشَوَّشُ الْمُتَفَكِّرُ فِي ذَلِكَ حَتَّى تَنْقَطِعَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ فَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ آيِلَةً إِلَى الْقَطْعِ جَعَلَهَا قَاطِعَةً الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ شَيْطَانٌ حَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى ظَاهِرِهِ وَقَالَ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَتَصَوَّرُ بِصُورَةِ الْكِلَابِ السُّودِ وَقِيلَ لَمَّا كَانَ الْأَسْوَدُ أَشَدَّ ضَرَرًا مِنْ غَيْرِهِ وَأَشَدَّ تَرْوِيعًا كَانَ الْمُصَلِّي إِذَا رَآهُ أُشْغِلَ عَنْ صَلَاتِهِ فَانْقَطَعت عَلَيْهِ لذَلِك أَتَانٍ بِالْمُثَنَّاةِ أُنْثَى الْحِمَارِ تَرْتَعُ أَيْ تَرْعَى

[762] اكْلَفُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ بِفَتْحِ اللَّامِ يُقَالُ كَلِفْتُ بِهَذَا الْأَمْرِ أَكْلَفُ بِهِ إِذَا أُولِعْتُ بِهِ وَأَحْبَبْتُهُ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا بِفَتْحِ الْمِيمِ فِي الْفِعْلَيْنِ وَالْمَلَالُ اسْتِثْقَالُ الشَّيْءِ وَنُفُورُ النَّفْسِ عَنْهُ بَعْدَ مَحَبَّتِهِ وَهُوَ مُحَالٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِاتِّفَاقٍ قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ إِنَّمَا أُطْلِقَ هَذَا عَلَى جِهَةِ الْمُقَابَلَةِ اللَّفْظِيَّةِ مَجَازًا كَمَا قَالَ تَعَالَى وَجَزَاء سَيِّئَة سَيِّئَة مثلهَا وَأَنْظَارِهَا قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَجْهُ مَجَازِهِ أَنَّهُ تَعَالَى

وَحِمَارَةٌ هِيَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَالْأَصَحُّ حِمَارٌ بِغَيْرِ تَاءٍ لِلْمُذَكَّرِ وَالْأُنْثَى [754] فَفَرَعَ بَيْنَهُمَا بِفَاءٍ وَرَاءٍ مُخَفّفَة

وَعين مُهْملَة أَي حجز بَينهمَا وَفرق سهوة بمهم بَيْتٌ صَغِيرٌ مُنْحَدرٌ فِي الْأَرْضِ قَلِيلًا شَبِيهٌ بالمخدع والخزانة وَقيل هُوَ الصِّفَةُ تَكُونُ بَيْنَ يَدَيِ الْبَيْتِ وَقِيلَ شَبِيهٌ بِالرَّفِّ أَوِ الطاق يوضع فِيهِ الشَّيْء

لما قطع ثَوَابه عَمَّن قَطْعِ الْعَمَلِ مَلَالًا عَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِالْمَلَالِ مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِاسْمِ سَبَبِهِ وَقَالَ الْهَرَوِيُّ مَعْنَاهُ لَا يَقْطَعُ عَنْكُمْ فَضْلَهُ حَتَّى تَمَلُّوا سُؤَالَهُ فَتَزْهَدُوا فِي الرَّغْبَةِ إِلَيْهِ وَهَذَا كُلُّهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ حَتَّى عَلَى بَابِهَا فِي انْتِهَاءِ الْغَايَةِ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مِنَ الْمَفْهُومِ وَجَنَحَ بَعْضُهُمْ إِلَى تَأْوِيلِهَا فَقِيلَ مَعْنَاهُ لَا يَمَلُّ اللَّهُ إِذَا مَلِلْتُمْ وَهُوَ مُسْتَعْمَلٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ يَقُولُونَ لَا يَفْعَلُ كَذَا حَتَّى يَبْيَضَّ الْقَارُ أَوْ حَتَّى يَشِيبَ الْغُرَابُ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ فِي الْبَلِيغِ لَا يَنْقَطِعُ حَتَّى يَنْقَطِعَ خُصُومُهُ لِأَنَّهُ لَوِ انْقَطَعَ حِينَ يَنْقَطِعُونَ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِمْ مَزِيَّةٌ وَهَذَا الْمِثَالُ أَشْبَهُ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ لِأَنَّ شَيْبَ الْغُرَابِ لَيْسَ مُمْكِنًا عَادَةً بِخِلَافِ الْمَلَالِ مِنَ الْعَابِدِ وَقَالَ الْمَازِرِيُّ قِيلَ إِنَّ حَتَّى هُنَا بِمَعْنَى الْوَاوِ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ لَا يَمَلُّ وَتَمَلُّونَ فَنَفَى عَنْهُ الْمَلَالَ وَأَثْبَتَهُ لَهُمْ قَالَ وَقِيلَ حَتَّى بِمَعْنَى حِينَ وَالْأَوَّلُ أَلْيَقُ وَأَحْرَى عَلَى الْقَوَاعِدِ وَأَنه من بَاب الْمُقَابلَة اللفظية وَقَالَ بن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ هَذَا مِنْ أَلْفَاظِ التَّعَارُفِ الَّتِي لَا يَتَهَيَّأُ لِلْمُخَاطَبِ أَنْ يَعْرِفَ الْقَصْدَ مِمَّا يُخَاطَبُ بِهِ إِلَّا بِهَا وَهَذَا رَأْيُهُ فِي جَمِيعِ الْمُتَشَابِهِ وَإِنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى الله أَدْوَمه قَالَ بن الْعَرَبِيّ معنى الْمحبَّة من الله تعالىتعلق الْإِرَادَةِ بِالثَّوَابِ أَيْ أَكْثَرُ الْأَعْمَالِ ثَوَابًا أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ قَالَ النَّوَوِيُّ لِأَنَّ بِدَوَامِ الْقَلِيلِ يَسْتَمِرُّ الطَّاعَةُ بِالذِّكْرِ وَالْمُرَاقَبَةِ وَالْإِخْلَاصِ وَالْإِقْبَالِ عَلَى اللَّهِ بِخِلَافِ الْكَثِيرِ الشَّاقِّ حَتَّى يَنْمُوَ الْقَلِيلُ الدَّائِمُ بِحَيْثُ يَزِيدُ عَلَى الْكَثِيرِ الْمُنْقَطِعِ أَضْعَافًا كَثِيرَة وَقَالَ بن الْجَوْزِيِّ إِنَّمَا أَحَبَّ الدَّائِمَ لِمَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ التَّارِكَ لِلْعَمَلِ بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهِ كَالْمُعْرِضِ بَعْدَ الْوُصُولِ فَهُوَ مُتَعَرِّضٌ لِهَذَا وَلِهَذَا أَوْرَدَ الْوَعِيدَ فِي حَقِّ مَنْ حَفِظَ آيَةً ثُمَّ نَسِيَهَا وَإِنْ كَانَ قَبْلَ حِفْظِهَا لَا تَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ وَالثَّانِي أَنَّ مُدَاوِمَ الْخَيْرِ مُلَازِمُ الْخِدْمَةِ وَلَيْسَ من لَازم

الْبَابِ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَقْتًا مَا كَمَنْ لَازم يَوْمًا كَامِلا ثمَّ انْقَطع [770] فَرُّوجُ حَرِيرٍ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَضْمُومَةِ وَآخِرُهُ جِيمٌ وَحَكَى أَبُو زَكَرِيَّا التَّبْرِيزِيُّ عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ الْمَعَرِّيِّ جَوَازَ ضَمِّ أَوَّلِهِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ الْقَبَاءُ الَّذِي فِيهِ شقّ من خَلفه [771] اذْهَبُوا بِهَا إِلَى أَبِي جَهْمٍ اسْمُهُ عَامِرٌ وَقيل عبيد بن حُذَيْفَة بن غَانِم وأتوني بِأَنْبِجَانِيَّةٍ قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْمَحْفُوظُ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَيُرْوَى بِفَتْحِهَا يُقَالُ كِسَاءٌ أَنْبِجَانِيٌّ مَنْسُوبٌ إِلَى مَنْبِجٍ الْمَدِينَةِ الْمَعْرُوفَةِ وَهِيَ مَكْسُورَةُ الْبَاءِ فَفُتِحَتْ فِي النَّسَبِ وَأُبْدِلَتِ الْمِيمُ هَمْزَةً وَقِيلَ إِنَّهَا مَنْسُوبَةٌ إِلَى مَوْضِعٍ اسْمُهُ أَنْبِجَانُ وَهُوَ أَشْبَهُ وَالْأَوَّلُ فِيهِ تَعَسُّفٌ وَهُوَ كِسَاءٌ يُتَّخَذُ مِنَ الصُّوفِ وَلَهُ خَمْلٌ وَلَا عَلَمَ لَهُ وَهُوَ مِنْ أَدْوَنِ الثِّيَابِ الْغَلِيظَةِ قَالَ وَإِنَّمَا بَعَثَ الْخَمِيصَةَ إِلَى أَبِي جَهْمٍ لِأَنَّهُ الَّذِي أَهْدَاهَا لَهُ وَإِنَّمَا طَلَبَ مِنْهُ الْأَنْبِجَانِيَّ لِئَلَّا يُؤَثِّرَ رَدُّ الْهَدِيَّةِ فِي قَلْبِهِ وَالْهَمْزَةُ فِيهِ زَائِدَةٌ فِي قَوْلٍ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ يُرْوَى بِفَتْحِ الْهمزَة وَكسرهَا وبفتح الْبَاء وَكسرهَا وبتشديد الْبَاء وتخفيفها

كتاب الإمامة

(كتاب الْإِمَامَة) [778] عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ الْبَرَّاءُ بِالتَّشْدِيدِ وَالْمَدِّ كَانَ يَبْرِي النَّبْلَ وَاسْمُهُ زِيَادُ بْنُ فَيْرُوزٍ وَقِيلَ كُلْثُومٌ وَاجْعَلُوهَا مَعَهُمْ سُبْحَةً بِضَمِّ السِّينِ وَإِسْكَانِ الْمُوَحدَة أَي نَافِلَة تَكْرِمَتِهِ هِيَ الْمَوْضِعُ الْخَاصُّ لِجُلُوسِ الرَّجُلِ مِنْ فرَاش أَو سَرِير مِمَّا يعد لَا كرامه وَهِي تفعلة من الْكَرَامَة

[784] إِنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَيُرْوَى التَّصْفِيحُ وَهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ قَالَهُ أَبُو عَلِيٍّ الْبَغْدَادِيُّ وَهُوَ أَنْ تَضْرِبَ بِأُصْبُعَيْنِ مِنَ الْيَدِ الْيُمْنَى فِي بَاطِنِ الْكَفِّ الْيُسْرَى وَهُوَ صَفْحُهَا وَصَفْحُ كُلِّ شَيْءٍ جَانِبِهِ وَقِيلَ التَّصْفِيحُ الضَّرْبُ بِظَاهِرِ إِحْدَاهُمَا على الْأُخْرَى وبالتصفيق الضَّرْبُ بِبَاطِنِ إِحْدَاهُمَا عَلَى بَاطِنِ الْأُخْرَى وَقِيلَ التَّصْفِيحُ بِأُصْبُعَيْنِ لِلتَّنْبِيهِ وَبِالْقَافِ بِالْجَمِيعِ لِلَّهْوِ وَاللَّعِبِ

[790] إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ فَلَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي قَالَ الْعُلَمَاءُ النَّهْيُ عَنِ الْقِيَامِ قَبْلَ أَنْ يَرَوْهُ لِئَلَّا يَطُولَ عَلَيْهِمُ الْقِيَامُ وَلِأَنَّهُ قَدْ يعرض لَهُ عَارض فيستأخر بِسَبَبِهِ نجى فعيل من الْمُنَاجَاة أَي مناج مَكَانَكُمْ بِالنَّصْبِ أَيِ الْزَمُوا يَنْطِفُ رَأْسُهُ بِضَمِّ الطَّاء الْمُهْملَة وَكسرهَا أَي يقطر

[807] لَا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ إِذَا تَقَدَّمَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الصُّفُوف تأثرت قُلُوبهم وَفَشَا بَينهم الْخلف ليلني مِنْكُمْ قَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ بِكَسْرِ اللَّامَيْنِ وَتَخْفِيفِ النُّونِ مِنْ غَيْرِ يَاءٍ قَبْلَ النُّونِ وَيَجُوزُ إِثْبَاتُ الْيَاءِ مَعَ تَشْدِيدِ النُّونِ عَلَى التَّوْكِيدِ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى أَيْ ذَوُو الْأَلْبَابِ وَالْعُقُولِ وَاحِدُهَا حِلْمٌ بِالْكَسْرِ فَكَأَنَّهُ مِنَ الْحِلْمِ الْأَنَاةُ وَالتَّثَبُّتُ فِي الْأُمُورِ وَذَلِكَ مِنْ شَعَائِرِ الْعُقَلَاءِ وَوَاحِد

النُّهَى نُهْيَةٌ بِالضَّمِّ سُمِّيَ الْعَقْلُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَنْهَى صَاحِبَهُ عَنِ الْقَبِيحِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ أُولُو الْأَحْلَامِ هُمُ الْعُقَلَاءُ وَقِيلَ الْبَالِغُونَ وَالنُّهَى بِضَمِّ النُّونِ الْعُقُولُ فَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ أُولُو الْإِحْلَامِ الْعُقَلَاءُ يَكُونُ اللَّفْظَانِ بِمَعْنًى فَلَمَّا اخْتَلَفَ اللَّفْظُ عَطَفَ أَحَدَهُمَا عَلَى الْآخَرِ تَأْكِيدًا وَعَلَى الثَّانِي مَعْنَاهُ الْبَالِغُونَ الْعُقَلَاءُ وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النُّهَى مَصْدَرًا كَالْهُدَى وَأَنْ يَكُونَ جَمْعًا كَالظُّلْمِ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ الَّذِينَ يَقْرَبُونَ مِنْهُمْ فِي هَذَا الْوَصْفِ [808] أَهْلُ الْعُقَدِ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَفَتْحِ الْقَافِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ يَعْنِي أَصْحَابَ الْوِلَايَاتِ عَلَى الْأَمْصَارِ مِنْ عَقْدِ الْأَلْوِيَةِ لِلْأُمَرَاءِ وَرُوِيَ الْعقْدَة يُرِيد الْبيعَة المعقودة للولاة

[810] كَمَا تُقَوَّمُ الْقِدَاحُ جَمْعُ قَدَحٍ وَهُوَ السَّهْمُ لَتُقِيمُنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ أَيْ إِنْ لَمْ تُقِيمُوا وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ اعْتِدَالُ الْقَائِمِينَ لَهَا عَلَى سَمْتٍ وَاحِدٍ وَيُرَادُ بِهِ أَيْضًا سَدُّ الْخَلَلِ الَّذِي فِي الصُّفُوفِ وَاخْتُلِفَ فِي الْوَعِيدِ الْمَذْكُورِ فَقِيلَ هُوَ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَالْمُرَادُ بِهِ تَشْوِيهُ الْوَجْهِ بِتَحْوِيلِ خَلْقِهِ عَنْ وَضْعِهِ بِجَعْلِهِ مَوْضِعَ الْقَفَا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَقِيلَ مَجَازٌ وَمَعْنَاهُ يُوقِعُ بَيْنكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ وَاخْتِلَافَ الْقُلُوبِ كَمَا تَقُولُ تَغَيَّرَ وَجْهُ فُلَانٍ عَلَيَّ أَيْ ظَهَرَ لِي مِنْ وَجْهِهِ كَرَاهِيَةٌ لِأَنَّ مُخَالَفَتَهُمْ فِي الصُّفُوفِ مُخَالَفَةٌ فِي ظَوَاهِرِهِمْ وَاخْتِلَافُ الظَّوَاهِرِ سَبَبٌ لِاخْتِلَافِ الْبَوَاطِنِ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ أبي دَاوُد ليخالفن الله بَين قُلُوبكُمْ

[813] فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَرَاكُمْ مِنْ خَلْفِي كَمَا أَرَاكُمْ مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ قَالَ الْمُحَقِّقُونَ الصَّوَابُ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَنَّ هَذَا الْإِبْصَارَ إِدْرَاكٌ حَقِيقِيٌّ خَاصٌّ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْخَرَقَتْ لَهُ فِيهِ الْعَادَةُ قَالَ بن الْمُنِيرِ لَا حَاجَةَ إِلَى تَأْوِيلِهِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى تَعْطِيلِ لَفْظِ الشَّارِعِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ حَمْلُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ أَوْلَى لِأَنَّ فِيهِ زِيَادَةً كَرَامَةٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَا نُقِلَ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ ثُمَّ إِنَّ ذَلِكَ الْإِدْرَاكَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِرُؤْيَةِ عَيْنِهِ انْخَرَقَتْ لَهُ الْعَادَةُ فِيهِ أَيْضًا وَكَانَ يَرَى بِهَا مِنْ غَيْرِ مُقَابَلَةٍ لِأَنَّ الْحَقَّ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ الرُّؤْيَةَ لَا يُشْتَرَطُ لَهَا عَقْلًا عُضْوٌ مَخْصُوصٌ وَلَا مُقَابَلَةٌ وَلَا قُرْبٌ وَإِنَّمَا تِلْكَ الْأُمُورُ عَادِيَةٌ وَيَجُوزُ حُصُولُ الْإِدْرَاكِ مَعَ عَدَمِهَا عَقْلًا وَقِيلَ كَانَتْ لَهُ عَيْنٌ خَلْفَ ظَهْرِهِ يَرَى بِهَا مَنْ وَرَاءَهُ دَائِمًا وَقِيلَ كَانَتْ بَيْنَ كَتِفَيْهِ عَيْنَانِ مثل سم الْخياط يبصر بهما وَلَا يَحْجُبُهُمَا ثَوْبٌ وَلَا غَيْرُهُ وَقِيلَ بَلْ كَانَتْ صُوَرُهُمْ تَنْطَبِعُ فِي حَائِطِ

قِبْلَتِهِ كَمَا تَنْطَبِعُ فِي الْمِرْآةِ فَيَرَى أَمْثِلَتَهُمْ فِيهَا فيشاهد أفعالهم [820] خَيْرُ صُفُوفِ الرَّجُالِ أَوَّلُهَا يَعْنِي أَكْثَرُهَا أَجْرًا وشرها آخرهَا يَعْنِي أجرا

[828] أَلَا يَخْشَى الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ زَادَ أَبُو دَاوُدَ وَالْإِمَامُ سَاجِدٌ أَنْ يُحَوِّلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى هَذَا الْوَعِيدِ فَالْأَرْجَحُ أَنَّهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَقِيلَ هُوَ مجَاز عَن البلادة وَقَالَ بن بَزِيزَةَ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِالتَّحْوِيلِ الْمَسْخُ أَوْ تَحْوِيلُ الْهَيْئَةِ الْحَسَنَةِ أَوِ الْمَعْنَوِيَّةِ أَوْ هُمَا مَعًا

[830] فَأَرَمَّ الْقَوْمُ قَالَ فِي النِّهَايَةِ الرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ بالراء وَتَشْديد الْمِيم أَي سكتوا وَلم يُجِيبُوهُ يُقَالُ أَرَمَّ فَهُوَ مُرِمٌّ وَيُرْوَى بِالزَّاي وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ وَهُوَ بِمَعْنَاهُ لَكِنَّ الْأَزْمَ الْإِمْسَاكُ عَنِ الطَّعَامِ وَالْكَلَامِ خَشِيتُ أَنْ تَبْكَعَنِي بِهَا يُقَالُ بَكَعْتُ الرَّجُلَ بَكْعًا إِذَا اسْتَقْبَلْتُهُ بِمَا يكره

[847] اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ أَيِ اسْتَوْلَى عَلَيْهِمْ وَحَوَّلَهُمْ إِلَيْهِ فَعَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هِيَ الْمُنْفَرِدَةُ عَنِ الْقَطِيعِ الْبَعِيدَةُ مِنْهُ يُرِيدُ أَنَّ الشَّيْطَانَ يَتَسَلَّطُ عَلَى الْخَارِج من الْجَمَاعَة وَأهل السّنة

أَسِيفٌ أَيْ سَرِيعُ الْبُكَاءِ وَالْحُزْنِ وَقِيلَ هُوَ الرَّقِيق

يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ أَيْ يَمْشِي بَيْنَهُمَا مُعْتَمِدًا عَلَيْهِمَا مِنْ ضَعْفِهِ وَتَمَايُلِهِ لِيَنُوءَ أَيْ لِيَنْهَضَ

الْفَذ أَي الْوَاحِد الْفَرد

[848] ثُمَّ أُخَالِفُ إِلَى رِجَالٍ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ آتِيهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَوْ أُخَالِفُ مَا أَظْهَرْتُ مِنْ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَأَرْجِعُ إِلَيْهِمْ فَآخُذُهُمْ عَلَى غَفْلَةٍ أَوْ يَكُونُ بِمَعْنَى أَتَخَلَّفُ عَنِ الصَّلَاة بمعاقبتهم فَأحرق عَلَيْهِم بُيُوتهم قَالَ بن سَيِّدِ النَّاسِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْرَاقَ بُيُوتَ الْمُتَخَلِّفِينَ عَنْهَا مَا هِيَ فَقِيلَ هِيَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَقِيلَ الْعِشَاءُ أَوِ الْفَجْرُ وَقِيلَ الْجُمُعَةُ وَقِيلَ كُلُّ صَلَاةٍ وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَظْمًا سَمِينًا أَوْ مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ الْعِشَاءَ قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْمِرْمَاةُ ظِلْفُ الشَّاةِ وَقِيلَ مَا بَيْنَ ظِلْفَيْهَا وَتُكْسَرُ مِيمُهُ وَتُفْتَحُ وَقِيلَ

الْمِرْمَاةُ بِالْكَسْرِ السَّهْمُ الصَّغِيرُ الَّذِي يُتَعَلَّمُ بِهِ الرَّمْيُ وَهُوَ أَحْقَرُ السِّهَامِ وَأَرْذَلُهَا أَيْ لَوْ دُعِيَ إِلَى أَنْ يُعْطَى سَهْمَيْنِ مِنْ هَذِهِ السِّهَامِ لَأَسْرَعَ الْإِجَابَةَ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ وَهَذَا لَيْسَ بِوَجِيهٍ وَيَرْفَعُهُ قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى لَوْ دُعِيَ إِلَى مِرْمَاتَيْنِ أَوْ عِرْقٍ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٌ وَهَذَا حَرْفٌ لَا أَدْرِي مَا وَجْهُهُ إِلَّا أَنَّهُ هَكَذَا يُفَسَّرُ بِمَا بَيْنَ ظِلْفَيِ الشَّاة يُرِيد بِهِ حقارته وَقَالَ بن سَيِّدِ النَّاسِ قَالَ الْأَخْفَشُ الْمِرْمَاةُ لُعْبَةٌ كَانُوا يَلْعَبُونَهَا بِنِصَالٍ مُحَدَّدَةٍ يَرْمُونَهَا فِي كَوْمٍ مِنْ تُرَابٍ فَأَيّهُمْ أَثْبَتَهَا فِي الْكَوْمِ غَلَبَ قَالَ وَهُوَ ضَرْبَهُ عَلَيْهِ الصّلَاةُ والسَّلَامُ مَثَلًا أَنَّ أَحَدَ هَؤُلَاءِ الْمُتَخَلِّفِينَ عَنِ الْجَمَاعَةِ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يُدْرِكُ الشَّيْءَ الْحَقِيرَ وَالنَّزْرَ الْيَسِيرَ مِنْ مَتَاعِ الدُّنْيَا أَوْ لَهْوِهَا لَبَادَرَ إِلَى حُضُورِ الْجَمَاعَة ايثارا لذَلِك على مَا أعده اللَّهُ تَعَالَى لَهُ مِنَ الثَّوَابِ عَلَى شُهُودِ الْجَمَاعَةِ وَهُوَ صِفَةٌ لَا يَلِيقُ بِغَيْرِ الْمُنَافِقِينَ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فَقَالَ مرماتين خشبتين وَقَالَ الْخَشَبُ الْغَلِيظُ وَالْخَشَبُ الْيَابِسُ مِنَ الْخَشَبِ وَالْمِرْمَاتُ ظِلْفُ الشَّاةِ لِأَنَّهُ يُرْمَى بِهِ هَذَا كَلَامُهُ قَالَ وَاَلَّذِي قَرَأْنَاهُ وَسَمِعْنَاهُ وَهُوَ الْمُتَدَاوَلُ بَيْنَ أَهْلِ الْحَدِيثِ مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ مِنَ الْحُسْنِ وَالْجَوْدَةِ لِأَنَّهُ عَطَفَهُمَا عَلَى الْعِرْقِ السَّمِينِ وَقَدْ

فَسَّرَهُ أَبُو عُبَيْدٌ وَمَنْ بَعْدَهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا إِلَى تَفْسِيرِ الْخَشَبِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ وَقَدْ حَكَيْتُ مَا رَأَيْتُ وَالْعُمْدَةُ عَلَيْهِ [850] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ جَاءَ أَعْمَى إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ النَّوَوِيّ وَهُوَ بن أُمِّ مَكْتُومٍ فَقَالَ إِنَّهُ لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى الصَّلَاةِ فَسَأَلَهُ أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ فَأَذِنَ لَهُ فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ أَتَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَجِبْ

قَالَ النَّوَوِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ لِمَنْ قَالَ الْجَمَاعَةُ فَرْضُ عَيْنٍ وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ عَنْهُ بِأَنَّهُ سَأَلَ هَلْ لَهُ رُخْصَةٌ فِي أَنْ يُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ وَتَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ بِسَبَبِ عُذْرِهِ قِيلَ لَا وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّ حُضُورَ الْجَمَاعَةِ يَسْقُطُ بِالْعُذْرِ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَّا تَرْخِيصُهُ لَهُ ثُمَّ رَدُّهُ وَقَوْلُهُ فَأَجِبْ فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ بِوَحْيٍ نَزَلَ فِي الْحَالِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قُلْنَا بِالصَّحِيحِ وَقَوْلُ الْأَكْثَرِينَ إِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ رَخَّصَ لَهُ أَوَّلًا وَأَرَادَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْكَ الْحُضُورُ إِمَّا لِلْعُذْرِ وَإِمَّا لِأَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ حَاصِلٌ بِحُضُورِ غَيْرِهِ وَإِمَّا لِلْأَمْرَيْنِ ثُمَّ نَدَبَهُ إِلَى الْأَفْضَلِ فَقَالَ الْأَفْضَلُ لَكَ وَالْأَعْظَمُ لِأَجْرِكَ أَنْ تُجِيبَ وَتَحْضُرَ فأجب [851] عَن بن أُمِّ مَكْتُومٍ اسْمُهُ عَمْرٌو وَقِيلَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ فَحَيَّ هَلًا قَالَ فِي النِّهَايَةِ هِيَ كَلِمَتَانِ جُعِلَتَا كَلِمَةً وَاحِدَةً فَحَيَّ بِمَعْنَى أَقْبِلْ وهلا بِمَعْنى أسْرع

[858] تَرْعَدُ فَرَائِصُهُمَا جَمْعُ فَرِيصَةٍ وَهِيَ اللُّحْمَةُ الَّتِي بَيْنَ الْجَنْبِ وَالْكَتِفِ قَالَهُ فِي النِّهَايَةِ وَقَالَ بن سِيدَهِ الْفَرِيصَةُ لُحْمَةٌ عِنْدَ نَغْضِ الْكَتِفِ فِي وَسَطِ الْجَنْبِ عِنْدَ مَنْبِضِ الْقَلْبِ وَهُمَا فَرِيصَتَانِ تَرْعُدَانِ عِنْدَ الْفَزَعِ فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ قَالَ بن سيد النَّاس قَالَ بن سِيدَهِ النَّافِلَةُ الْغَنِيمَةُ وَالنَّافِلَةُ الْعَظِيمَةُ وَالنَّافِلَةُ مَا يَفْعَلُهُ الْإِنْسَانُ مِمَّا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَهُوَ من ذَلِك [862] فَدُرِّعَ الْآنَ مِثْلُهَا مِنْ نَارٍ

بِضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ الْمُشَدَّدَةِ أَي البس عوضهَا درعا من نَار

[871] وَزَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ الْعَيْنِ مِنَ الْعَوْدِ أَيْ إِلَى أَنْ تَرْكَعُ دُونَ الصَّفِّ حَتَّى تَقُومَ فِي الصَّفِّ وَقِيلَ مَعْنَاهُ لَا تَعُدْ إِلَى أَنْ تَسْعَى إِلَى الصَّلَاةِ سَعْيًا بِحَيْثُ يَضِيقُ عَلَيْكَ النَّفْسُ وَقِيلَ لَا تَعُدْ إِلَى الْإِبْطَاءِ وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَائِدًا إِلَى الْمَشْي إِلَى الصَّفِّ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّ الْخُطْوَةَ وَالْخُطْوَتَيْنِ وَإِنْ لَمْ تُفْسِدِ الصَّلَاةَ لَكِنَّ الْأَوْلَى التَّحَرُّزُ عَنْهَا

كتاب الافتتاح

(كتاب الِافْتِتَاح) [880] حِيَالَ أُذُنَيْهِ أَيْ تِلْقَاءَهُمَا [881] فُرُوعَ أُذُنَيْهِ أَعَالِيهِمَا وفروع كل شَيْء أَعْلَاهُ والرسغ وَهُوَ مفصل بَين الْكَفّ والساعد

[890] نَهَى أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مُخْتَصِرًا أَيْ وَهُوَ وَاضِعٌ يَدَهُ عَلَى خَصْرِهِ [891] إِنَّ هَذَا الصَّلْبَ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ شِبْهَ الصَّلْبِ لِأَنَّ الْمَصْلُوبَ يَمُدُّ يَدَهُ عَلَى الْجِزْعِ وَهَيْئَةُ الصَّلْبِ فِي الصَّلَاةِ أَنْ يَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى خَاصِرَتَيْهِ ويجافي بَين عضديه فِي الْقيام

[892] وَلَوْ رَاوَحَ بَيْنَهُمَا قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى إِحْدَاهُمَا مَرَّةً وَعَلَى الْأُخْرَى مرّة ليوصل الرَّاحَة إِلَى كل مِنْهُمَا اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالثَّلْجِ وَالْمَاءِ وَالْبَرَدِ اسْتِعَارَة للْمُبَالَغَة فِي التَّنْظِيف من الذُّنُوب

[897] وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا مِمَّا يَجِبُ تَأْوِيلُهُ لِأَنَّ مَذْهَبَ أَهْلِ الْحَقِّ أَنَّ كُلَّ الْمُحْدَثَاتِ فِعْلُ اللَّهِ وَخَلْقُهُ سَوَاءٌ خَيْرُهَا وَشَرُّهَا وَفِيهِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا مَعْنَاهُ لَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَيْكَ قَالَهُ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ وَالنَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ خُزَيْمَةَ وَالْأَزْهَرِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَالثَّانِي حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنِ الْمُزَنِيِّ مَعْنَاهُ لَا يُضَافُ إِلَيْكَ عَلَى انْفِرَادِهِ لَا يُقَالُ يَا خَالِقَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ وَيَا رَبَّ الشَّرِّ وَنَحْوِ هَذَا وَإِنْ كَانَ خَالِقَ كُلِّ شَيْءٍ وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَحِينَئِذٍ يَدْخُلُ الشَّرُّ فِي الْعُمُومِ وَالثَّالِثُ مَعْنَاهُ وَالشَّرُّ لَا يَصْعَدُ إِلَيْكَ وَإِنَّمَا يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ وَالرَّابِعُ مَعْنَاهُ وَالشَّرُّ لَيْسَ شَرًّا بِالنِّسْبَةِ إِلَيْكَ فَإِنَّكَ خَلَقْتَهُ لِحِكْمَةٍ بَالِغَةٍ وَإِنَّمَا هُوَ شَرٌّ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَخْلُوقِينَ وَالْخَامِسُ حَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ أَنَّهُ كَقَوْلِكَ فُلَانٌ إِلَى بَنِي فُلَانٍ إِذَا كَانَ

عِدَادُهُ فِيهِمْ أَوْ ضَمُّوهُ إِلَيْهِمْ وَقَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى عِظَمِ جَلَالِهِ وَعِزَّةِ سُلْطَانِهِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْمُلُوكَ بِأَسْرِهِمْ غَالِبُ التَّقَرُّبِ لَهُمْ بِالشُّرُورِ وَإِيثَارِ أَغْرَاضِهِمْ عَلَى سَائِرِ الْأَغْرَاضِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِسِعَةِ رَحْمَتِهِ وَنُفُوذِ مَشِيئَتِهِ لَا يُتَقَرَّبُ إِلَيْهِ بِشَرٍّ بَلْ هُوَ سَبَبُ إِبْعَادٍ فَالتَّقْدِيرُ فِي الْحَدِيثِ وَالشَّرُّ لَيْسَ مُقَرَّبًا إِلَيْكَ وَلَا بُدَّ مِنْ حَذْفٍ لِأَجْلِ خَبَرِ لَيْسَ فَيُقَدَّرُ هُنَا خَاصّا أنابك وَإِلَيْكَ قَالَ النَّوَوِيُّ أَيْ تَوْفِيقِي بِكَ وَالْتِجَائِي وَانْتِمَائِي إِلَيْكَ تَبَارَكْتَ أَيِ اسْتَحْقَقْتَ الثَّنَاءَ وَقِيلَ ثَبت الْخَيْر عنْدك وَقَالَ بن الْأَنْبَارِيِّ تَبَارَكَ الْعِبَادُ بِتَوْحِيدِكَ أَسْتَغْفِرُكُ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَإِنْ قِيلَ هَذَا وَعْدٌ بِطَلَبِ الْمَغْفِرَةِ لِأَنَّ مَعْنَى أَسْتَغْفِرُكَ أَطْلُبُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى الْمَغْفِرَةَ لِأَنَّ أَسْتَفْعِلُ لِطَلَبِ الْفِعْلِ فَهَذَا وَعْدٌ بِأَنَّا سَنَطْلُبُ مِنْهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنَ الْوَعْدِ بِالطَّلَبِ حُصُولُ الْمَطْلُوبِ الَّذِي هُوَ الطَّلَبُ وَكَذَا أَتُوبُ إِلَيْكَ وَعْدٌ بِالتَّوْبَةِ لَا أَنَّهُ تَوْبَةٌ فِي نَفْسِهِ فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ وَعْدًا وَلَا خَبَرًا بَلْ هُوَ إِنْشَاءٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْخَبَرِ وَالْإِنْشَاءِ أَنَّ الْخَبَرَ هُوَ الدَّالُّ عَلَى أَنَّ مَدْلُولَهُ قَدْ وَقَعَ قَبْلَ صُدُورِهِ أَوْ يَقَعُ بَعْدَ صُدُورِهِ وَالْإِنْشَاءُ هُوَ اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى أَنَّ مَدْلُولَهُ حَصَلَ مَعَ آخِرِ حَرْفٍ مِنْهُ أَوْ عَقِبَ آخِرِ حَرْفٍ مِنْهُ عَلَى الْخِلَافِ بَين الْعلمَاء فِي ذَلِك

[899] سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك قَالَ الْخطابِيّ أَخْبرنِي بن خَلَّادٍ قَالَ سَأَلْتُ الزَّجَّاجَ عَنْ دُخُولِ الْوَاوِ فِي وَبِحَمْدِكَ فَقَالَ مَعْنَاهُ وَبِحَمْدِكَ سُبْحَانَكَ وَتَعَالَى جدك أَي علا جلالك وعظمتك [901] إِذْ جَاءَ رَجُلٌ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ وَقَدْ حَفَزَهُ النَّفَسُ قَالَ النَّوَوِيُّ بِفَتْحِ حُرُوفِهِ وَتَخْفِيفِهَا أَيْ ضَغَطَهُ لِسُرْعَتِهِ فَأَرَمَّ الْقَوْمُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْمِيم أَي سكتوا

[904] نَزَلَتْ عَلَيَّ آنِفًا بِالْمَدِّ أَيْ قَرِيبًا فَيَخْتَلِجُ العَبْد يجتذب ويقتطع

[909] فَهِيَ خِدَاجٌ تَفْسِيرُهُ قَوْلُهُ غَيْرُ تَمَامٍ قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْخِدَاجُ النُّقْصَانُ وَإِنَّمَا قَالَ فَهِيَ

خِدَاجٌ وَالْخِدَاجُ مَصْدَرٌ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَيْ ذَاتُ خِدَاجٍ أَوْ يَكُونُ قَدْ وَصَفَهَا بِالْمَصْدَرِ نَفْسِهِ مُبَالَغَةً كَقَوْلِهِ فَإِنَّمَا هِيَ إِقْبَالٌ وَإِدْبَارٌ قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ الْحَدِيثَ قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَدُلُّ عَلَى أُمُورٍ مِنْهَا أَنَّ نَسْتَعِينُ مِنْهَا طَلَبٌ بِلَفْظِ الْخَبَرِ وَالثَّانِي أَنَّهُ مَا قَدَّمَ إياك نعْبد على إياك نستعين إِلَّا لِكَوْنِهِ مِمَّا لِلَّهِ فَيَتَقَدَّمُ عَلَى

مَا لِلْعَبْدِ لِأَنَّهُ أَشْرَفُ وَلِيَقَعَ فِي قَسَمِ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ قَدْ قِيلَ الِاسْتِعَانَةُ هِيَ خلق الْقُدْرَة عَلَى الْفِعْلِ وَهُوَ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الْفِعْلِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَتَقَدَّمَ فِي اللَّفْظِ إِلَّا أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ أَوْلَى لِأَنَّ تَقْدِيمَ الْأَشْرَفِ قَاعِدَةٌ مَشْهُورَةٌ وَأَنَّهُ يَقَعُ مَا لِلَّهِ فِي النِّصْفِ الَّذِي لِلَّهِ أَيْضًا فَيُنَاسِبُهُ وَالثَّالِثُ أَنَّ الْبَسْمَلَةَ لَيْسَتْ مِنَ الْفَاتِحَةِ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مِنْهَا لَكَانَتْ آيَةً بِانْفِرَادِهَا لِوُجُودِ الْفَاصِلَةِ فِيهَا وَإِذَا كَانَتْ آيَةً يَكُونُ حَدُّ الْقِسْمَةِ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ اللَّهِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ لَكِنَّ النَّصَّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ وَقِيلَ هَذَا ظَاهِرُ النَّصِّ لَيْسَ مُرَادًا لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَيْسَتْ مَقْسُومَةً بِالْإِجْمَاعِ بَلْ قِرَاءَتَهَا وَالْقِرَاءَةُ أَيْضًا لَيْسَتْ مَقْسُومَةً بِالْإِجْمَاعِ بِدَلِيلِ السُّورَةِ الَّتِي مَعَ الْفَاتِحَةِ بَلْ بَعْضُ الْقِرَاءَةِ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ قَسَمْتُ بَعْضَ قِرَاءَةِ الصَّلَاةِ وَبَعْضُ قِرَاءَةِ الصَّلَاةِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْفَاتِحَةَ فَالْمَقْسُومُ عِنْدَنَا بَعْضُ الْفَاتِحَةِ وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ اه

فَصَاعِدًا نُصِبَ عَلَى الْحَالِ بِفِعْلٍ وَاجِبِ الْإِضْمَارِ نقيضا هُوَ الصَّوْت

[915] السَّبع الطول بِضَم الطَّاء وَفتح الْوَاو جمع الطُّولى كالكبرى وَالْكبر والفضلى وَالْفضل خالجنيها أَي نازعنيها

[932] فَمَا نَهْنَهَهَا أَيْ مَا مَنَعَهَا وَكَفَّهَا عَنِ الْوُصُول إِلَيْهِ [933] كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَسْئُولُ عَنْهُ صِفَةً لِلْوَحْيِ نَفْسِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ صِفَةَ حَامِلِهِ أَوْ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ قَالَ أَحْيَانًا نُصِبَ عَلَى الظَّرْفِ وَعَامِلِهِ يَأْتِينِي مُؤَخَّرٌ عَنْهُ فِي مِثْلِ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ بصادين مُهْمَلَتَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ بَيْنَهُمَا لَامٌ سَاكِنَةٌ وَهِيَ فِي الْأَصْلِ صَوْتُ وُقُوعِ الْحَدِيدِ بَعْضِهِ

عَلَى بَعْضٍ ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى كُلِّ صَوْتٍ لَهُ طَنِينٌ وَقِيلَ هُوَ صَوْتٌ مُتَدَارَكٌ لَا يُدْرَكُ فِي أَوَّلِ وَهْلَةٍ وَالْجَرَسُ الْجُلْجُلُ الَّذِي يعلق فِي رُؤُوس الدَّوَابِّ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ شَبَّهَ الْمَحْمُودَ بِالْمَذْمُومِ فَإِنَّ صَوْتَ الْجَرَسِ مَذْمُومٌ لِصِحَّةِ النَّهْي عَنْهُ وَالْإِعْلَامِ بِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَصْحَبُ رُفْقَةً فِيهَا جَرَسٌ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ فِي التَّشْبِيهِ تَسَاوِي الْمُشَبَّهِ بِالْمُشَبَّهِ بِهِ فِي كُلِّ صِفَاتِهِ بَلْ يَكْفِي اشْتِرَاكُهُمَا فِي صِفَةٍ مَا وَالْمَقْصُودُ هُنَا بَيَانُ الْحِسِّ فَذَكَرَ مَا أَلِفَ السَّامِعُونَ سَمَاعه تَقْرِيبًا لأفهمامهم وَأُخِذَ مِنْ هَذَا جَوَازُ تَشْبِيهِ الشُّعَرَاءِ رِيقَ الْمَحْبُوبَةِ وَنَحْوِهِ بِالْخَمْرِ وَاسْتُدِلَّ عَلَيْهِ بِقَوْلِ كَعْبٍ كَأَنَّهُ مَنْهَلٌ بِالرَّاحِ مَعْلُولُ وَقَدْ أَنْشَدَهُ فِي حَضْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَقَرَّهُ وَالصَّلْصَلَةُ الْمَذْكُورَةُ صَوْتُ الْمَلَكِ بِالْوَحْيِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ يُرِيدُ أَنَّهُ صَوْتٌ مُتَدَارَكٌ يَسْمَعُهُ وَلَا يُثْبِتُهُ أَوَّلَ مَا يَسْمَعُهُ حَتَّى يَفْهَمَهُ بَعْدُ وَقِيلَ بَلْ هُوَ صَوْتُ حَفِيفِ أَجْنِحَةِ الْمَلَكِ وَالْحِكْمَةُ فِي تَقَدُّمِهِ أَنْ يُفَرِّغَ سَمْعَهُ لِلْوَحْيِ فَلَا يَبْقَى فِيهِ مَكَانٌ لِغَيْرِهِ وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ الْكَلَامَ الْعَظِيمَ لَهُ مُقَدِّمَاتٌ تُؤْذِنُ بِتَعْظِيمِهِ لِلِاهْتِمَامِ بِهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّمَا كَانَ شَدِيدًا عَلَيْهِ لِيَسْتَجْمِعَ قَلْبَهُ فَيَكُونُ أَوْعَى لِمَا سَمِعَ وَقِيلَ إِنَّمَا كَانَ يَنْزِلُ هَكَذَا إِذَا نَزَلَتْ آيَةُ وَعِيدٍ أَوْ تَهْدِيدٍ وَفَائِدَةُ هَذِهِ الشِّدَّةِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْمَشَقَّةِ مِنْ زِيَادَةِ الزُّلْفَى وَالدَّرَجَاتِ فَيَفْصِمُ عَنِّي بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ يَقْطَعُ وَيَنْجَلِي مَا يَغْشَانِي وَيُرَوَى بِضَمِّ أَوَّلِهِ مِنَ الرُّبَاعِيِّ وَأَصْلُ الْفَصْمِ الْقَطْعُ وَقِيلَ الْفَصْمُ بِالْفَاءِ الْقَطْعُ بِلَا إِبَانَةٍ وَبِالْقَافِ الْقَطْعُ بِإِبَانَةٍ

[934] وَأَحْيَانًا يَتَمَثَّلُ لِي الْمَلَكُ رَجُلًا التَّمَثُّلُ مُشْتَقٌّ مِنَ الْمِثْلِ أَيْ يَتَصَوَّرُ وَاللَّامُ فِي الْمَلَكِ للْعهد أَي جِبْرِيل وَصرح بِهِ رِوَايَة بن سَعْدٍ وَرَجُلًا مَنْصُوبٌ نَصْبَ الْمَصْدَرِ أَيْ مِثْلَ رَجُلٍ أَوِ الْحَالِ أَيْ هَيْئَةَ رَجُلٍ أَوِ التَّمْيِيزِ قَالَ الْمُتَكَلِّمُونَ الْمَلَائِكَةُ أَجْسَامٌ عُلْوِيَّةٌ لَطِيفَةٌ تَتَشَكَّلُ أَيْ شَكْلٍ أَرَادُوا وَقَدْ سَأَلَ عَبْدُ الْحَقِّ الصِّقِلّيُّ إِمَامَ الْحَرَمَيْنِ حِينَ اجْتَمَعَ بِهِ بِمَكَّةَ عَنْ هَذِهِ وَكَيْفَ كَانَ جِبْرِيلُ يَجِيءُ مَرَّةً فِي صُورَةِ دِحْيَةَ وَجَاءَ مَرَّةً فِي هَيْئَةِ رَجُلٍ شَدِيدِ بَيَاضِ الثِّيَابِ شَدِيدِ سَوَادِ الشَّعْرِ وَصُورَتُهُ الْأَصْلِيَّةُ وَلَهُ سِتُّمِائَةُ جَنَاحٍ وَكُلُّ جَنَاحٍ مِنْهَا يَسُدُّ الْأُفُقَ فَقَالَ مِنْ قَائِلٍ إِنَّهُ سُبْحَانَهُ يُفْنِي الزَّائِدَ مِنْ خَلْقِهِ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمِنْ قَائِلٍ إِنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ تَمْثِيلٌ فِي عَيْنِ الرَّائِي لَا فِي جِسْمِ جِبْرِيلَ وَهُوَ الَّذِي يُعْطِيهِ قَوْلُهُ يَتَمَثَّلُ قَالَ وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ جِبْرِيلَ عِبَارَةٌ عَنِ الْحَقِيقَةِ الْمَلَكِيَّةِ الْخَاصَّةِ وَمَلَكٌ لَا يَتَغَيَّرُ بِالصُّوَرِ وَالْقَوَالِبِ كَمَا أَنَّ حَقِيقَتَنَا لَا تَتَغَيَّرُ بِهَا أَلَا تَرَى أَنَّ الْجِسْمَ يَتَغَيَّرُ وَيَفْنَى مَعَ أَنَّ الْأَرْوَاحَ لَا تَتَغَيَّرُ كَمَا أَنَّهَا فِي الْجَنَّةِ تُرَكَّبُ عَلَى أَجْسَامٍ لَطِيفَةٍ نُورَانِيَّةٍ مَلَكِيَّةٍ تَنْعَكِسُ الْأَبْدَانُ الْآدَمِيَّةُ الْكَثِيفَةُ هُنَاكَ إِلَى عَالَمِ الْكَمَالِ الْجُسْمَانِيِّ عَلَى نَحْوِ الْأَجْسَامِ الْمَلَكِيَّةِ الْآنَ فَحَقِيقَةُ جِبْرِيلَ كَانَتْ مَعْلُومَةً عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَجْعُولَةً فِي أَيِّ قَالِبٍ كَانَ قُلْتُ وَلِهَذَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ مَجِيئِهِ وَسُؤَالِهِ عَنِ الْإِيمَانِ مَا جَاءَنِي قَطُّ إِلَّا وَأَنَا أَعْرِفُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ هَذِهِ الْمَرَّةَ ثُمَّ قَالَ وَمِنْ هَذَا فُهِمَ السِّرُّ الْمُودَعُ فِي عَصَا مُوسَى كَيْفَ كَانَتْ تَارَةً ثُعْبَانًا فَاتِحًا فَاهُ وَأُخْرَى شَمْعَةً وَمَرَّةً شَجَرَةً صُورَتُهَا مُثْمِرَةٌ وَأُخْرَى سَمِيرًا يُحَادِثُهُ إِذَا اسْتَوْحَشَ فَتَارَةً عُودٌ وَأُخْرَى ذُو رُوحٍ وَانْحَطَّتْ مَرَّةً عَلَى فِرْعَوْنَ وَجَعَلَتْ تَقُولُ يَا مُوسَى مُرْنِي بِمَا شِئْتَ وَيَقُولُ فِرْعَوْنُ أَسْأَلُكَ بِاَلَّذِي أَرْسَلَكَ إِلَّا أَخَذْتَهَا فَيَأْخُذُهَا فَتَعُودُ عَصَا وَقَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالشَّيْخُ سِرَاجُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ مَا ذَكَرَهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ لَا يَنْحَصِرُ الْحَالُ فِيهِ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْآتِي هُوَ جِبْرِيلُ بِشَكْلِهِ الْأَصْلِيِّ إِلَّا أَنَّهُ انْضَمَّ فَصَارَ عَلَى قَدْرِ هَيْئَةِ الرَّجُلِ وَإِذَا تَرَكَ ذَلِكَ عَادَ إِلَى هَيْئَتِهِ وَمِثْلُ ذَلِكَ الْقُطْنُ إِذَا

جُمِعَ بَعْدَ أَنْ كَانَ مُنْتَفِشًا فَإِنَّهُ بِالنَّفْشِ يَحْصُلُ لَهُ صُورَةٌ كَبِيرَةٌ وَذَاتُهُ لَمْ تَتَغَيَّرْ وَهَذَا عَلَى سَبِيلِ التَّقْرِيبِ وَالْحَقُّ أَنَّ تَمَثُّلَ الْمَلَكِ رَجُلًا لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ ذَاتَهُ انْقَلَبَتْ رَجُلًا بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ ظَهَرَ بِتِلْكَ الصُّورَةِ تَأْنِيسًا لِمَنْ يُخَاطِبُهُ وَالظَّاهِرُ أَيْضًا أَنَّ الْقَدْرَ لَا يَزُولُ وَلَا يَفْنَى بَلْ يَخْفَى عَلَى الرَّائِي فَقَط فيكلمني قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ مِنْ طَرِيقِ الْقَعْنَبِيِّ عَنْ مَالِكٍ فَيُعَلِّمُنِي بِالْعَيْنِ بَدَلَ الْكَافِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَصْحِيفٌ فَقَدْ وَقَعَ فِي الْمُوَطَّأِ رِوَايَةُ الْقَعْنَبِيِّ بِالْكَافِ وَكَذَا لِلدَّارَقُطْنِيِّ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ مِنْ طَرِيقِ الْقَعْنَبِيِّ وَغَيْرِهِ فَأَعِي مَا يَقُولُ زَادَ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيَّ وَإِنَّ جَبِينَهُ لِيَتَفَصَّدُ عَرَقًا بِالْفَاءِ وَتَشْدِيدِ الْمُهْمَلَةِ مَأْخُوذٌ مِنَ الْفَصْدِ وَهُوَ قَطْعُ الْعرق لاسالة الدَّم شبه جَبينه بالعرق الْمَقْصُود مُبَالَغَةً فِي كَثْرَةِ الْعَرَقِ وَعَرَقًا تَمْيِيزٌ وَحَكَى الْعَسْكَرِيُّ بِالتَّصْحِيفِ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ أَنَّهُ قَرَأَهُ لِيَتَقَصَّدُ بِالْقَافِ قَالَ الْعَسْكَرِيُّ فَإِنْ ثَبَتَ فَهُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ تَقَصَّدَ الشَّيْءُ إِذَا تَكَسَّرَ وَتَقَطَّعَ وَلَا يخفى بعده قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ وَقَدْ وَقَعَ فِي هَذَا التَّصْحِيفِ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ طَاهِرٍ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ الْمُؤْتَمَنُ السَّاجِيُّ بِالْفَاءِ قَالَ فأصر على الْقَاف

[937] لَبَّبْتُهُ بِرِدَائِهِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ يُقَالُ لَبَّبْتُ الرَّجُلَ إِذَا جَعَلْتُ فِي عُنُقِهِ ثَوْبًا أَوْ غَيْرَهُ وَجَرَرْتُهُ بِهِ وَأَخَذْتُ بِتَلْبِيبِ فُلَانٍ إِذَا جَمَعْتُ عَلَيْهِ ثَوْبَهُ الَّذِي هُوَ لَابِسُهُ وَقَبَضْتُ عَلَى نَحْرِهِ وَالتَّلْبِيبُ مَجْمَعُ مَا فِي مَوْضِعِ اللَّبَبِ مِنْ ثِيَابِ الرَّجُلِ [938] فَكِدْتُ أُسَاوِرُهُ أَيْ أُوَاثِبُهُ وَأُقَاتِلُهُ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ وَالْمُرَادُ بِهِ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثِينَ قَوْلًا حَكَيْتُهَا فِي الِاتِّفَاقِ وَالْمُخْتَارُ عِنْدَي أَنَّهُ مِنَ الْمُتَشَابِهِ الَّذِي لَا يُدْرَى تَأْوِيلُهُ [939] أَضَاةِ بَنِي غِفَارٍ قَالَ فِي النِّهَايَةِ

الْأَضَاةُ بِوَزْنِ الْحَصَاةِ الْغَدِيرُ وَجَمْعُهَا أَضًى وَآضَاءٌ كأكم وآكام

[941] مَا حَاكَ فِي صَدْرِي أَيْ مَا أَثَّرَ الْإِبِلِ الْمُعَقَّلَةِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيِ الْمَشْدُودَةِ بِالْعِقَالِ وَالتَّشْدِيدُ فِيهِ لِلتَّكْثِيرِ [943] بِئْسَمَا لِأَحَدِكُمْ أَنْ يَقُولَ نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ بَلْ هُوَ نُسِّيَ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ اُخْتُلِفَ فِي مُتَعَلَّقِ هَذَا الذَّمِّ فَقِيلَ هُوَ عَلَى نِسْبَةِ الْإِنْسَانِ لِنَفْسِهِ النِّسْيَانَ إِذْ لَا صُنْعَ لَهُ فِيهِ فَاَلَّذِي يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقُولَ أُنْسِيتُ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ وَهُوَ مَرْدُودٌ بِقَوْلِهِ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ وَقِيلَ كَانَ هَذَا الذَّمُّ خَاصًّا بِزَمَنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ ضُرُوبِ النَّسْخِ نِسْيَانُ الْآيَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا تفصيا بِالْفَاءِ

وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ خُرُوجًا يُقَالُ تَفَصَّيْتُ مِنَ الْأَمر تفصيا إِذا أخرجت مِنْهُ وتخلصت

[989] بِأَطْوَلِ الطُّولَيَيْنِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ بِأَطْوَلِ السُّورَتَيْنِ الطَّوِيلَتَيْنِ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ بِطِوَلٍ وَهُوَ خَطَأٌ فَاحِشٌ فَإِنَّ الطِّوَلَ الْحَبْلُ وَلَا مَدْخَلَ لَهُ وَلَا معنى لَهُ هُنَا [995] إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ الْمُخْتَارُ فِي هَذَا أَيْضا

[1003] لَا أَخْرِمُ أَيْ لَا أَتْرُكُ أَرْكُدُ أَيْ أسكن وأطيل الْقيام

أَنَّهُ مِنَ الْمُتَشَابِهِ وَعَلَيْهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَكَذَا حَدِيثُ الْفَاتِحَةُ تَعْدِلُ ثُلُثَيِ الْقُرْآنِ وَآيَةُ الْكُرْسِيِّ رُبْعُ الْقُرْآنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَحَدِيثُ الْفَرَائِضُ نِصْفُ الْعِلْمِ وَمِنْهُمْ مَنْ خَاضَ فِي تَأْوِيل ذَلِك أخبرنَا مُحَمَّد بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرّحْمَنِ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ عَنْ رَبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنِ بن أَبِي لَيْلَى عَنِ امْرَأَةٍ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدُ ثُلُثُ الْقُرْآنِ قَالَ أَبُو عَبْدِ الرّحْمَنِ مَا أَعْرِفُ إِسْنَادًا أَطْوَلَ من هَذَا

فِيهِ سِتَّةٌ مِنَ التَّابِعِينَ أَوَّلُهُمْ مَنْصُورٌ وَالْمَرْأَةُ هِيَ امْرَأَة أبي أَيُّوب

أَتَّئِدُ قَالَ فِي النِّهَايَةِ اتَّأَدَ فِي فِعْلِهِ وَقَوْلِهِ إِذَا تَأَنَّى وَتَثَبَّتَ وَلَمْ يَعْجَلْ وَأَصْلُ التَّاءِ فِيهَا وَاوٌ أَحْذِفُ أَيْ أُخَفِّفُ وَلَا أطيل

[1005] قَالَ رجل عِنْد بن مَسْعُودٍ هُوَ مَهْيَكُ بْنُ سِنَانٍ الْبَجَلِيُّ سَمَّاهُ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةٍ قَرَأْتُ الْمُفَصَّلَ فِي رَكْعَةٍ هُوَ مِنْ ق إِلَى آخِرِ الْقُرْآنِ عَلَى الصَّحِيحِ وَسُمِّيَ مُفَصَّلًا لِكَثْرَةِ الْفَصْلِ بَيْنَ سُوَرِهِ بِالْبَسْمَلَةِ قَالَ هَذًّا بِفَتْحِ الْهَاءِ وَتَشْدِيدِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ سَرْدًا وَإِفْرَاطًا فِي السُّرْعَةِ وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ وَهُوَ اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ بِحَذْفِ الْأَدَاةِ وَهِيَ ثَابِتَةٌ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ كَهَذِّ الشِّعْرِ قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّ تِلْكَ الصِّفَةَ كَانَتْ عَادَتَهُمْ فِي إِنْشَادِ الشِّعْرِ لَقَدْ عَرَفْتُ النَّظَائِرَ قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ أَيِ السُّوَرَ الْمُتَمَاثِلَةَ فِي الْمَعَانِي كَالْمَوَاعِظِ وَالْحِكَمِ وَالْقَصَصِ لَا الْمُتَمَاثِلَةَ فِي عَدَدِ الْآيِ لِمَا سَيَظْهَرُ عِنْدَ تَعْيِينِهَا قَالَ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّهَا مُتَسَاوِيَةٌ فِي الْعَدَدِ حَتَّى اعْتَبَرْتُهَا فَلَمْ أَجِدْ فِيهَا شَيْئًا مُتَسَاوِيًا يَقْرُنُ بِضَمِّ الرَّاءِ وَبِكَسْرِهَا فَذَكَرَ عِشْرِينَ سُورَةً مِنَ الْمُفَصَّلِ سُورَتَيْنِ سُورَتَيْنِ فِي رَكْعَةٍ زَادَ فِي رِوَايَة أبي دَاوُد على تأليف بن مَسْعُودٍ الرَّحْمَنُ وَالنَّجْمُ فِي رَكْعَةٍ وَاقْتَرَبَتْ وَالْحَاقَّةُ فِي رَكْعَةٍ وَالذَّارِيَاتُ وَالطُّورُ فِي رَكْعَةٍ وَالْوَاقِعَةُ ون فِي رَكْعَةٍ وَسَأَلَ وَالنَّازِعَاتِ فِي رَكْعَةٍ وَعَبَسَ وَوَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ فِي رَكْعَةٍ وَالْمُدَّثِّرُ وَالْمُزَّمِّلُ فِي رَكْعَةٍ وَهَلْ أَتَى وَلَا أُقْسِمُ فِي رَكْعَةٍ وَعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ وَالْمُرْسَلَاتِ فِي رَكْعَةٍ

وَإِذا الشَّمْس كورت وَالدُّخَان فِي رَكْعَة جَسْرَةُ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ بِنْتُ

دجَاجَة بِفَتْح الدَّال وجيمين

[1017] مَا أَذِنَ اللَّهُ أَيْ مَا اسْتَمَعَ أَذَنَهُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيِ اسْتِمَاعَهُ [1020] لَقَدْ أُوتِيَ هَذَا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ فِي النِّهَايَةِ شَبَّهَ حُسْنَ صَوْتِهِ وَحَلَاوَةَ نَغْمَتِهِ بِصَوْتِ الْمِزْمَارِ وَدَاوُدُ هُوَ النَّبِيُّ وَإِلَيْهِ الْمُنْتَهَى فِي حُسْنِ الصَّوْتِ بِالْقِرَاءَةِ وَآل مقحمة قيل مَعْنَاهُ هَذَا الشَّخْص

[1022] قِرَاءَةً مُفَسَّرَةً حَرْفًا حَرْفًا قَالَ أَبُو الْبَقَاءِ نَصَبَهُمَا عَلَى الْحَالِ أَيْ مُرَتَّلَةً نَحْوَ أَدْخَلْتُهُمْ رجلا رجلا أَي مفردين

[1031] طبق يَدَيْهِ الخ قَالَ بن الْعَرَبِيِّ كَانَ النَّاسُ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ يُطَبِّقُونَ أَيْدِيَهُمْ وَيُشَبِّكُونَ أَصَابِعَهُمْ وَيَضَعُونَهَا بَيْنَ أَفْخَاذِهِمْ ثُمَّ نسخ ذَلِك وَأمرُوا برفعها إِلَى الركب

[1039] فَلَمْ يَنْصِبْ رَأْسَهُ وَلَمْ يُقْنِعْهُ أَيْ لَمْ يَرْفَعْهُ حَتَّى يَكُونَ أَعْلَى مِنْ ظَهْرِهِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَةِ فَلَمْ يُصَوِّبْ رَأسه أَي لم يخفضه

[1042] عَنْ عَلِيٍّ قَالَ نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَقُولُ نَهَاكُمْ قَالَ بن الْعَرَبِيِّ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى مَنْعِ نَقْلِ الْحَدِيثِ بِالْمَعْنَى وَاتِّبَاعِ اللَّفْظِ قَالَ وَلَا شَكَّ فِي أَنَّ نَهْيهِ لِعَلِيٍّ نَهْيٌ لِسِوَاهُ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُخَاطِبُ الْوَاحِدَ وَيُرِيدُ الْجَمَاعَةَ فِي بَيَانِ الشَّرْعِ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ هَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى خُصُوصِيَّتِهِ بِهَذَا الْحُكْمِ وَإِنَّمَا أَخْبَرَ بِكَيْفِيَّةِ تَرْجَمَةِ صِيغَةِ النَّهْي الَّذِي سَمِعَهُ وَكَانَ صِيغَةُ النَّهْي الَّذِي سَمِعَهُ لَا تَقْرَأِ الْقُرْآنَ فِي الرُّكُوعِ فَحَافَظَ حَالَةَ التَّبْلِيغِ عَلَى كَيْفِيَّةِ مَا سَمِعَ حَالَةَ التَّحَمُّلِ وَهَذَا مِنْ بَابِ نَقْلِ الْحَدِيثِ بِلَفْظِهِ كَمَا سَمِعَ وَلَا شَكَّ أَنَّ مِثْلَ هَذَا اللَّفْظِ مَقْصُورٌ عَلَى الْمُخَاطَبِ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةِ وَلَا يَتَعَدَّى إِلَى غَيْرِهِ إِلَّا بِدَلِيلٍ مِنْ خَارِجٍ إِمَّا عَامٌّ كَقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصّلَاةُ والسَّلَامُ حُكْمِي عَلَى الْوَاحِدِ كَحُكْمِي عَلَى الْجَمِيعِ أَوْ خَاصٌّ فِي ذَلِكَ كَقَوْلِهِ نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدا وَعَن

لُبْسِ الْقَسِّيِّ بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ الْمُشَدَّدَةِ نِسْبَةً إِلَى مَوْضِعٍ يُنْسَبُ إِلَيْهِ الثِّيَابُ الْقَسِّيَّةُ وَهِيَ ثِيَابٌ مُضَلَّعَةٌ بِالْحَرِيرِ تُعْمَلُ بِالْقَسِّ مِنْ بِلَادِ مِصْرَ مِمَّا يَلِي الْفَرْمَاءَ وَعَنْ لُبْسِ الْمُفَدَّمِ بِالْفَاءِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ الثَّوْبُ الْمُشْبَعُ حُمْرَةً كَأَنَّهُ الَّذِي لَا يُقْدَرُ عَلَى الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ لِتَنَاهِي حُمْرَتِهِ فَهُوَ كالممتنع من قبُول الصَّبْغ [1045] مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ مَا يَبْدُو مِنْهَا قَمِنٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا أَيْ خَلِيقٌ وَجَدِيرٌ قَالَ فِي النِّهَايَةِ مَنْ فَتَحَ الْمِيمَ لَمْ يُثَنِّ وَلَمْ يجمع لِأَنَّهُ

[1048] سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ قَالَ فِي النِّهَايَةِ يُرْوَيَانِ بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ وَهُوَ أَقْيَسُ وَالضَّمُّ أَكْثَرُ اسْتِعْمَالًا وَهُوَ مِنْ أَبْنِيَةِ الْمُبَالَغَةِ وَالْمُرَادُ بِهِمَا التَّنْزِيهُ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ هُمَا مَرْفُوعَانِ عَلَى خَبَرِ الْمُبْتَدَأِ الْمُضْمَرِ تَقْدِيرُهُ هُوَ وَقَدْ قِيلَ بِالنَّصْبِ عَلَى إِضْمَارِ فِعْلٍ أَيْ أُعَظِّمُ أَوْ أَذْكَرُ أَوْ أَعْبَدُ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ قِيلَ الْمُرَادُ بِهِ جِبْرِيلُ وَقِيلَ صِنْفٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَقِيلَ مَلَكٌ أَعْظَمُ خلقه الْجَبَرُوتِ فَعَلُوتٌ مِنَ الْجَبْرِ وَهُوَ الْقَهْرُ وَالْمَلَكُوتِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ اسْمٌ مَبْنِيٌّ مِنَ الْمِلْكِ كَالْجَبَرُوتِ وَالرَّهَبُوتِ مِنَ الْجَبْرِ وَالرَّهْبَةِ وَالْكِبْرِيَاءِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هِيَ الْعَظَمَةُ وَالْمِلْكُ وَقِيلَ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ كَمَالِ الذَّاتِ وَكَمَالِ الْوُجُودِ وَلَا يُوصف بهَا إِلَّا الله تَعَالَى

مَصْدَرٌ وَمَنْ كَسَرَ ثَنَّى وَجَمَعَ وَأَنَّثَ لِأَنَّهُ وصف

[1063] مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ يَعْنِي فِي وَقْتِ تَأْمِينِهِمْ وَمُشَارَكَتِهِمْ فِي التَّأْمِينِ وَيُعَضِّدُهُ قَوْلُهُ وَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ فِي السَّمَاءِ آمِينَ

[1064] فَتِلْكَ بِتِلْكَ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ حَقَّ الْإِمَامِ السَّبْقُ فَإِذَا فَرَغَ تَلَاهُ الْمَأْمُومُ مُعَقِّبًا وَالْبَاءُ فِي بِتِلْكَ لِلْإِلْصَاقِ يَسْمَعِ الله لكم أَي يستجب

[1066] لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَاوَاتِ إِلَخْ قَالَ الْخَطَّابِيُّ هُوَ تَمْثِيلٌ وَتَقْرِيبٌ وَالْمُرَادُ تَكْثِيرُ الْعَدَدِ حَتَّى لَوْ قُدِّرَ ذَلِكَ أَجْسَامًا مَلَأَ ذَلِكَ كُلَّهُ وَقَالَ غَيْرُهُ الْمُرَادُ بِذَلِكَ التَّعْظِيمُ كَمَا يُقَالُ هَذِهِ الْكَلِمَةُ تَمْلَأُ طِبَاقَ الْأَرْضِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِذَلِكَ أَجْرُهَا وَثَوَابُهَا وَمِلْءَ بِالنَّصْبِ حَالٌ أَيْ مَالِئًا وَيَجُوزُ فِيهِ الرَّفْعُ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ بَعْدُ ظَرْفٌ قُطِعَ عَنِ الْإِضَافَةِ مَعَ إِرَادَةِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ وَهُوَ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ فَبُنِيَ عَلَى الضَّمِّ لِأَنَّهُ أَشْبَهَ حَرْفَ الْغَايَةِ الَّذِي هُوَ مُنْذُ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ مِنْ شَيْءٍ الْعَرْشُ وَالْكُرْسِيُّ وَنَحْوُهُمَا مِمَّا فِي مَقْدُورِ اللَّهِ تَعَالَى

[1068] أَهْلَ الثَّنَاءِ بِالنَّصْبِ عَلَى الِاخْتِصَاصِ أَوْ مُنَادَى حُذِفَ حَرْفُ نِدَائِهِ وَالْمَجْدِ هُوَ غَايَةُ الشَّرَفِ وَكَثْرَتُهُ خَيْرُ مَا قَالَ الْعَبْدُ مُبْتَدَأٌ وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْمُبْتَدَأِ وَخَبَرِهِ وَالْعَبْدُ جِنْسُ الْعِبَادِ الْعَارِفِينَ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَكَأَنَّهُ قَالَ أَوْلَى مَا يَقُولُهُ الْعِبَادُ الْعَارِفُونَ بِاَللَّهِ تَعَالَى هَذِهِ الْكَلِمَاتُ لِمَا تَضَمَّنَتْهُ مِنْ تَحْقِيقِ التَّوْحِيد وَتَمام التَّفْوِيض وَصِحَّة التبري مِنَ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدُّ مِنْكَ الْجَدُّ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ رَوَاهُ الْجُمْهُورُ بِفَتْحِ الْجِيمِ فِي اللَّفْظَيْنِ وَهُوَ بِمَعْنَى الْحَظِّ وَالْبَخْتِ وَمَعْنَاهُ لَا يَنْفَعُ مَنْ رُزِقَ مَالًا وَوَلَدًا وَجَاهًا دُنْيَوِيًّا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَكَ وَهَذَا كَمَا قَالَ تَعَالَى يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سليم وَحُكِيَ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ فِي الْحَرْفَيْنِ كَسْرُ الْجِيمِ وَقَالَ مَعْنَاهُ لَا يَنْفَعُ ذَا الِاجْتِهَادِ وَالْعَمَلِ مِنْكَ اجْتِهَادُهُ وَعَمَلُهُ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَهَذَا خِلَافُ مَا عَرَفَهُ أَهْلُ النَّقْلِ وَلَا نَعْلَمُ مَنْ قَالَهُ غَيْرُهُ وَضَعَّفَهُ وَقَالَ غَيْرُهُ الْمَعْنَى الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ الشَّيْبَانِيُّ صَحِيحٌ وَمُرَادُهُ أَنَّ الْعَمَلَ لَا يُنَجِّي صَاحِبَهُ وَإِنَّمَا النَّجَاةُ بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحمته كَمَا

جَاءَ فِي الْحَدِيثِ لَنْ يُنَجِّي أَحَدًا مِنْكُمْ عمله [1070] رِعْلٍ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَذَكْوَانَ بذال مُعْجمَة مَفْتُوحَة غير منصرف

[1073] اُشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرٍ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَأَصْلُهَا الدَّوْسُ بِالْقَدَمِ سُمِّيَ بِهَا الْإِهْلَاكُ لِأَنَّ مَنْ يطؤ عَلَى شَيْءٍ بِرِجْلِهِ فَقَدِ اسْتَقْصَى فِي هَلَاكِهِ وَالْمَعْنَى خُذْهُمْ أَخْذًا شَدِيدًا قَالَ فِي النِّهَايَةِ فَكَانَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ يَرْوِيهِ وَطَّدْتَكَ وَالْوَطَدُ الْإِثْبَاتُ وَالْغَمْزُ فِي الْأَرْضِ وَاجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ الضَّمِيرُ لِلْوَطْأَةِ أَوْ لِلْأَيَّامِ وَإِنْ لَمْ يَجْرِ لَهَا ذِكْرٌ لِدَلَالَةِ سِنِينَ عَلَيْهَا كَسِنِيِّ يُوسُفَ جَاءَ عَلَى لُغَةِ الْعَالِيَةِ مِنْ إِجْرَاءِ سِنِينَ مَجْرَى الْجَمْعِ السَّالِمِ فِي الْإِعْرَابِ بِالْوَاوِ وَالْيَاءِ وَسُقُوطِ النُّونِ عِنْدَ الْإِضَافَةِ وَوَجْهُ التَّشْبِيهِ غَايَةُ الشدَّة

[1084] عَنْ حَكِيمٍ قَالَ بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا أَخِرَّ إِلَّا قَائِمًا قَالَ فِي النِّهَايَةِ مَعْنَاهُ لَا أَمُوتَ إِلَّا مُتَمَسِّكًا بِالْإِسْلَامِ ثَابِتًا عَلَيْهِ يُقَالُ قَامَ فُلَانٌ عَلَى الشَّيْءِ إِذَا ثَبَتَ عَلَيْهِ وَتَمَسَّكَ بِهِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ لَا أَقَعُ فِي شَيْءٍ مِنْ تِجَارَتِي وَأُمُورِي إِلَّا قُمْتُ بِهِ مُنْتَصِبًا لَهُ وَقِيلَ مَعْنَاهُ لَا أَغْبِنُ وَلَا أُغْبَنُ قُلْتُ وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ خَارِجَةٌ عَمَّا جَنَحَ إِلَيْهِ الْمُصَنِّفُ حَيْثُ تَرْجَمَ عَلَى الْحَدِيثُ بَابٌ كَيْفَ يخر للسُّجُود [1097] عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ قَالَ النَّوَوِيُّ أَيْ أَعْضَاءٍ فَسُمِّيَ كُلُّ عُضْوٍ عَظْمًا وَإِنْ كَانَ فِيهِ عِظَام كَثِيرَة نهي أَنْ نَكْفِتَ الشَّعْرَ وَالثِّيَابَ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْفَاءِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ نَضُمَّهَا وَنَجْمَعَهَا مِنَ الِانْتِشَارِ يُرِيدُ جَمْعَ الثِّيَابِ بِالْيَدَيْنِ

عِنْد الْإِضَافَة وَوجه التَّشْبِيه غَايَة الشدَّة

[1101] وَفَتَخَ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ بِفَاءٍ وَمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ وَخَاءٍ مُعْجَمَةٍ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ نَصَبَهَا وَغَمَزَ مَوَاضِعَ الْمَفَاصِلِ وَثَنَّاهَا إِلَى بَاطِنِ الرِّجْلِ وَأَصْلُ الفتخ اللين [1106] جَخَّى بِجِيمٍ ثُمَّ خَاءٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ فَتَحَ عضديه

عظما وان كَانَ فِيهِ عِظَام كَثِيرَة [1098] ونَهْى أَنْ نَكْفِتَ الشَّعْرَ وَالثِّيَابَ بِفَتْحِ النُّونِ وَكسر الْفَاء

قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ نَضُمَّهَا وَنَجْمَعَهَا مِنَ الِانْتِشَارِ يُرِيدُ جَمْعَ الثِّيَابِ بِالْيَدَيْنِ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُود

[1110] وَلَا يَبْسُطُ أَحَدُكُمْ ذِرَاعَيْهِ انْبِسَاطَ الْكَلْبِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ هُوَ مَصْدَرٌ عَلَى غَيْرِ صَدْرِهِ وَفِعْلُهُ يَنْبَسِطُ لَكِنْ لَمَّا كَانَ انْبَسَطَ مِنْ بَسَطَ جَاءَ الْمَصْدَرُ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَاَللَّهُ أَنْبَتَكُمْ من الأَرْض نباتا [1112] عَن نقرة الْغُرَاب قَالَ فِي النِّهَايَةِ يُرِيدُ تَخْفِيفَ السُّجُودِ وَأَنَّهُ لَا يَمْكُثُ فِيهِ إِلَّا قَدْرَ وَضْعِ الْغُرَابِ مِنْقَارَهُ فِيمَا يُرِيدُ أَكْلَهُ وَافْتِرَاشِ السَّبْعِ هُوَ أَنْ يَبْسُطَ ذِرَاعَيْهِ فِي السُّجُودِ وَلَا يَرْفَعَهُمَا عَنِ الْأَرْضِ كَمَا يَبْسُطُ السَّبُعُ وَالْكَلْبُ وَالذِّئْبُ ذِرَاعَيْهِ والافتراش

وَجَافَاهُمَا عَنْ جَنْبَيْهِ وَرَفَعَ بَطْنَهُ عَنِ الْأَرْضِ [1109] بَهْمَةً بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ الْوَاحِدَةِ مِنْ أَوْلَادِ الْغَنَمِ

يُقَال للذّكر وَالْأُنْثَى وَالْجمع بِهِ

افْتِعَالٌ مِنَ الْفُرُشِ وَأَنْ يُوَطِّنَ الرَّجُلُ الْمُقَامَ أَيِ الْمَكَانَ لِلصَّلَاةِ كَمَا يُوَطِّنُ الْبَعِيرُ قَالَ فِي النِّهَايَةِ قِيلَ مَعْنَاهُ أَنْ يَأْلَفَ الرَّجُلُ مَكَانًا مَعْلُومًا مِنَ الْمَسْجِدِ مَخْصُوصًا بِهِ يُصَلِّي فِيهِ كَالْبَعِيرِ لَا يَأْوِي مِنْ عَطَنٍ إِلَّا إِلَى مَبْرَكٍ دَمِثٍ قَدْ أَوْطَنَهُ وَاتَّخَذَهُ مُنَاخًا وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنْ يَبْرُكَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ

قَبْلَ يَدَيْهِ إِذَا أَرَادَ السُّجُودَ مِثْلَ بُرُوكِ الْبَعِير بِالظَّهَائِرِ جَمْعُ ظَهِيرَةٍ وَهِيَ شِدَّةُ الْحَرِّ نِصْفَ

النَّهَار شِنَاقَهَا بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ الْخَيْطُ وَالسَّيْرُ الَّذِي تُعَلَّقُ بِهِ الْقِرْبَةُ وَالْخَيْطُ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ فَمُهَا ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءًا بَيْنَ الْوُضُوءَيْنِ يَعْنِي لَمْ يُسْرِفْ وَلَمْ يَقْتُرْ اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا وَاجْعَلْ فِي سَمْعِي نُورًا وَاجْعَلْ فِي بَصَرِي نُورًا وَاجْعَلْ مِنْ تَحْتِي نُورًا وَاجْعَلْ مِنْ فَوْقِي نُورًا قَالَ

الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ اعْلَمْ أَنَّ النُّورَ عِبَارَةٌ عَنْ أَجْسَامٍ قَامَ بِهَا عَرَضٌ لَكِنَّهُ لَيْسَ مُرَادًا هُنَا لَكِنَّهُ يُعَبَّرُ بِالنُّورِ عَنِ الْمَعَارِفِ وَبِالظُّلُمَاتِ عَنِ الْجَهْلِ مِنْ مَجَازِ التَّشْبِيهِ لِأَنَّ الْمَعَارِفَ وَالْإِيمَانَ تَنْبَسِطُ لَهَا النُّفُوسُ وَيَذْهَبُ الْغَمُّ عَنْهَا بِهَا وَيُبَشَّرُ بِالنَّجَاةِ مِنَ الْمَعَاطِبِ تَشْبِيهًا كَمَا يَتَّفِقُ لَهَا ذَلِكَ فِي النُّورِ الْحَقِيقِيِّ وَتَغْتَمُّ بِالْجَهَالَاتِ وَتَنْقَبِضُ وَتَخَافُ الْهَلَاكَ تَشْبِيهًا كَمَا يَتَّفِقُ لَهَا ذَلِكَ فِي الظُّلُمَاتِ فَلَمَّا تَشَابَهَا عَبَّرَ بِأَحَدِهِمَا عَنِ الْآخَرِ إِلَّا أَنَّ هَذَا يَصِحُّ جَوَابًا عَنِ الْقَلْبِ وَأَمَّا فِي سَائِرِ مَا ذُكِرَ فَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَن المعارف مُخْتَصَّة بِالْقَلْبِ الا أَنما عَدَاهُ مِمَّا ذُكِرَ تَتَعَلَّقُ بِهِ التَّكَالِيفُ أَمَّا الْعَصَبُ وَالشَّعْرُ وَالدَّمُ فَمِنْ جِهَةِ الْغِذَاءِ وَأَمَّا اللِّسَانُ فَمِنْ جِهَةِ الْكَلَامِ وَالْبَصَرُ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ وَكَذَلِكَ يُنْظَرُ فِي سَائِرِهَا وَيُثْبَتُ لَهُ مِنَ التَّكَالِيفِ مَا يُنَاسِبُهُ إِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّ التَّكْلِيفَ فَرْعٌ عَنِ الْعِلْمِ بِاَللَّهِ وَالْإِيمَانِ بِهِ فَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ لَا يُوقِعُ شَيْئًا مِنَ الْقُرَبِ وَإِذَا كَانَتْ مُسَبَّبَةً عَنِ الْإِيمَانِ وَالْمَعَارِفِ الَّذِي هُوَ النُّورُ الْمَجَازِيُّ فَسَمَّاهَا نُورًا مِنْ بَابِ إِطْلَاقِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبَّبِ فَالْمُرَادُ بِالنُّورِ الَّذِي فِي الْقَلْبِ غَيْرُ النُّورِ الَّذِي فِي غَيْرِهِ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ هَذِهِ الْأَنْوَارُ الَّتِي دَعَا بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُمْكِنُ أَنْ تُحْمَلَ عَلَى ظَاهِرِهَا فَيَكُونُ مَعْنَى سُؤَالِهِ أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ فِي كُلِّ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَسْتَضِيءُ بِهِ فِي تِلْكَ الظُّلَمِ هُوَ وَمَنْ تَبِعَهُ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ هِيَ مُسْتَعَارَةٌ لِلْعِلْمِ وَالْهِدَايَةِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ سَأَلَ النُّورَ فِي أَعْضَائِهِ وَجِهَاتِهِ وَالْمُرَادُ بَيَانُ الْحَقِّ وَضِيَاؤُهُ وَالْهِدَايَةُ إِلَيْهِ فَسَأَلَ النُّورَ فِي جَمِيعِ أَعْضَائِهِ وَجِسْمِهِ وَتَصَرُّفَاتِهِ وَتَقَلُّبَاتِهِ وَحَالَاتِهِ وَجُمْلَتِهِ فِي جِهَاتِهِ السِّتِّ حَتَّى لَا يَزِيغَ شَيْء مِنْهَا عَنهُ [1122] يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ مَعْنَاهُ تَمْثِيلُ مَا آلَ إِلَيْهِ مَعْنَى الْقُرْآنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح

[1126] تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي أَمَالِيهِ هَذَا وَنَحْو أرْحم الرحمين وَأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ أَفْعَلْ لَا يُضَافُ إِلَّا إِلَى جِنْسِهِ وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْخَلْقَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِمَعْنَى الْإِيجَادِ وَمِنْ غَيْرِهِ بِمَعْنَى الْكَسْبِ وَهُمَا مُتَبَايِنَانِ وَالرَّحْمَةُ مِنَ اللَّهِ إِنْ حُمِلَتْ عَلَى الْإِرَادَةِ صَحَّ الْمَعْنَى لِأَنَّهُ يَصِيرُ إِرَادَةً مِنْ سَائِرِ الْمُرِيدِينَ وَإِنْ جُعِلَتْ مِنْ مَجَازِ التَّشْبِيهِ وَهُوَ أَنَّ مُعَامَلَتَهُ تُشْبِهُ مُعَامَلَةَ الرَّاحِمِ صَحَّ الْمَعْنَى أَيْضًا لِأَنَّ ذَلِكَ مُشْتَركٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عِبَادِهِ وَإِنْ أُرِيدَ إِيجَادُ فِعْلِ الرَّحْمَةِ كَانَ مُشْكِلًا إِذْ لَا مُوجِدَ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى قَالَ وَأَجَابَ السَّيْفُ الْآمِدِيُّ بِأَنَّ مَعْنَاهُ أَعْظَمُ مَنْ تَسَمَّى بِهَذَا الِاسْمِ قَالَ الشَّيْخُ وَهَذَا مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ جَعَلَ التَّفَاضُلَ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَ اللَّفْظُ بِإِزَائِهِ وَهَذَا يُسَاعِدُ الْمُعْتَزِلَةَ

وَيَصِحُّ عَلَى مَذْهَبِهِمْ لِأَنَّ الْفَاعِلِينَ عِنْدَهُمْ كَثِيرُونَ

[1137] أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ هَذَا أَقْرَبُ بِالرُّتْبَةِ وَالْكَرَامَةِ لَا بِالْمَسَافَةِ لِأَنَّهُ مُنَزَّهٌ عَنِ الْمَكَانِ وَالْمِسَاحَةِ وَالزَّمَانِ وَقَالَ الْبَدْرُ بْنُ الصَّاحِبِ فِي تَذْكَرَتِهِ فِي الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى نَفْيِ الْجِهَةِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَنَّ الْعَبْدَ فِي انْخِفَاضِهِ غَايَةُ الِانْخِفَاضِ يَكُونُ أَقْرَبَ مَا يَكُونُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى

[1139] مَلِيًّا بِالتَّشْدِيدِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هِيَ طَائِفَةٌ من الزَّمَان لَا حد لَهَا

[1140] كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ قَالَ فِي النِّهَايَةِ بِكَسْرِ الْحَاءِ بُزُورُ الْبُقُولِ وَحَبُّ الرَّيَاحِينِ وَقِيلَ هُوَ نَبْتٌ صَغِيرٌ يَنْبُتُ فِي الْحَشِيشِ فَأَمَّا الْحَبَّةُ بِالْفَتْح فَهِيَ الْحِنْطَة وَالشعِير وَنَحْوهمَا

[1147] خوى بِمُعْجَمَة وواومشددة أَيْ جَافَى بَطْنَهُ عَنِ الْأَرْضِ وَرَفَعَهَا وَجَافَى عَضُدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ حَتَّى تَخَوَّى مَا بَيْنَ ذَلِك وضح إبطَيْهِ أَي بياضهما

[1175] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَيْمَنَ يَقُولُ حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ الحَدِيث قَالَ بن سيد النَّاس فِي شرح التِّرْمِذِيّ قَالَ بن عَسَاكِرٍ فِي تَارِيخِهِ فِي تَرْجَمَةِ أَيْمَنَ قَرَأْتُ بِخَطِّ أَبِي عَبْدِ الرّحْمَنِ النَّسَائِيِّ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا تَابَعَ أَيْمَنَ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ وَخَالَفَهُ اللَّيْثُ فِي إِسْنَادِهِ وَأَيْمَنُ لَا بَأْسَ بِهِ وَالْحَدِيثُ خَطَأٌ وَقَالَ الْحَاكِمُ أَيْمَنُ بْنُ نَابِلٍ ثِقَةٌ تَخَرَّجَ حَدِيثُهُ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَلَمْ يُخَرِّجْ هَذَا الْحَدِيثَ إِذْ لَيْسَ لَهُ مُتَابِعٌ عَن أبي الزبيرمن وَجْهٍ يَصِحُّ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي عِلَلِهِ قَدْ تَابع أَيمن عَليّ الثَّوْريّ وبن جريج عَن أبي الزبير [1176] الرَّضْفُ بِرَاءٍ وَضَادٍ مُعْجَمَةٍ وَفَاءٍ الْحِجَارَةُ الْمُحْمَاةُ على النَّار وَاحِدهَا رضفة

[1179] فَقَالَ حُطَيْمٌ بِضَمِّ الْحَاءِ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ شَيْخٌ كَانَ يُجَالس أنس بن مَالك التَّصْفِيحُ هُوَ التَّصْفِيقُ وَهُوَ مِنْ ضَرْبِ صَفْحَةِ الْكَفّ على صفحة الْكَفّ الْأُخْرَى الْخَيْلِ الشُّمُسِ جَمْعُ شُمُوسٍ وَهُوَ النُّفُورُ مِنَ الدَّوَابّ الَّذِي لَا يسْتَقرّ لشغبه وحدته

[1194] أَنْ يَلْتَمِعَ بَصَرُهُ أَيْ لِئَلَّا يُخْتَلَسَ وَيُخْتَطَفَ بِسُرْعَة [1202] بقتل الأسودين هما الْحَيَّة وَالْعَقْرَب

[1218] وَإِنَّ مِنَّا رِجَالًا يَتَطَيَّرُونَ قَالَ ذَاكَ شَيْءٌ يَجِدُونَهُ فِي صُدُورِهِمْ فَلَا يَصُدَّنَّهُمْ قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَاهُ أَنَّ الطِّيَرَةَ شَيْءٌ تَجِدُونَهُ فِي نُفُوسِكُمْ ضَرُورَةً وَلَا عَتْبَ عَلَيْكُمْ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُكْتَسَبٍ لَكُمْ فَلَا تَكْلِيفَ بِهِ وَلَكِنْ لَا تَمْتَنِعُوا بِسَبَبِهِ عَنِ التَّصَرُّفِ فِي أُمُورِكُمْ فَهَذَا هُوَ الَّذِي تَقْدِرُونَ عَلَيْهِ وَهُوَ مُكْتَسَبٌ لَكُمْ فَيَقَعُ بِهِ التَّكْلِيفُ فَنَهَاهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْعَمَلِ بِالطِّيَرَةِ وَالِامْتِنَاعِ عَنْ تَصَرُّفَاتِهِمْ بِسَبَبِهَا قَالَ وَقَدْ تَظَاهَرَتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ فِي النَّهْيِ عَنِ التَّطَيُّرِ وَالطِّيَرَةِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْعَمَلِ بِهَا لَا عَلَى مَا يُوجَدُ فِي النَّفْسِ مِنْ غَيْرِ عَمَلٍ عَلَى مُقْتَضَاهُ عِنْدَهُمْ وَرِجَالٌ مِنَّا يَأْتُونَ الْكُهَّانَ قَالَ فَلَا تَأْتُوهُمْ قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ إِنَّمَا نَهَى عَنْ إِتْيَانِ الْكُهَّانِ لِأَنَّهُمْ قَدْ يَتَكَلَّمُونَ فِي مُغَيَّبَاتٍ قَدْ يُصَادِفُ بَعْضُهَا الْإِصَابَةَ فَيُخَافُ الْفِتْنَةُ عَلَى الْإِنْسَانِ بِسَبَبِ ذَلِكَ وَلِأَنَّهُمْ يُلَبِّسُونَ عَلَى النَّاسِ كَثِيرًا مِنَ الشَّرَائِعِ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ كَانَ فِي الْعَرَبِ كَهَنَةٌ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ كَثِيرًا مِنَ الْأُمُورِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّ لَهُ رِئْيًا مِنَ الْجِنِّ يُلْقِي إِلَيْهِ الْأَخْبَارَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَدَّعِي اسْتِدْرَاكَ ذَلِكَ بِفَهْمٍ أُعْطِيهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يُسَمَّى عَرَّافًا وَهُوَ الَّذِي يَزْعُمُ مَعْرِفَةَ الْأُمُورِ بِمُقَدَّمَاتِ أَسْبَابٍ يُسْتَدَلُّ بِهَا لِمَعْرِفَةِ مَنْ سَرَقَ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ وَمَعْرِفَةِ مَنْ يتهم بِهِ الْمَرْأَة وَنَحْو

أَزِيزٌ أَيْ حَنِينٌ مِنَ الْجَوْفِ وَهُوَ صَوْتُ الْبُكَاءِ وَقِيلَ هُوَ أَنْ يَجِيشَ جَوْفُهُ وَيَغْلِيَ بالبكاء كأزير الْمِرْجَلِ وَهُوَ بِالْكَسْرِ الْإِنَاءُ الَّذِي يَغْلِي فِيهِ الْمَاءُ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ حَدِيدٍ أَوْ صُفْرٍ

أَوْ حِجَارَةٍ أَوْ خَزَفٍ وَالْمِيمُ زَائِدةٌ قِيلَ لِأَنَّهُ إِذَا نُصِبَ كَأَنَّهُ أُقِيمَ فِي أَرْجُلٍ [1216] لَقَدْ تَحَجَّرْتَ وَاسِعًا

أَيْ ضَيَّقْتَ مَا وَسَّعَهُ اللَّهُ وَخَصَصْتَ بِهِ نَفسك دون غَيْرك

ذَلِكَ قَالَ فَالْحَدِيثُ يَشْتَمِلُ عَلَى النَّهْيِ عَنْ إِتْيَانِ هَؤُلَاءِ كُلِّهِمْ وَرِجَالٌ مِنَّا يَخُطُّونَ قَالَ كَانَ نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ يَخُطُّ فَمَنْ وَافَقَ خَطُّهُ فَذَاكَ قَالَ النَّوَوِيُّ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَاهُ فَالصَّحِيحُ أَنَّ مَعْنَاهُ مَنْ وَافَقَ خَطُّهُ فَهُوَ مُبَاحٌ وَلَا طَرِيقَ لَنَا إِلَى الْعِلْمِ اليقيني بالموافقة فَلَا يُبَاحُ وَقَالَ عِيَاضٌ مَعْنَاهُ مَنْ وَافَقَ خَطُّهُ فَذَاكَ الَّذِي تَجِدُونَ إِصَابَتَهُ فِيمَا يَقُولُ لَا أَنَّهُ أَبَاحَ ذَلِكَ لِفَاعِلِهِ قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ هَذَا نُسِخَ فِي شَرْعِنَا وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ يَحْتَمِلُ النَّهْيَ عَنْ هَذَا الْخَطِّ إِذْ كَانَ عَلَمًا لِنُبُوَّةِ ذَاكَ النَّبِيِّ وَقَدِ انْقَطَعَتْ فَنُهِينَا عَنْ تَعَاطِي ذَلِكَ قَالَ النَّوَوِيُّ فَحَصَلَ مِنْ مَجْمُوعِ كَلَامِ الْعُلَمَاءِ فِيهِ الِاتِّفَاقُ عَلَى النَّهْيِ عَنْهُ الْآنَ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ حَكَى مَكِّيٌّ فِي تَفْسِيرِهِ أَنَّهُ رُوِيَ أَنَّ هَذَا النَّبِيَّ كَانَ يَخُطُّ بِأُصْبُعِهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى فِي الرمل ثمَّ يزْجر وَعَن بن عَبَّاسٍ يَخُطُّ خُطُوطًا مُعَجَّلَةً لِئَلَّا يَلْحَقَهَا الْعَدَدُ ثُمَّ يَرْجِعُ فَيَمْحُو عَلَى مَهْلٍ خَطَّيْنِ فَإِنْ بَقِيَ خَطَّانِ فَهِيَ عَلَامَةُ النَّجْحِ وَإِنْ بَقِيَ خَطٌّ فَهُوَ عَلَامَةُ الْخَيْبَةِ فَحَدَّقَنِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ وَاثُكْلَ أُمِّيَاهُ قَالَ النَّوَوِيُّ الثُّكْلُ بِضَمِّ الثَّاءِ وَإِسْكَانِ الْكَافِ وَفَتْحِهِمَا جَمِيعًا لُغَتَانِ كَالْبُخْلِ وَالْبَخَلِ حَكَاهُمَا الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ فِقْدَانُ الْمَرْأَةِ وَلَدَهَا وَأَمِّيَاهُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ أُمِّيَاهُ

مُضَافٌ إِلَى ثُكْلِ وَكِلَاهُمَا مَنْدُوبٌ كَمَا قَالَ وَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَاهُ وَأَصْلُهُ أُمِّي زِيدَتْ عَلَيْهِ الْأَلِفُ لِمَدِّ الصَّوْتِ وَأُرْدِفَتْ بِهَاءِ السَّكْتِ الثَّابِتَةِ فِي الْوَقْفِ الْمَحْذُوفَةِ فِي الْوَصْلِ وَلَا كَهَرَنِي أَيْ مَا انْتَهَرَنِي قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْكَهْرُ الِانْتِهَارُ وَقِيلَ الْكَهْرُ الْعُبُوسُ فِي وَجْهِ مَنْ يَلْقَاهُ إِنَّ صَلَاتَنَا هَذِهِ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ هَذَا مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الشَّرِيعَةِ ذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ أَنَّ شَرِيعَةَ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَ يُبَاحُ فِيهَا الْكَلَامُ فِي الصَّلَاةِ دُونَ الصَّوْمِ فَجَاءَتْ شَرِيعَتُنَا بِعَكْسِ ذَلِك وَقَالَ بن بَطَّالٍ إِنَّمَا عِيبَ عَلَى جُرَيْجِ عَدَمُ إِجَابَتِهِ لِأُمِّهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الصَّلَاةِ كَانَ مُبَاحًا فِي شَرْعِهِمْ وَفِي شَرْعِنَا لَا يَجُوزُ قَطْعُ الصَّلَاةِ لِإِجَابَةِ الْأُمِّ إِذْ لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ مِنْ قِبَلِ أُحُدٍ وَالْجَوَّانِيَّةِ قَالَ النَّوَوِيُّ هِيَ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ وَبَعْدَ الْأَلِفِ نُونٌ ثُمَّ يَاءٌ مُشَدَّدَةٌ وَحُكِيَ تَخْفِيفُهَا مَوْضِعٌ بِقُرْبِ أُحُدٍ فِي شِمَالِ الْمَدِينَةِ قَالَ وَأَمَّا قَوْلُ عِيَاضٍ إِنَّهَا مِنْ عَمَلِ الْفَرْعِ فَلَيْسَ بِمَقْبُولٍ لِأَنَّ الْفَرْعَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ بَعِيدٌ مِنَ الْمَدِينَةِ وَأحد فِي شام الْمَدِينَةِ وَقَدْ قَالَ فِي الْحَدِيثِ قِبَلَ أُحُدٍ وَالْجَوَّانِيَّةِ فَكَيْفَ يَكُونُ عِنْدَ الْفَرْعِ آسَفُ بِالْمَدِّ وَفَتْحِ السِّينِ أَيْ أَغْضَبُ فَصَكَكْتُهَا

أَيْ لَطَمْتُهَا فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْنَ اللَّهُ قَالَتْ فِي السَّمَاءِ قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا مِنْ أَحَادِيثِ الصِّفَاتِ وَفِيهَا مَذْهَبَانِ أَحَدُهُمَا الْإِيمَانُ مِنْ غَيْرِ خَوْضٍ فِي مَعْنَاهُ مَعَ اعْتِقَادِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَتَنْزِيهُهُ عَنْ سِمَاتِ الْمَخْلُوقِينَ وَالثَّانِي تَأْوِيلُهُ بِمَا يَلِيقُ بِهِ فَمَنْ قَالَ بِهَذَا قَالَ كَانَ الْمُرَادُ بِهَذَا امْتِحَانُهَا هَلْ هِيَ مُوَحِّدَةٌ تُقِرُّ بِأَنَّ الْخَالِقَ الْمُدَبِّرَ الْفَعَّالَ هُوَ اللَّهُ وَحْدَهُ وَهُوَ الَّذِي إِذَا دَعَاهُ الدَّاعِي اسْتَقْبَلَ السَّمَاءَ كَمَا إِذَا صَلَّى لَهُ الْمُصَلِّي اسْتَقْبَلَ الْكَعْبَةَ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مُنْحَصِرٌ فِي السَّمَاءِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ مُنْحَصِرًا فِي جِهَةِ الْكَعْبَةِ بَلْ ذَلِكَ لِأَنَّ السَّمَاءَ قِبْلَةُ الدَّاعِينَ كَمَا أَنَّ الْكَعْبَةَ قِبْلَةُ الْمُصَلِّينَ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ قَاطِبَةً فَقِيهِهِمْ وَمُحَدِّثِهِمْ وَمُتَكلِّمِهِمْ وَنُظَّارِهِمْ وَمُقَلِّدِهِمْ أَنَّ الظَّوَاهِرَ الْمُتَوَارِدَةَ بِذِكْرِ اللَّهِ فِي السَّمَاءِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى أأمنتم من فِي السَّمَاء وَنَحْوِهِ لَيْسَتْ عَلَى ظَاهِرِهَا بَلْ هِيَ مُتَأَوَّلَةٌ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ فَمَنْ قَالَ بِإِثْبَاتِ جِهَةَ فَوْقٍ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ وَلَا تَكْيِيفٍ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَالْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ تَأَوَّلَ فِي السَّمَاءِ عَلَى السَّمَاءِ وَمَنْ قَالَ بِنَفْيِ الْحَدِّ وَاسْتِحَالَةِ الْجِهَةِ فِي حَقه سُبْحَانَهُ

تَأَوَّلَهَا تَأْوِيلَاتٍ بِحَسَبِ مُقْتَضَاهَا وَذَكَرَ نَحْوَ مَا سبق [1224] إِحْدَى صَلَاتَيِ الْعَشِيِّ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الشِّينِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ الْعَشِيُّ عِنْدَ الْعَرَبِ مَا بَيْنَ زَوَالِ الشَّمْسِ وَغُرُوبِهَا وَخَرَجتِ السَّرَعَانُ قَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ بِفَتْحِ السِّينِ وَالرَّاءِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي قَالَهُ الْجُمْهُورُ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَاللُّغَةِ وَهَكَذَا ذَكَرَهُ الْمُتْقِنُونَ وَهُمُ الْمُسْرِعُونَ إِلَى الْخُرُوجِ وَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِهِمْ إِسْكَانَ الرَّاءِ قَالَ وَضَبَطَهُ الْأَصِيلِيُّ فِي الْبُخَارِيِّ بِضَمِّ السِّينِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ جَمْعُ سَرِيعٍ كَقَفِيزٍ وَقُفْزَانٍ اه وَفِي النِّهَايَةِ السَّرَعَانُ أَوَائِلُ النَّاسِ الَّذِينَ يَتَنَازَعُونَ إِلَى الشَّيْءِ وَيُقْبِلُونَ عَلَيْهِ بِسُرْعَةٍ قُصِرَتِ الصَّلَاةُ قَالَ النَّوَوِيُّ بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ الصَّادِ وَرُوِيَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَضَمِّ

الصَّادِ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ وَأَفْصَحُ يُسَمَّى ذَا الْيَدَيْنِ هُوَ الْخِرْبَاق بن عمر وبكسر الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَآخِرُهُ قَافٌ قَالَ أَكَمَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ قَالُوا نَعَمْ فَجَاءَ فَصَلَّى الَّذِي تَرَكَ قَالَ النَّوَوِيُّ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ تَكَلَّمَ ذُو الْيَدَيْنِ وَالْقَوْمُ وَهُمْ بَعْدُ فِي الصَّلَاةِ فَجَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا عَلَى تَعَيُّنٍ مِنَ الْبَقَاءِ فِي الصَّلَاةِ كَأَنَّهُمْ كَانُوا مُجَوِّزِينَ بِنَسْخِ الصَّلَاةِ مِنْ أَرْبَعٍ إِلَى رَكْعَتَيْنِ وَالثَّانِي أَنَّ هَذَا كَانَ خِطَابًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَوَابًا وَذَلِكَ لَا يَبْطُلُ عِنْدنَا وَعِنْدَ غَيْرِنَا وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّ الْجَمَاعَةَ أومؤا أَيْ نَعَمْ فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَمْ يَتَكَلَّمُوا فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ رَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قَوْلِ غَيْرِهِ وَعِنْدَكُمْ لَا يَجُوزُ لِلْمُصَلِّي الرُّجُوعُ فِي قَدْرِ الصَّلَاةِ إِلَى قَوْلِ غَيْرِهِ إِمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا وَلَا يَعْمَلُ إِلَّا عَلَى يَقِينِ نَفْسِهِ فَجَوَابُهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَهُمْ لِيَتَذَكَّرَ فَلَمَّا ذَكَّرُوهُ تَذَكَّرَ فَعَلِمَ السَّهْوَ وَبَنَى عَلَيْهِ لَا أَنَّهُ رَجَعَ إِلَى مُجَرَّدِ قَوْلِهِمْ وَلَوْ جَازَ تَرْكُ يَقِينِ نَفْسِهِ وَالرُّجُوعُ إِلَى قَوْلِ

غَيْرِهِ لَرَجَعَ ذُو الْيَدَيْنِ حِينَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تقصر [1226] كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ هَذَا مُشْكِلٌ بِمَا ثَبَتَ مِنْ حَالِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ الْخُلْفُ وَالِاعْتِذَارُ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ إِنَّمَا نَفَى الْكُلِّيَّةَ وَهُوَ صَادِقٌ فِيهَا إِذْ لَمْ يَجْتَمِعْ وُقُوعُ الْأَمْرَيْنِ وَإِنَّمَا وَقَعَ أَحَدُهُمَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْكُلِّيَّةِ نَفْيُ الْجُزْءِ مِنْ أَجْزَائِهَا فَإِذَا قَالَ لَمْ أَلْقَ كُلَّ الْعُلَمَاءِ لَمْ يُفْهَمْ أَنَّهُ لَمْ يَلْقَ وَاحِدًا مِنْهُمْ وَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ مِنْهُ إِلَّا أَنَّ هَذَا الِاعْتِذَارَ يُبْطِلُهُ قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تُقْصَرْ بَدَلَ قَوْلِهِ كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فَقَدْ نَفَى الْأَمْرَيْنِ نَصًّا وَالثَّانِي أَنَّهُ إِنَّمَا أَخْبَرَ عَنِ الَّذِي كَانَ فِي اعْتِقَادِهِ وَظَنِّهِ وَهُوَ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَأَخْبَرَ بِحَقٍّ إِذْ خَبَرُهُ مُوَافِقٌ لِمَا فِي نَفْسِهِ فَلَيْسَ فِيهِ

خُلْفٌ قَالَ وَلِلْأَصْحَابِ فِيهِ تَأْوِيلَاتٌ أُخَرُ مِنْهَا قَوْلُهُ لَمْ أَنْسَ رَاجِعٌ إِلَى السَّلَامِ أَيْ لَمْ أَنْسَ السَّلَامَ وَإِنَّمَا سَلَّمْتُ قَصْدًا وَهَذَا فَاسِدٌ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَكُونُ جَوَابًا عَمَّا سُئِلَ عَنْهُ وَمِنْهَا الْفَرْقُ بَيْنَ النِّسْيَانِ وَالسَّهْوِ فَقَالُوا كَانَ يَسْهُو وَلَا يَنْسَى لِأَنَّ النِّسْيَانَ غَفْلَةٌ وَهَذَا أَيْضًا لَيْسَ بِشَيْءٍ إِذْ لَا يَسْلَمُ الْفَرْقُ وَلَوْ سَلِمَ فَقَدْ أَضَافَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النِّسْيَانَ إِلَى نَفْسِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ فَقَالَ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي وَمِنْهَا مَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَنَّهُ إِنَّمَا أَنْكَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النِّسْيَانَ إِلَيْهِ إِذْ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ كَمَا قَالَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ بِئْسَمَا لِأَحَدِكُمْ أَنْ يَقُولَ نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ بَلْ هُوَ نُسِّيَ أَيْ خُلِقَ فِيهِ النِّسْيَانُ وَهَذَا يُبْطِلُهُ أَيْضًا أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي وَأَيْضًا فَلَمْ يَصْدُرْ ذَلِكَ عَنْهُ عَلَى جِهَةِ الزَّجْرِ وَالْإِنْكَارِ بَلْ عَلَى جِهَةِ النَّفْيِ كَمَا قَالَهُ السَّائِلُ عَنْهُ وَأَيْضًا فَلَا يَكُونُ جَوَابًا لِمَا سُئِلَ عَنْهُ وَالصَّوَابُ حَمْلُهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ وَاللَّهُ

تَعَالَى أعلم [1230] فَقَالَ لَهُ ذُو الشِّمَالَيْنِ بْنُ عَمْرٍو قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ لَمْ يُتَابَعِ الزُّهْرِيُّ عَلَى قَوْلِهِ إِنَّ الْمُتَكَلِّمَ ذُو الشِّمَالَيْنِ لِأَنَّهُ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ فِيمَا ذَكَرَهُ أَبُو إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ وَاسْمُهُ عُمَيْرُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ وَقَدِ اضْطَرَبَ الزُّهْرِيُّ فِي حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ اضْطِرَابًا أَوْجَبَ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالنَّقْلِ تَرْكَهُ مِنْ رِوَايَتِهِ خَاصَّةً وَقَدْ غَلِطَ فِيهِ مُسْلِمٌ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ الْمُصَنِّفِينَ فِيهِ عَوَّلَ عَلَى حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ وَكُلُّهُمْ تَرَكُوهُ لِاضْطِرَابِهِ وَأَنَّهُ لَمْ يُقِمْ لَهُ إِسْنَادًا وَلَا مَتْنًا وَإِنْ كَانَ إِمَامًا عَظِيمًا فِي هَذَا الشَّأْنِ فَالْغَلَطُ لَا يَسْلَمُ مِنْهُ بَشَرٌ وَالْكَمَالُ لِلَّهِ تَعَالَى وَكُلُّ أَحَدٍ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ إِلَّا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم

[1238] فَإِن كَانَ صلى خمْسا شفعتا لَهُ صلَاته أَيْ رَدَّتَاهَا إِلَى الشَّفْعِ وَإِنْ صَلَّى أَرْبَعًا كَانَتَا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ أَيْ إِذْلَالًا لَهُ وَإِغَاظَةً قَالَ النَّوَوِيُّ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّيْطَانَ لَبَّسَ عَلَيْهِ صَلَاتَهُ وَتَعَرَّضَ لِإِفْسَادِهَا وَنُقْصَانِهَا فَجَعلَ اللَّهُ تَعَالَى لِلْمُصَلِّي طَرِيقًا إِلَى جَبْرِ صَلَاتِهِ وَتَدَارُكِ مَا لَبَّسَهُ عَلَيْهِ وَإِرْغَامِ الشَّيْطَانِ وَرَدِّهِ خَاسِئًا مُبْعَدًا عَن مُرَاده وكملت صَلَاة بن آدَمَ لَمَّا امْتَثَلَ أَمْرَ اللَّهِ الَّذِي عَصَى بِهِ إِبْلِيس من امْتِنَاعه من السُّجُود إِذَا أَوْهَمَ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ أَيْ أَسْقَطَ مِنْهَا شَيْئا

[1252] فَلَبَسَ عَلَيْهِ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ الْمُخَفَّفَةِ أَيْ خَلَطَ عَلَيْهِ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ رُوِيَ مُخَفَّفَ الْبَاءِ وَمُشَدَّدَهَا

[1256] فَوَشْوَشَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالَ النَّوَوِيُّ ضَبَطْنَاهُ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَقَالَ عِيَاضٌ رُوِيَ بِالْمُعْجَمَةِ وَبِالْمُهْمَلَةِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَمَعْنَاهُ تَحَرَّكُوا قَالَ أَهْلُ اللُّغَة الوشوشة بِالْمُعْجَمَةِ صَوت فِي اخْتِلَاف مَرَّ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَدْعُو بِأَصَابِعِي فَقَالَ أَحِّدْ أَحِّدْ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ أَشِرْ بِأُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّ الَّذِي تَدْعُو إِلَيْهِ وَاحِدٌ وَهُوَ اللَّهُ تَعَالَى

[1277] لَا تَقُولُوا هَكَذَا فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلَامُ قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّ السَّلَامَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَعْنَاهُ السَّالِمُ مِنْ سِمَاتِ الْحُدُوثِ وَمِنَ الشَّرِيكِ وَالنِّدِّ وَقِيلَ الْمُسَلِّمُ أَوْلِيَاءَهُ وَقِيلَ الْمُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ فِي الْجَنَّةِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ جَمْعُ تَحِيَّةٍ وَهِيَ الْمُلْكُ وَقِيلَ الْبَقَاءُ وَقِيلَ الْعَظَمَةُ وَقِيلَ إِنَّمَا قِيلَ التَّحِيَّاتُ بِالْجَمْعِ لِأَنَّ مُلُوكَ الْعَرَبِ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يُحَيِّيهِ أَصْحَابُهُ بِتَحِيَّةٍ مَخْصُوصَةٍ فَقِيلَ جَمِيعُ تَحِيَّاتِهِمْ لِلَّهِ تَعَالَى وَهُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِذَلِكَ حَقِيقَةً وَالصَّلَوَاتُ هِيَ الصَّلَوَاتُ الْمَعْرُوفَةُ وَقِيلَ الدَّعَوَاتُ وَالتَّضَرُّعُ وَقِيلَ الرَّحْمَةُ أَيِ اللَّهُ الْمُتَفَضِّلُ بِهَا وَالطَّيِّبَاتُ أَيِ الْكَلِمَاتُ الطَّيِّبَاتُ كَالْأَذْكَارِ وَالدَّعَوَاتِ وَمَا شَاكَلَ ذَلِكَ قَالَ النَّوَوِيُّ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ التَّحِيَّاتِ وَمَا بَعْدَهَا مُسْتَحَقَّةٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَلَا تَصْلُحُ حَقِيقَتُهَا لِغَيْرِهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ قَالَ النَّوَوِيُّ قِيلَ مَعْنَاهُ هُنَا وَفِي آخِرِ الصَّلَاةِ التَّعَوُّذُ بِاللَّهِ وَالتَّحْصِينُ بِهِ سُبْحَانَهُ فَإِنَّ السَّلَامَ اسْمُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ تَقْدِيرُهُ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْكَ وَكَفِيلٌ كَمَا يُقَالُ اللَّهُ مَعَكَ أَيْ بِالْحِفْظِ والمعونة واللطف وَقيل مَعْنَاهُ السَّلامَة وَالنَّجَاةُ لَكَ وَيَكُونُ مَصْدَرًا كَاللَّذَاذِ وَاللَّذَاذَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ قَدْ يَتَمَسَّكُ بِهِ مَنْ جَوَّزَ الدُّعَاءَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالرَّحْمَةِ وَلَا دَلِيلَ فِيهِ لِأَنَّهُ جَاءَ عَلَى طَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ لِلسَّلَامِ وَقَدْ يُغْتَفَرُ مَجِيءُ الشَّيْءِ تَبَعًا وَلَا يُغْتَفَرُ اسْتِقْلَالًا وَلِي فِي الْمَسْأَلَةِ تَأْلِيفٌ مُودَعٌ فِي الْفَتَاوَى وَبَرَكَاتُهُ الْبَرَكَةُ كَثْرَةُ الْخَيْرِ أَوِ النُّمُوُّ وَالزِّيَادَةُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الزَّجَّاجُ وَصَاحِبُ الْمطَالع

وَغَيْرُهُمَا الصَّالِحُ هُوَ الْقَائِمُ بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَحُقُوقِ الْعِبَادِ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ الْحَكِيمُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَحْظَى بِهَذَا السَّلَامِ الَّذِي يُسَلِّمُهُ الْخَلْقُ فِي صَلَاتِهِمْ فَلْيَكُنْ عَبْدًا صَالِحًا وَإلَّا حُرِمَ هَذَا الْفَضْلَ الْعَظِيمَ وَقَالَ الْفَاكِهَانِيُّ يَنْبَغِي لِلْمُصَلِّي أَنْ يَسْتَحْضِرَ فِي هَذَا الْمَحَلِّ جَمِيعَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَة وَالْمُؤمنِينَ

[1280] وَإِذا قَالَ وَلَا الضَّالّين فَقولُوا آمين يجبكم اللَّهُ قَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ بِالْجِيمِ أَيْ يَسْتَجِبْ لَكُمُ الدُّعَاءَ ثُمَّ إِذَا كَبَّرَ وَرَكَعَ فَكَبِّرُوا وَارْكَعُوا فَإِنَّ الْإِمَامَ يَرْكَعُ قَبْلَكُمْ وَيَرْفَعُ قَبْلَكُمْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتِلْكَ بِتِلْكَ قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ اجْعَلُوا تَكْبِيرَكُمْ لِلرُّكُوعِ وَرُكُوعَكُمْ بَعْدَ تَكْبِيرِهِ وَرُكُوعِهِ وَكَذَلِكَ رَفْعُكُمْ مِنَ الرُّكُوعِ يَكُونُ بَعْدَ رَفْعِهِ وَمَعْنَى تِلْكَ بِتِلْكَ أَنَّ اللَّحْظَةَ الَّتِي سَبَقَكُمُ الْإِمَامُ بِهَا فِي تَقَدُّمِهِ إِلَى الرُّكُوعِ تَنْجَبِرُ لَكُمْ بِتَأَخُّرِكُمْ فِي الرُّكُوعِ بَعْدَ رَفْعِهِ لَحْظَةً فَتِلْكَ اللَّحْظَةُ بِتِلْكَ اللَّحْظَةِ وَصَارَ قَدْرُ رُكُوعِكُمْ كَقَدْرِ رُكُوعِهِ وَقَالَ مِثْلَهُ فِي السُّجُودِ وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ أَيْ أَجَابَ دُعَاءَ مَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ قَالَ النَّوَوِيُّ هَكَذَا هُوَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِلَا وَاوٍ وَجَاءَتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ بِإِثْبَاتِ الْوَاوِ وَبِحَذْفِهَا وَالْأَمْرَانِ جَائِزَانِ وَلَا تَرْجِيحَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَعَلَى إِثْبَاتِ الْوَاوِ يَكُونُ قَوْلُهُ رَبَّنَا مُتَعَلِّقًا بِمَا بَعْدَهُ تَقْدِيرُهُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا فَاسْتَجِبْ حَمْدَنَا ودعاءنا وَلَك الْحَمد

على هدايتنا لذَلِك

[1285] اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ النَّوَوِيُّ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْحِكْمَةِ فِي قَوْلِهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ مَعَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ مِنْ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ أَنَّ نَبِيَّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ وَلِأَهْلِ بَيْتِهِ لِيُتِمَّ النِّعْمَةَ عَلَيْهِمْ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِهِ وَقِيلَ بَلْ سَأَلَ ذَلِكَ لِأُمَّتِهِ وَقِيلَ بَلْ لِيَبْقَى ذَلِكَ لَهُ دَائِمًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَيُجْعَلَ لَهُ بِهِ لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ كَإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقِيلَ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ إِبْرَاهِيمَ وَقِيلَ سَأَلَ صَلَاةً يَتَّخِذُهُ بِهَا خَلِيلًا كَمَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ

