حاشية السندي على سنن ابن ماجه

السندي، محمد بن عبد الهادي

[كتاب المقدمة]

[كِتَاب الْمُقَدِّمَةِ] [بَاب اتِّبَاعِ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] بسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَاب الْمُقَدِّمَةِ بَاب اتِّبَاعِ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 1 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بَابُ اتِّبَاعِ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ الْأَرْبَعَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ وَهِيَ الْكِتَابُ) يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالسُّنَّةِ مَا هُوَ أَحَدُ الْأَدِلَّةِ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ وَالْقِيَاسُ وَالسُّنَّةُ بِهَذَا الْمَعْنَى تَشْمَلُ قَوْلَهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ الْأَدِلَّةُ الَّتِي تَثْبُتُ بِهَا الْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ وَيَجِبُ عَلَى النَّاسِ اتِّبَاعُهَا وَاتِّبَاعُ السُّنَّةِ بِهَذَا الْمَعْنَى هُوَ الْأَخْذُ بِمُقْتَضَاهَا فِي تَمَامِ الْأَحْكَامِ الدِّينِيَّةِ مِنَ الْإِبَاحَةِ وَالْوُجُوبِ وَالْحُرْمَةِ وَالنَّدْبِ وَالْكَرَاهَةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالسُّنَّةِ الطَّرِيقَةَ الْمَسْلُوكَةَ لَهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَوْ بِالسُّنَّةِ، وَاتِّبَاعُ السُّنَّةِ بِهَذَا الْمَعْنَى هُوَ الْأَخْذُ بِهَا، وَالسُّنَّةُ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ مِنْ أَقْسَامِ الدَّلِيلِ وَبِالْمَعْنَى الثَّانِي هُوَ الْمَدْلُولُ، وَأَحَادِيثُ الْبَابِ تُنَاسِبُ الْمَعْنَيَيْنِ فِي الْجُمْلَةِ وَبَعْضُهَا أَنْسَبُ بِالْمَعْنَى الْأَخِيرِ كَالْحَدِيثِ الْآخَرِ فَإِنَّ قَوْلَهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ أَرْفَقُ بِتَمَامِ الدِّينِ الْمَتِينِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ تَلَا قَوْلَهُ سُبْحَانَهُ جَلَّ شَأْنُهُ: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا} [الأنعام: 153] الْآيَةَ وَعَلَى الْمَعْنَيَيْنِ فَقَدْ أَحْسَنَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَجَادَ حَيْثُ بَدَأَ هَذَا الْكِتَابَ الْمَوْضُوعَ لِتَحْقِيقِ السُّنَنِ السُّنِّيَّةِ بِهَذَا الْبَابِ فَإِنَّ الْأَخْذَ بِهَا مَدَارُهُ عَلَى وُجُوبِ اتِّبَاعِ السُّنَّةِ السُّنِّيَّةِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُرَادُ بِالسُّنَّةِ مَا هُوَ أَحَدُ الْأَدِلَّةِ الْأَرْبَعَةِ أَوْ تَمَامُ الدِّينْ أَمَّا عَلَى الْأَوَّلِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي فَلِأَنَّ الدِّينَ سَوَاءٌ كَانَ ثَابِتًا بِالْكِتَابِ أَوْ بِالسُّنَّةِ يَحْتَاجُ طَالِبُهُ إِلَى السُّنَّةِ فَإِنَّ الْكِتَابَ بَيَانُهُ بِالسُّنَّةِ لِقَوْلِهِ: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44] وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَسْتَبِدَّ بِالْكِتَابِ عَنْهَا، وَلِذَلِكَ تَرَاهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَأْتِيهِ الْأَمْرُ مِنْ أَمْرِي مِمَّا أَمَرْتُ بِهِ أَوْ نَهَيْتُ

عَنْهُ فَيَقُولُ: لَا نَدْرِي مَا وَجَدْنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ اتَّبَعْنَاهُ وَيَقُولُ: أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهَ مَعَهُ أَلَا يُوشِكُ رَجُلٌ يَسْتَنِدُ عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ: عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْقُرْآنِ فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ» قَالَ الْفَاضِلُ الطِّيبِيُّ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ السَّابِقِ: وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ تَوْبِيخٌ وَتَقْرِيعٌ نَشَأَ مِنْ تَعْظِيمِ عَظِيمٍ عَلَى تَرْكِ السُّنَّةِ وَالْعَمَلِ بِالْحَدِيثِ اسْتِغْنَاءً عَنْهَا بِالْكِتَابِ هَذَا مَعَ الْكِتَابِ فَكَيْفَ بِمَنْ رَجَّحَ الرَّأْيَ عَلَى الْحَدِيثِ وَإِذَا سَمِعَ حَدِيثًا مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ قَالَ: لَا عَلَيَّ بِأَنْ أَعْمَلَ بِهَا فَإِنَّ لِي مَذْهَبًا أَتَّبِعُهُ انْتَهَى. وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ مِثْلَ هَذَا السِّبَابِ الْمُكَنَّى عَنْهُ لِلْأَغْبِيَاءِ وَالْجَهَلَةِ الَّذِينَ لَا يَصْلُحُونَ لِلِاجْتِهَادِ أَصْلًا وَقَطْعًا فَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ لَيْسَا فِي ذَمِّ الْمُجْتَهِدِ الَّذِي يَرُدُّ الْحَدِيثَ إِذَا صَحَّ عِنْدَهُ وَحَاشَا أَنْ يَكُونَ مُجْتَهِدٌ كَذَلِكَ بَلْ فِي ذَمِّ الْمُقَلِّدِ إِذَا خَالَفَ قَوْلُ إِمَامِهِ الْحَدِيثَ فَيَرُدُّهُ وَيَعْتَذِرُ لِإِمَامِهِ بِأَنَّهُ قَدِ اسْتَغْنَى بِالْكِتَابِ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّ اتِّبَاعَ السُّنَّةِ يَعُمُّ تَمَامَ الْأُمَّةِ وَلَا يَخْتَصُّ بِالْمُجْتَهِدِ عَنِ الْمُقَلِّدِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (مَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَخُذُوهُ إِلَى آخِرِهِ) هَذَا الْحَدِيثُ كَالتَّفْسِيرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7] وَمَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ شَرْطِيَّةٌ كَمَا ذَكَرَ السُّيُوطِيُّ هَذَا الِاحْتِمَالَ لِأَنَّ الشَّرْطِيَّةَ أَظْهَرُ مَعْنًى وَفِي الْمَوْصُولَةِ يَلْزَمُ وُقُوعُ الْجُمْلَةِ الْإِنْشَائِيَّةِ خَبَرًا وَهُوَ مِمَّا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إِلَّا بِتَأْوِيلٍ بِخِلَافِ الشَّرْطِيَّةِ فَإِنَّ الْمُحَقِّقِينَ عَلَى أَنَّ خَبَرَهَا جُمْلَةُ الشَّرْطِ لَا الْجَزَاءِ ثُمَّ قَوْلُهُ: مَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ يَعُمُّ أَمْرَ الْإِيجَابِ وَالنَّدْبِ وَقَوْلُهُ: فَخُذُوهُ أَيْ تَمَسَّكُوا بِهِ لِمُطْلَقِ الطَّلَبِ الشَّامِلِ لِلْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ فَيَنْطَبِقُ عَلَى الْقِسْمَيْنِ وَقِيلَ: هَذَا مَخْصُوصٌ بِأَمْرِ الْوُجُوبِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَمَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ يَعُمُّ نَهْيَ تَحْرِيمٍ وَتَنْزِيهٍ وَكَذَا الطَّلَبُ فِي قَوْلِهِ: فَانْتَهُوا يَعُمُّ الْقِسْمَيْنِ وَيَحْتَمِلُ الْخُصُوصَ بِنَهْيِ التَّحْرِيمِ، وَالْخِطَابُ وَإِنْ كَانَ لِلْحَاضِرِينَ وَضْعًا لَكِنَّ الْحُكْمَ يَعُمُّ الْمُغَيَّبِينِ اتِّفَاقًا وَفِي شُمُولِ الْخِطَابِ لَهُمْ قَوْلَانِ وَعَلَى التَّقْدِيرِ فَإِطْلَاقُهُ يَشْمَلُ الْمُجْتَهِدَ وَالْمُقَلِّدَ.

2 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَ أَنْبَأَنَا جَرِيرٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَخُذُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَانْتَهُوا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ذَرُونِي) أَيِ اتْرُكُونِي مِنَ السُّؤَالِ عَنِ الْقُيُودِ فِي الْمُطْلَقَاتِ قَوْلُهُ: (مَا تَرَكْتُكُمْ)

مَا مَصْدَرِيَّةٌ ظَرْفِيَّةٌ أَيْ مُدَّةَ مَا تَرَكْتُكُمْ عَنِ التَّكْلِيفِ بِالْقُيُودِ فِيهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ لَا تَطْلُبُوا مِنِّي الْعِلْمَ مَا دَامَ إِلَّا أَنْ أُبَيِّنَ لَكُمْ بِنَفْسِي وَيَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وُرُودُهُ لِمَنْ قَالَ: هَلِ الْحَجُّ كُلَّ عَامٍ فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ إِلَى آخِرِهِ يُرِيدُ أَنَّ الْأَمْرَ الْمُطْلَقَ لَا يَقْتَضِي دَوَامَ الْفِعْلِ وَإِنَّمَا يَقْتَضِي حُسْنَ الْمَأْمُورِ بِهِ وَأَنَّهُ طَاعَةٌ مَطْلُوبَةٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُ قَدْرَ طَاقَتِهِ وَأَمَّا النَّهْيُ فَيَقْتَضِي دَوَامَ التَّرْكِ.

3 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ أَطَاعَنِي) يُرِيدُ أَنَّهُ مُبَلِّغٌ عَنِ اللَّهِ فَمَنْ أَطَاعَهُ فِيمَا بَلَّغَ فَقَدْ أَطَاعَ الْآمِرَ الْحَقِيقِيَّ وَمِثْلُهُ الْمَعْصِيَةُ وَهَذَا مَضْمُونُ قَوْلِهِ تَعَالَى {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} [النساء: 80] لَكِنَّ سَوْقَ الْآيَةِ فِي نَسَقِ الْمَعْصِيَةِ لِإِفَادَةِ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الرَّسُولِ وَبَالُ مَعْصِيَتِهِ إِذْ لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا الْبَلَاغُ لَا الْحِفْظُ فَوَبَالُ الْمَعْصِيَةِ عَلَى ذَلِكَ الْعَاصِي.

4 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا لَمْ يَعْدُهُ وَلَمْ يُقَصِّرْ دُونَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَمْ يَعْدُهُ) بِسُكُونِ الْعَيْنِ أَيْ لَمْ يَتَجَاوَزْ بِالزِّيَادَةِ عَلَى قَدْرِ الْوَارِدِ فِي الْحَدِيثِ وَالْإِفْرَاطِ فِيهِ وَلَمْ يُقَصِّرْ فِي التَّقْصِيرِ دُونَهُ قَدَّرَ اللَّهُ قَبْلَ الْوُصُولِ إِلَيْهِ بِأَنْ لَا يَعْمَلَ بِذَلِكَ الْحَدِيثِ أَصْلًا أَوْ يَأْتِيَ بِأَقَلَّ مِنَ الْقَدْرِ الْوَارِدِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ كَانَ وَاقِفًا عِنْدَ الْحَدِّ الْوَارِدِ فِي الْحَدِيثِ وَلَمْ يَأْتِ بِإِفْرَاطٍ فِيهِ وَلَا تَفْرِيطٍ. وَهَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ بِشِدَّةِ اتِّبَاعِهِ الْحَدِيثَ مَعْرُوفًا وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ «أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَنِ التَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَقَالَ: حَلَالٌ فَقَالَ الشَّامِيُّ: إِنَّ أَبَاكَ قَدْ نَهَى عَنْهَا فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانْ أَبِي نَهَى عَنْهَا وَصَنَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْرُ أَبِي يُتَّبَعُ أَمْ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ الرَّجُلُ: بَلْ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ

تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: لَقَدْ صَنَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» - قَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ فَانْظُرْ إِلَى ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ كَيْفَ خَالَفَ أَبَاهُ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ أَبَاهُ قَدْ بَلَغَهُ الْحَدِيثُ وَأَنَّهُ لَا يُخَالِفُهُ إِلَّا بِدَلِيلٍ هُوَ أَقْوَى مِنْهُ عِنْدَهُ وَمَعَ ذَلِكَ أَفْتَى بِخِلَافِ قَوْلِ أَبِيهِ وَقَالَ: إِنَّ قَوْلَ أَبِيهِ لَا يَلِيقُ أَنْ يُؤْخَذَ بِهِ وَقَدْ عَمِلَ بِمِثْلِ هَذَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حِينَ بَلَغَهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي الطِّيبِ قُبَيْلَ الْإِحْرَامِ وَقَبْلَ الْإِفَاضَةِ تَرَكَ قَوْلَ أَبِيهِ وَجَدِّهِ وَقَالَ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَحَقُّ أَنْ تُتَّبَعَ وَغَالِبُ أَهْلِ الزَّمَانِ عَلَى خِلَافَاتِهِمْ إِذَا جَاءَهُمْ حَدِيثٌ يُخَالِفُ قَوْلَ إِمَامِهِمْ يَقُولُونَ: لَعَلَّ هَذَا الْحَدِيثَ قَدْ بَلَغَ الْإِمَامَ وَخَالَفَهُ بِمَا هُوَ أَقْوَى عِنْدَهُ مِنْهُ وَرَوَى ابْنُ عُمَرَ حَدِيثَ «لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ» فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَوْلَادِهِ نَحْنُ نَمْنَعُ، فَسَبَّهُ سَبًّا مَا سُمِعَ سَبٌّ مِثْلُهُ قَطُّ وَقَطَعَ الْكَلَامَ مَعَهُ إِلَى الْمَوْتِ وَلَهُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي مُرَاعَاةِ دَقَائِقِ السُّنَنْ أَحْوَالٌ مُدَوَّنَةٌ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ مَشْهُورَةٌ بَيْنَ أَهْلِهِ ذَكَرَ شَيْئًا مِنْهَا السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْكِتَابِ.

5 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ سُمَيْعٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَفْطَسُ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُرَشِيِّ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ «خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نَذْكُرُ الْفَقْرَ وَنَتَخَوَّفُهُ فَقَالَ أَلْفَقْرَ تَخَافُونَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُصَبَّنَّ عَلَيْكُمْ الدُّنْيَا صَبًّا حَتَّى لَا يُزِيغَ قَلْبَ أَحَدِكُمْ إِزَاغَةً إِلَّا هِيهْ وَايْمُ اللَّهِ لَقَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى مِثْلِ الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا وَنَهَارُهَا سَوَاءٌ» قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ صَدَقَ وَاللَّهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَكَنَا وَاللَّهِ عَلَى مِثْلِ الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا وَنَهَارُهَا سَوَاءٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَنَتَخَوَّفُهُ) أَيْ نُظْهِرُ الْخَوْفَ مِنْ لُحُوقِهِ بِنَا آلْفَقْرَ بِمَدِّ الْهَمْزَةِ عَلَى الِاسْتِفْهَامِ وَهُوَ مَفْعُولٌ مُقَدَّمٌ لِتُصِيبَّنَّ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَالنُّونِ الثَّقِيلَةِ قَوْلُهُ: (لَا يُزِيغُ) مِنَ الْإِزَاغَةِ بِمَعْنَى الْإِمَالَةِ عَنِ الْحَقِّ قَوْلُهُ: (قَلْبَ أَحَدِكُمْ) بِالنَّصْبِ مَفْعُولٌ بِهِ (إِلَّا هِيَهْ) هِيَ ضَمِيرُ الدُّنْيَا وَالْهَاءُ فِي آخِرِهِ لِلسَّكْتِ وَهُوَ فَاعِلُ يُزِيغُ قَوْلُهُ: (لَقَدْ تَرَكْتُكُمْ) أَيْ مَا فَارَقْتُكُمْ بِالْمَوْتِ فَصِيغَةُ الْمَاضِي بِمَعْنَى الِاسْتِقْبَالِ أَوْ قَدِ اجْتَهَدْتُ فِي إِصْلَاحِ حَالِكُمْ حَتَّى صِرْتُمْ عَلَى هَذَا الْحَالِ تَرَكْتُكُمْ عَلَيْهَا وَاشْتَغَلْتُ عَنْهَا بِأُمُورٍ أُخَرَ كَالْعِبَادَةِ فَصِيغَةُ الْمَاضِي عَلَى مَعْنَاهَا قَوْلُهُ: (عَلَى مِثْلِ الْبَيْضَاءِ) ظَاهِرُ السَّوْقِ أَنَّ هَذَا بَيَانٌ لِحَالِ الْقُلُوبِ لَا لِحَالَةِ الْمِلَّةِ وَالْمَعْنَى عَلَى قُلُوبٍ هِيَ مِثْلُ الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ لَيْلًا وَنَهَارًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لَفْظُ الْمِثْلِ مُقْحَمًا وَالْمَعْنَى عَلَى قُلُوبٍ بَيْضَاءَ نَقِيَّةٍ عَنِ الْمَيْلِ إِلَى الْبَاطِلِ لَا يُمِيلُهَا عَنِ الْإِقْبَالِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى السَّرَّاءُ وَالضَّرَّاءُ فَلْيُفْهَمْ ثُمَّ الْحَدِيثُ مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.

6 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي مَنْصُورِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ) الطَّائِفَةُ الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ وَالتَّنْكِيرُ لِلتَّقْلِيلِ أَوِ التَّعْظِيمِ لِعِظَمِ قَدْرِهِمْ وَوُفُورِ فَضْلِهِمْ وَيَحْتَمِلُ التَّكْثِيرُ أَيْضًا فَإِنَّهُمْ وَإِنْ قَلُّوا فَهُمُ الْكَثِيرُونَ فَإِنَّ الْوَاحِدَ لَا يُسَاوِيهِ الْأَلْفُ بَلْ هُمُ النَّاسُ كُلُّهُمْ قَوْلُهُ: (مَنْصُورِينَ) أَيْ بِالْحُجَجِ وَالْبَرَاهِينْ أَوْ بِالسُّيُوفِ وَالْأَسِنَّةِ فَعَلَى الْأَوَّلِ هُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ وَعَلَى الثَّانِي الْغُزَاةُ وَإِلَى الْأَوَّلِ مَالَ الْمُصَنِّفُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي هَذَا الْبَابِ فَإِنَّهُ الْمَنْقُولُ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلَ فِي هَذِهِ الطَّائِفَةِ إِنْ لَمْ يَكُونُوا هُمْ أَهْلُ الْحَدِيثِ فَلَا أَدْرِي مَنْ هُمْ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ قَالَ عِيَاضٌ: وَإِنَّمَا أَرَادَ أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَمَنْ يَعْتَقِدُ مَذْهَبَ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ: هُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ قَالَ السُّيُوطِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ أَيِ الْمُجْتَهِدُونَ لِأَنَّ الْمُقَلِّدَ لَا يُسَمَّى عَالِمًا وَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى اسْتِمْرَارِ الِاجْتِهَادِ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ أَوْ مَجِيءِ أَشْرَاطِهَا الْكُبْرَى انْتَهَى. قُلْتُ: كَأَنَّ السُّيُوطِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَصَدَ بِذَلِكَ التَّنْبِيهَ عَلَى صِحَّةِ دَعْوَاهُ فَإِنَّهُ رَحِمَهُ اللَّهُ كَانَ يَدَّعِي الِاجْتِهَادَ الْمُطْلَقَ وَأَهْلُ عَصْرِهِ أَنْكَرُوا لَكِنَّ كَثِيرًا مِمَّنْ جَاءَ بَعْدَهُ سَلَّمَ لَهُ بِذَلِكَ قَالَ النَّوَوِيُّ: يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الطَّائِفَةُ مُفَرَّقَةً فِي أَنْوَاعِ الْمُؤْمِنِينَ مِمَّنْ يَقُومُ لِلَّهِ مِنَ الْمُجَاهِدِينَ وَفَقِيهٍ وَمُحَدِّثٍ وَزَاهِدٍ وَآمِرٍ بِالْمَعْرُوفِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْخَيْرِ وَلَا يَجِبُ اجْتِمَاعُهُمْ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونُوا مُفْتَرِقِينَ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ قَوْلُهُ: (مَنْ خَذَلَهُمْ) أَيْ لَمْ يُعَاوِنْهُمْ وَلَمْ يَنْصُرْهُمْ مِنَ الْخَلْقِ فَإِنَّهُمْ مَنْصُورُونَ بِاللَّهِ لِمَا فِيهِمْ مِنَ الْخَيْرِ {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل: 128] أَيْ فَلَا يَضُرُّهُمْ عَدَمُ نَصْرِ الْغَيْرِ قَوْلُهُ: (حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ) أَيْ سَاعَةُ مَوْتِ الْمُؤْمِنِينَ بِمَجِيءِ الرِّيحِ الَّتِي تَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَهِيَ السَّاعَةُ فِي حَقِّ الْمُؤْمِنِينَ وَإِلَّا فَالسَّاعَةُ لَا تَقُومُ إِلَّا عَلَى شِرَارِ خَلْقِ اللَّهِ.

7 - حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَلْقَمَةَ نَصْرُ بْنُ عَلْقَمَةَ عَنْ عُمَيْرِ بْنِ الْأَسْوَدِ وَكَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي قَوَّامَةً عَلَى أَمْرِ اللَّهِ لَا يَضُرُّهَا مَنْ خَالَفَهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَوَّامَةً عَلَى أَمْرِ اللَّهِ) أَيْ بِأَمْرِهِ أَيْ بِشَرِيعَتِهِ وَدِينِهِ وَتَرْوِيجِ سُنَّةِ نَبِيِّهِ أَوْ بِالْجِهَادِ مَعَ الْكُفَّارِ.

8 - حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا الْجَرَّاحُ بْنُ مَلِيحٍ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ زُرْعَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عِنَبَةَ الْخَوْلَانِيَّ وَكَانَ قَدْ صَلَّى الْقِبْلَتَيْنِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يَزَالُ اللَّهُ يَغْرِسُ فِي هَذَا الدِّينِ غَرْسًا يَسْتَعْمِلُهُمْ فِي طَاعَتِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا زُرْعَةُ) قَالَ السُّيُوطِيُّ هُوَ خَوْلَانِيٌّ شَامِيٌّ

لَيْسَ لَهُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ بَقِيَّةِ السِّتَّةِ شَيْءٌ سَمِعْتُ أَبَا عِنَبَةَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ النُّونِ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَقِيلَ: عُمَارَةُ وَأَنْكَرَ قَوْمٌ صُحْبَتَهُ وَعَدُّوهُ فِي كِبَارِ التَّابِعِينَ وَقَالَ الْبَغَوِيُّ فِي مُعْجَمِهِ: كَانَ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاذٍ أَسْلَمَ وَالنَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ حَيٌّ قَوْلُهُ: (يَغْرِسُ) كَـ يَضْرِبُ أَوْ مِنْ أَغَرَسَ يُقَالُ: غَرَسَ الشَّجَرَ وَأَغْرَسَهُ إِذَا أَثْبَتَهُ فِي الْأَرْضِ وَالْمُرَادُ يُوجَدُ فِي أَهْلِ هَذِهِ الدِّينِ وَلِذَا يُسْتَعْمَلُ أَهْلُ الدِّينِ فِي طَاعَتِهِ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْمُجَدِّدُ لِلدِّينِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَعَمُّ فَيَشْمَلُ كُلَّ مَنْ يَدْعُو النَّاسَ إِلَى إِقَامَةِ دِينِ اللَّهِ وَطَاعَتِهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ - وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَغَرْسًا بِمَعْنَى مَغْرُوسًا

9 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ نَافِعٍ حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَامَ مُعَاوِيَةُ خَطِيبًا فَقَالَ أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا وَطَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاسِ لَا يُبَالُونَ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلَا مَنْ نَصَرَهُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ؟) أَيْ لِيُصَدِّقُونِي فِيمَا أَقُولُ قَوْلُهُ: (ظَاهِرُونَ) غَالِبُونَ.

10 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ عَنْ ثَوْبَانَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ مَنْصُورِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ»

11 - حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ قَالَ سَمِعْتُ مُجَالِدًا يَذْكُرُ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَطَّ خَطًّا وَخَطَّ خَطَّيْنِ عَنْ يَمِينِهِ وَخَطَّ خَطَّيْنِ عَنْ يَسَارِهِ ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ فِي الْخَطِّ الْأَوْسَطِ فَقَالَ هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: 153] » ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ) أَيْ مِثْلُ سَبِيلِهِ الْمُوَصِّلَةِ إِلَيْهِ الْمُقَرِّبَةِ السَّالِكِ فِيهَا الْمُرَادُ بِهَا الدِّينُ الْقَوِيمُ وَالصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ وَبِتِلَاوَةِ الْآيَةِ بَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ بَاقِيَ الْخُطُوطِ مَثَلٌ لِلسَّبِيلِ الْمُعَوِّقَةِ عَنْهُ وَالْمَطْلُوبُ بِالتَّمْثِيلِ تَوْضِيحُ حَالِ الدِّينِ وَحَالِ السَّالِكِ فِيهِ وَأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَدْنَى مَيْلٍ عَنْهُ فَإِنَّهُ بِأَدْنَى مَيْلٍ يَقَعُ فِي سَبِيلِ الضَّلَالِ لِقُرْبِهَا وَاشْتِبَاهِهَا وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب تعظيم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم والتغليظ على من عارضه]

[بَاب تَعْظِيمِ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّغْلِيظِ عَلَى مَنْ عَارَضَهُ] 12 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ جَابِرٍ عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ الْكِنْدِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يُوشِكُ الرَّجُلُ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يُحَدَّثُ بِحَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِي فَيَقُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَلَالٍ اسْتَحْلَلْنَاهُ وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ أَلَّا وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يُوشِكُ الرَّجُلُ) هُوَ مُضَارِعُ أَوْشَكَ قَالَ ابْنُ مَالِكٍ هُوَ أَحَدُ أَفْعَالِ الْمُقَارَبَةِ وَيَقْتَضِي اسْمًا مَرْفُوعًا وَخَبَرًا يَكُونُ فِعْلًا مُضَارِعًا مَقْرُونًا بِأَنَّ وَلَا أَعْلَمُ تَجَرُّدَهُ مِنْ أَنَّ إِلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَفِي بَعْضِ الْأَشْعَارِ قَالَ السُّيُوطِيُّ قُلْتُ: قَدْ رَوَاهُ الْحَاكِمُ بِلَفْظِ يُوشِكُ أَنْ يَقْعُدَ الرَّجُلُ عَلَى أَرِيكَتِهِ يُحَدَّثُ إِلَخْ أَرَادَ السُّيُوطِيُّ أَنَّ لَفْظَ الْحَدِيثِ قَدْ غَيَّرَهُ الرُّوَاةُ وَإِلَّا فَأَنْ مَوْجُودَةٌ فِيهِ فِي الْأَصْلِ كَمَا فِي رِوَايَةِ الْحَاكِمِ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ أَيْ جَالِسًا عَلَى سَرِيرِهِ الْمُزَيَّنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ يُحَدَّثُ الرَّاجِعِ إِلَى الرَّجُلِ وَهُوَ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَجَعْلُهُ حَالًا مِنَ الرَّجُلِ بَعِيدٌ مَعْنًى وَهَذَا بَيَانٌ لِبَلَادَتِهِ وَسُوءِ فَهْمِهِ أَيْ حَمَاقَتِهِ وَسُوءِ أَدَبِهِ كَمَا هُوَ دَأْبُ الْمُتَنَعِّمِينَ الْمَغْرُورِينَ بِالْمَالِ وَالْجَاهِ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ أَرَادَ بِهِ أَصْحَابَ التَّرَفُّهِ وَالدَّعَةِ الَّذِينَ لَزِمُوا الْبُيُوتَ وَلَمْ يَطْلُبُوا الْحَدِيثَ بِالْأَسْفَارِ مِنْ أَهْلِهِ فَيَقُولُ أَيْ فِي رَدِّ ذَلِكَ الْحَدِيثِ حَيْثُ لَا يُوَافِقُ هَوَاهُ أَوْ مَذْهَبَ إِمَامِهِ الَّذِي قَلَّدَهُ قَوْلُهُ: (اسْتَحْلَلْنَاهُ) اتَّخَذْنَاهُ حَلَالًا أَيْ وَهَذَا الْحَدِيثُ زَائِدٌ عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ فَلَا نَأْخُذُ بِهِ قَوْلُهُ: (أَلَا وَإِنَّ مَا حَرَّمَ إِلَخْ) أَلَا حَرْفُ تَنْبِيهٍ وَإِنَّ مَا حَرَّمَ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ أَلَا إِنَّ مَا فِي الْقُرْآنِ حَقٌّ وَإِنَّ مَا حَرَّمَ إِلَخْ مِثْلُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ أَيْ عَطْفٌ فِي الْقُرْآنِ وَإِلَّا فَمَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ هُوَ عَيْنُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَإِنَّ التَّحْرِيمَ يُضَافُ إِلَى الرَّسُولِ بِاعْتِبَارِ التَّبْلِيغِ وَإِلَّا هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ لِلَّهِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ مِثْلُهُ فِي وُجُوبِ الطَّاعَةِ وَلُزُومِ الْعَمَلِ بِهِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ يُحَذِّرُ بِذَلِكَ مُخَالَفَةَ السُّنَنِ الَّتِي سَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مِمَّا لَيْسَ لَهُ فِي الْقُرْآنِ ذِكْرٌ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْخَوَارِجُ وَالرَّوَافِضُ فَإِنَّهُمْ تَعَلَّقُوا بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ وَتَرَكُوا الَّتِي قَدْ ضُمِّنَتْ بَيَانَ الْكِتَابِ فَتَحَيَّرُوا وَضَلُّوا قَالَ وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا حَاجَةَ بِالْحَدِيثِ أَنْ يُعْرَضَ عَلَى الْكِتَابِ وَأَنَّهُ مَهْمَا ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ كَانَ حُجَّةً بِنَفْسِهِ قُلْتُ: كَأَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْعَرْضَ لِقَصْدِ رَدِّ الْحَدِيثِ بِمُجَرَّدِ

أَنَّهُ ذُكِرَ فِيهِ مَا لَيْسَ فِي الْكِتَابِ وَإِلَّا فَالْعَرْضُ لِقَصْدِ الْفَهْمِ وَالْجَمْعِ وَالتَّثَبُّتِ لَازِمٌ ثُمَّ قَالَ: وَحَدِيثُ «إِذَا جَاءَكُمْ حَدِيثٌ فَاعْرِضُوهُ عَلَى الْقُرْآنِ كِتَابِ اللَّهِ فَإِنْ وَافَقَهُ فَخُذُوهُ» حَدِيثٌ بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ وَرُوِيَ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ وَضَعَهُ الزَّنَادِقَةُ.

13 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ فِي بَيْتِهِ أَنَا سَأَلْتُهُ عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ ثُمَّ مَرَّ فِي الْحَدِيثِ قَالَ أَوْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَأْتِيهِ الْأَمْرُ مِمَّا أَمَرْتُ بِهِ أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ فَيَقُولُ لَا أَدْرِي مَا وَجَدْنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ اتَّبَعْنَاهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا أُلْفِيَنَّ) صِيغَةُ الْمُتَكَلِّمِ الْمُؤَكَّدَةُ بِالنُّونِ الثَّقِيلَةِ مِنْ أَلْفَيْتُ الشَّيْءَ وَجَدْتُهُ ظَاهِرُهُ نَهْيُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَفْسَهُ عَنْ أَنْ يَجِدَهُمْ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ وَالْمُرَادُ نَهْيُهُمْ عَنْ أَنْ يَكُونُوا عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ فَإِنَّهُمْ إِذَا كَانُوا عَلَيْهَا يَجِدُهُمْ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ - عَلَيْهَا وَقَوْلُهُ: يَأْتِيهِ الْأَمْرُ الْجُمْلَةُ حَالٌ وَالْأَمْرُ بِمَعْنَى الشَّأْنِ فَيَعُمُّ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ فَوَافَقَ الْبَيَانَ بِقَوْلِهِ: مِمَّا أَمَرْتُ بِهِ أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ فَيَقُولُ إِعْرَاضًا عَنْهُ: لَا أَدْرِي هَذَا الْأَمْرَ مَا وَجَدْنَا مَا مَوْصُولَةٌ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ اتَّبَعْنَاهُ أَيْ وَلَيْسَ هَذَا مِنْهُ فَلَا نَتَّبِعُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مَا نَافِيَةٌ وَالْجُمْلَةُ كَالتَّأْكِيدِ لِقَوْلِهِ: لَا أَدْرِي وَجُمْلَةُ اتَّبَعْنَاهُ حَالٌ أَيْ وَقَدِ اتَّبَعْنَا كِتَابَ اللَّهِ فَلَا نَتْبَعُ غَيْرَهُ قُلْتُ: وَقَوْلُ بَعْضِ أَهْلِ الْأُصُولِ لَا يَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْكِتَابِ بِخَبَرٍ فِي الصُّورَةِ أَشْبَهُ شَيْءٍ بِهَذَا الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ لَا يَجُوزُ تَقْيِيدُ إِطْلَاقِ الْكِتَابِ بِخَبَرِ الْآحَادِ فَالِاحْتِرَازُ عَنْ إِطْلَاقِ ذَلِكَ اللَّفْظِ أَحْسَنُ وَأَوْلَى.

14 - حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا) أَيْ فِي شَأْنِنَا فَالْأَمْرُ وَاحِدُ الْأُمُورِ أَوْ فِيمَا أَمَرْنَا بِهِ فَالْأَمْرُ وَاحِدُ الْأَوَامِرِ أُطْلِقَ عَلَى الْمَأْمُورِيَّةِ وَالْمُرَادُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ الدِّينُ الْقَيِّمُ الْمَعْنَى عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي شَرْحِ الْمَصَابِيحِ مَنْ أَحْدَثَ فِي الْإِسْلَامِ رَأْيًا لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ سَنَدٌ ظَاهِرٌ أَوْ خَفِيٌّ مَلْفُوظٌ أَوْ مُسْتَنْبَطٌ فَهُوَ رَدٌّ عَلَيْهِ أَيْ مَرْدُودٌ وَالْمُرَادُ أَنَّ ذَلِكَ الْأَمْرَ وَاجِبُ الرَّدِّ يَجِبُ عَلَى النَّاسِ رَدُّهُ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ اتِّبَاعُهُ وَالتَّقْلِيدُ

فِيهِ وَقِيلَ: يَحْتَمِلُ أَنَّ ضَمِيرَ فَهُوَ رَدٌّ لِمَنْ أَيْ فَذَاكَ الشَّخْصُ مَرْدُودٌ مَطْرُودٌ.

15 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحِ بْنِ الْمُهَاجِرِ الْمِصْرِيُّ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ «أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شِرَاجِ الْحَرَّةِ الَّتِي يَسْقُونَ بِهَا النَّخْلَ فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ سَرِّحْ الْمَاءَ يَمُرُّ فَأَبَى عَلَيْهِ فَاخْتَصَمَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ أَرْسِلْ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ فَغَضِبَ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ يَا زُبَيْرُ اسْقِ ثُمَّ احْبِسْ الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ قَالَ فَقَالَ الزُّبَيْرُ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَحْسِبُ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65] » ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي شِرَاجِ الْحَرَّةِ) بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ آخِرُهُ جِيمٌ جَمْعُ شَرْجَةٍ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ وَهِيَ مَسَايِلُ الْمَاءِ بِالْحَرَّةِ بِفَتْحٍ فَتَشْدِيدٍ وَهِيَ أَرْضٌ ذَاتُ حِجَارَةٍ سُودٍ قَوْلُهُ: (سَرِّحِ الْمَاءَ) مِنَ التَّسْرِيحِ أَيْ أَرْسِلْ اسْقِ يَحْتَمِلُ قَطْعَ الْهَمْزَةِ وَوَصْلَهَا وَقَوْلُهُ: أَنْ كَانَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ أَوْ مُخَفَّفُ أَنَّ وَاللَّامُ مُقَدَّرَةٌ أَيْ حَكَمْتَ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ ابْنَ عَمَّتِكَ وَرُوِيَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ عَلَى أَنَّهُ مُخَفَّفُ إِنَّ وَالْجُمْلَةُ اسْتِئْنَافِيَّةٌ فِي مَوْضِعِ التَّعْلِيلِ قَوْلُهُ: (فَتَلَوَّنَ) أَيْ تَغَيَّرَ وَظَهَرَ فِيهِ آثَارُ الْغَضَبِ إِلَى الْجَدْرِ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ الْجِدَارُ قِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ مَا رُفِعَ حَوْلَ الْمَزْرَعَةِ كَالْجِدَارِ وَقِيلَ: أُصُولُ الشَّجَرِ، أَمَرَهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَوَّلًا بِالْمُسَامَحَةِ وَالْإِيثَارِ بِأَنْ يَسْقِيَ شَيْئًا يَسِيرًا ثُمَّ يُرْسِلَهُ إِلَى جَارِهِ فَلَمَّا قَال الْأَنْصَارِيُّ مَا قَالَ وَجَهِلَ مَوْضِعَ حَقِّهِ أَمَرَهُ بِأَنْ يَأْخُذَ تَمَامَ حَقِّهِ وَيَسْتَوْفِيَهُ فَإِنَّهُ أَصْلَحُ لَهُ وَفِي الزَّجْرِ أَبْلَغُ وَقَوْلُ الْأَنْصَارِيِّ مَا قَالَ وَقَعَ مِنْهُ فِي شِدَّةِ الْغَضَبِ بِلَا اخْتِيَارٍ مِنْهُ إِنْ كَانَ مُسْلِمًا وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ مُنَافِقًا وَقِيلَ لَهُ: أَنْصَارِيُّ لِاتِّحَادِ الْقَبِيلَةِ وَقَدْ جَاءَ فِي النَّسَائِيِّ أَنَّهُ حَضَرَ بَدْرًا.

16 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ أَنْ يُصَلِّينَ فِي الْمَسْجِدِ» فَقَالَ ابْنٌ لَهُ إِنَّا لَنَمْنَعُهُنَّ فَغَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا وَقَالَ أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُولُ إِنَّا لَنَمْنَعُهُنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِمَاءَ اللَّهِ) أَيِ النِّسَاءَ قَوْلُهُ: (ابْنٌ لَهُ) اسْمُهُ بِلَالٌ فَغَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا قَدْ جَاءَ أَنَّهُ سَبَّهُ سَبًّا وَقَطَعَ الْكَلَامَ مَعَهُ إِلَى أَنْ مَاتَ.

17 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ ثَابِتٍ الْجَحْدَرِيُّ وَأَبُو عَمْرٍو حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ «أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا إِلَى جَنْبِهِ ابْنُ أَخٍ لَهُ فَخَذَفَ فَنَهَاهُ وَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهَا فَقَالَ إِنَّهَا لَا تَصِيدُ صَيْدًا وَلَا تَنْكِي عَدُوًّا وَإِنَّهَا تَكْسِرُ السِّنَّ وَتَفْقَأُ الْعَيْنَ» قَالَ فَعَادَ ابْنُ أَخِيهِ فَخَذَفَ فَقَالَ أُحَدِّثُكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهَا ثُمَّ عُدْتَ تَخْذِفُ لَا أُكَلِّمُكَ أَبَدًا ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَخَذَفَ) مِنَ الْخَذْفِ بِمُعْجَمَتَيْنِ وَفَاءٍ وَهُوَ فِي الْحَصَاةِ وَالنَّوَاةِ يَأْخُذُهَا بَيْنَ

السَّبَّابَتَيْنِ وَيَرْمِي بِهَا قَوْلُهُ: (نَهَى عَنْهَا) أَيْ عَنْ هَذِهِ الْفِعْلَةِ قَوْلُهُ: (وَقَالَ إِنَّهَا لَا تَصِيدُ إِلَخْ) أَيْ إِنَّهَا ضَرَرٌ وَلَا نَفْعَ فِيهَا وَلَا تَنْكِي مِنْ نَكَيْتُ الْعَدُوَّ أَنَكِي نِكَايَةً إِذَا كَثُرَتْ فِيهِمُ الْجِرَاحُ وَالْقَتْلُ فَنُهُوا لِذَلِكَ وَقَدْ يُهْمَزُ لُغَةً فَيُقَالُ: نَكَأَ كَمَنَعَ وَتَفْقَأُ بِهَمْزَةٍ فِي آخِرِهِ أَيْ تَشُقُّ.

18 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنِي بُرْدُ بْنُ سِنَانٍ عَنْ إِسْحَقَ بْنِ قَبِيصَةَ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ الْأَنْصَارِيَّ النَّقِيبَ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزَا مَعَ مُعَاوِيَةَ أَرْضَ الرُّومِ فَنَظَرَ إِلَى النَّاسِ وَهُمْ يَتَبَايَعُونَ كِسَرَ الذَّهَبِ بِالدَّنَانِيرِ وَكِسَرَ الْفِضَّةِ بِالدَّرَاهِمِ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ تَأْكُلُونَ الرِّبَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا تَبْتَاعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ لَا زِيَادَةَ بَيْنَهُمَا وَلَا نَظِرَةً» فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ يَا أَبَا الْوَلِيدِ لَا أَرَى الرِّبَا فِي هَذَا إِلَّا مَا كَانَ مِنْ نَظِرَةٍ فَقَالَ عُبَادَةُ أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتُحَدِّثُنِي عَنْ رَأْيِكَ لَئِنْ أَخْرَجَنِي اللَّهُ لَا أُسَاكِنُكَ بِأَرْضٍ لَكَ عَلَيَّ فِيهَا إِمْرَةٌ فَلَمَّا قَفَلَ لَحِقَ بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مَا أَقْدَمَكَ يَا أَبَا الْوَلِيدِ فَقَصَّ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ وَمَا قَالَ مِنْ مُسَاكَنَتِهِ فَقَالَ ارْجِعْ يَا أَبَا الْوَلِيدِ إِلَى أَرْضِكَ فَقَبَحَ اللَّهُ أَرْضًا لَسْتَ فِيهَا وَأَمْثَالُكَ وَكَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ لَا إِمْرَةَ لَكَ عَلَيْهِ وَاحْمِلْ النَّاسَ عَلَى مَا قَالَ فَإِنَّهُ هُوَ الْأَمْرُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (النَّقِيبُ) أَيْ نَقِيبُ الْأَنْصَارِ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ قَوْلُهُ: (كِسَرَ الذَّهَبِ) بِكَسْرِ الْكَافِ كَالْقِطْعَةِ لَفْظًا وَمَعْنًى وَجَمْعُهَا كِسَرٌ كَقِطَعٍ وَالْمُرَادُ أَنَّهُمْ يَتَبَايَعُونَهَا عَدَدًا قَوْلُهُ: (وَلَا نَظِرَةً) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ أَيِ انْتِظَارٌ وَلَا تَأْخِيرٌ مِنْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ فِي هَذَا، أَيْ فِيمَا ذَكَرْتُ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إِلَّا مَا كَانَ أَيِ النَّسِيئَةَ يُرِيدُ لَا أَرَى الرِّبَا فِيهَا إِلَّا النَّسِيئَةَ قَوْلُهُ: (إِمْرَةَ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ أَيْ حُكُومَةَ وِلَايَةٍ قَوْلُهُ (فَقَبَّحَ) بِالتَّخْفِيفِ فِي الْقَامُوسِ، قَبَّحَهُ اللَّهُ: نَحَّاهُ مِنَ الْخَيْرِ فَهُوَ مَقْبُوحٌ قَوْلُهُ: (وَأَمْثَالُكَ) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى اسْمِ لَيْسَ وَالنَّصْبُ عَلَى الْمَعِيَّةِ بَعِيدٌ مَعْنًى قَوْلُهُ: (هُوَ الْأَمْرُ) أَيِ اعْتَقَدُوا فِيهِ.

19 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْخَلَّادِ الْبَاهِلِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ أَنْبَأَنَا عَوْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَظُنُّوا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي هُوَ أَهْنَاهُ وَأَهْدَاهُ وَأَتْقَاهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: الَّذِي هُوَ أَهْنَاهُ أَيِ الَّذِي هُوَ أَوْفَقُ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَأَهْدَى وَأَلْيَقُ بِكَمَالِ هُدَاهُ وَأَتْقَاهُ أَيْ وَأَنْسَبُ بِكَمَالِ تَقْوَاهُ وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ صَوَابٌ وَنُصْحٌ وَاجِبُ الْعَمَلِ بِهِ لِكَوْنِهِ جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَبَلَّغَهُ النَّاسَ بِلَا زِيَادَةٍ وَنُقْصَانٍ، وَأَهْنَأُ فِي الْأَصْلِ بِالْهَمْزَةِ اسْمُ تَفْضِيلٍ مِنْ هَنَأَ الطَّعَامَ

بِالْهَمْزَةِ إِذَا سَاغَ أَوْ جَاءَ بِلَا تَعَبٍ وَلَمْ يَعْقُبْهُ بَلَاءٌ لَكِنْ قُلِبَتْ هَمْزَتُهُ أَلِفًا لِلِازْدِوَاجِ وَالْمُشَاكَلَةِ وَأَتْقَى اسْمُ تَفْضِيلٍ مِنَ الِاتِّقَاءِ عَلَى الشُّذُوذِ لِأَنَّ الْقِيَاسَ بِنَاءُ اسْمِ التَّفْضِيلِ مِنَ الثُّلَاثِيِّ الْمُجَرَّدِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى تَوَهُّمِ أَنَّ التَّاءَ حَرْفٌ أَصْلِيٌّ وَمِثْلُهُ يُمْكِنُ مِنَ الْمَكَارِهِ مَعَ كَثْرَتِهِ الْمِيمُ زَائِدَةٌ وَهَذَا الْمَتْنُ مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ الْمُصَنِّفُ.

20 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا فَظُنُّوا بِهِ الَّذِي هُوَ أَهْنَاهُ وَأَهْدَاهُ وَأَتْقَاهُ

21 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ حَدَّثَنَا الْمَقْبُرِيُّ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا أَعْرِفَنَّ مَا يُحَدَّثُ أَحَدُكُمْ عَنِّي الْحَدِيثَ وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى أَرِيكَتِهِ فَيَقُولُ اقْرَأْ قُرْآنًا مَا قِيلَ مِنْ قَوْلٍ حَسَنٍ فَأَنَا قُلْتُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا أَعْرِفَنَّ) مِنَ الْمَعْرِفَةِ أَيْ لَا أَجِدَنَّ وَلَا أَعْلَمَنَّ وَهُوَ مِنْ قُبَيْلِ لَا أُلْفِيَنَّ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا قَوْلُهُ: (مَا يُحَدَّثُ) مَا مَصْدَرِيَّةٌ وَيُحَدَّثُ مِنَ التَّحْدِيثِ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيْ أَنْ يُحَدَّثَ فَيَقُولُ: أَيْ فِي رَدِّهِ اقْرَأْ قُرْآنًا عَلَى صِيغَةِ الْأَمْرِ أَيْ يَقُولُ لِلرَّاوِي اقْرَأْ قُرْآنًا حَتَّى تَعْرِفَ بِهِ صِدْقَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ كَذِبِهِ أَوْ عَلَى صِيغَةِ الْمُتَكَلِّمِ أَيِ اقْرَءُوهُ فَإِنْ وَجَدْتُهُ مُوَافِقًا لَهُ قُلْتُهُ وَنَكَّرَ الْقُرْآنَ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ بَعْضُ آيَاتِهِ الَّذِي بِقِرَاءَتِهِ يَظْهَرُ الْأَمْرُ بِزَعْمِهِ قَوْلُهُ: (مَا قِيلَ مِنْ قَوْلٍ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ مَنْ قِيلَ وَهُوَ بِمَعْنَى الْقَوْلِ وَهَذَا مِنْ قَوْلِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ ذَكَرَهُ رَدًّا عَلَى الْمُتَّكِئِ بِأَنَّ رَدَّ الْمُتَّكِئَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرْدُودٌ عَلَيْهِ، وَإِنَّ قَوْلَهُ قَوْلٍ حَسَنٍ لَا يَصِحُّ لِلرَّدِّ بِمَا ذَكَرَهُ الْمُتَّكِئُ، أَوْ هُوَ مِنْ كَلَامِ الْمُتَّكِئِ ذَكَرَهُ افْتِخَارًا بِمَقَالِهِ وَإِعْجَابًا بِرَأْيِهِ، وَأَنَّ مَقَالَهُ مِمَّا يَنْبَغِي لِلنَّاسِ الرُّجُوعُ إِلَيْهِ وَهَذَا الْمَتْنُ مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ الْمُصَنِّفُ.

22 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ آدَمَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ح وَحَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ لِرَجُلٍ يَا ابْنَ أَخِي إِذَا حَدَّثْتُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا فَلَا تَضْرِبْ لَهُ الْأَمْثَالَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْكَرَابِيسِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ مِثْلَ حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَالَ لِرَجُلٍ) أَيْ لِابْنِ عَبَّاسٍ حِينَ رَوَى عَنْهُ حَدِيثَ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ

فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَتَوَضَّأُ مِنَ الْحَمِيمِ أَيِ الْمَاءِ الْحَارِّ أَيْ يَنْبَغِي عَلَى مُقْتَضَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْإِنْسَانْ إِذَا تَوَضَّأَ بِالْمَاءِ الْحَارِّ يَتَوَضَّأُ ثَانِيًا بِالْمَاءِ الْبَارِدِ فَرَدَّ عَلَيْهِ أَبُو هُرَيْرَةَ بِأَنَّ الْحَدِيثَ لَا يُعَارَضُ بِمِثْلِ هَذِهِ الْمُعَارَضَاتِ الْمَدْفُوعَةِ بِالنَّظَرِ فِيمَا أُرِيدُ بِالْحَدِيثِ فَإِنَّ الْمُرَادَ: أَنَّ أَكْلَ مَا مَسَّتْهُ النَّارُ يُوجِبُ الْوُضُوءَ لَا مَسَّهُ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب التوقي في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم]

[بَاب التَّوَقِّي فِي الْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] 23 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ الْبَطِينُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ مَا أَخْطَأَنِي ابْنُ مَسْعُودٍ عَشِيَّةَ خَمِيسٍ إِلَّا أَتَيْتُهُ فِيهِ قَالَ فَمَا سَمِعْتُهُ يَقُولُ بِشَيْءٍ قَطُّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ عَشِيَّةٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَكَسَ قَالَ فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ فَهُوَ قَائِمٌ مُحَلَّلَةً أَزْرَارُ قَمِيصِهِ قَدْ اغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ وَانْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ قَالَ أَوْ دُونَ ذَلِكَ أَوْ فَوْقَ ذَلِكَ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ أَوْ شَبِيهًا بِذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَا أَخْطَأَنِي ابْنُ مَسْعُودٍ) أَيْ مَا فَاتَنِي لِقَاؤُهُ إِلَّا أَتَيْتُهُ فِيهِ اسْتِثْنَاءً مِنْ أَعَمِّ الْأَحْوَالِ بِتَقْدِيرِ قَدْ وَضَمِيرُهُ لِلْعَشِيَّةِ بِاعْتِبَارِ الْوَقْتِ، وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ قَبِيلِ {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} [الدخان: 56] مَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَفُوتُهُ الْمُلَاقَاةُ حَالَ إِتْيَانِهِ إِيَّاهُ فَهَذَا تَأْكِيدٌ لِلُزُومِ الْمُلَاقَاةِ فِي عَشِيَّةِ كُلِّ خَمِيسٍ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَجِيئُهُ فَإِنْ كَانَ مَا جَاءَهُ يَوْمًا أَتَاهُ هُوَ فِيهِ قَوْلُهُ: (يَقُولُ لِشَيْءٍ) أَيْ فِي شَيْءٍ أَوْ يُخَاطِبُ أَحَدًا أَوْ يَقُولُ لَهُ كَانَ ذَاتَ عَشِيَّةٍ ذَاتَ بِالنَّصْبِ أَيْ كَانَ الزَّمَانُ ذَاتَ عَشِيَّةٍ أَوْ بِالرَّفْعِ وَكَانَ تَامَّةٌ وَلَفْظُ الذَّاتِ مُقْحَمٌ قَوْلُهُ: (فَنَكَّسَ) أَيْ طَأْطَأَ رَأْسَهُ وَخَفَضَهُ قَوْلُهُ: (مُحَلَّلَةً) بِفَتْحِ اللَّامِ الْأُولَى الْمُشَدَّدَةِ وَهُوَ مَنْصُوبٌ قَوْلُهُ (أَزْرَارُ قَمِيصِهِ) بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ نَائِبُ الْفَاعِلِ قَوْلُهُ: (قَدِ اغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ) فِي الْقَامُوسِ اغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ دَمِعَتَا كَأَنَّهَا غَرِقَتَا فِي دَمْعِهَا انْتَهَى. قُلْتُ: اغْرَوْرَقَ مِنْ غَرِقَ كَاخْشَوْشَنَ مِنْ خَشِنَ وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدِ انْفَرَدَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ احْتَجَّ الشَّيْخَانِ بِجَمِيعِ رُوَاتِهِ وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَمْرٍو قُلْتُ: وَقَدِ اخْتُلِفَ

فِيهِ عَلَى مُسْلِمِ بْنِ عِمْرَانَ الْبَطِينِ قِيلَ: عَنْهُ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَقِيلَ: عَنْهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ وَقِيلَ: عَنْهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ اهـ.

24 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ كَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ إِذَا حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا فَفَرَغَ مِنْهُ قَالَ أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَوْ كَمَا قَالَ) تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ نُقِلَ بِالْمَعْنَى وَأَمَّا اللَّفْظُ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ اللَّفْظَ الْمَذْكُورَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لَفْظًا آخَرَ وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى مَقُولِ قَالَ وَالتَّقْدِيرُ قَالَ أَوْ مَا قَالَ لَا مَا قُلْتُ وَالْكَافُ زَائِدَةٌ.

25 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ قُلْنَا لِزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ حَدِّثْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَبِرْنَا وَنَسِينَا وَالْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَدِيدٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كَبِرْنَا) بِكَسْرِ الْبَاءِ.

26 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ قَالَ سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ يَقُولُ جَالَسْتُ ابْنَ عُمَرَ سَنَةً فَمَا سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا

27 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ إِنَّمَا كُنَّا نَحْفَظُ الْحَدِيثَ وَالْحَدِيثُ يُحْفَظُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَّا إِذَا رَكِبْتُمْ الصَّعْبَ وَالذَّلُولَ فَهَيْهَاتَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنَّا كُنَّا نَحْفَظُ الْحَدِيثَ) أَيْ نَأْخُذُهُ عَنِ النَّاسِ وَنَحْفَظُهُ اعْتِمَادًا عَلَى صِدْقِهِمْ وَالْحَدِيثُ يُحْفَظُ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيْ هُوَ حَقِيقٌ بِأَنْ يُعْتَنَى بِهِ قَوْلُهُ: (رَكِبْتُمُ الصَّعْبَ وَالذَّلُولَ) كِنَايَةً عَنِ الْإِفْرَاطِ وَالتَّفْرِيطِ فِي النَّقْلِ بِحَيْثُ مَا بَقِيَ الِاعْتِمَادُ عَلَى نَقْلِهِمْ قَوْلُهُ: (فَهَيْهَاتَ) أَيْ بَعُدَ أَخْذُهُمْ وَالْحِفْظُ اعْتِمَادًا عَلَيْهِمْ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمَعْنَى إِنَّا كُنَّا نَحْفَظُ الْحَدِيثَ عَلَى النَّاسِ بِالْإِلْقَاءِ عَلَيْهِمْ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمْ وَحَيْثُ ظَهَرَتْ فِيهِمُ الْخِيَانَةُ فَبَعِيدٌ أَنْ نَرْوِيَ لَهُمْ وَفِيهِ أَنَّ كَذِبَ النَّاسِ يَمْنَعُ مِنَ الْأَخْذِ لَا مِنْ تَعْلِيمِهِمْ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عِلَّةً لِتَعْلِيمِهِمْ عَقْلًا فَإِنَّ الْجَهْلَ يُوجِبُ الْإِكْثَارَ فِي الْكَذِبِ إِلَّا أَنْ يُقَالَ إِنَّهُمْ كَانُوا يُغَيِّرُونَ فِي النَّقْلِةِ؛ لِأَنَّهُمْ يَضَعُونَ الْحَدِيثَ وَمِثْلُ هَذَا إِذَا تَرَكْتَ تَعْلِيمَهُ لَا يُنْقَلُ وَلَا يُغَيَّرُ وَالْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي خُطْبَتِهِ.

28 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ مُجَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ قَرَظَةَ بْنِ كَعْبٍ قَالَ بَعَثَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى الْكُوفَةِ وَشَيَّعَنَا فَمَشَى مَعَنَا إِلَى مَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ صِرَارٌ فَقَالَ أَتَدْرُونَ لِمَ مَشَيْتُ مَعَكُمْ قَالَ قُلْنَا لِحَقِّ صُحْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِحَقِّ الْأَنْصَارِ قَالَ لَكِنِّي مَشَيْتُ مَعَكُمْ لِحَدِيثٍ أَرَدْتُ أَنْ أُحَدِّثَكُمْ بِهِ وَأَرَدْتُ أَنْ تَحْفَظُوهُ لِمَمْشَايَ مَعَكُمْ إِنَّكُمْ تَقْدَمُونَ عَلَى قَوْمٍ لِلْقُرْآنِ فِي صُدُورِهِمْ هَزِيزٌ كَهَزِيزِ الْمِرْجَلِ فَإِذَا رَأَوْكُمْ مَدُّوا إِلَيْكُمْ أَعْنَاقَهُمْ وَقَالُوا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ فَأَقِلُّوا الرِّوَايَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا شَرِيكُكُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَشَيَّعَنَا) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ أَيْ مَشَى مَعَنَا قَوْلُهُ: (صِرَارٌ) فِي الْقَامُوسِ كَكِتَابٍ مَوْضِعٌ قُرْبَ الْمَدِينَةِ.

قَوْلُهُ: (هَزِيزٌ) الْهَزِيزُ بِزَاءَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ الصَّوْتُ قَوْلُهُ: (الْمِرْجَلِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ إِنَاءٌ يُغْلَى فِيهِ الْمَاءُ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ نُحَاسٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَهُ صَوْتٌ عِنْدَ غَلَيَانِ الْمَاءِ فِيهِ، وَفِي بَعْضِ النَّسْخِ النَّحْلُ وَهُوَ ذُبَابُ الْعَسَلِ، وَالْمُرَادُ لَهُمْ إِقْبَالٌ عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ قَوْلُهُ: (مَدُّوا إِلَيْكُمْ أَعْنَاقَهُمْ) أَيْ لِلْأَخْذِ عَنْكُمْ وَتَسْلِيمًا لِلْأَمْرِ إِلَيْكُمْ وَتَحْكِيمًا لَكُمْ فَأَقِلُّوا الرِّوَايَةَ أَيْ لَا تُكْثِرُوا فِي الرِّوَايَةِ نَظَرًا إِلَى كَثْرَةِ طَلَبِهِمْ وَشَوْقِهِمْ فِي الْأَخْذِ عَنْكُمْ تَعْظِيمًا لِأَمْرِ الرِّوَايَةِ عَنْهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَوْ لِئَلَّا يَشْتَغِلُوا بِذَلِكَ عَنِ الْعِظَةِ، وَالْمُصَنِّفُ ذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي الْبَابِ نَظَرًا إِلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ: (وَأَنَا شَرِيكُكُمْ) أَيْ فِي الْأَجْرِ بِسَبَبِ أَنَّهُ الدَّالُّ الْبَاعِثُ لَهُمْ عَلَى الْخَيْرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَدِيثَ مِنْ أَفْرَادِ الْمُصَنِّفِ.

29 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ صَحِبْتُ سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ مِنْ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ فَمَا سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَدِيثٍ وَاحِدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَمَا سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ إِلَخْ) وَلَعَلَّهُمْ كَانُوا يُحَدِّثُونَ عِنْدَ شِدَّةِ الْحَاجَةِ وَرَغْبَةِ الطَّالِبِ وَالْأَحَادِيثُ الْمَشْهُورَةُ عَنْهُمْ رَوَوْهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَإِلَّا كَيْفَ أَشْهَرَ هَؤُلَاءِ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ وَلَعَلَّهُمْ حَمَلُوا حَدِيثَ لِيُبَلِّغَ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ التَّبْلِيغَ عِنْدَ الْحَاجَةِ أَوْ أَنَّهُمْ تَرَكُوا الرِّوَايَةَ بَعْدَ أَنْ بَلَّغُوا أَيْ بَعْضَ الْغَائِبِينَ مَا كَانَ عِنْدَهُمْ مِنَ الْحَدِيثِ وَرَأَوْا أَنَّ هَذَا كَافٍ فِي امْتِثَالِ الْأَمْرِ، أَوْ حَمَلُوا ذَلِكَ عَلَى الْوُجُوبِ عَلَى الْكِفَايَةِ فَإِذَا قَامَ بِهِ الْبَعْضُ كَأَبِي هُرَيْرَةَ سَقَطَ الطَّلَبُ عَنِ الْبَاقِينَ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب التغليظ في تعمد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم]

[بَاب التَّغْلِيظِ فِي تَعَمُّدِ الْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] 30 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ وَإِسْمَعِيلُ بْنُ مُوسَى قَالُوا حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا) أَيْ قَاصِدًا الْكَذِبَ عَلَيَّ لِغَرَضٍ مِنَ الْأَغْرَاضِ لَا أَنَّهُ وَقَعَ فِيهِ خَطَأً أَوْ سَهْوًا

فَإِنَّ ذَلِكَ مُكَفِّرٌ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَقَيْدُ التَّعَمُّدِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَذِبَ يَكُونُ بِدُونِ التَّعَمُّدِ أَيْضًا كَمَا عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ فَقَالُوا: هُوَ الْإِخْبَارُ عَنِ الشَّيْءِ عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ عَلَيْهِ عَمْدًا كَانْ أَوْ سَهْوًا، لَا كَمَا زَعَمَتِ الْمُعْتَزِلَةُ أَنَّ التَّعَمُّدَ شَرْطٌ فِي تَحَقُّقِ الْكَذِبِ قَوْلُهُ: (فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ) أَيْ فَلْيَتَّخِذْ مَنْزِلَةً مِنْهَا ثُمَّ قِيلَ: إِنَّهُ دُعَاءٌ بِلَفْظِ الْأَمْرِ أَيْ بَوَّأَهُ اللَّهُ ذَلِكَ وَقِيلَ: خَبَرٌ بِلَفْظِ الْأَمْرِ وَمَعْنَاهُ فَقَدِ اسْتَوْجَبَ ذَلِكَ وَفِي التَّعْبِيرِ بِلَفْظِ الْأَمْرِ الْوَاجِبِ إِشَارَةً فِي تَحَقُّقِ الْوُقُوعِ قَالَ النَّوَوِي: مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ هَذَا جَزَاؤُهُ وَيَجُوزُ أَنَّ الْكَرِيمَ يَعْفُو عَنْهُ ثُمَّ إِنْ جُوزِيَ فَلَا يُخَلَّدُ فِيهَا وَفِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْكَذِبَ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَبِيرَةٌ لَكِنْ لَا يَكْفُرُ مُرْتَكِبُهُ وَكَانَ وَالِدُ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ يَقُولُ بِكُفْرِهِ لَكِنْ رَدَّهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ بِأَنَّهُ قَوْلٌ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنَ الْأَصْحَابِ فَهُوَ هَفْوَةٌ عَظِيمَةٌ وَهَلْ إِذَا تَابَ مَنْ تَعَمَّدَ الْكَذِبَ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَرِوَايَتُهُ ذَلِكَ فِيهِ قَوْلَانِ وَالصَّحِيحُ الْمُوَافِقُ لِلْقَوَاعِدِ الْقَبُولُ وَكَيْفَ وَالْكَافِرُ إِذَا تَابَ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَرِوَايَتُهُ وَالْكَاذِبُ مُتَعَمِّدًا دُونَ ذَلِكَ ثُمَّ مَعْنَى كَذَبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ نَسَبَ إِلَيْهِ مِنْ فِعْلٍ أَوْ قَوْلٍ مَا لَيْسَ لَهُ، وَقَوْلُ مَنْ قَالَ كَذَبَ عَلَيْهِ فِي مُقَابَلَةِ كَذَبَ لَهُ، فَمَفْهُومُ الْحَدِيثِ أَنَّ الْكَذِبَ لَهُ جَائِزٌ فَيَجُوزُ وَضْعُ الْحَدِيثِ فِي التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ وَالْمَوَاعِظِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ كَذِبٌ لَهُ لِأَنَّهُ لِأَجْلِ نَشْرِ دِينِهِ؛ جَهْلٌ بِاللُّغَةِ، عَلَى أَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَكَانَ مَرْدُودًا هُنَا بِشَهَادَةِ جَمْعِ أَحَادِيثِ الْبَابِ، فَإِنَّ أَحَادِيثَ الْبَابِ إِذَا جُمِعَتْ فَهِيَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَذِبَ فِي شَأْنِهِ مُطْلَقًا مِنْ أَشَدِّ الذُّنُوبِ وَأَقْبَحِهَا.

31 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ وَإِسْمَعِيلُ بْنُ مُوسَى قَالَا حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَكْذِبُوا عَلَيَّ فَإِنَّ الْكَذِبَ عَلَيَّ يُولِجُ النَّارَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يُولِجُ) مِنْ أَوْلَجَ بِمَعْنَى أُدْخِلَ أَيْ يَدْخُلُ كُلُّ مَنْ لَهُ تَلَبُّسٌ بِهِ وَلَوْ بِالدَّلَالَةِ عَلَيْهِ وَالرِّضَا بِهِ وَالرِّوَايَةِ لَهُ.

32 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ الْمِصْرِيُّ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ حَسِبْتُهُ قَالَ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حَسِبْتُهُ قَالَ مُتَعَمِّدًا) مِنَ الْحُسْبَانِ بِمَعْنَى الظَّنِّ وَالْجُمْلَةُ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ لِلْإِفَادَةِ فِي التَّقْيِيدِ بِالتَّعَمُّدِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ.

33 - حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ»

34 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَقَوَّلَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ تَقَوَّلَ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّكَلُّفَ يُغْنِي عَنْ قَيْدِ التَّعَمُّدِ.

35 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى التَّيْمِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ إِيَّاكُمْ وَكَثْرَةَ الْحَدِيثِ عَنِّي فَمَنْ قَالَ عَلَيَّ فَلْيَقُلْ حَقًّا أَوْ صِدْقًا وَمَنْ تَقَوَّلَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حَقًّا أَوْ صِدْقًا) كَلِمَةٌ أَوْ لِلشَّكِّ.

36 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ أَبِي صَخْرَةَ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قُلْتُ لِلزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ «مَا لِيَ لَا أَسْمَعُكَ تُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا أَسْمَعُ ابْنَ مَسْعُودٍ وَفُلَانًا وَفُلَانًا قَالَ أَمَا إِنِّي لَمْ أُفَارِقْهُ مُنْذُ أَسْلَمْتُ وَلَكِنِّي سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً يَقُولُ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَمَا إِنِّي لَمْ أُفَارِقْهُ) أَيْ لَيْسَ ذَلِكَ لِقِلَّةِ صُحْبَتِي بِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ إِسْلَامَهُ قَدِيمٌ وَلَكِنِّي سَمِعْتُ إِلَخْ أَيْ فَذَلِكَ الَّذِي يَمْنَعُنِي عَنِ التَّحْدِيثِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُفْضِي إِلَى زِيَادَةٍ وَنُقْصَانٍ سَهْوًا أَوِ اشْتِغَالٍ بِمَا يُفْضِي إِلَيْهِ عَادَةً كَالتَّعَمُّدِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

37 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ»

[باب من حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا وهو يرى أنه كذب]

[بَاب مَنْ حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ] 38 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ هَاشِمٍ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ حَدَّثَ عَنِّي حَدِيثًا وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبَيْنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَهُوَ يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ) بِضَمِّ الْيَاءِ مِنْ يَرَى أَيْ مَنْ يَظُنُّ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَذَكَرَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ جَوَازَ فَتْحِ الْيَاءِ مِنْ يَرَى وَمَعْنَاهُ يَعْلَمُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى يَظُنُّ أَيْضًا فَقَدْ حُكِيَ رَأَى بِمَعْنَى ظَنَّ قُلْتُ: اعْتِبَارُ الظَّنِّ أَبْلَغُ وَأَشْمَلُ فَهُوَ أَوْلَى قَالَ النَّوَوِيُّ: وَقَيَّدَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَأْثَمُ إِلَّا بِرِوَايَةِ مَا يَعْلَمُهُ أَوْ يَظُنُّهُ كَذِبًا وَأَمَّا مَا لَا يَعْلَمُهُ وَلَا يَظُنُّهُ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ فِي رِوَايَتِهِ وَإِنْ ظَنَّهُ غَيْرُهُ كَذِبًا أَوْ عَلِمَهُ قُلْتُ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا إِثْمَ عَلَى مَنْ يَرْوِي وَهُوَ فِي شَكٍّ فِي كَوْنِهِ صَادِقًا أَوْ كَاذِبًا وَكَذَا مَنْ يَرْوِي وَهُوَ غَافِلٌ عَنْ مُلَاحَظَةِ الْأَمْرَيْنِ وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْحَدِيثَ يَدُلُّ مَفْهُومًا عَلَى أَنَّ غَيْرَ الظَّانِّ لَا يُعَدُّ مِنْ جُمْلَةِ الْكَاذِبِينَ

عَلَيْهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَأَمَّا أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ فَلَا؛ فَلْيُتَأَمَّلْ قَوْلُهُ (فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ) قَالَ النَّوَوِيُّ الْمَشْهُورُ رِوَايَتُهُ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ أَيْ فَهُوَ وَاحِدٌ مِنْ جُمْلَةِ الْوَاضِعِينَ الْحَدِيثَ وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الرِّوَايَةَ مَعَ الْعِلْمِ بِوَضْعِ الْحَدِيثِ كَوَضْعِهِ قَالُوا: هَذَا إِذَا لَمْ يُبَيِّنْ وَضْعُهُ وَقَدْ جَاءَ بِصِيغَةِ التَّثْنِيَةِ وَالْمُرَادُ أَنَّ الرَّاوِيَ لَهُ يُشَارِكُ الْوَاضِعَ فِي الْإِثْمِ قَالَ الطِّيبِيُّ فَهُوَ كَقَوْلِهِمُ: الْقَلَمُ أَحَدُ اللِّسَانَيْنِ، وَالْجَدُّ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ، كَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى تَرْجِيحِ التَّثْنِيَةِ بِكَثْرَةِ وُقُوعِهَا فِي أَمْثَالِهِ فَهُوَ الْمُتَبَادَرُ إِلَى الْأَفْهَامِ.

39 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ حَدَّثَ عَنِّي حَدِيثًا وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبَيْنِ»

40 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَلِيٍّ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ رَوَى عَنِّي حَدِيثًا وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبَيْنِ» حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الْأَشْيَبُ عَنْ شُعْبَةَ مِثْلَ حَدِيثِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ

41 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبَيْنِ»

[باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين]

[بَاب اتِّبَاعِ سُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ] بَاب مَنْ حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ 42 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَشِيرِ بْنِ ذَكْوَانَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي الْمُطَاعِ قَالَ سَمِعْتُ الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ يَقُولُ «قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً وَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ وَذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَعَظْتَنَا مَوْعِظَةَ مُوَدِّعٍ فَاعْهَدْ إِلَيْنَا بِعَهْدٍ فَقَالَ عَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا وَسَتَرَوْنَ مِنْ بَعْدِي اخْتِلَافًا شَدِيدًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَالْأُمُورَ الْمُحْدَثَاتِ فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ذَاتَ يَوْمٍ) لَفْظَةُ ذَاتَ مَقْحَمَةٌ قَوْلُهُ: (بَلِيغَةً) مِنَ الْمُبَالَغَةِ أَيْ بَالَغَ فِيهَا بِالْإِنْذَارِ وَالتَّخْوِيفِ لَا مِنَ الْمُبَالَغَةِ الْمُفَسَّرَةِ بِبُلُوغِ الْمُتَكَلِّمِ فِي تَأْدِيَةِ الْمَعْنَى حَدًّا لَهُ اخْتِصَاصٌ بِتَوْفِيَةِ خَوَاصِّ التَّرَاكِيبِ وَإِيرَادِ أَنْوَاعِ الْكَلَامِ مِنَ الْمَجَازِ وَالْكِنَايَةِ وَالتَّشْبِيهِ عَلَى وَجْهِهَا لِعَدَمِ الْمُنَاسَبَةِ بِالْمَقَامِ قَوْلُهُ: (وَجِلَتْ) كَسَمِعَتْ أَيْ خَافَتْ قَوْلُهُ: (وَذَرَفَتْ) سَالَتْ وَفِي إِسْنَادِهِ إِلَى الْعُيُونِ ـ مَعَ أَنَّ السَّائِلَ دُمُوعُهَا ـ مُبَالَغَةٌ وَالْمَقْصُودُ أَنَّهَا أَثَّرَتْ فِيهِمْ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا قَوْلُهُ: (مُوَدِّعٍ) اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَوْدَعَ أَيِ الْمُبَالَغَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّكَ تُوَدِّعُنَا فَإِنَّ الْمُوَدِّعَ عِنْدَ الْوَدَاعِ لَا يَتْرُكُ شَيْئًا مِمَّا يَهْتَمُّ بِهِ فَأَعْهِدْ أَوْ أَوْصِ إِلَيْنَا فَفَعَلَ بَعْدَ ذَلِكَ

قَوْلُهُ (وَالسَّمْعُ وَالطَّاعَةُ) أَيْ لِأَمْرِ الْخَلِيفَةِ وَإِنْ أَيْ وَإِنْ كَانَ الْأَمِيرُ عَبْدًا حَبَشِيًّا فَالْكَلَامُ فِي أَمْرِ الْخَلِيفَةِ الَّذِي وَلَّاهُ الْخَلِيفَةُ لَا فِي الْخَلِيفَةِ حَتَّى يَرِدَ أَنَّهُ كَيْفَ يَكُونُ الْخَلِيفَةُ عَبْدًا حَبَشِيًّا عَلَى أَنَّ الْمَحَلَّ مَحَلُّ الْمُبَالَغَةِ فِي لُزُومِ الطَّاعَةِ فَفَرَضَ الْخَلِيفَةُ فِيهِ عَبْدًا حَبَشِيًّا لِإِفَادَةِ الْمُبَالَغَةِ يَحْتَمِلُ قَوْلُهُ: (وَسَتَرَوْنَ) بِمَنْزِلَةِ التَّعْلِيلِ لِلْوَصِيَّةِ بِذَلِكَ أَيْ وَالسَّمْعُ وَالطَّاعَةُ مِمَّا يَدْفَعُ الْخِلَافَ الشَّدِيدَ فَهُوَ خَيْرٌ قَوْلُهُ: (وَسُنَّةُ الْخُلَفَاءِ إِلَخْ) قِيلَ: هُمُ الْأَرْبَعَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَقِيلَ: بَلْ هُمْ وَمَنْ سَارَ سِيرَتَهُمْ مِنْ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ الْمُجْتَهِدِينَ فِي الْأَحْكَامِ فَإِنَّهُمْ خُلَفَاءُ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي إِعْلَاءِ الْحَقِّ وَإِحْيَاءِ الدِّينِ وَإِرْشَادِ الْخَلْقِ إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ قَوْلُهُ: (عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَهِيَ الْأَضْرَاسُ قِيلَ: أَرَادَ بِهِ الْجِدَّ فِي لُزُومِ السُّنَّةِ كَفِعْلِ مَنْ أَمْسَكَ الشَّيْءَ بَيْنَ أَضْرَاسِهِ وَعَضَّ عَلَيْهِ مَنْعًا مِنْ أَنْ يَنْتَزِعَ أَوِ الصَّبْرَ عَلَى مَا يُصِيبُ مِنَ التَّعَبِ فِي ذَاتِ اللَّهِ كَمَا يَفْعَلُ الْمُتَأَلِّمُ بِالْوَجَعِ يُصِيبُهُ قَوْلُهُ: (وَالْأُمُورَ الْمُحْدَثَاتِ) قِيلَ: أُرِيدُ بِهَا مَا لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ فِي الدِّينِ وَأَمَّا الْأُمُورُ الْمُوَافِقَةُ لِأُصُولِ الدِّينِ فَغَيْرُ دَاخِلَةٍ فِيهَا وَإِنْ أُحْدِثَتْ بَعْدَهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قُلْتُ: هُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِ وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

43 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ بِشْرِ بْنِ مَنْصُورٍ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ السَّوَّاقُ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو السُّلَمِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ يَقُولُ «وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْعِظَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذِهِ لَمَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا قَالَ قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِمَا عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَعَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا فَإِنَّمَا الْمُؤْمِنُ كَالْجَمَلِ الْأَنِفِ حَيْثُمَا قِيدَ انْقَادَ» 44 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الصَّبَّاحِ الْمِسْمَعِيُّ حَدَّثَنَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الصُّبْحِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً فَذَكَرَ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَلَى الْبَيْضَاءِ) أَيِ الْمِلَّةِ وَالْحُجَّةِ الْوَاضِحَةِ الَّتِي لَا تَقْبَلُ الشُّبَهَ أَصْلًا فَصَارَ حَالُ إِيرَادِ الشُّبَهِ عَلَيْهَا كَحَالِ كَشْفِ الشُّبَهِ عَنْهَا وَدَفْعِهَا وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا قَوْلُهُ: (فَإِنَّمَا الْمُؤْمِنُ) أَيْ شَأْنُ الْمُؤْمِنِ

تَرْكُ التَّكَبُّرِ وَالْتِزَامُ التَّوَاضُعِ فَيَكُونُ كَالْجَمَلِ الْأَنِفِ كَكَنِفٍ أَيْ بِلَا مَدٍّ وَكَصَاحِبٍ أَيْ بِالْمَدِّ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَأَفْصَحُ أَيِ الَّذِي جُعِلَ الزِّمَامُ فِي أَنْفِهِ فَيَجُرُّهُ مَنْ يَشَاءُ مِنْ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ إِلَى حَيْثُ يَشَاءُ حَيْثُمَا قِيدَ أَيْ سِيقَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب اجتناب البدع والجدل]

[بَاب اجْتِنَابِ الْبِدَعِ وَالْجَدَلِ] 45 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ ثَابِتٍ الْجَحْدَرِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ وَعَلَا صَوْتُهُ وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ يَقُولُ صَبَّحَكُمْ مَسَّاكُمْ وَيَقُولُ بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ وَيَقْرِنُ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَيَقُولُ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ خَيْرَ الْأُمُورِ كِتَابُ اللَّهِ وَخَيْرُ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَكَانَ يَقُولُ مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَعَلَيَّ وَإِلَيَّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ إِلَخْ) يَفْعَلُ ذَلِكَ لِإِزَالَةِ الْغَفْلَةِ مِنْ قُلُوبِ النَّاسِ لِيَتَمَكَّنَ فِيهَا كَلَامُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَضْلَ تَمَكُّنٍ، أَوْ لِأَنَّهُ يَتَوَجَّهُ فِكْرُهُ إِلَى الْمَوْعِظَةِ؛ فَيَظْهَرُ عَلَيْهِ آثَارُ الْهَيْبَةِ الْإِلَهِيَّةِ قَوْلُهُ: (كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ) هُوَ الَّذِي يَجِيءُ مُخْبِرًا لِلْقَوْمِ بِمَا قَدْ دَهَمَهُمْ مِنْ عَدُوٍّ أَوْ غَيْرِهِ قَوْلُهُ: (يَقُولُ) ضَمِيرُهُ عَائِدٌ لِلْمُنْذِرِ وَالْجُمْلَةُ صِفَتُهُ قَوْلُهُ: (صَبَّحَكُمْ) بِتَشْدِيدِ الْبَاءِ أَيْ نَزَلَ بِكُمُ الْعَدُوُّ صَبَاحًا، وَالْمُرَادُ سَيَنْزِلُ وَصِيغَةُ الْمَاضِي لِلتَّحَقُّقِ قَوْلُهُ: (مَسَّاكُمْ) بِتَشْدِيدِ السِّينِ، مِثْلُ صَبَّحَكُمْ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ ضَمِيرَ يَقُولُ لِلنَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَالْجُمْلَةُ حَالٌ، وَضَمِيرُ صَبَّحَكُمْ لِلْعَذَابِ، وَالْمُرَادُ بِهِ قَرُبَ مِنْكُمْ إِنْ لَمْ تُطِيعُونِي قَوْلُهُ: (بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ) قَالَ أَبُو الْبَقَاءِ: لَا يَجُوزُ فِيهِ إِلَّا النَّصَبَ وَالْوَاوُ فِيهِ بِمَعْنَى مَعَ وَالْمُرَادُ بِهِ الْمُقَارَبَةُ وَلَوْ رُفِعَ لَفَسَدَ الْمَعْنَى إِذْ لَا يُقَالُ بُعِثْتُ وَالسَّاعَةُ، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «بُعِثْتُ وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ» انْتَهَى يُرِيدُ أَنَّ رِوَايَةَ تَرْكِ تَأْكِيدِ الْمَرْفُوعِ الْمُتَّصِلِ بِالْمُنْفَصِلِ يُرِيدُ النَّصْبَ عَلَى الْمَعِيَّةِ إِذْ لَا يَجُوزُ فِي تِلْكَ الرِّوَايَةِ الْعَطْفُ عِنْدَ كَثِيرِينَ مِنَ النُّحَاةِ، وَالْمَشْهُورُ جَوَازُ الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ بَلْ قَالَ الْقَاضِي: الْمَشْهُورُ الرَّفْعُ وَكَأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ إِقَامَةَ السَّاعَةِ اعْتُبِرَ بَعْثًا لَهَا وَيَلْزَمُ مِنْهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ فِي بُعِثْتُ وَقَدْ جَوَّزَهُ قَوْمٌ فَيَصِحُّ عِنْدَهُمْ فَلْيُتَأَمَّلْ قَوْلُهُ: (كَهَاتَيْنِ) حَالٌ أَيْ مُقْتَرِنِينَ لَا وَاسِطَةَ بَيْنَنَا مِنْ نَبِيٍّ فَوَجْهُ الشَّبَهِ هُوَ الِانْضِمَامُ أَوِ الْمُدَّةُ الَّتِي هِيَ بَيْنَنَا قَلِيلَةٌ فَوَجْهُ الشَّبَهِ قِلَّةُ مَا بَيْنَ رَأْسَيِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى مِنَ التَّفَاوُتِ قَوْلُهُ: (فَإِنَّ خَيْرَ الْأُمُورِ) أَيْ خَيْرَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْمُتَكَلِّمُ أَوْ خَيْرَ الْأُمُورِ الْمَوْجُودَةِ بَيْنَكُمْ وَخَيْرُ الْهَدْيِ بِفَتْحِ هَاءٍ وَسُكُونِ دَالٍ هِيَ الطَّرِيقَةُ وَالسِّيرَةُ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ أَوْ بِضَمِّ هَاءٍ وَفَتْحِ دَالٍ وَالْمَقْصُودُ أَنَّ خَيْرَ الْأَدْيَانِ دِينُهُ

قَوْلُهُ: (وَشَرَّ الْأُمُورِ) بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى لَفْظِ اسْمِ إِنَّ وَبِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى الْمَحَلِّ وَالْمُرَادُ مِنْ شَرِّ الْأُمُورِ وَإِلَّا فَبَعْضُ الْأُمُورِ السَّابِقَةِ مِثْلُ الشِّرْكِ شَرٌّ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الْمُحْدَثَاتِ إِلَّا أَنْ يُرَادَ بِالْمُحْدَثَاتِ مَا أَحَدَثَ النَّاسُ عَلَى مُقْتَضَى الْهَوَى مُطْلَقًا لَا مَا أَحْدَثُوهُ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَدْخُلُ فِيهَا الْقَبَائِحُ قَوْلُهُ: (مُحْدَثَاتُهَا) بِفَتْحِ الدَّالِ وَالْمُرَادُ بِهَا مَا لَا أَصْلَ لَهُ فِي الدِّينِ مِمَّا أُحْدِثَ بَعْدَهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: (أَوْ ضَيَاعًا) بِفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ الْعِيَالُ وَأَصْلُهُ مَصْدَرٌ أَوْ بِكَسْرِهَا جَمْعُ ضَائِعٍ كَجِيَاعٍ جَمْعُ جَائِعٍ قَوْلُهُ: (فَعَلَيَّ وَإِلَيَّ) قَالَ السُّيُوطِيُّ فِيهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ فَعَلَيَّ رَاجِعٌ إِلَى الدَّيْنِ وَإِلَيَّ رَاجِعٌ إِلَى الضَّيَاعِ.

46 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ الْمَدَنِيُّ أَبُو عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّمَا هُمَا اثْنَتَانِ الْكَلَامُ وَالْهَدْيُ فَأَحْسَنُ الْكَلَامِ كَلَامُ اللَّهِ وَأَحْسَنُ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ أَلَا وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدِثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ أَلَا لَا يَطُولَنَّ عَلَيْكُمْ الْأَمَدُ فَتَقْسُوَ قُلُوبُكُمْ أَلَا إِنَّ مَا هُوَ آتٍ قَرِيبٌ وَإِنَّمَا الْبَعِيدُ مَا لَيْسَ بِآتٍ أَلَا إِنَّمَا الشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَالسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ أَلَا إِنَّ قِتَالَ الْمُؤْمِنِ كُفْرٌ وَسِبَابُهُ فُسُوقٌ وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ أَلَا وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ لَا يَصْلُحُ بِالْجِدِّ وَلَا بِالْهَزْلِ وَلَا يَعِدُ الرَّجُلُ صَبِيَّهُ ثُمَّ لَا يَفِي لَهُ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارَ وَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ وَإِنَّهُ يُقَالُ لِلصَّادِقِ صَدَقَ وَبَرَّ وَيُقَالُ لِلْكَاذِبِ كَذَبَ وَفَجَرَ أَلَا وَإِنَّ الْعَبْدَ يَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنَّمَا هُمَا اثْنَتَانِ) ضَمِيرُهُمَا مِنْهُمْ مُفَسَّرٌ بِالْكِلَامِ وَالْهَدْيِ أَيْ إِنَّمَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ اللَّذَيْنِ وَقَعَ التَّكْلِيفُ بِهِمَا اثْنَتَانِ لَا ثَالِثَ مَعَهُمَا حَتَّى يَثْقُلَ عَلَيْكُمُ الْأَمْرُ وَيَتَفَرَّقَ، وَفَائِدَةُ الْإِخْبَارِ نَفْيُ أَنْ يَكُونَ مَعَهُمَا ثَالِثٌ لِمَا ذَكَرْنَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَقْصُودُ النَّهْيَ عَنْ ضَمِّ الْمُحْدَثَاتِ إِلَيْهِمَا كَأَنَّهُ قِيلَ: الْمَقْصُودُ بَقَاؤُهُمَا اثْنَتَانِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ضَمِيرُهُمَا لِمَا وَقَعَ بِهِ التَّكْلِيفُ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنِ الْعَدَدِ، وَإِنَّمَا ثَنَّى نَظَرًا إِلَى كَوْنِ ذَلِكَ فِي الْوَاقِعِ ثِنْتَيْنِ فَحَصَلَ الْفَائِدَةُ فِي الْإِخْبَارِ بِاسْمِ الْعَدَدِ وَهَذَا مِثْلُ مَا قَالُوا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ اثْنَتَانِ تَمْهِيدًا لِمَا هُوَ الْخَبَرُ وَالْخَبَرُ فِي الْوَاقِعِ مَا هُوَ الْمُبْدَلُ مِنِ اثْنَتَانِ وَهُمَا الْكَلَامُ وَالْهَدْيُ وَعَلَى الْوُجُوهِ تَأْنِيثُ اثْنَتَانِ نَظَرًا إِلَى أَنَّهُمَا حُجَّتَانِ قَوْلُهُ: (الْأَمَدُ) أَيِ الْأَجَلُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الْأَمَلُ وَطُولُهُ تَابِعٌ لِطُولِ الْأَجَلِ وَفِي طُولِهِمَا وَنِسْيَانُ الْمَوْتِ تَأْثِيرٌ يَتْبَعُ فِي قَسْوَةِ الْقُلُوبِ وَقَوْلُهُ: فَتَقْسُوا قُلُوبُكُمْ بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ جَوَابُ النَّهْيِ أَلَا

مَا هُوَ آتٍ إِلَخْ تَعْلِيمٌ وَإِرْشَادٌ لِمَا يُنْتَفَعُ بِهِ طُولُ الْأَمَدِ قَوْلُهُ: (أَلَا إِنَّمَا الشَّقِيُّ إِلَخْ) أَيْ فَعَلَيْكُمْ بِالتَّفَكُّرِ فِي ذَلِكَ وَالْبُكَاءِ لَهُ وَكَيْفَ الْقَسْوَةُ وَالضَّحِكُ مَعَ سَبْقِ التَّقْدِيرِ فِي النِّهَايَةِ الْمَعْنَى إِنَّ مَا قَدَّرَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ فِي أَصْلِ خِلْقَتِهِ أَنْ يَكُونَ شَقِيًّا فَهُوَ الشَّقِيُّ فِي الْحَقِيقَةِ لَا مَنْ عَرَضَ لَهُ الشَّقَاءُ بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى شَقَاءِ الْآخِرَةِ لَا شَقَاءِ الدُّنْيَا قَوْلُهُ: (مَنْ وُعِظَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيْ مَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِلِاتِّعَاظِ فَرَأَى مَا جَرَى عَلَى غَيْرِهِ بِالْمَعَاصِي مِنَ الْعُقُوبَةِ فَتَرَكَهَا خَوْفًا مِنْ أَنْ يَنَالَهُ مِثْلُ مَا نَالَ غَيْرَهُ قَوْلُهُ: (كُفْرٌ) أَيْ مِنْ شَأْنِ الْكُفْرِ وَسِبَابُهُ هُوَ كَالْقِتَالِ فِي الْوَزْنِ فُسُوقٌ أَيْ مِنْ شَأْنِ الْفَسَقَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ مُرْتَكِبَ الْقِتَالِ كَافِرٌ وَمُرْتَكِبَ السِّبَابِ فَاسِقٌ وَقِيلَ فِي التَّأْوِيلِ غَيْرُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: (أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ) يُفْهَمُ مِنْهُ إِبَاحَةُ الْهَجْرِ إِلَى ثَلَاثٍ وَهُوَ رُخْصَةٌ لِأَنَّ طَبْعَ الْآدَمِيِّ عَلَى عَدَمِ تَحَمُّلِ الْمَكْرُوهِ ثُمَّ الْمُرَادُ حُرْمَةُ الْهِجْرَانِ إِذَا كَانَ الْبَاعِثُ عَلَيْهِ وُقُوعُ تَقْصِيرٍ فِي حُقُوقِ الصُّحْبَةِ وَالْأُخُوَّةِ وَآدَابِ الْعِشْرَةِ وَذَلِكَ أَيْضًا بَيْنَ الْأَجَانِبِ وَأَمَّا بَيْنَ الْأَهْلِ فَيَجُوزُ إِلَى أَكْثَرَ لِلتَّأْدِيبِ فَقَدْ هَجَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نِسَاءَهُ شَهْرًا وَكَذَا إِذَا كَانَ الْبَاعِثُ أَمْرًا دِينِيًّا فَلْيَهْجُرْهُ حَتَّى يَنْزِعَ مِنْ فِعْلِهِ وَعَقْدِهِ ذَلِكَ فَقَدْ أَذِنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هِجْرَانِ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ تَخَلَّفُوا خَمْسِينَ لَيْلَةً حَتَّى صَحَّتْ تَوْبَتُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ، قَالُوا وَإِذَا خَافَ مِنْ مُكَالَمَةِ أَحَدٍ وَمُوَاصَلَتِهِ مَا يُفْسِدُ عَلَيْهِ دِينَهُ أَوْ يُدْخِلُ عَلَيْهِ مَضَرَّةً فِي دُنْيَاهُ يَجُوزُ لَهُ مُجَانَبَتُهُ وَالْحَذَرُ مِنْهُ فَرُبَّ هَجْرٍ جَمِيلٍ خَيْرٌ مِنْ مُخَالَطَةٍ مُؤْذِيَةٍ قَوْلُهُ: (لَا يَصْلُحُ) لَا يَحِلُّ أَوْ لَا يُوَافِقُ شَأْنَ الْمُؤْمِنِ بِالْجِدِّ أَيْ بِطَرِيقِ الْجِدِّ قَوْلُهُ: (وَلَا يَعِدُ الرَّجُلُ صَبِيَّهُ) أَيْ صَغِيرَهُ قَوْلُهُ: (ثُمَّ لَا يَفِي لَهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ عُطِفَ عَلَى لَا يَعِدُ وَهُوَ نَفْيٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ نَهْيٌ، وَلَا يَفِيَ بِالنَّصْبِ إِجْرَاءًا ثُمَّ مَجْرَى الْوَاوِ وَيَحْتَمِلُ الرَّفْعَ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ قَوْلُهُ: (يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ) مِنَ الْهِدَايَةِ قِيلَ: لَعَلَّ الْكَذِبَ بِخَاصِّيَّتِهِ يُفْضِي بِالْإِنْسَانِ إِلَى الْقَبَائِحِ، وَالصِّدْقُ بِخِلَافِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفُجُورِ هُوَ نَفْسُ ذَلِكَ الْكَذِبِ

وَكَذَلِكَ الْبِرُّ نَفْسُ ذَلِكَ الصِّدْقِ وَالْهِدَايَةُ إِلَيْهِ بِاعْتِبَارِ الْمُغَايَرَةِ الِاعْتِبَارِيَّةِ فِي الْمَفْهُومِ وَالْعِنْوَانِ كَمَا يُقَالُ: الْعِلْمُ يُؤَدِّي إِلَى الْكَمَالِ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ آخِرُ الْحَدِيثِ وَالْبِرُّ قِيلَ: هُوَ اسْمٌ جَامِعٌ لِلْخَيْرِ وَقِيلَ: هُوَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ الْخَالِصُ مِنْ كُلِّ مَذْمُومٍ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: إِذَا تَحَرَّى الصِّدْقَ لَمْ يَعْصِ اللَّهَ، لِأَنَّهُ إِنْ أَرَادَ أَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا مِنَ الْمَعَاصِي خَافَ أَنْ يُقَالَ: أَفَعَلْتَ كَذَا فَإِنْ سَكَتَ لَمْ يَأْمَنِ الرِّيبَةَ وَإِنْ قَالَ: لَا كَذَبَ وَإِنْ قَالَ: نَعَمْ فَسَقَ وَسَقَطَتْ مَنْزِلَتُهُ وَانْتُهِكَتْ حُرْمَتُهُ قَوْلُهُ: (حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ كِتَابَتُهُ فِي دِيوَانِ الْأَعْمَالِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ إِظْهَارُهُ بَيْنَ النَّاسِ بِوَصْفِ الْكَذِبِ.

47 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ خِدَاشٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ ح وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ ثَابِتٍ الْجَحْدَرِيُّ وَيَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ إِلَى قَوْلِهِ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 7] فَقَالَ يَا عَائِشَةُ إِذَا رَأَيْتُمْ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيهِ فَهُمْ الَّذِينَ عَنَاهُمْ اللَّهُ فَاحْذَرُوهُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَا عَائِشَةُ إِذَا رَأَيْتُمْ) نَادَى عَائِشَةَ لِحُضُورِهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَعَدَلَ فِي ضَمِيرِ الْخِطَابِ إِلَى الْجَمْعِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ مَعْرِفَةَ هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِعَائِشَةَ بَلْ يَعُمُّهَا وَغَيْرُهَا، وَخَاطَبَ الْغَائِبِينَ وَذَكَرَ الضَّمِيرَ لِلتَّغْلِيبِ فَفِيهِ تَغْلِيبَانِ مُتَعَاكِسَانِ فَلْيُتَأَمَّلْ قَوْلُهُ: (يُجَادِلُونَ فِيهِ) أَيْ فِي الْقُرْآنِ بِدَفْعِ الْمُحْكَمَاتِ بِالْمُتَشَابِهَاتِ قَوْلُهُ: (عَنَاهُمُ اللَّهُ تَعَالَى) أَيْ أَرَادَهُمْ بِقَوْلِهِ {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ} [آل عمران: 7] إِلَخْ قَوْلُهُ: (فَاحْذَرُوهُمْ) أَيْ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ وَلَا تُجَالِسُوهُمْ وَلَا تُكَلِّمُوهُمْ فَإِنَّهُمْ أَهْلُ الْبِدْعَةِ فَيَحِقُّ لَهُمُ الْإِهَانَةُ وَاحْتِرَازًا عَنِ الْوُقُوعِ فِي عَقِيدَتِهِمْ

48 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ ح وَحَدَّثَنَا حَوْثَرَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ دِينَارٍ عَنْ أَبِي غَالِبٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ هُدًى كَانُوا عَلَيْهِ إِلَّا أُوتُوا الْجَدَلَ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ {بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} [الزخرف: 58] الْآيَةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِلَّا أُوتُوا الْجَدَلَ) هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ أَعَمِّ الْأَحْوَالِ بِتَقْدِيرِ قَدْ وَذُو الْحَالِ فَاعِلُ مَا ضَلَّ لَا الضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ الَّذِي فِي خَبَرِ كَانَ كَمَا تَوَهَّمَهُ الطِّيبِيُّ فَإِنَّهُ فَاسِدٌ مَعْنًى وَإِنْ كَانَ الضَّمِيرُ الْمَذْكُورُ رَاجِعًا إِلَى فَاعِلِ مَا ضَلَّ فَلْيُفْهَمْ وَالْمُرَادُ بِالْجِدَالِ الْخِصَامُ بِالْبَاطِلِ وَضَرْبُ الْحَقِّ بِهِ وَضَرْبُ الْحَقِّ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ بِإِبْدَاءِ التَّعَارُضِ وَالتَّدَافُعِ

وَالتَّنَافِي بَيْنَهُمَا لَا الْمُنَاظَرَةُ لِطَلَبِ الثَّوَابِ مَعَ تَفْوِيضٍ إِلَى اللَّهِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ مَعْرِفَةِ الْكُنْهِ ثُمَّ تَلَا أَيْ تَوْضِيحًا لِمَا ذَكَرَ بِذِكْرِ مِثَالٍ لَهُ لَا لِلِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى الْخَصْمِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ فَإِنْ قُلْتَ: قُرَيْشٌ مَا كَانُوا عَلَى الْهُدَى فَلَا يَصْلُحُ ذِكْرُهُمْ مِثَالًا قُلْتُ: نَزَلَ تَمَكُّنُهُمْ مِنْهُ بِوَاسِطَةِ الْبَرَاهِينِ السَّاطِعَةِ مَنْزِلَةَ كَوْنِهِمْ عَلَيْهِ فَحَيْثُ دَفَعُوا بَعْدَ ذَلِكَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَقَرَّرُوا الْبَاطِلَ بِقَوْلِهِمْ: آلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ يُرِيدُونْ أَنَّهُمْ يَعْبُدُونَ الْمَلَائِكَةَ وَهُمْ خَيْرٌ مِنْ عِيسَى وَقَدْ عَبَدَهُ النَّصَارَى فَحَيْثُ صَحَّ لَهُمْ عِبَادَتُهُ صَحَّ لَنَا عِبَادَتُهُمْ بِالْأَوْلَى فَصَارُوا مِثَالًا لِمَا فِيهِ الْكَلَامُ.

49 - حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْعَسْكَرِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ أَبُو هَاشِمِ بْنِ أَبِي خِدَاشٍ الْمَوْصِلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِحْصَنٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ لِصَاحِبِ بِدْعَةٍ صَوْمًا وَلَا صَلَاةً وَلَا صَدَقَةً وَلَا حَجًّا وَلَا عُمْرَةً وَلَا جِهَادًا وَلَا صَرْفًا وَلَا عَدْلًا يَخْرُجُ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا تَخْرُجُ الشَّعَرَةُ مِنْ الْعَجِينِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَلَا صَرْفًا وَلَا عَدْلًا) قِيلَ: هُمَا التَّوْبَةُ وَالْفِدْيَةُ وَكَأَنَّ الْمُرَادَ التَّوْبَةُ مِنْ غَيْرِ الْبِدْعَةِ مِنَ الْإِسْلَامِ أَيْ مِنْ كَمَالِهِ.

50 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مَنْصُورٍ الْحَنَّاطُ عَنْ أَبِي زَيْدٍ عَنْ أَبِي الْمُغِيرَةِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَى اللَّهُ أَنْ يَقْبَلَ عَمَلَ صَاحِبِ بِدْعَةٍ حَتَّى يَدَعَ بِدْعَتَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَبَى اللَّهُ) أَيْ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ صَالِحَ عَمَلِهِمْ وَلَوْ شَفَعَ لَهُمْ شَفِيعٌ فِي قَوْلِهِمْ فَرْضًا وَلِإِفَادَةِ هَذَا الْمَعْنَى قِيلَ: أَبَى اللَّهُ وَإِلَّا فَلَوْ قِيلَ: لَا يَقْبَلُ اللَّهُ لَكَفَى قَوْلُهُ: (حَتَّى يَدَعَ) غَايَةٌ لِعَدَمِ الْقَبُولِ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إِذَا تَابَ عَنْ بِدْعَتِهِ يُقْبَلُ عَمَلُهُ الَّذِي فَعَلَهُ حَالَ الْبِدْعَةِ وَلَوْ جُعِلَ غَايَةً لِلْعَمَلِ لَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ عَمَلُهُ الَّذِي عَمِلَهُ حَالَ الْبِدْعَةِ وَإِنْ تَابَ وَهُوَ بَعِيدٌ لَفْظًا وَمَعْنًى وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْبِدْعَةِ الِاعْتِقَادُ الْفَاسِدُ دُونَ الْعَمَلِ الْفَاسِدِ كَمَا عَلَيْهِ الِاصْطِلَاحُ الْيَوْمَ فَإِنَّ صَاحِبَ الِاعْتِقَادِ الْفَاسِدِ يُقَالُ لَهُ: مُبْتَدِعٌ وَصَاحِبُ الْعَمَلِ الْفَاسِدِ يُقَالُ لَهُ: فَاسِقٌ اصْطِلَاحًا وَفِي الزَّوَائِدِ رِجَالُ إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ كُلُّهُمْ مَجْهُولُونَ قَالَهُ الذَّهَبِيُّ وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ لَا أَعْرِفُ أَبَا زَيْدٍ وَلَا أَبَا الْمُغِيرَةِ.

51 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ وَهَارُونُ بْنُ إِسْحَقَ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ وَرْدَانَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَهُوَ بَاطِلٌ بُنِيَ لَهُ قَصْرٌ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ وَمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَهُوَ مُحِقٌّ بُنِيَ لَهُ فِي وَسَطِهَا وَمَنْ حَسَّنَ خُلُقَةُ بُنِيَ لَهُ فِي أَعْلَاهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَهُوَ بَاطِلٌ) احْتَمَلَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَذِبِ الْمِرَاءُ بِالْبَاطِلِ وَجُمْلَةُ وَهُوَ بَاطِلٌ بِتَقْدِيرِ ذُو بَاطِلٍ حَالٌ مِنْ

ضَمِيرِ تَرَكَ أَيْ وَهُوَ مُبْطِلٌ عَبَّرَ بِالْكَذِبِ لِلتَّنْبِيهِ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ عَلَى الْبُطْلَانِ وَإِلَى هَذَا يُشِيرُ كَلَامُ ابْنِ الْعَرَبِيِّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَجُمْلَةُ وَهُوَ بَاطِلٌ حَالٌ مِنَ الْكَذِبِ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ رَجَبٍ فِي شَرْحِ الْكِتَابِ قَالَ: هِيَ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ أَيْ حَالَ كَوْنِهِ بَاطِلًا فَفِي الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ «لَيْسَ بِكَذَّابٍ مَنْ يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ فَيَقُولُ خَيْرًا وَيَنْمِي خَيْرًا» وَرَخَّصَ فِي الْكَذِبِ فِي ثَلَاثٍ فِي الْحَرْبِ وَإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ وَكَذِبِ الرَّجُلِ عَلَى امْرَأَتِهِ اهـ قُلْتُ: رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا «أَنَا زَعِيمُ بَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسُنَ خُلُقُهُ» وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يُرَادَ بِبَاطِلٍ مَازِحٌ بِتَقْدِيرِ ذُو بَاطِلٍ وَتُجْعَلُ الْجُمْلَةُ حَالًا مِنْ فَاعِلِ تَرَكَ لَا مِنْ مَفْعُولِهِ وَجَعْلُهُ حَالًا مِنَ الْفَاعِلِ هُوَ الْمُوَافِقُ لِقَرِينَةِ أَعْنِي وَهُوَ مُحِقٌّ بَقِيَ أَنَّ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ تَعَارُضًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ وَقَعَ مِنْ تَغْيِيرِ بَعْضِ الرُّوَاةِ قَوْلُهُ: (فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ) بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ حَوَالَيِ الْجَنَّةِ وَأَطْرَافِهَا لَا فِي وَسَطِهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ خَارِجًا عَنِ الْجَنَّةِ كَمَا قِيلَ قَوْلُهُ: (وَمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَالْمَدِّ أَيِ الْجِدَالِ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَقَعَ صَاحِبُهُ فِي اللِّجَاجِ الْمُوقِعِ فِي الْبَاطِلِ قَوْلُهُ: (وَمَنْ حَسُنَ) مِنَ التَّحْسِينِ وَالْحَدِيثُ هَذَا قَدْ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ وَرْدَانَ عَنْ أَنَسٍ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب اجتناب الرأي والقياس]

[بَاب اجْتِنَابِ الرَّأْيِ وَالْقِيَاسِ] 52 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ وَعَبْدَةُ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ ح وَحَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَحَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ وَشُعَيْبُ بْنُ إِسْحَقَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ النَّاسِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمُ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ فَإِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (انْتِزَاعًا) أَيْ مَحْوًا مِنَ الصُّدُورِ وَهُوَ مَصْدَرٌ لَقَبَضَ مِنْ غَيْرِ لَفْظِهِ لِبَيَانِ النَّوْعِ نَحْوَ رَجَعَ الْقَهْقَرَى وَقَوْلُهُ: يَنْتَزِعُهُ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ لِبَيَانِ الْقَبْضِ انْتِزَاعًا أَيْ يَرْفَعُهُ مِنْ قُلُوبِهِمْ وَقِيلَ: صِفَةٌ لَـ انْتِزَاعًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ ضَمِيرَهُ لِلْعِلْمِ لَا لِلِانْتِزَاعِ فَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِلِانْتِزَاعِ لِعَدَمِ الْعَائِدِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ انْتِزَاعًا مَصْدَرَ لِيَنْتَزِعَ قُدِّمَ عَلَى فِعْلِهِ وَجُمْلَةُ

يَنْتَزِعُ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ يَقْبِضُ أَوْ مَفْعُولِهِ قَوْلُهُ (فَإِذَا لَمْ يُبْقِ) مِنَ الْإِبْقَاءِ وَرُؤُسًا بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْمَدِّ عَلَى أَنَّهُ جَمْعُ رَئِيسٍ فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ لَا يَلْزَمُ مَذَمَّةُ الرَّأْيِ لِجَوَازِ أَنَّهُمْ يُفْتُونَ فِي بِلَا رَأْيٍ بِمُجَرَّدِ تَهَوُّرٍ وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى أَنَّ الرَّأْيَ الْمُعْتَبَرَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ مَذْمُومٌ قَوْلُهُ (فَضَلُّوا) أَيْ بِالْفَتْوَى بِلَا عِلْمٍ وَأَضَلُّوا أَتْبَاعَهُمُ الْآخِذِينَ بِفَتْوَاهُمْ.

53 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ حَدَّثَنِي أَبُو هَانِئٍ حُمَيْدُ بْنُ هَانِئٍ الْخَوْلَانِيُّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أُفْتِيَ بِفُتْيَا غَيْرَ ثَبَتٍ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى مَنْ أَفْتَاهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ أُفْتِيَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيْ مَنْ وَقَعَ فِي خَطَأٍ بِفَتْوَى عَالِمٍ فَلَا إِثْمَ عَلَى مُتَّبِعِ ذَلِكَ الْعَالِمِ وَهَذَا إِنْ لَمْ يَكُنِ الْخَطَأُ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ أَوْ كَانْ إِلَّا أَنَّهُ وَقَعَ فِيهِ لِعَدَمِ بُلُوغِهِ فِي الِاجْتِهَادِ حَقَّهُ قَوْلُهُ: (غَيْرَ ثَبَتٍ) هُوَ بِفَتْحَتَيْنِ الْعَدْلُ الصَّوَابُ وَغَيْرُهُ هُوَ الْخَطَأُ وَقِيلَ: أَفْتَى الْأَوَّلُ عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ أَيْضًا كَالثَّانِي لَكِنَّ الثَّانِيَ بِمَعْنَى اسْتَفْتَى أَيْ كَانْ إِثْمُهُ عَلَى مَنِ اسْتَفْتَاهُ كَأَنْ جَعَلَهُ فِي مَعْرِضِ الْإِفْتَاءِ بِغَيْرِ عِلْمٍ، قُلْتُ: إِذَا كَانَ هَذَا الْمُفْتِي مَعْلُومًا بِالْجَهْلِ وَبِالْفَتْوَى بِهِ لَمْ يَجُزْ لِمَنْ يَسْأَلُهُ.

54 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ وَجَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ عَنْ ابْنِ أَنْعُمٍ هُوَ الْإِفْرِيقِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِلْمُ ثَلَاثَةٌ فَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ فَهُوَ فَضْلٌ آيَةٌ مُحْكَمَةٌ أَوْ سُنَّةٌ قَائِمَةٌ أَوْ فَرِيضَةٌ عَادِلَةٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْعِلْمُ ثَلَاثَةٌ) أَيْ أَصْلُ عُلُومِ الدِّينِ ثَلَاثَةٌ فَضْلٌ زَائِدٌ يَعْنِي كُلَّ عِلْمٍ سِوَى هَذِهِ الْعُلُومِ الثَّلَاثَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِمَّا يَتَوَقَّفُ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ عَلَيْهِ وَيُسْتَخْرَجُ مِنْهَا فَهُوَ زَائِدٌ لَا ضَرُورَةَ فِي مَعْرِفَتِهِ قَوْلُهُ: (آيَةٌ مُحْكَمَةٌ) أَيْ غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ أَيْ عِلْمُهَا فَالنَّكِرَةُ عَامٌّ فِي الْإِثْبَاتِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: عَلِمَتْ نَفْسٌ وَالْمُضَافُ مُقَدَّرٌ قَبْلَهَا وَكَذَا قَوْلُهُ أَوْ سُنَّةٌ قَائِمَةٌ أَيْ ثَابِتَةٌ إِسْنَادًا بِأَنْ تَكُونَ صَحِيحَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ لَا تَكُونَ مَنْسُوخَةً قَوْلُهُ: (أَوْ فَرِيضَةٌ عَادِلَةٌ) فِي الْقَسْمِ وَالْمُرَادُ بِالْفَرِيضَةِ كُلُّ حُكْمٍ مِنْ أَحْكَامِ الْفَرَائِضِ يَحْصُلُ بِهِ الْعَدْلُ فِي قِسْمَةِ التَّرِكَاتِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْفَرِيضَةِ كُلُّ مَا يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ وَبِالْعَادِلَةِ الْمُسَاوِيَةُ لِمَا يُؤْخَذُ مِنَ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وُجُوبُ الْعَمَلِ بِهَا فَهَذَا إِشَارَةٌ إِلَى الْإِجْمَاعِ وَالْقِيَاسِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى هُوَ الْأَوَّلُ إِنْ قَصَدَ إِبْطَالَ الرَّأْيِ الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ أَوْ فِيهِ أَيْضًا نَظَرٌ

لِمَا ذَكَرْنَا فِي مَعْنَى وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَضْلٌ فَلَعَلَّهُ أَرَادَ إِبْطَالَ الرَّأْيِ بِمَعْنَى الْحُكْمِ بِمُجَرَّدِ الْهَوَى وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

55 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ سَجَّادَةُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ قَالَ «لَمَّا بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْيَمَنِ قَالَ لَا تَقْضِيَنَّ وَلَا تَفْصِلَنَّ إِلَّا بِمَا تَعْلَمُ فَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْكَ أَمْرٌ فَقِفْ حَتَّى تَبَيَّنَهُ أَوْ تَكْتُبَ إِلَيَّ فِيهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ) بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ قَوْلُهُ: (لَا تَقْضِيَنَّ) نَهْيٌّ مُؤَكَّدٌ بِالنُّونِ الثَّقِيلَةِ مِنَ الْقَضَاءِ قَوْلُهُ: (وَلَا تَفْصِلَنَّ) مِنَ الْفَصْلِ وَالْعَطْفُ قَرِيبٌ مِنَ التَّفْسِيرِ قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَشْكَلَ) تُشْبِهُ فَقِفْ أَيْ لَا تَقْضِ فِيهِ حَالَ تَشَبُّهِهِ حَتَّى تَعْلَمَهُ وَهَذَا الْمَتْنُ مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَفِي سَنَدِهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ حَسَّانَ وَهَذَا الْمَذْكُورُ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ كَمَا فِي الْأَطْرَافِ وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْكِتَابِ تَنْبِيهٌ عَلَى ذَلِكَ فَفِيهِ بَعْدَ تَخْرِيجِ الْحَدِيثِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: هَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ وَأَمَرَ أَنْ يُضْرَبَ عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ حَسَّانَ زِنْدِيقٌ سَمِعْتُ أَبَا حَاتِمٍ يَقُولُ: حَضَرْتُ أَحْمَدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ وَهُوَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ فَقُلْتُ: إِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سَعِيدٍ زِنْدِيقٌ فَغَضِبَ وَقَالَ: وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُحَدِّثُ عَنْ زِنْدِيقٍ كَانَ يَقُولُ أَيْ أَبُو حَاتِمٍ إِنَّ أَحْمَدَ بْنَ يُونُسَ كَانَ لَيِّنَ الْجَانِبِ لَمْ يَعْرِفْ مِثْلَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ أَوْ كَمَا قَالَ انْتَهَى (قُلْتُ) وَهُوَ أَيْضًا مُعَارَضٌ بِالْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ عَلَى الْأَلْسِنَةِ أَيْ «أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ لِمُعَاذٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ كَيْفَ تَقْضِي قَالَ: بِكِتَابِ اللَّهِ قَالَ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فِيهِ قَالَ: فَبِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فِيهَا وَلَا فِي كِتَابِ اللَّهِ قَالَ: أَجْتَهِدُ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِهِ لِمَا هُوَ مِنْ رَسُولِهِ» وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَفِي سَنَدِهِ مَجَاهِيلُ وَقَدْ أَوْرَدَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ قَالَ السُّيُوطِيُّ هُوَ مَوْقُوفٌ وَبِالْجُمْلَةِ فَذَاكَ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا.

56 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الرِّجَالِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَمْ يَزَلْ أَمْرُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُعْتَدِلًا حَتَّى نَشَأَ فِيهِمْ الْمُوَلَّدُونَ أَبْنَاءُ سَبَايَا الْأُمَمِ فَقَالُوا بِالرَّأْيِ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (سَبَايَا الْأُمَمِ) جَمْعُ سَبِيَّةٍ وَهِيَ الْمَرْأَةُ الْمَنْهُوبَةُ فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَابْنُ أَبِي الرِّجَالِ اسْمُهُ حَارِثَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب في الإيمان]

[بَاب فِي الْإِيمَانِ] 57 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّنَافِسِيُّ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ أَوْ سَبْعُونَ بَابًا أَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ وَأَرْفَعُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ» حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ ح وَحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ سُهَيْلٍ جَمِيعًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِضْعٌ وَسِتُّونْ إِلَخْ) الْبِضْعُ وَالْبِضْعَةُ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَحُكِيَ فَتْحُهَا الْقِطْعَةُ مِنَ الشَّيْءِ وَهُوَ فِي الْعَدَدِ مَا بَيْنَ الثَّلَاثِ إِلَى التِّسْعِ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّهُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَدَدِ وَالْمُرَادُ مِنَ الْأَبْوَابِ الْخِصَالُ وَهَذَا كِنَايَةٌ عَنِ الْكَثْرَةِ فَإِنَّ أَسْمَاءَ الْعَدَدِ كَثِيرًا مَا يَجِيءُ كَذَلِكَ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْعَدَدَ قَدْ جَاءَ فِي بَيَانِ الْأَبْوَابِ مُخْتَلِفٌ قَوْلُهُ: (أَدْنَاهَا) أَيْ دُونَهَا مِقْدَارًا وَإِمَاطَةُ الشَّيْءِ عَنِ الشَّيْءِ إِزَالَتُهُ عَنْهُ وَإِذْهَابُهُ وَالْمُرَادُ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ مَجْمُوعُ الشَّهَادَتَيْنِ عَنْ صِدْقِ قَلْبٍ أَوِ الشَّهَادَةُ بِالتَّوْحِيدِ فَقَطْ لَكِنْ عَنْ صِدْقٍ عَلَى أَنَّ الشَّهَادَةَ بِالرِّسَالَةِ بَابٌ آخَرُ قَوْلُهُ: (وَالْحَيَاءُ) بِالْمَدِّ لُغَةً: تَغَيُّرٌ وَانْكِسَارٌ يَعْتَرِي الْمُؤْمِنَ خَوْفَ مَا يُعَابُ بِهِ وَفِي الشَّرْعِ خُلُقٌ يَبْعَثُ عَلَى اجْتِنَابِ الْقَبِيحِ وَيَمْنَعُ مِنَ التَّقْصِيرِ فِي حَقِّ ذِي الْحَقِّ وَالْمُرَادُ هُنَا اسْتِعْمَالُ هَذَا الْخُلُقِ عَلَى قَاعِدَةِ الشَّرْعِ وَقِيلَ: الْحَيَاءُ نَوْعَانِ نَفْسَانِيٌّ وَإِيمَانِيٌّ فَالنَّفْسَانِيُّ الْجِبِلِّيُّ الَّذِي خَلَقَهُ اللَّهُ فِي النُّفُوسِ كَالْحَيَاءِ مِنْ كَشْفِ الْعَوْرَةِ وَمُبَاشَرَةِ الْمَرْأَةِ بَيْنَ النَّاسِ حَتَّى نُفُوسِ الْكَفَرَةِ، وَالْإِيمَانِيُّ مَا يَمْنَعُ الشَّخْصَ مِنْ فِعْلِ الْقَبِيحِ بِسَبَبِ الْإِيمَانِ كَالزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْقَبَائِحِ وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ فِي الْحَدِيثِ، وَالشُّعْبَةُ غُصْنُ الشَّجَرَةِ وَفَرْعُ كُلِّ أَصْلٍ وَالتَّنْكِيرُ فِيهَا لِلتَّعْظِيمِ أَيْ شُعْبَةٌ عَظِيمَةٌ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ تَمَامَ الْمَعَاصِي.

58 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يَعِظُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ فَقَالَ إِنَّ الْحَيَاءَ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَعِظُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ) أَيْ يُعَاتِبُ عَلَيْهِ فِي شَأْنِهِ وَيَحُثُّهُ عَلَى تَرْكِهِ إِنَّ الْحَيَاءَ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ أَيْ فَلَا تَمْنَعْهُ مِنْهُ.

59 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ الْأَعْمَشِ ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ كِبْرٍ وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مِثْقَالُ ذَرَّةٍ) بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَاحِدَةُ الذَّرِّ وَهُوَ النَّمْلُ الْأَحْمَرُ الصَّغِيرُ وَسُئِلَ ثَعْلَبٌ عَنْهَا فَقَالَ:

إِنَّ مِائَةَ نَمْلَةٍ وَزْنُ حَبَّةٍ وَقِيلَ: الذَّرَّةُ لَا وَزْنَ لَهَا وَيُرَادُ بِهَا مَا يُرَى فِي شُعَاعِ الشَّمْسِ الدَّاخِلِ فِي الْكُوَّةِ النَّافِذَةِ ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ قَوْلُهُ: (مِنْ كِبْرٍ) بِكَسْرِ الْكَافِ وَسُكُونِ الْبَاءِ ظَاهِرُهُ يُوَافِقُ ظَاهِرَ قَوْلِهِ تَعَالَى {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا} [القصص: 83] وَلَعَلَّ الْمُرَادَ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَوَّلًا وَالْمُرَادُ بِالثَّانِي لَا يُخَلَّدُ فِي النَّارِ وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْكِبْرِ التَّرَفُّعُ وَالتَّأَنِّي عَنْ قَبُولِ الْحَقِّ وَالْإِيمَانُ فَيَكُونُ كُفْرًا فَلِذَلِكَ قُوبِلَ بِالْإِيمَانْ أَوِ الْمُرَادُ أَنَّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يَخْرُجُ مِنْ قَلْبِهِ الْكِبْرُ حِينَئِذٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} [الأعراف: 43] قِيلَ: يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مُبَالَغَةٌ فِي التَّثَبُّتِ عَلَى الْإِيمَانِ وَالتَّشْدِيدُ عَلَى الْكِبْرِ.

60 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَلَّصَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ النَّارِ وَأَمِنُوا فَمَا مُجَادَلَةُ أَحَدِكُمْ لِصَاحِبِهِ فِي الْحَقِّ يَكُونُ لَهُ فِي الدُّنْيَا أَشَدَّ مُجَادَلَةً مِنْ الْمُؤْمِنِينَ لِرَبِّهِمْ فِي إِخْوَانِهِمْ الَّذِينَ أُدْخِلُوا النَّارَ قَالَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِخْوَانُنَا كَانُوا يُصَلُّونَ مَعَنَا وَيَصُومُونَ مَعَنَا وَيَحُجُّونَ مَعَنَا فَأَدْخَلْتَهُمْ النَّارَ فَيَقُولُ اذْهَبُوا فَأَخْرِجُوا مَنْ عَرَفْتُمْ مِنْهُمْ فَيَأْتُونَهُمْ فَيَعْرِفُونَهُمْ بِصُوَرِهِمْ لَا تَأْكُلُ النَّارُ صُوَرَهُمْ فَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ النَّارُ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ إِلَى كَعْبَيْهِ فَيُخْرِجُونَهُمْ فَيَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرَجْنَا مَنْ قَدْ أَمَرْتَنَا ثُمَّ يَقُولُ أَخْرِجُوا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ وَزْنُ دِينَارٍ مِنْ الْإِيمَانِ ثُمَّ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ وَزْنُ نِصْفِ دِينَارٍ ثُمَّ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ» قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْ هَذَا فَلْيَقْرَأْ {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 40] ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذَا خَلَّصَ) مِنَ التَّخْلِيصِ وَأَمِنُوا بِكَسْرِ الْمِيمِ مِنَ الْأَمْنِ قَوْلُهُ: (فِي الْحَقِّ يَكُونُ لَهُ) الْجُمْلَةُ صِفَةُ الْحَقِّ عَلَى أَنَّ تَعْرِيفَهُ لِلْجِنْسِ مِثْلُ قَوْلِهِ {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} [الجمعة: 5] قَوْلُهُ: (أَشَدَّ) بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مَا الْحِجَازِيَّةِ قَوْلُهُ: (مُجَادَلَةً) بِالنَّصْبِ عَلَى التَّمْيِيزِ وَفِيهِ مُبَالَغَةٌ حَيْثُ جَعَلَ الْمُجَادَلَةَ ذَاتَ مُجَادَلَةٍ فَوُصِفَتْ بِكَوْنِهَا أَشَدَّ مُجَادَلَةٍ وَلَا يُمْكِنُ جَرُّ مُجَادَلَةٍ بِإِضَافَةِ أَشَدَّ إِلَيْهَا لِأَنَّ التَّنْكِيرَ يَأْبَاهُ وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْإِضَافَةِ وَمِنْ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ اسْمَ التَّفْضِيلِ يُسْتَعْمَلُ بِأَحَدِهِمَا وَاللَّامُ لَا بِهِمَا قَوْلُهُ: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) أَيْ مِنْ مُجَادَلَةِ الْمُؤْمِنِينَ فِي إِخْوَانِهِمْ أَيْ فِي شَأْنِ إِخْوَانِهِمْ أَوْ لِأَجْلِ إِخْوَانِهِمْ قَوْلُهُ: (الَّذِينَ أُدْخِلُوا) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ رَبَّنَا بِتَقْدِيرِ حَرْفِ النِّدَاءِ أَيْ يَا رَبَّنَا إِخْوَانُنَا أَيْ هُمْ إِخْوَانُنَا أَوْ هُمْ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ جُمْلَةُ كَانُوا إِلَخْ وَقَوْلُهُ بِصُوَرِهِمْ فَإِنَّ الْوَجْهَ لَا يَتَغَيَّرُ بِالنَّارِ لِأَنَّ النَّارَ لَا تَأْكُلُ أَعْضَاءَ السُّجُودِ فَانْظُرْ أَنَّهُ كَيْفَ يَكُونُ هَذَا لِمَنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْقُلُوبِ لَهُ مَحَبَّةٌ فِي الدُّنْيَا فَلَعَلَّ مَنْ لَا يَتَحَابُّونَ لَا يَشْفَعُونَ هَذِهِ الشَّفَاعَةَ أَوِ اللَّهُ تَعَالَى

يُدْخِلُ الْمَحَبَّةَ فِي قُلُوبِهِمْ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ.

61 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ نَجِيحٍ وَكَانَ ثِقَةً عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ عَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ فِتْيَانٌ حَزَاوِرَةٌ فَتَعَلَّمْنَا الْإِيمَانَ قَبْلَ أَنْ نَتَعَلَّمَ الْقُرْآنَ ثُمَّ تَعَلَّمْنَا الْقُرْآنَ فَازْدَدْنَا بِهِ إِيمَانًا ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَنَحْنُ فِتْيَانٌ) بِكَسْرِ الْفَاءِ جَمْعُ فَتًى (حَزَاوِرَةٌ) جَمْعُ الْحَزْوَرِ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ زَايٍ مُعْجَمَةٍ وَفَتْحِ وَاوٍ ثُمَّ رَاءِ وَيُقَالُ لَهُ: الْحَزَوَّرُ بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ هُوَ الْغُلَامُ إِذَا اشْتَدَّ وَقَوِيَ وَحَزَمَ كَذَا فِي الصِّحَاحِ وَفِي النِّهَايَةِ هُوَ الَّذِي قَارَبَ الْبُلُوغَ قَوْلُهُ: (فَازْدَدْنَا بِهِ) أَيْ بِسَبَبِ الْقُرْآنِ وَفِي الزَّائِدِ إِسْنَادُ هَذَا الْحَدِيثِ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

62 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ نِزَارٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صِنْفَانِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ لَيْسَ لَهُمَا فِي الْإِسْلَامِ نَصِيبٌ الْمُرْجِئَةُ وَالْقَدَرِيَّةُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (صِنْفَانِ) الصِّنْفُ النَّوْعُ وَالصِّنْفَانِ مُبْتَدَأٌ قَوْلُهُ: (مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ) صِفَةٌ قَوْلُهُ: (لَيْسَ لَهُمَا فِي الْإِسْلَامِ نَصِيبٌ) خَبَرُهُ وَرُبَّمَا يَتَمَسَّكُ بِهِ مَنْ يُكَفِّرُ الْفَرِيقَيْنِ قَالَ التُّورْبَشْتِيُّ وَالصَّوَابُ أَنْ لَا يُسَارَعَ إِلَى تَكْفِيرِ أَهْلِ الْقِبْلَةِ الْمُتَأَوِّلِينَ لِأَنَّهُمْ لَا يَقْصِدُونَ بِذَلِكَ اخْتِيَارَ الْكُفْرِ وَقَدْ بَذَلُوا وُسْعَهُمْ فِي إِصَابَةِ الْحَقِّ فَلَمْ يَحْصُلْ لَهُمْ غَيْرُ مَا زَعَمُوا فَهُمْ إِذَنْ بِمَنْزِلَةِ الْجَاهِلِ وَالْمُجْتَهِدِ الْمُخْطِئِ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الَّذِي يَذْهَبُ إِلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ نَظَرًا وَاحْتِيَاطًا فَيَجْرِي قَوْلُهُ لَيْسَ لَهُمَا فِي الْإِسْلَامِ نَصِيبٌ مَجْرَى الْإِشَاعَةِ فِي بَيَانِ سُوءِ حَظِّهِمْ وَقِلَّةِ نَصِيبِهِمْ مِنَ الْإِسْلَامِ نَحْوَ قَوْلِكِ: لَيْسَ لِلْبَخِيلِ مِنْ مَالِهِ نَصِيبٌ انْتَهَى قُلْتُ فِي صَلَاحِيَّةِ هَذَا الْحَدِيثِ لِلِاسْتِدْلَالِ بِهِ فِي الْفُرُوعِ نَظَرٌ كَمَا سَتَعْرِفُ فَضْلًا عَنِ الْأُصُولِ وَالْمَطْلُوبُ فِيهَا الْقَطْعُ فَكَيْفَ يَصِحُّ التَّمَسُّكُ بِهِ فِي التَّكْفِيرِ قَوْلُهُ: (الْمُرْجِئَةُ وَالْقَدَرِيَّةُ) خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ هُمَا وَجَعْلُهُ بَدَلًا مِنْ صِنْفَانِ يُؤَدِّي إِلَى الْفَصْلِ بِأَجْنَبِيٍّ بَيْنَ التَّابِعِ وَالْمَتْبُوعِ وَيَجُوزُ الْجَرُّ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ ضَمِيرٍ لَهُمَا عِنْدَ مَنْ يُجَوِّزُ الْبَدَلَ مِنَ الرَّابِطِ وَالنَّصْبُ بِتَقْدِيرِ أَعْنِي مَشْهُورٌ فِي مِثْلِهِ بَيْنَ الطَّلَبَةِ وَالْمُرْجِئَةُ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَرْجَأْتُ الْأَمْرَ بِالْهَمْزَةِ وَأَرْجَيْتُ بِالْيَاءِ أَيْ أَخَّرْتُ وَهُمْ فِرْقَةٌ مِنْ فِرَقِ الْإِسْلَامِ يَعْتَقِدُونْ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ مَعَ الْإِسْلَامِ مَعْصِيَةٌ كَمَا أَنَّهُ

لَا يَنْفَعُ مَعَ الْكُفْرِ طَاعَةٌ سُمُّوا بِذَلِكَ لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرْجَأَ تَعْذِيبَهُمْ عَلَى الْمَعَاصِي أَيْ أَخَّرَهُ عَنْهُمْ وَبَعَّدَهُ وَقِيلَ: هُمُ الْجَبْرِيَّةُ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْعَبْدَ كَالْجَمَادِ سُمُّوا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ يُؤَخِّرُونْ إِلَى اللَّهِ وَالْقَدَرِيَّةُ بِفَتْحَتَيْنِ أَوْ سُكُونِ الدَّالِ اشْتَهَرَ بِهَذِهِ النِّسْبَةِ مَنْ يَقُولُ بِالْقَدَرِ لِأَجْلِ أَنَّهُمْ تَكَلَّمُوا فِي الْقَدَرِ وَأَقَامُوا الْأَدِلَّةَ بِزَعْمِهِمْ عَلَى نَفْيِهِ وَتَوَغَّلُوا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حَتَّى اشْتُهِرُوا بِهَذَا الِاسْمِ وَبِسَبَبِ تَوَغُّلِهِمْ وَكَثْرَةِ اشْتِغَالِهِمْ صَارُوا هُمْ أَحَقَّ بِهَذِهِ النِّسْبَةِ مِنْ غَيْرِهِمْ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْمُثْبِتَ أَحَقُّ بِهَذِهِ النِّسْبَةِ مِنَ النَّافِي عَلَى أَنَّ الْأَحَادِيثَ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ هَاهُنَا النَّافِي فَانْدَفَعَ تَوَهُّمُ الْقَدَرِيَّةِ أَنَّ الْمُرَادَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْمُثْبِتُ لِلْقَدَرِ لَا النَّافِي ثُمَّ الْحَدِيثُ قَدْ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ بِهَذَا الطَّرِيقِ وَطَرِيقٍ آخَرَ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَسَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا بِطَرِيقٍ آخَرَ وَزَعَمَ الْحَافِظُ سِرَاجُ الدِّينِ بُعْدَهُ وَبَيَّنْ أَنَّهُ مَوْضُوعٌ وَرَدَّ عَلَيْهِ الْحَافِظُ صَلَاحُ الدِّينِ ثُمَّ الْحَافِظُ بْنُ حَجَرٍ بِمَا يُبْعِدُهُ عَنِ الْوَضْعِ وَيُقَرِّبُهُ إِلَى الْحُسْنِ وَجَعَلَ نَظَرَهُمَا هُوَ تَعَدُّدَ الطُّرُقِ وَالْحَدِيثُ جَاءَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَجَابِرٍ بِطَرِيقِ مُعَاذِ وَكَثْرَةُ الطُّرُقِ تُفِيدُ بِأَنَّ لَهُ أَصْلًا وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا يَنْفَعُ فِي الِاسْتِدْلَالِ فِي الْأُصُولِ.

63 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ كَهْمَسِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ قَالَ «كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ شَدِيدُ سَوَادِ شَعَرِ الرَّأْسِ لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ سَفَرٍ وَلَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ فَجَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْنَدَ رُكْبَتَهُ إِلَى رُكْبَتِهِ وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ مَا الْإِسْلَامُ قَالَ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامُ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ وَصَوْمُ رَمَضَانَ وَحَجُّ الْبَيْتِ فَقَالَ صَدَقْتَ فَعَجِبْنَا مِنْهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ مَا الْإِيمَانُ قَالَ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَكُتُبِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ قَالَ صَدَقْتَ فَعَجِبْنَا مِنْهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ مَا الْإِحْسَانُ قَالَ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنَّكَ إِنْ لَا تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ قَالَ فَمَتَى السَّاعَةُ قَالَ مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنْ السَّائِلِ قَالَ فَمَا أَمَارَتُهَا قَالَ أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا قَالَ وَكِيعٌ يَعْنِي تَلِدُ الْعَجَمُ الْعَرَبَ وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبِنَاءِ قَالَ ثُمَّ قَالَ فَلَقِيَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ثَلَاثٍ فَقَالَ أَتَدْرِي مَنْ الرَّجُلُ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ ذَاكَ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ مَعَالِمَ دِينِكُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا يُرَى) ضُبِطَ بِالتَّحْتِيَّةِ الْمَضْمُومَةِ أَوْ بِالنُّونِ الْمَفْتُوحَةِ قَوْلُهُ: (وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ) أَيْ فَخِذَيْ نَفْسِهِ جَالِسًا عَلَى هَيْئَةِ الْمُتَعَلِّمِ كَذَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ وَاخْتَارَهُ التُّورْبَشْتِيُّ بِأَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى التَّوْقِيرِ مِنْ سَمَاعِ ذَوِي الْأَدَبِ أَوْ فَخِذِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَيُؤَيِّدُهُ الْمُوَافَقَةُ لِقَوْلِهِ فَأَسْنَدَ رُكْبَتَهُ إِلَى رُكْبَتِهِ وَرَجَّحَهُ ابْنُ حَجَرٍ بِأَنَّ فِي رِوَايَةِ ابْنِ خُزَيْمَةَ ثُمَّ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ الْمُبَالَغَةَ فِي تَعْمِيَةِ أَمْرِهِ لِيَقْوَى الظَّنُّ بِأَنَّهُ مِنْ جُفَاةِ الْأَعْرَابِ قُلْتُ: وَهَذَا الَّذِي نُقِلَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ خُزَيْمَةَ هُوَ رِوَايَةُ النَّسَائِيِّ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي ذَرٍّ وَالْوَاقِعَةُ مُتَّحِدَةٌ قَوْلُهُ: (يَا مُحَمَّدُ) كَرَاهَةُ النِّدَاءِ بِاسْمِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَقِّ النَّاسِ لَا فِي حَقِّ الْمَلَائِكَةِ فَلَا إِشْكَالَ فِي نِدَاءِ جِبْرِيلَ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ التَّعْمِيَةَ

كَانَتْ مَطْلُوبَةً قَوْلُهُ: (قَالَ: شَهَادَةِ إِلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْإِسْلَامَ هَذِهِ الْأَرْكَانُ الْخَمْسَةُ الظَّاهِرُةُ قَوْلُهُ: (يَسْأَلُهُ) وَالسُّؤَالُ يَقْتَضِي الْجَهْلَ بِالْمَسْئُولِ عَنْهُ قَوْلُهُ: (وَيُصَدِّقُهُ) وَالتَّصْدِيقُ هُوَ الْخَبَرُ الْمُطَابِقُ لِلْوَاقِعِ وَهَذَا فَرْعُ مَعْرِفَةِ الْوَاقِعِ وَالْعِلْمُ بِهِ لِيَعْرِفَ مُطَابَقَةَ هَذَا لَهُ قَوْلُهُ: (أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ) أَيْ تُصَدِّقَ بِهِ فَالْمُرَادُ الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ وَالْإِيمَانُ الْمَسْئُولُ عَنْهُ الشَّرْعِيُّ فَلَا دَوْرَ وَفِي هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ هَذَا الْفَرْقَ بَيْنَ الْإِيمَانِ الشَّرْعِيِّ وَاللُّغَوِيِّ بِخُصُوصِ الْمُتَعَلِّقِ فِي الشَّرْعِيِّ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْإِيمَانَ هُوَ الِاعْتِقَادُ الْبَاطِنِيُّ قَوْلُهُ: (مَا الْإِحْسَانُ) أَيِ الْإِحْسَانُ فِي الْعِبَادَةِ وَالْإِحْسَانُ الَّذِي حَثَّ اللَّهُ تَعَالَى عِبَادَهُ عَلَى تَحْصِيلِهِ فِي كِتَابِهِ بِقَوْلِهِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ قَوْلُهُ: (كَأَنَّكَ تَرَاهُ) صِفَةُ مَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ أَيْ عِبَادَةً كَأَنَّكَ فِيهَا تَرَاهُ أَوْ حَالًا أَيْ وَالْحَالُ كَأَنَّكَ تَرَاهُ وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ عَلَى تَقْدِيرِ الْحَالِيَّةِ أَنْ يَنْتَظِرَ بِالْعِبَادَةِ تِلْكَ الْحَالَ فَلَا يَعْبُدُ قَبْلَ تِلْكَ الْحَالِ بَلِ الْمَقْصُودُ تَحْصِيلُ تِلْكَ الْحَالِ فِي الْعِبَادَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِحْسَانَ هُوَ مُرَاعَاةُ الْخُشُوعِ وَالْخُضُوعِ وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا فِي الْعِبَادَةِ عَلَى وَجْهٍ رَاعَاهُ لَوْ كَانَ رَائِيًا وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ رَائِيًا حَالَ الْعِبَادَةِ لَمَا تَرَكَ شَيْئًا مِمَّا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنَ الْخُشُوعِ وَغَيْرِهِ وَلَا مَنْشَأَ لِتِلْكَ الْمُرَاعَاةِ حَالَ كَوْنِهِ رَائِيًا إِلَّا كَوْنَهُ تَعَالَى رَقِيبًا عَالِمًا مُطَّلِعًا عَلَى حَالِهِ وَهَذَا مَوْجُودٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْعَبْدُ يَرَاهُ تَعَالَى وَلِذَلِكَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي تَعْلِيلِهِ فَإِنَّكَ إِنْ لَا تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ أَيْ وَهُوَ يَكْفِي فِي مُرَاعَاةِ الْخُشُوعِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ (فَإِنْ) عَلَى هَذَا وَصْلِيَّةٌ اسْتُعْمِلَتْ بِدُونِ الْوَاوِ تَشْبِيهًا لَهَا بِلَوْ كَمَا قَالُوا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا} [مريم: 18] لَا شَرْطِيَّةٌ وَكَأَنَّهُ لِهَذَا أُلْغِيَتْ عَنِ الْعَمَلِ وَإِنْ قُلْنَا الْوَصْلِيَّةُ شَرْطِيَّةٌ فِي الْأَصْلِ فَلَا بُدَّ مِنَ الْعَمَلِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ قَدْ يُعْطَى الْمُعْتَلُّ حُكْمَ الصَّحِيحِ أَوْ هُوَ أَلِفُ الْإِشْبَاعِ فَلْيُفْهَمْ قَوْلُهُ: (أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا) أَيْ أَنْ تَحْكُمَ الْبِنْتُ عَلَى الْأُمِّ مِنْ كَثْرَةِ الْعُقُوقِ حُكْمَ السَّيِّدَةِ عَلَى أَمَتِهَا وَلَمَّا كَانَ

الْعُقُوقُ فِي النِّسَاءِ أَكْثَرَ خُصَّتِ الْبِنْتُ وَالْأَمَةُ بِالذِّكْرِ وَقَدْ ذَكَرُوا وُجُوهًا أُخَرَ فِي مَعْنَاهُ مِنْهَا مَا رَوَاهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ وَكِيعٍ وَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى كَثْرَةِ السَّبَايَا قَوْلُهُ: (الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ) كُلٌّ مِنْهُمَا بِضَمِّ الْأَوَّلِ الْعَالَةَ جَمْعُ عَائِلٍ بِمَعْنَى الْفَقِيرِ رِعَاءَ الشَّاءِ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالْمَدِّ وَالْأَوَّلُ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَالْمُرَادُ الْأَعْرَابُ وَأَصْحَابُ الْبَوَادِي يَتَطَاوَلُونَ بِكَثْرَةِ الْأَمْوَالِ قَوْلُهُ: (بَعْدَ ثَلَاثٍ) أَيْ ثَلَاثِ لَيَالٍ وَهَذَا بَيَانُ مَا جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ فَلَبِثْتُ مَلِيًّا أَيْ زَمَانًا طَوِيلًا قَوْلُهُ: (مَعَالِمَ دِينِكُمْ) أَيْ دَلَائِلَهُ أَيْ مَسَائِلَهُ.

64 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَبِي حَيَّانَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بَارِزًا لِلنَّاسِ فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْإِيمَانُ قَالَ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَلِقَائِهِ وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ الْآخِرِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْإِسْلَامُ قَالَ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ وَتُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ وَتَصُومَ رَمَضَانَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْإِحْسَانُ قَالَ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنَّكَ إِنْ لَا تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى السَّاعَةُ قَالَ مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنْ السَّائِلِ وَلَكِنْ سَأُحَدِّثُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا إِذَا وَلَدَتْ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا فَذَلِكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا وَإِذَا تَطَاوَلَ رِعَاءُ الْغَنَمِ فِي الْبُنْيَانِ فَذَلِكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا فِي خَمْسٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ فَتَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [لقمان: 34] الْآيَةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بَارِزًا لِلنَّاسِ) أَيْ ظَاهِرًا لِأَجْلِهِمْ حَتَّى يَسْأَلُوهُ وَيَنْفَعَ كُلَّ مَنْ يُرِيدُ قَوْلُهُ: (وَلِقَائِهِ) قِيلَ: اللِّقَاءُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ يُفَسَّرُ بِالثَّوَابِ وَالْحِسَابِ وَالْمَوْتِ وَالرُّؤْيَةِ وَالْبَعْثِ الْآخِرِ وَيُحْمَلُ هُنَا عَلَى غَيْرِ الْبَعْثِ الْآخِرِ؛ لِأَنَّهُ مَذْكُورٌ مِنْ بَعْدُ حَيْثُ قَالَ وَتُؤْمِنُ بِالْبَعْثِ الْآخِرِ قُلْتُ: إِذًا فُسِّرَ بِالْمَوْتِ فَالظَّاهِرُ أَنْ يُرِيدَ مَوْتَ الْعَالَمِ وَفَنَاءَ الدُّنْيَا بِتَمَامِهَا وَإِلَّا فَكُلُّ أَحَدٍ عَالِمٌ بِمَوْتِهِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُنْكِرَهُ فَلَا يَحْسُنُ التَّكْلِيفُ بِالْإِيمَانِ بِهِ وَأَمَّا الثَّوَابُ وَالْحِسَابُ فَهُمَا غَيْرُ الْبَعْثِ فَلَا تِكْرَارَ إِذَا أُرِيدَ أَحَدُهُمَا وَأَمَّا الرُّؤْيَةُ فَقَالَ النَّوَوِيُّ لَيْسَ الْمُرَادُ بِاللِّقَاءِ رُؤْيَةَ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّ أَحَدًا لَا يَقْطَعُ لِنَفْسِهِ بِرُؤْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّ الرُّؤْيَةَ مُخْتَصَّةٌ بِالْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَدْرِي بِمَاذَا يُخْتَمُ لَهُ اهـ قُلْتُ: وَقَدْ يُقَالُ: الْإِيمَانُ بِتَحْقِيقِ هَذَا لِمَنْ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَخُصَّ أَحَدًا بِعَيْنِهِ وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنْ يُؤْمِنَ كُلُّ شَخْصٍ بِرُؤْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ كَمَا لَا يَخْفَى وَهَذَا مِثْلُ الْإِيمَانِ بِالْحِسَابِ أَوْ بِالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ مَعَ عَدَمِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لِلْكُلِّ فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِلَا حِسَابٍ وَكَمْ مَنْ لَا يُعَاقَبُ أَوْ يُثَابُ قَوْلُهُ: (أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ) أَيْ تُوَحِّدَهُ بِلِسَانِكَ عَلَى وَجْهٍ يُعْتَدُّ بِهِ فَيَشْمَلُ الشَّهَادَتَيْنِ فَوَافَقَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ رِوَايَتَهُ ثَمَّ وَكَذَلِكَ

حَدِيثُ بُنِيَ الْإِسْلَامُ وَجُمْلَةُ وَلَا تُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا لِلتَّأْكِيدِ قَوْلُهُ: (عَنْ أَشْرَاطِهَا) أَيْ عَلَامَاتِهَا قَوْلُهُ: (فِي خَمْسٍ) أَيْ وَقْتُ السَّاعَةِ فِي خَمْسٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ فَهُوَ خَبَرٌ مَحْذُوفٌ وَالْجُمْلَةُ دَلِيلٌ عَلَى قَوْلِهِ: مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِلْأَحَادِيثِ وَقِيلَ: فِي خَمْسٍ حَالٌ مِنْ رِعَاءٍ أَيْ مُتَفَكِّرِينَ فِي خَمْسٍ وَالْمُرَادُ التَّنْبِيهُ عَلَى جَهْلِهِمْ وَحَمَاقَتِهِمْ.

65 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ صَالِحٍ أَبُو الصَّلْتِ الْهَرَوِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِيمَانُ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ وَقَوْلٌ بِاللِّسَانِ وَعَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ» قَالَ أَبُو الصَّلْتِ لَوْ قُرِئَ هَذَا الْإِسْنَادُ عَلَى مَجْنُونٍ لَبَرَأَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْإِيمَانُ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ) أَيِ التَّصْدِيقُ بِهِ وَقَوْلُهُ: بِاللِّسَانِ هُوَ الشَّهَادَتَانِ وَعَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ أَيِ الْجَوَارِحِ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَفِيهِ أَنَّ الْإِيمَانَ الْكَامِلَ لَا يُوجَدُ بِلَا إِسْلَامٍ وَبِهِ حَصَلَ التَّوْفِيقُ بَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ إِنْ ثَبَتَ وَبَيْنَ حَدِيثِ جِبْرِيلَ السَّابِقِ وَالْحَدِيثُ عَدَّهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ قَالَ فِيهِ أَبُو الصَّلْتِ مُتَّهَمٌ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ بَعْضُ شُرَّاحِ الْكِتَابِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ هَذَا الْحَدِيثِ ضَعِيفٌ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى ضَعْفِ أَبِي الصَّلْتِ الرَّاوِي قَالَ السُّيُوطِيُّ وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَوْضُوعٍ وَأَبُو الصَّلْتِ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَقَالَ: لَيْسَ مِمَّنْ يَكْذِبُ وَقَالَ فِي الْمِيزَانِ رَجُلٌ صَالِحٌ إِلَّا أَنَّهُ شِيعِيٌّ تَابَعَهُ عَلِيُّ بْنُ غُرَابٍ وَقَدْ رَوَى لَهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَالدَّارَقُطْنِيُّ قَالَ أَحْمَدُ أَرَاهُ صَادِقًا وَقَالَ الْخَطِيبُ كَانَ غَالِيًا فِي التَّشَيُّعِ وَأَمَّا فِي رِوَايَتِهِ فَقَدْ وَصَفُوهُ بِالصِّدْقِ ثُمَّ ذَكَرَ لَهُ بَعْضُ الْمُتَابَعَاتِ قَوْلُهُ: (لَبَرَأَ مِنْ جُنُونِهِ) لِمَا فِي الْإِسْنَادِ مِنْ خِيَارِ الْعِبَادِ وَهُمْ خُلَاصَةُ أَهْلِ بَيْتِ النُّبُوَّةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَهُوَ مِنْ بَرِئَ الْمَرِيضُ مِنَ الدَّاءِ لَا مِنْ بَرِئْتُ مِنَ الْأَمْرِ بِكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ تَبَرَّأْتُ فَإِنَّ أَبَا الصَّلْتِ هُوَ الْقَائِلُ لِهَذَا الْقَوْلِ وَلَا يَسْتَقِيمُ عَنْهُ أَنْ يَقُولَ هَذَا الْقَوْلَ بِهَذَا الْمَعْنَى لَا بِالنَّظَرِ إِلَى نَفْسِهِ وَلَا بِالنَّظَرِ إِلَى مَنْ بَعْدَهُ.

66 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ أَوْ قَالَ لِجَارِهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَا يُحِبُّ) أَيْ مِنْ خَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَالْمُرَادُ الْجِنْسُ لَا الْخُصُوصُ وَقَدْ يَكُونُ خَيْرًا لَا يَقْبَلُ الِاشْتِرَاكَ كَالْوَسِيلَةِ وَلَا لِغَيْرِ مَنْ لَهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ ثُمَّ الْمُرَادُ بِهَذِهِ الْغَايَاتِ وَأَمْثَالِهَا أَنَّهُ لَا يَكْمُلُ الْإِيمَانُ بِدُونِهَا لَا أَنَّهَا وَحْدَهَا كَافِيَةٌ وَلَا يَتَوَقَّفُ الْكَمَالُ بَعْدَ حُصُولِهَا عَلَى شَيْءٍ آخَرَ حَتَّى يَلْزَمَ التَّعَارُضُ بَيْنَ هَذِهِ الْغَايَاتِ الْوَارِدَةِ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

67 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ) هُوَ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ قِيلَ: الْمُرَادُ الْمَحَبَّةُ الِاخْتِيَارِيَّةُ لَا الطَّبِيعِيَّةُ وَكَذَا قَالُوا: الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لَا يُؤْمِنُ لَا يَكْمُلُ إِيمَانُهُ.

68 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا أَوَ لَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ نَفْيٌ لَا نَهْيٌ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَلَا تُؤْمِنُوا فَالْقِيَاسُ ثُبُوتُ النُّونِ فِيهِمَا فَكَأَنَّهَا حُذِفَتْ لِلْمُجَانَسَةِ وَالِازْدِوَاجِ وَقَدْ جَاءَ حَذْفُهَا لِلتَّخْفِيفِ كَثِيرًا ثُمَّ الْكَلَامُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي الْحَثِّ عَلَى التَّحَابُبِ وَإِفْشَاءِ السَّلَامِ وَالْمُرَادُ لَا تَسْتَحِقُّونَ دُخُولَ الْجَنَّةِ أَوَّلًا حَتَّى تُؤْمِنُوا إِيمَانًا كَامِلًا وَلَا تُؤْمِنُونَ ذَلِكَ الْإِيمَانَ الْكَامِلَ حَتَّى تَحَابُّوا بِفَتْحِ التَّاءِ وَأَصْلُهُ تَتَحَابُّونْ أَيْ يُحِبُّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَأَمَّا حَمْلُ حَتَّى تُؤْمِنُوا عَلَى أَصْلِ الْإِيمَانِ وَحَمْلُ وَلَا تُؤْمِنُوا عَلَى الْكَمَالِ فَيَأْبَاهُ الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْأَشْكَالِ الْمَنْطِقِيَّةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَصَدَ بِهِ الْبُرْهَانَ وَهَذَا التَّأْوِيلُ يُحْمَلُ بِهِ الْإِخْلَالُ يُدْفَعُ بِعَدَمِ تَكْرَارِ الْحَدِّ الْأَوْسَطِ فَلْيُتَأَمَّلْ قَوْلُهُ: (أَفْشُوا السَّلَامَ) مِنَ الْإِفْشَاءِ أَيْ أَظْهِرُوهُ وَالْمُرَادُ نَشْرُ السَّلَامِ بَيْنَ النَّاسِ لِيُحْيُوا سُنَّتَهُ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ - قَالَ النَّوَوِيُّ أَقَلُّهُ أَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ بِحَيْثُ يَسْمَعُ الْمُسَلَّمُ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ لَمْ يَكُنْ آتِيًا بِالسُّنَّةِ ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةِ أَبِي دَاوُدَ فِي شَرْحِ هَذِهِ اللَّفْظِ قُلْتُ: ظَاهِرُهُ أَنَّهُ حَمَلَ الْإِفْشَاءَ عَلَى رَفْعِ الصَّوْتِ بِهِ وَالْأَقْرَبُ حَمْلُهُ

عَلَى الْإِكْثَارِ.

69 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْأَعْمَشِ ح وَحَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (سِبَابُ الْمُسْلِمِ) بِكَسْرِ السِّينِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ قَرِيبًا.

70 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ فَارَقَ الدُّنْيَا عَلَى الْإِخْلَاصِ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَعِبَادَتِهِ لَا شَرِيكَ لَهُ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ مَاتَ وَاللَّهُ عَنْهُ رَاضٍ» قَالَ أَنَسٌ وَهُوَ دِينُ اللَّهِ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ وَبَلَّغُوهُ عَنْ رَبِّهِمْ قَبْلَ هَرْجِ الْأَحَادِيثِ وَاخْتِلَافِ الْأَهْوَاءِ وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فِي آخِرِ مَا نَزَلَ يَقُولُ اللَّهُ {فَإِنْ تَابُوا} [التوبة: 5] قَالَ خَلْعُ الْأَوْثَانِ وَعِبَادَتِهَا {وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ} [التوبة: 5] وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة: 11] حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ مِثْلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَعِبَادَتِهِ) أَيْ تَوْحِيدِهِ فَهُوَ كَالتَّفْسِيرِ لِلْإِخْلَاصِ وَطَاعَتِهِ مُطْلَقًا فَذِكْرَ إِقَامَةَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ بَعْدَهَا تَخْصِيصٌ لِأَعْظَمِ الْعِبَادَاتِ وَعَلَى الثَّانِي قَوْلُهُ: مَاتَ وَاللَّهُ عَنْهُ رَاضٍ ظَاهِرٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ مَبْنِيٌّ أَنَّ مِثْلَهُ يُوَفَّقُ لِفِعْلِ الْخَيْرَاتِ وَتَرْكِ الْمُنْكَرَاتِ وَلِلتَّوْبَةِ عِنْدَ الْمَوْتِ قَوْلُهُ: (قَبْلَ هَرْجِ الْأَحَادِيثِ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ كَثْرَتُهَا وَاخْتِلَاطُهَا فِي آخِرِ مَا نَزَّلَ اللَّهُ أَيْ سُورَةِ بَرَاءَةٌ لِأَنَّهَا آخِرُ سُورَةٍ ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ فِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ ضَعِيفٌ هُنَا قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: النَّاسُ يَتَّقُونَ حَدِيثَهُ مَا كَانَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْهُ لِأَنَّ فِي أَحَادِيثِهِ اضْطِرَابًا كَثِيرًا وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنِ الرَّبِيعِ وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ اهـ. قُلْتُ: وَالظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ضَعِيفٌ فِي الرَّبِيعِ لَا الرَّبِيعُ ضَعِيفٌ إِذَا رَوَى عَنْهُ أَبُو جَعْفَرٍ فَلْيُتَأَمَّلْ.

71 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حَتَّى يَشْهَدُوا إِلَخْ) قَدْ جَاءَتِ الْغَايَةُ مُخْتَلِفَةً بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ فَيَنْبَغِي أَنْ تُحْمَلَ عَلَى إِظْهَارِ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ لَا كَمَنْ حَمَلَ الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ شَرْعِ الْجِزْيَةِ أَوْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّاسِ مَنْ لَا يُقْبَلُ مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ كَمُشْرِكِي الْعَرَبِ.

72 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَهْرَامَ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ إِلَى قَوْلِهِ: عَنْ مُعَاذٍ) فِي الزَّوَائِدِ هُنَا إِسْنَادٌ

حَسَنٌ وَالْمُكَنَّى رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ اهـ قُلْتُ: كَأَنَّهُ يُبْنَى عَلَى أَنَّ كَلَامَهُمْ فِي شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ غَيْرُ مَسْمُوعٍ وَإِلَّا فَقَدْ تَكَلَّمُوا فِيهِ حَتَّى قِيلَ: مَتْرُوكٌ.

73 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ الرَّازِيُّ أَنْبَأَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ اللَّيْثِيُّ حَدَّثَنَا نِزَارُ بْنُ حَيَّانَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَا «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صِنْفَانِ مِنْ أُمَّتِي لَيْسَ لَهُمَا فِي الْإِسْلَامِ نَصِيبٌ أَهْلُ الْإِرْجَاءِ وَأَهْلُ الْقَدَرِ» 74 - حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ الْبُخَارِيُّ سَعِيدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ يَعْنِي ابْنَ عَيَّاشٍ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ مُجَاهِدٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَا الْإِيمَانُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ 75 -حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ عَنْ حَرِيزِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ الْحَارِثِ أَظُنُّهُ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ الْإِيمَانُ يَزْدَادُ وَيَنْقُصُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (صِنْفَانِ مِنْ أُمَّتِي) قَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ قَرِيبًا قَوْلُهُ: (الْإِيمَانُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ) بِكَثْرَةِ النَّظَرِ وَوُضُوحِ الْأَدِلَّةِ وَلِهَذَا الصِّدِّيقُ أَقْوَى إِيمَانًا مِنْ غَيْرِهِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ يَعْلَمُ أَنَّ مَا فِي قَلْبِهِ يَتَفَاضَلُ حَتَّى يَكُونَ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ أَعْظَمَ يَقِينًا وَإِخْلَاصًا مِنْ بَعْضِهَا وَمَا نُقِلَ عَنِ السَّلَفِ صَرَّحَ بِهِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ عَنِ الثَّوْرِيِّ وَابْنِ جُرَيْجٍ وَمَعْمَرٍ وَغَيْرِهِمْ وَهَؤُلَاءِ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ فِي عَصْرِهِمْ وَلِذَلِكَ نَقَلَهُ أَبُو الْقَاسِمِ اللَّالَكَائِيُّ فِي كِتَابِ السُّنَّةِ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلَ وَإِسْحَاقَ بْنَ رَاهَوَيْهِ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْأَئِمَّةِ وَرَوَى بِسَنَدِهِ الصَّحِيحِ عَنِ الْبُخَارِيِّ قَالَ: لَقِيتُ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفِ رَجُلٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ بِالْأَمْصَارِ فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنْهُمْ يَخْتَلِفُ فِي أَنَّ الْإِيمَانَ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ وَأَطْنَبَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي بَابِ الْإِيمَانِ فِي نَقْلِ ذَلِكَ بِالْأَسَانِيدِ عَنْ جَمْعٍ كَثِيرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَكُلِّ مَنْ يَدُورُ الْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَحَكَاهُ ابْنُ عِيَاضٍ وَوَكِيعٌ عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ اهـ. قُلْتُ: وَبِالْجُمْلَةِ تَوَاطَأَتْ أَقْوَالُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ بَلِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ عَلَى جَوَازِ أَنْ يُقَالَ: الْإِيمَانُ يَزِيدُ وَالنُّقْصَانُ مِنْ لَوَازِمِ الزِّيَادَةِ فَثَبَتَ أَنَّ الْإِيمَانَ يُوصَفُ بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ فِي لِسَانِ الشَّرْعِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْوَصْفُ وَصْفًا لَهُ بِاعْتِبَارِ نَفْسِ الْمَاهِيَّةِ أَوْ بِاعْتِبَارِ أُمُورٍ خَارِجِيَّةٍ عَنْهَا إِذِ السَّلَفُ كَانُوا يَتَّبِعُونَ الْوَارِدَ وَلَا يَلْتَفِتُونْ إِلَى نَحْوِ تِلْكَ الْمَبَاحِثِ الْكَلَامِيَّةِ الَّتِي اسْتَخْرَجَهَا الْمُتَأَخِّرُونَ وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّ مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ كُتُبِ الْفِقْهِ مِنْ عَدِّ الْقَوْلِ بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ مِنْ كَلِمَاتِ الْكُفْرِ هَفْوَةٌ عَظِيمَةٌ نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ.

[باب في القدر]

[بَاب فِي الْقَدَرِ] 76 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ «حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ أَنَّهُ يُجْمَعُ خَلْقُ أَحَدِكُمْ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ إِلَيْهِ الْمَلَكَ فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ فَيَقُولُ اكْتُبْ عَمَلَهُ وَأَجَلَهُ وَرِزْقَهُ وَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي الْقَدَرِ) بِفَتْحَتَيْنِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَدْ يُسَكَّنُ الدَّالُ وَهُوَ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ كُلَّ مَا يُوجَدُ فِي الْعَالَمِ حَتَّى أَفْعَالَ الْعَبْدِ بِقَضَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَأْثِيرِهِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الصَّادِقُ) أَيِ الْكَامِلُ فِي الصِّدْقِ أَوِ الظَّاهِرُ كَوْنُهُ صَادِقًا بِشَهَادَةِ الْمُعْجِزَاتِ الْبَاهِرَاتِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ الصَّادِقُ دُونَ غَيْرِهِ الْمُصَدَّقُ الَّذِي جَاءَهُ الصِّدْقُ مِنْ رَبِّهِ، وَلَيْسَ مَعْنَى الَّذِي بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُشَدَّدَةِ أَيِ الَّذِي صَدَّقَهُ الْمُؤْمِنُونَ وَإِنْ كَانَ هُوَ فِي الْوَاقِعِ مَوْصُوفًا بِكَوْنِهِ مُصَدَّقًا أَيْضًا قَوْلُهُ: (إِنَّهُ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ عَلَى حِكَايَةِ لَفْظِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَوْ بِفَتْحِهَا قَوْلُهُ: (يُجْمَعُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيْ يُجْمَعُ مَادَّةُ خَلْقِهِ وَهُوَ الْمَاءُ وَالْمُرَادُ بِبَطْنِ أُمِّهِ رَحِمُهَا أَيْ يَتِمُّ جَمْعُهُ فِي الرَّحِمِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ وَهَذَا يَقْتَضِي التَّفَرُّقَ وَهُوَ كَمَا رُوِيَ أَنَّ النُّطْفَةَ فِي الطَّوْرِ الْأَوَّلِ تَسْرِي فِي جَسَدِ الْمَرْأَةِ ثُمَّ تُجْمَعُ فِي الرَّحِمِ فَتَصِيرُ هُنَاكَ عَلَقَةً أَيْ دَمًا جَامِدًا يُخْلَطُ تُرْبَةُ قَبْرِ الْمَوْلُودِ بِهَا عَلَى مَا قِيلَ مُضْغَةً أَيْ قِطْعَةً لَحْمٍ قَدْرَ مَا يُمْضَغُ ثُمَّ يُبْعَثُ أَيْ يُرْسَلُ بَعْدَ تَمَامِ الْخِلْقَةِ وَتَشَكُّلِهِ بِشَكْلِ الْآدَمِيِّ بِالطَّوْرِ الْآخَرِ كَمَا قَالَ تَعَالَى {فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ} [المؤمنون: 14] أَيْ بِنَفْخِ الرُّوحِ وَلَعَلَّ الْأَطْوَارَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْحَدِيثِ بَعْدَ الْأَرْبَعِينَ الثَّالِثِ يَحْصُلُ فِي مُدَّةٍ يَسِيرَةٍ فَلِذَا اعْتُبِرَ الْبَعْثُ بَعْدَ الْأَرْبَعِينَ الثَّالِثِ وَكَذَا اشْتُهِرَ بَيْنَ النَّاسِ أَنَّ نَفْخَ الرُّوحِ عَقِبَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بَعْثُ الْمَلَكِ بِأَرْبَعٍ قُبَيْلَ تَمَامِ الْخَلْقِ قَوْلُهُ: (وَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ) خَبَرٌ مَحْذُوفٌ أَيْ هُوَ وَالْجُمْلَةُ عَطْفٌ عَلَى مَفْعُولِ اكْتُبْ لِأَنَّهُ أُرِيدَ بِهَا لَفْظُهَا بِاعْتِبَارِ الْوُجُودِ الْكَتْبِيِّ دُونَ اللَّفْظِيِّ فَإِنَّ اللَّفْظَ لَا يَكُونُ لَفْظًا إِلَّا بِالتَّلَفُّظِ لَا بِالْكِتَابَةِ ثُمَّ التَّرْدِيدِ فِي الْحِكَايَةِ لَا فِي الْمَحْكِيِّ وَإِنَّمَا جَاءَتِ الْحِكَايَةُ عَلَى لَفْظِ التَّرْدِيدِ نَظَرًا إِلَى التَّوْزِيعِ وَالتَّقْسِيمِ عَلَى آحَادِ الْمَوْلُودِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ قَوْلُهُ: (حَتَّى مَا يَكُونُ إِلَخْ) كِنَايَةً عَنْ غَايَةِ الْقُرْبِ فَيَسْبِقُ أَيْ يَغْلِبُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ قَوْلُهُ: (الْكِتَابُ)

أَيِ الْمَكْتُوبُ الَّذِي كَتَبَهُ الْمَلَكُ وَالْحَدِيثُ لَا يُنَافِي عُمُومَ الْمَوَاعِيدِ الْوَارِدَةِ فِي الْآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ وَالْأَحَادِيثِ مِثْلَ {الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا} [الكهف: 30] لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي كُلِّهَا الْمَوْتُ عَلَى سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ وَحُسْنِ الْخَاتِمَةِ رَزَقَنَا اللَّهُ تَعَالَى إِيَّاهَا بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ آمِينَ.

77 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سِنَانٍ عَنْ وَهْبِ بْنِ خَالِدٍ الْحِمْصِيِّ عَنْ ابْنِ الدَّيْلَمِيِّ قَالَ «وَقَعَ فِي نَفْسِي شَيْءٌ مِنْ هَذَا الْقَدَرِ خَشِيتُ أَنْ يُفْسِدَ عَلَيَّ دِينِي وَأَمْرِي فَأَتَيْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فَقُلْتُ أَبَا الْمُنْذِرِ إِنَّهُ قَدْ وَقَعَ فِي نَفْسِي شَيْءٌ مِنْ هَذَا الْقَدَرِ فَخَشِيتُ عَلَى دِينِي وَأَمْرِي فَحَدِّثْنِي مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَنِي بِهِ فَقَالَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ عَذَّبَ أَهْلَ سَمَاوَاتِهِ وَأَهْلَ أَرْضِهِ لَعَذَّبَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ وَلَوْ رَحِمَهُمْ لَكَانَتْ رَحْمَتُهُ خَيْرًا لَهُمْ مِنْ أَعْمَالِهِمْ وَلَوْ كَانَ لَكَ مِثْلُ جَبَلِ أُحُدٍ ذَهَبًا أَوْ مِثْلُ جَبَلِ أُحُدٍ تُنْفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا قُبِلَ مِنْكَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ فَتَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ وَأَنَّ مَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ وَأَنَّكَ إِنْ مُتَّ عَلَى غَيْرِ هَذَا دَخَلْتَ النَّارَ وَلَا عَلَيْكَ أَنْ تَأْتِيَ أَخِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ فَتَسْأَلَهُ فَأَتَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ فَسَأَلْتُهُ فَذَكَرَ مِثْلَ مَا قَالَ أُبَيٌّ وَقَالَ لِي وَلَا عَلَيْكَ أَنْ تَأْتِيَ حُذَيْفَةَ فَأَتَيْتُ حُذَيْفَةَ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ مِثْلَ مَا قَالَا وَقَالَ ائْتِ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَاسْأَلْهُ فَأَتَيْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَوْ أَنَّ اللَّهَ عَذَّبَ أَهْلَ سَمَاوَاتِهِ وَأَهْلَ أَرْضِهِ لَعَذَّبَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ وَلَوْ رَحِمَهُمْ لَكَانَتْ رَحْمَتُهُ خَيْرًا لَهُمْ مِنْ أَعْمَالِهِمْ وَلَوْ كَانَ لَكَ مِثْلُ أُحُدٍ ذَهَبًا أَوْ مِثْلُ جَبَلِ أُحُدٍ ذَهَبًا تُنْفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا قَبِلَهُ مِنْكَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ كُلِّهِ فَتَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ وَأَنَّكَ إِنْ مُتَّ عَلَى غَيْرِ هَذَا دَخَلْتَ النَّارَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (شَيْءٌ مِنْ هَذَا الْقَدَرِ) أَيْ لِأَجْلِ هَذَا الْقَدَرِ أَيِ الْقَوْلِ بِهِ يُرِيدُ أَنَّهُ وَقَعَ فِي نَفْسِهِ مِنَ الشُّبَهِ لِأَجْلِ الْقَوْلِ بِالْقَدَرِ أَوِ الْمُرَادُ بِالْقَدَرِ هُوَ الْقَوْلُ بِنَفْيِ الْقَدَرِ الَّذِي هُوَ مَذْهَبُ الْقَدَرِيَّةِ قَوْلُهُ: (بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِمَسْأَلَةِ الْقَدَرِ ثُبُوتًا قَوْلُهُ: (لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَنِي) دُخُولُ أَنْ فِي خَبَرِ لَعَلَّ لِلتَّشْبِيهِ بِعَسَى وَقَوْلُهُ: (لَوْ أَنَّ اللَّهَ إِلَخْ) قَالَ الطِّيبِيُّ إِرْشَادٌ عَظِيمٌ وَبَيَانٌ شَافٍ لِإِزَالَةِ مَا طُلِبَ مِنْهُ لِأَنَّهُ هَدَمَ بِهِ قَاعِدَةَ الْقَوْلِ بِالْحُسْنِ وَالْقُبْحِ عَقْلًا وَبَيَّنْ أَنَّهُ مَالِكُ الْمُلْكِ فَلَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مُلْكِهِ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَا يُتَصَوَّرُ فِي تَصَرُّفِهِ ظُلْمٌ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مُلْكِ الْغَيْرِ وَلَا مُلْكَ لِغَيْرِهِ أَصْلًا ثُمَّ بَيَّنَ بِقَوْلِهِ وَلَوْ رَحِمَهُمْ إِلَخْ أَنَّ النَّجَاةَ مِنَ الْعَذَابِ إِنَّمَا هِيَ بِرَحْمَتِهِ لَا بِالْأَعْمَالِ فَالرَّحْمَةُ خَيْرٌ مِنْهَا قَوْلُهُ: (مَا قُبِلَ مِنْكَ) يُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ لَا قَبُولَ لِعَمَلِ الْمُبْتَدِعِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِكُفْرِ مُنْكِرِهِ قَوْلُهُ: (لِيُخْطِئَكَ) أَيْ يَتَجَاوَزُ عَنْكَ فَلَا يُصِيبُكَ بَلْ

لَابُدَّ مِنْ إِصَابَتِهِ وَالْخَيْلُ غَيْرُ نَافِعَةٍ فِي دَفْعِهِ وَعُنْوَانُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُحَالٌ أَنْ يُخْطِئَكَ وَالْوَجْهُ فِي دَلَالَتِهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ يَدُلُّ عَلَى الْمُضِيِّ وَلِيُخْطِئَكَ يَدُلُّ عَلَى الِاسْتِقْبَالِ بِوَاسِطَةِ الصِّيغَةِ سِيَّمَا مَعَ أَنَ الْمُقَدَّرَةَ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَا كَانَ قَبْلَ الْإِصَابَةِ فِي الْأَزْمِنَةِ الْمَاضِيَةِ قَابِلًا لِأَنْ يُخْطِئَكَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِوَاسِطَةِ تَقْدِيرِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَضَائِهِ فِي الْأَزَلِ بِذَلِكَ.

78 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ «كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِيَدِهِ عُودٌ فَنَكَتَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنْ الْجَنَّةِ وَمَقْعَدُهُ مِنْ النَّارِ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا نَتَّكِلُ قَالَ لَا اعْمَلُوا وَلَا تَتَّكِلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ ثُمَّ قَرَأَ {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى - وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى - فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى - وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى - وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى - فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل: 5 - 10] » ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَنَكَتَ فِي الْأَرْضِ) أَيْ ضَرَبَهَا ضَرْبًا أَثَّرَ فِيهَا وَقَوْلُهُ وَمَقْعَدُهُ الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ أَفَلَا نَتَّكِلُ أَيِ الْعَمَلُ لَا يَرُدُّ الْقَضَاءَ وَالْقَدَرَ السَّابِقَ فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ فَنَبَّهَ عَلَى الْجَوَابِ عَنْهُ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى دَبَّرَ الْأَشْيَاءَ عَلَى مَا أَرَادَ وَرَبَطَ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ وَجَعَلَهَا أَسْبَابًا وَمُسَبَّبَاتٍ وَمَنْ قَدَّرَهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ قَدَّرَ لَهُ مَا يُقَرِّبُهُ إِلَيْهَا مِنَ الْأَعْمَالِ وَوَفَّقَهُ لِذَلِكَ بِأَقْدَارِهِ وَيُمَكِّنُهُ مِنْهُ وَيُحَرِّضُهُ عَلَيْهِ بِالتَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ وَمَنْ قَدَّرَ لَهُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ قَدَّرَ لَهُ خِلَافَ ذَلِكَ وَخَذَلَهُ حَتَّى اتَّبَعَ هَوَاهُ وَتَرَكَ أَمْرَ مَوْلَاهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ جَعَلَ الْأَعْمَالَ طَرِيقًا إِلَى نَيْلِ مَا قَدَّرَهُ لَهُ مِنْ جَنَّةٍ أَوْ نَارٍ فَلَا بُدَّ مِنَ الْمَشْيِ فِي الطَّرِيقِ وَبِوَاسِطَةِ التَّقْدِيرِ السَّابِقِ يَتَيَسَّرُ ذَلِكَ الْمَشْيِ لِكُلٍّ فِي طَرِيقِهِ وَيُسَهَّلُ عَلَيْهِ وَتِلَاوَةُ الْآيَةِ لِلِاسْتِشْهَادِ عَلَى أَنَّ التَّيْسِيرَ مِنْهُ تَعَالَى.

79 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّنَافِسِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ فَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا وَلَكِنْ قُلْ قَدَّرَ اللَّهُ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ) أَيْ عَلَى أَعْمَالِ الْبِرِّ وَمَشَاقِّ الطَّاعَةِ وَالصَّبُورُ عَلَى تَحَمُّلِ مَا يُصِيبُهُ مِنَ الْبَلَاءِ وَالْمُتَيَقِّظِ

فِي الْأُمُورِ الْمُهْتَدِي إِلَى التَّدْبِيرِ وَالْمَصْلَحَةِ بِالنَّظَرِ إِلَى الْأَسْبَابِ وَاسْتِعْمَالِ الْفِكْرِ فِي الْعَاقِبَةِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَضَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَقَالَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ لَمَّا أَدْبَرَ حَسْبِي اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَقَالَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَلُومُ عَلَى الْعَجْزِ وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِالْكَيْسِ» وَالْكَيْسُ بِفَتْحِ الْكَافِ هُوَ التَّيَقُّظُ فِي الْأُمُورِ قَوْلُهُ: (احْرِصْ) مِنْ حَرَصَ كَضَرَبَ وَعَلِمَ قَوْلُهُ: (لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا) أَيْ لَمَا أَصَابَنِي أَيْ وَلَوْ كَلِمَةٌ لِلتَّمَنِّي عَمَلُ الشَّيْطَانْ أَيِ اعْتِقَادُ أَنَّ الْأَمْرَ مَنُوطٌ بِتَدْبِيرِ الْعَبْدِ وَأَنَّ تَدْبِيرَهُ هُوَ الْمُؤَثِّرُ قَبْلَ النَّهْيِ لِلتَّنْزِيهِ لِأَنَّهُ وَرَدَ اسْتِعْمَالُ لَوْ فِي الْأَحَادِيثِ عَلَى كَثْرَةِ وَقَدْ وَضَعَ الْبُخَارِيُّ بَابًا فِي ذَلِكَ وَأَتَى بِأَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ وَقَالَ النَّوَوِيُّ النَّهْيُ عَنْ إِطْلَاقِ ذَلِكَ فِيمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَأَمَّا مَا قَالَهُ تَأَسُّفًا عَلَى مَا فَاتَهُ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ عَلَيْهِ مِنْهَا وَنَحْوُ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ أَكْثَرُ الِاسْتِعْمَالِ الْمَوْجُودِ فِي الْأَحَادِيثِ.

80 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَيَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ سَمِعَ طَاوُسًا يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يُخْبِرُ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام فَقَالَ لَهُ مُوسَى يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُونَا خَيَّبْتَنَا وَأَخْرَجْتَنَا مِنْ الْجَنَّةِ بِذَنْبِكَ فَقَالَ لَهُ آدَمُ يَا مُوسَى اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِكَلَامِهِ وَخَطَّ لَكَ التَّوْرَاةَ بِيَدِهِ أَتَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَدَّرَهُ اللَّهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى ثَلَاثًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى) أَيْ تَحَاجَّا وَقَوْلُهُ: خَيَّبْتَنَا أَيْ جَعَلْتَنَا خَائِبِينَ مَحْرُومِينَ وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ أَغْوَيْتَ النَّاسَ وَفَسَّرَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ بِأَنَّ سَجِيَّتَكَ فِي الْإِغْرَاءِ سَرَتْ إِلَيْهِمْ فَإِنَّ الْعِرْقَ نَزَّاعٌ فَحَجَّ أَيْ غَلَبَ عَلَيْهِ بِالْحُجَّةِ بِأَنْ أَلْزَمَهُ بِأَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ بِمُسْتَقِلٍّ بِفِعْلِهِ وَلَا مُتَمَكِّنٍ مِنْ تَرْكِهِ بَعْدَ أَنْ قُضِيَ عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَمَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يَحْسُنُ اللَّوْمُ عَلَيْهِ عَقْلًا وَأَمَّا اللَّوْمُ شَرْعًا فَكَانَ مُنْتَفِيًا بِالضَّرُورَةِ إِذْ مَا شُرِعَ لِمُوسَى أَنْ يَلُومَ آدَمَ فِي تِلْكَ الْحَالِ وَأَيْضًا هُوَ فِي عَالَمِ الْبَرْزَخِ وَهُوَ غَيْرُ عَالَمِ التَّكْلِيفِ حَتَّى يَتَوَجَّهَ فِيهِ اللَّوْمُ شَرْعًا وَأَيْضًا لَا لَوْمَ عَلَى تَائِبٍ وَلِذَلِكَ مَا تَعَرَّضَ لِنَفْيِهِ آدَمُ فِي الْحُجَّةِ وَعَلَى هَذَا لَا يَرِدُ أَنَّ هَذِهِ الْحُجَّةَ نَاهِضَةٌ لِفَاعِلِ مَا يَشَاءُ لِأَنَّهُ مَلُومٌ شَرْعًا بِلَا رَيْبٍ.

81 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يُؤْمِنَ بِأَرْبَعٍ بِاللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَبِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْقَدَرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يُؤْمِنَ بِأَرْبَعٍ)

قِيلَ: هَذَا نَفْيٌ لِأَصْلِ الْإِيمَانِ لَا نَفْيٌ لِكَمَالِهِ فَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِوَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا وَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ الْقَدَرِيُّ كَافِرًا وَهُوَ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ فَلْيُتَأَمَّلْ.

82 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَمَّتِهِ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ «دُعِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جِنَازَةِ غُلَامٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ طُوبَى لِهَذَا عُصْفُورٌ مِنْ عَصَافِيرِ الْجَنَّةِ لَمْ يَعْمَلْ السُّوءَ وَلَمْ يُدْرِكْهُ قَالَ أَوَ غَيْرُ ذَلِكَ يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ لِلْجَنَّةِ أَهْلًا خَلَقَهُمْ لَهَا وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ وَخَلَقَ لِلنَّارِ أَهْلًا خَلَقَهُمْ لَهَا وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (طُوبَى لِهَذَا) قِيلَ: هُوَ اسْمُ الْجَنَّةِ أَوْ شَجَرَةٌ فِيهَا أَوْ أَصْلُهَا فُعْلَى مِنَ الطِّيبِ وَفُسِّرَتْ بِالْمَعْنَى الْأَصْلِيِّ فَقِيلَ: أَطْيَبُ مَعِيشَةٍ لَهُ وَقِيلَ: فَرَحٌ لَهُ وَقُرَّةُ عَيْنٍ قَوْلُهُ: (وَلَمْ يُدْرِكْهُ) أَيْ لَمْ يُدْرِكْ أَوَانَهُ بِالْبُلُوغِ وَقَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ أَيْ بَلْ غَيْرُ ذَلِكَ أَحْسَنُ وَأَوْلَى وَهُوَ التَّوَقُّفُ قَالَ النَّوَوِيُّ أَجْمَعَ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ أَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَعَلَّهُ نَهَاهَا عَنِ الْمُسَارَعَةِ إِلَى الْقَطْعِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ أَوْ قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ أَطْفَالَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْجَنَّةِ انْتَهَى. قُلْتُ: قَدْ صَرَّحَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ التَّحْقِيقِ أَنَّ التَّوَقُّفَ فِي مِثْلِهِ أَحْوَطُ إِذْ لَيْسَتِ الْمَسْأَلَةُ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهَا الْعَمَلُ وَلَا عَلَيْهَا إِجْمَاعٌ وَهِيَ خَارِجَةٌ عَنْ مَحَلِّ الْإِجْمَاعِ عَلَى قَوْلِ الْأُصُولِ إِذْ مَحَلُّ الْإِجْمَاعِ مَا يُدْرَكُ بِالِاجْتِهَادِ دُونَ الْأُمُورِ الْمُغَيَّبَةِ فَلَا اعْتِدَادَ بِالْإِجْمَاعِ فِي مِثْلِهِ لَوْ تَمَّ عَلَى قَوَاعِدِهِمْ فَالتَّوَقُّفُ أَسْلَمُ عَلَى أَنَّ الْإِجْمَاعَ لَوْ تَمَّ وَثَبَتَ لَا يَصِحُّ الْجَزْمُ فِي مَخْصُوصٍ لِأَنَّ إِيمَانَ الْأَبَوَيْنِ تَحْقِيقًا غَيْبٌ وَهُوَ الْمَنَاطُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

83 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ زِيَادِ بْنِ إِسْمَعِيلَ الْمَخْزُومِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «جَاءَ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ يُخَاصِمُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقَدَرِ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ} [القمر: 48] {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} » ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي الْقَدَرِ) أَيْ فِي إِثْبَاتِ الْقَدَرِ قَوْلُهُ: (ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ) أَيْ عَلَى إِنْكَارِكُمُ الْقَدَرَ.

84 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَعِيلَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَذَكَرَ لَهَا شَيْئًا مِنْ الْقَدَرِ فَقَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ تَكَلَّمَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْقَدَرِ سُئِلَ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهِ لَمْ يُسْأَلْ عَنْهُ» قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْقَطَّانُ حَدَّثَنَاهُ حَازِمُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شَيْبَانَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ تَكَلَّمَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْقَدَرِ) أَيْ وَلَوْ يَسِيرًا فَكَيْفَ بِالْكَثِيرِ سُئِلَ عَنْهُ سُؤَالُ تَهْدِيدٍ وَوَعِيدٍ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: سُئِلَ عَنْهُ مُطْلَقُ السُّؤَالِ وَبِقَوْلِهِ: لَمْ يُسْأَلْ عَنْهُ بِأَنْ يُقَالَ لَهُ: لِمَ تَرَكْتَ التَّكَلُّمَ فِيهِ فَصَارَ تَرْكُ التَّكَلُّمِ فِيهِ خَيْرًا عَنِ التَّكَلُّمِ فِيهِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ هَذَا الْحَدِيثِ ضَعِيفٌ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى ضَعْفِ يَحْيَى بْنِ عُثْمَانَ قَالَ فِيهِ ابْنُ مَعِينٍ وَالْبُخَارِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ زَائِدٌ زَادَ ابْنُ حِبَّانَ لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ يُعْتَبَرُ بِحَدِيثِهِ إِذَا رَوَى عَنْهُ غَيْرُ يَحْيَى بْنِ عُثْمَانَ.

85 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَصْحَابِهِ وَهُمْ يَخْتَصِمُونَ فِي الْقَدَرِ فَكَأَنَّمَا يُفْقَأُ فِي وَجْهِهِ حَبُّ الرُّمَّانِ مِنْ الْغَضَبِ فَقَالَ بِهَذَا أُمِرْتُمْ أَوْ لِهَذَا خُلِقْتُمْ تَضْرِبُونَ الْقُرْآنَ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ بِهَذَا هَلَكَتْ الْأُمَمُ قَبْلَكُمْ» قَالَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو مَا غَبَطْتُ نَفْسِي بِمَجْلِسٍ تَخَلَّفْتُ فِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا غَبَطْتُ نَفْسِي بِذَلِكَ الْمَجْلِسِ وَتَخَلُّفِي عَنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَهُمْ يَخْتَصِمُونَ فِي الْقَدَرِ) بِالْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ وَكَأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ كَانَ يَسْتَدِلُّ بِمَا يُنَاسِبُ مَطْلُوبَهُ مِنَ الْآيَاتِ وَلِذَلِكَ أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: تَضْرِبُونَ الْقُرْآنَ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ قَوْلُهُ: (فَكَأَنَّمَا إِلَخْ) أَيْ فَغَضِبَ فَاحْمَرَّ وَجْهُهُ مِنْ أَجْلِ الْغَضَبِ احْمِرَارًا يُشْبِهُ فَقْءَ حَبِّ الرُّمَّانِ فِي وَجْهِهِ أَيْ يُشْبِهُ الِاحْمِرَارَ الْحَاصِلَ بِهِ أَوْ فَصَارَ كَأَنَّمَا يُفْقَأُ إِلَخْ وَيُفْقَأُ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنْ فَقَأَ بِهَمْزَةٍ فِي آخِرِهِ أَيْ شُقَّ قَوْلُهُ: (أَوَ لِهَذَا خُلِقْتُمْ) أَيْ هَذَا الْبَحْثُ عَلَى الْقَدَرِ وَالِاخْتِصَامِ فِيهِ هَلْ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ خَلْقِكُمْ أَوْ هُوَ الَّذِي وَقَعَ التَّكْلِيفُ بِهِ حَتَّى اجْتَرَأْتُمْ عَلَيْهِ يُرِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ مِنَ الْأَمْرَيْنِ فَأَيُّ حَاجَةٍ إِلَيْهِ قَوْلُهُ (مَا غَبَطْتُ نَفْسِي) مِنْ غَبَطَ كَضَرَبَ وَسَمِعَ إِذَا تَمَنَّى مَا لَهُ وَالْمُرَادُ مَا اسْتَحْسَنْتُ فِعْلَ نَفْسِي وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ قُلْتُ: هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ الِاعْتِبَارِ بِالتَّكَلُّمِ فِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَإِلَّا فَالْكَلَامُ فِيهَا مَشْهُورٌ وَبَالَغَ بَعْضُهُمْ حَتَّى عَدُّوا هَذَا الْإِسْنَادَ مُطْلَقًا فِي الْمَوْضُوعَاتِ فَلِذَلِكَ مَا خَرَّجَ صَاحِبَا الصَّحِيحَيْنِ فِي الصَّحِيحَيْنِ شَيْئًا بِهَذَا الْإِسْنَادِ فَلَوْ قَالَ: إِسْنَادٌ حَسَنٌ كَانْ أَحْسَنَ

وَالْمَتْنُ قَدْ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ.

86 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي حَيَّةَ أَبُو جَنَابٍ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَلَا هَامَةَ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ الْبَعِيرَ يَكُونُ بِهِ الْجَرَبُ فَيُجْرِبُ الْإِبِلَ كُلَّهَا قَالَ ذَلِكُمْ الْقَدَرُ فَمَنْ أَجْرَبَ الْأَوَّلَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا عَدْوَى) الْعَدْوَى مُجَاوَزَةُ الْعِلَّةِ مِنْ صَاحِبِهَا إِلَى غَيْرِهِ بِالْمُجَاوَرَةِ وَالْقُرْبِ وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ نَفْيُ ذَلِكَ وَإِبْطَالُهُ مِنْ أَصْلِهِ وَعَلَى هَذَا فَمَا جَاءَ مِنَ الْأَمْرِ بِالْفِرَارِ مِنَ الْمَجْذُومِ وَنَحْوِهِ فَهُوَ مِنْ بَابِ الذَّرَائِعِ لِئَلَّا يَتَّفِقَ الشَّخْصُ يُخَالِطُ مَرِيضًا فَيُمْرِضُهُ اللَّهُ تَعَالَى مِثْلَ مَرَضِهِ بِتَقْدِيرِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ابْتِدَاءً لَا بِالْعَدْوَى الْمَنْفِيَّةِ فَيُظَنُّ أَنَّ ذَلِكَ بِسَبَبِ مُخَالَطَتِهِ فَيَعْتَقِدُ صِحَّةَ الْعَدْوَى فَيَقَعُ فِي الْحَرَجِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ نَفْيُ التَّأْثِيرِ وَبَيَانُ أَنَّ مُجَاوَرَةَ الْمَرِيضِ مِنَ الْأَسْبَابِ الْعَادِيَةِ لَا هِيَ مُؤَثِّرَةٌ كَمَا يَعْتَقِدُهُ أَهْلُ الطَّبِيعَةِ وَعَلَى هَذَا فَالْأَمْرُ بِالْفِرَارِ وَغَيْرِهِ ظَاهِرٌ قَوْلُهُ: (وَلَا طِيَرَةَ) هِيَ بِكَسْرِ الطَّاءِ وَفَتْحِ الْيَاءِ وَقَدْ سُكِّنَ التَّشَاؤُمُ بِالشَّيْءِ وَأَصْلُهُ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا خَرَجُوا لِحَاجَةٍ فَإِنْ رَأَوُا الطَّيْرَ طَارَ عَنْ يَمِينِهِمْ فَرِحُوا بِهِ وَاسْتَمَرُّوا وَإِذَا طَارَ عَنْ يَسَارِهِمْ تَشَاءَمُوا بِهِ وَرَجَعُوا وَرُبَّمَا هَيَّجُوا الطَّيْرَ لِتَطِيرَ فَيَعْتَمِدُوا ذَلِكَ فَكَانَ يَصُدُّهُمْ ذَلِكَ عَنْ مَقَاصِدِهِمْ فَنَفَاهُ الشَّرْعُ وَأَبْطَلَهُ وَنَهَى عَنْهُ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي جَلْبِ نَفْعٍ أَوْ دَفْعِ ضُرٍّ قَوْلُهُ: (وَلَا هَامَةَ) بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ وَجُوِّزَ تَشْدِيدُهَا طَائِرٌ كَانُوا يَتَشَاءَمُونَ بِهِ قَوْلُهُ: (يَكُونُ بِهِ الْجَرَبُ) فَتْحَتَيْنِ دَاءٌ مَعْرُوفٌ قَوْلُهُ: (فَيُجْرِبُ الْإِبِلَ) بِضَمِّ الْيَاءِ مِنْ أَجْرَبَ يَصِيرُهَا أَجْرَبَ أَوْ فَتْحِهَا مِنْ بَابِ سَمِعَ أَيْ فَتَصِيرُ الْإِبِلُ كُلُّهَا أَجْرَبَ قَوْلُهُ: (فَمَنْ أَجْرَبَ الْأَوَّلَ) أَيْ كَمَا أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هُوَ الْمُؤَثِّرُ فِي جَرَبِ الْأَوَّلِ كَذَلِكَ هُوَ الْمُؤَثِّرُ فِي جَرَبِ الثَّانِي وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ فَإِنَّ يَحْيَى بْنَ أَبِي حَيَّةَ كَانَ يُدَلِّسُ وَقَدْ رَوَى عَنْ أَبِيهِ بِصِيغَةِ الْعَنْعَنَةِ وَلَمْ يَتَفَرَّدِ ابْنُ مَاجَهْ بِإِخْرَاجِ هَذَا الْمَتْنِ فَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ مَسْعُودٍ انْتَهَى قُلْتُ: بَلْ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَأَبُو دَاوُدَ فِي الطِّبِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي هُرَيْرَةَ نَعَمِ التِّرْمِذِيُّ رَوَاهُ فِي الْقَدَرِ كَالْمُصَنِّفِ.

87 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عِيسَى الْجَرَّارُ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ أَبِي الْمُسَاوِرِ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ «لَمَّا قَدِمَ عَدِيُّ ابْنُ حَاتِمٍ الْكُوفَةَ أَتَيْنَاهُ فِي نَفَرٍ مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَقُلْنَا لَهُ حَدِّثْنَا مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا عَدِيَّ ابْنَ حَاتِمٍ أَسْلِمْ تَسْلَمْ قُلْتُ وَمَا الْإِسْلَامُ فَقَالَ تَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَتُؤْمِنُ بِالْأَقْدَارِ كُلِّهَا لِخَيْرِهَا وَشَرِّهَا حُلْوِهَا وَمُرِّهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَسْلِمْ) مِنَ الْإِسْلَامِ وَالْمُرَادُ الْإِسْلَامُ مَعَ طَهَارَةِ الْقَلْبِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تَفْسِيرُهُ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْإِسْلَامَ بِالْمَعْنَى الَّذِي سَبَقَ فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ لَا يَسْتَلْزِمُ السَّلَامَةَ مِنَ النَّارِ فَكَيْفَ قَالَ تَسْلَمُ وَهُوَ بِفَتْحِ اللَّامِ مِنَ السَّلَامَةِ أَيْ تَكُنْ سَالِمًا مِنَ الْخُلُودِ فِي النَّارِ فَلَا دَلَالَةَ عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُعَذَّبُ قَوْلُهُ: (قَالَ: تَشْهَدُ) بِتَقْدِيرِ أَنْ تَشْهَدَ فَيَجُوزُ نَصْبُهُ أَوْ هُوَ مِنْ إِقَامَةِ الْمُضَارِعِ مَقَامَ الْمَصْدَرِ بِلَا تَقْدِيرٍ وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى ضَعْفِ عَبْدِ الْأَعْلَى وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

88 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ يَزِيدَ الرِّقَاشِيِّ عَنْ غُنَيْمِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثَلُ الْقَلْبِ مَثَلُ الرِّيشَةِ تُقَلِّبُهَا الرِّيَاحُ بِفَلَاةٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَثَلُ الْقَلْبِ) قَالَ الطِّيبِيُّ الْمَثَلُ هُنَا بِمَعْنَى الصِّفَةِ لَا الْقَوْلِ السَّائِرِ وَالْمَعْنَى صِفَةُ الْقَلْبِ الْعَجِيبَةُ الشَّأْنِ وَوُرُودُ مَا يَرِدُ عَلَيْهِ مِنْ عَالَمِ الْغَيْبِ مِنَ الدَّوَاعِي وَسُرْعَةُ تَقَلُّبِهَا بِسَبَبِ الدَّوَاعِي كَرِيشَةٍ وَاحِدَةٍ تُقَلِّبُهَا الرِّيَاحُ بِأَرْضٍ خَالِيَةٍ مِنَ الْعُمْرَانِ فَإِنَّ الرِّيَاحَ أَشَدُّ تَأْثِيرًا فِيهَا مِنْهَا فِي عُمْرَانِ تَقَلُّبِهَا مِنَ الْقَلْبِ أَوِ التَّقْلِيبِ وَالثَّانِي هُوَ الْأَشْهَرُ الْأَظْهَرُ فِي مَقَامِ الْمُبَالَغَةِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى التَّكْثِيرِ وَهُوَ الْأَوْفَقُ بِجَمْعِ الرِّيَاحِ لِيَظْهَرَ التَّقَلُّبُ إِذْ لَوِ اسْتَمَرَّ الرِّيحُ عَلَى جَانِبٍ وَاحِدٍ لَمْ يَظْهَرِ التَّقَلُّبُ وَالْجُمْلَةُ صِفَةٌ لِلرِّيشَةِ لِكَوْنِ تَعْرِيفِهَا لِلْجِنْسِ قَوْلُهُ: (بِفَلَاةٍ) بِفَتْحِ الْفَاءِ الْأَرْضُ الْخَالِيَةُ مِنَ الْعُمْرَانِ وَذَكَرَهَا لِلْمُبَالَغَةِ فِي التَّقْلِيبِ قِيلَ وَلِكَثْرَةِ التَّقْلِيبِ سُمِّيَ الْقَلْبُ قَلْبًا وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ فَفِيهِ يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى ضَعْفِهِ.

89 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا خَالِي يَعْلَى عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «جَاءَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي جَارِيَةً أَعْزِلُ عَنْهَا قَالَ سَيَأْتِيهَا مَا قُدِّرَ لَهَا فَأَتَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ قَدْ حَمَلَتْ الْجَارِيَةُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قُدِّرَ لِنَفْسٍ شَيْءٌ إِلَّا هِيَ كَائِنَةٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَعْزِلُ عَنْهَا) أَيْ أَيَجُوزُ لِيَ الْعَزْلُ عَنْهَا أَمْ لَا وَالْعَزْلُ هُوَ الْإِنْزَالُ خَارِجَ الْفَرْجِ قَوْلُهُ: (سَيَأْتِيهَا إِلَخْ) إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ إِذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ قَوْلُهُ: (مَا قُدِّرَ) عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ وَنَصَبَ شَيْئًا أَيْ قَدَّرَ اللَّهُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ شَيْءٌ بِالرَّفْعِ فَقُدِّرَ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَضُبِطَ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مَعَ نَصْبِ شَيْئًا وَكَانَ نَائِبُ الْفَاعِلِ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ وَهَذَا خِلَافُ مَا عَلَيْهِ كَثِيرٌ مِنَ النُّحَاةِ أَنَّهُ إِذَا وُجِدَ الْمَفْعُولُ بِهِ تَعَيَّنَ لَهُ

قَوْلُهُ: (إِلَّا هِيَ كَائِنَةٌ) أَيِ النَّفْسُ كَائِنَةٌ أَيْ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى ذَلِكَ الشَّيْءِ الْمُقَدَّرِ لَهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ضَمِيرُ هِيَ لِلشَّيْءِ الْمُقَدَّرِ وَتَأْنِيثُهُ لِكَوْنِهِ عِبَارَةً عَنِ النَّسَمَةِ وَهُوَ أَوْفَقُ بِرِوَايَاتِ الْحَدِيثِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ انْتَهَى. قُلْتُ: لَمْ يَنْفَرِدِ ابْنُ مَاجَهْ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ فِي النِّكَاحِ بِسَنَدِهِمَا عَنْ جَابِرٍ.

90 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَزِيدُ فِي الْعُمْرِ إِلَّا الْبِرُّ وَلَا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلَّا الدُّعَاءُ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِخَطِيئَةٍ يَعْمَلُهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا يَزِيدُ فِي الْعُمْرِ إِلَّا الْبِرُّ) إِمَّا لِأَنَّ الْبَارَّ يَنْتَفِعُ بِعُمْرِهِ وَإِنْ قَلَّ أَكْثَرَ مِمَّا يَنْتَفِعُ بِهِ غَيْرُهُ وَإِنْ كَثُرَ وَإِمَّا لِأَنَّهُ يُزَادُ لَهُ فِي الْعُمْرِ حَقِيقَةً بِمَعْنَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ بَارًّا لَقَصُرَ عُمْرُهُ عَنِ الْقَدْرِ الَّذِي كَانْ إِذَا بَرَّ لَا بِمَعْنَى أَنَّهُ يَكُونُ أَطْوَلَ عُمْرًا مِنْ غَيْرِ الْبَارِّ ثُمَّ التَّفَاوُتُ إِنَّمَا يَظْهَرُ فِي التَّقْدِيرِ الْمُعَلَّقِ لَا فِيمَا يَعْلَمُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْأَمْرَ يَصِيرُ إِلَيْهِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَقْبَلُ التَّغَيُّرَ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ قَوْلُهُ تَعَالَى {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد: 39] وَمِثْلُهُ وَلَا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلَّا الدُّعَاءُ وَالْمُرَادُ بِالْقَدَرِ الْمُقَدَّرُ وَلَا يَخْفَى مَا بَيْنَ الْحَصْرَيْنِ مِنَ التَّنَاقُضِ فَيَجِبُ حَمْلُ الْمُقَدَّرِ عَلَى غَيْرِ الْعُمْرِ فَلْيُتَأَمَّلْ. قَالَ الْغَزَالِيُّ فَإِنْ قِيلَ: فَمَا فَائِدَةُ الدُّعَاءِ مَعَ أَنَّ الْقَضَاءَ لَا مَرَدَّ لَهُ فَاعْلَمْ أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ الْقَضَاءِ رَدُّ الْبَلَاءِ بِالدُّعَاءِ فَإِنَّ الدُّعَاءَ سَبَبُ رَدِّ الْبَلَاءِ وَوُجُودُ الرَّحْمَةِ كَمَا أَنَّ الْبِذْرَ سَبَبٌ لِخُرُوجِ النَّبَاتِ مِنَ الْأَرْضِ وَكَمَا أَنَّ التُّرْسَ يَدْفَعُ السَّهْمَ كَذَلِكَ الدُّعَاءُ يَرُدُّ الْبَلَاءَ انْتَهَى قُلْتُ: يَكْفِي فِي فَائِدَةِ الدُّعَاءِ أَنَّهُ عِبَادَةٌ وَطَاعَةٌ وَقَدْ أُمِرَ بِهِ الْعَبْدُ فَكَوْنُ الدُّعَاءِ ذَا فَائِدَةٍ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مَا ذُكِرَ فَلْيُتَأَمَّلْ قَوْلُهُ: (وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنَ الْحِرْمَانْ أَيْ يُمْنَعُ الرِّزْقَ الَّذِي جَاءَ وَدَخَلَ فِي يَدِهِ فَيَتْلَفُ عَلَيْهِ بِالْمَعْصِيَةِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ وَالرِّزْقُ الَّذِي قُدِّرَ لَهُ لَوْ لَمْ يَعْصِ وَحِينَئِذٍ لَا بُدَّ مِنَ التَّقْدِيرِ فِي قَوْلِهِ وَلَا يَرُدُّ الْقَدَرَ وَلَا يَبْطُلُ الْحَصْرُ فَلْيُتَأَمَّلْ وَفِي الزَّوَائِدِ سَأَلْتُ شَيْخَنَا أَبَا الْفَضْلِ الْقَرَافِيَّ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ حَسَنٌ وَرَوَى النَّسَائِيُّ مِنْهُ الْقِطْعَةَ الثَّالِثَةَ قُلْتُ وَالْأُوُلَيَانِ رَوَاهُمَا التِّرْمِذِيُّ عَنْ سَلْمَانَ.

91 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ مُسْلِمٍ الْخَفَّافُ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ سُرَاقَةَ بْنِ جُعْشُمٍ قَالَ قُلْتُ «يَا رَسُولَ اللَّهِ الْعَمَلُ فِيمَا جَفَّ بِهِ الْقَلَمُ وَجَرَتْ بِهِ الْمَقَادِيرُ أَمْ فِي أَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ قَالَ بَلْ فِيمَا جَفَّ بِهِ الْقَلَمُ وَجَرَتْ بِهِ الْمَقَادِيرُ وَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (الْعَمَلُ فِيمَا جَفَّ) بِتَقْدِيرِ حَرْفِ الِاسْتِفْهَامِ أَيْ هَلِ الْعَمَلُ مَعْدُودٌ فِي جُمْلَةِ الْمُقَدَّرِ

الْمَكْتُوبِ الَّذِي فَرَغَ الْقَلَمُ مِنْ كَتْبِهِ حَتَّى جَفَّ أَمْ هُوَ مَعْدُودٌ فِي جُمْلَةِ مَا يَسْتَقْبِلُهُ الْفَاعِلُ بِفِعْلِهِ أَيْ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ قَضَاءٌ وَهَذَا يَكْفِي فِيهِ فَرْضُ مَا يَسْتَقْبِلُهُ الْفَاعِلُ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ تَحَقُّقٌ فَلْيُتَأَمَّلْ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ فَإِنَّ مُجَاهِدًا لَمْ يَسْمَعْ مِنْ سُرَاقَةَ فَلَزِمَ الِانْقِطَاعُ وَعَطَاءٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ انْتَهَى قُلْتُ وَالْمَتْنُ قَدْ ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ.

92 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مَجُوسَ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْمُكَذِّبُونَ بِأَقْدَارِ اللَّهِ إِنْ مَرِضُوا فَلَا تَعُودُوهُمْ وَإِنْ مَاتُوا فَلَا تَشْهَدُوهُمْ وَإِنْ لَقِيتُمُوهُمْ فَلَا تُسَلِّمُوا عَلَيْهِمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنَّ مَجُوسَ هَذِهِ الْأُمَّةِ) أَيْ إِنَّهُمْ كَالْمَجُوسِ فَإِنَّ الْمَجُوسَ يَقُولُونَ بِتَعَدُّدِ الْخَالِقِ وَكَذَلِكَ مَنْ يَقُولُ بِنَفْيِ الْقَدَرِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ بَقِيَّةُ وَهُوَ مُدَلِّسٌ لَكِنْ لَمْ يَنْفَرِدِ ابْنُ مَاجَهْ بِإِخْرَاجِ هَذَا الْمَتْنِ فَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ انْتَهَى قُلْتُ: وَقَدْ جَاءَ أَصْلُ هَذَا الْمَتْنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَقَدْ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَقَدْ صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَحَقَّقَ الْحَافِظُ بْنُ حَجَرٍ أَنَّهُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالْمُعَاصَرَةِ فَلَا وَجْهَ لِلْحُكْمِ بِوَصْفِهِ كَمَا قِيلَ.

[أبواب في فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم]

[أَبْوَابُ فِي فَضَائِلِ أَصَحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] [بَاب فَضْلِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ] َ بَاب فَضْلِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ 93 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا إِنِّي أَبْرَأُ إِلَى كُلِّ خَلِيلٍ مِنْ خُلَّتِهِ وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا إِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللَّهِ قَالَ وَكِيعٌ يَعْنِي نَفْسَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنِّي أَبْرَأُ) مِنْ بَرِئَ بِالْكَسْرِ بِمَعْنَى أَتَبَرَّأُ قَوْلُهُ: (إِلَى كُلِّ خَلِيلٍ) أَيْ كُلِّ مَنْ يَزْعُمُ أَنِّي اتَّخَذْتُهُ خَلِيلًا فَلَا يَشْمَلُ عُمُومُهُ الرَّبَّ الْجَلِيلَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حَتَّى يَحْتَاجَ إِلَى الِاسْتِثْنَاءِ قَوْلُهُ: (مِنْ خُلَّتِهِ) بِضَمِّ الْخَاءِ مِنِ اتِّخَاذِي إِيَّاهُ خَلِيلًا وَهَذَا هُوَ الْمَعْنَى الْمُوَافِقُ لِلسَّوْقِ وَالْخُلَّةُ بِالضَّمِّ الصَّدَاقَةُ وَالْمَحَبَّةُ الَّتِي تَخَلَّلَتْ قَلْبَ الْمُحِبِّ وَتَدْعُو إِلَى إِطْلَاعِ الْمَحْبُوبِ عَلَى سِرِّهِ وَالْخَلِيلُ فَعِيلٌ بِمَعْنَى الْمُحْتَاجِ إِلَيْهِ وَقَوْلُهُ «وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا» مَعْنَاهُ عَلَى الْأَوَّلِ لَوْ جَازَ لِي أَنْ أَتَّخِذَ صِدِّيقًا مِنَ الْخَلْقِ تَتَخَلَّلُ مَحَبَّتُهُ فِي بَاطِنِي وَقَلْبِي وَيَكُونُ مُطَّلِعًا عَلَى سِرِّي لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ لَكِنَّ مَحْبُوبِي بِهَذِهِ الصِّفَةِ هُوَ اللَّهُ وَعَلَى الثَّانِي لَوِ اتَّخَذْتُ مَنْ أَرْجِعُ إِلَيْهِ فِي الْحَاجَاتِ وَاعْتَمَدْتُ عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ

وَلَكِنَّ اعْتِمَادِي فِي الْجَمِيعِ عَلَى اللَّهِ وَهُوَ مَلْجَئِي وَمَلَاذِي قَوْلُهُ: (إِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللَّهِ) لِلسَّوْقِ بِالنَّظَرِ الْجَلِيِّ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ صَاحِبَكُمْ قَدِ اتَّخَذَ اللَّهَ خَلِيلًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَّخِذَ غَيْرَهُ خَلِيلًا احْتِرَازًا عَنِ الشَّرِكَةِ لَكِنَّ الْمُتَبَادِرَ إِلَى الْأَفْهَامِ مِنَ اللَّفْظِ الْمُوَافِقِ لِلسَّوْقِ بِدَقِيقِ النَّظَرِ أَنَّ اللَّهَ اتَّخَذَ صَاحِبَكُمْ خَلِيلًا فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْقَطِعَ إِلَيْهِ فَكَيْفَ يَتَّخِذُ غَيْرَهُ خَلِيلًا وَعَلَى الثَّانِي يُفْهَمُ مِنَ الْحَدِيثِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدِ اتَّخَذَ نَبِيَّنَا - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَلِيلًا كَمَا اتَّخَذَهُ حَبِيبًا وَالْخُلَّةُ لَيْسَتْ مَخْصُوصَةً بِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بَلْ حَاصِلَةً لِنَبِيِّنَا - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ - بِأَكْمَلِ وَجْهٍ وَأَتَمِّ نَفْيٍ أَنَّ اتِّخَاذَ اللَّهِ تَعَالَى أَحَدًا خَلِيلًا لَيْسَ بِمُسْتَقِيمٍ لِلْمَعْنَيَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا فَيَعْتَقِدُ أَنَّهُ بِمَعْنًى آخَرَ مُنَاسِبٍ لِجَنَابِهِ الْأَقْدَسِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَلَا يَخْفَى مَا فِي الْحَدِيثِ مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى فَضْلِ الصِّدِّيقِ وَأَنَّهُ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ خَلِيلًا لِمِثْلِهِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ - لَوْ جَازَ لَهُ اتِّخَاذُ أَحَدٍ خَلِيلًا سِوَى اللَّهِ تَعَالَى وَهَلْ يُعْقَلُ فِي الْعَقْلِ وَيُتَصَوَّرُ فِي النَّقْلِ دَرَجَةٌ فَوْقَ هَذَا.

94 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا نَفَعَنِي مَالٌ قَطُّ مَا نَفَعَنِي مَالُ أَبِي بَكْرٍ فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ هَلْ أَنَا وَمَالِي إِلَّا لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (هَلْ أَنَا وَمَالِي إِلَخْ) انْظُرْ إِلَى مُرَاعَاةِ التَّأَدُّبِ وَالتَّوَاضُعِ فِي حَضْرَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدْ جَعَلَ نَفْسَهُ كَالْعَبْدِ وَكَذَلِكَ الْأَدَبُ فَالنَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَفِي الزَّوَائِدِ قُلْتُ: أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ إِلَى قَوْلِهِ: فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فِي الْمَنَاقِبِ وَإِسْنَادُهُ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ فِيهِ مَقَالٌ لِأَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ مِهْرَانَ الْأَعْمَشَ يُدَلِّسُ وَكَذَلِكَ أَبُو مُعَاوِيَةَ إِلَّا أَنَّهُ صَرَّحَ بِالتَّحْدِيثِ فَزَالَ التَّدْلِيسُ وَبَاقِي رِجَالِهِ ثِقَاتٌ اهـ قُلْتُ: مَضْمُونُهُ إِلَى قَوْلِهِ: فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ فِي الصَّحِيحِ.

95 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ فِرَاسٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ سَيِّدَا كُهُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنْ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ إِلَّا النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ لَا تُخْبِرْهُمَا يَا عَلِيُّ مَا دَامَا حَيَّيْنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (سَيِّدَا كُهُولِ) بِضَمِّ الْكَافِ جَمْعُ كَهْلٍ وَهُوَ مَنْ خَالَطَهُ الشَّيْبُ قَالَ الطِّيبِيُّ اعْتَبَرَ مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَإِلَّا فَلَيْسَ فِي الْجَنَّةِ كَهْلٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 2] قِيلَ: فَالْمَعْنَى هُمَا سَيِّدَا مَنْ مَاتَ كَهْلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَإِذَا كَانَ سَيِّدَا الْكُهُولِ فَبِالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَا سَيِّدَا الشَّبَابِ كَذَا قَالُوا وَقِيلَ: أَرَادَ بِالْكَهْلِ هُنَا الْحَلِيمَ الْعَاقِلَ وَاللَّهُ تَعَالَى يُدْخِلُ

فِي الْجَنَّةِ أَهْلَهَا الْحُلَمَاءَ الْعُقَلَاءَ قَوْلُهُ: (مَا دَامَا حَيَّيْنِ) ذُكِرَ لِإِفَادَةِ التَّأْبِيدِ لِئَلَّا يُظَنَّ تَخْصِيصُ النَّبِيِّ بِالْحَالِ وَإِلَّا فَلَا يُتَصَوَّرُ الْإِخْبَارُ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَفِي مُسْنَدِهِ الْأَعْوَرُ الْحَارِثُ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا فَالْحَدِيثُ قَدْ جَاءَ بِوُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ عَنْ عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَدْ حَسَّنَهُ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ.

96 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَهْلَ الدَّرَجَاتِ الْعُلَى يَرَاهُمْ مَنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ كَمَا يُرَى الْكَوْكَبُ الطَّالِعُ فِي الْأُفُقِ مِنْ آفَاقِ السَّمَاءِ وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ مِنْهُمْ وَأَنْعَمَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ) مَنْ مَوْصُولَةٌ وَأَسْفَلَ مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ أَيِ الَّذِينَ هُمْ فِي مَكَانٍ أَسْفَلَ مِنْ مَكَانِهِمْ قَوْلُهُ: (كَمَا يُرَى) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيْ يَرَى أَهْلُ الْأَرْضِ قَوْلُهُ: (مِنْ آفَاقِ السَّمَاءِ) بَيَانُ الْأُفُقِ قَوْلُهُ: (وَأَنْعَمَا) مِنْ أَنْعَمَ إِذَا زَادَ أَيْ زَادَ عَلَى تِلْكَ الْمَرْتَبَةِ وَالْمَنْزِلَةِ أَوْ مِنْ أَنْعَمَ إِذَا دَخَلَ فِي النَّعِيمِ قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةِ التِّرْمِذِيِّ فِي تَارِيخِ ابْنِ عَسَاكِرَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ فَقُلْتُ لِأَبِي سَعِيدٍ وَمَا أَنْعَمَا قَالَ: هُمَا أَهْلٌ لِذَلِكَ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى وَحُقَّ لَهُمَا ذَلِكَ وَمِثْلُهُ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ.

97 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ مَوْلًى لِرِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَا أَدْرِي مَا قَدْرُ بَقَائِي فِيكُمْ فَاقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي وَأَشَارَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَا بَقَائِي) مَا اسْتِفْهَامِيَّةٌ أَيْ لَا أَدْرِي أَقَلِيلٌ مُدَّةُ مُقَامِي فِيكُمْ أَمْ كَثِيرٌ قَوْلُهُ: (بِاللَّذَيْنِ) بِالتَّثْنِيَةِ وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى خِلَافَتِهِمَا بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

98 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ «لَمَّا وُضِعَ عُمَرُ عَلَى سَرِيرِهِ اكْتَنَفَهُ النَّاسُ يَدْعُونَ وَيُصَلُّونَ أَوْ قَالَ يُثْنُونَ وَيُصَلُّونَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ وَأَنَا فِيهِمْ فَلَمْ يَرُعْنِي إِلَّا رَجُلٌ قَدْ زَحَمَنِي وَأَخَذَ بِمَنْكِبِي فَالْتَفَتُّ فَإِذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَتَرَحَّمَ عَلَى عُمَرَ ثُمَّ قَالَ مَا خَلَّفْتُ أَحَدًا أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِمِثْلِ عَمَلِهِ مِنْكَ وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأَظُنُّ لَيَجْعَلَنَّكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَعَ صَاحِبَيْكَ وَذَلِكَ أَنِّي كُنْتُ أَكْثَرُ أَنْ أَسْمَعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ذَهَبْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَدَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَخَرَجْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَكُنْتُ أَظُنُّ لَيَجْعَلَنَّكَ اللَّهُ مَعَ صَاحِبَيْكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَلَى سَرِيرِهِ) قِيلَ: لِلْغُسْلِ بَعْدَ الْمَوْتِ قُلْتُ أَوْ لِلْحَمْلِ إِلَى الْمَقْبَرَةِ وَهُوَ الْأَوْفَقُ بِقَوْلِهِ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ قَوْلُهُ: (يَثْنُونَ وَيُصَلُّونَ) أَيْ يَتَرَحَّمُونَ عَلَيْهِ وَيَحْتَمِلُ عَلَيْهِ بَعْدَ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَقَوْلُهُ: فَلَمْ يَرُعْنِي مِنَ الرَّوْعِ وَقَوْلُهُ: مِنْكَ خِطَابٌ لِعُمَرَ قَوْلُهُ: (مَعَ صَاحِبَيْكَ)

أَيْ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ فِي الْمَدْفَنِ وَقِيلَ: فِي عَالَمِ الْقُدْسِ قَوْلُهُ: (أَكْثَرُ مِنْ أَنْ أَسْمَعَ) أَكْثَرُ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ مَحْذُوفُ الْخَبَرِ مِنْ قَبِيلِ أَخْطَبُ مَا يَكُونُ الْأَمِيرُ وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ كُنْتُ وَلَا يَصْلُحُ لَفْظُ أَكْثَرُ لِكَوْنِهِ خَبَرَ كُنْتُ إِذْ لَمْ يُوصَفِ الشَّخْصُ بِأَنَّهُ أَكْثَرُ سَمَاعِهِ يَقُولُ: ذَهَبْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ إِلَخْ بِتَأْكِيدِ الْمَرْفُوعِ الْمُتَّصِلِ بِالْمُنْفَصِلِ لِيَصِحَّ الْعَطْفُ وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ بِلَا تَأْكِيدٍ مَا عَدَا رِوَايَةَ الْأَصِيلِيِّ فَفِيهَا بِالتَّأْكِيدِ فَزَعَمَ ابْنُ مَالِكٍ أَنَّهُ حُجَّةٌ عَلَى النُّحَاةِ فِي وُجُوبِ التَّأْكِيدِ مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مِنْ تَصَرُّفَاتِ الرُّوَاةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ غَيْرِ الْأَصِيلِيِّ فِي الصَّحِيحِ.

99 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقَالَ هَكَذَا نُبْعَثُ»

100 - حَدَّثَنَا أَبُو شُعَيْبٍ صَالِحُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ بَكْرِ بْنِ خُنَيْسٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ سَيِّدَا كُهُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنْ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ إِلَّا النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ»

101 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ وَالْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ عَائِشَةُ قِيلَ مِنْ الرِّجَالِ قَالَ أَبُوهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَخْ) هَذِهِ الْمَحَبَّةُ كَانَتْ بِاعْتِبَارِ بَعْضِ الْوُجُوهِ فَمَرْجِعُهَا إِلَى الْفَضْلِ الْجُزْئِيِّ فَلَا يَدُلُّ عَلَى الْفَضْلِ الْكُلِّيِّ وَلِذَلِكَ جَاءَ فِيهَا تَقْدِيمُ أَبِي عُبَيْدَةَ عَلَى عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ.

102 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ أَخْبَرَنِي الْجُرَيْرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ قُلْتُ لِعَائِشَةَ «أَيُّ أَصْحَابِهِ كَانَ أَحَبَّ إِلَيْهِ قَالَتْ أَبُو بَكْرٍ قُلْتُ ثُمَّ أَيُّهُمْ قَالَتْ عُمَرُ قُلْتُ ثُمَّ أَيُّهُمْ قَالَتْ أَبُو عُبَيْدَةَ»

[باب فضل عمر رضي الله عنه]

[بَاب فَضْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ] 103 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّلْحِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خِرَاشٍ الْحَوْشَبِيُّ عَنْ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «لَمَّا أَسْلَمَ عُمَرُ نَزَلَ جِبْرِيلُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ لَقَدْ اسْتَبْشَرَ أَهْلُ السَّمَاءِ بِإِسْلَامِ عُمَرَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَقَدِ اسْتَبْشَرَ أَهْلُ السَّمَاءِ) أَيْ أَظْهَرُوا الْفَرَحَ وَالسُّرُورَ بِإِسْلَامِهِ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِتَقْوِيَةِ الدِّينِ الْحَقِّ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى ضَعْفِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خِرَاشٍ إِلَّا أَنَّ ابْنَ حِبَّانَ ذَكَرَهُ فِي الثِّقَاتِ وَأَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِهِ فِي صَحِيحِهِ.

104 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّلْحِيُّ أَنْبَأَنَا دَاوُدُ بْنُ عَطَاءٍ الْمَدِينِيُّ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلُ مَنْ يُصَافِحُهُ الْحَقُّ عُمَرُ وَأَوَّلُ مَنْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَأَوَّلُ مَنْ يَأْخُذُ بِيَدِهِ فَيُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَوَّلُ مَنْ يُصَافِحُهُ الْحَقُّ) يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ صَاحِبُ الْحَقِّ وَهُوَ الْمَلَكُ الَّذِي كَانْ إِلْهَامُ الصَّوَابِ بِوَاسِطَتِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَقِّ مَا هُوَ ضِدُّ الْبَاطِلِ وَمُصَافَحُتُهُ وَالتَّسْلِيمُ كِنَايَةٌ عَنْ ظُهُورِهِ لَهُ قَبْلَ غَيْرِهِ فِي الْمَشُورَةِ وَغَيْرِهَا أَوْ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْأَعْرَاضَ لَهَا صُوَرٌ تَظْهَرُ فِيهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِنَّهُ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِوَاسِطَةِ تَوْفِيقِهِ إِيَّاهُ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَأَوَّلُ مَنْ يَأْخُذُ بِيَدِهِ إِلَخْ وَمَرْجِعُ الْمَعْنَيَيْنِ إِلَى الْفَضْلِ الْجُزْئِيِّ بِوَاسِطَةِ تَوْفِيقِهِ لِلصَّوَابِ وَحَمْلُ الْحَقِّ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مَعَ بُعْدِهِ يَسْتَلْزِمُ الْفَضْلَ الْكُلِّيَّ بَلْ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ فَلَا وَجْهَ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ فِيهِ دَاوُدَ بْنُ عَطَاءٍ الْمَدِينِيُّ وَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى ضَعْفِهِ وَبَاقِي رِجَالِهِ ثِقَاتٌ وَقَالَ السُّيُوطِيُّ قَالَ الْحَافِظُ عِمَادُ الدِّينِ بْنُ كَثِيرٍ فِي جَامِعِ الْمَسَانِيدِ: هَذَا الْحَدِيثُ مُنْكَرٌ جِدًّا وَمَا هُوَ أَبْعَدُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَوْضُوعًا وَالْآفَةُ فِيهِ مِنْ دَاوُدَ بْنِ عَطَاءٍ اهـ.

105 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ أَبُو عُبَيْدٍ الْمَدِينِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ قَالَ حَدَّثَنِي الزَّنْجِيُّ بْنُ خَالِدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ خَاصَّةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: ( «اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ بِعُمَرَ» ) أَيْ قَوِّهِ وَانْصُرْهُ وَاجْعَلْهُ غَالِبًا عَلَى الْكُفْرِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ} [يس: 14] وَجَاءَ أَنَّهُ أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ بَعْدَ أَنْ كَانَ مُخْتَفِيًا وَقَوْلُهُ: خَاصَّةً رِوَايَةُ الْكِتَابِ وَرِوَايَةُ التِّرْمِذِيِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ «اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ بِأَحَبِّ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ بِأَبِي جَهْلٍ أَوْ بِعُمَرَ» وَكَانْ أَحَبُّهُمَا إِلَيْهِ عُمَرَ رِوَايَتُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ بِأَبِي جَهْلٍ أَوْ بِعُمَرَ» فَلَعَلَّ الْخُصُوصَ بِاعْتِبَارِ الْمَآلِ وَالْوَاقِعِ أَوْ دَعَا أَوَّلًا بِالتَّرْدِيدِ وَثَانِيًا بِعُمَرَ خَاصَّةً فِي الزَّوَائِدِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ غَرِيبٌ قُلْتُ: وَتُكَلِّمَ فِي رِوَايَتِهِ وَإِسْنَادِهِ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ ضَعِيفٌ فِيهِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ ضَعَّفَهُ بَعْضٌ وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَفِيهِ مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزِّنْجِيُّ قَالَ الْبُخَارِيُّ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وَضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَابْنُ حِبَّانَ.

106 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ خَيْرُ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ وَخَيْرُ النَّاسِ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ عُمَرُ

107 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ الْمِصْرِيُّ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ «كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي فِي الْجَنَّةِ فَإِذَا أَنَا بِامْرَأَةٍ تَتَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ فَقُلْتُ لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ فَقَالَتْ لِعُمَرَ فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَبَكَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ أَعَلَيْكَ بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغَارُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَإِذَا أَنَا بِامْرَأَةٍ تَتَوَضَّأُ) لَعَلَّ الْوُضُوءَ هُنَا لِتَعْظِيمِ التَّسْبِيحِ وَالذِّكْرِ فَإِنَّ النَّاسَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ هُنَاكَ بِلَا تَكْلِيفٍ لِلتَّلَذُّذِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ حَدَثٌ وَلَا وَسَخٌ أَوْ يَكُونُ تَقْدِيرُهُ: صَلَاحُ الْمَرْأَةِ فِي الدُّنْيَا وَكَثْرَةُ صَلَاتِهَا وَوُضُوئِهَا جَزَيْنَاهَا الْجَنَّةَ قَوْلُهُ: (غَيْرَتَهُ) أَيْ غَيْرَةَ عُمَرَ قَوْلُهُ: (أَعَلَيْكَ بِأَبِي) أَيْ أَنْتَ مُفَدًّى بِأَبِي أَغَارَ مِنَ الْغَيْرَةِ قِيلَ: هُوَ مِنْ بَابِ الْقَلْبِ وَالْأَصْلُ عَلَيْهَا أَغَارَ مِنْكَ وُجِدَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ زِيَادَةٌ وَهَلْ رَفَعَنِي اللَّهُ إِلَّا بِكَ وَهَلْ هَذَا انْتَهَى.

108 - حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ غُضَيْفِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ يَقُولُ بِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَلَى لِسَانِ عُمَرَ) قِيلَ: تَعْدِيَتُهُ بِعَلَى لِتَضْمِينِهِ مَعْنَى الْإِجْرَاءِ وَفِيهِ تَعْيِينُ الظُّهُورِ.

[باب فضل عثمان رضي الله عنه]

[بَاب فَضْلِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ] 109 - حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِيُّ حَدَّثَنَا أَبِي عُثْمَانُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِكُلِّ نَبِيٍّ رَفِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَرَفِيقِي فِيهَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَرَفِيقِي إِلَخْ) أَكْثَرُ مَا يُطْلَقُ الرَّفِيقُ عَلَى الصَّاحِبِ فِي السَّفَرِ وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الصَّاحِبِ مُطْلَقًا وَهُوَ الْمُرَادُ هَاهُنَا قُلْتُ: وَلَعَلَّ سَبَبَ ذَلِكَ مَا يُشِيرُ إِلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى {أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الطور: 21] فَتَكُونُ بَنَاتُهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَهُ وَعُثْمَانُ لِكَوْنِهِ زَوْجَ الْبِنْتَيْنِ يَتْبَعُهُمَا فَيَكُونُ عِنْدَهُ وَتَخْصِيصُ عُثْمَانَ إِنَّمَا هُوَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الذُّرِّيَّةِ وَعَلِيٌّ لِشِدَّةِ قَرَابَتِهِ وَلِكَوْنِهِ نَشَأَ فِي تَرْبِيَتِهِ مَعْدُودٌ فِي الذُّرِّيَّةِ وَالْمَقْصُودُ هَاهُنَا هُوَ الْإِخْبَارُ بِأَنَّهُ يَكُونُ فِي الْجَنَّةِ رَفِيقًا لَا الْحَصْرُ. وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ فِيهِ عُثْمَانُ بْنُ خَالِدٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ بِاتِّفَاقِهِمْ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَقَالَ: غَرِيبٌ لَيْسَ إِسْنَادُهُ بِالْقَوِيِّ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ.

110 - حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِيُّ حَدَّثَنَا أَبِي عُثْمَانُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِيَ عُثْمَانَ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ يَا عُثْمَانُ هَذَا جِبْرِيلُ أَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ قَدْ زَوَّجَكَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِمِثْلِ صَدَاقِ رُقَيَّةَ عَلَى مِثْلِ صُحْبَتِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنَّ اللَّهَ قَدْ زَوَّجَكَ إِلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ تَعَالَى كَانَ هُوَ الْعَاقِدَ كَمَا فِي أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَحْوَ زَيْنَبَ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: 37] الْآيَةَ قَوْلُهُ: (بِمِثْلِ صَدَاقِ إِلَخْ) وَصَدَاقُ

الْمَرْأَةِ مَهْرُهَا وَالْكَسْرُ أَفْصَحُ مِنَ الْفَتْحِ وَرُقَيَّةُ ضُبِطَ بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادٌ هَذَا الْحَدِيثِ كَالَّذِي قَبْلَهُ.

111 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ «ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِتْنَةً فَقَرَّبَهَا فَمَرَّ رَجُلٌ مُقَنَّعٌ رَأْسُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا يَوْمَئِذٍ عَلَى الْهُدَى فَوَثَبْتُ فَأَخَذْتُ بِضَبْعَيْ عُثْمَانَ ثُمَّ اسْتَقْبَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ هَذَا قَالَ هَذَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَقَرَّبَهَا) مِنَ التَّقْرِيبِ إِذْ ذَكَرَ أَنَّهَا قَرِيبَةٌ مُقَنَّعٌ رَأْسُهُ مِنَ التَّقْنِيعِ وَهُوَ سَتْرُ الرَّأْسِ بِالرِّدَاءِ وَإِلْقَاءُ طَرَفِهِ عَلَى الْكَتِفِ وَالضَّبْعُ الْعَضُدُ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ لَمْ يَسْمَعْ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ وَبَاقِي رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

112 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الْفَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ الدِّمَشْقِيِّ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا عُثْمَانُ إِنْ وَلَّاكَ اللَّهُ هَذَا الْأَمْرَ يَوْمًا فَأَرَادَكَ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تَخْلَعَ قَمِيصَكَ الَّذِي قَمَّصَكَ اللَّهُ فَلَا تَخْلَعْهُ يَقُولُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ» قَالَ النُّعْمَانُ فَقُلْتُ لِعَائِشَةَ مَا مَنَعَكِ أَنْ تُعْلِمِي النَّاسَ بِهَذَا قَالَتْ أُنْسِيتُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنْ وَلَّاكَ اللَّهُ) مِنَ التَّوْلِيَةِ أَيْ يَجْعَلُكَ وَالِيًا لِهَذَا الْأَمْرِ فَأَرَادُوكَ أَيْ أَرَادُوا مِنْكَ الْخَلْعَ فَهُوَ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ أَوْ قَهَرُوكَ عَلَى الْخَلْعِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ عَلَى الْخَلْعِ فَتَعْدِيَةُ الْإِرَادَةِ إِلَى الْمُخَاطَبِ وَبِعَلَى لِتَضْمِينِهَا مَعْنَى الْقَهْرِ أَوِ الْمُرَادُ قَصَدُوكَ لِخَلْعِهِ وَالْمُرَادُ بِالْقَمِيصِ الْخِلَافَةُ قَوْلُهُ: (قَمَّصَكَ) مِنَ التَّقْمِيصِ أَيْ أَلْبَسَكَ اللَّهُ إِيَّاهُ.

113 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ وَدِدْتُ أَنَّ عِنْدِي بَعْضَ أَصْحَابِي قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا نَدْعُو لَكَ أَبَا بَكْرٍ فَسَكَتَ قُلْنَا أَلَا نَدْعُو لَكَ عُمَرَ فَسَكَتَ قُلْنَا أَلَا نَدْعُو لَكَ عُثْمَانَ قَالَ نَعَمْ فَجَاءَ فَخَلَا بِهِ فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَلِّمُهُ وَوَجْهُ عُثْمَانَ يَتَغَيَّرُ» قَالَ قَيْسٌ فَحَدَّثَنِي أَبُو سَهْلَةَ مَوْلَى عُثْمَانَ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَالَ يَوْمَ الدَّارِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهِدَ إِلَيَّ عَهْدًا فَأَنَا صَائِرٌ إِلَيْهِ وَقَالَ عَلِيٌّ فِي حَدِيثِهِ وَأَنَا صَابِرٌ عَلَيْهِ قَالَ قَيْسٌ فَكَانُوا يُرَوْنَهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَهْدًا) قَالَ الطِّيبِيُّ أَيْ أَوْصَانِي بِأَنْ أَصْبِرَ وَلَا أُقَاتِلَ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي سَهْلَةَ «عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ قَالَ لِي يَوْمَ الدَّارِ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهِدَ إِلَيَّ عَهْدًا فَأَنَا صَابِرٌ عَلَيْهِ» فَذَكَرَ هَذَا الْقَدْرَ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثُ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

[باب فضل علي بن أبي طالب رضي الله عنه]

[بَاب فَضْلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ] 114 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ «عَهِدَ إِلَيَّ النَّبِيُّ الْأُمِّيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَا يُحِبُّنِي إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يُبْغِضُنِي إِلَّا مُنَافِقٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَهِدَ إِلَيَّ) أَيْ ذَكَرَ لِي وَأَخْبَرَنِي

بِذَلِكَ لَا يُحِبُّنِي أَيْ حُبًّا لَائِقًا لَا عَلَى وَجْهِ الْإِفْرَاطِ فَإِنَّ الْخُرُوجَ عَنِ الْحَدِّ غَيْرُ مَطْلُوبٍ وَلَيْسَ مِنْ عَلَامَاتِهِ بَلْ قَدْ يُؤَدِّي إِلَى الْكُفْرِ وَالطُّغْيَانِ فَإِنَّ قَوْمًا قَدْ خَرَجُوا عَنِ الْإِيمَانِ بِالْإِفْرَاطِ فِي حُبِّ عِيسَى وَلَا يَبْغَضُنِي بِلَا سَبَبٍ دُنْيَوِيٍّ يُفْضِي إِلَى ذَلِكَ بِالطَّبْعِ وَإِلَّا فَالْبُغْضُ كَمَا يَجْرِي مِنَ الْمُعَامَلَاتِ الْمُؤَدِّيَةِ إِلَيْهِ طَبْعًا لَيْسَ مِنَ النِّفَاقِ أَصْلًا كَيْفَ وَقَدْ سَبَّ الْعَبَّاسُ عَلِيًّا فِي بَعْضِ مَا جَرَى بَيْنَهُمَا فِي مَجْلِسِ عُمَرَ أَشَدَّ سَبٍّ وَهُوَ مَشْهُورٌ أَخْرَجَهُ.

115 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِعَلِيٍّ أَلَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي إِلَخْ) قَالَهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ اسْتَخْلَفَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ «فَقَالَ عَلِيٌّ تُخَلِّفُنِي فِي النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ كَأَنَّهُ اسْتَنْقَصَ تَرْكَهُ وَرَاءَهُ فَقَالَ: أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى» يَعْنِي حِينَ اسْتَخْلَفَهُ عِنْدَ تَوَجُّهِهِ إِلَى الطُّورِ إِذْ قَالَ لَهُ: اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ أَيْ مَا تَرْضَى بِأَنِّي أَنْزَلْتُكَ مِنِّي فِي مَنْزِلٍ كَانَ ذَلِكَ الْمَنْزِلُ لِهَارُونَ مِنْ مُوسَى وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَعَرُّضٌ لِكَوْنِهِ خَلِيفَةً لَهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَهُ وَكَيْفَ وَهَارُونُ مَا كَانَ خَلِيفَةً لِمُوسَى بَعْدَ مُوسَى.

116 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ أَخْبَرَنِي حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ «أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّتِهِ الَّتِي حَجَّ فَنَزَلَ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ فَأَمَرَ الصَّلَاةَ جَامِعَةً فَأَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ أَلَسْتُ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ قَالُوا بَلَى قَالَ أَلَسْتُ أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ قَالُوا بَلَى قَالَ فَهَذَا وَلِيُّ مَنْ أَنَا مَوْلَاهُ اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ اللَّهُمَّ عَادِ مَنْ عَادَاهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَأَمَرَ الصَّلَاةَ جَامِعَةً) أَيْ فَأَمَرَ بِالصَّلَاةِ وَقَالَ ائْتُوا الصَّلَاةَ جَامِعَةً فَفِي الْكَلَامِ اخْتِصَارٌ وَالصَّلَاةَ جَامِعَةً كِلَاهُمَا بِالنَّصْبِ الصَّلَاةَ مَفْعُولٌ وَجَامِعَةً حَالٌ قَوْلُهُ: (فَقَالَ إِلَخْ) قِيلَ: سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ عَلِيًّا تَكَلَّمَ فِيهِ بَعْضُ مِنْ كَانَ مَعَهُ فِي الْيَمَنِ فَأَرَادَ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا أَنْ يُحَبِّبَ إِلَيْهِمْ قُلْتُ فَفِي جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ «عَنِ الْبَرَاءِ بَعَثَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَيْشَيْنِ وَأَمَّرَ عَلَى أَحَدِهِمَا عَلِيًّا وَعَلَى الْآخَرِ خَالِدًا وَقَالَ: إِذَا

كَانَ الْقِتَالُ فَعَلِيٌّ فَافْتَتَحَ حِصْنًا وَأَخَذَ مِنْهُ جَارِيَةً فَكَتَبَ لِي خَالِدٌ كِتَابًا إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَنِي بِهِ قَالَ: فَقَدِمْتُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَرَأَ الْكِتَابَ فَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ ثُمَّ قَالَ مَا تَرَى فِي رَجُلٍ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ قَالَ: قُلْتُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ وَغَضَبِ رَسُولِهِ وَإِنَّمَا أَنَا رَسُولٌ فَسَكَتَ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَعَلَى هَذَا أَلَسْتُ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مَعْنَاهُ أَلَسْتُ أَحَقَّ بِالْمَحَبَّةِ وَالتَّوْقِيرِ وَالْإِخْلَاصِ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ لِلْأَوْلَادِ يُنَبِّهُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: 6] وَقَوْلُهُ فَهَذَا وَلِيُّ مَنْ أَنَا مَوْلَاهُ مَعْنَاهُ مَحْبُوبٌ مَنْ أَنَا مَحْبُوبُهُ قُلْتُ وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَلَاهُ أَيْ أَحِبَّ مَنْ أَحَبَّهُ بِقَرِينَةِ اللَّهُمَّ عَادِ مَنْ عَادَاهُ وَعَلَى هَذَا فَهَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ لَهُ تَعَلُّقٌ بِالْخِلَافَةِ أَصْلًا كَمَا زَعَمَتِ الرَّافِضَةُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْعَبَّاسَ وَعَلِيًّا مَا فَهِمَا مِنْهُ ذَلِكَ كَيْفَ وَقَدْ أَمَرَ الْعَبَّاسُ عَلِيًّا أَنْ يَسْأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ فِينَا أَوْ فِي غَيْرِنَا فَقَالَ لَهُ عَلَيٌّ إِنْ مَنَعَنَا فَلَا يُعْطِينَا أَحَدٌ أَوْ كَمَا قَالَ هَذَا وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ قُلْتُ: مَعْنَاهُ قَدْ جَاءَ بِوُجُوهٍ أُخَرَ.

117 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى حَدَّثَنَا الْحَكَمُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ «كَانَ أَبُو لَيْلَى يَسْمُرُ مَعَ عَلِيٍّ فَكَانَ يَلْبَسُ ثِيَابَ الصَّيْفِ فِي الشِّتَاءِ وَثِيَابَ الشِّتَاءِ فِي الصَّيْفِ فَقُلْنَا لَوْ سَأَلْتَهُ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ إِلَيَّ وَأَنَا أَرْمَدُ الْعَيْنِ يَوْمَ خَيْبَرَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَرْمَدُ الْعَيْنِ فَتَفَلَ فِي عَيْنِي ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنْهُ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ قَالَ فَمَا وَجَدْتُ حَرًّا وَلَا بَرْدًا بَعْدَ يَوْمِئِذٍ وَقَالَ لَأَبْعَثَنَّ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ لَيْسَ بِفَرَّارٍ فَتَشَرَّفَ لَهُ النَّاسُ فَبَعَثَ إِلَى عَلِيٍّ فَأَعْطَاهَا إِيَّاهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَأَنَا أَرْمَدُ الْعَيْنِ) الرَّمَدُ بِفَتْحَتَيْنِ هَيَجَانُ الْعَيْنِ فَتَفَلَ أَيْ بَصَقَ قَوْلُهُ: (لَأَبْعَثَنَّ) أَيْ لِقِتَالِ أَهْلِ خَيْبَرَ قَوْلُهُ: (لَيْسَ بِفَرَّارٍ) كَعَلَّامٍ مُبَالَغَةٌ مِنَ الْفِرَارِ وَقَوْلُهُ: فَتَشَرَّفَ أَيِ انْتَظَرَ قَوْلُهُ: (فَبَعَثَ إِلَى عَلِيٍّ) أَيْ بَعَثَ الرَّسُولُ إِلَى عَلِيٍّ لِيَحْضُرَ عِنْدَهُ فَيُعْطِيَهُ الرَّايَةَ فَجَاءَ فَأَعْطَى الرَّايَةَ إِيَّاهُ وَبَعَثَهُ لِقِتَالِ أَهْلِ خَيْبَرَ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ ابْنُ أَبِي لَيْلَى شَيْخُ وَكِيعٍ وَهُوَ مُحَمَّدُ ضَعِيفُ الْحِفْظِ لَا يُحْتَجُّ بِمَا يَنْفَرِدُ بِهِ.

118 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَبُوهُمَا خَيْرٌ مِنْهُمَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ)

الشَّبَابُ بِالْفَتْحِ وَالتَّخْفِيفِ جَمْعُ شَابٍّ وَهُوَ مَنْ بَلَغَ إِلَى ثَلَاثِينَ قِيلَ: إِضَافَةُ الشَّبَابِ إِلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ بَيَانِيَّةٌ فَإِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ كُلَّهُمْ شَبَابٌ فَكَأَنَّهُ قِيلَ: سَيِّدَا أَهْلِ الْجَنَّةِ وَحِينَئِذٍ لَا بُدَّ مِنِ اعْتِبَارِ الْخُصُوصِ أَيْ مَا سِوَى الْأَنْبِيَاءِ وَالْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَقِيلَ: بَلِ الْمُرَادُ أَنَّهُمَا سَيِّدَا كُلِّ مِنْ مَاتَ شَابًّا وَدَخَلَ الْجَنَّةَ وَلَا يَلْزَمُ أَنَّهُمَا مَاتَا شَابَّيْنِ حَتَّى يَرِدَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فَإِنَّهُمَا مَاتَا شَيْخَيْنِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا وَجْهَ حِينَئِذٍ لِتَخْصِيصِ فَضْلِهِمَا عَلَى مَنْ مَاتَ شَابًّا بَلْ هُمَا أَفْضَلُ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ مَاتَ شَيْخًا وَقَدْ يُقَالُ وَجْهُ التَّخْصِيصِ عَدُّهُمَا مِمَّنْ مَاتَ شَابًّا فَانْظُرْ إِلَى عَدَمِ بُلُوغِهِمَا عِنْدَ الْمَوْتِ أَقْصَى سِنِّ الشُّيُوخَةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: عَدَّهُمَا شَابَّيْنِ نَظَرًا إِلَى شَبَابِهِمَا حِينَ الْخِطَابِ لِكَوْنِهِمَا كَانَا صَغِيرَيْنِ حِينَئِذٍ لَا شَابَّيْنِ. وَفِي الزَّوَائِدِ رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ طَرِيقِ الْمُعَلَّى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَالْمُصَنِّفِ وَالْمُعَلَّىَ اعْتُرِضَ بِوَضْعِ سِتِّينَ حَدِيثًا فِي فَضْلِ عَلِيٍّ قَالَهُ ابْنُ مَعِينٍ فَالْإِسْنَادُ ضَعِيفٌ وَأَصْلُهُ فِي التِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ انْتَهَى. قُلْتُ: أَرَادَ أَنَّ فِي التِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ بِلَا زِيَادَةَ وَأَبُوهُمَا خَيْرٌ مِنْهُمَا وَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِدُونِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ أَيْضًا.

119 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ وَإِسْمَعِيلُ بْنُ مُوسَى قَالُوا حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ حُبْشِيِّ بْنِ جُنَادَةَ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَلِيٌّ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ وَلَا يُؤَدِّي عَنِّي إِلَّا عَلِيٌّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مِنِّي إِلَخْ) أَيْ بَيْنَنَا قَرَابَةٌ كَالْحُرِّيَّةِ وَقَوْلُهُ: إِلَّا عَلِيٌّ لَمَّا فُرِضَ الْحَجُّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا بَكْرٍ أَنْ يَحُجَّ بِالنَّاسِ ثُمَّ بَعَثَ عَلِيًّا لِيَنْبِذَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ عَهْدَهُمْ وَيَقْرَأَ عَلَيْهِمْ سُورَةَ بَرَاءَةٌ وَكَانَ مِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ إِذَا كَانَ بَيْنَهُمْ مُقَاوَلَةٌ فِي صُلْحٍ وَعَهْدٍ وَنَقْضٍ وَإِبْرَامٍ لَا يُؤَدِّي إِلَّا سَيِّدُ الْقَوْمِ وَمَنْ يَلِيهِ مِنْ ذَوِي قَرَابَتِهِ الْقَرِيبَةِ وَلَا يَقْبَلُونَ مِمَّنْ سِوَاهُمْ فَقَالَ هَكَذَا تَكْرِيمًا لِعَلِيٍّ وَاعْتِذَارًا إِلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا.