خَلِيلًا هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي قَالَ النَّوَوِيُّ وَالْمُخْتَارُ فِي ذَلِكَ أَحَدُ ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا حَكَاهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ مَعْنَاهُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَتَمَّ الْكَلَامُ ثُمَّ اسْتَأْنَفَ وعَلى آل مُحَمَّد أَي وصل على مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ وَالْمَسْئُولُ لَهُ مِثْلُ إِبْرَاهِيمَ وَآلُهُ هُمْ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نَفْسُهُ الْقَوْلُ الثَّانِي مَعْنَاهُ اجْعَلْ لِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ صَلَاةً مِنْكَ كَمَا جَعَلْتَهَا لِإِبْرَاهِيمَ وَآلِهِ وَالْمَسْئُولُ الْمُشَارَكَةُ فِي أَصْلِ الصَّلَاةِ الَّتِي لِإِبْرَاهِيمَ وَآلِهِ وَالثَّالِثُ الْمَسْئُولُ مُقَابَلَةُ الْجُمْلَةِ بِالْجُمْلَةِ وَيَدْخُلُ فِي آلِ إِبْرَاهِيمَ خَلَائِقُ لَا يُحْصَوْنَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَلَا يَدْخُلُ فِي آلِ مُحَمَّدٍ نَبِيٌّ وَطَلَبُ إِلْحَاقِ هَذِه الْجُمْلَة الَّتِي فِيهَا نَبِيٌّ وَاحِدٌ بِتِلْكَ الْجُمْلَةِ الَّتِي فِيهَا خَلَائِقُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالسَّلَامُ كَمَا قَدْ عَلِمْتُمْ قَالَ النَّوَوِيُّ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ اللَّامِ الْمُخَفَّفَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ رَوَاهُ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ أَيْ علمتكموه وَكِلَاهُمَا صَحِيح

عَنْ أَنَسٍ قَالَ جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي كَلِمَاتٍ أَدْعُو بِهِنَّ فِي صَلَاتِي قَالَ سَبِّحِي اللَّهَ عَشْرًا وَاحْمَدِيهِ عَشْرًا وَكَبِّرِيهِ عَشْرًا ثُمَّ سَلِيهِ حَاجَتَكِ يَقُولُ نَعَمْ نعم

ترْجم عَلَيْهِ بَاب الذّكر بعد التَّشَهُّد بديع السَّمَاوَات وَالْأَرْض أَيْ خَالِقُهُمَا وَمُخْتَرِعُهُمَا لَا عَلَى مِثَالٍ سَبَقَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مُفْعِلٍ يَا ذَا الْجَلَالِ هُوَ الْعَظَمَةُ وَالسُّلْطَانُ قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْفَرْقُ بَيْنَ الْجَلَالِ وَالْجَمَالِ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِاعْتِبَارِ أَثَرَيْهِمَا إِذْ أَثَرُ هَذِهِ الْهَيْبَةُ وَالْأُخْرَى الْمَحَبَّةُ وَتَارَةً الْمَهَابَةُ وَهُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ فَتَارَةً يَخْلُقُ اللَّهُ مُشَاهَدَةَ الْمَحَبَّةِ وَتَارَةً الْمَهَابَةَ والاكرام هُوَ

الْإِحْسَان وافاضة النعم [1302] اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا قَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي فِيهِ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يعرى عَن تَقْصِير وَلَو كَانَ صديقا

[1309] وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ الْأَشْهَرُ ضَبْطُ الْمَسِيحِ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ السِّينِ الْمَكْسُورَةِ وَآخِرُهُ حَاءٌ مُهْمَلَةٌ وَقِيلَ هُوَ بِتَثْقِيلِ السِّينِ وَقِيلَ بِإِعْجَامِ الْخَاءِ وَنُسِبَ قَائِلُهُ إِلَى التَّصْحِيفِ وَاخْتُلِفَ فِي تَلْقِيبِهِ بِذَلِكَ فَقِيلَ لِأَنَّهُ مَمْسُوحُ الْعين

وَقِيلَ لِأَنَّ أَحَدَ شِقَّيْ وَجْهِهِ خُلِقَ مَمْسُوحًا لَا عَيْنَ فِيهِ وَلَا حَاجِبَ وَقِيلَ لِأَنَّهُ يَمْسَحُ الْأَرْضَ إِذَا خَرَجَ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ مَنْ قَالَهُ بِالتَّخْفِيفِ فَلِمَسْحِهِ الْأَرْضَ وَمَنْ قَالَهُ بِالتَّشْدِيدِ فَلِكَوْنِهِ مَمْسُوحَ الْعَيْنِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ أَيِ الْحَيَاةُ وَالْمَوْتُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ زَمَانَ ذَلِكَ وَيُرِيدَ بِذَلِكَ مِحْنَةَ الدُّنْيَا وَمَا بَعْدَهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ حَالَةَ الِاحْتِضَارِ وَحَالَةَ الْمَسْأَلَةِ فِي الْقَبْرِ وَكَأَنَّهُ اسْتَعَاذَ مِنْ فِتْنَةِ هَذَيْنِ الْمَقَامَيْنِ وَسَأَلَ التَّثْبِيتَ فِيهِمَا اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْمَأْثَمِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ الْأَمْرُ الَّذِي يَأْثَمُ بِهِ الْإِنْسَانُ وَهُوَ الْإِثْمُ نَفْسُهُ وَالْمَغْرَمِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ مَصْدَرٌ وُضِعَ مَوْضِعَ الِاسْمِ وَيُرِيدُ بِهِ مَغْرَمَ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي وَقِيلَ الْمَغْرَمُ كَالْغُرْمِ وَهُوَ الدَّيْنُ وَيُرِيدُ بِهِ مَا اسْتُدِينَ فِيمَا يَكْرَهُهُ اللَّهُ أَوْ فِيمَا يَجُوزُ ثُمَّ عَجَزَ عَنْ أَدَائِهِ فَأَمَّا دَيْنٌ احْتَاجَ إِلَيْهِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَدَائِهِ فَلَا يُسْتَعَاذُ مِنْهُ فَقَالَ قَائِلٌ هِيَ عَائِشَةُ مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنَ الْمَغْرَمِ مَا أَكْثَرَ بِفَتْحِ الرَّاءِ فِعْلُ التَّعَجُّبِ وَمَا تَسْتَعِيذُ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ فَقَالَ إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ بِكَسْرِ الرَّاءِ حَدَّثَ جَوَابُ الشَّرْطِ فَكَذَبَ عَطْفٌ عَلَيْهِ ووعد عطف على حدث

الْهدى السِّيرَة والهيئة والطريقة [1312] رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي فَطَفَّفَ أَيْ نَقَصَ وَالتَّطْفِيفُ يَكُونُ بِمَعْنَى الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ مَا صَلَّيْتَ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ التَّيْمِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ أَيْ صَلَاةً كَامِلَةً وَقِيلَ نَفَى الْفِعْلَ عَنْهُ بِمَا نَفَى عَنْهُ مِنَ التَّجْوِيدِ كَقَوْلِهِ لَا يَزْنِي الزَّانِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ نَفَى عَنْهُ الْإِيمَانَ لِمِثْلِ ذَلِكَ وَلَوْ مُتَّ بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا وَأَنْتَ تُصَلِّي هَذِهِ الصَّلَاةَ لَمُتَّ عَلَى غَيْرِ فِطْرَةِ مُحَمَّدٍ قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَى الْفِطْرَةِ الْمِلَّةُ وَأَرَادَ بِهَذَا الْكَلَامِ تَوْبِيخَهُ عَلَى سُوءِ فِعْلِهِ لِيَرْتَدِعَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ الْخُرُوجَ عَنِ الدِّينِ قَالَ التَّيْمِيُّ وَسُمِّيَتِ الصَّلَاةُ فِطْرَةً لِأَنَّهَا أكبر عرى الْإِيمَان

[1313] أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمُقُهُ أَيْ يَنْظُرُ إِلَيْهِ شزرا

[1318] أَذْنَابُ الْخَيْلِ الشُّمُسِ بِسُكُونِ الْمِيمِ وَضَمِّهَا وَهِيَ الَّتِي لَا تَسْتَقِرُّ بَلْ تَضْطَرِبُ وَتَتَحَرَّكُ بِأَذْنَابِهَا وأرجلها عِتْبَانَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقَانِيَّةِ وَمُوَحَّدَةٍ

[ص 67 [1335] عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ إِنَّمَا كُنْتُ أَعْلَمُ انْقِضَاءَ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّكْبِيرِ] 68 قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا دَلِيلٌ لِمَا قَالَهُ بَعْضُ السَّلَفِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّكْبِيرِ وَالذِّكْرِ عقب الْمَكْتُوبَة وَمِمَّنْ يستحبه من الْمُتَأَخِّرين بن حزم الظَّاهِرِيّ وَنقل بن بَطَّالٍ وَآخَرُونَ أَنَّ أَصْحَابَ الْمَذَاهِبِ الْمَتْبُوعَةِ وَغَيْرَهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى عَدَمِ اسْتِحْبَابِ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالتَّكْبِيرِ وَالذِّكْرِ وَحَمَلَ الشَّافِعِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّهُ جَهَرَ وَقْتًا يَسِيرًا حَتَّى يُعَلِّمَهُمْ صِفَةَ الذِّكْرِ لَا أَنَّهُمْ جَهَرُوا بِهِ دَائِمًا قَالَ فأخْتَارَ لِلْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ أَنْ يَذْكُرَا اللَّهَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الصَّلَاةِ وَيُخْفِيَانِ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ إِمَامًا يُرِيدُ أَنْ يَتَعَلَّمَ مِنْهُ فَيَجْهَرَ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ تَعَلَّمَ مِنْهُ ثُمَّ يُسِرُّ وَحمل الحَدِيث على هَذَا كَانَ إِذا

انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ اسْتَغْفَرَ ثَلَاثًا قَالَ النَّوَوِيُّ الْمُرَادُ بِالِانْصِرَافِ السَّلَامُ قَالَ اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ الْأَوَّلُ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَالثَّانِي السَّلَامَةُ وَمَعْنَاهُ أَنَّ السَّلَامَةَ مِنَ الْمَهَالِكِ إِنَّمَا تَحْصُلُ لِمَنْ سَلَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى تَبَارَكْتَ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ تَفَاعَلْتَ مِنَ الْبَرَكَةِ وَهِيَ الْكَثْرَةُ والنماء

وَمَعْنَاهُ تَعَاظَمْتَ إِذْ كَثُرَتْ صِفَاتُ جَلَالِكَ وَكَمَالِكَ

[1345] عَنْ جَسْرَةَ بِفَتْحِ الْجِيمِ إِنَّا لِنُقْرِضُ مِنْهُ الْجلد وَالثَّوْب قيل الْمُرَادُ بِالْجِلْدِ الَّذِي يَلْبَسُونَهُ فَوْقَ أَجْسَادِهِمْ وَبِهِ جَزَمَ الْقُرْطُبِيُّ قَالَ وَسَمِعْتُ بَعْضَ أَشْيَاخِنَا يَحْمِلُ هَذَا عَلَى ظَاهِرِهِ وَيَقُولُ إِنَّ ذَلِكَ كَانَ من الأصر الَّذِي حملوه وَنقل بن سيد النَّاس عَن بن دَقِيقِ الْعِيدِ أَنَّهُ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى هَذَا قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ الطَّبَرَانِيِّ أَنَّ أَحَدَهُمْ كَانَ إِذَا أَصَابَ شَيْئًا مِنْ جَسَدِهِ بَوْلٌ قَرَضَهُ بِالْمَقَارِيضِ قَالَ وَالْحَدِيثُ إِذَا جَمَعْتَ طُرُقَهُ تَبَيَّنَ الْمُرَادُ مِنْهُ رَبَّ جِبْرِيل وَمِيكَائِيل

وَإِسْرَافِيلَ أَعِذْنِي مِنْ حَرِّ النَّارِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ تَخْصِيصُهُمْ بِرُبُوبِيَّتِهِ وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَجَاءَ مِثْلُ هَذَا كَثِيرًا مِنْ إِضَافَةِ كُلِّ عَظِيمِ الشَّأْنِ لَهُ دُونَ مَا يُسْتَحْقَرُ عِنْدَ الثَّنَاءِ وَالدُّعَاءِ مُبَالَغَةً فِي التَّعْظِيمِ وَدَلِيلًا عَلَى الْقُدْرَةِ وَالْمِلْكِ فَيُقَالُ رَبَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَرَبَّ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ وَرَبَّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَرَبَّ الْعَالَمِينَ وَرَبَّ الْجِبَالِ وَالرِّيَاحِ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ خَصَّ هَؤُلَاءِ الْمَلَائِكَةَ بِالذِّكْرِ تَشْرِيفًا لَهُمْ أَوْ أَنَّهُمْ يَنْتَظِمُونَ هَذَا الْوُجُودَ إِذْ قد أقامهم الله تَعَالَى فِي ذَلِك

[1349] عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَقِّبَاتٌ لَا يَخِيبُ قَائِلُهُنَّ قَالَ فِي النِّهَايَةِ سُمِّيَتْ مُعَقِّبَاتٍ لِأَنَّهَا تُعَادُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ أَوْ لِأَنَّهَا تُقَالُ عَقِبَ الصَّلَاةِ وَالْعَقِبُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَا جَاءَ عَقِبَ مَا قَبْلَهُ وَقَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي اسْتِدْرَاكَاتِهِ عَلَى مُسْلِمٍ وَقَالَ الصَّوَابُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى كَعْبٍ لِأَنَّ مَنْ رَفَعَهُ لَا يُقَاوِمُونَ مَنْ وَقَفَهُ فِي الْحِفْظِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَهَذَا مَرْدُودٌ لِأَنَّ الرَّفْعَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَقْفِ عَلَى الصَّحِيحِ الَّذِي عَلَيْهِ الْأُصُولِيُّونَ وَالْفُقَهَاءُ وَالْمُحَقِّقُونَ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ مِنْهُمُ الْبُخَارِيُّ وَآخَرُونَ وَلَوْ كَانَ عَدَدُ الْوَاقِفِينَ أَكْثَرَ لِأَنَّ الرَّفْعَ زِيَادَةُ ثِقَةٍ فَوَجَبَ قَبُولُهَا وَلَا تُرَدُّ لِنِسْيَانٍ أَوْ تَقْصِيرٍ حَصَلَ مِمَّنْ وَقَفَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ قَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ بِضَمِّ الدَّالِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي اللُّغَةِ وَالْمَعْرُوفُ فِي الرِّوَايَاتِ وَقَالَ أَبُو عُمَرَ الْمُطَرِّزِيُّ فِي كِتَابِهِ الْيَوَاقِيتُ دَبُرُ كُلِّ شَيْءٍ بِفَتْحِ الدَّالِ آخِرُ أَوْقَاتِهِ مِنَ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا قَالَ هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ فِي اللُّغَةِ وَأَمَّا الْجَارِحَةُ فَبِالضَّمِّ وَقَالَ الراودي عَن بن الْأَعْرَابِيِّ دُبُرُ الشَّيْءِ وَدَبَرُ بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ آخِرُ أَوْقَاتِهِ وَالصَّحِيحُ الضَّمُّ وَلَمْ يَذْكُرِ الْجَوْهَرِيُّ وَآخَرُونَ غَيره

[1352] سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ خَلْقِهِ قَالَ الشَّيْخُ أَكْمَلُ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْمَشَارِقِ تَقْدِيرُهُ عَدَدًا كَعَدَدِ خَلْقِهِ قَالَ وَمَعْنَى وَرِضَا نَفْسِهِ غَيْرُ مُنْقَطِعٍ فَإِنَّ رِضَاهُ عَمَّنْ رَضِيَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ لَا يَنْقَطِعُ وَلَا يَنْقَضِي قَالَ وَمَعْنَى وَزِنَةَ عَرْشِهِ أَيْ بِمِقْدَارِ وَزْنِهِ يُرِيدُ عِظَمَ قَدْرِهَا قَالَ قَوْلُهُ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ قَطْرَ الْبِحَارِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى قُلْ لَو كَانَ الْبَحْر مدادا لكلمات رَبِّي وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ مَصْدَرَ مَدَّدَ وَمِدَادُ الْكَلِمَاتِ الْمَدَدُ الْوَاصِلُ مِنَ الْفَيْضِ الْإِلَهِيِّ عَلَى أَعْيَانِ الْمُمْكِنَاتِ وَاحِدًا فَوَاحِدًا بِحَسَبِ مَا يَتَعَلَّقُ بِشَخْصِهِ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ مِدَادُ كَلِمَاتِهِ أَيْ مِثْلُ عَدَدِهَا وَقِيلَ قَدْرَ مَا يُوَازِيهَا فِي

الْكَثْرَةِ عِيَارَ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ مَا أشبهه وَهَذَا تَمْثِيلٌ يُرَادُ بِهِ التَّقْرِيبُ لِأَنَّ الْكَلَامَ لَا يَدْخُلُ فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَإِنَّمَا يَدْخُلُ فِي الْعَدَدِ وَالْمِدَادُ مَصْدَرٌ كَالْمَدَدِ وَهُوَ مَا يُكْثَرُ بِهِ وَيُزَادُ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ الْمِدَادُ بِمَعْنَى الْمَدَدِ وَقِيلَ جَمْعُهُ قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي فَتَاوَاهُ قَدْ يَكُونُ بَعْضُ الْأَذْكَارِ أَفْضَلَ مِنْ بَعْضٍ لِعُمُومِهَا وَشُمُولِهَا وَاشْتِمَالِهَا عَلَى جَمِيعِ الْأَوْصَافِ السَّلْبِيَّةِ وَالذَّاتِيَّةِ وَالْفِعْلِيَّةِ فَيَكُونُ الْقَلِيلُ مِنْ هَذَا النَّوْعِ أَفْضَلَ مِنَ الْكَثِيرِ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ خلقه

[1359] أَمَّا أَنَا فَأَكْثَرُ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْصَرِفُ عَنْ يَمِينِهِ وَفِي الْحَدِيثِ الَّذِي يَلِيهِ [1360] قَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَا يَجْعَلَنَّ أَحَدُكُمْ لِلشَّيْطَانِ مِنْ نَفْسِهِ جُزْءًا يَرَى أَنَّ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ لَا يَنْصَرِفُ إِلَّا عَنْ يَمِينِهِ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ انْصِرَافِهِ عَنْ يَسَارِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُ تَارَةً هَذَا وَتَارَةً هَذَا فَأَخْبَرَ كُلُّ

وَاحِدٍ بِمَا اعْتَقَدَ أَنَّهُ الْأَكْثَرُ فِيمَا يَعْلَمُهُ فَدَلَّ عَلَى جَوَازِهِمَا وَلَا كَرَاهَةَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَأما الْكَرَاهَة الَّتِي اقتضاها كَلَام بن مَسْعُودٍ فَلَيْسَتْ بِسَبَبِ أَصْلِ الِانْصِرَافِ عَنِ الْيَمِينِ أَوِ الشِّمَالِ وَإِنَّمَا هِيَ فِي حَقِّ مَنْ يَرَى أَنَّ ذَلِكَ لَا بُدَّ مِنْهُ قَالَ وَمن اعْتقد وجرب وَاحِد مِنَ الْأَمْرَيْنِ فَهُوَ مُخْطِئٌ وَلِهَذَا قَالَ يَرَى أَنَّ حَقًّا عَلَيْهِ فَإِنَّمَا ذَمَّ مَنْ رَآهُ حَقًّا عَلَيْهِ وَهَذَا مَذْهَبُنَا أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي وَاحِدٍ مِنَ الْأَمْرَيْنِ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَنْصَرِفَ فِي جِهَةِ حَاجَتِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ شِمَالِهِ فَإِنِ اسْتَوَى الْجِهَتَانِ فِي الْحَاجَةِ وَعَدَمِهَا فَالْيَمِينُ أَفْضَلُ لِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ الْمُصَرِّحَةِ بِفَضْلِ الْيَمِينِ فِي بَابِ الْمَكَارِمِ وَنَحْوِهَا هَذَا صَوَابُ الْكَلَامِ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ وَقَدْ يُقَالُ فيهمَا خلاف الصَّوَاب

كتاب الجمعة

[1366] إِلَى بُطْحَانَ قَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ بِضَمِّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَإِسْكَانِ الطَّاءِ وَبِالْحَاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ هَكَذَا هُوَ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ فِي رِوَايَاتِهِمْ وَفِي ضَبْطِهِمْ وَتَقْيِيدِهِمْ وَقَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ هُوَ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِ الطَّاءِ وَلَمْ يُجِيزُوا غَيْرَ هَذَا وَكَذَا نَقَلَهُ صَاحِبُ الْبَارِعِ أَبُو عُبَيْدٍ الْبَكْرِيُّ وَهُوَ وَادٍ بِالْمَدِينَةِ (كتاب الْجُمْعَةِ) [1367] نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ أَيِ الْآخِرُونَ زَمَانًا الْأَوَّلُونَ مَنْزِلَةً وَالْمُرَادُ أَنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ وَإِنْ تَأَخّر

وَهَذَا الْيَوْمُ الَّذِي كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَيْ فرض تَعْظِيمه فَاخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ بن بَطَّالٍ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فُرِضَ عَلَيْهِمْ بِعَيْنِهِ فَتَرَكُوهُ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتْرُكَ مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَإِنَّمَا يَدُلُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ فَرَضَ عَلَيْهِمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَوَكَّلَ عَلَى اخْتِيَارِهِمْ لِيُقِيمُوا فِيهِ شَرِيعَتَهُمْ فَاخْتَلَفُوا فِي أَيِّ الْأَيَّامِ هُوَ وَلَمْ يَهْتَدُوا لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونُوا أُمِرُوا بِهِ صَرِيحًا فَاخْتَلَفُوا هَلْ يَلْزَمُ تَعْيِينُهُ أَمْ يَسُوغُ إِبْدَالُهُ بِيَوْمٍ آخَرَ فاجتهدوا فِي ذَلِك فأخطؤا وَقد روى بن أَبِي حَاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَى الْيَهُودِ الْجُمُعَةَ فَأَتَوْا وَقَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُقْ يَوْمَ السَّبْتِ شَيْئًا فَاجْعَلْهُ لَنَا فَجَعَلَهُ عَلَيْهِمْ الْيَهُودُ غَدًا وَالنَّصَارَى بَعْدَ غَدٍ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ غَدًا مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ الْيَهُودُ يُعَظِّمُونَ غَدًا وَكَذَا بَعْدَ غَدٍ وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا التَّقْدِيرِ لِأَنَّ ظَرْفَ الزَّمَانِ لَا يَكُونُ خَبَرًا عَنِ الْجُثَّةِ وَقدر بن مَالك تَقْيِيد الْيَهُود غَدا

[1369] عَنْ عَبِيدَةَ بْنِ سُفْيَانَ الْحَضْرَمِيِّ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْبَاءِ عَنْ أَبِي الْجَعْدِ الضَّمْرِيِّ لَا يُعْرَفُ اسْمُهُ وَقِيلَ اسْمُهُ أَدْرُعٌ وَقِيلَ جُنَادَةُ وَقِيلَ عَمْرُو بْنُ بَكْرٍ وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلَّا عَبِيدَةُ هَذَا وَلَمْ يَرْوِ لَهُ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثَ مَنْ تَرَكَ ثَلَاثَ جُمَعٍ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ تَهَاوُنًا قَالَ أَبُو الْبَقَاءِ هُوَ مَفْعُولٌ لَهُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا فِي مَوْضِعِ الْحَالِ أَيْ مُتَهَاوِنًا طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ أَيْ خَتَمَ عَلَيْهِ وَغَشَّاهُ وَمَنَعَهُ أَلْطَافَهُ [1370] لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمُ الْجُمُعَاتِ أَيْ تَرْكِهِمْ وَهُوَ مِمَّا أُمِيتَ هُوَ وَمَاضِيهِ وَلَمْ يُسْتَعْمَلْ مِنْهُ إِلَّا الْمُضَارِعُ وَالْأَمْرُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ اسْتِعْمَالَهُ هُنَا مِنَ الرُّوَاةِ الْمُوَلَّدِينَ الَّذِينَ لَا يُحْسِنُونَ الْعَرَبِيَّةَ أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ هُوَ عِبَارَةٌ عَمَّا يَخْلُقُهُ اللَّهُ فِي قُلُوبهم من الْجَهْل والجفاء وَالْقَسْوَة

[1373] خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ يَوْمِ عَرَفَة وَبِه جزم بن الْعَرَبِيِّ وَهُوَ وَجْهٌ عِنْدنَا وَالثَّانِي أَنَّ يَوْمَ عَرَفَةَ أَفْضَلُ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ كَوْنُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ أَفْضَلَ الْأَيَّامِ لَا يَرْجِعُ ذَلِكَ إِلَى عَيْنِ الْيَوْمِ لِأَنَّ الْأَيَّامَ مُتَسَاوِيَةٌ فِي أَنْفُسِهَا وَإِنَّمَا يَفْضُلُ بَعْضُهَا بَعْضًا بِمَا يُخَصُّ بِهِ مِنْ أَمْرٍ زَائِدٍ عَلَى نَفْسِهِ وَيَوْمُ الْجُمُعَةِ قَدْ خُصَّ مِنْ جِنْسِ الْعِبَادَاتِ بِهَذِهِ الصَّلَاةِ الْمَعْهُودَةِ الَّتِي يَجْتَمِعُ لَهَا النَّاسُ وَتَتَّفِقُ هِمَمُهُمْ وَدَوَاعِيهِمْ وَدَعَوَاتُهُمْ فِيهَا وَيَكُونُ حَالُهُمْ فِيهَا كَحَالِهِمْ يَوْمَ عَرَفَةَ لِيُسْتَجَابَ لِبَعْضِهِمْ فِي بَعْضِهِمْ وَيُغْفَرَ لِبَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ وَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجُمُعَةُ حَجُّ الْمَسَاكِينِ أَيْ يَحْصُلُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَحْصُلُ لِأَهْلِ عَرَفَةَ ثُمَّ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ يَشْهَدُونَهُمْ وَيَكْتُبُونَ ثَوَابَهُمْ وَلِذَلِكَ سُمِّيَ هَذَا الْيَوْمُ الْمَشْهُودَ ثُمَّ يَحْصُلُ لِقُلُوبِ الْعَارِفِينَ مِنَ الْأَلْطَافِ وَالزِّيَادَاتِ جِسْمًا يُدْرِكُونَهُ مِنْ ذَلِكَ وَلِذَلِكَ سُمِّيَ يَوْمَ الْمَزِيدِ ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ خَصَّهُ بِالسَّاعَةِ الَّتِي فِيهِ وَبِأَنْ أَوْقَعَ فِيهِ هَذِهِ الْأُمُورَ الْعَظِيمَةَ الَّتِي هِيَ خَلْقُ آدَمَ الَّذِي هُوَ أَصْلُ الْبَشَرِ وَمِنْ وَلَدِهِ الْأَنْبِيَاءُ وَالْأَوْلِيَاءُ وَالصَّالِحُونَ وَمِنْهَا إِخْرَاجُهُ مِنَ الْجَنَّةِ الَّتِي حَصَلَ عِنْدَهُ إِظْهَارُ مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَعِبَادَتُهُ فِي هَذَا النَّوْعِ الْآدَمِيِّ مَعَ احْتِرَامِهِ وَمُخَالَفَتِهِ وَمِنْهَا مَوْتُهُ الَّذِي بَعْدَهُ وُفِّيَ بِهِ أَجْرَهُ وَوَصَلَ إِلَى مَأْمَنِهِ وَرَجَعَ إِلَى الْمُسْتَقَرِّ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ وَمَنْ فَهِمَ هَذِهِ الْمَعَانِي فَهِمَ فَضِيلَةَ هَذَا الْيَوْمِ وَخُصُوصِيَّتَهُ

[1374] وَقَدْ أَرَمْتَ بِوَزْنِ ضَرَبْتَ قَالَ الْخَطَّابِيُّ أَصْلُهُ أَرْمَمْتَ أَيْ صِرْتُ رَمِيمًا فَحَذَفُوا أَحَدَ الْمِيمَيْنِ كَمَا قَالُوا فِي ظَلَلْتُ وَأَحْسَسْتُ ظَلْتُ وَأَحَسْتُ وَيَمَسُّ بِفَتْحِ الْمِيمِ عَلَى الْأَفْصَحِ مِنَ الطِّيبِ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ قَالَ عِيَاضٌ يَحْتَمِلُ إِرَادَةَ التَّأْكِيدِ لِيَفْعَلَ مَا أَمْكَنَهُ وَيَحْتَمِلُ إِرَادَةَ الْكَثْرَةِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ طِيبِ الْمَرْأَةِ لِأَنَّهُ يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ لِلرَّجُلِ وَهُوَ مَا ظَهَرَ لَوْنُهُ وَخَفِيَ رِيحُهُ فَإِبَاحَتُهُ لِلرَّجُلِ لِأَجْلِ عَدَمِ غَيْرِهِ يَدُلُّ عَلَى تَأْكِيدِ الْأَمْرِ فِي ذَلِك

[1376] إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ أَيْ إِذَا أَرَادَ أَن يَجِيء كَمَا فِي رِوَايَة [1377] غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ أَيْ مُتَأَكِّدٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ أَيْ بَالِغٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَخَصَّهُ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ الِاحْتِلَامَ أَكْثَرُ مِمَّا يَبْلُغُ بِهِ الرِّجَالُ كَقَوْلِهِ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إِلَّا بِخِمَارٍ لِأَنَّ الْحَيْضَ أَغْلَبُ مَا يَبْلُغُ بِهِ النِّسَاء

[1379] فَإِذَا أَصَابَهُمُ الرَّوْحُ بِالْفَتْحِ نَسِيمُ الرِّيحِ سَطَعَتْ أَرْوَاحُهُمْ جَمْعُ رِيحٍ لِأَنَّ أَصْلَهَا الْوَاوُ وَيُجْمَعُ عَلَى أَرْيَاحٍ قَلِيلًا وَعَلَى رِيَاحٍ كَثِيرًا أَيْ كَانُوا إِذَا مَرَّ عَلَيْهِمُ النَّسِيمُ تَكَيَّفَ بِأَرْوَاحِهِمْ وَحَمَلَهَا إِلَى النَّاسِ [1380] مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ مَعْنَاهُ فَبِالسُّنَّةِ أَخَذَ وَنِعْمَتِ السُّنَّةُ وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ الشَّارِكِيُّ مَعْنَاهُ فَبِالرُّخْصَةِ أَخَذَ لِأَنَّ سُنَّةَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ الْغُسْلُ وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ

الْعِرَاقِيُّ أَيْ فَبِطَهَارَةِ الْوُضُوءِ حَصَلَ الْوَاجِبُ فِي التَّطْهِيرِ لِلْجُمُعَةِ وَنِعْمَتْ الْخَصْلَةُ هِيَ أَيِ الطَّهَارَةُ وَنِعْمَتْ بِكَسْرِ النُّونِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ فِي الْمَشْهُورِ وَرُوِيَ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ وَهُوَ الْأَصْلُ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ وَرُوِيَ وَنَعِمْتَ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ وَفَتْحِ التَّاءِ أَيْ نَعَّمَكَ اللَّهُ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَهَذَا تَصْحِيفٌ نَبَّهْتُ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُغْتَرَّ بِهِ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي إِصْلَاحِ الْأَلْفَاظِ الَّتِي صَحَّفَهَا الرُّوَاةُ وَنِعْمَتْ بِكَسْرِ النُّونِ سَاكِنَةَ التَّاءِ أَيْ نِعْمَتِ الْخَصْلَةُ وَالْعَامَّةُ يَرْوُونَهُ نَعِمَتْ يَفْتَحُونَ النُّونَ وَيَكْسِرُونَ الْعَيْنَ وَلَيْسَ بِالْوَجْهِ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ وَنَعِمْتَ أَيْ نَعَّمَكَ الله [1381] مَنْ غَسَلَ وَاغْتَسَلَ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ يُرْوَى غَسَلَ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ وَالْأَرْجَحُ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ التَّخْفِيفُ وَالْمُخْتَارُ أَنَّ مَعْنَاهُ غَسَلَ رَأْسَهُ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ أَبِي دَاوُدَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَنْ غَسَلَ رَأْسَهُ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ وَإِنَّمَا أَفْرَدَ الرَّأْسَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَجْعَلُونَ فِيهِ الدُّهْنَ والْخِطْمِيَّ وَنَحْوَهُمَا وَكَانُوا يَغْسِلُونَهُ أَوَّلًا ثُمَّ يَغْتَسِلُونَ وَقِيلَ الْمُرَادُ غَسَلَ أَعْضَاءَهُ ثُمَّ اغْتَسَلَ لِلْجُمُعَةِ قَالَ الْعِرَاقِيُّ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ غَسَلَ ثِيَابَهُ وَاغْتَسَلَ فِي جَسَدِهِ وَقِيلَ هُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَكَرَّرَ لِلتَّأْكِيدِ وَقِيلَ غَسَلَ أَيْ جَامَعَ أَهْلَهُ قَبْلَ الْخُرُوجِ إِلَى الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ يُعِينُ عَلَى غَضِّ الْبَصَرِ فِي الطَّرِيقِ يُقَالُ غَسَلَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ إِذَا جَامَعَهَا وَغَدَا وَابْتَكَرَ أَيْ

أَدْرَكَ أَوَّلَ الْخُطْبَةِ وَلَمْ يَلْغُ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ مَعْنَاهُ اسْتَمَعَ الْخُطْبَةَ وَلَمْ يَشْتَغِلْ بِغَيْرِهَا وَقَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ لَمْ يَتَكَلَّمْ لِأَنَّ الْكَلَامَ حَالَ الْخطْبَة لَغْو [1382] رَأَى حُلَّةً قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْحُلَلُ بُرُودُ الْيَمَنِ وَالْحُلَّةُ إِزَارٌ وَرِدَاءٌ وَلَا يُسَمَّى حُلَّةً حَتَّى يَكُونَ ثَوْبَيْنِ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ بِالْفَتْحِ هُوَ الْحَظُّ وَالنَّصِيبُ فِي حُلَّةِ عُطَارِدٍ هُوَ بن حَاجِبٍ التَّمِيمِيُّ قَدِمَ فِي وَفْدِ تَمِيمٍ وَأَسْلَمَ وَلَهُ صُحْبَةٌ فَكَسَاهَا أَخًا لَهُ مُشْرِكًا بِمَكَّةَ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ هُوَ عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ وَكَانَ أَخا عمر من أمه قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي إِسْلَامِهِ وَقَالَ الدِّمْيَاطِيُّ الَّذِي أَرْسَلَ إِلَيْهِ عُمَرُ الْحُلَّةَ إِنَّمَا هُوَ أَخُو أَخِيهِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ لِأُمِّهِ أَسْمَاءَ بِنْتِ وَهْبٍ فَأَمَّا زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ أَخُو عُمَرَ فَإِنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَ عُمَرَ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ وَقيل أَخُوهُ من الرضَاعَة

[1385] إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ قَعَدَتِ الْمَلَائِكَةُ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ فَكَتَبُوا مَنْ جَاءَ إِلَى الْمَسْجِدِ لِأَبِي نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ بَعَثَ اللَّهُ مَلَائِكَةً بِصُحُفٍ مِنْ نُورٍ وَأَقْلَام من نور قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ وَهُوَ دَالٌّ عَلَى أَنَّ الْمَلَائِكَةَ الْمَذْكُورِينَ غَيْرُ الْحَفَظَةِ فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ طَوَتْ الْمَلَائِكَةُ الصُّحُف قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ الْمُرَادُ طَيُّ صُحُفِ الْفَضَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمُبَادَرَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ سَمَاعِ الْخُطْبَةِ وَإِدْرَاكِ الصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالْخُشُوعِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَكْتُبهُ الحافظان دجَاجَة بِفَتْح الدَّال فِي الْأَفْصَح وَيجوز الْكسر وَالضَّم [1387] فَالنَّاسُ فِيهِ كَرَجُلٍ قَدَّمَ بَدَنَةً وَكَرَجُلٍ قَدَّمَ بَدَنَة

[1392] عَلَى الزَّوْرَاءِ بِفَتْحِ الزَّايِ وَسُكُونِ الْوَاوِ بَعْدَهَا رَاء ممدودة دَار بِالسوقِ

كَرَّرَ الْمُتَقَرَّبَ بِهِ مَرَّتَيْنِ فِي الْجَمِيعِ لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ الْآتِي فِي أَوَّلِ سَاعَةٍ وَفِي آخِرِهَا يَشْتَرِكَانِ فِي مُسَمَّى

الْبَدنَة مثلا ويتفاوتان فِي صفاتها

[1400] جَاءَ رَجُلٌ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الْمِنْبَر هُوَ سليك بِمُهْملَة مُصَغرًا بن هدبة وَقيل بن عَمْرٍو الْغَطَفَانِيُّ قَالَ فَارْكَعْ زَادَ مُسْلِمٌ رَكْعَتَيْنِ وَتجوز فيهمَا

[1402] إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ أَنْصِتْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ قَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ مَعْنَاهُ خِبْتَ مِنَ الْأَجْرِ وَقِيلَ بَطَلَتْ فَضِيلَةُ جُمْعَتِكَ وَقِيلَ صَارَتْ جُمْعَتُكَ ظُهْرًا قَالَ الْحَافِظُ بن حَجَرٍ وَيَشْهَدُ لِلْقَوْلِ الْأَخِيرِ حَدِيثُ أَبِي دَاوُدَ مَنْ لَغَا وَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ كَانَتْ لَهُ ظهرا قَالَ بن وَهْبٍ أَحَدُ رُوَاتِهِ مَعْنَاهُ أَجْزَأَتْ عَنْهُ الصَّلَاةُ وَحرم فَضِيلَة الْجُمُعَة

[1411] حفظت ق وَالْقُرْآن الْمجِيد مِنْ فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَالَ الْعُلَمَاءُ سَبَبُ اخْتِيَارِ ق أَنَّهَا مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الْمَوْت والبعث والمواعظ الشَّدِيدَة والزواجر الأكيدة كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ الذِّكْرَ وَيُقِلُّ اللَّغْوَ الْقِلَّةُ هُنَا بِمَعْنَى الْعَدَم كَقَوْلِه تَعَالَى فقليلا مَا يُؤمنُونَ وَيُطِيلُ الصَّلَاةَ وَيُقَصِّرُ الْخُطْبَةَ قَالَ النَّوَوِيُّ لَيْسَ هَذَا مُخَالفا

لِلْأَحَادِيثِ الْمَشْهُورَةِ فِي الْأَمْرِ بِتَخْفِيفِ الصَّلَاةِ وَلِقَوْلِهِ فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى [1418] وَكَانَت خطبَته

قَصْدًا وَصَلَاتُهُ قَصْدًا لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَدِيثِ الْأَوَّلِ أَنَّ الصَّلَاةَ تَكُونُ طَوِيلَةً بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْخُطْبَةِ

لَا تَطْوِيلًا يَشُقُّ عَلَى الْمَأْمُومِينَ وَهِيَ حِينَئِذٍ قَصْدًا أَيْ مُعْتَدِلَةً وَالْخُطْبَةُ قَصْدًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى وَضعهَا

مُصِيخَةً أَيْ مُصْغِيَةً مُسْتَمِعَةً لَا تَعْمَلُ الْمَطِيُّ أَيْ لَا تُحَثُّ وَتُسَاقُ وَالْمَطِيُّ جَمْعُ مَطِيَّةٍ وَهِيَ النَّاقَةُ الَّتِي يُرْكَبُ مَطَاهَا أَيْ ظَهْرُهَا وَيُقالُ يُمْطَى بِهَا فِي السَّيْرِ أَيْ يُمَدُّ

كتاب تقصير الصلاة في السفر

(كِتَاب تَقْصِيرِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ) [1433] عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَابَيْهِ هُوَ بِبَاءٍ مُوَحَّدَةٍ ثُمَّ أَلِفٍ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ أُخْرَى مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ مُثَنَّاةٍ تَحت وَيُقَال فِيهِ بن باباه وبن بَابي بِكَسْر الْبَاء الثَّانِيَة

[1445] صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى آمَنَ مَا كَانَ النَّاسُ وَأَكْثَرُهُ رَكْعَتَيْنِ قَالَ أَبُو الْبَقَاءِ آمَنَ وَأَكْثَرُ مَنْصُوبَانِ نَصْبَ الظَّرْفِ وَالتَّقْدِيرُ زَمَنَ آمَنَ فَحَذَفَ الْمُضَافُ وَأَقَامَ الْمُضَاف إِلَيْهِ مقَامه أَي أَكثر نون النَّاسِ وَأَمَّا وَأَكْثَرُهُ فَعَائِدٌ إِلَى جِنْسِ النَّاسِ وَهُوَ مُفْرد

كتاب الكسوف

(كتاب الْكُسُوف) [1459] إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَيْ كُسُوفَهُمَا آيَتَانِ لِأَنَّهُ الَّذِي خَرَجَ الْحَدِيثُ بِسَبَبِهِ وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ أَيْ عَلَامَتَانِ لِقُرْبِ الْقِيَامَةِ أَوْ لِعَذَابِ اللَّهِ أَوْ لِكَوْنِهِمَا مُسَخَّرَيْنِ بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَحْتَ حُكْمِهِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ أَيِ الدَّالَّةِ عَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ وَعِظَمِ قُدْرَتِهِ أَوْ عَلَى تَخْوِيفِ الْعِبَادِ مِنْ بَأْسِهِ وَسَطْوَتِهِ

[1460] بَيْنَمَا أَنَا أَتَرَامَى بِأَسْهُمٍ لِي قَالَ النَّوَوِيُّ أَيْ أَرْمِي وَأَرْتَمِي وَأَتَرَامَى وَأَتَرَمَّى فَأَتَيْتُ مِمَّا يَلِي ظَهْرَهُ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ فَجَعَلَ يُسَبِّحُ وَيُكَبِّرُ وَيَدْعُو حَتَّى حُسِرَ عَنْهَا أَيْ كُشِفَ وَأُزِيلَ مَا بِهَا ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا مِمَّا يُسْتَشْكَلُ وَيُظَنُّ أَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ ابْتَدَأَ صَلَاةَ الْكُسُوفِ بَعْدَ انْجِلَاءِ الشَّمْسِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءُ صَلَاتِهَا بَعْدَ الِانْجِلَاءِ وَهَذَا الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ وَجَدَهُ فِي الصَّلَاةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي طَرِيقٍ آخَرَ ثُمَّ جَمَعَ الرَّاوِي جَمِيعَ مَا جَرَى فِي الصَّلَاةِ مِنْ دُعَاءٍ وَتَسْبِيحٍ وَتَكْبِيرٍ فَتَمَّتْ جُمْلَةُ الصَّلَاةِ رَكْعَتَيْنِ أَوَّلُهُمَا فِي حَالِ الْكُسُوفِ وَآخِرُهُمَا بَعْدَ الِانْجِلَاءِ وَهَذَا التَّأْوِيلُ لَا بُدَّ مِنْهُ لِأَنَّهُ مُطَابِقٌ لِسَائِرِ الرِّوَايَاتِ وَلِقَوَاعِدِ الْفِقْهِ وَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنِ الْمَازِرِيِّ أَنَّهُ تَأَوَّلَهُ عَلَى صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ تَطَوُّعًا مُسْتَقِلًّا بَعْدَ انْجِلَاءِ الْكُسُوفِ لَا أَنَّهَا صَلَاةُ كُسُوفٍ قَالَ النَّوَوِيُّ وَهَذَا ضَعِيفٌ مُخَالف

لظَاهِر الرِّوَايَة الْأُخْرَى [1461] لَا يَخْسِفَانِ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَيَجُوزُ الضَّمُّ وَحَكَى بن الصَّلَاحِ مَنْعَهُ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ الْحِكْمَةُ فِي هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ بَعْضَ الْجَاهِلِيَّةِ الضُّلَّالِ كَانُوا يُعَظِّمُونَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ فَبَيَّنَ أَنَّهُمَا آيَتَانِ مَخْلُوقَتَانِ لِلَّهِ تَعَالَى لَا صُنْعَ لَهُمَا بَلْ هُمَا كَسَائِرِ الْمَخْلُوقَاتِ يَطْرَأُ عَلَيْهِمَا النَّقْصُ وَالتَّغَيُّرُ كَغَيْرِهِمَا وَكَانَ بَعْضُ الضُّلَّالِ مِنَ الْمُنَجِّمِينَ وَغَيْرِهِمْ يَقُولُ لَا يَنْكَسِفَانِ إِلَّا لِمَوْتِ عَظِيمٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَبَيَّنَ أَنَّ هَذَا تَأْوِيلٌ بَاطِلٌ لِئَلَّا يُغْتَرَّ بِأَقْوَالِهِمْ لَا سِيَّمَا وَقَدْ صَادَفَ مَوْتَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ فَإِنْ قُلْتَ مَا تَقُولُ فِيمَا قَالَ أَهْلُ الْهَيْئَةِ أَنَّ الْكُسُوفَ سَبَبُهُ حَيْلُولَةُ الْقَمَرِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَرْضِ فَلَا يُرَى حِينَئِذٍ إِلَّا لَوْنُ الْقَمَرِ وَهُوَ كَمِدٌ لَا نُورَ لَهُ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي آخِرِ الشَّهْرِ عِنْدَ كَوْنِ النَّيِّرَيْنِ فِي إِحْدَى عُقْدَتَيِ الرَّأْسِ وَالذَّنَبِ وَلَهُ آثَارٌ فِي الْأَرْضِ هَلْ جَازَ الْقَوْلُ بِهِ أَمْ لَا قُلْتُ الْمُقَدِّمَاتُ كُلُّهَا مَمْنُوعَةٌ وَلَئِنْ سَلَّمْنَا فَإِنْ كَانَ غَرَضُهُمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَجْرَى سُنَّتَهُ بِذَلِكَ كَمَا أَجْرَى بِاحْتِرَاقِ الْحَطَبِ الْيَابِسِ عِنْدَ مِسَاسِ النَّارِ لَهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ

وَإِنْ كَانَ غَرَضُهُمْ أَنَّهُ وَاجِبٌ عَقْلًا وَلَهُ تَأْثِيرٌ بِحَسَبِ ذَاتِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ جَمِيعَ الْحَوَادِثِ مُسْنَدَةٌ إِلَى إِرَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى ابْتِدَاءً إِذْ لَا مُؤَثِّرَ فِي الْوُجُودِ الا الله تَعَالَى [1465] فَنَادَى أَنَّ الصَّلَاةَ جَامِعَةً بِنَصْبِ الصَّلَاةِ عَلَى الْإِغْرَاءِ وَجَامِعَةٍ عَلَى الْحَالِ أَيْ احْضُرُوا الصَّلَاةَ فِي حَالِ كَوْنِهَا جَامِعَةً وَيَجُوزُ رَفْعُهُمَا عَلَى الِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرِ فَصَلَّى بِهِمْ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبع سَجدَات

قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ هَذَا أَصَحُّ مَا فِي هَذَا الْبَابِ قَالَ وَبَاقِي الرِّوَايَاتِ الْمُخَالِفَةِ مُعَلَّلَةٌ ضَعِيفَةٌ قَالَ النَّوَوِيُّ وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا الْفُقَهَاءِ الْمُحَدِّثِينَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ غَيْرِهِمُ الِاخْتِلَافُ فِي الرِّوَايَاتِ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ حَالِ الْكُسُوفِ فَفِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ تَأَخَّرَ انْجِلَاءُ الْكُسُوفِ فَزَادَ عَدَدُ الرُّكُوعِ وَفِي بَعْضِهَا أَسْرَعَ الِانْجِلَاءُ فَاقْتَصَرَ وَفِي بَعْضِهَا تَوَسَّطَ بَيْنَ الْإِسْرَاعِ وَبَيْنَ التَّأَخُّرِ فَتَوَسَّطَ فِي عَدَدِهِ وَاعْتُرِضَ عَلَى هَذَا بِأَنَّ تَأَخُّرَ الِانْجِلَاءِ لَا يُعْلَمُ فِي أَوَّلِ الْحَالِ وَلَا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَقَدِ اتَّفَقَتِ الرِّوَايَاتُ عَلَى أَنَّ عَدَدَ الرُّكُوعِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ سَوَاءٌ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ مَنْوِيٌّ فِي أَوَّلِ الْحَالِ وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ إِسْحَاقُ بن رَاهَوَيْه وبن جرير وبن الْمُنْذِرِ جَرَتْ صَلَاةُ الْكُسُوفِ فِي أَوْقَاتٍ وَاخْتِلَافُ صِفَاتِهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى بَيَانِ جَوَازِ جَمِيعِ ذَلِكَ

فَتَجُوزُ صَلَاتُهَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَنْوَاعِ الثَّابِتَة قَالَ النَّوَوِيّ وَهَذَا قوي

[1470] أَنَّ سِجَالَ الْمَاءِ جَمْعُ سَجْلٍ بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْملَة وَسُكُون الْجِيم وَهُوَ الدَّلْو

[1472] رَأَيْتُ فِي مَقَامِي هَذَا قَالَ الْكَرْمَانِيُّ لَفْظُ الْمَقَامِ يَحْتَمِلُ الْمَصْدَرَ وَالزَّمَانَ وَالْمَكَانَ كُلَّ شَيْءٍ وُعِدْتُمْ هَذِهِ أَوْضَحُ مِنْ رِوَايَةِ الصَّحِيحِ حَيْثُ قَالَ فِيهَا مَا مِنْ شَيْءٍ لَمْ أَكُنْ أُرِيتُهُ إِلَّا رَأَيْتُهُ فِي مَقَامِي هَذَا قَالَ الْكَرْمَانِيُّ فِي تَلِكَ فَإِنْ قُلْتَ هَلْ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى فِي هَذَا الْمَقَامِ ذَاتَ اللَّهِ تَعَالَى قُلْتُ نَعَمْ إِذِ الشَّيْءُ يَتَنَاوَلُهُ وَالْعَقْلُ لَا يَمْنَعُهُ وَالْعُرْفُ لَا يَقْتَضِي إِخْرَاجَهُ قُلْتُ وَقَدْ بَيَّنَتْ رِوَايَةُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ قَوْلَهُ كُلَّ شَيْءٍ مُخَصَّصٌ بِقَوْلِهِ وُعِدْتُمْ وَذَلِكَ خَاصٌّ بِفِتَنِ الدُّنْيَا وَفُتُوحِهَا وَبِمَا فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَقَالَ الشَّيْخُ أَكْمَلُ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْمَشَارِقِ قَوْلُهُ فِي مَقَامِي يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ الْمَقَامَ الْحِسِّيَّ وَهُوَ الْمِنْبَرُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ الْمَقَامَ الْمَعْنَوِيَّ وَهُوَ مَقَامُ الْمُكَاشَفَةِ وَالتَّجَلِّي بِالْحَضَرَاتِ الْخَمْسَةِ الَّتِي هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ حَضْرَةِ الْمُلْكِ وَالْمَلَكُوتِ وَالْأَرْوَاحِ وَالْغَيْبِ الْإِضَافِيِّ وَالْغَيْبِ الْحَقِيقِيِّ فَإِنَّهُ الْبَرْزَخُ الَّذِي لَهُ التَّوَجُّهُ إِلَى الْكُلِّ كَنُقْطَةِ الدَّائِرَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الدَّائِرَةِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ

وَسَلَامُهُ وَنَفَعَنَا مِنْ نَفَحَاتِ قُدْسِهِ بِمُتَابَعَتِهِ وَلَقَدْ رَأَيْتُ جَهَنَّمَ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا أَيْ يَعْسِفُهُ وَيَكْسِرُهُ كَمَا يَفْعَلُ الْبَحْرُ وَقَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ شِدَّةُ تَلَهُّبِهَا وَاضْطِرَابِهَا كَأَمْوَاجِ الْبَحْرِ الَّتِي يَحْطِمُ بَعْضهَا بَعْضًا وَرَأَيْت فِيهَا بن لُحَيٍّ اسْمُهُ عَمْرٌو وَلُحَيٌّ بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ

التَّحْتِيَّة لقبه واسْمه عَامر [1474] مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ هُوَ أَفْعَلُ تَفْضِيلٍ مِنَ الْغَيْرَةِ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ فِي اللُّغَةِ تَغَيُّرٌ يَحْصُلُ مِنَ الْحَمِيَّةِ وَالْأَنَفَةِ وَأَصْلُهَا فِي الزَّوْجَيْنِ وَالْأَهْلِينَ وَذَلِكَ مُحَالٌ عَلَى اللَّهِ لِأَنَّهُ مُنَزَّهٌ عَنْ كُلِّ تَغَيُّرٍ وَنَقْصٍ فَيتَعَيَّن حمله على الْمجَاز قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ أَهْلُ التَّنْزِيهِ فِي مِثْلِ هَذَا عَلَى قَوْلَيْنِ إِمَّا سَاكِتٌ وَإِمَّا مُؤَوِّلٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَيْرَةِ شِدَّةُ الْمَنْعِ وَالْحِمَايَةُ فَهُوَ مِنْ مَجَازِ الْمُلَازَمَةِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا قَالَ الْبَاجِيُّ يُرِيدُ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَدْ خَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى بِعِلْمٍ لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ وَلَعَلَّهُ مِمَّا أُرَاهُ فِي مَقَامِهِ مِنَ النَّارِ وَشَنَاعَةِ مَنْظَرِهَا وَقَالَ النَّوَوِيُّ لَوْ تَعْلَمُونَ مِنْ عِظَمِ انْتِقَامِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ أَهْلِ الْجَرَائِمِ وَشِدَّةِ عِقَابِهِ وَأَهْوَالِ الْقِيَامَةِ وَمَا بَعْدَهَا كَمَا عَلِمْتُ وَتَرَوْنَ النَّارَ كَمَا رَأَيْتُ فِي مَقَامِي هَذَا وَفِي غَيْرِهِ لَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا وَيَقِلَّ ضَحِكُكُمْ لِفِكْرِكُمْ فِيمَا علمتموه [1475] عائذا بِاللَّه قَالَ بن السَّيِّدِ هُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ الَّذِي يَجِيءُ عَلَى مِثْلِ فَاعِلٍ كَعُوفِيَ عَافِيَةً أَوْ عَلَى الْحَالِ الْمُؤَكِّدَةِ النَّائِبَةِ مَنَابَ الْمَصْدَرِ وَالْعَامِلُ فِيهِ مَحْذُوفٌ كَأَنَّهُ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ عَائِذًا وَرُوِيَ بِالرَّفْع أَي أَنا عَائِذ قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ وَكَأنَ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ أَنْ يَطَّلِعَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَذَابِ الْقَبْرِ

[1477] حَدثنَا عَبدة بن عبد الرَّحِيم أَنبأَنَا بن عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي كُسُوفٍ فِي صُفَّةِ زَمْزَمَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ قَالَ الْحَافِظُ عِمَادُ الدِّينِ بْنُ كَثِيرٍ تَفَرَّدَ النَّسَائِيُّ عَن عُبَيْدَة بِقَوْلِهِ فِي صُفَّةِ زَمْزَمَ وَهُوَ وَهَمٌ بِلَا شَكٍّ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُصَلِّ الْكُسُوفَ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً بِالْمَدِينَةِ فِي الْمَسْجِدِ هَذَا هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّافِعِي وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وبن عَبْدِ الْبَرِّ وَأَمَّا هَذَا الْحَدِيثُ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ فَيُخْشَى أَنْ يَكُونَ الْوَهَمُ مِنْ عَبْدَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ هَذَا فَإِنَّهُ مَرْوَزِيٌّ نَزَلَ دِمَشْقَ ثُمَّ صَارَ إِلَى مِصْرَ فَاحْتَمَلَ أَنَّ النَّسَائِيَّ سَمِعَهُ مِنْهُ بِمِصْرَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ

الْوَهَمُ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ كِتَابٌ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ أَيْضًا بِطَرِيقٍ آخَرَ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ وَعُرِضَ هَذَا عَلَى الْحَافِظِ جَمَالِ الدِّينِ الْمِزِّيِّ فَاسْتَحْسَنَهُ وَقَالَ قَدْ أَجَاد وَأحسن الانتقاد

[1482] لقد أدنيت الْجنَّة مني قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ مِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى أَنَّ الْحُجُبَ كُشِفَتْ لَهُ دُونَهَا فَرَآهَا عَلَى حَقِيقَتِهَا وَطُوِيَتِ الْمَسَافَةُ بَيْنَهُمَا حَتَّى أَمْكَنَهُ أَنْ يَتَنَاوَلَ مِنْهَا وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى أَنَّهَا مَثَلَتْ لَهُ فِي الْحَائِطِ كَمَا تَنْطَبِعُ الصُّورَةُ فِي الْمِرْآةِ فَرَأَى جَمِيعَ مَا فِيهَا وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ لَا إِحَالَةَ فِي إِبْقَاءِ هَذِهِ الْأُمُورِ عَلَى ظَوَاهِرِهَا لَا سِيَّمَا عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي الْجَنَّةِ وَالنَّارِ قَدْ خُلِقَتَا وَوُجِدَتَا وَذَلِكَ أَنَّهُ رَاجِعٌ إِلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِدْرَاكًا خَاصًّا بِهِ أَدْرَكَ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ عَلَى حَقِيقَتِهِمَا كَمَا خَلَقَ لَهُ إِدْرَاكًا لِبَيْتِ الْمَقْدِسِ فَطَفِقَ يُخْبِرُهُمْ عَنْ آيَاتِهِ وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَثَّلَ لَهُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ وَصَوَّرَهُمَا لَهُ فِي الْحَائِطِ كَمَا يَتَمَثَّلُ صُوَرَ الْمَرْئِيَّاتِ فِي الْمِرْآةِ وَلَا يُسْتَبْعَدُ هَذَا مِنْ حَيْثُ إِنَّ الِانْطِبَاعَ فِي الْمِرْآةِ إِنَّمَا هُوَ فِي الْأَجْسَامِ الصَّقْلِيَّةِ لِأَنَّا نَقُولُ إِنَّ ذَلِكَ شَرْطٌ عَادِيٌّ لَا عَقْلِيٌّ وَيَجُوزُ أَنْ تُخْرَقَ الْعَادَةُ وَخُصُوصًا فِي مُدَّةِ النُّبُوَّةِ وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّ تِلْكَ الشُّرُوطَ عَقْلِيَّةٌ فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْأُمُورُ مَوْجُودَةً فِي جِسْمِ الْحَائِطِ وَلَا يُدْرِكُ ذَلِكَ إِلَّا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم

مِنْ قُطُوفِهَا جَمْعُ قِطْفٍ وَهُوَ مَا يُقْطَفُ مِنْهَا أَيْ يُقْطَعُ وَيُجْتَنَى تُعَذَّبُ فِي هِرَّةٍ قَالَ بن مَالِكٍ فِي هُنَا لِلسَّبَبِيَّةِ وَهُوَ مِمَّا خَفِيَ عَلَى أَكْثَرِ النَّحْوِيِّينَ مَعَ وُرُودِهِ فِي الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ وَالشِّعْرِ الْقَدِيمِ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ أَيْ هوامها وحشراتها

فافزعوا بِفَتْح الزَّاي أَي الجؤا

[1485] إِنَّ نَاسًا يَزْعُمُونَ أَنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَنْكَسِفَانِ إِلَّا لِمَوْتِ عَظِيمٍ مِنَ الْعُظَمَاءِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ فَإِنْ قُلْتَ مَا فَائِدَةُ هَذِهِ اللَّفْظَةِ إِذْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِأَنَّ الِانْكِسَافَ لِلْحَيَاةِ لَا سِيَّمَا هُنَا إِذِ السِّيَاقُ إِنَّمَا هُوَ فِي مَوْتِ إِبْرَاهِيمَ فَيَتِمُّ الْجَوَابُ بِقَوْلِهِ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ قُلْتُ فَائِدَتُهُ دَفْعُ تَوَهُّمِ مَنْ يَقُولُ قَدْ لَا يَكُونُ الْمَوْتُ سَبَبًا لِلِانْكِسَافِ وَيَكُونُ نَقِيضُهُ سَبَبًا لَهُ فَعُمِّمَ النَّفْيُ أَيْ لَيْسَ سَبَبُهُ لَا الْمَوْتَ وَلَا الْحَيَاةَ بَلْ سَبَبُهُ قُدْرَةُ اللَّهِ تَعَالَى فَقَطْ إِنَّ اللَّهَ إِذَا بَدَا لشَيْء من خلقه خشع لَهُ قَالَ بن الْقَيِّمِ فِي كِتَابِهِ مِفْتَاحِ السَّعَادَةِ قَالَ أَبُو حَامِد

الْغَزَالِيُّ هَذِهِ الزِّيَادَةُ لَمْ يَصِحَّ نَقْلُهَا فَيَجِبُ تَكْذِيبُ نَاقِلِهَا وَإِنَّمَا الْمَرْوِيُّ مَا ذَكَرْنَا يَعْنِي الْحَدِيثَ الَّذِي لَيْسَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ فِيهِ قَالَ وَلَوْ كَانَ صَحِيحًا لَكَانَ تَأْوِيلُهُ أَهْوَنَ مِنْ مُكَابَرَةِ أُمُورٍ قَطْعِيَّةٍ فَكَمْ مِنْ ظَوَاهِرَ أُوِّلَتْ بالأدلة الْعَقْلِيَّة الَّتِي لاتنتهي فِي الوضوح إِلَى هَذَا الْحَد قَالَ بن الْقَيِّمِ وَإِسْنَادُ هَذِهِ الزِّيَادَةِ لَا مَطْعَنَ فِيهِ وَرُوَاتُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ حُفَّاظٌ وَلَكِنْ لَعَلَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ مُدْرَجَةٌ فِي الْحَدِيثِ مِنْ كَلَامِ بَعْضِ الرُّوَاةِ وَلِهَذَا لَا تُوجَدُ فِي سَائِرِ أَحَادِيثِ الْكُسُوفِ فَقَدْ رَوَاهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِسْعَةَ عَشَرَ صَحَابِيًّا عَائِشَةُ وَأَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَسَمُرَةُ بْنُ جُنْدَبٍ وَقَبِيصَةُ الْهِلَالِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ فَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ فِي حَدِيثِهِ هَذِهِ اللَّفْظَةَ فَمِنْ هُنَا يُخَافُ أَنْ تَكُونَ أُدْرِجَتْ فِي الْحَدِيثِ إِدْرَاجًا وَلَيْسَتْ فِي لَفْظِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّ هُنَا مَسْلَكًا بَدِيعَ الْمَأْخَذِ لَطِيفَ الْمَنْزَعِ يَقْبَلُهُ الْعَقْلُ السَّلِيمُ وَالْفِطْرَةُ السَّلِيمَةُ وَهُوَ أَنَّ كُسُوفَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ يُوجِبُ لَهُمَا مِنَ الْخُشُوعِ وَالْخُضُوعِ بِانْمِحَاءِ نُورِهِمَا وَانْقِطَاعِهِ عَنْ هَذَا الْعَالَمِ مَا يَكُونُ فِيهِ ذهَاب سلطانهما

وَبَهَائِهِمَا وَذَلِكَ يُوجِبُ لَا مَحَالَةَ لَهُمَا مِنَ الْخُشُوعِ وَالْخُضُوعِ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَعَظَمَتِهِ وَجَلَالِهِ مَا يَكُونُ سَبَبًا لِتَجَلِّي الرَّبِّ تَعَالَى لَهُمَا وَلَا يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ تَجَلِّي اللَّهِ سُبْحَانَهُ لَهُمَا فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ كَمَا يَدْنُو مِنْ أَهْلِ الْمَوْقِفِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ فَيُحْدِثُ لَهُمَا ذَلِكَ التَّجَلِّي خُشُوعًا آخَرَ لَيْسَ هَذَا الْكُسُوفُ وَلَمْ يَقُلِ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا تَجَلَّى لَهُمَا انْكَسَفَا وَلَكِنَّ اللَّفْظَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالنَّسَائِيِّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا بَدَا لِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ خَشَعَ لَهُ وَلَفْظُ بن مَاجَهْ فَإِذَا تَجَلَّى اللَّهُ تَعَالَى لِشَيْءٍ مِنْ خلقه خشع لَهُ فهاهنا خَشُوعَانِ خُشُوعٌ أَوْجَبَ كُسُوفَهُمَا بِذَهَابِ ضَوْئِهِمَا وَانْمِحَائِهِ فَتَجَلَّى اللَّهُ لَهُمَا فَحَدَثَ لَهُمَا عِنْدَ تَجَلِّيهِ تَعَالَى خُشُوعٌ آخَرُ بِسَبَبِ التَّجَلِّي كَمَا حَدَثَ لِلْجَبَلِ إِذا تَجَلَّى لَهُ تَعَالَى خُشُوعٌ أنْ صَارَ دَكًّا وَسَاخَ فِي الْأَرْضِ وَهَذَا غَايَةُ الْخُشُوعِ لَكِنَّ الرَّبَّ تَعَالَى يُثَبِّتُهُمَا لِتَجَلِّيهِ عِنَايَةً بِخَلْقِهِ لِانْتِظَامِ مَصَالِحِهِمْ بِهِمَا وَلَوْ شَاءَ سُبْحَانَهُ لَثَبَتَ الْجَبَلُ لِتَجَلِّيهِ كَمَا يُثَبِّتُهُمَا وَلَكِنْ أَرَى كَلِيمَهُ مُوسَى أَنَّ الْجَبَلَ الْعَظِيمَ لَمْ يُطِقِ الثَّبَاتَ لِتَجَلِّيهِ لَهُ فَكَيْفَ تُطِيقُ أَنْتَ الثَّبَاتَ لِلرُّؤْيَةِ الَّتِي سَأَلْتَهَا وَقَالَ الْقَاضِي تَاجُ الدِّينِ السُّبْكِيُّ فِي مَنْعِ الْمَوَانِعِ الْكَبِيرِ الْخِلَافُ بَيْنَ الْفَلَاسِفَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْفِرَقِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ قِسْمٌ لَا يَصْدِمُ مَذْهَبُهُمْ فِيهِ أَصْلًا مِنْ أُصُولِ الدِّينِ وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ الشَّرْعِ مُنَازَعَتُهُمْ فِيهِ قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي كِتَابِ تَهَافُتِ الْفَلَاسِفَةِ كَقَوْلِهِمْ خُسُوفُ الْقَمَرِ عِبَارَةٌ عَنِ انْمِحَاءِ ضَوْئِهِ بِتَوَسُّطِ الْأَرْضِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّمْسِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ يَقْتَبِسُ نُورَهُ مِنَ الشَّمْسِ وَالْأَرْضُ كُرَةٌ وَالسَّمَاءُ مُحِيطَةٌ بِهَا مِنَ الْجَوَانِبِ فَإِذَا وَقَعَ الْقَمَرُ فِي ظِلِّ الْأَرْضِ انْقَطَعَ عَنْهُ نُورُ الشَّمْسِ وَكَقَوْلِهِمْ إِنَّ كُسُوفَ الشَّمْسِ مَعْنَاهُ وُقُوفُ جِرْمِ الْقَمَرِ بَيْنَ النَّاظِرِ وَبَيْنَ الشَّمْسِ وَذَلِكَ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا فِي الْعُقْدَتَيْنِ عَلَى دَقِيقَةٍ وَاحِدَةٍ وَهَذَا الْفَنُّ لَسْنَا نَخُوضُ فِي إِبْطَالِهِ إِذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ غَرَضٌ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَمَنْ ظَنَّ أَنَّ الْمُنَاظَرَةَ فِي إِبْطَالِ هَذَا مِنَ الدِّينِ فَقَدْ جَنَى عَلَى الدِّينِ وَضَعَّفَ أَمْرَهُ وَأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ يَقُومُ عَلَيْهَا بَرَاهِينُ هَنْدَسِيَّةٌ حِسَابِيَّةٌ لَا يَبْقَى مَعَهَا رِيبَةٌ فَمَنْ يَطَّلِعُ إِلَيْهَا وَيُحَقِّقُ أَدِلَّتَهَا حَتَّى يُخْبِرَ بِسَبَبِهَا عَنْ وَقْتِ الْكُسُوفِ وَقَدْرِهِمَا وَمُدَّةِ بَقَائِهِمَا إِلَى الِانْجِلَاءِ إِذَا قِيلَ لَهُ إِنَّ هَذَا عَلَى خِلَافِ الشَّرْعِ لَمْ يُسْتَرَبْ فِيهِ وَإِنَّمَا يَسْتَرِيبُ فِي الشَّرْعِ وَضَرَرُ الشَّرْعِ مِمَّنْ يَنْصُرُهُ لَا بِطَرِيقَةِ أَكْثَرَ مِنْ ضَرَرِهِ مِمَّنْ يَطْعَنُ فِيهِ وَهُوَ كَمَا قِيلَ عَدُوٌّ عَاقِلٌ خَيْرٌ مِنْ صَدِيقٍ جَاهِلٍ فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَافْزَعُوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَالصَّلَاةِ فَكَيْفَ يُلَائِمُ هَذَا مَا قَالُوهُ قُلْنَا لَيْسَ فِي هَذَا مَا يُنَاقِضُ مَا قَالُوهُ إِذْ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا نَفْيُ الْكُسُوفِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَحَيَاتِهِ وَالْأَمْرُ بِالصَّلَاةِ عِنْدَهُ وَالشَّرْعُ الَّذِي يَأْمُرُ بِالصَّلَاةِ عِنْدَ الزَّوَالِ وَالْغُرُوبِ وَالطُّلُوعِ مِنْ أَيْنَ يَبْعُدُ مِنْهُ أَنْ يَأْمُرَ عِنْدَ الْخُسُوفِ بِهِمَا اسْتِحْبَابًا فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ رُوِيَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ وَلَكِنَّ اللَّهَ إِذَا تَجَلَّى لِشَيْءٍ خَشَعَ لَهُ فَيَدُلُّ أَنَّ الْكُسُوفَ خُشُوعٌ بِسَبَبِ التَّجَلِّي قُلْنَا هَذِهِ الزِّيَادَةُ لَمْ يَصِحَّ نَقْلُهَا فَيَجِبُ تَكْذِيبُ نَاقِلِهَا وَلَوْ كَانَ صَحِيحًا لَكَانَ تَأْوِيلُهُ أَهْوَنَ مِنْ مُكَابَرَةِ أُمُورٍ قَطْعِيَّةٍ فَكَمْ مِنْ ظَوَاهِرَ أُوِّلَتْ بِالْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ الَّتِي لَا تَنْتَهِي فِي الْوُضُوحِ إِلَى هَذَا الْحَدِّ وَأَعْظَمُ مَا يَفْرَحُ بِهِ الْمُلْحِدُ أَنْ يُصَرِّحَ نَاصِرُ الشَّرْعِ بِأَنَّ هَذَا وَأَمْثَالَهُ عَلَى خِلَافِ الشَّرْعِ فَيَسْهُلُ عَلَيْهِ طَرِيقُ إِبْطَالِ الشَّرْعِ قَالَ التَّاجُ السُّبْكِيُّ وَهُوَ صَحِيحٌ غَيْرَ أَنَّ إِنْكَارَ حَدِيثِ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا تَجَلَّى لِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ خَشَعَ لَهُ لَيْسَ بِجَيِّدٍ فَإِنَّهُ مَرْوِيٌّ فِي النَّسَائِيِّ وَغَيْرِهِ وَلَكِنَّ تَأْوِيلَهُ ظَاهِرٌ فَأَيُّ بُعْدٍ فِي أَنَّ الْعَالِمَ بِالْجُزْئِيَّاتِ وَمُقَدِّرَ الْكَائِنَاتِ سُبْحَانَهُ يُقَدِّرُ فِي أَزَلِ الْآزَالِ خُسُوفَهُمَا بِتَوَسُّطِ الْأَرْضِ بَيْنَ الْقَمَرِ وَالشَّمْسِ وَوُقُوفِ جِرْمِ الْقَمَرِ بَيْنَ النَّاظِرِ وَالشَّمْسِ وَيَكُونُ ذَلِكَ وَقْتَ تَجَلِّيهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَيْهِمَا فَالتَّجَلِّي سَبَبٌ لِكُسُوفِهِمَا

قَضَتِ الْعَادَةُ بِأَنَّهُ يُقَارِنُ تَوَسُّطَ الْأَرْضِ وَوُقُوفَ جِرْمِ الْقَمَرِ لَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَنْبَغِي مُنَازعَة

الْقَوْمِ فِيهِ إِذَا دَلَّتْ عَلَيْهِ بَرَاهِينُ قَطْعِيَّةٌ تَكَعْكَعْتَ أَيْ تَأَخَّرْتَ قَالَ إِنِّي رَأَيْتُ الْجَنَّةَ فَتَنَاوَلْتُ مِنْهَا عُنْقُودًا وَلَوْ أَخَذْتُهُ لَأَكَلْتُمْ مِنْهُ مَا بقيت الدُّنْيَا قَالَ بن بَطَّالٍ لَمْ يَأْخُذِ الْعُنْقُودَ لِأَنَّهُ مِنْ طَعَامِ الْجَنَّةِ وَهُوَ لَا يَفْنَى وَالدُّنْيَا فَانِيَةٌ لَا يجوز أَن يُؤْكَل فِيهَا مَالا يَفْنَى وَقِيلَ لِأَنَّهُ لَوْ رَآهُ النَّاسُ لَكَانَ إِيمَانُهُمْ بِالشَّهَادَةِ لَا بِالْغَيْبِ فَيُخْشَى أَنْ يَقَعَ رَفْعُ التَّوْبَةِ فَلَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا وَقِيلَ لِأَنَّ الْجَنَّةَ جَزَاءُ الْأَعْمَالِ وَالْجَزَاءُ بِهَا لَا يَقَعُ إِلَّا فِي الْآخِرَةِ وَرَأَيْتُ النَّارَ فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ مَنْظَرًا قَطُّ الْمُرَادُ بِالْيَوْمِ الْوَقْتُ الَّذِي هُوَ فِيهِ أَيْ لَمْ أَرَ مَنْظَرًا مِثْلَ مَنْظَرٍ رَأَيْتُهُ الْيَوْمَ فَحَذَفَ الْمَرْئِيَّ وَأَدْخَلَ التَّشْبِيهَ عَلَى الْيَوْمِ بِشَنَاعَةِ مَا رَأَى فِيهِ وَبُعْدِهِ عَنِ الْمَنْظَرِ الْمَأْلُوفِ وَقِيلَ الْكَافُ هُنَا اسْمٌ وَتَقْدِيرُهُ مَا رَأَيْتُ مِثْلَ هَذَا مَنْظَرًا أَوْ مَنْظَرًا تَمْيِيزٌ وَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءُ قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ هَذَا يُفَسِّرُ وَقْتَ الرُّؤْيَةِ فِي قَوْلِهِ لَهُنَّ فِي خُطْبَةِ الْعِيدِ تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ

قِيلَ يَكْفُرْنَ بِاللَّهِ الْقَائِلُ أَسْمَاءُ بِنْتُ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ الَّتِي تُعْرَفُ بِخَطِيبَةِ النِّسَاءِ يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ أَيِ الزَّوْجُ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ وَلَمْ يُعَدِّهِ بِالْبَاءِ كَمَا عَدَّى الْكُفْرَ بِاللَّهِ لِأَنَّ كُفْرَ الْعَشِيرِ لَا يَتَضَمَّنُ مَعْنَى الِاعْتِرَافِ إِذِ الْمُرَادُ كُفْرُ إِحْسَانِهِ لَا كُفْرَانُ ذَاتِهِ وَالْمُرَادُ بِكُفْرِ الْإِحْسَانِ تَغْطِيَتُهُ أَوْ جَحْدُهُ لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ بِالنَّصْبِ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ وَالْمُرَادُ مِنْهُ مُدَّةُ عُمْرِ الرَّجُلِ فَالزَّمَانُ كُلُّهُ مُبَالَغَةٌ فِي كُفْرَانِهِنَّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ أَحْسَنْتَ مُخَاطَبَةَ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ بَلْ كُلُّ مَنْ يَتَأَتَّى مِنْهُ أَنْ يَكُونَ مُخَاطَبًا فَهُوَ خَاصٌّ لَفْظًا عَامٌّ مَعْنًى ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا التَّنْوِينُ فِيهِ لِلتَّقْلِيلِ أَيْ شَيْئًا قَلِيلًا لَا يُوَافِقُ غَرَضَهَا

من أَي نوع كَانَ

[1503] خَسَفَتِ الشَّمْسُ فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَزِعًا قَالَ الْكَرْمَانِيُّ بِكَسْرِ الزَّايِ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ وَبِفَتْحِهَا مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الصِّفَةِ أَوْ مَفْعُولُ مُطْلَقٍ لِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ خَشِيَ أَنْ تَكُونَ السَّاعَةُ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ قَالَ وَهَذَا تَمْثِيلٌ مِنَ الرَّاوِي كَأَنَّهُ قَالَ فَزِعًا كَالْخَاشِي أَنْ تَكُونَ الْقِيَامَةَ وَإلَّا فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَالِمًا بِأَنَّ السَّاعَةَ لَا تَقُومُ وَهُوَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ وَقَدْ وَعَدَ اللَّهُ تَعَالَى إِعْلَاءَ دِينِهِ عَلَى الْأَدْيَانِ كُلِّهَا وَلَمْ يَبْلُغُ الْكِتَابٌ أَجَلَهُ وَقَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا قَدْ يُشْكِلُ مِنْ حَيْثُ إِنَّ السَّاعَةَ لَهَا مُقَدِّمَاتٌ كَثِيرَةٌ لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِهَا وَلَمْ تَكُنْ وَقَعَتْ كَطُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَخُرُوجِ الدَّابَّةِ وَالنَّارِ وَالدَّجَّالِ وَقِتَالِ التُّرْكِ وَأَشْيَاءَ أُخَرَ لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِهَا قَبْلَ السَّاعَةِ كَفُتُوحِ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ ومصر وَغَيرهمَا وَإِنْفَاقِ كُنُوزِ كِسْرَى فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقِتَالِ الْخَوَارِجِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الْمَشْهُورَةِ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَجْوِبَةٍ أَحَدُهَا لَعَلَّ هَذَا الْكُسُوفَ كَانَ قَبْلَ إِعْلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذِهِ الْأُمُورِ الثَّانِي لَعَلَّهُ خَشِيَ حُدُوثَ بَعْضِ مُقَدِّمَاتِهَا الثَّالِثُ أَنَّ رَاوِيَهُ ظَنَّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَشِيَ أَنْ تَكُونَ السَّاعَةُ

كتاب الاستسقاء

وَلَيْسَ يَلْزَمُ مِنْ ظَنِّهِ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَشِيَ ذَلِكَ حَقِيقَةً بَلْ خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَعْجِلًا مُهْتَمًّا بِالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَمْرِ الْكُسُوفِ مُبَادِرًا إِلَى ذَلِكَ وَرُبَّمَا خَافَ أَنْ يَكُونَ نَوْعَ عُقُوبَةٍ فَظَنَّ الرَّاوِي خِلَافَ ذَلِكَ وَلَا اعْتِبَارَ بِظَنِّهِ اه فَقَامَ يُصَلِّي بِأَطْوَلِ قِيَامٍ وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ مَا رَأَيْتُهُ يَفْعَلُهُ فِي صَلَاةٍ قَطُّ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ إِمَّا أَنَّ حَرْفَ النَّفْيِ مُقَدَّرٌ قَبْلَ رَأَيْتُهُ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى تفتؤ تذكر يُوسُف وَإِمَّا أَنَّ أَطْوَلَ مُقَدَّرٌ بِمَعْنَى عَدَمِ الْمُسَاوَاةِ أَيْ بِمَا لَمْ يُسَاوِ قَطُّ قِيَامًا رَأَيْتُهُ يَفْعَلُهُ أَوْ قَطُّ بِمَعْنَى حَسْبُ أَيْ صَلَّى فِي ذَلِكَ الْيَوْمَ فَحَسْبُ بِأَطْوَلِ قِيَامٍ رَأَيْتُهُ يَفْعَلُهُ أَوْ أَنَّهُ بِمَعْنَى أَبَدًا (كِتَابُ الاسْتِسْقَاء) [1504] هَلَكَتِ الْمَوَاشِي وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ الْمُرَادُ بِذَلِكَ أَنَّ الْإِبِلَ ضَعُفَتْ لِقِلَّةِ الْقُوتِ عَنِ السَّفَرِ أَوْ لِكَوْنِهَا لَا تَجِدُ فِي طَرِيقِهَا مِنَ الْكَلَأِ مَا يُقِيمُ أَوَدَهَا وَقِيلَ الْمُرَادُ نَفَادُ مَا عِنْدَ النَّاسِ مِنَ الطَّعَامِ أَوْ قِلَّتُهُ فَلَا يَجِدُونَ مَا يَجْلِبُونَهُ مِنَ الْأَسْوَاقِ وَالْآكَامِ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَقَدْ تُفْتَحُ وَتُمَدُّ جَمْعُ أَكَمَةَ بِفَتَحَاتٍ وَهِيَ التُّرَابُ الْمُجْتَمِعُ وَقِيلَ مَا ارْتَفَعَ مِنْ أَرْضٍ وَقِيلَ الْهَضْبَةُ الضَّخْمَةُ وَقِيلَ الْجَبَلُ الصَّغِيرُ فَانْجَابَتْ عَنِ الْمَدِينَةِ انْجِيَابَ الثَّوْبِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ خَرَجَتْ عَنْهَا كَمَا يَخْرُجُ الثَّوْبُ عَنْ لَابِسِهِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ هُوَ نَصْبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ أَيْ تَقَطَّعَتْ كَمَا يُقَطَّعُ الثَّوْبُ قِطَعًا مُتَفَرِّقَة مُتَبَذِّلًا بِمُثَنَّاةٍ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ ثُمَّ ذَالٍ مُعْجَمَةٍ قَالَ فِي النِّهَايَة التبذل ترك التزين والتهيئ بالهيئة الْحَسَنَة الجميلة على جِهَة التَّوَاضُع

[1513] عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنَ الدُّعَاءِ إِلَّا فِي الِاسْتِسْقَاءِ فَإِنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ يُوهِمُ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَمْ يَرْفَعْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ إِلَّا فِي الِاسْتِسْقَاءِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ بَلْ قَدْ ثَبَتَ رَفْعُ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ فِي مَوَاطِنَ غَيْرِ الِاسْتِسْقَاءِ وَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ فَيُتَأَوَّلُ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَرْفَعِ الرَّفْعَ الْبَلِيغَ بِحَيْثُ يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ إِلَّا فِي الِاسْتِسْقَاءِ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ لَمْ أَرَهُ يَرْفَعُ وَقَدْ رَآهُ غَيْرُهُ يَرْفَعُ فَتَقَدَّمَ رِوَايَة المثبتين فِيهِ وَقَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ ظَاهِرُهُ نَفْيُ الرَّفْعِ فِي كُلِّ دُعَاءٍ غَيْرِ الِاسْتِسْقَاءِ وَهُوَ مُعَارَضٌ بِالْأَحَادِيثِ الثَّابِتَةِ فِي الرَّفْعِ فِي غَيْرِ الِاسْتِسْقَاءِ وَهِيَ كَثِيرَةٌ فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ الْعَمَلَ بِهَا أَوْلَى وَحُمِلَ حَدِيثُ أَنَسٍ لِأَجْلِ الْجَمْعِ بِأَنْ يُحْمَلَ النَّفْيُ عَلَى صِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ أَمَّا الرَّفْعُ الْبَلِيغُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ وَأَمَّا صِفَةُ الْيَدَيْنِ فِي ذَلِكَ لِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

اسْتَسْقَى فَأَشَارَ بِظَهْرِ كَفَّيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَلِأَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ كَانَ يُسْتَسْقَى هَكَذَا وَمَدَّ يَدَيْهِ وَجَعَلَ بُطُونَهُمَا مِمَّا يَلِي الْأَرْضَ حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ السُّنَّةُ فِي كُلِّ دُعَاءٍ لِرَفْعِ بَلَاءٍ أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ جَاعِلًا ظَهْرَ كَفَّيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَإِذَا دَعَا لِسُؤَالِ شَيْءٍ وَتَحْصِيلِهِ أَنْ يَجْعَلَ كَفَّيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ غَيْرُهُ الْحِكْمَةُ فِي الْإِشَارَةِ بِظُهُورِ الْكَفَّيْنِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ دُونَ غَيْرِهِ التَّفَاؤُلُ بِتَقَلُّبِ الْحَالِ ظَهْرًا لِبَطْنٍ كَمَا قِيلَ فِي تَحْوِيلِ الرِّدَاءِ هُوَ إِشَارَةٌ إِلَى صِفَةِ الْمَسْئُولِ وَهُوَ نُزُولُ السَّحَابِ إِلَى الْأَرْضِ قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ إِبْطَيْهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمَا شَعْرٌ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ حَكَى الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ فِي الِاسْتِسْقَاءِ مِنَ الْأَحْكَامِ لَهُ أَنَّ مِنْ خَصَائِصِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْإِبْطَ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ مُتَغَيِّرُ اللَّوْنِ غَيْرُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَانَ هَذَا لِجَمَالِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ كُلَّ إِبْطٍ مِنَ النَّاسِ مُتَغَيِّرٌ لِأَنَّهُ مَغْمُومٌ مُرَاوِحٌ وَكَانَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْيَضُ عَطِرًا [1514] مُقْنِعٌ بِكَفَّيْهِ أَيْ رَافِعُهُمَا [1515] اللَّهُمَّ اسْقِنَا يَجُوزُ فِيهِ قَطْعُ الْهَمْزَةِ وَوَصْلُهَا لِأَنَّهُ وَرَدَ فِي الْقُرْآن ثلاثيا ورباعيا قَزَعَةٌ بِفَتْحَتَيْنِ أَيِ الْقِطْعَةُ مِنَ الْغَيْمِ وَخَصَّهُ أَبُو عُبَيْدٍ بِمَا يَكُونُ فِي الْخَرِيفِ تَقَشَّعَتْ أَيْ أَقْلَعَتْ وَتَصَدَّعَتْ وَإِنَّهَا لَفِي مِثْلِ الْإِكْلِيلِ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْكَافِ كُلُّ شَيْءٍ دَارَ بَين جوانبه

[1518] اللَّهُمَّ أَغِثْنَا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَالْقُرْطُبِيُّ كَذَا الرِّوَايَةُ بِالْهَمْزَةِ رُبَاعِيًّا أَيْ هَبْ لَنَا غَيْثًا وَالْهَمْزَةُ فِيهِ لِلتَّعْدِيَةِ وَقِيلَ صَوَابُهُ غِثْنَا لِأَنَّهُ مِنْ غَاثَ قَالَ وَأَمَّا أَغِثْنَا فَإِنَّهُ مِنَ الْإِغَاثَةِ بِمَعْنَى الْمَعُونَةِ وَلَيْسَ مِنْ طَلَبِ الْغَيْثِ وَلَا قَزَعَةٌ هِيَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالزَّايِ الْقِطْعَةُ مِنَ السَّحَابِ قَالَ أَبُو عَبِيدٍ وَأَكْثَرُ مَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي الْخَرِيفِ سَلْعٍ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُون اللَّام

جَبَلٌ مَعْرُوفٌ بِالْمَدِينَةِ فَطَلَعَتْ سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ قَالَ ثَابِتٌ وَجْهُ التَّشْبِيهِ فِي كَثَافَتِهَا وَاسْتَدَارَتِهَا وَلَمْ يَرِدْ فِي قَدْرِهَا مَا رَأَيْنَا الشَّمْسَ سِتًّا فِي رِوَايَةٍ سَبْتًا أَيْ أُسْبُوعًا وَكَانَتِ الْيَهُودُ تُسَمِّي الْأُسْبُوعَ السَّبْتَ بِاسْمِ أَعْظَمِ أَيَّامِهِ عِنْدَهُمْ فَتَبِعَهُمُ الْأَنْصَارُ فِي هَذَا الِاصْطِلَاحِ ثُمَّ لَمَّا صَارَ الْجُمُعَةُ أَعْظَمَ أَيَّامِهِ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ سَمَّوْا الْأُسْبُوعَ جُمُعَةً وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ وَالْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُمَا أَنَّ رِوَايَةَ سِتًّا تَصْحِيفٌ اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا بِفَتْحِ اللَّامِ وَفِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ اجْعَلْ أَوْ أَمْطِرْ وَالْمُرَادُ بِهِ صَرْفُ الْمَطَرِ عَنِ الْأَبْنِيَةِ وَالدُّورِ وَلَا عَلَيْنَا قَالَ الطِّيبِيُّ فِي إِدْخَالِ الْوَاوِ هُنَا مَعْنًى لَطِيفٌ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ أَسْقَطَهَا كَانَ مُسْتَسْقِيًا لِلْآكَامِ وَمَا مَعَهَا فَقَطْ وَدُخُولُ الْوَاوِ يَقْتَضِي أَنَّ طَلَبَ الْمَطَرِ عَلَى الْمَذْكُورَاتِ لَيْسَ مَقْصُودًا لِعَيْنِهِ وَلَكِنْ لِيَكُونَ وِقَايَةً مِنْ أَذَى الْمَطَرِ فَلَيْسَتِ الْوَاوُ مُحَصِّلَةً لِلْعَطْفِ وَلَكِنَّهَا لِلتَّعْلِيلِ وَهُوَ كَقَوْلِهِمْ تَجُوعُ الْحُرَّةُ وَلَا تَأْكُلُ بِثَدْيِهَا فَإِنَّ الْجُوعَ لَيْسَ مَقْصُودًا لِعَيْنِهِ وَلَكِنْ لِكَوْنِهِ مَانِعًا عَنِ الرَّضَاعِ بِأُجْرَةٍ إِذْ كَانُوا يَكْرَهُونَ ذَلِكَ وَالظِّرَابُ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَآخِرُهُ مُوَحَّدَةٌ جَمْعُ ظَرِبٍ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الرَّاءِ

وَقَدْ تُسَكَّنُ قَالَ الْفَرَّاءُ هُوَ الْجَبَلُ الْمُنْبَسِطُ لَيْسَ العالي وَقَالَ الْجَوْهَرِي الرابية الصَّغِيرَة صيبا هُوَ الْمَطَر

[1526] بِنَوْءِ الْمِجْدَحِ هُوَ النَّجْمُ مِنَ النُّجُومِ قِيلَ هُوَ الدَّبَرَانُ وَقِيلَ هُوَ ثَلَاثَةُ كَوَاكِبٍ كَالْأَثَافِيِّ تَشْبِيهًا بِالْمِجْدَحِ الَّذِي لَهُ ثَلَاثُ شُعَبٍ وَهُوَ عِنْدَ الْعَرَبِ مِنَ الْأَنْوَاعِ الدَّالَّةِ عَلَى الْمَطَرِ [1527] قَحَطَ الْمَطَرُ أَيْ امْتَنَعَ وَانْقَطَعَ وَفِي الْبَارِعِ قَحَطَ الْمَطَرُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالْحَاءِ وَقَحَطَ النَّاسُ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا وَفِي الْأَفْعَالِ بِالْوَجْهَيْنِ فِي الْمَطَرِ وَحُكِيَ قُحِطَ النَّاسُ بِضَمِّ الْقَافُ وَكَسْرِ الْحَاء فتكشطت أَي تكشفت [1528] مِثْلُ الْجَوْبَةِ بِفَتْحِ الْجِيمِ ثُمَّ الْمُوَحَّدَةِ وَهِيَ الْحُفْرَةُ الْمُسْتَدِيرَةُ الْوَاسِعَةُ وَالْمُرَادُ هُنَا الْفُرْجَةُ فِي السَّحَابِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ الْمَعْنَى أَنَّ السَّحَابَ تَقَطَّعَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ مُسْتَدِيرًا وَانْكَشَفَ عَنْهَا حَتَّى بَايَنَتْ مَا جَاوَزَهَا مُبَايَنَةَ الْجَوْبَةِ لِمَا حَوْلَهَا وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ بِالنُّونِ بَدَلَ الْمُوَحَّدَةِ قَالَ عِيَاضٌ وَهُوَ تَصْحِيف بالجود

هُوَ الْمَطَرُ الْوَاسِعُ الْغَزِيرُ * (* كِتَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ *) * قَالَ النَّوَوِيّ روى أَبُو دَاوُد وَغَيره وُجُوهًا فِي صَلَاة الْخَوْف يبلغ مجموعها سِتَّة عشر وَجها

وَقَالَ الْخطابِيّ صَلَاة الْخَوْف أَنْوَاع صَلَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَيَّام مُخْتَلفَة وأشكال متباينة يتحَرَّى فِي كلهَا مَا هُوَ أحوط للصَّلَاة وأبلغ فِي الحراسة وَهِي على اخْتِلَاف صورها متفقة الْمَعْنى قَالَ الامام أَحْمد أَحَادِيث صَلَاة الْخَوْف صِحَاح كلهَا وَيجوز أَن يكون فِي مَرَّات مُخْتَلفَة على حسب شدَّة الْخَوْف وَمن صلى بِصفة مِنْهَا فَلَا حرج عَلَيْهِ وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر لم يَقع فِي شَيْء

من الْأَحَادِيث المروية فِي صَلَاة الْخَوْف تعرض لكيفية صَلَاة الْمغرب [1532] فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ وَفِي الْخَوْفِ رَكْعَةً قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ قَدْ عَمِلَ بِظَاهِرِهِ طَائِفَةٌ مِنَ السّلف مِنْهُم الْحسن الْبَصْرِيّ وَالضَّحَّاك وَإِسْحَاق بن رَاهْوَيْهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَالْجُمْهُورُ إِنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ كَصَلَاةِ الْأَمْنِ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ فَإِنْ كَانَتْ فِي الْحَضَرِ وَجَبَ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَإِنْ كَانَتْ فِي السَّفَرِ وَجَبَ رَكْعَتَانِ وَلَا يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ فِي حَالِ مِنَ الْأَحْوَالِ وَتَأَوَّلُوا هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ رَكْعَة مَعَ الامام رَكْعَة أُخْرَى يَأْتِي بِهَا مُنْفَرِدًا كَمَا جَاءَتِ الْأَحَادِيثُ فِي صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ فِي الْخَوْفِ وَهَذَا التَّأْوِيلُ لَا بُدَّ مِنْهُ للْجمع بَين الْأَدِلَّة الزبيدِيّ بزاي مَضْمُومَة

[1537] وِجَاهَ الْعَدُوِّ بِكَسْرِ الْوَاوِ وَضَمِّهَا أَيْ مُوَاجِهَهُ قِبَلَ بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ جِهَةَ نَجْدٍ فَوَازَيْنَا أَيْ قَابَلْنَا قَالَ صَاحِبُ الصِّحَاحِ يُقَالُ آزَيْتَ يَعْنِي بِهَمْزَةٍ مَمْدُودَةٍ لَا بِالْوَاوِ وَقَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ وَالذِي يَظْهَرُ أَنَّ أَصْلَهَا الْهَمْزَةُ فَقُلِبَتْ واوا

كتاب العيدين

(كتاب الْعِيدَيْنِ) [1567] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِي ضَمْرَةُ بْنُ سَعِيدٍ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ

قَالَ خَرَجَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ عِيدٍ فَسَأَلَ أَبَا وَاقِدٍ اللَّيْثِيُّ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي هَذَا الْيَوْمِ فَقَالَ بِقَافْ وَاقْتَرَبَتْ قَالَ الْقَاضِي هَذَا الْحَدِيثُ غَيْرُ مُتَّصِلٍ لِأَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ لَا سَمَاعَ لَهُ مِنْ عُمَرَ وَقَدْ وَصَلَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ فُلَيْحٍ عَنْ ضَمْرَةَ بن سعيد عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ

بْنِ عَتَبَةَ عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ قَالَ سَأَلَنِي عُمَرُ فَذَكَرَهُ قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَسُؤَالُ عُمَرَ أَبَا وَاقِدٍ وَمِثْلُ

عُمَرَ لَمْ يَخْفَ عَلَيْهِ هَذَا مَعَ شُهُودِهِ صَلَاةَ الْعِيدِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّاتٍ وَقُرْبِهِ مِنْهُ لَعَلَّهُ اخْتِبَارٌ لَهُ هَلْ حَفِظَ ذَلِكَ أَمْ لَا أَوْ يَكُونُ قَدْ شَكَّ أَوْ نَازَعَهُ غَيْرُهُ مِمَّنْ سَمِعَهُ يَقْرَأُ فِي ذَلِكَ بِسَبِّحْ وَالْغَاشِيَةِ فَأَرَادَ عُمَرُ الِاسْتِشْهَادَ عَلَيْهِ بِمَا سَمِعَهُ أَيْضًا أَبُو وَاقِدٍ قَالُوا والْحِكْمَةُ فِي قِرَاءَةِ قَافْ وَاقْتَرَبَتْ لِمَا اشْتَمَلَتَا عَلَيْهِ مِنَ الْإِخْبَارِ بِالْبَعْثِ وَالْإِخْبَارِ عَنِ الْقُرُونِ الْمَاضِيَةِ وَإِهْلَاكِهِ الْمُكَذِّبِينَ وَتَشْبِيهِ بُرُوزِ النَّاسِ لِلْعِيدِ بِبُرُوزِهِمْ لِلْبَعْثِ وَخُرُوجِهِمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَراد منتشر [1575] ثُمَّ مَالَ وَمَضَى إِلَى النِّسَاءِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هَذَا خَاصٌّ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ عَلَى الْأَئِمَّةِ فِعْلُهُ وَلَا يُبَاحُ

قَطْعُ الْخُطْبَةِ بِنُزُولِهِ لِوَعْظِ النِّسَاءِ وَمَنْ بَعُدَ مِنَ الرِّجَالِ فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْ سَفِلَةِ النِّسَاءِ بِالْفَاءِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ زَعَمَ شُيُوخُنَا أَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ هِيَ الصَّوَابُ وَكَذَا هِيَ فِي مُصَنف بن أَبِي شَيْبَةَ وَالذِي فِي الصَّحِيحِ مِنْ ثَبِطَةِ النِّسَاءِ بِالطَّاءِ تَصْحِيفٌ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى فَقَامَتِ امْرَأَةٌ لَيْسَتْ مِنْ عِلْيَةِ النِّسَاءِ سَفْعَاءُ الْخَدَّيْنِ السَّفْعَةُ نَوْعٌ مِنَ السَّوَادِ وَلَيْسَ بِالْكَثِيرِ وَقِيلَ هِيَ سَوَادٌ مَعَ لَوْنِ آخَرَ تُكْثِرْنَ الشَّكَاةَ بِفَتْحِ الشِّينِ أَيِ التَّشَكِّي وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ الزَّوْجَ وَأَقْرُطَهُنَّ جَمْعُ

قُرْطٍ وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ حُلِيِّ الْآذَانِ قَالَ بن دُرَيْدٍ كُلُّ مَا عُلِّقَ فِي شَحْمَةِ الْآذَانِ فَهُوَ قُرْطٌ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ خَرَزٍ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ قِيلَ الصَّوَابُ قِرَطَتَهُنَّ بِحَذْفِ الْأَلْفِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ جَمْعُ قُرْطٍ كَخِرَجٍ وَخِرْجَةٍ وَيُقالُ فِي جَمْعِهِ قِرَاطٌ لَا سِيَّمَا وَقد صَحَّ فِي الحَدِيث [1578] وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ بِضَمِّ الْهَاءِ وَفَتْحِ الدَّالِ فِيهِمَا وَبِفَتْحِ الْهَاءِ وَسُكُونِ الدَّالِ فِيهِمَا وَهُمَا مِنْ أَصْلٍ وَاحِدٍ وَالْهُدَىُ بِالضَّمِّ الدَّلَالَةُ وَالْإِرْشَادُ وَالْهَدْيُ بِالْفَتْحِ الطَّرِيقُ يُقَالُ فُلَانٌ حَسَنُ الْهَدْيِ أَيِ الْمَذْهَبِ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا أَوِ السِّيرَةِ وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا قَالَ الْقُرْطُبِيُّ يَعْنِي الْمُحْدَثَاتِ الَّتِي لَيْسَ فِي

الشَّرِيعَةِ أَصْلٌ يَشْهَدُ لَهَا بِالصِّحَّةِ وَهِيَ الْمُسَمَّاةُ بِالْبِدَعِ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا عَامٌّ مَخْصُوصٌ وَالْمُرَادُ غَالِبُ الْبِدَعِ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْبِدْعَةُ كُلُّ شَيْءٍ عُمِلَ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ سَابِقٍ قَالَ الْعُلَمَاءُ الْبِدْعَةُ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ وَاجِبَةٌ وَمَنْدُوبَةٌ وَمُحَرَّمَةٌ وَمَكْرُوهَةٌ وَمُبَاحَةٌ فَمِنَ الْوَاجِبَةِ نَظْمُ أَدِلَّةِ الْمُتَكَلِّمِينَ لِلرَّدِّ عَلَى الْمَلَاحِدَةِ الْمُبْتَدِعِينَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَمِنَ الْمَنْدُوبَةِ تَصْنِيفُ كُتُبِ الْعِلْمِ وَبِنَاءُ الْمَدَارِسِ وَالرُّبُطِ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَمِنَ الْمُبَاحَةِ التَّبَسُّطُ فِي أَلْوَانِ الْأَطْعِمَةِ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَالْحَرَامُ وَالْمَكْرُوهُ ظَاهِرَانِ وَإِذَا عُرِفَ ذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الْحَدِيثَ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنَ الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُ عُمَرَ فِي التَّرَاوِيحِ نِعْمَتِ الْبِدْعَةُ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ كَوْنِ الْحَدِيثِ عَامًّا مَخْصُوصًا قَوْلُهُ كُلُّ بِدْعَةٍ بِكُلٍّ بَلْ يَدْخُلُهُ التَّخْصِيصُ مَعَ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ قَالَ النَّوَوِيُّ رُوِيَ بِرَفْعِهَا عَلَى الْعَطْفِ وَبِنَصْبِهَا عَلَى الْمَفْعُولِ مَعَهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ تَمْثِيلٌ لِمُقَارَنَتِهِمَا وَأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُمَا أُصْبُعٌ أُخْرَى كَمَا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَيْنَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ السَّاعَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لِتَقْرِيبِ مَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْمُدَّةِ وَأَنَّ التَّفَاوُتَ بَيْنَهُمَا كَنِسْبَةِ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْأُصْبُعَيْنِ تَقْرِيبًا لَا تَحْدِيدًا وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَإِلَيَّ أَوْ عَلَيَّ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ اخْتَلَفَ الشَّارِحُونَ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ نَاسِخٌ لِتَرْكِهِ الصَّلَاةَ عَلَى مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دين وَقَوله [1959] صلوا على صَاحبكُم وان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَكَفَّلَ بِدُيُونِ أُمَّتِهِ وَالْقِيَامِ

بِمَنْ تَرَكُوهُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ هَذَا عِنْدَهُ وَقِيلَ لَيْسَ بِمَعْنَى الْحَمَالَةِ لَكِنَّهُ بِمَعْنَى الْوَعْدِ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُنْجِزُ لَهُ وَلِأُمَّتِهِ مَا وَعَدَهُمْ مِنْ فَتْحِ الْبِلَادِ وَكُنُوزِ كِسْرَى وَقَيْصَرَ فَيَقْضِي مِنْهَا دُيُونَ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَقَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ أَصْحَابُنَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُصَلِّي عَلَى مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يُخَلِّفْ

لَهُ وَفَاءً لِئَلَّا يَتَسَاهَلَ النَّاسُ فِي الِاسْتِدَانَةِ وَيُهْمِلُوا الْوَفَاءَ فَزَجَرَهُمْ عَنْ ذَلِكَ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَبَادِيَ الْفُتُوحِ قَالَ مَنْ تَرَكَ دَيْنًا فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ ذَلِكَ الدَّيْنِ أَوْ كَانَ يَقْضِيهِ تَكَرُّمًا وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَاخْتُلِفَ هَلْ هُوَ مِنَ الْخَصَائِصِ فَقِيلَ نَعَمْ وَقِيلَ لَا بَلْ يَلْزَمُ الْإِمَامُ أَنْ يَقْضِيَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ دَيْنَ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ إِذَا لَمْ يُخَلِّفْ وَفَاءً وَكَانَ فِي بَيْتِ الْمَالِ سَعَةٌ وَالضَّيَاعُ بِفَتْحِ الضَّادِ الْأَطْفَالُ وَالْعِيَالُ وَأَصْلُهُ مَصْدَرُ ضَاعَ يَضِيعُ فَسَمَّى الْعِيَالَ بِالْمَصْدَرِ كَمَا يُقَالُ مَاتَ وَتَرَكَ فَقْرًا أَيْ فُقَرَاءَ وَإِنْ كُسِرَتِ الضَّادُ كَانَ جَمْعُ ضَائِعٍ

كجائع وجياع قَالَه فِي النِّهَايَة [1586] كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ كِنْدِيٌّ وُلِدَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ اسْمُهُ قَلِيلًا فَسَماهُ كثيرا أَمْلَحَيْنِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ

[1595] الْأَمْلَحُ الَّذِي بَيَاضُهُ أَكْثَرُ مِنْ سَوَادِهِ وَقِيلَ هُوَ النقي الْبيَاض وَعَن عَائِشَةَ قَالَتْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الْحَبَشَةِ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ قَالَ النَّوَوِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ بُلُوغِ عَائِشَةَ أَوْ قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ فِي تَحْرِيمِ النَّظَرِ أَوْ كَانَتْ تَنْظُرُ إِلَى لَعِبِهِمْ بِحِرَابِهِمْ لَا إِلَى وُجُوهِهِمْ وَأَبْدَانِهِمْ وَإِنْ وَقَعَ بِلَا قَصْدٍ أَمْكَنَ أَنْ تَصْرِفَهُ فِي الْحَالِ وَقَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي تَمْكِينِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَبَشَةَ مِنَ اللَّعِبِ فِي الْمَسْجِدِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ فَلِمَ كَرِهَ الْعُلَمَاءُ اللَّعِبَ فِي الْمَسَاجِدِ قَالَ وَالْجَوَابُ أَنَّ لَعِبَ الْحَبَشَةِ كَانَ بِالسِّلَاحِ وَاللَّعِبُ بِالسِّلَاحِ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ لِلْقُوَّةِ عَلَى الْجِهَادِ فَصَارَ ذَلِكَ مِنَ الْقُرَبِ كَإِقْرَاءِ عِلْمٍ وَتَسْبِيحٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْقُرَبِ وَلِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ عَلَى وَجْهِ النُّدُورِ وَالذِي يُفْضِي إِلَى امْتِهَانِ الْمَسَاجِدِ إِنَّمَا هُوَ أَنْ يُتَّخَذَ ذَلِكَ عَادَةً مُسْتَمِرَّةً وَلِذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا أَكْرَهُ الْقَضَاءَ فِي الْمَسْجِدِ الْمَرَّةَ وَالْمَرَّتَيْنِ وَإِنَّمَا أَكْرَهُهُ عَلَى وَجْهِ الْعَادَةِ [1596] بَنُو أَرْفِدَةَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْفَاءِ وَقَدْ تُفْتَحُ قِيلَ هُوَ لَقَبٌ لِلْحَبَشَةِ وَقِيلَ هُوَ اسْمُ جِنْسٍ لَهُمْ وَقيل اسْم جدهم الْأَكْبَر

كتاب قيام الليل وتطوع النهار

[1597] وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ الْجَارِيَةُ فِي النِّسَاءِ كَالْغُلَامِ فِي الرِّجَال يقعان على من دون الْبلُوغ فهما ولِلطَّبَرَانِيِّ أَنَّ إِحْدَاهُمَا كَانَتْ لِحَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ وَلِابْنِ أَبِي الدُّنْيَا فِي الْعِيدَيْنِ وَحَمَامَةُ وَصَاحِبَتُهَا تُغنيَانِ قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ قَالَ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ الْأُخْرَى قَالَ وَلَمْ يَذْكُرْ حَمَامَةَ الَّذِينَ صَنَّفُوا فِي الصَّحَابَةِ وَهِيَ عَلَى شَرْطِهِمْ يَضْرِبَانِ بِالدُّفِّ بِضَمِّ الدَّالِ عَلَى الْأَشْهَرِ وَقَدْ تُفْتَحُ وَهُوَ الَّذِي لَا جَلَاجِلَ فِيهِ فَإِنْ كَانَتْ فِيهِ فَهُوَ الْمِزْهَرُ وَتُغَنِّيَانِ أَيْ تَرْفَعَانِ أَصْوَاتَهُمَا بِإِنْشَادِ الشِّعْرِ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الْحُدَاءِ زَادَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ بِمَا تَقَاوَلَتْ بِهِ الْأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثٍ أَيْ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ مِنْ فَخْرٍ أَوْ هِجَاءٍ (كِتَابُ قِيَامِ اللَّيْلِ وَتَطَوُّعِ النَّهَار) [1598] صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ وَلَا تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا قَالَ الْكَرْمَانِيُّ أَيْ مِثْلَ الْقُبُورِ بِأَنْ لَا تُصَلُّوا فِيهَا قَالَ بن بَطَّالٍ شَبَّهَ الْبَيْتَ الَّذِي لَا يُصَلَّى فِيهِ بِالْقَبْرِ الَّذِي لَا يُتَعَبَّدُ فِيهِ وَالنَّائِمَ بِالْمَيِّتِ الَّذِي انْقَطَعَ مِنْهُ فِعْلُ الْخَيْرِ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَجُوزُ فِي الْمَقَابِرِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ أَوْطَانًا لِلنَّوْمِ لَا تُصَلُّوا فِيهَا فَإِنَّ النَّوْمَ أَخُو الْمَوْتِ وَأَمَّا مَنْ أَوَّلَهُ عَلَى النَّهْيِ عَنْ دَفْنِ الْمَوْتَى فِي الْبُيُوتِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَقَدْ دُفِنَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهِ وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ هُوَ شَيْءٌ وَدَفْنُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ لَعَلَّهُ مِنْ خَصَائِصِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِيَّمَا وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ يُدْفَنُونَ حَيْثُ يَمُوتُونَ

[1602] مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا قَالَ النَّوَوِيُّ أَيْ تَصْدِيقًا بِأَنَّهُ حَقٌّ وَطَاعَةٌ وَاحْتِسَابًا أَيْ إِرَادَةَ وَجْهِ اللَّهِ لَا لِرِيَاءٍ وَنَحْوِهِ فَقَدْ يَفْعَلُ الْإِنْسَانُ الشَّيْءَ الَّذِي يَعْتَقِدُ أَنَّهُ صِدْقٌ لَكِنْ لَا يَفْعَلُ مُخْلِصًا بَلْ لِرِيَاءٍ أَوْ خَوْفٍ وَنَحْوِهِ انْتَهَى وَنَصْبُهُمَا عَلَى الْمَفْعُولِ لَهُ أَوِ الْحَال أَو التَّمْيِيز

[1604] خَشِيتُ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْكُمْ زَادَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ صَلَاةُ اللَّيْلِ فَتَعْجِزُوا عَنْهَا قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ أَوْحَى إِلَيْهِ إِنَّكَ إِنْ وَاظَبْتَ عَلَى هَذِهِ الصَّلَاةِ مَعَهُمُ افْتَرَضْتُهَا عَلَيْهِمْ فَأَحَبَّ التَّخْفِيفَ عَنْهُمْ فَتَرَكَ الْمُوَاظَبَةَ قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَقَعَ فِي نَفْسِهِ كَمَا اتَّفَقَ فِي بَعْضِ الْقُرَبِ الَّتِي دَاوَمَ عَلَيْهَا فَافْتُرِضَتْ وَسُئِلَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُدَاوَمَةَ عَلَى مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ تُصَيِّرُهُ وَاجِبًا وَالْمُدَاوَمَةُ لَمْ تُعْهَدْ فِي الشَّرْعِ مُغَيِّرَةً لِأَحْكَامِ الْأَفْعَالِ فَكَيْفَ خَشِيَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنْ يُغَيِّرَ بِالْمُدَاوَمَةِ حُكْمَ الْقِيَامِ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ تتلقى الْأَحْكَام والأسباب فَإِن أخبر أَن هَا هُنَا مُنَاسَبَةً اعْتَقَدْنَا ذَلِكَ وَاقْتَصَرْنَا بِهَذَا الْحُكْمِ عَلَى مورده

[1607] إِذَا نَامَ أَحَدُكُمْ عَقَدَ الشَّيْطَانُ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ عُقَدٍ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ إِبْلِيسُ أَوِ الْقَرِينُ أَوْ غَيْرُهُ قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ التَّقْيِيدُ بِالثَّلَاثِ

إِمَّا لِلتَّأْكِيدِ أَوْ لِأَنَّ مَا تَنْحَلُّ بِهِ عقدَة ثَلَاث أَشْيَاءَ الذِّكْرُ وَالْوُضُوءُ وَالصَّلَاةُ فَكَأَنَّ الشَّيْطَانَ مَنَعَ عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا بِعُقْدَةٍ عَقَدَهَا يَضْرِبُ أَيْ بِيَدِهِ عَلَى كُلِّ عُقْدَةٍ تَأْكِيدًا لَهَا وَإِحْكَامًا قَائِلًا عَلَيْكَ لَيْلًا طَوِيلًا بِالنَّصْبِ عَلَى الْإِغْرَاءِ وَرُوِيَ بِالرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَاءِ أَيْ بَاقٍ عَلَيْكَ أَوْ بِإِضْمَارِ فِعْلٍ أَيْ بَقِيَ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ الرَّفْعُ أَوْلَى مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى لِأَنَّهُ أَمْكَنُ فِي الْغُرُورِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ يُخْبِرُهُ عَنْ طُولِ اللَّيْلِ ثُمَّ يَأْمُرُهُ بِالرُّقَادِ بِقَوْلِهِ فَارْقُدْ وَعَلَى الْإِغْرَاءِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إِلَّا الْأَمْرُ بِمُلَازَمَةِ طُولِ الرُّقَادِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ قَوْلُهُ فَارْقُدْ ضَائِعًا وَاخْتُلِفَ فِي هَذَا الْعَقْدِ فَقِيلَ هُوَ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَأَنَّهُ كَمَا يَعْقِدُ السَّاحِرُ مَنْ يَسْحَرُهُ وَقِيلَ مَجَازٌ كَأَنَّهُ شَبَّهَ فِعْلَ الشَّيْطَانِ بِالنَّائِمِ بِفِعْلِ السَّاحِرِ بِالْمَسْحُورِ بِجَامِعِ الْمَنْعِ مِنَ التَّصَرُّفِ [1608] بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنَيْهِ قِيلَ هُوَ عَلَى حَقِيقَتِهِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُ لَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ إِذْ لَا إِحَالَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ وَيَنْكِحُ فَلَا مَانِعَ مِنْ أَنْ يَبُولَ وَقِيلَ هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ سَدِّ الشَّيْطَانِ أُذُنَ الَّذِي يَنَامُ عَنِ الصَّلَاةِ حَتَّى لَا يَسْمَعَ الذِّكْرَ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّ الشَّيْطَانَ مَلَأَ سَمْعَهُ بِالْأَبَاطِيلِ فَحَجَبَهُ عَنِ الذِّكْرِ وَقِيلَ هُوَ كِنَايَةٌ عَنِ ازْدِرَاءِ الشَّيْطَانِ لَهُ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّ الشَّيْطَانَ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ وَاسْتَخَفَّ بِهِ حَتَّى اتَّخَذَهُ كَالْكَنِيفِ الْمُعَدِّ لِلْبَوْلِ إِذْ مِنْ عَادَةِ الْمُسْتَخِفِّ بِالشَّيْءِ أَنْ يَبُولَ عَلَيْهِ قَالَ الطِّيبِيُّ خَصَّ الْأُذُنَ بِالذِّكْرِ وَإِنْ كَانَتِ الْعَيْنُ أَنْسَبَ بِالنَّوْمِ إِشَارَةً إِلَى ثِقَلِ النَّوْمِ فَإِنَّ الْمَسَامِعَ هِيَ مَوَارِدُ الِانْتِبَاهِ وَخَصَّ الْبَوْلَ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ مَدْخَلًا فِي التَّجَاوِيفِ وَأَسْرَعُ نُفُوذًا فِي الْعُرُوقِ فَيُورِثُ الْكَسَلَ فِي جَمِيع الْأَعْضَاء

[1611] طَرَقَهُ وَفَاطِمَةُ بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى الضَّمِيرِ وَالطُّرُوقُ الْإِتْيَانُ بِاللَّيْلِ بَعَثَنَا بِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ أَيْقَظَنَا ثُمَّ سَمِعْتُهُ وَهُوَ مُوَلٍّ يَضْرِبُ فَخِذَهُ يَقُولُ وَكَانَ الْإِنْسَان أَكثر شَيْء جدلا قَالَ بن التِّينِ فِيهِ جَوَازُ الِانْتِزَاعِ مِنَ الْقُرْآنِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ الْمُخْتَارُ فِي مَعْنَاهُ أَنَّهُ تَعَجُّبٌ مِنْ سُرْعَةِ جَوَابِهِ وَعَدَمِ مُوَافَقَتِهِ لَهُ عَلَى الِاعْتِذَارِ بِهَذَا وَلِهَذَا ضَرَبَ فَخِذَهُ وَقِيلَ قَالَهُ تَسْلِيمًا لِعُذْرِهِمَا وَلِأَنَّهُ لَا عَتَبَ عَلَيْهِمَا [1612] هَوِيًّا مِنَ اللَّيْلِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْهَوِيُّ بِالْفَتْحِ الْحِينُ الطَّوِيلُ مِنَ الزَّمَانِ وَقِيلَ هُوَ مُخْتَصٌّ بِاللَّيْلِ

[1613] حميد بن عبد الرَّحْمَن هُوَ بن عَوْفِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ النَّوَوِيُّ اعْلَمْ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يَرْوِي عَنْهُ اثْنَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَحَدُهُمَا هَذَا الْحِمْيَرِيُّ وَالثَّانِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ قَالَ الْحُمَيْدِيُّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ كُلُّ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَهُوَ الزُّهْرِيُّ إِلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ خَاصَّةً وَهَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَذْكُرْهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ وَلَا ذَكَرَ الْحِمْيَرِيُّ فِي الْبُخَارِيِّ أَصْلًا وَلَا فِي مُسْلِمٍ إِلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ الْعِرَاقِيُّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ مَا الْحِكْمَةُ فِي تَسْمِيَةِ الْمُحَرَّمِ شَهْرُ اللَّهِ وَالشُّهُورُ كُلُّهَا لِلَّهِ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ إِنَّهُ لَمَّا كَانَ مِنَ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ فِيهَا الْقِتَالَ وَكَانَ أَوَّلَ شُهُورِ السَّنَةِ أُضِيفَ إِلَيْهِ إِضَافَةَ تَخْصِيصٍ وَلَمْ يَصِحَّ إِضَافَةُ شَهْرٍ مِنَ الشُّهُورِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ اسْتَدَلَّ بِهِ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا عَلَى أَنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ أَفْضَلُ مِنَ السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ وَقَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا الرَّوَاتِبُ أَفْضَلُ لِأَنَّهَا تشبه الْفَرَائِض

قَالَ النَّوَوِيّ وَالْأول أقوى وأوفق للْحَدِيث يتملقني قَالَ فِي النِّهَايَة الملق بِالتَّحْرِيكِ الزِّيَادَة فِي التَّرَدُّد وَالدُّعَاء والتضرع [1616] إِذَا سَمِعَ الصَّارِخُ قَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ الدِّيكُ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ قَالُوا وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ صِيَاحِهِ

[1619] أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَيْ مُنَوِّرُهُمَا وَبِكَ يَهْتَدِي مَنْ فِيهِمَا وَقِيلَ الْمَعْنَى أَنْتَ الْمُنَزَّهُ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ يُقَالُ فُلَانٌ مُنَوِّرٌ أَيْ مُبَرَّأٌ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ وَيُقالُ هُوَ اسْمُ مَدْحٍ تَقُولُ فُلَانٌ نُورُ الْبَلَدِ أَيْ مُزَيِّنُهُ أَنْتَ قَيَّامُ السَّمَاوَاتِ قَالَ قَتَادَةُ الْقَيَّامُ الْقَائِمُ بِتَدْبِيرِ خَلْقِهِ الْمُقِيمُ لِغَيْرِهِ

أَنْتَ حَقٌّ هُوَ الْمُتَحَقِّقُ الْوُجُودِ الثَّابِتُ بِلَا شَكَّ فِيهِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ هَذَا الْوَصْفُ لَهُ سُبْحَانَهُ بِالْحَقِيقَةِ خَاصٌّ بِهِ لَا يَنْبَغِي لِغَيْرِهِ إِذْ وُجُودُهُ لِذَاتِهِ فَلَمْ يَسْبِقْهُ عَدَمٌ وَلَا يَلْحَقُهُ عَدَمٌ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَوَعْدُكَ حَقٌّ أَيْ ثَابِتٌ وَالسَّاعَةُ حَقٌّ أَيْ يَوْمُ الْقِيَامَةِ وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ وَمُحَمَّدٌ حَقٌّ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ تَعْظِيمًا لَهُ لَكَ أَسْلَمْتُ أَيْ انْقَدْتُ وَخَضَعْتُ وَبِكَ آمَنْتُ أَيْ صَدَّقْتُ وَبِكَ خَاصَمْتُ أَيْ بِمَا أَعْطَيْتَنِي مِنَ الْبُرْهَانِ وَبِمَا لَقَّنْتَنِي مِنَ الْحُجَّةِ وَإليْكَ حَاكَمْتُ أَيْ كُلُّ مَنْ جَحَدَ الْحَقَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ أَيْ قَبْلَ هَذَا الْوَقْتِ وَمَا أَخَّرْتُ عَنْهُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ أَيْ أَخْفَيْتُ وَأَظْهَرْتُ أَوْ مَا حَدَّثْتُ بِهِ نَفْسِي وَمَا تَحَرَّكَ بِهِ لِسَانِي أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ قَالَ الْمُهَلَّبُ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى نَفْسِهِ لِأَنَّهُ الْمُقَدِّمُ فِي الْبَعْثِ فِي الْآخِرَةِ وَالْمُؤَخِّرُ فِي الْبَعْثِ فِي الدُّنْيَا وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ قِيلَ مَعْنَاهُ الْمُنْزِلُ لِلْأَشْيَاءِ مَنَازِلَهَا يُقَدِّمُ مَا يَشَاءُ وَيُؤَخِّرُ مَا يَشَاءُ وَيُعِزُّ مَنْ يَشَاءُ وَيُذِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَجَعَلَ عِبَادَهُ بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ وَقِيلَ هُوَ بِمَعْنَى الْأَوَّلِ وَالْآخِرِ إِذْ كُلُّ مُتَقَدِّمٍ عَلَى مُتَقَدِّمٍ فَهُوَ قَبْلَهُ وَكُلُّ مُؤَخَّرٍ عَلَى مُتَأَخِّرٍ فَهُوَ بَعْدَهُ وَيَكُونُ الْمُقَدِّمُ وَالْمُؤَخِّرُ بِمَعْنَى الْهَادِي وَالْمُضِلِّ قَدَّمَ مَنْ شَاءَ لِطَاعَتِهِ لِكَرَامَتِهِ

وَأَخَّرَ مَنْ شَاءَ بِقَضَائِهِ لِشَقَاوَتِهِ وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ لِأَنَّ لَفْظَ الْقِيَامِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ وُجُودَ الْجَوَاهِرِ وَقِوَامَهَا مِنْهُ وَبِالنُّورِ إِلَى أَنَّ الْأَعْرَاضَ أَيْضًا مِنْهُ وَبِالْمُلْكِ إِلَى أَنَّهُ حَاكِمٌ عَلَيْهَا إِيجَادًا وَإِعْدَامًا يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ فَلِهَذَا قَرَنَ كُلًّا مِنْهَا بِالْحَمْدِ وَخَصَّصَ الْحَمْدَ بِهِ ثُمَّ قَوْلُهُ أَنْتَ الْحَقُّ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ الْمُبْدِئُ لِلْفِعْلِ وَالْقَوْلِ وَنَحْوِهِ إِلَى الْمَعَاشِ وَالسَّاعَةِ وَنَحْوِهَا إِشَارَةٌ إِلَى الْمَعَادِ وَفِيهِ الْإِشَارَةُ إِلَى النُّبُوَّةِ وَإلى الْجَزَاءِ ثَوَابًا وَعِقَابًا وَوُجُوبُ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ وَالتَّوَكُّلِ وَالْإِنَابَةِ وَالتَّضَرُّعِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَلِلْخُضُوعِ لَهُ [1620] فِي عَرْضِ الْوِسَادَةِ ضَبَطَهُ الْأَكْثَرُونَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَرَوَاهُ الدَّاوُدِيُّ بِالضَّمِّ وَهُوَ الْجَانِبُ قَالَ النَّوَوِيُّ وَالصَّحِيحُ الْفَتْحُ قَالَ وَالْمُرَادُ بِالْوِسَادَةِ الَّتِي تَكُونُ تَحْتَ الرُّءُوسِ وَقِيلَ هِيَ هُنَا الْفِرَاشُ وَهُوَ ضَعِيف أَو بَاطِل [1625] فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَيْ مُبْدِعُهُمَا اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ ثبتني عَلَيْهِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَيْ مُبْدِعُهُمَا اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ ثبتني عَلَيْهِ

[1631] وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ قَالَ الشَّيْخُ بَدْرُ الدِّينِ بْنُ الصَّاحِبِ فِي مُؤَلَّفٍ لَهُ فِي حَيَاةِ الْأَنْبِيَاءِ هَذَا صَرِيحٌ فِي إِثْبَاتِ الْحَيَاةِ لِمُوسَى فِي قَبْرِهِ فَإِنَّهُ وَصَفَهُ بِالصَّلَاةِ وأَنَّهُ قَائِمٌ وَمِثْلُ ذَلِكَ لَا يُوصَفُ بِهِ الرُّوحُ وَإِنَّمَا يُوصَفُ بِهِ الْجَسَدُ وَفِي تَخْصِيصِهِ بِالْقَبْرِ دَلِيلٌ عَلَى هَذَا فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ مِنْ أَوْصَافِ الرُّوحِ لَمْ يَحْتَجْ لِتَخْصِيصِهِ بِالْقَبْرِ وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الصَّلَاةُ تَسْتَدْعِي جَسَدًا حَيًّا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهَا حَيَاةً حَقِيقَةً أَنْ تَكُونَ الْأَبْدَانُ مَعَهَا كَمَا كَانَتْ فِي الدُّنْيَا مِنْ الِاحْتِيَاجِ إِلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِ الْأَجْسَامِ الَّتِي نُشَاهِدُهَا بَلْ يَكُونُ لَهَا حُكْمٌ آخر

أَجَلْ أَيْ نَعَمْ وَزْنًا وَمَعْنًى أَنْ لَا يُلْبِسَنَا شِيَعًا أَيْ لَا يَجْعَلَنَا فِرَقًا مُخْتَلِفِينَ

[1639] وَشَدَّ الْمِئْزَرَ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ كِنَايَةٌ عَنِ اجْتِنَابِ النِّسَاءِ أَوْ عَنِ الْجَدِّ وَالِاجْتِهَادِ فِي الْعَمَل أَو عَنْهُمَا مَعًا

وَقَالُوا

[1643] قَالُوا لِزَيْنَبَ هِيَ بِنْتُ جَحْشٍ ذَكَرَهُ الْخَطِيبُ وَغَيْرُهُ فَتَرَتْ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ أَيْ كَسِلَتْ عَنِ الْقِيَامِ لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ بِفَتْحِ النُّونِ أَيْ مُدَّةَ نشاطه تزلع بزاي وَعين مُهْملَة بَعْدَ مَا حَطَمَهُ النَّاسُ قَالَ فِي النِّهَايَةِ يُقَالُ حَطَمَ فُلَانًا أَهْلُهُ إِذَا كَبِرَ فِيهِمْ كَأَنَّهُمْ بِمَا حَمَّلُوهُ مِنْ أَثْقَالِهِمْ صَيَّرُوهُ شَيْخًا محطوما مُتَرَسِّلًا يُقَالُ تَرَسَّلَ الرَّجُلُ فِي كَلَامِهِ وَمَشْيِهِ إِذا لم يعجل

[1677] أَوْصَانِي خَلِيلِي قَالَ النَّوَوِيُّ لَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا غَيْرَ رَبِّي لِأَنَّ الْمُمْتَنِعَ أَنْ يَتَّخِذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُهُ خَلِيلًا وَلَا يَمْتَنِعُ اتِّخَاذُ الصَّحَابِيِّ وَغَيْرِهِ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم خَلِيلًا

[1679] لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ هُوَ عَلَى لُغَةِ بَلْحَارِثِ الَّذِينَ يَجُرُّونَ الْمُثَنَّى بِالْأَلْفِ فِي كُلِّ حَالٍ وَكَانَ الْقِيَاسُ عَلَى لُغَةِ غَيْرِهِمْ لَا وترين قَوْله

[1697] إِنَّ عَيْنِي تَنَامُ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي زَادَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَكَذَلِكَ الْأَنْبِيَاءُ تَنَامُ أَعْيُنُهُمْ وَلَا تَنَامُ قُلُوبُهُمْ قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَدْ أُورِدَ عَلَى

هَذِهِ قَضِيَّةُ الْوَادِي لَمَّا نَامَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَلَو كَانَت

حَوَاسُّهُ بَاقِيَةً مُدْرِكَةً مَعَ النَّوْمِ لَأَدْرَكَ الشَّمْسَ وَطُلُوعَ النَّهَارِ قَالَ وَالْجَوَابُ أَنَّ أَمْرَ الْوَادِي مُسْتَثْنًى مِنْ عَادَتِهِ وَدَاخِلٌ فِي عَادَتِنَا وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ تَأَوَّلَ الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ

غَالِبُ أَحْوَالِهِ وَقَدْ يَنَامُ نَادِرًا وَمِنْهُمْ مَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَسْتَغْرِقُهُ النَّوْمُ حَتَّى يَكُونَ مِنْهُ الْحَدَثُ وَالْأَوْلَى

عِنْدِي أَنْ يُقَالَ مَا بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ تَنَاقُضٌ وَأَنَّهُ يَوْمَ الْوَادِي إِنَّمَا نَامَتْ عَيْنَاهُ فَلَمْ يَرَ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَطُلُوعُهَا إِنَّمَا يُدْرَكُ بِالْعَيْنِ دُونَ الْقَلْبِ قَالَ وَقَدْ تَكُونُ هَذِهِ الْغَلَبَةُ هُنَا لِلنَّوْمِ وَالْخُرُوجِ عَنْ عَادَتِهِ

فِيهِ لِمَا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ بَيَانِهِ سُنَّةَ النَّائِمِ عَنِ الصَّلَاةِ كَمَا قَالَ لَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَيْقَظَنَا وَلَكِنْ أَرَادَ أَنْ تَكُونَ لِمَنْ بَعْدَكُمْ قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ وَفِي مُسْند أَحْمد أَن بن صَيَّادٍ تَنَامُ عَيْنُهُ وَلَا

يَنَامُ قَلْبُهُ وَكَانَ ذَلِكَ فِي الْمَكْرِ بِهِ وَأَنْ يَصِيرَ مُسْتَيْقِظَ الْقَلْبِ فِي الْفُجُورِ وَالْمَفْسَدَةِ لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي عُقُوبَتِهِ بِخِلَافِ اسْتِيقَاظِ قَلْبِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ فِي الْمَعَارِفِ الْإِلَهِيَّةِ وَالْمَصَالِحِ

الَّتِي لَا تُحْصَى فَهُوَ رَافِعٌ لِدَرَجَاتِهِ وَمُعَظِّمٌ لشأنه

1184

[1783] لَا يَتَوَسَّدُ الْقُرْآنَ قَالَ فِي النِّهَايَةِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَدْحًا وَذَمًّا فَأَمَّا الْمَدْحُ فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَنَامُ اللَّيْلَ عَنِ الْقُرْآنِ وَلَا يَتَهَجَّدُ بِهِ فَيَكُونُ الْقُرْآنُ مُتَوَسِّدًا مَعَهُ بَلْ هُوَ يُدَاوِمُ قِرَاءَتَهُ وَيُحَافِظُ عَلَيْهَا وَالذَّمُّ مَعْنَاهُ لَا يَحْفَظُ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْئًا وَلَا يُدِيمُ قِرَاءَتَهُ فَإِذَا نَامَ لَمْ يَتَوَسَّدْ مَعَهُ الْقُرْآنَ وَأَرَادَ بالتوسد النّوم قَوْله

[1790] مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ عَنِ الْجُزْءِ مِنَ الْقُرْآنِ يُصَلِّي بِهِ فَقَرَأَهُ فِيمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الظُّهْرِ كُتِبَ لَهُ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ هَذَا الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذِهِ الْفَضِيلَةُ إِنَّمَا تَحْصُلُ لِمَنْ غَلَبَهُ نَوْمٌ أَوْ عُذْرٌ مَنَعَهُ مِنَ الْقِيَامِ مَعَ أَنَّ نِيَّتِهِ الْقِيَامَ قَالَ وَظَاهِرُهُ أَنَّ لَهُ أَجْرَهُ مُكَمَّلًا مُضَاعَفًا

وَذَلِكَ لِحُسْنِ نِيَّتِهِ وَصِدْقِ تَلَهُّفِهِ وَتَأَسُّفِهِ وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ شُيُوخِنَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَحْتَمِلُ أَنْ يكون

غَيْرَ مُضَاعَفٍ إِذِ الَّتِي يُصَلِّيهَا أَكْمَلُ وَأَفْضَلُ وَالظَّاهِر الأول

[1829] الْمُؤْمِنُ يَمُوتُ بِعَرَقِ الْجَبِينِ قَالَ الْعِرَاقِيُّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ اخْتُلِفَ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فَقِيلَ إِنَّ عَرَقَ الْجَبِينِ يَكُونُ لِمَا يُعَالِجُ من شدَّة الْمَوْت وَعَلِيهِ يدل حَدِيث بن مَسْعُودٍ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُرْطُبِيُّ وَفِي حَدِيث بن مَسْعُودٍ مَوْتُ الْمُؤْمِنِ بِعَرَقِ الْجَبِينِ يَبْقَى عَلَيْهِ الْبَقِيَّةُ مِنَ الذُّنُوبِ فَيُجَازَى بِهَا عِنْدَ الْمَوْتِ أَوْ يُشَدَّدُ لِيَتَمَحَّصَ عَنْهُ ذُنُوبُهُ هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي التَّذْكِرَةِ وَلَمْ يَنْسُبْهُ إِلَى مَنْ خَرَّجَهُ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَقِيلَ إِنَّ عَرَقَ الْجَبِينِ يَكُونُ مِنَ الْحَيَاءِ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا جَاءَتْهُ الْبُشْرَى مَعَ مَا كَانَ قَدِ اقْتَرَفَ مِنَ الذُّنُوبِ حَصَلَ لَهُ بِذَلِكَ خَجَلٌ وَاسْتِحْيَاءٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فَيَعْرَقُ بِذَلِكَ جَبِينُهُ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي التَّذْكِرَةِ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِنَّمَا يَعْرَقُ جَبِينُهُ حَيَاءً مِنْ رَبِّهِ لِمَا اقْتَرَفَ مِنْ مُخَالَفَتِهِ لِأَنَّ مَا سَفَلَ مِنْهُ قَدْ مَاتَ وَإِنَّمَا بَقِيَتْ قُوَى الْحَيَاةِ وَحَرَكَاتُهَا فِيمَا عَلَاهُ وَالْحَيَاءُ فِي الْعَيْنَيْنِ فَذَاكَ وَقْتُ الْحَيَاءِ وَالْكَافِرُ فِي عَمًى مِنْ هَذَا كُلِّهِ وَالْمُوَحِّدُ الْمُعَذَّبُ فِي شُغْلٍ عَنْ هَذَا بِالْعَذَابِ الَّذِي قَدْ حَلَّ بِهِ وَإِنَّمَا الْعَرَقُ الَّذِي يَظْهَرُ لِمَنْ حَلَّتْ بِهِ الرَّحْمَةُ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ وَلِيٍ وَلَا صِدِّيقٍ وَلَا بَرٍّ إِلَّا وَهُوَ مُسْتَحٍ مِنْ رَبِّهِ مَعَ الْبشْرَى وَالتُّحَفِ وَالْكَرَامَاتِ قَالَ الْعِرَاقِيُّ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ عَرَقَ الْجَبِينِ عَلَامَةٌ جُعِلَتْ لِمَوْتِ الْمُؤْمِنِ وَإِنْ لَمْ يَعْقِلْ مَعْنَاهُ

1824

حَاقِنَتِي هِيَ الْوَهْدَةُ الْمُنْخَفِضَةُ بَيْنَ التَّرْقُوَتَيْنِ مِنَ الْحَلْقِ وَذَاقِنَتِي بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ الذَّقَنُ وَقِيلَ طَرَفُ الْحُلْقُومِ وَقِيلَ مَا يَنَالُهُ الذَّقَنُ مِنَ الصَّدْرِ [1831] وَألقَى السِّجْفَ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ وَفَاءٍ السِّتْرُ وَقِيلَ لَا يُسَمَّى سِجْفًا إِلَّا أَنْ يكون مشقوق الْوسط كالمصراعين

[1834] إِذَا طَمَحَ الْبَصَرُ أَيْ امْتَدَّ وَعَلَا وَحَشْرَجَ الصَّدْرُ قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْحَشْرَجَةُ الْغَرْغَرَةُ عِنْدَ الْمَوْت وَتردد النَّفس بِالسُّنُحِ بِضَمِّ السِّينِ وَالنُّونِ وَقِيلَ بِسُكُونِهَا مَوْضِعٌ بِعَوَالِي الْمَدِينَةِ مُسَجًّى أَيْ مُغَطًّى بِبُرْدٍ حِبَرَةٍ قَالَ فِي النِّهَايَةِ بِوَزْنِ عِنَبةٍ عَلَى الْوَصْفِ وَالْإِضَافَةِ وَهُوَ بُرْدٌ يَمَانِيٌّ وَالْجَمْعُ حِبَرٌ وَحِبَرَاتٌ

[1846] وَالْمَبْطُونُ شَهِيدٌ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيِ الَّذِي يَمُوتُ بِمَرَضِ بَطْنِهِ كَالِاسْتِسْقَاءِ وَنَحْوِهِ وَقِيلَ أَرَادَ هُنَا النِّفَاسَ وَهُوَ أَظْهَرُ قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ مَنْ مَاتَ بِالطَّاعُونِ أَوْ بِوَجَعِ الْبَطْنِ مُلْحَقٌ بِمَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لِمُشَارَكَتِهِ إِيَّاهُ فِي بَعْضِ مَا يَنَالُهُ مِنَ الْكَرَامَةِ بِسَبَبِ مَا كَابَدَهُ مِنَ الشِّدَّةِ لَا فِي جُمْلَةِ الْأَحْكَامِ وَالْفَضَائِلِ وَصَاحِبُ ذَاتِ الْجَنْبِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هِيَ الدُّبَيْلَةُ وَالدُّمَّلُ الْكَبِيرَةُ الَّتِي تَظْهَرُ فِي بَاطِنِ الْجَنْبِ وَتَنْفَجِرُ إِلَى دَاخِلٍ وَقَلَّمَا يَسْلَمُ صَاحِبُهَا وَصَارَتْ ذَاتُ الْجَنْبِ عَلَمًا لَهَا وَإِنْ كَانَتْ فِي الْأَصْلِ صِفَةً مُضَافَةً وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ شَهِيدَةٌ قَالَ فِي النِّهَايَةِ قِيلَ هِيَ الَّتِي تَمُوتُ وَفِي بَطْنِهَا وَلَدٌ وَقِيلَ هِيَ الَّتِي تَمُوتُ بِكْرًا وَالْجُمْعُ بِالضَّمِّ بِمَعْنَى الْمَجْمُوعِ كَالذُّخْرِ بِمَعْنَى الْمَذْخُورِ وَكَسَرَ

الْكِسَائِيُّ الْجِيمَ وَالْمَعْنَى أَنَّهَا مَاتَتْ مَعَ شَيْءٍ مَجْمُوعٍ فِيهَا غَيْرِ مُنْفَصِلٍ عَنْهَا مِنْ حَمْلٍ أَوْ بَكَارَةٍ [1847] مِنْ صِئْرِ الْبَابِ أَيْ شِقِّ الْبَابِ قَالَ فَانْطَلِقْ فَاحْثُ فِي أَفْوَاهِهِنَّ التُّرَابَ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ التَّأْدِيبَ يَكُونُ بِمِثْلِ هَذَا وَنَحْوِهِ وَهَذَا إِرْشَادٌ عَظِيمٌ قَلَّ مَنْ يتفطن لَهُ

[1852] لَا إِسْعَادَ فِي الْإِسْلَامِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ إِسْعَادُ النِّسَاءِ فِي الْمَنَاحَاتِ أَنْ تَقُومَ الْمَرْأَةُ فَتَقُومَ مَعَهَا أُخْرَى مِنْ جَارَاتِهَا فَتُسَاعِدَهَا عَلَى النِّيَاحَةِ وَقِيلَ كَانَ نِسَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ تُسْعِدُ بَعْضُهُنَّ بَعْضًا عَلَى ذَلِكَ قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْإِسْعَادُ خَاصٌّ فِي هَذَا الْمَعْنَى وَأَمَّا الْمُسَاعَدَةُ فَعَامَّةٌ فِي كُلِّ مَعُونَةٍ يُقَالُ إِنَّهَا مِنْ وَضْعِ الرَّجُلِ يَدَهُ عَلَى سَاعِدِ صَاحِبِهِ إِذَا تَمَاشَيَا فِي حَاجَة

سَلَقَ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ رَفَعَ صَوْتَهُ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ وَقِيلَ هُوَ أَنْ تَصُكَّ الْمَرْأَةُ وَجههَا وتمرشه وَالْأول أصح

[1868] أَرْسَلَتْ بِنْتُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ هِيَ زَيْنَب كَمَا فِي رِوَايَة بن أَبِي شَيْبَةَ فِي الْمُصَنَّفِ أَنَّ ابْنًا لِي قُبِضَ قَالَ الْحَافِظُ شَرَفُ الدِّينِ الدِّمْيَاطِيُّ هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ وَقِيلَ الْبِنْتُ فَاطِمَةٌ وَالِابْنُ الْمَذْكُورُ مُحْسِنٌ وَنَفْسُهُ تَتَقَعْقَعُ الْقَعْقَعَةُ حِكَايَةُ صَوْتِ الشَّنِّ الْيَابِسِ إِذَا حُرِّكَ شَبَّهَ الْبَدَنَ بِالْجِلْدِ الْيَابِسِ الْخَلِقِ وَحَرَكَةَ الرُّوحِ فِيهِ بِمَا يُطْرَحُ فِي الْجِلْدِ مِنْ حَصَاةٍ وَنَحْوِهَا [1869] الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْمَعْنَى أَنَّ الصَّبْرَ الَّذِي يُحْمَدُ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ مَا كَانَ عِنْدَ مُفَاجَأَةِ الْمُصِيبَةِ بِخِلَافِ مَا بعد ذَلِك فَإِنَّهُ على الْأَيَّام يسلو

[1873] مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُتَوَفَّى لَهُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ ثَلَاثَةٌ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُون النُّون ومثلثة وَحكى بن قُرْقُولٍ عَنِ الدَّاوُدِيِّ أَنَّهُ ضَبَطَهُ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَفَسَّرَهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ لَمْ يَبْلُغُوا أَنْ يَعْمَلُوا الْمَعَاصِي قَالَ وَلَمْ يَذْكُرْهُ كَذَلِكَ غَيره وَالْمَحْفُوظ الأول وَالْمعْنَى لم يبلغُوا الْحلم فَتُكْتَبُ عَلَيْهِمُ الْآثَامُ قَالَ الْخَلِيلُ بَلَغَ الْغُلَامُ الْحِنْثَ أَيْ جَرَى عَلَيْهِ الْقَلَمُ وَالْحِنْثُ الذَّنْبُ وَقِيلَ الْمُرَادُ بَلَغَ إِلَى زَمَانٍ يُؤَاخَذُ بِيَمِينِهِ إِذَا حَنِثَ وَقَالَ الرَّاغِبُ عَبَّرَ بِالْحِنْثِ عَنِ الْبُلُوغِ لَمَّا كَانَ الْإِنْسَانُ يُؤَاخَذُ بِمَا يَرْتَكِبُهُ فِيهِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ وَخَصَّ الْإِثْمَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ الَّذِي يَحْصُلُ بِالْبُلُوغِ لِأَنَّ الصَّبِيَّ قَدْ يُثَابُ وَخَصَّ الصَّغِيرَ بِذَلِكَ لِأَنَّ الشَّفَقَةَ عَلَيْهِ أَعْظَمُ وَالْحُبَّ لَهُ أَشَدُّ وَالرَّحْمَةَ لَهُ أَوْفَرُ وَعَلَى هَذَا فَمَنْ بَلَغَ الْحِنْثَ لَا يَحْصُلُ لِمَنْ فَقَدَهُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ هَذَا الثَّوَابِ وَإِنْ كَانَ فِي فَقْدِ الْوَلَدِ أَجْرٌ فِي الْجُمْلَةِ وَبِهَذَا صَرَّحَ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَفَرَّقُوا بَيْنَ الْبَالِغِ وَغَيْرِهِ بِأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْعُقُوقُ الْمُقْتَضِي لِعَدَمِ الرَّحْمَةِ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ وَقَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ بَلْ يَدْخُلُ الْكَبِيرُ فِي ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ الْفَحْوَى لِأَنَّهُ إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الطِّفْلِ الَّذِي هُوَ

كَلٌّ عَلَى أَبَوَيْهِ فَكَيْفَ لَا يَثْبُتُ فِي الْكَبِيرِ الَّذِي بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ وَوَصَلَ لَهُ مِنْهُ إِلَيْهِ النَّفْعُ وَتَوَجَّهَ إِلَيْهِ الْخِطَابُ بِالْحُقُوقِ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إِيَّاهُمْ أَيْ بِفَضْلِ رَحْمَةِ اللَّهِ لِلْأَوْلَادِ كَمَا صَرَّحَ فِي رِوَايَة بن ماجة [1875] لَا يَمُوتُ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ فَتَمَسَّهُ النَّارُ بِالنَّصْبِ فِي جَوَابِ النَّفْيِ إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ أَيْ مَا يَنْحَلُّ بِهِ الْقَسَمُ وَهُوَ الْيَمِينُ قَالَ الْجُمْهُورُ وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى وَإِن مِنْكُم الا واردها قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ لَا يَدْخُلُ النَّارَ لِيُعَاقَبَ بِهَا وَلَكِنَّهُ يَدْخُلُهَا مُجْتَازًا وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ الْجَوَازُ إِلَّا قَدْرَ مَا تُحَلَّلُ بِهِ الْيَمِينُ وَقيل لم يعن بِهِ قسم بِعَيْنِهِ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ التَّقْلِيلُ لِأَمْرِ وُرُودِهَا وَهَذَا اللَّفْظُ يُسْتَعْمَلُ فِي هَذَا تَقُولُ مَا يَنَامُ فلَان الا كتحليل الآلية وَتقول مَا ضرّ بِهِ إِلَّا تَحْلِيلًا إِذَا لَمْ يُبَالِغْ فِي الضَّرْبِ الا قدرا يُصِيبهُ مِنْهُ مَكْرُوه

[1877] لَقَدِ احْتَظَرْتِ بِحِظَارٍ شَدِيدٍ مِنَ النَّارِ أَيْ احْتَمَيْتِ مِنْهَا بِحِمًى عَظِيمٍ يَقِيكِ حَرَّهَا وَيُؤَمِّنُكِ دُخُولهَا تَذْرِفَانِ بِكَسْرِ الرَّاءِ تَسِيلَانِ يُقَالُ ذَرَفَتِ الْعَيْنُ بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ وَرَاءٍ مَفْتُوحَةٍ وَفَاءٍ أَيْ جَرَى دمعها

[1879] نَعَى لَهُمُ النَّجَاشِيَّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ تَشْدِيدُ الْيَاءِ مَعَ فَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِهَا وَتَخْفِيفُ الْيَاءِ مَعَ فَتْحِ النُّونِ حَكَاهُ صَاحِبُ دِيوَانِ الْأَدَبِ وَاسْمُهُ أَصْحَمَةُ [1880] لَعَلَّكَ بَلَغَتْ مَعَهُمُ الْكُدَى قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَرَادَ الْمَقَابِرَ وَذَلِكَ لِأَنَّ مَقَابِرَهُمْ كَانَتْ فِي مَوَاضِعَ صُلْبَةٍ وَهِيَ جَمْعُ كُدْيَةٍ وَتُرْوَى بِالرَّاءِ جَمْعُ كُرِيَّةٍ أَوْ كِرْوَةٍ مِنْ كَرَيْتَ الْأَرْضَ وَكَرَوْتَهَا إِذَا حَفَرْتَهَا كَالْحُفْرَةِ مِنْ حَفَرْتَ لَوْ بَلَغْتِهَا مَعَهُمْ مَا رَأَيْتِ الْجَنَّةَ حَتَّى يَرَاهَا جَدُّ أَبِيكِ أَقُولُ لَا دَلَالَةَ فِي هَذَا عَلَى مَا تَوَهَّمَهُ الْمُتَوَهِّمُونَ لِأَنَّهُ لَوْ مَشَتِ امْرَأَةٌ مَعَ جِنَازَةٍ إِلَى الْمَقَابِرِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ كُفْرًا مُوجِبًا لِلْخُلُودِ فِي النَّارِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وَغَايَةُ مَا فِي ذَلِكَ

أَنْ يَكُونَ مِنْ جُمْلَةِ الْكَبَائِرِ الَّتِي يُعَذَّبُ صَاحِبُهَا ثُمَّ يَكُونُ آخِرُ أَمْرِهِ إِلَى الْجَنَّةِ وَأَهْلُ السُّنَّةِ يُؤَوِّلُونَ مَا وَرَدَ مِنَ الْحَدِيثِ فِي أَهْلِ الْكَبَائِرِ أَنَّهُمْ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَالْمُرَادُ لَا يَدْخُلُونَهَا مَعَ السَّابِقِينَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَهَا أَوَّلًا بِغَيْرِ عَذَابٍ فَأَكْثَرُ مَا يَدُلُّ الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ عَلَى أَنَّهَا لَوْ بَلَغَتْ مَعَهُمُ الْكُدَى لَمْ تَرَ الْجَنَّةَ مَعَ السَّابِقِينَ بَلْ يَتَقَدَّمُ ذَلِكَ عَذَابٌ أَوْ شِدَّةٌ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَشَاقِّ ثُمَّ يَؤُولُ أَمْرُهَا إِلَى دُخُولِ الْجَنَّةِ قَطْعًا وَيَكُونُ الْمَعْنَى بِهِ كَذَلِكَ لَا تَرَى الْجَنَّةَ مَعَ السَّابِقِينَ بَلْ يَتَقَدَّمُ ذَلِكَ الِامْتِحَانُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ مَشَاقٍّ أُخَرَ وَيَكُونُ مَعْنَى الْحَدِيثِ لَمْ تَرَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَأْتِيَ الْوَقْتُ الَّذِي يَرَاهَا فِيهِ جَدُّ أَبِيكِ فَتَرَيْنَهَا حِينَئِذٍ فَتَكُونُ رُؤْيَتُكِ لَهَا مُتَأَخِّرَةً عَنْ رُؤْيَةِ غَيْرِكِ مِنَ السَّابِقِينَ لَهَا هَذَا مَدْلُولُ الْحَدِيثِ لَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى قَوَاعِدِ أَهْلِ السُّنَّةِ غَيْرُ ذَلِكَ وَالذِي سَمِعْتُهُ مِنْ شَيْخِنَا شَيْخِ الْإِسْلَامِ شَرَفِ الدِّينِ الْمُنَاوِيِّ وَقَدْ سُئِلَ عَنْ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْفَتْرَةِ الَّذِينَ لَمْ تَبْلُغْ لَهُمُ الدَّعْوَةُ وحكمهم فِي الْمَذْهَب مَعْرُوف [1881] أَنَّ أُمَّ عَطِيَّةَ الْأَنْصَارِيَّةَ قَالَتْ دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم حِين تُوُفِّيَتِ ابْنَتُهُ قَالَ النَّوَوِيُّ هِيَ زَيْنَبُ هَكَذَا قَالَ الْجُمْهُورُ وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ السِّيَرِ إِنَّهَا أم كُلْثُوم وَالصَّوَاب زَيْنَب

[1885] فَأَلْقَى إِلَيْنَا حَقْوَهُ هِيَ فِي الْأَصْلِ مَعْقِدُ الْإِزَارِ ثُمَّ أُرِيدَ بِهِ الْإِزَارُ لِلْمُجَاوَرَةِ وَهُوَ بِفَتْح الْحَاء وَيكسر فِي لُغَةٍ أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ أَيْ اجْعَلْنَهُ شِعَارَهَا أَي الثَّوْب الَّذِي يَلِي جَسدهَا

[1895] إِذَا وَلِيَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُحَسِّنْ كَفَنَهُ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ هُوَ بِفَتْحِ الْفَاءِ كَذَا ضَبَطَهُ الْجُمْهُورُ وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ إِسْكَانَ الْفَاءِ أَيْ فِعْلَ التَّكْفِينِ مِنَ الْإِسْبَاغِ وَالْعُمُومِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ أَيْ يَكُونُ الْكَفَنُ حَسَنًا قَالَ أَصْحَابُنَا وَالْمُرَادُ بِتَحْسِينِهِ بَيَاضُهُ وَنَظَافَتُهُ وَسُبُوغُهُ وَكَثَافَتُهُ

لَا كَوْنُهُ ثَمِينًا لِحَدِيثِ النَّهْيِ عَنِ الْمُغَالَاةِ وَفِي كَامِل بن عَدِيٍّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلُهُ وَفِي شُعَبِ الْإِيمَانِ لِلْبَيْهَقِيِّ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم إِذَا وَلِيَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُحَسِّنْ كَفَنَهُ فَإِنَّهُمْ يَتَزَاوَرُونَ فِي قُبُورِهِمْ وَفِي الضُّعَفَاءِ لِلْعُقَيْلِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ مَرْفُوعًا إِذَا وَلِيَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُحَسِّنْ كَفَنَهُ فَإِنَّهُمْ يَتَزَاوَرُونَ فِي أَكْفَانِهِمْ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ بَعْدَ تَخْرِيجِ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ وَهَذَا لَا يُخَالِفُ قَوْلَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فِي الْكَفَنِ إِنَّمَا هُوَ لِلْمُهْلَةِ يَعْنِي الصَّدِيدَ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي رُؤْيَتِنَا وَيَكُونُ كَمَا شَاءَ اللَّهُ فِي عِلْمِ اللَّهِ كَمَا قَالَ فِي الشُّهَدَاءِ أَحيَاء عِنْد رَبهم يرْزقُونَ وَهُمْ كَمَا تَرَاهُمْ يَتَشَحَّطُونَ فِي الدِّمَاءِ ثُمَّ يَتَفَتَّتُونَ وَإِنَّمَا يَكُونُونَ كَذَلِكَ فِي رُؤْيَتِنَا وَيَكُونُونَ فِي الْغَيْبِ كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ وَلَوْ كَانُوا فِي رُؤْيَتِنَا كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ لَارْتَفَعَ الْإِيمَانُ بِالْغَيْبِ قُلْتُ لَكِنْ يَحْتَاجُ إِلَى الْجَمْعِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ لَا تُغَالُوا فِي كَفَنِي فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ لَا تُغَالُوا فِي الْكَفَنِ فَإِنَّهُ يُسْلَبُهُ سلبا سَرِيعا وَأخرج بن أَبِي الدُّنْيَا عَنْ يَحْيَى بْنِ رَاشِدٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ فِي وَصِيَّتِهِ اقْصِدُوا فِي كَفَنِي فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ لِي عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ أَبْدَلَنِي مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ عَلَيَّ غَيْرُ ذَلِكَ سَلَبَنِي وَأَسْرَعَ وَأَخْرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي زَوَائِدِ الزُّهْدِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ قَالَ لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا بَكْرٍ الْوَفَاةُ قَالَ لِعَائِشَةَ اغْسِلِي ثَوْبَيَّ هَذَيْنِ وَكَفِّنِينِي بِهِمَا فَإِنَّمَا أَبُوكِ أَحَدَ رَجُلَيْنِ إِمَّا مَكْسُوٌّ أَحْسَنَ الْكُسْوَةِ أَو مسلوب أَسْوَأ السَّلب وَأخرج بن سعد وبن أبي شيبَة وَسَعِيد بن مَنْصُور وبن أَبِي الدُّنْيَا وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ قَالَ عِنْدَ مَوْتِهِ اشْتَرُوا لِي ثَوْبَيْنِ

أَبْيَضَيْنِ وَلَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تُغَالُوا فَإِنَّهُمَا لَمْ يُتْرَكَا عَلَيَّ إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى أُبَدَّلَ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا أَوْ شَرًّا مِنْهُمَا وَقَدْ يُجْمَعُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الْأَمْوَاتِ فَمِنْهُمْ مَنْ يُعَجَّلُ لَهُ الْكِسْوَةُ لِعُلُوِّ مَقَامِهِ كَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَلِيٍّ وَحُذَيْفَةَ وَمَنْ جَرَى مَجْرَاهُمْ مِنَ الْأَعْلَيْنَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ هَذَا الْمَقَامَ وَهُوَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَيَسْتَمِرُّ فِي أَكْفَانِهِ وَيَتَزَاوَرُونَ فِيهَا كَمَا يَقَعُ ذَلِكَ فِي الْمَوْقِفِ أَنَّهُ يُعَجَّلُ الْكسْوَة لأقوام وَيُؤَخر آخَرُونَ كُفِّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَلَاثَة أَثوَاب فِي طَبَقَات بن سَعْدٍ إِزَارٍ وَرِدَاءٍ وَلِفَافَةٍ سُحُولِيَّةٍ هُوَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَيُرْوَى بِفَتْحِهِ لِنِسْبَتِهِ إِلَى سُحُولٍ قَرْيَةٍ بِالْيَمَنِ وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ بِالْفَتْحِ الْمَدِينَةُ وَبِالضَّمِّ الثِّيَابُ وَقِيلَ النَّسَبُ إِلَى الْقَرْيَةِ بِالضَّمِّ وَأَمَّا بِالْفَتْحِ فَنِسْبَةٌ إِلَى الْقَصَّارِ لِأَنَّهُ يُسْحِلُ الثِّيَابَ أَيْ يُنَقِّيهَا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ سُحُولِيَّةٌ جُدُدٌ [1898] لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ قَالَ الْعِرَاقِيُّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ فِيهِ حُجَّةٌ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَمَنْ تَابَعَهُمَا فِي اسْتِحْبَابِهِمُ الْقَمِيصَ وَالْعِمَامَةَ فِي تَكْفِينِ الْمَيِّتِ وَحَمَلُوا الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ لَيْسَ الْقَمِيصُ وَالْعِمَامَةُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَثْوَابِ الثَّلَاثَةِ وَإِنَّمَا هُمَا زَائِدَانِ عَلَيْهَا وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْحَدِيثِ بَلِ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الثِّيَابِ الَّتِي كُفِّنَ فِيهَا

قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ مُطْلَقًا وَهَكَذَا فَسَّرَهُ الْجُمْهُورُ يَمَانِيَةٍ بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ مَنْسُوبٌ إِلَى الْيَمَنِ وَالْأَصْلُ يَمَنِيَّةٌ بِالتَّشْدِيدِ خُفِّفَ بِحَذْفِ إِحْدَى يَاءَيِ النَّسَبِ وَعُوِّضَ مِنْهَا الْأَلِفُ كُرْسُفٌ بِضَمِّ الْكَافِ وَالْمُهْمَلَةِ بَيْنَهُمَا رَاءٌ سَاكِنَةٌ هُوَ الْقُطْنُ بُرْدٌ حِبَرَةٌ قَالَ الْعِرَاقِيُّ رُوِيَ بِالْإِضَافَةِ وَالْقَطْعِ حَكَاهُمَا صَاحِبُ النِّهَايَةِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ وَحِبَرَةٌ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ عَلَى وَزْنِ عِنَبَةَ ضَرْبٌ مِنَ الْبُرُودِ الْيَمَانِيَّةِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَلَيْسَ حِبَرَةٌ مَوْضِعًا أَوْ شَيْئًا مَعْلُومًا إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ كَقَوْلِكَ ثَوْبُ قِرْمِزٍ وَالْقِرْمِزُ صِبْغَةٌ وَذَكَرَ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ أَنَّ بُرُودَ حِبَرَةً هِيَ مَا كَانَ موشى مخططا [1900] لَمَّا مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ جَاءَ ابْنُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَعْطِنِي قَمِيصَكُ حَتَّى أُكَفِّنَهُ فِيهِ وَصَلِّ عَلَيْهِ وَاسْتَغْفِرْ لَهُ فَأَعْطَاهُ قَمِيصَهُ قَالَ الْحَافِظُ بن حَجَرٍ يُخَالِفُهُ مَا فِي حَدِيثِ

جَابِرٍ بَعْدَهُ حَيْثُ قَالَ أَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْرَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي وَقد وضع فِي حفرته فَوقف عَلَيْهِ فَأمر بِهِ فَأخْرج لَهُ فَوَضعه على رُكْبَتَيْهِ وَألبَسَهُ قَمِيصَهُ قَالَ وَقَدْ جُمِعَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ فَأَعْطَاهُ قَمِيصَهُ أَيْ أَنْعَمَ لَهُ بِذَلِكَ فَأُطْلِقَ عَلَى الْعِدَةِ اسْمُ الْعَطِيَّةِ مَجَازًا لِتَحَقُّقِ وُقُوعِهَا وَقِيلَ أَعْطَاهُ أَحَدُ قَمِيصَيْهِ أَوَّلًا ثُمَّ أَعْطَاهُ الثَّانِي بِسُؤَالِ وَلَده وَفِي الا كليل لِلْحَاكِمِ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ وَقِيلَ لَيْسَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ أَلْبَسَهُ قَمِيصَهُ بَعْدَ إِخْرَاجِهِ مِنْ قَبْرِهِ لِأَنَّ الْوَاوَ لَا تُرَتِّبُ فَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنْ يَذْكُرَ مَا وَقَعَ فِي الْجُمْلَةِ مِنْ إِكْرَامِهِ لَهُ مِنْ غَيْرِ إِرَادَةِ تَرْتِيبٍ فَجَذَبَهُ عُمَرُ وَقَالَ قَدْ نَهَاكَ اللَّهُ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ قَالَ الْحَافِظُ بن حَجَرٍ اسْتُشْكِلَ بِأَنَّ نُزُولَ قَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا تصل على أحد مِنْهُم مَاتَ أبدا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا فِي سِيَاقِ هَذَا الْحَدِيثِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ فَتَرَكَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِمْ وَقَالَ مُحَصِّلُ الْجَوَابِ أَنَّ عُمَرَ فَهِمَ مِنْ قَوْلِهِ

فَلَنْ يغْفر الله لَهُم مَنْعَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ فَأَخْبَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا مَنْعَ وَأَنَّ الرَّجَاءَ لم يَنْقَطِع بعد [1903] لَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا كِنَايَةٌ عَنِ الْغَنَائِمِ الَّتِي تَنَاوَلَهَا مَنْ أَدْرَكَ زَمَنَ الْفُتُوحِ أَيْنَعَتْ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ النُّونِ أَيْ نَضِجَتْ يُهَدِّبُهَا بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ يَجْتَنِيهَا وَضَبَطَهُ النَّوَوِيُّ بِكَسْرِ الدَّالِ وَحَكَى بن التِّين تثليثها

[1904] وَلَا تُمِسُّوهُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الْمِيمِ مِنْ أَمَسَّ وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ أَيْ لَا تُغَطُّوهُ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ هَذَا الْحَدِيثُ خَاصٌّ بِالْأَعْرَابِيِّ بِعَيْنِهِ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَيُفْعَلُ بِالْمُحْرِمِ مَا يفعل بالحلال فيغطي رَأسه وَيقرب طيبا

[1908] إِذَا وُضِعَ الرَّجُلُ الصَّالِحُ عَلَى سَرِيرِهِ قَالَ قَدِّمُونِي قَالَ ظَاهِرُهُ أَنَّ قَائِلَ ذَلِكَ هُوَ الْجَسَد الْمَحْمُول على الْأَعْنَاق وَقَالَ بن بطال إِنَّمَا يَقُول ذَلِك الرّوح ورده بن الْمُنِير بِأَن لَا مَانع أَن يرد الله الرُّوحَ إِلَى الْجَسَدِ فِي تِلْكَ الْحَالِ فَيَكُونُ ذَلِكَ زِيَادَةٌ فِي بُشْرَى الْمُؤْمِنِ وَبُؤْسِ الْكَافِرِ وَقَالَ بن بَزِيزَةَ قَوْلُهُ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ [1909] إِذَا وُضِعَتِ الْجِنَازَة قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِالْجِنَازَةِ نَفْسَ الْمَيِّتِ وَبِوَضْعِهِ جَعْلُهُ فِي السَّرِيرِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ السَّرِيرَ وَالْمُرَادُ وَضْعُهَا عَلَى الْكَتِفِ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِقَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً قَالَتْ فَإِنَّ الْمُرَادَ الْمَيِّتُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَبْلَهُ يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُلُّ شَيْءٍ دَالٌّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ بِلِسَانِ الْمَقَالِ لَا بِلِسَانِ الْحَالِ وَلَوْ سَمِعَهَا الْإِنْسَانُ لَصَعِقَ أَيْ لَغُشِيَ عَلَيْهِ مِنْ شِدَّةِ

مَا يَسْمَعُهُ وَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى الدُّعَاءِ بِالْوَيْلِ أَيْ يَصِيحُ بِصَوْتٍ مُنْكَرٍ لَوْ سَمِعَهُ الْإِنْسَانُ لغشي عَلَيْهِ قَالَ بن بَزِيزَةَ هُوَ مُخْتَصٌّ بِالْمَيِّتِ الَّذِي هُوَ غَيْرُ صَالِحٍ وَأَمَّا الصَّالِحُ فَمِنْ شَأْنِهِ اللُّطْفُ وَالرِّفْقُ فِي كَلَامِهِ فَلَا يُنَاسِبُ الصَّعْقُ مِنْ سَمَاعِ كَلَامه قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَحْصُلَ الصَّعْقُ مِنْ سَمَاعِ كَلَامِ الصَّالِحِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَأْلُوفٍ وَقَدْ رَوَى أَبُو الْقَاسِم بن مَنْدَهْ هَذَا الْحَدِيثَ فِي كِتَابِهِ الْأَهْوَالِ بِلَفْظِ لَوْ سَمِعَهُ الْإِنْسَانُ لَصَعِقَ مِنْهُ الْمُحْسِنُ وَالْمُسِيءُ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْمَفْعُولُ دَلَّ عَلَى وُجُودِ الصَّعْقِ عِنْدَ كَلَامِ الصَّالِحِ أَيْضًا [1910] أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَة أَيْ بِحَمْلِهَا إِلَى قَبْرِهَا وَقِيلَ الْمَعْنَى الْإِسْرَاعُ بِتَجْهِيزِهَا وَعَلَى الْأَوَّلِ الْمُرَادُ بِالْإِسْرَاعِ شِدَّةُ الْمَشْي قَالَ الْقُرْطُبِيُّ مَقْصُودُ الْحَدِيثِ أَنْ لَا يُتَبَاطَأَ بِالْمَيِّتِ عَنِ الدَّفْنِ لِأَنَّ الْبُطْءَ رُبَّمَا أَدَّى إِلَى التَّبَاهِي وَالِاخْتِيَالِ فَخَيْرٌ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ فَهُوَ خَيْرٌ أَوْ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ فَلَهَا خَيْرٌ أَوْ فَهُنَاكَ خَيْرٌ

[1914] إِذَا مَرَّتْ بِكُمْ جِنَازَةٌ فَقُومُوا فَمَنْ تَبِعَهَا فَلَا يَقْعُدُ حَتَّى تُوضَعَ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ الْقِيَامُ مَنْسُوخٌ وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاق وبن حبيب وبن الْمَاجِشُونِ الْمَالِكِيَّانِ هُوَ مُخَيَّرٌ قَالَ وَاخْتَلَفُوا فِي قِيَامِ مَنْ يُشَيِّعُهَا عِنْدَ الْقَبْرِ فَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالسَّلَفِ لَا يَقْعُدُ حَتَّى تُوضَعَ قَالُوا وَالنَّسْخُ إِنَّمَا هُوَ فِي قِيَامِ مَنْ مَرَّتْ بِهِ وَبِهَذَا قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ الْمَشْهُورُ فِي مَذْهَبِنَا أَنَّ الْقِيَامَ لَيْسَ مُسْتَحَبًّا وَقَالُوا هُوَ مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ عَلِيٍّ وَاخْتَارَ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ فَيَكُونُ الْأَمْرُ بِهِ لِلنَّدَبِ وَالْقُعُودِ بَيَانًا لِلْجَوَازِ وَلَا يَصِحُّ دَعْوَى النَّسْخِ فِي مِثْلِ هَذَا لِأَنَّ

النَّسْخَ إِنَّمَا يَكُونُ إِذَا تَعَذَّرَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَحَادِيث وَلم يتَعَذَّر [1916] إِذَا رَأَيْتُمُ الْجِنَازَةَ فَقُومُوا حَتَّى تُخَلِّفَكُمْ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ الْمَكْسُورَةِ أَيْ تَتْرُكَكُمْ وَرَاءَهَا وَنِسْبَةُ ذَلِكَ إِلَيْهَا عَلَى سَبِيلِ الْمجَاز لِأَن المُرَاد حاملها إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ أَيْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَقِيلَ لَهُمْ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمَّا فَتَحُوا الْبِلَادَ أَقَرُّوهُمْ عَلَى عَمَلِ الْأَرْضِ وَحَمْلِ الْخراج

[1922] إِنَّ لِلْمَوْتِ فَزَعًا قَالَ الْقُرْطُبِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمَوْتَ يُفْزَعُ إِلَيْهِ إِشَارَةٌ إِلَى اسْتِعْظَامِهِ وَمَقْصُودُ الْحَدِيثِ أَنْ لَا يَسْتَمِرَّ الْإِنْسَانُ عَلَى الْغَفْلَةِ بَعْدَ رُؤْيَةِ الْمَيِّتِ لِمَا يُشْعِرُ ذَلِكَ مِنَ التَّسَاهُلِ بِأَمْرِ الْمَوْتِ فَمِنْ ثَمَّ اسْتَوَى فِيهِ الْمَيِّتُ مُسْلِمًا أَوْ غَيْرَ مُسْلِمٍ وَقَالَ غَيْرُهُ جَعْلَ نَفْسَ الْمَوْتِ فَزَعًا مُبَالَغَةً كَمَا يُقَالُ رَجُلٌ عَدْلٌ وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ هُوَ مَصْدَرٌ

جَرَى مَجْرَى الْوَصْفِ لِلْمُبَالَغَةِ أَوْ فِيهِ تَقْدِيرٌ أَي الْمَوْت ذُو فزع قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَيُؤَيّد الثَّانِي رِوَايَة بن مَاجَهْ إِنَّ لِلْمَوْتِ فَزَعًا وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الْحَالَ يَنْبَغِي لِمَنْ رَآهَا أَنْ يَقْلَقَ مِنْ أَجْلِهَا

وَيَضْطَرِبَ وَلَا يَظْهَرَ مِنْهُ عَدَمُ الِاحْتِفَالِ وَالْمُبَالَاةِ بن حَلْحَلَةَ بِمُهْمَلَتَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ وَلَامَيْنِ الْأُولَى سَاكِنَةٌ وَالثَّانِيةُ مَفْتُوحَةٌ مُرَّ عَلَيْهِ بِجِنَازَةٍ فَقَالَ مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ الْوَاو بِمَعْنى أَو أوهي لِلتَّقْسِيمِ وَقَالَ أَبُو الْبَقَاءِ فِي إِعْرَابِهِ التَّقْدِيرُ النَّاسُ أَوِ الْمَوْتَى مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ

الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا هُوَ التَّعَبُ وَزْنًا وَمَعْنًى وَأَذَاهَا مِنْ عَطْفِ الْعَام على الْخَاص وَالْعَبْد الْفَاجِر قَالَ بن التِّينِ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْكَافِرُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ الْعَاصِي قَالَ وَكَذَا قَوْلُهُ الْمُؤْمِنُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ التَّقِيَّ خَاصَّةً وَيَحْتَمِلُ كُلَّ مُؤْمِنٍ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ الْعِبَادُ وَالْبِلَادُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ قَالَ النَّوَوِيُّ أَمَّا اسْتِرَاحَةُ الْعِبَادِ فَمَعْنَاهُ انْدِفَاعُ أَذَاهُ عَنْهُمْ وَأَذَاهُ يَكُونُ مِنْ وُجُوهٍ مِنْهَا ظُلْمُهُ لَهُمْ وَمِنْهَا ارْتِكَابُهُ لِلْمُنْكَرَاتِ فَإِنْ أَنْكَرُوهَا قَاسُوا مَشَقَّةً مِنْ ذَلِكَ وَرُبَّمَا نَالَهُمْ ضَرَرٌ وَإِنْ سَكَتُوا عَنْهُ أَثِمُوا وَاسْتِرَاحَةُ الدَّوَابِّ مِنْهُ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ يُؤْذِيهَا بِضَرْبِهَا وَتَحْمِيلِهَا مَا لَا تُطِيقُهُ وَيُجِيعُهَا فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَاسْتِرَاحَةُ الْبِلَادِ وَالشَّجَرِ قَالَ الدَّاوُدِيُّ لِأَنَّهَا تُمْنَعُ الْمَطَرَ بِمَعْصِيَتِهِ وَقَالَ الْبَاجِيُّ لِأَنَّهُ يغصبها ويمنعها حَقّهَا من الشّرْب وَغَيره [1931] مِنْ أَوْصَابِ الدُّنْيَا جَمْعُ وَصَبٍ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْمُهْمَلَةِ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ وَهُوَ دَوَامُ الْوَجَعِ وَيُطْلَقُ أَيْضا على فتور الْبدن

[1932] مُرَّ بِجِنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا خَيْرًا الْحَدِيثَ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُصَلِّ عَلَى الَّذِي أَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا وَصَلَّى عَلَى الْآخَرِ أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ أَيِ الْمُخَاطَبُونَ بِذَلِكَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ كَانَ على صفتهمْ من الْإِيمَان وَحكى بن التِّينِ أَنَّ ذَلِكَ مَخْصُوصٌ بِالصَّحَابَةِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَنْطِقُونَ بِالْحِكْمَةِ بِخِلَافِ مَنْ بَعْدَهُمْ قَالَ وَالصَّوَابُ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَصُّ بِالثِّقَاتِ

وَالْمُتَّقِينَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنِ أَبِي الْأَسْوَدِ الديلِي قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ لَمْ أَرَهُ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ إِلَّا مُعَنْعَنًا وَقَدْ حَكَى الدَّارَقُطْنِيُّ فِي كِتَابِ التَّتَبُّعِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ أَن بن بُرَيْدَةَ إِنَّمَا يَرْوِي عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ وَلَمْ يَقُلْ فِي هَذَا الحَدِيث سَمِعت أَبَا الْأسود وبن بُرَيْدَةَ وُلِدَ فِي عَهْدِ عُمَرَ فَقَدْ أَدْرَكَ أَبَا الْأَسْوَدِ بِلَا رَيْبٍ قَالَ أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ زَادَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَقَدْ وَقَعَ بِهَا مَرَضٌ وَهُمْ يَمُوتُونَ مَوْتًا ذَرِيعًا أَيْ سَرِيعًا فَأثْنى على صَاحبهَا خيرا قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ كَذَا فِي جَمِيعِ الْأُصُولِ بِالنَّصْبِ وَكَذَا شَرًّا وَقَدْ غَلِطَ مَنْ ضَبَطَ أُثْنِيَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ فَإِنَّهُ فِي جَمِيعِ الْأُصُول مبْنى للْمَفْعُول قَالَ بن التِّين وَالصَّوَاب بِالرَّفْعِ وَفِي نَصْبِهِ بُعْدٌ فِي اللِّسَانِ وَوَجَّهَهُ غَيْرُهُ بِأَنَّ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ أُقِيمَ مَقَامَ الْمَفْعُولِ الْأَوَّلِ وَخَيْرًا مَقَامَ الثَّانِي وَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُورُ عَكْسُهُ وَقَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ أُثْنِيَ عَلَيْهَا بِخَيْرٍ وَقَالَ بن مَالِكٍ خَيْرًا صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ فَأُقِيمَتْ مَقَامَهُ فَنُصِبَتْ لِأَنَّ أُثْنِيَ مُسْنَدٌ إِلَى الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ قَالَ وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ الْإِسْنَادِ إِلَى الْمَصْدَرِ وَالْإِسْنَادُ إِلَى الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ قَلِيلٌ أَيُّمَا مُسْلِمٍ شَهِدَ لَهُ أَرْبَعَةٌ بِالْخَيْرِ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ الْحَدِيثَ قَالَ الدَّاوُدِيُّ الْمُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ شَهَادَةُ أَهْلِ

الْفَضْلِ وَالصِّدْقِ لَا الْفَسَقَةِ لِأَنَّهُمْ قَدْ يُثْنُونَ عَلَى مَنْ يَكُونُ مِثْلَهُمْ وَلَا مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَيِّتِ عَدَاوَةٌ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْعَدُوِّ لَا تقبل وَقَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ اقْتِصَارُ عُمَرَ عَلَى ذِكْرِ أَحَدِ الشِّقَّيْنِ إِمَّا لِلِاخْتِصَارِ وَإِمَّا لِإِحَالَتِهِ السَّامِعَ عَلَى الْقِيَاسِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ أَحَدُهُمَا أَنَّ هَذَا الثَّنَاءَ بِالْخَيْرِ لِمَنْ أَثْنَى عَلَيْهِ أَهْلُ الْفَضْلِ وَكَانَ ثَنَاؤُهُمْ مُطَابِقًا لِأَفْعَالِهِ فَيَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلَيْسَ هُوَ مُرَادًا بِالْحَدِيثِ وَالثَّانِي وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ عَلَى عُمُومِهِ وَإِطْلَاقِهِ وَأَنَّ كُلَّ مُسْلِمٍ مَاتَ فَأَلْهَمَ اللَّهُ النَّاسَ أَوْ مُعْظَمَهُمُ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ سَوَاءٌ كَانَتْ أَفْعَالُهُ تَقْتَضِي ذَلِكَ أَمْ لَا لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَفْعَالُهُ تَقْتَضِيهِ فَلَا تُحَتِّمُ عَلَيْهِ الْعُقُوبَةَ بَلْ هُوَ فِي حَظْرِ الْمَشِيئَةِ فَإِذَا أَلْهَمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عِبَادَهُ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ اسْتَدْلَلْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَدْ شَاءَ الْمَغْفِرَةَ وَبِهَذَا تَظْهَرُ فَائِدَةُ الثَّنَاءِ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَبَتْ وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ لَوْ كَانَ لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَفْعَالُهُ تَقْتَضِيهِ لَمْ يَكُنْ لِلثَّنَاءِ فَائِدَةٌ وَقَدْ أَثْبَتَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَائِدَة [1935] لَا تَذْكُرُوا هَلْكَاكُمْ إِلَّا بِخَيْرٍ قِيلَ مَا الْجَمْعُ بَيْنَ هَذَا وَنَحْوِهِ وَبَيْنَ الْحَدِيثِ السَّابِقِ وَمُرَّ بِجِنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا شَرًّا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَبَتْ وَلَمْ يَنْهَهُمْ عَنِ الثَّنَاءِ بِالشَّرِّ وَأَجَابَ النَّوَوِيُّ بِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ سَبِّ الْأَمْوَاتِ هُوَ فِي غَيْرِ الْمُنَافِقِ وَالْكَافِرِ وَفِي غَيْرِ الْمُتَظَاهِرِ بِفِسْقٍ أَوْ بِدْعَةٍ فَأَمَّا هَؤُلَاءِ فَلَا يَحْرُمُ ذِكْرُهُمْ بِالشَّرِّ لِلتَّحْذِيرِ مِنْ طَرِيقِهِمْ وَمِنْ الِاقْتِدَاءِ بِآثَارِهِمْ وَالتَّخَلُّقِ بِأَخْلَاقِهِمْ قَالَ وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الَّذِي أَثْنَوْا عَلَيْهِ شَرًّا كَانَ مَشْهُورًا بِنِفَاقٍ أَوْ نَحوه مِمَّا ذكرنَا [1937] يَتْبَعُ الْمَيِّتَ ثَلَاثَةٌ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَعَمَلُهُ الْحَدِيثَ قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ هَذَا يَقَعُ فِي الْأَغْلَبِ وَرُبَّ مَيِّتٍ لَا يَتْبَعُهُ إِلَّا عَمَلُهُ فَقَطْ وَالْمُرَادُ مَنْ يَتْبَعْ جِنَازَتَهُ مِنْ أَهْلِهِ وَرَفِيقِهِ وَدَوَابِّهِ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْعَرَبِ وَإِذَا انْقَضَى أَمْرُ الْحُزْنِ عَلَيْهِ رَجَعُوا سَوَاءً أَقَامُوا بَعْدَ الدَّفْنِ أَمْ لَا وَمَعْنَى بَقَاءِ عَمَلِهِ أَنَّهُ يدْخل مَعَه الْقَبْر

[1940] مَنْ تَبِعَ جِنَازَةً حَتَّى يُصَلِّيَ عَلَيْهَا كَانَ لَهُ من الْأجر قِيرَاط نقل بن الْجَوْزِيّ عَن بن عُقَيْلٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ الْقِيرَاطُ نِصْفُ سُدُسِ دِرْهَمٍ أَوْ نِصْفُ عُشْرِ دِينَارٍ وَالْإِشَارَةُ بِهَذَا الْمِقْدَارِ إِلَى الْأَجْرِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْمَيِّتِ فِي تَجْهِيزِهِ وَجَمِيعِ مَا يَتَعَلَّقِ بِهِ فَلِلْمُصَلِّي عَلَيْهِ قِيرَاطٌ مِنْ ذَلِكَ وَلِمَنْ يَشْهَدُ الدَّفْنَ قِيرَاطٌ وَذَكَرَ الْقِيرَاطَ تَقْرِيبًا لِلْفَهْمِ لَمَّا كَانَ الْإِنْسَانُ يَعْرِفُ الْقِيرَاطَ وَيَعْمَلُ الْعَمَلَ فِي مُقَابَلَتِهِ وَعَدَّ مِنْ جنس مَا يعرف وَضرب لَهُ الْمثل بِمَا يعلم قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ وَلَيْسَ مَا قَالَهُ بِبَعِيدٍ وَقَدْ رَوَى الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا مَنْ أَتَى جِنَازَةً فِي أَهْلِهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ فَإِنْ تَبِعَهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ فَإِنْ صَلَّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ فَإِنِ انْتَظَرَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطٌ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِكُلِّ عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ الْجِنَازَةِ قِيرَاطًا وَإِنِ اخْتَلَفَتْ مَقَادِيرُ الْقَرَارِيطِ وَلَا سِيَّمَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَشَقَّةِ ذَلِكَ الْعَمَلِ وَسُهُولَتِهِ وَعَلَى هَذَا فَيُقَالُ إِنَّمَا خَصَّ قِيرَاطَيِ الصَّلَاةِ وَالدَّفْنِ بِالذِّكْرِ لِكَوْنِهِمَا الْمَقْصُودَيْنِ بِخِلَافِ بَاقِي أَحْوَالِ الْمَيِّتِ فَإِنَّهَا وَسَائِلٌ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أعظم من أحد قَالَ بن الْمُنِيرِ أَرَادَ تَعْظِيمَ الثَّوَابِ فَمَثَّلَهُ لِلْعِيَانِ بِأَعْظَمِ الْجِبَالِ خَلْقًا وَأَكْثَرِهَا إِلَى

النُّفُوسِ الْمُؤْمِنَةِ حُبًّا لِأَنَّهُ الَّذِي قَالَ فِي حَقه إِنَّه جبل يحبنا ونحبه زَاد بن حَجَرٍ وَلِأَنَّهُ أَيْضًا قَرِيبٌ مِنَ الْمُخَاطَبِينَ يَشْتَرِكُ أَكْثَرُهُمْ فِي مَعْرِفَتِهِ وَقَالَ فِي حَدِيثِ وَاثِلَةَ عِنْد بن عَدِيٍّ كُتِبَ لَهُ قِيرَاطَانِ مِنْ أَجْرٍ أَخَفُّهُمَا فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَثْقَلُ مِنْ جَبَلِ أُحُدٍ قَالَ فَأَفَادَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ بَيَانَ وَجْهِ التَّمْثِيل

بِجَبَلِ أُحُدٍ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ زِنَةِ الثَّوَابِ الْمُرَتّب على ذَلِك الْعَمَل [1947] أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِصَبِيٍّ مِنْ صِبْيَانِ الْأَنْصَارِ يُصَلِّي عَلَيْهِ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقُلْتُ طُوبَى لِهَذَا عُصْفُورٌ مِنْ عَصَافِيرِ الْجَنَّةِ لَمْ يَعْمَلْ سُوءًا وَلَمْ يُدْرِكْهُ قَالَ أَوَ غَيْرَ ذَلِكَ يَا عَائِشَةُ خَلَقَ اللَّهُ الْجَنَّةَ وَخَلَقَ لَهَا أَهْلًا وَخَلَقَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ وَخَلَقَ النَّارَ وَخَلَقَ لَهَا أَهْلًا وَخَلَقَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ قَالَ النَّوَوِيُّ أَجْمَعَ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ أَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَعَلَّهُ نَهَاهَا عَنِ الْمُسَارَعَةِ إِلَى الْقَطْعِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ أَوْ قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ أَطْفَالَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْجنَّة

[1950] سُئِلَ عَنْ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عاملين قَالَ بن قُتَيْبَةَ أَيْ لَوْ أَبْقَاهُمْ فَلَا تَحْكُمُوا عَلَيْهِمْ بِشَيْءٍ وَتَمَسَّكَ بِهِ مَنْ قَالَ إِنَّهُمْ فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنْ حَمَّادٍ وبن الْمُبَارَكِ وَإِسْحَاقَ وَنَقَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الِاعْتِقَادِ عَنِ الشَّافِعِي قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ وَهُوَ مُقْتَضَى مَنْعِ مَالِكٍ وَصَرَّحَ بِهِ أَصْحَابُهُ وَقَالَ النَّوَوِيُّ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ الَّذِي صَارَ إِلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا وَإِذَا كَانَ لَا يُعَذِّبُ الْعَاقِلَ لِكَوْنِهِ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ فَلَأَنْ لَا يُعَذِّبَ غَيْرَ الْعَاقِلِ من بَاب أولى قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى مِنْ حَدِيث بن عَبَّاس مَرْفُوعا أخرجه الْبَزَّار وروى بن عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُعَاذٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَأَلَتْ خَدِيجَةُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ هُمْ مَعَ آبَائِهِمْ ثُمَّ سَأَلَتْهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ ثمَّ سَأَلته بعد مَا اسْتَحْكَمَ الْإِسْلَامُ فَنَزَلَتْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى فَقَالَ هُمْ عَلَى الْفِطْرَةِ أَوْ قَالَ فِي الْجَنَّةِ وَأَبُو مُعَاذٍ هُوَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَرْقَمَ ضَعِيفٌ قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ لَيْسَا بِالْأَعْمَالِ وَإلَّا لَزِمَ أَنْ يَكُونَ الذَّرَارِيُّ لَا فِي الْجَنَّةِ وَلَا فِي النَّارِ بَلِ الْمُوجِبُ لَهُمَا هُوَ اللُّطْفُ الرَّبَّانِيُّ وَالْخِذْلَانُ الْإِلَهِيُّ الْمُقَدَّرُ لَهُمْ فِي الْأَزَلِ فَالْوَاجِبُ فِيهِمُ التَّوَقُّفُ فَمِنْهُمْ مَنْ سَبَقَ الْقَضَاءَ بِأَنَّهُ سَعِيدٌ

حَتَّى لَوْ عَاشَ عَمِلَ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَمِنْهُم بِالْعَكْسِ [1952] عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن ذَرَارِي الْمُشْركين قَالَ الْحَافِظ بن حجر لم يسمع بن عَبَّاسٍ هَذَا الْحَدِيثَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَّنَ ذَلِكَ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ عمار بن أبي عمار عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ كُنْتُ أَقُولُ فِي أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ هُمْ مِنْهُمْ حَتَّى حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَقِيتُهُ فَحَدَّثَنِي عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ هُوَ خَلَقَهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ فَأَمْسَكْتُ عَنْ قَولِي

[1954] عَنْ عُقْبَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يَوْمًا فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ جَاءَتِ الْأَخْبَارُ كَأَنَّهَا عِيَانٌ مِنْ وُجُوهٍ مُتَوَاتِرَةٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُصَلِّ عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ وَمَا رُوِيَ أَنه صلى عَلَيْهِم وَكبر عَلَى حَمْزَةَ سَبْعِينَ تَكْبِيرَةً لَا يَصِحُّ وَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي لِمَنْ عَارَضَ بِذَلِكَ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ ان يستحي عَلَى نَفْسِهِ قَالَ وَأَمَّا حَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ فَقَدْ وَقَعَ فِي نَفْسِ الْحَدِيثِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ ثَمَانِ سِنِينَ يَعْنِي وَالْمُخَالِفُ يَقُولُ لَا يُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ إِذَا طَالَتِ الْمُدَّةُ قَالَ وَكَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا لَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ حِينَ عَلِمَ قُرْبَ أَجَلِهِ مُوَدِّعًا لَهُمْ بِذَلِكَ وَلَا يَدُلُّ عَلَى نَسْخِ الْحُكْمِ الثَّابِتِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ الْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ هُنَا الدُّعَاءُ وَقَوْلُهُ صَلَاتُهُ عَلَى الْمَيِّتِ أَيْ مِثْلُ صَلَاتِهِ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ دَعَا لَهُمْ بِمِثْلِ الدُّعَاءِ الَّذِي كَانَتْ عَادَتُهُ أَنْ يَدْعُوَ بِهِ لِلْمَوْتَى وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ زِيَادَةٌ بَعْدَ ثَمَانِ سِنِينَ كَالْمُوَدِّعِ لِلْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ قَالَ وَكَانَتْ آخِرُ نظرة نظرتها

إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي فَرَطٌ لَكُمْ الْفَرَطُ هُوَ الَّذِي يَتَقَدَّمُ ويسبق الْقَوْم ليرتادلهم المَاء ويهيئ لَهُم الدلاء والأرشية [1955] كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ قَالَ الْمُظْهِرِيُّ فِي شَرْحِ الْمَصَابِيحِ مَعْنَى ثَوْبٍ وَاحِدٍ قَبْرٍ وَاحِدٍ إِذْ لَا يَجُوزُ تَجْرِيدُهُمَا بِحَيْثُ يَتَلَاقَى بَشَرَتَاهُمَا أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ أَيْ أَشْهَدُ لَهُم بِأَنَّهُم بذلوا أَرْوَاحهم لله تَعَالَى

[1956] أَذْلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ بَلَغَتْ مِنْهُ الْجهد حَتَّى قلق [1957] فَشُكَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ جُمِعَتْ عَلَيْهَا وَلُفَّتْ لِئَلَّا تَنْكَشِفَ كَأَنَّهَا ضُمَّتْ وَزُرَّتْ عَلَيْهَا بِشَوْكَةٍ أَوْ خِلَالٍ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أرْسلت عَلَيْهَا ثِيَابهَا وَالشَّكّ الِاتِّصَال واللصوق

[1960] صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ فَإِنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ لَعَلَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْتَنَعَ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَدْيُونِ الَّذِي لَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً تَحْذِيرًا مِنَ الدَّيْنِ وَزَجْرًا عَنِ الْمُمَاطَلَةِ أَوْ كَرَاهَةَ أَنْ يُوقَفَ دُعَاؤُهُ عَنِ الْإِجَابَةِ بِسَبَب مَا عَلَيْهِ من مظْلمَة الْخلق

[1964] أَنَّ رَجُلًا قَتَلَ نَفْسَهُ بِمَشَاقِصَ جَمْعُ مِشْقَصٍ بِكَسْرِ الْمِيمٍ وَفَتْحِ الْقَافِ وَهُوَ نَصْلُ السَّهْمِ إِذَا كَانَ طَوِيلًا غَيْرَ عَرِيضٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا أَنَا فَلَا أُصَلِّي عَلَيْهِ قَالَ النَّوَوِيُّ أَخَذَ بِظَاهِرِهِ مَنْ قَالَ لَا يُصَلَّى عَلَى قَاتِلِ نَفْسِهِ لِعِصْيَانِهِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَوْزَاعِيِّ وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ زَجْرًا لِلنَّاسِ عَنْ مِثْلِ فِعْلِهِ وَصَلَّتْ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ وَهَذَا كَمَا تَرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ الصَّلَاةَ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ زَجْرًا لَهُمْ عَنِ التَّسَاهُلِ فِي الِاسْتِدَانَةِ وَعَنْ إِهْمَالِ وَفَائِهَا وَأَمَرَ الصَّحَابَةَ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَقَالَ صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ

[1965] مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ أَيْ سَقَطَ وَمَنْ تَحَسَّى أَيْ شَرِبَ يَجَأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ يُقَال وجأته بالسكين إِذا ضَربته بهَا

[1968] مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سُهَيْلِ بْنِ الْبَيْضَاءِ إِلَّا فِي جَوْفِ الْمَسْجِدِ قَالَ النَّوَوِيُّ بَنُو بَيْضَاءَ ثَلَاثَةٌ سَهْلٌ وَسُهَيْلٌ وَصَفْوَانُ وَأُمُّهُمُ الْبَيْضَاءُ اسْمُهَا رَعْدٌ وَالْبَيْضَاءُ وَصْفٌ وَأَبُوهُمْ وَهْبُ بْنُ رَبِيعَةَ الْقُرَشِيُّ الْفِهْرِيُّ وَكَانَ سُهَيْلٌ قَدِيمَ الْإِسْلَامِ هَاجَرَ إِلَى الْحَبَشَةِ ثُمَّ عَادَ إِلَى مَكَّةَ ثُمَّ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَشَهِدَ بَدْرًا وَغَيْرَهَا تُوُفِّيَ سَنَةَ تسع من الْهِجْرَة

[1969] اشْتَكَتِ امْرَأَةٌ بِالْعَوَالِي مِسْكِينَةٌ اسْمُهَا أُمُّ مِحْجَنٍ

[1979] صَلَّى عَلَى أُمِّ فُلَانٍ مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا هِيَ أُمُّ كَعْبٍ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ وَسْطَهَا قَالَ الْقُرْطُبِيُّ قَيَّدْنَاهُ بِإِسْكَانِ السِّينِ ظَرْفٌ أَيْ فِي وَسطهَا وَمِنْهُم من فتحهَا

[1983] وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ قَالَ طَائِفَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ هَذَا خَاصٌّ بِالرَّجُلِ وَلَا يُقَالُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَرْأَةِ أَبْدِلْهَا زَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهَا لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ لِزَوْجِهَا فِي الْجَنَّةِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ لَا يُمْكِنُ الِاشْتِرَاكُ فِيهَا وَالرَّجُلُ يقبل ذَلِك قَوْلُهُ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرَ قَالَ فِي النِّهَايَةِ مَعْنَاهُ وَصْفُهُمْ بِالسُّكُونِ وَالْوَقَارِ وَأَنَّهُمْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ طَيْشٌ وَلَا خِفَّةٌ لِأَنَّ الطَّيْرَ لَا تَكَادُ تَقَعُ إِلَّا عَلَى شَيْء سَاكن زَمِّلُوهُمْ بِدِمَائِهِمْ أَيْ لُفُّوهُمْ كَلْمٌ هُوَ الْجُرْحُ عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ جَعَلْتُ تَحْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ دُفِنَ قَطِيفَةً حَمْرَاءَ زَاد بن سعد

فِي طَبَقَاتِهِ قَالَ وَكِيعٌ هَذَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً وَلَهُ عَنِ الْحَسَنِ أَن رَسُول الله

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُسِطَ تَحْتَهُ شَمْلٌ قَطِيفَةٌ حَمْرَاءُ كَانَ يَلْبَسُهَا قَالَ وَكَانَتْ أَرْضٌ نَدِيَّةٌ وَلَهُ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ عَنْ

الْحَسَنِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افْرِشُوا لِي قَطِيفَتِي فِي لَحْدِي فَإِنَّ الْأَرْضَ لَمْ تُسَلَّطْ عَلَى أَجْسَادِ الْأَنْبِيَاءِ

[85] 2026 - على جَنَازَة بن الدَّحْدَاحِ قَالَ النَّوَوِيُّ بِدَالَيْنِ وَحَاءَيْنِ مُهْمَلَاتٍ وَيُقالُ أَبُو الدحداح وَيُقَال أَبُو الدحداحة قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ لَا يُعْرَفُ اسْمُهُ قُلْتُ حَكَى فِي أَنَّ اسْمَهُ ثَابِتٌ فَلَمَّا رَجَعَ أَتَى بِفَرَسٍ مُعْرَوْرًى قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ اعْرَوْرَيْتَ الْفَرَسَ إِذَا رَكِبْتَهُ عُرْيًا فَهُوَ مُعْرَوْرًى وَقَالُوا لَمْ يَأْتِ افْعَوْعَلَ مُعَدًّى إِلَّا قَوْلُهُمُ اعْرَوْرَيْتُ الْفَرَسَ واحلوليت الشَّيْء [2027] نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُبْنَى عَلَى الْقَبْرِ قَالَ الْعِرَاقِيُّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ الْبِنَاءُ عَلَى نَفْسِ الْقَبْرِ لِيُرْفَعَ عَنْ أَنْ يُنَالَ بِالْوَطْءِ كَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ النَّهْيُ أَنْ يُتَّخَذَ حَوْلَ الْقَبْرِ بِنَاءٌ كَمَتْرَبَةٍ أَوْ مَسْجِدٍ أَوْ مَدْرَسَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ قَالَ وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُزَادَ الْقَبْرُ عَلَى التُّرَابِ الَّذِي أُخْرِجَ مِنْهُ لِهَذَا الْحَدِيثِ لِئَلَّا يَرْتَفِعَ الْقَبْرُ ارْتِفَاعًا كَثِيرًا أَوْ يُجَصَّصَ قَالَ الْعِرَاقِيُّ ذَكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْحِكْمَةَ فِي النَّهْيِ عَنْ تَجْصِيصِ

[75] 2001 - الْقُبُورِ كَوْنُ الْجِصِّ أُحْرِقَ بِالنَّارِ قَالَ وَحِينَئِذٍ فَلَا بَأْسَ بِالتَّطْيِينِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ زَادَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى أَوْ يُكْتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ سُلَيْمَانُ لَمْ يَسْمَعْ من جَابر فَلَعَلَّ بن جُرَيْجٍ رَوَاهُ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا أَوْ عَنْ أَبِي الزبير عَن جَابر مُسْندًا وَرَوَاهُ بن ماجة عَن بن جُرَيْجٍ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ مُوسَى عَنْ جَابِرٍ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُكْتَبَ عَلَى الْقَبْرِ شَيْءٌ قَالَ الْعِرَاقِيُّ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ مُطْلَقُ الْكِتَابَةِ كِتَابَةُ اسْمِ صَاحِبِ الْقَبْرِ عَلَيْهِ أَوْ تَارِيخِ وَفَاتِهِ أَوِ الْمُرَادُ كِتَابَةُ شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ وَأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى لِلتَّبَرُّكِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُوطَأَ أَوْ يَسْقُطَ عَلَى الْأَرْضِ فَيَصِيرَ تَحْتَ الْأَرْجُلِ وَقَالَ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ بَعْدَ تَخْرِيجِهِ هَذَا الْحَدِيثَ هَذِهِ الْأَسَانِيدُ صَحِيحَةٌ وَلَيْسَ الْعَمَلُ عَلَيْهَا فَإِنَّ أَئِمَّةَ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الشَّرْقِ إِلَى الْغَرْبِ يَكْتُبُونَ عَلَى قُبُورِهِمْ وَهُوَ شَيْءٌ أَخَذَهُ الْخَلَفُ عَنِ السَّلَفِ وَتَعَقَّبَهُ الذَّهَبِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ بِأَنَّهُ مُحْدَثٌ وَلم يبلغهم النَّهْي [2028] عَنْ تَقْصِيصِ الْقُبُورِ بِالْقَافِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ بناؤها بالقصة وَهُوَ الجص

[2031] عَنْ أَبِي الْهَيَّاجِ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتِ وَآخِرُهُ جِيمٌ اسْمُهُ حَيَّانُ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتِ وَآخره نون بن حَسَنٍ الْأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ لَيْسَ لَهُ فِي الْكُتُبِ إِلَّا هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد

[2033] وَلَا تَقُولُوا هُجْرًا قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ فُحْشًا يُقَالُ أَهْجَرَ فِي مَنْطِقِهِ يُهْجِرُ إِهْجَارًا إِذَا فَحُشَ وَكَذَلِكَ إِذَا أَكْثَرَ الْكَلَامَ فِيمَا لَا يَنْبَغِي وَالِاسْمُ الْهُجْرُ بِالضَّمِّ وَهَجَرَ يَهْجُرُ هَجْرًا بِالْفَتْحِ إِذَا خَلَطَ فِي كَلَامِهِ وَإِذَا هذى

[2037] فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَّا رَيْثَمَا ظَنَّ أَيْ قَدَّرَ ذَلِكَ وَهُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَإِسْكَانِ الْيَاءِ وَبَعْدَهَا مُثَلَّثَةٌ وَأَخَذَ رِدَاءَهُ رُوَيْدًا أَيْ بِرِفْقٍ وَتَقَنَّعْتُ إِزَارِي قَالَ النَّوَوِيُّ كَذَا فِي الْأُصُولِ بِغَيْرِ بَاءٍ وَكَأَنَّهُ بِمَعْنَى لَبِسْتُ إِزَارِي فَلِذَا عُدِّيَ بِنَفْسِهِ فَأَحْضَرَ بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَضَادٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ عدا والاحضار والحضر بِالضَّمِّ الْعَدو مَالك يَا عَائِشَةُ حَشْيَا بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ مَقْصُورٌ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ مَالك قَدْ وَقَعَ عَلَيْكِ الْحَشَا وَهُوَ الرَّبْوُ وَالنَّهَجُ الَّذِي يَعْرِضُ لِلْمُسْرِعِ فِي مَشْيِهِ وَالْمُحْتَدِّ فِي كَلَامِهِ مِنَ ارْتِفَاعِ النَّفَسِ وَتَوَاتُرِهِ يُقَالُ رَجُلٌ حشى وَحَشْيَانٌ رَابِيَةً أَيْ مُرْتَفِعَةَ الْبَطْنِ قَالَتْ لَا فِي مُسلم لَا شَيْء وَفِي رِوَايَة لأبي شَيْءٌ وَأَنْتِ السَّوَادُ أَيِ الشَّخْصُ فَلَهَزَنِي بِالزَّايِ أَيْ دَفَعَنِي وَاللَّهْزُ الضَّرْبُ بِجَمْعِ الْكَفِّ فِي الصَّدْرِ وَرُوِيَ فَلَهَدَنِي بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ قَالَ وَيَقْرَبُ مِنْهُمَا لَكَزَهُ وَوَكَزَهُ

[2051] لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَيْتَ قَالَ الْخَطَّابِيُّ هَكَذَا يَرْوِيهِ الْمُحَدِّثُونَ وَالصَّوَابُ وَلَا ائْتَلَيْتَ عَلَى وَزْنِ افْتَعَلْتَ مِنْ قَوْلِهِمْ مَا أَلَوْتُ هَذَا الْأَمْرَ أَيْ مَا اسْتَطَعْتُهُ وَقَالَ مَعْنَاهُ وَلَا قَرَأْتَ أَيْ لَا تَلَوْتَ فَقَلَبُوا الْوَاوَ لِيَزْدَوِجَ الْكَلَامُ مَعَ دَرَيْتَ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَيُرْوَى أُتْلَيْتَ يَدْعُو عَلَيْهِ أَنْ لَا يَتْلُوَ أَهْلَهُ أَيْ لَا يكون لَهَا أَوْلَاد تتلوها [2052] مَنْ يَقْتُلُهُ بَطْنُهُ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيِ الَّذِي يَمُوتُ بِمَرَضِ بَطْنِهِ كَالِاسْتِسْقَاءِ وَنَحْوِهِ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي التَّذْكِرَةِ فِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ الَّذِي يُصِيبُهُ الذَّرَبُ وَهُوَ الْإِسْهَالُ وَالثَّانِي أَنَّهُ الِاسْتِسْقَاءُ وَهُوَ أَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ فِيهِ لِأَنَّ الْعَرَبَ تَنْسُبُ مَوْتَهُ إِلَى بَطْنِهِ يَقُولُ قَتَلَهُ بَطْنُهُ يَعْنُونَ الدَّاءَ الَّذِي أَصَابَهُ فِي جَوْفِهِ وَصَاحِبُ الِاسْتِسْقَاءِ قَلَّ أَنْ يَمُوتَ إِلَّا بِالذَّرَبِ فَكَأَنَّهُ قَدْ جَمَعَ الْوَصْفَيْنِ وَالْوُجُودُ شَاهِدٌ للْمَيِّتِ بِالْبَطْنِ أَنَّ عَقْلَهُ لَا يَزَالُ حَاضِرًا وَذِهْنُهُ بَاقِيًا إِلَى حِينِ مَوْتِهِ بِخِلَافِ مَنْ يَمُوتُ بِالسَّامِّ وَالْبِرْسَامِ وَالْحُمَّيَاتِ الْمُطْبِقَةِ أَوِ الْقُولَنْجِ أَوِ الْحَصَاةِ فَتَغِيبُ عُقُولُهُمْ لِشِدَّةِ الْآلَامِ وَلِوَرَمِ أَدْمِغَتِهِمْ وَلِفَسَادِ أَمْزِجَتِهَا فَإِذَا كَانَ الْحَالُ هَكَذَا فَالْمَيِّتُ يَمُوتُ وذهنه حَاضر وَهُوَ عَارِف بِاللَّه

[2053] أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ حَدَّثَنَا حَجَّاجِ عَنْ لَيْث بن سعد عَن مُعَاوِيَة بن صَالح أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ عَمْرٍو حَدَّثَهُ عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا بَالُ الْمُؤْمِنِينَ يُفْتَنُونَ فِي قُبُورِهِمْ إِلَّا الشَّهِيدُ قَالَ كَفَى بِبَارِقَةِ السُّيُوفِ عَلَى رَأْسِهِ فِتْنَةً قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي التَّذْكِرَةِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي هَؤُلَاءِ الْمَقْتُولِينَ نِفَاقٌ كَانَ

إِذَا الْتَقَى الزَّحْفَانِ وَبَرَقَتِ السُّيُوفُ فَرَّ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْمُنَافِقِ الْفِرَارَ وَالرَّوَغَانَ عِنْدَ ذَلِكَ وَمِنْ شَأْنِ الْمُؤْمِنِ الْبَذْلُ وَالتَّسْلِيمُ لِلَّهِ نَفْسًا وَهَيَجَانُ حَمِيَّةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالتَّعَصُّبُ لَهُ لِإِعْلَاءِ كَلِمَتِهِ فَهَذَا قَدْ أَظْهَرَ صِدْقَ مَا فِي ضَمِيرِهِ حَيْثُ بَرَزَ لِلْحَرْبِ وَالْقَتْلِ فَلِمَاذَا يُعَادُ عَلَيْهِ السُّؤَالُ فِي الْقَبْرِ قَالَهُ التِّرْمِذِيُّ الْحَكِيمُ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَإِذَا كَانَ الشَّهِيدُ لَا يُفْتَنُ فَالصِّدِّيقُ أَجَلُّ خَطَرًا أَوْ أَعْظَمُ أَجْرًا فَهُوَ أَحْرَى أَنْ لَا يُفْتَنَ لِأَنَّهُ الْمُقَدَّمُ ذِكْرُهُ فِي التَّنْزِيلِ عَلَى الشُّهَدَاءِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ من النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ قَالَ وَقَدْ جَاءَ فِي الْمُرَابِطِ الَّذِي هُوَ أَقَلُّ مَرْتَبَةً مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ لَا يُفْتَنَ فَكَيْفَ بِمَنْ هُوَ أَعْلَى مَرْتَبَةً مِنْهُ وَمِنَ الشَّهِيدِ قُلْتُ قَدْ صَرَّحَ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ بِأَنَّ الصديقين لَا يسئلون وَعِبَارَتُهُ ثُمَّ قَالَ تَعَالَى وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاء وَتَأْوِيلُهُ عِنْدنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ مِنْ مَشِيئَتِهِ أَنْ يَرْفَعَ مَرْتَبَةَ أَقْوَامٍ مِنَ السُّؤَالِ وَهُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ وَمَا نَقَلَهُ الْقُرْطُبِيُّ عَنِ الْحَكِيمِ فِي تَوْجِيِهِ حَدِيثِ الشَّهِيدِ يَقْتَضِي اخْتِصَاصَ ذَلِكَ بِشَهِيدِ الْمَعْرَكَةِ لَكِنَّ قَضِيَّةَ أَحَادِيثِ الرِّبَاطِ التَّعْمِيمُ فِي كل شَهِيد وَقد جزم الْحَافِظ بن حَجَرٍ فِي كِتَابِ بَذْلِ الْمَاعُونِ فِي فَضْلِ الطَّاعُون بِأَن الْمَيِّت بالطعن لَا يسئل لِأَنَّهُ نَظِيرُ الْمَقْتُولِ فِي الْمَعْرَكَةِ وَبِأَنَّ الصَّابِرَ بِالطَّاعُونِ مُحْتَسِبًا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُصِيبُهُ إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ إِذَا مَاتَ فِيهِ بِغَيْرِ الطَّعْنِ لَا يُفْتَنُ أَيْضًا لِأَنَّهُ نَظِيرُ الْمُرَابِطِ وَقَدْ قَالَ الْحَكِيمُ فِي تَوْجِيهِ حَدِيثِ الْمُرَابِطِ إِنَّهُ قَدْ رَبَطَ نَفْسَهُ وَسَجَنَهَا وَصَيَّرَهَا جَيْشًا لِلَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لِمُحَارَبَةِ

أَعْدَائِهِ فَإِذَا مَاتَ عَلَى هَذَا فَقَدْ ظَهَرَ صِدْقُ مَا فِي ضَمِيرِهِ فَوُقِيَ فِتْنَةَ الْقَبْرِ [2055] هَذَا الَّذِي تَحَرَّكَ لَهُ الْعَرْشُ وَفُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَشَهِدَهُ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ لَقَدْ ضُمَّ ضَمَّةً ثُمَّ فُرِجَ عَنْهُ زَادَ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ عَذَابِ الْقَبْرِ يَعْنِي سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ وَزَادَ فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ قَالَ الْحَسَنُ تَحَرَّكَ لَهُ الْعَرْشُ فَرَحًا بِرُوحِهِ وَرَوَى أَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ لِلْقَبْرِ ضَغْطَةً لَوْ كَانَ أَحَدٌ نَاجِيًا مِنْهَا نَجَا مِنْهَا سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ السَّعْدِيُّ لَا يَنْجُو مِنْ ضَغْطَةِ الْقَبْرِ صَالِحٌ وَلَا طَالِحٌ غَيْرَ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ فِيهَا دَوَامُ الضَّغْطِ لِلْكَافِرِ وَحُصُولُ هَذِهِ الْحَالَةِ لِلْمُؤْمِنِ فِي أَوَّلِ نُزُولِهِ إِلَى قَبْرِهِ ثُمَّ يَعُودُ إِلَى الِانْفِسَاحِ لَهُ قَالَ وَالْمُرَادُ بضغط الْقَبْر

الْتِقَاءُ جَانِبَيْهِ عَلَى جَسَدِ الْمَيِّتِ وَقَالَ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ سَبَبُ هَذَا الضَّغْطِ أَنَّهُ مَا مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ أَلَمَّ بِذَنْبٍ مَا فَتُدْرِكُهُ هَذِهِ الضَّغْطَةُ جَزَاءً لَهَا ثُمَّ تُدْرِكُهُ الرَّحْمَةُ وَكَذَلِكَ ضَغْطَةُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي التَّقْصِيرِ مِنَ الْبَوْلِ قُلْتُ يُشِيرُ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق بن إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي أُمَيَّةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَأَلَ بَعْضَ أَهْلِ سَعْدٍ مَا بَلَغَكُمْ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا فَقَالُوا ذُكِرَ لَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ كَانَ يُقَصِّرُ فِي بَعْضِ الطَّهُورِ من الْبَوْل وَقَالَ بن سَعْدٍ فِي طَبَقَاتِهِ أَخْبَرَ شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ أَخْبَرَنِي أَبُو مَعْشَرٍ عَنْ سَعِيدِ الْقَبْرِيِّ قَالَ لَمَّا دَفَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَعْدًا قَالَ لَوْ نَجَا أَحَدٌ مِنْ ضَغْطَةِ الْقَبْرِ لَنَجَا سَعْدٌ وَلَقَدْ ضُمَّ ضَمَّةً اخْتَلَفَتْ مِنْهَا أَضْلَاعُهُ مِنْ أَثَرِ الْبَوْلِ وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ حِينَ دَفَنَ سَعْدَ بْنَ مَعَاذٍ إنَّهُ ضُمَّ فِي الْقَبْرِ ضَمَّةً حَتَّى صَارَ مِثْلَ الشَّعْرَةِ فَدَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يَرْفَعَهُ عَنْهُ وَذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَ لَا يَسْتَبْرِئُ

مِنَ الْبَوْلِ ثُمَّ قَالَ الْحَكِيمُ وَأَمَّا الْأَنْبِيَاءُ فَلَا يُعْلَمُ أَنَّ لَهُمْ فِي الْقُبُورِ ضَمَّةً وَلَا سُؤَالًا لِعِصْمَتِهِمْ وَقَالَ النَّسَفِيُّ فِي بَحْرِ الْكَلَامِ الْمُؤْمِنُ الْمُطِيعُ لَا يَكُونُ لَهُ عَذَابُ الْقَبْرِ وَيَكُونُ لَهُ ضَغْطَةُ الْقَبْرِ فَيَجِدُ هَوْلَ ذَلِكَ وَخَوْفَهُ لِمَا أَنَّهُ تَنَعَّمَ بِنِعْمَةِ اللَّهِ وَلم يشْكر النِّعْمَة وروى بن أَبِي الدُّنْيَا عَنْ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيِّ قَالَ كَانَ يُقَالُ إِنَّ ضَمَّةَ الْقَبْرِ إِنَّمَا أَصْلُهَا أَنَّهَا أُمُّهُمْ وَمِنْهَا خُلِقُوا فَغَابُوا عَنْهَا الْغَيْبَةَ الطَّوِيلَةَ فَلَمَّا رُدَّ إِلَيْهَا أَوْلَادُهَا ضَمَّتْهُمْ ضَمَّةَ الْوَالدَةِ غَابَ عَنْهَا وَلَدُهَا ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْهَا فَمَنْ كَانَ لِلَّهِ مُطِيعًا ضَمَّتْهُ بِرَأْفَةٍ وَرِفْقٍ وَمَنْ كَانَ عَاصِيًا ضَمَّتْهُ بِعُنْفٍ سَخَطًا مِنْهَا عَلَيْهِ لِرَبِّهَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْفِتْنَةَ الَّتِي يُفْتَنُ بِهَا الْمَرْءُ فِي قَبْرِهِ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي كِتَابِ الزُّهْدِ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ عَنْ

طَاوُسٍ قَالَ إِنَّ الْمَوْتَى يُفْتَنُونَ فِي قُبُورِهِمْ سَبْعًا فَكَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يُطْعِمُوا عَنْهُمْ تَلِكَ الْأَيَّام وروى بن جُرَيْجٍ فِي مُصَنَّفِهِ عَنِ الْحَرْثِ بْنِ أَبِي الْحَرْثِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ يُفْتَنُ رَجُلَانِ مُؤْمِنٌ وَمُنَافِقٌ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيُفْتَنُ سَبْعًا وَأَمَّا الْمُنَافِقُ فَيُفْتَنُ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا قَدْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ يُرِيدُ مَسْأَلَةَ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ مِنَ الْفِتْنَةِ وَهِيَ الِامْتِحَانُ وَالِاخْتِبَارُ قَرِيبًا مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ وَجْهُ الشَّبَهِ بَيْنَ الْفِتْنَتَيْنِ الشِّدَّةُ والهول والعموم

[2070] إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ قِيلَ ذَلِكَ مَخْصُوصٌ بِالْمُؤْمِنِ الْكَامِلِ الْإِيمَانِ وَمَنْ أَرَادَ اللَّهُ إِنْجَاءَهُ مِنَ النَّارِ وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنَ الْمُخَلِّطِينَ الَّذِينَ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا فَلَهُ مقعدان يراهما جَمِيعًا كَمَا أَنَّهُ يَرَى عَمَلَهُ شَخْصَيْنِ فِي وَقْتَيْنِ أَوْ وَقْتٍ وَاحِدٍ قَبِيحًا وَحَسَنًا وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ كُلُّ مَنْ يَدْخُلُهَا كَيْفَمَا كَانَ ثُمَّ قِيلَ هَذَا الْعَرْضُ إِنَّمَا هُوَ عَلَى الرُّوحِ وَحْدَهُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعَ جُزْءٍ مِنَ الْبَدَنِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ مَعَ جَمِيعِ الْجَسَدِ فَتُرَدُّ إِلَيْهِ الرُّوحُ كَمَا تُرَدُّ عِنْدَ الْمَسْأَلَةِ حِينَ يُقْعِدَهُ الْمَلَكَانِ وَيُقالُ لَهُ انْظُر إِلَى مَقْعَدك من النَّار قد أبدلك الله بِهِ مقْعدا من الْجنَّة إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ قَالَ الطِّيبِيُّ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا فَسَيُبَشَّرُ بِمَا لَا يَكْتَنِهِ كُنْهَهُ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ طَلِيعَةٌ بِتَأْثِيرِ السَّعَادَةِ الْكُبْرَى لِأَنَّ الشَّرْطَ وَالْجَزَاءَ إِذَا اتَّحَدَا دَلَّ عَلَى الْفَخَامَةِ كَقَوْلِهِمْ مَنْ أَدْرَكَ الضِّمَارَ فَقَدْ أَدْرَكَ الْمُدَّعَى وَقَالَ التُّورِبِشْتِيُّ تَقْدِيرُهُ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمَقْعَدُهُ مِنْ مَقَاعِدِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يُعْرَضُ عَلَيْهِ [2071] هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى يَبْعَثَكَ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ الطِّيبِيُّ حَتَّى لِلْغَايَةِ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يَرَى بَعْدَ الْبَعْثِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ كَرَامَةً وَمَنْزِلَةً يَنْسَى

عِنْدَهُ هَذَا الْمَقْعَدَ كَمَا قَالَ صَاحِبُ الْكَشَّافِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْم الدّين أَيْ إِنَّكَ مَذْمُومٌ مَدْعُوٌّ عَلَيْكَ بِاللَّعْنَةِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ فَإِذَا جَاءَ ذَلِكَ الْيَوْمُ عُذِّبْتَ بِمَا تَنْسَى اللَّعْنَ عِنْدَهُ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ حَتَّى يَبْعَثك الله إِلَيْهِ قَالَ بن التِّينِ مَعْنَاهُ لَا تَصِلُ الْجَنَّةَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَة إِنَّمَا نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ أَيْ رُوحُ الْمُؤْمِنِ الشَّهِيدِ طَائِرٌ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ

هَذَا الْعُمُومُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُجَاهِدِينَ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ وَنَحْوُهُ مَحْمُولٌ عَلَى الشُّهَدَاءِ وَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَتَارَةً تَكُونُ فِي السَّمَاءِ لَا فِي الْجَنَّةِ وَتَارَةً تَكُونُ عَلَى أَفْنِيَةِ الْقُبُورِ قَالَ وَلَا يُتَعَجَّلُ الْأَكْلُ وَالنَّعِيمُ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلشَّهِيدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِإِجْمَاعٍ مِنَ الْأُمَّةِ حَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرُ الشُّهَدَاءِ بِخِلَافِ هَذَا الْوَصْفِ إِنَّمَا يُمْلَأُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ وَيُفْسَحُ لَهُ فِيهِ قُلْتُ وَقَدْ وَرَدَ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الشُّهَدَاءِ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فَأَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَن بن شهَاب عَن بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْوَاحُ الشُّهَدَاءِ فِي طَيْرٍ خُضْرٍ تَعْلَقُ حَيْثُ شَاءَتْ وَقَالَ الْإِمَامُ شَمْسُ الدِّينِ بْنُ الْقَيِّمِ عَرْضُ الْمَقْعَدِ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَرْوَاحَ فِي الْقَبْرِ وَلَا عَلَى فِنَائِهِ بَلْ عَلَى أَنَّ لَهَا اتِّصَالًا بِهِ يَصِحُّ أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهَا مَقْعَدُهَا فَإِنَّ لِلرُّوحِ شَأْنًا آخَرَ فَتَكُونُ فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى وَهِيَ مُتَّصِلَةٌ بِالْبَدَنِ بِحَيْثُ إِذَا سَلَّمَ الْمُسْلِمُ عَلَى صَاحِبِهِ رَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهِيَ فِي مَكَانِهَا هُنَاكَ وَهَذَا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ مِنْهَا جَنَاحَانِ سَدَّا الْأُفُقَ وَكَانَ يَدْنُو مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يَضَعَ رُكْبَتَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَيَدَيْهِ عَلَى فَخْذَيْهِ وَقُلُوبَ الْمُخْلِصِينَ تَتَّسِعُ لِلْإِيمَانِ بِأَنَّهُ من الْمُمكن

أَنَّهُ كَانَ هَذَا الدُّنُوُّ وَهُوَ فِي مُسْتَقَرِّهِ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَفِي الْحَدِيثِ فِي رُؤْيَةِ جِبْرِيلَ فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا جِبْرِيلُ صَافٌّ قَدَمَيْهِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ يَقُولُ يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَا جِبْرِيلُ فَجَعَلْتُ لَا أَصْرِفُ بَصَرِي إِلَى نَاحِيَةٍ إِلَّا رَأَيْتُهُ كَذَلِكَ وَهَذَا مَحْمَلُ تَنَزُّلِهِ تَعَالَى إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا وَدُنُوِّهِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ وَنَحْوَهُ فَهُوَ مُنَزَّهٌ عَنِ الْحَرَكَةِ وَالِانْتِقَالِ وَإِنَّمَا يَأْتِي الْغَلَطُ هُنَا مِنْ قِيَاسِ الْغَائِبِ عَلَى الشَّاهِدِ فَيُعْتَقَدُ أَنَّ الرُّوحَ مِنْ جِنْسِ مَا يُعْهَدُ مِنَ الْأَجْسَامِ الَّتِي إِذَا شَغَلَتْ مَكَانًا لَمْ يُمْكِنْ أَنْ تَكُونَ فِي غَيْرِهِ وَهَذَا غَلَطٌ مَحْضٌ وَقَدْ رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لَيْلَةِ الْإِسْرَاءِ مُوسَى قَائِمًا يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ وَيَرُدُّ عَلَى مَنْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى وَلَا تَنَافِي بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ فَإِنَّ شَأْنَ الرُّوحِ غَيْرُ شَأْنِ الْأَبَدَانِ وَقَدْ مَثَّلَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ بِالشَّمْسِ فِي السَّمَاءِ وَشُعَاعِهَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ تَامِّ الْمُطَابَقَةِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ الشُّعَاعَ إِنَّمَا هُوَ عَرَضٌ لِلشَّمْسِ وَأَمَّا الرُّوحُ فَهِيَ نَفْسُهَا تَنْزِلُ وَكَذَلِكَ رُؤْيَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَنْبِيَاءَ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ فِي السَّمَاوَاتِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ رَأَى فِيهَا الْأَرْوَاحَ فِي مِثَالِ الْأَجْسَادِ مَعَ وُرُودِ أَنَّهُمْ أَحْيَاءٌ فِي قُبُورِهِمْ يُصَلُّونَ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ عِنْدَ قَبْرِي سَمِعْتُهُ وَمَنْ صَلَّى عَلَيَّ نَائِيًا بُلِّغْتُهُ وَقَالَ إِنَّ اللَّهَ وَكَّلَ بِقَبْرِي مَلَكًا أَعْطَاهُ أَسْمَاعَ الْخَلَائِقِ فَلَا يُصَلِّي عَلَيَّ أَحَدٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا أَبْلَغَنِي بِاسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ هَذَا مَعَ الْقَطْعِ بِأَنَّ رُوحَهُ فِي

أَعْلَى عِلِّيِّينَ مَعَ أَرْوَاحِ الْأَنْبِيَاءِ وَهُوَ الرَّفِيقُ الْأَعْلَى فَثَبَتَ بِهَذَا أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ كَوْنِ الرُّوحِ فِي عِلِّيِّينَ أَوِ الْجَنَّةِ أَوِ السَّمَاءِ وَأَنَّ لَهَا بِالْبَدَنِ اتِّصَالًا بِحَيْثُ تُدْرِكُ وَتَسْمَعُ وَتُصَلِّي وَتَقْرَأُ وَإِنَّمَا يُسْتَغْرَبُ هَذَا لِكَوْنِ الشَّاهِدِ الدُّنْيَوِيِّ لَيْسَ فِيهِ مَا يُشَاهِدُ بِهِ هَذَا وَأُمُورُ الْبَرْزَخِ وَالْآخِرَةِ عَلَى نَمَطِ غَيْرِ الْمَأْلُوفِ فِي الدُّنْيَا إِلَى أَنْ قَالَ وَلِلرُّوحِ مِنْ سُرْعَةِ الْحَرَكَةِ وَالِانْتِقَالِ الَّذِي كَلَمْحِ الْبَصَرِ مَا يَقْتَضِي عُرُوجَهَا مِنَ الْقَبْرِ إِلَى السَّمَاءِ فِي أَدْنَى لَحْظَةٍ وَشَاهِدُ ذَلِكَ رُوحُ النَّائِمِ فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ رُوحَ النَّائِمِ تَصْعَدُ حَتَّى تَخْتَرِقَ السَّبْعَ الطِّبَاقَ وَتَسْجُدُ لِلَّهِ بَيْنَ يَدَيِ الْعَرْشِ ثُمَّ تُرَدَّ إِلَى جَسَدِهِ فِي أَيْسَرِ الزَّمَان [2076] وَهل بن عُمَرَ بِكَسْرِ الْهَاءِ أَيْ غَلِطَ وَزْنًا وَمَعْنًى وَإِنَّمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُمُ الْآنَ يَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِي كُنْتُ أَقُولُ لَهُمْ هُوَ الْحَقُّ ثُمَّ قَرَأْتُ قَوْلَهُ إِنَّكَ لَا تسمع الْمَوْتَى قَالَ الْبَيْهَقِيُّ الْعِلْمُ لَا يَمْنَعُ مِنَ السَّمَاعِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْآيَةِ أَنَّهُمْ لَا يُسْمِعُهُمْ وَهُمْ مَوْتَى وَلَكِنَّ اللَّهَ أَحْيَاهُمْ حَتَّى سَمِعُوا كَمَا قَالَ قَتَادَة وَلم ينْفَرد بن عُمَرَ بِحِكَايَةِ ذَلِكَ بَلْ وَافَقَهُ وَالِدُهُ عُمَرُ وَأَبُو طَلْحَة وبن مَسْعُودٍ وَغَيْرُهُمْ بَلْ وَرَدَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فَكَأَنَّهَا رَجَعَتْ عَنِ الْإِنْكَارِ لِمَا ثَبَتَ عِنْدَهَا مِنْ رِوَايَةِ هَؤُلَاءِ الصَّحَابَةِ لِكَوْنِهَا لَمْ تشهد الْقِصَّة

[2077] الا عجب الذَّنب زَاد بن أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ الْبَعْثِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُوَ قَالَ مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ هُوَ جُزْءٌ لَطِيفٌ فِي أَصْلِ الصُّلْبِ وَقِيلَ هُوَ رَأْسُ الْعُصْعُصِ مِنْهُ خُلِقَ وَمِنْهُ يُرَكَّبُ أَيْ أَوَّلُ مَا خُلِقَ مِنَ الْإِنْسَانِ هُوَ ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُبْقِيهِ إِلَى أَنْ يُرَكَّبَ الْخَلْقُ مِنْهُ تَارَةً أُخْرَى

[2080] كَانَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ يُسِيءُ الظَّنَّ بِعَمَلِهِ فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ لِأَهْلِهِ إِذَا أَنا مت فاحرقوني الحَدِيث قَالَ بن الْجَوْزِيِّ فِي جَامِعِ الْمَسَانِيدِ

فَإِنْ قِيلَ هَذَا الَّذِي مَا عَمِلَ خَيْرًا قَطُّ كَافِرٌ فَكَيْفَ يُغْفَرُ لَهُ فَالْجَوَابُ قَالَ بن عقيل هَذَا رجل لم تبلغه الدعْوَة غُرْلًا أَيْ غَيْرُ مَخْتُونِينَ فَأَوَّلُ الْخَلَائِقِ يُكْسَى إِبْرَاهِيمُ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي التَّذْكِرَةِ فِيهِ فَضِيلَةٌ عَظِيمَةٌ لِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَخُصُوصِيَّةٌ لَهُ كَمَا خُصَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجِدُهُ مُتَعَلِّقًا بِسَاقِ الْعَرْشِ مَعَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ وَلَمْ يَلْزَمُ مِنْ هَذَا أَنْ يَكُونَ أَفْضَلَ مِنْهُ قَالَ وَتَكَلَّمَ الْعُلَمَاءُ فِي حِكَايَةِ تَقْدِيمِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ

السَّلَامُ فِي الْكِسْوَةِ فَرُوِيَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْأَوَّلِينَ والْآخِرِينِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَبْدٌ أَخْوَفُ مِنْ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَتُعَجَّلَ لَهُ كِسْوَتَهُ أَمَانًا لَهُ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِمَا جَاءَ بِهِ الْحَدِيثُ مِنْ أَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ أُمِرَ بِلُبْسِ السَّرَاوِيلَ إِذَا صَلَّى مُبَالَغَةً فِي السَّتْرِ وَحِفْظًا لِفَرْجِهِ أَنْ يَمَسَّ مُصَلَّاهُ فَفَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ فَيُجْزَى بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ أَوَّلَ مَنْ يُسْتَرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الَّذِينَ أَلْقَوْهُ فِي النَّارِ جَرَّدُوهُ وَنَزَعُوا عَنْهُ ثِيَابَهُ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ كَمَا يُفْعَلُ بِمَنْ يُرَادُ قَتْلُهُ وَكَانَ مَا أَصَابَهُ مِنْ ذَلِكَ فِي ذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَمَّا صَبَرَ وَاحْتَسَبَ وَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ رَفَعَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ شَرَّ النَّارِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَجَزَاهُ بِذَلِكَ الْعُرْيِ أَنْ جَعَلَهُ أَوَّلَ مَنْ يُدْفَعُ عَنْهُ الْعُرِيُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ على رُؤُوس الْأَشْهَادِ وَهَذَا أَحْسَنُهَا وَإِذَا بُدِئَ فِي الْكِسْوَةِ بإبراهيم عَلَيْهِ السَّلَام وثنى بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُتِيَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحُلَّةٍ لَا يَقُومُ بِهَا الْبَشَرُ لِيَجْبُرَ التَّأْخِيرُ بِنَفَاسَةِ الْكِسْوَةِ فَيَكُونُ كَأَنَّهُ كُسِيَ مَعَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ قَالَ الْحَلِيمِيُّ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ حُفَاةً عُرَاةً وَأَوَّلُ مَنْ يُكْسَى مِنَ الْجَنَّةِ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَام يكسى حُلَّةً مِنَ الْجَنَّةِ وَيُؤْتَى بِكُرْسِيٍّ فَيُطْرَحُ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ ثُمَّ يُؤْتَى بِي فَأُكْسِيَ حُلَّةً مِنَ الْجَنَّةِ لَا يَقُومُ لَهُ الْبَشَرُ ثُمَّ أُوتِيَ بِكُرْسِيٍّ فَيُطْرَحُ لِي عَلَى سَاقِ الْعَرْشِ [2085] يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى ثَلَاثِ طَرَائِقَ رَاغِبِينَ رَاهِبِينَ اثْنَانِ عَلَى بَعِيرٍ الْحَدِيثَ قَالَ القَاضِي عِيَاض

هَذَا الْمَحْشَرُ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ قِيَامِ السَّاعَةِ وَهُوَ آخِرُ أَشْرَاطِهَا وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَوْلُهُ وَتَحْشُرُ بَقِيَّتَهُمُ النَّارُ تَقِيلُ مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا وَتَبِيتُ مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا وَتُصْبِحُ مَعَهُمْ حَيْثُ أَصْبَحُوا وَتُمْسِي مَعَهُمْ حَيْثُ أَمْسَوْا وَفِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ فِي أَشْرَاطِ السَّاعَةِ وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ عَدَنٍ تُرَحِّلُ النَّاسَ وَفِي رِوَايَةٍ تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمْ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَخْرُجَ النَّارُ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ فِي غَيْرِ مُسْلِمٍ فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهَا فَاخْرُجُوا إِلَى الشَّامِ كَأَنَّهُ أَمَرَ بِسَبْقِهَا إِلَيْهِ قَبْلَ إِزْعَاجِهَا لَهُمْ وَذَكَرَ الْحَلِيمِيُّ أَنَّ ذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ فَقَالَ يَحْتَمِلُ أَنَّ قَوْلَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى ثَلَاثِ طَرَائِقَ إِشَارَةٌ إِلَى الْأَبْرَارِ وَالْمُخَلِّطِينِ وَالْكُفَّارِ فَالْأَبْرَارُ الرَّاغِبُونَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِيمَا أَعَدَّ لَهُمْ مِنْ ثَوَابِهِ وَالرَّاهِبُونَ هُمُ الَّذِينَ بَيْنَ الْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ فَأَمَّا الْأَبْرَارُ فَإِنَّهُمْ يُؤْتَوْنَ بِالنَّجَائِبِ وَأَمَّا الْمُخَلِّطُونَ فَهُمُ الَّذِينَ أُرِيدُوا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَقِيلَ إِنَّهُمْ يُحْمَلُونَ عَلَى الْأَبْعِرَةِ وَأَمَّا الْفُجَّارُ الَّذِينَ تَحْشُرُهُمُ النَّارُ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَبْعَثُ إِلَيْهِمْ مَلَائِكَةً فَتُقَيِّضُ لَهُمْ نَارًا تَسُوقُهُمْ وَلَمْ يَرِدْ فِي الْحَدِيثِ إِلَّا ذِكْرَ الْبَعِيرِ وَأَمَّا أَنَّ ذَلِكَ مِنْ إِبِلِ الْجَنَّةِ أَوْ مِنَ الْإِبِلِ الَّتِي تَحْيَا وَتُحْشَرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَهَذَا مَا لَمْ يَأْتِ بَيَانُهُ وَالْأَشْبَهُ أَنْ لَا تَكُونَ مِنْ نَجَائِبِ الْجَنَّةِ لِأَنَّ مَنْ خَرَجَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَبْرَارِ وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ مِنْ جَمَلَةِ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّهُمْ بَيْنَ الْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ لِأَنَّ مِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يَغْفِرُ اللَّهُ لَهُ ذُنُوبَهُ فَيُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ وَمِنْهُمْ مَنْ يُعَاقِبُهُ بِالنَّارِ ثُمَّ يُخْرِجُهُ مِنْهَا وَيُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ وَإِذَا كَانُوا كَذَلِكَ لَمْ يَلِقْ أَنْ يَرِدُوا مَوْقِفَ الْحِسَابِ عَلَى نَجَائِبِ الْجَنَّةِ ثُمَّ يُنْزِلُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ إِلَى النَّارِ لِأَنَّ مَنْ