120 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ الرَّازِيُّ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى أَنْبَأَنَا الْعَلَاءُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ الْمِنْهَالِ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ عَلِيٌّ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَأَخُو رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ لَا يَقُولُهَا بَعْدِي إِلَّا كَذَّابٌ صَلَّيْتُ قَبْلَ النَّاسِ بِسَبْعِ سِنِينَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنَا عَبْدُ اللَّهِ) أَيْ مِنَ الَّذِينْ أَخْلَصُوا عِبَادَتَهُ وَوُفِّقُوا لَهَا وَهَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْمَدْحِ وَمَدْحُ النَّفْسِ لِإِظْهَارِ مِنَّتِهِ تَعَالَى وَإِذَا دَعَا إِلَيْهِ دَاعٍ آخَرُ شَرْعِيٌّ جَازَ قَوْلُهُ: (وَأَنَا الصِّدِّيقُ) هُوَ لِلْمُبَالَغَةِ مِنَ الصِّدْقِ وَتَصْدِيقُ الْحَقِّ بِلَا تَوَقُّفٍ مِنْ بَابِ الصِّدْقِ وَلَا يَكُونُ عَادَةً إِلَّا مَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ الصِّدْقُ قِيلَ: فَلِذَلِكَ سُمِّيَ أَبُو بَكْرٍ صِدِّيقًا لِمُبَادَرَتِهِ إِلَى التَّصْدِيقِ قَالَ

كَأَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ أَنَّهُ أَسْبَقُ إِيمَانًا مِنْ أَبِي بَكْرٍ أَيْضًا وَفِي الْإِصَابَةِ فِي تَرْجَمَةِ عَلِيٍّ هُوَ أَوَّلُ النَّاسِ إِسْلَامًا فِي قَوْلِ الْكَثِيرِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَوْلُهُ: (صَلَّيْتُ قَبْلَ النَّاسِ بِسَبْعِ سِنِينَ) وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ أَسْلَمَ صَغِيرًا وَصَلَّى فِي سِنِّ الصِّغَرِ وَكُلُّ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ مُعَاصِرِيهِ مَا أَسْلَمَ فِي سِنِّهِ بَلْ أَقَلُّ مَا تَأَخَّرَ مَعَاصِرُهُ عَنْ سِنِّهِ سَبْعَ سِنِينَ فَصَارَ كَأَنَّهُ صَلَّى قَبْلَهُمْ سَبْعَ سِنِينَ وَهُمْ تَأَخَّرُوا عَنْهُ بِهَذَا الْقَدْرِ وَلَمْ يُرِدْ أَنَّهُ كَانَ سَبْعَ سِنِينَ مُؤْمِنًا مُصَلِّيًا وَلَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ مُؤْمِنًا أَوْ مُصَلِّيًا ثُمَّ آمَنُوا وَصَلَّوْا وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ قَالَ: لِأَنَّهُ مَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ وَفِيهِ بُعْدٌ لَا يَخْفَى وَقَالَ ابْنُ رَجَبٍ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي خَصَائِصِ عَلِيٍّ وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ هَذَا كَأَنَّهُ كَذِبٌ عَلَى عَلِيٍّ وَفِي الزَّوَائِدِ قُلْتُ: هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنِ الْمِنْهَالِ وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَالْجُمْلَةُ الْأُولَى فِي جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا أَنْتَ أَخِي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ انْتَهَى قُلْتُ: فَكَأَنَّ مَنْ حَكَمَ بِالْوَضْعِ حَكَمَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ ظُهُورِ مَعْنَاهُ لَا لِأَجْلِ خَلَلٍ فِي إِسْنَادِهِ وَقَدْ ظَهَرَ مَعْنَاهُ بِمَا ذَكَرْنَا.

121 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ سَابِطٍ وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ «قَدِمَ مُعَاوِيَةُ فِي بَعْضِ حَجَّاتِهِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ سَعْدٌ فَذَكَرُوا عَلِيًّا فَنَالَ مِنْهُ فَغَضِبَ سَعْدٌ وَقَالَ تَقُولُ هَذَا لِرَجُلٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ الْيَوْمَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَنَالَ مِنْهُ) أَيْ نَالَ مُعَاوِيَةُ مِنْ عَلِيٍّ وَوَقَعَ فِيهِ وَسَبَّهُ بَلْ أَمَرَ سَعْدًا بِالسَّبِّ كَمَا: قِيلَ فِي مُسْلِمٍ وَالتِّرْمِذِيِّ وَمَنْشَأُ ذَلِكَ الْأُمُورُ الدُّنْيَوِيَّةُ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُمَا - وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ - وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَنَا وَيَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِنَا وَمُقْتَضَى حُسْنِ الظَّنِّ أَنْ يُحْمَلَ السَّبُّ عَلَى التَّخْطِئَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يَجُوزُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَهْلِ الِاجْتِهَادِ لَا اللَّعْنُ وَغَيْرُهُ قَوْلُهُ: (لَأُعْطِيَنَّ) بِالنُّونِ الثَّقِيلَةِ مِنَ الْإِعْطَاءِ قَالَهُ يَوْمَ فَتْحِ خَيْبَرَ ثُمَّ أَعْطَى عَلِيًّا قِيلَ: وَهَذَا سَبَبُ كَثْرَةِ مَا رُوِيَ فِي مَنَاقِبِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَمَا فِي الْإِصَابَةِ لِلْحَافِظِ بْنِ حَجَرٍ قَالَ وَمَنَاقِبُهُ كَثِيرَةٌ حَتَّى قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ لَمْ يُنْقَلْ لِأَحَدٍ عَنِ الصَّحَابَةِ مَا نُقِلَ لِعَلِيٍّ وَقَالَ غَيْرُهُ وَسَبَبُ ذَلِكَ تَعَرُّضُ بَنِي أُمَيَّةَ لَهُ فَكَانَ كُلُّ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ عِلْمٌ بِشَيْءٍ مِنْ مَنَاقِبِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ بَثَّهُ فَكُلَّمَا أَرَادُوا إِخْمَادَ شَرَفِهِ حَدَّثَ الصَّحَابَةُ بِمَنَاقِبِهِ فَلَا يَزْدَادُ إِلَّا انْتِشَارًا وَتَتَبَّعَ النَّسَائِيُّ مَا خُصَّ بِهِ مِنْ دُونِ الصَّحَابَةِ فَجَمَعَ مِنْ ذَلِكَ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً أَسَانِيدُهَا

أَكْثَرُهَا جِيَادٌ انْتَهَى.

[باب فضل الزبير رضي الله عنه]

[بَاب فَضْلِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ] 122 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ قُرَيْظَةَ مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ فَقَالَ الزُّبَيْرُ أَنَا فَقَالَ مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ فَقَالَ الزُّبَيْرُ أَنَا ثَلَاثًا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيٌّ وَإِنَّ حَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حَوَارِيٌّ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ لَفْظُهُ مُفْرَدٌ بِمَعْنَى الْخَالِصِ وَالنَّاصِرِ وَالْيَاءُ فِيهِ لِلنِّسْبَةِ وَأَصْلُ مَعْنَاهُ الْبَيَاضُ فَهُوَ مُنْصَرِفٌ مَنُونٌ قَوْلُهُ: (وَإِنَّ حَوَارِيَّ) أَصْلُهُ بِالْإِضَافَةِ إِلَى يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ لَكِنْ حُذِفَتِ الْيَاءُ اكْتِفَاءً بِالْكَسْرَةِ وَقَدْ تُبْدَّلُ فَتْحَةً لِلتَّخْفِيفِ وَيُرْوَى بِالْكَسْرَةِ وَالْفَتْحَةِ قُلْتُ: هَذَا تَخْفِيفٌ لَا يُنَاسِبُ الِاكْتِفَاءَ وَالْوَجْهُ فِي الْفَتْحِ أَنَّهُ اجْتَمَعَ ثَلَاثُ يَاءَاتٍ فَاسْتُثْقِلُوا فَحَذَفُوا إِحْدَى يَائَيِ النِّسْبَةِ ثُمَّ أَدْغَمُوا الثَّانِيَةَ فِي يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ وَيَاءِ الْمُتَكَلِّمِ تُفْتَحُ سِيَّمَا عِنْدَ الْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ فَاخْتِلَافُ الرِّوَايَتَيْنِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمَحْذُوفَ يَاءُ الْمُتَكَلِّمِ أَوْ إِحْدَى يَائَيِ النِّسْبَةِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ خَاصَّتِي وَنَاصِرِي وَكَأَنَّ الْخَاصَّةَ مَنْ كَانَ مَطْلُوبًا بِالنِّدَاءِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ.

123 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ الزُّبَيْرِ قَالَ «لَقَدْ جَمَعَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَوَيْهِ يَوْمَ أُحُدٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (جَمَعَ لِي) أَيْ قَالَ مَثَلًا بَأَبِي وَأُمِّي أَيْ أَنْتَ مُفَدًّى بِهِمَا وَالْمَقْصُودُ بِهِ التَّشْرِيفُ وَالتَّعْظِيمُ وَفِيهِ جَوَازُ الْمَدْحِ فِي حُضُورِ الْمَمْدُوحِ إِذَا كَانْ أَهْلًا.

124 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَهَدِيَّةُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَتْ عَائِشُةُ يَا عُرْوَةُ كَانَ أَبَوَاكَ مِنْ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمْ الْقَرْحُ أَبُو بَكْرٍ وَالزُّبَيْرُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مِنَ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا) أَيْ مِنَ الَّذِينْ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [آل عمران: 172] الْآيَةَ وَقِصَّتُهُمْ مَعْلُومَةٌ.

[باب فضل طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه]

[بَاب فَضْلِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ] 125 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَوْدِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا الصَّلْتُ الْأَزْدِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو نَضْرَةَ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ طَلْحَةَ مَرَّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ شَهِيدٌ يَمْشِي عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (شَهِيدٌ يَمْشِي عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ) قِيلَ: إِنَّهُ قَدْ ذَاقَ الْمَوْتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَهُوَ حَيٌّ لَمَّا قِيلَ: مُوتُوا قَبْلَ أَنْ تَمُوتُوا أَوِ الْمُرَادُ بِالْمَوْتِ عَلَى هَذَا الْغَيْبُوبَةِ عَنْ عَالَمِ الشَّهَادَةِ بِالِاسْتِغْرَاقِ فِي ذِكْرِ اللَّهِ وَمَلَكُوتِهِ وَالِانْجِذَابِ إِلَى جَنَابِ قُدْسِهِ وَقِيلَ: أَيْ أَنَّهُ ذَاقَ أَلَمَ الْمَوْتِ فِي اللَّهِ وَهُوَ حَيٌّ فَهُوَ لَمَّا ذَاقَ مِنَ الشَّدَائِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَأَنَّهُ مَاتَ وَقِيلَ

: هُوَ مَجَازِيٌ بِالْأَوَّلِ أَيْ أَنَّهُ سَيَمُوتُ شَهِيدًا.

126 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنِي إِسْحَقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ «نَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى طَلْحَةَ فَقَالَ هَذَا مِمَّنْ قَضَى نَحْبَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مِمَّنْ قَضَى نَحْبَهُ) أَيْ وَفَّى بِنَذْرِهِ وَعَزْمِهِ عَلَى أَنْ يَمُوتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ يُحَارِبَ أَعْدَاءَ اللَّهِ تَعَالَى أَشَدَّ الْمُحَارَبَةِ فَقَدْ مَاتَ أَوْ حَارَبَ كَمَا تَرَى قِيلَ: وَكَانَ فِي الصَّحَابَةِ مِمَّنْ عَزَمُوا عَلَى ذَلِكَ فَطَلْحَةُ مِمَّنْ وَفَّى بِذَلِكَ.

127 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا إِسْحَقُ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ «كُنَّا عِنْدَ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ طَلْحَةُ مِمَّنْ قَضَى نَحْبَهُ»

128 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ إِسْمَعِيلَ عَنْ قَيْسٍ قَالَ «رَأَيْتُ يَدَ طَلْحَةَ شَلَّاءَ وَقَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (شَلَّاءَ) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ مَمْدُودًا أَيْ يَابِسَةً وَقَى كَـ رَمَى مِنَ الْوِقَايَةِ أَيْ جَعَلَ يَدَهُ وِقَايَةً لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ قَدْ جَاءَ أَنَّهُ جَعَلَ نَفْسَهُ وِقَايَةً لَهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ يَقُولُ: عُقِرْتُ يَوْمَئِذٍ فِي سَائِرِ جَسَدِي حَتَّى عُقِرْتُ فِي ذَكَرِي.

[باب فضل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه]

[بَاب فَضْلِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ] 129 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ «مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ أَبَوَيْهِ لِأَحَدٍ غَيْرَ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ فَإِنَّهُ قَالَ لَهُ يَوْمَ أُحُدٍ ارْمِ سَعْدُ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَا رَأَيْتُ إِلَخْ) لَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّهُ مَا جُمَعَ لِغَيْرِي فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ جَمْعِهِ لِلزُّبَيْرِ ارْمِ سَعْدُ بِتَقْدِيرِ حَرْفِ النِّدَاءِ أَيْ يَا سَعْدُ.

130 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ح وَحَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَعِيلَ وَإِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يَقُولُ «لَقَدْ جَمَعَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ أَبَوَيْهِ فَقَالَ ارْمِ سَعْدُ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (جَمَعَ لِي) ذَكَرَهُ لِبَيَانِ جَوَازِ ذَلِكَ شَرْعًا أَوْ لِمِدْحَتِهِ بِنَفْسِهِ فِي مَقَامٍ اقْتَضَى ذَلِكَ شَرْعًا.

131 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ وَخَالِي يَعْلَى وَوَكِيعٌ عَنْ إِسْمَعِيلَ عَنْ قَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يَقُولُ إِنِّي لَأَوَّلُ الْعَرَبِ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنِّي لَأَوَّلُ الْعَرَبِ) قَالَ الطِّيبِيُّ: التَّعْرِيفُ فِي الْعَرَبِ لِلْجِنْسِ رَمَى بِسَهْمٍ صِفَةٌ لَهُ فَهُوَ كَقَوْلِهِ: وَلَقَدْ أَمُرُّ عَلَى اللَّئِيمِ يَسُبُّنِي انْتَهَى وَالْكَلَامُ فِي الْعَرَبِ الْمَوْجُودِينَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَلَا يُرَدُّ أَنَّهُ مِنْ أَيْنَ عَلِمَ ذَلِكَ مَعَ جَوَازِ أَنْ يَكُونَ فِيمَنْ سَبَقَ مَنْ رَمَى بِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ عَلِمَ

بِهِ بِالسَّمَاعِ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قِيلَ: إِنَّهُ كَانَ فِي أَوَّلِ سَرِيَّةٍ فِي الْإِسْلَامِ فِي سِتِّينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينْ أَمِيرُهُمْ عُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ عَقَدَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِوَاءً وَهُوَ أَوَّلُ لِوَاءٍ عُقِدَ لِقِتَالِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ وَالْمُشْرِكِينَ فَلَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ غَيْرَ أَنَّ سَعْدًا رَمَى إِلَيْهِمْ بِسَهْمِهِ فَكَانَ أَوَّلَ سَهْمٍ رُمِيَ فِي الْإِسْلَامِ وَكَانَ ذَلِكَ فِي السَّنَةِ الْأُولَى مِنَ الْهِجْرَةِ أَوَّلَ حَرْبٍ وَقَعَتْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ.

132 - حَدَّثَنَا مَسْرُوقُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ هَاشِمِ بْنِ هَاشِمٍ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولَ قَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ مَا أَسْلَمَ أَحَدٌ فِي الْيَوْمِ الَّذِي أَسْلَمْتُ فِيهِ وَلَقَدْ مَكَثْتُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَإِنِّي لَثُلُثُ الْإِسْلَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَا أَسْلَمَ أَحَدٌ فِي الْيَوْمِ الَّذِي أَسْلَمْتُ فِيهِ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ هَكَذَا رِوَايَةُ مَنْدَهْ فِي الْمَعْرِفَةِ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنْ يُشَارِكَهُ أَحَدٌ فِي الْإِسْلَامِ قَبْلَ يَوْمِ أَسْلَمَ لَكِنَّ رِوَايَةَ الْبُخَارِيِّ فِي صَحِيحِهِ مَا أَسْلَمَ أَحَدٌ إِلَّا فِي الْيَوْمِ الَّذِي أَسْلَمْتُ فِيهِ يُرِيدُ مَا سَبَقَ أَحَدٌ بِالْإِسْلَامِ كَمَا وَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ بِلَفْظِ مَا أَسْلَمَ أَحَدٌ قَبْلِي وَهَذَا لَا يَخْلُو عَنْ إِشْكَالٍ فَقَدْ أَسْلَمَ قَبْلَهُ جَمَاعَةٌ قِيلَ: كَأَبِي بَكْرٍ وَعَلِيٍّ وَزَيْدٍ وَغَيْرِهِمْ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ بِحَسَبِ عِلْمِهِ قَوْلُهُ: (وَإِنِّي لَثُلُثُ الْإِسْلَامِ) بِضَمَّتَيْنِ أَوْ سُكُونِ الثَّانِي حَمَلَهُ الْإِسْلَامُ عَلَى الِاطِّلَاعِ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ وَالسَّبَبُ فِيهِ أَنَّ مَنْ كَانْ أَسْلَمَ فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ كَانَ يُخْفِي إِسْلَامَهُ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالِاثْنَيْنِ الْآخَرِينَ أَبَا بَكْرٍ وَخَدِيجَةَ قِيلَ: وَالصَّوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ ثُلُثُ الرِّجَالِ الْأَحْرَارِ وَمَا فِي الِاسْتِيعَابِ أَنَّهُ أَسْلَمَ وَهُوَ سَابِعُ سَبْعَةٍ فَالْمُرَادُ بِهِ سَبْعَةُ أَشْخَاصٍ قَوْلُهُ: (وَلَقَدْ مَكَثْتُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ إِلَخْ) يُرِيدُ أَنَّهُ بَقِيَ بَعْدَ الْإِسْلَامِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ عَلَى هَذِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ مَنْ أَسْلَمَ.

[باب فضائل العشرة رضي الله عنهم]

[بَاب فَضَائِلِ الْعَشَرَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ] 133 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْمُثَنَّى أَبُو الْمُثَنَّى النَّخَعِيُّ عَنْ جَدِّهِ رِيَاحِ بْنِ الْحَارِثِ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ يَقُولُ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَاشِرَ عَشَرَةٍ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي الْجَنَّةِ وَعُمَرُ فِي الْجَنَّةِ وَعُثْمَانُ فِي الْجَنَّةِ وَعَلِيٌّ فِي الْجَنَّةِ وَطَلْحَةُ فِي الْجَنَّةِ وَالزُّبَيْرُ فِي الْجَنَّةِ وَسَعْدٌ فِي الْجَنَّةِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي الْجَنَّةِ فَقِيلَ لَهُ مَنْ التَّاسِعُ قَالَ أَنَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِلَخْ) الْمَذْكُورُ تِسْعَةٌ فَكَأَنَّهُ أَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِفَضَائِلِ الْعَشَرَةِ فَضَائِلُ غَالِبِهِمْ.

134 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ظَالِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ «أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ اثْبُتْ حِرَاءُ فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ شَهِيدٌ وَعَدَّهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَسَعْدٌ وَابْنُ عَوْفٍ وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (اثْبُتْ حِرَاءُ) فِيهِ حَذْفُ حَرْفِ النِّدَاءِ أَوْ

شَهِيدٌ أَرَادَ الْجِنْسَ فَإِنَّ الْمَذْكُورِينَ بَعْدَ الصِّدِّيقِ كُلُّهُمْ شُهَدَاءُ وَ (أَوْ) لِمَنْعِ الْخُلُوِّ وَقِيلَ: بِمَعْنَى الْوَاوِ وَاسْتُشْكِلَ بِسَعْدٍ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْتُولٍ فَقَدْ ذُكِرَ فِي جَامِعِ الْأُصُولِ أَنَّهُ مَاتَ فِي قَصْرِهِ بِالْعَقِيقِ قَرِيبًا مِنَ الْمَدِينَةِ وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يَدْخُلَ فِي الصِّدِّيقِ وَاسْمُ الصِّدِّيقِ وَإِنْ غَلَبَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَكِنَّ مَفْهُومَهُ غَيْرُ مُنْحَصِرٍ فِيهِ وَقَدْ سَبَقَ مَا جَاءَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَا الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ مَرْفُوعًا أَيْضًا فِيمَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ كَمَا رَوَاهُ الْعُقَيْلِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ وَابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ فِي مَنَاقِبِ عَلِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ: «هَذَا أَوَّلُ مَنْ آمَنَ وَأَوَّلُ مَنْ يُصَافِحُنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهَذَا الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ» الْحَدِيثَ أَوِ الْمُرَادُ بِالشَّهِيدِ مَنْ لَهُ ثَوَابُ الشُّهَدَاءِ كَالْمَبْطُونِ وَأَمْثَالِهِ.

[باب فضل أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه]

[بَاب فَضْلِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ] 135 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ جَمِيعًا عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ عَنْ حُذَيْفَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَهْلِ نَجْرَانَ سَأَبْعَثُ مَعَكُمْ رَجُلًا أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ قَالَ فَتَشَرَّفَ لَهُ النَّاسُ فَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حَقَّ أَمِينٍ) أَيْ بَلَغَ فِي الْأَمَانَةِ الْغَايَةَ الْقُصْوَى قِيلَ: الْأَمَانَةُ كَانَتْ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ لَكِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَصَّ بَعْضَهُمْ بِصِفَاتٍ غَلَبَتْ عَلَيْهِ وَكَانَ بِهَا أَخَصَّ وَقِيلَ: خَصَّهُ بِالْأَمَانَةِ لِكَمَالِ هَذِهِ الصِّفَةِ فِيهِ قَوْلُهُ: (فَتَشَرَّفَ) أَيِ انْتَظَرَ لَهُ أَيْ لِلْبَعْثِ وَفِي نُسْخَةٍ لَهَا أَيْ لِهَذِهِ الْكَلِمَةِ.

136 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ هَذَا أَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لِأَبِي عُبَيْدَةَ) أَيْ فِي شَأْنِهِ لِأَنَّهُ خَاطَبَهُ إِذْ مَقُولُ الْقَوْلِ لَا يُنَاسِبُ الْخِطَابَ.

[باب فضل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه]

[بَاب فَضْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ] 137 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ كُنْتُ مُسْتَخْلِفًا أَحَدًا عَنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ لَاسْتَخْلَفْتُ ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَاسْتَخْلَفْتُ ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ) هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ قِيلَ: يَدُلُّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ تَأْمِيرَهُ عَلَى جَيْشٍ بِعَيْنِهِ أَوِ اسْتِخْلَافَهُ فِي أُمُورِ جِهَاتٍ أَوْ بِمَكَانٍ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ مِنَ الْعِلْمِ بِمَكَانٍ وَلَهُ الْفَضَائِلُ الْجَمَّةُ وَالسَّوَابِقُ

الْجَلِيلَةُ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ قُرَيْشٍ وَقَدْ نَصَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ فِي قُرَيْشٍ فَلَا يَصْلُحُ لِأَحَدٍ حَمْلُهُ إِلَّا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَا انْتَهَى قُلْتُ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَدِيثُ قَبْلَ التَّنْصِيصِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ فِي قُرَيْشٍ عَلَى أَنْ سَوْقَ الْحَدِيثِ لِإِفَادَةِ أَنَّ مَا يُحْتَاجُ إِلَى الْمَشُورَةِ مِمَّا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ أَمْرُ الِاسْتِخْلَافِ مِنَ الْكَمَالَاتِ كُلِّهَا مَوْجُودَةٌ فِي ابْنِ مَسْعُودٍ وُجُودًا بَيِّنًا بِحَيْثُ لَا حَاجَةَ فِي اسْتِخْلَافِهِ إِلَى شُهْرَةِ مَعْرِفَةِ تِلْكَ الْكَمَالَاتِ وَهَذَا لَا يُنَافِي عَدَمَ صِحَّةِ اسْتِخْلَافِهِ لِعَدَمِ كَوْنِهِ مِنْ قُرَيْشٍ فَلْيُتَأَمَّلْ.

138 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ بَشَّرَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ غَضًّا كَمَا أُنْزِلَ فَلْيَقْرَأْهُ عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (غَضًّا) بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ قِيلَ: الْغَضُّ الطَّرِيُّ الَّذِي لَمْ يَتَغَيَّرْ أَرَادَ طَرِيقَهُ فِي الْقِرَاءَةِ وَهَيْئَتَهُ فِيهَا وَقِيلَ: أَرَادَ الْآيَاتِ الَّتِي سَمِعَهَا مِنْهُ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ النِّسَاءِ إِلَى قَوْلِهِ {وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} [النساء: 41]

139 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْنُكَ عَلَيَّ أَنْ تَرْفَعَ الْحِجَابَ وَأَنْ تَسْمَعَ سِوَادِي حَتَّى أَنْهَاكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذْنُكُ عَلَيَّ) أَيْ فِي الدُّخُولِ عَلَيَّ قَوْلُهُ: (وَأَنْ تَسْمَعَ سِوَادِي) فِي النِّهَايَةِ السِّوَادُ بِالْكَسْرِ السِّرَارُ كَأَنَّهُ جَوَّزَ لَهُ فِي الدُّخُولِ عَلَيْهِ حَيْثُ يَسْمَعُ كَلَامَ اللَّهِ وَيَعْلَمُ مَعَ وُجُودِهِ إِلَّا أَنْ يَنْهَاهُ وَلَعَلَّ ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الدَّارِ حُرْمَةٌ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ يَخْدُمُهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَالَاتِ كُلِّهَا فَيُهَيِّئُ طَهُورَهُ وَيَحْمِلُ مَعَهُ الْمَطْهَرَةَ إِذَا قَامَ إِلَى الْوُضُوءِ وَيَأْخُذُ نَعْلَهُ وَيَضَعُهَا إِذَا جَلَسَ وَحِينَ يَنْهَضُ فَيَحْتَاجُ إِلَى كَثْرَةِ الدُّخُولِ عَلَيْهِ.

[باب فضل العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه]

[بَاب فَضْلِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ] 140 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَرِيفٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي سَبْرَةَ النَّخَعِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ عَنْ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ «كُنَّا نَلْقَى النَّفَرَ مِنْ قُرَيْشٍ وَهُمْ يَتَحَدَّثُونَ فَيَقْطَعُونَ حَدِيثَهُمْ فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَتَحَدَّثُونَ فَإِذَا رَأَوْا الرَّجُلَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي قَطَعُوا حَدِيثَهُمْ وَاللَّهِ لَا يَدْخُلُ قَلْبَ رَجُلٍ الْإِيمَانُ حَتَّى يُحِبَّهُمْ لِلَّهِ وَلِقَرَابَتِهِمْ مِنِّي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كُنَّا نَلْقَى) مِنْ لَقِيَ بِكَسْرِ الْقَافِ فَيَقْطَعُونَ حَدِيثَهُمْ أَيْ عِنْدَ لِقَائِنَا غَضَبًا وَعَدَاوَةً لَنَا لَا إِخْفَاءً لِلْحَدِيثِ عَنَّا لِكَوْنِهِ سِرًّا وَإِلَّا فَلَا لَوْمَ عَلَى إِخْفَاءِ الْأَسْرَارِ قَوْلُهُ: (حَتَّى يُحِبَّهُمْ لِلَّهِ) أَيْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23] وَفِي الزَّوَائِدِ رِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ قِيلَ: رِوَايَةُ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ عَنِ الْعَبَّاسِ مُرْسَلَةٌ وَلَهُ شَاهِدٌ

رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ أَنَّ الْعَبَّاسَ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مُغْضَبًا فَقَالَ: مَا أَغْضَبَكَ قَالَ: مَا لَنَا وَقُرَيْشٌ إِذَا تَلَاقَوْا بَيْنَهُمْ تَلَاقَوْا بِوُجُوهٍ مُبْشَرَةٍ وَإِذَا لَقُونَا لَقُونَا بِغَيْرِ ذَلِكَ، فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى احْمَرَّ وَجْهُهُ ثُمَّ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَدْخُلُ قَلْبَ رَجُلٍ إِيمَانٌ حَتَّى يُحِبَّهُمْ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ الْحَدِيثَ انْتَهَى قُلْتُ: قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ صَحِيحٌ.

141 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الضَّحَّاكِ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ اتَّخَذَنِي خَلِيلًا كَمَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا فَمَنْزِلِي وَمَنْزِلُ إِبْرَاهِيمَ فِي الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُجَاهَيْنِ وَالْعَبَّاسُ بَيْنَنَا مُؤْمِنٌ بَيْنَ خَلِيلَيْنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (تُجَاهَيْنِ) قَالَ السُّيُوطِيُّ أَيْ مُتَقَابِلِينَ وَالتَّاءُ فِيهِ بَدَلُ وَاوِ وِجَاهٍ وَفِي الْقَامُوسِ تُجَاهَكَ وَوِجَاهَكَ مِثْلَيْنِ تِلْقَاءَ وَجْهِكَ مُؤْمِنٌ بَيْنَ خَلِيلَيْنِ فَإِنَّهُ عَمٌّ لِأَحَدِهِمَا وَوَلَدٌ بِوَسَائِطَ لِلْآخَرِ فَلِذَلِكَ يَكُونُ لَهُ قُرْبٌ مِنْهُمَا وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى ضَعْفِ عَبْدِ الْوَهَّابِ بَلْ قَالَ فِيهِ أَبُو دَاوُدَ: يَضَعُ الْحَدِيثَ وَقَالَ الْحَاكِمُ رَوَى أَحَادِيثَ مَوْضُوعَةً وَشَيْخُهُ إِسْمَاعِيلُ اخْتَلَطَ بِآخِرِهِ وَقَالَ ابْنُ رَجَبٍ: انْفَرَدَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ مَوْضُوعٌ فَإِنَّهُ مِنْ بَلَايَا عَبْدِ الْوَهَّابِ وَقَالَ فِيهِ أَبُو دَاوُدَ: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ.

[باب فضل الحسن والحسين ابني علي بن أبي طالب رضي الله عنهم]

[بَاب فَضْلِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ ابْنَيْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ] 142 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْحَسَنِ اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ وَأَحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُ قَالَ وَضَمَّهُ إِلَى صَدْرِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَالَ لِلْحَسَنِ) أَيْ فِيهِ وَلِأَجْلِ الدُّعَاءِ لَهُ أُحِبُّهُ أَيْ طَبْعًا فَيَقْتَضِي الْأَوَامِرَ الْإِلَهِيَّةَ بِالْوَصْلِ عُمُومًا وَخُصُوصًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23] فَأَحِبَّهُ أَيْ فَأَطْلُبُ مِنْكَ لِذَلِكَ أَنْ تُحِبَّهُ، وَضَمَّهُ عَطْفٌ عَلَى قَالَ.

143 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي عَوْفٍ أَبِي الْجَحَّافِ وَكَانَ مَرْضِيًّا عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَحَبَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ فَقَدْ أَحَبَّنِي وَمَنْ أَبْغَضَهُمَا فَقَدْ أَبْغَضَنِي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ أَحَبَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ) بَيَانُ مَا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مِنَ الِاتِّحَادِ بِسَبَبِ الْجُزْئِيَّةِ وَالْكُلِّيَّةِ فَصَارَ حُبُّهُمَا حُبَّهُ وَبُغْضُهُمَا بُغْضَهُ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَحَبَّتَهُمَا فَرْضٌ لَا يَتِمُّ الْإِيمَانُ بِدُونِهَا ضَرُورَةَ أَنَّ مَحَبَّتَهُ كَذَلِكَ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي الْمَنَاقِبِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ عَنْ

سُفْيَانَ بِهِ.

144 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ أَنَّ يَعْلَى بْنَ مُرَّةَ حَدَّثَهُمْ «أَنَّهُمْ خَرَجُوا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى طَعَامٍ دُعُوا لَهُ فَإِذَا حُسَيْنٌ يَلْعَبُ فِي السِّكَّةِ قَالَ فَتَقَدَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَامَ الْقَوْمِ وَبَسَطَ يَدَيْهِ فَجَعَلَ الْغُلَامُ يَفِرُّ هَا هُنَا وَهَا هُنَا وَيُضَاحِكُهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَخَذَهُ فَجَعَلَ إِحْدَى يَدَيْهِ تَحْتَ ذَقْنِهِ وَالْأُخْرَى فِي فَأْسِ رَأْسِهِ فَقَبَّلَهُ وَقَالَ حُسَيْنٌ مِنِّي وَأَنَا مِنْ حُسَيْنٍ أَحَبَّ اللَّهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْنًا حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنْ الْأَسْبَاطِ» حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ مِثْلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (دُعُوا لَهُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَبَسَطَ يَدَيْهِ كَأَنَّهُ يُرِيدُ يَأْخُذُهُ بَيْنَهُمَا يَفِرُّ كَعَادَةِ الصِّغَارِ إِذَا أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْخُذَهُمْ قَوْلُهُ: (فِي فَأْسِ رَأْسِهِ) بِالْهَمْزَةِ هُوَ طَرَفُ مُؤَخِّرِهِ الْمُنْتَشِرِ عَلَى الْقَفَا قَوْلُهُ: (حُسَيْنٌ مِنِّي وَأَنَا مِنْ حُسَيْنٍ) أَيْ بَيْنَنَا مِنَ الِاتِّحَادِ وَالِاتِّصَالِ مَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنَ الْآخَرِ سِبْطٌ هُوَ وَلَدُ الْوَلَدِ خَرَجَ تَأْكِيدًا لِلِاتِّحَادِ وَالْبَعْضِيَّةِ وَتَقْرِيرًا لَهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فَائِدَةُ الْإِخْبَارِ بَيَانْ أَنَّهُ حَقِيقٌ بِذَلِكَ وَأَهْلٌ لَهُ وَلَيْسَ مِنَ الْأَوْلَادِ الَّذِينَ يُنْفَى نَسَبُهُمْ عَنِ الْآبَاءِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ وَقِيلَ: يُطْلَقُ السِّبْطُ عَلَى الْقَبِيلَةِ وَهُوَ الْمُرَادُ هَاهُنَا وَالْمَقْصُودُ الْإِخْبَارُ بِبَقَائِهِ وَكَثْرَةِ أَوْلَادِهِ وَقِيلَ: الْمُرَادُ أَنَّهُ أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ فِي الْخَيْرِ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً} [النحل: 120] وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ قَوْلِهِ: حُسَيْنٌ مِنِّي إِلَخْ وَلَمْ يَذْكُرِ الْقِصَّةَ قَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.

145 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ وَعَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ عَنْ السُّدِّيِّ عَنْ صُبَيْحٍ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ أَنَا سِلْمٌ لِمَنْ سَالَمْتُمْ وَحَرْبٌ لِمَنْ حَارَبْتُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنَا سِلْمٌ) بِكَسْرِ السِّينِ وَيُفْتَحُ الصُّلْحُ أَيْ مُصَالِحٌ وَكَذَا حَرْبٌ أَيْ مُحَارِبٌ وَجَعَلَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَفْسَهُ نَفْسَ الصُّلْحِ وَالْجَوَابُ مُبَالَغَةٌ كَقَوْلِهِ: رَجُلٌ عَدْلٌ.

[باب فضل عمار بن ياسر]

[بَاب فَضْلِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ] 146 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ هَانِئِ بْنِ هَانِئٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ «كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَأْذَنَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ائْذَنُوا لَهُ مَرْحَبًا بِالطَّيِّبِ الْمُطَيَّبِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِالطَّيِّبِ) كَأَنَّهُ جُبِلَ عَلَى الِاسْتِقَامَةِ وَالسَّلَامَةِ ثُمَّ زَادَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ بِمَا أَعْطَاهُ مِنْ عِلْمِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَقِيلَ: (الطَّيِّبِ الْمُطَيَّبِ) .

147 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا عَثَّامُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ هَانِئِ بْنِ هَانِيءٍ قَالَ «دَخَلَ عَمَّارٌ عَلَى عَلِيٍّ فَقَالَ مَرْحَبًا بِالطَّيِّبِ الْمُطَيَّبِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مُلِئَ عَمَّارٌ إِيمَانًا إِلَى مُشَاشِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَلَى عَلِيٍّ فَقَالَ: مَرْحَبًا إِلَخْ) هَذَا

فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مَوْقُوفٌ مُوَافِقٌ لِلْمَرْفُوعِ فَنِعْمَتِ الْمُوَافَقَةُ قَوْلُهُ: (مُلِئَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ إِيمَانًا تَمْيِيزٌ إِلَى مُشَاشِهِ بِضَمِّ مِيمٍ وَتَخْفِيفٍ هِيَ رُؤْسُ الْعِظَامِ كَالْمِرْفَقَيْنِ وَالْكَتِفَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَعَلَى هَذَا فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ طَيِّبٌ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَرَادَ فِيهِ ذَلِكَ بِحَيْثُ مَلَأَهُ مِنْهُ.

148 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ سِيَاهٍ عَنْ حَبيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّارٌ مَا عُرِضَ عَلَيْهِ أَمْرَانِ إِلَّا اخْتَارَ الْأَرْشَدَ مِنْهُمَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِلَّا اخْتَارَ الْأَرْشَدَ مِنْهُمَا) لِمَا جُبِلَ عَلَيْهِ مِنَ الِاسْتِقَامَةِ وَالسَّدَادِ.

[باب فضل سلمان وأبي ذر والمقداد]

[بَاب فَضْلِ سَلْمَانَ وَأَبِي ذَرٍّ وَالْمِقْدَادِ] 149 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ مُوسَى وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي رَبِيعَةَ الْإِيَادِيِّ عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِحُبِّ أَرْبَعَةٍ وَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ يُحِبُّهُمْ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هُمْ قَالَ عَلِيٌّ مِنْهُمْ يَقُولُ ذَلِكَ ثَلَاثًا وَأَبُو ذَرٍّ وَسَلْمَانُ وَالْمِقْدَادُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي) الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَمْرُ إِيجَابٍ وَيَحْتَمِلُ النَّدْبَ وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ فَمَا أُمِرَ بِهِ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَقَدْ أُمِرَ بِهِ أُمَّتُهُ فَيَنْبَغِي لِلنَّاسِ أَنْ يُحِبُّوا هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةَ خُصُوصًا.

150 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ «كَانَ أَوَّلَ مَنْ أَظْهَرَ إِسْلَامَهُ سَبْعَةٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعَمَّارٌ وَأُمُّهُ سُمَيَّةُ وَصُهَيْبٌ وَبِلَالٌ وَالْمِقْدَادُ فَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنَعَهُ اللَّهُ بِعَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ وَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ فَمَنَعَهُ اللَّهُ بِقَوْمِهِ وَأَمَّا سَائِرُهُمْ فَأَخَذَهُمْ الْمُشْرِكُونَ وَأَلْبَسُوهُمْ أَدْرَاعَ الْحَدِيدِ وَصَهَرُوهُمْ فِي الشَّمْسِ فَمَا مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ وَاتَاهُمْ عَلَى مَا أَرَادُوا إِلَّا بِلَالًا فَإِنَّهُ هَانَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ فِي اللَّهِ وَهَانَ عَلَى قَوْمِهِ فَأَخَذُوهُ فَأَعْطَوْهُ الْوِلْدَانَ فَجَعَلُوا يَطُوفُونَ بِهِ فِي شِعَابِ مَكَّةَ وَهُوَ يَقُولُ أَحَدٌ أَحَدٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كَانَ أَوَّلُ مَنْ أَظْهَرَ إِسْلَامَهُ) أَيْ أَنَّهُمْ كَانُوا يُخْفُونْ إِسْلَامَهُمْ خَوْفًا مِنْ أَذَى الْمُشْرِكِينَ وَهَؤُلَاءِ السَّبْعَةُ سَبَقُوهُمْ بِإِظْهَارِ الْإِسْلَامِ وَقَوْلُهُ فَمَنَعَهُ اللَّهُ أَيْ عَصَمَهُ مِنْ آذَاهُمْ وَصَهَرُوهُمْ مِنْ صَهَرَ كَمَنَعَ أَيْ عَذَّبُوهُمْ قَوْلُهُ: (إِلَّا وَقَدْ وَاتَاهُمْ) هَكَذَا فِي النُّسَخِ الصَّحِيحَةِ وَهُوَ مِنَ الْمُؤَاتَاةِ بِمَعْنَى الْمُوَافَقَةِ فِي الصِّحَاحِ فِي بَابِ الْهَمْزِ وَاطَأْتُهُ عَلَى الْأَمْرِ مُوَاطَأَةً إِذَا وَافَقْتُهُ وَقَالَ الْأَخْفَشُ قَوْلُهُ تَعَالَى {لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ} [التوبة: 37] هُوَ مِنَ الْمُوَاطَأَةِ قَالَ: وَمِثْلُهَا قَوْلُهُ أَشَدُّ وَطْئًا بِالْمَدِّ أَيْ مُوَاطَأَةً قَالَ: وَهِيَ مُؤَاتَاةُ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ إِيَّاهُ انْتَهَى إِلَّا وَقَدْ وَافَقَهُمْ عَلَى مَا أَرَادُوا مِنْ تَرْكِ إِظْهَارِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ رَأَيْتُ ذَكَرَ الْقَاضِي الْبَيْضَاوِيُّ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى {فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا} [فصلت: 11] وَفِي قِرَاءَةٍ وَأَتَيَا مِنَ الْمُؤَاتَاةِ أَيْ لِتُوَافِقَ كُلُّ وَاحِدَةٍ أُخْتَهَا فَيمَا أَرَدْتُ مِنْكُمَا وَقَالَ الشِّهَابُ فِي حَاشِيَتِهِ الْمُؤَاتَاةُ مُفَاعَلَةُ أَتَيْتُهُ فَفِي الْمِصْبَاحِ آتَيْتُهُ عَلَى الْأَمْرِ إِذَا وَافَقْتُهُ وَفِي لُغَةٍ لِأَهْلِ الْيَمَنِ تُبَدَّلُ الْهَمْزَةُ وَاوًا فَيُقَالُ: وَاتَيْتُهُ عَلَى الْأَمْرِ مُوَاتَاةً وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَلَى أَلْسِنَةِ النَّاسِ

انْتَهَى قُلْتُ: ثُمَّ رَأَيْتُ فِي الصِّحَاحِ قَالَ: تَقُولُ: آتَيْتُهُ عَلَى ذَلِكَ الْأَمْرِ مُؤَاتَاةً إِذَا وَافَقْتُهُ وَطَاوَعْتُهُ وَالْعَامَّةُ تَقُولُ: وَاتَيْتُهُ قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ هَانَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ) أَيْ صَغُرَتْ وَحَقُرَتْ عِنْدَهُ لِأَجْلِهِ تَعَالَى وَفِي شَأْنِهِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ بِهِ.

151 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ أُوذِيتُ فِي اللَّهِ وَمَا يُؤْذَى أَحَدٌ وَلَقَدْ أُخِفْتُ فِي اللَّهِ وَمَا يُخَافُ أَحَدٌ وَلَقَدْ أَتَتْ عَلَيَّ ثَالِثَةٌ وَمَا لِي وَلِبِلَالٍ طَعَامٌ يَأْكُلُهُ ذُو كَبِدٍ إِلَّا مَا وَارَى إِبِطُ بِلَالٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَمَا يُؤْذَى) أَيْ مِنْكُمْ مَا أُوذِيَ فَمَقَامُهُ أَرْفَعُ فَأُوذِيَ عَلَى قَدْرِ مَقَامِهِ قَوْلُهُ: (أُخِفْتُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنَ الْإِخَافَةِ أَيْ خُوِّفْتُ فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَا يَخَافُ أَحَدٌ مِثْلَ تِلْكَ الْإِخَافَةِ قَوْلُهُ: (وَلَقَدْ أَتَتْ عَلَيَّ ثَالِثَةٌ) أَيْ لَيْلَةٌ ثَالِثَةٌ وَلَفْظُ التِّرْمِذِيِّ وَلَقَدْ أَتَتْ عَلَيَّ ثَلَاثُونَ مَا بَيْنَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ قَوْلُهُ: (ذُو كَبِدٍ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ أَيْ يَأْكُلُهُ حَيٌّ قَوْلُهُ: (إِلَّا مَا وَارَى) مِنَ الْمُوَارَاةِ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْهُ فِي أَوَاخِرِ أَبْوَابِ الزُّهْدِ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ حِينَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَارِبًا مِنْ مَكَّةَ وَمَعَهُ بِلَالٌ إِنَّمَا مَا كَانَ مَعَ بِلَالٍ مِنَ الطَّعَامِ مَا يَحْمِلُ تَحْتَ إِبْطِهِ انْتَهَى كَلَامُ التِّرْمِذِيِّ.

[باب فضائل بلال]

[بَاب فَضَائِلِ بِلَالٍ] 152 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ حَمْزَةَ عَنْ سَالِمٍ أَنَّ شَاعِرًا مَدَحَ بِلَالَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ بِلَالُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ خَيْرُ بِلَالٍ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ كَذَبْتَ لَا بَلْ بِلَالُ رَسُولِ اللَّهِ خَيْرُ بِلَالٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَدَحَ بِلَالَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ) ابْنُ عُمَرَ الَّذِي غَضِبَ عَلَيْهِ أَبُوهُ حِينَ ذَكَرَ حَدِيثَ لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ الْحَدِيثَ فَقَالَ: نَحْنُ نَمْنَعُهُنَّ كَذَبْتَ مَا أَحَقُّ ابْنِ عُمَرَ أَنْ يُقَالَ لَهُ: كَذَبْتَ وَقَدْ صَدَقْتُ.

[باب فضائل خباب رضي الله عنه]

[بَاب فَضَائِلِ خَبَّابٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ] 153 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ أَبِي لَيْلَى الْكِنْدِيِّ قَالَ جَاءَ خَبَّابٌ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ ادْنُ فَمَا أَحَدٌ أَحَقَّ بِهَذَا الْمَجْلِسِ مِنْكَ إِلَّا عَمَّارٌ فَجَعَلَ خَبَّابٌ يُرِيهِ آثَارًا بِظَهْرِهِ مِمَّا عَذَّبَهُ الْمُشْرِكُونَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عُمَرَ فَقَالَ: ادْنُ) أَيْ كُنْ قَرِيبًا مِنِّي فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِزِيَادَةِ هَاءِ السَّكْتِ

قَوْلُهُ: (إِلَّا عَمَّارٌ) بِالرَّفْعِ بَدَلٌ مِنَ (أَحَدٌ) ، وَيَجُوزُ فِي مِثْلِهِ النَّصْبُ فَيَجُوزُ أَنْ يُنْصَبَ، وَيُعْتَذَرُ عَنْ تَرْكِ الْأَلِفِ بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مُسَامَحَةِ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي الْكِتَابَةِ وَهَذَا اعْتِذَارٌ مَشْهُورٌ لَكِنْ هَاهُنَا غَيْرَ مُسْتَحْسَنٍ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ قَوْلُهُ: (فَجَعَلَ خَبَابًا) أَيْ تَصْدِيقًا لِعُمَرَ قَوْلُهُ: (مِمَّا عَذَّبَهُ) أَيْ مِنَ أَجْلِهِ وَمَا مَصْدَرِيَّةٌ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.

154 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ وَأَشَدُّهُمْ فِي دِينِ اللَّهِ عُمَرُ وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ وَأَقْضَاهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَأَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ» 155 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ مِثْلَهُ عِنْدَ ابْنِ قُدَامَةَ غَيْرَ أَنَّهُ يَقُولُ فِي حَقِّ زَيْدٍ وَأَعْلَمُهُمْ بِالْفَرَائِضِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً) أَيْ أَكْثَرُهُمْ حَيَاءً فَإِنَّ الْأَكْثَرَ حَيَاءً يَكُونُ أَدَقَّ فِي إِظْهَارِ آثَارِهِ قَوْلُهُ: (وَأَقْضَاهُمْ) قِيلَ: هَذِهِ مَنْقَبَةٌ عَظِيمَةٌ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالْحَقِّ وَالْفَصْلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَاطِلِ يَقْتَضِي عِلْمًا كَثِيرًا وَقُوَّةً عَظِيمَةً فِي النَّفْسِ قَوْلُهُ: (وَاقْرَءُوهُمْ) أَيْ أَخْرَجُهُمْ قِرَاءَةً قَوْلُهُ: (وَأَفْرَضُهُمْ) أَيْ أَكْثَرُهُمْ عِلْمًا بِالْفَرَائِضِ وَهَذَا الْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي تَعَدُّدِ جِهَاتِ الْخَيْرِ فِي الصَّحَابَةِ وَاخْتِصَاصُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ لَكِنَّ الْفَضِيلَةَ بِمَعْنَى كَثْرَةِ الثَّوَابِ عِنْدِ اللَّهِ عَلَى التَّرْتِيبِ وَذَلِكَ شَيْءٌ آخَرُ.

[باب فضل أبي ذر]

[بَاب فَضْلِ أَبِي ذَرٍّ] 156 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّيْلِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا أَقَلَّتْ الْغَبْرَاءُ وَلَا أَظَلَّتْ الْخَضْرَاءُ مِنْ رَجُلٍ أَصْدَقَ لَهْجَةً مِنْ أَبِي ذَرٍّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَا أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ) أَيْ مَا حَمَلَتِ الْأَرْضُ وَالْخَضْرَاءُ السَّمَاءُ مِنْ رَجُلٍ مِنْ زَائِدَةٌ قَوْلُهُ: (لَهْجَةً) اللَّهْجَةُ اللِّسَانُ وَمَا يَنْطِقُ بِهِ مِنَ الْكَلَامِ وَلَيْسَ الْمُرَادَ أَنَّهُ فَاضِلٌ فِي الصِّدْقِ عَلَى غَيْرِهِ حَتَّى الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بَلِ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ بَلَغَ فِي الصِّدْقِ نِهَايَتَهُ وَالْمَرْتَبَةُ الْأَعْلَى بِحَيْثُ لَمْ يَكُنْ يَفْصِلُ فِي وَصْفِ الصِّدْقِ وَهُوَ يَمْنَعُ الْمُسَاوَاةَ فِي وَصْفِ الصِّدْقِ مَعَ الْأَنْبِيَاءِ وَلَا بُعْدَ فِيهَا عَقْلًا أَوِ الْمُرَادُ بِهِ لَا يَزِيدُ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ جِنْسِهِ فِي الصِّدْقِ وَأَمَّا الْأَنْبِيَاءُ فَلَا كَلَامَ فِيهِمْ بَلْ هُمْ مَعْلُومُونَ بِرُتْبَتِهِمْ وَقِيلَ: يُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِهِ أَنَّهُ لَا يُذْهَبُ إِلَى الِاحْتِمَالِ فِي الصِّدْقِ وَالْمَعَارِيضُ فِي الْكَلَامِ

فَلَا يُرْخَى عِنَانُ كَلَامِهِ وَلَا يُوَارِي مَعَ النَّاسِ وَلَا يُسَامِحُهُمْ وَيُظْهِرُ الْحَقَّ الْبَحْتَ وَالصِّدْقَ الْمَحْضَ.

[باب فضل سعد بن معاذ]

[بَاب فَضْلِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ] 157 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ «أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرَقَةٌ مِنْ حَرِيرٍ فَجَعَلَ الْقَوْمُ يَتَدَاوَلُونَهَا بَيْنَهُمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَعْجَبُونَ مِنْ هَذَا فَقَالُوا لَهُ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْ هَذَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (سَرَقَةٌ) بِفَتْحَتَيْنِ قِطْعَةٌ مِنَ الْحَرِيرِ الْأَبْيَضِ أَيِ الْحَرِيرِ مُطْلَقًا فَجَعَلَ الْقَوْمُ أَيِ الصَّحَابَةُ يَتَنَاوَلُونَهَا بَيْنَهُمْ أَيْ يَأْخُذُهَا بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ تَعَجُّبًا مِنْ لِينِهَا وَحُسْنِهَا فَخَافَ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ الْمَيْلَ فِي الدُّنْيَا فَزَهَّدَ فِيهَا وَرَغَّبَهُمْ فِي الْآخِرَةِ بِمَا قَالَ.

158 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (اهْتَزَّ) أَيْ تَحَرَّكَ فَرِحًا بِقُدُومِهِ أَوْ حُزْنًا عَلَى انْقِطَاعِ مَا يُرْفَعُ إِلَيْهِ مِنْ خَيْرَاتِهِ.

[باب فضل جرير بن عبد الله البجلي]

[بَاب فَضْلِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ] 159 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ قَالَ «مَا حَجَبَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْذُ أَسْلَمْتُ وَلَا رَآنِي إِلَّا تَبَسَّمَ فِي وَجْهِي وَلَقَدْ شَكَوْتُ إِلَيْهِ أَنِّي لَا أَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ فَضَرَبَ بِيَدِهِ فِي صَدْرِي فَقَالَ اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَا حَجَبَنِي) أَيْ مَا مَنَعَنِي الدُّخُولَ عَلَيْهِ حِينْ أَرَدْتُ ذَلِكَ.

[باب فضل أهل بدر]

[بَاب فَضْلِ أَهْلِ بَدْرٍ] 160 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ جَدِّهِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ «جَاءَ جِبْرِيلُ أَوْ مَلَكٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا تَعُدُّونَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا فِيكُمْ قَالُوا خِيَارَنَا قَالَ كَذَلِكَ هُمْ عِنْدَنَا خِيَارُ الْمَلَائِكَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (كَذَلِكَ هُمْ) أَيِ الْمَلَائِكَةُ الَّذِينَ شَهِدُوا بَدْرًا وَفِي الزَّوَائِدِ قُلْتُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي بَابِ فَضْلِ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِيَحْيَى شَيْخَانِ فَإِنَّ الْجَمِيعَ ثِقَاتٌ.

161 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ جَمِيعًا عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي) قِيلَ الْخِطَابُ لِمَنْ بَعْدَ الصَّحَابَةِ تَنْزِيلًا لَهُمْ مَنْزِلَةَ الْمَوْجُودِينَ الْحَاضِرِينَ وَقِيلَ لِلْمَوْجُودِينَ مِنَ الْعَوَامِّ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ الَّذِينَ لَمْ يُصَاحِبُوهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُفْهَمُ خِطَابُ

مَنْ بَعْدِهِمْ بِدَلَالَةِ النَّصِّ وَقِيلَ الْخِطَابُ بِذَلِكَ لِبَعْضِ الصَّحَابَةِ لِمَا وَرَدَ أَنَّ سَبَبَ الْحَدِيثِ أَنَّهُ كَانَ بَيْنَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ شَيْءٌ فَسَبَّهُ خَالِدٌ وَالْمُرَادُ بِأَصْحَابِي الْمَخْصُوصِينَ وَهُمُ السَّابِقُونَ عَلَى الْمُخَاطَبِينَ فِي الْإِسْلَامِ وَقِيلَ يُنَزَّلُ الثَّانِي لِتَعَاطِيَهُ بِمَا لَا يَلِيقُ مِنَ السَّبِّ مَنْزِلَةَ غَيْرِهِمْ فَخُوطِبَ خِطَابَ غَيْرِ الصَّحَابَةِ وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ أَصْحَابِي مَنْ أَسْلَمَ قَبْلَ الْفَتْحِ وَأَنَّهُ خِطَابٌ لِمَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَيُرْشِدُ إِلَيْهِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ إِلَى آخِرِهِ مَعَ قَوْلِهِ تَعَالَى {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ} [الحديد: 10] الْآيَةَ وَلَا بُدَّ لَنَا مِنْ تَأْوِيلٍ بِهَذَا أَوْ بِغَيْرِهِ لِيَكُونَ الْمُخَاطَبُونَ غَيْرَ الْأَصْحَابِ الْمُوصَى بِهِمُ انْتَهَى قُلْتُ وَالتَّأْوِيلُ غَيْرُ لَازِمٍ لِتَصْحِيحِ الْخِطَابِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لَا يَسُبُّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَإِذَا مَنَعَ صَحَابِيٌّ آخَرُ فَغَيْرُهُمْ بِالْأَوْلَى كَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لَا تَسُبَّ نَفْسَكَ فَضْلًا عَنْ أَنْ يُقَالَ لِجَمَاعَةٍ لَا تَسُبُّوا أَنْفُسَكُمْ بِمَعْنَى يَسُبُّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا لَكِنَّهُ لَازِمٌ لِأَجْلِ آخِرِ الْحَدِيثِ وَهُوَ لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ إِلَى آخِرِهِ قَوْلُهُ (مُدَّ) بِضَمٍّ فَتَشْدِيدٍ مِكْيَالٌ مَعْلُومٌ وَالنَّصِيفُ لُغَةٌ فِي النِّصْفِ وَهُوَ مِكْيَالٌ دُونَ الْمُدِّ وَالضَّمِيرُ عَلَى الْأَوَّلِ لِلْمُدِّ وَعَلَى الثَّانِي لِأَحَدِهِمْ.

162 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ نُسَيْرِ بْنِ ذُعْلُوقٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ لَا تَسُبُّوا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمُقَامُ أَحَدِهِمْ سَاعَةً خَيْرٌ مِنْ عَمَلِ أَحَدِكُمْ عُمْرَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ فَلَمُقَامُ أَحَدِهِمْ قِيَامَهُ فِي الْجِهَادِ فِي طَاعَةِ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِأَيِّ وَجْهٍ كَانْ أَوْ وُجُودُهُ عِنْدَهُ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَالطَّرِيقُ الْأَوَّلُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الْجَامِعِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

[باب فضل الأنصار]

[بَاب فَضْلِ الْأَنْصَارِ] 163 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَحَبَّ الْأَنْصَارَ أَحَبَّهُ اللَّهُ وَمَنْ أَبْغَضَ الْأَنْصَارَ أَبْغَضَهُ اللَّهُ» قَالَ شُعْبَةُ لِعَدِيٍّ أَسَمِعْتَهُ مِنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ إِيَّايَ حَدَّثَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ أَحَبَّ الْأَنْصَارَ) لِنُصْرَتِهِمْ لِدِينِهِ تَعَالَى كَذَلِكَ مَنْ أَبْغَضَهُمْ وَإِلَّا فَكَثِيرًا مَا تَجْرِي مُعَامَلَةٌ تُؤَدِّي إِلَى الْمَحَبَّةِ وَالْبُغْضِ وَهُمَا خَارِجَانِ عَمَّا يَقْتَضِيهِ الْمَقَامُ.

164 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ عَبْدِ الْمُهَيْمِنِ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْأَنْصَارُ شِعَارٌ وَالنَّاسُ دِثَارٌ وَلَوْ أَنَّ النَّاسَ اسْتَقْبَلُوا وَادِيًا أَوْ شِعْبًا وَاسْتَقْبَلَتْ الْأَنْصَارُ وَادِيًا لَسَلَكْتُ وَادِيَ الْأَنْصَارِ وَلَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنْ الْأَنْصَارِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (شِعَارٌ) بِكَسْرِ الشِّينِ هُوَ الثَّوْبُ الَّذِي يَلِي الْجَسَدَ وَالدِّثَارُ

بِكَسْرِ الدَّالِ ثَوْبٌ يَكُونُ فَوْقَ ذَلِكَ أَيِ الْأَنْصَارُ هُمُ الْخَوَاصُّ وَالنَّاسُ عَوَامٌّ يُرِيدُ أَنَّ الْأَنْصَارَ لِكَثْرَةِ إِخْلَاصِهِمْ وَإِحْسَانِهِمْ يَسْتَحِقُّونْ أَنْ يَتَّخِذُوهُمْ أَخِلَّاءَ وَخَوَاصًّا لَهُ أَوْ هُمْ لِذَلِكَ خَوَاصٌّ بِخِلَافِ النَّاسِ الْآخَرِينَ فَإِنَّ غَالِبَهُمْ لَا يَسْلَمُونَ لِذَلِكَ بَلْ هُمْ مِنَ الْعَوَامِّ قَوْلُهُ (أَوْ شِعْبًا) بِكَسْرِ الشِّينِ الطَّرِيقُ فِي الْجَبَلِ أَوِ انْفِرَاجٌ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يُفَارِقُهُمْ وَلَا يَسْكُنُ إِلَّا مَعَهُمْ كَمَا زَعَمَ الْبَعْضُ أَنَّهُ يَسْكُنُ مَكَّةَ بَعْدَ فَتْحِهَا قَوْلُهُ (وَلَوْلَا الْهِجْرَةُ) أَيْ لَوْلَا شَرَفُهَا وَجَلَالَةُ قَدْرِهَا عِنْدَ اللَّهِ قَوْلُهُ (لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الْأَنْصَارِ) أَيْ لَعَدَدْتُ نَفْسِي وَاحِدًا مِنْهُمْ لِكَمَالِ فَضْلِهِمْ وَشَرَفِهِمْ بَعْدَ فَضْلِ الْهِجْرَةِ وَشَرَفِهَا وَالْمَقْصُودُ الْإِخْبَارُ بِمَا لَهُمْ مِنَ الْمَزِيَّةِ بَعْدَ مَزِيَّةِ الْهِجْرَةِ وَأَنَّهَا مَزِيَّةٌ يَرْضَى بِهَا مِثْلُهُ وَإِلَّا فَالِانْتِقَالُ لَا يُتَصَوَّرُ سِيَّمَا الِانْتِسَابُ بِالنَّسَبِ فَإِنَّهُ حَرَامٌ دِينًا أَيْضًا وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَالْآفَةُ مِنْ عَبْدِ الْمُهَيْمِنِ وَبَاقِي رِجَالِهِ ثِقَاتٌ انْتَهَى قُلْتُ وَالْمَتْنُ صَحِيحٌ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ فِي الزَّوَائِدِ أَيْضًا.

165 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحِمَ اللَّهُ الْأَنْصَارَ وَأَبْنَاءَ الْأَنْصَارِ وَأَبْنَاءَ أَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (رَحِمَ اللَّهُ إِلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ دُعَاءٌ لِلْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ وَأَرَادَ بِالْأَبْنَاءِ الْأَبْنَاءَ الصُّلْبِيَّةَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ إِذْ لَوْ أَرَادَ أَعَمَّ لَمَا احْتَاجَ إِلَى (وَأَبْنَاءَ أَبْنَاءِ) الْأَنْصَارِ وَيَحْتَمِلُ عَلَى بُعْدٍ أَنَّ الْمُرَادَ الْعُمُومُ فِي أَبْنَاءِ الْأَبْنَاءِ ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَبْنَاءِ الْأَوْلَادَ فَالدُّعَاءُ شَامِلٌ لِلذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ فَإِنَّ كَثِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ مُتَّهَمٌ وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ بِلَفْظِ «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ» وَالْبَاقِي مِثْلُهُ وَفِي جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ كَمَا هُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.

[باب فضل ابن عباس]

[بَاب فَضْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ] 166 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «ضَمَّنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ وَقَالَ اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْحِكْمَةَ وَتَأْوِيلَ الْكِتَابِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَلَّمَهُ الْحِكْمَةَ) قِيلَ الْمُرَادُ بِالْحِكْمَةِ مَعْرِفَةُ حَقَائِقِ الْأَشْيَاءِ وَالْعَمَلُ بِمَا يَنْبَغِي وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَقِيلَ الظَّاهِرُ أَنْ يُرَادَ بِهَا السُّنَّةُ؛ لِأَنَّهَا قُرِنَتْ بِالْكِتَابِ قَالَ تَعَالَى {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [البقرة: 129]

[باب في ذكر الخوارج]

[بَاب فِي ذِكْرِ الْخَوَارِجِ] 167 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ «وَذَكَرَ الْخَوَارِجَ فَقَالَ فِيهِمْ رَجُلٌ مُخْدَجُ الْيَدِ أَوْ مَوْدُونُ الْيَدِ أَوْ مَثْدُونُ الْيَدِ وَلَوْلَا أَنْ تَبْطَرُوا لَحَدَّثْتُكُمْ بِمَا وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ يَقْتُلُونَهُمْ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ أَنْتَ سَمِعْتَهُ مِنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِي وَرَبِّ الْكَعْبَةِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مُخْدَجُ الْيَدِ) بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ ثُمَّ دَالٍ مُهْمَلَةٍ ثُمَّ جِيمٍ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ أَخْدَجَ أَيْ نَاقِصُ الْيَدِ أَيْ قَصِيرُهَا وَكَذَا مُودَنُ الْيَدِ بِالدَّالِ الْمُهْلَةِ لَفْظًا وَمَعْنًى وَمَثَدُونِ كَمَفْعُولٍ بِثَاءٍ مُثَلَّثَةٍ وَدَالٍ مُهْمَلَةٍ أَيْ صَغِيرُ الْيَدِ مُجْتَمَعُهَا وَالْمَثْدُونُ النَّاقِصُ الْخَلْقِ وَقِيلَ أَصْلُهُ الثُّنُودُ بِتَقْدِيمِ النُّونِ عَلَى الدَّالِ أَيْ يُشْبِهُ مَنْ وَهَيَ رَأْسُهُ فَقَدَّمَ الدَّالَ عَلَى النُّونِ قَوْلُهُ (وَلَوْلَا أَنْ تَبْطَرُوا) كَتَفْرَحُوا لَفْظًا وَمَعْنًى وَالْمُرَادُ لَوْلَا خَشْيَةُ أَنْ تَفْرَحُوا فَرَحًا يُؤَدِّي إِلَى تَرْكِ الْأَعْمَالِ وَكَثْرَةِ الطُّغْيَانِ.

168 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ أَحْدَاثُ الْأَسْنَانِ سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ النَّاسِ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ فَمَنْ لَقِيَهُمْ فَلْيَقْتُلْهُمْ فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ عِنْدَ اللَّهِ لِمَنْ قَتَلَهُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَحْدَاثُ الْأَسْنَانِ) أَيْ صِغَارُ الْأَسْنَانِ أَيْ ضُعَفَاءُ الْأَسْنَانِ فَإِنَّ حَدَاثَةَ السِّنِّ مَحَلٌّ لِلْفَسَادِ عَادَةً قَوْلُهُ: (سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ) ضُعَفَاءُ الْعُقُولِ يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ النَّاسِ أَيْ يَقُولُونَ قَوْلًا هُوَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ النَّاسِ أَيْ ظَاهِرًا قِيلَ أُرِيدَ بِذَلِكَ قَوْلُهُمْ: لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ حِينَ التَّحْكِيمِ وَلِذَلِكَ قَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي حَرْبِهِمْ كَلِمَةُ حَقٍّ أُرِيدَ بِهَا بَاطِلٌ وَقِيلَ: وَمِثْلُهُ دُعَاؤُهُمْ إِلَى كِتَابٍ وَبِالْجُمْلَةِ فَالْمُرَادُ أَنَّهُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِبَعْضِ الْأَقْوَالِ الَّتِي هِيَ مِنْ خِيَارِ قَوْلِ النَّاسِ فِي الظَّاهِرِ قَوْلُهُ: (لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ) أَيْ حُلُوقَهُمْ بِالصُّعُودِ إِلَى مَحَلِّ الْقَبُولِ أَوِ النُّزُولِ إِلَى الْقُلُوبِ لِيُؤَثِّرَ فِي قُلُوبِهِمْ قَوْلُهُ: (يَمْرُقُونَ) كَيَخْرُجُونَ لَفْظًا وَمَعْنًى قَوْلُهُ: (مِنَ الرَّمِيَّةِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ هِيَ الرَمَيَّةُ يَرْمِيهَا الرَّامِي عَلَى الصَّيْدِ قَوْلُهُ: (فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ) أَيْ ذُو أَجْرٍ.

169 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ «قُلْتُ لِأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ فِي الْحَرُورِيَّةِ شَيْئًا فَقَالَ سَمِعْتُهُ يَذْكُرُ قَوْمًا يَتَعَبَّدُونَ يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَصَوْمَهُ مَعَ صَوْمِهِمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ أَخَذَ سَهْمَهُ فَنَظَرَ فِي نَصْلِهِ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا فَنَظَرَ فِي رِصَافِهِ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا فَنَظَرَ فِي قِدْحِهِ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا فَنَظَرَ فِي الْقُذَذِ فَتَمَارَى هَلْ يَرَى شَيْئًا أَمْ لَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي الْحَرُورِيَّةِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَضَمِّ الرَّاءِ الْأُولَى نِسْبَةٌ إِلَى حَرُورَاءَ بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ وَهُوَ مَوْضِعٌ قَرِيبٌ مِنَ الْكُوفَةِ أَيْ فِي الْخَوَارِجِ فَإِنَّ خُرُوجَهُمْ كَانَ مِنْهَا

وَيَتَعَبَّدُونْ أَيْ يَتَكَلَّفُونَ فِي الْعِبَادَةِ قَوْلُهُ (يَحْقِرُ) كَيَضْرِبُ وَيُحْقِرُ كَيُكْرِمُ إِذَا كَانَ لَازِمًا أَيْ يَعُدُّ صَلَاتَهُ حَقِيرَةً قَلِيلَةً بِالنَّظَرِ إِلَى صَلَاتِهِمْ قَوْلُهُ (أَخَذَ) أَيِ الرَّامِي فَلَمْ يَرَ شَيْئًا أَيْ مِنَ الدَّمِ مَلْصُوقًا بِهِ لِسُرْعَةِ خُرُوجِهِ فِي رِصَافِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ قِيلَ وَبِالضَّمِّ وَصَادٍ مُهْمَلَةٍ وَفَاءٍ جَمْعُ رَصَفَةٍ بِفَتْحَتَيْنِ وَهُوَ عَصْبٌ يُلْوَى عَلَى مَدْخَلِ النَّصْلِ فِي السَّهْمِ فِي قَدَحِهِ بِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ خَشَبُ السَّهْمِ وَقَوْلُهُ فِي الْقُذَذِ بِضَمِّ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ الْأُولَى هِيَ رِيشُ السَّهْمِ وَاحِدُهَا قُذَّةٌ بِالضَّمِّ وَفَتَمَارَى أَيْ شَكَّ.

170 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي أَوْ سَيَكُونُ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي قَوْمٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حُلُوقَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ ثُمَّ لَا يَعُودُونَ فِيهِ هُمْ شِرَارُ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ» قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّامِتِ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَافِعِ بْنِ عَمْرٍو أَخِي الْحَكَمِ بْنِ عَمْرٍو الْغِفَارِيِّ فَقَالَ وَأَنَا أَيْضًا قَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (هُمْ شِرَارُ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ) الْخَلْقُ النَّاسُ وَالْخَلِيقَةُ الْبَهَائِمُ وَقِيلَ هُمَا بِمَعْنًى وَيُرِيدُ بِهِمَا جَمِيعَ الْخَلْقِ.

171 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَقْرَأَنَّ الْقُرْآنَ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) فِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ وَالْعِلَّةُ فِيهِ مِنْ سِمَاكٍ قَالَ النَّسَائِيُّ وَيَعْقُوبُ بْنُ شَبِيبٍ رِوَايَتُهُ عَنْ عِكْرِمَةَ مُضْطَرِبَةٌ وَعَنْ غَيْرِهِ صَالِحَةٌ قُلْتُ وَالْمَتْنُ بِرِوَايَةِ غَيْرِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَنَبَّهَ عَلَى بَعْضِ ذَلِكَ فِي الزَّوَائِدِ أَيْضًا فَذَكَرَ أَنَّهُ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ.

172 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجِعْرَانَةِ وَهُوَ يَقْسِمُ التِّبْرَ وَالْغَنَائِمَ وَهُوَ فِي حِجْرِ بِلَالٍ فَقَالَ رَجُلٌ اعْدِلْ يَا مُحَمَّدُ فَإِنَّكَ لَمْ تَعْدِلْ فَقَالَ وَيْلَكَ وَمَنْ يَعْدِلُ بَعْدِي إِذَا لَمْ أَعْدِلْ فَقَالَ عُمَرُ دَعْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ حَتَّى أَضْرِبَ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ هَذَا فِي أَصْحَابٍ أَوْ أُصَيْحَابٍ لَهُ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (بِالْجِعْرَانَةِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ أَوْ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَالْأَوَّلُ صَوَّبَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مَوْضِعٌ بِقُرْبِ مَكَّةَ قَوْلُهُ (التِّبْرُ) بِكَسْرِ التَّاءِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ

الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ قَبْلَ أَنْ يُصَاغَ قَوْلُهُ (وَهُوَ فِي حِجْرِ بِلَالٍ) هُوَ بِتَقْدِيمِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ الْمَفْتُوحَةِ أَوِ الْمَكْسُورَةِ عَلَى الْجِيمِ السَّاكِنَةِ قِيلَ هُوَ الصَّوَابُ قَوْلُهُ (وَمَنْ يَعْدِلُ بَعْدِي) فَإِنَّهُمْ أُمِرُوا بِاتِّبَاعِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَإِذَا لَمْ يَعْدِلْ يَتَّبِعُونَ فِيهِ فَمَنْ يَعْدِلُ قَوْلُهُ (إِنَّ هَذَا فِي أَصْحَابٍ) أَيْ لَيْسَ بِوَاحِدٍ حَتَّى يَنْدَفِعَ شَرُّهُ بِقَتْلِهِ بَلْ مَعَ أَصْحَابٍ وَأَمْثَالٍ وَقَوْلُهُ أَوْ فِي أُصَيْحَابٍ بِالتَّصْغِيرِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّ الْمَتْنَ أَخْرَجَهُ غَيْرُهُ أَيْضًا.

173 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا إِسْحَقُ الْأَزْرَقُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ ابْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَوَارِجُ كِلَابُ النَّارِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنِ الْأَعْمَشِ عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى) وَفِي الزَّوَائِدِ أَنَّ رِجَالَ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ فِيهِ انْقِطَاعًا فَإِنَّ الْأَعْمَشَ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ ابْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ.

174 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَنْشَأُ نَشْءٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ كُلَّمَا خَرَجَ قَرْنٌ قُطِعَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ كُلَّمَا خَرَجَ قَرْنٌ قُطِعَ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ مَرَّةً حَتَّى يَخْرُجَ فِي عِرَاضِهِمْ الدَّجَّالُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يَنْشَأُ نَشْءٌ) فِي الْقَامُوسِ: النَّاشِئُ بِهَمْزَةٍ فِي آخِرِهِ الْغُلَامُ وَالْجَارِيَةُ جَاوَزَ حَدَّ الصِّغَرِ وَالْجَمْعُ نَشْوَةٌ وَيُحَرَّكُ وَفِي الصِّحَاحِ الْأَوَّلُ كَصَحْبٍ جَمْعُ صَاحِبٍ وَالثَّانِي كَجَمْعِ طَلَبَةٍ قَوْلُهُ (كُلَّمَا خَرَجَ قَرْنٌ) أَيْ ظَهَرَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ (قُطِعَ) اسْتَحَقَّ أَنْ يُقْطَعَ وَكَثِيرًا مَا يُقْطَعُ أَيْضًا كَالْحَرُورِيَّةِ قَطَعَهُمْ عَلِيٌّ (فِي عِرَاضِهِمْ) فِي خِدَاعِهِمْ أَيْ أَنَّ آخِرَهُمْ يُقَابِلُهُمْ وَيُنَاظِرُهُمْ فِي الْأَعْلَامِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَعْرَاضِهِمْ وَهُوَ جَمْعُ عَرْضٍ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ بِمَعْنَى الْجَيْشِ الْعَظِيمِ وَهُوَ مُسْتَعَارٌ مِنَ الْعَرْضِ بِمَعْنَى نَاحِيَةِ الْجَبَلِ أَوْ بِمَعْنَى السَّحَابِ الَّذِي يَسُدُّ الْأُفُقَ وَهَذِهِ النُّسْخَةُ أَظْهَرُ مَعْنًى وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَقَدِ احْتَجَّ الْبُخَارِيُّ بِجَمِيعِ رُوَاتِهِ.

175 - حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ أَبُو بِشْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ أَوْ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ أَوْ حُلُوقَهُمْ سِيمَاهُمْ التَّحْلِيقُ إِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ أَوْ إِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (سِيمَاهُمُ التَّحْلِيقُ) قَالَ النَّوَوِيُّ الْعَلَامَةُ وَالْأَفْصَحُّ فِيهَا الْقَصْرُ وَبِهِ جَاءَ الْقُرْآنُ

وَالْمَدُّ لُغَةٌ وَالْمُرَادُ بِالتَّحْلِيقِ حَلْقُ الرَّأْسِ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى كَرَاهَةِ الْحَلْقِ فَإِنَّ كَوْنَ الشَّيْءِ عَلَامَةً لَهُمْ لَا يُنَافِي الْإِبَاحَةَ كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَآيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ» مَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِحَرَامٍ وَلَا مَكْرُوهٍ وَقَدْ جَاءَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى صَبِيًّا قَدْ حُلِقَ بَعْضُ رَأْسِهِ فَقَالَ احْلِقُوهُ كُلَّهُ أَوِ اتْرُكُوهُ كُلَّهُ» وَهَذَا صَرِيحٌ فِي إِبَاحَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ لَا يَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا انْتَهَى وَقَدْ يُنَاقَشُ فِي اسْتِدْلَالِهِ عَلَى أُصُولِ مَذْهَبِ النَّوَوِيِّ بِأَنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَهُمْ تَمْكِينُ الصَّغِيرِ بِمَا يَحْرُمُ عَلَى الْبَالِغِ كَالْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

176 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي غَالِبٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ يَقُولُ «شَرُّ قَتْلَى قُتِلُوا تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ وَخَيْرُ قَتِيلٍ مَنْ قَتَلُوا كِلَابُ أَهْلِ النَّارِ قَدْ كَانَ هَؤُلَاءِ مُسْلِمِينَ فَصَارُوا كُفَّارًا قُلْتُ يَا أَبَا أُمَامَةَ هَذَا شَيْءٌ تَقُولُهُ قَالَ بَلْ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (شَرُّ قَتْلَى إِلَخْ) قَالَهُ حِينَ رَأَى رُؤْسَ الْخَوَارِجِ فَالتَّقْدِيرُ هُمْ شَرُّ قَتْلَى (قُتِلُوا) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَأَدِيمُ السَّمَاءِ مَا يَظْهَرُ مِنْ جِلْدِهِ قَوْلُهُ (وَخَيْرُ قَتِيلٍ مَنْ قَتَلُوا) عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ وَالضَّمِيرُ لِلْخَوَارِجِ وَالْعَائِدُ إِلَى الْمَوْصُولِ مُقَدَّرٌ أَيْ خَيْرُ قَتِيلٍ مَنْ قَتَلَهُ الْخَوَارِجُ فَإِنَّهُ شَهِيدٌ قَوْلُهُ (كِلَابُ أَهْلِ النَّارِ) خَبَرٌ ثَانٍ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْخَوَارِجَ كَفَرَةٌ وَيُؤَيِّدُهُ يَخْرُجُونَ مِنَ الدِّينِ وَنَحْوَهُ وَالْجُمْهُورُ عَلَى عَدَمِ تَكْفِيرِهِمْ فَيُؤَوَّلُ هَذَا بِكُفْرَانِ نِعْمَةِ الْإِيمَانِ حَتَّى الْمَشْيِ عَلَى وَفْقِهِ وَيُؤَوَّلُ يَخْرُجُونَ مِنَ الدِّينِ بِالْخُرُوجِ مِنْ كَمَالِهِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب فيما أنكرت الجهمية]

[بَاب فِيمَا أَنْكَرَتْ الْجَهْمِيَّةُ] 177 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي وَوَكِيعٌ ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا خَالِي يَعْلَى وَوَكِيعٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ قَالُوا حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ قَالَ إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ لَا تَضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ فَإِنْ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا ثُمَّ قَرَأَ {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} [ق: 39] » ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فِيمَا أَنْكَرَتِ الْجَهْمِيَّةُ) هُمُ الطَّائِفَةُ مِنَ الْمُبْتَدِعَةِ يُخَالِفُونَ أَهْلَ السُّنَّةِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأُصُولِ كَمَسْأَلَةِ الرُّؤْيَةِ وَإِثْبَاتِ الصِّفَاتِ يُنْسَبُونْ إِلَى جَهْمِ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ هُوَ جَهْمُ بْنُ صَفْوَانَ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ. قَوْلُهُ (كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ) أَيْ مِنْ غَيْرِ مُزَاحَمَةٍ كَمَا يُفِيدُهُ آخِرُ الْكَلَامِ وَإِلَّا فَهَذِهِ رُؤْيَةٌ فِي جِهَةٍ وَتِلْكَ رُؤْيَةٌ لَا فِي جِهَةٍ وَفِي جَامِعِ الْأُصُولِ قَدْ يُخَيَّلُ إِلَى بَعْضِ السَّامِعِينْ أَنَّ الْكَافَ فِي كَمَا تَرَوْنَ لِتَشْبِيهِ الْمَرْئِيِّ بِالْمَرْئِيِّ وَإِنَّمَا هِيَ

تَشْبِيهُ الرُّؤْيَةِ بِالرُّؤْيَةِ وَهُوَ فِعْلُ الرَّائِي وَمَعْنَاهُ تَرَوْنَ رَبَّكُمْ رُؤْيَةً يَزُولُ مَعَهَا الشَّكُّ كَرُؤْيَتِكُمُ الْقَمَرَ لَيْلَةَ الْبَدْرِ وَلَا تَرْتَابُونَ فِيهِ وَلَا تَمْتَرُونَ انْتَهَى وَهَذَا وَجْهٌ وَجِيهٌ لَكِنَّ آخِرَ الْحَدِيثِ أَنْسَبُ بِمَا ذَكَرَ وَأَمَّا تَخْيِيلُ تَشْبِيهِ الْمَرْئِيِّ بِالْمَرْئِيِّ فَبَاطِلٌ فَإِنَّهُ مِنَ الْجَهْلِ بِالْعَرَبِيَّةِ وَإِلَّا فَكَمَا تَرَوْنَ صِفَةَ مَصْدَرٍ فَهُوَ نَصٌّ فِي تَشْبِيهِ الرُّؤْيَةِ لَا الْمَرْئِيِّ قَوْلُهُ: (لَا تُضَامُونَ) بِفَتْحِ التَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ أَيْ لَا تَزْدَحِمُونْ أَوْ بِضَمِّ التَّاءِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ أَيْ لَا يَلْحَقُكُمْ ضَيْمٌ وَمَشَقَّةٌ قَوْلُهُ: (أَنْ لَا تُغْلَبُوا) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيْ لَا يَغْلِبَكُمُ الشَّيْطَانُ حَتَّى تَتْرُكُوهُمَا أَوْ تُؤَخِّرُوهُمَا عَنِ الْأَوَّلِ وَقَرَأَ {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} [ق: 39] إِلَخْ وَفِي تَرْتِيبِ قَوْلِهِ: فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ عَلَى مَا فِي قَبْلِهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُحَافِظَ عَلَى هَذَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ خَلِيقٌ بِأَنْ يَرَى رَبَّهُ.

178 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عِيسَى الرَّمْلِيُّ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَضَامُّونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ قَالُوا لَا قَالَ فَكَذَلِكَ لَا تَضَامُّونَ فِي رُؤْيَةِ رَبِّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (تُضَامُونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ) بِتَقْدِيرِ حَرْفِ الِاسْتِفْهَامِ وَالْوَجْهَانِ السَّابِقَانِ جَارِيَانِ فِيهِ.

179 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ «قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَرَى رَبَّنَا قَالَ تَضَامُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ فِي الظَّهِيرَةِ فِي غَيْرِ سَحَابٍ قُلْنَا لَا قَالَ فَتَضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ فِي غَيْرِ سَحَابٍ قَالُوا لَا قَالَ إِنَّكُمْ لَا تَضَارُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ إِلَّا كَمَا تَضَارُّونَ فِي رُؤْيَتِهِمَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (تُضَارُّونَ) أَيْ هَلْ تُضَارُّونَ وَهُوَ بِفَتْحِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ أَيْ هَلْ يُصِيبُكُمْ ضَرَرٌ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ بِالتَّخْفِيفِ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنَ الضَّيْرِ لُغَةٌ فِي الضَّرَرِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ تُضَامُونَ مِنْ غَيْرِ سَحَابٍ أَيْ لَا فِي سَحَابٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهَا تَكُونُ فِي شَيْءٍ غَيْرِ السَّحَابِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ غَيْرِ سَحَابٍ.

180 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ وَكِيعِ بْنِ حُدُسٍ عَنْ عَمِّهِ أَبِي رَزِينٍ قَالَ «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَرَى اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَا آيَةُ ذَلِكَ فِي خَلْقِهِ قَالَ يَا أَبَا رَزِينٍ أَلَيْسَ كُلُّكُمْ يَرَى الْقَمَرَ مُخْلِيًا بِهِ قَالَ قُلْتُ بَلَى قَالَ فَاللَّهُ أَعْظَمُ وَذَلِكَ آيَةٌ فِي خَلْقِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَمَا آيَةُ ذَلِكَ) أَيْ عَلَامَتُهُ قَوْلُهُ: (مُخْلِيًا بِهِ) اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَخْلَى

أَيْ مُنْفَرِدًا بِرُؤْيَتِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُزَاحِمَهُ صَاحِبُهُ فِي ذَلِكَ.

181 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ وَكِيعِ بْنِ حُدُسٍ عَنْ عَمِّهِ أَبِي رَزِينٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحِكَ رَبُّنَا مِنْ قُنُوطِ عِبَادِهِ وَقُرْبِ غِيَرِهِ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَ يَضْحَكُ الرَّبُّ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ لَنْ نَعْدَمَ مِنْ رَبٍّ يَضْحَكُ خَيْرًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (ضَحِكَ) كَفَرِحَ رَبُّنَا بِالرَّفْعِ فَاعِلُ ضَحِكَ قِيلَ الضَّحِكُ مِنَ اللَّهِ الرِّضَا وَإِرَادَةُ الْخَيْرِ وَقِيلَ بَسْطُ الرَّحْمَةِ بِالْإِقْبَالِ وَبِالْإِحْسَانِ أَوْ بِمَعْنَى أَمَرَ مَلَائِكَتَهُ بِالضَّحِكِ وَأَذِنَ لَهُمْ فِيهِ كَمَا يُقَالُ السُّلْطَانُ قَتَلَهُ إِذَا أَمَرَ بِقَتْلِهِ قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ هُوَ مِنْ نِسْبَةِ الْفِعْلِ إِلَى الْآمِرِ وَهُوَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ كَثِيرٌ قُلْتُ وَالتَّحْقِيقُ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينْ أَنَّ الضَّحِكَ وَأَمْثَالَهُ مِمَّا هُوَ مِنْ قَبِيلِ الِانْفِعَالِ إِذَا نُسِبَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى يُرَادُ بِهِ غَايَتُهُ وَقِيلَ بَلِ الْمُرَادُ بِهِ إِيجَادُ الِانْفِعَالِ فِي الْغَيْرِ فَالْمُرَادُ هَاهُنَا الْإِضْحَاكُ وَمَذْهَبُ أَهْلِ التَّحْقِيقِ أَنَّهُ صِفَةٌ سَمْعِيَّةٌ يَلْزَمُ إِثْبَاتُهَا مَعَ نَفْيِ التَّشْبِيهِ وَكَمَالِ التَّنْزِيهِ كَمَا أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ مَالِكٌ وَقَدْ سُئِلَ عَنِ الِاسْتِوَاءِ فَقَالَ الِاسْتِوَاءُ مَعْلُومٌ وَالْكَيْفُ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَالْإِيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ قَوْلُهُ (مِنْ قُنُوطِ عِبَادِهِ) وَالْقُنُوطُ كَالْجُلُوسِ وَهُوَ الْيَأْسُ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ هَاهُنَا هُوَ الْحَاجَةُ وَالْفَقْرُ أَيْ يَرْضَى عَنْهُمْ وَيُقْبِلُ بِالْإِحْسَانْ إِذَا نَظَرَ إِلَى فَقْرِهِمْ وَفَاقَتِهِمْ وَذِلَّتِهِمْ وَحَقَارَتِهِمْ وَضَعْفِهِمْ وَإِلَّا فَالْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَتِهِ يُوجِبُ الْغَضَبَ لَا الرِّضَا قَالَ تَعَالَى {لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} [الزمر: 53] وَقَالَ {وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف: 87] إِلَّا أَنْ يُقَالَ: ذَلِكَ هُوَ الْقُنُوطُ بِالنَّظَرِ إِلَى كَرَمِهِ وَإِحْسَانِهِ مِثْلَ أَنْ لَا يَرَى لَهُ كَرَمًا وَإِحْسَانًا أَوْ يَرَى قَلِيلًا فَيَقْنَطُ كَذَلِكَ فَهَذَا هُوَ الْكُفْرُ وَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ أَشَدَّ النَّهْيِ وَأَمَّا الْقُنُوطُ بِالنَّظَرِ إِلَى أَعْمَالِهِ وَقَبَائِحِهِ فَهُوَ مِمَّا يُوجِبُ لِلْعَبْدِ تَوَاضُعًا وَخُشُوعًا وَانْكِسَارًا فَيُوجِبُ الرِّضَا وَيَجْلِبُ الْإِحْسَانَ وَالْإِقْبَالَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَمَنْشَأُ هَذَا الْقُنُوطِ هُوَ الْغَيْبَةُ عَنْ صَالِحِ الْأَعْمَالِ وَاسْتِعْظَامُ الْمَعَاصِي إِلَى الْغَايَةِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مَطْلُوبٌ وَمَحْبُوبٌ وَلَعَلَّ هَذَا سَبَبُ مَغْفِرَةِ ذُنُوبِ مَنْ أَمَرَ أَهْلَهُ بِإِحْرَاقِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ حِينْ أَيِسَ مِنَ الْمَغْفِرَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَقَوْلُهُ: (وَقُرْبِ غِيَرِهِ) ضُبِطَ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ فَفَتْحِ يَاءٍ بِمَعْنَى فَقِيرِ الْحَالِ وَهُوَ اسْمٌ مِنْ قَوْلِكَ: غَيَّرْتَ الشَّيْءَ فَتَغَيَّرَ حَالُهُ مِنَ الْقُوَّةِ إِلَى الضَّعْفِ وَمِنَ الْحَيَاةِ إِلَى الْمَوْتِ وَهَذِهِ الْأَحْوَالُ مِمَّا تَجْلِبُ الرَّحْمَةَ لَا مَحَالَةَ فِي الشَّاهِدِ فَكَيْفَ لَا تَكُونُ أَسْبَابًا عَادِيَّةً لِجَلْبِهَا مِنْ أَرْحَمِ الرَّاحِمِينَ جَلَّ ذِكْرُهُ وَثَنَاؤُهُ وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْغَيْرَ بِمَعْنَى تَغَيُّرِ الْحَالِ وَتَحْوِيلِهِ وَبِهِ

تُشْعِرُ عِبَارَةُ الْقَامُوسِ لَا تَغَيُّرُهُ وَلَا تَحَوُّلُهُ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَالضَّمِيرُ لِلَّهِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ تَعَالَى يَضْحَكُ مِنْ أَنَّ الْعَبْدَ يَصِيرُ مَأْيُوسًا مِنَ الْخَيْرِ بِأَدْنَى شَرٍّ وَقَعَ عَلَيْهِ مَعَ قُرْبِ تَغْيِيرِهِ تَعَالَى الْحَالَ مِنْ شَرٍّ إِلَى خَيْرٍ وَمِنْ مَرَضٍ إِلَى عَافِيَةٍ وَمِنْ بَلَاءٍ وَمِحْنَةٍ إِلَى سُرُورٍ وَفَرْحَةٍ لَكِنَّ الضَّحِكَ عَلَى هَذَا لَا يُمْكِنُ تَفْسِيرُهُ بِالرِّضَا قُلْتُ: (لَنْ نَعْدَمَ) مِنْ عَدِمَ كَـ عَلِمَ إِذَا فَقَدَهُ يُرِيدُ أَنَّ الرَّبَّ الَّذِي مِنْ صِفَاتِهِ الضَّحِكُ لَا نَفْقِدُ خَيْرَهُ بَلْ كُلَّمَا احْتَجْنَا إِلَى خَيْرٍ وَجَدْنَاهُ فَإِنَّا إِذَا أَظْهَرْنَا الْفَاقَةَ لَدَيْهِ يَضْحَكُ فَيُعْطِي وَفِي الزَّوَائِدِ وَكِيعٌ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَبَاقِي رِجَالِهِ احْتَجَّ بِهِمْ مُسْلِمٌ انْتَهَى أَيْ فَالْحَدِيثُ حَسَنٌ.

182 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ وَكِيعِ بْنِ حُدُسٍ عَنْ عَمِّهِ أَبِي رَزِينٍ قَالَ «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيْنَ كَانَ رَبُّنَا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ خَلْقَهُ قَالَ كَانَ فِي عَمَاءٍ مَا تَحْتَهُ هَوَاءٌ وَمَا فَوْقَهُ هَوَاءٌ وَمَا ثَمَّ خَلْقٌ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَيْنَ كَانَ رَبُّنَا) قِيلَ: هُوَ بِتَقْدِيرِ أَيْنَ كَانَ عَرْشُ رَبِّنَا قَالَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ قَبْلُ ثُمَّ خَلَقَ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ وَعَلَى هَذَا يَحْتَمِلُ قَوْلُهُ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ خَلْقَهُ عَلَى غَيْرِ الْعَرْشِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَحِينَئِذٍ لَا إِشْكَالَ فِي الْحَدِيثِ أَصْلًا وَالْعَمَاءُ بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ السَّحَابُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَمَنْ لَا يَقْدِرُ مُضَافًا يَقُولُ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنَ الْعَمَاءِ شَيْئًا مَوْجُودًا غَيْرَ اللَّهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَقُولُ مِنْ قَبِيلِ الْخَلْقِ وَالْكَلَامُ مَفْرُوضٌ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ بَلِ الْمُرَادُ لَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ كَانَ فِي عَمًى بِالْقَصْرِ فَإِنَّ الْعَمَى بِالْقَصْرِ مُفَسَّرٌ بِهِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ: يُرِيدُ الْعَمَاءَ أَيْ لَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ وَعَلَى هَذَا كُلِّهِ وَفِي قَوْلِهِ كَانَ فِي عَمَاءٍ بِمَعْنَى أَنَّهُ كَانَ مَعَ عَدَمِ شَيْءٍ آخَرَ وَيَكُونُ حَاصِلُ الْجَوَابِ الْإِرْشَادَ إِلَى عَدَمِ الْمَكَانِ وَإِلَى أَنَّهُ لَا أَيْنَ ثَمَّةَ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ هُوَ فِي مَكَانٍ وَقَالَ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ هَذَا مِنْ حَدِيثِ الصِّفَاتِ فَنُؤْمِنُ بِهِ وَنَكِلُ عِلْمُهُ إِلَى عَالِمِهِ وَمَا فِيمَا تَحْتَهُ هَوَاءٌ نَافِيَةٌ لَا مَوْصُولَةٌ وَكَذَا قَوْلُهُ وَمَا فَوْقَهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَمَا ثَمَّ خَلْقٌ إِلَخْ هَكَذَا فِي نُسَخِ ابْنِ مَاجَهِ الْمُعْتَمَدَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ وَمَا تَأْكِيدٌ لِلنَّفْيِ السَّابِقِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ثَمَّ بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ اسْمُ إِشَارَةٍ إِلَى الْمَكَانِ وَخَلْقٌ بِمَعْنَى مَخْلُوقٍ وَقَوْلُهُ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ جُمْلَةٌ أُخْرَى وَبَعْضُهُمْ جَعَلَ وَمَاءٌ بِالْمَدِّ عَطْفًا عَلَى هَوَاءٍ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ تَصْحِيفٌ.

183 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ الْمَازِنِيِّ قَالَ «بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ إِذْ عَرَضَ لَهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا ابْنَ عُمَرَ كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ فِي النَّجْوَى قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يُدْنَى الْمُؤْمِنُ مِنْ رَبِّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَضَعَ عَلَيْهِ كَنَفَهُ ثُمَّ يُقَرِّرُهُ بِذُنُوبِهِ فَيَقُولُ هَلْ تَعْرِفُ فَيَقُولُ يَا رَبِّ أَعْرِفُ حَتَّى إِذَا بَلَغَ مِنْهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَبْلُغَ قَالَ إِنِّي سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ قَالَ ثُمَّ يُعْطَى صَحِيفَةَ حَسَنَاتِهِ أَوْ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ قَالَ وَأَمَّا الْكَافِرُ أَوْ الْمُنَافِقُ فَيُنَادَى عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ» قَالَ خَالِدٌ فِي الْأَشْهَادِ شَيْءٌ مِنْ انْقِطَاعٍ {هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: 18] ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فِي النَّجْوَى) بَرِيدُ مُنَاجَاةِ اللَّهِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالنَّجْوَى اسْمٌ يَقُومُ مَقَامَ الْمَصْدَرِ قَوْلُهُ (يُدْنَى) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنَ الْإِدْنَاءِ قَوْلُهُ (كَنَفَهُ) بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ سِتْرَهُ عَنْ أَهْلِ الْمَوْقِفِ حَتَّى لَا يَطَّلِعَ عَلَى سِرِّهِ غَيْرُهُ قَوْلُهُ (ثُمَّ يُقَرِّرُهُ) مِنَ التَّقْرِيرِ بِمَعْنَى الْحَمْلِ عَلَى الْإِقْرَارِ هَلْ تَفْسِيرٌ لِلتَّقْرِيرِ بِتَقْدِيرِ الْقَوْلِ أَيْ يَقُولُ لَهُ هَلْ تَعْرِفُ قَوْلُهُ (حَتَّى إِذَا بَلَغَ) أَيِ الْمُؤْمِنُ مِنَ الْإِقْرَارِ وَحَتَّى إِذَا بَلَغَ أَيِ الْفَزَعُ مِنْهُ أَيْ مِنَ الْمُؤْمِنِ.

184 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الْعَبَّادَانِيُّ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ الرَّقَاشِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَا أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي نَعِيمِهِمْ إِذْ سَطَعَ لَهُمْ نُورٌ فَرَفَعُوا رُءُوسَهُمْ فَإِذَا الرَّبُّ قَدْ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ مِنْ فَوْقِهِمْ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ قَالَ وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ {سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} [يس: 58] قَالَ فَيَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ فَلَا يَلْتَفِتُونَ إِلَى شَيْءٍ مِنْ النَّعِيمِ مَا دَامُوا يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ حَتَّى يَحْتَجِبَ عَنْهُمْ وَيَبْقَى نُورُهُ وَبَرَكَتُهُ عَلَيْهِمْ فِي دِيَارِهِمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِذْ سَطَعَ لَهُمْ) أَيْ ظَهَرَ وَارْتَفَعَ قَوْلُهُ (قَدْ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ) أَيْ ظَهَرَ مِنْ فَوْقِهِمْ فِيهِ إِثْبَاتٌ لِلْجِهَةِ ظَاهِرًا فَلَا بُدَّ مِنَ التَّأْوِيلِ إِنْ ثَبَتَ الْحَدِيثُ يَحْمِلُهُ عَلَى الْعُلُوِّ اللَّائِقِ بِجَنَابِهِ الْعَلِيِّ أَيْ يَظْهَرُ عَلَيْهِمْ حَالَ كَوْنِهِ عَالِيًا عُلُوًّا يَلِيقُ بِهِ تَعَالَى فَيَنْظُرُ إِلَيْهِمْ أَيْ يَبْدُو لَهُمْ أَنَّهُ نَاظِرٌ إِلَيْهِمْ أَوْ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ نَظَرَ رَحْمَةٍ فَوْقَ مَا كَانُوا فِيهَا وَإِلَّا فَهُوَ نَاظِرٌ إِلَيْهِمْ عَلَى الدَّوَامِ لَا يَغِيبُ عَنْ نَظَرِهِ شَيْءٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ التَّفْرِيعُ بِالنَّظَرِ إِلَى قَوْلِهِ وَيَنْظُرُونْ إِلَيْهِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى ضَعْفِ الرَّقَاشِيِّ قَالَ السُّيُوطِيُّ أَوْرَدَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ وَقَالَ الْفَضْلُ الرَّقَاشِيُّ رَجُلُ سُوءٍ وَرَوَاهُ عَنْهُ أَبُو عَاصِمٍ وَلَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ كَذَا ذَكَرَهُ عَنِ الْعُقَيْلِيِّ وَالَّذِي رَأَيْتُهُ أَنَا فِي كِتَابِ الْعُقَيْلِيِّ مَا نَصُّهُ أَبُو عَاصِمٍ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وَالْعُقَيْلِيُّ يَرْوِي لَهُ الْقَدْرَ لِأَنَّهُ كَادَ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى حَدِيثِهِ الْوَهْمُ وَهَذَا لَا يَقْتَضِي الْحُكْمَ بِالْوَضْعِ وَلَهُ طَرِيقٌ آخَرُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ذَكَرَهُ

فِي اللَّآلِئِ انْتَهَى.

185 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ عَدِيِّ ابْنِ حَاتِمٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تَرْجُمَانٌ فَيَنْظُرُ مِنْ عَنْ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا شَيْئًا قَدَّمَهُ ثُمَّ يَنْظُرُ مِنْ عَنْ أَيْسَرَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا شَيْئًا قَدَّمَهُ ثُمَّ يَنْظُرُ أَمَامَهُ فَتَسْتَقْبِلُهُ النَّارُ فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَّقِيَ النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَلْيَفْعَلْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (تَرْجُمَانٌ) بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ الْجِيمِ وَيَجُوزُ ضَمُّ أَوَّلِهِ اتِّبَاعًا وَيَجُوزُ فَتْحُ الْجِيمِ وَهُوَ مُعَرَّبٌ وَقِيلَ عَرَبِيٌّ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا وَاسِطَةَ فِي الْبَيْنِ قَوْلُهُ (إِلَّا شَيْئًا قَدَّمَهُ) أَيْ مِنَ الْأَعْمَالِ (فَتَسْتَقْبِلُهُ) أَيْ تَظْهَرُ لَهُ قَوْلُهُ (وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ) بِكَسْرِ الشِّينْ أَيْ نِصْفِهَا أَيْ فَلْيَتَصَدَّقْ بِهِ.

186 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الصَّمَدِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ أَبِيهِ «قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا وَجَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا وَمَا بَيْنَ الْقَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَّا رِدَاءُ الْكِبْرِيَاءِ عَلَى وَجْهِهِ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (جَنَّتَانِ) مُبْتَدَأٌ وَالِابْتِدَاءُ بِالنَّكِرَةِ جَائِزٌ إِذَا كَانَ الْكَلَامُ مُفِيدًا قَوْلُهُ (مِنْ فِضَّةٍ) يَحْتَمِلُ أَنَّهُ خَبَرٌ لِجَنَّتَانِ بِتَقْدِيرِ كَائِنَتَانِ مِنْ فِضَّةٍ وَقَوْلُهُ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ جَنَّتَانْ أَوْ مِنْ ضَمِيرِ كَائِنَتَانِ وَبِتَقْدِيرِ كَائِنَةٌ مِنْ فِضَّةٍ وَآنِيَتُهُمَا فَاعِلُ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ خَبَرٌ لِمَا بَعْدَهُ وَالْجُمْلَةُ خَبَرٌ لِجَنَّتَانِ قَوْلُهُ: (بَيْنَ الْقَوْمِ) أَيْ أَهْلِ الْجَنَّةِ قَوْلُهُ: (فِي جَنَّةِ عَدْنٍ) حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ يَنْظُرُونَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِرِدَاءِ الْكِبْرِيَاءِ نَفْسُ صِفَةِ الْكِبْرِيَاءِ عَلَى أَنَّ الْإِضَافَةَ بَيَانِيَّةٌ وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِحَدِيثِ الْكِبْرِيَاءِ رِدَائِي وَحِينَئِذٍ لَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَ هَذَا الْحَدِيثِ يُفِيدُ أَنَّهُمْ لَا يَرَوْنَهُ تَعَالَى فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ رِدَاءُ الْكِبْرِيَاءِ مَانِعًا عَنْ نَظَرِ أَهْلِ جَنَّةِ عَدْنٍ فَكَيْفَ غَيْرُهُمْ وَصِفَةُ الْكِبْرِيَاءِ مِنْ لَوَازِمِ ذَاتِهِ تَعَالَى لَا يُمْكِنُ زَوَالُهَا عَنْهُ فَيَدُومُ الْمَنْعُ بِدَوَامِهَا إِلَّا أَنْ يُقَالَ هِيَ مَانِعَةٌ عَنْ دَوَامِ النَّظَرِ لَا عَنْ أَصْلِ النَّظَرِ عَلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا أَيْ وَبَيْنَ أَنْ يُدِيمُوا فَلَوْلَا هِيَ لَدَامَ نَظَرُهُمْ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْمُعَامَلَةِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَهِيَ غَيْرُ لَازِمَةٍ وَبِهَذَا صَارَتْ صِفَةُ الْكِبْرِيَاءِ مَانِعَةً عَنْ دَوَامِ النَّظَرِ دُونَ أَصْلِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِرِدَاءِ الْكِبْرِيَاءِ هُوَ الْمُعَامَلَةُ بِمُقْتَضَاهَا لَا نَفْسُ صِفَةِ الْكِبْرِيَاءِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى الْإِضَافَةِ إِذِ الْأَصْلُ التَّغَايُرُ لَا التَّبَايُنُ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِلتَّعْبِيرِ بِالرِّدَاءِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ عَادَةً لَا يَلْزَمُ اللَّابِسَ لُزُومُ الْإِزَارِ

وَحِينَئِذٍ فَرِدَاءُ الْكِبْرِيَاءِ وَإِنْ كَانَ مَانِعًا مِنْ أَصْلِ النَّظَرِ لَكِنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ فَيُمْكِنُ النَّظَرُ وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ فَالْحَدِيثُ مَسُوقٌ لِإِفَادَةِ كَمَالِ قُرْبِ أَهْلِ جَنَّةِ عَدْنٍ مِنْهُ تَعَالَى.

187 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ صُهَيْبٍ قَالَ «تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26] وَقَالَ إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ نَادَى مُنَادٍ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ إِنَّ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ مَوْعِدًا يُرِيدُ أَنْ يُنْجِزَكُمُوهُ فَيَقُولُونَ وَمَا هُوَ أَلَمْ يُثَقِّلْ اللَّهُ مَوَازِينَنَا وَيُبَيِّضْ وُجُوهَنَا وَيُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَيُنْجِنَا مِنْ النَّارِ قَالَ فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ فَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ فَوَاللَّهِ مَا أَعَطَاهُمْ اللَّهُ شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ النَّظَرِ يَعْنِي إِلَيْهِ وَلَا أَقَرَّ لِأَعْيُنِهِمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ) تَفْسِيرٌ لِلنِّدَاءِ بِتَقْدِيرِ يَقُولُ (أَنْ يُنْجِزَكُمُوهُ) مِنَ الْإِنْجَازِ وَهُوَ الْإِيفَاءُ قَوْلُهُ (أَلَمْ يُثَقِّلْ) مِنَ الثَّقِيلِ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُمْ يَنْسَوْنَ الْوَعْدَ بِالرُّؤْيَةِ وَفِيهِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُزِيلُ عَنْ قُلُوبِهِمُ الْحِرْصَ وَيُعْطِيهِمْ مَا لَا يَطْمَعُونَ الْمَزِيدَ عَلَيْهِ وَيُرْضِيهِمْ بِفَضْلِهِ قَوْلُهُ (وَيُبَيِّضْ) مِنَ التَّبْيِيضِ وَيُدْخِلْنَا مِنَ الْإِدْخَالِ وَيُنَجِّنَا مِنَ الْإِنْجَاءِ وَالتَّنْجِيَةِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَيُنَجِّينَا بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ كَمَا فِي التِّرْمِذِيِّ مَعَ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَجْزُومِ إِمَّا لِلْإِشْبَاعِ أَوْ لِلتَّنْزِيلِ مَنْزِلَةَ الصَّحِيحِ قَوْلُهُ (فَيَكْشِفُ) يُزِيلُ وَيَرْفَعُ (الْحِجَابَ) أَيِ الَّذِي حَجَبَهُمْ عَنْ إِبْصَارِهِ وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي الرُّؤْيَةِ مُخْتَلِفَةً فِي الْكَيْفِيَّةِ لِكَوْنِهَا تَكُونُ مِرَارًا مُتَعَدِّدَةً.

188 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ تَمِيمِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الْأَصْوَاتَ لَقَدْ جَاءَتْ الْمُجَادِلَةُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ تَشْكُو زَوْجَهَا وَمَا أَسْمَعُ مَا تَقُولُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة: 1] » ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَسِعَ) كَسَمِعَ سَمْعُهُ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلُ وَسِعَ الْأَصْوَاتَ بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولُهُ أَيْ أَحَاطَ سَمْعُهُ بِالْأَصْوَاتِ كُلِّهَا لَا يَفُوتُهُ مِنْهَا شَيْءٌ وَنَصْبُ السَّمْعِ وَرَفْعُ الْأَصْوَاتِ كَمَا ضُبِطَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بَعِيدٌ مَعْنًى وَلَفْظًا وَهَذَا ثَنَاءٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى حِينَ ظَهَرَ عِنْدَهَا آثَارُ سَعَةِ سَمْعِهِ وَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ لَيْسَتْ عَالِمَةً بِذَلِكَ قَبْلُ حَتَّى يُقَالَ كَيْفَ خَفِيَ عَلَى مِثْلِهَا هَذَا الْأَمْرُ.

189 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ بِيَدِهِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي) مَفْعُولُ كَتَبَ وَقَوْلُهُ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ يَدُلُّ

عَلَى أَنَّهُ سَاقَ هَذَا الْكَلَامَ عَلَى أَنَّهُ وَعَدَ بِأَنَّهُ سَيُعَامِلُ بِالرَّحْمَةِ مَا لَا يُعَامِلُ بِالْغَضَبِ لَا أَنَّهُ إِخْبَارٌ عَنْ صِفَةِ الرَّحْمَةِ وَالْغَضَبِ بِأَنَّ الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ لِأَنَّ صِفَاتِهِ كُلِّهَا كَامِلَةٌ عَظِيمَةٌ وَلِأَنَّ مَا فَعَلَ مِنْ آثَارِ الْأُولَى فِيمَا سَبَقَ أَكْثَرُ مِمَّا فَعَلَ مِنْ آثَارِ الثَّانِيَةِ وَلَا يُشْكِلُ هَذَا الْحَدِيثُ بِمَا جَاءَ أَنَّ الْوَاحِدَ مِنَ الْأَلْفِ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَالْبَقِيَّةَ النَّارَ إِمَّا لِأَنَّهُ يُعَامِلُ بِمُقْتَضَى الرَّحْمَةِ وَلَا يُعَامَلُ بِمُقْتَضَى الْغَضَبِ كَمَا قَالَ {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا} [الأنعام: 160] وَقَالَ {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ} [البقرة: 261] الْآيَةَ وَقَالَ {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ} [الزمر: 10] الْآيَةَ وَإِمَّا لِأَنَّ مَظَاهِرَ الرَّحْمَةِ أَكْثَرُ مِنْ مَظَاهِرِ الْغَضَبِ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ كُلَّهُمْ مَظَاهِرُ الرَّحْمَةِ وَهُمْ أَكْثَرُ خَلْقِ اللَّهِ وَكَذَا مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي الْجَنَّةِ مِنَ الْحُورِ وَالْوِلْدَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

190 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ وَيَحْيَى بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَرَبِيٍّ قَالَا حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ الْأَنْصَارِيُّ الْحَرَامِيُّ قَالَ سَمِعْتُ طَلْحَةَ بْنَ خِرَاشٍ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ «لَمَّا قُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ يَوْمَ أُحُدٍ لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا جَابِرُ أَلَا أُخْبِرُكَ مَا قَالَ اللَّهُ لِأَبِيكَ وَقَالَ يَحْيَى فِي حَدِيثِهِ فَقَالَ يَا جَابِرُ مَا لِي أَرَاكَ مُنْكَسِرًا قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتُشْهِدَ أَبِي وَتَرَكَ عِيَالًا وَدَيْنًا قَالَ أَفَلَا أُبَشِّرُكَ بِمَا لَقِيَ اللَّهُ بِهِ أَبَاكَ قَالَ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَا كَلَّمَ اللَّهُ أَحَدًا قَطُّ إِلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَكَلَّمَ أَبَاكَ كِفَاحًا فَقَالَ يَا عَبْدِي تَمَنَّ عَلَيَّ أُعْطِكَ قَالَ يَا رَبِّ تُحْيِينِي فَأُقْتَلُ فِيكَ ثَانِيَةً فَقَالَ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ إِنَّهُ سَبَقَ مِنِّي أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لَا يَرْجِعُونَ قَالَ يَا رَبِّ فَأَبْلِغْ مَنْ وَرَائِي قَالَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: 169] » ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَمَّا قُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ) هُوَ أَبُو جَابِرِ بْنُ حَرَامٍ ضِدُّ الْحَلَالِ جُعِلَ عَلَمًا اسْتُشْهِدَ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ عِيَالًا بِكَسْرِ الْعَيْنِ قَوْلُهُ (مَا كَلَّمَ اللَّهُ أَحَدًا) أَيْ لَا فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي عَالَمِ الْبَرْزَخِ قَوْلُهُ (كِفَاحًا) بِكَسْرِ الْكَافِ أَيْ مُوَاجَهَةً لَيْسَ بَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَلَا رَسُولٌ قَوْلُهُ (تَمَنَّ عَلَيَّ أُعْطِيكَ) ظَاهِرُهُ عُمُومُ الْمَفْعُولِ أَيْ مَا شِئْتَ كَمَا يُفِيدُهُ حَذْفُ الْمَفْعُولِ وَالْمَقَامُ فَيُشْكِلُ بِأَنَّ عُمُومَ الْوَعْدِ شَمِلَ الْأَحْيَاءَ وَهُوَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ فَكَيْفَ مَا أَحْيَاهُ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ خِلَافَ الْمِيعَادِ الْمَعْهُودِ مُسْتَثْنًى مِنَ الْعُمُومِ فَإِنَّ الْغَايَةَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُخَصِّصَاتِ كَمَا ذَكَرَهُ أَهْلُ الْأُصُولِ قَوْلُهُ (تُحْيِينِي) هَذَا مِنْ مَوْضِعِ الْإِخْبَارِ مَوْضِعِ الْإِنْشَاءِ لِإِظْهَارِ كَمَالِ الرَّغْبَةِ وَإِلَّا فَالْمَقَامُ يَقْتَضِي أَحْيِنِي أَيْ أَحْيِنِي فِي الدُّنْيَا وَإِلَّا فَالشُّهَدَاءُ أَحْيَاءٌ وَهُوَ حَيٌّ يَتَكَلَّمُ فَكَيْفَ يَطْلُبُ الْإِحْيَاءَ وَهُوَ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ قَوْلُهُ (فَأُقْتَلُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ بِالنَّصْبِ وَكَأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ جَوَابُ الْأَمْرِ مَعْنًى لِمَا ذَكَرْنَا قَوْلُهُ (فَأُبْلِغْ) مِنَ الْإِبْلَاغِ أَيْ حَالَنَا تَرْغِيبًا لَهُمْ

فِي الْجِهَادِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَطَلْحَةُ بْنُ حَوَّاشٍ قِيلَ فِيهِ رَوَى عَنْ جَابِرٍ مَنَاكِيرَ وَمُوسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَقَالَ يُخْطِئُ انْتَهَى قُلْتُ لَيْسَ الْحَدِيثُ مِنَ أَفْرَادِ ابْنِ مَاجَهْ لَا مَتْنًا وَلَا سَنَدًا فَقَدْ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي التَّفْسِيرِ فَقَالَ حَدِيثُ يَحْيَى بْنِ حَبِيبِ بْنِ عَرَبِيٍّ ثُمَّ ذَكَرَهُ بِسَنَدِهِ لِلْمُصَنِّفِ ثُمَّ قَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ مُوسَى بْنِ إِبْرَاهِيمَ رَوَاهُ عَنْهُ كِبَارُ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَقَدْ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ جَابِرٍ شَيْئًا مِنْ هَذَا انْتَهَى.

191 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ يَضْحَكُ إِلَى رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ كِلَاهُمَا دَخَلَ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُ هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُسْتَشْهَدُ ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى قَاتِلِهِ فَيُسْلِمُ فَيُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُسْتَشْهَدُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يَضْحَكُ إِلَى رَجُلَيْنِ) قَدْ سَبَقَ تَحْقِيقُهُ وَتَعْدِيَتُهُ بِإِلَى بِمَعْنَى الْإِقْبَالِ دَخَلَ أَفْرَادُهُ لِأَفْرَادِ كِلَاهُمَا لَفْظًا وَمُرَاعَاةُ لَفْظِهِ أَرْجَحُ قَالَ تَعَالَى {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا} [الكهف: 33]

192 - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى وَيُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَقُولُ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْبِضُ اللَّهُ الْأَرْضَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَطْوِي السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ ثُمَّ يَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ مُلُوكُ الْأَرْضِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ (قَوْلُهُ يَقْبِضُ اللَّهُ إِلَخْ) هَذَا الْحَدِيثُ كَالتَّفْسِيرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67] وَالْمَقْصُودُ بَيَانُ غَايَةِ عَظَمَتِهِ تَعَالَى وَحَقَارَةِ الْأَفْعَالِ الْعِظَامِ الَّتِي تَتَحَيَّرُ فِيهَا الْأَوْهَامُ بِالْإِضَافَةِ إِلَى كَمَالِ قُدْرَتِهِ وَهَذَا الْمَقْصُودُ حَاصِلٌ بِهَذَا الْكَلَامِ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ كَيْفِيَّةُ الْقَبْضِ وَحَقِيقَةُ الْيَمِينِ فَالْبَحْثُ عَنْهُمَا خَارِجٌ عَنِ الْقَدْرِ الْمَقْصُودِ إِفْهَامُهُ فَلَا يَنْبَغِي.

193 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي ثَوْرٍ الْهَمْدَانِيُّ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمِيرَةَ عَنْ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ «كُنْتُ بِالْبَطْحَاءِ فِي عِصَابَةٍ وَفِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَرَّتْ بِهِ سَحَابَةٌ فَنَظَرَ إِلَيْهَا فَقَالَ مَا تُسَمُّونَ هَذِهِ قَالُوا السَّحَابُ قَالَ وَالْمُزْنُ قَالُوا وَالْمُزْنُ قَالَ وَالْعَنَانُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ قَالُوا وَالْعَنَانُ قَالَ كَمْ تَرَوْنَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ السَّمَاءِ قَالُوا لَا نَدْرِي قَالَ فَإِنَّ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهَا إِمَّا وَاحِدًا أَوْ اثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَسَبْعِينَ سَنَةً وَالسَّمَاءُ فَوْقَهَا كَذَلِكَ حَتَّى عَدَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ ثُمَّ فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ بَحْرٌ بَيْنَ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلِهِ كَمَا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ ثُمَّ فَوْقَ ذَلِكَ ثَمَانِيَةُ أَوْعَالٍ بَيْنَ أَظْلَافِهِنَّ وَرُكَبِهِنَّ كَمَا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ ثُمَّ عَلَى ظُهُورِهِنَّ الْعَرْشُ بَيْنَ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلِهِ كَمَا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ ثُمَّ اللَّهُ فَوْقَ ذَلِكَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَا تُسَمُّونَ) هَذِهِ الْإِشَارَةُ إِلَى السَّحَابِ قَالُوا السَّحَابَ بِالنَّصْبِ أَيْ نُسَمِّيهِ السَّحَابَ أَوْ بِالرَّفْعِ أَيْ هِيَ السَّحَابُ وَكَذَا الْوَجْهَانِ فِي الْمُزْنِ وَالْعَنَانِ وَالْمُزْنُ بِضَمِّ الْمِيمِ

السَّحَابُ أَوْ أَبْيَضُهُ وَالْعَنَانُ كَسَحَابٍ وَزْنًا وَمَعْنًى قَوْلُهُ (إِمَّا وَاحِدًا أَوِ اثْنَيْنِ) قِيلَ لَعَلَّ التَّرْدِيدَ مِنْ شَكِّ الرَّاوِي وَقَدْ جَاءَ فِي الْأَخْبَارِ أَنَّ بُعْدَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ خَمْسُمِائَةٍ فَقَالَ الطِّيبِيُّ الْمُرَادُ بِالسَّبْعِينَ فِي الْحَدِيثِ التَّكْثِيرُ دُونَ التَّحْدِيدِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ حِينَئِذٍ لِزِيَادَةِ وَاحِدٍ وَاثْنَيْنِ قُلْتُ لَعَلَّ التَّفَاوُتَ لِتَفَاوُتِ السَّائِرِ إِذْ لَا يُقَاسُ سَيْرُ الْإِنْسَانِ بِسَيْرِ الْفَرَسِ كَذَلِكَ ذَكَرْتُهُ فِي حَاشِيَةِ أَبِي دَاوُدَ ثُمَّ رَأَيْتُ فِي حَاشِيَةِ السُّيُوطِيِّ عَلَى الْكِتَابِ أَنَّ الْحَافِظَ بْنَ حَجَرٍ ذَكَرَ مِثْلَهُ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ عَلَى التَّوَافُقِ بَحْرً بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى اسْمِ إِنَّ فِي قَوْلِهِ فَإِنَّ بَيْنَكُمْ قَوْلُهُ (ثُمَّ فَوْقَ السَّمَاءِ) عَطْفٌ عَلَى خَبَرِ إِنَّ أَوْعَالٍ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ ثَمَانِيَّةُ أَوْعَالٍ جَمْعُ وَعْلٍ بِفَتْحٍ فَكَسْرِ تَيْسُ جَبَلٍ وَالْمُرَادُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ عَلَى صُورَةِ الْأَوْعَالِ وَالْأَظْلَافُ جَمْعُ ظِلْفٍ بِالْكَسْرِ وَهُوَ لِلْبَقَرِ وَالْغَنَمِ كَالْحَافِرِ لِلْفَرَسِ وَرُكَبِهِنَّ بِضَمٍّ فَفَتْحٍ ثُمَّ اللَّهُ فَوْقَ ذَلِكَ تَصْوِيرٌ لِعَظَمَتِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَفَوْقِيَّتُهُ عَلَى الْعَرْشِ بِالْعُلُوِّ وَالْعَظَمَةِ وَالْحُكْمِ لَا الْحُلُولِ وَالْمَكَانِ.

194 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا قَضَى اللَّهُ أَمْرًا فِي السَّمَاءِ ضَرَبَتْ الْمَلَائِكَةُ أَجْنِحَتَهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ فَ {إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [سبأ: 23] فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُو السَّمْعِ بَعْضُهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ فَيَسْمَعُ الْكَلِمَةَ فَيُلْقِيهَا إِلَى مَنْ تَحْتَهُ فَرُبَّمَا أَدْرَكَهُ الشِّهَابُ قَبْلَ أَنْ يُلْقِيَهَا إِلَى الَّذِي تَحْتَهُ فَيُلْقِيهَا عَلَى لِسَانِ الْكَاهِنِ أَوْ السَّاحِرِ فَرُبَّمَا لَمْ يُدْرَكْ حَتَّى يُلْقِيَهَا فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ فَتَصْدُقُ تِلْكَ الْكَلِمَةُ الَّتِي سُمِعَتْ مِنْ السَّمَاءِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِذَا قَضَى) أَيْ تَكَلَّمَ بِهِ خُضْعَانًا بِالضَّمِّ مَصْدَرُ خَضَعَ كَالْغُفْرَانِ وَالْكُفْرَانِ وَيُرْوَى بِالْكَسْرِ كَالْوِجْدَانِ وَالْعِرْفَانِ وَهُوَ جَمْعُ خَاضِعٍ كَالْحَيَوَانِ فَإِنْ كَانَ جَمْعًا فَهُوَ حَالٌ وَإِنْ كَانَ مَصْدَرًا جَازَ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا مُطْلَقًا لِمَا فِي ضَرْبِ الْأَجْنِحَةِ مِنْ مَعْنَى الْخُضُوعِ أَوْ مَفْعُولًا وَذَلِكَ لِأَنَّ الطَّائِرَ إِذَا اسْتَشْعَرَ خَوْفًا أَرْخَى جَنَاحَيْهِ مُرْتَعِدًا قَوْلُهُ (كَأَنَّهُ) أَيِ الْقَوْلُ قَوْلُهُ (سِلْسِلَةٌ) أَيْ صُورَةُ وَقْعِ سِلْسِلَةِ الْحَدِيدِ (عَلَى صَفْوَانٍ) هُوَ الْحَجَرُ الْأَمْلَسُ (فُزِّعَ) أَيْ كُشِفَ عَنْهُمُ الْفَزَعُ وَأُزِيلَ (قَالُوا مَاذَا قَالَ) أَيْ بَعْضُ الْمَلَائِكَةِ قَالُوا أَيِ الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ (مُسْتَرِقُ) أَيِ الشَّيْطَانُ

(فَيَسْمَعُ) أَيِ الشَّيْطَانُ.

195 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ «قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَنَامُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ حِجَابُهُ النُّورُ لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (قَامَ فِينَا إِلَخْ) أَيْ قَامَ خَطِيبًا فِينَا مُذَكِّرًا بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ فَقَوْلُهُ فِينَا وَبِخَمْسِ كَلِمَاتٍ مُتَرَادِفَانْ أَوْ مُتَدَاخِلَانِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِينَا مُتَعَلِّقًا بِقَامَ عَلَى تَضْمِينِ مَعْنَى خَطَبَ وَبِخَمْسِ حَالٌ أَيْ خَطَبَ قَائِمًا مُذَكِّرًا بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ وَالْقِيَامُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِخَمْسِ مُتَعَلِّقًا بِقَامَ وَفِينَا بَيَانٌ وَالْقِيَامُ عَلَى هَذَا مِنْ قَامَ بِالْأَمْرِ شَمَّرَ وَتَجَلَّدَ لَهُ أَيْ تَشَمَّرَ بِحِفْظِ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ وَكَانَ السَّامِعُ حِينَ سَمِعَ ذَلِكَ قَالَ فِي حَقِّهَا كَذَا ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ قُلْتُ وَفِي الْوَجْهِ الثَّالِثِ لَوْ جَعَلَ فِينَا مُتَعَلِّقًا بِقَامَ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارٍ أَيْ قَامَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ فِي حَقِّنَا وَلِأَجْلِ انْتِفَاعِنَا كَانَ صَحِيحًا وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْمَعْنَى قَامَ فِيمَا بَيْنَنَا بِتَبْلِيغِ خَمْسِ كَلِمَاتٍ أَيْ بِسَبَبِهِ فَالْجَارَانِ مُتَعَلِّقَانِ بِالْقِيَامِ وَهُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَذَلِكَ أَنْ تَجْعَلَ الْقِيَامَ مِنْ قَامَ بِالْأَمْرِ وَتَجْعَلَ فِينَا بَيَانًا مُتَعَلِّقًا بِهِ أَيْضًا قَوْلُهُ (بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ) أَيْ بِخَمْسِ فُصُولٍ وَالْكَلِمَةُ لُغَةً تُطْلَقُ عَلَى الْجُمْلَةِ الْمُرَكَّبَةِ الْمُفِيدَةِ (لَا يَنَامُ) إِذِ النَّوْمُ لِاسْتِرَاحَةِ الْقُوَى وَالْحَوَاسِّ وَهِيَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مُحَالٌ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَيْ لَا يَصِحُّ وَلَا يَسْتَقِيمُ لَهُ النَّوْمُ فَالْكَلِمَةُ الْأُولَى دَالَّةٌ عَلَى عَدَمِ صُدُورِ النَّوْمِ وَالثَّانِيَةُ لِلدَّلَالَةِ عَلَى اسْتِحَالَتِهِ عَلَيْهِ تَعَالَى وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الصُّدُورِ اسْتِحَالَتُهُ فَلِذَلِكَ ذُكِرَتِ الْكَلِمَةُ الثَّانِيَةُ بَعْدَ الْأُولَى قَوْلُهُ (يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ) قِيلَ أُرِيدَ بِالْقِسْطِ الْمِيزَانُ وَسُمِّيَ الْمِيزَانُ قِسْطًا لِأَنَّهُ يَقَعُ بِهِ الْمُعَادَلَةُ فِي الْقِسْمَةِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُ الْمِيزَانَ وَيَخْفِضُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ مِيزَانَ أَعْمَالِ الْعِبَادِ الْمُرْتَفِعَةِ إِلَيْهِ وَأَرْزَاقِهِمُ النَّازِلَةِ مِنْ عِنْدِهِ كَمَا يَرْفَعُ الْوَزَّانُ يَدَهُ وَيَخْفِضُهَا عِنْدَ الْوَزْنِ فَهُوَ تَمْثِيلٌ وَتَصْوِيرٌ لِمَا يُقَدِّرُ اللَّهُ تَعَالَى وَيُنَزِّلُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَشَارَ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن: 29] أَيْ أَنَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَ خَلْقِهِ بِمِيزَانِ الْعَدْلِ فَأَمْرُهُ كَأَمْرِ الْوَزَّانِ الَّذِي يَزِنُ فَيَخْفِضُ يَدَهُ وَيَرْفَعُهَا وَهَذَا الْمَعْنَى أَنْسَبُ بِمَا قَبْلَهُ كَأَنَّهُ قِيلَ كَيْفَ كَانَ يَجُوزُ عَلَيْهِ النَّوْمُ وَهُوَ الَّذِي يَتَصَرَّفُ أَبَدًا فِي مُلْكِهِ بِمِيزَانِ الْعَدْلِ

وَقِيلَ أُرِيدُ بِالْقِسْطِ الرِّزْقُ لِأَنَّهُ قِسْطُ كُلِّ مَخْلُوقٍ أَيْ نَصِيبُهُ وَخَفْضُهُ تَقْلِيلُهُ وَرَفْعُهُ تَكْثِيرُهُ قَوْلُهُ (يُرْفَعُ إِلَيْهِ) أَيْ لِلْعَرْضِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ هُوَ تَعَالَى أَعْلَمَ بِهِ لِيَأْمُرَ الْمَلَائِكَةَ بِإِمْضَاءِ مَا قَضَى لِفَاعِلِهِ جَزَاءً لَهُ عَلَى فِعْلِهِ وَيَرْفَعُ أَيْ خَزَائِنَهُ لِيَحْفَظَ إِلَى يَوْمِ الْجَزَاءِ قَوْلُهُ (قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ) أَيْ قَبْلَ أَنْ يَشْرَعَ الْعَبْدُ فِي عَمَلِ اللَّيْلِ أَوْ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ الْعَمَلُ بِاللَّيْلِ وَالْأَوَّلُ أَبْلَغُ لِمَا فِيهِ مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى مُسَارَعَةِ الْكِرَامِ الْكَتَبَةِ إِلَى رَفْعِ الْأَعْمَالِ وَسُرْعَةِ عُرُوجِهِمْ إِلَى مَا فَوْقَ السَّمَوَاتِ قَوْلُهُ (حِجَابُهُ) الْحِجَابُ هُوَ الْحَائِلُ بَيْنَ الرَّائِي وَالْمَرْئِيِّ وَالْمُرَادُ هَاهُنَا هُوَ الْمَانِعُ لِلْخَلْقِ عَنْ إِبْصَارِهِ فِي دَارِ الْفَنَاءِ وَالْكَلَامُ فِي دَارِ الْبَقَاءِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْحَدِيثَ يَدُلُّ عَلَى امْتِنَاعِ الرُّؤْيَةِ فِي الْآخِرَةِ وَكَذَا لَا يَرِدُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَانِعٌ عَنِ الْإِدْرَاكِ فَكَيْفَ قِيلَ حِجَابُهُ النُّورُ يُرِيدُ أَنَّ حِجَابَهُ عَلَى خِلَافِ الْحُجُبِ الْمَعْهُودَةِ فَهُوَ مُحْتَجِبٌ عَلَى الْخَلْقِ بِأَنْوَارِ عِزِّهِ وَجَلَالِهِ وَسَعَةِ عَظَمَتِهِ وَكِبْرِيَائِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْحِجَابُ الَّذِي تُدْهَشُ دُونَهُ الْعُقُولُ وَتَذْهَبُ الْأَبْصَارُ وَتَتَحَيَّرُ الْبَصَائِرُ قَوْلُهُ (لَوْ كَشَفَ ذَلِكَ الْحِجَابَ) وَتَجَلَّى لِمَا وَرَاءَهُ مَا تَجَلَّى مِنْ حَقَائِقِ الصِّفَاتِ وَعَظَمَةِ الذَّاتِ لَمْ يَبْقَ مَخْلُوقٌ إِلَّا احْتَرَقَ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ لَوْ كَشَفَهُ أيْ رَفَعَهُ وَأَزَالَهُ هَذَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَشْفِ الْحِجَابِ وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ بَعْضٍ أَنَّ الْمُرَادَ لَوْ أَظْهَرَهُ لَاحْتَرَقَ قَوْلُهُ (سُبُحَاتُ وَجْهِهِ) السُّبُحَاتُ أَيْ بِضَمَّتَيْنِ جَمْعُ سُبْحَةٍ كَغُرْفَةٍ وَغُرُفَاتٍ وَفَسَّرَ سُبُحَاتُ الْوَجْهِ بِجَلَالَتِهِ وَقِيلَ مَحَاسِنُهُ لِأَنَّكَ إِذَا رَأَيْتَ الْوَجْهَ الْحَسَنَ قُلْتَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَقِيلَ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ التَّحْقِيقِ إِنَّهَا الْأَنْوَارُ الَّتِي إِذَا رَآهَا الرَّاءُونَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ سَبَّحُوا وَهَلَّلُوا لِمَا يَرُوعُهُمْ مِنْ جَلَالِ اللَّهِ وَعَظَمَتِهِ قُلْتُ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ يُفِيدُ أَنَّ سُبُحَاتِ الْوَجْهِ لَا تَظْهَرُ لِأَحَدٍ وَإِلَّا لَاحْتَرَقَتِ الْمَخْلُوقَاتُ فَكَيْفَ يُقَالُ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ يَرَوْنَهَا فَلْيُتَأَمَّلْ قَوْلُهُ (مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ) أَيْ كُلُّ مَخْلُوقٍ انْتَهَى إِلَى ذَلِكَ الْمَخْلُوقِ بَصَرُهُ تَعَالَى وَمَعْلُومٌ أَنَّ بَصَرَهُ مُحِيطٌ بِجَمِيعِ الْكَائِنَاتِ مَعَ وُجُودِ الْحِجَابِ فَكَيْفَ إِذَا كُشِفَ فَهَذَا كِنَايَةٌ عَنْ هَلَاكِ الْمَخْلُوقَاتِ أَجْمَعَ وَقِيلَ الْمُرَادُ مَا انْتَهَى بَصَرُهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَيْ كُلُّ مَنْ يَرَاهُ يَهْلَكُ فَكَأَنَّهُمْ رَاعُوا أَنَّ الْحِجَابَ مَانِعٌ عَنْ أَبْصَارِهِمْ فَعِنْدَ الرَّفْعِ يَنْبَغِي أَنْ يَعْتَبِرَ أَبْصَارَهُمْ وَإِلَّا فَإِبْصَارُهُ تَعَالَى دَائِمٌ فَلْيُتَأَمَّلْ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْبَصَرِ النُّورُ وَالْمَعْنَى أَيْ كُلُّ مَخْلُوقٍ انْتَهَى إِلَى ذَلِكَ نُورُهُ تَعَالَى وَقَوْلُهُ مِنْ

خَلْقِهِ عَلَى الْوُجُوهِ بَيَانٌ لِمَا فِي قَوْلِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ.

196 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَنَامُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ حِجَابُهُ النُّورُ لَوْ كَشَفَهَا لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ كُلَّ شَيْءٍ أَدْرَكَهُ بَصَرُهُ» ثُمَّ قَرَأَ أَبُو عُبَيْدَةَ {أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [النمل: 8] ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَوْ كَشَفَهَا) لَعَلَّ تَأْنِيثَ الضَّمِيرِ بِتَأْوِيلِ النُّورِ بِالْأَنْوَارِ.

197 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَقَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمِينُ اللَّهِ مَلْأَى لَا يَغِيضُهَا شَيْءٌ سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَبِيَدِهِ الْأُخْرَى الْمِيزَانُ يَرْفَعُ الْقِسْطَ وَيَخْفِضُ قَالَ أَرَأَيْتَ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَمْ يَنْقُصْ مِمَّا فِي يَدَيْهِ شَيْئًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يَمِينُ اللَّهِ) قِيلَ أُرِيدَ بِالْيَمِينِ النِّعَمَ وَمَعْنَى مَلْأَى كَثِيرَةُ الْعَطَاءِ وَقِيلَ أُرِيدَ بِالْيَمِينِ الْخَزَائِنُ الَّتِي تَتَصَرَّفُ فِيهَا بِالْيَمِينِ (لَا يَغِيضُهَا) لَا يُنْقِصُهَا خَيْرٌ بَعْدَ خَيْرٍ (سَحَّاءُ) بِتَشْدِيدِ الْحَاءِ وَالْمَدِّ دَائِمَةٌ الصَّبِّ بِالْعَطَاءِ مِنْ سَحَّ سَحًّا وَرُوِيَ بِالتَّنْوِينِ مَصْدَرًا قِيلَ مَا أَتَمَّ هَذِهِ الْبَلَاغَةَ وَأَحْسَنَ هَذِهِ الِاسْتِعَارَةَ فَلَقَدْ نَبَّهَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِهَذَا اللَّفْظِ عَلَى مَعَانٍ دَقِيقَةٍ مِنْهَا وَصْفُ يَدِهِ تَعَالَى فِي الْإِعْطَاءِ بِالتَّفَوُّقِ وَالِاسْتِعْلَاءِ فَإِنَّ السَّحَّ إِنَّمَا يَكُونُ مِنْ عُلُوٍّ وَمِنْهَا أَنَّهَا الْمُعْطِيَةُ عَنْ ظَهْرِ غِنًى لِأَنَّ الْمَائِعَ إِذَا انْصَبَّ مِنْ فَوْقُ انْصَبَّ بِسُهُولَةٍ وَمِنْهَا جَزَالَةُ عَطَايَاهُ سُبْحَانَهُ فَإِنَّ السَّحَّ يَسْتَعْمِلُ فِيمَا ارْتَفَعَ عَنْ حَدِّ التَّقَاطُرِ إِلَى حَدِّ السَّيْلَانِ وَمِنْهَا أَنَّهُ لَا مَانِعَ لَهَا لِأَنَّ الْمَاءَ إِذَا أَخَذَ فِي الِانْصِبَابِ مِنْ فَوْقُ لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يَرُدَّهُ قَوْلُهُ (اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ) ظَرْفٌ لِسَحَّاءَ وَالْمُرَادُ بِهِ عَدَمُ الِانْقِطَاعِ لِمَادَّةِ عَطَائِهِ تَعَالَى قَوْلُهُ (وَبِيَدِهِ الْأُخْرَى) قُلْتُ هَذَا اللَّفْظُ مَعْنَاهُ كَمَا ذَكَرُوا فِي الْيَمِينِ مِنَ الْمَجَازِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَالْوَجْهُ مَذْهَبُ السَّلَفِ فَالْوَاجِبُ فِيهِ وَفِي أَمْثَالِهِ الْإِيمَانُ بِمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ وَالتَّسْلِيمُ وَتَرْكُ التَّصَرُّفِ فِيهِ لِلْعَقْلِ وَيَسْتَقِلُّ بِنَوْعِ بَسْطٍ قَوْلُهُ (يَرْفَعُ الْقِسْطَ وَيَخْفِضُهُ) قِيلَ هُوَ إِشَارَةٌ إِلَى إِنْزَالِ الْعَدْلِ إِلَى الْأَرْضِ مَرَّةً وَرَفْعُهُ أُخْرَى قَوْلُهُ (مَا أَنْفَقَ) أَيْ قَدْرَ مَا أَنْفَقَ.

198 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ يَأْخُذُ الْجَبَّارُ سَمَاوَاتِهِ وَأَرْضَهُ بِيَدِهِ وَقَبَضَ بِيَدِهِ فَجَعَلَ يَقْبِضُهَا وَيَبْسُطُهَا ثُمَّ يَقُولُ أَنَا الْجَبَّارُ أَيْنَ الْجَبَّارُونَ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ قَالَ وَيَتَمَيَّلُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى الْمِنْبَرِ يَتَحَرَّكُ مِنْ أَسْفَلِ شَيْءٍ مِنْهُ حَتَّى إِنِّي أَقُولُ أَسَاقِطٌ هُوَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَقَبَضَ بِيَدِهِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلنَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَكَانَ يُرِيهِمْ بِهَذَا

كَيْفِيَّةَ الْقَبْضِ بَعْدَ الْبَسْطِ قَوْلُهُ (أَسَاقِطٌ) بِهَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ وَهُوَ اسْتِفْهَامٌ جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهِ وَالْحَقُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَكَذَا فِيمَا قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ مَا ذَكَرَهُ الْمُحَقِّقُونَ قَالَ الْبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ كُلُّ مَا جَاءَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فِي صِفَاتِهِ تَعَالَى كَالنَّفْسِ وَالْوَجْهِ وَالْعَيْنِ وَالْأُصْبُعِ وَالْيَدِ وَالرِّجْلِ وَالْإِتْيَانِ وَالْمَجِيءِ وَالنُّزُولِ إِلَى السَّمَاءِ وَالِاسْتِوَاءِ عَلَى الْعَرْشِ وَالضَّحِكِ وَالْفَرَحِ فَهَذِهِ وَنَظَائِرُهَا صِفَاتُ اللَّهِ تَعَالَى عَزَّ وَجَلَّ وَرَدَ بِهَا السَّمْعُ فَيَجِبُ الْإِيمَانُ بِهَا وَإِبْقَاؤُهَا عَلَى ظَاهِرِهَا مُعْرِضًا فِيهَا عَنِ التَّأْوِيلِ مُجْتَنِبًا عَنِ التَّشْبِيهِ مُعْتَقِدًا أَنَّ الْبَارِيَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا يُشْبِهُ مِنْ صِفَاتِهِ صِفَاتُ الْخَلْقِ كَمَا لَا تُشْبِهُ ذَاتُهُ ذَوَاتِ الْخَلْقِ قَالَ تَعَالَى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11] وَعَلَى هَذَا مَضَى سَلَفُ الْأُمَّةِ وَعُلَمَاءُ السُّنَّةِ تَلْقَوْهَا جَمِيعًا بِالْقَبُولِ وَتَجَنَّبُوا فِيهَا عَنِ التَّمْثِيلِ وَالتَّأْوِيلِ وَوَكَّلُوا الْعِلْمَ فِيهَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى كَمَا أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ عَنِ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آل عمران: 7] قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ كُلُّ مَا وَصَفَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهِ نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ فَتَفْسِيرُهُ قِرَاءَتُهُ وَالسُّكُوتُ عَلَيْهِ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُفَسِّرَهُ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَرُسُلُهُ وَسَأَلَ رَجُلٌ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] كَيْفَ اسْتَوَى فَقَالَ الِاسْتِوَاءُ غَيْرُ مَجْهُولٍ وَالْكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُولٍ وَالْإِيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ وَمَا أَرَاكَ إِلَّا ضَالًّا وَأُمِرَ بِهِ أَنْ يُخْرَجَ مِنَ الْمَجْلِسِ وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ سَأَلْتُ الْأَوْزَاعِيَّ وَسُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ وَمَالِكًا عَنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ فِي الصِّفَاتِ وَالرُّؤْيَةِ فَقَالَ أَمِرُّوهَا كَمَا جَاءَتْ بِلَا كَيْفٍ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ عَلَى اللَّهِ الْبَيَانُ {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ} [النور: 54] وَعَلَيْنَا التَّسْلِيمُ وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ قَدْمُ الْإِسْلَامِ لَا تَثْبُتُ إِلَّا عَلَى قَنْطَرَةِ التَّسْلِيمِ انْتَهَى وَبِنَحْوِ هَذَا صَرَّحَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ فَعَلَيْكَ بِهِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

199 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ قَالَ سَمِعْتُ بُسْرَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيَّ يَقُولُ حَدَّثَنِي النَّوَّاسُ بْنُ سَمْعَانَ الْكِلَابِيُّ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا مِنْ قَلْبٍ إِلَّا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ إِنْ شَاءَ أَقَامَهُ وَإِنْ شَاءَ أَزَاغَهُ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَا مُثَبِّتَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قُلُوبَنَا عَلَى دِينِكَ قَالَ وَالْمِيزَانُ بِيَدِ الرَّحْمَنِ يَرْفَعُ أَقْوَامًا وَيَخْفِضُ آخَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَقَامَهُ) أَيْ عَلَى الْحَقِّ قَوْلُهُ (أَزَاغَهُ) أَيْ عَنْهُ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.

200 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْمَعِيلَ عَنْ مُجَالِدٍ عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ لَيَضْحَكُ إِلَى ثَلَاثَةٍ لِلصَّفِّ فِي الصَّلَاةِ وَلِلرَّجُلِ يُصَلِّي فِي جَوْفِ اللَّيْلِ وَلِلرَّجُلِ يُقَاتِلُ أُرَاهُ قَالَ خَلْفَ الْكَتِيبَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِلَى ثَلَاثَةٍ) تَعْدِيَةُ الضَّحِكِ بِإِلَى لِتَضْمِينِهِ مَعْنَى الْإِقْبَالِ وَذِكْرُ اللَّامِ فِي التَّفْصِيلِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُ يَضْحَكُ تَشْرِيفًا لَهُمْ قَوْلُهُ (خَلْفَ الْكَتِيبَةِ) أَيْ خَلْفَ الْجَيْشِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُقَاتِلُ بَعْدَ أَنْ ظَفِرُوا لَا بِمَعْنَى أَنَّهُ يُقَاتِلُ بَعْدَ أَنْ ظَفِرَ وَإِلَّا بِمَعْنَى أَنَّهُ يَقُومُ خَلْفَهُمْ وَيُقَاتِلُ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ فَإِنَّ مُجَاهِدًا وَلَوْ أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ فَإِنَّمَا أَخْرَجَ لَهُ مَقْرُونًا بِغَيْرِهِ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ غَيْرُ مَحْفُوظٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِمٍ وَالذَّهَبِيُّ فِي الْكَاشِفِ مَجْهُولٌ.

201 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عُثْمَانَ يَعْنِي ابْنَ الْمُغِيرَةِ الثَّقَفِيَّ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَى النَّاسِ فِي الْمَوْسِمِ فَيَقُولُ أَلَا رَجُلٌ يَحْمِلُنِي إِلَى قَوْمِهِ فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ مَنَعُونِي أَنْ أُبَلِّغَ كَلَامَ رَبِّي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يَعْرِضُ) عَنِ الْعَرْضِ أَيْ يَظْهَرُ فِي الْمَوْسِمِ أَيْ مَوْسِمِ الْحَجِّ بِمَكَّةَ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَحُجُّونَ زَمَنَ الْجَاهِلِيَّةِ قَوْلُهُ (أَنَ أُبَلِّغَ) مِنَ الْإِبْلَاغِ أَوِ التَّبْلِيغِ كَلَامَ رَبِّي فَفِي إِضَافَةِ الْكَلَامِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ مُتَكَلِّمٌ وَأَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُهُ تَعَالَى أَنَّهُ أُظْهِرَ فِي جِسْمٍ وَنَحْوِهِ.

202 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا الْوَزِيرُ بْنُ صَبِيحٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَلْبَسٍ عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن: 29] قَالَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَغْفِرَ ذَنْبًا وَيُفَرِّجَ كَرْبًا وَيَرْفَعَ قَوْمًا وَيَخْفِضَ آخَرِينَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَيُفَرِّجَ كَرْبًا) فِي الصِّحَاحِ الْكَرْبُ كَالضَّرْبِ هُوَ الْغَمُّ الَّذِي يَأْخُذُ بِالنَّفْسِ وَتَفْرِيجُ الْغَمِّ إِزَالَتُهُ فِي الصِّحَاحِ وَفَرْجُ الْكَرْبِ كَأَفْرَجَ اللَّهُ غَمَّكَ تَفْرِيجًا وَفَرْجَ اللَّهُ عَنْكَ غَمَّكَ يُفَرِّجُ بِالْكَسْرِ انْتَهَى يُرِيدُ أَنَّهُ جَاءَ بِالتَّشْدِيدِ وَمَعْنَى التَّخْفِيفِ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَالتَّخْفِيفُ هَاهُنَا أَنْسَبُ لَفْظًا وَالتَّشْدِيدُ مَعْنًى لِمَا فِيهِ مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى الْمُبَالَغَةِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ لِتَقَاصُرِ الرُّوَاةِ عَنْ دَرَجَةِ الْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِمٍ صَالِحٌ وَقَالَ دُحَيْمٌ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ كَانَ يُعَدُّ مِنَ الْإِبْدَالِ وَرُبَّمَا أَخْطَأَ وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مَوْقُوفًا فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الرَّحْمَنِ وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ أُمِّ الدَّرْدَاءِ بِهِ.

[باب من سن سنة حسنة أو سيئة]

[بَاب مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً أَوْ سَيِّئَةً] 203 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ عَنْ الْمُنْذِرِ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا كَانَ لَهُ أَجْرُهَا وَمِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا لَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (سُنَّةً حَسَنَةً) أَيْ طَرِيقَةً مَرَضِيَّةً يُقْتَدَى فِيهَا وَالتَّمْيِيزُ بَيْنَ الْحَسَنَةِ وَالسَّيِّئَةِ بِمُوَافَقَةِ أُصُولِ الشَّرْعِ وَعَدَمِهَا قَوْلُهُ (فَعَمِلَ بِهَا) الْفَاءُ لِلتَّفْسِيرِ وَهُوَ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ سَنَّ بِأَنْ عَمِلَ بِهَا وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى {وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ} [هود: 45] الْآيَةَ وَأَمْثَالُهُ كَثِيرَةٌ وَالْمُرَادُ فَعَمِلَ بِهَا أَوَّلًا وَهُوَ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَهُوَ وَاضِحٌ قَوْلُهُ (أَجْرُهَا) أَيْ أَجْرُ عَمَلِهَا وَالْإِضَافَةُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ فَإِنَّ السُّنَّةَ الْحَسَنَةَ لَمَّا كَانَتْ سَبَبًا فِي ثُبُوتِ أَجْرِ عَامِلِهَا أُضِيفَ الْأَجْرُ إِلَيْهَا بِهَذِهِ الْمُلَابَسَةِ كَذَلِكَ ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ وَقَالَ التُّورْبَشْتِيُّ وَالصَّوَابُ أَجْرُهُ لِعَوْدِ الضَّمِيرِ إِلَى صَاحِبِ الطَّرِيقَةِ أَيْ لَهُ أَجْرُ عَمَلِهِ وَهُوَ غَيْرُ لَازِمٍ وَلَا وَجْهَ لِتَغْلِيظِ الرُّوَاةِ إِذَا احْتَمَلَ الْكَلَامُ التَّصْحِيحَ بِوَجْهٍ مَا فَكَيْفَ وَالتَّصْحِيحُ هَاهُنَا وَاضِحٌ قَوْلُهُ (لَا يَنْقُصُ) عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ وَضَمِيرُهُ لِإِعْطَاءِ مِثْلِ أَجْرِ الْعَامِلِينَ لِمَنْ سَنَّ (مِنَ أُجُورِهِمْ) أَيْ أُجُورِ الْعَامِلِينَ.

204 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَثَّ عَلَيْهِ فَقَالَ رَجُلٌ عِنْدِي كَذَا وَكَذَا قَالَ فَمَا بَقِيَ فِي الْمَجْلِسِ رَجُلٌ إِلَّا تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ اسْتَنَّ خَيْرًا فَاسْتُنَّ بِهِ كَانَ لَهُ أَجْرُهُ كَامِلًا وَمِنْ أُجُورِ مَنْ اسْتَنَّ بِهِ وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا وَمَنْ اسْتَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَاسْتُنَّ بِهِ فَعَلَيْهِ وِزْرُهُ كَامِلًا وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِي اسْتَنَّ بِهِ وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَحَثَّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى التَّصَدُّقِ قَوْلُهُ (كَذَا وَكَذَا) أَيْ مِنَ الْمَالِ وَأَنَا أَتَصَدَّقُ بِهِ ثُمَّ جَاءَ بِهِ قَبْلَ النَّاسِ فَتَبِعَهُ النَّاسُ فِي التَّصَدُّقِ فَلِذَلِكَ ذَكَرَ فِيهِ مَنِ اسْتَنَّ خَيْرًا إِلَخْ قَوْلُهُ (بِمَا قَلَّ) بِقَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ فَمَا مَوْصُوفَةٌ وَجَعْلُهَا مَوْصُولَةٌ لَا يُسَاعِدُهُ الْمَقَامُ مَنِ اسْتُنَّ خَيْرًا عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيْ عُمِلَ بِهِ قَوْلُهُ فَاسْتُنَّ بِهِ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيْ فَعَمِلَ النَّاسُ بِذَلِكَ الْخَيْرِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَرِيرٍ.

205 - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ الْمِصْرِيُّ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ أَيُّمَا دَاعٍ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ فَاتُّبِعَ فَإِنَّ لَهُ مِثْلَ أَوْزَارِ مَنْ اتَّبَعَهُ وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا وَأَيُّمَا دَاعٍ دَعَا إِلَى هُدًى فَاتُّبِعَ فَإِنَّ لَهُ مِثْلَ أُجُورِ مَنْ اتَّبَعَهُ وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَاتُّبِعَ) بِتَشْدِيدِ التَّاءِ الْمَضْمُومَةِ مِنِ اتَّبَعَهُ بِتَشْدِيدِ التَّاءِ الْمَفْتُوحَةِ وَلَا يَنْقُصُ ذَلِكَ إِلَخْ وَلِأَنَّ الدَّاعِيَ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ الدُّعَاءَ وَالْعَامِلُ لِلْعَمَلِ فَلَا وَجْهَ لِلنُّقْصَانِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ سَعْدِ بْنِ سِنَانٍ وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَهُوَ مَا رَوَاهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدُ.

206 - حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ اتَّبَعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ فَعَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ اتَّبَعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا»

207 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كَانَ لَهُ أَجْرُهُ وَمِثْلُ أُجُورِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهُ وَمِثْلُ أَوْزَارِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ) فِي الزَّوَائِدِ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ ضَعْفُ إِسْرَائِيلَ لَكِنَّ الشَّوَاهِدَ فِي الْبَابِ كَافِيةٌ فِي قُوَّةِ الْمَتْنِ.

208 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ لَيْثٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ دَاعٍ يَدْعُو إِلَى شَيْءٍ إِلَّا وُقِفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَازِمًا لِدَعْوَتِهِ مَا دَعَا إِلَيْهِ وَإِنْ دَعَا رَجُلٌ رَجُلًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ وَقَوْلُهُ إِلَّا وُقِفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنَ الْمُتَعَدِّي وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى وَقِفُوهُمْ لَازِمًا لِدَعْوَتِهِ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ الدَّاعِي أَيْ حَالَ كَوْنِهِ غَيْرَ مُفَارِقٍ عَنْ دَعْوَتِهِ بَلْ مَعَهُ دَعْوَتُهُ أَوْ هُوَ صِفَةُ مَصْدَرٍ أَيْ وَقْفًا لَازِمًا لِأَجْلِ دَعْوَتِهِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَاللَّيْثُ هُوَ ابْنُ أَبِي سَلِيمٍ ضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ.

[باب من أحيا سنة قد أميتت]

[بَاب مَنْ أَحْيَا سُنَّةً قَدْ أُمِيتَتْ] 209 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيُّ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَحْيَا سُنَّةً مِنْ سُنَّتِي فَعَمِلَ بِهَا النَّاسُ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا لَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا وَمَنْ ابْتَدَعَ بِدْعَةً فَعُمِلَ بِهَا كَانَ عَلَيْهِ أَوْزَارُ مَنْ عَمِلَ بِهَا لَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِ مَنْ عَمِلَ بِهَا شَيْئًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَنْ أَحْيَا سُنَّةً إِلَخْ) قِيلَ الْمُرَادُ بِالسُّنَّةِ هُنَا مَا وَضَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مِنَ الْأَحْكَامِ وَهِيَ قَدْ تَكُونُ فَرْضًا كَزَكَاةِ الْفِطْرِ وَغَيْرِ فَرْضٍ كَصَلَاةِ الْعِيدِ وَصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ مِنْ غَيْرِ الصَّلَاةِ وَتَحْصِيلِ الْعِلْمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَإِحْيَاؤُهَا أَنْ يَعْمَلَ بِهَا وَيُحَرِّضَ النَّاسَ وَيَحُثَّهُمْ

عَلَى إِقَامَتِهَا قَوْلُهُ (مِنْ سُنَّتِي) قِيلَ النَّظَرُ يَقْتَضِي مِنْ سُنَنٍ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ لَكِنَّ الرِّوَايَةَ بِصِيغَةِ الْإِفْرَادِ فَيُحْمَلُ الْمُفْرَدُ عَلَى الْجِنْسِ الشَّائِعِ فِي أَفْرَادِهِ قَوْلُهُ (وَمَنِ ابْتَدَعَ بِدْعَةً) وَهِيَ مَا لَا يُوَافِقُ أُصُولَ الشَّرْعِ كَمَا سَبَقَ التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ فَعُمِلَ بِهَا عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَلَمْ يَقُلْ فَعَمِلَ بِهَا النَّاسُ كَمَا قَالَ فِي السُّنَّةِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَأْنِ النَّاسِ الْعَمَلُ بِالْبِدَعِ وَإِنَّمَا مِنْ شَأْنِهِمُ الْعَمَلُ بِالسُّنَنِ فَالْعَامِلُ بِالْبِدْعَةِ لَا يُعَدُّ مِنَ النَّاسِ وَيَحْتَمِلُ عَلَى بُعْدٍ أَنْ يَكُونَ عَمِلَ عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ وَفِيهِ ضَمِيرُ النَّاسِ وَإِفْرَادُهُ لِإِفْرَادِ النَّاسِ لَفْظًا.

210 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ أَحْيَا سُنَّةً مِنْ سُنَّتِي قَدْ أُمِيتَتْ بَعْدِي فَإِنَّ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلَ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ النَّاسِ لَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِ النَّاسِ شَيْئًا وَمَنْ ابْتَدَعَ بِدْعَةً لَا يَرْضَاهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ فَإِنَّ عَلَيْهِ مِثْلَ إِثْمِ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ النَّاسِ لَا يَنْقُصُ مِنْ آثَامِ النَّاسِ شَيْئًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ وَقَوْلُهُ أُمِيتَتْ بَعْدِي قِيلَ لَمَّا اسْتُعِيرَ الْإِحْيَاءُ لِلْعَمَلِ بِهَا وَحَثِّ النَّاسَ عَلَيْهَا اسْتُعِيرَ الْإِمَاتَةُ لِمَا يُقَابِلُهُ مِنَ التَّرْكِ وَمَنْعِ النَّاسِ عَنْ إِقَامَتِهَا وَهِيَ كَالتَّرْشِيحِ لِلِاسْتِعَارَةِ الْأُولَى. قَوْلُهُ (لَا يَرْضَاهَا اللَّهُ تَعَالَى) هَذَا تَقْبِيحٌ لِلْبِدْعَةِ وَإِلَّا فَكُلُّ بِدْعَةٍ كَذَلِكَ بِالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ وَهُوَ مَا لَا يُوَافِقُ أُصُولَ الشَّرْعِ وَقِيلَ فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ مِنَ الْبِدَعِ مَا يَرْضَاهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ كَالتَّصْنِيفِ وَبِنَاءِ الْمَدَارِسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ قُلْتُ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْبِدْعَةَ مُطْلَقُ الْأَمْرِ الْمُحْدَثِ بَعْدَهُ.

[باب فضل من تعلم القرآن وعلمه]

[بَاب فَضْلِ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ] 211 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ شُعْبَةُ خَيْرُكُمْ وَقَالَ سُفْيَانُ أَفْضَلُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (خَيْرُكُمْ إِلَخْ) يُرَادُ بِمِثْلِهِ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَخْيَارِ لَا أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنَ الْكُلِّ وَبِهِ يَنْدَفِعُ التَّدَافُعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ بِهَذَا الْعُنْوَانِ ثُمَّ الْمَقْصُودُ فِي مِثْلِهِ بَيَانُ أَنَّ وَصْفَ تَعَلُّمِ الْقُرْآنِ وَتَعْلِيمِهِ مِنْ جُمْلَةِ خِيَارِ الْأَوْصَافِ فَالْمَوْصُوفُ بِهِ يَكُونُ خَيْرًا مِنْ هَذِهِ الْجُمْلَةِ أَوْ يَكُونُ خَيْرًا إِنْ لَمْ يُعَارِضْ هَذَا الْوَصْفَ مُعَارِضٌ فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ كَثِيرًا مَا يَكُونُ الْمَرْءُ مُتَعَلِّمًا أَوْ مُعَلِّمًا الْقُرْآنَ وَيَأْتِي بِالْمُنْكَرَاتِ

فَكَيْفَ يَكُونُ خَيْرًا وَقَدْ يُقَالُ الْمُرَادُ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ مَعَ مُرَاعَاتِهِ عَمَلًا وَإِلَّا فَغَيْرُ الْمُرَاعِي يُعَدُّ جَاهِلًا.

212 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ»

213 - حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ مَرْوَانَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ نَبْهَانَ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِيَارُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ قَالَ وَأَخَذَ بِيَدِي فَأَقْعَدَنِي مَقْعَدِي هَذَا أُقْرِئُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (قَالَ) أَيْ بَعْضُ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ وَأَخَذَ أَيْ شَيْخِيَ الَّذِي سَمِعْتُ مِنْهُ الْحَدِيثَ وَهَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ فِيهِ مَجَازًا فِي الْإِسْنَادِ أَقْرَأُ مِنَ الْإِقْرَاءِ وَفِي التِّرْمِذِيِّ بِسَنَدِهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ» قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَذَاكَ الَّذِي أَقْعَدَنِي مَقْعَدِي هَذَا وَعَلَّمَ الْقُرْآنَ فِي زَمَانِ عُثْمَانَ حَتَّى بَلَغَ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ الْحَرْثِ بْنِ نَبْهَانَ رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ نَبْهَانَ بِهِ.

214 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْأُتْرُجَّةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَرِيحُهَا طَيِّبٌ وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَلَا رِيحَ لَهَا وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الرَّيْحَانَةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ طَعْمُهَا مُرٌّ وَلَا رِيحَ لَهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (كَمَثَلِ الْأُتْرُجَّةِ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أُتْرُنْجَةُ بِزِيَادَةِ النُّونِ وَتَخْفِيفِ الْجِيمِ وَهِيَ مِنْ أَفْضَلِ الثِّمَارِ لِكِبَرِ جُرْمِهَا وَمَنْظَرِهَا وَطِيبِ طَعْمِهَا وَلِينِ مَلْمَسِهَا وَلَوْنُهَا يَسُرُّ النَّاظِرِينَ وَفِيهِ تَشْبِيهُ الْإِيمَانِ بِالطَّعْمِ الطَّيِّبِ لِكَوْنِهَا خَيْرًا بَاطِنِيًّا لَا يَظْهَرُ لِكُلِّ أَحَدٍ وَالْقُرْآنُ بِالرِّيحِ الطَّيِّبِ يَنْتَفِعُ بِسَمَاعِهِ كُلُّ أَحَدٍ وَيَظْهَرُ بِمَحَاسِنِهِ لِكُلِّ سَامِعٍ.

215 - حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ أَبُو بِشْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بُدَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنْ النَّاسِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هُمْ قَالَ هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَهْلِينَ) بِكَسْرِ اللَّامِ جَمْعُ أَهْلٍ جُمِعَ بِالْيَاءِ وَالنُّونِ لِكَوْنِهِ مَنْصُوبًا عَلَى أَنَّهُ اسْمُ إِنَّ كَمَا يُجْمَعُ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ إِذَا كَانَ مَرْفُوعًا وَإِنَّمَا يُجْمَعُ تَنْبِيهًا عَلَى كَثْرَتِهِمْ قَوْلُهُ (هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ) أَيْ حَفَظَةُ الْقُرْآنِ يُقْرَأُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ

الْعَامِلُونَ بِهِ قَوْلُهُ (أَهْلُ اللَّهِ) بِتَقْدِيرِ أَنَّهُمْ أَهْلُ اللَّهِ أَيْ أَوْلِيَاؤُهُ الْمُخْتَصُّونَ بِهِ اخْتِصَاصَ أَهْلِ الْإِنْسَانِ بِهِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.

216 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ أَبِي عُمَرَ عَنْ كَثِيرِ بْنِ زَاذَانَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَحَفِظَهُ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ وَشَفَّعَهُ فِي عَشَرَةٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ كُلُّهُمْ قَدْ اسْتَوْجَبُوا النَّارَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ) أَيْ غَيْبًا وَلَوْ بِالنَّظَرِ قَوْلُهُ (وَحَفِظَهُ) أَيْ بِمُرَاعَاةٍ بِالْعَمَلِ بِهِ وَالْقِيَامِ بِمُوجِبِهِ أَوِ الْمُرَادُ بِالْحِفْظِ قِرَاءَتُهُ غَيْبًا وَالْوَاوُ لَا تُفِيدُ التَّرْتِيبَ فَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمَعْنَى مَنْ حَفِظَ الْقُرْآنَ وَدَاوَمَ عَلَى قِرَاءَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا يَتْرُكُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمَعْنَى مَنْ دَاوَمَ عَلَى قِرَاءَتِهِ حَتَّى حَفِظَهُ وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ مَعَ ذَلِكَ الْعَمَلُ بِهِ أَيْضًا إِذْ غَيْرُ الْعَامِلِ يُعَدُّ جَاهِلًا وَرِوَايَةُ التِّرْمِذِيِّ صَرِيحَةٌ فِي اعْتِبَارِ أَنَّهُ يَقْرَأُ بِالْغَيْبِ وَإِثْبَاتُهُ بِهِ قَوْلُهُ (أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ) أَيِ ابْتِدَاءً وَإِلَّا فَكُلُّ مُؤْمِنٍ يَدْخُلُهَا (وَشَفَّعَهُ) بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ أَيْ قَبِلَ شَفَاعَتَهُ قَوْلُهُ (قَدِ اسْتَوْجَبَ النَّارَ) أَيْ بِالذُّنُوبِ لَا بِالْكُفْرِ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهُ.

217 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَوْدِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عَطَاءٍ مَوْلَى أَبِي أَحْمَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ وَاقْرَءُوهُ وَارْقُدُوا فَإِنَّ مَثَلَ الْقُرْآنِ وَمَنْ تَعَلَّمَهُ فَقَامَ بِهِ كَمَثَلِ جِرَابٍ مَحْشُوٍّ مِسْكًا يَفُوحُ رِيحُهُ كُلَّ مَكَانٍ وَمَثَلُ مَنْ تَعَلَّمَهُ فَرَقَدَ وَهُوَ فِي جَوْفِهِ كَمَثَلِ جِرَابٍ أُوكِيَ عَلَى مِسْكٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَاقْرَءُوهُ) أَيْ دَاوِمُوا عَلَى قِرَاءَتِهِ مَعَ الْعَمَلِ بِهِ وَارْقُدُوا أَيْ ذَلِكَ ذَكَرَهُ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ قَارِئَ الْقُرْآنِ لَا يُمْنَعُ عَنِ النَّوْمِ وَلَا يُعَاقَبُ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ مَعَ أَدَاءِ حَقِّ الْقُرْآنِ وَإِنَّمَا يُعَاقَبُ عَلَيْهِ إِذَا لَزِمَ عَلَيْهِ عَدَمُ أَدَاءِ حَقِّ الْقُرْآنِ قَوْلُهُ (فَقَامَ بِهِ) تَشَمَّرَ لِأَدَاءِ حَقِّهِ قِرَاءَةً وَعَمَلًا كَمِثْلِ جِرَابٍ بِكَسْرِ الْجِيمِ وِعَاءٌ مَعْرُوفٌ وَفِي الصِّحَاحِ وَالْعَامَّةُ تَفْتَحُهَا وَفِي الْقَامُوسِ وَلَا يُفْتَحُ أَوْ هِيَ لُغَيَّةٌ وَفِي الْقِسْطِ مِنْ بَابِ اللُّطْفِ قَوْلُ مَنْ قَالَ لَا تَكْسِرِ الْقَصْعَةَ وَلَا تَفْتَحِ الْجِرَابَ قَوْلُهُ (مَحْشُوًّا) بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ كَمَدْعُوًّا أَيْ مَمْلُوءًا فَرَقَدَ أَيْ غَفَلَ وَنَامَ (أُوكِيَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنْ أَوَكَيْتُ السِّقَاءَ إِذَا رَبَطْتُ فَمَهُ بِالْوِكَاءِ وَالْوِكَاءُ بِالْكَسْرِ خَيْطٌ تُشَدُّ بِهِ الْأَوْعِيَةُ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ مَلَأَهُ مِسْكًا وَرَبَطَ فَمَهُ عَلَى الْمِسْكِ أَيْ لِأَجْلِهِ.

218 - حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ أَبِي الطُّفَيْلِ «أَنَّ نَافِعَ بْنَ عَبْدِ الْحَارِثِ لَقِيَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بِعُسْفَانَ وَكَانَ عُمَرُ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى مَكَّةَ فَقَالَ عُمَرُ مَنْ اسْتَخْلَفْتَ عَلَى أَهْلِ الْوَادِي قَالَ اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْهِمْ ابْنَ أَبْزَى قَالَ وَمَنْ ابْنُ أَبْزَى قَالَ رَجُلٌ مِنْ مَوَالِينَا قَالَ عُمَرُ فَاسْتَخْلَفْتَ عَلَيْهِمْ مَوْلًى قَالَ إِنَّهُ قَارِئٌ لِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى عَالِمٌ بِالْفَرَائِضِ قَاضٍ قَالَ عُمَرُ أَمَا إِنَّ نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (قَاضٍ) أَيْ بِالْحَقِّ (قَالَ عُمَرُ) تَقْرِيرًا لِاسْتِحْقَاقِهِ الِاسْتِخْلَافَ قَوْلُهُ (بِهَذَا الْكِتَابِ) أَيْ بِقِرَاءَتِهِ أَيْ بِالْعَمَلِ بِهِ قَوْلُهُ (أَقْوَامًا) أَيْ مِنْهُمْ مَوْلَاكَ (وَيَضَعُ بِهِ) أَيْ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهُ وَتَرْكِ الْعَمَلِ بِمُقْتَضَاهُ.

219 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ غَالِبٍ الْعَبَّادَانِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ الْبَحْرَانِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ «قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَبَا ذَرٍّ لَأَنْ تَغْدُوَ فَتَعَلَّمَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تُصَلِّيَ مِائَةَ رَكْعَةٍ وَلَأَنْ تَغْدُوَ فَتَعَلَّمَ بَابًا مِنْ الْعِلْمِ عُمِلَ بِهِ أَوْ لَمْ يُعْمَلْ خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تُصَلِّيَ أَلْفَ رَكْعَةٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَأَنْ تَغْدُوَ) بِفَتْحِ اللَّامِ لِلِابْتِدَاءِ وَأَنْ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مَصْدَرِيَّةٌ وَهُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ خَيْرٌ مِثْلُ {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 184] أَيْ خُرُوجُكَ مِنَ الْبَيْتَ غَدْوَةً (فَتَعَلَّمَ) مِنَ الْعِلْمِ أَوْ مِنَ التَّعَلُّمِ بِحَذْفِ التَّاءِ وَالثَّانِي أَظْهَرُ مَعْنَى (مِائَةَ رَكْعَةٍ) أَيْ نَافِلَةً فَإِنَّ الْآيَةَ فَرْضٌ وَلَوْ عَلَى سَبِيلِ الْكِفَايَةِ بِخِلَافِ النَّافِلَةِ مِنَ الصَّلَاةِ قَوْلُهُ (عَمِلَ بِهِ أَوْ لَمْ يَعْمَلْ بِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عِلْمًا مُتَعَلِّقًا بِكَيْفِيَّةِ الْعَمَلِ كَالْفِقْهِ أَوْ لَا بِأَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِالِاعْتِقَادِ مِثْلًا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يَكُونَ عِلْمًا لَا يَنْتَفِعُ بِهِ نُقِلَ أَنَّهُ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ لَكِنْ فِي الزَّوَائِدِ أَنَّهُ ضَعَّفَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ وَعَلِيَّ بْنَ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ قَالَ وَلَهُ شَاهِدَانْ أَخْرَجَهُمَا التِّرْمِذِيُّ.

[باب فضل العلماء والحث على طلب العلم]

[بَاب فَضْلِ الْعُلَمَاءِ وَالْحَثِّ عَلَى طَلَبِ الْعِلْمِ] 220 - حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ أَبُو بِشْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا إِلَخْ) قِيلَ إِنْ لَمْ نَقُلْ بِعُمُومِ مَنْ فَالْأَمْرُ وَاضِحٌ إِذْ هُوَ فِي قُوَّةِ بَعْضِ مَنَ أُرِيدَ لَهُ الْخَيْرُ وَإِنْ قُلْنَا بِعُمُومِهَا يَصِيرُ الْمَعْنَى كُلُّ مَنْ يُرِيدُ بِهِ الْخَيْرَ وَهُوَ مُشْكِلٌ بِمَنْ مَاتَ قَبْلَ الْبُلُوغِ مُؤْمِنًا وَنَحْوَهُ فَإِنَّهُ قَدْ أُرِيدَ بِهِ الْخَيْرُ وَلَيْسَ بِفَقِيهٍ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ عَامٌّ مَخْصُوصٌ هُوَ أَكْثَرُ الْعُمُومَاتِ وَالْمُرَادُ مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا خَاصًّا عَلَى حَذْفِ الصِّفَةِ انْتَهَى قُلْتُ الْوَجْهُ حَمْلُ الْخَيْرِ عَلَى أَنَّ التَّنْكِيرَ لِلتَّعْظِيمِ فَلَا إِشْكَالَ عَلَى

أَنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُ الْخَيْرِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَاعْتِبَارُ تَنْزِيلِ غَيْرِ الْفِقْهِ فِي الدِّينِ مَنْزِلَةَ الْعَدَمِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْفِقْهِ فِي الدِّينِ فَيَكُونُ الْكَلَامُ مَبْنِيًّا عَلَى الْمُبَالَغَةِ كَانَ مَنْ لَمْ يُعْطَ الْفِقْهَ فِي الدِّينِ مَا أُرِيدَ بِهِ الْخَيْرُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنَ الْوُجُوهِ لَا يُنَاسِبُ الْمَقْصُودَ وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَنْ عَلَى الْمُكَلَّفِينَ لِأَنَّ كَلَامَ الشَّارِعِ غَالِبًا يَتَعَلَّقُ بِبَيَانْ أَحْوَالِهِمْ فَلَا يَرِدُ مَنْ مَاتَ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَأَسْلَمَ أَوْ مَاتَ قَبْلَ مَجِيءِ وَقْتِ الصَّلَاةِ مَثَلًا أَيْ قَبْلَ تَقَرُّرِ التَّكْلِيفِ وَالْفِقْهُ فِي الدِّينِ هُوَ الْعِلْمُ الَّذِي يُورِثُ الْخَشْيَةَ فِي الْقَلْبِ وَيَظْهَرُ أَثَرُهُ عَلَى الْجَوَارِحِ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْإِنْذَارُ كَمَا يُشِيرُ إِلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة: 122] وَعَنِ الدَّارِمِيِّ عَنْ عِمْرَانَ قَالَ قُلْتُ لِلْحَسَنِ يَوْمًا فِي شَيْءٍ يَا أَبَا سَعِيدٍ لَيْسَ هَكَذَا يَقُولُ الْفُقَهَاءُ فَقَالَ وَيْحَكَ هَلْ رَأَيْتَ فَقِيهًا قَطُّ إِنَّمَا الْفَقِيهُ الزَّاهِدُ فِي الدُّنْيَا الرَّاغِبُ فِي الْآخِرَةِ الْبَصِيرُ بِأَمْرِ دِينِهِ الْمُدَاوِمُ عَلَى عِبَادَةِ رَبِّهِ وَفِي الزَّوَائِدِ قُلْتُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمُعَاوِيَةَ انْتَهِي وَإِسْنَادُ أَبِي هُرَيْرَةَ ظَاهِرُهُ الصِّحَّةُ وَلَكِنَ اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى الزُّهْرِيِّ قَرَّرَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ شُعَيْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَالَ الصَّوَابُ رِوَايَةُ الزُّهْرِيِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُعَاوِيَةَ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ.

221 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ جَنَاحٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ مَيْسَرَةَ بْنِ حَلْبَسٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُ قَالَ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ يُحَدِّثُ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ الْخَيْرُ عَادَةٌ وَالشَّرُّ لَجَاجَةٌ وَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (الْخَيْرُ عَادَةً إِلَخْ) أَيِ الْمُؤْمِنُ الثَّابِتُ عَلَى مُقْتَضَى الْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى يَنْشَرِحُ صَدْرُهُ لِلْخَيْرِ فَيَصِيرُ لَهُ عَادَةً وَأَمَّا الشَّرُّ فَلَا يَنْشَرِحُ لَهُ صَدْرُهُ فَلَا يَدْخُلُ فِي قَلْبِهِ إِلَّا بِلَجَاجَةِ الشَّيْطَانِ وَالنَّفْسِ الْأَمَّارَةِ وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِحَدِيثِ «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ وَإِنْ أَفْتَاكَ الْمُفْتُونَ» وَالْمُرَادُ أَنَّ الْخَيْرَ مُوَافِقٌ لِلْعَقْلِ السَّلِيمِ فَهُوَ لَا يَقْبَلُ إِلَّا إِيَّاهُ وَلَا يَمِيلُ إِلَّا إِلَيْهِ بِخِلَافِ الشَّرِّ فَإِنَّ الْعَقْلَ السَّلِيمَ يَنْفِرُ عَنْهُ وَيُقَبِّحُهُ وَهَذَا رُبَّمَا يَمِيلُ إِلَى الْقَوْلِ بِالْحُسْنِ وَالْقُبْحِ الْعَقْلِيِّيْنِ فِي الْأَحْكَامِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَيْرِ وَالشَّرِّ الْحَقُّ وَالْبَاطِلُ وَلِلْحَقِّ نُورٌ فِي الْقَلْبِ يَتَبَيَّنُ بِهِ أَنَّهُ الْحَقُّ وَلِلْبَاطِلِ ظُلْمَةٌ يَضِيقُ بِهَا الْقَلْبُ عَنْ قَبُولِهِ فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ إِلَّا بِتَرَدُّدٍ وَانْقِبَاضٍ لِلْقَلْبِ عَنْ قَبُولِهِ وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِلْمَثَلِ الْمَشْهُورِ الْحَقُّ أَبْلَجُ وَالْبَاطِلُ لَجْلَجٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْفُذَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ

هَذَا بَيَانُ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُؤْمِنُ عَلَيْهِ أَيِ اللَّائِقُ بِحَالِهِ أَنْ يَكُونَ الْخَيْرُ عَادَتَهُ وَالشَّرُّ مَكْرُوهًا لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ إِلَّا لِلَجَاجَةٍ وَفِي الزَّوَائِدِ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ هَاشِمِ بْنِ عَمَّارٍ بِإِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ سَوَاءً فَجَعَلَهُمْ فِي الثَّانِيَةِ الْمَشْهُورَةِ.

222 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ جَنَاحٍ أَبُو سَعْدٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقِيهٌ وَاحِدٌ أَشَدُّ عَلَى الشَّيْطَانِ مِنْ أَلْفِ عَابِدٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَشَدُّ عَلَى الشَّيْطَانِ إِلَخْ) وَذَلِكَ أَنَّ غَايَةَ هِمَّةِ الْعَابِدِ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ مِنْ مَكَائِدِ الشَّيْطَانِ وَقَدْ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ فَيُدْرِكُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ حَيْثُ لَا يَدْرِي بِخِلَافِ الْفَقِيهِ فَقَدْ يُخَلِّصُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى يَدَيْهِ الْعِبَادَ مِنْ مَكَايِدِ الشَّيْطَانِ.

223 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ جَمِيلٍ عَنْ كَثِيرِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ «كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ أَبِي الدَّرْدَاءِ فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ أَتَيْتُكَ مِنْ الْمَدِينَةِ مَدِينَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَدِيثٍ بَلَغَنِي أَنَّكَ تُحَدِّثُ بِهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَمَا جَاءَ بِكَ تِجَارَةٌ قَالَ لَا قَالَ وَلَا جَاءَ بِكَ غَيْرُهُ قَالَ لَا قَالَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ وَإِنَّ طَالِبَ الْعِلْمِ يَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ حَتَّى الْحِيتَانِ فِي الْمَاءِ وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ إِنَّ الْعُلَمَاءَ هُمْ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ) بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِ الْمِيمِ قَوْلُهُ (فَمَا جَاءَ بِكَ تِجَارَةٌ) بِتَقْدِيرِ حَرْفِ الِاسْتِفْهَامِ وَلَا جَاءَ بِكَ غَيْرُهُ أَيْ غَيْرُ ذَلِكَ الْحَدِيثِ مِنَ الْأُمُورِ قَوْلُهُ (فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَخْ) يَحْتَمِلُ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ هُوَ الْحَدِيثُ الْمَطْلُوبُ لِلرَّجُلِ أَوْ غَيْرِهِ ذَكَرَهُ تَبْشِيرًا لَهُ وَتَرْغِيبًا فِي مِثْلِ مَا فَعَلَ (سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ) هُوَ إِمَّا كِنَايَةٌ عَنِ التَّوْفِيقِ لِلْخَيْرَاتِ فِي الدُّنْيَا أَوْ عَنْ إِدْخَالِ الْجَنَّةِ بِلَا تَعَبٍ فِي الْآخِرَةِ قَوْلُهُ (وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ إِلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْجُمْلَةِ الشَّرْطِيَّةِ كَذَا الْجُمْلَةُ بَعْدَهَا قَوْلُهُ (لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَإِنْ لَمْ يُشَاهَدْ أَيْ لَمْ تَضَعْهَا لِتَكُونَ وِطَاءً لَهُ إِذَا مَشَى أَوْ تَكُفُّ أَجْنِحَتَهَا عَنِ الطَّيَرَانِ وَتَنْزِلُ لِسَمَاعِ الْعِلْمِ وَأَنْ يَكُونَ مَجَازًا عَنِ التَّوَاضُعِ تَعْظِيمًا لِحَقِّهِ وَمَحَبَّةٍ لِلْعِلْمِ قَوْلُهُ (رِضًا) مَفْعُولٌ لَهُ وَلَيْسَ فِعْلًا لِفَاعِلٍ مُقَدَّرٍ فَيُقَدَّرُ مُضَافٌ أَيْ إِرَادَةَ رِضًى قَوْلُهُ (يَسْتَغْفِرُ لَهُ) إِذَا لَحِقَهُ ذَنْبٌ وَمُجَازَاةً عَلَى حُسْنِ صَنِيعِهِ بِإِلْهَامٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى إِيَّاهُمْ ذَلِكَ، وَذَلِكَ لِعُمُومِ نَفْعِ الْعِلْمِ فَإِنَّ مَصَالِحَ كُلِّ شَيْءٍ وَمَنَافِعَهُ مَنُوطَةٌ بِهِ وَالْحِيتَانُ فِي الْمَاءِ جَمْعُ حُوتٍ وَفِي

رِوَايَةٍ فِي الْبَحْرِ قَوْلُهُ (كَفَضْلِ الْقَمَرِ) فَإِنَّ كَمَالَ الْعِلْمِ كَمَالٌ يَتَعَدَّى آثَارُهُ إِلَى الْغَيْرِ وَكَمَالَ الْعِبَادَةِ كَمَالٌ غَيْرُ مُتَعَدٍّ آثَارُهُ فَشَابَهُ الْأَوَّلَ بِنُورِ الْقَمَرِ وَالثَّانِيَ بِنُورِ سَائِرِ الْكَوَاكِبِ وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ كَمَالَ الْعِلْمِ لَيْسَ لِلْعَالِمِ مِنْ ذَاتِهِ بَلْ تَلَقَّاهُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَنُورِ الْقَمَرِ فَإِنَّهُ مُسْتَفَادٌ مِنْ نُورِ الشَّمْسِ ثُمَّ الْمُرَادُ بِالْعَالِمِ مَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ الِاشْتِغَالُ بِالْعِلْمِ مَعَ اشْتِغَالِهِ بِالْأَعْمَالِ الضَّرُورِيَّةِ وَبِالْعَابِدِ مَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ الْعِبَادَةُ مَعَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعِلْمِ الضَّرُورِيِّ وَأَمَّا غَيْرُهُمَا فَبِمَعْزِلٍ عَنِ الْفَضْلِ (لَمْ يُوَرِّثُوا) مِنَ التَّوْرِيثِ (أَخَذَهُ بِحَظٍّ) نَصِيبٍ (وَافِرٍ) تَامٍّ.

224 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ شِنْظِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَوَاضِعُ الْعِلْمِ عِنْدَ غَيْرِ أَهْلِهِ كَمُقَلِّدِ الْخَنَازِيرِ الْجَوْهَرَ وَاللُّؤْلُؤَ وَالذَّهَبَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ) قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَدْخَلِ أَرَادَ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ الْعِلْمَ الَّذِي لَا يَسَعُ الْبَالِغَ الْعَاقِلَ جَهْلُهُ أَوْ عِلْمَ مَا يَطْرَأُ لَهُ أَوْ أَرَادَ أَنَّهُ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ حَتَّى يَقُومَ بِهِ مَنْ فِيهِ كِفَايَةٌ وَقَالَ سُئِلَ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ لَيْسَ هُوَ الَّذِي يَظُنُّونْ إِنَّمَا هُوَ أَنْ يَقَعَ الرَّجُلُ فِي شَيْءٍ مِنَ أُمُورِ دِينِهِ فَيَسْأَلُ عَنْهُ حَتَّى يَعْلَمَهُ وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ الْمُرَادُ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَا مَنْدُوحَةَ لِلْعَبْدِ مِنْهُ كَمَعْرِفَةِ الصَّانِعِ وَالْعِلْمِ بِوَحْدَانِيِّتِهِ وَنُبُوَّةِ رَسُولِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَكَيْفِيَّةِ الصَّلَاةِ فَإِنَّ تَعَلُّمَهُ فَرْضُ عَيْنٍ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ هُوَ الَّذِي لَا يُعْذَرُ الْعَبْدُ فِي الْجَهْلِ بِهِ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَفْصٍ هُوَ الْمَشْهُورُ فَإِنَّ غَيْرَهُ اخْتُلِفَ فِي الْعِلْمِ الَّذِي هُوَ فَرِيضَةٌ فَقِيلَ هُوَ عِلْمُ الْإِخْلَاصِ مَأْمُورٌ بِهِ كَمَا أَنَّ الْعِلْمَ مَأْمُورٌ بِهِ وَشَهَوَاتُ النَّفْسِ تُخَرِّبُ مَبَانِيَ الْإِخْلَاصِ مِنَ الْمَأْمُورِ بِهِ فَصَارَ عِلْمُ ذَلِكَ فَرْضًا وَقِيلَ مَعْرِفَةُ الْخَوَاطِرِ وَتَفْصِيلُهَا فَرِيضَةٌ لِأَنَّ الْخَوَاطِرَ فِي نَشْأَةِ الْعَقْلِ وَبِذَلِكَ يُعْلَمُ الْفَرْقُ بَيْنَ لَمَّةِ الْمَلَكِ وَلَمَّةِ الشَّيْطَانِ وَقِيلَ هُوَ طَلَبُ عِلْمِ الْحَلَالِ حَيْثُ كَانْ أَكْلُ الْحَلَالِ فَرِيضَةً وَقِيلَ هُوَ عِلْمُ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ إِذَا أَرَادَ الدُّخُولَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهِ طَلَبُ عِلْمِهِ وَقِيلَ هُوَ عِلْمُ الْفَرَائِضِ الْخَمْسِ الَّتِي بُنِيَ عَلَيْهَا الْإِسْلَامُ وَقِيلَ هُوَ طَلَبُ عِلْمِ التَّوْحِيدِ بِالنَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ وَالنَّقْلِ وَقِيلَ هُوَ طَلَبُ عِلْمِ الْبَاطِنِ وَهُوَ مَا يَزْدَادُ بِهِ الْعَبْدُ يَقِينًا وَهُوَ الَّذِي يُكْتَسَبُ بِصُحْبَةِ الصَّالِحِينَ وَالزُّهَّادِ وَالْمُقَرَّبِينَ فَهُمْ وَرَثَةُ عِلْمِ النَّبِيِّينَ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ - أَجْمَعِينَ انْتَهَى قَوْلُهُ (عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ)

أَيْ مُكَلَّفٍ لِيَخْرُجَ غَيْرُ الْمُكَلَّفِ مِنَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَمَوْضُوعُهُ الشَّخْصُ فَيَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَقَالَ السَّخَاوِيُّ فِي الْمَقَاصِدِ أَلْحَقَ بَعْضُ الْمُصَنِّفِينَ بِآخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَمُسْلِمَةٍ وَلَيْسَ لَهَا ذِكْرٌ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِهِ وَإِنْ كَانَتْ صَحِيحَةَ الْمَعْنَى وَوَاضِعٌ عِنْدَ غَيْرِ أَهْلِهِ قَالَ الطِّيبِيُّ هَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ كُلَّ مُسْلِمٍ يَخْتَصُّ بِاسْتِعْدَادٍ وَلَهُ أَهْلٌ فَإِذَا وَضَعَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ فُقِدَ فَمِثْلُهُ تَقْلِيدُ أَخَسِّ الْحَيَوَانَاتِ بِأَنْفَسِ الْجَوَاهِرِ تَهْجِينًا لِذَلِكَ الْوَضْعِ وَتَنْفِيرًا عَنْهُ وَفِي تَعَقُّبِ هَذَا التَّمْثِيلِ قَوْلُهُ طَلَبُ الْعِلْمِ إِعْلَامٌ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي لِكُلِّ أَحَدٍ طَلَبُ مَا يَلِيقُ بِاسْتِعْدَادِهِ وَيُوَافِقُ مَنْزِلَتَهُ بَعْدَ حُصُولِ مَا هُوَ وَاجِبٌ مِنَ الْفَرَائِضِ الْعَامَّةِ وَعَلَى الْعَالِمِ أَنْ يَخُصَّ كُلَّ طَالِبٍ بِمَا هُوَ مُسْتَعِدٌّ لَهُ انْتَهَى وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ حَفْصِ بْنِ سُلَيْمَانَ وَقَالَ السُّيُوطِيُّ سُئِلَ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ إِنَّهُ ضَعِيفٌ أَيْ سَنَدًا وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا أَيْ مَعْنًى وَقَالَ تِلْمِيذُهُ جَمَالُ الدِّينِ الْمِزِّيُّ هَذَا الْحَدِيثُ رُوِيَ مِنْ طُرُقٍ تَبْلُغُ رُتْبَةَ الْحَسَنِ وَهُوَ كَمَا قَالَ فَإِنِّي رَأَيْتُ لَهُ نَحْوَ خَمْسِينَ طَرِيقًا وَقَدْ جَمَعْتُهَا فِي جُزْءٍ انْتَهَى.

225 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا حَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ وَمَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَنْ نَفَّسَ) بِالتَّشْدِيدِ أَيْ فَرَّجَ كُرْبَةً بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ غَمًّا وَشِدَّةً (مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ جَمْعُ كُرْبَةٍ قَوْلُهُ (وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا) أَيْ بِثَوْبٍ أَوْ بِتَرْكِ التَّعَرُّضِ لِكَشْفِ حَالِهِ بَعْدَ أَنْ رَآهُ يَرْتَكِبُ ذَنْبًا (وَمَنْ يَسَّرَ) بِالتَّشْدِيدِ أَيْ سَهَّلَ (عَلَى مُعْسِرٍ) مِنَ الْإِعْسَارِ أَيْ مَدْيُونٍ فَقِيرٍ بِالتَّجَاوُزِ عَنِ الدَّيْنِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا أَوْ بِتَأْخِيرِ الْمُطَالَبَةِ عَنْ وَقْتِهِ قَوْلُهُ (فِي عَوْنِ أَخِيهِ) أَيْ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ مِنْ جَلْبِ نَفْعٍ أَوْ دَفْعِ ضُرٍّ سُهِّلَ لَهُ بِهِ أَيْ بِسُلُوكِهِ وَالْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ قَوْلُهُ (فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ) قَالَ الطِّيبِيُّ شَامِلٌ لِجَمِيعِ مَا يُبْنَى لِلَّهِ تَقَرُّبًا إِلَيْهِ مِنَ الْمَسَاجِدِ وَالْمَدَارِسِ وَالرُّبَطِ قَوْلُهُ (يَتَدَارَسُونَهُ) قِيلَ شَامِلٌ لِجَمِيعِ مَا يَتَعَلَّقُ

بِالْقُرْآنِ مِنَ التَّعَلُّمِ وَالتَّعْلِيمِ وَالتَّفْسِيرِ وَالِاسْتِكْشَافِ عَنْ دَقَائِقِ مَعَانِيهِ (إِلَّا حَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ) أَيْ طَافُوا بِهِمْ وَأَدَارُوا حَوْلَهُمْ تَعْظِيمًا لِصَنِيعِهِمْ قَوْلُهُ (السَّكِينَةُ) هِيَ مَا يَحْصُلُ بِهِ صَفَاءُ الْقَلْبِ بِنُورِ الْقُرْآنِ وَذَهَابُ ظُلْمَتِهِ النَّفْسَانِيَّةِ (وَغَشِيَتْهُمْ) أَيْ غَطَّتْهُمْ وَسَتَرَتْهُمْ (فِيمَنْ عِنْدَهُ) مِنَ الْمَلَأِ الْأَعْلَى الطَّبَقَةِ الْأُولَى مِنَ الْمَلَائِكَةِ قِيلَ ذَكَرَهُمْ مُبَاهَاةً بِهِمْ (وَمَنْ أَبْطَأَ بِهِ) الْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ يُقَالُ بَطَّأَ بِهِ بِالتَّشْدِيدِ وَأَبْطَأَ بِهِ بِمَعْنَى أَيْ مَنْ أَخَّرَهُ عَنِ الشَّيْءِ تَفْرِيطُهُ فِي الْعَمَلِ الصَّالِحِ لَمْ يَنْفَعْهُ فِي الْآخِرَةِ شَرَفُ النَّسَبِ وَقِيلَ يُرِيدُ أَنَّ التَّقَرُّبَ لِلَّهِ لَا يَحْصُلُ بِالنَّسَبِ كَثْرَةُ الْعَشَائِرِ بَلْ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ فَمَنْ لَمْ يَتَقَرَّبْ بِذَلِكَ لَا يَتَقَرَّبُ إِلَيْهِ بِعُلُوِّ النَّسَبِ.

226 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ «أَتَيْتُ صَفْوَانَ بْنَ عَسَّالٍ الْمُرَادِيَّ فَقَالَ مَا جَاءَ بِكَ قُلْتُ أُنْبِطُ الْعِلْمَ قَالَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا مِنْ خَارِجٍ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ إِلَّا وَضَعَتْ لَهُ الْمَلَائِكَةُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا بِمَا يَصْنَعُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أُنْبِطُ الْعِلْمَ) مِنْ نَبَطَ الْبِئْرَ كَضَرَبَ وَنَصَرَ إِذَا اسْتَخْرَجَ مَاءَهُ وَالْمُرَادُ أَطْلُبُ الْعِلْمَ وَأَسْتَخْرِجُهُ مِنْ قُلُوبِ الْعُلَمَاءِ وَأُحَصِّلُهُ فِي قَلْبِي وَقَالَ السُّيُوطِيُّ تَبَعًا لِصَاحِبِ النِّهَايَةِ أَيِ اسْتَنْبَطَهُ أَيْ أُظْهِرُهُ وَأُفْشِيهِ فِي النَّاسِ انْتَهَى وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ خَرَجَ يُعَلِّمُ النَّاسَ وَهُوَ لَا يُنَاسِبُ اللَّفْظَ وَلَا آخِرَ الْحَدِيثِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَفِي الزَّوَائِدِ رِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ عَاصِمَ بْنَ أَبِي النَّجُودِ اخْتَلَطَ بِآخِرِهِ وَالْمَتْنُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ مَعْلُومٌ وَقَدْ سَبَقَ.

227 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَعِيلَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ صَخْرٍ عَنْ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ جَاءَ مَسْجِدِي هَذَا لَمْ يَأْتِهِ إِلَّا لِخَيْرٍ يَتَعَلَّمُهُ أَوْ يُعَلِّمُهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَنْ جَاءَ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ يَنْظُرُ إِلَى مَتَاعِ غَيْرِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَنْ جَاءَ مَسْجِدِي هَذَا) أَرَادَ مَسْجِدَهُ وَتَخْصِيصُهُ بِالذِّكْرِ إِمَّا لِخُصُوصِ هَذَا الْحُكْمِ بِهِ أَوْ لِأَنَّهُ كَانَ مَحَلًّا لِلْكَلَامِ حِينَئِذٍ وَحُكْمُ سَائِرِ الْمَسَاجِدِ كَحُكْمِهِ قَوْلُهُ (لَمْ يَأْتِهِ إِلَّا لِخَيْرٍ) الْجُمْلَةُ حَالٌ أَيْ حَالَ كَوْنِهِ آتِيًا لِلْخَيْرِ لَا لِغَيْرِهِ وَالْكَلَامُ فِيمَنْ لَمْ يَأْتِ الصَّلَاةَ وَإِلَّا فَالْإِتْيَانُ لَهَا هُوَ الْأَصْلُ الْمَطْلُوبُ فِي الْمَسَاجِدِ قَوْلُهُ (بِمَنْزِلَةِ الْمُجَاهِدِ) وَجْهُ مُشَابَهَةِ طَلَبِ الْعِلْمِ بِالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَنَّهُ إِحْيَاءٌ لِلدِّينِ وَإِذْلَالٌ لِلشَّيْطَانِ وَإِتْعَابٌ النَّفْسِ وَكَسْرُ ذُرَى اللَّذَّةِ كَيْفَ وَقَدْ أُبِيحَ لَهُ التَّخَلُّفُ عَنِ الْجِهَادِ فَقَالَ تَعَالَى {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا} [التوبة: 122] الْآيَةَ

قَوْلُهُ (وَمَنْ جَاءَهُ لِغَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ مِمَّنْ لَمْ يَأْتِ الصَّلَاةَ كَمَا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ (فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ إِلَخْ) أَيْ بِمَنْزِلَةِ مَنْ دَخَلَ السُّوقَ لَا يَبِيعُ وَلَا يَشْتَرِي بَلْ لِيَنْظُرَ إِلَى أَمْتِعَةِ النَّاسِ فَهَلْ يَحْصُلُ لَهُ بِذَلِكَ فَائِدَةٌ فَكَذَلِكَ هَذَا وَفِيهِ أَنَّ مَسْجِدَهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ سُوقُ الْعِلْمِ فَيَنْبَغِي لِلنَّاسِ شِرَاءُ الْعِلْمِ بِالتَّعَلُّمِ وَالتَّعْلِيمِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَقَوْلُ الْحَافِظِ ثَمَّ فِيهِ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ غَلَطٌ فَإِنَّ الْبُخَارِيَّ لَمْ يَحْتَجَّ بِحُمَيْدِ بْنِ صَخْرٍ وَلَا أَخْرَجَ لَهُ فِي صَحِيحِهِ وَإِنَّمَا أَخْرَجَ لَهُ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَإِنَّمَا احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ.

228 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي عَاتِكَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْعِلْمِ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ وَقَبْضُهُ أَنْ يُرْفَعَ وَجَمَعَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ الْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ هَكَذَا ثُمَّ قَالَ الْعَالِمُ وَالْمُتَعَلِّمُ شَرِيكَانِ فِي الْأَجْرِ وَلَا خَيْرَ فِي سَائِرِ النَّاسِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (بِهَذَا الْعِلْمِ) الْإِشَارَةُ إِلَى عِلْمِ الدِّينِ الَّذِي بُعِثَ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ - لِنَشْرِهِ فَإِنَّهُ الْمَعْهُودُ فِي كَلَامِ الْحَاضِرِ بِحُضُورِهِ فَصَحَّ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ قَوْلُهُ (أَنْ يُرْفَعَ) أَيْ مِنْ عِنْدِكُمْ بِرَفْعِ مَنْ جَاءَ بِهِ مِنَ الدُّنْيَا (وَجَمَعَ) أَيْ إِشَارَةً إِلَى قُرْبِ أَوَانِ الْقَبْضِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الِاتِّصَالِ أَوْ جَمَعَ يُشِيرُ بِهِمَا إِلَى كَيْفِيَّةِ الرَّفْعِ إِلَى السَّمَاءِ بِأَنْ أَشَارَ بِهِمَا إِلَى جِهَةِ الْعُلُوِّ قَوْلُهُ (وَلَا خَيْرَ) هُوَ مِثْلُ «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» فَأَشَارَ إِلَى أَنَّ طَالِبَ الْفِقْهِ كَالْفَقِيهِ وَمَنْ لَا فِقْهَ لَهُ وَلَا طَلَبَ فَلَا خَيْرَ لَهُ لِتَنْزِيلِ الْحِرْمَانِ عَنْ خَيْرِ الْفِقْهِ مَنْزِلَةَ الْحِرْمَانِ عَنْ مُطْلَقِ الْخَيْرِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ وَالْجُمْهُورُ عَلَى تَضْعِيفِهِ.

229 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ هِلَالٍ الصَّوَّافُ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ عَنْ بَكْرِ بْنِ خُنَيْسٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ مِنْ بَعْضِ حُجَرِهِ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ فَإِذَا هُوَ بِحَلْقَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ وَيَدْعُونَ اللَّهَ وَالْأُخْرَى يَتَعَلَّمُونَ وَيُعَلِّمُونَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلٌّ عَلَى خَيْرٍ هَؤُلَاءِ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ وَيَدْعُونَ اللَّهَ فَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُمْ وَإِنْ شَاءَ مَنَعَهُمْ وَهَؤُلَاءِ يَتَعَلَّمُونَ وَإِنَّمَا بُعِثْتُ مُعَلِّمًا فَجَلَسَ مَعَهُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (بِحَلْقَتَيْنِ) الْحَلْقَةُ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ هُوَ الْمَشْهُورُ وَقَدْ جُوِّزَ كَسْرُ اللَّامِ وَفَتْحُهَا وَأَنْكَرَ بَعْضُهُمُ الْفَتْحَ وَقَالَ آخَرُونَ هِيَ لُغَةٌ ضَعِيفَةٌ قَوْلُهُ (فَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُمْ) أَيْ مَطْلُوبَهَمْ إِذْ لَا وُجُوبَ عَلَيْهِ تَعَالَى لَكِنْ فِي تَرْكِ هَذَا فِيمَا بَعْدُ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ إِعْطَاءَ أُولَئِكَ مَطْلُوبَهَمْ

كَالْمُتَحَقِّقِينَ فَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى بَوْنٍ بَعِيدٍ بَيْنَهُمَا وَقَدْ أَخْرَجَ بَعْضُهُمْ حَدِيثَ مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا عَلَى هَذَا الْمَعْنَى فَقَالَ لَا يَدْرِي أَحَدٌ أَنَّهُ أُرِيدَ لَهُ الْخَيْرُ فِي الدُّنْيَا إِلَّا الْفُقَهَاءُ وَكَأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ مَنْ يُرِيدُ لَهُ الْخَيْرَ يُفَقِّهُهُ لَا غَيْرَهُ بِنَاءً عَلَى اعْتِبَارِ مَفْهُومِ الشَّرْطِ لَكِنَّ هَذَا الْمَعْنَى بَعِيدٌ وَهَذَا الْإِطْلَاقُ لَا يَنْبَغِي شَرْعًا فَلْيُتَأَمَّلْ وَفِي قَوْلِهِ وَإِنَّمَا بُعِثْتُ مُعَلِّمًا إِشْعَارٌ بِأَنَّهُمْ مِنْهُ وَهُوَ مِنْهُمْ وَمِنْ ثَمَّةَ جَلَسَ فِيهِمْ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ دَاوُدُ وَبَكْرٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ كُلُّهُمْ ضُعَفَاءُ.

[باب من بلغ علما]

[بَاب مَنْ بَلَّغَ عِلْمًا] 230 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادٍ أَبِي هُبَيْرَةَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَبَلَّغَهَا فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرِ فَقِيهٍ وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ زَادَ فِيهِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ثَلَاثٌ لَا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ وَالنُّصْحُ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَلُزُومُ جَمَاعَتِهِمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً) قَالَ الْخَطَّابِيُّ دَعَا لَهُ بِالنَّضَارَةِ وَهِيَ النِّعْمَةُ يُقَالُ نَضَّرَ بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ وَهُوَ أَجْوَدُ وَفِي النِّهَايَةِ يُرْوَى بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ مِنَ النَّضَارَةِ وَهِيَ فِي الْأَصْلِ حُسْنُ الْوَجْهِ وَالْبَرِيقُ وَأَرَادَ حُسْنَ قَدْرِهِ وَقِيلَ رُوِيَ مُخَفَّفًا وَأَكْثَرُ الْمُحَدِّثِينَ يَقُولُ بِالتَّثْقِيلِ وَالْأَوَّلُ الصَّوَابُ وَالْمُرَادُ أَلْبَسَهُ اللَّهُ النَّضْرَةَ وَهِيَ الْحُسْنُ وَخُلُوصُ اللَّوْنِ أَيْ جَمَّلَهُ وَزَيَّنَهُ وَأَوْصَلَهُ اللَّهُ إِلَى نَضْرَةِ الْجَنَّةِ أَيْ نَعِيمِهَا وَنَضَارَتِهَا قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ مَا مِنْ أَحَدٍ يَطْلُبُ الْحَدِيثَ إِلَّا وَفِي وَجْهِهِ نَضْرَةٌ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ رَأَيْتُ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي الْمَنَامِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْتَ قُلْتَ نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً وَتَلَوْتُ عَلَيْهِ الْحَدِيثَ جَمِيعَهُ وَوَجْهُهُ يَتَهَلَّلُ فَقَالَ لِي نَعَمْ أَنَا قُلْتُهُ قَوْلُهُ (فَرَبُّ حَامِلِ فِقْهٍ) بِمَنْزِلَةِ التَّعْلِيلِ لِمَا يُفْهَمُ مِنَ الْحَدِيثِ أَنَّ التَّبْلِيغَ مَطْلُوبٌ وَالْمُرَادُ بِحَامِلِ الْفِقْهِ حَافِظُ الْأَدِلَّةِ الَّتِي يُسْتَنْبَطُ مِنْهَا الْفِقْهُ غَيْرِ فَقِيهٍ أَيْ غَيْرِ قَادِرٍ عَلَى اسْتِنْبَاطِ الْفِقْهِ مِنْ تِلْكَ الْأَدِلَّةِ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ أَيْ هُوَ فَقِيهٌ أَيْضًا لَكِنَّهُ يَحْمِلُ الْفِقْهَ إِلَى أَفْقَهَ مِنْهُ بِأَنْ كَانَ الَّذِي يَسْمَعُ مِنْهُ أَفْقَهَ مِنْهُ وَأَقْدَرَ عَلَى اسْتِنْبَاطِهِ قَوْلُهُ (ثَلَاثٌ) أَيْ خِصَالٌ ثَلَاثٌ أَيْ ثَلَاثُ خِصَالٍ مَخْصُوصَةٌ بِالْإِضَافَةِ أَوِ التَّوْصِيفِ فَصَحَّ وُقُوعُهَا مُبْتَدَأً عِنْدَ الْكُلِّ قَوْلُهُ (لَا يُغِلُّ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالْيَاءُ تَحْتَمِلُ الضَّمَّ وَالْفَتْحَ فَعَلَى الْأَوَّلِ مِنْ أَغَلَّ إِذَا خَانَ وَعَلَى الثَّانِي مِنْ غَلَّ إِذَا صَارَ ذَا حِقْدٍ

وَعَدَاوَةٍ قَوْلُهُ (عَلَيْهِنَّ) فِي مَوْضِعِ الْحَالِ أَيْ حَالَ كَوْنِهِ كَائِنًا عَلَيْهِنَّ أَيْ مَا دَامَ الْمُؤْمِنُ عَلَى هَذِهِ الْخِصَالِ الثَّلَاثِ قَوْلُهُ (قَلْبُ امْرِئٍ) لَا يَدْخُلُ فِي قَلْبِهِ خِيَانَةٌ أَوْ حِقْدٌ يَمْنَعُهُ مِنْ تَبْلِيغِ الْعِلْمِ فَيَنْبَغِي لَهُ الثَّبَاتُ عَلَى هَذِهِ الْخِصَالِ حَتَّى لَا يَمْنَعَهُ شَيْءٌ مِنَ التَّبْلِيغِ وَبِهَذَا ظَهَرَ مُنَاسَبَةُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ بِمَا قَبْلَهَا قَوْلُهُ (إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ) أَيْ جَعْلُ الْعَمَلِ خَالِصًا لِلَّهِ لَا لِغَيْرِهِ مِنْ مَحَبَّتِهِ أَيْ بِلَا عَدَاوَةٍ قَوْلُهُ (وَالنُّصْحُ) أَيْ إِرَادَةُ الْخَيْرِ وَلَوْ لِلْأَئِمَّةِ وَفِيهِ أَنَّ إِرَادَةَ النُّصْحِ لِلْأَئِمَّةِ يَكْفِي فِي إِرَادَتِهِ لِكُلِّ أَحَدٍ لِأَنَّ فَسَادَ الرَّعَايَا يَتَعَدَّى آثَارَهُ إِلَيْهِمْ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ رَئِيسَ الْأَئِمَّةِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنُصْحُهُ مَطْلُوبٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَوَّلًا وَنُصْحُهُ يَتَضَمَّنُ النُّصْحَ لِتَمَامِ أُمَّتِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

231 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْخَيْفِ مِنْ مِنًى فَقَالَ نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَبَلَّغَهَا فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرِ فَقِيهٍ وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ» حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا خَالِي يَعْلَى ح وَحَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَقَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (بِالْخَيْفِ مِنْ مِنًى) الْخَيْفُ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ الْمَوْضِعُ الْمُرْتَفِعُ عَنْ مَجْرَى السَّيْلِ الْمُنْحَدِرِ عَنْ غِلَظِ الْجَبَلِ وَمَسْجِدُ مِنًى يُسَمَّى مَسْجِدَ الْخَيْفِ لِأَنَّهُ فِي سَفْحِ جَبَلِهَا.

232 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ ابْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا فَبَلَّغَهُ فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَحْفَظُ مِنْ سَامِعٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ أَبِيهِ) أَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَوْلُهُ (سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا) أَيْ سَمِعَ بِلَا وَاسِطَةٍ أَوْ بِوَاسِطَةٍ وَهِيَ مَعْنَى سَمِعَ مَقَالَتِي وَلَا يَتَقَيَّدُ بِالسَّمَاعِ مِنْ فِيهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى هَذَا الْعُلَمَاءُ قَوْلُهُ (أَحْفَظُ) أَيْ أَفْطَنُ وَأَفْهَمُ أَوْ أَكْثَرُ مُرَاعَاةً لِمَعْنَاهُ وَعَمَلًا بِمُقْتَضَاهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْحِفْظَ اللِّسَانِيَّ.

233 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ أَمْلَاهُ عَلَيْنَا حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ رَجُلٍ آخَرَ هُوَ أَفْضَلُ فِي نَفْسِي مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ «خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ النَّحْرِ فَقَالَ لِيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَإِنَّهُ رُبَّ مُبَلَّغٍ يَبْلُغُهُ أَوْعَى لَهُ مِنْ سَامِعٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَعَنْ رَجُلٍ آخَرَ)

قِيلَ الرَّجُلُ الْآخَرُ هُوَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخَيْرِيُّ قَوْلُهُ (لِيُبَلِّغِ) أَمْرٌ مِنَ الْإِبْلَاغِ أَوِ التَّبْلِيغِ وَالثَّانِي هُوَ الْمَشْهُورُ قَوْلُهُ (الشَّاهِدُ) أَيِ الْحَاضِرُ إِسْمَاعَ الْعِلْمِ وَهُوَ بِالرَّفْعِ فَاعِلٌ لِيُبَلِّغَ وَالْغَائِبَ بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ أَوَّلٌ وَالْمَفْعُولُ الثَّانِي مَحْذُوفٌ أَيِ الْعِلْمُ الَّذِي حَضَرَ سَمَاعَهُ أَيْ لِيَعُمَّ الْبَلَاغُ الْكُلَّ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى عُمُومِ الرِّسَالَةِ إِلَيْهِمْ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَفْهَمُ الْمُبَلَّغُ مَا لَا يَفْهَمُهُ الْحَامِلُ مِنَ الْأَسْرَارِ وَالْعُلُومِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ رُبَّ مُبَلَّغٍ بِفَتْحِ اللَّامِ مِنَ الْإِبْلَاغِ أَوِ التَّبْلِيغِ يُبَلِّغُهُ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنْ أَحَدِ النَّائِبِينَ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ ضَمِيرُ مُبَلَّغٍ وَالضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ لِلْعِلْمِ أَوْعَى إِلَيْهِ أَيْ أَحْفَظُ لَهُ بِالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَا فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ وَقَدْ تَكَلَّمَ فِي الزَّوَائِدِ عَلَى بَعْضِ الْأَحَادِيثِ إِلَّا أَنَّ مُتُونَهَا ثَابِتَةٌ عَنِ الْأَئِمَّةِ.

234 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَنْبَأَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مُعَاوِيَةَ الْقُشَيْرِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا لِيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ»

235 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ حَدَّثَنِي قُدَامَةُ بْنُ مُوسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُصَيْنِ التَّمِيمِيِّ عَنْ أَبِي عَلْقَمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ يَسَارٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِيُبَلِّغْ شَاهِدُكُمْ غَائِبَكُمْ»

236 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا مُبَشِّرُ بْنُ إِسْمَعِيلَ الْحَلَبِيُّ عَنْ مُعَانِ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ بُخْتٍ الْمَكِّيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَضَّرَ اللَّهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا ثُمَّ بَلَّغَهَا عَنِّي فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرِ فَقِيهٍ وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ»

[باب من كان مفتاحا للخير]

[بَاب مَنْ كَانَ مِفْتَاحًا لِلْخَيْرِ] 237 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيُّ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنْ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ وَإِنَّ مِنْ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الْخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ) الْمِفْتَاحُ بِكَسْرِ الْمِيمِ آلَةٌ لِفَتْحِ الْبَابِ وَنَحْوِهِ وَالْجَمِيعُ مَفَاتِيحُ وَمَفَاتِحُ أَيْضًا وَالْمِغْلَاقُ بِكَسْرِ الْمِيمِ هُوَ مَا يُغْلَقُ بِهِ وَجَمْعُهُ مَغَالِيقُ وَمَغَالِقُ وَلَا بُعْدَ أَنْ يُقَدَّرَ ذَوِي مَفَاتِيحِ لِلْخَيْرِ أَيْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَجْرَى عَلَى أَيْدِيهِمْ فَتْحَ أَبْوَابِ الْخَيْرِ كَالْعِلْمِ وَالصَّلَاحِ عَلَى النَّاسِ حَتَّى كَأَنَّهُ مَلَّكَهُمْ مَفَاتِيحَ الْخَيْرِ وَوَضَعَهَا فِي أَيْدِيهِمْ وَلِذَلِكَ قَالَ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الْخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ

وَتَعْدِيَةُ الْجَعْلِ بِعَلَى لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى الْوَضْعِ قَوْلُهُ (فَطُوبَى) فُعْلَى مِنَ الطِّيبِ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْوَيْلُ الْهَلَاكُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يُشَارِكُ الْعَامِلِينَ بِالْخَيْرِ فِي الْأَجْرِ وَالثَّانِيَ يُشَارِكُ الْعَامِلِينَ بِالشَّرِّ فِي الْوِزْرِ وَبِمَا ذَكَرْنَا فِي الْمَعْنَى ظَهَرَ لَكَ ذِكْرُ هَذَا الْبَابِ فِي مَسَائِلِ الْعِلْمِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ مِنْ أَجْلِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حُمَيْدٍ فَإِنَّهُ مَتْرُوكٌ وَكَذَا إِسْنَادُهُ الثَّانِي ضَعِيفٌ لِضَعْفِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.

238 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ هَذَا الْخَيْرَ خَزَائِنُ وَلِتِلْكَ الْخَزَائِنِ مَفَاتِيحُ فَطُوبَى لِعَبْدٍ جَعَلَهُ اللَّهُ مِفْتَاحًا لِلْخَيْرِ مِغْلَاقًا لِلشَّرِّ وَوَيْلٌ لِعَبْدٍ جَعَلَهُ اللَّهُ مِفْتَاحًا لَلشَّرِّ مِغْلَاقًا لِلْخَيْرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِنَّ هَذَا الْخَيْرَ إِلَخْ) أَيْ ذُو خَزَائِنٍ.

[باب ثواب معلم الناس الخير]

[بَاب ثَوَابِ مُعَلِّمِ النَّاسَ الْخَيْرَ] 239 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّهُ لَيَسْتَغْفِرُ لِلْعَالِمِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ حَتَّى الْحِيتَانِ فِي الْبَحْرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِنَّهُ لَيَسْتَغْفِرُ لِلْعَالِمِ) أَجْزَاءٌ مِنَ الْمَتْنِ الْكَبِيرِ الَّذِي سَبَقَ وَقَدْ أَخْرَجَهُ غَيْرُهُ نَعَمْ فِيهِ طَالِبُ الْعِلْمِ وَهَاهُنَا الْعَالِمُ فَكَأَنَّهُ أَطْلَقَ عَلَيْهِ اسْمَهُ بِالْمَآلِ وَلَمَّا كَانَ عَادَةُ الْعَالِمِ التَّعْلِيمَ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا الْبَابِ.

240 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى الْمِصْرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ عَلَّمَ عِلْمًا فَلَهُ أَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهِ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الْعَامِلِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَنْ عَلَّمَ) مِنَ التَّعْلِيمِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ مِنَ الْعِلْمِ وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ فَمَعْنَى فَلَهُ أَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهِ أَيْ بِذَلِكَ الْعِلْمِ أَيْ مِثْلَ أَجْرِهِ بِشَرْطِ الْوُصُولِ إِلَيْهِ مِنْ طَرِيقِهِ إِذْ لَوْ كَانَ عَالِمُ الْعِلْمِ مُعَلِّمًا لَهُ لَكَانَ الْعَامِلُ وَصَلَ إِلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ فَلَيْسَ لَهُ ثَوَابُ عِلْمِهِ قَوْلُهُ (لَا يَنْقُصُ) عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ أَيْ ثُبُوتُ مِثْلِ أَجْرِ الْعَامِلِ لِلْمُعَلِّمِ لَا يَنْقُصُ وَعَلَى بِنَائِهِ لِلْمَفْعُولِ وَالْمَتْنُ ثَابِتٌ مَعْنًى وَإِنْ تَكَلَّمَ فِي الزَّوَائِدِ عَلَى إِسْنَادِهِ فَقَالَ فِيهِ سَهْلُ بْنُ مُعَاذٍ ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَوَثَّقَهُ الْعِجْلِيُّ وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَالضُّعَفَاءِ وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ قِيلَ إِنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ سَهْلَ بْنَ مُعَاذٍ فَفِيهِ انْقِطَاعٌ.

241 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ أَبِي كَرِيمَةَ الْحَرَّانِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنيْسَةَ عَنْ زيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرُ مَا يُخَلِّفُ الرَّجُلُ مِنْ بَعْدِهِ ثَلَاثٌ وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ وَصَدَقَةٌ تَجْرِي يَبْلُغُهُ أَجْرُهَا وَعِلْمٌ يُعْمَلُ بِهِ مِنْ بَعْدِهِ» قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَحَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ الرَّهَاوِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ يَعْنِي أَبَاهُ حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَا يُخَلِّفُ الرَّجُلُ) مِنْ خَلَّفَهُ بِالتَّشْدِيدِ أَيْ أَخَّرَهُ بَعْدَ قَوْلُهُ (يَدْعُو لَهُ) أَيْ فَيَصِلُ إِلَيْهِ آثَارُ دُعَائِهِ كَمَا يَصِلُ إِلَيْهِ آثَارُ صَلَاحِهِ وَفِيهِ حَثٌّ لِلْأَوْلَادِ عَلَى الدُّعَاءِ لِلْآبَاءِ قَوْلُهُ (وَصَدَقَةٌ تَجْرِي) كَالْوَقْفِ وَمَا أَوْصَى بِهِ مِنْ الصَّدَقَةِ الْمُسْتَمِرَّةِ فَإِنَّ أَجْرَهَا لَهُ وَلِوَارِثِهِ (وَعِلْمٌ يُعْمَلُ بِهِ) التَّصْنِيفُ وَالتَّعْلِيمُ وَهَذَا الْحَدِيثُ هُوَ مَضْمُونُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ» الْحَدِيثُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ فَهُوَ صَحِيحٌ مَعْنًى فَبَقِيَ الْكَلَامُ فِي خُصُوصِ هَذَا الطَّرِيقِ فَفِي الزَّوَائِدِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ صَحِيحٌ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ.

242 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبِ بْنِ عَطِيَّةَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا مَرْزُوقُ بْنُ أَبِي الْهُذَيْلِ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْأَغَرُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ عِلْمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ أَوْ بَيْتًا لِابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ يَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ) الْجَارُ وَالْمَجْرُورُ خَبَرُ إِنَّ مُقَدَّمٌ عَلَى الِاسْمِ (وَعِلْمًا) بِالنَّصْبِ اسْمُهَا (نَشَرَهُ) بِالتَّصْنِيفِ (وَوَلَدًا) عَدَّ الْوَلَدَ الصَّالِحَ مِنَ الْعَمَلِ وَالتَّعْلِيمُ حَسَنٌ لِأَنَّ الْوَالِدَ هُوَ سَبَبٌ فِي وُجُودِهِ وَسَبَبٌ لِصَلَاحِهِ بِإِرْشَادِهِ إِلَى الْهُدَى كَمَا جَعَلَ نَفْسَ الْعَمَلِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ قَوْلُهُ (وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ) مِنَ التَّوْرِيثِ أَيْ تَرَكَهُ إِرْثًا وَهَذَا مَعَ مَا بَعْدَهُ مِنْ قَبِيلِ الصَّدَقَةِ الْجَارِيَةِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَهَذَا الْحَدِيثُ كَالتَّفْصِيلِ لِحَدِيثِ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ وَأَوْ فِي قَوْلِهِ أَوْ بَيْتًا لِلتَّنْوِيعِ وَالتَّفْصِيلِ قَوْلُهُ (فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ) أَيْ أَخْرَجَهَا فِي زَمَانِ كَمَالِ حَالِهِ وَوُفُورِ افْتِقَارِهِ إِلَى مَالِهِ وَتَمَكُّنِهِ مِنَ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَفِيهِ تَرْغِيبٌ إِلَى ذَلِكَ لِيَكُونْ أَفْضَلَ صَدَقَةً كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ جَوَابُهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَنْ قَالَ «أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا فَقَالَ أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ» الْحَدِيثُ وَإِلَّا فَكَوْنُ

الصَّدَقَةِ جَارِيَةً لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ذَلِكَ نُقِلَ عَنِ ابْنِ الْمُنْذِرِ أَنَّهُ قَالَ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ غَرِيبٌ وَمَرْزُوقٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ بِهِ.

243 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ الْمَدَنِيُّ حَدَّثَنِي إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ أَنْ يَتَعَلَّمَ الْمَرْءُ الْمُسْلِمُ عِلْمًا ثُمَّ يُعَلِّمَهُ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (ثُمَّ يُعَلِّمُهُ) مِنَ التَّعْلِيمِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ فَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ضَعِيفٌ وَكَذَلِكَ يَعْقُوبُ وَالْحَسَنُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ انْتَهَى.

[باب من كره أن يوطأ عقباه]

[بَاب مَنْ كَرِهَ أَنْ يُوطَأَ عَقِبَاهُ] 244 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِيهِ قَالَ «مَا رُئِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ مُتَّكِئًا قَطُّ وَلَا يَطَأُ عَقِبَيْهِ رَجُلَانِ» قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَحَدَّثَنَا حَازِمُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ السَّامِيُّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَصْرٍ الْهَمْدَانِيُّ صَاحِبُ الْقَفِيزِ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَعِيلَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَنْ كَرِهَ أَنْ يُوطَأَ عَقِبَيْهِ) أَيْ أَنْ يَمْشِيَ أَحَدٌ وَرَاءَهُ فَيَطَأُ مَحَلَّ عَقِبَيْهِ وَكَأَنَّهُ لِاعْتِبَارِ حَذْفِ الْمُضَافِ وَتَرْكِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ عَلَى حَالِهِ جَاءَ عَقِبَيْهِ كَمَا نَبَّهْتُ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ عَقِبَاهُ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْفَاعِلِ ثُمَّ كَأَنَّهُ وَضَعَ هَذَا الْبَابَ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ لِأَنَّ دَأْبَ الْمَشَايِخِ أَنْ يَتَقَدَّمُوا عَلَى التَّلَامِذَةِ فِي الْمَشْيِ فَنَبَّهَ بِهَذَا عَلَى أَنَّ تَرْكَهُ أَوْلَى. قَوْلُهُ (يَأْكُلُ مُتَّكِئًا) الِاتِّكَاءُ هُوَ أَنْ يَتَمَكَّنَ فِي الْجُلُوسِ مُتَرَبِّعًا أَوْ يَسْتَوِيَ قَاعِدًا عَلَى وِطَاءٍ أَوْ يُسْنِدَ ظَهْرَهُ إِلَى شَيْءٍ أَوْ يَضَعَ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ وَكُلُّ ذَلِكَ خِلَافُ الْأَدَبِ الْمَطْلُوبِ حَالَ الْأَكْلِ وَبَعْضُهُ فِعْلُ الْمُتَكَبِّرِينَ وَبَعْضُهُ فِعْلُ الْمُكْثِرِينَ مِنَ الطَّعَامِ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالِاتِّكَاءِ الْمَيْلَ وَالِاعْتِمَادَ عَلَى أَحَدِ جَانِبَيْهِ كَمَا يَجْلِسُهُ الْعَامَّةُ وَمَنْ حَمَلَ عَلَيْهِ تَأْوِيلًا عَلَى مَذْهَبِ الطِّبِّ بِأَنَّهُ لَا يَنْحَدِرُ فِي مَجَارِي الطَّعَامِ سَهْلًا وَلَا يَسِيغُهُ هَنِيئًا وَرُبَّمَا يَتَأَذَّى بِهِ قَوْلُهُ (وَلَا يَطَأُ عَقِبَيْهِ رَجُلَانِ) أَيْ لَا يَمْشِي رَجُلَانِ خَلْفَهُ فَضْلًا عَنِ الزِّيَادَةِ يَعْنِي أَنَّهُ مِنْ غَايَةِ التَّوَاضُعِ لَا يَتَقَدَّمُ أَصْحَابَهُ فِي الْمَشْيِ بَلْ إِمَّا أَنْ يَمْشِيَ خَلْفَهُمْ كَمَا جَاءَ وَيَسُوقَ أَصْحَابَهُ أَوْ يَمْشِيَ فِيهِمْ وَحَاصِلُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى طَرِيقِ الْمُلُوكِ وَالْجَبَابِرَةِ فِي الْأَكْلِ وَالْمَشْيِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَارَكَ وَكَرَّمَ وَالرَّجُلَانِ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَضَمِّ الْجِيمِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَيَحْتَمِلُ كَسْرَ الرَّاءِ وَسُكُونَ الْجِيمِ أَيِ الْقَدَمَانِ وَالْمَعْنَى لَا يَمْشِي خَلْفَهُ أَحَدٌ ذُو رِجْلَيْنِ بَلْ هُوَ أَقْرَبُ بِتَثْنِيَةِ عَقِبَيْهِ كَمَا هُوَ رِوَايَةُ الْمُصَنِّفِ وَقَدْ ضُبِطَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَالْحَدِيثُ

رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي الْأَطْعِمَةِ.

245 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ حَدَّثَنَا مُعَانُ بْنُ رِفَاعَةَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ قَالَ سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ «مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الْحَرِّ نَحْوَ بَقِيعِ الْغَرْقَدِ وَكَانَ النَّاسُ يَمْشُونَ خَلْفَهُ فَلَمَّا سَمِعَ صَوْتَ النِّعَالِ وَقَرَ ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ فَجَلَسَ حَتَّى قَدَّمَهُمْ أَمَامَهُ لِئَلَّا يَقَعَ فِي نَفْسِهِ شَيْءٌ مِنْ الْكِبْرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَقَرَ ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ) أَيْ ثَقُلَ فَكَرِهَهُ لِئَلَّا يَقَعَ إِلَخْ هَذَا عَلَى حَسْبِ ظَنِّ الرَّاوِي فَقَدْ لَا يَكُونُ السَّبَبُ ذَلِكَ بَلْ هُوَ غَيْرُهُ كَمَا سَيَجِيءُ فِي الْحَدِيثِ الْآتِي وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ الرَّاوِيَ أَخَذَ ذَلِكَ مِنْ جِهَتِهِ فَيُمْكِنُهُ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى ضَعْفِ حَالَةِ الْبَشَرِ وَأَنَّهُ مَحَلٌّ لِلْآفَاتِ كُلِّهَا لَوْلَا عِصْمَةُ اللَّهِ الْكَرِيمِ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ الِاغْتِرَارُ بَلْ يَنْبَغِي لَهُ زِيَادَةُ الْخَوْفِ وَالْأَخْذُ بِالْأَحْوَطِ وَالتَّجَنُّبُ عَنِ الْأَسْبَابِ الْمُؤَدِّيَةِ إِلَى الْآفَاتِ النَّفْسَانِيَّةِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ رُوَاتِهِ قَالَ ابْنُ مَعِينٍ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ هِيَ ضِعَافٌ كُلُّهَا انْتَهَى قُلْتُ ضَمِيرُ هِيَ لِرِوَايَةِ السَّنَدِ غَيْرُ دَاخِلٍ فِيهِمْ أَبُو أُمَامَةَ.

246 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ نُبَيْحٍ الْعَنَزِيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا مَشَى مَشَى أَصْحَابُهُ أَمَامَهُ وَتَرَكُوا ظَهْرَهُ لِلْمَلَائِكَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لِلْمَلَائِكَةِ) أَيْ تَعْظِيمًا لِلْمَلَائِكَةِ الْمَاشِينَ خَلْفَهُ لَا لِدَفْعِ التَّضْيِيقِ عَنْهُمْ وَفِي الزَّوَائِدِ رِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب الوصاة بطلبة العلم]

[بَاب الْوَصَاةِ بِطَلَبَةِ الْعِلْمِ] 247 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ رَاشِدٍ الْمِصْرِيُّ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ عَبْدَةَ عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سَيَأْتِيكُمْ أَقْوَامٌ يَطْلُبُونَ الْعِلْمَ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ فَقُولُوا لَهُمْ مَرْحَبًا مَرْحَبًا بِوَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقْنُوهُمْ» قُلْتُ لِلْحَكَمِ مَا اقْنُوهُمْ قَالَ عَلِّمُوهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (الْوَصَاةِ إِلَخْ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَفِي الصِّحَاحِ أَوْصَيْتُهُ أَيْضًا وَوَصَّيْتُهُ تَوْصِيَةً بِمَعْنَى وَالِاسْمُ الْوَصَاةُ وَالطَّلَبَةُ بِفَتْحَتَيْنِ جَمْعُ طَالِبٍ. قَوْلُهُ (سَيَأْتِيكُمْ) الْخِطَابُ لِلصَّحَابَةِ وَيَلْحَقُ بِهِمُ الْعُلَمَاءُ قَوْلُهُ (مَرْحَبًا) قِيلَ فِي مِثْلِهِ أَيْ صَادَفْتَ رَحْبًا أَوْ لَقِيتَ رَحْبًا وَسَعَةً وَقِيلَ رَحَّبَ اللَّهُ بِكَ تَرْحِيبًا فَوَضَعَ مَرْحَبًا مَوْضِعَ تَرْحِيبًا وَقِيلَ التَّقْدِيرُ أَتَيْتَ رَحْبًا أَوْ رَحُبَتْ بِكَ الدَّارِ مَرْحَبًا انْتَهَى وَالْمُرَادُ بِالْوَصِيَّةِ مَنْ أَوْصَى بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْبَاءُ صِلَةُ الْفِعْلِ عَلَى بَعْضِ التَّقَادِيرِ وَصِلَةُ مُقَدَّرٍ وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ صِفَةُ مَرْحَبًا عَلَى بَعْضِ وَالْأَصْلُ صَادَفْتُهُمْ أَوْ لَقِيتُهُمْ أَوْ أَتَيْتُمْ رَحْبًا بِكُمْ يَا وَصِيَّةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْ يَا مَنْ أَوْصَى بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ أَوْ رَحَّبَ اللَّهُ بِكُمْ أَوْ رَحُبَتِ الدَّارُ بِكُمْ مَرْحَبًا يَا وَصِيَّةَ رَسُولِ

اللَّهِ ثُمَّ بِالِاخْتِصَارِ وَالْحَذْفِ رَجَعَ إِلَى مَا تَرَى وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْبَاءَ لِلسَّبَبِيَّةِ وَالْوَصِيَّةِ بِمَعْنَاهَا أَيْ قُلْنَا لَكُمْ مَرْحَبًا بِسَبَبِ وَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكُمْ قَوْلُهُ (وَأَفْتُوهُمْ) أَمْرٌ مِنَ الْإِفْتَاءِ.

248 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ هِلَالٍ عَنْ إِسْمَعِيلَ قَالَ «دَخَلْنَا عَلَى الْحَسَنِ نَعُودُهُ حَتَّى مَلَأْنَا الْبَيْتَ فَقَبَضَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ نَعُودُهُ حَتَّى مَلَأْنَا الْبَيْتَ فَقَبَضَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى مَلَأْنَا الْبَيْتَ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ لِجَنْبِهِ فَلَمَّا رَآنَا قَبَضَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّهُ سَيَأْتِيكُمْ أَقْوَامٌ مِنْ بَعْدِي يَطْلُبُونَ الْعِلْمَ فَرَحِّبُوا بِهِمْ وَحَيُّوهُمْ وَعَلِّمُوهُمْ قَالَ فَأَدْرَكْنَا وَاللَّهِ أَقْوَامًا مَا رَحَّبُوا بِنَا وَلَا حَيَّوْنَا وَلَا عَلَّمُونَا إِلَّا بَعْدَ أَنْ كُنَّا نَذْهَبُ إِلَيْهِمْ فَيَجْفُونَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَقَبَضَ رِجْلَيْهِ) أَيْ تَوْقِيرًا لَهُمْ أَوْ كَثْرَةَ الزِّحَامِ (فَرَحِّبُوا) مِنَ التَّرْحِيبِ أَيْ قُولُوا لَهُمْ مَرْحَبًا (وَحَيُّوهُمْ) مِنَ التَّحِيَّةِ قَوْلُهُ (قَالَ فَأَدْرَكْنَا إِلَخْ) هَذَا مِنْ قَوْلِ الْحَسَنِ وَالْمُرَادُ بِأَقْوَامٍ أَقْوَامٌ مِنَ الْمَشَايِخِ لَا التَّلَامِذَةِ وَكَتَبَ الْفَقِيهُ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْخَيْرِ أَنَّ قَوْلَ الْحَسَنِ هَذَا يُحْمَلُ عَلَى مَنْ أَدْرَكَ مِنْ غَيْرِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - فَإِنَّ أَكْثَرَ عِلْمِهِ إِنَّمَا أَخَذَهُ مِنْ غَيْرِهِمُ انْتَهَى قَوْلُهُ (فَيَجْفُونَا) بِالْجِيمِ مِنَ الْجَفَاءِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ فَإِنَّ الْمُعَلَّى بْنَ هِلَالٍ كَذَّبَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُمَا وَنَسَبَهُ إِلَى وَضْعِ الْحَدِيثِ غَيْرُ وَاحِدٍ وَإِسْمَاعِيلُ هُوَ ابْنُ مُسْلِمٍ اتَّفَقُوا عَلَى ضَعْفِهِ وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِيهِ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هَارُونَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قُلْتُ أَبُو هَارُونَ الْعَبْدِيُّ ضَعِيفٌ بِاتِّفَاقِهِمُ انْتَهَى.

249 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنْقَزِيُّ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ قَالَ «كُنَّا إِذَا أَتَيْنَا أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ مَرْحَبًا بِوَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَنَا إِنَّ النَّاسَ لَكُمْ تَبَعٌ وَإِنَّهُمْ سَيَأْتُونَكُمْ مِنْ أَقْطَارِ الْأَرْضِ يَتَفَقَّهُونَ فِي الدِّينِ فَإِذَا جَاءُوكُمْ فَاسْتَوْصُوا بِهِمْ خَيْرًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِنَّ النَّاسَ لَكُمْ تَبَعٌ) بِفَتْحَتَيْنِ جَمْعُ تَابِعٍ كَطَلَبٍ جَمْعُ طَالِبٍ وَقِيلَ مَصْدَرُ وُضِعَ مَوْضِعَ الصِّفَةِ مُبَالَغَةٌ نَحْوَ رَجُلِ عَدْلٍ قَوْلُهُ (مِنْ أَقْطَارِ الْأَرْضِ) أَيْ جَوَانِبِهَا (يَتَفَقَّهُونَ) أَيْ يَطْلُبُونَ الْفِقْهَ فِي الدِّينِ (فَاسْتَوْصُوا) قِيلَ حَقِيقَةُ اطْلُبُوا الْوَصِيَّةَ وَالنَّصِيحَةَ لَهُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَفِيهِ مُبَالَغَةٌ حَيْثُ أُمِرُوا بِأَنْ يُجَرِّدُوا عَنْ أَنْفُسِهِمْ آخَرَ يَطْلُبُونَ مِنْهُمُ التَّوْصِيَةَ فِي حَقِّ طَلَبَةِ الْعِلْمِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب الانتفاع بالعلم والعمل به]

[بَاب الِانْتِفَاعِ بِالْعِلْمِ وَالْعَمَلِ بِهِ] 250 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «كَانَ مِنْ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ وَمِنْ دُعَاءٍ لَا يُسْمَعُ وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ) فَإِنَّ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَا يَنْفَعُ صَاحِبَهُ بَلْ يَصِيرُ عَلَيْهِ حُجَّةً وَقَالَ السُّيُوطِيُّ فِي بَيَانِ الْعِلْمِ الْغَيْرُ النَّافِعُ إِنَّهُ الَّذِي لَا يُهَذِّبُ الْأَخْلَاقَ الْبَاطِنَةَ فَيَسْرِي مِنْهَا إِلَى الْأَفْعَالِ الظَّاهِرَةِ فَيَفُوزُ بِهَا إِلَى الثَّوَابِ الْآجِلِ وَفِي اسْتِعَاذَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ إِظْهَارٌ لِلْعُبُودِيَّةِ وَإِعْظَامٌ لِلرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَأَنَّ الْعَبْدَ يَنْبَغِي لَهُ مُلَازَمَةُ الْخَوْفِ وَدَوَامُ الِافْتِقَارِ إِلَى جَنَابِهِ تَعَالَى وَفِيهِ حَثٌّ لِأُمَّتِهِ عَلَى ذَلِكَ وَتَعْلِيمٌ لَهُمْ وَإِلَّا فَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعْصُومٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ وَفِيهِ أَنَّ الْمَمْنُوعَ مِنَ السَّجْعِ مَا يَكُونُ عَنْ قَصْدِهِ إِلَيْهِ وَتَكَلُّفٍ فِي تَحْصِيلِهِ وَأَمَّا مَا اتَّفَقَ حُصُولُهُ بِسَبَبِ قُوَّةِ السَّلِيقَةِ وَفَصَاحَةِ اللِّسَانِ فَبِمَعْزِلٍ عَنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ (وَمِنْ دُعَاءٍ لَا يُسْمَعُ) أَيْ لَا يُسْتَجَابُ فَكَأَنَّهُ غَيْرُ مَسْمُوعٍ حَيْثُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ فَائِدَةُ السَّمَاعِ الْمَطْلُوبَةِ مِنْهُ قَوْلُهُ (لَا تَشْبَعُ) أَيْ حَرِيصٌ عَلَى الدُّنْيَا لَا تَشْبَعُ مِنْهَا وَأَمَّا الْحِرْصُ عَلَى الْعَمَلِ وَالْخَيْرِ فَمَحْمُودٌ مَطْلُوبٌ قَالَ تَعَالَى {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114]

251 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اللَّهُمَّ انْفَعْنِي بِمَا عَلَّمْتَنِي وَعَلِّمْنِي مَا يَنْفَعُنِي وَزِدْنِي عِلْمًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ) زِيَادَةُ الْعِلْمِ وَقَبْلَ أَنْ يَزْدَادَ وَظَاهِرُ الْعَطْفِ يَقْتَضِي أَنَّ الْجُمْلَةَ إِنْشَائِيَّةٌ فَلِذَلِكَ عُطِفَتْ عَلَى إِنْشَائِيَّةٍ.

252 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَسُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَا حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرٍ أَبِي طُوَالَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ لَا يَتَعَلَّمُهُ إِلَّا لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنْ الدُّنْيَا لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَعْنِي رِيحَهَا» قَالَ أَبُو الْحَسَنِ أَنْبَأَنَا أَبُو حَاتِمٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَبِي طُوَالَةَ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ قَوْلُهُ (مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ) بَيَانٌ لِلْعِلْمِ أَيِ الْعِلْمِ الَّذِي يُطْلَبُ بِهِ رِضَا اللَّهِ وَهُوَ الْعِلْمُ الدِّينِيُّ فَلَوْ طَلَبَ الدُّنْيَا بِعِلْمِ الْفَلْسَفَةِ وَنَحْوِهِ فَهُوَ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي أَهْلِ هَذَا الْوَعِيدِ قَوْلُهُ (عَرَضًا) بِفَتْحَتَيْنِ وَإِهْمَالِ الْعَيْنِ أَيْ مَتَاعًا وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْوَعِيدَ الْمَذْكُورَ لِمَنْ لَا يَقْصِدُ بِالْعِلْمِ إِلَّا الدُّنْيَا وَأَمَّا مَنْ طَلَبَ بِعِلْمِهِ رِضَا الْمَوْلَى وَمَعَ

ذَلِكَ لَهُ مَيْلٌ مَا إِلَى الدُّنْيَا فَخَارِجٌ عَنْ هَذَا الْوَعِيدِ قَوْلُهُ (عَرْفَ الْجَنَّةِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ الرَّائِحَةُ مُبَالَغَةٌ فِي تَحْرِيمِ الْجَنَّةِ لِأَنَّ مَنْ لَا يَجِدْ رِيحَ الشَّيْءِ لَا يَتَنَاوَلُهُ قَطْعًا وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ أَنْ لَا يَدْخُلَ وَالْآثِمُ أَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى كَأَمْرِ صَاحِبِ الذُّنُوبِ إِذَا مَاتَ عَلَى الْإِيمَانِ وَقِيلَ بَلِ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَكُونُ مَحْرُومًا مِنْ رِيحِ الْجَنَّةِ وَإِنْ دَخَلَهَا وَقِيلَ بَلْ هَذَا الْحُكْمُ مَخْصُوصٌ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ كَمَا هُوَ الْمَذْكُورُ فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ وَهُوَ مِنْ حِينِ أَنْ يُحْشَرَ إِلَى أَنْ يَسْتَقِرَّ أَهْلُ كُلِّ دَارٍ مَقَرَّهُ وَبَيَانُهُ أَنَّ الْأَخْيَارَ سِيَّمَا الْعُلَمَاءُ إِذَا وَرَدُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَجِدُونَ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلُوهَا تَقْوِيَةً لِقُلُوبِهِمْ وَتَسْلِيَةً لِهُمُومِهِمْ عَلَى مِقْدَارِ مَرَاتِبِهِمْ وَهَذَا الْقِيَاسُ لِلْمُبْتَغِي لِلْأَعْرَاضِ الْفَانِيَةِ يَكُونُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَصَاحِبِ أَمْرَاضٍ حَادِثَةٍ فِي الدِّمَاغِ مَانِعَةً مِنْ إِدْرَاكِ الرَّوَائِحِ لَا يَجِدُ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ.

253 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا أَبُو كَرِبٍ الْأَزْدِيُّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ أَوْ لِيُبَاهِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ أَوْ لِيَصْرِفَ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ فَهُوَ فِي النَّارِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا أَبُو كَرِبٍ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِ الرَّاءِ مَجْهُولٌ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ قَوْلُهُ (لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ) أَيْ يُجَادِلَ بِهِ ضِعَافَ الْعُقُولِ قَوْلُهُ (أَوْ لِيُبَاهِيَ بِهِ) أَيْ يُفَاخِرَ (أَوْ لِيَصْرِفَ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ) أَيْ يَنْوِيَ بِهِ تَحْصِيلَ الْمَالِ وَالْجَاهِ وَصَرْفَ وُجُوهِ النَّاسِ الْعَوَامِّ إِلَيْهِ وَجَعْلِهِمْ كَالْخَدَمِ لَهُ أَوْ جَعْلِهِمْ نَاظِرِينْ إِذَا تَكَلَّمَ مُتَعَجِّبِينَ مِنْ كَلَامِهِ إِذَا تَكَلَّمَ مُجْتَمَعِينَ حَوْلِهِ إِذَا جَلَسَ قَوْلُهُ (فَهُوَ فِي النَّارِ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهَا بِلَا دَوَامٍ ثُمَّ فَضْلُ اللَّهِ وَاسِعٌ فَإِنْ شَاءَ عَفَا بِلَا دُخُولٍ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ حَمَّادٍ وَأَبِي كَرِبٍ لَكِنْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ كَعْبٍ وَتَكَلَّمَ فِي إِسْنَادِهِ وَرَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَقَالَ حَسَنٌ قُلْتُ وَإِسْنَادُ التِّرْمِذِيِّ غَيْرُ إِسْنَادِ الْمُصَنِّفِ.