أَكْرَمَهُ اللَّهُ بِالْجَنَّةِ لَمْ يُهِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالنَّارِ وَإلى هَذَا الْقَوْلِ ذَهَبَ الْغَزَالِيُّ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي التَّذْكِرَةِ وَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِيِ عِيَاضٌ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا أَظْهَرُ لِمَا فِي الْحَدِيثِ نَفْسِهِ مِنْ ذِكْرِ الْمَسَاءِ وَالصَّبَاحِ وَالْمَبِيتِ وَالْقَائِلَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ [2086] وَفَوْجٌ يَمْشُونَ وَيَسْعَوْنَ يُلْقِي اللَّهُ الْآفَةَ عَلَى الظَّهْرِ فَلَا يَبْقَى أَحَدٌ حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَكُونَ لَهُ الْحَدِيقَةُ يُعْطِيهَا بِذَاتِ الْقَتَبِ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا قَالَ الْقُرْطُبِيُّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِك فِي الدُّنْيَا كَمَا قَالَ عِيَاض

[2089] أُرْسِلَ مَلَكُ الْمَوْتِ لَمْ يَرِدْ تَسْمِيَتُهُ فِي حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ وَوَرَدَ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَنَّ اسْمَهُ عِزْرَائِيلُ رَوَاهُ أَبُو الشَّيْخِ فِي الْعَظَمَةِ إِلَى مُوسَى فَلَمَّا جَاءَهُ صَكَّهُ فَفَقَأَ عينه قَالَ بن خُزَيْمَةَ أَنْكَرَ بَعْضُ الْمُبْتَدِعَةِ هَذَا الْحَدِيثَ وَقَالُوا إِنْ كَانَ مُوسَى

عَرَفَهُ فَقَدِ اسْتَخَفَّ بِهِ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَعْرِفْهُ فَكَيْفَ يُقْتَصُّ لَهُ مِنْ فَقْءِ عَيْنِهِ وَالْجَوَابُ إنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّمَا لَطَمَهُ لِأَنَّهُ رَأَى آدَمِيًّا دَخَلَ دَارَهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مَلَكُ الْمَوْتِ وَقَدْ أَبَاحَ الشَّارِعُ فَقْءَ عَيْنِ النَّاظِرِ فِي دَارِ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ إِذْنٍ وَقَدْ جَاءَتِ الْمَلَائِكَةُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإلى لُوطٍ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ فِي صُورَةِ آدَمِيِّينَ فَلَمْ يَعْرِفَاهُمُ ابْتِدَاءً وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ عَرَفَهُ فَمِنْ أَيْنَ لِهَذَا الْمُبْتَدِعِ مَشْرُوعِيَّةُ الْقِصَاصِ بَيْنَ الْمَلَائِكَةِ وَالْبَشَرِ ثُمَّ مِنْ أَيْنَ لَهُ أَنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ طَلَبَ الْقِصَاصَ مِنْ مُوسَى فَلم يقْتَصّ لَهُ ولخص الْخطابِيّ كَلَام بن خُزَيْمَةَ وَزَادَ فِيهِ أَنَّ مُوسَى دَفَعَهُ عَنْ نَفْسِهِ لِمَا رُكِّبَ فِيهِ مِنَ الْحِدَّةِ وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَدَّ عَيْنَ مَلَكِ الْمَوْتِ لِيَعْلَمَ مُوسَى أَنَّهُ جَاءَهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَلِهَذَا استسلم حِينَئِذٍ وَقَالَ بن قُتَيْبَةَ إِنَّمَا فَقَأَ مُوسَى الْعَيْنَ الَّتِي هِيَ تَخْيِيلٌ وَتَمْثِيلٌ وَلَيْسَتْ عَيْنًا حَقِيقَةً وَمَعْنَى رَدَّ اللَّهُ عَيْنَهُ أَيْ أَعَادَهُ إِلَى خِلْقَتِهِ وَقِيلَ هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَرَدَّ اللَّهُ إِلَى مَلَكِ الْمَوْتِ عَيْنَهُ الْبَشَرِيَّةَ لِيَرْجِعَ إِلَى مُوسَى عَلَى كَمَالِ الصُّورَةِ فَيَكُونُ ذَلِكَ أَقْوَى فِي اعْتِبَارِهِ وَقَالَ غَيْرُهُ إِنَّمَا لَطَمَهُ لِأَنَّهُ جَاءَ لِقَبْضِ رُوحِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُخَيِّرَهُ لِمَا ثَبَتَ أَنَّهُ لَمْ يُقْبَضْ نَبِيٌّ حَتَّى يُخَيَّرَ فَلِهَذَا لَمَّا خَيَّرَهُ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيةِ أَذْعَنَ عَلَى متن ثَوْر بِفَتْح وَسُكُون الْمُثَنَّاة هوالظهر وَقِيلَ هُوَ مُكْتَنَفُ الصُّلْبُ بَيْنَ الْعَصَبِ وَاللَّحْمِ ثُمَّ مَهْ هِيَ مَا الِاسْتِفْهَامِيَّةُ حُذِفَتْ أَلِفُهَا وَأُلْحِقَ بِهَا هَاءُ السَّكْتِ فَلَوْ كُنْتُ ثَمَّ بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ هُنَاكَ تَحْتَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ بِالْمُثَلَّثَةِ وَآخِرِهِ مُوَحَّدَةٌ بِوَزْنٍ عَظِيمٍ الرَّمْلُ الْمُجْتَمِعُ وَيُقَال

كتاب الصوم

إِنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ أَتَاهُ بِتُفَّاحَةٍ مِنَ الْجَنَّةِ فَشَمَّهَا فَمَاتَ وَعَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَوَلَّوْا دَفْنَهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ عَاشَ مائَة وَعشْرين سنة (كتاب الصَّوْم) الْمُرْتَفِقُ أَيِ الْمُتَّكِئُ عَلَى الْمِرْفَقَةِ وَهِيَ الْوِسَادَةُ وَأَصْلُهُ مِنَ الْمِرْفَقِ كَأَنَّهُ اسْتَعْمَلَ مِرْفَقَهُ وَاتَّكَأَ عَلَيْهِ

[2098] إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْفَاءِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ شُدِّدَتْ وَأُوثِقَتْ بِالْأَغْلَالِ قَالَ الْحَلِيمِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ الشَّيَاطِينَ مُسْتَرِقُو السَّمْعِ مِنْهُمْ وَأَنَّ تَسَلُّطَهُمْ يَقَعُ فِي لَيَالِي رَمَضَانَ دُونَ أَيَّامِهِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُنِعُوا فِي زَمَنِ نُزُولِ الْقُرْآنِ مِنَ اسْتِرَاقِ السَّمْعِ فَزِيدَ وَالتَّسَلْسُلُ مُبَالَغَةٌ فِي الْحِفْظِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ الشَّيَاطِينَ لَا يَخْلُصُونَ مِنْ إِفْسَادِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مَا يَخْلُصُونَ إِلَيْهِ فِي غَيره لَا شتغالهم بِالصِّيَامِ الَّذِي فِيهِ قَمْعُ الشَّهَوَاتِ وَبِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ وَقَالَ غَيْرُهُ الْمُرَادُ بِالشَّيَاطِينِ بَعْضُهُمْ وَهُمُ الْمَرَدَةُ مِنْهُمْ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ بَعْدَ هَذَا

[2100] فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فَتْحُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ عِبَارَةً عَمَّا يَفْتَحُهُ اللَّهُ تَعَالَى لِعِبَادِهِ مِنَ الطَّاعَاتِ وَذَلِكَ أَسْبَابٌ لِدُخُولِ الْجَنَّةِ وَغَلْقُ أَبْوَابِ النَّارِ عِبَارَةً عَنْ صَرْفِ الْهِمَمِ عَنِ الْمَعَاصِي الْآيِلَةِ بِأَصْحَابِهَا إِلَى النَّارِ وتصفيد

الشَّيَاطِينِ عِبَارَةً عَنْ تَعْجِيزِهِمْ عَنِ الْإِغْوَاءِ وَتَزْيِينِ الشَّهَوَاتِ قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ إِذْ لَا ضَرُورَةَ تَدْعُو إِلَى صَرْفِ اللَّفْظِ عَنْ ظَاهِرِهِ وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الَّتِي فِيهَا أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ وَأَبْوَابُ السَّمَاءِ فَمِنْ تَصَرُّفِ رُوَاتِهِ وَأَصْلُهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ بِدَلِيلِ مَا يُقَابِلُهُ وَهُوَ غَلْقُ أَبْوَابِ النَّارِ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ بَعْدَ أَنْ رَجَّحَ حَمْلَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ فَإِنْ قِيلَ فَكَيْفَ تُرَى الشُّرُورُ وَالْمَعَاصِي وَاقِعَةً فِي رَمَضَانَ كَثِيرًا فَلَوْ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ لَمْ يَقَعْ ذَلِكَ فَالْجَوَابُ أَنَّهَا إِنَّمَا تُغَلُّ عَنِ الصَّائِمِينَ الصَّوْمَ الَّذِي حُوفِظَ عَلَى شُرُوطِهِ وَرُوعِيَتْ آدَابُهُ أَوِ الْمُصَفَّدُ بَعْضُ الشَّيَاطِينِ وَهُمُ الْمَرَدَةُ لَا كُلُّهُمْ وَالْمَقْصُودُ تَقْلِيلُ الشُّرُورِ مِنْهُمْ فِيهِ وَهَذَا أَمْرٌ مَحْسُوسٌ فَإِنَّ وُقُوعَ ذَلِكَ فِيهِ أَقَلُّ مِنْ غَيْرِهِ إِذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَصْفِيدِ

جَمِيعِهِمْ أَنْ لَا يَقَعَ شَرٌّ وَلَا مَعْصِيَةٌ لِأَنَّ لِذَلِكَ أَسْبَابًا غَيْرَ الشَّيَاطِينِ كَالنُّفُوسِ الْخَبِيثَةِ والعادات القبيحة وَالشَّيَاطِين الانسية [2106] وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ وَقَالَ عِيَاضٌ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْحَدِيثَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَحَقِيقَتِهِ وَأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ عَلَامَةٌ لِلْمَلَائِكَةِ لِدُخُولِ الشَّهْرِ وَتَعْظِيمِ حُرْمَتِهِ وَكَمَنْعِ الشَّيَاطِينِ مِنْ أَذَى الْمُؤْمِنِينَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إِشَارَةً إِلَى كَثْرَةِ الثَّوَابِ وَالْعَفْوِ وَأَنَّ الشَّيَاطِينَ يَقِلُّ إِغْوَاؤُهُمْ فَيَصِيرُونَ كَالْمُصَفَّدِينَ قَالَ وَيُؤَيِّدُ هَذَا الِاحْتِمَالَ الثَّانِي قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ

[2116] فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ أَيْ حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ غَيْمٌ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي التَّنْقِيحِ فِيهِ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الْهِلَالِ أَيْ سُتِرَ مِنْ غَمَّيْتَ الشَّيْءَ سَتَرْتَهُ وَلَيْسَ مِنَ الْغَيْمِ وَيُقالُ فِيهِ غَمَّى وَغَمَى مخففا ومشددا رباعيا وثلاثيا [2120] فَاقْدُرُوا لَهُ بِالْوَصْلِ وَضَمِّ الدَّالِ وَكَسْرِهَا يَعْنِي حَقِّقُوا مَقَادِيرَ أَيَّامِ شَعْبَانَ حَتَّى تُكْمِلُوهُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا كَمَا جَاءَ فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى غَيَايَةٌ بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ وَتَحْتِيَّتَيْنِ بَيْنَهُمَا أَلِفٌ سَاكِنَةٌ هِيَ السحابة

[2144] تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً قَالَ النَّوَوِيُّ رَوَوْهُ بِفَتْحِ السِّينِ وَضَمِّهَا قَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي لِأَنَّ الْمُرَادَ

بِالْبَرَكَةِ الْأَجْرُ وَالثَّوَابُ فَيُنَاسِبُ الضَّمَّ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى التَّسَحُّرِ وَالْبَرَكَةُ كَوْنُهُ يُقَوِّي عَلَى الصَّوْمِ وَيُنَشِّطُ لَهُ وَيُخَفِّفُ الْمَشَقَّةَ فِيهِ فَيُنَاسِبُ الْفَتْحَ لِأَنَّهُ مَا يُتَسَحَّرُ بِهِ وَقِيلَ الْبَرَكَةُ مَا يَتَضَمَّنُ مِنْ الِاسْتِيقَاظِ وَالدُّعَاءِ فِي السَّحَرِ وَالْأَوْلَى أَنَّ الْبَرَكَةَ فِي السَّحُورِ تَحْصُلُ بِجِهَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَهِيَ اتِّبَاعُ السُّنَّةِ وَمُخَالَفَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالتَّقَوِّي بِهِ عَلَى الْعِبَادَةِ وَالزِّيَادَةُ فِي النَّشَاطِ وَالتَّسَبُّبُ بِالصَّدَقَةِ عَلَى مَنْ يَسْأَلُ إِذْ ذَاكَ وَيَجْتَمِعُ مَعَهُ عَلَى الْأَكْلِ وَالسَّبَبُ لِلذِّكْرِ وَالدُّعَاءُ وَقْتَ مَظِنَّةِ الْإِجَابَةِ وَتَدَارُكُ نِيَّةِ الصَّوْمِ لِمَنْ أَغْفَلَهَا قبل أَن ينَام وَقَالَ

بن دَقِيقِ الْعِيدِ هَذِهِ الْبَرَكَةُ يَجُوزُ أَنْ تَعُودَ إِلَى الْأُمُورِ الْأُخْرَوِيَّةِ فَإِنَّ إِقَامَةَ السُّنَّةِ تُوجِبُ الْأَجْرَ وَزِيَادَةً وَيَحْتَمِلُ الْأُمُورَ الدُّنْيَوِيَّةَ كَقُوَّةِ الْبَدَنِ عَلَى الصَّوْمِ وَتَيْسِيرِهِ مِنْ غَيْرِ إِضْرَارٍ بِالصَّائِمِ قَالَ وَمِمَّا يُعَلَّلُ بِهِ اسْتِحْبَابُ السَّحُورِ الْمُخَالَفَةُ لِأَهْلِ الْكِتَابِ لِأَنَّهُ مُمْتَنِعٌ عِنْدَهُمْ وَهَذَا أَحَدُ الْأَجْوِبَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلزِّيَادَةِ فِي الْأُجُورِ الْأُخْرَوِيَّةِ قَالَ وَقَدْ وَقَعَ لِلْمُتَصَوِّفَةِ فِي مَسْأَلَةِ السَّحُورِ كَلَامٌ من جِهَة

اعْتِبَارِ حِكْمَةِ الصَّوْمِ وَهِيَ كَسْرُ شَهْوَةِ الْبَطْنِ وَالْفَرْجِ وَالسَّحُورُ قَدْ يُبَايِنُ ذَلِكَ قَالَ وَالصَّوَابُ

أَنْ يُقَالَ مَا زَادَ فِي الْمِقْدَارِ حَتَّى يَعْدَمَ هَذِهِ الْحِكْمَةَ بِالْكُلِّيَّةِ فَلَيْسَ بِمُسْتَحَبٍّ كَالَّذِي يَصْنَعُهُ الْمُتْرَفُونَ مِنَ التَّأَنُّقِ فِي الْمَآكِلِ وَكَثْرَةِ الِاسْتِعْدَادِ لَهَا وَمَا عَدَا ذَلِكَ تَخْتَلِفُ مَرَاتِبُهُ [2162] دَخَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَتَسَحَّرُ فَقَالَ إِنَّهَا بَرَكَةٌ أَعْطَاكُمُ اللَّهُ إِيَّاهَا فَلَا تَدَعُوهُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هُوَ مِمَّا اخْتَصَّتْ بِهِ هَذِهِ الْأُمَّةُ فِي صَوْمِهَا

[2166] عَنْ مُوسَى بْنِ عُلَيٍّ قَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ بِضَمِّ الْعَيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ إِنَّ فَصْلَ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَكْلَةُ السُّحُورِ قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ الْفَارِقُ وَالْمُمَيِّزُ بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِهِمُ السُّحُورُ فَإِنَّهُمْ لَا يَتَسَحَّرُونَ وَنَحْنُ نَتَسَحَّرُ فَيُسْتَحَبُّ لَنَا السُّحُورُ قَالَ وَأَكْلَةُ السَّحُورِ هِيَ السُّحُورُ وَهِيَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ هَكَذَا ضَبَطَهُ الْجُمْهُورُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي رِوَايَاتِ بِلَادِنَا وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنِ الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ مِنَ الْأَكْلِ وَإِنْ كَثُرَ الْمَأْكُولِ فِيهَا كَالْغَدْوَةِ وَالْعَشْوَةِ وَأَمَّا الْأُكْلَةُ بِالضَّمِّ فَهِيَ اللُّقْمَةُ الْوَاحِدَةُ وَادَّعَى الْقَاضِي عِيَاضٌ أَنَّ الرِّوَايَةَ فِيهِ بِالضَّمِّ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ رِوَايَةَ أَهْلِ بِلَادِهِمْ قَالَ عِيَاضٌ وَالصَّوَابُ الْفَتْحُ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ هُنَا

[2203] مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ الْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا عَلَى الْحَالِ بِأَنْ يَكُونَ الْمَصْدَرُ فِي مَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ أَيْ مُؤْمِنًا مُحْتَسِبًا وَالْمُرَادُ بِالْإِيمَانِ الِاعْتِقَادُ لِحَقِّ فَرْضِيَّةِ صَوْمِهِ وَالِاحْتِسَابُ

طَلَبُ الثَّوَابِ مِنَ اللَّهِ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ احْتِسَابًا أَيْ عَزِيمَةً وَهُوَ أَنْ يَصُومَهُ عَلَى مَعْنَى

الرَّغْبَةِ فِي ثَوَابِهِ طَيِّبَةً نَفْسُهُ بِذَلِكَ غَيْرَ مستثقل لصيامه وَلَا مستطيل لأيامه

[2211] الصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ بِهَذَا مَعَ أَنَّ الْأَعْمَالَ كُلَّهَا لِلَّهِ تَعَالَى وَهُوَ الَّذِي يَجْزِي بِهَا عَلَى أَقْوَالٍ أَحَدِهَا أَنَّ الصَّوْمَ لَا يَقَعُ فِيهِ الرِّيَاءِ كَمَا يَقَعُ فِي غَيْرِهِ قَالَهُ أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ لَيْسَ فِي الصَّوْمِ رِيَاءٌ قَالَ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَعْمَالَ إِنَّمَا تَكُونُ بِالْحَرَكَاتِ إِلَّا الصَّوْمُ فَإِنَّمَا هُوَ بِالنِّيَّةِ الَّتِي تَخْفَى عَنِ النَّاسِ

قَالَ هَذَا وَجْهُ الْحَدِيثِ عِنْدِي وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة بِسَنَد ضَعِيف قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ وَلَوْ صَحَّ لَكَانَ قَاطِعًا لِلنِّزَاعِ وَقَدِ ارتضى هَذَا الْجَواب الْمَازرِيّ وبن الْجَوْزِيِّ وَالْقُرْطُبِيُّ الثَّانِي مَعْنَاهُ أَنَّ الْأَعْمَالَ قَدْ كُشِفَتْ مَقَادِيرُ ثَوَابِهَا لِلنَّاسِ وَإِنَّهَا تُضَعَّفُ مِنْ عَشَرَةٍ إِلَى سَبْعِمِائَةٍ إِلَى مَا شَاءَ اللَّهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّ اللَّهَ يُثِيبُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ تَقْدِيرٍ وَيَشْهَدُ لَهُ مَسَاقُ رِوَايَةِ الْمُوَطَّأِ حَيْثُ قَالَ كل عمل بن آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى مَا شَاءَ اللَّهُ قَالَ اللَّهُ إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ أَيْ أُجَازِي عَلَيْهِ خَيْرًا كَثِيرًا مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ لِمِقْدَارِهِ الثَّالِثُ مَعْنَى قَوْلِهِ الصَّوْمُ لِي أَنَّهُ أَحَبُّ الْعِبَادَاتِ إِلَيَّ وَالْمُقَدَّمُ عِنْدِي قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ كَفَى بِقَوْلِهِ الصَّوْمُ لِي فَضْلًا لِلصِّيَامِ عَلَى سَائِرِ الْعِبَادَاتِ وَرَوَى النَّسَائِيُّ عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ وَاعْلَمُوا أَنَّ خَيْرَ أَعْمَالِكُمُ الصَّلَاةُ الرَّابِعُ الْإِضَافَةُ إِضَافَةُ تَشْرِيفٍ وَتَعْظِيمٍ كَمَا يُقَالُ بَيْتُ اللَّهِ وَإِنْ كَانَتِ الْبُيُوتُ كُلُّهَا لِلَّهِ الْخَامِسُ أَنَّ الِاسْتِغْنَاءَ عَنِ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ مِنَ الشَّهَوَاتِ مِنْ صِفَاتِ الرَّبِّ جَلَّ جَلَالُهُ فَلَمَّا تَقَرَّبَ الصَّائِمُ إِلَيْهِ بِمَا يُوَافِقُ صِفَاتِهِ أَضَافَهُ إِلَيْهِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّ أَعْمَالَ الْعِبَادِ مُنَاسِبَةٌ لِأَحْوَالِهِمْ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ مُنَاسِبٌ لِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ الْحَقِّ كَأَنَّهُ يَقُولُ إِنَّ الصَّائِمَ يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِأَمْرٍ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِي السَّادِسُ أَنَّ الْمَعْنَى كَذَلِكَ لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَلَائِكَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِهِمْ السَّابِعُ أَنَّهُ خَالِصٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ فِيهِ حَظٌّ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَإِنَّ لَهُ فِيهِ حَظًّا لِثَنَاءِ النَّاسِ عَلَيْهِ بِعِبَادَتِهِ الثَّامِنُ أَنَّ الصِّيَامَ لَمْ يُعْبَدْ بِهِ غَيْرُ اللَّهِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ وَالطَّوَافِ وَنَحْوِ ذَلِكَ التَّاسِعُ أَنَّ جَمِيعَ الْعِبَادَاتِ تُوَفَّى مِنْهَا مَظَالِمُ الْعِبَادِ إِلَّا الصَّوْم روى الْبَيْهَقِيّ عَن بن عُيَيْنَةَ قَالَ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يُحَاسِبُ اللَّهُ تَعَالَى عَبْدَهُ وَيُؤَدِّي مَا عَلَيْهِ مِنَ الْمَظَالِمِ مِنْ عَمَلِهِ حَتَّى لَا يَبْقَى لَهُ إِلَّا الصَّوْمُ فَيَتَحَمَّلُ اللَّهُ تَعَالَى مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنَ الْمَظَالِمِ وَيُدْخِلُهُ بِالصَّوْمِ الْجَنَّةَ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ قَالَ رَبُّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلُّ الْعَمَلِ كَفَّارَةٌ إِلَّا الصَّوْمَ الصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ رَوَاهُ الطَّيَالِسِيُّ وَأَحْمَدُ فِي مُسْنَدَيْهِمَا الْعَاشِرُ أَنَّ الصَّوْمَ لَا يَظْهَرُ فَتَكْتُبُهُ الْحَفَظَةُ كَمَا لَا تَكْتُبُ سَائِرَ أَعْمَالِ الْقُلُوب

قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ فَهَذَا مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنَ الْأَجْوِبَةِ وَأَقْرَبُهَا إِلَى الصَّوَابِ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي وَأَقْرَبُ مِنْهُمَا الثَّامِنُ وَالتَّاسِعُ قَالَ وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ بَلَّغَهَا إِلَى أَكْثَرَ مِنْ هَذَا وَهُوَ الطلقاني فِي حَظَائِرِ الْقُدْسِ لَهُ وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ قُلْتُ قَدْ وَقَفْتُ عَلَيْهِ فَرَأَيْتُهُ بَلَّغَهَا إِلَى خَمْسَةٍ وَخَمْسِينَ قَوْلًا وَسَأَسُوقُهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي التَّعْلِيق الَّذِي على بن مَاجَهْ قَالَ الْحَافِظُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالصِّيَامِ هُنَا صِيَامُ مَنْ سَلِمَ صِيَامُهُ مِنَ الْمَعَاصِي قَوْلًا وَفِعْلًا وَقَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذَا الْحَدِيثُ يَشْكُلُ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ يَعْنِي أَنَّ نِصْفَ الْفَاتِحَةِ الْأَوَّلَ ثَنَاءٌ عَلَى اللَّهِ وَالنِّصْفَ الثَّانِي دُعَاءٌ لِلْعَبْدِ فِي مَصَالِحِهِ فَقَدْ صَارَ لِلَّهِ غَيْرُ الصَّوْمِ قَالَ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْإِضَافَةَ الثَّانِيةَ لَا تُنَاقِضُ الْأُولَى إِذِ الثَّانِيةُ لِأَجْلِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالْأولَى لِأَجْلِ أَحَدِ الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ وَإِذَا تَعَدَّدَتِ الْجِهَةُ فَلَا تَعَارُضَ حِينَئِذٍ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَالْفَاءِ قَالَ عِيَاضٌ هَذِهِ الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ وَبَعْضُ الشُّيُوخِ يقَوْلُهُ بِفَتْحِ الْخَاءِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَهُوَ خَطَأٌ وَحُكِيَ عَنِ الْقَابِسِيِّ الْوَجْهَيْنِ وَبَالَغَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فَقَالَ لَا يَجُوزُ فَتْحُ الْخَاءِ وَاحْتَجَّ غَيْرُهُ لِذَلِكَ بِأَنَّ الْمَصَادِرَ الَّتِي جَاءَتْ عَلَى فَعُولٍ بِفَتْح اللَّام قَلِيلَةٌ وَلَيْسَ هَذَا مِنْهَا أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ اخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ مَعَ أَنَّ اللَّهَ مُنَزَّهٌ عَنِ اسْتِطَابَةِ الرَّوَائِحِ إِذْ ذَاكَ مِنْ صِفَاتِ الْحَوَادِثِ وَمَعَ أَنَّهُ يَعْلَمُ الشَّيْءَ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ فَقَالَ الْمَازِرِيُّ هُوَ مَجَازٌ لِأَنَّهُ جَرَتِ الْعَادَةُ بِتَقْرِيبِ الرَّوَائِحِ الطَّيِّبَةِ مِنَّا فَاسْتُعِيرَ ذَلِكَ لِلصَّوْمِ لِتَقْرِيبِهِ مِنَ اللَّهِ فَالْمَعْنَى أَنَّهُ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ عِنْدَكُمْ أَيْ يُقَرَّبُ إِلَيْهِ مِنْ تقريب الْمسك اليكم والى ذَلِك أَشَارَ

بن عَبْدِ الْبَرِّ وَقِيلَ الْمُرَادُ أَنَّ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمَلَائِكَةِ وَأَنَّهُمْ يَسْتَطِيبُونَ رِيحَ الْخُلُوفِ أَكْثَرَ مِمَّا يَسْتَطِيبُونَ رِيحَ الْمِسْكِ وَقِيلَ الْمَعْنَى أَنَّ حُكْمَ الْخُلُوفِ وَالْمِسْكِ عِنْدَ اللَّهِ عَلَى ضِدِّ مَا هُوَ عِنْدَكُمْ وَهَذَا قَرِيبٌ مِنَ الْأَوَّلِ وَقِيلَ الْمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ يَجْزِيهِ فِي الْآخِرَةِ فَتَكُونُ نَكْهَتُهُ أَطْيَبَ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ كَمَا يَأْتِي الْمَكْلُومُ وَرِيحُ جُرْحِهِ يَفُوحُ مِسْكًا وَقِيلَ الْمُرَادُ أَنَّ صَاحِبَهُ يَنَالُ مِنَ الثَّوَابِ مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ لَا سِيَّمَا بِالْإِضَافَةِ إِلَى الْخُلُوفِ حَكَاهُمَا عِيَاضٌ وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ وَجَمَاعَةٌ الْمَعْنَى أَنَّ الْخُلُوفَ أَكْثَرُ ثَوَابًا مِنَ الْمِسْكِ الْمَنْدُوبِ إِلَيْهِ فِي الْجُمَعِ وَمَجَالِسِ الذِّكْرِ وَرَجَّحَ النَّوَوِيُّ هَذَا الْأَخِيرَ وَحَاصِلُهُ حَمْلُهُ مَعْنَى الطِّيبِ عَلَى الْقَبُولِ وَالرِّضَا فَحَصَلْنَا عَلَى سِتَّةِ أَجْوِبَةٍ وَقَدْ نَقَلَ الْقَاضِي

حُسَيْنٌ فِي تَعْلِيقِهِ أَنَّ لِلطَّاعَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رِيحًا يَفُوحُ قَالَ فَرَائِحَةُ الصِّيَامِ فِيهَا بَيْنَ الْعِبَادَات كالمسك وَقد تنَازع بن عبد السَّلَام وبن الصّلاح فِي هَذِه الْمَسْأَلَة فَذهب بن عَبْدِ السَّلَامِ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ كَمَا فِي دَمِ الشَّهِيدِ وَاسْتَدَلَّ بِالرِّوَايَةِ الَّتِي فِيهَا يَوْم الْقِيَامَة وَذهب بن الصَّلَاحِ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا وَاسْتَدَلَّ بِمَا رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ فِي مُسْنَدِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ فِي فَضْلِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فِي رَمَضَانَ أَمَّا الثَّانِيةُ فَإِنَّ خُلُوفَ أَفْوَاهِهِمْ حِينَ يُمْسُونَ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ قَالَ وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ إِلَى ذَلِكَ [2215] يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ لِابْنِ خُزَيْمَةَ يَدَعُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ مِنْ أَجْلِي وَيَدَعُ لَذَّتَهُ مِنْ أَجْلِي وَيَدَعُ زَوْجَتَهُ مِنْ أَجْلِي الصِّيَامُ جُنَّةٌ بِضَمِّ الْجِيم أَي وقاية وَستر قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ مِنَ النَّارِ لِتَصْرِيحِهِ بِهِ فِي الْحَدِيثِ الْآتِي وَقَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ مَعْنَى كَوْنِهِ جنَّة أَي بَقِي صَاحِبَهُ مَا يُؤْذِيهِ مِنَ الشَّهَوَاتِ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ جُنَّةٌ أَيْ سُتْرَةٌ يَعْنِي بِحَسَبِ مَشْرُوعِيَّتِهِ فَيَنْبَغِي لِلصَّائِمِ أَنْ يَصُونَ صَوْمَهُ مِمَّا يُفْسِدُهُ وَيُنْقِصُ ثَوَابه واليه الْإِشَارَة بقوله [2216] وَإِذا كَانَ يَوْم صِيَام أحدكُم فَلَا يرْفث بِضَم الْفَاء وَكسرهَا ومثلثة وَالْمرَاد بالرفث الْكَلَام الْفَاحِش وَهُوَ يُطلق على هَذَا وعَلى الْجِمَاع وعَلى مقدماته وَذكره مَعَ النِّسَاء أَو مُطلقًا وَيحْتَمل أَن يكون النَّهْي لما هُوَ أَعم مِنْهَا وَلَا يَصْخَبْ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ لَا يَصِيحُ فَإِنْ شَاتَمَهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ أَنِّي صَائِم اخْتلف هَل يُخَاطب بهَا للَّذي كَلَّمَهُ بِذَلِكَ أَوْ يَقُولُهَا فِي نَفْسِهِ وَبِالثَّانِي جَزَمَ الْمُتَوَلِّي وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنِ الْأَئِمَّةِ وَرَجَّحَ النَّوَوِيُّ الْأَوَّلَ فِي الْأَذْكَارِ وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ كُلٌّ مِنْهُمَا حَسَنٌ وَالْقَوْلُ بِاللِّسَانِ أَقْوَى فَلَو جَمعهمَا لَكَانَ حسنا قَوْله لأمر الصَّوْم فَعَادَ إِلَيَّ بِالْجَوَابِ الْأَوَّل تَعْظِيمًا لِأَمْرِهِ وَإِنَّهُ يَكْفِي وَالله تَعَالَى أعلم

[2233] الصِّيَامُ جُنَّةٌ مَا لَمْ يَخْرِقْهَا زَادَ الدَّارِمِيُّ بالغيبة

[2234] فَمَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا فَلَا يَجْهَلْ أَيْ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا مِنْ أَفْعَالِ أَهْلِ الْجَهْلِ كَالصِّيَاحِ والسفه وَنَحْو ذَلِك

[2239] عَلَيْكُمْ بِالْبَاءَةِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ يَعْنِي النِّكَاحَ وَالتَّزْوِيجَ يُقَالُ فِيهَا الْبَاءَ وَالْبَاءَةَ وَقَدْ يُقْصَرُ وَهُوَ مِنَ الْمَبَاءَةِ الْمَنْزِلِ لِأَنَّ مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بَوَّأَهَا مَنْزِلًا وَقِيلَ لِأَنَّ الرَّجُلَ يَتَبَوَّأُ مِنْ أَهْلِهِ أَيْ يَسْتَمْكِنُ كَمَا يَتَبَوَّأُ مِنْ مَنْزِلِهِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ قَالَ الْأَنْدَلُسِيُّ فِي شَرْحِ الْمُفَصَّلِ الْإِغْرَاءُ لَا يَكُونُ إِلَّا لِلْمُخَاطَبِ فَلَا يَجُوزُ فَعَلَيْهِ بِزَيْدٍ وَأَمَّا فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّمَا حَسُنَ لِتَقَدُّمِ الْخِطَابِ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ عَلَيْكُمْ بِالْبَاءَةِ كَأَنَّهُ قَالَ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ فَالْغَائِبُ فِي الْخَبَرِ فِي مَعْنَى الْمُخَاطَبِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ بِكَسْرِ الْوَاوِ وَالْمَدُّ قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْوِجَاءُ أَنْ تُرَضَّ أُنْثَيَا الْفَحْلِ رَضًّا شَدِيدًا يُذْهِبُ شَهْوَةَ الْجِمَاعِ وَيَتَنَزَّلُ فِي قَطْعِهِ مَنْزِلَةَ الْخِصَاءِ وَقِيلَ هُوَ أَنْ تُوجَأَ الْعُرُوقُ وَالْخُصْيَتَانِ بِحَالِهِمَا

أَرَادَ أَنَّ الصَّوْمَ يَقْطَعُ النِّكَاحَ كَمَا يَقْطَعُ الْوِجَاءُ وَرُوِيَ وَجًا بِوَزْنِ عَصًا يُرِيدُ التَّعَبَ وَالْجَفَاءَ وَذَلِكَ بَعِيدٌ إِلَّا أَنْ يُرَادَ فِيهِ مَعْنَى الْفُتُورِ وَلِأَنَّ مَنْ وُجِيَ فَتَرَ عَنِ الْمَشْيِ فَشَبَّهَ الصَّوْمَ فِي بَابِ النِّكَاحِ بِالتَّعَبِ فِي بَابِ الْمَشْيِ [2240] مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَلْيَصُمْ قَالَ الْمَازِرِيُّ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْبَاءَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْجِمَاعُ عَلَى ظَاهِرِهِ

لِأَنَّهُ قَالَ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَلْيَصُمْ وَلَوْ كَانَ غَيْرُ مُسْتَطِيعٍ لِلْجِمَاعِ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَاجَةٌ لِلصَّوْمِ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ لَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِطَاعَتَانِ مُخْتَلِفَتَيْنِ فَيَكُونُ الْمُرَادُ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ الْجِمَاعَ أَيْ مَنْ بَلَغَهُ وَقَدَرَ عَلَيْهِ فَلْيَتَزَوَّجْ وَيَكُونُ قَوْلُهُ بَعْدُ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ يَعْنِي عَلَى الزَّوَاجِ الْمَذْكُورِ مِمَّنْ هُوَ بِالصِّفَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَلْيَصُمْ وَقَالَ النَّوَوِيُّ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ بِالْبَاءَةِ هُنَا عَلَى قَوْلَيْنِ يَرْجِعَانِ إِلَى مَعْنًى وَاحِدٍ أَصَحُّهُمَا أَنَّ الْمُرَادَ مَعْنَاهَا اللُّغَوِيُّ وَهُوَ الْجِمَاعُ فَتَقْدِيرُهُ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْجِمَاعَ لِقُدْرَتِهِ عَلَى مُؤَنِهِ وَهِي مُؤَنُ النِّكَاحِ فَلْيَتَزَوَّجْ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعِ الْجِمَاعَ لِعَجْزِهِ عَنْ مُؤَنِهِ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ وَالثَّانِي أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا بِالْبَاءَةِ مُؤَنُ النِّكَاحِ سُمِّيَتْ بِاسْمِ مَا يُلَازِمُهَا وَتَقْدِيرُهُ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ مُؤَنَ النِّكَاحِ فَلْيَتَزَوَّجْ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَلْيَصُمْ وَالذِي حَمَلَ الْقَائِلِينَ لِهَذَا عَلَى هَذَا أَنَّهُمْ قَالُوا الْعَاجِزُ عَنِ الْجِمَاعِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى الصَّوْمِ لِدَفْعِ الشَّهْوَةِ فَوَجَبَ تَأْوِيلُ الْبَاءَةِ عَلَى الْمُؤَنِ وَأَجَابَ الْأَوَّلُونَ بِمَا قَدَّمَاهُ أَنَّ تَقْدِيرَهُ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعِ الْجِمَاعَ لِعَجْزِهِ عَنْ مُؤَنِهِ وَهُوَ يحْتَاج إِلَى الْجِمَاع فليصم [2243] مِنْ كَانَ مِنْكُمْ ذَا طَوْلٍ بِفَتْحِ الطَّاءِ أَي سَعَة

[2244] مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ سَبِيلُ اللَّهِ عَامٌّ يَقَعُ عَلَى كل عمل خَالِصٍ لِلَّهِ سَلَكَ بِهِ طَرِيقَ التَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِأَدَاءِ الْفَرَائِضِ وَالنَّوَافِلِ وَأَنْوَاعِ التَّطَوُّعَاتِ وَإِذَا أُطْلِقَ فَهُوَ فِي الْغَالِبِ وَاقِعٌ عَلَى الْجِهَادِ حَتَّى صَارَ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ كَأَنَّهُ مَقْصُورٌ عَلَيْهِ زَحْزَحَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ بِذَلِكَ الْيَوْمِ سَبْعِينَ خَرِيفًا قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ نَحَّاهُ وَبَاعَدَهُ عَنِ النَّارِ مَسَافَةً تُقْطَعُ فِي سَبْعِينَ سَنَةٍ لِأَنَّهُ كُلَّمَا مَرَّ خَرِيفٌ فَقَدِ انْقَضَتْ سَنَةُ وَقَالَ التُّورِبِشْتِيُّ كَانَتِ الْعَرَبُ تُؤَرِّخُ أَعْوَامَهَا بِالْخَرِيفِ لِأَنَّهُ كَانَ أَوَانَ جِدَادِهِمْ وَقِطَافِهِمْ وَإِدْرَاكِ غَلَّاتِهِمْ وَكَانَ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى أَرَّخَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِسَنَةِ الْهِجْرَةِ

[2255] لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ أَيْ مِنَ الطَّاعَةِ وَالْعِبَادَةِ الصّيام فِي السّفر قَالَ النَّفْي وَقيل لِلتَّبْعِيضِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ زَائِدَةٌ لتأكيد بن بَطَّالٍ مَعْنَاهُ لَيْسَ هُوَ الْبِرُّ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْإِفْطَارُ أَبَرَّ مِنْهُ إِذَا كَانَ فِي حَجٍّ أَوْ جِهَادٍ لِيَقْوَى عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ مِسْكِينٌ وَأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ وَإِنَّمَا أَرَادَ الْمِسْكِينَ الشَّدِيدَ الْمَسْكَنَةِ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ خَرَجَ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى شَخْصٍ مُعَيَّنٍ وَهُوَ رَجُلٌ ظُلِّلَ عَلَيْهِ وَكَانَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ أَيْ لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ إِنْ بَلَغَ الْإِنْسَانُ هَذَا الْمَبْلَغَ وَاللَّهُ قد رخص لَهُ فِي الْفطر

[2263] كُرَاعِ الْغَمِيمِ بِضَمِّ الْكَافِ وَالْغَمِيمِ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ اسْم وَاد أَمَام عسفان

[2287] أَتَى قُدَيْدًا بِضَمِّ الْقَافِ عَلَى التَّصْغِيرِ مَوْضِعٌ قرب عسفان

[2300] اسرد الصَّوْم أَي أتابعه

[2303] هِيَ رُخْصَةٌ مِنَ اللَّهِ فَمَنْ أَخَذَ بِهَا فَحَسَنٌ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصُومَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ وَلَا يُقَالُ فِي التَّطَوُّعِ مِثْلُ هَذَا قَوْله الْكَدِيدُ بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مَكَانٌ بَيْنَ عُسْفَانَ وقُدَيْدٍ قَالَ عِيَاضٌ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أَفْطَرَ فِيهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم وَالْكل فِي قصَّة وحداة وَكلهَا مُتَقَارِبَة والجميع من عمل عسفان

[2320] وَابْعَثُوا إِلَى أَهْلِ الْعَرُوضِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَرَادَ فِيهَا أَكْنَافَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ يُقَالُ لِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَالْيَمَنِ الْعَرُوضُ وَيُقالُ لِلرَّسَاتِيقِ بِأَرْضِ الْحِجَازِ الْإِعْرَاض وَاحِدهَا عرض بِالْكَسْرِ

[2331] مَنْ لَمْ يُبَيِّتِ الصِّيَامَ أَيْ يَنْوِهِ مِنَ اللَّيْلِ يُقَالُ بَيَّتَ فُلَانٌ رَأْيَهُ إِذَا فَكَّرَ فِيهِ وَخَمَّرَهُ وَكُلُّ مَا فُكِّرَ فِيهِ وَدُبِّرَ بلَيْل فقد بَيت [2333] مَنْ لَمْ يُجْمِعِ الصِّيَامَ قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ بِضَمِّ الْيَاءِ وَسُكُونِ الْجِيمِ وَكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ يَعْزِمُ عَلَيْهِ وَيُجْمِعُ رَأْيَهُ عَلَى ذَلِكَ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ الْإِجْمَاعُ إِحْكَامُ النِّيَّةِ وَالْعَزِيمَةُ أَجْمَعْتَ الرَّأْي وأزمعته وعزمت عَلَيْهِ بِمَعْنى

[2345] أَيَّامَ الْبِيضِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هَذَا عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ يُرِيدُ أَيَّامَ اللَّيَالِي الْبِيضِ وَهِيَ الثَّالِثَ عَشَرَ وَالرَّابِعَ عَشَرَ وَالْخَامِسَ عَشَرَ وَسُمِّيَتْ لَيَالِيهَا بِيضًا لِأَنَّ الْقَمَرَ يَطْلُعُ فِيهَا مِنْ أَولهَا إِلَى آخرهَا

[2351] وَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي التَّنْقِيحِ صِيَامًا بِالنَّصْبِ وَرُوِيَ بِالْخَفْضِ قَالَ السُّهَيْلِيُّ وَهُوَ وَهَمٌ وَرُبَّمَا بُنِيَ اللَّفْظُ عَلَى الْخَطِّ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ رَآهُ مَكْتُوبًا بِمِيمٍ مُطْلَقَةٍ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ رَأَى الْوَقْفَ عَلَى الْمُنَوَّنِ الْمَنْصُوبِ بِغَيْرِ أَلِفٍ فَتَوَهَّمَهُ مَخْفُوضًا لَا سِيَّمَا وَصِيغَةُ أَفْعَلَ تُضَافُ كَثِيرًا فَتَوَهَّمَهَا مُضَافَةً وَإِضَافَتُهُ هُنَا لَا تَجُوزُ قطعا

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يُحْتَاجُ إِلَى الْجَمْعِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ رِوَايَتِهَا الْأُولَى مَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ فَقِيلَ الْأَوَّلُ مُفَسِّرٌ لِلثَّانِي وَمُخَصِّصٌ لَهُ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْكُلِّ الْأَكْثَرُ وَقِيلَ كَانَ يَصُومُ مَرَّةً كُلَّهُ وَمَرَّةً يَنْقُصُ مِنْهُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمُ وُجُوبُهُ وَقِيلَ فِي قَوْلِهَا كُلَّهُ أَيْ يَصُومُ فِي أَوَّلِهِ وَأَوْسَطِهِ وَفِي آخِرِهِ وَلَا يَخُصُّ شَيْئًا مِنْهُ وَلَا يَعُمُّهُ بِصِيَامِهِ وَذَكَرَ هَذِهِ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَالَ وَقِيلَ فِي تَخْصِيصِ شَعْبَانَ بِكَثْرَةِ الصَّوْمِ لِكَوْنِهِ تُرْفَعُ فِيهِ أَعْمَالُ الْعِبَادِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ فَإِنْ قِيلَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ إِنَّ أَفْضَلَ الصَّوْمِ بَعْدَ رَمَضَانَ صَوْمُ الْمُحَرَّمِ فَكَيْفَ أَكْثَرَ مِنْهُ فِي شَعْبَانَ دُونَ الْمُحَرَّمِ فَالْجَوَابُ لَعَلَّهُ لَمْ يَعْلَمْ فَضْلَ الْمُحَرَّمِ

إِلَّا فِي آخِرِ الْحَيَاةِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ صَوْمِهِ أَوْ لَعَلَّهُ كَانَ يَعْرِضُ فِيهِ أَعْذَارٌ تَمْنَعُ مِنْ إِكْثَارِ الصَّوْمِ كَسَفَرٍ وَمَرَضٍ وَغَيْرِهِمَا [2358] ذَانِكَ يَوْمَانِ تُعْرَضُ فِيهِمَا الْأَعْمَالُ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ إِنْ قُلْتَ مَا مَعْنَى هَذَا مَعَ أَنَّهُ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ قُلْتُ يَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أنَّ أَعْمَالَ الْعِبَادِ تُعْرَضُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى كُلَّ يَوْمٍ ثُمَّ تُعْرَضُ عَلَيْهِ أَعْمَالُ الْجُمُعَةِ فِي كُلِّ اثْنَيْنِ وَخَمِيسٍ ثُمَّ تُعْرَضُ عَلَيْهِ أَعْمَالُ السَّنَةِ فِي شَعْبَانَ فَتُعْرَضُ عَرْضًا بَعْدَ عَرْضٍ وَلِكُلِّ عَرْضٍ حِكْمَةٌ يُطْلِعُ عَلَيْهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ أَوْ يَسْتَأْثِرُ بِهَا عِنْدَهُ مَعَ أَنَّهُ تَعَالَى لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ أَعْمَالِهِمْ خَافِيَةٌ ثَانِيهِمَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا تُعْرَضُ فِي الْيَوْمِ تَفْصِيلًا ثُمَّ فِي الْجُمُعَةِ جُمْلَةً أَوْ بِالْعَكْسِ

[2371] سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ سَمِعْتُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول فِي هَذَا الْيَوْمِ إِنِّي صَائِمٌ فَمَنْ شَاءَ أَنْ يَصُومَ فَلْيَصُمْ قَالَ النَّوَوِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ قَالَ أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ لَمَّا سَمِعَ مَنْ يُوجِبُهُ أَوْ يُحَرِّمُهُ أَوْ يَكْرَهُهُ فَأَرَادَ إِعْلَامَهُمْ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَلَا مُحَرَّمٍ وَلَا مَكْرُوهٍ قَالَ وَكُلَّمَا بَعُدَ يَقُولُ بِتَمَامِهِ كَلَامُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ مُبَيَّنًا فِي رِوَايَة النَّسَائِيّ أَنه كُله كَلَامه

[2373] مَنْ صَامَ الْأَبَدَ فَلَا صَامَ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ فَإِنْ قُلْتَ كَيْفَ يَكُونُ كَذَلِكَ قُلْتُ لِأَنَّ صَوْمَ الْأَبَدِ يَسْتَلْزِمُ صَوْمَ الْعِيدِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَهُوَ حَرَامٌ [2374] لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ لَمْ يَصُمْ وَلَمْ يُفْطِرْ كَقَوْلِه تَعَالَى فَلَا صدق وَلَا صلى وَهُوَ إِحْبَاطُ الْأَجْرِ عَلَى صَوْمِهِ حَيْثُ خَالَفَ السُّنَّةَ وَقِيلَ هُوَ دُعَاءٌ عَلَيْهِ كَرَاهِيَةً لِصُنْعِهِ وَحَرَ الصَّدْرِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ غِشُّهُ وَوَسَاوِسُهُ وَقِيلَ الْحِقْدُ وَالْغَيْظُ وَقِيلَ الْعَدَاوَةُ وَقِيلَ أَشَدُّ الْغَضَب

[2389] وَلَمْ يُفَتِّشْ لَنَا كَنَفًا قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ لَمْ يُدْخِلْ يَدَهُ مَعَهَا كَمَا يُدْخِلُ الرَّجُلُ يَدَهُ مَعَ زَوْجَتِهِ فِي دَوَاخِلِ أَمْرِهَا وَأَكْثَرُ مَا يُرْوَى بِفَتْحِ الْكَافِ وَالنُّونِ مِنَ الْكَنَفِ وَهُوَ الْجَانِبُ يَعْنِي أَنَّهُ لَمْ يَقْرَبْهَا هَجَمَتْ لَهُ الْعَيْنُ أَيْ غَارَتْ وَدَخَلَتْ فِي مَوْضِعِهَا وَنَفِهَتْ لَهُ النَّفْسُ بِكَسْرِ الْفَاءِ أَيْ تعبت وكلت

وروى نثهت بِالْمُثَلثَةِ بدل الْفَاء وَقد استغر بهَا بن الْأَثِيرِ قَالَ وَلَا أَعْرِفُ مَعْنَاهَا قَالَ الْحَافِظُ بن حَجَرٍ وَكَأَنَّهَا أُبْدِلَتْ مِنَ الْفَاءِ فَإِنَّهَا تُبْدَلُ مِنْهَا كثيرا

[2402] لَا صَوْمَ فَوْقَ صَوْمِ دَاوُدَ شَطْرُ الدَّهْرِ قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ بِالرَّفْعِ عَلَى الْقَطْعِ وَيَجُوزُ النَّصْبُ عَلَى إِضْمَارِ فِعْلٍ وَالْجَرُّ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ صَوْمِ دَاوُدَ قَالَ وَيَجُوزُ فِي قَوْلِهِ صِيَامُ يَوْمٍ وَفِطْرُ يَوْمٍ الْحَرَكَاتُ الثَّلَاثُ وَقَالَ النَّوَوِيُّ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ فَقَالَ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ هُوَ أَفْضَلُ مِنَ السَّرْدِ لِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَفِي كَلَامِ غَيْرِهِ إِشَارَةٌ إِلَى تَفْضِيلِ السَّرْدِ وَتَخْصِيصِ هَذَا الْحَدِيثِ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ وَتَقْدِيرُهُ لَا أَفْضَلُ مِنْ هَذَا فِي حَقِّكِ وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنْهَ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو عَنِ السَّرْدِ وَيُرْشِدُهُ إِلَى يَوْمٍ وَيَوْمٍ وَلَوْ كَانَ أَفْضَلَ فِي حَقِّ كُلِّ أَحَدٍ لَأَرْشَدَهُ إِلَيْهِ وَبَيَّنَهُ لَهُ فَإِنَّ تَأْخِير الْبَيَان عَن وَقت الحاجةلا يَجُوزُ وَقَالَ قَبْلَ ذَلِكَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي صِيَامِ الدَّهْرِ فَذَهَبَ أَهْلُ الظَّاهِرِ إِلَى مَنْعِهِ قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَذَهَبَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ إِلَى جَوَازِهِ إِذَا لَمْ يَصُمِ الْأَيَّامَ الْمَنْهِيَّ عَنْهَا وَهُوَ الْعِيدَانِ وَالتَّشْرِيقُ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ سَرْدَ الصِّيَامِ إِذَا أَفْطَرَ الْعِيدَ وَالتَّشْرِيقَ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ بَلْ هُوَ مُسْتَحَبٌّ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَلْحَقَهُ بِهِ ضَرَرٌ وَلَا يُفَوِّتُ حَقًّا فَإِنْ تَضَرَّرَ أَوْ فَوَّتَ حَقًّا فَمَكْرُوهٌ وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي رَجُلٌ أَسْرُدُ الصَّوْمَ أَفَأَصُومُ فِي السَّفَرِ قَالَ صُمْ إِنْ شِئْتَ فَأَقَرَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سَرْدِ الصِّيَامِ وَلَوْ كَانَ مَكْرُوهًا لَمْ يُقِرُّهُ لَا سِيَّمَا فِي السَّفَرِ وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَسْرُدُ الصَّوْمَ وَكَذَلِكَ أَبُو طَلْحَةَ وَعَائِشَةَ وَخَلَائِقَ وَأَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ بِأَجْوِبَةٍ أَحَدُهَا

أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى حَقِيقَتِهِ بِأَنْ يَصُومَ مَعَهُ الْعِيدَ وَالتَّشْرِيقَ وَبِهَذَا أَجَابَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَالثَّانِي أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ تَضَرَّرَ بِهِ حَقًا يُؤَيّدهُ أَنَّ النَّهْيَ كَانَ خِطَابًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَقَدْ ذَكَرَ مُسْلِمٌ عَنْهُ أَنَّهُ عَجَزَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ وَنَدِمَ عَلَى كَوْنِهِ لَمْ يقبل الرُّخْصَة قَالُوا فَنهى بن عَمْرٍو لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ سَيَعْجِزُ وَأَقَرَّ حَمْزَةُ بْنُ عَمْرٍو لِعِلْمِهِ بِقُدْرَتِهِ بِلَا ضَرَرٍ وَالثَّالِثُ أَنَّ مَعْنَى لَا صَامَ أَنَّهُ لَا يَجِدُ مِنْ مَشَقَّتِهِ مَا يَجِدُهَا غَيْرُهُ فَيَكُونُ خَبَرًا لَا دُعَاءً وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ إِنَّمَا سَأَلَ حَمْزَةُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ صَوْمِ رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ لَا عَنْ سَرْدِ صَوْمِ التَّطَوُّعِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ هُنَا هِيَ رُخْصَةٌ

مِنَ اللَّهِ فَمَنْ أَخَذَ بِهَا حَسُنَ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصُومَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ وَلَا يُقَال فِي التَّطَوُّع مثل هَذَا انْتهى [2408] شَهْرُ الصَّبْرِ هُوَ شَهْرُ رَمَضَانَ وَأَصْلُ الصَّبْرِ الْحَبْسُ فَسُمِّيَ الصَّوْمُ صَبْرًا لِمَا فِيهِ مِنْ حبس النَّفس عَن الطَّعَام وَالشرَاب وَالنِّكَاح

[2414] كَانَ يَصُومُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَالْخَمِيسِ الَّذِي يَلِيهِ ثُمَّ الْخَمِيسِ الَّذِي يَلِيهِ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَهُ أَوَّلَ خَمِيسٍ وَالْاثْنَيْنِ قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ اخْتِلَافُ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ كَوْنُ هَذِهِ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ وَاقِعَةً فِي اثْنَيْنِ وَخَمِيسَيْنِ أَوْ بِالْعَكْسِ عَلَى أَيِّ وَجه كَانَ

[2420] وَأَيَّامُ الْبِيضِ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْحِكْمَةَ فِي صَوْمِهَا أَنَّهُ لَمَّا عَمَّ النُّورُ لَيَالِيَهَا نَاسَبَ أَنْ تَعُمَّ الْعِبَادَةُ نَهَارَهَا وَقِيلَ الْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْكُسُوفَ يَكُونُ فِيهَا غَالِبًا وَلَا يَكُونُ فِي غَيْرِهَا وَقَدْ أُمِرْنَا بِالتَّقَرُّبِ إِلَى الله تَعَالَى بأعمال الْبر عِنْد الْكُسُوف الْغُرُّ أَيِ الْبِيضُ اللَّيَالِي بِالْقَمَرِ مِنَ الشَّهْرِ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ بِسَنَدٍ فِيهِ جَهَالَةٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ صَامَ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ الدَّهْرَ

إِلَّا يَوْمَ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى وَصَامَ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلَامُ نِصْفَ الدَّهْرِ وَصَامَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صَامَ الدَّهْرَ وَأفْطر الدَّهْر

كتاب الزكاة

(كتاب الزَّكَاة) [2435] عَن بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُعَاذٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ كَانَ بَعَثَهُ إِلَيْهَا فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَقَبْلَ حَجِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقِيلَ فِي آخِرِ سَنَةِ تِسْعٍ عِنْدَ مُنْصَرَفِهِ مِنْ تَبُوكَ وَقِيلَ عَامَ الْفَتْحِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَاخْتُلِفَ هَلْ بَعَثَهُ وَالِيًا أَوْ قَاضِيًا فَجَزَمَ الْغَسَّانِيُّ بِالْأولِ وبن عَبْدِ الْبَرِّ بِالثَّانِي وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ عَلَيْهَا إِلَى أَنْ قَدِمَ فِي عَهْدِ عُمَرَ فَتَوَجَّهَ إِلَى الشَّامِ فَمَاتَ بِهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ كَانَ أَصْلُ دُخُولِ الْيَهُودِ فِي الْيَمَنِ فِي زمن أسعد وَهُوَ تبع الْأَصْغَر حَكَاهُ بن إِسْحَاقَ فِي أَوَائِلِ السِّيرَةِ فَإِذَا جِئْتَهُمْ إِلَخ لَمْ يَقَعْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ذِكْرُ الصَّوْمِ وَالْحَجِّ مَعَ أَنَّ بَعْثَ مُعَاذٍ كَانَ فِي أَوَاخِر الْأَمر وَأجَاب بن الصَّلَاحِ بِأَنَّ ذَلِكَ تَقْصِيرٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يُفْضِي إِلَى ارْتِفَاعِ الْوُثُوقِ بِكَثِيرٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ لِاحْتِمَالِ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَأَجَابَ الْكَرْمَانِيُّ بِأَنَّ اهْتِمَامَ الشَّرْعِ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ أَكْثَرُ وَبِأَنَّهُمَا إِذَا وَجَبَا عَلَى الْمُكَلَّفِ لَا يَسْقُطَانِ عَنْهُ أَصْلًا بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَإِنَّهُ قَدْ يَسْقُطُ بِالْفِدْيَةِ وَالْحَجِّ فَإِنَّ الْغَيْرَ قَدْ يَقُومُ مَقَامَهُ كَمَا فِي الْمَغْصُوب وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَكُنْ شُرِعَ وَقَالَ الشَّيْخُ سِرَاجُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ إِذَا كَانَ الْكَلَامُ فِي بَيَانِ الْأَرْكَانِ لَمْ يُخِلَّ الشَّارِعُ مِنْهَا بِشَيْء كَحَدِيث بن عُمَرَ بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ فَإِذَا كَانَ فِي الدُّعَاء الىالاسلام اكْتَفَى بِالْأَرْكَانِ الثَّلَاثَةِ الشَّهَادَةُ وَالصَّلَاةُ وَالزَّكَاةُ وَلَوْ كَانَ بَعْدَ وُجُوبِ فَرْضِ الصَّوْمِ وَالْحَجِّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْ بَرَاءَةٌ مَعَ أَنَّ نُزُولَهَا بعد فرض الصَّوْم وَالْحج قطعا وَحَدِيث بن عُمَرَ أَيْضًا أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَحَادِيثِ قَالَ وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْأَرْكَانَ الْخَمْسَةَ اعْتِقَادِيٌّ وَهُوَ الشَّهَادَةُ وَبَدَنِيٌّ وَهُوَ الصَّلَاةُ وَمَالِيٌّ وهُوَ الزَّكَاةُ فَاقْتَصَرَ فِي الدُّعَاءِ إِلَى الْإِسْلَامِ عَلَيْهَا لِيُفَرِّعَ الرُّكْنَيْنِ الْآخَرَيْنِ عَلَيْهَا فَإِنَّ الصَّوْمَ بَدَنِيٌّ مَحْضٌ وَالْحَجَّ بَدَنِيٌّ وَمَالِيٌّ وَأَيْضًا فَكَلِمَةُ الْإِسْلَامِ هِيَ الْأَصْلُ وَهِيَ شَاقَّةٌ عَلَى الْكُفَّارِ وَالصَّلَاةُ شَاقَّةٌ لِتَكَرُّرِهَا وَالزَّكَاةُ شَاقَّةٌ لِمَا فِي جِبِلَّةِ الْإِنْسَانِ مِنْ حُبِّ الْمَالِ فَإِذَا دُعِيَ الْمَرْءُ

لِهَذِهِ الثَّلَاثِ كَانَ مَا سِوَاهَا أَسْهَلَ عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهَا [2436] فَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ أَيْ تَجَنَّبِ الظُّلْمَ لِئَلَّا يَدْعُوَ عَلَيْكَ الْمَظْلُومُ زَادَ فِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ أَيْ لَيْسَ لَهَا صَارِفٌ يَصْرِفُهَا وَلَا مَانِعٌ يَمْنَعُهَا وَالْمُرَادُ أَنَّهَا مَقْبُولَةٌ وَإِنْ كَانَ عَاصِيًا كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ مَرْفُوعًا دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ وَإِنْ كَانَ فَاجِرًا فَفُجُورُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ قَالَ بن الْعَرَبِيِّ هَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا فَهُوَ مُقَيَّدٌ بِالْحَدِيثِ الْآخَرِ أَنَّ الدَّاعِيَ عَلَى ثَلَاثِ مَرَّات إِمَّا أَنْ يُعَجَّلَ لَهُ مَا طَلَبَ وَإِمَّا أَنْ يُدَّخَرَ لَهُ أَفْضَلُ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ يُدْفَعَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلُهُ وَهَذَا كَمَا قُيِّدَ مُطْلَقُ قَوْلِهِ تَعَالَى أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعَاهُ بقوله تَعَالَى ويكشف مَا تدعون إِلَيْهِ إِن شَاءَ

[2437] عَنْ جَدِّهِ أَبِي سَلَّامٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ أَنَّ أَبَا مَالِكٍ الْأَشْعَرِيَّ حَدَّثَهُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَّامٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ بِإِسْقَاطِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ فَتَكَلَّمَ فِيهِ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ النَّوَوِيُّ يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْ مُسْلِمٍ بِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ عَلِمَ سَمَاعَ أَبِي سَلَّامٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ مِنْ أَبِي مَالِكٍ فَيَكُونُ أَبُو سَلَّامٍ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي مَالِكٍ وَسَمِعَهُ أَيْضًا مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ فَرَوَاهُ مَرَّةً عَنْهُ وَمَرَّةً عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنهُ وَأَبُو مَالك اسْمه الْحَرْث بن الْحَرْث وَقِيلَ عُبَيْدٌ وَقِيلَ عُمَرُ وَقِيلَ كَعْبُ بْنُ عَاصِمٍ وَقِيلَ عُبَيْدُ اللَّهِ وَقِيلَ كَعْبُ بْنُ كَعْب وَقيل عَامر بن الْحَرْث وَأَبُو سَلَّامٍ بِالتَّشْدِيدِ اسْمُهُ مَمْطُورٌ إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ شَطْرُ الْإِيمَانِ قَالَ النَّوَوِيُّ أَصْلُ الشَّطْرِ النِّصْفُ وَاخْتلف الْعلمَاء

فِيهِ فَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْإِيمَانَ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ مِنَ الْخَطَايَا وَكَذَلِكَ الْوُضُوءُ لَا يَصِحُّ إِلَّا مَعَ الْإِيمَانِ وَصَارَ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى الْإِيمَانِ فِي مَعْنَى الشَّطْرِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْإِيمَانِ هُنَا الصَّلَاةُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَمَا كَانَ الله لِيُضيع ايمانكم وَالطَّهَارَةُ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ فَصَارَتْ كَالشَّطْرِ وَلَيْسَ يَلْزَمُ فِي الشَّطْرِ أَنْ يَكُونَ نِصْفًا حَقِيقِيًّا وَهَذَا الْقَوْلُ أَقْرَبُ الْأَقْوَالِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْإِيمَانَ تَصْدِيقٌ بِالْقَلْبِ وَانْقِيَادٌ بِالظَّاهِرِ وَهُمَا شَطْرَانِ لِلْإِيمَانِ وَالطَّهَارَةَ مُتَضَمِّنَةٌ لِلصَّلَاةِ فَهِيَ انْقِيَادٌ فِي الظَّاهِرِ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ إِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِيمَانَ يُطَهِّرُ نَجَاسَةَ الْبَاطِنِ وَالْوُضُوءَ يُطَهِّرُ نَجَاسَةَ الظَّاهِرِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تملأ الْمِيزَان قَالَ النَّوَوِيّ مَعْنَاهُ أعظم أَجْرِهَا وَأَنَّهُ يَمْلَأُ الْمِيزَانَ وَقَدْ تَظَاهَرَتْ نُصُوصُ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ عَلَى وَزْنِ الْأَعْمَالِ وَثِقَلِ الْمِيزَانِ وَخِفَّتِهَا وَالتَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ يَمْلَأُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ قَالَ النَّوَوِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ لَوْ قُدِّرَ ثَوَابُهُمَا جِسْمًا لَمَلَأَ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَسَبَبُ عِظَمِ فَضْلِهِمَا مَا اشْتَمَلَا عَلَيْهِ مِنَ التَّنْزِيهِ لِلَّهِ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالتَّفْوِيضِ وَالِافْتِقَارِ إِلَى اللَّهِ بِقَوْلِهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ الْحَمْدُ رَاجِعٌ إِلَى الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِأَوْصَافِ كَمَالِهِ فَإِذَا حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى حَامِدٌ مُسْتَحْضِرٌ مَعْنَى الْحَمْدِ فِي قَلْبِهِ امْتَلَأَ مِيزَانُهُ مِنَ الْحَسَنَاتِ فَإِذَا أَضَافَ إِلَى ذَلِكَ سُبْحَانَ اللَّهِ الَّذِي مَعْنَاهُ تَبْرِئَةُ اللَّهِ وَتَنْزِيهُهُ عَنْ كُلِّ مَالا يَلِيقُ بِهِ مِنَ النَّقَائِصِ مَلَأَتْ حَسَنَاتُهُ وَثَوَابُهَا زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِذِ الْمِيزَانُ مَمْلُوءٌ بِثَوَابِ التَّحْمِيدِ وَذِكْرِ السَّمَاوَاتِ على جُبَّة الِاعْتِنَاءِ عَلَى الْعَادَةِ الْعَرَبِيَّةِ وَالْمُرَادُ أَنَّ الثَّوَابَ عَلَى ذَلِكَ كَثِيرٌ جِدًّا بِحَيْثُ لَوْ كَانَ أَجْسَامًا لَمَلَأَ مَا بَيْنَهُمَا وَالصَّلَاةُ نُورٌ قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّهَا تَمْنَعُ مِنَ الْمَعَاصِي وَتَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَتَهْدِي إِلَى الصَّوَابِ كَمَا أَنَّ النُّورَ يُسْتَضَاءُ بِهِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّ أَجْرَهَا يَكُونُ نُورًا لِصَاحِبِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقِيلَ إِنَّهَا سَبَبٌ لِإِشْرَاقِ أَنْوَارِ الْمَعَارِفِ وَانْشِرَاحِ الْقَلْبِ وَمُكَاشَفَاتِ الْحَقَائِقِ لِفَرَاغِ الْقَلْبِ فِيهَا وَإِقْبَالِهِ إِلَى اللَّهِ بِظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَاسْتَعِينُوا بِالصبرِ وَالصَّلَاة وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّهَا تَكُونُ نُورًا ظَاهِرًا عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَكُونُ فِي الدُّنْيَا أَيْضًا عَلَى وَجْهِهِ إِلَيْهَا بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يُصَلِّ وَالزَّكَاةُ بُرْهَانٌ قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ مَعْنَاهُ يُفْزَعُ إِلَيْهَا كَمَا يُفْزَعُ إِلَى الْبَرَاهِينِ كَمَا أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا سُئِلَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْ مَصْرِفِ مَالِهِ وَقَالَ غَيْرُ صَاحِبِ التَّحْرِيرِ مَعْنَاهُ أَنَّهَا حُجَّةٌ عَلَى إِيمَانِ فَاعِلِهَا فَإِنَّ الْمُنَافِقَ يَمْتَنِعُ مِنْهَا لِكَوْنِهِ لَا يَعْتَقِدُهَا فَمَنْ تَصَدَّقَ اسْتُدِلَّ بِصَدَقَتِهِ عَلَى صِحَّةِ إِيمَانِهِ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ الْبُرْهَانُ الْحُجَّةُ وَالدَّلِيلُ أَيْ أَنَّهَا حُجَّةٌ لِطَالِبِ الْأَجْرِ مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا فَرْضٌ يُجَازِي اللَّهُ بِهِ وَعَلَيْهِ وَقِيلَ هِيَ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ إِيمَانِ صَاحِبِهَا لِطِيبِ نَفْسِهِ بِإِخْرَاجِهَا وَذَلِكَ لِعَلَاقَةِ مَا بَيْنَ النَّفْسِ وَالْمَالِ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ أَيْ بُرْهَانٌ عَلَى صِحَّةِ إِيمَانِ الْمُتَصَدِّقِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ أَوْ عَلَى صِحَّةِ مَحَبَّةِ الْمُتَصَدِّقِ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِمَا لَدَيْهِ مِنَ الثَّوَابِ إِذْ آثَرَ مَحَبَّةَ اللَّهِ وَابْتِغَاءَ ثَوَابِهِ عَلَى مَا جُبِلَ عَلَيْهِ مِنْ حُبِّ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ حَتَّى أَخْرَجَهُ لِلَّهِ تَعَالَى وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ الصَّبْرُ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ وَعَنْ مَعْصِيَتِهِ وَعَلَى النَّائِبَاتِ وَأَنْوَاعِ الْمَكَارِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْمُرَادُ أَنَّ الصَّبْرَ مَحْمُودٌ لَا يَزَالُ صَاحِبُهُ مُسْتَضِيئًا مُهْتَدِيًا مُسْتَمِرًّا عَلَى الصَّوَابِ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ رَوَاهُ بَعْضُ الْمَشَايِخِ وَالصَّوْمُ ضِيَاءٌ بِالْمِيمِ وَلَمْ تَقَعْ لَنَا تِلْكَ الرِّوَايَةُ عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ

يُعَبَّرَ بِالصَّبْرِ عَنِ الصَّوْمِ وَقَدْ قِيلَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ فَإِنْ تَنَزَّلْنَا عَلَى ذَلِكَ فَيُقَالُ فِي كَوْنِ الصَّبْرِ ضِيَاءً كَمَا قِيلَ فِي كَوْنِ الصَّلَاةِ نُورًا وَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ بَيْنَ النُّورِ وَالضِّيَاءِ فَرْقٌ مَعْنَوِيٌّ بَلْ لَفْظِيٌّ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ إِنَّ الصَّبْرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرُ الصَّوْمِ بَلْ هُوَ الصَّبْرُ عَلَى الْعِبَادَاتِ وَالْمَشَاقِّ وَالْمَصَائِبِ وَالصَّبْرُ عَنِ الْمُخَالَفَاتِ وَالْمَنْهِيَّاتِ كَاتِّبَاعِ هَوَى النَّفْسِ وَالشَّهَوَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَمَنْ كَانَ صَابِرًا عَلَى تِلْكَ الْأَحْوَالِ مُتَثَبِّتًا فِيهَا مُقَابِلًا لِكُلِّ حَالٍ بِمَا يَلِيقُ بِهِ ضَاءَتْ لَهُ عَوَاقِبُ أَحْوَالِهِ وَصَحَّتْ لَهُ مَصَالِحُ أَعْمَالِهِ فَظَفِرَ بِمَطْلُوبِهِ وَحَصَّلَ مِنَ الثَّوَابِ عَلَى مَرْغُوبِهِ كَمَا قِيلَ وَقَلَّ مَنْ جَدَّ فِي أَمْرٍ يُحَاوِلُهُ وَاسْتَعْمَلَ الصَّبْرَ إِلَّا فَازَ بِالظَّفَرِ وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ قَالَ النَّوَوِيُّ أَيْ تَنْتَفِعُ بِهِ إِنْ تَلَوْتَهُ وَعَمِلْتَ بِهِ وَإِلَّا فَهُوَ حُجَّةٌ عَلَيْكَ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ يَعْنِي أَنَّكَ إِذَا امْتَثَلْتَ أَوَامِرَهُ وَاجْتَنَبْتَ نَوَاهِيَهُ كَانَ حُجَّةً لَكَ فِي الْمَوَاقِفِ الَّتِي تسئل مِنْهُ عَنْهُ كَمُسَاءَلَةِ الْمَلَكَيْنِ فِي الْقَبْرِ وَالْمُسَاءَلَةِ عِنْدَ الْمِيزَانِ وَفِي عِقَابِ الصِّرَاطِ وَإِنْ لَمْ يَمْتَثِلْ ذَلِكَ احْتُجَّ بِهِ عَلَيْكَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ أَنَّ الْقُرْآنَ هُوَ الَّذِي يُنْتَهَى إِلَيْهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ فِي الْمَبَاحِثِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْوَقَائِعِ الْحُكْمِيَّةِ فَبِهِ تَسْتَدِلُّ عَلَى صِحَّةِ دَعْوَاكَ وَبِهِ يسْتَدلّ عَلَيْك خصمك

[2439] مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْأَصْلُ فِي الزَّوْجِ الصِّنْفُ وَالنَّوْعُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَمِنْ كُلِّ شَيْئَيْنِ مُقْتَرِنَيْنِ شَكْلَيْنِ كَانَا أَوْ نَقِيضَيْنِ فَهُمَا زَوْجَانِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا زَوْجٌ يُرِيدُ مَنْ أَنْفَقَ صِنْفَيْنِ مِنْ مَالِهِ مِنْ شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ أَيْ مِنْ صِنْفٍ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ فَرَسَيْنِ أَوْ بَعِيرَيْنِ أَوْ عَبْدَيْنِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَقِيلَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي جَمِيعِ أَعْمَالِ الْبِرِّ مِنْ صَلَاتَيْنِ أَوْ صِيَامِ يَوْمَيْنِ وَالْمَطْلُوبُ تَشْفِيعُ صَدَقَتِهِ بِأُخْرَى فِي سَبِيلِ اللَّهِ قِيلَ هُوَ عَلَى الْعُمُومِ فِي جَمِيعِ وُجُوهِ الْخَيْرِ وَقِيلَ هُوَ مَخْصُوصٌ بِالْجِهَادِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَأَظْهَرُ دُعِيَ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ قَالَ النَّوَوِيُّ قِيلَ مَعْنَاهُ لَكَ هُنَا خَيْرُ ثَوَابٍ وَغِبْطَةٍ وَقِيلَ مَعْنَاهُ هَذَا الْبَابُ فِيمَا نَعْتَقِدُهُ خَيْرٌ لَكَ مِنْ غَيْرِهِ مِنَ الْأَبْوَابِ لِكَثْرَةِ ثَوَابِهِ وَنَعِيمِهِ فَيُقَالُ فَادْخُلْ مِنْهُ وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ مَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ كُلَّ مُنَادٍ يَعْتَقِدُ أَنَّ ذَلِكَ الْبَابَ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ الْحَدِيثَ قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَاهُ مَنْ كَانَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ فِي عَمَلِهِ وَطَاعَتِهِ ذَلِكَ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ قَدْ ذَكَرَ هُنَا مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ أَرْبَعَةَ أَبْوَابٍ بَابَ الصَّلَاةِ وَبَابَ الصَّدَقَةِ وَبَابَ الصِّيَامِ وَبَابَ الْجِهَادِ وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ بَابُ التَّوْبَةِ وَبَابُ الْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ

عَنِ النَّاسِ وَبَابُ الرَّاضِينَ فَهَذِهِ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ جَاءَتْ فِي الْأَحَادِيثِ وَجَاءَ فِي حَدِيثِ السَّبْعِينَ أَلْفًا الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ مِنَ الْبَابِ الْأَيْمَنِ فَلَعَلَّهُ الْبَابُ الثَّامِنُ وَقَالَ بن بَطَّالٍ فَإِنْ قُلْتَ النَّفَقَةُ إِنَّمَا تَكُونُ فِي بَابِ الْجِهَادِ وَالصَّدَقَةِ فَكَيْفَ تَكُونُ فِي بَابِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ قُلْتُ عَنَى بِالزَّوْجَيْنِ نَفْسَهُ وَمَالَهُ وَالْعرب تسمى مَا يُبدلهُ الْإِنْسَانُ مِنَ النَّفْسِ نَفَقَةً يَقُولُ فِيمَا يَعْلَمُ مِنَ الصَّنْعَةِ أَنْفَقْتُ فِيهَا عُمُرِي فَإِتْعَابُ الْجِسْمِ فِي الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ إِنْفَاقٌ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ قَالَ الْعُلَمَاءُ سُمِّيَ بَابَ الرَّيَّانِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ الْعَطْشَانَ بِالصَّوْمِ فِي الْهَوَاجِرِ سَيُرْوَى وَعَاقِبَتُهُ إِلَيْهِ وَهُوَ مُشْتَقّ من الرّيّ [2440] إِلَّا مَنْ قَالَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا الْمُرَادُ بِهِ جَمِيعُ وُجُوهِ الْمَكَارِمِ وَالْخَيْرِ وتَنْطِحُهُ بِكَسْرِ الطَّاءِ وَيَجُوزُ الْفَتْحُ كُلَّمَا نَفَدَتْ أُخْرَاهَا قَالَ النَّوَوِيُّ ضَبَطْنَاهُ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَكِلَاهُمَا صَحِيح

[2441] إِلَّا جُعِلَ لَهُ طَوْقًا فِي عُنُقِهِ شُجَاعٌ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ بِالضَّمِّ وَصْفٌ لِحَيَّةِ الذَّكَرِ وَقِيلَ هُوَ الْحَيَّةُ مُطْلَقًا وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ قِيلَ الشُّجَاعُ مِنَ الْحَيَّاتِ الَّتِي تُوَاثِبُ الْفَارِسَ وَالرَّاجِلَ وَيَقُومُ عَلَى ذَنَبِهِ وَرُبَّمَا بَلَغَ رَأْسَ الْفَارِسِ يَكُونُ فِي الصَّحَارِي أَقْرَعُ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ الَّذِي لَا شَعْرَ لَهُ عَلَى رَأْسِهِ يُرِيدُ حَيَّةً قَدْ تَمَعَّطَ جِلْدُ رَأْسِهِ لِكَثْرَةِ سُمِّهِ وَطُولِ عُمُرِهِ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ قِيلَ هُوَ الْأَبْيَضُ الرَّأْسِ مِنْ كَثْرَةِ السُّمِّ وَقِيلَ نَوْعٌ مِنَ الْحَيَّاتِ أَقْبَحُهَا مَنْظَرًا وَقَالَ وَظَاهِرُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ مَالَهُ صُيِّرَ وَخُلِقَ عَلَى صُورَةِ الشُّجَاعِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الشُّجَاعَ لِعَذَابِهِ قَالَ وَقِيلَ خُصَّ الشُّجَاعُ بِذَلِكَ لِشِدَّةِ عَدَاوَةِ الْحَيَّاتِ لِبَنِي آدَمَ

[2442] أَيُّمَا رَجُلٍ كَانَتْ لَهُ إِبِلٌ لَا يُعْطِي حَقَّهَا أَيْ لَا يُؤَدِّي زَكَاتَهَا فِي نَجْدَتِهَا وَرِسْلِهَا قَالَ فِي النِّهَايَةِ النَّجْدَةُ الشِّدَّةُ وَقِيلَ السِّمَنُ وَالرِّسْلُ بِالْكَسْرِ الْهَينَةُ وَالتَّأَنِّي وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ أَيِ الشِّدَّةُ وَالرَّخَاءُ يَقُولُ يُعْطِي وَهِيَ سِمَانٌ حِسَانٌ يَشْتَدُّ عَلَيْهِ إِخْرَاجُهَا فَتِلْكَ نَجْدَتُهَا وَيُعْطِي فِي رِسْلِهَا وَهِيَ مَهَازِيلُ مُقَارِبَةٌ وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ مَعْنَاهُ إِلَّا مَنْ أَعْطَى فِي إِبِلِهِ مَا يَشُقُّ عَلَيْهِ فَتَكُونُ نَجْدَةً عَلَيْهِ أَيْ شِدَّةً وَيُعْطى مَا يَهو ن عَلَيْهِ عَطَاؤُهُ مِنْهَا مُسْتَهِينًا عَلَى رِسْلِهِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي رِسْلِهَا أَيْ بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ وَقِيلَ لَيْسَ لِلْهُزَالِ فِيهِ مَعْنًى لِأَنَّهُ ذَكَرَ الرِّسْلَ بَعْدَ النَّجْدَةِ عَلَى جِهَةِ التَّفْخِيمِ لِلْإِبِلِ فَجَرَى مَجْرَى قَوْلِهِمْ إِلَّا مَنْ أَعْطَى فِي سِمَنِهَا وَحُسْنِهَا وَوُفُورِ لَبَنِهَا وَهَذَا كُلُّهُ يَرْجِعُ إِلَى مَعْنًى وَاحِدٍ فَلَا مَعْنَى لِلْهُزَالِ لِأَنَّ مَنْ بَذَلَ حَقَّ اللَّهِ مِنَ الْمَضْنُونِ بِهِ كَانَ إِلَى إِخْرَاجِهِ مَا يَهُونُ عَلَيْهِ أَسْهَلَ فَلَيْسَ لِذِكْرِ الْهُزَالِ بَعْدَ السِّمَنِ مَعْنًى قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ وَالْأَحْسَنُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالنَّجْدَةِ الشِّدَّةَ وَالْجَدْبَ وَبِالرِّسْلِ الرَّخَاءَ وَالْخِصْبَ لِأَنَّ الرِّسْلَ اللَّبَنُ وَإِنَّمَا يَكْثُرُ فِي حَالِ الرَّخَاءِ وَالْخِصْبِ فَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّهُ يُخْرِجُ حَقَّ اللَّهِ فِي حَالِ الضِّيقِ وَالسَّعَةِ وَالْجَدْبِ وَالْخِصْبِ لِأَنَّهُ إِذَا أَخْرَجَ حَقَّهَا فِي سَنَةِ الضِّيقِ وَالْجَدْبِ كَانَ ذَلِكَ شَاقًّا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ

إِجْحَافٌ وَإِذَا أَخْرَجَهَا فِي حَالِ الرَّخَاءِ كَانَ ذَلِكَ سَهْلًا عَلَيْهِ وَلِذَلِكَ قِيلَ فِي الْحَدِيثِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا نَجْدَتُهَا وَرِسْلُهَا قَالَ فِي عُسْرِهَا وَيُسْرِهَا فَسَمَّى النَّجْدَةَ عُسْرًا وَالرِّسْلَ يُسْرًا لِأَنَّ الْجَدْبَ عُسْرٌ وَالْخِصْبَ يُسْرٌ فَهَذَا الرَّجُلُ يُعْطِي حَقَّهَا فِي حَالِ الْجَدْبِ وَالضِّيقِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالنَّجْدَةِ وَفِي حَالِ الْخِصْبِ وَالسَّعَةِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالرِّسْلِ فَإِنَّهَا تَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَغَذِّ مَا كَانَتْ بِالْغَيْنِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَتَيْنِ أَيْ أَسْرَعَ وَأَنْشَطَ أَغَذَّ يُغِذُّ إِغْذَاذًا أَسْرَعَ فِي السَّيْرِ وَأَسَرِّهِ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ كَأَسْمَنِ مَا كَانَتْ وَأَوْفَرِهِ مِنْ سِرِّ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ لُبُّهُ وَمُخُّهُ وَقِيلَ هُوَ مِنَ السُّرُورِ لِأَنَّهَا إِذَا سَمِنَتْ سَرَّتِ النَّاظِرَ إِلَيْهَا قَالَ وَرُوِيَ وَآشَرِهِ بِمَدِّ الْهَمْزَةِ وَشِينٍ مُعْجَمَةٍ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ أَيْ أَبْطَرِهِ أَوْ أَنْشَطِهِ يُبْطَحُ لَهَا أَيْ يُلْقَى عَلَى وَجْهِهِ بِقَاعٍ قَرْقَرٍ بِفَتْحِ الْقَافَيْنِ هُوَ الْمَكَانُ الْوَاسِعُ الْمُسْتَوِي فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ قِيلَ مَعْنَاهُ لَوْ حَاسَبَ فِيهِ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَقَالَ الْحَسَنُ قدر بن السمان مواقفهم لِلْحسابِ كل موقف أَلْفَ سَنَةٍ وَفِي الْحَدِيثِ إِنَّهُ

لَيَخِفُّ عَلَى الْمُؤْمِنِ حَتَّى يَكُونَ أَخَفَّ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ فَيَرَى سَبِيلَهُ زَادَ مُسْلِمٌ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ لَيْسَ فِيهَا عَقْصَاءُ هِيَ الْمُلْتَوِيَةُ الْقَرْنَيْنِ وَلَا عَضْبَاءُ هِيَ الْمَكْسُورَة

الْقرن [2443] لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَرَادَ بِهِ الْحَبْلَ الَّذِي يُعْقَلُ بِهِ الْبَعِيرُ الَّذِي يُؤْخَذ فِي الصَّدَقَةِ لِأَنَّ عَلَى صَاحِبِهَا التَّسْلِيمَ وَإِنَّمَا يَقَعُ الْقبْضُ بِالرِّبَاطِ وَقِيلَ أَرَادَ مَا يُسَاوِي عِقَالًا مِنْ حُقُوقِ الصَّدَقَةِ وَقِيلَ إِذَا أَخَذَ الْمُتَصَدِّقُ أَعْيَانَ الْإِبِلِ قِيلَ أَخَذَ عِقَالًا وَإِذَا أَخَذَ أَثْمَانهَا قِيلَ أَخَذَ نَقْدًا وَقِيلَ أَرَادَ بِالْعِقَالِ صَدَقَةَ الْعَامِ يُقَالُ أَخَذَ الْمُصَدِّقُ عِقَالَ هَذَا الْعَامِ إِذَا أَخَذَ مِنْهُمْ صَدَقَتَهُ وَبُعِثَ فُلَانٌ عَلَى عِقَالِ بَنِي فُلَانٍ إِذَا بُعِثَ عَلَى صَدَقَاتِهِمْ وَاخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَقَالَ هُوَ أَشْبَهُ عِنْدِي بِالْمَعْنَى وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ إِنَّمَا يُضْرَبُ الْمَثَلُ فِي مِثْلِ هَذَا بِالْأَقَلِّ لَا بِالْأَكْثَرِ وَلَيْسَ بِسَائِرٍ فِي لِسَانِهِمْ أَنَّ الْعِقَالَ صَدَقَةُ عَام

[2444] وَمَنْ أَعْطَاهَا مُؤْتَجِرًا أَيْ طَالِبًا لِلْأَجْرِ وَمَنْ أَبَى فَإِنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ مَالِهِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ قَالَ الْحَرْبِيُّ غَلِطَ الرَّاوِي فِي لَفْظِ الرِّوَايَةِ إِنَّمَا هُوَ وَشَطْرِ مَالِهِ أَيْ يُجْعَلُ مَالُهُ شَطْرَيْنِ وَيَتَخَيَّرُ عَلَيْهِ الْمُصَدِّقُ فَيَأْخُذُ الصَّدَقَةَ مِنْ خَيْرِ النِّصْفَيْنِ عُقُوبَةً لِمَنْعِهِ الزَّكَاةَ فَأَمَّا مَالا يَلْزَمُهُ فَلَا وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي قَوْلِ الْحَرْبِيِّ لَا أَعْرِفُ هَذَا الْوَجْهَ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْحَقَّ مُسْتَوْفًى مِنْهُ غَيْرُ مَتْرُوكٍ وَإِنْ تَلِفَ شَطْرُ مَالِهِ كَرَجُلٍ كَانَ لَهُ أَلْفُ شَاةٍ فَتَلْفِتْ حَتَّى لَمْ يَبْقَ لَهُ إِلَّا عِشْرُونَ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ عَشْرُ شِيَاهٍ لِصَدَقَةِ الْأَلْفِ وَهُوَ شَطْرُ مَالِهِ الْبَاقِي وَهَذَا أَيْضًا بَعِيدٌ لِأَنَّهُ قَالَ إِنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ مَالِهِ وَلَمْ يَقُلْ إِنَّا آخِذُوا شَطْرَ مَالِهِ وَقِيلَ إِنَّهُ كَانَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ يَقَعُ بَعْضُ الْعُقُوبَاتِ فِي الْأَمْوَالِ ثُمَّ نُسِخَ كَقَوْلِهِ فِي التَّمْرِ الْمُعَلَّقِ مَنْ خَرَجَ بِشَيْءٍ مِنْهُ فَعَلَيْهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ وَالْعُقُوبَةُ وَكَقَوْلِهِ فِي ضَالَّةِ الْإِبِلِ الْمَكْتُوبَةِ غَرَامُهَا وَمِثْلُهَا مَعَهَا وَكَانَ عُمَرُ يَحْكُمُ بِهِ فَغَرَّمَ حَاطِبًا ضِعْفَ ثَمَنِ نَاقَةِ الْمُزَنِيِّ لَمَّا سَرَقَهَا رَقِيقُهُ وَنَحَرُوهَا وَلَهُ فِي الْحَدِيثِ نَظَائِرُ وَقَدْ أَخَذَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا وَعَمِلَ بِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ مَنْ مَنَعَ زَكَاةَ مَالِهِ أُخِذَتْ وَأُخِذَ شَطْرُ مَالِهِ عُقُوبَةً عَلَى مَنْعِهِ وَاسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَقَالَ فِي الْجَدِيدِ لَا يُؤْخَذُ إِلَّا الزَّكَاةُ لَا غَيْرُ وَجَعَلَ هَذَا الْحَدِيثَ مَنْسُوخًا وَقَالَ كَانَ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَتِ الْعُقُوبَاتُ فِي الْمَالِ ثُمَّ نُسِخَتْ وَمَذْهَبُ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ أَنْ لَا وَاجِبَ عَلَى مُتْلِفِ شَيْءٍ أَكْثَرُ مِنْ مِثْلِهِ أَو قِيمَته

عَزْمَةٌ مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا أَيْ حَقٌّ مِنْ حُقُوقه وواجب من واجباته [2445] خَمْسِ ذَوْدٍ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ أَضَافَ خَمْسَ إِلَى ذَوْدٍ وَهُوَ مُنَكَّرٌ لَا يَقَعُ عَلَى الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ وَأَضَافَهُ إِلَى الْجَمْعِ لِأَنَّهُ يَقَعُ على الْمُفْرد وَالْجمع وَأما قَول بن قُتَيْبَةَ أَنَّهُ يَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ فَقَطْ فَلَا يَدْفَعُ مَا نَقَلَهُ غَيْرُهُ أَنَّهُ يَقَعُ عَلَى الْجَمْعِ وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّ الذَّوْدَ مِنَ الثَّلَاثَةِ إِلَى الْعَشَرَةِ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ مِنَ الثِّنْتَيْنِ إِلَى الْعَشَرَةِ قَالَ وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِالْإِنَاثِ وَقَالَ سِيبَوَيْهِ يَقُول ثَلَاثُ ذَوْدٍ لِأَنَّ الذَّوْدَ مُؤَنَّثٌ وَلَيْسَ بِاسْمٍ كُسِّرَ عَلَيْهِ مُذَكَّرٌ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ أَصْلُهُ ذَادَ يَذُودُ إِذَا دَفَعَ شَيْئًا فَهُوَ مَصْدَرٌ فَكَأَنَّهُ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ دَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ مَعَرَّةَ الْفقر وَشدَّة الْفَاقَة وَالْحَاجة وَأنكر

بن قُتَيْبَةَ أَنْ يُرَادَ بِالذَّوْدِ الْجَمْعُ وَقَالَ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ خَمْسُ ذَوْدٍ كَمَا لَا يَصح أَن يُقَال خمس ثوب وغطه الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ لَكِنْ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ تَرَكُوا الْقِيَاسَ فِي الْجَمْعِ فَقَالُوا خَمْسُ ذود لخمس مِنَ الْإِبِلِ كَمَا قَالَ ثَلَاثُمِائَةٍ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ لِلذَّوْدِ وَاحِدًا مِنْ لَفْظِهِ وَالْأَشْهَرُ مَا قَالَهُ المتقدمون أَنه لَا يُطلق على الْوَاحِد [2447] حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ أَخَذْتُ هَذَا الْكِتَابَ مِنْ ثُمَامَةَ بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ قَالَ الْحَافِظُ بن حَجَرٍ صَرَّحَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ بِأَنَّ حَمَّادًا سَمِعَهُ مِنْ ثُمَامَةَ وَأَقْرَأهُ الْكِتَابَ فَانْتَفَى تَعْلِيلُ مَنْ أَعَلَّهُ بِكَوْنِهِ مُكَاتِبَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَتَبَ لَهُمْ أَيْ لَمَّا وَجَّهَ أَنَسًا إِلَى الْبَحْرَيْنِ عَامِلًا عَلَى الصَّدَقَةِ إِنَّ هَذِهِ فَرَائِضُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ ظَاهِرٌ فِي رَفْعِ الْخَبَرِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ مَوْقُوفًا عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَقَدْ صَرَّحَ بِرَفْعِهِ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ فِي مُسْنَدِهِ وَمَعْنَى فَرَضَ هُنَا أَوْجَبَ أَوْ شَرَعَ يَعْنِي بِأَمْرِ اللَّهِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ قَدَّرَ لِأَنَّ إِيجَابَهَا ثَابِتٌ بِالْكِتَابِ فَفَرْضُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا بَيَانٌ لِلْمُجْمَلِ مِنَ الْكِتَابِ بِتَقْدِيرِ الْأَنْوَاعِ لَا الَّتِي

أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا وَقَعَ هُنَا وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ بِحَذْفِ الْوَاوِ عَلَى أَنَّ الَّتِي بَدَلٌ مِنَ الَّتِي الْأُولَى وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ بِوَاوِ الْعَطْفِ فَمَنْ سُئِلَهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِهَا أَيْ عَلَى هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ الْمُبَيَّنَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمَنْ سُئِلَ فَوْقَ ذَلِكَ فَلَا يُعْطِ أَيْ مَنْ سُئِلَ زَائِدًا عَلَى ذَلِكَ فِي سِنٍّ أَوْ عَدَدٍ فَلَهُ الْمَنْعُ وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ الِاتِّفَاقَ عَلَى تَرْجِيحِهِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ فَلْيَمْنَعِ السَّاعِيَ وَلْيَتَوَلَّ هُوَ إِخْرَاجَهُ بِنَفْسِهِ لِأَنَّ السَّاعِيَ بِطَلَبِ الزِّيَادَةِ يَكُونُ مُتَعَدِّيًا وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ أَمِينًا طَرُوقَةُ الْفَحْلِ بِفَتْحِ الطَّاءِ أَيْ مَطْرُوقَةَ فَعُولَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ وَالْمُرَادُ أَنَّهَا بَلَغَتْ

أَنْ يَطْرُقَهَا الْفَحْلُ وَهِيَ الَّتِي أَتَتْ عَلَيْهَا ثَلَاثُ سِنِينَ وَدَخَلَتْ فِي الرَّابِعَةِ جَذَعَةٌ بِفَتْحِ الْجِيم

وَالْمُعْجَمَةِ وَهِيَ الَّتِي أَتَتْ عَلَيْهَا أَرْبَعُ سِنِينَ وَدَخَلَتْ فِي الْخَامِسَةِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا إِلَّا أَنْ يَتَبَرَّعَ مُتَطَوِّعًا وَلَا يُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ هَرِمَةٌ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ هِيَ الْكَبِيرَةُ الَّتِي سَقَطَتْ أَسْنَانُهَا وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّهَا أَيْ مَعِيبَةٌ وَقِيلَ بِالْفَتْحِ الْعَيْبُ وَبِالضَّمِّ الْعَوَرُ وَلَا تَيْسُ الْغَنَمِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمُصَّدِّقُ اخْتُلِفَ فِي ضَبْطِهِ فَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهُ بِالتَّشْدِيدِ وَالْمُرَادُ الْمَالِكُ وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي عُبَيْدٍ وَتَقْدِيرُ الْحَدِيثِ لَا تُؤْخَذُ هَرِمَةٌ وَلَا ذَاتُ عَيْبٍ أَصْلًا وَلَا يُؤْخَذُ التَّيْسُ وَهُوَ فَحْلُ الْغَنَمِ إِلَّا بِرِضَا الْمَالِكِ لِكَوْنِهِ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فَفِي أَخْذِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ إِضْرَارٌ بِهِ وَعَلَى هَذَا فَالِاسْتِثْنَاءُ مُخْتَصٌّ بِالثَّالِثِ وَمِنْهُمْ مَنْ ضَبَطَهُ بِتَخْفِيفِ الصَّادِ وَهُوَ السَّاعِي وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ بِذَلِكَ إِلَى التَّفْوِيضِ إِلَيْهِ فِي اجْتِهَاده لكنه يجرى مجْرى الوسيل فَلَا يَتَصَرَّفُ بِغَيْرِ الْمَصْلَحَةِ وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَلَفْظُهُ وَلَا تُؤْخَذُ ذَاتُ عَوَارٍ وَلَا تَيْسٌ وَلَا هَرِمَةٌ إِلَّا أَنْ يَرَى الْمُصَدِّقُ أَنَّ ذَلِكَ أَفْضَلُ لِلْمَسَاكِينِ فَيَأْخُذُ عَلَى النَّظَرِ وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ هُوَ خِطَابٌ لِلْمَالِكِ مِنْ جِهَةٍ وَلِلسَّاعِي مِنْ جِهَةٍ فَأَمَرَ كُلَّ وَاحِدٍ أَنْ لَا يُحْدِثَ شَيْئًا مِنَ الْجَمْعِ وَالتَّفْرِيقِ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ فَرَبُّ الْمَالِ يَخْشَى أَنْ تَكْثُرَ الصَّدَقَةُ فَيَجْمَعُ أَوْ يُفَرِّقُ لِتَقِلَّ وَالسَّاعِي يَخْشَى أَنْ تَقِلَّ الصَّدَقَةُ فَيَجْمَعُ أَوْ يُفَرِّقُ لِتَكْثُرَ فَمَعْنَى قَوْلِهِ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ أَيْ خَشْيَةَ أَنْ تَكْثُرَ الصَّدَقَةُ أَوْ خَشْيَةَ أَنْ تَقِلَّ الصَّدَقَةُ فَلَمَّا كَانَ مُحْتَمِلًا لِلْأَمْرَيْنِ لَمْ يَكُنِ الْحَمْلُ عَلَى أَحَدِهِمَا بِأَوْلَى مِنَ الْآخَرِ فَحُمِلَ عَلَيْهِمَا مَعًا لَكِنِ الْأَظْهَرُ حَمْلُهُ عَلَى الْمَالِكِ ذَكَرَهُ فِي فَتْحِ الْبَارِي وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ اخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِالْخَلِيطِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ هُوَ الشَّرِيكُ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الشَّرِيكَ قَدْ لَا يَعْرِفُ عَيْنَ مَالِهِ وَقَدْ قَالَ إِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ وَقَالَ بن جَرِيرٍ لَوْ كَانَ تَفْرِيقُهُمَا

مِثْلَ جَمْعِهِمَا فِي الْحُكْمِ لَبَطَلَتْ فَائِدَةُ الْحَدِيثِ وَإِنَّمَا نَهَى عَنْ أَمْرٍ لَوْ فَعَلَهُ كَانَتْ فِيهِ فَائِدَةٌ قَبْلَ النَّهْيِ قَالَ وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَمَا كَانَ لِتَرَاجُعِ الْخَلِيطَيْنِ بَيْنَهُمَا سَوَاءً مَعْنًى وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَى التَّرَاجُعِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا أَرْبَعُونَ شَاةً مَثَلًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِشْرُونَ قَدْ عَرَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَيْنَ مَالِهِ فَيَأْخُذُ الْمُصَدِّقُ مِنْ أَحَدِهِمَا شَاةً فَيَرْجِعُ الْمَأْخُوذُ مِنْ مَالِهِ عَلَى خَلِيطِهِ بِقِيمَةِ نِصْفِ شَاةٍ وَهِيَ تُسَمَّى خُلْطَةَ الْجِوَارِ فَإِذَا كَانَتْ سَائِمَةُ الرَّجُلِ نَاقِصَةً مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً وَاحِدَةً قَالَ الزَّرْكَشِيُّ نَاقِصَةً بِالنَّصْبِ خَبَرُ كَانَ وشَاة تَمْيِيزٌ وَوَاحِدَةً وَصْفٌ لَهَا قَالَ الْكَرْمَانِيُّ وَاحِدَةً إِمَّا مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ بِوَاحِدَةٍ وَإِمَّا حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ نَاقِصَةً وَرُوِيَ بِشَاةٍ وَاحِدَةٍ بِالْجَرِّ وَفِي الرِّقَةِ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَتَخْفِيفِ الْقَافِ وَهِيَ الْفِضَّةُ الْخَالِصَةُ مَضْرُوبَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ مَضْرُوبَةٍ قِيلَ أَصْلُهَا

الْوَرِقُ فَحُذِفَتِ الْوَاوُ وَعُوِّضَتِ الْهَاءُ وَقِيلَ يُطْلَقُ على الذَّهَب وَالْفِضَّة بِخِلَاف الْوَرق [2448] وَمِنْ حَقِّهَا أَنْ تُحْلَبَ عَلَى الْمَاءِ بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ أَيْ لِمَنْ يَحْضُرُهَا مِنَ الْمَسَاكِينِ وَإِنَّمَا خُصَّ الْحَلْبُ بِمَوْضِعِ الْمَاءِ لِيَكُونَ أَسْهَلَ عَلَى الْمُحْتَاج من قصد الْمنَازل وَذكره الداوي بِالْجِيم وَفَسرهُ بالاحضار إِلَى الْمُصدق وَتعقبه بن دِحْيَةَ وَجَزَمَ بِأَنَّهُ تَصْحِيفٌ رُغَاءٌ بِضَمِّ الرَّاءِ وَغَيْنٌ مُعْجَمَةٌ صَوْتُ الْإِبِلِ يُعَارٌ بِتَحْتِيَّةٍ مَضْمُومَةٍ وَعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ صَوْتُ الْمَعْزِ وَرَوَاهُ الْفَزَّارُ بِمُثَنَّاةٍ فوقية وَرجحه بن التِّين وَقَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَيَكُونُ كَنْزُ أَحَدِهِمْ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ الْكَنْزُ كُلُّ شَيْءٍ مَجْمُوعٌ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ سَوَاءٌ كَانَ فِي بَطْنِ الْأَرْضِ أَمْ عَلَى ظَهْرِهَا زَادَ صَاحِبُ الْعَيْنِ وَغَيْرُهُ وَكَانَ مَخْزُونًا وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي الْمُرَادِ بِالْكَنْزِ

الْمَذْكُورِ فِي الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ فَقَالَ أَكْثَرُهُمْ هُوَ كُلُّ مَالٍ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ فَلَمْ تُؤَدَّ فَأَمَّا مَالٌ خَرَجَتْ زَكَاتُهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ وَقِيلَ الْكَنْزُ هُوَ الْمَذْكُورُ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَلَكِنَّ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ وَاتَّفَقَ أَئِمَّةُ الْفَتْوَى على القَوْل الأول أَنا كَنْزك زَاد بن حِبَّانَ الَّذِي تَرَكْتَهُ بَعْدَكَ فَلَا يَزَالُ حَتَّى يُلْقِمَهُ أُصْبُعَهُ لِابْنِ حِبَّانَ فَلَا يَزَالُ يَتْبَعُهُ حَتَّى يُلْقِمَهُ يَدَهُ فَيَمْضُغَهَا

ثمَّ يتبعهُ سَائِر جسده [2450] أَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ قَالَ فِي النِّهَايَةِ يَعْنِي الْجِزْيَةَ أَرَادَ بِالْحَالِمِ مَنْ بَلَغَ الْحُلُمَ وَجَرَى عَلَيْهِ حُكْمُ الرِّجَالِ سَوَاءٌ احْتَلَمَ أَمْ لَا أَوْ عَدْلَهُ بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ مَعَافِرِيًّا هِيَ بُرُودٌ بِالْيَمَنِ مَنْسُوبَةٌ إِلَى مَعَافِرَ قَبيلَة بهَا وَالْمِيم زَائِدَة [2454] جَمَّاءُ هِيَ الَّتِي لَا قَرْنَ لَهَا يَقْضِمُهَا

الْقَضْمُ بِقَافٍ وَضَادٍ مُعْجَمَةٍ الْأَكْلُ بِأَطْرَافِ الْأَسْنَانِ

[2457] إِنَّ فِي عَهْدِي أَنْ لَا نَأْخُذَ رَاضِعَ لَبَنٍ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَرَادَ بِالرَّاضِعِ ذَاتَ الدَّرِّ وَاللَّبَنِ وَفِي الْكَلَامِ مُضَافٌ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ ذَاتَ رَاضِعٍ فَأَمَّا مِنْ غَيْرِ حَذْفٍ فَالرَّاضِعُ الصَّغِيرُ الَّذِي هُوَ بَعْدُ يَرْضَعُ وَنَهْيُهُ عَنْ أَخْذِهَا لِأَنَّهَا خِيَارُ الْمَالِ وَمِنْ زَائِدَةٌ كَمَا يَقُولُ لَا يَأْكُلُ مِنَ الْحَرَامِ أَيْ لَا يَأْكُلُ الْحَرَامَ وَقِيلَ هُوَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الرَّجُلِ الشَّاةُ الْوَاحِدَةُ أَوِ اللِّقْحَةُ قَدِ اتَّخَذَهَا لِلدَّرِّ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا شَيْءٌ كَوْمَاءَ أَيْ مُشْرِفَةَ السَّنَامِ عَالِيَةً [2458] فَصِيلًا مَخْلُولًا أَيْ مَهْزُولًا وَهُوَ الَّذِي جُعِلَ فِي أَنْفِهِ خِلَالٌ لِئَلَّا يرضع أمه فتهزل

[2461] إِذَا أَتَاكُمُ الْمُصَدِّقُ بِتَخْفِيفِ الصَّادِ وَهُوَ الْعَامِلُ فليصدر أَي يرجع

[2462] مُمْتَلِئَةً مَحْضًا وَشَحْمًا أَيْ سَمِينَةً كَثِيرَةَ اللَّبَنِ وَالْمَحْضُ بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَضَادٍ مُعْجَمَةٍ هُوَ اللَّبَنُ

[2464] مَا يَنْقِمُ بِكَسْرِ الْقَافِ أَيْ مَا يُنْكِرُ أَو يكره بن جَمِيلٍ قَالَ الْحَافِظُ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ وَفِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ أَنَّ اسْمَهُ عَبْدُ اللَّهِ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ فَقِيرًا فَأَغْنَاهُ اللَّهُ أَيْ مَا يَنْقِمُ شَيْئًا مِنْ مَنْعِ الزَّكَاةِ إِلَّا بِكُفْرِ النِّعْمَةِ فَكَأَنَّ غِنَاهُ أَدَّاهُ إِلَى كُفْرِ نِعْمَةِ اللَّهِ أَدْرَاعَهُ بِمُهْمَلَاتٍ جَمْعُ دِرْعٍ وَهِيَ الزَّرْدِيَّةُ وَأَعْتُدَهُ بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ جَمْعُ عَتَدٍ بِفَتْحَتَيْنِ قِيلَ مَا يُعِدُّ الرَّجُلُ مِنَ الدَّوَابِّ وَالسِّلَاحِ

وَقِيلَ الْخَيْلُ خَاصَّةً وَرُوِيَ بِالْمُوَحَّدَةِ جَمْعُ عَبْدٍ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ فَهِيَ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ وَمِثْلُهَا مَعَهَا قِيلَ أَلْزَمَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَضْعِيفِ صَدَقَتِهِ لِيَكُونَ أَرْفَعَ لِقَدْرِهِ وَأَنْبَهَ لِذِكْرِهِ وَأَنْفَى لِلذَّمِّ عَنْهُ وَالْمَعْنَى فَهِيَ صَدَقَةٌ ثَابِتَةٌ عَلَيْهِ سَيَتَصَدَّقُ بِهَا وَيُضِيفُ إِلَيْهَا مِثْلَهَا كَرَمًا ودلت رِوَايَة

مُسْلِمٍ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْتَزَمَ بِإِخْرَاجِ ذَلِكَ عَنْهُ لِقَوْلِهِ فَهِيَ عَلَيَّ لِأَنَّهُ اسْتَسْلَفَ مِنْهُ صَدَقَةَ عَامَيْنِ وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ رِوَايَةِ عَلَيَّ وَرِوَايَةِ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْأَصْلَ رِوَايَةُ عَلَيَّ وَرِوَايَةُ عَلَيْهِ مِثْلُهَا

إِلَّا أَنَّ فِيهَا زِيَادَةَ هَاءِ السَّكْتِ حَكَاهَا بن الْجَوْزِيّ عَن بن نَاصِر قَدْ عَفَوْتُ عَنِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ أَيْ تَرَكْتُ لكم أَخذ زَكَاتهَا وتجاوزت عَنهُ مسكتان المسكة بِالتَّحْرِيكِ السوار

[2481] لَهُ زَبِيبَتَانِ تَثْنِيَةُ زَبِيبَةٍ بِفَتْحِ الزَّايِ وَمُوَحَّدَتَيْنِ وَهُمَا الزُّبْدَتَانِ اللَّتَانِ فِي الشِّدْقَيْنِ وَقِيلَ النُّكْتَتَانِ السَّوْدَاوَانِ فَوْقَ عَيْنَيْهِ وَقِيلَ نُقْطَتَانِ يَكْتَنِفَانِ فَاهُ وَقِيلَ هُمَا فِي حَلْقِهِ بِمَنْزِلَةِ زَنَمَتَيِ الْعَنْزِ وَقِيلَ لَحْمَتَانِ عَلَى رَأْسِهِ مِثْلُ الْقَرْنَيْنِ وَقِيلَ نَابَانِ يَخْرُجَانِ مِنْ فِيهِ يُطَوَّقُهُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الْوَاوِ الثَّقِيلَةِ أَيْ يَصِيرُ لَهُ ذَلِكَ الثُّعْبَانُ طَوْقًا [2482] بِلِهْزِمَتَيْهِ بِكَسْرِ اللَّامِ وَالزَّايِ بَيْنَهُمَا هَاءٌ سَاكِنَةٌ قَالَ فِي الصِّحَاحِ هُمَا الْعَظْمَانِ النَّاتِئَانِ فِي اللَّحْيَيْنِ تَحْتَ الْأُذُنَيْنِ وَفِي الْجَامِعِ هُمَا لَحْمُ الْخَدَّيْنِ الَّذِي يَتَحَرَّكُ إِذَا أَكَلَ الْإِنْسَان

[2488] فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالْأَنْهَارُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ بَعْلًا قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ مَا شَرِبَ مِنَ النَّخِيلِ بِعُرُوقِهِ مِنَ الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ سَقْيِ سَمَاءٍ وَلَا غَيْرِهَا قَالَ الْأَزْهَرِيُّ هُوَ مَا يَنْبُتُ مِنَ النَّخْلِ فِي أَرْضٍ يَقْرُبُ مَاؤُهَا فَرَسَخَتْ عُرُوقُهَا فِي الْمَاءِ وَاسْتَغْنَتْ عَنْ مَاءِ السَّمَاءِ وَالْأَنْهَارِ الْعُشْرُ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى الْأَخْذِ بِهَذَا الْحَدِيثِ فِي قَدْرِ مَا يُؤْخَذُ وَاسْتَدَلَّ أَبُو حَنِيفَةَ بِعُمُومِهِ عَلَى وجوب الزَّكَاة فِي كل مَا أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ مِنَ الثِّمَارِ وَالرَّيَاحِينِ وَالْخُضَرِ وَغَيْرِهَا قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَالْحِكْمَةُ فِي فَرْضِ الْعُشْرِ أَنَّهُ يُكْتَبُ بِعَشَرَةِ أَمْثَالِهِ وَكَأَنَّ الْمُخْرِجَ لِلْعُشْرِ تَصَدَّقَ بِكُلِّ مَالِهِ وَمَا سُقِيَ بِالسَّوَانِي جَمْعُ سَانِيَةٍ وَهِيَ النَّاقَةُ الَّتِي يُسْتَقَى عَلَيْهَا وَالنَّضْحُ أَيْ مَا يُسْقَى بِالدَّوَالِي وَالِاسْتِسْقَاءُ وَالنَّوَاضِحُ الْإِبِلُ الَّتِي يستقى عَلَيْهَا وَاحِدهَا نَاضِح

[2490] وَفِيمَا سُقِيَ بِالدَّوَالِي جَمْعُ الدِّلَاءِ وَهِيَ جَمْعُ الدَّلْو وَهُوَ المستقى بِهِ من الْبِئْر [2491] إِذَا خَرَصْتُمْ فَخُذُوا وَدَعُوا الثُّلُثَ فَإِنْ لَمْ تَدَعُوا الثُّلُثَ فَدَعُوا الرُّبُعَ قَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي قَالَ بِظَاهِرِهِ اللَّيْثُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَغَيْرُهُمْ وَفَهِمَ مِنْهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ أَنَّ الْقَدْرَ الَّذِي يَأْكُلُونَهُ بِحَسَبِ احْتِيَاجِهِمْ إِلَيْهِ فَقَالَ بِتَرْكِ قَدْرِ احْتِيَاجِهِمْ وَقَالَ مَالِكٌ وَسُفْيَانُ لَا يُتْرَكُ لَهُمْ شَيْءٌ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنِ الشَّافِعِي قَالَ بن الْعَرَبِيِّ وَالْمُتَحَصِّلُ مِنْ صَحِيحِ النَّظَرِ أَنْ يُعْمَلَ بِالْحَدِيثِ وَقَدْرِ الْمُؤْنَةِ وَلَقَدْ جَرَّبْنَا فَوَجَدْنَاهُ فِي الْأَغْلَبِ مِمَّا يُؤْكَلُ رُطَبًا وَحَكَى أَبُو عُبَيْدٍ عَنْ قَوْمٍ أَنَّ الْخَرْصَ كَانَ خَاصًّا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكَوْنِهِ كَانَ يُوَفَّقُ مِنَ الصَّوَابِ لِمَا لَا يُوَفَّقُ لَهُ غَيْرُهُ [2492] الْجُعْرُورُ وَلَوْنُ حُبَيْقٍ هُمَا نَوْعَانِ مِنَ التَّمْرِ رَدِيئَانِ الرُّذَالَةُ بِضَمِّ الرَّاءِ وَإِعْجَامِ الذَّالِ الرَّدِيءُ فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَلَكَ فِيهِ حَذْفُ جَوَابِ الشَّرْطِ مِنَ الْأَوَّلِ وَحُذِفَ فِعْلُ الشَّرْطِ بَعْدَ أَنْ لَا وَالْمُبْتَدَأُ مِنْ جُمْلَةِ الْجَوَابِ الِاسْمِيَّةِ وَالتَّقْدِيرُ فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا أَخَذَهَا وَإِنْ لَا يَجِيء فَهِيَ لَك ذكره بن مَالِكٍ الْعَجْمَاءُ هِيَ الْبَهِيمَةُ سُمِّيَتْ عَجْمَاءَ لِأَنَّهَا لَا تَتَكَلَّم