254 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ لِتُبَاهُوا بِهِ الْعُلَمَاءَ وَلَا لِتُمَارُوا بِهِ السُّفَهَاءَ وَلَا تَخَيَّرُوا بِهِ الْمَجَالِسَ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَالنَّارُ النَّارُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَا تَعَلَّمُوا) أَيْ لَا تَتَعَلَّمُوا بِالتَّاءَيْنِ فَحُذِفَتْ إِحْدَاهُمَا وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ مِنَ الْعِلْمِ وَهُوَ بَعِيدٌ قَوْلُهُ (وَلَا تَخَيَّرُوا بِهِ الْمَجَالِسَ) أَيْ لَا تَخْتَارُوا بِهِ خِيَارَ الْمَجَالِسِ وَصُدُورَهَا قَوْلُهُ (فَالنَّارُ) أَيْ فَلَهُ النَّارُ أَوْ فَيَسْتَحِقُّ النَّارَ وَالنَّارُ مَرْفُوعٌ عَلَى الْأَوَّلِ مَنْصُوبٌ

عَلَى الثَّانِي وَفِي الزَّوَائِدِ رِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي مَرْيَمَ بِهِ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي مَرْيَمَ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا.

255 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكِنْدِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ أُنَاسًا مِنْ أُمَّتِي سَيَتَفَقَّهُونَ فِي الدِّينِ وَيَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ وَيَقُولُونَ نَأْتِي الْأُمَرَاءَ فَنُصِيبُ مِنْ دُنْيَاهُمْ وَنَعْتَزِلُهُمْ بِدِينِنَا وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ كَمَا لَا يُجْتَنَى مِنْ الْقَتَادِ إِلَّا الشَّوْكُ كَذَلِكَ لَا يُجْتَنَى مِنْ قُرْبِهِمْ إِلَّا» قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ كَأَنَّهُ يَعْنِي الْخَطَايَا ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (سَيَتَفَقَّهُونَ) أَيْ يَدْعُونَ الْفِقْهَ فِي الدِّينِ قَوْلُهُ (وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ) أَيْ يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ وَهُوَ الْإِصَابَةُ مِنَ الدُّنْيَا وَالِاعْتِزَالُ عَنِ النَّاسِ بِالدِّينِ قَوْلُهُ (كَمَا لَا يُجْتَنَى) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنْ جَنَى الثَّمَرَةَ وَاجْتَنَاهَا وَالْقَتَادُ شَجَرٌ ذُو شَوْكٍ لَا يَكُونُ لَهُ ثَمَرٌ سِوَى الشَّوْكِ فَنَبَّهَ بِهَذَا التَّمْثِيلِ عَلَى أَنَّ قُرْبَ الْأُمَرَاءِ لَا يُفِيدُ سِوَى الْمَضَرَّةِ الدِّينِيَّةِ أَصْلًا وَهَذَا إِمَّا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَا قُدِّرَ لَهُ مِنَ الدُّنْيَا فَهُوَ آتٍ لَا مَحَالَةَ سَوَاءٌ أَتَى أَبْوَابَ الْأُمَرَاءِ أَمْ لَا فَحِينَئِذٍ مَا بَقِيَ فِي إِتْيَانِ أَبْوَابِهِمْ فَائِدَةٌ إِلَّا الْمَضَرَّةَ الْمَحْضَةَ أَوْ عَلَى أَنَّ النَّفْعَ الدُّنْيَوِيَّ الْحَاصِلَ بِصُحْبَتِهِمْ بِالنَّظَرِ إِلَى الضَّرَرِ الدِّينِيِّ كَلَا شَيْءٍ فَمَا بَقِيَ إِلَّا الضَّرَرُ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الذُّبَابُ عَلَى الْعَذِرَاتِ أَحْسَنُ مِنْ قَارِئٍ عَلَى بَابِ هَؤُلَاءِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ لَا يُعْرَفُ.

256 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ سَيْفٍ عَنْ أَبِي مُعَاذٍ الْبَصْرِيِّ ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ عَمَّارِ بْنِ سَيْفٍ عَنْ أَبِي مُعَاذٍ الْبَصْرِيِّ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ جُبِّ الْحُزْنِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا جُبُّ الْحُزْنِ قَالَ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ تَعَوَّذُ مِنْهُ جَهَنَّمُ كُلَّ يَوْمٍ أَرْبَعَ مِائَةِ مَرَّةٍ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ يَدْخُلُهُ قَالَ أُعِدَّ لِلْقُرَّاءِ الْمُرَائِينَ بِأَعْمَالِهِمْ وَإِنَّ مِنْ أَبْغَضِ الْقُرَّاءِ إِلَى اللَّهِ الَّذِينَ يَزُورُونَ الْأُمَرَاءَ» قَالَ الْمُحَارِبِيُّ الْجَوَرَةَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ حَدَّثَنَا حَازِمُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ النَّصْرِيِّ وَكَانَ ثِقَةً ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ نَحْوَهُ بِإِسْنَادِهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ سَيْفٍ عَنْ أَبِي مُعَاذٍ قَالَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ عَمَّارٌ لَا أَدْرِي مُحَمَّدٌ أَوْ أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مِنْ جُبِّ الْحَزَنِ) الْجُبُّ بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ الْبِئْرُ الَّتِي لَمْ تُطْوَ وَالْحَزَنُ بِفَتْحَتَيْنِ أَوْ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ ضِدُّ الْفَرَحِ قَالَ الطِّيبِيُّ هُوَ عَلَمٌ وَالْإِضَافَةُ كَمَا فِي دَارِ السَّلَامِ أَيْ دَارٍ فِيهَا السَّلَامُ مِنَ الْآفَاتِ قَوْلُهُ (تَعَوَّذُ) أَيْ يَتَعَوَّذُ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَتَعَوُّذُ جَهَنَّمَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ فَإِنَّهُ تَعَالَى قَادِرٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَالْمُرَادُ سَائِرُ أَوْدِيَةِ جَهَنَّمَ وَقِيلَ كِنَايَةٌ عَنْ شِدَّةِ عَذَابِ هَذَا الْمَحَلِّ وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ يَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ بِجَهَنَّمَ مَا أُعِدَّ لِتَعْذِيبِ الْعُصَاةِ لَا الْكَفَرَةِ وَالْمُنَافِقِينَ (الْمُرَائِينَ) مِنَ الرِّيَاءِ

(الْجَوَرَةَ) كَالظَّلَمَةِ لَفْظًا وَمَعْنًى جَمْعُ جَائِرٍ.

257 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَالْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ النَّصْرِيِّ عَنْ نَهْشَلٍ عَنْ الضَّحَّاكِ عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ «لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ صَانُوا الْعِلْمَ وَوَضَعُوهُ عِنْدَ أَهْلِهِ لَسَادُوا بِهِ أَهْلَ زَمَانِهِمْ وَلَكِنَّهُمْ بَذَلُوهُ لِأَهْلِ الدُّنْيَا لِيَنَالُوا بِهِ مِنْ دُنْيَاهُمْ فَهَانُوا عَلَيْهِمْ سَمِعْتُ نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ جَعَلَ الْهُمُومَ هَمًّا وَاحِدًا هَمَّ آخِرَتِهِ كَفَاهُ اللَّهُ هَمَّ دُنْيَاهُ وَمَنْ تَشَعَّبَتْ بِهِ الْهُمُومُ فِي أَحْوَالِ الدُّنْيَا لَمْ يُبَالِ اللَّهُ فِي أَيِّ أَوْدِيَتِهَا هَلَكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ إِلَخْ) يُرِيدُ أَنَّ الْعِلْمَ رَفِيعُ الْقَدْرِ يَرْفَعُ قَدْرَ مَنْ يَرْفَعُهُ عَنِ الِابْتِذَالِ فِي غَيْرِ الْمُحَالِ قَالَ الزُّهْرِيُّ الْعِلْمُ ذَكَرٌ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا ذُكُورُ الرِّجَالِ أَيِ الَّذِينَ يُحِبُّونَ الْمَعَالِيَ مِنَ الْأُمُورِ قَوْلُهُ: (فَهَانُوا عَلَيْهِمْ) فَإِنَّهُمْ أَهَانُوا رَفِيعًا فَأَهَانَهُمُ اللَّهُ قَوْلُهُ (نَبِيَّكُمْ) قَالَ الطِّيبِيُّ هَذَا الْخِطَابُ تَوْبِيخٌ لِلْمُخَاطِبِينَ حَيْثُ خَالَفُوا أَمْرَ نَبِيِّهِمْ قَوْلُهُ (مَنْ جَعَلَ الْهُمُومَ هَمًّا وَاحِدً) أَيْ مَنْ جَعَلَ هَمَّهُ وَاحِدًا مَوْضِعَ الْهُمُومِ الَّتِي لِلنَّاسِ أَوْ مَنْ كَانَ لَهُ هُمُومٌ مُتَعَدِّدَةٌ فَتَرَكَهَا وَجَعَلَ مَوْضِعَهَا الْهَمَّ الْوَاحِدَ قَوْلُهُ (وَمَنْ تَشَعَّبَتْ بِهِ الْهُمُومُ) أَيْ تَفَرَّقَ فِيهِ الْهُمُومُ أَوْ فَرَّقَتْهُ الْهُمُومُ وَالْبَاءُ عَلَى الْأَوَّلِ بِمَعْنَى فِي وَعَلَى الثَّانِي لِلتَّعْدِيَةِ وَإِنْ جُعِلَتْ لِلْمُصَاحَبَةِ أَيْ مَصْحُوبَةً مَعَهُ كَانَ صَحِيحًا قَوْلُهُ (لَمْ يُبَالِ اللَّهُ) كِنَايَةٌ عَنْ عَدَمِ الْكِفَايَةِ وَالْعَوْنِ مِثْلَ مَا يَحْصُلُ لِلْأَوَّلِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ فِيهِ نَهْشَلُ بْنُ سَعِيدٍ قِيلَ إِنَّهُ يَرْوِي الْمَنَاكِيرَ وَقِيلَ بَلِ الْمَوْضُوعَاتِ وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ

ابْنِ عُمَرَ صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.

258 - حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ وَأَبُو بَدْرٍ عَبَّادُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ الْهُنَائِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ الْهُنَائِيُّ عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ عَنْ خَالِدِ بْنِ دُرَيْكٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِغَيْرِ اللَّهِ أَوْ أَرَادَ بِهِ غَيْرَ اللَّهِ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ»

259 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَاصِمٍ الْعَبَّادَانِيُّ حَدَّثَنَا بَشِيرُ بْنُ مَيْمُونٍ قَالَ سَمِعْتُ أَشْعَثَ بْنَ سَوَّارٍ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ لِتُبَاهُوا بِهِ الْعُلَمَاءَ أَوْ لِتُمَارُوا بِهِ السُّفَهَاءَ أَوْ لِتَصْرِفُوا وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْكُمْ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ فِي النَّارِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ لَا تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ) الْحَدِيثَ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ فِيهِ بِشْرُ بْنُ مَيْمُونَ قَالَ ابْنُ مَعِينٍ أَجْمَعُوا عَلَى طَرْحِ حَدِيثِهِ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ بَلْ مُتَّهَمٌ بِالْوَضْعِ.

260 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ أَنْبَأَنَا وَهْبُ بْنُ إِسْمَعِيلَ الْأَسَدِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ لِيُبَاهِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ وَيُجَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ وَيَصْرِفَ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ أَدْخَلَهُ اللَّهُ جَهَنَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ) الْحَدِيثَ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ بِالْوَضْعِ.

[باب من سئل عن علم فكتمه]

[بَاب مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ] 261 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ حَدَّثَنَا عِمَارَةُ بْنُ زَاذَانَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَكَمِ حَدَّثَنَا عَطاَءٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا مِنْ رَجُلٍ يَحْفَظُ عِلْمًا فَيَكْتُمُهُ إِلَّا أُتِيَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلْجَمًا بِلِجَامٍ مِنْ النَّارِ» قَالَ أَبُو الْحَسَنِ أَيِ الْقَطَّانُ وَحَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا عِمَارَةُ بْنُ زَاذَانَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَا مِنْ رَجُلٍ يَحْفَظُ عِلْمًا) قَيَّدَ بِالْحِفْظِ إِذْ لَا كِتْمَانَ بِدُونِهِ فَكَتَمَهُ أَيْ إِذَا سُئِلَ عَنْهُ كَمَا فِي رِوَايَاتِ الْحَدِيثِ وَكَأَنَّهُ تَرَكَ ذِكْرَهُ إِذْ لَا يَظْهَرُ الْكِتْمَانُ قَبْلَ ذَلِكَ (أَتَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ حَضَرَ فِي الْمَحْشَرِ كَذَلِكَ ثُمَّ أَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَمْسَكَ فَمَهُ عَنْ كَلِمَةِ الْحَقِّ وَقْتَ الْحَاجَةِ وَالسُّؤَالِ فَجُوزِيَ بِمِثْلِهِ حَيْثُ أَمْسَكَ اللَّهُ فَمَهُ فِي وَقْتِ اشْتِدَادِ الْحَاجَةِ لِلْكَلَامِ وَالْجَوَابُ عِنْدَ السُّؤَالِ عَنِ الْأَعْمَالِ ثُمَّ لَعَلَّ هَذَا مَخْصُوصٌ بِمَا إِذَا كَانَ السَّائِلُ أَهْلًا لِذَلِكَ الْعِلْمِ وَيَكُونُ الْعِلْمُ نَافِعًا وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ هُوَ فِي الْعِلْمِ الضَّرُورِيُّ كَمَا لَوْ قَالَ عَلِّمْنِي الْإِسْلَامَ وَالصَّلَاةَ وَقَدْ حَضَرَ وَقْتُهَا وَهُوَ لَا يُحْسِنُهَا لَا فِي نَوَافِلِ الْعِلْمِ الَّتِي لَا ضَرُورَةَ بِالنَّاسِ إِلَى مَعْرِفَتِهَا.

262 - حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ الْعُثْمَانِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ الْأَعْرَجِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ وَاللَّهِ لَوْلَا آيَتَانِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى مَا حَدَّثْتُ عَنْهُ يَعْنِي عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا أَبَدًا لَوْلَا قَوْلُ اللَّهِ {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ الْكِتَابِ} [البقرة: 174] إِلَى آخِرِ الْآيَتَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَوْلَا آيَتَانِ فِي كِتَابِ اللَّهِ) أَيْ فِي ذَمِّ كِتْمَانِ الْعِلْمِ وَالْمُرَادُ آيَتَانِ وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا مِنَ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ فِي ذَمِّ الْكِتْمَانِ وَإِلَّا لَوْ فُرِضَ عَدَمُ الْآيَتَيْنِ مَعَ وُجُودِ

الْبَاقِي يَكْفِي فِي اقْتِضَاءِ التَّحْدِيثِ وَعَدَمِ جَوَازِ الْكِتْمَانِ.

263 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ الْعَسْقَلَانِيُّ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا لَعَنَ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَوَّلَهَا فَمَنْ كَتَمَ حَدِيثًا فَقَدْ كَتَمَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِذَا لَعَنَ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَخْ) أَيْ إِذَا كَثُرَ الْجَهْلُ وَحَصَلَتِ الْحَاجَةُ إِلَى الْعِلْمِ لِأَنَّ مَنْشَأَ اللَّعْنِ هُوَ الْجَهْلُ أَوِ الْمُرَادُ إِذَا جَهِلُوا بِفَضَائِلِ الصَّحَابَةِ وَحُرْمَةِ اللَّعْنِ فَسَبُّوهُمْ وَعَلَى هَذَا فَمَعْنَى فَمَنْ كَتَمَ حَدِيثًا أَيْ فِي فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ وَحُرْمَةِ اللَّعْنِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ حُسَيْنُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ كَذَّابٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ السَّرِيِّ ضَعِيفٌ وَفِي الْأَطْرَافِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ السَّرِيِّ لَمْ يُدْرِكْ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ وَذَكَرَ أَنَّ بَيْنَهُمَا وَسَائِطَ فَفِيهِ انْقِطَاعٌ أَيْضًا.

264 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ حَدَّثَنِي عُمَرَ بْنُ سُلَيْمٍ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ أُلْجِمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ حَدِيثِ أَنَسٍ فِيهِ يُوسُفُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ الْبُخَارِيُّ هُوَ صَاحِبُ عَجَائِبَ وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ رَوَى عَنْ أَنَسٍ مِنْ حَدِيثِهِ مَا لَا يُخِلُّ بِالرِّوَايَةِ انْتَهَى وَاتَّفَقُوا عَلَى ضَعْفِهِ انْتَهَى وَكَأَنَّهُ لِهَذَا أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا الْمَتْنَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ قَالَ وَفِي الْبَابِ عَنْ جَابِرٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَلَمْ يَقُلْ عَنْ أَنَسٍ وَبِالْجُمْلَةِ فَالْمَتْنُ ثَابِتٌ وَالْكَلَامُ فِي خُصُوصِ الْأَسَانِيدِ.

265 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ حِبَّانَ بْنِ وَاقِدٍ الثَّقَفِيُّ أَبُو إِسْحَقَ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَاصِمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَابٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَتَمَ عِلْمًا مِمَّا يَنْفَعُ اللَّهُ بِهِ فِي أَمْرِ النَّاسِ أَمْرِ الدِّينِ أَلْجَمَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِلِجَامٍ مِنْ النَّارِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ إِلَخْ) فِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ دَابٍ كَذَّبَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَغَيْرُهُ وَنُسِبَ إِلَى الْوَضْعِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

266 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَفْصِ بْنِ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ حَدَّثَنَا أَبُو إِبْرَاهِيمَ إِسْمَعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكَرَابِيسِيُّ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ أُلْجِمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ»

[كتاب الطهارة وسننها]

[كِتَاب الطَّهَارَةِ وَسُنَنِهَا] [بَاب مَا جَاءَ فِي مِقْدَارِ الْمَاءِ لِلْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَاب الطَّهَارَةِ وَسُنَنِهَا بَاب مَا جَاءَ فِي مِقْدَارِ الْمَاءِ لِلْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ 267 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي رَيْحَانَةَ عَنْ سَفِينَةَ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (الطَّهَارَةُ وَسُنَنُهَا)

الْمُرَادُ بِالسُّنَنِ الْأَحَادِيثَ أَيْ أَبْوَابَ أَحَادِيثِ الطَّهَارَةِ أَهَمُّ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْقَوْلِيَّةِ وَالْفِعْلِيَّةِ وَالتَّقْرِيرِيَّةِ وَفِي عَطْفِهَا عَلَى الطَّهَارَةِ مِثْلُ عَطْفِ أَعْجَبَنِي زَيْدٌ وَعِلْمُهُ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. قَوْلُهُ (يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ مِكْيَالٌ مَعْرُوفٌ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ رِطْلٌ وَثُلُثٌ بِالْبَغْدَادِيِّ وَأَبُو حَنِيفَةَ عَلَى أَنَّهُ رِطْلَانِ بِالْبَغْدَادِيِّ (بِالصَّاعِ) أَرْبَعَةُ أَمِدَادٍ وَقِيلَ قَدْ عُلِمَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ مُعْتَدِلًا فِي الْخَلْقِ مَرْبُوعًا فَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ فَالسُّنَّةُ فِي حَقِّهِ هَذَا وَالْقَصِيرُ الطَّوِيلُ يَنْقُصُ وَيَزِيدُ بِقَدْرِ نُقْصَانِ جَسَدِهِ وَطُولِهِ مِنْ حَدِّ الِاعْتِدَالِ وَالْحَقُّ عِنْدَ أَهْلِ التَّحْقِيقِ أَنَّهُ لَا حَدَّ فِي قَدْرِ مَاءِ الطَّهَارَةِ فَقَدْ جَاءَ أَقَلُّ مِنْ هَذَا الْقَدْرِ وَأَكْثَرُ فِي أَحَادِيثَ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَتَبِّعِ وَالْمَقْصُودِ الِاسْتِيفَاءُ مَعَ مُرَاعَاةِ السُّنَنِ وَالْآدَابِ بِلَا إِسْرَافٍ وَلَا تَقْتِيرٍ وَيُرَاعَى الْوَقْتُ وَكَثْرَةُ الْمَاءِ وَقِلَّتُهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ.

268 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ»

269 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ بَدْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ»

270 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُؤَمَّلِ بْنِ الصَّبَّاحِ وَعَبَّادُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَا حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زَبَّانَ حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُجْزِئُ مِنْ الْوُضُوءِ مُدٌّ وَمِنْ الْغُسْلِ صَاعٌ فَقَالَ رَجُلٌ لَا يُجْزِئُنَا فَقَالَ قَدْ كَانَ يُجْزِئُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ وَأَكْثَرُ شَعَرًا يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يُجْزِئُ مِنَ الْوُضُوءِ) مِنْ أَجْزَأَ بِالْهَمْزِ فِي آخِرِهِ إِذَا كَفَى وَكَلِمَةُ مَنْ بِمَعْنَى فِي أَيْ يَكْفِي فِي الْوُضُوءِ مُدٌّ مِنَ الْمَاءِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إِلَى الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ لِغَالِبِ النَّاسِ فِي غَالِبِ الْأَحْوَالِ قَوْلُهُ (فَقَالَ رَجُلٌ) أَيْ مِنَ التَّابِعِينَ لِلصَّحَابِيِّ الَّذِي رَوَى الْحَدِيثَ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ حِبَّانَ وَيَزِيدُ انْتَهَى وَالْحَدِيثُ الْفِعْلِيُّ ثَابِتٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ رِوَايَةَ أَنَسٍ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب لا يقبل الله صلاة بغير طهور]

[بَاب لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ] 271 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ح وَحَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ أَبُو بِشْرٍ خَتَنُ الْمُقْرِئِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالُوا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ بْنِ أُسَامَةَ عَنْ أَبِيهِ أُسَامَةَ بْنِ عُمَيْرٍ الْهُذَلِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً إِلَّا بِطُهُورٍ وَلَا يَقْبَلُ صَدَقَةً مِنْ غُلُولٍ» حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ وَشَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ عَنْ شُعْبَةَ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَا يَقْبَلُ اللَّهُ) قَبُولُ اللَّهِ تَعَالَى الْعَمَلَ رِضَاءٌ بِهِ وَثَوَابُنَا عَلَيْهِ فَعَدَمُ الْقَبُولِ أَنْ لَا يُثِيبَهُ عَلَيْهِ (إِلَّا بِطَهُورٍ) الطَّهُورُ بِضَمِّ الطَّاءِ فِعْلُ الْمُتَطَهِّرِ وَهُوَ الْمُرَادُ هَاهُنَا وَبِالْفَتْحِ اسْمٌ لِلْآلَةِ كَالْمَاءِ وَالتُّرَابِ وَقِيلَ بِالْفَتْحِ يُطْلَقُ عَلَى الْفِعْلِ أَيْضًا فَيَجُوزُ هَاهُنَا الْوَجْهَانِ وَيَجِبُ أَنْ يَجْعَلَ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ حَالًا أَيْ لَا يَقْبَلُ إِلَّا حَالَ كَوْنِهَا مَقْرُونَةً بِطَهُورٍ إِذْ لَا مَعْنَى لِلْقَوْلِ أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ بِشَيْءٍ إِلَّا بِطَهُورٍ ضَرُورَةً أَنَّ سَائِرَ الشَّرَائِطِ مِثْلُ الطَّهُورِ فِي تَوَقُّفِ الْقَبُولِ عَلَيْهَا وَاسْتَدَلَّ الْجُمْهُورُ بِالْحَدِيثِ عَلَى افْتِرَاضِ الْوُضُوءِ لِلصَّلَاةِ وَنُوقِشَ بِأَنَّ دَلَالَةَ الْحَدِيثِ عَلَى ذَلِكَ تَتَوَقَّفُ عَلَى دَلَالَةِ الْحَدِيثِ عَلَى انْتِفَاءِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ بِلَا طَهُورٍ وَلَا دَلَالَةَ عَلَيْهِ بَلْ عَلَى انْتِفَاءِ الْقَبُولِ وَالْقَبُولُ جُمِعَ فِي مَوَاضِعَ مَعَ ثُبُوتِ الصِّحَّةِ كَصَلَاةِ الْعَبْدِ الْآبِقِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي عَدَمِ الْقَبُولِ هُوَ عَدَمُ الصِّحَّةِ وَهُوَ يَكْفِي فِي الْمَطْلُوبِ إِلَّا إِذَا دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ عَدَمَ الْقَبُولِ لِأَمْرٍ آخَرَ سِوَى عَدَمِ الصِّحَّةِ وَلَا دَلِيلَ هَاهُنَا قَوْلُهُ (مِنْ غُلُولٍ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ الْخِيَانَةُ فِي الْغَنِيمَةِ وَالْمُرَادُ هَاهُنَا مُطْلَقُ الْحَرَامِ وَحَدِيثُ أَبِي الْمُلَيْحِ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَلَكِنْ لَفْظُهُ بِغَيْرِ طَهُورٍ.

272 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ سِمَاكٍ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً إِلَّا بِطُهُورٍ وَلَا صَدَقَةً مِنْ غُلُولٍ»

273 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ حَدَّثَنَا أَبُو زُهَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ سِنَانِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ وَلَا صَدَقَةً مِنْ غُلُولٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (بِغَيْرِ طَهُورٍ) أَيْ بِلَا طَهُورٍ وَلَيْسَ الْمَعْنَى صَلَاةً مُتَلَبِّسَةً بِشَيْءٍ مُغَايِرٍ لِلطَّهُورِ إِذْ لَا بُدَّ مِنْ مُلَابَسَةِ الصَّلَاةِ بِمَا يُغَايِرُ الطَّهُورَ كَسَائِرِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ إِلَّا أَنْ يُرَادَ بِمُغَايِرِ الطَّهُورِ ضِدُّ الطَّهُورِ حَمْلًا لِمُطْلَقِ الْمُغَايِرِ

عَلَى الْكَامِلِ وَهُوَ الْحَدَثُ قَالَ فِي الزَّوَائِدِ حَدِيثُ أَنَسٍ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ التَّابِعِيِّ وَقَدْ تَفَرَّدَ يَزِيدُ بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ فَهُوَ مَجْهُولٌ.

274 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَقِيلٍ حَدَّثَنَا الْخَلِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ وَلَا صَدَقَةً مِنْ غُلُولٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ أَبِي بَكْرَةَ) هَكَذَا فِي الْأُصُولِ الْمُعْتَمَدَةِ وَجَعَلَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي الزَّوَائِدِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَالَ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ الْخَلِيلِ بْنِ زَكَرِيَّا قُلْتُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَأَبِي دَاوُدَ بِلَفْظِ لَا يَقْبُلُ اللَّهُ صَلَاةَ مَنْ أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب مفتاح الصلاة الطهور]

[بَاب مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ] 275 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطَّهُورُ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الْفِعْلُ فَهُوَ بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ إِنْ جُوِّزَ الْفَتْحُ فِي الْفِعْلِ وَقِيلَ يَجُوزُ الْفَتْحُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْآلَةُ لِأَنَّ الْفِعْلَ لَا يَتَأَتَّى إِلَّا بِالْآلَةِ قُلْتُ وَهُوَ غَيْرُ مُنَاسِبٍ بِمَا بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ وَتَحْرِيمُهَا أَيْ تَحْرِيمُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فِيهَا مِنَ الْأَفْعَالِ وَكَذَا تَحْلِيلُهَا أَيْ تَحْلِيلُ مَا حَلَّ خَارِجُهَا مِنَ الْأَفْعَالِ فَالْإِضَافَةُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ وَلَيْسَتْ إِضَافَةً إِلَى الْقَبُولِ لِفَسَادِ الْمَعْنَى وَالْمُرَادُ بِالتَّحْرِيمِ وَالتَّحْلِيلِ الْمُحَرِّمُ وَالْمُحَلِّلُ عَلَى إِطْلَاقِ الْمَصْدَرِ بِمَعْنَى الْفَاعِلِ مَجَازًا ثُمَّ اعْتِبَارُ التَّكْبِيرِ وَالتَّسْلِيمِ مُحَرِّمًا وَمُحَلِّلًا مَجَازٌ وَإِلَّا فَالْمُحَرِّمُ وَالْمُحَلِّلُ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ التَّحْرِيمُ بِمَعْنَى الْإِحْرَامِ أَيِ الدُّخُولِ فِي حُرْمَتِهَا وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ آلَةِ الدُّخُولِ فِي حُرْمَتِهَا التَّكْبِيرُ وَكَذَا التَّحْلِيلُ بِمَعْنَى الْخُرُوجِ عَنْ حُرْمَتِهَا وَالْمَعْنَى أَنَّ آلَةَ الْخُرُوجِ عَنْ حُرْمَتِهَا التَّسْلِيمُ وَالْحَدِيثُ كَمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ بَابَ الصَّلَاةِ مَسْدُودٌ لَيْسَ لِلْعَبْدِ فَتْحُهُ إِلَّا بِطَهُورٍ كَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الدُّخُولَ فِي حُرْمَتِهَا لَا يَكُونُ إِلَّا بِالتَّكْبِيرِ وَالْخُرُوجُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِالتَّسْلِيمِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

276 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ طَرِيفٍ السَّعْدِيِّ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ السَّعْدِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ»

[باب المحافظة على الوضوء]

[بَاب الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْوُضُوءِ] 277 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا وَاعْلَمُوا أَنَّ خَيْرَ أَعْمَالِكُمْ الصَّلَاةَ وَلَا يُحَافِظُ عَلَى الْوُضُوءِ إِلَّا مُؤْمِنٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (اسْتَقِيمُوا إِلَخْ) قَالَ الِاسْتِقَامَةُ اتِّبَاعُ الْحَقِّ وَالْقِيَامُ بِالْعَدْلِ وَمُلَازَمَةُ الْمَنْهَجِ الْمُسْتَقِيمِ مِنَ الْإِتْيَانِ بِجَمِيعِ الْمَأْمُورَاتِ وَالِانْتِهَاءِ عَنْ جَمِيعِ الْمَنَاهِي وَذَلِكَ خَطْبٌ عَظِيمٌ لَا يُطِيقُهُ إِلَّا مَنِ اسْتَضَاءَ قَلْبُهُ بِالْأَنْوَارِ الْقُدْسِيَّةِ وَتَخَلَّصَ عَنِ الظُّلُمَاتِ الْإِنْسِيَّةِ وَأَيَّدَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ عِنْدِهِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ فَأَخْبَرَ بَعْدَ الْأَمْرِ بِذَلِكَ أَنَّكُمْ لَا تَقْدِرُونَ عَلَى إِيفَاءِ حَقِّهِ وَالْبُلُوغُ إِلَى غَايَتِهِ بِقَوْلِهِ (وَلَنْ تُحْصُوا) أَيْ وَلَنْ تُطِيقُوا وَأَصْلُ الْإِحْصَاءِ الْعَدْلُ وَالْإِحَاطَةُ بِهِ لِئَلَّا يَغْفُلُوا عَنْهُ فَلَا يَتَّكِلُوا عَلَى مَا يُوفُونَ بِهِ وَلَا يَيْأَسُوا مِنْ رَحْمَتِهِ فِيمَا يَذَرُونَ عَجْزًا وَقُصُورًا لَا تَقْصِيرًا وَقِيلَ مَعْنَاهُ لَنْ تُحْصُوا ثَوَابَهُ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ قَوْلُهُ (وَاعْلَمُوا إِلَخْ) أَيْ إِنْ لَمْ تُطِيقُوا بِمَا أُمِرْتُمْ بِهِ مِنَ الِاسْتِقَامَةِ فَحَقٌّ عَلَيْكُمْ أَنْ تَلْزَمُوا فَرْضَهَا وَهِيَ الصَّلَاةُ الْجَامِعَةُ لِأَنْوَاعِ الْعِبَادَاتِ الْقِرَاءَةِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ وَالْإِمْسَاكِ عَنْ كَلَامِ الْغَيْرِ وَالْأَحَادِيثُ فِي خَيْرِ الْأَعْمَالِ جَاءَتْ مُتَعَارِضَةً صُورَةً فَيَنْبَغِي التَّوْفِيقُ بِحَمْلِ خَيْرِ أَعْمَالِكُمْ عَلَى مَعْنَى مِنْ خَيْرِ أَعْمَالِكُمْ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ قَوْلُهُ (وَلَا يُحَافِظُ عَلَى الْوُضُوءِ) أَيْ فِي أَوْقَاتِهَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إِنَّمَا أُمِرْتُ بِالْوُضُوءِ إِذَا قُمْتُ إِلَى الصَّلَاةِ» حِينَ قَالُوا لَهُ أَلَا نَأْتِيكَ بِوُضُوءٍ وَقَدْ خَرَجَ مِنَ الْخَلَاءِ وَقُرِّبَ إِلَيْهِ الطَّعَامُ رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ وَغَيْرُهُمْ أَوْ عَلَى الدَّوَامِ وَتَرْكُهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ لِئَلَّا يَلْتَبِسَ الْفَضْلُ بِالْفَرْضِ وَالْبَيَانُ عَلَيْهِ وَاجِبٌ فَالتَّرْكُ فِي حَقِّهِ خَيْرٌ مِنَ الْوُضُوءِ فَإِنَّ غَايَتَهُ أَنْ يَكُونَ مَنْدُوبًا قَوْلُهُ (إِلَّا مُؤْمِنٌ) فَإِنَّ الظَّاهِرَ عِنْوَانُ الْبَاطِنِ فَطَهَارَةُ الظَّاهِرِ دَلِيلٌ عَلَى طَهَارَةِ الْبَاطِنِ سِيَّمَا الْوُضُوءُ عَلَى الْمَكَارِهِ كَمَا فِي أَيَّامِ الْبَرْدِ وَفِي الزَّوَائِدِ رِجَالٌ إِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ أَثَبَاتٌ إِلَّا أَنَّ فِيهِ انْقِطَاعًا بَيْنَ سَالِمٍ وَثَوْبَانَ فَإِنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ بِلَا خِلَافٍ وَلَكِنْ أَخْرَجَهُ الدَّارِمِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ ثَوْبَانَ مُتَّصِلًا.

278 - حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا وَاعْلَمُوا أَنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَعْمَالِكُمْ الصَّلَاةَ وَلَا يُحَافِظُ عَلَى الْوُضُوءِ إِلَّا مُؤْمِنٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو) هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِأَجْلِ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ.

279 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنِي إِسْحَقُ بْنُ أَسِيدٍ عَنْ أَبِي حَفْصٍ الدِّمَشْقِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ يَرْفَعُ الْحَدِيثَ قَالَ «اسْتَقِيمُوا وَنِعِمَّا إِنْ اسْتَقَمْتُمْ وَخَيْرُ أَعْمَالِكُمْ الصَّلَاةُ وَلَا يُحَافِظُ عَلَى الْوُضُوءِ إِلَّا مُؤْمِنٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَنِعِمَّا) هِيَ أَيِ الِاسْتِقَامَةُ فَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ} [البقرة: 271] وَهَذَا شَرْحُ الِاسْتِقَامَةِ وَأَصْلُهُ نِعْمَ مَا أُدْغِمَتْ مِيمُهَا فِي مَا إِلَّا أَنَّهُ حُذِفَ ضَمِيرُ الْمَخْصُوصِ بِالْمَدْحِ وَقَوْلُهُ إِنِ اسْتَقَمْتُمْ جُمْلَةٌ شَرْطِيَّةٌ وَيَحْتَمِلُ فَتْحَ هَمْزَةِ أَنَّ عَلَى أَنَّهُ الْمَخْصُوصُ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ التَّابِعِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب الوضوء شطر الإيمان]

[بَاب الْوُضُوءُ شَطْرُ الْإِيمَانِ] 280 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورَ أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ عَنْ أَخِيهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ جَدِّهِ أَبِي سَلَّامٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ شَطْرُ الْإِيمَانِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِلْءُ الْمِيزَانِ وَالتَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ مِلْءُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالصَّلَاةُ نُورٌ وَالزَّكَاةُ بُرْهَانٌ وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْوُضُوءُ شَطْرُ الْإِيمَانِ) كَأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ الْمُضَافِ أَيْ إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ لِيُوَافِقَ حَدِيثَ الْبَابِ وَبِنَاءُ التَّرْجَمَةِ عَلَى أَنَّهُ فُهِمَ مِنْ إِسْبَاغِ الْوُضُوءِ وَالْوُضُوءُ الْمُسْبَغُ لَا يَخْفَى بُعْدُهُ فَإِنَّ ذَلِكَ مَعْنًى بَعِيدٌ وَأَيْضًا إِيضَاحُ التَّرْجَمَةِ عَلَيْهِ إِلَى تَقْدِيرِ الصِّفَةِ أَيْ بَابُ الْوُضُوءِ الْمُسْبَغِ شَطْرُ الْإِيمَانِ فَلْيُتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ (إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ شَطْرُ الْإِيمَانِ) فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ الطَّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ وَذَكَرُوا فِي تَوْجِيهِهِ وُجُوهًا لَا تُنَاسِبُ رِوَايَةَ الْكِتَابِ مِنْهَا أَنَّ الْإِيمَانَ يُطَهِّرُ نَجَاسَةَ الْبَاطِنِ وَالْوُضُوءُ نَجَاسَةَ الظَّاهِرِ وَهَذَانِ لَمْ يُفِيدَا أَنَّ الْوُضُوءَ شَطْرُ الْإِيمَانِ كَرِوَايَةِ مُسْلِمٍ لِأَنَّ إِسْبَاغَهُ شَطْرُ الْإِيمَانِ كَرِوَايَةِ الْكِتَابِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَتِمُّ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ يُجْعَلَ الْوُضُوءَ مِثْلَ الْإِيمَانِ وَعَدِيلَهُ لَا نِصْفَهُ أَوْ شَطْرَهُ وَكَذَا غَالِبُ مَا ذَكَرُوا وَالْأَظْهَرُ الْأَنْسَبُ لِمَا فِي الْكِتَابِ أَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِالْإِيمَانِ الصَّلَاةَ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143] وَالْكَلَامُ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ إِكْمَالُ الْوُضُوءِ شَطْرُ كَمَالِ الصَّلَاةِ وَتَوْضِيحُهُ أَنَّ إِكْمَالَ الصَّلَاةِ بِإِكْمَالِ أَشْرَاطِهَا الْخَارِجَةِ عَنْهَا وَأَرْكَانِهَا الدَّاخِلَةِ فِيهَا وَأَعْظَمُ الشَّرَائِطِ الْوُضُوءُ فَجَعَلَ كَمَالَهُ نِصْفَ إِكْمَالِ الصَّلَاةِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ التَّرْغِيبُ فِي إِكْمَالِ الْوُضُوءِ وَتَعْظِيمِ ثَوَابِهِ حَتَّى كَأَنَّهُ بَلَغَ إِلَى نِصْفِ ثَوَابِ الْإِيمَانِ قَوْلُهُ (وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِلْءُ الْمِيزَانِ) بِصِيغَةِ الْمَاضِي كَأَنَّهُ وَقَعَ وَتَحَقَّقَ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْأَعْمَالَ تُجَسَّدُ عِنْدَ الْوَزْنِ أَوْ بِصِيغَةِ الْمَصْدَرِ مِلْءُ أَفْرَدَهُ عَلَى الْأَوَّلِ بِتَأْوِيلِ كُلٍّ مِنْهَا أَوْ مَجْمُوعِهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا يَكُونُ عِنْدَ الْوَزْنِ كَمَا فِي عَدِيلِهِ وَلَعَلَّ الْأَعْمَالَ تَصِيرُ أَجْسَامًا لَطِيفَةً نُورَانِيَّةً لَا تُزَاحِمُ بَعْضَهَا وَلَا تُزَاحِمُ غَيْرَهَا أَيْضًا كَمَا هُوَ

الْمُشَاهَدُ فِي الْأَنْوَارِ إِذْ يُمْكِنُ أَنْ يُسْرَجَ أَلْفُ سِرَاجٍ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ مَعَ أَنَّهُ يَمْتَلِئُ نُورًا مِنْ وَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ السُّرُجِ لَكِنْ لِكَوْنِهِ لَا يُزَاحَمُ يَجْتَمِعُ مَعَهُ نُورُ الثَّانِي وَنُورُ الثَّالِثِ ثُمَّ لَا يَمْنَعُ امْتِلَاءُ الْبَيْتِ مِنَ النُّورِ جُلُوسَ الْقَاعِدِينَ فِيهِ لِعَدَمِ التَّزَاحُمِ فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ مَعَ كَثْرَةِ التَّسْبِيحَاتِ وَالتَّقْدِيسَاتِ مَعَ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ أَنْ لَا يَبْقَى مَكَانٌ لِشَخْصٍ مِنْ أَهْلِ الْمَحْشَرِ وَلَا لِعَمَلٍ آخَرَ مُتَجَسِّدٍ مِثْلِ تَجَسُّدِ التَّسْبِيحِ وَغَيْرِهِ قَوْلُهُ (نُورٌ) لِتَأْثِيرِهِ فِي تَنْوِيرِ الْقُلُوبِ وَإِشْرَاحِ الصُّدُورِ قَوْلُهُ (بُرْهَانٌ) دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِ صَاحِبِهِ فِي دَعْوَى الْإِيمَانْ إِذِ الْإِقْدَامُ عَلَى بَذْلِهِ خَالِصًا لِلَّهِ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ صَادِقٍ فِي إِيمَانِهِ قَوْلُهُ (وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ إِلَخْ) أَيْ نُورٌ قَوِيٌّ فَقَدْ قَالَ تَعَالَى {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا} [يونس: 5] وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالصَّبْرِ الصَّوْمُ وَهُوَ لِكَوْنِهِ قَهْرًا عَلَى النَّفْسِ قَامِعًا لِشَهَوَاتِهَا لَهُ تَأْثِيرٌ عَادَةً فِي تَنْوِيرِ الْقَلْبِ بِأَتَمِّ وَجْهٍ إِنْ عَمِلْتَ بِهِ (أَوْ عَلَيْكَ) إِنْ قَرَأْتَهُ بِلَا عَمَلٍ قَوْلُهُ (كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو إِلَخْ) قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ كُلُّ إِنْسَانٍ يَسْعَى بِنَفْسِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَبِيعُهَا لِلَّهِ تَعَالَى بِطَاعَتِهِفَيُعْتِقُهَا مِنَ الْعَذَابِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَبِيعُهَا لِلشَّيْطَانِ وَالْهَوَى بِاتِّبَاعِهِمَا فَيُوبِقُهَا أَيْ يُهْلِكُهَا وَقَالَ الطِّيبِيُّ كُلُّ النَّاسِ يَسْعَى فِي الْأُمُورِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَبِيعُهَا مِنَ اللَّهِ فَيُعْتِقُهَا أَوْ يَبِيعُهَا مِنَ الشَّيْطَانِ فَيُوبِقُهَا وَفِي الْمَفَاتِيحِ الْبَيْعُ الْمُبَادَلَةُ وَالْمَعْنَى بِهِ هَاهُنَا صَرْفُ النَّفْسِ وَاسْتِعْمَالُهَا فِي عِوَضِ مَا يَتَوَخَّاهُ وَيَتَوَجَّهُ نَحْوَهُ فَإِنْ كَانَ خَيْرًا يَرْضَاهُ اللَّهُ فَقَدْ أَعْتَقَ نَفْسَهُ مِنَ النَّارِ وَإِنْ كَانَ شَرًّا فَقَدْ أَوْبَقَهَا أَيْ أَهْلَكَهَا انْتَهَى وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب ثواب الطهور]

[بَاب ثَوَابِ الطُّهُورِ] 281 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ لَا يَنْهَزُهُ إِلَّا الصَّلَاةُ لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا دَرَجَةً وَحَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً حَتَّى يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ) الْفَاءُ لِتَفْسِيرِ كَيْفِيَّةِ الْوُضُوءِ عَلَى أَحْسَنِ وَجْهٍ بِمُرَاعَاةِ سُنَنِهِ وَآدَابِهِ وَالْمَعْنَى أَرَادَ الْوُضُوءَ وَشَرَعَ فِيهِ فَأَحْسَنَهُ (لَا يُنْهِزُهُ) مِنْ نَهَزَ بِالزَّايِ الْمُعْجَمَةِ كَمَنَعَ أَيْ دَفَعَ أَيْ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ بَيْتِهِ إِلَّا الصَّلَاةُ وَالْمُرَادُ إِنَّهُ مَا نَوَى بِخُرُوجِهِ غَيْرَهَا وَالْجُمْلَةُ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ أَتَى قَوْلُهُ (خَطْوَةً) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ لِلْمَرَّةِ كَجَلْسَةٍ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي فَضَائِلِ الطَّهَارَةِ لِمَا

فِيهِ مِنْ تَرْتِيبِ الْأَجْرِ عَلَى إِحْسَانِ الْوُضُوءِ وَإِلَّا فَالْحَدِيثُ بِفَضَائِلِ الْمَشْيِ إِلَى الْمَسْجِدِ أَوْلَى وَسَنَذْكُرُهُ فِي بَابِ الْمَشْيِ إِلَى الصَّلَاةِ.

282 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنِي حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيِّ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ تَوَضَّأَ فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ خَرَجَتْ خَطَايَاهُ مِنْ فِيهِ وَأَنْفِهِ فَإِذَا غَسَلَ وَجْهَهُ خَرَجَتْ خَطَايَاهُ مِنْ وَجْهِهِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أَشْفَارِ عَيْنَيْهِ فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَتْ خَطَايَاهُ مِنْ يَدَيْهِ فَإِذَا مَسَحَ بِرَأْسِهِ خَرَجَتْ خَطَايَاهُ مِنْ رَأْسِهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ أُذُنَيْهِ فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ خَرَجَتْ خَطَايَاهُ مِنْ رِجْلَيْهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أَظْفَارِ رِجْلَيْهِ وَكَانَتْ صَلَاتُهُ وَمَشْيُهُ إِلَى الْمَسْجِدِ نَافِلَةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَمَضْمَضَ) الْفَاءُ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ لِلتَّفْسِيرِ أَوِ التَّعْقِيبِ كَمَا ذَكَرَ فِي فَاءِ فَأَحْسَنَ نَعَمِ التَّفْسِيرُ هَاهُنَا بَعِيدٌ لِأَنَّهُ غَيْرُ وَافٍ بِبَيَانِ تَمَامِ الْوُضُوءِ قَوْلُهُ (مِنْ تَحْتِ أَشْفَارِ عَيْنَيْهِ) أَشْفَارُ الْعَيْنِ أَطْرَافُ الْأَجْفَانِ الَّتِي يَنْبُتُ عَلَيْهَا الشَّعْرُ جَمْعُ شُفْرٍ بِالضَّمِّ قَوْلُهُ (حَتَّى يَخْرُجَ مِنَ أُذُنَيْهِ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأُذُنَيْنِ مِنَ الرَّأْسِ قَوْلُهُ (وَكَانَتْ صَلَاتُهُ وَمَشْيُهُ إِلَى الْمَسْجِدِ نَافِلَةً) أَيْ زَائِدَةً عَلَى تَكْفِيرِ تِلْكَ الْخَطَايَا الْمُتَعَلِّقَةِ بِأَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَتَكُونُ لِتَكْفِيرِ خَطَايَا بَاقِي الْأَعْضَاءِ إِنْ كَانَتْ وَإِلَّا فَلِرَفْعِ الدَّرَجَاتِ وَقَوْلُ الطِّيبِيِّ أَيْ زَائِدَةً عَلَى تَكْفِيرِ السَّيِّئَاتِ وَهِيَ رَفْعُ الدَّرَجَاتِ لِأَنَّهَا كُفِّرَتْ بِالْوُضُوءِ لَا يَخْلُو عَنْ تَأَمُّلٍ ثُمَّ الظَّاهِرُ عُمُومُ الْخَطَايَا وَالْعُلَمَاءُ خَصَّصُوهَا بِالصَّغَائِرِ لِلتَّوْفِيقِ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ فَإِنَّ مِنْهَا مَا يَقْتَضِي الْخُصُوصَ.

283 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ طَلْقٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا تَوَضَّأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ خَرَّتْ خَطَايَاهُ مِنْ يَدَيْهِ فَإِذَا غَسَلَ وَجْهَهُ خَرَّتْ خَطَايَاهُ مِنْ وَجْهِهِ فَإِذَا غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ خَرَّتْ خَطَايَاهُ مِنْ ذِرَاعَيْهِ وَرَأْسِهِ فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ خَرَّتْ خَطَايَاهُ مِنْ رِجْلَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (خَرَّتْ) بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ وَرَاءٍ مُشَدَّدَةٍ أَيْ سَقَطَتْ وَذَهَبَتْ وَرُوِيَ بِجِيمٍ وَرَاءٍ مُخَفَّفَةٍ أَيْ سَالَتْ مَعَ مَاءِ الْوُضُوءِ وَكُلُّ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْخَطَايَا جَوَاهِرُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْأَعْضَاءِ تَتَّصِلُ بِهَا وَتَنْفَصِلُ عَنْهَا وَيَنْبَغِي تَفْوِيضُ أَمْثَالِ هَذِهِ الْأُمُورِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَقِيلَ: هُوَ تَمْثِيلٌ وَتَصْوِيرٌ لِبَرَاءَةِ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ عَنِ الذُّنُوبِ عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ.

284 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَالَ «قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ لَمْ تَرَ مِنْ أُمَّتِكَ قَالَ غُرٌّ مُحَجَّلُونَ بُلْقٌ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ» قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ فَذَكَرَ مِثْلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (كَيْفَ تَعْرِفُ) السُّؤَالُ عَنِ الْكَيْفِيَّةِ فَرْعُ تَحَقُّقِ الْمَعْرِفَةِ فَكَأَنَّهُمْ عَلِمُوا ذَلِكَ بِأَنَّهُ يَشْفَعُ لَهُمْ فَلَا بُدَّ أَنْ يُعْرَفَ أَوْ بِأَنَّهُ جَرَى فِي الْمَجْلِسِ أَمْرٌ اقْتَضَى ثُبُوتَ الْمَعْرِفَةِ (غُرٌّ) أَيْ هُمْ غُرٌّ (وَمُحَجَّلُونَ) الْمُحَجَّلُ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنَ التَّحْجِيلِ وَهُوَ الدَّوَابُّ الَّتِي قَوَائِمُهَا بِيضٌ وَالْمُرَادُ ظُهُورُ النُّورِ فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ (وَبُلْقٌ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ جَمْعُ أَبْلَقٍ وَهُوَ مِنَ الْفَرَسِ ذُو سَوَادٍ وَبَيَاضٍ وَكَأَنَّهُمْ شُبِّهُوا بِظُهُورِ النُّورِ فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ دُونَ غَيْرِهَا بِالْخَيْلِ الْبُلْقِ وَإِلَّا فَحَاشَاهُمْ مِنَ السَّوَادِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلِذَلِكَ قَالَ مِنَ آثَارِ الْوُضُوءِ أَيْ أَنْوَارِهِ الظَّاهِرَةِ عَلَى أَعْضَائِهِ فِي الزَّوَائِدِ أَصْلُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحُذَيْفَةَ وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ وَحَمَّادٌ هُوَ ابْنُ سَلَمَةَ وَعَاصِمٌ هُوَ ابْنُ أَبِي النَّجُودِ كُوفِيٌّ صَدُوقٌ فِي حِفْظِهِ شَيْءٌ.

285 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنِي شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنِي حُمْرَانُ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ «رَأَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَاعِدًا فِي الْمَقَاعِدِ فَدَعَا بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَقْعَدِي هَذَا تَوَضَّأَ مِثْلَ وُضُوئِي هَذَا ثُمَّ قَالَ مَنْ تَوَضَّأَ مِثْلَ وُضُوئِي هَذَا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا تَغْتَرُّوا» حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ حَبِيبٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنِي يَحْيَى حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ طَلْحَةَ حَدَّثَنِي حُمْرَانُ عَنْ عُثْمَانَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (حُمْرَانُ) كَعُثْمَانَ مَوْلَاهُ قَوْلُهُ (قَاعِدًا فِي الْمَقَاعِدِ) الْمَقَاعِدُ كَالْمَسَاجِدِ قِيلَ دَكَاكِينُ عِنْدَ دَارِ عُثْمَانَ وَقِيلَ مَوْضِعٌ بِقُرْبِ الْمَسْجِدِ اتُّخِذَ لِلْقُعُودِ فِيهِ لِلْحَوَائِجِ وَالْوُضُوءِ مِثْلَ وُضُوئِي هَذَا جَاءَ مُفَصَّلًا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهَمَا فَلَوْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ رِوَايَةً فِيهَا التَّفْصِيلُ كَانْ أَقْرَبَ لِتَوَقُّفِ الْفَضْلِ الْمَطْلُوبِ عَلَى التَّفْصِيلِ حَتَّى يَقْدِرَ الْإِنْسَانُ بِمَعْرِفَتِهِ عَلَى الْإِتْيَانِ بِمِثْلِهِ قَوْلُهُ (وَلَا تَغْتَرُّوا) أَيْ بِهَذَا الْفَضْلِ عَنِ الِاجْتِهَادِ فِي الْخَيْرَاتِ وَفِي الزَّوَائِدِ الْحَدِيثُ فِي مُسْلِمٍ خَلَا قَوْلَهُ وَلَا تَغْتَرُّوا فَإِنَّهَا ذُكِرَتْ فِي الزَّوَائِدِ انْتَهَى قُلْتُ قَالَ فِي الصَّحِيحِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الرِّقَاقِ فِي بَابِ قَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا} [فاطر: 5] الْآيَةَ وَقَالَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لَا تَغْتَرُّوا وَفِي هَوَامِشِ الزَّوَائِدِ تَنْبِيهٌ عَلَى ذَلِكَ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب السواك]

[بَاب السِّوَاكِ] 286 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَأَبِي عَنْ الْأَعْمَشِ ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ وَحُصَيْنٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يَشُوصُ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ يُدَلِّكُ الْأَسْنَانَ بِالسِّوَاكِ.

287 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ) أَيْ لَوْلَا خَوْفُ أَنْ أَشُقَّ فَلَا يَرِدُ أَنَّ لَوْلَا لِانْتِفَاءِ الشَّيْءِ لِوُجُودِ غَيْرِهِ وَلَوْلَا وُجُودُ الْمَشَقَّةِ هَاهُنَا (لَأَمَرْتُهُمْ) أَيْ أَمْرُ إِيجَابٍ وَإِلَّا فَالنَّدْبُ ثَابِتٌ وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ مُطْلَقَ الْأَمْرِ لِلْإِيجَابِ (بِالسِّوَاكِ) أَيْ بِاسْتِعْمَالِهِ لِأَنَّ السِّوَاكَ هُوَ الْآلَةُ وَقِيلَ إِنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى الْفِعْلِ أَيْضًا فَلَا تَقْدِيرَ.

288 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ حَدَّثَنَا عَثَّامُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَيَسْتَاكُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (ثُمَّ يَنْصَرِفُ) أَيْ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ لَا بَعْدَ تَمَامِ الصَّلَاةِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ رِوَايَةُ أَبِي دَاوُدَ وَلَكِنَّ فِيهَا زِيَادَةً إِنَّهُ كَانَ يَنَامُ بَعْدَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ أَيْضًا.

289 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاتِكَةِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَسَوَّكُوا فَإِنَّ السِّوَاكَ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ مَا جَاءَنِي جِبْرِيلُ إِلَّا أَوْصَانِي بِالسِّوَاكِ حَتَّى لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيَّ وَعَلَى أُمَّتِي وَلَوْلَا أَنِّي أَخَافُ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَفَرَضْتُهُ لَهُمْ وَإِنِّي لَأَسْتَاكُ حَتَّى لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ أُحْفِيَ مَقَادِمَ فَمِي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا لُغَتَانِ وَالْكَسْرُ أَشْهَرُ وَهُوَ كُلُّ آلَةٍ يَتَطَهَّرُ بِهَا شَبَّهَ السِّوَاكَ بِهَا لِأَنَّهُ يُنَظِّفُ الْفَمَ وَالطَّهَارَةُ النَّظَافَةُ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ قُلْتُ لَا حَاجَةَ إِلَى اعْتِبَارِ التَّشْبِيهِ لِأَنَّ السِّوَاكَ بِكَسْرِ السِّينِ اسْمٌ لِلْعُودِ الَّذِي يُدَلَّكُ بِهِ الْأَسْنَانُ وَلَا شَكَّ فِي كَوْنِهِ آلَةً لِلْفَمِ بِمَعْنَى نَظَافَتِهِ قَوْلُهُ (مَرْضَاةٌ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَالْمُرَادُ آلَةٌ لِرِضَا اللَّهِ تَعَالَى بِاعْتِبَارِ أَنَّ اسْتِعْمَالَهُ سَبَبٌ لِذَلِكَ وَقِيلَ مَطْهَرَةٌ وَمَرْضَاةٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ كُلٌّ مِنْهُمَا مَصْدَرٌ بِمَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ أَيْ مُطَهِّرٌ لِلْفَمِ مُرْضٍ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ هُمَا بَاقِيَانِ عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ أَيْ سَبَبٌ لِلطَّهَارَةِ وَالرِّضَا وَجَازَ أَنْ يَكُونَ مَرْضَاةٌ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ أَيْ مَرْضِيٌّ لِلرَّبِّ انْتَهَى قُلْتُ وَالْمُنَاسِبُ بِهَذَا الْمَعْنَى أَنْ يُرَادَ بِالسِّوَاكِ اسْتِعْمَالُ الْعُودِ لَا نَفْسِ الْعُودِ أَمَّا عَلَى مَا قِيلَ إِنَّ اسْمَ السِّوَاكِ قَدْ يُسْتَعْمَلُ لِلْعُودِ أَيْضًا أَوْ عَلَى تَقْدِيرِ الْمُضَافِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَصْدَرَ إِذَا كَانَ بِمَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ يَكُونُ بِمَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ مِنْ

ذَلِكَ الْمَصْدَرِ لَا مِنْ غَيْرِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَاهُنَا مَطْهَرَةٌ وَمَرْضَاةٌ بِمَعْنَى طَاهِرٍ وَرَاضٍ لَا بِمَعْنَى مُطَهِّرٍ وَمُرْضٍ وَلَا مَعْنَى لِذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ ثُمَّ الْمَقْصُودُ مِنَ الْحَدِيثِ التَّرْغِيبُ فِي اسْتِعْمَالِ السِّوَاكِ وَهَذَا ظَاهِرٌ قَوْلُهُ (أَنَ أُحْفِيَ) مِنَ الْإِحْفَاءِ وَهُوَ الِاسْتِئْصَالُ وَمَقَادِمُ الْفَمِ هِيَ الْأَسْنَانُ الْمُتَقَدِّمَةُ أَيْ خَشِيتُ أَنَ أُذْهِبَهَا مِنْ أَصْلِهَا بِكَثْرَةِ السِّوَاكِ بِإِكْثَارِ جِبْرِيلَ فِي الْوَصِيَّةِ وَقِيلَ الْمُرَادُ اللِّثَاتُ جَمْعُ لِثَةٍ بِكَسْرِ اللَّامِ وَتَخْفِيفِهَا مَا حَوْلَ الْأَسْنَانِ مِنَ اللَّحْمِ وَهَذَا أَقْرَبُ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَأَصْلُ الْجُمْلَةِ الثَّالِثَةِ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرَوَى النَّسَائِيُّ فِي الصُّغْرَى الْجُمْلَةَ الْأُولَى مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَرُوِيَ مَعْنَى الْجُمْلَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ انْتَهَى.

290 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَ «قُلْتُ أَخْبِرِينِي بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْدَأُ إِذَا دَخَلَ عَلَيْكِ قَالَتْ كَانَ إِذَا دَخَلَ يَبْدَأُ بِالسِّوَاكِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يَبْدَأُ بِالسِّوَاكِ) لَا يَخْفَى أَنَّ دُخُولَ الْبَيْتِ لَا يَخْتَصُّ بِوَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ فَكَذَا السِّوَاكُ وَلَعَلَّهُ إِذَا انْقَطَعَ عَنِ النَّاسِ يَسْتَعِدُّ لِلْوَحْيِ وَقِيلَ كَانَ ذَلِكَ لِاشْتِغَالِهِ بِالصَّلَاةِ النَّافِلَةِ فِي الْبَيْتِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ.

291 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ كَنِيزٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ سَاجٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ إِنَّ أَفْوَاهَكُمْ طُرُقٌ لِلْقُرْآنِ فَطَيِّبُوهَا بِالسِّوَاكِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (طُرُقٌ لِلْقُرْآنِ) أَيْ يَجْرِي الْقُرْآنُ فِيهَا كَجَرْيِ النَّاسِ فِي الطُّرُقِ وَالْخِطَابُ لِلْمُسْلِمِينَ بِاعْتِبَارِ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُسْلِمُ عَلَيْهِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب الفطرة]

[بَاب الْفِطْرَةِ] 292 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفِطْرَةُ خَمْسٌ أَوْ خَمْسٌ مِنْ الْفِطْرَةِ الْخِتَانُ وَالِاسْتِحْدَادُ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ وَنَتْفُ الْإِبِطِ وَقَصُّ الشَّارِبِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (الْفِطْرَةُ خَمْسٌ) أَيْ خَمْسُ خِصَالٍ أَوْ خِصَالٌ خَمْسٌ وَالْفِطْرَةُ بِكَسْرِ الْفَاءِ بِمَعْنَى الْخِلْقَةِ وَالْمُرَادُ هَاهُنَا السُّنَّةُ الْقَدِيمَةُ الَّتِي اخْتَارَهَا اللَّهُ تَعَالَى لِلْأَنْبِيَاءِ فَكَأَنَّهَا أَمْرٌ جِبِلِّيٌّ فُطِرُوا عَلَيْهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْحَصْرَ فَقَدْ جَاءَ عَشَرَةٌ مِنَ الْفِطْرَةِ فَالْحَدِيثُ مِنْ أَوَّلِهِ أَنَّ مَفْهُومَ الْعَدَدِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ قَوْلُهُ (وَالِاسْتِحْدَادُ) أَيِ اسْتِعْمَالُ الْحَدِيدَةِ فِي

الْعَانَةِ.

293 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ عَنْ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرٌ مِنْ الْفِطْرَةِ قَصُّ الشَّارِبِ وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ وَالسِّوَاكُ وَالِاسْتِنْشَاقُ بِالْمَاءِ وَقَصُّ الْأَظْفَارِ وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ وَنَتْفُ الْإِبِطِ وَحَلْقُ الْعَانَةِ وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ يَعْنِي الِاسْتِنْجَاءَ» قَالَ زَكَرِيَّا قَالَ مُصْعَبٌ وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَضْمَضَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَشَرَةٌ مِنَ الْفِطْرَةِ) عَشَرَةٌ مُبْتَدَأٌ بِتَقْدِيرِ عَشَرَةِ خِصَالٍ أَوْ خِصَالٌ عَشَرَةٌ وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ خَبَرُهُ أَوْ صِفَتُهُ وَمَا بَعْدَهُ خَبَرُهُ قَوْلُهُ (قَصُّ الشَّارِبِ) أَيْ قَطْعُهُ وَالشَّارِبُ الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَى الشَّفَةِ وَالْقَصُّ هُوَ الْأَكْثَرُ فِي الْأَحَادِيثِ نَصَّ عَلَيْهِ الْحَافِظُ بْنُ حَجَرٍ وَهُوَ مُخْتَارُ مَالِكٍ وَجَاءَ فِي بَعْضِهَا الْإِحْفَاءُ وَهُوَ مُخْتَارُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَالْإِحْفَاءُ هُوَ الِاسْتِئْصَالُ وَاخْتَارَ النَّوَوِيُّ قَوْلَ مَالِكٍ وَقَالَ الْمُرَادُ بِالْإِحْفَاءِ إِزَالَةُ مَا طَالَ عَلَى الشَّفَتَيْنِ قُلْتُ هُوَ عَمَلُ غَالِبِ النَّاسِ الْيَوْمَ وَلَعَلَّ مَالِكًا حَمَلَ الْحَدِيثَ عَلَى ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ وَجَدَ عَمَلَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ رَحِمَهُ اللَّهُ كَانَ يَأْخُذُ فِي مِثْلِهِ بِعَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَالْمَرْجُوُّ أَنَّهُ الْمُخْتَارُ قَوْلُهُ (وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ) تَرْكُهَا وَأَنْ لَا تُقَصَّ كَالشَّارِبِ قِيلَ وَالْمَنْهِيُّ قَصُّهَا كَصَنِيعِ الْأَعَاجِمِ وَشِعَارُ كَثِيرٍ مِنَ الْكَفَرَةِ فَلَا يُنَافِيهِ مَا جَاءَ مِنْ أَخْذِهَا طُولًا وَعَرْضًا لِلْإِصْلَاحِ وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ تَنْظِيفُ الْمَوَاضِعِ الَّتِي تَجْمَعُ فِيهَا الْوَسَخَ وَأَصْلُ الْبَرَاجِمِ الْعُقَدُ الَّتِي تَكُونُ عَلَى ظُهُورِ الْأَصَابِعِ (وَنَتْفُ الْإِبْطِ) أَيْ أَخْذُ شَعْرِهِ بِالْأَصَابِعِ لِأَنَّهُ يُضْعِفُ الشَّعْرَ وَهَلْ يَكْفِي الْحَلْقُ وَالتَّنْوِيرُ فِي السُّنَّةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَخُصَّ الْإِبْطُ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ بِاحْتِبَاسِ الْأَبْخِرَةِ عِنْدَ الْمَسَامِّ وَالنَّتْفُ يُضْعِفُ أُصُولَ الشَّعْرِ وَالْحَلْقُ يُقَوِّيهَا وَقَدْ جُوِّزَ الْحَلْقُ لِمَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى النَّتْفِ (وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ) بِالْقَافِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ أَيِ انْتِقَاصُ الْبَوْلِ بِغَسْلِ الْمَذَاكِيرِ وَقِيلَ هُوَ بِالْفَاءِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ نَضْحُ الْمَاءِ عَلَى الذَّكَرِ وَهُوَ نَضْحُ الْفَرْجِ بِمَاءٍ قَلِيلٍ بَعْدَ الْوُضُوءِ لِنَفْيِ الْوَسْوَاسِ قَوْلُهُ (وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَضْمَضَةَ) أَيْ نَسِيتُ الْعَاشِرَةَ كُلَّ وَقْتٍ إِلَّا وَقْتَ كَوْنِهَا الْمَضْمَضَةَ أَوْ عَلَى تَقْدِيرِ الْأَعْلَى تَقْدِيرُ أَنْ تَكُونَ الْمَضْمَضَةَ يُرِيدُ أَنَّهُ يَظُنُّ أَنَّ الْعَاشِرَةَ هِيَ الْمَضْمَضَةُ فَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْمَضْمَضَةَ فِي الْوَاقِعِ فَهُوَ غَيْرُ نَاسٍ لِلْعَاشِرَةِ وَإِلَّا فَهُوَ نَاسٍ لَهَا فَهَذَا اسْتِثْنَاءٌ مُفَرَّغٌ مِنْ أَعَمِّ الْأَوْقَاتِ أَوِ التَّقْدِيرَاتِ كَمَا قَدَّرْنَا.

294 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مِنْ الْفِطْرَةِ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ وَالسِّوَاكُ وَقَصُّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ وَنَتْفُ الْإِبْطِ وَالِاسْتِحْدَادُ وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ وَالِانْتِضَاحُ وَالِاخْتِتَانُ» حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ مِثْلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَالِانْتِضَاحُ) أَيْ هُوَ نَضْحُ الْفَرْجِ بِشَيْءٍ مِنَ الْمَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ.

295 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ هِلَالٍ الصَّوَّافُ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «وُقِّتَ لَنَا فِي قَصِّ الشَّارِبِ وَحَلْقِ الْعَانَةِ وَنَتْفِ الْإِبِطِ وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ أَنْ لَا نَتْرُكَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَقَّتَ) مِنَ التَّوْقِيتِ وَهُوَ التَّحْدِيدُ أَيْ عَيَّنَ وَحَدَّدَ وَمُفَادُ الْحَدِيثِ أَنَّ أَرْبَعِينَ أَكْثَرُ الْمُدَّةِ وَقِيلَ الْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء]

[بَاب مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ] 296 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ «قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ هَذِهِ الْحُشُوشَ مُحْتَضَرَةٌ فَإِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ» حَدَّثَنَا جَمِيلُ بْنُ الْحَسَنِ الْعَتَكِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ ح وَحَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْحَقَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَوْفٍ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِنَّ هَذِهِ الْحُشُوشَ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُعْجَمَةِ جَمْعُهَا هِيَ الْكُنُفُ وَاحِدُهَا حُشٌّ مُثَلَّثُ الْحَاءِ وَأَصْلُهُ جَمَاعَةُ النَّخْلِ الْكَثِيفِ وَكَانُوا يَقْضُونَ حَوَائِجَهُمْ إِلَيْهَا قَبْلَ اتِّخَاذِ الْكُنْفِ فِي الْبُيُوتِ قَوْلُهُ (مُحْتَضَرَةٌ) بِفَتْحِ الضَّادِ أَيْ تَحْضُرُهَا الشَّيَاطِينُ (مِنَ الْخُبُثِ) بِضَمَّتَيْنِ جَمْعُ الْخَبِيثِ وَالْخَبَائِثُ جَمْعُ الْخَبِيثَةِ وَالْمُرَادُ ذُكُورُ الشَّيَاطِينِ وَإِنَاثُهُمْ وَقَدْ جَاءَتِ الرِّوَايَةُ بِإِسْكَانِ الْبَاءِ فِي الْخُبْثِ أَيْضًا إِمَّا عَلَى التَّخْفِيفِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ اسْمٌ بِمَعْنَى الشَّرِّ فَالْخَبَائِثُ صِفَةُ النُّفُوسِ فَيَشْمَلُ ذُكُورَ الشَّيَاطِينِ وَإِنَاثَهُمْ جَمِيعًا وَالْمُرَادُ التَّعَوُّذُ مِنَ الشَّرِّ وَأَصْحَابِهِ.

297 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ بَشِيرِ بْنِ سَلْمَانَ حَدَّثَنَا خَلَّادٌ الصَّفَّارُ عَنْ الْحَكَمِ النَّصَرِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتْرُ مَا بَيْنَ الْجِنِّ وَعَوْرَاتِ بَنِي آدَمَ إِذَا دَخَلَ الْكَنِيفَ أَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (سِتْرُ مَا بَيْنَ إِلَخْ) يُرِيدُ أَنَّ قَوْلَ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ وَكَذَا الْمَرْأَةُ الْمُسْلِمَةُ إِذَا دَخَلَا بِاسْمِ اللَّهِ أَيْ أَتَحَصَّنُ مِنَ الشَّيْطَانِ وَأَعُوذُ مِنْ وُصُولِهِ إِلَى عَوْرَتِي بِاسْمِ اللَّهِ يَكُونُ سِتْرًا لِمَا بَيْنَ الْجِنِّ وَعَوْرَاتِ بَنِي آدَمَ مِنَ الْمَوْضِعِ فَإِنْ كَانَ سِتْرًا لِذَلِكَ الْمَوْضِعِ يَكُونُ سِتْرًا لِلْعَوْرَاتِ بِالْأَوْلَى.

298 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ»

299 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَعْجِزْ أَحَدُكُمْ إِذَا دَخَلَ مِرْفَقَهُ أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الرِّجْسِ النَّجِسِ الْخَبِيثِ الْمُخْبِثِ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ» قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْقَطَّانُ وَحَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَلَمْ يَقُلْ فِي حَدِيثِهِ مِنْ الرِّجْسِ النَّجِسِ إِنَّمَا قَالَ مِنْ الْخَبِيثِ الْمُخْبِثِ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِذَا دَخَلَ مِرْفَقَهُ) بِالْكَسْرِ هُوَ الْكُنُفُ مِنَ الرِّجْسِ بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ هُوَ الْمُسْتَقْذَرُ الْمَكْرُوهُ النَّجَسُ بِفَتْحَتَيْنِ مَصْدَرٌ وَبِكَسْرِ الثَّانِي صِفَةٌ وَيَجُوزُ الْوَجْهَانِ هَاهُنَا أَمَّا الثَّانِي فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلِقَصْدِ الْمُبَالَغَةِ كَزَيْدٍ عَدْلٌ قَالَ تَعَالَى {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28]

وَهُوَ نَجَسٌ اعْتِقَادًا أَوْ عَمَلًا قَوْلُهُ (الْخَبِيثِ) فِي نَفْسِهِ الْمُخْبِثِ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَخْبَثَ اللَّازِمُ وَالْمُتَعَدِّي فِي الصِّحَاحِ أَخْبَثَهُ غَيْرُهُ عَلَّمَهُ الْخُبْثَ وَأَفْسَدَهُ وَأَخْبَثُ أَيْضًا أَيِ اتَّخَذَ أَصْحَابًا خُبْثًا فَهُوَ خَبِيثٌ مُخْبِثٌ وَفِي النِّهَايَةِ الْخَبِيثُ ذَوَا الْخُبْثِ فِي نَفْسِهِ وَالْمُخْبِثُ الَّذِي أَعْوَانُهُ خُبَثَاءُ كَمَا يُقَالُ لِلَّذِي فَرَسُهُ ضَعِيفٌ مُضْعِفٌ وَقِيلَ هُوَ الَّذِي يُعَلِّمُهُمُ الْخُبْثَ وَيُوقِعُهُمْ فِيهِ انْتَهَى وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ قَالَ ابْنُ حِبَّانَ إِذَا اجْتَمَعَ فِي إِسْنَادِ خَبَرٍ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زَحْرٍ وَعَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ وَالْقَاسِمُ فَذَاكَ مِمَّا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب ما يقول إذا خرج من الخلاء]

[بَاب مَا يَقُولُ إِذَا خَرَجَ مِنْ الْخَلَاءِ] 300 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ «دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَسَمِعْتُهَا تَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ مِنْ الْغَائِطِ قَالَ غُفْرَانَكَ» قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ سَلَمَةَ أَخْبَرَنَا أَبُو حَاتِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (غُفْرَانَكَ) أَيْ أَسْأَلُكَ غُفْرَانَكَ أَوِ اغْفِرْ غُفْرَانَكَ أَيِ الْغُفْرَانَ اللَّائِقَ بِجَنَابِكَ أَوِ النَّاشِيءَ مِنْ فَضْلِكَ بِلَا اسْتِحْقَاقٍ مِنِّي لَهُ فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِلْإِضَافَةِ إِذْ لَا يُتَصَوَّرُ غُفْرَانُ غَيْرِهِ هُنَاكَ قِيلَ وَجْهُ طَلَبِ الْغُفْرَانِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ أَنَّهُ اسْتِغْفَارٌ عَنِ الْحَالَةِ الَّتِي اقْتَضَتْ هِجْرَانَ ذِكْرِ اللَّهِ أَوْ أَنَّهُ وَجَدَ الْقُوَّةَ الْبَشَرِيَّةَ قَاصِرَةً عَنِ الْوَفَاءِ بِشُكْرِ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ مِنْ تَسْوِيغِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَمَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ النِّعَمِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالطَّعَامِ إِلَى أَوَانِ الْخُرُوجِ فَلَجَأَ إِلَى الِاسْتِغْفَارِ اعْتِرَافًا بِالْقُصُورِ عَنْ بُلُوغِ حَقِّ تِلْكَ النِّعَمِ.

301 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْحَقَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْمُحَارِبِيُّ عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ مِنْ الْخَلَاءِ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الْأَذَى وَعَافَانِي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ) فِي الزَّوَائِدِ هُوَ مُتَّفَقٌ عَلَى تَضْعِيفِهِ وَالْحَدِيثُ بِهَذَا اللَّفْظِ غَيْرُ ثَابِتٍ انْتَهَى قُلْتُ وَمِثْلُهُ قَدْ نُقِلَ عَنِ الْمُصَنِّفِ فِي بَعْضِ الْأُصُولِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب ذكر الله عز وجل على الخلاء والخاتم في الخلاء]

[بَاب ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الْخَلَاءِ وَالْخَاتَمِ فِي الْخَلَاءِ] 302 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ خَالِدِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْبَهِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَذْكُرُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (كَانَ يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ) وَالذِّكْرُ مَحْمُولٌ عَلَى الذِّكْرِ النَّفْسِيِّ فَإِنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْهُ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى اللِّسَانِيِّ وَيُخَصُّ عُمُومُ الْأَحْيَانِ بِالْعَقْلِ أَوِ الْعَادَةِ فَقَدْ قِيلَ لَا يَذْكُرُ اللَّهَ بِلِسَانِهِ عَلَى قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَلَا فِي الْمُجَامَعَةِ بَلْ فِي النَّفْسِ وَيُمْكِنُ إِرْجَاعُ ضَمِيرِ أَحْيَانِهِ إِلَى الذِّكْرِ أَيِ الْأَحْيَانُ الْمُنَاسِبَةُ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ.

303 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ وَضَعَ خَاتَمَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَضَعَ خَاتَمَهُ) لِأَنَّهُ مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب كراهية البول في المغتسل]

[بَاب كَرَاهِيَةِ الْبَوْلِ فِي الْمُغْتَسَلِ] 304 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي مُسْتَحَمِّهِ فَإِنَّ عَامَّةَ الْوَسْوَاسِ مِنْهُ» قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ بْن مَاجَةَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ الطَّنَافِسِيَّ يَقُولُ إِنَّمَا هَذَا فِي الْحَفِيرَةِ فَأَمَّا الْيَوْمَ فَلَا فَمُغْتَسَلَاتُهُمْ الْجِصُّ وَالصَّارُوجُ وَالْقِيرُ فَإِذَا بَالَ فَأَرْسَلَ عَلَيْهِ الْمَاءَ لَا بَأْسَ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فِي مُسْتَحَمِّهِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُغْتَسَلُ مَأْخُوذٌ مِنَ الْحَمِيمِ وَهُوَ الْمَاءُ الْحَارُّ الَّذِي يُغْتَسَلُ بِهِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ يُرِيدُ أَنَّ النَّهْيَ عَنْهُ مَا دَامَ مُرَادُهُ أَنْ يَغْتَسِلَ فِيهِ وَأَمَّا إِذَا تَرَكَ الِاغْتِسَالَ فِيهِ وَيُرِيدُ أَنْ لَا يَعُودَ إِلَى الِاغْتِسَالِ فَلَا نَهْيَ (وَالْوَسْوَاسُ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالصَّارُوجُ النُّورَةُ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في البول قائما]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْبَوْلِ قَائِمًا] 305 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ وَهُشَيْمٌ وَوَكِيعٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى سُبَاطَةَ قَوْمٍ فَبَالَ عَلَيْهَا قَائِمًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (سُبَاطَةَ قَوْمٍ) بِضَمِّ مُهْمَلَةٍ وَتَخْفِيفِ مُوَحَّدَةٍ

مَلْقَى التُّرَابِ وَنَحْوَهُ وَإِضَافَتُهَا إِلَى الْقَوْمِ إِضَافَةَ اخْتِصَاصٍ لَا مِلْكٍ وَكَانَتْ مُبَاحَةً أَوْ إِضَافَةَ مِلْكٍ وَكَانَ عَالِمًا بِرِضَاهُمْ وَكَانَتْ عَادَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْبَوْلَ قَاعِدًا وَلِذَلِكَ ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ فِي قَوْلِهِ قَائِمًا وُجُوهًا عَلَى الِاحْتِمَالِ كَمَرَضٍ يَمْنَعُ الْقُعُودَ وَيُرْجَى بُرْؤُهُ بِالْقِيَامِ أَوْ عَدَمِ وُجُودِ مَكَانٍ يَصْلُحُ لِلْقُعُودِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

306 - حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى سُبَاطَةَ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِمًا» قَالَ شُعْبَةُ قَالَ عَاصِمٌ يَوْمَئِذٍ وَهَذَا الْأَعْمَشُ يَرْوِيهِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ وَمَا حَفِظَهُ فَسَأَلْتُ عَنْهُ مَنْصُورًا فَحَدَّثَنِيهِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى سُبَاطَةَ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِمًا

[باب في البول قاعدا]

[بَاب فِي الْبَوْلِ قَاعِدًا] 307 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ وَإِسْمَعِيلُ بْنُ مُوسَى السُّدِّيُّ قَالُوا حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَالَ قَائِمًا فَلَا تُصَدِّقْهُ أَنَا رَأَيْتُهُ يَبُولُ قَاعِدًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (بَالَ قَائِمًا) أَيِ اعْتَادَ الْبَوْلَ قَائِمًا وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ التِّرْمِذِيِّ مَنْ حَدَّثَكُمْ أَنَّهُ كَانَ يَبُولُ قَائِمًا وَكَذَا التَّعْلِيلُ بِقَوْلِهِ أَنَا رَأَيْتُهُ يَبُولُ قَاعِدًا أَيْ يَعْتَادُ الْبَوْلَ قَاعِدًا فَلَا يُنَافِي هَذَا الْحَدِيثُ حَدِيثَ حُذَيْفَةَ وَذَلِكَ لِأَنَّ مَا وَقَعَ مِنْهُ قَائِمًا كَانَ نَادِرًا وَالْمُعْتَادُ خِلَافُهُ.

308 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ قَالَ «رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَبُولُ قَائِمًا فَقَالَ يَا عُمَرُ لَا تَبُلْ قَائِمًا فَمَا بُلْتُ قَائِمًا بَعْدُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا عَدِيُّ بْنُ الْفَضْلِ) فِي الزَّوَائِدِ اتَّفَقُوا عَلَى ضَعْفِهِ قَوْلُهُ (قَعَدَ يَبُولُ كَمَا تَبُولُ الْمَرْأَةَ) أَيْ فَشَبَّهُوا الْبَوْلَ قَاعِدًا بِبَوْلِ الْمَرْأَةِ فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ عَادَةَ الرِّجَالِ كَانَتْ تَبُولُ قِيَامًا.

309 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنَا عَدِيُّ بْنُ الْفَضْلِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبُولَ قَائِمًا» سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ يَزِيدَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيَّ يَقُولُ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَا رَأَيْتُهُ يَبُولُ قَاعِدًا قَالَ الرَّجُلُ أَعْلَمُ بِهَذَا مِنْهَا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَكَانَ مِنْ شَأْنِ الْعَرَبِ الْبَوْلُ قَائِمًا أَلَا تَرَاهُ فِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ حَسَنَةَ يَقُولُ قَعَدَ يَبُولُ كَمَا تَبُولُ الْمَرْأَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ) فِي الزَّوَائِدِ مُتَّفَقٌ عَلَى تَضْعِيفِهِ وَمَا جَاءَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ مَا بُلْتُ قَائِمًا مُنْذُ أَسْلَمْتُ أَصَحُّ مِنْ هَذَا

وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب كراهية مس الذكر باليمين والاستنجاء باليمين]

[بَاب كَرَاهِيَةِ مَسِّ الذَّكَرِ بِالْيَمِينِ وَالِاسْتِنْجَاءِ بِالْيَمِينِ] 310 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ حَبِيبِ بْنِ أَبِي الْعِشْرِينَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ أَخْبَرَنِي أَبِي «أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا بَالَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَمَسَّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ وَلَا يَسْتَنْجِ بِيَمِينِهِ» حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِذَا بَالَ أَحَدُكُمْ) لَا مَفْهُومَ لِهَذَا الْقَيْدِ بَلْ إِنَّمَا جَاءَ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إِلَى أَخْذِهِ تَكُونُ حِينَئِذٍ فَإِذَا كَانَ الْأَخْذُ بِالْيَمِينِ غَيْرَ لَائِقٍ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ فَعِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ بِالْأَوْلَى (فَلَا يَمَسَّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا.

311 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ دِينَارٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ صُهْبَانَ قَالَ سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَقُولُ «مَا تَغَنَّيْتُ وَلَا تَمَنَّيْتُ وَلَا مَسِسْتُ ذَكَرِي بِيَمِينِي مُنْذُ بَايَعْتُ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَا تَغَنَّيْتُ) مِنَ الْغِنَاءِ بِالْكَسْرِ وَالْمَدِّ وَهُوَ صَوْتُ مُطْرِبٍ مَعْرُوفٍ عِنْدَ أَهْلِ اللَّهْوِ وَاللَّعِبِ (وَلَا تَمَنَّيْتُ) أَيْ مَا كَذَبْتُ مِنَ التَّمَنِّي بِمَعْنَى التَّكْذِيبِ تَفَعُّلٌ مِنْ مَنَى إِذَا قَدَرَ لِأَنَّ الْكَاذِبَ يُقَدِّرُ الْحَدِيثَ فِي نَفْسِهِ ثُمَّ يَقُولُهُ (وَلَا مَسَسْتُ) بِكَسْرِ السِّينِ الْأُولَى أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا مُنْذُ بَايَعْتُ بِهَا تَعْظِيمًا لِلْإِسْلَامِ وَالْبَيْعَةُ وَالْحَدِيثُ مِنَ الزَّوَائِدِ إِلَّا أَنَّ صَاحِبَ الزَّوَائِدِ نَبَّهَ عَلَى حَالِ إِسْنَادِهِ.

312 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ الْمَكِّيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ «رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَطَابَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَسْتَطِبْ بِيَمِينِهِ لِيَسْتَنْجِ بِشِمَالِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِذَا اسْتَطَابَ) أَيْ إِذَا اسْتَنْجَى وَسُمِّيَ الِاسْتِنْجَاءُ اسْتِطَابَةً لِمَا فِيهِ مِنْ إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَتَطْيِيبِ مَوْضِعِهَا وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب الاستنجاء بالحجارة والنهي عن الروث والرمة]

[بَاب الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحِجَارَةِ وَالنَّهْيِ عَنْ الرَّوْثِ وَالرِّمَّةِ] 313 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ مِثْلُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ أُعَلِّمُكُمْ إِذَا أَتَيْتُمْ الْغَائِطَ فَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا وَأَمَرَ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ وَنَهَى عَنْ الرَّوْثِ وَالرِّمَّةِ وَنَهَى أَنْ يَسْتَطِيبَ الرَّجُلُ بِيَمِينِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ مِثْلُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ) كُلُّ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ وَلَا يُبَالِي بِمَا يَسْتَحْيِ بِذِكْرِهِ فَهَذَا تَمْهِيدٌ لِمَا تَبَيَّنَ لَهُمْ مِنَ آدَابِ الْخَلَاءِ إِذِ الْإِنْسَانُ كَثِيرًا مَا يَسْتَحْيِ مِنْ ذِكْرِهِ سِيَّمَا فِي مَجْلِسِ الطَّعَامِ قَوْلُهُ (إِذَا أَتَيْتُمُ الْغَائِطَ) هُوَ فِي الْأَصْلِ اسْمٌ لِلْمَكَانِ الْمُطْمَئِنِّ فِي الْفَضَاءِ ثُمَّ اشْتَهَرَ فِي نَفْسِ الْخَارِجِ مِنَ الْإِنْسَانِ

وَالْمُرَادُ هَاهُنَا هُوَ الْأَوَّلُ إِذْ لَا يَحْسُنُ اسْتِعْمَالُ الْإِتْيَانِ فِي الْمَعْنَى الثَّانِي وَأَيْضًا لَا يَحْسُنُ النَّهْيُ عَنِ الِاسْتِقْبَالِ وَالِاسْتِدْبَارِ إِلَّا قَبْلَ الْمُبَاشَرَةِ بِإِخْرَاجِ الْخَارِجِ وَذَلِكَ عِنْدَ حُضُورِ الْمَكَانِ لَا عِنْدَ الْمُبَاشَرَةِ بِإِخْرَاجِ ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ قَوْلُهُ (وَأَمَرَ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ) إِمَّا لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ الْإِنْقَاءُ وَالْإِزَالَةُ وَهُمَا يَحْصُلَانِ غَالِبًا بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ أَوِ الْإِنْقَاءُ فَقَطْ وَهُوَ يَحْصُلُ غَالِبًا بِهَا وَالنَّظَرُ فِي أَحَادِيثِ الْبَابِ يُفِيدُ أَنَّ الْمَطْلُوبَ هُوَ الْأَوَّلُ قَوْلُهُ (عَنِ الرَّوْثِ) رَجِيعُ ذَوَاتِ الْحَافِرِ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ وَغَيْرُهُ وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيُّ رَجِيعُ غَيْرِ بَنِي آدَمَ قُلْتُ وَالْأَشْبَهُ أَنْ يُرَادَ هَاهُنَا رَجِيعُ الْحَيَوَانِ مُطْلَقًا لِيَشْمَلَ رَجِيعَ الْإِنْسَانِ وَذُكِرَ بِإِطْلَاقِ اسْمِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ تَرَكَ ذِكْرَ رَجِيعِ الْإِنْسَانِ لِأَنَّهُ أَغْلَظُ فَشَمَلَهُ النَّهْيُ بِالْأَوْلَى (وَالرِّمَّةُ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ الْعَظْمُ الْبَالِي وَلَعَلَّ الْمُرَادَ هَاهُنَا مُطْلَقُ الْعَظْمِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالُ الْعَظْمُ الْبَالِي لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فَإِذَا مُنِعَ مِنْ تَلْوِيثِهِ فَغَيْرُهُ بِالْأَوْلَى.

314 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ زُهَيْرٍ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ قَالَ لَيْسَ أَبُو عُبَيْدَةَ ذَكَرَهُ وَلَكِنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَسْوَدِ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى الْخَلَاءَ فَقَالَ ائْتِنِي بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ فَأَتَيْتُهُ بِحَجَرَيْنِ وَرَوْثَةٍ فَأَخَذَ الْحَجَرَيْنِ وَأَلْقَى الرَّوْثَةَ وَقَالَ هِيَ رِجْسٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَيْسَ أَبُو عُبَيْدَةَ ذَكَرَهُ إِلَخْ) قَالَ الْحَافِظُ مَا حَاصِلُهُ إِنَّهُ رَوَى أَبُو إِسْحَاقَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِيَ عُبَيْدَةَ وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ جَمِيعًا لَكِنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَلَى الصَّحِيحِ فَتَكُونُ رِوَايَتُهُ مُنْقَطِعَةً فَمُرَادُ أَبِي إِسْحَاقَ بِقَوْلِهِ لَيْسَ أَبُو عُبَيْدَةَ ذَكَرَهُ أَيْ لَسْتُ أَرْوِيهِ الْآنَ عَنْهُ وَإِنَّمَا أَرْوِيهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَوْلُهُ (وَقَالَ هِيَ رِكْسٌ) بِكَسْرِ رَاءٍ وَسُكُونِ كَافٍ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ رِجْسٌ وَالْمُرَادُ أَنَّهَا نَجَسٌ مِنْ ذَوَاتِ النَّجَاسَةِ قِيلَ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ اكْتَفَى بِحَجَرَيْنِ فَلَعَلَّهُ زَادَ عَلَيْهِ ثَالِثًا لَا يُقَالُ لَمْ تَكُنِ الْأَحْجَارُ حَاضِرَةً عِنْدَهُ حَتَّى يَزِيدَ وَإِلَّا لَمْ يَطْلُبْ مِنْ غَيْرِهِ وَلَمْ يَطْلُبْ مِنَ ابْنِ مَسْعُودٍ إِحْضَارَ ثَالِثٍ أَيْضًا فَيَدُلُّ هَذَا عَلَى اكْتِفَائِهِ بِهِمَا لِأَنَّا نَقُولُ قَدْ طَلَبَ مِنَ ابْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ رَمْيِ الرَّوْثَةِ لِأَنَّ الرَّمْيَ يَكْفِي فِي طَلَبِ الثَّالِثِ وَلَا حَاجَةَ إِلَى طَلَبٍ جَدِيدٍ عَلَى أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ اكْتَفَى بِاثْنَيْنِ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ أَثَبَاتٌ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ اكْتَفَى بِاثْنَيْنِ ضَرُورَةٌ لَا يَلْزَمُ

الرُّخْصَةُ بِلَا ضَرُورَةٍ وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ التَّثْلِيثُ سُنَّةً بَلِ التَّرْكُ بِلَا ضَرُورَةٍ أَحْيَانًا لَا يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ.

315 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ جَمِيعًا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِي خُزَيْمَةَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الِاسْتِنْجَاءِ ثَلَاثَةُ أَحْجَارٍ لَيْسَ فِيهَا رَجِيعٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فِي الِاسْتِنْجَاءِ ثَلَاثَةُ أَحْجَارٍ) أَيْ يَنْبَغِي فِي الِاسْتِنْجَاءِ اسْتِعْمَالُ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْإِيتَارَ مَطْلُوبٌ فِي الشَّرْعِ وَأَقَلُّهُ الثَّلَاثُ وَقَدْ جَاءَ مَا هُوَ أَصْرَحُ مِنْهُ قَوْلُهُ (لَيْسَ فِيهَا رَجِيعٌ) وَهُوَ الْخَارِجُ مِنَ الْإِنْسَانْ أَوِ الْحَيَوَانِ يَشْمَلُ الرَّوْثَ وَالْعَذِرَةَ سُمِّيَ رَجِيعًا لِأَنَّهُ رَجَعَ عَنْ حَالَتِهِ الْأُولَى فَصَارَ مَا صَارَ بَعْدَ أَنْ كَانَ عَلَفًا أَوْ طَعَامًا وَالْجُمْلَةُ صِفَةٌ مُؤَكِّدَةٌ لِلْأَحْجَارِ مُزِيلَةٌ لِتَوَهُّمِ الْمَجَازِ فِيهَا ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

316 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ الْأَعْمَشِ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ وَالْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ «قَالَ لَهُ بَعْضُ الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ يَسْتَهْزِئُونَ بِهِ إِنِّي أَرَى صَاحِبَكُمْ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الْخِرَاءَةِ قَالَ أَجَلْ أَمَرَنَا أَنْ لَا نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ وَلَا نَسْتَنْجِيَ بِأَيْمَانِنَا وَلَا نَكْتَفِيَ بِدُونِ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ لَيْسَ فِيهَا رَجِيعٌ وَلَا عَظْمٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (حَتَّى الْخِرَاءَةَ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ كَالْقِرْبَةِ أَوْ بِفَتْحِهَا كَالْكَرْهَةِ وَأَنْكَرَ بَعْضُهُمُ الْفَتْحَ لَكِنَّ كَلَامَ الصِّحَاحِ يُفِيدُ صِحَّةَ الْفَتْحِ وَهُوَ الْقُعُودُ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَقِيلَ هُوَ فِعْلُهُ الْحَاجَةَ وَقِيلَ الْمُرَادُ هَيْئَةُ الْقُعُودِ لِلْحَدَثِ وَقَالَ الطِّيبِيُّ الْمُرَادُ آدَابُ التَّخَلِّي قِيلَ وَلَعَلَّهُ بِالْفَتْحِ مَصْدَرٌ وَبِالْكَسْرِ اسْمٌ. قُلْتُ كَوْنُ الْمُرَادِ هَيْئَةَ الْقُعُودِ يَقْتَضِي أَنْ يُجْعَلَ كَجِلْسَةٍ بِالْكَسْرِ كَهَيْئَةِ الْجُلُوسِ فَلْيُتَأَمَّلْ قَوْلُهُ (أَجَلْ) بِسُكُونِ اللَّامِ أَيْ نَعَمْ قَالَ الطِّيبِيُّ جَوَابُ سَلْمَانَ مِنْ بَابِ أُسْلُوبِ الْحَكِيمِ لِأَنَّ الْمُشْرِكَ لَمَّا اسْتَهْزَأَ كَانَ مِنْ صِفَتِهِ أَنْ يُهَدِّدَ أَوْ يَسْكُتَ عَنْ جَوَابِهِ لَكِنْ مَا الْتَفَتَ سَلْمَانُ إِلَى اسْتِهْزَائِهِ وَأَخْرَجَ الْجَوَابَ مَخْرَجَ الْمُرْشِدِ الَّذِي يُرْشِدُ السَّائِلَ الْمُجِدَّ يَعْنِي لَيْسَ هَذَا مَكَانَ الِاسْتِهْزَاءِ بَلْ هُوَ جِدٌّ وَحَقٌّ فَالْوَاجِبُ عَلَيْكَ تَرْكُ الْعِنَادِ وَالرُّجُوعُ إِلَيْهِ قُلْتُ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ رَدٌّ لَهُ بِأَنَّ مَا زَعَمَهُ سَبَبًا لِلِاسْتِهْزَاءِ لَيْسَ بِسَبَبٍ يُصَرِّحُ الْمُسْلِمُونَ بِهِ عِنْدَ الْأَعْدَاءِ وَأَيْضًا هُوَ أَمْرٌ يُحْسِنُهُ الْعَقْلُ عِنْدَ مَعْرِفَةِ تَفْصِيلِهِ فَلَا عِبْرَةَ لِلِاسْتِهْزَاءِ بِهِ بِسَبَبِ الْإِضَافَةِ إِلَى أَمْرٍ يُسْتَقْبَحُ ذِكْرُهُ فِي الْإِجْمَالِ وَالْجَوَابُ بِالرَّدِّ لَا يُسَمَّى بِاسْمِ أُسْلُوبِ الْحَكِيمِ قَوْلُهُ بِدُونِ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ أَيْ بِأَقَلَّ مِنْهَا أَيْ أَنَّهُ لَا يُفِيدُ الِانْتِقَاءَ الْمَطْلُوبَ عَادَةً أَوْ لِأَنَّ هَذَا الْعَدَدَ هُوَ الْمَطْلُوبُ عَلَى اخْتِلَافِ الْمَذَاهِبِ وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْحَدِيثَ دَلِيلٌ لِلْقَوْلِ الثَّانِي.

[باب النهي عن استقبال القبلة بالغائط والبول]

[بَاب النَّهْيِ عَنْ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ بِالْغَائِطِ وَالْبَوْلِ] 317 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ الْمِصْرِيُّ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ الزُّبَيْدِيَّ يَقُولُ «أَنَا أَوَّلُ مَنْ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ حَدَّثَ النَّاسَ بِذَلِكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يَقُولُ لَا يَبُولَنَّ إِلَخْ) أَيْ فَإِذَا لَمْ يَجُزِ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ عِنْدَ الْبَوْلِ فَعِنْدَ الْغَائِطِ بِالْأَوْلَى فَالْحَدِيثُ يُوَافِقُ التَّرْجَمَةَ بِجُزْأَيْهَا وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَحَكَمَ بِصِحَّتِهِ جَمَاعَةٌ وَأَصْلُ الْحَدِيثِ فِي الصَّحِيحَيْنِ.

318 - حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ يَقُولُ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الَّذِي يَذْهَبُ إِلَى الْغَائِطِ الْقِبْلَةَ وَقَالَ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَقَالَ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا) أَيْ وَقَالَ لِمَنْ أَتَى الْغَائِطَ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَكِنْ شَرِّقُوا وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ نَهَى بِالْمَعْنَى أَيْ قِيلَ لَهُمْ إِذَا أَتَيْتُمُ الْغَائِطَ فَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا أَيِ اسْتَقْبِلُوا جِهَةَ الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ وَهَذَا خِطَابٌ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ قِبْلَتُهُ فِي تِلْكَ الْجِهَةِ وَالْمَقْصُودُ الْإِرْشَادُ إِلَى جِهَةٍ أُخْرَى لَا يَكُونُ فِيهَا اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَلَا اسْتِدْبَارُهَا وَهَذَا مُخْتَلِفٌ بِحَسَبِ الْبِلَادِ فَلِكُلٍّ أَنْ يَأْخُذُوا هَذَا الْحَدِيثَ بِالنَّظَرِ إِلَى الْمَقْصُودِ لَا بِالنَّظَرِ إِلَى الْمَفْهُومِ.

319 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ يَحْيَى الْمَازِنِيُّ عَنْ أَبِي زَيْدٍ مَوْلَى الثَّعْلَبِيِّينَ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ أَبِي مَعْقِلٍ الْأَسَدِيِّ وَقَدْ صَحِبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَتَيْنِ بِغَائِطٍ أَوْ بِبَوْلٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (الْأَسَدِيِّ) بِفَتْحَتَيْنِ أَوْ بِسُكُونِ الثَّانِي قَوْلُهُ (أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَتَيْنِ) قِيلَ أَبُو زَيْدٍ مَجْهُولُ الْحَالِ فَالْحَدِيثُ ضَعِيفٌ بِهِ وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَالْمُرَادُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ اسْتِقْبَالُهُمْ بَيْتَ الْمَقْدِسِ يَسْتَلْزِمُ اسْتِدْبَارَهُمُ الْكَعْبَةَ وَقِيلَ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ بِبَقَاءِ نَوْعِ احْتِرَامِ الْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ لِأَنَّهُ كَانَ قِبْلَةً لِلْمُسْلِمِينَ مُدَّةً وَقِيلَ لَعَلَّهُ نَهَى عَنِ اسْتِقْبَالِهِ حِينَ كَانَ قِبْلَةً ثُمَّ عَنِ اسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ حِينَ صَارَتْ قِبْلَةً فَجَمَعَهُمَا الرَّاوِي ظَنًّا بِبَقَاءِ النَّهْيِ.

320 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ «أَنَّهُ شَهِدَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ أَوْ بِبَوْلٍ» 321 - قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ سَلَمَةَ وَحَدَّثَنَاهُ عُمَيْرُ بْنُ مِرْدَاسٍ الدَّوْنَقِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَبُو يَحْيَى الْبَصْرِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَانِي أَنْ أَشْرَبَ قَائِمًا وَأَنْ أَبُولَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ)

هَذَا الْحَدِيثَ وَالْحَدِيثُ الْآتِي مِنَ الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ قَوْلُهُ (نَهَانِي أَنْ أَشْرَبَ قَائِمًا) قَدْ جَاءَ الشُّرْبُ قَائِمًا فَالنَّهْيُ لِلتَّنْزِيهِ وَمَا جَاءَ فَلِبَيَانِ الْجَوَازِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب الرخصة في ذلك في الكنيف وإباحته دون الصحاري]

[بَاب الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ فِي الْكَنِيفِ وَإِبَاحَتِهِ دُونَ الصَّحَارِي] 322 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ حَبِيبٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَمَّهُ وَاسِعَ بْنَ حَبَّانَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ «يَقُولُ أُنَاسٌ إِذَا قَعَدْتَ لِلْغَائِطِ فَلَا تَسْتَقْبِلْ الْقِبْلَةَ وَلَقَدْ ظَهَرْتُ ذَاتَ يَوْمٍ مِنْ الْأَيَّامِ عَلَى ظَهْرِ بَيْتِنَا فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدًا عَلَى لَبِنَتَيْنِ مُسْتَقْبِلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ هَذَا حَدِيثُ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (ابْنَ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ قَوْلُهُ (يَقُولُ أُنَاسٌ) أَيْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ فِي الْبُنْيَانِ وَفِي الصَّحْرَاءِ مَعَ خُصُوصِهِ فِي الصَّحْرَاءِ فَلَا تَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ أَيْ وَلَا تَسْتَدْبِرُهَا وَفِي الْحَدِيثِ اخْتِصَارٌ وَإِلَّا فَالِاسْتِدْبَارُ هُوَ مَحَلُّ الْكَلَامِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَصَالَةً وَلَقَدْ ظَهَرَتْ أَيْ طَلَعَتْ عَلَى ظَهْرِ بَيْتِنَا جَاءَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ عَلَى ظَهْرِ بَيْتِ حَفْصَةَ فَالْإِضَافَةُ مَجَازِيَّةٌ بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا أُخْتُهُ بَلِ الْإِضَافَةُ إِلَى حَفْصَةَ كَذَلِكَ بِتَعَلُّقِ السُّكْنَى وَإِلَّا فَالْبَيْتُ كَانَ مِلْكًا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلُهُ (قَاعِدًا) أَيْ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ عَلَى لَبِنْتَيْنِ تَثْنِيَةُ لَبِنَةٍ بِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَتُسَكَّنُ مَعَ فَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِهَا وَاحِدَةُ الطُّوبِ قَوْلُهُ (مُسْتَقْبِلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ) أَيْ وَالْمُسْتَقْبِلُ لَهُ يَكُونُ مُسْتَدْبِرًا لِلْقِبْلَةِ فَيَدُلُّ عَلَى الرُّخْصَةِ فِي الْبُيُوتِ وَخُصُوصُ النَّهْيِ بِالصَّحْرَاءِ قُلْتُ وَيُؤَيِّدُ الْقَوْلَ بِالْخُصُوصِ تَقْيِيدُ حَدِيثِ النَّهْيِ بِإِتْيَانِ الْغَائِطِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْمَكَانُ الْمُنْخَفِضُ فِي الْفَضَاءِ كَمَا قَرَّرْنَا وَبِهِ يَظْهَرُ التَّوْفِيقُ بَيْنَ أَحَادِيثِ الْبَابِ.

323 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ عِيسَى الْحَنَّاطِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَنِيفِهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ» قَالَ عِيسَى فَقُلْتُ ذَلِكَ لِلشَّعْبِيِّ فَقَالَ صَدَقَ ابْنُ عُمَرَ وَصَدَقَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَمَّا قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ فِي الصَّحْرَاءِ لَا يَسْتَقْبِلْ الْقِبْلَةَ وَلَا يَسْتَدْبِرْهَا وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ فَإِنَّ الْكَنِيفَ لَيْسَ فِيهِ قِبْلَةٌ اسْتَقْبِلْ فِيهِ حَيْثُ شِئْتَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ سَلَمَةَ وَحَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى فَذَكَرَ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَيْسَ فِيهِ قِبْلَةٌ) إِذْ لَا يُصَلَّى

فِيهِ فَلَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ فَيَجُوزُ فِيهِ الِاسْتِقْبَالُ حَيْثُ شَاءَ وَهَذَا وَجْهٌ آخَرُ لِلتَّخْصِيصِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ خُصُوصِ الْغَائِطِ بِالْفَضَاءِ وَفِي الزَّوَائِدِ عِيسَى الْحَنَّاطُ ضَعِيفٌ.

324 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «ذُكِرَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْمٌ يَكْرَهُونَ أَنْ يَسْتَقْبِلُوا بِفُرُوجِهِمْ الْقِبْلَةَ فَقَالَ أُرَاهُمْ قَدْ فَعَلُوهَا اسْتَقْبِلُوا بِمَقْعَدَتِي الْقِبْلَةَ» قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ مِثْلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (قَوْمٌ يَكْرَهُونْ إِلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُمْ حَمَلُوا النَّهْيَ الْوَارِدَ فِي الِاسْتِقْبَالِ عَلَى الْعُمُومِ فَكَرِهُوا ذَلِكَ مُطْلَقًا وَكَانَ النَّهْيُ مِنْ أَصْلِهِ مَخْصُوصًا بِالصَّحْرَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فِي الْبُيُوتِ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ مَا وَرَدَ النَّهْيُ أَوَّلًا عَامًا ثُمَّ نُسِخَ عُمُومُهُ إِذْ لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَمَا أَنْكَرَ عَلَيْهِمُ الْعُمُومَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمْ رَأَوْا بَقَاءَهُ لِعَدَمِ بُلُوغِ النَّسْخِ وَلَا إِنْكَارَ عَلَى مَنْ يَرَى بَقَاءَ الْعُمُومِ قَبْلَ بُلُوغِ النَّسْخِ بَلْ ذَلِكَ هُوَ الْوَاجِبُ فَكَيْفَ يُنْكَرُ عَلَى صَاحِبِهِ بَلِ الْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْعُمُومَ مِنْ مُحْدَثَاتِهِمْ قَوْلُهُ (اسْتَقْبِلُوا إِلَخْ) أَيْ حَوِّلُوا مَوْضِعَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ إِلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ حَتَّى يَزُولَ عَنْ قُلُوبِهِمْ إِنْكَارُ الِاسْتِقْبَالِ فِي الْبُيُوتِ فَيَرْسَخُ فِي قُلُوبِهِمْ جَوَازُهُ فِيهَا وَيَفْهَمُوا أَنَّ النَّهْيَ مَخْصُوصٌ بِالصَّحْرَاءِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ مَعْرُوفُونَ وَأَخْطَأَ مَنْ قَالَ خِلَافَ ذَلِكَ وَقَدْ عَلَّلَ الْبُخَارِيٌّ الْخَبَرَ بِمَا لَيْسَ بِقَادِحٍ فِيهِ فَقَالَ وَجَاءَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تُنْكِرُ قَوْلَهُمْ لَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ وَهَذَا أَصَحُّ فَإِنَّ ثُبُوتَ مَا قَالَ لَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ هَذَا فَبَعْدَ صِحَّةِ الْإِسْنَادِ يَجِبُ الْقَوْلُ بِصِحَّتِهَا.

325 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَقَ عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ بِبَوْلٍ فَرَأَيْتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ بِعَامٍ يَسْتَقْبِلُهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَرَأَيْتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ كَانَ مَخْصُوصًا لَا أَنَّ الثَّانِيَ جَاءَ نَاسِخًا لِعُمُومِ الْأَوَّلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ لِعَدَمِ مُوَافَقَتِهِ لِلْأَحَادِيثِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَحَدِيثُ جَابِرٍ هَذَا قَدْ حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ يُبْطِلُ قَوْلَ الْمَانِعِينَ عَنِ الِاسْتِقْبَالِ مُطْلَقًا أَنَّ مَا جَاءَ مَنَ الِاسْتِقْبَالِ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ النَّهْيِ أَوْ بَعْدَهُ لَكِنَّهُ مَخْصُوصٌ بِهِ وَالنَّهْيُ لِغَيْرِهِ أَوْ كَانَ لِلضَّرُورَةِ وَالنَّهْيُ عِنْدَ عَدَمِهَا إِذِ الْفِعْلُ لَا عُمُومَ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب الاستبراء بعد البول]

[بَاب الِاسْتِبْرَاءِ بَعْدَ الْبَوْلِ] 326 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا زَمْعَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عِيسَى بْنِ يَزْدَادَ الْيَمَانِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا بَالَ أَحَدُكُمْ فَلْيَنْتُرْ ذَكَرَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ» قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زَمْعَةُ فَذَكَرَ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَلْيَنْتُرْ ذَكَرَهُ إِلَخْ) هُوَ مِنَ النَّتْرِ بِنُونٍ ثُمَّ تَاءٍ مُثَنَّاةٍ مِنْ فَوْقُ ثُمَّ رَاءٍ مُهْمَلَةٍ فِي الصِّحَاحِ النَّتْرُ وَفِي الْحَدِيثِ فَلْيَنْتُرْ ذَكَرَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يَعْنِي بَعْدَ الْبَوْلِ وَفِي الْقَامُوسِ اسْتَنْتَرَ مِنْ بَوْلِهِ جَذَبَهُ وَاسْتَخْرَجَ بَقِيَّتَهُ مِنَ الذَّكَرِ عِنْدَ الِاسْتِنْجَاءِ حَرِيصًا عَلَيْهِ مُهْتَمًّا بِهِ انْتَهَى وَالْفِعْلُ مِنْ بَابِ نَصَرَ وَفِي الزَّوَائِدِ يَزْدَادُ يُقَالُ لَهُ ازْدَادَ لَا يَصِحُّ لَهُ صُحْبَةٌ وَزَمْعَةُ ضَعِيفٌ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب من بال ولم يمس ماء]

[بَاب مَنْ بَالَ وَلَمْ يَمَسَّ مَاءً] 327 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى التَّوْأَمِ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «انْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبُولُ فَاتَّبَعَهُ عُمَرُ بِمَاءٍ فَقَالَ مَا هَذَا يَا عُمَرُ قَالَ مَاءٌ قَالَ مَا أُمِرْتُ كُلَّمَا بُلْتُ أَنْ أَتَوَضَّأَ وَلَوْ فَعَلْتُ لَكَانَتْ سُنَّةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَا أُمِرْتُ كُلَّمَا بُلْتُ أَنْ أَتَوَضَّأَ) يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْوُضُوءُ اللُّغَوِيُّ أَيْ مَا أُمِرْتُ أَنْ أَغْسِلَ مَحَلَّ الْبَوْلِ بَلْ جُوِّزَ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالْأَحْجَارِ أَيْضًا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْكَلَامِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ الْوُضُوءُ الْمُتَعَارَفُ وَظَهَرَ لَهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَنَّ مُرَادَ عُمَرَ ذَلِكَ الْوُضُوءُ دُونَ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ فَرَدَّ عَلَيْهِ بِذَلِكَ قُلْتُ بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ فَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ «فَقَامَ عُمَرُ خَلْفَهُ بِكُوزٍ مِنْ مَاءٍ فَقَالَ لَهُ مَا هَذَا يَا عُمَرُ فَقَالَ مَاءٌ تَوَضَّأُ بِهِ فَقَالَ مَا أُمِرْتُ» إِلَخْ (وَلَوْ فَعَلْتُ لَكَانَتْ سُنَّةً) قِيلَ مَعْنَاهُ لَوْ وَاظَبْتُ عَلَى الْوُضُوءِ بَعْدَ الْحَدَثِ لَكَانَ طَرِيقَةً وَاجِبَةً قُلْتُ فَتَأْنِيثُ ضَمِيرِ كَانَتْ لِتَأْنِيثِ الْخَبَرِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِالسُّنَّةِ هُوَ الْمَنْدُوبُ الْمُؤَكَّدُ كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ عَلَى أَلْسِنَةِ الْفُقَهَاءِ إِذِ الْوُجُوبُ بِمُجَرَّدِ الْمُوَاظَبَةِ فِي مَحَلِّ النَّظَرِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب النهي عن الخلاء على قارعة الطريق]

[بَاب النَّهْيِ عَنْ الْخَلَاءِ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ] 328 - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْحِمْيَرِيَّ حَدَّثَهُ قَالَ «كَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ يَتَحَدَّثُ بِمَا لَمْ يَسْمَعْ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَسْكُتُ عَمَّا سَمِعُوا فَبَلَغَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو مَا يَتَحَدَّثُ بِهِ فَقَالَ وَاللَّهِ مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ هَذَا وَأَوْشَكَ مُعَاذٌ أَنْ يَفْتِنَكُمْ فِي الْخَلَاءِ فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاذًا فَلَقِيَهُ فَقَالَ مُعَاذٌ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو إِنَّ التَّكْذِيبَ بِحَدِيثٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِفَاقٌ وَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى مَنْ قَالَهُ لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اتَّقُوا الْمَلَاعِنَ الثَّلَاثَ الْبَرَازَ فِي الْمَوَارِدِ وَالظِّلِّ وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يَتَحَدَّثُ بِمَا لَمْ يَسْمَعْ) تَكْثِيرًا لِلْفَائِدَةِ وَكَانَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى تَبِعَ مُعَاذًا فِي ذَلِكَ حَيْثُ أَخْرَجَ مِنَ الْمُتُونِ فِي

كَثِيرٍ مِنَ الْأَبْوَابِ مَا لَيْسَ فِي الْكُتُبِ الْخَمْسَةِ الْمَشْهُورَةِ وَإِنْ كَانَتْ ضَعِيفَةً وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ أَخْرَجَهَا أَصْحَابُ تِلْكَ الْكُتُبِ فِي كُتُبِهِمْ قَوْلُهُ (فَبَلَغَ إِلَخْ) وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَهَذَا مَفْعُولُ بَلَغَ وَفَاعِلُهُ قَوْلُهُ مَا يَتَحَدَّثُ بِهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْغَيْرِ الْمَشْهُورَةِ قَوْلُهُ (مَا سَمِعْتُ إِلَخْ) أَيْ مَعَ كَثْرَةِ سَمَاعِي وَهُوَ مَعْلُومٌ بِكَثْرَةِ السَّمَاعِ حَتَّى كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَعُدُّهُ عَدِيلًا لَهُ وَكَأَنَّهُ مَا أَرَادَ بِهِ تَكْذِيبَ مُعَاذٍ وَأَنَّهُ تَعَمَّدَ الْكَذِبَ فَإِنَّ مِثْلَ هَذَا الظَّنِّ بِمُعَاذٍ مِمَّا يُسْتَعَاذُ مِنْهُ لَكِنْ أَرَادَ أَنَّهُ يُورِثُ الشَّكَّ وَاحْتِمَالَ السَّهْوِ وَالْخَطَأِ فِي رِوَايَتِهِ وَالْإِنْسَانُ لَا يَخْلُو عَنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ (أَنْ يَفْتِنَكُمْ) مِنْ فَتَنَهُ أَيْ يُوقِعَ فِي الْحَرَجِ وَالتَّعَبِ (فِي الْخَلَاءِ) بِالْمَدِّ بِمَعْنَى التَّغَوُّطِ أَيْ فِي شَأْنِهِ وَيُطْلَقُ الْخَلَاءُ عَلَى مَكَانِ التَّغَوُّطِ وَيُمْكِنُ إِرَادَتُهُ هَاهُنَا لَكِنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي التَّرْجَمَةِ يُشِيرُ إِلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ (نِفَاقٌ) أَيْ مِنْ شَأْنِ الْمُنَافِقِينَ وَعَادَتِهِمْ إِذِ الْمُسْلِمُ مِنَ الْقَلْبِ لَا يَتَوَقَّعُ مِنْهُ إِلَّا التَّسْلِيمَ وَإِنَّمَا قَالَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَظْهَرَ صُورَةَ التَّكْذِيبِ وَإِنْ كَانَ مَا أَرَادَ ذَلِكَ فِيمَا يُظَنُّ بِهِ قَوْلُهُ (وَإِنَّمَا إِثْمُهُ) أَيْ إِنْ كَانَ كَذِبًا عَلَى مَنْ قَالَهُ لَا عَلَى مَنْ بَلَّغَهُ وَاللَّازِمُ عَلَيْهِ التَّسْلِيمُ إِذَا جَاءَهُ عَلَى وَجْهِهِ كَمَا كَانَ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ ضَرُورَةٌ أَنَّ مُعَاذًا ثِقَةٌ أَيُّ ثِقَةٍ قَوْلُهُ (اتَّقُوا الْمَلَاعِنَ) جَمْعُ مَلْعَنَةٍ وَهِيَ الْفَعْلَةُ الَّتِي يُلْعَنُ بِهَا فَاعِلُهَا كَأَنَّهَا مَظِنَّةُ اللَّعْنِ وَمَحَلٌّ لَهُ قَوْلُهُ (الْبِرَازَ) فِي النِّهَايَةِ بِالْفَتْحِ اسْمٌ لِلْفَضَاءِ الْوَاسِعِ فَكَنَّوْا بِهِ عَنْ قَضَاءِ الْحَاجَةِ كَمَا كَنَّوْا عَنْهُ بِالْخَلَاءِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَتَبَرَّزُونَ فِي الْأَمْكِنَةِ الْخَالِيَةِ مِنَ النَّاسِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْمُحَدِّثُونَ يَرْوُونَهُ بِالْكَسْرِ وَهُوَ خَطَأٌ لِأَنَّهُ بِالْكَسْرِ مَصْدَرٌ مِنَ الْمُبَارَزَةِ فِي الْحَرْبِ انْتَهَى لَكِنْ صَرَّحَ فِي الْقَامُوسِ بِأَنَّهُ بِالْكَسْرِ بِمَعْنَى الْغَائِطِ كَالْجَوْهَرِيِّ فَالْكَسْرُ هُوَ الْوَجْهُ رِوَايَةً وَدِرَايَةً هَذَا غَايَةُ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُمْ وَالْوَجْهُ أَنَّ الْمَقْصُودَ هَاهُنَا التَّغَوُّطُ الَّذِي هُوَ مَعْنًى مَصْدَرِيٌّ لَا الْغَائِطُ الَّذِي هُوَ نَفْسُ الْخَارِجِ فَلَعَلَّ الْخَطَّابِيَّ أَنْكَرَ الْكَسْرَ بِالنَّظَرِ إِلَى الْمَعْنَى الْمُرَادِ فَلْيُتَأَمَّلْ قَوْلُهُ (فِي الْمَوَارِدِ) أَيْ طُرُقِ الْمَاءِ جَمْعُ مَوْرِدٍ مِنْ وَرَدَ الْمَاءَ حَضَرَهُ قَوْلُهُ (وَالظِّلِّ) الْمُرَادُ بِهِ

مَا اتَّخَذَهُ النَّاسُ ظِلًّا لَهُمْ وَمَقِيلًا أَوْ مُنَاخًا وَإِلَّا فَقَدْ جَاءَ التَّغَوُّطُ فِي الظِّلِّ فِي الْأَحَادِيثِ ذَكَرَهُ الْخَطَّابِيُّ قَوْلُهُ (وَقَارِعَةُ الطَّرِيقِ) قِيلَ أَعْلَاهُ وَقِيلَ وَسَطُهُ وَهِيَ مِنْ طَرِيقٍ ذَاتِ قَرْعٍ أَيْ مَقْرُوعَةٍ بِالْقَدَمِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ أَبُو سَعِيدٍ الْحِمْيَرِيُّ هُوَ مَجْهُولُ الْحَالِ وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا رِوَايَتُهُ عَنْ مُعَاذٍ مُرْسَلَةٌ وَمَتْنُ الْحَدِيثِ قَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طُرُقٍ أُخَرَ.

329 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ زُهَيْرٍ قَالَ قَالَ سَالِمٌ سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاكُمْ وَالتَّعْرِيسَ عَلَى جَوَادِّ الطَّرِيقِ وَالصَّلَاةَ عَلَيْهَا فَإِنَّهَا مَأْوَى الْحَيَّاتِ وَالسِّبَاعِ وَقَضَاءَ الْحَاجَةِ عَلَيْهَا فَإِنَّهَا مِنْ الْمَلَاعِنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَالتَّعْرِيسُ) أَيْ عِنْدَ نُزُولِ الْمُسَافِرِ آخِرَ اللَّيْلِ لِلنَّوْمِ وَالِاسْتِرَاحَةِ قَوْلُهُ (عَلَى جَوَادِّ الطَّرِيقِ) أَيْ بِتَشْدِيدِ الدَّالِ جَمْعُ جَادَّةٍ وَهِيَ مُعْظَمُ الطَّرِيقِ قَوْلُهُ (وَالصَّلَاةُ) عَطْفٌ عَلَى التَّعْرِيسِ فَإِنَّهَا أَيْ جَوَادُّ الطَّرِيقِ مَأْوَى الْحَيَّاتِ أَيْ فِي اللَّيْلِ وَقَضَاءُ الْحَاجَةِ عَطْفٌ عَلَى التَّعْرِيسِ فَإِنَّهَا الْمَلَاعِنُ أَيِ الْأَمْكِنَةُ الْجَالِبَةُ لِلَّعْنِ إِلَى مَنْ يَطَؤُهَا بِسَبَبِ كَثْرَةِ حَاجَةِ النَّاسِ إِلَيْهَا وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ فَإِنَّ سَالِمًا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ الْخَيَّاطُ الْبَصْرِيُّ ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو حَاتِمٍ وَابْنُ حِبَّانَ وَالدَّارَقُطْنِيُّ.

330 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ قُرَّةَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُصَلَّى عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ أَوْ يُضْرَبَ الْخَلَاءُ عَلَيْهَا أَوْ يُبَالَ فِيهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَنْ يُصَلَّى إِلَخْ) أَيْ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَكَذَا قَوْلُهُ أَنْ يُضْرَبَ الْخَلَاءُ أَيْ يُقْصَدَ وَيَفْعَلَهُ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ ابْنِ لَهِيعَةَ وَشَيْخِهِ لَكِنَّ الْمَتْنَ لَهُ شَوَاهِدُ صَحِيحَةٌ.

[باب التباعد للبراز في الفضاء]

[بَاب التَّبَاعُدِ لِلْبَرَازِ فِي الْفَضَاءِ] 331 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَهَبَ الْمَذْهَبَ أَبْعَدَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (الْمَذْهَبُ) مَفْعَلٌ مِنَ الذَّهَابِ وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا أَوِ اسْمَ مَكَانٍ وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ فَتَعْرِيفُهُ لِلْعَهْدِ الْخَارِجِيِّ وَالْمُرَادُ مَحَلُّ التَّخَلِّي وَالذَّهَابُ إِلَيْهِ بِقَرِينَةٍ أَبْعَدَ فَإِنَّهُ اللَّائِقُ بِالْإِبْعَادِ وَقِيلَ بَلْ صَارَ فِي الْعُرْفِ اسْمًا لِمَوْضِعِ التَّغْوِيطِ كَالْخَلَاءِ قَوْلُهُ (أَبْعَدَ) أَيْ تِلْكَ الْحَاجَةُ أَوْ نَفْسُهُ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ وَالْإِبْعَادُ مُتَعَدٍّ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِهِ مَفْعُولًا كَمَا قَدَّرْنَا.

332 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَتَنَحَّى لِحَاجَتِهِ ثُمَّ جَاءَ فَدَعَا بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَتَنَحَّى) أَيْ أَخَذَ النَّاحِيَةَ وَبَعُدَ قَوْلُهُ (بِوَضُوءٍ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ قَالَ الْعُقَيْلِيُّ حَدِيثُ عُمَرَ بْنِ الْمُثَنَّى غَيْرُ مَحْفُوظٍ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَنَسٍ عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ قَالَ الْبُخَارِيُّ وَيُونُسُ بْنُ حِبَّانَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ جَاءَ فِيهِ كَذَّابٌ مُفْتَرٍ وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ رَجُلُ سُوءٍ وَكَانَ يَشْتُمُ عُثْمَانَ وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ كَانَ غَالِيًا فِي الرَّفْضِ.

333 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ ابْنِ خُثَيْمٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا ذَهَبَ إِلَى الْغَائِطِ أَبْعَدَ»

334 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْخَطْمِيِّ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَاسْمُهُ عُمَيْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ وَالْحَارِثُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي قُرَادٍ قَالَ «حَجَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَهَبَ لِحَاجَتِهِ فَأَبْعَدَ»

335 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى أَنْبَأَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَأْتِي الْبَرَازَ حَتَّى يَتَغَيَّبَ فَلَا يُرَى»

336 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرِ بْنِ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُزَنِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ الْحَاجَةَ أَبْعَدَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُزَنِيِّ) فِي إِسْنَادِهِ كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ضَعِيفٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ هُوَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْكَذِبِ.

[باب الارتياد للغائط والبول]

[بَاب الِارْتِيَادِ لِلْغَائِطِ وَالْبَوْلِ] 337 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ حُصَيْنٍ الْحِمْيَرِيِّ عَنْ أَبِي سَعْدِ الْخَيْرِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَحْسَنَ وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ وَمَنْ تَخَلَّلَ فَلْيَلْفِظْ وَمَنْ لَاكَ فَلْيَبْتَلِعْ مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ وَمَنْ أَتَى الْخَلَاءَ فَلْيَسْتَتِرْ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إِلَّا كَثِيبًا مِنْ رَمْلٍ فَلْيَمْدُدْهُ عَلَيْهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَلْعَبُ بِمَقَاعِدِ ابْنِ آدَمَ مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ» 338 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الصَّبَّاحِ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ وَزَادَ فِيهِ وَمَنْ اكْتَحَلَ فَلْيُوتِرْ مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ وَمَنْ لَاكَ فَلْيَبْتَلِعْ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَنِ اسْتَجْمَرَ) أَيْ مَنِ اسْتَعْمَلَ الْجِمَارَ وَهِيَ الْأَحْجَارُ الصِّغَارُ لِلِاسْتِنْجَاءِ قَوْلُهُ (فَلْيُوتِرْ) يَشْمَلُ الْإِنْقَاءَ بِالْوَاحِدِ أَيْضًا لَكِنَّ كَثِيرًا مَا يُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ فِي الرِّوَايَاتِ الْأُخَرِ سِيَّمَا الْعَادَةُ تَقْتَضِيهِ لِأَنَّ الْإِنْقَاءَ عَادَةً لَا يَحْصُلُ بِالْوَاحِدِ وَقَوْلُهُ وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ يُفِيدُ أَنَّ الْوِتْرَ هُوَ الْأَوْلَى وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ فَمَا جَاءَ مِنَ الْأَمْرِ بِالثَّلَاثِ يُحْمَلُ عَلَى النَّدْبِ وَمَا جَاءَ مِنَ النَّهْيِ عَنِ التَّنْقِيصِ عَنْهَا يُحْمَلُ عَلَى التَّنْزِيهِ وَالِاسْتِدْلَالُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْوِتْرَ غَيْرُ مَطْلُوبٍ وَإِنَّمَا الْمَطْلُوبُ الْإِنْقَاءُ بَعِيدٌ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي

أَنَّ الْوِتْرَ مَطْلُوبٌ نَدْبًا قَوْلُهُ (وَمَنْ تَخَلَّلَ) أَخْرَجَ مِنْ بَيْنِ أَسْنَانِهِ بِعُودٍ وَنَحْوِهِ وَفَلْيَلْفِظْ بِكَسْرِ الْفَاءِ أَيْ فَلْيَرْمِ بِهِ وَلْيُخْرِجْهُ مِنْ فَمِهِ وَمَا لَاكَ اللَّوْكُ وَإِدَارَةُ الشَّيْءِ فِي الْفَمِ قِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْآكِلِ أَنْ يُلْقِيَ مَا يَخْرُجُ مِنْ بَيْنَ أَسْنَانِهِ بِعُودٍ وَنَحْوِهِ لِمَا فِيهِ مِنَ الِاسْتِقْذَارِ وَيَبْتَلِعُ مَا يَخْرُجُ بِلِسَانِهِ وَهُوَ مَعْنَى لَاكَ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَقْذَرُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مَا لَاكَ مَا بَقِيَ مِنْ آثَارِ الطَّعَامِ عَلَى لَحْمِ الْأَسْنَانِ وَسَقْفِ الْحَلْقِ وَأَخْرَجَهُ بِإِدَارَةِ لِسَانِهِ وَأَمَّا الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ أَسْنَانِهِ فَيَرْمِيهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَخْرَجَهُ بِعُودٍ أَوْ بِاللِّسَانِ لِأَنَّهُ حَصَلَ لَهُ التَّغَيُّرُ غَالِبًا وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِمَا لَاكَ إِلَخْ كَرَاهَةُ رَمْيِ اللُّقْمَةِ بَعْدَ مَضْغِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ إِذْ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا بَعْدَ الْمَضْغِ عَادَةً وَاسْتِقْذَارُ الْحَاضِرِينَ قُلْتُ قَدْ يُقَالُ هَذَا الْمَعْنَى لَا يُنَاسِبُهُ قَوْلُهُ وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ فَلْيُتَأَمَّلْ قَوْلُهُ (إِلَّا كَثِيبًا مِنْ رَمْلٍ) هُوَ التَّلُّ فَلْيُمِرَّهُ عَلَيْهِ هَكَذَا فِي بَعْضِ نُسَخِ الْكِتَابِ وَفِي بَعْضِهَا فَلْيُمْدِدْهُ وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ فَلْيَسْتَدْبِرْهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَأَمَّا فَلْيُمِرَّهُ عَلَيْهِ فَمِنَ الْإِمْرَارِ أَيْ فَلْيَجْعَلْهُ أَيِ الْكَثِيبَ مَارًّا عَلَيْهِ أَيْ قَرِيبًا مِنْهُ مُلْتَصِقًا بِهِ مُتَّصِلًا بِعَجُزِهِ كَمَا يَفْعَلُ مَنْ يَسْتَتِرُ بِالشَّيْءِ فَإِنَّ الْمُرُورَ عَلَى الشَّيْءِ وَبِالشَّيْءِ يَسْتَلْزِمُ الْقُرْبَ وَالْإِلْصَاقَ فَأُرِيدَ ذَلِكَ وَأَمَّا فَلْيُمْدِدْهُ عَلَيْهِ فَمِنَ الْإِمْدَادِ أَيْ فَلْيَسْتَمِدَّ بِهِ وَلْيَجْعَلْهُ مَدَدًا لِأَجْلِهِ قَوْلُهُ (فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَلْعَبُ إِلَخْ) أَيْ يَقْصِدُ الْإِنْسَانَ بِالشَّرِّ فِي تِلْكَ الْمَوَاضِعِ وَالْمَقَاعِدِ جَمْعُ مَقْعَدَةٍ يُطْلَقُ عَلَى أَسْفَلِ الْبَدَنِ وَعَلَى مَوْضِعِ الْقُعُودِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ وَكِلَاهُمَا يَصِحُّ إِرَادَتُهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ الْبَاءُ لِلْإِلْصَاقِ وَعَلَى الثَّانِي لِلظَّرْفِيَّةِ قُلْتُ لَا بُدَّ مِنِ اعْتِبَارِ قَيْدٍ عَلَى الْأَوَّلِ أَيْ يَلْعَبُ بِالْمَقَاعِدِ إِذَا وَجَدَهَا مَكْشُوفَةً فَيَسْتَتِرُ مَا أَمْكَنَ.

339 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَأَرَادَ أَنْ يَقْضِيَ حَاجَتَهُ فَقَالَ لِي ائْتِ تِلْكَ الْأَشَاءَتَيْنِ قَالَ وَكِيعٌ يَعْنِي النَّخْلَ الصِّغَارَ فَقُلْ لَهُمَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُكُمَا أَنْ تَجْتَمِعَا فَاجْتَمَعَتَا فَاسْتَتَرَ بِهِمَا فَقَضَى حَاجَتَهُ ثُمَّ قَالَ لِي ائْتِهِمَا فَقُلْ لَهُمَا لِتَرْجِعْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا إِلَى مَكَانِهَا فَقُلْتُ لَهُمَا فَرَجَعَتَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ يَعْلَى) وَفِي الزَّوَائِدِ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ يَعْلَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ الْبُخَارِيُّ هُوَ وَهْمٌ رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ وَكِيعٍ فَلَمْ يَقُلْ عَنْ أَبِيهِ وَهُوَ الصَّوَابُ

وَلَهُ طَرِيقٌ آخَرُ عَنْ أَحْمَدَ مِنْ رِوَايَةِ يَعْلَى ابْنِ سَيَّابَةَ نَحْوِهِ وَهُوَ يَعْلَى بْنُ مُرَّةَ وَسَيَّابَةُ أُمُّهُ ذَكَرَهُ فِي الْأَطْرَافِ قَوْلُهُ (تِلْكَ الْأَشَاءَتَيْنِ) فِي الْقَامُوسِ الْأَشْيَاءُ كَسَحَابٍ صِغَارُ النَّخْلِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْوَاحِدَةُ إِشَاءَةٌ وَالْإِشَارَةُ بِتِلْكَ مِنِ اسْتِعْمَالِ صِيغَةِ الْجَمْعِ فِيمَا فَوْقَ الْوَاحِدِ اعْتِبَارًا لِلْإِشَاءَتَيْنِ جَمَاعَةً وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنَ الْمُعْجِزَةِ الْعَظِيمَةِ لَهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَفِي الزَّوَائِدِ لَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَوَاهُمَا التِّرْمِذِيُّ فِي الْجَامِعِ قُلْتُ وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ عَدِيٍّ ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ فِي أَوَّلِ حَاشِيَتِهِ لِأَبِي دَاوُدَ.

340 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ «كَانَ أَحَبَّ مَا اسْتَتَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَاجَتِهِ هَدَفٌ أَوْ حَائِشُ نَخْلٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (هَدَفٌ) بِفَتْحَتَيْنِ كُلُّ مُرْتَفِعٍ مِنْ بِنَاءٍ أَوْ كَثِيبِ رَمْلٍ أَوْ جَبَلٍ أَوْ حَائِشِ نَخْلٍ أَيِ الْمُلْتَفُّ الْمُجْتَمِعُ مِنَ النَّخْلِ.

341 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَقِيلِ بْنِ خُوَيْلِدٍ حَدَّثَنِي حَفْصُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ذَكْوَانَ عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «عَدَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الشِّعْبِ فَبَالَ حَتَّى أَنِّي آوِي لَهُ مِنْ فَكِّ وَرِكَيْهِ حِينَ بَالَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَدَلَ) أَيْ مَالَ عَنْ جَادَّةِ الطَّرِيقِ قَوْلُهُ (إِلَى الشِّعْبِ) بِكَسْرٍ وَسُكُونِ الطَّرِيقِ فِي الْجَبَلِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ قَالَ الْبُخَارِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ ذَكْوَانَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ ثُمَّ أَعَادَهُ فِي الضُّعَفَاءِ وَقَالَ سَقَطَ الِاحْتِجَاجُ بِهِ وَضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ.

[باب النهي عن الاجتماع على الخلاء والحديث عنده]

[بَاب النَّهْيِ عَنْ الِاجْتِمَاعِ عَلَى الْخَلَاءِ وَالْحَدِيثِ عِنْدَهُ] 342 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ أَنْبَأَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ عِيَاضٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ عَلَى غَائِطِهِمَا يَنْظُرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى عَوْرَةِ صَاحِبِهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَمْقُتُ عَلَى ذَلِكَ» حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْوَرَّاقُ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عِيَاضِ بْنِ هِلَالٍ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَهُوَ الصَّوَابُ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَا يَتَنَاجَى) مِنَ التَّنَاجِي وَهُوَ تَكَلُّمُ كُلٍّ مِنْهُمَا مَعَ الْآخَرِ سِرًّا وَهَذَا نَفْيٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ قَوْلُهُ (يَمْقُتُ) كَيَنْصُرُ أَيْ يُبْغِضُ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَنْعِ تَحَدُّثِ وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَخَلِّينَ بِالْآخَرِ مَعَ نَظَرِهِ

إِلَى عَوْرَةِ الْآخَرِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ مَنْعُ تَحَدُّثِ الْمُتَخَلِّي مُطْلَقًا إِلَّا أَنْ يُقَالَ مَدَارُ الْمَنْعِ عَلَى كَوْنِ الْمُتَكَلِّمِ مُتَخَلِّيًا وَلَا دَخْلَ فِيهِ عَلَى كَوْنِ الْمُتَكَلِّمِ مَعَهُ مُتَخَلِّيًا وَإِنَّمَا جَاءَ فَرْضُ الْمُتَكَلِّمِ مَعَهُ مُتَخَلِّيًا مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ لَا يَحْضُرُ مَعَ الْمُتَخَلِّي فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ إِلَّا مِثْلَهُ وَأَمَّا ذِكْرُ النَّظَرِ فَلِزِيَادَةِ التَّقْبِيحِ ضَرُورَةً أَنَّ النَّظَرَ حَرَامٌ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنِ التَّحْدِيثِ وَالتَّخَلِّي فَلْيُتَأَمَّلْ.

[باب النهي عن البول في الماء الراكد]

[بَاب النَّهْيِ عَنْ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ] 343 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ أَنْ يُبَالَ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ) أَيِ السَّاكِنِ الْغَيْرِ الْجَارِي.

344 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ»

345 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ النَّاقِعِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فِي الْمَاءِ النَّاقِعِ) قَالَ السُّيُوطِيُّ بِنُونٍ وَقَافٍ وَعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ هُوَ الْمُجْتَمَعُ وَفِي كُتُبِ اللُّغَةِ الْمَاءُ النَّاقِعُ الْقَاطِعُ لِلْعَطَشِ وَفِي مَوْضِعٍ هُوَ الْمَاءُ الْعَذْبُ الْبَارِدُ وَيُمْكِنُ إِرَادَتُهُ هَاهُنَا أَيْضًا لَكِنَّ الْمُتَعَارَفَ فِي الْأَحَادِيثِ هُوَ النَّهْيُ عَنِ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ فَالْحَمْلُ عَلَيْهِ أَوْلَى وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ ابْنُ أَبِي فَرْوَةَ اسْمُهُ إِسْحَاقُ مُتَّفَقٌ عَلَى تَرْكِهِ وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ بِلَفْظِ الْمَاءِ الدَّائِمِ.

[باب التشديد في البول]

[بَاب التَّشْدِيدِ فِي الْبَوْلِ] 346 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ حَسَنَةَ قَالَ «خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي يَدِهِ الدَّرَقَةُ فَوَضَعَهَا ثُمَّ جَلَسَ فَبَالَ إِلَيْهَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ انْظُرُوا إِلَيْهِ يَبُولُ كَمَا تَبُولُ الْمَرْأَةُ فَسَمِعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ وَيْحَكَ أَمَا عَلِمْتَ مَا أَصَابَ صَاحِبَ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانُوا إِذَا أَصَابَهُمْ الْبَوْلُ قَرَضُوهُ بِالْمَقَارِيضِ فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ فَعُذِّبَ فِي قَبْرِهِ» قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى أَنْبَأَنَا الْأَعْمَشُ فَذَكَرَ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَفِي يَدِهِ الدَّرَقَةُ) بِفَتْحَتَيْنِ التُّرْسُ إِذَا كَانَ مِنْ جِلْدٍ وَلَيْسَ فِيهِ خَشَبٌ وَلَا عَصَبٌ (فَوَضَعَهَا) أَيْ جَعَلَهَا حَائِلَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ وَبَالَ مُسْتَقْبِلًا إِلَيْهَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ قِيلَ كَانَ مُنَافِقًا فَنَهَى عَنِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ كَصَاحِبِ بَنِي إِسْرَائِيلَ نَهَى عَنِ الْمَعْرُوفِ فِي دِينِهِمْ فَوَبَّخَهُ وَهَدَّدَهُ بِأَنَّهُ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ لَمَّا عُيِّرَ الْحَيَاءُ وَبِأَنَّ فِعْلَهُ فِعْلُ النِّسَاءِ

قُلْتُ وَالنَّظَرُ فِي الرِّوَايَاتِ يُرَجِّحُ أَنَّهُ كَانَ مُؤْمِنًا إِلَّا أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ تَعَجُّبًا لِمَا رَآهُ مُخَالِفًا لِمَا عَلَيْهِ عَادَتُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانُوا قَرِيبَ الْعَهْدِ بِهَا كَمَا تَبُولُ الْمَرْأَةُ أَيْ فِي التَّسَتُّرِ وَعَلَيْهِ حَمَلَ النَّوَوِيُّ فَقَالَ إِنَّهُمْ كَرِهُوا ذَلِكَ وَزَعَمُوا أَنَّ شَهَامَةَ الرَّجُلِ لَا تَقْتَضِي التَّسَتُّرَ عَلَى هَذَا الْحَالِ وَقِيلَ فِي الْجُلُوسِ أَوْ فِيهِمَا وَكَانَ شَأْنُ الْعَرَبِ الْبَوْلَ قَائِمًا وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ مَا يُفِيدُ تَعَجُّبَهُمْ مِنَ الْقُعُودِ وَقَوْلُهُ مَا أَصَابَ صَاحِبَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْسَبُ بِالتَّسَتُّرِ وَوَيْحَكَ كَلِمَةُ تَرَحُّمٍ وَتَهْدِيدٍ صَاحِبَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِالنَّصْبِ وَالرَّفْعِ وَ (قَرَضُوهُ) كَانَ هَذَا فِي الثَّوْبِ أَوْ فِيهِ وَفِي الْبَدَنِ وَ (فَنَهَاهُمْ) أَيْ فَنَهْيُكَ عَنِ الْمَعْرُوفِ بِهَذَا التَّعْرِيضِ يُشْبِهُ نَهْيَ ذَلِكَ الرَّجُلِ فَيُخَافُ أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَى الْعَذَابِ كَمَا أَدَّى نَهْيُهُ إِلَيْهِ.

347 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَبْرَيْنِ جَدِيدَيْنِ فَقَالَ إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لَا يَسْتَنْزِهُ مِنْ بَوْلِهِ وَأَمَّا الْآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فِي كَبِيرٍ) أَيْ فِي أَمْرٍ يَشُقُّ عَلَيْهِمَا الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَلَا يُسْتَنْزَهُ بِنُونٍ سَاكِنَةٍ بَعْدَهَا زَايٌ مُعْجَمَةٌ ثُمَّ هَاءٌ وَلَا يُجْتَنَبُ وَلَا يُحْتَرَزُ عَنْ وُقُوعِهِ عَلَيْهِ وَقَالَ السُّيُوطِيُّ أَيْ لَا يَسْتَبْرِئُ وَلَا يَتَطَهَّرُ وَلَا يَسْتَبْعِدُ مِنْهُ وَيَمْشِي أَيْ بَيْنَ النَّاسِ (بِالنَّمِيمَةِ) هِيَ نَقْلُ كَلَامِ الْغَيْرِ لِقَصْدِ الْإِضْرَارِ وَالْبَاءُ لِلْمُصَاحَبَةِ أَوِ التَّعْدِيَةِ عَلَى أَنَّهُ يُشْهِرُ النَّمِيمَةَ وَيُشِيعُهَا بَيْنَ النَّاسِ.

348 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرُ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنْ الْبَوْلِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَكْثَرُ عَذَابِ الْقَبْرِ) أَيْ لِأَهْلِ التَّوْحِيدِ مِنَ الْبَوْلِ أَيْ مِنْ جِهَةِ عَدَمِ الِاحْتِرَازِ مِنْهُ وَقَدْ أَخَذَ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنْ إِطْلَاقِهِ نَجَاسَةَ الْبَوْلِ مُطْلَقًا وَحَمَلَ الْآخَرُونَ عَلَى التَّقْيِيدِ بِبَوْلِ الْآدَمِيِّ وَنَحْوِهِ تَوْفِيقًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ الْوَارِدَةِ فِي الْبَابِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَلَهُ شَوَاهِدُ.

349 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ حَدَّثَنِي بَحْرُ بْنُ مَرَّارٍ عَنْ جَدِّهِ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ «مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَبْرَيْنِ فَقَالَ إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَيُعَذَّبُ فِي الْبَوْلِ وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُعَذَّبُ فِي الْغَيْبَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَيُعَذَّبُ) فِي الْغِيبَةِ وَأَصْلُ الْحَدِيثِ فِي الصَّحِيحِ بِلَفْظِ النَّمِيمَةِ

وَرَوَاهُ الطَّبَرِيُّ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بَكْرَةَ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ فِي الْأَطْرَافِ وَهُوَ الصَّوَابُ كَذَا فِي الزَّوَائِدِ.

[باب الرجل يسلم عليه وهو يبول]

[بَاب الرَّجُلِ يُسَلَّمُ عَلَيْهِ وَهُوَ يَبُولُ] 350 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّلْحِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ حُضَيْنِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ وَعْلَةَ أَبِي سَاسَانَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ الْمُهَاجِرِ بْنِ قُنْفُذِ بْنِ عَمْرِو بْنِ جُدْعَانَ قَالَ «أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ وُضُوئِهِ قَالَ إِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي مِنْ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْكَ إِلَّا أَنِّي كُنْتُ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ» قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ حَدَّثَنَا الْأَنْصَارِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يُسَلَّمُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ. قَوْلُهُ (عَنْ حُضَيْنٍ) هُوَ بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ مُصَغَّرٌ عَنِ الْمُهَاجِرِ بْنِ قُنْفُذٍ بِضَمِّ الْقَافِ وَبَعْدَهَا فَاءٌ بَيْنَهَمَا نُونٌ سَاكِنَةٌ آخِرُهُ ذَالٌ مُعْجَمَةٌ قَوْلُهُ (وَهُوَ يَتَوَضَّأُ) فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ وَأَبِي دَاوُدَ وَهُوَ يَبُولُ فَيُحْمَلُ قَوْلُهُ (وَهُوَ يَتَوَضَّأُ) أَيْ وَهُوَ فِي مُقَدِّمَاتِ الْوُضُوءِ وَالْمُصَنِّفُ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ بِذِكْرِ الْحَدِيثِ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ قَوْلُهُ (فَلَمَّا فَرَغَ) أَيْ مِنْ وُضُوئِهِ قَالَ أَيْ رَدًّا وَقَالَ اعْتِذَارًا وَكَأَنَّهُ اعْتَذَرَ لِتَأْخِيرِ الرَّدِّ إِلَى الْوُضُوءِ فَتَرْكُ الرَّدِّ حَالَةَ الْبَوْلِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى الِاعْتِذَارِ قَوْلُهُ (غَيْرِ وُضُوءٍ) أَيْ وَكَرِهْتُ ذِكْرَ اللَّهِ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ كَذَا فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ وَالْمُرَادُ بِهِ أَدْنَى كَرَاهَةٍ وَمَا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ كَأَنَّهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَلَعَلَّ مِثْلَ هَذِهِ الْكَرَاهَةِ دَعَتْ إِلَى التَّأْخِيرِ وَأَصْلُ التَّأْخِيرِ حَصَلَ بِسَبَبِ كَرَاهَةِ الرَّدِّ حَالَةَ الْبَوْلِ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي قَوْلِهِ كَرِهْتُ ذِكْرَ اللَّهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ السَّلَامَ الَّذِي يُحَيِّي بِهِ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا اسْمٌ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى، قُلْتُ فَالْمَعْنَى اللَّهُ رَقِيبٌ عَلَيْكَ فَاتَّقِ اللَّهَ أَوْ حَافِظٌ عَلَيْكَ مَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِذِكْرِ اللَّهِ ذِكْرُ مَا جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى سُنَّةً لِلْمُسْلِمِينَ وَتَحِيَّةً لَهُمْ فَإِنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي احْتِرَامَهُ.

351 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا مَسْلَمَةُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «مَرَّ رَجُلٌ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَبُولُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ فَلَمَّا فَرَغَ ضَرَبَ بِكَفَّيْهِ الْأَرْضَ فَتَيَمَّمَ ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (ضَرَبَ بِكَفَّيْهِ الْأَرْضَ فَتَيَمَّمَ) قَدْ أَخَذَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا الْحَنَفِيَّةِ مِنْ أَمْثَالِ هَذَا الْحَدِيثِ التَّيَمُّمَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمَاءِ فِي الْوُضُوءِ الْمَنْدُوبِ دُونَ الْوَاجِبِ صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ مَسْلَمَةَ بْنِ عَلِيٍّ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو زُرْعَةَ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ

وَقَالَ الْحَاكِمُ يَرْوِي عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ وَغَيْرِهِ الْمُنْكَرَاتِ وَالْمَوْضُوعَاتِ اهـ. قُلْتُ لَكِنَّ الْحَدِيثَ جَاءَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الْجُهَيْمِ وَابْنِ عُمَرَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ.

352 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ هَاشِمِ بْنِ الْبَرِيدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ رَجُلًا مَرَّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَبُولُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَأَيْتَنِي عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ فَلَا تُسَلِّمْ عَلَيَّ فَإِنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ ذَلِكَ لَمْ أَرُدَّ عَلَيْكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ وَقَوْلُهُ فَإِنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ ذَلِكَ لَمْ أَرُدَّ عَلَيْكَ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ رَدَّ عَلَيْهِ تِلْكَ الْمَرَّةَ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ وَاهٍ فَإِنَّ سُوَيْدًا لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ فَلَهُ تَتَابُعٌ عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ وَأَبِي يَعْلَى وَغَيْرِهِ.

353 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ وَالْحُسَيْنُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ الْعَسْقَلَانِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «مَرَّ رَجُلٌ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَبُولُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ) تَأْدِيبًا لَهُ وَالْمُرَادُ كَمَا فِي سَائِرِ الْأَحَادِيثِ التَّأْدِيبُ وَالتَّأْخِيرُ يَكْفِي فِي التَّأْدِيبِ أَوْ غَيْرِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَالَ لَهُ فَإِنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ ذَلِكَ لَمْ أَرُدَّ عَلَيْكَ وَاتَّفَقَ أَنَّهُ فَعَلَهُ ثَانِيًا وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ هَذَا أَخْرَجَهُ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ مَا عَدَا الْبُخَارِيَّ ذَكَرَهُ فِي الزَّوَائِدِ.

[باب الاستنجاء بالماء]

[بَاب الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ] 354 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مِنْ غَائِطٍ قَطُّ إِلَّا مَسَّ مَاءً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (خَرَجَ مِنْ غَائِطٍ) مَحْمُولٌ عَلَى الْخَارِجِ مِنَ الدُّبُرِ فَلَا يُشْكِلُ بِظَاهِرِ مَا سَبَقَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ بَالَ فَتَبِعَهُ عُمَرُ بِمَاءٍ الْحَدِيثَ (وَإِلَّا مَسَّ مَاءً) أَيِ اسْتَنْجَى بِهِ أَوْ تَوَضَّأَ وَالثَّانِي بَعِيدٌ وَالْأَوَّلُ قَدْ جَاءَ مُصَرَّحًا بِهِ فَفِي التِّرْمِذِيِّ «عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ مُرْنَ أَزْوَاجَكُنَّ أَنْ يَتَطَيَّبُوا بِالْمَاءِ فَإِنِّي أَسْتَحِي مِنْهُمْ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ كَانَ يَفْعَلُهُ» وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَخْتَارُونَ الِاسْتِنْجَاءَ بِالْمَاءِ مَعَ جَوَازِ الِاكْتِفَاءِ بِالْأَحْجَارِ اهـ وَعَلَى هَذَا فَلَا وَجْهَ لِقَوْلِ صَاحِبِ الزَّوَائِدِ قُلْتُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثٍ بِمَعْنَاهُ اهـ عَلَى أَنَّ كَوْنَ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِمَعْنَى حَدِيثِ عَائِشَةَ لَا يَخْلُو عَنْ نَظَرٍ فَإِنَّ لَفْظَ أَبِي دَاوُدَ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ دَخَلَ حَائِطًا وَمَعَهُ غُلَامٌ بِمِيضَأَةٍ فَوَضَعَهَا عِنْدَ السِّدْرَةِ فَقَضَى حَاجَتَهَ فَخَرَجَ عَلَيْنَا وَقَدِ اسْتَنْجَى بِالْمَاءِ» اهـ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا دَلَالَةَ عَلَى الِاعْتِيَادِ فَضْلًا عَنِ الْحَصْرِ الَّذِي فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ وَالْأَقْرَبُ إِلَى حَدِيثِ عَائِشَةَ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ «عَنْ أَنْسٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَدْخُلُ الْخَلَاءَ فَأَحْمِلُ أَنَا وَغُلَامِي إِدَاوَةً مِنْ مَاءٍ وَغَيْرِهِ لِيَسْتَنْجِيَ بِالْمَاءِ»

لِدَلَالَتِهِ عَلَى الِاعْتِيَادِ عِنْدَ الْبَعْضِ.

355 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا عُتْبَةُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ حَدَّثَنِي طَلْحَةُ بْنُ نَافِعٍ أَبُو سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ «أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: 108] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَثْنَى عَلَيْكُمْ فِي الطُّهُورِ فَمَا طُهُورُكُمْ قَالُوا نَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ وَنَغْتَسِلُ مِنْ الْجَنَابَةِ وَنَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ قَالَ فَهُوَ ذَاكَ فَعَلَيْكُمُوهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ) تَخْصِيصُهُمْ بِالْخِطَابِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَالِبَ الْمُهَاجِرِينَ كَانُوا يَكْتَفُونَ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالْأَحْجَارِ فِي الطُّهُورِ بِضَمِّ الطَّاءِ وَكَذَا قَوْلُهُ فَمَا طُهُورُكُمْ عَلَى الْأَفْصَحِ الْأَشْهَرِ وَفِي الزَّوَائِدِ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي الْحَكَمِ ضَعِيفٌ وَطَلْحَةُ لَمْ يُدْرِكْ أَبَا أَيُّوبٍ.

356 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ زَيْدٍ الْعَمِّيِّ عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِيِّ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَغْسِلُ مَقْعَدَتَهُ ثَلَاثًا» قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَعَلْنَاهُ فَوَجَدْنَاهُ دَوَاءً وَطُهُورًا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَقْعَدَتَهُ) يُطْلَقُ عَلَى أَسْفَلِ الْبَدَنِ وَعَلَى مَوْضِعِ الْقُعُودِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ كَمَا سَبَقَ وَالْمُرَادُ هَاهُنَا الْمَعْنَى الْأَوَّلُ قَوْلُهُ (ثَلَاثًا) أَيْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَفِيهِ أَنَّ النَّجَاسَةَ الْمَرْئِيَّةَ يَكْفِي فِيهَا التَّثْلِيثُ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى إِزَالَةِ الْعَيْنِ وَالْأَثَرِ وَكَأَنَّ الْفُقَهَاءَ تَرَكُوا هَذَا الْحَدِيثَ لِمَا فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ زَيْدٍ الْعَمِّيِّ وَجَابِرٍ الْجُعْفِيِّ وَإِنْ وَثَّقَهُ شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ فَقَدْ كَذَّبَهُ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ وَزَائِدَةُ بَلْ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ مَا رَأَيْتُ أَكْذَبَ مِنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ وَكَذَّبَهُ غَيْرُهُ.

357 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَتْ فِي أَهْلِ قُبَاءَ {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: 108] قَالَ كَانُوا يَسْتَنْجُونَ بِالْمَاءِ فَنَزَلَتْ فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَةُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فِي أَهْلِ قُبَاءٍ) بِضَمِّ الْقَافِ وَالْمَدِّ وَحُكِيَ قَصْرُهُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَيُصْرَفُ وَيُمْنَعُ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الطَّهَارَةِ وَالتِّرْمِذِيِّ فِي التَّفْسِيرِ أَيْضًا وَقَدْ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ صَاحِبُ الزَّوَائِدِ أَيْضًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب من دلك يده بالأرض بعد الاستنجاء]

[بَاب مَنْ دَلَكَ يَدَهُ بِالْأَرْضِ بَعْدَ الِاسْتِنْجَاءِ] 358 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى حَاجَتَهُ ثُمَّ اسْتَنْجَى مِنْ تَوْرٍ ثُمَّ دَلَكَ يَدَهُ بِالْأَرْضِ» قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ عَنْ شَرِيكٍ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (تَوْرٍ) أَيْ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ إِنَاءٌ مِنْ صُفْرٍ أَوْ حِجَارَةٍ وَثُمَّ دَلَّكَ أَيْ مُبَالَغَةً فِي تَنْظِيفِهَا وَتَعْلِيمًا لِلْأُمَّةِ بِذَلِكَ وَطَهَارَةُ الْفَضَلَاتِ

أَوْ عَدَمُ كَرَاهَةِ رَائِحَتِهَا لَا يُنَافِي ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ الْقَوْلُ بِكَرَاهَةِ رَائِحَتِهَا إِلَى رَائِحَةِ جَسَدِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَيُمْكِنُ أَنَّهُ قَصَدَ بِذَلِكَ إِزَالَةَ تِلْكَ الرَّائِحَةِ.

359 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَرِيرٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الْغَيْضَةَ فَقَضَى حَاجَتَهُ فَأَتَاهُ جَرِيرٌ بِإِدَاوَةٍ مِنْ مَاءٍ فَاسْتَنْجَى مِنْهَا وَمَسَحَ يَدَهُ بِالتُّرَابِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (دَخَلَ الْغَيْضَةَ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ مَوْضِعٌ تَجْتَمِعُ فِيهِ الْأَشْجَارُ وَبِإِدَاوَةٍ أَيْ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ إِنَاءٌ صَغِيرٌ مِنْ جِلْدٍ يُتَّخَذُ لِلْمَاءِ.

[باب تغطية الإناء]

[بَاب تَغْطِيَةِ الْإِنَاءِ] 360 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «أَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُوكِيَ أَسْقِيَتَنَا وَنُغَطِّيَ آنِيَتَنَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَنْ نُوكِي) مِنْ أَوَكَيْتُ السِّقَاءَ إِذَا رَبَطْتُ فَمَهُ بِوِكَاءٍ وَهُوَ بِالْكَسْرِ خَيْطٌ تُرْبَطُ بِهِ أَفْوَاهُ الْأَسْقِيَةِ وَتُغَطَّى أَيْ مِنَ التَّغْطِيَةِ وَهُوَ السَّتْرُ.

361 - حَدَّثَنَا عِصْمَةُ بْنُ الْفَضْلِ وَيَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ قَالَا حَدَّثَنَا حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ حَدَّثَنَا حَرِيشُ بْنُ الْخِرِّيتِ أَنْبَأَنَا ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كُنْتُ أَضَعُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةَ آنِيَةٍ مِنْ اللَّيْلِ مُخَمَّرَةً إِنَاءً لِطَهُورِهِ وَإِنَاءً لِسِوَاكِهِ وَإِنَاءً لِشَرَابِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مُخَمَّرَةً) اسْمُ مَفْعُولٍ مِنَ التَّخْمِيرِ بِمَعْنَى التَّغْطِيَةِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى ضَعْفِ حَرِيشِ بْنِ الْخِرِّيتِ قُلْتُ وَقَدْ يُسْتَبْعَدُ أَيْضًا كَوْنُ إِنَاءِ السِّوَاكِ غَيْرَ إِنَاءِ الطَّهُورِ سِيَّمَا وَالْوَقْتُ وَقْتُهُ.

362 - حَدَّثَنَا أَبُو بَدْرٍ عَبَّادُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا مُطَهَّرُ بْنُ الْهَيْثَمِ حَدَّثَنَا عَلْقَمَةُ بْنُ أَبِي جَمْرَةَ الضُّبَعِيُّ عَنْ أَبِيهِ أَبِي جَمْرَةَ الضُّبَعِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَكِلُ طُهُورَهُ إِلَى أَحَدٍ وَلَا صَدَقَتَهُ الَّتِي يَتَصَدَّقُ بِهَا يَكُونُ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّاهَا بِنَفْسِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَا يَكِلُ طَهُورَهُ) يَحْتَمِلُ ضَمَّ الطَّاءِ عَلَى إِرَادَةِ الْفِعْلِ وَالْفَتْحَ عَلَى إِرَادَةِ الْآلَةِ أَعْنِي الْمَاءَ أَيْ لَا يُفَوِّضُ أَمْرَ طَهُورِهِ إِلَى غَيْرِهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَأْمُرُ أَحَدًا بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ فِي الطَّهُورِ أَوْ بِإِعْدَادِ الْمَاءِ لَهُ لِأَجْلِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَهَذَا لَا يُنَافِي مُبَاشَرَةَ النَّاسِ هَذِهِ الْأُمُورِ بِرَغْبَتِهِمْ وَلَا إِذْنِهِ لَهُمْ فِيهَا إِذَا رَضُوا فَمَا جَاءَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ صَاحِبُ طَهُورِهِ وَأَنَسًا وَغُلَامًا كَانَ يَحْمِلَانِ الْإِدَاوَةَ وَمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ صَبَّ عَلَيْهِ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا سَيَجِيءُ بَعْضُهُ فِي الْكِتَابِ وَمَضَى بَعْضُهُ لَا يُخِلُّ فِي صِحَّةِ هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا يُعَارِضُهُ نَعَمْ هُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ إِسْنَادًا فَفِي الزَّوَائِدِ أَنَّ إِسْنَادَهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ مُطَهَّرِ بْنِ الْهَيْثَمِ وَجَهَالَةِ عَقْلِهِ.

[باب غسل الإناء من ولوغ الكلب]

[بَاب غَسْلِ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ] 363 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي رَزِينٍ قَالَ «رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَضْرِبُ جَبْهَتَهُ بِيَدِهِ وَيَقُولُ يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ أَنْتُمْ تَزْعُمُونَ أَنِّي أَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَكُونَ لَكُمْ الْمَهْنَأُ وَعَلَيَّ الْإِثْمُ أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَنْتُمْ تَزْعُمُونْ إِلَخْ) كَانَ بَعْضُ النَّاسِ لِسَبَبِ إِكْثَارِهِ فِي الرِّوَايَةِ فَكَانُوا يَتَحَرَّوْنَ فَيُرِيدُ أَنْ يَمْنَعَهُمْ مِنْ أَنْ يَظُنُّوا بِهِ الْوَضْعَ وَالْكَذِبَ فِيمَا يَرْوِي وَيَحْتَمِلُ أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْكُوفَةِ كَانُوا يَرَوْنَ التَّثْلِيثَ فِي وُلُوغِ الْكَلْبِ فِي زَمَانِهِ أَيْضًا وَيَزْعُمُونَ تَسَاهُلَهُ فِيمَا يَرْوِي وَقَوْلُهُ لِيَكُونَ لَكُمُ الْمَهْنَأَ أَيْ لَوْ كَذَبْتُ وَأَنْتُمْ أَخَذْتُمْ مِنِّي ذَلِكَ وَعَلِمْتُمْ بِهِ لِاسْتِنَادِهِ إِلَيْهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ صُورَةَ كَانَ لَكُمُ الْمَهْنَأُ أَيِ الثَّوَابُ وَالْأَجْرُ وَبَقِيَ الْوِزْرُ عَلَيَّ وَالْمَهْنَأُ ضُبِطَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْهَاءِ آخِرُهُ هَمْزَةٌ وَقَدْ تُخَفَّفُ كُلُّ مَا يَأْتِيكَ مِنْ غَيْرِ تَعَبٍ قَوْلُهُ (إِذَا وَلَغَ) قَالَ وَلَغَ الْكَلْبُ يَلَغُ بِفَتْحِ اللَّامِ فِيهِمَا أَيْ شَرِبَ بِطَرَفِ لِسَانِهِ فَلْيَغْسِلْهُ أَيِ الْإِنَاءَ وَمَنْ لَا يَأْخُذُ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ يَعْتَذِرُ بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ لِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ وَهُوَ رَاوِي الْحَدِيثِ كَانَ يُفْتِي بِثَلَاثِ مَرَّاتٍ وَعَمَلُ الرَّاوِي بِخِلَافِ مَرْوِيِّهِ مِنْ أَمَارَاتِ النَّسْخِ.

364 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا شَرِبَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ»

365 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ قَالَ سَمِعْتُ مُطَرِّفًا يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغَفَّلِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ فَاغْسِلُوهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَعَفِّرُوهُ) أَيِ الْإِنَاءَ وَهُوَ أَمْرٌ مِنَ التَّعْفِيرِ وَهُوَ التَّمْرِيغُ فِي التُّرَابِ وَالثَّامِنَةَ بِالنَّصْبِ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ أَيِ الْمَرَّةَ الثَّامِنَةَ وَمَنْ لَمْ يَقُلْ بِالزِّيَادَةِ عَلَى السَّبْعِ يَقُولُ لِأَنَّهُ أَعَدَّ التَّعْفِيرَ فِي إِحْدَى الْغَسَلَاتِ غَسْلَةً ثَامِنَةً.

366 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنِ ابْنِ عُمَرَ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ اهـ قُلْتُ فِي الْأُصُولِ الْمُعْتَمَدَةِ عِنْدَنَا هُوَ عُبَيْدُ اللَّهِ الْمُصَغَّرُ لَا عَبْدُ اللَّهِ الْمُكَبَّرُ وَفِي الزَّوَائِدِ ذَكَرَ مَوْضِعَهُ عَبْدَ اللَّهِ الْمُكَبَّرَ وَضَعَّفَهُ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب الوضوء بسؤر الهرة والرخصة في ذلك]

[بَاب الْوُضُوءِ بِسُؤْرِ الْهِرَّةِ وَالرُّخْصَةِ في ذلك] بَاب الْوُضُوءِ بِسُؤْرِ الْهِرَّةِ وَالرُّخْصَةِ 367 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ أَنْبَأَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ أَخْبَرَنِي إِسْحَقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ حُمَيْدَةَ بِنْتِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ كَبْشَةَ بِنْتِ كَعْبٍ وَكَانَتْ تَحْتَ بَعْضِ وَلَدِ أَبِي قَتَادَةَ «أَنَّهَا صَبَّتْ لِأَبِي قَتَادَةَ مَاءً يَتَوَضَّأُ بِهِ فَجَاءَتْ هِرَّةٌ تَشْرَبُ فَأَصْغَى لَهَا الْإِنَاءَ فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِ فَقَالَ يَا ابْنَةَ أَخِي أَتَعْجَبِينَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ هِيَ مِنْ الطَّوَّافِينَ أَوْ الطَّوَّافَاتِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَا يَتَوَضَّأُ بِهِ) هُوَ بِالْمَدِّ وَجُمْلَةُ يَتَوَضَّأُ بِهِ صِفَةٌ لَهُ أَوْ بِالْقَصْرِ وَالْجُمْلَةُ تَحْتَمِلُ الصِّلَةَ وَالصِّفَةَ قَوْلُهُ (فَجَاءَتْ هِرَّةٌ تَشْرَبُ) أَيْ تُرِيدُ الشُّرْبَ وَفَأَصْغَى لَهَا أَيْ أَمَالَ لَهَا الْإِنَاءَ قَوْلُهُ (لَيْسَتْ بِنَجَسٍ) بِفَتْحَتَيْنِ مَصْدَرُ نَجِسَ الشَّيْءُ بِالْكَسْرِ فَلِذَلِكَ لَمْ يُؤَنَّثْ لَمَّا لَمْ يُجْمَعْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28] وَالصِّفَةُ مِنْهُ نَجِسٌ بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ وَلَوْ جُعِلَ الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ صِفَةً لَاحْتَاجَ الْمَذْكُورُ إِلَى التَّأْوِيلِ أَيْ لَيْسَتْ بِنَجَسٍ مَا تَلَغُ فِيهِ قَوْلُهُ (مِنَ الطَّوَّافِينْ أَوِ الطَّوَّافَاتِ) هُوَ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي وَالْبَيَانُ أَنَّ ذُكُورَهَا مِنَ الطَّوَّافِينَ وَالْإِنَاثَ مِنَ الطَّوَّافَاتِ وَالْجَمْعُ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ فِي الذُّكُورِ تَشْبِيهًا لَهُ بِالْعَبِيدِ وَالْخَدَمِ الْعُقَلَاءِ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ عَلَى الْإِنْسَانِ وَيَطُوفُونَ حَوْلَهُ لِلْخِدْمَةِ وَهَذَا إِشَارَةٌ إِلَى عِلَّةِ الْحُكْمِ بِطَهَارَتِهَا وَهِيَ أَنَّهَا كَثِيرَةُ الدُّخُولِ فَفِي الْحُكْمِ بِنَجَاسَتِهَا حَرَجٌ مَدْفُوعٌ وَظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي سُؤْرِهَا وَعَلَيْهِ الْعَامَّةُ وَمَنْ قَالَ بِالْكَرَاهَةِ فَلَعَلَّهُ يَقُولُ إِنَّ اسْتِعْمَالَ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ السُّؤْرَ كَانَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَاسْتِعْمَالُ غَيْرِهِ لَا دَلِيلَ فِيهِ وَفِي مَجْمَعِ الْبِحَارِ الْحَنَفِيَّةِ خَالَفُوهُ وَقَالَ لَا بَأْسَ بِالْوُضُوءِ بِسُؤْرِ الْهِرَّةِ.

368 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ أَبُو حَجَرٍ وَإِسْمَعِيلُ بْنُ تَوْبَةَ قَالَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ حَارِثَةَ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كُنْتُ أَتَوَضَّأُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ قَدْ أَصَابَتْ مِنْهُ الْهِرَّةُ قَبْلَ ذَلِكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (قَدْ أَصَابَتْ مِنْهُ الْهِرَّةُ) أَيْ وَكَانَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَعْلَمُ ذَلِكَ إِذِ السَّوْقُ لِلِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى طَهَارَةِ السُّؤْرِ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِذَلِكَ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ حَارِثَةُ بْنُ أَبِي الرِّجَالِ ضَعِيفٌ.

369 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ الْحَنَفِيَّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْهِرَّةُ لَا تَقْطَعُ الصَّلَاةَ لِأَنَّهَا مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (الْهِرَّةُ لَا تَقْطَعُ الصَّلَاةَ) أَيْ كَمَا يَقْطَعُهَا الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ وَالْحِمَارُ وَالْمَرْأَةُ فَإِنَّهَا مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ إِلَّا أَنْ تُعْتَبَرَ مَعَ ذَلِكَ أَنَّ الْهِرَّةَ لَا يُمْكِنُ ضَبْطُهَا بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ وَتَرَكَ ذِكْرَ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ لِظُهُورِهِ أَوِ الْمَطْلُوبُ فِي الْحَدِيثِ بَيَانُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْهِرَّةِ وَبَيْنَ الْكَلْبِ الْأَسْوَدِ وَالْحِمَارِ فَقَطْ وَفِي الزَّوَائِدِ رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ فِي

الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ حَدِيثِ بُنْدَارٍ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ سَارِيَةَ.

[باب الرخصة بفضل وضوء المرأة]

[بَاب الرُّخْصَةِ بِفَضْلِ وَضُوءِ الْمَرْأَةِ] 370 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «اغْتَسَلَ بَعْضُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَفْنَةٍ فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَغْتَسِلَ أَوْ يَتَوَضَّأَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ جُنُبًا قَالَ الْمَاءُ لَا يُجْنِبُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فِي جَفْنَةٍ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَيْ قَصْعَةٍ كَبِيرَةٍ وَقَوْلُهُ الْمَاءُ لَا يَجْنَبُ مِنْ أَجْنَبَ أَيْ لَا يَتَنَجَّسُ بِاسْتِعْمَالِ الْجُنُبِ مِنْهُ وَلَا يَظْهَرُ فِيهِ أَثَرُ جَنَابَتِهِ بِحَيْثُ لَا يَحِلُّ اسْتِعْمَالُهُ.

371 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اغْتَسَلَتْ مِنْ جَنَابَةٍ فَتَوَضَّأَ أَوْ اغْتَسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فَضْلِ وَضُوئِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مِنْ فَضْلِ وَضُوئِهَا) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَبِمَعْنَى الطَّهُورِ بِفَتْحِ الطَّاءِ.

372 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَإِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالُوا حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ بِفَضْلِ غُسْلِهَا مِنْ الْجَنَابَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (بِفَضْلِ غُسْلِهَا) الْغُسْلُ بِالضَّمِّ يُطْلَقُ عَلَى الْمَاءِ الَّذِي يُغْسَلُ بِهِ وَعَلَى النَّوْعِ الْمَعْرُوفِ مِنْ أَنْوَاعِ الطَّهَارَةِ وَهَاهُنَا يَحْتَمِلُ الْوَجْهَيْنِ فَعَلَى الثَّانِي يُقَدَّرُ الْمُضَافُ أَيْ فَضْلُ مَاءِ غُسْلِهَا وَعَلَى الْأَوَّلِ مِنَ الْجَنَابَةِ يَتَعَلَّقُ بِمَا فِي ضِمْنِ الْغُسْلِ يَعْنِي الْمَاءَ مِنْ فِعْلِ الِاغْتِسَالِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

[باب النهي عن ذلك]

[بَاب النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ] 373 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنْ أَبِي حَاجِبٍ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عَمْرٍو «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يَتَوَضَّأَ الرَّجُلُ بِفَضْلِ وَضُوءِ الْمَرْأَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (بِفَضْلِ وُضُوءِ الْمَرْأَةِ) الْمُرَادُ بِالْفَضْلِ الْمُسْتَعْمَلُ فِي الْأَعْضَاءِ لَا الْبَاقِي.

374 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَغْتَسِلَ الرَّجُلُ بِفَضْلِ وَضُوءِ الْمَرْأَةِ وَالْمَرْأَةُ بِفَضْلِ الرَّجُلِ وَلَكِنْ يَشْرَعَانِ جَمِيعًا» قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ بْن مَاجَةَ الصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي وَهْمٌ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو عُثْمَانَ الْمُحَارِبِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (بِفَضْلِ وُضُوءِ الْمَرْأَةِ) الْمُرَادُ بِالْفَضْلِ الْمُسْتَعْمَلُ فِي الْأَعْضَاءِ لَا الْبَاقِي وَالتَّخْصِيصُ الذِّكْرِيُّ اتِّفَاقِيٌّ لَا مَفْهُومَ لَهُ لَكِنَّ قَوْلَهُ وَلَكِنْ يُشْرَعَانِ جَمِيعًا وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ وَلْيَفْتَرِقَا جَمِيعًا يَأْبَى ذَلِكَ وَقِيلَ بَلِ النَّهْيُ مَحْمُولٌ عَلَى التَّنْزِيهِ وَقَدْ رَأَى بَعْضُهُمْ أَنَّ تَعَارُضَ هَذَا الْحَدِيثِ أَقْوَى فَأَخَذُوا بِهِ وَتَرَكُوا هَذَا الْحَدِيثَ وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ وَلَمْ يُصَحِّحْ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدِيثَ الْحَكَمِ بْنِ عَمْرٍو وَإِنْ ثَبَتَ فَمَنْسُوخٌ وَبِالْجُمْلَةِ فَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ فَضْلِ الطَّهُورِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ جَمِيعًا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمُ الْوُضُوءُ بِفَضْلِ طَهُورِ الْمَرْأَةِ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ

قَوْلُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يُرِيدُ الْمُؤَلِّفُ نَفْسَهُ أَوْ هُوَ مِنْ كَلَامِ مِنْ رَوَى عَنْهُ (الصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ) يُرِيدُ الصَّوَابُ حَدِيثُ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي حَاجِبٍ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عَمْرٍو.

375 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَهْلُهُ يَغْتَسِلُونَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ وَلَا يَغْتَسِلُ أَحَدُهُمَا بِفَضْلِ صَاحِبِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يَغْتَسِلُونَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ) أَيْ مَعًا وَلَا يَغْسِلُ إِلَخْ مَحْمُولٌ عَلَى الْعِلْمِ وَهُوَ بَيَانُ مَا هُوَ الْغَالِبُ وَإِلَّا فَقَدْ ثَبَتَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ السَّابِقِ خِلَافُهُ وَالتَّقْدِيمُ لِلْإِثْبَاتِ لَا لِلنَّفْيِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ وَكَذَّبَهُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ وَغَيْرُهُ.

[باب الرجل والمرأة يغتسلان من إناء واحد]

[بَاب الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ يَغْتَسِلَانِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ] 376 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ) أَيْ مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبِينَ لَكِنْ قَدْ جَاءَ صَرِيحًا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ فَيَنْبَغِي الْحَمْلُ عَلَيْهِ وَفِي حَدِيثِ مَيْمُونَةَ جَاءَ التَّعَاقُبُ كَمَا تَقَدَّمَ فَيُمْكِنُ الْحَمْلُ عَلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

377 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ خَالَتِهِ مَيْمُونَةَ قَالَتْ «كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ»

378 - حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْأَشْعَرِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أُمِّ هَانِئٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اغْتَسَلَ وَمَيْمُونَةَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ فِي قَصْعَةٍ فِيهَا أَثَرُ الْعَجِينِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فِي قَصْعَةٍ) أَيْ مِنْ قَصْعَةٍ وَهُوَ بَدَلٌ مِمَّا قَبْلَهُ وَالْقَصْعَةُ نَوْعٌ مِنَ الْإِنَاءِ فِيهَا أَثَرُ الْعَجِينِ إِذِ الطَّاهِرُ الْقَلِيلُ لَا يُخْرِجُ الْمَاءَ عَنِ الطَّهُورِيَّةِ.

379 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْأَسَدِيُّ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَزْوَاجُهُ يَغْتَسِلُونَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ جَابِرٍ إِلَخْ) وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ حَسَنٌ.

380 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ «أَنَّهَا كَانَتْ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْتَسِلَانِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ»

[باب الرجل والمرأة يتوضآن من إناء واحد]

[بَاب الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ يَتَوَضَّآَنِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ] 381 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «كَانَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ يَتَوَضَّئُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (كَانَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ) قِيلَ قَبْلَ الْحِجَابِ وَقِيلَ بَلْ هِيَ الزَّوْجَاتُ وَالْمَحَارِمُ وَذَكَرَ السُّيُوطِيُّ عَنِ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ يُرِيدُ كُلُّ رَجُلٍ مَعَ امْرَأَتِهِ قَالَ وَمِثْلُ هَذَا اللَّفْظِ يُرَادُ بِهِ أَنَّهُ كَانَ مَشْهُورًا فِي ذَلِكَ الْعَهْدِ وَكَانَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لَا يُنْكِرُ عَلَيْهِ وَلَا يُغَيِّرُهُ اهـ وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُهُمْ عَلَى جَوَازِ اسْتِعْمَالِ فَضْلِ الْمَرْأَةِ لِلرَّجُلِ قُلْتُ تَقْدِيرًا لِاسْتِدْلَالِ أَنَّ هَذَا قَدْ يُؤَدِّي إِلَى فَرَاغِ الْمَرْأَةِ قَبْلَ الرَّجُلِ فَيُؤَدِّي إِلَى اسْتِعْمَالِ الْفَضْلِ فَلَوْ كَانَ مَمْنُوعًا لَمَا فَعَلُوا هَذَا الْفَضْلَ.

382 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ النُّعْمَانِ وَهُوَ ابْنُ سَرْحٍ عَنْ أُمِّ صُبَيَّةَ الْجُهَنِيَّةِ قَالَتْ «رُبَّمَا اخْتَلَفَتْ يَدِي وَيَدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْوُضُوءِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ» قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ بْن مَاجَةَ سَمِعْتُ مُحَمَّدًا يَقُولُ أُمُّ صُبَيَّةَ هِيَ خَوْلَةُ بِنْتُ قَيْسٍ فَذَكَرْتُ لِأَبِي زُرْعَةَ فَقَالَ صَدَقَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ أُمِّ صُبْيَةَ) بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْيَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ اخْتَلَفَتْ يَدِي يَدُلُّ عَلَى وُضُوئِهِمَا مَعًا وَلَعَلَّهُ كَانَ قَبْلَ الْحِجَابِ أَوْ يَكُونُ أَحَدُهُمَا وَرَاءَ الْحِجَابِ مَعَ وُضُوءِ لِأَيْدِيهِمَا فِي إِنَاءٍ بَيْنَهُمَا.

383 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ شَبِيبٍ حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ هَرَمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ عَائِشَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمَا كَانَا يَتَوَضَّآَنِ جَمِيعًا لِلصَّلَاةِ»

[باب الوضوء بالنبيذ]

[بَاب الْوُضُوءِ بِالنَّبِيذِ] 384 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ أَبِيهِ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي فَزَارَةَ الْعَبْسِيِّ عَنْ أَبِي زَيْدٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ لَيْلَةَ الْجِنِّ عِنْدَكَ طَهُورٌ قَالَ لَا إِلَّا شَيْءٌ مِنْ نَبِيذٍ فِي إِدَاوَةٍ قَالَ تَمْرَةٌ طَيِّبَةٌ وَمَاءٌ طَهُورٌ فَتَوَضَّأَ هَذَا حَدِيثُ وَكِيعٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عِنْدَكَ طَهُورٌ) بِالْفَتْحِ هُوَ بِتَقْدِيرِ حَرْفِ الِاسْتِفْهَامِ قَوْلُهُ (تَمْرَةٌ طَيِّبَةٌ وَمَاءٌ طَهُورٌ) أَيْ فَلَا يَضُرُّ اخْتِلَاطُهَا وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ أَخَذَ بِهِ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَالْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ قِيلَ مَدَارُ الْحَدِيثِ عَلَى أَبِي زَيْدٍ وَهُوَ مَجْهُولٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ كَمَا ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ قُلْتُ وَيَرُدُّهُ إِخْرَاجُ الْمُصَنِّفِ الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَعَمْ فِي إِسْنَادِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ

ابْنُ لَهِيعَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ لَكِنَّ دَعْوَى تَفَرُّدِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ بَاطِلٌ وَأَشَارَ أَبُو دَاوُدَ إِلَى أَنَّهُ مَعَارِضٌ بِأَقْوَى مِنْهُ وَهُوَ مَا صَحَّ عَنْ عَلْقَمَةَ أَنَّهُ قَالَ لِابْنِ مَسْعُودٍ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لَيْلَةَ الْجِنِّ فَقَالَ مَا كَانَ مَعَهُ أَحَدٌ مِنَّا وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ ثَبَتَ وَرُدَّ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بِحَمْلِ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ مَا كَانَ مَعَهُ عِنْدَ مُكَالَمَتِهِ الْجِنَّ وَدُعَائِهِمُ الْإِسْلَامَ وَقَوْلُ التِّرْمِذِيِّ قَوْلُ مَنْ يَقُولُ لَا يُؤْمِنُوا مِنَّا بِالتَّشْدِيدِ أَقْرَبُ إِلَى الْكِتَابِ وَأَشْبَهُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43] اهـ قُلْتُ يُرِيدُ مَاءَ الشَّبَهِ لَا يُسَمَّى مُطْلَقًا فَوَاجِدُهُ لَيْسَ وَاجِدَ مَاءٍ فَيَجِبُ عَلَيْهِ التَّيَمُّمُ بِنَصِّ الْكِتَابِ وَالْحَدِيثِ وَإِنْ صَحَّ فَمِنْ أَحَادِيثِ الْآحَادِ فَلَا يُعَارِضُ الْكِتَابَ وَلَوْ صَلُحَ مُعَارِضًا لَكَانَ الْكِتَابُ نَاسِخًا لَهُ لِأَنَّ الْحَدِيثَ مَكِّيٌّ وَالْكِتَابَ مَدَنِيٌّ قُلْتُ وَقَدِ اعْتَرَفَ الْمُحَقِّقُونَ كَالنَّوَوِيِّ وَالتُّورْبَشْتِيِّ وَالْمُحَقِّقِ بْنِ الْهُمَامِ بِقُوَّةِ هَذَا الْكَلَامِ وَقَالَ الْمُحَقِّقُ إِنَّهُ الَّذِي مَالَ إِلَيْهِ الْمُتَأَخِّرُونَ.

385 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الْحَجَّاجِ عَنْ حَنَشٍ الصَّنْعَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِابْنِ مَسْعُودٍ لَيْلَةَ الْجِنِّ مَعَكَ مَاءٌ قَالَ لَا إِلَّا نَبِيذًا فِي سَطِيحَةٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمْرَةٌ طَيِّبَةٌ وَمَاءٌ طَهُورٌ صُبَّ عَلَيَّ قَالَ فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ فَتَوَضَّأَ بِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فِي سَطِيحَةٍ) هِيَ مِنْ أَوَانِي الْمَاءِ مَا كَانَ مِنْ جِلْدَيْنِ قُوبِلَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ فَسَطَحَ عَلَيْهِ وَتَكُونُ صَغِيرَةً وَكَبِيرَةً وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ قَدْ تَفَرَّدَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي سَنَدِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ لِمَا تَقَدَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب الوضوء بماء البحر]

[بَاب الْوُضُوءِ بِمَاءِ الْبَحْرِ] 386 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ حَدَّثَنِي صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ هُوَ مِنْ آلِ ابْنِ الْأَزْرَقِ أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ أَبِي بُرْدَةَ وَهُوَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ وَنَحْمِلُ مَعَنَا الْقَلِيلَ مِنْ الْمَاءِ فَإِنْ تَوَضَّأْنَا بِهِ عَطِشْنَا أَفَنَتَوَضَّأُ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَطِشْنَا) بِكَسْرِ الطَّاءِ الظَّمَأُ وَقَوْلُهُ الطَّهُورُ بِفَتْحِ الطَّاءِ قِيلَ هُوَ الْمُبَالَغَةُ مِنَ الطَّهَارَةِ فَيُفِيدُ التَّطَهُّرَ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ اسْمٌ لِمَا يُتَطَهَّرُ بِهِ كَالْوُضُوءِ لِمَا يُتَوَضَّأُ بِهِ وَلَهُ نَظَائِرُ فَهُوَ اسْمٌ لِلْآلَةِ قَوْلُهُ (الْحِلُّ) أَيْ مَاؤُهُ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْحَلَالُ مَيْتَتُهُ بِفَتْحِ الْمِيمِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَعَوَامُّ النَّاسِ يَكْسِرُونَهَا وَإِنَّمَا هُوَ بِالْفَتْحِ يُرِيدُ

حَيَوَانَ الْبَحْرِ إِذَا مَاتَ فِيهِ وَلَمَّا كَانَ مَاؤُهُ مُشْعِرًا بِالْفَرْقِ بَيْنَ مَاءِ الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ أَجَابَ بِمَا يُفِيدُ اتِّحَادَ حُكْمِ الْكُلِّ بِالتَّفْصِيلِ وَلَمْ يَكْتَفِ بِقَوْلِهِ نَعَمْ فَهُوَ إِطْنَابٌ فِي الْجَوَابِ فِي مَحَلِّهِ وَهَذَا شَأْنُ الْمُرْشِدِ الْحَكِيمِ وَقَالَ الطِّيبِيُّ تَعْرِيفُ الطَّرَفَيْنِ لِلْحَصْرِ لِإِفَادَةِ أَنَّهُ لَا يَتَجَاوَزُ إِلَى النَّجَاسَةِ وَالْحُرْمَةِ قُلْتُ أَوْ هُوَ لِإِفَادَةِ ظُهُورِ ثُبُوتِ الطَّهُورِيَّةِ وَالْحِلِّ لِكَثْرَةِ الْمَاءِ وَسَعَتِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِثُبُوتِ أَحْكَامِ الْمِيَاهِ لَهُ وَهَذَا كَمَا قَالُوا فِي قَوْلِ حَسَّانَ وَوَلَدَاكَ الْعَبْدُ أَنَّ التَّعْرِيفَ لِإِفَادَةِ الطَّهُورِ.

387 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ بَكْرِ بْنِ سَوَادَةَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ مَخْشِيٍّ عَنْ ابْنِ الْفِرَاسِيِّ قَالَ «كُنْتُ أَصِيدُ وَكَانَتْ لِي قِرْبَةٌ أَجْعَلُ فِيهَا مَاءً وَإِنِّي تَوَضَّأْتُ بِمَاءِ الْبَحْرِ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مُسْلِمِ بْنِ مَخْشِي) هُوَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ كَمَرْضِيٍّ عَنِ ابْنِ الْفِرَاسِيِّ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَالسِّينِ وَفِي الزَّوَائِدِ رِجَالُ هَذَا الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ مُسْلِمًا لَمْ يَسْمَعْ مِنَ الْفِرَاسِيِّ إِنَّمَا سَمِعَ مِنَ ابْنِ الْفِرَاسِيِّ وَلَا صُحْبَةَ لَهُ وَإِنَّمَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِيهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ سَقَطَ مِنْ هَذِهِ الطَّرِيقِ.

388 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ قَالَ حَدَّثَنِي إِسْحَقُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ابْنِ مِقْسَمٍ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ مَاءِ الْبَحْرِ فَقَالَ هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْهَسْتَجَانِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ حَدَّثَنِي إِسْحَقُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ هُوَ ابْنُ مِقْسَمٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ جَابِرٍ) فِي الزَّوَائِدِ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ بِهِ وَكَذَا الدَّارَقُطْنِيُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب الرجل يستعين على وضوئه فيصب عليه]

[بَاب الرَّجُلِ يَسْتَعِينُ عَلَى وُضُوئِهِ فَيَصُبُّ عَلَيْهِ] 389 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ «خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبَعْضِ حَاجَتِهِ فَلَمَّا رَجَعَ تَلَقَّيْتُهُ بِالْإِدَاوَةِ فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثُمَّ ذَهَبَ يَغْسِلُ ذِرَاعَيْهِ فَضَاقَتْ الْجُبَّةُ فَأَخْرَجَهُمَا مِنْ تَحْتِ الْجُبَّةِ فَغَسَلَهُمَا وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ ثُمَّ صَلَّى بِنَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (بِالْإِدَاوَةِ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ إِنَاءٌ صَغِيرٌ مِنْ جِلْدٍ وَقَوْلُهُ ثُمَّ ذَهَبَ أَيْ شَرَعَ وَيَغْسِلُ أَيْ يَكْشِفُهُمَا وَيَغْسِلُهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ وَذِرَاعَيْهِ أَيْ أَرَادَ يَغْسِلُ ذِرَاعَيْهِ قَوْلُهُ (الْجُبَّةِ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ نَوْعٌ مِنَ الثِّيَابِ مَعْرُوفٌ قَوْلُهُ (وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ ثُمَّ صَلَّى بِنَا) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ أَمَّهُمْ

وَالْمَشْهُورُ الثَّابِتُ أَنَّ هَذِهِ الْوَاقِعَةَ كَانَتْ وَقْتَ الصُّبْحِ وَأَمَّهُمْ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَالنَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَدْرَكَ النَّاسَ وَهُمْ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ خَلْفَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَجَاءَ فَصَلَّى خَلْفَهُ رَكْعَةً ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى مَا سُبِقَ بِهِ فَأَمَّا أَنْ يُقَالَ صَلَّى بِنَا بِمَعْنَى أَنَّهُ صَلَّى مَعَنَا أَوْ يُقَالَ الْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى بِهِمْ ظُهْرَ ذَلِكَ الْيَوْمِ مَعَ تِلْكَ الطَّهَارَةِ.

390 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قَالَتْ «أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِيضَأَةٍ فَقَالَ اسْكُبِي فَسَكَبْتُ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ وَأَخَذَ مَاءً جَدِيدًا فَمَسَحَ بِهِ رَأْسَهُ مُقَدَّمَهُ وَمُؤَخَّرَهُ وَغَسَلَ قَدَمَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (الرُّبَيِّعِ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَتُشَدُّ الْيَاءُ قَوْلُهُ (بِمِيضَأَةٍ) هِيَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَالْقَصْرِ وَقَدْ يُمَدُّ مَطْهَرَةٌ يَتَوَضَّأُ مِنْهَا وَزْنُهَا مَفْعَلَةٌ وَمُفْعَالَةٌ وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ قَوْلُهُ (اسْكُبِي) مِنْ سَكَبَ كَنَصَرَ بِمَعْنَى صَبَّ وَلَعَلَّهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ رَآهَا رَاغِبَةً فِي ذَلِكَ فَأَذِنَ لَهَا فِيهِ وَقَوْلُهُ مُقَدَّمُهُ وَمُؤَخَّرُهُ أَيِ اسْتَوْعَبَ الرَّأْسَ بِالْمَسْحِ.

391 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ حَدَّثَنِي حُذَيْفَةُ بْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ الْأَزْدِيُّ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ قَالَ «صَبَبْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَاءَ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ فِي الْوُضُوءِ»

392 - حَدَّثَنَا كُرْدُوسُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ رَوْحٍ حَدَّثَنَا أَبِي رَوْحُ بْنُ عَنْبَسَةَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْبَسَةَ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ أَبِيهِ أُمِّ عَيَّاشٍ وَكَانَتْ أَمَةً لِرُقَيَّةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ «كُنْتُ أُوَضِّئُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا قَائِمَةٌ وَهُوَ قَاعِدٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَأَنَا قَائِمَةٌ وَهُوَ قَاعِدٌ) يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْقِيَامِ عِنْدَ الْقَاعِدِ لِحَاجَةٍ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ مَجْهُولٌ وَعَبْدُ الْكَرِيمِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب في الرجل يستيقظ من منامه هل يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها]

[بَاب فِي الرَّجُلِ يَسْتَيْقِظُ مِنْ مَنَامِهِ هَلْ يُدْخِلُ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا] 393 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَقُولُ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ اللَّيْلِ فَلَا يُدْخِلْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يُفْرِغَ عَلَيْهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي فِيمَ بَاتَتْ يَدُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (حَتَّى يُفْرِغَ) مِنَ الْإِفْرَاغِ أَيْ يَصُبَّ قَوْلُهُ (فِيمَ) أَيْ فِي أَيْ مَحَلٍّ أَيْ لَعَلَّهَا بَاتَتْ فِي مَحَلِّ النَّجَاسَةِ قَالُوا هَذَا التَّعْلِيلُ يُفِيدُ أَنَّ الْغُسْلَ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ النَّجَاسَةِ وَالتَّوَهُّمُ لَا يَقْتَضِي

أَزْيَدَ مِنِ اسْتِحْبَابِ الْغُسْلِ فَيُحْمَلُ النَّهْيُ عَلَى التَّنْزِيهِ بِقَرِينَةِ التَّعْلِيلِ وَيُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ تَثْلِيثُ الْغُسْلِ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ الْغَيْرِ الْمَرْئِيَّةِ إِذَا مَا شَرَعَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ عِنْدَ تَوَهُّمِهَا إِلَّا لِأَجْلِ إِزَالَتِهَا فَعُلِمَ أَنَّ إِزَالَتَهَا تَتَوَقَّفُ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَكُونُ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ إِذْ يُفِيدُ أَنَّ إِزَالَتَهَا عِنْدَ تَحَقُّقِهَا بِمَرَّةٍ وَيُشْرَعُ عِنْدَ تَوَهُّمِهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لِإِزَالَتِهَا.

394 - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ وَجَابِرُ بْنُ إِسْمَعِيلَ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يُدْخِلْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ إِلَخْ) لَفْظُهُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ فَلَا يَغْمِسْ وَهُوَ بِالتَّخْفِيفِ مِنْ بَابِ ضَرَبَ هُوَ الْمَشْهُورُ أَوْ بِالتَّشْدِيدِ مِنْ بَابِ التَّفْعِيلِ أَيْ فَلَا يُدْخِلْ وَقَوْلُهُ حَتَّى يَغْسِلَهَا أَيِ الثَّلَاثَ حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ وَقَالَ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ اهـ قُلْتُ كَأَنَّهُ لِانْضِمَامِ جَابِرِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ إِلَى ابْنِ لَهِيعَةَ وَإِلَّا فَابْنُ لَهِيعَةَ مَشْهُورٌ بِالضَّعْفِ.

395 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ تَوْبَةَ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَكَّائِيُّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ النَّوْمِ فَأَرَادَ أَنْ يَتَوَضَّأَ فَلَا يُدْخِلْ يَدَهُ فِي وَضُوئِهِ حَتَّى يَغْسِلَهَا فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ وَلَا عَلَى مَا وَضَعَهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَلَا يُدْخِلْ يَدَهُ فِي وَضُوئِهِ) هُوَ بِفَتْحِ الْوَاوِ الْمَاءُ الْمُعَدُّ لِلْوُضُوءِ وَقَوْلُهُ وَلَا عَلَى مَا وَضَعَهَا أَيْ وَلَا يَدْرِي عَلَى أَيْ شَيْءٍ وَضَعَهَا أَيِ الْيَدَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

396 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ الْحَارِثِ قَالَ «دَعَا عَلِيٌّ بِمَاءٍ فَغَسَلَ يَدَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهُمَا الْإِنَاءَ ثُمَّ قَالَ هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَنَعَ»

[باب ما جاء في التسمية على الوضوء]

[بَاب مَا جَاءَ فِي التَّسْمِيَةِ عَلَى الْوُضُوءِ] 397 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ ح وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ قَالُوا حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ رُبَيْحِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرْ إِلَخْ) حَمَلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى مَعْنَى الْوُضُوءِ كَامِلًا وَيُبْعِدُهُ الْقُرْآنُ لِمَا قَبْلَهُ فِي الرِّوَايَاتِ الْآتِيَةِ وَوَضْعُ الْكَلَامِ عَلَى هَيْئَةِ الْبُرْهَانِ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ بَيَانُ الْأَحْكَامِ لَكِنَّ حَمْلَهُ عَلَى الْبُرْهَانْ أَوْجَهُ وَآكَدُ وَقَدْ

عُدَّ مِنَ الْمُسْتَحْسَنَاتِ الْبَدِيعِيَّةِ فِي فَيْحِ الْكَلَامِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: 22] وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ وَسَأَلَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ابْنَ تَيْمِيَةَ فِي الْوُضُوءِ فَقَالَ لَا أَعْلَمُ فِيهِ حَدِيثًا أَثْبَتَ وَأَقْوَى شَيْءٍ فِيهِ حَدِيثُ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ رُبَيْحٍ لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ اهـ وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ أَحْوَالُهُ لَا بَأْسَ بِهِ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي الْعِلَلِ عَنِ الْبُخَارِيِّ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ.

398 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا يَزِيدُ بْنُ عِيَاضٍ حَدَّثَنَا أَبُو ثِفَالٍ عَنْ رَبَاحِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ أَنَّهُ سَمِعَ جَدَّتَهُ بِنْتَ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ تَذْكُرُ أَنَّهَا سَمِعَتْ أَبَاهَا سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ يَقُولُ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا وُضُوءَ لَهُ وَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ»

399 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ سَلَمَةَ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا وُضُوءَ لَهُ وَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ»

400 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ عَبْدِ الْمُهَيْمِنِ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا وُضُوءَ لَهُ وَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَلَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ وَلَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا يُحِبُّ الْأَنْصَارَ» قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مَرْحُومٍ الْعَطَّارُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمُهَيْمِنِ بْنُ عَبَّاسٍ فَذَكَرَ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَلَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ فِي عُمُرِهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَرَاهَا فَرْضًا فِي الْعُمُرِ أَوْ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُبَالِي بِتَرْكِهَا فِي تَمَامِ الْعُمُرِ وَكَذَا قَوْلُهُ (لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا يُحِبُّ الْأَنْصَارَ) أَيْ لَا يُبَالِي بِنُصْرَتِهِمْ وَلَا يَرَى لَهُمْ فَضْلًا لِذَلِكَ وَعَنِ الشَّافِعِيِّ مَعْنَى قَوْلِهُ (لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ) أَيْ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ بِافْتِرَاضِ الصَّلَاةِ فِي الصَّلَاةِ وَفِي الزَّوَائِدِ ضَعِيفٌ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى ضَعْفِ عَبْدِ الْمُهَيْمِنِ لَكِنْ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ عَبْدُ الْمُهَيْمِنِ فَقَدْ تَابَعَهُ عَلَيْهِ ابْنُ أَخِي عَبْدِ الْمُهَيْمِنِ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْمُعْجَمِ الْكَبِيرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب التيمن في الوضوء]

[بَاب التَّيَمُّنِ فِي الْوُضُوءِ] 401 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ ح وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُحِبُّ التَّيَمُّنَ فِي الطُّهُورِ إِذَا تَطَهَّرَ وَفِي تَرَجُّلِهِ إِذَا تَرَجَّلَ وَفِي انْتِعَالِهِ إِذَا انْتَعَلَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يُحِبُّ التَّيَمُّنَ) أَيْ الِابْتِدَاءَ بِالْيَمِينِ أَيْ فِيمَا لَمْ يُعْهَدْ فِيهِ الْمُقَارَنَةُ وَيَكُونُ مِنْ بَابِ التَّشْرِيفِ بِخِلَافِ غَسْلِ الْوَجْهِ

وَمَسْحِ الرَّأْسِ وَالْأُذُنَيْنِ فَإِنَّ الْمَعْهُودَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ قِرَانُ الْيَسَارِ بِالْيَمِينِ بِخِلَافِ الْخُرُوجِ مِنَ الْمَسْجِدِ وَالدُّخُولِ فِيهِ فَإِنَّ أَمْثَالَهُمَا لَيْسَتْ مِنْ بَابِ التَّشْرِيفِ فَالْبِدَايَةُ بِالْيَسَارِ فِيهَا أَحَقُّ قَوْلُهُ (فِي الطُّهُورِ) بِضَمِّ الطَّاءِ وَفِي تَرَجُّلِهِ هُوَ تَسْرِيحُ الشَّعْرِ وَفِي انْتِعَالِهِ أَيْ لُبْسِ النَّعْلِ.

402 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَوَضَّأْتُمْ فَابْدَءُوا بِمَيَامِنِكُمْ» قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ صَالِحٍ وَابْنُ نُفَيْلٍ وَغَيْرُهُمَا قَالُوا حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ فَذَكَرَ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَابْدَءُوا بِمَيَامِنِكُمْ) هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ كَانَ يُحِبُّ التَّيَمُّنَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب المضمضة والاستنشاق من كف واحد]

[بَاب الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ مِنْ كَفٍّ وَاحِدٍ] 403 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَرَّاحِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ مِنْ غُرْفَةٍ وَاحِدَةٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مِنْ غَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ) جُوِّزَ فِي مِثْلِهِ فَتْحُ الْغَيْنِ وَضَمُّهَا قِيلَ الْغَرْفَةُ بِالْفَتْحِ فِي الْأَصْلِ الْمَرَّةُ مِنَ الِاغْتِرَافِ وَبِالضَّمِّ الْمَاءُ الْمَعْرُوفُ فِي الْيَدِ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ فَعَلَهُمَا جَمِيعًا مِنْ غَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ فَقِيلَ فَعَلَهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَالسُّنَّةُ أَنْ يَأْخُذَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مَاءً جَدِيدًا وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَقِيلَ بَلْ قَدْ جَاءَ الْوَجْهَانِ فَهُمَا سُنَّتَانِ نَعَمِ الْأَوْلَى أَخْذُ الْمَاءِ لِكُلِّ وَاحِدٍ قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الْأَعْضَاءِ وَإِلَى هَذَا يَمِيلُ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ فَعَلَ كُلًّا مِنْهُمَا مِنْ غَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ وَالْمَقْصُودُ بَيَانُ أَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى الْمَرَّةِ بِغَرْفَةِ الْكَفِّ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ فَعَلَهُمَا بِيَدٍ وَاحِدَةٍ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ اسْتَعْمَلَ الْيَمِينَ فِيهِمَا دَفْعًا لِتَوَهُّمِ أَنَّ الِاسْتِنْشَاقَ يَتَعَلَّقُ بِالْأَنْفِ وَهُوَ مَحَلٌّ لِلْأَذَى فَالْمُنَاسِبُ لَهُ اسْتِعْمَالُ الْيَسَارِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الظَّاهِرَ عَلَى هَذَا أَنْ يُقَالَ بِكَفٍّ وَاحِدٍ لَا مِنْ كَفٍّ وَاحِدٍ إِلَّا أَنْ يُقَالَ مِنْ بِمَعْنَى الْبَاءِ وَبِالْجُمْلَةِ الْمُتَبَادَرُ مِنْ لَفْظِ الْحَدِيثِ هُوَ الْمَعْنَى الْأَوَّلُ فَلِذَلِكَ جَزَمَ بِهِ الْأَئِمَّةُ وَأَهْلُ الْحَدِيثِ.

404 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ خَالِدِ بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ عَنْ عَلِيٍّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ فَمَضْمَضَ ثَلَاثًا وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا مِنْ كَفٍّ وَاحِدٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ عَلِيٍّ) فِي الزَّوَائِدِ رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحَيْهِمَا مِنْ طَرِيقِ خَالِدِ بْنِ عَلْقَمَةَ.

405 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ الْعُكْلِيُّ عَنْ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ «أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَنَا وَضُوءًا فَأَتَيْتُهُ بِمَاءٍ فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ مِنْ كَفٍّ وَاحِدٍ»

[باب المبالغة في الاستنشاق والاستنثار]

[بَاب الْمُبَالَغَةِ فِي الِاسْتِنْشَاقِ وَالِاسْتِنْثَارِ] 406 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ مَنْصُورٍ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ قَيْسٍ قَالَ «قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَوَضَّأْتَ فَانْثُرْ وَإِذَا اسْتَجْمَرْتَ فَأَوْتِرْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَانْثُرْ) يُقَالُ نَثَرَ وَانْتَثَرَ إِذَا حَرَّكَ طَرْفَ أَنْفِهِ لِإِخْرَاجِ مَا فِيهِ مِنَ الْأَذَى وَالْمُرَادُ فَأَخْرِجْ مَا فِي أَنْفِكَ مِنَ الْأَذَى بَعْدَ الِاسْتِنْشَاقِ وَالْأَمْرُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ لِلنَّدَبِ.

407 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ لَقِيطِ بْنِ صَبْرَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي عَنْ الْوُضُوءِ قَالَ أَسْبِغْ الْوُضُوءَ وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (صَبْرَةَ) بِفَتْحٍ وَكَسْرٍ أَوْ سُكُونٍ قَوْلُهُ (أَسْبِغِ الْوُضُوءَ) أَيْ كَمِّلْهُ وَبَالِغْ فِيهِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْمُفْرَضِ بِالتَّثْلِيثِ وَالدَّلْكِ وَتَطْوِيلِ الْغُرَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ قَوْلُهُ (وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ) زَادَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي رِوَايَةٍ وَالْمَضْمَضَةِ وَصَحَّحَهُ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى ذِكْرِ هَذِهِ الْخِصَالِ مَعَ أَنَّ السِّوَاكَ كَانَ عَنِ الْوُضُوءِ أَمَّا مِنَ الرُّوَاةِ بِسَبَبِ أَنَّ الْحَاجَةَ دَعَتْهُمْ إِلَى نَقْلِ الْبَعْضِ وَالنَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بَيَّنَ كَيْفِيَّةَ الْوُضُوءِ بِتَمَامِهَا أَوْ مِنَ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ مَقْصُودَ السَّائِلِ الْبَحْثُ فِي هَذِهِ الْخِصَالِ وَإِنْ أَطْلَقَ لَفْظَهُ فِي السُّؤَالِ إِمَّا بِقَرِينَةِ حَالٍ أَوْ وَحْيٍ أَوْ إِلْهَامٍ.

408 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ سُلَيْمَانَ ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ قَارِظِ بْنِ شَيْبَةَ عَنْ أَبِي غَطَفَانَ الْمُرِّيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَنْثِرُوا مَرَّتَيْنِ بَالِغَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا»

409 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ وَدَاوُدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَا حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْثِرْ وَمَنْ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ»

[باب ما جاء في الوضوء مرة مرة]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً] 410 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّخَعِيُّ عَنْ ثَابِتِ بْنِ أَبِي صَفِيَّةَ الثُّمَالِيِّ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ قُلْتُ لَهُ حُدِّثْتَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً قَالَ نَعَمْ قُلْتُ وَمَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ وَثَلَاثًا ثَلَاثًا قَالَ نَعَمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (حُدِّثْتُ) عَلَى صِيغَةِ الْخِطَابِ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَوِ الْفَاعِلِ وَقَدْ ضُبِطَ بِالْوَجْهَيْنِ وَالْأَوَّلُ أَجْوَدُ وَهُوَ الْمَوْجُودُ فِي بَعْضِ الْأُصُولِ الْمُعْتَمَدَةِ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ مَعْرِفَةُ أَنَّهُ هَلْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ جَابِرٍ أَمْ لَا وَأَمَّا مَعْرِفَةُ أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ نَقَلَهُ عَنِ النَّاسِ أَمْ لَا فَأَمْرٌ زَائِدٌ لَا دَخْلَ لَهُ فِي الْغَرَضِ

قَوْلُهُ (تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً) الْوُضُوءُ فِعْلٌ مُرَكَّبٌ مِنْ غَسَلَاتٍ وَمَسْحٍ فَقَوْلُهُ مَرَّةً مَرَّةً يَتَعَلَّقُ بِالْكُلِّ فَلِذَلِكَ جَاءَ مُكَرَّرًا وَعَلَى هَذَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا كَذَلِكَ لَكِنَّ الْمَعْلُومَ فِي الْمَسْحِ مَرَّةً فَيُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى التَّغْلِيبِ لَكِنَّ الْغَالِبَ هُوَ الْغُسْلُ قِيلَ وَالْوُضُوءُ ثَلَاثًا هُوَ الْأَكْمَلُ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى الْمَرَّةِ وَالْمَرَّتَيْنِ كَانَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ قُلْتُ أَوْ لِمُرَاعَاةِ الْحَالِ فِي الِاسْتِعْجَالِ أَوْ قِلَّةِ الْمَاءِ وَبَيَانُ الْجَوَازِ يَكْفِي فِيهِ إِطْلَاقُ الْقُرْآنِ.

411 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ غُرْفَةً غُرْفَةً»

412 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ أَنْبَأَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ شُرَحْبِيلَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ قَالَ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ تَوَضَّأَ وَاحِدَةً وَاحِدَةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ عُمَرَ) يَعْنِي ابْنَ الْخَطَّابِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ وَاهٍ لِضَعْفِ رِشْدِينَ بْنِ سَعْدٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب الوضوء ثلاثا ثلاثا]

[بَاب الْوُضُوءِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا] 413 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ الدِّمَشْقِيُّ عَنْ ابْنِ ثَوْبَانَ عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ «رَأَيْتُ عُثْمَانَ وَعَلِيًّا يَتَوَضَّآَنِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَيَقُولَانِ هَكَذَا كَانَ وُضُوءُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنَاهُ أَبُو حَاتِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ

414 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَرَفَعَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»

415 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ حَيَّانَ عَنْ سَالِمٍ أَبِي الْمُهَاجِرِ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ عَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا»

416 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ فَائِدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَمَسَحَ رَأْسَهُ مَرَّةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَائِدِ) ابْنِ الْوَرْقَاءِ إِلَخْ فِي الزَّوَائِدِ هَذَا الْإِسْنَادُ ضَعِيفٌ فَائِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ فِيهِ الْبُخَارِيُّ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وَقَالَ الْحَاكِمُ رَوَى عَنْ أَبِي أَوْفَى أَحَادِيثَ مَوْضُوعَةً نَعَمْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي الصُّغْرَى مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي

أَبِي طَالِبٍ.

417 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ لَيْثٍ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ) فِي الزَّوَائِدِ هَذَا الْإِسْنَادُ ضَعِيفٌ وَلَيْثٌ هُوَ ابْنُ أَبِي سَلِيمٍ اهـ قُلْتُ وَشَهْرٌ قَدْ تَكَلَّمُوا فِيهِ أَيْضًا.

418 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ ابْنِ عَفْرَاءَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا»

[باب ما جاء في الوضوء مرة ومرتين وثلاثا]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْوُضُوءِ مَرَّةً وَمَرَّتَيْنِ وَثَلَاثًا] 419 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ حَدَّثَنِي مَرْحُومُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعَطَّارُ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ زَيْدٍ الْعَمِّيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحِدَةً وَاحِدَةً فَقَالَ هَذَا وُضُوءُ مَنْ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَلَاةً إِلَّا بِهِ ثُمَّ تَوَضَّأَ ثِنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ فَقَالَ هَذَا وُضُوءُ الْقَدْرِ مِنْ الْوُضُوءِ وَتَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَقَالَ هَذَا أَسْبَغُ الْوُضُوءِ وَهُوَ وُضُوئِي وَوُضُوءُ خَلِيلِ اللَّهِ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ تَوَضَّأَ هَكَذَا ثُمَّ قَالَ عِنْدَ فَرَاغِهِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فُتِحَ لَهُ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (هَذَا وُضُوءُ مَنْ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَخْ) كَانَ الْمُرَادُ هَذَا وُضُوءُ مَنْ لَا يَحْصُلُ لَهُ بِوُضُوئِهِ سِوَى قَبُولِ الصَّلَاةِ شَيْءٌ يُرِيدُ أَنَّ هَذَا الْوُضُوءَ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ إِلَّا قَبُولُ الصَّلَاةِ وَلَا يَحْصُلُ مِنْهُ لِصَاحِبِهِ أَجْرٌ آخَرُ سِوَاهُ وَهَذَا يُعَارِضُ ظَاهِرَ إِطْلَاقِ أَحَادِيثَ «إِذَا تَوَضَّأَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ خَرَجَتِ الْخَطَايَا» فَلْيُتَأَمَّلْ قَوْلُهُ (هَذَا وُضُوءُ الْقَدْرِ مِنَ الْوُضُوءِ) أَيْ هَذَا مِنْ جِنْسِ الْوُضُوءِ وُضُوءُ الْقَدْرِ يُرِيدُ أَنَّهُ حَقِيقٌ بِأَنْ يُضَافَ إِلَى الْقَدْرِ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ بِمَعْنَى الرُّتْبَةِ وَالشَّرَفِ يُقَالُ فُلَانٌ لَهُ قَدْرٌ عِنْدَ الْأَمِيرِ أَيْ جَاهٌ وَشَرَفٌ لِإِفَادَةِ أَنَّ هَذَا الْوُضُوءَ لَهُ قَدَمٌ عِنْدَ اللَّهِ أَوْ لِلصَّلَاةِ بِهِ قَدْرٌ كَمَا أُضِيفَتِ اللَّيْلَةُ إِلَى الْقَدْرِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1] لِإِفَادَةِ أَنَّهَا لَهَا لَيْلَةُ قَدْرٍ أَوْ لِلْعَمَلِ فِيهَا قَدْرٌ قَوْلُهُ (هَذَا أَسْبَغُ الْوُضُوءِ) أَيْ أَكْمَلُ جِنْسِ الْوُضُوءِ وُضُوءًا لَائِقًا بِالْكَثْرَةِ وَإِلَّا فَقَدِ اكْتَفَى أَحْيَانًا بِمَا دُونَهَ كَمَا فِي نَفْسِ الْحَدِيثِ وَوُضُوءُ خَلِيلِ اللَّهِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ السُّيُوطِيُّ وَزَادَ الطَّبَرَانِيُّ وُضُوءُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي وَخُصُوصُ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ كَمَا يُعْرَفُ مِنَ الْأَحَادِيثِ لَا يُنَافِي هَذَا الْعُمُومَ إِمَّا لِأَنَّ خُصُوصَ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ بِهِمْ إِنَّمَا هُوَ مِنْ بَيْنِ الْأُمَمِ وَهَذَا الْحَدِيثُ يُفِيدُ عُمُومَ الْوُضُوءِ لِلْأَنْبِيَاءِ لَا لِأُمَمِهِمْ أَوْ لِجَوَازِ خُصُوصِ الْأَثَرِ بِهِمْ مَعَ عُمُومِ الْوُضُوءِ لَهُمْ وَلِغَيْرِهِمْ قَوْلُهُ (ثُمَّ قَالَ عِنْدَ فَرَاغِهِ إِلَخْ)

زَادَ الطَّبَرَانِيُّ (وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فِي الزَّوَائِدِ فِي الْإِسْنَادِ زَيْدٌ الْعَمِّيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَابْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ مَتْرُوكٌ بَلْ كَذَّابٌ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ لَمْ يَلْقَ ابْنَ عُمَرَ قَالَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ وَصَرَّحَ بِهِ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ.

420 - حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ قَعْنَبٍ أَبُو بِشْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَرَادَةَ الشَّيْبَانِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ الْحَوَارِيِّ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً فَقَالَ هَذَا وَظِيفَةُ الْوُضُوءِ أَوْ قَالَ وُضُوءٌ مَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْهُ لَمْ يَقْبَلْ اللَّهُ لَهُ صَلَاةً ثُمَّ تَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ قَالَ هَذَا وُضُوءٌ مَنْ تَوَضَّأَهُ أَعْطَاهُ اللَّهُ كِفْلَيْنِ مِنْ الْأَجْرِ ثُمَّ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا فَقَالَ هَذَا وُضُوئِي وَوُضُوءُ الْمُرْسَلِينَ مِنْ قَبْلِي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (هَذَا وَظِيفَةُ الْوُضُوءِ) أَيِ الْقَدْرُ اللَّازِمُ فِي صِحَّتِهِ لَا يَصِحُّ بِدُونِهِ فَلَوْ أَخَلَّ بِهِ لَمْ يَصِحْ قَوْلُهُ (كِفْلَيْنِ) بِكَسْرِ الْكَافِ تَثْنِيَةُ كِفْلٍ بِمَعْنَى الْحَظِّ وَالنَّصِيبِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ زَيْدٌ هُوَ الْعَمِّيُّ ضَعِيفٌ وَكَذَا الرَّاوِي عَنْهُ وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِي إِسْرَائِيلَ عَنْ زَيْدٍ الْعَمِّيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوَهُ وَزَيْدٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في القصد في الوضوء وكراهة التعدي فيه]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْقَصْدِ فِي الْوُضُوءِ وَكَرَاهَةِ التَّعَدِّي فِيهِ] 421 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا خَارِجَةُ بْنُ مُصْعَبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عُتَيِّ بْنِ ضَمْرَةَ السَّعْدِيِّ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ لِلْوُضُوءِ شَيْطَانًا يُقَالُ لَهُ وَلَهَانُ فَاتَّقُوا وَسْوَاسَ الْمَاءِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِنَّ لِلْوُضُوءِ إِلَخْ) أَيْ لِأَجْلِ إِلْقَاءِ الْوَسْوَسَةِ وَفِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَالْمَشْهُورُ ضَمُّ الْوَاوِ فِي الْوُضُوءِ عَلَى إِرَادَةِ هَذَا الْفِعْلِ وَيَحْتَمِلُ الْفَتْحَ عَلَى إِرَادَةِ الْمَاءِ وَهُوَ أَنْسَبُ بِآخِرِ الْحَدِيثِ عَلَى بَعْضِ الِاحْتِمَالَاتِ وَقَوْلُهُ وَلَهَانُ بِفَتْحَتَيْنِ مَصْدَرُ وَلِهَ بِالْكَسْرِ إِذَا تَحَيَّرَ الشَّيْطَانُ لِإِلْقَاءِ النَّاسِ فِي التَّحَيُّرِ سُمِّيَ بِهَذَا الِاسْمِ وَسْوَاسَ الْمَاءِ أَيْ وَسْوَاسٌ يُفْضِي إِلَى كَثْرَةِ إِرَاقَةِ الْمَاءِ حَالَةَ الْوُضُوءِ وَالِاسْتِنْجَاءِ أَوِ الْمُرَادُ بِالْوَسْوَاسِ التَّرَدُّدُ فِي طَهَارَةِ الْمَاءِ وَنَجَاسَتُهُ بِلَا ظُهُورِ عَلَامَاتِ النَّجَاسَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَاءِ الْبَوْلُ أَيْ وَسَاوِسُ الْبَوْلِ الْمُفْضِيَةُ إِلَى الْمَاءِ وَالْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَقَالَ حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَيْسَ إِسْنَادُهُ بِالْقَوِيِّ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ أَحَدًا أَسْنَدَهُ غَيْرَ خَارِجَةَ وَلَيْسَ هُوَ بِقَوِيٍّ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَضَعَّفَهُ

ابْنُ الْمُبَارَكِ وَرُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنِ الْحَسَنِ.

422 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا خَالِي يَعْلَى عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَنْ الْوُضُوءِ فَأَرَاهُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ هَذَا الْوُضُوءُ فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا فَقَدْ أَسَاءَ أَوْ تَعَدَّى أَوْ ظَلَمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَأَرَاهُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) أَيْ غَيْرَ الْمَسْحِ فَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ إِلَّا الْمَسْحَ كَانَ مَرَّةً فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ ذَكَرَهُ الْحَافِظُ بْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ قَالَ فَقَوْلُهُ فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا إِلَخْ مِنْ أَقْوَى الْأَدِلَّةِ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ فِي الْمَسْحِ وَأَنَّ الزِّيَادَةَ غَيْرُ مُسْتَحَبَّةٍ وَيُحْمَلُ الْمَسْحُ ثَلَاثًا إِنْ ثَبَتَ عَلَى الِاسْتِيعَابِ لَا أَنَّهَا مَسَحَاتٌ مُسْتَقِلَّةٌ لِجَمِيعِ الرَّأْسِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ اهـ وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ هَذَا الْحَدِيثِ أَوْ نَقَصَ وَالْمُحَقِّقُونَ عَلَى أَنَّهُ وَهْمٌ لِجَوَازِ الْوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً وَمَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ وَقَوْلُهُ أَسَاءَ أَيْ فِي مُرَاعَاةِ أَدَبِ الشَّرْعِ أَوْ تَعَدَّى فِي حُدُودِهِ أَوْ ظَلَمَ نَفْسَهُ بِمَا نَقَصَهُ مِنَ الثَّوَابِ وَظَاهِرُ رِوَايَةِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي وَلَفْظُ النَّسَائِيِّ أَسَاءَ وَتَعَدَّى وَظَلَمَ بِالْوَاوِ.

423 - حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَقَ الشَّافِعِيُّ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ كُرَيْبًا يَقُولُ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ «بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَوَضَّأَ مِنْ شَنَّةٍ وُضُوءًا يُقَلِّلُهُ فَقُمْتُ فَصَنَعْتُ كَمَا صَنَعَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مِنْ شَنَّةٍ) بِفَتْحٍ فَتَشْدِيدٍ هِيَ سِقَاءٌ عَتِيقٌ مِنَ التَّقْلِيلِ أَيْ لَا يُكْثِرُ فِي اسْتِعْمَالِهِ الْمَاءَ فِيهِ وَهُوَ لَا يُنَافِي الْإِسْبَاغَ فَإِنَّهُ يَحْصُلُ بِالدَّلْكِ وَالتَّثْلِيثِ بِلَا إِكْثَارٍ فِي الْمَاءِ.

424 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يَتَوَضَّأُ فَقَالَ لَا تُسْرِفْ لَا تُسْرِفْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَا تُسْرِفْ) مِنَ الْإِسْرَافِ أَيْ لَا تُزِدْ عَلَى الْقَدْرِ الْمَعْرُوفِ فِي اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ وَهَذَا لَا يَسْتَلْزِمُ التَّحْدِيدَ فِي الْمَاءِ بَلِ الزِّيَادَةُ تَظْهَرُ بِالْقِيَاسِ إِلَى الْقَدْرِ الْمَعْرُوفِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ الْفَضْلُ بْنُ عَطِيَّةَ وَبَقِيَّةُ مُدَلِّسٌ.

425 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ حُيَيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَعَافِرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِسَعْدٍ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ فَقَالَ مَا هَذَا السَّرَفُ فَقَالَ أَفِي الْوُضُوءِ إِسْرَافٌ قَالَ نَعَمْ وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهَرٍ جَارٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (السَّرَفُ) بِفَتْحَتَيْنِ أَيِ التَّجَاوُزُ عَلَى الْحَدِّ فِي الْمَاءِ قَوْلُهُ (وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهَرٍ) بِفَتْحَتَيْنِ وَيَجُوزُ سُكُونُ الثَّانِي وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ حُيَيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَابْنِ لَهِيعَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في إسباغ الوضوء]

[بَاب مَا جَاءَ فِي إِسْبَاغِ الْوُضُوءِ] 426 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ سَالِمٍ أَبُو جَهْضَمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِسْبَاغِ الْوُضُوءِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أُمِرْنَا) مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ وَإِلَى هَذَا يُشِيرُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَالْأَمْرُ عَلَى هَذَا لِلنَّدْبِ أَوْ أَهْلَ الْبَيْتِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي كَانَ يَرَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَإِنَّهُ كَانَ يَذْكُرُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي بَيَانِ مَا أُخِصَّ بِهِ أَهْلُ الْبَيْتِ كَمَا فِي النِّسَاءِ وَغَيْرِهِ وَالْأَمْرُ عَلَى هَذَا لِلْوُجُوبِ أَوِ النَّدْبِ الْمُؤَكَّدِ وَأَمْرُ غَيْرِهِمْ بِلَا تَأْكِيدٍ فَظَهَرَ الْخُصُوصُ لَكِنَّ مُقْتَضَى هَذَا أَنْ يَذْكُرَ فُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ أَنَّ لِلْإِسْبَاغِ زِيَادَةً خُصُوصًا بِأَهْلِ الْبَيْتِ قَوْلُهُ (إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ) أَيْ إِتْمَامُهُ بِتَطْوِيلِ الْغُرَّةِ وَالتَّثْلِيثِ وَالدَّلْكِ.

427 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يُكَفِّرُ اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَزِيدُ بِهِ فِي الْحَسَنَاتِ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ وَكَثْرَةُ الْخُطَى إِلَى الْمَسَاجِدِ وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ وَقَوْلُهُ عَلَى الْمَكَارِهِ جَمْعُ مَكْرَهٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ مِنَ الْكُرْهِ بِمَعْنَى الْمَشَقَّةِ كَبَرْدِ الْمَاءِ لِأَلَمِ الْجِسْمِ وَالِاشْتِغَالِ بِالْوُضُوءِ مَعَ تَرْكِ أَمْرِ الدُّنْيَا وَقِيلَ وَمِنْهَا الْحَرُّ فِي طَلَبِ الْمَاءِ وَشِرَاؤُهُ بِالثَّمَنِ الْغَالِي وَكَثْرَةُ الْخُطَا بِبُعْدِ الدَّارِ. قَوْلُهُ (وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ) أَيْ بِالْجُلُوسِ لَهَا فِي الْمَسْجِدِ أَوْ تَعَلُّقِ الْقَلْبِ بِهَا وَالتَّأَهُّبِ لَهَا وَفِي الزَّوَائِدِ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَلَهُ شَاهِدٌ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ مَا يُكَفِّرُ اللَّهُ مِنَ التَّكْفِيرِ وَهُوَ السَّتْرُ وَالْعَفْوُ.

428 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ حَمْزَةَ عَنْ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَفَّارَاتُ الْخَطَايَا إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ وَإِعْمَالُ الْأَقْدَامِ إِلَى الْمَسَاجِدِ وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَإِعْمَالُ الْأَقْدَامِ) بِالْكَسْرِ مَصْدَرُ عَمِلَ أَيْ جَعَلْتُهَا عَامِلَةً أَيْ سَاعِيَةً إِلَى الْمَسَاجِدِ دَاعِيَةً إِلَيْهَا وَفَتْحُ الْهَمْزَةِ عَلَى أَنَّهُ عَمَلٌ بَعِيدٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في تخليل اللحية]

[بَاب مَا جَاءَ فِي تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ] 429 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ أَبِي أُمَيَّةَ عَنْ حَسَّانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ حَسَّانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَلِّلُ لِحْيَتَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يُخَلِّلُ لِحْيَتَهُ) مِنَ التَّخْلِيلِ وَهُوَ تَفْرِيقُ شَعْرِ

اللِّحْيَةِ وَغَيْرِهَا وَأَصْلُهُ إِدْخَالُ الشَّيْءِ فِي خِلَالِ شَيْءٍ آخَرَ وَهُوَ مَشْطٌ.

430 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ الْقَزْوِينِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ عَامِرِ بْنِ شَقِيقٍ الْأَسَدِيِّ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ فَخَلَّلَ لِحْيَتَهُ»

431 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَفْصِ بْنِ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ أَبُو النَّضْرِ صَاحِبُ الْبَصْرِيِّ عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَوَضَّأَ خَلَّلَ لِحْيَتَهُ وَفَرَّجَ أَصَابِعَهُ مَرَّتَيْنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَفَرَّجَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ) مِنَ التَّفْرِيجِ أَيْ كَانَ يُفَرِّجُ بَيْنَ الْأَصَابِعِ لِلتَّخْلِيلِ وَقَوْلُهُ مَرَّتَيْنِ مُتَعَلِّقٌ بِخَلَّلَ لَا يُفَرِّجُ وَعَلَى هَذَا جَعْلَ جُمْلَةَ وَفَرَّجَ حَالًا لِئَلَّا يَلْزَمَ الْفَصْلُ بِأَجْنَبِيٍّ وَهُوَ أَظْهَرُ أَيْضًا وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِ حَدِيثِ أَنَسٍ هَذَا يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَشَيْخُهُ يَزِيدُ.

432 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ حَبِيبٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ قَيْسٍ حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَوَضَّأَ عَرَكَ عَارِضَيْهِ بَعْضَ الْعَرْكِ ثُمَّ شَبَكَ لِحْيَتَهُ بِأَصَابِعِهِ مِنْ تَحْتِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَرَكَ) بِالتَّخْفِيفِ أَيْ دَلَّكَ عَارِضَيْهِ أَيْ جَانِبَيْ وَجْهِهِ تَثْنِيَةُ الْعَارِضِ وَهُوَ جَانِبُ الْوَجْهِ ثُمَّ شَبَّكَ بِالتَّخْفِيفِ مِنَ الشَّبَكِ بِمَعْنَى الْخَلْطِ وَالتَّدَاخُلِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ كَيْفِيَّةِ التَّخْلِيلِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ الْوَاحِدِ وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.

433 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ الْكِلَابِيُّ حَدَّثَنَا وَاصِلُ بْنُ السَّائِبِ الرَّقَاشِيُّ عَنْ أَبِي سَوْرَةَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ فَخَلَّلَ لِحْيَتَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ أَبِي أَيُّوبَ) فِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى ضَعْفِ أَبِي سُورَةَ وَوَاصِلٍ الرَّقَاشِيِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في مسح الرأس]

[بَاب مَا جَاءَ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ] 434 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى قَالَا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ «أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَهُوَ جَدُّ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُرِيَنِي كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ نَعَمْ فَدَعَا بِوَضُوءٍ فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ ثَلَاثًا ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ غَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ ثُمَّ ذَهَبَ بِهِمَا إِلَى قَفَاهُ ثُمَّ رَدَّهُمَا حَتَّى رَجَعَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُرِيَنِيَ) مِنَ الْإِرَاءَةِ وَالِاسْتِفْهَامِ إِمَّا مِنَ الْإِرَاءَةِ فَرْعُ الرُّؤْيَةِ وَهِيَ غَيْرُ لَازِمَةٍ فِي الصُّحْبَةِ إِذْ لَا يَلْزَمُ أَنَّ كُلَّ صَحَابِيٍّ رَأَى وُضُوءَهُ فَيُمْكِنُ أَنَّهُ مَا رَآهُ فَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَرَى غَيْرَهُ أَوْ لِأَنَّ الْإِرَاءَةَ تَتَوَقَّفُ عَلَى مُسَاعَدَةِ الْوَقْتِ وَحُضُورِ الْآلَاتِ فَقَدْ لَا يَسْتَطِيعُ الْإِرَاءَةَ لِفَقْدِ بَعْضِ ذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ التَّلَطُّفِ فِي الطَّلَبِ قَوْلُهُ (بِوَضُوءٍ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ بِمَاءٍ فَأَفْرَغَ أَيْ صَبَّ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ قِيلَ كَذَا فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ وَعِنْدَ غَيْرِهِ مِنَ الْحُفَّاظِ ثَلَاثًا فَهِيَ تُقَدَّمُ

عَلَى رِوَايَةِ حَافِظٍ وَاحِدٍ لَا يُقَالُ إِنَّهُمَا وَاقِعَتَانِ لِاتِّحَادِ مَخْرَجِهِمَا وَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّعَدُّدِ قَوْلُهُ (بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ إِلَخْ) بَيَانٌ وَتَفْصِيلٌ لِقَوْلِهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ لِذَلِكَ تَرَكَ الْعَاطِفَ ثُمَّ رَدَّهُمَا أَيْ يَسْتَوْعِبُ الْمَسْحَ شَعْرُ الرَّأْسِ بِطَرَفَيْهِ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا اكْتَفَى بِمُجَرَّدِ الْإِقْبَالِ وَالْإِدْبَارِ لَا يَكُونُ مَسْحُهُ إِلَّا بِطَرَفٍ وَاحِدٍ مِنْ شَعْرِ الرَّأْسِ وَلَا يَسْتَوْعِبُ الطَّرَفَيْنِ فَمَنْ أَرَادَ اسْتِيعَابَ الطَّرَفَيْنِ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنَ الْإِقْبَالِ بِهِمَا وَالْإِدْبَارِ فَهَذَا لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ تَكْرَارِ الْمَسْحِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ قَبِيلِ اسْتِيعَابِ طَرَفِ الشَّعْرِ قِيلَ هُوَ مَخْصُوصٌ بِمَنْ لَهُ شَعْرٌ ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ غَسَلَ مَرَّةً فَلِذَلِكَ ذَكَرَ عَدَدَهُ أَوْ أَنَّ تَرْكَهُ اخْتِصَارٌ مِنَ الرُّوَاةِ فَيَحْتَمِلُ التَّثْنِيَةَ وَالتَّثْلِيثَ.

435 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ فَمَسَحَ رَأْسَهُ مَرَّةً»

436 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ أَبِي حَيَّةَ عَنْ عَلِيٍّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ رَأْسَهُ مَرَّةً»

437 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ الْمِصْرِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ رَاشِدٍ الْبَصْرِيُّ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى سَلَمَةَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ فَمَسَحَ رَأْسَهُ مَرَّةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ حَدِيثِ سَلَمَةَ ضَعِيفٌ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَقَالَ يُخْطِئُ اهـ وَيَحْيَى بْنُ رَاشِدٍ ضَعِيفٌ.

438 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ ابْنِ عَفْرَاءَ قَالَتْ «تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَسَحَ رَأْسَهُ مَرَّتَيْنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَمَسَحَ رَأْسَهُ مَرَّتَيْنِ) الثَّابِتُ فِي حَدِيثِهَا أَنَّهُ مَسَحَ مَا أَقْبَلَ وَمَا أَدْبَرَ مَرَّةً وَاحِدَةً رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ غَيْرُهُ فَيَحْتَمِلُ الْمَرَّتَانِ عَلَى مَسْحِ مَا أَقْبَلَ وَمَا أَدْبَرَ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنِ الْمَرَّةِ الْمُسْتَوْعَبَةِ وَبِالْجُمْلَةِ فَالثَّابِتُ فِي وُضُوئِهِ هُوَ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ وَلِذَلِكَ رَجَّحَهُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ حَجَرٍ بِحَدِيثِ فَمَنْ زَادَ وَقَرَّرَ أَنَّ التَّكْرَارَ غَيْرُ مُسْتَحَبٍّ وَدَلِيلُهُ الَّذِي اسْتَدَلَّ بِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُكَرَّرٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في مسح الأذنين]

[بَاب مَا جَاءَ فِي مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ] 439 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ أُذُنَيْهِ دَاخِلَهُمَا بِالسَّبَّابَتَيْنِ وَخَالَفَ إِبْهَامَيْهِ إِلَى ظَاهِرِ أُذُنَيْهِ فَمَسَحَ ظَاهِرَهُمَا وَبَاطِنَهُمَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (بِالسَّبَّابَتَيْنِ) هُمَا اللَّتَانِ تَلِي الْإِبْهَامَ وَهَذَا اسْمٌ جَاهِلِيٌّ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُشِيرُونَ بِهَذِهِ الْأَصَابِعِ إِلَى السَّبِّ وَالِاسْمُ الْإِسْلَامِيُّ فِي السَّبَابَةِ الْمُسَبِّحَةُ لِأَنَّهَا يُشَارُ بِهَا عِنْدَ التَّسْبِيحِ وَخَالَفَ مَسْحَ الْبَاطِنِ بِإِبْهَامَيْهِ فَذَهَبَ بِهِمَا إِلَى ظَاهِرِ أُذُنَيْهِ.

440 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ الرُّبَيِّعِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ فَمَسَحَ ظَاهِرَ أُذُنَيْهِ وَبَاطِنَهُمَا»

441 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ ابْنِ عَفْرَاءَ قَالَتْ «تَوَضَّأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَدْخَلَ إِصْبَعَيْهِ فِي جُحْرَيْ أُذُنَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فِي جُحْرِ أُذُنَيْهِ) بِتَقْدِيمِ الْجِيمِ الْمَضْمُومَةِ عَلَى الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ السَّاكِنَةِ وَهُوَ بَاطِنُ الْأُذُنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

442 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ فَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ ظَاهِرَهُمَا وَبَاطِنَهُمَا»

[باب الأذنان من الرأس]

[بَاب الْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ] 443 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (الْأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ) مَعْنَاهُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُمَا مِنَ الرَّأْسِ حُكْمًا مِنْ حَيْثُ إِنَّهُمَا يُمْسَحَانِ بِمَاءِ الرَّأْسِ فَلَا يُؤْخَذُ لَهُمَا مَاءٌ جَدِيدٌ وَاسْتَدَلَّ النَّسَائِيُّ عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثِ «إِذَا مَسَحَ رَأْسَهُ خَرَجَتْ خَطَايَاهُ مِنَ الرَّأْسِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنَ أُذُنَيْهِ» وَقَدْ سَبَقَ التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادُهُ حَسَنٌ إِنْ كَانَ سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَفِظَهُ.

444 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ أَنْبَأَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ سِنَانِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ وَكَانَ يَمْسَحُ رَأْسَهُ مَرَّةً وَكَانَ يَمْسَحُ الْمَأْقَيْنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يَمْسَحُ الْمَأْقَيْنِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ وَبِلَا هَمْزٍ طَرَفُ الْعَيْنِ الَّذِي يَلِي الْأَنْفَ.

445 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الْحُصَيْنِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُلَاثَةَ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ عُمَرَ بْنِ الْحُصَيْنِ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُلَاثَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب تخليل الأصابع]

[بَاب تَخْلِيلِ الْأَصَابِعِ] 446 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عَمْرٍو الْمَعَافِرِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ عَنْ الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ شَدَّادٍ قَالَ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ فَخَلَّلَ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ بِخِنْصِرِهِ» قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا خَازِمٌ بْنُ يَحْيَي الْحُلْوَانِيُّ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَخَلَّلَ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ) أَيْ فَرَّقَهُمَا أَيْضًا لِيَصِلَ إِلَى أَوْسَاطِهَا.

447 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَأَسْبِغْ الْوُضُوءَ وَاجْعَلْ الْمَاءَ بَيْنَ أَصَابِعِ يَدَيْكَ وَرِجْلَيْكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَاجْعَلِ الْمَاءَ بَيْنَ أَصَابِعِ إِلَخْ) أَيْ أَوْصِلِ الْمَاءَ إِلَى مَا بَيْنَ الْأَصَابِعِ بِالتَّخْلِيلِ وَفِي الزَّوَائِدِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا إِلَّا قَوْلَهُ «إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَأَسْبِغِ الْوُضُوءَ» فَذَلِكَ أَبُو بُرْدَةَ وَصَالِحٌ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ وَإِنِ اخْتَلَطَ بِآخِرِهِ لَكِنْ رَوَى عَنْهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَبْلَ الِاخْتِلَاطِ فَالْحَدِيثُ حَسَنٌ كَمَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ.

448 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ لَقِيطِ بْنِ صَبْرَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْبِغْ الْوُضُوءَ وَخَلِّلْ بَيْنَ الْأَصَابِعِ»

449 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّقَاشِيُّ حَدَّثَنَا مَعْمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا تَوَضَّأَ حَرَّكَ خَاتَمَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (حَرَّكَ خَاتَمَهُ) أَيْ لِإِيصَالِ الْمَاءِ إِلَى مَا تَحْتَهُ قَالُوا هَذَا لَازِمٌ إِنْ كَانَ ضَيِّقًا وَإِنْ كَانَ وَاسِعًا يَصِلُ الْمَاءُ إِلَيْهِ بِلَا تَحْرِيكٍ غَيْرِ لَازِمٍ نَعَمْ هُوَ أَحْوَطُ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ عُمَرَ وَأَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب غسل العراقيب]

[بَاب غَسْلِ الْعَرَاقِيبِ] 450 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ عَنْ أَبِي يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ «رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْمًا يَتَوَضَّئُونَ وَأَعْقَابُهُمْ تَلُوحُ فَقَالَ وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ» 451 - قَالَ الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَأَعْقَابُهُمْ تَلُوحُ) الْأَعْقَابُ جَمْعُ عَقِبٍ بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ هُوَ مُؤَخِّرُ الْقَدَمِ وَمَعْنَى تَلُوحُ أَنَّهُ يَظْهَرُ لِلنَّاظِرِ فِيهَا بَيَاضٌ لَمْ يُصِبْهُ الْمَاءُ مَعَ إِصَابَتِهِ سَائِرَ الْقَدَمِ وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ كَلِمَةُ عَذَابٍ وَالْمُرَادُ وَوَيْلٌ لِأَصْحَابِ الْأَعْقَابِ الْمُقَصِّرِينَ فِي غُسْلِهَا نَحْوَ {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: 82] أَوِ الْأَعْقَابُ تَخْتَصُّ بِالْعَذَابِ إِذَا قَصَّرَ فِي غُسْلِهَا وَالْمُرَادُ وَيْلٌ لِأَعْقَابِهِمْ أَوْ أَعْقَابِ مَنْ يَصْنَعُ صَنِيعَهُمْ أَسْبِغُوا أَيْ أَتِمُّوهُ وَعُمُومُهُ لِجَمِيعِ أَجْزَاءِ الْوُضُوءِ مِنَ الْإِسْبَاغِ

وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ هَدَّدُوهُمْ لِتَقْصِيرِهِمْ فِي الْوُضُوءِ لَا لِأَجْلِ نَجَاسَةٍ بِأَعْقَابِهِمْ فَغَسَلُوهَا كَمَا زَعَمَهُ أَهْلُ الْبِدْعَةِ نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ قَوْلُهُ (وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ) أَيْ لِأَعْقَابِ أُولَئِكَ الْمُقَصِّرِينَ فِي غُسْلِهَا فَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ وَغَيْرِهَا اخْتِصَارٌ وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بَيَّنَ الْمُرَادَ.

452 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ الْمَكِّيُّ عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَأَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ «رَأَتْ عَائِشَةُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ فَقَالَتْ أَسْبِغْ الْوُضُوءَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَيْلٌ لِلْعَرَاقِيبِ مِنْ النَّارِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لِلْعَرَاقِيبِ) جَمْعُ عُرْقُوبٍ بِضَمِّ الْعَيْنِ عَصَبٌ غَلِيظٌ فَوْقَ عَقِبِ الْإِنْسَانِ.

453 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ حَدَّثَنَا سُهَيْلٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ»

454 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي كَرِبٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَيْلٌ لِلْعَرَاقِيبِ مِنْ النَّارِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ) فِي الزَّوَائِدِ قُلْتُ أَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِي مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَحَدِيثِ جَابِرٍ رِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ أَبَا إِسْحَاقَ كَانَ يُدَلِّسُ وَاخْتَلَطَ بِآخِرِهِ.

455 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عُثْمَانَ وَعُثْمَانُ بْنُ إِسْمَعِيلَ الدِّمَشْقِيَّانِ قَالَا حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا شَيْبَةُ بْنُ الْأَحْنَفِ عَنْ أَبِي سَلَّامٍ الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ الْأَشْعَرِيِّ حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَشُرَحْبِيلَ ابْنِ حَسَنَةَ وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ كُلُّ هَؤُلَاءِ «سَمِعُوا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَتِمُّوا الْوُضُوءَ وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (كُلُّ هَؤُلَاءِ سَمِعُوا إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ مَا عَلِمْتُ فِي رِجَالِهِ ضَعْفًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في غسل القدمين]

[بَاب مَا جَاءَ فِي غَسْلِ الْقَدَمَيْنِ] 456 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ أَبِي حَيَّةَ قَالَ «رَأَيْتُ عَلِيًّا تَوَضَّأَ فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ثُمَّ قَالَ أَرَدْتُ أَنْ أُرِيَكُمْ طُهُورَ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (رَأَيْتُ عَلِيًّا تَوَضَّأَ فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ) رَدٌّ بَلِيغٌ عَلَى الشِّيعَةِ الْقَائِلِينَ بِالْمَسْحِ عَلَى الرِّجْلَيْنِ حَيْثُ الْغُسْلُ مِنْ رِوَايَةِ عَلِيٍّ وَلِذَلِكَ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ رِوَايَةِ عَلِيٍّ وَبَدَأَ بِهِ الْبَابَ وَإِلَّا فَقَدْ

قَالَ الْمُحَقِّقُونَ مِنْهُمُ النَّوَوِيُّ أَنَّ جَمِيعَ مَنْ وَصَفَ وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَوَاطِنَ مُخْتَلِفَةٍ وَعَلَى صِفَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ مُتَّفِقُونَ عَلَى غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَلَقَدْ أَحْسَنَ الْمُصَنِّفُ وَأَجَادَ فِي تَخْرِيجِ حَدِيثِ عَلِيٍّ فِي هَذَا الْبَابِ - جَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا - وَظَاهِرُ الْقُرْآنِ يَقْتَضِي الْمَسْحَ كَمَا جَاءَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى الْغُسْلِ ضَرُورَةَ أَنَّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ الْمُبَيِّنُ لِأَمْرِ اللَّهِ وَهُوَ الَّذِي فُوِّضَ إِلَيْهِ بَيَانُ الْقُرْآنِ فَلَا يُؤْخَذُ الْبَيَانُ إِلَّا مِنْهُ فَيُقَالُ قِرَاءَةُ النَّصْبِ الْأَرْجُلُ طَاهِرَةٌ فِي الْأَغْسَالِ وَقِرَاءَةُ جَرِّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْجِوَارِ وَالْجِوَارُ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا يَجِبُ الْأَخْذُ بِهِ هُنَا لِلتَّوْفِيقِ بَيْنَ الْقُرْآنِ وَبَيْنَ مَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مِنَ الْبَيَانِ وَفَائِدَةُ الْجِوَارِ إِيهَامُ الْعَطْفِ عَلَى الْمَمْسُوحِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى كَوْنِهِ غُسْلًا قَرِيبًا مِنَ الْمَسْحِ فَإِنَّ الْأَرْجُلَ مِنْ بَيْنِ الْمَغْسُولَاتِ مَظِنَّةُ إِفْرَاطِ الصَّبِّ عَلَيْهَا كَذَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْكَشَّافِ وَلِذَلِكَ فَصَلَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمَغْسُولَاتِ وَأَيْضًا فِي الْفَصْلِ تَنْبِيهٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ التَّرْتِيبِ وَقَدْ ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ وُجُوهًا أُخَرَ فِي هَذَا الْبَابِ وَقَدْ بَسَطْتُهَا فِي حَاشِيَتِي لِابْنِ الْهُمَامِ وَفِيمَا ذَكَرْتُ هُنَا كِفَايَةٌ لِأُولِي الْأَفْهَامِ.

457 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنِ الْمِقْدَامِ إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

458 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ الرُّبَيِّعِ قَالَتْ أَتَانِي ابْنُ عَبَّاسٍ فَسَأَلَنِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْنِي حَدِيثَهَا الَّذِي ذَكَرَتْ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ» فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِنَّ النَّاسَ أَبَوْا إِلَّا الْغَسْلَ وَلَا أَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَّا الْمَسْحَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِنَّ النَّاسَ أَبَوْا إِلَّا الْغُسْلَ) كَأَنَّهُ جَعَلَ هَذَا الْكَلَامَ كَالنَّتِيجَةِ لِمَا سَمِعَ مِنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَسَلَ رِجْلَيْهِ يُرِيدُ أَنَّهُ لِأَجْلِ مَا ثَبَتَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْإِغْسَالِ اتَّفَقَ النَّاسُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَظَاهِرُ الْقُرْآنِ هُوَ الْمَسْحُ وَمَعْنَى قَوْلِهِ (وَلَا أَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ) أَيْ ظَاهِرًا وَفِيهِ أَنَّ الْحَقَّ هُوَ الِاغْتِسَالُ لِاتِّفَاقِ السُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ عَلَيْهِ إِذْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ نَاسٌ إِلَّا الصَّحَابَةَ وَإِجْمَاعُهُمْ حُجَّةٌ أَيُّ حُجَّةٍ بِالِاتِّفَاقِ فَيَجِبُ حَمْلُ الْقُرْآنِ عَلَيْهِ بِنَحْوِ مَا ذَكَرْنَا وَإِنَّمَا كَانَ الْمَسْحُ هُوَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ لِأَنَّ قِرَاءَةَ الْجَرِّ ظَاهِرَةٌ فِيهِ وَحَمْلُ قِرَاءَةِ النَّصْبِ عَلَيْهَا يَجْعَلُ الْعَطْفَ عَلَى الْمَحَلِّ أَقْرَبَ مِنْ حَمْلِ قِرَاءَةِ الْجَرِّ عَلَى قِرَاءَةِ النَّصْبِ بِالْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ النُّحَاةُ لِشُذُوذِ الْجِوَارِ وَاطِّرَادِ الْعَطْفِ عَلَى الْمَحَلِّ وَأَيْضًا فِيهِ

خُلُوصٌ عَنِ الْفَصْلِ بِالْأَجْنَبِيِّ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَهَذَا لَازِمٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فَصَارَ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ هُوَ الْمَسْحَ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ لِعَدَمِ بُلُوغِ قِرَاءَةِ النَّصْبِ إِلَيْهِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في الوضوء على ما أمر الله تعالى]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْوُضُوءِ عَلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى] 459 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ أَبِي صَخْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ حُمْرَانَ يُحَدِّثُ أَبَا بُرْدَةَ فِي الْمَسْجِدِ أَنَّهُ سَمِعَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يُحَدِّثُ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَتَمَّ الْوُضُوءَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ فَالصَّلَاةُ الْمَكْتُوبَاتُ كَفَّارَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَتَمَّ الْوُضُوءَ إِلَخْ) وَفِيهِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَمَرَ فِي كِتَابِهِ بِالْوُضُوءِ تَامًّا وَعَلَى هَذَا فَمَا لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ فِي الْقُرْآنِ لَمْ يَكُنْ مِنْ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ وَالْإِلْزَامُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمَأْمُورُ بِهِ فِي الْقُرْآنِ وُضُوءًا تَامًّا بَلْ بَعْضَهُ وَعَلَى هَذَا أَلْزَمَ أَنْ لَا يَكُونَ التَّرْتِيبُ وَالدَّلْكُ وَنَحْوُهُمَا مِمَّا لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ فِي الْقُرْآنِ مِنْ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَقَوْلُهُ الْمَكْتُوبَاتُ أَيْ فِي حَقِّهِ.

460 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ يَحْيَى بْنِ خَلَّادٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمِّهِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ «أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّهَا لَا تَتِمُّ صَلَاةٌ لِأَحَدٍ حَتَّى يُسْبِغَ الْوُضُوءَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَغْسِلُ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَيَمْسَحُ بِرَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (حَتَّى يُسْبِغَ الْوُضُوءَ) أَيْ يَأْتِي بِهِ كَامِلًا وَلَمْ يُرِدْ أَنَّهُ يُرَاعِي سُنَنَهُ وَآدَابَهُ لِأَنَّهُ يَأْبَى عَنْهُ قَوْلُهُ (كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ) وَجُمْلَةُ يَغْسِلُ وَجْهَهُ بَيَانٌ لِلْإِسْبَاغِ وَقَوْلُهُ وَرِجْلَيْهِ إِلَخْ يَحْتَمِلُ لِلْغُسْلِ وَالْمَسْحِ كَمَا فِي الْقُرْآنِ وَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى الْغُسْلِ بِأَدِلَّةٍ خَارِجِيَّةٍ كَمَا حُمِلَ الْقُرْآنُ عَلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في النضح بعد الوضوء]

[بَاب مَا جَاءَ فِي النَّضْحِ بَعْدَ الْوُضُوءِ] 461 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ قَالَ قَالَ مَنْصُورٌ حَدَّثَنَا مُجَاهِدٌ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ سُفْيَانَ الثَّقَفِيِّ «أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ ثُمَّ أَخَذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَنَضَحَ بِهِ فَرْجَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَنَضَحَ بِهِ فَرْجَهُ) أَيْ رَشَّهُ عَلَيْهِ لِنَفْيِ الْوَسْوَسَةِ وَتَعْلِيمِ الْأُمَّةِ.

462 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَنِي جِبْرَائِيلُ الْوُضُوءَ وَأَمَرَنِي أَنْ أَنْضَحَ تَحْتَ ثَوْبِي لِمَا يَخْرُجُ مِنْ الْبَوْلِ بَعْدَ الْوُضُوءِ» قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ التَّنِّيسِيُّ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لِمَا يَخْرُجُ) أَيْ لِدَفْعِ مَا يَخْرُجُ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ ابْنِ

لَهِيعَةَ.

463 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ سَلَمَةَ الْيَحْمِدِيُّ حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْهَاشِمِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَوَضَّأْتَ فَانْتَضِحْ»

464 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا قَيْسٌ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَضَحَ فَرْجَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ جَابِرٍ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب المنديل بعد الوضوء وبعد الغسل]

[بَاب الْمِنْدِيلِ بَعْدَ الْوُضُوءِ وَبَعْدَ الْغُسْلِ] 465 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ أَنَّ أَبَا مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلٍ حَدَّثَهُ أَنَّ أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ حَدَّثَتْهُ «أَنَّهُ لَمَّا كَانَ عَامُ الْفَتْحِ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى غُسْلِهِ فَسَتَرَتْ عَلَيْهِ فَاطِمَةُ ثُمَّ أَخَذَ ثَوْبَهُ فَالْتَحَفَ بِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِلَى غَسْلِهِ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ أَيِ اغْتِسَالِهِ وَبِضَمِّهَا أَيْ إِلَى الْمَاءِ فَالْتَحَفَ بِهِ أَيِ اشْتَمَلَ بِهِ فَصَارَ الثَّوْبُ لِلْبَدَنِ كَالْمِنْدِيلِ الَّذِي يُنَشِّفُ بِهِ أَثَرَ الْمَاءِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ عَدَمِ ذِكْرِ الْمِنْدِيلِ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ مَا اسْتَعْمَلَهُ وَهُوَ بَعِيدٌ.

466 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ «أَتَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعْنَا لَهُ مَاءً فَاغْتَسَلَ ثُمَّ أَتَيْنَاهُ بِمِلْحَفَةٍ وَرْسِيَّةٍ فَاشْتَمَلَ بِهَا فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَثَرِ الْوَرْسِ عَلَى عُكَنِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (بِمِلْحَفَةٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ اللِّحَافُ وَرْسِيَّةٍ مَصْبُوغَةٍ بِالْوَرْسِ وَهُوَ نَبْتٌ أَصْفَرُ يُصْبَغُ بِهِ عَلَى عُكَنِهِ بِضَمٍّ فَفَتْحٍ أَيْ طَبَقَاتِ بَطْنِهِ وَفِي الْمَصَابِيحِ الْعُكْنَةُ الطَّيُّ فِي الْبَطْنِ مِنَ السِّمَنِ وَالْجَمْعُ عُكَنٌ مِثْلُ غُرْفَةٍ وَغُرَفٍ.

467 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ خَالَتِهِ مَيْمُونَةَ قَالَتْ «أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَوْبٍ حِينَ اغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ فَرَدَّهُ وَجَعَلَ يَنْفُضُ الْمَاءَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (بِثَوْبٍ) أَيْ بِمِنْدِيلٍ كَمَا جَاءَتْ بِهِ الرِّوَايَاتُ قَدْ جَاءَ أَنَّهُ يَسْتَعْمِلُ الْمِنْدِيلَ فَإِنْ ثَبَتَ فَلَعَلَّ الرَّدَّ لِعَدَمِ مُسَاعَدَةِ الْوَقْتِ ذَلِكَ أَوْ لِأَنَّهُ كَانَ يَسْتَعْمِلُ أَحْيَانًا لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَتَرْكُهُ أَحْسَنُ لِمَا قِيلَ إِنَّ مَاءَ الْوُضُوءِ يُوزَنُ أَيْ مَعَ الْحَسَنَاتِ أَيْ فَإِبْقَاؤُهُ خَيْرٌ كَإِبْقَاءِ الْحَسَنَاتِ قَوْلُهُ (يَنْفُضُ) كَيَنْصُرُ أَيْ يُزِيلُ وَيَدْفَعُ وَلِلْعُلَمَاءِ فِي الْمِنْدِيلِ خِلَافٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُبَاحٌ إِنْ لَمْ يُفِضْ إِلَى تَكَبُّرٍ.

468 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ وَأَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ قَالَا حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ السِّمْطِ حَدَّثَنَا الْوَضِينُ بْنُ عَطَاءٍ عَنْ مَحْفُوظِ بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ فَقَلَبَ جُبَّةَ صُوفٍ كَانَتْ عَلَيْهِ فَمَسَحَ بِهَا وَجْهَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَمَسَحَ بِهَا وَجْهَهُ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ

وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ وَفِي سَمَاعِ مَحْفُوظٍ مِنْ سُلَيْمَانَ نَظَرٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما يقال بعد الوضوء]

[بَاب مَا يُقَالُ بَعْدَ الْوُضُوءِ] 469 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالُوا حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ أَبُو سُلَيْمَانَ النَّخَعِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي زَيْدٌ الْعَمِّيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ قَالَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فُتِحَ لَهُ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ دَخَلَ» قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ سَلَمَةَ الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ بِنَحْوِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ) الْفَاءُ لِلتَّفْسِيرِ وَإِحْسَانُهُ هُوَ الْإِسْبَاغُ مَعَ مُرَاعَاةِ الْآدَابِ بِلَا إِسْرَافٍ وَزَادَ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ «اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِي مِنَ الْمُتَطَهِّرِينَ» قَالَ النَّوَوِيُّ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَضُمَّ إِلَى ذَلِكَ مَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي كِتَابِهِ عَمَلُ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ مَرْفُوعًا «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ أَسْتَغْفِرُكُ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ» قَوْلُهُ (فُتِحَ لَهُ) أَيْ تَعْظِيمًا لِعَمَلِهِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ كَانَ الدُّخُولُ يَكْفِي فِيهِ بَابٌ وَاحِدٌ ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنْ يُوَفَّقَ لِلدُّخُولِ مِنَ الْبَابِ الَّذِي غَلَبَ عَلَيْهِ عَمَلُ أَهْلِهِ إِذْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ مُعَدَّةٌ لِأَعْمَالٍ مَخْصُوصَةٍ كَالرَّيَّانِ لِمَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ الصِّيَامُ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ زَيْدٌ الْعَمِّيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ اهـ قُلْتُ لَكِنَّ أَصْلَ الْحَدِيثِ صَحِيحٌ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ كَمَا رَوَاهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ رِوَايَةِ عُمَرَ أَيْضًا وَلَا عِبْرَةَ بِتَضْعِيفِ التِّرْمِذِيِّ الْحَدِيثَ مِنْ رِوَايَةِ عُمَرَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ وَالْعَجَبُ مِنْ صَاحِبِ الزَّوَائِدِ أَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى كَلَامِ التِّرْمِذِيِّ مَعَ ثُبُوتِ الْحَدِيثِ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

470 - حَدَّثَنَا عَلْقَمَةُ بْنُ عَمْرٍو الدَّارِمِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَطَاءٍ الْبَجَلِيِّ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ الْوُضُوءَ ثُمَّ يَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ»

[باب الوضوء بالصفر]

[بَاب الْوُضُوءِ بِالصُّفْرِ] 471 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمَاجِشُونِ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ صَاحِبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْرَجْنَا لَهُ مَاءً فِي تَوْرٍ مِنْ صُفْرٍ فَتَوَضَّأَ بِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فِي تَوْرٍ إِنَاءٍ مِنْ صُفْرٍ) بِضَمِّ صَادٍ مُهْمَلَةٍ وَسُكُونِ

فَاءٍ حُكِيَ بِكَسْرِ الصَّادِ وَهُوَ مِنَ النُّحَاسِ مَا يُشْبِهُ الذَّهَبَ بِلَوْنِهِ وَفِيهِ جَوَازُ التَّوْضِئِ مِنَ النُّحَاسِ الْأَصْفَرِ بِلَا كَرَاهَةٍ وَإِنْ أَشْبَهَ الذَّهَبَ بِلَوْنِهِ وَكَرِهَهُ بَعْضٌ.

472 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ «أَنَّهُ كَانَ لَهَا مِخْضَبٌ مِنْ صُفْرٍ قَالَتْ فَكُنْتُ أُرَجِّلُ رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مِخْضَبٌ) بِكَسْرِ مِيمٍ وَسُكُونِ خَاءٍ وَفَتْحِ ضَادٍ مُعْجَمَتَيْنِ آخِرُهُ مُوَحَّدَةٌ إِجَّانَةٌ لِغُسْلِ الثِّيَابِ وَالْمِرْكَنُ أَوْ إِنَاءٌ يُغْسَلُ فِيهِ، أُرَجِّلُ مِنَ التَّرْجِيلِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

473 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ فِي تَوْرٍ»

[باب الوضوء من النوم]

[بَاب الْوُضُوءِ مِنْ النَّوْمِ] 474 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنَامُ حَتَّى يَنْفُخَ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي وَلَا يَتَوَضَّأُ» قَالَ الطَّنَافِسِيُّ قَالَ وَكِيعٌ تَعْنِي وَهُوَ سَاجِدٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (حَتَّى يَنْفُخَ) أَيْ يَنْفُسَ بِصَوْتٍ حَتَّى يُسْمَعَ مِنْهُ صَوْتُ النَّفْخِ كَمَا يُسْمَعُ مِنَ النَّائِمِ قَوْلُهُ (فَيُصَلِّي وَلَا يَتَوَضَّأُ) لِأَنَّهُ «تَنَامُ عَيْنُهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ» كَمَا جَاءَ مُصَرَّحًا فِي الصِّحَاحِ فَنَوْمُهُ غَيْرُ نَاقِضٍ لِأَنَّ النَّوْمَ إِنَّمَا يَنْقَضُ الْوُضُوءَ لَمَّا خِيفَ عَلَى صَاحِبِهِ مِنْ خُرُوجِ شَيْءٍ مِنْهُ وَهُوَ لَا يَعْقِلُ وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ فِيمَنْ لَا يَنَامُ قَلْبُهُ وَعَلَى هَذَا فَلَا حَاجَةَ إِلَى قَوْلِ وَكِيعٍ يَعْنِي وَهُوَ سَاجِدٌ وَلَا إِلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ جَالِسٌ بَلْ لَا يَنْبَغِي ذِكْرُ أَحَادِيثِ نَوْمِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي هَذَا الْبَابِ أَصْلًا إِلَّا مَعَ بَيَانِ أَنَّهُ كَانَ مَخْصُوصًا بِهَذَا الْحُكْمِ مِنَ النَّبِيِّينَ فَلْيُتَأَمَّلْ.

475 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَامَ حَتَّى نَفَخَ ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ) فِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ فِيهِ حَجَّاجًا وَهُوَ ابْنُ أَرْطَاةَ وَكَانَ يُدَلِّسُ.

476 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ حُرَيْثِ بْنِ أَبِي مَطَرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادٍ أَبِي هُبَيْرَةَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كَانَ نَوْمُهُ ذَلِكَ وَهُوَ جَالِسٌ يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) قَالَ كَانَ نَوْمُهُ ذَلِكَ أَيِ النَّوْمَ الَّذِي لَمْ يَتَوَضَّأْ مِنْهُ وَهُوَ جَالِسٌ وَقَدْ مَرَّ مَا فِيهِ وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ حُرَيْثٍ وَرَوَاهُ

أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِغَيْرِ هَذَا السِّيَاقِ اهـ قُلْتُ قَدْ ضَعَّفَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَيْثُ الْإِسْنَادُ وَمِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ.

477 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ عَنْ الْوَضِينِ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ مَحْفُوظِ بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِذٍ الْأَزْدِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْعَيْنُ وِكَاءُ السَّهِ فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (الْعَيْنُ وِكَاءُ السَّهِ) زَادَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ «فَإِذَا نَامَتِ الْعَيْنُ اسْتَطْلَقَ الْوِكَاءُ» وَهُوَ بِكَسْرِ الْوَاوِ وَالْمَدُّ مَا تُشَدُّ بِهِ رَأْسُ الْقِرْبَةِ وَنَحْوِهَا وَالَسَّهُ بِفَتْحِ السِّينِ وَتَخْفِيفِ الْهَاءِ مِنْ أَسْمَاءِ الدُّبُرِ جَعَلَ الْيَقَظَةَ لِلِاسْتِ كَالْوِكَاءِ لِلْقِرْبَةِ كَمَا أَنَّ الْقِرْبَةَ مَا دَامَتْ مَرْبُوطَةً بِالْوِكَاءِ اخْتِيَارُ صَاحِبِهَا كَذَلِكَ الِاسْتُ مَا دَامَ مَحْفُوظًا بِالْعَيْنِ أَيِ الْيَقَظَةِ بِاخْتِيَارِ الصَّاحِبِ وَكَنَّى بِالْعَيْنِ عَنِ الْيَقَظَةِ لِأَنَّ النَّائِمَ لَا عَيْنَ لَهُ تُبْصِرُ ثُمَّ الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا فِي النَّوْمِ إِلَّا أَنَّ الْعُلَمَاءَ خَصَّصُوا الْحُكْمَ بِبَعْضِ أَقْسَامِهِ لِمَا جَاءَ فِي بَعْضِ أَقْسَامِهِ مِنْ عَدَمِ النَّقْضِ ثُمَّ لَهُمْ فِي اعْتِبَارِ ذَلِكَ تَفَاصِيلُ مَذْكُورَةٌ فِي كُتُبِ الشَّرْعِ.

478 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا أَنْ لَا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا مِنْ جَنَابَةٍ لَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِلَّا مِنْ جَنَابَةٍ) أَيْ فَمِنْهَا تُنْزَعُ وَلَكِنْ لَا تُنْزَعُ مِنْ غَائِطٍ فَفِي الْكَلَامِ اخْتِصَارٌ وَتَقْدِيرٌ بِقَرِينَةٍ.

[باب الوضوء من مس الذكر]

[بَاب الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ] 479 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ بُسْرَةَ بِنْتِ صَفْوَانَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا مَسَّ أَحَدُكُمْ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِذَا مَسَّ أَحَدُكُمْ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ) أَيْ لِلصَّلَاةِ وَلِمَا يَجِبُ لَهُ الْوُضُوءُ يُرِيدُ أَنَّ الْوُضُوءَ السَّابِقَ قَدِ انْتَقَضَ إِنْ كَانَ الْمَاسُّ مُتَوَضِّئًا وَلَمْ يُرِدْ أَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ وُضُوءٌ جَدِيدٌ مِنْ سَاعَتِهِ فَإِنَّهُ إِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْقِيَامِ إِلَى الصَّلَاةِ وَنَحْوِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

480 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ جَمِيعًا عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا مَسَّ أَحَدُكُمْ ذَكَرَهُ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ عُقْبَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَهُوَ ابْنُ ثَوْبَانَ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ شَيْخٌ مَجْهُولٌ وَبَاقِي رِجَالِهِ

ثِقَاتٌ.

481 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَشِيرِ بْنِ ذَكْوَانَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ قَالَتْ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ مَسَّ فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ) فِي الزَّوَائِدِ وَفِي الْإِسْنَادِ مَقَالٌ فَفِيهِ مَكْحُولٌ الدِّمَشْقِيُّ وَهُوَ مُدَلِّسٌ وَقَدْ رَوَاهُ بِالْعَنْعَنَةِ فَوَجَبَ تَرْكُ حَدِيثِهِ لَا سِيَّمَا وَقَدْ قَالَ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو زُرْعَةَ وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَأَبُو مُسْهِرٍ وَغَيْرُهُ إِنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ فَالْإِسْنَادُ مُنْقَطِعٌ.

482 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ عَنْ إِسْحَقَ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ مَسَّ فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ أَبِي أَيُّوبٍ) فِي إِسْنَادِهِ إِسْحَاقُ بْنُ فَرْوَةَ اتَّفَقُوا عَلَى ضَعْفِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب الرخصة في ذلك]

[بَاب الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ] 483 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَابِرٍ قَالَ سَمِعْتُ قَيْسَ بْنَ طَلْقٍ الْحَنَفِيَّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ مَسِّ الذَّكَرِ فَقَالَ لَيْسَ فِيهِ وُضُوءٌ إِنَّمَا هُوَ مِنْكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِنَّمَا هُوَ مِنْكَ) أَيْ جُزْءٍ مِنْكَ فَلَوْ كَانَ مَسُّهُ نَاقِضًا لَنَقَضَ مَسُّ كُلِّ جُزْءٍ فَفِي الْحُكْمِ بِنَقْضِ الْوُضُوءِ مِنْهُ حَرَجٌ مَدْفُوعٌ شَرْعًا وَصَنِيعُ الْمُصَنِّفِ يُشِيرُ إِلَى تَرْجِيحِ الْأَخْذِ بِهَذَا الْحَدِيثِ آخِرَ الْبَابِ وَسَمَّاهُ بَابَ الرُّخْصَةِ بَعْدَ الْعَزِيمَةِ وَيُؤْخَذُ بِالْمُتَأَخِّرِ وَذَلِكَ لِأَنَّ بِالتَّعَارُضِ حَصَلَ الشَّكُّ فِي النَّقْضِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ فَيُؤْخَذُ بِهِ وَلِأَنَّ حَدِيثَ «مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ» يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ بِأَنْ يُجْعَلَ مَسَّ الذَّكَرِ كِنَايَةً عَنِ الْبَوْلِ لِأَنَّهُ غَالِبًا يُرَادِفُ خُرُوجَ الْحَدَثِ فَعَبَّرَ بِهِ عَنْهُ كَمَا عَبَّرَ بِالْمَجِيءِ مِنَ الْغَائِطِ عَمَّا يُقْصَدُ الْغَائِطُ لِأَجْلِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [النساء: 43] قُلْتُ وَمِثْلُ هَذَا مِنَ الْكِنَايَاتِ كَثِيرٌ فِيمَا يُسْتَقْبَحُ التَّصْرِيحُ بِذِكْرِهِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ عَدَمَ انْتِقَاضِ الْوُضُوءِ بِمَسِّ الذَّكَرِ قَدْ عُلِّلَ بِعِلَّةٍ ذَاتِيَّةٍ وَهِيَ أَنَّ الذَّكَرَ جُزْءٌ مِنَ الْإِنْسَانِ فَالظَّاهِرُ دَوَامُ الْحُكْمِ بِدَوَامِ عِلَّتِهِ وَدَعْوَى أَنَّ حَدِيثَ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ مَنْسُوخٌ لَا تَعْوِيلَ عَلَيْهِ وَفِي تَسْمِيَةِ الْمُصَنِّفِ إِيَّاهُ رُخْصَةً إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْعَمَلَ بِالْأَوَّلِ لَا يَخْلُو

عَنِ احْتِيَاطٍ وَبِالثَّانِي جَائِزٌ.

484 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مَسِّ الذَّكَرِ فَقَالَ إِنَّمَا هُوَ جِذْيَةٌ مِنْكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِنَّمَا هُوَ حِذْيَةٌ مِنْكَ) الْحِذْيَةُ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا يَاءٌ مُثَنَّاةٌ مِنْ تَحْتُ مَا قُطِعَ طُولًا مِنَ اللَّحْمِ أَوِ الْقِطْعَةُ الصَّغِيرَةُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ جُزْءٌ وَفِي بَعْضِهَا حِذْوَةٌ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَسُكُونِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا وَاوٌ بِمَعْنَى الْقِطْعَةِ مِنَ اللَّحْمِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ جَعْفَرُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى تَرْكِ حَدِيثِهِ وَاتَّهَمُوهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب الوضوء مما غيرت النار]

[بَاب الْوُضُوءِ مِمَّا غَيَّرَتْ النَّارُ] 485 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَوَضَّئُوا مِمَّا غَيَّرَتْ النَّارُ» فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَتَوَضَّأُ مِنْ الْحَمِيمِ فَقَالَ لَهُ يَا ابْنَ أَخِي إِذَا سَمِعْتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا فَلَا تَضْرِبْ لَهُ الْأَمْثَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (تَوَضَّئُوا مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ) أَيْ تَوَضَّئُوا لِلصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا لِأَجْلِ أَكْلِ طَعَامٍ غَيَّرَتْهُ النَّارُ وَإِلَّا فَلَا وُضُوءَ عِنْدَ أَكْلِهِ قَوْلُهُ (أَتَوَضَّأُ مِنَ الْحَمِيمِ) أَيِ الْمَاءِ الْحَارِّ أَيْ يَنْبَغِي عَلَى مُقْتَضَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْإِنْسَانْ إِذَا تَوَضَّأَ بِالْمَاءِ الْحَارِّ يَتَوَضَّأُ ثَانِيًا بِالْمَاءِ الْبَارِدِ فَرَدَّ عَلَيْهِ أَبُو هُرَيْرَةَ بِأَنَّ الْحَدِيثَ لَا يُعَارَضُ بِمِثْلِ هَذِهِ الْمُعَارَضَةِ الْمَدْفُوعَةِ بِالنَّظَرِ فِيمَا أُرِيدَ بِالْحَدِيثِ فَإِنَّ الْمُرَادَ أَنَّ أَكْلَ مَا غَيَّرَتِ النَّارُ يُوجِبُ الْوُضُوءَ لَا مِمَّنْ مَسَّتْهُ الْأَعْضَاءُ.

486 - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنْبَأَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّئُوا مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ»

487 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ الْأَزْرَقُ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «كَانَ يَضَعُ يَدَيْهِ عَلَى أُذُنَيْهِ وَيَقُولُ صُمَّتَا إِنْ لَمْ أَكُنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ تَوَضَّئُوا مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (صُمَّتَا) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ عَلَى مَا هُوَ الْمَشْهُورُ الْمَضْبُوطُ فِي بَعْضِ الْأُصُولِ أَيْ كُفَّتَا وَمُقْتَضَى الْقَامُوسِ أَنَّهُ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ قَالَ الصَّمَمُ مُحَرَّكَةً انْسِدَادُ الْأُذُنِ وَثِقَلُ السَّمْعِ فَفُسِّرَ بِالْمَعْنَى اللَّازِمِ دُونَ الْمُتَعَدِّي وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ وَثَّقَهُ جَمَاعَةٌ وَضَعَّفَهُ آخَرُونَ وَالْمَتْنُ مَعْلُومٌ بِالصِّحَّةِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب الرخصة في ذلك]

[بَاب الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ] 488 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «أَكَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتِفًا ثُمَّ مَسَحَ يَدَيْهِ بِمِسْحٍ كَانَ تَحْتَهُ ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ فَصَلَّى» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (بِمِسْحِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ السِّينِ وَبِالْحَاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ ثَوْبٌ مِنَ الشَّعْرِ غَلِيظٌ ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ

أَيْ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ قَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ هَذَا نَاسِخٌ لِمَا تَقَدَّمَ فَحَدِيثُ جَابِرٍ «آخِرُ الْأَمْرَيْنِ تَرْكُ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ» قِيلَ وَالْحِكْمَةُ فِي الْأَمْرِ بِالْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ قِلَّةِ التَّنَظُّفِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَلَمَّا تَقَرَّرَتِ النَّظَافَةُ وَشَاعَتْ فِي الْإِسْلَامِ نُسِخَ الْوُضُوءُ تَيْسِيرًا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ.

489 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «أَكَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ خُبْزًا وَلَحْمًا وَلَمْ يَتَوَضَّئُوا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَفِي الزَّوَائِدِ رِجَالُ هَذَا الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ.

490 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ قَالَ «حَضَرْتُ عَشَاءَ الْوَلِيدِ أَوْ عَبْدِ الْمَلِكِ فَلَمَّا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ قُمْتُ لِأَتَوَضَّأَ فَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ أَشْهَدُ عَلَى أَبِي أَنَّهُ شَهِدَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَكَلَ طَعَامًا مِمَّا غَيَّرَتْ النَّارُ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ» وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَا أَشْهَدُ عَلَى أَبِي بِمِثْلِ ذَلِكَ

491 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَعِيلَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ «أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَتِفِ شَاةٍ فَأَكَلَ مِنْهُ وَصَلَّى وَلَمْ يَمَسَّ مَاءً»

492 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ أَنْبَأَنَا سُوَيْدُ بْنُ النُّعْمَانِ الْأَنْصَارِيُّ «أَنَّهُمْ خَرَجُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَرَ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالصَّهْبَاءِ صَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ دَعَا بِأَطْعِمَةٍ فَلَمْ يُؤْتَ إِلَّا بِسَوِيقٍ فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَمَضْمَضَ فَاهُ ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى بِنَا الْمَغْرِبَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (بِالصَّهْبَاءِ) مَوْضِعٌ قَرِيبٌ مِنْ خَيْبَرَ.

493 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ حَدَّثَنَا سُهَيْلٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَلَ كَتِفَ شَاةٍ فَمَضْمَضَ وَغَسَلَ يَدَيْهِ وَصَلَّى» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) وَفِي الزَّوَائِدِ رِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في الوضوء من لحوم الإبل]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ] 494 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَا حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ فَقَالَ تَوَضَّئُوا مِنْهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (تَوَضَّئُوا مِنْهَا) حَمَلَ الْجُمْهُورُ الْوُضُوءَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى غَسْلِ الْيَدِ وَالْأَمْرُ لِتَأْكِيدِ

الِاسْتِحْبَابِ وَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِ «وَلَا تَوَضَّئُوا مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ» حَمَلُوهُ عَلَى إِفَادَةِ عَدَمِ التَّوْكِيدِ لِاسْتِحْبَابِ غَسْلِ الْيَدِ بَعْدَ أَكْلِ لَحْمِ الْغَنَمِ وَذَلِكَ لِغُرَّةِ رَائِحَةِ لَحْمِ الْإِبِلِ وَكَانَ الدَّاعِيَ لَهُمْ إِلَى التَّأْوِيلِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ بَعْدَ نَسْخِ الْأَمْرِ بِالْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ وَإِلَّا وَجَبَ الْوُضُوءُ بَعْدَ لَحْمِ الْغَنَمِ أَيْضًا وَلَمْ يُعْلَمِ اسْتِحْبَابُ الْوُضُوءِ الشَّرْعِيِّ مِنْ بَعْضِ مَا مَسَّتْهُ النَّارُ بَعْدَ أَنْ نُسِخَ وُجُوبُهُ حَتَّى يُحْمَلَ الْحَدِيثُ عَلَيْهِ فَوَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى غَسْلِ الْيَدَيْنِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِحَدِيثِ جَابِرٍ «كَانَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ تَرْكَ الْوُضُوءِ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ» وَلَكِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ عَامٌّ وَحَدِيثُ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ خَاصٌّ وَالْخَاصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ اهـ قُلْتُ بَحْثُهُ لَا يَرُدُّ عَلَى عُلَمَائِنَا الْحَنَفِيَّةِ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ بِتَقْدِيمِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لَكِنَّ الشَّأْنَ فِي عُمُومِ تَرْكِ الْوُضُوءِ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ إِنْ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِالْوُضُوءِ يَكُونُ رَفْعًا لِلْإِيجَابِ الْكُلِّيِّ أَيْ تَرْكُ الْوُضُوءِ مِنْ كُلِّ مَا مَسَّتْهُ النَّارُ وَهَذَا لَا يُنَافِي الْوُضُوءَ مِنْ بَعْضِ مَا مَسَّتْهُ النَّارُ وَإِنْ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِالتَّرْكِ يَكُونُ سَلْبًا كُلِّيًّا أَيْ تَرْكُ مِنْ كُلِّ مَا مَسَّتْهُ النَّارُ الْوُضُوءَ وَاللَّفْظُ مُحْتَمَلٌ فَلَا دَلِيلَ فِيهِ بَلْ يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ دَفْعًا لِلتَّعَارُضِ وَتَوْفِيقًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

495 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ وَإِسْرَائِيلُ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَتَوَضَّأَ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ وَلَا نَتَوَضَّأَ مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ»

496 - حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَقَ الْهَرَوِيُّ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَاتِمٍ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ وَكَانَ ثِقَةً وَكَانَ الْحَكَمُ يَأْخُذُ عَنْهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَتَوَضَّئُوا مِنْ أَلْبَانِ الْغَنَمِ وَتَوَضَّئُوا مِنْ أَلْبَانِ الْإِبِلِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَا تَتَوَضَّئُوا مِنْ أَلْبَانِ الْغَنَمِ) الْحَدِيثُ فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ وَتَدْلِيسِهِ لَا سِيَّمَا وَقَدْ خَالَفَهُ غَيْرُهُ وَالْمَحْفُوظُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ أَبِي الْبَرَاءِ.

497 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ هُبَيْرَةَ الْفَزَارِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ سَمِعْتُ مُحَارِبَ بْنَ دِثَارٍ يَقُولُ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ تَوَضَّئُوا مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ وَلَا تَتَوَضَّئُوا مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ وَتَوَضَّئُوا مِنْ أَلْبَانِ الْإِبِلِ وَلَا تَوَضَّئُوا مِنْ أَلْبَانِ الْغَنَمِ وَصَلُّوا فِي مُرَاحِ الْغَنَمِ وَلَا تُصَلُّوا فِي مَعَاطِنِ الْإِبِلِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَلَا تُصَلُّوا فِي مَعَاطِنِ الْإِبِلِ) وَهُوَ مَبْرَكُ الْإِبِلِ حَوْلَ الْمَاءِ قَالُوا لَيْسَ عِلَّةُ الْمَنْعِ نَجَاسَةَ الْمَكَانِ إِذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَرَابِضِ الْغَنَمِ وَمَعَاطِنِ الْإِبِلِ وَإِنَّمَا الْعِلَّةُ شِدَّةُ نِفَارِ الْإِبِلِ فَقَدْ يُؤَدِّي ذَلِكَ إِلَى بُطْلَانِ الصَّلَاةِ

أَوْ قَطْعِ الْخُشُوعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ وَهُوَ مُدَلِّسٌ وَقَدْ رَوَاهُ بِالْعَنْعَنَةِ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَخَالِدُ بْنُ عَمْرٍو مَجْهُولُ الْحَالِ.

[باب المضمضة من شرب اللبن]

[بَاب الْمَضْمَضَةِ مِنْ شُرْبِ اللَّبَنِ] 498 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَضْمِضُوا مِنْ اللَّبَنِ فَإِنَّ لَهُ دَسَمًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَضْمِضُوا مِنَ اللَّبَنِ) أَيْ مِنْ شَرَابِهِ وَالْأَمْرُ لِلنَّدَبِ لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ تَرْكُهُ أَحْيَانًا فَإِنَّ لَهُ دَسَمًا بِفَتْحَتَيْنِ الْوَدَكُ وَقِيلَ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْجُمْلَةُ إِشَارَةً إِلَى عِلَّةِ الْمَضْمَضَةِ مِنَ اللَّبَنِ فَتَجِبُ الْمَضْمَضَةُ مِنْ كُلِّ مَا لَهُ دَسَمٌ بِهَذِهِ الْعِلَّةِ.

499 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ يَعْقُوبَ حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا شَرِبْتُمْ اللَّبَنَ فَمَضْمِضُوا فَإِنَّ لَهُ دَسَمًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ) فِي الزَّوَائِدِ رِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ.

500 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمُهَيْمِنِ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَضْمِضُوا مِنْ اللَّبَنِ فَإِنَّ لَهُ دَسَمًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ عَبْدِ الْمُهَيْمِنِ قَالَ فِيهِ الْبُخَارِيُّ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ.

501 - حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ السَّوَّاقُ حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا زَمْعَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «حَلَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاةً وَشَرِبَ مِنْ لَبَنِهَا ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَمَضْمَضَ فَاهُ وَقَالَ إِنَّ لَهُ دَسَمًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ (قَوْلُهُ عَنْ أَنَسٍ) فِي إِسْنَادِهِ (زَمْعَةُ بْنُ صَالِحٍ) وَقَدْ ضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ وَإِنْ أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ مَقْرُونًا بِغَيْرِهِ.

[باب الوضوء من القبلة]

[بَاب الْوُضُوءِ مِنْ الْقُبْلَةِ] 502 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبَّلَ بَعْضَ نِسَائِهِ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ قُلْتُ مَا هِيَ إِلَّا أَنْتِ فَضَحِكَتْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (قَبَّلَ بَعْضَ نِسَائِهِ) مِنَ التَّقْبِيلِ وَهَذَا لَا يَخْلُو عَنْ مَسِّ شَهْوَةٍ عَادَةً فَهَذَا التَّقْبِيلُ عَلَى أَنَّ الْمَسَّ بِشَهْوَةٍ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ فِيهِ إِرْسَالٌ وَالْإِرْسَالُ لَا يَضُرُّ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الْجُمْهُورِ فِي الِاحْتِجَاجِ وَقَدْ جَاءَ بِذَلِكَ الْإِسْنَادُ مَوْصُولًا ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَدْ رَوَاهُ الْبَزَّارُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَرَوَاهُ الْمُصَنِّفُ بِإِسْنَادَيْنِ فَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ بِالِاتِّفَاقِ وَيُوَافِقُهُ حَدِيثُ «مَسِّ عَائِشَةَ رِجْلَ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي السُّجُودِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ وَلِذَلِكَ

حَمَلَهُ الشَّافِعِيُّ أَنَّ عَدَمَ نَقْضِ الْوُضُوءِ بِالْمَسِّ مِنْ خَصَائِصِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لَكِنَّ الْأَصْلَ هُوَ الْعُمُومُ وَأَمَّا قَوْلُ الْبَغَوِيِّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ ضَعَّفَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ هَذَا الْحَدِيثَ وَقَالَ هُوَ يُشْبِهُ لَا شَيْءَ وَضَعَّفَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَقَالَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُرْوَةَ وَلَا يَصِحُّ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ اهـ فَقَدْ عَلِمْتَ دَفْعَهُ بِمَا ذَكَرْنَا ضَرُورَةَ أَنَّ مُرْسَلَ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ ثَابِتٌ وَهُوَ يَكْفِي فِي الْبَابِ عِنْدَ الْكُلِّ وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ رَوَاهُ الْبَزَّارُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ فَقَدْ تَمَّ الِاحْتِجَاجُ بِذَلِكَ وَرِوَايَةُ مُسْلِمٍ فِي بَابِ الْمَسِّ كَافِيَةٌ فِي الِاحْتِجَاجِ فَفِي إِسْنَادِ ابْنِ مَاجَهِ الْأَوَّلِ الَّذِي تَكَلَّمَ فِيهِ سَعِيدٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّ أَمْرَ الِاحْتِجَاجِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ثُبُوتِهِ عَلَى أَنَّ أَبَاهُ أَوْرَدَ كَلَامَ سَعِيدٍ وَمَالَ إِلَى إِثْبَاتِ سَمَاعِ حَبِيبٍ عَنْ عُرْوَةَ فَصَارَ هَذَا الْإِسْنَادُ أَيْضًا حُجَّةً فَقَدْ تَمَّتِ الْحُجَّةُ بِوُجُودِهِ بِحَمْدِ اللَّهِ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ.

503 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ زَيْنَبَ السَّهْمِيَّةِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَوَضَّأُ ثُمَّ يُقَبِّلُ وَيُصَلِّي وَلَا يَتَوَضَّأُ وَرُبَّمَا فَعَلَهُ بِي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ زَيْنَبَ السَّهْمِيَّةِ عَنْ عَائِشَةَ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ وَقَدْ رَوَاهُ بِالْعَنْعَنَةِ وَزَيْنَبُ قَالَ فِيهَا الدَّارَقُطْنِيُّ لَا تَقُومُ بِهَا حُجَّةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب الوضوء من المذي]

[بَاب الْوُضُوءِ مِنْ الْمَذْيِ] 504 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمَذْيِ فَقَالَ فِيهِ الْوُضُوءُ وَفِي الْمَنِيِّ الْغُسْلُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنِ الْمَذْيِ) بِفَتْحٍ وَسُكُونِ ذَالٍ مُعْجَمَةٍ وَتَشْدِيدِ يَاءٍ، مَاءٌ رَقِيقٌ يَخْرُجُ عِنْدَ الْمُلَاعَبَةِ وَالتَّقْبِيلِ عَادَةً.

505 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ «أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الرَّجْلِ يَدْنُو مِنْ امْرَأَتِهِ فَلَا يُنْزِلُ قَالَ إِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ ذَلِكَ فَلْيَنْضَحْ فَرْجَهُ يَعْنِي لِيَغْسِلْهُ وَيَتَوَضَّأْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنِ الرَّجُلِ يَدْنُو) أَيْ مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ وَقَوْلُهُ فَلْيَنْضَحْ مِنَ النَّضْحِ وَأَصْلُهُ الرَّشُّ أُرِيدَ بِهِ الْغَسْلَ الْخَفِيفَ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الرَّاوِي.

506 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَعَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ «كُنْتُ أَلْقَى مِنْ الْمَذْيِ شِدَّةً فَأُكْثِرُ مِنْهُ الِاغْتِسَالَ فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّمَا يُجْزِيكَ مِنْ ذَلِكَ الْوُضُوءُ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ بِمَا يُصِيبُ ثَوْبِي قَالَ إِنَّمَا يَكْفِيكَ كَفٌّ مِنْ مَاءٍ تَنْضَحُ بِهِ مِنْ ثَوْبِكَ حَيْثُ تَرَى أَنَّهُ أَصَابَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَلْقَى) مِنْ لَقِيَ كَسَمِعَ وَقَوْلُهُ كَفٌّ مِنْ مَاءٍ أَيْ مَاءٍ قَلِيلٍ يَغْسِلُ بِهِ مَا أَصَابَهُ مِنَ الثَّوْبِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْغُسْلَ مَرَّةً يَكْفِي.

507 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ عَنْ أَبِي حَبِيبِ بْنِ يَعْلَى بْنِ مُنْيَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّهُ أَتَى أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ وَمَعَهُ عُمَرُ فَخَرَجَ عَلَيْهِمَا فَقَالَ إِنِّي وَجَدْتُ مَذْيًا فَغَسَلْتُ ذَكَرِي وَتَوَضَّأْتُ فَقَالَ عُمَرُ أَوَ يُجْزِئُ ذَلِكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَسَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نَعَمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَنَّهُ أَتَى) أَيِ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَخَرَجَ أُبَيٌّ عَلَيْهِمَا وَقَدْ نَبَّهَ صَاحِبُ الزَّوَائِدِ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ فِي الزَّوَائِدِ وَأَنَّ أَصْلَهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب وضوء النوم]

[بَاب وُضُوءِ النَّوْمِ] 508 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ لِزَائِدَةَ بْنِ قُدَامَةَ يَا أَبَا الصَّلْتِ هَلْ سَمِعْتَ فِي هَذَا شَيْئًا فَقَالَ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ عَنْ كُرَيْبٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ مِنْ اللَّيْلِ فَدَخَلَ الْخَلَاءَ فَقَضَى حَاجَتَهُ ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ ثُمَّ نَامَ» حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَنْبَأَنَا سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ أَنْبَأَنَا بُكَيْرٌ عَنْ كُرَيْبٍ قَالَ فَلَقِيتُ كُرَيْبًا فَحَدَّثَنِي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ

[باب الوضوء لكل صلاة والصلوات كلها بوضوء واحد]

[بَاب الْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَالصَّلَوَاتِ كُلِّهَا بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ] 509 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَكُنَّا نَحْنُ نُصَلِّي الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وُضُوءُ النَّوْمِ) يُرِيدُ أَنَّ الْوُضُوءَ عِنْدَ النَّوْمِ مَنْدُوبٌ قَدْ جَاءَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ الصِّحَاحُ وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ يُبَيِّنُ مَا يَكْفِي فِي ذَلِكَ الْوُضُوءِ مِنَ الْقَدْرِ وَهَذَا اسْتِنْبَاطٌ غَرِيبٌ مِنَ الْمُصَنِّفِ وَعَلَى هَذَا أَفَيُمْكِنُ تَفْسِيرُ الْوُضُوءِ الَّذِي جَاءَ فِي حَقِّ الْجُنُبِ إِذَا أَرَادَ النَّوْمَ قَبْلَ الِاغْتِسَالِ بِهَذَا لَكِنْ قَدْ جَاءَ فِي حَدِيثِ ذَلِكَ الْوُضُوءِ مَا يَمْنَعُ مِنَ الْحَمْلِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ (يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ) أَيْ كَانَ يَعْتَادُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ قَدْ جَمَعَ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ وَأَكْثَرَ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْآتِي وَلَهُ نَظَائِرُ لَا تَخْفَى عَلَى الْمُتَتَبِّعِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ هَذَا إِخْبَارٌ عَلَى حَسَبِ مَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ أَنَسٌ وَهُوَ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى خِلَافِ هَذَا وَإِنْ كَانَ ثَابِتًا فِي الْوَاقِعِ وَكُنَّا نُصَلِّي

الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا الْمُرَادُ صَلَاةُ الْيَوْمِ الْوَاحِدِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمْ أَحْيَانًا كَانُوا يُصَلُّونَهَا بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ وَإِلَّا فَلَا يَخْفَى أَنَّهُ خِلَافُ الْمُعْتَادِ ثُمَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَأَمْثَالِهِ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} [المائدة: 6] أَيْ وَأَنْتُمْ مُحْدِثُونَ.

510 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ صَلَّى الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ»

511 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ تَوْبَةَ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُبَشِّرٍ قَالَ «رَأَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ فَقُلْتُ مَا هَذَا فَقَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ هَذَا فَأَنَا أَصْنَعُ كَمَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ) أَيِ الْمُعْتَادَةِ أَوْ كُلِّهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ حِكَايَةُ حَالٍ فَلَا تَعُمُّ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ فِيهِ الْفَضْلُ بْنُ مُبَشِّرٍ ضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب الوضوء على الطهارة]

[بَاب الْوُضُوءِ عَلَى الطَّهَارَةِ] 512 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي غُطَيْفٍ الْهُذَلِيِّ قَالَ «سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي مَجْلِسِهِ فِي الْمَسْجِدِ فَلَمَّا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ قَامَ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ عَادَ إِلَى مَجْلِسِهِ فَلَمَّا حَضَرَتْ الْعَصْرُ قَامَ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ عَادَ إِلَى مَجْلِسِهِ فَلَمَّا حَضَرَتْ الْمَغْرِبُ قَامَ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ عَادَ إِلَى مَجْلِسِهِ فَقُلْتُ أَصْلَحَكَ اللَّهُ أَفَرِيضَةٌ أَمْ سُنَّةٌ الْوُضُوءُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ قَالَ أَوَ فَطِنْتَ إِلَيَّ وَإِلَى هَذَا مِنِّي فَقُلْتُ نَعَمْ فَقَالَ لَا لَوْ تَوَضَّأْتُ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ لَصَلَّيْتُ بِهِ الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا مَا لَمْ أُحْدِثْ وَلَكِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ تَوَضَّأَ عَلَى كُلِّ طُهْرٍ فَلَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ وَإِنَّمَا رَغِبْتُ فِي الْحَسَنَاتِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ) مَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ يَقُولُ مَا سَيَجِيءُ أَوْ فَطِنْتُ إِلَيَّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَفِي الْقَامُوسِ فَطِنَ بِهِ وَإِلَيْهِ وَلَهُ كَفَرِحَ وَنَصَرَ وَكَرُمَ وَالْمُرَادُ أَنَظَرْتَ إِلَيَّ وَإِلَى هَذَا الْفِعْلِ فَقَالَ لَا أَيْ لَيْسَ بِفَرْضٍ وَلَا سَنَةٍ لَصَلَّيْتُ بِهِ أَيْ لَجَازَ لِي ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ إِخْلَالٍ بِفَرْضٍ أَوْ سَنَةٍ قَوْلُهُ (مَنْ تَوَضَّأَ عَلَى طُهْرٍ) قِيلَ أَيْ مَعَ طُهْرٍ قُلْتُ أَوْ ثَابِتًا تَشْبِيهًا لِثُبُوتِهِ عَنْ ظَهْرٍ وَصَفَ الظَّهْرَ بِثُبُوتِ الرَّاكِبِ عَلَى مَرْكُوبِهِ وَاسْتِعَارَةُ لَفْظَةٍ عَلَى الْمُسْتَعْمَلَةِ فِي الثَّانِي لِلْأَوَّلِ كَمَا قَالُوا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى أُولَئِكَ عَلَى هُدًى وَفِي الزَّوَائِدِ قُلْتُ مَدَارُ الْحَدِيثِ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادِ الْأَفْرِيقِيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَمَعَ ضَعْفِهِ كَانَ يُدَلِّسُ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ بِلَا ذِكْرِ الْقَضِيَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب لا وضوء إلا من حدث]

[بَاب لَا وُضُوءَ إِلَّا مِنْ حَدَثٍ] 513 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ وَعَبَّادُ بْنُ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ قَالَ «شُكِيَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ لَا حَتَّى يَجِدَ رِيحًا أَوْ يَسْمَعَ صَوْتًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (شُكِيَ) الْأَقْرَبُ أَنَّهُ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَالرَّجُلُ بِالرَّفْعِ نَائِبُ الْفَاعِلِ وَقَوْلُهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلَاةِ اسْتِئْنَافٌ أَوْ صِفَةٌ لِلرَّجُلِ عَلَى أَنَّ تَعْرِيفَهُ لِلْجِنْسِ وَجَعْلَهُ حَالًا بَعِيدٌ مَعْنًى وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ نَائِبُ الْفَاعِلِ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ وَالرَّجُلُ مُبْتَدَأٌ وَالْجُمْلَةُ خَبَرُهُ وَالْجُمْلَةُ اسْتِئْنَافِيَّةٌ بَيَانٌ لِلشِّكَايَةِ كَأَنَّهُ قِيلَ فِي الشِّكَايَةِ فَأُجِيبَ قُلِ الرَّجُلُ يَجِدُ إِلَخْ وَأَمَّا جَعْلُ شُكِيَ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ وَالرَّجُلُ فَاعِلُهُ فَبَعِيدٌ فَإِنَّ اللَّائِقَ حِينَئِذٍ أَنْ يُكْتَبَ شَكَا بِالْأَلْفِ وَأَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ لَا حَتَّى تَجِدَ بِالْخِطَابِ لَا الْغَيْبَةِ الْمَقْصُودُ بِقَوْلِهِ حَتَّى يَجِدَ رِيحًا أَيْ حَتَّى يَتَيَقَّنَ الْغَايَةُ أَعَمَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِسَمَاعِ صَوْتٍ أَوْ وِجْدَانِ رِيحٍ أَوْ يَكُونَ شَيْءٌ آخَرُ وَغَلَبَةُ الظَّنِّ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ فِي حُكْمِ الْيَقِينِ بَقِيَ أَنَّ الشَّكَّ لَا غَيْرَ بِدَلِيلٍ يُحْكَمُ بِالْأَصْلِ الْمُتَيَقَّنِ وَإِنْ طَرَأَ الشَّكُّ فِي رِوَايَتِهِ.

514 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ عَنْ مَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنْبَأَنَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ التَّشَبُّهِ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ لَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنِ التَّشَبُّهِ فِي الصَّلَاةِ) أَيْ عَنْ حُكْمِ الِالْتِبَاسِ وَالشَّكِّ فِي حُصُولِ الْحَدَثِ فِي الصَّلَاةِ وَفِي الزَّوَائِدِ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ مُعَلَّلٌ بِأَنَّ الْحُفَّاظَ مِنْ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ رَوَوْا عَنْهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَكَانَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ يُنْكِرُ حَدِيثَ الْمُحَارِبِيِّ عَنْ مَعْمَرٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ مَعْمَرٍ لَا سِيَّمَا كَانَ يُدَلِّسُ.

515 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالُوا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا وُضُوءَ إِلَّا مِنْ صَوْتٍ أَوْ رِيحٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَا وُضُوءَ إِلَّا مِنْ صَوْتٍ إِلَخْ) أَيْ مِنْ حَدِيثٍ مُتَيَقَّنٍ لَا مَشْكُوكَ فَلَا إِشْكَالَ فِي الْحَصْرِ.

516 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ قَالَ «رَأَيْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ يَشُمُّ ثَوْبَهُ فَقُلْتُ مِمَّ ذَلِكَ قَالَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا وُضُوءَ إِلَّا مِنْ رِيحٍ أَوْ سَمَاعٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (رَأَيْتُ السَائِبَ بْنَ يَزِيدَ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب مقدار الماء الذي لا ينجس]

[بَاب مِقْدَارِ الْمَاءِ الَّذِي لَا يُنَجَّسُ] 517 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ الْمَاءِ يَكُونُ بِالْفَلَاةِ مِنْ الْأَرْضِ وَمَا يَنُوبُهُ مِنْ الدَّوَابِّ وَالسِّبَاعِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ» حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَمَا يَنُوبُهُ) أَيْ مَا يَأْتِيهِ وَيَنْزِلُ بِهِ قَوْلُهُ (قُلَّتَيْنِ) زَادَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ بِسَنَدٍ مُرْسَلٍ لَوْ بِقِلَالِ هَجَرَ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَقَدْ رَأَيْتُ قِلَالَ هَجَرَ فَالْقُلَّةُ تَسَعُ قِرْبَتَيْنِ أَوْ قِرْبَتَيْنِ وَشَيْئًا فَانْدَفَعَ مَا يُتَوَهَّمُ مِنَ الْجَهَالَةِ لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ هَذِهِ الرِّوَايَةُ صَرِيحَةٌ فِي الْمَطْلُوبِ وَفِي تَغَيُّرِهِ لِمَا جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ مِنْ قَوْلِهِ لَمْ يَحْمِلِ الْخَبَثَ فَلَا وَجْهَ لِمَا قِيلَ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَضْعُفُ عَنْ حَمْلِهِ فَيَنْجُسُ كَيْفَ وَلَوْ كَانَ مَعْنَاهُ مَا ذَكَرَهُ هَذَا الْقَائِلُ لَمَا بَقِيَ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا بَلَغَ قُلَّتَيْنِ وَمَا دُونَهُ وَالْحَدِيثُ مَسُوقٌ لِإِفَادَةِ التَّحْدِيدِ بَيْنَ الْمِقْدَارِ الَّذِي لَمْ يَنْجَسْ.

518 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ» قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ وَأَبُو سَلَمَةَ وَابْنُ عَائِشَةَ الْقُرَشِيُّ قَالُوا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَوْ ثَلَاثًا) أَيْ أَوْ أَزْيَدَ مِنْ قُلَّتَيْنِ ذَكَرَهُ لِإِفَادَةِ أَنَّ التَّحْدِيدَ بِقُلَّتَيْنِ لَيْسَ لِمَنْعِ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ بَلْ لِمَنْعِ النُّقْصَانِ عَنْهُ وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ فِي الْكَلَامِ وَلَيْسَ هُوَ لِلشَّكِّ حَتَّى يَلْزَمَ الِاضْطِرَابُ فِي الْحَدِيثِ كَمَا زَعَمَ مَنْ لَا يَقُولُ بِالْحَدِيثِ وَفِي الزَّوَائِدِ رِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ مَا خَلَا قَوْلَهُ أَوْ ثَلَاثًا فَلِذَلِكَ أَوْرَدْتُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب الحياض]

[بَاب الْحِيَاضِ] 519 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ الْمَدَنِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ الْحِيَاضِ الَّتِي بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ تَرِدُهَا السِّبَاعُ وَالْكِلَابُ وَالْحُمُرُ وَعَنْ الطَّهَارَةِ مِنْهَا فَقَالَ لَهَا مَا حَمَلَتْ فِي بُطُونِهَا وَلَنَا مَا غَبَرَ طَهُورٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَلَنَا مَا غَبَرَ) أَيْ مَا بَقِيَ طَهُورٌ لَنَا وَهُوَ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَذَلِكَ إِمَّا لِأَنَّ تَلِكَ الْحِيَاضَ غَالِبًا لَا تَخْلُو عَنْ قُلَّتَيْنِ أَوْ لِأَنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ لَا لِأَنَّ سُؤْرَ السِّبَاعِ طَاهِرٌ بَلْ هَذَا الْحَدِيثُ وَأَمْثَالُهُ مِنْ أَدِلَّةِ نَجَاسَةِ سُؤْرِ السِّبَاعِ سِيَّمَا حَدِيثُ الْقُلَّتَيْنِ وَإِلَّا لَمَا قَرَّرَهُ لَهُمْ عَلَى هَذَا السُّؤَالِ بَلْ بَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ

الْمَاءَ لَا يَنْجَسُ بِوُرُودِ السِّبَاعِ عَلَيْهِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ فِيهِ الْحَاكِمُ رَوَى عَنْ أَبِيهِ أَحَادِيثَ مَوْضُوعَةً قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَجْمَعُوا عَلَى ضَعْفِهِ.

520 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ طَرِيفِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا نَضْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «انْتَهَيْنَا إِلَى غَدِيرٍ فَإِذَا فِيهِ جِيفَةُ حِمَارٍ قَالَ فَكَفَفْنَا عَنْهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ الْمَاءَ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ فَاسْتَقَيْنَا وَأَرْوَيْنَا وَحَمَلْنَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِنَّ الْمَاءَ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ) أَيْ مَا دَامَ لَا يُغَيِّرُهُ وَأَمَّا إِذَا غَيَّرَهُ فَكَأَنَّهُ أَخْرَجَهُ عَنْ كَوْنِهِ مَاءً فَمَا بَقِيَ عَلَى الطَّهُورِيَّةِ لِكَوْنِهَا صِفَةَ الْمَاءِ وَالْمُغَيِّرُ كَأَنَّهُ لَيْسَ بِمَاءٍ وَمَنْ يَقُولُ بِتَنْجِيسِ الْقَلِيلِ بِوُقُوعِ النَّجَاسَةِ لِأَنَّ سَوْقَ ذَلِكَ الْحَدِيثِ لِإِفَادَةِ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا بَلَغَ قُلَّتَيْنِ وَمَا دُونَهُ وَهَذَا ظَاهِرٌ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ حَدِيثِ جَابِرٍ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ طَرِيقِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبِرِّ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ ضَعِيفٌ.

521 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ وَالْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الدِّمَشْقِيَّانِ قَالَا حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا رِشْدِينُ أَنْبَأَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الْمَاءَ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ إِلَّا مَا غَلَبَ عَلَى رِيحِهِ وَطَعْمِهِ وَلَوْنِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِلَّا مَا غَلَبَ عَلَى رِيحِهِ إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ رِشْدِينِ اهـ قُلْتُ وَالْحَدِيثُ بِدُونِ الِاسْتِثْنَاءِ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فِي بِئْرِ بِضَاعَةَ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ وَقَالَ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ وَقَدْ صَحَّحَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَقَالَ الْمُحَقِّقُ الِاسْتِثْنَاءُ ثَابِتٌ بِالْإِجْمَاعِ أَجْمَعُوا عَلَى تَنَجُّسِهِ بِتَغْيِيرِ وَصْفِهِ بِالنَّجَاسَةِ قُلْتُ وَقَدْ ذَكَرْتُ فِيمَا سَبَقَ مَا يُقَرِّبُ إِلَيْكَ اعْتِبَارَ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْحَدِيثِ ثَابِتٌ نَعَمْ هَلْ هُوَ مَخْصُوصٌ بِالْمَاءِ الْكَثِيرِ كَمَا هُوَ الْمُرَادُ أَوْ هُوَ عَامٌّ لِكُلِّ مَاءٍ وَهُوَ مَحَلُّ كَلَامٍ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ التَّوْفِيقَ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ يَقْتَضِي الْخُصُوصَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في بول الصبي الذي لم يطعم]

[بَاب مَا جَاءَ فِي بَوْلِ الصَّبِيِّ الَّذِي لَمْ يُطْعَمْ] 522 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ قَابُوسَ بْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ عَنْ لُبَابَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ قَالَتْ «بَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ فِي حِجْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْطِنِي ثَوْبَكَ وَالْبَسْ ثَوْبًا غَيْرَهُ فَقَالَ إِنَّمَا يُنْضَحُ مِنْ بَوْلِ الذَّكَرِ وَيُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الْأُنْثَى» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فِي حِجْرِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ) بِتَقْدِيمِ الْحَاءِ الْمَفْتُوحَةِ أَوِ الْمَكْسُورَةِ عَلَى الْجِيمِ السَّاكِنَةِ الثَّوْبُ وَالْحِضْنُ أَعْطِنِي ثَوْبَكَ أَيْ لِأَغْسِلَهُ إِنَّمَا يَنْضَحُ مَنْ يَرَى وُجُوهَ الْغَسْلِ مِنْ بَوْلِ الْغُلَامِ أَيْضًا يَحْمِلُهُ عَلَى الْغَسْلِ الْخَفِيفِ أَيْ إِنَّمَا يَغْسِلُ غَسْلًا خَفِيفًا مِنْ بَوْلِ الْغُلَامِ وَيَغْسِلُ

أَيْ بِالْمُبَالَغَةِ أَيْ مِنْ بَوْلِ الْأُنْثَى وَهُوَ تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ وَمَعَ بُعْدِهِ مُخَالِفٌ لِلْمَذْهَبِ أَيْضًا إِذْ مَا تَعَرَّضُوا فِي كُتُبِ الْفِقْهِ لِلْخِفَّةِ وَالْمُبَالَغَةِ.

523 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَبِيٍّ فَبَالَ عَلَيْهِ فَأَتْبَعَهُ الْمَاءَ وَلَمْ يَغْسِلْهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَأَتْبِعْهُ الْمَاءَ) أَيْ رُشَّ عَلَيْهِ أَوِ اغْسِلْهُ غَسْلًا وَلَمْ يَغْسِلْهُ أَيْ وَلَمْ يُبَالِغْ فِي غَسْلِهِ.

524 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ قَالَتْ «دَخَلْتُ بِابْنٍ لِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ فَبَالَ عَلَيْهِ فَدَعَا بِمَاءٍ فَرَشَّ عَلَيْهِ»

525 - حَدَّثَنَا حَوْثَرَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَا حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ أَنْبَأَنَا أَبِي عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّيْلِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي بَوْلِ الرَّضِيعِ يُنْضَحُ بَوْلُ الْغُلَامِ وَيُغْسَلُ بَوْلُ الْجَارِيَةِ» قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى بْنِ مَعْقِلٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْمِصْرِيُّ قَالَ سَأَلْتُ الشَّافِعِيَّ عَنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرَشُّ مِنْ بَوْلِ الْغُلَامِ وَيُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الْجَارِيَةِ وَالْمَاءَانِ جَمِيعًا وَاحِدٌ قَالَ لِأَنَّ بَوْلَ الْغُلَامِ مِنْ الْمَاءِ وَالطِّينِ وَبَوْلَ الْجَارِيَةِ مِنْ اللَّحْمِ وَالدَّمِ ثُمَّ قَالَ لِي فَهِمْتَ أَوْ قَالَ لَقِنْتَ قَالَ قُلْتُ لَا قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَ آدَمَ خُلِقَتْ حَوَّاءُ مِنْ ضِلْعِهِ الْقَصِيرِ فَصَارَ بَوْلُ الْغُلَامِ مِنْ الْمَاءِ وَالطِّينِ وَصَارَ بَوْلُ الْجَارِيَةِ مِنْ اللَّحْمِ وَالدَّمِ قَالَ قَالَ لِي فَهِمْتَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ لِي نَفَعَكَ اللَّهُ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَالْمَاءَانِ جَمِيعًا وَاحِدٌ) أَيْ بَوْلُ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى جَمِيعًا نَوْعٌ وَاحِدٌ بَلْ صِنْفٌ وَاحِدٌ فَبِأَيِّ سَبَبٍ اخْتَلَفَ حُكْمُهُمَا لِأَنَّ بَوْلَ الْغُلَامِ إِلَخْ يُرِيدُ أَنَّ الْغُلَامَ إِنَّمَا نُشِّئَ غُلَامًا لِغَلَبَةِ مَاءِ الذَّكَرِ وَالْجَارِيَةَ بِالْعَكْسِ وَآدَمُ قَدْ خُلِقَ مِنَ الْمَاءِ وَالطِّينِ فَالْغَالِبُ عَلَى طَبْعِ الْغُلَامِ هُوَ الْمَاءُ وَالطِّينُ فَلِكَوْنِهِ كَانَ مِنْ الْمَاءِ وَالطِّينِ وَالْأَصْلُ فِيهِمَا الطَّهَارَةُ فَلِذَلِكَ يُخَفِّفُ بَوْلُ الْغُلَامِ وَأَمَّا الْجَارِيَةُ فَالْغَالِبُ عَلَى طَبْعِهَا أَثَرُ اللَّحْمِ وَالدَّمِ لِخَلْقِهَا مِنْهُمَا وَالْأَصْلُ فِي الدَّمِ النَّجَاسَةُ فَبَوْلُهَا بِالْغِلَظِ أَنْسَبُ وَقِيلَ فِي وَجْهِ الْفَرْقِ أَنَّ الْقُلُوبَ بِالْغُلَامِ أَعْلَقُ فَيُؤْدِي الْغَسْلُ مِنْ بَوْلِهِ إِلَى الْمَشَقَّةِ الْمَدْفُوعَةِ شَرْعًا وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَالْحَقُّ أَنَّ الْمَقْصُودَ التَّعَبُّدُ وَالِاتِّبَاعُ وَالسُّؤَالُ عَنِ الْحُكْمِ خَارِجٌ عَنْ ذَلِكَ وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ مِنْ سُنَنِ ابْنِ

مَاجَهْ دُونَ بَعْضٍ.

526 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ وَمُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى وَالْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ قَالُوا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا مُحِلُّ بْنُ خَلِيفَةَ أَخْبَرَنَا أَبُو السَّمْحِ قَالَ «كُنْتُ خَادِمَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجِيءَ بِالْحَسَنِ أَوْ الْحُسَيْنِ فَبَالَ عَلَى صَدْرِهِ فَأَرَادُوا أَنْ يَغْسِلُوهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُشَّهُ فَإِنَّهُ يُغْسَلُ بَوْلُ الْجَارِيَةِ وَيُرَشُّ مِنْ بَوْلِ الْغُلَامِ»

527 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أُمِّ كُرْزٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَوْلُ الْغُلَامِ يُنْضَحُ وَبَوْلُ الْجَارِيَةِ يُغْسَلُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ أُمِّ كُرْزٍ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ انْقِطَاعٌ فَإِنَّ عَمْرَو بْنَ شُعَيْبٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب الأرض يصيبها البول كيف تغسل]

[بَاب الْأَرْضِ يُصِيبُهَا الْبَوْلُ كَيْفَ تُغْسَلُ] 528 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ أَنْبَأَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَالَ فِي الْمَسْجِدِ فَوَثَبَ إِلَيْهِ بَعْضُ الْقَوْمِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُزْرِمُوهُ ثُمَّ دَعَا بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ فَصَبَّ عَلَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَوَثَبَ إِلَيْهِ) أَيْ قَامَ بِالسُّرْعَةِ وَالِاسْتِعْجَالِ أَيْ بَعْضُ الْقَوْمِ لِيَمْنَعُوهُ مِنْ ذَلِكَ لَا تُزْرِمُوهُ بِضَمِّ التَّاءِ وَإِسْكَانِ الزَّايِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا رَاءٌ مُهْمَلَةٌ أَيْ لَا تَقْطَعُوا عَلَيْهِ الْبَوْلَ يُقَالُ زَرِمَ الْبَوْلُ بِالْكَسْرِ إِذَا انْقَطَعَ وَأَزْرَمَهُ غَيْرُهُ.

529 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «قَالَ دَخَلَ أَعْرَابِيٌّ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ فَقَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَلِمُحَمَّدٍ وَلَا تَغْفِرْ لِأَحَدٍ مَعَنَا فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ لَقَدْ احْتَظَرْتَ وَاسِعًا ثُمَّ وَلَّى حَتَّى إِذَا كَانَ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ فَشَجَ يَبُولُ فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ بَعْدَ أَنْ فَقِهَ فَقَامَ إِلَيَّ بِأَبِي وَأُمِّي فَلَمْ يُؤَنِّبْ وَلَمْ يَسُبَّ فَقَالَ إِنَّ هَذَا الْمَسْجِدَ لَا يُبَالُ فِيهِ وَإِنَّمَا بُنِيَ لِذِكْرِ اللَّهِ وَلِلصَّلَاةِ ثُمَّ أَمَرَ بِسَجْلٍ مِنْ مَاءٍ فَأُفْرِغَ عَلَى بَوْلِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (دَخَلَ أَعْرَابِيٌّ الْمَسْجِدَ) زَادَ الدَّارَقُطْنِيُّ «فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ مَتَى السَّاعَةُ؟ فَقَالَ لَهُ مَا أَعْدَدْتَ لَهَا فَقَالَ لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِيًّا مَا أَعْدَدْتُ لَهَا مِنْ كَبِيرِ صَلَوَاتٍ وَصِيَامٍ إِلَّا أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَالَ أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ قَالَ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ» قَوْلُهُ (لَقَدِ احْتَظَرْتَ) أَيْ مَنَعْتَ (وَاسِعًا) أَيْ دَعَوْتَ بِمَنْعِ مَنْ لَا مَنْعَ فِيهِ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَمَغْفِرَتِهِ وَقَوْلُهُمْ فِي تَفْسِيرِهِ ضَيَّقْتَ أَوْ صَنَعْتَ أَوِ اعْتَقَدْتَ الْمَنْعَ لَا يَخْلُو مِنْ تَسَامُحٍ فَشَجَّ بِالتَّخْفِيفِ وَقِيلَ بِالتَّشْدِيدِ قَالَ السُّيُوطِيُّ بِفَاءٍ وَشِينٍ مُعْجَمَةٍ وَجِيمٍ قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْفَشْجُ تَفْرِيجُ مَا بَيْنَ الرِّجْلَيْنِ (فَلَمْ يُؤَنِّبْ) مِنَ التَّأْنِيبِ وَهُوَ الْمُبَالَغَةُ فِي التَّوْبِيخِ وَالتَّعْنِيفِ (بِسَجْلٍّ) بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ وَهُوَ الدَّلْوُ الْكَبِيرُ الْمُمْتَلِئُ مَاءً وَإِلَّا فَلَا يُقَالُ سِجِلٌّ وَكَذَا الذَّنُوبُ بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ الدَّلْوُ الْكَبِيرُ الَّذِي فِيهِ مَاءٌ

فَأُفْرِغَ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنَ الْإِفْرَاغِ بِمَعْنَى الصَّبِّ.

530 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ الْهُذَلِيِّ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى هُوَ عِنْدَنَا ابْنُ أَبِي حُمَيْدٍ أَنْبَأَنَا أَبُو الْمَلِيحِ الْهُذَلِيُّ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ قَالَ «جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا وَلَا تُشْرِكْ فِي رَحْمَتِكَ إِيَّانَا أَحَدًا فَقَالَ لَقَدْ حَظَرْتَ وَاسِعًا وَيْحَكَ أَوْ وَيْلَكَ قَالَ فَشَجَ يَبُولُ فَقَالَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَهْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعُوهُ ثُمَّ دَعَا بِسَجْلٍ مِنْ مَاءٍ فَصَبَّ عَلَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَهْ) كَلِمَةُ زَجْرٍ يُقَالُ مَا هَذَا زَادَ الدَّارَقُطْنِيُّ «عَسَى أَنْ يَكُونَ مِنْ أَعْلَى الْجَنَّةِ» وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ حَدِيثِ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ ضَعِيفٌ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى ضَعْفِ عَبْدِ اللَّهِ الْهُذَلِيِّ قَالَ الْحَاكِمُ يَرْوِي عَنْ أَبِي الْفُلَيْحِ عَجَائِبَ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب الأرض يطهر بعضها بعضا]

[بَاب الْأَرْضُ يُطَهِّرُ بَعْضُهَا بَعْضًا] 531 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ عَنْ أُمِّ وَلَدٍ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهَا سَأَلَتْ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ «إِنِّي امْرَأَةٌ أُطِيلُ ذَيْلِي فَأَمْشِي فِي الْمَكَانِ الْقَذِرِ فَقَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُطَهِّرُهُ مَا بَعْدَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَأَمْشِي فِي الْمَكَانِ الْقَذِرِ) بِفَتْحٍ فَكَسْرِ حَمَلَهُ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَى النَّجَاسَةِ الْيَابِسَةِ قَوْلُهُ (يُطَهِّرُهُ) أَيِ الذَّيْلُ مَا بَعْدَهُ أَيِ الْمَكَانُ الَّذِي بَعْدَهُ يُزِيلُ عَنِ الذَّيْلِ مَا تَعَلَّقَ بِهِ مِنَ النَّجَسِ الْيَابِسِ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ الثَّوْبَ النَّجَسَ لَا يَطْهُرُ إِلَّا بِالْغَسْلِ اهـ وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ أَيْضًا وَضَعَّفَهُ بِجَهَالَةِ أُمِّ وَلَدٍ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ.

532 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَعِيلَ الْيَشْكُرِيُّ عَنْ ابْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نُرِيدُ الْمَسْجِدَ فَنَطَأُ الطَّرِيقَ النَّجِسَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَرْضُ يُطَهِّرُ بَعْضُهَا بَعْضًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَنَطَأَ الطَّرِيقَ النَّجِسَةَ) أَيِ الَّتِي فِيهَا النَّجَاسَةُ الْيَابِسَةُ فَتَعْلَقُ بِالتُّرَابِ أَوِ الرِّجْلِ شَيْءٌ مِنْهَا يُطَهِّرُ بَعْضُهَا أَيْ يُزِيلُ بَعْضُهَا أَثَرَ بَعْضٍ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ فَإِنَّ الْيَشْكُرِيَّ مَجْهُولٌ قَالَ الذَّهَبِيُّ وَشَيْخُهُ اتَّفَقُوا عَلَى ضَعْفِهِ.

533 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ قَالَتْ «سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ طَرِيقًا قَذِرَةً قَالَ فَبَعْدَهَا طَرِيقٌ أَنْظَفُ مِنْهَا قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَهَذِهِ بِهَذِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ) نَقَلَ الطِّيبِيُّ عَنِ الْخَطَّابِيِّ ضَعْفُ الْحَدِيثِ لِجَهَالَةِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهَا صَحَابِيَّةٌ فَلَا يَضُرُّ جَهَالَتُهَا فَظَاهِرُ الْحَدِيثِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا لِمَا سَبَقَ مِنْ حَدِيثِ

أُمِّ سَلَمَةَ فَيَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ الْمَذْكُورَ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ لَكِنْ فِيهِ اخْتِصَارٌ وَلَفْظُ أَبِي دَاوُدَ «أَنَّ لَنَا طَرِيقًا إِلَى الْمَسْجِدِ مُنْتِنَةً فَكَيْفَ نَفْعَلُ إِذَا مُطِرْنَا» وَهَذَا لَا يَحْتَمِلُ ذَلِكَ التَّأْوِيلَ وَلَكِنْ يُمْكِنُ تَأْوِيلُهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ هَلْ نَحْضُرُ لِلصَّلَاةِ وَلَا يَكُونُ اسْتِقْذَارًا لِطَّبْعِ الْمَشْيِ فِي تَلِكَ الطَّرِيقِ أَيَّامَ الْمَطَرِ عُذْرًا أَمْ لَا نَحْضُرُ وَيَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا فَأَشَارَ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِعُذْرٍ وَاجْعَلُوا فِي مُقَابَلَةِ اسْتِقْذَارِكُمْ لِلْمَشْيِ فِي الطَّرِيقِ الْخَبِيثِ اسْتِرَاحَتَكُمْ فِي الْمَشْيِ بِالطَّرِيقِ الطَّيِّبِ أَوِ الْمُرَادُ فَكَيْفَ نَفْعَلُ بِمَا يُصِيبُ ثَوْبَنَا أَوْ بَدَنَنَا أَوْ يَصِلُنَا مِنْ طِينِ الطَّرِيقِ فَكَأَنَّهُ أَشَارَ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إِلَى أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِالشَّكِّ وَالْأَصْلُ الطَّهَارَةُ وَالشَّكُّ يَكْفِي فِي رَفْعِهِ أَنْ يُصِيبَ مَحَلَّ النَّجَاسَةِ أَوْ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ الطَّهَارَةُ لَمْ يَرَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ النَّجَاسَةَ الْيَقِينِيَّةَ فِي نَحْوِ الثَّوْبِ تَزُولُ بِلَا غَسْلٍ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب مصافحة الجنب]

[بَاب مُصَافَحَةِ الْجُنُبِ] 534 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّهُ لَقِيَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَرِيقٍ مِنْ طُرُقِ الْمَدِينَةِ وَهُوَ جُنُبٌ فَانْسَلَّ فَفَقَدَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا جَاءَ قَالَ أَيْنَ كُنْتَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقِيتَنِي وَأَنَا جُنُبٌ فَكَرِهْتُ أَنْ أُجَالِسَكَ حَتَّى أَغْتَسِلَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُؤْمِنُ لَا يَنْجُسُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَهُوَ جُنُبٌ) الضَّمِيرُ لِأَبِي هُرَيْرَةَ وَكَذَا ضَمِيرُ فَانْسَلَّ وَهُوَ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ أَيْ ذَهَبَ عَنْهُ فِي خُفْيَةٍ وَقَوْلُهُ فَفَقَدَهُ كَضَرَبَ أَيِ انْثَنَى لَهُ فَمَا وَجَدَهُ «وَالْمُؤْمِنُ لَا يَنْجُسُ» بِفَتْحِ الْجِيمِ وَضَمِّهَا أَيْ لَا يَصِيرُ نَجِسًا بِمَا يُصِيبُهُ مِنَ الْحَدَثِ أَوِ الْجَنَابَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَدَثَ لَيْسَ بِنَجَاسَةٍ فَيَمْنَعُ عَنِ الْمُصَاحَبَةِ وَإِنَّمَا هُوَ أَمْرٌ تَعَبُّدِيٌّ فَيَمْنَعُ عَمَّا جُعِلَ مَانِعًا مِنْهُ وَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ.

535 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ جَمِيعًا عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ وَاصِلٍ الْأَحْدَبِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ «خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَقِيَنِي وَأَنَا جُنُبٌ فَحِدْتُ عَنْهُ فَاغْتَسَلْتُ ثُمَّ جِئْتُ فَقَالَ مَا لَكَ قُلْتُ كُنْتُ جُنُبًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ وَقَوْلُهُ فَحِدْتُ عَنْهُ بِكَسْرِ الْحَاءِ مِنْ حَادَ يَحِيدُ أَيْ مِلْتُ إِلَى جِهَةٍ أُخْرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب المني يصيب الثوب]

[بَاب الْمَنِيِّ يُصِيبُ الثَّوْبَ] 536 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ سَأَلْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ عَنْ الثَّوْبِ يُصِيبُهُ الْمَنِيُّ أَنَغْسِلُهُ أَوْ نَغْسِلُ الثَّوْبَ كُلَّهُ قَالَ سُلَيْمَانُ قَالَتْ عَائِشَةُ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصِيبُ ثَوْبَهُ فَيَغْسِلُهُ مِنْ ثَوْبِهِ ثُمَّ يَخْرُجُ فِي ثَوْبِهِ إِلَى الصَّلَاةِ وَأَنَا أَرَى أَثَرَ الْغَسْلِ فِيهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يُصِيبُ) أَيِ الْمَنِيُّ ثَوْبَهُ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الِاحْتِلَامِ فَإِنَّهُ يُصِيبُ عِنْدَ الْجِمَاعِ أَيْضًا وَقَدْ يَخْرُجُ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ وَلَا جِمَاعٍ فَيَغْسِلُهُ أَيِ الْمَنِيَّ فَقَطْ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَأْمُرُهُ بِذَلِكَ فَإِنَّ الْوَارِدَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَغْسِلُهُ وَأَنَا أَرَى إِلَخْ لِأَنَّهُ خَرَجَ مُبَادِرًا لِلْوَقْتِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ثِيَابٌ يَتَدَاوَلُهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب في فرك المني من الثوب]

[بَاب فِي فَرْكِ الْمَنِيِّ مِنْ الثَّوْبِ] 537 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَرِيفٍ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ جَمِيعًا عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «رُبَّمَا فَرَكْتُهُ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (رُبَّمَا فَرَكْتُهُ) الْفَرْكُ دَلْكُ الشَّيْءِ حَتَّى يَنْقَطِعَ مِنْ بَابِ نَصَرَ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الْمَنِيِّ الْيَابِسِ إِذِ الرَّطْبُ لَا يَزُولُ بِالْفَرْكِ.

538 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ «نَزَلَ بِعَائِشَةَ ضَيْفٌ فَأَمَرَتْ لَهُ بِمِلْحَفَةٍ لَهَا صَفْرَاءَ فَاحْتَلَمَ فِيهَا فَاسْتَحْيَا أَنْ يُرْسِلَ بِهَا وَفِيهَا أَثَرُ الِاحْتِلَامِ فَغَمَسَهَا فِي الْمَاءِ ثُمَّ أَرْسَلَ بِهَا فَقَالَتْ عَائِشَةُ لِمَ أَفْسَدَ عَلَيْنَا ثَوْبَنَا إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَفْرُكَهُ بِإِصْبَعِهِ رُبَّمَا فَرَكْتُهُ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِصْبَعِي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مِلْحَفَةٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ اللِّحَافُ أَنْ يُرْسِلَ بِهَا أَيْ بِالْمِلْحَفَةِ إِلَى عَائِشَةَ لِمَا أَفْسَدْتَ بِالْخِطَابِ أَيْ بِغَسْلِ الْكُلِّ فَإِنَّهُ يُغَيِّرُ اللَّوْنَ أَنْ تَفْرُكَ أَيْ بَعْدَ أَنْ يَصِيرَ يَابِسًا.

539 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «لَقَدْ رَأَيْتُنِي أَجِدُهُ فِي ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَحُتُّهُ عَنْهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ وَقَوْلُهُ فَأَحُتُّهُ أَيْ أَحُكُّهُ مِنَ الثَّوْبِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب الصلاة في الثوب الذي يجامع فيه]

[بَاب الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الَّذِي يُجَامِعُ فِيهِ] 540 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُدَيْجٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ «أَنَّهُ سَأَلَ أُخْتَهُ أُمَّ حَبِيبَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي الثَّوْبِ الَّذِي يُجَامِعُ فِيهِ قَالَتْ نَعَمْ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَذًى» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَذًى) أَيْ أَثَرُ الْمَنِيِّ وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى عَدَمِ طَهَارَةِ الْمَنِيِّ لَكِنْ

يَشْكُلُ الْأَمْرُ بِطَهَارَةِ فَضَلَاتِهِ إِلَّا أَنْ يُقَالَ إِنَّهُ يُرَاعَى فِي الْأَحْكَامِ حَالُ الْأُمَّةِ لِيَسْتَدِلُّوا بِهِ وَلَا يَجْهَلُوا الْأَحْكَامَ.

541 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ الْأَزْرَقُ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى الْخُشَنِيُّ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ «خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ مَاءً فَصَلَّى بِنَا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُتَوَشِّحًا بِهِ قَدْ خَالَفَ بَيْنَ طَرَفَيْهِ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَا رَسُولَ اللَّهِ تُصَلِّي بِنَا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ قَالَ نَعَمْ أُصَلِّي فِيهِ وَفِيهِ أَيْ قَدْ جَامَعْتُ فِيهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ وَقَوْلُهُ مُتَوَشِّحًا بِهِ أَيْ مُلْتَحِفًا وَمُتَغَطِّيًا بِهِ. قَوْلُهُ (قَدْ خَالَفَ بَيْنَ) فَجَعَلَ أَحَدَ طَرَفَيْهِ عَلَى الْمَنْكِبِ الْأَيْمَنِ وَالْآخَرَ عَلَى الْأَيْسَرِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ الْحَسَنِ بْنِ يَحْيَى اتَّفَقَ الْجُمْهُورُ عَلَى ضَعْفِهِ.

542 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يُوسُفَ الزِّمِّيُّ ح وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الرَّقِّيُّ قَالَا حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ «سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي الثَّوْبِ الَّذِي يَأْتِي فِيهِ أَهْلَهُ قَالَ نَعَمْ إِلَّا أَنْ يَرَى فِيهِ شَيْئًا فَيَغْسِلَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ فِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ اهـ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي نَجَاسَةِ الْمَنِيِّ إِلَّا أَنْ يُقَالَ يُمْكِنُ الْقَوْلُ بِكَرَاهَةِ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الَّذِي فِيهِ الْمَنِيُّ وَإِنْ قُلْنَا بِطَهَارَتِهِ فَالْغَسْلُ لِلِاحْتِرَازِ عَنِ الْكَرَاهَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في المسح على الخفين]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ] 543 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ «بَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ فَقِيلَ لَهُ أَتَفْعَلُ هَذَا قَالَ وَمَا يَمْنَعُنِي وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ» قَالَ إِبْرَاهِيمُ كَانَ يُعْجِبُهُمْ حَدِيثُ جَرِيرٍ لِأَنَّ إِسْلَامَهُ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَتَفْعَلُ هَذَا) أَيِ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ قَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَكَانَ يُعْجِبُهُمْ أَيْ أَصْحَابُ ابْنِ مَسْعُودٍ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ أَيْ وَقَدْ رَآهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَاتُ الْحَدِيثِ فَحَدِيثُهُ يَدُلُّ عَلَى بَقَاءِ حُكْمِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ لَا زَعَمَهُ مُنْكِرُ الْمَسْحِ وَلَوْ لَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهُ رَآهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ لَمَا تَمَّ الدَّلِيلُ لِأَنَّ مُجَرَّدَ كَوْنِهِ أَسْلَمَ بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ رَآهُ بَعْدَ نُزُولِهَا يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ إِذْ يُمْكِنُ أَنَّهُ رَآهُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ الْحَدِيثِ بَلْ وَيُحْتَمَلُ حَالَةُ الْكُفْرِ وَلَا يَضُرُّ فِي الرِّوَايَةِ إِذَا رَوَاهَا وَهُوَ مُسْلِمٌ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ أَيْ بَعْدَ نُزُولِ الْآيَةِ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ الْوُضُوءِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ جَمِيعَ الْمَائِدَةِ فَإِنَّ مِنْهَا مَا تَأَخَّرَ نُزُولُهُ عَنْ إِسْلَامِهِ كَآيَةِ {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] الْآيَةَ فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِي

حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَإِسْلَامُ جَرِيرٍ كَانَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ عَشْرٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَآيَةُ الْوُضُوءِ نَزَلَتْ فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ سَنَةَ خَمْسٍ أَوْ أَرْبَعٍ وَهَذَا مِنْ بَابَ الِاسْتِدْلَالِ بِالتَّارِيخِ وَمِنَ الِاسْتِدْلَالِ بِالتَّارِيخِ قَوْلُهُ تَعَالَى {لِمَ تُحَاجُّونَ} [آل عمران: 65] إِلَى قَوْلِهِ {وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ} [آل عمران: 65] إِلَخْ لَا يُقَالُ غَالِبُ أَحَادِيثِ الْبَابِ لَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ التَّارِيخِ فَيُحْتَمَلُ التَّقَدُّمُ عَلَى نُزُولِ الْمَائِدَةِ فَلَا يَتِمُّ بِهَا الِاسْتِدْلَالُ عَلَى بَقَاءِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ وَأَنَّى يَتِمُّ بِحَدِيثِ جَرِيرٍ وَحَدِيثُ جَرِيرٍ مِنْ أَخْبَارِ الْآحَادِ فَلَا يُعَارِضُ الْكِتَابَ لِأَنَّا نَقُولُ الْكِتَابَ يُحْتَمَلُ عَلَى قِرَاءَةِ الْجَرِّ فَيُحْمَلُ عَلَى مَسْحِ الْخُفَّيْنِ تَوْفِيقًا وَتَطْبِيقًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ أَوْ يُقَالُ تَوَاتَرَ مَسْحُ الصَّحَابَةِ بَعْدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ صَلَّوْا بِهِ وَمِثْلُهُ يَكْفِي فِي إِفَادَةِ التَّوَاتُرِ وَنَسْخِ الصَّبِّ.

544 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو هَمَّامٍ الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعِ بْنِ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا أَبِي وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَابْنُ أَبِي زَائِدَةَ جَمِيعًا عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ»

545 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ أَبِيهِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ خَرَجَ لِحَاجَتِهِ فَاتَّبَعَهُ الْمُغِيرَةُ بِإِدَاوَةٍ فِيهَا مَاءٌ حَتَّى فَرَغَ مِنْ حَاجَتِهِ فَتَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ»

546 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى اللَّيْثِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ رَأَى سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ وَهُوَ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَقَالَ إِنَّكُمْ لَتَفْعَلُونَ ذَلِكَ فَاجْتَمَعْنَا عِنْدَ عُمَرَ فَقَالَ سَعْدٌ لِعُمَرَ أَفْتِ ابْنَ أَخِي فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَقَالَ عُمَرُ كُنَّا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَمْسَحُ عَلَى خِفَافِنَا لَا نَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ وَإِنْ جَاءَ مِنْ الْغَائِطِ قَالَ نَعَمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ وَقَوْلُهُ فَقَالَ سَعْدٌ لِعُمَرَ أَفْتِ ابْنَ أَخِي أَيْ فِي الدِّينِ وَالْمُرَادُ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَيْ أَفْتِ ابْنَكَ. قَوْلُهُ (وَإِنْ جَاءَ) أَيِ الْمُتَوَضِّئُ مِنَ الْغَائِطِ فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَهُوَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ بِغَيْرِ هَذَا السِّيَاقِ إِلَّا أَنَّ سَعِيدَ بْنَ أَبِي عَرُوبَةَ كَانَ يُدَلِّسُ وَرَوَاهُ بِالْعَنْعَنَةِ وَأَيْضًا قَدِ اخْتَلَطَ بِآخِرِهِ.

547 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ الْمَدَنِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمُهَيْمِنِ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَأَمَرَنَا بِالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ وَقَوْلُهُ عَبْدُ

الْمُهَيْمِنِ إِلَخْ فِي الزَّوَائِدِ ضَعِيفٌ اتَّفَقَ الْجُمْهُورُ عَلَى ضَعْفِ عَبْدِ الْمُهَيْمِنِ.

548 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَقَالَ هَلْ مِنْ مَاءٍ فَتَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ ثُمَّ لَحِقَ بِالْجَيْشِ فَأَمَّهُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ) فِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ مُنْقَطِعٌ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَنَسٍ وَقَالَ الْعَقِيلِيُّ عُمْرُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدِيثُهُ غَيْرُ مَحْفُوظٍ.

549 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا دَلْهَمُ بْنُ صَالِحٍ الْكِنْدِيُّ عَنْ حُجَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْكِنْدِيِّ عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ النَّجَاشِيَّ أَهْدَى لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُفَّيْنِ أَسْوَدَيْنِ سَاذَجَيْنِ فَلَبِسَهُمَا ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَيْهِمَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (سَاذَجَيْنِ) بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْجِيمِ قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ كَانَ الْمُرَادُ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يُخَالِطْهُمَا لَوْنٌ آخَرُ وَهَذَا الْمَعْنَى يُفْهَمُ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ عُرْفًا وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَهْلُ اللُّغَةِ وَلَا أَهْلُ الْغَرِيبِ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ حُجَّةٌ سَاذِجَةٌ بِكَسْرِ الذَّالِ وَفَتْحِهَا أَرَاهَا غَيْرَ عَرَبِيَّةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في مسح أعلى الخف وأسفله]

[بَاب مَا جَاءَ فِي مَسْحِ أَعْلَى الْخُفِّ وَأَسْفَلِهِ] 550 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ عَنْ وَرَّادٍ كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ أَعْلَى الْخُفِّ وَأَسْفَلَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ) قِيلَ الْوَلِيدُ مُدَلِّسٌ وَثَوْرٌ مَا سَمِعَ مِنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ وَكَاتِبُ الْمُغِيرَةِ أَرْسَلَهُ وَهُوَ مَجْهُولٌ أُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّ الْوَلِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا ثَوْرٌ فَلَا تَدْلِيسَ وَسَمَاعُ ثَوْرٍ قَدْ أَثْبَتَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَصَرَّحَ بِأَنَّ ثَوْرًا قَالَ حَدَّثَنَا رَجَاءٌ وَكَاتِبُ الْمُغِيرَةِ ذَكَرَ الْمُغِيرَةَ فَلَا إِرْسَالَ وَكَاتِبُ الْمُغِيرَةِ اسْمُهُ وَرَادٌّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ مَاجَهْ وَكُنْيَتُهُ أَبُو سَعِيدٍ رَوَى عَنْهُ الشَّعْبِيُّ وَغَيْرُهُ وَلِذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ إِنَّ مَسْحَ أَسْفَلِ الْخُفَّيْنِ مُسْتَحَبٌّ وَقَالَ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ - نَقْلًا عَنْ صَاحِبِ الْبَدَائِعِ - الْمُسْتَحَبُّ عِنْدَنَا الْجَمْعُ بَيْنَ ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ وَمُقْتَضَى الْقِيَاسِ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنِ الْغَسْلِ وَالشَّرْعُ قَدْ وَرَدَ بِالظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ جَمِيعًا اهـ قُلْتُ: وَاسْتِدْلَالُ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ عَلَى عَدَمِ مَسْحِ الْأَسْفَلِ بِقَوْلِ عَلِيٍّ لَوْ كَانَ الدِّينُ بِالرَّأْيِ إِلَخْ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّهُ لِنَفْيِ الِافْتِرَاضِ عَلَى مَعْنًى لَكَانْ أَسْفَلُ الْخُفِّ أَوْلَى بِفَرِيضَةِ الْمَسْحِ إِذِ الْمَقْصُودُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِالرَّأْيِ لَأُعْطِيَ وَظِيفَةَ ظَاهِرِ الْخُفِّ لِلْبَاطِنِ وَوَظِيفَةُ الظَّاهِرِ فَرِيضَةُ الْمَسْحِ قَوْلُهُ: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مَسَحَ إِلَخْ) لِبَيَانِ أَنَّ الَّذِي يُدَاوِمُ عَلَيْهِ وَلَا يَتْرُكُ هُوَ الظَّاهِرُ فَإِذَنْ

إِذَا ثَبَتَ مَسْحُ الْأَسْفَلِ أَحْيَانًا فَيَبْقَى الْقَوْلُ اسْتِحْبَابًا بِهِ كَمَا قَالَ الْفَاضِلُ الْعَيْنِيُّ نَقْلًا عَنِ الْبَدَائِعِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

551 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى الْحِمْصِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ عَنْ جَرِيرِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنِي مُنْذِرٌ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ يَتَوَضَّأُ وَيَغْسِلُ خُفَّيْهِ فَقَالَ بِيَدِهِ كَأَنَّهُ دَفَعَهُ إِنَّمَا أُمِرْتَ بِالْمَسْحِ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ هَكَذَا مِنْ أَطْرَافِ الْأَصَابِعِ إِلَى أَصْلِ السَّاقِ وَخَطَّطَ بِالْأَصَابِعِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِنَّمَا أُمِرْتُ) بِصِيغَةِ الْخِطَابِ أَوِ التَّكَلُّمِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَعَلَى الثَّانِي يُحْتَمَلُ بِنَاءُ الْفَاعِلِ فَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَسْحَ مِنْ أَطْرَافِ أَصَابِعِ الرِّجْلِ إِلَى أَصْلِ السَّاقِ فَرْضٌ لَا أَنَّ الْمُرَادَ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ تَمْسَحَ بِهَذِهِ إِلَّا بِهَذَا الْقَدْرِ ثُمَّ الْحَدِيثُ لَمْ يَذْكُرْهُ صَاحِبُ الزَّوَائِدِ وَهُوَ فِيمَا أَرَاهُ مِنَ الزَّوَائِدِ وَفِي سَنَدِهِ بَقِيَّةُ وَهُوَ مُتَكَلِّمٌ فِيهِ.

[باب ما جاء في التوقيت في المسح للمقيم والمسافر]

[بَاب مَا جَاءَ فِي التَّوْقِيتِ فِي الْمَسْحِ لِلْمُقِيمِ وَالْمُسَافِرِ] 552 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْحَكَمِ قَالَ سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُخَيْمِرَةَ عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ قَالَ «سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَقَالَتْ ائْتِ عَلِيًّا فَسَلْهُ فَإِنَّهُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنِّي فَأَتَيْتُ عَلِيًّا فَسَأَلْتُهُ عَنْ الْمَسْحِ فَقَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا أَنْ نَمْسَحَ لِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَلِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَقَالَتِ ائْتِ عَلِيًّا) فِيهِ: أَنَّهُ يَنْبَغِي لِأَهْلِ الْعِلْمِ إِرْشَادُ السَّائِلِ إِلَى مَنْ كَانْ أَعْلَمَ بِجَوَابِهِ فَإِنَّهُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنِّي لِأَنَّ الْمُعْتَادَ لُبْسُ الْخُفِّ فِي السَّفَرِ دُونَ الْحَضَرِ وَعَلِيٌّ أَعْلَمُ بِحَالِ السَّفَرِ مِنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَوْلُهُ (يَأْمُرُنَا) أَيْ أَمْرَيْنِ إِبَاحَةً وَرُخْصَةً لَا أَمْرَ إِيجَابٍ.

553 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ «جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُسَافِرِ ثَلَاثًا وَلَوْ مَضَى السَّائِلُ عَلَى مَسْأَلَتِهِ لَجَعَلَهَا خَمْسًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَلَوْ مَضَى السَّائِلُ إِلَخْ) أَيْ طَلَبَ الزِّيَادَةَ فِيهِ وَاسْتَمَرَّ عَلَى الطَّلَبِ يَجْعَلُهَا خَمْسًا أَيْ زَادَ فِي مُدَّةِ مَسْحِ الْمُسَافِرِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْحَرَجَ مَدْفُوعٌ فَلَوْ ذَكَرَ السَّائِلُ أَنَّ فِيهِ حَرَجًا عَلَى النَّاسِ لَدَفَعَ عَنْهُمْ ذَلِكَ بِالِازْدِيَادِ فِي الْمُدَّةِ وَذَكَرَ خَمْسًا لِأَنَّهُ أَوَّلُ وِتْرٍ بَعْدَ الثَّلَاثِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَزِيدُ إِلَيْهِ بَعْدَ الثَّلَاثِ.

554 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ قَالَ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ أَحْسِبُهُ قَالَ وَلَيَالِيهِنَّ لِلْمُسَافِرِ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ»

555 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي خَثْعَمٍ الثُّمَالِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الطُّهُورُ عَلَى الْخُفَّيْنِ قَالَ لِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ وَلِلْمُقِيمِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ»

556 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَبِشْرُ بْنُ هِلَالٍ الصَّوَّافُ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُهَاجِرُ أَبُو مَخْلَدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رَخَّصَ لِلْمُسَافِرِ إِذَا تَوَضَّأَ وَلَبِسَ خُفَّيْهِ ثُمَّ أَحْدَثَ وُضُوءًا أَنْ يَمْسَحَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ وَلِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِذَا تَوَضَّأَ وَلَبِسَ خُفَّيْهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَلْبَسُ خُفَّيْهِ بَعْدَ الْوُضُوءِ ثُمَّ أَحْدَثَ وُضُوءًا أَيْ جَدَّدَ وُضُوءًا ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُدَّةَ مِنْ وَقْتِ الْوُضُوءِ الْمُحْدَثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في المسح بغير توقيت]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْمَسْحِ بِغَيْرِ تَوْقِيتٍ] 557 - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى وَعَمْرُو بْنُ سَوَّادٍ الْمِصْرِيَّانِ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَزِينٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ قَطَنٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ عَنْ أُبَيِّ بْنِ عِمَارَةَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ الْقِبْلَتَيْنِ كِلْتَيْهِمَا «أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ قَالَ نَعَمْ قَالَ يَوْمًا قَالَ وَيَوْمَيْنِ قَالَ وَثَلَاثًا حَتَّى بَلَغَ سَبْعًا قَالَ لَهُ وَمَا بَدَا لَكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (ابْنُ رَزِينٍ) بِتَقْدِيمِ الرَّاءِ الْمَفْتُوحَةِ عَلَى الْمُعْجَمَةِ الْمَكْسُورَةِ ابْنُ قَطَنٍ بِفَتْحَتَيْنِ وَعُبَادَةُ بِضَمِّ الْعَيْنِ مُخَفَّفٌ ابْنُ نُسَّيٍّ بِضَمِّ النُّونِ وَتَشْدِيدِ الْمُهْمَلَةِ الْمَفْتُوحَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ عَنْ أُبَيٍّ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ ابْنُ عِمَارَةَ بِكَسْرِ عَيْنِهِ أَشْهَرُ مِنْ ضَمِّهَا فَلَيْسَ لَهُ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثُ وَفِي الْقَرِيبِ فِي إِسْنَادِهِ اضْطِرَابٌ قَوْلُهُ (وَمَا بَدَا لَكَ) بِلَا هَمْزٍ أَيْ ظَهَرَ قَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَقِيلَ تَأْوِيلُهُ أَنَّ لَهُ الْمَسْحَ دَائِمًا مَعَ مُرَاعَاةِ شَرْطِ التَّوْقِيتِ.

558 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَلَوِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ اللَّخْمِيِّ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ «أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِنْ مِصْرَ فَقَالَ مُنْذُ كَمْ لَمْ تَنْزِعْ خُفَّيْكَ قَالَ مِنْ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ قَالَ أَصَبْتَ السُّنَّةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَصَبْتَ السُّنَّةَ) الْمَشْهُورُ أَنَّ الصَّحَابِيَّ إِذَا قَالَ كَذَلِكَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ رَفْعِ الْحَدِيثِ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ التَّوْقِيتِ إِلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا لَا بِقُوَّةِ صَرِيحِ الرَّفْعِ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ صَرِيحُ الرَّفْعِ أَوْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ السُّؤَالُ وَالْجَوَابُ عَنْ لُبْسِ الْخُفِّ مَعَ مُرَاعَاةِ التَّوْقِيتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في المسح على الجوربين والنعلين]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ] 559 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي قَيْسٍ الْأَوْدِيِّ عَنْ الْهُزَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ) قِيلَ الْجَوْرَبُ لِفَافَةُ رِجْلٍ وَقِيلَ هُوَ غِطَاءٌ لِلْقَدَمِ يُتَّخَذُ لِلْبَرْدِ (وَالنَّعْلَيْنِ) أَوَّلُوهُ بِأَنَّهُ لُبْسُ النَّعْلَيْنِ فَوْقَ الْجَوْرَبَيْنِ وَقِيلَ مَسْحُ النَّعْلَيْنِ وَالْجَوْرَبَيْنِ جَمِيعًا لَا أَنَّهُ مَسْحٌ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا بِانْفِرَادِهِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ لَا يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ عَنِ الْمُغِيرَةِ «أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ» وَقَالَ الْحَافِظُ مُغِيرَةُ هَذَا ضَعَّفَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ.

560 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ وَبِشْرُ بْنُ آدَمَ قَالَا حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ عِيسَى بْنِ سِنَانٍ عَنْ الضَّحَّاكِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَرْزَبٍ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ قَالَ الْمُعَلَّى فِي حَدِيثِهِ لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَالَ وَالنَّعْلَيْنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ أَبِي مُوسَى إِلَخْ) قَالَ أَبُو دَاوُدَ لَيْسَ بِمُتَّصِلٍ وَالرَّاوِي عَنِ الضَّحَّاكِ يَحْيَى بْنُ سِنَانٍ وَقَدْ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَأَبُو زُرْعَةَ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمْ فَلَمْ يَكُنْ قَوِيًّا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في المسح على العمامة]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ] 561 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ عَنْ بِلَالٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْخِمَارِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَالْخِمَارِ) بِكَسْرِ الْخَاءِ هُوَ فِي الْأَصْلِ مَا تَسْتُرُ بِهِ الْمَرْأَةُ رَأْسَهَا وَأُرِيدَ بِهِ هَاهُنَا الْعِمَامَةَ وَقَدِ اعْتَذَرَ عَنْهُ مَنْ لَا يَقُولُ بِالْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ بِأَنَّهُ مِنْ أَخْبَارِ الْآحَادِ فَلَا يُعَارِضُ الْكِتَابَ لِأَنَّ الْكِتَابَ يُوجِبُ مَسْحَ الرَّأْسِ عَلَى أَنَّهُ حِكَايَةُ حَالٍ فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْعِمَامَةُ صَغِيرَةً رَقِيقَةً بِحَيْثُ تُنْقَعُ الْبَلَّةُ مِنْهَا إِلَى الرَّأْسِ وَيُؤَيِّدُهُ التَّعْبِيرُ بِالْخِمَارِ فَإِنَّ خِمَارَ الْمَرْأَةِ عَادَةً يَكُونُ بِحَيْثُ يُمْكِنُ نُفُوذُ الْبَلَّةِ مِنْهَا إِلَى الرَّأْسِ إِذَا كَانَتِ الْبَلَّةُ كَثِيرَةً فَكَأَنَّهُ عَبَّرَ بِالْخِمَارِ عَنِ الْعِمَامَةَ لِكَوْنِهَا كَانَتْ لِصِغَرِهَا كَالْخِمَارِ عَلَى

أَنَّ الْحَدِيثَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ.

562 - حَدَّثَنَا دُحَيْمٌ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْعِمَامَةِ»

563 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي الْفُرَاتِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ مَوْلَى زَيْدِ بْنِ صُوحَانَ قَالَ «كُنْتُ مَعَ سَلْمَانَ فَرَأَى رَجُلًا يَنْزِعُ خُفَّيْهِ لِلْوُضُوءِ فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ امْسَحْ عَلَى خُفَّيْكَ وَعَلَى خِمَارِكَ وَبِنَاصِيَتِكَ فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْخِمَارِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ امْسَحْ عَلَى خُفَّيْكَ) ظَاهِرُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَسْحَ لَا يُقَيَّدُ بِمُدَّةٍ وَمَنْ يَقُولُ بِالْمُدَّةِ يَجْعَلُهُ عَلَى أَنَّ سَلْمَانَ عَلِمَ بِبَقَاءِ الْمُدَّةِ بَلْ لَعَلَّهُ عَلَمَ أَنَّ نَازِعَهُ لَا يَرَى جَوَازَ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَبِهِ يُشْعِرُ السَّوْقَ فَلَا يُشْكِلُ بِهِ مَذْهَبُ مَنْ يَرَى أَنَّ النَّزْعَ وَغَسْلَ الرِّجْلَيْنِ مَعَ اعْتِقَادِ جَوَازِ الْمَسْحِ أَوْ لَا.

564 - حَدَّثَنَا أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي مَعْقِلٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ قِطْرِيَّةٌ فَأَدْخَلَ يَدَهُ مِنْ تَحْتِ الْعِمَامَةِ فَمَسَحَ مُقَدَّمَ رَأْسِهِ وَلَمْ يَنْقُضْ الْعِمَامَةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (قِطَرِيَّةٌ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ نِسْبَةٌ إِلَى قَطَرَ بِفَتْحَتَيْنِ قَرْيَةٌ بِالْبَحْرَيْنِ قَوْلُهُ (وَلَمْ يَنْقُضِ الْعِمَامَةَ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ أَيْ مَا رَفَعَهَا مِنَ الرَّأْسِ بَلْ أَبْقَاهَا عَلَيْهِ وَلَا مُنَاسَبَةَ لِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ بِالْحَدِيثِ إِلَّا أَنْ يُقَالَ قَدْ عُلِمَ مِنْ عَادَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا اكْتَفَى بِبَعْضِ الرَّأْسِ يُتَمِّمُ مَسْحَ الْبَاقِي عَلَى الْعِمَامَةِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ وَحَدِيثُ سَلْمَانَ الْمُتَقَدِّمُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[أبواب التيمم]

[أبواب التَّيَمُّمِ] [بَاب مَا جَاءَ فِي السبب] ِ بَاب مَا جَاءَ فِي السبب 565 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ أَنَّهُ قَالَ سَقَطَ عِقْدُ عَائِشَةَ فَتَخَلَّفَتْ لِالْتِمَاسِهِ فَانْطَلَقَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى عَائِشَةَ فَتَغَيَّظَ عَلَيْهَا فِي حَبْسِهَا النَّاسَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الرُّخْصَةَ فِي التَّيَمُّمِ قَالَ فَمَسَحْنَا يَوْمَئِذٍ إِلَى الْمَنَاكِبِ قَالَ فَانْطَلَقَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى عَائِشَةَ فَقَالَ مَا عَلِمْتُ إِنَّكِ لَمُبَارَكَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَسْجِدًا) أَيْ مَوْضِعَ صَلَاةٍ وَطَهُورًا بِفَتْحِ الطَّاءِ وَالْمُرَادُ أَنَّ الْأَرْضَ مَا دَامَتْ عَلَى حَالِهَا الْأَصْلِيَّةِ فَهِيَ كَذَلِكَ وَإِلَّا فَقَدْ تَخْرُجُ بِالنَّجَاسَةِ عَنْ ذَلِكَ وَالْحَدِيثُ لَا يَنْبَنِي إِلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ التَّيَمُّمَ يَجُوزُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ كُلِّهَا وَلَا يَخْتَصُّ بِالتُّرَابِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ هَذَا الْعُمُومَ غَيْرُ مَخْصُوصٍ بِمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ بَعْدَ هَذَا وَهُوَ قَوْلُهُ «فَأَيْنَمَا أَدْرَكَ الرَّجُلُ الصَّلَاةَ فَلْيُصَلِّ» وَهَذَا ظَاهِرٌ سِيَّمَا فِي بِلَادِ الْحِجَازِ فَإِنَّ غَالِبَهَا الْجِبَالُ وَالْحِجَارَةُ فَكَيْفَ يَصِحُّ أَوْ يُنَاسِبُ هَذَا الْعُمُومَ إِذَا قُلْنَا لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ إِلَّا مِنَ التُّرَابِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

566 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ «تَيَمَّمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَنَاكِبِ»

567 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَقَ الْهَرَوِيُّ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ جَمِيعًا عَنْ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (سَقَطَ عِقْدٌ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ هِيَ الْقِلَادَةُ فَتَخَلَّفَتْ أَيْ تَأَخَّرَتْ عَائِشَةُ لِالْتِمَاسِهِ أَيْ لِطَلَبِهِ وَتَأَخَّرَ النَّبِيُّ وَالنَّاسُ كَذَلِكَ قَوْلُهُ (فَتَغَيَّظَ) شَدَّدَ عَلَيْهَا فِي حَبْسِهَا أَيْ لِأَجْلِ أَنَّهَا حَبَسَتِ النَّاسَ بَلْ صَارَتْ سَبَبًا لِاحْتِبَاسِهِمْ فَتَيَمَّمْنَا يَوْمَئِذٍ إِلَى الْمَنَاكِبِ إِمَّا لِأَنَّهُ شُرِعَ كَذَلِكَ ثُمَّ نُسِخَ أَوْ لِاجْتِهَادِهِمْ وَعَدَمِ سُؤَالِهِمْ فَوَقَعُوا فِي الْخَطَأِ

وَفِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَمَرَهُمْ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ إِلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ أَنَّهُ أَمَرَهُمْ بِالتَّيَمُّمِ لَا بِالْكَيْفِيَّةِ وَفِيهِ أَنَّ مُطْلَقَ الْيَدِ إِلَى الْمَنْكِبِ وَأَنَّ الْمَسْحَ الْمُتَقَدِّمَ يَدُلُّ عَلَى التَّبْعِيضِ وَإِلَّا لَمَا وَقَعُوا مَعَ كَوْنِهِمْ مِنْ فُصَحَاءِ الْعَرَبِ قَوْلُهُ (مَا عَلِمْتُ) أَيْ حِينَ تَغَيَّظْتُ عَلَيْكِ يُرِيدُ الِاعْتِذَارَ عَمَّا فَعَلَ إِنَّكِ بِكَسْرِ الْكَافِ وَالْهَمْزَةِ لِدُخُولِ اللَّامِ فِي خَبَرِهَا أَعْنِي لَمُبَارَكَةٌ أَيْ فَظَهَرَ لِي بَعْدَ ذَلِكَ إِنَّكِ لَمُبَارَكَةٌ.

568 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ مِنْ أَسْمَاءَ قِلَادَةً فَهَلَكَتْ فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُنَاسًا فِي طَلَبِهَا فَأَدْرَكَتْهُمْ الصَّلَاةُ فَصَلَّوْا بِغَيْرِ وُضُوءٍ فَلَمَّا أَتَوْا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَكَوْا ذَلِكَ إِلَيْهِ فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ جَزَاكِ اللَّهُ خَيْرًا فَوَاللَّهِ مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ قَطُّ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ لَكِ مَخْرَجًا وَجَعَلَ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ بَرَكَةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (قِلَادَةٌ) بِالْكَسْرِ مَعْرُوفٌ فَهَلَكَتْ أَيْ ضَاعَتْ فَصَلَّوْا بِغَيْرِ وُضُوءٍ اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ فَاقِدَ الْمَاءِ وَالتُّرَابِ يُصَلِّي وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّ حَالَنَا عِنْدَ فَقْدِهِمَا كَحَالِهِمْ يَوْمَئِذٍ عِنْدَ الْمَاءِ وَلَمْ يُرْوَ أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ وَلَا أَمَرَهُمْ بِالْإِعَادَةِ (فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ) كِلَاهُمَا بِالتَّصْغِيرِ (جَزَاكِ) بِكَسْرِ الْكَافِ خِطَابًا لِعَائِشَةَ.

[باب في التيمم ضربة واحدة]

[بَاب فِي التَّيَمُّمِ ضَرْبَةً وَاحِدَةً] 569 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ ذَرٍّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رَجُلًا أَتَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقَالَ إِنِّي أَجْنَبْتُ فَلَمْ أَجِدْ الْمَاءَ فَقَالَ عُمَرُ لَا تُصَلِّ فَقَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ أَمَا تَذْكُرُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ أَنَا وَأَنْتَ فِي سَرِيَّةٍ فَأَجْنَبْنَا فَلَمْ نَجِدْ الْمَاءَ فَأَمَّا أَنْتَ فَلَمْ تُصَلِّ وَأَمَّا أَنَا فَتَمَعَّكْتُ فِي التُّرَابِ فَصَلَّيْتُ فَلَمَّا أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ وَضَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدَيْهِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ نَفَخَ فِيهِمَا وَمَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَا تُصَلِّ) عَلَى اعْتِقَادِ أَنَّ التَّيَمُّمَ مَخْصُوصٌ بِالْمُحْدِثِ غَيْرِ مَشْرُوعٍ لِلْجُنُبِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النساء: 43] فِي آيَةِ التَّيَمُّمِ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَسِّ بِالْيَدِ وَالْمَرْأَةُ حَدَثٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْجِمَاعَ وَلَا تَصِيرُ الْآيَةُ صَرِيحَةً فِي جَوَازِ التَّيَمُّمِ لِلْجُنُبِ فَلَا يُمْكِنُ لَهُ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ لِلْجُنُبِ فِي سَرِيَّةٍ بِفَتْحِ سِينٍ وَكَسْرِ رَاءٍ وَتَشْدِيدِ يَاءٍ أَيْ فِي قِطْعَةٍ مِنَ الْجَيْشِ.

قَوْلُهُ (فَتَمَعَّكْتُ) تَقَلَّبْتُ فِي التُّرَابِ كَأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ إِيصَالَ التُّرَابِ إِلَى جَمِيعِ الْأَعْضَاءِ وَاجِبٌ فِي تَيَمُّمِ الْجَنَابَةِ كَإِيصَالِ الْمَاءِ فِي غُسْلِهَا وَبِهِ يَظْهَرُ أَنَّ الْمُجْتَهِدَ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ وَلَوْ كَانَ عَمَّارٌ الَّذِي أَجَارَهُ تَعَالَى مِنَ الشَّيْطَانِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا جَاءَ ثُمَّ نَفَخَ فِيهِمَا تَقْلِيلًا لِلتُّرَابِ وَدَفْعًا لِمَا ظَنَّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الْآثَارِ فِي اسْتِعْمَالِ التُّرَابِ وَمَسَحَ إِلَخْ ظَاهِرُهُ الِاكْتِفَاءُ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ إِلَّا أَنْ يُقَالَ التَّقْدِيرُ ثُمَّ ضَرَبَ وَمَسَحَ كَفَّيْهِ وَهَذَا مَعَ أَنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ فِي الْكَلَامِ مِمَّا يَرُدُّهُ رِوَايَاتُ الْحَدِيثِ لِبَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْمَسْحِ فِي تَيَمُّمِ الْجَنَابَةِ وَبَيَانِهِ كَتَيَمُّمِ الْوُضُوءِ وَأَمَّا الضَّرْبَةُ فَكَانَتْ مَعْلُومَةً مِنْ خَارِجٍ فَتَرْكُ بَعْضِهَا لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِهِ فِي التَّيَمُّمِ.

570 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ الْحَكَمِ وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ أَنَّهُمَا سَأَلَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى عَنْ التَّيَمُّمِ فَقَالَ «أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّارًا أَنْ يَفْعَلَ هَكَذَا وَضَرَبَ بِيَدَيْهِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ نَفَضَهُمَا وَمَسَحَ عَلَى وَجْهِهِ قَالَ الْحَكَمُ وَيَدَيْهِ وَقَالَ سَلَمَةُ وَمِرْفَقَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَنَّهُمَا سَأَلَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى عَنِ التَّيَمُّمِ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ فِيهِ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَاسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَضَعَّفَهُ مِنْ قَبِيلِ حِفْظِهِ وَمَعْنَى نَفَضَهُمَا أَسْقَطَ مَا عَلَيْهِمَا مِنَ التُّرَابِ قَوْلُهُ (وَقَالَ سَلَمَةُ وَمِرْفَقَيْهِ) هَذِهِ الرِّوَايَةُ فِي حَدِيثِ عَمَّارٍ شَاذَّةٌ مُخَالِفَةٌ لِرِوَايَةِ الْأَكْثَرِ.

[باب في التيمم ضربتين]

[بَاب فِي التَّيَمُّمِ ضَرْبَتَيْنِ] 571 - حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ الْمِصْرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ أَنْبَأَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ «حِينَ تَيَمَّمُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ الْمُسْلِمِينَ فَضَرَبُوا بِأَكُفِّهِمْ التُّرَابَ وَلَمْ يَقْبِضُوا مِنْ التُّرَابِ شَيْئًا فَمَسَحُوا بِوُجُوهِهِمْ مَسْحَةً وَاحِدَةً ثُمَّ عَادُوا فَضَرَبُوا بِأَكُفِّهِمْ الصَّعِيدَ مَرَّةً أُخْرَى فَمَسَحُوا بِأَيْدِيهِمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (بِأَكُفِّهِمْ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الْكَافِ وَتَشْدِيدِ الْفَاءِ جَمْعُ كَفٍّ وَظَاهِرُ صَنِيعِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَجُوزُ الضَّرْبَتَانِ وَالِاكْتِفَاءُ بِالْوَاحِدَةِ وَهُوَ أَقْرَبُ بَعْدَ وُرُودِ الْوَجْهَيْنِ وَلَا تَعَارُضَ فِي الْأَفْعَالِ حَتَّى يُدْفَعَ الْبَعْضُ بِالْبَعْضِ.

[باب في المجروح تصيبه الجنابة فيخاف على نفسه إن اغتسل]

[بَاب فِي الْمَجْرُوحِ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ فَيَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ إِنْ اغْتَسَلَ] 572 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ حَبِيبِ بْنِ أَبِي الْعِشْرِينِ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يُخْبِرُ «أَنَّ رَجُلًا أَصَابَهُ جُرْحٌ فِي رَأْسِهِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَصَابَهُ احْتِلَامٌ فَأُمِرَ بِالِاغْتِسَالِ فَاغْتَسَلَ فَكُزَّ فَمَاتَ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ قَتَلُوهُ قَتَلَهُمْ اللَّهُ أَوَلَمْ يَكُنْ شِفَاءَ الْعِيِّ السُّؤَالُ قَالَ عَطَاءٌ وَبَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَوْ غَسَلَ جَسَدَهُ وَتَرَكَ رَأْسَهُ حَيْثُ أَصَابَهُ الْجِرَاحُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَأُمِرَ بِالِاغْتِسَالِ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيْ أَمَرَهُ أَصْحَابُهُ بِذَلِكَ حِينَ قَالَ لَهُمْ هَلْ تَجِدُونَ فِي التَّيَمُّمِ رُخْصَةً قَالُوا مَا نَجِدُ لَكَ رُخْصَةً وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ أَيِ اسْتِعْمَالِهِ، وَالتَّيَمُّمُ لِمَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَفُكِزَّ بِكَافٍ وَزَايٍ مُشَدَّدَةٍ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ فِي النِّهَايَةِ الْكُزَّازِينُ يَتَوَلَّدُ مِنَ الْبَرْدِ وَقِيلَ هُوَ نَفْسُ الْبَرْدِ وَفِي الصِّحَاحِ الْكُزَازُ بِالضَّمِّ دَاءٌ يُأْخَذُ مِنْ شِدَّةِ الْبُرْدِ وَمُكِزَ الرَّجُلُ فَهُوَ مَكْزُوزٌ إِذَا انْقَبَضَ مِنَ الْبَرْدِ (قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ اللَّهُ) دُعَاءٌ عَلَيْهِمْ وَفِيهِ أَنَّ صَاحِبَ الْخَطَأِ الْوَاضِحِ غَيْرُ مَعْذُورٍ (شِفَاءُ الْعِيِّ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْجَهْلُ رُبَّمَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى جَوَازِ التَّقْلِيدِ لِلْجَاهِلِ وَتَرَكَ رَأْسَهُ أَيْ وَمَسَحَ عَلَى خِرْقَةٍ فَوْقَهُ وَتَيَمَّمَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ وَمَعَ ذَلِكَ صَاحِبُ الزَّوَائِدِ مَعَ التَّنْبِيهِ عَلَى تَخْرِيجِ أَبِي دَاوُدَ قَالَ إِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ فَإِنَّ الْأَوْزَاعِيَّ عَنْ عَطَاءٍ مُرْسَلٌ وَفِي مُسْنَدِ أَبِي دَاوُدَ تَنْبِيهٌ عَلَى ذَلِكَ، فَالْأَوْزَاعِيُّ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ عَطَاءٍ وَعَبْدِ الْحَمِيدِ كَثِيرًا مَا يَنْفَرِدُ بِأَحَادِيثَ لَا يُتَابَعُ عَلَيْهَا غَيْرُهُ لَكِنْ هُنَا لَمْ يَنْفَرِدْ فَقَدْ تَابَعَهُ أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ الدَّيْلَمِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ وَقَدْ تَابَعَ الْأَوْزَاعِيَّ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبَاحٍ عَنْ عَمِّهِ عَنْ عَطَاءٍ.

[باب ما جاء في الغسل من الجنابة]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ] 573 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ خَالَتِهِ مَيْمُونَةَ قَالَتْ «وَضَعْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُسْلًا فَاغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ فَأَكْفَأَ الْإِنَاءَ بِشِمَالِهِ عَلَى يَمِينِهِ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى فَرْجِهِ ثُمَّ دَلَكَ يَدَهُ بِالْأَرْضِ ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا ثُمَّ أَفَاضَ الْمَاءَ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ ثُمَّ تَنَحَّى فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (غُسْلًا) بِضَمِّ الْغَيْنِ اسْمٌ لِلْمَاءِ الَّتِي يُغْسَلُ بِهِ وَيَصِحُّ إِرَادَةُ الْمَعْنَى الْمُتَعَارَفِ بِتَقْدِيرِ الْمُضَافِ أَيْ مَاءُ الْغُسْلِ (فَأَكْفَأَ) بِهَمْزَةٍ بِآخِرِهِ أَيْ أَمَالَهُ ثُمَّ دَلَّكَ يَدَهُ تَنْظِيفًا لَهَا ثُمَّ تَنَحَّى أَيْ تَبَعَّدَ عَنْ مَكَانِهِ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ اكْتَفَى بِالِاغْتِسَالِ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ فِي الْوُضُوءِ وَقَدْ جَاءَتْ أَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى الْمَسْحِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ تَرْكَ الْمَسْحِ مِنَ اخْتِصَارِ بَعْضِ الرُّوَاةِ.

574 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ سَعِيدٍ الْحَنَفِيُّ حَدَّثَنَا جُمَيْعُ بْنُ عُمَيْرٍ التَّيْمِيُّ قَالَ «انْطَلَقْتُ مَعَ عَمَّتِي وَخَالَتِي فَدَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ فَسَأَلْنَاهَا كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ غُسْلِهِ مِنْ الْجَنَابَةِ قَالَتْ كَانَ يُفِيضُ عَلَى كَفَّيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ يُدْخِلُهَا فِي الْإِنَاءِ ثُمَّ يَغْسِلُ رَأْسَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ يُفِيضُ عَلَى جَسَدِهِ ثُمَّ يَقُومُ إِلَى الصَّلَاةِ وَأَمَّا نَحْنُ فَإِنَّا نَغْسِلُ رُؤْسَنَا خَمْسَ مَرَّاتٍ مِنْ أَجْلِ الضَّفْرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (كَانَ يُفِيضُ) مِنَ الْإِفَاضَةِ ثُمَّ يَغْسِلُ رَأْسَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قِيلَ فِيهِ أَنَّ التَّثْلِيثَ فِي الرَّأْسِ سُنَّةٌ وَأُلْحِقَ بِهِ غَيْرُهُ فَإِنَّ الْغُسْلَ أَوْلَى بِالتَّثْلِيثِ مِنَ الْوُضُوءِ الْمَبْنِيِّ عَلَى التَّخْفِيفِ قُلْتُ وَكَذَا النَّظَرُ فِي أَحَادِيثِ الْبَابِ الْمَذْكُورَةِ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ يُفِيدُ أَنَّهُ كَانَ يَقْصِدُ بِالثَّلَاثِ اسْتِيعَابَ مَرَّاتٍ لَا التَّكْرَارَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَقَدْ فَسَّرْنَاهُ فِي حَاشِيَةِ أَبِي دَاوُدَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ عَائِشَةَ وَأَمَّا نَحْنُ أَيِ النِّسَاءُ فَإِنَّا نَغْسِلُ إِلَخْ إِذْ لَا يُزَادُ عَلَى الثَّلَاثِ غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ وَكَوْنُ الْغُسْلِ أَوْلَى بِالتَّثْلِيثِ لَا يَخْلُو عَنْ نَظَرٍ كَيْفَ وَقَدْ غَلَّظَ فِيهِ فِي حَدِيثِ إِيصَالِ الْمَاءِ إِلَى تَمَامِ الْأَعْضَاءِ فَلَا يُغَلَّظُ فِيهِ ثَانِيًا مِنْ حَيْثُ التَّثْلِيثِ وَأَيْضًا فِي تَثْلِيثِهِ مِنَ الْحَرَجِ مَا لَيْسَ فِي تَثْلِيثِ الْوُضُوءِ وَقَوْلُهَا مِنْ أَجْلِ الضَّفْرِ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ مَصْدَرُ ضَفَّرَ رَأْسَهُ وَهُوَ بِفَتْحٍ خُصَلُ الشَّعْرِ وَالْغَالِبُ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ وَبِفَتْحَتَيْنِ بِمَعْنَى الشَّيْءِ الْمَضْفُورِ كَالشَّعْرِ وَغَيْرِهِ كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ.

[باب في الغسل من الجنابة]

[بَاب فِي الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ] 575 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ «تَمَارَوْا فِي الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا أَنَا فَأُفِيضُ عَلَى رَأْسِي ثَلَاثَ أَكُفٍّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (تَمَارَوْا) أَيْ تَكَلَّمُوا فِيهِ قَوْلُهُ (أَمَّا أَنَا) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ مِيمٍ أَمَّا وَمُقَابِلُهَا مَا يُفْهَمُ مِنَ الْمَقَامِ أَيْ أَمَّا أَنْتُمْ فَكَمَا قُلْتُمْ أُفِيضُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ مِنَ الْإِفَاضَةِ أَكُفٌّ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الْكَافِ الْمُشَدَّدَةِ

جَمْعُ كَفٍّ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُفِيضُ كَفًّا عَلَى الْيَمِيْنِ وَكَفًّا عَلَى الْيَسَارِ وَكَفًّا عَلَى وَسَطِ الرَّأْسِ كَمَا جَاءَ مُفَسَّرًا فِي الْأَحَادِيثِ وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْكُلِّ اسْتِيعَابُ الْمَرَّةِ لَا التَّكْرَارُ كَمَا سَبَقَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُرَادَ الصَّبُّ عَلَى الرَّأْسِ، آخِرُ الْكَلَامِ.

576 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ جَمِيعًا عَنْ فُضَيْلِ بْنِ مَرْزُوقٍ عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ عَنْ الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ فَقَالَ ثَلَاثًا فَقَالَ الرَّجُلُ إِنْ شَعْرِي كَثِيرٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَكْثَرَ شَعْرًا مِنْكَ وَأَطْيَبَ»

577 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا فِي أَرْضٍ بَارِدَةٍ فَكَيْفَ الْغُسْلُ مِنْ الْجَنَابَةِ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا أَنَا فَأَحْثُو عَلَى رَأْسِي ثَلَاثًا»

578 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بِنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «سَأَلَهُ رَجُلٌ كَمْ أُفِيضُ عَلَى رَأْسِي وَأَنَا جُنُبٌ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْثُو عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ قَالَ الرَّجُلُ إِنَّ شَعْرِي طَوِيلٌ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ شَعْرًا مِنْكَ وَأَطْيَبَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يَحْثُو عَلَى رَأْسِهِ) أَيْ يُفِيضُ وَيَصُبُّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب في الوضوء بعد الغسل]

[بَاب فِي الْوُضُوءِ بَعْدَ الْغُسْلِ] 579 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ وَإِسْمَعِيلُ بْنُ مُوسَى السُّدِّيُّ قَالُوا حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَتَوَضَّأُ بَعْدَ الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَا يَتَوَضَّأُ) أَيْ لِلصَّلَاةِ بَعْدَ الْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ مَا لَمْ يُحْدِثْ أَوْ لَمْ يَرَ الْحَدَثَ فَيَكْتَفِي بِالْوُضُوءِ الْحَاصِلِ فِي ضِمْنِ غُسْلِ الْجَنَابَةِ أَوْ بِالْوُضُوءِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَى الْغُسْلِ عَادَةً.

[باب في الجنب يستدفئ بامرأته قبل أن تغتسل]

[بَاب فِي الْجُنُبِ يَسْتَدْفِئُ بِامْرَأَتِهِ قَبْلَ أَنْ تَغْتَسِلَ] 580 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ حُرَيْثٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْتَسِلُ مِنْ الْجَنَابَةِ ثُمَّ يَسْتَدْفِئُ بِي قَبْلَ أَنْ أَغْتَسِلَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (ثُمَّ يَسْتَدْفِئُ) بِهَمْزَةٍ فِي آخِرِهِ أَيْ يَطْلُبُ مِنِّي حَرَارَةَ بَدَنِي لِيَدْفَعَ بِهِ الْبُرُودَةَ الْحَاصِلَةَ بِالِاغْتِسَالِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ} [النحل: 5] أَيْ تَتَّخِذُونَ مِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا مَا تَسْتَدْفِئُونَ بِهِ وَفِيهِ أَنَّ بَشَرَةَ الْجُنُبِ طَاهِرَةٌ لِأَنَّ الِاسْتِدْفَاءَ إِنَّمَا يَحْصُلُ مِنَ الْبَشَرَةِ.

[باب في الجنب ينام كهيئته لا يمس ماء]

[بَاب فِي الْجُنُبِ يَنَامُ كَهَيْئَتِهِ لَا يَمَسُّ مَاءً] 581 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُجْنِبُ ثُمَّ يَنَامُ وَلَا يَمَسُّ مَاءً حَتَّى يَقُومَ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَغْتَسِلَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (ثُمَّ يَنَامُ وَلَمْ يَمَسَّ مَاءً) قَدْ حَكَمَ الْحُفَّاظُ أَنَّ قَوْلَهُ وَلَمْ يَمَسَّ مَاءً غَلَطٌ مِنْ أَبِي إِسْحَاقَ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَالْحَدِيثُ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ صَحِيحٌ مِنْ جِهَةِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّ أَبَا إِسْحَاقَ بَيَّنَ سَمَاعَهُ

مِنَ الْأَسْوَدِ، وَالْمُدَلِّسُ إِذَا بَيَّنَ سَمَاعَهُ مِمَّنْ رَوَى عَنْهُ وَكَانَ ثِقَةً فَلَا وَجْهَ لِرَدِّهِ قَالَ النَّوَوِيُّ فَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ مَا مَسَّ مَاءً لِلْغُسْلِ لِيَجْمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ عَائِشَةَ الْآخَرِ وَهُوَ تَرْكُ الْوُضُوءِ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَلَوْ وَاظَبَ عَلَى الْوُضُوءِ لَاعْتَقَدُوا وُجُوبَهُ.

582 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ كَانَتْ لَهُ إِلَى أَهْلِهِ حَاجَةٌ قَضَاهَا ثُمَّ يَنَامُ كَهَيْئَتِهِ لَا يَمَسُّ مَاءً»

583 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُجْنِبُ ثُمَّ يَنَامُ كَهَيْئَتِهِ لَا يَمَسُّ مَاءً» قَالَ سُفْيَانُ فَذَكَرْتُ الْحَدِيثَ يَوْمًا فَقَالَ لِي إِسْمَعِيلُ يَا فَتَى يُشَدُّ هَذَا الْحَدِيثُ بِشَيْءٍ

[باب من قال لا ينام الجنب حتى يتوضأ وضوءه للصلاة]

[بَاب مَنْ قَالَ لَا يَنَامُ الْجُنُبُ حَتَّى يَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ] 584 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ الْمِصْرِيُّ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (تَوَضَّأَ وُضُوأَهُ لِلصَّلَاةِ) أَيْ كَوُضُوءِ الصَّلَاةِ ذَكَرَهُ لِدَفْعِ أَنْ يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْمُرَادَ الْوُضُوءُ لُغَةً وَيُحْمَلُ هَذَا عَلَى أَنَّهُ الْغَالِبُ لِلتَّوْفِيقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ، وَفَائِدَةُ هَذَا الْوُضُوءِ تَخْفِيفُ الْجَنَابَةِ.

585 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَرْقُدُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ قَالَ نَعَمْ إِذَا تَوَضَّأَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَيَرْقُدُ إِلَخْ) وَإِلَّا فَالْوُضُوءُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ مَنْدُوبٌ لَا وَاجِبٌ وَالْأَمْرُ عِنْدَهُمْ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ لِدَلِيلِ أَدِلَّتِهِمْ.

586 - حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ الْعُثْمَانِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّهُ كَانَ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ بِاللَّيْلِ فَيُرِيدُ أَنْ يَنَامَ فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَوَضَّأَ ثُمَّ يَنَامَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ) قَالَ فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب في الجنب إذا أراد العود توضأ]

[بَاب فِي الْجُنُبِ إِذَا أَرَادَ الْعَوْدَ تَوَضَّأَ] 587 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ فَلْيَتَوَضَّأْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ فَلْيَتَوَضَّأْ) أَيْ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُجَامِعَ مَرَّةً ثَانِيَةً فَلْيَتَوَضَّأْ بَيْنَ الْجِمَاعِ الْأَوَّلِ وَالْعَوْدِ وَزَادَ الْبَيْهَقِيُّ «فَإِنَّهُ أَنْشَطُ لِلْعَوْدِ» وَقَدْ حَمَلَهُ قَوْمٌ عَلَى الْوُضُوءِ الشَّرْعِيِّ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ وَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ خُزَيْمَةَ فَلْيَتَوَضَّأْ وُضُوأَهُ لِلصَّلَاةِ وَأَوَّلَهُ قَوْمٌ بِغَسْلِ الْفَرْجِ

وَقَالَ إِنَّمَا شُرِعَ الْوُضُوءُ لِلْعِبَادَةِ لَا لِقَضَاءِ الشَّهَوَاتِ وَلَوْ شُرِعَ لِقَضَاءِ الشَّهْوَةِ لَكَانَ الْجِمَاعُ الْأَوَّلُ مِثْلَ الْعَوْدِ يَنْبَغِي أَنْ يُشْرَعَ لَهُ وَالْإِنْصَافُ أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنَ الْعَوْدِ وَالْجِمَاعُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَسْبُوقًا بِذِكْرِ اللَّهِ مِثْلَ «بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا» فَلَا مَانِعَ مِنْ نَدْبِ الْوُضُوءِ ثَانِيًا تَخْفِيفًا لِلْجَنَابَةِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء فيمن يغتسل من جميع نسائه غسلا واحدا]

[بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ يَغْتَسِلُ مِنْ جَمِيعِ نِسَائِهِ غُسْلًا وَاحِدًا] 588 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَأَبُو أَحْمَدَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ) أَيْ يَدُورُ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنِ الْجِمَاعِ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ وَفِي رِوَايَةٍ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ أَيْ يُجَامِعُهُنَّ مُتَلَبِّسًا وَمَصْحُوبًا بِنِيَّةِ غُسْلٍ وَاحِدٍ وَتَقْرِيرِهِ وَإِلَّا فَالْغُسْلُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ جِمَاعِهِنَّ وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ يَتَوَضَّأُ عَقِبَ الْفَرَاغِ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ وَيَحْتَمِلُ تَرْكَ الْوُضُوءِ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَمَحْمَلُهُ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْقَسَمِ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُرْضِيهِنَّ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ قُدُومِهِ مِنْ سَفَرٍ أَوْ عِنْدَ تَمَامِ الدَّوْرِ عَلَيْهِنَّ وَابْتِدَاءِ دَوْرٍ آخَرَ وَيَكُونُ ذَلِكَ عَنْ إِذْنِ صَاحِبَةِ النَّوْبَةِ أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ مَخْصُوصًا بِهِ وَإِلَّا فَوَطْءُ الْمَرْأَةِ فِي نَوْبَةِ ضَرَّتِهَا مَمْنُوعٌ مِنْهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

589 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي الْأَخْضَرِ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «وَضَعْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُسْلًا فَاغْتَسَلَ مِنْ جَمِيعِ نِسَائِهِ فِي لَيْلَةٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (غُسْلًا) بِضَمِّ الْغَيْنِ أَيْ مَاءُ الْغُسْلِ إِمَّا لِأَنَّهُ اسْمٌ لِلْمَاءِ أَوْ بِتَقْدِيرِ الْمُضَافِ فَكَانَ يَغْتَسِلُ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدَةٍ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ فَيَجُوزُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ أَحْيَانَا وَذَاكَ أَحْيَانًا.

[باب فيمن يغتسل عند كل واحدة غسلا]

[بَاب فِيمَنْ يَغْتَسِلُ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدَةٍ غُسْلًا] 590 - حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي رَافِعٍ عَنْ عَمَّتِهِ سَلْمَى عَنْ أَبِي رَافِعٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَافَ عَلَى نِسَائِهِ فِي لَيْلَةٍ وَكَانَ يَغْتَسِلُ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فَقِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا تَجْعَلُهُ غُسْلًا وَاحِدًا فَقَالَ هُوَ أَزْكَى وَأَطْيَبُ وَأَطْهَرُ» [بَاب فِي الْجُنُبِ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ] 591 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ وَغُنْدَرٌ وَوَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ وَهُوَ جُنُبٌ تَوَضَّأَ»

592 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ هَيَّاجٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ صُبَيْحٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُوَيْسٍ عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْجُنُبِ هَلْ يَنَامُ أَوْ يَأْكُلُ أَوْ يَشْرَبُ قَالَ نَعَمْ إِذَا تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (هَلْ يَنَامُ أَوْ يَأْكُلُ إِلَخْ) أَيْ هَلْ يَحْسُنُ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ هَذِهِ الْأُمُورَ فَإِنَّ الْوُضُوءَ مَنْدُوبٌ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الِاكْتِفَاءُ بِغَسْلِ الْيَدَيْنِ

[باب من قال يجزئه غسل يديه]

أَحْيَانًا وَبِهِ يَنْدَفِعُ الْمُنَافَاةُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ. [بَاب مَنْ قَالَ يُجْزِئُهُ غَسْلُ يَدَيْهِ] 593 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ وَهُوَ جُنُبٌ غَسَلَ يَدَيْهِ»

[باب ما جاء في قراءة القرآن على غير طهارة]

[بَاب مَا جَاءَ فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ] 594 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ «دَخَلْتُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتِي الْخَلَاءَ فَيَقْضِي الْحَاجَةَ ثُمَّ يَخْرُجُ فَيَأْكُلُ مَعَنَا الْخُبْزَ وَاللَّحْمَ وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَلَا يَحْجُبُهُ وَرُبَّمَا قَالَ لَا يَحْجُزُهُ عَنْ الْقُرْآنِ شَيْءٌ إِلَّا الْجَنَابَةُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَيَأْكُلُ مَعَنَا الْخُبْزَ وَاللَّحْمَ) أَيْ قَبْلَ أَنْ يَتَوَضَّأَ يَدُلُّ عَلَيْهِ الْفَاءُ فِي قَوْلِهِ فَيَأْكُلُ وَكَذَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ قَبْلَ الْوُضُوءِ قَالَ وَلَا يَحْجُبُهُ أَيْ لَا يَمْنَعُهُ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ وَلَا يَحْجِزُهُ بِمَعْنَى لَا يَمْنَعُهُ شَيْءٌ مِنْ أَنْوَاعِ الْحَدَثِ إِلَّا الْجَنَابَةَ وَلَمْ يَرِدْ بِمَنْعِهِ مُبَاشَرَةً شَيْءٌ ضَرُورَةً أَنَّ مُبَاشَرَةَ الْجِمَاعِ وَالْبَوْلِ وَالْغَائِطِ مِمَّا يَمْنَعُ مِنَ الْقُرْآنِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

595 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ الْجُنُبُ وَلَا الْحَائِضُ» 596 - قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَحَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَقْرَأُ الْجُنُبُ وَالْحَائِضُ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ

[باب تحت كل شعرة جنابة]

[بَاب تَحْتَ كُلِّ شَعَرَةٍ جَنَابَةٌ] 597 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ وَجِيهٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ تَحْتَ كُلِّ شَعَرَةٍ جَنَابَةً فَاغْسِلُوا الشَّعَرَ وَأَنْقُوا الْبَشَرَةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِنَّ تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جَنَابَةً) كِنَايَةٌ عَنْ شُمُولِ الْجَنَابَةِ تَمَامَ ظَاهِرِ الْبَدَنِ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ الشَّعْرِ عَادَةً وَلِذَلِكَ رَتَّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ «فَاغْسِلُوا الشَّعْرَ وَأَنْقُوا الْبَشَرَةَ» مِنَ الْإِنْقَاءِ أَيْ تَطْهِيرِهَا وَإِلَّا فَكَوْنُ الْجَنَابَةِ تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ يَقْتَضِي وُجُوبَ إِيصَالِ الْمَاءِ إِلَى مَا تَحْتَ الشَّعْرِ وَلَا يَقْتَضِي غَسْلَ الشَّعْرِ وَإِنْقَاءَ الْجِلْدِ ثُمَّ الْحَدِيثُ قَدْ ضَعَّفَهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ.

598 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنِي عُتْبَةُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ حَدَّثَنِي طَلْحَةُ بْنُ نَافِعٍ حَدَّثَنِي أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ وَأَدَاءُ الْأَمَانَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهَا قُلْتُ وَمَا أَدَاءُ الْأَمَانَةِ قَالَ غُسْلُ الْجَنَابَةِ فَإِنَّ تَحْتَ كُلِّ شَعَرَةٍ جَنَابَةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ) أَيْ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ مَضْمُومَةٌ إِلَى صَلَاةِ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى وَقِيلَ أَيْ مُنْتَهِيَةٌ إِلَى الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى وَهُوَ

غَيْرُ ظَاهِرٍ قَوْلُهُ (فَإِنَّ تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جَنَابَةً) أَيْ وَبِالْغُسْلِ تَزُولُ تَلِكَ الْجَنَابَةُ فَصَارَ الْبَدَنُ مُسْتَحِقًّا لِلْغُسْلِ بَعْدَ الْجَنَابَةِ كَاسْتِحْقَاقِ أَهْلِ الْأَمَانَةِ لِأَمَانَتِهِمْ فَصَارَ الْغُسْلُ كَأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَمَانَاتِ الْوَاجِبِ أَدَاؤُهَا إِلَى أَهْلِهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58] فَأَطْلَقَ عَلَيْهِ اسْمَ الْأَمَانَةِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِأَنَّ طَلْحَةَ بْنَ نَافِعٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي أَيُّوبَ قَالَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ.

599 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ زَاذَانَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ تَرَكَ مَوْضِعَ شَعَرَةٍ مِنْ جَسَدِهِ مِنْ جَنَابَةٍ لَمْ يَغْسِلْهَا فُعِلَ بِهِ كَذَا وَكَذَا مِنْ النَّارِ» قَالَ عَلِيٌّ فَمِنْ ثَمَّ عَادَيْتُ شَعَرِي وَكَانَ يَجُزُّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ (مَوْضِعُ شَعْرَةٍ) لَمْ يُرِدِ الْمَحَلَّ الَّذِي تَحْتَ الشَّعْرِ فَإِنَّ إِيصَالَ الْمَاءِ هُنَاكَ مُشْكِلٌ بَلْ أَرَادَ مَحَلًّا يُمْكِنُ قِيَامُ الشَّعْرِ فِيهِ أَيْ شَيْئًا قَلِيلًا مِنْ ظَاهِرِ الْبَدَنِ قَدْرَ مَا يَقُومُ فِيهِ الشَّعْرُ (مِنْ جَنَابَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِتَرْكِ (لَمْ يَغْسِلْهَا) لِتَرْكِهِ مِنَ الْجَنَابَةِ وَتَأْنِيثُ الضَّمِيرِ رَاجِعٌ إِلَى الْمَوْضِعِ لِتَأْنِيثِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ (فَعَلَ بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ التَّارِكِ أَيْ بِالْمَوْضِعِ الْمَتْرُوكِ (كَذَا كَذَا) كِنَايَةٌ عَنِ الْعَذَابِ الشَّدِيدِ (عَادَيْتُ شَعْرِي) أَيْ عَامَلْتُهُ مُعَامَلَةً الْعَدُوِّ فِي الْبُعْدِ (يَجُزُّهُ) أَيْ مِنْ أَنْ يَجُزَّهُ بِتَشْدِيدِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ قَصُّ الشَّعْرِ وَالصُّوفِ وَاسْتَدَلَّ بِالْحَدِيثِ عَلَى جَوَازِ حَلْقِ الرَّأْسِ وَجَزِّهِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقَرَّ عَلِيًّا عَلَى ذَلِكَ وَلِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَأْمُورِ النَّاسَ بِالِاقْتِدَاءِ بِهِمْ وَالتَّمَسُّكُ بِسُنَّتِهِمْ.

[باب ما جاء في المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْمَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ] 600 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّهَا أَمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ «جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَتْهُ عَنْ الْمَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ قَالَ نَعَمْ إِذَا رَأَتْ الْمَاءَ فَلْتَغْتَسِلْ فَقُلْتُ فَضَحْتِ النِّسَاءَ وَهَلْ تَحْتَلِمُ الْمَرْأَةُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرِبَتْ يَمِينُكِ فَبِمَ يُشْبِهُهَا وَلَدُهَا إِذًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَا يَرَى الرَّجُلُ) أَيْ مِنَ الْحُلُمِ وَفِيهِ اخْتِصَارٌ أَيْ هَلْ عَلَيْهَا غُسْلٌ وَقَوْلُهُ نَعَمْ تَصْدِيقٌ لِهَذَا الْمُقَدَّرِ وَقَوْلُهُ إِذْ رَأَتِ الْمَاءَ فَلْتَغْتَسِلْ بَيَانٌ أَنْ وُجُوبَ الِاغْتِسَالِ لَيْسَ بِمُطْلَقِ بَلْ مُقَيَّدٌ بِمَا إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ قَوْلُهُ (فَضَحْتِ) بِكَسْرِ التَّاءِ عَلَى خِطَابِ الْمَرْأَةِ أَيْ بِإِظْهَارِ مَا لَا يُنَاسِبُ

إِظْهَارُهُ بَيْنَ الرِّجَالِ مِنْ أَحْوَالِهِنَّ إِنْ كَانَ لَهُ تَحَقُّقٌ مَعَ أَنَّ تَحَقُّقَهُ أَيْضًا غَيْرُ مَعْلُومٍ لَنَا وَإِلَى هَذَا يُشِيرُ قَوْلُهَا وَهَلْ تَحْتَلِمُ الْمَرْأَةُ قَوْلُهُ (تَرِبَتْ يَمِينُكِ) أَيْ لَصِقَتْ بِالتُّرَابِ وَهِيَ كَلِمَةٌ جَارِيَةٌ عَلَى أَلْسِنَةِ الْعَرَبِ لَا يُرِيدُونَ بِهَا الدُّعَاءَ عَلَى الْمُخَاطَبِ بَلِ اللَّوْمَ أَوْ نَحْوَهَ قَوْلُهُ (فَبِمَ) أَيْ فَبِأَيِّ سَبَبٍ يُشْبِهُهَا أَيِ الْمَرْأَةَ وَلَدُهَا إِذَا أَيْ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مَاءٌ وَإِلَّا لَمَا شَابَهَهَا وَلَدُهَا أَثْبَتَ أَنَّهَا يُمْكِنُ أَنْ تَحْتَلِمَ إِذْ خُرُوجُهُ مُمْكِنٌ إِذَا كَثُرَ وَأَفَاضَ وَالْحَاصِلُ لَهُ هُنَا دَلِيلٌ عَلَى وُجُودِ الْمَاءِ وَإِذَا ثَبَتَ وُجُودُ الْمَاءِ لَا يُسْتَبْعَدُ كَاحْتِلَامٍ.

601 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ وَعَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَأَتْ ذَلِكَ فَأَنْزَلَتْ فَعَلَيْهَا الْغُسْلُ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَكُونُ هَذَا قَالَ نَعَمْ مَاءُ الرَّجُلِ غَلِيظٌ أَبْيَضُ وَمَاءُ الْمَرْأَةِ رَقِيقٌ أَصْفَرُ فَأَيُّهُمَا سَبَقَ أَوْ عَلَا أَشْبَهَهُ الْوَلَدُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَأَنْزَلَتْ) أَيِ الْمَاءَ وَنِسْبَةُ الْإِنْزَالِ إِلَى الْإِنْسَانِ نَظَرًا إِلَى أَنَّ هَذَا الْمَاءَ عَادَةً لَا يَنْزِلُ إِلَّا بِاجْتِهَادٍ مِنَ الْإِنْسَانِ فَصَارَ إِنْزَالًا مِنْ مَاءِ الرَّجُلِ قِيلَ مَا ذُكِرَ فِي صِفَاتِ الْمَاءِ فَهُوَ إِنَّمَا هُوَ فِي غَالِبِ الْأَمْرِ وَاعْتِدَالِ الْحَالِ وَإِلَّا فَقَدْ يَخْتَلِفُ أَحَدُهُمَا لِلْعَوَارِضِ فَأَيُّهُمَا أَسْبَقُ أَيْ تَقَدَّمَ فِي الْإِنْزَالِ أَوْ غَلَبَ أَوْ كَثُرَ فِي الْمِقْدَارِ وَالضَّمِيرُ لِلْمَاءَيْنِ قَوْلُهُ (أَشْبَهَهُ) أَيْ أَشْبَهَ صَاحِبَهُ الْوَلَدُ.

602 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ أَنَّهَا «سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ فَقَالَ لَيْسَ عَلَيْهَا غُسْلٌ حَتَّى تُنْزِلَ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الرَّجُلِ غُسْلٌ حَتَّى يُنْزِلَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ (عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ هَذَا الْحَدِيثِ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ وَأَصْلُ الْحَدِيثِ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في غسل النساء من الجنابة]

[بَاب مَا جَاءَ فِي غُسْلِ النِّسَاءِ مِنْ الْجَنَابَةِ] 603 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي امْرَأَةٌ أَشُدُّ ضَفْرَ رَأْسِي أَفَأَنْقُضُهُ لِغُسْلِ الْجَنَابَةِ فَقَالَ إِنَّمَا يَكْفِيكِ أَنْ تَحْثِي عَلَيْهِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ مِنْ مَاءٍ ثُمَّ تُفِيضِي عَلَيْكِ مِنْ الْمَاءِ فَتَطْهُرِينَ أَوْ قَالَ فَإِذَا أَنْتِ قَدْ طَهُرْتِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَشُدُّ ضَفْرَ رَأْسِي) قَالَ النَّوَوِيُّ بِفَتْحِ الضَّادِ وَسُكُونِ الْفَاءِ هُوَ الْمَشْهُورُ رِوَايَةً أَيْ أُحْكِمُ فَتْلَ شَعْرِي وَقِيلَ هُوَ لَحْنٌ وَالصَّوَابُ فِيهَا فَتْحُ الْفَاءِ جَمْعُ ضَفِيرَةٍ كَسُفُنٍ جَمْعُ سَفِينَةٍ وَلَيْسَ كَمَا زَعَمَهُ بَلِ الصَّوَابُ جَوَازُ الْأَمْرَيْنِ وَالْأَوَّلُ أَرْجَحُ رِوَايَةً اهـ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ يَقْرَؤُهُ النَّاسُ بِإِسْكَانِ

الْفَاءِ وَإِنَّمَا هُوَ بِفَتْحِهَا لِأَنَّهُ بِسُكُونِ الْفَاءِ مَصْدَرُ ضَفَرَ رَأْسَهُ ضَفْرًا وَبِالْفَتْحِ هُوَ الشَّيْءُ الْمَضْفُورُ كَالشَّعْرِ وَغَيْرِهِ وَالضَّفْرُ نَسْجُ الشَّعْرِ وَإِدْخَالُ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ قُلْتُ الْمَصْدَرُ يُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ كَثِيرًا كَالْخَلْقِ بِمَعْنَى الْمَخْلُوقِ فَيَجُوزُ إِسْكَانُهُ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْمَضْفُورِ مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ إِبْقَاؤُهُ عَلَى مَعْنَاهُ الْمَصْدَرِيِّ لِأَنَّ شَدَّ الْمَنْسُوجِ يَكُونُ بِشَدِّ نَسْجِهِ كَمَا يُشِيرُ إِلَيْهِ كَلَامُ النَّوَوِيِّ قَوْلُهُ (فَأَنْقُضُهُ) أَيْ أَيَجِبُ عَلَيَّ النَّقْضُ شَرْعًا أَمْ لَا وَإِلَّا فَهِيَ مُخَيَّرَةٌ وَمَا جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ قَالَ: لَا، فَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَإِنَّمَا يَكْفِيكَ أَيْ فِي تَمَامِ الِاغْتِسَالِ لَا فِي غَسْلِ الرَّأْسِ فَقَطْ وَإِلَّا لَمَا كَانَ لِقَوْلِهِ ثُمَّ تُفِيضِي مَعْنَى وَعَلَى هَذَا فَكَأَنَّهُ إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ افْتِرَاضِ الدَّلْكِ وَالْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ فِي الْغُسْلِ قَوْلُهُ (أَنْ تُحْثِي) بِسُكُونِ الْيَاءِ لِأَنَّهَا يَاءٌ لِخِطَابِ الْمُؤَنَّثِ وَالنُّونُ مَحْذُوفَةٌ بِالنَّاصِبِ وَلَا يَجُوزُ نَصْبُ الْيَاءِ ثُمَّ تُفِيضِي مِنَ الْإِفَاضَةِ بِحَذْفِ النُّونِ فَتَطْهُرِينَ بِإِثْبَاتِ النُّونِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ أَيْ فَأَنْتِ تَطْهُرِينَ بِذَلِكَ.

604 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ بَلَغَ عَائِشَةَ «أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَأْمُرُ نِسَاءَهُ إِذَا اغْتَسَلْنَ أَنْ يَنْقُضْنَ رُءُوسَهُنَّ فَقَالَتْ يَا عَجَبًا لِابْنِ عَمْرٍو هَذَا أَفَلَا يَأْمُرُهُنَّ أَنْ يَحْلِقْنَ رُءُوسَهُنَّ لَقَدْ كُنْتُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَغْتَسِلُ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ فَلَا أَزِيدُ عَلَى أَنْ أُفْرِغَ عَلَى رَأْسِي ثَلَاثَ إِفْرَاغَاتٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَفَلَا يَأْمُرُهُنَّ أَنْ يَحْلِقْنَ رُءُوسَهُنَّ) تُرِيدُ أَنَّهُ لَوْ وَجَبَ النَّقْضُ كُلُّ مَرَّةٍ لَوَجَبَ الْحَلْقُ لِدَفْعِ حَرَجِهِ (أَنْ أُفْرِغَ) مِنَ الْإِفْرَاغِ أَيِ الصَّبِّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في الجنب ينغمس في الماء الدائم أيجزئه]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْجُنُبِ يَنْغَمِسُ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ أَيُجْزِئُهُ] 605 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى الْمِصْرِيَّانِ قَالَا حَدَّثَنَا بْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ أَنَّ أَبَا السَّائِبِ مَوْلَى هِشَامِ بْنِ زُهْرَةَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَغْتَسِلْ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ وَهُوَ جُنُبٌ فَقَالَ كَيْفَ يَفْعَلُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ يَتَنَاوَلُهُ تَنَاوُلًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَا يَغْتَسِلُ) بِالْجَزْمِ عَلَى أَنَّهُ نَهْيٌ أَوْ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ نَفْيٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ (فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ) أَيْ غَيْرِ الْجَارِي وَهُوَ أَجْنَبُ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ قَالَ الْقَاضِي فِي شَرْحِ الْمَصَابِيحِ تَقْيِيدُ الْحُكْمِ بِالْمَاءِ الرَّاكِدِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ إِذَا كَانَ رَاكِدًا لَا يَبْقَى عَلَى مَا كَانَ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِنَفْسِ التَّقْيِيدِ فَائِدَةٌ وَذَلِكَ إِمَّا فِي زَوَالِ الطَّهَارَةِ كَمَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ أَوْ بِزَوَالِ الطَّهُورِ كَمَا قَالَهُ

الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ اهـ قُلْتُ بَلْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ لِلْكَرَاهَةِ شَرْعًا أَوْ طَبْعًا أَوْ لِخَوْفِ أَنْ يُؤَدِّيَ كَثْرَةُ الِاغْتِسَالِ إِلَى التَّغْيِيرِ، وَإِطْلَاقُ النَّهْيِ يُؤَيِّدُ مَا قُلْنَا وَإِلَّا لَكَانَ الْمُنَاسِبُ عَلَى مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ التَّقْيِيدَ بِمَا دُونَ عَشْرٍ فِي عَشْرٍ وَنَحْوَهُ وَعَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ بِمَا دُونَ الْقُلَّتَيْنِ وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا دَلَالَةَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى تَعْيِيْنِ شَيْءٍ مِنَ الْمَذَاهِبِ فِي الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب الماء من الماء]

[بَاب الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ] 606 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ ذَكْوَانَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَخَرَجَ رَأْسُهُ يَقْطُرُ فَقَالَ لَعَلَّنَا أَعْجَلْنَاكَ قَالَ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِذَا أُعْجِلْتَ أَوْ أُقْحِطْتَ فَلَا غُسْلَ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ الْوُضُوءُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَعَلَّنَا أَعْجَلْنَاكَ) حَتَّى غَسَلَتْ قَبْلَ أَنْ تُنْزِلَ إِذَا أُعْجِلْتَ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيْ أَعْجَلَكَ أَحَدٌ مِنَ الْإِنْزَالِ وَأُقْحِطَتْ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيْ حُبِسْتَ عَنِ الْإِنْزَالِ وَالْحَاصِلُ أَنَّكَ إِذَا جَامَعْتَ ثُمَّ مَا أَنْزَلَتْ بِسَبَبٍ مِنَ الْأَسْبَابِ فَلَا غُسْلَ عَلَيْكَ وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ «إِذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ» بَلْ قِيلَ إِنَّهُ مِمَّا أَجْمَعَ الْمُتَأَخِّرُونَ عَلَى نَسْخِهِ.

607 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ السَّائِبِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سُعَادَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ) أَيْ وُجُوبِ الِاغْتِسَالِ بِالْمَاءِ مِنْ أَجْلِ خُرُوجِ الْمَاءِ الدَّافِقِ فَالْأَوَّلُ الْمَاءُ الْمُطَهَّرُ وَالثَّانِي الْمَنِيُّ وَهَذَا الْحَدِيثُ يُفِيدُ الْحَصْرَ عُرْفًا أَيْ لَا يَجِبُ الْغُسْلُ بِلَا مَاءٍ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبُ بِالْإِدْخَالِ إِنْ لَمْ يُنْزِلْ فَقِيلَ مَنْسُوخٌ وَقِيلَ هُوَ فِي الِاحْتِلَامِ لَا فِي الْجِمَاعِ.

[باب ما جاء في وجوب الغسل إذا التقى الختانان]

[بَاب مَا جَاءَ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ إِذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ] 608 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّنَافِسِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ «إِذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ فَعَلْتُهُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاغْتَسَلْنَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ) الْخِتَانُ بِكَسْرِ الْخَاءِ يُطْلَقُ عَلَى مَوْضِعِ الْقَطْعِ مِنَ الذَّكَرِ وَهُوَ الْمُرَادُ هَاهُنَا وَالْمُرَادُ بِالثَّانِي مَوْضِعُ الْقَطْعِ مِنَ الْفَرْجِ وَالْمُرَادُ إِدْخَالُ ذَكَرِهِ فِي فَرْجِهَا وَتَحَاذَى الْخِتَانَانِ وَإِلَّا فَخِتَانُ الْمَرْأَةِ

مِنْ أَعْلَى الْفَرْجِ وَلَا يَمَسُّهُ فِي الْجِمَاعِ وَهَذَا اللَّفْظُ هَاهُنَا مَوْقُوفٌ عَلَى عَائِشَةَ لَكِنْ صَحَّ رَفْعُهُ فِي مُسْلِمٍ وَغَيْرُهُ وَبِهِ يَتِمُّ الدَّلِيلُ لَا بِمُجَرَّدِ الْفِعْلِ فَإِنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ وَأَيْضًا هُوَ حِكَايَةُ حَالٍ فَلَا تَعُمُّ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعَ الْإِنْزَالِ.

609 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ أَنْبَأَنَا يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ قَالَ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ أَنْبَأَنَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ قَالَ «إِنَّمَا كَانَتْ رُخْصَةً فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ أُمِرْنَا بِالْغُسْلِ بَعْدُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِنَّمَا كَانَتْ رُخْصَةٌ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ كَانَ فِي الْأَوَّلِ أُطْلِقَ عَلَيْهِ الرُّخْصَةُ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّخْفِيفِ ثُمَّ أُمِرْنَا إِذَا نُسِخَ هَذَا الْحُكْمُ.

610 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا جَلَسَ الرَّجُلُ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ ثُمَّ جَهَدَهَا فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِذَا جَلَسَ) أَيِ الْوَاطِئُ (بَيْنَ شُعَبِهَا) بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ نَوَاحِيهَا، قِيلَ يَدَاهَا وَرِجْلَاهَا، وَقِيلَ نَوَاحِي الْفَرْجِ الْأَرْبَعُ وَضَمِيرُ شُعَبِهَا لِلْمَرْأَةِ قَوْلُهُ (ثُمَّ جَهَدَهَا) أَيْ جَامَعَهَا وَوَطِئَهَا وَفَعَلَ بِهَا الْفِعْلَ الْمَقْصُودَ بِهَا فَلِذَلِكَ قِيلَ جَهَدَهَا، وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِنْزَالَ غَيْرُ شَرْطٍ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ بَلِ الْمَدَارُ عَلَى الْإِيلَاجِ.

611 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ وَتَوَارَتْ الْحَشَفَةُ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَتَوَارَتْ) أَيْ غَابَتْ (الْحَشَفَةُ) رَأْسُ الذَّكَرِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ هَذَا الْحَدِيثِ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ مِنْ وُجُوهٍ أُخَرَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب من احتلم ولم ير بللا]

[بَاب مَنْ احْتَلَمَ وَلَمْ يَرَ بَلَلًا] 612 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ الْعُمَرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَرَأَى بَلَلًا وَلَمْ يَرَ أَنَّهُ احْتَلَمَ اغْتَسَلَ وَإِذَا رَأَى أَنَّهُ قَدْ احْتَلَمَ وَلَمْ يَرَ بَلَلًا فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَرَأَى بَلَلًا) إِطْلَاقُهُ يَمْنَعُهُ مَا إِذَا اعْتَقَدَهُ مَذْيًا وَبِهِ صَرَّحَ كَثِيرٌ مِنْ عُلَمَائِنَا.

[باب ما جاء في الاستتار عند الغسل]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الِاسْتِتَارِ عِنْدَ الْغُسْلِ] 613 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ وَأَبُو حَفْصٍ عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الْفَلَّاسُ وَمُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى قَالُوا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْوَلِيدِ أَخْبَرَنِي مُحِلُّ بْنُ خَلِيفَةَ حَدَّثَنِي أَبُو السَّمْحِ قَالَ «كُنْتُ أَخْدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَغْتَسِلَ قَالَ وَلِّنِي فَأُوَلِّيهِ قَفَايَ وَأَنْشُرُ الثَّوْبَ فَأَسْتُرُهُ بِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (كُنْتُ أَخْدُمُ) مِنْ بَابِ نَصَرَ وَلِّنِي

أَيْ ظَهْرَكَ أَيِ اجْعَلْهُ مِثْلَ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ فَأَسْتُرُهُ بِهِ بِصِيغَةِ الْمُتَكَلِّمِ أَيْ أَسْتُرُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا ذَكَرَ مِنَ الْقَفَا وَالثَّوْبِ أَوْ بِالثَّوْبِ وَتَوْلِيَةِ الْقَفَا لِئَلَّا يَقَعَ نَظَرُهُ عَلَيْهِ فَقَطْ.

614 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ الْمِصْرِيُّ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَوْفَلٍ أَنَّهُ قَالَ «سَأَلْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَّحَ فِي سَفَرٍ فَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا يُخْبِرُنِي حَتَّى أَخْبَرَتْنِي أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَدِمَ عَامَ الْفَتْحِ فَأَمَرَ بِسِتْرٍ فَسُتِرَ عَلَيْهِ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ سَبَّحَ ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (سَبَّحَ فِي السَّفَرِ) مِنَ التَّسْبِيحِ أَيْ صَلَّى النَّافِلَةَ مُطْلَقًا أَوْ صَلَاةَ الضُّحَى بِخُصُوصِهَا وَلَا يَلْزَمُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا يُصَلِّي النَّوَافِلَ فِي السَّفَرِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّيهَا ثُمَّ سَبَّحَ أَيْ صَلَّى.

615 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ الْحِمَّانِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ أَبُو يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَغْتَسِلَنَّ أَحَدُكُمْ بِأَرْضِ فَلَاةٍ وَلَا فَوْقَ سَطْحٍ لَا يُوَارِيهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَرَى فَإِنَّهُ يُرَى» ـــــــــــــــــــــــــــــ بِأَرْضٍ فَلَاةٍ بِفَتْحِ الْفَاءِ أَيْ مَفَازَةٍ لَا يُوَارِيهِ أَيْ لَا يَسْتُرُهُ ذَلِكَ السَّطْحُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَرَى عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى ضَعْفِ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ قِيلَ أَجْمَعُوا عَلَى تَرْكِ حَدِيثِهِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ قِيلَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ. قَوْلُهُ وَالْخَلَاءُ أَيْ قَضَاءُ الْحَاجَةِ، أَعَمُّ مِنَ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ فَابْدَأُوا بِالْخَلَاءِ لِئَلَا يُشَوِّشَ فِي الصَّلَاةِ

[باب ما جاء في النهي للحاقن أن يصلي]

[بَاب مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ لِلْحَاقِنِ أَنْ يُصَلِّيَ] 616 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ الْغَائِطَ وَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلْيَبْدَأْ بِهِ»

617 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ السَّفْرِ بْنِ نُسَيْرٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ وَهُوَ حَاقِنٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَهُوَ حَاقِنٌ) أَيْ حَابِسٌ لِلْبَوْلِ أَوِ الْغَائِطِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ السَّفَرِ

وَكَذَا بِشْرُ بْنُ آدَمَ.

618 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ إِدْرِيسَ الْأَوْدِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَقُومُ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلَاةِ وَبِهِ أَذًى» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَبِهِ أَذًى) أَيْ حَاجَةُ بَوْلٍ وَغَائِطٍ وَكَذَا كُلُّ مَا يُشَوِّشُ الْقَلْبَ لَكِنْ هَذَا إِنْ أَمْكَنَ زَوَالُهُ وَالْوَقْتُ بَاقٍ وَفِي الزَّوَائِدِ رِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

619 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ أَبِي حَيٍّ الْمُؤَذِّنِ عَنْ ثَوْبَانَ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا يَقُومُ أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ حَاقِنٌ حَتَّى يَتَخَفَّفَ»

[باب ما جاء في المستحاضة التي قد عدت أيام أقرائها قبل أن يستمر بها الدم]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ الَّتِي قَدْ عَدَّتْ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا قَبْلَ أَنْ يَسْتَمِرَّ بِهَا الدَّمُ] 620 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الْمُنْذِرِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ حَدَّثَتْهُ «أَنَّهَا أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَكَتْ إِلَيْهِ الدَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ فَانْظُرِي إِذَا أَتَى قَرْؤُكِ فَلَا تُصَلِّي فَإِذَا مَرَّ الْقَرْءُ فَتَطَهَّرِي ثُمَّ صَلِّي مَا بَيْنَ الْقَرْءِ إِلَى الْقَرْءِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِذَا أَتَى قُرْؤُكِ) الْمُرَادُ بِالْقُرْءِ هُنَا الْحَيْضُ أَيِ انْقَضَتْ وَتَمَّتْ.

621 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَرَّاحِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ قَالَ لَا إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِالْحَيْضَةِ فَإِذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي» هَذَا حَدِيثُ وَكِيعٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَمَرَ بِغَسْلِ مَا عَلَى بَدَنِهَا مِنَ الدَّمِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرٍ أَوْ وَاغْسِلِي عَنْكِ أَثَرَ الدَّمِ وَهُوَ الْجَنَابَةُ أَوْ نَصَبَ الدَّمَ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ لِلدَّمِ وَلَا يَخْفَى بَعْدَ هَذَيْنَ الِاحْتِمَالَيْنِ ثُمَّ لَا دَلَالَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّهُ فِيمَنِ اخْتَلَطَ عَلَيْهَا أَيَّامَ عَادَتِهَا بَلْ هَذَا الْحَدِيثُ هُوَ بِعَيْنِهِ الَّذِي ذُكِرَ فِي بَابِ مَنْ تَعْرِفُ أَيَّامَ عَادَتِهَا فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ حَدِيثُ فَاطِمَةَ بِنْتِ حُبَيْشٍ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي ذَلِكَ الْبَابِ فَذِكْرُهُ هَاهُنَا لَا يَخْلُو عَنْ خَفَاءٍ.

622 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ إِمْلَاءً عَلَيَّ مِنْ كِتَابِهِ وَكَانَ السَّائِلُ غَيْرِي أَنْبَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ جَحْشٍ قَالَتْ «كُنْتُ أُسْتَحَاضُ حَيْضَةً كَثِيرَةً طَوِيلَةً قَالَتْ فَجِئْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْتَفْتِيهِ وَأُخْبِرُهُ قَالَتْ فَوَجَدْتُهُ عِنْدَ أُخْتِي زَيْنَبَ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً قَالَ وَمَا هِيَ أَيْ هَنْتَاهُ قُلْتُ إِنِّي أُسْتَحَاضُ حَيْضَةً طَوِيلَةً كَبِيرَةً وَقَدْ مَنَعَتْنِي الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ فَمَا تَأْمُرُنِي فِيهَا قَالَ أَنْعَتُ لَكِ الْكُرْسُفَ فَإِنَّهُ يُذْهِبُ الدَّمَ قُلْتُ هُوَ أَكْثَرُ فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ شَرِيكٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَيْ هَنَتَاءُ) كَلِمَةُ أَيْ لِلنِّدَاءِ وَهَنَةٌ بِفَتْحَتَيْنِ أَوْ بِسُكُونِ النُّونِ يُقَالُ لِلْمَرْأَةِ وَتُزَادُ الْأَلْفُ عِنْدَ النِّدَاءِ أَنْعَتَ مِنْ حَدَّ مِنْ فَتَحَ مِنْ أَنْعَتَ وَهُوَ وَصْفُ الشَّيْءِ وَذَكَرَهُ بِمَا فِيهِ أَيْ أَذْكُرُ لَكِ أَنَّهُ مُذْهِبٌ لِلدَّمِ فَاسْتَعْمِلِيهِ لَعَلَّهُ يَنْقَطِعُ بِهِ دَمُكِ.

623 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ «سَأَلَتْ امْرَأَةٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ إِنِّي أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ قَالَ لَا وَلَكِنْ دَعِي قَدْرَ الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي حَدِيثِهِ وَقَدْرَهُنَّ مِنْ الشَّهْرِ ثُمَّ اغْتَسِلِي وَاسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ وَصَلِّي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِنِّي أُسْتَحَاضُ) هُوَ مِنَ الْأَفْعَالِ اللَّازِمَةِ الْبِنَاءَ

لِلْمَفْعُولِ فَلَا أَطْهُرُ مِنْ حَدَّ نَصَّ وَهُوَ لُغَةٌ فِيهِ وَالْمُرَادُ إِفَادَةُ الِاسْتِمْرَارِ وَاسْتَثْفِرِي بِمُثَلَّثَةٍ قَبْلَ الْفَاءِ وَالِاسْتِثْفَارُ أَنْ تَشُدَّ ثَوْبَهَا أَيْ تَحْتَجِزُ بِهِ لِيُمْسِكَ الدَّمَ لِيَمْنَعَ السَّيَلَانَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَادَةَ إِذَا اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ تَرُدُّ الْحَيْضِ إِلَى الْعَادَةِ الْمَعْلُومَةِ لَهَا.

624 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ قَالَ لَا إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ وَلَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ اجْتَنِبِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ مَحِيضِكِ ثُمَّ اغْتَسِلِي وَتَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ وَإِنْ قَطَرَ الدَّمُ عَلَى الْحَصِيرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِنَّمَا ذَلِكِ) بِكَسْرِ الْكَافِ عَلَى خِطَابِ الْمَرْأَةِ أَيْ إِنَّمَا ذَلِكَ الدَّمُ الزَّائِدُ عَلَى الْعَادَةِ السَّابِقَةِ وَقَوْلُهُ عِرْقٌ أَيْ دَمُ عِرْقٍ لَا دَمَ حَيْضٍ فَإِنَّهُ مِنَ الرَّحِمِ قَوْلُهُ (وَلَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ أَيْ دَمِ حَيْضٍ وَتَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ كَالْمَعْذُورِ سَوَاءً بِسَوَاءٍ.

625 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَإِسْمَعِيلُ بْنُ مُوسَى قَالَا حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي الْيَقْظَانِ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمُسْتَحَاضَةُ تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَتَصُومُ وَتُصَلِّي»

[باب ما جاء في المستحاضة إذا اختلط عليها الدم فلم تقف على أيام حيضها]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ إِذَا اخْتَلَطَ عَلَيْهَا الدَّمُ فَلَمْ تَقِفْ عَلَى أَيَّامِ حَيْضِهَا] 626 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ «اسْتُحِيضَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ جَحْشٍ وَهِيَ تَحْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ سَبْعَ سِنِينَ فَشَكَتْ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ وَإِنَّمَا هُوَ عِرْقٌ فَإِذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي قَالَتْ عَائِشَةُ فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ ثُمَّ تُصَلِّي وَكَانَتْ تَقْعُدُ فِي مِرْكَنٍ لِأُخْتِهَا زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ حَتَّى إِنَّ حُمْرَةَ الدَّمِ لَتَعْلُو الْمَاءَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (قَالَتْ عَائِشَةُ فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ إِلَخْ) كَانَ الْمُصَنِّفُ أَدْرَجَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي بَابِ مَنْ لَا تَعْرِفُ الْعَادَةَ لِلِاغْتِسَالِ لِكُلِّ صَلَاةٍ لَكِنْ ظَاهِرُ هَذَا

الْحَدِيثِ يُفِيدُ أَنَّ هَذَا فُهِمَ مِنْهَا وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهَا اغْتَسِلِي فَلَعَلَّهُ أَرَادَ الِاغْتِسَالَ عِنْدَ انْقِطَاعِ الْحَيْضِ قَوْلُهُ (فِي مِرْكَنٍ) بِكَسْرِ مِيمٍ، إِجَّانَةٌ يُغْسَلُ فِيهَا الثِّيَابُ.

[باب ما جاء في البكر إذا ابتدأت مستحاضة أو كان لها أيام حيض فنسيتها]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْبِكْرِ إِذَا ابْتَدَأَتْ مُسْتَحَاضَةً أَوْ كَانَ لَهَا أَيَّامُ حَيْضٍ فَنَسِيَتْهَا] 627 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا شَرِيكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَمِّهِ عِمْرَانَ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أُمِّهِ حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ «أَنَّهَا اسْتُحِيضَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِنِّي اسْتُحِضْتُ حَيْضَةً مُنْكَرَةً شَدِيدَةً قَالَ لَهَا احْتَشِي كُرْسُفًا قَالَتْ لَهُ إِنَّهُ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ إِنِّي أَثُجُّ ثَجًّا قَالَ تَلَجَّمِي وَتَحَيَّضِي فِي كُلِّ شَهْرٍ فِي عِلْمِ اللَّهِ سِتَّةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ اغْتَسِلِي غُسْلًا فَصَلِّي وَصُومِي ثَلَاثَةً وَعِشْرِينَ أَوْ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ وَأَخِّرِي الظُّهْرَ وَقَدِّمِي الْعَصْرَ وَاغْتَسِلِي لَهُمَا غُسْلًا وَأَخِّرِي الْمَغْرِبَ وَعَجِّلِي الْعِشَاءَ وَاغْتَسِلِي لَهُمَا غُسْلًا وَهَذَا أَحَبُّ الْأَمْرَيْنِ إِلَيَّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِنِّي اسْتُحِضْتُ حَيْضَةً) بِفَتْحِ الْحَاءِ بِمَعْنَى الْحَيْضِ وَهُوَ اسْمُ مَصْدَرٍ اسْتُحِضْتُ عَلَى حَدٍّ ثَبَتَ اللَّهُ ثَبَاتًا وَلَا يَضُرُّهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْحَيْضِ وَالِاسْتِحَاضَةِ فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ إِذَا الْكَلَامُ وَارِدٌ عَلَى أَصْلِ اللُّغَةِ قَوْلُهُ (احْتَشِي كُرْسُفًا) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ الْقُطْنُ أَيْ ضَعِيهِ مَوْضِعَ الدَّمِ لَعَلَّهُ يَذْهَبُ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ أَيْ مِنْ أَنْ يَنْقَطِعَ بِالْكُرْسُفِ قَوْلُهُ (أَثُجُّ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ ثُمَّ مُثَلَّثَةٍ مَضْمُومَةٍ ثُمَّ جِيمٍ مُشَدِّدَةٍ مِنَ الثَّجِّ وَهُوَ جَرْيُ الدَّمِ وَالْمَاءِ جَرْيًا شَدِيدًا وَجَاءَ مُتَعَدِّيًا أَيْضًا بِمَعْنَى الصَّبِّ وَعَلَى هَذَا يُقَدَّرُ الْمَفْعُولُ أَيْ أَصُبُّ الدَّمَ وَعَلَى الْأَوَّلِ نِسْبَةُ الْجَرْيِ إِلَى نَفْسِهَا لِلْمُبَالَغَةِ كَأَنَّ النَّفْسَ صَارَتْ عَيْنُ الدَّمِ السَّائِلِ (تَلَجَّمِي) أَيِ اجْعَلِي ثَوْبًا كَاللِّجَامِ لِلْفَرَسِ أَيِ ارْبِطِي مَوْضِعَ الدَّمِ بِالثَّوْبِ (وَتَحِيضِي) أَيْ عِدِّي نَفْسَكِ حَائِضًا أَوِ افْعَلِي مَا تَفْعَلُهُ الْحَائِضُ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَيْ هُوَ حُكْمُكِ فِي دِينِهِ وَشَرَعِهِ أَوْ حَقِيقَةُ أَمْرِكِ فِي عِلْمِهِ تَعَالَى وَقَالَ لَهَا كَذَلِكَ لِأَنَّهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا أَيَّامٌ مَعْرُوفَةٌ وَلَا هِيَ مِمَّنْ تَعْرِفُ الْحَيْضَ بِإِقْبَالِ الدَّمِ وَإِدْبَارِهِ كَذَا قَرَّرَهُ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَوْلُهُ (سِتَّةُ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةُ أَيَّامٍ) أَوْ لِلتَّخْيِيرِ خَصَّ الْعَدَدَ إِنَّ لَهَا الْغَالِبَ عَلَى أَيَّامِ النِّسَاءِ وَقِيلَ لِلشَّكِّ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ (وَأَخِّرِي الظُّهْرَ) أَيْ أَوْ أَخِّرِي الظُّهْرَ فَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَالْمُرَادُ إِنَّهَا إِنْ أَمْكَنَ لَهَا رَجْعُ الْحَيْضِ إِلَى أَيَّامٍ بِعَيْنِهَا بِأَدْنَى عَلَامَةٍ فَذَاكَ جَائِزٌ لَهَا فَلِتَحْتَسِبْ تَلِكَ الْأَيَّامِ أَيَّامَ حَيْضٍ وَالْبَاقِي أَيَّامَ طُهْرٍ وَإِلَّا فَلْتَجْمَعْ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِغُسْلٍ عَلَى الدَّوَامِ وَبِغُسْلٍ أَحَبُّ وَأَوْلَى.

[باب في ما جاء في دم الحيض يصيب الثوب]

[بَاب فِي مَا جَاءَ فِي دَمِ الْحَيْضِ يُصِيبُ الثَّوْبَ] 628 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ ثَابِتِ بْنِ هُرْمُزَ أَبِي الْمِقْدَامِ عَنْ عَدِيِّ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ قَالَتْ «سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ دَمِ الْحَيْضِ يُصِيبُ الثَّوْبَ قَالَ اغْسِلِيهِ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ وَحُكِّيهِ وَلَوْ بِضِلَعٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَحُكِّيهِ وَلَوْ بِضِلَعٍ) بِكَسْرِ مُعْجَمَةٍ وَفَتْحِ لَامٍ أَيْ بِعُودٍ وَفِي الْأَصْلِ وَاحِدُ أَضْلَاعِ الْحَيَوَانِ أُرِيدَ بِهِ الْعُودُ الْمُشَبَّهُ بِهِ وَقَدْ تُسَكَّنُ اللَّامُ تَخْفِيفًا قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَإِنَّمَا أَمَرَ بِحَكِّهِ لِيَنْقَلِعَ الْمُتَجَسِّدُ مِنْهُ اللَّاصِقُ بِالثَّوْبِ ثُمَّ يَتْبَعُهُ الْمَاءُ لِيُزِيلَ الْأَثَرَ وَزِيَادَةُ السِّدْرِ لِلْمُبَالَغَةِ وَإِلَّا فَالْمَاءُ يَكْفِي وَذَكَرَ الْمَاءَ لِأَنَّهُ الْمُتَعَيِّنُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ غَيْرَهُ مِنَ الْمَائِعَاتِ لَا يُجْزِئُ وَلَوْ كَانَ لِبَيَانِ اللَّازِمِ لَوَجَبَ السِّدْرُ أَيْضًا وَلَا قَائِلَ بِهِ.

629 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَتْ «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ دَمِ الْحَيْضِ يَكُونُ فِي الثَّوْبِ قَالَ اقْرُصِيهِ وَاغْسِلِيهِ وَصَلِّي فِيهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (اقْرُصِيهِ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَإِهْمَالِ الصَّادِ مِنَ الْقَرْصِ وَهُوَ أَنْ تَقْبِضَ بِأُصْبُعَيْنِ عَلَى الشَّيْءِ ثُمَّ تَغْمِزُ غَمْزًا جَيِّدًا.

630 - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ إِنْ كَانَتْ إِحْدَانَا لَتَحِيضُ ثُمَّ تَقْرُصُ الدَّمَ مِنْ ثَوْبِهَا عِنْدَ طُهْرِهَا فَتَغْسِلُهُ وَتَنْضَحُ عَلَى سَائِرِهِ ثُمَّ تُصَلِّي فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَتَنْضَحُ عَلَى سَائِرِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ مَشْكُوكٌ وَتَطْهِيرُ الْمَشْكُوكِ النَّضْحُ كَمَا يَقُولُ بِهِ مَالِكٌ أَوِ النَّضْحُ عَلَيْهِ لِيَلِينَ وَيَصِيرَ الْكُلُّ عَلَى لَوْنٍ وَاحِدٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في الحائض لا تقضي الصلاة]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْحَائِضِ لَا تَقْضِي الصَّلَاةَ] 631 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْهَا أَتَقْضِي الْحَائِضُ الصَّلَاةَ قَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ قَدْ كُنَّا نَحِيضُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ نَطْهُرُ وَلَمْ يَأْمُرْنَا بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَحَرُورِيَّةٌ) بِفَتْحِ حَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَضَمِّ أُولَى الرَّاءَيْنِ أَيْ أَخَارِجِيَّةٌ أَنْتِ وَالْحَرُورِيَّةُ طَائِفَةٌ مِنَ الْخَوَارِجِ نُسِبُوا إِلَى حَرُورَاءَ بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ وَهُوَ مَوْضِعٌ قَرِيبٌ مِنَ الْكُوفَةِ وَكَانَ عِنْدَهُمْ تَشَدُّدٌ فِي أَمْرِ الْحَيْضِ شَبَّهَتْهَا بِهِمْ فِي تَشَدُّدِهِمْ فِي أَمْرِهِمْ وَكَثْرَةِ مَسَائِلِهِمْ وَتَفَنُّنِهِمْ بِهَا وَقِيلَ أَرَادَتْ أَنَّهَا خَرَجَتْ عَنِ السُّنَّةِ كَمَا خَرَجُوا عَنْهَا.

[باب الحائض تتناول الشيء من المسجد]

[بَاب الْحَائِضِ تَتَنَاوَلُ الشَّيْءَ مِنْ الْمَسْجِدِ] 632 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ الْبَهِيِّ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاوِلِينِي الْخُمْرَةَ مِنْ الْمَسْجِدِ فَقُلْتُ إِنِّي حَائِضٌ فَقَالَ لَيْسَتْ حَيْضَتُكِ فِي يَدِكِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (نَاوِلِينِي الْخُمْرَةَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ سَجَّادَةٌ مِنْ حَصِيرٍ وَنَحْوِهِ قَوْلُهُ (مِنَ الْمَسْجِدِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِنَاوِلِينِي وَعَلَى هَذَا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَأَمَرَهَا أَنْ تُخْرِجَهَا لَهُ مِنَ الْمَسْجِدِ بِأَنْ كَانَتِ الْخُمْرَةُ قَرِيبَةً إِلَى بَابِ عَائِشَةَ تَصِلُ إِلَيْهَا الْيَدُ مِنَ الْحُجْرَةِ وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِتَرْجَمَةِ الْمُصَنِّفِ وَأَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ إِنَّهُ قَالَ ذَلِكَ لَهَا مِنَ الْمَسْجِدِ لِتُنَاوِلَهُ وَأَنَّهَا مِنْ خَارِجِ الْمَسْجِدِ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ مُعْتَكِفًا وَكَانَتْ عَائِشَةُ فِي حُجْرَتِهَا قُلْتُ فَكَلِمَةُ مِنْ مُتَعَلِّقَةٌ بِقَالَ وَلَا يَخْفَى بُعْدُهُ وَالْحَامِلُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ جَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلُ هَذِهِ الْوَاقِعَةِ وَفِيهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ فِي الْمَسْجِدِ فَحَمَلَ الْقَاضِي الْحَدِيثَيْنِ عَلَى اتِّحَادِ الْوَاقِعَةِ وَهُوَ غَيْرُ لَازِمٍ بَلِ التَّعَدُّدُ هُوَ الظَّاهِرُ كَمَا قَرَّرْنَاهُ فِي حَاشِيَةِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ قَوْلُهُ (لَيْسَتْ حِيضَتُكِ) قِيلَ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَالْمَعْنَى لَيْسَتْ نَجَاسَةُ الْمَحِيضِ وَأَذَاهُ فِي يَدِكِ وَهُوَ بِكَسْرِ الْحَاءِ اسْمٌ لِلْحَالَةِ كَالْجِلْسَةِ وَالْمُرَادُ الْحَالَةُ الَّتِي تَلْزَمُهَا الْحَائِضُ مِنَ التَّجَنُّبِ وَنَحْوِهِ وَالْفَتْحُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِلْمَرَّةِ أَيِ الدَّوْرَةُ الْوَاحِدَةُ مِنْهُ وَرَدَ أَنَّ الْمُرَادَ الدَّمُ وَهُوَ بِالْفَتْحِ بِلَا شَكٍّ.

633 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدْنِي رَأْسَهُ إِلَيَّ وَأَنَا حَائِضٌ وَهُوَ مُجَاوِرٌ تَعْنِي مُعْتَكِفًا فَأَغْسِلُهُ وَأُرَجِّلُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يُدْنِي) مِنَ الْإِدْنَاءِ مُجَاوِرٌ أَيْ مُعْتَكِفٌ وَأَرْجَلَهُ مِنَ التَّرْجِيلِ بِمَعْنَى تَسْرِيحِ الشَّعْرِ.

634 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ صَفِيَّةَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «لَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضَعُ رَأْسَهُ فِي حِجْرِي وَأَنَا حَائِضٌ وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فِي حِجْرِي) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِهَا وَسُكُونِ الْجِيمِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما للرجل من امرأته إذا كانت حائضا]

[بَاب مَا لِلرَّجُلِ مِنْ امْرَأَتِهِ إِذَا كَانَتْ حَائِضًا] 635 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَرَّاحِ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ الشَّيْبَانِيِّ جَمِيعًا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَتْ إِحْدَانَا إِذَا كَانَتْ حَائِضًا أَمَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَأْتَزِرَ فِي فَوْرِ حَيْضَتِهَا ثُمَّ يُبَاشِرُهَا وَأَيُّكُمْ يَمْلِكُ إِرْبَهُ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْلِكُ إِرْبَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (كَانَتْ إِحْدَانَا) أَيْ إِحْدَى

أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ تَأْتَزِرَ أَيْ بِأَنْ تَأْتَزِرَ قَالُوا هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَأَمَّا تَتَّزِرُ بِتَشْدِيدِ التَّاءِ فَخَطَأٌ قَوْلُهُ (فَوْرَ حَيْضَتِهَا) هُوَ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الْوَاوِ أَيْ مُعْظَمُهُ مُتَعَلِّقٌ بِأَمَرَ إِمَّا لِبَيَانِ أَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِالِاتِّزَارِ فِي غَيْرِ الْفَوْرِ أَوْ لِبَيَانِ أَنَّهُ كَانَ يُبَاشِرُ فِي فَوْرِ الدَّمِ أَيْضًا مَا فَوْقَ الْإِزَارِ فَكَيْفَ بِغَيْرِهِ وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ أَنَّهُ يُبَاشِرُ فِي غَيْرِ الْفَوْرِ بِلَا إِزَارٍ وَإِلَى الْأَوَّلِ يُشِيرُ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا أَرَادَ مِنَ الْحَائِضِ شَيْئًا أَلْقَى عَلَى فَرْجِهَا ثَوْبًا» فَلْيُتَأَمَّلْ قَوْلُهُ (يُبَاشِرُهَا) أَيْ فَوْقَ الْإِزَارِ بِوَجْهٍ آخَرَ غَيْرَ الْجِمَاعِ إِذْ لَا يَجِيءُ الْجِمَاعُ بِإِزَارٍ قَوْلُهُ (وَأَيُّكُمْ يَمْلِكُ إِرَبَهُ إِلَخْ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ أَوْ فَتْحَتَيْنِ بِمَعْنَى الْحَاجَةِ أَيْ إِنَّهُ كَانَ غَالِبًا لِهَوَاهُ أَوْ شَهْوَتِهِ وَفَسَّرَ بَعْضُهُمْ عَلَى الْأَوَّلِ بِالْعُضْوِ وَأَنَّهُ كِنَايَةٌ عَنِ الذَّكَرِ وَنُوقِشَ بِأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ سُنَنِ الْأَدَبِ.

636 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَتْ إِحْدَانَا إِذَا حَاضَتْ أَمَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَأْتَزِرَ بِإِزَارٍ ثُمَّ يُبَاشِرُهَا»

637 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ «كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لِحَافِهِ فَوَجَدْتُ مَا تَجِدُ النِّسَاءُ مِنْ الْحَيْضَةِ فَانْسَلَلْتُ مِنْ اللِّحَافِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَفِسْتِ قُلْتُ وَجَدْتُ مَا تَجِدُ النِّسَاءُ مِنْ الْحَيْضَةِ قَالَ ذَلِكِ مَا كَتَبَ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ قَالَتْ فَانْسَلَلْتُ فَأَصْلَحْتُ مِنْ شَأْنِي ثُمَّ رَجَعْتُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعَالَيْ فَادْخُلِي مَعِي فِي اللِّحَافِ قَالَتْ فَدَخَلْتُ مَعَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَانْسَلَلْتُ) أَيْ خَرَجْتُ بَيَانٌ وَتَدْرِيجٌ تَقَذَّرَتْ نَفْسُهَا أَنْ تُصَاحِبَهُ وَهِيَ كَذَلِكَ أَوْ خَشِيَتْ أَنْ يُصِيبَهُ شَيْءٌ مِنْ دَمِهَا وَأَنْ يَطْلُبَ مِنْهَا اسْتِمْتَاعًا قَوْلُهُ (أَنَفِسْتِ) بِفَتْحِ نُونٍ وَكَسْرِ فَاءٍ أَيْ حِضْتِ وَفِي الْوِلَادَةِ بِضَمِّ النُّونِ وَجَوَّزَ بَعْضُهُمُ الضَّمَّ فِيهِمَا وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ «ذَلِكَ مَا كَتَبَ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ» وَأَصْلُ الْحَدِيثِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا إِلَّا أَنَّ فِي رِوَايَةِ الْمُصَنِّفِ زِيَادَةَ «ذَلِكَ مَا كَتَبَ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ

آدَمَ» .

638 - حَدَّثَنَا الْخَلِيلُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا ابْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُدَيْجٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «سَأَلْتُهَا كَيْفَ كُنْتِ تَصْنَعِينَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَيْضَةِ قَالَتْ كَانَتْ إِحْدَانَا فِي فَوْرِهَا أَوَّلَ مَا تَحِيضُ تَشُدُّ عَلَيْهَا إِزَارًا إِلَى أَنْصَافِ فَخِذَيْهَا ثُمَّ تَضْطَجِعُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِلَى أَنْصَافِ فَخْذَيْهَا) فِيهِ أَنَّ وُصُولَ الْإِزَارِ إِلَى الرُّكْبَتَيْنِ غَيْرُ لَازِمٍ وَقَدْ جَاءَ مِثْلُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا فِي النَّسَائِيِّ وَغَيْرِهِ فَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ مَعْنًى وَإِنْ بُحِثَ فِي الزَّوَائِدِ هَذَا الْإِسْنَادُ بَانَ فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَهُوَ يُدَلِّسُ وَقَدْ رَوَاهُ بِالْعَنْعَنَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُصُولِ الْإِزَارِ إِلَى الرُّكْبَتَيْنِ.

[باب النهي عن إتيان الحائض]

[بَاب النَّهْيِ عَنْ إِتْيَانِ الْحَائِضِ] 639 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ حَكِيمٍ الْأَثْرَمِ عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَتَى حَائِضًا أَوْ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا أَوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَنْ أَتَى حَائِضًا) الْمُرَادُ بِالْإِتْيَانِ هَاهُنَا الْمُجَامَعَةُ أَيْ دَخَلَ بِهَا فِي قُبُلِهَا أَوِ امْرَأَةً حَائِضًا كَانَتْ أَوْ غَيْرِهَا فِي دُبُرِهَا (أَوْ كَاهِنًا) لَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى حَائِضًا فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ أَتَى بِمَعْنَى جَامَعَ وَجَعَلَ الْجُمْلَةَ عَطْفًا عَلَى الْجُمْلَةِ وَمَنْ جَوَّزَ اسْتِعْمَالَ الْمُشْتَرَكِ فِي مَعْنَيَيْهِ يَجُوزُ عِنْدَهُ عَطْفُ الْمُفْرَدِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِتْيَانِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ مَعْنًى وَبِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَعْطُوفِ مَعْنًى آخَرُ فَقَدْ كَفَرَ قِيلَ هَذَا إِذَا كَانَ مُسْتَحِلًّا لِذَلِكَ وَقِيلَ بَلْ هُوَ تَغْلِيظٌ وَتَشْدِيدٌ أَيْ عَمِلَ مُعَامَلَةَ مَنْ كَفَرَ قَالَ التِّرْمِذِيُّ لَا نَعْرِفُ هَذَا الْحَدِيثَ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ حَكِيمٍ الْأَثْرَمِ عَنْ أَبِي تَمِيمِيَّةَ الْعَجَمِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَإِنَّمَا مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى التَّغْلِيظِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ أَتَى حَائِضًا فَلْيَتَصَدَّقْ بِدِينَارٍ» فَلَوْ كَانَ إِتْيَانُ الْحَائِضِ كُفْرًا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِالْكَفَّارَةِ وَضَعَّفَ أَحْمَدُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ قِبَلِ إِسْنَادِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب في كفارة من أتى حائضا]

[بَاب فِي كَفَّارَةِ مَنْ أَتَى حَائِضًا] 640 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الَّذِي يَأْتِي امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ قَالَ يَتَصَدَّقُ بِدِينَارٍ أَوْ بِنِصْفِ دِينَارٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (بِنِصْفِ دِينَارٍ) وَفِي الزَّوَائِدِ الثَّانِيَةِ بِدِينَارٍ أَوْ نِصْفِ دِينَارٍ - قِيلَ التَّخْيِيرُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ لَكِنْ هَذَا لَوْ لَمْ تَكُنْ لِلتَّقْسِيمِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ صُورَةَ التَّرْدِيدِ جَاءَتْ عَلَى حَسَبِ الْإِتْيَانِ فِي أَوَّلِ الدَّمِ أَوْ آخِرِهِ نَعَمْ قَدْ جَاءَ الْحَدِيثُ بِنَوْعِ اضْطِرَابٍ فِي التَّقْدِيرِ وَكَأَنَّهُ

لِذَلِكَ قَالَ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِنَّهُ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالْقَوْلُ الْجَدِيدُ لِلشَّافِعِيِّ وَالْحَدِيثُ ضَعِيفٌ بِاتِّفَاقِ الْحُفَّاظِ اهـ. قُلْتُ: قَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَسَكَتَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُضَعِّفْهُ التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ بِلَا تَضْعِيفٍ فَدَعْوَى الِاتِّفَاقِ فِي مَحَلِّ النَّظَرِ وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا أَنَّ الْكَفَّارَةَ مُسْتَحَبَّةٌ وَهُوَ أَقْرَبُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب في الحائض كيف تغتسل]

[بَاب فِي الْحَائِضِ كَيْفَ تَغْتَسِلُ] 641 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا وَكَانَتْ حَائِضًا انْقُضِي شَعْرَكِ وَاغْتَسِلِي قَالَ عَلِيٌّ فِي حَدِيثِهِ انْقُضِي رَأْسَكِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (قَالَ لَهَا) أَيْ عِنْدَ إِحْرَامِ الْحَجِّ (وَكَانَتْ حَائِضًا) أَيْ بَاقِيَةً عَلَى حَيْضِهَا (انْقُضِي شَعْرَكِ) لِلتَّسْرِيحِ وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّ الْحَدِيثَ لَيْسَ فِي الِاغْتِسَالِ مِنَ الْحَيْضِ فَلَا وَجْهَ لِذِكْرِهِ هَاهُنَا إِلَّا أَنْ يُقَالَ يُفْهَمُ حُكْمُ الِاغْتِسَالِ مِنَ الْحَيْضِ بِالدَّلَالَةِ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ وَجْهُ إِدْرَاجِ صَاحِبِ الصَّحِيحِ هَذَا الْحَدِيثَ فِي هَذَا الْبَابِ وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ اهـ قُلْتُ لَيْسَ الْحَدِيثُ مِنَ الزَّوَائِدِ بَلْ هُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا.

642 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ قَالَ سَمِعْتُ صَفِيَّةَ تُحَدِّثُ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ أَسْمَاءَ سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْغُسْلِ مِنْ الْمَحِيضِ فَقَالَ تَأْخُذُ إِحْدَاكُنَّ مَاءَهَا وَسِدْرَهَا فَتَطْهُرُ فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ أَوْ تَبْلُغُ فِي الطُّهُورِ ثُمَّ تَصُبُّ عَلَى رَأْسِهَا فَتَدْلُكُهُ دَلْكًا شَدِيدًا حَتَّى تَبْلُغَ شُؤُونَ رَأْسِهَا ثُمَّ تَصُبُّ عَلَيْهَا الْمَاءَ ثُمَّ تَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَطْهُرُ بِهَا قَالَتْ أَسْمَاءُ كَيْفَ أَتَطَهَّرُ بِهَا قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ تَطَهَّرِي بِهَا قَالَتْ عَائِشَةُ كَأَنَّهَا تُخْفِي ذَلِكَ تَتَبَّعِي بِهَا أَثَرَ الدَّمِ قَالَتْ وَسَأَلَتْهُ عَنْ الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ فَقَالَ تَأْخُذُ إِحْدَاكُنَّ مَاءَهَا فَتَطْهُرُ فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ أَوْ تَبْلُغُ فِي الطُّهُورِ حَتَّى تَصُبَّ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهَا فَتَدْلُكُهُ حَتَّى تَبْلُغَ شُؤُونَ رَأْسِهَا ثُمَّ تُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى جَسَدِهَا فَقَالَتْ عَائِشَةُ نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ لَمْ يَمْنَعْهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَنَّ أَسْمَاءَ) لَيْسَتْ هِيَ أُخْتَ عَائِشَةَ وَإِنَّمَا هِيَ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهَا أَسْمَاءُ بِنْتُ شَكَلٍ بِفَتْحَتَيْنِ قَوْلُهُ (مَاءَهَا وَسِدْرَهَا) كَأَنَّهَا سَأَلَتْ عَنِ الْكَيْفِيَّةِ الْمَسْنُونَةِ فَقِيلَ لَهَا تِلْكَ وَإِلَّا فَلَا شَكَّ أَنَّ اسْتِعْمَالَ السِّدْرِ لَيْسَ بِفَرْضٍ وَكَذَا الْوُضُوءُ وَأَخْذُ الْفِرْصَةِ فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِدْلَالُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى افْتِرَاضِ شَيْءٍ قَوْلُهُ (حَتَّى يَبْلُغَ شُئُونَ رَأْسِهَا) بِضَمِّ الشِّينِ وَالْهَمْزَةِ هِيَ عِظَامُهُ وَأُصُولُهُ قَوْلُهُ (فِرْصَةٌ) بِكَسْرِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَصَادٍ مُهْمَلَةٍ أَيْ قِطْعَةٌ مِنْ قُطْنٍ أَوْ صُوفٍ (مُمَسَّكَةٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ ثَانِيهِ ثُمَّ سِينٍ مُشَدَّدَةٍ مَفْتُوحَةٍ أَيْ مَطْلِيَّةٌ بِالْمِسْكِ قَوْلُهُ (سُبْحَانَ اللَّهِ) تَعَجُّبًا مِنْ عَدَمِ فَهْمِهَا الْمَقْصُودَ قَالَتْ عَائِشَةُ أَيْ لِأَسْمَاءَ كَأَنَّهَا أَيْ عَائِشَةُ تُخْفِي مِنَ

الْإِخْفَاءِ ذَلِكَ أَيْ كَلَامَهَا أَيْ قَالَتْ لَهَا كَلَامًا خَفِيفًا تَسْمَعُهُ الْمُخَاطَبَةُ وَلَا يَسْمَعُهُ الْحَاضِرُونَ فَتَتَّبِعِي مِنَ التَّتَبُّعِ بِتَشْدِيدِ الْبَاءِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في مؤاكلة الحائض وسؤرها]

[بَاب مَا جَاءَ فِي مُؤَاكَلَةِ الْحَائِضِ وَسُؤْرِهَا] 643 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كُنْتُ أَتَعَرَّقُ الْعَظْمَ وَأَنَا حَائِضٌ فَيَأْخُذُهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَضَعُ فَمَهُ حَيْثُ كَانَ فَمِي وَأَشْرَبُ مِنْ الْإِنَاءِ فَيَأْخُذُهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَضَعُ فَمَهُ حَيْثُ كَانَ فَمِي وَأَنَا حَائِضٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَتَعْرِقُ) يُقَالُ تَعَرَّقَ الْعَظْمَ وَاعْتَرَقَهُ وَعَرَقَهُ أَيْ أَخَذَ اللَّحْمَ بِأَسْنَانِهِ (فَيَضَعُ فَمَهُ حَيْثُ كَانَ فَمِي) إِظْهَارًا لِلْمَوَدَّةِ وَبَيَانًا لِلْجَوَازِ وَفِيهِ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ اللُّطْفِ بِأَهْلِ بَيْتِهِ. قَوْلُهُ (مُؤَاكَلَةُ الْحَائِضِ) أَيِ الْأَكْلُ مَعَهَا.

644 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا لَا يَجْلِسُونَ مَعَ الْحَائِضِ فِي بَيْتٍ وَلَا يَأْكُلُونَ وَلَا يَشْرَبُونَ قَالَ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222] فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا الْجِمَاعَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا الْجِمَاعَ) تَفْسِيْرٌ لِلْآيَةِ وَبَيَانٌ أَنَّ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالِاعْتِزَالِ مُطْلَقُ الْمُجَانَبَةِ بَلْ مُجَانَبَةٌ مَخْصُوصَةٌ وَأَخَذَ بِظَاهِرِهِ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فَجَوَّزُوا الْمُبَاشَرَةَ بِلَا إِزَارٍ وَحَمَلُوا فِعْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمَنْدُوبِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الْإِزَارِ وَرَجَّحَ النَّوَوِيُّ الْأَوَّلَ دَلِيلًا نَعَمِ الثَّانِي أَحْوَطُ وَأَوْلَى كَمَا لَا يَخْفَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب في ما جاء في اجتناب الحائض المسجد]

[بَاب فِي مَا جَاءَ فِي اجْتِنَابِ الْحَائِضِ الْمَسْجِدَ] 645 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي غَنِيَّةَ عَنْ أَبِي الْخَطَّابِ الْهَجَرِيِّ عَنْ مَحْدُوجٍ الذُّهْلِيِّ عَنْ جَسْرَةَ قَالَتْ أَخْبَرَتْنِي أُمُّ سَلَمَةَ قَالَتْ «دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَرْحَةَ هَذَا الْمَسْجِدِ فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ إِنَّ الْمَسْجِدَ لَا يَحِلُّ لِجُنُبٍ وَلَا لِحَائِضٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (صَرْحَةُ هَذَا الْمَسْجِدِ) الصَّرْحَةُ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فِي الصِّحَاحِ الصَّرْحَةُ الْمَتْنُ مِنَ الْأَرْضِ وَصَرْحَةُ الدَّارِ عَرْصَتُهَا قَوْلُهُ (لَا يَحِلُّ لِجُنُبٍ) أَيْ لَا يَحِلُّ دُخُولُهُ

وَالْمُرُورُ فِيهِ وَأَمَّا إِذَا كَانَ فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدِ وَحَصَلَ لَهُ فِيهِ الْجَنَابَةُ وَالْمُرُورُ فِيهِ ضَرُورِيٌّ وَمَعَ ذَلِكَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُقِيمَ ثُمَّ يَخْرُجُ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ مَجْرُوحٌ لَمْ يُوَثَّقْ وَأَبُو الْخَطَّابِ مَجْهُولٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في الحائض ترى بعد الطهر الصفرة والكدرة]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْحَائِضِ تَرَى بَعْدَ الطُّهْرِ الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ] 646 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ شَيْبَانَ النَّحْوِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ بَكْرٍ أَنَّهَا أُخْبِرَتْ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَرْأَةِ تَرَى مَا يَرِيبُهَا بَعْدَ الطُّهْرِ قَالَ إِنَّمَا هِيَ عِرْقٌ أَوْ عُرُوقٌ» قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى يُرِيدُ بَعْدَ الطُّهْرِ بَعْدَ الْغُسْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (تَرَى مَا يَرِيبُهَا) بِفَتْحِ حَرْفِ الْمُضَارِعَةِ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا أَيْ تَرَى مَا يُوقِعُهَا فِي الشَّكِّ وَالِاضْطِرَابِ قَوْلُهُ (بَعْدِ الطُّهْرِ) أَيْ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْحَيْضِ وَقِيلَ بَعْدَ أَنْ رَأَتِ الطُّهْرَ وَقِيلَ بَعْدَ أَنِ اغْتَسَلَتْ (إِنَّمَا هِيَ عِرْقٌ) أَيِ اسْتِحَاضَةٌ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

647 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ لَمْ نَكُنْ نَرَى الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ شَيْئًا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ كُنَّا لَا نَعُدُّ الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ شَيْئًا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وُهَيْبٌ أَوْلَاهُمَا عِنْدَنَا بِهَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَمْ تَكُنْ تَرَى الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ إِلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُمَا لَيْسَا مِنَ الْحَيْضِ أَصْلًا وَإِلَيْهِ يَمِيلُ كَلَامُ النَّسَائِيِّ فِي التَّرْجَمَةِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلْحَدِيثِ فَإِنَّهُ دَمٌ أَسْوَدُ يُعْرَفُ لَكِنَّ الْجُمْهُورَ حَمَلُوهُ عَلَى مَا إِذَا رَأَتْ ذَلِكَ بَعْدَ الطُّهْرِ كَمَا فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّرْجَمَةِ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْبُخَارِيُّ فِي التَّرْجَمَةِ حَيْثُ قَالَ بَابُ الصُّفْرَةِ وَالْكُدْرَةِ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْحَيْضِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِنَّهُمَا حَيْضٌ مُطْلَقًا وَهَذَا مُشْكِلٌ جِدًّا.

[باب النفساء كم تجلس]

[بَاب النُّفَسَاءِ كَمْ تَجْلِسُ] 648 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ أَبِي سَهْلٍ عَنْ مُسَّةَ الْأَزْدِيَّةِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ «كَانَتْ النُّفَسَاءُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَجْلِسُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَكُنَّا نَطْلِي وُجُوهَنَا بِالْوَرْسِ مِنْ الْكَلَفِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (تَجْلِسُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا) أَيْ تَجْلِسُ فِي نِفَاسِهَا وَالْمُرَادُ بَعْضُ النُّفَسَاءِ أَوْ قَدْ تَجْلِسُ وَإِلَّا فَاتِّفَاقُ كُلِّ النِّسَاءِ عَلَى عَادَةٍ فِي النِّفَاسِ بَعِيدٌ وَيُؤَيِّدُهُ الرِّوَايَةُ الْآتِيَةُ بِالْوَرْسِ قِيلَ هُوَ نَبْتٌ يُزْرَعُ بِالْيَمَنِ وَلَا يَكُونُ بِغَيْرِهِ

مِنَ الْكَلَفِ بِفَتْحَتَيْنِ شَيْءٌ أَسْوَدٌ يَعْلُو الْوَجْهَ.

649 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ عَنْ سَلَّامِ بْنِ سُلَيْمٍ أَوْ سَلْمٍ شَكَّ أَبُو الْحَسَنِ وَأَظُنُّهُ هُوَ أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لِلنُّفَسَاءِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا إِلَّا أَنْ تَرَى الطُّهْرَ قَبْلَ ذَلِكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَّتَ لِلنُّفَسَاءِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا) هَكَذَا فِي النُّسَخِ وَعَلَى هَذَا وَقَّتَ مَاضٍ مِنَ التَّوْقِيتِ أَيْ عَيَّنَ لَهَا وَحَدَّدَ وَفِي بَعْضِ الْأُصُولِ الْمُعْتَمَدَةِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَقَّتَ النُّفَسَاءَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا» وَضَبَطَ فِيهِ وَقْتَ النُّفَسَاءِ بِإِضَافَةِ الْوَقْتِ بِمَعْنَى الزَّمَانِ إِلَى النُّفَسَاءِ وَالظَّاهِرُ حِينَئِذٍ أَرْبَعُونَ إِلَّا أَنْ يُقَدَّرَ بِكَوْنِ أَرْبَعِينَ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ حَدِيثِ أَنَسٍ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب من وقع على امرأته وهي حائض]

[بَاب مَنْ وَقَعَ عَلَى امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ] 650 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَرَّاحِ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كَانَ الرَّجُلُ إِذَا وَقَعَ عَلَى امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ أَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِنِصْفِ دِينَارٍ» [بَاب فِي مُؤَاكَلَةِ الْحَائِضِ] 651 - حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ حَرَامِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ «سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مُؤَاكَلَةِ الْحَائِضِ فَقَالَ وَاكِلْهَا»

[باب الصلاة في ثوب الحائض]

[بَاب الصَّلَاةِ فِي ثَوْبِ الْحَائِضِ] 652 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَأَنَا إِلَى جَنْبِهِ وَأَنَا حَائِضٌ وَعَلَيَّ مِرْطٌ لِي وَعَلَيْهِ بَعْضُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَعَلَيَّ مِرْطٍ لِي) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ كِسَاءٌ مِنْ صُوفٍ أَوْ خَزٍّ كَانُوا يَتَّزِرُونَ بِهَا وَيَكُونُ إِزَارًا وَرِدَاءً. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

653 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ مَيْمُونَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى وَعَلَيْهِ مِرْطٌ بَعْضُهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهَا بَعْضُهُ وَهِيَ حَائِضٌ»

[باب إذا حاضت الجارية لم تصل إلا بخمار]

[بَاب إِذَا حَاضَتْ الْجَارِيَةُ لَمْ تُصَلِّ إِلَّا بِخِمَارٍ] 654 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا فَاخْتَبَأَتْ مَوْلَاةٌ لَهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاضَتْ فَقَالَتْ نَعَمْ فَشَقَّ لَهَا مِنْ عِمَامَتِهِ فَقَالَ اخْتَمِرِي بِهَذَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَاخْتَبَأَتْ مَوْلَاةٌ لَهَا) أَيْ لِأَنَّ الْمُولَاةَ حَاضَتْ فَاسْتَتَرَتْ حِينَ دَخَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَفَهِمَ بِذَلِكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهَا

حَاضَتْ فَسَأَلَتْ عَائِشَةَ فَقَالَ لَهَا اخْتَمِرِي بِهَذَا أَيْ غَطِّي رَأْسَكِ بِهِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ الْكَرِيمِ وَهُوَ ابْنُ الْمُخَارِقِ ضَعَّفَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ بَلْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مُجْمَعٌ عَلَى ضَعْفِهِ.

655 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ وَأَبُو النُّعْمَانِ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ الْحَارِثِ عَنْ عَائِشَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إِلَّا بِخِمَارٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ) الْمُرَادُ بِالْحَائِضِ الْبَالِغَةُ مِنَ الْحَيْضِ الَّذِي جَرَى عَلَيْهَا الْقَلَمُ وَلَمْ يُرِدِ الَّتِي فِي أَيَّامِ حَيْضِهَا لِأَنَّ الْحَائِضَ لَا صَلَاةَ عَلَيْهَا وَلَوْ صَلَّتْ لَا تُقْبَلُ مِنْهَا لَا بِخِمَارٍ وَلَا دُونَهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب الحائض تختضب]

[بَاب الْحَائِضِ تَخْتَضِبُ] 656 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُعَاذَةَ «أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْ عَائِشَةَ قَالَتْ تَخْتَضِبُ الْحَائِضُ فَقَالَتْ قَدْ كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نَخْتَضِبُ فَلَمْ يَكُنْ يَنْهَانَا عَنْهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (تَخْتَضِبُ الْحَائِضُ) بِتَقْدِيرِ حَرْفِ الِاسْتِفْهَامِ أَيْ تَسْتَعْمِلُ الْخِضَابَ وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا الْإِسْنَادُ صَحِيحٌ وَحَجَّاجٌ هُوَ ابْنُ مِنْهَالٍ وَأَيُّوبُ هُوَ السِّخْتِيَانِيُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب المسح على الجبائر]

[بَاب الْمَسْحِ عَلَى الْجَبَائِرِ] 657 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ الْبَلْخِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ «انْكَسَرَتْ إِحْدَى زَنْدَيَّ فَسَأَلْتُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَنِي أَنْ أَمْسَحَ عَلَى الْجَبَائِرِ» قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ سَلَمَةَ أَنْبَأَنَا الدَّبَرِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (انْكَسَرَتْ إِحْدَى زَنْدَيْ) فِي الصَّحَاحِ الزَّنْدُ مَوْصِلُ أَطْرَافِ الذِّرَاعِ فِي الْكَفِّ وَفِي الْمُغْرِبِ صَوَابُهُ انْكَسَرَ أَحَدُ زَنْدَيْ لِأَنَّ الزَّنْدَ مُذَكَّرٌ، الزَّنْدَانِ عَظْمَا السَّاعِدِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عُمَرُ بْنُ خَالِدٍ كَذَّبَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وَقَالَ وَكِيعٌ وَأَبُو زُرْعَةَ يَضَعُ الْحَدِيثَ وَقَالَ الْحَاكِمُ يُرْوَى عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ الْمَوْضُوعَاتُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب اللعاب يصيب الثوب]

[بَاب اللُّعَابِ يُصِيبُ الثَّوْبَ] 658 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَامِلَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَى عَاتِقِهِ وَلُعَابُهُ يَسِيلُ عَلَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَلُعَابُهُ) أَيْ لُعَابُ الْحُسَيْنِ يَسِيلُ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَى ثَوْبِهِ وَلَوْ كَانَ نَجَسًا لَمَا فَعَلَ فَعُلِمَ طَهَارَتُهُ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ ضَمِيرَ عَلَيْهِ يَرْجِعُ إِلَى الْحُسَيْنِ وَعَلَى الثَّانِي فَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب المج في الإناء]

[بَاب الْمَجِّ فِي الْإِنَاءِ] 659 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مِسْعَرٍ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ كَرَامَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ وَائِلٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِدَلْوٍ فَمَضْمَضَ مِنْهُ فَمَجَّ فِيهِ مِسْكًا أَوْ أَطْيَبَ مِنْ الْمِسْكِ وَاسْتَنْثَرَ خَارِجًا مِنْ الدَّلْوِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَمَجَّ فِيهِ) أَيْ رَمَى بِهِ فِي الدَّلْوِ (مِسْكًا) هُوَ الْمَفْعُولُ أَيْ مَجَّ فِيهِ مَاءَ الْمِسْكِ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا أَخَذَهُ فِي فَمِهِ أَوْ حَالٌ مِنَ الْمَفْعُولِ أَيْ مَجَّ مَا فِي فَمِهِ حَالَ كَوْنِهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ عَبْدَ الْجَبَّارِ بْنَ وَائِلٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ شَيْئًا قَالَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ.

660 - حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ «وَكَانَ قَدْ عَقَلَ مَجَّةً مَجَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دَلْوٍ مِنْ بِئْرٍ لَهُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (قَدْ عَقَلَ) أَيْ حَفِظَ مَجَّةً بِفَتْحٍ فَتَشْدِيدٍ مَجَّهَا أَيْ فِي وَجْهِي كَمَا فِي الصَّحِيحِ إِمَّا مُلَاعَبَةً مَعَهُ أَوْ لِيُبَارَكَ عَلَيْهِ بِهَا كَمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ شَأْنِهِ مَعَ أَوْلَادِ الصَّحَابَةِ وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِإِيرَادِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي هَذَا الْبَابِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب النهي أن يرى عورة أخيه]

[بَاب النَّهْيِ أَنْ يَرَى عَوْرَةَ أَخِيهِ] 661 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ عَنْ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَنْظُرْ الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ وَلَا يَنْظُرْ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَا تَنْظُرُ الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ إِلَخْ) قِيلَ خَصَّ الْقِسْمَيْنِ بِالنَّهْيِ لِأَنَّ النَّهْيَ مُسْتَلْزَمُ النَّهْيِ عَنِ الْعَكْسِ بِالْأَوْلَى وَظَنَنْتُ أَنَّهُ خَصَّ الْقِسْمَيْنِ لِأَنَّ الْعَكْسَ جَائِزٌ بِالنِّكَاحِ أَوِ الشِّرَاءِ.

662 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ مَوْلًى لِعَائِشَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «مَا نَظَرْتُ أَوْ مَا رَأَيْتُ فَرْجَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطُّ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ كَانَ أَبُو نُعَيْمٍ يَقُولُ عَنْ مَوْلَاةٍ لِعَائِشَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَوْ مَا رَأَيْتُ إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ وَمَوْلَى عَائِشَةَ أُمِّ سَرْحٍ يُسَرَّحُ وَقَالَ السُّيُوطِيُّ أَقُولُ لَيْسَ هَذَا مُطَّرِدًا فِي سَائِرِ أَزْوَاجِهِ وَلَا كَانَ ذَلِكَ مَمْنُوعًا عَلَيْهِنَّ فَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ سَعِيدٍ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعْدِ بْنِ مَسْعُودٍ وَعُمَارَةَ بْنِ غُرَابٍ الْيَحْصُبِيِّ «أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنِّي لَا أُحِبُّ أَنْ تَرَى امْرَأَتِي عَوْرَتِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّ اللَّهَ جَعَلَهَا لَكَ لِبَاسًا وَجَعَلَكَ لَهَا لِبَاسًا وَأَهْلِي يَرَوْنَ عَوْرَتِي وَأَنَا أَرَى ذَلِكَ» اهـ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ رُؤْيَةُ الْعَوْرَةِ لَا تَسْتَلْزِمُ رُؤْيَةَ الْفَرْجِ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب من اغتسل من الجنابة فبقي من جسده لمعة لم يصبها الماء كيف يصنع]

[بَاب مَنْ اغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ فَبَقِيَ مِنْ جَسَدِهِ لُمْعَةٌ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ كَيْفَ يَصْنَعُ] 663 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَإِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا مُسْتَلِمُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الرَّحَبِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اغْتَسَلَ مِنْ جَنَابَةٍ فَرَأَى لُمْعَةً لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ فَقَالَ بِجُمَّتِهِ فَبَلَّهَا عَلَيْهَا قَالَ إِسْحَقُ فِي حَدِيثِهِ فَعَصَرَ شَعْرَهُ عَلَيْهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَرَأَى لُمْعَةً) بِضَمِّ اللَّامِ قَدْرٌ يَسِيرٌ فَقَالَ بِجُمَّتِهِ بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ هِيَ الشَّعْرُ النَّازِلُ عَلَى الْمَنْكِبَيْنِ فَبَلَّهَا أَيْ عَصَرَ الْجُمَّةَ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى مَا لَمْ يُصِبْهُ الْمَاءُ مِنَ الْجَسَدِ أَوْ قَبْلَ اللُّمْعَةِ أَيْ جَعَلَهَا مَبْلُولَةً عَلَيْهِ أَيْ بِذَلِكَ الْمَاءِ النَّازِلِ مِنَ الْجَمَّةِ عِنْدَ الْعَصْرِ فَغَسَلَ بِمَعْنَى بَلَّ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِ عُلَمَائِنَا الْحَنَفِيَّةِ يَجُوزُ فِي الْغُسْلِ نَقْلُ بِلَّةَ عُضْوٍ إِلَى عُضْوٍ آخَرَ وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِالْمَسْحِ بَلِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ سَأَلَ عَلَيْهَا وَفِي الزَّوَائِدِ أَبُو عَلِيٍّ الرَّحْبِيُّ أَجْمَعُوا عَلَى ضَعْفِهِ.

664 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي اغْتَسَلْتُ مِنْ الْجَنَابَةِ وَصَلَّيْتُ الْفَجْرَ ثُمَّ أَصْبَحْتُ فَرَأَيْتُ قَدْرَ مَوْضِعِ الظُّفْرِ لَمْ يُصِبْهُ الْمَاءُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ كُنْتَ مَسَحْتَ عَلَيْهِ بِيَدِكَ أَجْزَأَكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَوْ كُنْتَ مَسَحْتَ عَلَيْهِ بِيَدِكَ) أَيْ لِيَسْرِيَ بِذَلِكَ الْمَاءُ عَلَيْهِ فَلَيْسَ فِيهِ اكْتِفَاءٌ بِالْمَسْحِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب من توضأ فترك موضعا لم يصبه الماء]

[بَاب مَنْ تَوَضَّأَ فَتَرَكَ مَوْضِعًا لَمْ يُصِبْهُ الْمَاءُ] 665 - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ تَوَضَّأَ وَتَرَكَ مَوْضِعَ الظُّفْرِ لَمْ يُصِبْهُ الْمَاءُ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارْجِعْ فَأَحْسِنْ وُضُوءَكَ»

666 - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ «رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا تَوَضَّأَ فَتَرَكَ مَوْضِعَ الظُّفْرِ عَلَى قَدَمِهِ فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ قَالَ فَرَجَعَ»

[كتاب الصلاة]

[كِتَاب الصَّلَاةِ] [أَبْوَابُ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَاب الصَّلَاةِ أَبْوَابُ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ 667 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ وَأَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَا حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ يُوسُفَ الْأَزْرَقُ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ فَقَالَ صَلِّ مَعَنَا هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ فَلَمَّا زَالَتْ الشَّمْسُ أَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الظُّهْرَ ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْمَغْرِبَ حِينَ غَابَتْ الشَّمْسُ ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْفَجْرَ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ فَلَمَّا كَانَ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي أَمَرَهُ فَأَذَّنَ الظُّهْرَ فَأَبْرَدَ بِهَا وَأَنْعَمَ أَنْ يُبْرِدَ بِهَا ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ أَخَّرَهَا فَوْقَ الَّذِي كَانَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ قَبْلَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ وَصَلَّى الْعِشَاءَ بَعْدَ مَا ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ وَصَلَّى الْفَجْرَ فَأَسْفَرَ بِهَا ثُمَّ قَالَ أَيْنَ السَّائِلُ عَنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ فَقَالَ الرَّجُلُ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَقْتُ صَلَاتِكُمْ بَيْنَ مَا رَأَيْتُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَلَمَّا زَالَتِ الشَّمْسُ) أَيْ مِنَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ (ثُمَّ أَمَرَهُ)

أَيْ فِي أَوَّلِ وَقْتِ الْعَصْرِ (فَأَقَامَ الْعَصْرَ) أَيْ بَعْدَ أَنْ أَذِنَ لَهُ تُرِكَ اخْتِصَارًا أَوِ اعْتِمَادًا عَلَى ذِكْرِهِ فِي الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ (نَقِيَّةٌ) أَيْ صَافِيًا لَوْنُهَا بِحَيْثُ لَمْ يَدْخُلْهَا تَغْيِيرٌ قَوْلُهُ (فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْيَوْمِ الثَّانِي) قِيلَ كَانَ تَامَّةٌ أَيْ فَلَمَّا وُجِدَ أَوْ حَصَلَ وُجُوبٌ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا نَاقِصَةٌ وَاسْمُهَا ضَمِيرُ الزَّمَانِ أَيْ فَلَمَّا كَانَ الزَّمَانُ الْيَوْمَ الثَّانِي أَمَرَهُ أَيْ بِالْإِبْرَادِ فَأَبْرَدَ بِهَا الْإِبْرَادُ هُوَ الدُّخُولُ فِي الْبَرْدِ وَالْبَاءُ لِلتَّعَدِّيَةِ أَيْ إِدْخَالُهَا فِي الْبَرْدِ فَأَنْعَمَ أَيْ بَالَغَ فِي الْإِبْرَادِ فِيهِ اهـ قَوْلُهُ (أَخَّرَهَا فَوْقَ الَّذِي كَانَ) أَيْ أَخَّرَ عَصْرَ الْيَوْمِ الثَّانِي تَأْخِيرًا هُوَ فَوْقَ التَّأْخِيرِ الَّذِي كَانَ وَتَحَقَّقَ ذَلِكَ التَّأْخِيرُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي تَأْخِيرٌ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ لَيْسَ بِالنَّظَرِ إِلَى أَوَّلِ وَقْتِ الْعَصْرِ وَإِنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ إِلَى وَقْتِ الزَّوَالِ اهـ قَوْلُهُ (فَأَسْفَرَ بِهَا) أَيْ أَدْخَلَهَا فِي وَقْتِ إِسْفَارِ الصُّبْحِ أَيِ انْكِشَافِهِ وَإِضَاءَتِهِ فَقَالَ الرَّجُلُ أَنَا أَيْنَ السَّائِلُ أَوِ السَّائِلُ أَنَا، وَهَذَا كِنَايَةٌ عَنْ حُضُورِهِ عِنْدَهُ، وَالتَّقْدِيرُ أَنَا حَاضِرٌ عِنْدَكَ وَبِهِ ظَهَرَ الْمُوَافَقَةُ بَيْنَ السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ بَيْنَ مَا رَأَيْتُمْ بَيْنَ وَقْتِ الشُّرُوعِ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى وَوَقْتِ الْفَرَاغِ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى بَيَانِ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ اهـ.

668 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ الْمِصْرِيُّ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ كَانَ قَاعِدًا عَلَى مَيَاثِرِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي إِمَارَتِهِ عَلَى الْمَدِينَةِ وَمَعَهُ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ فَأَخَّرَ عُمَرُ الْعَصْرَ شَيْئًا فَقَالَ لَهُ عُرْوَةُ أَمَا إِنَّ جِبْرِيلَ نَزَلَ فَصَلَّى إِمَامَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ اعْلَمْ مَا تَقُولُ يَا عُرْوَةُ قَالَ سَمِعْتُ بَشِيرَ بْنَ أَبِي مَسْعُودٍ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا مَسْعُودٍ يَقُولُ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ نَزَلَ جِبْرِيلُ فَأَمَّنِي فَصَلَّيْتُ مَعَهُ ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ يَحْسُبُ بِأَصَابِعِهِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَلَى مَيَاثِرِ عُمَرِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ) هِيَ جَمْعُ مِيثَرَةٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَهِيَ الْفِرَاشُ الْمُحَشَّى فِي إِمَارَتِهِ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ أَيْ حِينَ كَانَ أَمِيرًا أَمَا أَنَّ جِبْرِيلَ أَمَا بِالتَّخْفِيفِ حَرْفُ الِاسْتِفْتَاحِ بِمَنْزِلَةِ أَلَا إِمَامُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَهُوَ حَالٌ لِكَوْنِ إِضَافَتِهِ لَفْظِيَّةً نَظَرًا إِلَى الْمَعْنَى أَوْ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَهُوَ ظَرْفٌ وَالْمَعْنَى يَمِيلُ إِلَى الْأَوَّلِ وَمَقْصُودُ عُرْوَةَ بِذَلِكَ أَنَّ أَمْرَ الْأَوْقَاتِ عَظِيمٌ فَقَدْ نَزَلَ لِتَحْدِيدِهَا جِبْرِيلُ فَعَلَّمَهَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْفِعْلِ فَلَا يَنْبَغِي

التَّقْصِيرُ فِي مِثْلِهِ قَوْلُهُ (اعْلَمْ مَا تَقُولُ) أَمْرٌ مِنَ الْعِلْمِ أَيْ كُنْ حَافِظًا ضَابِطًا لَهُ وَلَا تَقُلْهُ عَنْ غَفْلَةٍ أَوْ مِنَ الْإِعْلَامِ أَيْ بَيِّنْ لِي حَالَهُ وَإِسْنَادُكَ فِيهِ قَوْلُهُ (يَحْسُبُ) بِضَمِّ السِّينِ مِنَ الْحِسَابِ خَمْسُ صَلَوَاتٍ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا مَرَّتَيْنِ تَحْدِيدًا لِأَوَائِلِ الْأَوْقَاتِ وَأَوَاخِرِهَا وَهُوَ بِالنَّصْبِ مَفْعُولُ يَحْسُبُ أَوْ صَلَّيْتُ.

[باب وقت صلاة الفجر]

[بَاب وَقْتِ صَلَاةِ الْفَجْرِ] 669 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كُنَّ نِسَاءُ الْمُؤْمِنَاتِ يُصَلِّينَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الصُّبْحِ ثُمَّ يَرْجِعْنَ إِلَى أَهْلِهِنَّ فَلَا يَعْرِفُهُنَّ أَحَدٌ تَعْنِي مِنْ الْغَلَسِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (كُنَّ نِسَاءُ الْمُؤْمِنَاتِ) هُوَ مِنْ قَبِيلِ {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} [الأنبياء: 3] وَإِضَافَةُ نِسَاءِ الْمُؤْمِنَاتِ لِلتَّبْعِيضِ أَيْ نِسَاءٌ مِنْ جُمْلَةِ الْمُؤْمِنَاتِ أَوْ هِيَ مِنْ إِضَافَةِ الْمَوْصُوفِ إِلَى الصِّفَةِ قَوْلُهُ (فَلَا يَعْرِفُهُنَّ أَحَدٌ) أَيْ حَالَ الِانْصِرَافِ إِلَى الْبَيْتِ مِنَ الْغَلَسِ أَيْ لِأَجْلِ الظُّلْمَةِ اهـ.

670 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ أَسْبَاطِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَالْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78] قَالَ تَشْهَدُهُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: قُرْآنَ الْفَجْرِ 45 أَيْ صَلَاةَ الْفَجْرِ بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى مَفْعُولِ أَقِمْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78] أَوْ عَلَى الْإِغْرَاءِ قَالَهُ الزَّجَّاجُ وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ قُرْآنًا لِأَنَّهُ رُكْنُهَا قَوْلُهُ (تَشْهَدُهُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78] وَكَلِمَةُ كَانَ لِإِفَادَةِ أَنَّهُ كَذَلِكَ فِي تَقْدِيرِهِ أَوْ عِلْمِهِ أَوْ زَائِدَةً أَوْ لِلدَّلَالَةِ عَلَى الِاسْتِمْرَارِ مِثْلِ كَانَ اللَّهُ غَفُورًا وَالْمُصَنِّفُ قَصَدَ بِإِدْرَاجِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّفْسِيرِ الْمَرْفُوعِ أَنَّهُ يَنْبَغِي إِيقَاعُ هَذِهِ الصَّلَاةِ فِي الْغَلَسِ أَوَّلُ مَا يَطْلُعُ النَّهَارُ الشَّرْعِيُّ إِذِ الظَّاهِرُ أَنَّ ذَاكَ هُوَ وَقْتُ نُزُولِ مَلَائِكَةِ النَّهَارِ وَطُلُوعِ مَلَائِكَةِ اللَّيْلِ فَاجْتِمَاعُ الطَّائِفَتَيْنِ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ يَقْتَضِي أَدَاءَهَا فِي مِثْلِ هَذَا الْوَقْتِ وَهَذَا اسْتِنْبَاطٌ دَقِيقٌ.

671 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنَا نَهِيكُ بْنُ يَرِيمَ الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنَا مُغِيثُ بْنُ سُمَيٍّ قَالَ «صَلَّيْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ الصُّبْحَ بِغَلَسٍ فَلَمَّا سَلَّمَ أَقْبَلْتُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ فَقُلْتُ مَا هَذِهِ الصَّلَاةُ قَالَ هَذِهِ صَلَاتُنَا كَانَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَلَمَّا طُعِنَ عُمَرُ أَسْفَرَ بِهَا عُثْمَانُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَلَمَّا طُعِنَ عُمَرُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيْ بِسَبَبِ التَّغْلِيسِ الشَّدِيدِ خَافَ عُثْمَانُ فَأَسْفَرَ بِهَا وَوَافَقَهُ الصَّحَابَةُ عَلَى ذَلِكَ لِلْمَصْلَحَةِ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْأَوْلَى مِنَ التَّغْلِيسِ حِينَ رَأَوُا انْتِفَاءَ تَلِكَ الْمَصْلَحَةِ وَهَذَا الْإِسْفَارُ فِي وَقْتِ عُثْمَانَ هُوَ مَحْمَلُ مَا رَوَى الطَّحَاوِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ مَا اجْتَمَعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى شَيْءٍ مَا اجْتَمَعُوا عَلَى التَّنْوِيرِ فَهَذَا الْإِجْمَاعُ لَا يَدُلُّ عَلَى نَسْخِ التَّغْلِيسِ بَلْ يُؤَكِّدُ وَجُودَهُ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ اهـ.

672 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ سَمِعَ عَاصِمَ بْنَ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ وَجَدُّهُ بَدْرِيٌّ يُخْبِرُ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَصْبِحُوا بِالصُّبْحِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ أَوْ لِأَجْرِكُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَصْبَحُوا بِالصُّبْحِ) أَيْ صَلَّوْهَا عِنْدَ طُلُوعِ الصُّبْحِ يُقَالُ أَصْبَحَ الرَّجُلُ إِذَا دَخَلَ فِي الصُّبْحِ قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةِ أَبِي دَاوُدَ قُلْتُ وَبِهَذَا يُعْرَفُ أَنَّ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ بِلَفْظِ «أَسْفَرُوا بِالْفَجْرِ» مَرْوِيَّةٌ بِالْمَعْنَى وَأَنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ التَّغْلِيسِ بِهَا لَا عَلَى التَّأْخِيرِ إِلَى الْإِسْفَارِ اهـ. قُلْتُ تَعَيَّنَ أَنَّ أَسْفَرُوا مَنْقُولٌ بِالْمَعْنَى مُحْتَاجٌ إِلَى الدَّلِيلِ إِذْ يُمْكِنُ الْعَكْسُ نَعَمْ قَدْ سَقَطَ اسْتِدْلَالُ مَنْ يَقُولُ بِالْإِسْفَارِ بِلَفْظِ أَسْفَرُوا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مِنْ تَصَرُّفِ الرُّوَاةِ وَالْأَصْلُ أَصْبَحُوا كَمَا اسْتَدَلَّ مَنْ يَقُولُ بِالتَّغْلِيسِ بِلَفْظِ أَصْبَحُوا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مِنْ تَصَرُّفِ الرُّوَاةِ إِلَّا أَنْ يُقَالُ الْمُوَافِقُ لِأَدِلَّةِ التَّغْلِيسِ لَفْظُ أَصْبَحُوا وَتِلْكَ أَدِلَّةٌ كَثِيرَةٌ وَلَا دَلِيلَ عَلَى الْإِسْفَارِ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثَ بِلَفْظِ أَسْفَرُوا وَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّعَارُضِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَصْلَ لَفْظُ أَصْبَحُوا الْمُوَافِقُ لِبَاقِي الْأَدِلَّةِ لَا لَفْظُ أَسْفَرُوا الْمُعَارِضُ وَإِنَّمَا جَاءَ لَفْظُ أَسْفَرُوا مِنْ تَصَرُّفِ الرُّوَاةِ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ أَسْفَرُوا هُوَ الظَّاهِرُ لَا أَصْبَحُوا لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ أَصْبَحُوا صَحِيحًا لَكَانَ مُقْتَضَى قَوْلِهِ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ أَنَّهُ بِلَا إِصْبَاحٍ تَجُوزُ الصَّلَاةُ وَفِيهَا أَجْرٌ دُونَ أَجْرٍ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ مَعْنَى أَصْبَحُوا تَيَقَّنُوا بِالْإِصْبَاحِ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى فِيهِ أَدْنَى وَهْمٍ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْوَهْمُ غَيْرَ مُنَافٍ لِلْجَوَازِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إِذَا قَوِيَ الظَّنُّ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ تَجُوزُ الصَّلَاةُ وَيُثَابُ عَلَيْهَا لَكِنَّ التَّأْخِيرَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ وَيَنْكَشِفَ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى وَهْمٌ ضَعِيفٌ فِيهِ أَوْلَى وَأَحْسَنُ فَأَجْرُهُ أَكْثَرُ وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى حُمِلَ الْإِسْفَارُ وَإِنْ صَحَّ تَوْفِيقًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب وقت صلاة الظهر]

[بَاب وَقْتِ صَلَاةِ الظُّهْرِ] 673 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ إِذَا دَحَضَتْ الشَّمْسُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِذَا دَحَضَتْ) بِفَتْحِ دَالٍ وَحَاءٍ مُهْمَلَتَيْنِ وَضَادٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ زَالَتْ.

674 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَوْفِ بْنِ أَبِي جَمِيلَةَ عَنْ سَيَّارِ بْنِ سَلَامَةَ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي صَلَاةَ الْهَجِيرِ الَّتِي تَدْعُونَهَا الظُّهْرَ إِذَا دَحَضَتْ الشَّمْسُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يُصَلِّي صَلَاةَ الْهَجِيرِ) أَيْ صَلَاةَ الظُّهْرِ الَّتِي تَدْعُونَهَا.

675 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ الْعَبْدِيِّ عَنْ خَبَّابٍ قَالَ «شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّ الرَّمْضَاءِ فَلَمْ يُشْكِنَا» قَالَ الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ حَدَّثَنَا الْأَنْصَارِيُّ حَدَّثَنَا عَوْفٌ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (حَرَّ الرَّمْضَاءِ) بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ هِيَ الرَّمْلُ الْحَارُّ بِحَرَارَةِ الشَّمْسِ فَلَمْ يُشْكِنَا مِنْ أَشْكَى إِذَا أَزَالَ شَكْوَاهُ فِي النِّهَايَةِ شَكَوْا إِلَيْهِ حَرَّ الشَّمْسِ وَمَا يُصِيبُ أَقْدَامَهُمْ مِنْهُ إِذَا خَرَجُوا إِلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ وَسَأَلُوهُ تَأْخِيرَهَا قَلِيلًا فَلَمْ يُجِبْهُمْ إِلَى ذَلِكَ وَهَذَا الْحَدِيثُ يَذْكُرُهُ أَهْلُ الْحَدِيثِ فِي مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ لِأَجْلِ قَوْلِ أَبِي إِسْحَاقَ قِيلَ لَهُ فِي تَعْجِيلِهَا أَيْ شَكَوْنَا إِلَيْهِ فِي شَأْنِ التَّعْجِيلِ قَالَ نَعَمْ وَالْفُقَهَاءُ يَذْكُرُونَهُ فِي السُّجُودِ مِنْ شِدَّةٍ فَهُوَ عَلَى ذَلِكَ قُلْتُ وَهَذَا التَّأْوِيلُ بَعِيدٌ وَالثَّابِتُ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْجُدُونَ عَلَى طَرَفِ الثَّوْبِ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ يُحْتَمَلُ أَنَّ هَذَا قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِالْإِبْرَادِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ طَلَبُوا زِيَادَةَ تَأْخِيرِ الظُّهْرِ عَلَى وَقْتِ الْإِبْرَادِ فَلَمْ يُجِبْهُمْ إِلَى ذَلِكَ وَقِيلَ مَعْنَى فَلَمْ يُشْكِنَا أَيْ لَمْ يُحْوِجْنَا إِلَى الشَّكْوَى وَرَخَّصَ لَنَا فِي الْإِبْرَادِ وَعَلَى هَذَا يَظْهَرُ التَّوْفِيقُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَقَالٌ مَالِكٌ الطَّائِيُّ لَا يُعْرَفُ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ فِيهِ لِينٌ وَلَكِنَّ حَدِيثَ خَبَّابٍ أَخْرَجَهُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَسُنَنِ النَّسَائِيِّ اهـ.