[2495] جَرْحُهَا جُبَارٌ أَيْ هَدَرٌ وَالْمُرَادُ الدَّابَّةُ الْمُرْسَلَةُ فِي رَعْيِهَا أَوِ الْمُنْفَلِتَةُ مِنْ صَاحِبِهَا وَالْبِئْرُ جُبَارٌ يُتَأَوَّلُ بِوَجْهَيْنِ بِأَنْ يَحْفِرَ الرَّجُلُ بِأَرْضٍ فَلَاةٍ لِلْمَارَّةِ فَيَسْقُطُ فِيهَا إِنْسَانٌ فَيَهْلِكَ وَبِأَنْ يَسْتَأْجِرَ الرَّجُلُ مَنْ يَحْفِرُ لَهُ الْبِئْرَ فِي مِلْكِهِ فَتَنْهَارُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ هُمُ الْأُجَرَاءُ فِي اسْتِخْرَاجِ مَا فِي بُطُونِ الْأَرْضِ لَوِ انْهَارَ عَلَيْهِمُ الْمَعْدِنُ لَا يَكُونُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ غَرَامَةٌ [2500] فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ رَمَضَانَ عَلَى الْحُرِّ وَالْعَبْدِ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى صَاعًا مِنْ تَمْرٍ قِيلَ إِنَّهُ مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ ثَانٍ وَقِيلَ عَلَى التَّمْيِيزِ وَقِيلَ خَبَرُ كَانَ مَحْذُوفًا

وَقيل على سَبِيل الْحِكَايَة

[2506] عَن قيس بن سعد بن عبَادَة قَالَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الزَّكَاةُ فَلَمَّا نَزَلَتِ الزَّكَاةُ لَمْ يَأْمُرْنَا وَلَمْ يَنْهَنَا وَنَحْنُ نَفْعَلُهُ اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ إِنَّ وُجُوبَ زَكَاةِ الْفِطْرِ نُسِخَ وَهُوَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُلَيَّةَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ كَيْسَانَ الْأَصَمُّ وَأَشْهَبُ مِنَ الْمَالِكِيَّة وبن اللبان من الشَّافِعِيَّة قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ فِي إِسْنَادِهِ رَاوِيًا مَجْهُولًا وَعَلَى تَقْدِيرِ الصِّحَّةِ فَلَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى النَّسْخِ لِاحْتِمَالِ الِاكْتِفَاءِ بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ نُزُولَ فَرْضٍ لَا يُوجِبُ سُقُوطَ فَرْضٍ آخَرَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَوَّلَ قَوْلَهُ فَرَضَ عَلَى مَعْنَى قَدَّرَ قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَهُوَ أَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ لَكِنْ نُقِلَ عَنْ عُرْفِ الشَّرْعِ إِلَى الْوُجُوبِ فَالْحَمْلُ عَلَيْهِ أولى

[2509] مِنْ سُلْتٍ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَمُثَنَّاةٍ نوع من الشّعير

[2513] من سمراء الشَّام أَي الْقَمْح الشَّامي

[2520] الْمِكْيَالُ مِكْيَالُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْوَزْنُ وَزْنُ أَهْلِ مَكَّةَ قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْوَزْنَ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الزَّكَاةِ وَزْنُ أهل مَكَّة وَهِي دَار الْإِسْلَام قَالَ بن حَزْمٍ وَبَحَثْتُ عَنْهُ غَايَةَ الْبَحْثِ مِنْ كُلِّ مَنْ وَثِقْتُ بِتَمْيِيزِهِ وَكُلٌّ اتَّفَقَ لِي عَلَى أَنَّ دِينَارَ الذَّهَبِ بِمَكَّةَ وَزْنُهُ اثْنَتَانِ وَثَمَانُونَ حَبَّةً وَثَلَاثَةُ أَعْشَارِ حَبَّةٍ مِنْ حَبِّ الشَّعِيرِ الْمُطْلَقِ وَالدِّرْهَمُ سَبْعَةُ أَعْشَارِ الْمِثْقَالِ فَوَزْنُ الدِّرْهَمِ سَبْعَةٌ وَخَمْسُونَ حَبَّةً وَسِتَّةُ أَعْشَارِ حَبَّةٍ وَعُشْرِ عُشْرِ حَبَّةٍ فَالرِّطْلُ مِائَةٌ وَوَاحِدٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ درهما بالدرهم الْمَذْكُور

[2522] وكرائم أَمْوَالهم أَي خيارهم [2523] قَالَ رَجُلٌ زَادَ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ [2523] اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى سَارِقٍ أَي على تصدقي عَلَيْهِ

[2524] عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ بِفَتْحِ الْمِيمِ اسْمُهُ عَامِرٌ وَقِيلَ زَيْدٌ وَقِيلَ عُمَيْرٌ عَنْ أَبِيهِ اسْمُهُ أُسَامَةُ بْنُ عُمَيْرٍ لَهُ صُحْبَةٌ وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ غَيْرُ ابْنِهِ أَبِي الْمَلِيحِ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَقْبَلُ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ هُوَ هُنَا بِضَمِّ الطَّاءِ عَلَى الْأَشْهَرِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمَصْدَرُ

[2525] مَا تَصَدَّقَ أَحَدٌ بِصَدَقَةٍ مِنْ طَيِّبٍ وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا الطَّيِّبَ جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ الْمُقَدَّرِ 7 مَا قَبِلَهُ إِلَّا أَخَذَهَا الرَّحْمَنُ عَزَّ وَجَلَّ بِيَمِينِهِ وَإِنْ كَانَتْ تَمْرَةً فَتَرْبُو فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ قَالَ الْمَازِرِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ وَشَبَهُهُ إِنَّمَا عَبَّرَ بِهِ على مَا اعتداوا فِي خِطَابِهِمْ لِيَفْهَمُوا عَنْهُ فَكَنَّى عَنْ قَبُولِ الصَّدَقَةِ بِالْيَمِينِ وَعَنْ تَضْعِيفِ أَجْرِهَا بِالتَّرْبِيَةِ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ لَمَّا كَانَ الشَّيْءُ الَّذِي يُرْتَضَى وَيَعِزُّ يُتَلَقَّى بِالْيَمِينِ وَيُؤْخَذُ بِهَا اسْتُعْمِلَ فِي مثل هَذَا استعير لِلْقَبُولِ وَالرِّضَا كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ تَلَقَّاهَا عَرَابَةُ بِالْيَمِينِ قَالَ وَقِيلَ عَبَّرَ بِالْيَمِينِ هُنَا عَنْ جِهَةِ الْقَبُولِ وَالرِّضَا إِذِ الشِّمَالُ بِضِدِّهِ فِي هَذَا قَالَ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِكَفِّ الرَّحْمَنِ هُنَا وَبِيَمِينِهِ كَفُّ الَّذِي تُدْفَعُ إِلَيْهِ الصَّدَقَةُ وَإِضَافَتُهَا إِلَى اللَّهِ إِضَافَةُ مِلْكٍ وَاخْتِصَاصٍ لِوَضْعِ هَذِهِ الصَّدَقَةِ فِيهَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ وَقَدْ قِيلَ فِي تَرْبِيَتِهَا وَتَعْظِيمِهَا حَتَّى تَكُونَ أَعْظَمَ مِنَ الْجَبَلِ أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ تَعْظِيمُ أَجْرِهَا وَتَضْعِيفُ ثَوَابِهَا قَالَ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَنْ يُعَظِّمَ ذَاتَهَا وَيُبَارِكَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا وَيَزِيدَهَا مِنْ فَضْلِهِ

حَتَّى تَثْقُلَ فِي الْمِيزَانِ وَهَذَا الْحَدِيثُ نَحْوُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدقَات كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَضَمِّ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ الْمُهْرُ لِأَنَّهُ يَفْلَى أَيْ يَعْظُمُ وَقِيلَ هُوَ كُلُّ فَطِيمٍ مِنْ ذَاتِ حَافِرٍ وَالْجَمْعُ أَفْلَاءٌ كَعَدُوٍّ وَأَعْدَاءٍ وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ إِذَا فَتَحْتَ الْفَاءَ شَدَّدْتَ الْوَاوَ وَإِذَا كسرتها سكنت اللَّام كجد وَضرب بِهِ الْمَثَلَ لِأَنَّهُ يَزِيدُ زِيَادَةً بَيِّنَةً [2526] جُهْدُ الْمُقِلِّ قَالَ فِي النِّهَايَةِ بِضَمِّ الْجِيمِ أَيْ قدر مَا يحْتَملهُ حَال الْقَلِيل المَال

[2530] فَتَصَدَّقَ أَبُو عَقِيلٍ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَجَاءَ إِنْسَانٌ بِشَيْءٍ أَكْثَرَ مِنْهُ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ جَاءَ بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ أَوْ ثَمَانِيَةِ آلَافٍ [2531] إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَأْنِيثُ الْخَبَرِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ الْمُبْتَدَأَ مُؤَنَّثٌ وَالتَّقْدِيرُ أَنَّ صُورَةَ هَذَا الْمَالِ أَوْ يَكُونُ التَّأْنِيثُ لِلْمَعْنَى لِأَنَّهُ اسْمٌ جَامِعٌ لِأَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ وَالْمُرَادُ بِالْخَضِرَةِ الرَّوْضَةُ الْخَضْرَاءُ أَوِ الشَّجَرَةُ النَّاعِمَةُ وَالْحُلْوَةُ الْمُسْتَحْلَاةُ الطَّعْمِ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ أَيْ تَطَّلِعُ إِلَيْهِ وتطمع فِيهِ

[2533] وَالْيَدُ الْعُلْيَا الْمُنْفِقَةُ وَالْيَدُ السُّفْلَى السَّائِلَةُ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ هَذَا نَصٌّ يَدْفَعُ الْخِلَافَ فِي التَّفْسِيرِ لَكِنِ ادَّعَى أَبُو الْعَبَّاسِ اللَّانِيُّ فِي أَطْرَافِ الْمُوَطَّأِ أَنَّ هَذَا التَّفْسِيرَ مُدْرَجٌ فِي الْحَدِيثِ وَصَرَّحَ فِي رِوَايَةٍ عِنْدَ الْعَسْكَرِيِّ فِي الصَّحَابَةِ أَنه من كَلَام بن عُمَرَ وَالْأَكْثَرُ رَوَوُا الْمُنْفِقَةَ بِفَاءٍ وَقَافٍ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمُ الْمُتَعَفِّفَةُ بِتَاءٍ وَعَيْنٍ وَفَاءَيْنِ وَقِيلَ إِنَّهُ تَصْحِيف

[2534] خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى أَيْ مَا وَقَعَ مِنْ غَيْرِ مُحْتَاجٍ إِلَى مَا تَصَدَّقَ بِهِ لِنَفْسِهِ أَوْ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ قَالَ الْخَطَّابِيُّ لَفْظُ الظَّهْرِ يُزَادُ فِي مِثْلِ هَذَا إِشْبَاعًا لِلْكَلَامِ وَالْمَعْنَى أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ مَا أَخْرَجَهُ الْإِنْسَانُ مِنْ مَالِهِ بَعْدَ أَنْ يَسْتَبْقِيَ مِنْهُ قَدْرَ الْكِفَايَةِ وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْدَهُ وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ وَقَالَ الْبَغَوِيُّ الْمُرَادُ غِنًى يَسْتَظْهِرُ بِهِ عَلَى النَّوَائِبِ الَّتِي تَنُوبُهُ وَالتَّنْكِيرُ فِي قَوْلِهِ غِنًى لِلتَّعْظِيمِ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ وَقِيلَ الْمُرَادُ خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا أَغْنَيْتَ بِهِ مَنْ أَعْطَيْتَهُ عَنِ الْمَسْأَلَةِ وَقِيلَ عَنْ لِلسَّبَبِيَّةِ وَالظَّهْرُ زَائِدٌ أَيْ خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ سَبَبُهَا غِنًى فِي الْمُتَصَدِّقِ

[2537] سَمِعْتُ عُمَيْرًا مَوْلَى آبِي اللَّحْمِ قَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ بِهَمْزَةٍ مَمْدُودَةٍ وَكَسْرِ الْبَاءِ قِيلَ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَأْكُلُ اللَّحْمَ وَقِيلَ لَا يَأْكُلُ مَا ذُبِحَ لِلْأَصْنَامِ وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَقِيلَ خَلَفٌ وَقِيلَ الْحُوَيْرِثُ الْغِفَارِيُّ وَهُوَ صَحَابِيٌّ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ حُنَيْنٍ رَوَى عَنْهُ عُمَيْرٌ مَوْلَاهُ فَقَالَ يطعم طَعَامي بِغَيْر أَن آمره قَالَ الْأَجْرُ بَيْنَكُمَا قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا مَحْمُولٌ على أنعميرا تَصَدَّقَ بِشَيْءٍ لِظَنِّ أَنَّ مَوْلَاهُ يَرْضَى بِهِ وَلَمْ يَرْضَ بِهِ مَوْلَاهُ فَلِعُمَيْرٍ أَجْرٌ لِأَنَّ مَالَهُ أُتْلِفَ عَلَيْهِ وَمَعْنَى الْأَجْرُ بَيْنَكُمَا أَيْ لِكُلٍّ مِنْكُمَا أَجْرٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ أَجْرَ نَفْسِ الْمَالِ يَتَقَاسَمَانِهِ قَالَ فَهَذَا الَّذِي ذَكَرْتُهُ مِنْ تَأْوِيلِهِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَدْ وَقَعَ فِي كَلَام بَعضهم مَالا يُرْضَى مِنْ تَفْسِيرِهِ

[2538] عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ زَادَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ كُلَّ يَوْمٍ قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ الْمُرَادُ صَدَقَةُ نَدْبٍ وَتَرْغِيبٍ لَا إِيجَابٍ وَإِلْزَامٍ يَعْتَمِلُ بِيَدِهِ الِاعْتِمَالُ افْتِعَالٌ مِنَ الْعَمَلِ الْمَلْهُوفَ قَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ يُطْلَقُ عَلَى الْمُتَحَسِّرِ وَعَلَى الْمُضْطَرِّ وَعَلَى الْمَظْلُومِ قَالَ يُمْسِكُ عَنِ الشَّرِّ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ إِذَا أَمْسَكَ عَنِ الشَّرِّ لِلَّهِ تَعَالَى كَانَ لَهُ أَجْرٌ عَلَى ذَلِكَ كَمَا أَنَّ لِلْمُتَصَدِّقِ بِالْمَالِ أَجْرًا

[2539] إِذَا تَصَدَّقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا كَانَ لَهَا أَجْرٌ وَلِلزَّوْجِ مِثْلُ ذَلِكَ وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِك وَلَا ينقص كل وَاحِدٌ مِنْهُمَا مِنْ أَجْرِ صَاحِبِهِ شَيْئًا قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ الْمُشَارِكَ فِي الطَّاعَةِ مُشَارِكٌ فِي الْأَجْرِ وَمَعْنَى الْمُشَارَكَةِ أَنَّ لَهُ أَجْرًا كَمَا لِصَاحِبِهِ أَجْرٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُزَاحِمَهُ فِي أَجْرِهِ وَالْمُرَادُ الْمُشَارَكَةُ فِي أَصْلِ الثَّوَابِ فَيَكُونُ لِهَذَا ثَوَابٌ وَلِهَذَا ثَوَابٌ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مِقْدَارُ ثَوَابِهِمَا سَوَاءً بَلْ قَدْ يَكُونُ ثَوَابُ هَذَا أَكْثَرَ وَقَدْ يَكُونُ عَكْسَهُ فَإِذَا أَعْطَى الْمَالِكُ لِامْرَأَتِهِ أَوْ لِخَازِنِهِ أَوْ لِغَيْرِهِمَا مِائَةَ دِرْهَمٍ أَوْ نَحْوَهَا لِيُوَصِّلَهَا إِلَى مُسْتَحِقِّ الصَّدَقَةِ عَلَى بَابِ دَارِهِ

أَوْ نَحْوِهِ فَأَجْرُ الْمَالِكِ أَكْثَرُ وَإِنْ أَعْطَاهُ رَغِيفًا أَوْ رُمَّانَةً أَوْ نَحْوَهُمَا مِمَّا لَيْسَ لَهُ كَبِيرُ قِيمَةٍ لِيَذْهَبَ بِهِ إِلَى مُحْتَاجٍ مَسَافَةً بَعِيدَةً بِحَيْثُ يُقَابَلُ مَشْيُ الذَّاهِبِ إِلَيْهِ بِأُجْرَةٍ تَزِيدُ عَلَى الرُّمَّانَةِ وَالرَّغِيفِ فَأَجْرُ الْوَكِيلِ أَكْثَرُ وَقَدْ يَكُونُ عَمَلُهُ قَدْرَ الرَّغِيفِ مَثَلًا فَيَكُونُ مِقْدَارُ الْأَجْرِ سَوَاءً وَأَشَارَ الْقَاضِي عِيَاضٌ إِلَى أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ سَوَاءً مُطْلَقًا لِأَنَّ الْأَجْرَ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا يُدْرَكُ بِقِيَاسٍ وَلَا هُوَ بِحَسَبِ الْأَعْمَالِ وَذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَالْمُخْتَارُ الْأَوَّلُ قَالَ وَلَا بُدَّ فِي الزَّوْجَةِ وَالْخَازِنِ مِنْ إِذْنِ الْمَالِكِ فِي ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إِذْنٌ أَصْلًا فَلَا أَجْرَ لَهُمْ بَلْ عَلَيْهِمْ وِزْرٌ بِتَصَرُّفِهِمْ فِي مَالِ غَيْرِهِمْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ قُلْتُ وَلِهَذَا عَقَّبَ الْمُصَنِّفُ هَذَا الْحَدِيثَ [2540] لَا يَجُوزُ لِامْرَأَةٍ عَطِيَّةٌ إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا قَالَ النَّوَوِيُّ وَالْإِذْنُ ضَرْبَانِ أَحَدُهُمَا الْإِذْنُ الصَّرِيحُ فِي النَّفَقَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالثَّانِي الْإِذْنُ الْمَفْهُومُ مِنَ اطِّرَادِ الْعُرْفِ كَإِعْطَاءِ السَّائِلِ كِسْرَةً وَنَحْوَهَا مِمَّا جَرَتِ الْعَادَةُ بِهِ وَاطِّرَادُ الْعُرْفِ فِيهِ وَعُلِمَ بِالْعُرْفِ رِضَا الزَّوْجِ بِهِ فَإِنَّهُ فِي ذَلِكَ حَاصِلٌ وَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ وَهَذَا إِذَا عُلِمَ رِضَاهُ بِالْعُرْفِ وَعُلِمَ أَنَّ نَفْسَهُ كَنُفُوسِ غَالِبِ النَّاسِ فِي السَّمَاحَةِ بِذَلِكَ وَالرِّضَا بِهِ فَإِنِ اضْطَرَبَ الْعُرْفُ وَشُكَّ فِي رِضَاهُ أَوْ عُلِمَ شحه بذلك لَمْ يَجُزْ لِلْمَرْأَةِ وَغَيْرِهَا التَّصَدُّقُ مِنْ مَالِهِ إِلَّا بِصَرِيحِ إِذْنِهِ قَالَ وَهَذَا كُلُّهُ مَفْرُوضٌ فِي قَدْرٍ يَسِيرٍ يُعْلَمُ رِضَا الْمَالِكِ بِهِ فِي الْعَادَةِ فَإِنْ زَادَ عَلَى الْمُتَعَارَفِ لَمْ يجز [2541] عَنْ فِرَاسٍ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَرَاءٍ خَفِيفَةٍ وَسِينٍ مُهْمَلَةٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَزْوَاجَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْتَمَعْنَ

عِنْده زَاد بن حِبَّانَ لَمْ يُغَادِرْ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً فَقُلْنَ فِي رِوَايَة بن حِبَّانَ فَقُلْتُ بِالْمُثَنَّاةِ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ عَائِشَةَ هِيَ السائلة أيتنابك أَسْرَعُ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ أَيُّنَا بِلَا تَاءٍ وَهُوَ الْأَفْصَحُ قَالَ صَاحِبُ الْكَشَّافِ وَشَبَّهَ سِيبَوَيْهِ تَأْنِيثَ أَيٍّ بِتَأْنِيثِ كُلٍّ فِي قَوْلِهِمْ كُلُّهُنَّ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ أَيْ لَيْسَتْ بِفَصِيحَةٍ لُحُوقًا نُصِبَ عَلَى التَّمْيِيزِ فَقَالَ أَطْوَلُكُنَّ مَرْفُوعٌ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ أَسْرَعُكُنَّ لُحُوقًا بِي قَالَ الْكَرْمَانِيُّ فَإِنْ قُلْتَ الْقِيَاسُ أَنْ يُقَالَ طولا كن بِلَفْظِ الْفُعْلَى قُلْتُ جَازَ فِي مِثْلِهِ الْإِفْرَادُ وَالْمُطَابَقَةُ لِمَنْ أَفْعَلُ التَّفْضِيلِ لَهُ يَدًا نُصِبَ عَلَى التَّمْيِيزِ فَأَخَذْنَ قَصَبَةً فَجَعَلْنَ يَذْرَعْنَهَا أَيْ يُقَدِّرْنَ بِذِرَاعِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ فَأَخَذُوا قَصَبَةً يَذْرَعُونَهَا بِضَمِيرِ جَمْعِ الذُّكُورِ وَهُوَ من تصرف لرواة وَالصَّوَابُ مَا هُنَا فَكَانَتْ سَوْدَةُ أَسْرَعَهُنَّ بِهِ لُحُوقًا فَكَانَتْ أَطْوَلَهُنَّ يَدًا كَذَا وَقَعَ أَيْضًا فِي رِوَايَة أَحْمد وبن سَعْدٍ وَالْبُخَارِيِّ فِي التَّارِيخِ الصَّغِيرِ وَالْبَيْهَقِيِّ فِي الدَّلَائِل قَالَ بن سَعْدٍ قَالَ لَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ يَعْنِي الْوَاقِدَيَّ هَذَا الْحَدِيثُ وَهل فِي سَوْدَةَ وَإِنَّمَا هُوَ فِي زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ فَهِيَ أَوَّلُ نِسَائِهِ لُحُوقًا وَتُوُفِّيَتْ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ وَبَقِيَتْ سَوْدَةُ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَتْ فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ الصَّيْرَفِيُّ ظَاهِرُ هَذَا أَنَّ سَوْدَةَ كَانَتْ أَسْرَعُ وَهُوَ خِلَافُ الْمَعْرُوفِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ زَيْنَبَ أَوَّلُ مَنْ مَاتَ مِنَ الْأَزْوَاجِ ثُمَّ نَقَلَهُ عَنْ مَالِكٍ وَالْوَاقِدِيِّ وَقَالَ بن الْجَوْزِيِّ هَذَا الْحَدِيثُ غَلَطٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِفَسَادِهِ الْخَطَّابِيُّ فَإِنَّهُ فَسَّرَهُ وَقَالَ لُحُوقُ سَوْدَةَ بِهِ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ وَكُلُّ ذَلِكَ وَهَمٌ وَإِنَّمَا

هِيَ زَيْنَبُ كَمَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَقَالَ النَّوَوِيُّ أَجْمَعَ أَهْلُ السِّيَرِ أَنَّ زَيْنَبَ أَوَّلُ مَنْ مَاتَ مِنْ أَزْوَاجِهِ وَسَبَقَهُ إِلَى نَقْلِ الِاتِّفَاق بن بطال قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ قَالَ مَاتَتْ سَوْدَةُ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ وَجَزَمَ الذَّهَبِيُّ فِي التَّارِيخِ الْكَبِيرِ بِأَنَّهَا مَاتَتْ فِي آخر خلَافَة عمر وَقَالَ بن سيد النَّاس أَنه الْمَشْهُور وَقَالَ بن حَجَرٍ لَكِنَّ الرِّوَايَاتِ كُلَّهَا مُتَظَافِرَةٌ عَلَى أَنَّ الْقِصَّةَ لِزَيْنَبَ وَتَفْسِيرُهُ بِسَوْدَةَ غَلَطٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ قَالَ وَعِنْدِي أَنَّهُ مِنْ أَبِي عَوَانَةَ فقد خَالفه فِي ذَلِك بن عُيَيْنَة عَن فراس قَالَ بن رُشْدٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ سَوْدَةَ كَانَ لَهَا الطُّولُ الْحَقِيقِيُّ وَمَحَطُّ الْحَدِيثِ عَلَى الطُّولِ الْمَجَازِيِّ وَهُوَ كَثْرَةُ الصَّدَقَةِ وَذَلِكَ لِزَيْنَبَ بِلَا شَكٍّ لِأَنَّهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَانَتْ قَصِيرَةً وَكَانَتْ وَفَاتُهَا سَنَةَ عِشْرِينَ قُلْتُ وَعِنْدِي أَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْمُصَنِّفِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ وَسَقَطَ لَفْظَةُ زَيْنَبَ وَأَنَّ أَصْلَ الْكَلَامِ فَأَخَذْنَ قَصَبَةً فَجَعَلْنَ يَذْرَعْنَهَا فَكَانَتْ سَوْدَةُ أَطْوَلَهُنَّ يَدًا أَيْ حَقِيقَةً وَكَانَتْ أَسْرَعَهُنَّ بِهِ لُحُوقًا زَيْنَبُ وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ كَثْرَةِ الصَّدَقَةِ فَأَسْقَطَ الرَّاوِي لَفْظَةَ زَيْنَبَ وَقَدَّمَ الْجُمْلَةَ الثَّانِيَةَ عَلَى الْجُمْلَةِ الْأُولَى قَالَ الْقُرْطُبِيُّ مَعْنَاهُ فَهَمَّنَا ابْتِدَاءً ظَاهِرُهُ فَلَمَّا مَاتَتْ زَيْنَبُ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِالْيَدِ الْعُضْوَ وَبِالطُّولِ طُولَهَا بَلْ أَرَادَ الْعَطَاءَ وَكَثْرَتَهُ فَالْيَدُ هُنَا اسْتِعَارَةٌ لِلصَّدَقَةِ وَالطُّولُ تَرْشِيحٌ لَهَا [2542] قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْحَافِظُ بن حَجَرٍ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَبَا ذَرٍّ فَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ وَالطَّبَرَانِيِّ مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ قَالَ أَنْ تَصَدَّقَ ضَبَطَهُ الْكَرْمَانِيُّ بِتَخْفِيفِ الصَّادِ عَلَى حَذْفِ إِحْدَى التَّاءَيْنِ وتشديدها عَلَى إِدْغَامِ إِحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَهَى الشُّحُّ بُخْلٌ مَعَ حِرْصٍ وَقِيلَ هُوَ أَعَمُّ مِنَ الْبُخْلِ وَقِيلَ هُوَ الَّذِي كَالْوَصْفِ اللَّازِمِ وَمِنْ قَبِيلِ الطَّبْعِ تَأْمُلُ الْعَيْشَ بِضَمِّ الْمِيمِ أَيْ تَطْمَعُ بِالْغِنَى وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ تَأْمُلُ الْغِنَى وَتَخْشَى الْفَقْرَ زَادَ الْبُخَارِيُّ وَلَا تُمْهِلُ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ قُلْتَ لَفُلَانٍ كَذَا وَلَفُلَانٍ كَذَا وَقَدْ كَانَ لفُلَان

[2545] إِذَا أَنْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ وَهُوَ يَحْتَسِبُهَا كَانَ لَهُ صَدَقَةً قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ أَرَادَ بِهَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ مَنْ أَنْفَقَهَا ذَاهِلًا قَالَ وَطَرِيقُهُ فِي الِاحْتِسَابِ أَنْ يَتَفَكَّرَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِنْفَاقُ عَلَى الزَّوْجَةِ وَأَطْفَالِ أَوْلَادِهِ وَالْمَمْلُوكِ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ تَجِبُ نَفَقَتُهُمْ وَأَنَّ غَيْرَهُمْ مِمَّنْ يُنْفَقُ عَلَيْهِ مَنْدُوبٌ إِلَى الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ فَيُنْفِقُ بِنِيَّةِ أَدَاءِ مَا أُمِرَ بِهِ وَقَدْ أُمِرَ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ

[2546] أَعْتَقَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ عَبْدًا لَهُ مِنْ دُبُرٍ اسْمُ الْمُعْتِقِ أَبُو مَذْكُورٍ وَاسْمُ العَبْد يَعْقُوب [2547] إِنَّ مَثَلَ الْمُنْفِقِ الْمُتَصَدِّقِ وَالْبَخِيلِ كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ أَوْ جُنَّتَانِ الْأَوَّلُ بِمُوَحَّدَةٍ تَثْنِيَةُ جُبَّةٍ وَهُوَ ثَوْبٌ مَخْصُوصٌ وَالثَّانِي بِالنُّونِ تَثْنِيَةُ جنَّة

وَهِيَ الدِّرْعُ وَهَذَا شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَصَوَابُهُ جُنَّتَانِ بِالنُّونِ بِلَا شَكٍّ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى قَالَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ فِي الْحَدِيثِ نَفْسِهِ قَوْلُهُ وَلَزِمَتْ كُلُّ حَلْقَةٍ مَوْضِعَهَا وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ جُنَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ قُلْتُ وَقَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ اتَّسَعَتْ عَلَيْهِ الدِّرْعُ وَهُوَ بِمُهْمَلَاتٍ مِنْ لَدُنْ ثُدِيِّهِمَا بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ جَمْعُ ثَدْيٍ إِلَى تَرَاقِيهِمَا بِمُثَنَّاةٍ فَوْقُ أَوَّلَهُ وَقَافٍ جَمْعُ تَرْقُوَةٍ حَتَّى تُجِنَّ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ أَيْ تَسْتُرُ قَالَ عِيَاضٌ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ تَحُزَّ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالزَّايِ وَهُوَ وَهَمٌ بَنَانَهُ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَنُونَيْنِ الْأُولَى خَفِيفَةٌ أَيْ أَصَابِعَهُ قَالَ عِيَاضٌ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِالْمُثَلَّثَةِ وَتَحْتِيَّةٍ وَمُوَحَّدَةٍ جمع ثوب وَهُوَ وهم قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ هُوَ تَصْحِيفٌ وَتَعْفُوَ أَثَرَهُ قَالَ النَّوَوِيُّ أَيْ تَمْحُوَ أَثَرَ مَشْيِهِ بِسُبُوغِهَا وَكَمَالِهَا قَالَ وَهُوَ تَمْثِيلٌ لِنَمَاءِ الْمَالِ بِالصَّدَقَةِ وَالْإِنْفَاقِ وَالْبُخْلُ بِضِدِّ ذَلِكَ وَقِيلَ هُوَ تَمْثِيلٌ لِكَثْرَةِ الْجُودِ

وَالْبخل وَأَنَّ الْمُعْطِيَ إِذَا أَعْطَى انْبَسَطَتْ يَدَاهُ بِالْعَطَاءِ وَتَعَوَّدَ وَإِذَا أَمْسَكَ صَارَ ذَلِكَ عَادَةً لَهُ وَقِيلَ مَعْنَى تَعْفُو أَثَرَهُ أَيْ تَذْهَبُ بِخَطَايَاهُ وَتَمْحُوهَا وَقِيلَ ضُرِبَ الْمَثَلُ بِهِمَا لِأَنَّ الْمُنْفِقَ يَسْتُرُهُ اللَّهُ بِنَفَقَتِهِ وَيَسْتُرُ عَوْرَاتِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ كَسَتْرِ هَذِهِ الْجُنَّةِ لَابِسَهَا وَالْبُخْلُ كَمَنْ لَبِسَ جُنَّةً إِلَى ثَدْيَيْهِ فَبَقِيَ مَكْشُوفًا بَادِيَ الْعَوْرَةِ مُفْتَضَحًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ قَلَصَتْ أَيِ انْقَبَضَتْ كُلُّ حَلْقَةٍ بِسُكُونِ اللَّامِ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوَسِّعُهَا فَلَا تَتَّسِعُ يُشِيرُ بِيَدِهِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هَذَا تَمْثِيلٌ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعِيَانِ لِلْمَثَلِ الَّذِي ضَرَبَهُ قَالَ وَفِيهِ جَوَازُ لِبَاسِ الْقُمُصِ ذَوَاتِ الْجُيُوبِ فِي الصُّدُورِ وَلِذَلِكَ تَرْجَمَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ بَابُ جَيْبِ الْقَمِيصِ مِنْ عِنْدِ الصَّدْرِ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ لِبَاسِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ وَهُوَ لِبَاسُ أَكْثَرِ الْأُمَمِ وَكَثِيرٍ مِنَ الزُّعَمَاءِ وَالْعُلَمَاءِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِالشَّرْقِ وَغَيْرِهِ وَلَا يُسَمَّى عِنْدَ الْعَرَبِ قَمِيصًا إِلَّا مَا كَانَ لَهُ جَيْبٌ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُتَصَدِّقِ وَالْبَخِيلِ

[2477] فَشَبَّهَهُمَا بِرَجُلَيْنِ أَرَادَ كُلٌّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَلْبَسُ دِرْعًا يُسْتَرُ بِهِ مِنْ سِلَاحِ عَدُوِّهُ يَصُبُّهَا عَلَى رَأْسِهِ لِيَلْبَسَهَا وَالدِّرْعُ أَوَّلُ مَا تَقَعُ عَلَى الصَّدْرِ وَالثَّدْيَيْنِ إِلَى أَنْ يُدْخِلَ الْإِنْسَانُ يَدَيْهِ فِي كُمِّهَا فَجَعَلَ الْمُنْفِقُ كَمَثَلِ مَنْ لَبِسَ دِرْعًا سَابِغَةً فَاسْتَرْسَلَتْ عَلَيْهِ حَتَّى سَتَرَتْ جَمِيعَ بَدَنِهِ وَجَعَلَ الْبَخِيلَ كَمَثَلِ رَجُلٍ غُلَّتْ يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ كُلَّمَا أَرَادَ لُبْسَهَا اجْتَمَعَتْ فِي عُنُقِهِ فَلَزِمَتْ تَرْقُوَتَهُ وَالْمُرَادُ أَنَّ الْجَوَّادَ إِذَا هَمَّ بِالصَّدَقَةِ انْفَسَحَ لَهَا صَدْرُهُ وَطَابَتْ نَفْسُهُ فَتَوَسَّعَتْ فِي الْإِنْفَاقِ وَالْبَخِيلَ إِذَا حَدَّثَ نَفْسَهُ بِالصَّدَقَةِ شَحَّتْ نَفْسُهُ فَضَاقَ صَدْرُهُ وَانْقَبَضَتْ يَدَاهُ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ المفلحون [2549] لَا تُحْصِي فَيُحْصِي اللَّهُ عَلَيْكِ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ الْإِحْصَاءُ الْعَدُّ قَالُوا الْمُرَادُ مِنْهُ عَدُّ الشَّيْءِ لِلتَّبْقِيَةِ وَالِادِّخَارُ تَرْكُ الْإِنْفَاقِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَإِحْصَاءُ اللَّهِ تَعَالَى يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَحْبِسُ عَنْكَ مَادَّةَ الرِّزْقِ وَيُقَلِّلُهُ بِقَطْعِ الْبَرَكَةِ حَتَّى يَصِيرَ كَالشَّيْءِ الْمَعْدُودِ وَالْآخَرُ أَنَّهُ يُنَاقِشُكَ فِي الْآخِرَةِ عَلَيْهِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا مِنْ مُقَابَلَةِ اللَّفْظِ بِاللَّفْظِ لِلتَّجْنِيسِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ومكروا ومكر الله وَمَعْنَاهُ يَمْنَعُكَ كَمَا مَنَعْتَ وَيُقَتِّرُ عَلَيْكَ كَمَا قترت

[2551] لَيْسَ لِي شَيْءٌ إِلَّا مَا أَدْخَلَ عَلَيَّ الزُّبَيْرُ قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا أَعْطَاهَا الزُّبَيْرُ لِنَفْسِهَا بِسَبَبِ نَفَقَةٍ وَغَيْرِهَا أَوْ مِمَّا هُوَ مِلْكُ الزُّبَيْرِ وَلَا يَكْرَهُ الصَّدَقَةَ مِنْهُ بَلْ يَرْضَى بِهَا عَلَى عَادَةِ غَالِبِ النَّاسِ ارْضَخِي الرَّضْخُ بِرَاءٍ وَضَادٍ وَخَاءٍ مُعْجَمَتَيْنِ الْعَطِيَّةُ الْقَلِيلَةُ وَلَا تُوكِي فَيُوكِي اللَّهُ عَلَيْكِ يُقَالُ أَوْكَى مَا فِي سِقَائِهِ إِذَا شَدَّهُ بِالْوِكَاءِ وَهُوَ الْخَيْطُ الَّذِي يَشُدُّ بِهِ رَأْسُ الْقِرْبَةِ وَأَوْكَى عَلَيْنَا أَيْ بَخِلَ أَيْ لَا تَدَّخِرِي وَتَشُدِّي مَا عِنْدَكِ وَتَمْنَعِي مَا فِي يدك فتنقطع مَادَّة الرزق عَنْك

[2553] فَأَشَاحَ بِوَجْهِهِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْمُشِيحُ الْحَذِرُ وَالْجَادُّ فِي الْأَمْرِ وَقِيلَ الْمُقْبِلُ إِلَيْكَ الْمَانِعُ لِمَا وَرَاءَ ظَهْرِهِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَشَاحَ أَحَدَ هَذِهِ الْمَعَانِي أَيْ حَذِرَ النَّارَ كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا أَوْ جَدَّ عَلَى الْإِيصَاءِ بِاتِّقَائِهَا أَو أقبل إِلَيْنَا فِي خطابه

[2554] حَتَّى رَأَيْتُ كَوْمَيْنِ مِنْ طَعَامٍ قَالَ عِيَاضٌ وَالنَّوَوِيّ ضبط بِفَتْح الْكَاف وَضمّهَا قَالَ بن سِرَاجٍ هُوَ بِالضَّمِّ اسْمٌ لِمَا كُوِّمَ وَبِالْفَتْحِ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ كَالرَّابِيَةِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فَالْفَتْحُ هُنَا أَوْلَى لِأَنَّ مَقْصُودَهُ الْكَثْرَةُ وَالتَّشْبِيهُ بِالرَّابِيَةِ كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هَكَذَا جَاءَ فِي سُنَنِ النَّسَائِيِّ وَبَعْضِ طُرُقِ مُسْلِمٍ بِالذَّالِ

الْمُعْجَمَةِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَالرِّوَايَةُ الدَّالُ وَالنُّونُ فَإِنْ صَحَّتِ الرِّوَايَةُ فَهُوَ مِنَ الشَّيْءِ الْمُذْهَبِ وَهُوَ الْمُمَوَّهُ بِالذَّهَبِ وَمِنْ قَوْلِهِمْ فَرَسٌ مُذْهَبٌ إِذَا عَلَتْ حُمْرَتَهُ صُفْرَةٌ وَالْأُنْثَى مُذْهَبَةٌ وَإِنَّمَا خَصَّ الْأُنْثَى بِالذِّكْرِ لِأَنَّهَا أَصْفَى لَوْنًا وَأَرَقُّ بَشَرَةً وَأَمَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَالْمُدْهُنَةُ تَأْنِيثُ الْمُدْهُنِ وَهُوَ نَقْرَةٌ فِي الْجَبَلِ يَجْتَمِعُ فِيهِ الْمَطَرُ شَبَّهَ وَجْهَهُ لِإِشْرَاقِ السُّرُورِ عَلَيْهِ بِصَفَاءِ الْمَاءِ الْمُجْتَمِعِ فِي الْحَجَرِ وَالْمُدْهُنَةُ أَيْضًا مَا يُجْعَلُ فِيهِ الدّهن فَيكون قد شبه بِصَفَاءِ الدُّهْنِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ ضَبَطُوهُ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَالْجُمْهُورُ مذْهبه بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ وَفَتْحِ الْهَاءِ وَبَعْدَهَا بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ وَالثَّانِي وَلَمْ يَذْكُرِ الْحُمَيْدِيُّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ غَيْرَ مُدْهُنَةٍ بِدَالٍ مُهْمَلَةٍ وَضَمِّ الْهَاءِ وَبَعْدَهَا نُونٌ وَشَرَحَهُ الْحُمَيْدِيٌّ فِي كِتَابِهِ غَرِيبِ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ فَقَالَ هُوَ وَغَيْرُهُ مِمَّنْ فَسَّرَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ إِنْ صَحَّتِ الْمُدْهُنُ الْإِنَاءُ الَّذِي يُدَّهَنُ فِيهِ وَهُوَ أَيْضًا اسْمٌ لِلنَّقْرَةِ فِي الْجَبَلِ الَّذِي يَسْتَنْقِعُ فِيهَا مَاءُ الْمَطَرِ فَشَبَّهَ صَفَاءَ وَجْهِهِ الْكَرِيمِ بِصَفَاءِ هَذَا الْمَاءِ وَبِصَفَاءِ الدُّهْنِ وَالْمُدْهُنِ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي الْمَشَارِقِ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ هَذَا تَصْحِيفٌ وَالصَّوَابُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ فِي الرِّوَايَاتِ وَعَلَى هَذَا ذَكَرَ الْقَاضِي وَجْهَيْنِ فِي تَفْسِيرِهِ أَحَدُهُمَا مَعْنَاهُ فِضَّةٌ مُذْهَبَةٌ فَهُوَ أَبْلَغُ فِي حسن الْوَجْه وإشرافه وَالثَّانِي شَبَّهَهُ فِي حُسْنِهِ وَنُورِهِ بِالْمُذْهَبَةِ مِنَ الْجُلُود وَجَمعهَا

مَذَاهِبُ وَهُوَ شَيْءٌ كَانَتِ الْعَرَبُ تَصْنَعُهُ مِنْ جُلُودٍ وَتَجْعَلُ فِيهِ خُطُوطًا مُذْهَبَةً يُرَى بَعْضُهَا إِثْر بعض [2558] وَمِنَ الْخُيَلَاءِ هِيَ بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ الْكِبْرُ وَالْعُجْبُ وَالِاخْتِيَالُ الَّذِي يُحِبُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ اخْتِيَالُ الرَّجُلِ بِنَفْسِهِ عِنْدَ الْقِتَالِ وَعِنْدَ الصَّدَقَةِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَمَّا الصَّدَقَةُ فَأَنْ تَهُزَّهُ أَرْيَحِيَّةُ السَّخَاءِ فَيُعْطِي طَيِّبَةً بِهَا نَفْسُهُ فَلَا يَسْتَكْثِرُ كَثِيرًا وَلَا يُعْطِي مِنْهَا شَيْئًا إِلَّا وَهُوَ مُسْتَقِلٌّ وَأَمَّا الْحَرْبُ فَأَنْ يَتَقَدَّمَ فِيهَا بِنَشَاطٍ وَقُوَّةٍ وَنَخْوَةٍ وَعَدَمِ جُبْنٍ

[2559] وَلَا مخيلة هِيَ بِمَعْنى الْخُيَلَاء [2560] الْخَازِنُ الْأَمِينُ الَّذِي يُعْطِي مَا أُمِرَ بِهِ طَيِّبَةً بِهِ نَفْسُهُ قَالَ هَذِهِ الْأَوْصَافُ شُرُوطٌ لِحُصُولِ هَذَا الثَّوَابِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَعْتَنِيَ بِهَا وَيُحَافِظَ عَلَيْهَا أَحَدُ الْمُتَصَدِّقَيْنِ قَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ عَلَى التَّثْنِيَةِ وَمَعْنَاهُ لَهُ أَجْرُ متصدق وَقَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ ضُبِطَ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ بِفَتْحِ الْقَافِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَيَجُوزُ الْكَسْرُ عَلَى الْجَمْعِ أَيْ هُوَ متصدق من المتصدقين

[2562] وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجِّلَةُ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هِيَ الَّتِي تتشبه بِالرِّجَالِ فِي زيهم وهيآتهم فَأَمَّا فِي الْعِلْمِ وَالرَّأْيِ فَمَحْمُودٌ وَالدَّيُّوثُ بِالْمُثَلَّثَةِ هُوَ الَّذِي لَا يَغَارُ عَلَى أَهْلِهِ وَقِيلَ هُوَ سرياني مُعرب [2565] وَلَوْ بِظِلْفٍ مُحْرَقٍ الظِّلْفُ بِكَسْرِ

الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ لِلْبَقَرِ وَالْغَنَمِ كَالْحَافِرِ لِلْفَرَسِ وَالْبَغْلِ والخف للبعير [2566] يَتَلَمَّظُ فَضْلَهُ أَيْ يُدِيرُ لِسَانَهُ

عَلَيْهِ وَيتبع أَثَره

[2570] يتملقني قَالَ فِي النِّهَايَة الملق بِالتَّحْرِيكِ الزِّيَادَة فِي التَّوَدُّدِ وَالدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ فَوْقَ مَا يَنْبَغِي

[2571] لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِي تَرُدُّهُ الْأُكْلَةُ وَالْأُكْلَتَانِ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ أَيِ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ الْمِسْكِينُ الْكَامِلُ الْمَسْكَنَةِ الَّذِي هُوَ أَحَقُّ بِالصَّدَقَةِ وَأَحْوَجُ إِلَيْهَا لَيْسَ هُوَ هَذَا الطَّوَّافُ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ نَفْيَ أَصْلِ الْمَسْكَنَةِ عَنْهُ بَلْ مَعْنَاهُ نَفْيُ كَمَالِ الْمَسْكَنَةِ [2572] قَالُوا فَمَا الْمِسْكِينُ قَالَ النَّوَوِيُّ هَكَذَا الرِّوَايَةُ وَهُوَ صَحِيحٌ لِأَنَّ مَا تَأْتِي كَثِيرًا لِصِفَاتِ مَنْ يَعْقِلُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى فانكحوا مَا طَابَ لكم من انساء وَلَا يفْطن لَهُ فَيتَصَدَّق عَلَيْهِ بِالنّصب

[2575] والعائل المزهو أَي الْفَقِير المتكبر

[2578] عَلْقَمَةَ بْنِ عُلَاثَةَ بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ اللَّام ومثلثة صَنَادِيدهمْ العظماء والأشراف والرؤس الْوَاحِدُ صِنْدِيدٌ بِكَسْرِ الصَّادِ مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ تَثْنِيَةُ وجنة مثلث

الْوَاوِ وَهِيَ أَعْلَى الْخَدِّ إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمًا بِضَادَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ مَكْسُورَتَيْنِ بَيْنَهُمَا هَمْزَةٌ سَاكِنَةٌ وَآخِرُهُ هَمْزَةٌ هُوَ الْأَصْلُ وَيُقَالُ ضِئْضِيءِ بِوَزْنِ قِنْدِيلٍ يُرِيدُ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ نَسْلِهِ وعقبه يقرؤون الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ جَمْعُ حَنْجَرَةٍ وَهِيَ رَأْسُ الْغَلْصَمَةِ حَيْثُ تَرَاهُ نَاتِئًا مِنْ خَارِجِ الْحَلْقِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِيهِ تَأْوِيلَانِ أَحَدُهُمَا مَعْنَاهُ لَا تَفْقَهُهُ قُلُوبُهُمْ وَلَا يَنْتَفِعُونَ بِمَا تَلَوْا مِنْهُ وَلَا لَهُمْ حَظٌّ سِوَى تِلَاوَةِ الْفَمِ وَالْحَنْجَرَةِ وَالْحَلْقِ إِذْ بِهِمَا تَقْطِيعُ الْحُرُوفِ وَالثَّانِي مَعْنَاهُ لَا يَصْعَدُ لَهُمْ عَمَلٌ وَلَا تِلَاوَةٌ وَلَا تُتَقَبَّلُ يَمْرُقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ أَيْ يَخْرُجُونَ مِنْهُ خُرُوجَ السَّهْمِ إِذَا نَفَذَ الصَّيْدُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ شَيْءٌ مِنْهُ مِنَ الرَّمِيَّةِ هِيَ الصَّيْدُ الْمَرْميُّ فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ وَقِيلَ هِيَ كُلُّ دَابَّةٍ مَرْمِيَّةٍ لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَاد

أَيْ قَتْلًا عَامًّا مُسْتَأْصِلًا كَمَا قَالَ تَعَالَى فَهَل ترى لَهُم من بَاقِيَة [2580] تَحَمَّلَ حَمَالَةً هِيَ بِالْفَتْحِ مَا يَتَحَمَّلُهُ الْإِنْسَانُ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ دِيَةٍ أَوْ غَرَامَةٍ مِثْلُ أَنْ يَقَعَ حَرْبٌ بَيْنَ فَرِيقَيْنِ يُسْفَكُ فِيهِ الدِّمَاءُ فَيَدْخُلُ بَيْنَهُمْ رَجُلٌ يَتَحَمَّلُ دِيَاتِ الْقَتْلَى لِيُصْلِحَ ذَاتَ الْبَيْنِ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ بِكَسْرِ الْقَافِ أَيْ مَا يَقُومُ بِحَاجَتِهِ الضَّرُورِيَّةِ أَوْ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ بِكَسْرِ السِّينِ أَيْ مَا يَكْفِي حَاجَتَهُ جَائِحَةٌ هِيَ الْآفَةُ الَّتِي تُهْلِكُ الثِّمَارَ وَالْأَمْوَالَ وَتَسْتَأْصِلُهَا وَكُلُّ مُصِيبَةٍ عَظِيمَةٍ وَفِتْنَةٍ مُثِيرَةٍ جَائِحَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَا أَيِ الْعَقْلِ

[2581] الرُّحَضَاءَ بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَضَادٍ مُعْجَمَةٍ مَمْدُودَةٍ هُوَ عَرَقٌ يَغْسِلُ الْجِلْدَ لِكَثْرَتِهِ

[2581] إِنَّ مِمَّا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ يَقْتُلُ أَوْ يُلِمُّ أَيْ يَقْرُبُ مِنَ الْهَلَاكِ إِلَّا كَلِمَةُ الِاسْتِثْنَاءِ آكِلَةَ الْخَضِرِ بِالْمَدِّ وَكَسْرِ الضَّادِ نَوْعٌ مِنَ الْبُقُولِ فَثَلَطَتْ بِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ أَلْقَتْ رَجِيعَهَا سَهْلًا رَقِيقًا قَالَ فِي النِّهَايَةِ ضَرَبَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَثَلَيْنِ أَحَدَهُمَا لِلْمُفَرِّطِ فِي جَمْعِ الدُّنْيَا وَالْمَنْعُ مِنْ حَقِّهَا وَالْآخَرَ لِلْمُقْتَصِدِ فِي أَخْذِهَا وَالنَّفْعِ بِهَا فَقَوْلُهُ إِنَّ مِمَّا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ يَقْتُلُ أَوْ يُلِمُّ مَثَلٌ لِلْمُفَرِّطِ

الَّذِي يَأْخُذُ الدُّنْيَا بِغَيْرِ حَقِّهَا وَذَلِكَ أَنَّ الرَّبِيعَ يُنْبِتُ أَحْرَارَ الْبُقُولِ فَتَسْتَكْثِرُ الْمَاشِيَةُ مِنْهُ لِاسْتِطَابَتِهَا إِيَّاهُ حَتَّى تَنْتَفِخَ بُطُونُهَا عِنْدَ مُجَاوَزَتِهَا حَدَّ الِاحْتِمَالِ فَتَنْشَقُّ أَمْعَاؤُهَا مِنْ ذَلِكَ فَتَهْلِكُ أَوْ تُقَارِبُ الْهَلَاكَ وَكَذَلِكَ الَّذِي يَجْمَعُ الدُّنْيَا مِنْ غَيْرِ حِلِّهَا وَيَمْنَعُهَا مُسْتَحِقَّهَا قَدْ تَعَرَّضَ لِلْهَلَاكِ فِي الْآخِرَةِ بِدُخُولِ النَّارِ وَفِي الدُّنْيَا بِأَذَى النَّاسِ لَهُ وَحَسَدِهِمْ إِيَّاهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْأَذَى وَأَمَّا قَوْلُهُ إِلَّا آكِلَةَ الْخَضِرِ فَإِنَّهُ مَثَلٌ لِلْمُقْتَصِدِ وَذَلِكَ أَنَّ الْخَضِرَ لَيْسَ مِنْ أَحْرَارِ الْبُقُولِ وَجَيِّدِهَا الَّتِي يُنْبِتُهَا الرَّبِيعُ بِتَوَالِي أَمْطَارِهِ فَتَحْسُنُ وَتَنْعُمُ وَلَكِنَّهُ مِنَ الْبُقُولِ الَّتِي تَرْعَاهَا الْمَوَاشِي بَعْدَ هَيْجِ الْبُقُولِ وَيُبْسِهَا حَيْثُ لَا تَجِدُ سِوَاهَا فَلَا تَرَى الْمَاشِيَةَ تُكْثِرُ مِنْ أَكْلِهَا وَلَا تَسْتَمْرِئُهَا فَضَرَبَ آكِلَةَ الْخَضِرِ مِنَ الْمَوَاشِي مَثَلًا لِمَا يَقْتَصِرُ فِي أَخْذِ الدُّنْيَا وَجَمْعِهَا وَلَا يَحْمِلُهُ الْحِرْصُ عَلَى أَخْذِهَا بِغَيْرِ حَقِّهَا فَهُوَ يَنْجُو مِنْ وَبَالِهَا كَمَا نَجَتْ آكِلَةُ الْخَضِرِ أَلَا تَرَاهُ قَالَ أَكَلَتْ حَتَّى إِذَا امْتَلَأَتْ خَاصِرَتَاهَا اسْتَقْبَلَتْ عَيْنَ الشَّمْسِ فَثَلَطَتْ وَبَالَتْ أَرَادَ أَنَّهَا إِذَا شَبِعَتْ مِنْهَا بَرَكَتْ مُسْتَقْبِلَةً عَيْنَ الشَّمْسِ تَسْتَمْرِئُ بِذَلِكَ مَا أَكَلَتْ فَإِذَا ثَلَطَتْ زَالَ عَنْهَا الْحَبَطُ وَإِنَّمَا تَحْبَطُ الْمَاشِيَةُ لِأَنَّهَا تَمْلَأُ بُطُونَهَا وَلَا تثلط ولاتبول فتنتفخ أجوافها فَيعرض لَهَا الْمَرَض فتهلك

[2583] تَصَدَّقْنَ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ قَالَ النَّوَوِيُّ وَهُوَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ مُفْرَدٌ وَأَمَّا الْجَمْعُ فَيُقَالُ بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا وَكَسْرِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْيَاء [2584] لَأَنْ يَحْتَزِمَ أَحَدُكُمْ بِحُزْمَةِ حَطَبٍ عَلَى ظَهْرِهِ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ اللَّامُ إِمَّا ابْتِدَائِيَّةٌ أَوْ جَوَابُ قَسَمٍ مَحْذُوفٍ فَيَبِيعَهَا بِالنَّصْبِ

[2585] مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةٌ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الزَّايِ وَعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ الْقِطْعَةُ الْيَسِيرَةُ مِنَ اللَّحْمِ وَحُكِيَ كَسْرُ الْمِيمِ وَفَتْحُهَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ يَحْتَمِلُ وُجُوهًا أَنْ يَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ذَلِيلًا سَاقِطًا لَا جَاهَ لَهُ وَلَا قَدْرَ كَمَا يُقَالُ لِفُلَانٍ وَجْهٌ عِنْدَ النَّاسِ فَهُوَ كِنَايَةٌ وَأَنْ يَكُونَ قَدْ نَالَتْهُ الْعُقُوبَةُ فِي وَجْهِهِ فَعُذِّبَ حَتَّى سَقَطَ لَحْمُهُ عَلَى مَعْنَى مُشَاكَلَةِ عُقُوبَةِ الذَّنْبِ مَوَاضِعَ الْجِنَايَةِ مِنَ الْأَعْضَاءِ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي قوما تقْرض شفافهم فَقُلْتُ يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَؤُلَاءِ قَالَ هُمُ الَّذين يَقُولُونَ مَالا يَفْعَلُونَ وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَامَةً لَهُ وَشِعَارًا يُعْرَفُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ عُقُوبَةٍ مسته فِي وَجهه وَقَالَ بن بَطَّالٍ جَازَاهُ اللَّهُ مِنْ جِنْسِ ذَنْبِهِ حِينَ بَذَلَ مَاءَ وَجْهِهِ وَعِنْدَهُ الْكِفَايَةُ وَإِذَا لَمْ يَكُنِ اللَّحْمُ فِيهِ فَتُؤْذِيهِ الشَّمْسُ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ وَأَمَّا مَنْ سَأَلَ مُضْطَرًّا فَيُبَاحُ لَهُ السُّؤَالُ وَيُرْجَى لَهُ أَنْ يُؤْجَرَ عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يَجِدْ عَنْهُ بُدًّا بِسْطَامَ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَحكى فتحهَا قَالَ بن الصَّلَاحِ أَعْجَمِيٌّ لَا يَنْصَرِفُ

وَمِنْهُمْ مَنْ صَرَفَهُ [2586] عَلَى أُسْكُفَّةِ الْبَابِ بِهَمْزَةِ قَطْعٍ مَضْمُومَةٍ وَسُكُونِ السِّينِ وَضَمِّ الْكَافِ وَتَشْدِيدِ الْفَاء عتبَة الْبَاب السُّفْلى [2588] حَتَّى إِذَا نَفِدَ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَإِهْمَالِ الدَّالِ أَيْ فَرَغَ مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ أَيْ لَنْ أَحْبِسَهُ وَأَخْبَأَهُ وَأَمْنَعَكُمْ إِيَّاهُ مُنْفَرِدًا بِهِ عَنْكُمْ وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ زَادَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ قَالَ التَّيْمِيُّ أَيْ مَنْ يطْلب العفاف وَهُوَ ترك الْمَسْأَلَة يُعْطِيهِ اللَّهُ الْعَفَافَ وَمَنْ يَطْلُبِ الْغِنَى مِنَ اللَّهِ يُعْطِهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ مَعْنَاهُ مَنْ طَلَبَ مِنْ نَفْسِهِ الْعِفَّةَ عَنِ السُّؤَالِ وَلَمْ يُظْهِرْ الِاسْتِغْنَاءَ يُعِفَّهُ اللَّهُ أَيْ يُصَيِّرْهُ عَفِيفًا وَمَنْ تَرَقَّى مِنْ هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ إِلَى مَا هُوَ أَعْلَى وَهُوَ إِظْهَارُ الِاسْتِغْنَاءِ عَنِ الْخَلْقِ يَمْلَأِ اللَّهُ قَلْبَهُ غِنًى لَكِنْ إِنْ أُعْطِيَ شَيْئًا لَمْ يردهُ

[2592] خُمُوشًا أَيْ خُدُوشًا [2592] أَوْ كُدُوحًا الْخُدُوشُ وَكُلُّ أَثَرٍ مِنْ خِدَاشٍ أَوْ عَضٍّ فَهُوَ كَدْحٌ

[2597] وَلَا لِذِي مِرَّةٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ هِيَ الْقُوَّةُ والشدة سوى هُوَ الصَّحِيح الْأَعْضَاء

[2598] فَرَآهُمَا جَلْدَيْنِ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ اللَّامِ أَيْ قويين

[2603] فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَيْ بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْ غَيْرِ حِرْصٍ عَلَيْهِ وَقَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي أَيْ بِغَيْرِ شَرَهٍ وَلَا إِلْحَاحٍ أَيْ مَنْ أَخَذَهُ بِغَيْرِ سُؤَالٍ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْآخِذِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُعْطِي أَيْ سَخَاوَةُ نَفْسِ الْمُعْطِي أَيِ انْشِرَاحُهُ بِمَا يُعْطِيهِ وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ هُوَ تَطَلُّعُهَا إِلَيْهِ وَتَعَرُّضُهَا لَهُ وَطَمَعُهَا فِيهِ وَكَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَعْنِي مَنْ بِهِ الْجُوعُ الْكَاذِبُ كُلَّمَا ازْدَادَ أَكْلًا ازْدَادَ جُوعًا وَقَالَ النَّوَوِيُّ قِيلَ هُوَ الَّذِي بِهِ دَاءٌ لَا يَشْبَعُ بِسَبَبِهِ وَقِيلَ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ تَشْبِيهُهُ بِالْبَهِيمَةِ الرَّاعِيَةِ وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى الْأَرْجَحُ أَنَّ الْعُلْيَا هِيَ الْمُعْطِيَةُ وَالسُّفْلَى هِيَ السَّائِلَةُ كَمَا تقدم فِي حَدِيث بن عُمَرَ وَتَظَافَرَتْ بِذَلِكَ الرِّوَايَاتُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَقِيلَ السُّفْلَى هِيَ الْآخِذَةُ سَوَاءٌ كَانَ

بِسُؤَالٍ أَمْ بِغَيْرِ سُؤَالٍ وَقِيلَ السُّفْلَى الْمَانِعَةُ وَذَكَرَ الْأَدِيبُ جَمَالُ الدِّينِ بْنُ نُبَاتَةَ فِي كِتَابِهِ مَطْلَعِ الْفَوَائِدِ فِي تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ مَعْنًى آخَرَ فَقَالَ الْيَدُ هُنَا هِيَ النِّعْمَةُ فَكَأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ الْعَطِيَّةَ الْجَزِيلَةَ خَيْرٌ مِنَ الْعَطِيَّةِ الْقَلِيلَةِ وَهَذَا حَثٌّ عَلَى الْمَكَارِمِ بِأَوْجَزِ لَفْظٍ وَيَشْهَدُ لَهُ أَحَدُ التَّأْوِيلَيْنِ فِي قَوْلِهِ مَا أَبْقَتْ غِنًى أَيْ مَا حَصَلَ بِهِ غِنًى لِلسَّائِلِ كَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِأَلْفٍ فَلَوْ أَعْطَاهَا لِمِائَةِ إِنْسَانٍ لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِمُ الْغِنَى بِخِلَاف مالو أَعْطَاهَا لِرَجُلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ حَمْلِ الْيَدِ عَلَى الْجَارِحَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَسْتَمِرُّ إِذْ فِيمَن يَأْخُذُ خَيْرٌ عِنْدَ اللَّهِ مِمَّنْ يُعْطِي قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ وَكُلُّ هَذِهِ التَّأْوِيلَاتِ الْمُتَعَسِّفَةُ تَضْمَحِلُّ عِنْدَ الْأَحَادِيثِ الْمُصَرِّحَةِ بِالْمُرَادِ فَأَوْلَى مَا فُسِّرَ الْحَدِيثُ بِالْحَدِيثِ لَا أَرْزَأُ بِتَقْدِيمِ الرَّاءِ عَلَى الزَّايِ لَا آخُذُ مِنْ أَحَدٍ شَيْئًا وَأَصْلُهُ النَّقْصُ [2604] عَن بن السَّاعِدِيّ الْمَالِكِي قَالَ القَاضِي عِيَاض الصَّوَاب بن السَّعْدِيِّ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَاسْمُهُ قُدَامَةُ وَقِيلَ عَمْرٌو وَإِنَّمَا قِيلَ لَهُ السَّعْدِيُّ لِأَنَّهُ اسْتُرْضِعَ فِي بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ وَأَمَّا السَّاعِدِيُّ فَلَا يُعْرَفُ لَهُ وَجْهٌ وَابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَهُوَ قُرَشِيٌّ عَامِرِيٌّ مَكِّيٌّ مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ حَنْبَلِ بْنِ عَامِرِ بن لؤَي

[2605] عَنْ حُوَيْطِبِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْملَة أَخْبرنِي عبد الله بن السعدىأنه قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ عِيَاضٌ وَالنَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا هَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ أَرْبَعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ يَرْوِي بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ وَهُمْ عَمْرُو بْنُ السَّعْدِيِّ وَحُوَيْطِبٌ وَالسَّائِبُ وَقَدْ جَاءَ جُمْلَةٌ من الْأَحَادِيث فِيهَا الْأَرْبَعَة صَحَابِيُّونَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ وَأَرْبَعَةٌ تَابِعِيُّونَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ عُمَالَةً بِضَمِّ الْعَيْنِ اسْمُ أُجْرَةِ الْعَامِل

[2606] ومالا فَلَا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ مَا لَمْ يُوجَدْ فِيهِ هَذَا الشَّرْطُ لَا تُعَلِّقِ النَّفس بِهِ

[2609] إِنَّ هَذِهِ الصَّدَقَةَ إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ قَالَ النَّوَوِيُّ تَنْبِيهٌ عَلَى الْعِلَّةِ فِي تَحْرِيمِهَا عَلَيْهِمْ وَأَنَّهُ لِكَرَامَتِهِمْ وَتَنْزِيهِهِمْ عَنِ الْأَوْسَاخِ وَمَعْنَى اوساخ النَّاس أَنَّهَا تَطْهِير أَمْوَالهم وَنُفُوسِهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بهَا فَهِيَ كغسالة الأوساخ [2611] بن أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ قَالَ النَّوَوِيُّ اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ يُوَرِّثُ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا اللَّفْظِ مَا يَقْتَضِي تَوْرِيثَهُ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمُ ارْتِبَاطًا وَقَرَابَةً وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْإِرْثِ وَسِيَاقُ الْحَدِيثِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ كَالْوَاحِدِ مِنْهُمْ فِي إِفْشَاءِ سِرِّهِمْ بِحَضْرَتِهِ وَنَحْو ذَلِك

[2614] هُوَ لَهَا صَدَقَة قَالَ بن مَالِكٍ يَجُوزُ فِي صَدَقَةٌ الرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ خبر هُوَ وَلها صِفَةٌ قُدِّمَتْ فَصَارَتْ حَالًا وَالنَّصْبُ عَلَى الْحَالِ وَيجْعَل لَهَا الْخَبَر [2615] حملت على فرس أَفَادَ بن سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ أَنَّ اسْمَهُ الْوَرْدُ وَأَنَّهُ كَانَ لِتَمِيمٍ الدَّارِيِّ فَأَهْدَاهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَاهُ لِعُمَرَ فَأَضَاعَهُ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ أَيْ بِتَرْكِ الْقِيَامِ بِالْخِدْمَةِ وَالْعَلْفِ وَنَحْوِهَا

[2617] لَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ سَمَّى شِرَاءَهُ بِرُخْصٍ عَوْدًا فِي الصَّدَقَةِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ الْغَرَضَ مِنْهَا ثَوَاب الْآخِرَة فَإِذا اشترها بِرُخْصٍ فَكَأَنَّهُ آثَرَ عَرَضَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَصَارَ رَاجِعًا فِي ذَلِكَ الْمِقْدَارِ الَّذِي سُومِحَ فِيهِ

كتاب مناسك الحج

(كتاب مَنَاسِك الْحَج) [2620] عَنْ أَبِي سِنَانٍ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدهَا نُونٌ اسْمه يزِيد وَقيل ربيعَة

[2621] أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ الْحَجَّ وَلَا الْعُمْرَةَ وَلَا الظَّعْنَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِهَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ [2621] قَالَ فَحُجَّ عَنْ أَبِيكَ وَاعْتَمِرْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ لَا أَعْلَمُ فِي إِيجَابِ الْعُمْرَةِ حَدِيثًا أَجْوَدَ مِنْ هَذَا وَلَا أَصَحَّ مِنْهُ قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيّ فِي هَذَا رد على بن بَشْكُوَالَ حَيْثُ قَالَ فِي مُهِمَّاتِهِ فِي حَدِيثِ أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيْنَ أبي قَالَ أَبوك فِي النَّار أَنه أَبُو رُزَيْنٌ الْعُقَيْلِيُّ فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ كَافِرًا مَحْكُومًا لَهُ بِالنَّارِ وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ على أَنه مُسلم مُخَاطب بِالْحَجِّ

[2622] الْحَجَّةُ الْمَبْرُورَةُ لَيْسَ لَهَا جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَقْتَصِرُ لِصَاحِبِهَا مِنَ الْجَزَاءِ عَلَى تَكْفِيرِ بَعْضِ ذُنُوبِهِ لَا بُدَّ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ قَالَ وَالْأَصَحُّ الْأَشْهَرُ أَنَّ الْحَجَّ الْمَبْرُورَ الَّذِي لَا يُخَالِطُهُ إِثْمٌ مَأْخُوذٌ مِنَ الْبِرِّ وَهُوَ الطَّاعَةُ وَقِيلَ هُوَ الْمَقْبُولُ الْمُقَابَلُ بِالْبِرِّ وَهُوَ الثَّوَابُ وَمِنْ عَلَامَةِ الْقَبُولِ أَنْ يَرْجِعَ خَيْرًا مِمَّا كَانَ وَلَا يُعَاوِدُ الْمَعَاصِيَ وَقِيلَ هُوَ الَّذِي لَا رِيَاءَ فِيهِ وَقِيلَ هُوَ الَّذِي لَا يَتَعَقَّبُهُ مَعْصِيَةٌ وَهُمَا دَاخِلَانِ فِيمَا قَبْلَهُمَا قَالَ الْقُرْطُبِيُّ الْأَقْوَالُ الَّتِي ذُكِرَتْ فِي تَفْسِيرِهِ مُتَقَارِبَةٌ وَأَنَّهُ الْحَجُّ الَّذِي وَقت أَحْكَامُهُ وَوَقَعَ مَوْقِعًا لِمَا طُلِبَ مِنَ الْمُكَلَّفِ عَلَى وَجْهِ الْأَكْمَلِ وَالْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ قَالَ بن التِّينِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إِلَى بِمَعْنَى مَعَ أَيِ الْعُمْرَةُ مَعَ الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا أَشَارَ بن عَبْدِ الْبَرِّ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ تَكْفِيرُ الصَّغَائِرِ دُونَ الْكَبَائِرِ قَالَ وَذَهَبَ بَعْضُ عُلَمَاءِ عَصْرِنَا إِلَى تَعْمِيمِ ذَلِكَ ثُمَّ بَالَغَ

فِي الْإِنْكَارِ عَلَيْهِ قَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي وَاسْتَشْكَلَ بَعْضُهُمْ كَوْنَ الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ مَعَ أَنَّ اجْتِنَابَ الْكَبَائِرِ يُكَفِّرُ فَمَاذَا تُكَفِّرُ الْعُمْرَةُ وَالْجَوَابُ أَنَّ تَكْفِيرَ الْعُمْرَةِ مُقَيَّدٌ بِزَمَنِهَا وَتَكْفِيرَ الِاجْتِنَابِ عَام لجَمِيع

عمر العَبْد فتغايرا من هَذِه الْحَيْثِيَّة [2627] مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ بِضَمِّ الْفَاءِ قَالَ عِيَاضٌ هَذَا مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى فَلَا رفث وَلَا فسوق وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ فِي الْآيَةِ الْجِمَاعُ قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ فِي الْحَدِيثِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ وَإِلَيْهِ نَحَا الْقُرْطُبِيُّ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ الرَّفَثُ اسْمٌ جَامِعٌ لِكُلِّ مَا يُرِيدُهُ الرَّجُلُ مِنَ الْمَرْأَةِ وَكَانَ بن عَبَّاسٍ يَخُصُّهُ بِمَا خُوطِبَ بِهِ النِّسَاءُ وَقَالَ غَيْرُهُ الرَّفَثُ الْجِمَاعُ وَيُطْلَقُ عَلَى التَّعْرِيضِ بِهِ وَعَلَى الْفُحْشِ فِي الْقَوْلِ وَلَمْ يَفْسُقْ أَيْ لَمْ يَأْتِ سَيِّئَةً وَلَا مَعْصِيَةً رَجَعَ كَيَوْمِ وَلدته أمه قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ أَيْ بِغَيْرِ ذَنْبٍ وَظَاهِرُهُ غُفْرَانُ الصَّغَائِرِ وَالْكَبَائِرِ وَالتَّبِعَاتِ وَهُوَ مِنْ أَقْوَى الشَّوَاهِدِ لِحَدِيثِ الْعَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ الْمُصَرِّحِ بِذَلِكَ قَالَ الطِّيبِيُّ الْفَاءُ فِي قَوْلِهِ فَلَمْ يَرْفُثْ عَاطِفَةٌ عَلَى الشَّرْطِ وَجَوَابِهِ رَجَعَ أَيْ صَارَ وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ خَبَرٌ لَهُ وَيَجُوزُ أَنْ

يَكُونَ حَالًا أَيْ صَارَ مُشَابِهًا لِنَفْسِهِ فِي الْبَرَاءَةِ عَنِ الذُّنُوبِ فِي يَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ [2628] قَالَ لَا وَلَكُنَّ أَحْسَنُ الْجِهَادِ وَأَجْمَلُهُ حَجٌّ مَبْرُورٌ قَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي اخْتُلِفَ فِي ضَبْطِ لَكُنَّ فَالْأَكْثَرُ بِضَمِّ الْكَافِ خِطَابٌ لَلنِّسْوَةِ قَالَ الْقَابِسِيُّ وَهُوَ الَّذِي تَمِيلُ إِلَيْهِ نَفْسِي وَفِي رِوَايَةٍ بِكَسْرِ الْكَافِ وَزِيَادَةِ أَلِفٍ قَبْلَهَا بِلَفْظِ الِاسْتِدْرَاكِ وَسَمَّاهُ جِهَادًا لِمَا فِيهِ مِنْ مجاهدة النَّفس قَوْله

[2635] مِنْ خَثْعَمٍ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ بَعْدَهَا عَيْنٌ مُهْمَلَةٌ مَفْتُوحَةٌ غَيْرُ مُنْصَرِفٍ لِلْعَلَمِيَّةِ وَوزن الْفِعْل حَيّ من بجيلة [2642] رَدِيفُ يُقَالُ رَدِفْتُهُ رَكِبْتُ خَلْفَهُ عَلَى الدَّابَّةِ وأردفته أركبته خَلْفي

[2648] فَأَخْرَجَتِ امْرَأَةٌ صَبِيًّا مِنَ الْمِحَفَّةِ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَحُكِيَ فَتْحُهَا فَقَالَتْ أَلِهَذَا حَجٌّ قَالَ نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ بِسَبَبِ حَمْلِهَا لَهُ وَتَجْنِيبِهَا إِيَّاهُ مَا يَجْتَنِبُهُ الْمُحْرِمُ وَفِعْلِ مَا يَفْعَله الْمحرم [2650] خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِهَا قَالَهُ الْقَاضِي تَاجُ الدِّينِ السُّبْكِيُّ فِي الترشيح

[1651] يهل بِضَم أَوله يرفع صَوته بِالتَّلْبِيَةِ

[2653] هِشَامُ بْنُ بَهْرَامَ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِهَا وَقَّتَ حَكَى الْأَثْرَمُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ سُئِلَ فِي أَيِّ سَنَةٍ وَقَّتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَوَاقِيتَ فَقَالَ عَامَ حَجَّ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ بِالْمُهْمَلَةِ وَالْفَاءِ مُصَغَّرٌ قَالَ النَّوَوِيُّ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ سِتَّةُ أَمْيَالٍ وَوَهِمَ مَنْ قَالَ بَينهمَا ميل وَاحِد وَهُوَ بن الصَّبَّاغِ وَهُوَ أَبْعَدُ الْمَوَاقِيتِ مِنْ مَكَّةَ فَقِيلَ الْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ مُعْظَمَ أُمُورِهِمْ فِي الْمَدِينَةِ وَقِيلَ رِفْقًا بِأَهْلِ الْآفَاقِ لِأَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَقْرَبُ الْآفَاقِ إِلَى مَكَّةَ الْجُحْفَةَ بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ قَرْيَةٌ خَرِبَةٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ خَمْسُ مَرَاحِلَ أَوْ سِتٌّ وَرَابِغٌ قَرِيبٌ مِنْهَا وَسُمِّيَتِ الْجُحْفَةَ لِأَنَّ السَّيْلَ يُجْحِفُ بِهَا ذَاتَ عِرْقٍ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَقَافٍ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ فِيهِ عِرْقًا وَهُوَ الْجَبَلُ الصَّغِيرُ وَهِيَ أَرْضٌ سَبِخَةٌ تُنْبِتُ الطَّرْفَاءَ بَيْنهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَتَانِ وَهِيَ الْحَدُّ الْفَاصِلُ

بَيْنَ نَجْدٍ وَتِهَامَةَ يَلَمْلَمَ بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَاللَّامِ وَسُكُونِ الْمِيمِ بَعْدَهَا لَامٌ مَفْتُوحَةٌ ثُمَّ مِيمٌ مَكَانٌ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ وَيُقَالُ أَلَمْلَمَ بِالْهَمْزَةِ هُوَ وَالْأَصْل وَالْيَاء تسهيل وَحكى بن السَّيِّد فِيهِ يرمرم براءين بدل اللامين [2654] وَلِأَهْلِ نَجْدٍ هُوَ اسْمٌ لِعَشَرَةِ مَوَاضِعَ وَالْمُرَادُ مِنْهَا هُنَا الَّتِي أَعْلَاهَا تِهَامَةُ وَالْيَمَنُ وَأَسْفَلَهَا الشَّامُ وَالْعِرَاقُ وَهُوَ فِي الْأَصْلِ كُلُّ مَكَانٍ مُرْتَفِعٍ قَرْنًا قَالَ فِي النِّهَايَةِ يُقَالُ لَهُ قَرْنُ الْمَنَازِلِ وَقَرْنُ الثَّعَالِبِ وَكَثِيرٌ مِمَّنْ لَا يَعْرِفُ يَفْتَحُ رَاءَهُ وَإِنَّمَا هُوَ بِالسُّكُونِ وَمِمَّنْ ضَبَطَهُ بِالْفَتْحِ صَاحِبُ الصِّحَاحِ وَغَلَّطُوهُ قَالَ فِي فتح البارىء وَبَالَغَ النَّوَوِيُّ فَحَكَى الِاتِّفَاقَ عَلَى تَخْطِئَتِهِ

فِي ذَلِكَ لَكِنْ حَكَى عِيَاضٌ مِنْ تَعْلِيقِ الْقَابِسِيِّ أَنَّ مَنْ قَالَهُ بِالْإِسْكَانِ أَرَادَ الْجَبَلَ وَمَنْ قَالَهُ بِالْفَتْحِ أَرَادَ الطَّرِيقَ وَالْجَبَلُ الْمَذْكُورُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَتَانِ مِنْ جِهَةِ الْمَشْرِقِ وَحَكَى الرُّويَانِيُّ عَنْ بَعْضِ قُدَمَاءِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الْمَكَانَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ قَرْنٌ مَوْضِعَانِ أَحَدُهُمَا فِي هُبُوطٍ وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ قَرْنُ الْمَنَازِلِ وَالْآخَرُ فِي صُعُودٍ وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ قَرْنُ الثَّعَالِبِ لِكَثْرَةِ مَا كَانَ يَأْوِي إِلَيْهِ من الثعالب قَالَ فَظهر قرن الثعالب لَيْسَ من الْمَوَاقِيت

[2658] حَتَّى إِنَّ أَهْلَ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْهَا هَذَا خَاصٌّ بِالْحَاجِّ وَأَمَّا الْمُعْتَمِرُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى أَدْنَى الْحِلِّ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ لَا أعلم أحدا جعل مَكَّة مِيقَات للْعُمْرَة فَتعين حمله على الْقَارِن قَوْله

[2660] فِي الْمُعَرَّسِ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَفْتُوحَةِ ثُمَّ سِينٌ مُهْمَلَةٌ عَلَى سِتَّةِ أَمْيَال من الْمَدِينَة [2662] بِالْبَيْدَاءِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْبَيْدَاءُ الْمَفَازَةُ لَا شَيْءَ بِهَا وَهِيَ هُنَا اسْمُ مَوْضِعٍ مَخْصُوصٍ بِقُرْبِ الْمَدِينَةِ وَأَكْثَرُ مَا تَرِدُ وَيُرَادُ بِهَا هَذِهِ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْبَكْرِيُّ الْبَيْدَاءُ هَذِهِ فَوْقَ عَلَمَيْ ذِي الْحُلَيْفَةِ لِمَنْ صَعِدَ مِنَ الْوَادي

[2665] الْأَبْوَاءِ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْبَاءِ وَالْمَدِّ جَبَلٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَعِنْدَهُ بَلَدٌ يُنْسَبُ إِلَيْهِ [2665] بَيْنَ قَرْنَيِ الْبِئْرِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُمَا الْمَبْنِيَّانِ عَلَى جَانِبَيْهَا فَإِنْ كَانَتَا مِنْ خَشَبٍ فهما زرنوقان

[2667] سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ قَالَ لَا يَلْبَسُ الْقَمِيصَ إِلَخ قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ هَذَا مِنْ بَدِيعِ الْكَلَامِ وَجَزْلِهِ لِأَنَّ مَا لَا يُلْبَسُ مُنْحَصِرٌ فَحَصَلَ التَّصْرِيحُ بِهِ وَأَمَّا الْمَلْبُوسُ الْجَائِزُ فَغَيْرُ مُنْحَصِرٍ فَقَالَ لَا يَلْبَسُ كَذَا أَيْ يَلْبَسُ مَا سِوَاهُ وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ سُئِلَ

عَمَّا يَلْبَسُ فَأَجَابَ بِمَا لَا يَلْبَسُ لِيَدُلَّ بِالِالْتِزَامِ مِنْ طَرِيقِ الْمَفْهُومِ عَلَى مَا يَجُوزُ وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنِ الْجَوَابِ لِأَنَّهُ أَحَصْرُ وَأَخْصَرُ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ حَقَّ السُّؤَالِ أَنْ يَكُونَ عَمَّا لَا يُلْبَسُ لِأَنَّهُ الْحُكْمُ الْعَارِضُ فِي الْإِحْرَامِ الْمُحْتَاجُ لِبَيَانِهِ إِذِ الْجَوَازُ ثَابِتٌ بِالْأَصْلِ مَعْلُومٌ بِالِاسْتِصْحَابِ فَكَانَ الْأَلْيَقُ السُّؤَالَ عَمَّا لَا يُلْبَسُ قَالَ غَيْرُهُ هَذَا يُشْبِهُ أُسْلُوبَ الْحَكِيمِ وَيَقْرُبُ مِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ والأقربين فَعدل عَن جنس الْمُنفق وَهُوَ المسؤل عَنْهُ إِلَى ذِكْرِ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَهَمُّ وَلَا زَعْفَرَانٌ بِالتَّنْوِينِ لِأَنَّهُ مُنْصَرِفٌ إِذْ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا الْأَلِفُ وَالنُّونُ فَقَطْ قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدُ السَّلَامِ إِنَّمَا أُمِرَ النَّاسُ بِالْخُرُوجِ عَنِ الْمَخِيطِ وَغَيْرِهِ مِمَّا صَنَعُوا فِي الْحَجِّ لِيَخْرُجَ الْإِنْسَانُ عَنْ عَادَتِهِ وإلْفِهِ فَيَكُونَ ذَلِكَ مُذَكِّرًا لَهُ لِمَا هُوَ فِيهِ مِنْ عِبَادَةِ رَبِّهِ فيشتغل [2668] بِالْجِعْرَانَةِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هِيَ مَوْضِعٌ قَرِيبٌ مِنْ مَكَّةَ وَهِيَ بِتَسْكِينِ الْعَيْنِ وَالتَّخْفِيفِ وَقَدْ تُكْسَرُ وَتُشَدَّدُ الرَّاءُ وَقَالَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ يُشَدِّدُونَهَا وَأَهْلُ الْأَدَبِ يُخَطِّئُونَهُمْ وَيُخَفِّفُونَهَا وَكِلَاهُمَا صَوَابٌ يَغِطُّ بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مَكْسُورَةٍ وَطَاءٍ مُهْمَلَةٍ مُشَدَّدَةٍ قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْغَطِيطُ الصَّوْتُ الَّذِي يَخْرُجُ مَعَ نَفَسِ النَّائِمِ وَهُوَ تَرْدِيدُهُ حَيْثُ لَا يَجِدُ مَسَاغًا وَقَدْ غَطَّ يَغِطُّ غَطًّا وَغَطِيطًا وَمِنْهُ حَدِيثُ نُزُولِ الْوَحْيِ

[2668] فَسُرِّيَ عَنْهُ بِسِينٍ مَضْمُومَةٍ وَرَاءٍ مُشَدَّدَةٍ وَتُخَفَّفُ قَالَ فِي النِّهَايَة أَي كشف عَنْهُمَا هُوَ فِيهِ مِنْ مُكَابَدَةِ نُزُولِ الْوَحْيِ وَقَدْ تَكَرَّرَتْ فِي الْحَدِيثِ وَخَاصَّةً فِي ذِكْرِ نُزُولِ الْوَحْيِ وَكُلُّهَا بِمَعْنَى الْكَشْفِ وَالْإِزَالَةِ يُقَالُ سَرَوْتُ الصَّوْتَ وَسَرَّيْتُهُ إِذَا خَلَعْتَهُ وَالتَّشْدِيدُ فِيهِ لِلْمُبَالَغَةِ وَوَقَعَ عِنْدَ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ وَالطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ أَنَّ الْآيَةَ الَّتِي نَزَلَتْ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ قَوْلُهُ تَعَالَى وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ آنِفا بِالْمدِّ أَي الْآن

[2669] الا أحد لَا يجد نَعْلَيْنِ قَالَ بن الْمُنِيرِ فِيهِ اسْتِعْمَالُ أَحَدٍ فِي الْإِثْبَاتِ وَقَدْ خَصُّوهُ بِضَرُورَةِ الشِّعْرِ وَسَوَّغَهُ كَوْنُهُ بِعَقِبِ نَفْيٍ

[2673] وَلَا تَلْبَسِ الْقُفَّازَيْنِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ شَيْءٌ تُلْبِسُهُ نِسَاءُ الْعَرَبِ أَيْدِيَهُنَّ يُغَطِّي الْأَصَابِعَ وَالْكَفَّ وَالسَّاعِدَ مِنَ الْبَرْدِ وَيَكُونُ فِيهِ قُطْنٌ مَحْشُوٌّ وَقِيلَ هُوَ ضَرْبٌ مِنَ الحلى تتخذه الْمَرْأَة ليديها

[2683] يُهِلُّ مُلَبِّدًا الْإِهْلَالُ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ وَالتَّلْبِيدُ أَنْ يَجْعَلَ الْمُحْرِمُ فِي رَأْسِهِ صَمْغًا أَوْ غَيْرَهُ لِيَتَلَبَّدَ شَعْرُهُ أَيْ يَلْتَصِقَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ فَلَا يَتَخَلَّلُهُ الْغُبَارُ وَلَا يُصِيبُهُ الشَّعَثُ وَلَا الْقَمْلُ وَإِنَّمَا يَفْعَلُهُ مَنْ يَطُولُ مُكْثُهُ فِي الْإِحْرَام

[2687] طيبت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِحُرْمِهِ حِينَ أَحْرَمَ قَالَ النَّوَوِيُّ ضَبَطُوا لِحُرْمِهِ بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا وَالضَّمُّ أَكْثَرُ وَلَمْ يَذْكُرِ الْهَرَوِيُّ وَآخَرُونَ غَيْرَهُ وَأَنْكَرَ ثَابِتٌ الضَّمَّ عَلَى الْمُحَدِّثِينَ وَقَالَ الصَّوَابُ الْكَسْرُ وَالْمُرَادُ بِحُرْمِهِ الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ [2687] ولحله بعد مَا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ المُرَاد بِهِ طواف الافاضة

[2694] لَقَدْ كَانَ يُرَى وَبِيصُ الطِّيبِ هُوَ الْبَرِيقُ وَزْنًا وَمَعْنًى وَصَادُهُ مُهْمَلَةٌ فِي مَفَارِقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمْعٌ مَفْرِقٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَهُوَ الْمَكَانُ الَّذِي يَفْتَرِقُ فِيهِ الشَّعَرُ فِي وَسَطِ الرَّأْسِ قِيلَ ذَكَرَتْهُ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ تَعْمِيمًا لِجَوَانِبِ الرَّأْسِ الَّتِي يُفْرَقُ فِيهَا الشَّعْرُ وَهُوَ مُحْرِمٌ ادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهُ الْمُهَلَّبُ وَأَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْقَصَّارِ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْمَالِكِيَّةِ لِأَنَّ الطِّيبَ مِنْ دَوَاعِي النِّكَاحِ فَنَهَى النَّاسَ عَنْهُ وَكَانَ هُوَ أَمْلَكَ النَّاس لاربه فَفعله وَرجحه بن الْعَرَبِيِّ بِكَثْرَةِ مَا ثَبَتَ لَهُ مِنَ الْخَصَائِصِ فِي النِّكَاحِ وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ حُبِّبَ إِلَيَّ النِّسَاءُ وَالطِّيبُ وَقَالَ الْمُهَلَّبُ إِنَّمَا خص بذلك لمباشرته الْمَلَائِكَة لاجل الْوَحْي

[2700] كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ ادَّهَنَ بِأَطْيَبِ دُهْنٍ يجده للطحاوي وَالدَّارَقُطْنِيّ بالغالية الجيدة

[2704] يَنْضَحُ طِيبًا قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَهُوَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ يَفُوحُ وَالنَّضُوحُ بِالْفَتْحِ ضَرْبٌ مِنَ الطِّيبِ تَفُوحُ رَائِحَتُهُ وَأَصْلُ النَّضْحِ الرَّشْحُ فَشَبَّهَ كَثْرَةَ مَا يَفُوحُ مِنْ طِيبِهِ بِالرَّشْحِ وَرُوِيَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَقِيلَ هُوَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ فِيمَا ثَخُنَ مِنَ الطِّيبِ وَبِالْمُهْمَلَةِ فِيمَا رَقَّ كَالْمَاءِ وَقيل بِالْعَكْسِ وَقيل هما سَوَاء

[2709] وَعَلَيْهِ مُقَطَّعَاتٌ قَالَ النَّوَوِيُّ بِفَتْحِ الطَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ وَهِيَ الثِّيَابُ الْمَخِيطَةُ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ ثِيَابٌ قِصَارٌ لِأَنَّهَا قُطِعَتْ عَنْ بُلُوغِ التَّمَامِ وَقِيلَ الْمُقَطَّعُ مِنَ الثِّيَابِ كُلُّ مَا يُفَصَّلُ وَيُخَاطُ مِنْ قَمِيصٍ وَغَيْرِهِ وَمَا لَا يُقَطَّعُ مِنْهَا كَالْأُزُرِ وَالْأَرْدِيَةِ مُتَضَمِّخٌ بِالضَّادِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَتَيْنِ أَيْ مُتَلَطِّخٌ بِخَلُوقٍ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ طِيبٌ مَعْرُوفٌ مركب يتَّخذ من الزَّعْفَرَان وَغَيره

[2711] أَنْ يُضَمِّدَهُمَا بِالصَّبِرِ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَيَجُوزُ إِسْكَانُهَا أَيْ يَجْعَلَهُ عَلَيْهِمَا وَيُدَاوِيَهُمَا بِهِ وَأَصْلُ الضَّمْدِ الشَّدُّ يُقَال ضَمَّدَ رَأْسَهُ وَجُرْحَهُ إِذَا شَدَّهُ بِالضِّمَادِ وَهِيَ خِرْقَةٌ يُشَدُّ بِهَا الْعُضْوُ الْمُؤَفُّ ثُمَّ قِيلَ لِوَضْعِ الدَّوَاءِ عَلَى الْجُرْحِ وَغَيْرِهِ وان لم يشد [2712] لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ أَيْ لَوْ عَلِمْتُ مِنْ أَمْرِي فِي الْأَوَّلِ مَا عَلِمْتُ فِي الْآخِرِ فَانْطَلَقْتُ مُحَرِّشًا قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَرَادَ بِالتَّحْرِيشِ هُنَا ذِكْرَ مَا يُوجِبُ عتابه لَهَا

[2714] وَلَا تُخَمِّرُوا وَجْهَهُ وَرَأْسَهُ قَالَ النَّوَوِيُّ أَمَّا تَخْمِيرُ الرَّأْسِ فِي حَقِّ الْمُحْرِمِ الْحَيِّ فَمُجْمَعٌ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَأَمَّا وَجْهُهُ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ هُوَ كَرَأْسِهِ وَخَالَفَ الشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ وَقَالُوا لَا إِحْرَامَ فِي وَجْهِهِ بَلْ لَهُ تَغْطِيَتُهُ وَإِنَّمَا يَجِبُ كَشْفُ الْوَجْهِ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ وَأَمَّا الْمَيِّتُ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمُوَافِقِيهِ أَنَّهُ يَحْرُمُ تَغْطِيَةُ رَأْسِهِ دُونَ وَجْهِهِ كَمَا فِي الْحَيَاةِ وَيُتَأَوَّلُ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنْ تَغْطِيَةِ وَجْهِهِ لَيْسَ لِكَوْنِهِ وَجْهًا إِنَّمَا هُوَ صِيَانَةً لِلرَّأْسِ فَإِنَّهُمْ لَوْ غَطَّوْا وَجْهَهُ لَمْ يُؤْمَنْ أَنْ يُغَطُّوا رَأْسَهُ وَلَا بُدَّ مِنْ تَأْوِيلِهِ لِأَنَّ مَالِكًا وَأَبَا حَنِيفَةَ وَمُوَافِقِيهِمَا يَقُولُونَ لَا يُمْنَعُ مِنْ سَتْرِ رَأْسِ الْمَيِّتِ وَالشَّافِعِيُّ وَمُوَافِقُوهُ يَقُولُونَ يُبَاحُ سَتْرُ الْوَجْهِ فَتَعَيَّنَ تَأْوِيلُ الحَدِيث

فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُلَبِّي قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ عَلَى الْهَيْئَةِ الَّتِي مَاتَ عَلَيْهَا وَمَعَهُ عَلَامَةٌ لِحَجِّهِ وَهِيَ دَلَالَةٌ لِفَضِيلَتِهِ كَمَا يَجِيءُ الشَّهِيد يَوْم الْقِيَامَة وأوداجه تشخب دَمًا

[2719] الْعُذَيْبَ اسْمُ مَاءِ بَنِي تَمِيمٍ عَلَى مَرْحَلَةٍ مِنَ الْكُوفَةِ مُسَمًّى بِتَصْغِيرِ الْعَذْبِ وَقِيلَ سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ طَرَفُ أَرْضِ الْعَرَبِ مِنَ الْعَذَبَةِ وَهِي طرف الشَّيْء ياهناه أَيْ يَا هَذَا وَأَصْلُهُ هَنَّ أُلْحِقَتِ الْهَاءُ لبَيَان الْحَرَكَة فَصَارَ ياهنة وأشبعت الْحَرَكَة فَصَارَت ألفا فَقيل ياهناه بِسُكُونِ الْهَاءِ وَلَكَ ضَمُّ الْهَاءِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ هَذِه اللَّفْظَة تخْتَص بالنداء

[2729] لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا قَالَ أَبُو الْبَقَاءِ النَّصْبُ بِفعل مَحْذُوف تَقْدِيره أُرِيد أَو نَوَيْت

[2738] فَمَشَطَتْنِي بِالتَّخْفِيفِ قَالَ صَاحِبُ الْأَفْعَالِ مَشَطَ الرَّأْسَ مَشْطًا أَيْ سَرَّحَهُ فَلْيَتَّئِدْ أَيْ لِيَتَأَنَّ وَلَا يعجل

[2747] لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك قَالَ بن الْمُنِيرِ مَشْرُوعِيَّةُ التَّلْبِيَةِ تَنْبِيهٌ عَلَى إِكْرَامِ اللَّهِ تَعَالَى لِعِبَادِهِ بِأَنَّ وُفُودَهُمْ عَلَى بَيْتِهِ إِنَّمَا كَانَ بِاسْتِدْعَاءٍ مِنْهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَقَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَبَّ بِالْمَكَانِ إِذَا قَامَ بِهِ فَالْمُلَبِّي يُخْبِرُ عَنْ إِقَامَتِهِ وَمُلَازَمَتِهِ لِعِبَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَثَنَّى هَذَا الْمَصْدَرَ لِتَدُلَّ التَّثْنِيَةُ عَلَى الْكَثْرَةِ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ تَلْبِيَةً بَعْدَ تَلْبِيَةٍ أَبَدًا وَلَيْسَ الْمُرَادُ مَرَّتَيْنِ فَقَطْ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كرتين الْمُرَادُ كَرَّةً بَعْدَ كَرَّةٍ أبَدًا مَا اسْتَطَعْتَ وَإِذَا كَانَ الْمَعْنَى فِي التَّلْبِيَةِ الْإِخْبَارَ بِالْمُلَازَمَةِ عَلَى الْعِبَادَةِ فَهَلِ الْمُرَادُ كُلُّ عِبَادَةِ اللَّهِ أَيَّ عِبَادَةٍ كَانَتْ أَوِ الْعِبَادَةُ الَّتِي هُوَ فِيهَا مِنَ الْحَجِّ الْأَحْسَنُ عِنْدَ الْمُفَسِّرِينَ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ لِلِاهْتِمَامِ بِالْمَقْصُودِ قَالَ ثُمَّ يَعْلَمُ أَنَّ الْإِخْبَارَ بِالْمُلَازَمَةِ عَلَى الْعِبَادَةِ لَا يَصِحُّ فِي الْعِبَادَةِ الْمَاضِيَةِ وَإِنَّمَا يَصِحُّ الْوَعْدُ فِي الْمُسْتَقْبَلَاتِ قَالَ وَيَظْهَرُ مِنْ هَذَا رُجْحَانُ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي كَوْنِهِ شَرَعَ التَّلْبِيَةَ إِلَى آخِرِ الْمَنَاسِكِ لِأَنَّهُ إِذَا بَقِيَ لَهُ شَيْءٌ مِنَ الرَّمْيِ أَوْ غَيْرِهِ كَانَ مِنْ جِنْسِ الْوَعْدِ بِالْمُلَازَمَةِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ وَغَيْرُ مَالِكٍ وَهُوَ الشَّافِعِي قطعهَا قبل ذَلِك قَالَ وَقَوْلُهُ لَا شَرِيكَ لَكَ تَقْدِيرُهُ لَا شَرِيكَ لَكَ فِي الْمُلْكِ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ بِكَسْرِ الْهَمْزِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ وَيُفْتَحُ عَلَى التَّعْلِيلِ وَالْكَسْرُ أَجْوَدُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ قَالَ ثَعْلَبٌ مَنْ كَسَرَ فَقَدْ عَمَّ وَمَنْ فَتَحَ فَقَدْ خَصَّ وَتعقب بِأَن

التَّقْيِيدَ لَيْسَ فِي الْحَمْدِ وَإِنَّمَا هُوَ فِي التَّلْبِيَةِ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ لَهِجَ الْعَامَّةُ بِالْفَتْحِ وَحَكَاهُ الزَّمَخْشَرِيّ عَن الشَّافِعِي وَقَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ الْمَعْنَى عِنْدِي وَاحِدٌ لِأَنَّ مَنْ فَتَحَ أَرَادَ لَبَّيْكَ لِأَنَّ الْحَمْدَ لَكَ عَلَى كل حَال وَقَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ الْكَسْرُ أَجْوَدُ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ الْإِجَابَةُ مُطْلَقَةً غَيْرَ مُعَلَّلَةٍ وَأَنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَالْفَتْحُ يَدُلُّ عَلَى التَّعْلِيلِ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ أَجَبْتُكَ بِهَذَا السَّبَبِ وَالْمَشْهُورُ فِي قَوْلِهِ وَالنِّعْمَةَ النَّصْبُ قَالَ عِيَاضٌ وَيَجُوزُ الرَّفْعُ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَيَكُونُ الْخَبَرُ مَحْذُوفًا وَالتَّقْدِيرُ أَنَّ الْحَمْدَ لَكَ وَالنِّعْمَةَ مُسْتَقِرَّةٌ قَالَ بن الْأَنْبَارِيِّ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ وَحَاصِلُهُ أَنَّ النِّعْمَةَ وَالشُّكْرَ عَلَى النِّعْمَةِ كَلَيْهِمَا لِلَّهِ تَعَالَى وَكَذَا قَوْلُهُ وَالْملك يجوز فِيهِ الْوَجْهَانِ قَالَ بن الْمُنِيرِ قَرَنَ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ وَأَفْرَدَ الْمُلْكَ لِأَنَّ الْحَمْدَ مُتَعَلِّقُ النِّعْمَةِ وَلِهَذَا يُقَالُ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى نِعَمِهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا حَمْدَ إِلَّا لَكَ لِأَنَّهُ لَا نِعْمَةَ

إِلَّا لَكَ وَأَمَّا الْمُلْكُ فَهُوَ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ ذُكِرَ لِتَحْقِيقِ أَنَّ النِّعْمَةَ كُلَّهَا لِلَّهِ لِأَنَّهُ صَاحب الْملك

إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ النَّاقَةُ قَائِمَةً نُصِبَ على الْحَال [2760] وانبعثت أَي سَارَتْ وَمَضَت ذَاهِبَة

[2763] لَيْلَةَ الْحَصْبَةِ بِمُهْمَلَتَيْنِ وَمُوَحَّدَةٍ بِوَزْنِ الضَّرْبَةِ أَيْ لَيْلَةَ الْمَبِيتِ بِالْمُحَصَّبِ بَعْدَ النَّفْرِ مِنْ مِنًى

[2764] انْقُضِي رَأْسَكِ بِضَمِّ الْقَافِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ حُلِّي ضَفْرَهُ وَامْتَشِطِي وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ وَدَعِي الْعُمْرَةَ قَالَ الشَّافِعِيُّ إِنَّهُ أَمَرَهَا بِأَنْ تَدَعَ عَمَلَ الْعُمْرَةِ وَتُدْخِلَ عَلَيْهَا الْحَجَّ فَتَكُونَ قَارِنَةً إِلَّا أَنْ تَدَعَ الْعُمْرَةَ نَفْسَهَا وَعَلَى أَنَّ اعْتِمَارَهَا مِنَ التَّنْعِيمِ تَطْيِيبٌ لِنَفْسِهَا لِيَحْصُلَ لَهَا عُمْرَةً مُنْفَرِدَةً مُسْتَقِلَّةً كَمَا حَصَلَ لِسَائِرِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ الْخَطَّابِيُّ إِلَّا أَنَّ قَوْلَهُ انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي لَا يُشَاكِلُ هَذِهِ الْقَضِيَّةَ وَلَوْ تَأَوَّلَهُ مُتَأَوِّلٌ عَلَى التَّرْخِيصِ فِي فَسْخِ الْعُمْرَةِ كَمَا أَذِنَ لِأَصْحَابِهِ فِي فَسْخِ الْحَجِّ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ وَأَجَابَ الْكَرْمَانِيُّ بِأَنَّ نَقْضَ الرَّأْسِ وَالِامْتِشَاطَ جَائِزَانِ فِي الْإِحْرَامِ بِحَيْثُ لَا يَنْتِفُ شَعْرًا وَقَدْ يُتَأَوَّلُ بِأَنَّهَا كَانَتْ مَعْذُورَةً وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالِامْتِشَاطِ تَسْرِيحُ الشَّعْرِ بِالْأَصَابِعِ لِغُسْلِ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ وَيَلْزَمُ مِنْهُ نَقْضُهُ

هَذِهِ مَكَانُ عُمْرَتِكِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْمَشْهُورُ رَفْعُ مَكَانٍ عَلَى الْخَبَرِ أَيْ عِوَضُ عُمْرَتِكِ الَّتِي تَرَكْتِهَا لِأَجْلِ حَيْضَتِكِ وَيَجُوزُ النَّصْبُ عَلَى الظَّرْفِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ وَالْعَامِلُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ هَذِهِ كَائِنَةٌ مَكَانَ عُمْرَتِكِ أَوْ مَجْعُولَةٌ مَكَانهَا

[2767] ضُبَاعَةَ بِضَمِّ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَمَحِلِّي بِكَسْرِ الْحَاءِ أَيْ مَكَانَ تَحَلُّلِي قِيلَ كَانَ هَذَا من خَصَائِص ضباعة

[2773] وَسَلَتَ الدَّمَ بِمُهْمَلَةٍ وَلَامٍ وَمُثَنَّاةٍ أَيْ أَمَاطَهُ بِأُصْبُعِهِ

[2781] وَلم تحلل أَنْت بِكَسْر اللَّام

[2803] وَلَا نُرَى إِلَّا الْحَجَّ بِضَمِّ النُّونِ أَيْ نظن

[2813] كَانُوا يُرَوْنَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَالْمُرَادُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ وَذَلِكَ مِنْ تَحَكُّمَاتِهِمُ الْمُبْتَدَعَةِ وَيَجْعَلُونَ الْمُحَرَّمَ صَفَرَ قَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ مَصْرُوفٌ بِلَا خِلَافٍ وَحَقُّهُ أَنْ يُكْتَبَ بِالْأَلِفِ لِأَنَّهُ مَنْصُوبٌ لَكِنَّهُ كُتِبَ بِدُونِهَا يَعْنِي عَلَى لُغَةِ رَبِيعَةَ وَلَا بُدَّ مِنْ قِرَاءَتِهِ مُنَوَّنًا وَفِي الْمُحْكَمِ كَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ لَا يَصْرِفُهُ وَمَعْنَى يَجْعَلُونَ يُسَمُّونَ وَيَنْسُبُونَ تَحْرِيمَهُ إِلَيْهِ لِئَلَّا تَتَوَالَى عَلَيْهِمْ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ حُرُمٍ فَتَضِيقَ بِذَلِكَ أَحْوَالُهُمْ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالنَّسِيءِ يَقُولُونَ إِذَا بَرَأَ بِفَتْحَتَيْنِ وَهَمْزَةٍ وَتُخَفَّفُ الدَّبَرْ بِفَتْحَتَيْنِ الْجُرْحُ الَّذِي يَكُونُ فِي ظَهْرِ الْبَعِيرِ يُقَالُ دَبِرَ يَدْبَرُ دَبَرًا وَقِيلَ هُوَ أَنَّ يَقْرَحَ خُفُّ الْبَعِيرِ يُرِيدُونَ أَنَّ الْإِبِلَ كَانَتْ تَدْبَرُ

بِالسَّيْرِ عَلَيْهَا إِلَى الْحَجِّ وَعَفَا الْوَبَرْ أَيْ كَثُرَ وَبَرُ الْإِبِلِ الَّذِي حَلَقَتْهُ رِحَالُ الْحَجِّ وَانْسَلَخَ صَفَرْ قَالَ النَّوَوِيُّ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ تُقْرَأُ كُلُّهَا سَاكِنَةَ الْآخِرِ مَوْقُوفًا عَلَيْهَا لِأَنَّ مُرَادُهُمُ السَّجْعَ أَيُّ الْحِلِّ قَالَ الْحِلُّ كُلُّهُ أَيْ حِلٌّ يَحِلُّ لَهُ فِيهِ جَمِيعُ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ حَتَّى غَشَيَانُ النِّسَاءِ وَذَلِكَ تَمَامُ الْحل

[2818] بِالْأُثَايَةِ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَحُكِيَ كَسْرُهَا وَمُثَلَّثَةٍ مَوْضِعٌ بِطَرِيقِ الْجُحْفَةِ إِلَى مَكَّةَ وَالْعَرْجِ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَجِيمٍ قَرْيَةٌ جَامِعَةٌ مِنْ عَمَلِ الْفَرْعِ عَلَى أَمْيَالٍ مِنَ الْمَدِينَةِ [2818] ظَبْيٌ حَاقِفٌ بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ قَافٍ ثُمَّ فَاءٍ أَيْ نَائِمٌ قَدِ انْحَنَى فِي نَوْمِهِ لَا يُرِيبُهُ أَحَدٌ أَيْ لَا يَتَعَرَّضُ لَهُ أَحَدٌ وَلَا يُزْعِجُهُ

[2819] إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلَّا أَنَّا حُرُمٌ إِنَّ الْأُولَى مَكْسُورَةٌ ابْتِدَائِيَّةٌ وَالثَّانِيَةُ مَفْتُوحَةٌ عَلَى تَقْدِير لَام التَّعْلِيل

[2824] وَخَشِينَا أَنْ نُقْتَطَعَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَيْ يَقْطَعَنَا الْعَدُوُّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرَفِّعُ فَرَسِي بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ الْمَكْسُورَةِ أَيْ أُكَلِّفُهُ السَّيْرَ السَّرِيعَ شَأْوًا بِالْهَمْزَةِ أَيْ قَدْرَ عَدْوِهِ وَهُوَ قَائِلٌ مِنَ الْقَيْلُولَةِ بِالسُّقْيَا بِضَمِّ السِّينِ مَوضِع

[2825] فاضلة أَي فضلَة

[2827] صَيْدُ الْبَرِّ لَكُمْ حَلَالٌ مَا لَمْ تَصِيدُوهُ أَوْ يُصَادَ لَكُمْ قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ هَكَذَا رِوَايَةُ يُصَادَ بِالْأَلِفِ وَهِيَ جَائِزَةٌ عَلَى لُغَةٍ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ إِذَا الْعَجُوزُ غَضِبَتْ فَطَلِّقْ وَلَا تَرَضَّاهَا وَلَا تَمَلَّقْ وَقَالَ الْآخَرُ أَلَمْ يَأْتِيكَ وَالْأَنْبَاءُ تَنْمِي عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو لَيْسَ هُوَ بِالْقَوِيِّ فِي الْحَدِيثِ قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ قَدْ تَبِعَ النَّسَائِيَّ عَلَى هَذَا بن حَزْمٍ فَقَالَ خَبَرُ جَابِرٍ سَاقِطٌ لِأَنَّهُ عَنْ عَمْرٍو وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَدْ سَبَقَهُمَا إِلَى تَضْعِيفِهِ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ لَكِنْ وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بن حَنْبَل وَأَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم

وبن عَدِيٍّ وَغَيْرُهُمْ وَأَخْرَجَ لَهُ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا فَوَجَبَ قَبُولُ خَبَرِهِ وَقَدْ سَكَتَ أَبُو دَاوُدَ عَلَى حَدِيثِهِ هَذَا فَهُوَ عِنْدَهُ إِمَّا حَسَنٌ أَوْ صَحِيحٌ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَقَالَ إِنَّهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَكِنَّ الْمُطَّلِبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ لَمْ يُخَرِّجْ لَهُ وَاحِدٌ مِنَ الشَّيْخَيْنِ فِي صَحِيحِهِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يُرِيدُ بِكَوْنِهِ عَلَى شَرْطِهِمَا أَنْ يَكُونَ رِجَالُ إِسْنَادِهِ فِي كِتَابَيْهِمَا كَمَا ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ لِأَنَّهُ لَا يَجْهَلُ كَوْنَ الشَّيْخَيْنِ لَمْ يُخَرِّجَا لِلْمُطَّلِبِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ أَنْ يَكُونَ رَاوِيهِ فِي كِتَابَيْهِمَا أَوْ فِي طَبَقَةِ مَنْ أَخْرَجَا لَهُ نَعَمْ أَعَلَّ التِّرْمِذِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ بِالِانْقِطَاعِ بَيْنَ الْمُطَّلِبِ وَبَيْنَ جَابِرٍ فَقَالَ إِنَّهُ لَا يُعْرَفُ لَهُ سَمَاعٌ مِنْهُ وَكَذَا قَالَ أَبُو حَاتِمٍ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ لَا أَعْرِفُ لِلْمُطَّلِبِ سَمَاعًا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ إِلَّا قَوْلَهُ حَدَّثَنِي مَنْ شَهِدَ خُطْبَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ الدَّارِمِيُّ مثله [2828] خَمْسٌ لَيْسَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِهِنَّ جُنَاحٌ قَالَ النَّوَوِيُّ اخْتَلَفُوا فِي الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْمَعْنَى فِي جَوَازِ قَتْلِهِنَّ كَوْنُهُنَّ مِمَّا لَا يُؤْكَل فَكل مَالا يُؤْكَلُ وَهُوَ مُتَوَلِّدٌ مِنْ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ فَقَتْلُهُ جَائِزٌ لِلْمُحْرِمِ وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ وَقَالَ مَالِكٌ الْمَعْنَى فِيهِنَّ كَوْنُهُنَّ مُؤْذِيَاتٍ فَكُلُّ مُؤْذٍ يَجُوزُ للْمحرمِ قَتله ومالا فَلَا وَالْحِدَأَةُ مَقْصُورٌ بِوَزْنِ عِنَبَةٍ وَالْفَأْرَةُ بِهَمْزَةٍ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ قَالَ النَّوَوِيُّ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ بِهِ فَقِيلَ هُوَ الْكَلْبُ الْمَعْرُوفُ وَقِيلَ كُلُّ مَا يَفْتَرِسُ لِأَنَّ كُلَّ مُفْتَرِسٍ مِنَ السِّبَاعِ يُسَمَّى فِي اللُّغَةِ كَلْبًا عَقُورًا وَمَعْنَى الْعَقُور العاقر الْجَارِح [2829] وَالْغُرَابُ الْأَبْقَعُ هُوَ الَّذِي فِي ظَهْرِهِ أَوْ بَطْنِهِ بَيَاضٌ وَقَدْ أَخَذَ بِهَذَا الْقَيْدِ طَائِفَةٌ وَأجَاب غَيرهم بِأَن الرِّوَايَات الْمُطلقَة أصح

[2831] وَنَهَى عَنْ قَتْلِ الْجِنَّانِ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ النُّون هِيَ الحبات الَّتِي تَكُونُ فِي الْبُيُوتِ وَاحِدُهَا جَانٌّ وَهُوَ الدَّقِيقُ الْخَفِيفُ إِلَّا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ تَثْنِيَةُ طُفْيَةٍ وَهِي الْأَصْلِ خُوصَةُ الْمُقْلِ شَبَّهَ الْخَطَّيْنِ اللَّذَيْنِ عَلَى ظَهْرِ الْحَيَّةِ بِخُوصَتَيْنِ مِنْ خُوصِ الْمُقْلِ وَالْأَبْتَرَ أَي الْقصير الذَّنب

[2835] خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ لَا جُنَاحَ فِي قَتْلِهِنَّ عَلَى مَنْ قَتَلَهُنَّ فِي الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ قَالَ النَّوَوِيُّ اخْتَلَفُوا فِي ضَبْطِ الْحَرَمِ هُنَا فَضَبَطَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالرَّاءِ الْحَرَمُ الْمَشْهُورُ وَهُوَ حَرَمُ مَكَّةَ وَالثَّانِي بِضَمِّ الْحَاءِ وَالرَّاءِ وَلَمْ يَذْكُرِ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي الْمَشَارِقِ غَيْرَهُ قَالَ هُوَ جَمْعُ حَرَامٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى وَأَنْتُم حرم قَالَ وَالْمُرَادُ بِهِ الْمَوَاضِعُ الْمُحَرَّمَةُ قَالَ النَّوَوِيُّ وَالْفَتْح أظهر مِنْ وَثْءٍ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ هُوَ وَهَنٌ فِي الرِّجْلِ دُونَ الْخَلْعِ وَالْكَسْرِ يُقَالُ وَثِئَتْ رِجْلُهُ فَهِيَ مَوْثُوءَةٌ وَوَثَأْتُهَا أَنَا وَقَدْ تتْرك الْهمزَة

[2850] احْتَجَمَ وَسَطَ رَأْسِهِ بِفَتْحِ السِّينِ أَيْ مُتَوَسِّطَهُ وَهُوَ مَا فَوْقَ الْيَافُوخِ بِلَحْيِ جَمَلٍ هُوَ بِفَتْحِ اللَّامِ وَحُكِيَ كَسْرُهَا وَسُكُونُ الْمُهْمَلَةِ وَبِفَتْحِ الْجِيمِ وَالْمِيمِ مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَقِيلَ عَقَبَةٌ عَلَى سَبْعَةِ أَمْيَالٍ مِنَ السُّقْيَا وَقِيلَ مَاءٌ وَقَالَ الْبَكْرِيُّ هِيَ بِئْرُ جَمَلٍ الَّتِي وَرَدَ ذِكْرُهَا فِي حَدِيثِ أَبِي جَهْمٍ وَوَهِمَ مَنْ ظَنَّهُ فَكَّ الْجَمَلِ الْحَيَوَانِ الْمَعْرُوفِ وَأَنَّهُ كَانَ آلَةَ الْحَجْمِ ذَكَرَهُ فِي فَتْحِ الْبَارِي وَيُرْوَى بِلَحْيَيْ جَمَلٍ بِصِيغَةِ التَّثْنِيَةِ قَالَ الشَّاعِرُ لَوْلَا رَسُولُ اللَّهِ مَا زُرْنَا مَلَلْ وَلَا الرثيات وَلَا لحيي جمل

[2857] لَفظه بعيره أَي رَمَاه [2858] فَوُقِصَ وَقْصًا قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْوَقْصُ كَسْرُ الْعُنُقِ وَقَصْتُ عُنُقَهُ أَقِصُهَا وَقْصًا وَوَقَصَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ كَقَوْلِكَ خُذِ الْخِطَامَ وَخُذْ بِالْخِطَامِ وَلَا يُقَالُ وَقَصَتِ الْعُنُقُ نَفْسَهَا

وَلَكِن يُقَال وقص الرجل فَهُوَ موقوص

[2871] الْبَراء بِالتَّشْدِيدِ لِأَنَّهُ كَانَ يبرى النبل

[2873] الْيَوْم نَضْرِبكُمْ قَالَ فِي النِّهَايَة سُكُون الْبَاءِ مِنْ نَضْرِبْكُمْ مِنْ جَائِزَاتِ الشِّعْرِ وَمَوْضِعُهَا الرَّفْعُ يُزِيلُ الْهَامَ عَنْ مَقِيلِهِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْهَامُ جَمْعُ هَامَةٍ وَهِيَ أَعْلَى الرَّأْسِ وَمَقِيلُهُ مَوْضِعٌ مُسْتَعَارٌ مِنْ مَوْضِعِ الْقَائِلَةِ مِنْ نَضْحِ النَّبْلِ بِنُونٍ وَضَادٍ مُعْجَمَةٍ وَحَاءٍ مُهْمَلَةٍ يُقَال نضحوهم بِالنَّبلِ إِذا رموهم

[2874] هَذَا الْبَلَدُ حَرَّمَهُ اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ حَدِيثِ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ إِبْرَاهِيمَ أَوَّلُ مَنْ أَظْهَرَ تَحْرِيمَهَا بَيْنَ النَّاسِ وَكَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ حَرَامًا أَوْ أَوَّلُ مَنْ أَظْهَرَهُ بَعْدَ الطُّوفَانِ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ يُنْسَبُ لِأَحَدٍ وَلَا لِأَحَدٍ فِيهِ مَدْخَلٌ قَالَ وَلِأَجْلِ هَذَا أَكَّدَ الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ وَالْمُرَادُ أَنَّ تَحْرِيمَهَا ثَابِتٌ بِالشَّرْعِ لَا مَدْخَلَ لِلْعَقْلِ فِيهِ أَوِ الْمُرَادُ أَنَّهَا مِنْ مُحَرَّمَاتِ اللَّهِ فَيَجِبُ امْتِثَالُ ذَلِكَ وَلَيْسَ مِنْ مُحَرَّمَاتِ النَّاسِ يَعْنِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَمَا حَرَّمُوا أَشْيَاءَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ فَلَا يَسُوغُ الِاجْتِهَادُ فِي تَرْكِهِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّ حُرْمَتَهَا مُسْتَمِرَّةٌ مِنْ أَوَّلِ الْخَلْقِ وَلَيْسَ مِمَّا اخْتَصَّتْ بِهِ شَرِيعَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم فَهُوَ حرَام بِحرْمَة الله أَن بِتَحْرِيمِهِ وَقِيلَ الْحُرْمَةُ الْحَقُّ أَيْ حَرَامٌ بِالْحَقِّ الْمَانِعِ مِنْ تَحْلِيلِهِ لَا يُعْضَدُ شَوْكُهُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ لَا يُقْطَعُ وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَتَشْدِيدِ الْفَاءِ الْمَفْتُوحَةِ قِيلَ هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ الِاصْطِيَادِ وَقِيلَ

عَلَى ظَاهِرِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ يَحْرُمُ التَّنْفِيرُ وَهُوَ الْإِزْعَاجُ عَنْ مَوْضِعِهِ وَلَا يُخْتَلَى أَيْ لَا يُقْطَعُ خَلَاهُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْقَصْرِ وَحُكِيَ مَدُّهُ وَهُوَ الرَّطْبُ مِنَ النَّبَاتِ قَالَ الْعَبَّاسُ أَيِ بن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِلَّا الْإِذْخِرَ يَجُوزُ فِيهِ الرَّفْعُ على الْبَدَل مِمَّا قبله وَالنّصب قَالَ بن مَالك وَهُوَ

الْمُخْتَارُ لِكَوْنِ الِاسْتِثْنَاءِ وَقَعَ مُتَرَاخِيًا عَنِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَبَعُدَتِ الْمُشَاكَلَةُ بِالْبَدَلِيَّةِ وَلِكَوْنِ الِاسْتِثْنَاءِ أَيْضًا عَرَضَ فِي آخِرِ الْكَلَامِ وَلَمْ يَكُنْ مَقْصُودًا وَالْإِذْخِرُ نَبْتٌ مَعْرُوفٌ طَيِّبُ الرِّيحِ لَهُ أَصْلٌ مُنْدَفِنٌ وَقُضْبَانٌ دِقَاقٌ وَذَالُهُ مُعْجَمَةٌ وَهَمْزَتُهُ مَكْسُورَةٌ زَائِدَةٌ قَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي لَمْ يُرِدِ الْعَبَّاسُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ هُوَ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يُلَقِّنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الِاسْتِثْنَاءَ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَوَابِهِ إِلَّا الْإِذْخِرَ هُوَ اسْتِثْنَاءُ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ لِدُخُولِ الْإِذْخِرِ فِي عُمُومِ مَا يُخْتَلَى وَاخْتُلِفَ هَلْ قَالَهُ بِاجْتِهَادٍ أَوْ وَحْيٍ وَقِيلَ كَانَ اللَّهُ فَوَّضَ لَهُ الْحُكْمَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُطْلَقًا وَقِيلَ أَوْحَى إِلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ أَنَّهُ إِنْ طَلَبَ أَحَدٌ اسْتِثْنَاءَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فأجب سُؤَاله [2876] عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ اسْمُهُ خُوَيْلِدُ بْنُ عَمْرٍو عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ خُزَاعِيٌّ كَعْبِيٌّ أَنَّهُ قَالَ لعَمْرو بن سعيد أَي بن الْعَاصِ الْمَعْرُوفِ بِالْأَشْدَقِ وَهُوَ يَبْعَثُ الْبُعُوثَ جَمْعُ بَعْثٍ بِمَعْنَى مَبْعُوثٍ مِنْ إِطْلَاقِ الْمَصْدَرِ عَلَى الْمَفْعُولِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْجُيُوشُ الَّتِي جَهَّزَهَا يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ لِقِتَالِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ الْغَدَ مِنْ يَوْمِ الْفَتْحِ بِالنَّصْبِ أَيْ ثَانِيَ يَوْمِ الْفَتْحِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا بِكَسْرِ الْفَاءِ وَحُكِيَ ضَمُّهَا أَيْ يُسِيلَهُ وَلَا يَعْضُدَ بهَا شَجَرَة قَالَ بن الْجَوْزِيِّ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ يَقُولُونَهُ بِضَمِّ الضَّادِ وَقَالَ لنا بن الْخَشَّابِ هُوَ بِكَسْرِهَا وَرُوِيَ وَلَا يَخْضِدَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ بَدَلَ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى مَعْنَاهُ فَإِنَّ أَصْلَ الْخَضْدِ الْكَسْرُ وَيُسْتَعْمَلُ فِي الْقَطْعِ وَإِنَّمَا أَذِنَ لِي بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَالْفَاعِلُ الله ويروى بضمه بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول

[2886] الْوَزَغُ الْفُوَيْسِقُ تَصْغِيرُ فَاسْقٍ وَهُوَ تَصْغِيرُ تَحْقِيرٍ يَقْتَضِي زِيَادَة الذَّم

[2900] أَلَمْ تَرَيْ يُقَالُ لِلْمَرْأَةِ رَأَيْتِ تَرَيْنَ وَحَذْفُ النُّونِ عَلَامَةٌ لِلْجَزْمِ وَمَعْنَاهُ أَلَمْ يَنْبُهْ عِلْمُكِ وَلَمْ تَعْرِفِي لَوْلَا حِدْثَانُ بِكَسْرِ الْحَاءِ مَصْدَرُ حَدَثَ يَحْدُثُ وَالْخَبَرُ هُنَا مَحْذُوفٌ وُجُوبًا أَيْ مَوْجُودٌ اسْتِلَامِ الرُّكْنَيْنِ مَسْحِهِمَا وَالسِّينُ فِيهِ فَاءُ الْفِعْلِ وَهُوَ افْتِعَالٌ مِنَ السَّلَامِ وَهِيَ الْحِجَارَةُ يُقَالُ اسْتَلَمَ أَيْ أَصَابَ السَّلَامَ وَهِيَ الْحِجَارَةُ إِلَّا أَنَّ الْبَيْتَ لَمْ يُتَمَّمْ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ أَيْ أَنَّ الرُّكْنَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الْحجرَ لَيْسَا بِرُكْنَيْنِ وَإِنَّمَا هُمَا بَعْضُ الْجِدَارِ الَّذِي بَنَتْهُ قُرَيْشٌ فَلِذَلِكَ لَمْ يَسْتَلِمْهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

[2901] وَجَعَلْتُ لَهُ خَلْفًا بِفَتْحِ الْخَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَفَاءٍ أَيْ بَابًا مِنْ خَلْفِهِ يُقَابِلُ هَذَا الْبَاب الَّذِي هُوَ من قُدَّام [2902] لَوْلَا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُ عَهْدٍ كَذَا رُوِيَ بِالْإِضَافَةِ وَحَذْفِ الْوَاوِ وَقَالَ الْمُطَرِّزِيُّ لَا يَجُوزُ حَذْفُ الْوَاوُ فِي مِثْلِ هَذَا وَالصَّوَابُ حَدِيثُو عَهْدٍ كَأَسْنِمَةِ الْإِبِلِ جَمْعُ سَنَامٍ مُتَلَاحِكَةً أَيْ شَدِيدَةَ الْمُلَاءَمَةِ [2904] ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ تَثْنِيَةُ سُوَيْقَةٍ وَهِيَ تَصْغِيرُ السَّاقِ وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ فَلِذَلِكَ ظَهَرَتِ

2905

التَّاءُ فِي تَصْغِيرِهَا وَإِنَّمَا صَغَّرَ السَّاقَيْنِ لِأَنَّ الْغَالِب على سوق الْحَبَشَة الدقة والحموشة وأجاف الْبَاب أَي رده عَلَيْهِ

[2920] بِخِزَامَةٍ كَانَتْ فِي أَنْفِهِ بِكَسْرِ الْخَاءِ هِيَ حَلْقَةٌ مِنْ شَعْرٍ تُجْعَلُ فِي أَحَدِ جَانِبَيْ مَنْخِرَيِ الْبَعِيرِ كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَخْرِمُ أُنُوفَهَا وَتَخْرِقُ تَرَاقِيَهَا وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ التَّعْذِيبِ فَوَضَعَهُ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يَقُودَهُ بِيَدِهِ وَجْهُهُ أَنَّ الْقَوْدَ بِالْأَزِمَّةِ إِنَّمَا يفعل بالبهائم وَهُوَ مثلَة

[2938] إِنَّكَ حَجَرٌ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ قَالَ الطَّبَرِيُّ إِنَّمَا قَالَ عُمَرُ ذَلِكَ لِأَنَّ النَّاسَ كَانُوا حَدِيثِي عَهْدٍ بِعِبَادَةِ الْأَصْنَامِ فَخَشِيَ عُمَرُ أَنْ يَظُنَّ الْجُهَّالُ أَنَّ اسْتِلَامَ الْحَجَرِ مِنْ بَابِ تَعْظِيمِ الْأَحْجَارِ كَمَا كَانَتِ الْعَرَبُ تَفْعَلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَرَادَ أَنْ يُعْلِمَ النَّاسَ أَنَّ اسْتِلَامَهُ الْحَجَرَ اتِّبَاعٌ لِفِعْلِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا أَنَّ الْحَجَرَ يَنْفَعُ وَيَضُرُّ بِذَاتِهِ كَمَا كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَعْتَقِدُهُ فِي الْأَوْثَانِ وَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا قَالَ هَذَا قَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ إِنَّهُ يَضُرُّ وَيَنْفَعُ وَذَكَرَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا أَخَذَ الْمَوَاثِيقَ عَلَى وَلَدِ آدَمَ كَتَبَ ذَلِكَ فِي رَقٍّ وَأَلْقَمَهُ الْحَجَرَ قَالَ وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يُؤْتَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالْحَجَرِ وَلَهُ لِسَانٌ ذَلْقٌ يَشْهَدُ لِمَنْ يَسْتَلِمُهُ بِالتَّوْحِيدِ وَسَنَده ضَعِيف

[2939] عَنْ جَابِرٍ قَالَ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَاسْتَلَمَ الْحَجَرَ ثُمَّ مَضَى عَلَى يَمِينِهِ فَرَمَلَ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا ثُمَّ أَتَى الْمَقَامَ قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَجْعَلُ الطَّائِفُ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ وَيَبْدَأُ بِالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ لِأَنَّ الْحَجَرَ إِذَا اسْتَقْبَلَ الْبَيْتَ مِنْ ثَنِيَّةِ كُدًى مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ تَبَقَّى فِي رُكْنِ الْبَيْتِ عَلَى يَسَارِكَ وَهُوَ يَمِينُ الْبَيْتِ لِأَنَّكَ إِذَا قَابَلْتَ شَخْصًا فَيَمِينُهُ يَسَارُكَ وَيَسَارُهُ يَمِينُكَ وَالَّذِي يُلَاقِيكَ مِنَ الْبَيْتِ هُوَ وَجْهُهُ لِأَنَّ فِيهِ بَابَهُ وَبَابُ الْبَيْتِ أَيَّ بَيْتٍ كَانَ هُوَ وَجْهٌ لِذَلِكَ الْبَيْتِ وَالْأَدَبُ أَنْ لَا يُؤْتَى الْأَفَاضِلُ إِلَّا مِنْ قِبَلِ وُجُوهِهِمْ وَلأَجل ذَلِك كَانَ الِابْتِدَاء بتثنية كُدًى وَالْأَصْلُ فِي كُلِّ قُرْبَةٍ يَصِحُّ فِعْلُهَا بِالْيَمِينِ وَالْيَسَارِ أَنْ لَا تُفْعَلَ إِلَّا بِالْيَمِينِ كَالْوُضُوءِ وَغَيْرِهِ فَإِذَا ابْتَدَأَ

بِالْحَجَرِ وَجَعَلَ الْبَيْتَ عَلَى يَسَارِهِ كَانَ قَدِ ابْتَدَأَ بِالْيَمِينِ وَالْوَجْهِ مَعًا فَيَجْمَعُ بَيْنَ الْفَاضِلَيْنِ الْكَرِيمَيْنِ وَلَوِ ابْتَدَأَ بِالْحَجَرِ وَجَعَلَ الْبَيْتَ عَلَى يَمِينِهِ تَرَكَ الِابْتِدَاءَ بِالْوَجْهِ وَيَمِينُ الْبَيْتِ جَمِيعُ الْحَائِطِ الَّذِي بَعْدَ

الْحَائِطِ الَّذِي فِيهِ الْبَيْتُ وَيَسَارُ الْبَيْتِ الْحَائِطُ الَّذِي يُقَابِلُهُ وَدُبُرُ الْبَيْتِ الْحَائِطُ الَّذِي يُقَابِلُ الْحَائِط الَّذِي فِيهِ الْبَاب [2943] يخب بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة أَي يعدو [2945] وَهَنَتْهُمْ رُوِيَ بِالتَّخْفِيفِ وَبِالتَّشْدِيدِ أَضْعَفَتْهُمْ يَثْرِبَ بِالْفَتْحِ غَيْرَ مُنْصَرِفٍ فَأَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَرْمُلُوا وَأَنْ يَمْشُوا مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ نَاحِيَةِ الْحِجْرِ فَقَالُوا لَهَؤُلَاءِ أَجْلَدُ مِنْ كَذَا قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَكَانَ ذَلِكَ ضَرْبًا مِنَ الْجِهَادِ قَالَ وَعِلَّتُهُ فِي حَقِّنَا تَذَكُّرُ النِّعْمَةِ الَّتِي أَنْعَمَهَا اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَأَصْحَابِهِ بِالْعِزَّةِ بَعْدَ الذِّلَّةِ وَبِالْقُوَّةِ بَعْدَ الضَّعْفِ حَتَّى بَلَغَ عَسْكَرُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام سبعين ألفا

[2954] يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْجِيمِ وَمِيمُهُ زَائِدَةٌ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَرْمِي بِمِحْجَنِهِ إِلَى الرُّكْن حَتَّى يُصِيبهُ

وَشرب

[2964] مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ وَهُوَ قَائِمٌ هُوَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَقِيلَ إِنَّ الشُّرْبَ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ مِنْ غَيْرِ قِيَامٍ يَشُقُّ لِارْتِفَاعِ مَا عَلَيْهَا من الْحَائِط

[2968] لَوْ كَانَتْ كَمَا أَوَّلْتَهَا كَانَتْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا هَذَا مِنْ بَدِيعِ فِقْهِهَا لِأَنَّ ظَاهِرَ الْآيَةِ رَفْعُ الْجُنَاحِ عَنِ الطَّائِفِ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَلَيْسَ هُوَ بِنَصٍّ فِي سُقُوطِ الْوُجُوبِ فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّ ذَلِكَ مُحْتَمَلٌ وَلَوْ كَانَ نَصًّا فِي ذَلِكَ لَقَالَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَطَّوَّفَ لِأَنَّ هَذَا يَتَضَمَّنُ سُقُوطَ الْإِثْمِ عَمَّنْ تَرَكَ الطَّوَافَ ثُمَّ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ لِأَنَّ الْأَنْصَارَ تَحَرَّجُوا أَنْ يَمُرُّوا بِذَلِكَ

الْمَوْضِعِ فِي الْإِسْلَامِ فَأُخْبِرُوا أَنَّ لَا حَرَجَ عَلَيْهِمْ لِمَنَاةَ الطَّاغِيَةِ مَنَاةُ اسْمُ صَنَمٍ كَانَ نَصَبَهُ عَمْرُو بْنُ لُحَيٍّ بِالْمُشَلَّلِ فَيُجَرُّ بِالْفَتْحَةِ وَالطَّاغِيَةُ صِفَةٌ لَهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَوْ رُوِيَ بِكَسْرِ الْهَاءِ بِالْإِضَافَةِ لَجَازَ وَيَكُونُ الطَّاغِيَةُ صِفَةً لِلْفِرْقَةِ الطَّاغِيَةِ وَهُمُ الْكُفَّارُ عِنْدَ الْمُشَلَّلِ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَلَامَيْنِ الْأُولَى مَفْتُوحَةٌ مُشَدَّدَةٌ هِيَ الثَّنِيَّةُ الْمُشْرِفَةُ عَلَى قُدَيْدٍ يَتَحَرَّجُ أَيْ يخَاف الْحَرج

[2975] إِنَّ النَّاسَ غَشَوْهُ أَيِ ازْدَحَمُوا عَلَيْهِ وَكَثُرُوا

[2980] الا شدا أَي عدوا

[2995] سَرْحَةٌ هِيَ الشَّجَرَةُ الْعَظِيمَةُ سُرَّ تَحْتَهَا سَبْعُونَ نَبِيًّا أَيْ قُطِعَتْ سُرَرُهُمْ يَعْنِي أَنَّهُمْ وُلِدُوا تحتهَا فَهُوَ يصف بركتها

[3016] الْحَجُّ عَرَفَةُ قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي أَمَالِيهِ فَإِنْ قِيلَ أَيُّ أَرْكَانِ الْحَجِّ أَفْضَلُ قُلْنَا الطَّوَافُ لِأَنَّهُ يَشْتَمِلُ عَلَى الصَّلَاةِ وَهُوَ مُشَبَّهٌ بِالصَّلَاةِ وَالصَّلَاةُ أَفْضَلُ مِنَ الْحَجِّ وَالْمُشْتَمِلُ عَلَى الْأَفْضَلِ أَفْضَلُ فَإِنْ قِيلَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَجُّ عَرَفَةُ يَدُلُّ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ عَرَفَةَ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ مُعْظَمُ الْحَجِّ وُقُوفُ عَرَفَةَ فَالْجَوَابُ أَنْ لَا نُقَدِّرَ ذَلِكَ بَلْ نُقَدِّرُ أَمْرًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ وَهُوَ إِدْرَاكُ الْحَجِّ وُقُوفُ عَرَفَةَ فَمَنْ أَدْرَكَ لَيْلَةَ عَرَفَةَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ لَيْلَةِ جَمْعٍ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطّيب فِي تَعْلِيقه أَي قَارب التَّمام

[3018] فِي إِيضَاعِ الْإِبِلِ يُقَالُ وَضَعَ الْبَعِيرُ يَضَعُ وَضْعًا وَأَوْضَعَهُ رَاكِبُهُ إِيضَاعًا إِذَا حَمَلَهُ عَلَى سرعَة السّير [3019] شَنَقَ نَاقَتَهُ يُقَالُ شَنَقْتُ الْبَعِيرَ أَشْنُقُهُ شَنْقًا إِذا كففته بزمامه وَأَنت رَاكِبه

[3023] يَسِيرُ الْعَنَقَ بِفَتْحَتَيْنِ ضَرْبٌ مِنْ سَيْرِ الدَّوَابِّ طَوِيلٌ وَنَصْبُهُ عَلَى الْمَصْدَرِ النَّوْعِيِّ كَرَجَعْتُ الْقَهْقَرَى فجوة بِفَتْح الْفَاء متسع بَين الشعبتين مَالَ أَيْ عَدَلَ [3024] إِلَى الشِّعْبِ بِكَسْرِ الشِّينِ الطَّرِيقُ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ [3025] فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ الصَّلَاةَ وَقَالَ أَبُو الْبَقَاءِ الْوَجْهُ النَّصْبُ عَلَى تَقْدِيرِ تُرِيدُ الصَّلَاةَ أَوْ أَتُصَلِّي الصَّلَاةَ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هُوَ بِالنَّصْبِ عَلَى الْإِغْرَاءِ وَيَجُوزُ الرَّفْعُ عَلَى إِضْمَارِ فِعْلٍ أَيْ حَانَتِ الصَّلَاةُ أَوْ حَضَرَتْ قَالَ الصَّلَاةُ أَمَامَكَ بِالرَّفْعِ مُبْتَدَأٌ وَخبر

[3032] فِي ضعفه أَهله قَالَ بن مَالِكٍ فِي تَوْضِيحِهِ جَمْعُ ضَعِيفٍ عَلَى ضَعَفَةٍ غَرِيب وَمثله خَبِيث وخبثة

[3037] كَانَتِ امْرَأَةً ثَبِطَةً بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِهَا وَطَاءٍ مُهْمَلَةٍ أَيْ ثَقِيلَةً بَطِيئَةً وَرُوِيَ بطينة [3038] وَصَلَّى الْفَجْرَ يَوْمئِذٍ قَبْلَ مِيقَاتِهَا قَالَ النَّوَوِيُّ الْمُرَادُ بِهِ قَبْلَ وَقْتِهَا الْمُعْتَادِ لَا قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِجَائِزٍ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَالْغَرَضُ أَنَّ اسْتِحْبَابَ الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ فِي هَذَا الْيَوْمِ أَشَدُّ وَآكَدُ وَقَالَ أَصْحَابُنَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي غَيْرِ هَذَا الْيَوْمِ يَتَأَخَّرُ عَنْ أَوَّلِ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى أَنْ يَأْتِيَهُ بِلَالٌ وَفِي هَذَا الْيَوْمِ لَمْ يَتَأَخَّرْ لِكَثْرَةِ الْمَنَاسِكِ فِيهِ فَيَحْتَاجُ إِلَى الْمُبَالَغَةِ فِي التَّبْكِيرِ لِيَتَّسِعَ لَهُ الْوَقْت [3041] لَمْ أَدَعْ حَبْلًا بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ

3047

هُوَ الْمُسْتَطِيلُ مِنَ الرَّمْلِ وَقِيلَ الضَّخْمُ مِنْهُ وَجَمْعُهُ حِبَالٌ وَقِيلَ الْحِبَالُ مِنَ الرَّمْلِ كَالْحِبَالِ فِي غَيْرِ الرَّمْلِ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ الْحِبَالُ مَا دُونَ الْجِبَالِ فِي الِارْتِفَاعِ وَقَضَى تَفَثَهُ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وَالْفَاءِ وَمُثَلَّثَةٍ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ مَا يَفْعَلُهُ الْمُحْرِمُ بِالْحَجِّ إِذَا حُصِرَ كَقَصِّ الشَّارِبِ وَالْأَظْفَارِ وَنَتْفِ الْإِبِطِ وَحَلْقِ الْعَانَةِ وَقيل اذهاب الشعث والدرن والوسخ مُطلقًا

[3064] أُغَيْلِمَةَ قَالَ الْخَطَّابِيُّ هُوَ تَصْغِيرُ الْغِلْمَةِ وَكَانَ الْقِيَاسُ غُلَيْمَةً لَكِنَّهُمْ رَدُّوهُ إِلَى أَفْعِلَةٍ فَقَالُوا أُغَيْلِمَةٌ كَمَا قَالُوا أُصَيْبِيَةٌ فِى تَصْغِيرِ صِبْيَةٍ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْغُلَامُ جَمْعُهُ غِلْمَةٌ وَإِنْ كَانُوا لَمْ يَقُولُوهُ [3064] عَلَى حُمُرَاتٍ جَمْعُ حُمْرَةٍ جَمْعُ تَصْحِيحٍ فَجَعَلَ يَلْطَحُ أَفْخَاذَنَا قَالَ أَبُو دَاوُدَ اللَّطْحُ الضَّرْبُ اللَّيِّنُ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ الضَّرْبُ الْخَفِيفُ بِالْكَفِّ وَجَعَلَ هَذِهِ مِنْ أَفْعَالِ بَابِ الْمُقَارَبَةِ مِنَ الْقِسْمِ الَّذِي لِلشُّرُوعِ أُبَيْنِيَّ قَالَ فِي النِّهَايَةِ اخْتُلِفَ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ فَقِيلَ هُوَ تَصْغِيرُ ابْنِي كَأَعْمَى وَأُعَيْمَى وَهُوَ اسْمٌ مُفْرَدٌ يَدُلُّ عَلَى الْجَمْعِ وَقِيلَ إِنَّ ابْنا يجمع على أَبنَاء مَقْصُورا وممدودا وَقيل هُوَ تَصْغِير بن وَفِيه قَالَ بن الْحَاجِبِ فِي أَمَالِيهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُبَيْنِيَّ لَا تَرْمُوا جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ الْأُولَى أَنْ يُقَالَ إِنَّهُ تَصْغِيرُ بُنَيَّ مَجْمُوعًا وَكَانَ أَصْلُ بُنَيَّ بُنَيُّونَ أَضَفْتَهُ إِلَى يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ فَصَارَ بُنَيْوِيَّ فِى الرَّفْعِ وَبُنَيِّيَّ فِي النَّصْبِ وَالْجَرِّ فَوَجَبَ أَنْ تُقْلَبَ الْوَاوُ يَاءً وَتُدْغَمَ على مَا هُوَ قياسها فِي مِثْلُ قَوْلِكَ ضَارِبِيَّ وَكَذَلِكَ النَّصْبُ وَالْجَرُّ وَلِذَلِكَ كَانَ لَفْظُ ضَارِبِيَّ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثِ سَوَاءً كَرِهُوا اجْتِمَاعَ الْيَاءَاتِ وَالْكَسْرَةِ فَقَلَبُوا اللَّامَ إِلَى مَوْضِعِ الْفَاءِ فَصَارَ أُبَيْنِيَّ وَلَيْسَ فِي هَذَا الْوَجْهِ إِلَّا قَلْبَ اللَّامِ إِلَى مَوْضِعِ الْفَاءِ وَهُوَ قَرِيبٌ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْاسْتِثْقَالِ فِي قَلْبِ الْوَاوِ الْمَضْمُومَةِ هَمْزَةً وَهُوَ جَائِزٌ قِيَاسًا وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ إِنَّهُ تَصْغِيرُ أَبْنَاءَ رُدَّ إِلَى الْوَاحِدِ وَرُوعِيَ مُشَاكَلَةُ الْهَمْزَةِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ تَصْغِيرَهُ لَقِيلَ أُبَيْنَايَ وَلَمْ يُرَدَّ إِلَى الْوَاحِدِ لِأَنَّ أَفْعَالًا مِنْ جَمْعِ الْقِلَّةِ فَتُصَغَّرُ مِنْ غَيْرِ رَدٍّ كَقَوْلِكَ أُجَيْمَالٌ وَهُوَ أَيْضًا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ أَنَّهُ جَمْعُ ابْنَا مَقْصُورٍ عَلَى وَزْنِ أَفْعُلٍ اسْمُ جَمْعٍ لِلْأَبْنَاءِ صُغِّرَ وَجُمِعَ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ ذَلِكَ مُفْرَدًا فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ الْجَمْعُ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ لَا يجمع أفعل اسْما جمع التَّصْحِيح

كتاب الجهاد

(كتاب الْجِهَاد) [3087] بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ قَالَ الْهَرَوِيُّ يَعْنِي أَنَّ الْقُرْآنَ جَمَعَ اللَّهُ تَعَالَى بِلَفْظِهِ فِي الْأَلْفَاظِ الْيَسِيرَةِ مِنْهُ مَعَانِيَ كَثِيرَةً وَاحِدُهَا جَامِعَةٌ أَيْ كَلِمَةٌ جَامِعَةٌ وَكَذَلِكَ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَكَلَّمُ بِأَلْفَاظٍ يَسِيرَةٍ تَحْتَوِي عَلَى مَعَانٍ كَثِيرَةٍ وَبَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الْأَرْضِ فَوُضِعَتْ فِي يَدِي قَالَ الْقُرْطُبِيُّ هَذِهِ الرُّؤْيَا أَوْحَى اللَّهُ فِيهَا لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أُمَّتَهُ سَتَمْلِكُ الْأَرْضَ وَيَتَّسِعُ سلطانها وَيظْهر دينهَا ثمَّ إِن وَقَعَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَمَلَكَتْ أُمَّتُهُ مِنَ الْأَرْضِ مَا لَمْ تَمْلِكْهُ أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ فِيمَا عَلِمْنَاهُ فَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَدِلَّةِ نُبُوَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَجْهُ مُنَاسَبَةِ هَذِهِ الرُّؤْيَا أَنَّ مَنْ

مَلَكَ مِفْتَاحَ الْمُغْلَقِ فَقَدْ تَمَكَّنَ مِنْ فَتْحِهِ وَمِنْ الِاسْتِيلَاءِ عَلَى مَا فِيهِ وَأَنْتُمْ تَنْتَثِلُونَهَا أَي تستخرجونها

يَعْنِي الْأَمْوَالَ وَمَا فُتِحَ عَلَيْهِمْ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا

[3096] جَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ وَأَلْسِنَتِكُمُ الْهِجَاءَ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فَلَهُوَ أَسْرَعُ فِيهِمْ مِنْ نَضْحِ النَّبْلِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ حَضَّ النَّاسِ عَلَى الْجِهَاد وترغيبهم فِيهِ وَبَيَان فضائله لَهُم

[3097] مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ أَيْ طَائِفَةٍ وَقطعَة مِنْهُ [3098] لَوَدِدْتُ أَنِّي أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ أُحْيَا قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَيْفَ ذَلِكَ مَعَ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِالْفُرُوعِ وَقَتْلَ النَّبِيِّ كُفْرٌ فَكَيْفَ يَتَمَنَّى وُقُوعَ الْكُفْرِ فِي الْوُجُودِ قَالَ وَالْجَوَابُ أَنَّ قَتْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَهُ اعْتِبَارُ كَوْنِهِ كُفْرًا وَاعْتِبَارُ كَوْنِهِ سَبَبًا لِثَوَابِ الشُّهَدَاءِ وَإِنَّمَا تمناه من هَذِه

[3124] وَتَوَكَّلَ اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَنْ يَتَوَفَّاهُ فَيُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ يَرْجِعَهُ سَالِمًا بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ سُئِلَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَيُّمَا أَفْضَلُ الْمُجَاهِدُ الَّذِي يُقْتَلُ أَوِ الَّذِي يَسْلَمُ وَيَقْتُلُ الْكُفَّارَ فَأَجَابَ السَّالِمُ أَفْضَلُ لِمَحْوِهِ الْكُفْرَ مِنْ قَلْبِ الْكَافِرِ بِإِسْلَامِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ إِذْ لَا يَمُوتُ أَحَدٌ إِلَّا مُؤْمِنًا فَإِنْ قِيلَ مُصِيبَتُهُ أَعْظَمُ فَيَكُونُ أَفْضَلَ قُلْنَا الْمَصَائِبُ لَا يُثَابُ عَلَيْهَا إِذْ لَيْسَتْ مِنْ كَسْبِهِ بَلِ الْمُثَابُ عَلَيْهِ فِي الْمَصَائِبِ الصَّبْرُ فَإِنْ لَمْ يَصْبِرْ كَانَت كَفَّارَة للذنب

[3125] مَا مِنْ غَازِيَةٍ قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ مَا مِنْ جَمَاعَةٍ أَوْ سَرِيَّةٍ غَازِيَةٍ تَغْزُو عَادَ الضَّمِيرُ بِالتَّأْنِيثِ وَالْإِفْرَادِ عَلَى لَفْظِ غَازِيَةٍ فَيُصِيبُونَ غَنِيمَةً عَادَ بِالتَّذْكِيرِ وَالْجَمْعِ عَلَى مَعْنَاهَا إِلَّا تَعَجَّلُوا ثُلُثَيْ أَجْرِهِمْ مِنَ الْآخِرَةِ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ [3126] أَنْ أَرْجِعَهُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ مِنْ رَجَعَ ثُلَاثِيٌّ قَالَ تَعَالَى فَإِن رجعك الله

[3133] أَنا زعيم والزعيم الْحميل قَالَ بن حِبَّانَ الزَّعِيمُ لُغَةُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْحَمِيلُ لُغَةُ أَهْلِ الْمِصْرِ وَالْكَفِيلُ لُغَةُ أَهْلِ الْعِرَاقِ قَالَ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ وَالزَّعِيمُ الْحَمِيلُ مِنْ قَول بن وَهْبٍ أُدْرِجَ فِي الْخَبَرِ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ بِفَتْحِ الْبَاءِ مَا حَوْلَهَا خَارِجًا عَنْهَا تَشْبِيهًا بِالْأَبْنِيَةِ الَّتِي تَكُونُ حَوْلَ الْمُدُنِ وَتَحْتَ الْقِلَاعِ [3134] قَعَدَ لِابْنِ آدَمَ بِأَطْرُقِهِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هِيَ جَمْعُ طَرِيقٍ عَلَى التَّأْنِيثِ لِأَنَّ الطَّرِيقَ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ فَجَمْعُهُ عَلَى التَّذْكِيرِ أَطْرِقَةٌ كَرَغِيفٍ وَأَرْغِفَةٍ وَعَلَى التَّأْنِيثِ أَطْرُقٌ كَيَمِينٍ وَأَيْمُنٌ كَمَثَلِ الْفَرَسِ فِي الطِّوَلِ هُوَ بِكَسْرِ الطَّاءِ الْحَبْلُ الطَّوِيلُ يُشَدُّ أَحَدُ طَرَفَيْهِ فِي وَتَدٍ أَوْ غَيْرِهِ

وَالطَّرَفُ الْآخَرُ فِي يَدِ الْفَرَسِ لِيَدُورَ فِيهِ ويرعى وَلَا يذهب لوجهه

[3141] مَنْ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَوَاقَ نَاقَةٍ هُوَ مَا بَيْنَ الْحَلْبَتَيْنِ مِنَ الرَّاحَةِ وَتُضَمُّ فَاؤُهُ وَتُفْتَحُ قَالَ أَبُو الْبَقَاءِ وَفِي نَصْبِ فَوَاقَ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ ظَرْفًا تَقْدِيرُهُ وَقْتَ فَوَاقٍ أَيْ وَقْتًا مُقَدَّرًا بِذَلِكَ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ جَارِيًا مَجْرَى الْمَصْدَرِ أَيْ قِتَالًا مُقَدرا بفواق

[3146] وَمُنَبِّلَهُ قَالَ الْخَطَّابِيُّ هُوَ الَّذِي يُنَاوِلُ الرَّامِيَ النَّبْلَ وَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَقُومَ مَعَ الرَّامِي بِجَنْبِهِ أَوْ خَلْفَهُ وَمَعَهُ عَدَدٌ مِنَ النَّبْلِ فَيُنَاوِلُهُ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ وَالْآخَرُ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ النَّبْلَ الْمَرْمِيَّ بِهِ وَقَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ يَجُوزُ فِيهِ فَتْحُ النُّونِ وَكَسْرُ الْبَاءِ وَتَشْدِيدِهَا وَسُكُونُ النُّونِ وَتَخْفِيفُ الْبَاءِ يُقَالُ نَبَلْتُهُ وَأَنْبَلْتُهُ وَبِالْأَوَّلِ ضَبَطْنَاهُ فِي أصلنَا وَضَبطه الْمُنْذِرِيّ فِي حَوَاشِيه

[3147] وَجُرْحُهُ يَثْعَبُ دَمًا بِمُثَلَّثَةٍ وَعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ أَيْ يجرى [3149] كَمَا أَنْتَ قَالَ الْأَنْدَلُسِيُّ فِي شَرْحِ الْمُفَصَّلِ قَوْلُهُمْ كَمَا أَنْتَ فِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الَّذِي وَالْكَافُ حَرْفٌ وَبَعْضُ الصِّلَةِ مَحْذُوفٌ أَيْ كَالَّذِي هُوَ أَنْتَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْخَبَرُ مَحْذُوفًا أَيْ كَالَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ كَافُهُ خَبَرًا لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ كَمَا أَنْتَ كَائِنٌ وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ مَا مَوْصُولَةٌ وَأَنْتَ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ عَلَيْهِ أَوْ فِيهِ وَالْكَافُ لِلتَّشْبِيهِ أَيْ كُنْ مُشَابِهًا لِمَا أَنْتَ عَلَيْهِ أَيْ يَكُونُ حَالُكَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مُشَابِهًا لِحَالِكَ فِي الْمَاضِي أَوِ الْكَافُ زَائِدَةٌ أَيِ الْزَمِ الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ فَقَالَ حَسِّ هِيَ بِكَسْرِ السِّينِ الْمُشَدَّدَةِ كَلِمَةٌ يَقُولُهَا الْإِنْسَان إِذا أَصَابَهُ مامضه وَأحرقهُ كالجمرة والضربة وَنَحْوهمَا

[3150] مَاتَ جَاهِدًا مُجَاهِدًا أَيْ جَاهِدًا مُبَالِغًا فِي سَبِيل الْبر ومجاهدا لأعدائه

[3153] أَهْلُ الْوَبَرِ وَالْمَدَرِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ أَهْلُ الْبَوَادِي وَالْمُدُنِ وَالْقُرَى وَهُوَ مِنْ وَبَرِ الْإِبِلِ لِأَنَّ بُيُوتَهُمْ يَتَّخِذُونَهَا مِنْهُ وَالْمَدَرُ جَمْعُ مَدَرَة وَهِي اللبنة

[3155] إِلَّا الدّين قَالَ الْحَافِظ بن حجر مَعْنَاهُ سَائِر الْمَظَالِم

[3171] يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ ثُمَّ الْمُوَحدَة ثمَّ جِيم أَي وَسطه ومعظمه

[3177] كَالْمَجَانِّ جَمْعُ مِجَنٍّ وَهُوَ التُّرْسُ الْمُطْرَقَةِ هِيَ الَّتِي أَلْبَسَتِ الْعَقِبَ شَيْئًا فَوْقَ شَيْءٍ وَمِنْهُ طَارَقَ النَّعْلَ إِذَا صَيَّرَهَا طَاقًا فَوْقَ طَاقٍ وَرَكَّبَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ وَرَوَاهُ بَعْضُهمْ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ لِلتَّكْثِيرِ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ قَالَهُ فِي النِّهَايَةِ [3179] ابْغُونِي الضَّعِيفَ بِهَمْزَةِ الْوَصْلِ أَيِ اطْلُبُوا لِي

بِئْرَ رُومَةَ بِضَمِّ الرَّاءِ اسْمُ بِئْرٍ بِالْمَدِينَةِ

[3188] وَأَنْفَقَ الْكَرِيمَةَ هِيَ الْعَزِيزَةُ عَلَى صَاحِبِهَا الْجَامِعَةُ لِلْكَمَالِ وَيَاسَرَ الشَّرِيكَ قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ عَامَلَهُ بِالْيُسْرِ وَالسُّهُولَةِ مَعَ الشَّرِيكِ وَالصَّاحِبِ وَالْمُعَاوَنَةِ لَهُمَا وَنَبِهُهُ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ الِانْتِبَاهُ مِنَ النَّوْمِ رِيَاءً بِالْمَدِّ وَسُمْعَةً بِضَمِّ السِّينِ أَنْ يَفْعَلَ الشَّخْصُ لِيَرَاهُ النَّاسُ وَيَسْمَعُونَهُ لَا يَرْجِعُ بِالْكَفَافِ أَيْ سَوَاءٌ بِسَوَاءٍ وَالْكَفَافُ هُوَ الَّذِي لَا يَفْضُلُ عَنِ الشَّيْءِ بَلْ يَكُونُ بِقَدْرِ الْحَاجة إِلَيْهِ

كتاب النكاح

(كتاب النِّكَاح) [3199] مَا أَرَى رَبَّكَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ إِلَّا يُسَارِعُ فِي هَوَاكَ قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ يُخَفِّفُ عَنْكَ ويوسع عَلَيْك فِي الْأُمُور وَلِهَذَا خيرك

[3212] رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على عُثْمَان هُوَ بن مَظْعُونٍ التَّبَتُّلَ أَيْ نَهَاهُ عَنْهُ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ لَاخْتَصَيْنَا قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الِانْقِطَاعِ عَنِ النِّسَاءِ وَغَيْرِهِنَّ مِنْ مَلَاذِّ الدُّنْيَا لَاخْتَصَيْنَا لِدَفْعِ شَهْوَةِ النِّسَاءِ لِيُمْكِنَنَا التَّبَتُّلُ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يَظُنُّونَ جَوَازَ الِاخْتِصَاءِ بِاجْتِهَادِهِمْ وَلَمْ يَكُنْ ظَنُّهُمْ هَذَا مُوَافِقًا فَإِنَّ الِاخْتِصَاءَ فِي الْآدَمِيِّ حَرَامٌ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا قَالَ قَالَ الْعُلَمَاءُ التَّبَتُّلُ هُوَ الِانْقِطَاعُ عَنِ النِّسَاءِ وَتَرْكُ النِّكَاحِ انْقِطَاعًا لِعِبَادَةِ اللَّهِ وَأَصْلُ التَّبَتُّلِ الْقَطْعُ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ التَّبَتُّلُ هُوَ تَرْكُ لَذَّاتِ الدُّنْيَا وَشَهَوَاتِهَا وَالِانْقِطَاعُ إِلَى الله تَعَالَى بالتفرغ لعبادته

[3217] فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي قَالَ النَّوَوِيُّ مَنْ تَرَكَهَا إِعْرَاضًا عَنْهَا غَيْرَ مُعْتَقِدٍ لَهَا عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ أَمَّا مَنْ تَرَكَ النِّكَاحَ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي يُسْتَحَبُّ لَهُ تَرْكُهُ أَوْ تَرَكَ النَّوْمَ عَلَى الْفِرَاشِ لِعَجْزِهِ عَنْهُ أَوْ لِاشْتِغَالِهِ بِعِبَادَةٍ مَأْذُونٌ فِيهَا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَلَا يَتَنَاوَلُهُ هَذَا النَّهْيُ وَالذَّمُّ

[3218] ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَوْنُهُمُ الْحَدِيثَ وَرَدَ لَهُمْ رَابِعٌ فِي حَدِيثٍ وَهُوَ الْحَاجُّ وَقَدْ نَظَمْتُهُمْ فِي بَيْتَيْنِ وَهُمَا حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُ جَمْعٍ وَهْوَ لَهُمْ فِي غَد يجازى مكَاتب ناكح عفانا وَمن أُتِي بَيته وغازى

[3228] هَذَا الدُّلْدُلُ هُوَ الْقُنْفُذُ وَقِيلَ ذَكَرُ الْقَنَافِذِ شَبَّهَهُ بِهِ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مَا يَظْهَرُ فِي اللَّيْلِ وَلِأَنَّهُ يُخْفِي رَأْسَهُ فِي جَسَدِهِ مَا اسْتَطَاعَ فَكَكْتُ عَنْهُ كَبْلَهُ بِفَتْحِ الْكَافِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ الْقَيْدُ الضَّخْمُ [3129] جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ عِنْدِي امْرَأَةً هِيَ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ وَهِيَ لَا تَمْنَعُ يَدَ لَامِسٍ قَالَ طَلِّقْهَا قَالَ لَا أَصْبِرُ عَنْهَا قَالَ اسْتَمْتِعْ بِهَا قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ إِجَابَتُهَا لِمَنْ أَرَادَهَا وَقَوْلُهُ اسْتَمْتِعْ بِهَا أَيْ لَا تُمْسِكْهَا إِلَّا بِقَدْرِ مَا تَقْضِي مُتْعَةَ النَّفْسِ مِنْهَا وَمِنْ وَطَرِهَا وَخَشِيَ عَلَيْهِ إِنْ هُوَ أَوْجَبَ عَلَيْهِ طَلَاقَهَا أَنْ تَتُوقَ نَفْسُهُ إِلَيْهَا فَيَقَعَ فِي الْحَرَامِ وَقِيلَ مَعْنَى لَا تَمْنَعُ يَدَ لَامِسٍ أَنَّهَا تُعْطِي مِنْ مَالِهِ مَنْ يَطْلُبُ مِنْهَا وَهَذَا أَشْبَهُ قَالَ أَحْمَدُ لَمْ يَكُنْ لِيَأْمُرَهُ بِإِمْسَاكِهَا وَهِي تفجر

[3230] تنْكح النِّسَاء لأَرْبَع لما لَهَا وَلِحَسَبِهَا وَلِجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ قَالَ النَّوَوِيُّ الصَّحِيحُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ بِمَا يَفْعَلُهُ النَّاسُ فِي الْعَادَةِ فَإِنَّهُمْ يَقْصِدُونَ هَذِهِ الْخِصَالَ الْأَرْبَعَ وَآخِرُهَا عِنْدَهُمْ ذَاتُ الدِّينِ فَاظْفَرْ أَنْتَ أَيُّهَا الْمُسْتَرْشِدُ بِذَاتِ الدِّينِ لَا أَنه أَمَرَ بِذَلِكَ قَالَ شَمِرٌ الْحَسَبُ الْفِعْلُ الْجَمِيلُ للرجل وآبائه

[3235] فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا أَيْ يَكُونَ بَيْنَكُمَا الْمَحَبَّةُ وَالِاتِّفَاقُ يُقَالُ أَدَمَ اللَّهُ بَيْنَهُمَا يَأْدِمُ أَدْمًا بِالسُّكُونِ أَيْ أَلَّفَ وَوَفَّقَ وَكَذَلِكَ آدم يُؤْدم بِالْمدِّ فعل وأفعل [3236] عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَوَّالٍ وَأُدْخِلْتُ عَلَيْهِ فِي شَوَّالٍ وَكَانَتْ عَائِشَةُ تُحِبُّ أَنْ تُدْخِلَ نِسَاءَهَا فِي شَوَّالٍ فَأَيُّ نِسَائِهِ كَانَتْ أَحْظَى عِنْدَهُ مِنِّي قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَالنَّوَوِيُّ قَصَدَتْ عَائِشَةُ بِهَذَا الْكَلَامِ رَدَّ مَا كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ عَلَيْهِ مِنْ كَرَاهَةِ التَّزْوِيجِ وَالدُّخُولِ فِي شَوَّالٍ كَانُوا يَتَطَيَّرُونَ بِذَلِكَ لِمَا فِي اسْمِ شَوَّالٍ مِنَ الْإِشَالَةِ وَالرَّفْعِ قَالَ طب فِي طَبَقَاتِ بن سَعْدٍ إِنَّهُمْ كَرِهُوا ذَلِكَ لِطَاعُونٍ وَقَعَ فِيهِ

أَمَرَ بِذَلِكَ قَالَ شَمِرٌ الْحَسَبُ الْفِعْلُ الْجَمِيلُ للرجل وآبائه

[3239] وَلَا يَبِيعُ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَلَا يَخْطِبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ قَالَ النَّوَوِيُّ هُمَا بِالرَّفْعِ عَلَى الْخَبَرِ وَالْمُرَادُ بِهِ النَّهْيُ وَهُوَ أَبْلَغُ فِي النَّهْيِ لِأَنَّ خَبَرَ الشَّارِعِ لَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُ خِلَافِهِ وَالنَّهْيُ قَدْ يَقَعُ مُخَالَفَتُهُ فَكَانَ الْمَعْنَى عَامِلُوا هَذَا النَّهْيَ مُعَامَلَةَ الْخَبَرِ الْمُتَحَتِّمِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ ظَاهِرُهُ اخْتِصَاصُ التَّحْرِيمِ بِالْمُسْلِمِ وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَعَمَّمَ الْجُمْهُورُ وَأَجَابُوا عَنِ الْحَدِيثِ بِأَنَّ التَّقْيِيدَ فِيهِ خَرَجَ عَلَى الْغَالِبِ فَلَا يَكُونُ لَهُ مَفْهُومٌ يُعْمَلُ بِهِ وَلَا تَسْأَلُ الْمَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا قَالَ النَّوَوِيُّ يَجُوزُ فِي تَسْأَلُ الرَّفْعُ وَالْكَسْرُ الْأَوَّلُ عَلَى الْخَبَرِ الَّذِي يُرَادُ بِهِ النَّهْيُ وَالْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ قَبْلَهُ لَا يَخْطُبُ وَلَا يَسُومُ وَالثَّانِي عَلَى النَّهْيِ الْحَقِيقِيِّ لِتَكْتَفِئَ

مَا فِي إِنَائِهَا قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ تَفْتَعِلُ مِنْ كَفَأْتُ الْقِدْرَ إِذَا كَبَبْتَهَا لِتُفْرِغَ مَا فِيهَا يُقَالُ كَفَأْتُ الْإِنَاءَ وَأَكْفَأْتُهُ إِذَا كَبَبْتَهُ وَإِذَا أَمَلْتَهُ وَهَذَا تَمْثِيلٌ لِإِمَالَةِ الضَّرَّةِ حَقَّ صَاحِبَتِهَا مِنْ زَوْجِهَا إِلَى نَفْسِهَا إِذَا سَأَلَتْ طَلَاقَهَا وَقَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَى الْحَدِيثِ نَهَى الْمَرْأَةَ الْأَجْنَبِيَّةَ أَنْ تَسْأَلَ الزَّوْجَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ وَأَنْ يَنْكِحَهَا وَيَصِيرَ لَهَا مِنْ نَفَقَتِهِ وَمَعْرِفَتِهِ وَمُعَاشَرَتِهِ وَنَحْوِهَا مَا كَانَ لِلْمُطَلَّقَةِ فَعَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِاكْتِفَاءِ مَا فِي الْإِنَاءِ مَجَازًا وَالْمُرَادُ بِأُخْتِهَا غَيْرُهَا سَوَاءٌ كَانَتْ أُخْتَهَا مِنَ النَّسَبِ أَو فِي الْإِسْلَام

[3245] أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ طَلَّقَهَا قَالَ النَّوَوِيُّ هَكَذَا قَالَ الْجُمْهُورُ وَقِيلَ أَبُو حَفْصِ بن عَمْرو وَقبل أَبُو حَفْصِ بْنُ الْمُغِيرَةِ وَاخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّ اسْمَهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ وَقَالَ النَّسَائِيُّ اسْمُهُ أَحْمَدُ وَقَالَ آخَرُونَ اسْمُهُ كُنْيَتُهُ [3237] أُمِّ شَرِيكٍ اسْمُهَا غُزَيَّةُ وَقِيلَ عُزَيْلَةُ بِنْتُ دَوْدَانَ فَآذِنِينِي بِالْمَدِّ أَيْ أَعْلِمِينِي

[3245] أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ قِيلَ الْمُرَادُ أَنَّهُ كَثِيرُ الْأَسْفَارِ وَقِيلَ إِنَّهُ كَثِيرُ الضَّرْبِ لِلنِّسَاءِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَهَذَا أَصَحُّ قَالَ الْحَاكِمُ فِي كِتَابِ مَنَاقِبِ الشَّافِعِيِّ مِنْ لَطِيفِ اسْتِنْبَاطِهِ مَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ عَنِ الرَّبِيعِ قَالَ كَانَ الشَّافِعِيُّ يَوْمًا بَيْنَ يَدَيْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى مَالِكٍ فَقَالَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِنِّي رَجُلٌ أَبِيعُ الْقُمْرِيَّ وَإِنِّي بِعْتُ يَوْمِي هَذَا قُمْرِيًّا فَبَعْدَ زَمَانٍ أَتَى صَاحِبُ الْقُمْرِيِّ فَقَالَ إِنَّ قُمْرِيَّكَ لَا يَصِيحُ فَتَنَاكَرْنَا إِلَى أَنْ حَلَفْتُ بِالطَّلَاقِ أَنَّ قُمْرِيَّ لَا يَهْدَأُ مِنَ الصِّيَاحِ قَالَ مَالِكٌ طُلِّقَتِ امْرَأَتُكَ فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ حَزِينًا فَقَامَ الشَّافِعِيُّ إِلَيْهِ وَهُوَ يَوْمئِذٍ بن أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَقَالَ لِلسَّائِلِ أَصِيَاحُ قُمْرِيِّكَ أَكْثَرُ أَمْ سُكُوتُهُ قَالَ السَّائِلُ بَلْ صِيَاحُهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ امْضِ فَإِنَّ زَوْجَتَكَ مَا طُلِّقَتْ ثُمَّ رَجَعَ الشَّافِعِيُّ إِلَى الْحَلْقَةِ فَعَادَ السَّائِلُ إِلَى مَالِكٍ وَقَالَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ تَفَكَّرْ فِي وَاقِعَتِي تَسْتَحِقُّ الثَّوَابَ فَقَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ الْجَوَابُ مَا تَقَدَّمَ قَالَ فَإِنَّ عِنْدَكَ مَنْ قَالَ الطَّلَاقُ غَيْرُ وَاقِعٍ فَقَالَ مَالِكٌ وَمَنْ هُوَ فَقَالَ السَّائِلُ هُوَ هَذَا الْغُلَامُ وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى الشَّافِعِيِّ فَغَضِبَ مَالِكٌ وَقَالَ مِنْ أَيْنَ هَذَا الْجَوَابُ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ لِأَنِّي سَأَلْتُهُ أَصِيَاحُهُ أَكْثَرُ أَمْ سُكُوتُهُ فَقَالَ إِنَّ صِيَاحَهُ أَكْثَرُ فَقَالَ مَالِكٌ وَهَذَا الدَّلِيلُ أَقْبَحُ أَيُّ تَأْثِيرٍ لِقِلَّةِ سُكُوتِهِ وَكَثْرَةِ صِيَاحِهِ فِي هَذَا الْبَابِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ لِأَنَّكَ حَدَّثْتَنِي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَنَّهَا أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا جَهْمٍ وَمُعَاوِيَةَ خَطَبَانِي فَبِأَيِّهِمَا أَتَزَوَّجُ فَقَالَ لَهَا أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ وَأَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ وَقَدْ عَلِمَ الرَّسُولُ أَنَّ أَبَا جَهْمٍ كَانَ يَأْكُلُ وَيَنَامُ وَيَسْتَرِيحُ فَعَلِمْنَا أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَنَى بِقَوْلِهِ لَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ عَلَى تَفْسِيرِ أَنَّ الْأَغْلَبَ مِنْ أَحْوَالِهِ ذَلِكَ فَكَذَا هُنَا حَمَلْتُ قَوْلَهُ هَذَا الْقُمْرِيُّ لَا يَهْدَأُ مِنَ الصِّيَاحِ أَنَّ الْأَغْلَبَ مِنْ أَحْوَالِهِ ذَلِكَ فَلَمَّا سمع مَا لَك ذَلِكَ تَعَجَّبَ مِنَ الشَّافِعِيِّ وَلَمْ يَقْدَحْ فِي قَوْلِهِ ألْبَتَّةَ وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ بِضَمِّ الصَّادِ لَا مَالَ لَهُ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ اسْتِعْمَالُ الْمَجَازِ وَجَوَازُ إِطْلَاقِ مِثْلِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ فَإِنَّهُ قَالَ ذَلِكَ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ كَانَ لِمُعَاوِيَةَ ثَوْبٌ يَلْبَسُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنَ الْمَالِ الْمُحَقَّرِ وَأَنَّ أَبَا جَهْمٍ كَانَ يَضَعُ الْعَصَا عَنْ عَاتِقِهِ فِي حَالِ نَوْمِهِ وَأَكْلِهِ وَغَيْرِهِمَا وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ كَثِيرَ الْحَمْلِ لِلْعَصَا وَكَانَ مُعَاوِيَةُ قَلِيلَ الْمَالِ جِدًّا جَازَ إِطْلَاقُ هَذَا اللَّفْظِ عَلَيْهِ مَجَازًا

واغتبطت بِهِ بِفَتْح التَّاء وَالْبَاء [3246] فَإِنَّ فِي أَعْيُنِ الْأَنْصَارِ شَيْئًا قَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ بِالْهَمْزِ وَاحِدُ الْأَشْيَاءِ قِيلَ الْمُرَادُ صِغَرٌ وَقيل زرقة

[3251] اذْكُرْهَا عَلَيَّ أَيِ اخْطُبْهَا لِي مِنْ نَفْسِهَا فَقَامَتْ إِلَى مَسْجِدِهَا أَيْ مَوْضِعِ صَلَاتِهَا مِنْ بَيْتِهَا قَالَ النَّوَوِيُّ وَلَعَلَّهَا اسْتَخَارَتْ لِخَوْفِهَا مِنْ تَقْصِيرٍ فِي حَقِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنزل الْقُرْآن يَعْنِي قَوْلَهُ تَعَالَى فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكهَا فَدَخَلَ بِغَيْرِ أَمْرٍ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى زَوَّجَهُ إِيَّاهَا بِهَذِهِ الْآيَة

[3253] إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ أَيْ أَطْلُبُ مِنْكَ الْخَيْرَ وَأَسْتَقْدِرُكَ أَيْ أَسْأَلُكَ أَنْ تَقْدُرَ لِي الْخَيْرَ بِقُدْرَتِكَ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ الْبَاءُ فِي بِعِلْمِكَ وَبِقُدْرَتِكَ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ لِلِاسْتِعَانَةِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى رب بِمَا أَنْعَمت عَليّ أَيْ بِحَقِّ عِلْمِكَ وَقُدْرَتِكَ الشَّامِلَيْنِ فَاقْدُرْهُ لِي بِضَمِّ الدَّالِ وَكَسْرِهَا أَيْ فَقَدِّرْهُ مِنَ التَّقْدِيرِ قَالَ الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّينِ الْقَرَافِيُّ فِي كِتَابِ أَنْوَارِ الْبُرُوقِ يَتَعَيَّنُ أَنْ يُرَادَ بِالتَّقْدِيرِ هُنَا التَّيْسِير فَمَعْنَاه فيسره ثمَّ رضني بِهِ أَي اجْعَلنِي رَاضِيا بذلك

[3254] إِنِّي امْرَأَةٌ غَيْرَى هِيَ فَعْلَى مِنَ الْغَيْرَةِ وَإِنِّي امْرَأَة مصبية أَي ذَات صبيان

[3260] الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْأَيِّمُ فِي الْأَصْلِ الَّتِي لَا زَوْجَ لَهَا بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا مُطَلَّقَةً كَانَتْ أَوْ مُتَوَفًّى عَنْهَا وَيُرِيدُ بِالْأَيِّمِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الثَّيِّبَ خَاصَّةً وَحَمَلَهُ الْكُوفِيُّونَ عَلَى كُلِّ مَنْ لَا زَوْجَ لَهَا ثَيِّبًا كَانَتْ أَوْ بِكْرًا كَمَا هُوَ مُقْتَضَاهُ فِي اللُّغَةِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَاخْتُلِفَ فِي قَوْلِهِ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا هَلِ الْمُرَادُ بِالْإِذْنِ فَقَطْ أَمْ بِهِ وَبِالْعَقْدِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى الْأَوَّلِ وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا بِضَمِّ الصَّادِ وَهُوَ السُّكُوتُ

[3270] وَإِنْ أَبَتْ فَلَا جَوَازَ عَلَيْهَا أَيْ لَا ولَايَة عَلَيْهَا مَعَ الِامْتِنَاع عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ لم يرو ذَلِك غير بن عَبَّاسٍ وَحْدَهُ وَرَوَتْ مَيْمُونَةُ وَأَبُو رَافِعٍ وَغَيْرُهُمَا أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا حَلَالًا وَهُمْ أَعْرَفُ بِالْقَضِيَّةِ لِتَعَلُّقِهِمْ بِهِ بِخِلَاف بن عَبَّاس وَلِأَنَّهُم أضبط من بن عَبَّاسٍ وَأَكْثَرُ وَمِنْهُمْ مَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ تَزَوَّجَهَا فِي الْحَرَمِ وَهُوَ حَلَالٌ وَيُقَالُ لِمَنْ هُوَ فِي الْحَرَمِ مُحْرِمٌ وَإِنْ كَانَ حَلَالًا وَهِيَ لُغَةٌ شَائِعَةٌ مَعْرُوفَةٌ وَمِنْهُ الْبَيْتُ الْمَشْهُور قتلوا بن عَفَّانَ الْخَلِيفَةَ مُحْرِمًا أَيْ فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ قُلْتُ وَقِيلَ فِي الْبَيْتِ أَيْ فِي شَهْرٍ حَرَامٍ يُقَالُ أَحْرَمَ إِذَا دَخَلَ فِي الشَّهْرِ الْحَرَام

[3275] لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ أَخَذَ بِهِ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ وَالْجُمْهُورُ وَتَعَلَّقَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ بِالْحَدِيثِ السَّابِقِ وَأُجِيبَ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ بِأَنَّ الصَّحِيحَ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ لِأَنَّهُ يَتَعَدَّى إِلَى الْغَيْرِ وَالْفِعْلُ قَدْ يَكُونُ مَقْصُورًا عَلَيْهِ وَمِنْ خَصَائِصِهِ وَلَا يُنْكِحُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَيْ لَا يُزَوِّجُ امْرَأَةً بِوَلَايَةٍ وَلَا وَكَالَةٍ وَلَا يَخْطُبُ هُوَ نهي تَنْزِيه لَيْسَ بِحرَام

[3279] فَقَالَ أَحَدُهُمَا مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ بِفَتْحِ الشِّينِ وَكَسْرِهَا وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَقَدْ غَوَى غَوَى بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا قَالَ عِيَاضٌ وَالصَّوَابُ الْفَتْحُ وَهُوَ مِنَ الْغَيِّ وَهُوَ الِانْهِمَاكُ فِي الشَّرِّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِئْسَ الْخَطِيبُ أَنْتَ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَيْهِ جَمْعَ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَاسْمَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ضَمِيرٍ وَاحِدٍ وَيُعَارِضُهُ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث بن مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ إِلَّا نَفْسَهُ وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَقَدْ غَوَى وَهُمَا صَحِيحَانِ وَيُعَارِضُهُ أَيْضًا قَوْلُهُ تَعَالَى إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِي فَجَمَعَ بَيْنَ ضَمِيرِ اسْمِ اللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَلِهَذِهِ الْمُعَارَضَةِ صَرَفَ بَعْضُ الْقُرَّاءِ هَذَا الذَّمَّ إِلَى أَنَّ هَذَا الْخَطِيبَ وَقَفَ

عَلَى وَمَنْ يَعْصِهِمَا وَهَذَا التَّأْوِيلُ لَمْ تُسَاعِدْهُ الرِّوَايَةُ فَإِنَّ الرِّوَايَةَ الصَّحِيحَةَ أَنَّهُ أَتَى بِاللَّفْظَيْنِ فِي مَسَاقٍ وَاحِدٍ وَإِنَّ آخِرَ كَلَامِهِ إِنَّمَا هُوَ فَقَدْ غَوَى ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدَّ عَلَيْهِ وَعَلَّمَهُ صَوَابَ مَا أَخَلَّ بِهِ فَقَالَ قُلْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ غَوَى فَظَهَرَ أَنَّ ذَمَّهُ لَهُ إِنَّمَا كَانَ عَلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الِاسْمَيْنِ فِي الضَّمِيرِ وَحِينَئِذٍ يَتَوَجَّهُ الْإِشْكَالُ وَيُتَخَلَّصُ عَنْهُ مِنْ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ خِطَابِ نَفْسِهِ إِذَا وَجَّهَهُ لِغَيْرِهِ فَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِئْسَ الْخَطِيبُ أَنْتَ مُنْصَرِفٌ لِغَيْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَفْظًا وَمَعْنًى وَثَانِيهَا أَنَّ إِنْكَارَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ الْخَطِيبِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كَانَ هُنَاكَ مَنْ يَتَوَهَّمُ التَّسْوِيَةَ مِنْ جَمْعِهِمَا فِي الضَّمِيرِ الْوَاحِدِ فَمُنِعَ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِهِ وَحَيْثُ عُدِمَ ذَلِكَ جَازَ الْإِطْلَاقُ وَثَالِثُهَا أَنَّ ذَلِكَ الْجَمْعَ تَشْرِيفٌ وَلِلَّهِ تَعَالَى أَنْ يُشَرِّفَ مَنْ شَاءَ بِمَا شَاءَ وَيَمْنَعُ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ الْغَيْرَ كَمَا أَقْسَمَ بِكَثِيرٍ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ وَمَنَعَنَا مِنَ الْقَسَمِ بِهَا فَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ وَلِذَلِكَ أَذِنَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِطْلَاقِ مِثْلِ ذَلِكَ وَمَنَعَ مِنْهُ الْغَيْرَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ وَرَابِعُهَا أَنَّ الْعَمَلَ بِخَبَرِ الْمَنْعِ أَوْلَى لِأَوْجُهٍ لِأَنَّهُ تَقْيِيدُ قَاعِدَةٍ وَالْخَبَرُ الْآخَرُ يَحْتَمِلُ الْخُصُوصَ كَمَا قَرَّرْنَاهُ وَلِأَنَّ هَذَا الْخَبَر ناقل وَالْآخر مبقي عَلَى الْأَصْلِ فَكَانَ الْأَوَّلُ أَوْلَى وَلِأَنَّهُ قَوْلٌ وَالثَّانِي فعل

فَكَانَ أَوْلَى وَقَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِنَّمَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ لِتَشْرِيكِهِ فِي الضَّمِيرِ الْمُقْتَضِي لِلتَّسْوِيَةِ وَأَمْرَهُ بِالْعَطْفِ تَعْظِيمًا لِلَّهِ تَعَالَى بِتَقْدِيمِ اسْمِهِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ فُلَانٌ وَلَكِنْ لِيَقُلْ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شَاءَ فُلَانٌ وَالصَّوَابُ أَنَّ سَبَبَ النَّهْيِ أَنَّ الْخُطَبَ شَأْنُهَا الْبَسْطُ وَالْإِيضَاحُ وَاجْتِنَابُ الْإِشَارَاتِ وَالرُّمُوزِ فَلِهَذَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلَاثًا لِتُفْهَمَ وَأَمَّا قَوْلُ الْأَوَّلَيْنِ فَيُضَعَّفُ بِأَشْيَاءَ مِنْهَا أَنَّ مِثْلَ هَذَا الضَّمِيرِ قَدْ تَكَرَّرَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ مِنْ كَلَامُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَقَوْلِهِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ وَإِنَّمَا ثَنَّى الضَّمِيرَ هَذَا لِأَنَّهُ لَيْسَ خُطْبَةَ وَعْظٍ وَإِنَّمَا هُوَ تَعْلِيمُ حُكْمٍ فَكُلُّ مَا قَلَّ لَفْظُهُ كَانَ أَقْرَبَ إِلَى حِفْظِهِ بِخِلَافِ خُطْبَةِ الْوَعْظِ فَإِنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ حِفْظَهَا إِنَّمَا يُرَادُ الِاتِّعَاظُ بِهَا وَمِمَّا يُؤَيِّدُ هَذَا مَا ثَبَتَ فِي سُنَنِ أبي دَاوُد بِإِسْنَاد صَحِيح عَن بن مَسْعُودٍ قَالَ عَلَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُطْبَةَ الْحَاجَةِ الْحَمْدُ لِلَّهِ نَسْتَعِينُهُ إِلَى أَنْ قَالَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ إِلَّا نَفْسَهُ وَقَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ مِنْ خَصَائِصِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَجُوزُ لَهُ الْجَمْعُ فِي الضَّمِيرِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ تَعَالَى وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ عَلَى غَيْرِهِ قَالَ وَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ مِنْ غَيْرِهِ دُونَهُ لِأَنَّ غَيْرَهُ إِذَا جَمَعَ أَوْهَمَ إِطْلَاقُهُ التَّسْوِيَةَ بِخِلَافِهِ هُوَ فَإِنَّ مَنْصِبَهُ لَا يَتَطَرَّقُ إِلَيْهِ إِيهَامُ ذَلِكَ

[3283] عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ بِفَتْحِ الزَّايِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ مُكَبَّرٌ حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ شَبَّهَ لَذَّةَ الْجِمَاعِ بِذَوْقِ الْعَسَلِ فَاسْتَعَارَ لَهَا ذَوْقًا وَإِنَّمَا أَنَّثَ لِأَنَّهُ أَرَادَ قِطْعَةً مِنَ الْعَسَلِ وَقِيلَ عَلَى إِعْطَائِهَا مَعْنَى النُّطْفَةِ وَقِيلَ الْعَسَلُ فِي الْأَصْلِ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ فَمَنْ صَغَّرَهُ مُؤَنَّثًا قَالَ عُسَيْلَةٌ كَفُوَيْسَةٍ وَشُمَيْسَةٍ وَإِنَّمَا صَغَّرَهُ إِشَارَةً إِلَى الْقَدْرِ الْقَلِيلِ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الْحل ثُوَيْبَةُ بِمُثَلَّثَةٍ مَضْمُومَةٍ

ثُمَّ وَاوٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ يَاءِ التَّصْغِيرِ ثُمَّ مُوَحدَة مولاة لأبي لَهب لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ لَسْتُ أُخَلِّي لَكَ بِغَيْرِ ضَرَّةٍ شَرِكَتْنِي بِفَتْحِ الشِّينِ وَكَسْرِ الرَّاءِ دُرَّةَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ بِضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ

[3326] جُدَامَةَ بِنْتَ وَهْبٍ اخْتُلِفَ فِيهَا هَلْ هِيَ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَمْ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالصَّحِيحُ بِالْمُهْمَلَةِ وَالْجِيمُ مَضْمُومَةٌ بِلَا خِلَافٍ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ هِيَ جُدَامَةُ بِنْتُ جَنْدَلٍ هَاجَرَتْ قَالَ وَالْمُحَدِّثُونَ قَالُوا فِيهَا جُدَامَةُ بِنْتُ وَهْبٍ قَالَ النَّوَوِيُّ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهَا جُدَامَةُ بِنْتُ وَهْبٍ الْأَسَدِيَّةُ وَهِيَ أُخْتُ عُكَّاشَةَ بْنِ مِحْصَنٍ الْأَسَدِيِّ مِنْ أُمِّهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنِ الْغِيلَةِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هِيَ بِالْكَسْرِ الِاسْمُ مِنَ الْغَيْلِ وَهُوَ أَنْ يُجَامِعَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ وَهِيَ مُرْضِعٌ وَكَذَلِكَ إِذَا حَمَلَتْ وَهِيَ مُرْضِعٌ وَقَالَ يُقَالُ فِيهِ الْغِيلَةُ وَالْغَيْلَةُ بِمَعْنًى وَقِيلَ الْكَسْرُ لِلِاسْمِ وَالْفَتْحُ لِلْمَرَّةِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ الْفَتْحُ إِلَّا مَعَ حَذْفِ الْهَاءِ وَقَدْ أَغَالَ الرَّجُلُ وَأَغْيَلَ وَالْوَلَدُ مُغَالٌ وَمُغِيلٌ وَاللَّبَنُ الَّذِي يَشْرَبُهُ الْوَلَدُ يُقَالُ فِيهِ الغيل أَيْضا

[3329] مَا يُذْهِبُ عَنِّي مَذَمَّةَ الرَّضَاعِ قَالَ غُرَّةُ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْمَذَمَّةُ بِالْفَتْحِ مَفْعَلَةٌ مِنَ الذَّمِّ وَبِالْكَسْرِ مِنَ الذِّمَّةِ وَالذِّمَامِ وَقِيلَ هِيَ بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ الْحَقُّ وَالْحُرْمَةُ الَّتِي يُذَمُّ مُضَيِّعُهَا وَالْمُرَادُ بِمَذَمَّةِ الرَّضَاعِ الْحَقُّ اللَّازِمُ بِسَبَبِ الرَّضَاعِ فَكَأَنَّهُ سَأَلَ مَا يُسْقِطُ عَنِّي حَقَّ الْمُرْضِعَةِ حَتَّى أَكُونَ قَدْ أَدَّيْتُهُ كَامِلًا وَكَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يَهَبُوا لِلْمُرْضِعَةِ عِنْدَ فصَال الصَّبِي شَيْئا سوى أجرتهَا

[3331] عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ لَقِيتُ خَالِي هُوَ أَبُو بردة هَانِئ بن نيار لاجلب وَلَا جَنَبَ قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْجَلَبُ يَكُونُ فِي شَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا فِي الزَّكَاةِ وَهُوَ أَنْ يَقْدَمَ الْمُصَّدِّقُ عَلَى أَهْلِ الزَّكَاةِ فَيَنْزِلَ مَوْضِعًا ثُمَّ يُرْسِلَ مَنْ يَجْلِبُ إِلَيْهِ الْأَمْوَالَ مِنْ أَمَاكِنِهَا لِيَأْخُذَ صَدَقَتَهَا فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ وَأَمَرَ أَن تَأْخُذ صَدَقَاتُهُمْ عَلَى مِيَاهِهِمْ وَأَمَاكِنِهَا الثَّانِي فِي السِّبَاقِ وَهُوَ أَنْ يَتْبَعَ الرَّجُلُ فَرَسَهُ فَيَزْجُرَهُ وَيَجْلِبَ عَلَيْهِ وَيَصِيحَ حَثًّا لَهُ عَلَى الْجَرْيِ فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ قَالَ وَالْجَنَبُ

بِالتَّحْرِيكِ فِي السِّباقِ أَنْ يُجَنِّبَ فَرَسًا إِلَى فَرَسِهِ الَّذِي يُسَابِقُ عَلَيْهِ فَإِذَا فَتَرَ الْمَرْكُوبُ تَحَوَّلَ إِلَى الْمَجْنُوبِ وَهُوَ فِي الزَّكَاةِ أَنْ يَنْزِلَ الْعَامِلُ بِأَقْصَى مَوَاضِعِ أَصْحَابِ الصَّدَقَةِ ثُمَّ يَأْمُرُ بِالْأَمْوَالِ أَنْ تُجْنَبَ إِلَيْهِ أَيْ تُحْضَرَ فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ وَقِيلَ هُوَ أَنْ يُجَنِّبَ رَبُّ الْمَالِ بِمَالِهِ أَيْ يُبْعِدُهُ عَنْ مَوْضِعِهِ حَتَّى يَحْتَاجَ الْعَامِلُ إِلَى الْإِبْعَادِ فِي اتِّبَاعِهِ وَطَلَبِهِ فَصَعَّدَ النَّظَرَ إِلَيْهَا وَصَوَّبَهُ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ نَظَرَ إِلَى أَعْلَاهَا وَأَسْفَلِهَا يَتَأَمَّلُهَا وَقَالَ النَّوَوِيُّ صَعَّدَ بِتَشْدِيدِ الْعَيْنِ أَيْ رَفَعَ وَصوب بتَشْديد الْوَاو أَي خفض عَن نَافِع عَن بْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الشِّغَارِ بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَأَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ الرَّفْعُ يُقَال شَغَرَ الْكَلْبُ إِذَا رَفَعَ رِجْلَهُ لِيَبُولَ كَأَنَّهُ قَالَ لَا تَرْفَعْ رِجْلَ بِنْتِي حَتَّى أَرْفَعَ رِجْلَ بِنْتِكَ وَقِيلَ هُوَ مِنْ شَغَرَ الْبَلَدُ إِذَا خَلَا لِخُلُوِّهِ عَنِ الصَّدَاقِ وَالشِّغَارُ أَنْ يُزَوِّجَ إِلَى آخِرِهِ هَذَا التَّفْسِيرُ مُدْرَجٌ

فِي الحَدِيث من قَول نَافِع

[3347] عَلَى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَالْمُرَادُ أُوقِيَّةُ الْحِجَازِ وَهِيَ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا وَنَشٍّ بِفَتْحِ النُّونِ وَتَشْدِيدِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ نِصْفُ الْأُوقِيَّةِ وَهِيَ عِشْرُونَ دِرْهَمًا وَقِيلَ النَّشُّ يُطْلَقُ على النّصْف من كل شَيْء

[3349] كُلِّفْتُ لَكُمْ عِلْقَ الْقِرْبَةِ أَيْ تَحَمَّلْتُ لِأَجْلِكَ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى عِلْقَ الْقِرْبَةِ وَهُوَ حَبْلُهَا الَّذِي تُعَلَّقُ بِهِ وَيُرْوَى عَرَقَ الْقِرْبَةِ بِالرَّاءِ أَيْ تَكَلَّفْتُ إِلَيْكَ وَتَعِبْتُ حَتَّى عَرِقْتُ كَعَرَقِ الْقِرْبَةِ وَعَرَقُهَا سَيَلَانُ مَائِهَا وَقِيلَ أَرَادَ بِعَرَقِ الْقِرْبَةِ عَرَقَ حَامِلِهَا مِنْ ثِقَلهَا وَقِيلَ أَرَادَ أَنِّي قَصَدْتُكَ وَسَافَرْتُ إِلَيْكَ وَاحْتَجْتُ إِلَى عَرَقِ الْقِرْبَةِ وَهُوَ مَاؤُهَا وَقِيلَ أَرَادَ وَتَكَلَّفْتُ لَكَ مَا لَمْ يَبْلُغْ وَمَا لَا يَكُونُ لِأَنَّ الْقِرْبَةَ لَا تَعْرَقُ وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ عَرَقُ الْقِرْبَةِ مَعْنَاهُ الشِّدَّةُ وَلَا أَدْرِي مَا أَصْلُهُ أَوْقَرَ عَجُزَ دَابَّتِهِ الْوِقْرُ بِالْكَسْرِ الْحِمْلُ وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي حِمْلِ الْبِغَالِ وَالْحِمَارِ أَوْ دَفَّ رَاحِلَتِهِ فِي النِّهَايَةِ دَفُّ الرَّحْلِ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالْفَاءِ الْمُشَدَّدَةِ جَانِبُ كَوْرِ الْبَعِيرِ وَهُوَ سَرْجُهُ

[3351] زِنَةَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ قَالَ فِي النِّهَايَةِ النَّوَاةُ اسْمٌ لِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ كَمَا قِيلَ لِلْأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةٌ وَالْعِشْرِينَ نَشٌّ وَقِيلَ أَرَادَ قَدْرَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ كَانَ قِيمَتُهَا خَمْسَةَ دَرَاهِمَ وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّ ذَهَبٌ وَأَنْكَرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ لَفْظُ الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ عَلَى ذَهَبٍ قِيمَتُهُ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ أَلَا تَرَاهُ قَالَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ وَلَسْتُ أَدْرِي لِمَ أَنْكَرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَالنَّوَاةُ فِي الْأَصْلِ عجمة التمرة [3353] أَو حباء أَي عَطِيَّة

[3354] لَا وَكْسَ أَيْ لَا نَقْصَ وَلَا شَطَطَ أَي لَا جور

[3358] مِنْ جِلَّةِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم جمع جليل

[3364] أَنَّ رَجُلًا غَشِيَ جَارِيَةً لِامْرَأَتِهِ فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِنْ كَانَ اسْتَكْرَهَهَا فَهِيَ حُرَّةٌ مِنْ مَالِهِ الْحَدِيثَ قَالَ أَشْعَثُ بَلَغَنِي أَنَّ هَذَا كَانَ قَبْلَ الْحُدُودِ ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ وَالْآثَارِ وَالْحَازِمِيُّ فِي نَاسِخِهِ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ الْحَدِيثُ مُنْكَرٌ ضَعِيفُ الْإِسْنَادِ مَنْسُوخٌ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الْفُقَهَاءِ قَالَ بِهِ وَعَلَيْهِ الشَّرْوَى بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْوَاوِ مَقْصُورٌ هُوَ الْمِثْلُ يُقَالُ هَذَا شَرْوَى هَذَا أَيْ مثله

[3366] الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هِيَ الَّتِي تَأْلَفُ الْبُيُوتَ وَالْمَشْهُورُ فِيهَا كَسْرُ الْهَمْزَةِ مَنْسُوبَةً إِلَى الْإِنْسِ وَهُوَ بَنُو آدَمَ الْوَاحِدُ إِنْسِيٌّ قَالَ وَفِي كِتَابِ أَبِي مُوسَى مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْهَمْزَةَ مَضْمُومَةٌ فَإِنَّهُ قَالَ هِيَ الَّتِي تَأْلَفُ الْبُيُوتَ وَالْأُنْسُ وَهُوَ ضِدُّ الْوَحْشَةِ وَالْمَشْهُورُ فِي ضِدِّ الْوَحْشَةِ الْأُنْسُ بِالضَّمِّ وَقَدْ جَاءَ فِيهِ الْكَسْرُ قَلِيلًا وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالنُّونِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ قَالَ فِي النِّهَايَةِ إِنْ أَرَادَ غَيْرُ مَعْرُوفٍ فِي الرِّوَايَةِ فَيَجُوزُ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ فِي اللُّغَةِ فَلَا فَإِنَّهُ مَصْدَرُ أَنِسْتُ بِهِ أنسا وأنسة [3369] فَصْلُ مَا بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ الدُّفُّ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ مَعْرُوفٌ وَالْمُرَادُ إعلان النِّكَاح

[3371] بِالرِّفَاءِ وَالْبَنِينَ قَالَ الْهَرَوِيُّ يَكُونُ عَلَى مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا الِاتِّفَاقُ وَحُسْنُ الِاجْتِمَاعِ وَالْآخَرُ أَنْ يَكُونَ من الهدو وَالسُّكُونِ وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ الْبَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ الْمَعْنى أَي أعرست [3373] أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ جَاءَ وَعَلَيْهِ رَدْعٌ مِنْ زَعْفَرَانٍ بِرَاءٍ وَدَالٍ وَعَيْنٍ مُهْمَلَاتٍ أَيْ أَثَرُهُ قَالَ النَّوَوِيُّ الصَّحِيحُ فِي مَعْنَاهُ أَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ مِنْ طِيبِ الْعُرْسِ وَلَمْ يَقْصِدْهُ وَلَا تَعَمَّدَهُ وَقِيلَ إِنَّهُ يُرَخَّصُ فِي ذَلِكَ لِلرَّجُلِ الْعَرُوسِ وَعَلَى ذَلِكَ مَشَى الْمُصَنِّفُ وَبَوَّبَ عَلَيْهِ

وَالْفَتْح مَعْرُوف وَالْمرَاد اعلان النِّكَاح

[3374] مَهْيَمْ قَالَ فِي النِّهَايَة أَيْ مَا أَمْرُكَ وشأنك وَهِي كلمة يَمَانِية بن بِي قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْبِنَاءُ وَالِابْتِنَاءُ الدُّخُولُ بِالزَّوْجَةِ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ إِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً بَنَى عَلَيْهَا قُبَّةً لِيَدْخُلَ بِهَا فِيهَا فَيُقَالُ بَنَى الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَلَا يُقَالُ بَنَى بِأَهْلِهِ قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ وَهَذَا الْقَوْلُ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنَ الْحَدِيثِ وَغَيْرِ الْحَدِيثِ وَعَادَ الْجَوْهَرِيُّ اسْتَعْمَلَهُ فِي كِتَابِهِ

[3375] دِرْعُكَ الْحُطَمِيَّةُ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هِيَ الَّتِي تَحْطِمُ السُّيُوفَ أَيْ تَكْسِرُهَا وَقِيلَ هِيَ الْعَرِيضَةُ الثَّقِيلَةُ وَقِيلَ هِيَ مَنْسُوبَةٌ إِلَى بَطْنٍ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ يُقَالُ حُطَمَةُ بْنُ مُحَارِبٍ كَانُوا يعْملُونَ الدروع وَهَذَا أشبه الْأَقْوَال

[3378] وَكُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيِ التَّمَاثِيلِ الَّتِي يَلْعَبُ بِهَا الصَّبَايَا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِيهِ جَوَازُ اتِّخَاذِ اللَّعِبِ وَإِبَاحَةُ لَعِبِ الْجَوَارِي بِهَا وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى ذَلِكَ فَلَمْ يُنْكِرْهُ قَالُوا وَسَبَبُهُ تَدْرِيبُهُنَّ بِتَرْبِيَةِ الْأَوْلَادِ وَإِصْلَاحِ شَأْنِهِنَّ وَبُيُوتِهِنَّ قَالَ النَّوَوِيُّ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَخْصُوصًا مِنْ أَحَادِيثِ النَّهْيِ عَنِ اتِّخَاذِ الصُّوَرِ لِمَا ذُكِرَ مِنَ الْمَصْلَحَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مَنْهِيًّا عَنْهُ وَكَانَتْ قَضِيَّةُ عَائِشَةَ هَذِهِ وَلَعِبُهَا فِي أَوَّلِ الْهِجْرَةِ قَبْلَ تَحْرِيمِ الصُّوَرِ قُلْتُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِكَوْنِهِنَّ دُونَ الْبُلُوغِ فَلَا تَكْلِيفَ عَلَيْهِنَّ كَمَا جَازَ للْوَلِيّ الباس الصَّبِي الْحَرِير [3380] فَأَخَذَنِي نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي زُقَاقِ خَيْبَرَ كَذَا فِي أَصْلِنَا فَأَخَذَ وَفِي مُسْلِمٍ فَأَجْرَى قَالَ

النَّوَوِيُّ وَفِيهِ دَلِيلٌ لِجَوَازِ ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَا يسْقط المروأة وَلَا يُخِلُّ بِمَرَاتِبِ أَهْلِ الْفَضْلِ لَا سِيَّمَا عِنْدَ الْحَاجَةِ لِلْقِتَالِ أَوْ رِيَاضِ الدَّابَّةِ أَوْ تَدْرِيبِ النَّفْسِ وَمُعَانَاةِ أَسْبَابِ الشَّجَاعَةِ وَإِنِّي لَأَرَى بَيَاضَ فَخِذِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا دَلِيلٌ لِمَنْ يَقُولُ إِنَّ الْفَخِذَ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ وَهُوَ الْمُخْتَارُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ قِيلَ هُوَ دُعَاءٌ تَقْدِيرُهُ أَسْأَلُ اللَّهَ خَرَابَهَا وَقِيلَ إِخْبَارٌ بِخَرَابِهَا عَلَى الْكُفَّارِ وَفَتْحِهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ هُوَ مِنْ أَدِلَّةِ جَوَازِ الِاقْتِبَاسِ مِنَ الْقُرْآنِ وَهِيَ كَثِيرَةٌ لَا تُحْصَى فَقَالُوا مُحَمَّدٌ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ هَذَا مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ قَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَبِرَفْعِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ الْجَيْشُ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ سُمِّيَ خَمِيسًا لِأَنَّهُ خَمْسَةُ أَقسَام مُقَدّمَة وساقة وميمنة وميسرة وقلب وَقيل لِتَخْمِيسِ الْغَنَائِمِ وَأَبْطَلُوا هَذَا الْقَوْلَ لِأَنَّ هَذَا الِاسْمَ كَانَ مَعْرُوفًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُم تخميس

وَأَصَبْنَاهَا عَنْوَةً بِفَتْحِ الْعَيْنِ أَيْ قَهْرًا لَا صُلْحًا فَجَاءَ دِحْيَةُ بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِهَا صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ قَالَ النَّوَوِيُّ الصَّحِيحُ أَنَّ هَذَا كَانَ اسْمَهَا قَبْلَ السَّبْيِ وَقِيلَ كَانَ اسْمُهَا زَيْنَبَ فَسُمِّيَتْ بَعْدَ السَّبْيِ وَالِاصْطِفَاءِ صَفِيَّةَ وَحُيَيٌّ بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا خُذْ جَارِيَةً مِنَ السَّبْيِ غَيْرَهَا قَالَ الْمَازِرِيُّ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ دِحْيَةُ رَدَّ الْجَارِيَةَ بِرِضَاهُ وَأَذِنَ لَهُ فِي غَيْرِهَا وَالثَّانِي أَنَّهُ إِنَّمَا أَذِنَ لَهُ فِي جَارِيَةٍ مِنْ حَشْوِ السَّبْيِ لَا أَفْضَلِهِنَّ فَلَمَّا رَأَى أَنَّهُ أَخَذَ أَشْرَفَهُنَّ اسْتَرْجَعَهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ فِيهَا فَأَهْدَتْهَا أَيْ زَفَّتْهَا فَأَصْبَحَ عَرُوسًا هُوَ يُطْلَقُ عَلَى الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ مُطْلَقًا وَبسط نطعا

فِيهِ أَرْبَعُ لُغَاتٍ مَشْهُورَاتٍ فَتْحُ النُّونِ وَكَسْرُهَا مَعَ فَتْحِ الطَّاءِ وَإِسْكَانِهَا أَفْصَحُهُنَّ كَسْرُ النُّونِ وَفَتْحُ الطَّاءِ وَقَدِ اشْتَهَرَ بَيْنَ الْأُدَبَاءِ مَا قَالَه بن سُكَّرَةَ وَمِنْهَا النِّطَعُ فَقُلْتُ لِلضَّيْفِ سَبْعٌ مِنَ النُّونَاتِ فَائِقَةٌ لِحُسْنِهَا رَوْنَقٌ بَيْنَ الْأَنَامِ سَطَعْ نَهْرٌ وَنُونٌ وَنَوْمٌ فَوْقَ نُمْرُقَةٍ نَاعُورَةٌ وَنَسِيمٌ طيب ونطع

[3384] فِي خَمِيلٍ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ بِوَزْنِ كَرِيمٍ هِيَ الْقَطِيفَةُ وَهِيَ كُلُّ ثَوْبٍ لَهُ خَمْلٌ مِنْ أَي شَيْء كَانَ

[3386] هَلِ اتَّخَذْتُمْ أَنْمَاطًا هِيَ ضَرْبٌ مِنَ الْبُسُطِ لَهُ خمل رَقِيق وَقيل وَاحِدهَا نمط [3387] زُهَاءَ ثَلَاثِمِائَةٍ بِضَمِّ الزَّايِ وَالْمَدِّ أَيْ قَدْرَهَا مِنْ زَهَوْتُ الْقَوْمَ إِذَا حَزَرْتُهُمْ لِيَتَحَلَّقَ هُوَ تَفَعُّلٌ مِنَ الْحَلْقَةِ وَهُوَ أَنْ يَتَعَمَّدُوا ذَلِكَ قَالَه فِي النِّهَايَة

كتاب الطلاق

(كتاب الطَّلَاق) [3392] فِي قُبُلِ عِدَّتِهِنَّ بِضَمِّ الْقَافِ وَالْبَاءِ أَيْ إِقْبَالِهَا وَأَوَّلِهَا وَحِينَ يُمْكِنُهَا الدُّخُولُ فِيهَا وَالشُّرُوعُ وَذَلِكَ حَالَ الطُّهْرِ يُقَالُ كَانَ ذَلِكَ فِي قُبُلِ الشِّتَاءِ أَيْ إِقْبَالِهِ فَقَالَ فَمَهْ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ فَمَاذَا لِلِاسْتِفْهَامِ فَأَبْدَلَ الْأَلِفَ هَاء للْوَقْف والسكت [3399] أَرَأَيْتَ إِنْ عَجَزَ وَاسْتَحْمَقَ أَيْ فَعَلَ فِعْلَ الْحَمْقَى قَالَ فِي النِّهَايَةِ

وَيُرْوَى وَاسْتُحْمِقَ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ لِأَنَّهُ يَأْتِي لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا يُقَال اسْتَحْمَقَ الرَّجُلُ أَيْ فَعَلَ فِعْلَ الْحَمْقَى وَاسْتَحْمَقْتُهُ أَيْ وَجَدْتُهُ أَحْمَقَ قَالَ وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى أَوْلَى لِيُزَاوِجَ عَجَزَ

[3409] فَطَلَّقَنِي ألْبَتَّةَ أَيْ ثَلَاثًا لِأَنَّهَا قَاطِعَةٌ فَتَزَوَّجْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ بِفَتْحِ الزَّايِ وَكَسْرِ الْبَاءِ بِلَا خِلَافٍ وَهُوَ الزَّبِيرُ بْنُ بَاطَا وَيُقَال بَاطَيَا وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ صَحَابِيًّا وَالزَّبِيرُ قتل يَهُودِيّا فِي غَزْوَة بني قُرَيْظَة

[3411] هُدْبَةِ الثَّوْبِ بِضَمِّ الْهَاءِ وَإِسْكَانِ الدَّالِ طَرَفُهُ الَّذِي ينسج [3413] أَنَّ الْغُمَيْصَاءَ أَوِ الرُّمَيْصَاءَ هِيَ غَيْرُ أُمِّ سليم على الصَّحِيح الْوَاشِمَةَ هِيَ فَاعِلَةُ الْوَشْمِ وَهِيَ أَنْ يُغْرَزَ الْجِلْدُ بِإِبْرَةٍ ثُمَّ يُحْشَى بِكُحْلٍ أَوْ نِيلٍ فَيَزْرَقَّ أَثَرُهُ أَوْ يَخْضَرَّ وَالْمُوْتَشِمَةَ هِيَ الَّتِي يُفْعَلُ بِهَا ذَلِكَ الْوَاصِلَةَ قَالَ فِي النِّهَايَة هِيَ الَّتِي تَصِلُ شَعْرَهَا بِشَعْرِ إِنْسَانٍ آخَرَ زُورًا وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لَيْسَتِ الْوَاصِلَةُ الَّتِي يَعْنُونَ وَلَا بَأْسَ أَنْ تَعْرَى الْمَرْأَةُ عَنِ الشَّعْرِ فَتَصِلَ قَرْنًا مِنْ قُرُونِهَا بِصُوفٍ أَسْوَدَ وَإِنَّمَا الْوَاصِلَةُ الَّتِي تَكُونُ بَغِيًّا فِي شَبِيبَتِهَا فَإِذَا أَسَنَّتْ وَصَلَتْهَا بِالْقِيَادَةِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَمَّا ذُكِرَ لَهُ ذَلِكَ مَا سَمِعت بِأَعْجَب من ذَلِك

[3421] رِيحَ مَغَافِيرَ هُوَ شَيْءٌ يَنْضَحُهُ شَجَرُ الْعُرْفُطِ حُلْوٌ كَالنَّاطِفِ وَاحِدُهَا مَغْفُورٌ بِالضَّمِّ وَلَهُ رِيحٌ كريهة مُنكرَة وَيُقَال أَيْضا مغاثير بالثاءالمثلثة وَهَذَا الْبِنَاءُ قَلِيلٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ لَمْ يَرِدْ مِنْهُ

فِي النِّهَايَة هِيَ الَّتِي تَصِلُ شَعْرَهَا بِشَعْرِ إِنْسَانٍ آخَرَ زُورًا وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لَيْسَتِ الْوَاصِلَةُ

الَّتِي يَعْنُونَ وَلَا بَأْسَ أَنْ تَعْرَى الْمَرْأَةُ عَنِ الشَّعْرِ فَتَصِلَ قَرْنًا مِنْ قُرُونِهَا بِصُوفٍ أَسْوَدَ وَإِنَّمَا الْوَاصِلَةُ الَّتِي تَكُونُ بَغِيًّا فِي شَبِيبَتِهَا فَإِذَا أَسَنَّتْ وَصَلَتْهَا بِالْقِيَادَةِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَمَّا ذُكِرَ لَهُ ذَلِكَ مَا سَمِعت بِأَعْجَب من ذَلِك

إِلَّا مَغْفُورٌ وَمَنْحُورٌ لِلْمَنْحَرِ وَمَعْرُوفٌ لِضَرْبٍ مِنَ الكمأة ومغلوق وَاحِد المغاليق

إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَتَجَاوَزُ لِأُمَّتِي مَا وَسْوَسَتْ بِهِ وَحَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ بِهِ قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي أَمَالِيهِ يَرِدُ عَلَيْهِ حَدِيثٌ آخَرُ مَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا لَمْ تُكْتَبْ عَلَيْهِ فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ عَلَيْهِ سَيِّئَةً وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرًا فَقَدْ أَثْبَتَ الْهَمَّ بِالْحَسَنَةِ حَسَنَةً وَقَوْلُهُ تَعَالَى إِن تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ جَاءَتِ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَجَثَوْا عَلَى رُكَبِهِمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهَذَا يُرِيدُونَ أَنَّ مَا عَامَّةً فَلَا يَقْدِرُونَ عَلَى ثُبُوتِ الْمُؤَاخَذَةِ عَلَى فَرْدٍ مِنَ الَّذِي فِي النَّفْسِ فَقَالَ لَهُمْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَلَا تَكُونُوا كَأَصْحَابِ مُوسَى فَنَزَلَتْ قَوْلُهُ تَعَالَى آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أنزل إِلَيْهِ من ربه إِلَى قَوْلِهِ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وسعهَا فَخَصَّصَ مَا تَقَدَّمَ فِي الْآيَةِ الْأُولَى بِمَا خَرَجَ مِنَ الطَّاقَةِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَا فِي النَّفْسِ مُعْتَبَرٌ قَالَ وَالْجَوَابُ أَنَّ الَّذِي فِي النَّفْسِ عَلَى قِسْمَيْنِ وَسْوَسَةٌ وَعَزَائِمُ فَالْوَسْوَسَةُ هِيَ حَدِيثُ النَّفْسِ وَهُوَ الْمُتَجَاوَزُ عَنْهُ فَقَطْ وَأَمَّا الْعَزَائِمُ فَكُلُّهَا مُكَلَّفٌ بِهَا وَأَمَّا قَوْلُهُ لَمْ يُكْتَبْ عَلَيْهِ فَعَائِدٌ إِلَى الْمَفْهُومِ بِهِ لَا على العزائم إِذْ مَالا يُفْعَلُ لَا يُكْتَبُ وَأَمَّا الْعَزْمُ فَمُكَلَّفٌ بِهِ لقَوْله يُحَاسِبكُمْ بِهِ الله وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ حَدِيثُ النَّفْسِ الَّذِي يُمكن رَفعه لَكِن

فِي دَفْعِهِ مَشَقَّةٌ لَا إِثْمَ فِيهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَهَذَا عَامٌّ فِي جَمِيعِ حَدِيثِ النَّفْسِ وَإِذَا تَعَلَّقَ هَذَا النَّوْعُ بِالْخَيْرِ أُثِبْتَ عَلَيْهِ وَيُجْعَلُ تِلْكَ الْمَشَقَّةُ مُوجِبَةً لِلرُّخْصَةِ دُونَ إِسْقَاطِ اعْتِبَارِ الْكَسْبِ وَإِلَّا كَانَ يُقَالُ إِنَّمَا سَقَطَ التَّكْلِيفُ فِي طَرَفِ الشُّرُورِ لِمَشَقَّةِ اكْتِسَابِ دَفْعِهِ فَصَارَ كالضروري

لَا يُثَابُ وَلَا يُعَاقَبُ عَلَيْهِ فَكَذَلِكَ هَذَا [3438] انْظُرُوا كَيْفَ يَصْرِفُ اللَّهُ عَنِّي شَتْمَ قُرَيْشٍ وَلَعْنَهُمْ إِنَّمَا يَشْتُمُونَ مُذَمَّمًا وَيَلْعَنُونَ مُذَمَّمًا وَأَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إِنْ قِيلَ كَيْفَ يَسْتَقِيمُ ذَلِكَ وَهُمْ مَا كَانُوا يَشْتُمُونَ الِاسْمَ بَلِ الْمُسَمَّى وَالْمُسَمَّى وَاحِدٌ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ كُفِيَ اسْمِي الَّذِي هُوَ مُحَمَّد أَن يشْتم بالسب

[3447] كَانَ فِي بَرِيرَةَ ثَلَاثُ سُنَنٍ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ حَدِيثُ بَرِيرَةَ كَثِيرُ السُّنَنِ وَالْعِلْمِ وَالْآدَابِ وَمَعْنَى قَوْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ثَلَاثُ سُنَنٍ أَيْ أَنَّهَا سُنَّتْ وَشُرِعَتْ بِسَبَبِ قِصَّتِهَا وَعِنْدَ وُقُوعِ قَضِيَّتِهَا وَمَا فِيهِ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا كَانَ قَدْ عُلِمَ قَبْلَ ذَلِكَ وَقَدْ أَفْرَدَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْكَلَامَ عَلَيْهِ بالتأليف

الَّذِي هُوَ مُحَمَّد أَن يشْتم بالسب

[3451] لَاها الله إِذًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ لِي قَدْ تَكَلَّمَ النَّاسُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا عَلَى هَذِهِ اللَّفْظَةِ وَقَالُوا ان الْمُحدثين يردونها هَكَذَا وَأَنه خطأ وَالصَّوَاب لَاها الله ذَا بِإِسْقَاطِ الْأَلِفِ مِنْ ذَا وَقَدْ أَلَّفْتُ فِي ذَلِكَ تَأْلِيفًا حَسَنًا وَأَوْدَعْتُهُ بِرُمَّتِهِ فِي كتاب اعراب الحَدِيث

مِنْهُم بن جرير وبن خُزَيْمَة وبلغه بَعضهم نَحْو مائَة فَائِدَة

[3453] من زَوجهَا اسْمه مغيث بِضَم الْمِيم

[3455] فِي عُلِّيَّةٍ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا هِيَ الْغُرْفَةُ وَالْجمع العلالي

[3461] الْمُنْتَزَعَاتُ وَالْمُخْتَلَعَاتُ هُنَّ الْمُنَافِقَاتُ قَالَ فِي النِّهَايَةِ يَعْنِي الَّتِي يَطْلُبْنَ الْخُلْعَ وَالطَّلَاقَ مِنْ أَزْوَاجِهِنَّ بِغَيْرِ عُذْرٍ

[3464] إِنَّ امْرَأَتِي لَا تَمْنَعُ يَدَ لَامِسٍ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فَقَالَ غَرِّبْهَا إِنْ شِئْتَ أَيْ بعْدهَا يُرِيد الطَّلَاق

[3468] بِشَرِيكِ بْنِ السَّحْمَاءِ بِفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَالْمَدِّ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَشَرِيكٌ هَذَا صَحَابِيٌّ وَقَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّهُ يَهُودِيٌّ بَاطِلٌ سَبِطًا بِكَسْرِ الْبَاءِ وَسُكُونِهَا الْمُسْتَرْسِلُ الشَّعْرِ قَضِيءَ الْعَيْنَيْنِ بِالْهَمْزَةِ وَالْمَدِّ عَلَى فَعِيلٍ أَيْ فَاسِدَ الْعَيْنِ بِكَثْرَةِ دَمْعٍ أَوْ حُمْرَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ أَكْحَلَ الْكَحَلُ بِفَتْحَتَيْنِ سَوَادٌ فِي أَجْفَانِ الْعَيْنِ خِلْقَةً جَعْدًا بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الَّذِي شَعْرُهُ غَيْرُ سَبْطٍ حَمْشَ السَّاقَيْنِ بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَمِيمٍ سَاكِنَةٍ وَشِينٍ مُعْجَمَةٍ يُقَالُ رَجُلٌ حَمْشُ السَّاقَيْنِ وَأَحْمَشُ السَّاقَيْنِ أَيْ دَقِيقُهُمَا فتلكأت أَي توقفت وتبطأت خَدْلًا بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَلَامٍ وَهُوَ الْغَلِيظُ الْمُمْتَلِئُ السَّاقِ وَمِثْلُهُ الْخَدَلَّجُ

[3478] مِنْ أَوْرَقَ هُوَ الَّذِي فِيهِ سَوَادٌ لَيْسَ بِصَافٍ نَزَعَهُ عِرْقٌ قَالَ فِي النِّهَايَةِ يُقَال نَزَعَ إِلَيْهِ فِي الشَّبَهِ إِذَا أَشْبَهَهُ وَقَالَ النَّوَوِيُّ الْمُرَادُ بِالْعِرْقِ هُنَا الْأَصْلُ مِنَ النَّسَبِ تَشْبِيها بعرق الثَّمَرَة وَمعنى نَزعه أشبهه

السَّاقَيْن أَي دقيقهما فتلكأت أَي توقفت وتبطأت خَدْلًا بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَلَام وَهُوَ الغليظ الممتلىء السَّاق وَمثله الخدلج

[3482] الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ لِمَالِكِ الْفِرَاشِ وَهُوَ الزَّوْجُ وَالْمَوْلَى وَالْمَرْأَةُ تُسَمَّى فِرَاشًا لِأَنَّ الرَّجُلَ يَفْتَرِشُهَا وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ الْعَاهِرُ الزَّانِي يُقَالُ عَهَرَ يَعْهَرُ عَهْرًا وَعُهُورًا إِذَا أَتَى الْمَرْأَةَ لَيْلًا لِلْفُجُورِ بِهَا ثُمَّ غَلَبَ عَلَى الزِّنَى مُطلقًا وَالْمعْنَى لاحظ لِلزَّانِي فِي الْوَلَدِ وَإِنَّمَا هُوَ لِصَاحِبِ الْفِرَاشِ أَيْ لِصَاحِبِ أُمِّ الْوَلَدِ وَهُوَ زَوْجُهَا أَوْ مَوْلَاهَا وَلِلزَّانِي الْخَيْبَةُ وَالْحِرْمَانُ وَهُوَ كَقَوْلِهِ الْآخَرَ لَهُ أَيِ التُّرَابُ لَا شَيْءَ لَهُ وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ كَنَّى بِالْحَجَرِ عَنِ الرَّجْمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ زَانٍ يُرْجَمُ [3485] وَاحْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ فَلَيْسَ لَكَ بِأَخٍ قَالَ النَّوَوِيّ أمرهَا بالاحتجاب

واجتذبه إِلَيْهِ وَأظْهر لَونه عَلَيْهِ

[3488] فَضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ جَمْعُ نَاجِذٍ وَهِيَ الْأَضْرَاسُ قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُرَادُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ مَا كَانَ يَبْلُغُ مِنْهُ الضَّحِكُ حَتَّى يَبْدُوَ آخِرُ أَضْرَاسِهِ كَيْفَ وَقَدْ جَاءَ فِي صِفَةِ ضَحِكِهِ التَّبَسُّمُ وَإِنْ أُرِيدَ بِهَا الْأَوَاخِرُ فَالْوَجْهُ فِيهِ أَنْ يُرَادَ مُبَالَغَةُ مِثْلِهِ فِي ضَحِكِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُرَادَ ظُهُورُ نَوَاجِذِهِ فِي الضَّحِكِ وَهُوَ أَقْيَسُ الْقَوْلَيْنِ لِاشْتِهَارِ النَّوَاجِذِ بِأَوَاخِرِ الْأَسْنَانِ [3490] أَنْتُمْ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ أَيْ مُخْتَلفُونَ متنازعون

نَدْبًا وَاحْتِيَاطًا لِأَنَّهُ فِي ظَاهِرِ الشَّرْعِ أَخُوهَا لِأَنَّهُ أُلْحِقَ بِأَبِيهَا لَكِنْ لَمَّا رَأَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشَّبَهَ الْبَيِّنَ بِعُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ خَشِيَ أَنْ يَكُونَ مِنْ مَائِهِ فَيَكُونَ أَجْنَبِيًّا مِنْهَا فَأَمَرَهَا بِالِاحْتِجَابِ مِنْهُ احْتِيَاطًا قَالَ الْمَازِرِيُّ وَزَعَمَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ إِنَّمَا أَمَرَهَا بِالِاحْتِجَابِ لِأَنَّهُ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ احْتَجِبِي مِنْهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِأَخٍ لَكِ وَقَوْلُهُ لَيْسَ بِأَخٍ لَكِ لَا يُعْرَفُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بل هِيَ زِيَادَة بَاطِلَة مَرْدُودَة

[3493] أَسَارِيرُ وَجْهِهِ هِيَ الْخُطُوطُ الَّتِي تَجْتَمِعُ فِي الْجَبْهَةِ وَتَنْكَسِرُ وَاحِدُهَا سِرٌّ وَسُرُرٌ وَجَمْعُهَا أَسْرَارٌ وَأَسِرَّةٌ وَجَمْعُ الْجَمْعِ أَسَارِيرُ أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ مُجَزِّزًا بِمِيمٍ مَضْمُومَةٍ ثُمَّ جِيمٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ زَايٍ مُشَدَّدَةٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ زَايٍ أُخْرَى هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ وَحُكِيَ فَتْحُ الزَّايِ الْأُولَى وَحكى محررا بِإِسْكَانِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبَعْدَهَا رَاءٌ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ نَظَرَ إِلَى زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَأُسَامَةَ قَالَ الْمَازِرِيُّ كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَقْدَحُ فِي نَسَبِ أُسَامَةَ لِكَوْنِهِ أَسْوَدَ شَدِيدَ السَّوَادِ وَكَانَ زَيْدٌ أَبْيَضَ أَزْهَرَ اللَّوْنِ فَلَمَّا قَضَى هَذَا الْقَائِفُ بِإِلْحَاقِ نَسَبِهِ مَعَ اخْتِلَافِ اللَّوْنِ وَكَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَعْتَمِدُ قَوْلَ الْقَائِفِ فَرِحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكَوْنِهِ زَاجِرًا لَهُمْ عَنِ الطَّعْنِ فِي النّسَب [3496] من بِئْر أبي عنبة بِكَسْر الْعين

تبرق بِفَتْح التَّاء وَضم الرَّاء أَي تضئ وتستنير من السرُور والفرح

[3506] بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ قِيلَ إِنَّهَا شَهْرٌ وَقِيلَ إِنَّهَا دُونَهُ تَعَلَّتْ فِي نِفَاسِهَا قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيِ ارْتَفَعَتْ وَظَهَرَتْ مِنْ قَوْلِهِمْ تَعَلَّى عَلَيَّ أَيْ تَرَفَّعَ قَالَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَوْلِهِمْ تَعَلَّى الرَّجُلُ مِنْ عِلَّتِهِ إِذَا بَرِئَ أَيْ خَرَجَتْ مِنْ نِفَاسِهَا وَسَلِمَتْ [3508] تشوفت للأزواج أَي طمحت وتشرفت

وَفَتْحِ النُّونِ بِئْرٌ عَلَى بَرِيدٍ مِنَ الْمَدِينَةِ ال بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ مِنْ بَنِي مَغَالَةَ بطن من الْأَنْصَار

[3502] قيس بن قهد بِالْقَافِ [ص 189 أفأكحلها بِضَم الْحَاء] 190 سبيعة بِضَم السِّين الْمُهْملَة وفت الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ نُفِسَتْ بِضَمِّ النُّونِ أَيْ وَلَدَتْ

[3516] أَبُو السَّنَابِلِ بِفَتْحِ السِّينِ اسْمُهُ عَمْرٌو وَقِيلَ حَبَّة بِالْمُوَحَّدَةِ وَقيل بالنُّون بن بَعْكَكٍ بِمُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ عَيْنٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ كافين الأولى مَفْتُوحَة

[3518] فَلَمْ تَنْشَبْ أَنْ وَضَعَتْ قَالَ فِي النِّهَايَةِ لَمْ يَنْشَبْ أَنْ فَعَلَ كَذَا أَيْ لَمْ يَلْبَثْ وَحَقِيقَتُهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِشَيْءٍ غَيْرِهِ وَلَا اشْتَغَلَ بِسِوَاهُ يُقَال نَشَبَ فِي الشَّيْءِ إِذَا دخل فِيهِ وَتعلق

[3521] لَأُنْزِلَتْ سُورَةُ النِّسَاءِ الْقُصْرَى بَعْدَ الطُّولَى قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْقُصْرَى تَأْنِيثُ الْأَقْصَرِ يُرِيدُ سُورَةَ الطَّلَاقِ وَالطُّولَى سُورَةُ الْبَقَرَةِ لِأَنَّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ فِي الْبَقَرَةِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ وَفِي سُورَةِ

[3530] بِطَرَفِ الْقَدُومِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ مَوْضِعٌ عَلَى سِتَّةِ أَمْيَالٍ مِنَ الْمَدِينَةِ

الطَّلَاقِ وَضْعُ الْحَمْلِ وَهُوَ قَوْلُهُ [3522] وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجلهنَّ أَن يَضعن حَملهنَّ أَعْلَاجٍ جَمْعُ عَلْجٍ

وَهُوَ الرَّجُلُ مِنَ الْعَجَمِ وَيُجْمَعُ عَلَى عُلُوجٍ أَيْضا

[3532] إِن دَارنَا شاسعة أَي بعيدَة

[3533] دَخَلْتْ حِفْشًا بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَمُعْجَمَةٍ الْبَيْتُ الصَّغِيرُ الذَّلِيلُ الْقَرِيبُ السُّمْكِ سُمِّيَ بِهِ لِضِيقِهِ وَالتَّحَفُّشُ الِانْضِمَامُ وَالِاجْتِمَاعُ فَتَفْتَضُّ بِهِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ فِي رِوَايَةٍ بِالْفَاءِ وَالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ تَكْسِرُ مَا هِيَ فِيهِ مِنَ الْعِدَّةِ بِأَنْ تَأْخُذَ طَائِرًا فَتَمْسَحُ بِهِ فَرْجَهَا وَتَنْبِذُهُ فَلَا يَكَادُ يَعِيشُ مِنَ الْفَضِّ وَهُوَ الْكَسْرُ وَرُوِيَ بِالْقَافِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَهِيَ رِوَايَةُ الشَّافِعِيِّ أَيْ تَعْدُو مُسْرِعَةً إِلَى مَنْزِلِ أَبَوَيْهَا لِأَنَّهَا كَالْمُسْتَحْيِيَةِ مِنْ قُبْحِ مَنْظَرِهَا مِنَ الْقَبْصِ وَهُوَ الْإِسْرَاعُ يُقَالُ قَبَصَتِ الدَّابَّةُ قَبْصًا إِذَا أَسْرَعَتْ وَقَالَ الْهَرَوِيُّ مِنَ الْقَبْضِ وَهُوَ الْقَبْضُ بِأَطْرَافِ الْأَصَابِعِ

[3534] لَا ثَوْبَ عَصْبٍ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الصَّادِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَمُوَحَّدَةٍ بُرُودٌ يَمَنِيَّةٌ يُعْصَبُ غَزْلُهَا أَيْ يُجْمَعُ وَيُشَدُّ ثُمَّ يُصْبَغُ وَيُنْسَجُ فَيَأْتِي مُوشِيًّا لِبَقَاءِ مَا عُصِبَ مِنْهُ أَبْيَضَ لَمْ يَأْخُذهُ صَبْغٌ يُقَال بُرْدٌ عَصْبٌ وَبُرْدُ عَصْبٍ بِالتَّنْوِينِ وَالْإِضَافَةِ وَقِيلَ هِيَ بُرُودٌ مُخَطَّطَةٌ نُبَذ جَمْعُ نُبْذَةٍ وَهِيَ الْقِطْعَةُ مِنْ قِسْطٍ وَأَظْفَارٍ قَالَ فِي النِّهَايَةِ فِي رِوَايَةٍ مِنْ قِسْطِ أَظْفَارٍ وَالْقِسْطُ ضَرْبٌ مِنَ الطِّيبِ وَقِيلَ هُوَ الْعُودُ وَالْقِسْطُ عَقَارٌ مَعْرُوفٌ فِي الْأَدْوِيَةِ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ تُبَخَّرُ بِهِ النِّسَاءُ وَالْأَطْفَالُ وَهُوَ أَشْبَهُ بِالْحَدِيثِ لِإِضَافَتِهِ إِلَى الْأَظْفَارِ وَقَالَ فِي حَرْفِ الظَّاءِ الْأَظْفَارُ جِنْسٌ مِنَ الطِّيبِ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ وَقِيلَ وَاحِدُهُ ظُفْرٌ وَقِيلَ هُوَ شَيْءٌ مِنَ الْعِطْرِ أَسْوَدُ وَالْقِطْعَةُ مِنْهُ شَبِيهَةٌ بالظفر

[3535] وَلَا الْمُمَشَّقَةَ أَيِ الْمَصْبُوغَةَ بِالْمِشْقِ وَهُوَ بِالْكَسْرِ الْمغرَة [3537] كُحْلُ الْجَلَاءِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ بِالْكَسْرِ وَالْمَدِّ الْإِثْمِدُ وَقِيلَ هُوَ بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ وَالْقَصْرِ ضَرْبٌ مِنَ الْكُحْلِ يُشِبُّ الْوَجْهَ أَيْ يُلَوِّنُهُ ويحسنه

كتاب الخيل

(كِتَاب الْخَيْلِ) [3561] أَذَالَ النَّاسُ الْخَيْلَ بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ أَهَانُوهَا وَاسْتَخَفُّوا بِهَا وَقِيلَ أَرَادَ أَنَّهُمْ وَضَعُوا أَدَاةَ الْحَرْبِ عَنْهَا وَأَرْسَلُوهَا قَدْ وَضَعَتِ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا أَيِ انْقَضَى أَمْرُهَا وَخَفَّتْ أَثْقَالُهَا فَلَمْ يَبْقَ قِتَالٌ تَتَّبِعُونِي أَفْنَادًا بِالْفَاءِ وَالنُّونِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ جَمَاعَاتٍ مُتَفَرِّقِينَ قَوْمًا بَعْدَ قَوْمٍ وَاحِدُهُمْ فِنْدٌ وَعُقْرُ دَارِ الْمُؤْمِنِينَ الشَّامُ قَالَ فِي النِّهَايَةِ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَفَتْحِهَا أَيْ أَصْلُهَا وَمَوْضِعُهَا كَأَنَّهُ أَشَارَ بِهِ إِلَى وَقْتِ الْفِتَنِ أَنْ يَكُونَ الشَّامُ يَوْمَئِذٍ آمِنًا مِنْهَا وَأهل الْإِسْلَام بِهِ أسلم