676 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ زَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ خِشْفِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ «شَكَوْنَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّ الرَّمْضَاءِ فَلَمْ يُشْكِنَا»

[باب الإبراد بالظهر في شدة الحر]

[بَاب الْإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ] 677 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ) مِنَ الْإِبْرَادِ وَهُوَ الدُّخُولُ فِي الْبَرْدِ، وَالْبَاءُ لِلتَّعَدِّيَةِ، وَالْمُرَادُ صَلَاةُ الظُّهْرِ كَمَا جَاءَ صَرِيحًا فِي الرِّوَايَاتِ وَالْمَعْنَى أَدْخِلُوهَا فِي الْبَرْدِ وَأَخِّرُوهَا عَنْ شِدَّةِ الْحَرِّ فِي أَوَّلِ الزَّوَالِ وَكَانَ حَدُّ التَّأْخِيرِ غَالِبًا أَنْ يَظْهَرَ الْفَيْءُ لِلْجُدُرِ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ أَيْ

فِيهِ مَشَقَّةٌ مِثْلُهُ وَقِيلَ خَرَجَ مَخْرَجَ التَّشْبِيهِ وَالتَّقْرِيبِ أَيْ كَأَنَّهُ نَارُ جَهَنَّمَ فِي الْحَرِّ فَاحْذَرُوهَا وَاجْتَنِبُوا ضَرَّهَا.

678 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالظُّهْرِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ»

679 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْرِدُوا بِالظُّهْرِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ»

680 - حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ بَيَانٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ «كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الظُّهْرِ بِالْهَاجِرَةِ فَقَالَ لَنَا أَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ كُنَّا نُصَلِّي إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ.

681 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْرِدُوا بِالظُّهْرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنِ ابْنِ عُمَرَ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ اهـ. قَوْلُهُ (فَيَذْهَبُ الذَّاهِبُ) أَيْ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ بِقَرِينَةِ السِّيَاقِ بَلْ فَاءُ التَّعْقِيبِ تُغْنِي عَنْ قَرِينَةِ السِّيَاقِ.

[باب وقت صلاة العصر]

[بَاب وَقْتِ صَلَاةِ الْعَصْرِ] 682 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ حَيَّةٌ فَيَذْهَبُ الذَّاهِبُ إِلَى الْعَوَالِي وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (حَيَّةٌ) حَيَاةُ الشَّمْسِ إِمَّا بِبَقَاءِ الْحَرِّ أَوْ بِصَفَاءِ اللَّوْنِ بِحَيْثُ لَمْ يَدْخُلْ تَغَيُّرٌ أَوْ بِالْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا.

683 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ فِي حُجْرَتِي لَمْ يُظْهِرْهَا الْفَيْءُ بَعْدُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَالشَّمْسُ فِي حُجْرَتِي) أَيْ ظِلُّهَا فِي الْحُجْرَةِ لَمْ يَظْهَرِ الْفَيْءُ أَيْ ظِلُّهَا لَمْ يَصْعَدْ وَلَمْ يَعْلُ عَلَى الْحِيطَانِ أَوْ لَمْ يَزُلْ قُلْتُ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ ظِلَّ الشَّمْسِ يَظْهَرُ عَلَى الْحِيطَانِ قَبْلَ الْمِثْلِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب المحافظة على صلاة العصر]

[بَاب الْمُحَافَظَةِ عَلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ] 684 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ مَلَأَ اللَّهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا كَمَا شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَلَأَ اللَّهُ) أَيْ دَعَا عَلَيْهِمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَاكَ دَأْبُهُ لِأَنَّهُمْ شَغَلُوهُ عَنِ الصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ حَقُّ اللَّهِ فَدَعَا

عَلَيْهِمْ لَا لِنَفْسِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ هَذَا حِينَ حُبِسَ عَنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ فَهَذَا الْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْوُسْطَى هِيَ الْعَصْرُ وَلَا يُسَاوِيهِ سَائِرُ الْأَحَادِيثِ الدَّالَّةُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ وَلِذَلِكَ أَخَذَ الْجُمْهُورُ بِهَذَا الْحَدِيثِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

685 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الَّذِي تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلُهُ وَمَالُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِنَّ الَّذِي تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ) أَيْ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ وَقِيلَ بِفَوْتِ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ وَمَجِيءِ وَقْتِ الْإِصْفِرَارِ وَقِيلَ بِفَوْتِ الْجَمَاعَةِ وَالْإِمَامِ وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَنَصْبُ الْأَهْلِ وَالْمَالِ أَوْ رَفْعُهُمَا، قِيلَ: النَّصْبُ هُوَ الْمَشْهُورُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ وُتِرَ بِمَعْنَى سُلِبَ وَهُوَ يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ وَالرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ بِمَعْنَى أُخِذَ فَيَكُونُ أَهْلُهُ هُوَ نَائِبُ الْفَاعِلِ وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ لِيُحَذِّرَ مِنَ التَّفْوِيتِ الْحَذِرَةُ مِنْ ذَهَابِ أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِ مِنَ الْأَسَفِ وَالِاسْتِرْجَاعِ مِثْلُ الَّذِي يَجِبُ عَلَى مَنْ وُتِرَ أَهْلُهُ وَمَالُهُ اهـ قُلْتُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ الْأَسَفِ أَصْلًا فَلْيُتَأَمَّلْ وَيُوَجَّهُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ حَصَلَ لَهُ مِنَ النُّقْصَانِ فِي الْأَجْرِ مَا لَوْ وُزِنَ بِنَقْصِ الدُّنْيَا لَمَا وَازَنَهُ إِلَّا نُقْصَانُ مَنْ نُقِصَ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

686 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ح وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ عَنْ زُبَيْدٍ عَنْ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «حَبَسَ الْمُشْرِكُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى غَابَتْ الشَّمْسُ فَقَالَ حَبَسُونَا عَنْ صَلَاةِ الْوُسْطَى مَلَأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ نَارًا»

[باب وقت صلاة المغرب]

[بَاب وَقْتِ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ] 687 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو النَّجَاشِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ يَقُولُ «كُنَّا نُصَلِّي الْمَغْرِبَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَنْصَرِفُ أَحَدُنَا وَإِنَّهُ لَيَنْظُرُ إِلَى مَوَاقِعِ نَبْلِهِ» حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى الزَّعْفَرَانِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لِيَنْظُرَ إِلَخْ) أَيْ إِنَّهُمْ يَرْجِعُونَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ فَيُبْصِرُ أَحَدُهُمُ الْمَحَلَّ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ سَهْمُهُ لِوُجُودِ الْكَثِيرِ، وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى التَّعْجِيلِ وَالْفَوْرِ عَلَى أَنَّهُ يَقْرَأُ فِيهَا السُّوَرَ الْقِصَارَ إِذْ لَا يَتَحَقَّقُ مِثْلُ هَذَا إِلَّا عِنْدَ التَّعْجِيلِ وَقِرَاءَةِ

السُّوَرِ الْقِصَارِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

688 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ «أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَغْرِبَ إِذَا تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِذَا تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ) الضَّمِيرُ لِلشَّمْسِ بِقَرِينَةِ الْمَقَامِ أَيْ إِذَا اسْتَتَرَتِ الشَّمْسُ بِمَا يَكُونُ كَالْحِجَابِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الرَّائِينَ وَهُوَ الْأُفُقُ وَالْمُرَادُ حِينَ غَابَتْ.

689 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَنْبَأَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ عَنْ عُمَرَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَزَالُ أُمَّتِي عَلَى الْفِطْرَةِ مَا لَمْ يُؤَخِّرُوا الْمَغْرِبَ حَتَّى تَشْتَبِكَ النُّجُومُ» قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ بْن مَاجَةَ سَمِعْت مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى يَقُولُ اضْطَرَبَ النَّاسُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِبَغْدَادَ فَذَهَبْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ الْأَعْيَنُ إِلَى الْعَوَّامِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ الْعَوَّامِ فَأَخْرَجَ إِلَيْنَا أَصْلَ أَبِيهِ فَإِذَا الْحَدِيثُ فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَلَى الْفِطْرَةِ) أَيِ السُّنَّةِ وَالِاسْتِقَامَةِ، وَاشْتِبَاكُ النُّجُومِ هُوَ أَنْ يَظْهَرَ الْكَثِيرُ مِنْهَا فَيَخْتَلِطُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ مِنَ الْكَثْرَةِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِ التَّعْجِيلِ وَلَا يُعَارِضُهُ مَا جَاءَ مِنْ تَأْخِيرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَغْرِبَ أَحْيَانًا لِبَيَانِ آخِرِ الْوَقْتِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ.

[باب وقت صلاة العشاء]

[بَاب وَقْتِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ] 690 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِتَأْخِيرِ الْعِشَاءِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ) أَيْ لَوْلَا مَخَافَةَ أَوْ كَرَاهَةَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ أَيْ أَمْرُ إِيجَابٍ وَالْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ التَّأْخِيرَ فِي الْعِشَاءِ أَوْلَى مِنَ التَّعْجِيلِ.

691 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَخَّرْتُ صَلَاةَ الْعِشَاءِ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ أَوْ نِصْفِ اللَّيْلِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَوْ نِصْفِ اللَّيْلِ) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي وَيُحْتَمَلُ أَنَّ أَوْ بِمَعْنَى بَلْ.

692 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ قَالَ «سُئِلَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ هَلْ اتَّخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمًا قَالَ نَعَمْ أَخَّرَ لَيْلَةً صَلَاةَ الْعِشَاءِ إِلَى قَرِيبٍ مِنْ شَطْرِ اللَّيْلِ فَلَمَّا صَلَّى أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ إِنَّ النَّاسَ قَدْ صَلَّوْا وَنَامُوا وَإِنَّكُمْ لَنْ تَزَالُوا فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرْتُمْ الصَّلَاةَ قَالَ أَنَسٌ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ خَاتَمِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِلَى وَبِيضِ خَاتَمِهِ) هُوَ الْبَرِيقُ وَزْنًا.

693 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى اللَّيْثِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ «صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ ثُمَّ لَمْ يَخْرُجْ حَتَّى ذَهَبَ شَطْرُ اللَّيْلِ فَخَرَجَ فَصَلَّى بِهِمْ ثُمَّ قَالَ إِنَّ النَّاسَ قَدْ صَلَّوْا وَنَامُوا وَأَنْتُمْ لَمْ تَزَالُوا فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرْتُمْ الصَّلَاةَ وَلَوْلَا الضَّعِيفُ وَالسَّقِيمُ أَحْبَبْتُ أَنْ أُؤَخِّرَ هَذِهِ الصَّلَاةَ إِلَى شَطْرِ اللَّيْلِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (شَطْرُ اللَّيْلِ) أَيْ نِصْفُهُ لَنْ تَزَالُوا فِي صَلَاةٍ التَّنْكِيرُ لِلتَّعْمِيمِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ خُصُوصُ الْحُكْمِ بِصَلَاةِ الْعِشَاءِ أَيْ أَيْ صَلَاةٍ انْتَظَرْتُمُوهَا فَأَنْتُمْ فِيهَا مَا دُمْتُمْ تَنْتَظِرُونَهَا. قَوْلُهُ (إِلَى وَبِيضِ خَاتَمِهِ) هُوَ الْبَرِيقُ وَزْنًا وَمَعْنَى. قَوْلُهُ (وَلَوْلَا الضَّعِيفُ وَالسَّقِيمُ) السَّقِيمُ هُوَ الْمَرِيضُ وَالضَّعِيفُ أَعَمُّ مِنْهُ أَيْ لَوْلَا مَخَافَةُ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِمَا

[باب ميقات الصلاة في الغيم]

[بَاب مِيقَاتِ الصَّلَاةِ فِي الْغَيْمِ] 694 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَا حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَاجِرِ عَنْ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةٍ فَقَالَ بَكِّرُوا بِالصَّلَاةِ فِي الْيَوْمِ الْغَيْمِ فَإِنَّهُ مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ حَبِطَ عَمَلُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (بَكِّرُوا بِالصَّلَاةِ) أَيْ عَجِّلُوا بِهَا فِي الْيَوْمِ الْغَيْمِ أَيْ فِي الْيَوْمِ الَّذِي فِيهِ الْغَيْمُ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ فِيهِ قَدْ يُؤَدِّي إِلَى الْفَوْتِ مِنَ الْأَصْلِ أَوْ فَوْتِ الْوَقْتِ الْمُسْتَحَبِّ وَفَوْتُ الصَّلَاةِ سِيَّمَا الْعَصْرُ مُصِيبَةٌ قَوْلُهُ (فَإِنَّ مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ) بِكَسْرِ الْبَاءِ أَيْ بَطَلَ قِيلَ أُرِيدَ بِهِ تَعْظِيمُ الْمَعْصِيَةِ لَا حَقِيقَةُ اللَّفْظِ وَيَكُونُ مِنْ مَجَازِ التَّشْبِيهِ قُلْتُ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ لَا يَحْبَطُ إِلَّا بِالْكُفْرِ لَكِنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ تَعَالَى {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ} [الحجرات: 2] الْآيَةَ. يُفِيدُ أَنَّهُ يُحْبَطُ بِبَعْضِ الْمَعَاصِي أَيْضًا فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ تَرْكُ الْعَصْرِ عَمْدًا مِنْ جُمْلَةِ تِلْكَ الْمَعَاصِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب من نام عن الصلاة أو نسيها]

[بَاب مَنْ نَامَ عَنْ الصَّلَاةِ أَوْ نَسِيَهَا] 695 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الرَّجُلِ يَغْفُلُ عَنْ الصَّلَاةِ أَوْ يَرْقُدُ عَنْهَا قَالَ يُصَلِّيهَا إِذَا ذَكَرَهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يَغْفُلُ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَالْجُمْلَةُ صِفَةُ الرَّجُلِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ تَعْرِيفَهُ لِلْجِنْسِ فَهُوَ فِي الْمَعْنَى كَالنَّكِرَةِ فَيَصِحُّ أَنْ يُوصَفَ بِالْجُمْلَةِ وَجَعْلُهَا حَالًا بَعِيدٌ مَعْنَى أَوْ يَرْقُدُ عَنْهَا قِيلَ تَعْدِيَتُهُ بِعَنْ لِتَضْمِينِ مَعْنَى الْغَفْلَةِ.

696 - حَدَّثَنَا جُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا»

697 - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَفَلَ مِنْ غَزْوَةِ خَيْبَرَ فَسَارَ لَيْلَهُ حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْكَرَى عَرَّسَ وَقَالَ لِبِلَالٍ اكْلَأْ لَنَا اللَّيْلَ فَصَلَّى بِلَالٌ مَا قُدِّرَ لَهُ وَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ فَلَمَّا تَقَارَبَ الْفَجْرُ اسْتَنَدَ بِلَالٌ إِلَى رَاحِلَتِهِ مُوَاجِهَ الْفَجْرِ فَغَلَبَتْ بِلَالًا عَيْنَاهُ وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى رَاحِلَتِهِ فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ بِلَالٌ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ حَتَّى ضَرَبَتْهُمْ الشَّمْسُ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلَهُمْ اسْتِيقَاظًا فَفَزَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَيْ بِلَالُ فَقَالَ بِلَالٌ أَخَذَ بِنَفْسِي الَّذِي أَخَذَ بِنَفْسِكَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ اقْتَادُوا فَاقْتَادُوا رَوَاحِلَهُمْ شَيْئًا ثُمَّ تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ الصَّلَاةَ فَصَلَّى بِهِمْ الصُّبْحَ فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ قَالَ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ {وَأَقِمْ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14] » قَالَ وَكَانَ ابْنُ شِهَابٍ يَقْرَؤُهَا لِلذِّكْرَى ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (قَفَلَ) أَيْ رَجَعَ فَصَارَ الْفَاءُ زَائِدَةً الْكَرَى بِفَتْحَتَيْنِ النَّوْمُ أَوِ النُّعَاسُ (عَرَّسَ) مِنَ التَّعْرِيسِ وَهُوَ نُزُولُ الْمُسَافِرِ آخِرَ اللَّيْلِ لِلِاسْتِرَاحَةِ (اكْلَأْ) بِهَمْزَةٍ فِي آخِرِهِ أَيِ احْفَظْ (اسْتَنَدَ بِلَالٌ إِلَخْ) الْقَوْمُ أَوْ مَا يَبْدُو الْفَجْرُ قَوْلُهُ (حَتَّى ضَرَبَتْهُمُ الشَّمْسُ) أَيْ أَلْقَتْ عَلَيْهِمْ ضَوْأَهَا فَفَزِعَ بِكَسْرِ زَايٍ مُعْجَمَةٍ وَعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ أَيْ قَامَ قِيَامَ الْمُتَحَيِّرِ اقْتَادُوا يُقَالُ أَقَادَ الْبَعِيرَ وَاقْتَادَهُ أَيْ جَرَّهُ مِنْ خَلْفِهِ قَوْلُهُ {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14] بِالْإِضَافَةِ إِلَى يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ وَهِيَ الْقِرَاءَةُ الْمَشْهُورَةُ وَظَاهِرُهَا لَا يُنَاسِبُ الْمَقْصُودَ فَأَوَّلَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمَعْنَى وَقْتَ ذِكْرِ صَلَاتِي عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ وَالْمُرَادُ بِالذِّكْرِ الْمُضَافِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُ الصَّلَاةُ لِكَوْنِ ذِكْرُ الصَّلَاةِ يُفْضِي إِلَى فِعْلِهَا الْمُفْضِي إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِيهَا فَصَارَ وَقْتُ ذِكْرِ الصَّلَاةِ كَأَنَّهُ وَقْتٌ لِذِكْرِ اللَّهِ فَقِيلَ فِي مَوْضِعِ أَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِ اللَّهِ وَقِرَاءَةِ ابْنِ شِهَابٍ لِلذِّكْرَى بِلَامِ الْجَرِّ ثُمَّ لَامِ التَّعْرِيفِ وَآخِرُهُ أَلْفٌ مَقْصُورَةٌ وَهِيَ قِرَاءَةٌ شَاذَّةٌ لَكِنَّهَا مُوَافِقَةٌ لِلْمَطْلُوبِ هُنَا بِلَا تَكْلِيفٍ.

698 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ أَنْبَأَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ «ذَكَرُوا تَفْرِيطَهُمْ فِي النَّوْمِ فَقَالَ نَامُوا حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ إِنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي الْيَقَظَةِ فَإِذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ صَلَاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا وَلِوَقْتِهَا مِنْ الْغَدِ» قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبَاحٍ فَسَمِعَنِي عِمْرَانُ بْنُ الْحُصَيْنِ وَأَنَا أُحَدِّثُ بِالْحَدِيثِ فَقَالَ يَا فَتًى انْظُرْ كَيْفَ تُحَدِّثُ فَإِنِّي شَاهِدٌ لِلْحَدِيثِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَمَا أَنْكَرَ مِنْ حَدِيثِهِ شَيْئًا ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (ذَكَرُوا تَفْرِيطَهُمْ) أَيْ تَقْصِيرَهُمْ فِي شَأْنِ الصَّلَاةِ فِي النَّوْمِ أَيْ بِسَبَبِ النَّوْمِ أَيْ ذَكَرُوا أَنَّا فَرَّطْنَا فِي الصَّلَاةِ لِأَجْلِ نَوْمِنَا عَنْهَا فَقَالَ أَيْ قَائِلُهُمْ إِنْكَارًا لِفِعْلِهِمْ نَامُوا حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَهْوِينًا لِلْأَمْرِ عَلَيْهِمْ وَإِزَالَةً لِمَا لَحِقَهُمْ مِنَ الْمَشَقَّةِ بِفَوْتِ الصَّلَاةِ عَنْهُمْ «لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ» لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ نَفْسَ فِعْلِ النَّوْمِ وَالْمُبَاشَرَةَ بِأَسْبَابِهِ لَا يَكُونُ

فِيهِ تَفْرِيطٌ أَيْ تَقْصِيرٌ فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِيهِ تَفْرِيطٌ إِذَا كَانَ فِي وَقْتٍ يُفْضِي فِيهِ النَّوْمُ إِلَى فَوْتِ الصَّلَاةِ مَثَلًا كَالنَّوْمِ قَبْلَ الْعِشَاءِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّ مَا فَاتَ حَالَةَ النَّوْمِ فَلَا تَفْرِيطَ فِي وَقْتِهِ لِأَنَّهُ فَاتَ بِلَا اخْتِيَارٍ وَأَمَّا الْمُبَاشَرَةُ بِالنَّوْمِ فَالتَّفْرِيطُ فِيهَا تَفْرِيطُ حَالَةِ الْيَقَظَةِ وَلَفْظُ الْيَقَظَةِ بِفَتْحَتَيْنِ وَلِوَقْتِهَا مِنَ الْغَدِ أَيْ لِيَصِلَ لِوَقْتِهِ وَلِوَقْتِهَا مِنَ الْغَدِ وَالْمَقْصُودُ الْمُحَافَظَةُ عَلَى مُرَاعَاةِ الْوَقْتِ فِيمَا بَعْدُ وَأَنْ لَا يُتَّخَذَ الْإِخْرَاجُ عَنِ الْوَقْتِ وَالْأَدَاءُ فِي وَقْتٍ آخَرَ عَادَةً لَهُ وَذَلِكَ إِمَّا بِاعْتِبَارِ أَنَّ مُتَعَلِّقَ مِنَ الْغَدِ مُقَدَّرٌ وَالْجُمْلَةُ عَطْفٌ عَلَى الْجُمْلَةِ أَوْ بِاعْتِبَارِ أَنَّ مُتَعَلَّقَهُ هُوَ قَوْلُهُ فَلْيُصَلِّهَا أَيْ بِذِكْرِ الصَّلَاةِ الْمَنْسِيَّةِ بِاعْتِبَارِ أَنْ وَقْتِيَّةَ الْيَوْمِ الثَّانِي هِيَ عَيْنُ الْمَنْسِيَّةِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ نَظَرًا إِلَى أَنَّهَا وَاحِدَةٌ مِنَ الْخَمْسِ كَالْفَجْرِ وَالظُّهْرِ وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ «لِحَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا صَلَّى بِهِمْ قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا نَقْضِيهَا لِوَقْتِهَا مِنَ الْغَدِ فَقَالَ نَهَاكُمْ رَبُّكُمْ عَنِ الرِّبَا وَيَقْبَلُهُ مِنْكُمْ» وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِتَكْرَارِ الْقَضَاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب وقت الصلاة في العذر والضرورة]

[بَاب وَقْتِ الصَّلَاةِ فِي الْعُذْرِ وَالضَّرُورَةِ] 699 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ وَعَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ وَعَنْ الْأَعْرَجِ يُحَدِّثُونَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الْعَصْرِ رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَهَا وَمَنْ أَدْرَكَ مِنْ الصُّبْحِ رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْعَصْرِ رَكْعَةً) لَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى حُكْمِ مَنْ أَدْرَكَ دُونَ الرَّكْعَةِ إِلَّا بِالْمَفْهُومِ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ عِنْدَ مَنْ لَا يَقُولُ بِهِ وَلِذَلِكَ قَالَ عُلَمَاؤُنَا الْحَنَفِيَّةُ الْقَائِلُونَ بِعَدَمِ الْمَفْهُومِ إِنَّ مَنْ أَدْرَكَ التَّحْرِيمَةَ فِي الْوَقْتِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ وَمَعْنَى قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدْ أَدْرَكَهَا أَيْ تَمَكَّنَ مِنْ إِدْرَاكِهَا بِأَنْ يُضَمَّ إِلَى الرَّكْعَةِ الْمُؤَدَّاةِ الْبَقِيَّةُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الرَّكْعَةَ تَكْفِي عَنِ الْكُلِّ وَمَنْ يَقُولُ بِالْفَسَادِ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ يُئَوِّلُ الْحَدِيثَ بِأَنَّ الْمُرَادَ مَنْ تَأَهَّلَ

لِلصَّلَاةِ فِي وَقْتٍ لَا يَفِي إِلَّا الرَّكْعَةَ وَحَثَّ عَلَيْهِ تِلْكَ الصَّلَاةَ كَصَبِيٍّ بَلَغَ وَحَائِضٍ طَهُرَتْ وَكَافِرٍ أَسْلَمَ وَقَدْ بَقِيَ مِنَ الْوَقْتِ مَا يَفِي رَكْعَةً وَاحِدَةً يَجِبُ عَلَيْهِ صَلَاةُ ذَلِكَ الْوَقْتِ لَكِنَّ رِوَايَاتِ هَذَا الْحَدِيثِ لَا تُسَاعِدُ هَذَا الْمَعْنَى كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُطَّلِعِ عَلَيْهَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

700 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى الْمِصْرِيَّانِ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الصُّبْحِ رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَهَا وَمَنْ أَدْرَكَ مِنْ الْعَصْرِ رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَهَا» حَدَّثَنَا جَمِيلُ بْنُ الْحَسَنِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ

[باب النهي عن النوم قبل صلاة العشاء وعن الحديث بعدها]

[بَاب النَّهْيِ عَنْ النَّوْمِ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَعَنْ الْحَدِيثِ بَعْدَهَا] 701 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ قَالُوا حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ سَيَّارِ بْنِ سَلَامَةَ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَ الْعِشَاءَ وَكَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يُكْرَهُ النَّوْمُ قَبْلَهَا) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّعْرِيضِ لِصَلَاةِ الْعِشَاءِ عَلَى الْفَوَاتِ وَالْحَدِيثُ إِلَخْ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْرِيضِ قِيَامِ اللَّيْلِ بَلْ صَلَاةُ الْفَجْرِ عَلَى الْفَوَاتِ عَادَةً وَقَدْ جَاءَ الْكَلَامُ بَعْدَهَا فِي الْعِلْمِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يُخَلُّ فَلِذَلِكَ خَصَّ هَذَا الْحَدِيثَ بِغَيْرِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَا يُسْمَرُ بَعْدَهَا أَيْ مَا كَانَ يَحْدُثُ بَعْدَ الْعِشَاءِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْهُورِ عِنْدَ أَهْلِهِ وَهُوَ لَا يُنَافِي التَّكَلُّمَ بِكَلِمَةٍ أَوْ كَلِمَتَيْنِ مَعَ الْأَهْلِ وَلَا الْحَدِيثَ فِي الْعِلْمِ وَالْخَيْرِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

702 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْلَى الطَّائِفِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «مَا نَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ الْعِشَاءِ وَلَا سَمَرَ بَعْدَهَا»

703 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَبِيبٍ وَعَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالُوا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ «جَدَبَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّمَرَ بَعْدَ الْعِشَاءِ» يَعْنِي زَجَرَنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (جَدَبَ) بِجِيمٍ وَدَالٍ مُهْمَلَةٍ وَبَاءٍ مُوَحَّدَةٍ فِي النِّهَايَةِ أَيْ ذَمَّهُ أَوْ عَابَهُ وَالسَّمَرُ بِفَتْحَتَيْنِ الْحَدِيثُ بِاللَّيْلِ رَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِسُكُونِ الْمِيمِ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ وَأَصْلُ السَّمَرِ ضَوْءُ الْقَمَرِ سُمِّيَ بِهِ حَدِيثُ اللَّيْلِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَتَحَدَّثُونَ فِيهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَلَا أَعْلَمُ لَهُ عِلَّةً إِلَّا اخْتِلَاطَ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ وَمُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ إِنَّمَا رَوَى عَنْهُ بَعْدَ الِاخْتِلَاطِ.

[باب النهي أن يقال صلاة العتمة]

[بَاب النَّهْيِ أَنْ يُقَالَ صَلَاةُ الْعَتَمَةِ] 704 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي لَبِيدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا تَغْلِبَنَّكُمْ الْأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمْ فَإِنَّهَا الْعِشَاءُ وَإِنَّهُمْ لَيُعْتِمُونَ بِالْإِبِلِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَا تَغْلِبَنَّكُمُ الْأَعْرَابُ إِلَخْ) أَيِ الِاسْمُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ لِهَذِهِ الصَّلَاةِ اسْمُ الْعِشَاءِ وَالْأَعْرَابُ يُسَمُّونَهَا الْعَتَمَةُ فَلَا تُكْثِرُوا اسْتِعْمَالَ ذَلِكَ الِاسْمِ لِمَا فِيهِ مِنْ غَلَبَةِ الْأَعْرَابِ عَلَيْكُمْ بَلْ أَكْثِرُوا اسْتِعْمَالَ اسْمَ الْعِشَاءِ مُوَافَقَةً لِلْقُرْآنِ فَالْمُرَادُ النَّهْيُ عَنْ إِكْثَارِ اسْمِ الْعَتَمَةِ لَا عَنِ اسْتِعْمَالِهِ أَصْلًا فَانْدَفَعَ مَا يُتَوَهَّمُ مِنَ التَّنَافِي بَيْنَ أَحَادِيثِ الْمَنْعِ وَالثُّبُوتِ فِي اسْتِعْمَالَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلُهُ (وَإِنَّهُمْ يُعْتِمُونَ بِالْإِبِلِ) مِنْ أَعْتَمَ إِذَا دَخَلَ فِي الْعَتَمَةِ وَهِيَ الظُّلْمَةُ أَيْ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ وَيَدْخُلُونَ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ بِسَبَبِ الْإِبِلِ وَحَلْبِهَا.

705 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ح وَحَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَغْلِبَنَّكُمْ الْأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمْ» زَادَ ابْنُ حَرْمَلَةَ فَإِنَّمَا هِيَ الْعِشَاءُ وَإِنَّمَا يَقُولُونَ الْعَتَمَةُ لِإِعْتَامِهِمْ بِالْإِبِلِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ أَبِي هُرَيْرَةَ صَحِيحٌ.

[كتاب الأذان والسنة فيه]

[كِتَاب الْأَذَانِ وَالسُّنَّةِ فِيهِ] [بَاب بَدْءِ الْأَذَانِ] ِ بَاب بَدْءِ الْأَذَانِ 706 - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ الْمَدَنِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْحَرَّانِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَقَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ هَمَّ بِالْبُوقِ وَأَمَرَ بِالنَّاقُوسِ فَنُحِتَ فَأُرِيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ فِي الْمَنَامِ قَالَ رَأَيْتُ رَجُلًا عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَخْضَرَانِ يَحْمِلُ نَاقُوسًا فَقُلْتُ لَهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ تَبِيعُ النَّاقُوسَ قَالَ وَمَا تَصْنَعُ بِهِ قُلْتُ أُنَادِي بِهِ إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ أَفَلَا أَدُلُّكَ عَلَى خَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ قُلْتُ وَمَا هُوَ قَالَ تَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ بِمَا رَأَى قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْتُ رَجُلًا عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَخْضَرَانِ يَحْمِلُ نَاقُوسًا فَقَصَّ عَلَيْهِ الْخَبَرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ صَاحِبَكُمْ قَدْ رَأَى رُؤْيَا فَاخْرُجْ مَعَ بِلَالٍ إِلَى الْمَسْجِدِ فَأَلْقِهَا عَلَيْهِ وَلْيُنَادِ بِلَالٌ فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ قَالَ فَخَرَجْتُ مَعَ بِلَالٍ إِلَى الْمَسْجِدِ فَجَعَلْتُ أُلْقِيهَا عَلَيْهِ وَهُوَ يُنَادِي بِهَا فَسَمِعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِالصَّوْتِ فَخَرَجَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ مِثْلَ الَّذِي رَأَى» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فَأَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ الْحَكَمِيُّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيَّ قَالَ فِي ذَلِكَ أَحْمَدُ اللَّهَ ذَا الْجَلَالِ وَذَا الْإِكْرَامِ ... حَمْدًا عَلَى الْأَذَانِ كَثِيرًا إِذْ أَتَانِي بِهِ الْبَشِيرُ مِنْ اللَّهِ ... فَأَكْرِمْ بِهِ لَدَيَّ بَشِيرًا فِي لَيَالٍ وَالَى بِهِنَّ ثَلَاثٍ ... كُلَّمَا جَاءَ زَادَنِي تَوْقِيرًا ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (بَدْءُ الْأَذَانِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ بِالْهَمْزِ مَصْدَرُ بَدَأَ يَعْنِي ابْتَدَأً وَيَجُوزُ أَنَّهُ بِالْوَاوِ الْمُشَدَّدَةِ بِمَعْنَى الظُّهُورِ. قَوْلُهُ (قَدْ هَمَّ بِالْبُوقِ) بِضَمِّ مُوَحَّدَةٍ قَرْنٌ يُنْفَخُ فِيهِ فَيَخْرُجُ مِنْهُ صَوْتٌ وَقَدْ ذَكَرُوا لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَّخِذَهُ لِيَجْمَعَ النَّاسَ عَلَى الصَّلَاةِ بِاسْتِمَاعِ صَوْتِهِ حِينَ مَا كَانَ لَهُمْ أَذَانٌ وَقَدْ جَاءَ أَنَّهُ كَرِهَهُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ مِنْ دَأْبِ الْيَهُودِ فَكَأَنَّهُ أَحْيَانًا كَانَ يَمِيلُ فِي أَثْنَاءِ الْمَشُورَةِ إِلَيْهِ لِلضَّرُورَةِ فَقِيلَ إِنَّهُ هَمَّ بِهِ قَوْلُهُ (وَأَمَرَ بِالنَّاقُوسِ) أَيْ بِاتِّخَاذِهِ وَهِيَ خَشَبَةٌ طَوِيلَةٌ تُضْرَبُ بِخَشَبَةٍ أَصْغَرُ مِنْهَا وَالنَّصَارَى يَعْلَمُونَ بِهِ أَوْقَاتَ صَلَاتِهِمْ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ كَرِهَهُ لِأَنَّهُ مِنْ أَمْرِ النَّصَارَى فَكَأَنَّهُ مَالَ إِلَيْهِ لِلِاضْطِرَارِ بَعْدَ ذَلِكَ (فَنُحِتَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنَ النَّحْتِ أَيْ فَسَعَوْا فِيمَنْ نَحَتَهُ فَرَأَى عَبْدُ اللَّهِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فَأُرِيَ عَلَى

بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنَ الْإِرَاءِ فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بَعْدَ أَنْ تَحَقَّقَ عِنْدَهُ بِرُؤْيَتِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الشِّعْرُ الْآتِي عَلَيْهِ قَوْلُهُ (إِنَّ صَاحِبَكُمْ قَدْ رَأَى رُؤْيَا فَاخْرُجْ) فِيهِ أَنَّهُ كَيْفَ أَثْبَتَ الْأَذَانَ بِرُؤْيَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ مَعَ أَنَّ رُؤْيَا غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ لَا يَنْبَنِي عَلَيْهَا الْأَحْكَامُ أُجِيبُ بِأَنَّهُ جَاءَ فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إِنَّهَا رُؤْيَا حَقٌّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ» وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا عَمِلَ بِرُؤْيَا رَجُلٍ إِلَّا بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ أَنَّهَا حَقٌّ إِمَّا بِوَحْيٍ أَوْ إِلْهَامٍ أَوْ بِاجْتِهَادٍ مِنْهُ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ رَأَى نَظْمًا يَبْعُدُ فِيهِ مَدَاخِلُ الشَّيْطَانِ أَوْ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ ذَكَرَ نِدَاءَ النَّاسِ لِلصَّلَاةِ وَكُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ فِي نَفْسِهِ لَا يُتَوَقَّعُ عَلَيْهِ تَرَتُّبُ خَلَلٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ بِنَاءَ الْأَحْكَامِ عَلَى رُؤْيَا غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ بَعْدَ مَعْرِفَةِ نَبِيٍّ أَنَّهَا حَقٌّ مِمَّا لَا رَيْبَ فِيهِ وَالثَّابِتُ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ هُوَ هَذَا لَا بِنَاءُ الْأَحْكَامِ عَلَى مُجَرَّدِ الرُّؤْيَا فَلَا إِشْكَالَ، وَقَوْلُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَا يُفِيدُ الشَّكَّ فِي كَوْنِهَا حَقًّا عِنْدَهُ بَلْ قَدْ يَكُونُ لِلتَّبَرُّكِ وَغَيْرُهُ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، ثُمَّ هَذَا الْإِشْكَالُ وَالْحَاجَةُ إِلَى الْجَوَابِ إِنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ إِلَى الِابْتِدَاءِ وَأَمَّا بِالنَّظَرِ إِلَى الْبَقَاءِ فَالتَّقْرِيرُ يَكْفِي ضَرُورَةً أَنَّهُ لَا يُقَرِّرُ عَلَى الْخَطَأِ وَقَدْ قَرَّرَ عَلَى الْأَذَانِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ قَوْلُهُ (وَلْيُنَادِ بِلَالٌ) بِحَذْفِ الْيَاءِ لِأَنَّهُ مَجْزُومٌ بِلَامِ الْأَمْرِ قَوْلُهُ (فَإِنَّهُ أَنْدَى) أَفْعَلُ تَفْضِيلٍ مِنَ النِّدَاءِ أَيْ أَرَفَعُ وَقَوْلُهُ حَمْدًا عَلَى الْأَذَانِ أَيْ عَلَى إِرَادَتِهِ إِيَّايَ أَوْ عَلَى شَرْعِهِ فَأَكْرِمْ بِهِ بِالْجَزْمِ صِيغَةُ تَعَجُّبٍ مِثْلُ أَحْسِنْ وَإِلَيَّ بِهِنَّ تَتَابُعٌ فِيهِنَّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ رَأَى ثَلَاثَ لَيَالٍ مُتَوَالِيَةٍ.

707 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَشَارَ النَّاسَ لِمَا يُهِمُّهُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَذَكَرُوا الْبُوقَ فَكَرِهَهُ مِنْ أَجْلِ الْيَهُودِ ثُمَّ ذَكَرُوا النَّاقُوسَ فَكَرِهَهُ مِنْ أَجْلِ النَّصَارَى فَأُرِيَ النِّدَاءَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَطَرَقَ الْأَنْصَارِيُّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلًا فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَالًا بِهِ فَأَذَّنَ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَزَادَ بِلَالٌ فِي نِدَاءِ صَلَاةِ الْغَدَاةِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ فَأَقَرَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ رَأَيْتُ مِثْلَ الَّذِي رَأَى وَلَكِنَّهُ سَبَقَنِي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لِمَا يَهُمُّهُمْ) يُقَالُ هَمَّهُ الْأَمْرُ وَأَهَمَّهُ إِذَا وَقَّعَهُ فِي الْهَمِّ أَيْ لِمَا يُوقِعُهُمْ فِي التَّعَبِ وَالشِّدَّةِ إِلَى الصَّلَاةِ أَيْ حَالَ كَوْنِهِمْ ذَاهِبِينَ إِلَى الصَّلَاةِ مُجْتَمِعِينَ لَهَا فَطَرَقَ الْأَنْصَارِيُّ أَيْ جَاءَ لَيْلًا وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَأَبُو زُرْعَةَ وَغَيْرُهُمْ اهـ.

[باب الترجيع في الأذان]

[بَاب التَّرْجِيعِ فِي الْأَذَانِ] 708 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ أَنْبَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَيْرِيزٍ وَكَانَ يَتِيمًا فِي حِجْرِ أَبِي مَحْذُورَةَ بْنِ مِعْيَرٍ حِينَ جَهَّزَهُ إِلَى الشَّامِ فَقُلْتُ لِأَبِي مَحْذُورَةَ أَيْ عَمِّ إِنِّي خَارِجٌ إِلَى الشَّامِ وَإِنِّي أُسْأَلُ عَنْ تَأْذِينِكَ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ أَبَا مَحْذُورَةَ قَالَ «خَرَجْتُ فِي نَفَرٍ فَكُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصَّلَاةِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعْنَا صَوْتَ الْمُؤَذِّنِ وَنَحْنُ عَنْهُ مُتَنَكِّبُونَ فَصَرَخْنَا نَحْكِيهِ نَهْزَأُ بِهِ فَسَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَرْسَلَ إِلَيْنَا قَوْمًا فَأَقْعَدُونَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ أَيُّكُمْ الَّذِي سَمِعْتُ صَوْتَهُ قَدْ ارْتَفَعَ فَأَشَارَ إِلَيَّ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ وَصَدَقُوا فَأَرْسَلَ كُلَّهُمْ وَحَبَسَنِي وَقَالَ لِي قُمْ فَأَذِّنْ فَقُمْتُ وَلَا شَيْءَ أَكْرَهُ إِلَيَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا مِمَّا يَأْمُرُنِي بِهِ فَقُمْتُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَلْقَى عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّأْذِينَ هُوَ بِنَفْسِهِ فَقَالَ قُلْ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ لِي ارْفَعْ مِنْ صَوْتِكَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ثُمَّ دَعَانِي حِينَ قَضَيْتُ التَّأْذِينَ فَأَعْطَانِي صُرَّةً فِيهَا شَيْءٌ مِنْ فِضَّةٍ ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى نَاصِيَةِ أَبِي مَحْذُورَةَ ثُمَّ أَمَرَّهَا عَلَى وَجْهِهِ ثُمَّ عَلَى ثَدْيَيْهِ ثُمَّ عَلَى كَبِدِهِ ثُمَّ بَلَغَتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُرَّةَ أَبِي مَحْذُورَةَ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ وَبَارَكَ عَلَيْكَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمَرْتَنِي بِالتَّأْذِينِ بِمَكَّةَ قَالَ نَعَمْ قَدْ أَمَرْتُكَ فَذَهَبَ كُلُّ شَيْءٍ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ كَرَاهِيَةٍ وَعَادَ ذَلِكَ كُلُّهُ مَحَبَّةً لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدِمْتُ عَلَى عَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ عَامِلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ فَأَذَّنْتُ مَعَهُ بِالصَّلَاةِ عَنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» قَالَ وَأَخْبَرَنِي ذَلِكَ مَنْ أَدْرَكَ أَبَا مَحْذُورَةَ عَلَى مَا أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَيْرِيزٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَإِنِّي أُسْأَلُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيِ النَّاسُ يَسْأَلُونَنِي عَنْهُ وَنَحْنُ عَنْهُ أَيْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ عَنِ الْمُؤَذِّنِ أَوْ عَنِ الْأَذَانِ (مُتَنَكِّبُونَ) اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ تَنَكَّبَ عَنْهُ أَيْ عَدَلَ عَنْهُ أَيْ مُعْرِضُونَ مُتَجَنِّبُونَ قَوْلُهُ (فَصَرَخْنَا) نَادِينَا وَصِحْنَا (نَحْكِيهِ) نَحْكِي الْأَذَانَ وَالْجُمْلَةُ حَالٌ قَوْلُهُ (نَهْزَأُ بِهِ)

مِنْ هَزِئَ بِهِ كَسَمِعَ بِهَمْزَةٍ فِي آخِرِهِ أَيْ نَحْكِيهِ اسْتِهْزَاءً بِهِ قَوْلُهُ (ثُمَّ قَالَ لِي ارْجِعْ فَمُدَّ صَوْتَكَ) هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهُ بِالتَّرْجِيعِ فَسَقَطَ مَا تُوَهِّمَ أَنَّهُ كَرَّرَهُ لَهُ تَعْلِيمًا فَظَنَّهُ تَرْجِيعًا وَقَدْ ثَبَتَ عَدَمُ التَّرْجِيعِ فِي أَذَانِ بِلَالٍ يَعْرِفُهُ مَنْ لَهُ مَعْرِفَةٌ بِهَذَا الْعِلْمِ بِلَا رَيْبٍ فَالْوَجْهُ الْقَوْلُ بِجَوَازِ الْوَجْهَيْنِ قَوْلُهُ (فَأَعْطَانِي صُرَّةً) اسْتَدَلَّ بِهِ ابْنُ حِبَّانَ عَلَى الرُّخْصَةِ فِي أَخْذِ الْأُجْرَةِ وَعَارَضَ بِهِ الْحَدِيثَ الْوَارِدَ فِي النَّهْيِ عَنْهُ وَرَدَّهُ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ بِأَنَّ حَدِيثَ أَبِي مَحْذُورَةَ مُتَقَدِّمٌ عَلَى إِسْلَامِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ الرَّاوِي لِحَدِيثِ النَّهْيِ فَحَدِيثُهُ مُتَأَخِّرٌ وَالْعِبْرَةُ بِالْمُتَأَخِّرِ وَبِأَنَّهَا وَاقِعَةٌ يَتَطَرَّقُ إِلَيْهَا الِاحْتِمَالُ بَلْ أَقْرَبُ الِاحْتِمَالِ فِيهَا أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ التَّأْلِيفِ لِحَدَاثَةِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ كَمَا أَعْطَى يَوْمَئِذٍ غَيْرَهُ مِنَ الْمُؤَلَّفَةِ وَقَائِعُ الْأَحْوَالِ إِذَا تَطَرَّقَ إِلَيْهَا الِاحْتِمَالُ سَلَبَهَا الِاسْتِدْلَالُ لِمَا يَبْقَى فِيهَا مِنَ الْإِجْمَالِ قَوْلُهُ (ثُمَّ أَمَرَّهَا) أَيْ مِنَ الْإِمْرَارِ قَوْلُهُ (عَلَى عِتَابً) غُلَامِ ابْنِ أَسِيدٍ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ السِّينِ (فَأَذَّنْتُ) مِنَ التَّأْذِينِ (مَعَهُ) أَيْ مَعَ وُجُودِهِ بِمَكَّةَ وَإِمَارَتَهُ فِيهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ الِاشْتِرَاكُ فِي التَّأْذِينِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا الْحَدِيثُ ثَابِتٌ فِي غَيْرِ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ لَكِنْ

فِي رِوَايَةِ الْمُصَنِّفِ زِيَادَةٌ وَإِسْنَادُهَا صَحِيحٌ وَرِجَالُهَا ثِقَاتٌ.

709 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ عَامِرٍ الْأَحْوَلِ أَنَّ مَكْحُولًا حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَيْرِيزٍ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا مَحْذُورَةَ حَدَّثَهُ قَالَ «عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَذَانَ تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً وَالْإِقَامَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً الْأَذَانُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَالْإِقَامَةُ سَبْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (الْأَذَانُ تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً إِلَخْ) هَذَا الْعَدَدُ لَا يَسْتَقِيمُ إِلَّا عَلَى تَرْبِيعِ التَّكْبِيرِ فِي أَوَّلِ الْأَذَانِ وَالتَّرْجِيعِ وَالتَّثْنِيَةِ فِي الْإِقَامَةِ كَمَا هُوَ وَالْفَصْلُ فِي الْكِتَابِ وَقَدْ ثَبَتَ عَدَمُ التَّرْجِيعِ فِي أَذَانِ بِلَالٍ وَإِفْرَادِ إِقَامَتِهِ فَالْوَجْهُ جَوَازُ الْكُلِّ وَأَمَّا تَثْنِيَةُ التَّكْبِيرِ فِي أَوَّلِ الْأَذَانِ فَلَيْسَ لَهَا ثَبْتٌ عِنْدَ التَّحْقِيقِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب السنة في الأذان]

[بَاب السُّنَّةِ فِي الْأَذَانِ] 710 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعْدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ سَعْدٍ مُؤَذِّنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِلَالًا أَنْ يَجْعَلَ إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ وَقَالَ إِنَّهُ أَرْفَعُ لِصَوْتِكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِنَّهُ أَرْفَعُ لِصَوْتِكَ) فِي الزَّوَائِدِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحَّحَهُ وَإِسْنَادُ الْمُصَنِّفِ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ أَوْلَادِ سَعْدٍ اهـ قِيلَ سَعْدٌ كَمَا مَرَّ مُؤَذِّنًا بِقِبَاءَ.

711 - حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَاشِمِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَبْطَحِ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ حَمْرَاءَ فَخَرَجَ بِلَالٌ فَأَذَّنَ فَاسْتَدَارَ فِي أَذَانِهِ وَجَعَلَ إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَاسْتَدَارَ فِي أَذَانِهِ) أَيْ يَسْمَعُ أَهْلُ الْأَطْرَافِ قِيلَ الِاسْتِدَارَةُ فِي الْأَذَانِ مَا وَرَدَتْ مِنْ طُرُقٍ صَحِيحَةٍ وَهَذَا الْإِسْنَادُ فِيهِ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

712 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ سَالِمٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَصْلَتَانِ مُعَلَّقَتَانِ فِي أَعْنَاقِ الْمُؤَذِّنِينَ لَلْمُسْلِمِينَ صَلَاتُهُمْ وَصِيَامُهُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (صِيَامُهُمْ وَصَلَاتُهُمْ) بَيَانٌ لِلْخَصْلَتَيْنِ وَالصِّيَامُ ابْتِدَاءٌ وَانْتِهَاءٌ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْأَذَانِ وَالصَّلَاةُ يُعْرَفُ

وَقْتُهَا بِهِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِتَدْلِيسِ بَقِيَّةَ بْنِ الْوَلِيدِ.

713 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ «كَانَ بِلَالٌ لَا يُؤَخِّرُ الْأَذَانَ عَنْ الْوَقْتِ وَرُبَّمَا أَخَّرَ الْإِقَامَةَ شَيْئًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَا يَخْرِمُ) مِنْ خَرَمَ كَضَرَبَ إِذَا نَقَصَ أَوْ قَطَعَ يُقَالُ مَا خَرَمْتُ مِنْهُ شَيْئًا أَيْ مَا نَقَصْتُ وَلَا قَطَعْتُ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ كَانَ غَالِبًا يُؤَذِّنُ فِي الْوَقْتِ الْمُعْتَادِ لَا يُؤَخِّرُ عَنْهُ وَقَدْ جَاءَ أَنَّهُ كَانَ يُؤَخِّرُ الْأَذَانَ أَحْيَانًا كَمَا جَاءَ فِي أَنَّهُ «قَالَ لَهُ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَبْرِدْ أَبْرِدْ.» حِينَ أَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ.

714 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ قَالَ «كَانَ آخِرُ مَا عَهِدَ إِلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا أَتَّخِذَ مُؤَذِّنًا يَأْخُذُ عَلَى الْأَذَانِ أَجْرًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (آخِرُ مَا عَهِدَ) أَيْ أَوْصَى أَنْ لَا أَتَّخِذَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّنْزِيهِ عِنْدَ كَثِيرِينَ وَقَدْ أَجَازَ وَأَخْذَ الْأُجْرَةِ.

715 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَسَدِيُّ عَنْ أَبِي إِسْرَائِيلَ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ بِلَالٍ قَالَ «أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أُثَوِّبَ فِي الْفَجْرِ وَنَهَانِي أَنْ أُثَوِّبَ فِي الْعِشَاءِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَنْ أَثُوبَ) مِنَ التَّثْوِيبِ وَهُوَ الْعَوْدُ إِلَى الْإِعْلَامِ ثَانِيًا وَالْمُرَادُ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ فَإِنَّهُ تَحْرِيضٌ عَلَى الْإِقْبَالِ عَلَى الصَّلَاةِ ثَانِيًا وَلَعَلَّهُ نَهَاهُ عَنِ التَّثْوِيبِ فِي الْعِشَاءِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُقَاسُ عَلَى الصُّبْحِ فِي كَوْنِ الْوَقْتِ لِلنَّوْمِ.

716 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ بِلَالٍ «أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤْذِنُهُ بِصَلَاةِ الْفَجْرِ فَقِيلَ هُوَ نَائِمٌ فَقَالَ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ فَأُقِرَّتْ فِي تَأْذِينِ الْفَجْرِ فَثَبَتَ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يُؤْذَنُ) مِنَ الْإِيذَانِ بِمَعْنَى الْإِعْلَامِ أَيْ يُخْبِرُهُ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ فِيهِ انْقِطَاعًا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ بِلَالٍ.

717 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا الِإفْرِيقِيُّ عَنْ زِيَادِ بْنِ نُعَيْمٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ الْحَارِثِ الصُّدَائِيِّ قَالَ «كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَأَمَرَنِي فَأَذَّنْتُ فَأَرَادَ بِلَالٌ أَنْ يُقِيمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَخَا صُدَاءٍ قَدْ أَذَّنَ وَمَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَمَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ) أَيْ فَهُوَ أَحَقُّ بِالْإِقَامَةِ فَلَا يُقِيمُ غَيْرُهُ إِلَّا لِدَاعٍ إِلَى ذَلِكَ كَمَا فِي إِقَامَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ رَائِي الْأَذَانِ، وَالْأَفْرِيقِيُّ فِي إِسْنَادِ الْحَدِيثِ وَإِنْ ضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَالْقَطَّانُ وَأَحْمَدُ لَكِنْ قَوَّى أَمْرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ فَقَالَ هُوَ مُقَارِبُ الْحَدِيثِ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ مَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ وَتَلَقِّيهِمُ الْحَدِيثَ بِالْقَبُولِ مِمَّا يُقَوِّي الْحَدِيثَ أَيْضًا فَالْحَدِيثُ صَالِحٌ فَلِذَلِكَ سَكَتَ عَلَيْهِ أَبُو دَاوُدَ.

[باب ما يقال إذا أذن المؤذن]

[بَاب مَا يُقَالُ إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ] 718 - حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَقَ الشَّافِعِيُّ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ الْمَكِّيُّ عَنْ عَبَّادِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ فَقُولُوا مِثْلَ قَوْلِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ فَقُولُوا مِثْلَ قَوْلِهِ) أَيْ إِلَّا فِي الْحَيْعَلَتَيْنِ فَيَأْتِي بِلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ لِحَدِيثِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ فَهُوَ عَامٌّ مَخْصُوصٌ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُؤَيِّدُهُ النَّظَرُ فِي الْمَعْنَى لِأَنَّ إِجَابَةَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ بِمِثْلِهِ يُعَدُّ اسْتِهْزَاءً وَهَذَا التَّخْصِيصُ قَدْ صَرَّحَ بِهِ عُلَمَاؤُنَا الْحَنَفِيَّةُ أَيْضًا فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ مِثْلُ هَذَا التَّخْصِيصِ مِمَّا يُؤَيِّدُهُ الْعَقْلُ وَالنَّقْلُ جَمِيعًا ثُمَّ طَرِيقُ الْقَوْلِ الْمَرْوِيِّ أَنْ يَقُولَ كُلَّ كَلِمَةٍ عَقِبَ فَرَاغِ الْمُؤَذِّنِ مِنْهَا لَا أَنْ يَقُولَ الْكُلَّ بَعْدَ فَرَاغِ الْمُؤَذِّنِ مِنَ الْأَذَانِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ أَبِي هُرَيْرَةَ مَعْلُومٌ وَمَحْفُوظٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ كَمَا أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فِي كُتُبِهِمْ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ وَأَبِي رَافِعٍ وَالْبَزَّارِ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ.

719 - حَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ مَخْلَدٍ أَبُو الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَنْبَأَنَا أَبُو بِشْرٍ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ بْنِ أُسَامَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ حَدَّثَتْنِي عَمَّتِي أُمُّ حَبِيبَةَ «أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا كَانَ عِنْدَهَا فِي يَوْمِهَا وَلَيْلَتِهَا فَسَمِعَ الْمُؤَذِّنَ يُؤَذِّنُ قَالَ كَمَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتَبَةَ رَوَى لَهُ النَّسَائِيُّ وَأَخْرَجَ لَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ فَهُوَ عِنْدَهُ ثِقَةٌ وَبَاقِي رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

720 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَمِعْتُمْ النِّدَاءَ فَقُولُوا كَمَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ»

721 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ الْمِصْرِىُّ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ الْحُكَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ وَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ الظَّاهِرُ حِينَ يَفْرُغُ مِنْ سَمَاعِ أَذَانِهِ وَإِلَّا فَالْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مِثْلِ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ حَالَةَ الْأَذَانِ مُشْكِلٌ وَمِثْلُهُ حَدِيثُ (مَنْ قَالَ

حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ إِلَخْ) .

722 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَالْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الدِّمَشْقِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْحُسَيْنِ قَالُوا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ الْأَلْهَانِيُّ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ إِلَّا حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ) بِفَتْحِ الدَّالِ هِيَ الْأَذَانُ وَوَضَعَهَا بِالتَّمَامِ لِأَنَّهَا ذِكْرُ اللَّهِ وَيُدْعَى بِهَا إِلَى الصَّلَوَاتِ فَيَسْتَحِقُّ أَنْ يُوصَفَ بِالْكَمَالِ وَالتَّمَامِ وَمَعْنَى رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ أَنَّهُ صَاحِبُهَا أَوِ الْمُتَمِّمُ لَهَا وَالزَّائِدُ فِي أَهْلِهَا وَالْمُثِيبُ عَلَيْهَا أَحْسَنَ الثَّوَابَ وَالْأَمْرَ بِهَا وَنَحْوَ ذَلِكَ قَوْلُهُ (الْقَائِمَةِ) أَيِ الَّتِي سَتَقُومُ (الْوَسِيلَةَ) قِيلَ هِيَ فِي اللُّغَةِ الْمُتَرَتِّلَةُ عِنْدَ الْمَلِكِ وَلَعَلَّهَا فِي الْجَنَّةِ عِنْدَ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ كَالْوَزِيرِ عِنْدَ الْمَلِكِ بِحَيْثُ لَا يَخْرُجُ رِزْقٌ وَلَا مَنْزِلَةٌ إِلَّا عَلَى يَدَيْهِ وَبِوَاسِطَتِهِ قَوْلُهُ (وَالْفَضِيلَةُ) هِيَ الْمَرْتَبَةُ الزَّائِدَةُ عَلَى مَرَاتِبِ الْخَلَائِقِ (مَقَامًا مَحْمُودًا) عَلَى حِكَايَةِ لَفْظِ الْقُرْآنِ أَوْ لِلتَّعْظِيمِ وَنَصَبَهُ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ أَيْ وَابْعَثْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَقِمْهُ مَقَامًا أَوْ ضَمَّنَ ابْعَثْهُ مَعْنَى أَقِمْهُ أَوْ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ وَمَعْنَى ابْعَثْهُ أَعْطِهِ أَوْ عَلَى الْحَالِ أَيِ ابْعَثْهُ ذَا مَقَامٍ وَالْمَوْصُولُ فِي الَّذِي وَعَدْتَهُ بَدَلٌ مِنْ " مَقَامًا " أَوْ بَيَانٌ لَا صِفَةٌ لِعَدَمِ الْمُطَابَقَةِ فِي التَّنْكِيرِ (إِلَّا حَلَّتْ) كَذَا فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ وَأَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ بِإِثْبَاتِ إِلَّا وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ بِدُونِ إِلَّا وَهُوَ الظَّاهِرُ وَأَمَّا مَعَ إِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ فِي قَوْلِهِ مَنْ قَالَ اسْتِفْهَامِيَّةٌ لِلْإِنْكَارِ فَيَرْجِعُ إِلَى النَّفْيِ وَقَالَ يَقُولُ بِمَعْنَى أَيْ مَا مِنْ أَحَدٍ يَقُولُ ذَلِكَ إِلَّا حَلَّتْ لَهُ وَمِثْلُهُ {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ - هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} [الرحمن: 255 - 60] وَأَمْثَالُهُ كَثِيرَةٌ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب فضل الأذان وثواب المؤذنين]

[بَاب فَضْلِ الْأَذَانِ وَثَوَابِ الْمُؤَذِّنِينَ] 723 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ وَكَانَ أَبُوهُ فِي حِجْرِ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ قَالَ لِي أَبُو سَعِيدٍ «إِذَا كُنْتَ فِي الْبَوَادِي فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالْأَذَانِ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يَسْمَعُهُ جِنٌّ وَلَا إِنْسٌ وَلَا شَجَرٌ وَلَا حَجَرٌ إِلَّا شَهِدَ لَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالْأَذَانِ) أَيْ لَا تَظُنَّ أَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ لِإِسْمَاعِ النَّاسِ وَلَيْسَ هُنَاكَ أَحَدٌ فَلَا حَاجَةَ إِلَى رَفْعِهِ قَوْلُهُ (لَا يَسْمَعُهُ) أَيْ صَوْتَ الْمُؤَذِّنِ إِلَّا شَهِدَ لَهُ إِظْهَارُ الشَّرَفِ وَعُلُوِّ دَرَجَتِهِ وَإِلَّا فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا.

724 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ أَبِي يَحْيَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ مَدَى صَوْتِهِ وَيَسْتَغْفِرُ لَهُ كُلُّ رَطْبٍ وَيَابِسٍ وَشَاهِدُ الصَّلَاةِ يُكْتَبُ لَهُ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ حَسَنَةً وَيُكَفَّرُ عَنْهُ مَا بَيْنَهُمَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَدَى صَوْتِهِ) قِيلَ مَعْنَاهُ أَيْ قَدْرَ صَوْتِهِ وَحْدَهُ فَإِنْ بَلَغَ الصَّوْتُ الْغَايَةَ بَلَغَ الْمَغْفِرَةُ الْغَايَةَ وَإِنْ كَانَ صَوْتُهُ دُونَ ذَلِكَ فَالْمَغْفِرَةُ كَذَلِكَ أَوِ الْمَعْنَى لَوْ كَانَ لَهُ ذُنُوبٌ تَمْلَأُ مَا بَيْنَ مَحَلِّهِ الَّذِي يُؤَذِّنُ فِيهِ أَيْ مَا يَنْتَهِي إِلَيْهِ صَوْتُهُ لَغُفِرَ لَهُ وَقِيلَ يُغْفَرُ لَهُ مِنَ الذُّنُوبِ

مَا فَعَلَهُ فِي زَمَانٍ مُقَدَّرٍ بِهَذِهِ الْمَسَافَةِ قَوْلُهُ (وَيَسْتَغْفِرُ لَهُ) أَيْ يَطْلُبُ لَهُ مَغْفِرَةَ بَاقِي الذُّنُوبِ مَا بَيْنَهُمَا أَيْ مَا بَيْنَ الْأَذَانِ وَالصَّلَاةِ أَوْ مَا بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ.

725 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَإِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا) قِيلَ كِنَايَةٌ عَنْ كَوْنِهِمْ رُؤَسَاءَ فَإِنَّ الْعَرَبَ تَصِفُ السَّادَةَ بِطُولِ الْعُنُقِ، أَوْ كِنَايَةٌ عَنْ فَرْحَتِهِمْ وَسُرُورِهِمْ وَإِنَّهُمْ لَا يَلْحَقُهُمُ الْخَجَلُ.

726 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عِيسَى أَخُو سُلَيْمٍ الْقَارِيُّ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُؤَذِّنْ لَكُمْ خِيَارُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ قُرَّاؤُكُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (خِيَارُكُمْ) أَيِ الَّذِينَ يَحْتَاطُونَ فِي أَمْرِ الْأَوْقَاتِ وَفِي أَمْرِ الْحُرُمِ وَالْعَوْرَاتِ فَإِنَّهُمْ يُشْرِفُونَ عَلَى الْمَنَارَاتِ الْعَالِيَةِ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ الْأَقْرَأَ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ مِنَ الْأَعْلَمِ.

727 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا مُخْتَارُ بْنُ غَسَّانَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْأَزْرَقُ الْبُرْجُمِيُّ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ح وَحَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ حَدَّثَنَا أَبُو حَمْزَةَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَذَّنَ مُحْتَسِبًا سَبْعَ سِنِينَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بَرَاءَةً مِنْ النَّارِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بَرَاءَةً مِنَ النَّارِ) أَيْ خَلَاصًا مِنْهَا وَهَذَا يَسْتَلْزِمُ الدُّخُولُ فِي الْجَنَّةِ ابْتِدَاءً وَمَغْفِرَةَ الذُّنُوبِ كُلِّهَا صَغَائِرِهَا وَكَبَائِرِهَا بَلِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَالْمُتَأَخِّرَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُقَيَّدًا بِالْمَوْتِ عَلَى الْإِيمَانِ أَوْ يَكُونَ بِشَارَةً بِذَلِكَ رَزَقَنَا اللَّهُ تَعَالَى حُسْنَ الْخِتَامِ آمِينَ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ جَابِرُ بْنُ يَزِيدَ الْجُعْفِيُّ ضَعَّفُوهُ تَرَكَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَعَنْ وَكِيعٍ لَوْلَا جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ لَكَانَ أَهْلُ الْكُوفَةِ مِنْ غَيْرِ حَدِيثٍ.

728 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَذَّنَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ وَكُتِبَ لَهُ بِتَأْذِينِهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ سِتُّونَ حَسَنَةً وَلِكُلِّ إِقَامَةٍ ثَلَاثُونَ حَسَنَةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَنْ أَذَّنَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً إِلَخْ) قِيلَ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ كَمَا زِيدَ فِيهِ فِي الْمُدَّةِ زِيدَ فِي الْأَجْرِ حَيْثُ قِيلَ وَكُتِبَ لَهُ بِتَأْذِينِهِ إِلَخْ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب إفراد الإقامة]

[بَاب إِفْرَادِ الْإِقَامَةِ] 729 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَرَّاحِ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «الْتَمَسُوا شَيْئًا يُؤْذِنُونَ بِهِ عِلْمًا لِلصَّلَاةِ فَأُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (الْتَمِسُوا) أَيِ اطْلُبُوا (يُؤْذِنُ بِهِ) مِنَ الْإِيذَانِ بِمَعْنَى الْإِعْلَامِ أَيْ يَعْلَمُونَ بِهِ أَوْقَاتَ الصَّلَاةِ فَأَمَرَ بِلَالًا فِي الْكَلَامِ اخْتِصَارٌ، وَالتَّقْدِيرُ: فَاجْتَمَعُوا لِذَلِكَ فَافْتَرَقُوا بَعْدَ أَنْ ذَكَرُوا مَا ذَكَرُوا مِنْ بُوقٍ وَنَاقُوسٍ فَرَأَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ الْأَذَانَ فَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَصَّ عَلَيْهِ رُؤْيَاهُ قَوْلُهُ (أَنْ تَشْفَعَ الْأَذَانَ) أَيْ يَأْتِي بِكَلِمَاتِهِ مَثْنًى مَثْنًى، وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَكَلِمَةُ التَّوْحِيدِ مُفْرَدَةٌ فِي آخِرِهِ وَالتَّكْبِيرُ فِي أَوَّلِهِ أَرْبَعُ مَرَاتِبَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَقَدْ جَاءَ بِهِ صَرِيحُ الرُّؤْيَا وَلَعَلَّ إِفْرَادَ كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ فِي الْأَذَانِ لِمُوَافَقَةِ مَعْنَى التَّوْحِيدِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَيُوتِرُ الْإِقَامَةَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّغْلِيبِ أَوْ مَعْنَاهُ أَنْ يَجْعَلَ عَلَى نِصْفِ الْأَذَانِ فِيمَا يَصْلُحُ لِلِاتِّفَاقِ فَلَا يُشْكِلُ بِتَكْرَارِ التَّكْبِيْرِ فِي أَوَّلِهَا وَلَا بِكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ فِي آخِرِهَا.

730 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ»

731 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ سَعْدٍ مُؤَذِّنُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ أَذَانَ بِلَالٍ كَانَ مَثْنَى مَثْنَى وَإِقَامَتَهُ مُفْرَدَةٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (كَانَ أَذَانُ بِلَالٍ مَثْنَى إِلَخْ) أَيْ كَلِمَاتُ الْأَذَانِ مُكَرَّرَةٌ وَالْإِقَامَةُ مُفْرَدَةٌ نَظَرًا إِلَى الْغَالِبِ كَمَا سَبَقَ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ أَوْلَادِ سَعْدٍ وَمَعْنَاهُ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ.

732 - حَدَّثَنَا أَبُو بَدْرٍ عَبَّادُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنِي مُعَمَّرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنِي أَبِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ «رَأَيْتُ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثْنَى مَثْنَى وَيُقِيمُ وَاحِدَةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ أَبِي رَافِعٍ) قَالَ رَأَيْتُ بِلَالًا فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى ضَعْفِ مَعْمَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِيهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب إذا أذن وأنت في المسجد فلا تخرج]

[بَاب إِذَا أُذِّنَ وَأَنْتَ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا تَخْرُجْ] 733 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ قَالَ «كُنَّا قُعُودًا فِي الْمَسْجِدِ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ الْمَسْجِدِ يَمْشِي فَأَتْبَعَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ بَصَرَهُ حَتَّى خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَمَّا هَذَا فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) كَأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ خُرُوجَهُ لَيْسَ لِضَرُورَةٍ تُبِيحُ لَهُ الْخُرُوجَ لِحَاجَةِ الْوُضُوءِ مَثَلًا ثُمَّ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الرَّفْعِ لِأَنَّ مِثْلَهُ لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ جِهَتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

734 - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَرَ عَنْ ابْنِ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَدْرَكَهُ الْأَذَانُ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ خَرَجَ لَمْ يَخْرُجْ لِحَاجَةٍ وَهُوَ لَا يُرِيدُ الرَّجْعَةَ فَهُوَ مُنَافِقٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَهُوَ مُنَافِقٌ) فَاعِلٌ فِعْلَ الْمُنَافِقِ إِذِ الْمُؤْمِنُ صِدْقًا لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ فِيهِ ابْنُ أَبِي فَرْوَةَ وَاسْمُهُ إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ضَعَّفُوهُ كَذَلِكَ عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَرَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[كتاب المساجد والجماعات]

[كِتَاب الْمَسَاجِدِ وَالْجَمَاعَاتِ] [بَاب مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَاب الْمَسَاجِدِ وَالْجَمَاعَاتِ بَاب مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا 735 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْجَعْفَرِيُّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِيعًا عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ الْهَادِ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ أَبِي الْوَلِيدِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُرَاقَةَ الْعَدَوِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا يُذْكَرُ فِيهِ اسْمُ اللَّهِ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَنْ بَنَى مَسْجِدًا يُذْكَرُ فِيهِ اسْمُ اللَّهِ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَالْجُمْلَةُ فِي مَوْضِعِ التَّعْلِيلِ كَأَنَّهُ قِيلَ بُنِيَ لِيُذْكَرَ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ، فَهَذَا فِي مَعْنَى مَا جَاءَ يُبْتَغَى وَجْهَ اللَّهِ (بَيْتًا) تَنْكِيرُهُ لِلتَّعْظِيمِ أَيْ عَظِيمًا وَإِسْنَادُ الْبِنَاءِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مَجَازٌ أَيْ أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ بِبِنَائِهِ أَوِ الْبِنَاءُ مَجَازٌ عَنِ الْخَلْقِ وَالْإِسْنَادُ حَقِيقَةٌ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ مَنْ كَتَبَ اسْمَهُ عَلَى الْمَسْجِدِ الَّذِي بَنَاهُ كَانَ بَعِيدًا مِنَ الْإِخْلَاصِ وَفِي الزَّوَائِدِ حَدِيثُ عُمَرَ مُرْسَلٌ فَإِنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُرَاقَةَ رَوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَهُوَ جَدُّهُ لِأُمِّهِ وَلَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ قَالَهُ الْمِزِّيُّ فِي التَّهْذِيبِ وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ بِهَذَا الْحَدِيثِ.

736 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ) أَيْ فِي الشَّرَفِ وَالْفَضْلِ وَالتَّوْقِيْرِ لِأَنَّهُ جَزَاءُ الْمَسْجِدِ فَيَكُونُ مِثْلًا

لَهُ فِي صِفَاتِ الشَّرَفِ.

737 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عُثْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا مِنْ مَالِهِ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مِنْ مَالِهِ) فَيَخْرُجُ مَنْ بَاشَرَ الْبِنَاءَ لِغَيْرِهِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ حَدِيثِ عَلِيٍّ ضَعِيفٌ وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ مُدَلِّسٌ وَقَدْ رَوَاهُ بِالْعَنْعَنَةِ وَشَيْخُهُ ابْنُ لَهِيعَةَ ضَعِيفٌ.

738 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَشِيطٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ النَّوْفَلِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ أَوْ أَصْغَرَ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ) هُوَ مَوْضِعُهَا الَّذِي تُخَيِّمُ فِيهِ وَتَبِيضُ لِأَنَّهَا تَفْحَصُ عَنْهُ التُّرَابَ وَهَذَا مَذْكُورٌ لِإِفَادَةِ الْمُبَالَغَةِ فِي الصِّغَرِ وَإِلَّا فَأَقَلُّ الْمَسْجِدِ أَنْ يَكُونَ مَوْضِعًا لِصَلَاةِ وَاحِدٍ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[باب تشييد المساجد]

[بَاب تَشْيِيدِ الْمَسَاجِدِ] 739 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْجُمَحِيُّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَبَاهَى النَّاسُ فِي الْمَسَاجِدِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (حَتَّى يَتَبَاهَى) أَيْ يَتَفَاخَرُ فِي الْمَسَاجِدِ أَيْ فِي بِنَائِهَا أَوْ يَأْتُونَ بِهَذَا الْفِعْلِ الشَّنِيعِ وَهِيَ الْمُبَاهَاةُ بِمَا لَا يَنْبَغِي وَهُمْ جَالِسُونَ فِي الْمَسَاجِدِ وَعَلَى الثَّانِي لَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ الْمُبَاهَاةِ بِمَا ذَكَرْنَا وَلَا يُشْكِلُ الْأَمْرُ بِمَا عَلِمَ مِنْ حَالَةِ حَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ فَلْيُتَأَمَّلْ وَالْحَدِيثُ عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ مِمَّا يَشْهَدُ بِصِدْقِهِ الْوُجُودُ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُعْجِزَاتِ الْبَاهِرَةِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

740 - حَدَّثَنَا جُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَجَلِيُّ عَنْ لَيْثٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَاكُمْ سَتُشَرِّفُونَ مَسَاجِدَكُمْ بَعْدِي كَمَا شَرَّفَتْ الْيَهُودُ كَنَائِسَهَا وَكَمَا شَرَّفَتْ النَّصَارَى بِيَعَهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (سَتُشَرِّفُونَ) ضُبِطَ بِالتَّشْدِيدِ عَلَى أَنَّهُ مِنَ التَّشْرِيفِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ سَتَجْعَلُونَ بِنَاءَهَا عَالِيًا مُرْتَفِعًا، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ فِيهِ جُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ وَهُوَ كَذَّابٌ وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ بِسَنَدِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا بِغَيْرِ هَذَا السِّيَاقِ وَلَفْظُهُ «مَا أُمِرْتُ بِتَشْيِيدِ الْمَسَاجِدِ» أَيْ بِرَفْعِ بِنَائِهَا وَإِحْكَامِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ.

741 - حَدَّثَنَا جُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا سَاءَ عَمَلُ قَوْمٍ قَطُّ إِلَّا زَخْرَفُوا مَسَاجِدَهُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (زَخْرِفُوا) زَيِّنُوا بِتَمْوِيهِهَا بِالزُّخْرُفِ وَهُوَ الذَّهَبُ وَلَعَلَّ الْمَعْنَى إِذَا سَاءَ عَمَلُهُمْ بِأَنْ

تُعَلَّقَ هِمَّتُهُمْ بِعِمَارَةِ الْبُيُوتِ وَتَزْيِينِهَا يُفْضِيهِمْ ذَلِكَ إِلَى تَزْيِينِ الْمَسَاجِدِ أَيْضًا لِكَرَاهَتِهِمْ أَنْ تَكُونَ بُيُوتُهُمْ مُعَمَّرَةً مُنَقَّشَةً رَفِيعَةَ الْبِنَاءِ وَمَسَاجِدُهُمْ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ أَبُو إِسْحَاقَ كَانَ يُدَلِّسُ وَجُبَارَةُ كَذَّابٌ.

[باب أين يجوز بناء المساجد]

[بَاب أَيْنَ يَجُوزُ بِنَاءُ الْمَسَاجِدِ] 742 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ الضُّبَعِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «كَانَ مَوْضِعُ مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبَنِي النَّجَّارِ وَكَانَ فِيهِ نَخْلٌ وَمَقَابِرُ لِلْمُشْرِكِينَ فَقَالَ لَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَامِنُونِي بِهِ قَالُوا لَا نَأْخُذُ لَهُ ثَمَنًا أَبَدًا قَالَ فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْنِيهِ وَهُمْ يُنَاوِلُونَهُ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَلَا إِنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الْآخِرَهْ ... فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ قَالَ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي قَبْلَ أَنْ يَبْنِيَ الْمَسْجِدَ حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لِبَنِي النَّجَّارِ) اسْمُ قَبِيلَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ (ثَامِنُونِي بِهِ) أَيْ خُذُوا مِنَى الثَّمَنَ فِي مُقَابَلَتِهِ وَأَعْطُونِي بِهِ (لَا نَأْخُذُ لَهُ ثَمَنًا) أَيْ نُعْطِي تَقَرُّبًا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ظَاهِرُ الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُمْ أَخَذُوا ثَمَنَهُ لَكِنَّ أَهْلَ السِّيَرِ ذَكَرُوا أَنَّهُ أُخِذَ مِنْهُمْ بِالثَّمَنِ وَأَبُو بِكْرٍ أَعْطَاهُ قَوْلُهُ (يَبْنِيهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ كَانَ مُبَاشِرًا لِلْبِنَاءِ (يَقُولُ أَلَا إِنَّ الْعَيْشَ) تَسْهِيلٌ لِلْأَمْرِ عَلَيْهِمْ وَتَبْشِيْرٌ لَهُمْ بِمَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مِنَ الْخَيْرِ فِي مُقَابَلَةِ مَا هُمْ فِيهِ مِنْ صَالِحِ الْأَعْمَالِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - قَوْلُهُ (حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ) وَلَوْ فِي مَرَابِدِ الْغَنَمِ.

743 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو هَمَّامٍ الدَّلَّالُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ السَّائِبِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيَاضٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ أَنْ يَجْعَلَ مَسْجِدَ الطَّائِفِ حَيْثُ كَانَ طَاغِيَتُهُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (طَاغِيَتُهُمْ) هِيَ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنَ الْأَصْنَامِ وَغَيْرِهَا.

744 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَقَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «وَسُئِلَ عَنْ الْحِيطَانِ تُلْقَى فِيهَا الْعَذِرَاتُ فَقَالَ إِذَا سُقِيَتْ مِرَارًا فَصَلُّوا فِيهَا يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنِ الْحِيطَانِ) جَمْعُ حَائِطٍ أَيِ الْبَسَاتِينِ. قَوْلُهُ (إِذَا سُقِيَتْ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ (مِرَارًا) أَيْ بِحَيْثُ مَا بَقِيَ فِيهَا أَثَرُ النَّجَاسَةِ مِنْ كَثْرَةِ مَا مَرَّ عَلَيْهَا مِنَ الْمِيَاهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ كَانَ يُدَلِّسُ وَقَدْ رَوَاهُ بِالْعَنْعَنَةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب المواضع التي تكره فيها الصلاة]

[بَاب الْمَوَاضِعِ الَّتِي تُكْرَهُ فِيهَا الصَّلَاةُ] 745 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدٌ إِلَّا الْمَقْبَرَةَ وَالْحَمَّامَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِلَّا الْمَقْبَرَةَ) بِضَمِّ الْبَاءِ وَتُفْتَحُ مَوْضِعُ دَفْنِ الْمَوْتَى وَهَذَا لِاخْتِلَاطِ تُرَابِهَا بِصَدِيدِ الْمَوْتَى وَنَجَاسَاتِهِمْ فَإِنْ صَلَّى فِي مَكَانٍ طَاهِرٍ صَحَّتْ وَقَالَ بِظَاهِرِهِ جَمَاعَةٌ تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِيهَا مُطْلَقًا (وَالْحَمَّامُ) قِيلَ هَذَا فِي الْمَكَانِ النَّجَسِ مِنْهُ وَإِنْ صَلَّى فِي مَكَانٍ نَظِيفٍ فَلَا بَأْسَ وَالْمُرَادُ إِلَّا الْمَقْبَرَةَ وَالْحَمَّامَ وَمَا فِي مَعْنَاهَا فَلَا يُشْكِلُ الْحَصْرُ بِمَا سَيَجِيءُ.

746 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ زَيْدِ بْنِ جَبِيرَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُصَلَّى فِي سَبْعِ مَوَاطِنَ فِي الْمَزْبَلَةِ وَالْمَجْزَرَةِ وَالْمَقْبَرَةِ وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ وَالْحَمَّامِ وَمَعَاطِنِ الْإِبِلِ وَفَوْقَ الْكَعْبَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (الْمَزْبَلَةُ) بِفَتْحِ مِيمٍ وَتَثْلِيثِ مُوَحَّدَةٍ مَوْضِعٌ يُطْرَحُ فِيهِ الزِّبْلُ قَوْلُهُ (وَالْمَجْزَرَةُ) الْمَوْضِعُ الَّذِي يُنْحَرُ فِيهِ الْإِبِلُ وَيُذْبَحُ فِيهِ الْبَقَرُ وَالشَّاةُ نَهَى عَنْهَا لِأَجْلِ النَّجَاسَةِ الَّتِي فِيهَا مِنْ دِمَاءِ الذَّبَائِحِ وَأَرْوَاثِهَا وَجِيَفِهَا الْمُجَاوِرَةِ قَوْلُهُ (وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ) أَيِ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُقْرَعُ بِالْأَقْدَامِ مِنَ الطَّرِيقِ فَالْقَارِعَةُ لِلنِّسْبَةِ أَيْ ذَاتِ قَرْعٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ اخْتِلَافُ الْمَارَّةِ يُشْغِلُهُ عَنِ الصَّلَاةِ وَأَيْضًا قَلَّ مَا يَأْمَنُ مُرُورَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ قَوْلُهُ (وَمَعَاطِنِ الْإِبِلِ) أَيْ مَبَارِكِهَا حَوْلَ الْمَاءِ لِأَنَّهُ يُخَافُ نِفَارُ الْإِبِلِ وَشُرُودُهَا فَرُبَّمَا يُؤَدِّي ذَلِكَ إِلَى إِفْسَادِ الصَّلَاةِ قَوْلُهُ (وَفَوْقَ الْكَعْبَةِ) تَشْرِيفًا وَتَكْرِيْمًا لَهَا مِنْ أَنْ يَرْتَفِعَ أَحَدٌ فَوْقَهَا وَالنَّهْيُ لِلْكَرَاهَةِ فِي الْبَعْضِ وَعَدَمِ الصِّحَّةِ فِي الْبَعْضِ الْآخَرِ وَهُوَ مَانِعَةُ نَجَاسَتِهِ.

747 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ دَاوُدَ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْحُسَيْنِ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سَبْعُ مَوَاطِنَ لَا تَجُوزُ فِيهَا الصَّلَاةُ ظَاهِرُ بَيْتِ اللَّهِ وَالْمَقْبَرَةُ وَالْمَزْبَلَةُ وَالْمَجْزَرَةُ وَالْحَمَّامُ وَعَطَنُ الْإِبِلِ وَمَحَجَّةُ الطَّرِيقِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَا تَجُوزُ) قِيلَ مِثْلُهُ يَعُمُّ الْكَرَاهَةَ وَعَدَمَ الصِّحَّةِ فِي الْبَعْضِ الْآخَرِ وَعَطَنُ الْإِبِلِ بِفَتْحَتَيْنِ هُوَ مَبْرَكُ الْإِبِلِ حَوْلَ الْمَاءِ (وَمَحَجَّةُ الطَّرِيقِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ جَادَّةُ الطَّرِيقِ، قِيلَ هِيَ مِنَ الْحُجَّةِ بِمَعْنَى الْبُرْهَانِ.

[باب ما يكره في المساجد]

[بَاب مَا يُكْرَهُ فِي الْمَسَاجِدِ] 748 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ جَبِيرَةَ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خِصَالٌ لَا تَنْبَغِي فِي الْمَسْجِدِ لَا يُتَّخَذُ طَرِيقًا وَلَا يُشْهَرُ فِيهِ سِلَاحٌ وَلَا يُنْبَضُ فِيهِ بِقَوْسٍ وَلَا يُنْشَرُ فِيهِ نَبْلٌ وَلَا يُمَرُّ فِيهِ بِلَحْمٍ نِيءٍ وَلَا يُضْرَبُ فِيهِ حَدٌّ وَلَا يُقْتَصُّ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ وَلَا يُتَّخَذُ سُوقًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَا تَنْبَغِي) بِصِيغَةِ جَمْعِ الْإِنَاثِ مِنَ الِانْبِغَاءِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَا تَنْبَغِي التَّأْنِيثُ لِلْوَحْدَةِ قَوْلُهُ (لَا يُتَّخَذُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيِ الْمَسْجِدُ طَرِيقًا لِمُرُورِ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ وَلَا يُشْهَرُ مِنْ شَهَرَ سَيْفَهُ كَمَنَعَ وَيُشَدَّدُ أَيْ سَلَّ وَقَدْ جَاءَ قَتْلُ ابْنِ خَطَلٍ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ وَكَذَا جَاءَ لَعِبُ الْحَبَشَةِ بِحِرَابِهِمْ فِي الْمَسْجِدِ فَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ هَذَا الْحَدِيثِ بِمَا إِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ دَاعٍ صَالِحٌ أَوْ إِذَا كَانَ لِلْفِتْنَةِ وَنَحْوِهَا قَوْلُهُ (وَلَا يُنْبَضُ فِيهِ بِقَوْسٍ) هَكَذَا فِي بَعْضِ الْأُصُولِ الْمُعْتَمَدَةِ بِنُونٍ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ ثُمَّ ضَادٍ مُعْجَمَةٍ مِنْ أَنْبَضَتِ الْقَوْسُ وَأُنْبِضَتْ بِالْوَتَرِ إِذَا شَدَّدَتْهُ ثُمَّ أَرْسَلَتْهُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَا يُقْبَضُ مِنَ الْقَبْضِ بِالْقَافِ مَوْضِعَ النُّونِ قَوْلُهُ (نِيِّءٌ) بِكَسْرِ نُونٍ ثُمَّ يَاءٍ مُثَنَّاةٍ ثُمَّ هَمْزَةٍ أَيْ غَيْرِ مَطْبُوخٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَكْلَ فِيهِ جَائِزٌ عِنْدَ الْحَاجَةِ فَيَجُوزُ إِدْخَالُ الْمَطْبُوخِ لِذَلِكَ بِخِلَافِ غَيْرِهِ قَوْلُهُ (وَلَا يُتَّخَذُ سُوقًا) أَيْ مَوْضِعًا لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى ضَعْفِ زَيْدِ بْنِ حَيْوَةَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ ضَعِيفٌ.

749 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْكِنْدِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْبَيْعِ وَالِابْتِيَاعِ وَعَنْ تَنَاشُدِ الْأَشْعَارِ فِي الْمَسَاجِدِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَالِابْتِيَاعُ) أَيِ الشِّرَاءُ وَعَنْ تَنَاشُدِ الْأَشْعَارِ وَهُوَ أَنْ يُنْشِدَ كُلُّ وَاحِدٍ صَاحِبَهُ شِعْرًا لِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ افْتِخَارًا أَوْ مُبَاهَاةً أَوْ عَلَى وَجْهِ التَّفِلَةِ وَبِالْجُمْلَةِ مَا كَانَ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ فَجَائِزٌ وَمِنْهُ إِنْشَادُ حَسَّانٍ، وَغَيْرُهُ غَيْرُ لَائِقٍ.

750 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ نَبْهَانَ حَدَّثَنَا عُتْبَةُ بْنُ يَقْظَانَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ صِبْيَانَكُمْ وَمَجَانِينَكُمْ وَشِرَاءَكُمْ وَبَيْعَكُمْ وَخُصُومَاتِكُمْ وَرَفْعَ أَصْوَاتِكُمْ وَإِقَامَةَ حُدُودِكُمْ وَسَلَّ سُيُوفِكُمْ وَاتَّخِذُوا عَلَى أَبْوَابِهَا الْمَطَاهِرَ وَجَمِّرُوهَا فِي الْجُمَعِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (جَنِّبُوا) مِنَ التَّجْنِيبِ أَيْ بَعِّدُوا هَذِهِ الْأَشْيَاءَ عَنِ الْمَسَاجِدِ إِذِ الْكُلُّ لَا تَلِيقُ بِالْمَسَاجِدِ. قَوْلُهُ (الْمَطَاهِرُ) مَحَلٌّ يَتَوَضَّأُ فِيهَا الْمُحْتَاجُ وَيَقْضِي حَاجَتَهُ (وَجَمِّرُوهَا) مِنَ التَّجْمِيرِ أَيْ بَخِّرُوهَا وَذَلِكَ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ يَوْمُ الِاجْتِمَاعِ فَرُبَّمَا بَعْضُهُمْ يُؤْذِي بِهِ بَعْضًا مِنْ كَثْرَةِ الزِّحَامِ وَبِالْبَخُورِ يَنْدَفِعُ ذَلِكَ فَهُوَ

أَحْسَنُ وَأَيْضًا فَتَحْضُرُ الْمَلَائِكَةُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهُمْ يُحِبُّونَ الرَّائِحَةَ الطَّيِّبَةَ وَقَدْ جَاءَ التَّبْخِيرُ فِي وَقْتِهَا لِلصَّحَابَةِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ فَإِنَّ الْحَارِثَ بْنَ نَبْهَانَ مُتَّفَقٌ عَلَى ضَعْفِهِ.

[باب النوم في المسجد]

[بَاب النَّوْمِ فِي الْمَسْجِدِ] 751 - حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «كُنَّا نَنَامُ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (كُنَّا نَنَامُ إِلَخْ) هَذَا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُقَرِّرُهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ جَاءَ فِيمَنْ كَرِهَ النَّوْمَ فِي الْمَسْجِدِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ فِي الصِّحَاحِ بِحَيْثُ لَا يَرْتَابُ الْمُسْلِمُ فِي عَدَمِ كَرَاهَتِهِ فَلَعَلَّ قَوْلَ الْفُقَهَاءِ عَلَى حَسَبِ وَقْتِهِمْ.

752 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ يَعِيشَ بْنَ قَيْسِ بْنِ طِخْفَةَ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ قَالَ «قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْطَلِقُوا فَانْطَلَقْنَا إِلَى بَيْتِ عَائِشَةَ وَأَكَلْنَا وَشَرِبْنَا فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ شِئْتُمْ نِمْتُمْ هَا هُنَا وَإِنْ شِئْتُمْ انْطَلَقْتُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ قَالَ فَقُلْنَا بَلْ نَنْطَلِقُ إِلَى الْمَسْجِدِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (نِمْتُمْ هَاهُنَا) مِنَ النَّوْمِ بِكَسْرِ النُّونِ انْطَلَقْتُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ أَيْ وَنِمْتُمْ فِيهِ وَهَذَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ فَلِذَلِكَ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ.

[باب أي مسجد وضع أول]

[بَاب أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ أَوَّلُ] 753 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ قَالَ «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ أَوَّلُ قَالَ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ قَالَ قُلْتُ ثُمَّ أَيٌّ قَالَ ثُمَّ الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى قُلْتُ كَمْ بَيْنَهُمَا قَالَ أَرْبَعُونَ عَامًا ثُمَّ الْأَرْضُ لَكَ مُصَلًّى فَصَلِّ حَيْثُ مَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وُضِعَ أَوَّلُ) بِالْبِنَاءِ عَلَى الضَّمَّةِ مِثْلُ قَبْلُ (قَالَ أَرْبَعُونَ عَامًا) قَالُوا لَيْسَ الْمُرَادُ بِنَاءَ إِبْرَاهِيمَ لِلْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَبِنَاءَ سُلَيْمَانَ لِلْمَسْجِدِ الْأَقْصَى فَإِنَّ بَيْنَهُمَا مُدَّةً طَوِيلَةً بِلَا رَيْبَ بَلِ الْمُرَادُ بِنَاؤُهَا قَبْلَ هَذَيْنَ الْبِنَاءَيْنِ قَوْلُهُ (ثُمَّ الْأَرْضُ لَكَ مَسْجِدٌ) كَلِمَةُ ثُمَّ لِلتَّرَاخِي بِالْإِخْبَارِ وَالْمُرَادُ أَنَّهَا كُلُّهَا مَسْجِدٌ مَا دَامَتْ عَلَى الْحَالَةِ الْأَصْلِيَّةِ الَّتِي خُلِقَتْ عَلَيْهَا وَأَمَّا إِذَا تَنَجَّسَتْ فَلَا، ذَكَرَهُ لِبَيَانِ أَنَّهُ لَا يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ لِإِدْرَاكِ فَضْلِ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب المساجد في الدور]

[بَاب الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ] 754 - حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ الْأَنْصَارِيِّ «وَكَانَ قَدْ عَقَلَ مَجَّةً مَجَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ دَلْوٍ فِي بِئْرٍ لَهُمْ عَنْ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ السَّالِمِيِّ وَكَانَ إِمَامَ قَوْمِهِ بَنِي سَالِمٍ وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي قَدْ أَنْكَرْتُ مِنْ بَصَرِي وَإِنَّ السَّيْلَ يَأْتِي فَيَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَ مَسْجِدِ قَوْمِي وَيَشُقُّ عَلَيَّ اجْتِيَازُهُ فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَأْتِيَنِي فَتُصَلِّيَ فِي بَيْتِي مَكَانًا أَتَّخِذُهُ مُصَلًّى فَافْعَلْ قَالَ أَفْعَلُ فَغَدَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ بَعْدَ مَا اشْتَدَّ النَّهَارُ وَاسْتَأْذَنَ فَأَذِنْتُ لَهُ وَلَمْ يَجْلِسْ حَتَّى قَالَ أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ لَكَ مِنْ بَيْتِكَ فَأَشَرْتُ لَهُ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي أُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ فِيهِ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَفَفْنَا خَلْفَهُ فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ احْتَبَسْتُهُ عَلَى خَزِيرَةٍ تُصْنَعُ لَهُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَوِ الضَّمِّ قَوْلُهُ (قَدْ أَنْكَرْتُ مِنْ بَصَرِي) أَرَادَ بِهِ ضَعْفَ بَصَرِهِ كَمَا لِمُسْلِمٍ وَمَا جَاءَ مِنَ الْعَمَى فَلَعَلَّ الْمُرَادَ مُقَدِّمَاتُهُ قَوْلُهُ (اجْتِيَازُهُ) أَيْ تَعْدِيَتُهُ وَالذَّهَابُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَإِنْ رَأَيْتَ فِيهِ تَفْوِيضَ الْأَمْرِ إِلَيْهِ وَهُوَ أَحْسَنُ عِنْدَ الْعُظَمَاءِ فِي الطَّلَبِ لَا يَجُوزُ مِثْلُهُ فِي الدُّعَاءِ قَوْلُهُ (فَغَدَا عَلَيَّ) أَيْ جَاءَ أَوَّلَ النَّهَارِ عِنْدِي وَأَبُو بَكْرٍ قَدْ جَاءَ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ عُمَرُ أَيْضًا وَغَيْرُهُ فَلَعَلَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى ذِكْرِ أَبِي بِكْرٍ لِأَنَّهُ الرَّفِيقُ الْأَوَّلُ مِنَ الْبَيْتِ وَغَيْرِهِمْ لَحِقُوهُ فِي الطَّرِيقِ كَذَا قِيلَ قَوْلُهُ (وَصَفَفْنَا خَلْفَهُ) فِيهِ أَنَّ النَّافِلَةَ بِجَمَاعَةٍ فِي النَّهَارِ مَشْرُوعَةٌ وَقَدْ جَاءَ كَثْرَةُ الْجَمَاعَةِ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ، فَعَدُّ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ إِيَّاهَا بِدْعَةً لَا يَخْلُو عَنْ إِشْكَالٍ قَوْلُهُ (عَلَى خَزِيرَةٍ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ طَعَامٌ يُتَّخَذُ مِنْ لَحْمٍ يُقَطَّعُ صِغَارًا ثُمَّ يُطْبَخُ وَيُجْعَلُ عَلَيْهِ دَقِيقٌ.

755 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْفَضْلِ الْخُرْقِي حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ أَرْسَلَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَعَالَ فَخُطَّ لِي مَسْجِدًا فِي دَارِي أُصَلِّي فِيهِ وَذَلِكَ بَعْدَ مَا عَمِيَ فَجَاءَ فَفَعَلَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَخَطَّ لِي) أَيْ عَيَّنَ لِي بِالصَّلَاةِ فِيهِ أُصَلِّي فِيهِ صِفَةُ مَسْجِدٍ أَلَا وَالْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ حَدِيثِ عِتْبَانَ وَالرَّجُلُ الْمُبْهَمُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ عِتْبَانُ وَإِنَّمَا أَوْرَدْتُهُ لِكَوْنِهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي هُرَيْرَةَ قُلْتُ وَلَا يُشْكِلُ بِمَا فِي حَدِيثِ عِتْبَانَ أَنَّهُ جَاءَ إِلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ أَرْسَلَ إِلَيْهِ يَجُوزُ أَنَّهُ جَاءَ أَوَّلًا ثُمَّ أَرْسَلَ ثَانِيًا أَوْ بِالْعَكْسِ لِزِيَادَةِ التَّوْكِيدِ، كَيْفَ

وَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَاتِ حَدِيثِ عِتْبَانَ أَنَّهُ أَرْسَلَ.

756 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ الْجَارُودِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «صَنَعَ بَعْضُ عُمُومَتِي لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا فَقَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي أُحِبُّ أَنْ تَأْكُلَ فِي بَيْتِي وَتُصَلِّيَ فِيهِ قَالَ فَأَتَاهُ وَفِي الْبَيْتِ فَحْلٌ مِنْ هَذِهِ الْفُحُولِ فَأَمَرَ بِنَاحِيَةٍ مِنْهُ فَكُنِسَ وَرُشَّ فَصَلَّى وَصَلَّيْنَا مَعَهُ» قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ بْن مَاجَةَ الْفَحْلُ هُوَ الْحَصِيرُ الَّذِي قَدْ اسْوَدَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَحْلٌ) هُوَ الذَّكَرُ أُرِيدَ هَاهُنَا الْحَصِيرُ الْمُتَّخَذُ مِنْ سَعَفِ ذَكَرِ النَّخْلِ فَجَازَ التَّذْكِيرُ (فَكُنِسَ) أَيْ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ مِنَ الْبَيْتِ (وَرُشَّ) وَيُحْتَمَلُ أَنَّ ضَمِيرَ رُشَّ لِلْمَاءِ كَمَا جَاءَ صَرِيحًا فِي رِوَايَاتٍ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَلَهُ أَصْلٌ فِي الصَّحِيحِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب تطهير المساجد وتطييبها]

[بَاب تَطْهِيرِ الْمَسَاجِدِ وَتَطْيِيبِهَا] 757 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي الْجَوْنِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ الْمَدَنِيُّ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَخْرَجَ أَذًى مِنْ الْمَسْجِدِ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَخْرَجَ أَذًى) يَشْمَلُ كُلَّ مَا لَا يَلِيقُ وُجُودُهُ فِي الْمَسْجِدِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ فِيهِ انْقِطَاعٌ وَلِينٌ فَإِنَّ فِيهِ سَلْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَهُوَ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ فِيهِ لِينٌ.

758 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرِ بْنِ الْحَكَمِ وَأَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ قَالَا حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ سُعَيْرٍ أَنْبَأَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِالْمَسَاجِدِ أَنْ تُبْنَى فِي الدُّورِ وَأَنْ تُطَهَّرَ وَتُطَيَّبَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَنْ تُبْنَى فِي الدُّورِ) قِيلَ أَرَادَ بِالدُّورِ الْقَبَائِلَ وَأَنْ تُطَهَّرَ وَتُطَيَّبَ هُمَا عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَمَرَ بِذَلِكَ لِكَوْنِهَا مَحَالًّا لِحُضُورِ الْمَلَائِكَةِ.

759 - حَدَّثَنَا رِزْقُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَقَ الْحَضْرَمِيُّ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُتَّخَذَ الْمَسَاجِدُ فِي الدُّورِ وَأَنْ تُطَهَّرَ وَتُطَيَّبَ»

760 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ إِيَاسٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ أَوَّلُ مَنْ أَسْرَجَ فِي الْمَسَاجِدِ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَوَّلُ مَنْ أَسْرَجَ) فِي الزَّوَائِدِ هُوَ مَوْقُوفٌ وَفِي إِسْنَادِهِ خَالِدُ بْنُ إِيَاسٍ اتَّفَقُوا عَلَى ضَعْفِهِ.

[باب كراهية النخامة في المسجد]

[بَاب كَرَاهِيَةِ النُّخَامَةِ فِي الْمَسْجِدِ] 761 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِيُّ أَبُو مَرْوَانَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُمَا أَخْبَرَاهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى نُخَامَةً فِي جِدَارِ الْمَسْجِدِ فَتَنَاوَلَ حَصَاةً فَحَكَّهَا ثُمَّ قَالَ إِذَا تَنَخَّمَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَتَنَخَّمَنَّ قِبَلَ وَجْهِهِ وَلَا عَنْ يَمِينِهِ وَلْيَبْزُقْ عَنْ شِمَالِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (رَأَى نُخَامَةً) قِيلَ هِيَ مَا يَخْرُجُ مِنَ الصَّدْرِ وَقِيلَ النُّخَاعَةُ بِالْعَيْنِ مِنَ الصَّدْرِ وَبِالْمِيمِ مِنَ الرَّأْسِ

قَوْلُهُ (فَحَكَّهَا) أَيْ أَزَالَهَا (قِبَلَ وَجْهِهِ) تَعْظِيمًا لِجِهَةِ الْمُنَاجَاةِ مَعَهُ تَعَالَى قَوْلُهُ (وَلَا عَنْ يَمِينِهِ) مُرَاعَاةً مَلَكَ الْيَمِينِ إِمَّا لِأَنَّهُ كَاتِبُ الْحَسَنَاتِ وَهُوَ كَوْنُهُ مُحْسِنًا فِي حَقِّ الْإِنْسَانِ ظَاهِرًا سِيَّمَا فِي حَالَةِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا مِنْ أَعْظَمِ الْحَسَنَاتِ يَنْبَغِي مُرَاعَاتُهُ أَوْ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ رُتْبَةً فَيَسْتَحِقُّ مِنَ التَّأَدُّبِ فَوْقَ مَا يَسْتَحِقُّهُ الْآخَرُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ مَلَكٌ آخَرَ مَخْصُوصٌ حُضُورُهُ بِحَالَةِ الْمُنَاجَاةِ قَوْلُهُ (وَلْيَبْزُقْ) مِنْ بَابِ نَصَرَ (عَنْ شِمَالِهِ) ظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ يَعُمُّ الْمَسْجِدَ وَغَيْرَهُ بَلِ الْوَاقِعُ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ لَيْسَ مُعَلَّلًا بِتَعْظِيمِ الْمَسْجِدِ وَإِلَّا لَكَانَ الْيَمِينُ وَالْيَسَارُ سَوَاءً بَلِ الْمَنْعُ عَنْ تِلْقَاءِ وَجْهِهِ لِلتَّعْظِيمِ بِحَالَةِ الْمُنَاجَاةِ مَعَ الرَّبِّ وَعَنِ الْيَمِينِ لِلتَّأَدُّبِ مَعَ مَلَكِ الْيَمِينِ لِمَا سَبَقَ.

762 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَرِيفٍ حَدَّثَنَا عَائِذُ بْنُ حَبِيبٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ فَغَضِبَ حَتَّى احْمَرَّ وَجْهُهُ فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَحَكَّتْهَا وَجَعَلَتْ مَكَانَهَا خَلُوقًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَحْسَنَ هَذَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (خَلُوقًا) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ طِيبٌ مُرَكَّبٌ يُتَّخَذُ مِنَ الزَّعْفَرَانِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الطِّيبِ.

763 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ الْمِصْرِيُّ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ «رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ وَهُوَ يُصَلِّي بَيْنَ يَدَيْ النَّاسِ فَحَتَّهَا ثُمَّ قَالَ حِينَ انْصَرَفَ مِنْ الصَّلَاةِ إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا كَانَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ فَلَا يَتَنَخَّمَنَّ أَحَدُكُمْ قِبَلَ وَجْهِهِ فِي الصَّلَاةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (بَيْنَ يَدَيِ النَّاسِ) أَيْ إِمَامًا لَهُمْ (كَانَ اللَّهُ قِبَلَ وَجْهِهِ) أَيْ أَنَّهُ يُنَاجِيهِ وَيُقْبِلُ عَلَيْهِ تَعَالَى فِي تِلْكَ الْجِهَةِ وَهُوَ تَعَالَى مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ كَأَنَّهُ فِي تِلْكَ الْجِهَةِ فَلَا يَلِيقُ إِلْقَاءَ النُّخَامَةِ فِيهَا.

764 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَكَّ بُزَاقًا فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (حَكَّ بُصَاقًا) قَالَ فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَالْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب النهي عن إنشاد الضوال في المساجد]

[بَاب النَّهْيِ عَنْ إِنْشَادِ الضَّوَالِّ فِي الْمَسَاجِدِ] 765 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ أَبِي سِنَانٍ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَجُلٌ مَنْ دَعَا إِلَى الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا وَجَدْتَهُ إِنَّمَا بُنِيَتْ الْمَسَاجِدُ لِمَا بُنِيَتْ لَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَنْ دَعَا إِلَى الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ) أَيْ مَنْ وَجَدَ الْجَمَلَ الْأَحْمَرَ فَيَدْعُو النَّاسَ إِلَيْهِ فَلْيُعْطِي

فَإِنَّهُ لِي وَضُبِطَ لِيَّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ عَلَى مَعْنَى مَنْ سَاقَ لِي الْجَمَلَ الْأَحْمَرَ وَهُوَ بَعِيدٌ وَخِلَافُ الْمَشْهُورِ قَوْلُهُ (لَا وَجَدْتَهُ) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ دُعَاءٌ عَلَيْهِ فَكَلِمَةُ لَا لِنَفْيِ الْمَاضِي وَدُخُولُهَا عَلَى الْمَاضِي بِلَا تَكْرَارٍ فِي الدُّعَاءِ جَائِزٌ وَفِي غَيْرِ الدُّعَاءِ الْغَالِبِ هُوَ التَّكْرَارُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى} [القيامة: 31] وَيُحْتَمَلُ أَنَّ لَا نَاهِيَةٌ أَيْ لَا تَنْشُدْ وَقَوْلُهُ وَجَدْتَهُ دُعَاءٌ لِإِظْهَارِ أَنَّ النَّهْيَ مِنْهُ نُصْحٌ لَهُ إِذِ الدَّاعِي بِخَيْرِ لَا يُنْهَى إِلَّا نُصْحًا لَكِنَّ اللَّائِقَ حِينَئِذٍ الْفَصْلُ بِأَنْ يُقَالُ لَا وَوَجَدْتَهُ لِأَنَّ تَرْكَهُ يُوهِمُ، إِلَّا أَنْ يُقَالَ الْمَوْضِعُ زَجْرٌ فَلَا بِدَعَ بِتَرْكِهِ الْإِيهَامَ لِكَوْنِهِ إِيهَامُ شَيْءٍ هُوَ آكَدُ فِي الزَّجْرِ قَوْلُهُ (لِمَا بُنِيَتْ لَهُ) أَيْ مِنَ الْأُمُورِ الْمَعْلُومَةِ وَهَذَا لَيْسَ مِنْهُ فَلَا يَنْبَغِي إِيقَاعُهُ فِي الْمَسْجِدِ.

766 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَعِيلَ جَمِيعًا عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ إِنْشَادِ الضَّالَّةِ فِي الْمَسْجِدِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِنْشَادُ الضَّالَّةِ) أَيْ طَلَبَهَا وَرَفْعُ الصَّوْتِ بِهَا.

767 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَسَدِيِّ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ سَمِعَ رَجُلًا يَنْشُدُ ضَالَّةً فِي الْمَسْجِدِ فَلْيَقُلْ لَا رَدَّ اللَّهُ عَلَيْكَ فَإِنَّ الْمَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهَذَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يَنْشُدُ) كَيَطْلُبُ لَفْظًا وَمَعْنَى وَأَمَّا الْإِنْشَادُ فَمَعْنَاهُ الْمَشْهُورُ التَّعْرِيفُ لَا الطَّلَبُ وَالسُّؤَالُ قَوْلُهُ (فَإِنَّ الْمَسَاجِدَ) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ فِي حَيِّزِ الْقَوْلِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَهُ الْقَائِلُ تَعْلِيلًا لِقَوْلِهِ وَيُؤَيِّدُهُ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ فَلْيَقُلْ فَلَا حَاجَةَ إِلَى أَنْ يَقُولَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب الصلاة في أعطان الإبل ومراح الغنم]

[بَاب الصَّلَاةِ فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ وَمُرَاحِ الْغَنَمِ] 768 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَا حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ لَمْ تَجِدُوا إِلَّا مَرَابِضَ الْغَنَمِ وَأَعْطَانَ الْإِبِلِ فَصَلُّوا فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ وَلَا تُصَلُّوا فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَرَابِضُ الْغَنَمِ) أَيْ مَأْوَاهَا فِي اللَّيْلِ (وَأَعْطَانُ الْإِبِلِ) أَيْ مَبَارِكُهَا حَوْلَ الْمَاءِ قَالُوا لَيْسَ عِلَّةُ الْمَنْعِ فِي الْأَعْطَانِ نَجَاسَةَ الْمَكَانِ إِذْ لَا فَرْقَ حِينَئِذٍ بَيْنَ الْمَرَابِضِ وَالْأَعْطَانِ وَإِنَّمَا الْعِلَّةُ شِدَّةُ نِفَارِ الْإِبِلِ فَقَدْ يُؤَدِّي ذَلِكَ

إِلَى بُطْلَانِ الصَّلَاةِ أَوْ قَطْعِ الْخُشُوعِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَلِذَلِكَ جَاءَ أَنَّهَا مِنَ الشَّيَاطِينِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.

769 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ يُونُسَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِيِّ قَالَ «قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلُّوا فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ وَلَا تُصَلُّوا فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ فَإِنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ الشَّيَاطِينِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَإِنَّهَا خُلِقَتْ مِنَ الشَّيَاطِينِ) أَيْ إِنَّهَا لِمَا فِيهَا مِنَ النِّفَارِ وَالشُّرُورِ بِمَا أَفْسَدَتْ عَلَى الْمُصَلِّي صَلَاتَهُ فَصَارَتْ كَأَنَّهَا فِي حَقِّ الْمُصَلِّي مِنْ جِنْسِ الشَّيَاطِينِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ الْمُصَنِّفِ فِيهِ مَقَالٌ وَأَصْلُ الْحَدِيثِ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مُقْتَصِرًا عَلَى النَّهْيِ عَنْ أَعْطَانِ الْإِبِلِ.

770 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ الْجُهَنِيُّ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يُصَلَّى فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ وَيُصَلَّى فِي مُرَاحِ الْغَنَمِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَرَاحُ الْغَنَمِ) قَالَ السُّيُوطِيُّ هُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَرُوحُ إِلَيْهِ وَتَأْوِي إِلَيْهِ لَيْلًا، وَالْحَدِيثُ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الزَّوَائِدِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى إِسْنَادِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب الدعاء عند دخول المسجد]

[بَاب الدُّعَاءِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ] 771 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ لَيْثٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أُمِّهِ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ وَإِذَا خَرَجَ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ فَضْلِكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ أُمِّهِ عَنْ فَاطِمَةَ إِلَخْ) أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ وَفَاطِمَةُ الْكُبْرَى جَدَّةُ هَذِهِ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ بَعْدَ تَخْرِيجِ هَذَا الْحَدِيثِ أَيْ حَدِيثِ فَاطِمَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَلَيْسَ إِسْنَادُهُ بِمُتَّصِلٍ وَفَاطِمَةُ بِنْتُ الْحُسَيْنِ لَمْ تُدْرِكْ فَاطِمَةَ الْكُبْرَى إِذْ عَاشَتْ فَاطِمَةُ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَشْهُرًا قَوْلُهُ (وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) تَشْرِيعًا لِلْأُمَّةِ وَبَيَانًا لِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْأُمَّةِ حَتَّى فِي ابْتِغَاءِ السَّلَامِ عَلَى نَفْسِهِ إِلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ وَإِنَّمَا شُرِعَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ دُخُولِ الْمُصَلِّي الْمَسْجِدَ وَعِنْدَ خُرُوجِهِ لِأَنَّهُ السَّبَبُ فِي دُخُولِهِ الْمَسْجِدَ وَوُصُولِهِ الْخَيْرَ الْعَظِيمَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَهُ بِالْخَيْرِ وَتَخْصِيصِ الرَّحْمَةِ بِالدُّخُولِ وَالْفَضْلِ بِالْخُرُوجِ لِأَنَّ الدُّخُولَ وُضِعَ لِتَحْصِيلِ الرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ وَخَارِجُ الْمَسْجِدِ هُوَ مَحَلُّ الطَّلَبِ لِلرِّزْقِ وَهُوَ

الْمُرَادُ بِالْفَضْلِ.

772 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ الْحِمْصِيُّ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الضَّحَّاكِ قَالَا حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلْيُسَلِّمْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ لِيَقُلْ اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ وَإِذَا خَرَجَ فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَلْيُسَلِّمْ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وَالْأَمْرُ لِلنَّدَبِ وَلَا يَخْتَصُّ هَذَا بِمَسْجِدِهِ بَلْ يَعُمُّ الْمَسَاجِدَ كُلَّهَا نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ فِي مَسْجِدِهِ آكَدُ.

773 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنِي سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلْيُسَلِّمْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ وَإِذَا خَرَجَ فَلْيُسَلِّمْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ اعْصِمْنِي مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَلْيَقُلِ اللَّهُمَّ اعْصِمْنِي إِلَخْ) وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[باب المشي إلى الصلاة]

[بَاب الْمَشْيِ إِلَى الصَّلَاةِ] 774 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ لَا يَنْهَزُهُ إِلَّا الصَّلَاةُ لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً وَحَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً حَتَّى يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ كَانَ فِي صَلَاةٍ مَا كَانَتْ الصَّلَاةُ تَحْبِسُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَا يَنْهَزَهُ) مِنْ نَهَزَ بِالزَّايِ الْمُعْجَمَةِ كَمَنَعَ لَا يَدْفَعُهُ مِنْ بَيْتِهِ وَلَا يُخْرِجُهُ إِلَّا الصَّلَاةَ وَجُمْلَةُ لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ كَالتَّفْسِيرِ لِهَذِهِ الْجُمْلَةِ بِحَسَبِ الْمَعْنَى قَوْلُهُ (لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ لِلْمَرَّةِ (مَا كَانَتِ الصَّلَاةُ تَحْبِسُهُ) أَيْ مَا دَامَ فِي الْمَسْجِدِ قَاعِدًا لِأَجْلِهَا.

775 - حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ الْعُثْمَانِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ وَأْتُوهَا تَمْشُونَ وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ إِنَّمَا ذَكَرَ لِأَنَّهُ مَحَلُّ تَوَهُّمِ جَوَازِ الْإِسْرَاعِ لِإِدْرَاكِ أَوَّلِ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ فَإِذَا لَمْ يَجُزِ الْإِسْرَاعُ مَعَ وُجُودِ هَذِهِ الْمَصْلَحَةِ فَعِنْدَ انْتِفَائِهَا بِالْأَوْلَى فَفِي هَذَا التَّقْيِيدِ إِفَادَةُ أَنَّ الْإِسْرَاعَ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ وَالْمُرَادُ بِالسَّعْيِ فِي الْحَدِيثِ الْإِسْرَاعُ وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى مُطْلَقِ الْمَشْيِ وَهُوَ الْمُرَادُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] فَلَا تَنَافِي بَيْنَ الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ فِي الذَّهَابِ إِلَى الْجُمُعَةِ قَوْلُهُ (تَمْشُونَ) الْمَشْيُ وَإِنْ كَانَ يَعُمُّ الْإِسْرَاعَ لَكِنَّ التَّقْيِيدَ بِقَوْلِهِ وَعَلَيْكُمْ خَصَّهُ بِغَيْرِهِ وَلَوْلَا التَّقْيِيدُ صَرِيحًا لَا تَكْفِي الْمُقَابَلَةُ فِي إِفَادَتِهِ فَأَتِمُّوا وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ

فَاقْضُوا وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي الْمَسْبُوقِ هَلْ مَا يُصَلِّي بَعْدَ الْإِمَامِ أَوَّلَ صَلَاتِهِ أَمْ آخِرَهَا فَمَنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ اسْتَدَلَّ بِرِوَايَةِ اقْضُوا وَمَنْ قَالَ بِالْآخَرِ اسْتَدَلَّ بِرِوَايَةِ أَتِمُّوا، أُجِيبُ بِأَنَّ الْقَضَاءَ هُوَ الْأَدَاءُ فِي الْأَصْلِ قَالَ تَعَالَى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ - فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ} [البقرة: 10 - 200] وَالْقَضَاءُ بَيْنُهُمَا اصْطِلَاحُ الْفُقَهَاءِ وَهُوَ حَادِثٌ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ.

776 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يُكَفِّرُ اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَزِيدُ بِهِ فِي الْحَسَنَاتِ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عِنْدَ الْمَكَارِهِ وَكَثْرَةُ الْخُطَى إِلَى الْمَسَاجِدِ وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَلَا أَدُلُّكُمْ إِلَخْ) قَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ فِي أَبْوَابِ الطَّهَارَةِ قَرِيبًا، وَفِي الزَّوَائِدِ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَلَهُ شَاهِدٌ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ.

777 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْهَجَرِيِّ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ غَدًا مُسْلِمًا فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ فَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى وَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُنَنَ الْهُدَى وَلَعَمْرِي لَوْ أَنَّ كُلَّكُمْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ وَلَقَدْ رَأَيْتُ الرَّجُلَ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يَدْخُلَ فِي الصَّفِّ وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ فَيَعْمِدُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَيُصَلِّي فِيهِ فَمَا يَخْطُو خَطْوَةً إِلَّا رَفَعَ اللَّهُ لَهُ بِهَا دَرَجَةً وَحَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ) أَيْ فِي الْمَسَاجِدِ مَعَ الْجُمُعَةِ. قَوْلُهُ (مِنْ سُنَنِ الْهُدَى) أَيْ طُرُقِهَا وَلَمْ يُرِدِ السُّنَّةَ الْمُتَعَارَفَةَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ تِلْكَ السُّنَّةَ بِالنَّظَرِ إِلَى الْجَمَاعَةِ قَوْلُهُ (لَضَلَلْتُمْ) وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ لَكَفَرْتُمْ وَهُوَ عَلَى التَّغْلِيظِ أَوْ عَلَى التَّرْكِ تَهَاوُنًا وَقِلَّةَ مُبَالَاةٍ وَعَدَمَ اعْتِمَادِهَا حَقًّا أَوْ لَفَعَلْتُمْ فِعْلَ الْكَفَرَةِ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ أَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى الْكُفْرِ بِأَنْ تَتْرُكُوا شَيْئًا فَشَيْئًا حَتَّى تَخْرُجُوا عَنِ الْمِلَّةِ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهُ قَوْلُهُ (يُهَادَى) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيْ يُؤْخَذُ مِنْ جَانِبَيْهِ فَيَمْشِي بِهِ إِلَى الْمَسْجِدِ مِنْ ضَعْفِهِ.

778 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التُّسْتَرِيُّ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْمُوَفَّقِ أَبُو الْجَهْمِ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ إِلَى الصَّلَاةِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْكَ وَأَسْأَلُكَ بِحَقِّ مَمْشَايَ هَذَا فَإِنِّي لَمْ أَخْرُجْ أَشَرًا وَلَا بَطَرًا وَلَا رِيَاءً وَلَا سُمْعَةً وَخَرَجْتُ اتِّقَاءَ سُخْطِكَ وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ فَأَسْأَلُكَ أَنْ تُعِيذَنِي مِنْ النَّارِ وَأَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ أَقْبَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ وَاسْتَغْفَرَ لَهُ سَبْعُونَ أَلْفِ مَلَكٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْكَ) أَيْ مُتَوَسِّلًا إِلَيْكَ فِي قَضَاءِ الْحَاجَةِ،

وَإِمْضَاءِ الْمَسْأَلَةِ بِمَا لِلسَّائِلِينَ عِنْدَكَ مِنَ الْفَضْلِ الَّذِي يَسْتَحِقُّونَهُ عَلَيْكَ بِمُقْتَضَى فَضْلِكَ وَوَعْدِكَ وَجُودِكَ وَإِحْسَانِكَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْوُجُوبُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ عَلَيْهِ تَعَالَى لَكِنْ لِإِيهَامِهِ الْوُجُوبَ بِالنَّظَرِ إِلَى الْأَفْهَامِ الْقَاصِرَةِ يَحْتَرِزُ عَنْهُ عُلَمَاؤُنَا الْحَنَفِيَّةُ وَيَرَوْنَ إِطْلَاقَهُ لَا يَخْلُو عَنْ كَرَاهَةٍ وَسَيَجِيءُ الْجَوَابُ عَنِ الْحَدِيثِ قَوْلُهُ (أَشَرًا) بِفَتْحَتَيْنِ أَيِ افْتِخَارًا قَوْلُهُ (وَلَا بَطَرًا) بِفَتْحَتَيْنِ إِعْجَابُهُ، وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادُهُ مُسَلْسَلٌ بِالضُّعَفَاءِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْعَوْفِيُّ وَفُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ وَالْفَضْلُ بْنُ الْمُوَفَّقِ كُلُّهُمْ ضُعَفَاءُ لَكِنْ رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ فُضَيْلِ بْنِ مَرْزُوقٍ فَهُوَ صَحِيحٌ عِنْدَهُ. قَوْلُهُ (الْمَشَّائِينَ) مِنْ صِيَغِ الْمُبَالَغَةِ وَالْمُرَادُ مِنْهُ كَثْرَةُ مَشْيِهِمْ وَيَعْتَادُونَ ذَلِكَ لَا مَنِ اتَّفَقَ مِنْهُمُ الْمَشْيَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ وَهَذَا الْحَدِيثُ يَشْمَلُ الْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تُقَامُ بِغَلَسٍ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ أَبُو رَافِعٍ أَجْمَعُوا عَلَى ضَعْفِهِ وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ يُدَلِّسُ وَقَدْ رَوَاهُ بِالْعَنْعَنَةِ.

779 - حَدَّثَنَا رَاشِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ رَاشِدٍ الرَّمْلِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ إِسْمَعِيلَ بْنِ رَافِعٍ عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَشَّاءُونَ إِلَى الْمَسَاجِدِ فِي الظُّلَمِ أُولَئِكَ الْخَوَّاضُونَ فِي رَحْمَةِ اللَّهِ»

780 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحُلَبِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْحَارِثِ الشِّيرَازِيُّ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَبْشَرْ الْمَشَّاءُونَ فِي الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِنُورٍ تَامٍّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَيُبَشَّرُ) هُوَ مِثْلُ لَيُفَرَّحُ وَزْنًا وَمَعْنًى قُلْتُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْإِبْشَارِ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [فصلت: 30] وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ يُخْطِئُ وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْكَاشِفِ صَدُوقٌ وَبَاقِي رِجَالُهُ ثِقَاتٌ قُلْتُ وَهَذَا يُؤَيِّدُ قَوْلَ مَنْ قَالَ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

781 - حَدَّثَنَا مَجْزَأَةُ بْنُ سُفْيَانَ بْنِ أَسِيدٍ مَوْلَى ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الصَّائِغُ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَشِّرْ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (بَشِّرْ) لَعَلَّهُ خِطَابٌ لِكُلِّ مَنْ يَتَوَلَّى لِتَبْلِيغِ الدِّينِ وَيَصْلُحُ

لَهُ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ حَدِيثِ أَنَسٍ ضَعِيفٌ. وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب الأبعد فالأبعد من المسجد أعظم أجرا]

[بَاب الْأَبْعَدُ فَالْأَبْعَدُ مِنْ الْمَسْجِدِ أَعْظَمُ أَجْرًا] 782 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَبْعَدُ فَالْأَبْعَدُ مِنْ الْمَسْجِدِ أَعْظَمُ أَجْرًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (الْأَبْعَدُ فَالْأَبْعَدُ) الْفَاءُ لِلتَّرْتِيبِ أَيِ الْأَبْعَدُ عَلَى مَرَاتِبِ الْبُعْدِ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنَ الْأَقْرَبِ عَلَى مَرَاتِبِ الْقُرْبِ فَكُلُّ مَنْ كَانَ أَبْعَدَ فَهُوَ أَكْثَرُ أَجْرًا مِمَّنْ كَانَ أَقْرَبُ مِنْهُ وَلَوْ كَانَ هَذَا الْأَقْرَبُ أَبْعَدُ مِنْ غَيْرِهِ فَأَجْرُهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ الْغَيْرِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ إِذَا حَضَرَ الْمَسْجِدَ مَعَ ذَلِكَ الْبُعْدِ وَلَمْ يَمْنَعْهُ الْبُعْدُ عَنِ الْحُضُورِ.

783 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ الْمُهَلَّبِيُّ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ «كَانَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ بَيْتُهُ أَقْصَى بَيْتٍ بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ لَا تُخْطِئُهُ الصَّلَاةُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَتَوَجَّعْتُ لَهُ فَقُلْتُ يَا فُلَانُ لَوْ أَنَّكَ اشْتَرَيْتَ حِمَارًا يَقِيكَ الرَّمَضَ وَيَرْفَعُكَ مِنْ الْوَقَعِ وَيَقِيكَ هَوَامَّ الْأَرْضِ فَقَالَ وَاللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنَّ بَيْتِي بِطُنُبِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَحَمَلْتُ بِهِ حِمْلًا حَتَّى أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَدَعَاهُ فَسَأَلَهُ فَذَكَرَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ وَذَكَرَ أَنَّهُ يَرْجُو فِي أَثَرِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ لَكَ مَا احْتَسَبْتَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَقْصَى بَيْتٍ) أَيْ أَبْعَدُ بَيْتٍ (لَا تُخْطِئُهُ) مِنْ أَخْطَأَ أَيْ لَا تَفُوتُهُ (فَتَوَجَّعَتْ) أَيْ أَظْهَرَتْ أَنَّهُ يُصِيبُنِي الْأَلَمُ مِمَّا يَلْحَقُهُ مِنَ الْمَشَقَّةِ بِبُعْدِ الدَّارِ (يَقِيكَ) مِنَ الْوِقَايَةِ (الرَّمْضَاءُ) كَالْحَمْرَاءِ الرَّمْلُ الْحَارُّ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الرَّمَضُ بِفَتْحَتَيْنِ أَيِ الِاحْتِرَاقُ بِالرَّمْضَاءِ (مِنَ الْوَقَعِ) بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ مِنْ إِصَابَةِ الْحِجَارَةِ الْقَدَمَ (هَوَامُّ الْأَرْضِ) بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ مَا فِيهَا مِنْ ذَوَاتِ السُّمُومِ قَوْلُهُ (بِطُنُبِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) الطُّنُبُ بِضَمَّتَيْنِ وَاحِدُ إِطْنَابٍ الْخَيْمَةِ أَيْ مَا أُحِبُّ أَنْ يَكُونَ بَيْتِي مَرْبُوطًا مَشْدُودًا بِطُنُبِ بَيْتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقِيلَ وَقَدْ يُسْتَعَارُ الطُّنُبُ لِلنَّاحِيَةِ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنِ الْقُرْبِ أَيْ لَا أُحِبُّ قُرْبَ الْمَسْجِدِ لِأَنَّهُ يَخْلُ مَا أَرْجُو مِنْ كَثْرَةِ الثَّوَابِ بِكَثْرَةِ الْخُطَا قَوْلُهُ (فَحَمَلْتُ بِهِ حِمْلًا) فِي الْمَجْمَعِ بِكَسْرِ الْحَاءِ أَيْ عَظُمَ عَلَيَّ وَثَقُلَ وَاسْتَعْظَمْتُهُ لِبَشَاعَةِ لَفْظِهِ وَهَمَّنِي ذَلِكَ وَلَا يُرِيدُ الْحَمْلَ عَلَى الظَّهْرِ وَفِي الصِّحَاحِ الْحِمْلُ بِالْكَسْرِ مَا كَانَ عَلَى ظَهْرٍ أَوْ رَأْسٍ وَبِالْفَتْحِ مَا كَانَ فِي بَطْنٍ أَوْ رَأْسِ شَجَرَةٍ قَوْلُهُ (مَا احْتَسَبْتُ) مِنَ الِاحْتِسَابِ وَهُوَ أَنْ

تَقْصِدَ الْعَمَلَ وَتَفْعَلُهُ طَلَبًا لِلْأَجْرِ وَالثَّوَابِ.

784 - حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «أَرَادَتْ بَنُو سَلِمَةَ أَنْ يَتَحَوَّلُوا مِنْ دِيَارِهِمْ إِلَى قُرْبِ الْمَسْجِدِ فَكَرِهَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعْرُوا الْمَدِينَةَ فَقَالَ يَا بَنِي سَلِمَةَ أَلَا تَحْتَسِبُونَ آثَارَكُمْ فَأَقَامُوا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (بَنُو سَلِمَةَ) بِكَسْرِ اللَّامِ بَطْنٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَلَيْسَ فِي الْعَرَبِ سَلِمَةَ بِكَسْرِ اللَّامِ غَيْرُهُمْ وَكَانَتْ دِيَارُهُمْ عَلَى بُعْدٍ مِنَ الْمَسْجِدِ وَكَانَتِ الْمَسَافَةُ تَمْنَعُهُمْ فِي سَوَادِ اللَّيْلِ وَعِنْدَ وُقُوعِ الْأَمْطَارِ وَاشْتِدَادِ الْبَرْدِ فَأَرَادُوا أَنْ يَتَحَوَّلُوا إِلَى قُرْبِ الْمَدِينَةِ قَوْلُهُ (أَنْ يُعْرُوا الْمَدِينَةَ) مِنْ أَعْرَى أَيْ يَجْعَلُوا نَوَاحِي الْمَدِينَةِ خَالِيَةً قَوْلُهُ (آثَارُكُمْ) أَيْ خُطَاكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ.

785 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَتْ الْأَنْصَارُ بَعِيدَةً مَنَازِلُهُمْ مِنْ الْمَسْجِدِ فَأَرَادُوا أَنْ يَقْتَرِبُوا فَنَزَلَتْ {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} [يس: 12] قَالَ فَثَبَتُوا ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَا قَدَّمُوا) مِنَ الْأَعْمَالِ وَآثَارُهُمْ أَيْ خُطَاهُمْ إِلَى الْمَسَاجِدِ أَوْ مُطْلَقًا وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا مَوْقُوفٌ فِيهِ سِمَاكٌ وَهُوَ ابْنُ حَرْبٍ وَإِنْ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَأَبُو حَاتِمٍ فَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ مُضْطَرِبُ الْحَدِيثِ وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ رِوَايَتُهُ عَنْ عِكْرِمَةَ خَاصَّةٌ مُضْطَرِبَةٌ وَرِوَايَتُهُ عَنْ غَيْرِهِ صَالِحَةٌ.

[باب فضل الصلاة في جماعة]

[بَاب فَضْلِ الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ] 786 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي جَمَاعَةٍ تَزِيدُ عَلَى صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ وَصَلَاتِهِ فِي سُوقِهِ بِضْعًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (بِضْعًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً) الْبِضْعُ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَقَدْ تُفْتَحُ مَا بَيْنَ الْوَاحِدِ أَوِ الثَّلَاثِ إِلَى الْعَشَرَةِ وَقَدْ جَاءَ تَفْسِيْرُهُ فِي رِوَايَةٍ خَمْسًا وَفِي رِوَايَةٍ سَبْعًا وَالتَّوْفِيقُ بَيْنَهُمَا مُمْكِنٌ بِحَمْلِهِمَا أَوْ بِجَعْلِ أَحَدِهِمَا عَلَى التَّكْثِيرِ دُونَ التَّحْدِيدِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أُوحِيَ إِلَيْهِ أَوَّلًا بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ ثُمَّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ.

787 - حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ عَلَى صَلَاةِ أَحَدِكُمْ وَحْدَهُ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ جُزْءًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَضْلُ الْجَمَاعَةِ) أَيْ فَضْلُ صَلَاةِ أَحَدِكُمْ فِي الْجَمَاعَةِ كَمَا

تَقَدَّمَ وَلَا فَائِدَةَ فِي كَوْنِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ كُلِّهَا فَاضِلَةً هَذَا الْفَضْلَ فَلْيُتَأَمَّلْ.

788 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِلَالِ بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي جَمَاعَةٍ تَزِيدُ عَلَى صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً»

789 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ رُسْتَةُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي جَمَاعَةٍ تَفْضُلُ عَلَى صَلَاةِ الرَّجُلِ وَحْدَهُ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً»

790 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي جَمَاعَةٍ تَزِيدُ عَلَى صَلَاةِ الرَّجُلِ وَحْدَهُ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ أَوْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً»

[باب التغليظ في التخلف عن الجماعة]

[بَاب التَّغْلِيظِ فِي التَّخَلُّفِ عَنْ الْجَمَاعَةِ] 791 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامَ ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ ثُمَّ أَنْطَلِقَ بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إِلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَقَدْ هَمَمْتُ) أَيْ قَصَدْتُ (أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ) أَيْ لِيَظْهَرَ مَنْ حَضَرَ مِمَّنْ لَمْ يَحْضُرْ (حُزَمٌ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ جَمْعُ حُزْمَةٍ (فَأُحَرِّقُ) مِنَ التَّحْرِيقِ.

792 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي رَزِينٍ عَنْ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ قَالَ «قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي كَبِيرٌ ضَرِيرٌ شَاسِعُ الدَّارِ وَلَيْسَ لِي قَائِدٌ يُلَاوِمُنِي فَهَلْ تَجِدُ لِي مِنْ رُخْصَةٍ قَالَ هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ مَا أَجِدُ لَكَ رُخْصَةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (شَاسِعُ الدَّارِ) أَيْ بَعِيدُهَا عَنِ الْمَسْجِدِ (يُلَاوِمُنِي) بِالْوَاوِ فِي نُسَخِ ابْنِ مَاجَهْ وَأَبِي دَاوُدَ وَالصَّوَابُ يُلَايِمُنِي بِالْيَاءِ أَيْ يُوَافِقُنِي إِذِ الْمُلَاوَمَةُ مِنَ اللَّوْمِ وَلَا مَعْنَى لَهُ هَاهُنَا وَلَا يَخْفَى مَا يُفِيدُهُ الْحَدِيثُ مِنَ الْوُجُوبِ.

793 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ الْوَاسِطِيُّ أَنْبَأَنَا هُشَيْمٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِهِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ) أَيْ وَعَلَيْهِ مَا نُودِيَ لَهَا مِنَ الصَّلَاةِ وَإِلَّا فَلَوْ صَلَّاهَا قَبْلُ لَمْ يَلْزَمِ الْمَجِيءُ (فَلَمْ يَأْتِهِ) أَيْ مَحَلَّ النِّدَاءِ لِأَدَاءِ تِلْكَ الصَّلَاةِ الَّتِي نُودِيَ لَهَا قَوْلُهُ (فَلَا صَلَاةَ لَهُ) أَيْ فَلَيْسَ لَهُ تِلْكَ الصَّلَاةَ لَوْ صَلَّاهَا فِي غَيْرِ مَحَلِّ النِّدَاءِ وَإِنَّمَا أَتَى بِنَفْيِ الْجِنْسِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى عُمُومِ الْحُكْمِ لِكُلِّ صَلَاةٍ تَرَكَ فِيهَا إِجَابَةَ الْأَذَانِ وَإِلَّا فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كُلُّهَا بِتَرْكِ الْإِجَابَةِ مَرَّةً وَظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْجَمَاعَةَ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي سَمِعَ نِدَاءَهُ فَرْضٌ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ حَتَّى لَوْ تَرَكَهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَهُوَ خِلَافُ

مَا عَلَيْهِ أَهْلُ الْفِقْهِ فَلَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ حَمْلِ الْحَدِيثِ عَلَى نُقْصَانِ تِلْكَ الصَّلَاةِ.

794 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ مِينَاءَ أَخْبَرَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ «أَنَّهُمَا سَمِعَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَلَى أَعْوَادِهِ لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمْ الْجَمَاعَاتِ أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنْ الْغَافِلِينَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَلَى أَعْوَادِهِ) أَيْ عَلَى الْمِنْبَرِ الَّذِي اتَّخَذَهُ مِنَ الْأَعْوَادِ قَوْلُهُ (عَنْ وَدْعِهِمُ الْجَمَاعَاتِ) أَيْ تَرْكِهِمْ مَصْدَرُ وَدَعَهُ أَيْ تَرَكَهُ وَقَوْلُ النُّحَاةِ إِنَّ بَعْضَ الْعَرَبِ أَمَاتُوا مَاضِي يَدَعُ وَمَصْدَرُهُ يُحْمَلُ عَلَى قِلَّةِ اسْتِعْمَالِهَا وَقِيلَ قَوْلُهُمْ مَرْدُودٌ وَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ وَقَالَ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةِ النَّسَائِيِّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ اسْتِعْمَالَهُ هَاهُنَا مِنَ الرُّوَاةِ الْمُوَلَّدِينَ الَّذِينَ لَا يُحْسِنُونَ الْعَرَبِيَّةَ قُلْتُ لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ تَتَبَّعَ أَنَّ كُتُبَ الْعَرَبِيَّةِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الِاسْتِقْرَاءِ النَّاقِصِ دُونَ التَّامِّ عَادَةً وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ أَكْثَرِيَّاتٌ لَا كُلِّيَّاتٌ فَلَا يُنَاسِبُ تَغْلِيظَ الرُّوَاةِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَالْخَتْمُ عِبَارَةٌ عَمَّا يَخْلُقُ اللَّهُ تَعَالَى فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْجَهْلِ وَالْجَفَاءِ وَالْقَسْوَةِ وَقَالَ الْقَاضِي فِي شَرْحِ الْمَصَابِيحِ إِنَّ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ أَمَّا الِانْتِهَاءُ عَنْ تَرْكِ الْجَمَاعَاتِ أَوْ خَتْمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى قُلُوبِهِمْ فَإِنَّ اعْتِيَادَ تَرْكِ الْجَمَاعَاتِ يَغْلِبُ الرَّيْنُ عَلَى الْقَلْبِ وَيُزْهِدُ النُّفُوسَ فِي الطَّاعَاتِ.

795 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ إِسْمَعِيلَ الْهُذَلِيُّ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الزَّبْرِقَانِ بْنِ عَمْرٍو الضَّمْرِيِّ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَنْتَهِيَنَّ رِجَالٌ عَنْ تَرْكِ الْجَمَاعَةِ أَوْ لَأُحَرِّقَنَّ بُيُوتَهُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَوْ لَأُحَرِّقَنَّ) مِنَ التَّحْرِيقِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فَفِي إِسْنَادِهِ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ الدِّمَشْقِيُّ مُدَلِّسٌ وَعُثْمَانُ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ وَالْمَعْنَى ثَابِتٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا.

[باب صلاة العشاء والفجر في جماعة]

[بَاب صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَالْفَجْرِ فِي جَمَاعَةٍ] 796 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ طَلْحَةَ حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَصَلَاةِ الْفَجْرِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَأَتَوْهُمَا) أَيْ لَحَضَرُوا الْمَسْجِدَ لِأَجْلِهِمَا وَلَوْ مَعَ كُلْفَةٍ وَفِيهِ تَنْزِيلُ مَنْ لَا يَأْتِي وَلَا يَعْمَلُ بِعِلْمِهِ مَنْزِلَةَ مَنْ لَا يَعْلَمُ وَإِلَّا فَكَمْ مِمَّنْ يَعْلَمُ ذَلِكَ بِخَبَرِ الشَّارِعِ وَلَا يَحْضُرُ بِلَا

كُلْفَةٍ.

797 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَثْقَلَ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا»

798 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ مَنْ صَلَّى فِي مَسْجِدٍ جَمَاعَةً أَرْبَعِينَ لَيْلَةً لَا تَفُوتُهُ الرَّكْعَةُ الْأُولَى مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِهَا عِتْقًا مِنْ النَّارِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (كَتَبَ اللَّهُ لَهُ عِتْقًا مِنَ النَّارِ) وَلَا يَكُونُ الْعِتْقِ مِنْهَا إِلَّا بِمَغْفِرَةِ الصَّغَائِرِ وَالْكَبَائِرِ جَمِيعًا، وَفِي الزَّوَائِدِ فِيهِ إِرْسَالٌ وَضَعْفٌ قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَالَّدَّارَقُطْنِيُّ لَمْ يُدْرِكْ عُمَارَةُ أَنَسًا وَلَمْ يَلْقَهُ اهـ وَإِسْمَاعِيلُ كَانَ يُدَلِّسُ.

[باب لزوم المساجد وانتظار الصلاة]

[بَاب لُزُومِ الْمَسَاجِدِ وَانْتِظَارِ الصَّلَاةِ] 799 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ كَانَ فِي صَلَاةٍ مَا كَانَتْ الصَّلَاةُ تَحْبِسُهُ وَالْمَلَائِكَةُ يُصَلُّونَ عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ يَقُولُونَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ مَا لَمْ يُؤْذِ فِيهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ) عُمُومُ اللَّفْظِ يَشْمَلُ الْمَسْجِدَ وَغَيْرَهُ إِلَّا أَنْ يَخُصَّ بِالْمَسْجِدِ بِالسُّوقِ قَوْلُهُ (يَقُولُونَ) بَيَانٌ لِصَلَاةِ الْمَلَائِكَةِ (مَا لَمْ يُحْدِثْ) مِنْ أَحْدَثَ أَيْ لَمْ يُنْقَضْ وُضُوؤُهُ ظَاهِرُهُ عُمُومِ النَّقْضِ لِغَيْرِ الِاخْتِيَارِ أَيْضًا وَيَحْتَمِلُ الْخُصُوصَ.

800 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا تَوَطَّنَ رَجُلٌ مُسْلِمٌ الْمَسَاجِدَ لِلصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ إِلَّا تَبَشْبَشَ اللَّهُ لَهُ كَمَا يَتَبَشْبَشُ أَهْلُ الْغَائِبِ بِغَائِبِهِمْ إِذَا قَدِمَ عَلَيْهِمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَا تَوَطَّنَ) أَيِ الْتَزَمَ حُضُورَهَا (إِلَّا تَبَشْبَشَ) أَصْلُهُ فَرِحَ الصَّدِيقُ بِمَجِيءِ الصَّدِيقِ وَاللُّطْفُ فِي الْمَسْأَلَةِ وَالْإِقْبَالُ وَالْمُرَادُ هَاهُنَا تَلَقِّيهِ بِبِرِّهِ وَتَقْرِيبِهِ وَالْكَرَامَةُ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

801 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ «صَلَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَغْرِبَ فَرَجَعَ مَنْ رَجَعَ وَعَقَّبَ مَنْ عَقَّبَ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْرِعًا قَدْ حَفَزَهُ النَّفَسُ وَقَدْ حَسَرَ عَنْ رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ أَبْشِرُوا هَذَا رَبُّكُمْ قَدْ فَتَحَ بَابًا مِنْ أَبْوَابِ السَّمَاءِ يُبَاهِي بِكُمْ الْمَلَائِكَةَ يَقُولُ انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي قَدْ قَضَوْا فَرِيضَةً وَهُمْ يَنْتَظِرُونَ أُخْرَى» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَعَقَّبَ مَنْ عَقَّبَ) فِي الصِّحَاحِ التَّعْقِيبُ فِي الصَّلَاةِ الْجُلُوسُ بَعْدَ أَنْ يَقْضِيَهَا لِدُعَاءٍ أَوْ مَسْأَلَةٍ وَفِي الْحَدِيثِ «مَنْ عَقَّبَ فِي الصَّلَاةِ فَهُوَ فِي الصَّلَاةِ» وَقَالَ السُّيُوطِيُّ التَّعْقِيبُ فِي الْمَسَاجِدِ انْتِظَارُ الصَّلَوَاتِ بَعْدَ الصَّلَاةِ قَوْلُهُ (قَدْ حَفَزَهُ) بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَفَاءٍ وَزَايٍ أَيْ أَعْجَلَهُ النَّفَسَ بِفَتْحَتَيْنِ (قَدْ حَسَرَ) كَشَفَ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ

الرُّكْبَةُ لَيْسَتْ بِعَوْرَةٍ وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

802 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ دَرَّاجٍ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا رَأَيْتُمْ الرَّجُلَ يَعْتَادُ الْمَسَاجِدَ فَاشْهَدُوا لَهُ بِالْإِيمَانِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ} [التوبة: 18] الْآيَةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يَعْتَادُ الْمَسَاجِدَ) أَيْ يُلَازِمُهَا وَيَرْجِعُ إِلَيْهَا كَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَالْمُرَادُ جِنْسُ الْمَسَاجِدِ فَيَصْدُقُ بِمُلَازَمَةِ الْمَسْجِدِ الْوَاحِدِ كَمَا لِأَهْلِ الْحَرَمَيْنِ (فَاشْهَدُوا لَهُ) قَالَ الطِّيبِيُّ أَيْ فَاقْطَعُوا الْقَوْلَ بِالْإِيْمَانِ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ قَوْلٌ صَدَرَ فِي مُوَاطَأَةِ الْقَلْبِ اللِّسَانَ عَلَى سَبِيلِ الْقَطْعِ. انْتَهَى. قُلْتُ: وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلِاسْتِشْهَادِ بِالْآيَةِ لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ «حَدِيثُ سَعْدٍ قَالَ فِي رَجُلٍ إِنَّهُ مُؤْمِنٌ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوْ مُسْلِمٌ» رَوَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْمَنْعِ عَنِ الْجَزْمِ بِالْإِيمَانِ إِلَّا أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ لَمْ يَكُنْ مُلْتَزِمًا لِلْمَسَاجِدِ أَوْ يُرَادُ بِالْإِيمَانِ هَاهُنَا الْإِسْلَامُ وَفِيهِ أَنَّ الْجَزْمَ بِالْإِسْلَامِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى مُلَازَمَةِ الْمَسَاجِدِ وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّهَادَةِ الِاعْتِقَادُ وَغَلَبَةُ الظَّنِّ.

[كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها]

[كِتَاب إِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَالسُّنَّةِ فِيهَا] [بَاب افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ] بَاب افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ 803 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّنَافِسِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا حُمَيْدٍ السَّاعِدِيَّ يَقُولُ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَبْوَابُ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ) هِيَ الْإِقَامَةُ الْمَأْمُورَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَالْمُرَادُ أَدَاؤُهَا عَلَى الْوَجْهِ اللَّائِقِ. قَوْلُهُ (وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ إِلَخْ) لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى تَقْدِيْمِ الرَّفْعِ عَلَى التَّكْبِيرِ وَلَا عَلَى تَأْخِيرِهِ وَقَدْ جَاءَ مَا يَدُلُّ عَلَى تَقْدِيْمِهِ فَالْأَوْجَهُ الْأَخْذُ بِهِ وَحَمْلُ مَا يَحْتَمِلُهُ وَغَيْرُهُ عَلَيْهِ ثُمَّ الْحَدِيثَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ مَا كَانَ يَنْوِي بِاللِّسَانِ وَلِذَلِكَ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ النِّيَّةُ بِاللِّسَانِ بِدْعَةٌ لَكِنَّ غَالِبَهُمْ عَلَى أَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ لِيَتَوَافَقَ اللِّسَانُ وَالْقَلْبُ.

804 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عَلِيٍّ الرِّفَاعِيُّ عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَفْتِحُ صَلَاتَهُ يَقُولُ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ وَتَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يَسْتَفْتِحُ صَلَاتَهُ يَقُولُ إِلَخْ) هَذَا بَيَانٌ لِلِاسْتِفْتَاحِ قَوْلُهُ (وَبِحَمْدِكَ) قِيلَ الْوَاوُ لِلْحَالِ وَالتَّقْدِيرُ وَنَحْنُ مُتَلَبِّسُونَ بِحَمْدِكَ وَقِيلَ زَائِدَةٌ وَالْجَارُ وَالْمَجْرُورُ حَالٌ أَيْ مُتَلَبِّسُونَ بِحَمْدِكَ وَقِيلَ

زَائِدَةٌ وَالْجَارُ وَالْمَجْرُورُ حَالٌ أَيْ مُتَلَبِّسِينَ بِحَمْدِكَ وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ هُوَ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ نُسَبِّحِ الْمَفْهُومِ مِنْ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ (وَتَعَالَى جَدُّكَ) فِي النِّهَايَةِ أَيْ عَلَا جَلَالُكُ وَعَظَمَتُكَ.

805 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَبَّرَ سَكَتَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ قَالَ فَقُلْتُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي أَرَأَيْتَ سُكُوتَكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ فَأَخْبِرْنِي مَا تَقُولُ قَالَ أَقُولُ اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَالثَّوْبِ الْأَبْيَضِ مِنْ الدَّنَسِ اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (سَكَتَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ إِلَخْ) أَرَادَ بِالسُّكُوتِ أَنْ لَا يَقْرَأَ الْقُرْآنَ جَهْرًا وَلَا يُسْمِعُ النَّاسَ وَإِلَّا فَالسُّكُوتُ الْحَقِيقِيُّ يُنَافِي الْقَوْلَ فَلَا يَصِحُّ السُّؤَالُ بِقَوْلِهِ مَا تَقُولُ أَيْ فِي سُكُوتِكِ قَوْلُهُ (وَبَيْنَ خَطَايَايَ) أَيْ بَيْنَ أَفْعَالِ لَوْ فَعَلْتُهَا تَصِيرُ خَطَايَا فَالْمَطْلُوبُ الْحِفْظُ وَتَوْفِيقُ التَّرْكِ أَوْ بَيْنَ مَا فَعَلْتُهَا مِنَ الْخَطَايَا وَالْمَطْلُوبُ الْمَغْفِرَةُ وَأَمْثَالُ هَذَا السُّؤَالِ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ بَابِ إِظْهَارِ الْعُبُودِيَّةِ وَتَعْظِيمِ الرُّبُوبِيَّةِ وَإِلَّا فَهُوَ مَعَ عِصْمَتِهِ مَغْفُورٌ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ لَوْ كَانَ هُنَاكَ ذَنْبٌ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْمَغْفِرَةِ فِي حَقِّهِ مَشْرُوطٌ بِالِاسْتِغْفَارِ وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الِاسْتِغْفَارَ لَهُ زِيَادَةُ خَيْرٍ وَالْمَغْفِرَةُ حَاصِلَةٌ بِدُونِ ذَلِكَ لَوْ كَانَ هُنَاكَ ذَنْبٌ وَفِيهِ إِرْشَادٌ لِلْأُمَّةِ إِلَى الِاسْتِغْفَارِ قَوْلُهُ (نَقِّنِي) بِالتَّشْدِيدِ أَيْ طَهِّرْنِي مِنْهَا بِأَتَمِّ وَجْهٍ وَأَوْكَدِهِ قَوْلُهُ (بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ حَبُّ الْغَمَامِ أَيْ بِأَنْوَاعِ الْمُطَهِّرَاتِ وَالْمُرَادُ مَغْفِرَةُ الذُّنُوبِ وَسَتْرُهَا بِأَنْوَاعِ الرَّحْمَةِ وَالْأَلْطَافِ قِيلَ وَالْخَطَايَا لِكَوْنِهَا مُؤَدِّيَةٌ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ نُزِّلَتْ مَنْزِلَتُهَا فَاسْتُعْمِلَ فِي مَحْوِهَا مِنَ الْبَرَدَاتِ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي إِطْفَاءِ النَّارِ.

806 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِمْرَانَ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا حَارِثَةُ بْنُ أَبِي الرِّجَالِ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ قَالَ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ تَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ»

[باب الاستعاذة في الصلاة]

[بَاب الِاسْتِعَاذَةِ فِي الصَّلَاةِ] 807 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَاصِمٍ الْعَنَزِيِّ عَنْ ابْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا ثَلَاثًا الْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا الْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا ثَلَاثًا سُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ثَلَاثَ مَرَّاتِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ مِنْ هَمْزِهِ وَنَفْخِهِ وَنَفْثِهِ» قَالَ عَمْرٌو هَمْزُهُ الْمُوتَةُ وَنَفْثُهُ الشِّعْرُ وَنَفْخُهُ الْكِبْرُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا) أَيْ كَبَّرْتُ كَبِيرًا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مُؤَكِّدَةً أَوْ مَصْدَرًا بِتَقْدِيرِ تَكْبِيرًا كَبِيرًا (كَثِيرًا) أَيْ حَمْدًا كَثِيرًا

(مِنْ هَمْزِهِ) كُلٌّ مِنَ الثَّلَاثَةِ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ (الْمُؤُتَةُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَهَمْزَةٍ مَضْمُومَةٍ وَقِيلَ بِلَا هَمْزٍ بَعْدَهَا مُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ نَوْعٌ مِنَ الْجُنُونِ وَالصَّرْعِ يَعْتَرِي الْإِنْسَانُ فَإِذَا أَفَاقَ عَادَ إِلَيْهِ كَمَالُ الْعَقْلِ كَالسَّكْرَانِ وَقِيلَ خَتَفَ بِهِ الشَّيْطَانُ وَقِيلَ هُوَ الْجُنُونُ مِنَ الْهَمْزَةِ بِمَعْنَى النَّخْسِ وَالدَّفْعِ قَوْلُهُ (وَنَفْثُهُ الشِّعْرُ) فَإِنَّهُ يَنْفُثُهُ مِنْ فِيهِ كَالرَّقَبَةِ وَالْمُرَادُ الشِّعْرُ الْمَذْمُومُ وَإِلَّا فَقَدْ جَاءَ «أَنَّ مِنَ الشِّعْرِ لَحِكْمَةً» وَنَفْخُهُ الْكِبْرَ بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ أَيِ التَّكَبُّرَ وَهُوَ أَنْ يَصِيرَ الْإِنْسَانُ مُعَظَّمًا كَبِيرًا عِنْدَ نَفْسِهِ وَلَا حَقِيقَةَ لَهُ إِلَّا مِثْلَ أَنَّ الشَّيْطَانَ نَفَخَ فِيهِ فَانْتَفَخَ فَرَأَى انْتِفَاخَهُ مِمَّا يَسْتَحِقُّ بِهِ التَّعْظِيمُ مَعَ أَنَّهُ عَلَى الْعَكْسِ.

808 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ وَهَمْزِهِ وَنَفْخِهِ وَنَفْثِهِ قَالَ هَمْزُهُ الْمُوتَةُ وَنَفْثُهُ الشِّعْرُ وَنَفْخُهُ الْكِبْرُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ فَإِنَّ عَطَاءَ بْنَ السَّائِبِ اخْتَلَطَ بِآخِرِ عُمُرِهِ وَسَمِعَ مِنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ بَعْدَ الِاخْتِلَاطِ وَفِي سَمَاعِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَّمِيِّ مِنَ ابْنِ مَسْعُودٍ كَلَامٌ قَالَ شُعْبَةُ لَمْ يَسْمَعْ وَقَالَ أَحْمَدُ أَرَى قَوْلَ شُعْبَةَ وَهْمًا وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ أَخَذَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقِرَاءَةَ عَرْضًا عَنْ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ اهـ وَالْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ مَطْعَمٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب وضع اليمين على الشمال في الصلاة]

[بَاب وَضْعِ الْيَمِينِ عَلَى الشِّمَالِ فِي الصَّلَاةِ] 809 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ هُلْبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَؤُمُّنَا فَيَأْخُذُ شِمَالَهُ بِيَمِينِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَيَأْخُذُ شِمَالَهُ بِيَمِينِهِ) وَقَدْ جَاءَ حَدِيثُ قَبِيصَةَ بْنِ هُلْبٍ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ قَالَ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى صَدْرِهِ وَيَأْخُذُ شِمَالَهُ بِيَمِينِهِ» وَقَدْ جَاءَ فِي صَحِيحِ ابْنِ خُزَيْمَةَ عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ «صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى صَدْرِهِ» وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ طَاوُسٍ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى ثُمَّ يَشُدُّ بِهِمَا عَلَى صَدْرِهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ» وَهَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا لَكِنَّ الْمُرْسَلَ

حُجَّةٌ عِنْدَ الْكُلِّ وَبِالْجُمْلَةِ فَكَمَا صَحَّ أَنَّ الْوَضْعَ هُوَ السُّنَّةُ دُونَ الْإِرْسَالِ ثَبَتَ أَنَّ مَحَلَّهُ الصَّدْرُ لَا غَيْرَ وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَّ «مِنَ السُّنَّةِ وَضْعُ الْأَكُفِّ عَلَى الْأَكُفِّ فِي الصَّلَاةِ تَحْتِ السُّرَّةِ» فَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى ضَعْفِهِ كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْهُمَامِ نَقْلًا عَنِ النَّوَوِيِّ وَسَكَتَ عَلَيْهِ.

810 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ ح وَحَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ الضَّرِيرُ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمَفَضَّلِ قَالَا حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فَأَخَذَ شِمَالَهُ بِيَمِينِهِ»

811 - حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَقَ الْهَرَوِيُّ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَاتِمٍ أَنْبَأَنَا هُشَيْمٌ أَنْبَأَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ أَبِي زَيْنَبَ السُّلَمِيُّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ «مَرَّ بِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا وَاضِعٌ يَدِي الْيُسْرَى عَلَى الْيُمْنَى فَأَخَذَ بِيَدِي الْيُمْنَى فَوَضَعَهَا عَلَى الْيُسْرَى»

[باب افتتاح القراءة]

[بَاب افْتِتَاحِ الْقِرَاءَةِ] 812 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ بُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْتَتِحُ الْقِرَاءَةَ بِ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] » ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يَفْتَتِحُ الْقِرَاءَةَ) اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ نَفَى الْجَهْرَ بِالتَّسْمِيَةِ فَحَمَلُوا الْقِرَاءَةَ عَلَى الْجَهْرِ بِهَا وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَاتُ الْحَدِيثِ وَكَذَا اسْتَدَلَّ بِظَاهِرِهِ مَنْ نَفَى التَّسْمِيَةَ أَصْلًا جَهْرًا وَسِرًّا وَأَمَّا مَنْ يَرَى الْجَهْرَ بِالتَّسْمِيَةِ فَيَقُولُ الْمُرَادُ يَبْدَأُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ قَبْلَ السُّورَةِ وَالْبَسْمَلَةِ عِنْدَهُمْ مِنَ السُّورَةِ فَشَمِلَهَا قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ لَكِنَّ رِوَايَاتِ حَدِيثِ أَنَسٍ لَا تُسَاعِدُ هَذَا الْمَعْنَى فَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ «عَنْ أَنَسٍ فَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْهُمْ يَقْرَأُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» وَالْمُرَادُ تَرْكُ الْجَهْرِ كَمَا فِي رِوَايَاتٍ وَالسَّمَاعُ يَتَعَلَّقُ بِهِ.

813 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ح وَحَدَّثَنَا جُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يَفْتَتِحُونَ الْقِرَاءَةَ بِ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] »

814 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ وَبَكْرُ بْنُ خَلَفٍ وَعُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ قَالُوا حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ رَافِعٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عَمِّ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْتَتِحُ الْقِرَاءَةَ بِ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] » ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الدَّوْسِيُّ ابْنُ عَمِّ أَبِي هُرَيْرَةَ مَجْهُولُ الْحَالِ وَبِشْرُ بْنُ رَافِعٍ اخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ مَعِينٍ فِيهِ فَمَرَّةً وَثَّقَهُ وَمَرَّةً ضَعَّفَهُ وَضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ يَرْوِي أَشْيَاءَ مَوْضُوعَةً وَالْحَدِيثُ مِنْ رِوَايَةِ غَيْرِ أَبِي هُرَيْرَةَ ثَابِتٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا.

815 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَايَةَ حَدَّثَنِي ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغَفَّلِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ وَقَلَّمَا رَأَيْتُ رَجُلًا أَشَدَّ عَلَيْهِ فِي الْإِسْلَامِ حَدَثًا مِنْهُ «فَسَمِعَنِي وَأَنَا أَقْرَأُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَقَالَ أَيْ بُنَيَّ إِيَّاكَ وَالْحَدَثَ فَإِنِّي صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ وَمَعَ عُمَرَ وَمَعَ عُثْمَانَ فَلَمْ أَسْمَعْ رَجُلًا مِنْهُمْ يَقُولُهُ فَإِذَا قَرَأْتَ فَقُلْ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] » ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَشَدُّ عَلَيْهِ فِي الْإِسْلَامِ حَدَثًا مِنْهُ)

هَكَذَا فِي نُسَخِ ابْنِ مَاجَهْ بِالنَّصْبِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ حِينَئِذٍ فِي أَشَدِّ ضَمِيرٌ يَرْجِعُ إِلَى الرَّجُلِ وَيَكُونُ حَدَثًا مَنْصُوبًا عَلَى التَّمْيِيزِ فَيَرْجِعُ الْمَعْنَى أَيْ أَشَدُّ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ جِهَةِ الْحَدَثِ فِي الْإِسْلَامِ وَهَذَا مَعْنًى بَعِيدٌ لَا يَكَادُ يُرَادُ هَاهُنَا وَلَفْظُ التِّرْمِذِيِّ أَبْغَضُ إِلَيْهِ الْحَدَثَ فِي الْإِسْلَامِ يَعْنِي مِنْهُ وَهَذَا قُرْبٌ فَلَعَلَّ هَذَا تَحْرِيفٌ وَيَكُونُ الْأَصْلُ أَشَدَّ عَلَيْهِ الْحَدَثَ فِي الْإِسْلَامِ قَوْلُهُ (فَلَمْ أَسْمَعْ إِلَخْ) نَفْيٌ لِلسَّمَاعِ وَنَفْيُهُ لَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ الْقِرَاءَةِ وَإِنَّمَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَهُ جَهْرًا وَبِالْجُمْلَةِ فَالنَّظَرُ فِي أَحَادِيثِ الْبَابِ كُلِّهَا يُفِيدُ أَنَّ الْبَسْمَلَةَ تُقْرَأُ سِرًّا لَا جَهْرًا لَا أَنَّهَا لَا تُقْرَأُ أَصْلًا كَمَذْهَبِ مَالِكٍ وَلَا أَنَّهَا تُقْرَأُ جَهْرًا كَمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَهَذَا مِمَّا لَا يَشُكُّ فِيهِ الْمُصَنِّفُ بُعْدَ النَّظَرِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب القراءة في صلاة الفجر]

[بَاب الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ] 816 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ عَنْ قُطْبَةَ بْنِ مَالِكٍ «سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الصُّبْحِ وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ} [ق: 10] أَيْ سُورَةُ {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} [ق: 1]

817 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ أَصْبَغَ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ قَالَ «صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ يَقْرَأُ فِي الْفَجْرِ كَأَنِّي أَسْمَعُ قِرَاءَتَهُ {فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ - الْجَوَارِ الْكُنَّسِ} [التكوير: 15 - 16] » ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَكَانَ يَقْرَأُ فِي الْفَجْرِ) أَيْ يَجْهَرُ فِيهَا فَكَأَنِّي أَسْمَعُ لَازِمَهُ أَنَّهُ قَرَأَ يَوْمَئِذٍ سُورَةَ {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} [التكوير: 1]

818 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ عَنْ عَوْفٍ عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ ح وَحَدَّثَنَا سُوَيْدٌ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَهُ أَبُو الْمِنْهَالِ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْفَجْرِ مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى الْمِائَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى الْمِائَةِ) أَيْ يَقْرَأُ عَدَدًا مِنَ الْآيَاتِ هُوَ بَيْنَ الْعَدَدَيْنِ أَعْنِي السِّتِّينَ وَالْمِائَةَ غَالِبًا وَلِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُجَاوِزُ إِلَى الْمِائَةِ أَدْخَلَ كَلِمَةَ إِلَى وَإِلَّا فَالْمَوْضِعُ مَوْضِعُ الْعَطْفِ بِالْوَاوِ.

819 - حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ حَجَّاجٍ الصَّوَّافِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِنَا فَيُطِيلُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ الظُّهْرِ وَيُقْصِرُ فِي الثَّانِيَةِ وَكَذَلِكَ فِي الصُّبْحِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَيُطِيلُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى إِلَخْ) أَيْ يُعِينُهُمْ بِذَلِكَ عَلَى إِدْرَاكِ فَضْلِهَا.

820 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ «قَرَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ بِالْمُؤْمِنُونَ فَلَمَّا أَتَى عَلَى ذِكْرِ عِيسَى أَصَابَتْهُ شَرْقَةٌ فَرَكَعَ يَعْنِي سَعْلَةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (شَرْقَةٌ) أَيْ شَرِقَ بِدَمْعِهِ يَعْنِي لِلْقِرَاءَةِ وَقِيلَ شَرِقَ بِرِيقِهِ وَفِي الْقَامُوسِ شَرِقَ بِرِيقِهِ كَفَرِحِ غَصَّ.

[باب القراءة في صلاة الفجر يوم الجمعة]

[بَاب الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ] 821 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُخَوَّلٍ عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ الم تَنْزِيلُ السَّجْدَةَ وَهَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (الم تَنْزِيلُ) قَالَ عُلَمَاؤُنَا لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى الْمُدَاوَمَةِ عَلَيْهِمَا نَعَمْ قَدْ ثَبَتَ قِرَاءَتُهُمَا فَيَنْبَغِي قِرَاءَتُهُمَا وَلَا يَحْسُنُ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ فَالْمُدَاوَمَةُ عَلَيْهِمَا خَيْرٌ مِنَ الْمُدَاوَمَةِ عَلَى تَرْكِهِمَا.

822 - حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ مَرْوَانَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ نَبْهَانَ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ الم تَنْزِيلُ وَهَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ مَصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ حَدِيثِ سَعْدٍ ضَعِيفٌ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى ضَعْفِ الْحَارِثِ بْنِ نَبْهَانَ وَالْحَدِيثُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ.

823 - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ الم تَنْزِيلُ وَهَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ»

824 - حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَنْبَأَنَا إِسْحَقُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَنْبَأَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي قَيْسٍ عَنْ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ الم تَنْزِيلُ وَهَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ» قَالَ إِسْحَقُ بْنُ سُلَيْمَانَ هَكَذَا حَدَّثَنَا عَمْرٌو عَنْ عَبْدِ اللَّهِ لَا أَشُكُّ فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي الصُّغْرَى.

[باب القراءة في الظهر والعصر]

[بَاب الْقِرَاءَةِ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ] 825 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ قَزَعَةَ قَالَ «سَأَلْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَيْسَ لَكَ فِي ذَلِكَ خَيْرٌ قُلْتُ بَيِّنْ رَحِمَكَ اللَّهُ قَالَ كَانَتْ الصَّلَاةُ تُقَامُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ فَيَخْرُجُ أَحَدُنَا إِلَى الْبَقِيعِ فَيَقْضِي حَاجَتَهُ فَيَجِيءُ فَيَتَوَضَّأُ فَيَجِدُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ الظُّهْرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَيْسَ لَكَ فِي ذَلِكَ خَيْرٌ)

يُرِيدُ أَنَّ الْعِلْمَ لِلْعَمَلِ وَإِلَّا يَصِيرُ حُجَّةً عَلَى الْإِنْسَانِ فَالْعِلْمُ بِصَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ أَنَّكَ مَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ يَكُونُ حُجَّةً عَلَيْكَ قَوْلُهُ (فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنَ الظُّهْرِ) أَيْ لِلتَّطْوِيلِ وَلَعَلَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْيَانًا يُطَوِّلُ مِثْلُ هَذَا التَّطْوِيلِ لِعِلْمِهِ بِرَغْبَةِ مَنْ خَلْفِهِ فِي التَّطْوِيلِ وَعِنْدَ ذَلِكَ يَجُوزُ التَّطْوِيلُ وَإِلَّا فَالتَّخْفِيفُ هُوَ الْمَطْلُوبُ لِلْإِمَامِ.

826 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ قَالَ «قُلْنَا لِخَبَّابٍ بِأَيِّ شَيْءٍ كُنْتُمْ تَعْرِفُونَ قِرَاءَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ قَالَ بِاضْطِرَابِ لِحْيَتِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (بِأَيِّ شَيْءٍ كُنْتُمْ تَعْرِفُونَ إِلَخْ) إِنْ أُرِيدَ قِرَاءَةُ شَيْءٍ مَا فَمَا ذَكَرَ مِنَ الدَّلِيلِ مُوَافِقٌ لِلْمَطْلُوبِ لِأَنَّ اضْطِرَابَ اللِّحْيَةِ يَدُلُّ عَلَى وُجُودِ قِرَاءَةٍ مَا وَإِنْ أُرِيدَ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ فَلَا يَتِمُّ الدَّلِيلُ إِلَّا بِضَمِّ أَمَارَةٍ أُخْرَى مِثْلِ أَنْ يُقَالَ مَعْلُومٌ مِنْ خَارِجٍ أَنَّ قِيَامَ الصَّلَاةِ مَوْضِعُ الْقِرَاءَةِ فَإِنْ تَحَقَّقَتِ الْقِرَاءَةُ فَلَا تَكُونُ تِلْكَ الْقِرَاءَةُ إِلَّا قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ فَإِذَا دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى تَحَقُّقِهَا دَلَّ عَلَى تَحَقُّقِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ.

827 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنِي بُكَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشْبَهَ صَلَاةً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فُلَانٍ قَالَ وَكَانَ يُطِيلُ الْأُولَيَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ وَيُخَفِّفُ الْأُخْرَيَيْنِ وَيُخَفِّفُ الْعَصْرَ»

828 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ حَدَّثَنَا زَيْدٌ الْعَمِّيُّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «اجْتَمَعَ ثَلَاثُونَ بَدْرِيًّا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا تَعَالَوْا حَتَّى نَقِيسَ قِرَاءَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا لَمْ يَجْهَرْ فِيهِ مِنْ الصَّلَاةِ فَمَا اخْتَلَفَ مِنْهُمْ رَجُلَانِ فَقَاسُوا قِرَاءَتَهُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ الظُّهْرِ بِقَدْرِ ثَلَاثِينَ آيَةً وَفِي الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى قَدْرَ النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ وَقَاسُوا ذَلِكَ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ عَلَى قَدْرِ النِّصْفِ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَلَى قَدْرِ النِّصْفِ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ إِلَخْ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَضُمُّ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ إِلَى الْفَاتِحَةِ شَيْئًا آخَرَ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ زَيْدٌ الْعُمِّيُّ ضَعِيفٌ وَالْمَسْعُودِيُّ اخْتَلَطَ بِآخِرِ عُمُرِهِ وَأَبُو دَاوُدَ سَمِعَ مِنْهُ بَعْدَ اخْتِلَاطِ عُمُرِهِ.

[باب الجهر بالآية أحيانا في صلاة الظهر والعصر]

[بَاب الْجَهْرِ بِالْآيَةِ أَحْيَانًا فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ] 829 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ هِلَالٍ الصَّوَّافُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ بِنَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَيُسْمِعُنَا الْآيَةَ أَحْيَانًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يَقْرَأُ بِنَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ إِلَخْ) أَيْ سِوَى الْفَاتِحَةِ وَيُسْمِعُنَا الْآيَةَ أَيْ يَقْرَأُ بِحَيْثُ تَسْمَعُ الْآيَةَ مِنْ جُمْلَةِ مَا يَقْرَأُ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجَهْرَ الْقَلِيلَ فِي السَّرِيَّةِ لَا يَضُرُّ عَلَى أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْجَهْرِ وَالسِّرِّ لَا يَكُونُ إِلَّا أَنْ يُقَالَ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ لِبَيَانِ أَنَّ مَحَلَّ السِّرِّ لَا يَخْلُو عَنْ قِرَاءَةٍ فَلَا يَلْزَمُ الْجَوَازُ بِلَا ضَرُورَةٍ وَقَدْ يُقَالُ يُمْكِنُ مِثْلُ هَذَا الْبَيَانِ بِالْكَلَامِ فَلَا ضَرُورَةَ تُلْجِئُ إِلَيْهِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ جَائِزًا بِلَا ضَرُورَةٍ فَلْيُتَأَمَّلْ.

830 - حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ عَنْ هَاشِمِ بْنِ الْبَرِيدِ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِنَا الظُّهْرَ فَنَسْمَعُ مِنْهُ الْآيَةَ بَعْدَ الْآيَاتِ مِنْ سُورَةِ لُقْمَانَ وَالذَّارِيَاتِ»

[باب القراءة في صلاة المغرب]

[بَاب الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ] 831 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُمِّهِ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ هِيَ لُبَابَةُ أَنَّهَا «سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِ وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (كَانَ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالْمُرْسَلَاتِ) كَانَ أَحْيَانًا يَقْرَأُ السُّوَرَ الطِّوَالِ فِي الْمَغْرِبِ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَإِلَّا فَحَدِيثُ ابْنِ جُرَيْجٍ «كُنَّا نَنْصَرِفُ عَنِ الْمَغْرِبِ وَإِنَّ أَحَدَنَا لَيُبْصِرُ مَوَاقِعَ نَبْلِهِ» يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَادَتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَغْرِبِ قِرَاءَةُ السُّوَرِ الْقِصَارِ وَسَيَجِيءُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ وَلِذَلِكَ قَالَ الْفُقَهَاءُ بِاسْتِحْبَابِ ذَلِكَ.

832 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ» قَالَ جُبَيْرٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ فَلَمَّا سَمِعْتُهُ يَقْرَأُ {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمْ الْخَالِقُونَ} [الطور: 35] إِلَى قَوْلِهِ {فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ} [الطور: 38] كَادَ قَلْبِي يَطِيرُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (كَادَ قَلْبِي يَطِيرُ) لِظُهُورِ الْحَقِّ وَوُضُوحِ بُطْلَانِ الْبَاطِلِ اهـ.

833 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ بُدَيْلٍ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا أَرَاهُ مِنَ الزَّوَائِدِ وَمَا تَعَرَّضَ لَهُ وَيَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْتُ قَوْلُ الْحَافِظِ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ وَلَمْ أَرَ حَدِيثًا مَرْفُوعًا فِيهِ التَّنْصِيصُ عَلَى الْقِرَاءَةِ فِيهَا بِشَيْءٍ مِنْ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ إِلَّا حَدِيثًا

فِي ابْنِ مَاجَهْ عَنِ ابْنِ عُمَرَ نَصَّ فِيهِ عَلَى الْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصِ وَظَاهِرُ إِسْنَادِهِ الصِّحَّةُ إِلَّا أَنَّهُ مَعْلُولٌ قَالَ الْدَّارَقُطْنِيُّ أَخْطَأَ بَعْضُ رُوَاتِهِ

[باب القراءة في صلاة العشاء]

[بَاب الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ] 834 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ جَمِيعًا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ «أَنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ قَالَ فَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ بِالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ» 834 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ جَمِيعًا عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ الْبَرَاءِ مِثْلَهُ قَالَ فَمَا سَمِعْتُ إِنْسَانًا أَحْسَنَ صَوْتًا أَوْ قِرَاءَةً مِنْهُ

836 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ الْعِشَاءَ فَطَوَّلَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْرَأْ بِالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَسَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَاقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ»

[باب القراءة خلف الإمام]

[بَاب الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ] 837 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَسَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ وَإِسْحَقُ بْنُ إِسْمَعِيلَ قَالُوا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ) لَيْسَ مَعْنَاهُ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي عُمُرِهِ قَطُّ وَلِمَنْ لَا يَقْرَأُ فِي شَيْءٍ مِنَ الصَّلَاةِ قَطُّ حَتَّى يُقَالُ لَازَمَ الْأَوَّلُ افْتِرَاضَ الْفَاتِحَةِ فِي عُمُرِهِ مَرَّةً وَلَوْ خَارِجُ الصَّلَاةِ وَلَازَمَ الثَّانِي افْتِرَاضَهَا مُرَّةً فِي شَيْءٍ مِنَ الصَّلَاةِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ الِافْتِرَاضُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَكَذَا لَيْسَ مَعْنَاهُ لَا صَلَاةَ لِمَنْ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ وَلَوْ فِي بَعْضِ الصَّلَاةِ إِذْ لَا يَلْزَمُهُ أَنَّهُ بِتَرْكِ الْفَاتِحَةِ فِي بَعْضِ الصَّلَاةِ تَفْسُدُ الصَّلَاةُ كُلُّهَا مَا تَرَكَ فِيهَا وَمَا لَمْ يَتْرُكْ فِيهَا إِذْ كَلِمَةُ لَا لِنَفْيِ الْجِنْسِ وَلَا قَائِلَ بِهِ بَلْ مَعْنَاهُ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِالْفَاتِحَةِ مِنَ الصَّلَاةِ الَّتِي لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا فَهَذَا عُمُومٌ مَحْمُولٌ عَلَى الْخُصُوصِ بِشَهَادَةِ الْعَقْلِ وَهَذَا الْخُصُوصُ هُوَ الظَّاهِرُ الْمُتَبَادِرُ إِلَى الْإِفْهَامِ مِنْ مِثْلِ هَذَا الْعُمُومِ وَهَذَا الْخُصُوصِ لَا يَضُرُّ بِعُمُومِ النَّفْيِ لِلْجِنْسِ لِشُمُولِ النَّفْيِ بَعْدُ لِكُلِّ صَلَاةٍ تَرَكَ فِيهَا الْفَاتِحَةَ وَهَذَا يَكْفِي فِي عُمُومِ النَّفْيِ ثُمَّ قَدْ قَرَّرُوا أَنَّ النَّفْيَّ لَا يُعْقَلُ إِلَّا مَعَ نِسْبَةٍ بَيْنَ أَمْرَيْنِ فَيَقْتَضِي نَفْيُ الْجِنْسِ

أَمْرًا مُسْتَنِدًا إِلَى الْجِنْسِ لِيَسْتَقِلَّ النَّفْيَ مَعَ نِسْبَتِهِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْأَمْرُ مَذْكُورًا فِي الْكَلَامِ فَذَلِكَ وَإِلَّا يُقَدَّرُ مِنَ الْأُمُورِ الْعَامَّةِ كَالْكَوْنِ وَالْوُجُودِ وَأَمَّا الْكَمَالُ فَقَدْ حَقَّقَ الْمُحَقِّقُ الْكَمَالَ ضَعْفَهُ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لَا يُصَارُ إِلَيْهِ إِلَّا بِدَلِيلٍ وَالْوُجُودُ فِي كَلَامِ الشَّارِعِ يُحْمَلُ عَلَى الْوُجُودِ الشَّرْعِيِّ دُونَ الْحِسِّيِّ فَمُؤَدَّى الْحَدِيثِ نَفْيُ الْوُجُودِ الشَّرْعِيِّ لِلصَّلَاةِ الَّتِي لَمْ يُقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَتَعَيَّنَ نَفْيُ الصِّحَّةِ وَمَا قَالَهُ أَصْحَابُنَا أَنَّهُ مِنْ حَدِيثِ الْآحَادِ وَهُوَ ظَنِّيٌّ لَا يُفِيدُ الْعِلْمَ وَإِنَّمَا يُوجِبُ الْفِعْلَ فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ الِافْتِرَاضُ فَفِيهِ أَنَّهُ يَكْفِي فِي الْمَطْلُوبِ أَنَّهُ يُوجِبُ الْعَمَلَ بِمَدْلُولِهِ لَا بِشَيْءٍ آخَرَ وَمَدْلُولُهُ عَدَمُ صِحَّةِ صَلَاةٍ لَمْ يُقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَوُجُوبُ الْعَمَلِ بِهِ يُوجِبُ الْقَوْلَ بِفَسَادِ تِلْكَ الصَّلَاةِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ، فَالْحَقُّ أَنَّ الْحَدِيثَ يُفِيدُ بُطْلَانَ الصَّلَاةِ إِذَا لَمْ يُقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ قِرَاءَةُ الْإِمَامِ قِرَاءَةُ الْمُقْتَدِي إِذَا تَرَكَ الْفَاتِحَةَ وَقَرَأَهَا الْإِمَامُ بَقِيَ أَنَّ الْحَدِيثَ يُوجِبُ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ فِي تَمَامِ الصَّلَاةِ لَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ لَكِنْ إِذَا ضُمَّ إِلَيْهِ «قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَافْعَلْ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا لِلْأَعْرَابِيِّ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ» يَلْزَمُ افْتِرَاضُهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَلِذَلِكَ عَقَّبَ هَذَا الْحَدِيثَ بِحَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فَلِلَّهِ دَرُّهُ مَا أَدَقَّهُ.

838 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ أَنَّ أَبَا السَّائِبِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ غَيْرُ تَمَامٍ» فَقُلْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ فَإِنِّي أَكُونُ أَحْيَانًا وَرَاءَ الْإِمَامِ فَغَمَزَ ذِرَاعِي وَقَالَ يَا فَارِسِيُّ اقْرَأْ بِهَا فِي نَفْسِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَهِيَ خِدَاجٌ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ غَيْرُ تَامَّةٍ فَقَوْلُهُ غَيْرُ تَمَامٍ تَفْسِيرٌ لَهُ قَوْلُهُ (فِي نَفْسِكَ) أَيْ سِرًّا.

839 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ ح وَحَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ جَمِيعًا عَنْ أَبِي سُفْيَانَ السَّعْدِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ وَسُورَةٍ فِي فَرِيضَةٍ أَوْ غَيْرِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (بِالْحَمْدِ لِلَّهِ وَسُورَةٍ) ظَاهِرُهُ افْتِرَاضُ الضَّمِّ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَغَايَةُ التَّأْوِيلِ أَنْ يُقَالَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِشَيْءٍ مِنَ الْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ وَلَازِمُهُ افْتِرَاضُ مُطْلَقِ الْقُرْآنِ وَبِالْجُمْلَةِ فَالْحَدِيثُ مُخَالِفٌ لِلْأَحَادِيثِ الْمَشْهُورَةِ فِي الْبَابِ وَفِي الزَّوَائِدِ ضَعِيفٌ وَفِي إِسْنَادِهِ أَبُو سُفْيَانَ السَّعْدِيُّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَجْمَعُوا عَلَى ضَعْفِهِ لَكِنْ تَابَعَ أَبَا سُفْيَانَ قَتَادَةُ كَمَا رَوَاهُ

ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ.

840 - حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ الْجَزَرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ كُلُّ صَلَاةٍ لَا يُقْرَأُ فِيهَا بِأُمِّ الْكِتَابِ فَهِيَ خِدَاجٌ»

841 - حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السُّكَيْنِ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ السَّلْعِيُّ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كُلُّ صَلَاةٍ لَا يُقْرَأُ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَهِيَ خِدَاجٌ فَهِيَ خِدَاجٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

842 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ يَحْيَى عَنْ يُونُسَ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ «سَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ أَقْرَأُ وَالْإِمَامُ يَقْرَأُ فَقَالَ سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفِي كُلِّ صَلَاةٍ قِرَاءَةٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَمْ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ وَجَبَ هَذَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَجَبَ هَذَا) أَيْ ثَبَتَ هَذَا الْحُكْمُ وَهُوَ أَنَّ فِي كُلِّ صَلَاةٍ قِرَاءَةً وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَحْيَى الصَّدَفِيِّ.

843 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ يَزِيدَ الْفَقِيرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا نَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (كُنَّا نَقْرَأُ) فِي الزَّوَائِدِ قَالَ الْمِزِّيُّ مَوْقُوفٌ ثُمَّ قَالَ هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَقَدْ يُقَالُ الْمَوْقُوفُ فِي هَذَا الْبَابِ حُكْمُهُ الرَّفْعُ إِلَّا أَنْ يُقَالَ يُمْكِنُ أَنَّهُمْ أَخَذُوا ذَلِكَ مِنَ الْعُمُومَاتِ الْوَارِدَةِ فِي الْبَابِ فَلَا يَدُلُّ قِرَاءَتُهُمْ عَلَى الرَّفْعِ بَقِيَ أَنَّهُ يُعَارِضُ حَدِيثَ جَابِرٍ «مَنْ كَانَ لَهُ إِمَامٌ فَقِرَاءَةُ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ» وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ لِضَعْفِ ذَلِكَ وَلَا أَقَلَّ أَنَّ هَذَا أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ قَطْعًا فَلْيُتَأَمَّلْ.

[باب في سكتتي الإمام]

[بَاب فِي سَكْتَتَيْ الْإِمَامِ] 844 - حَدَّثَنَا جَمِيلُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ جَمِيلٍ الْعَتَكِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ «سَكْتَتَانِ حَفِظْتُهُمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عِمْرَانُ بْنُ الْحُصَيْنِ فَكَتَبْنَا إِلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ بِالْمَدِينَةِ فَكَتَبَ أَنَّ سَمُرَةَ قَدْ حَفِظَ قَالَ سَعِيدٌ فَقُلْنَا لِقَتَادَةَ مَا هَاتَانِ السَّكْتَتَانِ قَالَ إِذَا دَخَلَ فِي صَلَاتِهِ وَإِذَا فَرَغَ مِنْ الْقِرَاءَةِ ثُمَّ قَالَ بَعْدُ وَإِذَا قَرَأَ {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] قَالَ وَكَانَ يُعْجِبُهُمْ إِذَا فَرَغَ مِنْ الْقِرَاءَةِ أَنْ يَسْكُتَ حَتَّى يَتَرَادَّ إِلَيْهِ نَفَسُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (حَتَّى يَتَرَادَّ) أَيْ يَرْجِعَ (إِلَيْهِ نَفَسُهُ) بِفَتْحَتَيْنِ.

845 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ خِدَاشٍ وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ إِشْكَابَ قَالَا حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ يُونُسَ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ قَالَ سَمُرَةُ «حَفِظْتُ سَكْتَتَيْنِ فِي الصَّلَاةِ سَكْتَةً قَبْلَ الْقِرَاءَةِ وَسَكْتَةً عِنْدَ الرُّكُوعِ» فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ عِمْرَانُ بْنُ الْحُصَيْنِ فَكَتَبُوا إِلَى الْمَدِينَةِ إِلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَصَدَّقَ سَمُرَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَصَدَقَ سَمُرَةُ) مِنَ التَّصْدِيقِ

أَيْ صَدَقَ سَمُرَةُ بِالتَّخْفِيفِ.

[باب إذا قرأ الإمام فأنصتوا]

[بَاب إِذَا قَرَأَ الْإِمَامُ فَأَنْصِتُوا] 846 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ ابْنِ عَجْلَانِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا وَإِذَا قَالَ {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] فَقُولُوا آمِينَ وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعِينَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا) أَيِ اسْكُتُوا لِلِاسْتِمَاعِ وَهَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا حَالَةَ الْجَهْرِ وَهَذَا الْحَدِيثُ صَحَّحَهُ مُسْلِمٌ وَلَا عِبْرَةَ بِتَضْعِيفِ مَنْ ضَعَّفَهُ وَجَعَلَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ تَفْسِيرًا لِلْآيَةِ فَيَحْمِلُونَ عُمُومَ الْآيَةِ أَعْنِي عُمُومَ {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ} [الأعراف: 204] عَلَى خُصُوصِ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا إِذَا ضَمَمْنَاهُ إِلَى حَدِيثِ جَابِرٍ كُنَّا نَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ خَلْفَ الْإِمَامِ يَلْزَمُ أَنْ لَا تَكُونَ الْقِرَاءَةُ خَلْفَ الْإِمَامِ الْجَهْرُ مَشْرُوعَةً وَإِنَّمَا تَكُونُ مَشْرُوعَةً فِي السِّرِّ قَوْلُهُ (وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا) جُلُوسًا ظَاهِرُهُ أَنَّ الْجُلُوسَ عِنْدَ جُلُوسِ الْإِمَامِ مِنْ جُمْلَةِ الِائْتِمَامِ بِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا وَغَالِبُ الْفُقَهَاءِ لَا يَرَوْنَهُ جَائِزًا وَفِيهِ كَلَامٌ طَوِيلٌ لَعَلَّهُ يَجِيءُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ.

847 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي غَلَّابٍ عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيِّ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَرَأَ الْإِمَامُ فَأَنْصِتُوا فَإِذَا كَانَ عِنْدَ الْقَعْدَةِ فَلْيَكُنْ أَوَّلَ ذِكْرِ أَحَدِكُمْ التَّشَهُّدُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَإِذَا كَانَ عِنْدَ الْقَعْدَةِ) أَيْ فَإِذَا كَانَ الْإِمَامُ فِي الْقَعْدَةِ.

848 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ ابْنِ أُكَيْمَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ «صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَصْحَابِهِ صَلَاةً نَظُنُّ أَنَّهَا الصُّبْحُ فَقَالَ هَلْ قَرَأَ مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ قَالَ رَجُلٌ أَنَا قَالَ إِنِّي أَقُولُ مَا لِي أُنَازَعُ الْقُرْآنَ» 849 - حَدَّثَنَا جَمِيلُ بْنُ الْحَسَنِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ ابْنِ أُكَيْمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَزَادَ فِيهِ قَالَ فَسَكَتُوا بَعْدُ فِيمَا جَهَرَ فِيهِ الْإِمَامُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ إِنِّي أَقُولُ أَيْ فِي الصَّلَاةِ فِي نَفْسِي (مَا لِي أُنَازَعُ الْقُرْآنَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَالْقُرْآنُ مَنْصُوبٌ بِتَقْدِيرِ فِي الْقُرْآنِ أُجَاذَبُ فِي قِرَاءَتِهِ كَأَنْ أَجْذِبَهُ إِلَيَّ مِنْ غَيْرِي وَغَيْرِي يَجْذِبُهُ إِلَيْهِ مِنِّي وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَخْبَرَهُمْ بِهَذَا الْمَعْنَى نَهْيًا لَهُمْ عَنْ ذَلِكَ وَإِنْكَارًا لِفِعْلِهِمْ ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ جَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ فَشَغَلَهُ وَالْمَنْعُ مَخْصُوصٌ بِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ وَرَدَ فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ كَمَا قِيلَ وَيُحْتَمَلُ الْعُمُومُ فَلَا يَقْرَأُ فِيمَا يَجْهَرُ الْإِمَامُ أَصْلًا بِالْفَاتِحَةِ وَلَا بِغَيْرِهَا لَا سِرًّا وَلَا

جَهْرًا وَمَا جَاءَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ قَوْلِهِ اقْرَأْ بِهَا يَا فَارِسِيُّ يُحْمَلُ عَلَى السِّرِّ وَيُؤَيِّدُهُ الرِّوَايَةُ الْآتِيَةُ.

850 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ لَهُ إِمَامٌ فَقِرَاءَةُ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَنْ كَانَ لَهُ إِمَامٌ فَإِنَّ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ) قَدْ سَبَقَ عَنْ جَابِرٍ مَا يُخَالِفُ إِطْلَاقَهُ فَيُمْكِنُ أَنْ يَخُصُّ هَذَا بِصُورَةِ الْجَهْرِ تَوْفِيقًا بِهِ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَمَا جَاءَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ كَانَ فِي الظُّهْرِ فَلَعَلَّهُ ضَعِيفٌ لَمْ يَثْبُتْ عَلَى أَنَّهُ قِيلَ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ مَنْ كَانَ لَهُ إِمَامٌ فَلْيَقْرَأْ بِقِرَاءَتِهِ فَإِنَّ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ قِرَاءَةٌ لَهُ فَلْيَقْرَأْ لِنَفْسِهِ وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا الْحَدِيثُ مَعَ ضَعْفِهِ وَاحْتِمَالُ التَّأْوِيلِ يَقْوَى قُوَّةَ مُعَارِضِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ كَذَّابٌ وَالْحَدِيثُ مُخَالِفٌ لِمَا رَوَاهُ السِّتَّةُ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب الجهر بآمين]

[بَاب الْجَهْرِ بِآمِينَ] 851 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا أَمَّنَ الْقَارِئُ فَأَمِّنُوا فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تُؤَمِّنُ فَمَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِذَا أَمِنَ الْقَارِئُ) أَخَذَ مِنْهُ الْمُصَنِّفُ الْجَهْرَ بِآمِينَ إِذْ لَوْ أَسَرَّ الْإِمَامُ بِآمِينَ لَمَا عَلِمَ الْقَوْمُ بِتَأْمِينِ الْإِمَامِ فَلَا يُحْسِنُ الْأَمْرُ إِيَّاهُمْ بِالتَّأْمِينِ عِنْدَ تَأْمِينِهِ وَهَذَا اسْتِنْبَاطٌ دَقِيقٌ يُرَجِّحُهُ مَا جَاءَ مِنَ التَّصْرِيحِ بِالْجَهْرِ وَقَدْ يُقَالُ يَكْفِي فِي الْأَمْرِ مَعْرِفَتُهُمْ لِتَأْمِينِ الْإِمَامِ بِالسُّكُوتِ عَنِ الْقِرَاءَةِ لَكِنَّ تِلْكَ مَعْرِفَةً ضَعِيفَةٌ بَلْ كَثِيرًا مَا يَسْكُتُ الْإِمَامُ عَنْ قِرَاءَةِ ثُمَّ يَقُولُ آمِينَ بَلْ الْفَصْلُ بَيْنَ الْقِرَاءَةِ وَالتَّأْمِيْنِ هُوَ اللَّائِقُ فَيَتَقَدَّمُ تَأْمِيْنُ الْمُقْتَدِي عَلَى تَأْمِينِ الْإِمَامِ إِذَا اعْتَمَدَ عَلَى هَذِهِ الْأَمَارَةِ وَلَكِنَّ رِوَايَةَ إِذَا قَالَ الْإِمَامُ وَلَا الضَّالِّينَ رُبَّمَا يُرَجَّحُ هَذَا التَّأْوِيلَ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَلَا قُرْبَ أَنَّ أَحَدَ اللَّفْظَيْنِ مِنْ تَصَرُّفَاتِ الرُّوَاةِ وَحِينَئِذٍ رِوَايَةُ إِذَا أَمِنَ أَشْهَرُ وَأَصَحُّ فَهِيَ أَشْبَهُ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْأَصْلُ قَوْلُهُ (فَمَنْ وَافَقَ) أَيْ فِي الزَّمَانِ وَفِيهِ نَفْيُ الْإِخْلَاصِ.

852 - حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ وَجَمِيلُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ ح وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ الْمِصْرِيُّ وَهَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ الْحَرَّانِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ جَمِيعًا عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَمَّنَ الْقَارِئُ فَأَمِّنُوا فَمَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»

853 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ رَافِعٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عَمِّ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «تَرَكَ النَّاسُ التَّأْمِينَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَالَ {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] قَالَ آمِينَ حَتَّى يَسْمَعَهَا أَهْلُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ فَيَرْتَجُّ بِهَا الْمَسْجِدُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَيَرْتَجُّ) مِنَ الِارْتِجَاجِ أَيْ يَضْطَرِبُ بِهَا أَيْ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ أَوْ بِأَصْوَاتِ أَهْلِ الصَّفِّ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى الْجَهْرِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لَا يُعْرَفُ وَبِشْرٌ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ يَرْوِي الْمَوْضُوعَاتِ وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ بِسَنَدٍ آخَرَ.

854 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ حُجَيَّةَ بْنِ عَدِيٍّ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَالَ {وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] قَالَ آمِينَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (قَالَ آمِينَ) وَالسَّمَاعُ يَدُلُّ عَلَى الْجَهْرِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي سَنَدِهِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى ضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ مَحَلُّهُ الصِّدْقُ وَبَاقِي رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

855 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ وَعَمَّارُ بْنُ خَالِدٍ الْوَاسِطِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ وَائِلٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا قَالَ {وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] قَالَ آمِينَ فَسَمِعْنَاهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَسَمِعْنَاهَا) أَيْ هَذِهِ اللَّفْظَةَ أَعْنِي آمِينَ مِنْهُ.

856 - حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا حَسَدَتْكُمْ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ مَا حَسَدَتْكُمْ عَلَى السَّلَامِ وَالتَّأْمِينِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَلَى السَّلَامِ وَالتَّأْمِينِ) لِمَا عَلِمُوا مِنْ فَضْلِهِمَا وَبَرَكَتِهِمَا أَيْ فَاللَّائِقُ بِكُمُ الْإِكْثَارُ فِيهِمَا وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ احْتَجَّ مُسْلِمٌ بِجَمِيعِ رُوَاتِهِ.

857 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الْخَلَّالُ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَبُو مُسْهِرٍ قَالَا حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ صَالِحِ بْنِ صُبَيْحٍ الْمُرِّيُّ حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا حَسَدَتْكُمْ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ مَا حَسَدَتْكُمْ عَلَى آمِينَ فَأَكْثِرُوا مِنْ قَوْلِ آمِينَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَأَكْثِرُوا مِنْ قَوْلِ آمِينَ) إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى ضَعْفِ طَلْحَةَ بْنِ عَمْرٍو.

[باب رفع اليدين إذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع]

[بَاب رَفْعِ الْيَدَيْنِ إِذَا رَكَعَ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ] 858 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَأَبُو عُمَرَ الضَّرِيرُ قَالُوا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ وَإِذَا رَكَعَ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ وَلَا يَرْفَعُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ) أَيْ بِالتَّكْبِيرِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إِذَا كَبَّرَ رَفَعَ يَدَيْهِ كَمَا فِي بَعْضِ

أَحَادِيثِ الْبَابِ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ يَفْهَمُ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ تَقَدُّمَ التَّكْبِيرِ عَلَى الرَّفْعِ وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا دَلَالَةَ عَلَى التَّقَدُّمِ نَعَمِ الْمُقَارَنَةُ مُتَبَادِرَةٌ إِلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ إِذَا أَرَادَ الِافْتِتَاحَ وَهُوَ تَأْوِيلٌ شَائِعٌ فَيَجُوزُ تَقْدِيْمُ الرَّفْعِ عَلَى التَّكْبِيرِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِرِوَايَةِ ثُمَّ كَبَّرَ فَالْحَمْلُ عَلَيْهِ أَوْجَهُ.

859 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا كَبَّرَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يَجْعَلَهُمَا قَرِيبًا مِنْ أُذُنَيْهِ وَإِذَا رَكَعَ صَنَعَ مِثْلَ ذَلِكَ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ صَنَعَ مِثْلَ ذَلِكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (حَتَّى يَجْعَلَهُمَا قَرِيبًا مِنْ أُذُنَيْهِ) يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقُرْبِ أَنْ يَجْعَلَهُمَا بِحِذَاءِ أُذُنَيْهِ لَا مُتَّصِلًا بِهِمَا كَمَا سَيَجِيءُ فِي حَدِيثِ وَائِلٍ أَوْ أَنَّهُ يَجْعَلُهُمَا بِحِذَاءِ مَنْكِبَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا تَنَاقُضَ بَيْنَ الْأَفْعَالِ الْمُخْتَلِفَةِ لِجَوَازِ وُقُوعِ الْكُلِّ فِي أَوْقَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَيَكُونُ الْكُلُّ مُسْتَنِدًا إِلَّا إِذَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى نَسْخِ الْبَعْضِ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الرَّفْعِ إِلَى الْمَنْكِبَيْنِ أَوْ إِلَى شَحْمَتَيِ الْأُذُنَيْنِ وَإِلَى فُرُوعِ الْأُذُنَيْنِ أَيْ أَعَالِيهِمَا وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِي التَّوْفِيقِ بَسْطًا لَا حَاجَةَ إِلَيْهِ لِكَوْنِ التَّوْفِيقِ فَرْعَ التَّعَارُضِ وَلَا يَظْهَرُ التَّعَارُضُ أَصْلًا وَبِمِثْلِ هَذَا يُجَابُ عَمَّا جَاءَ أَنَّهُ «كَانَ يَرْفَعُ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ ثُمَّ لَا يَعُودُ إِلَيْهِ» وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّ ذَلِكَ الْحَدِيثَ نَاسِخٌ رَفْعَ غَيْرِ تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ فَهُوَ قَوْلٌ بِلَا دَلِيلٍ بَلْ لَوْ فُرِضَ فِي الْبَابِ نَسْخٌ فَيَكُونُ الْأَمْرُ بِعَكْسِ مَا قَالُوا أَوْلَى مِمَّا قَالُوا فَإِنَّ مَالِكَ بْنَ الْحُوَيْرِثِ وَوَائِلَ بْنَ حُجْرٍ مِنْ رُوَاةِ الرَّفْعِ مِمَّنْ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آخِرَ عُمُرِهِ فَرِوَايَتُهُمَا الرَّفْعُ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَالرَّفْعِ مِنْهُ دَلِيلٌ عَلَى تَأَخُّرِ الرَّفْعِ وَبُطْلَانِ دَعْوَى نَسْخِهِ فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ نَسْخٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمَنْسُوخُ تَرْكَ الرَّفْعِ كَيْفَ وَقَدْ رَوَى مَالِكٌ هَكَذَا جِلْسَةُ الِاسْتِرَاحَةِ فَحَمَلُوهَا عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ فِي آخِرِ عُمُرِهِ فِي سِنِّ الْكِبَرِ فَهِيَ لَيْسَ مِمَّا فَعَلَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَصْدًا فَلَا تَكُونَ سُنَّةً وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ لَا يَكُونَ الرَّفْعُ الَّذِي رَوَاهُ ثَانِيًا مَنْسُوخًا لِكَوْنِهِ آخِرَ عُمُرِهِ عِنْدَهُمْ فَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ قَرِيبٌ مِنَ التَّنَاقُضِ وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» وَبِالْجُمْلَةِ فَالْأَقْرَبُ الْقَوْلُ بِاسْتِنَانِ الْأَمْرَيْنِ وَالرَّفْعُ أَقْوَى وَأَكْثَرُ.

860 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الصَّلَاةِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ حِينَ يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ وَحِينَ يَرْكَعُ وَحِينَ يَسْجُدُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ) بِفَتْحِ حَاءٍ وَسُكُونِ ذَالٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ حِذَاءَهُمَا وَقَوْلُهُ حِينَ يَسْجُدُ أَيْ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ لِيَذْهَبَ مِنَ الْقَوْمَةِ إِلَى السُّجُودِ فَوَافَقَ الْحَدِيثُ الْأَحَادِيثَ الْمُتَقَدِّمَةَ وَهَذَا الْمَعْنَى هُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ السَّوْقُ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَفِيهِ رِوَايَةُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنِ الْحِجَازِيِّينَ وَهِيَ ضَعِيفَةٌ.

861 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا رِفْدَةُ بْنُ قُضَاعَةَ الْغَسَّانِيُّ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عُمَيْرِ بْنِ حَبِيبٍ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ مَعَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَعَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ) أَيْ مَعَ كُلِّ انْتِقَالٍ إِذْ لَا تَكْبِيرَ عِنْدَ الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ وَمَعَ هَذَا لَا بُدَّ مِنَ الْحَمْلِ عَلَى الْخُصُوصِ الَّذِي سَبَقَ وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ فِيهِ رِفْدَةُ بْنُ قُضَاعَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَعَبْدُ اللَّهِ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ حَكَاهُ الْعَلَائِيُّ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ.

862 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ سَمِعْتُهُ وَهُوَ فِي عَشَرَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدُهُمْ أَبُو قَتَادَةَ بْنُ رِبْعِيٍّ قَالَ «أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَامَ فِي الصَّلَاةِ اعْتَدَلَ قَائِمًا وَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ أَكَبْرُ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ فَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَفَعَ يَدَيْهِ فَاعْتَدَلَ فَإِذَا قَامَ مِنْ الثِّنْتَيْنِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ مَنْكِبَيْهِ كَمَا صَنَعَ حِينَ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (اعْتَدِلْ قَائِمًا) أَيْ تَوَسَّطْ بِلَا مَيْلٍ إِلَى يَمِينٍ أَوْ شِمَالٍ حَالَ كَوْنِهِ قَائِمًا (ثُمَّ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ) صَرِيحٌ فِي تَقَدُّمِ الرَّفْعِ عَلَى التَّكْبِيرَةِ فَهُوَ الْأَوْجَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (مِنَ الثِّنْتَيْنِ) أَيِ الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ وَبِهَذَا أَخَذَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ أَوْجَهُ.

863 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ سَهْلٍ السَّاعِدِيُّ قَالَ «اجْتَمَعَ أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ وَأَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِيُّ وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَذَكَرُوا صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فَكَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ ثُمَّ رَفَعَ حِينَ كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ ثُمَّ قَامَ فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَاسْتَوَى حَتَّى رَجَعَ كُلُّ عَظْمٍ إِلَى مَوْضِعِهِ»

864 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو أَيُّوبَ الْهَاشِمِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يَكُونَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ وَإِذَا قَامَ مِنْ السَّجْدَتَيْنِ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنِ ابْنِ عَيَّاشٍ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى ضَعْفِ عُمَرَ بْنِ رَبَاحٍ.

865 - حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَاشِمِيُّ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ رِيَاحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ عِنْدَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَإِذَا قَامَ مِنَ السَّجْدَتَيْنِ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ) كَأَنَّهُمْ تَرَكُوهُ لِمُخَالَفَتِهِ لِلرِّوَايَاتِ الْمَشْهُورَةِ.

866 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ وَإِذَا رَكَعَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ أَنَسٍ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحَيْنِ إِلَّا أَنَّ الدَّارَقُطْنِيَّ أَعَلَّهُ بِالْوَقْفِ وَقَالَ لَمْ يَرْوِهِ عَنْ حُمَيْدٍ مَرْفُوعًا غَيْرُ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَالصَّوَابُ مِنْ فِعْلِ أَنَسٍ وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحَيْهِمَا.

867 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ الضَّرِيرُ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ «قُلْتُ لَأَنْظُرَنَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ يُصَلِّي فَقَامَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى حَاذَتَا أُذُنَيْهِ فَلَمَّا رَكَعَ رَفَعَهُمَا مِثْلَ ذَلِكَ فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ رَفَعَهُمَا مِثْلَ ذَلِكَ»

868 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ «أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ كَانَ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ رَفَعَ يَدَيْهِ وَإِذَا رَكَعَ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ وَيَقُولُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ وَرَفَعَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ يَدَيْهِ إِلَى أُذُنَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ جَابِرٍ) فِي الزَّوَائِدِ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[باب الركوع في الصلاة]

[بَاب الرُّكُوعِ فِي الصَّلَاةِ] 869 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ بُدَيْلٍ عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَكَعَ لَمْ يَشْخَصْ رَأْسَهُ وَلَمْ يُصَوِّبْهُ وَلَكِنْ بَيْنَ ذَلِكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يُشْخِصُ رَأْسَهُ) مِنْ أَشْخَصَ أَيْ لَمْ يَرْفَعْهُ (وَلَمْ يُصَوِّبْهُ) مِنَ التَّصْوِيبِ أَيْ لَمْ يَخْفِضْهُ (وَلَكِنْ بَيْنَ ذَلِكَ) أَيْ يَجْعَلُهُ بَيْنَهُمَا.

870 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ لَا يُقِيمُ الرَّجُلُ فِيهَا صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَا تُجْزِئُ) مِنْ أَجْزَأَ بِهَمْزَةٍ فِي آخِرِهِ (لَا يُقِيمُ) أَيْ لَا يَعْدِلُ وَلَا يُسَوِّي وَالْمَقْصُودُ الطُّمَأْنِينَةُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَلِذَلِكَ قَالَ الْجُمْهُورُ بِافْتِرَاضِ الطُّمَأْنِينَةِ وَالْمَشْهُورُ مِنْ

مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ عَدَمُ الِافْتِرَاضِ لَكِنْ نَصَّ الطَّحَاوِيُّ فِي آثَارِهِ أَنَّ مَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ افْتِرَاضُ الطُّمَأْنِينَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَهُوَ أَقْرَبُ لِلْأَحَادِيثِ.

871 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُلَازِمُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَدْرٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَ عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَ وَكَانَ مِنْ الْوَفْدِ قَالَ «خَرَجْنَا حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعْنَاهُ وَصَلَّيْنَا خَلْفَهُ فَلَمَحَ بِمُؤْخِرِ عَيْنِهِ رَجُلًا لَا يُقِيمُ صَلَاتَهُ يَعْنِي صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ قَالَ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَلَمَحَ) أَيْ نَظَرَ وَلَاحَظَ وَهَذَا إِمَّا مَبْنِيٌّ عَلَى زَعْمِهِ وَإِلَا فَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَرَى مَنْ خَلْفَهُ أَحْيَانًا وَأَحْيَانًا يَلْمَحُ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَرَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحَيْهِمَا.

872 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ رَاشِدٍ قَالَ سَمِعْتُ وَابِصَةَ بْنَ مَعْبَدٍ يَقُولُ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فَكَانَ إِذَا رَكَعَ سَوَّى ظَهْرَهُ حَتَّى لَوْ صُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ لَاسْتَقَرَّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَاسْتَقَرَّ) مِنْ كَمَالِ التَّسْوِيَةِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ الْمَدِينِيِّ يَضَعُ الْحَدِيثَ.

[باب وضع اليدين على الركبتين]

[بَاب وَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ] 873 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ «رَكَعْتُ إِلَى جَنْبِ أَبِي فَطَبَّقْتُ فَضَرَبَ يَدِي وَقَالَ قَدْ كُنَّا نَفْعَلُ هَذَا ثُمَّ أُمِرْنَا أَنْ نَرْفَعَ إِلَى الرُّكَبِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَطَبَّقْتُ) مِنَ التَّطْبِيقِ وَهُوَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ أَصَابِعِ يَدَيْهِ وَيَجْعَلُهُمَا بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ فِي الرُّكُوعِ وَهَذَا مَنْسُوخٌ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ قَوْلُهُ (أُمِرْنَا) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَالْآمِرُ هُوَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَوْلِ الصَّحَابَةِ مِثْلُ هَذَا (أَنْ نَرْفَعَ) أَيِ الْيَدَيْنِ (إِلَى الرُّكْبَةِ) أَيْ لِلْوَضْعِ عَلَيْهَا وَأَخْذِ الرُّكَبِ بِهِمَا.

874 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ أَبِي الرِّجَالِ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْكَعُ فَيَضَعُ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَيُجَافِي بِعَضُدَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَيُجَافِي بِعَضُدَيْهِ) أَيْ يُبْعِدُهُمَا عَنْ إِبْطَيْهِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ حَارِثَةُ بْنُ أَبِي الرِّجَالِ وَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى ضَعْفِهِ.

[باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع]

[بَاب مَا يَقُولُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ] 875 - حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِيُّ وَيَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ قَالَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ قَالَ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (قَالَ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ) أَيْ يَجْمَعُ بَيْنَ التَّسْمِيعِ وَالتَّحْمِيدِ وَقَدْ قَالَ بِهِ كَثِيرٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ لِلْإِمَامِ وَغَيْرِهِ وَبَعْضُهُمْ خَصَّصُوهُ بِالْمُنْفَرِدِ وَقَالُوا إِنَّ قَوْلَهُ «إِذَا قَالَ الْإِمَامُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ» يُفِيدُ تَخْصِيصَ الْإِمَامِ بِالتَّسْمِيعِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّقْسِيمِ وَهُوَ يُنَافِي التَّشْرِيكَ لَكِنَّ الْأَحَادِيثَ تَدُلُّ عَلَى الْجَمْعِ لِلْإِمَامِ.

876 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا قَالَ الْإِمَامُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ»

877 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا قَالَ الْإِمَامُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ»

878 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مِلْءَ السَّمَاوَاتِ) تَمْثِيلٌ وَتَقْرِيبٌ وَالْمُرَادُ تَكْثِيرُ الْعَدَدِ أَوْ تَعْظِيمُ الْقَدْرِ (وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ) كَالْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ وَنَحْوِهِمَا قَالَ النَّوَوِيُّ مِلْءَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَبِنَصْبِ الْهَمْزَةِ بَعْدَ اللَّامِ وَرَفْعِهَا وَالْأَشْهَرُ النَّصْبُ وَمَعْنَاهُ لَوْ كَانَ جِسْمًا مِلْأَهَا لِعَظَمَتِهِ اهـ.

879 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ مُوسَى السُّدِّيُّ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ يَقُولُ «ذُكِرَتْ الْجُدُودُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ رَجُلٌ جَدُّ فُلَانٍ فِي الْخَيْلِ وَقَالَ آخَرُ جَدُّ فُلَانٍ فِي الْإِبِلِ وَقَالَ آخَرُ جَدُّ فُلَانٍ فِي الْغَنَمِ وَقَالَ آخَرُ جَدُّ فُلَانٍ فِي الرَّقِيقِ فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ وَرَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ آخِرِ الرَّكْعَةِ قَالَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ وَطَوَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْتَهُ بِالْجَدِّ لِيَعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ كَمَا يَقُولُونَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يَقُولُ ذَكَرْتُ الْجُدُودَ) جَمْعُ جَدٍّ بِمَعْنَى الْبَخْتِ وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ هُوَ قَوْلُهُمْ جَدُّ فُلَانٍ فِي الْخَيْلِ أَيْ فُلَانٌ لَهُ بَخْتٌ فِي الْخَيْلِ قَوْلُهُ (لِمَا أَعْطَيْتَ) يَعُمُّ الْعُقَلَاءَ وَغَيْرَهُمْ (مِنْكَ) بِمَعْنَى عِنْدَكَ أَوْ بِمَعْنَى بَدَلَكَ أَيْ لَا يَنْفَعُ بَدَلُ طَاعَتِكِ وَتَوْفِيقِكِ الْبَخْتُ وَالْحُظُوظُ وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى

الْجَدُّ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالْمَشْهُورُ عَلَى أَلْسِنَةِ أَهْلِ الْحَدِيثِ الْمُنَاسِبُ بِالسَّوْقِ وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ كَسْرَهَا أَيْ لَا يَنْفَعُ ذَا الِاجْتِهَادِ مِنْكَ اجْتِهَادُهُ وَعِلْمُهُ وَإِنَّمَا يَنْفَعُهُ فَضْلُكَ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ قَصْدِ التَّعْرِيضِ فِي الصَّلَاةِ بِمَا يَجُوزُ فِيهَا مِنَ الْأَذْكَارِ وَأَنَّ مِثْلَهُ مِنَ الْإِفْهَامِ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ أَبُو عُمَرَ وَهُوَ مَجْهُولٌ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ.

[باب السجود]

[بَاب السُّجُودِ] 880 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَصَمِّ عَنْ عَمِّهِ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ عَنْ مَيْمُونَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا سَجَدَ جَافَى يَدَيْهِ فَلَوْ أَنَّ بَهْمَةً أَرَادَتْ أَنْ تَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ لَمَرَّتْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (جَافَى يَدَيْهِ) أَيْ نَحَّاهُمَا عَمَّا يَلِيهِمَا مِنَ الْجَنْبِ (فَلَوْ أَنَّ بَهْمَةً) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ الْوَاحِدَةُ مِنْ أَوْلَادِ الْغَنَمِ يُقَالُ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالتَّاءُ لِلْوَحْدَةِ وَالْبُهْمُ بِلَا تَاءٍ يُطْلَقُ عَلَى الْجَمْعِ.

881 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَقْرَمَ الْخُزَاعِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «كُنْتُ مَعَ أَبِي بِالْقَاعِ مِنْ نَمِرَةَ فَمَرَّ بِنَا رَكْبٌ فَأَنَاخُوا بِنَاحِيَةِ الطَّرِيقِ فَقَالَ لِي أَبِي كُنْ فِي بَهْمِكَ حَتَّى آتِيَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ فَأُسَائِلَهُمْ قَالَ فَخَرَجَ وَجِئْتُ يَعْنِي دَنَوْتُ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَضَرْتُ الصَّلَاةَ فَصَلَّيْتُ مَعَهُمْ فَكُنْتُ أَنْظُرُ إِلَى عُفْرَتَيْ إِبْطَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّمَا سَجَدَ» قَالَ ابْن مَاجَةَ النَّاسُ يَقُولُونَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ يَقُولُ النَّاسُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَصَفْوَانُ بْنُ عِيسَى وَأَبُو دَاوُدَ قَالُوا حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَقْرَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (بِالْقَاعِ) بِفَتْحِ الْقَافِ (مِنْ نَمِرَةَ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ مَكَانٌ بِقُرْبِ عَرَفَاتَ (فَأَنَاخُوا) أَيْ حِمَالَهُمْ (بِنَاحِيَةِ الطَّرِيقِ) أَيْ طَرِفِهَا قَوْلُهُ (يَعْنِي دَنَوْتُ) أَيْ مِنَ الرَّكْبِ (إِلَى عُفْرَتَيْ إِبْطِي إِلَخْ) الْعُفْرَةُ بِضَمٍّ أَوْ فَتْحٍ فَسُكُونٍ بَيَاضٌ غَيْرُ صَافٍ بِوَاسِطَةِ أُصُولِ الشَّعْرِ فَصَارَ يَضْرِبُ إِلَى لَوْنِ وَجْهِ الْأَرْضِ وَلَا تَظْهَرُ هَذِهِ الْعُفْرَةُ عَادَةً إِلَّا بِمُجَافَاةِ الْيَدَيْنِ عَنِ الْجَنْبِ.

882 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا شَرِيكٌ عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَجَدَ وَضَعَ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ وَإِذَا قَامَ مِنْ السُّجُودِ رَفَعَ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَضَعَ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ) قَالَ الْبَعْضُ وَقَدْ جَاءَ النَّهْيُ عَنْهُ وَالْأَمْرُ

بِوَضْعِ الْيَدَيْنِ قَبْلَ الرَّكْبَتَيْنِ وَبِهِ قَالَ الْآخَرُونَ وَحَمَلُوا هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ.

883 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ الضَّرِيرُ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ»

884 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعٍ وَلَا أَكُفَّ شَعَرًا وَلَا ثَوْبًا» قَالَ ابْنُ طَاوُسٍ فَكَانَ أَبِي يَقُولُ الْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ وَكَانَ يَعُدُّ الْجَبْهَةَ وَالْأَنْفَ وَاحِدًا ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَلَا أَكُفَّ) أَيْ لَا أَضُمَّ فِي السُّجُودِ احْتِرَازًا عَنِ التُّرَابِ.

885 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ «أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا سَجَدَ الْعَبْدُ سَجَدَ مَعَهُ سَبْعَةُ آرَابٍ وَجْهُهُ وَكَفَّاهُ وَرُكْبَتَاهُ وَقَدَمَاهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (سَبْعَةُ آرَابٍ) بِالْمَدِّ كَأَعْضَاءٍ لَفْظًا وَمَعْنًى وَاحِدُهَا إِرْبٌ بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ.

886 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ الْحَسَنِ حَدَّثَنَا أَحْمَرُ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «إِنْ كُنَّا لَنَأْوِي لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا يُجَافِي بِيَدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ إِذَا سَجَدَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِنْ كُنَّا) مُخَفَّفَةٌ مِنَ الثَّقِيلَةِ (لَنَأْوِي) أَيْ لِنَتَرَحَّمَ لِأَجْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا يَجِدُ مِنَ التَّعَبِ بِسَبَبِ الْمُجَافَاةِ الشَّدِيدَةِ وَالْمُبَالَغَةِ فِيهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب التسبيح في الركوع والسجود]

[بَاب التَّسْبِيحِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ] 887 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ الْبَجَلِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مُوسَى بْنِ أَيُّوبَ الْغَافِقِيِّ قَالَ سَمِعْتُ عَمِّي إِيَاسَ بْنَ عَامِرٍ يَقُولُ سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيَّ يَقُولُ «لَمَّا نَزَلَتْ {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة: 74] قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ فَلَمَّا نَزَلَتْ {سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: 1] قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ) أَيِ اجْعَلُوا التَّسْبِيحَ الْمُسْتَفَادَ مِنْهَا وَجَاءَ بَيَانُ ذَلِكَ التَّسْبِيحِ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ لَفْظَ الِاسْمِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة: 74] مَقْحَمٌ وَكَذَا قَوْلُهُ «اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ» وَقَدْ يُقَالُ بَيَانُ الْآيَةِ بِهَذَا التَّسْبِيحِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَفْعُولَ سَبِّحْ مَحْذُوفٌ أَيْ سَبِّحْهُ وَقَوْلُ بِاسْمِ رَبِّكَ حَالٌ أَيْ حَالُ كَوْنِهِ مُلْتَبِسًا بِاسْمِهِ وَالْعَظِيمُ هُوَ بَيَانُ الِاسْمِ وَهَذَا أَقْرَبُ إِلَى تَطْبِيقِ الْآيَةِ بِالْبَيَانِ بَعْلَهُمْ فَلْيُفْهَمْ إِلَّا أَنَّهُ لَا يُوَافِقُ آيَةَ السُّجُودِ ثُمَّ الْأَعْلَى وَجْهُ التَّخْصِيصِ إِذِ الْأَعْلَى أَبْلَغُ مِنَ التَّعْظِيمِ فَجَعَلَ فِي الْأَبْلَغِ تَوَاضُعًا وَهُوَ السُّجُودُ وَأَيْضًا قَدْ جَاءَ «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ» فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ قُرْبَ الْمَسَافَةِ فَنُدِبَ سُبْحَانُ رَبِّي الْأَعْلَى دَفْعًا لِذَلِكَ التَّوَهُّمِ وَأَيْضًا

فِي السُّجُودِ غَايَةُ انْحِطَاطٍ مِنَ الْعَبْدِ فَيُنَاسِبُهُ أَنْ يَصِفَ فِيهِ رَبَّهُ بِالْعُلُوِّ.

888 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ الْمِصْرِيُّ أَنْبَأَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي الْأَزْهَرِ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ «أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا رَكَعَ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَإِذَا سَجَدَ قَالَ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى ثَلَاثَ مَرَّاتٍ»

889 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ أَيْ يَرَاهُ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} [النصر: 3] وَعَمَلًا بِمُقْتَضَاهُ.

890 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ إِسْحَقَ بْنِ يَزِيدَ الْهُذَلِيِّ عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَكَعَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ فِي رُكُوعِهِ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ ثَلَاثًا فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ تَمَّ رُكُوعُهُ وَإِذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ فِي سُجُودِهِ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى ثَلَاثًا فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ تَمَّ سُجُودُهُ وَذَلِكَ أَدْنَاهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَذَلِكَ) أَيِ الْمَذْكُورُ مِنَ الذِّكْرِ (أَدْنَاهُ) أَيْ أَدْنَى التَّمَامِ وَهَذَا الْمَعْنَى هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ هَذَا السَّوْقِ.

[باب الاعتدال في السجود]

[بَاب الِاعْتِدَالِ فِي السُّجُودِ] 891 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَعْتَدِلْ وَلَا يَفْتَرِشْ ذِرَاعَيْهِ افْتِرَاشَ الْكَلْبِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَلْيَعْتَدِلْ) أَيْ لِيَتَوَسَّطْ بَيْنَ الِافْتِرَاشِ وَالْقَبْضِ بِوَضْعِ الْكَفَّيْنِ عَلَى الْأَرْضِ وَرَفْعِ الْمِرْفَقَيْنِ عَنْهَا وَالْبَطْنُ عَنِ الْفَخِذِ وَهُوَ أَشْبَهُ بِالتَّوَاضُعِ وَأَمْكَنُ فِي تَمْكِينِ الْجَبْهَةِ وَأَبْعَدُ مِنَ الْكَسَالَةِ وَافْتِرَاشُ الْكَلْبِ هُوَ وَضْعُ الْمِرْفَقَيْنِ مَعَ الْكَفَّيْنِ عَلَى الْأَرْضِ.

892 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اعْتَدِلُوا فِي السُّجُودِ وَلَا يَسْجُدْ أَحَدُكُمْ وَهُوَ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ كَالْكَلْبِ»

[باب الجلوس بين السجدتين]

[بَاب الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ] 893 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ بُدَيْلٍ عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَائِمًا وَإِذَا سَجَدَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى يَسْتَوِيَ جَالِسًا وَكَانَ يَفْتَرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَكَانَ يَفْتَرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى) أَيْ وَقْتُ الْجُلُوسِ.

894 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُقْعِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَا تُقْعِ) مِنَ الْإِقْعَاءِ أَيْ لَا تَقْعُدْ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ كَإِقْعَاءِ الْكَلْبِ وَقَدْ فُسِّرَ هَذَا الْإِقْعَاءُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ بِنَصْبِ السَّاقَيْنِ وَوَضْعِ الْأَلْيَتَيْنِ وَالْيَدَيْنِ عَلَى الْأَرْضِ وَقَدْ جَاءَ الْإِقْعَاءُ فِي الصَّلَاةِ وَفُسِّرَ بِأَنْ يَنْصِبَ الْقَدَمَيْنِ وَيَجْلِسُ عَلَيْهِمَا فَلَا مُنَافَاةَ.

895 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوَابٍ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ النَّخَعِيُّ عَنْ أَبِي مَالِكٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي مُوسَى وَأَبِي إِسْحَقَ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا عَلِيُّ لَا تُقْعِ إِقْعَاءَ الْكَلْبِ»

896 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا الْعَلَاءُ أَبُو مُحَمَّدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ «قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَفَعْتَ رَأْسَكَ مِنْ السُّجُودِ فَلَا تُقْعِ كَمَا يُقْعِي الْكَلْبُ ضَعْ أَلْيَتَيْكَ بَيْنَ قَدَمَيْكَ وَأَلْزِقْ ظَاهِرَ قَدَمَيْكَ بِالْأَرْضِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَلَا تُقْعِ إِلَخْ) نَفْيٌّ بِمَعْنَى النَّهْيِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَفْظُ وَأَلْزِقْ مِنَ الْإِلْزَاقِ بِمَعْنَى الْإِلْصَاقِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ الْعَلَاءُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ فِيهِ أَنَّهُ يُرْوَى عَنْ أَنَسٍ أَحَادِيثَ مَوْضُوعَةً وَقَالَ فِيهِ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيُّ كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ.

[باب ما يقول بين السجدتين]

[بَاب مَا يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ] 897 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ حُذَيْفَةَ ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ الْأَحْنَفِ عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ عَنْ حُذَيْفَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ رَبِّ اغْفِرْ لِي رَبِّ اغْفِرْ لِي»

898 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ صَبِيحٍ عَنْ كَامِلٍ أَبِي الْعَلَاءِ قَالَ سَمِعْتُ حَبِيبَ بْنَ أَبِي ثَابِتٍ يُحَدِّثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَاجْبُرْنِي وَارْزُقْنِي وَارْفَعْنِي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَاجْبُرْنِي) قِيلَ هُوَ مِنْ جَبَرْتُ الْوَهَنَ وَالْكَسْرَ إِذَا أَصْلَحْتُهُ وَجَبَرْتُ الْمُصِيبَةَ إِذَا فَعَلْتُ مَعَ صَاحِبِهَا مَا يَنْسَاهَا بِهِ وَفِي الزَّوَائِدِ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ حَبِيبَ بْنَ أَبِي ثَابِتٍ كَانَ يُدَلِّسُ وَقَدْ عَنْعَنَهُ وَأَصْلُهُ فِي أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَلَيْسَ فِيهِمَا فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ وَفِيهِمَا وَاهْدِنِي بَدَلُ ارْفَعْنِي.

[باب ما جاء في التشهد]

[بَاب مَا جَاءَ فِي التَّشَهُّدِ] 899 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ «كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْنَا السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ قَبْلَ عِبَادِهِ السَّلَامُ عَلَى جِبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَعَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ يَعْنُونَ الْمَلَائِكَةَ فَسَمِعَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَا تَقُولُوا السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلَامُ فَإِذَا جَلَسْتُمْ فَقُولُوا التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ فَإِنَّهُ إِذَا قَالَ ذَلِكَ أَصَابَتْ كُلَّ عَبْدٍ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ» حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ مَنْصُورٍ وَالْأَعْمَشِ وُحُصَيْنٍ وَأَبِي هَاشِمٍ وَحَمَّادٌ عَنْ أَبِي وَائِلٍ وَعَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ الْأَسْوَدِ وَأَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْأَعْمَشِ وَمَنْصُورٍ وَحُصَيْنٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ح قَالَ وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ وَالْأَسْوَدِ وَأَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ التَّشَهُّدَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (قَبْلَ عِبَادِهِ) فِي الْمَجْمَعِ أَيْ قُلْنَا هَذَا اللَّفْظَ قَبْلَ السَّلَامِ عَلَى عِبَادِهِ اهـ فَجَعَلَ الظَّرْفَ مُتَعَلِّقًا بِالْقَوْلِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَقُولِ وَكَأَنَّهُمْ رَأَوُا السَّلَامَ مِنْ قَبِيلِ الْحَمْدِ وَالشُّكْرِ فَجَوَّزُوا ثُبُوتَهُ لِلَّهِ تَعَالَى أَيْضًا قَوْلُهُ (فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلَامُ) قَالَ النَّوَوِيُّ إِنَّ السَّلَامَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى وَلَا يَخْفَى أَنَّ مُجَرَّدَ كَوْنِهِ اسْمًا مِنْ أَسْمَائِهِ لَا يَمْنَعُ عَنْ كَوْنِ السَّلَامِ بِمَعْنًى آخَرَ ثَابِتٍ لَهُ أَوْ مَطْلُوبِ الْإِثْبَاتِ لَهُ فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلَامُ بِالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ عِلَّةُ النَّهْيِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَبْنِيًّا عَلَى أَنْ يَكُونَ السَّلَامُ حَفِيظًا أَوْ رَقِيبًا عَلَيْكَ مَثَلًا وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ اللَّهُ هُوَ مُعْطِي السَّلَامَةِ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يُدْعَى لَهُ بِالسَّلَامَةِ أَوْ أَنَّهُ تَعَالَى هُوَ السَّالِمُ عَنِ الْآفَاتِ الَّتِي لِأَجْلِهَا يُطَالَبُ السَّلَامُ عَلَيْهِ وَلَا يُطْلَبُ السَّلَامُ إِلَّا عَلَى مَنْ يُمْكِنُ لَهُ عُرُوضُ الْآفَاتِ فَلَا يُنَاسِبُ السَّلَامُ عَلَيْهِ تَعَالَى قَوْلُهُ (التَّحِيَّاتُ إِلَخْ) حُمِلَتِ التَّحِيَّاتُ عَلَى الْعِبَادَاتِ الْقَوْلِيَّةِ وَالْفِعْلِيَّةِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الصَّلَوَاتِ أُمُّهَا وَالطَّيِّبَاتُ عَلَى الْمَالِيَّةِ وَالْمَقْصُودُ اخْتِصَاصُ الْعِبَادَاتِ بِأَنْوَاعِهَا بِاللَّهِ (عَلَيْنَا) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ جَمَاعَةُ الْمُصَلِّينَ مِنْهُ فَوَضَعَ التَّشَهُّدَ عَلَى الْوَجْهِ الْمُنَاسِبِ لِلصَّلَاةِ مَعَ الْجَمَاعَةِ الَّتِي هِيَ الْأَصْلُ فِي الْفَرْضِ الَّذِي هُوَ أَصْلٌ لِلصَّلَوَاتِ قَوْلُهُ (أَصَابَتْ كُلُّ عَبْدٍ) أَيْ عَمَّ كُلُّهُمْ فَتَسْتَغْنُونَ عَنْ قَوْلِكُمُ السَّلَامُ عَلَى

فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَقِيلَ أَيْ أَصَابَ ثَوَابُهُ أَوْ بَرَكَاتُهُ كُلَّ عَبْدٍ اهـ.

900 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَطَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ فَكَانَ يَقُولُ التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ إِلَخْ) أَيْ بِكَمَالِ الِاهْتِمَامِ لِتَوَقُّفِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ إِجْزَاءً وَكَمَالًا.

901 - حَدَّثَنَا جَمِيلُ بْنُ الْحَسَنِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ وَهِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ قَتَادَةَ وَهَذَا حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَنَا وَبَيَّنَ لَنَا سُنَّتَنَا وَعَلَّمَنَا صَلَاتَنَا فَقَالَ إِذَا صَلَّيْتُمْ فَكَانَ عِنْدَ الْقَعْدَةِ فَلْيَكُنْ مِنْ أَوَّلِ قَوْلِ أَحَدِكُمْ التَّحِيَّاتُ الطَّيِّبَاتُ الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ سَبْعُ كَلِمَاتٍ هُنَّ تَحِيَّةُ الصَّلَاةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَبَيَّنَ لَنَا سُنَّتَنَا) أَيْ مَا يَلِيقُ بِنَا فِعْلُهُ مِنَ السُّنَنِ (وَكَانَ) أَيْ أَحَدُكُمُ الَّذِي يُصَلِّي (عِنْدَ الْقَعْدَةِ) أَيْ فِي الْقُعُودِ قَوْلُهُ (سَبْعُ كَلِمَاتٍ هُنَّ تَحِيَّةُ الصَّلَاةِ) هَذِهِ الْقِطْعَةُ مِنَ الزَّوَائِدِ وَبَقِيَّةُ الْحَدِيثِ فِي مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ ذَكَرَهُ فِي الزَّوَائِدِ وَسَبْعُ كَلِمَاتٍ خَبَرٌ مَحْذُوفٌ أَيْ هَذِهِ سَبْعُ كَلِمَاتٍ فَقَوْلُهُ التَّحِيَّاتُ الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ ثَلَاثُ كَلِمَاتٍ لِأَنَّ لِلَّهِ مُعْتَبَرًا فِي الْمَعْنَى عِنْدَ قَوْلِهِ التَّحِيَّاتُ الطَّيَّاتُ أَيْضًا وَالسَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ بِتَمَامِهِ كَلِمَةٌ وَعَلَيْنَا أُخْرَى وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ كَلِمَةٌ وَالشَّهَادَتَانِ كَلِمَتَانِ.

902 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ح وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَيْمَنُ بْنُ نَابِلٍ حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ بِاسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَسْأَلُ اللَّهَ الْجَنَّةَ وَأَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ النَّارِ»

[باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم]

[بَاب الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] 903 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا السَّلَامُ عَلَيْكَ قَدْ عَرَفْنَاهُ فَكَيْفَ الصَّلَاةُ قَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (هَذَا السَّلَامُ عَلَيْكَ) أَيْ نَعْرِفُهُ فِي التَّشَهُّدِ وَبِمَا جَرَى عَلَى الْأَلْسِنَةِ فِي سَلَامِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ قَوْلُهُ (كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ) قِيلَ وَجْهُ التَّشْبِيهِ كَوْنُ كُلِّ مِنَ الصَّلَاتَيْنِ أَفْضَلُ وَأَوْلَى وَأَتَمُّ وَمِنْ صَلَاةِ مَنْ قَبْلَهُ كَذَلِكَ أَيْ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ صَلَاةً هِيَ أَتَمُّ وَأَفْضَلُ وَمِنْ صَلَاةِ مَنْ قَبْلَهُ كَذَلِكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَاةً هِيَ أَفْضَلُ وَأَتَمُّ مِنْ صَلَاةِ مَنْ قَبْلَهُ وَبِهَذَا التَّقْدِيرِ يَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ الْمَشْهُورُ فِي التَّشْبِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

904 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْحَكَمِ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى قَالَ «لَقِيَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ فَقَالَ أَلَا أُهْدِي لَكَ هَدِيَّةً خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْنَا قَدْ عَرَفْنَا السَّلَامَ عَلَيْكَ فَكَيْفَ الصَّلَاةُ عَلَيْكَ قَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ»

905 - حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ طَالُوتَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونُ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ «أَنَّهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أُمِرْنَا بِالصَّلَاةِ عَلَيْكَ فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ فَقَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ»

906 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ بَيَانٍ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي فَاخِتَةَ عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ إِذَا صَلَّيْتُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَحْسِنُوا الصَّلَاةَ عَلَيْهِ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ لَعَلَّ ذَلِكَ يُعْرَضُ عَلَيْهِ قَالَ فَقَالُوا لَهُ فَعَلِّمْنَا قَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ اجْعَلْ صَلَاتَكَ وَرَحْمَتَكَ وَبَرَكَاتِكَ عَلَى سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ وَإِمَامِ الْمُتَّقِينَ وَخَاتَمِ النَّبِيِّينَ مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ إِمَامِ الْخَيْرِ وَقَائِدِ الْخَيْرِ وَرَسُولِ الرَّحْمَةِ اللَّهُمَّ ابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا يَغْبِطُهُ بِهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ إِذَا صَلَّيْتُمْ إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ الْمَسْعُودِيَّ اخْتَلَطَ بِآخِرِ عُمُرِهِ وَلَمْ

يَتَمَيَّزْ حَدِيثُهُ الْأَوَّلُ مِنَ الْآخَرِ فَاسْتَحَقَّ التَّرْكَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

907 - حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ أَبُو بِشْرٍ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ أَبِيهِ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصَلِّي عَلَيَّ إِلَّا صَلَّتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ مَا صَلَّى عَلَيَّ فَلْيُقِلَّ الْعَبْدُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ لِيُكْثِرْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ أَبِيهِ إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِأَنَّ عَاصِمَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ فِيهِ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ.

908 - حَدَّثَنَا جُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ نَسِيَ الصَّلَاةَ عَلَيَّ خَطِئَ طَرِيقَ الْجَنَّةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (خَطِئَ إِلَخْ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ وَهَمْزَةٍ فِي آخِرِهِ هَكَذَا ضَبَطَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ أَيِ الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ طُرُقٌ إِلَى الْجَنَّةِ وَالصَّلَاةُ مِنْ جُمْلَتِهَا فَتَرْكُهَا كُلِّيَّةٍ تَرْكٌ لِطَرِيقِ الْجَنَّةِ أَيْ لِطَرِيقِهَا وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ جُبَارَةَ.

[باب ما يقال بعد التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم]

[بَاب مَا يُقَالُ بَعْدَ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] 909 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنِي حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَائِشَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا فَرَغَ أَحَدُكُمْ مِنْ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ إِلَخْ) ظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ لَكِنَّ الْجُمْهُورَ حَمَلُوهُ عَلَى النَّدْبِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِالْوُجُوبِ فَيَنْبَغِي الِاهْتِمَامُ بِهِ قَوْلُهُ (وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا) بِالْقَصْرِ مَفْعَلٌ مِنَ الْحَيَاةِ كَالْمَمَاتِ مِنَ الْمَوْتِ الْمُرَادُ الْحَيَاةُ وَالْمَوْتُ أَوْ زَمَانُ ذَلِكَ أَيْ مَنْ مِحْنَةِ الدُّنْيَا أَوْ مِمَّا يَكُونُ حَالَةَ الِاخْتِصَارِ وَحَالَةَ الْمَسْأَلَةِ فِي الْقَبْرِ (وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ السِّينِ الْمُخَفَّفِ، آخِرُهُ حَاءٌ مُهْمَلَةٌ هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ بِتَشْدِيدِ السِّينِ وَقِيلَ بِإِعْجَامِ الْخَاءِ وَهُوَ تَصْحِيفٌ وَوَجْهُ التَّسْمِيَةِ أَنَّهُ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ أَوْ يَمْسَحُ الْأَرْضَ بِالْمَشْيِ.

910 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ مَا تَقُولُ فِي الصَّلَاةِ قَالَ أَتَشَهَّدُ ثُمَّ أَسْأَلُ اللَّهَ الْجَنَّةَ وَأَعُوذُ بِهِ مِنْ النَّارِ أَمَا وَاللَّهِ مَا أُحْسِنُ دَنْدَنَتَكَ وَلَا دَنْدَنَةَ مُعَاذٍ فَقَالَ حَوْلَهَا نُدَنْدِنُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَا أَحْسَنَ دَنْدَنَتُكَ) بِفَتَحَاتِ مَا سِوَى النُّونِ الْأُولَى فَبِسُكُونِهَا أَيْ مَسْأَلَتَكَ الْخَفِيَّةَ أَوْ كَلَامَكَ الْخَفِيَّ وَالدَّنْدَنَةُ أَنْ يَتَكَلَّمَ الرَّجُلُ بِكَلَامٍ يُسْمَعُ نَغْمَتُهُ وَلَا يَفْهَمُ وَضَمِيرُ حَوْلِهَا لِلْجَنَّةِ أَيْ حَوْلَ تَحْصِيلِهَا أَوْ لِلنَّارِ أَوْ حَوْلَ التَّعَوُّذِ مِنَ النَّارِ أَوْ لَهُمَا بِتَأْوِيلِ كُلِّ وَاحِدَةٍ وَيُؤَيِّدُهُ حَوْلَ

هَاتَيْنِ كَمَا فِي هَاتَيْنِ فِي رِوَايَةِ الْمَسْأَلَةِ أَيْ حَوْلَ مَسْأَلَتِكِ أَوْ مَقَالَتِكِ أَوِ الْمَقْصُودُ مَسْأَلَتُهُ بِأَنَّ مَرْجِعَ كَلَامِنَا وَكَلَامِكَ وَاحِدٌ اهـ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[باب الإشارة في التشهد]

[بَاب الْإِشَارَةِ فِي التَّشَهُّدِ] 911 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ عِصَامِ بْنِ قُدَامَةَ عَنْ مَالِكِ بْنِ نُمَيْرٍ الْخُزَاعِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاضِعًا يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى فِي الصَّلَاةِ وَيُشِيرُ بِإِصْبَعِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَيُشِيرُ بِإِصْبَعِهِ) قَدْ أَخَذَ بِهِ الْجُمْهُورُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَصَاحِبُهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ فِي مُوَطَّئِهِ وَغَيْرُهُ أَنَّ بَعْضَ مَشَايِخِ الْمَذْهَبِ أَنْكَرَ الْإِشَارَةَ وَلَكِنَّ أَهْلَ التَّحْقِيقِ مِنْ عُلَمَاءِ الْمَذْهَبِ نَصُّوا عَلَى أَنَّ قَوْلَهُمْ مُخَالِفٌ لِلرِّوَايَةِ وَالدِّرَايَةِ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ.

912 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ حَلَّقَ بِالْإِبْهَامِ وَالْوُسْطَى وَرَفَعَ الَّتِي تَلِيهِمَا يَدْعُو بِهَا فِي التَّشَهُّدِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (قَدْ حَلَّقَ إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَقَوْلُهُ يَدْعُو بِهَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا إِشَارَةٌ إِلَى التَّوْحِيدِ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الدُّعَاءِ إِلَّا أَنَّ الْإِنْسَانَ يَسْتَجْلِبُ بِالتَّوْحِيدِ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ فَوْقَ مَا يَسْتَجْلِبُ بِالدُّعَاءِ.

913 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ وَإِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالُوا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا جَلَسَ فِي الصَّلَاةِ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَرَفَعَ إِصْبَعَهُ الْيُمْنَى الَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ فَيَدْعُو بِهَا وَالْيُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ بَاسِطَهَا عَلَيْهَا»

[باب التسليم]

[بَاب التَّسْلِيمِ] 914 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (حَتَّى يُرَى) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ (بَيَاضُ خَدِّهِ) بِالرَّفْعِ.

915 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ السَّرِيِّ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ»

916 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ)

إِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

917 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ «صَلَّى بِنَا عَلِيٌّ يَوْمَ الْجَمَلِ صَلَاةً ذَكَّرَنَا صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَسِينَاهَا وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ تَرَكْنَاهَا فَسَلَّمَ عَلَى يَمِينِهِ وَعَلَى شِمَالِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (ذَكَّرَنَا) مِنَ التَّذْكِيرِ وَفِيهِ أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ مَا كَانُوا يُرَاعُونَ السُّنَنَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ وَعَلَى هَذَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُؤْخَذَ بِعَمَلِ أَحَدٍ فِي مُقَابَلَةِ الْحَدِيثِ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ خِلَافًا لِمَالِكٍ وَفِيهِ أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ كَانُوا يَكْتَفُونَ بِسَلَامٍ وَاحِدٍ لَكِنَّ اكْتِفَاءَهُمْ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ مُسَامَحَاتِهِمْ فِي تَرْكِ السُّنَنِ وَعَلِيٌّ أَتَى بِالصَّلَاةِ عَلَى وَجْهِ السُّنَّةِ فَأَتَى بِسَلَامَيْنِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الِاكْتِفَاءَ بِالْمَرَّةِ إِنَّمَا فُعِلَ عَلَى قِلَّةِ بَيَانِ الْجَوَازِ وَالْعَادَةُ الدَّائِمَةُ كَانَ هُوَ التَّسْلِيمُ مَرَّتَيْنِ فَصَارَ هُوَ السُّنَّةَ فَلَعَلَّ سَبَبَ أَخْذِ مَالِكٍ بِسَلَامٍ وَاحِدٍ هُوَ أَنَّهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَأْخُذُ بِالْعَمَلِ لَكِنَّ الْأَخْذَ بِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ لَا يَخْلُو عَنْ خَفَاءٍ وَقَدْ صَحَّ فِي غَيْرِ مَا حَدِيثٍ أَنَّ النَّاسَ تَرَكُوا السُّنَنَ حَتَّى تَرَكُوا التَّكْبِيرَاتِ عِنْدَ الِانْتِقَالِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ أَبَا إِسْحَاقَ كَانَ يُدَلِّسُ وَاخْتَلَطَ بِآخِرِ عُمُرِهِ.

[باب من يسلم تسليمة واحدة]

[بَاب مَنْ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً] 918 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ الْمَدِينِيُّ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمُهَيْمِنِ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَلَّمَ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً تِلْقَاءَ وَجْهِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ عَبْدِ الْمُهَيْمِنِ قَالَ فِيهِ الْبُخَارِيُّ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ.