[3563] فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَيْ أَعَدَّهَا لِلْجِهَادِ فِي مَرْجٍ هِيَ الْأَرْضُ الْوَاسِعَةُ ذَاتُ نَبَاتٍ كَثِيرٍ يَمْرَجُ فِيهِ الدَّوَابُّ أَيْ تُخَلَّى وَتَسْرَحُ مُخْتَلِطَةً كَيْفَ تَشَاءُ فِي طِيلِهَا بِالْكَسْرِ هُوَ الْحَبْلُ الطَّوِيلُ يُشَدُّ أَحَدُ طَرَفَيْهِ فِي وَتَدٍ أَوْ غَيْرِهِ وَالطَّرَفُ الْآخَرُ فِي يَدِ الْفَرَسِ لِيَدُورَ فِيهِ وَيَرْعَى وَلَا يَذْهَبَ لِوَجْهِهِ وَيُقَالُ لَهُ الطِّوَلُ بِالْكَسْرِ أَيْضًا وَأَطْالَ وَطَوَّلَ بِمَعْنًى أَيْ شَدَّهَا فِي الْحَبْلِ فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ أَيْ جَرَتْ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الِاسْتِنَانُ أَنْ يَحْضُرَ الْفَرَسُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ فَارِسٌ وَقَالَ غَيْرُهُ اسْتَنَّ فِي طَوِيلِهِ أَيْ مَرَجَ فِيهِ مِنَ النَّشَاطِ وَقَالَ ثَابِتٌ الِاسْتِنَانُ أَنْ تَلِجَ فِي عُودِهَا ذَاهِبَةً وَرَاجِعَةً وَقِيلَ هُوَ الْجَرْيُ إِلَى فَوْقُ وَالشَّرَفُ بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ هُوَ الْعَالِي مِنَ الْأَرْضِ وَقِيلَ الْمُرَادُ هُنَا طَلْقًا أَوْ طَلْقَيْنِ وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ لَمْ يُرِدْ أَنْ تُسْقَى كَانَ ذَلِكَ حَسَنَاتٍ قَالَ

النَّوَوِيُّ هَذَا مِنْ بَابِ التَّنْبِيهِ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ يَحْصُلُ لَهُ هَذِهِ الْحَسَنَاتُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ فَمَعَ الْقَصْدِ أَوْلَى بِإِضْعَافِ الْحَسَنَاتِ وَرَجُلٌ رَبَطَهَا تَغَنِّيًا وَتَعَفُّفًا أَيِ اسْتِغْنَاءً بِهَا عَنِ الطَّلَبِ مِنَ النَّاسِ وَلَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي رِقَابِهَا وَلَا ظُهُورِهَا قَالَ النَّوَوِيُّ اسْتَدَلَّ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْخَيْلِ وَتَأَوَّلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُجَاهِدُ بِهَا وَقَدْ يَجِبُ الْجِهَادُ بِهَا إِذَا تَعَيَّنَ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِظُهُورِهَا إِطْرَاقُ فَحْلِهَا إِذَا طُلِبَتْ عَارِيَّتُهُ وَهَذَا عَلَى النَّدْبِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِحَقِّ اللَّهِ مِمَّا يَكْسِبُهُ مِنَ الْعَدُوِّ عَلَى ظُهُورِهَا وَهُوَ خُمُسُ الْغَنِيمَةِ وَنِوَاءً بِالْكَسْرِ وَالْمَدِّ أَيْ مُعَادَاةً وَمُنَاوَاةً إِلَّا هَذِهِ الْآيَةُ الْجَامِعَةُ أَيِ الْعَامَّةُ الْمُتَنَاوِلَةُ لِكُلِّ خَيْرٍ وَمَعْرُوفٍ الْفَاذَّةُ أَيِ الْمُنْفَرِدَةُ فِي مَعْنَاهَا القليلة

النظير [3565] وَقَلِّدُوهَا وَلَا تُقَلِّدُوهَا الْأَوْتَارَ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ قَلِّدُوهَا طَلَبَ إِعْلَاءِ الدِّينِ وَالدِّفَاعِ عَنِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا تُقَلِّدُوهَا طَلَبَ أَوْتَارِ الْجَاهِلِيَّةِ وَحُقُوقِهَا الَّتِي كَانَتْ بَيْنَكُمْ وَالْأَوْتَارُ جَمْعُ وِتْرٍ بِالْكَسْرِ وَهُوَ الدَّمُ وَطَلَبُ الثَّأْرِ يُرِيدُ لَا تَجْعَلُوا ذَلِكَ لَازِمًا لَهَا فِي أَعْنَاقِهَا وَقِيلَ أَرَادَ بِالْأَوْتَارِ جَمْعِ وَتَرِ الْقَوْسَ أَيْ لَا تَجْعَلُوا فِي أَعْنَاقِهَا الْأَوْتَارَ فَتَخْتَنِقَ فَإِنَّ الْخَيْلَ رُبَّمَا رَعَتِ الْأَشْجَارَ فَنَشِبَتِ الْأَوْتَارُ بِبَعْضِ شُعَبِهَا فَتَخْنُقُهَا وَقِيلَ إِنَّمَا نَهَاهُمْ عَنْهَا لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَنَّ تَقْلِيدَ الْخَيْلِ بِالْأَوْتَارِ يَدْفَعُ عَنْهَا الْعَيْنَ وَالْأَذَى فَيَكُونُ كَالْعُوذَةِ لَهَا فَنَهَاهُمْ وَأَعْلَمَهُمْ أَنَّهَا لَا تَدْفَعُ ضَرَرًا وَلَا تَصْرِفُ حَذَرًا

كُمَيْتٍ بِلَفْظِ الْمُصَغَّرِ هُوَ الَّذِي لَوْنُهُ بَيْنَ السَّوَادِ وَالْحُمْرَةِ أَغَرَّ هُوَ الَّذِي فِي وَجْهِهِ بَيَاضٌ مُحَجَّلٍ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ الَّذِي يَرْتَفِعُ الْبَيَاضُ فِي قَوَائِمِهِ إِلَى مَوْضِعِ الْقَيْدِ وَيُجَاوِزُ الْأَرْسَاغَ وَلَا يُجَاوِزُ الرُّكْبَتَيْنِ لِأَنَّهَا مَوْضِعُ الْأَحْجَالِ وَهِيَ الْخَلَاخِيلُ وَالْقُيُودُ وَلَا يَكُونُ التَّحْجِيلُ بِالْيَدِ وَالْيَدَيْنِ مَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا رِجْلٌ أَو رجلَانِ [3566] كَرِهَ الشِّكَالَ مِنَ الْخَيْلِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ أَنْ يَكُونَ ثَلَاثُ قَوَائِمَ مِنْهُ مُحَجَّلَةً وَوَاحِدَةٌ مُطْلَقَةً تَشْبِيهًا بِالشِّكَالِ الَّذِي تُشْكَلُ بِهِ الْخَيْلُ لِأَنَّهُ يَكُونُ فِي ثَلَاثِ

قَوَائِمَ غَالِبًا وَقِيلَ هُوَ أَنْ تَكُونَ الْوَاحِدَةُ مُحَجَّلَةً وَالثَّلَاثُ مُطْلَقَةً وَقِيلَ هُوَ أَنْ يَكُونَ إِحْدَى يَدَيْهِ وَإِحْدَى رِجْلَيْهِ مِنْ خِلَافٍ مُحَجَّلَتَيْنِ وَإِنَّمَا كَرِهَهُ لِأَنَّهُ كَالْمَشْكُولِ صُورَةً تَفَاؤُلًا وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ جَرَّبَ ذَلِكَ الْجِنْسَ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ نَجَابَةٌ وَقِيلَ إِذَا كَانَ مَعَ ذَلِكَ أَغَرَّ زَالَتِ الْكَرَاهَةُ لِزَوَالِ شَبَهِ الشِّكَالِ وَقَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ اخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِ الشِّكَالِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ عَلَى عَشَرَةِ أَقْوَالٍ فَذَكَرَ الثَّلَاثَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ وَالرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ التَّحْجِيلُ فِي يَدٍ وَرِجْلٍ مِنْ شِقٍّ وَاحِدٍ فَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا قِيلَ شِكَالٌ مُخَالِفٌ الْخَامِسُ أَنَّ الشِّكَالَ بَيَاضُ الرِّجْلِ الْيُمْنَى السَّادِسُ أَنَّهُ بَيَاضُ الْيُسْرَى السَّابِعُ أَنَّهُ بَيَاضُ الرِّجْلَيْنِ الثَّامِنُ أَنَّهُ بَيَاضُ الْيَدَيْنِ التَّاسِعُ بَيَاضُ الْيَدَيْنِ وَرِجْلٍ وَاحِدَةٍ الْعَاشِرُ بَيَاضُ الرِّجْلَيْنِ وَيَدٍ وَاحِدَةٍ حَكَى هَذِهِ الْأَقْوَالَ السَّبْعَةَ الْمُنْذِرِيُّ فِي حَوَاشِيِّهِ وَالثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ مَشْهُورَةٌ وَالثَّالِثُ مِنْهَا هُوَ الَّذِي فَسَّرَ بِهِ الشِّكَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ فَالْأَخْذُ بِهِ أَوْلَى لِأَنَّهُ إِمَّا مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مِنْ كَلَامِ الرَّاوِي وَهُوَ أعرف بتفسير الحَدِيث [3570] فَفِي الرَّبْعَةِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ الرَّبْعُ الْمَنْزِلُ وَدَار الْإِقَامَة والربعة أخص مِنْهُ

كتاب الأحباس

(كتاب الأحباس) بثمغ بميم وغين مُعْجمَة أَرض بِالْمَدِينَةِ

كتاب الوصايا

(كتاب الْوَصَايَا) [3626] قُلْتُ فَالشَّطْرُ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ النِّصْفُ وَنَصَبَهُ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ أَيْ أَهَبُ الشَّطْرَ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فَالثُّلُثُ عَالَةً جَمْعُ عَائِلٍ أَيْ فُقَرَاءَ يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ أَيْ يَمُدُّونَ أَكُفَّهُمْ إِلَيْهِمْ يَسْأَلُونَهُمْ

[3642] وَإِنَّهَا لَتَقْصَعُ بِجَرَّتِهَا قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَرَادَ شِدَّةَ الْمَضْغِ وَضَمَّ بَعْضِ الْأَسْنَانِ عَلَى بَعْضٍ وَقِيلَ قَصْعُ الْجَرَّةِ خُرُوجُهَا مِنَ الْجَوْفِ إِلَى الشِّدْقِ وَمُتَابَعَةُ بَعْضِهَا بَعْضًا وَإِنَّمَا تَفْعَلُ ذَلِكَ النَّاقَةُ إِذَا كَانَتْ مُطَمْئِنَّةً وَإِذَا خَافَتْ شَيْئًا لم تخرجها

[3644] غَيْرَ أَنَّ لَكُمْ رَحِمًا سَأَبُلُّهَا بِبَلَالِهَا قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ أَصِلُكُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَالْبَلَالُ جَمْعُ بَلل وَقيل هُوَ كل مابل الْحَلْقَ مِنْ مَاءٍ أَوْ لَبَنٍ أَوْ غَيْرِهِ

[3649] إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسَهَا قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ مَاتَتْ فَجْأَةً وَأُخِذَتْ نَفْسُهَا مُعَدًّى إِلَى مفعولين كَمَا تَقول اختلسه الشَّيْء واستلبه إباه ثُمَّ بَنَى الْفِعْلَ لِمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ فَتَحَوَّلَ الْمَفْعُولُ مُضْمَرًا وَبَقِيَ الثَّانِي مَنْصُوبًا وَيَكُونُ التَّاءُ الْأَخِيرَةُ ضَمِيرَ الْأُمِّ أَيِ افْتُلِتَتْ هِيَ نَفْسَهَا وَأَمَّا الرَّفْعُ فَيَكُونُ مُتَعَدِّيًا إِلَى مَفْعُولٍ

وَاحِدٍ قَائِمٍ مَقَامَ الْفَاعِلِ وَيَكُونُ التَّاءُ لِلنَّفْسِ أَيْ أُخِذَتْ نَفْسُهَا فَلْتَةً وَقَالَ عِيَاضٌ وَالنَّوَوِيُّ قَوْلُهُ افْتُلِتَتْ بِالْفَاءِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي رَوَاهُ أهل الحَدِيث وَغَيرهم وَرَوَاهُ بن قُتَيْبَة اقتلتت نَفْسُهَا بِالْقَافِ قَالَ وَهِيَ كَلِمَةٌ تُقَالُ لِمَنْ مَاتَ فَجْأَة

إِذا مَاتَ بن آدم انْقَطع عَنهُ عمله إِلَّا من ثَلَاثَة قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ إِنَّمَا أَجْرَى عَلَى هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ الثَّوَابَ بَعْدَ مَوْتِهِمْ لِوُجُودِ ثَمَرَةِ أَعْمَالِهِمْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ كَمَا كَانَتْ مَوْجُودَةً فِي حَيَاتِهِمْ [3651] صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ حُمِلَتْ عَلَى الْوَقْفِ وَعِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ وَوَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ مَعْنَاهُ أَنَّ عَمَلَ الْمَيِّتِ مُنْقَطِعٌ بِمَوْتِهِ لَكِنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَمَّا كَانَ هُوَ سَبَبَهَا مِنِ اكْتِسَابِهِ الْوَلَدَ وَبَثِّهِ الْعِلْمَ عِنْدَ مَنْ حَمَلَهُ عَنْهُ أَوْ إِيدَاعِهِ تَأْلِيفًا بَقِيَ بَعْدَهُ وَإِيقَافِهِ هَذِهِ الصَّدَقَةَ بَقِيَتْ لَهُ أُجُورُهَا مَا بَقِيَتْ وَوُجِدَتْ وَنَقَلَهُ النَّوَوِيُّ عَنِ الْعُلَمَاءِ وَذَكَرَ الْقَاضِي تَاجُ الدِّينِ السُّبْكِيُّ أَنَّ حَمْلَ الْعِلْمِ الْمَذْكُورِ عَلَى التَّأْلِيفِ أَقْوَى لِأَنَّهُ أَطْوَلُ مُدَّةً وَأَبْقَى عَلَى مَمَرِّ الزَّمَانِ وَرَأَيْتُ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي كُرَّاسَةٍ قَالَ الْأَخْنَائِيُّ فِي كِتَابِ الْبُشْرَى بِمَا يَلْحَقُ الْمَيِّتَ مِنَ الثَّوَابِ فِي الدَّارِ الْأُخْرَى

قَوْلُهُ وَعِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ هُوَ مَا خَلَّفَهُ مِنْ تَعْلِيمٍ أَوْ تَصْنِيفٍ وَرِوَايَةٍ وَرُبَّمَا دَخَلَ فِي ذَلِكَ نَسْخُ كُتُبِ الْعِلْمِ وَتَسْطِيرُهَا وَضَبْطُهَا وَمُقَابَلَتُهَا وَتَحْرِيرُهَا وَالْإِتْقَانُ لَهَا بِالسَّمَاعِ وَكِتَابَةُ الطَّبَقَاتِ وَشِرَاءُ الْكُتُبِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى ذَلِكَ وَلَكِنْ شَرْطُهُ أَن يكون مُنْتَفعا بِهِ

مخرفا بِالْفَتْح هُوَ الْحَائِط من النخيل

[3667] يَا أَبَا ذَرٍّ إِنِّي أَرَاكَ ضَعِيفًا وَإِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي لَا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ وَلَا تَوَلَّيَنَّ عَلَى مَالِ يَتِيمٍ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ أَيْ ضَعِيفًا عَنِ الْقِيَامِ بِمَا يَتَعَيَّنُ عَلَى الْأَمِيرِ مِنْ مُرَاعَاةِ مَصَالِحِ رَعِيَّتِهِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَالدِّينِيَّةِ وَوَجْهُ ضَعْفِهِ عَنْ ذَلِكَ أَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِ كَانَ الزُّهْدُ وَاحْتِقَارُ الدُّنْيَا وَمَنْ هَذَا حَاله لَا يعتنى بمصالح الدُّنْيَا ولأموالها اللَّذَيْنِ بِمُرَاعَاتِهِمَا تَنْتَظِمُ مَصَالِحُ الدِّينِ وَيَتِمُّ أَمْرُهُ وَقَدْ كَانَ أَبُو ذَرٍّ أَفْرَطَ فِي الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا حَتَّى انْتَهَى بِهِ الْحَالُ إِلَى أَنْ يُفْتِيَ بِتَحْرِيمِ الْجَمْعِ لِلْمَالِ وَإِنْ أُخْرِجَتْ زَكَاتُهُ وَكَانَ يَرَى أَنَّهُ الْكَنْزُ الَّذِي تَوَعَّدَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الْقُرْآنِ فَلَمَّا عَلِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ هَذِهِ الْحَالَةَ نصحه وَنَهَاهُ

عَنِ الْإِمَارَةِ وَعَنْ وِلَايَةِ مَالِ الْأَيْتَامِ وَأَكَّدَ النَّصِيحَةَ بِقَوْلِهِ وَإِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي وَأَمَّا مَنْ قَوِيَ عَلَى الْإِمَارَةِ وَعَدَلَ فِيهَا فَإِنَّهُ مِنَ السَّبْعَةِ الَّذِينَ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظله

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لَا أَقْبَلَ هَدِيَّةً إِلَّا مِنْ قُرَشِيٍّ أَوْ أَنْصَارِيٍّ أَوْ ثَقَفِيٍّ أَوْ دَوْسِيٍّ قَالَ الْأَنْدَلُسِيُّ فِي شَرْحِ الْمُفَصَّلِ سُئِلَ الْمُزَنِيُّ عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ أَحَدًا إِلَّا كُوفِيًّا أَوْ بَصْرِيًّا فَكَلَّمَ كُوفِيًّا وَبَصْرِيًّا فَقَالَ مَا أَرَاهُ إِلَّا حَانِثًا فَأَنْهَى ذَلِكَ إِلَى بَعْضِ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ الْمُقِيمِينَ بِمِصْرَ فَقَالَ أَخْطَأَ الْمُزَنِيُّ وَخَالَفَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كل ذِي ظفر إِلَى قَوْلِهِ إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الحوايا أَو مَا اخْتَلَط بِعظم وَأَمَّا السُّنَّةُ فَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لَا أَقْبَلَ هَدِيَّةً إِلَّا مِنْ قرشي أَو ثقفي فَالْمَفْهُومُ أَنَّ الْقُرَشِيَّ وَالثَّقَفِيَّ كَانَا مُسْتَثْنَيَيْنِ فَذَكَرَ أَنَّ الْمُزَنِيَّ لَمَّا سَمِعَ بِذَلِكَ رَجَعَ إِلَى قَوْله

كتاب الإيمان والنذور

(كتاب الْإِيمَان وَالنُّذُور) [3766] مَا حَلَفْتُ بِهَا بَعْدُ ذَاكِرًا وَلَا آثِرًا قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ مَا حَلَفْتُ بِهَا مُبْتَدِئًا مِنْ نَفْسِي وَلَا رُوِّيتُ عَنْ أَحَدٍ أَنه حلف بهَا السَّمَاسِرَةَ جَمْعُ سِمْسَارٍ بِمُهْمَلَتَيْنِ وَهُوَ فِي الْبَيْعِ اسْمُ الَّذِي يَدْخُلُ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَالْمُتَوَسِّطُ لإمضاء البيع نَهَى عَنِ النُّذُورِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ هَذَا غَرِيبٌ مِنَ الْعِلْمِ وَهُوَ أَنْ يَنْهَى عَنْ الشَّيْءِ أَنْ يُفْعَلَ حَتَّى إِذَا فُعِلَ وَقَعَ وَاجِبًا

[3809] خَيْرُكُمْ قَرْنِي قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْقَرْنُ أَهْلُ كُلِّ زَمَانٍ وَهُوَ مِقْدَارُ التَّوَسُّطِ فِي أَعْمَارِ أَهْلِ كُلِّ زَمَانٍ مَأْخُوذٌ مِنَ الِاقْتِرَانِ فَكَأَنَّهُ الْمِقْدَارُ الَّذِي يَقْتَرِنُ فِيهِ أَهْلُ ذَلِكَ الزَّمَانِ فِي أَعْمَارِهِمْ وَأَحْوَالِهِمْ وَيَظْهَرُ فِيهِمْ السِّمَنُ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ أَنْ يَتَكَثَّرُوا بِمَا لَيْسَ فِيهِمْ وَيَدَّعُوا لِمَا لَيْسَ لَهُمْ مِنْ الشَّرَفِ وَقِيلَ أَرَادَ جَمْعَهُمُ الْأَمْوَالَ وَقِيلَ يُحِبُّونَ التَّوَسُّعَ فِي المآكل والمشارب وَهِي أَسبَاب السّمن

[3810] يَقُودُ رَجُلًا فِي قَرَنٍ بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ حَبل

كتاب المزارعة

(كتاب الْمُزَارعَة) [3899] عَلَى الْمَاذِيَانَاتِ بِكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَحُكِيَ فَتْحُهَا مَسَايِلُ الْمِيَاهِ مُعَرَّبَةٌ وَأَقْبَالِ الْجَدَاوِلِ بِهَمْزَةٍ مَفْتُوحَةٍ وقاف وموحدة هِيَ الْأَوَائِل والرؤس جَمْعُ قِبْلَةٍ وَقَدْ يَكُونُ جَمْعَ قُبُلٍ بِالتَّحْرِيكِ وَهُوَ الْكَلَأُ فِي مَوَاضِعَ مِنْ الْأَرْضِ وَالْجَدَاوِلُ جَمْعُ جَدْوَلٍ وَهُوَ النَّهْرُ الصَّغِيرُ

[3902] على الرّبيع هوالنهر الصَّغِير

كتاب عشرة النساء

(كتاب عشرَة النِّسَاءِ) [3939] عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُبِّبَ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا النِّسَاءُ وَالطِّيبُ وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ قَالَ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ زِيَادَةٌ فِي الِابْتِلَاءِ وَالتَّكْلِيفِ حَتَّى

يَلْهُوَ بِمَا حُبِّبَ إِلَيْهِ مِنَ النِّسَاءِ عَمَّا كُلِّفَ مِنْ أَدَاءِ الرِّسَالَةِ فَيَكُونَ ذَلِكَ أَكْثَرَ لِمَشَاقِّهِ وَأَعْظَمَ لِأَجْرِهِ وَالثَّانِي لِتَكُونَ خَلَوَاتُهُ مَعَ مَا يُشَاهِدُهَا مِنْ نِسَائِهِ فَيَزُولَ عَنْهُ مَا يَرْمِيهِ بِهِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ أَنَّهُ سَاحِرٌ أَوْ شَاعِرٌ فَيَكُونَ تَحْبِيبُهُنَّ إِلَيْهِ عَلَى وَجْهِ اللُّطْفِ بِهِ وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ عَلَى وَجْهِ الِابْتِلَاءِ وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ فَهُوَ لَهُ فَضِيلَةٌ وَقَالَ التُّسْتَرِيُّ فِي شَرْحِ الْأَرْبَعِينَ مِنْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِمَعْنَى فِي لِأَنَّ هَذِهِ مِنَ الدِّينِ لَا مِنَ الدُّنْيَا وَإِنْ كَانَتْ فِيهَا وَالْإِضَافَةُ فِي رِوَايَةِ دنياكم للايذان بِأَن لاعلاقة لَهُ بِهَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى وَفَائِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَصْلَيِ الدِّينِ وَهُمَا التَّعْظِيمُ لِأَمْرِ اللَّهِ وَالشَّفَقَةُ عَلَى خَلْقِ اللَّهِ وَهُمَا كَمَالَا قُوَّتَيْهِ النَّظَرِيَّةِ وَالْعَمَلِيَّةِ فَإِنَّ كَمَالَ الْأُولَى بِمَعْرِفَةِ اللَّهِ وَالتَّعْظِيمُ دَلِيلٌ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ بِدُونِهَا وَالصَّلَاةُ لِكَوْنِهَا مُنَاجَاةَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُصَلِّي يُنَاجِي رَبَّهُ نَتِيجَةُ التَّعْظِيمِ عَلَى مَا يَلُوحُ مِنْ أَرْكَانِهَا وَوَظَائِفِهَا وَكَمَالُ الثَّانِيَةِ فِي الشَّفَقَةِ وَحُسْنِ الْمُعَامَلَةِ مَعَ الْخَلْقِ وَأَوْلَى الْخَلْقِ بِالشَّفَقَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ النَّاسِ نَفْسُهُ وَبَدَنُهُ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْدَأْ بِنَفْسِكَ ثُمَّ بِمَنْ تَعُولُ وَالطِّيبُ أَخَصُّ الذَّاتِ بِالنَّفْسِ وَمُبَاشَرَةُ النِّسَاءِ أَلَذُّ الْأَشْيَاءِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْبَدَنِ مَعَ مَا يَتَضَمَّنُ مِنْ حِفْظِ الصِّحَّةِ وَبَقَاءِ النَّسْلِ الْمُسْتَمِرِّ لِنِظَامِ الْوُجُودِ ثُمَّ إِنَّ مُعَامَلَةَ النِّسَاءِ أَصْعَبُ مِنْ مُعَامَلَةِ الرِّجَالِ لِأَنَّهُنَّ أَرَقُّ دِينًا وَأَضْعَفُ عَقْلًا وَأَضْيَقُ خُلُقًا كَمَا قَالَ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ فَهُوَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَحْسَنَ معاملتهن بِحَيْثُ عوتب بقوله تَعَالَى تبتغي مرضات أَزوَاجك وَكَانَ صُدُورُ ذَلِكَ مِنْهُ طَبْعًا لَا تَكَلُّفًا كَمَا يَفْعَلُ الرَّجُلُ مَا يُحِبُّهُ مِنْ الْأَفْعَالِ فَإِذَا كَانَتْ مُعَامَلَتُهُ مَعَهُنَّ هَذَا فَمَا ظَنُّكَ بِمُعَامَلَتِهِ مَعَ الرِّجَالِ الَّذِينَ هُمْ أَكْمَلُ عَقْلًا وَأَمْثَلُ دِينًا وَأَحْسَنُ خُلُقًا وَقَوْلُهُ [3940] وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ كَمَالَ الْقُوَّةِ النَّظَرِيَّةِ أَهَمُّ عِنْدَهُ وَأَشْرَفُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَأَمَّا تَأْخِيرُهُ فَلِلتَّدَرُّجِ التَّعْلِيمِيِّ مِنَ الْأَدْنَى إِلَى الْأَعْلَى وَقَدَّمَ الطِّيبَ عَلَى النِّسَاءِ لِتَقَدُّمِ حَظِّ النَّفْسِ عَلَى حَظِّ الْبَدَنِ فِي الشَّرَفِ وَقَالَ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ فِي نَوَادِرِ الْأُصُولِ الْأَنْبِيَاءُ زِيدُوا فِي النِّكَاحِ لِفَضْلِ نُبُوَّتِهِمْ وَذَلِكَ أَنَّ النُّورَ إِذَا امْتَلَأَ مِنْهُ الصَّدْرُ فَفَاضَ فِي الْعُرُوقِ الْتَذَّتِ النَّفْسُ وَالْعُرُوقُ فَأَثَارَ الشَّهْوَةَ وَقَوَّاهَا وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ النَّبِيِّينَ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يُفَضَّلُونَ بِالْجِمَاعِ عَلَى النَّاسِ وَرُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ أُعْطِيتُ قُوَّةَ أَرْبَعِينَ رَجُلًا فِي الْبَطْشِ وَالنِّكَاحِ وَأُعْطِيَ الْمُؤْمِنُ قُوَّةَ عَشَرَةٍ فَهُوَ بِالنُّبُوَّةِ وَالْمُؤْمِنُ بِإِيمَانِهِ وَالْكَافِرُ لَهُ شَهْوَةُ الطَّبِيعَةِ فَقَطْ قَالَ وَأَمَّا الطِّيبُ فَإِنَّهُ يُزَكِّي الْفُؤَادَ وَأَصْلُ الطِّيبِ إِنَّمَا خَرَجَ مِنَ الْجَنَّةِ تزوج آدَمُ مِنْهَا بِوَرَقَةٍ تَسَتَّرَ بِهَا فَتُرِكَتْ عَلَيْهِ وَرَوَى أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم

أَرْبَعٌ مِنْ سُنَنِ الْمُرْسَلِينَ التَّعَطُّرُ وَالْحَيَاءُ وَالنِّكَاحُ وَالسِّوَاكُ وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ السِّرُّ فِي إِبَاحَةِ نِكَاحِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرَادَ نَقْلَ بَوَاطِنِ الشَّرِيعَةِ وَظَوَاهِرِهَا وَمَا يُسْتَحْيَا مِنْ ذِكْرِهِ ومالا يُسْتَحْيَا مِنْهُ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَدَّ النَّاسِ حَيَاءً فَجَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ نِسْوَةً يَنْقُلْنَ مِنَ الشَّرْعِ مَا يَرَيْنَهُ مِنْ أَفْعَالِهِ وَيَسْمَعْنَهُ مِنْ أَقْوَالِهِ الَّتِي قد يستحي من الإفصاح بهَا بِحَضْرَة الرِّجَال ليتكمل نَقْلُ الشَّرِيعَةِ وَكَثَّرَ عَدَدَ النِّسَاءِ لِيَكْثُرَ النَّاقِلُونَ لِهَذَا النَّوْعِ وَمِنْهُنَّ عُرِفَ مَسَائِلُ الْغُسْلِ وَالْحَيْضِ وَالْعِدَّةِ وَنَحْوِهَا قَالَ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِشَهْوَةٍ مِنْهُ فِي النِّكَاحِ وَلَا كَانَ يُحِبُّ الْوَطْءَ لِلَّذَّةِ الْبَشَرِيَّةِ مَعَاذَ اللَّهِ وَإِنَّمَا حُبِّبَ إِلَيْهِ النِّسَاء لنقلهن عَنهُ مَا يستحي هُوَ مِنَ الْإِمْعَانِ فِي التَّلَفُّظِ بِهِ فَأَحَبَّهُنَّ لِمَا فِيهِ مِنَ الْإِعَانَةِ عَلَى نَقْلِ الشَّرِيعَةِ فِي هَذِهِ الْأَبْوَابِ وَأَيْضًا فَقَدْ نَقَلْنَ مَا لَمْ يَنْقُلْهُ غَيْرُهُنَّ مِمَّا رَأَيْنَهُ فِي مَنَامِهِ وَحَالَةِ خَلْوَتِهِ مِنَ الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ عَلَى نُبُوَّتِهِ وَمِنْ جِدِّهِ وَاجْتِهَادِهِ فِي الْعِبَادَةِ وَمِنْ أُمُورٍ يَشْهَدُ كُلُّ ذِي لُبٍّ أَنَّهَا لَا تَكُونُ إِلَّا لِنَبِيٍّ وَمَا كَانَ يُشَاهِدُهَا غَيْرُهُنَّ فَحَصَلَ بِذَلِكَ خَيْرٌ عَظِيمٌ وَقَالَ الْمُوَفَّقُ عَبْدُ اللَّطِيفِ الْبَغْدَادِيُّ لَمَّا كَانَتِ الصَّلَاةُ جَامِعَةً لِفَضَائِلِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ خَصَّهَا بِزِيَادَةِ صِفَةٍ وَقَدَّمَ الطِّيبَ لِإِصْلَاحِهِ النَّفس

وَثَنَّى بِالنِّسَاءِ لِإِمَاطَةِ أَذَى النَّفْسِ بِهِنَّ وَثَلَّثَ بِالصَّلَاةِ لِأَنَّهَا تَحْصُلُ حِينَئِذٍ صَافِيَةً عَنِ الشَّوَائِبِ خَالِصَة عَن الشواغل [3944] فِي مِرْطِي هُوَ كِسَاءٌ مِنْ صُوفٍ وَرُبَّمَا كَانَ مِنْ خَزٍّ أَوْ غَيْرِهِ مَا عَدَا سَوْرَةً مِنْ حِدَّةٍ أَيْ سَوْرَةٌ تُسْرِعُ مِنْهَا الفيأة أَيْ الرُّجُوعَ لَمْ أَنْشَبْهَا أَيْ لَمْ أُمْهِلْهَا حَتَّى أَنْحَيْتُ عَلَيْهَا قالَ فِي النِّهَايَةِ هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ بِالنُّونِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا مُثَنَّاةٌ تَحْتِيَّةٌ أَيِ اعْتَمَدْتُهَا بِالْكَلَامِ وَقَصَدْتُهَا وَالْمَشْهُورُ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالنُّونِ أَيْ قَطَعْتُهَا وَقَهَرْتُهَا

[3946] فَلم ألبث أَن أفحمتها أَي اسكتها

[3952] فَلَمَّا رُفِّهَ عَنْهُ أَيْ أُزِيحَ وَأُزِيلَ عَنْهُ الضّيق والتعب

[3956] وَمَعَهَا فِهْرٌ هُوَ حَجَرٌ مِلْءُ الْكَفِّ وَقِيلَ هُوَ الْحجر مُطلقًا

[3960] وَلَكِنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ قَالَ أَبُو الْبَقَاءِ فِي إِعْرَابِهِ يُرْوَى بِالْفَتْحِ لِأَنَّهُ فِعْلٌ مَاض قَالَ فَأسلم شيطاني أَي انْقَادَ لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَبِالرَّفْعِ أَيْ فَأَنَا أَسْلَمُ مِنْهُ وَهُوَ فِعْلٌ مُسْتَقْبَلٌ يَحْكِي بِهِ الْحَالَ

كتاب تحريم الدم

(كتاب تَحْرِيم الدَّم) [3985] لَا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا إِلَّا كَانَ عَلَى بن آدم الأول هُوَ قابيل أَخُوهُ هَابِيلُ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا بِكَسْرِ الْكَافِ هُوَ الْحَظ والنصيب تَشْخَبُ بِمُعْجَمَتَيْنِ وَمُوَحَّدَةٍ أَيْ تَسِيلُ أَوْدَاجُهُ هِيَ مَا أَحَاطَ بِالْعُنُقِ مِنَ الْعُرُوقِ وَاحِدُهَا وَدَجٌ

[4020] سَيَكُونُ بَعْدِي هَنَاتٌ وَهَنَاتٌ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ شُرُورٌ وَفَسَادٌ فَإِنَّ يَدَ اللَّهِ عَلَى الْجَمَاعَةِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ يَدُ اللَّهِ كِنَايَةٌ عَنِ الْحِفْظِ أَيْ أَنَّ الْجَمَاعَةَ الْمُتَّفِقَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فِي كَنَفِ اللَّهِ وَوِقَايَتُهُ

فَوْقهم وَهُوَ يعيذهم من الْأَذَى وَالْخَوْف

[4024] فَاسْتَوْخَمُوا الْمَدِينَةَ أَيْ اسْتَثْقَلُوهَا وَلَمْ يُوَافِقْ هَوَاؤُهَا أَبْدَانَهُمْ وَسَمَّرَ أَعْيُنَهُمْ أَيْ أَحْمَى لَهُمْ مَسَامِيرَ الْحَدِيدِ ثُمَّ كَحَّلَهُمْ بِهَا فَاجْتَوَوُا الْمَدِينَةَ أَيْ أَصَابَهُمُ الْجَوَى وَهُوَ الْمَرَضُ وَدَاءُ الْجَوْفِ إِذَا تَطَاوَلَ وَذَلِكَ إِذَا لَمْ يُوَافِقْهُمْ هَوَاؤُهَا وَاسْتَوْخَمُوهَا وَيُقَالُ اجْتَوَيْتُ الْبَلَدَ إِذَا كَرِهْتُ الْمُقَامَ فِيهِ وَإِنْ كُنْتَ فِي نِعْمَةٍ وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ قَالَ فِي النِّهَايَة أَي فقأها بحديدة أَو غَيرهَا وَهُوَ بِمَعْنى السمر وَإِنَّمَا فعل بهم ذَلِك لأَنهم فعلوا بالرعاة وقتلوهم فجازاهم على صنيعهم بِمثلِهِ وَقيل إِن هَذَا كَانَ قبل أَن تنزل الْحُدُود فَلَمَّا نزلت نهى عَن الْمثلَة

[4025] وَلَمْ يَحْسِمْهُمْ أَيْ لَمْ يَكْوِهِمْ لِيَنْقَطِعَ الدَّمُ

[4032] وَلَمْ نَكُنْ أَهْلَ رِيفٍ هِيَ كُلُّ أَرْضٍ فِيهَا زَرْعٌ وَنَخْلٌ وَقِيلَ هُوَ مَا قَارَبَ الْمَاءَ مِنْ أَرْضِ الْعَرَبِ وَمِنْ غَيْرِهَا

[4034] يكدم الأَرْض أَي يعضها [4035] إِلَى لقاح من الْإِبِل ذَوَات الألبان

[4070] إِلَى الْمِغْوَلِ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ شِبْهُ سَيْفٍ قَصِيرٍ يَشْتَمِلُ بِهِ الرَّجُلُ تَحْتَ ثِيَابِهِ فَيُغَطِّيهِ وَقِيلَ حَدِيدَةٌ دَقِيقَةٌ لَهَا حَدٌّ مَاضٍ وَقَفًا وَقِيلَ هُوَ سَوْطٌ فِي جَوْفِهِ سَيْفٌ دَقِيقٌ يَشُدُّهُ الْفَاتِكُ عَلَى وَسَطِهِ لِيَغْتَالَ بِهِ النَّاسَ يَتَدَلْدَلُ أَيْ يَضْطَرِبُ بِهِ مَشْيُهُ

[4079] وَمَنْ تَعَلَّقَ شَيْئًا وُكِلَ إِلَيْهِ أَيْ مَنْ عَلَّقَ شَيْئًا مِنَ التَّعَاوِيذِ وَالتَّمَائِمِ وَأَشْبَاهِهَا مُعْتَقِدًا أَنَّهَا تَجْلِبُ إِلَيْهِ نَفْعًا أَوْ تَدْفَعُ عَنْهُ ضَرَرا

[4080] كَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ قَالَ فِي النِّهَايَةِ كَأَنَّمَا أُنْشِطَ مِنْ عِقَالٍ أَيْ حُلَّ قَالَ وَكَثِيرًا مَا يَجِيءُ فِي الرِّوَايَةِ نَشِطَ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ يُقَالُ نَشَطْتَ الْعُقْدَةَ إِذَا عَقَدْتَهَا وَأَنْشَطْتَهَا إِذا حللتها

[4097] من شهر سَيْفه ثمَّ وَضعه فَدَمُهُ هَدَرٌ قَالَ فِي النِّهَايَةِ مَنْ أَخْرَجَهُ من غمده لِلْقِتَالِ وَأَرَادَ بِوَضْعِهِ ضرب بِهِ بِذُهَيْبَةٍ هِيَ تَصْغِيرُ ذَهَبٍ وَأَدْخَلَ الْهَاءَ فِيهَا لِأَنَّ الذَّهَبَ مُؤَنَّثٌ وَالْمُؤَنَّثُ الثَّلَاثِيُّ إِذَا صُغِّرَ أُلْحِقَ فِي تَصْغِيرِهِ الْهَاءُ وَقِيلَ هُوَ تَصْغِيرُ ذَهَبَةٍ عَلَى نِيَّةِ الْقِطْعَةِ مِنْهَا فَصَغَّرَهَا عَلَى لَفْظِهَا نَاتِئَ بِالْهَمْزِ

[4101] كَثَّ اللِّحْيَةِ بِفَتْحِ الْكَافِ أَيْ كَثِيرُهَا فَسَأَلَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ قَتْلَهُ هُوَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هُوَ هُنَا الْإِسْلَامُ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ هُوَ هُنَا الطَّاعَةُ أَيْ طَاعَةُ الْإِمَامِ

[4102] أَحْدَاثُ الْأَسْنَانِ سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ أَيْ صِغَارُ الْأَسْنَانِ ضِعَافُ الْعُقُولِ يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ فِي ظَاهِرِ الْأَمْرِ كَقَوْلِهِمْ لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ وَنَظَائِرِهِ مِنْ دُعَائِهِمْ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ [4103] عَنِ الْخَوَارِجِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ سُمُّوا بِهَذَا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا وَقِيلَ بَلْ لِخُرُوجِهِمْ عَنِ الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ بَلْ لِخُرُوجِهِمْ عَلَيْهَا كَمَا سُمُّوا مَارِقَةً مِنْ قَوْلِهِ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ قَالَ قد اخْتلف الْأُمَّةُ فِي تَكْفِيرِ الْخَوَارِجِ وَكَادَتِ الْمَسْأَلَةُ تَكُونُ أَشَدَّ إِشْكَالًا عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِينَ مِنْ سَائِرِ الْمَسَائِلِ وَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا الْمَعَالِي وَقَدْ رَغِبَ إِلَيْهِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْحَقِّ فِي الْكَلَامِ عَلَيْهَا فَهَرَبَ مِنْ ذَلِكَ وَاعْتَذَرَ لَهُ بِأَنَّ الْغَلَطَ فِيهَا يَصْعُبُ مَوْقِعُهُ لِأَنَّ إِدْخَالَ كَافِرٍ فِي الْمِلَّةِ أَوْ إِخْرَاجَ مُسْلِمٍ مِنْهَا عَظِيمٌ فِي الدّين

[4103] مَطْمُومُ الشَّعْرِ يُقَالُ طَمَّ شَعْرَهُ إِذَا جَزَّهُ وَاسْتَأْصَلَهُ سِيمَاهُمُ التَّحْلِيقُ قَالَ النَّوَوِيُّ السِّيمَا الْعَلَامَةُ وَالْأَفْصَحُ فِيهِ الْقَصْرُ وَبِهِ قَدْ جَاءَ الْقُرْآنُ والمدلغة وَالْمُرَادُ بِالتَّحْلِيقِ حَلْقُ الرُّءُوسِ قَالَ وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُهُمْ عَلَى كَرَاهَتِهِ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَامَةٌ لَهُمْ وَالْعَلَامَةُ قَدْ تَكُونُ بِحَرَامٍ وَقَدْ تَكُونُ بِمُبَاحٍ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم أَيهمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى

عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِحَرَامٍ قَالَ وَقَدْ ثَبَتَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأَى صَبِيًّا قَدْ حُلِقَ بَعْضُ رَأْسِهِ فَقَالَ احْلِقُوهُ كُلَّهُ أَوِ اتْرُكُوهُ كُلَّهُ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي إِبَاحَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ لَا يَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا قَالَ أَصْحَابُنَا حَلْقُ الرَّأْسِ جَائِزٌ بِكُلِّ حَالٍ لَكِنْ إِنْ شَقَّ عَلَيْهِ تَعَهُّدُهُ بِالدَّهْنِ وَالتَّسْرِيحِ اسْتُحِبَّ حَلْقُهُ وَإِنْ لَمْ يَشُقَّ اسْتُحِبَّ تَرْكُهُ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ قَوْلُهُ سِيمَاهُمُ التَّحْلِيقُ أَيْ جَعَلُوا ذَلِكَ عَلَامَةً لَهُمْ عَلَى رَفْضِهِمْ زِينَةَ الدُّنْيَا وَشِعَارًا لِيُعْرَفُوا بِهِ وَهَذَا مِنْهُمْ جَهْلٌ بِمَا يزهد ومالا يُزْهَدُ فِيهِ وَابْتِدَاعٌ مِنْهُمْ فِي دِينِ اللَّهِ شَيْئا

كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخُلَفَاءُ الراشدون وأتباعهم على خِلَافه

مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً هِيَ بِالْكَسْرِ حَالَةُ الْمَوْتِ أَيْ كَمَا يَمُوتُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ مِنَ الضَّلَالِ وَالْفُرْقَةِ [4114] وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ قَالَ فِي النِّهَايَة هُوَ فعيلة من الْعَمى الضَّلَالَة كَالْقِتَالِ فِي الْعَصَبِيَّةِ وَالْأَهْوَاءِ فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ بِكَسْرِ الْقَاف الْحَالة من الْقَتْل

[4125] لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ قَالَ النَّوَوِيُّ قِيلَ فِي مَعْنَاهُ سَبْعَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا أَنَّ ذَلِكَ كُفْرٌ فِي حَقِّ الْمُسْتَحِلِّ بِغَيْرِ حَقٍّ وَالثَّانِي الْمُرَادُ كُفْرُ النِّعْمَةِ وَحَقِّ الْإِسْلَامِ الثَّالِثُ أَنَّهُ يُقَرِّبُ مِنَ الْكُفْرِ وَيُؤَدِّي إِلَيْهِ وَالرَّابِعُ أَنَّهُ فِعْلٌ كَفِعْلِ الْكُفَّارِ وَالْخَامِسُ الْمُرَادُ حَقِيقَةُ الْكُفْرِ وَمَعْنَاهُ لَا تَكْفُرُوا بَلْ دُومُوا مُسْلِمِينَ وَالسَّادِسُ حَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكُفَّارِ الْمُتَكَفِّرُونَ بِالسِّلَاحِ يُقَالُ تَكَفَّرَ الرَّجُلُ بِسِلَاحِهِ إِذَا لَبِسَهُ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ فِي التَّهْذِيبِ يُقَالُ لِلَابِسِ السِّلَاحِ الْكَافِرُ وَالسَّابِعُ قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ لَا يُكَفِّرُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَتَسْتَحِلُّوا قِتَالَ بَعْضِكُمْ بَعْضًا وَأَظْهَرُ الْأَقْوَالِ الرَّابِعُ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي عِيَاضٍ ثُمَّ إِنَّ الرِّوَايَةَ يَضْرِبُ بِرَفْعٍ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَكَذَا رَوَاهُ الْمُتَقَدِّمُونَ وَالْمُتَأَخِّرُونَ وَبِهِ يَصِحُّ الْمَقْصُودُ هُنَا وَضَبَطَهُ بَعْضُهمْ بِإِسْكَانِ الْبَاءِ قَالَ الْقَاضِي وَهُوَ إِحَالَةٌ لِلْمَعْنَى وَالصَّوَاب الضَّم

[4127] وَلَا يُؤْخَذُ الرَّجُلُ بِجَرِيرَةِ أَبِيهِ أَيْ بِجِنَايَتِهِ وذنبه [4128] لَا ألفينكم أَي لَا أَجِدكُم

[4140] فِي الكراع هُوَ اسْم لجمع الْخَيل

كتاب البيعة

(كتاب الْبيعَة) وَالْمَنْشَطِ هُوَ مَفْعَلٌ مِنَ النَّشَاطِ وَهُوَ الْأَمْرُ الَّذِي تَنْشَطُ لَهُ وَتَخِفُّ إِلَيْهِ وَتُؤْثِرُ فِعْلَهُ وَهُوَ

مَصْدَرٌ بِمَعْنَى النَّشَاطِ يَعْنِي الْمَحْبُوبَ وَالْمَكْرَهِ مَصْدَرٌ بِمَعْنى الْمَكْرُوه

والأثرة عَلَيْنَا بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ يُفَضَّلُ غَيرهم عَلَيْهِم فِي نصِيبه من الْفَيْء

[4161] بايعوني على أَن لَا تُشْرِكُوا بِاللَّه شَيْئا وَلَا تَسْرِقُوا وَلَا تَزْنُوا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ وَلَا تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذَا الْحَدِيثُ إِشَارَةٌ إِلَى مَا فِي قَوْلِهِ

تَعَالَى وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلهنَّ وَهَذَا مُشْكِلٌ لِأَنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُفَسِّرُونَ فِي الْآيَةِ لَا يَجِيءُ هُنَا لِأَنَّهُمْ قَالُوا كَانَتِ الْمَرْأَةُ يَكُونُ لَهَا الزَّوْجُ ذَا الْمَالِ وَلَيْسَ لَهُ وَلَدٌ فَتَخَافُ عَلَى مَالِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَتَلْتَقِطُ وَلَدًا وَتَقُولُ وَلَدْتُهُ فَقَوْلُهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلهنَّ إِشَارَةٌ إِلَى الْوِلَادَةِ وَوَصَفَهُ بِذَلِكَ بِاعْتِبَارِ زَعْمِهِنَّ فِي قَوْلِهِنَّ كَانَ هَذَا مَعْنَى الْآيَةِ لَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الرِّجَالِ قَالَ وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ نِسْبَةِ الْفِعْلِ إِذَا صَدَرَ مِنَ الْوَاحِدِ إِلَى الْجَمَاعَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وتستخرجون حلية تلبسونها فَإِن الرِّجَال لَا يلبسُونَ الْحِلْية

[4164] لَنْ يَتِرَكَ أَيْ لَنْ يُنْقِصَكَ يُقَالُ وَتَرَهُ يتره ترة إِذْ نَقصه

[4169] لَا هِجْرَةَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ قَالُوا الْهِجْرَةُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ بَاقِيَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَأَوَّلُوا الْحَدِيثَ بِأَنَّ مَعْنَاهُ لَا هِجْرَةَ مِنْ مَكَّةَ بَعْدَ أَنْ صَارَتْ دَار إِسْلَام وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ أَيْ لَكِنْ لَكُمْ طَرِيقٌ إِلَى تَحْصِيلِ الْفَضَائِلِ الَّتِي فِي مَعْنَى الْهِجْرَةِ وَذَلِكَ بِالْجِهَادِ وَنِيَّةِ الْخَيْرِ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَإِذَا اُسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا أَيْ إِذَا دَعَاكُمُ الْإِمَامُ إِلَى الْخُرُوجِ إِلَى الْغَزْوِ فَاخْرُجُوا إِلَيْهِ قَالَ الطِّيبِيُّ كَلِمَةُ لَكِنْ تَقْتَضِي مُخَالَفَةَ مَا بَعْدَهَا لِمَا قَبْلَهَا أَيِ الْمُفَارَقَةُ عَنِ الْأَوْطَانِ الْمُسَمَّاةُ بِالْهِجْرَةِ الْمُطْلَقَةِ انْقَطَعَتْ لَكِنَّ الْمُفَارَقَةَ بِسَبَبِ الْجِهَادِ بَاقِيَةٌ مَدَى الدَّهْرِ وَكَذَا الْمُفَارَقَةُ بِسَبَبِ نِيَّةٍ خَالِصَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى كَطَلَبِ الْعِلْمِ وَالْفِرَارِ بِدِينِهِ وَنَحْوِ ذَلِك إِنَّ امْرَأَةً أَسْعَدَتْنِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ الْإِسْعَادُ الْمُعَاوَنَةُ فِي النِّيَاحَة خَاصَّة وَعَكٌ هُوَ الْحُمَّى وَقِيلَ أَلَمُهَا

[4185] إِنَّمَا الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ هِيَ بِالْكَسْرِ كِيرُ الْحَدَّادِ وَهِيَ الْمَبْنِيُّ مِنَ الطِّينِ وَقِيلَ الزِّقُّ الَّذِي يُنْفَخُ بِهِ النَّارُ وَالْمَبْنِيُّ الْكُورُ تَنْفِي خَبَثَهَا أَيْ تُخْرِجُهُ عَنْهَا وَتَنْصَعُ طَيِّبَهَا بِالنُّونِ وَالصَّادِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَتَيْنِ أَيْ تُخَلِّصُهُ وَيُرْوَى بِالْمُوَحَّدَةِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ كَذَا ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ وَقَالَ هُوَ مِنْ أَبْضَعْتُهُ بِضَاعَةً إِذَا دَفَعْتُهَا إِلَيْهِ يَعْنِي أَنَّ الْمَدِينَة تُعْطى طيبها ساكنها وَالْمَشْهُور الأول

4179

[4186] فِي البدو وَهُوَ الْخُرُوج إِلَى الْبَادِيَة

[4191] وَثَمَرَة قلبه أَي خَالص عَهده

[4196] إِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ أَيْ كَالتُّرْسِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ أَيْ يُقْتَدَى بِرَأْيِهِ وَنَظَرِهِ فِي الْأُمُورِ الْعِظَامِ وَالْوَقَائِعِ الْخَطِرَةِ وَلَا يُتَقَدَّمُ عَلَى رَأْيِهِ وَلَا يُنْفَرَدُ دُونَهُ بِأَمْرٍ مُهِمٍّ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ أَيْ يُقَاتَلُ مَعَهُ الْكُفَّارُ

وَالْبُغَاةُ وَسَائِرُ أَهْلِ الْفَسَادِ وَيُنْصَرُ عَلَيْهِمْ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ أَيْ أَمَامَهُ وَوَرَاءَهُ مِنَ الْأَضْدَادِ يُقَالُ بِمَعْنَى خَلْفَ وَبِمَعْنَى أَمَامَ وَهَذَا خَبَرٌ عَنِ الْمَشْرُوعِيَّةِ أَيْ يَجِبُ أَنْ يُقَاتَلَ أَمَامَ الْإِمَامِ وَلَا يُتْرَكَ يُبَاشِرُ الْقِتَالَ بِنَفْسِهِ لَمَا فِيهِ مِنْ تَعَرُّضِهِ لِلْهَلَاكِ فَيَهْلِكَ كُلُّ مَنْ مَعَهُ قَالَ وَقَدْ تَضَمَّنَ هَذَا اللَّفْظُ عَلَى إِيجَازِهِ أَمْرَيْنِ أَنَّ الْإِمَامَ يُقْتَدَى بِرَأْيِهِ وَيُقَاتَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَهُمَا خَبَرَانِ عَنْ أَمْرَيْنِ مُتَغَايِرَيْنِ وَهَذَا أَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ يَكُونُ إِمَامًا لِلنَّاسِ فِي الْقِتَالِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ بَلْ كَمَا بَيَّنَّاهُ وَيُتَّقَى بِهِ أَيْ شَرُّ الْعَدُوِّ وَأَهْلُ الْفَسَادِ وَالظُّلْمِ فَإِنْ أَمَرَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَعَدَلَ فَإِنَّ لَهُ بِذَلِكَ أَجْرًا قَالَ الْقُرْطُبِيُّ أَيْ أَجْرًا عَظِيمًا فَسَكَتَ عَنِ الصِّفَةِ لِلْعِلْمِ بِهَا قُلْتُ فالتنكير فِيهِ للتعظيم [4197] إِنَّمَا الدِّينُ النَّصِيحَةُ الْحَدِيثَ قَالَ فِي النِّهَايَةِ النَّصِيحَةُ كَلِمَةٌ يُعَبَّرُ بِهَا عَنْ جُمْلَةٍ هِيَ إِرَادَةُ الْخَيْرِ لِلْمَنْصُوحِ لَهُ وَلَيْسَ يُمْكِنُ أَنْ يُعَبَّرَ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ يَجْمَعُ مَعْنَاهُ غَيْرُهَا وَأَصْلُ النُّصْحِ فِي اللُّغَةِ الْخُلُوصُ يُقَالُ نَصَحْتُهُ وَنَصَحْتُ لَهُ وَمَعْنَى النَّصِيحَةِ لِلَّهِ صِحَّةُ الِاعْتِقَادِ فِي وَحْدَانِيَّتِهِ وَإِخْلَاصُ النِّيَّةِ فِي عِبَادَتِهِ وَالنَّصِيحَةُ لِكِتَابِ اللَّهِ هُوَ التَّصْدِيقُ بِهِ وَالْعَمَلُ بِمَا فِيهِ وَنَصِيحَةُ رَسُولِهِ التَّصْدِيقُ بِنُبُوَّتِهِ وَرِسَالَتِهِ وَالِانْقِيَادُ لِمَا أَمَرَ بِهِ وَنَهَى عَنْهُ وَنَصِيحَةُ الْأَئِمَّةِ أَنْ يُطِيعَهُمْ فِي الْحَقِّ وَلَا يرى

الْخُرُوجَ عَلَيْهِمْ إِذَا جَارُوا وَنَصِيحَةُ عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ إرشادهم إِلَى مصالحهم [4201] وَلَهُ بِطَانَتَانِ بِطَانَةُ

الرَّجُلِ صَاحِبُ سِرِّهِ وَدَاخِلِ أَمْرِهِ الَّذِي يُشَاوِرُهُ فِي أَحْوَاله وَلَا تَأْلُوهُ خَبَالًا أَيْ لَا يُقَصِّرُ فِي إِفْسَاد أمره

كتاب العقيقة

[160] 4211 - فَنِعْمَتِ الْمُرْضِعَةُ وَبِئْسَتِ الْفَاطِمَةُ قَالَ فِي النِّهَايَةِ ضَرَبَ الْمُرْضِعَةَ مَثَلًا لِلْإِمَارَةِ وَمَا تُوَصِّلُهُ إِلَى صَاحِبِهَا مِنَ الْمَنَافِعِ وَضَرَبَ الْفَاطِمَةَ مَثَلًا لِلْمَوْتِ الَّذِي يَهْدِمُ عَلَيْهِ لَذَّاتِهِ وَيَقْطَعُ مَنَافِعَهَا دُونَهُ (كِتَاب الْعَقِيقَةِ) [4212] عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ مُكَافِئَتَانِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ يَعْنِي مُتَسَاوِيَتَيْنِ فِي السِّنِّ وَقِيلَ مكافئتان

أَيْ مُتَسَاوِيَتَانِ أَوْ مُتَقَارِبَتَانِ وَاخْتَارَ الْخَطَّابِيُّ الْأَوَّلَ وَاللَّفْظَةُ مُكَافِئَتَانِ بِكَسْرِ الْفَاءِ يُقَالُ كَافَأَهُ يُكَافِئُهُ فَهُوَ مُكَافِئُهُ أَيْ مُسَاوِيهِ قَالَ وَالْمُحَدِّثُونَ يَقُولُونَ مُكَافَأَتَانِ بِالْفَتْحِ وَأَرَى الْفَتْحَ أَوْلَى لِأَنَّهُ يُرِيدُ شَاتَيْنِ قَدْ سُوِّيَ بَيْنَهُمَا أَيْ مُسَاوًى بَيْنَهُمَا وَأَمَّا بِالْكَسْرِ فَمَعْنَاهُ مُسَاوِيَتَانِ فَيُحْتَاجُ أَنْ يُذْكَرَ أَيُّ شَيْءٍ سَاوَيَا وَإِنَّمَا لَوْ قَالَ مُتَكَافِئَتَانِ كَانَ الْكَسْرُ أَوْلَى وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُكَافِئَتَيْنِ وَالْمُكَافَأَتَيْنِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ إِذَا كَافَأَتْ أُخْتَهَا فَقَدْ كُوفِئَتْ فَهِيَ مُكَافِئَةٌ وَمُكَافَأَةٌ وَيَكُونُ مَعْنَاهُ مُعَادِلَتَانِ لِمَا يَجِبُ فِي الزَّكَاةِ وَالْأُضْحِيَّةِ مِنَ الْأَسْنَانِ وَيُحْتَمَلُ مَعَ الْفَتْحِ أَنْ يُرَادَ مَذْبُوحَتَانِ مِنْ كَافَأَ الرَّجُلُ بَيْنَ بَعِيرَيْنِ إِذَا نَحَرَهُمَا مَعًا مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقٍ كَأَنَّهُ يُرِيد شَاتين يذبحهما فِي وَقت وَاحِد

وَأَمِيطُوا أَيْ نَحُّوا [4214] عَنْهُ الْأَذَى قَالَ فِي النِّهَايَةِ يُرِيدُ الشَّعْرَ وَالنَّجَاسَةَ وَمَا يَخْرُجُ عَلَى رَأْسِ الصَّبِيِّ حِينَ يُولَدُ يُحْلَقُ عَنْهُ يَوْمَ سابعه

[4220] كُلُّ غُلَامٍ رَهِينٌ بِعَقِيقَتِهِ أَيْ أَنَّ الْعَقِيقَةَ لَازِمَةٌ لَهُ لَا بُدَّ مِنْهَا فَشُبِّهَ فِي لُزُومِهَا لَهُ وَعَدَمِ انْفِكَاكِهِ مِنْهَا بِالرَّهْنِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ تَكَلَّمَ النَّاسُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَأَجْوَدُ مَا قِيلَ فِيهِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ هَذَا فِي الشَّفَاعَةِ يُرِيدُ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَعُقَّ عَنْهُ فَمَاتَ طِفْلًا لَمْ يَشْفَعْ فِي وَالِدَيْهِ وَقيل أَنه مَرْهُون بأذى شعره

[4222] لَا فَرَعَ وَلَا عَتِيرَةَ الْفَرَعُ أَوَّلُ مَا تَلِدُهُ النَّاقَةُ كَانُوا يَذْبَحُونَهُ لِآلِهَتِهِمْ فَنُهِيَ الْمُسْلِمُونَ عَنْهُ وَقِيلَ كَانَ الرَّجُلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا تَمَّتْ إِبِلُهُ مِائَةً قَدَّمَ بِكْرًا فَنَحَرَهُ لِصَنَمِهِ وَهُوَ الْفَرَعُ وَقَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَفْعَلُونَهُ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نُسِخَ وَالْعَتِيرَةُ شَاةٌ تُذْبَحُ فِي رَجَب إِذا اسْتَجْمَلَ بِالْجِيمِ أَيْ صَارَ جَمَلًا وَبِالْحَاءِ أَيْ صَار بِحَيْثُ يحمل عَلَيْهِ

[4283] تَحْتَ نَضَدٍ هُوَ بِالتَّحْرِيكِ السَّرِيرُ الَّذِي تُنْضَدُ عَلَيْهِ الثِّيَابُ أَيْ يُجْعَلُ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ وَهُوَ أَيْضا مَتَاع الْبَيْت المنضود

إِهَابٌ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ الْجِلْدُ وَقِيلَ إِنَّمَا يُقَالُ لِلْجِلْدِ إِهَابٌ قَبْلَ الدَّبْغِ فَأَمَّا بعده فَلَا

فليمقله أَي ليغمسه الْمِعْرَاضُ بِالْكَسْرِ سَهْمٌ بِلَا رِيشِ نَصْلٍ وَإِنَّمَا يُصِيب بعرضه دون حَده

[4284] مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا نَقَصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ قَالَ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ اُخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِهِ فَقِيلَ يَنْقُصُ مِمَّا مَضَى مِنْ عَمَلِهِ وَقِيلَ مِنْ مُسْتَقْبَلِهِ قَالَ وَاخْتَلَفُوا فِي مَحَلِّ نَقْصِ الْقِيرَاطَيْنِ فَقِيلَ يَنْقُصُ قِيرَاطٌ مِنْ عَمَلِ النَّهَارِ وَقِيرَاطٌ مِنْ عَمَلِ اللَّيْلِ وَقِيلَ قِيرَاطٌ مِنْ عَمَلِ الْفَرْضِ وَقِيرَاطٌ مِنْ عَمَلِ النَّفْلِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ الْقِيرَاطُ هُنَا مِقْدَارٌ مَعْلُومٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَالْمُرَادُ نَقْصُ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ عَمَلِهِ وَأَمَّا اخْتِلَافُ الرِّوَايَةِ فِي قِيرَاطَيْنِ وَقِيرَاطٍ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ نَوْعَيْنِ مِنَ الْكِلَابِ أَحَدُهُمَا أَشَدُّ أَذًى مِنْ الْآخَرِ أَوْ لِمَعْنًى فِيهِمَا أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ مُخْتَلِفًا بِاخْتِلَافِ الْمَوَاضِعِ فَيَكُونُ الْقِيرَاطَانِ فِي الْمَدِينَةِ خَاصَّةً لِزِيَادَةِ فَضْلِهَا وَالْقِيرَاطُ فِي الْبَوَادِي أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ فِي زَمَنَيْنِ فَذَكَرَ الْقِيرَاطَ أَوَّلًا ثُمَّ أَرَادَ التَّغْلِيظَ فَذَكَرَ الْقِيرَاطَيْنِ قَالَ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي سَبَبِ نُقْصَانِ الْأَجْرِ بِاقْتِنَاءِ الْكَلْبِ فَقِيلَ لِامْتِنَاعِ الْمَلَائِكَةِ مِنْ دُخُولِ بَيْتِهِ بِسَبَبِهِ وَقِيلَ لِمَا يَلْحَقُ الْمَارِّينَ مِنَ الْأَذَى بِتَرْوِيعِ الْكَلْبِ لَهُمْ وَقَصْدِهِ إِيَّاهُمْ وَقِيلَ إِنَّ ذَلِكَ عُقُوبَةٌ لَهُ لِاِتِّخَاذِهِ مَا نُهِيَ عَنِ اتِّخَاذِهِ وَعِصْيَانِهِ فِي ذَلِكَ وَقِيلَ لِمَا يُبْتَلَى بِهِ مِنْ وُلُوغِهِ فِي غَفْلَةِ صَاحِبِهِ وَلَا يَغْسِلُهُ بِالْمَاءِ وَالتُّرَابِ إِلَّا ضَارِيًا قِيلَ هُوَ صِفَةٌ لِلْكَلْبِ أَيْ كَلْبًا مُعَوَّدًا بِالصَّيْدِ يُقَالُ ضَرَّى الْكَلْبَ وَأَضْرَاهُ صَاحِبُهُ أَيْ عَوَّدَهُ وَأَغْرَاهُ بِهِ وَيُجْمَعُ عَلَى ضَوَارٍ وَقِيلَ صِفَةٌ لِلرَّجُلِ الصَّائِدِ صَاحِبِ الْكِلَابِ الْمُعْتَادِ لِلصَّيْدِ فَسَمَّاهُ ضَارِيًا اسْتِعَارَةً ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ قُلْتُ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ قَوْلِهِ كَلْبًا وَعَلَى الثَّانِي مِنْ قَوْلِهِ مَنِ اقْتَنَى وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ عُطِفَ عَلَيْهِ هُنَا قَوْلُهُ أَوْ صَاحِبَ مَاشِيَةٍ وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ أَنَّ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ إِلَّا كَلْبًا ضَارِيًا

الشَّنَائِيُّ بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالنُّونِ وَهَمْزَةٍ مَكْسُورَةٍ نِسْبَة إِلَى أَزْد شنوأة وَيُقَالُ فِيهِ الشَّنُوئِيُّ بِضَمِّ النُّونِ عَلَى الْأَصْلِ [4285] لَا يُغْنِي عَنْهُ زَرْعًا وَلَا ضَرْعًا قَالَ النَّوَوِيُّ الْمُرَادُ بِالضَّرْعِ هُنَا الْمَاشِيَةُ كَمَا فِي سَائِرِ الرِّوَايَاتِ وَمَعْنَاهُ اقْتَنَى كَلْبًا لِغَيْرِ زَرْعٍ وماشية [4292] وَمَهْرِ الْبَغِيِّ هُوَ مَا تَأْخُذُ الزَّانِيَةُ عَلَى الزِّنَى سَمَّاهُ مَهْرًا لِكَوْنِهِ عَلَى صُورَتِهِ وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ هُوَ مَا يُعْطَاهُ عَلَى كِهَانَتِهِ يُقَالُ مِنْهُ حلوته حلوا إِذَا أَعْطَيْتُهُ قَالَ الْهَرَوِيُّ وَغَيْرُهُ أَصْلُهُ مِنَ الْحَلَاوَةِ شُبِّهَ بِالشَّيْءِ الْحُلْوِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ يَأْخُذُهُ سَهْلًا بِلَا كُلْفَةٍ وَلَا فِي مُقَابَلَتِهِ مشقة

[4294] وَكَسْبُ الْحَجَّامِ أَخَذَ بِظَاهِرِهِ قَوْمٌ فَحَرَّمُوهُ وَحَمَلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى التَّنْزِيهِ وَالِارْتِفَاعِ عَنْ أَدْنَى الِاكْتِسَابِ والحث على مَكَارِم الْأَخْلَاق [4295] نَهَى عَنْ ثَمَنِ السِّنَّوْرِ قَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَنْفَعُ أَوْ عَلَى أَنَّهُ نَهْيُ تَنْزِيهٍ حَتَّى يَعْتَادَ النَّاسُ هِبَتَهُ وَإِعَارَتَهُ وَالسَّمَاحَةَ بِهِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ فَإِنَّهُ كَانَ مِمَّا يَنْفَعُ وَلَوْ بَاعَهُ صَحَّ الْبَيْعُ وَكَانَ ثَمَنُهُ حَلَالًا هَذَا مَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَالْكَلْبِ إِلَّا كَلْبَ صَيْدٍ أَخَذَ بِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ قَوْمٌ فَأَجَازُوا بَيْعَ كَلْبِ الصَّيْدِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى الْمَنْعِ وَأَجَابُوا عَنْ هَذَا بِأَنَّ الْحَدِيثَ ضَعِيفٌ بِاتِّفَاقِ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ [4296] كِلَابًا مُكَلَّبَةً هِيَ الْمُسَلَّطَةُ عَلَى الصَّيْدِ الْمُعَوَّدَةُ

بالاصطياد وَالَّتِي قد ضريت أَوَابِدَ جَمْعُ آبِدَةٍ وَهِيَ الَّتِي قَدْ تَأَبَّدَتْ أَي توحشت ونفرت من الْإِنْس

[4304] فَأُذَكِّيهِ بِالْمَرْوَةِ هِيَ حَجَرٌ أَبْيَضُ بَرَّاقٌ وَقِيلَ هِيَ الَّتِي يقْدَح مِنْهَا النَّار

[4309] مَنْ سَكَنَ الْبَادِيَةَ جَفَا أَيْ غَلُظَ طَبْعُهُ لِقِلَّةِ مُخَالَطَةِ النَّاسِ وَمَنِ اتَّبَعَ الصَّيْدَ غَفُلَ بِضَمِّ الْفَاءِ وَمَنِ اتَّبَعَ السُّلْطَانَ افْتُتِنَ أَيْ أَصَابَته فتْنَة الْقَاحَةِ بِالْقَافِ وَحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَصَحَّفَ مَنْ رَوَاهُ بِالْفَاءِ مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ عَلَى ثَلَاثِ مراحل مِنْهَا الْمُجَثَّمَةُ بِالْجِيمِ وَالْمُثَلَّثَةِ كُلُّ حَيَوَانٍ يُنْصَبُ وَيُرْمَى لِيُقْتَلَ إِلَّا أَنَّهَا تَكْثُرُ فِي الطَّيْرِ وَالْأَرَانِبِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ مِمَّا يَجْثِمُ بِالْأَرْضِ أَيْ يَلْزَمُهَا وَيَلْتَصِقُ بِهَا وَجَثَمَ الطَّائِرُ جُثُومًا وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ البروك لِلْإِبِلِ وَشِيقَةً بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَقَافٍ هِيَ أَنْ يُؤْخَذَ اللَّحْمُ فَيُغْلَى قَلِيلًا وَلَا يُنْضَجَ وَيُحْمَلَ فِي الْأَسْفَارِ وَقِيلَ هِيَ الْقَدِيدُ وَقد وَشقت اللَّحْم وأشقته وَتجمع على وشق ووشاق

[4354] عِيرَاتِ قُرَيْشٍ جَمْعُ عِيرٍ يُرِيدُ إِبِلَهُمْ وَدَوَابَّهُمُ الَّتِي كَانُوا يتاجرون عَلَيْهَا

[4358] بقرية النَّمْل هِيَ مَسْكَنهَا وبيتها

[4362] مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَقْلِمْ مِنْ أَظْفَارِهِ وَلَا يَحْلِقْ شَيْئًا مِنْ شَعْرِهِ فِي عَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ هَذَا النَّهْيُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ نَهْيُ تَنْزِيهٍ وَالْحِكْمَةُ فِيهِ أَنْ يُبْقِيَ كَامِلَ الْأَجْزَاءِ لِلْعِتْقِ مِنَ النَّارِ وَقِيلَ للتشبيه بالمحرم مَنِيحَةً الْمَنِيحَةُ وَهِيَ النَّاقَةُ أَوْ الشَّاةُ تُعْطَى لينْتَفع بلبنها ثمَّ يردهَا

[4369] الْبَيِّنُ ظَلْعُهَا بِفَتْحِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ هُوَ الْعَرَجُ وَالْكَسِيرَةُ الْمُنْكَسِرَةُ الرِّجْلِ الَّتِي لَا تَقْدِرُ عَلَى الْمَشْيِ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ الَّتِي لَا تُنْقِي أَيِ الَّتِي لَا نَقْيَ لَهَا أَي لَا مخ لَهَا لِضعْفِهَا وهزالها والعجفاء هِيَ المهزولة

[4372] أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن نستشرف الْعين وَالْأُذن أَي نتأمل سلامتهما مِنْ آفَةٍ تَكُونُ بِهِمَا وَقِيلَ هُوَ مِنْ الشُّرْفَةِ وَهِيَ خِيَارُ الْمَالِ أَيْ أَمَرَنَا أَنْ نَتَخَيَّرَهَا وَأَنْ لَا نُضَحِّيَ بِمُقَابَلَةٍ هِيَ الَّتِي يُقْطَعُ مِنْ طَرَفِ أُذُنِهَا شَيْءٌ ثُمَّ يُتْرَكُ مُعَلَّقًا كَأَنَّهُ زَنَمَةٌ وَاسْمُ تِلْكَ السِّمَةِ الْقُبْلَةُ وَالْإِقْبَالَةُ وَلَا مُدَابَرَةٍ هِيَ أَنْ يُقْطَعَ مِنْ مُؤَخَّرِ أُذُنِ الشَّاةِ شَيْءٌ ثُمَّ يُتْرَكَ كَأَنَّهُ زنمة [4373] وَلَا شَرْقَاءَ هِيَ الْمَشْقُوقَةُ الْأُذُنِ بِاثْنَيْنِ شَرَقَ أُذُنَهَا يَشْرُقُهَا شَرْقًا إِذَا شَقَّهَا وَاسْمُ السِّمَةِ الشَّرَقَةُ بِالتَّحْرِيكِ وَلَا خَرْقَاءَ هِيَ الَّتِي فِي أذنها ثقب مستدير

[4377] بأعضب الْقرن هِيَ الْمَكْسُورَة الْقرن عَتُودٌ هُوَ الصَّغِيرُ مِنْ أَوْلَادِ الْمَعْزِ إِذَا قَوِيَ وَرَعَى وَأَتَى عَلَيْهِ حَوْلٌ وَالْجَمْعُ أَعْتِدَةٌ

[4386] بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ الْأَمْلَحُ الَّذِي بَيَاضُهُ أَكْثَرُ مِنْ سَوَادِهِ وَقِيلَ هُوَ النَّقِيُّ الْبَيَاضِ وَقِيلَ الَّذِي يُخَالِطُ بَيَاضَهُ حُمْرَةٌ وَقِيلَ الْأَسْوَدُ تَعْلُوهُ حُمْرَةٌ أَقَرْنَيْنِ الْأَقْرَنُ الَّذِي لَهُ قَرْنَانِ مُعْتَدِلَانِ وَانْكَفَأَ أَيْ مَالَ وَرَجَعَ وَإِلَى جُزَيْعَةٍ قَالَ فِي النِّهَايَةِ بِالْجِيمِ وَالزَّايِ مُصَغَّرًا هِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ الْغَنَمِ تَصْغِيرُ جِزَعَةٍ بِالْكَسْرِ وَهُوَ الْقَلِيلُ مِنَ الشَّيْءِ يُقَالُ جَزَعَ لَهُ جِزْعَةً مِنَ الْمَالِ أَيْ قَطَعَ لَهُ مِنْهُ قِطْعَةً هَكَذَا ضَبَطَهُ الْجَوْهَرِيُّ مُصَغَّرًا وَاَلَّذِي جَاءَ فِي الْمُجْمَلِ لِابْنِ فَارِسٍ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِ الزَّايِ وَقَالَ هِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ الْغَنَمِ كَأَنَّهَا فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ وَمَا سَمِعْنَاهَا فِي الْحَدِيثِ إِلَّا مُصَغَّرَةً فَحِيلٍ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ الْمُنْجِبُ فِي ضِرَابِهِ وَقِيلَ الَّذِي يُشْبِهُ الْفُحُولَةَ فِي عِظَمِ خلقته

[4390] يَمْشِي فِي سَوَادٍ وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ وَيَأْكُلُ فِي سَوَادٍ قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ قَوَائِمُهُ وَبَطْنُهُ وَمَا حول عَيْنَيْهِ أسود

[4395] فَقَالَ أَبُو بُرْدَةَ بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ هُوَ هَانِئ بن نيار الْأنْصَارِيّ فَإِن عنَاقًا عِنْدِي جَذَعَةٌ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ هِيَ صِفَةٌ لِلْعَنَاقِ وَلَا يُقَالُ عَنَاقَةٌ لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِلْأُنْثَى مِنْ وَلَدِ الْمَعْزِ فَلَا حَاجَةَ إِلَى التَّاءِ الْفَارِقَةِ بَيْنَ الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ وَلَنْ تَجْزِيَ بِفَتْحِ التَّاءِ وَسُكُونِ الْجِيمِ بِلَا هَمْزَةٍ أَيْ تَقْضِيَ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ وَبَنُو تَمِيمٍ يَقُولُونَ أَجْزَأَتْ عَنْكَ شَاةٌ بِالْهَمْزَةِ فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ ضَمُّ التَّاءِ وَبِهِمَا قُرِئَ لَا تُجْزِي نَفْسٌ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ هَذَا مِنْ خَصَائِصِ أَبِي بُرْدَةَ كَمَا أَنَّ قِيَامَ شَهَادَةِ خُزَيْمَةَ مَقَامَ الشَّهَادَتَيْنِ مِنْ خَصَائِصِ خُزَيْمَةَ وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ فِي الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ هَذَا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَخْصِيصٌ لِعَيْنٍ مِنَ الْأَعْيَانِ بِحُكْمٍ مُفْرَدٍ لَيْسَ مِنْ بَابِ النَّسْخِ فَإِنَّ الْمَنْسُوخَ إِنَّمَا يَقَعُ عَامًّا لِلْأُمَّةِ غير خَاص ببعضهم

[4400] أَنَّ ذِئْبًا نِيبَ فِي شَاةٍ أَيْ أَنْشَبَ أَنْيَابَهَ فِيهَا وَالنَّابُ السِّنُّ الَّذِي خَلْفَ الرَّبَاعِيَةِ [4401] أَنْهَرَ الدَّمَ الْإِنْهَارُ الْإسَالَةُ وَالصَّبُّ بِكَثْرَةٍ شَبَّهَ خُرُوج الدَّم من مَوضِع الذّبْح يجرى المَاء فِي النَّهر

[4405] فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةِ بِكَسْرِ الْقَافِ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ بِالذَّالِ شفرته هِيَ السكين العريضة

[4422] مَنْ آوَى مُحْدِثًا قَالَ فِي النِّهَايَةِ يُرْوَى بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِهَا عَلَى الْفَاعِلِ أَوِ الْمَفْعُولِ فَمَعْنَى الْكَسْرِ مَنْ نَصَرَ جَانِيًا وَآوَاهُ وَأَجَارَهُ مِنْ خَصْمِهِ وَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ يُقْتَصَّ مِنْهُ وَبِالْفَتْحِ هُوَ الْأَمْرُ الْمُبْتَدَعُ نَفْسُهُ الَّذِي لَيْسَ مَعْرُوفًا فِي السُّنَّةِ وَيَكُونُ مَعْنَى الْإِيوَاءِ فِيهِ الرِّضَا بِهِ وَالصَّبْرُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ إِذَا رَضِيَ بِالْبِدْعَةِ وَأَقَرَّ فَاعِلَهَا وَلَمْ يُنْكِرْهَا عَلَيْهِ فَقَدْ آوَاهُ مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الْأَرْضِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْمَنَارُ جَمْعُ مَنَارَةٍ وَهِيَ الْعَلَامَةُ تجْعَل بَين الحدين

[4431] دَفَّتْ دَافَّةٌ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالْفَاءِ هِيَ قَوْمٌ مِنَ الْأَعْرَابِ يُرِيدُونَ الْمِصْرَ حَضْرَةَ الْأَضْحَى بِتَثْلِيثِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ إِنَّمَا نَهَيْتُ لِلدَّافَّةِ الَّتِي دَفَّتْ يُرِيدُ أَنَّهُمْ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ عِنْدَ الْأَضْحَى فَنَهَاهُمْ عَن ادخار لُحُوم الْأَضَاحِي ليفرقوها

[4439] أَنْ تُصْبَرَ الْبَهَائِمُ يُرِيدُ أَنْ يُحْبَسَ مِنْ ذَوَات الرّوح شَيْء حَيا ثمَّ يرْمى حَتَّى يَمُوت غَرضا بِفَتْح الْمُعْجَمَة وَالرَّاء أَي هدفا عج أَي رفع صَوته الْجَلالَة

كتاب البيوع

هِيَ الَّتِي تَأْكُل الْعذرَة (كتاب الْبيُوع) [4453] إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ الْحَدِيثُ قَالَ الْمَازِرِيُّ الْحَدِيثُ جَلِيلُ الْمَوْقِعِ عَظِيمُ النَّفْعِ فِي

الشَّرْعِ حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّهُ ثُلُثُ الْإِسْلَامِ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رُوِيَ عَنْ أَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيِّ قَالَ كَتَبْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسَمِائَةِ أَلْفِ حَدِيثٍ الثَّابِتُ مِنْهَا أَرْبَعَةُ آلَافِ

حَدِيثٍ وَهِيَ تَرْجِعُ إِلَى أَرْبَعَةِ أَحَادِيثَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَقَوْلُهُ من حسن إِسْلَام الْمَرْء تَركه مَالا يَعْنِيهِ وَقَوْلُهُ الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَقَوْله لَا يَكُونُ الْمَرْءُ مُؤْمِنًا حَتَّى يَرْضَى لِأَخِيهِ مَا يَرْضَى لِنَفْسِهِ وَرُوِيَ مَكَانَ هَذَا ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبَّكَ اللَّهُ الْحَدِيثُ قَالَ وَقَدْ نظم هَذَا أَبُو الْحسن طَاهِر بن مفرز فِي بَيْتَيْنِ فَقَالَ عُمْدَةُ الدِّينِ عِنْدَنَا كَلِمَاتْ أَرْبَعٌ مِنْ كَلَامِ خَيْرِ الْبَرِيَّهْ اتَّقِ الشُّبُهَاتِ وَازْهَدْ وَدَعْ مَا لَيْسَ يَعْنِيكَ وَاعْمَلْنَ بِنِيَّهْ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَإِنَّمَا نَبَّهَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى عِظَمِ هَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إِنَّمَا يَعْبُدُ بِطَهَارَةِ قَلْبِهِ وَجِسْمِهِ فَأَكْثَرُ الْمَذَامِّ الْمَحْظُورَاتِ إِنَّمَا تَنْبَعِثُ مِنَ الْقَلْبِ وَأَشَارَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِإِصْلَاحِهِ وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّ إِصْلَاحَهُ هُوَ إِصْلَاحُ الْجِسْمِ وَأَنَّهُ الْأَصْلُ وَهَذَا صَحِيحٌ يُؤْمِنُ بِهِ حَتَّى مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِالشَّرْعِ وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الْفَلَاسِفَةُ وَالْأَطِبَّاءُ وَالْأَحْكَامُ وَالْعِبَادَاتُ آلَةٌ يَتَصَرَّفُ الْإِنْسَانُ عَلَيْهَا بِقَلْبِهِ وَجِسْمِهِ فِيهَا يَقَعُ فِي مُشْكِلَاتٍ وَأُمُورٍ مُلْتَبِسَاتٍ تُكْسِبُ التَّسَاهُلَ فِيهَا وَتَعْوِيدَ النَّفْسِ الْجَرَاءَةَ عَلَيْهَا وَتُكْسِبُ فَسَادَ الدِّينِ وَالْعِرْضِ فَنَبَّهَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى تَوَقِّي هَذِهِ وَضَرَبَ لَهَا مَثَلًا مَحْسُوسًا لِتَكُونَ النَّفْسُ لَهُ أَشَدَّ تَصَوُّرًا وَالْعَقْلُ أَعْظَمَ قَبُولًا فَأَخْبَرَ أَنَّ الْمُلُوكَ لَهُمْ أَحْمِيَةٌ وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنَّ الْعَزِيزَ فِيهِمْ يَحْمِي مروجا وأفنية وَلَا يتجاسر عَلَيْهَا وَلَا يدنو مِنْهَا مَهَابَةً مِنْ سَطْوَتِهِ أَوْ خَوْفًا مِنَ الْوُقُوعِ فِي حَوْزَتِهِ وَهَكَذَا مَحَارِمُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ مَنْ تَرَكَ مِنْهَا مَا قَرُبَ فَهُوَ مِنْ تَوَسُّطِهَا أَبْعَدُ وَمَنْ تَحَامَى طَرَفَ النَّهْيِ أُمِنَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَوَسَّطَ وَمَنْ قَرُبَ تَوَسَّطَ وَإِنَّ بَين ذَلِك

أُمُورًا مُشْتَبِهَاتٍ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ اُخْتُلِفَ فِي حُكْمِ الْمُشْتَبِهَاتِ فَقِيلَ مُوَاقَعَتُهَا حَرَامٌ وَقِيلَ حَلَالٌ لَكِنْ يُتَوَرَّعُ عَنْهُ لِاشْتِبَاهِهِ وَقِيلَ لَا يُقَالُ فِيهَا لَا حَلَالٌ وَلَا حَرَامٌ لِقَوْلِهِ الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ فَلَا يُحْكَمُ لَهَا بِشَيْءٍ مِنَ الْحُكْمَيْنِ قَالَ وَقَدْ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءُ مِنَ الْكَلَامِ عَلَى تَفْسِيرِ الْمُشْتَبِهَاتِ وَنَحْنُ نُبَيِّنُهَا عَلَى أَمْثَلِ طَرِيقَةٍ فَاعْلَمْ أَنَّ الِاشْتِبَاهَ هُوَ الِالْتِبَاسُ وَإِنَّمَا يُطْلَقُ

فِي مُقْتَضى هَذِه التَّسْمِيَة هَا هُنَا عَلَى أَمْرٍ أَشْبَهَ أَصْلًا مَا وَهُوَ مَعَ هَذَا يُشْبِهُ أَصْلًا آخَرَ يُنَاقِضُ الْأَصْلَ الْأَوَّلَ فَكَأَنَّهُ كَثُرَ اشْتِبَاهُهُ فَقِيلَ اشْتَبَهَ بِمَعْنَى اخْتَلَطَ حَتَّى كَأَنَّهُ شَيْءٌ وَاحِدٌ مِنْ شَيْئَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ إِذَا عَرَفْتَ ذَلِكَ فَقَدْ يَكُونُ أُصُولُ الشَّرْعِ الْمُخْتَلِفَةُ تَتَجَاذَبُ فَرْعًا وَاحِدًا تَجَاذُبًا مُتَسَاوِيًا فِي حَقِّ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ وَلَا يُمْكِنُهُ تَصْوِيرُ تَرْجِيحٍ وَرَدُّهُ لِبَعْضِ الْأُصُولِ يُوجِبُ تَحْرِيمَهُ وَرَدُّهُ لِبَعْضِهَا يُوجب حلّه فَلَا شكّ أَن الاحوط هَا هُنَا تَجَنُّبُ هَذَا وَمَنْ تَجَنَّبَهُ وُصِفَ بِالْوَرَعِ وَالتَّحَفُّظِ فِي الدّين

[4458] وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ قَالَ فِي النِّهَايَةِ بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ من النِّفَاق وَهُوَ ضد الكساد

[4461] الْحَلِفُ مَنْفَقَةٌ لِلسِّلْعَةِ مَمْحَقَةٌ لِلْكَسْبِ إِذْ هِيَ مَظِنَّةٌ لِنَفَاقِهَا وَمَحْقِهَا وَمَوْضِعٌ لِذَلِكَ وَالْمَحْقُ النَّقْصُ والمحو الابطال والكلمتان بِفَتْح أَولهمَا وثالثهما

[4465] الْمُتَبَايِعَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ عَلَى صَاحِبِهِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا إِلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَصَحُّهَا أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ أَصْلِ الْحُكْمِ أَيْ هُمَا بِالْخِيَارِ إِلَّا بَيْعًا جَرَى فِيهِ التَّخَايُرُ وَهُوَ اخْتِيَارُ إِمْضَاءِ الْعَقْدِ فَإِنَّ الْعَقْدَ يَلْزَمُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا بَعْدُ الثَّانِي أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ مَفْهُومِ الْغَايَةِ أَنَّهُمَا بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا إِلَّا بَيْعًا شُرِطَ فِيهِ خِيَارُ يَوْمٍ مَثَلًا فَإِنَّ الْخِيَارَ بَاقٍ بَعْدَ التَّفَرُّقِ إِلَى مُضِيِّ الْأَمَدِ الْمَشْرُوطِ وَالثَّالِثُ أَنَّ مَعْنَاهُ إِلَّا الْبَيْعَ الَّذِي شُرِطَ فِيهِ أَنْ لَا خِيَارَ لَهُمَا فِي الْمَجْلِسِ فَيَلْزَمُ الْبَيْعُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ وَلَا يَكُونُ فِيهِ خِيَارٌ أَصْلًا وَهَذَا تَأْوِيلُ مَنْ يُصَحِّحُ الْبَيْعَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالِاسْتِثْنَاءُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيل من لفظ بِالْخِيَارِ

[4484] لَا خلابة هِيَ الخداع بالْقَوْل اللَّطِيف [4487] وَلَا تُصَرُّوا الْإِبِلَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْملَة بِوَزْن توَلّوا

مُحَفَّلَةً هِيَ الشَّاةُ أَوِ الْبَقَرَةُ أَوِ النَّاقَةُ لَا يَحْلُبُهَا صَاحِبُهَا أَيَّامًا حَتَّى يَجْتَمِعَ لَبَنُهَا فِي ضرْعهَا فَإِذا احتلبها المُشْتَرِي حسها غَزِيرَةً فَزَادَ فِي ثَمَنِهَا ثُمَّ يَظْهَرُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ نَقْصُ لَبَنِهَا عَنْ أَيَّامِ تَحْفِيلِهَا سميت

مُحَفَّلَةً لِأَنَّ اللَّبَنَ حُفِّلَ فِي ضَرْعِهَا أَيْ جمع

[4490] قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ يُرِيدُ بِالْخَرَاجِ مَا يَحْصُلُ مِنْ غَلَّةِ الْعَيْنِ الْمُبْتَاعَةِ عَبْدًا كَانَ أَوْ أَمَةً أَوْ مِلْكًا وَذَلِكَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ فَيَسْتَغِلَّهُ زَمَانًا ثُمَّ يَعْثُرَ مِنْهُ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ لم يطلع البَائِع عَلَيْهِ أَو لم يعرف فَلَهُ رَدُّ الْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ وَأَخْذُ الثَّمَنِ وَيَكُونُ لِلْمُشْتَرِي مَا اسْتَغَلَّهُ لِأَنَّ الْمَبِيعَ لَوْ كَانَ تَلِفَ فِي يَدِهِ لَكَانَ فِي ضَمَانِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ شَيْءٌ وَالْبَاءُ فِي بِالضَّمَانِ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ الْخَرَاجُ مُسْتَحَقٌّ بِالضَّمَانِ أَي بِسَبَبِهِ

[4495] لَا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ قِيلَ إِنَّ هَذَا خَاصٌّ بِزَمَنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَّا بعده فَلَا حَكَاهُ القَاضِي عِيَاض

[4526] حَتَّى تَزْهُوَ قَالَ فِي النِّهَايَةِ يُقَالُ زَهَا النَّخْلُ يَزْهُو زُهُوًّا إِذَا ظَهَرَتْ ثَمَرَتُهُ وَأَزْهَى يُزْهِي إِذَا احْمَرَّ وَاصْفَرَّ وَقِيلَ هُمَا بِمَعْنَى الاحمرار والاصفرار وَمِنْهُم من أنكر يزهى جَنِيبٍ هُوَ نَوْعٌ مَعْرُوفٌ مِنْ أَنْوَاعِ التَّمْرِ

[4555] تَمْرَ الْجَمْعِ هُوَ كُلُّ لَوْنٍ مِنَ النَّخِيلِ لَا يُعْرَفُ اسْمُهُ وَقِيلَ تَمْرٌ مُخْتَلَطٌ مِنْ أَنْوَاعٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَلَيْسَ مَرْغُوبًا فِيهِ وَمَا يَخْتَلِطُ الا لرداءته

[4557] عَيْنُ الرِّبَا أَيْ حَقِيقَةُ الرِّبَا الْمُحَرَّمِ [4558] إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ بِالْمَدِّ وَالْفَتْحِ عَلَى الْأَشْهَرِ وَمَعْنَاهُ خُذ هَذَا وَيَقُول صَاحبه مثله

[4559] فَمَنْ زَادَ أَوِ ازْدَادَ فَقَدْ أَرْبَى قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ فَقَدْ فَعَلَ الرِّبَا الْمُحَرَّمَ فَدَافِعُ الزِّيَادَةِ وَآخِذُهَا عَاصِيَانِ مُرْبِيَانِ إِلَّا مَا اخْتَلَفَتْ ألوانه قَالَ النَّوَوِيّ يَعْنِي أجناسه كَمَا صرح بِهِ فِي بَاقِي الْأَحَادِيث

[4563] مُدْيًا بِمُدْيٍ أَيْ مِكْيَالًا بِمِكْيَالٍ وَالْمُدْيُ مِكْيَالٌ لِأَهْلِ الشَّامِ يَسَعُ خَمْسَةَ عَشَرَ مَكُّوكًا وَالْمَكُّوكُ صَاع وَنصف الكفة بِكَسْر الْكَاف كفة الْمِيزَان

[4570] وَلَا تُشِفُّوا بِمُعْجَمَةٍ وَفَاءٍ أَيْ لَا تُفَضِّلُوا

[4580] لَا رِبًا إِلَّا فِي النَّسِيئَةِ قَالَ النَّوَوِيُّ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى تَرْكِ الْعَمَلِ بِظَاهِرِهِ ثُمَّ قَالَ قَوْمٌ إِنَّهُ مَنْسُوخٌ وَتَأَوَّلَهُ آخَرُونَ عَلَى الْأَجْنَاسِ الْمُخْتَلِفَةِ سَمِعْتُ أَبَا صَفْوَانَ هُوَ مَالِكُ بن عُمَيْر وَقيل سُوَيْد بن قيس وَإِهَالَةٍ هِيَ كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الْأَدْهَانِ مِمَّا يُؤْتَدَمُ بِهِ وَقِيلَ هِيَ مَا أُذِيبَ مِنَ الْأَلْيَةِ وَالشَّحْمِ وَقِيلَ الدَّسَمُ الْجَامِدُ سَنِخَةٍ هِيَ المتغيرة الرّيح بَكْرًا بِالْفَتْحِ الْفَتِيُّ مِنْ الْإِبِلِ بِمَنْزِلَةِ الْغُلَامِ مِنَ النَّاسِ رَبَاعِيًا بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَتَخْفِيفِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ الذَّكَرُ مِنَ الْإِبِلِ إِذَا طَلَعَتْ رباعيته وَدخل فِي السّنة السَّابِعَة

[4628] بُرْدَيْنِ قِطْرِيَّيْنِ الْقِطْرِيُّ بِكَسْرِ الْقَافِ ضَرْبٌ مِنَ الْبُرُودِ فِيهِ حُمْرَةٌ وَلَهَا أَعْلَامٌ فِيهَا بَعْضُ الْخُشُونَةِ وَقِيلَ هُوَ حُلَلٌ جِيَادٌ وَتُحْمَلُ مِنْ قِبَلِ الْبَحْرَيْنِ مِنْ قَرْيَةٍ هُنَاكَ يُقَالُ لَهَا قطر بِكَسْر الْقَاف للنسبة وتخفيفا

[4633] وَعَنِ الثُّنْيَا إِلَّا أَنْ تُعْلَمَ هِيَ أَنْ يُسْتَثْنَى فِي عَقْدِ الْبَيْعِ شَيْءٌ مَجْهُولٌ فَيُفْسِدَهُ وَقِيلَ هُوَ أَنْ يُبَاعَ شَيْءٌ جُزَافًا فَلَا يَجُوزَ أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ شَيْءٌ قَلَّ أَوْ كثر والمعاومة هُوَ بيع ثمرالنخل وَالشَّجر سنتَيْن وَثَلَاثًا فَصَاعِدا

[4638] فَأَزْحَفَ الْجَمَلُ بِزَايٍ وَحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَفَاءٍ أَيْ أَعْيَا وَوَقَفَ قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْمُحَدِّثُونَ يَقُولُونَهُ مَفْتُوحَ الْحَاءِ وَالْأَجْوَدُ ضَمُّ الْأَلِفِ يُقَالُ زَحَفَ الْبَعِيرُ إِذا قَامَ من الاعياء وأزحفه السّير الْوَهَطِ مَالٌ كَانَ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بِالطَّائِفِ وَقِيلَ قَرْيَةٌ بِالطَّائِفِ وَأَصْلُهُ الْمَوْضِعُ الْمُطْمَئِنُّ

[4663] نَهَى عَنْ بَيْعِ فَضْلِ الْمَاءِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ أَنْ يَسْقِيَ الرَّجُلُ أَرْضَهُ ثُمَّ يَبْقَى مِنَ الْمَاءِ بَقِيَّةٌ لَا يَحْتَاجُ إِلَيْهَا فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا وَلَا يَمْنَعُ مِنْهَا أَحَدًا يَنْتَفِعُ بِهَا هَذَا إِذَا لَمْ يَكُنِ الْمَاءُ مِلْكَهُ أَوْ عَلَى قَوْلِ مَنْ يرى أَن المَاء لَا يملك

[4664] رَاوِيَةَ خَمْرٍ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ هِيَ وَالْمَزَادَةُ بِمَعْنًى [4665] لَمَّا نَزَلَتْ آيَاتُ الرِّبَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَتَلَا عَلَى النَّاسِ ثُمَّ حَرَّمَ التِّجَارَةَ فِي الْخَمْرِ قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ هُوَ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ وَهِيَ نَزَلَتْ قَبْلَ آيَةِ الرِّبَا بِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ فَإِنَّ آيَةَ الرِّبَا آخِرُ مَا نَزَلَتْ أَوْ مِنْ آخِرِ مَا نَزَلَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا النَّهْيُ عَنِ التِّجَارَةِ مُتَأَخِّرًا عَنْ تَحْرِيمِهَا وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَخْبَرَ بِتَحْرِيمِ التِّجَارَةِ حِينَ حَرَّمَ الْخَمْرَ ثُمَّ أَخْبَرَ بِهِ مَرَّةً أُخْرَى بَعْدَ نُزُولِ آيَةِ الرِّبَا تَوْكِيدًا وَمُبَالَغَةً فِي إِشَاعَتِهِ وَلَعَلَّهُ حَضَرَ الْمَجْلِسَ مَنْ لَمْ يَكُنْ بَلَغَهُ تَحْرِيمُ التِّجَارَة فِيهَا قبل ذَلِك

[4676] أَيُّمَا امْرِئٍ أَفْلَسَ ثُمَّ وَجَدَ رَجُلٌ عِنْدَهُ سِلْعَتَهُ بِعَيْنِهَا فَهُوَ أَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِهِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ هَذَا سُنَّةٌ سَنَّهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اسْتِدْرَاكِ حَقِّ مَنْ بَاعَ عَلَى حُسْنِ الظَّنِّ بِالْوَفَاءِ فَأَخْلَفَ مَوْضِعَ ظَنّه وَظهر على إفلاس غَرِيمه

[4688] إِذا أتبع أحدكُم على ملئ فَلْيَتْبَعْ أَيْ إِذَا أُحِيلَ عَلَى قَادِرٍ فَلْيَحْتَلْ قَالَ الْخَطَّابِيُّ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ يَرَوْنَهُ اتَّبَعَ بِتَشْدِيدِ التَّاءِ وَصَوَابُهُ بِسُكُونِ التَّاءِ بِوَزْنِ أُكْرِمَ وَلَيْسَ هَذَا أَمْرًا عَلَى الْوُجُوبِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى الرِّفْقِ وَالْأَدَبِ وَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِ الْمُحَدِّثِينَ أَنَّهُ يُشَدِّدُهَا فِي الْكَلِمَةِ الثَّانِيَةِ دُونَ الأولى قَالَ النَّوَوِيّ وَالصَّوَاب السّكُون فيهمَا

[4689] لَيُّ الْوَاجِدِ بِفَتْحِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ أَيْ مَطْلُهُ يُقَالُ لَوَاهُ بِدَيْنِهِ يَلْوِيهِ لَيًّا وَأَصْلُهُ لَوْيًا فَأُدْغِمَتِ الْوَاوُ فِي الْيَاءِ وَالْوَاجِدُ بِالْجِيمِ الْمُوسِرُ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ يُحِلُّ عِرْضَهُ بِأَنْ يَقُولَ ظَلَمَنِي مَطَلَنِي وعقوبته الْحَبْس وَالتَّعْزِير

[4702] الْجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ السَّقَبُ بِالسِّينِ وَالصَّادِ فِي الْأَصْلِ الْقُرْبُ يُقَالُ سَقِبَتِ الدَّارُ وَأَسْقَبَتْ أَيْ قَرُبَتْ وَيَحْتَجُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ أَوْجَبَ الشُّفْعَةَ لِلْجَارِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَقَامَهَا أَيْ أَنَّ الْجَارَ أَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ مِنَ الَّذِي لَيْسَ بِجَارٍ وَمَنْ لَمْ يُثْبِتْهَا لِلْجَارِ يُؤَوِّلُ الْجَارَ عَلَى الشَّرِيكِ فَإِنَّ الشَّرِيكَ يُسَمَّى جَارًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنَّهُ أَحَقُّ بِالْبرِّ والمعونة بِسَبَب قربه من جَاره

[4714] يَتَشَحَّطُ فِي دَمِهِ أَيْ يَتَخَبَّطُ فِيهِ وَيَضْطَرِبُ ويتمرغ

4710

[4720] أَدْفَعُهُ إِلَيْكُمْ بِرُمَّتِهِ بِضَمِّ الرَّاءِ هِيَ قِطْعَةُ حَبْلٍ يُشَدُّ بِهَا الْأَسِيرُ وَالْقَاتِلُ لِلْقَتْلِ أَوِ الْقصاص لِئَلَّا يهرب بِنِسْعَةٍ بِكَسْرِ النُّونِ وَسُكُونِ السِّينِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَتَيْنِ سَيْرٌ مَضْفُورٌ يُجْعَلُ زِمَامًا لِلْبَعِيرِ وَغَيْرِهِ

[4723] فَإِنَّهُ يَبُوءُ بِإِثْمِكَ وَإِثْمِ صَاحِبِكَ أَيْ يَلْتَزِمُهُ وَيَرْجِعُ بِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ قِيلَ مَعْنَاهُ يَتَحَمَّلُ إِثْمَ الْمَقْتُولِ لِإِتْلَافِهِ مُهْجَتَهُ وَإِثْمَ الْوَلِيِّ لِكَوْنِهِ فَجَعَهُ فِي أَخِيهِ وَيَكُونُ قَدْ أُوْحِيَ إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فِي هَذَا الرَّجُلِ خَاصَّةً وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَعْنَاهُ يَكُونُ عَفْوُكَ عَنْهُ سَبَبًا لِسُقُوطِ إِثْمِكَ وَإِثْمِ أَخِيكَ وَالْمُرَادُ إِثْمُهُمَا السَّابِقُ بِمَعَاصٍ لَهُمَا مُتَقَدِّمَةٍ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِهَذَا الْقَاتِلِ فَيَكُونُ مَعْنَى يَبُوءُ يَسْقُطُ وَأطلق هَذَا اللَّفْظ عَلَيْهِ مجَازًا

[4727] إِنْ قَتَلَهُ فَهُوَ مِثْلُهُ قَالَ النَّوَوِيُّ الصَّحِيحُ فِي تَأْوِيلِهِ أَنَّهُ مِثْلُهُ فِي أَنَّهُ لَا فَضْلَ وَلَا مِنَّةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ لِأَنَّهُ يَسْتَوْفِي حَقَّهُ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَفَا عَنْهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُ الْفَضْلُ وَالْمِنَّةُ وَجَزِيلُ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَجَمِيلُ الثَّنَاءِ فِي الدُّنْيَا وَقِيلَ فَهُوَ مِثْلُهُ فِي أَنَّهُ قَاتِلٌ وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي التَّحْرِيمِ وَالْإِبَاحَةِ لَكِنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي طَاعَتِهِمَا الْغَضَبَ وَمُتَابَعَةِ الْهَوَى قَالَ وَإِنَّمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا اللَّفْظِ الَّذِي هُوَ صَادِقٌ فِيهِ إِيهَامًا لِمَقْصُودٍ صَحِيحٍ وَهُوَ التَّوَصُّل إِلَى الْعَفو

[4734] الْمُؤْمِنُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ أَيْ تَتَسَاوَى فِي الْقِصَاصِ وَالدِّيَاتِ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ أَيْ هُمْ مُجْتَمِعُونَ عَلَى أَعْدَائِهِمْ لَا يَسَعُهُمْ التَّخَاذُلُ بَلْ يُعَاوِنُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا عَلَى جَمِيعِ الْأَدْيَانِ وَالْمِلَلِ كَأَنَّهُ جَعَلَ أَيْدِيَهُمْ يَدًا وَاحِدَةً وَفِعْلَهُمْ فِعْلًا وَاحِدًا وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ أَيْ إِذَا أَعْطَى أَحَدٌ لِجَيْشِ الْعَدُوِّ أَمَانًا جَازَ ذَلِكَ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَخْفِرُوهُ والا أَن ينقضوا عَلَيْهِ عَهده

[4736] مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ يُسْتَحَبُّ لِلْمُفْتِي إِذَا رَأَى مَصْلَحَةً فِي التَّغْلِيظِ أَنْ يُغَلِّظَ فِي الْعِبَارَةِ وَإِنْ كَانَ لَا يَعْتَقِدُ ذَلِكَ وَاسْتَدَلُّوا بِهَذَا الْحَدِيثِ وَنَحْوِهِ

[4739] حَمَلُ بْنُ مَالِكٍ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمِيمِ بِمِسْطَحٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ عُودٌ مِنْ أَعْوَادِ الْخِبَاءِ أَوْضَاحٍ هِيَ نَوْعٌ مِنَ الْحُلِيِّ يُعْمَلُ مِنَ الْفِضَّةِ سُمِّيَتْ بِهَا لِبَيَاضِهَا وَاحِدُهَا وَضَحٌ وَبِهَا رَمق هِيَ بَقِيَّة الرّوح وَآخر النَّفس تَقَشَّعَ بِالْقَافِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ تصدع وأقلع مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا فِي غَيْرِ كُنْهِهِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ كُنْهُ الْأَمْرِ حَقِيقَتُهُ وَقِيلَ وَقْتُهُ وَقَدْرُهُ وَقِيلَ غَايَتُهُ يَعْنِي مَنْ قَتَلَهُ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ أَوْ غَايَةِ أَمْرِهِ الَّذِي يَجُوزُ فِيهِ قَتله

[4751] أَنَّ غُلَامًا لِأُنَاسٍ فُقَرَاءَ قَطَعَ أُذُنَ غُلَامٍ لِأُنَاسٍ أَغْنِيَاءَ فَأَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَجْعَلْ لَهُمْ شَيْئًا قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَى هَذَا أَنَّ الْغُلَامَ الْجَانِيَ كَانَ حُرًّا وَكَانَتْ عَاقِلَتُهُ فُقَرَاءَ وَإِنَّمَا يَتَوَاسَى الْعَاقِلَةُ عَنْ وجود وسعة وَلَا شَيْء على الْفَقِير

[4755] عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أُخْتَ الرُّبَيِّعِ قَالَ النَّوَوِيُّ بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ أُمَّ حَارِثَةَ جَرَحَتْ إِنْسَانًا فَاخْتَصَمُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِصَاصَ الْقِصَاصَ قَالَ النَّوَوِيُّ هُمَا مَنْصُوبَتَانِ أَيْ أَدُّوا الْقِصَاصَ وَسَلِّمُوهُ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ فَقَالَتْ أُمُّ الرَّبِيعِ قَالَ النَّوَوِيُّ هِيَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْبَاءِ وَتَخْفِيفِ الْيَاءِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُقْتَصُّ مِنْ فُلَانَةٍ لَا وَاَللَّهِ لَا يُقْتَصُّ مِنْهَا أَبَدًا الْحَدِيثُ وَفِي الحَدِيث الَّذِي يَلِيهِ قَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ يَا رَسُولَ اللَّهِ تُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرَّبِيعِ لَا وَاَلَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ قَالَ الْعُلَمَاءُ هَاتَانِ الرِّوَايَتَانِ مُخْتَلِفَتَانِ قَالَ فِي الْأُولَى الْجَارِحَةُ أُخْتُ الرُّبَيِّعِ وَفِي الثَّانِيَةِ أَنَّهَا الرُّبَيِّعُ بِنَفْسِهَا وَفِي الْأُولَى أَنَّ الْحَالِفَ لَا يُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا أُمُّ الرَّبِيعِ وَفِي الثَّانِيَةِ أَنَّهُ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ قَالُوا وَالْمَعْرُوفُ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ وَقَالَ النَّوَوِيُّ هُمَا قَضِيَّتَانِ إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ لَا يُحَنِّثُهُ لِكَرَامَتِهِ عَلَيْهِ قَالَ وَإِنَّمَا حَلَفَ ثِقَةً بِفَضْلِ اللَّهِ وَلُطْفِهِ أَنَّهُ لَا يُحَنِّثُهُ بَلْ يُلْهِمُهُمُ الْعَفْوَ

[4757] عَنْ أَنَس قَالَ كَسَرَتْ الرُّبَيِّع قَالَ النَّوَوِيُّ بِضَم الرَّاء وَفتح الْبَاء وَتَشْديد الْيَاء فأندر بِالْمُهْمَلَةِ أَي أسقط

[4780] لَا تَرَاءَى نَارَاهُمَا قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ يَلْزَمُ الْمُسْلِمَ وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَبَاعَدَ مَنْزِلُهُ عَنْ مَنْزِلِ الْمُشْرِكِ وَلَا يُتْرَكَ بِالْمَوْضِعِ الَّذِي إِذَا أُوقِدَتْ فِيهِ نَارُهُ تَلُوحُ وَتَظْهَرُ لِلْمُشْرِكِ إِذَا أَوْقَدَهَا فِي مَنْزِلِهِ وَلَكِنَّهُ يَنْزِلُ مَعَ الْمُسْلِمِينَ فِي دَارِهِمْ وَإِنَّمَا كُرِهَ مُجَاوَرَةُ الْمُشْرِكِينَ لِأَنَّهُمْ لَا عَهْدَ لَهُمْ وَلَا أَمَانَ وَحَثَّ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْهِجْرَةِ وَالتَّرَائِي تَفَاعُلٌ مِنْ الرُّؤْيَةِ يُقَالُ تَرَاءَى الْقَوْمُ إِذَا رَأَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا تَرَاءَى لِيَ الشَّيْءُ أَيْ ظَهَرَ حَتَّى رَأَيْتُهُ وَإِسْنَادُ التَّرَائِي إِلَى النَّارَيْنِ مَجَازٌ مِنْ قَوْلِهِمْ دَارِي تَنْظُرُ إِلَى دَارِ فُلَانٍ تُقَابِلُهَا يَقُولُ نَارَاهُمَا مُخْتَلِفَتَانِ هَذِهِ تَدْعُو إِلَى اللَّهِ وَهَذِهِ تَدْعُو إِلَى الشَّيْطَانِ فَكَيْفَ تَتَّفِقَانِ وَالْأَصْلُ فِي ترَاءى تتراءى فَحذف إِحْدَى التَّاءَيْنِ تَخْفِيفًا

[4788] وَعَلَى الْمُقْتَتِلِينَ أَنْ يَنْحَجِزُوا قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ يَكُفُّوا عَنِ الْقَوَدِ وَكُلُّ مَنْ تَرَكَ شَيْئًا فَقَدِ انْحَجَزَ عَنْهُ وَالِانْحِجَازُ مُطَاوِعُ حَجَزَهُ إِذَا مَنَعَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ لِوَرَثَةِ الْقَتِيلِ أَنْ يَعْفُوَا عَنْ دَمِهِ رِجَالُهُمْ وَنِسَاؤُهُمْ أَيُّهُمْ عَفَا وَإِنْ كَانَتِ امْرَأَةٌ سَقَطَ الْقَوَدُ وَاسْتَحَقُّوا الدِّيَةَ وَقَوله الأول فَالْأول أَي الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب [4789] مَنْ قُتِلَ فِي عِمِّيَّا أَوْ رِمِّيَّا قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْعِمِّيَّا بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيدِ وَالْقَصْرِ فِعِّيلَى مِنَ الْعَمَى كَالرِّمِّيَّا مِنَ الرَّمْيِ وَالْحِضِّيضَى مِنَ التحضيض وَهِي مصَادر الْمَعْنى يُوجَدَ بَيْنَهُمْ قَتِيلٌ يَعْمَى أَمْرُهُ وَلَا يُتَبَيَّنُ قَاتله

[4828] قَالَ بن عَبَّاسٍ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا مُلَيْكَةَ وَالْأُخْرَى أُمَّ غَطِيفٍ الْمَعْرُوفُ أُمُّ عَفِيفٍ بِنْتُ مَسْرُوحٍ زَوْجُ حَمَلِ بن مَالك كَذَا فِي مبهمات الْخَطِيب وَأسد الْغَابَةِ وَلَمْ يُذْكَرْ فِي الصَّحَابِيَّاتِ مَنِ اسْمُهَا أم غطيف

[4853] مَنِ اعْتَبَطَ مُؤْمِنًا بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ قَتَلَهُ بِلَا جِنَايَةٍ كَانَتْ مِنْهُ وَلَا جَرِيرَةٍ تُوجِبُ قَتْلَهُ فَإِنَّهُ قَوَدٌ أَيْ فَإِنَّ الْقَاتِلَ يُقَادُ بِهِ وَيُقْتَلُ وَفِي الْأَنْفِ إِذَا أُوعِبَ جَدْعُهُ أَي قطع جَمِيعه

[4858] خُصَاصَةَ الْبَابِ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ وَصَادَيْنِ مُهْمَلَتَيْنِ أَيْ فرجته انقمع أَي رد بَصَره وَرجع

[4868] وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ هِيَ الْكَاذِبَةُ الْفَاجِرَةُ كَاَلَّتِي يَقْتَطِعُ بِهَا الْحَالِفُ مَالَ غَيْرِهِ سُمِّيَتْ غَمُوسًا لِأَنَّهَا تغمس فِي الْإِثْم وَالنَّار وفعول للْمُبَالَغَة

[4870] وَلَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً هِيَ الْغَارَةُ وَالسَّلْبُ ذَاتَ شَرَفٍ أَيْ قِيمَةٌ وَقَدْرٌ وَرِفْعَةٌ يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهَا أَبْصَارهم أَي ينظرُونَ إِلَيْهَا ويستشرفونها

[4872] خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ الرِّبْقَةُ فِي الْأَصْلِ عُرْوَةٌ فِي حَبْلٍ تُجْعَلُ فِي عُنُقِ الْبَهِيمَةِ أَوْ يَدِهَا تُمْسِكُهَا فَاسْتَعَارَهَا لِلْإِسْلَامِ يَعْنِي مَا يَشُدُّ الْمُسْلِمُ بِهِ نَفْسَهُ مِنْ عُرَى الْإِسْلَامِ أَيْ حُدُودُهُ وَأَحْكَامُهُ وَأَوَامِرُهُ وَنَوَاهِيهِ [4873] لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ وَيَسْرِقُ الْحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ قَالَ النَّوَوِيُّ

قَالَ جَمَاعَةٌ الْمُرَادُ بِهَا بَيْضَةُ الْحَدِيدِ وَحَبْلُ السَّفِينَةِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَهُ قِيمَةٌ ظَاهِرَةٌ وَلَيْسَ هَذَا السِّيَاقُ مَوْضِعَ اسْتِعْمَالِهِمَا بَلْ بَلَاغَةُ الْكَلَامِ تَأْبَاهُ لِأَنَّهُ لَا يُذَمُّ فِي الْعَادَةِ مَنْ خَاطَرَ بِيَدِهِ فِي شَيْءٍ لَهُ قَدْرٌ وَإِنَّمَا يُذَمُّ مَنْ خَاطَرَ بِهَا فِيمَا لَا قَدْرَ لَهُ فَهُوَ مَوْضِعُ تَقْلِيلٍ لَا تَكْثِيرٍ وَالصَّوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ التَّنْبِيهُ عَلَى عِظَمِ مَا خَسِرَ وَهِيَ يَدُهُ فِي مُقَابَلَةِ حَقِيرٍ مِنَ الْمَالِ وَهُوَ رُبْعُ دِينَارٍ فَإِنَّهُ يُشَارِكُ الْبَيْضَةَ وَالْحَبْلَ فِي الْحَقَارَةِ أَوْ أَرَادَ جِنْسَ الْبِيضِ وَجِنْسَ الْحِبَالِ أَوْ أَنَّهُ إِذَا سَرَقَ الْبَيْضَةَ فَلَمْ يُقْطَعْ جَرَّ ذَلِكَ إِلَى سَرِقَةِ مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْهَا فَقُطِعَ فَكَانَتْ سَرِقَةُ الْبَيْضَةِ هِيَ سَبَبَ قَطْعِهِ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ قَدْ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ

وَالْحَبْلَ فَيَقْطَعُهُ بَعْضُ الْوُلَاةِ سِيَاسَةً لَا قَطْعًا جَائِزًا شَرْعًا وَقِيلَ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ هَذَا عِنْدَ نُزُولِ آيَةِ السَّرِقَةِ مُجْمَلَةً مِنْ غَيْرِ بَيَانِ نِصَابٍ فَقَالَ على ظَاهر اللَّفْظ

[4957] فَإِذَا ضَمَّهُ الْجَرِينُ هُوَ مَوْضِعُ تَجْفِيفِ التَّمْرِ وَهُوَ لَهُ كالبيدر للحنطة وَلَا يقطع فِي حَرِيسَةِ الْجَبَلِ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالرَّاءِ قَالَ فِي النِّهَايَة أَي لَيْسَ فِيمَا يجرس بِالْجَبَلِ إِذَا سُرِقَ قَطْعٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحِرْزٍ وَالْحَرِيسَةُ فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ أَيْ أَنَّ لَهَا مَنْ يَحْرُسُهَا وَيَحْفَظُهَا وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُ الْحَرِيسَةَ السَّرِقَةَ نَفْسَهَا يُقَالُ حَرَسَ يَحْرِسُ حَرْسًا إِذَا سَرَقَ فَهُوَ حَارِسٌ وَمُحْتَرِسٌ أَيْ لَيْسَ فِيمَا يسرق من الْجَبَل قطع [4958] غَيْرَ مُتَّخِذٍ خُبْنَةً قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْخُبْنَةُ مِعْطَفُ الْإِزَارِ وَطَرَفُ الثَّوْبِ أَيْ لَا يَأْخُذُ مِنْهُ فِي ثَوْبِهِ يُقَالُ أَخْبَنَ الرَّجُلُ إِذَا خَبَّأَ شَيْئًا فِي خُبْنَةِ ثَوْبِهِ أَوْ سَرَاوِيلِهِ وَمَنْ خَرَجَ بِشَيْءٍ مِنْهُ فَعَلَيْهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ وَالْعُقُوبَةُ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هَذَا عَلَى سَبِيلِ الْوَعِيدِ وَالتَّغْلِيظِ لَا الْوُجُوبِ لِيَنْتَهِيَ فَاعِلُهُ عَنْهُ وَإِلَّا فَلَا وَاجِبَ عَلَى مُتْلِفِ الشَّيْءِ أَكْثَرَ مِنْ مِثْلِهِ وَقِيلَ كَانَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ تَقَعُ الْعُقُوبَاتُ فِي الْأَمْوَالِ ثُمَّ نُسِخَ