919 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّنْعَانِيُّ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً تِلْقَاءَ وَجْهِهِ»

920 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ الْمِصْرِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ رَاشِدٍ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى سَلَمَةَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فَسَلَّمَ مَرَّةً وَاحِدَةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ يَحْيَى بْنِ رَاشِدٍ.

[باب رد السلام على الإمام]

[بَاب رَدِّ السَّلَامِ عَلَى الْإِمَامِ] 921 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ فَرُدُّوا عَلَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَرُدُّوا عَلَيْهِ) أَيْ سَلِّمُوا نَاوِينَ الرَّدَّ عَلَيْهِ.

922 - حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْقَاسِمِ أَنْبَأَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُسَلِّمَ عَلَى أَئِمَّتِنَا وَأَنْ يُسَلِّمَ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ»

[باب لا يخص الإمام نفسه بالدعاء]

[بَاب لَا يَخُصَّ الْإِمَامُ نَفْسَهُ بِالدُّعَاءِ] 923 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ أَبِي حَيٍّ الْمُؤَذِّنِ عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَؤُمُّ عَبْدٌ فَيَخُصَّ نَفْسَهُ بِدَعْوَةٍ دُونَهُمْ فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ خَانَهُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَا يَؤُمَّ عَبْدٌ) بِفَتْحِ الْمِيمِ أَوْ ضَمِّهَا نَهْيٌ وَعَلَى الثَّانِي يُحْتَمَلُ أَنَّهُ نَفْيٌّ بِمَعْنَى النَّهْيِ وَقَوْلُهُ فَيَخُصَّ عَطْفٌ وَهُوَ الظَّاهِرُ فَيُحْتَمَلُ فَتْحُ الصَّادِ وَضَمُّهَا وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ جَوَابُ النَّهْيِ لَكِنَّ السَّبَبِيَّةَ شَرْطٌ فِي الْجَوَابِ وَهِيَ خَفِيَّةٌ فِي هَذَا الْمَقَامِ فَالْعَطْفُ أَقْرَبُ قَوْلُهُ (فَقَدْ خَانَهُمْ) فَإِنَّهُمْ يَعْتَمِدُونَ عَلَى دُعَائِهِ وَيُؤْمِنُونَ جَمِيعًا إِذَا دَعَا اعْتِمَادًا عَلَى عُمُومِهِ فَكَيْفَ يَخُصُّ بِذَلِكَ الدُّعَاءَ نَفْسَهُ.

[باب ما يقال بعد التسليم]

[بَاب مَا يُقَالُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ] 924 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَلَّمَ لَمْ يَقْعُدْ إِلَّا مِقْدَارَ مَا يَقُولُ اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَمْ يَقْعُدْ إِلَّا مِقْدَارَ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ لَمْ يَقْعُدْ عَلَى هَيْئَتِهِ إِلَّا هَذَا الْمِقْدَارَ ثُمَّ يَنْصَرِفُ عَنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ وَإِلَّا فَقَدْ جَاءَ أَنَّهُ «كَانَ يَقْعُدُ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ إِلَى أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ» وَغَيْرُ ذَلِكَ فَلَا دَلَالَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْمُصَلِّي لَا يَشْتَغِلُ بِالْأَوْرَادِ الْوَارِدَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ بَلْ يَشْتَغِلُ بِالسُّنَنِ الرَّوَاتِبِ ثُمَّ يَأْتِي بِالْأَوْرَادِ كَمَا قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ.

925 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ عَنْ مَوْلًى لِأُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ إِذَا صَلَّى الصُّبْحَ حِينَ يُسَلِّمُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا وَرِزْقًا طَيِّبًا وَعَمَلًا مُتَقَبَّلًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (نَافِعًا) بِالْعَمَلِ بِهِ فَيَكُونُ حُجَّةً لِي لَا عَلَيَّ (طَيِّبًا) أَيْ حَلَالًا وَحَمْلُهُ عَلَى الْمُسْتَلَذِّ بَعِيدٌ هَاهُنَا إِلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى رِزْقِ الْآخِرَةِ لَا رِزْقِ الدُّنْيَا وَفِي الزَّوَائِدِ رِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ خَلَا مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَإِنَّهُ لَمْ يُسْمَعْ وَلَمْ أَرَ أَحَدًا مَنْ صَنَّفَ فِي الْمُبْهَمَاتِ ذَكَرَهُ وَلَا أَدْرِي مَا حَالُهُ.

926 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ وَأَبُو يَحْيَى التَّيْمِيُّ وَابْنُ الْأَجْلَحِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَصْلَتَانِ لَا يُحْصِيهِمَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ وَهُمَا يَسِيرٌ وَمَنْ يَعْمَلُ بِهِمَا قَلِيلٌ يُسَبِّحُ اللَّهَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ عَشْرًا وَيُكَبِّرُ عَشْرًا وَيَحْمَدُ عَشْرًا فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْقِدُهَا بِيَدِهِ فَذَلِكَ خَمْسُونَ وَمِائَةٌ بِاللِّسَانِ وَأَلْفٌ وَخَمْسُ مِائَةٍ فِي الْمِيزَانِ وَإِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ سَبَّحَ وَحَمِدَ وَكَبَّرَ مِائَةً فَتِلْكَ مِائَةٌ بِاللِّسَانِ وَأَلْفٌ فِي الْمِيزَانِ فَأَيُّكُمْ يَعْمَلُ فِي الْيَوْمِ أَلْفَيْنِ وَخَمْسَ مِائَةِ سَيِّئَةٍ قَالُوا وَكَيْفَ لَا يُحْصِيهِمَا قَالَ يَأْتِي أَحَدَكُمْ الشَّيْطَانُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَيَقُولُ اذْكُرْ كَذَا وَكَذَا حَتَّى يَنْفَكَّ الْعَبْدُ لَا يَعْقِلُ وَيَأْتِيهِ وَهُوَ فِي مَضْجَعِهِ فَلَا يَزَالُ يُنَوِّمُهُ حَتَّى يَنَامَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ (لَا يُحْصِيهِمَا) لَا يُحَافَظُ عَلَيْهِمَا عَلَى الدَّوَامِ (يَعْقِدُهَا) أَيْ يُحْفَظُ عِنْدَ الْأَذْكَارِ الْمَذْكُورَةِ

(وَإِذَا آوَى إِلَى فِرَاشِهِ سَبَّحَ) أَيْ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَيَجْعَلُ إِحْدَى الثَّلَاثَةِ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ فَيُتِمُّ بِذَلِكَ الْمِائَةَ قَوْلُهُ (فَأَيُّكُمْ يَعْمَلُ) أَيْ إِنَّهَا تَدْفَعُ هَذَا الْعَدَدَ مِنَ السَّيِّئَاتِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ سَيِّئَاتٌ بِهَذَا الْعَدَدِ تَرْفَعُ لَهُ بِهَا دَرَجَاتٍ وَقَلَّمَا يَعْمَلُ الْإِنْسَانُ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ هَذَا الْقَدْرُ مِنَ السَّيِّئَاتِ فَصَاحِبُ هَذَا الْوِرْدِ مَعَ حُصُولِ مَغْفِرَةِ السَّيِّئَاتِ لَا بُدَّ أَنْ يُحْرِزُ بِهَذَا الْوِرْدِ فَضِيلَةَ هَذِهِ الدَّرَجَاتِ قَوْلُهُ (حَتَّى يَنْفَكَّ الْعَبْدُ) أَيْ يَخْلُصَ مِنَ الصَّلَاةِ وَيَفْرُغَ مِنْهَا (لَا يَعْقِلُ) الْجُمْلَةُ حَالٌ.

927 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ بِشْرِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ «قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَهَبَ أَهْلُ الْأَمْوَالِ وَالدُّثُورِ بِالْأَجْرِ يَقُولُونَ كَمَا نَقُولُ وَيُنْفِقُونَ وَلَا نُنْفِقُ قَالَ لِي أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَمْرٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ أَدْرَكْتُمْ مَنْ قَبْلَكُمْ وَفُتُّمْ مَنْ بَعْدَكُمْ تَحْمَدُونَ اللَّهَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ وَتُسَبِّحُونَ وَتُكَبِّرُونَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ» قَالَ سُفْيَانُ لَا أَدْرِي أَيَّتُهُنَّ أَرْبَعٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَالدُّثُورُ) بِضَمِّ الدَّالِ أَيِ الْأَمْوَالُ الْكَثِيرَةُ قَوْلُهُ (قَبْلَكُمْ) أَيْ مَنْ سَبَقَكُمْ فَضْلًا قَوْلُهُ (وَفُتُّمْ) مِنَ الْفَوْتِ أَيْ لَا يُدْرِكُكُمْ مَنْ سَبَقْتُمْ عَلَيْهِ بِالْفَضْلِ.

[باب الانصراف من الصلاة]

928 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ حَبِيبٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنِي شَدَّادٌ أَبُو عَمَّارٍ حَدَّثَنِي أَبُو أَسْمَاءَ الرَّحَبِيُّ حَدَّثَنِي ثَوْبَانُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ اسْتَغْفَرَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ» [بَاب الِانْصِرَافِ مِنْ الصَّلَاةِ] 929 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ هُلْبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «أَمَّنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ يَنْصَرِفُ عَنْ جَانِبَيْهِ جَمِيعًا»

930 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَا حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ الْأَسْوَدِ قَالَ «قَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَا يَجْعَلَنَّ أَحَدُكُمْ لِلشَّيْطَانِ فِي نَفْسِهِ جُزْءًا يَرَى أَنَّ حَقًّا لِلَّهِ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَنْصَرِفَ إِلَّا عَنْ يَمِينِهِ قَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرُ انْصِرَافِهِ عَنْ يَسَارِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لِلشَّيْطَانِ فِي نَفْسِهِ) أَيْ بِأَنْ يَعْتَقِدَ اعْتِقَادًا فَاسِدًا قَوْلُهُ (أَنَّ حَقًّا لِلَّهِ عَلَيْهِ) أَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ حَقًّا نَكِرَةٌ وَقَوْلُهُ أَنْ لَا يَنْصَرِفَ بِمَنْزِلَةِ الْمَعْرِفَةِ وَتَنْكِيرُ الِاسْمِ مَعَ تَعْرِيفِ الْخَبَرِ لَا يَجُوزُ، وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْقَلْبِ قُلْتُ وَهَذَا الْجَوَابُ يَهْدِمُ أَسَاسَ الْقَاعِدَةِ وَيَتَأَتَّى مِثْلُهُ فِي كُلِّ مُبْتَدَأٍ نَكِرَةٍ مَعَ تَعْرِيفِ الْخَبَرِ فَمَا بَقِيَ لِقَوْلِهِمْ بِعَدَمِ الْجَوَازِ فَائِدَةٌ ثُمَّ الْقَلْبُ لَا يُقْبَلُ بِلَا نُكْتَةٍ فَلَا بُدَّ لِمَنْ يُجَوِّزُ ذَلِكَ مِنْ بَيَانِ نُكْتَةٍ فِي الْقَلْبِ هَاهُنَا وَقِيلَ بَلِ النَّكِرَةُ الْمُخَصَّصَةُ كَالْمَعْرِفَةِ قُلْتُ ذَلِكَ فِي صِحَّةِ الِابْتِدَاءِ بِهَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ الِابْتِدَاءُ بِهَا صَحِيحًا مَعَ تَعْرِيفِ الْخَبَرِ وَقَدْ مَرَّ جَوَابُ امْتِنَاعِهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ اسْمُ أَنَّ قَوْلَهُ أَنْ لَا يَنْصَرِفَ وَخَبَرُهُ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ وَهُوَ عَلَيْهِ وَيُجْعَلُ حَقًّا حَالًا مِنْ ضَمِيرِ الْخَبَرِ أَيْ يَرَى أَنَّ عَلَيْهِ الِانْصِرَافَ عَنْ يَمِينِهِ فَقَطْ حَالَ كَوْنِهِ حَقًّا لَازِمًا (أَكْثَرُ انْصِرَافِهِ) وَلَعَلَّ ذَلِكَ لِأَنَّ حَاجَتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَالِبًا الذَّهَابُ إِلَى الْبَيْتِ وَبَيْتِهِ إِلَى الْيَسَارِ فَلِذَلِكَ كَثُرَ ذَهَابُهُ إِلَى الْيَسَارِ.

931 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ هِلَالٍ الصَّوَّافُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْفَتِلُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ فِي الصَّلَاةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يَنْفَتِلُ) أَيْ يَنْصَرِفُ فِي الصَّلَاةِ أَيْ فِي حَالَةِ الْفَرَاغِ مِنْهَا يُفِيدُ جَوَازَ الْأَمْرَيْنِ إِلَى حَقِّ الِانْصِرَافِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الْيَسَارِ وَأَمَّا تَخْطِئَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ فَإِنَّمَا هِيَ لِاعْتِقَادِ أَحَدِهِمَا وَاجِبًا بِعَيْنِهِ وَهَذَا بِلَا رَيْبٍ وَالظَّاهِرُ أَنْ يَنْصَرِفَ إِلَى جِهَةِ حَاجَتِهِ وَإِلَّا فَالْيَمِيْنُ أَفْضَلُ بِلَا وُجُوبٍ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رِجَالُهُ ثِقَاتٌ احْتَجَّ مُسْلِمٌ بِرِوَايَةِ ابْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ فَالْإِسْنَادُ عِنْدَهُ صَحِيحٌ اهـ.

932 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ وَاقِدٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ هِنْدٍ بِنْتِ الْحَارِثِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِي تَسْلِيمَهُ ثُمَّ يَلْبَثُ فِي مَكَانِهِ يَسِيرًا قَبْلَ أَنْ يَقُومَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (حِينَ يَقْضِي تَسْلِيمُهُ) أَيْ يَفْرُغُ مِنْ تَسْلِيمِهِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ حَتَّى يَقْضِيَ تَسْلِيمَهُ وَهُوَ بَعِيدٌ قَوْلُهُ (ثُمَّ يَلْبَثُ) أَيْ لِيَتْبَعَهُ الرِّجَالُ فِي ذَلِكَ حَتَّى تَنْصَرِفَ النِّسَاءُ إِلَى الْبُيُوتِ فَلَا يَحْصُلُ اجْتِمَاعُ الطَّائِفَتَيْنِ فِي الطَّرِيقِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب إذا حضرت الصلاة ووضع العشاء]

[بَاب إِذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ وَوُضِعَ الْعَشَاءُ] 933 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا وُضِعَ الْعَشَاءُ وَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِذَا وُضِعَ الْعَشَاءُ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ طَعَامُ آخِرِ النَّهَارِ وَالْمَعْنَى وَهُوَ عِنْدَهُمْ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ تَقْدِيْمَ الطَّعَامِ إِذَا حَضَرَ عِنْدَهُ إِذَا وَجَدَهُ مَطْبُوخًا فَقَطْ وَقَيَّدُوا بِمَا إِذَا تَعَلَّقَ بِهِ نَفْسُهُ وَلَهُ حَاجَةٌ إِلَيْهِ وَإِلَّا يُقَدِّمُ الصَّلَاةَ.

934 - حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ مَرْوَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا وُضِعَ الْعَشَاءُ وَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ» قَالَ فَتَعَشَّى ابْنُ عُمَرَ لَيْلَةً وَهُوَ يَسْمَعُ الْإِقَامَةَ

935 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ جَمِيَعًا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا حَضَرَ الْعَشَاءُ وَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ»

[باب الجماعة في الليلة المطيرة]

[بَاب الْجَمَاعَةِ فِي اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ] 936 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ قَالَ «خَرَجْتُ فِي لَيْلَةٍ مَطِيرَةٍ فَلَمَّا رَجَعْتُ اسْتَفْتَحْتُ فَقَالَ أَبِي مَنْ هَذَا قَالَ أَبُو الْمَلِيحِ قَالَ لَقَدْ رَأَيْتُنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَأَصَابَتْنَا سَمَاءٌ لَمْ تَبُلَّ أَسَافِلَ نِعَالِنَا فَنَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (خَرَجَتْ فِي لَيْلَةٍ مَطِيرَةٍ) أَيْ إِلَى الصَّلَاةِ (اسْتَفْتَحْتُ) أَيْ طَلَبْتُ أَنْ يَفْتَحُوا لِي الْبَابَ (سَمَاءٌ) أَيْ مَطَرٌ (لَمْ تَبُلَّ) أَيْ تِلْكَ السَّمَاءُ (أَسَافِلَ نِعَالِنَا) كِنَايَةٌ عَنْ قِلَّةِ الْمَطَرِ.

937 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَادِي مُنَادِيهِ فِي اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ أَوْ اللَّيْلَةِ الْبَارِدَةِ ذَاتِ الرِّيحِ صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ»

938 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ قَالَ سَمِعْتُ عَطَاءً يُحَدِّثُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ يَوْمِ مَطَرٍ صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ»

939 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ الْمُهَلَّبِيُّ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ «أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَمَرَ الْمُؤَذِّنَ أَنْ يُؤَذِّنَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَطِيرٌ فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ نَادِ فِي النَّاسِ فَلْيُصَلُّوا فِي بُيُوتِهِمْ فَقَالَ لَهُ النَّاسُ مَا هَذَا الَّذِي صَنَعْتَ قَالَ قَدْ فَعَلَ هَذَا مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي» تَأْمُرُنِي أَنْ أُخْرِجَ النَّاسَ مِنْ بُيُوتِهِمْ فَيَأْتُونِي يَدُوسُونَ الطِّينَ إِلَى رُكَبِهِمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (ثُمَّ قَالَ لَهُ نَادِ) أَيْ مَوْضِعِ الْحَيْعَلَتَيْنِ قَوْلُهُ (تَأْمُرُنِي أَنْ أُحْرِجَ إِلَخْ) مِنْ أَحْرَجَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ

أُوقِعُهُمْ فِي الْحَرَجِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: أُخْرِجَ النَّاسَ مِنْ بُيُوتِهِمْ مِنْ أَخْرَجَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ يُرِيدُ أَنَّ الْحَرَجَ مَدْفُوعٌ فِي الدِّينِ وَفِي حُضُورِهِمْ فِي الْمَطَرِ حَرَجٌ فَالْأَحْسَنُ إِعْلَامُهُمْ بِأَنَّ الْحَرَجَ عَنْهُمْ مَدْفُوعٌ بِمِثْلِ هَذِهِ الْمُنَادَاةِ وَلَوْلَا هَذَا الْإِعْلَامُ لَحَضَرُوا وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب ما يستر المصلي]

[بَاب مَا يَسْتُرُ الْمُصَلِّي] 940 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «كُنَّا نُصَلِّي وَالدَّوَابُّ تَمُرُّ بَيْنَ أَيْدِينَا فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مِثْلُ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ تَكُونُ بَيْنَ يَدَيْ أَحَدِكُمْ فَلَا يَضُرُّهُ مَنْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مِثْلُ مُؤْخِّرَةِ الرَّحْلِ) بِالْهَمْزَةِ وَتَرْكُهَا لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَمَنَعَ مِنْهَا بَعْضُهُمْ وَكَسْرُ الْخَاءِ وَتَخْفِيفُهَا لُغَةٌ فِي آخِرَتِهِ بِالْمَدِّ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْخَشَبَةُ الَّتِي يَسْتَنِدُ إِلَيْهَا رَاكِبُ الْبَعِيرِ.

941 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ الْمَكِّيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُخْرَجُ لَهُ حَرْبَةٌ فِي السَّفَرِ فَيَنْصِبُهَا فَيُصَلِّي إِلَيْهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (حَرْبَةٌ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ دُونَ الرُّمْحِ عَرِيضَةُ النَّصْلِ.

942 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَصِيرٌ يُبْسَطُ بِالنَّهَارِ وَيَحْتَجِرُهُ بِاللَّيْلِ يُصَلِّي إِلَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَيَحْتَجِرُهُ بِاللَّيْلِ) أَيْ يَتَّخِذُهُ كَالْحُجْرَةِ لِئَلَّا يَمُرَّ عَلَيْهِ مَارٌّ وَيُؤَخِّرُ خُشُوعَهُ.

943 - حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ أَبُو بِشْرٍ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ الْأَسْوَدِ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ ح وَحَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ عَنْ جَدِّهِ حُرَيْثِ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ شَيْئًا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَنْصِبْ عَصًا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَخُطَّ خَطًّا ثُمَّ لَا يَضُرُّهُ مَا مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (تِلْقَاءَ وَجْهِهِ شَيْئًا) قَدْ خَصَّ عُمُومَهُ بِمُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ وَاسْتَعْمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى عُمُومِهِ حَتَّى اكْتَفَى بِوَضْعِ الْقَلَنْسُوَةِ كَمَا سَيَجِيءُ فَلْيُخَطَّ نُقِلَ عَنِ النَّوَوِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ الْخَطُّ لَا يَخْلُو عَنِ اضْطِرَابٍ وَضَعْفٍ.

[باب المرور بين يدي المصلي]

[بَاب الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي] 944 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ «أَرْسَلُونِي إِلَى زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ أَسْأَلُهُ عَنْ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي فَأَخْبَرَنِي عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَأَنْ يَقُومَ أَرْبَعِينَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ» قَالَ سُفْيَانُ فَلَا أَدْرِي أَرْبَعِينَ سَنَةً أَوْ شَهْرًا أَوْ صَبَاحًا أَوْ سَاعَةً ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لِأَنْ يَقُومَ) بِفَتْحِ اللَّامِ الدَّاخِلَةِ عَلَى الْمُبْتَدَأِ وَهُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ خُيْرٌ مِثْلُ أَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ أَيْ تَعَبُ الْوُقُوفِ فِي مَحِلِهِ خَيْرٌ مِنْ إِثْمِ الْمُرُورِ حَيْثُ يُفْضِي إِلَى تَعَبٍ هُوَ أَشَدُّ مِنْ هَذَا التَّعَبِ.

945 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ «أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ أَرْسَلَ إِلَى أَبِي جُهَيْمٍ الْأَنْصَارِيِّ يَسْأَلُهُ مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرَّجُلِ يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْ الرَّجُلِ وَهُوَ يُصَلِّي فَقَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُكُمْ مَا لَهُ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْ أَخِيهِ وَهُوَ يُصَلِّي كَانَ لَأَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ قَالَ لَا أَدْرِي أَرْبَعِينَ عَامًا أَوْ أَرْبَعِينَ شَهْرًا أَوْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ ذَلِكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (بِمَا لَهُ) أَيْ مِنَ الْإِثْمِ (أَنْ يَمُرَّ) أَيْ بِسَبَبِ الْمُرُورِ (كَانَ) أَيِ الشَّأْنُ.

946 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَوْهِبٍ عَنْ عَمِّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُكُمْ مَا لَهُ فِي أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْ أَخِيهِ مُعْتَرِضًا فِي الصَّلَاةِ كَانَ لَأَنْ يُقِيمَ مِائَةَ عَامٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ الْخَطْوَةِ الَّتِي خَطَاهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لِأَنْ يُقِيمُ إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ لِأَنَّ عَمَّ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ اسْمُهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ أَحَادِيثُهُ مَنَاكِيرُ وَلَكِنَّ ابْنَ حِبَّانَ خَصَّ ضَعْفَ أَحَادِيثِهِ بِمَا إِذَا رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ.

[باب ما يقطع الصلاة]

[بَاب مَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ] 947 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِعَرَفَةَ فَجِئْتُ أَنَا وَالْفَضْلُ عَلَى أَتَانٍ فَمَرَرْنَا عَلَى بَعْضِ الصَّفِّ فَنَزَلْنَا عَنْهَا وَتَرَكْنَاهَا ثُمَّ دَخَلْنَا فِي الصَّفِّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ) أَيْ يَقْطَعُ مُرُورُهُ الصَّلَاةَ وَهَذَا هُوَ مَحَلُّ كَلَامٍ. قَوْلُهُ (عَلَى أَتَانٍ) بِالْمُثَنَّاةِ الْأُنْثَى مِنَ الْحَمِيرِ (فَمَرَرْنَا عَلَى بَعْضِ الصَّفِّ) أَيْ فَعُلِمَ أَنَّ مُرُورَ الْحِمَارِ لَا يَقْطَعُ وَمَا جَاءَ مِنَ الْقَطْعِ مُؤَوَّلٌ أَوْ مَنْسُوخٌ اهـ.

948 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ هُوَ قَاصُّ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي حُجْرَةِ أُمِّ سَلَمَةَ فَمَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ أَوْ عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ فَقَالَ بِيَدِهِ فَرَجَعَ فَمَرَّتْ زَيْنَبُ بِنْتُ أُمِّ سَلَمَةَ فَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا فَمَضَتْ فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ هُنَّ أَغْلَبُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (قَالَ هُنَّ أَغْلَبُ) أَيِ النِّسَاءُ أَغْلَبُ فِي

الْمُخَالَفَةِ وَالْمَعْصِيَةِ فَلِذَلِكَ امْتَنَعَ الْغُلَامُ مِنَ الْمُرُورِ وَمَضَتِ الْجَارِيَةُ وَالْمَطْلُوبُ أَنَّهُ مَضَى عَلَى صَلَاتِهِ فَعُلِمَ أَنَّ مُرُورَهَا لَا يَقْطَعُ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ عَنْ أُمِّهِ بَدَلَ عَنْ أَبِيهِ وَكِلَاهُمَا يُعْرَفُ.

949 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ وَالْمَرْأَةُ الْحَائِضُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يَقْطَعُ الصَّلَاةَ) ظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ مُرُورَ الْكَلْبِ وَغَيْرِهِ مِمَّا فِي الْحَدِيثِ يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَبِهِ قَالَ قَوْمٌ وَالْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ فَلِذَلِكَ أَوَّلَهُ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَطْعِ النَّقْصُ لِشُغْلِ الْقَلْبِ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَلَا يَخْلُو عَنْ بُعْدٍ كَمَا سَتَعْرِفُهُ قَوْلُهُ (وَالْمَرْأَةُ الْحَائِضُ) يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بَالِغَةُ سِنِّ الْحَيْضِ أَيِ الْبَالِغَةُ وَعَلَى هَذَا فَالصَّغِيرَةُ لَا تَقْطَعُ.

950 - حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ أَبُو طَالِبٍ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْمَرْأَةُ وَالْكَلْبُ وَالْحِمَارُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ فَقَدِ احْتَجَّ الْبُخَارِيُّ بِجَمِيعِ رُوَاتِهِ.

951 - حَدَّثَنَا جَمِيلُ بْنُ الْحَسَنِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْمَرْأَةُ وَالْكَلْبُ وَالْحِمَارُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ لِأَنَّ جَمِيلَ بْنَ الْحَسَنِ كَذَّبَهُ بَعْضُهُمْ وَوَثَّقَهُ آخَرُونَ.

952 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْ الرَّجُلِ مِثْلُ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ الْمَرْأَةُ وَالْحِمَارُ وَالْكَلْبُ الْأَسْوَدُ قَالَ قُلْتُ مَا بَالُ الْأَسْوَدِ مِنْ الْأَحْمَرِ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا سَأَلْتَنِي فَقَالَ الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ شَيْطَانٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مِثْلُ مُؤْخِّرَةِ الرَّحْلِ) أَيْ قَدْرُهُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يَرُدُّ تَأْوِيلَ مَنْ أَوَّلَ الْقَطْعَ بِشُغْلِ الْقَلْبِ فَإِنَّ شُغْلَ الْقَلْبِ لَا يَرْتَفِعُ بِمُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ إِذِ الْمَارُّ وَرَاءَهُ فِي شُغْلِ الْقَلْبِ قَرِيبٌ مِنَ الْمَارِّ فِي شُغْلِ الْقَلْبِ إِنْ لَمْ يَكُنْ مُؤْخِرَةُ الرَّحْلِ فِيمَا يَظْهَرُ فَالْوِقَايَةُ بِمُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى غَيْرُ ظَاهِرَةٍ قَوْلُهُ (الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ شَيْطَانٌ) حَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى ظَاهِرِهِ وَقَالَ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَتَصَوَّرُ بِصُورَةِ الْكِلَابِ السُّودِ وَقِيلَ هُوَ أَشَدُّ ضَرَرًا مِنْ غَيْرِهِ فَسُمِّيَ شَيْطَانًا وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ لَا إِشْكَالَ بِكَوْنِ مُرُورِ الشَّيْطَانِ نَفْسِهِ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْقَطْعُ مُسْتَنِدًا إِلَى مَجْمُوعِ الْخَلْقِ الشَّيْطَانِيِّ فِي الصُّورَةِ الْكَلْبِيَّةِ.

[باب ادرأ ما استطعت]

[بَاب ادْرَأْ مَا اسْتَطَعْتَ] 953 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ أَنْبَأَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى أَبُو الْمُعَلَّى عَنْ الْحَسَنِ الْعُرَنِيِّ قَالَ «ذُكِرَ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ فَذَكَرُوا الْكَلْبَ وَالْحِمَارَ وَالْمَرْأَةَ فَقَالَ مَا تَقُولُونَ فِي الْجَدْيِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي يَوْمًا فَذَهَبَ جَدْيٌ يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ فَبَادَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِبْلَةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فِي الْجَدْيِ) بِفَتْحِ جِيمٍ وَسُكُونِ دَالٍ مِنْ أَوْلَادِ الْمَعْزِ مَا بَلَغَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ أَوْ سَبْعَةً ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (فَبَادَرَهُ الْقِبْلَةَ) أَيْ سَبَقَهُ إِلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ لِيَمْنَعَهُ مِنَ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْهِ بِتَضْيِيقِ الطَّرِيقِ عَلَيْهِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ إِلَّا أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ.

954 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيُصَلِّ إِلَى سُتْرَةٍ وَلْيَدْنُ مِنْهَا وَلَا يَدَعْ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ يَمُرُّ فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّهُ شَيْطَانٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَلْيَدْنُ) مِنَ الدُّنُوِّ (فَلْيُقَاتِلْهُ) حَمَلُوهُ عَلَى أَشَدِّ الدَّفْعِ (فَإِنَّهُ شَيْطَانٌ) أَيْ مُطِيعٌ لَهُ فِيمَا يَفْعَلُ مِنَ الْمُرُورِ.

955 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَمَّالُ وَالْحَسَنُ بْنُ دَاوُدَ الْمُنْكَدِرِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ صَدَقَةَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَدَعْ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّ مَعَهُ الْقَرِينَ» وَقَالَ الْمُنْكَدِرِيُّ فَإِنَّ مَعَهُ الْعُزَّى ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَإِنَّ مَعَهُ الْقَرِينَ) أَيِ الشَّيْطَانَ الْحَامِلَ عَلَى هَذَا الْفِعْلِ أَيْ فَيَنْبَغِي مَنْعَهُ مَهْمَا أَمْكَنَ عَنْ ذَلِكَ الْفِعْلُ الَّذِي الْحَامِلُ عَلَيْهِ الشَّيْطَانُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب من صلى وبينه وبين القبلة شيء]

[بَاب مَنْ صَلَّى وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ شَيْءٌ] 956 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ وَأَنَا مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ كَاعْتِرَاضِ الْجِنَازَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (كَاعْتِرَاضِ الْجِنَازَةِ) أَيْ بَيْنَ الْمُصَلِّي وَالْقِبْلَةِ.

957 - حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّهَا قَالَتْ كَانَ فِرَاشُهَا بِحِيَالِ مَسْجَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (بِحِيَالِ مَسْجَدٍ) ضُبِطَ بِفَتْحِ الْجِيمِ عَلَى الْقِيَاسِ لِأَنَّ الْمُرَادَ مَحَلُّ السُّجُودِ لَا الْمَسْجِدُ الْمُتَعَارَفُ لَكِنْ ضَبَطَ الْقَسْطَلَانِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ بِكَسْرِ الْجِيمِ كَمَا هُوَ الْمُتَعَارَفُ فِي الْمَسْجِدِ الْمُتَعَارَفِ وَهُوَ الْمَسْمُوعُ

لَكِنْ صَرَّحَ بَعْضٌ بِأَنَّهُ إِذَا أُرِيدَ مَحَلُّ السُّجُودِ يُفْتَحُ عَلَى الْقِيَاسِ.

958 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ عَنْ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ قَالَ حَدَّثَتْنِي مَيْمُونَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَأَنَا بِحِذَائِهِ وَرُبَّمَا أَصَابَنِي ثَوْبُهُ إِذَا سَجَدَ»

959 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ حَدَّثَنِي أَبُو الْمِقْدَامِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُصَلَّى خَلْفَ الْمُتَحَدِّثِ وَالنَّائِمِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (خَلْفَ الْمُتَحَدِّثِ) لِأَنَّهُ يُشَوِّشُ عَلَى الْمُصَلِّي بِحَدِيثِهِ وَكَذَا النَّائِمُ قَدْ يُؤَدِّي بَعْضُ هَيْئَاتِهِ إِلَى الضَّحِكِ وَغَيْرِهِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب النهي أن يسبق الإمام بالركوع والسجود]

[بَاب النَّهْيِ أَنْ يُسْبَقَ الْإِمَامُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ] 960 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا أَنْ لَا نُبَادِرَ الْإِمَامَ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَنْ لَا نُبَادِرَ) أَيْ بِأَنْ لَا نَسْبِقَ الْإِمَامَ.

961 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا يَخْشَى الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ أَنْ يُحَوِّلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَلَّا يَخْشَى) أَيْ فَاعِلُ هَذَا الْفِعْلِ أَنْ تَلْحَقَهُ هَذِهِ الْعُقُوبَةُ فَحَقُّهُ أَنْ يَخْشَى هَذِهِ الْعُقُوبَةَ وَلَا يَحْسُنُ مِنْهُ تَرْكُ الْخَشْيَةَ وَلِإِفَادَةِ هَذَا الْمَعْنَى أَدْخَلَ حَرْفَ الِاسْتِفْهَامِ الْإِنْكَارِيِّ عَلَى عَدَمِ الْخَشْيَةِ وَلَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ تَلْحَقُ بِهِ هَذِهِ الْعُقُوبَةُ.

962 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَدْرٍ شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ زِيَادِ بْنِ خَيْثَمَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ دَارِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي قَدْ بَدَّنْتُ فَإِذَا رَكَعْتُ فَارْكَعُوا وَإِذَا رَفَعْتُ فَارْفَعُوا وَإِذَا سَجَدْتُ فَاسْجُدُوا وَلَا أُلْفِيَنَّ رَجُلًا يَسْبِقُنِي إِلَى الرُّكُوعِ وَلَا إِلَى السُّجُودِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِنِّي قَدْ بَدَّنْتُ) قِيلَ بِالتَّشْدِيدِ أَيْ كَبُرْتُ وَأَمَّا التَّخْفِيفُ مَعَ ضَمِّ الدَّالِ فَلَا يُنَاسِبُ لِكَوْنِهِ مِنَ الْبَدَانَةِ بِمَعْنَى كَثْرَةِ اللَّحْمِ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ صِفَتِهِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي صِفَتِهِ بَادِنٌ مُتَمَاسِكٌ أَيْ ضَخْمٌ يَمْسِكُ بَعْضُ أَعْضَائِهِ بَعْضًا فَهُوَ مُعْتَدِلُ الْخَلْقِ وَقَدْ جَاءَ عَنْ عَائِشَةَ «فَلَمَّا أَسَنَّ وَأَخَذَ اللَّحْمَ» وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ لِأَنَّ دَارِمًا قَالَ فِيهِ الذَّهَبِيُّ مَجْهُولٌ وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ.

963 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُبَادِرُونِي بِالرُّكُوعِ وَلَا بِالسُّجُودِ فَمَهْمَا أَسْبِقْكُمْ بِهِ إِذَا رَكَعْتُ تُدْرِكُونِي بِهِ إِذَا رَفَعْتُ وَمَهْمَا أَسْبِقْكُمْ بِهِ إِذَا سَجَدْتُ تُدْرِكُونِي بِهِ إِذَا رَفَعْتُ إِنِّي قَدْ بَدَّنْتُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَا تُبَادِرُونِي) أَيْ لَا تَسْبِقُونِي فِي رُكُوعٍ وَلَا سُجُودٍ بِأَنْ تَشْرَعُوا فِيهَا قَبْلَ أَنْ

أَشْرَعَ بَلْ تَأَخَّرُوا عَنِّي فِيهِمَا بِأَنْ تَشْرَعُوا فِيهِمَا بَعْدَ أَنْ أَشْرَعَ وَلَا تَخَافُوا فِي ذَلِكَ أَنْ يُنْتَقَصَ قَدْرُ رُكُوعِكُمْ عَنْ قَدْرِ رُكُوعِي وَلَمْ يَذْكُرِ الْمَعِيَّةَ لِأَنَّهَا قَدْ تَضُرُّ إِلَى الْمَعِيَّةِ فِي الشُّرُوعِ قَوْلُهُ (فَمَا أَسْبَقُكُمْ بِهِ) أَيْ أَيُّ جُزْءٍ أَيُّ قَدْرٍ أَسْبِقُكُمْ بِهِ إِذَا شَرَعْتُ فِي الرُّكُوعِ قَبْلَ شُرُوعِكُمْ فِي الرُّكُوعِ فَإِنَّكُمْ تُدْرِكُونِي بِذَلِكَ الْجُزْءِ وَإِنِّي إِذَا رَفَعْتُ قَبْلَ أَنْ تَرْفَعُوا إِنِّي قَدْ بَدَّنْتُ تَعْلِيلٌ لِإِدْرَاكِ ذَلِكَ الْقَدْرِ بِأَنَّهُ قَدْرٌ يَسِيرٌ بِوَاسِطَةِ أَنَّهُ قَدْ بَدَنَ فَلَا تَسْبِقُوا إِلَّا بِقَدْرٍ قَلِيلٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما يكره في الصلاة]

[بَاب مَا يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ] 964 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهُدَيْرِ التَّيْمِيُّ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ مِنْ الْجَفَاءِ أَنْ يُكْثِرَ الرَّجُلُ مَسْحَ جَبْهَتِهِ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ صَلَاتِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِنَّ مِنَ الْجَفَاءِ) أَيْ مِنْ تَرْكِ الْحَدِّ الَّذِي يَنْبَغِي مُرَاعَاتُهُ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ صَلَاتِهِ لِأَنَّهُ إِكْثَارٌ فِي الْأَفْعَالِ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ لِأَنَّهُ كُلَّمَا يُزِيلُ تُرَابًا مِنْ جَبْهَتِهِ يَلْتَصِقُ بِهِ آخَرُ وَفِي الزَّوَائِدِ اتَّفَقُوا عَلَى ضَعْفِ هَارُونَ.

965 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ حَدَّثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَقَ وَإِسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تُفَقِّعْ أَصَابِعَكَ وَأَنْتَ فِي الصَّلَاةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَا تُفَقِّعْ) بِمَعْنَى غَمْزِ مَفَاصِلِ الْأَصَابِعِ حَتَّى تُصَوِّتَ أَيْ لَا تُصَوِّتْ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي السَّنَدِ الْحَرْثُ الْأَعْوَرُ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

966 - حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ سُفْيَانُ بْنُ زِيَادٍ الْمُؤَدِّبُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ ذَكْوَانَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُغَطِّيَ الرَّجُلُ فَاهُ فِي الصَّلَاةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَنْ يُغَطِّي الرَّجُلُ فَاهُ) أَيْ أَنْ يَرْبِطَ فَمَهُ بِطَرَفِ الْعِمَامَةِ وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ دَأْبِ الْعَرَبِ فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ.

967 - حَدَّثَنَا عَلْقَمَةُ بْنُ عَمْرٍو الدَّارِمِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا قَدْ شَبَّكَ أَصَابِعَهُ فِي الصَّلَاةِ فَفَرَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (شَبَّكَ أَصَابِعَهُ) مِنْ التَّشْبِيكِ أَيْ أَدْخَلَ بَعْضَهَا فِي بَعْضٍ فَفَرَّجَ مِنَ التَّفْرِيجِ أَيْ فَرَقِّهَا بِإِزَالَةِ التَّشْبِيكِ عَنْهَا.

968 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَضَعْ يَدَهُ عَلَى فِيهِ وَلَا يَعْوِي فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَضْحَكُ مِنْهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَلَا يَعْوِي) أَيْ لَا يَصِيحُ (يَضْحَكُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ صِيَاحِهِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ اتَّفَقُوا عَلَى ضَعْفِهِ.

969 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ أَبِي الْيَقْظَانِ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْبُزَاقُ وَالْمُخَاطُ وَالْحَيْضُ وَالنُّعَاسُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ الشَّيْطَانِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مِنَ الشَّيْطَانِ) أَيْ أَشْيَاءُ كَرِيهَةٌ خَفِيفَةٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الشَّيْطَانِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ يَرْضَى بِهَا وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ أَبُو الْيَقْظَانِ وَاسْمُهُ عُثْمَانُ بْنُ عُمَيْرٍ أَجْمَعُوا عَلَى ضَعْفِهِ اهـ.

[باب من أم قوما وهم له كارهون]

[بَاب مَنْ أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ] 970 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَجَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ عَنْ الْإِفْرِيقِيِّ عَنْ عِمْرَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةٌ لَا تُقْبَلُ لَهُمْ صَلَاةٌ الرَّجُلُ يَؤُمُّ الْقَوْمَ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ وَالرَّجُلُ لَا يَأْتِي الصَّلَاةَ إِلَّا دِبَارًا يَعْنِي بَعْدَ مَا يَفُوتُهُ الْوَقْتُ وَمَنْ اعْتَبَدَ مُحَرَّرًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَا تُقْبَلُ إِلَخْ) قَالُوا الْقَبُولُ أَخَصُّ مِنَ الْإِجْزَاءِ أَيْ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ وَهُوَ كَوْنُهُ سَبَبًا لِسُقُوطِ التَّكْلِيفِ وَالْمَقْبُولُ كَوْنُهُ سَبَبًا لِلثَّوَابِ قَوْلُهُ (يَؤُمُّ الْقَوْمَ) قِيلَ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَا يَكُونُ أَهْلًا لِلْإِمَامَةِ وَيَدْخُلُ فِيهَا بِالْغَلَبَةِ حَتَّى يَكْرَهَ النَّاسُ إِمَامَتَهُ وَأَمَّا الْمُسْتَحِقُّ لِلْإِمَامَةِ فَاللَّوْمُ عَلَى مَنْ يَكْرَهُهُ دُونَهُ وَقَدْ يُقَالُ إِذَا لَمْ يَكُنْ أَحَقَّ بِالْإِمَامَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَعْتَبِرَ رِضَاهُمْ بِإِمَامَتِهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُهُ (إِلَّا دِبَارًا) بِكَسْرِ الدَّالِ أَيْ بَعْدَمَا يَفُوتُ وَقْتُهَا وَقِيلَ هُوَ أَنْ يَتَّخِذَهُ عَادَةً حَتَّى يَكُونَ حُضُورُهُ لِلصَّلَاةِ بَعْدَ فَرَاغِ النَّاسِ وَانْصِرَافِهِمْ عَنْهَا قَوْلُهُ (وَمَنْ اعْتَبَدَ مُحَرَّرًا) أَيْ مُعْتَقًا أَيِ اتَّخَذَهُ عَبْدًا إِمَّا بِكِتْمَانِ الْعِتْقِ عَنْهُ أَوْ بِالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ بِأَنْ يَسْتَخْدِمَهُ كَرْهًا بَعْدَ الْعِتْقِ.

971 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ هَيَّاجِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَرْحَبِيُّ حَدَّثَنَا عُبَيْدَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ثَلَاثَةٌ لَا تَرْتَفِعُ صَلَاتُهُمْ فَوْقَ رُءُوسِهِمْ شِبْرًا رَجُلٌ أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ وَامْرَأَةٌ بَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَلَيْهَا سَاخِطٌ وَأَخَوَانِ مُتَصَارِمَانِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (بَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَلَيْهَا سَاخِطٌ) لِعَدَمِ إِطَاعَتِهَا إِيَّاهُ فِيمَا أَرَادَ مِنْهَا وَلِهَذَا قَالَ بَاتَتْ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي الْعَادَةِ يَكُونُ فِي اللَّيْلِ وَإِلَّا فَلَا يَخْتَصُّ الْحُكْمُ بِاللَّيْلِ قَوْلُهُ (وَأَخَوَانِ) أَيْ نَسَبًا وَدِينًا بِأَنْ يَكُونَا مُسْلِمَيْنِ (مُتَصَارِمَانِ) أَيْ مُتَقَاطِعَانِ أَيْ فَوْقَ ثَلَاثٍ أَوْ فِي الْبَاطِلِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ هُوَ التَّقَاطُعُ الْغَيْرُ

الْجَائِزِ دِينًا وَعَدَّ الْأَخَوَيْنِ ثَالِثًا بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالثَّلَاثَةِ الْأَنْوَاعُ الثَّلَاثَةُ لَا النَّفَرُ الثَّلَاثَةُ فَلْيُتَأَمَّلْ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ اهـ.

[باب الاثنان جماعة]

[بَاب الِاثْنَانِ جَمَاعَةٌ] 972 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ بَدْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَمْرِو بْنِ جَرَادٍ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (اثْنَانِ) مَعَ الْإِمَامِ أَيْ سِوَى الْإِمَامِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الظَّاهِرُ (جَمَاعَةٌ) أَيْ لَهُمَا فَضْلُ الْجَمَاعَةِ إِذَا صَلَّيَا مُجْتَمَعَيْنِ أَوْ يَنْبَغِي لَهُمَا الصَّلَاةُ بِالْإِجْمَاعِ لَا بِالِانْفِرَادِ وَفِي الزَّوَائِدِ الرَّبِيعُ وَوَلَدُهُ بَدْرٌ ضَعِيفَانِ.

973 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ فَأَخَذَ بِيَدِي فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ) إِرْشَادٌ إِلَى أَنَّ الْوَاحِدَ أَحَقُّ بِيَمِينِ الْإِمَامِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِاثْنَيْنِ جَمَاعَةٌ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُمَا الصَّلَاةُ مُجْتَمِعَيْنِ وَأَمَّا أَنَّ ذَلِكَ أَوْلَى أَوْ لَهُمَا فَضْلُ الْجَمَاعَةِ الْمَعْلُومَةِ فَلَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَيْهِ.

974 - حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ أَبُو بِشْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا شُرَحْبِيلُ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ فَجِئْتُ فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (سَمِعْتُ جَابِرً) وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ شُرَحْبِيلُ ضَعِيفٌ ضَعَّفَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ بَلِ اتَّهَمَهُ بَعْضُهُمْ بِالْكَذِبِ لَكِنْ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَأَخْرَجَ هُوَ وَابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحَيْهِمَا هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ شُرَحْبِيلَ.

975 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُخْتَارِ عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِامْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِهِ وَبِي فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ وَصَلَّتْ الْمَرْأَةُ خَلْفَنَا»

[باب من يستحب أن يلي الإمام]

[بَاب مَنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَلِيَ الْإِمَامَ] 976 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا فِي الصَّلَاةِ وَيَقُولُ لَا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ لِيَلِيَنِّي مِنْكُمْ أُولُوا الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا) جَمْعُ مَنْكِبٍ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْكَتِفِ وَالْعُنُقِ أَيْ يَمْسَحُهُمَا لِيَعْلَمَ

بِهِ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ قَوْلُهُ (لَا تَخْتَلِفُوا) بِالتَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ (فَتَخْتَلِفَ) بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ جَوَابُ النَّهْيِ أَيْ اخْتِلَافُ الصُّفُوفِ سَبَبٌ لِاخْتِلَافِ الْقُلُوبِ بِجَعْلِ اللَّهِ تَعَالَى كَذَلِكَ قَوْلُهُ (لِيَلِيَنِّي) بِكَسْرِ اللَّامَيْنِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ عَلَى التَّأْكِيدِ وَالْوَلِيُّ الْقُرْبُ وَالْمُرَادُ بَيَانُ تَرْتِيبِ الْقِيَامِ فِي الصُّفُوفِ (أُولُو الْأَحْلَامِ) ذَوُو الْعُقُولِ الرَّاجِحَةِ وَاحِدُهَا حِلْمٌ بِالْكَسْرِ لِأَنَّ الْعَقْلَ الرَّاجِحَ يَتَسَبَّبُ لِلْحِلْمِ وَالْأَنَاةِ وَالتَّثَبُّتِ فِي الْأُمُورِ قَوْلُهُ (وَالنُّهَى) بِضَمِّ نُونٍ وَفَتْحِ هَاءٍ وَأَلْفٍ جَمْعُ نُهْيَةٍ بِالضَّمِّ بِمَعْنَى الْعَقْلِ لِأَنَّهُ يَنْهَى صَاحِبَهُ عَنِ الْقَبِيحِ قَوْلُهُ (ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ) أَيْ يَقْرَبُونَ مِنْهُمْ فِي هَذَا الْوَصْفِ قِيلَ هُمُ الْمُرَاهِقُونَ ثُمَّ الصِّبْيَانُ الْمُمَيِّزُونَ ثُمَّ النِّسَاءُ وَالْأَنْصَارُ أَيِ الْكِبَارُ وَأَهْلُ الْفَضْلِ لَا الْأَعْرَابُ وَأَمْثَالُهُمْ مِنَ الصِّغَارِ وَفِي الزَّوَائِدِ رِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ.

977 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ أَنْ يَلِيَهُ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ لِيَأْخُذُوا عَنْهُ»

978 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ أَبِي الْأَشْهَبِ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى فِي أَصْحَابِهِ تَأَخُّرًا فَقَالَ تَقَدَّمُوا فَأْتَمُّوا بِي وَلْيَأْتَمَّ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ لَا يَزَالُ قَوْمٌ يَتَأَخَّرُونَ حَتَّى يُؤَخِّرَهُمْ اللَّهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (تَأَخُّرًا) عَنِ الصُّفُوفِ (مَنْ بَعْدَكُمْ) مِنَ الصَّفِّ الثَّانِي وَغَيْرِهِ وَالْخِطَابُ لِأَهْلِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ أَوْ مَنْ بَعْدَكُمْ مِنْ أَتْبَاعِ الصَّحَابَةِ وَالْخِطَابٌ لِلصَّحَابَةِ مُطْلَقًا، وَبَعْدُ عَلَى الْأَوَّلِ مُسْتَعَارٌ لِلْمَكَانِ وَعَلَى الثَّانِي لِلزَّمَانِ كَمَا هُوَ الْأَصْلُ قَوْلُهُ (يَتَأَخَّرُونَ) عَنِ الصُّفُوفِ أَيْ عَنِ الْمُتَقَدِّمَةِ (حَتَّى يُؤَخِّرَهُمُ اللَّهُ) عَنْ رَحْمَتِهِ أَوْ جَنَّتِهِ.

[باب من أحق بالإمامة]

[بَاب مَنْ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ] 979 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ هِلَالٍ الصَّوَّافُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ قَالَ «أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَصَاحِبٌ لِي فَلَمَّا أَرَدْنَا الِانْصِرَافَ قَالَ لَنَا إِذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَأَذِّنَا وَأَقِيمَا وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَأَذِّنَا) فِي الْمَجْمَعِ أَيْ لِيُؤَذِّنَ أَحَدُكُمَا وَيُجِيبُ الْآخَرُ اهـ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بِالْمَجَازِ فِي الْإِسْنَادِ كَمَا فِي: بَنُو فُلَانٍ قَتَلُوا أَيْ وُجِدَ الْقَتْلُ فِيمَا بَيْنَهُمُ، الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ وَالْمَعْنَى يَجُوزُ لِكُلِّ مِنْكُمَا الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ أَيُّكُمَا فَعَلَ حَصَلَ وَلَا يَخْتَصُّ بِأَكْبَرِكُمَا كَالْإِمَامَةِ وَوَجْهُ تَخْصِيصِ الْأَكْبَرِ فِي الْإِمَامَةِ هُوَ أَنَّهُمَا كَانَا مُتَقَارِبَيْنِ فِي سَائِرِ الْأَشْيَاءِ الْمُوجِبَةِ لِلتَّقَدُّمِ كَالْأَقَرَئِيَّةِ وَالْأَعْلَمِيَّةِ بِالسُّنَّةِ.

980 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ قَالَ سَمِعْتُ أَوْسَ بْنَ ضَمْعَجٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا مَسْعُودٍ يَقُولُ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنْ كَانَتْ قِرَاءَتُهُمْ سَوَاءً فَلْيَؤُمَّهُمْ أَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً فَإِنْ كَانَتْ الْهِجْرَةُ سَوَاءً فَلْيَؤُمَّهُمْ أَكْبَرُهُمْ سِنًّا وَلَا يُؤَمَّ الرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ وَلَا فِي سُلْطَانِهِ وَلَا يُجْلَسْ عَلَى تَكْرِمَتِهِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا بِإِذْنٍ أَوْ بِإِذْنِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ) أَيْ أَكْثَرُهُمْ قُرْآنًا وَأَجْوَدُهُمْ قِرَاءَةً (أَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً) إِمَّا لِأَنَّ الْقِدَمَ فِي الْهِجْرَةِ شَرَفٌ يَقْتَضِي التَّقْدِيمَ أَوْ لِأَنَّ مَنْ تَقَدَّمَ هِجْرَتُهُ فَلَا يَخْلُو عَنْ عِلْمٍ غَالِبًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ تَأَخَّرَ وَقَدْ جَاءَ بَعْدَ الْأَقْرَأِ الْأَعْلَمُ بِالسُّنَّةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ اخْتِصَارًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَحَمَلُوا السُّنَّةَ عَلَى أَحْكَامِ الصَّلَاةِ قَوْلُهُ (وَلَا يُؤَمُّ الرَّجُلُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَاللَّفْظُ نَهْيٌ أَوْ نَفْيٌ وَالْمُرَادُ بِالسُّلْطَانِ مَحَلُّ السُّلْطَانِ وَهُوَ مَوْضِعٌ يَمْلِكُهُ الرَّجُلُ وَلَهُ فِيهِ تَسَلُّطٌ بِالتَّصَرُّفِ لِصَاحِبِ الْمَجْلِسِ وَإِمَامِهِ فَإِنَّهُ أَحَقُّ مِنْ غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ أَفْقَهُ لِئَلَّا يُؤَدِّي ذَلِكَ إِلَى التَّبَاغُضِ وَالْخِلَافِ الَّذِي شُرِعَ الْإِجْمَاعُ لِرَفْعِهِ قَوْلُهُ (وَلَا يُجْلَسُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَاللَّفْظُ يَحْتَمِلُ الْوَجْهَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَالتَّكْرِمَةُ) الْمَوْضِعُ الْمُعَدُّ لِجُلُوسِ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ خُصَّ بِهِ إِكْرَامًا لَهُ اهـ قَوْلُهُ (إِلَّا بِإِذْنٍ) مُتَعَلِّقٌ بِالْفِعْلَيْنِ وَقِيلَ بِالثَّانِي فَقَطْ فَلَا يَجُوزُ الْإِمَامَةُ إِلَّا لِصَاحِبِ الْبَيْتِ وَإِنْ أَذِنَ وَهَذَا الْحَدِيثُ يُقَيِّدُ تَقَدُّمَ الْأَقْرَأِ وَغَالِبُ الْفُقَهَاءِ عَلَى تَقْدِيْمِ الْأَعْلَمِ وَلَهُمْ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ جَوَابَانِ النَّسْخُ بِإِمَامَةِ أَبِي بِكْرٍ مَعَ أَنَّ أَقْرَأَهُمْ أُبَيٌّ وَكَانَ أَبُو بِكْرٍ أَعْلَمَهُمْ كَمَا قَالَ أَبُو سَعِيدٍ وَدَعْوَى أَنَّ الْحُكْمَ مَخْصُوصٌ بِالصَّحَابَةِ أَوْ كَانَ أَقْرَؤُهُمْ أَعْلَمَهُمْ لِكَوْنِهِمْ يَأْخُذُونَ الْقُرْآنَ بِالْمَعَانِي وَبَيْنَ الْجَوَابَيْنِ تَنَاقُضٌ لَا يَخْفَى وَلَفْظُ الْحَدِيثِ يُفِيدُ عُمُومَ الْحُكْمِ اهـ.

[باب ما يجب على الإمام]

[بَاب مَا يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ] 981 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ سُلَيْمَانَ أَخُو فُلَيْحٍ حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ قَالَ «كَانَ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ يُقَدِّمُ فِتْيَانَ قَوْمِهِ يُصَلُّونَ بِهِمْ فَقِيلَ لَهُ تَفْعَلُ وَلَكَ مِنْ الْقِدَمِ مَا لَكَ قَالَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْإِمَامُ ضَامِنٌ فَإِنْ أَحْسَنَ فَلَهُ وَلَهُمْ وَإِنْ أَسَاءَ يَعْنِي فَعَلَيْهِ وَلَا عَلَيْهِمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فِتْيَانِ قَوْمِهِ) أَيْ شَبَابِهِمْ (مِنَ الْقِدَمِ) أَيْ فِي الْإِسْلَامِ قَوْلُهُ (الْإِمَامُ ضَامِنٌ) ذَكَرُوا فِي مَعْنَاهُ كَلَامًا لَكِنَّ ظَاهِرَ هَذَا السِّيَاقِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ بِصَلَاةِ الْمُقْتَدَى

حَامِلٌ لِعُهْدَةِ فَسَادِ صَلَاةِ الْمُقْتَدِي إِذَا كَانَ مِنْهُ الْفَسَادُ بِتَعَدٍّ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ حَامِلٌ لِعُهْدَةِ نُقْصَانِ صَلَاتِهِمْ بِتَرْكِ السُّنَنِ وَغَيْرِهَا وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذِهِ الْإِسَاءَةُ عَلَيْهِ اهـ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ الْمَجِيدِ اتَّفَقُوا عَلَى ضَعْفِهِ.

982 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ أُمِّ غُرَابٍ عَنْ امْرَأَةٍ يُقَالُ لَهَا عَقِيلَةُ عَنْ سَلَامَةَ بِنْتِ الْحُرِّ أُخْتِ خَرَشَةَ قَالَتْ «سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَقُومُونَ سَاعَةً لَا يَجِدُونَ إِمَامًا يُصَلِّي بِهِمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يَقُومُونَ سَاعَةً) أَيْ يَتَدَافَعُونَ فِي الْإِمَامَةِ فَيَدْفَعُ كُلٌّ مِنْهُمُ الْإِمَامَةَ عَنْ نَفْسِهِ إِلَى غَيْرِهِ أَوْ يَدْفَعُ كُلُّ مِنْهُمُ الْإِمَامَةَ عَنْ غَيْرِهِ إِلَى نَفْسِهِ فَيَحْصُلُ بِذَلِكَ النِّزَاعُ فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إِلَى عَدَمِ الْإِمَامِ وَالْمَعْنَى الْأَوَّلُ أَوْفَقُ لِلتَّرْجَمَةِ لِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ إِذَا ظَهَرَ لِلنَّاسِ صُعُوبَةُ الْأَمْرِ تَرَكُوا الرَّغْبَةَ فِيهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

983 - حَدَّثَنَا مُحْرِزُ بْنُ سَلَمَةَ الْعَدَنِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْهَمْدَانِيِّ «أَنَّهُ خَرَجَ فِي سَفِينَةٍ فِيهَا عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ الْجُهَنِيُّ فَحَانَتْ صَلَاةٌ مِنْ الصَّلَوَاتِ فَأَمَرْنَاهُ أَنْ يَؤُمَّنَا وَقُلْنَا لَهُ إِنَّكَ أَحَقُّنَا بِذَلِكَ أَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَبَى فَقَالَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ أَمَّ النَّاسَ فَأَصَابَ فَالصَّلَاةُ لَهُ وَلَهُمْ وَمَنْ انْتَقَصَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعَلَيْهِ وَلَا عَلَيْهِمْ»

[باب من أم قوما فليخفف]

[بَاب مَنْ أَمَّ قَوْمًا فَلْيُخَفِّفْ] 984 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ عَنْ قَيْسٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ «أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَأَتَأَخَّرُ فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ مِنْ أَجْلِ فُلَانٍ لِمَا يُطِيلُ بِنَا فِيهَا قَالَ فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطُّ فِي مَوْعِظَةٍ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ فَأَيُّكُمْ مَا صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيُجَوِّزْ فَإِنَّ فِيهِمْ الضَّعِيفَ وَالْكَبِيرَ وَذَا الْحَاجَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِنِّي لَأَتَأَخَّرَ فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ) أَيْ عَنْ إِدْرَاكِهَا مَعَ الْإِمَامِ يُرِيدُ أَنَّهُ تَرَكَ حُضُورَ الْجَمَاعَةِ وَتَأَخَّرَ عَنْهَا قَوْلُهُ (مَا صَلَّى) مَا زَائِدَةٌ (فَلْيُجَوِّزْ) أَيْ فَلْيُخَفِّفْ فِي الْقِرَاءَةِ وَلْيَأْخُذْ

بِالْأَوَاخِرِ وَأَصْلُهُ مِنَ الْجَوَازِ بِمَعْنَى الْمُضِيِّ.

985 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ وَحُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوجِزُ وَيُتِمُّ الصَّلَاةَ»

986 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «صَلَّى مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ الْأَنْصَارِيُّ بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْعِشَاءِ فَطَوَّلَ عَلَيْهِمْ فَانْصَرَفَ رَجُلٌ مِنَّا فَصَلَّى فَأُخْبِرَ مُعَاذٌ عَنْهُ فَقَالَ إِنَّهُ مُنَافِقٌ فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ الرَّجُلَ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ مَا قَالَ لَهُ مُعَاذٌ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتُرِيدُ أَنْ تَكُونَ فَتَّانًا يَا مُعَاذُ إِذَا صَلَّيْتَ بِالنَّاسِ فَاقْرَأْ بِالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَسَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَاقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَتَّانًا) أَيْ مُوقِعًا لِلنَّاسِ فِي الْفِتْنَةِ وَالْمَعْصِيَةِ بِتَرْكِ الْجَمَاعَةِ وَالتَّفَرُّقِ بَيْنَهُمْ.

987 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ قَالَ سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ يَقُولُ «كَانَ آخِرُ مَا عَهِدَ إِلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَمَّرَنِي عَلَى الطَّائِفِ قَالَ لِي يَا عُثْمَانُ تَجَاوَزْ فِي الصَّلَاةِ وَاقْدِرْ النَّاسَ بِأَضْعَفِهِمْ فَإِنَّ فِيهِمْ الْكَبِيرَ وَالصَّغِيرَ وَالسَّقِيمَ وَالْبَعِيدَ وَذَا الْحَاجَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَاقْدُرِ النَّاسَ) ضُبِطَ بِضَمِّ الدَّالِ وَكَسْرِهَا أَيْ جُعِلَ الْكُلُّ فِي قَدْرِ الْأَضْعَفِ فَعَامِلِ الْكُلَّ مُعَامَلَتَهُ فَإِنَّ الْقَوِيَّ يَقْدِرُ عَلَى تَحَمُّلِ الْأَشَدِّ فَالْأَخَفِّ يَجْتَمِعُ عَلَيْهِ الْكُلُّ.

988 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِسْمَعِيلَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ حَدَّثَ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ «أَنَّ آخِرَ مَا قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَمَمْتَ قَوْمًا فَأَخِفَّ بِهِمْ»

[باب الإمام يخفف الصلاة إذا حدث أمر]

[بَاب الْإِمَامِ يُخَفِّفُ الصَّلَاةَ إِذَا حَدَثَ أَمْرٌ] 989 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَأَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ وَإِنِّي أُرِيدُ إِطَالَتَهَا فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلَاتِي مِمَّا أَعْلَمُ لِوَجْدِ أُمِّهِ بِبُكَائِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَأَتَجَوَّزُ) أَيْ أَتَخَفَّفُ فِي الْقِرَاءَةِ (لِوَجْدِ أُمِّهِ) عَلَى فَقْدِ حُضُورِهَا الْجَمَاعَةَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ هَذَا إِذَا كَانَ عَالِمًا بِحُضُورِ الْأُمِّ فَإِنَّهَا إِذَا سَمِعَتْ بُكَاءَ الْوَلَدِ وَهِيَ فِي الصَّلَاةِ يَشْتَدُّ عَلَيْهَا التَّطْوِيلُ وَرُبَّمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْإِمَامَ يَجُوزُ لَهُ مُرَاعَاةُ مَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدِ بِالتَّطْوِيلِ لِيُدْرِكَ الرَّكْعَةَ كَمَا أَنَّ لَهُ أَنْ يُخَفِّفَ لِأَجْلِهِمْ وَلَا يُسَمَّى مِثْلُهُ رِيَاءً بَلْ هُوَ إِعَانَةٌ عَلَى الْخَيْرِ أَوْ تَخْلِيصٌ عَنِ الشَّرِّ.

990 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ أَبِي كَرِيمَةَ الْحَرَّانِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُلَاثَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأَتَجَوَّزُ فِي الصَّلَاةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ قَالَ الْمِزِّيُّ فِي التَّهْذِيبِ قِيلَ لَمْ يَسْمَعِ الْحَسَنُ مِنْ عُثْمَانَ اهـ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُلَاثَةَ وَإِنْ وَثَّقَهُ ابْنُ مُعِينٍ وَابْنُ سَعْدٍ فَقَدْ ضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْأَزْدِيُّ كَذَّبَهُ وَابْنُ حِبَّانَ قَالَ يَرْوِي الْمَوْضُوعَاتِ عَنِ الثِّقَاتِ لَا يُحْتَمَلُ ذِكْرَهُ إِلَّا عَلَى وَجْهِ الْقَدْحِ فِيهِ وَبَاقِي رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

991 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ وَبِشْرُ بْنُ بَكْرٍ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَأَقُومُ فِي الصَّلَاةِ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُطَوِّلَ فِيهَا فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأَتَجَوَّزُ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ»

[باب إقامة الصفوف]

[بَاب إِقَامَةِ الصُّفُوفِ] 992 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ السُّوَائِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا قَالَ قُلْنَا وَكَيْفَ تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا قَالَ يُتِمُّونَ الصُّفُوفَ الْأُوَلَ وَيَتَرَاصُّونَ فِي الصَّفِّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عِنْدَ رَبِّهَا) أَيْ فِي مَحَلِّ قُرْبِهِ وَمَكَانِهِ وَقَبُولِهِ قَوْلُهُ (وَيَتَرَاصُّونَ) أَيْ يَتَلَاصَقُونَ حَتَّى لَا يَكُونَ بَيْنَهُمْ فُرْجَةٌ مِنْ رَصِّ الْبِنَاءِ إِذَا أُلْصِقَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ.

993 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ شُعْبَةَ ح وَحَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا أَبِي وَبِشْرُ بْنُ عُمَرَ قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَوُّوا صُفُوفَكُمْ فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَإِنَّ تَسْوِيَةَ إِلَخْ) بِإِخْرَاجِهَا عَنِ الِاعْوِجَاجِ.

994 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ أَنَّهُ سَمِعَ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَوِّي الصَّفَّ حَتَّى يَجْعَلَهُ مِثْلَ الرُّمْحِ أَوْ الْقِدْحِ قَالَ فَرَأَى صَدْرَ رَجُلٍ نَاتِئًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَوُّوا صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَوِ الْقِدْحِ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ الدَّالِ سَهْمٌ قَبْلَ أَنْ يُرَاشَ وَقِيلَ مُطْلَقًا (نَاتِئًا) أَيْ مُرْتَفِعًا بِالتَّقَدُّمِ عَلَى صُدُورِ أَصْحَابِهِ قَوْلُهُ (بَيْنَ وُجُوهِكُمْ) أَيْ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ كَمَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَوْ ذَلِكَ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الْقُلُوبِ بِالتَّبَاغُضِ وَالتَّعَادِي يَنْشَأُ مِنْهُ الِاخْتِلَافُ فِي الْوُجُوهِ بِأَنْ يُدْبِرَ كُلٌّ صَاحِبَهُ.

995 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الَّذِينَ يَصِلُونَ الصُّفُوفَ وَمَنْ سَدَّ فُرْجَةً رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَلَى الَّذِينَ يَصِلُونَ الصُّفُوفَ) مِنَ الْوَصْلِ أَيْ يَصِلُونَ بِأَنْ كَانَ فِيهَا فُرْجَةٌ فَسَدُّوهَا أَوْ نُقْصَانٌ فَأَتَمُّوهَا وَفِي الزَّوَائِدِ الْحَدِيثُ مِنْ رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنِ الْحِجَازِيِّينَ وَهِيَ ضَعِيفَةٌ.

[باب فضل الصف المقدم]

[بَاب فَضْلِ الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ] 996 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ عِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْتَغْفِرُ لِلصَّفِّ الْمُقَدَّمِ ثَلَاثًا وَلِلثَّانِي مَرَّةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (كَانَ يَسْتَغْفِرُ لِلصَّفِّ الْأَوَّلِ ثَلَاثًا)

هَذَا مِثْلُ مَا فَعَلَ بِالْمُحَلِّقِينَ وَالْمُقَصِّرِينَ.

997 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ طَلْحَةَ بْنَ مُصَرِّفٍ يَقُولُ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْسَجَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ يَقُولُ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ) يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ الصَّفُّ الْأَوَّلُ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ أَوْ فِي كُلِّ جَمَاعَةٍ فَالْجَمَاعَةُ بِاعْتِبَارِ تَعَدُّدِ الْمَسَاجِدِ وَالْجَمَاعَاتِ أَوِ الْمُرَادُ الصُّفُوفُ الْمُتَقَدِّمَةُ عَلَى الصَّفِّ الْأَخِيرِ فَالصَّلَاةُ مِنَ اللَّهِ عَلَى كُلِّ صَفٍّ عَلَى حَسَبِ تَقَدُّمِهِ وَالْأَخِيرُ لَا حَظَّ لَهُ مِنْ هَذِهِ الصَّلَاةِ لِفَوَاتِ الْأَوَّلِيَّةِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ حَدِيثِ الْبَرَاءِ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

998 - حَدَّثَنَا أَبُو ثَوْرٍ إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا أَبُو قَطَنٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ خِلَاسٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ لَكَانَتْ قُرْعَةٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَكَانَتْ قُرْعَةٌ) أَيْ لَتَحَقَّقَتْ قُرْعَةٌ بَيْنَكُمْ لِتَحْصِيلِهِ فَكَانَ تَامَّةٌ.

999 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ أَبِيهِ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[باب صفوف النساء]

[بَاب صُفُوفِ النِّسَاءِ] 1000 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا وَخَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (خَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ) أَيْ أَكْثَرُهَا ثَوَابًا (وَشَرُّهَا) أَيْ أَقَلُّهَا ثَوَابًا وَفِي الزَّوَائِدِ وَجَاءَ لَهُ بِالْعَكْسِ وَذَلِكَ لِأَنَّ مُقَارَبَةَ أَنْفَاسِ الرِّجَالِ لِلنِّسَاءِ يُخَافُ مِنْهَا أَنْ تُشَوِّشَ الْمَرْأَةُ عَلَى الرِّجَالِ وَالرَّجُلُ عَلَى الْمَرْأَةِ ثُمَّ هَذَا التَّفْصِيلُ فِي صُفُوفِ الرِّجَالِ عَلَى إِطْلَاقِهِ وَفِي صُفُوفِ النِّسَاءِ عِنْدَ الِاخْتِلَاطِ بِالرِّجَالِ كَذَا قِيلَ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى إِطْلَاقِهِ لِمُرَاعَاةِ السِّتْرِ فَتَأَمَّلْ.

1001 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ مُقَدَّمُهَا وَشَرُّهَا مُؤَخَّرُهَا وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ مُؤَخَّرُهَا وَشَرُّهَا مُقَدَّمُهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ جَابِرٍ) حَدِيثٌ مِنَ الزَّوَائِدِ كَمَا يُفْهَمُ مِنَ الزَّوَائِدِ لَكِنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ حَالَ إِسْنَادِهِ.

[باب الصلاة بين السواري في الصف]

[بَاب الصَّلَاةِ بَيْنَ السَّوَارِي فِي الصَّفِّ] 1002 - حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ أَبُو طَالِبٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ وَأَبُو قُتَيْبَةَ قَالَا حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «كُنَّا نُنْهَى أَنْ نَصُفَّ بَيْنَ السَّوَارِي عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنُطْرَدُ عَنْهَا طَرْدًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (بَيْنَ السَّوَارِي) بِفَتْحِ السِّينِ جَمْعُ سَارِيَةٍ وَالنَّهْيُ عَنْهُ لِقَطْعِ السَّوَارِي الصَّفَّ وَقِيلَ لِأَنَّهُ مَوْضِعَ النِّعَالِ وَقِيلَ إِنَّهُ مُصَلَّى الْجِنِّ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ هَارُونُ وَهُوَ مَجْهُولٌ كَمَا قَالَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ مَا خَلَا ابْنَ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ اهـ.

[باب صلاة الرجل خلف الصف وحده]

[بَاب صَلَاةِ الرَّجُلِ خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ] 1003 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُلَازِمُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَدْرٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَ عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَ وَكَانَ مِنْ الْوَفْدِ قَالَ «خَرَجْنَا حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعْنَاهُ وَصَلَّيْنَا خَلْفَهُ ثُمَّ صَلَّيْنَا وَرَاءَهُ صَلَاةً أُخْرَى فَقَضَى الصَّلَاةَ فَرَأَى رَجُلًا فَرْدًا يُصَلِّي خَلْفَ الصَّفِّ قَالَ فَوَقَفَ عَلَيْهِ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ انْصَرَفَ قَالَ اسْتَقْبِلْ صَلَاتَكَ لَا صَلَاةَ لِلَّذِي خَلْفَ الصَّفِّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (اسْتَقْبَلَ إِلَخْ) ظَاهِرُ الْحَدِيثِ بُطْلَانُ صَلَاةِ مَنْ يَفْعَلُ كَذَلِكَ وَمَنْ لَا يَقُولُ بِهِ لَعَلَّهُ يَحْمِلُهُ عَلَى الزَّجْرِ وَالتَّغْلِيظِ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ لَا صَلَاةَ أَيْ كَامِلَةً وَقَدِ اسْتَدَلَّ هَذَا الْقَائِلُ بِحَدِيثِ أَنَسٍ وَالْعَجُوزُ خَلْفَنَا وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[باب فضل ميمنة الصف]

1004 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ قَالَ «أَخَذَ بِيَدِي زِيَادُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ فَأَوْقَفَنِي عَلَى شَيْخٍ بِالرَّقَّةِ يُقَالُ لَهُ وَابِصَةُ بْنُ مَعْبَدٍ فَقَالَ صَلَّى رَجُلٌ خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعِيدَ» [بَاب فَضْلِ مَيْمَنَةِ الصَّفِّ] 1005 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى مَيَامِنِ الصُّفُوفِ»

1006 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ «كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مِسْعَرٌ مِمَّا نُحِبُّ أَوْ مِمَّا أُحِبُّ أَنْ نَقُومَ عَنْ يَمِينِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مِمَّا نُحِبُّ أَنْ نَقُومَ إِلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ بِتَقْدِيرِ كَانَ مِمَّا نُحِبُّ وَقَدْ جَاءَ فِي سَبَبِ ذَلِكَ

أَنَّهُ كَانَ يَلْتَفِتُ بَعْدَ الِانْصِرَافِ مِنَ الصَّلَاةِ إِلَى أَهْلِ الْيَمِينِ.

1007 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْحُسَيْنِ أَبُو جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ الْكِلَابِيُّ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الرَّقِّيُّ عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سَلِيمٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مَيْسَرَةَ الْمَسْجِدِ تَعَطَّلَتْ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ عَمَّرَ مَيْسَرَةَ الْمَسْجِدِ كُتِبَ لَهُ كِفْلَانِ مِنْ الْأَجْرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَنْ عَمَّرَ مَيْسَرَةً إِلَخْ) وَفِيهِ أَنَّ الْيَمِينَ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْأَصْلُ لَكِنَّ الْيَسَارَ إِذَا خَلَا فَتَعْمِيْرُهُ أَوْلَى مِنَ الْيَمِينِ وَعَلَى هَذَا فَلَا بُدَّ مِنَ النَّظَرِ إِلَى الطَّرَفَيْنِ فَإِنْ كَانَ زِيَادَةٌ فَلْتَكُنْ فِي الْيَمِينِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ ضَعِيفٌ.

[باب القبلة]

[بَاب الْقِبْلَةِ] 1008 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عُثْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ قَالَ «لَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طَوَافِ الْبَيْتِ أَتَى مَقَامَ إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا مَقَامُ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ الَّذِي قَالَ اللَّهُ {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] » قَالَ الْوَلِيدُ فَقُلْتُ لِمَالِكٍ أَهَكَذَا قَرَأَ وَاتَّخِذُوا قَالَ نَعَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (هَذَا مَقَامُ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ الَّذِي إِلَخْ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَالَ بَعْدَ نُزُولِ الْآيَةِ وَالْحَدِيثُ الْآتِي عَلَى أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ بَعْدَ الْقَوْلِ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ قَالَ مَرَّتَيْنِ.

1009 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ اتَّخَذْتَ مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى فَنَزَلَتْ {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] »

1010 - حَدَّثَنَا عَلْقَمَةُ بْنُ عَمْرٍو الدَّارِمِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ الْبَرَاءِ قَالَ «صَلَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا وَصُرِفَتْ الْقِبْلَةُ إِلَى الْكَعْبَةِ بَعْدَ دُخُولِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ بِشَهْرَيْنِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَكْثَرَ تَقَلُّبَ وَجْهِهِ فِي السَّمَاءِ وَعَلِمَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يَهْوَى الْكَعْبَةَ فَصَعِدَ جِبْرِيلُ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُتْبِعُهُ بَصَرَهُ وَهُوَ يَصْعَدُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ يَنْظُرُ مَا يَأْتِيهِ بِهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} [البقرة: 144] الْآيَةَ فَأَتَانَا آتٍ فَقَالَ إِنَّ الْقِبْلَةَ قَدْ صُرِفَتْ إِلَى الْكَعْبَةِ وَقَدْ صَلَّيْنَا رَكْعَتَيْنِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسٍ وَنَحْنُ رُكُوعٌ فَتَحَوَّلْنَا فَبَنَيْنَا عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلَاتِنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا جِبْرِيلُ كَيْفَ حَالُنَا فِي صَلَاتِنَا إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143] » ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ إِلَخْ) قَالَ الْحَافِظُ فِي فَتْحِ الْبَارِي قَدْ جَاءَ سَمَاعُ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ فَلَا ضَعْفَ فِيهِ مِنْ تَدْلِيسِ أَبِي إِسْحَاقَ ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ قَوْلُهُ (صَلَّيْنَا إِلَى قَوْلِهِ وَصُرِفَتِ الْقِبْلَةُ بِشَهْرَيْنِ) لَا يَخْفَى مَا بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ مِنَ التَّنَافِي فَإِنَّ الْأَوَّلَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ صُرِفَتِ الْقِبْلَةُ إِلَى الْكَعْبَةِ بَعْدَ دُخُولِ الْمَدِينَةِ بَعْدَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا وَالثَّانِي صَرِيحٌ فِي خِلَافِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ صَلَاةَ الْبَرَاءِ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَتْ بَعْدَ دُخُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ إِلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ صَلَّيْنَا صَلَاةَ الصَّحَابَةِ مُطْلَقًا وَلَوْ بِمَكَّةَ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَجَّهَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَهُوَ بِمَكَّةَ وَكَانَ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ دُخُولِهِ الْمَدِينَةِ بِشَهْرَيْنِ صُرِفَتِ الْقِبْلَةُ إِلَى الْكَعْبَةِ وَهَذَا خِلَافُ الْمَشْهُورِ بَيْنَ الْجُمْهُورِ قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ كَانَ قُدُومُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ بِلَا خِلَافٍ وَكَانَ التَّحْوِيلُ فِي نِصْفِ شَهْرِ رَجَبٍ مِنَ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى الصَّحِيحِ وَبِهِ جَزَمَ الْجُمْهُورُ وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذِهِ رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ

مُخَالِفَةٌ لِلرِّوَايَاتِ الْمَشْهُورَةِ فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ فَلَيْسَ فِيهَا الْجُمْلَةُ الثَّانِيَةُ أَصْلًا وَالْجُمْلَةُ الْأُولَى جَاءَتْ فِي بَعْضِهَا عَلَى الشَّكِّ بَيْنَ سِتَّةَ عَشَرَ أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ وَفِي بَعْضِهَا بِالْجَزْمِ بِسِتَّةَ عَشَرَ وَفِي بَعْضِهَا بِالْجَزْمِ بِسَبْعَةَ عَشَرَ وَقَدْ حَكَمَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ مَاجَهْ بِالشُّذُوذِ فِي الْجُمْلَةِ الْأُولَى وَقَالَ هِيَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بِكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ وَأَبُو بِكْرٍ سَيِّئُ الْحِفْظِ وَقَدِ اضْطَرَبَ فِيهِ ثُمَّ بَيَّنَ الِاضْطِرَابَ قَوْلُهُ (أَنَّهُ مِنْ يَهْوَى) مِنْ هَوِيَ بِالْكَسْرِ إِذَا أَحَبَّ قَوْلُهُ {لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143] ) أَيْ صَلَاتَكُمْ وَفِي الزَّوَائِدِ حَدِيثُ الْبَرَاءِ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

1011 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْأَزْدِيُّ حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ) أَيْ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَقِيلَ لِلْمُسَافِرِ إِذَا الْتَبَسَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ جِهَةُ التَّحَرِّي وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب من دخل المسجد فلا يجلس حتى يركع]

[بَاب مَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يَرْكَعَ] 1012 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ وَيَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَلَا يَجْلِسُ حَتَّى يَرْكَعَ) عُمُومُهُ يَشْمَلُ أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ أَيْضًا فَقِيلَ هَذَا الْحَدِيثُ مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ وَقِيلَ بَلْ مَقُولُهُ عَلَى عُمُومِهِ وَالْكَرَاهَةُ فِي تِلْكَ الْأَوْقَاتِ مَخْصُوصَةٌ بِالصَّلَاةِ الَّتِي لَا يَكُونُ لَهَا سَبَبٌ وَفِي الزَّوَائِدِ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ قَالَ

أَبُو حَاتِمٍ الْمُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُرْسَلٌ.

1013 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ»

[باب من أكل الثوم فلا يقربن المسجد]

[بَاب مَنْ أَكَلَ الثُّومَ فَلَا يَقْرَبَنَّ الْمَسْجِدَ] 1014 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ الْغَطَفَانِيِّ عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْيَعْمُرِيِّ «أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَامَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ خَطِيبًا أَوْ خَطَبَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ تَأْكُلُونَ شَجَرَتَيْنِ لَا أُرَاهُمَا إِلَّا خَبِيثَتَيْنِ هَذَا الثُّومُ وَهَذَا الْبَصَلُ وَلَقَدْ كُنْتُ أَرَى الرَّجُلَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوجَدُ رِيحُهُ مِنْهُ فَيُؤْخَذُ بِيَدِهِ حَتَّى يُخْرَجَ إِلَى الْبَقِيعِ فَمَنْ كَانَ آكِلَهَا لَا بُدَّ فَلْيُمِتْهَا طَبْخًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يُوجَدُ رِيْحُهُ) أَيْ رِيحُ أَحَدِ هَذَيْنَ فِي الْمَسْجِدِ (حَتَّى يُخْرَجُ بِهِ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيْ تَأْدِيبًا لَهُ عَلَى مَا فَعَلَ مِنَ الدُّخُولِ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ وَلَعَلَّ فِي الْإِخْرَاجِ إِلَى الْبَقِيعِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ صُحْبَةُ الْأَحْيَاءِ بَلْ يَنْبَغِي لَهُ صُحْبَةُ الْأَمْوَاتِ الَّذِينَ لَا يَتَأَذُّونَ بِمِثْلِهِ أَوْ هُوَ لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّهُ الْتَحَقَ بِالْأَمْوَاتِ الَّذِينَ لَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ وَلَا يُصَلُّونَ حَيْثُ تَسَبَّبَ لِمَنْعِ نَفْسِهِ مِنَ الْمَسَاجِدِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ وَضَعُوا تِلْكَ الْجِهَةَ لِلتَّعْزِيرِ قَوْلُهُ (آكِلِهَا) أَيْ إِحْدَى هَذَيْنَ الشَّجَرَتَيْنِ (فَلْيُمِتْهَا) مِنَ الْإِمَاتَةِ أَيْ يُزِلْ رِيْحَهَا.

1015 - حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ الْعُثْمَانِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ الثُّومِ فَلَا يُؤْذِينَا بِهَا فِي مَسْجِدِنَا هَذَا» قَالَ إِبْرَاهِيمُ وَكَانَ أَبِي يَزِيدُ فِيهِ الْكُرَّاثَ وَالْبَصَلَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي أَنَّهُ يَزِيدُ عَلَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الثُّومِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَلَا يُؤْذِينَا) مُضَارِعٌ مَنْفِيٌّ بِمَعْنَى النَّهْيِ أَوْ نَهْيٌ بِالنُّونِ الثَّقِيلَةِ.

1016 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ الْمَكِّيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ شَيْئًا فَلَا يَأْتِيَنَّ الْمَسْجِدَ»

[باب المصلي يسلم عليه كيف يرد]

[بَاب الْمُصَلِّي يُسَلَّمُ عَلَيْهِ كَيْفَ يَرُدُّ] 1017 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّنَافِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ «أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسْجِدَ قُبَاءَ يُصَلِّي فِيهِ فَجَاءَتْ رِجَالٌ مِنْ الْأَنْصَارِ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ فَسَأَلْتُ صُهَيْبًا وَكَانَ مَعَهُ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ قَالَ كَانَ يُشِيرُ بِيَدِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (كَانَ يُشِيرُ بِيَدِهِ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرَّدَّ

بِالْيَدِ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ.

1018 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ الْمِصْرِيُّ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «بَعَثَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَاجَةٍ ثُمَّ أَدْرَكْتُهُ وَهُوَ يُصَلِّي فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَأَشَارَ إِلَيَّ فَلَمَّا فَرَغَ دَعَانِي فَقَالَ إِنَّكَ سَلَّمْتَ عَلَيَّ آنِفًا وَأَنَا أُصَلِّي»

1019 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «كُنَّا نُسَلِّمُ فِي الصَّلَاةِ فَقِيلَ لَنَا إِنَّ فِي الصَّلَاةِ لَشُغْلًا»

[باب من يصلي لغير القبلة وهو لا يعلم]

[بَاب مَنْ يُصَلِّي لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ] 1020 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا أَشْعَثُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو الرَّبِيعِ السَّمَّانُ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَتَغَيَّمَتْ السَّمَاءُ وَأَشْكَلَتْ عَلَيْنَا الْقِبْلَةُ فَصَلَّيْنَا وَأَعْلَمْنَا فَلَمَّا طَلَعَتْ الشَّمْسُ إِذَا نَحْنُ قَدْ صَلَّيْنَا لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَ اللَّه {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: 115] » ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَأَعْلَمْنَا) أَيْ وَضَعْنَا الْعَلَامَةَ عَلَى الْجِهَةِ الَّتِي صَلَّيْنَا إِلَيْهَا لِنَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَصَبْنَا أَوْ أَخْطَأْنَا قَوْلُهُ (فَأَنْزَلَ اللَّهُ إِلَخْ) وَفِيهِ أَنَّ الْمُسَافِرَ إِذَا صَلَّى إِلَى جِهَةِ التَّحَرِّي تَصِحُّ صَلَاتُهُ وَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ أَخْطَأَ بَلْ ظَاهِرُ الْآيَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ إِلَى أَيِّ جِهَةٍ شَاءَ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنَ الْحَمْلِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا عَنِ الْعُلَمَاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب المصلي يتنخم]

[بَاب الْمُصَلِّي يَتَنَخَّمُ] 1021 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُحَارِبِيِّ قَالَ «قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّيْتَ فَلَا تَبْزُقَنَّ بَيْنَ يَدَيْكَ وَلَا عَنْ يَمِينِكَ وَلَكِنْ ابْزُقْ عَنْ يَسَارِكَ أَوْ تَحْتَ قَدَمِكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَلَا تَبْزُقَنَّ) مِنْ بَزَقَ كَنَصَرَ وَأَحَادِيثُ الْبَابِ قَدْ تَقَدَّمَتْ فِي أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ.

1022 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ فَأَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ مَا بَالُ أَحَدِكُمْ يَقُومُ مُسْتَقْبِلَهُ يَعْنِي رَبَّهُ فَيَتَنَخَّعُ أَمَامَهُ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يُسْتَقْبَلَ فَيُتَنَخَّعَ فِي وَجْهِهِ إِذَا بَزَقَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْزُقَنَّ عَنْ شِمَالِهِ أَوْ لِيَقُلْ هَكَذَا فِي ثَوْبِهِ» ثُمَّ أَرَانِي إِسْمَعِيلُ يَبْزُقُ فِي ثَوْبِهِ ثُمَّ يَدْلُكُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مُسْتَقْبِلَهُ) أَيْ مُسْتَقْبِلَ اللَّهِ تَعَالَى وَالْمُرَادُ أَنَّهُ مُتَوَجِّهٌ مُقْبِلٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ كَالْمُسْتَقْبِلِ لَهُ تَعَالَى فَيَنْبَغِي تَعْظِيمُ تِلْكَ الْجِهَةِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ قَوْلُهُ (أَنْ يُسْتَقْبَلَ) عَلَى بِنَاءِ

الْمَفْعُولِ.

1023 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ «أَنَّهُ رَأَى شَبَثَ بْنَ رِبْعِيٍّ بَزَقَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ يَا شَبَثُ لَا تَبْزُقْ بَيْنَ يَدَيْكَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْهَى عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَامَ يُصَلِّي أَقْبَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ حَتَّى يَنْقَلِبَ أَوْ يُحْدِثَ حَدَثَ سُوءٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَوْ يُحْدِثُ) مِنْ أَحْدَثَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الْمَعْصِيَةُ وَحَمْلُهُ عَلَى نَقْضِ الْوُضُوءِ لَا يُنَاسِبُ قَوْلُهُ (حَدَثَ سُوءٍ) وَلَا السَّوْقُ إِلَّا أَنْ يُرَادَ أَنَّهُ نَقَضَ الْوُضُوءَ بِالِاخْتِيَارِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ وَفِي الزَّوَائِدِ رِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ.

1024 - حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ وَعَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَزَقَ فِي ثَوْبِهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ دَلَكَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (ثُمَّ دَلَكَهُ) فِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[باب مسح الحصى في الصلاة]

[بَاب مَسْحِ الْحَصَى فِي الصَّلَاةِ] 1025 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ مَسَّ الْحَصَى فَقَدْ لَغَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَنْ مَسَّ الْحَصَى) أَيْ عَابِثًا بِهِ (فَقَدْ لَغَا) أَيْ أَتَى بِمَا لَا يَلِيقُ وَقَدْ جَاءَ فِي الْجُمُعَةِ «وَمَنْ لَغَا فَلَا أَجْرَ لَهُ» وَالْفِعْلُ الْمُبْطِلُ لِأَجْرِ الْجُمُعَةِ لَا يَخْلُو عَنْ قُبْحٍ وَقَدْ يُمْنَعُ بِأَنْ يَحْرُمَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عِنْدَ الْخُطْبَةِ.

1026 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَا حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنِي مُعَيْقِيبٌ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسْحِ الْحَصَى فِي الصَّلَاةِ إِنْ كُنْتَ فَاعِلًا فَمَرَّةً وَاحِدَةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَإِنْ كُنْتَ فَاعِلًا) أَيْ لِتَسْوِيَةِ مَحَلِّ السُّجُودِ فَمَرَّةً وَاحِدَةً بِالنَّصْبِ أَيْ فَافْعَلْ مَرَّةً وَالْأَمْرُ لِلْإِذْنِ وَالرُّخْصَةِ، أَوْ بِالرَّفْعِ أَيْ فَيَكْفِيكَ مَرَّةً وَاحِدَةً.

1027 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَإِنَّ الرَّحْمَةَ تُوَاجِهُهُ فَلَا يَمْسَحْ بِالْحَصَى» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَلَا يَمْسَحِ الْحَصَى) أَيْ فَلَا يَعْرِضْ عَنِ الصَّلَاةِ بِأَدْنَى شَيْءٍ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ عَنْهُ الرَّحْمَةَ الْمُسَبَّبَةَ عَنِ الْإِقْبَالِ عَلَى الصَّلَاةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب الصلاة على الخمرة]

[بَاب الصَّلَاةِ عَلَى الْخُمْرَةِ] 1028 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ عَنْ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ حَدَّثَتْنِي مَيْمُونَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عَلَى الْخُمْرَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يُصَلِّي عَلَى الْخُمْرَةِ) بِضَمِّ مُعْجَمَةٍ فَسُكُونِ مِيمٍ سَجَّادَةٌ مِنْ حَصِيرٍ يُصَلِّي عَلَيْهِ الْإِنْسَانُ.

1029 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حَصِيرٍ»

1030 - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي زَمْعَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ «صَلَّى ابْنُ عَبَّاسٍ وَهُوَ بِالْبَصْرَةِ عَلَى بِسَاطِهِ ثُمَّ حَدَّثَ أَصْحَابَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي عَلَى بِسَاطِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ 321 - قَوْلُهُ (كَانَ يُصَلِّي عَلَى بِسَاطِهِ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ زَمْعَةُ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَإِنْ رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ فَإِنَّمَا رَوَى لَهُ مَقْرُونًا بِغَيْرِهِ فَقَدْ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ.

[باب السجود على الثياب في الحر والبرد]

[بَاب السُّجُودِ عَلَى الثِّيَابِ فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ] 1031 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ «جَاءَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى بِنَا فِي مَسْجِدِ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ فَرَأَيْتُهُ وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى ثَوْبِهِ إِذَا سَجَدَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَلَى ثَوْبِهِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ الثَّوْبُ الَّذِي هُوَ لَابِسُهُ لِقِلَّةِ الثِّيَابِ حِينَئِذٍ بَلِ الرِّوَايَةُ الْآتِيَةُ صَرِيحَةٌ فِي ذَلِكَ فَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ لِمَنْ جَوَّزَ ذَلِكَ وَمَنْ لَمْ يُجَوِّزْ يَحْمِلُهُ عَلَى الثَّوْبِ الْمُنْفَصِلِ عَنِ الْبَدَنِ وَهُوَ تَأْوِيلٌ لَا تُسَاعِدُهُ الرِّوَايَاتُ وَلَا النَّظَرُ فِي الْوَاقِعِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ ثَابِتِ بْنِ الصَّامِتِ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ فَهَذَا إِسْنَادٌ مُتَّصِلٌ.

1032 - حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَعِيلَ الْأَشْهَلِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ وَعَلَيْهِ كِسَاءٌ مُتَلَفِّفٌ بِهِ يَضَعُ يَدَيْهِ عَلَيْهِ يَقِيهِ بَرْدَ الْحَصَى» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يَقِيهِ بَرْدَ الْحَصَى) أَيْ يَقِي ذَلِكَ الْوَضْعُ إِيَّاهُ بَرْدَ الْحَصَى كَأَنَّهُ كَانَ أَيَّامَ الشِّتَاءِ فِي الْفَجْرِ وَنَحْوِهِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَشْهَلِيُّ قَالَ فِيهِ الْبُخَارِيُّ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وَضَعَّفَهُ غَيْرُهُ وَوَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَالْعَجْلِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَمْ أَرَ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ وَلَا مَنْ وَثَّقَهُ وَبَاقِي رِجَالُهُ ثِقَاتٌ قُلْتُ وَبِالْجُمْلَةِ فَحَدِيثُ السُّجُودِ عَلَى التُّرَابِ ثَابِتٌ وَالتَّكَلُّمُ إِنَّمَا هُوَ فِي خُصُوصِ هَذَا الْحَدِيثِ فَالْوَجْهُ قَوْلُ مَنْ جَوَّزَ ذَلِكَ.

1033 - حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَبِيبٍ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ عَنْ غَالِبٍ الْقَطَّانِ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ فَإِذَا لَمْ يَقْدِرْ أَحَدُنَا أَنْ يُمَكِّنَ جَبْهَتَهُ بَسَطَ ثَوْبَهُ فَسَجَدَ عَلَيْهِ»

[باب التسبيح للرجال في الصلاة والتصفيق للنساء]

[بَاب التَّسْبِيحِ لِلرِّجَالِ فِي الصَّلَاةِ وَالتَّصْفِيقِ لِلنِّسَاءِ] 1034 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ التَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ وَالتَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (التَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ) أَيْ إِذَا احْتَاجَ الْمُصَلِّي فِي الصَّلَاةِ إِلَى الْإِفْهَامِ فَاللَّائِقُ بِالرِّجَالِ التَّسْبِيحُ وَبِالنِّسَاءِ التَّصْفِيقُ وَهَذَا الْحَدِيثُ يُبْطِلُ تَأْوِيلَ مَنْ قَالَ مَعْنَى كَوْنِ التَّصْفِيقِ لِلنِّسَاءِ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِأَنَّهُ مِنْ دَأْبِ النِّسَاءِ النَّاقِصَاتِ لَا أَنَّهُ مَشْرُوعٌ لَهُنَّ.

1035 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَسَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ التَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ وَالتَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ»

1036 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ وَعُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ «أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ قَالَ ابْنُ عُمَرَ رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنِّسَاءِ فِي التَّصْفِيقِ وَلِلرِّجَالِ فِي التَّسْبِيحِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (قَالَ ابْنُ عُمَرَ) وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

[باب الصلاة في النعال]

[بَاب الصَّلَاةِ فِي النِّعَالِ] 1037 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ أَبِي أَوْسٍ قَالَ «كَانَ جَدِّي أَوْسٌ أَحْيَانًا يُصَلِّي فَيُشِيرُ إِلَيَّ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَأُعْطِيهِ نَعْلَيْهِ وَيَقُولُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي نَعْلَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَأُعْطِيهِ نَعْلَيْهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ كَانَ يَلْبَسُ فِي الصَّلَاةِ وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ مَا كَانُوا يَعُدُّونَ الْإِشَارَةَ الْمُفْهِمَةَ وَلَا لُبْسَ النَّعْلِ وَنَحْوِهِ مُبْطِلَةً لِلصَّلَاةِ وَيَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الصَّلَاةِ فِي النَّعْلَيْنِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا قَذَرٌ فَإِنْ كَانَ فَلْيَمْسَحْ بِالتُّرَابِ وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا وَعَلَى هَذَا عُلَمَاؤُنَا فِي نَجَاسَةٍ لَهَا جِرْمٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِالْإِطْلَاقِ وَهُوَ أَقْرَبُ إِلَى الصَّوَابِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.

1038 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ هِلَالٍ الصَّوَّافُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي حَافِيًا وَمُنْتَعِلًا»

1039 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «لَقَدْ رَأَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي النَّعْلَيْنِ وَالْخُفَّيْنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يُصَلِّي فِي النَّعْلَيْنِ إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ أَبُو إِسْحَاقَ وَقَدِ اخْتَلَطَ بِآخِرِ عُمُرِهِ وَزُهَيْرٌ وَهُوَ ابْنُ مُعَاوِيَةِ بْنِ جُرَيْجٍ رُوِيَ عَنْهُ فِي اخْتِلَاطِهِ قَالَهُ أَبُو زُرْعَةَ اهـ.

[باب كف الشعر والثوب في الصلاة]

[بَاب كَفِّ الشَّعَرِ وَالثَّوْبِ فِي الصَّلَاةِ] 1040 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ الضَّرِيرُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَأَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِرْتُ أَنْ لَا أَكُفَّ شَعَرًا وَلَا ثَوْبًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَنْ لَا أَكُفَّ إِلَخْ) أَيْ أَضُمَّ فِي السُّجُودِ احْتِرَازًا عَنِ التُّرَابِ.

1041 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «أُمِرْنَا أَلَّا نَكُفَّ شَعَرًا وَلَا ثَوْبًا وَلَا نَتَوَضَّأَ مِنْ مَوْطَإٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَلَا نَتَوَضَّأُ مِنْ مَوْطَأٍ) أَيْ مَا يُوطَأُ مِنَ الْأَذَى فِي الطَّرِيقِ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ الْوُضُوءَ مِنْهُ لَا أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَغْسِلُونَهُ.

1042 - حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ شُعْبَةَ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنِي مُخَوَّلُ بْنُ رَاشِدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَعْدٍ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَقُولُ «رَأَيْتُ أَبَا رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَهُوَ يُصَلِّي وَقَدْ عَقَصَ شَعْرَهُ فَأَطْلَقَهُ أَوْ نَهَى عَنْهُ وَقَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ وَهُوَ عَاقِصٌ شَعَرَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَقَدْ عَقَصَ شَعْرَهُ) الْعَقْصُ جَمْعُ الشَّعْرِ وَسَطَ رَأَسَهُ أَوْ لَفُّ ذَوَائِبِهِ حَوْلَ رَأْسِهِ كَفِعْلِ النِّسَاءِ وَقِيلَ هُوَ إِدْخَالُ أَطْرَافِ الشَّعْرِ فِي أُصُولِهِ.

[باب الخشوع في الصلاة]

[بَاب الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ] 1043 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى عَنْ يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَرْفَعُوا أَبْصَارَكُمْ إِلَى السَّمَاءِ أَنْ تَلْتَمِعَ يَعْنِي فِي الصَّلَاةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَنْ تَلْتَمِعَ) أَيْ لِئَلَّا تَخْتَلِسَ وَتَخْتَطِفَ بِسُرْعَةٍ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي الصُّغْرَى مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ.

1044 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بِأَصْحَابِهِ فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ أَقْبَلَ عَلَى الْقَوْمِ بِوَجْهِهِ فَقَالَ مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ حَتَّى اشْتَدَّ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَيَخْطَفَنَّ اللَّهُ أَبْصَارَهُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ) كَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيْرٌ مِنَ النِّسَاءِ حَالَ الدُّعَاءِ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ حَالَ الدُّعَاءِ خَارِجَ الصَّلَاةِ فَجَوَّزَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ السَّمَاءَ قِبْلَةُ الدُّعَاءِ وَمَنَعَهُ آخَرُونَ قَوْلُهُ (لَيَنْتَهُنَّ) بِضَمِّ الْهَاءِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ أَيْ أُولَئِكَ الْأَقْوَامُ (عَنْ ذَلِكَ) أَيْ رَفْعِهِمْ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلَاةِ قَوْلُهُ (أَوْ لَيَخْطَفَنَّ) بِفَتْحِ الْفَاءِ عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ أَيْ لَيَسْلُبَنَّ اللَّهُ بِسُرْعَةٍ أَيْ أَنَّ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ وَاقِعٌ لَا مَحَالَةَ

أَمَّا الِانْتِهَاءُ مِنْهُمْ أَوْ خَطْفُ أَبْصَارِهِمْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عُقُوبَةً عَلَى فِعْلِهِمْ.

1045 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ أَوْ لَا تَرْجِعُ أَبْصَارُهُمْ»

1046 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ قَالَا حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ قَيْسٍ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كَانَتْ امْرَأَةٌ تُصَلِّي خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَسْنَاءُ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ فَكَانَ بَعْضُ الْقَوْمِ يَسْتَقْدِمُ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ لِئَلَّا يَرَاهَا وَيَسْتَأْخِرُ بَعْضُهُمْ حَتَّى يَكُونَ فِي الصَّفِّ الْمُؤَخَّرِ فَإِذَا رَكَعَ قَالَ هَكَذَا يَنْظُرُ مِنْ تَحْتِ إِبْطِهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ {وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ} [الفاتحة: 24 - 1615] فِي شَأْنِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يَسْتَقْدِمُ فِي الصَّفِّ إِلَخْ) أَيْ يَتَقَدَّمُ وَلَيْسَتِ السِّينُ لِلطَّلَبِ وَفِي قَوْلِهِ (وَيَسْتَأْخِرُ) بَعْضُهُمْ.

[باب الصلاة في الثوب الواحد]

[بَاب الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ] 1047 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحَدُنَا يُصَلِّي فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَ كُلُّكُمْ يَجِدُ ثَوْبَيْنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَوْ كُلُّكُمْ إِلَخْ) أَيْ فَجَوَازُ الصَّلَاةِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ظَاهِرٌ فَلَا حَاجَةَ إِلَى السُّؤَالِ.

1048 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ «أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُتَوَشِّحًا بِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مُتَوَشِّحًا بِهِ) أَيْ مُخَالِفًا بَيْنَ طَرَفَيْهِ وَهُوَ أَنْ يَتَّزِرَ بِهِ وَيَرْفَعَ طَرَفَهُ فَيُخَالِفُ بَيْنَهُمَا وَيَشُدُّهُ عَلَى عَاتِقِهِ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْإِزَارِ وَالرِّدَاءِ.

1049 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُتَوَشِّحًا بِهِ وَاضِعًا طَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقَيْهِ»

1050 - حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَقَ الشَّافِعِيُّ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَنْظَلَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ الْمَخْزُومِيُّ عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ مُشْكَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِالْبِئْرِ الْعُلْيَا فِي ثَوْبٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يُصَلِّي بِالْبِئْرِ الْعُلْيَا) أَيْ يُصَلِّي بِمَكَانِ الْبِئْرِ الْعُلْيَا وَقُرْبِهَا، وَالْبِئْرُ بِالْهَمْزِ وَقَدْ تُخَفَّفُ فَتُقْلَبُ يَاءَ مُؤَنَّثٍ وَتِلْكَ بِئْرٌ مَعْلُومَةٌ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ لِأَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ كَيْسَانَ وَمُحَمَّدَ بْنَ حَنْظَلَةَ ذَكَرَهُمَا ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَمَعْرُوفُ بْنُ مُشْكَانَ لَمْ أَرَ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ وَأَبُو إِسْحَاقَ الشَّافِعِيُّ ثِقَةٌ فَنَخْلُصُ مِنْ هَذَا أَنَّ إِسْنَادَهُ ضَعِيفٌ اهـ.

1051 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ كَثِيرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ كَيْسَانَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُتَلَبِّبًا بِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مُتَلَبِّبًا بِهِ) أَيْ مُتَجَمِّعًا بِهِ عِنْدَ صَدْرِهِ يُقَالُ تَلَبَّبَ بِثَوْبِهِ إِذَا جَمَعَهُ عَلَيْهِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَقَالَ وَلَيْسَ لِكَيْسَانَ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَالَّذِي قَبْلَهُ وَهُمَا حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ فِي بَقِيَّةِ الْخَمْسَةِ الْأُصُولِ.

[باب سجود القرآن]

[بَاب سُجُودِ الْقُرْآنِ] 1052 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَرَأَ ابْنُ آدَمَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي يَقُولُ يَا وَيْلَهُ أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ فَلَهُ الْجَنَّةُ وَأُمِرْتُ بِالسُّجُودِ فَأَبَيْتُ فَلِي النَّارُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يَا وَيْلَهُ) الضَّمِيُرُ لِلشَّيْطَانِ جَعَلَ نَفْسَهُ غَائِبًا طَرْدًا لَهُ وَغَضَبًا عَلَيْهِ حَيْثُ أَوْقَعَتْهُ فِي هَذَا الْمَهْلَكِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْحَاكِي لِكَلَامِهِ حَكَاهُ غَائِبًا احْتِرَازًا عَنِ الْإِيهَامِ الْقَبِيحِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الضَّمِيْرَ لِابْنِ آدَمَ فَهَذَا مِنْهُ دُعَاءٌ عَلَيْهِ بِسَبَبِ مُبَاشَرَتِهِ الْخَيْرَ عَلَى مُقْتَضَى خُبْثِ طَبْعِهِ وَقَوْلُهُ فَلَهُ الْجَنَّةُ أَيْ عَلَى الطَّاعَةِ.

1053 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ قَالَ قَالَ لِي ابْنُ جُرَيْجٍ يَا حَسَنُ أَخْبَرَنِي جَدُّكَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ إِنِّي رَأَيْتُ الْبَارِحَةَ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ كَأَنِّي أُصَلِّي إِلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ فَقَرَأْتُ السَّجْدَةَ فَسَجَدْتُ فَسَجَدَتْ الشَّجَرَةُ لِسُجُودِي فَسَمِعْتُهَا تَقُولُ اللَّهُمَّ احْطُطْ عَنِّي بِهَا وِزْرًا وَاكْتُبْ لِي بِهَا أَجْرًا وَاجْعَلْهَا لِي عِنْدَكَ ذُخْرًا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ مِثْلَ الَّذِي أَخْبَرَهُ الرَّجُلُ عَنْ قَوْلِ الشَّجَرَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَأَتَاهُ رَجُلٌ) قَالَ الطِّيبِيُّ نَقْلًا عَنِ التُّورِبِشْتِيِّ هُوَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْهُ قُلْتُ كَأَنَّهُ أَوَّلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الشَّجَرَةَ بِنَفْسِهِ الْكَرِيمَةِ لِكَوْنِهِ شَجَرَةَ الدِّينِ وَأَصْلَهُ فَصَلَاةُ الرَّجُلِ إِلَى أَصْلِ الشَّجَرَةِ هُوَ اتِّبَاعُهُ بِهِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا مِنْ أُمُورِ الدِّينِ وَفِي رِوَايَةٍ كَأَنْ أُصَلِّي خَلْفَ شَجَرَةٍ وَقِرَاءَةُ السَّجْدَةِ هُوَ قِصَّةُ هَذِهِ الرُّؤْيَا عَلَيْهِ وَقَدْ رَأَى أَنَّ الشَّجَرَةَ سَجَدَتْ عِنْدَ ذَلِكَ وَقَالَتْ مَا قَالَتْ فَسَجَدَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ قِصَّةِ الرُّؤْيَا عَلَيْهِ وَقَالَ مَا قَالَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ (وَاحْطُطْ بِهَا) أَيْ بِسَبَبِ هَذِهِ السَّجْدَةِ أَوْ فِي مُقَابَلَةِ هَذِهِ السَّجْدَةِ وَلَفْظُ التِّرْمِذِيِّ هَكَذَا «اللَّهُمَّ اكْتُبْ لِي بِهَا عِنْدَكَ أَجْرًا وَضَعْ عَنِّي بِهَا وِزْرًا وَاجْعَلْهَا عِنْدَكَ ذُخْرًا وَتَقَبَّلْهَا مِنِّي كَمَا تَقَبَّلْتَهَا مِنْ عَبْدِكَ دَاوُدَ» قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةِ التِّرْمِذِيِّ

قَالَ الْقَاضِي أَبُو بِكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ عَسِيْرٌ عَلَيَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنْ يَقُولَ أَحَدٌ ذَلِكَ فَإِنَّ فِيهِ طَلَبَ قَبُولِ ذَلِكَ وَأَيْنَ ذَلِكَ اللِّسَانُ وَأَيْنَ تِلْكَ النِّيَّةُ قُلْتُ لَيْسَ الْمُرَادُ الْمُمَاثَلَةَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بَلْ فِي مُطْلَقِ الْقَبُولِ وَقَدْ وَرَدَ «فِي دُعَاءِ الْأُضْحِيَةِ وَتَقَبَّلْ مِنِّي كَمَا تَقَبَّلْتُ مِنْ إِبْرَاهِيمَ خَلِيْلِكَ وَمُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ» وَأَيْنَ الْمَقَامُ مِنَ الْمَقَامِ مَا أُرِيدَ بِهَذَا إِلَّا مُطْلَقُ قَبُولٍ. انْتَهَى. وَلَا يَخْفَى أَنَّ اعْتِبَارَ التَّشْبِيهِ فِي مُطْلَقِ الْقَبُولِ يَجْعَلُ الْكَلَامَ قَلِيلَ الْجَدْوَى وَلَوْ قِيلَ وَتَقَبَّلْهَا مِنِّي قَبُولًا مِثْلَ مَا تَقَبَّلْتَهَا مِنْ عَبْدِكَ دَاوُدَ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ مُطْلَقِ الْقَبُولِ لَمْ يَكُنْ فِي التَّشْبِيهِ كَثِيْرُ فَائِدَةٍ وَلَمْ يَكُنْ إِلَّا تَطْوِيلٌ بِلَا طَائِلٍ وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُعْتَبَرَ التَّشْبِيهُ فِي الْكَمَالِ وَيُعْتَبَرَ الْكَمَالُ فِي قَبُولِ كُلٍّ بِحَسَبِ مَرْتَبَتِهِ اهـ.

1054 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ عَلِيٍّ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا سَجَدَ قَالَ اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَلَكَ أَسْلَمْتُ أَنْتَ رَبِّي سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي شَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ»

[باب عدد سجود القرآن]

[بَاب عَدَدِ سُجُودِ الْقُرْآنِ] 1055 - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى الْمِصْرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ ابْنِ أَبِي هِلَالٍ عَنْ عُمَرَ الدِّمَشْقِيِّ عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ قَالَتْ حَدَّثَنِي أَبُو الدَّرْدَاءِ «أَنَّهُ سَجَدَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَى عَشْرَةَ سَجْدَةً مِنْهُنَّ النَّجْمُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِحْدَى عَشْرَةَ سَجْدَةً) لَعَلَّهُ مَا تَيَسَّرَ لَهُ سَمَاعُ غَيْرِهِ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالسُّجُودُ مَعَهُ بِسَبَبٍ مَا وَبِالْجُمْلَةِ فَقَدْ قَالَ ذَلِكَ حَسْبَمَا عَلِمَ وَغَيْرُهُ قَدِ اطَّلَعَ عَلَيْهِ كَأَبِي هُرَيْرَةَ فَيُؤْخَذُ بِرِوَايَةِ الْمُثْبَتِ.

1056 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ فَائِدٍ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ عَنْ الْمَهْدِيِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُبَيْدَةَ بْنِ خَاطِرٍ قَالَ حَدَّثَتْنِي عَمَّتِي أُمُّ الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ «سَجَدْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَى عَشْرَةَ سَجْدَةً لَيْسَ فِيهَا مِنْ الْمُفَصَّلِ شَيْءٌ الْأَعْرَافُ وَالرَّعْدُ وَالنَّحْلُ وَبَنِي إِسْرَائِيلَ وَمَرْيَمُ وَالْحَجُّ وَسَجْدَةُ الْفُرْقَانِ وَسُلَيْمَانُ سُورَةِ النَّمْلِ وَالسَّجْدَةُ وَفِي ص وَسَجْدَةُ الْحَوَامِيمِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَيْسَ فِيهَا مِنَ الْمُفَصَّلِ إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عُثْمَانُ بْنُ فَائِدٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

1057 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ نَافِعِ بْنِ يَزِيدَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ سَعِيدٍ الْعُتَقِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُنَيْنٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ كِلَالٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْرَأَهُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَجْدَةً فِي الْقُرْآنِ مِنْهَا ثَلَاثٌ فِي الْمُفَصَّلِ وَفِي الْحَجِّ سَجْدَتَيْنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَفِي الْحَجِّ سَجْدَتَيْنِ) أَيْ وَأَقْرَأَهُ فِي الْحَجِّ سَجْدَتَيْنِ وَمَنْ لَا يَقُولُ بِالثَّانِيَةِ يَحْمِلُهَا عَلَى السَّجْدَةِ الصَّلَاتِيَّةِ لِقِرَانِهَا

بِالرُّكُوعِ وَيُعْتَذَرُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّ فِي إِسْنَادِهِ ابْنُ مِينَاءَ وَهُوَ مَجْهُولٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ لَكِنْ قَدْ جَاءَ أَحَادِيثُ مُتَعَدِّدَةٌ فِي الْبَابِ فَيُؤَيِّدُ بَعْضُهَا بَعْضًا بِحَيْثُ يَصِيرُ الْكُلُّ حُجَّةً.

1058 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى عَنْ عَطَاءِ بْنِ مِينَاءَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «سَجَدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ وَاقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ فِي {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق: 1] صَرِيحٌ فِي ثُبُوتِ السُّجُودِ فِي الْمُفَصَّلِ وَالْأَخْذُ بِهِ أَوْلَى مِنَ الْأَخْذِ بِقَوْلِ النَّافِي لِجَوَازِ أَنَّ النَّافِيَ مَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ وَفِي شَرْحِ الْمُوَطَّأِ قَالَ بِالسُّجُودِ فِي الْمُفَصَّلِ الْخُلَفَاءُ الْأَرْبَعَةُ وَالْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ وَغَيْرُهُمْ وَاسْتَدَلَّ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ بِأَنَّ أَبَا سَلَمَةَ قَالَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ لَمَّا سَجَدَ لَقَدْ سَجَدْتَ فِي سُورَةٍ مَا رَأَيْتُ النَّاسَ يَسْجُدُونَ فِيهَا فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ النَّاسَ تَرَكُوهُ وَجَرَى الْعَمَلُ بِتَرْكِهِ وَرَدَّهُ ابْنُ عَبْدِ الْبِرِّ بِأَنَّ أَيَّ عَمَلٍ يُدْعَى مَعَ مُخَالَفَةِ الْمُصْطَفَى وَالْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ بَعْدَهُ.

1059 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَ فِي إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ» قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ مَا سَمِعْتُ أَحَدًا يَذْكُرُهُ غَيْرَهُ

[باب إتمام الصلاة]

[بَاب إِتْمَامِ الصَّلَاةِ] 1060 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَاحِيَةٍ مِنْ الْمَسْجِدِ فَجَاءَ فَسَلَّمَ فَقَالَ وَعَلَيْكَ فَارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ فَرَجَعَ فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ وَعَلَيْكَ فَارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ بَعْدُ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ فَعَلِّمْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَأَسْبِغْ الْوُضُوءَ ثُمَّ اسْتَقْبِلْ الْقِبْلَةَ فَكَبِّرْ ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ قَائِمًا ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثُمَّ ارْفَعْ رَأْسَكَ حَتَّى تَسْتَوِيَ قَاعِدًا ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَعَلَيْكَ) أَيْ وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الِاخْتِصَارَ مِنَ الرُّوَاةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَاتُ الْحَدِيثِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ لِبَيَانِ جَزَاءَةِ الِاكْتِفَاءِ فِي الرَّدِّ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ وَلِذَلِكَ اسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُهُمْ عَلَى ذَلِكَ اهـ قَوْلُهُ (قَالَ فِي الثَّالِثَةِ فَعَلِّمْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ) تَوَقَّفَ فِي التَّعْلِيمِ إِلَى أَنْ يَسْأَلَ هُوَ لِيَكُونَ أَوْقَعَ عِنْدَهُ بِخِلَافِ مَا لَا بَدَأَ بِهِ وَقِيلَ أَعْرَضَ عَنْهُ أَوَّلًا لِأَنَّهُ أَعْرَضَ عَنِ السُّؤَالِ فَكَأَنَّهُ عَدَّ نَفْسَهُ عَالِمًا فَعَامَلَهُ زَجْرًا وَتَأْدِيبًا لَهُ وَإِلَّا كَانَ اللَّائِقُ بِهِ الرُّجُوعَ إِلَى السُّؤَالِ وَبِالْجُمْلَةِ فَلَيْسَ فِيهِ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ بَلْ تَأْخِيرُهُ إِلَى وَقْتِ إِظْهَارِ الْحَاجَةِ لِيَكُونَ أَنْفَعَ.

قَوْلُهُ (ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْفَرْضَ مُطْلَقُ الْقُرْآنِ كَمَا هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا خُصُوصَ الْفَاتِحَةِ كَمَا هُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ إِلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْفَاتِحَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا الْمُتَيَسِّرَةُ عَادَةً أَوْ يُقَالُ إِنَّ الْأَعْرَابِيَّ لِكَوْنِهِ جَاهِلًا عَادَةً اكْتُفِيَ مِنْهُ بِمَا تَيَسَّرَ مُطْلَقًا قَوْلُهُ (ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا) ظَاهِرُهُ إِيجَابُ الْقِرَاءَةِ فِي تَمَامِ الرَّكَعَاتِ.

1061 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ قَالَ «سَمِعْتُ أَبَا حُمَيْدٍ السَّاعِدِيَّ فِي عَشْرَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ أَبُو قَتَادَةَ فَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا لِمَ فَوَاللَّهِ مَا كُنْتَ بِأَكْثَرِنَا لَهُ تَبَعَةً وَلَا أَقْدَمَنَا لَهُ صُحْبَةً قَالَ بَلَى قَالُوا فَاعْرِضْ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ كَبَّرَ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ وَيَقِرَّ كُلُّ عُضْوٍ مِنْهُ فِي مَوْضِعِهِ ثُمَّ يَقْرَأُ ثُمَّ يُكَبِّرُ وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ ثُمَّ يَرْكَعُ وَيَضَعُ رَاحَتَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ مُعْتَمِدًا لَا يَصُبُّ رَأْسَهُ وَلَا يُقْنِعُ مُعْتَدِلًا ثُمَّ يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ حَتَّى يَقِرَّ كُلُّ عَظْمٍ إِلَى مَوْضِعِهِ ثُمَّ يَهْوِي إِلَى الْأَرْضِ وَيُجَافِي بَيْنَ يَدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيَثْنِي رِجْلَهُ الْيُسْرَى فَيَقْعُدُ عَلَيْهَا وَيَفْتَخُ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ إِذَا سَجَدَ ثُمَّ يَسْجُدُ ثُمَّ يُكَبِّرُ وَيَجْلِسُ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى حَتَّى يَرْجِعَ كُلُّ عَظْمٍ مِنْهُ إِلَى مَوْضِعِهِ ثُمَّ يَقُومُ فَيَصْنَعُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ إِذَا قَامَ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ كَمَا صَنَعَ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ ثُمَّ يُصَلِّي بَقِيَّةَ صَلَاتِهِ هَكَذَا حَتَّى إِذَا كَانَتْ السَّجْدَةُ الَّتِي يَنْقَضِي فِيهَا التَّسْلِيمُ أَخَّرَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ وَجَلَسَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ مُتَوَرِّكًا قَالُوا صَدَقْتَ هَكَذَا كَانَ يُصَلِّي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَا كُنْتَ بِأَكْثَرِنَا إِلَخْ) أَيِ اقْتِفَاءً لِآثَارِهِ وَسُنَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذِ الْمُعْتَنِي قَدْ يَحْفَظُ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِ الْمُعْتَنِي وَإِنْ كَانَا فِي الصُّحْبَةِ سَوَاءً (قَالَ بَلَى) أَيْ بَلَى أَنَا أُعَلِّمُكُمْ وَهُوَ جَوَابٌ لِمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ إِنَّكَ لَسْتَ بِأَعْلَمِنَا قَوْلُهُ (فَاعْرِضْ) مِنَ الْعَرْضِ بِمَعْنَى الْإِظْهَارِ وَالْفَاءُ لِإِفَادَةِ التَّرْتِيبِ أَيْ إِنْ كُنْتَ أَعْلَمَنَا فَبَيِّنْ وَأَنْعِتْهَا لَنَا حَتَّى نَرَى صِحَّةَ مَا تَدَّعِيهِ (كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ) هَكَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَفِي بَعْضِهَا ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ثُمَّ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَلَعَلَّ سَبَبَهَا تَعَرُّفُ الرُّوَاةِ قَوْلُهُ (وَيَقَرُّ) مِنَ الْقَرَارِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ تَرَكَ الْيَدَيْنِ مَرْفُوعَتَيْنِ لَحْظَةً اهـ قَوْلُهُ (وَيَضَعُ رَاحَتَيْهِ) أَيْ كَفَّيْهِ قَوْلُهُ (لَا يَصُبُّ رَأْسَهُ) مِنْ صَبَّ الْمَاءَ وَالْمُرَادُ الْإِنْزَالُ قَوْلُهُ (وَلَا يُقْنِعُ) مِنْ أَقْنَعَ وَالْإِقْنَاعُ يُطْلَقُ عَلَى رَفْعِ الرَّأْسِ وَخَفْضِهِ مِنَ الْأَضْدَادِ وَالْمُرَادُ هَاهُنَا الرَّفْعُ (ثُمَّ يَهْوِي) بِكَسْرِ الْوَاوِ مِنْ حَدِّ ضَرَبَ أَيْ يُنْزِلُ (وَيُجَافِي يَدَيْهِ) أَيْ فِي السُّجُودِ (ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ) مِنَ السُّجُودِ قَوْلُهُ (وَيُثْنِي) أَيْ مِنَ التَّثَنِّي أَيْ يَفْتَرِشُ قَوْلُهُ (وَيَفْتَخُ إِلَخْ) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ يَلِيهَا حَتَّى يَنْثَنِي فَيُوَجِّهُهَا نَحْوَ الْقِبْلَةِ قَوْلُهُ (وَيَجْلِسُ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى) هَذَا

يَدُلُّ عَلَى جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ.

1062 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ أَبِي الرِّجَالِ عَنْ عَمْرَةَ قَالَتْ «سَأَلْتُ عَائِشَةَ كَيْفَ كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَوَضَّأَ فَوَضَعَ يَدَيْهِ فِي الْإِنَاءِ سَمَّى اللَّهَ وَيُسْبِغُ الْوُضُوءَ ثُمَّ يَقُومُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ فَيُكَبِّرُ وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ حِذَاءَ مَنْكِبَيْهِ ثُمَّ يَرْكَعُ فَيَضَعُ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَيُجَافِي بِعَضُدَيْهِ ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ فَيُقِيمُ صُلْبَهُ وَيَقُومُ قِيَامًا هُوَ أَطْوَلُ مِنْ قِيَامِكُمْ قَلِيلًا ثُمَّ يَسْجُدُ فَيَضَعُ يَدَيْهِ تُجَاهَ الْقِبْلَةِ وَيُجَافِي بِعَضُدَيْهِ مَا اسْتَطَاعَ فِيمَا رَأَيْتُ ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ فَيَجْلِسُ عَلَى قَدَمِهِ الْيُسْرَى وَيَنْصِبُ الْيُمْنَى وَيَكْرَهُ أَنْ يَسْقُطَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَيُسْبِغُ الْوُضُوءَ) مُضَارِعٌ مِنْ أَسْبَغَ قَوْلُهُ (أَنْ يَسْقُطَ) أَيْ يَمِيلُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب تقصير الصلاة في السفر]

[بَاب تَقْصِيرِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ] 1063 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ زُبَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عُمَرَ قَالَ «صَلَاةُ السَّفَرِ رَكْعَتَانِ وَالْجُمُعَةُ رَكْعَتَانِ وَالْعِيدُ رَكْعَتَانِ تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (صَلَاةُ السَّفَرِ) أَيْ مَا عَدَا الْمَغْرِبَ أَوِ الصَّلَاةَ الْمُخْتَلِفَةَ حَضَرًا وَسَفَرًا فِي السَّفَرِ رَكْعَتَانِ أَوِ الصَّلَاةَ الرُّبَاعِيَّةَفِي الْحَضَرِ تَكُونُ فِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ قَوْلُهُ (تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ) أَيْ لَا يَنْبَغِي الزِّيَادَةُ فِيهَا فَصَارَتْ كَالتَّمَامِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} [النساء: 101] ظَاهِرٌ فِي الْقَصْرِ فَكَيْفَ يَصِحُّ الْقَوْلُ بِأَنَّهَا تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ.

1064 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ أَنْبَأَنَا يَزِيدُ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ زُبَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ عَنْ عُمَرَ قَالَ «صَلَاةُ السَّفَرِ رَكْعَتَانِ وَصَلَاةُ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ وَالْفِطْرُ وَالْأَضْحَى رَكْعَتَانِ تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»

1065 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ أَبِي عَمَّارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَابَيْهِ عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ «سَأَلْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قُلْتُ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقَدْ أَمِنَ النَّاسُ فَقَالَ عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَقَدْ أَمِنَ النَّاسُ) أَيْ فَمَا بَالُهُمْ يُقَصِّرُونَ الصَّلَاةَ (فَقَالَ صَدَقَةً) أَيْ شَرَعَ لَكُمْ ذَلِكَ رَحْمَةً عَلَيْكُمْ وَإِزَالَةً لِلْمَشَقَّةِ نَظَرًا إِلَى ضَعْفِكُمْ وَفَقْرِكُمْ وَهَذَا الْمَعْنَى يَقْتَضِي أَنَّ مَا ذَكَرَ فِيهِ مِنَ التَّقْدِيرِ فَهُوَ اتِّفَاقِيٌّ ذَكَرَهُ عَلَى مُقْتَضَى ذَلِكَ الْوَقْتِ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ عَامٌّ وَالْقَيْدُ لَا مَفْهُومَ لَهُ وَلَا يَخْفَى مَا فِي الْحَدِيثِ مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى اعْتِبَارِ الْمَفْهُومِ فِي الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ وَأَنَّهُمْ كَانُوا يَفْهَمُونَ ذَلِكَ وَيَرَوْنَ أَنَّهُ الْأَصْلُ وَأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَّرَهُمْ عَلَى ذَلِكَ لَكِنْ بَيَّنَ أَنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ مُعْتَبَرًا أَيْضًا بِسَبَبٍ مِنَ الْأَسْبَابِ فَإِنَّ قُلْتَ يُمْكِنُ التَّعَجُّبُ مَعَ عَدَمِ اعْتِبَارِ الْمَفْهُومِ أَيْضًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ هُوَ الْإِتْمَامُ لَا الْقَصْرُ وَإِنَّمَا الْقَصْرُ رُخْصَةٌ جَاءَتْ مُقَيَّدَةٌ لِلضَّرُورَةِ فَعِنْدَ انْتِفَاءِ الْقَيْدِ مُقْتَضَى الْأَدِلَّةِ هُوَ الْأَخْذُ بِالْأَصْلِ قُلْتُ هَذَا الْأَصْلُ إِنَّمَا يُعْمَلُ بِهِ عِنْدَ انْتِفَاءِ الْأَدِلَّةِ وَأَمَّا مَعَ وُجُودِ فِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخِلَافِهِ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ وَلَا يُتَعَجَّبُ مِنْ خِلَافِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ قَوْلُهُ (فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ) الْأَمْرُ يَقْتَضِي وُجُوبَ الْقَبُولِ وَأَيْضًا الْعَبْدُ فَقِيرٌ فَإِعْرَاضُهُ عَنْ صَدَقَةِ رَبِّهِ يَكُونُ قَبِيحًا وَيَكُونُ مِنْ قَبِيلِ أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى وَفِي رَدِّ صَدَقَةِ أَحَدٍ عَلَيْهِ مِنَ التَّأَذِّي عَادَةً مَا لَا يَخْفَى فَهَذِهِ مِنْ أَمَارَاتٍ وَيُوَافِقُهُ حَدِيثُ أَنَّهَا تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ فَتَأَمَّلْ.

1066 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ «أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ إِنَّا نَجِدُ صَلَاةَ الْحَضَرِ وَصَلَاةَ الْخَوْفِ فِي الْقُرْآنِ وَلَا نَجِدُ صَلَاةَ السَّفَرِ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ إِلَيْنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا نَعْلَمُ شَيْئًا فَإِنَّمَا نَفْعَلُ كَمَا رَأَيْنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (صَلَاةُ الْحَضَرِ) هِيَ مَحَلُّ الْأَوَامِرِ الْمُطْلَقَةِ وَصَلَاةُ الْخَوْفِ مَذْكُورَةٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا} [النساء: 101] الْآيَةَ (نَفْعَلُ) أَيْ وَقَدْ قَصَرَ بِلَا خَوْفٍ فَهُوَ دَلِيلٌ يَثْبُتُ بِهِ الْحُكْمُ كَمَا يَثْبُتُ بِالْقُرْآنِ.

1067 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ أَنْبَأَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ بِشْرِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ مِنْ هَذِهِ الْمَدِينَةِ لَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَلَى رَكْعَتَيْنِ) أَيْ فِي غَيْرِ فَرْضِ الْمَغْرِبِ.

1068 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ وَجُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَخْنَسِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «افْتَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَفِي السَّفَرِ) أَيْ فِي غَيْرِ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ أَيْ فَلَا يَنْبَغِي الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا بِمَنْزِلَةِ الْفَرْضِ الْأَصْلِيِّ.

[باب الجمع بين الصلاتين في السفر]

[بَاب الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ] 1069 - حَدَّثَنَا مُحْرِزُ بْنُ سَلَمَةَ الْعَدَنِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَعِيلَ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ مُجَاهِدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَطَاوُسٍ أَخْبَرُوهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُمْ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي السَّفَرِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعْجِلَهُ شَيْءٌ وَلَا يَطْلُبَهُ عَدُوُّ وَلَا يَخَافَ شَيْئًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعْجِلَهُ إِلَخْ) فِي الصِّحَاحِ أَعْجَلَهُ وَعَجَّلَهُ تَعْجِيلًا إِذَا اسْتَحَثَّهُ وَأَحَادِيثُ الْجَمْعِ ظَاهِرُهَا هُوَ الْجَمْعُ وَقْتًا وَهُوَ أَنْ يَجْمَعَهُمَا فِي وَقْتِ إِحْدَاهُمَا وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ وَمَنْ لَا يَقُولُ بِهِ يُئَوِّلُهَا بِالْجَمْعِ فِعْلًا وَهُوَ أَنْ يُؤَخِّرَ الْأُولَى مِنْهَا فَيُصَلِّيَهَا فِي آخِرِ وَقْتِهَا وَيُقَدِّمَ الثَّانِيَةَ فَيُصَلِّيَهَا فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا فَتَصِيْرُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مُؤَادَةً فِي وَقْتِهَا.

1070 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فِي السَّفَرِ»

[باب التطوع في السفر]

[بَاب التَّطَوُّعِ فِي السَّفَرِ] 1071 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ عَنْ عِيسَى بْنِ حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ «كُنَّا مَعَ ابْنِ عُمَرَ فِي سَفَرٍ فَصَلَّى بِنَا ثُمَّ انْصَرَفْنَا مَعَهُ وَانْصَرَفَ قَالَ فَالْتَفَتَ فَرَأَى أُنَاسًا يُصَلُّونَ فَقَالَ مَا يَصْنَعُ هَؤُلَاءِ قُلْتُ يُسَبِّحُونَ قَالَ لَوْ كُنْتُ مُسَبِّحًا لَأَتْمَمْتُ صَلَاتِي يَا ابْنَ أَخِي إِنِّي صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ ثُمَّ صَحِبْتُ أَبَا بَكْرٍ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ صَحِبْتُ عُمَرَ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ صَحِبْتُ عُثْمَانَ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُمْ اللَّهُ وَاللَّهُ يَقُولُ {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21] » ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يُسَبِّحُونَ) أَيْ يُصَلُّونَ النَّافِلَةَ (لَوْ كُنْتُ مُسَبِّحًا لَأَتْمَمْتُ) لَعَلَّ الْمَعْنَى لَوْ كُنْتُ صَلَّيْتُ النَّافِلَةَ عَلَى خِلَافِ مَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ لَأَتْمَمْتُ الْفَرْضَ عَلَى خِلَافِهَا أَيْ لَوْ تَرَكْتُ الْعَمَلَ بِالسُّنَّةِ لَكَانَ تَرْكُهَا لِإِتْمَامِ الْفَرْضِ أَحَبُّ وَأَوْلَى مِنْ تَرْكِهَا لِإِتْيَانِ النَّفْلِ وَلَيْسَ الْمَعْنَى لَوْ كَانَتِ النَّافِلَةُ مَشْرُوعَةٌ لَكَانَ الْإِتْمَامُ مَشْرُوعًا حَتَّى يَرُدَّ عَلَيْهِ مَا قِيلَ إِنَّ شَرْعَ الْفَرْضِ تَامًّا يُفْضِي إِلَى الْحَرَجِ إِذْ يَلْزَمُ حِينَئِذٍ الْإِتْمَامُ وَأَمَّا شَرْعُ النَّفْلِ فَلَا يُفْضِي إِلَى

حَرَجٍ لِكَوْنِهَا إِلَى خِيَرَةِ الْمُصَلِّي ثُمَّ مَعْنَى (فَلَمْ نَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ) أَيْ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ الَّتِي صَلَّاهَا لَهُمْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَوْ فِي غَيْرِ الْمَغْرِبِ إِذْ لَا يَصِحُّ ذَلِكَ فِي الْمَغْرِبِ قَطْعًا وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُمْ مَا صَلُّوا بَعْدَ الْفَرْضِ فَلَا إِشْكَالَ بِمَا قَبْلَ الْفَرْضِ وَلَا بِصَلَاةِ اللَّيْلِ وَقَدْ جَاءَتْ صَلَاةُ اللَّيْلِ وَغَيْرُهَا مِنَ النَّوَافِلِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي السَّفَرِ.

1072 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ سَأَلْتُ طَاوُسًا عَنْ السُّبْحَةِ فِي السَّفَرِ وَالْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ يَنَّاقٍ جَالِسٌ عِنْدَهُ فَقَالَ حَدَّثَنِي طَاوُسٌ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْحَضَرِ وَصَلَاةَ السَّفَرِ فَكُنَّا نُصَلِّي فِي الْحَضَرِ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا وَكُنَّا نُصَلِّي فِي السَّفَرِ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ اهـ.

[باب كم يقصر الصلاة المسافر إذا أقام ببلدة]

[بَاب كَمْ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ الْمُسَافِرُ إِذَا أَقَامَ بِبَلْدَةٍ] 1073 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَعِيلَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ الزُّهْرِيِّ قَالَ «سَأَلْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ مَاذَا سَمِعْتَ فِي سُكْنَى مَكَّةَ قَالَ سَمِعْتُ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ يَقُولُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثًا لِلْمُهَاجِرِ بَعْدَ الصَّدَرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (ثَلَاثًا) أَيْ لِلْمُهَاجِرِ السُّكْنَى بِمَكَّةَ ثَلَاثًا أَيْ ثَلَاثَ لَيَالٍ (بَعْدَ الصَّدَرِ) وَهُوَ بِفَتْحَتَيْنِ أُرِيدَ بِهِ الْفَرَاغُ مِنَ النُّسُكِ يُرِيدُ أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ إِذَا زَادَ رَابِعًا يَصِيرُ مُقِيمًا بِمَكَّةَ وَلَيْسَ لَهُ الْإِقَامَةُ بِهَا بَعْدَ أَنْ هَجَرَهَا لِلَّهِ تَعَالَى فَيَلْزَمُ أَنَّ مَنْ يَقْصِدُ الْإِقَامَةَ بِمَوْضِعٍ أَرْبَعًا يَصِيْرُ مُقِيمًا بِهِ فَهَذَا حَدُّ الْإِقَامَةِ وَمَا دُونَهُ حَدُّ السَّفَرِ يَقْصُرُ فِيهِ وَأَمَّا إِقَامَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَكَّةَ عَشْرًا أَوْ خَمْسَةَ عَشَرَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِلَا قَصْدٍ أَوْ كَانَتْ بِمَكَّةَ وَحَوَالَيْهَا مِنَ الْمَشَارِعِ فَلِذَلِكَ قَصَرَ فَلْيُتَأَمَّلْ.

1074 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ وَقَرَأْتُهُ عَلَيْهِ أَنْبَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فِي أُنَاسٍ مَعِي قَالَ «قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ صُبْحَ رَابِعَةٍ مَضَتْ مِنْ شَهْرِ ذِي الْحِجَّةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (صُبْحُ رَابِعَةٍ إِلَخْ) أَيْ وَخَرَجَ صُبْحُ ثَامِنَةٍ إِلَى مِنَى فَقَدْ أَقَامَ بِهَا أَرْبَعَ لَيَالٍ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْصُرُ تِلْكَ الْأَيَّامَ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ إِقَامَتِهِ أَرْبَعَ لَيَالٍ لَا يَصِيرُ مُقِيمًا فَهَذَا الْحَدِيثُ يُعَارِضُ الْحَدِيثَ السَّابِقَ إِلَّا أَنْ يُقَالَ إِنَّمَا يَصِيرُ إِذَا أَقَامَ أَرْبَعَ لَيَالٍ مَعَ أَيَّامِهَا التَّامَّةِ وَيُمْكِنُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ مِنْ قَبْلِ الْوَقْتِ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ فَمَا تَمَّتْ لَهُ الْأَيَّامُ الْأَرْبَعُ فَلْيُتَأَمَّلْ.

1075 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِسْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فَنَحْنُ إِذَا أَقَمْنَا تِسْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا نُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فَإِذَا أَقَمْنَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ صَلَّيْنَا أَرْبَعًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (تِسْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا إِلَخْ)

لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا دَلَالَةَ لِأَحَادِيثِ الْبَابِ عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقَامَ هَذِهِ الْمُدَّةَ قَصْدًا أَوِ اتِّفَاقًا وَكَذَا قَدْ عُلِمَ فِي فَتْحِ مَكَّةَ أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى حُنَيْنٍ وَإِلَى الطَّائِفِ وَفِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ قَدْ خَرَجَ إِلَى مِنَى وَعَرَفَاتَ فَالِاسْتِدْلَالُ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ عَلَى أَنَّ مَنْ يُقِيمُ هَذِهِ الْمُدَّةَ قَصْدًا يَقْصُرُ لَا يَخْلُو عَنْ إِشْكَالٍ وَكَذَا الِاسْتِدْلَالُ بِهَا عَلَى قَصْرِ مَنْ يُقِيمُ هَذِهِ الْمُدَّةَ مُطْلَقًا سَوَاءً كَانَ قَصْدًا أَوِ اتِّفَاقًا ضَرُورَةَ أَنَّ الْفِعْلَ لَا عُمُومَ لَهُ وَأَيْضًا الِاتِّفَاقِيُّ لَا يَعْلَمُ بِهِ صَاحِبُهُ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَوَّلَ الْأَمْرِ أَنَّ إِقَامَتَهُ تَمْتَدُّ إِلَى مَتَى وَأَمَّا الِاسْتِدْلَالُ بِهَا عَلَى أَنَّ مَنْ يَزِيدُ عَلَى هَذِهِ الْمُدَّةِ يُتِمُّ فَفِي غَايَةٍ مِنَ الْخَفَاءِ. وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

1076 - حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ الصَّيْدَلَانِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَامَ بِمَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً يَقْصُرُ الصَّلَاةَ»

1077 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَعَبْدُ الْأَعْلَى قَالَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعْنَا قُلْتُ كَمْ أَقَامَ بِمَكَّةَ قَالَ عَشْرًا»

[باب ما جاء فيمن ترك الصلاة]

[بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ] 1078 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ) مِثْلُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ كَمَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْمَانِعِ الْحَائِلِ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ كَذَلِكَ يُسْتَعْمَلُ فِي الْوَسِيلَةِ الْمُفْضِيَةِ لِأَحَدِهِمَا إِلَى الْآخَرِ وَفِي الْحَدِيثِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْحَائِلَ بَيْنَهُمَا هِيَ الصَّلَاةُ فَإِنَّهَا تَمْنَعُ الْعَبْدَ عَنِ الْوُصُولِ إِلَى الْكُفْرِ لَا يَتْرُكُهَا فَلْيُتَأَمَّلْ وَمِثْلُ هَذَا قَوْلُ الْقَائِلِ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مُرَادِكَ الِاجْتِهَادُ وَلَيْسَ هُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ} [فصلت: 5] وَقَوْلُهُ {وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا} [النمل: 61] ثُمَّ الْحَدِيثُ مِنْ بَابِ التَّغْلِيظِ وَاعْتِبَارِ أَنَّ الصَّلَاةَ هِيَ الْإِيمَانُ قَالَ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143] أَيْ صَلَاتَكُمْ فَمَنْ تَرَكَهَا فَكَأَنَّهُ وَالْكَافِرَ سَوَاءٌ ظَاهِرٌ إِذْ لَيْسَ بَيْنَهُمَا عَلَامَةٌ ظَاهِرِيَّةٌ تَكُونُ فَارِقَةً.

1079 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَالِسِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصَّلَاةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ) قَالَ الْقَاضِي فِي شَرْحِ

الْمَصَابِيحِ ضَمِيْرُ بَيْنَهُمْ لِلْمُنَافِقِ، شَبَّهَ الْمُوجِبَ لِإِبْقَائِهِمْ وَحَقْنِ دِمَائِهِمْ بِالْعَهْدِ الْمُقْتَضِي لِإِبْقَاءِ الْمَعَاهَدِ وَالْكَفِّ عَنْهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَهْدَ فِي إِجْرَاءِ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِمْ تَشَبُّهُهُمْ بِالْمُسْلِمِينَ فِي حُضُورِ صَلَاتِهِمْ وَلُزُومِ جَمَاعَتِهِمْ وَانْقِيَادِهِمْ لِلْأَحْكَامِ الظَّاهِرَةِ فَإِذَا تَرَكُوا ذَلِكَ كَانُوا هُمْ وَسَائِرُ الْكَفَّارِ سَوَاءً وَقَالَ الطِّيبِيُّ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ عَامًّا فِيمَنْ بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْإِسْلَامِ كَانَ مُنَافِقًا أَمْ لَا.

1080 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَيْسَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالشِّرْكِ إِلَّا تَرْكُ الصَّلَاةِ فَإِذَا تَرَكَهَا فَقَدْ أَشْرَكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَيْسَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالشِّرْكِ) الْمُرَادُ بِهِ الْكُفْرُ وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ يَزِيدَ بْنِ أَبَانَ الرَّقَاشِيِّ.

[باب في فرض الجمعة]

[بَاب فِي فَرْضِ الْجُمُعَةِ] 1081 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ بُكَيْرٍ أَبُو جَنَّابٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَدَوِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ قَبْلَ أَنْ تَمُوتُوا وَبَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ قَبْلَ أَنْ تُشْغَلُوا وَصِلُوا الَّذِي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَبِّكُمْ بِكَثْرَةِ ذِكْرِكُمْ لَهُ وَكَثْرَةِ الصَّدَقَةِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ تُرْزَقُوا وَتُنْصَرُوا وَتُجْبَرُوا وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ قَدْ افْتَرَضَ عَلَيْكُمْ الْجُمُعَةَ فِي مَقَامِي هَذَا فِي يَوْمِي هَذَا فِي شَهْرِي هَذَا مِنْ عَامِي هَذَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَمَنْ تَرَكَهَا فِي حَيَاتِي أَوْ بَعْدِي وَلَهُ إِمَامٌ عَادِلٌ أَوْ جَائِرٌ اسْتِخْفَافًا بِهَا أَوْ جُحُودًا لَهَا فَلَا جَمَعَ اللَّهُ لَهُ شَمْلَهُ وَلَا بَارَكَ لَهُ فِي أَمْرِهِ أَلَا وَلَا صَلَاةَ لَهُ وَلَا زَكَاةَ لَهُ وَلَا حَجَّ لَهُ وَلَا صَوْمَ لَهُ وَلَا بِرَّ لَهُ حَتَّى يَتُوبَ فَمَنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَلَا لَا تَؤُمَّنَّ امْرَأَةٌ رَجُلًا وَلَا يَؤُمَّ أَعْرَابِيٌّ مُهَاجِرًا وَلَا يَؤُمَّ فَاجِرٌ مُؤْمِنًا إِلَّا أَنْ يَقْهَرَهُ بِسُلْطَانٍ يَخَافُ سَيْفَهُ وَسَوْطَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (قَبْلَ أَنْ تُشْغَلُوا) أَيْ عَنْهَا بِالْمَرَضِ وَكِبَرِ السِّنِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ قَوْلُهُ (وَصِلُوا) مِنَ الْوَصْلِ (الَّذِي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَبِّكُمْ) أَيْ حَقُّ اللَّهِ الَّذِي عَلَيْكُمْ (تُجْبَرُوا) مِنْ جَبَرَ الْكَسْرَ إِذَا أَصْلَحَهُ أَيْ يُصْلِحُ حَالَكُمْ قَوْلُهُ (وَلَهُ إِمَامٌ إِلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الْإِمَامَ شَرْطُهُ الْعَدَالَةُ اهـ قَوْلُهُ (أَلَا وَلَا صَلَاةَ لَهُ) فَإِنَّ التَّرْكَ بِالْوَجْهِ الْمَذْكُورِ ارْتِدَادٌ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ هَذِهِ الْأَعْمَالِ قَوْلُهُ (أَلَا لَا تَؤُمَّنَّ) مِنَ الْإِمَامَةِ بِنُونِ التَّوْكِيدِ (وَلَا يَؤُمَّ أَعْرَابِيٌّ مُهَاجِرًا) لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْأَعْرَابِيِّ الْجَهْلَ وَمِنْ شَأْنِ الْمُهَاجِرِ الْعِلْمَ (فَاجِرٌ) أَيْ فَاسِقٌ (مُؤْمِنًا) أَيْ غَيْرَ فَاسِقٍ وَالَّذِي عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَإِلَّا فَالصَّلَاةُ صَحِيحَةٌ وَقَدْ

يَسْتَدِلُّ بِمِثْلِ هَذَا مَنْ يَقُولُ الْفَاسِقُ لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ قَوْلُهُ (بِسُلْطَانٍ) أَيْ غَلَبَةً وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَدَوِيِّ.

1082 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ أَبُو سَلَمَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ أَبِيهِ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنْتُ قَائِدَ أَبِي حِينَ ذَهَبَ بَصَرُهُ فَكُنْتُ إِذَا خَرَجْتُ بِهِ إِلَى الْجُمُعَةِ فَسَمِعَ الْأَذَانَ اسْتَغْفَرَ لِأَبِي أُمَامَةَ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ وَدَعَا لَهُ فَمَكَثْتُ حِينًا أَسْمَعُ ذَلِكَ مِنْهُ ثُمَّ قُلْتُ فِي نَفْسِي وَاللَّهِ إِنَّ ذَا لَعَجْزٌ إِنِّي أَسْمَعُهُ كُلَّمَا سَمِعَ أَذَانَ الْجُمُعَةِ يَسْتَغْفِرُ لِأَبِي أُمَامَةَ وَيُصَلِّي عَلَيْهِ وَلَا أَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ لِمَ هُوَ فَخَرَجْتُ بِهِ كَمَا كُنْتُ أَخْرُجُ بِهِ إِلَى الْجُمُعَةِ فَلَمَّا سَمِعَ الْأَذَانَ اسْتَغْفَرَ كَمَا كَانَ يَفْعَلُ فَقُلْتُ لَهُ يَا أَبَتَاهُ أَرَأَيْتَكَ صَلَاتَكَ عَلَى أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ كُلَّمَا سَمِعْتَ النِّدَاءَ بِالْجُمُعَةِ لِمَ هُوَ قَالَ أَيْ بُنَيَّ كَانَ أَوَّلَ مَنْ صَلَّى بِنَا صَلَاةَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ مَقْدَمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّةَ فِي نَقِيعِ الْخَضَمَاتِ فِي هَزْمٍ مِنْ حَرَّةِ بَنِي بَيَاضَةَ قُلْتُ كَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ قَالَ أَرْبَعِينَ رَجُلًا ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فِي نَقِيعٍ) بِالنُّونِ الْخَضَمَاتُ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَتَيْنِ الْخَاءِ وَالضَّادِ مَوْضِعٌ بِنَوَاحِي الْمَدِينَةِ (فِي هَزْمٍ) بِفَتْحِ هَاءٍ وَسُكُونِ زَايٍ مُعْجَمَةٍ هُوَ الْمُطَمْئِنُ مِنَ الْأَرْضِ (مِنْ حَرَّةٍ) بِفَتْحِ حَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَتَشْدِيدِ رَاءٍ مُهْمَلَةٍ.

1083 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا أَبُو مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ حُذَيْفَةَ وَعَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَضَلَّ اللَّهُ عَنْ الْجُمُعَةِ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا كَانَ لِلْيَهُودِ يَوْمُ السَّبْتِ وَالْأَحَدُ لِلنَّصَارَى فَهُمْ لَنَا تَبَعٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ نَحْنُ الْآخِرُونَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا وَالْأَوَّلُونَ الْمَقْضِيُّ لَهُمْ قَبْلَ الْخَلَائِقِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَضَلَّ اللَّهُ عَنِ الْجُمُعَةِ) أَيْ بِأَنْ خَيَّرَهُمْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ يَوْمٍ آخَرَ ثُمَّ وَفَّقَهُمْ لِاخْتِيَارِهَا فَاخْتَارُوا يَوْمًا آخَرَ مَقَامَهَا قَوْلُهُ (كَانَ لِلْيَهُودِ يَوْمُ السَّبْتِ) أَيْ كَانَ يَوْمٌ لَهُمْ يَوْمُ زِيَادَةِ الْعِبَادَةِ بِاخْتِيَارِهِمْ قَوْلُهُ (فَهُمْ لَنَا تَبَعٌ) أَيْ وَلَنَا يَوْمُ الْجُمُعَةِ فَهُمْ لَنَا تَبَعٌ لِتَقَدُّمِ الْجُمُعَةِ عَلَى يَوْمِهِمْ قَوْلُهُ (نَحْنُ الْآخِرُونَ) أَيْ زَمَانًا فِي الدُّنْيَا (الْأَوَّلُونَ) مَنْزِلَةً وَكَرَامَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالْمُرَادُ أَنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ وَإِنْ تَأَخَّرَ وُجُودُهَا فِي الدُّنْيَا عَنِ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ فَهِيَ سَابِقَةٌ إِيَّاهُمْ فِي الْآخِرَةِ بِأَنَّهُمْ أَوَّلُ مَنْ يُحْشَرُ وَأَوَّلُ مَنْ يُحَاسَبُ وَأَوَّلُ مَنْ يُقْضَى بَيْنَهُمْ وَأَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالسَّبْقِ إِحْرَازُ فَضِيلَةِ الْيَوْمِ السَّابِقِ بِالْفَضْلِ وَهُوَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالسَّبْقِ إِلَى الْقَبُولِ

وَالطَّاعَةُ الَّتِي حُرِمَهَا أَهْلُ الْكِتَابِ فَقَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَالْأَوَّلُ أَقْوَى.

[باب في فضل الجمعة]

[بَاب فِي فَضْلِ الْجُمُعَةِ] 1084 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ أَبِي بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِي لُبَابَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ قَالَ «قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَيِّدُ الْأَيَّامِ وَأَعْظَمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَهُوَ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ يَوْمِ الْأَضْحَى وَيَوْمِ الْفِطْرِ فِيهِ خَمْسُ خِلَالٍ خَلَقَ اللَّهُ فِيهِ آدَمَ وَأَهْبَطَ اللَّهُ فِيهِ آدَمَ إِلَى الْأَرْضِ وَفِيهِ تَوَفَّى اللَّهُ آدَمَ وَفِيهِ سَاعَةٌ لَا يَسْأَلُ اللَّهَ فِيهَا الْعَبْدُ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ مَا لَمْ يَسْأَلْ حَرَامًا وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ مَا مِنْ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ وَلَا سَمَاءٍ وَلَا أَرْضٍ وَلَا رِيَاحٍ وَلَا جِبَالٍ وَلَا بَحْرٍ إِلَّا وَهُنَّ يُشْفِقْنَ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَأَهْبَطَ اللَّهُ فِيهِ آدَمَ إِلَى الْأَرْضِ) أَيْ أَنْزَلَهُ مِنَ الْجَنَّةِ إِلَى الْأَرْضِ قِيلَ هَذِهِ الْقَضَايَا لَيْسَتْ لِذِكْرِ فَضِيلَةٍ لِأَنَّ إِخْرَاجَ آدَمَ وَإِمَاتَتَهُ وَقِيَامَ السَّاعَةِ لَا تُعَدُّ فَضِيلَةً وَقِيلَ بَلْ جَمِيعُهَا فَضَائِلُ فَإِنَّ خُرُوجَ آدَمَ سَبَبُ وُجُودِ الذُّرِّيَّةِ مِنَ الرُّسُلِ وَالْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ وَالسَّاعَةُ سَبَبُ تَعْجِيلِ جَزَاءِ الصَّالِحِينَ وَمَوْتُ آدَمَ سَبَبٌ لِنَيْلِ مَا أُعِدَّ لَهُ مِنَ الْكَرَامَاتِ قَوْلُهُ (يُشْفِقْنَ) مِنَ الْإِشْفَاقَ بِمَعْنَى الْخَوْفِ (مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ) مِنْ قِيَامِ السَّاعَةِ وَفِيهِ أَنَّ سَائِرَ الْمَخْلُوقَاتِ تَعْلَمُ الْأَيَّامَ بِعَيْنِهَا وَأَنَّهَا تَعْلَمُ أَنَّ الْقِيَامَةَ تَقُومُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَا تَعْلَمُ الْوَقَائِعَ الَّتِي بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْقِيَامَةِ أَوْ مَا تَعْلَمُ أَنَّ تِلْكَ الْوَقَائِعَ وُجِدَتْ إِلَى الْآنَ لَكِنْ هَذَا بِالنَّظَرِ إِلَى الْمَلَكِ الْمُقَرَّبِ لَا يَخْلُو عَنْ خَفَاءٍ وَالْأَقْرَبُ أَنَّ غَلَبَةَ الْخَوْفِ وَالْخَشْيَةِ تُنْسِيهِمْ ذَلِكَ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

1085 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ عَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِيهِ خُلِقَ آدَمُ وَفِيهِ النَّفْخَةُ وَفِيهِ الصَّعْقَةُ فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهِ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تُعْرَضُ صَلَاتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرَمْتَ يَعْنِي بَلِيتَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (النَّفْخَةُ) أَيِ الثَّانِيَةُ (وَفِيهِ الصَّعْقَةُ) الصَّوْتُ الْهَائِلُ يُفْزِعُ الْإِنْسَانُ وَالْمُرَادُ النَّفْخَةُ الْأُولَى أَوْ صَعْقَةُ مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَعَلَى هَذَا فَالنَّفْخَةُ تُحْتَمَلُ الْأُولَى أَيْضًا قَوْلُهُ (فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ إِلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى كَوْنِ الْجُمُعَةِ مِنْ أَفْضَلِ الْأَيَّامِ قَوْلُهُ (فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ إِلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلتَّفْرِيعِ أَيْ هِيَ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ كَعَرْضِ الْهَدَايَا عَلَى مَنْ أُهْدِيَتْ إِلَيْهِ فَهِيَ مِنَ الْأَعْمَالِ الْفَاضِلَةِ وَمَقْرُبَةٌ لَكُمْ إِلَيَّ كَمَا تُقَرِّبُ الْهَدِيَّةُ الْمُهْدِي إِلَى الْمُهْدَى إِلَيْهِ وَإِذَا كَانَتْ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ فَيَنْبَغِي إِكْثَارُهَا فِي الْأَوْقَاتِ الْفَاضِلَةِ فَإِنَّ الْعَمَلَ

الصَّالِحَ يَزِيدُ فَضْلًا بِوَاسِطَةِ فَضْلِ الْوَقْتِ وَعَلَى هَذَا لَا حَاجَةَ إِلَى تَقْيِيدِ الْعَرْضِ بِيَوْمِ الْجُمُعَةِ كَمَا قِيلَ اهـ قَوْلُهُ (فَقَالَ إِلَخْ) لَا بُدَّ هَاهُنَا أَوَّلًا مِنْ تَحْقِيقِ لَفْظِ أَرَمْتُ ثُمَّ النَّظَرُ فِي السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ وَبَيَانُ إِطْبَاقِهِمَا فَأَمَّا أَرَمْتُ بِفَتْحِ الرَّاءِ كَضَرَبْتُ أَصْلُهُ أَرْمَمْتُ مِنْ أَرَمَّ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ إِذْ صَارَ رَمِيمًا فَحَذَفُوا إِحْدَى الْمِيمَيْنِ كَمَا فِي ظَلَّتْ وَلَفْظُهُ إِمَّا عَلَى الْخِطَابِ أَوْ عَلَى الْغَيْبَةِ عَلَى أَنَّهُ مُسْتَنِدٌ إِلَى الْعِظَامِ وَقِيلَ مِنْ أَرَمَ بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ أَيْ فَنِيَ وَكَثِيرًا مَا يُرْوَى بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ وَالْخِطَابِ فَقِيلَ هِيَ لُغَةُ نَاسٍ مِنَ الْعَرَبِ وَقِيلَ بَلْ خَطَأٌ وَالصَّوَابُ سُكُونُ تَاءِ التَّأْنِيثِ لِلْعِظَامِ أَوْ أَرْمَمْتُ بِفَكِّ الْإِدْغَامِ وَأَمَّا تَحْقِيقُ السُّؤَالِ فَوَجْهُهُ أَنَّهُمْ أَعَمُّوا الْخِطَابَ فِي قَوْلِهِ: " فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ " لِلْحَاضِرِينَ وَلِمَنْ يَأْتِي بَعْدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَأَوْا أَنَّ الْمَوْتَ فِي الظَّاهِرِ مَانِعٌ مِنَ السَّمَاعِ وَالْعَرْضِ فَسَأَلُوا عَنْ كَيْفِيَّةِ عَرْضِ صَلَاةِ مَنْ يُصَلِّي بَعْدَ الْمَوْتِ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُمْ وَقَدْ أَرَمَّتْ كِنَايَةٌ عَنِ الْمَوْتِ وَالْجَوَابُ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ إِلَخْ كِنَايَةٌ عَنْ كَوْنِ الْأَنْبِيَاءِ أَحْيَاءَ فِي قُبُورِهِمْ أَوْ بَيَانٌ لِمَا هُوَ خَرْقٌ لِلْعَادَةِ الْمُسْتَمِرَّةِ بِطَرِيقِ التَّمْثِيلِ أَيْ لِيَجْعَلُوهُ مَقِيسًا عَلَيْهِ لِلْعَرْضِ بَعْدَ الْمَوْتِ الَّذِي هُوَ خِلَافُ الْعَادَةِ الْمُسْتَمِرَّةِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَانِعَ مِنَ الْعَرْضِ عِنْدَهُمْ فِنَاءُ الْبَدَنِ لَا مُجَرَّدُ الْمَوْتِ وَمُفَارَقَةُ الرُّوحِ الْبَدَنَ لِجَوَازِ عَوْدِ الرُّوحِ إِلَى الْبَدَنِ مَا دَامَ سَالِمًا عَنِ التَّغْيِيرِ الْكَثِيرِ فَأَشَارَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى بَقَاءِ بَدَنِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ لِلسُّؤَالِ وَالْجَوَابِ (يَعْنِي بَلِيَتْ) بِفَتْحِ بَاءٍ وَكَسْرِ لَامٍ أَيْ صِرْتُ بَالِيًا عَتِيقًا.

1086 - حَدَّثَنَا مُحْرِزُ بْنُ سَلَمَةَ الْعَدَنِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ كَفَّارَةُ مَا بَيْنَهُمَا مَا لَمْ تُغْشَ الْكَبَائِرُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَا لَمْ تُغَشَّ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيْ مَا لَمْ تُرْتَكَبْ.

[باب ما جاء في الغسل يوم الجمعة]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ] 1087 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ حَدَّثَنِي أَبُو الْأَشْعَثِ حَدَّثَنِي أَوْسُ بْنُ أَوْسٍ الثَّقَفِيُّ قَالَ «سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ غَسَّلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ وَبَكَّرَ وَابْتَكَرَ وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ وَدَنَا مِنْ الْإِمَامِ فَاسْتَمَعَ وَلَمْ يَلْغُ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَنْ غَسَّلَ) رُوِيَ مُشَدَّدًا وَمُخَفَّفًا قِيلَ أَيْ جَامَعَ امْرَأَتَهُ قَبْلَ الْخُرُوجِ إِلَى الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ فِي الطَّرِيقِ مِنْ غَسَّلَ امْرَأَتَهُ بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ إِذَا جَامَعَهَا وَقِيلَ أَرَادَ غَسَّلَ غَيْرَهُ لِأَنَّهُ إِذَا جَامَعَهَا أَحْوَجَهَا إِلَى الْغُسْلِ وَقِيلَ أَرَادَ غَسْلَ الْأَعْضَاءِ لِلْوُضُوءِ وَقِيلَ غَسْلَ رَأْسِهِ كَمَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ

وَأَفْرَدَ بِالذِّكْرِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمُؤْنَةِ لِأَجْلِ الشَّعْرِ أَوْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَجْعَلُونَ فِيهِ الدُّهْنَ وَالْخَطْمِيَّ وَنَحْوَهَا وَكَانُوا يَغْتَسِلُونَ اهـ قَوْلُهُ (وَاغْتَسَلَ) أَيْ لِلْجُمُعَةِ وَقِيلَ هُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَالتَّكْرَارُ لِلتَّأْكِيدِ (وَبَكَّرَ) الْمَشْهُورُ التَّشْدِيدُ وَجُوِّزَ تَخْفِيفُهُ وَالْمَعْنَى أَيْ أَتَى الصَّلَاةَ أَوَّلَ وَقْتِهَا وَكُلُّ مَنْ أَسْرَعَ إِلَى شَيْءٍ فَقَدْ بَكَّرَ إِلَيْهِ (وَابْتَكَرَ) أَيْ أَدْرَكَ أَوَّلَ الْخُطْبَةِ وَأَوَّلُ كُلُّ شَيْءٍ بَاكُورَتُهُ وَابْتَكَرَ إِذَا أَكَلَ بَاكُورَةَ الْفَوَاكِهِ وَقِيلَ هُمَا بِمَعْنًى كَرَّرَهُ لِلتَّأْكِيدِ قَوْلُهُ (وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ) فِيهِ تَأْكِيدٌ وَدَفْعٌ لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ حَمْلِ الْمَشْيِ عَلَى مُجَرَّدِ الذَّهَابِ وَلَوْ رَاكِبًا أَوْ حَمْلُهُ عَلَى تَحَقُّقِ الْمَشْيِ وَلَوْ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ (وَدَنَا) أَيْ قَرُبَ فَاسْتَمَعَ أَيْ أَصْغَى وَفِيهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا فَلَوِ اسْتَمَعَ وَهُوَ بَعِيدٌ وَقَرُبَ وَلَمْ يَسْتَمِعْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ هَذَا الْأَجْرُ (وَلَمْ يَلْغُ) أَيْ لَمْ يَتَكَلَّمْ فَإِنَّ الْكَلَامَ حَالَ الْخُطْبَةِ لَغْوٌ أَوِ اسْتَمَعَ الْخُطْبَةَ وَلَمْ يَشْتَغِلْ بِغَيْرِهَا قَوْلُهُ (بِكُلِّ خُطْوَةٍ) أَيْ ذَهَابًا وَإِيَابًا أَوْ ذَهَابًا فَقَطْ أَوْ بِكُلِّ خُطْوَةٍ مِنْ خُطُوَاتِ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَإِتْمَامِ الْعُمُرِ (أَجْرُ صِيَامِهَا) بَدَلُ مَنْ عَمِلَ سُنَّةً وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ أَجْرُ مَنِ اسْتَوْعَبَ السُّنَّةَ بِالصِّيَامِ وَالْقِيَامِ لَوْ كَانَ وَلَا يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى أَنْ يَتَحَقَّقَ الِاسْتِيعَابُ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ فِي هَذَا وَأَمْثَالِهِ ثُبُوتُ أَصْلِ أَجْرِ الْأَعْمَالِ لَا مَعَ الْمُضَاعَفَاتِ الْمَعْلُومَةِ بِالنُّصُوصِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعَ الْمُضَاعَفَاتِ.

1088 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ مَنْ أَتَى الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَلْيَغْتَسِلْ) ظَاهِرُ الْأَمْرِ الْوُجُوبُ لَكِنْ حَمَلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى النَّدْبِ تَوْفِيقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ النَّدْبُ وَحَمَلُوا مَا جَاءَ مِنْ صَرِيحِ الْوُجُوبِ عَلَى النَّدْبِ الْمُؤَكِّدِ أَوْ عَلَى النَّسْخِ.

1089 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَاجِبٌ) أَيْ أَمْرٌ مُؤَكَّدٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ أَيْ ذَكَرَ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى الصِّيغَةِ وَمُقْتَضَى كَوْنِ الِاحْتِلَامِ غَالِبًا يَكُونُ فِيهِمْ وَهُمْ يَبْلُغُونَ بِهِ دُونَ النِّسَاءِ وَبَعْدَ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ حَمْلِ هَذَا الْعُمُومِ عَلَى الْخُصُوصِ بِمَا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ وَعِلَّةٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في الرخصة في ذلك]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ] 1090 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ فَدَنَا وَأَنْصَتَ وَاسْتَمَعَ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى وَزِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَمَنْ مَسَّ الْحَصَى فَقَدْ لَغَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَنْ تَوَضَّأَ) فِيهِ أَنَّ الِاكْتِفَاءَ بِالْوُضُوءِ جَائِزٌ (وَأَنْصَتَ) أَيْ سَكَتَ لِلِاسْتِمَاعِ قَوْلُهُ (مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى) وَهِيَ سَبْعَةُ أَيَّامٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحِسَابَ مِنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ إِلَى مِثْلِهِ مِنَ الثَّانِيَةِ فَبِزِيَادَةِ ثَلَاثَةٍ تَتِمُّ عَشَرَةً (فَقَدْ لَغَا) أَيْ وَمَنْ لَغَا فَلَا جُمُعَةَ لَهُ كَمَا جَاءَ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَصِيرُ مَحْرُومًا مِنَ الْأَجْرِ الزَّائِدِ.

1091 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الْمَكِّيُّ عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ تُجْزِئُ عَنْهُ الْفَرِيضَةُ وَمَنْ اغْتَسَلَ فَالْغُسْلُ أَفْضَلُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَبِهَا) أَيْ فَيَكْتَفِي بِهَا أَيْ بِتِلْكَ الْفَعْلَةِ الَّتِي هِيَ الْوُضُوءُ وَقِيلَ فَبِالسُّنَّةِ أَخَذَ وَقِيلَ بِالْفَرِيضَةِ أَخَذَ وَلَعَلَّ مَنْ قَالَ بِالسُّنَّةِ أَرَادَ مَا جَوَّزَتْهُ السُّنَّةُ وَلَا يَخْفَى بُعْدُ دَلَالَةِ اللَّفْظِ عَلَى هَذِهِ الْمَعَانِي (نِعْمَتْ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ هُوَ الْمَشْهُورُ وَرُوِيَ بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ كَمَا هُوَ الْأَصْلُ وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الْوُضُوءَ مَمْدُوحٌ شَرْعًا لَا يُذَمُّ مَنْ يَقْتَصِرُ عَلَيْهِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ يَزِيدَ بْنِ أَبَانَ الرَّقَاشِيِّ وَقَدْ جَاءَ فِي غَيْرِ ابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَسَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَيُجْزِئُ عَنْهُ الْفَرِيضَةُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في التهجير إلى الجمعة]

[بَاب مَا جَاءَ فِي التَّهْجِيرِ إِلَى الْجُمُعَةِ] 1092 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَسَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ كَانَ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ مَلَائِكَةٌ يَكْتُبُونَ النَّاسَ عَلَى قَدْرِ مَنَازِلِهِمْ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ طَوَوْا الصُّحُفَ وَاسْتَمَعُوا الْخُطْبَةَ فَالْمُهَجِّرُ إِلَى الصَّلَاةِ كَالْمُهْدِي بَدَنَةً ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ كَمُهْدِي بَقَرَةٍ ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ كَمُهْدِي كَبْشٍ حَتَّى ذَكَرَ الدَّجَاجَةَ وَالْبَيْضَةَ زَادَ سَهْلٌ فِي حَدِيثِهِ فَمَنْ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّمَا يَجِيءُ بِحَقٍّ إِلَى الصَّلَاةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ) بِالنَّصْبِ بَدَلٌ مِنَ النَّاسِ أَيْ يَكْتُبُونَهُمْ بِالتَّرْتِيبِ لِتَفَاوُتِ الْأَجْرِ بِحَسَبِ الرُّتْبَةِ قَوْلُهُ (فَالْمَهْجَرِ) اسْمُ فَاعِلٍ مِنَ التَّهْجِيرِ قِيلَ الْمُرَادُ بِهِ الْمُبَادَرَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَقِيلَ بَلْ فِي قُرْبِ الْهَاجِرَةِ أَيْ نِصْفِ النَّهَارِ قَوْلُهُ (كَالْمُهْدِي) أَيِ الْمُتَصَدِّقِ (بَدَنَةً) بِفَتْحَتَيْنِ أَيِ الْإِبِلَ وَقِيلَ الْمُرَادُ كَالَّذِي يُهْدِيهَا إِلَى مَكَّةَ وَلَا يُنَاسِبُ الدَّجَاجَةَ

وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْبَدَنَةَ لَا تَشْمَلُ الْبَقَرَةَ قَوْلُهُ (الدَّجَاجَةُ) بِفَتْحِ الدَّالِ فِي الْأَفْصَحِ وَيَجُوزُ الْكَسْرُ وَالضَّمُّ قَوْلُهُ (إِلَى الصَّلَاةِ) أَيْ فَلَهُ أَجْرُ الصَّلَاةِ وَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ مِنَ الزِّيَادَةِ فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.

1093 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ مَثَلَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ التَّبْكِيرِ كَنَاحِرِ الْبَدَنَةِ كَنَاحِرِ الْبَقَرَةِ كَنَاحِرِ الشَّاةِ حَتَّى ذَكَرَ الدَّجَاجَةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (كَنَاحِرِ الْبَدَنَةِ) مِنَ النَّحْرِ وَذِكْرُهُ فِي غَيْرِ الْبَدَنَةِ لِلْمُشَاكَلَةِ وَإِلَّا فَالْمُرَادُ هُنَاكَ الذَّبْحُ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.

1094 - حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ «خَرَجْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى الْجُمُعَةِ فَوَجَدَ ثَلَاثَةً وَقَدْ سَبَقُوهُ فَقَالَ رَابِعُ أَرْبَعَةٍ وَمَا رَابِعُ أَرْبَعَةٍ بِبَعِيدٍ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ النَّاسَ يَجْلِسُونَ مِنْ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى قَدْرِ رَوَاحِهِمْ إِلَى الْجُمُعَاتِ الْأَوَّلَ وَالثَّانِيَ وَالثَّالِثَ ثُمَّ قَالَ رَابِعُ أَرْبَعَةٍ وَمَا رَابِعُ أَرْبَعَةٍ بِبَعِيدٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يَجْلِسُونَ مِنَ اللَّهِ) أَيْ قُرْبُهُمْ مِنَ اللَّهِ عَلَى قَدْرِ رَوَاحِهِمْ قُرْبَ مَكَانَةٍ لَا مَكَانٍ كَمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ ظَاهِرِ اللَّفْظِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ عَبْدُ الْحَمِيدِ هَذَا هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَإِنْ أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ فَإِنَّمَا أَخْرَجَ لَهُ مَقْرُونًا بِغَيْرِهِ فَقَدْ كَانَ شَدِيدَ الْإِرْجَاءِ دَاعِيَةً إِلَيْهِ لَكِنْ وَثَّقَهُ الْجُمْهُورُ وَأَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَلَيَّنَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَضَعَّفَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَبَاقِي رِجَالُ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ فَالْإِسْنَادُ حَسَنٌ.

[باب ما جاء في الزينة يوم الجمعة]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الزِّينَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ] 1095 - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ مُوسَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ «أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ مَا عَلَى أَحَدِكُمْ لَوْ اشْتَرَى ثَوْبَيْنِ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ سِوَى ثَوْبِ مِهْنَتِهِ» حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَيْخٌ لَنَا عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ خَطَبَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَا عَلَى أَحَدِكُمْ) أَيْ حَرَجٌ مِنْ حَيْثُ الدُّنْيَا يُرِيدُ التَّرْغِيبَ فِيهِ بِأَنَّهُ شَيْءٌ لَيْسَ فِيهِ حَرَجٌ وَتَكْلِيفٌ عَلَى فَاعِلِهِ وَهُوَ خَيْرٌ إِذْ لَا يَفُوتُهُ الْإِنْسَانُ (مَهْنَةٌ) بِفَتْحِ الْمِيمِ هِيَ الْخِدْمَةُ وَكَسْرِ الْمِيمِ جَائِزٌ قِيَاسًا كَالْجِلْسَةِ

وَالْخِدْمَةِ فَجَوَّزَهُ بَعْضُهُمْ نَظَرًا إِلَى ذَلِكَ وَمَنَعَهُ الْآخَرُونَ وَعَدُّوهُ خَطَأً نَظَرًا إِلَى السَّمَاعِ فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ آخَرَ.

1096 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ زُهَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ النَّاسَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَرَأَى عَلَيْهِمْ ثِيَابَ النِّمَارِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا عَلَى أَحَدِكُمْ إِنْ وَجَدَ سَعَةً أَنْ يَتَّخِذَ ثَوْبَيْنِ لِجُمُعَتِهِ سِوَى ثَوْبَيْ مِهْنَتِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (ثِيَابُ النِّمَارِ) ضُبِطَ بِكَسْرِ النُّونِ جَمْعُ نَمْرَةٍ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ بُرْدَةٌ يَلْبَسُهَا الْأَعْرَابُ.

1097 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ وَحَوْثَرَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَدِيعَةَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَأَحْسَنَ غُسْلَهُ وَتَطَهَّرَ فَأَحْسَنَ طُهُورَهُ وَلَبِسَ مِنْ أَحْسَنِ ثِيَابِهِ وَمَسَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مِنْ طِيبِ أَهْلِهِ ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ وَلَمْ يَلْغُ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ اثْنَيْنِ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَتَطَهَّرَ) كَالتَّفْسِيرِ لِاغْتَسِلْ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

1098 - حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ خَالِدٍ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ غُرَابٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي الْأَخْضَرِ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ هَذَا يَوْمُ عِيدٍ جَعَلَهُ اللَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ فَمَنْ جَاءَ إِلَى الْجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ وَإِنْ كَانَ طِيبٌ فَلْيَمَسَّ مِنْهُ وَعَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ طِيبٌ) أَيْ عِنْدَهُ (فَلْيَمَسَّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ لَيَّنَهُ الْجُمْهُورُ وَبَاقِي الرِّجَالُ ثِقَاتٌ.

[باب ما جاء في وقت الجمعة]

[بَاب مَا جَاءَ فِي وَقْتِ الْجُمُعَةِ] 1099 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ مَا كُنَّا نَقِيلُ وَلَا نَتَغَدَّى إِلَّا بَعْدَ الْجُمُعَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَا كُنَّا نَقِيلُ) بِفَتْحِ النُّونِ مِنَ الْقَيْلُولَةِ وَهِيَ الِاسْتِرَاحَةُ نِصْفَ النَّهَارِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا نَوْمٌ (وَلَا نَتَغَدَّى) مِنَ الْغَدَاءِ بِمُعْجَمَةِ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ وَهُوَ طَعَامٌ يُؤْكَلُ أَوَّلُ النَّهَارِ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ أَوَّلَ النَّهَارِ قَبْلَ الزَّوَالِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ وَحَمَلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى التَّبْكِيرِ وَأَنَّهُمْ كَانُوا يَشْتَغِلُونَ أَوَّلَ النَّهَارِ بِآلَةِ الْجُمُعَةِ فَيُؤَخِّرُونَ الْغَدَاءَ وَالْقَيْلُولَةَ عَنْ وَقْتِهِمَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا كَانَ غَدَاءً فِي غَيْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ يَكُونُ بَعْدَ صَلَاةِ

الْجُمُعَةِ فَلَا يَبْقَى فِيهِ عُذْرٌ وَكَذَا الْقَيْلُولَةُ.

1100 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ الْحَارِثِ قَالَ سَمِعْتُ إِيَاسَ بْنَ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجُمُعَةَ ثُمَّ نَرْجِعُ فَلَا نَرَى لِلْحِيطَانِ فَيْئًا نَسْتَظِلُّ بِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لِلْحِيطَانِ) جَمْعُ حَائِطٍ وَهَذَا يَكُونُ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ فَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ قَبْلَ الزَّوَالِ كَمَا عَلَيْهِ أَحْمَدُ وَلَعَلَّ الْجُمْهُورَ يَحْمِلُ الْفَيْءَ عَلَى فَيْءٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْمَشْيُ مَثَلًا فَيَكُونُ الْحَدِيثُ بَيَانًا لِلتَّعْجِيلِ بَعْدَ الزَّوَالِ.

1101 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعْدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ سَعْدٍ مُؤَذِّنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّهُ كَانَ يُؤَذِّنُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ الْفَيْءُ مِثْلَ الشِّرَاكِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِذَا كَانَ الْفَيْءُ إِلَخْ) وَذَلِكَ يَكُونُ أَوَّلَ مَا يَظْهَرُ زَوَالُ الشَّمْسِ وَهُوَ الْمُرَادُ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعِيدٍ أَجْمَعُوا عَلَى ضَعْفِهِ وَأَمَّا أَبُوهُ فَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ وَلَا حَالُ أَبِيهِ.

1102 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كُنَّا نُجَمِّعُ ثُمَّ نَرْجِعُ فَنَقِيلُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (كُنَّا نُجَمِّعُ) مِنَ التَّجْمِيعِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في الخطبة يوم الجمعة]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ] 1103 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ ح وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ أَبُو سَلَمَةَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا جَلْسَةً زَادَ بِشْرٌ وَهُوَ قَائِمٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَهُوَ قَائِمٌ) حَالٌ مِنْ فَاعِلِ يَخْطُبُ.

1104 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مُسَاوِرٍ الْوَرَّاقِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ.

1105 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ يَقُولُ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ قَائِمًا غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ يَقْعُدُ قَعْدَةً ثُمَّ يَقُومُ»

1106 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ قَائِمًا ثُمَّ يَجْلِسُ ثُمَّ يَقُومُ فَيَقْرَأُ آيَاتٍ وَيَذْكُرُ اللَّهَ وَكَانَتْ خُطْبَتُهُ قَصْدًا وَصَلَاتُهُ قَصْدًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (قَصْدًا) مُتَوَسِّطَةٌ بَيْنَ الطُّولِ وَالْقِصَرِ وَلَا يَلْزَمُ مُسَاوَاةُ الصَّلَاةِ وَالْخُطْبَةِ إِذْ تَوَسُّطُ كُلٍّ يَعْنِي فِي بَابِهِ.

1107 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعْدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ سَعْدٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا خَطَبَ فِي الْحَرْبِ خَطَبَ عَلَى قَوْسٍ وَإِذَا خَطَبَ فِي الْجُمُعَةِ خَطَبَ عَلَى عَصًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (خَطَبَ عَلَى قَوْسٍ) أَيْ أَخَذَ

الْقَوْسَ بِيَدِهِ وَقْتَ الْخُطْبَةِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ أَوْلَادِ سَعْدٍ وَأَبِيهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.

1108 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي غَنِيَّةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّهُ سُئِلَ أَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ قَائِمًا أَوْ قَاعِدًا قَالَ أَوَمَا تَقْرَأُ {وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} [الجمعة: 11] » قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ غَرِيبٌ لَا يُحَدِّثُ بِهِ إِلَّا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَحْدَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَوَمَا تَقْرَأُ {وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} [الجمعة: 11] ) أَيْ هُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَخْطُبُ قَائِمًا وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

1109 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ سَلَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (سَلَّمَ) وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[باب ما جاء في الاستماع للخطبة والإنصات لها]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الِاسْتِمَاعِ لِلْخُطْبَةِ وَالْإِنْصَاتِ لَهَا] 1110 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ أَنْصِتْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَقَدْ لَغَوْتَ) أَيْ وَمَنْ لَغَا فَلَا أَجْرَ لَهُ فَإِذَا كَانَ هَذَا الْقَدْرُ مُبْطِلًا لِلْأَجْرِ مَعَ أَنَّهُ أَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ فَكَيْفَ مَا فَوْقَهُ.

1111 - حَدَّثَنَا مُحْرِزُ بْنُ سَلَمَةَ الْعَدَنِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ تَبَارَكَ وَهُوَ قَائِمٌ فَذَكَّرَنَا بِأَيَّامِ اللَّهِ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ أَوْ أَبُو ذَرٍّ يَغْمِزُنِي فَقَالَ مَتَى أُنْزِلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ إِنِّي لَمْ أَسْمَعْهَا إِلَّا الْآنَ فَأَشَارَ إِلَيْهِ أَنْ اسْكُتْ فَلَمَّا انْصَرَفُوا قَالَ سَأَلْتُكَ مَتَى أُنْزِلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ فَلَمْ تُخْبِرْنِي فَقَالَ أُبَيٌّ لَيْسَ لَكَ مِنْ صَلَاتِكَ الْيَوْمَ إِلَّا مَا لَغَوْتَ فَذَهَبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ وَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي قَالَ أُبَيٌّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَ أُبَيٌّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَذَكَّرَنَا) مِنَ التَّذْكِيرِ (بِأَيَّامِ اللَّهِ) أَيْ بِوَقَائِعِهِ الْعَظِيمَةِ الْوَاقِعَةِ فِي الْأَيَّامِ (فَأَشَارَ إِلَيْهِ) أَيْ أَبِي، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[باب ما جاء فيمن دخل المسجد والإمام يخطب]

[بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ] 1112 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ سَمِعَ جَابِرًا وَأَبُو الزُّبَيْرِ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «دَخَلَ سُلَيْكٌ الْغَطَفَانِيُّ الْمَسْجِدَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ فَقَالَ أَصَلَّيْتَ قَالَ لَا قَالَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَأَمَّا عَمْرٌو فَلَمْ يَذْكُرْ سُلَيْكًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ (فَقَالَ أَصَلَّيْتَ) لَا يُنَافِيهِ الْمَنْعُ عَنِ الْكَلَامِ حَالَ الْخُطْبَةِ لِأَنَّ الْإِمَامَ إِذَا شَرَعَ فِي الْكَلَامِ فَمَا بَقِيَتِ الْخُطْبَةُ وَكَذَا الِاعْتِذَارُ عَنْ جَوَابِ الرَّجُلِ ثُمَّ الْحَدِيثُ ظَاهِرٌ فِي جَوَازِ الرَّكْعَتَيْنِ حَالَ الْخُطْبَةِ لِلدَّاخِلِ بِتِلْكَ الْحَالَةِ وَمَنْ لَا يَقُولُ بِذَلِكَ تَارَةً عَلَى أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ شُرُوعِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْخُطْبَةِ وَهَذَا الْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي رَدِّهِ لِقَوْلِهِ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ وَأَيْضًا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةَ عَدَمُ جَوَازِ الصَّلَاةِ مِنْ حِينِ خُرُوجِ الْإِمَامِ وَإِنْ لَمْ يَشْرَعْ فِي الْخُطْبَةِ وَأُخْرَى عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَكَتَ عَنِ

الْخُطْبَةِ حِينَ صَلَّى وَيُرْوَى فِيهِ بَعْضُ الْأَحَادِيثِ الْمُرْسَلَةِ وَيَرُدُّهُ حَدِيثُ «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ» أَوْ كَمَا قَالَ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ وَفِيهِ إِذْنٌ فِي الرَّكْعَتَيْنِ حَالَ خُطْبَةِ الْإِمَامِ وَأَيْضًا الْمَذْهَبُ عَدَمُ جَوَازِ الصَّلَاةِ وَإِنْ سَكَتَ وَأَيْضًا اللَّازِمُ حِينَئِذٍ أَنْ لَا يُمْنَعُ الدَّاخِلُ عَنِ الصَّلَاةِ بَلْ يُؤْمَرُ الْإِمَامُ بِالسُّكُوتِ وَلَا دَلِيلَ عَلَى الْمَنْعِ عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ عِنْدَهُمْ إِلَّا حَدِيثَ إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ أَنْصِتْ إِلَخْ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ مِنْ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ فَإِذَا مُنِعَ مِنْهُ مُنِعَ مِنْهَا بِالْأَوْلَى وَفِيهِ بَحْثٌ كَيْفَ وَالْمُضِيُّ فِي الصَّلَاةِ لِمَنْ شَرَعَ فِيهَا قَبْلَ الْخُطْبَةِ جَائِزٌ بِخِلَافِ الْمُضِيِّ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ لِمَنْ شَرَعَ فِيهِ قَبْلُ، فَكَمَا لَا يَصِحُّ قِيَاسُ الصَّلَاةِ عَلَى الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ بَقَاءً لَا يَصِحُّ ابْتِدَاءً وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

1113 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ «جَاءَ رَجُلٌ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ فَقَالَ أَصَلَّيْتَ قَالَ لَا قَالَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ»

1114 - حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَا «جَاءَ سُلَيْكٌ الْغَطَفَانِيُّ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَلَّيْتَ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ تَجِيءَ قَالَ لَا قَالَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَتَجَوَّزْ فِيهِمَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَتَجُوزُ فِيهِمَا) هُوَ أَمْرٌ بِالتَّخْفِيفِ بِالرَّكْعَتَيْنِ وَالْإِسْرَاعُ بِهِمَا.

[باب ما جاء في النهي عن تخطي الناس يوم الجمعة]

[بَاب مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ تَخَطِّي النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ] 1115 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْمُحَارِبِيُّ عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ فَجَعَلَ يَتَخَطَّى النَّاسَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْلِسْ فَقَدْ آذَيْتَ وَآنَيْتَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (آذَيْتَ) أَيِ النَّاسَ بِتَخَطِّيكَ (وَآنَيْتَ) كَآذَيْتَ وَزْنًا أَيْ أَخَّرْتَ الْمَجِيءَ وَأَبْطَأْتَ.

1116 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ زَبَّانَ بْنِ فَائِدٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ اتُّخِذَ جِسْرًا إِلَى جَهَنَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (اتُّخِذَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيْ يَجْعَلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ جِسْرًا يَمُرُّ عَلَيْهِ إِلَى جَهَنَّمَ مُجَازَاةً لَهُ بِمِثْلِ عَمَلِهِ وَيَجُوزُ بِنَاؤُهُ لِلْفَاعِلِ أَيِ اتَّخَذَ لِنَفْسِهِ بِصَنِيعِهِ ذَلِكَ طَرِيقًا يُؤَدِّيهِ إِلَى جَهَنَّمَ أَوِ اتَّخَذَ نَفْسَهُ جِسْرًا لِأَهْلِ جَهَنَّمَ إِلَى جَهَنَّمَ بِذَلِكَ الْعَمَلِ وَالثَّالِثُ أَبْعَدُ الْوُجُوهِ.

[باب ما جاء في الكلام بعد نزول الإمام عن المنبر]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْكَلَامِ بَعْدَ نُزُولِ الْإِمَامِ عَنْ الْمِنْبَرِ] 1117 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُكَلَّمُ فِي الْحَاجَةِ إِذَا نَزَلَ عَنْ الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (كَانَ يُكَلِّمُ) هَذَا الْحَدِيثُ وَغَيْرُهُ ظَاهِرٌ فِي الْمَنْعِ مِنَ الْكَلَامِ بَعْدَ الْخُطْبَةِ وَقَبْلَهُ وَلَا حَالَ سُكُوتِ الْإِمَامِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في القراءة في الصلاة يوم الجمعة]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ] 1118 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَعِيلَ الْمَدَنِيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ قَالَ «اسْتَخْلَفَ مَرْوَانُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَلَى الْمَدِينَةِ فَخَرَجَ إِلَى مَكَّةَ فَصَلَّى بِنَا أَبُو هُرَيْرَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَرَأَ بِسُورَةِ الْجُمُعَةِ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى وَفِي الْآخِرَةِ إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَأَدْرَكْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ حِينَ انْصَرَفَ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّكَ قَرَأْتَ بِسُورَتَيْنِ كَانَ عَلِيٌّ يَقْرَأُ بِهِمَا بِالْكُوفَةِ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ بِهِمَا»

1119 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ أَنْبَأَنَا ضَمْرَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «كَتَبَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ إِلَى النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَخْبِرْنَا بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَعَ سُورَةِ الْجُمُعَةِ قَالَ كَانَ يَقْرَأُ فِيهَا هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ»

1120 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ عَنْ أَبِي عِنَبَةَ الْخَوْلَانِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْجُمُعَةِ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) إِلَخِ الِاخْتِلَافُ مَحْمُولٌ عَلَى جَوَازِ الْكُلِّ وَاسْتِنَانِهِ وَبِهِ فَعَلَ تَارَةً هَذَا وَتَارَةً ذَاكَ فَلَا تَعَارُضَ فِي أَحَادِيثِ الْبَابِ وَفِي الزَّوَائِدِ سَعِيدُ بْنُ سِنَانٍ ضَعِيفٌ وَأَصْلُ الْحَدِيثِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا بِسَنَدٍ آخَرَ انْتَهَى.

[باب ما جاء فيمن أدرك من الجمعة ركعة]

[بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ أَدْرَكَ مِنْ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً] 1121 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا عُمَرُ بْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً فَلْيَصِلْ إِلَيْهَا أُخْرَى» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَلْيَصِلْ إِلَيْهَا أُخْرَى) الظَّاهِرُ أَنَّهُ بِتَخْفِيفِ اللَّامِ مِنَ الْوَصْلِ لَكِنْ قَالَ السُّيُوطِيُّ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ أَيْ فَلْيَصِلْ أُخْرَى وَيَضُمُّهَا إِلَيْهَا وَالْحَدِيثُ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ أَوْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَمْرُو بْنُ حَبِيبٍ مُتَّفَقٌ عَلَى ضَعْفِهِ.

1122 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الصَّلَاةِ رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَ»

1123 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ الْأَيْلِيُّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ أَوْ غَيْرِهَا فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ»

[باب ما جاء في من أين تؤتى الجمعة]

[بَاب مَا جَاءَ فِي مِنْ أَيْنَ تُؤْتَى الْجُمُعَةُ] 1124 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «إِنَّ أَهْلَ قُبَاءَ كَانُوا يُجَمِّعُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يَجْمَعُونَ) مِنَ التَّجَمُّعِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مُكَبِّرًا وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[باب ما جاء فيمن ترك الجمعة من غير عذر]

[بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ] 1125 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ قَالُوا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنِي عُبَيْدَةُ بْنُ سُفْيَانَ الْحَضْرَمِيُّ عَنْ أَبِي الْجَعْدِ الضَّمْرِيِّ وَكَانَ لَهُ صُحْبَةٌ قَالَ «قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ تَهَاوُنًا بِهَا طُبِعَ عَلَى قَلْبِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (تَهَاوُنًا بِهَا) أَيْ لِقِلَّةِ الِاهْتِمَامِ بِأَمْرِهَا لَا اسْتِخْفَافًا بِهَا لِأَنَّ الِاسْتِخْفَافَ بِفَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى كُفْرٌ قِيلَ وَهُوَ مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ أَوْ حَالٌ أَيْ مُتَهَاوِنًا وَمَعْنَى طَبَعَ اللَّهُ إِلَخْ أَيْ خَتَمَ عَلَيْهِ وَغَشَّاهُ وَمَنَعَهُ الْإِلْطَافَ، وَالطَّبْعُ بِالسُّكُونِ الْخَتْمُ وَبِالْحَرَكَةِ الدَّنَسُ وَأَصْلُهُ الدَّنَسُ وَالْوَسَخُ يَغْشَيَانِ السَّيْفَ مِنْ طُبِعَ السَّيْفُ ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي الْآثَامِ وَالْقَبَائِحِ وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ الْمُرَادُ بِالتَّهَاوُنِ التَّرْكُ بِلَا عُذْرٍ وَبِالطَّبْعِ أَنْ يَصِيرَ قَلْبُهُ قَلْبُ مُنَافِقٍ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ تَهَاوُنًا مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ لِلنَّوْعِ اهـ.

1126 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ أَسِيدِ بْنِ أَبِي أَسِيدٍ ح وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى الْمِصْرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ أَسِيدِ بْنِ أَبِي أَسِيدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ ثَلَاثًا مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ)

وَفِي الزَّوَائِدِ الْحَدِيثُ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ تَأْيِيدٌ لِتَفْسِيرِ التَّهَاوُنِ بِمَا فَسَّرَهُ بِهِ الْعِرَاقِيُّ.

1127 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مَعْدِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَجْلَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا هَلْ عَسَى أَحَدُكُمْ أَنْ يَتَّخِذَ الصُّبَّةَ مِنْ الْغَنَمِ عَلَى رَأْسِ مِيلٍ أَوْ مِيلَيْنِ فَيَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْكَلَأُ فَيَرْتَفِعَ ثُمَّ تَجِيءُ الْجُمُعَةُ فَلَا يَجِيءُ وَلَا يَشْهَدُهَا وَتَجِيءُ الْجُمُعَةُ فَلَا يَشْهَدُهَا وَتَجِيءُ الْجُمُعَةُ فَلَا يَشْهَدُهَا حَتَّى يُطْبَعَ عَلَى قَلْبِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (الصُّبُّ) بِصَادٍ مُهْمَلَةٍ مَضْمُومَةٍ وَمُوَحَّدَةٍ مُشَدَّدَةٍ أَيِ الْجَمَاعَةُ (النَّدَا) بِفَتْحٍ فَقَصْرٍ أَيِ الْمَطَرُ هَكَذَا فِي الزَّوَائِدِ وَفِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ مَكَانُهُ الْكَلَأُ (فَيَرْتَفِعُ) أَيْ يَذْهَبُ إِلَى مَكَانٍ أَبْعَدَ مِنْهُ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ فِيهِ مَعْدِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

1128 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ أَخِيهِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَصَدَّقْ بِدِينَارٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبِنِصْفِ دِينَارٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَلْيَتَصَدَّقْ بِدِينَارٍ) أَيْ لِأَنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَمْرَ لِلِاسْتِحْبَابِ وَلَا بُدَّ عَنِ التَّوْبَةِ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهَا الْمَاحِيَةُ لِلذَّنْبِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في الصلاة قبل الجمعة]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ الْجُمُعَةِ] 1129 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ عَنْ مُبَشِّرِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ عَطِيَّةَ الْعُوفِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْكَعُ قَبْلَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعًا لَا يَفْصِلُ فِي شَيْءٍ مِنْهُنَّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَا يَفْصِلُ) أَيْ بِالسَّلَامِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ مُسَلْسَلٌ بِالضُّعَفَاءِ عَطِيَّةُ مُتَّفَقٌ عَلَى ضَعْفِهِ وَحَجَّاجٌ مُدَلِّسٌ وَمُبَشِّرُ بْنُ عُبَيْدٍ كَذَّابٌ وَبَقِيَّةُ هُوَ ابْنُ الْوَلِيدِ مُدَلِّسٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في الصلاة بعد الجمعة]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ] 1130 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ كَانَ إِذَا صَلَّى الْجُمُعَةَ انْصَرَفَ فَصَلَّى سَجْدَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ ذَلِكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَصَلَّى سَجْدَتَيْنِ) أَيْ رَكْعَتَيْنِ.

1131 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ»

1132 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو السَّائِبِ سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّيْتُمْ بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَصَلُّوا أَرْبَعًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَصَلَّوْا أَرْبَعًا) أَيْ نَدْبًا اهـ.

[باب ما جاء في الحلق يوم الجمعة قبل الصلاة والاحتباء والإمام يخطب]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْحَلَقِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَالِاحْتِبَاءِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ] 1133 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَعِيلَ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ جَمِيعًا عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُحَلَّقَ فِي الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (نَهَى أَنْ يُحَلَّقَ) ضُبِطَ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنَ التَّحَلُّقِ أَيْ أَنْ يَجْعَلَ حَلْقَةً وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ مِنْ حَلْقِ الشَّعْرِ فَبَقِيَ أَرْبَعِينَ سَنَةً لَا يَحْلِقُ رَأْسَهُ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَقِيلَ لَهُ إِنَّهُ مِنَ الْحَلْقَةِ فَقَالَ قَوْمٌ حَثَّ عَيْنَ قِيلَ الْمَكْرُوهُ قَبْلَ الصَّلَاةِ الِاجْتِمَاعُ لِلْعِلْمِ وَالْمُذَاكَرَةِ لِيَشْتَغِلَ بِالصَّلَاةِ وَيُنْصِتَ لِلْخُطْبَةِ وَالذِّكْرِ فَإِذَا فَرَغَ مِنْهَا كَانَ الِاجْتِمَاعُ وَالتَّحَلُّقُ بَعْدَ ذَلِكَ وَقِيلَ النَّهْيُ عَنِ التَّحَلُّقِ إِذَا عَمَّ الْمَسْجِدَ وَعَلَيْهِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ وَغَيْرُ ذَلِكَ لَا بَأْسَ بِهِ وَقِيلَ نَهَى عَنْهُ لِأَنَّهُ يَقْطَعُ الصُّفُوفَ وَهُمْ مَأْمُورُونَ بِتَرَاصِّ الصُّفُوفِ وَمَا جَاءَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا اسْتَوَى عَلَى الْمِنْبَرِ اسْتَقْبَلْنَاهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَسَيَذْكُرُ مِثْلَهُ الْمُصَنِّفُ بِسَنَدٍ آخَرَ يُحْمَلُ أَنَّهُ بِالتَّوَجُّهِ إِلَيْهِ فِي الصُّفُوفِ لَا بِالتَّحَلُّقِ حَوْلَ الْمِنْبَرِ وَمَا جَاءَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَلَسَ يَوْمًا عَلَى الْمِنْبَرِ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ.

1134 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الِاحْتِبَاءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَعْنِي وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنِ الِاحْتِبَاءِ) قِيلَ نَهَى لِأَنَّهُ يَجْلِبُ النَّوْمَ وَيُعَرِّضُ طَهَارَتَهُ لِلِانْتِقَاضِ وَقَدْ جَاءَ الِاحْتِبَاءُ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَقْتَ الْخُطْبَةِ ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ إِمَّا لِأَنَّهُمْ خَصُّوا النَّهْيَ بِمَنْ يَجْلِبُ الِاحْتِبَاءُ النَّوْمَ لَهُ أَوْ لِأَنَّهُمْ مَا بَلَغَهُمْ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ بَقِيَّةُ وَهُوَ مُدَلِّسٌ وَشَيْخُهُ وَإِنْ كَانَ التِّرْمِذِيُّ فَقَدْ وَثَّقَهُ وَإِلَّا فَهُوَ مَجْهُولٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في الأذان يوم الجمعة]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْأَذَانِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ] 1135 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ جَمِيعًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ «مَا كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ إِذَا خَرَجَ أَذَّنَ وَإِذَا نَزَلَ أَقَامَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ كَذَلِكَ» فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ وَكَثُرَ النَّاسُ زَادَ النِّدَاءَ الثَّالِثَ عَلَى دَارٍ فِي السُّوقِ يُقَالُ لَهَا الزَّوْرَاءُ فَإِذَا خَرَجَ أَذَّنَ وَإِذَا نَزَلَ أَقَامَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِلَّا مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ) أَيِ الَّذِي يُؤَذِّنُ

فِي الْأَوْقَاتِ الْخَمْسِ كُلِّهَا أَوِ الَّذِي يُؤَذِّنُ غَالِبًا فَلَا يُرَدُّ أَنَّ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ قَدْ ثَبَتَ كَوْنُهُ مُؤَذِّنًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في استقبال الإمام وهو يخطب]

[بَاب مَا جَاءَ فِي اسْتِقْبَالِ الْإِمَامِ وَهُوَ يَخْطُبُ] 1136 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ أَبَانَ بْنِ تَغْلِبَ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ اسْتَقْبَلَهُ أَصْحَابُهُ بِوُجُوهِهِمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (اسْتَقْبَلَهُ أَصْحَابُهُ) فِي الزَّوَائِدِ رِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ مُرْسَلٌ.

[باب ما جاء في الساعة التي ترجى في الجمعة]

[بَاب مَا جَاءَ فِي السَّاعَةِ الَّتِي تُرْجَى فِي الْجُمُعَةِ] 1137 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ فِي الْجُمُعَةِ سَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ فِيهَا خَيْرًا إِلَّا أَعْطَاهُ وَقَلَّلَهَا بِيَدِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَا يُوَافِقُهَا) أَيْ لَا يَجِدُهَا (قَائِمٌ يُصَلِّي) أَيْ كَقَائِمٍ يُصَلِّي أَوْ ثَابِتٍ فِي مَكَانِهِ يُصَلِّي هَذَا إِذَا فَسَّرَ الصَّلَاةَ بِالِانْتِظَارِ لَهَا كَمَا سَيَجِيءُ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ إِذِ الْعَادَةُ عِنْدَ الِانْتِظَارِ الْقُعُودُ.

1138 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ سَاعَةٌ مِنْ النَّهَارِ لَا يَسْأَلُ اللَّهَ فِيهَا الْعَبْدُ شَيْئًا إِلَّا أُعْطِيَ سُؤْلَهُ قِيلَ أَيُّ سَاعَةٍ قَالَ حِينَ تُقَامُ الصَّلَاةُ إِلَى الِانْصِرَافِ مِنْهَا»

1139 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ «قُلْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ إِنَّا لَنَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ سَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُؤْمِنٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ فِيهَا شَيْئًا إِلَّا قَضَى لَهُ حَاجَتَهُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَأَشَارَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ بَعْضُ سَاعَةٍ فَقُلْتُ صَدَقْتَ أَوْ بَعْضُ سَاعَةٍ قُلْتُ أَيُّ سَاعَةٍ هِيَ قَالَ هِيَ آخِرُ سَاعَاتِ النَّهَارِ قُلْتُ إِنَّهَا لَيْسَتْ سَاعَةَ صَلَاةٍ قَالَ بَلَى إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا صَلَّى ثُمَّ جَلَسَ لَا يَحْبِسُهُ إِلَّا الصَّلَاةُ فَهُوَ فِي الصَّلَاةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[باب ما جاء في ثنتي عشرة ركعة من السنة]

[بَاب مَا جَاءَ فِي ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً مِنْ السُّنَّةِ] 1140 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَبُو يَحْيَى الرَّازِيُّ عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ ثَابَرَ عَلَى ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً مِنْ السُّنَّةِ بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ أَرْبَعٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَنْ ثَابَرَ) بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ

لَازَمَ وَدَاوَمَ وَالْحَدِيثُ يُفِيدُ أَنَّ الْأَجْرَ الْمَذْكُورَ مَنُوطٌ بِالْمُوَاظَبَةِ عَلَى هَذِهِ النَّوَافِلِ لَا بِأَنْ يُصَلِّي يَوْمًا دُونَ يَوْمٍ وَقَوْلُهُ أَرْبَعٌ قَبْلَ الظُّهْرِ الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ أَنَّهَا بِسَلَامٍ وَاحِدٍ وَيُحْتَمَلُ كَوْنُهَا بِسَلَامَيْنِ وَالْأَقْرَبُ أَنَّ إِطْلَاقَهَا يَشْمَلُ الْقِسْمَيْنِ.

1141 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ صَلَّى فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ) أَيْ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَهُوَ مِنْ عُمُومِ النَّكِرَةِ فِي الْإِثْبَاتِ مِثْلَ {عَلِمَتْ نَفْسٌ} [التكوير: 14] وَنَحْوَهُ لَمَّا عَرَفْتَ أَنَّ الْمَقْصُودَ الْمُوَاظَبَةُ وَالْمُرَادَ بِالسَّجْدَةِ الرَّكْعَةُ.

1142 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَلَّى فِي يَوْمٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ أَظُنُّهُ قَالَ قَبْلَ الْعَصْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ أَظُنُّهُ قَالَ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ ابْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ اهـ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في الركعتين قبل الفجر]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ] 1143 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَضَاءَ لَهُ الْفَجْرُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِذَا أَضَاءَ لَهُ) بِهَمْزَةٍ فِي آخِرِهِ أَيْ ظَهَرَ وَتَبَيَّنَ لَهُ.

1144 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ أَنْبَأَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْغَدَاةِ كَأَنَّ الْأَذَانَ بِأُذُنَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (قَبْلَ الْغَدَاةِ) أَيْ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ (كَأَنَّ الْأَذَانَ فِي أُذُنَيْهِ) كِنَايَةٌ عَنِ التَّخْفِيفِ فِيهِمَا أَيْ يُخَفَّفُ كَمَا يُخَفَّفُ مَنْ يَكُونُ النِّدَاءُ إِلَى الصَّلَاةِ فِي أُذُنَيْهِ إِذِ النِّدَاءُ إِلَى الصَّلَاةِ يَقْتَضِي التَّخْفِيفَ فِيهَا جِدًّا.

1145 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا نُودِيَ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ إِلَى الصَّلَاةِ»

1146 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَوَضَّأَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِذَا تَوَضَّأَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ)

فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحَيْنِ.

1147 - حَدَّثَنَا الْخَلِيلُ بْنُ عَمْرٍو أَبُو عَمْرٍو حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ عِنْدَ الْإِقَامَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ عِنْدَ الْإِقَامَةِ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ فِيهِ الْحَرْثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَعْوَرُ مُتَّفَقٌ عَلَى تَضْعِيفِهِ.

[باب ما جاء فيما يقرأ في الركعتين قبل الفجر]

[بَاب مَا جَاءَ فِيمَا يُقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ] 1148 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ وَيَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ قَالَا حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فِي الرَّكْعَتَيْنِ إِلَخْ) أَيْ فِي سُنَّةِ الْفَجْرِ وَهِيَ الْمَشْهُورَةُ بِهَذَا الِاسْمِ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] أَيْ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ.

1149 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَادَةَ الْوَاسِطِيَّانِ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «رَمَقْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهْرًا فَكَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (قَالَ رَمَقْتُ) أَيْ نَظَرْتُ وَتَأَمَّلْتُ.

1150 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ وَكَانَ يَقُولُ نِعْمَ السُّورَتَانِ هُمَا يُقْرَأُ بِهِمَا فِي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ عَائِشَةَ) وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ الْجَرِيرِيُّ احْتَجَّ بِهِ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا إِلَّا أَنَّهُ اخْتَلَطَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ وَبَاقِي رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[باب ما جاء في إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة]

[بَاب مَا جَاءَ فِي إِذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةُ] 1151 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ الْقَاسِمِ ح وَحَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ أَبُو بِشْرٍ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَا حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةُ» حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَلَا صَلَاةَ إِلَخْ) نَفْيٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197] فَلَا يَنْبَغِي الِاشْتِغَالُ لِمَنْ حَضَرَ الْإِقَامَةَ إِلَّا بِالْمَكْتُوبَةِ ثُمَّ النَّهْيُ مُتَوَجِّهٌ إِلَى الشُّرُوعِ فِي غَيْرِ تِلْكَ

الْمَكْتُوبَةِ وَأَمَّا إِتْمَامُ الْمَشْرُوعَةِ قَبْلَ الْإِقَامَةِ فَضَرُورِيٌّ لَا اخْتِيَارِيٌّ فَلَا يَشْمَلُهُ النَّهْيُ وَكَذَا الشُّرُوعُ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي النَّافِلَةِ لِمَنْ أَدَّى الْمَكْتُوبَةَ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا يُنَافِي الْحَدِيثَ مَا ثَبَتَ مِنَ الْإِذْنِ فِي الشُّرُوعِ فِي النَّافِلَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ لِمَنْ أَدَّى الْفَرْضَ.

1152 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَلَمَّا صَلَّى قَالَ لَهُ بِأَيِّ صَلَاتَيْكَ اعْتَدَدْتَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (بِأَيِّ صَلَاتَيْكَ اعْتَدَدْتَ) أَيِ الصَّلَاتَيْنِ مَقْصُودَةٌ عِنْدَكَ وَخَرَجْتَ مِنَ الْبَيْتِ إِلَى الْمَسْجِدِ لِأَجْلِهَا فَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الصَّلَاةُ فَكَيْفَ أَخَّرْتَهَا وَقَدَّمْتَ عَلَيْهَا غَيْرَهَا وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الصَّلَاةُ هِيَ السُّنَّةُ فَذَاكَ عَكْسُ الْمَعْقُولِ إِذِ الْبَيْتُ أَوْلَى مِنَ الْمَسْجِدِ فِي حَقِّ السُّنَّةِ.

1153 - حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكِ بْنِ بُحَيْنَةَ قَالَ «مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ وَقَدْ أُقِيمَتْ صَلَاةُ الصُّبْحِ وَهُوَ يُصَلِّي فَكَلَّمَهُ بِشَيْءٍ لَا أَدْرِي مَا هُوَ فَلَمَّا انْصَرَفَ أَحَطْنَا بِهِ نَقُولُ لَهُ مَاذَا قَالَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَالَ لِي يُوشِكُ أَحَدُكُمْ أَنْ يُصَلِّيَ الْفَجْرَ أَرْبَعًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَنْ يُصَلِّيَ الْفَجْرَ أَرْبَعًا) بِأَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَ الْإِقَامَةِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ بَعْدَ الْإِقَامَةِ وَالْمَحَلُّ مَحَلُّ الْفَرْضِ وَكَأَنَّهُ جَعَلَ الْفَرْضَ أَرْبَعًا وَفِيهِ تَغْيِيرُ الْمَشْرُوعِ فَهَذَا زَجْرٌ أَكِيدٌ مِنْ أَدَاءِ رَكْعَتِي السُّنَّةِ بَعْدَ الْإِقَامَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء فيمن فاتته الركعتان قبل صلاة الفجر متى يقضيهما]

[بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ فَاتَتْهُ الرَّكْعَتَانِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ مَتَى يَقْضِيهِمَا] 1154 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ قَيْسِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ «رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يُصَلِّي بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ رَكْعَتَيْنِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَلَاةَ الصُّبْحِ مَرَّتَيْنِ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ إِنِّي لَمْ أَكُنْ صَلَّيْتُ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا فَصَلَّيْتُهُمَا قَالَ فَسَكَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (قَالَ فَسَكَتَ النَّبِيُّ إِلَخْ) يَدُلُّ عَلَى الْإِذْنِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ لِمَنْ فَاتَهُمَا قَبْلَ ذَلِكَ وَمَنْ يَقُولُ بِالْكَرَاهَةِ لَا يَقُولُ بِذَلِكَ.

1155 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَيَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ قَالَا حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَامَ عَنْ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ فَقَضَاهُمَا بَعْدَ مَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَقَضَاهُمَا إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيَّ كَانَ يُدَلِّسُ وَقَدْ عَنْعَنَهُ، نَعَمُ احْتَجَّ بِهِ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب ما جاء في الأربع الركعات قبل الظهر]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْأَرْبَعِ الرَّكَعَاتِ قَبْلَ الظُّهْرِ] 1156 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ قَابُوسَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «أَرْسَلَ أَبِي إِلَى عَائِشَةَ أَيُّ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَحَبَّ إِلَيْهِ أَنْ يُوَاظِبَ عَلَيْهَا قَالَتْ كَانَ يُصَلِّي أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ يُطِيلُ فِيهِنَّ الْقِيَامَ وَيُحْسِنُ فِيهِنَّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (كَانَ يُصَلِّي أَرْبَعًا) يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُوَاظِبُ عَلَى أَرْبَعٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَقَدْ جَاءَتْ رَكْعَتَانِ فَلَعَلَّهُ كَانَ أَحْيَانًا يَكْتَفِي بِهِمَا، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَرْبَعَ هِيَ السُّنَّةُ وَالْمُتَبَادِرُ هِيَ الْأَرْبَعُ بِسَلَامٍ وَاحِدٍ وَالْحَدِيثُ الْآتِي صَرِيحٌ فِي تِلْكَ، نَعَمْ ذَلِكَ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ فِيهِ سُنَّةُ الظُّهْرِ أَوْ غَيْرُهَا بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ لِأَنَّ قَابُوسَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَضَعَّفَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالنَّسَائِيُّ وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَأَحْمَدُ وَبَاقِي الرِّجَالُ ثِقَاتٌ.

1157 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ عُبَيْدَةَ بْنِ مُعَتِّبٍ الضَّبِّيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ سَهْمِ بْنِ مِنْجَابٍ عَنْ قَزَعَةَ عَنْ قَرْثَعٍ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا إِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِتَسْلِيمٍ وَقَالَ إِنَّ أَبْوَابَ السَّمَاءِ تُفْتَحُ إِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ»

[باب من فاتته الأربع قبل الظهر]

[بَاب مَنْ فَاتَتْهُ الْأَرْبَعُ قَبْلَ الظُّهْرِ] 1158 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَزَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ قَالُوا حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا فَاتَتْهُ الْأَرْبَعُ قَبْلَ الظُّهْرِ صَلَّاهَا بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ» قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ لَمْ يُحَدِّثْ بِهِ إِلَّا قَيْسٌ عَنْ شُعْبَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (صَلَّاهَا بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ) هَذَا يُرَجِّحُ قَوْلَ مَنِ اخْتَارَ كَوْنَهَا بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ.

[باب فيمن فاتته الركعتان بعد الظهر]

[بَاب فِيمَنْ فَاتَتْهُ الرَّكْعَتَانِ بَعْدَ الظُّهْرِ] 1159 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ «أَرْسَلَ مُعَاوِيَةُ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَانْطَلَقْتُ مَعَ الرَّسُولِ فَسَأَلَ أُمَّ سَلَمَةَ فَقَالَتْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَمَا هُوَ يَتَوَضَّأُ فِي بَيْتِي لِلظُّهْرِ وَكَانَ قَدْ بَعَثَ سَاعِيًا وَكَثُرَ عِنْدَهُ الْمُهَاجِرُونَ وَقَدْ أَهَمَّهُ شَأْنُهُمْ إِذْ ضُرِبَ الْبَابُ فَخَرَجَ إِلَيْهِ فَصَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ جَلَسَ يَقْسِمُ مَا جَاءَ بِهِ قَالَتْ فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى الْعَصْرِ ثُمَّ دَخَلَ مَنْزِلِي فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ شَغَلَنِي أَمْرُ السَّاعِي أَنْ أُصَلِّيَهُمَا بَعْدَ الظُّهْرِ فَصَلَّيْتُهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (قَدْ أَهَمَّهُ شَأْنُهُمْ) أَيْ شَأْنُ الْمُهَاجِرِينَ (فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ) يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ بِسَبَبٍ كَالْقَضَاءِ وَقَدْ قَالَ بِهِ قَوْمٌ

وَحَمَلَهُ آخَرُونَ عَلَى الْخُصُوصِ لِأَحَادِيثِ كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادَةَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَيَكُونُ الْإِسْنَادُ حَسَنًا إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يُدَلِّسُ وَقَدْ عَنْعَنَهُ وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ بِغَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء فيمن صلى قبل الظهر أربعا وبعدها أربعا]

[بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ صَلَّى قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا وَبَعْدَهَا أَرْبَعًا] 1160 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشُّعَيْثِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ صَلَّى قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا وَبَعْدَهَا أَرْبَعًا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ) ظَاهِرُهُ أَنْ لَا يَدْخُلَ أَصْلًا وَحَمْلُهُ عَلَى هَذَا بَعِيدٌ وَيَكْفِي فِي ذَلِكَ الْإِيمَانُ وَعَلَى هَذَا فَلَعَلَّ مَنْ دَاوَمَ عَلَى هَذَا الْفِعْلِ يُوَفِّقُهُ اللَّهُ تَعَالَى لِلْخَيْرَاتِ وَيَغْفِرُ لَهُ الذُّنُوبَ كُلَّهَا.

[باب ما جاء فيما يستحب من التطوع بالنهار]

[بَاب مَا جَاءَ فِيمَا يُسْتَحَبُّ مِنْ التَّطَوُّعِ بِالنَّهَارِ] 1161 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ وَأَبِي وَإِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ السَّلُولِيِّ قَالَ «سَأَلْنَا عَلِيًّا عَنْ تَطَوُّعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّهَارِ فَقَالَ إِنَّكُمْ لَا تُطِيقُونَهُ فَقُلْنَا أَخْبِرْنَا بِهِ نَأْخُذْ مِنْهُ مَا اسْتَطَعْنَا قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى الْفَجْرَ يُمْهِلُ حَتَّى إِذَا كَانَتْ الشَّمْسُ مِنْ هَا هُنَا يَعْنِي مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ بِمِقْدَارِهَا مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ هَا هُنَا يَعْنِي مِنْ قِبَلِ الْمَغْرِبِ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يُمْهِلُ حَتَّى إِذَا كَانَتْ الشَّمْسُ مِنْ هَا هُنَا يَعْنِي مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ مِقْدَارَهَا مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ مِنْ هَا هُنَا قَامَ فَصَلَّى أَرْبَعًا وَأَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ إِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا وَأَرْبَعًا قَبْلَ الْعَصْرِ يَفْصِلُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ بِالتَّسْلِيمِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ وَالنَّبِيِّينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُؤْمِنِينَ قَالَ عَلِيٌّ فَتِلْكَ سِتَّ عَشْرَةَ رَكْعَةً تَطَوُّعُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّهَارِ وَقَلَّ مَنْ يُدَاوِمُ عَلَيْهَا» قَالَ وَكِيعٌ زَادَ فِيهِ أَبِي فَقَالَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ يَا أَبَا إِسْحَقَ مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِحَدِيثِكَ هَذَا مِلْءَ مَسْجِدِكَ هَذَا ذَهَبًا ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يُمْهِلُ) مِنْ أَمْهَلَ أَيْ يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ مِقْدَارُهَا مِنَ الْعَصْرِ أَيْ مِقْدَارُهَا فِي وَقْتِ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَهَذَا الْوَقْتُ يَكُونُ بِالتَّخْمِينِ وَقْتَ الضُّحَى (مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ) أَيْ فِي وَقْتِ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَالْمُرَادُ قُبَيْلَ الزَّوَالِ بِشَيْءٍ يَسِيرٍ فَإِنْ ظَهَرَهُ بَعْدَ الزَّوَالِ كَانَ يَسِيرًا قَوْلُهُ (بِالتَّسْلِيمِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ) الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ التَّشَهُّدُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى قَوْلِهِ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ وَقَوْمٌ حَمَلَهُ عَلَيْهِ وَحَمَلَهُ آخَرُونَ عَلَى التَّسْلِيمِ الْمَعْرُوفِ وَفِي عُمُومِهِ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُؤْمِنِينَ نَظَرٌ بَلِ الْأَوَّلُ

قَدْ جَاءَ بِهِ صَرِيحُ الرِّوَايَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في الركعتين قبل المغرب]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ] 1162 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ وَوَكِيعٌ عَنْ كَهْمَسٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ «قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ قَالَهَا ثَلَاثًا قَالَ فِي الثَّالِثَةِ لِمَنْ شَاءَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ) أَيْ آذَانٍ وَإِقَامَةٍ وَفِي التَّثْنِيَةِ تَغْلِيبٌ وَعُمُومُهُ يَشْمَلُ الْمَغْرِبَ بَلْ قَدْ جَاءَ صَرِيحًا كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْآتِي وَغَيْرِهِ فَلَا وَجْهَ لِلْقَوْلِ بِالْكَرَاهَةِ.

1163 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ «إِنْ كَانَ الْمُؤَذِّنُ لَيُؤَذِّنُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَرَى أَنَّهَا الْإِقَامَةُ مِنْ كَثْرَةِ مَنْ يَقُومُ فَيُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَيَرَى أَنَّهَا الْإِقَامَةُ) الضَّمِيرُ لِلْآذَانِ وَالتَّأْنِيثُ لِتَأْنِيثِ الْخَبَرِ.

[باب ما جاء في الركعتين بعد المغرب]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ] 1164 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى بَيْتِي فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ»

1165 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الضَّحَّاكِ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ «أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ فَصَلَّى بِنَا الْمَغْرِبَ فِي مَسْجِدِنَا ثُمَّ قَالَ ارْكَعُوا هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ فِي بُيُوتِكُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (ارْكَعُوا هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ) أَيِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِأَنَّ رِوَايَةَ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنِ الشَّامِيِّينَ ضَعِيفَةٌ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ كَذَّابٌ قُلْتُ بَلِ الصَّحِيحُ أَنَّ رِوَايَتَهُ عَنْ غَيْرِ الشَّامِيِّينَ ضَعِيفَةٌ.

[باب ما يقرأ في الركعتين بعد المغرب]

[بَاب مَا يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبَ] 1166 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ وَاقِدٍ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُؤَمَّلِ بْنِ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا بَدَلُ بْنُ الْمُحَبَّرِ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ عَنْ زِرٍّ وَأَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ»

[باب ما جاء في الست ركعات بعد المغرب]

[بَاب مَا جَاءَ فِي السِّتِّ رَكَعَاتٍ بَعْدَ الْمَغْرِبِ] 1167 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ الْعُكْلِيُّ أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ أَبِي خَثْعَمٍ الْيَمَامِيُّ أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ صَلَّى بَعْدَ الْمَغْرِبِ سِتَّ رَكَعَاتٍ لَمْ يَتَكَلَّمْ بَيْنَهُنَّ بِسُوءٍ عُدِلْنَ لَهُ بِعِبَادَةِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عُدِلْنَ) أَيْ سَاوَيْنَ مِنْ جِهَةِ الْأَجْرِ لَهُ أَيْ لِلْمُصَلِّي قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: فَإِنْ قُلْتَ كَيْفَ تُعَادِلُ الْعِبَادَةُ الْقَلِيلَةُ الْعِبَادَةَ الْكَثِيرَةَ فَإِنَّهُ تَضْيِيعٌ لِمَا زَادَ عَلَيْهَا مِنَ الْأَفْعَالِ الْمَحْضَةِ قُلْتُ الْفِعْلَانِ إِذَا اخْتَلَفَا نَوْعًا فَلَا إِشْكَالَ وَإِنِ اتَّفَقَا فَلَعَلَّ الْقَلِيلَ يَكْتَفِي بِمُقَارَنَةِ مَا يَخُصُّهُ مِنَ الْأَوْقَاتِ وَالْأَحْوَالِ مَا يُرَجِّحُهُ عَلَى أَمْثَالِهِ.

[باب ما جاء في الوتر]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْوِتْرِ] 1168 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ الْمِصْرِيُّ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَاشِدٍ الزَّوْفِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُرَّةَ الزَّوْفِيِّ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ حُذَافَةَ الْعَدَوِيِّ قَالَ «خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَمَدَّكُمْ بِصَلَاةٍ لَهِيَ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ حُمُرِ النَّعَمِ الْوِتْرُ جَعَلَهُ اللَّهُ لَكُمْ فِيمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِلَى أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَاشِدٍ الزَّوْفِيِّ) بِفَتْحِ الزَّايِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَالْفَاءِ قَوْلُهُ (قَدْ أَمَدَّكُمْ) مِنْ أَمَدَّ الْجَيْشَ إِذَا لَحِقَ بِهِ مَا يُقَوِّيهِ أَيْ فَرَضَ عَلَيْكُمْ فَرَائِضَ لِيُؤْجِرَكُمْ بِهَا وَلَمْ يَكْتَفِ بِهِ فَشَرَعَ الْوِتْرَ لِيَزِيدَكُمْ بِهِ إِحْسَانًا عَلَى إِحْسَانٍ قَوْلُهُ (مِنْ حُمْرِ النِّعَمِ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْلَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ جَمْعُ أَحْمَرَ مِنْ أَعَزِّ الْأَمْوَالِ عِنْدَ الْعَرَبِ أَيْ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَتَصَدَّقُوا بِهَا وَهُوَ عَلَى اعْتِقَادِهِمُ الْخَيْرِيَّةَ فِيهَا وَإِلَّا فَذَرَّةٌ مِنَ الْأَخِيرَةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا.

1169 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ السَّلُولِيِّ قَالَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ «إِنَّ الْوِتْرَ لَيْسَ بِحَتْمٍ وَلَا كَصَلَاتِكُمْ الْمَكْتُوبَةِ وَلَكِنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْتَرَ ثُمَّ قَالَ يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ أَوْتِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَيْسَ بِحَتْمٍ) ظَاهِرُهُ عَدَمُ الْوُجُوبِ كَمَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَوْتِرُوا قَالَ الطِّيبِيُّ يُرِيدُ بِالْوِتْرِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قِيَامَ اللَّيْلِ فَإِنَّ الْوِتْرَ يُطْلَقُ عَلَيْهِ كَمَا يُفْهَمُ مِنَ الْأَحَادِيثِ فَلِذَلِكَ خَصَّ الْخِطَابَ بِأَهْلِ الْقُرْآنِ.

1170 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ الْأَبَّارُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ أَوْتِرُوا يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ مَا يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَيْسَ لَكَ وَلَا لِأَصْحَابِكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وِتْرٌ) بِكَسْرِ الْوَاوِ وَتُفْتَحُ أَيْ وَاحِدٌ فِي ذَاتِهِ لَا يَقْبَلُ الِانْقِسَامَ وَالتَّجْزِي وَوَاحِدٌ فِي صِفَاتِهِ لَا مِثْلَ لَهُ وَلَا شَبِيهَ وَوَاحِدٌ فِي أَفْعَالِهِ فَلَا مُعِينَ لَهُ (يُحِبُّ الْوِتْرَ) أَيْ يُثِيبُ عَلَيْهِ وَيَقْبَلُهُ عَنْ عَامِلِهِ قَوْلُهُ (لَيْسَ لَكَ وَلَا لِأَصْحَابِكَ) أَيْ مِمَّنْ لَيْسَ بِأَهْلِ الْقُرْآنِ ظَاهِرُهُ الرَّفْعُ لَا الْوَقْفُ وَهَذَا يُنَافِي وُجُوبَ

[باب ما جاء فيما يقرأ في الوتر]

الْوِتْرِ عُمُومًا أَوِ اسْتِنَانِهِ إِذَا قُلْنَا الْمُرَادُ بِالْوِتْرِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ صَلَاةُ اللَّيْلِ نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ صَلَاةُ اللَّيْلِ مَخْصُوصَةً بِأَهْلِ الْقُرْآنِ فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ التَّأْكِيدُ فِي حَقِّهِمْ وَيَكُونَ فِي حَقِّ الْغَيْرِ نَدْبًا بِلَا تَأْكِيدٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. [بَاب مَا جَاءَ فِيمَا يُقْرَأُ فِي الْوِتْرِ] 1171 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ الْأَبَّارُ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ طَلْحَةَ وَزُبَيْدٍ عَنْ ذَرٍّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوتِرُ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ»

1172 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُوتِرُ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ

1173 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ وَأَبُو يُوسُفَ الرَّقِّيُّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الصَّيْدَلَانِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ خُصَيْفٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جُرَيْجٍ قَالَ سَأَلْنَا عَائِشَةَ «بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ يُوتِرُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَفِي الثَّانِيَةِ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَفِي الثَّالِثَةِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ»

[باب ما جاء في الوتر بركعة]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْوِتْرِ بِرَكْعَةٍ] 1174 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى وَيُوتِرُ بِرَكْعَةٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَثْنَى) تُفِيدُ التَّكْرَارَ فَإِنَّهَا بِمَعْنَى اثْنَتَيْنِ اثْنَتَيْنِ فَمَثْنَى الثَّانِي تَأْكِيدٌ لَفْظِيٌّ وَإِلَّا فَالتَّكْرَارُ يَكْفِي فِي إِفَادَتِهِ مَثْنَى الْأَوَّلُ وَالْمُتَبَادِرُ أَنَّهُ كَانَ يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَعَلَى هَذَا فَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ لِمَنْ يَقُولُ بِجَوَازِ الْوِتْرِ رَكْعَةً وَاحِدَةً وَمَنْ لَا يَقُولُ بِذَلِكَ يُحْمَلُ مَثْنَى عَلَى الْجُلُوسِ عَلَى كُلِّ رَكْعَتَيْنِ.

1175 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى وَالْوِتْرُ رَكْعَةٌ قُلْتُ أَرَأَيْتَ إِنْ غَلَبَتْنِي عَيْنِي أَرَأَيْتَ إِنْ نِمْتُ قَالَ اجْعَلْ أَرَأَيْتَ عِنْدَ ذَلِكَ النَّجْمِ فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا السِّمَاكُ ثُمَّ أَعَادَ فَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى وَالْوِتْرُ رَكْعَةٌ قَبْلَ الصُّبْحِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى إِلَخْ) أَيْ يَنْبَغِي لِلْمُصَلِّي أَنْ يُصَلِّيَهَا كَذَلِكَ فَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى الْأَمْرِ وَالْوِتْرُ رَكْعَةٌ أَيْ أَدْنَاهُ رَكْعَةٌ (فَإِذَا السِّمَاكُ) بِكَسْرِ السِّينِ فِي الصِّحَاحِ السِّمَاكَانِ كَوْكَبَانِ سِمَاكُ الْأَعْزَلِ وَهُوَ مِنْ مَنَازِلِ الْقَمَرِ وَسِمَاكُ الرَّامِحِ وَلَيْسَ مِنَ الْمَنَازِلِ.

1176 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنَا الْمُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ رَجُلٌ فَقَالَ كَيْفَ أُوتِرُ قَالَ أَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ قَالَ إِنِّي أَخْشَى أَنْ يَقُولَ النَّاسُ الْبُتَيْرَاءُ فَقَالَ سُنَّةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ يُرِيدُ هَذِهِ سُنَّةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (الْبُتَيْرَاءُ) تَصْغِيرُ الْبَتْرِ بِمَعْنَى الْقَطْعِ وَالصَّلَاةُ الْبُتَيْرَاءُ قِيلَ مَا كَانَتْ عَلَى رَكْعَةٍ وَقِيلَ هِيَ الَّتِي نَوَاهَا الْمُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَطَعَهَا عَلَى رَكْعَةٍ وَفِي الزَّوَائِدِ رِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ قَالَ الْبُخَارِيُّ لَا أَعْرِفُ لِلْمَطْلَبِ سَمَاعًا عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ.

1177 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَلِّمُ فِي كُلِّ ثِنْتَيْنِ وَيُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يُسَلِّمُ فِي كُلِّ ثِنْتَيْنِ إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في القنوت في الوتر]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ] 1178 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَبِي الْحَوْرَاءِ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ «عَلَّمَنِي جَدِّي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِي قُنُوتِ الْوِتْرِ اللَّهُمَّ عَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ وَاهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ إِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ إِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ سُبْحَانَكَ رَبَّنَا تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَقُولُهُنَّ فِي الْوِتْرِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ عَلَّمَنِي أَنْ أَقُولَهُنَّ فِي الْوِتْرِ بِتَقْدِيرِ أَنْ أَوْ بِاسْتِعْمَالِ الْفِعْلِ مَوْضِعَ الْمَصْدَرِ مَجَازًا ثُمَّ جُعِلَ بَدَلًا مِنْ كَلِمَاتٍ يُفِيدُ أَنَّهُ عَلَّمَهُ الْكَلِمَاتِ مُطْلَقًا ثُمَّ هُوَ مِنْ نَفْسِهِ وَضَعَهُنَّ فِي الْوِتْرِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ قَوْلَهُ أَقُولُهُنَّ صِفَةُ كَلِمَاتٍ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ لَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ عَلَّمَهُ أَنْ يَقُولَ تِلْكَ الْكَلِمَاتِ فِي الْوِتْرِ لَا أَنَّهُ عَلَّمَهُ نَفْسَ الْكَلِمَاتِ مُطْلَقًا ثُمَّ قَدْ أَطْلَقَ الْوِتْرَ فَيَشْمَلُ الْوِتْرَ طُولَ السَّنَةِ وَمَعْنَى تَوَلَّنِي أَيْ تَوَلَّ أَمْرِي وَأَصْلِحْهُ فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ أُمُورَهُمْ وَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي وَقَوْلُهُ وَالَيْتَ فِي مُقَابَلَةِ عَادَيْتَ كَمَا جَاءَ صَرِيحًا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ.

1179 - حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ حَفْصُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عَمْرٍو الْفَزَارِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي آخِرِ الْوِتْرِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سُخْطِكَ وَأَعُوذُ بِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ) أَيْ مُتَوَسِّلًا بِرِضَاكَ مِنْ أَنْ تَسْخَطَ وَتَغْضَبَ عَلَيَّ قَوْلُهُ (وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ) أَيْ أَعُوذُ بِصِفَاتِ جَمَالِكَ مِنْ صِفَاتِ جَلَالِكَ فَهَذَا إِجْمَالٌ بَعْدَ شَيْءٍ مِنَ التَّفْصِيلِ وَتَعَوُّذٌ وَتَوَسُّلٌ بِجَمِيعِ صِفَاتِ

الْجَمَالِ مِنْ صِفَاتِ الْجَلَالِ وَإِلَّا فَالتَّعَوُّذُ مِنَ الذَّنْبِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ شَيْءٍ مِنَ الصِّفَاتِ لَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ (لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ) أَيْ لَا أَسْتَطِيعُ فَرْدًا مِنْ ثَنَائِكَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ نَعْمَائِكَ وَهَذَا بَيَانٌ لِكَمَالِ عَجْزِ الْبَشَرِ عَنْ أَدَاءِ حُقُوقِ الرَّبِّ تَعَالَى قَوْلُهُ (أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ إِلَخْ) أَيْ أَنْتَ الَّذِي أَثْنَيْتَ عَلَى ذَاتِكَ ثَنَاءً يَلِيقُ بِكَ فَمَنْ يَقْدِرُ عَلَى أَدَاءِ حَقِّ ثَنَائِكَ فَالْكَافُ زَائِدَةٌ وَالْخِطَابُ فِي عَائِدِ الْمَوْصُولِ بِمُلَاحَظَةِ الْمَعْنَى نَحْوَ أَنَا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَهْ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْكَافَ بِمَعْنَى عَلَى وَالْعَائِدُ إِلَى الْمَوْصُولِ مَحْذُوفٌ أَيْ أَنْتَ ثَابِتٌ دَائِمٌ عَلَى الْأَوْصَافِ الْجَلِيلَةِ الَّتِي أَثْنَيْتَ بِهَا عَلَى نَفْسِكَ وَالْجُمْلَةُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي مَوْضِعِ التَّعْلِيلِ وَفِيهِ إِطْلَاقُ لَفْظِ النَّفْسِ عَلَى ذَاتِهِ تَعَالَى بِلَا مُشَاكَلَةٍ.

[باب من كان لا يرفع يديه في القنوت]

[بَاب مَنْ كَانَ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الْقُنُوتِ] 1180 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ دُعَائِهِ إِلَّا عِنْدَ الِاسْتِسْقَاءِ فَإِنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِلَخْ) قَدْ ثَبَتَ رَفْعُ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ فِي غَيْرِ الِاسْتِسْقَاءِ أَيْضًا فَيُحْمَلُ هَذَا النَّفْيُ عَلَى الرَّفْعِ عَلَى وَجْهِ الْمُبَالَغَةِ أَيْ كَانَ لَا يُبَالِغُ فِي رَفْعِ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَدْعِيَةِ مِثْلَ مُبَالَغَتِهِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ آخِرُ الْحَدِيثِ وَعَلَى هَذَا فَلَا دَلَالَةَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى التَّرْجَمَةِ.

[باب من رفع يديه في الدعاء ومسح بهما وجهه]

[بَاب مَنْ رَفَعَ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ وَمَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ] 1181 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَا حَدَّثَنَا عَائِذُ بْنُ حَبِيبٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ حَسَّانَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَعَوْتَ اللَّهَ فَادْعُ بِبَاطِنِ كَفَّيْكَ وَلَا تَدْعُ بِظُهُورِهِمَا فَإِذَا فَرَغْتَ فَامْسَحْ بِهِمَا وَجْهَكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِذَا دَعَوْتَ إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى ضَعْفِ صَالِحِ بْنِ حَسَّانٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في القنوت قبل الركوع وبعده]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْقُنُوتِ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَبَعْدَهُ] 1182 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ زُبَيْدٍ الْيَامِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُوتِرُ فَيَقْنُتُ قَبْلَ الرُّكُوعِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَيَقْنُتُ قَبْلَ الرُّكُوعِ) ظَاهِرُهُ فِي الْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ نَعَمْ يَدُلُّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى

كَوْنِهِ وَاجِبًا فِي الْوِتْرِ.

1183 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ سُئِلَ عَنْ الْقُنُوتِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ فَقَالَ كُنَّا نَقْنُتُ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَبَعْدَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (قَبْلَ الرُّكُوعِ وَبَعْدَهُ) أَيْ فَيَجُوزُ الْوَجْهَانِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[باب ما جاء في الوتر آخر الليل]

1184 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ «سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنْ الْقُنُوتِ فَقَالَ قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الرُّكُوعِ» [بَاب مَا جَاءَ فِي الْوِتْرِ آخِرَ اللَّيْلِ] 1185 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ «سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ وِتْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ مِنْ كُلِّ اللَّيْلِ قَدْ أَوْتَرَ مِنْ أَوَّلِهِ وَأَوْسَطِهِ وَانْتَهَى وِتْرُهُ حِينَ مَاتَ فِي السَّحَرِ»

1186 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «مِنْ كُلِّ اللَّيْلِ قَدْ أَوْتَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَوَّلِهِ وَأَوْسَطِهِ وَانْتَهَى وِتْرُهُ إِلَى السَّحَرِ»

1187 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي غَنِيَّةَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ خَافَ مِنْكُمْ أَنْ لَا يَسْتَيْقِظَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ ثُمَّ لِيَرْقُدْ وَمَنْ طَمِعَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَيْقِظَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَإِنَّ قِرَاءَةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَحْضُورَةٌ وَذَلِكَ أَفْضَلُ»

[باب ما جاء في من نام عن الوتر أو نسيه]

[بَاب مَا جَاءَ فِي مَنْ نَامَ عَنْ الْوِتْرِ أَوْ نَسِيَهُ] 1188 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمَدِينِيُّ وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ نَامَ عَنْ الْوِتْرِ أَوْ نَسِيَهُ فَلْيُصَلِّ إِذَا أَصْبَحَ أَوْ ذَكَرَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَلْيُصَلِّ إِذَا أَصْبَحَ إِلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْوِتْرَ وَاجِبٌ كَمَا عَلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْأَمْرَ لِلنَّدْبِ وَيَكُونُ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمَنْدُوبَ يُقْضَى كَالْوَاجِبِ وَقَدْ جَاءَ قَضَاؤُهُ.

1189 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَأَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْتِرُوا قَبْلَ أَنْ تُصْبِحُوا» قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَاهٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (قَبْلَ أَنْ تُصْبِحُوا) أَيْ تَدْخُلُوا فِي الصُّبْحِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْوِتْرُ بَعْدَ الصُّبْحِ فَلَا يُقْضَى إِذَا فَاتَ لِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ الْإِيتَارَ بَعْدَ الصُّبْحِ وَهُوَ دَلِيلٌ ضَعِيفٌ يَظْهَرُ ذَلِكَ بِأَدْنَى نَظَرٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في الوتر بثلاث وخمس وسبع وتسع]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْوِتْرِ بِثَلَاثٍ وَخَمْسٍ وَسَبْعٍ وَتِسْعٍ] 1190 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْوِتْرُ حَقٌّ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُوتِرْ بِخَمْسٍ وَمَنْ شَاءَ فَلْيُوتِرْ بِثَلَاثٍ وَمَنْ شَاءَ فَلْيُوتِرْ بِوَاحِدَةٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (الْوِتْرُ حَقٌّ إِلَخْ) قَدْ يَسْتَدِلُّ بِهِ مَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِ الْوِتْرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَقَّ هُوَ اللَّازِمُ الثَّابِتُ عَلَى الذِّمَّةِ وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ مَقْرُونًا بِالْوَعِيدِ عَلَى تَارِكِهِ وَبَحَثَ مَنْ لَا يَرَى الْوُجُوبَ أَنَّ مَعْنَى " حَقٌّ " أَنَّهُ مَشْرُوعٌ ثَابِتٌ وَمَعْنَى لَيْسَ مِنَّا كَمَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ لَيْسَ مِنْ سُنَّتِنَا وَعَلَى طَرِيقَتِنَا أَوِ الْمُرَادُ مَنْ لَمْ يُوتِرْ رَغْبَةً عَنِ السُّنَّةِ فَلَيْسَ مِنَّا.

1191 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ قَالَ «سَأَلْتُ عَائِشَةَ قُلْتُ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَفْتِينِي عَنْ وِتْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ كُنَّا نُعِدُّ لَهُ سِوَاكَهُ وَطَهُورَهُ فَيَبْعَثُهُ اللَّهُ فِيمَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَهُ مِنْ اللَّيْلِ فَيَتَسَوَّكُ وَيَتَوَضَّأُ ثُمَّ يُصَلِّي تِسْعَ رَكَعَاتٍ لَا يَجْلِسُ فِيهَا إِلَّا عِنْدَ الثَّامِنَةِ فَيَدْعُو رَبَّهُ فَيَذْكُرُ اللَّهَ وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُوهُ ثُمَّ يَنْهَضُ وَلَا يُسَلِّمُ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي التَّاسِعَةَ ثُمَّ يَقْعُدُ فَيَذْكُرُ اللَّهَ وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُو رَبَّهُ وَيُصَلِّي عَلَى نَبِيِّهِ ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمًا يُسْمِعُنَا ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ مَا يُسَلِّمُ وَهُوَ قَاعِدٌ فَتِلْكَ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً فَلَمَّا أَسَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخَذَ اللَّحْمَ أَوْتَرَ بِسَبْعٍ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ مَا سَلَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (ثُمَّ يَنْهَضُ) أَيْ يَقُومُ مِنَ الْقُعُودِ وَقَوْلُهُ ثُمَّ يَقُومُ أَيْ يَمْكُثُ قَائِمًا (يُسْمِعُنَا) مِنَ الْإِسْمَاعِ يُرِيدُ أَنَّهُ يَجْهَرُ بِهِ.

1192 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ زُهَيْرٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوتِرُ بِسَبْعٍ أَوْ بِخَمْسٍ لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِتَسْلِيمٍ وَلَا كَلَامٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (بِتَسْلِيمٍ وَلَا كَلَامٍ) أَيْ وَلَا بِقُعُودٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَيَلْزَمُ مِنْ هَذَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ أَنَّ الْقُعُودَ عَلَى كُلِّ رَكْعَتَيْنِ غَيْرُ وَاجِبٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في الوتر في السفر]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْوِتْرِ فِي السَّفَرِ] 1193 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ وَإِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ عَنْ جَابِرٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ لَا يَزِيدُ عَلَيْهِمَا وَكَانَ يَتَهَجَّدُ مِنْ اللَّيْلِ قُلْتُ وَكَانَ يُوتِرُ قَالَ نَعَمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَكَانَ يُوتِرُ قَالَ: نَعَمْ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادُهُ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ وَهُوَ كَذَّابٌ وَالْوِتْرُ فِي السَّفَرِ سُنَّةٌ أَرَادَ بِالسُّنَّةِ الطَّرِيقَةَ الْمَسْلُوكَةَ فِي الدِّينِ، أَعَمُّ مِنَ السُّنَّةِ الْمُصْطَلِحِ عَلَيْهَا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ السَّوْقُ فَلَا دَلَالَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْوِتْرَ لَيْسَ بِفَرْضٍ وَهُوَ

ظَاهِرٌ.

1194 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَامِرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ قَالَا «سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ وَهُمَا تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ وَالْوِتْرُ فِي السَّفَرِ سُنَّةٌ»

[باب ما جاء في الركعتين بعد الوتر جالسا]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْوِتْرِ جَالِسًا] 1195 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ حَدَّثَنَا مَيْمُونُ بْنُ مُوسَى الْمَرَئِيُّ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أُمِّهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْوِتْرِ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَهُوَ جَالِسٌ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ لِأَنَّ مَيْمُونَ بْنَ مُوسَى قَالَ فِيهِ أَحْمَدُ لَا أَرَى بِهِ بَأْسًا وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ صَدُوقٌ وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ لَا بَأْسَ بِهِ وَلَيَّنَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَالضُّعَفَاءُ وَقَالَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ إِذَا انْفَرَدَ.

1196 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ ثُمَّ يَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ يَقْرَأُ فِيهِمَا وَهُوَ جَالِسٌ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ قَامَ فَرَكَعَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (قَامَ فَرَكَعَ) فِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في الضجعة بعد الوتر وبعد ركعتي الفجر]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الضَّجْعَةِ بَعْدَ الْوِتْرِ وَبَعْدَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ] 1197 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ مِسْعَرٍ وَسُفْيَانَ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «مَا كُنْتُ أُلْفِي أَوْ أَلْقَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ إِلَّا وَهُوَ نَائِمٌ عِنْدِي» قَالَ وَكِيعٌ تَعْنِي بَعْدَ الْوِتْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَا كُنْتُ أُلْفِي) مِنْ أَلْفَيْتُ أَيْ أَجِدُ وَالثَّانِي مِنَ اللِّقَاءِ بِالْقَافِ.

1198 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ) قَدْ جَاءَ الْأَمْرُ بِهَذَا الِاضْطِجَاعِ فَهُوَ أَحْسَنُ وَأَوْلَى، وَمَا وَرَدَ مِنْ إِنْكَارِهِ عَنْ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ لَا وَجْهَ لَهُ أَصْلًا وَلَعَلَّهُمْ مَا بَلَغَهُمُ الْحَدِيثُ وَإِلَّا فَمَا وَجْهُ إِنْكَارِهِمْ.

1199 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنِي سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ اضْطَجَعَ»

[باب ما جاء في الوتر على الراحلة]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْوِتْرِ عَلَى الرَّاحِلَةِ] 1200 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ «كُنْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ فَتَخَلَّفْتُ فَأَوْتَرْتُ فَقَالَ مَا خَلَفَكَ قُلْتُ أَوْتَرْتُ فَقَالَ أَمَا لَكَ فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ قُلْتُ بَلَى قَالَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُوتِرُ عَلَى بَعِيرِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَقَالَ مَا خَلْفَكَ إِلَخْ) كَأَنَّهُ عَلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَرَى الْوِتْرَ عَلَى الرَّاحِلَةِ جَائِزًا فَلِذَلِكَ أَنْكَرَ عَلَيْهِ بِمَا قَالَ وَإِلَّا فَالْوِتْرُ عَلَى الرَّاحِلَةِ لَا يَمْنَعُ الْوِتْرَ عَلَى الْأَرْضِ بَلْ هُوَ الْأَصْلُ فَلَا يَخْرُجُ الْإِنْسَانُ بِهِ عَنِ الِاقْتِدَاءِ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْوِتْرِ لِأَنَّ أَدَاءَهُ عَلَى الرَّاحِلَةِ مِنْ عَلَامَاتِ عَدَمِ الْوُجُوبِ.

1201 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْأَسْفَاطِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُوتِرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (كَانَ يُوتِرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في الوتر أول الليل]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْوِتْرِ أَوَّلَ اللَّيْلِ] 1202 - حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ تَوْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ أَيَّ حِينٍ تُوتِرُ قَالَ أَوَّلَ اللَّيْلِ بَعْدَ الْعَتَمَةِ قَالَ فَأَنَتَ يَا عُمَرُ فَقَالَ آخِرَ اللَّيْلِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا أَنْتَ يَا أَبَا بَكْرٍ فَأَخَذْتَ بِالْوُثْقَى وَأَمَّا أَنْتَ يَا عُمَرُ فَأَخَذْتَ بِالْقُوَّةِ» حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ تَوْبَةَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَلِيمٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ فَذَكَرَ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَأَخَذْتُ بِالْوُثْقَى) أَيْ بِالْخَصْلَةِ الْمُحْكَمَةِ وَهِيَ الْخُرُوجُ عَنِ الْعُهْدَةِ بِيَقِينٍ وَالِاحْتِرَازُ عَنِ الْفَوْتِ بِالْقُوَّةِ أَيْ بِصِدْقِ الْعَزِيمَةِ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ التَّأْخِيرَ لِمَنْ يَتَنَبَّهُ أَوْلَى وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَقَالَ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَقَالَ وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ.

[باب السهو في الصلاة]

[بَاب السَّهْوِ فِي الصَّلَاةِ] 1203 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَزَادَ أَوْ نَقَصَ قَالَ إِبْرَاهِيمُ وَالْوَهْمُ مِنِّي فَقِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَزِيدَ فِي الصَّلَاةِ شَيْءٌ قَالَ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ فَإِذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ ثُمَّ تَحَوَّلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَزَادَ أَوْ نَقَصَ) شَكٌّ وَكَأَنَّ الْمُتَحَقِّقَ هِي الزِّيَادَةُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ آخِرُ الْحَدِيثِ وَسَائِرُ الرِّوَايَاتِ وَسَيَجِيءُ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ

أَنَّهُ تَكَلَّمَ مُتَعَمِّدًا ثُمَّ سَجَدَ لِلسَّهْوِ.

1204 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ هِشَامٍ حَدَّثَنِي يَحْيَى حَدَّثَنِي عِيَاضٌ أَنَّهُ «سَأَلَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ فَقَالَ أَحَدُنَا يُصَلِّي فَلَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى فَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَلَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى إِلَخْ) لَمْ يَتَعَرَّضْ فِيهِ لِلْبِنَاءِ عَلَى الْيَقِينِ لَكِنَّ رِوَايَاتِ الْحَدِيثِ تَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ الْبِنَاءِ عَلَى الْيَقِينِ فَيَنْبَغِي حَمْلُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَلَى ذَلِكَ أَيْ فَلْيَسْجُدْ بَعْدَ مَا بَنَى عَلَى الْيَقِينِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب من صلى الظهر خمسا وهو ساه]

[بَاب مَنْ صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا وَهُوَ سَاهٍ] 1205 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ قَالَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ شُعْبَةَ حَدَّثَنِي الْحَكَمُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ خَمْسًا فَقِيلَ لَهُ أَزِيدَ فِي الصَّلَاةِ قَالَ وَمَا ذَاكَ فَقِيلَ لَهُ فَثَنَى رِجْلَهُ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (خَمْسًا) حَمَلَهُ عُلَمَاؤُنَا الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ جَلَسَ عَلَى الرَّابِعَةِ إِذْ تَرْكُ هَذَا الْجُلُوسِ عِنْدَهُمْ مُفْسِدٌ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْجُلُوسَ عَلَى الرَّابِعَةِ إِمَّا عَلَى أَنَّهَا ثَانِيَةٌ أَوْ عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا رَابِعَةٌ وَكُلٌّ مِنَ الْأَمْرَيْنِ يُفْضِي إِلَى اعْتِبَارِ أَنَّ الْوَاقِعَ مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْ سَهْوٍ وَاحِدٍ وَإِثْبَاتُ ذَلِكَ بِلَا دَلِيلٍ مُشْكِلٌ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَا جَلَسَ أَصْلًا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إِذَا ظَنَّ أَنَّهَا رَابِعَةٌ فَالْقِيَامُ لِخَامِسَةٍ يَحْتَاجُ إِلَى أَنَّهُ بَيَّنَ ذَلِكَ وَظَهَرَ لَهُ أَنَّهَا ثَالِثَةٌ مَثَلًا وَاعْتَقَدَ أَنَّهَا خَطَأٌ فِي جُلُوسِهِ وَعِنْدَ ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدَ لِلسَّهْوِ فَتَرْكُهُ سُجُودَ السَّهْوِ أَوَّلًا يَحْتَاجُ إِلَى الْقَوْلِ أَنَّهُ بَيَّنَ ذَلِكَ الِاعْتِقَادَ أَيْضًا ثُمَّ قَوْلُهُ وَمَا ذَاكَ بَعْدَ أَنْ قِيلَ لَهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ نَسِيَ بِحَيْثُ مَا تَنَبَّهَ لَهُ بِتَذْكِيرِهِمْ أَيْضًا وَهَذَا لَا يَخْلُو عَنْ بُعْدٍ وَإِنْ قُلْنَا إِنَّهُ ظَنَّ أَنَّهَا ثَانِيَةٌ سَهْوًا وَنِسْيَانًا فَذَاكَ النِّسْيَانُ مَعَ مَا بَعْدَهُ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَجْلِسَ عَلَى رَأْسِ الْخَامِسَةِ وَيَحْتَاجُ إِلَى اعْتِبَارِ سَهْوٍ آخَرَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء فيمن قام من اثنتين ساهيا]

[بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ قَامَ مِنْ اثْنَتَيْنِ سَاهِيًا] 1206 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ وَأَبُو بَكْرٍ ابْنَا أَبِي شَيْبَةَ وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالُوا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ ابْنِ بُحَيْنَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى صَلَاةً أَظُنُّ أَنَّهَا الظُّهْرُ فَلَمَّا كَانَ فِي الثَّانِيَةِ قَامَ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ فَلَمَّا كَانَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ»

1207 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ وَابْنُ فُضَيْلٍ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ح وَحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ كُلُّهُمْ لَهُمْ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ أَنَّ ابْنَ بُحَيْنَةَ أَخْبَرَهُ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فِي ثِنْتَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ نَسِيَ الْجُلُوسَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ إِلَّا أَنْ يُسَلِّمَ سَجَدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ وَسَلَّمَ»

1208 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ جَابِرٍ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُبَيْلٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ فَلَمْ يَسْتَتِمَّ قَائِمًا فَلْيَجْلِسْ فَإِذَا اسْتَتَمَّ قَائِمًا فَلَا يَجْلِسْ وَيَسْجُدْ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَلَمْ يَسْتَتِمَّ قَائِمًا) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُوَ بَقَاءُ الْقِيَامِ كَمَا هُوَ الْمُخْتَارُ فِي مَذْهَبِنَا لَا الْقُرْبُ إِلَى الْقِيَامِ كَمَا اعْتَبَرَهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ مِنْ عُلَمَائِنَا الْحَنَفِيَّةِ.

[باب ما جاء فيمن شك في صلاته فرجع إلى اليقين]

[بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ فَرَجَعَ إِلَى الْيَقِينِ] 1209 - حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ الرَّقِّيُّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الصَّيْدَلَانِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ كُرَيْبٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي الثِّنْتَيْنِ وَالْوَاحِدَةِ فَلْيَجْعَلْهَا وَاحِدَةً وَإِذَا شَكَّ فِي الثِّنْتَيْنِ وَالثَّلَاثِ فَلْيَجْعَلْهَا ثِنْتَيْنِ وَإِذَا شَكَّ فِي الثَّلَاثِ وَالْأَرْبَعِ فَلْيَجْعَلْهَا ثَلَاثًا ثُمَّ لِيُتِمَّ مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِ حَتَّى يَكُونَ الْوَهْمُ فِي الزِّيَادَةِ ثُمَّ يَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ»

1210 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُلْغِ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى الْيَقِينِ فَإِذَا اسْتَيْقَنَ التَّمَامَ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ فَإِنْ كَانَتْ صَلَاتُهُ تَامَّةً كَانَتْ الرَّكْعَةُ نَافِلَةً وَإِنْ كَانَتْ نَاقِصَةً كَانَتْ الرَّكْعَةُ لِتَمَامِ صَلَاتِهِ وَكَانَتْ السَّجْدَتَانِ رَغْمَ أَنْفِ الشَّيْطَانِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ إِلَخْ) حَمَلَهُ عُلَمَاؤُنَا عَلَى مَا إِذَا لَمْ يَغْلِبْ ظَنُّهُ عَلَى شَيْءٍ وَإِلَّا فَعِنْدَ غَلَبَةِ الظَّنِّ لَمْ يَبْقَ شَكٌّ فَمَعْنَى إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ أَيْ إِذَا بَقِيَ شَاكًّا وَلَمْ يَتَرَجَّحْ عِنْدَهُ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ بِالتَّحَرِّي وَغَيْرُهُمْ حَمَلُوا الشَّكَّ عَلَى مُطْلَقِ التَّرَدُّدِ فِي النَّفْسِ وَعَدَمِ الْيَقِينِ قَوْلُهُ (فَلْيُلْقِ) مِنَ الْإِلْقَاءِ أَيْ لِيَطْرَحِ الشَّكَّ أَيِ الْمَشْكُوكَ فِيهِ وَهُوَ الْأَكْثَرُ وَلَا يَأْخُذُ بِهِ فِي الْبِنَاءِ قَوْلُهُ (وَلْيَبْنِ عَلَى الْيَقِينِ) أَيِ الْمُتَيَقَّنِ بِهِ وَهُوَ الْأَقَلُّ وَمَحَلُّهُ مَا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ (رَغْمَ أَنْفِ الشَّيْطَانِ) أَيْ سَبَبًا لِإِغَاظَتِهِ لَهُ وَإِذْلَالِهِ تَكَلُّفٌ فِي التَّلْبِيسِ فَجَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ طَرِيقَ جَبْرٍ بِسَجْدَتَيْنِ فَأَضَلَّ سَعْيَهُ حَيْثُ جَعَلَ وَسْوَسَتَهُ سَبَبًا لِلتَّقَرُّبِ بِسَجْدَةٍ اسْتَحَقَّ بِهَا هُوَ بِتَرْكِهَا الطَّرْدَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء فيمن شك في صلاته فتحرى الصواب]

[بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ فَتَحَرَّى الصَّوَابَ] 1211 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ شُعْبَةُ كَتَبَ إِلَيَّ وَقَرَأْتُهُ عَلَيْهِ قَالَ أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةً لَا نَدْرِي أَزَادَ أَوْ نَقَصَ فَسَأَلَ فَحَدَّثْنَاهُ فَثَنَى رِجْلَهُ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ لَوْ حَدَثَ فِي الصَّلَاةِ شَيْءٌ لَأَنْبَأْتُكُمُوهُ وَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي وَأَيُّكُمْ مَا شَكَّ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَتَحَرَّ أَقْرَبَ ذَلِكَ مِنْ الصَّوَابِ فَيُتِمَّ عَلَيْهِ وَيُسَلِّمَ وَيَسْجُدَ سَجْدَتَيْنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَلْيَتَحَرَّ إِلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَأْخُذُ بِغَالِبِ الظَّنِّ كَمَا قَالَ بِهِ عُلَمَاؤُنَا الْحَنَفِيَّةُ وَحَمْلُهُ عَلَى الْيَقِينِ بَعِيدٌ.

1212 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ ثُمَّ يَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» قَالَ الطَّنَافِسِيُّ هَذَا الْأَصْلُ وَلَا يَقْدِرُ أَحَدٌ يَرُدُّهُ

[باب فيمن سلم من ثنتين أو ثلاث ساهيا]

[بَاب فِيمَنْ سَلَّمَ مِنْ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ سَاهِيًا] 1213 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَبُو كُرَيْبٍ وَأَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ قَالُوا حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَهَا فَسَلَّمَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقَصُرَتْ أَمْ نَسِيتَ قَالَ مَا قَصُرَتْ وَمَا نَسِيتُ قَالَ إِذًا فَصَلَّيْتَ رَكْعَتَيْنِ قَالَ أَكَمَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ قَالُوا نَعَمْ فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَقَصُرَتِ الصَّلَاةُ) بِضَمِّ الصَّادِ (مَا قَصُرَتْ وَمَا نَسِيتُ) خَرَجَ عَلَى حَسْبِ الظَّنِّ وَيُعْتَبَرُ الظَّنُّ قَيْدًا فِي الْكَلَامِ تَرَكَ ذِكْرَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْغَالِبَ فِي بَيَانِ أَمْثَالِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ أَنْ يُجْزِئَ فِيهَا الْكَلَامُ بِالنَّظَرِ إِلَى الظَّنِّ فَكَأَنَّهُ قَالَ مَا نَسِيتُ وَلَا قَصَرْتُ فِي ظَنِّيِّ وَهَذَا الْكَلَامُ صَادِقٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ وَلَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ شَائِبَةُ كَذِبٍ وَلَيْسَ مَبْنَى الْجَوَابِ عَلَى كَوْنِ الصِّدْقِ الْمُطَابَقَةَ لِلظَّنِّ بَلْ عَلَى أَنَّهُ مُطَابَقَةُ الْوَاقِعِ فَافْهَمْ وَاسْتَدَلَّ بِالْحَدِيثِ مَنْ يَقُولُ الْكَلَامَ مُطْلَقًا لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ بَلْ مَا يَكُونُ لِإِصْلَاحِهَا فَهُوَ مَقْبُولٌ وَمَنْ يَقُولُ بِإِبْطَالِ الْكَلَامِ مُطْلَقًا يَحْمِلُ الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّهُ قَبْلَ نَسْخِ إِبَاحَةِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ لَكِنْ يَشْكُلُ عَلَيْهِمَا أَنَّ النَّسْخَ كَانَ بِبَدْرٍ وَهَذِهِ الْوَاقِعَةُ قَدْ حَضَرَهَا أَبُو هُرَيْرَةَ وَكَانَ إِسْلَامُهُ أَيَّامَ خَيْبَرَ قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ مِنْ عُلَمَائِنَا الْحَنَفِيَّةِ وَلَمْ أَرَ لِهَذَا الْإِيرَادِ جَوَابًا شَافِيًا.

1214 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَى صَلَاتَيْ الْعَشِيِّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ قَامَ إِلَى خَشَبَةٍ كَانَتْ فِي الْمَسْجِدِ يَسْتَنِدُ إِلَيْهَا فَخَرَجَ سَرَعَانُ النَّاسِ يَقُولُونَ قَصُرَتْ الصَّلَاةُ وَفِي الْقَوْمِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَهَابَاهُ أَنْ يَقُولَا لَهُ شَيْئًا وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ طَوِيلُ الْيَدَيْنِ يُسَمَّى ذَا الْيَدَيْنِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ فَقَالَ لَمْ تَقْصُرْ وَلَمْ أَنْسَ قَالَ فَإِنَّمَا صَلَّيْتَ رَكْعَتَيْنِ فَقَالَ أَكَمَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ فَقَالُوا نَعَمْ فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِحْدَى صَلَاتَيِ الْعَشِيِّ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ أَيْ آخِرُ النَّهَارِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الْعِشَاءِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ

عَلَى عُمُومِ الْعِشَاءِ لِلْمَغْرِبِ قَوْلُهُ (سَرْعَانُ النَّاسِ) هُوَ بِفَتْحَتَيْنِ وَسُكُونِ الرَّاءِ أَوَائِلُهُمُ الَّذِينَ يَتَسَارَعُونَ إِلَى الْمَشْيِ وَيُقْبِلُونَ عَلَيْهِ بِسُرْعَةٍ وَضُبِطَ بِضَمٍّ أَوْ كَسْرٍ فَسُكُونٍ جَمْعُ سَرِيعٍ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى الرُّجُوعِ إِلَى قَوْلِ الْغَيْرِ وَتَرْكِ ظَنِّهِ عِنْدَ قُوَّةِ قَوْلِ الْغَيْرِ بِاتِّفَاقِ الْأَكْثَرِ عَلَيْهِ وَمَنْ لَمْ يَرَ ذَلِكَ يَحْمِلُهُ عَلَى أَنَّهُ ذَكَرَ حَقِيقَةَ الْأَمْرِ بِقَوْلِهِ فَأَخَذَ بِيَقِينِ نَفْسِهِ.

1215 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَأَحْمَدُ بْنُ ثَابِتٍ الْجَحْدَرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ قَالَ «سَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ مِنْ الْعَصْرِ ثُمَّ قَامَ فَدَخَلَ الْحُجْرَةَ فَقَامَ الْخِرْبَاقُ رَجُلٌ بَسِيطُ الْيَدَيْنِ فَنَادَى يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ فَخَرَجَ مُغْضَبًا يَجُرُّ إِزَارَهُ فَسَأَلَ فَأُخْبِرَ فَصَلَّى تِلْكَ الرَّكْعَةَ الَّتِي كَانَ تَرَكَ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فِي ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ إِلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ اخْتِلَافَ الرِّوَايَةِ لَيْسَ مَحْمَلُهُ اخْتِلَافَ الْوَاقِعَةِ بَلْ مَحْمَلُهُ نِسْيَانَ بَعْضِ الرُّوَاةِ بَعْضَ الْكَيْفِيَّاتِ بِمُضِيِّ الْأَزْمِنَةِ وَهُمْ مَا كَانُوا يَكْتُبُونَ الْوَقَائِعَ بَلْ كَانُوا يَحْفَظُونَهَا بِالْقَلْبِ وَهَذَا غَيْرُ مُسْتَبْعَدٍ عِنْدَ مَنْ تَتَبَّعَ الْأَحَادِيثَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في سجدتي السهو قبل السلام]

[بَاب مَا جَاءَ فِي سَجْدَتَيْ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ] 1216 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بَكِيرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ إِسْحَقَ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْتِي أَحَدَكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَيَدْخُلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهِ حَتَّى لَا يَدْرِيَ زَادَ أَوْ نَقَصَ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ ثُمَّ يُسَلِّمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَيَدْخُلُ بَيْنَهُ) أَيْ بَيْنَ مَقْصِدِهِ وَبَيْنَ نَفْسِهِ بَيْنَ إِقْبَالِ نَفْسِهِ عَلَى ذَلِكَ الْمَقْصِدِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ لِمَنْ لَا يَقُولُ بِذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الْمُرَادُ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ سَلَامَ الْفَرَاغِ مِنَ الصَّلَاةِ.

[باب ما جاء فيمن سجدهما بعد السلام]

1217 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بَكِيرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ إِسْحَقَ أَخْبَرَنِي سَلَمَةُ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ بَيْنَ ابْنِ آدَمَ وَبَيْنَ نَفْسِهِ فَلَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى فَإِذَا وَجَدَ ذَلِكَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ» [بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ سَجَدَهُمَا بَعْدَ السَّلَامِ] 1218 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ «أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ سَجَدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ وَذَكَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ ذَلِكَ»

1219 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَا حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ سَالِمٍ الْعَنْسِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي كُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانِ بَعْدَ مَا يُسَلِّمُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فِي كُلِّ سَهْوٍ) أَرَادَ بِهِ سَهْوَ الصَّلَاةِ الْمُوجِبَ لِلسُّجُودِ وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ لِلْحَنَفِيَّةِ وَأَجَابَ الْبَيْهَقِيُّ بِأَنَّهُ ضَعِيفٌ بِابْنِ عَيَّاشٍ وَرُدَّ بِأَنَّهُ ثِقَةٌ فِي الشَّامِيِّينَ فَلَا إِشْكَالَ.

[باب ما جاء في البناء على الصلاة]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْبِنَاءِ عَلَى الصَّلَاةِ] 1220 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى التَّيْمِيُّ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الصَّلَاةِ وَكَبَّرَ ثُمَّ أَشَارَ إِلَيْهِمْ فَمَكَثُوا ثُمَّ انْطَلَقَ فَاغْتَسَلَ وَكَانَ رَأْسُهُ يَقْطُرُ مَاءً فَصَلَّى بِهِمْ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ إِنِّي خَرَجْتُ إِلَيْكُمْ جُنُبًا وَإِنِّي نَسِيتُ حَتَّى قُمْتُ فِي الصَّلَاةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَصَلَّى بِهِمْ) أَيْ نَاسِيًا لِلْحَدَثِ وَصَحَّ شُرُوعُهُ فِيهَا فَيَجُوزُ لَهُ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ وَمَنْ لَا يَقُولُ بِهِ يَحْمِلُ الْحَدِيثَ عَلَى تَجْدِيدِ الشُّرُوعِ عَلَى أَنَّ بَعْضَ رِوَايَاتِ الْحَدِيثِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَذَكَّرَ الْجَنَابَةَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ مِنْ طَرِيقِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ.

1221 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَصَابَهُ قَيْءٌ أَوْ رُعَافٌ أَوْ قَلَسٌ أَوْ مَذْيٌ فَلْيَنْصَرِفْ فَلْيَتَوَضَّأْ ثُمَّ لِيَبْنِ عَلَى صَلَاتِهِ وَهُوَ فِي ذَلِكَ لَا يَتَكَلَّمُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَوْ قَلَسَ) بِفَتْحَتَيْنِ وَقِيلَ سُكُونِ الثَّانِي مَا خَرَجَ مِنَ الْجَوْفِ مِلْءُ الْفَمِ أَوْ دُونَهُ وَلَيْسَ بِالْقَيْءِ فَإِنْ عَادَ فَهُوَ الْقَيْءُ وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقَيْءَ وَالدَّمَ حَدَثٌ وَأَنَّ الْمُحْدِثُ يَبْنِي وَمَنْ لَا يَرَى ذَلِكَ بَحَثَ بِضَعْفِ الْحَدِيثِ فَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الْحِجَازِيِّينَ وَرِوَايَتُهُ عَنْهُمْ ضَعِيفَةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء فيمن أحدث في الصلاة كيف ينصرف]

[بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ أَحْدَثَ فِي الصَّلَاةِ كَيْفَ يَنَصَرَّفُ] 1222 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ بْنِ عَبِيدَةَ بْنِ زَيْدٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُقَدَّمِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَأَحْدَثَ فَلْيُمْسِكْ عَلَى أَنْفِهِ ثُمَّ لِيَنْصَرِفْ» حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَلْيُمْسِكْ عَلَى أَنْفِهِ) فِيهِ

نَدْبٌ لِسَتْرِ مَا لَا يَحْسُنُ إِظْهَارُهُ بِمَا لَا يَكُونُ فِيهِ كَذِبٌ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَالطَّرِيقُ الثَّانِيَةُ ضَعِيفَةٌ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى ضَعْفِ عُمَرَ بْنِ قَيْسٍ.

[باب ما جاء في صلاة المريض]

[بَاب مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الْمَرِيضِ] 1223 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ «كَانَ بِيَ النَّاصُورُ فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الصَّلَاةِ فَقَالَ صَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (صَلِّ قَائِمًا) صَرِيحٌ فِي وُجُوبِ الْقِيَامِ فِي الْفَرْضِ فِي حَقِّ الْمُسْتَطِيعِ إِذِ السُّؤَالُ كَانَ فِيهِ دُونَ النَّوَافِلِ فَرَاكِبُ السَّفِينَةِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ إِنِ اسْتَطَاعَهُ كَمَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَمَنْ يُجَوِّزُ الْقُعُودَ لَهُ يَجْعَلُ مَظِنَّةَ عَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ بِمَنْزِلَةِ عَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ.

1224 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا إِسْحَقُ الْأَزْرَقُ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي حَرِيزٍ عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى جَالِسًا عَلَى يَمِينِهِ وَهُوَ وَجِعٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَلَى يَمِينِهِ) أَيْ مُعْتَمِدًا عَلَيْهِ مَائِلًا إِلَيْهِ وَهُوَ وَجِعٌ بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ مَرِيضٌ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ وَهُوَ مُتَّهَمٌ.

[باب في صلاة النافلة قاعدا]

[بَاب فِي صَلَاةِ النَّافِلَةِ قَاعِدًا] 1225 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ «وَالَّذِي ذَهَبَ بِنَفْسِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مَاتَ حَتَّى كَانَ أَكْثَرُ صَلَاتِهِ وَهُوَ جَالِسٌ وَكَانَ أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَيْهِ الْعَمَلَ الصَّالِحَ الَّذِي يَدُومُ عَلَيْهِ الْعَبْدُ وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَالَّذِي ذَهَبَ بِنَفْسِهِ) الْوَاوُ لِلْقَسَمِ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهَا ذَهَبَ بِنَفْسِهِ أَنَّهُ قَبَضَهَا أَكْثَرَ صَلَاتِهِ أَيْ فِي اللَّيْلِ أَوِ النَّوَافِلِ مُطْلَقًا الَّذِي يَدُومُ عَلَيْهِ أَيِ الْعَامِلُ.

1226 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ أَبِي هِشَامٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ وَهُوَ قَاعِدٌ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ قَامَ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ إِنْسَانٌ أَرْبَعِينَ آيَةً»

1227 - حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ الْعُثْمَانِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي شَيْءٍ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ إِلَّا قَائِمًا حَتَّى دَخَلَ فِي السِّنِّ فَجَعَلَ يُصَلِّي جَالِسًا حَتَّى إِذَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ قِرَاءَتِهِ أَرْبَعُونَ آيَةً أَوْ ثَلَاثُونَ آيَةً قَامَ فَقَرَأَهَا وَسَجَدَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فِي شَيْءٍ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهَا مَا رَأَيْتَ لَا بِقَوْلِهَا يُصَلِّي وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

1228 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ الْعُقَيْلِيِّ قَالَ «سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ فَقَالَتْ كَانَ يُصَلِّي لَيْلًا طَوِيلًا قَائِمًا وَلَيْلًا طَوِيلًا قَاعِدًا فَإِذَا قَرَأَ قَائِمًا رَكَعَ قَائِمًا وَإِذَا قَرَأَ قَاعِدًا رَكَعَ قَاعِدًا»

[باب صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم]

[بَاب صَلَاةُ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ] 1229 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا قُطْبَةُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَابَاهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِهِ وَهُوَ يُصَلِّي جَالِسًا فَقَالَ صَلَاةُ الْجَالِسِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَقَالَ صَلَاةُ الْجَالِسِ) أَيْ فِي الصَّلَاةِ وَالْمُرَادُ أَنَّ صَلَاتَهُ جَالِسًا حَيْثُ تَصِحُّ لَهُ الصَّلَاةُ جَالِسًا فَلَا يُشْكِلُ الْحَدِيثُ بِفَرْضِ الْمُسْتَطِيعِ جَالِسًا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ أَوِ الْمُرَادُ صَلَاتُهُ جَالِسًا فِي النَّوَافِلِ.

1230 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنِي إِسْمَعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ فَرَأَى أُنَاسًا يُصَلُّونَ قُعُودًا فَقَالَ صَلَاةُ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (خَرَجَ فَرَأَى أُنَاسًا) وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.

1231 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ هِلَالٍ الصَّوَّافُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّهُ «سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الرَّجُلِ يُصَلِّي قَاعِدًا قَالَ مَنْ صَلَّى قَائِمًا فَهُوَ أَفْضَلُ وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ وَمَنْ صَلَّى نَائِمًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَاعِدِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَهُوَ أَفْضَلُ) حَمَلَهُ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى التَّطَوُّعِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْفَضْلَ يَقْتَضِي جَوَازَ الْقُعُودِ بَلْ فَضْلُهُ وَلَا جَوَازَ لِلْقُعُودِ فِي الْفَرَائِضِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ فَهُوَ الْمُتَعَيِّنُ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ تَعَيَّنَ الْقُعُودَ أَوْ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ بَقِيَ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا الْحَمْلِ جَوَازُ النَّفْلِ مُضْطَجِعًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ وَقَدِ الْتَزَمَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ لَكِنَّ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءِ أَنْكَرُوا ذَلِكَ وَعَدُّوهُ بِدْعَةً وَحَدَثًا فِي الْإِسْلَامِ وَقَالُوا لَا يُعْرَفُ أَنَّ أَحَدًا صَلَّى قَطْ عَلَى جَنْبِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ وَلَوْ كَانَ مَشْرُوعًا لَفَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَوْ مَرَّةً تَبْيِينًا لِلْجَوَازِ فَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ لَيْسَ الْحَدِيثُ بِمَسُوقٍ لِبَيَانِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَفَسَادِهَا وَإِنَّمَا هُوَ لِبَيَانِ تَفْضِيلِ إِحْدَى الصَّلَاتَيْنِ الصَّحِيحَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى وَصِحَّتُهُمَا تُعْرَفُ مِنْ قَوَاعِدِ الصِّحَّةِ مِنْ خَارِجِ عَنْ أَصْلِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ إِذَا صَحَّتِ الصَّلَاةُ قَاعِدًا فَهِيَ عَلَى نِصْفِ صَلَاةِ الْقَائِمِ فَرْضًا كَانَتْ أَوْ

نَفْلًا وَكَذَا إِذَا صَحَّتِ الصَّلَاةُ نَائِمًا فَهِيَ عَلَى نِصْفِ الصَّلَاةِ قَاعِدًا فِي الْأَجْرِ وَقَوْلِهِمْ إِنَّ الْمَعْذُورَ لَا يُنْتَقَصُ مِنْ أَجْرِهِ مَمْنُوعٌ وَمَا اسْتَدَلُّوا بِهِ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ «إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِثْلَ مَا كَانَ يَعْمَلُ وَهُوَ مُقِيمٌ» صَحِيحٌ لَا يُفِيدُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يُفِيدُ أَنَّ مَنْ كَانَ يَعْتَادُ عَمَلًا إِذَا فَاتَهُ لِعُذْرٍ فَذَلِكَ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْمَرِيضُ أَوِ الْمُسَافِرُ تَارِكًا لِلصَّلَاةِ حَالَةَ الصِّحَّةِ وَالْإِقَامَةِ ثُمَّ صَلَّى قَاعِدًا أَوْ قَاصِرًا حَالَةَ الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ فَصَلَاتُهُ عَلَى نِصْفِ صَلَاةِ الْقَائِمِ فِي الْأَجْرِ مَثَلًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه]

[بَاب مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ] 1232 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعٌ عَنْ الْأَعْمَشِ ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «لَمَّا مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ لَمَّا ثَقُلَ جَاءَ بِلَالٌ يُؤْذِنُهُ بِالصَّلَاةِ فَقَالَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ تَعْنِي رَقِيقٌ وَمَتَى مَا يَقُومُ مَقَامَكَ يَبْكِي فَلَا يَسْتَطِيعُ فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ فَقَالَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِبَاتُ يُوسُفَ قَالَتْ فَأَرْسَلْنَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَصَلَّى بِالنَّاسِ فَوَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً فَخَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَرِجْلَاهُ تَخُطَّانِ فِي الْأَرْضِ فَلَمَّا أَحَسَّ بِهِ أَبُو بَكْرٍ ذَهَبَ لِيَتَأَخَّرَ فَأَوْمَى إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ مَكَانَكَ قَالَ فَجَاءَ حَتَّى أَجْلَسَاهُ إِلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَأْتَمُّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ يَأْتَمُّونَ بِأَبِي بَكْرٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يُؤْذِنُهُ) مِنَ الْإِيذَانِ أَيْ يُخْبِرُهُ (أَسِيْفٌ) أَيْ شَدِيدُ الْحُزْنِ رَقِيقُ الْقَلْبِ سَرِيعُ الْبُكَاءِ (وَمَتَى مَا يَقُومُ) أُهْمِلَ مَتَى حَمْلًا عَلَى إِذَا كَمَا يُجْزَمُ بِإِذَا حَمْلًا عَلَى مَتَى وَفِي نُسْخَةِ مَتَى مَا يَقُمْ بِالْجَزْمِ عَلَى الْأَصْلِ قَوْلُهُ فَلَا يَسْتَطِيعُ أَيْ أَنْ يَقْرَأَ (صَوَاحِبَاتُ يُوسُفَ) أَيْ فِي كَثْرَةِ الْإِلْحَاحِ فِي غَيْرِ الصَّوَابِ (فَوَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ فَاسْتَمَرَّ إِمَامًا أَيَّامًا فَوَجَدَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ وَجَدَ الْخِفَّةَ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ خِلَافُ مَا جَاءَ (يُهَادَى) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيْ يَمْشِي بَيْنَهُمَا مُعْتَمِدًا عَلَيْهِمَا مِنْ شِدَّةِ التَّمَايُلِ وَالضَّعْفِ (تَخُطَّانِ فِي الْأَرْضِ) أَيْ يَجُرُّهُمَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ عَدَمِ الْقُوَّةِ فَيَظْهَرُ أَثَرُهُمَا فِيهِمَا قَوْلُهُ (ذَهَبَ لِيَتَأَخَّرَ) أَيْ أَرَادَ أَنْ يَتَأَخَّرَ وَشَرَعَ فِيهِ فَأَوْمَأَ بِهَمْزَةٍ فِي آخِرِهِ أَيْ مَكَانَكَ أَيِ اثْبُتْ مَكَانَكَ (يَأْتَمُّ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) ظَاهِرُهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِمَامًا وَقَدْ جَاءَ خِلَافُهُ أَيْضًا وَبِسَبَبِ

التَّعَارُضِ فِي رِوَايَاتِ هَذَا الْحَدِيثِ سَقَطَ اسْتِدْلَالُ مَنِ اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى نَسْخِ حَدِيثِ «وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا» وَبِالْجُمْلَةِ فَإِنْ حُمِلَ هَذَا عَلَى ظَاهِرِهِ يُحْمَلُ قَوْلُهَا (وَالنَّاسُ يَأْتَمُّونَ بِأَبِي بِكْرٍ) عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُسْمِعُهُمُ التَّكْبِيرَ وَإِلَّا يُئَوَّلُ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ كَانَ يُرَاعِي فِي الصَّلَاةِ حَالَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ فَكَأَنَّهُ كَانَ مُقْتَدِيًا بِهِ وَهَذَا كَمَا جَاءَ لِيَقْتَدِيَ أَيِ الْإِمَامُ بِأَضْعَفِهِمْ وَلَا يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الصَّلَاةُ كَانَتْ بِإِمَامَيْنِ وَبِهَذَا التَّأْوِيلِ يَظْهَرُ التَّوْفِيقُ بَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ وَحَدِيثِ أَنَّ أَبَا بِكْرٍ كَانَ هُوَ الْإِمَامُ وَأَيْضًا يَنْدَفِعُ التَّعَارُضُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ «وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا» وَيَبْطُلُ قَوْلَ مَنْ يَقُولُ بِالنَّسْخِ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ.

1233 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ فِي مَرَضِهِ فَكَانَ يُصَلِّي بِهِمْ فَوَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِفَّةً فَخَرَجَ وَإِذَا أَبُو بَكْرٍ يَؤُمُّ النَّاسَ فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ اسْتَأْخَرَ فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ كَمَا أَنْتَ فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِذَاءَ أَبِي بَكْرٍ إِلَى جَنْبِهِ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (كَمَا أَنْتَ) أَيْ كُنْ فِي صَلَاتِكِ عَلَى مَا أَنْتَ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ مِنَ الثُّبُوتِ فِي هَذَا الْمَكَانِ.

1234 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ مِنْ كِتَابِهِ فِي بَيْتِهِ قَالَ سَلَمَةُ بْنُ نُبَيْطٍ أَنْبَأَنَا عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ نُبَيْطِ بْنِ شَرِيطٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ «أُغْمِيَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ أَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ قَالُوا نَعَمْ قَالَ مُرُوا بِلَالًا فَلْيُؤَذِّنْ وَمُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَأَفَاقَ فَقَالَ أَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ قَالُوا نَعَمْ قَالَ مُرُوا بِلَالًا فَلْيُؤَذِّنْ وَمُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَأَفَاقَ فَقَالَ أَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ قَالُوا نَعَمْ قَالَ مُرُوا بِلَالًا فَلْيُؤَذِّنْ وَمُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ إِنَّ أَبِي رَجُلٌ أَسِيفٌ إِذَا قَامَ ذَلِكَ الْمَقَامَ يَبْكِي لَا يَسْتَطِيعُ فَلَوْ أَمَرْتَ غَيْرَهُ ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَأَفَاقَ فَقَالَ مُرُوا بِلَالًا فَلْيُؤَذِّنْ وَمُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ أَوْ صَوَاحِبَاتُ يُوسُفَ قَالَ فَأُمِرَ بِلَالٌ فَأَذَّنَ وَأُمِرَ أَبُو بَكْرٍ فَصَلَّى بِالنَّاسِ ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَدَ خِفَّةً فَقَالَ انْظُرُوا لِي مَنْ أَتَّكِئُ عَلَيْهِ فَجَاءَتْ بَرِيرَةُ وَرَجُلٌ آخَرُ فَاتَّكَأَ عَلَيْهِمَا فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ ذَهَبَ لِيَنْكِصَ فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ أَنْ اثْبُتْ مَكَانَكَ ثُمَّ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جَلَسَ إِلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى قَضَى أَبُو بَكْرٍ صَلَاتَهُ ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُبِضَ» قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَمْ يُحَدِّثْ بِهِ غَيْرُ نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أُغْمِيَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ قَوْلُهُ (فَجَاءَتْ بَرِيرَةُ)

كَأَنَّهَا جَاءَتْ أَوَّلًا وَحَضَرَتْ لَتَعَيَّنَ ثُمَّ جَاءَ بِهِ آخَرُ وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الشَّمَائِلِ.

1235 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ الْأَرْقَمِ بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «لَمَّا مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ كَانَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ فَقَالَ ادْعُوا لِي عَلِيًّا قَالَتْ عَائِشَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ نَدْعُو لَكَ أَبَا بَكْرٍ قَالَ ادْعُوهُ قَالَتْ حَفْصَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ نَدْعُو لَكَ عُمَرَ قَالَ ادْعُوهُ قَالَتْ أُمُّ الْفَضْلِ يَا رَسُولَ اللَّهِ نَدْعُو لَكَ الْعَبَّاسَ قَالَ نَعَمْ فَلَمَّا اجْتَمَعُوا رَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ فَنَظَرَ فَسَكَتَ فَقَالَ عُمَرُ قُومُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ جَاءَ بِلَالٌ يُؤْذِنُهُ بِالصَّلَاةِ فَقَالَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ رَقِيقٌ حَصِرٌ وَمَتَى لَا يَرَاكَ يَبْكِي وَالنَّاسُ يَبْكُونَ فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ فَصَلَّى بِالنَّاسِ فَوَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفْسِهِ خِفَّةً فَخَرَجَ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَرِجْلَاهُ تَخُطَّانِ فِي الْأَرْضِ فَلَمَّا رَآهُ النَّاسُ سَبَّحُوا بِأَبِي بَكْرٍ فَذَهَبَ لِيَسْتَأْخِرَ فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ مَكَانَكَ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَلَسَ عَنْ يَمِينِهِ وَقَامَ أَبُو بَكْرٍ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَأْتَمُّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ يَأْتَمُّونَ بِأَبِي بَكْرٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْقِرَاءَةِ مِنْ حَيْثُ كَانَ بَلَغَ أَبُو بَكْرٍ» قَالَ وَكِيعٌ وَكَذَا السُّنَّةُ قَالَ فَمَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (حَصِرَ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ أَيْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِرَاءَةِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَكُلُّ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ فَقَدْ حَصِرَ عَنْهُ وَلِهَذَا قِيلَ حَصِرَ فِي الْقِرَاءَةِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ أَبَا إِسْحَاقَ اخْتَلَطَ بِآخِرِ عُمُرِهِ وَكَانَ مُدَلِّسًا وَقَدْ رَوَاهُ بِالْعَنْعَنَةِ وَقَدْ قَالَ الْبُخَارِيُّ لَا نَذْكُرُ لِأَبِي إِسْحَاقَ سَمَاعًا عَنْ أَرْقَمَ بْنِ شُرَحْبِيلَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف رجل من أمته]

[بَاب مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَ رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِهِ] 1236 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ أَبِيهِ «قَالَ تَخَلَّفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَوْمِ وَقَدْ صَلَّى بِهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَكْعَةً فَلَمَّا أَحَسَّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَهَبَ يَتَأَخَّرُ فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُتِمَّ الصَّلَاةَ قَالَ وَقَدْ أَحْسَنْتَ كَذَلِكَ فَافْعَلْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (قَالَ تَخَلَّفَ إِلَخْ) أَيْ عَنِ الْقَوْمِ.

[باب ما جاء في إنما جعل الإمام ليؤتم به]

[بَاب مَا جَاءَ فِي إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ] 1237 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ يَعُودُونَهُ فَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا فَصَلَّوْا بِصَلَاتِهِ قِيَامًا فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنْ اجْلِسُوا فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَصَلُّوا جُلُوسًا) الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجُلُوسَ عِنْدَ جُلُوسِ الْإِمَامِ مِنْ جُمْلَةِ الِاقْتِدَاءِ بِالْإِمَامِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ بِالْإِمَامِ حُكْمٌ ثَابِتٌ عَلَى الدَّوَامِ غَيْرُ مَنْسُوخٍ وَأَيْضًا مَا سَيَجِيءُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عِلَّةَ عَدَمِ جَوَازِ الْقِيَامِ عِنْدَ قُعُودِ الْإِمَامِ هِيَ أَنَّ الْقِيَامَ يَصِيرُ تَعْظِيمًا لِغَيْرِ اللَّهِ فِيمَا شُرِعَ تَعْظِيمًا لِلَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَلَا شَكَّ فِي دَوَامِ هَذِهِ الْعِلَّةِ وَدَوَامِهَا يَقْتَضِي دَوَامَ الْحُكْمِ فَيَلْزَمُ أَنْ يَدُومَ عَدَمُ شَرْعِيَّةِ الْقِيَامِ خَلْفَ الْإِمَامِ الْقَاعِدِ لِوُجُوبِ دَوَامِ الْمَعْلُولِ عِنْدَ دَوَامِ الْعِلَّةِ فَالْقَوْلُ بِنَسْخِ هَذَا الْحُكْمِ لَا يَخْلُو عَنْ بُعْدٍ عَلَى أَنَّ مَا اسْتَدَلُّوا بِهِ عَلَى النَّسْخِ قَدْ عَرَفْتَ أَنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِيهِ أَصْلًا فَلْيُتَأَمَّلْ.

1238 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صُرِعَ عَنْ فَرَسٍ فَجُحِشَ شِقُّهُ الْأَيْمَنُ فَدَخَلْنَا نَعُودُهُ وَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَصَلَّى بِنَا قَاعِدًا وَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ قُعُودًا فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ قَالَ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا وَإِذَا صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا أَجْمَعِينَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (صُرِعَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيْ سَقَطَ عَنْ ظُهْرِهَا فَجُحِشَ بِتَقْدِيمِ الْجِيمِ عَلَى الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيْ قُشِّرَ وَأُخْدِشَ جِلْدُهُ قَوْلُهُ (فَصَلَّوْا قُعُودًا أَجْمَعُونَ) قَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَجْمَعِينَ فَقَالَ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ لِأَبِي دَاوُدَ بِالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ وَبِهِ يُعْرَفُ أَنَّ رِوَايَةَ

أَجْمَعُونَ بِالرَّفْعِ عَلَى التَّأْكِيدِ مِنْ تَغْيِيرِ الرُّوَاةِ لِأَنَّ شَرْطَهُ فِي الْعَرَبِيَّةِ تَقَدُّمُ التَّأْكِيدِ قَبْلُ، قُلْتُ: وَهَذَا الشَّرْطُ فِيمَا يَظْهَرُ ضَعِيفٌ وَقَدْ جَوَّزَ غَيْرُ وَاحِدٍ خِلَافَ ذَلِكَ، فَالْوَجْهُ جَوَازُ الرَّفْعِ عَلَى أَنَّ النَّصْبَ لَا يَخْلُو عَنْ إِشْكَالٍ أَيْضًا وَهُوَ أَنَّ أَسْمَاءَ التَّأْكِيدِ أَعْلَامٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ النُّحَاةُ وَالْمَعْرِفَةُ لَا تَقَعُ حَالًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

1239 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَإِنْ صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا وَإِنْ صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا»

1240 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ الْمِصْرِيُّ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ وَهُوَ قَاعِدٌ وَأَبُو بَكْرٍ يُكَبِّرُ يُسْمِعُ النَّاسَ تَكْبِيرَهُ فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا فَرَآنَا قِيَامًا فَأَشَارَ إِلَيْنَا فَقَعَدْنَا فَصَلَّيْنَا بِصَلَاتِهِ قُعُودًا فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ إِنْ كِدْتُمْ أَنْ تَفْعَلُوا فِعْلَ فَارِسَ وَالرُّومِ يَقُومُونَ عَلَى مُلُوكِهِمْ وَهُمْ قُعُودٌ فَلَا تَفْعَلُوا ائْتَمُّوا بِأَئِمَّتِكُمْ إِنْ صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا وَإِنْ صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا»

[باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْقُنُوتِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ] 1241 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ سَعْدِ بْنِ طَارِقٍ قَالَ «قُلْتُ لِأَبِي يَا أَبَتِ إِنَّكَ قَدْ صَلَّيْتَ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ هَاهُنَا بِالْكُوفَةِ نَحْوًا مِنْ خَمْسِ سِنِينَ فَكَانُوا يَقْنُتُونَ فِي الْفَجْرِ فَقَالَ أَيْ بُنَيَّ مُحْدَثٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَيْ بُنِيَّ مُحْدِثٌ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقُنُوتَ كَانَ أَحْيَانًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَانَ فِي الْوَقَائِعِ كَمَا قَالَ بِهِ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فَإِنَّهُ أَوْفَقُ بِالتَّوْفِيقِ بَيْنَ أَحَادِيثِ الْبَابِ.

1242 - حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ بَكْرٍ الضَّبِّيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْلَى زُنْبُورٌ حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ «نُهِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْقُنُوتِ فِي الْفَجْرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (نَهَى عَنِ الْقُنُوتِ إِلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ نُهِيَ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَهَذَا إِشَارَةٌ إِلَى مَا جَاءَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَدْعُو عَلَى بَعْضِ الْمُشْرِكِينَ فَنَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128] وَيُحْتَمَلُ بِنَاءُ الْفَاعِلِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْلَى وَعَنْبَسَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ كُلُّهُمْ ضُعَفَاءُ وَلَا يَصِحُّ لِنَافِعٍ سَمَاعٌ

مِنْ أُمِّ سَلَمَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

1243 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْنُتُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ يَدْعُو عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ شَهْرًا ثُمَّ تَرَكَ»

1244 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «لَمَّا رَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ قَالَ اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ بِمَكَّةَ اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ وَاجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ»

[باب ما جاء في قتل الحية والعقرب في الصلاة]

[بَاب مَا جَاءَ فِي قَتْلِ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ فِي الصَّلَاةِ] 1245 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ ضَمْضَمِ بْنِ جَوْسٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِ الْأَسْوَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ الْعَقْرَبِ وَالْحَيَّةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أُمِرَ بِقَتْلِ الْأَسْوَدَيْنِ) إِطْلَاقُ الْأَسْوَدَيْنِ إِمَّا لِتَغْلِيبِ الْحَيَّةِ عَلَى الْعَقْرَبِ أَوْ لِأَنَّ عَقْرَبَ الْمَدِينَةِ تَمِيلُ إِلَى السَّوَادِ وَقَدْ أُخِذَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْقَتْلَ لَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ يَكْفِي فِي الرُّخْصَةِ انْتِفَاءُ الْإِثْمِ فِي الْفَسَادِ لِلصَّلَاةِ وَأَمَّا إِبْقَاءُ الصَّلَاةِ بَعْدَ هَذَا الْفِعْلِ فَلَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الرُّخْصَةُ فَتَأَمَّلْ.

1246 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ الْأَوْدِيُّ وَالْعَبَّاسُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ الدَّهَّانُ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «لَدَغَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقْرَبٌ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ لَعَنَ اللَّهُ الْعَقْرَبَ مَا تَدَعُ الْمُصَلِّيَ وَغَيْرَ الْمُصَلِّي اقْتُلُوهَا فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (قَالَتْ لَدَغَتْ إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَهُوَ ضَعِيفٌ لَكِنْ لَا يَنْفَرِدُ بِهِ الْحَكَمُ فَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ بِهِ وَقَالَ قَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَفِي الْبَابِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي رَافِعٍ.

1247 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ حَدَّثَنَا مِنْدَلٌ عَنْ ابْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتَلَ عَقْرَبًا وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (قَتَلَ عَقْرَبًا) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مَنْدَلٌ وَهُوَ ضَعِيفٌ اهـ وَمَنْدَلٌ قَدْ رَوَى مُثَلَّثُ الْمِيمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب النهي عن الصلاة بعد الفجر وبعد العصر]

[بَاب النَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَجْرِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ] 1248 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ صَلَاتَيْنِ عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَجْرِ) حَمَلَهُ قَوْمٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَقَيَّدَهُ الْآخَرُونَ بِمَا لَا سَبَبَ لَهُ فَجَوَّزُوا الصَّلَاةَ بِسَبَبٍ فِي هَذَيْنَ الْوَقْتَيْنِ كَالصَّلَاةِ لِدُخُولِ الْمَسْجِدِ لِدَلَالَةِ بَعْضَ الْأَحَادِيثِ عَلَى جَوَازِ مِثْلِهَا لَكِنَّ النَّهْيَ عِنْدَ التَّعَارُضِ مُقَدَّمٌ عِنْدَ كَثِيرٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

1249 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى التَّيْمِيُّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ قَزَعَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ»

1250 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «شَهِدَ عِنْدِي رِجَالٌ مَرْضِيُّونَ فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَرْضَاهُمْ عِنْدِي عُمَرُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ»

[باب ما جاء في الساعات التي تكره فيها الصلاة]

[بَاب مَا جَاءَ فِي السَّاعَاتِ الَّتِي تُكْرَهُ فِيهَا الصَّلَاةُ] 1251 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ طَلْقٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ قَالَ «أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ هَلْ مِنْ سَاعَةٍ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ أُخْرَى قَالَ نَعَمْ جَوْفُ اللَّيْلِ الْأَوْسَطُ فَصَلِّ مَا بَدَا لَكَ حَتَّى يَطْلُعَ الصُّبْحُ ثُمَّ انْتَهِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَمَا دَامَتْ كَأَنَّهَا حَجَفَةٌ حَتَّى تُبَشْبِشَ ثُمَّ صَلِّ مَا بَدَا لَكَ حَتَّى يَقُومَ الْعَمُودُ عَلَى ظِلِّهِ ثُمَّ انْتَهِ حَتَّى تَزِيغَ الشَّمْسُ فَإِنَّ جَهَنَّمَ تُسْجَرُ نِصْفَ النَّهَارِ ثُمَّ صَلِّ مَا بَدَا لَكَ حَتَّى تُصَلِّيَ الْعَصْرَ ثُمَّ انْتَهِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَإِنَّهَا تَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيْ الشَّيْطَانِ وَتَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ الشَّيْطَانِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (هَلْ مِنْ سَاعَةٍ) أَيْ بَعْضُ أَفْرَادِهَا (جَوْفُ اللَّيْلِ) أَيْ وَسَطُ (الْأَوْسَطُ) كَالْبَيَانِ لِلْجَوْفِ (ثُمَّ انْتَهِ) أَمْرٌ مِنَ الِانْتِهَاءِ وَفِي نُسْخَةِ أَنْهِهِ مِنَ الْإِنْهَاءِ بِمَعْنَى الِانْتِهَاءِ وَالْهَاءُ لِلسَّكْتِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} [الأنعام: 90] (كَأَنَّهَا حَجَفَةٌ) بِتَقْدِيمِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ عَلَى الْجِيمِ وَهُمَا مَفْتُوحَتَانِ التُّرْسِ فِي عَدَمِ الْحَرَارَةِ وَإِمْكَانِ النَّظَرِ وَعَدَمِ انْتِشَارِ النُّورِ قَوْلُهُ (حَتَّى يَقُومَ الْعَمُودُ عَلَى ظِلِّهِ) خَشَبَةٌ يَقُومُ عَلَيْهَا الْبَيْتُ وَالْمُرَادُ حَتَّى يَبْلُغَ الظِّلُّ فِي الْقِلَّةِ غَايَتَهُ بِحَيْثُ لَا يَظْهَرُ إِلَّا تَحْتَ الْعَمُودِ قَائِمٌ عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ وَقْتُ الِاسْتِوَاءِ قَوْلُهُ (فَإِنَّ جَهَنَّمَ تُسْجَرُ) أَيْ تُوقَدُ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ ذِكْرُ تَسَجُّرِ النَّارِ وَكَوْنِ الشَّمْسِ بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تُذْكَرُ عَلَى سَبِيلِ التَّعْلِيلِ لِتَحْرِيمِ شَيْءٍ وَنَهْيِهِ عَنْ شَيْءٍ

مِنْ أُمُورٍ لَا تُدْرَكُ مَعَانِيهَا مِنْ طَرِيقِ الْحُسْنِ وَالْعِيَانِ وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْنَا الْإِيمَانُ بِهَا وَالتَّصْدِيقُ بِمُخْبِرِهَا وَالِانْتِهَاءُ عَنْ أَحْكَامٍ عُلِّقَتْ بِهَا.

1252 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ دَاوُدَ الْمُنْكَدِرِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «سَأَلَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ أَمْرٍ أَنْتَ بِهِ عَالِمٌ وَأَنَا بِهِ جَاهِلٌ قَالَ وَمَا هُوَ قَالَ هَلْ مِنْ سَاعَاتِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سَاعَةٌ تُكْرَهُ فِيهَا الصَّلَاةُ قَالَ نَعَمْ إِذَا صَلَّيْتَ الصُّبْحَ فَدَعْ الصَّلَاةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بِقَرْنَيْ الشَّيْطَانِ ثُمَّ صَلِّ فَالصَّلَاةُ مَحْضُورَةٌ مُتَقَبَّلَةٌ حَتَّى تَسْتَوِيَ الشَّمْسُ عَلَى رَأْسِكَ كَالرُّمْحِ فَإِذَا كَانَتْ عَلَى رَأْسِكَ كَالرُّمْحِ فَدَعْ الصَّلَاةَ فَإِنَّ تِلْكَ السَّاعَةَ تُسْجَرُ فِيهَا جَهَنَّمُ وَتُفْتَحُ فِيهَا أَبْوَابُهَا حَتَّى تَزِيغَ الشَّمْسُ عَنْ حَاجِبِكَ الْأَيْمَنِ فَإِذَا زَالَتْ فَالصَّلَاةُ مَحْضُورَةٌ مُتَقَبَّلَةٌ حَتَّى تُصَلِّيَ الْعَصْرَ ثُمَّ دَعْ الصَّلَاةَ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَحْضُورَةٌ) أَيْ تَحْضُرُهَا الْمَلَائِكَةُ مُتَقَبِّلَةً أَيْ لَهَا ثَوَابٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَقَبُولٌ لَدَيْهِ كَالرُّمْحِ الْمُسْتَوِي الَّذِي لَا يَمِيلُ إِلَى طَرَفٍ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

1253 - حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ الشَّيْطَانِ أَوْ قَالَ يَطْلُعُ مَعَهَا قَرْنَا الشَّيْطَانِ فَإِذَا ارْتَفَعَتْ فَارَقَهَا فَإِذَا كَانَتْ فِي وَسَطِ السَّمَاءِ قَارَنَهَا فَإِذَا دَلَكَتْ أَوْ قَالَ زَالَتْ فَارَقَهَا فَإِذَا دَنَتْ لِلْغُرُوبِ قَارَنَهَا فَإِذَا غَرَبَتْ فَارَقَهَا فَلَا تُصَلُّوا هَذِهِ السَّاعَاتِ الثَّلَاثَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيِّ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ مُرْسَلٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ. وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في الرخصة في الصلاة بمكة في كل وقت]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الرُّخْصَةِ فِي الصَّلَاةِ بِمَكَّةَ فِي كُلِّ وَقْتٍ] 1254 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَابَيْهِ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ وَصَلَّى أَيَّةَ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَيَّةُ سَاعَةٍ إِلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَعْنَى لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ لِلطَّوَافِ وَالصَّلَاةِ عَنِ الدُّخُولِ أَيَّةَ سَاعَةٍ يُرِيدُ الدُّخُولَ فَقَوْلُهُ أَيَّةَ سَاعَةٍ ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا طَافَ وَصَلَّى فَفِي دَلَالَةِ الْحَدِيثِ عَلَى التَّرْجَمَةِ بَحْثُ كَيْفَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الطَّوَافَ وَالصَّلَاةَ حِينَ يُصَلِّي الْإِمَامُ الْجُمُعَةَ بَلْ حِينَ يَخْطُبُ الْخَطِيبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَلْ حِينَ يُصَلِّي الْإِمَامُ إِحْدَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ غَيْرَ مَأْذُونِينَ فِيهَا لِلرِّجَالِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في إذا أخروا الصلاة عن وقتها]

[بَاب مَا جَاءَ فِي إِذَا أَخَّرُوا الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا] 1255 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَلَّكُمْ سَتُدْرِكُونَ أَقْوَامًا يُصَلُّونَ الصَّلَاةَ لِغَيْرِ وَقْتِهَا فَإِنْ أَدْرَكْتُمُوهُمْ فَصَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ لِلْوَقْتِ الَّذِي تَعْرِفُونَ ثُمَّ صَلُّوا مَعَهُمْ وَاجْعَلُوهَا سُبْحَةً»

1256 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا فَإِنْ أَدْرَكْتَ الْإِمَامَ يُصَلِّي بِهِمْ فَصَلِّ مَعَهُمْ وَقَدْ أَحْرَزْتَ صَلَاتَكَ وَإِلَّا فَهِيَ نَافِلَةٌ لَكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا) أَيْ سَوَاءً كَانَتْ مَعَ الْإِمَامِ أَمْ لَا فَقَوْلُهُ فَإِنْ أَدْرَكْتَ تَفْصِيلٌ لِذَلِكَ أَيْ أَدْرَكْتَهُ فِي الْوَقْتِ وَقَدْ أَحْرَزْتَ صَلَاتَكَ مَعَ الْإِمَامِ فِي الْوَقْتِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُدْرِكْ صَلَاةً فِي الْوَقْتِ فَصَلِّ فِي الْوَقْتِ ثُمَّ صَلِّ مَعَهُ (فَهِيَ) أَيِ الصَّلَاةُ مَعَ الْإِمَامِ (نَافِلَةٌ لَكَ) فَفِي الْكَلَامِ اخْتِصَارٌ وَالتَّقْدِيرُ مَا ذَكَرْنَا.

1257 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ عَنْ أَبِي الْمُثَنَّى عَنْ أَبِي أُبَيٍّ ابْنِ امْرَأَةِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ يَعْنِي عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سَيَكُونُ أُمَرَاءُ تَشْغَلُهُمْ أَشْيَاءُ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا فَاجْعَلُوا صَلَاتَكُمْ مَعَهُمْ تَطَوُّعًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (تَشْغَلُهُمْ) مِنْ شَغَلَ كَنَبَعَ أَوْ مِنْ أَشْغَلَ وَهِيَ لُغَةٌ ضَعِيفَةٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في صلاة الخوف]

[بَاب مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ] 1258 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا جَرِيرٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ يُصَلِّي بِطَائِفَةٍ مَعَهُ فَيَسْجُدُونَ سَجْدَةً وَاحِدَةً وَتَكُونُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْعَدُوِّ ثُمَّ يَنْصَرِفُ الَّذِينَ سَجَدُوا السَّجْدَةَ مَعَ أَمِيرِهِمْ ثُمَّ يَكُونُونَ مَكَانَ الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا وَيَتَقَدَّمُ الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا فَيُصَلُّوا مَعَ أَمِيرِهِمْ سَجْدَةً وَاحِدَةً ثُمَّ يَنْصَرِفُ أَمِيرُهُمْ وَقَدْ صَلَّى صَلَاتَهُ وَيُصَلِّي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ بِصَلَاتِهِ سَجْدَةً لِنَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ خَوْفٌ أَشَدَّ مِنْ ذَلِكَ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا» قَالَ يَعْنِي بِالسَّجْدَةِ الرَّكْعَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ) كَأَنَّهُ فِي تَقْدِيرِ الْمُبْتَدَأِ أَيْ هِيَ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ وَضَمِيرُ هِيَ لِصَلَاةِ الْخَوْفِ لِئَلَّا يَلْزَمَ أَنْ يَكُونَ مَقُولُ الْقَوْلِ مُفْرَدًا قَوْلُهُ (وَيُصَلِّي كُلُّ وَاحِدٍ إِلَخْ) يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ عَلَى التَّرْتِيبِ لَا أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ مَعًا وَإِلَّا لَمْ يَبْقَ وَجَاهَ الْعَدُوِّ وَاحِدٌ سِوَى الْإِمَامِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَلَا يَرِدُ وَهَذَا خِلَافُ مَوْضُوعِ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ مَعًا كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ فَيَخُصُّ هَذِهِ الصُّورَةَ بِمَا إِذَا كَانَ الْخَوْفُ قَلِيلًا بِحَيْثُ لَا يَضُرُّ عَدَمُ بَقَاءِ أَحَدٍ وَجَاهَ الْعَدُوِّ سَوَى الْإِمَامِ سَاعَةً وَلَا يُرْجَى خَوْفٌ لِذَلِكَ أَوْ لِأَنَّ الْعَدُوَّ إِذَا رَآهُمْ فِي الصَّلَاةِ ذَاهِبِينَ آيِبِينَ

لَا يَقْدُمُ عَلَيْهِمْ بِخِلَافِ مَا لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ.

1259 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ «أَنَّهُ قَالَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ قَالَ يَقُومُ الْإِمَامُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَتَقُومُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَهُ وَطَائِفَةٌ مِنْ قِبَلِ الْعَدُوِّ وَوُجُوهُهُمْ إِلَى الصَّفِّ فَيَرْكَعُ بِهِمْ رَكْعَةً وَيَرْكَعُونَ لِأَنْفُسِهِمْ وَيَسْجُدُونَ لِأَنْفُسِهِمْ سَجْدَتَيْنِ فِي مَكَانِهِمْ ثُمَّ يَذْهَبُونَ إِلَى مُقَامِ أُولَئِكَ وَيَجِيءُ أُولَئِكَ فَيَرْكَعُ بِهِمْ رَكْعَةً وَيَسْجُدُ بِهِمْ سَجْدَتَيْنِ فَهِيَ لَهُ ثِنْتَانِ وَلَهُمْ وَاحِدَةٌ ثُمَّ يَرْكَعُونَ رَكْعَةً وَيَسْجُدُونَ سَجْدَتَيْنِ» قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ فَسَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ الْقَطَّانَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَحَدَّثَنِي عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ قَالَ لِي يَحْيَى اكْتُبْهُ إِلَى جَنْبِهِ وَلَسْتُ أَحْفَظُ الْحَدِيثَ وَلَكِنْ مِثْلُ حَدِيثِ يَحْيَى ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَطَائِفَةٌ مِنْ قِبَلِ الْعَدُوِّ) بِكَسْرِ قَافٍ وَفَتْحِ مُوَحَّدَةٍ وَمِنْ بِمَعْنَى فِي، أَيْ طَائِفَةٌ تَقُومُ فِي جَانِبِ الْعَدُوِّ وَلَعَلَّ قَوْلَهُ وَوَجَوْهُهُمْ إِلَى الصَّفِّ أَيْ أَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنَ النَّظَرِ إِلَى الصَّفِّ لِئَلَّا يَقَعَ عَلَيْهِمْ أَحَدٌ وَهُوَ مَخْصُوصٌ بِمَا إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ فِي جِهَةِ قِبْلَتِهِمْ قَوْلُهُ (فَيَرْكَعُ بِهِمْ رَكْعَةً) أَيْ تَمَامَهَا مَعَ السَّجْدَتَيْنِ ثُمَّ يَمْكُثُ الْإِمَامُ مَكَانَهُ جَالِسًا حَتَّى يُتِمُّ هَؤُلَاءِ أَيِ الطَّائِفَةُ الْأُولَى لَا تُقْسَمُ الصَّلَاةُ هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَيَرْكَعُونَ لِأَنْفُسِهِمْ وَيَسْجُدُونَ لِأَنْفُسِهِمْ سَجْدَتَيْنِ فِي مَكَانِهِمْ (فَهِيَ) أَيِ الصَّلَاةُ (لَهُ) أَيْ لِلْإِمَامِ (ثِنْتَانِ) أَيْ رَكْعَتَانِ (وَلَهُمْ) أَيْ لِلطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ (وَاحِدَةٌ) وَهَذَا ظَاهِرٌ.

1260 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْخَوْفِ فَرَكَعَ بِهِمْ جَمِيعًا ثُمَّ سَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّفُّ الَّذِينَ يَلُونَهُ وَالْآخَرُونَ قِيَامٌ حَتَّى إِذَا نَهَضَ سَجَدَ أُولَئِكَ بِأَنْفُسِهِمْ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ تَأَخَّرَ الصَّفُّ الْمُقَدَّمُ حَتَّى قَامُوا مُقَامَ أُولَئِكَ وَتَخَلَّلَ أُولَئِكَ حَتَّى قَامُوا مُقَامَ الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ فَرَكَعَ بِهِمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمِيعًا ثُمَّ سَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّفُّ الَّذِي يَلُونَهُ فَلَمَّا رَفَعُوا رُءُوسَهُمْ سَجَدَ أُولَئِكَ سَجْدَتَيْنِ وَكُلُّهُمْ قَدْ رَكَعَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَجَدَ طَائِفَةٌ بِأَنْفُسِهِمْ سَجْدَتَيْنِ وَكَانَ الْعَدُوُّ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (سَجَدَ أُولَئِكَ إِلَخْ) كَاللَّاحِقِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ حَدِيثِ جَابِرٍ هَذَا صَحِيحٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في صلاة الكسوف]

[بَاب مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ] 1261 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَقُومُوا فَصَلُّوا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ) قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّهَا انْكَسَفَتْ يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ ابْنُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَزَعَمَ النَّاسُ أَنَّهَا انْكَسَفَتْ لِمَوْتِهِ فَدَفَعَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهْمَهُمْ بِهَذَا الْكَلَامِ.

1262 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَأَحْمَدُ بْنُ ثَابِتٍ وَجَمِيلُ بْنُ الْحَسَنِ قَالُوا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ «انْكَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ فَزِعًا يَجُرُّ ثَوْبَهُ حَتَّى أَتَى الْمُسْجِدَ فَلَمْ يَزَلْ يُصَلِّي حَتَّى انْجَلَتْ ثُمَّ قَالَ إِنَّ أُنَاسًا يَزْعُمُونَ أَنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَنْكَسِفَانِ إِلَّا لِمَوْتِ عَظِيمٍ مِنْ الْعُظَمَاءِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذَا تَجَلَّى اللَّهُ لِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ خَشَعَ لَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَإِذَا تَجَلَّى اللَّهُ تَعَالَى لِشَيْءٍ إِلَخْ) قَالَ الْغَزَالِيُّ هَذِهِ الزِّيَادَةُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ نَقْلًا فَيَجِبُ تَكْذِيبُ نَاقِلِهَا وَبَنَى ذَلِكَ عَلَى أَنَّ قَوْلَ الْفَلَاسِفَةِ فِي بَابِ الْخُسُوفِ وَالْكُسُوفِ حَقٌّ لِمَا قَامَ عَلَيْهِ مِنَ الْبَرَاهِينِ الْقَطْعِيَّةِ وَهُوَ أَنَّ خُسُوفَ الْقَمَرِ عِبَارَةٌ عَنْ إِمْحَاءِ ضَوْئِهِ بِتَوَسُّطِ الْأَرْضِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّمْسِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ يَقْتَبِسُ نُورَهُ مِنَ الشَّمْسِ، وَالْأَرْضُ كُرَةٌ وَالسَّمَاءُ مُحِيطَةٌ بِهَا مِنَ الْجَوَانِبِ فَإِذَا وَقَعَ الْقَمَرُ فِي ظِلِّ الْأَرْضِ انْقَطَعَ عَنْهُ نُورُ الشَّمْسِ وَإِنَّ كُسُوفَ الشَّمْسِ مَعْنَاهُ وُقُوعُ جِرْمِ الْقَمَرِ بَيْنَ النَّاظِرِ وَالشَّمْسِ وَذَلِكَ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا فِي الْعِقْدَيْنِ عَلَى دَقِيقَةٍ وَاحِدَةٍ قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ إِسْنَادُ هَذِهِ الزِّيَادَةِ لَا مَطْعَنَ فِيهِ وَرُوَاتُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ حُفَّاظٌ وَلَكِنْ لَعَلَّ هَذِهِ اللَّفْظَةُ مُدْرَجَةٌ فِي الْحَدِيثِ مِنْ كَلَامِ بَعْضِ الرُّوَاةِ وَلِهَذَا لَا تُوجَدُ فِي سَائِرِ أَحَادِيثِ الْكُسُوفِ فَقَدْ رَوَى حَدِيثَ الْكُسُوفِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِضْعَةَ عَشَرَ صَحَابِيًّا فَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ فِي حَدِيثٍ هَذِهِ اللَّفْظَةَ فَمِنْ هُنَا نَشَأَ احْتِمَالُ الْإِدْرَاجِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ: قَوْلُ الْفَلَاسِفَةِ صَحِيحٌ كَمَا قَالَ الْغَزَالِيُّ لَكِنَّ إِنْكَارَ الْغَزَالِيِّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ غَيْرُ جَيِّدٍ فَإِنَّهُ مَرْوِيٌّ فِي النَّسَائِيِّ وَغَيْرِهِ وَتَأْوِيلُهُ ظَاهِرٌ فَأَيُّ بُعْدٍ فِي أَنَّ الْعَالَمَ بِالْجُزْئِيَّاتِ وَمِقْدَارَ الْكَائِنَاتِ سُبْحَانَهُ يُقَدِّرُ فِي أَزَلِ الْأَزَلِ خُشُوعَهَا بِتَوَسُّطِ الْأَرْضِ بَيْنَ الْقَمَرِ وَالشَّمْسِ وَوُقُوفِ جِرْمُ الْقَمَرِ بَيْنَ النَّاظِرِ وَالشَّمْسِ وَيَكُونُ ذَلِكَ وَقْتَ تَجَلِّيهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَيْهِمَا فَالتَّجَلِّي سَبَبٌ لِكُسُوفِهِمَا قَضَتِ الْعَادَةُ بِأَنَّهُ يُقَارِنُ تَوَسُّطَ الْأَرْضِ وَوُقُوفَ جِرْمِ الْقَمَرِ لَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَنْبَغِي

مُنَازَعَةُ الْفَلَاسِفَةِ فِيمَا قَالُوا إِذَا دَلَّتْ عَلَيْهِ بَرَاهِينُ قَطْعِيَّةٌ.

1263 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ الْمِصْرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَسَفَتْ الشَّمْسُ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَقَامَ فَكَبَّرَ فَصَفَّ النَّاسُ وَرَاءَهُ فَقَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً ثُمَّ كَبَّرَ فَرَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ ثُمَّ قَامَ فَقَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً هِيَ أَدْنَى مِنْ الْقِرَاءَةِ الْأُولَى ثُمَّ كَبَّرَ فَرَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا هُوَ أَدْنَى مِنْ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ فَاسْتَكْمَلَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ وَانْجَلَتْ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ النَّاسَ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلَاةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَصَفَّ النَّاسُ) فِي فَتْحِ الْبَارِي بِالرَّفْعِ أَيِ اصْطَفَوْا يُقَالُ صَفَّ الْقَوْمُ إِذَا صَارُوا صَفًّا قَالَ وَيَجُوزُ النَّصْبُ وَالْفَاعِلُ ضَمِيرُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلُهُ (أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ) أَيْ أَرْبَعَةُ رُكُوعٍ وَأَرْبَعَةُ سُجُودٍ فِي رَكْعَتَيْنِ (فَافْزَعُوا) بِفَتْحِ الزَّايِ أَيِ الْجَئُوا إِلَيْهَا وَاسْتُغِيثُوا بِهَا اهـ.

1264 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ عِبَادٍ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ «صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكُسُوفِ فَلَا نَسْمَعُ لَهُ صَوْتًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَلَا نَسْمَعُ لَهُ صَوْتًا) فِي فَتْحِ الْبَارِي هَذِهِ الرِّوَايَةُ إِنْ ثَبَتَتْ فَلَا تَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْجَهْرِ وَقَدْ وَرَدَ مِثْلُهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طُرُقٍ أَسَانِيدُهَا وَاهِيَةٌ وَقَدْ ثَبَتَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَهَرَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ وَأَخْرَجَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ فَلَوْ صَحَّ حَدِيثُ سَمُرَةَ لَكَانَ مُثْبِتَ الْجَهْرِ مَعَهُ قَدْرٌ زَائِدٌ فَالْأَخْذُ بِهِ أَوْلَى وَإِنْ ثَبَتَ التَّعَدُّدُ فَيَكُونُ فِعْلُ ذَلِكَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ الْجَهْرُ عِنْدِي أَوْلَى لِأَنَّهَا صَلَاةٌ جَامِعَةٌ يُنَادَى لَهَا وَيُخْطَبُ فَأَشْبَهَتِ الْعِيدَ وَالِاسْتِسْقَاءَ وَبِهِ قَالَ

أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُمَا مِنْ مُحَدِّثِي الشَّافِعِيَّةِ.

1265 - حَدَّثَنَا مُحْرِزُ بْنُ سَلَمَةَ الْعَدَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ الْجُمَحِيُّ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْكُسُوفِ فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ثُمَّ رَفَعَ ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ ثُمَّ رَفَعَ ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ثُمَّ رَفَعَ ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ ثُمَّ رَفَعَ ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ لَقَدْ دَنَتْ مِنِّي الْجَنَّةُ حَتَّى لَوْ اجْتَرَأْتُ عَلَيْهَا لَجِئْتُكُمْ بِقِطَافٍ مِنْ قِطَافِهَا وَدَنَتْ مِنِّي النَّارُ حَتَّى قُلْتُ أَيْ رَبِّ وَأَنَا فِيهِمْ قَالَ نَافِعٌ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ وَرَأَيْتُ امْرَأَةً تَخْدِشُهَا هِرَّةٌ لَهَا فَقُلْتُ مَا شَأْنُ هَذِهِ قَالُوا حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا لَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَلَا هِيَ أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خِشَاشِ الْأَرْضِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَقَدْ دَنَتْ مِنِّي الْجَنَّةُ) عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ مِنَ الدُّنُوِّ قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ مِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى أَنَّ الْحُجُبَ كُشِفَتْ لَهُ دُونَهَا فَرَآهَا عَلَى حَقِيقَتِهَا وَطُوِيَتِ الْمَسَافَةُ بَيْنَهُمَا حَتَّى أَمْكَنَهُ أَنْ يَتَنَاوَلَ مِنْهَا وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى أَنَّهَا مَثَلَتْ لَهُ فِي الْحَائِطِ كَمَا تَنْطَبِعُ الصُّورَةُ فِي الْمِرْآةِ فَرَأَى جَمِيعَ مَا فِيهَا قَوْلُهُ (بِقِطَافٍ) ضُبِطَ بِكَسْرِ الْقَافِ (أَيْ رَبِّ وَأَنَا فِيهِمْ) أَيْ فَكَيْفَ تُعَذِّبُهُمْ وَأَنَا فِيهِمْ وَقَدْ قُلْتَ {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} [الأنفال: 33] وَهَذَا مِنْ بَابِ الْفَزَعِ فِي حَضْرَتِهِ وَإِظْهَارِ فَقْرِ الْخَلْقِ وَأَنَّ مَا وَعَدَ بِهِ مِنْ عَدَمِ الْعَذَابِ مَا دَامَ فِيهِمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُقَيَّدًا بِشَرْطٍ وَلَيْسَ مِثْلُهُ مَبْنِيًّا عَلَى عَدَمِ التَّصْدِيقِ بِوَعْدِهِ الْكَرِيمِ وَهَذَا ظَاهِرٌ قَوْلُهُ (خَشَاشُ الْأَرْضِ) أَيْ هَوَامُّهَا وَحَشَرَاتُهَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في صلاة الاستسقاء]

[بَاب مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ] 1266 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ إِسْحَقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كِنَانَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «أَرْسَلَنِي أَمِيرٌ مِنْ الْأُمَرَاءِ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَسْأَلُهُ عَنْ الصَّلَاةِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَا مَنَعَهُ أَنْ يَسْأَلَنِي قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَاضِعًا مُتَبَذِّلًا مُتَخَشِّعًا مُتَرَسِّلًا مُتَضَرِّعًا فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيدِ وَلَمْ يَخْطُبْ خُطْبَتَكُمْ هَذِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَا مَنَعَهُ أَنْ يَسْأَلَنِي) أَيْ مِنْ نَفْسِهِ (مُبْتَذِلًا مُتَرَسِّلًا) بِمُثَنَّاةٍ الْوَقَارُ يُقَالُ تَرَسَّلَ الرَّجُلُ فِي كَلَامِهِ وَمَشْيِهِ إِذَا لَمْ يُعَجِّلْ (وَلَمْ يَخْطُبْ خُطْبَتَكُمْ هَذِهِ) أَيْ بَلْ كَانَ جُلُّ خُطْبَتِهِ الدُّعَاءَ وَالِاسْتِغْفَارَ وَالتَّضَرُّعَ.

1267 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبَّادَ بْنَ تَمِيمٍ يُحَدِّثُ أَبِي عَنْ عَمِّهِ «أَنَّهُ شَهِدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى الْمُصَلَّى لِيَسْتَسْقِي فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَقَلَبَ رِدَاءَهُ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ» حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ قَالَ سُفْيَانُ عَنْ الْمَسْعُودِيِّ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو أَجَعَلَ أَعْلَاهُ أَسْفَلَهُ أَوْ الْيَمِينَ عَلَى الشِّمَالِ قَالَ لَا بَلْ الْيَمِينَ عَلَى الشِّمَالِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَقَلَبَ) بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ أَيْ تَفَاؤُلًا أَنْ يَقْلِبَ اللَّهُ تَعَالَى

الْأَحْوَالَ مِنْ عُسْرٍ إِلَى يُسْرٍ.

1268 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ وَالْحَسَنُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ قَالَا حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ يُحَدِّثُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا يَسْتَسْقِي فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ بِلَا أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ ثُمَّ خَطَبَنَا وَدَعَا اللَّهَ وَحَوَّلَ وَجْهَهُ نَحْوَ الْقِبْلَةِ رَافِعًا يَدَيْهِ ثُمَّ قَلَبَ رِدَاءَهُ فَجَعَلَ الْأَيْمَنَ عَلَى الْأَيْسَرِ وَالْأَيْسَرَ عَلَى الْأَيْمَنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَجَعَلَ الْأَيْمَنَ عَلَى الْأَيْسَرِ وَالْأَيْسَرَ عَلَى الْأَيْمَنِ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ اهـ.

[باب ما جاء في الدعاء في الاستسقاء]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الدُّعَاءِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ] 1269 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ السِّمْطِ «أَنَّهُ قَالَ لِكَعْبٍ يَا كَعْبُ بْنَ مُرَّةَ حَدِّثْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحْذَرْ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَسْقِ اللَّهَ فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مَرِيئًا مَرِيعًا طَبَقًا عَاجِلًا غَيْرَ رَائِثٍ نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍّ قَالَ فَمَا جَمَّعُوا حَتَّى أُجِيبُوا قَالَ فَأَتَوْهُ فَشَكَوْا إِلَيْهِ الْمَطَرَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ تَهَدَّمَتْ الْبُيُوتُ فَقَالَ اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا قَالَ فَجَعَلَ السَّحَابُ يَنْقَطِعُ يَمِينًا وَشِمَالًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَرِيئًا) بِالْهَمْزِ بِمَعْنَى مَحْمُودِ الْعَاقِبَةِ (مُرِيعًا) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِهَا مَعَ كَسْرِ الرَّاءِ وَالْيَاءِ التَّحْتَانِيَّةِ مِنَ الرِّيعِ وَهُوَ الزِّيَادَةُ قَوْلُهُ (طَبَقًا) أَيْ مَائِلًا إِلَى الْأَرْضِ مُغَطِّيًا يُقَالُ غَيْثٌ طَبَقٌ أَيْ عَامٌّ وَاسِعٌ اهـ قَوْلُهُ (عَاجِلًا) فِي الْحَالِ (غَيْرُ رَائِثٍ) أَيْ بَطِيءٍ مُتَأَخِّرٍ يُقَالُ رَاثَ يَرِيثُ بِالْمُثَلَّثَةِ إِذَا أَبْطَأَ قَوْلُهُ (فَمَا جَمَعُوا) أَيْ مَا صَلُّوا الْجُمُعَةَ (حَتَّى أُحْيُوا) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنَ الْإِحْيَاءِ أَيِ الْحَيَاةُ كَمَا فِي بَعْضِ الْأُصُولِ الْمُعْتَمَدَةِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أُجِيبُوا بِالْجِيمِ مِنَ الْإِجَابَةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْأَوَّلِ عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ مِنْ أُحْيَا الْقَوْمُ أَيْ صَارُوا فِي الْحَيَاةِ وَهُوَ الْخِصْبُ قَوْلُهُ (فَشَكَوْا إِلَيْهِ الْمَطَرَ) أَيْ كَثْرَتَهُ (حَوَالَيْنَا) بِفَتْحِ اللَّامِ أَيِ اجْعَلِ الْمَطَرَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ.

1270 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ أَبُو الْأَحْوَصِ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ جِئْتُكَ مِنْ عِنْدِ قَوْمٍ مَا يَتَزَوَّدُ لَهُمْ رَاعٍ وَلَا يَخْطِرُ لَهُمْ فَحْلٌ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا مَرِيئًا طَبَقًا مَرِيعًا غَدَقًا عَاجِلًا غَيْرَ رَائِثٍ ثُمَّ نَزَلَ فَمَا يَأْتِيهِ أَحَدٌ مِنْ وَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ إِلَّا قَالُوا قَدْ أُحْيِينَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَا يَتَزَوَّدُ لَهُمْ رَاعٍ) أَيْ يَخْرُجُ لَهُمْ رَاعٍ إِلَى الْمَرَاعِي لِيَتَزَوَّدَ (وَلَا يَخْطِرُ لَهُمْ فَحْلٌ) لَعَلَّهُ مِنْ خَطَرَ الْبَعِيرُ بِذَنْبِهِ يَخْطِرُ بِالْكَسْرِ إِذَا رَفَعَهُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ وَضَرَبَ بِهِ فَخْذَهُ وَالْمُرَادُ بَيَانُ ضَعْفِ الْفَحْلِ الَّذِي هُوَ أَقْوَى مِنْ

الْأُنْثَى قَوْلُهُ (مُغِيثًا) مِنَ الْإِغَاثَةِ بِمَعْنَى الْإِعَانَةِ (غَدَقًا) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالدَّالِ الْمُهْلَةِ هُوَ الْمَطَرُ الْكِبَارُ الْقَطْرُ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

1271 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ بَرَكَةَ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَسْقَى حَتَّى رَأَيْتُ أَوْ رُئِيَ بَيَاضُ إِبْطَيْهِ» قَالَ مُعْتَمِرٌ أُرَاهُ فِي الِاسْتِسْقَاءِ

1272 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ حَدَّثَنَا أَبُو عَقِيلٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا سَالِمٌ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «رُبَّمَا ذَكَرْتُ قَوْلَ الشَّاعِرِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَمَا نَزَلَ حَتَّى جَيَّشَ كُلُّ مِيزَابٍ بِالْمَدِينَةِ فَأَذْكُرُ قَوْلَ الشَّاعِرِ وَأَبْيَضَ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ ثِمَالُ الْيَتَامَى عِصْمَةٌ لِلْأَرَامِلِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي طَالِبٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (حَتَّى جَيَّشَ إِلَخْ) فِي الْقَامُوسِ جَاشَ الْبَحْرُ يَجِيشُ إِذَا غَلَا وَالْعَيْنُ إِذَا فَاضَتْ وَالْوَادِي إِذَا جَرَى وَقَالَ السُّيُوطِيُّ بِجِيمٍ وَشِينٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ يَتَدَفَّقُ وَيَجْرِي بِالْمَاءِ قَوْلُهُ (ثِمَالُ الْيَتَامَى) فِي الصِّحَاحِ ثِمَالٌ بِالْكَسْرِ الْغِيَاثُ يُقَالُ فُلَانٌ ثِمَالُ قَوْمِهِ أَيْ غِيَاثٌ لَهُمْ يَقُومُ بِأَمْرِهِمْ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في صلاة العيدين]

[بَاب مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ] 1273 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ «أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى قَبْلَ الْخُطْبَةِ ثُمَّ خَطَبَ فَرَأَى أَنَّهُ لَمْ يُسْمِعْ النِّسَاءَ فَأَتَاهُنَّ فَذَكَّرَهُنَّ وَوَعَظَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ وَبِلَالٌ قَائِلٌ بِيَدَيْهِ هَكَذَا فَجَعَلَتْ الْمَرْأَةُ تُلْقِي الْخُرْصَ وَالْخَاتَمَ وَالشَّيْءَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ صَلَّى إِلَخْ) جُمْلَةُ أَنَّهُ صَلَّى بَدَلٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْ أَشْهَدُ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى فِي الصِّحَاحِ الشَّهَادَةُ خَبَرٌ قَاطِعٌ تَقُولُ مِنْهُ شَهِدَ الرَّجُلُ عَلَى كَذَا وَلَيْسَ هُوَ مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ فِي مُقَابَلَةِ شَهِدَ لَهُ وَفِي الْكَشَّافِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143] فَإِنْ قُلْتَ هَلَّا قِيلَ لَكُمْ وَشَهَادَتُهُ لَهُمْ لَا عَلَيْهِمْ قُلْتُ لَمَّا كَانَ الشَّهِيدُ كَالرَّقِيبِ عَلَى الْمَشْهُودِ لَهُ جِيءَ بِكَلِمَةِ الِاسْتِعْلَاءِ اهـ فَعَلَى هَذَا يُمْكِنُ اعْتِبَارَ تَضْمِينِ مَعْنَى الْمُرَاقَبَةِ هَاهُنَا كَأَنَّهُ قَالَ كُنْتُ رَقِيبًا لِأَحْوَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلُهُ (أَنَّهُ لَمْ يُسْمِعْ) مِنَ الْإِسْمَاعِ أَيْ لَمْ يُسْمِعْهُنَّ لِبُعْدِهِنَّ قَوْلُهُ (فَأَتَاهُنَّ) أَيْ جَاءَ فِي مَكَانٍ قَرِيبٍ مِنْهُنَّ (فَذَكَّرَهُنَّ) مِنَ التَّذْكِيرِ اهـ قَوْلُهُ (وَبِلَالٌ قَائِلٌ بِيَدَيْهِ) أَيْ آخِذٌ ثَوْبَهُ بِيَدِهِ وَبَاسِطٌ إِيَّاهُ فَهُوَ مِنَ اسْتِعْمَالِ الْقَوْلِ فِي

الْفِعْلِ لِلْأَخْذِ وَالْبَسْطِ قَوْلُهُ (الْخُرْصُ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَقَدْ تُكْسَرُ حُلَيْقَةٌ صَغِيرَةٌ تُعَلَّقُ بِالْأُذُنِ وَاسْتُدِلَّ بِالْحَدِيثِ عَلَى جَوَازِ عَطِيَّةِ الْمَرْأَةِ مِنْ مَالِهَا بِغَيْرِ إِذْنِ الزَّوْجِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى بُعْدِهِنَّ مِنَ الْأَزْوَاجِ وَعَدَمِ اطِّلَاعِ الْأَزْوَاجِ عَلَى إِعْطَائِهِنَّ وَإِلَّا فَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ تَقْرِيرُهُمْ عَلَى الْإِعْطَاءِ إِذْنٌ فِيهِ.

1274 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى يَوْمَ الْعِيدِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ) هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ الْعِيدِ لَيْسَتْ مِنَ الْمَكْتُوبَاتِ.

1275 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَعَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ «أَخْرَجَ مَرْوَانُ الْمِنْبَرَ يَوْمَ الْعِيدِ فَبَدَأَ بِالْخُطْبَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا مَرْوَانُ خَالَفْتَ السُّنَّةَ أَخْرَجْتَ الْمِنْبَرَ يَوْمَ عِيدٍ وَلَمْ يَكُنْ يُخْرَجُ بِهِ وَبَدَأْتَ بِالْخُطْبَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَلَمْ يَكُنْ يُبْدَأُ بِهَا فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ أَمَّا هَذَا فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ رَأَى مُنْكَرًا فَاسْتَطَاعَ أَنْ يُغَيِّرَهُ بِيَدِهِ فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ بِلِسَانِهِ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَخْرَجَ مَرْوَانُ الْمِنْبَرَ إِلَخْ) أَيْ لِيَخْطُبَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (فَبَدَأَ بِالْخُطْبَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ) وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ بَدَأَ بِالْخُطْبَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ يَوْمَ الْعِيدِ كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ قِيلَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسُبُّونَ فِي الْخُطْبَةِ مَنْ لَا يَحِلُّ سَبُّهُ فَتَتَفَرَّقُ النَّاسُ عِنْدَ الْخُطْبَةِ إِذَا كَانَتْ مُتَأَخِّرَةً لِئَلَّا يَسْمَعُوا ذَلِكَ فَقَدَّمَ الْخُطْبَةَ لِيُسْمِعَهُمْ قَوْلُهُ (خَالَفْتَ السُّنَّةَ) فِيهِ الْإِنْكَارٌ عَلَى الْآمِرِ بِمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ (قَضَى) أَيْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ أَيْ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ أَوْ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ) قِيلَ هَذَا أَمْرُ إِيجَابٍ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى الْكِفَايَةِ (فَبِلِسَانِهِ) أَيْ فَلْيُنْكِرْهُ بِلِسَانِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ فَبِقَلْبِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ فَلْيُغَيِّرْهُ بِلِسَانِهِ أَوْ بِقَلْبِهِ أَمَّا فِي الْقَلْبِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا فِي اللِّسَانِ فَلِأَنَّ الْمَفْرُوضَ أَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُغَيِّرَ بِالْيَدِ فَكَيْفَ يُغَيِّرُهُ بِاللِّسَانِ إِلَّا أَنْ يُقَالَ قَدْ يُمْكِنُ التَّغْيِيرُ بِطَيِّبِ الْكَلَامِ عِنْدَ عَدَمِ اسْتِطَاعَةِ التَّغْيِيرِ بِالْيَدِ لَكِنَّ ذَاكَ قَادِرٌ قَلِيلٌ جِدًّا وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ قَوْلُهُ (وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ) أَيْ الْإِنْكَارُ بِالْقَلْبِ فَقَطْ أَضْعَفُ فِي نَفْسِهِ وَلَا يَكْتَفِي بِهِ إِلَّا مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ غَيْرَهُ نَعَمْ إِذَا اكْتَفَى بِهِ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ غَيْرَهُ فَلَيْسَ مِنَ الْأَضْعَفِ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ غَيْرَهُ وَالتَّكْلِيفُ بِالْوُسْعِ قِيلَ فِي الْحَدِيثِ إِشْكَالٌ لِأَنَّهُ

يَدُلُّ عَلَى ذَمِّ فَاعِلِ الْإِنْكَارِ بِالْقَلْبِ فَقَطْ وَأَيْضًا يُعَظِّمُ إِيمَانَ الشَّخْصِ وَهُوَ لَا يَسْتَطِيعُ التَّغْيِيرَ بِالْيَدِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَجْزِهِ عَنِ التَّغْيِيرِ بِالْيَدِ ضَعْفُ الْإِيمَانِ فَكَيْفَ جَعَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَضْعَفَ الْإِيمَانِ أَجَابَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِيمَانِ هَاهُنَا الْأَعْمَالُ مَجَازًا أَوْ هُوَ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَيْ أَضْعَفُ خِصَالِ الْإِيمَانِ فِي بَابِ النَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّقَرُّبَ بِالْكَرَاهَةِ لَيْسَ بِالْإِنْكَارِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَعْرِضِ الذَّمِّ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ لِيَعْلَمَ الْمُكَلَّفُ مُقَارَنَةَ مَا حَصَلَ فِي هَذَا الْقِسْمِ فَيَتَرَقَّى إِلَى غَيْرِهِ.

1276 - حَدَّثَنَا حَوْثَرَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ يُصَلُّونَ الْعِيدَ قَبْلَ الْخُطْبَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (ثُمَّ أَبُو بِكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ) فَائِدَةٌ ذِكْرُ الشَّيْخَيْنِ بَعْدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ ثَابِتَةٌ مَعْمُولٌ بِهَا قَدْ عَمِلَ بِهَا الشَّيْخَانِ بَعْدَهُ فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمَا فَيَأْمَنُ بِذَلِكَ مِنْ ظَنِّ النَّسْخِ وَالتَّخْصِيصِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في كم يكبر الإمام في صلاة العيدين]

[بَاب مَا جَاءَ فِي كَمْ يُكَبِّرُ الْإِمَامُ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ] 1277 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعْدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ سَعْدٍ مُؤَذِّنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُكَبِّرُ فِي الْعِيدَيْنِ فِي الْأُولَى سَبْعًا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ وَفِي الْآخِرَةِ خَمْسًا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فِي الْأُولَى سَبْعًا إِلَخْ) بِهَذَا أَخَذَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَدْ جَاءَ أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ أَرْبَعًا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مَعَ التَّوَالِي فِي الْقِرَاءَةِ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ وَبِهِ أَخَذَ عُلَمَاؤُنَا وَلِلْعُلَمَاءِ فِي التَّرْجِيحِ وَالتَّضْعِيفِ كَلَامٌ طَوِيلٌ وَالْأَقْرَبُ صِحَّةُ الْوَجْهَيْنِ وَأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى جَوَازِ الْكُلِّ وَأَنَّهُ فَعَلَ تَارَةً هَذَا وَتَارَةً ذَاكَ وَفِي الزَّوَائِدِ حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عَمَّارٍ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدٍ، وَأَبُوهُ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ اهـ.

1278 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْلَى عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَبَّرَ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ سَبْعًا وَخَمْسًا»

1279 - حَدَّثَنَا أَبُو مَسْعُودٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عَقِيلٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَثْمَةَ حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَبَّرَ فِي الْعِيدَيْنِ سَبْعًا فِي الْأُولَى وَخَمْسًا فِي الْآخِرَةِ»

1280 - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ وَعُقَيْلٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَبَّرَ فِي الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى سَبْعًا وَخَمْسًا سِوَى تَكْبِيرَتَيْ الرُّكُوعِ»

[باب ما جاء في القراءة في صلاة العيدين]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ] 1281 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (كَانَ يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ بِسَبِّحِ اسْمَ إِلَخْ) أَيْ أَحْيَانًا يَقْرَأُ بِهَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ وَكَذَا مَا يُسَمَّى مِنْ أَنَّهُ يَقْرَأُ بِقَافٍ وَاقْتَرَبَتْ يُحْمَلُ عَلَى مِثْلِ هَذَا.

1282 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «خَرَجَ عُمَرُ يَوْمَ عِيدٍ فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ قَالَ بِقَافْ وَاقْتَرَبَتْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي وَاقِدٍ إِلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْبَاءَ فِي قَوْلِهِ بِأَيِّ شَيْءٍ زَائِدَةٌ ثُمَّ سُؤَالُ عُمَرَ كَانَ اخْتِبَارًا أَوْ لِزِيَادَةِ التَّوْثِيقِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ نَسِيَ وَأَمَّا احْتِمَالُ أَنَّهُ مَا عَلِمَ بِذَلِكَ أَصْلًا فَيَأْبَاهُ قُرْبُ عُمَرَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

1283 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيُّ وَقَدْ ضَعَّفُوهُ اهـ.

[باب ما جاء في الخطبة في العيدين]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْخُطْبَةِ فِي الْعِيدَيْنِ] 1284 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ قَالَ رَأَيْتُ أَبَا كَاهِلٍ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ فَحَدَّثَنِي أَخِي عَنْهُ قَالَ «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ عَلَى نَاقَةٍ وَحَبَشِيٌّ آخِذٌ بِخِطَامِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَحَبَشِيٌّ) أَيْ بِلَالٌ وَمِنْ هُنَا عُلِمَ أَنَّ مَا جَاءَ مِنَ النَّهْيِ عَنِ اتِّخَاذِ الدَّوَابِّ كَرَاسِيَّ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا لَمْ يَكُنْ لِمَصْلَحَةِ.

1285 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ عَائِذٍ هُوَ أَبُو كَاهِلٍ قَالَ «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ عَلَى نَاقَةٍ حَسْنَاءَ وَحَبَشِيٌّ آخِذٌ بِخِطَامِهَا»

1286 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُبَيْطٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّهُ حَجَّ فَقَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ عَلَى بَعِيرِهِ»

1287 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعْدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ سَعْدٍ الْمُؤَذِّنِ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَبِّرُ بَيْنَ أَضْعَافِ الْخُطْبَةِ يُكْثِرُ التَّكْبِيرَ فِي خُطْبَةِ الْعِيدَيْنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (بَيْنَ أَضْعَافٍ) أَيْ فِي أَثْنَائِهَا وَأَوْسَاطِهَا وَأَطْرَافِهَا

ظَاهِرُهُ أَنَّ خُطْبَةَ غَيْرِ الْعِيدِ أَيْضًا لَا تَخْلُو عَنِ التَّكْبِيرِ لَكِنَّ التَّكْبِيرَ فِي خُطْبَةِ الْعِيدِ كَانَ كَثِيرًا وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدٍ وَأَبُوهُ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ.

1288 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنِي أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ يَوْمَ الْعِيدِ فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يُسَلِّمُ فَيَقِفُ عَلَى رِجْلَيْهِ فَيَسْتَقْبِلُ النَّاسَ وَهُمْ جُلُوسٌ فَيَقُولُ تَصَدَّقُوا تَصَدَّقُوا فَأَكْثَرُ مَنْ يَتَصَدَّقُ النِّسَاءُ بِالْقُرْطِ وَالْخَاتَمِ وَالشَّيْءِ فَإِنْ كَانَتْ حَاجَةٌ يُرِيدُ أَنْ يَبْعَثَ بَعْثًا يَذْكُرُهُ لَهُمْ وَإِلَّا انْصَرَفَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يَخْرُجُ يَوْمَ الْعِيدِ) أَيْ إِلَى الْمُصَلَّى وَمِنْهُ أَخَذُوا أَنَّ السُّنَّةَ يَوْمَ الْعِيدِ أَنْ يَخْرُجَ الْإِمَامُ إِلَى الْمُصَلَّى لِصَلَاةِ الْعِيدِ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ فَيُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ قَوْلُهُ (فَيَقُولُ تَصَدَّقُوا تَصَدَّقُوا) وَفِيهِ يَنْبَغِي أَنَّ الْإِكْثَارَ فِي الْخَيْرَاتِ فِي الْيَوْمِ الْعَظِيمِ لَا الِاشْتِغَالَ بِمُجَرَّدِ اللَّعِبِ قَوْلُهُ (بِالْقُرْطِ) مُتَعَلِّقٌ بِمِقْدَارٍ أَيْ تَصَدَّقْنَ بِالْقُرْطِ وَهُوَ بِضَمِّ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ نَوْعٌ مِنْ حُلِيِّ الْأُذُنِ مَعْرُوفٌ قَوْلُهُ (أَنْ يَبْعَثَ بَعْثًا) مَصْدَرٌ مِنَ الْبُعُوثِ أَيْ يُرِيدُ أَنْ يُرْسِلَ جَيْشًا إِلَى جِهَةٍ مِنَ الْجِهَاتِ وَجُمْلَةُ يُرِيدُ أَنْ يَبْعَثَ بَعْثًا بَيَانٌ لِثُبُوتِ الْحَاجَةِ لَهُ كَأَنَّهُ قِيلَ كَيْفَ يَكُونُ لَهُ حَاجَةٌ فَقِيلَ يُرِيدُ أَنْ يَبْعَثَ بَعْثًا مَثَلًا قِيلَ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْخُطْبَةَ لَا تَمْنَعُ الْإِمَامَ عَنِ الْكَلَامِ فِيهَا وَإِنَّمَا يَأْمُرُهُمْ يَوْمَ الْعِيدِ بِذَلِكَ لِاجْتِمَاعِهِمْ هُنَاكَ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يَجْمَعَهُمْ مَرَّةً أُخْرَى.

1289 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَحْرٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فِطْرٍ أَوْ أَضْحَى فَخَطَبَ قَائِمًا ثُمَّ قَعَدَ قَعْدَةً ثُمَّ قَامَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ جَابِرٍ إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي الصُّغْرَى مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ إِلَّا قَوْلُهُ يَوْمَ فِطْرٍ أَوْ أَضْحَى وَإِسْنَادُ ابْنِ مَاجَهْ فِيهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى ضَعْفِهِ وَأَبُو بَحْرٍ ضَعِيفٌ. انْتَهَى.

[باب ما جاء في انتظار الخطبة بعد الصلاة]

[بَاب مَا جَاءَ فِي انْتِظَارِ الْخُطْبَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ] 1290 - حَدَّثَنَا هَدِيَّةُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَعَمْرُو بْنُ رَافِعٍ الْبَجَلِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ «حَضَرْتُ الْعِيدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى بِنَا الْعِيدَ ثُمَّ قَالَ قَدْ قَضَيْنَا الصَّلَاةَ فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَجْلِسَ لِلْخُطْبَةِ فَلْيَجْلِسْ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَذْهَبَ فَلْيَذْهَبْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَمَنْ أَحَبَّ إِلَخْ) يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ حُضُورِ خُطْبَةِ الْعِيدِ وَسَمَاعِهِ.

[باب ما جاء في الصلاة قبل صلاة العيد وبعدها]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَبَعْدَهَا] 1291 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنِي عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ فَصَلَّى بِهِمْ الْعِيدَ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا) أَيْ مُطْلَقًا أَوْ فِي الْمُصَلَّى وَأَمَّا قَوْلُهُ وَلَا بَعْدَهَا فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْمُصَلَّى.

1292 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّائِفِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا فِي عِيدٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ إِلَخْ) وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

1293 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الرَّقِّيِّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُصَلِّي قَبْلَ الْعِيدِ شَيْئًا فَإِذَا رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ حَسَنٌ. انْتَهَى.

[باب ما جاء في الخروج إلى العيد ماشيا]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْخُرُوجِ إِلَى الْعِيدِ مَاشِيًا] 1294 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعْدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ سَعْدٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْرُجُ إِلَى الْعِيدِ مَاشِيًا وَيَرْجِعُ مَاشِيًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعْدِ بْنِ عَمَّارٍ) فِي الزَّوَائِدِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ضَعِيفٌ وَأَبُوهُ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ.

1295 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعُمَرِيُّ عَنْ أَبِيهِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ إِلَى الْعِيدِ مَاشِيًا وَيَرْجِعُ مَاشِيًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَمْرِيُّ ضَعِيفٌ.

1296 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «إِنَّ مِنْ السُّنَّةِ أَنْ يُمْشَى إِلَى الْعِيدِ»

1297 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْخَطَّابِ حَدَّثَنَا مِنْدَلٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْتِي الْعِيدَ مَاشِيًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا مَنْدَلٌ إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ فِيهِ مَنْدَلٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَسَيَجِيءُ هَذَا الْإِسْنَادُ فِي الْبَابِ الْآتِي اهـ.

[باب ما جاء في الخروج يوم العيد من طريق والرجوع من غيره]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْخُرُوجِ يَوْمَ الْعِيدِ مِنْ طَرِيقٍ وَالرُّجُوعِ مِنْ غَيْرِهِ] 1298 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعْدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ سَعْدٍ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى الْعِيدَيْنِ سَلَكَ عَلَى دَارِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ ثُمَّ عَلَى أَصْحَابِ الْفَسَاطِيطِ ثُمَّ انْصَرَفَ فِي الطَّرِيقِ الْأُخْرَى طَرِيقِ بَنِي زُرَيْقٍ ثُمَّ يَخْرُجُ عَلَى دَارِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَدَارِ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَى الْبَلَاطِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (كَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى الْعِيدِ سَلَكَ عَلَى دَارِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَخْرُجُ

إِلَى الْمُصَلَّى يَوْمَ الْعِيدِ فِي طَرِيقٍ وَيَرْجِعُ فِي أُخْرَى وَهَذَا صَحِيحٌ لَكِنَّ هَذَا الْإِسْنَادَ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبِيهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الزَّوَائِدِ مِرَارًا قِيلَ وَكَانَ ذَلِكَ لِتَعْمِيرِ الطَّرِيقَيْنِ بِالذِّكْرِ وَيَشْهَدُ لَهُ الطَّرِيقَانِ بِالْخَيْرِ قَوْلُهُ (الْفَسَاطِيطُ) هِيَ الْخِيَامُ (وَالْبَلَاطُ) بِالْفَتْحِ الْحِجَارَةُ الْمَفْرُوشَةُ فِي الدَّارِ وَغَيْرُهَا وَاسْمٌ لِمَوْضِعٍ بِالْمَدِينَةِ وَقِيلَ يَجُوزُ كَسْرُ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

1299 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ حَدَّثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ إِلَى الْعِيدِ فِي طَرِيقٍ وَيَرْجِعُ فِي أُخْرَى وَيَزْعُمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ»

1300 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْخَطَّابِ حَدَّثَنَا مِنْدَلٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْتِي الْعِيدَ مَاشِيًا وَيَرْجِعُ فِي غَيْرِ الطَّرِيقِ الَّذِي ابْتَدَأَ فِيهِ»

1301 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا أَبُو تُمَيْلَةَ عَنْ فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ الزُّرَقِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى الْعِيدِ رَجَعَ فِي غَيْرِ الطَّرِيقِ الَّذِي أَخَذَ فِيهِ»

[باب ما جاء في التقليس يوم العيد]

[بَاب مَا جَاءَ فِي التَّقْلِيسِ يَوْمَ الْعِيدِ] 1302 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ عَامِرٍ قَالَ «شَهِدَ عِيَاضٌ الْأَشْعَرِيُّ عِيدًا بِالْأَنْبَارِ فَقَالَ مَا لِي لَا أَرَاكُمْ تُقَلِّسُونَ كَمَا كَانَ يُقَلَّسُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقَلْسِ) وَهُوَ الضَّرْبُ بِالدُّفِّ وَالْغِنَاءِ قِيلَ الْمُقَلِّسُ الَّذِي يَلْعَبُ بَيْنَ يَدَيِ الْأَمِيرِ إِذَا قَدِمَ الْمِصْرَ وَالتَّقْلِيسُ اسْتِقْبَالُ الْوُلَاةِ عِنْدَ قُدُومِهِمْ بِأَصْنَافِ اللَّهْوِ. قَالَ السُّيُوطِيُّ قَالَ يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ أَحَدُ رُوَاةِ الْحَدِيثِ: التَّقْلِيسُ أَنْ تَقْعُدَ الْجَوَارِي وَالصِّبْيَانُ عَلَى أَفْوَاهِ الطُّرُقِ يَلْعَبُونَ بِالطَّبْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَقِيلَ هُوَ الضَّرْبُ بِالدُّفِّ اهـ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ كَانُوا يُظْهِرُونَ آثَارَ الْفَرَحِ وَالسُّرُورِ عِنْدَهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يُقَرِّرُهُمْ عَلَى ذَلِكَ كَمَا قَرَّرَ الْجَارِيَةَ الَّتِي نَذَرَتْ ضَرْبَ الدُّفِّ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى ذَلِكَ وَالْجَارِيَتَانِ اللَّتَانِ كَانَتَا تُغَنِّيَانِ عِنْدَ عَائِشَةَ وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَعِيَاضٌ الْأَشْعَرِيُّ لَيْسَ لَهُ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ بَلْ لَمْ يُخْرِجْ لَهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الْكُتُبِ الْخَمْسَةِ الْأُصُولِ.

1303 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ عَامِرٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ «مَا كَانَ شَيْءٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا وَقَدْ رَأَيْتُهُ إِلَّا شَيْءٌ وَاحِدٌ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُقَلَّسُ لَهُ يَوْمَ الْفِطْرِ» قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ سَلَمَةَ الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا ابْنُ دِيزِيلَ حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَامِرٍ ح وَحَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ جَابِرٍ ح وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ عَامِرٍ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ قَيْسٍ إِلَخْ قَالَ مَا كَانَ إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ حَدِيثِ

قَيْسٍ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[باب ما جاء في الحربة يوم العيد]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْحَرْبَةِ يَوْمَ الْعِيدِ] 1304 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَا حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَغْدُو إِلَى الْمُصَلَّى فِي يَوْمِ الْعِيدِ وَالْعَنَزَةُ تُحْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَإِذَا بَلَغَ الْمُصَلَّى نُصِبَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيُصَلِّي إِلَيْهَا وَذَلِكَ أَنَّ الْمُصَلَّى كَانَ فَضَاءً لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ يُسْتَتَرُ بِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَالْعَنَزَةُ إِلَخْ) الْعَنَزَةُ بِفَتَحَاتٍ وَعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ مِثْلُ نِصْفِ الرُّمْحِ وَأَكْبَرُ شَيْئًا وَفِيهَا سِنَانٌ كَسِنَانِ الرُّمْحِ وَهِيَ تُسَمَّى حَرْبَةٌ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ قَوْلُهُ (يَسْتَتِرُ بِهِ) أَيْ يَتَّخِذُهُ سُتْرَةً فِي حَالَةِ الصَّلَاةِ.

1305 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى يَوْمَ عِيدٍ أَوْ غَيْرَهُ نُصِبَتْ الْحَرْبَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيُصَلِّي إِلَيْهَا وَالنَّاسُ مِنْ خَلْفِهِ» قَالَ نَافِعٌ فَمِنْ ثَمَّ اتَّخَذَهَا الْأُمَرَاءُ

1306 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الْعِيدَ بِالْمُصَلَّى مُسْتَتِرًا بِحَرْبَةٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مُسْتَتِرًا بِحَرْبَةِ) أَيْ مُتَّخِذُهَا سُتْرَةً وَفِي الزَّوَائِدِ عَزَاهُ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ لِلنَّسَائِيِّ وَلَيْسَ فِي رِوَايَتِنَا وَإِسْنَادُ ابْنِ مَاجَهْ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[باب ما جاء في خروج النساء في العيدين]

[بَاب مَا جَاءَ فِي خُرُوجِ النِّسَاءِ فِي الْعِيدَيْنِ] 1307 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُخْرِجَهُنَّ فِي يَوْمِ الْفِطْرِ وَالنَّحْرِ قَالَ قَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ فَقُلْنَا أَرَأَيْتَ إِحْدَاهُنَّ لَا يَكُونُ لَهَا جِلْبَابٌ قَالَ فَلْتُلْبِسْهَا أُخْتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أُمِرْنَا) أَيْ مَعْشَرَ النِّسَاءِ (أَنْ نُخْرِجَهُنَّ) مِنَ الْإِخْرَاجِ وَضَمِيرُ الْمَفْعُولِ النِّسَاءُ وَالْمُرَادُ أَنْ يُخْرِجَ بَعْضُنَا بَعْضًا قَوْلُهُ (جِلْبَابٌ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَمُوَحَّدَتَيْنِ بَيْنَهُمَا أَلْفٌ ثَوْبٌ تُغَطِّي بِهِ الْمَرْأَةُ رَأْسَهَا وَصَدْرَهَا وَظَهْرَهَا إِذَا خَرَجَتْ قَوْلُهُ (فَلْتُلْبِسْهَا) مِنْ أَلْبَسَ (مِنْ جِلْبَابِهَا) أَيْ تُشْرِكُهَا فِي ثَوْبِهَا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ أَبِي دَاوُدَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ فِيهِ

حَرَجًا فِي الْمَشْيِ فَالْحَدِيثُ يُفِيدُ التَّأَكُّدَ فِي الْخُرُوجِ أَوِ الْمُرَادُ لِتُلْبِسْهَا مِنْ جِنْسِ جِلْبَابِهَا وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ ابْنُ خُزَيْمَةَ مِنْ جَلَابِيبِهَا.

1308 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْرِجُوا الْعَوَاتِقَ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ لِيَشْهَدْنَ الْعِيدَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ وَلْيَجْتَنِبَنَّ الْحُيَّضُ مُصَلَّى النَّاسِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (الْعَوَاتِقُ) جَمْعُ عَاتِقٍ وَهِيَ الَّتِي قَارَبَتِ الْبُلُوغَ وَقِيلَ الشَّابَّةُ أَوَّلُ مَا تَبْلُغُ وَقِيلَ هِيَ مَا تَزَوَّجَتْ وَقَدْ أَدْرَكَتْ وَشَبَّتْ قَوْلُهُ (وَذَوَاتُ الْخُدُورِ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ جَمْعُ خِدْرٍ بِكَسْرِ الْخَاءِ السِّتْرُ وَالْبَيْتُ قَوْلُهُ (الْحُيَّضُ) بِضَمِّ حَاءٍ وَتَشْدِيدِ يَاءٍ جَمْعُ حَائِضٍ.

1309 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُخْرِجُ بَنَاتِهِ وَنِسَاءَهُ فِي الْعِيدَيْنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (كَانَ يُخْرِجُ بَنَاتِهِ) فِي الزَّوَائِدِ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ ضَعِيفٌ لِتَدْلِيسِ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ.

[باب ما جاء فيما إذا اجتمع العيدان في يوم]

[بَاب مَا جَاءَ فِيمَا إِذَا اجْتَمَعَ الْعِيدَانِ فِي يَوْمٍ] 1310 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ إِيَاسِ بْنِ أَبِي رَمْلَةَ الشَّامِيِّ قَالَ «سَمِعْتُ رَجُلًا سَأَلَ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ هَلْ شَهِدْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِيدَيْنِ فِي يَوْمٍ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَكَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ قَالَ صَلَّى الْعِيدَ ثُمَّ رَخَّصَ فِي الْجُمُعَةِ ثُمَّ قَالَ مَنْ شَاءَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُصَلِّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ (ثُمَّ رَخَّصَ فِي الْجُمُعَةِ) أَيْ فِي تَرْكِهَا حَيْثُ قَالَ مَنْ شَاءَ أَنْ يُصَلِّيَ فَأَحَالَ الْأَمْرَ إِلَى الْمَشِيئَةِ وَالْمَعْنَى مَنْ شَاءَ أَنْ يُصَلِّيَ الْجُمُعَةَ فَلْيُصَلِّ وَمَنْ شَاءَ أَنْ يَكْتَفِيَ بِالْعِيدِ يُجِزْهُ حُضُورُهُ عَنْ حُضُورِ الْجُمُعَةِ لَكِنْ لَا يَسْقُطُ بِهِ الظُّهْرُ كَذَا قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ وَمَذْهَبُ عُلَمَائِنَا لُزُومُ الْحُضُورِ لِلْجُمُعَةِ وَلَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَتَبِّعِ أَنَّ أَحَادِيثَ هَذَا الْبَابِ بَعْضُهَا يَقْتَضِي سُقُوطَ الظُّهْرِ أَيْضًا لِحَدِيثِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَهُوَ غَيْرُ مَذْكُورٍ فِي الْكِتَابِ وَبَعْضُهَا يَقْتَضِي عَدَمَ لُزُومِ الْحُضُورِ لِلْجُمُعَةِ مَعَ كَوْنِهِ سَاكِتًا عَنْ لُزُومِ الظُّهْرِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

1311 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنِي مُغِيرَةُ الضَّبِّيُّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ اجْتَمَعَ عِيدَانِ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا فَمَنْ شَاءَ أَجْزَأَهُ مِنْ الْجُمُعَةِ وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ» حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنِي مُغِيرَةُ الضَّبِّيُّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَإِنَّا مُجْمِعُونَ) عَنِ التَّجْمِيعِ فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُصْطَفَى بِهَذَا الْإِسْنَادِ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ جُبَارَةَ وَمَنْدَلٍ اهـ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

1312 - حَدَّثَنَا جُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ حَدَّثَنَا مِنْدَلُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «اجْتَمَعَ عِيدَانِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ ثُمَّ قَالَ مَنْ شَاءَ أَنْ يَأْتِيَ الْجُمُعَةَ فَلْيَأْتِهَا وَمَنْ شَاءَ أَنْ يَتَخَلَّفَ فَلْيَتَخَلَّفْ»

[باب ما جاء في صلاة العيد في المسجد إذا كان مطر]

[بَاب مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ فِي الْمَسْجِدِ إِذَا كَانَ مَطَرٌ] 1313 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عُثْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ أَبِي فَرْوَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا يَحْيَى عُبَيْدَ اللَّهِ التَّيْمِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «أَصَابَ النَّاسَ مَطَرٌ فِي يَوْمِ عِيدٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى بِهِمْ فِي الْمَسْجِدِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَصَلَّى بِهِمْ فِي الْمَسْجِدِ) يُفِيدُ أَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ إِلَى الْمُصَلَّى وَلَا يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ إِلَّا لِعُذْرٍ وَهُوَ السُّنَّةُ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ وَعَلَيْهِ عَمَلُ الْأُمَّةِ الْآنَ فِي الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ.

[باب ما جاء في لبس السلاح في يوم العيد]

[بَاب مَا جَاءَ فِي لُبْسِ السِّلَاحِ فِي يَوْمِ الْعِيدِ] 1314 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا نَائِلُ بْنُ نَجِيحٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُلْبَسَ السِّلَاحُ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ فِي الْعِيدَيْنِ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا بِحَضْرَةِ الْعَدُوِّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (نَهَى أَنْ يَلْبَسَ السِّلَاحَ إِلَخْ) قِيلَ هَذَا إِذَا خِيفَ أَنْ يُصِيبَ أَحَدًا لِلزِّحَامِ وَإِلَّا فَقَدْ جَاءَ حَمْلُ الْحَرْبَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ يَوْمَ الْعِيدِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ نَائِلُ بْنُ نَجِيحٍ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ زِيَادٍ وَهُمَا ضَعِيفَانِ قُلْتُ وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ نُهُوا أَنْ يَحْمِلُوا السِّلَاحَ يَوْمَ عِيدٍ إِلَّا أَنْ يَخَافُوا عَدُوًّا وَذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ لِلْحَجَّاجِ حَمَلْتَ السِّلَاحَ فِي يَوْمٍ لَمْ يَكُنْ يُحْمَلُ فِيهِ وَقَالَ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ وَرَوَى عَبْدُ الرَّازِقِ بِإِسْنَادٍ مُرْسَلٍ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَخْرُجُوا بِالسِّلَاحِ يَوْمَ الْعِيدِ» وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلْحَدِيثِ أَصْلًا وَإِنْ كَانَ هَذَا الْإِسْنَادُ ضَعِيفًا.

[باب ما جاء في الاغتسال في العيدين]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الِاغْتِسَالِ فِي الْعِيدَيْنِ] 1315 - حَدَّثَنَا جُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ تَمِيمٍ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ الْأَضْحَى» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى) وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادُهُ فِيهِ جُبَارَةُ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَحَجَّاجُ بْنُ تَمِيمٍ ضَعِيفٌ أَيْضًا قَالَ الْعَقِيلِيُّ رُوِيَ

عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ أَحَادِيثَ لَا يُتَابَعُ عَلَيْهَا عَنْ جَدِّهِ الْفَاكِهِ فِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ فِيهِ يُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ فِيهِ ابْنُ مَعِينٍ كَذَّابٌ خَبِيثٌ زِنْدِيقٌ قُلْتُ وَكَذَّبَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ.

1316 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الْخَطْمِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ الْفَاكِهِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ جَدِّهِ الْفَاكِهِ بْنِ سَعْدٍ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ النَّحْرِ وَيَوْمَ عَرَفَةَ» وَكَانَ الْفَاكِهُ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالْغُسْلِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ

[باب في وقت صلاة العيدين]

[بَاب فِي وَقْتِ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ] 1317 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الضَّحَّاكِ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ النَّاسِ يَوْمَ فِطْرٍ أَوْ أَضْحَى فَأَنْكَرَ إِبْطَاءَ الْإِمَامِ وَقَالَ إِنْ كُنَّا لَقَدْ فَرَغْنَا سَاعَتَنَا هَذِهِ وَذَلِكَ حِينَ التَّسْبِيحِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَذَلِكَ حِينَ التَّسْبِيحِ) قَالَ السُّيُوطِيُّ أَيْ حِينَ يُصَلِّي صَلَاةَ الضُّحَى وَقَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ أَيْ وَقْتَ صَلَاةِ السُّبْحَةِ وَهِيَ النَّافِلَةُ إِذَا مَضَى وَقْتُ الْكَرَاهَةِ وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ لِلطَّبَرَانِيِّ وَذَلِكَ حِينَ يُسَبِّحُ الضُّحَى.

[باب ما جاء في صلاة الليل ركعتين]

[بَاب مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ رَكْعَتَيْنِ] 1318 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ أَنْبَأَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى) أَيْ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ وَهَذَا مَعْنَى مَثْنَى لِمَا فِيهِ مِنَ التَّكْرِيرِ وَمَثْنَى الثَّانِي تَأْكِيدًا لَهُ قِيلَ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَجْلِسُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَيَتَشَهَّدُ.

1319 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (اللَّيْلُ مَثْنَى مَثْنَى) خَبَرٌ لَفْظًا لَكِنَّ مَعْنَاهُ الْأَمْرُ وَالنَّدْبُ وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلنَّاسِ أَنْ يُصَلُّوهَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ.

1320 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَعَنْ ابْنِ أَبِي لَبِيدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَعَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ فَقَالَ يُصَلِّي مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا خَافَ الصُّبْحَ أَوْتَرَ بِوَاحِدَةٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يُصَلِّي) أَيِ الْمُصَلِّي أَوِ الْمَرِيدُ صَلَاةَ اللَّيْلِ. انْتَهَى. قَوْلُهُ (إِذَا خَافَ الصُّبْحَ)

يُفِيدُ أَنَّ اللَّائِقَ تَأْخِيرُ الْوِتْرِ فِي قُرْبِ طُلُوعِ الصُّبْحِ وَهَذَا الْغَالِبُ فِي النَّاسِ وَإِلَّا فَمَنْ قَامَ مِنْ حِينَ يَنْتَصِفُ اللَّيْلُ مَثَلًا وَصَلَّى إِلَى السَّحَرِ وَأَرَادَ أَنْ يَسْتَرِيحَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُوتِرَ أَوَّلَ السَّحَرِ كَمَا كَانَ دَأْبُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

1321 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ حَدَّثَنَا عَثَّامُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ»

[باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى]

[بَاب مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى] 1322 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيًّا الْأَزْدِيَّ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يُحَدِّثُ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ) زِيَادَةُ النَّهَارِ قَدْ تَكَلَّمَ عَلَيْهَا الْحَافِظُ وَضَعَّفُوهَا وَالْحَدِيثُ بِدُونِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ صَحِيحٌ. انْتَهَى.

1323 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفَتْحِ صَلَّى سُبْحَةَ الضُّحَى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ سَلَّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (سُبْحَةُ الضُّحَى) أَيْ نَافِلَةُ الضُّحَى وَقَدِ اشْتُهِرَ إِطْلَاقُ السُّبْحَةُ فِي النَّافِلَةِ.

1324 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْحَقَ الْهَمْدَانِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ السَّعْدِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ تَسْلِيمَةٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ تَسْلِيمَةٌ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ أَبُو سُفْيَانَ السَّعْدِيُّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ.

1325 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنِي عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ أَبِي أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعِ ابْنِ الْعَمْيَاءِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ الْمُطَّلِبِ يَعْنِي ابْنَ أَبِي وَدَاعَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى وَتَشَهَّدُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَتَبَاءَسُ وَتَمَسْكَنُ وَتُقْنِعُ وَتَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَهِيَ خِدَاجٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَتَشَهَّدُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَتَبَأَّسُ) هُوَ تَفَعُّلٌ مِنَ الْبُؤْسِ أَوْ تَفَاعُلٌ وَمَعْنَاهُ إِظْهَارُ الْبُؤْسِ وَالْفَاقَةُ وَالْبُؤْسُ الْخُضُوعُ وَالْفَقْرُ (وَتَمَسْكَنُ) أَيْ تَذْلِيلٌ وَتَخَضُّعٌ مِنَ الْمَسْكَنَةِ وَالسُّكُونِ (وَتُقْنِعُ) مِنَ الْإِقْنَاعِ وَهُوَ رَفْعُ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاءِ قِيلَ الرَّفْعُ بَعْدَ الصَّلَاةِ لَا فِيهَا وَقِيلَ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَرْفَعَ الْيَدَيْنِ فِيهَا فِي قُنُوتِ الصَّلَاةِ فِي الصُّبْحِ وَالْوِتْرِ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ الْعِرَاقِيُّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ الْمَشْهُورُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّهَا أَفْعَالٌ مُضَارِعَةٌ حُذِفَ مِنْهَا إِحْدَى التَّاءَيْنِ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ بِالتَّنْوِينِ عَلَى الِاسْمِيَّةِ وَهُوَ تَصْحِيفٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ لِمَا فِيهِ مِنَ الِابْتِدَاءِ بِالنَّكِرَةِ الَّتِي لَمْ تُوصَفْ وَأَيْضًا فَلَا يُفِيدُ قَوْلُهُ وَتَبَأَّسُ وَمَا بَعْدَهُ يَكُونُ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَيَكُونُ

الْكَلَامُ تَامًّا لِعَدَمِ الْخَبَرِ الْمُفِيدِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ تَشَهَّدُ بَيَانًا لِقَوْلِهِ مَثْنَى مَثْنَى وَيَكُونُ قَوْلُهُ وَتَبَأَّسُ وَمَا بَعْدَهُ مَعْطُوفًا عَلَى خَبَرِ قَوْلِهِ الصَّلَاةُ أَيِ الصَّلَاةُ مَثْنَى مَثْنَى وَتَبَأَّسُ وَتَمَسْكَنُ قَالَ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَمْرًا أَوْ خَبَرًا اهـ فَعَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ يَكُونُ تَشَهَّدُ وَمَا بَعْدَهُ مَجْزُومًا عَلَى الْأَمْرِ وَفِيهِ بُعْدٌ لِقَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَتُقْنِعُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ خَبَرٌ. انْتَهَى. وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْعِرَاقِيُّ مُتَعَلِّقٌ بِغَيْرِ قَوْلِهِ تُقْنِعُ وَأَمَّا هُوَ فَهُوَ مُضَارِعٌ مِنَ الْإِقْنَاعِ جَزْمًا لَا يَحْتَمِلُ وَجْهًا آخَرَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في قيام شهر رمضان]

[بَاب مَا جَاءَ فِي قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ] 1326 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَقَامَهُ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ) بِنَصْبِهِ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ أَيْ فِيهِ وَكَذَا نَصْبُ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ وَقَامَهُ وَقِيلَ رَمَضَانُ فَسَّرَهُ كَثِيرٌ بِالتَّرَاوِيحِ (إِيمَانًا) مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ أَيْ لِأَجْلِ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ أَوِ الْإِيمَانِ بِمَا جَاءَ بِهِ فِي فَضْلِ رَمَضَانَ وَالْأَمْرِ بِصِيَامِهِ (وَاحْتِسَابًا) أَيْ طَلَبًا لِلْأَجْرِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى (غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) عُمُومُهُ يَشْمَلُ الصَّغَائِرَ وَالْكَبَائِرَ وَخَصَّهُ الْعُلَمَاءُ بِالصَّغَائِرِ لِمَا لَاحَ لَهُمْ مِنَ الْأَدِلَّةِ اهـ.

1327 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ حَدَّثَنَا مَسْلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُرَشِيِّ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ «صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَضَانَ فَلَمْ يَقُمْ بِنَا شَيْئًا مِنْهُ حَتَّى بَقِيَ سَبْعُ لَيَالٍ فَقَامَ بِنَا لَيْلَةَ السَّابِعَةِ حَتَّى مَضَى نَحْوٌ مِنْ ثُلُثِ اللَّيْلِ ثُمَّ كَانَتْ اللَّيْلَةُ السَّادِسَةُ الَّتِي تَلِيهَا فَلَمْ يَقُمْهَا حَتَّى كَانَتْ الْخَامِسَةُ الَّتِي تَلِيهَا ثُمَّ قَامَ بِنَا حَتَّى مَضَى نَحْوٌ مِنْ شَطْرِ اللَّيْلِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ نَفَّلْتَنَا بَقِيَّةَ لَيْلَتِنَا هَذِهِ فَقَالَ إِنَّهُ مَنْ قَامَ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ فَإِنَّهُ يَعْدِلُ قِيَامَ لَيْلَةٍ ثُمَّ كَانَتْ الرَّابِعَةُ الَّتِي تَلِيهَا فَلَمْ يَقُمْهَا حَتَّى كَانَتْ الثَّالِثَةُ الَّتِي تَلِيهَا قَالَ فَجَمَعَ نِسَاءَهُ وَأَهْلَهُ وَاجْتَمَعَ النَّاسُ قَالَ فَقَامَ بِنَا حَتَّى خَشِينَا أَنْ يَفُوتَنَا الْفَلَاحُ قِيلَ وَمَا الْفَلَاحُ قَالَ السُّحُورُ قَالَ ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا شَيْئًا مِنْ بَقِيَّةِ الشَّهْرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَقَامَ بِنَا لَيْلَةَ السَّابِعَةِ) هِيَ الْأُولَى مِنَ السَّبْعِ الْبَاقِيَةِ وَدَأَبَ الْعَرَبُ أَنَّهُمْ يَحْسِبُونَ الشَّهْرَ مِنَ الْآخَرِ وَهَذَا الْقِيَامُ لَمْ يَعْلَمْهُمْ كَيْفَ كَانَ وَفَسَّرَهُ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ بِالتَّرَاوِيحِ (ثُمَّ قَامَ) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ فَمَا قَامَ فِي اللَّيْلَةِ السَّادِسَةِ ثُمَّ قَامَ فِي الْخَامِسَةِ (مِنْ شَطْرِ اللَّيْلِ) أَيْ نِصْفِهِ (لَوْ نَفَّلْتَنَا) بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ وَتَخْفِيفِهَا أَيْ لَوْ أَعْطَيْتَنَا قِيَامَ بَقِيَّةِ اللَّيْلِ وَزِدْتَنَا إِيَّاهُ كَانَ أَحْسَنُ وَأَوْلَى وَيُحْتَمَلُ

أَنَّ كَلِمَةَ لَوْ لِلتَّمَنِّي فَلَا جَوَابَ لَهَا (فَإِنَّهُ يَعْدِلُ قِيَامَ لَيْلَةٍ) أَيْ سَاوَاهُ فِي الْفَضْلِ وَالثَّوَابِ قَالَ الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْآثَارِ احْتَجَّ بِهِ مَنْ قَالَ إِنَّ قِيَامَ رَمَضَانَ مَعَ الْإِمَامِ أَفْضَلُ وَاحْتَجَّ مَنْ خَالَفَهُ بِحَدِيثِ «خَيْرُ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ» وَقَدْ قَالَ لَهُمْ ذَلِكَ حَيْثُ قَامَ بِهِمْ لَيْلَةَ رَمَضَانَ فِي مَسْجِدِهِ وَأَرَادَ أَنْ يَقُومَ بِهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَعْلَمَهُمْ بِهِ أَنَّ صَلَاتَهُمْ فِي مَنَازِلِهِمْ وُحْدَانًا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِمْ مَعَهُ فِي مَسْجِدِهِ فَكَيْفَ مَعَ إِمَامٍ آخَرَ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ بِالْقِيَامِ مَعَ الْإِمَامِ بَعْضُ اللَّيْلِ قِيَامَ كُلِّهِ وَأَنْ يَكُونَ قِيَامُهُ فِي بَيْتِهِ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ ثُمَّ هُوَ اخْتَارَ أَنَّ الِانْفِرَادَ فِي رَمَضَانَ أَفْضَلُ قَوْلُهُ (أَنْ يَفُوتَنَا الْفَلَاحُ) قَالَ الْخَطَّابُ أَصْلُ الْفَلَاحِ الْبَقَاءُ سُمِّيَ السُّحُورُ فَلَاحًا لِكَوْنِهِ سَبَبًا لِبَقَاءِ الصَّوْمِ وَمُعِينًا عَلَيْهِ وَقَالَ الْقَاضِي فِي شَرْحِ الْمَصَابِيحِ الْفَلَاحُ الْفَوْزُ بِالْبُغْيَةِ سُمِّيَ بِهِ السُّحُورُ لِأَنَّهُ يُعِينُ عَلَى إِتْمَامِ الصَّوْمِ وَهُوَ الْفَوْزُ بِمَا قَصَدَ وَنَوَاهُ وَالْمُوجِبُ لِلْفَلَاحِ فِي الْآخِرَةِ اهـ.

1328 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيِّ عَنْ النَّضْرِ بْنِ شَيْبَانَ ح وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ وَالْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ الْحُدَّانِيُّ كِلَاهُمَا عَنْ النَّضْرِ بْنِ شَيْبَانَ قَالَ لَقِيتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقُلْتُ حَدِّثْنِي بِحَدِيثٍ سَمِعْتَهُ مِنْ أَبِيكَ يَذْكُرُهُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ قَالَ نَعَمْ حَدَّثَنِي أَبِي «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ شَهْرَ رَمَضَانَ فَقَالَ شَهْرٌ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ وَسَنَنْتُ لَكُمْ قِيَامَهُ فَمَنْ صَامَهُ وَقَامَهُ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ وَسَنَنْتُ لَكُمْ قِيَامَهُ) الضَّمِيرُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ لِرَمَضَانَ وَكَلِمَةُ عَلَى فِي الْأَوَّلِ وَاللَّامِ فِي الثَّانِي لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِتَخْفِيفِ التَّكْلِيفِ الْإِيجَابِيِّ فِي أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ وَفِيهِ أَنَّ الْفَرْضَ يُنْسَبُ إِلَى اللَّهِ وَالسُّنَّةُ إِلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ) يَجُوزُ فَتْحُ يَوْمٍ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْإِضَافَةِ إِلَى الْجُمْلَةِ وَجَرُّهُ وَالْمُرَادُ بِالْيَوْمِ الْوَقْتُ إِذْ وِلَادَتُهُ قَدْ تَكُونُ لَيْلًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَعْنَى لِخُرُوجِهِ مِنَ الذُّنُوبِ يَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ مَا سَبَقَهُ ذَنْبٌ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ فَالْمَعْنَى خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ وَيَصِيرُ طَاهِرًا مِنْهَا كَطَهَارَتِهِ مِنْهَا يَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ وَظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ الْعُمُومُ لِلصَّغَائِرِ وَالْكَبَائِرِ وَالتَّخْصِيصُ يُبْعِدُهُ

التَّشْبِيهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في قيام الليل]

[بَاب مَا جَاءَ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ] 1329 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ بِاللَّيْلِ بِحَبْلٍ فِيهِ ثَلَاثُ عُقَدٍ فَإِنْ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَإِذَا قَامَ فَتَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَإِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّهَا فَيُصْبِحُ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ قَدْ أَصَابَ خَيْرًا وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَصْبَحَ كَسِلًا خَبِيثَ النَّفْسِ لَمْ يُصِبْ خَيْرًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يَعْقِدُ) كَيَضْرِبُ أَيْ يَشُدُّ وَيَرْبِطُ (الشَّيْطَانُ) أَيْ إِبْلِيسُ أَوْ بَعْضُ جُنُودِهِ وَلَعَلَّهُ بِالنَّظَرِ إِلَى كُلِّ شَخْصٍ شَيْطَانٌ (عَلَى قَافِيَةِ) هِيَ الْقَفَا وَهُوَ آخِرُ الْأَضْرَاسِ (ثَلَاثُ عُقَدٍ) بِضَمِّ عَيْنٍ وَفَتْحِ قَافٍ جَمْعُ عُقْدَةٍ بِسُكُونِ قَافٍ وَلَعَلَّ ذَلِكَ يَكُونُ سَبَبًا لِثِقَلِ النَّوْمِ يَمْنَعُ الْإِنْسَانَ مِنْ رَفْعِ الرَّأْسِ عَنْ مَوْضِعِهِ فِي حَالَةِ النَّوْمِ وَلِذَلِكَ خَصَّ الْقَافِيَةُ لِأَنَّ الثِّقَلَ فِيهَا أَشَدُّ مَنْعًا لِلرَّأْسِ مِنَ الرَّفْعِ قَوْلُهُ (فَذَكَرَ اللَّهُ) بِأَيِّ ذِكْرٍ كَانَ لَكِنَّ الْمَأْثُورَ أَفْضَلُ (انْحَلَّتْ عُقَدُهُ) أَيْ فَيَذْهَبُ عَنْ رَأْسِهِ ثِقَلٌ حَصَلَ بِهِمَا (فَإِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ) أَيْ فَصَلَّى كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ سَائِرُ الرِّوَايَاتِ أَيْ وَلَوْ رَكْعَتَيْنِ وَلَعَلَّ تَخْصِيصَ الْعُقَدِ بِالثَّلَاثِ لِتَمْنَعَ كُلُّ عُقْدَةٍ عَنْ وَاحِدٍ مِنَ الْأُمُورِ الثَّلَاثِ أَعْنِي الذِّكْرَ وَالْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ.

1330 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «ذُكِرَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ نَامَ لَيْلَةً حَتَّى أَصْبَحَ قَالَ ذَلِكَ الشَّيْطَانُ بَالَ فِي أُذُنَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (حَتَّى أَصْبَحَ) لَعَلَّهُ تَرَكَ الْعِشَاءَ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ تَرَكَ صَلَاةَ اللَّيْلِ وَذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى الرَّجُلِ النَّائِمِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الرِّوَايَاتُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ إِشَارَةٌ إِلَى شَيْطَانٍ كَانَ مَعْلُومًا بَيْنَهُمْ بِأَنَّ بَوْلَهُ يُحْدِثُ الثِّقَلَ فِي الْأُذُنِ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ صِيَاحَ الدِّيكِ وَنَحْوَهُ قِيلَ بَوْلٌ حَقِيقَةٌ مِمَّا يَقُومُ بِسَمَاعِهِ أَهْلُ التَّوْفِيقِ.

1331 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ إِلَخْ) يُرِيدُ أَنَّ الْإِكْثَارَ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ قَدْ يُؤَدِّي إِلَى تَرْكِهِ رَأْسًا كَمَا فَعَلَ فُلَانٌ فَلَا تَفْعَلْ أَنْتَ ذَاكَ بَلْ خُذْ فِيهِ التَّوَسُّطَ وَالْقَصْدَ وَلِهَذَا الْحَدِيثِ مَا تَرَكَ عَبْدُ اللَّهِ قِيَامَ اللَّيْلِ حَتَّى تُوُفِّيَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.

1332 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَالْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ وَالْعَبَّاسُ بْنُ جَعْفَرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الْحَدَثَانِيُّ قَالُوا حَدَّثَنَا سُنَيْدُ بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ لِسُلَيْمَانَ يَا بُنَيَّ لَا تُكْثِرْ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَإِنَّ كَثْرَةَ النَّوْمِ بِاللَّيْلِ تَتْرُكُ الرَّجُلَ فَقِيرًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (تَتْرُكُ الرَّجُلَ فَقِيرًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ) إِذِ الْغَالِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ فِي النَّهَارِ شُغْلُ الْمَعِيشَةِ فَإِذَا لَمْ يَتَّخِذْ مِنَ اللَّيْلِ مَا يَعْمَلُ فِيهِ لِلْآخِرَةِ يَبْقَى فِيهَا فَقِيرًا بِالضَّرُورَةِ وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ فِيهِ سُنَيْدُ بْنُ دَاوُدَ وَشَيْخُهُ يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَهُمَا ضَعِيفَانِ وَقَالَ السُّيُوطِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ أَوْرَدَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ وَأَعَلَّهُ بِيُوسُفَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ فَإِنَّهُ مَتْرُوكٌ قُلْتُ قَالَ فِيهِ أَبُو زُرْعَةَ صَالِحُ الْحَدِيثِ وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ أَرْجُو أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ.

1333 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّلْحِيُّ حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ مُوسَى أَبُو يَزِيدَ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَثُرَتْ صَلَاتُهُ بِاللَّيْلِ حَسُنَ وَجْهُهُ بِالنَّهَارِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (حَسُنَ وَجْهُهُ بِالنَّهَارِ) أَيْ يَظْهَرُ فِي وَجْهِهِ نُورُ الْعِبَادَةِ وَبِهَاءُ الْقَبُولِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} [الفتح: 29] السُّجُودُ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ يَعْرِفُ الْمُتَهَجِّدِينَ بِمَا فِي وُجُوهِهِمْ مِنَ النُّورِ وَبِالْجُمْلَةِ فَمَعْنَى الْحَدِيثَ ثَابِتٌ بِمُوَافَقَةِ الْقُرْآنِ وَشَهَادَةُ التَّجْرِبَةِ لَكِنَّ الْحُفَّاظَ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ بِهَذَا اللَّفْظِ غَيْرُ ثَابِتٍ قَالَ الْحَاكِمُ دَخَلَ ثَابِتُ بْنُ مُوسَى عَلَى شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَاضِي وَالْمُسْتَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَشَرِيكٌ يَقُولُ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَذْكُرِ الْمَتْنَ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى ثَابِتِ بْنِ مُوسَى قَالَ مَنْ كَثُرَتْ صَلَاتُهُ بِاللَّيْلِ حَسُنَ وَجْهُهُ بِالنَّهَارِ وَقَصَدَ بِهِ ثَابِتًا فَظَنَّ أَنَّهُ مَتْنٌ إِلَّا وَسَرَقَهُ مِنْهُ جَمَاعَةٌ ضُعَفَاءُ اهـ وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَامِلٍ قَالَ: قُلْتُ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ: مَا تَقُولُ فِي ثَابِتِ بْنِ مُوسَى قَالَ شَيْخٌ لَهُ فَضْلٌ وَإِسْلَامٌ وَدِينٌ وَصَلَاحٌ وَعِبَادَةٌ، قُلْتُ: مَا تَقُولُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ: غَلَطٌ مِنَ الشَّيْخِ وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَلَا يُتَوَهَّمُ عَلَيْهِ وَقَدْ تَوَارَدَتْ أَقْوَالُ الْأَئِمَّةِ عَلَى عَدِّ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْمَوْضُوعِ عَلَى سَبِيلِ الْغَلَطِ لَا التَّعَمُّدِ وَخَالَفَهُمُ الْقُضَاعِيُّ فِي مُسْنَدِ الشِّهَابِ فَمَالَ فِي الْحَدِيثِ إِلَى ثُبُوتِهِ وَقَدْ سُقْتُ كَلَامَهُ فِي اللَّآلِئِ الْمَصْنُوعَةِ اهـ.

1334 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَابْنُ أَبِي عَدِيٍّ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَوْفِ بْنِ أَبِي جَمِيلَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ «لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ انْجَفَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ وَقِيلَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجِئْتُ فِي النَّاسِ لِأَنْظُرَ إِلَيْهِ فَلَمَّا اسْتَبَنْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلَامَ وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (انْجَفَلَ النَّاسُ) قَالَ السُّيُوطِيُّ أَيْ ذَهَبُوا مُسْرِعِينَ، نَحْوُهُ فِي الصِّحَاحِ انْجَفَلَ الْقَوْمُ أَيِ انْقَلَبُوا كُلُّهُمْ وَمَضَوْا

(وَقِيلَ قَدِمَ إِلَخْ) أَيِ انْتَشَرَ بَيْنَ النَّاسِ هَذَا الْخَبَرُ (اسْتَبْيَنْتُ) أَيْ طَلَبْتُ أَنْ يُظْهِرَ لِي وَجْهَهُ الْكَرِيمَ وَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وَفِي الصِّحَاحِ اسْتَبْيَنْتَهُ لَنَا عَرَفْتَهُ اهـ قَوْلُهُ: (عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ) لِمَا لَاحَ عَلَيْهِ مِنْ سَوَاطِعِ أَنْوَارِ النُّبُوَّةِ وَإِذَا كَانَ أَهْلُ الصَّلَاحِ وَالصَّلَاةِ فِي اللَّيْلِ يُعْرَفُونَ بِوُجُوهِهِمْ كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا فَكَيْفَ هُوَ وَهُوَ سَيِّدُهُمْ ـ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ ـ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ (فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ) بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ كَانَ وَاسْمُهَا أَنْ قَالَ إِلَخْ. قَوْلُهُ: (أَفْشُوا) مِنَ الْإِفْشَاءِ أَيْ أَكْثِرُوهُ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَهَذَا الْحَدِيثُ مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} [الفرقان: 63] فَإِفْشَاءُ السَّلَامِ إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِ {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} [الفرقان: 63] وَإِطْعَامُ الطَّعَامِ إِلَى قَوْلِهِ {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا} [الفرقان: 67] الْآيَةَ وَصَلَاةُ اللَّيْلِ إِلَى قَوْلِهِ {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} [الفرقان: 64] وَقَوْلُهُ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ {أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا} [الفرقان: 75] وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء فيمن أيقظ أهله من الليل]

[بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ أَيْقَظَ أَهْلَهُ مِنْ اللَّيْلِ] 1335 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عُثْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْأَقْمَرِ عَنْ الْأَغَرِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا اسْتَيْقَظَ الرَّجُلُ مِنْ اللَّيْلِ وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ فَصَلَّيَا رَكْعَتَيْنِ كُتِبَا مِنْ الذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذَا اسْتَيْقَظَ الرَّجُلُ) أَيْ مَثَلًا وَكَذَا الْعَكْسُ فَلَا مَفْهُومَ لِاسْمِ الرَّجُلِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الْآتِي وَالْمَقْصُودُ إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُهُمَا وَأَيْقَظَ الْآخَرَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بَلِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِلشَّرْطِ أَيْضًا وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُمَا إِذَا صَلَّيَا مِنَ اللَّيْلِ وَلَوْ رَكْعَتَيْنِ كُتِبَا إِلَخْ وَإِنَّمَا خَرَجَ هَذَا الشَّرْطُ مَخْرَجَ الْعَادَةِ وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ شَأْنَ الرَّجُلِ أَنْ يَسْتَيْقِظَ أَوَّلًا وَيَأْمُرَ امْرَأَتَهُ بِالْخَيْرِ وَفِيهِ أَنَّهُ يَجُوزُ الْإِيقَاظُ لِلنَّوَافِلِ كَمَا يَجُوزُ لِلْفَرَائِضِ وَلَا يَخْفَى تَقْيِيدُهُ بِمَا إِذَا عَلِمَ مِنْ حَالِ النَّائِمِ أَنَّهُ يَفْرَحُ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَثْقُلْ عَلَيْهِ ذَلِكَ (كُتِبَا) أَيْ كُتِبَ الرَّجُلُ فِي الذَّاكِرِينَ وَالْمَرْأَةُ فِي الذَّاكِرَاتِ وَهَذَا الْحَدِيثُ تَفْسِيرٌ

لِلْقُرْآنِ.

1336 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ ثَابِتٍ الْجَحْدَرِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ فَصَلَّى وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ فَصَلَّتْ فَإِنْ أَبَتْ رَشَّ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ رَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنْ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا فَصَلَّى فَإِنْ أَبَى رَشَّتْ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا) خَبَرٌ عَنِ اسْتِحْقَاقِهِ الرَّحْمَةَ وَاسْتِيجَابِهِ لَهَا أَوْ دُعَاءٌ لَهُ وَمَدْحٌ لَهُ بِحُسْنِ مَا فَعَلَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب في حسن الصوت بالقرآن]

[بَاب فِي حُسْنِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ] 1337 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَشِيرِ بْنِ ذَكْوَانَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو رَافِعٍ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ «قَدِمَ عَلَيْنَا سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَقَدْ كُفَّ بَصَرُهُ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ مَنْ أَنْتَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ مَرْحَبًا بِابْنِ أَخِي بَلَغَنِي أَنَّكَ حَسَنُ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ نَزَلَ بِحُزْنٍ فَإِذَا قَرَأْتُمُوهُ فَابْكُوا فَإِنْ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكَوْا وَتَغَنَّوْا بِهِ فَمَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِهِ فَلَيْسَ مِنَّا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَقَدْ كُفَّ بَصَرُهُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيْ عَنِ الْإِبْصَارِ أَيْ قَدْ عُمِيَ قَوْلُهُ: (بِحَزَنٍ) فَتْحَتَيْنِ أَوْ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ نَزَلَ مَصْحُوبًا بِمَا يَجْعَلُ الْقَلْبَ حَزِينًا وَالْعَيْنَ بَاكِيَةً إِذَا تَأَمَّلَ الْقَارِئُ فِيهِ وَتَدَبَّرَ قَوْلُهُ: (فَإِذَا قَرَأْتُمُوهُ فَابْكُوا) أَيْ تَأَمَّلُوا فِيمَا فِيهِ وَابْكُوا عَلَى مُقْتَضَى ذَلِكَ (فَتَبَاكَوْا) بِفَتْحِ كَافٍ وَسُكُونِ وَاوٍ أَصْلِيَّةٍ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ أَيْ تَكَلَّفُوا الْبُكَاءَ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: وَتَغَنَّوْا بِهِ قِيلَ الْمُرَادُ بِالتَّغَنِّي بِهِ هُوَ تَحْسِينُ الصَّوْتِ وَتَزْيِينُهُ وَالِاسْتِغْنَاءُ بِهِ مِنْ غَيْرِ اللَّهِ وَعَنْ سُؤَالِهِ وَعَنْ سَائِرِ الْكُتُبِ وَإِكْثَارُ قِرَاءَتِهِ كَمَا تُكْثِرُ الْعَرَبُ التَّغَنِّي عِنْدَ الرُّكُوبِ عَلَى الْإِبِلِ وَعِنْدَ النُّزُولِ وَحَالَ الْمَشْيِ أَوْ رَفْعُ الصَّوْتِ بِهِ وَالْإِعْلَانُ أَوِ التَّحَزُّنُ بِهِ وَلَيْسَ التَّحَزُّنُ طِيبُ الصَّوْتِ بِأَنْوَاعِ النَّغَمِ وَلَكِنْ هُوَ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ مُتَأَسِّفًا عَلَى مَا وَقَعَ مِنَ التَّقْصِيرِ مُتَلَهِّفًا عَلَى مَا يُؤَمِّلُ مِنَ التَّوْقِيرِ فَإِذَا تَأَلَّمَ الْقَلْبُ وَتَوَجَّعَ حَزُنَ الصَّوْتُ وَسَالَ الْعَيْنُ بِالدُّمُوعِ فَيَسْتَلِذُّ الْقَارِئُ وَيَقْرَبُ مِنَ الْخَلْقِ إِلَى جَنَابِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَقِيلَ الْوَجْهُ تَفْسِيرُ التَّغَنِّي بِهِ فِي الْحَدِيثِ بِالِاسْتِغْنَاءِ بِهِ لِأَنَّ قَوْلَهَ فَمَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِهِ فَلَيْسَ مِنَّا وَعِيدٌ عَلَى تَرْكِ التَّغَنِّي وَلَوْ تَرَكَ سَائِرَ الْمَعَانِي أُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ لَيْسَ مِنَّا أَيْ لَيْسَ مِنَ الَّذِينَ قِرَاءَتُهُمْ كَقِرَاءَةِ الْأَنْبِيَاءِ فَهُوَ بَيَانُ أَنَّهُ مَحْرُومٌ مِنْ هَذَا الْفَضْلِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ بَابِ الْوَعِيدِ اهـ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ أَبُو رَافِعٍ اسْمُهُ

إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَافِعٍ ضَعِيفٌ مَتْرُوكٌ

1338 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عُثْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَابِطٍ الْجُمَحِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ «أَبْطَأْتُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً بَعْدَ الْعِشَاءِ ثُمَّ جِئْتُ فَقَالَ أَيْنَ كُنْتِ قُلْتُ كُنْتُ أَسْتَمِعُ قِرَاءَةَ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِكَ لَمْ أَسْمَعْ مِثْلَ قِرَاءَتِهِ وَصَوْتِهِ مِنْ أَحَدٍ قَالَتْ فَقَامَ وَقُمْتُ مَعَهُ حَتَّى اسْتَمَعَ لَهُ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ هَذَا سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي أُمَّتِي مِثْلَ هَذَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَالَتْ أَبْطَأْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ تَأَخَّرْتُ فِي الْحُضُورِ عِنْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

1339 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ الضَّرِيرُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَدَنِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَعِيلَ بْنِ مُجَمِّعٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ صَوْتًا بِالْقُرْآنِ الَّذِي إِذَا سَمِعْتُمُوهُ يَقْرَأُ حَسِبْتُمُوهُ يَخْشَى اللَّهَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حَسِبْتُمُوهُ يَخْشَى اللَّهَ) أَيِ الْمَطْلُوبُ مِنْ تَحْسِينِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ أَنْ تُنْتِجَ قِرَاءَتُهُ خَشْيَةَ اللَّهِ فَمَنْ رَأَيْتُمْ فِيهِ الْخَشْيَةَ فَقَدْ حَسَّنَ الصَّوْتَ بِالْقُرْآنِ الْمَطْلُوبِ شَرْعًا فَيُعَدُّ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ صَوْتًا وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مَجْمَعٍ وَالرَّاوِي عَنْهُ.

1340 - حَدَّثَنَا رَاشِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ رَاشِدٍ الرَّمْلِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ مَيْسَرَةَ مَوْلَى فَضَالَةَ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَلَّهُ أَشَدُّ أَذَنًا إِلَى الرَّجُلِ الْحَسَنِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ مِنْ صَاحِبِ الْقَيْنَةِ إِلَى قَيْنَتِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَلَّهِ) بِفَتْحِ اللَّامِ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ أَشَدُّ أَذَنًا بِفَتْحَتَيْنِ بِمَعْنَى اسْتِمَاعًا وَلَمَّا كَانَ الِاسْتِمَاعُ عَلَى اللَّهِ مُحَالًا لِأَنَّهُ شَأْنُ مَنْ يَتَخَلَّفُ سَمَاعُهُ بِكَثْرَةِ التَّوَجُّهِ وَقِلَّتِهِ وَسَمَاعُهُ تَعَالَى لَا يَتَخَلَّفُ قَالُوا هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ تَقْرِيبِ الْقَارِئِ وَإِجْزَالِ ثَوَابِهِ (يَجْهَرُ بِهِ) الْجُمْلَةُ حَالٌ مِمَّا يُفْهَمُ كَأَنَّهُ قِيلَ يَقْرَأُ يَجْهَرُ بِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا نَعْتٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ فِي مَعْنَى النَّكِرَةِ إِذَا لَمْ تُقْصَدْ بِهِ إِلَى أَحَدٍ بِعَيْنِهِ قَوْلُهُ: الْقَيْنَةِ بِفَتْحِ قَافٍ وَسُكُونِ يَاءٍ مُثَنَّاةٍ مِنْ تَحْتِ بَعْدَهَا نُونٌ الصِّحَاحُ هِيَ جَارِيَةٌ مُغَنِّيَةٌ كَانَ أَوْ غَيْرُ مُغَنِّيَةٍ وَبَعْضُ النَّاسِ يَظُنُّ الْقَيْنَةَ الْمُغَنِّيَةَ خَاصَّةً وَلَيْسَ هُوَ كَذَلِكَ اهـ قُلْتُ: وَالْحَدِيثُ يُسَاعِدُ ظَنَّهُمْ فَفِيهِ نَوْعُ تَأْيِيدٍ لَهُمْ فَلْيُتَأَمَّلْ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

1341 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ فَسَمِعَ قِرَاءَةَ رَجُلٍ فَقَالَ مَنْ هَذَا فَقِيلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ فَقَالَ لَقَدْ أُوتِيَ هَذَا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ) جَمْعُ مِزْمَارٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَهُوَ آلَةُ اللَّهْوِ وَيُطْلَقُ عَلَى الصَّوْتِ الْحَسَنِ وَهُوَ الْمُرَادُ هَاهُنَا وَلَفْظَةُ آلِ مُقْحَمٌ وَالْمُرَادُ أُعْطِيَ صَوْتًا حَسَنًا فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ

مِنْ أَنْوَاعِ الْأَصْوَاتِ وَالنَّغَمَاتِ الْحَسَنَةِ الَّتِي كَانَتْ لِدَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي قِرَاءَةِ الزَّبُورِ وَكَانَ إِلَيْهِ الْمُنْتَهَى فِي حُسْنِ الصَّوْتِ بِالْقِرَاءَةِ اهـ وَفِي الزَّوَائِدِ قُلْتُ: أَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى وَفِي مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ وَفِي النَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَإِسْنَادُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

1342 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ طَلْحَةَ الْيَامِيَّ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْسَجَةَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ يُحَدِّثُ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ) أَيْ بِتَحْسِينِ أَصْوَاتِكُمْ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ فَإِنَّ الْكَلَامَ الْحَسَنَ يَزِيدُ حُسْنًا وَزِينَةً بِالصَّوْتِ الْحَسَنِ وَهَذَا مُشَاهَدٌ وَقَدْ رَوَى الدَّارِمِىُّ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: حَسِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ فَإِنَّ الصَّوْتَ الْحَسَنَ يَزِيدُ الْقُرْآنَ حُسْنًا» وَلَمَّا رَأَى بَعْضُهُمْ أَنَّ الْقُرْآنَ أَعْظَمُ وَأَجَلُّ مِنْ أَنْ يُحَسَّنَ بِالصَّوْتِ بَلِ الصَّوْتُ أَحَقُّ أَنْ يُحَسَّنَ بِالْقُرْآنِ قَالَ مَعْنَاهُ زَيِّنُوا أَصْوَاتَكُمْ بِالْقُرْآنِ هَكَذَا فَسَّرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ زَعَمُوا أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْقَلْبِ وَقَالَ شُعْبَةُ نَهَانِي أَيُّوبُ أَنْ أُحَدِّثَ زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ طَلْحَةَ «زَيِّنُوا أَصْوَاتَكُمْ بِالْقُرْآنِ» وَهُوَ الصَّحِيحُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء فيمن نام عن حزبه من الليل]

[بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ مِنْ اللَّيْلِ] 1343 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ الْمِصْرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَنْبَأَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَاهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ فَقَرَأَهُ فِيمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الظُّهْرِ كُتِبَ لَهُ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ مِنْ اللَّيْلِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ حِزْبِهِ) الْحِزْبُ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الزَّايِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ مَا يَجْعَلُهُ الْإِنْسَانُ وَظِيفَةً لَهُ مِنْ صَلَاةٍ أَوْ قِرَاءَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا وَالْمَعْنَى مَنْ نَامَ فِي اللَّيْلِ عَنْ وِرْدِهِ وَالْحَمْلُ عَلَى اللَّيْلِ بِقَرِينَةِ النَّوْمِ وَيَشْهَدُ لَهُ آخِرُ الْحَدِيثِ وَهُوَ قَوْلُهُ: مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الظُّهْرِ ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ تَحْرِيضٌ عَلَى الْمُبَادَرَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ فَضْلَ الْأَدَاءِ مَعَ الْمُضَاعَفَةِ مَشْرُوطٌ بِخُصُوصِ الْوَقْتِ وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّوَافِلَ تُقْضَى وَقَالَ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةِ

النَّسَائِيِّ الْحِزْبُ هُوَ الْجُزْءُ مِنَ الْقُرْآنِ يُصَلَّى بِهِ وَقَوْلُهُ كُتِبَ إِلَخْ تَفَضُّلٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذِهِ الْفَضِيلَةُ إِنَّمَا تَحْصُلُ لِمَنْ غَلَبَهُ نَوْمٌ أَوْ عُذْرٌ مَنَعَهُ مِنَ الْقِيَامِ مَعَ أَنَّ نِيَّتَهُ الْقِيَامُ فَظَاهِرُهُ أَنَّ لَهُ أَجْرَهُ مُكَمَّلًا مُضَاعَفًا لِحُسْنِ نِيَّتِهِ وَصِدْقِ تَلَهُّفِهِ وَتَأَسُّفِهِ وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ شُيُوخِنَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُضَاعَفٍ وَالَّتِي يُصَلِّيهَا أَكْمَلُ وَأَفْضَلُ وَالظَّاهِرُ هُوَ الْأَوَّلُ قُلْتُ: بَلْ هُوَ الْمُتَعَيِّنُ وَإِلَّا فَأَصْلُ الْأَجْرِ يُكْتَبُ بِالنِّيَّةِ.

1344 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَمَّالُ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ «يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَتَى فِرَاشَهُ وَهُوَ يَنْوِي أَنْ يَقُومَ فَيُصَلِّيَ مِنْ اللَّيْلِ فَغَلَبَتْهُ عَيْنُهُ حَتَّى يُصْبِحَ كُتِبَ لَهُ مَا نَوَى وَكَانَ نَوْمُهُ صَدَقَةً عَلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كُتِبَ لَهُ مَا نَوَى) أَيْ أَجْرُ صَلَاةِ اللَّيْلِ لَكِنْ بِلَا مُضَاعَفَةٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ فَالْقَضَاءُ الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ لِلْمُحَافَظَةِ عَلَى الْعَادَةِ وَلِمُضَاعَفَةِ الْأَجْرِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب في كم يستحب يختم القرآن]

[بَاب فِي كَمْ يُسْتَحَبُّ يُخْتَمُ الْقُرْآنُ] 1345 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْلَى الطَّائِفِيِّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَوْسٍ عَنْ جَدِّهِ أَوْسِ بْنِ حُذَيْفَةَ قَالَ «قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَفْدِ ثَقِيفٍ فَنَزَّلُوا الْأَحْلَافَ عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَأَنْزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَنِي مَالِكٍ فِي قُبَّةٍ لَهُ فَكَانَ يَأْتِينَا كُلَّ لَيْلَةٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ فَيُحَدِّثُنَا قَائِمًا عَلَى رِجْلَيْهِ حَتَّى يُرَاوِحَ بَيْنَ رِجْلَيْهِ وَأَكْثَرُ مَا يُحَدِّثُنَا مَا لَقِيَ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ قُرَيْشٍ وَيَقُولُ وَلَا سَوَاءَ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ مُسْتَذَلِّينَ فَلَمَّا خَرَجْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ كَانَتْ سِجَالُ الْحَرْبِ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ نُدَالُ عَلَيْهِمْ وَيُدَالُونَ عَلَيْنَا فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ لَيْلَةٍ أَبْطَأَ عَنْ الْوَقْتِ الَّذِي كَانَ يَأْتِينَا فِيهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ أَبْطَأْتَ عَلَيْنَا اللَّيْلَةَ قَالَ إِنَّهُ طَرَأَ عَلَيَّ حِزْبِي مِنْ الْقُرْآنِ فَكَرِهْتُ أَنْ أَخْرُجَ حَتَّى أُتِمَّهُ» قَالَ أَوْسٌ فَسَأَلْتُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ تُحَزِّبُونَ الْقُرْآنَ قَالُوا ثَلَاثٌ وَخَمْسٌ وَسَبْعٌ وَتِسْعٌ وَإِحْدَى عَشْرَةَ وَثَلَاثَ عَشْرَةَ وَحِزْبُ الْمُفَصَّلِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَنَزَّلُوا الْأَحْلَافَ) مِنَ التَّنْزِيلِ وَالضَّمِيرُ لِلْوَفْدِ وَالْأَحْلَافُ بِالنَّصْبِ أَيْ أَحْلَافَهُمْ وَهُمُ الَّذِينَ دَخَلُوا فِيهِمْ بِالْمُعَاقَدَةِ وَفِي أَبِي دَاوُدَ فَنَزَلَتِ الْأَحْلَافُ وَالْمُوَافِقُ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ فَنَزَّلُوا مِنَ النُّزُولِ وَأَنْ يَرْفَعَ الْأَحْلَافَ عَلَى أَنَّهُ بَدَلُ الْبَعْضِ مِنْ ضَمِيرِ نَزَّلُوا الرَّاجِعِ إِلَى الْوَفْدِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} [الأنبياء: 3] فَلْيُتَأَمَّلْ وَفِيهِ مُرَاعَاةُ نَزِّلُوا النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ قَوْلُهُ: (فَكَانَ يَأْتِينَا) أَيِ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ (يُرَاوِحُ بَيْنَ رِجْلَيْهِ) أَيْ يَعْتَمِدُ عَلَى إِحْدَى الرِّجْلَيْنِ مَرَّةً وَعَلَى الْأُخْرَى مَرَّةً لِيُوَصِّلَ الرَّاحَةَ إِلَى كُلٍّ مِنْهُمَا (وَلَا سَوَاءٌ) أَيْ مَا كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ مُسَاوَاةٌ بَلْ هُمْ كَانُوا أَوَّلًا أَعِزَّةً ثُمَّ أَذَلَّهُمُ اللَّهُ وَأَنَّهُمْ كَانُوا أَعِزَّةً فِي الدُّنْيَا وَنَحْنُ أَعَزُّ مِنْهُمْ فِي الْآخِرَةِ قَوْلُهُ: (سِجَالُ الْحَرْبِ) بِكَسْرِ السِّينِ أَيْ ذَنُوبُهَا (نُدَالُ عَلَيْهِمْ) أَيْ تَكُونُ

الدُّولَةُ لَنَا عَلَيْهِمْ مَرَّةً وَلَهُمْ عَلَيْنَا أُخْرَى وَهَذَا تَفْسِيرُ قَوْلِهِ: سِجَالُ الْحَرْبِ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ قَوْلُهُ: (طَرَأَ عَلَيَّ) هُوَ بِالْهَمْزِ وَقَدْ تُتْرَكُ الْهَمْزَةُ يُرِيدُ أَنَّهُ قَدْ أَغْفَلَهُ مِنْ وَقْتِهِ ثُمَّ ذَكَرَهُ فَقَرَأَهُ أَقْبَلَ عَلَيَّ حِزْبِي وَجَاءَنِي مُفَاجَأَةً مِنْ حَيْثُ أَنَّهُ نَسِيَهُ فِي وَقْتِهِ وَذَكَرَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَعُدَّ ذَلِكَ طُرُوًّا عَلَيْهِ مِنَ الْجَزَاءِ يُقَالُ طَرَأَ عَلَيْهِ بِالْهَمْزِ وَتَرَكَهُ إِذَا جَاءَهُ مُفَاجَأَةً قَوْلُهُ: (كَيْفَ تُحَزِّبُونَ) مِنَ التَّحَزُّبِ وَهُوَ تَجْزِيَتُهُ وَاتِّخَاذُ كُلِّ جُزْءٍ حِزْبًا لَهُ (ثَلَاثٌ) أَيِ الْحِزْبُ ثَلَاثُ سُوَرٍ مِنَ الْبَقَرَةِ وَتَالِيَيْهَا وَالْحِزْبُ الْآخَرُ خَمْسُ سُوَرٍ إِلَى بَرَاءَةٌ وَالثَّالِثُ سَبْعُ سُوَرٍ إِلَى النَّحْلِ وَالرَّابِعُ تِسْعُ سُوَرٍ إِلَى الْفُرْقَانِ وَالْخَامِسُ إِحْدَى عَشْرَةَ مِنَ الشُّعَرَاءِ إِلَى يس وَالسَّادِسُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ إِلَى الْحُجُرَاتِ وَحِزْبُ الْمُفَصَّلِ مِنْ ق إِلَى آخِرِ الْقُرْآنِ.

1346 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ حَكِيمِ بْنِ صَفْوَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ «جَمَعْتُ الْقُرْآنَ فَقَرَأْتُهُ كُلَّهُ فِي لَيْلَةٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي أَخْشَى أَنْ يَطُولَ عَلَيْكَ الزَّمَانُ وَأَنْ تَمَلَّ فَاقْرَأْهُ فِي شَهْرٍ فَقُلْتُ دَعْنِي أَسْتَمْتِعْ مِنْ قُوَّتِي وَشَبَابِي قَالَ فَاقْرَأْهُ فِي عَشْرَةٍ قُلْتُ دَعْنِي أَسْتَمْتِعْ مِنْ قُوَّتِي وَشَبَابِي قَالَ فَاقْرَأْهُ فِي سَبْعٍ قُلْتُ دَعْنِي أَسْتَمْتِعْ مِنْ قُوَّتِي وَشَبَابِي فَأَبَى» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (جَمَعْتُ الْقُرْآنَ) أَيْ حَفِظْتُهُ (فَقَرَأْتُهُ كُلَّهُ فِي لَيْلَةٍ) أَيْ جَعَلْتُ قِرَاءَتَهُ كُلَّهُ فِي الصَّلَاةِ فِي لَيْلَةٍ عَادَةً لِي (أَنْ يَطُولَ عَلَيْكَ الزَّمَانُ) أَيْ أَنْ تَصِيرَ شَيْخًا كَبِيرًا ضَعِيفًا لَا تُطِيقُ الْمُدَاوَمَةَ عَلَى هَذِهِ الْعَادَةِ (وَأَنْ تَمَلَّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ يَعْرِضُ الْمَلَالُ بِالْمُضِيِّ عَلَى هَذِهِ الْعَادَةِ (أَسْتَمْتِعْ) بِالْجَزْمِ جَوَابُ الْأَمْرِ (فَأَبَى) أَيِ امْتَنَعَ عَلَى أَنْ يُرَخِّصَ لِي فِي الْخَتْمِ فِيمَا دُونَ السَّبْعِ.

1347 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَمْ يَفْقَهْ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَمْ يَفْقَهْ) بِفَتْحِ الْقَافِ إِخْبَارٌ بِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْفَهْمُ وَالْفِقْهُ الْمَقْصُودُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِيمَا دُونَ ثَلَاثٍ أَوْ دُعَاءٌ عَلَيْهِ بِأَنْ لَا يُعْطِيَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْفَهْمَ وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَظَاهِرُ الْحَدِيثِ كَرَاهَةُ الْخَتْمِ فِيمَا دُونَ ثَلَاثٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ أَرَادَ ذَلِكَ فِي الْأَعَمِّ

الْأَغْلَبِ وَأَمَّا مَنْ غَلَبَهُ الشُّغْلُ فَيَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ.

1348 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «لَا أَعْلَمُ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ حَتَّى الصَّبَاحِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حَتَّى الصَّبَاحِ) أَيْ فَقَامَ بِهِ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ حَتَّى الصَّبَاحِ اهـ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في القراءة في صلاة الليل]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ] 1349 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ عَنْ أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ قَالَتْ «كُنْتُ أَسْمَعُ قِرَاءَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ وَأَنَا عَلَى عَرِيشِي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَأَنَا عَلَى عَرِيشِي) وَهُوَ مَا يُسْتَظَلُّ بِهِ كَعَرِيشِ الْكَرْمِ وَالْمُرَادُ أَنَّهَا كَانَتْ عَلَى سَقْفِ بَيْتِهَا وَكَانَ سَقْفُ الْبَيْتِ عَلَى تِلْكَ الْهَيْئَةِ وَالِاسْتِدْلَالُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى التَّرْجَمَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِرَاءَةِ فِي اللَّيْلِ هِيَ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ الْمُتَبَادَرُ مَعَ احْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ قِرَاءَةَ غَيْرِ الْقُرْآنِ أَوْ غَيْرِ الصَّلَاةِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الشَّمَائِلِ وَالنَّسَائِيُّ فِي الْكُبْرَى.

1350 - حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ أَبُو بِشْرٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ قُدَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ جَسْرَةَ بِنْتِ دَجَاجَةَ قَالَتْ سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ يَقُولُ «قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِآيَةٍ حَتَّى أَصْبَحَ يُرَدِّدُهَا وَالْآيَةُ {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: 118] » ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ جَسْرَةَ بِنْتِ دَجَاجَةَ) بِفَتْحِ الدَّالِ وَقِيلَ مُثَلَّثَةُ الدَّالِ وَالْفَتْحُ أَشْهَرُ فِي الطَّيْرِ وَالْكَسْرُ فِي الْإِنْسَانِ قَالَ السُّيُوطِيُّ قَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ لَا أَعْرِفُهَا بِعَدَالَةٍ وَلَا جَرْحٍ (قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِآيَةٍ) أَيْ فِي الصَّلَاةِ لِمَا فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ مِنْ زِيَادَةِ يَرْكَعُ بِهَا وَيَسْجُدُ وَهَذَا إِنْ صَحَّ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ النَّهْيِ عَنِ الْقِرَاءَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَوْ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ بِهَا فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ بِنِيَّةِ الدُّعَاءِ لَا بِنِيَّةِ الْقِرَاءَةِ قَوْلُهُ: وَالْآيَةُ {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ} [المائدة: 118] إِلَخْ زَادَ أَحْمَدُ «فَلَمَّا أَصْبَحَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا زِلْتَ تَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ حَتَّى أَصْبَحْتَ تَرْكَعُ بِهَا وَتَسْجُدُ بِهَا قَالَ إِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ الشَّفَاعَةَ لِأُمَّتِي فَأَعْطَانِيهَا وَهِيَ نَائِلَةٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ لَا يُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئًا» ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ ثُمَّ قَالَ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي الْكُبْرَى وَأَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ وَابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ قُلْتُ: وَمَا تَقَدَّمَ نَقْلُهُ عَنِ ابْنِ

خُزَيْمَةَ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَكُونَ صَحِيحًا عِنْدَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ.

1351 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ الْأَحْنَفِ عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ عَنْ حُذَيْفَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فَكَانَ إِذَا مَرَّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ سَأَلَ وَإِذَا مَرَّ بِآيَةِ عَذَابٍ اسْتَجَارَ وَإِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَنْزِيهٌ لِلَّهِ سَبَّحَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (صَلَّى) أَيْ بِاللَّيْلِ تَطَوُّعًا كَمَا جَاءَ صَرِيحًا فِي الرِّوَايَاتِ فَلَا يَلْزَمُ جَوَازُ سُؤَالِ الرَّحْمَةِ وَغَيْرِهِ فِي الْفَرْضِ (سَأَلَ) أَيِ الرَّحْمَةَ (اسْتَجَارَ) أَيْ مِنَ الْعَذَابِ.

1352 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ هَاشِمٍ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ أَبِي لَيْلَى قَالَ «صَلَّيْتُ إِلَى جَنْبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ تَطَوُّعًا فَمَرَّ بِآيَةِ عَذَابٍ فَقَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ النَّارِ وَوَيْلٌ لِأَهْلِ النَّارِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَوَيْلٌ) أَيْ هَلَاكٌ عَظِيمٌ أَوْ هُوَ اسْمُ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ لَوْ أُلْقِيَتْ فِيهِ الْجِبَالُ لَذَابَتْ مِنْ حَرِّهِ كَمَا قِيلَ اهـ.

1353 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ «سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنْ قِرَاءَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ كَانَ يَمُدُّ صَوْتَهُ مَدًّا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كَانَ يَمُدُّ صَوْتَهُ) الْمَدُّ تَطْوِيلُ الصَّوْتِ وَهُوَ خِلَافُ الْقَصْرِ وَيَكُونُ فِي السِّرِّ وَالْجَهْرِ فَهَذَا الْحَدِيثُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْجَهْرِ نَعَمْ قَدْ يَتَبَادَرُ مِنْهُ رَفْعُ الصَّوْتِ فَإِنْ حُمِلَ عَلَى ذَلِكَ يَكُونُ دَلِيلًا عَلَى الْجَهْرِ فَيُحْمَلُ الْحَدِيثُ عَلَى قِرَاءَةِ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَلَا يَصِحُّ الْإِطْلَاقُ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ فَهِمَ هَذَا الْمَعْنَى.

1354 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ بُرْدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ عَنْ غُضَيْفِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ «أَتَيْتُ عَائِشَةَ فَقُلْتُ أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْهَرُ بِالْقُرْآنِ أَوْ يُخَافِتُ بِهِ قَالَتْ رُبَّمَا جَهَرَ وَرُبَّمَا خَافَتَ قُلْتُ اللَّهُ أَكْبَرُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي هَذَا الْأَمْرِ سَعَةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ بُرْدِ) بِضَمِّ مُوَحَّدَةٍ وَسُكُونِ رَاءٍ وَ (سِنَانٍ) بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَنُونَيْنِ بَيْنَهَا أَلِفٌ وَ (نُسَيٍّ) بِضَمِّ نُونٍ وَفَتْحِ سِينٍ مُهْمَلَةٍ وَتَشْدِيدِ يَاءٍ وَ (غُضَيْفِ) بِغَيْنٍ وَضَادٍ مُعْجَمَتَيْنِ مُصَغَّرًا قَوْلُهُ: (سَعَةً) بِفَتْحِ السِّينِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في الدعاء إذا قام الرجل من الليل]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الدُّعَاءِ إِذَا قَامَ الرَّجُلُ مِنْ اللَّيْلِ] 1355 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَهَجَّدَ مِنْ اللَّيْلِ قَالَ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيَّامُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ مَالِكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ الْحَقُّ وَوَعْدُكَ حَقٌّ وَقَوْلُكَ حَقٌّ وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ وَالْجَنَّةُ حَقٌّ وَالنَّارُ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ حَقٌّ وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ وَمُحَمَّدٌ حَقٌّ اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ وَبِكَ خَاصَمْتُ وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ» حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ الْأَحْوَلُ خَالُ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ سَمِعَ طَاوُسًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ لِلتَّهَجُّدِ فَذَكَرَ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) أَيْ مُنَوِّرُهُمَا وَبِكَ يَهْتَدِي مَنْ فِيهِمَا وَقِيلَ الْمُنَزَّهُ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ يُقَالُ فُلَانٌ مُنَوَّرٌ أَيْ مُبَرَّأٌ مِنَ الْعَيْبِ وَيُقَالُ هُوَ اسْمُ مَدْحٍ تَقُولُ فُلَانٌ نُورُ الْبَلَدِ أَيْ مُزَيِّنُهُ قَوْلُهُ: (قَيَّامُ السَّمَاوَاتِ) كَعَلَّامِ أَيِ الْقَائِمُ بِأَمْرِهِ وَتَدْبِيرِهِ السَّمَاوَاتِ وَغَيْرَهَا

قَوْلُهُ: (أَنْتَ الْحَقُّ) أَيْ وَاجِبُ الْوُجُودِ (وَوَعْدُكَ حَقٌّ) أَيْ صَادِقٌ لَا يُمْكِنُ التَّخَلُّفُ فِيهِ وَهَكَذَا يُفَسَّرُ الْحَقُّ فِي كُلِّ مَحَلٍّ بِمَا يُنَاسِبُ ذَلِكَ الْمَحَلَّ وَأَمَّا التَّعْرِيفُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ تَعْرِيفَ الْخَبَرِ فِيهِمَا لَيْسَ لِلْقَصْرِ وَإِنَّمَا هُوَ لِإِفَادَةِ أَنَّ الْحُكْمَ بِهِ ظَاهِرٌ مُسَلَّمٌ لَا مُنَازِعَ فِيهِ كَمَا قَالَ عُلَمَاءُ الْمَعَانِي فِي قَوْلِهِ وَوَالَاكَ الْعَبْدُ وَذَلِكَ لِأَنَّ مَرْجِعَ هَذَا الْكَلَامِ إِلَى أَنَّهُ تَعَالَى مَوْجُودٌ صَادِقُ الْوَعْدِ وَهَذَا أَمْرٌ يَقُولُ بِهِ الْمُؤْمِنُ وَالْكَافِرُ قَالَ تَعَالَى {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [لقمان: 25] وَلَمْ يُعْرَفْ فِي ذَلِكَ مُنَازِعٌ بَعْدَهُ يُعْتَدُّ بِهِ وَكَأَنَّهُ لِهَذَا عَدَلَ إِلَى التَّنْكِيرِ فِي الْبَقِيَّةِ حَيْثُ وُجِدَ الْمُنَازِعُ فِيهَا بَقِيَ أَنَّ الْمُنَاسِبَ بِذَلِكَ أَنْ يُقَالَ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ كَمَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَكَانَ التَّنْكِيرُ فِي رِوَايَةِ الْكِتَابِ لِلْمُشَاكَلَةِ قَوْلُهُ: (وَمُحَمَّدٌ حَقٌّ) التَّأْخِيرُ لِلتَّوَاضُعِ وَهُوَ أَنْسَبُ بِمَقَامِ الدُّعَاءِ وَذَكَرَهُ عَلَى الْإِفْرَادِ لِذَلِكَ وَلْيَتَوَسَّلَ بِكَوْنِهِ نَبِيًّا حَقًّا إِلَى إِجَابَةِ الدُّعَاءِ وَقِيلَ هُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ تَعْظِيمًا لَهُ بِكَوْنِهِ نَبِيًّا حَقًّا إِلَى إِجَابَةِ الدُّعَاءِ قَوْلُهُ: (لَكَ أَسْلَمْتُ) أَيِ انْقَدْتُ وَخَضَعْتُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ تَقْدِيمَ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ لِلْقَصْرِ بِالنَّظَرِ إِلَى سَائِرِ مَنْ عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى قَوْلُهُ: (وَبِكَ خَاصَمْتُ) أَيْ بِحُجَّتِكَ أَوْ بِقُوَّتِكَ (حَاكَمْتُ) أَيْ رَفَعْتُ الْحُكُومَةَ (مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ) أَيْ مَا فَعَلْتُ قَبْلُ وَمَا سَأَفْعَلُ بَعْدُ أَوْ مَا فَعَلْتُ وَمَا تَرَكْتُ.

1356 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ حَدَّثَنِي أَزْهَرُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ قَالَ «سَأَلْتُ عَائِشَةَ مَاذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْتَتِحُ بِهِ قِيَامَ اللَّيْلِ قَالَتْ لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ شَيْءٍ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَدٌ قَبْلَكَ كَانَ يُكَبِّرُ عَشْرًا وَيَحْمَدُ عَشْرًا وَيُسَبِّحُ عَشْرًا وَيَسْتَغْفِرُ عَشْرًا وَيَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَاهْدِنِي وَارْزُقْنِي وَعَافِنِي وَيَتَعَوَّذُ مِنْ ضِيقِ الْمُقَامِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَفْتَتِحُ بِهِ قِيَامَ اللَّيْلِ) أَيْ صَلَاتَهُ (كَانَ يُكَبِّرُ عَشْرًا) مَعَ تَكْبِيرَةِ التَّحْرِيمِ أَوْ بَعْدَهُ وَأَمَّا أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ قَبَلَ الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ فَبَعِيدٌ.

1357 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ الْيَمَامِيُّ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ «سَأَلْتُ عَائِشَةَ بِمَ كَانَ يَسْتَفْتِحُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ إِذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ قَالَتْ كَانَ يَقُولُ اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرَئِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنْ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ» قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ احْفَظُوهُ جِبْرَئِيلَ مَهْمُوزَةً فَإِنَّهُ كَذَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (رَبَّ جِبْرَائِيلَ) مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ مُنَادًى بِتَقْدِيرِ حَرْفِ النِّدَاءِ أَوْ بَدَلٌ مِنَ اللَّهُمَّ لَا وَصْفٌ لَهُ لِأَنَّ لُحُوقَ الْمِيمِ الْمُشَدِّدَةِ مَانِعٌ مِنَ التَّوْصِيفِ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ نَعَمْ جَوَّزَ الزَّجَّاجُ التَّوْصِيفَ أَيْضًا قَوْلُهُ: (فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) أَيْ مُبْتَدِعَهُمَا وَمُخْتَرِعَهُمَا وَالْغَيْبُ مَا غَابَ عَنِ النَّاسِ وَالشَّهَادَةُ خِلَافُهُ (وَاهْدِنِي) أَيْ زِدْنِي هُدًى أَوْ ثَبِّتْنِي فَلَيْسَ الْمَطْلُوبُ تَحْصِيلَ الْحَاصِلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في كم يصلي بالليل]

[بَاب مَا جَاءَ فِي كَمْ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ] 1358 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَهَذَا حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مَا بَيْنَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِلَى الْفَجْرِ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُسَلِّمُ فِي كُلِّ اثْنَتَيْنِ وَيُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ وَيَسْجُدُ فِيهِنَّ سَجْدَةً بِقَدْرِ مَا يَقْرَأُ أَحَدُكُمْ خَمْسِينَ آيَةً قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ فَإِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ مِنْ الْأَذَانِ الْأَوَّلِ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَهَذَا حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ) أَيِ اللَّفْظُ الْمَذْكُورُ رِوَايَةُ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ دُونَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَوْلُهُ: (إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً) وَقَدْ جَاءَ " ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً " فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ هَذَا كَانَ أَحْيَانًا أَوْ لَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدِّ الرَّكْعَتَيْنِ الْحَفِيفَتَيْنِ اللَّتَيْنِ يَبْدَأُ بِهِمَا صَلَاةَ اللَّيْلِ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ أَحْيَانًا وَتَرْكِهِ أُخْرَى وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ فَهَذِهِ الْهَيْئَةُ لِصَلَاةِ اللَّيْلِ لَا بُدَّ مِنْ حَمْلِهَا عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ أَحْيَانًا وَإِلَّا فَقَدْ جَاءَتْ هَيْئَاتٌ أُخَرُ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ قَوْلُهُ: (فَإِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ مِنَ الْأَذَانِ الْأَوَّلِ) سُمِّيَ أَوَّلًا بِالنَّظَرِ إِلَى الْإِقَامَةِ

وَإِلَّا فَالْمُرَادُ مَا كَانَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ لَا مَا كَانَ قَبْلَهُ فِي اللَّيْلِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ رَوَى مُسْلِمٌ بَعْضَهُ.

1359 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً»

1360 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ تِسْعَ رَكَعَاتٍ»

1361 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ أَبُو عُبَيْدٍ الْمَدِينِيُّ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ قَالَ «سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ فَقَالَا ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً مِنْهَا ثَمَانٍ وَيُوتِرُ بِثَلَاثٍ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْفَجْرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَيُوتِرُ بِثَلَاثٍ) أَيْ مُتَّصِلَةٍ بِلَا فَصْلٍ بَيْنَهُنَّ بِسَلَامٍ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ وَلِذَلِكَ يَسْتَدِلُّ بِهِ مَنْ يَقُولُ الْوِتْرُ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ وَمَفْصُولَةٍ بِسَلَامٍ كَمَا هُوَ الْمَرْوِيُّ فِي عَمَلِ ابْنِ عُمَرَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَا يَعْمَلُ بِخِلَافِ مَا يَعْتَقِدُهُ فِعْلًا لَهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا ثَلَاثَ عَشْرَةَ مَعَ سُنَّةِ الْفَجْرِ.

1362 - حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ عَاصِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعِ بْنِ ثَابِتٍ الزُّبَيْرِيُّ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ «قُلْتُ لَأَرْمُقَنَّ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّيْلَةَ قَالَ فَتَوَسَّدْتُ عَتَبَتَهُ أَوْ فُسْطَاطَهُ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَوْتَرَ فَتِلْكَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَأَرْمُقَنَّ) بِنُونِ التَّوْكِيدِ الثَّقِيلَةِ مِنْ رَمَقَ كَنَصَرَ إِذَا نَظَرَ وَالْفُسْطَاطُ بِالضَّمِّ مَعْرُوفٌ وَالْمُرَادُ أَيْ أَرْقُدُ عِنْدَ بَابِهِ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا ثَلَاثُ عَشْرَةَ بِدُونِ رَكْعَتِي الْفَجْرِ.

1363 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ «أَنَّهُ نَامَ عِنْدَ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ خَالَتُهُ قَالَ فَاضْطَجَعْتُ فِي عَرْضِ الْوِسَادَةِ وَاضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَهْلُهُ فِي طُولِهَا فَنَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ اللَّيْلُ أَوْ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ بِيَدِهِ ثُمَّ قَرَأَ الْعَشْرَ آيَاتٍ مِنْ آخِرِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ ثُمَّ قَامَ إِلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ فَتَوَضَّأَ مِنْهَا فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ فَقُمْتُ فَصَنَعْتُ مِثْلَ مَا صَنَعَ ثُمَّ ذَهَبْتُ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى رَأْسِي وَأَخَذَ أُذُنِي الْيُمْنَى يَفْتِلُهَا فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَوْتَرَ ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى جَاءَهُ الْمُؤَذِّنُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي عَرْضِ الْوِسَادَةِ) الْمَشْهُورُ فَتْحُ الْعَيْنِ وَقِيلَ بِالضَّمِّ بِمَعْنَى الْجَانِبِ وَهُوَ بَعِيدٌ لِمُقَابِلَتِهِ بِالطُّولِ قَوْلُهُ: (يَمْسَحُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ) أَيْ يُزِيلُهُ عَنِ الْعَيْنَيْنِ بِالْمَسْحِ قَوْلُهُ: (إِلَى شَنِّ) بِفَتْحِ مُعْجَمَةٍ وَتَشْدِيدِ نُونٍ قِرْبَةٍ خَلِقَةٍ

(فَفَتَلَهَا) وَفِي رِوَايَةٍ يَفْتِلُهَا بِكَسْرِ مُثَنَّاةٍ أَيْ يُدَلِّكُ أُذُنَهُ لِيُرِيَهُ أَدَبَ الْقِيَامِ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ أَوْ لِيَتَنَبَّهَ عَنْ بَقِيَّةِ النَّوْمِ وَيَسْتَحْضِرَ أَفْعَالَ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في أي ساعات الليل أفضل]

[بَاب مَا جَاءَ فِي أَيِّ سَاعَاتِ اللَّيْلِ أَفْضَلُ] 1364 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالُوا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ طَلْقٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ قَالَ «أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَسْلَمَ مَعَكَ قَالَ حُرٌّ وَعَبْدٌ قُلْتُ هَلْ مِنْ سَاعَةٍ أَقْرَبُ إِلَى اللَّهِ مِنْ أُخْرَى قَالَ نَعَمْ جَوْفُ اللَّيْلِ الْأَوْسَطُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حُرٌّ وَعَبْدٌ) أَيْ أَبُو بَكْرٍ وَبِلَالٌ ـ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ـ أَوِ الْمُرَادُ أَنَّهُ قَدْ أَسْلَمَ الْقِسْمَانِ فَفِي الْمُسْلِمِينَ مَنْ هُوَ حُرٌّ وَفِيهِمْ مَنْ هُوَ عَبْدٌ قَوْلُهُ: (أَقْرَبُ إِلَى اللَّهِ) أَيْ أَوْلَى لِلِاشْتِغَالِ بِهِ وَالصَّلَاةِ فِيهَا أَكْثَرُ ثَوَابًا وَأَرْجَى قَبُولًا قَوْلُهُ: (جَوْفُ اللَّيْلِ) لَمَّا كَانَ الْجَوْفُ يُطْلَقُ عَلَى مَا كَانَ فِي قُرْبِ الْوَسَطِ وَصَفَهُ بِقَوْلِهِ الْأَوْسَطِ وَالْمُرَادُ النِّصْفُ الْأَخِيرُ إِلَّا أَنَّهُ فِي الْحَدِيثِ ذَكَرَهُ ابْتِدَاءً وَفِي الزَّوَائِدِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْبَيْلَمَانِيِّ قِيلَ لَا يُعْرَفُ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ إِلَّا مِنْ سَرَفٍ وَيَزِيدَ بْنِ طَلْقٍ قَالَ ابْنُ حِبَّانَ يَرْوِي الْمَرَاسِيلَ اهـ.

1365 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنَامُ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَيُحْيِي آخِرَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَيُحْيِي آخِرَهُ) مِنَ الْإِحْيَاءِ وَإِحْيَاءُ اللَّيْلِ تَعْمِيرُهُ بِالْعِبَادَةِ وَجَعَلَهُ مِنَ الْحَيَاةِ عَلَى تَشْبِيهِ النَّوْمِ بِالْمَوْتِ وَضِدِّهِ بِالْحَيَاةِ لَا يَخْلُو عَنْ سُوءِ أَدَبٍ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَأَبُو إِسْحَاقَ وَإِنِ اخْتَلَطَ بِآخِرِهِ فَإِنَّ إِسْرَائِيلَ رَوَى عَنْهُ قَبْلَ الِاخْتِلَاطِ وَمِنْ طَرِيقٍ رَوَى لَهُ الشَّيْخَانِ.

1366 - حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِيُّ وَيَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ قَالَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَغَرِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ كُلَّ لَيْلَةٍ فَيَقُولُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ فَلِذَلِكَ كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ صَلَاةَ آخِرِ اللَّيْلِ عَلَى أَوَّلِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَنْزِلُ رَبُّنَا) حَقِيقَةُ النُّزُولِ تُفَوَّضُ إِلَى عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى نَعَمِ الْقَدْرُ الْمَقْصُودُ بِالْإِفْهَامِ يَعْرِفُهُ كُلُّ وَاحِدٍ وَهُوَ أَنَّ ذَلِكَ الْوَقْتَ قُرْبُ

الرَّحْمَةِ إِلَى الْعِبَادِ فَلَا يَنْبَغِي لَهُمْ إِضَاعَتُهُ بِالْغَفْلَةِ قَوْلُهُ: (الْآخِرِ) بِكَسْرِ الْخَاءِ صِفَةُ الثُّلُثِ (فَأُعْطِيَهُ) قِيلَ تُنْصَبُ الْأَفْعَالُ عَلَى جَوَابِ الِاسْتِفْهَامِ مِثْلَ {فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ} [الأعراف: 53] وَيَجُوزُ الرَّفْعُ بِتَقْدِيرِ فَأَنَا أُعْطِيهِ اهـ.

1367 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ رِفَاعَةَ الْجُهَنِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ يُمْهِلُ حَتَّى إِذَا ذَهَبَ مِنْ اللَّيْلِ نِصْفُهُ أَوْ ثُلُثَاهُ قَالَ لَا يَسْأَلَنَّ عِبَادِي غَيْرِي مَنْ يَدْعُنِي أَسْتَجِبْ لَهُ مَنْ يَسْأَلْنِي أُعْطِهِ مَنْ يَسْتَغْفِرْنِي أَغْفِرْ لَهُ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يُمْهِلُ) مِنَ الْإِمْهَالِ أَيْ يُؤَخِّرُ الطَّلَبَ الْآتِي قَوْلُهُ: (لَا يَسْأَلَنَّ عِبَادِي غَيْرِي) نَهْيٌ لَهُمْ عَنْ أَنْ يَسْأَلُوا غَيْرَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ ضَعِيفٌ قَالَ صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَامَّةُ أَحَادِيثِهِ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ مَقْلُوبَةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء فيما يرجى أن يكفي من قيام الليل]

[بَاب مَا جَاءَ فِيمَا يُرْجَى أَنْ يَكْفِيَ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ] 1368 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَأَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْآيَتَانِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مَنْ قَرَأَهُمَا فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ» قَالَ حَفْصٌ فِي حَدِيثِهِ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَلَقِيتُ أَبَا مَسْعُودٍ وَهُوَ يَطُوفُ فَحَدَّثَنِي بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كَفَتَاهُ) أَيْ أَغْنَتَاهُ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ وَقِيلَ أَرَادَ أَنَّهَا أَقَلُّ مَا يُجْزِئُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ وَقِيلَ تَكْفِيَاهُ الشَّرَّ وَتَقِيَاهُ مِنَ الْمَكْرُوهِ وَحَيْثُ كَانَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّرْجَمَةِ مَبْنِيًّا عَلَى احْتِمَالٍ لَمْ يَجْزِمْ بِهِ قَالَ يُرْجَى أَنْ يَكْفِيَ.

1369 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قَرَأَ الْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ»

[باب ما جاء في المصلي إذا نعس]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْمُصَلِّي إِذَا نَعَسَ] 1370 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ جَمِيعًا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي إِذَا صَلَّى وَهُوَ نَاعِسٌ لَعَلَّهُ يَذْهَبُ فَيَسْتَغْفِرُ فَيَسُبُّ نَفْسَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذَا نَعَسَ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ بَابُ نَصَرَ

وَالنُّعَاسُ أَوَّلُ النَّوْمِ وَهُوَ رِيحٌ لَطِيفٌ تَأْتِي مِنْ قِبَلِ الدِّمَاغِ تُغَطِّي الْعَيْنَ وَلَا تَصِلُ إِلَى الْقَلْبِ فَإِذَا وَصَلَهُ كَانَ نَوْمًا وَالْمُرَادُ إِذَا نَعَسَ فِي الصَّلَاةِ كَمَا فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ وَقِيلَ الْمُرَادُ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ الْجُمْهُورُ عَلَى عُمُومِهَا الْفَرْضُ وَالنَّفْلُ لَيْلًا وَنَهَارًا قَوْلُهُ: (لَعَلَّهُ يَذْهَبُ) أَيْ يَشْرَعُ وَيُرِيدُ وَقَوْلُهُ فَيَسْتَغْفِرُ بِالْفَاءِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَاجَهْ وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِهِ بِلَا فَاءٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا زَائِدَةٌ وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ يَذْهَبُ لِكَوْنِهِ مِنْ أَفْعَالِ الْقُلُوبِ قَوْلُهُ: (فَيَسُبُّ) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى يَسْتَغْفِرُ ضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ بِالنَّصْبِ وَلَعَلَّهُ لِحَمْلِ التَّرَجِّي عَلَى التَّمَنِّي وَلَا يَخْفَى أَنَّ إِبْقَاءَهُ عَلَى أَصْلِهِ أَوْلَى بَلْ لَا مَعْنَى لِلتَّمَنِّي عِنْدَ التَّحْقِيقِ.

1371 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى اللَّيْثِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَرَأَى حَبْلًا مَمْدُودًا بَيْنَ سَارِيَتَيْنِ فَقَالَ مَا هَذَا الْحَبْلُ قَالُوا لِزَيْنَبَ تُصَلِّي فِيهِ فَإِذَا فَتَرَتْ تَعَلَّقَتْ بِهِ فَقَالَ حُلُّوهُ حُلُّوهُ لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ فَإِذَا فَتَرَ فَلْيَقْعُدْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بَيْنَ سَارِيَتَيْنِ) أَيْ أُسْطُوَانَتَيْنِ مِنْ أُسْطُوَانَاتِ الْمَسْجِدِ (لِزَيْنَبَ) زَوْجِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ (تُصَلِّي فِيهِ) أَيْ فِي الْمَسْجِدِ (فَتَرَتْ) بِفَتْحِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقٍ أَيْ كَسِلَتْ عَنِ الْقِيَامِ (تَعَلَّقَتْ بِهِ) أَيْ بِهَذَا الْحَبْلِ لِيَذْهَبَ عَنْهَا الْفُتُورُ (نَشَاطَهُ) بِفَتْحِ النُّونِ أَيْ قَدْرُ نَشَاطِهِ أَوْ مُدَّةُ نَشَاطِهِ فَنَصْبُهُ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ.

1372 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَعِيلَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ يَحْيَى بْنِ النَّضْرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ اللَّيْلِ فَاسْتَعْجَمَ الْقُرْآنُ عَلَى لِسَانِهِ فَلَمْ يَدْرِ مَا يَقُولُ اضْطَجَعَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَاسْتَعْجَمَ) أَيِ اسْتَغْلَقَ لِغَلَبَةِ النُّعَاسِ فِي الصِّحَاحِ اسْتَعْجَمَ عَلَيْهِ الْكَلَامُ أَيِ اسْتَبْهَمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في الصلاة بين المغرب والعشاء]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ] 1373 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ الْوَلِيدِ الْمَدَنِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَلَّى بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ عِشْرِينَ رَكْعَةً بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عِشْرِينَ رَكْعَةً إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ يَعْقُوبُ بْنُ الْوَلِيدِ اتَّفَقُوا عَلَى ضَعْفِهِ

قَالَ فِيهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنَ الْكَذَّابِينَ الْكِبَارِ وَكَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ.

1374 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَبُو عُمَرَ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَا حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ أَبِي خَثْعَمٍ الْيَمَامِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَلَّى سِتَّ رَكَعَاتٍ بَعْدَ الْمَغْرِبِ لَمْ يَتَكَلَّمْ بَيْنَهُنَّ بِسُوءٍ عُدِلَتْ لَهُ عِبَادَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَدَلَتْ لَهُ إِلَخْ) قَدْ سَبَقَ الْحَدِيثُ مَشْرُوحًا قَبْلَ بَابِ الْوِتْرِ.

[باب ما جاء في التطوع في البيت]

[بَاب مَا جَاءَ فِي التَّطَوُّعِ فِي الْبَيْتِ] 1375 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ طَارِقٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ «خَرَجَ نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ إِلَى عُمَرَ فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَيْهِ قَالَ لَهُمْ مِمَّنْ أَنْتُمْ قَالُوا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ قَالَ فَبِإِذْنٍ جِئْتُمْ قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَسَأَلُوهُ عَنْ صَلَاةِ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ فَقَالَ عُمَرُ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَمَّا صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ فَنُورٌ فَنَوِّرُوا بُيُوتَكُمْ» حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْحُسَيْنِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (خَرَجَ نَفَرٌ) فِي الصِّحَاحِ النَّفَرُ بِالتَّحْرِيكِ أَيْ بِفَتْحَتَيْنِ عِدَّةُ رِجَالٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ إِلَى عَشَرَةٍ قَوْلُهُ: (قَالَ فَبِإِذْنٍ جِئْتُمْ) أَيْ بِإِذْنِ أَمِيرِ الْكُوفَةِ يُرِيدُ جِئْتُمْ مُصَالِحِينَ مَعَ الْإِمَامِ أَمْ مُغَاضِبِينَ (فَنُورٌ) أَيْ فِي الْبَيْتِ فَإِنَّ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى يُنَوِّرُ الْقَلْبَ وَيَنْشَرِحُ بِهِ الصَّدْرُ فَوْقَ مَا يَنْشَرِحُ بِنُورِ الْبَيْتِ اهـ وَالْحَدِيثُ قَدْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِطَرِيقَيْنِ وَفِي الزَّوَائِدِ مَدَارُ الطَّرِيقَيْنِ عَلَى عَاصِمِ بْنِ عَمْرٍو وَهُوَ ضَعِيفٌ ذَكَرَهُ الْعُقَيْلِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ لَمْ يَثْبُتْ حَدِيثُهُ.

1376 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا قَضَى أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ فَلْيَجْعَلْ لِبَيْتِهِ مِنْهَا نَصِيبًا فَإِنَّ اللَّهَ جَاعِلٌ فِي بَيْتِهِ مِنْ صَلَاتِهِ خَيْرًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذَا قَضَى أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ) يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّلَاةِ جَمِيعُ مَا يُرِيدُ أَنْ يُصَلِّيَ مِنَ الْفَرَائِضِ وَالنَّوَافِلِ وَالْمَعْنَى إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْضِيَ وَيُؤَدِّيَ تِلْكَ الصَّلَاةَ فَلْيُصَلِّ شَيْئًا مِنْهَا فِي الْبَيْتِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْفَرَائِضُ وَالْمَعْنَى إِذَا فَرَغَ مِنَ الْفَرْضِ فِي الْمَسْجِدِ فَلْيَجْعَلْ نَصِيبًا مِنْهُ فِي الْبَيْتِ يَجْعَلْ سُنَّتَهُ وَمُتَعَلِّقَاتِهِ فِيهِ وَالنَّصِيبُ عَلَى الْأَوَّلِ خَبَرٌ وَعَلَى الثَّانِي مُتَعَلِّقٌ مِنْ صَلَاتِهِ أَيْ لِأَجْلِهَا وَفِي مُقَابَلَتِهَا وَفِي الزَّوَائِدِ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ اهـ.

1377 - حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ قَالَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَتَّخِذُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا تَتَّخِذُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا) أَيْ كَالْقَبْرِ فِي الْخُلُوِّ عَنِ الصَّلَاةِ أَوْ لَا تَكُونُوا كَالْأَمْوَاتِ فِيهَا غَيْرَ ذَاكِرِينَ فَتَكُونَ الْبُيُوتُ لَكُمْ كَالْقُبُورِ.

1378 - حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ حَرَامِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ «سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّمَا أَفْضَلُ الصَّلَاةُ فِي بَيْتِي أَوْ الصَّلَاةُ فِي الْمَسْجِدِ قَالَ أَلَا تَرَى إِلَى بَيْتِي مَا أَقْرَبَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ فَلَأَنْ أُصَلِّيَ فِي بَيْتِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُصَلِّيَ فِي الْمَسْجِدِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَلَاةً مَكْتُوبَةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَيُّمَا أَفْضَلُ) إِلَخْ فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في صلاة الضحى]

[بَاب مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الضُّحَى] 1379 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ «سَأَلْتُ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَالنَّاسُ مُتَوَافِرُونَ أَوْ مُتَوَافُونَ عَنْ صَلَاةِ الضُّحَى فَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا يُخْبِرُنِي أَنَّهُ صَلَّاهَا يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ أُمِّ هَانِئٍ فَأَخْبَرَتْنِي أَنَّهُ صَلَّاهَا ثَمَانَ رَكَعَاتٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَالنَّاسُ مُتَوَافِرُونَ) أَيْ كَثِيرُونَ وَيُقَالُ وَفَرَ الشَّيْءُ إِذَا تَمَّ وَكَثُرَ كَذَا فِي الصِّحَاحِ (فَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا يُخْبِرُنِي أَنَّهُ صَلَّاهَا) يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُدَاوِمْ عَلَيْهَا.

1380 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَقَ عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ صَلَّى الضُّحَى ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً بَنَى اللَّهُ لَهُ قَصْرًا مِنْ ذَهَبٍ فِي الْجَنَّةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ صَلَّى الضُّحَى) أَيْ دَاوَمَ عَلَيْهَا أَوْ صَلَّاهَا وَلَوْ مَرَّةً وَفَضْلُ اللَّهِ وَاسِعٌ (بَنَى اللَّهُ) أَيْ أَوْجَدَ أَوْ أَمَرَ بِبِنَائِهِ.

1381 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ عَنْ مُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةِ قَالَتْ سَأَلْتُ عَائِشَةَ «أَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى قَالَتْ نَعَمْ أَرْبَعًا وَيَزِيدُ مَا شَاءَ اللَّهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَالَتْ نَعَمْ) أَيْ يُصَلِّيهَا وَلَوْ أَحْيَانًا وَقَدْ جَاءَ عَنْهَا أَنَّهُ مَا صَلَّاهَا فَيُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى الدَّوَامِ أَوْ نَفِي الرُّؤْيَةِ ثُمَّ عَلِمَتْ أَنَّهُ صَلَّاهَا بِإِخْبَارِ شَخْصٍ آخَرَ قَوْلُهُ: (أَرْبَعًا) أَيْ يُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ.

1382 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ النَّهَّاسِ بْنِ قَهْمٍ عَنْ شَدَّادٍ أَبِي عَمَّارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ حَافَظَ عَلَى شُفْعَةِ الضُّحَى غُفِرَتْ لَهُ ذُنُوبُهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ حَافَظَ عَلَى شُفْعَةِ الضُّحَى) أَيْ دَاوَمَ عَلَيْهَا أَوْ أَدَّاهَا عَلَى وَجْهِهَا وَلَوْ مَرَّةً وَالْمُرَادُ بِشُفْعَةِ الضُّحَى رَكْعَتَا الضُّحَى وَالشَّفْعُ الزَّوْجُ وَيُرْوَى

بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ كَالْفُرْقَةِ وَالْغُرْفَةِ قَالَ الْقُتَيْبِيُّ الشَّفْعُ الزَّوْجُ وَلَمْ أَسْمَعْ بِهِ مُؤَنَّثًا إِلَّا هَاهُنَا وَأَحْسَبُهُ ذَهَبَ بِتَأْنِيثِهِ إِلَى الْفِعْلَةِ الْوَاحِدَةِ أَوِ الصَّلَاةِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في صلاة الاستخارة]

[بَاب مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الِاسْتِخَارَةِ] 1383 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِي قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ يُحَدِّثُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ يَقُولُ إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلْ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ هَذَا الْأَمْرَ فَيُسَمِّيهِ مَا كَانَ مِنْ شَيْءٍ خَيْرًا لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ خَيْرًا لِي فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي وَبَارِكْ لِي فِيهِ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ يَقُولُ مِثْلَ مَا قَالَ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى وَإِنْ كَانَ شَرًّا لِي فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُمَا كَانَ ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ) أَيْ يَعْتَنِي بِشَأْنِ تَعْلِيمِنَا الِاسْتِخَارَةَ لِعِظَمِ نَفْعِهَا وَعُمُومِهِ كَمَا يَعْتَنِي بِالسُّورَةِ (يَقُولُ) بَيَانٌ لِقَوْلِهِ يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ قَوْلُهُ: (إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ) أَيْ أَرَادَهُ كَمَا فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَالْأَمْرُ يَعُمُّ الْمُبَاحَ وَمَا يَكُونُ عِبَادَةً إِلَّا أَنَّ الِاسْتِخَارَةَ فِي الْعِبَادَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى إِيقَاعِهَا فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ وَإِلَّا فَهِيَ خَيْرٌ وَيُسْتَثْنَى مَا يَتَعَيَّنُ إِيقَاعَهَا فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ إِذْ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ التَّرْكُ قَوْلُهُ: (فَلْيَرْكَعْ) الْأَمْرُ لِلنَّدَبِ وَالرَّكْعَتَانِ أَقَلُّ مَا تَحْصُلُ بِهِ قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ) يَشْمَلُ السُّنَنَ الرَّوَاتِبَ قَوْلُهُ: (أَسْتَخِيرُكَ) أَيْ أَسْأَلُكَ أَنْ تُرْشِدَنِي إِلَى الْخَيْرِ فِيمَا أُرِيدُ بِسَبَبِ أَنَّكَ عَالِمٌ (وَأَسْتَقْدِرُكَ) أَيْ أَطْلُبُ مِنْكَ أَنْ تَجْعَلَنِي قَادِرًا عَلَيْهِ إِنْ كَانَ فِيهِ خَيْرٌ (وَأَسْأَلُكَ إِلَخْ) أَيْ أَسْأَلُكَ ذَلِكَ لِأَجْلِ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ لَا لِاسْتِحْقَاقٍ لِذَلِكَ وَلَا لِوُجُوبِهِ عَلَيْكَ قَوْلُهُ: (إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ) التَّرْدِيدُ رَاجِعٌ إِلَى عَدَمِ عِلْمِ الْعَبْدِ بِمُتَعَلِّقِ عِلْمِهِ تَعَالَى لَا إِلَى أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ خَيْرًا وَلَا يَعْلَمُهُ إِلَّا الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ قَوْلُهُ: (أَوْ خَيْرًا لِي فِي عَاجِلِ أَمْرِي) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي فَاقْدُرْهُ بِضَمِّ الدَّالِ وَكَسْرِهَا أَيِ اجْعَلْهُ مُقَدَّرًا لِي أَوْ قَدِّرْهُ لِي أَيْ يَسِّرْهُ فَهُوَ مَجَازٌ عَنِ التَّيْسِيرِ فَلَا يُنَافِي كَوْنَ التَّقْدِيرِ أَزَلِيًّا قَوْلُهُ: (يَقُولُ مِثْلَ مَا قَالَ إِلَخْ) أَيْ يَقُولُ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ هَذَا الْأَمْرَ شَرًّا لِي فِي مَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ يَقُولُ شَرًّا لِي فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ

كَانَ شَرًّا لِي مَقُولُ الْقَوْلِ أَيْ يَقُولُ إِنْ كَانَ شَرًّا مِثْلَ مَا قَالَ فِي الْخَيْرِ لَكِنِ الْوَاوُ فِي قَوْلِهِ فِي مَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي هَاهُنَا يَنْبَغِي أَنْ تُجْعَلَ بِمَعْنَى أَوْ بِخِلَافِ قَوْلِهِ خَيْرًا لِي فِي كَذَا وَكَذَا فَإِنَّ هُنَاكَ عَلَى بَابِهَا لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ حِينَ تُيَسِّرُهُ يَكُونُ خَيْرًا مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في صلاة الحاجة]

[بَاب مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الْحَاجَةِ] 1384 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الْعَبَّادَانِيُّ عَنْ فَائِدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى الْأَسْلَمِيِّ قَالَ «خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ إِلَى اللَّهِ أَوْ إِلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ فَلْيَتَوَضَّأْ وَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ لِيَقُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ وَالْغَنِيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرٍّ وَالسَّلَامَةَ مِنْ كُلِّ إِثْمٍ أَسْأَلُكَ أَلَّا تَدَعَ لِي ذَنْبًا إِلَّا غَفَرْتَهُ وَلَا هَمًّا إِلَّا فَرَّجْتَهُ وَلَا حَاجَةً هِيَ لَكَ رِضًا إِلَّا قَضَيْتَهَا لِي ثُمَّ يَسْأَلُ اللَّهَ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مَا شَاءَ فَإِنَّهُ يُقَدَّرُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَلْيَتَوَضَّأْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُجَدِّدُ الْوُضُوءَ إِنْ كَانَ عَلَى وُضُوءٍ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وُضُوءٌ اهـ قَوْلُهُ: (ثُمَّ لِيَقُلْ) وَزَادَ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ ثُمَّ لِيُثْنِ عَلَى اللَّهِ وَلْيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ ثُمَّ لِيَقُلْ إِلَخْ قَوْلُهُ: (مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ أَفْعَالًا وَخِصَالًا أَوْ كَلِمَاتٍ تَتَسَبَّبُ لِرَحْمَتِكَ وَتَقْتَضِيهَا بِوَعْدِكَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّخَلُّفُ فِيهِ وَإِلَّا فَالْحَقُّ سُبْحَانَهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ (وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ) أَيْ مُوجِبَاتِهَا جَمْعُ عَزِيمَةٍ قِيلَ أَيْ خِصَالًا تَتَعَزَّمُ وَتَتَأَكَّدُ بِهَا مَغْفِرَتُكَ (مِنْ كُلِّ بِرٍّ) بِكَسْرِ الْبَاءِ أَيْ مِنْ كُلِّ إِثْمٍ قَالَ الْعِرَاقِيُّ فِيهِ جَوَازُ سُؤَالِ الْعِصْمَةِ مِنْ كُلِّ الذُّنُوبِ وَقَدْ أَنْكَرَ جَوَازَ ذَلِكَ إِذِ الْعِصْمَةُ إِنَّمَا هِيَ لِلْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ قَالَ وَالْجَوَابُ أَنَّهَا فِي حَقِّ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ وَاجِبَةٌ وَفِي حَقِّ غَيْرِهِمْ جَائِزَةٌ وَسُؤَالُ الْجَائِزِ جَائِزٌ إِلَّا أَنَّ الْأَدَبَ سُؤَالُ الْحِفْظِ فِي حَقِّنَا لَا الْعِصْمَةِ وَقَدْ يَكُونُ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ هَاهُنَا اهـ (إِلَّا غَفَرْتَهُ) أَيْ إِلَّا ذَنْبًا غَفَرْتَهُ (هِيَ لَكَ رِضًا) مُرْضِيَةٌ لَكَ هَذَا الْحَدِيثُ قَدْ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ وَفِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ لِأَنَّ فَائِدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يُضَعَّفُ فِي الْحَدِيثِ وَفَائِدُ هُوَ أَبُو الْوَقَارِ.

1385 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ سَيَّارٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَدَنِيِّ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ «أَنَّ رَجُلًا ضَرِيرَ الْبَصَرِ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ يُعَافِيَنِي فَقَالَ إِنْ شِئْتَ أَخَّرْتُ لَكَ وَهُوَ خَيْرٌ وَإِنْ شِئْتَ دَعَوْتُ فَقَالَ ادْعُهْ فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ فَيُحْسِنَ وُضُوءَهُ وَيُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ وَيَدْعُوَ بِهَذَا الدُّعَاءِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِمُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ يَا مُحَمَّدُ إِنِّي قَدْ تَوَجَّهْتُ بِكَ إِلَى رَبِّي فِي حَاجَتِي هَذِهِ لِتُقْضَى اللَّهُمَّ شَفِّعْهُ فِيَّ» قَالَ أَبُو إِسْحَقَ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنْ شِئْتُ أَخَّرْتُ لَكَ)

أَيْ أَخَّرْتُ جَزَاءَهُ إِلَى الْآخِرَةِ وَلَفْظُ أَخَّرْتُ يَحْتَمِلُ الْخِطَابَ وَالتَّكَلُّمَ بِخِلَافِ لَفْظِ دَعَوْتُ فَإِنَّهُ لِلْمُتَكَلِّمِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ ادْعُهُ وَأَيْضًا الْكَلَامُ كَانَ فِي دُعَائِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لَا أَنَّهُ دُعَاءُ الرَّجُلِ لِنَفْسِهِ وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ وَإِنْ شِئْتَ صَبَرْتَ وَهُوَ خَيْرٌ لَكَ وَإِنَّمَا هُوَ خَيْرٌ لِمَا جَاءَ إِذَا ابْتَلَيْتُ عَبْدِي بِبَلِيَّةٍ ثُمَّ صَبَرَ عَوَّضْتُهُ مِنْهَا الْجَنَّةَ قَوْلُهُ: (وَيَدْعُو) فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ أَمَرَهُ بِالدُّعَاءِ وَقَدْ طَلَبَ الرَّجُلُ مِنْهُ أَنْ يَدْعُوَ لَهُ وَقَالَ سَابِقًا إِنْ شِئْتَ دَعَوْتُ بِإِسْنَادِ الدُّعَاءِ إِلَى نَفْسِهِ قُلْتُ: كَأَنَّهُ أَشَارَ بَذْلِكَ إِلَى أَنَّ تَعْلِيمَ الدُّعَاءِ وَالتَّشْفِيعَ بِهِ بِمَنْزِلَةِ دُعَائِهِ قِيلَ وَفِيهِ أَنَّهُ مَا رَضِيَ مِنْهُ بِاخْتِيَارِهِ الدُّعَاءَ لَمَّا قَالَ الصَّبْرُ خَيْرٌ لَكَ (يَا مُحَمَّدُ) فِيهِ جَوَازُ النِّدَاءِ بِاسْمِهِ فِي مَقَامِ التَّشَفُّعِ بِهِ لِأَنَّ الْمَقَامَ يُؤَدِّي مِنَ التَّعْظِيمِ مَا يُؤَدِّي بِهِ ذِكْرُهُ بِالْقَلْبِ وَفِيهِ أَنَّ إِحْضَارَهُ فِي أَثْنَاءِ الدُّعَاءِ وَالْخِطَابِ مَعَهُ فِيهِ جَائِزٌ كَإِحْضَارِهِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ وَالْخِطَابِ فِيهِ قَوْلُهُ: (شَفِّعْهُ) بِالتَّشْدِيدِ أَيِ اقْبَلْ شَفَاعَتَهُ فِي حَقِّي وَفِيهِ أَنَّ التَّشْفِيعَ بِمَنْزِلَةِ شَفَاعَتِهِ وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي أَبْوَابِ الْأَدْعِيَةِ فِي أَحَادِيثَ شَتَّى مِنْ بَابِ الْأَدْعِيَةِ وَقَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي جَعْفَرٍ.

[باب ما جاء في صلاة التسبيح]

[بَاب مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ التَّسْبِيحِ] 1386 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو عِيسَى الْمَسْرُوقِيُّ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعَبَّاسِ يَا عَمِّ أَلَا أَحْبُوكَ أَلَا أَنْفَعُكَ أَلَا أَصِلُكَ قَالَ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَصَلِّ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ تَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ فَإِذَا انْقَضَتْ الْقِرَاءَةُ فَقُلْ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً قَبْلَ أَنْ تَرْكَعَ ثُمَّ ارْكَعْ فَقُلْهَا عَشْرًا ثُمَّ ارْفَعْ رَأْسَكَ فَقُلْهَا عَشْرًا ثُمَّ اسْجُدْ فَقُلْهَا عَشْرًا ثُمَّ ارْفَعْ رَأْسَك فَقُلْهَا عَشْرًا ثُمَّ اسْجُدْ فَقُلْهَا عَشْرًا ثُمَّ ارْفَعْ رَأْسَكَ فَقُلْهَا عَشْرًا قَبْلَ أَنْ تَقُومَ فَتِلْكَ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَهِيَ ثَلَاثُ مِائَةٍ فِي أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ فَلَوْ كَانَتْ ذُنُوبُكَ مِثْلَ رَمْلِ عَالِجٍ غَفَرَهَا اللَّهُ لَكَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ يَقُولُهَا فِي يَوْمٍ قَالَ قُلْهَا فِي جُمُعَةٍ فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقُلْهَا فِي شَهْرٍ حَتَّى قَالَ فَقُلْهَا فِي سَنَةٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَلَا أَحْبُوكَ) يُقَالُ حَبَاهُ كَذَا وَبِكَذَا إِذَا أَعْطَاهُ (أَلَا أَصِلُكَ) مِنَ الصِّلَةِ (أَلَا أَنْفَعُكَ) مِنَ النَّفْعِ يُرِيدُ أَلَا أُعَلِّمُكَ مَا يَنْفَعُكَ فَيَكُونُ كَالصِّلَةِ وَالْعَطِيَّةِ مِنِّي إِلَيْكَ وَتَقْدِيمُ هَذَا الِاسْتِفْهَامِ قَبْلَ التَّعْلِيمِ لِيَأْخُذَهُ الْعَبَّاسُ بِكُلِّ الِاعْتِنَاءِ وَإِلَّا فَتَعْلِيمُهُ مَطْلُوبٌ لِكُلِّ أَحَدٍ لَا حَاجَةَ فِيهِ إِلَى الِاسْتِفْهَامِ قَوْلُهُ: (وَسُورَةٍ) أَيِّ سُورَةٍ كَانَتْ وَقَدِ اخْتَارَ بَعْضُهُمْ

مِنَ السُّوَرِ مَا تَكُونُ مُصَدَّرَةً بِالتَّسْبِيحِ لِلْمُنَاسَبَةِ ثُمَّ ارْكَعْ قَوْلُهُ: (فَقُلْهَا عَشْرًا) أَيْ سِوَى تَسْبِيحَاتِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ يَبْدَأُ فِي الرُّكُوعِ بِسُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى ثَلَاثًا ثُمَّ يُسَبِّحُ التَّسْبِيحَاتِ قُلْتُ: كَأَنَّهُ أَخَذَ الْبِدَايَةَ مِنَ الْبِدَايَةِ بِالْقِرَاءَةِ فِي الْقِيَامِ قَوْلُهُ: (فَقُلْهَا عَشْرًا قَبْلَ أَنْ تَقُومَ) هَذَا نَصٌّ فِي شَرْعِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ فَلَا وَجْهَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْهُ قَوْلُهُ: (مِثْلَ رَمْلٍ عَالِجٍ) الْعَالِجُ مَا تَرَاكَمَ مِنَ الرَّمْلِ وَدَخَلَ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ وَهُوَ أَيْضًا اسْمٌ لَمَوْضِعٍ كَثِيرِ الرِّمَالِ ثُمَّ الْحَدِيثُ قَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ الْحُفَّاظُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ حَدِيثٌ ثَابِتٌ يَنْبَغِي لِلنَّاسِ الْعَمَلُ بِهِ وَقَدْ بَسَطَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ وَذَكَرْتُ أَنَا طَرَفًا مِنْهُ فِي حَاشِيَةِ أَبِي دَاوُدَ وَحَاشِيَةِ الْأَذْكَارِ لِلنَّوَوِيِّ.

1387 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرِ بْنِ الْحَكَمِ النَّيْسَابُورِيُّ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَا عَبَّاسُ يَا عَمَّاهُ أَلَا أُعْطِيكَ أَلَا أَمْنَحُكَ أَلَا أَحْبُوكَ أَلَا أَفْعَلُ لَكَ عَشْرَ خِصَالٍ إِذَا أَنْتَ فَعَلْتَ ذَلِكَ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ ذَنْبَكَ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ وَقَدِيمَهُ وَحَدِيثَهُ وَخَطَأَهُ وَعَمْدَهُ وَصَغِيرَهُ وَكَبِيرَهُ وَسِرَّهُ وَعَلَانِيَتَهُ عَشْرُ خِصَالٍ أَنْ تُصَلِّيَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ تَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ فَإِذَا فَرَغْتَ مِنْ الْقِرَاءَةِ فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ قُلْتَ وَأَنْتَ قَائِمٌ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً ثُمَّ تَرْكَعُ فَتَقُولُ وَأَنْتَ رَاكِعٌ عَشْرًا ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ مِنْ الرُّكُوعِ فَتَقُولُهَا عَشْرًا ثُمَّ تَهْوِي سَاجِدًا فَتَقُولُهَا وَأَنْتَ سَاجِدٌ عَشْرًا ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ مِنْ السُّجُودِ فَتَقُولُهَا عَشْرًا ثُمَّ تَسْجُدُ فَتَقُولُهَا عَشْرًا ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ مِنْ السُّجُودِ فَتَقُولُهَا عَشْرًا فَذَلِكَ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ تَفْعَلُ فِي أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ إِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ تُصَلِّيَهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّةً فَافْعَلْ فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَفِي كُلِّ جُمُعَةٍ مَرَّةً فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي عُمُرِكَ مَرَّةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَا عَمَّاهُ) إِشَارَةٌ إِلَى مَزِيدِ اسْتِحْقَاقِهِ بِالْعَطِيَّةِ الْآتِيَةِ (أَمْنَحُكَ) بِمَعْنَى أُعْطِيكَ وَكَذَا أَحْبُوكَ فَهُمَا تَأْكِيدٌ بَعْدَ تَأْكِيدٍ وَكَذَا أَفْعَلُ لَكَ فَإِنَّهُ بِمَعْنَى أُعْطِيكَ أَوْ أُعَلِّمُكَ (عَشْرَ خِصَالٍ) مَنْصُوبٌ تَنَازَعَتْ فِيهِ الْأَفْعَالُ قَبْلَهُ وَالْمُرَادُ بِعَشْرِ خِصَالٍ الْأَنْوَاعُ الْعَشَرَةُ لِلذُّنُوبِ مِنَ الْأَوَّلِ وَالْآخِرِ وَالْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ أَيْ فَهُوَ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَيْ أَلَا أُعْطِيكَ مُكَفِّرَ عَشَرَةِ أَنْوَاعِ ذُنُوبِكَ أَوِ الْمُرَادُ التَّسْبِيحَاتُ فَإِنَّهَا فِيمَا سِوَى الْقِيَامِ عَشْرٌ عَشْرٌ وَعَلَى هَذَا يُرَادُ الصَّلَاةُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى التَّسْبِيحَاتِ الْعَشْرِ بِالنَّظَرِ إِلَى غَالِبِ الْأَرْكَانِ وَأَمَّا جُمْلَةُ إِذَا أَنْتَ فَعَلْتَ إِلَخْ فَهِيَ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ عَلَى أَنَّهَا نَعْتٌ لِلْمُضَافِ الْمُقَدَّرِ عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ لِنَفْسِ عَشْرِ خِصَالٍ عَلَى الثَّانِي وَعَلَى الثَّانِي لَا يَكُونُ إِلَّا نَعْتًا مُخَصَّصًا بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْمُكَفِّرَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عِلْمُهُ مُكَفِّرًا فَبَيَّنَ بِالنَّعْتِ أَنْ يَكُونَ عَمَلُهُ مُكَفِّرًا لَا عِلْمُهُ قَوْلُهُ: (عَشْرُ خِصَالٍ أَنْ تُصَلِّيَ إِلَخْ) عَلَى الْأَوَّلِ بِتَقْدِيرِ

مُبْتَدَأٍ أَيْ هِيَ أَيْ أَنْوَاعُ الذُّنُوبِ عَشْرُ خِصَالٍ أَوْ بَدَلٌ مِنْ مَجْمُوعِ أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ إِلَخْ وَعَلَى الثَّانِي مُبْتَدَأٌ وَمَا بَعْدَهُ خَبَرُهُ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَمَا بَعْدَهُ مُبْتَدَأٌ لِئَلَّا يَلْزَمَ تَنْكِيرُ الْمُبْتَدَأِ مَعَ تَعْرِيفِ الْخَبَرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في ليلة النصف من شعبان]

[بَاب مَا جَاءَ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ] 1388 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَقُومُوا لَيْلَهَا وَصُومُوا نَهَارَهَا فَإِنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ فِيهَا لِغُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ أَلَا مِنْ مُسْتَغْفِرٍ لِي فَأَغْفِرَ لَهُ أَلَا مُسْتَرْزِقٌ فَأَرْزُقَهُ أَلَا مُبْتَلًى فَأُعَافِيَهُ أَلَا كَذَا أَلَا كَذَا حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَقُومُوا لَيْلَهَا) أَيِ اللَّيْلَةَ الَّتِي هِيَ تِلْكَ اللَّيْلَةُ فَالْإِضَافَةِ بَيَانِيَّةٌ وَلَيْسَتْ هِيَ كَالَّتِي فِي قَوْلِهِ فَصُومُوا يَوْمَهَا قَوْلُهُ: (لِغُرُوبِ الشَّمْسِ) أَيْ فِي وَقْتِ غُرُوبِهَا أَوْ مَعَ غُرُوبِهَا مُتَّصِلًا بِهِ وَالْكَلَامُ فِي النُّزُولِ قَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا وَمِثْلُهُ الطُّلُوعُ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْآتِي اهـ قَوْلُهُ: (فَأَغْفِرَ لَهُ) قَالَ الطِّيبِيُّ بِالنَّصْبِ جَوَابُ الْعَرْضِ وَمِنْ فِي (مِنْ مُسْتَغْفِرٍ) زَائِدَةٌ بِشَهَادَةِ قَرِينَةٍ وَالتَّقْدِيرُ أَلَا مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ ابْنِ أَبِي بُسْرَةَ وَاسْمُهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَبِي بُسْرَةَ قَالَ فِيهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَابْنُ مُعِينٍ يَضَعُ الْحَدِيثَ.

1389 - حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَبُو بَكْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا حَجَّاجٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «فَقَدْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَخَرَجْتُ أَطْلُبُهُ فَإِذَا هُوَ بِالْبَقِيعِ رَافِعٌ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ يَا عَائِشَةُ أَكُنْتِ تَخَافِينَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ قَالَتْ قَدْ قُلْتُ وَمَا بِي ذَلِكَ وَلَكِنِّي ظَنَنْتُ أَنَّكَ أَتَيْتَ بَعْضَ نِسَائِكَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَنْزِلُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَغْفِرُ لِأَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ شَعَرِ غَنَمِ كَلْبٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَقَدْتُ) أَيْ غَابَ عَنِّي (ذَاتَ لَيْلَةٍ) لَفْظُ ذَاتَ مُقْحَمَةٌ وَكَانَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةُ النِّصْفَ مِنْ شَعْبَانَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ آخِرُ الْحَدِيثِ اهـ

قَوْلُهُ: (أَنْ يَحِيفَ) الْحَيْفُ الظُّلْمُ وَالْجَوْرُ أَيْ أَظَنَنْتِ أَنْ قَدْ ظَلَمْتُكِ بِجَعْلِ نَوْبَتَكِ لِغَيْرِكِ وَذَلِكَ مُنَافٍ لِمَنْصِبِ الرِّسَالَةِ وَذِكْرُ اللَّهِ لِتَعْظِيمِ رَسُولِهِ وَالدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ فِعْلَ الرَّسُولِ عَادَةً لَا يَكُونُ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَأَمْرِهِ وَفِيهِ أَنَّ الْقَسْمَ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ إِذْ لَا يَكُونُ تَرْكُهُ جَوْرًا إِلَّا إِذَا كَانَ وَاجِبًا (قَالَتْ) أَيْ عَائِشَةُ (قَدْ قُلْتَ:) أَيْ فِي جَوَابِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ (وَمَا بِي ذَلِكَ) الْخَوْفُ وَالظَّنُّ السُّوءُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ قَوْلُهُ: (وَلَكِنِّي ظَنَنْتُ إِلَخْ) أَيْ لَكِنِّي ظَنَنْتُ أَنَّكَ فَعَلْتَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ مِنَ الْإِتْيَانِ لِبَعْضِ نِسَائِكَ تُرِيدُ أَنَّهَا مَا جَوَّزَتْ ذَلِكَ وَلَا زَعَمَتْهُ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ حَيْفًا وَجَوْرًا وَلَكِنْ جَوَّزَتْ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ فِي ذَاتِهِ إِتْيَانُ بَعْضِ النِّسَاءِ وَهُوَ حَلَالٌ وَالْمَقْصُودُ أَنَّهَا مَا لَاحَظَتْ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ ظُلْمًا وَلَكِنْ لَاحَظَتْ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ حَلَالًا فَلِذَلِكَ جَوَّزَتْهُ فَانْظُرْ إِلَى كَمَالِ عَقْلِهَا فَإِنَّهَا قَدْ زَعَمَتْ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَذَلِكَ جَوْرًا وَقَالَ أَتَخَافِينَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ فَإِنْ قَالَتْ فِي الْجَوَابِ نَعَمْ خِفْتُ ذَلِكَ يَكُونُ قَبِيحًا وَإِنْ قَالَتْ مَا خِفْتُهُ يَكُونُ كَذِبًا فَتَفَطَّنْ (إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَنْزِلُ إِلَخْ) اسْتِئْنَافٌ لِبَيَانِ مُوجِبِ خُرُوجِهِ مِنْ عِنْدِهَا يَعْنِي خَرَجْتُ لِلدُّعَاءِ لِأَهْلِ الْبَقِيعِ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ كَثْرَةِ الرَّحْمَةِ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ.

1390 - حَدَّثَنَا رَاشِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ رَاشِدٍ الرَّمْلِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ الضَّحَّاكِ بْنِ أَيْمَنَ عَنْ الضَّحَّاكِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَرْزَبٍ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ لَيَطَّلِعُ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ» حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَقَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَسْوَدِ النَّضْرُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ الضَّحَّاكِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَرْزَبٍ) ابْنُ عَرْزَبٍ لَمْ يَلْقَ أَبَا مُوسَى قَالَهُ الْمُنْذَرِيُّ كَذَلِكَ بِخَطِّهِ قَوْلُهُ: (أَوْ مُشَاحِنٍ) فِي النِّهَايَةِ هُوَ الْمُعَادِي قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ أَرَادَ بِهِ صَاحِبَ الْبِدْعَةِ الْمُفَارِقَ لِجَمَاعَةِ الْأُمَّةِ وَقَالَ الطِّيبِيُّ لَعَلَّ الْمُرَادَ ذَمُّ الْبِغْضَةِ الَّتِي تَقَعُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قِبَلِ النَّفْسِ الْأَمَارَةِ بِالسُّوءِ لَا لِلدِّينِ فَلَا يَأْمَنُ أَحَدُهُمْ أَذَى صَاحِبِهِ مِنْ يَدِهِ وَلِسَانِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى الْقِتَالِ وَمَا يُنْهَى عَنْهُ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لَهِيعَةَ وَتَدْلِيسِ

الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في الصلاة والسجدة عند الشكر]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ وَالسَّجْدَةِ عِنْدَ الشُّكْرِ] 1391 - حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ رَجَاءٍ حَدَّثَتْنِي شَعْثَاءُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى يَوْمَ بُشِّرَ بِرَأْسِ أَبِي جَهْلٍ رَكْعَتَيْنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (صَلَّى يَوْمَ بُشِّرَ بِرَأْسِ أَبِي جَهْلٍ إِلَخْ) أَيْ بُشِّرَ بِأَنَّهُ قُطِعَ رَأْسُهُ وَذَلِكَ فِي بَدْرٍ وَكَوْنُهُ صَلَّى شُكْرًا لَا يُنَافِي شَرْعَ السُّجُودِ شُكْرًا جَاءَ وَظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ أَنَّ سُجُودَ الشُّكْرِ مَشْرُوعٌ كَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ مِنْ عُلَمَائِنَا وَغَيْرُهُ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ شَعْثَاءُ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهَا لَا بِجُرْحٍ وَلَا بِتَوْثِيقٍ وَسَلَمَةُ بْنُ رَجَاءٍ لَيَّنَهُ ابْنُ مُعِينٍ وَقَالَ ابْنُ عَدِيِّ حَدَّثَ بِأَحَادِيثَ لَا يُتَابَعُ عَلَيْهَا وَقَالَ النَّسَائِيُّ ضَعِيفٌ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ يَنْفَرِدُ عَنِ الثِّقَاتِ بِأَحَادِيثَ وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ صَدُوقٌ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ مَا بِحَدِيثِهِ بَأْسٌ وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ.

1392 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ الْمِصْرِيُّ أَنْبَأَنَا أَبِي أَنْبَأَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدَةَ السَّهْمِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُشِّرَ بِحَاجَةٍ فَخَرَّ سَاجِدًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بُشِّرَ بِحَاجَةٍ) التَّنْكِيرُ لِلتَّعْظِيمِ وَالْكَلَامُ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَيْ بِقَضَاءِ حَاجَةٍ عَظِيمَةٍ يَقْتَضِي قَضَاؤُهَا شُكْرًا عَظِيمًا وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

1393 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَمَّا تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ خَرَّ سَاجِدًا ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَمَّا تَابَ اللَّهُ إِلَخْ) هَذَا الْحَدِيثُ مَوْقُوفٌ لَكِنَّهُ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعَلَى نَحْوِ هَذَا كَذَا فِي الزَّوَائِدِ.

1394 - حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ بَكَّارِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَتَاهُ أَمْرٌ يَسُرُّهُ أَوْ بُشِّرَ بِهِ خَرَّ سَاجِدًا شُكْرًا لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذَا أَتَاهُ أَمْرٌ) أَيْ عَظِيمٌ جَلِيلُ الْقَدْرِ رَفِيعُ الْمَنْزِلَةِ مِنْ هُجُومِ نِعْمَةٍ مُنْتَظَرَةٍ أَوْ غَيْرِ مُنْتَظَرَةٍ مِمَّا يَنْدُرُ وُقُوعُهَا لَا مَا يَسْتَمِرُّ وُقُوعُهَا إِذْ لَا يُقَالُ فِي الْمُسْتَمِرِّ إِذَا أَتَاهُ فَلَا يَرِدُ قَوْلُ مَنْ قَالَ لَوْ أُلْزِمَ الْعَبْدُ السُّجُودَ عِنْدَ كُلِّ نِعْمَةٍ مُتَجَدِّدَةٍ عَظِيمَةِ الْمَوْقِعِ عِنْدَ صَاحِبِهَا لَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَغْفُلَ عَنِ السُّجُودِ طَرْفَةَ عَيْنٍ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْهَا أَدْنَى سَاعَةٍ فَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ نِعَمِهِ عَلَى الْعِبَادِ نِعْمَةَ الْحَيَاةِ وَذَلِكَ يَتَجَدَّدُ عَلَيْهِ بِتَجَدُّدِ الْأَنْفَاسِ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِوُجُوبِ السُّجُودِ وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا غَايَةُ الْأَمْرِ أَنْ يَكُونَ السُّجُودُ

مَنْدُوبًا وَلَا مَانِعَ مِنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في أن الصلاة كفارة]

[بَاب مَا جَاءَ فِي أَنَّ الصَّلَاةَ كَفَّارَةٌ] 1395 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَنَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ وَسُفْيَانُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الثَّقَفِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ الْوَالِبِيِّ عَنْ أَسْمَاءَ بْنِ الْحَكَمِ الْفَزَارِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ «كُنْتُ إِذَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِمَا شَاءَ مِنْهُ وَإِذَا حَدَّثَنِي عَنْهُ غَيْرُهُ اسْتَحْلَفْتُهُ فَإِذَا حَلَفَ صَدَّقْتُهُ وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ حَدَّثَنِي وَصَدَقَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ رَجُلٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا فَيَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ الْوُضُوءَ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَقَالَ مِسْعَرٌ ثُمَّ يُصَلِّي وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إِلَّا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَنْفَعُنِي اللَّهُ تَعَالَى) بِالْمُبَادَرَةِ إِلَى الْعَمَلِ بِهِ حَتَّى أَعْمَلَ بِهِ وَإِنْ لَحِقَهُ النَّسْخُ قَرِيبًا كَمَا رُوِيَ فِي الْعَمَلِ بِالتَّصَدُّقِ بَيْنَ يَدَيِ النَّجْوَى اهـ قَوْلُهُ: (وَإِذَا حَدَّثَنِي إِلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنْ لَا يُصَدِّقُهُ بِلَا حَلِفٍ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا عُلِمَ مِنْ قَبُولِ خَبَرِ الْوَالِدِ الْعَدْلِ بِلَا حَلِفٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ بِذَلِكَ زِيَادَةُ التَّوْثِيقِ بِالْخَبَرِ وَالِاطْمِئْنَانُ بِهِ إِذِ الْحَاصِلُ بِخَبَرِ الْعَدْلِ الظَّنُّ وَهُوَ مِمَّا يَقْبَلُ الضَّعْفَ وَالشِّدَّةَ وَمَعْنَى صَدَّقْتُهُ أَيْ عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ وَإِنْ كَانَ الْقَبُولُ الْمُوجِبُ لِلْعَمَلِ حَاصِلًا بِدُونِهِ (صَدَقَ أَبُو بَكْرٍ) عَلِمَتْ صِدْقَهُ فِي ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ بِلَا حَلِفٍ وَالْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.

1396 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَظُنُّهُ عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُفْيَانَ الثَّقَفِيِّ «أَنَّهُمْ غَزَوْا غَزْوَةَ السُّلَاسِلِ فَفَاتَهُمْ الْغَزْوُ فَرَابَطُوا ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى مُعَاوِيَةَ وَعِنْدَهُ أَبُو أَيُّوبَ وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ فَقَالَ عَاصِمٌ يَا أَبَا أَيُّوبَ فَاتَنَا الْغَزْوُ الْعَامَ وَقَدْ أُخْبِرْنَا أَنَّهُ مَنْ صَلَّى فِي الْمَسَاجِدِ الْأَرْبَعَةِ غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ فَقَالَ يَا ابْنَ أَخِي أَدُلُّكَ عَلَى أَيْسَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ تَوَضَّأَ كَمَا أُمِرَ وَصَلَّى كَمَا أُمِرَ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ عَمَلٍ» أَكَذَلِكَ يَا عُقْبَةُ قَالَ نَعَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ صَلَّى فِي الْمَسَاجِدِ الْأَرْبَعِ) أَيِّ مَسَاجِدَ كَانَتْ أَوِ الثَّلَاثَةِ الْمَعْهُودَةِ وَالرَّابِعُ مَسْجِدُ قُبَاءٍ قَوْلُهُ: (كَمَا أَمَرَ) ظَاهِرُهُ الْأَمْرُ وُجُوبًا فَيَكْفِي فِي هَذَا الِاقْتِصَارُ عَلَى الْوَاجِبَاتِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ مُطْلَقُ الطَّلَبِ الشَّامِلِ لِلْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ فَلَا بُدَّ فِي الْعَمَلِ بِهَذَا مِنْ إِتْيَانِ الْمَنْدُوبِ.