[4959] آوَاهُ الْمُرَاحُ هُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَرُوحُ إِلَيْهِ الْمَاشِيَةُ أَوْ تَأْوِي إِلَيْهِ لَيْلًا

[4961] وَلَا كَثَرٍ بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْمُثَلَّثَةِ جُمَّارُ النَّخْلِ وَهُوَ شحمه الَّذِي فِي وسط النَّخْلَة

كتاب الإيمان وشرائعه

(كتاب الْإِيمَان وشرائعه) [4987] ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ أَيْ حَصَلْنَ فَهِيَ تَامَّةٌ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ قَالَ التَّيْمِيُّ حَلَاوَةُ

الْإِيمَانِ حُسْنُهُ يُقَالُ حَلَا الشَّيْءُ فِي الْفَمِ إِذَا صَارَ حُلْوًا وَإِنْ حَسُنَ فِي الْعَيْنِ أَوِ الْقَلْبِ قِيلَ حَلَا لِعَيْنِي أَيْ حَسُنَ وَقَالَ غَيْرُهُ فِي حَلَاوَةِ الْإِيمَانِ اسْتِعَارَةٌ تَخْيِيلِيَّةٌ شَبَّهَ رَغْبَةَ الْمُؤْمِنِ فِي الْإِيمَانِ بِشَيْءٍ حُلْوٍ وَأَثْبَتَ لَهُ لَازِمَ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَأَضَافَهُ إِلَيْهِ وَفِيهِ تَلْمِيحٌ إِلَى قِصَّةِ الْمَرِيضِ وَالصَّحِيحِ لِأَنَّ

الْمَرِيضَ الصَّفْرَاوِيَّ يَجِدُ طَعْمَ الْعَسَلِ مُرًّا وَالصَّحِيحَ يَذُوقُ حَلَاوَتَهُ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ فَكُلَّمَا نَقَصَتِ الصِّحَّةُ شَيْئًا نَقَصَ ذَوْقُهُ بِقَدْرِ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ بِالنَّصْبِ خَبَرُ يَكُونَ قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ الْمُرَادُ بِالْحُبِّ هُنَا الْحُبُّ الْعَقْلِيُّ الَّذِي هُوَ إِيثَارُ مَا يَقْتَضِي الْعَقْلُ السَّلِيمُ رُجْحَانَهُ وَإِنْ كَانَ عَلَى خِلَافِ هَوَى النَّفْسِ كَالْمَرِيضِ يَعَافُ الدَّوَاءَ بِطَبْعِهِ فَيَنْفِرُ عَنْهُ وَيَمِيلُ إِلَيْهِ بِمُقْتَضَى عَقْلِهِ فَيَهْوَى تَنَاوُلَهُ فَإِذَا تَأَمَّلَ الْمَرْءُ أَنَّ الشَّارِعَ لَا يَأْمُرُ وَلَا يَنْهَى إِلَّا بِمَا فِيهِ إِصْلَاحٌ عَاجِلٌ أَوْ إِصْلَاحٌ آجِلٌ وَالْعَقْلُ يَقْتَضِي رُجْحَانَ جَانِبِ ذَلِكَ تَمَرَّنَ عَلَى الِائْتِمَارِ بِأَمْرِهِ بِحَيْثُ يَصِيرُ هَوَاهُ تَبَعًا لَهُ وَيَلْتَذُّ بِذَلِكَ الْتِذَاذًا عَقْلِيًّا إِذِ الِالْتِذَاذُ الْعَقْلِيُّ إِدْرَاكُ مَا هُوَ كَمَالٌ وَخَيْرٌ مِنْ حَيْثُ هُوَ كَذَلِكَ وَعَبَّرَ الشَّارِعُ عَنْ هَذِهِ بِالْحَلَاوَةِ لِأَنَّهَا أَظْهَرُ اللَّذَائِذِ الْمَحْسُوسَةِ قَالَ وَإِنَّمَا جَعَلَ هَذِهِ الْأُمُورَ الثَّلَاثَةَ عِنْوَانًا لِكَمَالِ الْإِيمَانِ لِأَنَّ الْمَرْءَ إِذَا تَأَمَّلَ أَنَّ الْمُنْعِمَ بِالذَّاتِ هُوَ اللَّهُ وَأَنْ لَا مَانِعَ فِي الْحَقِيقَةِ سِوَاهُ وَأَنَّ مَا عَدَاهُ وَسَائِطُ وَأَنَّ الرَّسُولَ هُوَ الَّذِي يُبَيِّنُ لَهُ مُرَادَ رَبِّهِ اقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ يَتَوَجَّهَ بِكُلِّيَّتِهِ نَحْوَهُ فَلَا يُحِبُّ إِلَّا مَا يُحِبُّ وَلَا يُحِبُّ مَنْ يُحِبُّ إِلَّا مِنْ أَجْلِهِ وَأَنْ يَتَيَقَّنَ أَنَّ جُمْلَةَ مَا وَعَدَ وَأَوْعَدَ حَقٌّ بِيَقِينٍ تُخُيِّلَ إِلَيْهِ الْمَوْعُودُ كَالْوَاقِعِ فَيَحْسِبُ أَنَّ مَجَالِسَ الذِّكْرِ رِيَاضُ الْجَنَّةِ وَأَنَّ الْعَوْدَ إِلَى الْكُفْرِ إِلْقَاءٌ فِي النَّارِ قَالَ وَأَمَّا تَثْنِيَةُ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ مِمَّا سِوَاهُمَا فَلِلْإِيمَاءِ إِلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُوَ الْمَجْمُوعُ الْمُرَكَّبُ مِنَ الْمَحَبَّتَيْنِ لَا كُلُّ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهَا ضَائِعَةٌ لَاغِيَةٌ وَأَمَرَ بِالْإِفْرَادِ فِي حَدِيثِ الْخَطِيبِ إِشْعَارًا بِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَعْطُوفَيْنِ مُسْتَقِلٌّ بِاسْتِلْزَامِ الْغَوَايَةِ إِذِ الْعَطْفُ فِي تَقْدِيرِ التَّكْرِيرِ وَالْأَصْلُ اسْتِقْلَالُ كُلٍّ مِنَ الْمَعْطُوفَيْنِ فِي الْحُكْمِ وَأَنْ يُحِبَّ فِي اللَّهِ وَأَنْ يُبْغِضَ فِي اللَّهِ

قَالَ يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ حَقِيقَةُ الْحُبِّ فِي اللَّهِ أَنْ لَا يَزِيدَ فِي الْبِرِّ وَلَا ينقص بالجفاء [4988] وَمَنْ كَانَ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ قَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي الْإِنْقَاذُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِالْعِصْمَةِ مِنْهُ ابْتِدَاءً بِأَنْ يُولَدَ عَلَى الْإِسْلَامِ وَيَسْتَمِرَّ أَوْ بِالْإِخْرَاجِ مِنْ ظُلْمَةِ الْكُفْرِ إِلَى نُورِ الْإِيمَانِ كَمَا وَقَعَ لِكَثِيرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَيُحْمَلُ قَوْلُهُ يَرْجِعُ عَلَى مَعْنَى الصَّيْرُورَةِ بِخِلَافِ الثَّانِي فَإِنَّ الرُّجُوعَ فِيهِ عَلَى ظَاهِرِهِ

[4990] قَالَ يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِسْلَامِ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ تَقْدِيمُ السُّؤَالِ عَنِ الْإِيمَانِ وَفِي الْأُخْرَى الِابْتِدَاءُ بِالْإِسْلَامِ ثُمَّ بِالْإِحْسَانِ ثُمَّ بِالْإِيمَان قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْقِصَّةَ وَاحِدَةٌ اخْتَلَفَ الرُّوَاةُ فِي تَأْدِيَتِهَا فَالتَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ وَقَعَ مِنَ الرُّوَاةِ فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ إِنَّمَا عَجِبُوا مِنْهُ لِأَنَّ مَا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ جِهَتِهِ وَلَيْسَ هَذَا السَّائِلُ مِمَّنْ عُرِفَ بِلِقَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا بِالسَّمَاعِ مِنْهُ ثُمَّ هُوَ يَسْأَلُ سُؤَالَ عَارِفٍ بِمَا يَسْأَلُ عَنْهُ بِأَنَّهُ يُخْبِرُهُ بِأَنَّهُ صَادِقٌ فِيهِ فَتَعَجَّبُوا مِنْ ذَلِكَ تَعَجُّبَ الْمُسْتَبْعِدِ لِذَلِكَ ثُمَّ قَالَ أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِيمَانِ قَالَ أَنْ تُؤْمِنَ بِاَللَّهِ قَالَ الطِّيبِيُّ هَذَا يُوهِمُ التَّكْرَارَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ قَوْلَهُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاَللَّهِ مُضَمَّنٌ مَعْنَى أَنْ تَعْتَرِفَ بِهِ وَلِهَذَا عداهُ بِالْبَاء أَيْ تُصَدِّقَ مُعْتَرِفًا بِذَلِكَ وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ لَيْسَ هُوَ تَعْرِيفًا لِلشَّيْءِ بِنَفْسِهِ بَلْ الْمُرَادُ مِنَ الْمَحْدُودِ الْإِيمَانُ الشَّرْعِيُّ وَمِنَ الْحَدِّ الْإِيمَانُ اللُّغَوِيُّ وَمَلَائِكَتِهِ الْإِيمَانُ بِالْمَلَائِكَةِ هُوَ التَّصْدِيقُ بِوُجُودِهِمْ وَأَنَّهُمْ كَمَا وَصفهم الله عباد مكرمون وَكُتُبِهِ الْإِيمَانُ بِكُتُبِ اللَّهِ التَّصْدِيقُ بِأَنَّهَا كَلَامُ اللَّهِ وَأَنَّ مَا تَضَمَّنَتْهُ حَقٌّ وَرُسُلِهِ الْإِيمَانُ بِالرُّسُلِ التَّصْدِيقُ بِأَنَّهُمْ صَادِقُونَ فِيمَا أَخْبَرُوا بِهِ عَنِ اللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قِيلَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ آخِرُ أَيَّامِ الدُّنْيَا أَوْ آخِرُ الْأَزْمِنَةِ المحدودة وَالْمرَاد

بِالْإِيمَانِ بِهِ التَّصْدِيقُ بِمَا يَقَعُ فِيهِ مِنَ الْحِسَابِ وَالْمِيزَانِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ قَالَ فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْإِحْسَانِ هُوَ مَصْدَرُ أَحْسَنْتَ كَذَا إِذَا أَتْقَنْتَهُ وَإِحْسَانُ الْعِبَادَةِ الْإِخْلَاصُ فِيهَا وَالْخُشُوعُ وَفَرَاغُ الْبَالِ حَالَ التَّلَبُّسِ بِهَا وَمُرَاقَبَةُ الْمَعْبُودِ وَأَشَارَ فِي الْجَوَابِ إِلَى حَالَتَيْنِ أَرْفَعُهُمَا أَنْ يَغْلِبَ عَلَيْهِ مُشَاهَدَةُ الْحَقِّ بِقَلْبِهِ حَتَّى كَأَنَّهُ يَرَاهُ بِقَلْبِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ كَأَنَّكَ تَرَاهُ أَيْ هُوَ يَرَاكَ وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَسْتَحْضِرَ أَنَّ الْحَقَّ مُطَّلِعٌ عَلَيْهِ يَرَى كُلَّ مَا يَعْمَلُ وَهُوَ قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ وَهَاتَانِ الْحَالَتَانِ ثَمَرَتُهُمَا مَعْرِفَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَخَشْيَتُهُ وَقَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّكَ إِنَّمَا تُرَاعِي الْآدَابَ الْمَذْكُورَةَ إِذَا كُنْتَ تَرَاهُ يَرَاكَ لِكَوْنِهِ يراك لَا لكَونه تَرَاهُ فَهُوَ دَائِمًا يَرَاك فَأَحْسِنْ عِبَادَتَهُ وَإِنْ لَمْ تَرَهُ فَتَقْدِيرُ الْحَدِيثِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَاسْتَمِرَّ عَلَى إِحْسَانِ الْعِبَادَةِ فَإِنَّهُ يَرَاكَ وَأَقْدَمَ بَعْضُ غُلَاةِ الصُّوفِيَّةِ عَلَى تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَقَالَ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى مَقَامِ الْمَحْوِ وَالْفَنَاءِ وَتَقْدِيرُهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَيْ فَإِنْ لَمْ تَصِرْ شَيْئًا وَفَنِيتَ عَنْ نَفْسِكَ حَتَّى كَأَنَّكَ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ فَإِنَّكَ حِينَئِذٍ تَرَاهُ وَغَفَلَ قَائِلُ هَذَا لِلْجَهْلِ بِالْعَرَبِيَّةِ عَنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ مَا زَعَمَ لَكَانَ قَوْلُهُ تَرَاهُ مَحْذُوفَ الْأَلِفِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مَجْزُومًا لِكَوْنِهِ عَلَى زَعْمِهِ جَوَابَ الشَّرْطِ وَلَمْ يَرِدْ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ بِحَذْفِ الْأَلِفِ وَإِثْبَاتُهَا فِي الْفِعْلِ الْمَجْزُومِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَلَا يُصَارُ إِلَيْهِ إِذْ لَا ضَرُورَةَ هُنَا وَأَيْضًا لَوْ كَانَ مَا ادَّعَاهُ صَحِيحًا لَكَانَ قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ ضَائِعًا لِأَنَّهُ لَا ارْتِبَاطَ لَهُ بِمَا قَبْلَهُ وَمِمَّا يُفْسِدُ تَأْوِيلَهُ رِوَايَةُ فَإِنَّكَ إِنْ لَا تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ فَسَلَّطَ النَّفْيَ عَلَى الرُّؤْيَةِ

لَا عَلَى الْكَوْنِ الَّذِي حَمَلَ عَلَى ارْتِكَابِ التَّأْوِيلِ الْمَذْكُورِ قَالَ فَأَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ أَيْ مَتَى تَقُومُ قَالَ مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ بِهَا مِنَ السَّائِلِ عَدَلَ عَنْ قَوْلِهِ لَسْتُ بِأَعْلَمَ بِهَا مِنْكَ إِلَى لَفْظٍ يُشْعِرُ بِالتَّعْمِيمِ تعريضا للسامعين أَي أَن كل مسؤول وَكُلَّ سَائِلٍ فَهُوَ كَذَلِكَ أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى ذَلِكَ فَقَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ اتِّسَاعُ الْإِسْلَامِ وَاسْتِيلَاءُ أَهْلِهِ عَلَى بِلَادِ الشِّرْكِ وَسَبْيُ ذَرَارِيِّهِمْ فَإِذَا مَلَكَ الرَّجُلُ الْجَارِيَةَ وَاسْتَوْلَدَهَا كَانَ الْوَلَدُ مِنْهَا بِمَنْزِلَةِ رَبِّهَا لِأَنَّهُ وَلَدُ سَيِّدِهَا قَالَ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ هَذَا قَول الْأَكْثَرين قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ لَكِنْ فِي قَوْلِهِ الْمُرَادِ نَظَرٌ لِأَنَّ اسْتِيلَادَ الْإِمَاءِ كَانَ مَوْجُودًا حِينَ الْمُقَابَلَةِ وَالِاسْتِيلَاءُ عَلَى بِلَادِ الشِّرْكِ وَسَبْيُ ذَرَارِيِّهِمْ وَاِتِّخَاذُهُمْ سَرَارِيَّ كَانَ أَكْثَرُهُ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ وَسِيَاقُ الْكَلَامِ يَقْتَضِي الْإِشَارَةَ إِلَى وُقُوعِ مَا لَمْ يَقَعْ مِمَّا سَيَقَعُ قُرْبَ قِيَامِ السَّاعَةِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنْ تَبِيعَ السَّادَةُ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِمْ وَيَكْثُرُ ذَلِكَ فَيَتَدَاوَلَ الْمُلَّاكُ الْمُسْتَوْلَدَةَ حَتَّى يَشْتَرِيَهَا وَلَدُهَا وَعَلَى هَذَا الَّذِي يَكُونُ مِنَ الْأَشْرَاطِ غَلَبَةُ الْجَهْلِ بِتَحْرِيمِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَالِاسْتِهَانَةُ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنْ يَكْثُرَ الْعُقُوقُ فِي الْأَوْلَادِ فَيُعَامِلَ الْوَلَدُ أُمَّهُ مُعَامَلَةَ السَّيِّدِ أَمَتَهُ مِنَ الْإِهَانَةِ بِالسَّبِّ وَالضَّرْبِ وَالِاسْتِخْدَامِ فَأُطْلِقَ عَلَيْهِ رَبُّهَا مَجَازًا لِذَلِكَ أَوِ الْمُرَادُ بِالرَّبِّ الْمُرَبِّي فَيَكُونُ حَقِيقَةً قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ وَهَذَا الْوَجْهُ أَوْجَهُ عِنْدِي لِعُمُومِهِ وَتَحْصِيلِهِ الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ السَّاعَةَ يَقْرُبُ قِيَامُهَا عِنْدَ انْعِكَاسِ الْأُمُورِ بِحَيْثُ يَصِيرُ الْمُرْبَى مُرْبِيًا وَالسَّافِلُ عَالِيًا وَهُوَ مُنَاسِبٌ لِقَوْلِهِ فِي الْعَلَامَةِ الْأُخْرَى أَنْ يَصِيرَ الْحُفَاةُ الْعُرَاةُ مُلُوكَ الْأَرْضِ الْعَالَةُ أَيِ الْفُقَرَاءُ رِعَاءُ الشَّاءِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ الرِّعَاءُ بِالْكَسْرِ وَالْمَدِّ جَمْعُ رَاعِي الْغَنَمِ وَقَدْ

يُجْمَعُ عَلَى رُعَاةٍ بِالضَّمِّ قَالَ عُمَرُ فَلَبِثْتُ ثَلَاثًا قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ ادَّعَى بَعْضُهُمْ فِي هَذِهِ

الْكَلِمَةِ التَّصْحِيفَ وَأَنَّهَا فَلَبِثْتُ مَلِيًّا صَغُرَتْ مِيمُهَا فَأَشْبَهَتْ ثَلَاثًا لِأَنَّهَا تُكْتَبُ بِلَا أَلِفٍ قَالَ هَذِهِ الدَّعْوَى مَرْدُودَةٌ فَإِنَّ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَوَانَةَ فَلَبِثْنَا لَيَالِيَ فَلَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ثَلَاثٍ وَلِابْنِ حِبَّانَ بَعْدَ ثَلَاثَةٍ وَلِابْنِ مَنْدَهْ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ [4991] إِذَا رَأَيْتَ الرِّعَاءَ الْبُهْمَ بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَوَصَفَهُمْ بِالْبُهْمِ إِمَّا لِأَنَّهُمْ مَجْهُولُو الْأَنْسَابِ وَمِنْهُ أُبْهِمَ الْأَمْرُ فَهُوَ مُبْهَمٌ إِذَا لَمْ يُعْرَفْ حَقِيقَتُهُ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَالْأَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُمْ سُودُ الْأَلْوَانِ لِأَنَّ الْأُدْمَةَ غَالِبُ أَلْوَانِهِمْ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنه

لَا شَيْءَ لَهُمْ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحْشَرُ النَّاسُ حُفَاةً عُرَاةً بُهْمًا قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ قَدْ نَسَبَ لَهُمُ الْإِبِلَ فَكَيْفَ يُقَالُ لَا شَيْءَ لَهُمْ قَالَ الْحَافِظُ بن حَجَرٍ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهَا إِضَافَةُ اخْتِصَاصٍ لَا مِلْكٍ وَهَذَا هُوَ الْغَالِبُ أَنَّ الرَّاعِيَ يَرْعَى بِأُجْرَةٍ وَأَمَّا الْمَالِكُ فَقَلَّ أَنْ يُبَاشِرَ الرَّعْيَ بِنَفْسِهِ وَأَنَّهُ لَجِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَزَلَ فِي صُورَة دحْيَة الْكَلْبِيّ قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ قَوْلُهُ نَزَلَ فِي صُورَةِ دِحْيَةَ وَهْمٌ لِأَنَّ دِحْيَةَ مَعْرُوفٌ عِنْدَهُمْ وَقَدْ قَالَ عُمَرُ مَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ

فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي أَخْرَجَهُ مِنْهُ النَّسَائِيّ فَقل فِي آخِرِهِ وَإنَّهُ جِبْرِيلُ جَاءَ لِيُعَلِّمَكُمْ

دِينَكُمْ حَسْبُ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ هِيَ الْمَحْفُوظَةُ لِمُوَافَقَتِهَا بَاقِي الرِّوَايَات [4995] الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ قِيلَ الْأَلِفُ وَاللَّامُ فِيهِ لِلْكَمَالِ نَحْوَ زَيْدٌ الرَّجُلُ أَيِ الْكَامِلُ فِي الرُّجُولِيَّةِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْمُرَادُ أَفْضَلُ الْمُسْلِمِينَ مَنْ جَمَعَ إِلَى أَدَاءِ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى أَدَاءَ حُقُوقِ النَّاسِ وَقَالَ غَيْرُهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونِ الْمُرَادُ بِذَلِكَ الْإِشَارَةَ إِلَى حُسْنِ مُعَامَلَةِ الْعَبْدِ مَعَ رَبِّهِ لِأَنَّهُ إِذَا أَحْسَنَ مُعَامَلَةَ إِخْوَانِهِ فَأَوْلَى أَنْ يُحْسِنَ مُعَامَلَةَ رَبِّهِ مِنَ التَّنْبِيهِ بِالْأَدْنَى عَلَى الْأَعْلَى

[4998] إِذَا أَسْلَمَ الْعَبْدُ فَحَسُنَ إِسْلَامُهُ أَيْ صَارَ إِسْلَامُهُ حَسَنًا فِي اعْتِقَادِهِ وَإِخْلَاصِهِ وَدُخُولِهِ فِيهِ بِالْبَاطِنِ وَالظَّاهِرِ كَانَ أَزْلَفَهَا أَيْ أَسْلَفَهَا وَقَدَّمَهَا يُقَالُ أَزْلَفَ وَزَلَفَ مُخَفَّفًا وَزَلَّفَ مُشَدَّدًا بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَقَالَ فِي الْمُحْكَمِ أَزَلَفَ الشَّيْءَ وَزَلَفَهُ مُخَفَّفًا وَمُثَقَّلًا قَرَّبَهُ وَفِي الْجَامِعِ الزُّلْفَةُ تَكُونُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَقَالَ فِي الْمَشَارِقِ زَلَفَ بِالتَّخْفِيفِ أَيْ جَمَعَ وَكَسَبَ وَهَذَا يَشْمَلُ الْأَمْرَيْنِ وَأَمَّا الْقُرْبَةُ فَلَا تَكُونُ إِلَّا فِي الْخَيْرِ ثُمَّ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ الْقِصَاصُ بِالرَّفْعِ اسْمُ كَانَ الْحَسَنَةُ مُبْتَدَأٌ بِعَشْرَةِ أَمْثَالِهَا خَبَرُهُ وَالْجُمْلَةُ اسْتِئْنَافِيَّةٌ إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ أَيْ مُنْتَهِيَةٌ وَالسَّيِّئَةُ بِمِثْلِهَا إِلَّا أَنْ يَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهَا زَادَ سَمَوَيْهِ فِي فَوَائِدِهِ إِلَّا أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ وَهُوَ الْغَفُورُ

[4999] أَيُّ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ فِيهِ حَذْفٌ أَيْ أَيُّ ذَوِي الْإِسْلَامِ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ أَيُّ الْمُسْلِمِينَ أفضل [5000] أَيُّ الْإِسْلَامِ خَيْرٌ أَيْ أَيُّ خِصَالِ الْإِسْلَامِ خير قَالَ تطعم الطَّعَام هُوَ فِي تَقْدِيرِ الْمَصْدَرِ أَيْ أَنْ تُطْعِمَ وَمِثْلُهُ تَسْمَعُ بِالْمُعَيْدِيِّ خَيْرٌ وَتَقْرَأُ السَّلَامَ بِلَفْظِ مُضَارِعِ الْقِرَاءَةِ بِمَعْنَى تَقُولُ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ تَقُولُ اقْرَأْ عَلَيْهِ السَّلَامَ ولَا تَقُولُ أَقْرِئْهُ السَّلَامَ فَإِذَا كَانَ مَكْتُوبًا قُلْتَ أَقْرِئْهُ السَّلَامَ أَيِ اجْعَلْهُ يَقْرَؤُهُ

[5001] بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي أَمَالِيهِ فِيهِ إِشْكَالٌ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ إِنْ أُرِيدَ بِهِ الشَّهَادَةُ فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا شَرْطٌ فِي الْإِيمَانِ مَعَ الْإِمْكَانِ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ فِي الْخُمُسِ وان أُرِيد بِهِ الْإِيمَانُ فَكَذَلِكَ لِأَنَّهُ شَرْطٌ وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الِانْقِيَادُ وَالِانْقِيَادُ هُوَ الطَّاعَةُ وَالطَّاعَةُ فِعْلُ الْمَأْمُورِ بِهِ وَالْمَأْمُورُ بِهِ هِيَ هَذِهِ الْخَمْسُ لَا عَلَى سَبِيلِ الْحَصْرِ فَيَلْزَمُ بِنَاءُ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ قَالَ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ التَّذَلُّلُ الْعَامُّ الَّذِي هُوَ اللُّغَوِيُّ لَا التَّذَلُّلُ الشَّرْعِيُّ الَّذِي هُوَ فِعْلُ الْوَاجِبَاتِ حَتَّى يَلْزَمَ بِنَاءُ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ وَمَعْنَى الْكَلَامِ أَنَّ التَّذَلُّلَ اللُّغَوِيَّ يَتَرَتَّبُ عَلَى هَذِهِ الْأَفْعَالِ مَقْبُولًا مِنَ الْعَبْدِ طَاعَةً وَقُرْبَةً وَقَالَ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ إِنْ قِيلَ هَذِهِ الْخَمْسُ هِيَ الْإِسْلَامُ فَمَا الْمَبْنِيُّ عَلَيْهِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَبْنِيَّ هُوَ الْإِسْلَامُ الْكَامِلُ لَا أَصْلُ الْإِسْلَامِ وَقَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي فَإِنْ قِيلَ الْأَرْبَعَةُ الْمَذْكُورَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الشَّهَادَةِ إِذْ لَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْهَا إِلَّا بَعْدَ وُجُودِهَا فَكَيْفَ يُضَمُّ مَبْنِيٌّ إِلَى مَبْنِيٍّ عَلَيْهِ فِي مُسَمًّى وَاحِدٍ أُجِيبَ بِجَوَازِ ابْتِنَاءِ أَمْرٍ عَلَى أَمْرٍ وَابْتِنَاءِ الْأَمْرَيْنِ عَلَى أَمْرٍ آخَرَ فَإِنْ قِيلَ الْمَبْنِيُّ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ أُجِيبَ بِأَنَّ

الْمَجْمُوعَ غَيْرٌ مِنْ حَيْثُ الِانْفِرَادِ عَيْنٌ مِنْ حَيْثُ الْجَمْعِ وَمِثَالُهُ الْبَيْتُ مِنَ الشِّعْرِ يُجْعَلُ عَلَى خَمْسَةِ أَعْمِدَةٍ أَحَدُهَا أَوْسَطُ وَالْبَقِيَّةُ أَرْكَانٌ فَمَا دَامَ الْأَوْسَطُ قَائِمًا فَمُسَمَّى الْبَيْتِ مَوْجُودٌ وَلَوْ سَقَطَ أَحَدٌ مِنَ الْأَرْكَانِ فَإِذَا سَقَطَ الْأَوْسَطُ سَقَطَ مُسَمَّى الْبَيْتِ فَالْبَيْتُ بِالنَّظَرِ إِلَى مَجْمُوعِهِ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَبِالنَّظَرِ إِلَى أَفْرَادِهِ أَشْيَاءٌ وَأَيْضًا بِالنَّظَرِ إِلَى أُسِّهِ أَصْلِيٌّ وَالْأَرْكَانُ تَبَعٌ وَتَكْمِلَةٌ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مَخْفُوضٌ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ خَمْسٍ وَيَجُوزُ الرَّفْعُ عَلَى حَذْفِ الْخَبَرِ وَالتَّقْدِيرُ مِنْهَا شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَوْ عَلَى حَذْفِ الْمُبْتَدَأِ وَالتَّقْدِيرُ أَحَدُهَا شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله [5002] فَمَنْ وَفَّى مِنْكُمْ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ أَيْ ثَبَتَ عَلَى الْعَهْدِ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ أُطْلِقَ هَذَا عَلَى سَبِيلِ التَّفْخِيمِ لِأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ الْمُبَالَغَةَ الْمُقْتَضِيَةَ لِوُجُودِ الْعِوَضَيْنِ أَثْبَتَ ذِكْرَ الْأَجْرِ فِي مَوْضِعِ أَحَدِهمَا وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا الْمُرَادُ مَا ذُكِرَ بَعْدُ بِقَرِينَةِ أَنَّ الْمُخَاطَبَ بِذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ فَلَا يَدْخُلُ حَتَّى يَحْتَاجَ إِلَى إِخْرَاجٍ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ وَمَنْ أَتَى مِنْكُمْ حَدًّا إِذِ الْقَتْلُ عَلَى الْإِشْرَاكِ لَا يُسَمَّى حَدًّا قُلْتُ وَيُرْشِدُ إِلَيْهِ قَوْلُهُ فَسَتَرَهُ اللَّهُ فَإِن السّتْر بالمعصية أليق

[5004] الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَحُكِيَ فَتْحُهَا وَهُوَ عَدَدٌ مُبْهَمٌ يُقَيَّدُ بِمَا بَيْنَ الثَّلَاثِ إِلَى التِّسْعِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْقَزَّازُ وَقَالَ بن سِيدَهْ إِلَى الْعَشْرِ وَقِيلَ مِنْ وَاحِدٍ إِلَى تِسْعَةٍ وَقِيلَ مِنِ اثْنَيْنِ إِلَى عَشَرَةٍ وَعَنِ الْخَلِيل الْبضْع السَّبع شُعْبَة بِضَمٍّ أَيْ قِطْعَةٌ وَالْمُرَادُ الْخَصْلَةُ وَأَوْضَعُهَا أَيْ أَدْنَاهَا كَمَا فِي رِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ إِمَاطَةُ الْأَذَى أَيْ تَنْحِيَتُهُ وَهُوَ مَا يُؤْذِي فِي الطَّرِيقِ كَالشَّوْكِ وَالْحَجَرِ وَالنِّجَاسَةِ وَنَحْوِهَا وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ هُوَ بِالْمَدِّ وَهُوَ فِي اللُّغَةِ تَغَيُّرٌ وَانْكِسَارٌ يَعْتَرِي الْإِنْسَانَ مِنْ خَوْفِ مَا يُعَابُ بِهِ وَفِي

الشَّرْعِ خُلُقٌ يَبْعَثُ عَلَى اجْتِنَابِ الْقَبِيحِ وَيَمْنَعُ مِنَ التَّقْصِيرِ فِي حَقِّ ذِي الْحَقِّ فَإِنْ قِيلَ الْحَيَاءُ مِنَ الْغَرَائِزِ فَكَيْفَ جُعِلَ شُعْبَةً مِنَ الْإِيمَانِ أُجِيبَ بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ تَخَلُّقًا وَقَدْ يَكُونُ غَرِيزَةً وَلَكِنَّ اسْتِعْمَالَهُ عَلَى وَفْقِ الشَّرْعِ يَحْتَاجُ إِلَى اكْتِسَابٍ وَعِلْمٍ وَنِيَّةٍ فَهُوَ مِنَ الْإِيمَانِ لِهَذَا وَلِكَوْنِهِ بَاعِثًا عَلَى فِعْلِ الطَّاعَةِ وَحَاجِزًا عَنْ فِعْلِ الْمَعْصِيَةِ وَلَا يُقَالُ رُبَّ حَيَاءٍ يَمْنَعُ عَنْ قَوْلِ الْحَقِّ أَوْ فِعْلِ الْخَيْرِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ شَرْعِيًّا فَإِنْ قيل لم أفرده بِالذكر هَا هُنَا أُجِيبَ بِأَنَّهُ كَالدَّاعِي إِلَى بَاقِي الشُّعَبِ إِذِ الْحَيّ يخَاف فضيحة الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فيأتمر وينزجر [5007] إِلَى مشاشه هِيَ رُؤُوس الْعِظَامِ كَالْمِرْفَقَيْنِ وَالْكَتِفَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ [5008] مَنْ رَأَى مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ

وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِيهِ سُؤَالَانِ الْأَوَّلُ مَا الْعَامِلُ فِي الْمَجْرُورَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ الثَّانِي قَوْلُهُ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى ذَمِّ فَاعِلِهِ وَأَيْضًا فَقَدْ يَعْظُمُ إِيمَانُ الشَّخْصِ وَهُوَ لَا يَسْتَطِيع التَّغَيُّر بِيَدِهِ فَلَا يلْزم من الْعَجز عَن التَّغَيُّر

ضَعْفُ الْإِيمَانِ لَكِنَّهُ قَدْ جَعَلَهُ أَضْعَفَ الْإِيمَانِ فَمَا الْجَوَابُ قَالَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ يُغَيِّرُهُ الْمَنْطُوقُ بِهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ الْمَعْنَى فليغيره بِلِسَانِهِ وَقَلبه لَكِن التَّغَيُّر لَا يَتَأَتَّى بِاللِّسَانِ وَلَا بِالْقَلْبِ فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ فَلْيُنْكِرْهُ بِلِسَانِهِ وَلْيَكْرَهْهُ بِقَلْبِهِ فَيُثْبِتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَعْضَاءِ مَا يُنَاسِبُهُ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِيمَانِ هُنَا الْإِيمَانُ الْمَجَازِيُّ الَّذِي هُوَ الْأَعْمَالُ وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّقَرُّبَ بِالْكَرَاهَةِ لَيْسَ كَالتَّقَرُّبِ بِاَلَّذِي ذَكَرَهُ قَبْلَهُ وَلَمْ يُذْكَرْ ذَلِكَ لِلذَّمِّ وَإِنَّمَا ذُكِرَ لِيَعْلَمَ الْمُكَلَّفُ حَقَارَةَ مَا حَصَلَ فِي هَذَا الْقِسْمِ فَيَرْتَقِيَ إِلَى غَيره [5011] مَا يبلغ الثدي جمع ثدي

[5013] لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ هُوَ أَفْعَلُ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ هُوَ مَعَ كَثْرَتِهِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ وَفَصَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَعْمُولِهِ بِقَوْلِهِ إِلَيْهِ لِأَنَّ الْمُمْتَنِعَ الْفَصْلُ بِأَجْنَبِيٍّ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ قَالَ الْحَلِيمِيُّ أَصْلُ هَذَا الْبَابِ أَنْ تَقِفَ عَلَى مَدَائِحِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمَحَاسِنِ الثَّابِتَةِ لَهُ فِي نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَى حُسْنِ آثَارِهِ فِي دِينِ اللَّهِ وَمَا يَجِبُ لَهُ مِنَ الْحَقِّ عَلَى أُمَّتِهِ شَرْعًا وَعَادَةً فَمَنْ أَحَاطَ بِذَلِكَ وَسَلَّمَ عَقْلُهُ عُلِمَ أَنَّهُ أَحَقُّ بِالْمَحَبَّةِ مِنَ الْوَالِدِ الْفَاضِلِ فِي نَفْسِهِ الْبَرِّ الشَّفِيقِ عَلَى وَلَدِهِ

[5016] لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ بِالنَّصْبِ [5017] لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ مِنَ الْخَيْرِ قَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي الْخَيْرُ كَلِمَةٌ جَامِعَةٌ تَعُمُّ الطَّاعَاتِ والمباحات الدُّنْيَوِيَّة والأخروية وَتخرج المنهيات

[5021] آيَةُ النِّفَاقِ ثَلَاثٌ إِذَا حَدَّثَ كَذِبَ وَإِذَا وعد أخلف وَإِذا ائمتن خَانَ قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ عَدَّهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ مُشْكِلًا مِنْ حَيْثُ إِنَّ هَذِهِ الْخِصَالَ قَدْ تُوجَدُ فِي الْمُسْلِمِ الْمُجْمَعِ عَلَى عَدَمِ الْحُكْمِ بِكُفْرِهِ قَالَ وَلَيْسَ فِيهِ إِشْكَالٌ بَلْ مَعْنَاهُ صَحِيحٌ وَاَلَّذِي قَالَهُ الْمُحَقِّقُونَ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ هَذِهِ الْخِصَالَ نِفَاقٌ وَصَاحِبَهَا شَبِيهٌ بالمنافقين فِي هَذِه الْخِصَال ومتخلق بأخلاقهم

[5029] انْتَدَبَ اللَّهُ أَيْ سَارَعَ بِثَوَابِهِ وَحُسْنِ جَزَائِهِ وَقِيلَ بِمَعْنَى أَجَابَ إِلَى الْمُرَادِ فَفِي الصِّحَاحِ نَدَبْتُ فُلَانًا لِكَذَا فَانْتَدَبَ أَيْ أَجَابَ إِلَيْهِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ تَكَفَّلَ بِالْمَطْلُوبِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةٌ البُخَارِيّ فِي بَابِ الْجِهَادِ بِلَفْظِ تَكَفَّلَ اللَّهُ وَبِلَفْظِ تَوَكَّلَ اللَّهُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ ائْتَدَبَ بِيَاءٍ مُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ مَهْمُوزَةٍ بَدَلَ النُّونِ مِنْ الْمَأْدُبَةِ وَأَطْبَقُوا عَلَى أَنَّهُ تَصْحِيفٌ لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا الْإِيمَانُ بِي هُوَ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلُ يُخْرِجُ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُفَرَّغٌ وَقَوْلُهُ بِي فِيهِ عُدُولٌ عَنْ ضَمِيرِ الْغَيْبَةِ إِلَى ضَمِيرِ الْمُتَكَلِّمِ قَالَ بن مَالك

كَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ إِلَّا الْإِيمَانُ بِهِ وَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ وَلَكِنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ اسْمِ فَاعِلٍ مِنَ الْقَوْلِ مَنْصُوبٍ عَلَى الْحَالِ أَيْ انْتَدَبَ اللَّهُ لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ قَائِلًا لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا الْإِيمَانُ بِي مِنْ بَابِ الِالْتِفَاتِ قُلْتُ هَذَا خَطَأٌ فَإِنَّ شَرْطَ الِالْتِفَاتِ أَنْ يَكُونَ الْجُمْلَتَانِ مِنْ مُتَكَلِّمٍ وَاحِدٍ وَقَوْلُهُ انْتَدَبَ اللَّهُ لِمَنْ يَخْرُجُ فِي سَبِيلِهِ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَوْلُهُ لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا الْإِيمَانُ بِي وَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِي مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْتِفَاتًا لِأَنَّ الْجُمْلَتَيْنِ لَيْسَتَا مِنْ مُتَكَلم وَاحِد فَتعين مَا قَالَه بن مَالِكٍ وَقَوْلُهُ إِنَّ حَذْفَ الْحَالِ لَا يَجُوزُ جَوَابُهُ أَنَّهُ مِنْ بَابِ حَذْفِ الْقَوْلِ وَحَذْفُ الْقَوْلِ مِنْ بَابِ الْبَحْرِ حَدِّثْ عَنْهُ وَلَا حرج

[5033] مَرَّ عَلَى رَجُلٍ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مَرَّ بِرَجُل وَمر بِمَعْنَى اجْتَازَ يُعَدَّى بِعَلَى وَبِالْبَاءِ يَعِظُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ يُعَاتِبُ أَخَاهُ فِي الْحيَاء يَقُول أَنَّك تَسْتَحي حَتَّى كَأَنَّهُ يَقُول قد أضربك فِي سَبَبِهِ فَقَالَ دَعْهُ أَيِ اُتْرُكْهُ عَلَى هَذَا الْخُلُقِ السَّيِّئِ فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الْإِيمَانِ قَالَ بن قُتَيْبَةَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْحَيَاءَ يَمْنَعُ صَاحِبَهُ مِنِ ارْتِكَابِ الْمَعَاصِي كَمَا يَمْنَعُ الْإِيمَانُ فَسُمِّيَ إِيمَانًا كَمَا يُسَمَّى الشَّيْءُ بِاسْمِ مَا قَامَ مَقَامَهُ

[5034] إِنَّ هَذَا الدِّينَ يُسْرٌ سَمَّاهُ يُسْرًا مُبَالَغَةً بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَدْيَانِ قَبْلَهُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَفَعَ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْإِصْرَ الَّذِي كَانَ عَلَى مَنْ قَبْلَهُمْ وَمِنْ أَوْضَحِ الْأَمْثِلَةِ لَهُ أَنَّ تَوْبَتَهُمْ كَانَتْ بِقَتْلِ أَنْفُسِهِمْ وَتَوْبَةُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِالْإِقْلَاعِ وَالْعَزْمِ وَالنَّدَمِ وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أحد الا غَلبه قَالَ بن التِّينِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ فَقَدْ رَأَيْنَا وَرَأَى النَّاسُ قَبْلَنَا أَنَّ كُلَّ مُتَنَطِّعٍ فِي الدِّينِ يَنْقَطِع وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ طَلَبَ الْأَكْمَلِ فِي الْعِبَادَةِ فَإِنَّهُ مِنَ الْأُمُورِ الْمَحْمُودَةِ بَلْ مَنَعَ مِنْ الْإِفْرَاطِ الْمُؤَدِّي إِلَى الْمَلَالِ وَالْمُبَالَغَةِ فِي التَّطَوُّعِ الْمُفْضِي إِلَى تَرْكِ الْأَفْضَلِ أَوْ إِخْرَاجِ الْفَرْضِ عَنْ وَقْتِهِ كَمَنْ بَاتَ يُصَلِّي اللَّيْلَ كُلَّهُ وَيُغَالِبُ النَّوْمَ إِلَى أَنْ غَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ فِي آخِرِ اللَّيْلِ فَنَامَ عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَسَدِّدُوا أَيِ الْزَمُوا السَّدَادَ وَهُوَ الصَّوَابُ مِنْ غَيْرِ إِفْرَاطٍ وَلَا تَفْرِيطٍ وَقَارِبُوا أَيْ إِنْ لَمْ تَسْتَطِيعُوا الْأَخْذَ بِالْأَكْمَلِ فَاعْمَلُوا بِمَا يُقَرِّبُ مِنْهُ وَأَبْشِرُوا أَيْ بِالثَّوَابِ عَلَى الْعَمَلِ الدَّائِمِ وَإِنْ قَلَّ أَوِ الْمُرَادُ تَبْشِيرُ مَنْ عَجَزَ عَنِ الْعَمَلِ بِالْأَكْمَلِ بِأَنَّ الْعَجْزَ إِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ صُنْعِهِ لَا يَسْتَلْزِمُ نَقْصَ أَجْرِهِ وَأَبْهَمَ الْمُبَشَّرَ بِهِ تَعْظِيمًا لَهُ وَتَفْخِيمًا وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ أَيِ اسْتَعِينُوا عَلَى مُدَاوَمَةِ الْعِبَادَةِ بإيقاعها

فِي الْأَوْقَات المنشطة والغدوة بِالْفَتْحِ سَيْرُ أَوَّلِ النَّهَارِ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ وَطُلُوعِ الشَّمْسِ وَالرَّوْحَةُ بِالْفَتْحِ السَّيْرُ بَعْدَ الزَّوَالِ وَالدُّلْجَةُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِهِ وَإِسْكَانِ اللَّامِ سَيْرُ آخِرِ اللَّيْلِ وَقِيلَ سَيْرُ اللَّيْلِ كُلِّهِ وَلِهَذَا عَبَّرَ فِيهِ بِالتَّبْعِيضِ وَلِأَنَّ عَمَلَ اللَّيْلِ أَشَقُّ مِنْ عَمَلِ النَّهَارِ فَهَذِهِ الْأَوْقَاتُ أَطْيَبُ أَوْقَاتِ الْمُسَافَرَةِ فَكَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاطَبَ مُسَافِرًا إِلَى مَقْصِدٍ فَنَبَّهَهُ عَلَى أَوْقَاتِ نَشَاطِهِ لِأَنَّ الْمُسَافِرَ إِذَا سَارَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ جَمِيعًا عَجَزَ وَانْقَطَعَ وَإِذَا تَحَرَّى السَّيْرَ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ الْمُنَشِّطَةِ أَمْكَنَتْهُ الْمُدَاوَمَةُ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ وَحُسْنُ هَذِهِ الِاسْتِعَارَةِ أَنَّ الدُّنْيَا فِي الْحَقِيقَةِ

دَار نَقله إِلَى الْآخِرَة [5036] شَعَفَ الْجِبَالِ بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَفَاءٍ جَمْعُ شَعَفَةِ وَهِيَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ أَعْلَاهُ يُرِيدُ بِهِ رُؤُوسَ الْجِبَالِ [5037] مَثَلُ الْمُنَافِقِ كَمَثَلِ الشَّاةِ الْعَائِرَةِ بَيْنَ الْغَنَمَيْنِ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي الْمُفَصَّلِ قَدْ يُثَنَّى الْجَمْعُ عَلَى تَأْوِيلِ الجماعتين والفرقتين وَمِنْه هَذَا الحَدِيث

كتاب الزينة

(كتاب الزِّينَة) [5040] عَشَرَةٌ مِنَ الْفِطْرَةِ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ قَالَ وَلَيْسَتْ مُنْحَصِرَةً فِي الْعَشْرِ وَقَدْ أَشَارَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَدَمِ انْحِصَارِهَا فِيهَا بِقَوْلِهِ مِنَ الْفِطْرَةِ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ لَا تَبَاعُدَ فِي أَنْ يَقُولَ هِيَ عَشْرٌ وَهِيَ خَمْسٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أُعْلِمَ بِالْخَمْسِ أَوَّلًا ثُمَّ زِيدَ عَلَيْهَا قَالَهُ عِيَاضٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْخَمْسُ الْمَذْكُورَةُ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ هِيَ آكَدَ مِنْ غَيْرِهَا فَقَصَدَهَا بِالذِّكْرِ لِمَزِيَّتِهَا عَلَى غَيْرِهَا مِنْ خِصَالِ الْفِطْرَةِ قَالَ وَمن فِي قَوْلِهِ عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ لِلتَّبْعِيضِ غَسْلُ البراجم قَالَ

النَّوَوِيُّ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِ الْجِيمِ جَمْعُ بُرْجُمَةٍ بِضَمِّ الْبَاءِ وَالْجِيمِ وَهِيَ عُقَدُ الْأَصَابِعِ وَمَفَاصِلُهَا كُلُّهَا وَفِي شَرْحِ الْمَصَابِيحِ لِزَيْنِ الْعَرَبِ حِكَايَةُ قَوْلِ إِنَّ الْمُرَادَ بِهَا خُطُوطُ الْكَفِّ لِمَنْعِ الْوَسَخِ فِيهَا مِنْ وُصُولِ الْمَاءِ إِلَى مَا تَحْتَهَا وَحِينَئِذٍ لَا يَصِحُّ الْوُضُوءُ وَلَا الْغُسْلُ وَنَتْفُ الْإِبْطِ وَحَلْقُ الْعَانَةِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ خَرَجَا عَلَى الْمُتَيَسِّرِ فِي ذَلِكَ وَلَوْ عَكَسَ فَحَلَقَ الْإِبْطَ وَنَتَفَ الْعَانَةَ جَازَ لِحُصُولِ النَّظَافَةِ بِكُلِّ ذَلِكَ قَالَ وَقَدْ قِيلَ لَا يَجُوزُ فِي الْعَانَةِ إِلَّا الْحَلْقُ لِأَنَّ نَتْفَهَا يُؤَدِّي إِلَى اسْتِرْخَائِهَا ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ قَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ بِالْقَافِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَقَدْ فَسَّرَهُ وَكِيعٌ بِأَنَّهُ الِاسْتِنْجَاءُ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ مَعْنَاهُ انْتِقَاصُ الْبَوْلِ بِسَبَبِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فِي غَسْلِ مَذَاكِيرِهِ وَقِيلَ هُوَ الِانْتِضَاحُ وَذكر بن الْأَثِيرِ أَنَّهُ رُوِيَ الِانْتِقَاصُ بِالْقَافِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَقَالَ فِي فَصْلِ الْفَاءِ قِيلَ الصَّوَابُ أَنَّهُ بِالْفَاءِ وَالصَّاد الْمُهْملَة قَالَ وَالْمُرَادُ نَضْحُهُ عَلَى الذَّكَرِ لِقَوْلِهِمْ لِنَضْحِ الدَّمِ الْقَلِيلِ نُفْصَةٌ وَجَمْعُهُ نُفَصٌ قَالَ النَّوَوِيُّ وَهَذَا الَّذِي نَقَلَهُ شَاذٌّ وَالصَّوَابُ مَا سَبَقَ وَقَالَ زَيْنُ الْعَرَبِ فِي شَرْحِ الْمَصَابِيحِ انْتِقَاصُ الْمَاءِ بِالْقَافِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ هُوَ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ انْتِقَاصُ الْبَوْلِ بِالْمَاءِ وَهُوَ أَنْ يَغْسِلَ ذَكَرَهُ بِالْمَاءِ لِيَرْتَدِعَ الْبَوْلُ بِرَدْعِ الْمَاءِ وَلَوْ لَمْ يَغْسِلْ نَزَلَ مِنْهُ شَيْءٌ فَشَيْءٌ فَيَعْسُرُ الِاسْتِبْرَاءُ مِنْهُ فَالْمَاءُ عَلَى الْأَوَّلِ الْمُسْتَنْجَى بِهِ وَعَلَى الثَّانِي الْبَوْلُ إِنْ أُرِيدَ بِالْمَاءِ الْبَوْلُ فَالْمَصْدَرُ مُضَافٌ إِلَى الْمَفْعُولِ وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الْمَاءُ الْمَغْسُولُ بِهِ فَالْإِضَافَةُ إِلَى الْفَاعِلِ أَي وانتقاص المَاء الْبَوْل وانتقص لَازِمٌ وَمُتَعَدٍّ قِيلَ هُوَ تَصْحِيفٌ وَالصَّحِيحُ انْتِفَاضُ الْمَاءِ بِالْفَاءِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ

الِانْتِضَاحُ بِالْمَاءِ عَلَى الذَّكَرِ وَهَذَا أَقْرَبُ لِأَنَّ فِي كِتَابِ أَبِي دَاوُدَ بَدَلَهُ وَالِانْتِضَاحُ قَالَ مُصْعَبٌ وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَضْمَضَةَ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هَذَا شَكٌّ مِنْهُ فِيهَا وَلَعَلَّهَا الْخِتَانُ الْمَذْكُورُ مَعَ الْخَمْسِ فِي حَدِيثِ أبي هُرَيْرَة وَتَبعهُ النَّوَوِيّ والقرطبي [5042] قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَحَدِيثُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ وَجَعْفَرِ بْنِ إِيَاسٍ أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ مِنْ حَدِيثِ مُصعب بن شيبَة وَمصْعَب مُنكر الحَدِيث وَكَذَا رَجَّحَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ رِوَايَتَهُمَا فَقَالَ وَهُمَا أَثْبَتُ مِنْ مُصْعَبِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَأَصَحُّ حَدِيثًا وَنُقِلَ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ مُصْعَبُ بْنُ شَيْبَةَ أَحَادِيثُهُ مَنَاكِيرُ مِنْهَا عَشَرَةٌ من الْفطْرَة وَلما ذكر بن مَنْدَهْ أَنَّ مُسْلِمًا أَخْرَجَهُ وَقَالَ تَرَكَهُ الْبُخَارِيُّ فَلَمْ يُخَرِّجْهُ وَهُوَ حَدِيثٌ مَعْلُولٌ رَوَاهُ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عَنْ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ مُرْسَلًا قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ لَمْ يَلْتَفِتْ مُسْلِمٌ لِهَذَا التَّعْلِيلِ لِأَنَّهُ قدم

وَصْلَ الثِّقَةِ عِنْدَهُ عَلَى الْإِرْسَالِ قَالَ وَقَدْ يُقَالُ فِي تَقْوِيَةِ رِوَايَةِ مُصْعَبٍ إِنَّ تَثَبُّتَهُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ مَا حَفِظَهُ وَبَيْنَ مَا شَكَّ فِيهِ جِهَةٌ مُقَوِّيَةٌ لِعَدَمِ الْغَفْلَةِ وَمَنْ لَا يُتَّهَمُ بِالْكَذِبِ إِذَا ظَهَرَ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّثَبُّتِ قَوِيَتْ رِوَايَتُهُ وَأَيْضًا لِرِوَايَتِهِ شَاهِدٌ صَحِيحٌ مَرْفُوعٌ فِي كَثِيرٍ مِنْ هَذَا الْعَدَدِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ [5043] وَنَتْفُ الضَّبْعِ بِفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَسَطُ الْعَضُدِ وَقِيلَ هُوَ مَا تَحْتَ الْإِبْطِ [5045] أَعْفُوا اللِّحَى قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَقَعَ لِابْنِ مَاهَانَ أَرْجُوا اللِّحَى بِالْجِيمِ فَكَأَنَّهُ تَصْحِيفٌ وَتَخْرِيجُهُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ أَرْجِئُوا مِنَ الْإِرْجَاءِ فَسَهَّلَ الْهَمْزَةَ فِيهِ نَهَانِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنِ الْقَزَعِ هُوَ أَنْ يُحْلَقَ رَأْسُ الصَّبِيِّ وَيُتْرَكَ مِنْهُ مَوَاضِعُ مُتَفَرِّقَة غير محلوقة تَشْبِيها بقزع السَّحَاب

[5052] عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِي شَعْرٌ فَقَالَ ذُبَابٌ بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ مَضْمُومَةٍ وَمُوَحَّدَتَيْنِ قَالَ فِي النِّهَايَة هُوَ الشؤم أَي هَذَا مشؤم وَقيل هُوَ الشَّرّ الدَّائِم

[5055] نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ التَّرَجُّلِ هُوَ تَسْرِيحُ الشَّعْرِ وَتَنْظِيفُهُ وَتَحْسِينُهُ إِلَّا غِبًّا أَيْ وَقْتًا بَعْدَ وَقْتٍ قَالَ فِي النِّهَايَةِ كَأَنَّهُ كَرِهَ كَثْرَةَ التَّرَفُّهِ وَالتَّنَعُّمِ مُشْعَانٌّ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ وَآخِرُهُ نُونٌ مُشَدَّدَةٌ وَهُوَ مُنْتَفِشُ الشَّعْرِ الثَّائِرُ الرَّأْسِ يُقَالُ الرَّجُلُ مُشْعَانٌّ وَمُشْعَانُّ الرَّأْسِ وَشعر مشعان وَالْمِيم زَائِدَة وَجُمَّتُهُ هُوَ بِضَمِّ الْجِيمِ مَا سَقَطَ مِنْ شعر الرَّأْس على الْمَنْكِبَيْنِ

[5062] وَرَأَيْتُ لَهُ لِمَّةً هِيَ بِكَسْرِ اللَّامِ مِنْ شَعْرِ الرَّأْسِ دُونَ الْجُمَّةِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا ألمت من الْمَنْكِبَيْنِ عَلَى ذُؤَابَتِهِ هِيَ الشَّعْرُ الْمَضْفُورُ مِنْ شَعْرِ الرَّأْس

[5067] عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ الْأَوَّلُ بِالْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَالْمُعْجَمَةِ وَالثَّانِي بِالْمُوَحَّدَةِ وَالْمُهْمَلَةِ الْقِتْبَانِيِّ بِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ أَنَّ شُيَيْمَ بِكَسْر الْمُعْجَمَة وَضمّهَا بعْدهَا مثناتان تحتيتان بن بَيْتَانَ لَفْظُ تَثْنِيَةِ الْبَيْتِ يَا رُوَيْفِعُ لَعَلَّ الْحَيَاةَ سَتَطُولُ بِكَ بَعْدِي قَدْ ظَهَرَ مِصْدَاقُ ذَلِكَ فَطَالَتْ بِهِ الْحَيَاةُ حَتَّى مَاتَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ بِإِفْرِيقِيَّةَ وَهُوَ آخِرُ مَنْ مَاتَ بِهَا مِنَ الصَّحَابَةِ كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو زَكَرِيَّا بن

مَنْدَهْ مَنْ عَقَدَ لِحْيَتَهُ قَالَ فِي النِّهَايَةِ قِيلَ هُوَ مُعَالَجَتُهَا حَتَّى تَنْعَقِدَ وَتُجَعَّدَ وَقِيلَ كَانُوا يَعْقِدُونَهَا فِي الْحَرْبِ فَأَمَرَهُمْ بِإِرْسَالِهَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ تَكَبُّرًا وَعُجْبًا انْتَهَى وَفِي رِوَايَةٍ لِمُحَمَّدِ بْنِ الرَّبِيعِ الْجِيزِيِّ فِي كِتَابِ مَنْ دَخَلَ مِصْرَ مِنَ الصَّحَابَةِ مَنْ عَقَدَ لِحْيَتَهُ فِي الصَّلَاةِ وَقَالَ ثَابِتُ بْنُ قَاسِمٍ السَّرَقُسْطِيُّ فِي كِتَابِ الدَّلَائِلُ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ هَكَذَا فِي الْحَدِيثِ مَنْ عَقَدَ لِحْيَتَهُ وَصَوَابُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مَنْ عَقَدَ لِحَاءً مِنْ قَوْلِكَ لَحَيْتُ الشَّجَرَ وَلَحَوْتُهُ إِذَا قَشَّرْتَهُ وَكَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَعْقِدُونَ لِحَاءَ الْحَرَمِ فَيُقَلِّدُونَهُ أَعْنَاقَهُمْ فَيَأْمَنُونَ بِذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ فَلَمَّا أَظْهَرَ اللَّهُ الْإِسْلَامَ نَهَى عَنْ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِمْ وَرَوَى أَسْبَاطُ عَنِ السُّدِّيِّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَمَّا شَعَائِرُ اللَّهِ فَحَرَمُ اللَّهِ وَأَمَّا الْهَدْيُ وَالْقَلَائِدُ فَإِنَّ الْعَرَبَ كَانُوا يُقَلِّدُونَ مِنْ لِحَاءِ الشَّجَرِ شَجَرَ مَكَّةَ فَيُقِيمُ الرَّجُلُ بِمَكَّةَ حَتَّى إِذَا انْقَضَتْ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ وَأَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ قَلَّدَ نَفْسَهُ وَنَاقَتَهُ مِنْ لِحَاءِ الشَّجَرِ فَيَأْمَنُ حَتَّى يَأْتِيَ أَهْلَهُ قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَمَا أَشْبَهَ مَا قَالَهُ بِالصَّوَابِ لَكِنْ لَمْ نَرَهُ فِي رِوَايَةٍ مِمَّا وَقَفْنَا عَلَيْهِ أَوْ تَقَلَّدَ وَتَرًا بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْمُثَنَّاةِ فَوْقُ زَادَ مُحَمَّدُ بْنُ الرَّبِيعِ الْجِيزِيُّ فِي رِوَايَةِ يَزِيدَ تَمِيمَةً أَوِ اسْتَنْجَى بِرَجِيعِ دَابَّةٍ هوالروث

وَالْعَذِرَةُ سُمِّيَا رَجِيعًا لِأَنَّهُ رَجَعَ عَنْ حَالَتِهِ الْأُولَى بَعْدَ أَنْ كَانَ عَلَفًا أَوْ طَعَامًا

[5075] وَلَا يَرِيحُونَ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ أَيْ لَا يَشُمُّونَ رِيحَهَا يُقَالُ رَاحَ يَرِيحُ وَرَاحَ يَرَاحُ وَأَرَاحَ يُرِيحُ إِذَا وَجَدَ رَائِحَةَ الشَّيْءِ كَالثَّغَامَةِ بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ ثَمَرَةٌ يُشَبَّهُ بِهَا الشَّيْبُ وَقيل شَجَرَة تبيض كَأَنَّهَا الثَّلج الشيب الشّعْر

[5088] وَالضَّرْبَ بِالْكِعَابِ هِيَ فُصُوصُ النَّرْدِ وَاحِدُهَا كَعْبٌ وَكَعْبَةٌ وَالتَّبَرُّجَ بِالزِّينَةِ لِغَيْرِ مَحَلِّهَا أَيْ إِظْهَارُهَا لِلنَّاسِ الْأَجَانِبِ وَهُوَ الْمَذْمُومُ فَأَمَّا لِلزَّوْجِ فَلَا وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ لِغَيْرِ مَحَلِّهَا وَتَعْلِيقَ التَّمَائِمِ جَمْعُ تَمِيمَةٍ وَهِيَ خَرَزَاتٌ كَانَتِ الْعَرَبُ تُعَلِّقُهَا عَلَى أَوْلَادِهِمْ يَتَّقُونَ بِهَا الْعَيْنَ فِي زَعْمِهِمْ فَأَبْطَلَهُ الْإِسْلَامُ وَعَزْلَ الْمَاءِ بِغَيْرِ مَحَلِّهِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ عَزْلُهُ عَنْ إِقْرَارِهِ فِي فَرْجِ الْمَرْأَةِ وَهُوَ مَحَلُّهُ وَفِي قَوْلِهِ بِغَيْرِ مَحَلِّهِ تَعْرِيضٌ بِإِتْيَانِ الدُّبُرِ وَإِفْسَادَ الصَّبِيِّ هُوَ إِتْيَانُ الْمَرْأَةِ الْمُرْضِعِ فَإِذَا حَمَلَتْ فَسَدَ لَبَنُهَا وَكَانَ مِنْ ذَلِكَ فَسَادُ الصَّبِيِّ وَقَوْلُهُ غَيْرَ مُحَرِّمِهِ أَيْ كَرِهَهُ وَلَمْ يَبْلُغْ بِهِ حَدَّ التَّحْرِيم

[5091] عَن الوشر هُوَ تحديدالاسنان وَتَرْقِيقُ أَطْرَافِهَا تَفْعَلُهُ الْمَرْأَةُ الْكَبِيرَةُ تَتَشَبَّهُ بِالشَّوَابِّ مِنْ وَشَرْتُ الْخَشَبَةَ بِالْمِنْشَارِ لُغَةٌ فِي أَشَرْتُ وَعَنْ مُكَامَعَةِ الرَّجُلِ الرَّجُلِ بِغَيْرِ شِعَارٍ هُوَ أَن يضاجع

الرَّجُلُ صَاحِبَهُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ لَا حَاجِزَ بَيْنَهُمَا وَعَنْ النُّهْبَى بِالضَّمِّ وَالْقَصْرِ هِيَ النَّهْبُ وَقَدْ يَكُونُ اسْمَ مَا يُنْهَبُ كَالْعُمْرَى وَالرُّقْبَى وَعَنْ رُكُوبِ النُّمُورِ أَيْ جُلُودُهَا وَهِيَ السِّبَاعُ الْمَعْرُوفَةُ وَاحِدُهَا نَمِرٌ وَإِنَّمَا نَهَى عَنِ اسْتِعْمَالِهَا لِمَا فِيهَا مِنَ الزِّينَةِ وَالْخُيَلَاء وَلِأَنَّهُ زِيُّ الْعَجَمِ وَلِأَنَّ شَعْرَهُ لَا يَقْبَلُ الدِّبَاغَ عِنْدَ أَحَدِ الْأَئِمَّةِ إِذَا كَانَ غَيْرَ ذَكِيٍّ وَلَعَلَّ أَكْثَرَ مَا كَانُوا يَأْخُذُونَ جُلُودَ النُّمُورِ إِذَا مَاتَت لِأَن اصطيادها عسير ولبوس الْخَاتم إِلَّا لِذِي سُلْطَانٍ قَالَ الْخَطَّابِيُّ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ زِينَةً مَحْضَةً لَا لِحَاجَةٍ وَلَا لِأَرَبٍ غَيْرِ الزِّينَةِ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ هَذَا النَّهْيُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِلتَّنْزِيهِ وَقَالَ الْحَلِيمِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ السُّلْطَانَ يَحْتَاجُ إِلَى الْخَاتَمِ لِيَخْتِمَ بِهِ كُتُبَهُ وَيَخْتِمَ بِهِ أَمْوَالَ الْعَامَّةِ وَالطِّينَةِ الَّتِي يُنْفِذُهَا إِلَى الَّذِينَ يَسْتَعْدِي عَلَيْهِمْ وَكُلُّ مَنْ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ مُعَامَلَاتٌ يَحْتَاجُ لِأَجْلِهَا إِلَى الْكِتَابَةِ فَهُوَ فِي مَعْنَى السُّلْطَانِ فَأَمَّا مَنْ لَا يُمْسِكُ الْخَاتَمَ إِلَّا لِلتَّحَلِّي بِهِ دُونَ

غَرَضٍ آخَرَ فَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَالْحَدِيثُ أَعَلَّهُ بن الْقطَّان بالهيثم بن شُفَيٍّ وَقَالَ رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ وَلَا يُعْرَفُ حَاله وَقَالَ بن الْمَوَّاقِ بَلْ هُوَ مَعْرُوفُ الْحَالِ ثِقَةٌ وَذَكَرَهُ بن حبَان فِي الثِّقَات وَقَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ فِي إِسْنَادِهِ رَجُلٌ مُتَّهَمٌ فَلَمْ يَصِحَّ الحَدِيث يَعْنِي شيخ الْهَيْثَم

[5098] امْرَأَة زعراء أَي قَليلَة الشّعْر [5099] وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ أَيِ النِّسَاءُ اللَّاتِي يَفْعَلْنَ ذَلِكَ بِأَسْنَانِهِنَّ رَغْبَةً فِي التَّحْسِينِ وَالْفَلَجُ بِالتَّحْرِيكِ فُرْجَةُ مَا بَيْنَ الثَّنَايَا وَالرَّبَاعِيَاتِ

[5101] وَالنَّامِصَةِ وَالْمُتَنَمِّصَةِ الْأُولَى فَاعِلَةُ النِّمَاصِ وَالثَّانِيَةُ الَّتِي تَأْمُرُ مَنْ يَفْعَلُ بِهَا ذَلِكَ وَهُوَ نَتْفُ شَعْرِ الْجَبْهَةِ لِيَتَوَسَّعَ الْوَجْهُ وَبَعْضُهُمْ يَرْوِيهِ الْمُنْتَمِصَةِ بِتَقْدِيم النُّون على التَّاء

[5116] بِذِكَارَةِ الطِّيبِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ الذِّكَارَةُ بِكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَرَاءٍ مَا يَصْلُحُ لِلرِّجَالِ كَالْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ وَالْعُودِ وَالْكَافُورِ وَهِيَ جَمْعُ ذَكَرٍ وَهُوَ مَا لَا لَوْنَ لَهُ يَنْفُضُ وَالْمُؤَنَّثُ طِيبُ النِّسَاء كالخلوق والزعفران [5120] رَدْعٌ مِنْ خَلُوقٍ بِمُهْمَلَاتٍ أَيْ لَطْخٌ لَا يَعُمُّهُ كُلَّهُ فَأَنْهَكَهُ أَيْ بَالَغَ فِي غَسْلِهِ

بخورا بِفَتْح الْبَاء اسْتَجْمَرَ أَيْ تَبَخَّرَ بِالْأُلُوَّةِ هُوَ الْعُودُ غَيْرَ مُطَرَّاةٍ الْمُطَرَّاةُ الَّتِي يُجْعَلُ عَلَيْهَا أَلْوَانُ الطِّيبِ غَيرهَا كالمسك والعنبر والكافور يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ أَمَا لَكُنَّ فِي الْفِضَّةِ مَا تحلين أما إِنَّه لَيْسَ مِنْكُن امْرَأَة تَحَلَّتْ ذَهَبًا تُظْهِرُهُ إِلَّا عُذِّبَتْ بِهِ هَذَا مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ إنَّ هَذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أمتِي حل لأناثها قَالَ بن شَاهِينَ فِي نَاسِخِهِ كَانَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ تَلْبَسُ الرِّجَالُ خَوَاتِيمَ الذَّهَبِ وَغَيْرَ ذَلِكَ وَكَانَ الْحَظْرُ قَدْ وَقَعَ عَلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ ثُمَّ أَبَاحَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنِّسَاءِ دُونَ الرِّجَالِ فَصَارَ مَا كَانَ عَلَى النِّسَاءِ مِنَ الْحَظْرِ مُبَاحًا لَهُنَّ فَنَسَخَتِ الْإِبَاحَةُ الْحَظْرَ وَحَكَى النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إِجْمَاعَ الْمُسلمين على ذَلِك فَتَخٌ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وَخَاءٍ مُعْجَمَةٍ جَمْعُ فَتْخَةٍ وَهِيَ خَوَاتِيمُ كِبَارٌ وَقِيلَ خَوَاتِيمُ لَا فُصُوصَ لَهَا

[5142] صَلِفَتْ عِنْدَهُ أَيْ ثَقُلَتْ عَلَيْهِ وَلَمْ تَحْظَ عِنْده

[5144] ان هذَيْن حرَام قَالَ بن مَالِكٍ فِي شَرْحِ الْكَافِيَةِ أَرَادَ اسْتِعْمَالَ هَذَيْنِ فَحَذَفَ اسْتِعْمَالَ وَأَقَامَ هَذَيْنِ مَقَامَهُ فَأَفْرَدَ الْخَبَرَ 0 نَهَى عَنْ لُبْسِ الذَّهَبِ إِلَّا مُقَطَّعًا قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَرَادَ الشَّيْءَ الْيَسِيرَ كَالْحَلْقَةِ وَنَحْوِهَا وَكَرِهَ الْكَثِيرَ الَّذِي هُوَ عَادَةُ أَهْلِ السَّرَفِ وَالْخُيَلَاء

[5161] يَوْمَ الْكُلَابِ بِضَمِّ الْكَافِ وَالتَّخْفِيفِ اسْمُ مَاءٍ كَانَ بِهِ يَوْمٌ مَعْرُوفٌ مِنْ أَيَّامِ الْعَرَبِ

[5165] وَعَنِ الْجِعَةِ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَتَخْفِيفِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ نَبِيذ يتَّخذ من الْحِنْطَة وَالشعِير والمفدمة بِالْمِيم هِيَ المشبعة حمرَة

[5184] مَيَاثِرِ الْأُرْجُوَانِ هِيَ جَمْعُ مِيثَرَةٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَهِيَ وِطَاءٌ مَحْشُوٌّ يُتْرَكُ عَلَى رَحْلِ الْبَعِيرِ تَحْتَ الرَّاكِبِ وَأَصْلُهُ الْوَاوُ وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ مِفْعَلَةٌ مِنْ الْوَثَارَةِ يُقَالُ وَثَرَ وَثَارَةً فَهُوَ وَثِيرٌ أَيْ وَطِيءٌ لَيِّنٌ وَأَصْلُهَا مِوْثَرَةٌ فَقُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً لِكَسْرِ الْمِيمِ وَهِيَ مِنْ مَرَاكِبِ الْعَجَمِ تُعْمَلُ

مِنْ حَرِيرٍ أَوْ دِيبَاجٍ وَالْأُرْجُوَانُ صَبْغٌ أَحْمَرُ

[5195] خَاتَمٌ مِنْ شَبَهٍ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ ضَرْبٌ من النّحاس

[5196] عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ فصه حبشِي وَفِي الحَدِيث الَّذِي يَلِيهِ [5198] عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ خَاتَمُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فِضَّةٍ وَكَانَ فَصُّهُ مِنْهُ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ لَهُ خَاتَمَانِ أَحَدُهُمَا فَصُّهُ حَبَشِيٌّ وَالْآخَرُ فَصُّهُ مِنْهُ إِنْ كَانَ الزُّهْرِيُّ حَفِظَ فِي حَدِيثِهِ مِنْ وَرِقٍ وَالْأَشْبَهُ بِسَائِرِ الرِّوَايَاتِ أَنَّ الَّذِي كَانَ فَصُّهُ حَبَشِيًّا هُوَ الْخَاتَمُ الَّذِي اتَّخَذَهُ مِنْ ذَهَبٍ ثُمَّ طَرَحَهُ وَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَقَوْلُهُ حَبَشِيٌّ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ مِنَ الْجَزْعِ أَوِ الْعَقِيقِ لِأَنَّ مَعْدِنَهُمَا الْيَمَنُ وَالْحَبَشَةُ أَوْ نَوْعًا آخَرَ يُنْسَبُ إِلَيْهِمَا

[5209] لَا تَسْتَضِيئُوا بِنَارِ الْمُشْرِكِينَ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَرَادَ بِالنَّارِ هُنَا الرَّأْيَ أَيْ لَا تُشَاوِرُوهُمْ فَجَعَلَ الرَّأْيَ مِثْلَ الضَّوْءِ عِنْدَ الْحِيرَةِ وَلَا تَنْقُشُوا عَلَى خَوَاتِيمِكُمْ عَرَبِيًّا لَا تَنْقُشُوا فِيهَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ لِأَنَّهُ كَانَ نَقْشَ خَاتَمِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

[5293] ثُمَّ كَانَ فِي يَدِ عُثْمَانَ حَتَّى هَلَكَ فِي بِئْر أريس بِوَزْن عَظِيم مَصْرُوف

[5295] حُلَّةً سِيَرَاءَ قَالَ فِي النِّهَايَةِ بِكَسْرِ السِّينِ وَفَتْحِ الْيَاءِ وَالْمَدِّ نَوْعٌ مِنَ الْبُرُودِ يُخَالِطُهُ حَرِيرٌ كَالسُّيُورِ فَهُوَ فِعَلَاءُ مِنَ السَّيْرِ الْقِدِّ هَكَذَا يُرْوَى عَلَى الصِّفَةِ وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إِنَّمَا هُوَ حُلَّةُ سِيَرَاءَ عَلَى الْإِضَافَةِ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ سِيبَوَيْهِ قَالَ لَمْ يَأْتِ فِعَلَاءُ صِفَةً لَكِنِ اسْمًا وَشَرَحَ السِّيَرَاءَ بِالْحَرِيرِ الصَّافِي وَمَعْنَاهُ حلَّة حَرِير

[5298] فَأَطَرْتُهَا بَيْنَ نِسَائِي أَيْ فَرَّقْتُهَا بَيْنَهُمْ وَقَسَمْتُهَا فِيهِمْ مِنْ قَوْلِهِمْ طَارَ لَهُ فِي الْقِسْمَةِ كَذَا أَيْ وَقَعَ فِي حِصَّتِهِ وَقِيلَ الْهَمْزَةُ أَصْلِيَّة

[5331] مَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ مِنَ الْإِزَارِ فَفِي النَّارِ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ مَا مَوْصُولَةٌ وَبَعْضُ صِلَتِهِ مَحْذُوف وَهُوَ كَانَ وأسفل خَبَرُهُ وَيَجُوزُ أَنْ يُرْفَعَ أَسْفَلُ أَيْ مَا هُوَ أَسْفَلُ وَهُوَ أَفْعَلُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِعْلًا مَاضِيًا وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ الْأُولَى لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ وَالثَّانِيَةُ لِلْبَيَانِ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ يُرِيدُ أَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي يَنَالُهُ الْإِزَارُ مِنْ أَسْفَلِ الْكَعْبَيْنِ مِنْ رِجْلِهِ فِي النَّارِ كَنَّى بِالثَّوْبِ عَنْ بدن لابسه

[5340] عَن اشْتِمَال الصماء بِضَم الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ وَالْمَدِّ قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ هُوَ أَنْ يَشْتَمِلَ بِالثَّوْبِ حَتَّى يُجَلِّلَ بِهِ جَسَدَهُ لَا يَرْفَعُ مِنْهُ جَانِبًا فَلَا يَبْقَى مَا يُخْرِجُ مِنْهُ يَدَهُ وَهَذَا يَقُوله أَكثر أهل اللُّغَة وَقَالَ بن قُتَيْبَةَ سُمِّيَتْ صَمَّاءَ لِأَنَّهُ سَدَّ الْمَنَافِذَ كُلَّهَا كَالصَّخْرَةِ الصَّمَّاءِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا خَرْقٌ وَلَا صَدْعٌ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَأَمَّا الْفُقَهَاءُ فَيَقُولُونَ هُوَ أَنْ يَشْتَمِلَ بِثَوْبٍ لَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ ثُمَّ يَرْفَعُهُ مِنْ أَحَدِ جَانِبَيْهِ فَيَضَعُهُ عَلَى أَحَدِ مَنْكِبَيْهِ قَالَ الْعُلَمَاءُ فَعَلَى تَفْسِيرِ أَهْلِ اللُّغَةِ يُكْرَهُ الِاشْتِمَالُ الْمَذْكُورُ لِئَلَّا يَعْرِضَ لَهُ عَاجِلَةٌ مِنْ دَفْعِ بَعْضِ الْهَوَامِّ وَنَحْوِهَا أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ فَيَعْسُرُ أَوْ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ فَيَلْحَقُهُ الضَّرَرُ وَعَلَى تَفْسِيرِ الْفُقَهَاءِ يَحْرُمُ إِنِ انْكَشَفَ بِهِ بعض الْعَوْرَة والا فَيكْرَه

[5343] عِمَامَةً حَرْقَانِيَّةً بِسُكُونِ الرَّاءِ أَيْ سَوْدَاءَ عَلَى لَوْنِ مَا أَحْرَقَتْهُ النَّارُ كَأَنَّهَا مَنْسُوبَةٌ بِزِيَادَةِ الْأَلِفِ وَالنُّونِ إِلَى الْحَرَقِ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالرَّاءِ قَالَه الزَّمَخْشَرِيّ قِرَامًا بِكَسْرِ الْقَافِ هُوَ السِّتْرُ الرَّقِيقُ وَقِيلَ الصَّفِيقُ مِنْ صُوفِ ذِي أَلْوَانٍ وَقِيلَ السِّتْرُ الرَّقِيق وَرَاء السّتْر الغليظ سَهْوَةٍ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ بَيْتٌ صَغِيرٌ مُنْحَدِرٌ فِي الْأَرْضِ قَلِيلًا شَبَهُ الْمِخْدَعِ وَالْخِزَانَةِ وَقِيلَ كَالصُّفَّةِ يَكُونُ بَيْنَ يَدَيِ الْبَيْتِ وَقِيلَ شَبِيهٌ بِالرَّفِّ أَوِ الطاق يوضع فِيهِ الشَّيْء

[5364] إِنَّ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُصَوِّرُونَ وَقَالَ أَحْمَدُ الْمُصَوِّرِينَ هُوَ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ اسْمُ إِنَّ وَعَلَى الْأُولَى اسْمُ إِنَّ ضمير الشَّأْن مُقَدّر فِيهِ المصورون مُبْتَدأ وَمن أَشَدِّ النَّاسِ خَبَرُهُ وَالْجُمْلَةُ فِي مَوْضِعِ رَفْعِ خَبره قِبَالَانِ تَثْنِيَةُ قِبَالٍ وَهُوَ زِمَامُ النَّعْلِ وَهُوَ السّير الَّذِي يكون بَين الأصبعين

[5369] إِذَا انْقَطَعَ شِسْعُ نَعْلِ أَحَدِكُمْ هُوَ أَحَدُ سُيُورِ النَّعْلِ وَهُوَ الَّذِي يُدْخَلُ بَيْنَ الْأُصْبُعَيْنِ وَيُدْخَلُ طَرَفُهُ فِي الثُّقْبِ الَّذِي فِي صَدْرِ النَّعْلِ الْمَشْدُودِ فِي الزِّمَامِ وَالزِّمَامُ السَّيْرُ الَّذِي يُعْقَدُ فِيهِ الشِّسْعُ فَلَا يَمْشِ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ قَالَ فِي النِّهَايَةِ إِنَّمَا نَهَى عَنْهُ لِئَلَّا يَكُونَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ أَرْفَعَ مِنَ الْأُخْرَى وَيَكُونُ سَبَبًا لِلْعِثَارِ وَيَقْبُحُ فِي الْمَنْظَرِ وَيُعَابُ فَاعله

[5373] قَبِيعَةُ سَيْفِ هِيَ الَّتِي تَكُونُ عَلَى رَأْسِ قَائِمِ السَّيْفِ وَقِيلَ هِيَ مَا تَحْتَ شَارِبَيِ السَّيْفِ [5374] نَعْلُ سَيْفِ هِيَ الْحَدِيدَةُ الَّتِي تَكُونُ فِي أَسْفَل القراب

كتاب آداب القضاة

(كتاب آدَاب الْقُضَاة) [5379] إِنَّ الْمُقْسِطِينَ جَمْعُ مُقْسِطٍ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَقْسَطَ أَيْ عَدَلَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ يَعْنِي مَجْلِسًا رَفِيعًا يَتَلَأْلَأُ نُورًا قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعَبَّرَ بِهِ عَنِ الْمَنْزِلَةِ الرَّفِيعَةِ الْمَحْمُودَةِ وَلِذَلِكَ قَالَ على يَمِين الرَّحْمَن قَالَ بن عَرَفَةَ يُقَالُ أَتَاهُ عَنْ يَمِينٍ إِذَا أَتَاهُ مِنَ الْجِهَةِ الْمَحْمُودَةِ وَقَدْ شَهِدَ الْعَقْلُ وَالنَّقْلُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنْ مُمَاثَلَةِ الْأَجْسَامِ وَالْجَوَارِحِ وَهَذَا الْحَدِيثُ وَنَحْوُهُ تَوَسُّعٌ وَاسْتِعَارَةٌ حَسْبَ عَادَاتِ مُخَاطَبَاتِهِمُ الْجَارِيَةِ عَلَى ذَلِكَ فَيُحْمَلُ الْيَمِينُ فِي هَذَا الحَدِيث على مَا قَالَه بن عَرَفَةَ أَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنِ الْمَنْزِلَةِ الشَّرِيفَةِ وَالدَّرَجَةِ المنيعة وَقَالَ بن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ هَذَا خَبَرٌ مِنْ أَلْفَاظِ التَّعَارُفِ فَأُطْلِقَ لَفْظُهُ عَلَى حَسَبِ مَا يَتَعَارَفُهُ النَّاسُ فِيمَا بَيْنَهُمْ لَا عَلَى

الْحَقِيقَةِ لِعَدَمِ وُقُوفِهِمْ عَلَى الْمُرَادِ مِنْهُ إِلَّا بِهَذَا الْخِطَابِ الْمَذْكُورِ وَمَا وَلُوا بِفَتْحِ الْوَاوِ وَضَمِّ اللَّامِ الْمُخَفَّفَةِ أَيْ كَانَتْ لَهُمْ عَلَيْهِ ولَايَة [5380] سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ إِضَافَةُ الظِّلِّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى إِضَافَةُ مِلْكٍ وَكُلُّ ظِلٍّ فَهُوَ لِلَّهِ وَمِلْكُهُ وَالْمُرَادُ هُنَا ظِلُّ الْعَرْشِ كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ مُبَيَّنًا وَالْمُرَادُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذَا قَامَ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَدَنَتْ مِنْهُمُ الشَّمْسُ وَلَا ظِلَّ هُنَاكَ لِشَيْءٍ إِلَّا لِلْعَرْشِ قُلْتُ وَهَذَا الْعَدَدُ لَا مَفْهُومَ لَهُ فَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ بِزِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ وَتَتَبَّعْتُهَا فَبَلَغَتْ سَبْعِينَ وَأَفْرَدْتُهَا فِي الْمُؤَلَّفِ بِالْأَسَانِيدِ ثُمَّ اخْتَصَرْتُهُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَقَدْ يُرَادُ بِهِ هُنَا ظِلُّ الْجَنَّةِ وَهُوَ نَعِيمُهَا وَالْكَوْنُ فِيهَا كَمَا قَالَ تَعَالَى وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظليلا قَالَ وَقَالَ بن دِينَارٍ الْمُرَادُ بِالظِّلِّ هُنَا الْكَرَامَةُ وَالْكَنَفُ وَالْكِنُّ مِنَ الْمَكَارِهِ فِي ذَلِكَ الْمَوْقِفِ قَالَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ ظِلَّ الشَّمْسِ قَالَ الْقَاضِي وَمَا قَالَهُ مَعْلُومٌ فِي اللِّسَانِ يُقَالُ فُلَانٌ فِي ظِلِّ فُلَانٍ أَيْ فِي كَنَفِهِ وَحِمَايَتِهِ قَالَ وَهَذَا أَوْلَى الْأَقْوَالِ وَتَكُونُ إِضَافَتُهُ إِلَى الْعَرْشِ لِأَنَّهُ مَكَانُ التَّقْرِيبِ وَالْكَرَامَةِ وَإِلَّا فَالشَّمْسُ وَسَائِرُ الْعَالَمِ تَحْتَ الْعَرْشِ وَفِي ظِلِّهِ إِمَامٌ عَادِلٌ قَالَ الْقَاضِي هُوَ كُلُّ مَنْ إِلَيْهِ نَظَرٌ

فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْوُلَاةِ وَالْحُكَّامِ وَبَدَأَ بِهِ لِكَثْرَةِ مَنَافِعِهِ وَعُمُومِ نَفْعِهِ وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ فِي خَلَاءٍ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمَدِّ الْمَكَانُ الْخَالِي وَرَجُلٌ كَانَ قَلْبُهُ مُعَلَّقًا فِي الْمَسْجِدِ قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ شَدِيدُ الْحُبِّ لَهُ أَوِ الْمُلَازَمَةِ لِلْجَمَاعَةِ فِيهِ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ دَوَامَ الْقُعُودَ فِي الْمَسْجِدِ وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ هِيَ ذَاتُ الْحَسَبِ وَالنَّسَبِ الشَّرِيفِ وَجَمَالٍ إِلَى نَفْسِهَا قَالَ النَّوَوِيُّ أَيْ دَعَتْهُ إِلَى الزِّنَى بِهَا هَذَا هُوَ الصَّوَابُ فِي مَعْنَاهُ وَقِيلَ دَعَتْهُ لِنِكَاحِهَا فَخَافَ الْعَجْزَ عَنِ الْقِيَامِ بِحَقِّهَا أَوْ أَنَّ الْخَوْفَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى شَغَلَهُ عَنْ لَذَّاتِ الدُّنْيَا وَشَهَوَاتِهَا فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ يُحْتَمَلُ قَوْلُهُ ذَلِكَ بِاللِّسَانِ وَيُحْتَمَلُ قَوْلُهُ فِي قَلْبِهِ لِيَزْجُرَ نَفْسَهُ وَخَصَّ ذَاتَ الْمَنْصِبِ وَالْجَمَالِ لِكَثْرَةِ الرَّغْبَةِ فِيهَا وَعُسْرِ حُصُولِهَا وَهِيَ جَامِعَةٌ لِلْمَنْصِبِ وَالْجَمَالِ لَا سِيَّمَا وَهِيَ دَاعِيَةٌ إِلَى نَفْسِهَا طَالِبَةٌ لِذَلِكَ قَدْ أَغْنَتْ عَنْ مَشَاقِّ التَّوَصُّلِ إِلَى مُرَاوَدَةٍ وَنَحْوِهَا فَالصَّبْرُ عَنْهَا لِخَوْفِ اللَّهِ وَقَدْ دَعَتْهُ مِنْ أَكْمَلِ الْمَرَاتِبِ وَأَعْظَمِ الطَّاعَاتِ فَرَتَّبَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَنْ يُظِلَّهُ فِي ظِلِّهِ وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا صَنَعَتْ يَمِينُهُ قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ ذَكَرَ الْيَمين وَالشمَال

مُبَالَغَةً فِي الْإِخْفَاءِ وَالِاسْتِتَارِ بِالصَّدَقَةِ وَضَرَبَ الْمَثَلَ بِهِمَا لِقُرْبِ الْيَمِينِ مِنَ الشِّمَالِ وَمُلَازَمَتِهَا لَهَا وَمَعْنَاهُ لَوْ قُدِّرَتِ الشِّمَالُ رَجُلًا مُتَيَقِّظًا لَمَا عَلِمَ صَدَقَةَ الْيَمِينِ لِمُبَالَغَتِهِ فِي الْإِخْفَاءِ وَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْمُرَادَ مَنْ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ مِنَ النَّاسِ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ [5381] إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ وَإِذَا اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ فِي حَاكِمٍ عَالِمٍ أَهْلٍ لِلْحُكْمِ فَإِنْ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ أَجْرٌ بِاجْتِهَادِهِ وَأَجْرٌ بِإِصَابَتِهِ وَإِنْ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ بِاجْتِهَادِهِ وَفِي الْحَدِيثِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ إِذَا أَرَادَ الْحُكْمَ فَاجْتَهَدَ قَالُوا وَأَمَّا مَنْ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلْحُكْمِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ الْحُكْمُ فَإِنْ حَكَمَ فَلَا أَجْرَ لَهُ بَلْ هُوَ آثِمٌ وَلَا يُنَفَّذُ حُكْمُهُ سَوَاءٌ وَافق الحكم أَو لَا

[5401] إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ الْحَدِيثَ قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ التَّنْبِيهُ عَلَى حَالَةِ الْبَشَرِيَّةِ وَأَنَّ الْبَشَرَ لَا يَعْلَمُونَ مِنَ الْغَيْبِ وَبَوَاطِنِ الْأُمُورِ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يُطْلِعَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَأَنَّهُ يَجُوزُ

عَلَيْهِ فِي أُمُورِ الْأَحْكَامِ مَا يَجُوزُ عَلَى غَيْرِهِ إِنَّمَا يَحْكُمُ بَيْنَ النَّاسِ بِالظَّاهِرِ وَاَللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ فَيَحْكُمُ بِالْبَيِّنَةِ وَبِالْيَمِينِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِ الظَّاهِرِ مَعَ إِمْكَانِ كَوْنِهِ فِي الْبَاطِنِ خِلَافَ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ إِنَّمَا كُلِّفَ الْحُكْمَ بِالظَّاهِرِ وَهَذَا نَحْوُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ وَفِي حَدِيثِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ لَوْلَا الْأَيمَانُ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَطْلَعَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَاطِنِ أَمْرِ الْخَصْمَيْنِ فَحَكَمَ بِيَقِينِ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَى شَهَادَةٍ أَوْ يَمِينٍ لَكِنْ لَمَّا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى أُمَّتَهُ بِاتِّبَاعِهِ وَالِاقْتِدَاءِ بِأَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وَأَحْكَامِهِ أَجْرَى أَحْكَامَهُ عَلَى الظَّاهِرِ الَّذِي يَسْتَوِي فِيهِ هُوَ وَغَيْرُهُ لِيَصِحَّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَتَطِيبَ نُفُوسُ الْعِبَادِ بِالِانْقِيَادِ لِلْأَحْكَامِ الظَّاهِرَةِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إِلَى الْبَاطِنِ قَالَ فَإِنْ قِيلَ هَذَا الْحَدِيثُ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَقَعُ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُكْمٌ فِي الظَّاهِرِ يُخَالِفُ مَا فِي الْبَاطِنِ وَقَدِ اتَّفَقَ الْأُصُولِيُّونَ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُقَرُّ عَلَى خَطَأٍ فِي الْأَحْكَامِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْحَدِيثِ وَقَاعِدَةِ الْأُصُولِيِّينَ لِأَنَّ مُرَادَ الْأُصُولِيِّينَ فِيمَا حَكَمَ بِهِ بِاجْتِهَادِهِ فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ خَطَأٌ وَأَمَّا الْحَدِيثُ فَمَعْنَاهُ إِذَا حَكَمَ بِغَيْرِ الِاجْتِهَادِ كَالْبَيِّنَةِ وَالْيَمِينِ فَهَذَا إِذَا وَقَعَ مِنْهُ مَا يُخَالِفُ ظَاهِرُهُ بَاطِنَهُ لَا يُسَمَّى الْحُكْمُ خَطَأً بَلِ الْحُكْمُ صَحِيحٌ بِنَاءً عَلَى مَا اسْتَقَرَّ بِهِ التَّكْلِيفُ وَهُوَ وُجُوبُ الْعَمَلِ بِشَاهِدَيْنِ مَثَلًا فَإِنْ كَانَا شَاهِدَيْ زُورٍ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَالتَّقْصِيرُ مِنْهُمَا وَمَنْ سَاعَدَهُمَا وَأَمَّا الْحُكْمُ فَلَا حِيلَةَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَلَا عَيْبَ عَلَيْهِ بِسَبَبِهِ بِخِلَافِ مَا إِذَا أَخْطَأَ فِي الِاجْتِهَادِ فَإِنَّ هَذَا الَّذِي حَكَمَ بِهِ لَيْسَ هُوَ حُكْمَ الشَّرْعِ وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ قَوْلُهُ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ فِي حَقِّ أَخِيهِ بِشَيْءٍ قَضِيَّةً شَرْطِيَّةً لَا يُسْتَدْعَى وُجُودُهَا بَلْ مَعْنَاهَا بَيَانُ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ قَالَ وَلَمْ يَثْبُتْ لَنَا قَطُّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَكَمَ بِحُكْمٍ ثُمَّ بَانَ خِلَافُهُ لَا بِسَبَبِ تَبَيُّنِ حُجَّةٍ وَلَا بِغَيْرِهَا وَقَدْ صَانَ

اللَّهُ تَعَالَى أَحْكَامَ نَبِيِّهِ عَنْ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَحْذُورٌ [5402] بَيْنَمَا امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بِابْنِ إِحْدَاهُمَا الحديثُ قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ يُحْتَمَلُ أَنَّ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى لِشَبَهٍ رَآهُ فِيهَا أَوْ أَنَّهُ كَانَ فِي شَرِيعَتِهِ تَرْجِيحُ الْكُبْرَى أَوْ لِكَوْنِهِ كَانَ فِي يَدِهَا فَكَانَ ذَلِكَ مُرَجِّحًا فِي شَرْعِهِ وَأَمَّا سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَتَوَصَّلَ بِطَرِيقٍ مِنَ الْحِيلَةِ وَالْمُلَاطَفَةِ إِلَى مَعْرِفَةِ بَاطِنَةِ الْقَضِيَّةِ فَأَوْهَمَهَا أَنَّهُ يُرِيدُ قَطْعَهُ لِيَعْرِفَ مَنْ يَشُقُّ عَلَيْهَا قَطْعُهُ فَتَكُونَ هِيَ أُمَّهُ فَلَمَّا أَرَادَتِ الْكُبْرَى قَطْعَهُ عَرَفَ أَنَّهَا لَيْسَتْ أُمَّهُ فَلَمَّا قَالَتِ الصُّغْرَى مَا قَالَتْ عَرَفَ أَنَّهَا أُمُّهُ وَلَمْ يَكُنْ مُرَادُهُ أَنَّهُ يَقْطَعُهُ حَقِيقَةً وَإِنَّمَا أَرَادَ اخْتِبَارَ شَفَقَتِهَا لِيَتَمَيَّزَ لَهُ الْأُمُّ فَلَمَّا تَمَيَّزَتْ بِمَا ذُكِرَ عَرَفَهَا وَلَعَلَّهُ اسْتَقَرَّ الْكُبْرَى فَأَقَرَّتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِهِ لِلصُّغْرَى فَحَكَمَ بِالْإِقْرَارِ لَا بِمُجَرَّدِ الشَّفَقَةِ الْمَذْكُورَةِ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَمِثْلُ هَذَا يَفْعَلُهُ الْحَاكِمُ لِيَتَوَصَّلَ بِهِ إِلَى حَقِيقَةِ الصَّوَابِ بِحَيْثُ إِذَا انْفَرَدَ ذَلِكَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حكم

[5407] أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ أَنَّهُ خَاصَمَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا قَالَ الْحَافِظُ زَيْنُ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ لَمْ يَقَعْ تَسْمِيَتُهُ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ الْحَدِيثِ وَلَعَلَّهُمْ أَرَادُوا سِتْرَهُ لِمَا وَقَعَ مِنْهُ وَقَدْ سَمَّاهُ الْوَاحِدِيُّ فِي أَسْبَابِ النُّزُولِ فَقَالَ إِنَّهُ حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ وَكَذَلِكَ سَمَّاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ النَّقَّاشُ وَمَكِّيٌّ وَمَهْدَوِيٌّ وَهُوَ مَرْدُودٌ بِأَنَّ حَاطِبًا مُهَاجِرِيٌّ حَلِيفُ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى وَلَيْسَ مِنَ الْأَنْصَارِ قَالَ الْوَاحِدِيُّ وَقِيلَ إِنَّهُ ثَعْلَبَةُ بْنُ حَاطِبٍ فِي شِرَاجِ الْحَرَّةِ بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَآخِرُهُ جِيمٌ جَمْعُ

شَرْجَةٍ بِفَتْحِ الشِّينِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَهِيَ مَسَايِلُ الْمَاءِ بِالْحَرَّةِ وَهِيَ الْأَرْضُ ذَاتُ الْحِجَارَةِ السُّودِ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَرَاءٍ مَا يُرْفَعُ مِنْ جَوَانِبِ الشُّرُفَاتِ

فِي أصُول النّخل وَهِي كالحيطان لَهَا

[5410] إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ أَجِيرًا لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ أَيْ بِحُكْمِ اللَّهِ وَقِيلَ هُوَ إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى أَو يَجْعَل الله لَهُنَّ سَبِيلا وَفَسَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّبِيلَ بِالرَّجْمِ فِي حَقِّ الْمُحْصَنِ وَقِيلَ هُوَ إِشَارَةٌ إِلَى آيَةِ الشَّيْخِ وَالشَّيْخَةِ

[5411] فَرَدٌّ عَلَيْكَ أَيْ مَرْدُودَةٌ اغْدُ يَا أُنَيْسُ هُوَ بن الضَّحَّاك الْأَسْلَمِيّ وَقَالَ بن عبد الْبر هُوَ بن مَرْثَدٍ قَالَ النَّوَوِيُّ وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا مَحْمُولٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ عَلَى إِعْلَامِ الْمَرْأَةِ بِأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَذَفَهَا بِابْنِهِ فَيُعَرِّفَهَا بِأَنَّ لَهَا عِنْدَهُ حَدَّ الْقَذْفِ فَتُطَالِبَ بِهِ أَو تَعْفُو عَنهُ الا أَن تعترف بالزنى فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهَا حد الزِّنَى قَالَ وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا التَّأْوِيلِ لِأَنَّ ظَاهره انه بعث لطلب إِقَامَة حد الزِّنَى وَهَذَا غير مُرَاد لِأَن حد الزِّنَى لَا يُحْتَاطُ لَهُ بِالتَّحَسُّسِ وَالتَّنْقِيرِ عَنْهُ بَلْ لَوْ أَقَرَّ بِهِ الزَّانِي اُسْتُحِبَّ أَنْ يُلَقَّنَ الرُّجُوع فَحِينَئِذٍ يتَعَيَّن التَّأْوِيل الَّذِي ذَكرْنَاهُ بِإِثْكَالٍ بِهَمْزَةٍ مَكْسُورَةٍ وَمُثَلَّثَةٍ سَاكِنَةٍ وَكَافٍ وَآخِرُهُ لَام

[5414] عبد الله بن أبي حَدْرَد بمهملات [5423] الْأَلَدُّ الْخَصِمُ أَيِ الشَّدِيدُ الْخُصُومَةِ وَاللَّدَدُ الْخُصُومَةُ الشَّدِيدَة

[5426] عَلَى حَلْقَةٍ بِسُكُونِ اللَّامِ آللَّهُ مَا أَجْلَسَكُمْ بِهَمْزَةٍ مَمْدُودَةٍ هُوَ عِوَضٌ مِنْ بَاءِ الْقَسَمِ تُهْمَةً بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الْهَاءِ وَسُكُونِهَا فُعْلَةٌ مِنَ الْوَهْمِ وَالتَّاءُ بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ [5427] رَأَى عِيسَى بن مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَجُلًا يَسْرِقُ فَقَالَ لَهُ أَسَرَقْتَ قَالَ لَا وَاَللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ آمَنْتُ بِاَللَّهِ وَكَذَّبْتُ بَصَرِي فِي رِوَايَةٍ صَدَقَ اللَّهُ وَكَذَبَتْ عَيْنَيَّ قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذَا مُشْكِلٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْعَيْنَ لَا تَكْذِبُ وَإِنَّمَا يَكْذِبُ الْقَلْبُ بِظَنِّهِ وَاَلَّذِي يُطَابِقُ صَدَقْتَ أَيُّهَا الرَّجُلُ فَإِنَّهُ لَمْ يَمْضِ لِلَّهِ فِي الْوَاقِعَةِ خَبَرٌ وَلَا ذِكْرٌ فَكَيْفَ يُصَدَّقُ قَالَ وَالْجَوَابُ أَنَّ إِضَافَةَ الْكَذِبِ إِلَى الْعَيْنِ إِضَافَةُ الْفِعْلِ إِلَى سَبَبِهِ لِأَنَّهَا سَبَبٌ لِاعْتِقَادِ الْقَلْبِ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَدَقَ اللَّهُ فَإِشَارَةٌ إِلَى إِخْبَارِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِأَنَّهُ حَكَمَ فِي الظَّاهِرِ بِمَا ظَهَرَ وَفِي الْبَاطِنِ بِمَا

كتاب اللاستعاذة

يَظُنُّهُ وَأَنَّ الظَّاهِرَ إِذَا تَبَيَّنَ خِلَافُهُ تُرِكَ (كتاب اللاستعاذة) قَالَ القَاضِي عِيَاض استعاذته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من هَذِه الْأُمُور الَّتِي قد عصم مِنْهَا إِنَّمَا هُوَ ليلتزم

خوف الله تَعَالَى واعظامه والافتقار إِلَيْهِ ولتقتدي بِهِ الْأمة وليبين لَهُم صفة الدُّعَاء والمهم مِنْهُ

[5443] كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنَ الْجُبْنِ هُوَ ضِدُّ الشُّجَاعَةِ وفتنة الصَّدْر قَالَ بن الْجَوْزِيّ هُوَ أَن يَمُوت غير تائب شُتَيْرَ بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقَ بن شَكَلٍ بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْكَافِ وَيُقَالُ بِإِسْكَانِ الْكَاف أَيْضا [5445] أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ أَيْ آخِرُهُ فِي حَالَةِ الْكِبَرِ وَالْعَجْزِ وَالْخَوْفِ وَالْأَرْذَلُ مِنْ كل شَيْء الرَّدِيء مِنْهُ اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْهم والحزن قَالَ الْخَطَّابِيُّ أَكْثَرُ النَّاسِ لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ إِلَّا أَنَّ الْحَزَنَ إِنَّمَا يَكُونُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ وَقَعَ وَالْهَمُّ فِيمَا يُتَوَقَّعُ وَالْعَجْزِ هُوَ ضِدُّ الْقُدْرَةِ وَالْكَسَلِ هُوَ التَّثَاقُلُ عَن الْأَمر ضد الجلادة وَالْبخل هُوَ ضد الْكَرم

[5453] وَضَلَعِ الدَّيْنِ بِفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ أَيْ ثِقَلُهُ وَشِدَّتُهُ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ هُوَ الْهَرَجُ وَالْمَرَجُ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ هُوَ تَسَلُّطُ الرِّجَالِ وَاسْتِيلَاؤُهُمْ هَرَجًا وَمَرَجًا وَذَلِكَ بِغَلَبَةِ الْعَوَامِّ قَالَ وَهَذَا الدُّعَاءُ مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ أَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أَزِلَّ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الزَّايِ مِنَ الزَّلَلِ وَرُوِيَ بِالذَّالِ مِنَ الذُّلِّ أَوْ أَضِلَّ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الضَّادِ وَفِي رِوَايَةٍ أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَزِلَّ أَوْ أَضِلَّ أَوْ أُضَلَّ الْأَوَّلُ فِيهِمَا مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ وَالثَّانِي لِلْمَفْعُولِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ بِقَوْلِهِ بَعْدَهُ أَوْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ أَوْ أَجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ فَإِنَّ الْأَوَّلَ فِيهِمَا مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ وَالثَّانِي لِلْمَفْعُولِ وَيُقَدَّرُ فِي أَجْهَلَ عَلَى أَحَدٍ يُوَازِنُ قَوْلَهُ فِي الثَّانِي عَلَيَّ وَالْمُرَادُ بِالْجَهْلِ 7 كَذَا

[5491] مِنْ دَرَكِ الشَّقَاءِ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْمُعْجَمَةِ وَالْمَدِّ أَيْ لَحَاقُهُ وَالْمُرَادُ بِهِ سُوءُ الْخَاتِمَةِ نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْهُ وَشَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ هُوَ الْحُزْنُ بِفَرَحِ عَدُوِّهِ بِمَا يُحْزِنُهُ وَسُوءِ الْقَضَاءِ

قَالَ الْكرْمَانِي هُوَ بِمَعْنى الْمقْضِي إِذا حُكْمُ اللَّهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ حُكْمُهُ كُلُّهُ حَسَنٌ لَا سُوءَ فِيهِ قَالُوا فِي تَعْرِيفِ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ الْقَضَاءُ هُوَ الْحُكْمُ بِالْكُلِّيَّاتِ عَلَى سَبِيلِ الْإِجْمَالِ فِي الْأَزَلِ وَالْقَدَرُ هُوَ الْحُكْمُ بِوُقُوعِ الْجُزْئِيَّاتِ الَّتِي لِتِلْكَ الْكُلِّيَّاتِ عَلَى سَبِيلِ التَّفْصِيلِ فِي الْإِنْزَالِ قَالَ تَعَالَى وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقدر مَعْلُوم وَجَهْدِ الْبَلَاءِ بِفَتْحِ الْجِيمِ هِيَ الْحَالَةُ

الَّتِي يخْتَار عَلَيْهِ الْمَوْتَ وَقِيلَ هُوَ قِلَّةُ الْمَالِ وَكَثْرَةُ الْعِيَالِ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ إِنَّمَا دَعَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ تَعْلِيمًا لِأُمَّتِهِ وَهَذِهِ كَلِمَةٌ جَامِعَةٌ لِأَنَّ الْمَكْرُوهَ إِمَّا أَنْ يُلَاحَظَ مِنْ جِهَةِ الْمَبْدَأِ وَهُوَ سُوءُ الْقَضَاءِ أَوْ مِنْ جِهَةِ الْمَعَادِ وَهُوَ دَرَكُ الشَّقَاءِ أَوْ مِنْ جِهَةِ الْمَعَاشِ وَذَلِكَ إِمَّا مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ وَهُوَ شَمَاتَةُ الْأَعْدَاءِ أَوْ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهِ وَهُوَ جهد الْبلَاء نَعُوذ بِاللَّه من ذَلِك [5494] نزلت المعوذتان بِكَسْر الْوَاو

مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَمُثَلَّثَةٍ وَمَدٍّ أَيْ مَشَقَّتِهِ وَشِدَّتِهِ وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْمَدِّ وَهِيَ تَغَيُّرُ النَّفْسِ من حزن وَنَحْوه والمنقلب بِفَتْحِ اللَّامِ الْمَرْجِعُ وَالْحَوَرِ بَعْدَ

الْكَوْرِ رُوِيَ بِالنُّونِ وَبِالرَّاءِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَكِلَاهُمَا لَهُ وَجْهٌ قَالَ وَيُقَالُ الرُّجُوعُ مِنَ الْإِيمَانِ إِلَى الْكُفْرِ وَمِنَ الطَّاعَةِ إِلَى الْمَعْصِيَةِ وَمَعْنَاهُ الرُّجُوعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَى شَيْءٍ مِنَ الشَّرِّ هَذَا كَلَامُ التِّرْمِذِيِّ وَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ مَعْنَاهُ بِالرَّاءِ وَالنُّونِ جَمِيعًا الرُّجُوعُ مِنَ الِاسْتِقَامَةِ وَالزِّيَادَةِ إِلَى النُّقْصَانِ قَالُوا وَرِوَايَةُ الرَّاءِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ تَكْوِيرِ الْعِمَامَةِ وَهِيَ لَفُّهَا وَجَمْعُهَا وَرِوَايَةُ النُّونِ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْكَوْنِ مَصْدَرِ كَانَ يكون كونا إِذا وجد وَاسْتقر وَدَعْوَةِ الْمَظْلُومِ قَالَ النَّوَوِيُّ أَعُوذُ بِكَ مِنَ الظُّلْمِ فَإِنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ دُعَاءُ الْمَظْلُومِ وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ وَسُوءِ المنظر بالظاء أَي المرأى

[5522] عَنْ بُشَيْرِ بْنِ كَعْبٍ بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ إِنَّ سَيِّدَ الِاسْتِغْفَارِ فِي رِوَايَةٍ أَفْضَلَ الِاسْتِغْفَارِ أَيِ الْأَكْثَرُ ثَوَابًا لِلْمُسْتَغْفِرِ بِهِ مِنَ الْمُسْتَغْفِرِ بِغَيْرِهِ اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ قَالَ الْخَطَّابِيُّ أَيْ أَنَا عَلَى مَا عَاهَدْتُكُ عَلَيْهِ وَوَعَدْتُكَ مِنَ الْإِيمَان وإخلاص الطَّاعَة لَك وَيحْتَمل يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنِّي مُقِيمٌ عَلَى مَا عَاهَدْتَ إِلَيَّ مِنْ أَمْرِكَ وَأَنَّكَ مُنْجِزٌ وَعْدَكَ فِي الْمَثُوبَةِ بِالْأَجْرِ وَاشْتِرَاطُهُ الِاسْتِطَاعَةَ فِي ذَلِكَ مَعْنَاهُ الِاعْتِرَافُ بِالْعَجْزِ وَالْقُصُورِ عَنْ كُنْهِ الْوَاجِبِ مِنْ حَقِّهِ تَعَالَى أَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي قَالَ الْخَطَّابِيُّ يُرِيد الإعتراف

بِهِ وَيُقَالُ بَاءَ فُلَانٌ بِذَنْبِهِ إِذَا احْتَمَلَهُ كُرْهًا لَا يَسْتَطِيعُ دَفْعَهُ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنْ قَالَهَا حِينَ يُصْبِحُ مُوقِنًا بِهَا فَمَاتَ دَخَلَ الْجَنَّةَ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ فَإِنْ قُلْتَ الْمُؤْمِنُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْهَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قُلْتُ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَدْخُلُهَا ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ دُخُولِ النَّارِ وَلِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمُؤْمِنَ بِحَقِيقَتِهَا الْمُؤْمِنَ بِمَضْمُونِهَا لَا يَعْصِي اللَّهَ تَعَالَى أَوْ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَعْفُو عَنْهُ بِبَرَكَةِ هَذَا الِاسْتِغْفَارِ فَإِنْ قُلْتَ فَمَا الْحِكْمَةُ فِي كَوْنِهِ أَفْضَلَ الِاسْتِغْفَارَاتِ قُلْتُ هَذَا وَأَمْثَالُهُ مِنَ التَّعَبُّدِيَّاتِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ لَكِنْ لَا شَكَّ أَنَّ فِيهِ ذِكْرَ اللَّهِ بِأَكْمَلِ الْأَوْصَافِ وَذِكْرَ نَفْسِهِ بِأَنْقَصِ الْحَالَاتِ وَهُوَ أَقْصَى غَايَةِ التَّضَرُّعِ وَنِهَايَةُ الِاسْتِكَانَةِ لِمَنْ لَا يَسْتَحِقُّهَا إِلَّا هُوَ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِمَا فِيهِ مِنَ الِاعْتِرَافِ بِوُجُودِ الصَّانِعِ وَتَوْحِيدِهِ الَّذِي هُوَ أَصْلُ الصِّفَاتِ الْعَدَمِيَّةِ الْمُسَمَّاةِ بِصِفَاتِ الْجَلَالِ وَالِاعْتِرَافِ بِالصِّفَاتِ السَّبْعَةِ الَّتِي هِيَ الصِّفَاتُ الْوُجُودِيَّةُ الْمُسَمَّاةُ بِصِفَاتِ الْإِكْرَامِ وَهِيَ الْقُدْرَةُ اللَّازِمَةُ مِنَ الْخَلْقِ الْمَلْزُومَةُ لِلْإِرَادَةِ وَالْعِلْمِ وَالْحَيَاةِ وَالْخَامِسَةُ الْكَلَامُ اللَّازِمُ مِنَ الْوَعْدِ وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ اللَّازِمَانِ مِنَ الْمَغْفِرَةِ إِذِ الْمَغْفِرَةُ لِلْمَسْمُوعِ وَلِلْمُبْصِرِ لَا يُتَصَوَّرُ إِلَّا بَعْدَ السَّمَاعِ وَالْإِبْصَارِ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِمَا فِيهِ أَيْضا من

الِاعْتِرَافِ بِالْعُبُودِيَّةِ وَبِالذُّنُوبِ فِي مُقَابَلَةِ النِّعْمَةِ الَّتِي تَقْتَضِي نقيضها وَهُوَ الشُّكْر [5531] وَأَعُوذ بك أَن يتخبطني الشَّيْطَان عِنْد الْمَوْت قَالَ الْخَطَّابِيُّ هُوَ أَنْ يَسْتَوْلِيَ عَلَيْهِ عِنْدَ مُفَارَقَةِ الدُّنْيَا فَيُضِلَّهُ وَيَحُولَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ أَوْ يَعُوقَهُ عَنْ إِصْلَاحِ شَأْنِهِ وَالْخُرُوجِ مِنْ مَظْلَمَةٍ تَكُونُ قِبَلَهُ أَوْ يُؤَيِّسَهُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ أَوْ يُكَرِّهَ لَهُ الْمَوْتَ وَيُؤْسِفَهُ عَلَى حَيَاةِ الدُّنْيَا فَلَا يَرْضَى بِمَا قَضَاهُ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ الْفِنَاءِ وَالنُّقْلَةِ إِلَى الدَّارِ الْآخِرَةِ فَيُخْتَمَ لَهُ بِالسُّوءِ وَيَلْقَى اللَّهَ وَهُوَ سَاخِطٌ عَلَيْهِ

كتاب الأشربة

(كتاب الْأَشْرِبَة) [5541] مِنْ فَضِيخٍ وَهُوَ شَرَابٌ مُتَّخَذٌ مِنَ الْبُسْرِ المفضوخ أَي المشدوخ

[5551] لَا تَجْمَعُوا بَيْنَ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَلَا بَيْنَ الزَّهْوِ وَالرُّطَبِ قَالَ الْعُلَمَاءُ سَبَبُ الْكَرَاهَةِ فِيهِ أَنَّ الْإِسْكَارَ يُسْرِعُ إِلَيْهِ بِسَبَبِ الْخَلْطِ قَبْلَ أَنْ يَتَغَيَّرَ طَعْمُهُ فَيَظُنُّ الشَّارِبُ أَنَّهُ لَيْسَ مُسْكِرًا وَيَكُونُ مُسْكِرًا وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ نَهْيُ تَنْزِيهٍ وَالزَّهْوُ بِفَتْحِ الزَّايِ وَضَمِّهَا الْبُسْرُ الْمُلَوَّنُ الَّذِي بَدَا فِيهِ حُمْرَةٌ أَوْ صُفْرَةٌ وَطَابَ

[5567] الَّتِي يُلَاثُ عَلَى أَفْوَاهِهَا بِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ يُشَدُّ ويربط

[5606] سَبَقَ مُحَمَّدٌ الْبَاذَقُ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ الْخَمْرُ تَعْرِيبُ بَادِه وَهُوَ اسْمُ الْخَمْرِ بِالْفَارِسِيَّةِ أَيْ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَانِهِ أَوْ سَبَقَ قَوْلُهُ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ من جنسه يُنَشُّ أَيْ تُغْلَى يُقَالُ نُشَّتِ الْخَمْرُ نَشِيشًا فِي تور بِالْمُثَنَّاةِ إِنَاء كالإجانة وَالْمَزَادَةِ الْمَجْبُوبَةِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ بِالْجِيمِ وَالْبَاءِ الْمُكَرَّرَةِ وَهِيَ الَّتِي قُطِعَ رَأْسُهَا فَصَارَتْ كَهَيْئَةِ الدَّنِّ وَقِيلَ الَّتِي لَيْسَ لَهَا عَزْلَاءُ مِنْ أَسْفَلهَا تنتفس الشَّرَابُ مِنْهَا فَيَصِيرُ شَرَابُهَا مُسْكِرًا وَلَا يُدْرَى بِهِ

[5668] وَإِنِ انْتَشَى قَالَ فِي النِّهَايَةِ الِانْتِشَاءُ أَوَّلُ السكر ومقدماته وَقيل هُوَ السكر نَفسه يُزَنُّ أَيْ يُتَّهَمُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ فُسِّرَ فِي الْحَدِيثِ وَالْخَبَالُ فِي الْأَصْلِ الْفَسَادُ وَيَكُونُ فِي الْأَفْعَال والأبدان والعقول

5613

[5711] دع مَا يريبك إِلَى مَالا يَرِيبُكَ قَالَ فِي النِّهَايَةِ يُرْوَى بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّهَا أَيْ دَعْ مَا يُشَكُّ فِيهِ إِلَى مَالا يشك فِيهِ وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم

§1/1