1397 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ حَدَّثَنِي ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ أَنَّ عَامِرَ بْنَ سَعْدٍ أَخْبَرَهُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ يَقُولَ قَالَ عُثْمَانُ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ بِفِنَاءِ أَحَدِكُمْ نَهْرٌ يَجْرِي يَغْتَسِلُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ مَا كَانَ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ قَالَ لَا شَيْءَ قَالَ فَإِنَّ الصَّلَاةَ تُذْهِبُ الذُّنُوبَ كَمَا يُذْهِبُ الْمَاءُ الدَّرَنَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِفِنَاءِ أَحَدِكُمْ) بِكَسْرِ الْفَاءِ

وَالْمَدِّ أَيْ بِقُرْبِ دَارِهِ (مَا كَانَ يَبْقَى) كَلِمَةُ مَا اسْتِفْهَامِيَّةٌ وَالدَّرَنُ بِفَتْحَتَيْنِ الْوَسَخُ قَوْلُهُ: (تُذْهِبُ الذُّنُوبَ) خَصَّهَا الْعُلَمَاءُ بِالصَّغَائِرِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ لَا يُنَاسِبُ التَّشْبِيهَ بِالْمَاءِ فِي إِزَالَةِ الدَّرَنِ إِذْ مَاءُ النَّهَرِ الْمَذْكُورُ لَا يُبْقِي مِنَ الدَّرَنِ شَيْئًا أَصْلًا وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يُبْقِي فَإِبْقَاءُ الْقَلِيلِ وَالصَّغِيرِ أَقْرَبُ مِنْ إِبْقَاءِ الْكَثِيرِ وَالْكَبِيرِ فَاعْتِبَارُ بَقَاءِ الْكَبِيرِ وَارْتِفَاعِ الصَّغِيرِ قَلْبٌ لِمَا هُوَ الْمَعْقُولُ نَظَرًا إِلَى التَّشْبِيهِ فَلَعَلَّ مَا ذَكَرُوا مِنَ التَّخْصِيصِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ لِلصَّغَائِرِ تَأْثِيرًا فِي دَرَنِ الظَّاهِرِ فَقَطْ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا وَرَدَ مِنْ خُرُوجِ الصَّغَائِرِ عَنِ الْأَعْضَاءِ عِنْدَ التَّوَضُؤِ بِالْمَاءِ بِخِلَافِ الْكَبَائِرِ فَإِنَّ لَهَا تَأْثِيرًا فِي دَرَنِ الْبَاطِنِ كَمَا جَاءَ أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا ارْتَكَبَ الْمَعْصِيَةَ تَحْصُلُ فِي قَلْبِهِ نُقْطَةٌ سَوْدَاءُ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين: 14] وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ أَشَدَّ الْكَبَائِرِ يُذْهِبُهَا التَّوْبَةُ الَّتِي هِيَ نَدَامَةٌ بِالْقَلْبِ فَكَمَا أَنَّ الْغُسْلَ إِنَّمَا يَذْهَبُ بِدَرَنِ الظَّاهِرِ دُونَ الْبَاطِنِ فَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ فَتُكَفِّرُ وَفِي الزَّوَائِدِ حَدِيثُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.

1398 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ «أَنَّ رَجُلًا أَصَابَ مِنْ امْرَأَةٍ يَعْنِي مَا دُونَ الْفَاحِشَةِ فَلَا أَدْرِي مَا بَلَغَ غَيْرَ أَنَّهُ دُونَ الزِّنَا فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ {أَقِمْ الصَّلَاةَ طَرَفَيْ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [الفاتحة: 114 - 30496] فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِي هَذِهِ قَالَ لِمَنْ أَخَذَ بِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَا دُونَ الْفَاحِشَةِ) أَيِ الزِّنَا (مَا بَلَغَ) أَيْ مِنْ مُقَدِّمَاتِ الزِّنَا قَدْ جَاءَ أَنَّهُ نَالَ مِنْهَا مَا عَدَا الزِّنَا مِنَ الْمُقَدِّمَاتِ (لِمَنْ أَخَذَ بِهَا) أَيِ اعْتَقَدَهَا وَآمَنَ بِهَا أَوْ عَمِلَ بِهَا بِأَنْ أَتَى بِالْحَسَنَاتِ بَعْدَ السَّيِّئَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في فرض الصلوات الخمس والمحافظة عليها]

[بَاب مَا جَاءَ فِي فَرْضِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا] 1399 - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى الْمِصْرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ اللَّهُ عَلَى أُمَّتِي خَمْسِينَ صَلَاةً فَرَجَعْتُ بِذَلِكَ حَتَّى آتِيَ عَلَى مُوسَى فَقَالَ مُوسَى مَاذَا افْتَرَضَ رَبُّكَ عَلَى أُمَّتِكَ قُلْتُ فَرَضَ عَلَيَّ خَمْسِينَ صَلَاةً قَالَ فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ فَرَاجَعْتُ رَبِّي فَوَضَعَ عَنِّي شَطْرَهَا فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ فَرَاجَعْتُ رَبِّي فَقَالَ هِيَ خَمْسٌ وَهِيَ خَمْسُونَ لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَقُلْتُ قَدْ اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَرَضَ اللَّهُ إِلَخْ) أَرَادَ بِذَلِكَ تَشْرِيفَ نَبِيِّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَمَا قَالُوا إِنَّهُ لَا بُدَّ لِلنَّسْخِ مِنَ الْبَلَاغِ وَمِنْ تَمَكُّنِ الْمُكَلَّفِينَ مِنَ الْمَنْسُوخِ فَذَلِكَ فِيمَا يَكُونُ الْمُرَادُ ابْتِلَاءَهُمْ

قَوْلُهُ: (حَتَّى آتِيَ إِلَخْ) أَيْ حَتَّى أَتَيْتُ وَالتَّعْبِيرُ بِالْمُضَارِعِ لِاسْتِحْضَارِ تِلْكَ الْحَالَةِ الْعَجِيبَةِ أَوْ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّهَا حَاضِرَةٌ فِي الذِّهْنِ بِحَيْثُ كَأَنَّهَا فِي الْحَالَةِ اهـ قَوْلُهُ: (فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ) كَأَنَّهُ عَلِمَ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُمْ أَضْعَفُ مِنْ أُمَّتِهِ جَسَدًا وَأَقَلُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأُمَّتُهُ قَدْ كُلِّفَتْ بِأَقَلَّ مِنْ هَذَا فَعَجَزَتْ وَالْعَادَةُ أَنَّ مَا يَعْجِزُ عَنْهُ الْقَوِيُّ يَعْجِزُ عَنْهُ الضَّعِيفُ قَوْلُهُ: (فَوَضَعَ عَنِّي شَطْرَهَا) لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْوَضْعُ بِالْمُرَاجَعَةِ بِمَرَّةٍ بَلْ بِجَوْزُ أَنْ يَكُونَ بِالْمُرَاجَعَةِ بِمَرَّاتٍ نَعَمِ الْمُتَبَادَرُ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ هُوَ الْأَوَّلُ لَكِنْ حَيْثُ جَاءَ فِي الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ إِلَى الْوَضْعِ كَانَ خَمْسًا خَمْسًا حُمِلَ هَذَا عَلَيْهِ تَوْفِيقًا قَوْلُهُ: (فَقَالَ) بَعْدَ مُرَاجَعَاتٍ كَمَا تَقَدَّمَ (هِيَ خَمْسٌ) عَدَدًا (وَهِيَ خَمْسُونَ) أَجْرًا (لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ) هُوَ أَنَّ الْخَمْسَ تُسَاوِيْ خَمْسِينَ لَا أَنَّهَا الْخَمْسُ إِذْ لَوْ عَلِمَ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَنَّ الْخَمْسَ لَا يَقْبَلُ النَّسْخَ لَمَا اعْتَذَرَ عِنْدَ مُوسَى بِقَوْلِهِ اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّي اهـ فَهَذَا الْحَدِيثُ لَا يُنَافِي وُجُوبَ الْوِتْرِ إِنْ ثَبَتَ.

1400 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُصْمٍ أَبِي عُلْوَانَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «أُمِرَ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَمْسِينَ صَلَاةً فَنَازَلَ رَبَّكُمْ أَنْ يَجْعَلَهَا خَمْسَ صَلَوَاتٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَنَازَلَ رَبَّكُمْ) أَيْ رَاجَعْهُ تَعَالَى فِي النُّزُولِ وَالْحَطِّ عَنْ هَذَا الْعَدَدِ إِلَى عَدَدِ الْخَمْسِ وَفِي الزَّوَائِدِ رَوَى ابْنُ مَاجَهْ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالصَّوَابُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ كَمَا هُوَ فِي أَبُو دَاوُدَ ثُمَّ قَالَ وَإِسْنَادُ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَاهٍ لِقُصُورِ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عِصْمَةَ وَأَبِي الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيِّ عَنْ دَرَجَةِ أَهْلِ الْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ.

1401 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ عَنْ الْمُخْدِجِيِّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ خَمْسُ صَلَوَاتٍ افْتَرَضَهُنَّ اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ فَمَنْ جَاءَ بِهِنَّ لَمْ يَنْتَقِصْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ فَإِنَّ اللَّهَ جَاعِلٌ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَهْدًا أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ وَمَنْ جَاءَ بِهِنَّ قَدْ انْتَقَصَ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ لَمْ يَكُنْ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (خَمْسُ صَلَوَاتٍ) مُبْتَدَأٌ لِلتَّخْصِيصِ بِالْإِضَافَةِ خَبَرُهُ جُمْلَةُ افْتَرَضَهُنَّ، وَجُمْلَةُ مَنْ جَاءَ بِهِنَّ إِلَخِ اسْتِئْنَافٌ لِبَيَانِ مَا تَرَتَّبَ عَلَى افْتَرَضَهُنَّ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ جُمْلَةُ افْتَرَضَهُنَّ صِفَةٌ وَمَا بَعْدُ خَبَرٌ وَقَدِ اسْتَدَلَّ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ بِالْعَدَدِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْوِتْرِ كَمَا جَاءَ عَنْهُ لَكِنَّ دَلَالَةَ الْمَفْهُومِ لِلْعَدَدِ

ضَعِيفَةٌ عِنْدَهُمْ إِلَّا أَنْ يُقَالَ قَدْ قَوِيَتْ هَاهُنَا لِمَا لَحِقَهَا مِنَ الْقَرَائِنِ الْمُقْتَضِيَةِ لِاعْتِبَارِهَا هَاهُنَا ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فَرْضٌ سَادِسٌ فِي جُمْلَةِ الصَّلَوَاتِ كُلَّ يَوْمٍ لَبَيَّنَ لَهُمُ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بَيَانًا وَافِيًا بِحَيْثُ مَا خَفِيَ عَلَى أَحَدٍ لِعُمُومِ الِابْتِلَاءِ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَخْفَى عَلَى نَحْوِ عُبَادَةَ فَكَيْفَ وَقَدْ بَيَّنَ لَهُمْ مَا يُوهِمُ خِلَافَهُ فَظَهَرَ بِهَذَا أَنَّ الْمَفْهُومَ هُنَا مُعْتَبَرٌ وَقَدْ يُقَالُ لَعَلَّهُ اسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ مَنْ جَاءَ بِهِنَّ إِلَخْ حَيْثُ رَتَّبَ دُخُولَ الْجَنَّةِ عَلَى أَدَاءِ الْخَمْسِ وَلَوْ كَانَ هُنَاكَ صَلَاةٌ غَيْرُ الْخَمْسِ فَرْضَا لَمَا رَتَّبَ هَذَا الْجَزَاءَ عَلَى أَدَاءِ الْخَمْسِ وَفِيهِ أَنَّهُ كَيْفَ يَحْصُلُ دُخُولُ الْجَنَّةِ بِالصَّلَاةِ فَقَطْ مَعَ وُجُودِ سَائِرِ الْفَرَائِضِ فَإِنْ جُوِّزَ ذَلِكَ فَلْيُجَوَّزْ مِثْلُهُ مَعَ وُجُودِ الْفَرْضِ السَّادِسِ فِي جُمْلَةِ الصَّلَوَاتِ قَوْلُهُ: (اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ) احْتِرَازًا عَمَّا إِذَا انْتَقَصَ سَهْوًا أَوْ نَسِيَانًا (جَاعِلٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَهْدًا) أَيْ مُظْهِرٌ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ هَذَا الْعَهْدَ وَإِلَّا فَالْجَعْلُ قَدْ تَحَقَّقَ وَالْعَهْدُ هُوَ الْوَعْدُ الْمُؤَكَّدُ (أَنْ يُدْخِلَهُ) أَيْ بِأَنْ يُدْخِلَهُ مِنَ الْإِدْخَالِ وَالْمُرَادُ الْإِدْخَالُ أَوَّلًا وَإِلَّا فَمُطْلَقُ الْإِدْخَالِ يَكْفِي فِيهِ الْإِيمَانُ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُحَافِظَ عَلَى الصَّلَوَاتِ يُوَفَّقُ لِلصَّالِحَاتِ بِحَيْثُ يُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ ابْتِدَاءً (اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ) أَيْ لِقِلَّةِ الِاهْتِمَامِ وَالِاعْتِنَاءِ بِهَا وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ مُؤْمِنٌ (عَذَّبَهُ) أَيْ عَدَّ ذُنُوبَهُ.

1402 - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ الْمِصْرِيُّ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ «بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ فِي الْمَسْجِدِ دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى جَمَلٍ فَأَنَاخَهُ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ عَقَلَهُ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ أَيُّكُمْ مُحَمَّدٌ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَّكِئٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ قَالَ فَقَالُوا هَذَا الرَّجُلُ الْأَبْيَضُ الْمُتَّكِئُ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ يَا ابْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَجَبْتُكَ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ يَا مُحَمَّدُ إِنِّي سَائِلُكَ وَمُشَدِّدٌ عَلَيْكَ فِي الْمَسْأَلَةِ فَلَا تَجِدَنَّ عَلَيَّ فِي نَفْسِكَ فَقَالَ سَلْ مَا بَدَا لَكَ قَالَ لَهُ الرَّجُلُ نَشَدْتُكَ بِرَبِّكَ وَرَبِّ مَنْ قَبْلَكَ آللَّهُ أَرْسَلَكَ إِلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ فَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ آللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ تُصَلِّيَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ فَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ آللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ تَصُومَ هَذَا الشَّهْرَ مِنْ السَّنَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ فَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ آللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ تَأْخُذَ هَذِهِ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِنَا فَتَقْسِمَهَا عَلَى فُقَرَائِنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ نَعَمْ فَقَالَ الرَّجُلُ آمَنْتُ بِمَا جِئْتَ بِهِ وَأَنَا رَسُولُ مَنْ وَرَائِي مِنْ قَوْمِي وَأَنَا ضِمَامُ بْنُ ثَعْلَبَةَ أَخُو بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ثُمَّ عَقَلَهُ) أَيْ رَبَطَ يَدَهُ بِحَبْلٍ (ظَهْرَانِيهِمْ) أَيْ بَيْنَهُمْ (يَا ابْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ) نَسَبَهُ إِلَى جَدِّهِ لِكَوْنِهِ كَانَ مَشْهُورًا بَيْنَ الْعَرَبِ وَأَمَّا أَبُوهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَقَدْ مَاتَ صَغِيرًا فَلَمْ يَشْتَهِرْ بَيْنَ النَّاسِ اشْتِهَارَ جَدِّهِ قَوْلُهُ: (قَدْ أَجَبْتُكَ) هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْجَوَابِ بِنَحْوِ أَنَا حَاضِرٌ وَنَحْوُهُ (فَلَا تَجِدَنَّ عَلَيَّ) لَا تَغْضَبْ عَلَيَّ (نَشَدْتُكَ بِرَبِّكَ) أَيْ سَأَلَتْكَ بِهِ تَعَالَى وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ الْقَسَمِ قَالَ ذَلِكَ لِزِيَادَةِ التَّوْثِيقِ وَالتَّأْيِيدِ

كَمَا يُؤْتَى بِالتَّأْكِيدِ لِذَلِكَ وَيَقَعُ ذَلِكَ فِي أَمْرٍ يُهْتَمُّ بِشَأْنِهِ وَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ لِإِثْبَاتِ النُّبُوَّةِ بِالْحَلِفِ فَإِنَّ الْحَلِفَ لَا يَكْفِي فِي ثُبُوتِهَا وَمُعْجِزَاتُهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ كَانَتْ مَشْهُورَةً مَعْلُومَةً وَهِيَ ثَابِتَةٌ بِتِلْكَ الْمُعْجِزَاتِ قَوْلُهُ: (آللَّهُ أَرْسَلَكَ) بِمَدِّ الْهَمْزَةِ لِلِاسْتِفْهَامِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ} [يونس: 59] (اللَّهُمَّ) كَأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ يَا أَللَّهُ أَشْهَدُ بِكَ فِي كَوْنِ مَا أَقُولُ حَقًّا قَوْلُهُ: (آمَنْتُ بِمَا جِئْتَ بِهِ) إِخْبَارٌ عَمَّا تَقَدَّمَ لَهُ مِنَ الْإِيمَانِ أَوْ هُوَ إِنْشَاءٌ لِلْإِيمَانِ وَقَدِ اسْتُدِلَّ بِالْحَدِيثِ عَلَى جَوَازِ الْقِرَاءَةِ بَيْنَ يَدَيِ الْعَالِمِ وَتَقْرِيرِ الْعَالِمِ بِهِ (وَأَنَا ضُمَامُ) بِكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ.

1403 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا ضُبَارَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السُّلَيْكِ أَخْبَرَنِي دُوَيْدُ بْنُ نَافِعٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ إِنَّ أَبَا قَتَادَةَ بْنَ رِبْعِيٍّ أَخْبَرَهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ افْتَرَضْتُ عَلَى أُمَّتِكَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ وَعَهِدْتُ عِنْدِي عَهْدًا أَنَّهُ مَنْ حَافَظَ عَلَيْهِنَّ لِوَقْتِهِنَّ أَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهِنَّ فَلَا عَهْدَ لَهُ عِنْدِي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَلَا عَهْدَ لَهُ عِنْدِي) بَلْ أَمْرُهُ مُفَوَّضٌ إِلَيَّ فِي تَعْذِيبِهِ أَوْ إِدْخَالِهِ الْجَنَّةَ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ نَظَرٌ مِنْ أَجَلِ ضُبَارَةَ وَرُوَيْدٍ اهـ وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في فضل الصلاة في المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم]

[بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] 1404 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ الْمَدَنِيُّ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ رَبَاحٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَغَرِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ» حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ) قِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ

الْحَرَامِ بِدُونِ أَلِفِ صَلَاةٍ وَنَقَلَ ابْنُ عَبْدِ الْبِرِّ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْأَثَرِ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ مِنْهُ بِمِائَةِ صَلَاةٍ ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةِ التِّرْمِذِيِّ قُلْتُ: مَا ذَكَرَهُ مِنَ الْحَدِيثِ مُحْتَمَلٌ أَيْضًا لَكِنْ مَا سَيَجِيءُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ فِي الْكِتَابِ نَصٌّ فِي الْبَابِ فَلَا يَنْبَغِي التَّكَلُّمُ بِغَيْرِهِ.

1405 - حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنْ الْمَسَاجِدِ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ»

1406 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مِنْ مِائَةِ أَلْفِ إِلَخْ) قَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي وَفِي بَعْضٍ مِائَةِ صَلَاةٍ قَالَ فَعَلَى الْأَوَّلِ مَعْنَاهُ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ وَعَلَى الثَّانِي مَعْنَاهُ مِائَةُ صَلَاةٍ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ قَالَ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ حَدِيثِ جَابِرٍ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ لِأَنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَسَدٍ وَثَّقَهُ الْبَزَّارُ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَالذَّهَبِيُّ فِي الْكَاشِفِ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ صَدُوقٌ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ مُحْتَجٌّ بِهِمْ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في الصلاة في مسجد بيت المقدس]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ] 1407 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي سَوْدَةَ عَنْ أَخِيهِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سَوْدَةَ عَنْ مَيْمُونَةَ مَوْلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفْتِنَا فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ قَالَ أَرْضُ الْمَحْشَرِ وَالْمَنْشَرِ ائْتُوهُ فَصَلُّوا فِيهِ فَإِنَّ صَلَاةً فِيهِ كَأَلْفِ صَلَاةٍ فِي غَيْرِهِ قُلْتُ أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَتَحَمَّلَ إِلَيْهِ قَالَ فَتُهْدِي لَهُ زَيْتًا يُسْرَجُ فِيهِ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ كَمَنْ أَتَاهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَفْتِنَا) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ (فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ) بِكَسْرِ الدَّالِ وَالتَّخْفِيفِ أَوْ بِفَتْحِهَا وَالتَّشْدِيدِ وَالْمِيمُ مَفْتُوحَةٌ عَلَى الْأَوَّلِ مَضْمُومَةٌ عَلَى الثَّانِي وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بَيِّنَ لَنَا هَلْ تَحِلُّ الصَّلَاةُ فِيهِ بَعْدَ أَنْ نُسِخَ التَّوَجُّهُ إِلَيْهِ قَوْلُهُ: (أَرْضُ الْمَحْشَرِ وَالْمَنْشَرِ) أَيْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَكُونُ الْحَشْرُ إِلَيْهِ فِي قُرْبِ الْقِيَامِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ قَوْلُهُ: (فِي غَيْرِهِ) أَيْ إِلَّا مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ وَالْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الصَّلَاةَ فِيهِ كَالصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ قَوْلُهُ: (أَنْ أَتَحَمَّلَ إِلَيْهِ) أَرْتَحِلَ يُقَالُ تَحَمَّلَ إِذَا ارْتَحَلَ وَفِي أَبِي دَاوُدَ فَكَانَتِ الْبِلَادُ إِذْ ذَاكَ حَرْبًا (فَتُهْدِي) مِنَ الْإِهْدَاءِ قِيلَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ سَبَبُهُ أَنَّ الصَّلَاةَ نُورٌ كَمَا

فِي مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ وَكَذَا الزَّيْتُ إِذَا سُرِّجَ بِهِ وَيُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ حُكْمُ السِّرَاجِ فِي الْمَسَاجِدِ اهـ وَفِي الزَّوَائِدِ رَوَى أَبُو دَاوُدَ بَعْضَهُ وَإِسْنَادُ طَرِيقِ ابْنِ مَاجَهْ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَهُوَ أَصَحُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُدَ فَإِنَّ بَيْنَ زِيَادِ بْنِ أَبِي سَوْدَةَ وَمَيْمُونَةَ عُثْمَانَ بْنَ أَبِي سَوْدَةَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ مَاجَهْ فِي طَرِيقِهِ كَمَا ذَكَرَهُ صَلَاحُ الدِّينِ فِي الْمَرَاسِيلِ وَقَدْ تُرِكَ فِي أَبِي دَاوُدَ.

1408 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَهْمِ الْأَنْمَاطِيُّ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ السَّيْبَانِيِّ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الدَّيْلَمِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَمَّا فَرَغَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ مِنْ بِنَاءِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سَأَلَ اللَّهَ ثَلَاثًا حُكْمًا يُصَادِفُ حُكْمَهُ وَمُلْكًا لَا يَنْبَغِي لَأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ وَأَلَّا يَأْتِيَ هَذَا الْمَسْجِدَ أَحَدٌ لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ فِيهِ إِلَّا خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا اثْنَتَانِ فَقَدْ أُعْطِيَهُمَا وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدْ أُعْطِيَ الثَّالِثَةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حُكْمًا يُصَادِفُ حُكْمَهُ) أَيْ يُوَافِقُ حُكْمَ اللَّهِ وَالْمُرَادُ التَّوْفِيقُ لِلصَّوَابِ فِي الِاجْتِهَادِ وَفَصْلِ الْخُصُومَاتِ بَيْنَ النَّاسِ (وَمُلْكًا لَا يَنْبَغِي) أَيْ لَا يَكُونُ وَلَعَلَّ مُرَادَهُ لَا يَكُونُ لِعِظَمِهِ مُعْجِزَةً لَهُ فَيَكُونَ سَبَبًا لِلْإِيمَانِ وَالْهِدَايَةِ وَلِكَوْنِهِ مُلْكًا أَرَادَ أَنْ تَكُونَ مُعْجِزَتُهُ مَا يُنَاسِبُ حَالَهُ قَوْلُهُ: (أَنْ لَا يَأْتِيَ هَذَا الْمَسْجِدَ) أَيْ لَا يَدْخُلَ فِيهِ وَفِي الزَّوَائِدِ قُلْتُ: اقْتَصَرَ أَبُو دَاوُدَ عَلَى طَرَفِهِ الْأَوَّلِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ دُونَ هَذِهِ الزِّيَادَةِ وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي الصُّغْرَى مِنْ هَذَا الْوَجْهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي مُسْهِرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ مِيرُونَ الدَّيْلَمِيِّ بِهِ وَإِسْنَادُ طَرِيقِ ابْنِ مَاجَهْ ضَعِيفٌ لِأَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ الْجَهْمِ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ وَأَيُّوبَ بْنَ سُوَيْدٍ مُتَّفَقٌ عَلَى تَضْعِيفِهِ.

1409 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ مَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِي هَذَا وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَخْ) نَفْيٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ أَوْ نَهْيٌ وَشَدُّ الرِّحَالِ كِنَايَةٌ عَنِ السَّفَرِ وَالْمَعْنَى لَا يَنْبَغِي شَدُّ الرِّحَالِ فِي السَّفَرِ بَيْنَ الْمَسَاجِدِ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ وَأَمَّا السَّفَرُ لِلْعِلْمِ وَزِيَارَةِ الْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ وَلِلتِّجَارَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَغَيْرُ دَاخِلٍ فِي حَيِّزِ الْمَنْعِ وَكَذَا زِيَارَةُ الْمَسَاجِدِ الْأُخْرَى بِلَا

سَفَرٍ كَزِيَارَةِ مَسْجِدِ قُبَاءٍ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي حَيِّزِ النَّهْيِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

1410 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ قَزَعَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَإِلَى مَسْجِدِي هَذَا»

[باب ما جاء في الصلاة في مسجد قباء]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِ قُبَاءَ] 1411 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَبْرَدِ مَوْلَى بَنِي خَطْمَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أُسَيْدَ بْنَ ظُهَيْرٍ الْأَنْصَارِيَّ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِ قُبَاءَ كَعُمْرَةٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كَعُمْرَةٍ) أَيْ فِي الْأَجْرِ وَالثَّوَابِ وَقَدْ جَاءَ أَنَّهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ كَانَ يَذْهَبُ إِلَيْهِ كُلَّ سَبْتٍ رَاكِبًا وَمَاشِيًا وَذَلِكَ كَافٍ فِي فَضْلِهِ.

1412 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَعِيلَ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْكَرْمَانِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ بْنَ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ يَقُولَ قَالَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ أَتَى مَسْجِدَ قُبَاءَ فَصَلَّى فِيهِ صَلَاةً كَانَ لَهُ كَأَجْرِ عُمْرَةٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ) لَعَلَّ هَذَا الْقَيْدَ لَمْ يَكُنْ مُعْتَبَرًا فِي نَيْلِ هَذَا الثَّوَابِ بَلْ ذَكَرَهُ لِمُجَرَّدِ التَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ الذَّهَابَ إِلَى الْمَسْجِدِ لَيْسَ إِلَّا لِمَنْ كَانَ قَرِيبَ الدَّارِ مِنْهُ بِحَيْثُ يُمْكِنُ أَنْ يَتَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ وَيُصَلِّيَ فِيهِ بِتِلْكَ الطَّهَارَةِ كَأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَهْلِ قُبَاءٍ لَا يَحْتَاجُ إِلَى شَدِّ الرِّحَالِ إِذْ لَيْسَ ذَاكَ لِغَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ وَكَأَنَّهُ لِهَذَا لَمْ يَذْكُرْ هَذَا الْقَيْدَ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ اهـ.

[باب ما جاء في الصلاة في المسجد الجامع]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ] 1413 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْخَطَّابِ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا رُزَيْقٌ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْأَلْهَانِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ بِصَلَاةٍ وَصَلَاتُهُ فِي مَسْجِدِ الْقَبَائِلِ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ صَلَاةً وَصَلَاتُهُ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي يُجَمَّعُ فِيهِ بِخَمْسِ مِائَةِ صَلَاةٍ وَصَلَاتُهُ فِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى بِخَمْسِينَ أَلْفِ صَلَاةٍ وَصَلَاتُهُ فِي مَسْجِدِي بِخَمْسِينَ أَلْفِ صَلَاةٍ وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِمِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الَّذِي يُجَمَّعُ) بِالتَّشْدِيدِ مِنَ الْمُتَجَمَّعِ أَيْ يُصَلَّ فِيهِ الْجُمُعَةُ قَوْلُهُ: (بِصَلَاةٍ) أَيْ مَحْسُوبَةٌ بِصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ أَيْ لَا يُزَادُ لَهُ فِي الْأَجْرِ بِسَبَبِ خُصُوصِ الْمَكَانِ وَهَذَا لَا يُنَافِي الزِّيَادَةَ الَّتِي وَرَدَ بِهَا الشَّرْعُ عُمُومًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160] قَوْلُهُ: (فِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) سُمِّيَ بِهِ لِبُعْدِهِ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِأَنَّ أَبَا الْخَطَّابِ الدِّمَشْقِيَّ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ وَرُزَيْقٌ فِيهِ مَقَالٌ حُكِيَ عَنِ ابْنِ زُرْعَةَ أَنَّهُ

قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَفِي الضُّعَفَاءِ وَقَالَ يَنْفَرِدُ بِالْأَشْيَاءِ لَا يُشْبِهُ حَدِيثَ الْإِثْبَاتِ لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ إِلَّا عِنْدَ الْوِفَاقِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في بدء شأن المنبر]

[بَاب مَا جَاءَ فِي بَدْءِ شَأْنِ الْمِنْبَرِ] 1414 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الرَّقِّيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ الطُّفَيْلِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي إِلَى جِذْعٍ إِذْ كَانَ الْمَسْجِدُ عَرِيشًا وَكَانَ يَخْطُبُ إِلَى ذَلِكَ الْجِذْعِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ هَلْ لَكَ أَنْ نَجْعَلَ لَكَ شَيْئًا تَقُومُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَرَاكَ النَّاسُ وَتُسْمِعَهُمْ خُطْبَتَكَ قَالَ نَعَمْ فَصَنَعَ لَهُ ثَلَاثَ دَرَجَاتٍ فَهِيَ الَّتِي أَعْلَى الْمِنْبَرِ فَلَمَّا وُضِعَ الْمِنْبَرُ وَضَعُوهُ فِي مَوْضِعِهِ الَّذِي هُوَ فِيهِ فَلَمَّا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُومَ إِلَى الْمِنْبَرِ مَرَّ إِلَى الْجِذْعِ الَّذِي كَانَ يَخْطُبُ إِلَيْهِ فَلَمَّا جَاوَزَ الْجِذْعَ خَارَ حَتَّى تَصَدَّعَ وَانْشَقَّ فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا سَمِعَ صَوْتَ الْجِذْعِ فَمَسَحَهُ بِيَدِهِ حَتَّى سَكَنَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمِنْبَرِ فَكَانَ إِذَا صَلَّى صَلَّى إِلَيْهِ» فَلَمَّا هُدِمَ الْمَسْجِدُ وَغُيِّرَ أَخَذَ ذَلِكَ الْجِذْعَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَكَانَ عِنْدَهُ فِي بَيْتِهِ حَتَّى بَلِيَ فَأَكَلَتْهُ الْأَرَضَةُ وَعَادَ رُفَاتًا ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِلَى جِذْعٍ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ أَيْ إِلَى أَصْلِ نَخْلَةٍ قِيلَ الْجِذْعُ سَاقُ النَّخْلَةِ الْيَابِسُ وَقِيلَ لَا يَخْتَصُّ بِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ} [مريم: 25] قَوْلُهُ: (عَرِيشًا) هُوَ مَا يُسْتَظَلُّ بِهِ كَعَرِيشِ الْكَرْمِ وَكَانَ الْمَسْجِدُ عَلَى تِلْكَ الْهَيْئَةِ قَوْلُهُ: (فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ) فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّ الْقَائِلَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ أَرْسَلَ إِلَى امْرَأَةٍ مِنِ الْأَنْصَارِ مُرِي غُلَامَكِ أَوْ أَنَّهَا جَاءَتْ فَقَالَتْ إِنَّ لِي غُلَامًا نَجَّارًا لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنَّ تَمِيمًا هُوَ الَّذِي دَلَّهُ عَلَى الْمِنْبَرِ أَوَّلًا ثُمَّ أَرْسَلَ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إِلَى الْمَرْأَةِ وَلَعَلَّ تَمِيمًا هُوَ قَالَ لِلْمَرْأَةِ بِذَلِكَ أَيْضًا فَجَاءَتِ الْمَرْأَةُ إِلَيْهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِذَلِكَ ثُمَّ أَرْسَلَ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إِلَيْهَا فِي ذَلِكَ لِلْإِسْرَاعِ وَالتَّعْجِيلِ حِينَ أَخَّرَتْ فِي الْأَمْرِ وَبِهَذَا يَظْهَرُ التَّوْفِيقُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ بِهَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ: هَلْ لَكَ أَنْ نَجْعَلَ أَيْ هَلْ لَكَ مَيْلٌ إِلَى أَنْ نَجْعَلَ أَوْ رَغْبَةٌ فِي أَنْ نَجْعَلَ (حَتَّى يَرَاكَ النَّاسُ) وَقْتَ الْخُطْبَةِ (وَتُسْمِعَهُمْ) مِنَ الْإِسْمَاعِ (هِيَ الَّتِي أَعْلَى الْمِنْبَرِ) إِذْ أَدْنَى الْمِنْبَرِ دَرَجَةٌ وَأَوْسَطُهُ دَرَجَتَانِ (فِي مَوْضِعِهِ الَّذِي هُوَ فِيهِ) أَيْ حِينَ التَّحْدِيثِ بِهَذَا (خَارَ) بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ صَاحَ وَبَكَى مِنَ الْخُوَارِ بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَصْلُهُ صِيَاحُ الْبَقَرَةِ ثُمَّ اسْتُعِيرَ لِكُلِّ صِيَاحٍ (وَانْشَقَّ) كَالتَّفْسِيرِ لِانْصَدَعَ (حَتَّى سَكَنَ) هَذَا مِنَ الْمُعْجِزَاتِ الْبَاهِرَاتِ الَّتِي

جَاءَتْ مُتَوَاتِرَةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ (هُدِمَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَكَذَا غُيِّرَ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ أَيْ فِي وَقْتِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ زَادَ فِي الْمَسْجِدِ (حَتَّى بَلِيَ) كَسَمِعَ أَيْ صَارَ عَتِيقًا (أَكَلَتْهُ الْأَرَضَةُ) بِفَتَحَاتٍ هِيَ دُوَيْبَةٌ صَغِيرَةٌ تَأْكُلُ الْخَشَبَ وَغَيْرَهُ (رُفَاتًا) الرُّفَاتُ بِوَزْنِ الْغُرَابِ وَهُوَ مَا يُكَسَّرُ وَيُفَرَّقُ أَيْ صَارَ فُتَاتًا وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ حَسَنٌ.

1415 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْطُبُ إِلَى جِذْعٍ فَلَمَّا اتَّخَذَ الْمِنْبَرَ ذَهَبَ إِلَى الْمِنْبَرِ فَحَنَّ الْجِذْعُ فَأَتَاهُ فَاحْتَضَنَهُ فَسَكَنَ فَقَالَ لَوْ لَمْ أَحْتَضِنْهُ لَحَنَّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَحَنَّ الْجِذْعُ) مِنَ الْحَنِينِ وَهُوَ صَوْتٌ كَالْأَنِينِ يَكُونُ عِنْدَ الشَّوْقِ لِمَنْ يَهْوَاهُ إِذَا فَارَقَهُ وَيُوصَفُ بِهِ الْإِبِلُ كَثِيرًا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْحَنِينُ الشَّوْقُ وَتَوَقَانُ النَّفْسِ تَقُولُ حَنَّ إِلَيْهِ وَحَنِينُ النَّاقَةِ صَوْتُهَا فِي نَزْعِهَا إِلَى وَلَدِهَا (فَاحْتَضَنَهُ) أَيِ اعْتَنَقَهُ وَالْتَزَمَهُ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

1416 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ ثَابِتٍ الْجَحْدَرِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ «اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ هُوَ فَأَتَوْا سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ فَسَأَلُوهُ فَقَالَ مَا بَقِيَ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي هُوَ مِنْ أَثْلِ الغَابَةِ عَمِلَهُ فُلَانٌ مَوْلَى فُلَانَةَ نَجَّارٌ فَجَاءَ بِهِ فَقَامَ عَلَيْهِ حِينَمَا وُضِعَ فَاسْتَقْبَلَ وَقَامَ النَّاسُ خَلْفَهُ فَقَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَرَجَعَ الْقَهْقَرَى حَتَّى سَجَدَ بِالْأَرْضِ ثُمَّ عَادَ إِلَى الْمِنْبَرِ فَقَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ فَقَامَ ثُمَّ رَجَعَ الْقَهْقَرَى حَتَّى سَجَدَ بِالْأَرْضِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مِنْ أَثْلِ الْغَابَةِ) بِفَتْحِ فَسُكُونٍ نَوْعٌ مِنَ الشَّجَرِ وَالْغَابَةُ مَوْضِعٌ قَرِيبٌ مِنَ الْمَدِينَةِ انْتَهَى قَوْلُهُ: (فَرَجَعَ الْقَهْقَرَى) أَيْ رَجَعَ رُجُوعَ الْمَاشِي إِلَى وَرَائِهِ لِئَلَّا يَنْحَرِفَ عَنِ الْقِبْلَةِ قَالُوا وَهَذَا عَمَلٌ قَلِيلٌ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَقَدْ فَعَلَهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لِيُظْهِرَ كَيْفِيَّةَ الصَّلَاةِ لِلْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ وَلِبَيَانِ جَوَازِ هَذَا الْعَمَلِ فَلَا إِشْكَالَ انْتَهَى.

1417 - حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُومُ إِلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ أَوْ قَالَ إِلَى جِذْعٍ ثُمَّ اتَّخَذَ مِنْبَرًا قَالَ فَحَنَّ الْجِذْعُ قَالَ جَابِرٌ حَتَّى سَمِعَهُ أَهْلُ الْمَسْجِدِ حَتَّى أَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَسَحَهُ فَسَكَنَ» فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَوْ لَمْ يَأْتِهِ لَحَنَّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَقَالَ بَعْضُهُمْ) لَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ هَذَا قَدْ قَالَهُ هُوَ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ

لِجَوَازِ أَنَّ هَذَا الْبَعْضَ قَالَ بَعْدَ أَنْ سَمِعَهُ مِنْهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بَلْ هَذَا هُوَ الْمُتَعَيَّنُ لِأَنَّ مِثْلَهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ مِنْ قِبَلِ الرَّأْيِ فَهَذَا مُؤَيِّدٌ لِمَا تَقَدَّمَ لَا مُنَافٍ لَهُ نَعَمْ ظَاهِرُهُ أَنَّ جَابِرًا مَا سَمِعَهُ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا بُعْدَ فِيهِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَابْنُ أَبِي عَدِيٍّ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَدِيٍّ ثِقَةٌ وَقَالَ وَقَدْ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ جَابِرٍ بِسَنَدٍ آخَرَ اهـ.

[باب ما جاء في طول القيام في الصلاة]

[بَاب مَا جَاءَ فِي طُولِ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ] 1418 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «صَلَّيْتُ ذَاتَ لَيْلَةٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَزَلْ قَائِمًا حَتَّى هَمَمْتُ بِأَمْرِ سَوْءٍ قُلْتُ وَمَا ذَاكَ الْأَمْرُ قَالَ هَمَمْتُ أَنْ أَجْلِسَ وَأَتْرُكَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِأَمْرٍ) أَيْ غَيْرِ لَائِقٍ أَنْ يُفْعَلَ (أَنْ أَجْلِسَ) فِي الصَّلَاةِ أَوْ بِالْخُرُوجِ مِنْهَا لِثِقَلِ الْقِيَامِ لِطُولِهِ وَكَانَ هَذَا فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ النَّافِلَةِ وَإِلَّا فَفِي الْفَرْضِ قَدْ جَاءَ مُرَاعَاةُ الْمُقْتَدِي بِأَتَمِّ وَجْهٍ.

1419 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ سَمِعَ الْمُغِيرَةَ يَقُولُ «قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ قَالَ أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ إِلَخْ) زَعَمُوا أَنَّ الْإِكْثَارَ فِي الْعِبَادَةِ لِتَحْصِيلِ الْمَغْفِرَةِ فَحِينَ حُصُولِهَا لَا حَاجَةَ إِلَى الْإِكْثَارِ أَشَارَ فِي الْجَوَابِ إِلَى أَنَّ الْإِكْثَارَ فِيهَا قَدْ يَكُونُ لِأَدَاءِ شُكْرِ النِّعْمَةِ وَعِبَادَتُهُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ وَهَذَا النَّوْعُ مِمَّا يَقْتَضِي حُصُولَ الْمَغْفِرَةِ وَالْمُبَالَغَةَ فِيهِ لَا النُّقْصَانَ.

1420 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي حَتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ قَالَ أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَوِيُّ احْتَجَّ مُسْلِمٌ بِجَمِيعِ رُوَاتِهِ وَرَوَاهُ أَصْحَابُ الْكُتُبِ السِّتَّةِ سِوَى أَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ وَالتِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ.

1421 - حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ أَبُو بِشْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ قَالَ طُولُ الْقُنُوتِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (طُولُ الْقُنُوتِ) أَيْ ذَاتُ طُولِ الْقُنُوتِ وَقَدْ فَسَّرُوا الْقُنُوتَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِالْقِيَامِ وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا يُنَافِي حَدِيثَ «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ» لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْأَقْرَبِيَّةُ فِي حَالِ السُّجُودِ

بِمُلَاحَظَةِ اسْتِجَابَةِ الدُّعَاءِ كَمَا يَقْتَضِيهِ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ وَهُوَ لَا يُنَافِي أَفْضَلِيَّةَ الْقِيَامِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في كثرة السجود]

[بَاب مَا جَاءَ فِي كَثْرَةِ السُّجُودِ] 1422 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيَّانِ قَالَا حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ أَنَّ أَبَا فَاطِمَةَ حَدَّثَهُ قَالَ «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ أَسْتَقِيمُ عَلَيْهِ وَأَعْمَلُهُ قَالَ عَلَيْكَ بِالسُّجُودِ فَإِنَّكَ لَا تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً إِلَّا رَفَعَكَ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً وَحَطَّ بِهَا عَنْكَ خَطِيئَةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَإِنَّكَ لَا تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً) هَذَا لَا يُنَافِي فَضِيلَةَ طُولِ الْقِيَامِ إِذْ مَا أَوْصَاهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ دُونَ طُولِ الْقِيَامِ.

1423 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو أَبُو عَمْرٍو الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ هِشَامٍ الْمُعَيْطِيُّ حَدَّثَهُ مَعْدَانُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ الْيَعْمُرِيُّ قَالَ «لَقِيتُ ثَوْبَانَ فَقُلْتُ لَهُ حَدِّثْنِي حَدِيثًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَنْفَعَنِي بِهِ قَالَ فَسَكَتَ ثُمَّ عُدْتُ فَقُلْتُ مِثْلَهَا فَسَكَتَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَقَالَ لِي عَلَيْكَ بِالسُّجُودِ لِلَّهِ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً وَحَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً» قَالَ مَعْدَانُ ثُمَّ لَقِيتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ

1424 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عُثْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ الْمُرِّيِّ عَنْ يُونُسَ بْنِ مَيْسَرَةَ بْنِ حَلْبَسٍ عَنْ الصُّنَابِحِيِّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ «أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِهَا حَسَنَةً وَمَحَا عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً وَرَفَعَ لَهُ بِهَا دَرَجَةً فَاسْتَكْثِرُوا مِنْ السُّجُودِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ حَدِيثِ عُبَادَةَ ضَعِيفٌ لِتَدْلِيسِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ.

[باب ما جاء في أول ما يحاسب به العبد الصلاة]

[بَاب مَا جَاءَ فِي أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ الصَّلَاةُ] 1425 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ حَكِيمٍ الضَّبِّيِّ قَالَ «قَالَ لِي أَبُو هُرَيْرَةَ إِذَا أَتَيْتَ أَهْلَ مِصْرِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الصَّلَاةُ الْمَكْتُوبَةُ فَإِنْ أَتَمَّهَا وَإِلَّا قِيلَ انْظُرُوا هَلْ لَهُ مِنْ تَطَوُّعٍ فَإِنْ كَانَ لَهُ تَطَوُّعٌ أُكْمِلَتْ الْفَرِيضَةُ مِنْ تَطَوُّعِهِ ثُمَّ يُفْعَلُ بِسَائِرِ الْأَعْمَالِ الْمَفْرُوضَةِ مِثْلُ ذَلِكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ) لَعَلَّهُ لِلِاحْتِرَازِ عَنِ الْكَافِرِ فَإِنَّهُ يُحَاسَبُ أَوَّلًا بِالْإِيمَانِ نَعَمْ هَذِهِ الْأَوَّلِيَّةُ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يُشْكَلُ بِمَا جَاءَ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالدُّعَاءِ فَإِنَّ ذَلِكَ فِي الْمَظَالِمِ وَحُقُوقِ النَّاسِ

قَوْلُهُ: (أُكْمِلَتِ الْفَرِيضَةُ مِنْ تَطَوُّعِهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ مَنْ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ الْمَكْتُوبَةُ وَصَلَّى نَافِلَةً يُحْسَبُ عَنْهُ النَّافِلَةُ مَوْضِعَ الْمَكْتُوبَةِ وَقِيلَ بَلْ مَا نَقَصَ مِنْ خُشُوعِ الْفَرِيضَةِ وَأَدَائِهَا يُجْبَرُ بِالنَّافِلَةِ وَرُدَّ بِأَنَّ قَوْلَهُ ثُمَّ يُفْعَلُ بِسَائِرِ الْأَعْمَالِ مِثْلُ ذَلِكَ لَا يُنَاسِبُهُ إِذْ لَيْسَ فِي الزَّكَاةِ إِلَّا فَرْضٌ أَوْ فَضْلٌ كَمَا تُكْمِلُ فَرْضَ الزَّكَاةِ بِفَضْلِهَا كَذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ وَفَضْلُ اللَّهِ أَوْسَعُ وَكَرَمُهُ أَعَمُّ وَأَتَمُّ.

1426 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ح وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ أَنْبَأَنَا حُمَيْدٌ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَلَاتُهُ فَإِنْ أَكْمَلَهَا كُتِبَتْ لَهُ نَافِلَةً فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَكْمَلَهَا قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِمَلَائِكَتِهِ انْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَأَكْمِلُوا بِهَا مَا ضَيَّعَ مِنْ فَرِيضَتِهِ ثُمَّ تُؤْخَذُ الْأَعْمَالُ عَلَى حَسَبِ ذَلِكَ»

[باب ما جاء في صلاة النافلة حيث تصلى المكتوبة]

[بَاب مَا جَاءَ فِي صَلَاةُ النَّافِلَةِ حَيْثُ تُصَلَّى الْمَكْتُوبَةُ] 1427 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ لَيْثٍ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَعِيلَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ إِذَا صَلَّى أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ أَوْ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ يَعْنِي السُّبْحَةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَيَعْجِزُ) بِكَسْرِ الْجِيمِ (إِذَا صَلَّى) أَيْ فَرَغَ مِنَ الْفَرْضِ وَقِيلَ وَكَذَا النَّفْلُ فَيَنْتَقِلُ فِيهِ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ لِتَكْثِيرِ مَحَالِّ الْعِبَادَةِ (أَنْ يَتَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ لِأَجْلِ النَّفْلِ قَوْلُهُ: (أَوْ عَنْ يَمِينِهِ) أَيْ جِهَتِهِ أَوْ يَنْصَرِفَ عَنْ يَمِينِهِ قِيلَ هَذَا مَخْصُوصٌ بِالْإِمَامِ كَالْحَدِيثِ الْآتِي وَسَوْقُ هَذَا الْحَدِيثِ يَقْتَضِي الْعُمُومَ كَيْفَ وَالْخِطَابُ مَعَ الْمُقْتَدِينَ وَكَانَ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ هُوَ الْإِمَامُ يَوْمَئِذٍ.

1428 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يُصَلِّي الْإِمَامُ فِي مُقَامِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْمَكْتُوبَةَ حَتَّى يَتَنَحَّى عَنْهُ» حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّمِيمِيِّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا يُصَلِّي الْإِمَامُ) نَفَيٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ (حَتَّى يَتَنَحَّى) يَتَبَعَّدَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في توطين المكان في المسجد يصلى فيه]

[بَاب مَا جَاءَ فِي تَوْطِينِ الْمَكَانِ فِي الْمَسْجِدِ يُصَلَّى فِيهِ] 1429 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ تَمِيمِ بْنِ مَحْمُودٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلٍ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ثَلَاثٍ عَنْ نَقْرَةِ الْغُرَابِ وَعَنْ فِرْشَةِ السَّبُعِ وَأَنْ يُوطِنَ الرَّجُلُ الْمَكَانَ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ كَمَا يُوطِنُ الْبَعِيرُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: عَنْ نَقْرَةِ الْغُرَابِ بِفَتْحِ النُّونِ أَيْ عَنْ تَخْفِيفِ السُّجُودِ بِحَيْثُ لَا يَمْكُثُ فِيهِ إِلَّا قَدْرَ وَضْعِ الْغُرَابِ مِنْقَارَهُ فِيمَا يُرِيدُ أَكْلَهُ قَوْلُهُ: (وَعَنْ فِرْشَةِ السَّبْعِ) الظَّاهِرُ أَنَّهَا بِكَسْرِ الْفَاءِ لِلْهَيْئَةِ مِنَ الْفَرْشِ وَضَبَطَهُ شَارِحُ أَبِي دَاوُدَ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَهِيَ أَنْ يَبْسُطَ ذِرَاعَيْهِ فِي السُّجُودِ وَلَا يَرْفَعَهُمَا عَنِ الْأَرْضِ كَمَا يَفْعَلُهُ الذِّئْبُ وَالْكَلْبُ وَغَيْرُهُمَا قَوْلُهُ: (وَأَنْ يُوَطِّنَ إِلَخْ) أَيْ أَنْ يَتَّخِذَ لِنَفْسِهِ مِنَ الْمَسْجِدِ مَكَانًا مُعَيَّنًا لَا يُصَلِّي إِلَّا فِيهِ كَالْبَعِيرِ لَا يَبْرُكُ مِنْ عَطَنِهِ إِلَّا فِي مَبْرَكٍ قَدِيمٍ.

1430 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ «أَنَّهُ كَانَ يَأْتِي إِلَى سُبْحَةِ الضُّحَى فَيَعْمِدُ إِلَى الْأُسْطُوَانَةِ دُونَ الْمُصْحَفِ فَيُصَلِّ قَرِيبًا مِنْهَا فَأَقُولُ لَهُ أَلَا تُصَلِّي هَا هُنَا وَأُشِيرُ إِلَى بَعْضِ نَوَاحِي الْمَسْجِدِ فَيَقُولُ إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَرَّى هَذَا الْمُقَامَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (دُونَ الْمُصْحَفِ) أَيْ عِنْدَ مُصْحَفِ عُثْمَانَ (قَرِيبًا مِنْهَا) أَيْ مِنْ تِلْكَ الْأُسْطُوَانَةِ (يَتَحَرَّى هَذَا الْمَقَامَ) أَيْ يَقْصِدُهُ لِلصَّلَاةِ فِيهِ فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْإِكْثَارَ مِنَ الصَّلَاةِ فِي مَوْضِعٍ لَا بَأْسَ بِهِ سِيَّمَا إِذَا كَانَ لِلتَّبَرُّكِ بِآثَارِ الصَّالِحِينَ وَإِنَّمَا النَّهْيُ عَنْهُ لِلتَّخْصِيصِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في أين توضع النعل إذا خلعت في الصلاة]

[بَاب مَا جَاءَ فِي أَيْنَ تُوضَعُ النَّعْلُ إِذَا خُلِعَتْ فِي الصَّلَاةِ] 1431 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى يَوْمَ الْفَتْحِ فَجَعَلَ نَعْلَيْهِ عَنْ يَسَارِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ يَسَارِهِ) قِيلَ هَذَا إِذَا كَانَ مُنْفَرِدًا فَلَا يُنَافِيهِ النَّهْيُ الْآتِي.

1432 - حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَبِيبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْمُحَارِبِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلْزِمْ نَعْلَيْكَ قَدَمَيْكَ فَإِنْ خَلَعْتَهُمَا فَاجْعَلْهُمَا بَيْنَ رِجْلَيْكَ وَلَا تَجْعَلْهُمَا عَنْ يَمِينِكَ وَلَا عَنْ يَمِينِ صَاحِبِكَ وَلَا وَرَاءَكَ فَتُؤْذِيَ مَنْ خَلْفَكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَلْزِمْ) مِنَ الْإِلْزَامِ (بَيْنَ رِجْلَيْكَ)

الْفُرْجَةَ الَّتِي بَيْنَ الرِّجْلَيْنِ لَا تَسَعُ النَّعْلَيْنِ عَادَةً إِلَّا بِنَوْعِ حَرِجٍ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ فِي مُحَاذَاةِ الرِّجْلَيْنِ أَوْ عِنْدَ الرِّجْلَيْنِ أَيْ قُدَّامَهُمَا مِمَّا بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَمَحَلِّ السُّجُودِ إِلَّا أَنْ يُقَالَ نِعَالُ الْعَرَبِ كَانَتْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مِمَّا يُمْكِنُ وَضْعُهَا فِي الْفُرْجَةِ الَّتِي بَيْنَ الرِّجْلَيْنِ بِلَا حَرَجٍ وَالْكَلَامُ فِي نِعَالِهِمْ وَفِي الزَّوَائِدِ رَوَى أَبُو دَاوُدَ بَعْضَ هَذَا الْحَدِيثِ وَفِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ مُتَّفَقٌ عَلَى تَضْعِيفِهِ اهـ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[كتاب الجنائز]

[كِتَاب الْجَنَائِزِ] [بَاب مَا جَاءَ فِي عِيَادَةِ الْمَرِيضِ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَاب الْجَنَائِزِ بَاب مَا جَاءَ فِي عِيَادَةِ الْمَرِيضِ 1433 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتَّةٌ بِالْمَعْرُوفِ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ إِذَا لَقِيَهُ وَيُجِيبُهُ إِذَا دَعَاهُ وَيُشَمِّتُهُ إِذَا عَطَسَ وَيَعُودُهُ إِذَا مَرِضَ وَيَتْبَعُ جِنَازَتَهُ إِذَا مَاتَ وَيُحِبُّ لَهُ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتَّةٌ) أَيْ حُقُوقٌ سِتَّةٌ (بِالْمَعْرُوفِ) أَيْ يَأْتِي بِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ عُرْفًا وَاللَّفْظُ يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ وَحَمَلَهُ الْعُلَمَاءُ عَلَى التَّأْكِيدِ الشَّامِلِ لِلْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ وَكَذَا يَدُلُّ السَّوْقُ عَلَى أَنَّهَا مِنْ حُقُوقِ الْإِسْلَامِ وَلِذَلِكَ قِيلَ يَسْتَوِي فِيهَا جَمِيعُ الْمُسْلِمِينَ بَرُّهُمْ وَفَاجِرُهُمْ غَيْرَ أَنَّهُ يَخُصُّ الْبَرَّ بِزِيَادَةِ الْكَرَمِ ثُمَّ الْعَدَدُ قَدْ جَاءَ فِي الرِّوَايَاتِ مُخْتَلِفًا فَيَدُلُّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ لِمَفْهُومِ الْعَدَدِ وَلَا يُقْصَدُ بِهِ الْحَصْرُ وَيُؤْتَى بِهِ أَحْيَانًا عَلَى حَسَبِ مَا يَلِيقُ بِالْمُخَاطَبِ قَوْلُهُ: (يُسَلِّمُ عَلَيْهِ) عَدَلَ عَنْ طَرِيقِ التَّعْدَادِ إِلَى طَرِيقِ الْإِخْبَارِ بِأَنَّهُ يُسَلِّمُ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ هَذِهِ الْحُقُوقَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ الَّتِي قَلَّمَا يَخْلُو عَنْهَا مُسْلِمٌ قَوْلُهُ: (إِذَا دَعَاهُ) أَيْ إِلَى الضِّيَافَةِ سِيَّمَا الْوَلِيمَةَ أَوِ الْمُعَاوَنَةَ قَوْلُهُ: (وَيُشَمِّتُهُ) مِنَ التَّشْمِيتِ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُهْمَلَةِ وَالْمُعْجَمَةُ أَعْلَاهَا وَهُوَ أَنْ يَقُولَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ (إِذَا عَطَسَ) أَيْ وَحَمِدَ اللَّهَ (وَيَعُودُهُ) أَيْ يَزُورُهُ وَيَسْأَلُ عَنْ حَالِهِ (وَيَتْبَعُ جِنَازَتَهُ) إِلَى الْقَبْرِ أَوْ إِلَى الصَّلَاةِ (مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ) أَيْ يُحِبُّ لَهُ حُصُولَ الْخَيْرِ كَمَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ ذَلِكَ لَا خُصُوصَ ذَلِكَ الْخَيْرِ فَإِنَّ خَيْرًا فِي حَقِّ شَخْصٍ قَدْ لَا يَكُونُ خَيْرًا فِي حَقِّ آخَرَ.

1434 - حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَكِيمِ بْنِ أَفْلَحَ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ أَرْبَعُ خِلَالٍ يُشَمِّتُهُ إِذَا عَطَسَ وَيُجِيبُهُ إِذَا دَعَاهُ وَيَشْهَدُهُ إِذَا مَاتَ وَيَعُودُهُ إِذَا مَرِضَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَرْبَعُ خِلَالٍ) كَخِصَالٍ وَزْنًا وَمَعْنًى (وَيَشْهَدُهُ) أَيْ يَحْضُرُ جِنَازَتَهُ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ أَوْ لِيَدْفِنَهُ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ حَدِيثِ

أَبِي مَسْعُودٍ صَحِيحٌ وَأَصْلُ الْحَدِيثِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ رِوَايَةِ غَيْرِهِ.

1435 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسٌ مِنْ حَقِّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ رَدُّ التَّحِيَّةِ وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ وَشُهُودُ الْجِنَازَةِ وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ إِذَا حَمِدَ اللَّهَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (رَدُّ التَّحِيَّةِ) أَيِ السَّلَامِ (إِذَا حَمِدَ اللَّهَ) بِخِلَافِ مَا إِذَا لَمْ يَحْمَدْ فَلَا يَجِبُ فَالْمُطْلَقُ فِي الْأَحَادِيثِ الْأُخَرُ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا الْمُقَيَّدِ عِنْدَ الْكُلِّ أَمَّا مَنْ يَرَى ذَلِكَ فَظَاهِرٌ عِنْدَهُ وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَرَ ذَلِكَ فَلِأَنَّهُ جَاءَ التَّصْرِيحُ بِاعْتِبَارِ هَذَا الْقَيْدِ فَإِنَّهُ جَاءَ «أَنَّ رَجُلًا عَطَسَ وَلَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ فَلَمْ يُشَمِّتْهُ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ـ فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَالْحَدِيثُ بِهَذَا الْوَجْهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ لَكِنْ بِغَيْرِ هَذَا السِّيَاقِ.

1436 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّنْعَانِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ يَقُولُ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ «عَادَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاشِيًا وَأَبُو بَكْرٍ وَأَنَا فِي بَنِي سَلَمَةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَأَنَا فِي بَنِي سَلِمَةَ) بِكَسْرِ اللَّامِ.

1437 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا مَسْلَمَةُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَعُودُ مَرِيضًا إِلَّا بَعْدَ ثَلَاثٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا مَسْلَمَةُ بْنُ عُلَيٍّ) بِضَمِّ الْعَيْنِ مُصَغَّرٌ وَمَسْلَمَةُ مَتْرُوكٌ كَذَا ذَكَرَهُ السَّخَاوِيُّ فِي الْمَقَاصِدِ الْحَسَنَةِ قَوْلُهُ: (إِلَّا بَعْدَ ثَلَاثٍ) لَعَلَّهُ إِنْ صَحَّ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ لِتَحَقُّقِ مَرَضِهِ أَيْ يُؤَخَّرُ حَتَّى يُتَحَقَّقُ عِنْدَهُ أَنَّهُ مَرِضَ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مَسْلَمَةُ بْنُ عُلَيٍّ قَالَ فِيهِ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو زُرْعَةَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ مِنْ مُنْكَرَاتِهِ حَدِيثُ كَانَ لَا يَعُودُ مَرِيضًا إِلَّا بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ هَذَا مُنْكَرٌ بَاطِلٌ وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ أَحَادِيثُهُ غَيْرُ مَحْفُوظَةٍ وَاتَّفَقُوا عَلَى تَضْعِيفِهِ قُلْتُ: لَكِنَّ الْأَحَادِيثَ ذَكَرَهَا السَّخَاوِيُّ فِي الْمَقَاصِدِ الْحَسَنَةِ وَقَالَ يَتَقَوَّى بَعْضُهَا بِبَعْضٍ وَكَذَلِكَ أَخَذَ بِهِ بَعْضُ التَّابِعِينَ.

1438 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ السَّكُونِيُّ عَنْ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلْتُمْ عَلَى الْمَرِيضِ فَنَفِّسُوا لَهُ فِي الْأَجَلِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَرُدُّ شَيْئًا وَهُوَ يَطِيبُ بِنَفْسِ الْمَرِيضِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَنَفِّسُوا) مِنَ التَّنْفِيسِ وَأَصْلُهُ التَّفْرِيجُ يُقَالُ نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَتَهُ أَيْ فَرَّجَهَا وَتَعْدِيَتُهُ بِفِي لِتَضْمِينِ مَعْنَى التَّطَمُّعِ أَيْ طَمِّعُوهُ فِي طُولِ أَجَلِهِ وَاللَّامُ بِمَعْنَى عَنْ وَهَذَا التَّنْفِيسُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ بِالدُّعَاءِ بِطُولِ الْعُمْرِ أَوْ بِنَحْوِ يَشْفِيكَ اللَّهُ وَأَمَّا الْجَزْمُ فَلَا يُمْكِنُ (فَإِنَّ ذَلِكَ) لِمَا يُفْهَمُ مِنَ الْمَقَامِ كَأَنَّهُ قِيلَ هَلْ يَزِيدُ بِذَلِكَ الْعُمْرُ أَوْ مَاذَا فَائِدَتُهُ فَقَالَ لَا فَإِنَّ ذَلِكَ التَّنْفِيسَ لَا يَرُدُّ شَيْئًا مِمَّا أُرِيدَ بِالْمَرِيضِ (يَطِيبُ) مِنْ طَابَ وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِنَفْسِ

الْمَرِيضِ لِلتَّعْدِيَةِ أَوْ زَائِدَةٌ عَلَى الْفَاعِلِ كَمَا قِيلَ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ مِنْ طَيَّبَ بِالتَّشْدِيدِ وَالْبَاءُ زَائِدَةٌ.

1439 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ هُبَيْرَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مَكِينٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَادَ رَجُلًا فَقَالَ مَا تَشْتَهِي قَالَ أَشْتَهِي خُبْزَ بُرٍّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ خُبْزُ بُرٍّ فَلْيَبْعَثْ إِلَى أَخِيهِ ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اشْتَهَى مَرِيضُ أَحَدِكُمْ شَيْئًا فَلْيُطْعِمْهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَقَالَ مَا تَشْتَهِي) فِيهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي سُؤَالُ الْمَرِيضِ عَنْ أَحْوَالِهِ وَعَمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ (مَنْ كَانَ عِنْدَهُ خُبْزُ بُرٍّ إِلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي إِيثَارُ الْمَرِيضِ وَالْمُحْتَاجِ عَلَى نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ فَيَخُصُّ بِهِ مَا جَاءَ مِنْ حَدِيثِ ابْدَأْ بِنَفْسِكَ إِلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ خُبْزُ بُرٍّ زَائِدٍ عَلَى قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ (شَيْئًا) أَيْ غَيْرَ مُخَالِفٍ لِمَرَضِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ وَلَوْ مُخَالِفًا وَكَثِيرًا مَا يَجْعَلُ اللَّهُ شِفَاءَهُ فِيمَا يَشْتَهِي وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا ظَاهِرًا قَوْلُهُ: (فَلِيُطْعِمْهُ) مِنَ الْإِطْعَامِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ صَفْوَانُ بْنُ هُبَيْرَةَ قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِمٍ وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَقَالَ النُّفَيْلِيُّ لَا يُتَابَعُ عَلَى حَدِيثِهِ.

1440 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَرِيضٍ يَعُودُهُ فَقَالَ أَتَشْتَهِي شَيْئًا أَتَشْتَهِي كَعْكًا قَالَ نَعَمْ فَطَلَبُوا لَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَتَشْتَهِي كَعْكًا) هُوَ خُبْزٌ مَعْرُوفٌ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ وَلَعَلَّهُ عَلِمَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ يَتَوَقَّعُ مِنْهُ أَنْ يَشْتَهِي الْكَعْكَ فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ يَزِيدَ بْنِ أَبَانَ الرَّقَاشِيِّ.

1441 - حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ «قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلْتَ عَلَى مَرِيضٍ فَمُرْهُ أَنْ يَدْعُوَ لَكَ فَإِنَّ دُعَاءَهُ كَدُعَاءِ الْمَلَائِكَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَمُرْهُ) أَيِ الْتَمِسْ مِنْهُ الدُّعَاءَ (كَدُعَاءِ الْمَلَائِكَةِ) فِي قُرْبِ الِاسْتِجَابَةِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ قَالَ الْعَلَامِيُّ فِي الْمَرَاسِيلِ وَالْمِزِّيُّ فِي رِوَايَةِ مَيْمُونِ بْنِ مَهْرَانَ عَنْ عُمَرَ ثَلْمَةُ اهـ وَفِي الْأَذْكَارِ لِلنَّوَوِيِّ مَيْمُونُ لَمْ يُدْرِكْ عُمَرَ.

[باب ما جاء في ثواب من عاد مريضا]

[بَاب مَا جَاءَ فِي ثَوَابِ مَنْ عَادَ مَرِيضًا] 1442 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ أَتَى أَخَاهُ الْمُسْلِمَ عَائِدًا مَشَى فِي خَرَافَةِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَجْلِسَ فَإِذَا جَلَسَ غَمَرَتْهُ الرَّحْمَةُ فَإِنْ كَانَ غُدْوَةً صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُمْسِيَ وَإِنْ كَانَ مَسَاءً صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُصْبِحَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَشَى فِي خِرَافَةِ الْجَنَّةِ) ضُبِطَ بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَبِفَتْحِهَا فِي النِّهَايَةِ أَيْ فِي اجْتِنَاءِ

ثِمَارِهَا وَفِي الْقَامُوسِ الْخُرْفَةُ بِالضَّمِّ الْمُخْتَرَفُ وَالْمُجْتَنَى كَالْخِرَافَةِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فِي خُرْفَةِ الْجَنَّةِ بِالضَّمِّ قَالَ الْهَرَوِيُّ هُوَ مَا يُخْتَرَفُ مِنَ النَّخْلِ حِينَ يُدْرَكُ ثَمَرُهُ قَالَ أَبُو بَكْرِ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ يُشَبِّهُ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مَا يُحْرِزُهُ عَائِدُ الْمَرِيضِ مِنَ الثَّوَابِ بِمَا يُحْرِزُهُ الْمُخْتَرِفُ مِنَ الثَّمَرِ وَحَكَى أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ الطَّرِيقُ فَيَكُونُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ فِي طَرِيقٍ تُؤَدِّيهِ إِلَى الْجَنَّةِ قَوْلُهُ: (غَمَرَتْهُ) أَيْ غَطَّتْهُ.

1443 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا أَبُو سِنَانٍ الْقَسْمَلِيُّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سَوْدَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ عَادَ مَرِيضًا نَادَى مُنَادٍ مِنْ السَّمَاءِ طِبْتَ وَطَابَ مَمْشَاكَ وَتَبَوَّأْتَ مِنْ الْجَنَّةِ مَنْزِلًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (طِبْتَ) قَالَ الطِّيبِيُّ هُوَ دُعَاءٌ لَهُ بِأَنْ يَطِيبَ عَيْشُهُ فِي الدُّنْيَا وَطِيبُ الْمَمْشَى كِنَايَةٌ عَنْ سَيْرِهِ وَسُلُوكِ طَرِيقِ الْآخِرَةِ وَقَوْلُهُ وَتَبَوَّأْتَ دُعَاءٌ بِطِيبِ الْعَيْشِ فِي الْآخِرَةِ وَإِظْهَارُ الدُّعَاءِ بِصِيغَةِ الْإِخْبَارِ لِإِظْهَارِ الْحِرْصِ عَلَى وُقُوعِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في تلقين الميت لا إله إلا الله]

[بَاب مَا جَاءَ فِي تَلْقِينِ الْمَيِّتِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ] 1444 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ) الْمُرَادُ مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ كَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ فَهُوَ مَجَازٌ بِالْمُشَارَفَةِ وَكَأَنَّهُمْ مَا حَمَلُوهُ عَلَى تَلْقِينِ الْمَيِّتِ فِي الْقَبْرِ لِأَنَّهُ حَادِثٌ وَالْمُرَادُ ذَكِّرُوهُ هَذِهِ الْكَلِمَةَ لِتَكُونَ آخِرَ كَلَامِهِ لِمَا فِي الْحَدِيثِ «مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ» وَلِذَلِكَ قَالُوا إِذَا قَالَ مَرَّةً لَا تُعَادُ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ آخَرَ وَفِي التِّرْمِذِيِّ رُوِيَ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ جَعَلَ رَجُلٌ يُلَقِّنُهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيُكْثِرُ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ إِذَا قُلْتُ: ذَلِكَ مَرَّةً فَأَنَا عَلَى ذَلِكَ مَا لَمْ أَتَكَلَمْ.

1445 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ»

1446 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ إِسْحَقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ لِلْأَحْيَاءِ قَالَ أَجْوَدُ وَأَجْوَدُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كَيْفَ لِلْأَحْيَاءِ) أَيْ كَيْفَ هَذَا التَّلْقِينُ

لِلْأَحْيَاءِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ إِسْحَاقُ لَمْ أَرَ مَنْ وَثَّقَهُ وَلَا مَنْ جَرَّحَهُ وَكَثِيرُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ فِيهِ أَحْمَدُ مَا أَرَى بِهِ بَأْسًا وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَقَالَ مُرَّةُ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ وَقَالَ مُرَّةُ صَالِحٌ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ صَالِحٌ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَقَالَ النَّسَائِيُّ ضَعِيفٌ وَقِيلَ ثِقَةٌ وَبَاقِي رِجَالِهِ ثِقَاتٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء فيما يقال عند المريض إذا حضر]

[بَاب مَا جَاءَ فِيمَا يُقَالُ عِنْدَ الْمَرِيضِ إِذَا حُضِرَ] 1447 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا حَضَرْتُمْ الْمَرِيضَ أَوْ الْمَيِّتَ فَقُولُوا خَيْرًا فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سَلَمَةَ قَدْ مَاتَ قَالَ قُولِي اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَلَهُ وَأَعْقِبْنِي مِنْهُ عُقْبًى حَسَنَةً» قَالَتْ فَفَعَلْتُ فَأَعْقَبَنِي اللَّهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذَا حُضِرَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيْ إِذَا حَضَرَهُ مُقَدِّمَاتُ الْمَوْتِ أَوْ مَلَائِكَتُهُ. قَوْلُهُ: (فَقُولُوا خَيْرًا) أَيِ ادْعُوَا لَهُ بِالْخَيْرِ لَا بِالشَّرِّ أَوِ ادْعُوَا بِالْخَيْرِ مُطْلَقًا لَا بِالْوَيْلِ وَنَحْوِهِ وَالْأَمْرُ لِلنَّدَبِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ فَلَا تَقُولُوا شَرًّا فَالْمَقْصُودُ النَّهْيُ عَنِ الشَّرِّ بِطَرِيقِ الْكِنَايَةِ لَا الْأَمْرُ بِالْخَيْرِ قَوْلُهُ: (فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ) أَيْ مَلَكَ الْمَوْتِ وَأَعْوَانَهُ أَوْ غَيْرَهُ (يُؤَمِّنُونَ) مِنَ التَّأْمِينِ (وَأَعْقَبَنِي) مِنَ الْإِعْقَابِ أَيْ بَدَّلَنِي وَعَوَّضَنِي (مِنْهُ) أَيْ فِي مُقَابَلَتِهِ (عُقْبَى) كَبُشْرَى أَيْ بَدَلًا صَالِحًا.

1448 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ وَلَيْسَ بِالنَّهْدِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْرَءُوهَا عِنْدَ مَوْتَاكُمْ يَعْنِي يس» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَلَى مَوْتَاكُمْ) أَيْ عَلَى مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ أَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ أَيْضًا وَقِيلَ بَلِ الْمُرَادُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا يُقْرَأُ عَلَيْهِ وَقِيلَ لِأَنَّ سُورَةَ يس مُشْتَمِلَةٌ عَلَى أُصُولِ الْعَقَائِدِ مِنَ الْبَعْثِ وَالْقِيَامَةِ فَيَتَقَوَّى بِسَمَاعِهَا التَّصْدِيقُ وَالْإِيمَانُ حَتَّى يَمُوتَ.

1449 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ جَمِيعًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ فُضَيْلٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «لَمَّا حَضَرَتْ كَعْبًا الْوَفَاةُ أَتَتْهُ أُمُّ بِشْرٍ بِنْتُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ فَقَالَتْ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنْ لَقِيتَ فُلَانًا فَاقْرَأْ عَلَيْهِ مِنِّي السَّلَامَ قَالَ غَفَرَ اللَّهُ لَكِ يَا أُمَّ بِشْرٍ نَحْنُ أَشْغَلُ مِنْ ذَلِكَ قَالَتْ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَمَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ أَرْوَاحَ الْمُؤْمِنِينَ فِي طَيْرٍ خُضْرٍ تَعْلُقُ بِشَجَرِ الْجَنَّةِ قَالَ بَلَى قَالَتْ فَهُوَ ذَاكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبٍ) هَكَذَا فِي النُّسَخِ الَّتِي رَأَيْتُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ عَنْ أَبِيهِ

زِيدَ وَالْحَدِيثُ مِنْ قَوْلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ شَاهَدَهُ وَرَوَاهُ لَا أَنَّهُ أَخَذَهُ عَنْ أَبِيهِ وَهُوَ الْأَوْفَقُ بِاللَّفْظِ لَكِنَّ إِمْكَانَ الْأَخْذِ مَوْجُودٌ فَيُمْكِنُ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ مَا كَانَ حَاضِرًا ثُمَّ سَمِعَهُ مِنْ أَبِيهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ثُمَّ مَاتَ وَأَمَّا لَفْظُ لَمَّا حَضَرَتْ كَعْبًا الْوَفَاةُ فَأَمَرَهُ سَهْلٌ قَوْلُهُ: (أَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِينَ) أَيِ الشُّهَدَاءِ كَمَا جَاءَ فِي الرِّوَايَاتِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ هَذَا السَّوْقِ الْعُمُومَ (فِي حَوَاصِلِ طَيْرٍ) أَيْ تَدْخُلُ فِي أَجْوَافِ طَيْرٍ أَوْ تُجْعَلُ فِي صُوَرِ طَيْرٍ أَيِ الرُّوحُ تَتَشَكَّلُ وَتَتَمَثَّلُ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى طَائِرًا كَتَمَثُّلِ الْمَلَكِ بَشَرًا وَلِهَذَا الْكَلَامِ بَسْطٌ ذَكَرْتُهُ فِي حَاشِيَةِ أَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ (تَعْلُقُ) بِضَمِّ اللَّامِ وَقِيلَ أَوْ فَتْحِهَا وَمَعْنَاهُ تَأْكُلُ وَتَرْعَى تُرِيدُ إِنْ أَحْيَاهُ فَيُمْكِنُ إِرْسَالُ السَّلَامِ إِلَيْهِمْ.

1450 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ يَمُوتُ فَقُلْتُ اقْرَأْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّلَامَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (دَخَلْتُ عَلَى جَابِرٍ إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ مَوْقُوفٌ.

[باب ما جاء في المؤمن يؤجر في النزع]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْمُؤْمِنِ يُؤْجَرُ فِي النَّزْعِ] 1451 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا حَمِيمٌ لَهَا يَخْنُقُهُ الْمَوْتُ فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بِهَا قَالَ لَهَا لَا تَبْتَئِسِي عَلَى حَمِيمِكِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ حَسَنَاتِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَعِنْدَهَا حَمِيمٌ) أَيْ قَرِيبٌ (يَخْنُقُهُ) أَيْ يُضَيِّقُ عَلَيْهِ (لَا تَبْتَئِسِي) لَا تَحْزَنِي (فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ حَسَنَاتِهِ) أَيْ يُكْتَبُ مِنْ حَسَنَاتِهِ أَوْ حَصَلَ لِأَجْلِ حَسَنَاتِهِ فَإِنَّ الْحَسَنَ يُشَدَّدُ عَلَيْهِ وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَإِنْ كَانَ يُدَلِّسُ فَقَدْ صَرَّحَ بِالتَّحْدِيثِ فَزَالَ مَا يُخْشَى قُلْتُ: لَكِنْ رُبَّمَا يَشْكُلُ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مَا أَغْبِطُ أَحَدًا بِهَوْنِ مَوْتٍ بَعْدَ الَّذِي رَأَيْتُ مِنْ شِدَّةِ مَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا عَلِمَتْ أَنَّ شِدَّةَ الْمَوْتِ مِنَ الْحَسَنَاتِ بِشِدَّةِ مَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَهَذَا الْحَدِيثُ يَقْتَضِي أَنَّهَا عَلِمَتْ ذَلِكَ قَبْلُ فَلْيُتَأَمَّلْ.

1452 - حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ أَبُو بِشْرٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ الْمُثَنَّى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمُؤْمِنُ يَمُوتُ بِعَرَقِ الْجَبِينِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْمُؤْمِنُ يَمُوتُ بِعَرَقِ الْجَبِينِ) قِيلَ هُوَ لِمَا يُعَالِجُ مِنْ شِدَّةِ الْمَوْتِ فَقَدْ تَبْقَى عَلَيْهِ بَقِيَّةٌ مِنْ ذُنُوبٍ فَيُشَدَّدُ عَلَيْهِ وَقْتَ الْمَوْتِ لِيَخْلُصَ عَنْهَا وَقِيلَ هُوَ مِنَ الْحَيَاءِ فَإِنَّهُ إِذَا جَاءَتْهُ الْبُشْرَى مَعَ مَا كَانَ قَدِ اقْتَرَفَ مِنَ الذُّنُوبِ حَصَلَ لَهُ بِذَلِكَ خَجَلٌ وَحَيَاءٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فَعَرِقَ لِذَلِكَ جَبِينُهُ وَقِيلَ يَحْتَمِلُ أَنَّ عَرَقَ الْجَبِينِ عَلَامَةٌ جُعِلَتْ لِمَوْتِ الْمُؤْمِنِ وَإِنْ لَمْ يَعْقِلْ مَعْنَاهُ.

1453 - حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ كَرْدَمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ «سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَتَى تَنْقَطِعُ مَعْرِفَةُ الْعَبْدِ مِنْ النَّاسِ قَالَ إِذَا عَايَنَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَتَى تَنْقَطِعُ) أَيْ بِسَبَبِ الْمَوْتِ أَوْ مَتَى يَلْزَمُ انْقِطَاعٌ أَوْ مَتَى تَنْقَطِعُ بِحَيْثُ لَا يُرْجَى عَوْدُهَا وَإِلَّا فَقَدْ تَزُولُ الْمَعْرِفَةُ قَبْلَ الْمُعَايَنَةِ قَوْلُهُ: (إِذَا عَايَنَ) أَيْ شَاهَدَ مَلَائِكَةَ الْمَوْتِ وَأُمُورَ الْبَرْزَخِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ نَصْرُ بْنُ حَمَّادٍ كَذَّبَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ وَنَسَبَهُ أَبُو الْفَتْحِ الْأَزْدِيُّ لِوَضْعِ الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في تغميض الميت]

[بَاب مَا جَاءَ فِي تَغْمِيضِ الْمَيِّتِ] 1454 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَقَ الْفَزَارِيُّ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ «دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ شَقَّ بَصَرُهُ فَأَغْمَضَهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ الرُّوحَ إِذَا قُبِضَ تَبِعَهُ الْبَصَرُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَقَدْ شَقَّ بَصَرُهُ) بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَيِ انْفَتْحَ وَضَمُّ الشِّينِ غَيْرُ مُخْتَارٍ قَوْلُهُ: (إِنَّ الرُّوحَ إِلَخْ) قِيلَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً لِلْإِغْمَاضِ كَأَنَّهُ قَالَ أَغْمَضَتْهُ لِأَنَّ الرُّوحَ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْجَسَدِ تَبِعَهُ الْبَصَرُ فِي الذَّهَابِ فَلَمْ يَبْقَ لِانْفِتَاحِ بَصَرِهِ فَائِدَةٌ وَأَنْ يَكُونَ بَيَانًا لِسَبَبِ الشِّقِّ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُحْتَضَرَ يَتَمَثَّلُ لَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ فَيَنْظُرُ إِلَيْهِ وَلَا يَرْتَدُّ طَرْفُهُ حَتَّى تُفَارِقَهُ الرُّوحُ وَيَضْمَحِلَّ بَقَايَا قَوَى الْبَصَرِ فَيَبْقَى الْبَصَرُ عَلَى تِلْكَ الْهَيْئَةِ.

1455 - حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ تَوْبَةَ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا قَزَعَةُ بْنُ سُوَيْدٍ عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا حَضَرْتُمْ مَوْتَاكُمْ فَأَغْمِضُوا الْبَصَرَ فَإِنَّ الْبَصَرَ يَتْبَعُ الرُّوحَ وَقُولُوا خَيْرًا فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تُؤَمِّنُ عَلَى مَا قَالَ أَهْلُ الْبَيْتِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذَا حَضَرْتُمْ مَوْتَاكُمْ إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ لِأَنَّ قَزْعَةَ بْنَ سُوِيدٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَبَاقِي رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

[باب ما جاء في تقبيل الميت]

[بَاب مَا جَاءَ فِي تَقْبِيلِ الْمَيِّتِ] 1456 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «قَبَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ وَهُوَ مَيِّتٌ فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى دُمُوعِهِ تَسِيلُ عَلَى خَدَّيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَبَّلَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ) مِنَ التَّقْبِيلِ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ قَبَّلَ بَعْدَ الِاغْتِسَالِ أَوْ قَبْلَهُ وَيَدُلُّ الْحَدِيثُ عَلَى طَهَارَةِ الْمَيِّتِ انْتَهَى قَوْلُهُ: (عَلَى خَدَّيْهِ) أَيْ خَدَّيِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَوْ خَدَّيْ عُثْمَانَ وَيُؤَيِّدُ الثَّانِي مَا جَاءَ حَتَّى سَالَ دُمُوعُ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ عَلَى وَجْهِ عُثْمَانَ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

1457 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ وَالْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ وَسَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ قَالُوا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَبَّلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مَيِّتٌ

[باب ما جاء في غسل الميت]

[بَاب مَا جَاءَ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ] 1458 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ «دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نُغَسِّلُ ابْنَتَهُ أُمَّ كُلْثُومٍ فَقَالَ اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَاجْعَلْنَ فِي الْآخِرَةِ كَافُورًا أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ فَأَلْقَى إِلَيْنَا حَقْوَهُ وَقَالَ أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ» 1459 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ عَنْ أَيُّوبَ حَدَّثَتْنِي حَفْصَةُ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ بِمِثْلِ حَدِيثِ مُحَمَّدٍ وَكَانَ فِي حَدِيثِ حَفْصَةَ اغْسِلْنَهَا وِتْرًا وَكَانَ فِيهِ اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا وَكَانَ فِيهِ ابْدَءُوا بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا وَكَانَ فِيهِ أَنَّ أُمَّ عَطِيَّةَ قَالَتْ وَمَشَطْنَاهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَقَالَ) أَيْ لِلنِّسَاءِ الْحَاضِرَاتِ وَكَانَتْ فِيهِمْ أُمُّ عَطِيَّةَ (أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ) بِكَسْرِ الْكَافِ قِيلَ خِطَابٌ لِأُمِّ عَطِيَّةَ قُلْتُ: بَلْ لِرَئِيسَتِهِنَّ سَوَاءٌ كَانَتْ هِيَ أَوْ غَيْرُهَا وَيَدُلُّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّهُ لَا تَحْدِيدَ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ بَلِ الْمَطْلُوبُ التَّنْظِيفُ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاةِ الْإِيتَارِ (فَآذِنَّنِي) بِمَدِّ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ الْأُولَى مِنَ الْإِيذَانِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُجْعَلَ مِنَ التَّأْذِينِ وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ اهـ قَوْلُهُ: (حَقْوَهُ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالْكَسْرُ لُغَةٌ فِي الْأَصْلِ مَعْقِدُ الْإِزَارِ ثُمَّ يُرَدُّ لِلْإِزَارِ لِلْمُجَاوَرَةِ (أَشْعِرْنَهَا) أَيِ اجْعَلْنَهُ شِعَارًا وَهُوَ الثَّوْبُ الَّذِي يَلِي الْجَسَدَ وَإِنَّمَا أَمَرَ بِذَلِكَ تَبَرُّكًا بِهِ وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ التَّبَرُّكَ بِآثَارِ أَهْلِ الصَّلَاحِ مَشْرُوعٌ اهـ (وَقَوْلُهُ وَمَشَّطْنَاهَا) أَيِ الشُّعُورَ (ثَلَاثَةَ قُرُونٍ) أَيْ ثَلَاثَةَ ضَفَائِرَ أَيْ جَعَلْنَا ضَفِيرَتَيْنِ

مِنَ الْقَرْنَيْنِ وَوَاحِدَةً مِنَ النَّاحِيَةِ.

1460 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُبْرِزْ فَخِذَكَ وَلَا تَنْظُرْ إِلَى فَخِذِ حَيٍّ وَلَا مَيِّتٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ (لَا تُبْرِزْ) أَيْ لَا تُظْهِرْهُ لِأَحَدٍ لَا يَحِلُّ لَهُ النَّطْرُ إِلَى الْعَوْرَةِ وَإِلَّا فَمَنْ يَحِلُّ لَهُ النَّظَرُ إِلَى الْعَوْرَةِ يَجُوزُ إِظْهَارُهُ لَهُ وَفِيهِ أَنَّ الْفَخِذَ عَوْرَةٌ وَأَنَّ الْمَيِّتَ فِي حُرْمَةِ النَّظَرِ إِلَى عَوْرَتِهِ كَالْحَيِّ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَلَا تَنْظُرْ إِلَى فَخِذِ حَيٍّ وَلَا مَيِّتٍ أَيْ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ لَكَ النَّظَرُ إِلَى عَوْرَتِهِ.

1461 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ مُبَشِّرِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُغَسِّلْ مَوْتَاكُمْ الْمَأْمُونُونَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْمَأْمُونُونَ) أَيْ مَنْ تَأْمَنُوهُمْ عَلَى إِخْفَاءِ مَا لَا يَلِيقُ إِظْهَارُهُ لِلنَّاسِ إِنْ رَأَوْا مِنَ الْمَيِّتِ ذَلِكَ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ بَقِيَّةُ وَهُوَ مُدَلِّسٌ وَقَدْ رَوَاهُ بِالْعَنْعَنَةِ وَمُبَشِّرُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ فِيهِ أَحْمَدُ أَحَادِيثُهُ كَذِبٌ مَوْضُوعَةٌ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ يَضَعُ الْأَحَادِيثَ وَيَكْذِبُ.

1462 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْمُحَارِبِيُّ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا وَكَفَّنَهُ وَحَنَّطَهُ وَحَمَلَهُ وَصَلَّى عَلَيْهِ وَلَمْ يُفْشِ عَلَيْهِ مَا رَأَى خَرَجَ مِنْ خَطِيئَتِهِ مِثْلَ يَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَكَفَّنَهُ) بِالتَّشْدِيدِ وَكَذَا حَنَّطَهُ (وَلَمْ يُفْشِ عَلَيْهِ) مِنَ الْإِفْشَاءِ أَيْ لَمْ يُظْهِرْ مَا رَأَى مِنَ الْمَكْرُوهِ مِنْ سَوَادِ الْوَجْهِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ حَصَلَا سَأَلَ اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ وَأَمَّا إِظْهَارُ الْمَحْبُوبِ إِنْ رَأَى فَخَيْرٌ وَكَأَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْمَكْرُوهِ لِإِغْنَاءِ كَلِمَةِ عَلَى عَنْهُ هَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ فِيهِ عُمَرُ بْنُ خَالِدٍ كَذَّبَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ كَذَا فِي الزَّوَائِدِ.

1463 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَلْيَغْتَسِلْ) حَمَلَهُ كَثِيرٌ عَلَى أَنَّهُ مَنْدُوبٌ احْتِيَاطًا لِدَفْعِ مَا يُتَوَهَّمُ مَنْ أَصَابَهُ نَجَاسَةٌ بِالْبَدَنِ بِوَاسِطَةِ أَنَّ بَدَنَ الْمَيِّتِ لَا يَخْلُو عَنْهَا غَالِبًا وَقِيلَ مَسْنُونٌ أَوْ وَاجِبٌ.

[باب ما جاء في غسل الرجل امرأته وغسل المرأة زوجها]

[بَاب مَا جَاءَ فِي غَسْلِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ وَغَسْلِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا] 1464 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الذَّهَبِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَقَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَوْ كُنْتُ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا غَسَّلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ نِسَائِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَوْ كُنْتُ اسْتَقْبَلْتُ إِلَخْ) كَأَنَّهَا تَفَكَّرَتْ فِي الْأَمْرِ بَعْدَ أَنْ مَضَى وَالْحَدِيثُ قَدْ

رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَمَعَ ذَلِكَ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الزَّوَائِدِ أَيْضًا فَقَالَ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ لِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ وَإِنْ كَانَ مُدَلِّسًا لَكِنْ قَدْ جَاءَ عَنْهُ التَّصْرِيحُ بِالتَّحْدِيثِ فِي رِوَايَةِ الْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ.

1465 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْبَقِيعِ فَوَجَدَنِي وَأَنَا أَجِدُ صُدَاعًا فِي رَأْسِي وَأَنَا أَقُولُ وَا رَأْسَاهُ فَقَالَ بَلْ أَنَا يَا عَائِشَةُ وَا رَأْسَاهُ ثُمَّ قَالَ مَا ضَرَّكِ لَوْ مِتِّ قَبْلِي فَقُمْتُ عَلَيْكِ فَغَسَّلْتُكِ وَكَفَّنْتُكِ وَصَلَّيْتُ عَلَيْكِ وَدَفَنْتُكِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَأَنَا أَجِدُ صُدَاعًا) بِالضَّمِّ وَجَعٌ فِي الرَّأْسِ (بَلْ أَنَا يَا عَائِشَةُ إِلَخْ) أَيْ أَنَا أَحَقُّ مِنْكِ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ لِأَنَّ مَرَضَكِ زَائِلٌ بِالصِّحَّةِ عَقِبَهُ بِخِلَافِ مَرَضِي وَكَانَ هَذَا الْأَمْرُ فِي قُرْبِ الْوَفَاةِ وَفِيهِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَرِيضِ إِظْهَارُ مَرَضِهِ وَالْمُصَنِّفُ أَخَذَ التَّرْجَمَةَ مِنْ قَوْلِهِ: فَغَسَّلْتُكِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مُخْتَصَرًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في غسل النبي صلى الله عليه وسلم]

[بَاب مَا جَاءَ فِي غُسْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] 1466 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ الْأَزْهَرِ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «لَمَّا أَخَذُوا فِي غُسْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَادَاهُمْ مُنَادٍ مِنْ الدَّاخِلِ لَا تَنْزِعُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَمِيصَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَمَّا أَخَذُوا) أَيْ أَرَادُوا أَنْ يَشْرَعُوا فِيهِ أَوْ شَرَعُوا فِي مُقَدِّمَاتِهِ (نَادَاهُمْ مُنَادٍ) بَعْدَ أَنْ تَرَدَّدُوا فِي النَّزْعِ (مِنَ الدَّاخِلِ) أَيْ دَاخِلِ الْمَحَلِّ الَّذِي كَانُوا فِيهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ أَبِي بُرْدَةَ وَاسْمُهُ عُمَرُ بْنُ يَزِيدَ التَّيْمِيُّ وَقَوْلُ الْحَاكِمِ إِنَّ الْحَدِيثَ صَحِيحٌ وَأَبُو بُرْدَةَ هُوَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَهْمٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ وَالتَّهْذِيبِ.

1467 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ خِذَامٍ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ «لَمَّا غَسَّلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَهَبَ يَلْتَمِسُ مِنْهُ مَا يَلْتَمِسُ مِنْ الْمَيِّتِ فَلَمْ يَجِدْهُ فَقَالَ بِأَبِي الطَّيِّبُ طِبْتَ حَيًّا وَطِبْتَ مَيِّتًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَمَّا غَسَّلَ) أَيْ عَلِيٌّ وَكَذَا ضَمِيرُ ذَهَبَ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَفْعَالِ الرَّاجِعَةِ (بَأَبِي) أَيْ أَنَّهُ مَفْدِيٌّ بَأَبِي وَقَوْلُهُ الطِّيبِ طَيِّبًا حَيًّا وَطَيِّبًا مَيِّتًا إِمَّا هُوَ بِتَقْدِيرِ كَانَ الطِّيبُ يَكُونُ طَيِّبًا حَيًّا وَبِتَقْدِيرِ أَنْتَ الطِّيبُ وَطَيِّبًا حَالٌ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الطِّيبُ طِبْتَ وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ لِأَنَّ يَحْيَى بْنَ خِدَامٍ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَصَفْوَانَ

بْنَ عِيسَى احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ وَالْبَاقِي مَشْهُورُونَ انْتَهَى.

1468 - حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَنَا مُتُّ فَاغْسِلُونِي بِسَبْعِ قِرَبٍ مِنْ بِئْرِي بِئْرِ غَرْسٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِئْرِ غُرْسٍ) قِيلَ ضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَصَرَّحَ فِي النِّهَايَةِ وَالْقَامُوسِ بِفَتْحِهَا وَالْحَدِيثُ قِيلَ سَنَدُهُ جَيِّدٌ لَكِنْ فِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ لِأَنَّ عَبَّادَ بْنَ يَعْقُوبَ قَالَ فِيهِ ابْنُ حِبَّانَ كَانَ رَافِضِيًّا دَاعِيًا وَمَعَ ذَلِكَ كَانَ يَرْوِي الْمَنَاكِيرَ عَنِ الْمَشَاهِيرِ فَاسْتَحَقَّ التَّرْكَ وَقَالَ ابْنُ طَاهِرٍ هُوَ مِنْ غُلَاةِ الرَّوَافِضِ مُسْتَحِقٌّ لِلتَّرْكِ لِأَنَّهُ يَرْوِي الْمَنَاكِيرَ فِي الْمَشَاهِيرِ وَالْبُخَارِيُّ وَإِنْ رَوَى عَنْهُ حَدِيثًا وَاحِدًا فَقَدْ أَنْكَرَ الْأَئِمَّةُ فِي عَصْرِهِ عَلَيْهِ رِوَايَتَهُ عَنْهُ وَتَرَكَ الرِّوَايَةَ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْحُفَّاظِ وَقَالَ الذَّهَبِيُّ رَوَى عَنْهُ الْبُخَارِيُّ مَقْرُونًا بِغَيْرِهِ وَشَيْخُهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.

[باب ما جاء في كفن النبي صلى الله عليه وسلم]

[بَاب مَا جَاءَ فِي كَفَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] 1469 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ يَمَانِيَةٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ فَقِيلَ لِعَائِشَةَ إِنَّهُمْ كَانُوا يَزْعُمُونَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ كُفِّنَ فِي حِبَرَةٍ فَقَالَتْ عَائِشَةُ قَدْ جَاءُوا بِبُرْدِ حِبَرَةٍ فَلَمْ يُكَفِّنُوهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَمَانِيَةٍ) بِالتَّخْفِيفِ وَأَصْلُهُ يَمَنِيَّةٌ بِالتَّشْدِيدِ نِسْبَةً إِلَى الْيَمَنِ لَكِنْ قُدِّمَتْ إِحْدَى الْيَاءَيْنِ ثُمَّ قُلِبَتْ أَلِفًا أَوْ حُذِفَتْ وَعُوِّضَ عَنْهَا الْأَلِفُ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ وَيُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ اسْتِحْبَابُ بَيَاضِ الْكَفَنِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَكُنْ يَخْتَارُ لِنَبِيِّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إِلَّا الْأَفْضَلَ قَوْلُهُ: (لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ إِلَخْ) وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الثِّيَابِ الَّتِي كُفِّنَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ أَصْلًا وَقِيلَ مَا كَانَ الْقَمِيصُ وَالْعِمَامَةُ مِنَ الثَّلَاثَةِ بَلْ كَانَا زَائِدَتَيْنِ عَلَى الثَّلَاثَةِ قَالَ الْعِرَاقِيُّ وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ قُلْتُ: بَلْ يَرُدُّهُ حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ «فِي كَمْ كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَقَالَتْ عَائِشَةُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِثَوْبٍ عَلَيْهِ كَفِّنُونِي فِيهِ مَعَ ثَوْبَيْنِ آخَرَيْنِ» وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ (فِي حِبَرَةٍ) بِكَسْرِ حَاءٍ وَفَتْحِ بَاءٍ بُرْدٌ مُخَطَّطٌ (بِبُرْدِ حِبَرَةٍ) بِالْإِضَافَةِ أَوِ التَّوْصِيفِ.

1470 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْعَسْقَلَانِيُّ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ هَذَا مَا سَمِعْتُ مِنْ أَبِي مُعَيْدٍ حَفْصِ بْنِ غَيْلَانَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ «كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَلَاثِ رِيَاطٍ بِيضٍ سُحُولِيَّةٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي ثَلَاثِ رِيَاطٍ) جَمْعُ رَيْطَةٍ وَهِيَ الْمُلَاءَةُ إِذَا

كَانَتْ قِطْعَةً وَاحِدَةً وَلَمْ تَكُنْ لِفْقَتَيْنِ وَقِيلَ كُلُّ ثَوْبٍ رَقِيقٍ لَيِّنٍ (سُحُولِيَّةٍ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحُهُ نِسْبَةً إِلَى قَرْيَةٍ بِالْيَمَنِ فَفِي الزَّوَائِدِ قُلْتُ: أَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَإِسْنَادُ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ حَسَنٌ لِقُصُورِ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى وَحَفْصِ بْنِ غَيْلَانَ عَنْ دَرَجَةِ أَهْلِ الْحِفْظِ وَالضَّبْطِ وَالْإِتْقَانِ.

1471 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ قَمِيصُهُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ وَحُلَّةٌ نَجْرَانِيَّةٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَمِيصُهُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ) قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ ضَعِيفٌ لَا يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ لِأَنَّ يَزِيدَ بْنَ أَبِي زِيَادٍ مُجْمَعٌ عَلَى ضَعْفِهِ سِيَّمَا وَقَدْ خَالَفَ رِوَايَتَهُ رِوَايَةُ الثِّقَاتِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ التَّكْفِينَ فِي الْقَمِيصِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ وَغُسِّلَ فِيهِ مُسْتَبْعَدٌ عَادَةً أَيْضًا لِكَوْنِهِ يَبُلَّ الْأَكْفَانَ (وَحُلَّةٌ) هِيَ وَاحِدَةُ الْحُلَلِ وَلَا تُسَمَّى حُلَّةً إِلَّا أَنْ تَكُونَ ثَوْبَيْنِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء فيما يستحب من الكفن]

[بَاب مَا جَاءَ فِيمَا يُسْتَحَبُّ مِنْ الْكَفَنِ] 1472 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ الْمَكِّيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرُ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضُ فَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ وَالْبَسُوهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (خَيْرُ ثِيَابِكُمُ الْبَيَاضُ) أَيِ الثِّيَابُ الْبِيضُ لِأَنَّهُ يَظْهَرُ فِيهَا أَدْنَى وَسَخٍ فَيُزَالُ.

1473 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنْبَأَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ حَاتِمِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَيْرُ الْكَفَنِ الْحُلَّةُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْحُلَّةُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا مِنْ خَيْرِ الْكَفَنِ وَالْمَطْلُوبُ بَيَانُ وَفَائِهَا فِي التَّكْفِينِ.

1474 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا وَلِيَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُحْسِنْ كَفَنَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذَا وَلِيَ) بِكَسْرِ اللَّامِ الْمُخَفَّفَةِ مِنَ الْوِلَايَةِ (أَخَاهُ) أَيْ أَمْرَ تَجْهِيزِهِ وَتَكْفِينِهِ (فَلِيُحْسِنْ كَفْنَهُ) قِيلَ بِسُكُونِ الْفَاءِ مَصْدَرٌ أَيْ تَكْفِينَهُ فَيَشْمَلُ الثَّوْبَ وَهَيْئَتَهُ وَعَمَلَهُ وَالْمَعْرُوفُ الْفَتْحُ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ هُوَ الصَّحِيحُ قَالَ أَصْحَابُنَا وَالْمُرَادُ بِتَحْسِينِهِ بَيَاضُهُ وَنَظَافَتُهُ وَسُبُوغُهُ وَكِفَايَتُهُ لَا كَوْنُهُ ثَمِينًا لِحَدِيثِ النَّهْيِ عَنِ الْمُغَالَاةِ اهـ.

[باب ما جاء في النظر إلى الميت إذا أدرج في أكفانه]

[بَاب مَا جَاءَ فِي النَّظَرِ إِلَى الْمَيِّتِ إِذَا أُدْرِجَ فِي أَكْفَانِهِ] 1475 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ بْنِ سَمُرَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ حَدَّثَنَا أَبُو شَيْبَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «لَمَّا قُبِضَ إِبْرَاهِيمُ ابْنُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُدْرِجُوهُ فِي أَكْفَانِهِ حَتَّى أَنْظُرَ إِلَيْهِ فَأَتَاهُ فَانْكَبَّ عَلَيْهِ وَبَكَى» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا تُدْرِجُوهُ) مِنَ الْإِدْرَاجِ أَيْ لَا تُدْخِلُوهُ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ يُرِيدُ النَّظَرَ فَلْيَنْظُرْ إِلَيْهِ قَبْلَ الْإِدْرَاجِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ النَّظَرَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَحْسُنُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّ النَّظَرَ بَعْدَهُ يَحْتَاجُ إِلَى مُؤْنَةِ الْكَشْفِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِأَنَّ أَبَا شَيْبَةَ قَالَ ابْنُ حِبَّانَ رَوَى عَنْ أَنَسٍ مَا لَيْسَ مِنْ حَدِيثِهِ لَا يَحِلُّ الرِّوَايَةُ عَنْهُ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ صَاحِبُ عَجَائِبَ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ عَنْهُ عَجَائِبُ اهـ.

[باب ما جاء في النهي عن النعي]

[بَاب مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ النَّعْيِ] 1476 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ بِلَالِ بْنِ يَحْيَى قَالَ «كَانَ حُذَيْفَةُ إِذَا مَاتَ لَهُ الْمَيِّتُ قَالَ لَا تُؤْذِنُوا بِهِ أَحَدًا إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ نَعْيًا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُذُنَيَّ هَاتَيْنِ يَنْهَى عَنْ النَّعْيِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنْ يَكُونَ نَعْيًا) بِفَتْحِ نُونٍ فَسُكُونِ عَيْنٍ وَقِيلَ بِكَسْرِ عَيْنٍ وَتَشْدِيدِ يَاءٍ أَصْلُهُ خَبَرُ الْمَوْتِ وَكَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يُشْهِرُونَ الْمَوْتَ بِهَيْئَةٍ كَرِيهَةٍ فَالنَّهْيُ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ وَخَافَ حُذَيْفَةُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ إِطْلَاقَ النَّهْيِ فَمَا سُمِحَ بِهِ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْوَرَعِ وَإِلَّا فَخَبَرُ الْمَوْتِ سِيَّمَا إِذَا كَانَ لِمَصْلَحَةٍ كَتَكْثِيرِ الْجَمَاعَةِ جَائِزٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في شهود الجنائز]

[بَاب مَا جَاءَ فِي شُهُودِ الْجَنَائِزِ] 1477 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ فَإِنْ تَكُنْ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا إِلَيْهِ وَإِنْ تَكُنْ غَيْرَ ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ) ظَاهِرُهُ الْأَمْرُ بِالْإِسْرَاعِ فِي الْمَشْيِ وَيَحْتَمِلُ الْأَمْرَ بِالْإِسْرَاعِ فِي التَّجْهِيزِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ الْأَوَّلُ هُوَ الْمُتَعَيَّنُ لِقَوْلِهِ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ يُمْكِنُ تَصْحِيحُهُ عَلَى الْمَعْنَى الثَّانِي بِأَنْ يُجْعَلَ الْوَضْعُ عَنِ الرِّقَابِ كِنَايَةً عَنِ التَّبْعِيدِ عَنْهُ وَتَرْكِ التَّلَبُّسِ بِهِ (فَخَيْرٌ تَقْدَمُونَهَا إِلَيْهِ) الظَّاهِرُ أَنَّ التَّقْدِيرَ وَهُوَ خَيْرٌ أَيِ الْجِنَازَةُ بِمَعْنَى الْمَيِّتِ لِمُقَابَلَتِهِ لِقَوْلِهِ فَشَرٌّ وَحِينَئِذٍ

لَا بُدَّ مِنَ اعْتِبَارِ الِاسْتِخْدَامِ فِي ضَمِيرِ إِلَيْهِ الرَّاجِعِ إِلَى الْخَيْرِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَدَّرَ فَإِنْ خَيْرًا فَهُنَاكَ خَيْرٌ لَكِنْ لَا يُسَاعِدُهُ الْمُقَابَلَةَ.

1478 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ نِسْطَاسٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ «مَنْ اتَّبَعَ جِنَازَةً فَلْيَحْمِلْ بِجَوَانِبِ السَّرِيرِ كُلِّهَا فَإِنَّهُ مِنْ السُّنَّةِ ثُمَّ إِنْ شَاءَ فَلْيَتَطَوَّعْ وَإِنْ شَاءَ فَلْيَدَعْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ مِنَ السَّنَةِ) حُكْمُهُ عِنْدَ أَهْلِ الْأَثَرِ الرَّفْعُ إِذِ الْمُتَبَادَرُ فِي قَوْلِ الصَّحَابِيِّ هِيَ سُنَّتُهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ (فَلْيَتَطَوَّعْ) أَيْ بِالزِّيَادَةِ عَلَى ذَلِكَ (فَلْيَدَعْ) أَيْ لِيَتْرُكِ الْحَمْلَ وَفِي الزَّوَائِدِ رِجَالُ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ لَكِنَّ الْحَدِيثَ مَوْقُوفٌ حُكْمُهُ الرَّفْعُ وَأَيْضًا هُوَ مُنْقَطِعٌ فَإِنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ قَالَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو زُرْعَةَ وَغَيْرُهُمَا.

1479 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عَقِيلٍ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ ثَابِتٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ لَيْثٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رَأَى جِنَازَةً يُسْرِعُونَ بِهَا قَالَ لِتَكُنْ عَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لِتَكُنْ عَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ) كَأَنَّهُ نَهْيٌ عَنِ الْمُبَالَغَةِ فِي الْإِسْرَاعِ وَأَمْرٌ بِالتَّوَسُّطِ فِيهِ فَلَا يُخَالِفُ حَدِيثَ أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ وَفِي الزَّوَائِدِ لَيْثٌ هُوَ ابْنُ سُلَيْمٍ ضَعِيفٌ وَتَرَكَهُ يَحْيَى بْنُ الْقِطَّانِ وَابْنُ مَعِينٍ وَابْنُ مَهْدِيٍّ وَمَعَ ضَعْفِهِ فَالْحَدِيثُ يُخَالِفُ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ.

1480 - حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاسًا رُكْبَانًا عَلَى دَوَابِّهِمْ فِي جِنَازَةٍ فَقَالَ أَلَا تَسْتَحْيُونَ أَنَّ مَلَائِكَةَ اللَّهِ يَمْشُونَ عَلَى أَقْدَامِهِمْ وَأَنْتُمْ رُكْبَانٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَأَنْتُمْ رُكْبَانُ) أَيْ تَمْشُونَ رُكْبَانًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي الرُّكُوبُ فِي جَنَائِزِ الصُّلَحَاءِ الَّذِينَ يُرْجَى حُضُورُ الْمَلَائِكَةِ فِي جَنَائِزِهِمْ وَأَنَّهُ تَرَكَ الْأَوْلَى وَإِلَّا فَالرُّكُوبُ قَدْ جَاءَ مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ.

1481 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ حَدَّثَنِي زِيَادُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ سَمِعَ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ يَقُولُ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الرَّاكِبُ خَلْفَ الْجِنَازَةِ وَالْمَاشِي مِنْهَا حَيْثُ شَاءَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الرَّاكِبُ خَلْفَ الْجِنَازَةِ) أَيِ اللَّائِقُ بِحَالِهِ أَنْ يَكُونَ خَلْفَ الْجِنَازَةِ وَالْمَاشِي مِنْهَا حَيْثُ شَاءَ أَيْ مِنَ الْيَمِينِ وَالْيَسَارِ وَالْقُدَّامِ وَالْخَلْفِ فَإِنَّ حَاجَةَ الْحَمْلِ قَدْ تَدْعُو إِلَى جَمِيعِ ذَلِكَ فَالظَّاهِرُ مِنَ الْحَدِيثِ أَنَّ الْأَصْلَ فِي التَّابِعِ لِلْجِنَازَةِ أَنْ يَكُونَ خَلْفَهَا لَكِنِ الْمَاشِي لِحَاجَةِ الْحَمْلِ إِلَى جِهَاتٍ أُخَرَ بِخِلَافِ الرَّاكِبِ فَبَقِيَ حُكْمُهُ عَلَى الْأَصْلِ وَجُوِّزَ لِلْمَاشِي الْجِهَاتُ كُلُّهَا

وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في المشي أمام الجنازة]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْمَشْيِ أَمَامَ الْجِنَازَةِ] 1482 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَسَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ قَالُوا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ جَائِزٌ وَلَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الْأَوْلَى لِجَوَازِ أَنَّهُمْ تَقَدَّمُوا لِحَاجَةٍ دَعَتْ إِلَى ذَلِكَ.

1483 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ وَهَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَمَّالُ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيُّ أَنْبَأَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ الْأَيْلِيُّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ»

1484 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي مَاجِدَةَ الْحَنَفِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجِنَازَةُ مَتْبُوعَةٌ وَلَيْسَتْ بِتَابِعَةٍ لَيْسَ مِنْهَا مَنْ تَقَدَّمَهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَلَيْسَتْ بِتَابِعَةٍ) فَائِدَتُهُ بَيَانُ أَنَّهَا مَتْبُوعَةٌ مَحْضَةٌ لَا تَكُونُ تَابِعَةً أَصْلًا لَا أَنَّهَا مَتْبُوعَةٌ مِنْ وَجْهٍ وَتَابِعَةٌ مِنْ وَجْهٍ (لَيْسَ مَعَهَا) أَيْ لَيْسَ الْمُتَقَدِّمُ تَابِعًا لَهَا فَلَا يُثَابُ وَقَدْ ضَعَّفَ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ هَذَا الْحَدِيثَ بِحَالَةِ أَبِي مَاجِدَةَ وَقَدْ وُجِدَ تَضْعِيفُ الْحَدِيثِ بِذَلِكَ فِي بَعْضِ نُسَخِ أَبِي دَاوُدَ أَيْضًا قَالَ التِّرْمِذِيُّ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ يُضَعِّفُ أَبَا مَاجِدَةَ هَذَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ قَالَ الْحُمَيْدِيُّ قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ لِيَحْيَى مَنْ أَبُو مَاجِدَةَ هَذَا؟ : قَالَ طَائِرٌ طَارَ فَحَدَّثَنَا اهـ.

[باب ما جاء في النهي عن التسلب مع الجنازة]

[بَاب مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ التَّسَلُّبِ مَعَ الْجِنَازَةِ] 1485 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَزَوَّرِ عَنْ نُفَيْعٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ وَأَبِي بَرْزَةَ قَالَا «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جِنَازَةٍ فَرَأَى قَوْمًا قَدْ طَرَحُوا أَرْدِيَتَهُمْ يَمْشُونَ فِي قُمُصٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبِفِعْلِ الْجَاهِلِيَّةِ تَأْخُذُونَ أَوْ بِصُنْعِ الْجَاهِلِيَّةِ تَشَبَّهُونَ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَدْعُوَ عَلَيْكُمْ دَعْوَةً تَرْجِعُونَ فِي غَيْرِ صُوَرِكُمْ قَالَ فَأَخَذُوا أَرْدِيَتَهُمْ وَلَمْ يَعُودُوا لِذَلِكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (طَرَحُوا أَرْدِيَتَهُمْ) أَيْ غَيَّرُوا لِبَاسَهُمْ لِلْحُزْنِ عَلَى الْمَيِّتِ وَهَذَا مِنْ صَنِيعِ الْجَاهِلِيَّةِ لَكِنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ يُبَالِغُونَ فِيهِ فَلِذَلِكَ سُمِّيَ هَذَا تَشَبُّهًا بِهِمْ وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ فِيهِ نُفَيْعُ بْنُ الْحَارِثِ أَبُو دَاوُدَ الْأَعْمَى تَرَكَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَنَسَبَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ

وَغَيْرُهُ لِلْوَضْعِ وَعَلِيُّ بْنُ الْحَزُورِ كَذَلِكَ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ عِنْدَهُ عَجَائِبُ وَقَالَ مُرَّةُ فِيهِ نَظَرٌ.

[باب ما جاء في الجنازة لا تؤخر إذا حضرت ولا تتبع بنار]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْجِنَازَةِ لَا تُؤَخَّرُ إِذَا حَضَرَتْ وَلَا تُتْبَعُ بِنَارٍ] 1486 - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِيُّ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تُؤَخِّرُوا الْجِنَازَةَ إِذَا حَضَرَتْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا تُؤَخِّرُوا الْجِنَازَةَ إِلَخْ) أَيْ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ قَدْ يُؤَدِّي إِلَى التَّغَيُّرِ فَالتَّعْجِيلُ فِيهَا أَحَبُّ وَأَيْضًا إِنْ كَانَتْ خَيْرًا فَالتَّقْدِيمُ إِلَيْهِ أَحَبُّ وَإِنْ كَانَتْ شَرًّا فَتَبْعِيدُهُ أَوْلَى كَمَا فِي حَدِيثِ «أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ» .

1487 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ أَنْبَأَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى الْفُضَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ أَبِي حَرِيزٍ أَنَّ أَبَا بُرْدَةَ حَدَّثَهُ قَالَ «أَوْصَى أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ فَقَالَ لَا تُتْبِعُونِي بِمِجْمَرٍ قَالُوا لَهُ أَوَ سَمِعْتَ فِيهِ شَيْئًا قَالَ نَعَمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا تَتْبَعُونِي بِمِجْمَرٍ) أَيْ بِنَارٍ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَيُؤَدِّي إِلَى الْفَالِ الْقَبِيحِ فَتَرْكُهُ أَوْلَى وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حُسَيْنٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ ثِقَةٌ وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ حَسَنُ الْحَدِيثِ لَيْسَ بِمُنْكَرِ الْحَدِيثِ يَكْتُبُ حَدِيثَهُ وَقَالَ أَحْمَدُ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وَقَالَ النَّسَائِيُّ وَالسَّاجِيُّ ضَعِيفٌ وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ عَامَّةُ مَا يَرْوِي لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنُ مَعِينٍ فِيهِ فَمَرَّةً قَالَ ثِقَةٌ وَمَرَّةً قَالَ ضَعِيفٌ وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَأَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ.

[باب ما جاء فيمن صلى عليه جماعة من المسلمين]

[بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ صَلَّى عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ] 1488 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ أَنْبَأَنَا شَيْبَانُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ مِائَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ غُفِرَ لَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (غُفِرَ لَهُ) بِقَبُولِ شَفَاعَتِهِمْ فِيهِ وَفِي الزَّوَائِدِ قَدْ جَاءَ عَنْ عَائِشَةَ فِي التِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ مِثْلُهُ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحَيْنِ.

1489 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سُلَيْمٍ حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ الْخَرَّاطُ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «هَلَكَ ابْنٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ لِي يَا كُرَيْبُ قُمْ فَانْظُرْ هَلْ اجْتَمَعَ لِابْنِي أَحَدٌ فَقُلْتُ نَعَمْ فَقَالَ وَيْحَكَ كَمْ تَرَاهُمْ أَرْبَعِينَ قُلْتُ لَا بَلْ هُمْ أَكْثَرُ قَالَ فَاخْرُجُوا بِابْنِي فَأَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا مِنْ أَرْبَعِينَ مِنْ مُؤْمِنٍ يَشْفَعُونَ لِمُؤْمِنٍ إِلَّا شَفَّعَهُمْ اللَّهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِلَّا شَفَّعَهُمُ اللَّهُ) بِالتَّشْدِيدِ أَيْ قَبِلَ شَفَاعَتَهُمْ فِيهِ.

1490 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِيِّ عَنْ مَالِكِ بْنِ هُبَيْرَةَ الشَّامِيِّ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ قَالَ «كَانَ إِذَا أُتِيَ بِجِنَازَةٍ فَتَقَالَّ مَنْ تَبِعَهَا جَزَّأَهُمْ ثَلَاثَةَ صُفُوفٍ ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا وَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا صَفَّ صُفُوفٌ ثَلَاثَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَيِّتٍ إِلَّا أَوْجَبَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ (فَتَقَالَّ) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ أَيْ فَعَدَّهُمْ قَلِيلِينَ (جَزَّأَهُمْ) بِتَشْدِيدِ الزَّايِ وَتَخْفِيفِهَا وَفِي آخِرِهِ هَمْزَةٌ أَيْ فَرَّقَهُمْ (مَا صَفَّ) جَاءَ لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا وَهَاهُنَا لَازِمٌ مَا اصْطَفُّوا أَوْ مُتَعَدٍّ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ. قَوْلُهُ: (إِلَّا أَوْجَبَ) أَيِ اصْطِفَافُهُمُ الْمَغْفِرَةَ أَوِ الْجَنَّةَ لَهُ.

[باب ما جاء في الثناء على الميت]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الثَّنَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ] 1491 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «مُرَّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجِنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا خَيْرًا فَقَالَ وَجَبَتْ ثُمَّ مُرَّ عَلَيْهِ بِجِنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا شَرًّا فَقَالَ وَجَبَتْ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قُلْتَ لِهَذِهِ وَجَبَتْ وَلِهَذِهِ وَجَبَتْ فَقَالَ شَهَادَةُ الْقَوْمِ وَالْمُؤْمِنُونَ شُهُودُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مُرَّ عَلَى النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِجِنَازَةٍ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَكَذَا فَأُثْنِيَ وَنُصِبَ " خَيْرًا " عَلَى الْمَصْدَرِ أَيْ ثَنَاءً حَسَنًا قَوْلُهُ: (شَهَادَةُ الْقَوْمِ) أَيْ وَجَبَتْ لِلْمَيِّتِ شَهَادَةُ الْقَوْمِ أَوْ مُقْتَضَاهَا قَوْلُهُ: (شُهُودُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ) قِيلَ الْمُرَادُ بِالْمُؤْمِنِينَ الصَّحَابَةُ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَنْطِقُونَ بِالْحِكْمَةِ بِخِلَافِ مَنْ بَعْدَهُمْ وَقِيلَ بَلْ هُمْ وَمَنْ كَانُوا عَلَى صِفَتِهِمْ فِي الْإِيمَانِ وَقِيلَ الصَّوَابُ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَصُّ بِالثِّقَاتِ وَالْمُتَّقِينَ وَقَالَ النَّوَوِيُّ قِيلَ هَذَا مَخْصُوصٌ بِمَنْ أَثْنَى عَلَيْهِ أَهْلُ الْفَضْلِ وَكَانَ ثَنَاؤُهُمْ مُطَابِقًا لِأَفْعَالِهِ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ عَلَى عُمُومِهِ وَإِطْلَاقِهِ وَأَنَّ كُلَّ مُسْلِمٍ مَاتَ فَأَلْهَمَ اللَّهُ النَّاسَ أَوْ مُعْظَمَهُمُ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ سَوَاءٌ كَانَتْ أَفْعَالُهُ تَقْتَضِي ذَلِكَ أَمْ لَا إِذِ الْقَرَابَةُ غَيْرُ وَاجِبَةٍ فَإِلْهَامُ اللَّهِ تَعَالَى الثَّنَاءَ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ شَاءَ الْمَغْفِرَةَ لَهُ وَبِهَذَا يَظْهَرُ فَائِدَةُ الثَّنَاءِ وَإِلَّا فَإِذَا كَانَتْ أَفْعَالُهُ مُقْتَضِيَةً لِلْجَنَّةِ لَمْ يَكُنْ لِلثَّنَاءِ فَائِدَةٌ قُلْتُ: وَلَعَلَّهُ لِهَذَا جَاءَ (لَا تَذْكُرُوا الْمَوْتَى إِلَّا بِخَيْرٍ) .

1492 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «مُرَّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجِنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا خَيْرًا فِي مَنَاقِبِ الْخَيْرِ فَقَالَ وَجَبَتْ ثُمَّ مَرُّوا عَلَيْهِ بِأُخْرَى فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا شَرًّا فِي مَنَاقِبِ الشَّرِّ فَقَالَ وَجَبَتْ إِنَّكُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (خَيْرًا فِي مَنَاقِبِ الْخَيْرِ) أَيْ خَيْرًا مَعْدُودًا فِي خِصَالِ الْخَيْرِ وَأَفْعَالِهِ وَفِي الزَّوَائِدِ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ إِلَّا قَوْلَهُ: فِي مَنَاقِبِ الْخَيْرِ وَمَنَاقِبِ الشَّرِّ وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ

مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَيُوَافِقُهُ حَدِيثُ عُمَرَ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَإِسْنَادُ ابْنِ مَاجَهْ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحَيْنِ.

[باب ما جاء في أين يقوم الإمام إذا صلى على الجنازة]

[بَاب مَا جَاءَ فِي أَيْنَ يَقُومُ الْإِمَامُ إِذَا صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ] 1493 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ ذَكْوَانَ أَخْبَرَنِي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ الْفَزَارِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى امْرَأَةٍ مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا فَقَامَ وَسَطَهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَقَامَ فِي وَسَطِهَا) أَيْ فِي مُحَاذَاةِ وَسَطِهَا وَهُوَ بِسُكُونِ السِّينِ وَفَتْحِهَا بِمَعْنًى فَلِذَا جُوِّزَ الْوَجْهَانِ وَقَدْ فَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَهُمَا.

1494 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي غَالِبٍ قَالَ «رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ صَلَّى عَلَى جِنَازَةِ رَجُلٍ فَقَامَ حِيَالَ رَأْسِهِ فَجِيءَ بِجِنَازَةٍ أُخْرَى بِامْرَأَةٍ فَقَالُوا يَا أَبَا حَمْزَةَ صَلِّ عَلَيْهَا فَقَامَ حِيَالَ وَسَطِ السَّرِيرِ فَقَالَ الْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ يَا أَبَا حَمْزَةَ هَكَذَا رَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ مِنْ الْجِنَازَةِ مُقَامَكَ مِنْ الرَّجُلِ وَقَامَ مِنْ الْمَرْأَةِ مُقَامَكَ مِنْ الْمَرْأَةِ قَالَ نَعَمْ فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا فَقَالَ احْفَظُوا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حِيَالَ رَأْسِهِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ مُحَاذَاةَ رَأْسِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في القراءة على الجنازة]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْقِرَاءَةِ عَلَى الْجِنَازَةِ] 1495 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ عَلَى الْجِنَازَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَرَأَ عَلَى الْجِنَازَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ) فِي إِفَادَةِ الِافْتِرَاضِ بَحْثٌ نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْفَاتِحَةُ أَوْلَى وَأَحْسَنَ مِنْ غَيْرِهَا مِنَ الْأَدْعِيَةِ وَلَا وَجْهَ لِلْمَنْعِ عَنْهَا وَعَلَى هَذَا كَثِيرٌ مِنْ مُحَقِّقِي عُلَمَائِنَا إِلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا يَقْرَأُ بِنِيَّةِ الدُّعَاءِ وَالثَّنَاءِ لَا بِنِيَّةِ الْقِرَاءَةِ.

1496 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي عَاصِمٍ النَّبِيلُ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُسْتَمِرِّ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ جَعْفَرٍ الْعَبْدِيُّ حَدَّثَنِي شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ حَدَّثَتْنِي أُمُّ شَرِيكٍ الْأَنْصَارِيَّةُ قَالَتْ «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَقْرَأَ عَلَى الْجِنَازَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُمَا وَتَرَكَهُ ابْنُ عَوْفٍ وَضَعَّفَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَلَيَّنَهُ النَّسَائِيُّ وَحَمَّادٌ وَغَيْرُهُمُ اهـ.

[باب ما جاء في الدعاء في الصلاة على الجنازة]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ] 1497 - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ الْمَدِينِيِّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْحَرَّانِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا صَلَّيْتُمْ عَلَى الْمَيِّتِ فَأَخْلِصُوا لَهُ الدُّعَاءَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَأَخْلِصُوا إِلَخْ) أَيْ خُصُّوهُ بِالدُّعَاءِ.

1498 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ يَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِيمَانِ اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ وَلَا تُضِلَّنَا بَعْدَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا) الْمَقْصُودُ فِي مِثْلِهِ التَّعْمِيمُ فَلَا يَشْكُلُ بِأَنَّ الْمَغْفِرَةَ مَسْبُوقَةٌ بِالذُّنُوبِ فَكَيْفَ تَتَعَلَّقُ بِالصَّغِيرِ وَلَا ذَنْبَ لَهُ وَقَالَ التُّورْبَشْتِيُّ سُئِلَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ عَنْ الِاسْتِغْفَارِ لِلصِّبْيَانِ مَعَ أَنَّهُ لَا ذَنْبَ لَهُمْ فَقَالَ سَأَلَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَنْ يُغْفَرَ لَهُمْ ذُنُوبٌ قُضِيَتْ لَهُمْ أَنْ يُصِيبُوهَا بَعْدَ الِانْتِهَاءِ إِلَى حَالِ الْكِبَرِ اهـ قُلْتُ: هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ الْمُؤَاخَذَةِ بِتِلْكَ الذُّنُوبِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ.

1499 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ جَنَاحٍ حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ مَيْسَرَةَ بْنِ حَلْبَسٍ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ قَالَ «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَأَسْمَعُهُ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ فِي ذِمَّتِكَ وَحَبْلِ جِوَارِكَ فَقِهِ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ النَّارِ وَأَنْتَ أَهْلُ الْوَفَاءِ وَالْحَقِّ فَاغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي ذِمَّتِكَ) أَيْ فِي أَمَانَتِكَ وَعَهْدِكَ وَحِفْظِكَ (وَحَبْلِ جِوَارِكَ) قِيلَ كَانَ مِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ أَنْ يُخِيفَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَخَذَ عَهْدًا مِنْ سَيِّدِ كُلِّ قَبِيلَةٍ فَيَأْمَنُ بِهِ مَا دَامَ فِي حُدُودِهَا حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى الْأُخْرَى فَيَأْخُذَ مِثْلَ ذَلِكَ فَهَذَا حَبْلُ الْجِوَارِ أَيِ الْعَهْدُ وَالْأَمَانُ مَا دَامَ مُجَاوِرًا أَرْضَهُ أَوْ هُوَ مِنَ الْإِجَارَةِ وَالْأَمَانِ وَالنُّصْرَةِ (وَقِهِ) صِيغَةُ أَمْرٍ مِنَ الْوِقَايَةِ وَالْمَقْصُودُ الدُّعَاءُ.

1500 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ حَدَّثَنَا فَرَجُ بْنُ الْفَضَالَةِ حَدَّثَنِي عِصْمَةُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ وَاغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ وَاغْسِلْهُ بِمَاءٍ وَثَلْجٍ وَبَرَدٍ وَنَقِّهِ مِنْ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ وَأَبْدِلْهُ بِدَارِهِ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ وَقِهِ فِتْنَةَ الْقَبْرِ وَعَذَابَ النَّارِ» قَالَ عَوْفٌ فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي مُقَامِي ذَلِكَ أَتَمَنَّى أَنْ أَكُونَ مَكَانَ الرَّجُلِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَاغْسِلْهُ بِمَاءٍ وَثَلْجٍ وَبَرَدٍ) بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ طَهِّرْهُ مِنَ الْمَعَاصِي بِأَنْوَاعِ الرَّحْمَةِ الَّتِي

بِمَنْزِلَةِ الْمَاءِ وَغَيْرِهِ فِي إِزَالَةِ الْوَسَخِ (وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ) يَشْمَلُ الزَّوْجَةَ وَالْخَدَمَ.

1501 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «مَا أَبَاحَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَبُو بَكْرٍ وَلَا عُمَرُ فِي شَيْءٍ مَا أَبَاحُوا فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ يَعْنِي لَمْ يُوَقِّتْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَمَا أَبَاحَ إِلَخْ) أَيْ مَا عُمِّمَ لَنَا فِي جَوَازِ شَيْءٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ مِثْلَ تَعْمِيمِ الصَّلَاةِ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ جَوَّزَ صَلَاةَ الْجَنَائِزِ فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ وَلَيْسَ فِيهَا وَقْتٌ مَكْرُوهٌ وَهَذَا الْمَعْنَى مَعَ كَوْنِهِ خِلَافَ مَا تُفِيدُهُ الْأَحَادِيثُ لَا يُوَافِقُ تَرْجَمَةَ الْمُصَنِّفِ وَلِهَذَا قِيلَ لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَمْ يُوقَفْ فِيهَا الدُّعَاءُ أَيْ فَيُدْعَى لَهُ بِأَيِّ دُعَاءٍ كَانَ وَفِي الزَّوَائِدِ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ قَدْ كَانَ كَثِيرَ التَّدْلِيسِ مَشْهُورًا بِذَلِكَ وَقَدْ رَوَاهُ بِالْعَنْعَنَةِ كَذَا فِي الزَّوَائِدِ.

[باب ما جاء في التكبير على الجنازة أربعا]

[بَاب مَا جَاءَ فِي التَّكْبِيرِ عَلَى الْجِنَازَةِ أَرْبَعًا] 1502 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْإِيَاسِ عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ وَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَكَبَّرَ أَرْبَعًا) هَذَا الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَقَدْ جَاءَ بِطَرِيقٍ صَحِيحَةٍ لَكِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ فِي إِسْنَادِهِ خَالِدُ بْنُ إِلْيَاسَ وَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى تَضْعِيفِهِ كَذَا فِي الزَّوَائِدِ.

1503 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْمُحَارِبِيُّ حَدَّثَنَا الْهَجَرِيُّ قَالَ «صَلَّيْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى الْأَسْلَمِيِّ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جِنَازَةِ ابْنَةٍ لَهُ فَكَبَّرَ عَلَيْهَا أَرْبَعًا فَمَكَثَ بَعْدَ الرَّابِعَةِ شَيْئًا قَالَ فَسَمِعْتُ الْقَوْمَ يُسَبِّحُونَ بِهِ مِنْ نَوَاحِي الصُّفُوفِ فَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ أَكُنْتُمْ تَرَوْنَ أَنِّي مُكَبِّرٌ خَمْسًا قَالُوا تَخَوَّفْنَا ذَلِكَ قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَفْعَلَ وَلَكِنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُكَبِّرُ أَرْبَعًا ثُمَّ يَمْكُثُ سَاعَةً فَيَقُولُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ ثُمَّ يُسَلِّمُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَمَكَثَ بَعْدَ الرَّابِعَةِ شَيْئًا) يَدُلُّ عَلَى وَجُودِ ذِكْرٍ بَعْدَ الرَّابِعَةِ (لَمْ أَكُنْ لِأَفْعَلَ) أَيْ لِكَوْنِهِ خِلَافَ مَا تَقَرَّرَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَإِنْ كَانَ قَدْ جَاءَتِ الزِّيَادَةُ قَبْلَ أَنْ يُقَرَّرَ الْعَمَلُ عَلَى الْأَرْبَعِ وَفِي الزَّوَائِدِ وَفِي إِسْنَادِهِ الْهَجَرِيُّ وَاسْمُهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُسْلِمٍ الْكُوفِيُّ ضَعَّفَهُ سُفْيَانُ بْنُ

عُيَيْنَةَ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

1504 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ قَالُوا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْيَمَانِ عَنْ الْمِنْهَالِ بْنِ خَلِيفَةَ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَبَّرَ أَرْبَعًا»

[باب ما جاء فيمن كبر خمسا]

[بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ كَبَّرَ خَمْسًا] 1505 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ح وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ وَأَبُو دَاوُدَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ «كَانَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ يُكَبِّرُ عَلَى جَنَائِزِنَا أَرْبَعًا وَأَنَّهُ كَبَّرَ عَلَى جِنَازَةٍ خَمْسًا فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَبِّرُهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يُكَبِّرُهَا) أَيِ الْخَمْسُ أَحْيَانًا وَثُبُوتُ الزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنْ حَيْثُ الرِّوَايَةُ إِلَّا أَنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى أَنَّ آخِرَ الْأَمْرِ كَانَ أَرْبَعًا وَهُوَ نَاسِخٌ لِمَا تَقَدَّمَ وَبَعْضُ الصَّحَابَةِ مَا عَلِمُوا بِذَلِكَ كَانُوا يَعْمَلُونَ بِمَا عَلَيْهِ الْأَمْرُ أَوَّلًا انْتَهِي.

1506 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ الرَّافِعِيُّ عَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَبَّرَ خَمْسًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ) فِي الزَّوَائِدِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْكَذِبِ وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ رُوِيَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ نُسْخَةٌ مَوْضُوعَةٌ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبِرِّ مُجْمَعٌ عَلَى ضَعْفِهِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ ضَعِيفٌ بِالِاتِّفَاقِ قُلْتُ: هُوَ كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّ التِّرْمِذِيَّ صَحَّحَ لَهُ حَدِيثَ «الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ» وَحَدِيثَ التَّكْبِيرَاتِ فِي الْعِيدِ وَالرَّاوِي عَنْهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ ضَعَّفَهُ الْبُخَارِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَرَمَاهُ بَعْضُهُمْ بِالْكَذِبِ اهـ كَلَامُ صَاحِبِ الزَّوَائِدِ.

[باب ما جاء في الصلاة على الطفل]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الطِّفْلِ] 1507 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ حَدَّثَنِي عَمِّي زِيَادُ بْنُ جُبَيْرٍ حَدَّثَنِي أَبِي جُبَيْرُ بْنُ حَيَّةَ أَنَّهُ سَمِعَ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ يَقُولُ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الطِّفْلُ يُصَلَّى عَلَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الطِّفْلُ يُصَلَّى عَلَيْهِ) حَمَلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ إِنِ اسْتَهَلَّ حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ فِي الْحَدِيثِ الْآتِي وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ «الطِّفْلُ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ حَتَّى يَسْتَهِلَّ» فَحَمَلُوا هَذَا الْإِطْلَاقَ عَلَيْهِ تَرْجِيحًا لِلْحُرْمَةِ عَلَى الْحِلِّ عِنْدَ التَّعَارُضِ وَأَخَذَ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ

بِإِطْلَاقِهِ انْتَهَى.

1508 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ بَدْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَهَلَّ الصَّبِيُّ صُلِّيَ عَلَيْهِ وَوُرِثَ»

1509 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا الْبَخْتَرِيُّ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلُّوا عَلَى أَطْفَالِكُمْ فَإِنَّهُمْ مِنْ أَفْرَاطِكُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُمْ مِنْ أَفْرَاطِكُمْ) جَمْعُ فَرَطٍ بِفَتْحَتَيْنِ وَهُوَ مَنْ يَسْبِقُ الْقَوْمَ لِيَرْتَادَ لَهُمُ الْمَاءَ وَيُهَيِّئَ لَهُمُ الدِّلَاءَ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ الْبُحْتُرِيُّ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ فِيهِ أَبُو نُعَيْمٍ الْأَصْبَهَانِيُّ وَالْحَاكِمُ وَالنَّقَّاشُ رَوَى عَنْ أَبِيهِ مَوْضُوعَاتٍ وَضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَابْنُ عَدِيٍّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَكَذَّبَهُ الْأَزْدِيُّ وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ مَجْهُولٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في الصلاة على ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر وفاته]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى ابْنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذِكْرِ وَفَاتِهِ] 1510 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ قَالَ قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رَأَيْتَ إِبْرَاهِيمَ ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَاتَ وَهُوَ صَغِيرٌ وَلَوْ قُضِيَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيٌّ لَعَاشَ ابْنُهُ وَلَكِنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ) بِالتَّصْغِيرِ (وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ (قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى:) هُوَ صَحَابِيُّ ابْنُ صَحَابِيٍّ وَاسْمُ أَبِيهِ عَلْقَمَةُ وَالْحَدِيثُ قَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ بِعَيْنِ هَذَا الْإِسْنَادِ فِي الْأَدَبِ فِي بَابِ (مَنْ سُمِّيَ بِأَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ) قَوْلُهُ: (قَدْ مَاتَ) وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ قَالَ نَعَمْ مَاتَ صَغِيرًا أَوْ بِهَذَا ظَهَرَ أَنَّ فِي رِوَايَةِ الْكِتَابِ اخْتِصَارًا وَإِلَّا لَا يَسْتَقِيمُ الْجَوَابُ وَقَوْلُهُ مَاتَ وَهُوَ صَغِيرٌ إِلَخْ زِيَادَةٌ فِي الْجَوَابِ لِلْإِفَادَةِ قَوْلُهُ: وَلَوْ قُضِيَ عَلَى بِنَاءِ الْمَجْهُولِ وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بَيَانًا لِسَبَبِ مَوْتِهِ وَمَدَارُهُ عَلَى أَنَّ إِبْرَاهِيمَ قَدْ عَلَّقَ نُبُوَّتَهُ بِعَيْشِهِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ عَلِمَ ذَلِكَ مِنْ جِهَتِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ كَمَا جَاءَ عَنْهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِبَعْضِ الطُّرُقِ الضَّعِيفَةِ وَكَذَلِكَ جَاءَ مِثْلُهُ عَنِ الصَّحَابَةِ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ عَلَى هَذَا أَنَّهُ لَوْ قَضَى النُّبُوَّةَ لِأَحَدٍ بَعْدَهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لَأَمْكَنَ حَيَاةَ إِبْرَاهِيمَ لَكِنْ لَمَّا لَمْ يَقْضِ لِأَحَدٍ تِلْكَ وَقَدْ قَدَّرَ لِإِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ يَكُونُ نَبِيًّا عَلَى تَقْدِيرِ حَيَاتِهِ لَزِمَ أَنْ لَا يَعِيشَ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ بَيَانٌ لِفَضْلِ إِبْرَاهِيمَ وَحَاصِلُهُ لَوْ قُدِّرَ نَبِيٌّ بَعْدَهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لَكَانَ إِبْرَاهِيمُ أَحَقُّ بِذَلِكَ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَعِيشَ حِينَئِذٍ إِلَى أَنْ يُبْعَثَ نَبِيًّا لَكِنْ مَا قُدِّرَ بَعْدَهُ فَلِذَلِكَ مَا لَزِمَ أَنْ يَعِيشَ وَعَلَى الْمَعْنَيَيْنِ فَلَيْسَ مَبْنَى الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ وَلَدَ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ نَبِيًّا حَتَّى يُقَالُ إِنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ وَإِلَّا لَكَانَ كُلُّنَا أَنْبِيَاءَ لِكَوْنِنَا مِنْ أَوْلَادِ آدَمَ وَنُوحٍ وَفِي الْقَسْطَلَّانِيِّ شَرْحِ الْبُخَارِيِّ وَعِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ «لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيمُ قَالَ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لَوْ عَاشَ إِبْرَاهِيمُ لَكَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا» وَفِي إِسْنَادِهِ إِبْرَاهِيمُ

بْنُ عُثْمَانَ الْوَاسِطِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَمِنْ طَرِيقِهِ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَنْدَهْ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ عَنْ أَنَسٍ «لَوْ بَقِيَ إِبْرَاهِيمُ لَكَانَ نَبِيًّا لَكِنْ لَمْ يَكُنْ لِيَبْقَى فَإِنَّ نَبِيَّكُمْ آخِرُ الْأَنْبِيَاءِ» وَمِثْلُ هَذَا لَا يُقَالُ مِنْ قِبَلِ الرَّأْيِ وَقَدْ تَوَارَدَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَأَمَّا إِنْكَارُ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ حَدِيثَ أَنَسٍ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ إِيرَادِهِ فِي التَّمْهِيدِ لَا أَدْرِي مَا هَذَا فَقَدْ كَانَ وَلَدُ نُوحٍ غَيْرَ نَبِيٍّ وَلَوْ لَمْ يَلِدِ النَّبِيُّ الْأَنْبِيَاءَ لَكَانَ كُلُّ أَحَدٍ نَبِيًّا لِأَنَّهُمْ مِنْ وَلَدِ نُوحٍ فَغَيْرُ لَازِمٍ مِنَ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ وَكَأَنَّ النَّوَوِيَّ تَبِعَهُ فِي قَوْلِهِ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ بَعْضِ الْمُتَقَدِّمِينَ لَوْ عَاشَ إِبْرَاهِيمُ لَكَانَ نَبِيًّا فَبَاطِلٌ وَجَسَارَةٌ عَلَى الْكَلَامِ عَلَى الْمُغَيَّبَاتِ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْإِصَابَةِ وَهُوَ عَجِيبٌ مَعَ وُرُودِهِ عَنْ ثَلَاثَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَقَالَ فِي الْفَتْحِ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مَا اسْتَحْضَرَ وُرُودَهُ عَنِ الصَّحَابَةِ فَرَدَّهُ.

1511 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ شَبِيبٍ الْبَاهِلِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ عَنْ مِقْسَمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيمُ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِي الْجَنَّةِ وَلَوْ عَاشَ لَكَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا وَلَوْ عَاشَ لَعَتَقَتْ أَخْوَالُهُ الْقِبْطُ وَمَا اسْتُرِقَّ قِبْطِيٌّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (صَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ) جَاءَ فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ اسْتَغْنَى إِبْرَاهِيمُ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ بِنُبُوَّةِ أَبِيهِ كَمَا اسْتَغْنَى الشَّهِيدُ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ بِقُرْبَةِ الشَّهَادَةِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ ذَكَرُوا فِي ذَلِكَ وُجُوهًا مِنْهَا أَنَّهُ لَا يُصَلِّي نَبِيٌّ عَلَى نَبِيٍّ وَقَدْ جَاءَ أَنَّهُ لَوْ عَاشَ لَكَانَ نَبِيًّا وَمِنْهَا أَنَّهُ اشْتُغِلَ بِصَلَاةِ الْكُسُوفِ وَقِيلَ الْمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ وَصَلَّى عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَقِيلَ إِنَّهُ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ فِي جَمَاعَةٍ وَقَدْ وَرَدَ أَنَّهُ صَلَّى عَلَيْهِ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَحْمَدُ عَنِ الْبَرَاءِ وَأَبُو يَعْلَى عَنْ أَنَسٍ وَالْبَزَّارُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَسَانِيدُهَا ضَعِيفَةٌ وَحَدِيثُ أَبِي دَاوُدَ قَوِيٌّ وَقَدْ صَحَّحَهُ ابْنُ حَزْمٍ (إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَقِيلَ بِفَتْحِ الْمِيمِ بِمَعْنَى رَضَاعًا وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ فَلَعَلَّ هَذَا مِنْ بَابِ التَّشْرِيفِ وَالتَّكْرِيمِ لَهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْجَنَّةَ لَيْسَتْ دَارَ حَاجَةٍ قَوْلُهُ: (لَعَتَقَتْ أَخْوَالُهُ) بِالرَّفْعِ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ أَبُو شَيْبَةَ قَاضِي وَاسِطٍ قَالَ فِيهِ الْبُخَارِيُّ سَكَتُوا عَنْهُ وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ ارْمِ بِهِ وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ لَيْسَ بِثِقَةٍ وَقَالَ أَحْمَدُ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وَقَالَ النَّسَائِيُّ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ.

1512 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِمْرَانَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي الْوَلِيدِ عَنْ أُمِّهِ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهَا الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ «لَمَّا تُوُفِّيَ الْقَاسِمُ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ خَدِيجَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ دَرَّتْ لُبَيْنَةُ الْقَاسِمِ فَلَوْ كَانَ اللَّهُ أَبْقَاهُ حَتَّى يَسْتَكْمِلَ رِضَاعَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ إِتْمَامَ رَضَاعِهِ فِي الْجَنَّةِ قَالَتْ لَوْ أَعْلَمُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَهَوَّنَ عَلَيَّ أَمْرَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ تَعَالَى فَأَسْمَعَكِ صَوْتَهُ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَلْ أُصَدِّقُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (دَرَّتْ) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ سَالَتْ (لُبَيْنَةُ الْقَاسِمِ) بِالتَّصْغِيرِ يُقَالُ اللُّبْنَةُ لِلطَّائِفَةِ الْقَلِيلَةِ اللَّبَنِ وَاللُّبَيْنَةُ تَصْغِيرُهَا (فَلَوْ كَانَ) أَيْ لَكَانَ أَوْلَى وَهُوَ لِلتَّمَنِّي فَلَا حَاجَةَ إِلَى الْجَوَابِ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُوِّنَ عَلَيَّ بِذِكْرِ الْجَوَابِ كَمَا فِيمَا بَعْدُ هُوِّنَ بِالتَّشْدِيدِ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ قَوْلُهُ: (بَلْ أُصَدِّقُ اللَّهَ) مِنَ التَّصْدِيقِ قَالَ السُّهَيْلِيُّ وَهَذَا مِنْ فِقْهِهَا رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا كَرِهَتْ أَنْ تُؤْمِنَ بِهَذِهِ الْآيَةِ مُعَايَنَةً فَلَا يَكُونُ لَهَا أَجْرُ الْإِيمَانِ بِالْغَيْبِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ هِشَامِ بْنِ أَبِي الْوَلِيدِ لَمْ أَرَ مَنْ وَثَّقَهُ وَلَا جَرَّحَهُ قُلْتُ: بَلْ نُقِلَ أَنَّهُ قَالَ فِي التَّقْرِيبِ إِنَّهُ مَتْرُوكٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِمْرَانَ الْأَصْبَهَانِيُّ ثُمَّ الرَّازِيُّ قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِمٍ صَالِحٌ وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في الصلاة على الشهداء ودفنهم]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الشُّهَدَاءِ وَدَفْنِهِمْ] 1513 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ مِقْسَمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «أُتِيَ بِهِمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ فَجَعَلَ يُصَلِّي عَلَى عَشَرَةٍ عَشَرَةٍ وَحَمْزَةُ هُوَ كَمَا هُوَ يُرْفَعُونَ وَهُوَ كَمَا هُوَ مَوْضُوعٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أُتِيَ بِهِمْ) أَيْ جَاءُوا بِهِمْ عِنْدَهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَحَمْزَةُ كَمَا هُوَ يَدُلُّ عَلَى تَكْرَارِ الصَّلَاةِ عَلَى مَيِّتٍ وَاحِدٍ لِزِيَادَةِ الْبَرَكَةِ وَالْخَيْرِ وَبِهَذَا يَأْخُذُ مَنْ يَقُولُ بِالصَّلَاةِ عَلَى الشَّهِيدِ وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الشُّهَدَاءِ فَتَأْوِيلُهُ عِنْدَهُ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ كَصَلَاتِهِ عَلَى حَمْزَةَ حَيْثُ صَلَّى عَلَيْهِ مِرَارًا وَعَلَى غَيْرِهِ مَرَّةً وَيَظْهَرُ مِنَ الزَّوَائِدِ أَنَّ إِسْنَادَهُ حَسَنٌ.

1514 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ يَقُولُ أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمْ قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ وَقَالَ أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ فِي دِمَائِهِمْ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يُغَسَّلُوا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ) قَالَ الْمُظْهِرُ فِي شَرْحِ الْمَصَابِيحِ الْمُرَادُ بِالثَّوْبِ الْوَاحِدِ الْقَبْرُ الْوَاحِدُ إِذْ لَا يَجُوزُ تَجْرِيدُهُمَا بِحَيْثُ تَتَلَاقَى بَشْرَتُهُمَا اهـ وَنَقَلَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَأَقَرُّوهُ عَلَيْهِ لَكِنْ بِالنَّظَرِ فِي الْحَدِيثِ يَرُدُّهُ بَقِيَ أَنَّهُ مَا مَعْنَى ذَلِكَ وَالشَّهِيدُ يُدْفَنُ بِثِيَابِهِ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِ فَكَانَ هَذَا فِيمَنْ قُطِعَ ثَوْبُهُ وَلَمْ يَبْقَ عَلَى بَدَنِهِ أَوْ بَقِيَ مِنْهُ قَلِيلٌ لِكَثْرَةِ الْجُرُوحِ وَعَلَى تَقْدِيرِ بَقَاءِ شَيْءٍ مِنَ الثَّوْبِ السَّابِقِ فَلَا إِشْكَالَ لِكَوْنِهِ فَاصِلَا عَنْ مُلَاقَاةِ الْبَشَرَةِ وَأَيْضًا قَدِ اعْتَذَرَ بَعْضُهُمْ

عَنْهُ بِالضَّرُورَةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: جَمَعُهُمَا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ هُوَ أَنْ يَقْطَعَ الثَّوْبَ الْوَاحِدَ بَيْنَهُمَا قَوْلُهُ: (أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ) كَلِمَةُ عَلَى فِي مِثْلِهِ تُحْمَلُ عَلَى مِثْلِ اللَّامِ أَيْ شَهِيدٌ لَهُمْ بِأَنَّهُمْ بَذَلُوا أَرْوَاحَهُمْ لِلَّهِ تَعَالَى وَفِيهِ تَشْرِيفٌ لَهُمْ وَتَعْظِيمٌ وَإِلَّا فَالْأَمْرُ مَعْلُومٌ عِنْدَهُ تَعَالَى قَوْلُهُ: (وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ) يَقُولُ بِهِ مَنْ لَا يَرَى الصَّلَاةَ عَلَى الشَّهِيدِ وَمَنْ يَرَاهَا فَقَدْ تَقَدَّمَ تَأْوِيلُهُ.

1515 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلَى أُحُدٍ أَنْ يُنْزَعَ عَنْهُمْ الْحَدِيدُ وَالْجُلُودُ وَأَنْ يُدْفَنُوا فِي ثِيَابِهِمْ بِدِمَائِهِمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْحَدِيدَ) أَيِ السِّلَاحَ وَالدُّرُوعَ (وَالْجُلُودَ) الَّتِي لَبِسُوهَا لِلْبَرْدِ أَوْ لِحَرْبٍ.

1516 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَسَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ سَمِعَ نُبَيْحًا الْعَنْزِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلَى أُحُدٍ أَنْ يُرَدُّوا إِلَى مَصَارِعِهِمْ وَكَانُوا نُقِلُوا إِلَى الْمَدِينَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِلَى مُصَارِعِهِمْ) أَيْ إِلَى الْمَحَالِّ الَّتِي قُتِلُوا فِيهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في الصلاة على الجنائز في المسجد]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ فِي الْمَسْجِدِ] 1517 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَعْنَى فَلَيْسَ لَهُ أَجْرٌ كَمَا فِي رِوَايَةِ وَسَلْبُ الْأَجْرِ مِنَ الْفِعْلِ الْمَوْضُوعِ لِلْأَجْرِ يَقْتَضِي عَدَمَ الصِّحَّةِ وَلِذَا جَاءَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ لَكِنْ يَشْكُلُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ صَحِيحَةٌ إِجْمَاعًا فَيُحْمَلُ أَنْ لَيْسَ لَهُ أَجْرٌ كَامِلٌ وَأَجَابَ النَّوَوِيُّ بِأَنَّ الْحَدِيثَ ضَعِيفٌ تَفَرَّدَ بِهِ صَالِحٌ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَأَيْضًا قَدْ جَاءَ فِي نُسَخِ أَبِي دَاوُدَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَلَا حَجَّةَ عَلَيْهِ فِيهِ وَرَدَّهُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ ثِقَةٌ لَكِنَّهُ اخْتَلَطَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ فَمَنْ سَمِعَ قَبْلَ ذَلِكَ فَهُوَ حُجَّةٌ وَكُلُّهُمْ عَلَى أَنَّ ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ رَوَى الْحَدِيثَ عَنْهُ قَبْلَ الِاخْتِلَاطِ فَوَجَبَ قَبُولُهُ وَرِوَايَةُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لَا يُعَارِضُ الْمَشْهُورَ اهـ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ مَعْنًى فَلَا شَيْءَ فَلَا أَجْرَ لَهُ لِأَجْلِ كَوْنِهِ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ فَالْحَدِيثُ لِبَيَانِ أَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ فِي الْمَسْجِدِ لَيْسَ لَهَا أَجْرٌ لِأَجْلِ كَوْنِهَا فِي الْمَسْجِدِ كَمَا فِي الْمَكْتُوبَاتِ فَأَجْرُ أَصْلِ الصَّلَاةِ بَاقٍ وَإِنَّمَا الْحَدِيثُ

لِإِفَادَةِ سَلْبِ الْأَجْرِ بِوَاسِطَةِ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّهَا فِي الْمَسْجِدِ فَيَكُونُ الْحَدِيثُ مُقَيِّدًا لِإِبَاحَةِ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لَهَا بَذْلِكَ فَضِيلَةٌ زَائِدَةٌ عَلَى كَوْنِهَا خَارِجَهَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَعَيَّنَ هَذَا الِاحْتِمَالُ دَفْعًا لِلتَّعَارُضِ وَتَوْفِيقًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ عَلَى هَذَا فَالْقَوْلُ بِكَرَاهَةِ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ مُشْكِلٌ نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَفْضَلُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ بِنَاءً عَلَى الْغَالِبِ أَنَّهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ كَانَ يُصَلِّي خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَفِعْلُهُ فِي الْمَسْجِدِ كَانَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

1518 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ صَالِحِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «وَاللَّهِ مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سُهَيْلِ ابْنِ بَيْضَاءَ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ» قَالَ ابْن مَاجَةَ حَدِيثُ عَائِشَةَ أَقْوَى

[باب ما جاء في الأوقات التي لا يصلى فيها على الميت ولا يدفن]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي لَا يُصَلَّى فِيهَا عَلَى الْمَيِّتِ وَلَا يُدْفَنُ] 1519 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ح وَحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ جَمِيعًا عَنْ مُوسَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيَّ يَقُولُ «ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ أَوْ نَقْبِرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ وَحِينَ تَضَيَّفُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَوْ نَقْبُرُ) مِنْ بَابِ نَصْرَ وَضَرَبَ لُغَةٌ ثُمَّ حَمَلَهُ كَثِيرٌ عَلَى صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَلَعَلَّهُ مِنْ بَابِ الْكِنَايَةِ لِمُلَازَمَةٍ بَيْنَهُمَا وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ مَعْنًى بَعِيدٌ لَا يَنْسَاقُ إِلَيْهِ الذِّهْنُ مِنْ لَفْظِ الْحَدِيثِ قَالَ بَعْضُهُمْ يُقَالُ قَبَرَهُ إِذَا دُفِنَ وَلَا يُقَالُ قَبَرَهُ إِذَا صُلِّيَ عَلَيْهِ وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْحَدِيثَ يَمِيلُ إِلَى قَوْلِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ أَنَّ الدَّفْنَ مَكْرُوهٌ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ قَوْلُهُ: (بَازِغَةً) أَيْ طَالِعَةً ظَاهِرَةً لَا يَخْفَى طُلُوعُهَا (وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ) أَيْ يَقِفُ وَيَسْتَقِرُّ الظِّلُّ الَّذِي يَقِفُ عَادَةً عِنْدَ الظَّهِيرَةِ حَسْبَ مَا يَبْدُو فَإِنَّ الظِّلَّ عِنْدَ الظَّهِيرَةِ لَا يَظْهَرُ لَهُ سُرْعَةُ حَرَكَةٍ حَتَّى يَظْهَرَ أَيِ الْمَعْنَى أَنَّهُ وَاقِفٌ وَهُوَ سَائِرٌ حَقِيقَةً فِي الْمَجْمَعِ إِذَا بَلَغَ الشَّمْسَ وَسَطُ السَّمَاءِ أَبْطَأَتْ حَرَكَتُهَا إِلَى أَنْ تَزُولَ فَيَحْسِبُ أَنَّهَا وَقَفَتْ وَهِيَ سَائِرَةٌ وَلَا شَكَّ أَنَّ الظِّلَّ تَابِعٌ لَهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ وَعِنْدَ الِاسْتِوَاءِ قَوْلُهُ: (وَحِينَ تَضَيَّفُ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ بَعْدَ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ الْمَفْتُوحَةِ وَضَمِّ الْفَاءِ مُضَارِعٌ أَصْلُهُ تَتَضَيَّفُ بِالتَّاءَيْنِ حُذِفَتْ إِحْدَاهُمَا أَيْ تَمِيلُ.

1520 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْنُ الْيَمَانِ عَنْ مِنْهَالِ بْنِ خَلِيفَةَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدْخَلَ رَجُلًا قَبْرَهُ لَيْلًا وَأَسْرَجَ فِي قَبْرِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَدْخَلَ رَجُلًا قَبْرَهُ لَيْلًا) يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ وَعَلَيْهِ أَئِمَّتُنَا وَمَنْ لَا يَرَى ذَلِكَ يَحْمِلُهُ عَلَى أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ لِلضَّرُورَةِ.

1521 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَوْدِيُّ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ الْمَكِّيِّ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَدْفِنُوا مَوْتَاكُمْ بِاللَّيْلِ إِلَّا أَنْ تُضْطَرُّوا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا تَدْفِنُوا مَوْتَاكُمْ إِلَخْ) يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ وَالْقَائِلُ بِالْجَوَازِ يَحْمِلُهُ عَلَى أَنَّهُ نَهَى الصَّحَابَةَ عَنْ ذَلِكَ إِرَادَةَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى جَمِيعِ مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ وَقِيلَ نَهَاهُمْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا لَا يُحْسِنُونَ أَكْفَانَ مَوْتَاهُمْ وَيَدْفِنُونَهُمْ بِاللَّيْلِ.

1522 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عُثْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صَلُّوا عَلَى مَوْتَاكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (صَلُّوا عَلَى مَوْتَاكُمْ) أَيْ يَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ لَيْلًا وَنَهَارًا وَلَا تَخْتَصُّ بِأَحَدِ الْوَقْتَيْنِ وَفِي الزَّوَائِدِ قُلْتُ: ابْنُ لَهِيعَةَ ضَعِيفٌ وَالْوَلِيدُ مُدَلِّسٌ.

[باب في الصلاة على أهل القبلة]

[بَاب فِي الصَّلَاةِ عَلَى أَهْلِ الْقِبْلَةِ] 1523 - حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ جَاءَ ابْنُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْطِنِي قَمِيصَكَ أُكَفِّنْهُ فِيهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آذِنُونِي بِهِ فَلَمَّا أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ قَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مَا ذَاكَ لَكَ فَصَلَّى عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا بَيْنَ خِيَرَتَيْنِ {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} [التوبة: 80] فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84] » ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَمَا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ) رَأْسُ الْمُنَافِقِينَ (جَاءَهُ ابْنُهُ) وَكَانَ مُؤْمِنًا فَرَاعَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَيْضًا قَدْ جَاءَ أَنَّهُ قَدْ أَعْطَى قَمِيصَهُ لِلْعَبَّاسِ يَوْمَ جَاءَ الْعَبَّاسُ أَسِيرًا فِي أَسْرَى بَدْرٍ فَأَرَادَ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَنَّ يُكَافِئَهُ بِذَلِكَ قَوْلُهُ: (آذِنُونِي بِهِ) مِنَ الْإِيذَانِ أَيْ أَعْلِمُونِي وَأَخْبِرُونِي بِهِ إِذَا فَرَغْتُمْ مِنْ تَجْهِيزِهِ وَتَكْفِينِهِ (مَا ذَاكَ لَكَ) فِيمَا يَظْهَرُ لَنَا مِنْ قَوْلِهِ: تَعَالَى {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} [التوبة: 80] إِلَخْ فَإِنَّهُ فُهِمَ مِنْهُ الْمَنْعُ فَبَيَّنَ لَهُ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَنَّهُ تُخُيِّرَ ثُمَّ جَاءَهُ الْمَنْعُ بَعْدَهُ وَبِالْجُمْلَةِ فَأَرَادَ عُمَرُ بِذَلِكَ اسْتِكْشَافَ حَقِيقَةِ الْأَمْرِ وَأَنَّ هَذَا الَّذِي يَظْهَرُ لَنَا أَنَّهُ مَنْعٌ هَلْ هُوَ مَنْعٌ أَمْ لَا وَلَمْ يُرِدْ تَخْطِئَةَ فِعْلِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَإِنَّهُ لَيْسَ لِعُمَرَ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يُقَالَ يُمْكِنُ أَنَّهُ جَوَازُ السَّهْوِ عَلَيْهِ فَأَرَادَ أَنْ يُذَكِّرَهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بَيَّنَ لَهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَنَّهُ كَانَ ذَاكِرًا

لِمُنَازَعَتِهِ مَنْعًا وَأَنَّ مَا زَعَمْتَهُ مَنْعًا لَيْسَ بِمَنْعٍ وَإِنَّمَا هُوَ تَخْيِيرٌ.

1524 - حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ خَالِدٍ الْوَاسِطِيُّ وَسَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ قَالَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مُجَالِدٍ عَنْ عَامِرٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «مَاتَ رَأْسُ الْمُنَافِقِينَ بِالْمَدِينَةِ وَأَوْصَى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْ يُكَفِّنَهُ فِي قَمِيصِهِ فَصَلَّى عَلَيْهِ وَكَفَّنَهُ فِي قَمِيصِهِ وَقَامَ عَلَى قَبْرِهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84] »

1525 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ نَبْهَانَ حَدَّثَنَا عُتْبَةُ بْنُ يَقْظَانَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلُّوا عَلَى كُلِّ مَيِّتٍ وَجَاهِدُوا مَعَ كُلِّ أَمِيرٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَلَى كُلِّ مَيِّتٍ) الْمُرَادُ بِهِ الْمُسْلِمُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَهُوَ مَخْصُوصٌ عِنْدَ كَثِيرٍ بِغَيْرِ شَهِيدٍ وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْحَدِيثِ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَخْتَصُّ بِأَهْلِ الصَّلَاةِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عُتْبَةُ بْنُ يَقْظَانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْحَارِثُ بْنُ نَبْهَانَ مُجْمَعٌ عَلَى ضَعْفِهِ وَأَبُو سَعِيدٍ هُوَ الْمَطْلُوبُ كَذَّابٌ.

1526 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ «أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُرِحَ فَآذَتْهُ الْجِرَاحَةُ فَدَبَّ إِلَى مَشَاقِصَ فَذَبَحَ بِهَا نَفْسَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» قَالَ وَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُ أَدَبًا ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَدَبَّ) الدَّبِيبُ الْمَشْيُ الضَّعِيفُ (إِلَى مَشَاقِصَ) جَمْعُ مِشْقَصٍ بِكَسْرِ مِيمٍ وَفَتْحِ قَافٍ نَصْلُ السَّهْمِ إِذَا كَانَ طَوِيلًا عَرِيضًا قَوْلُهُ: (مِنْهُ أَدَبًا) أَيْ تَأْدِيبًا لِمَنْ يَفْعَلُ بِنَفْسِهِ مِثْلَ ذَلِكَ اهـ.

[باب ما جاء في الصلاة على القبر]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ] 1527 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ أَنْبَأَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ كَانَتْ تَقُمُّ الْمَسْجِدَ فَفَقَدَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَ عَنْهَا بَعْدَ أَيَّامٍ فَقِيلَ لَهُ إِنَّهَا مَاتَتْ قَالَ فَهَلَّا آذَنْتُمُونِي فَأَتَى قَبْرَهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (تَقُمُّ) بِضَمِّ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ أَيْ تَكْنُسُهُ (فَهَلَّا آذَنْتُمُونِي) بِمَدِّ الْهَمْزَةِ مِنَ الْإِيذَانِ أَيْ أَعْلَمْتُمُونِي بِمَوْتِهَا حِينَ مَاتَتْ وَمَنْ لَا يَرَى الصَّلَاةَ عَلَى الْقَبْرِ يَخُصُّ هَذَا بِالنَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ.

1528 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ حَدَّثَنَا خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ ثَابِتٍ وَكَانَ أَكْبَرَ مِنْ زَيْدٍ قَالَ «خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا وَرَدَ الْبَقِيعَ فَإِذَا هُوَ بِقَبْرٍ جَدِيدٍ فَسَأَلَ عَنْهُ قَالُوا فُلَانَةُ قَالَ فَعَرَفَهَا وَقَالَ أَلَا آذَنْتُمُونِي بِهَا قَالُوا كُنْتَ قَائِلًا صَائِمًا فَكَرِهْنَا أَنْ نُؤْذِيَكَ قَالَ فَلَا تَفْعَلُوا لَا أَعْرِفَنَّ مَا مَاتَ مِنْكُمْ مَيِّتٌ مَا كُنْتُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ إِلَّا آذَنْتُمُونِي بِهِ فَإِنَّ صَلَاتِي عَلَيْهِ لَهُ رَحْمَةٌ ثُمَّ أَتَى الْقَبْرَ فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كُنْتُ قَائِلًا) مِنَ الْقَيْلُولَةِ أَيْ نِصْفَ النَّهَارِ (لَا أَعْرِفَنَّ) أَيْ هَذَا الْفِعْلَ مِنْكُمْ يُرِيدُ تَأْكِيدَ النَّهْيِ عَنِ الْعَوْدِ إِلَى

مِثْلِهِ أَيْ إِنَّكُمْ إِنْ فَعَلْتُمْ هَذَا فَقَدْ عَرَفْتُ مِنْكُمْ هَذَا وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ أَعْرِفَ مِنْكُمْ مِثْلَهُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَأَعْرِفَنَّ أَيْ لَأَعْرِفَنَّ مَا قُلْتُمْ حَقٌّ لَكِنْ لَا تَفْعَلُوا بِسَبَبِهِ مِثْلَ مَا فَعَلْتُمْ قَوْلُهُ: (مَا كُنْتُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ) أَيْ مَا دُمْتُ حَيًّا (فَإِنَّ صَلَاتِي عَلَيْهِ رَحْمَةٌ) أَخَذَ مِنْ هَذَا الْخُصُوصِ مَنْ لَا يَقُولُ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ.

1529 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْمُهَاجِرِ بْنِ قُنْفُذٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ مَاتَتْ وَلَمْ يُؤْذَنْ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ فَقَالَ هَلَّا آذَنْتُمُونِي بِهَا ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ صُفُّوا عَلَيْهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ) فِي الزَّوَائِدِ أَصْلُ الْحَدِيثِ قَدْ رَوَاهُ غَيْرُهُ وَهَذَا الْإِسْنَادُ حَسَنٌ لِأَنَّ يَعْقُوبَ بْنَ حُمَيْدٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.

1530 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «مَاتَ رَجُلٌ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ فَدَفَنُوهُ بِاللَّيْلِ فَلَمَّا أَصْبَحَ أَعْلَمُوهُ فَقَالَ مَا مَنَعَكُمْ أَنْ تُعْلِمُونِي قَالُوا كَانَ اللَّيْلُ وَكَانَتْ الظُّلْمَةُ فَكَرِهْنَا أَنْ نَشُقَّ عَلَيْكَ فَأَتَى قَبْرَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَاتَ رَجُلٌ إِلَخْ) ظَاهِرُهُ تَعَدُّدُ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ يُتَصَوَّرُ التَّعَدُّدُ مَعَ نَهْيِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ عَنِ الْعَوْدِ إِلَى مِثْلِهِ قُلْتُ: يَحْتَمِلُ أَنَّهُ فَعَلَ ثَانِيًا غَيْرُ مَنْ فَعَلَ أَوَّلًا لِعَدَمِ بُلُوغِ النَّهْيِ لَهُمْ.

1531 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى قَبْرٍ بَعْدَ مَا قُبِرَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (صَلَّى عَلَى قَبْرٍ بَعْدَ مَا قُبِرَ) أَيِ الْمَيِّتُ.

1532 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا مِهْرَانُ بْنُ أَبِي عُمَرَ عَنْ أَبِي سِنَانٍ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى مَيِّتٍ بَعْدَ مَا دُفِنَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ أَبُو سِنَانٍ فَمَنْ دُونَهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِمُ انْتَهَى.

1533 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ شُرَحْبِيلَ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ «كَانَتْ سَوْدَاءُ تَقُمُّ الْمَسْجِدَ فَتُوُفِّيَتْ لَيْلًا فَلَمَّا أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُخْبِرَ بِمَوْتِهَا فَقَالَ أَلَا آذَنْتُمُونِي بِهَا فَخَرَجَ بِأَصْحَابِهِ فَوَقَفَ عَلَى قَبْرِهَا فَكَبَّرَ عَلَيْهَا وَالنَّاسُ خَلْفَهُ وَدَعَا لَهَا ثُمَّ انْصَرَفَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في الصلاة على النجاشي]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّجَاشِيِّ] 1534 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ النَّجَاشِيَّ قَدْ مَاتَ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ إِلَى الْبَقِيعِ فَصَفَّنَا خَلْفَهُ وَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَأَصْحَابُهُ إِلَى الْبَقِيعِ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَفْضَلَ الصَّلَاةُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَإِنْ لَمْ تَكُنِ الْجِنَازَةُ حَاضِرَةً وَمَنْ لَا يَقُولُ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْغَائِبِ يَحْمِلُ الْحَدِيثَ عَلَى الْخُصُوصِ أَوْ عَلَى حُضُورِ الْجِنَازَةِ عِنْدَهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَمَنْ يَقُولُ بِهَا يُنَازِعُهُ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا مُحْتَاجٌ إِلَى دَلِيلٍ.

1535 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ قَالَا حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ ح وَحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ جَمِيعًا عَنْ يُونُسَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ أَخَاكُمْ النَّجَاشِيَّ قَدْ مَاتَ فَصَلُّوا عَلَيْهِ قَالَ فَقَامَ فَصَلَّيْنَا خَلْفَهُ وَإِنِّي لَفِي الصَّفِّ الثَّانِي فَصَلَّى عَلَيْهِ صَفَّيْنِ»

1536 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ مُجَمِّعِ بْنِ جَارِيَةَ الْأَنْصَارِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ أَخَاكُمْ النَّجَاشِيَّ قَدْ مَاتَ فَقُومُوا فَصَلُّوا عَلَيْهِ فَصَفَّنَا خَلْفَهُ صَفَّيْنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ مُجَمِّعِ بْنِ جَارِيَةَ الْأَنْصَارِيِّ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ اهـ.

1537 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ الْمُثَنَّى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ بِهِمْ فَقَالَ صَلُّوا عَلَى أَخٍ لَكُمْ مَاتَ بِغَيْرِ أَرْضِكُمْ قَالُوا مَنْ هُوَ قَالَ النَّجَاشِيُّ»

1538 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَبُو السَّكَنِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى النَّجَاشِيِّ فَكَبَّرَ أَرْبَعًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في ثواب من صلى على جنازة ومن انتظر دفنها]

[بَاب مَا جَاءَ فِي ثَوَابِ مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ وَمَنْ انْتَظَرَ دَفْنَهَا] 1539 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فَلَهُ قِيرَاطٌ وَمَنْ انْتَظَرَ حَتَّى يُفْرَغَ مِنْهَا فَلَهُ قِيرَاطَانِ قَالُوا وَمَا الْقِيرَاطَانِ قَالَ مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَلَهُ قِيرَاطٌ) هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ ثَوَابٍ مَعْلُومٍ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى عُبِّرَ عَنْهُ بِبَعْضِ أَسْمَاءِ الْمَقَادِيرِ وَفُسِّرَ بِجَبَلٍ عَظِيمٍ تَعْظِيمًا لَهُ وَهُوَ أُحُدٌ بِضَمَّتَيْنِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ ذَلِكَ الْعَمَلَ يَتَجَسَّمُ عَلَى قَدْرِ

جُرْمِ الْجَبَلِ الْمَذْكُورِ تَثْقِيلًا لِلْمِيزَانِ.

1540 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فَلَهُ قِيرَاطٌ وَمَنْ شَهِدَ دَفْنَهَا فَلَهُ قِيرَاطَانِ قَالَ فَسُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْقِيرَاطِ فَقَالَ مِثْلُ أُحُدٍ»

1541 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْمُحَارِبِيُّ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فَلَهُ قِيرَاطٌ وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ الْقِيرَاطُ أَعْظَمُ مِنْ أُحُدٍ هَذَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ إِلَخْ) أَيْ لِأَجْلِ أَنَّهُ شَهِدَهَا فَإِذَا ضَمَّ هَذَا الْقِيرَاطَ إِلَى قِيرَاطِ الصَّلَاةِ يَصِيرُ قِيرَاطَيْنِ كَمَا فِي الْحَدِيثَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ فَالْإِسْنَادُ ضَعِيفٌ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في القيام للجنازة]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْقِيَامِ لِلْجِنَازَةِ] 1542 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ح وَحَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ سَمِعَهُ يُحَدِّثُ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا رَأَيْتُمْ الْجِنَازَةَ فَقُومُوا لَهَا حَتَّى تُخَلِّفَكُمْ أَوْ تُوضَعَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حَتَّى تُخَلِّفَكُمْ) بِضَمِّ التَّاءِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ أَيْ تَتَجَاوَزَكُمْ وَتَجْعَلَكُمْ خَلْفًا وَنِسْبَةُ التَّخَلُّفِ إِلَى الْجِنَازَةِ مَجَازِيَّةٌ وَالْمُرَادُ تَخْلِيفُ حَامِلِهَا وَهَذِهِ غَايَةٌ لِلِاسْتِمْرَارِ عَلَى الْقِيَامِ.

1543 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَهَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «مُرَّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجِنَازَةٍ فَقَامَ وَقَالَ قُومُوا فَإِنَّ لِلْمَوْتِ فَزَعًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَإِنَّ لِلْمَوْتِ فَزَعًا) أَيْ تَعْظِيمًا لِهَوْلِ الْمَوْتِ وَفَزَعِهِ لَا تَعْظِيمًا لِلْمَيِّتِ فَلَا يَخْتَصُّ الْقِيَامُ بِمَيِّتٍ دُونَ مَيِّتٍ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

1544 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ مَسْعُودِ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ «قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِجِنَازَةٍ فَقُمْنَا حَتَّى جَلَسَ فَجَلَسْنَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (جَلَسَ) أَيْ تَرَكَ الْقِيَامَ لِلْجِنَازَةِ فَالْقِيَامُ مَنْسُوخٌ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَوْ حَتَّى قَعَدَ مِنْ ذَلِكَ الْقِيَامِ بَعْدَ أَنْ

غَابَتْ تِلْكَ الْجِنَازَةُ وَالْمُرَادُ مَا يَتْبَعُهَا وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا اللَّفْظُ مُحْتَمَلٌ فَالِاسْتِدْلَالُ بِهِ وَحْدَهُ لَا يَخْلُو عَنْ خَفَاءٍ لَكِنْ قَدْ جَاءَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ.

1545 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَعُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ قَالَا حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ رَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اتَّبَعَ جِنَازَةً لَمْ يَقْعُدْ حَتَّى تُوضَعَ فِي اللَّحْدِ فَعَرَضَ لَهُ حَبْرٌ فَقَالَ هَكَذَا نَصْنَعُ يَا مُحَمَّدُ فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ خَالِفُوهُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَعَرَضَ لَهُ حَبْرٌ) بِفَتْحٍ أَوْ كَسْرٍ عَالِمٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْيَهُودِ فَجَلَسَ أَيْ مُخَالَفَةً لِلْيَهُودِ وَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى نَسْخِ الْقِيَامِ لَهَا إِذَا مَرَّتْ وَقِيلَ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء فيما يقال إذا دخل المقابر]

[بَاب مَا جَاءَ فِيمَا يُقَالُ إِذَا دَخَلَ الْمَقَابِرَ] 1546 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «فَقَدْتُهُ تَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا هُوَ بِالْبَقِيعِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ أَنْتُمْ لَنَا فَرَطٌ وَإِنَّا بِكُمْ لَاحِقُونَ اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُمْ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ) أَيْ أَهْلَ دَارِ قَوْمٍ وَهُوَ بِالنَّصْبِ بِتَقْدِيرِ حَرْفِ النِّدَاءِ أَوْ عَلَى الِاخْتِصَاصِ قَوْلُهُ: (أَنْتُمْ لَنَا فَرَطٌ) بِفَتْحَتَيْنِ أَيِ الْمُتَقَدِّمُونَ وَالْفَرَطُ يُطْلَقُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ.

1547 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ آدَمَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُهُمْ إِذَا خَرَجُوا إِلَى الْمَقَابِرِ كَانَ قَائِلُهُمْ يَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ نَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمْ الْعَافِيَةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كَانَ قَائِلُهُمْ يَقُولُ) هُوَ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يُعَلِّمُهُمْ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يَعْمَلُونَ بِمَا يُعَلِّمُهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ هَذَا الذِّكْرَ وَكَانُوا يَأْتُونَ بِهِ (أَهْلَ الدِّيَارِ) الْقُبُورِ تَشْبِيهًا لِلْقَبْرِ بِالدَّارِ فِي الْكَوْنِ مَسْكَنًا قَوْلُهُ: (وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ إِلَخْ) لِلنَّهْيِ أَوِ الْمَوْتِ عَلَى الْإِيمَانِ.

[باب ما جاء في الجلوس في المقابر]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْجُلُوسِ فِي الْمَقَابِرِ] 1548 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ زَاذَانَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جِنَازَةٍ فَقَعَدَ حِيَالَ الْقِبْلَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَقَعَدَ) أَيْ فِي الْمَقَابِرِ (حِيَالَ الْقِبْلَةِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ أَيْ مُتَوَجِّهًا إِلَيْهَا.

1549 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ عَنْ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ زَاذَانَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جِنَازَةٍ فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ فَجَلَسَ وَجَلَسْنَا كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرُ) أَيْ كُنَّا سَاكِنِينَ مُتَأَدِّبِينَ فِي حَضْرَتِهِ مُتَوَاضِعِينَ بِحَيْثُ يَكَادُ يَقْعُدُ الطَّيْرُ عَلَى رُءُوسِنَا وَالطَّيْرُ لَا يَكَادُ يَقْعُدُ إِلَّا عَلَى شَيْءٍ لَا تَحَرُّكَ لَهُ وَكَانُوا ـ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ ـ يُرَاعُونَ أَوْقَاتَهُ فَأَحْيَانًا يَتَكَلَّمُونَ عِنْدَهُ وَيُضْحَكُونَ وَأَحْيَانًا يَتَأَدَّبُونَ وَلَا يَتَحَرَّكُونَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في إدخال الميت القبر]

[بَاب مَا جَاءَ فِي إِدْخَالِ الْمَيِّتِ الْقَبْرَ] 1550 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أُدْخِلَ الْمَيِّتُ الْقَبْرَ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ وَقَالَ أَبُو خَالِدٍ مَرَّةً إِذَا وُضِعَ الْمَيِّتُ فِي لَحْدِهِ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ وَقَالَ هِشَامٌ فِي حَدِيثِهِ بِسْمِ اللَّهِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذَا أُدْخِلَ الْمَيِّتُ الْقَبْرَ) قِيلَ لَفْظُ أُدْخِلَ يَحْتَمِلُ الْبِنَاءَ لِلْفَاعِلِ وَالْبِنَاءَ لِلْمَفْعُولِ وَجَاءَ الْوَجْهَانِ فِي النُّسَخِ لَفْظُ كَانَ عَلَى الثَّانِي بِمَعْنَى الدَّوَامِ دُونَ الْأَوَّلِ قُلْتُ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إِذَا فُرِضَ أَنَّهُ يُدَاوِمُ عَلَيْهِ إِذَا أَدْخَلَهُ شَخْصٌ أَيُّ شَخْصٍ كَانَ فَلَأَنْ يُدَاوِمُ عَلَيْهِ إِذَا أَدْخَلَهُ هُوَ بِنَفْسِهِ أَوْ فِي بَلْ أُدْخِلَ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ يَشْمَلُ إِدْخَالَهُ أَيْضًا فَكَيْفَ يَسْتَقِيمُ الدَّوَامُ فِيهِ إِذَا فُرِضَ عَدَمُ الدَّوَامِ عِنْدَ إِدْخَالِهِ بِنَفْسِهِ وَهَذَا ظَاهِرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ.

1551 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّقَاشِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْخَطَّابِ حَدَّثَنَا مَنْدَلُ بْنُ عَلِيٍّ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ «سَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَعْدًا وَرَشَّ عَلَى قَبْرِهِ مَاءً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (سَلَّ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ سَعْدًا) السَّلُّ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ الْإِخْرَاجُ بِتَأَنٍّ وَتَدْرِيجٍ وَهُوَ بِأَنْ يُوضَعَ السَّرِيرُ فِي مُؤَخَّرٍ وَيُحْمَلَ الْمَيِّتُ مِنْهُ فَيُوضَعَ فِي اللَّحْدِ وَهَذَا هُوَ الْمَعْمُولُ بِهِ الْيَوْمَ وَهُوَ الْأَسْهَلُ وَعَنْ أَصْحَابِنَا الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ يُدْخَلُ الْمَيِّتُ الْقَبْرَ فَيُوضَعُ فِي اللَّحْدِ فَيَكُونُ الْآخِذُ لَهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ حَالَ الْأَخْذِ وَالْخِلَافُ فِي الْأَفْضَلِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مَنْدَلُ بْنُ عَلِيٍّ ضَعِيفٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ مُتَّفَقٌ عَلَى ضَعْفِهِ.

1552 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْحَقَ حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُخِذَ مِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ وَاسْتُقْبِلَ اسْتِقْبَالًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أُخِذَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَهُوَ الظَّاهِرُ الْمَوْجُودُ فِي النُّسَخِ وَيَحْتَمِلُ بِنَاءَ الْفَاعِلِ أَيْ أُخِذَ الْمَيِّتُ كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي التِّرْمِذِيِّ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ وَضَعَّفَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ.

1553 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكَلْبِيُّ حَدَّثَنَا إِدْرِيسُ الْأَوْدِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ «حَضَرْتُ ابْنَ عُمَرَ فِي جِنَازَةٍ فَلَمَّا وَضَعَهَا فِي اللَّحْدِ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ فَلَمَّا أُخِذَ فِي تَسْوِيَةِ اللَّبِنِ عَلَى اللَّحْدِ قَالَ اللَّهُمَّ أَجِرْهَا مِنْ الشَّيْطَانِ وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ اللَّهُمَّ جَافِ الْأَرْضَ عَنْ جَنْبَيْهَا وَصَعِّدْ رُوحَهَا وَلَقِّهَا مِنْكَ رِضْوَانًا قُلْتُ يَا ابْنَ عُمَرَ أَشَيْءٌ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ أَمْ قُلْتَهُ بِرَأْيِكَ قَالَ إِنِّي إِذًا لَقَادِرٌ عَلَى الْقَوْلِ بَلْ شَيْءٌ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَلَمَّا أَخَذَ فِي تَسْوِيَةِ اللَّبِنِ) فِي الصِّحَاحِ اللَّبِنَةُ الَّتِي يُبْتَنَى بِهَا وَالْجَمْعُ لَبِنٌ مِثَالُ كَلِمَةٍ وَكَلِمٍ (إِنِّي إِذًا لَقَادِرٌ عَلَى الْقَوْلِ) أَيْ عَلَى اخْتِرَاعِهِ مِنْ نَفْسِي بِلَا أَصْلٍ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ حَمَّادُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَى تَضْعِيفِهِ اهـ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في استحباب اللحد]

[بَاب مَا جَاءَ فِي اسْتِحْبَابِ اللَّحْدِ] 1554 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا حَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ الرَّازِيُّ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ الْأَعْلَى يَذْكُرُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّحْدُ لَنَا وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (اللَّحْدُ لَنَا وَالشِّقُّ لِغَيْرِنَا) فِي الْجَمْعِ أَيْ لِأَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُرَادُ تَفْضِيلُ اللَّحْدِ وَقِيلَ قَوْلُهُ: لَنَا أَيِ الْجَمْعُ لِلتَّعْظِيمِ فَصَارَ كَمَا قَالَ فَفِيهِ مُعْجِزَةٌ لَهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَوِ الْمَعْنَى اخْتِيَارُنَا فَيَكُونُ تَفْضِيلًا لَهُ وَلَيْسَ فِيهِ نَهْيٌ عَنِ الشِّقِّ فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ فِي الْمَدِينَةِ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا يَلْحَدُ وَالْآخَرُ لَا وَلَوْ كَانَ الشِّقُّ مَنْهِيًّا عَنْهُ لَمَنَعَ صَاحِبَهُ قُلْتُ: لَكِنْ فِي رِوَايَةِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ «وَالشِّقُّ لِأَهْلِ الْكِتَابِ» .

1555 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ مُوسَى السُّدِّيُّ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي الْيَقْظَانِ عَنْ زَاذَانَ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّحْدُ لَنَا وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى تَضْعِيفِ أَبِي الْقَطَّانِ وَاسْمُهُ عُثْمَانُ بْنُ عُمَيْرٍ وَالْحَدِيثُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ وَمِنْ رِوَايَةِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَاصٍّ فِي مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ اهـ.

1556 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سَعْدٍ أَنَّهُ قَالَ «أَلْحِدُوا لِي لَحْدًا وَانْصِبُوا عَلَى اللَّبِنِ نُصْبًا كَمَا فُعِلَ بِرَسُولِ اللَّهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَلْحَدُوا) جَاءَ أَلْحَدَ وَلَحَدَ كَمَنَعَ وَهَذَا يُؤَيِّدُ الثَّانِي.

[باب ما جاء في الشق]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الشَّقِّ] 1557 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «لَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ بِالْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَلْحَدُ وَآخَرُ يَضْرَحُ فَقَالُوا نَسْتَخِيرُ رَبَّنَا وَنَبْعَثُ إِلَيْهِمَا فَأَيُّهُمَا سُبِقَ تَرَكْنَاهُ فَأُرْسِلَ إِلَيْهِمَا فَسَبَقَ صَاحِبُ اللَّحْدِ فَلَحَدُوا لِلنَّبِيِّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَلْحَدُ) كَيَمْنَعُ أَوْ مِنْ أَلْحَدَ (يَضْرَحُ) بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ وَرَاءٍ وَحَاءٍ مُهْمَلَتَيْنِ فِي الْقَامُوسِ ضَرَحَ لِلْمَيِّتِ كَمَنَعَ حَفَرَ لَهُ ضَرِيحًا وَالضَّرِيحُ الْقَبْرُ أَوِ الشِّقُّ وَالثَّانِي هُوَ الْمُرَادُ شَرْعًا بِالْمُقَابَلَةِ قَوْلُهُ: (نَسْتَخِيرُ رَبَّنَا) أَيْ نَطْلُبُ مِنْهُ أَنْ يَرْزُقَ مَا فِيهِ الْخَيْرُ (تَرَكْنَاهُ) فِيمَا يَعْرِفُهُ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّحْدَ خَيْرٌ مِنَ الشِّقِّ لِكَوْنِهِ الَّذِي اخْتَارَهُ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ وَأَنَّ الشِّقَّ جَائِزٌ وَإِلَّا لَمَنَعَ الَّذِي كَانَ يَفْعَلُهُ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مُبَارَكُ بْنُ فُضَالَةَ وَثَّقَهُ الْجُمْهُورُ وَصَرَّحَ بِالتَّحْدِيثِ فَزَالَ تُهْمَةُ تَدْلِيسِهِ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ فَالْإِسْنَادُ صَحِيحٌ.

1558 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ بْنِ عُبَيْدَةَ بْنِ زَيْدٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ طُفَيْلٍ الْمُقْرِئُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ الْقُرَشِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «لَمَّا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اخْتَلَفُوا فِي اللَّحْدِ وَالشَّقِّ حَتَّى تَكَلَّمُوا فِي ذَلِكَ وَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمْ فَقَالَ عُمَرُ لَا تَصْخَبُوا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيًّا وَلَا مَيِّتًا أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا فَأَرْسَلُوا إِلَى الشَّقَّاقِ وَاللَّاحِدِ جَمِيعًا فَجَاءَ اللَّاحِدُ فَلَحَدَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ دُفِنَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا تَضِجُّوا) بِكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ أَيْ لَا تَصِيحُوا وَفِي نُسْخَةٍ لَا تَصْخَبُوا بِصَادٍّ مُهْمَلَةٍ وَخَاءٍ مُعْجَمَةٍ وَمُوَحَّدَةٍ وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[باب ما جاء في حفر القبر]

[بَاب مَا جَاءَ فِي حَفْرِ الْقَبْرِ] 1559 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ الْأَدْرَعِ السُّلَمِيِّ قَالَ «جِئْتُ لَيْلَةً أَحْرُسُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا رَجُلٌ قِرَاءَتُهُ عَالِيَةٌ فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا مُرَاءٍ قَالَ فَمَاتَ بِالْمَدِينَةِ فَفَرَغُوا مِنْ جِهَازِهِ فَحَمَلُوا نَعْشَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارْفُقُوا بِهِ رَفَقَ اللَّهُ بِهِ إِنَّهُ كَانَ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قَالَ وَحَفَرَ حُفْرَتَهُ فَقَالَ أَوْسِعُوا لَهُ أَوْسَعَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ حَزِنْتَ عَلَيْهِ فَقَالَ أَجَلْ إِنَّهُ كَانَ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (هَذَا مِرَاءٌ) مِنَ الرِّيَاءِ وَكَأَنَّهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَعْرَضَ عَنْ كَلَامِهِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُ خَطَأٌ ثُمَّ بَيَّنَ فِي وَقْتٍ آخَرَ أَنَّ الْأَمْرَ عَلَى خِلَافِ مَا زَعَمَ قَوْلُهُ: (ارْفُقُوا بِهِ) كَأَنَّهُمْ أَسْرَعُوا بِهِ إِسْرَاعًا شَدِيدًا تَحَرَّكَتْ مَعَهُ الْجِنَازَةُ فَمَنَعَهُمْ مِنْ ذَلِكَ وَفِي الزَّوَائِدِ لَيْسَ لِأَدْرَعَ السُّلَمِيِّ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَفِي إِسْنَادِهِ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ قِيلَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ

أَوْ ضَعِيفٌ وَقِيلَ ثِقَةٌ وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ.

1560 - حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ مَرْوَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ أَبِي الدَّهْمَاءِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْفِرُوا وَأَوْسِعُوا وَأَحْسِنُوا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (احْفِرُوا) أَيِ الْقُبُورَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في العلامة في القبر]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْعَلَامَةِ فِي الْقَبْرِ] 1561 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ أَبُو هُرَيْرَةَ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ نُبَيْطٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمَ قَبْرَ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ بِصَخْرَةٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِصَخْرَةٍ) أَيْ وَضَعَ عَلَيْهِ الصَّخْرَةَ لِيَتَبَيَّنَ بِهِ وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ حَسَنٌ وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في النهي عن البناء على القبور وتجصيصها والكتابة عليها]

[بَاب مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ الْبِنَاءِ عَلَى الْقُبُورِ وَتَجْصِيصِهَا وَالْكِتَابَةِ عَلَيْهَا] 1562 - حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ مَرْوَانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ تَجْصِيصِ الْقُبُورِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ تَجْصِيصِ الْقُبُورِ) أَيْ مِنْ تَجْصِيصِهَا قَالَ السُّيُوطِيُّ هُوَ بِنَاؤُهَا بِالْقَصَّةِ وَهُوَ الْجِصُّ قَالَ الْعِرَاقِيُّ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْحِكْمَةَ فِي النَّهْيِ عَنْ تَجْصِيصِ الْقُبُورِ كَوْنُ الْجِصِّ أُحْرِقَ بِالنَّارِ وَحِينَئِذٍ فَلَا بَأْسَ بِالتَّطْيِينِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ قُلْتُ: التَّطْيِينُ لَا يُنَاسِبُ مَا وَرَدَ مِنْ تَسْوِيَةِ الْقُبُورِ الْمُرْتَفِعَةِ وَكَذَا لَا يُنَاسِبُ مَا سَيَجِيءُ مِنَ النَّهْيِ عَنِ الْبِنَاءِ الظَّاهِرِ إِذِ الْمُرَادُ النَّهْيُ عَنِ الِارْتِفَاعِ وَالْبِنَاءِ مُطْلَقًا وَإِفْرَادُ التَّجْصِيصِ لِأَنَّهُ أَتَمُّ فِي إِحْكَامِ الْبِنَاءِ فَخُصَّ بِالنَّهْيِ مُبَالَغَةً.

1563 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ جَابِرٍ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُكْتَبَ عَلَى الْقَبْرِ شَيْءٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنْ يُكْتَبَ عَلَى الْقَبْرِ) يَحْتَمِلُ النَّهْيَ عَنِ الْكِتَابَةِ مُطْلَقًا كَكِتَابَةِ اسْمِ صَاحِبِ الْقَبْرِ وَتَارِيخِ وَفَاتِهِ أَوْ كِتَابَةِ شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ وَأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَنَحْوِ ذَلِكَ لِلتَّبَرُّكِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُوطَأَ أَوْ يَسْقُطَ عَلَى الْأَرْضِ فَيُقْصَمَ تَحْتَ الْأَرْجُلِ قَالَ الْحَاكِمُ بَعْدَ تَخْرِيجِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْمُسْتَدْرَكِ الْإِسْنَادُ صَحِيحٌ وَلَيْسَ الْعَمَلُ عَلَيْهِ فَإِنَّ أَئِمَّةَ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الشَّرْقِ إِلَى الْغَرْبِ يَكْتُبُونَ عَلَى قُبُورِهِمْ وَهُوَ شَيْءٌ أَخَذَهُ

الْخَلَفُ عَنِ السَّلَفِ وَتَعَقَّبَهُ الذَّهَبِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ بِأَنَّهُ مُحْدَثٌ وَلَمْ يَبْلُغْهُمُ النَّهْيُ.

1564 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُبْنَى عَلَى الْقَبْرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنْ يُبْنَى) يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ الْبِنَاءُ عَلَى نَفْسِ الْقَبْرِ لِيَرْتَفِعَ عَنْ أَنْ يَنَالَهُ بِالْوَطْءِ كَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَالْبِنَاءُ حَوْلَهُ وَفِي الزَّوَائِدِ رِجَالُ إِسْنَادِهِ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في حثو التراب في القبر]

[بَاب مَا جَاءَ فِي حَثْوِ التُّرَابِ فِي الْقَبْرِ] 1565 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ كُلْثُومٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ ثُمَّ أَتَى قَبْرَ الْمَيِّتِ فَحَثَى عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ ثَلَاثًا»

[باب ما جاء في النهي عن المشي على القبور والجلوس عليها]

[بَاب مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ الْمَشْيِ عَلَى الْقُبُورِ وَالْجُلُوسِ عَلَيْهَا] 1566 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأَنْ يَجْلِسَ أَحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ تُحْرِقُهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَأَنْ يَجْلِسَ) بِفَتْحِ اللَّامِ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ قِيلَ أَرَادَ الْقُعُودَ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ أَوِ الْإِحْدَادَ وَالْحُزْنَ بِأَنْ يُلَازِمَهُ لَا يَرْجِعُ عَنْهُ أَوْ أَرَادَ احْتِرَامَ الْمَيِّتِ وَتَهْوِيلَ الْأَمْرِ فِي الْقُعُودِ عَلَيْهِ تَهَاوُنًا بِالْمَيِّتِ وَالْمَوْتِ أَقْوَالٌ قَالَ الطِّيبِيُّ النَّهْيُ هُوَ نَهْيٌ عَنِ الْجُلُوسِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ عَلَيْهِ لَمَا رُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ يَقْعُدُ عَلَيْهِ وَحَرَّمَهُ أَصْحَابُنَا وَكَذَا الِاسْتِنَادُ وَالِاتِّكَاءُ كَذَا فِي الْمَجْمَعِ قُلْتُ: وَيُؤَيِّدُ الْحَمْلَ عَلَى ظَاهِرِهِ مَا جَاءَ مِنَ النَّهْيِ عَنْ وَطْئِهِ.

1567 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ بْنِ سَمُرَةَ حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِيِّ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأَنْ أَمْشِيَ عَلَى جَمْرَةٍ أَوْ سَيْفٍ أَوْ أَخْصِفَ نَعْلِي بِرِجْلِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَمْشِيَ عَلَى قَبْرِ مُسْلِمٍ وَمَا أُبَالِي أَوَسْطَ الْقُبُورِ قَضَيْتُ حَاجَتِي أَوْ وَسْطَ السُّوقِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَوْ أَخْصِفَ نَعْلِي بِرِجْلِي) مِنْ خَصَفْتُ النَّعْلَ بِالرِّجْلِ إِنْ أَمْكَنَ كَانَ يُتْعِبُ شَدِيدًا (وَمَا أُبَالِي أَوَسَطَ الْقُبُورِ) يُرِيدُ أَنَّهُمَا فِي الْقُبْحِ سِيَّانِ فَمَنْ أَتَى بِأَحَدِهِمَا فَهُوَ لَا يُبَالِي بِأَيِّهِمَا أَتَى وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ لِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ شَيْخُ ابْنِ مَاجَهْ وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في خلع النعلين في المقابر]

[بَاب مَا جَاءَ فِي خَلْعِ النَّعْلَيْنِ فِي الْمَقَابِرِ] 1568 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ عَنْ خَالِدِ بْنِ سُمَيْرٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ بَشِيرِ ابْنِ الْخَصَاصِيَةِ قَالَ «بَيْنَمَا أَنَا أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا ابْنَ الْخَصَاصِيَةِ مَا تَنْقِمُ عَلَى اللَّهِ أَصْبَحْتَ تُمَاشِي رَسُولَ اللَّهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَنْقِمُ عَلَى اللَّهِ شَيْئًا كُلُّ خَيْرٍ قَدْ آتَانِيهِ اللَّهُ فَمَرَّ عَلَى مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ أَدْرَكَ هَؤُلَاءِ خَيْرٌ كَثِيرٌ ثُمَّ مَرَّ عَلَى مَقَابِرِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ سَبَقَ هَؤُلَاءِ خَيْرًا كَثِيرًا قَالَ فَالْتَفَتَ فَرَأَى رَجُلًا يَمْشِي بَيْنَ الْمَقَابِرِ فِي نَعْلَيْهِ فَقَالَ يَا صَاحِبَ السِّبْتِيَّتَيْنِ أَلْقِهِمَا» حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ يَقُولُ حَدِيثٌ جَيِّدٌ وَرَجُلٌ ثِقَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَا تَنْقِمُ عَلَى اللَّهِ) يُقَالُ نَقَمْتُ عَلَى الرَّجُلِ أَنْقِمُ بِالْكَسْرِ إِذَا عَتَبْتُ عَلَيْهِ بِأَيِّ شَيْءٍ مَا تَرْضَى مِنْهُ وَقَدْ أَحْسَنَ إِلَيْكَ أَيَّ إِحْسَانٍ قَوْلُهُ: (سَبَقَ هَؤُلَاءِ خَيْرٌ) أَيْ كَانُوا قَبْلَ الْخَيْرِ فَحَادَ عَنْهُمْ ذَلِكَ الْخَيْرُ وَمَا أَدْرَكُوهُ أَوْ أَنَّهُمْ سَبَقُوهُ حَتَّى جَعَلُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ قَوْلُهُ: (يَا صَاحِبَ السِّبْتِيَّتَيْنِ) بِكَسْرِ السِّينِ نِسْبَةً إِلَى السِّبْتِ وَهُوَ جُلُودُ الْبَقَرِ الْمَدْبُوغَةُ بِالْقَرَظِ يُتَّخَذُ مِنْهَا النِّعَالُ لِأَنَّهُ سُبِتَ شَعْرُهَا أَيْ حُلِقَ وَأُزِيلَ وَقِيلَ لِأَنَّهَا انْسَبَتَتْ بِالدِّبَاغِ أَيْ لَانَتْ وَأُرِيدَ بِهِمَا النَّعْلَانِ الْمُتَّخَذَانِ مِنَ السِّبْتِ وَأَمَرَهُ بِالْخَلْعِ احْتِرَامًا لِلْمَقَابِرِ عَنِ الْمَشْيِ بَيْنَهَا بِهِمَا أَوْ تَقَذَّرَ بِهِمَا أَوْ لِاخْتِيَالِهِ فِي مَشْيِهِ قِيلَ وَفِي الْحَدِيثِ كَرَاهَةُ الْمَشْيِ بِالنِّعَالِ بَيْنَ الْقُبُورِ قُلْتُ: لَا يَتِمُّ ذَلِكَ إِلَّا عَلَى بَعْضِ الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في زيارة القبور]

[بَاب مَا جَاءَ فِي زِيَارَةِ الْقُبُورِ] 1569 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُمْ الْآخِرَةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (زُورُوا الْقُبُورَ) الْأَمْرُ لِلْإِبَاحَةِ وَالرُّخْصَةِ أَوِ النَّدْبِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ قِيلَ هُوَ يَعُمُّ الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ وَقِيلَ مَخْصُوصٌ بِالرِّجَالِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنَ الْخِطَابِ لَكِنَّ عُمُومَ عِلَّةِ التَّذْكِيرِ الْوَارِدَةِ فِي الْأَحَادِيثِ قَدْ تُؤَيِّدُ عُمُومَ الْحُكْمِ إِلَّا أَنْ يَمْنَعَ كَوْنُهُ تَذْكِرَةً فِي حَقِّ النِّسَاءِ لِتَمَكُّنِ غَفْلَتِهِنَّ.

1570 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا بِسْطَامُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا التَّيَّاحِ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ فِي زِيَارَةِ الْقُبُورِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (رَخَّصَ فِي زِيَارَةِ الْقُبُورِ) فِي الزَّوَائِدِ رِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ لِأَنَّ بَسْطَامَ بْنَ مُسْلِمٍ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَأَبُو زُرْعَةَ وَأَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُمْ وَبَاقِي

رِجَالِهِ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.

1571 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنْبَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ هَانِئٍ عَنْ مَسْرُوقِ بْنِ الْأَجْدَعِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا فَإِنَّهَا تُزَهِّدُ فِي الدُّنْيَا وَتُذَكِّرُ الْآخِرَةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ إِلَخْ) فِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَأَيُّوبُ بْنُ هَانِئٍ قَالَ ابْنُ مَعِينٍ ضَعِيفٌ وَقَالَ ابْنُ حَاتِمٍ صَالِحٌ وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في زيارة قبور المشركين]

[بَاب مَا جَاءَ فِي زِيَارَةِ قُبُورِ الْمُشْرِكِينَ] 1572 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ كَيْسَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «زَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْرَ أُمِّهِ فَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ فَقَالَ اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهَا فَلَمْ يَأْذَنْ لِي وَاسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي فَزُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُمْ الْمَوْتَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَبَكَى وَأَبْكَى إِلَخْ) كَأَنَّهُ أَخَذَ التَّرْجَمَةَ مِنَ الْمَنْعِ عَنِ الِاسْتِغْفَارِ أَوْ مِنْ مُجَرَّدِ أَنَّهُ الظَّاهِرُ عَلَى مُقْتَضَى وَجُودِهَا فِي وَقْتِ الْجَاهِلِيَّةِ لَا مِنْ قَوْلِهِ: فَبَكَى وَأَبْكَى إِذْ لَا يَلْزَمُ مِنَ الْبُكَاءِ عِنْدَ الْحُضُورِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ الْعَذَابُ أَوِ الْكُفْرُ بَلْ يُمْكِنُ تَحَقُّقُهُ مَعَ النَّجَاةِ وَالْإِسْلَامِ أَيْضًا لَكِنْ مَنْ يَقُولُ بِنَجَاةِ الْوَالِدَيْنِ لَهُمْ ثَلَاثَةُ مَسَالِكَ فِي ذَلِكَ مَسْلَكُ أَنَّهُمَا مَا بَلَغَتْهُمَا الدَّعْوَةُ وَلَا عَذَابَ عَلَى مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ} [الإسراء: 15] إِلَخْ فَلَعَلَّ مَنْ سَلَكَ هَذَا الْمَسْلَكَ يَقُولُ فِي تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ إِنَّ الِاسْتِغْفَارَ فَرْعُ تَصَوُّرِ الذَّنْبِ وَذَلِكَ فِي أَوَانِ التَّكْلِيفِ وَلَا يُعْقَلُ ذَلِكَ فِيمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ فَلَا حَاجَةَ إِلَى الِاسْتِغْفَارِ لَهُمْ فَيُمْكِنُ أَنَّهُ مَا شُرِعَ الِاسْتِغْفَارُ إِلَّا لِأَهْلِ الدَّعْوَةِ لَا لِغَيْرِهِمْ وَإِنْ كَانُوا نَاجِينَ وَأَمَّا مَنْ يَقُولُ بِأَنَّهُمَا أُحْيِيَا لَهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَآمَنَا بِهِ فَيَحْمِلُ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ الْإِخْبَارِ وَأَمَّا مَنْ يَقُولُ بِمَنْعِ الِاسْتِغْفَارِ لَهُمَا قَطْعًا فَلَا حَاجَةَ إِلَى التَّأْوِيلِ فَاتَّضَحَ وَجْهُ الْحَدِيثِ عَلَى جَمِيعِ الْمَسَالِكِ.

1573 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ بْنِ الْبَخْتَرِيِّ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبِي كَانَ يَصِلُ الرَّحِمَ وَكَانَ وَكَانَ فَأَيْنَ هُوَ قَالَ فِي النَّارِ قَالَ فَكَأَنَّهُ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيْنَ أَبُوكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُمَا مَرَرْتَ بِقَبْرِ مُشْرِكٍ فَبَشِّرْهُ بِالنَّارِ» قَالَ فَأَسْلَمَ الْأَعْرَابِيُّ بَعْدُ وَقَالَ لَقَدْ كَلَّفَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعَبًا مَا مَرَرْتُ بِقَبْرِ كَافِرٍ إِلَّا بَشَّرْتُهُ بِالنَّارِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَكَانَ وَكَانَ) أَيْ وَكَانَ يَفْعَلُ كَذَا وَكَانَ يَفْعَلُ كَذَا مِنَ الْخَيْرَاتِ (حَيْثُمَا مَرَرْتُ بِقَبْرِ كَافِرٍ إِلَخْ) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ لَهُ «إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ»

قَالَ السُّيُوطِيُّ وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا حَمَّادُ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ وَقَدْ خَالَفَهُ مَعْمَرٌ عَنْ ثَابِتٍ فَلَمْ يَذْكُرْهُ وَلَكِنْ قَالَ إِذَا مَرَرْتُ بِقَبْرِ كَافِرٍ فَبَشِّرْهُ بِالنَّارِ وَلَا دَلَالَةَ فِي هَذَا اللَّفْظِ عَلَى حَالِ الْوَالِدِ وَهُوَ أَثْبَتُ فَإِنَّ مَعْمَرًا أَثْبَتُ مِنْ حَمَّادٍ فَإِنَّ حَمَّادًا تُكُلِّمَ فِي حِفْظِهِ وَوَقَعَ فِي أَحَادِيثِهِ مَنَاكِيرُ وَلَمْ يُخَرِّجْ لَهُ الْبُخَارِيُّ وَلَا خَرَّجَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي الْأُصُولِ إِلَّا مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْ ثَابِتٍ وَأَمَّا مَعْمَرٌ فَلَمْ يُتَكَلَّمْ فِي حِفْظِهِ وَلَا اسْتُنْكِرَ شَيْءٌ مِنْ حَدِيثِهِ وَاتَّفَقَ عَلَى التَّخْرِيجِ لَهُ الشَّيْخَانِ فَكَانَ لَفْظُهُ أَثْبَتُ ثُمَّ وَجَدْنَا الْحَدِيثَ وَرَدَ مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ بِمِثْلِ لَفْظِ مَعْمَرٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَكَذَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ فَتَعَيَّنَ الِاعْتِمَادُ عَلَى هَذَا اللَّفْظِ وَتَقْدِيمُهُ عَلَى غَيْرِهِ فَعُلِمَ أَنَّ رِوَايَةَ مُسْلِمٍ مِنْ تَصَرُّفِ الرُّوَاةِ بِالْمَعْنَى عَلَى حَسَبِ فَهْمِهِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ صَحَّ يُحْمَلُ فِيهِ الْأَبُ عَلَى الْعَمِّ وَلِهَذَا قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْكِتَابِ هَذَا أَيْ سُنَنُ ابْنِ مَاجَهْ مِنْ مَحَاسِنِ الْأَجْوِبَةِ أَنَّهُ لَمَا وَجَدَ الْأَعْرَابِيَّ فِي نَفْسِهِ لَاطَفَهُ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَعَدَلَ إِلَى جَوَابٍ عَامٍّ فِي كُلٍّ مُشْرِكٍ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ إِلَى الْجَوَابِ عَنْ وَالِدِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِنَفْيٍ وَلَا إِثْبَاتٍ وَقَالَ وَلَمْ يُعْرَفْ لِوَالِدِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ حَالَةُ شِرْكٍ مَعَ صِغَرِ سِنِّهِ جِدًّا فَإِنَّهُ تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَحْيَا لِلنَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَالِدِيهِ حَتَّى آمَنَا بِهِ وَالَّذِي يَقْطَعُ بِهِ أَنَّهُمَا فِي الْجَنَّةِ وَمِنْ أَقْوَى الْحُجَجِ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ الْفَتْرَةِ وَقَدْ أَطْبَقَ أَئِمَّتُنَا الشَّافِعِيَّةُ وَالْأَشْعَرِيَّةُ عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ لَا يُعَذَّبُ وَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ} [الإسراء: 15] الْآيَةَ وَقَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي الْإِصَابَةِ وَرَدَ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ فِي حَقِّ الشَّيْخِ الْهَرِمِ وَمَنْ مَاتَ فِي الْفَتْرَةِ وَمَنْ وُلِدَ أَكْمَهَ أَعْمَى أَصَمَّ وَمَنْ وُلِدَ مَجْنُونًا أَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ الْجُنُونُ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ وَنَحْوُ ذَلِكَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ يَأْتِي بِحُجَّةٍ وَيَقُولُ لَوْ عَقَلْتُ أَوْ ذُكِّرْتُ لَآمَنْتُ فَتُرْفَعُ لَهُمْ نَارٌ وَيُقَالُ ادْخُلُوهَا فَمَنْ دَخَلَهَا كَانَتْ لَهُ بَرْدًا وَسَلَامًا وَمَنِ امْتَنَعَ أُدْخِلَهَا كُرْهًا وَنَحْنُ نَرْجُو أَنْ يَدْخُلَ عَبْدُ الْمُطَّلَبِ وَآلُ بَيْتِهِ فِي جُمْلَةِ مَنْ يَدْخُلُهَا طَائِعًا إِلَّا أَبَا طَالِبٍ اهـ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَخَذَ التَّرْجَمَةَ مِنْ لَفْظِ حَيْثُمَا مَرَرْتُ بِقَبْرِ مُشْرِكٍ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنَ الزِّيَارَةِ وَفِيهِ تَأَمُّلٌ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ هَذَا الْحَدِيثِ صَحِيحٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في النهي عن زيارة النساء القبور]

[بَاب مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ زِيَارَةِ النِّسَاءِ الْقُبُورَ] 1574 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو بِشْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْعَسْقَلَانِيُّ حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ وَقَبِيصَةُ كُلُّهُمْ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بَهْمَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زُوَّارَاتِ الْقُبُورِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (زُوَّارَاتُ الْقُبُورِ) قَالَ السُّيُوطِيُّ بِضُمِّ الزَّايِ جَمْعُ زُوَّارَةِ بِمَعْنَى زَائِرَةٍ قِيلَ كَانَ ذَلِكَ حِينَ النَّهْيِ ثُمَّ أُذِنَ لَهُنَّ حَيْثُ نُسِخَ النَّهْيُ وَقِيلَ بَقِينَ تَحْتَ النَّهْيِ لِقِلَّةِ صَبْرِهِنَّ وَكَثْرَةِ جَزَعِهِنَّ قُلْتُ: وَهُوَ الْأَقْرَبُ إِلَى تَخْصِيصِهِنَّ بِالذِّكْرِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ حَدِيثِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

1575 - حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ مَرْوَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زُوَّارَاتِ الْقُبُورِ»

1576 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْعَسْقَلَانِيُّ أَبُو نَصْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَالِبٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زُوَّارَاتِ الْقُبُورِ»

[باب ما جاء في اتباع النساء الجنائز]

[بَاب مَا جَاءَ فِي اتِّبَاعِ النِّسَاءِ الْجَنَائِزَ] 1577 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ «نُهِينَا عَنْ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (نُهِينَا) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَلَمْ يُعْزَمْ قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي مَعْنَاهُ وَلَمْ يُوجَبْ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَمْ يُقْطَعْ عَلَيْنَا بِالنَّهْيِ لِيَكُونَ حَرَامًا فَهُوَ مَكْرُوهٌ تَنْزِيهًا.

1578 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ سَلْمَانَ عَنْ دِينَارٍ أَبِي عُمَرَ عَنْ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا نِسْوَةٌ جُلُوسٌ قَالَ مَا يُجْلِسُكُنَّ قُلْنَ نَنْتَظِرُ الْجِنَازَةَ قَالَ هَلْ تَغْسِلْنَ قُلْنَ لَا قَالَ هَلْ تَحْمِلْنَ قُلْنَ لَا قَالَ هَلْ تُدْلِينَ فِيمَنْ يُدْلِي قُلْنَ لَا قَالَ فَارْجِعْنَ مَأْزُورَاتٍ غَيْرَ مَأْجُورَاتٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَا يُجْلِسُكُنَّ) مِنَ الْإِجْلَاسِ (هَلْ تُغَسِّلُنَّ) أَيِ الْمَيِّتَ أَيْ هَلْ حَضَرْتُنَّ لِتَفْعَلُنَّ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْأَفْعَالِ (هَلْ تُدْلِينَ) مِنَ الْإِدْلَاءِ لَهُ أَيْ هَلْ تُنْزِلْنَ الْمَيِّتَ فِي الْقَبْرِ (مَأْزُورَاتٍ) مَفْعُولٌ مِنَ الْوِزْرِ أَيْ آثِمَاتٍ وَقِيَاسُهُ مَوْزُورَاتٌ وَإِنَّمَا قَالَ مَأْزُورَاتٍ لِلِازْدِوَاجِ بِمَأْجُورَاتٍ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ دِينَارُ أَبِي عُمَرَ وَهُوَ وَإِنْ وَثَّقَهُ وَكِيعٌ وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ فَقَدْ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ لَيْسَ بِالْمَشْهُورِ وَقَالَ الْأَزْدِيُّ مَتْرُوكٌ وَقَالَ الْخَلِيلِيُّ فِي الْإِرْشَادِ كَذَّابٌ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ سَلِيمَانَ قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِمٍ صَالِحٌ لَكِنْ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَقَالَ يُخْطِئُ وَبَاقِي رِجَالِهِ ثِقَاتٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب في النهي عن النياحة]

[بَاب فِي النَّهْيِ عَنْ النِّيَاحَةِ] 1579 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى الصَّهْبَاءِ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} [الممتحنة: 12] قَالَ النَّوْحُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَالَ النَّوْحُ) أَيْ فَسَرَّ الْعِصْيَانَ فِي الْمَعْرُوفِ بِالنَّوْحِ أَوْ فَسَرَّ الْمَعْرُوفَ بِالنَّهْيِ عَنِ النَّوْحِ فَالْمُرَادُ بِالنَّوْحِ النَّهْيُ عَنْهُ وَفِي إِسْنَادِهِ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.

1580 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ حَدَّثَنَا أَبُو حَرِيزٍ مَوْلَى مُعَاوِيَةَ قَالَ «خَطَبَ مُعَاوِيَةُ بِحِمْصَ فَذَكَرَ فِي خُطْبَتِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ النَّوْحِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (خَطَبَ مُعَاوِيَةُ) وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ جَرِيرٌ وَيُقَالُ أَبُو جَرِيرٍ لَمْ أَرَ مَنْ جَرَّحَهُ وَلَا مَنْ وَثَّقَهُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ وَهُوَ الْحِمْصِيُّ وَقَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِمٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ ضَعِيفٌ وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْحَافِظُ وَهُوَ عِنْدِي ثِقَةٌ وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ.

1581 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ ابْنِ مُعَانِقٍ أَوْ أَبِي مُعَانِقٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النِّيَاحَةُ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ وَإِنَّ النَّائِحَةَ إِذَا مَاتَتْ وَلَمْ تَتُبْ قَطَعَ اللَّهُ لَهَا ثِيَابًا مِنْ قَطِرَانٍ وَدِرْعًا مِنْ لَهَبِ النَّارِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَإِنَّ النَّائِحَةَ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ النَّيَّاحَةَ كَالْعَلَّامَةِ لِلْمُبَالَغَةِ (مِنْ قَطِرَانٍ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ مَعْرُوفٌ (وَدِرْعًا) بِكَسْرِ الدَّالِ الْقَمِيصُ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

1582 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ رَاشِدٍ الْيَمَامِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النِّيَاحَةُ عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّ النَّائِحَةَ إِنْ لَمْ تَتُبْ قَبْلَ أَنْ تَمُوتَ فَإِنَّهَا تُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهَا سَرَابِيلُ مِنْ قَطِرَانٍ ثُمَّ يُعْلَى عَلَيْهَا بِدِرْعٍ مِنْ لَهَبِ النَّارِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَإِنَّ النَّائِحَةَ إِنْ لَمْ تَتُبْ) إِنْ شَرْطِيَّةٌ وَالنَّائِحَةُ مَرْفُوعٌ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلٌ لِمَحْذُوفٍ مِثْلَ {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} [التوبة: 6] (سَرَابِيلُ) جَمْعُ سِرْبَالٍ بِكَسْرِ السِّينِ بِمَعْنَى الْقَمِيصِ (ثُمَّ يُعْلَى) بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ مِنَ الْعُلُوِّ أَيْ وَيُجْعَلُ فَوْقَ تِلْكَ الْقَمِيصِ قَمِيصٌ مِنْ نَارٍ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عُمَرُ بْنُ رَاشِدٍ قَالَ فِيهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدِيثُهُ ضَعِيفٌ لَيْسَ بِمُسْتَقِيمٍ وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ ضَعِيفٌ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ حَدِيثُهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ مُضْطَرِبٌ لَيْسَ بِالْقَائِمِ وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ

لَا يَحِلُّ ذِكْرُهُ إِلَّا عَلَى سَبِيلِ الْقَدْحِ فِيهِ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ مَتْرُوكٌ.

1583 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ أَنْبَأَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي يَحْيَى عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُتْبَعَ جِنَازَةٌ مَعَهَا رَانَّةٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَعَهَا رَانَّةٌ) الرَّنَّةُ بِتَشْدِيدِ النُّونِ الصَّوْتُ قَالَ رَنَّتِ الْمَرْأَةُ إِذَا صَاحَتْ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ أَبُو يَحْيَى السَّفَّاتُ الْكُوفِيُّ زَادَانُ وَقِيلَ دِينَارٌ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَوَى عَنْهُ إِسْرَائِيلُ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً مَنَاكِيرَ جَدًّا وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ فِي حَدِيثِهِ ضَعِيفٌ وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ وَالْبَزَّارُ لَا بَأْسَ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في النهي عن ضرب الخدود وشق الجيوب]

[بَاب مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ ضَرْبِ الْخُدُودِ وَشَقِّ الْجُيُوبِ] 1584 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ جَمِيعًا عَنْ سُفْيَانَ عَنْ زُبَيْدٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مَسْرُوقٍ ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ مِنَّا مَنْ شَقَّ الْجُيُوبَ وَضَرَبَ الْخُدُودَ وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَيْسَ مِنَّا) أَيْ مِنْ أَهْلِ سُنَّتِنَا أَوْ قُرْبِنَا أَوْ هُوَ تَغْلِيظٌ لِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ كَالْوَيْلِ وَالثُّبُورِ وَعُمُومُهُ يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَتَخْصِيصُ الْإِنَاثِ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْعَادَةِ فَإِنَّ هَذِهِ الْأَفْعَالَ إِنَّمَا هِيَ عَادَتُهُنَّ لَا عَادَةُ الذُّكُورِ.

1585 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَابِرٍ الْمُحَارِبِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ كَرَامَةَ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ مَكْحُولٍ وَالْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ الْخَامِشَةَ وَجْهَهَا وَالشَّاقَّةَ جَيْبَهَا وَالدَّاعِيَةَ بِالْوَيْلِ وَالثُّبُورِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْخَامِشَةَ وَجْهَهَا) مِنْ خَمَشَ وَجْهَهُ إِذَا قَشَرَ جِلْدَهُ مِنْ بَابِ نَصَرَ وَتَخْصِيصُ الْمَرْأَةِ لِمَا تَقَدَّمَ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ النَّفْسُ الْخَامِشَةُ فَيَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ لِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جَابِرٍ شَيْخُ ابْنِ مَاجَهْ وَثَّقَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ وَمَسْلَمَةُ وَالذَّهَبِيُّ فِي الْكَاشِفِ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.

1586 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ الْأَوْدِيُّ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ عَنْ أَبِي الْعُمَيْسِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا صَخْرَةَ يَذْكُرُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ وَأَبِي بُرْدَةَ قَالَا «لَمَّا ثَقُلَ أَبُو مُوسَى أَقْبَلَتْ امْرَأَتُهُ أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ تَصِيحُ بِرَنَّةٍ فَأَفَاقَ فَقَالَ لَهَا أَوَ مَا عَلِمْتِ أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّنْ بَرِئَ مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ يُحَدِّثُهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَنَا بَرِيءٌ مِمَّنْ حَلَقَ وَسَلَقَ وَخَرَقَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ حَلَقَ) أَيْ شَعْرَهُ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ لِأَجْلِهَا (وَسَلَقَ) بِالتَّخْفِيفِ أَيْ رَفَعَ الصَّوْتَ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ وَقِيلَ هُوَ أَنْ تَصُكَّ الْمَرْأَةُ

وَجْهَهَا (وَخَرَقَ) بِالتَّخْفِيفِ أَيْضًا شَقَّ الثِّيَابَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في البكاء على الميت]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْبُكَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ] 1587 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي جِنَازَةٍ فَرَأَى عُمَرُ امْرَأَةً فَصَاحَ بِهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْهَا يَا عُمَرُ فَإِنَّ الْعَيْنَ دَامِعَةٌ وَالنَّفْسَ مُصَابَةٌ وَالْعَهْدَ قَرِيبٌ» حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَزْرَقِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَرَأَى عُمَرُ امْرَأَةً) بَاكِيَةً (فَصَاحَ بِهَا) لِتُنْهَى عَنْهُ (فَإِنَّ الْعَيْنَ دَامِعَةٌ) فِيهِ أَنَّ بُكَاءَهَا بِدَمْعِ الْعَيْنِ لَا بِالصِّيَاحِ فَلِذَلِكَ رَخَّصَ فِي ذَلِكَ وَبِهِ يَحْصُلُ التَّوْفِيقُ بَيْنَ أَحَادِيثِ الْبَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ قَالَ فِي الْفَتْحِ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

1588 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ «كَانَ ابْنٌ لِبَعْضِ بَنَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْضِي فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَهَا فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا أَنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ فَأَقْسَمَتْ عَلَيْهِ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقُمْتُ مَعَهُ وَمَعَهُ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ فَلَمَّا دَخَلْنَا نَاوَلُوا الصَّبِيَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرُوحُهُ تَقَلْقَلُ فِي صَدْرِهِ قَالَ حَسِبْتُهُ قَالَ كَأَنَّهَا شَنَّةٌ قَالَ فَبَكَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ مَا هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الرَّحْمَةُ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ فِي بَنِي آدَمَ وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَقُبِضَ) أَيْ مَاتَ كَأَنَّ الْمَوْتَ كَالدَّيْنِ الَّذِي يَقْضِيهِ الْمَدْيُونُ إِلَى الْمُدِينِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ كَانَ قَرِيبًا إِلَى الْمَوْتِ (لِلَّهِ مَا أَخَذَ) أَيْ فَلَا حِيلَةَ إِلَّا الصَّبْرَ وَكَلِمَةُ مَا فِيهِ وَفِيمَا أَعْطَى تَحْتَمِلُ الْمَصْدَرِيَّةَ وَالْمَوْصُولَةَ (فَأَقْسَمَتْ) مِنَ الْإِقْسَامِ (نَاوَلُوا الصَّبِيَّ) أَيْ أَعْطَوْهُ (تَقَلْقَلَ) فِي الصِّحَاحِ قَلْقَلَ أَيْ صَوَّتَ وَقَلْقَلَ فَتَقَلْقَلَهُ أَيْ حَرَّكَهُ وَاضْطَرَبَ فِي رِدَائِهِ (تَقَعْقَعَ) أَيِ اضْطَرَبَ وَتَحَرَّكَ وَالْقَعْقَعَةُ حُكِيَ بِهِ صَوْتُ الشَّيْءِ الْيَابِسِ إِذَا حُرِّكَ شَبَّهَهُ لِبُدُوِّهِ بِالْجِلْدِ الْيَابِسِ الْخَلِقِ وَحَرَّكَهُ لِمَا يُطْرَحُ فِي الْجِلْدِ مِنْ حَصَاةٍ أَوْ نَحْوِهَا (شَنَّةٌ) بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ الْقِرْبَةُ الْخَلِقَةُ (مَا هَذَا) الْبُكَاءُ (الرَّحْمَةُ) أَيْ أَثَرُهَا (الرُّحَمَاءَ) كَالْعُلَمَاءِ أَيْ مَنْ يَرْحَمُونَ وَهُوَ

بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولُ يَرْحَمُ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ إِنَّ فِي قَوْلِهِ إِنَّمَا وَمَا مَوْصُولَةٌ.

1589 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ ابْنِ خُثَيْمٍ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ قَالَتْ «لَمَّا تُوُفِّيَ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِبْرَاهِيمُ بَكَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ الْمُعَزِّي إِمَّا أَبُو بَكْرٍ وَإِمَّا عُمَرُ أَنْتَ أَحَقُّ مَنْ عَظَّمَ اللَّهُ حَقَّهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَدْمَعُ الْعَيْنُ وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ وَلَا نَقُولُ مَا يُسْخِطُ الرَّبَّ لَوْلَا أَنَّهُ وَعْدٌ صَادِقٌ وَمَوْعُودٌ جَامِعٌ وَأَنَّ الْآخِرَ تَابِعٌ لِلْأَوَّلِ لَوَجَدْنَا عَلَيْكَ يَا إِبْرَاهِيمُ أَفْضَلَ مِمَّا وَجَدْنَا وَإِنَّا بِكَ لَمَحْزُونُونَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَقَالَ لَهُ الْمُعَزِّي) اسْمُ فَاعِلٍ مِنَ التَّعْزِيَةِ أَيِ الَّذِي جَاءَ عِنْدَهُ لِلتَّعْزِيَةِ (إِمَّا أَبُو بِكْرٍ وَإِمَّا عُمْرُ) شَكَّ فِيِّ أَنَّ الْمُعَزِّيَ الْقَائِلَ أَيُّهُمَا وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ رِوَايَةِ أَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلَعَلَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ الْمَوْتِ وَقَدْ قَرُبَ الْقَبْضُ كَمَا هُوَ الْمَذْكُورُ فِي رِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ وَهَذَا كَانَ بَعْدَ الْمَوْتِ كَمَا يُفِيدُ لَفْظُ الْمُعَزِّي (مَنْ عَظَّمَ) مِنَ التَّعْظِيمِ (حَقَّهُ) الَّذِي هُوَ النَّهْيُ عَنِ الْبُكَاءِ وَالْأَمْرُ بِالصَّبْرِ لَا يَرْجِعُ إِلَى ذَلِكَ عَلَى مَا عَلَيْهِ عَادَةً (مَا يُسْخَطُ) مِنَ السَّخَطِ أَيْ مَا يُغْضِبُهُ (لَوْلَا أَنَّهُ) بِفَتْحِ الْأَلِفِ أَيْ أَنَّ الْمَوْتَ جَامِعٌ لِلْخَلَائِقِ كُلِّهَا (عَلَيْكَ) أَيْ لِأَجَلِكَ وَعَلَى فِرَاقِكَ (أَفْضَلُ) أَكْثَرُ مِنَ الْغَمِّ وَالْحُزْنِ أَيْ بِفِرَاقِكَ وَالْمُرَادُ بِهَذَا الْحُزْنِ هُوَ الْحُزْنُ الْجِبِلِّيُّ وَهُوَ لَا يُنَافِي الرِّضَا بِالْقَضَاءِ وَلَا مَحْذُورَ فِيهِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ.

1590 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ «أَنَّهُ قِيلَ لَهَا قُتِلَ أَخُوكِ فَقَالَتْ رَحِمَهُ اللَّهُ وَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ قَالُوا قُتِلَ زَوْجُكِ قَالَتْ وَا حُزْنَاهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ لِلزَّوْجِ مِنْ الْمَرْأَةِ لَشُعْبَةً مَا هِيَ لِشَيْءٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَشُعْبَةً) الشُّعْبَةُ بِالضَّمِّ غُصْنُ الشَّجَرَةِ وَقِطْعَةٌ مِنَ الشَّيْءِ وَالْمُرَادُ النَّوْعُ مِنَ الْمَحَبَّةِ وَالتَّعَلُّقِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

1591 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْمِصْرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَنْبَأَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِنِسَاءِ عَبْدِ الْأَشْهَلِ يَبْكِينَ هَلْكَاهُنَّ يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكِنَّ حَمْزَةَ لَا بَوَاكِيَ لَهُ فَجَاءَ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ يَبْكِينَ حَمْزَةَ فَاسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ وَيْحَهُنَّ مَا انْقَلَبْنَ بَعْدُ مُرُوهُنَّ فَلْيَنْقَلِبْنَ وَلَا يَبْكِينَ عَلَى هَالِكٍ بَعْدَ الْيَوْمِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا بِوَاكِيَ) جَمْعُ بَكَيَّةٍ قَالَهُ قَبْلَ النَّهْيِ عَنِ الْبُكَاءِ كَمَا يُشِيرُ إِلَيْهِ لَفْظُ الْحَدِيثِ فَلَا إِشْكَالَ وَضْعُ صَاحِبِ الزَّوَائِدِ يَقْتَضِي أَنَّ الْحَدِيثَ مِنَ الزَّوَائِدِ لَكِنْ مَا تَعَرَّضَ لِإِسْنَادِهِ.

1592 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْهَجَرِيِّ عَنْ ابْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمَرَاثِي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنِ الْمَرَاثِي) قِيلَ هُوَ أَنْ يَنْدُبَ الْمَيِّتَ فَيُقَالُ وَافُلَانَاهْ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ إِنَّمَا كُرِهَ مِنَ الْمَرَاثِي النِّيَاحَةُ عَلَى مَذْهَبِ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَمَّا الثَّنَاءُ وَالدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ فَغَيْرُ مَكْرُوهٍ لِأَنَّهُ رُثِيَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَذُكِرَ فِيهِ وَفِي الصَّحَابَةِ كَثِيرٌ مِنَ الْمَرَاثِي اهـ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ الْهَجَرِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ جَدًّا ضَعَّفَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في الميت يعذب بما نيح عليه]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْمَيِّتِ يُعَذَّبُ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ] 1593 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَاذَانُ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ح وَحَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالُوا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمَيِّتُ يُعَذَّبُ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ) الْبَاءُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ سَبَبِيَّةً وَمَا مَصْدَرِيَّةً وَأَنْ يَكُونَ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ حَالًا وَمَا مَوْصُولَةً أَيْ يُعَذَّبُ بِمَا يُنْدَبُ عَلَيْهِ مِنَ الْأَلْفَاظِ كَيَا جَبَلَاهُ وَيَا كَهْفَاهُ وَنَحْوِهِمَا عَلَى سَبِيلِ التَّهَكُّمِ كَمَا وُجِدَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْبَاءَ لِلْآلَةِ وَمَا مَوْصُولَةٌ وَتِلْكَ الْأَلْفَاظُ تُجْعَلُ آلَةً لِلْعَذَابِ حَيْثُ تُذْكَرُ لَهُ تَوْبِيخًا وَتَقْرِيعًا عَلَيْهِ.

1594 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ حَدَّثَنَا أَسِيدُ بْنُ أَبِي أَسِيدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمَيِّتُ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَيِّ إِذَا قَالُوا وَا عَضُدَاهُ وَا كَاسِيَاهُ وَا نَاصِرَاهُ وَا جَبَلَاهُ وَنَحْوَ هَذَا يُتَعْتَعُ وَيُقَالُ أَنْتَ كَذَلِكَ أَنْتَ كَذَلِكَ» قَالَ أَسِيدٌ فَقُلْتُ سُبْحَانَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الإسراء: 15] قَالَ وَيْحَكَ أُحَدِّثُكَ أَنَّ أَبَا مُوسَى حَدَّثَنِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَرَى أَنَّ أَبَا مُوسَى كَذَبَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ تَرَى أَنِّي كَذَبْتُ عَلَى أَبِي مُوسَى ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِبُكَاءِ الْحَيِّ) الْمُرَادُ قَبِيلَتُهُ وَأَهْلُهُ فَلِذَا رَجَعَ إِلَيْهِ ضَمِيرُ إِذَا قَالُوا وَهِيَ الْمُوَافَقَةُ لِرِوَايَةِ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَيِّ مَا يُقَابِلُ الْمَيِّتَ وَضَمِيرُ إِذَا قَالُوا لِلْأَحْيَاءِ الْمَفْهُومُ مِنَ الْمَقَامِ قَوْلُهُ: (وَا عَضُدَاهُ) أَيْ أَنَّهُ الَّذِي كَانُوا يَتَّقُونَ بِهِ وَأَنَّهُ يُكْسِيهِمْ وَيَنْصُرُهُمْ وَأَنَّهُمْ يَلْتَجِئُونَ إِلَيْهِ وَيَسْتَنِدُونَ إِلَيْهِ (يُتَعْتَعُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنْ تَعْتَعْتُ الرَّجُلَ إِذَا عَنَّفْتُهُ وَأَقْلَقْتُهُ كَذَا فِي الصِّحَاحِ وَالْعُنْفُ هُوَ الْأَخْذُ بِمَجَامِعِ الشَّيْءِ وَجَرُّهُ بِقَهْرٍ (أَنْتَ كَذَلِكَ) تَوْبِيخًا وَتَقْرِيعًا وَتَهَكُّمًا بِهِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ - وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 49 - 164] أَيْ لَا تَحْمِلُ نَفْسٌ

آثِمَةٌ إِثْمَ نَفْسٍ أُخْرَى وَهَذَا مِنْ بَابِ حَمْلِ الْمَيِّتِ ذَنْبَ الْحَيِّ فَكَيْفَ يَكُونُ وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا إِذَا رَضِيَ الْمَيِّتُ بَذْلِكَ بِأَنْ أَوْصَى بِهِ أَوْ عَلِمَ بِهِ أَوْ لَمْ يَنْهَ عَنْهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَحِينَئِذٍ يَصِيرُ هَذَا الْفِعْلُ مِنْ ذُنُوبِهِ فَلَمْ يَكُنْ مِنْ بَابِ حَمْلِ الْمَيِّتِ ذَنْبَ الْحَيِّ بَلْ مِنْ بَابِ حَمْلِهِ ذُنُوبَهُ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ لِأَنَّ يَعْقُوبَ بْنَ حُمَيْدٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.

1595 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «إِنَّمَا كَانَتْ يَهُودِيَّةٌ مَاتَتْ فَسَمِعَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْكُونَ عَلَيْهَا قَالَ إِنَّ أَهْلَهَا يَبْكُونَ عَلَيْهَا وَإِنَّهَا تُعَذَّبُ فِي قَبْرِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنَّمَا كَانَتْ يَهُودِيَّةً إِلَخْ) قَالَتْ ذَلِكَ حِينَ بَلَغَهَا حَدِيثُ «إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَيِّ عَلَيْهِ» فَأَنْكَرَتْ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] وَقَالَتْ وَمَا كَانَ الْحَدِيثُ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا كَانَ الْحَدِيثُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَهُوَ أَنَّ يَهُودِيَّةً مَاتَتْ إِلَخْ وَلَا وَجْهَ لِهَذَا الْإِنْكَارِ بَعْدَ صِحَّةِ الْحَدِيثِ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ وَمَجِيئُهُ عَنِ الصَّحَابَةِ الْعَدِيدَةِ وَأَمَّا الْمُعَارَضَةُ الْمَذْكُورَةُ فَقَدْ عَرَفْتَ دَفْعَهَا وَوُرُودُ هَذَا الْكَلَامِ فِي الْيَهُودِيَّةِ لَا يَمْنَعُ وُرُودَ ذَلِكَ الْكَلَامِ وَهَذَا ظَاهِرٌ نَعَمْ عَائِشَةُ مَا بَلَغَهَا الْحَدِيثُ إِلَّا مِنْ عُمَرَ أَوِ ابْنِ عُمَرَ فَرَأَتْ أَنَّهُ مِنْ سَهْوِهِمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في الصبر على المصيبة]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الصَّبْرِ عَلَى الْمُصِيبَةِ] 1596 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى) هِيَ مَرَّةٌ مِنَ الصَّدْمِ وَهُوَ ضَرْبُ الشَّيْءِ الصُّلْبِ بِمِثْلِهِ ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي كُلِّ مَكْرُوهٍ حَصَلَ بَغْتَةً وَالْمَعْنَى الصَّبْرُ الَّذِي يُحْمَدُ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ وَيُثَابُ عَلَيْهِ فَاعِلُهُ بَلِ الْأَجْرُ مَا كَانَ إِلَّا مِنْهُ عِنْدَ مُفَاجَأَةِ الْمُصِيبَةِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ عَلَى مَدَى الْأَيَّامِ يَسْلُو أَوْ يُنْسَى.

1597 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ عَجْلَانَ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَقُولُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ ابْنَ آدَمَ إِنْ صَبَرْتَ وَاحْتَسَبْتَ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى لَمْ أَرْضَ لَكَ ثَوَابًا دُونَ الْجَنَّةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ابْنَ آدَمَ) مُنَادًى بِتَقْدِيرِ حَرْفِ نِدَاءٍ (وَاحْتَسَبْتَ) أَيْ طَلَبَ

بِهِ الْأَجْرَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى (دُونَ الْجَنَّةِ) أَيْ دُخُولِهَا ابْتِدَاءً وَإِلَّا فَأَصْلُ الدُّخُولِ يَكْفِي فِيهِ الْإِيمَانُ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

1598 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ قُدَامَةَ الْجُمَحِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ حَدَّثَهَا «أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصَابُ بِمُصِيبَةٍ فَيَفْزَعُ إِلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ اللَّهُمَّ عِنْدَكَ احْتَسَبْتُ مُصِيبَتِي فَأْجُرْنِي فِيهَا وَعَوِّضْنِي مِنْهَا إِلَّا آجَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهَا وَعَاضَهُ خَيْرًا مِنْهَا» قَالَتْ فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ ذَكَرْتُ الَّذِي حَدَّثَنِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ اللَّهُمَّ عِنْدَكَ احْتَسَبْتُ مُصِيبَتِي هَذِهِ فَأْجُرْنِي عَلَيْهَا فَإِذَا أَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ وَعِضْنِي خَيْرًا مِنْهَا قُلْتُ فِي نَفْسِي أُعَاضُ خَيْرًا مِنْ أَبِي سَلَمَةَ ثُمَّ قُلْتُهَا فَعَاضَنِي اللَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآجَرَنِي فِي مُصِيبَتِي ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَيَفْزَعُ إِلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ) أَيْ يُسْرِعُ إِلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِالْأَمْرِ النَّدْبُ بِالتَّرْغِيبِ فِيهِ وَتَرْتِيبُ الْأَجْرِ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ النَّدْبِ وَإِلَّا فَلَا أَمْرَ فِي قَوْلِهِ {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 155] بِهِدَايَةِ الذِّكْرِ (عِنْدَكَ احْتَسَبْتُ) أَيْ أَطْلُبُ مِنْكَ أَجْرَهَا (فَأْجُرْنِي) بِسُكُونِ هَمْزَةٍ وَبِضَمِّ جِيمٍ وَيَجُوزُ مَدُّ الْهَمْزَةِ عَلَى أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْأَفْعَالِ يُقَالُ أَجَرَهُ وَآجَرَهُ بِالْقَصْرِ وَالْمَدِّ إِذَا أَثَابَهُ وَأَعْطَاهُ الْأَجْرَ (وَعَرِّضْنِي) مِنَ الْعَرْضِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَعَوِّضْنِي مِنَ التَّعْوِيضِ وَالْمُرَادُ اجْعَلْ لِي بَدَلًا مِمَّا فَاتَ عَنِّي فِي هَذِهِ الْمُصِيبَةِ خَيْرًا مِنَ الْفَائِتِ فِيهَا فَفِي الْكَلَامِ تَجَوُّزٌ وَتَقْدِيرٌ (أُعَاضَ خَيْرًا إِلَخْ) أَيْ عَلَى سَبِيلِ الْإِنْكَارِ بِأَنَّهُ مَنْ يَكُونُ خَيْرًا مِنْهُ وَآجَرَنِي قَالَتْ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الرَّجَاءِ فَإِنَّهُ قَدْ ظَهَرَ اسْتِجَابَةُ بَعْضِ الدُّعَاءِ فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى الْكُلِّ.

1599 - حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السُّكَيْنِ حَدَّثَنَا أَبُو هَمَّامٍ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَابًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ أَوْ كَشَفَ سِتْرًا فَإِذَا النَّاسُ يُصَلُّونَ وَرَاءَ أَبِي بَكْرٍ فَحَمِدَ اللَّهَ عَلَى مَا رَأَى مِنْ حُسْنِ حَالِهِمْ رَجَاءَ أَنْ يَخْلُفَهُ اللَّهُ فِيهِمْ بِالَّذِي رَآهُمْ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّمَا أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ أَوْ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أُصِيبَ بِمُصِيبَةٍ فَلْيَتَعَزَّ بِمُصِيبَتِهِ بِي عَنْ الْمُصِيبَةِ الَّتِي تُصِيبُهُ بِغَيْرِي فَإِنَّ أَحَدًا مِنْ أُمَّتِي لَنْ يُصَابَ بِمُصِيبَةٍ بَعْدِي أَشَدَّ عَلَيْهِ مِنْ مُصِيبَتِي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بَابَا) أَيْ يَوْمَ تُوُفِّيَ كَمَا جَاءَ فِي بَعْضِ أَحَادِيثِ الْوَفَاةِ (مِنْ حُسْنِ حَالِهِمْ) مِنْ حَيْثُ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ (أَنْ يَخْلُفَهُ اللَّهُ) مِنْ خَلَفَهُ كَنَصَرَ إِذَا كَانَ خَلِيفَةً لَهُ فِيمَنْ بَقِيَ بَعْدَهُ أَيْ رَجَاءٌ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ خَلِيفَةً لَهُ فِي إِصْلَاحِ حَالِ الْأُمَّةِ بِالْوَجْهِ الَّذِي رَآهُمْ عَلَيْهِ مِنَ الِاجْتِمَاعِ عَلَى خَيْرٍ (فَقَالَ) خَوْفًا مِنَ التَّفَرُّقِ مِمَّا يَلْحَقُهُمْ مِنَ الْمَصَائِبِ بَعْدَهُ

(فَلْيَتَعَزَّ) وَيُخَفِّفَ عَلَى نَفْسِهِ مُؤْنَةَ تِلْكَ الْمُصِيبَةِ بِتَذَكُّرِ هَذِهِ الْمُصِيبَةِ الْعَظِيمَةِ إِذِ الصَّغِيرَةُ تَضْمَحِلُّ فِي جَنْبِ الْكَبِيرَةِ فَحَيْثُ صَبَرَ عَلَى الْكَبِيرَةِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُبَالِيَ بِالصَّغِيرَةِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

1600 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ هِشَامِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أُمِّهِ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهَا قَالَ «قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أُصِيبَ بِمُصِيبَةٍ فَذَكَرَ مُصِيبَتَهُ فَأَحْدَثَ اسْتِرْجَاعًا وَإِنْ تَقَادَمَ عَهْدُهَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلَهُ يَوْمَ أُصِيبَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَأَحْدَثَ اسْتِرْجَاعًا) أَيْ قَالَ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ قَوْلًا جَدِيدًا وَقْتَ التَّذَكُّرِ (يَوْمَ أُصِيبَ) أَيْ وَقَالَ أَنَا صَابِرٌ عَلَيْهَا وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ لِضَعْفِ هِشَامِ بْنِ زِيَادٍ وَقَدِ اخْتَلَفَ الشَّيْخُ هَلْ هُوَ رَوَى عَنْ أَبِيهِ أَوْ عَنْ أُمِّهِ وَلَا يُعْرَفُ لَهُمَا حَالٌ قِيلَ ضَعَّفَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ رَوَى الْمَوْضُوعَاتِ عَنِ الثِّقَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في ثواب من عزى مصابا]

[بَاب مَا جَاءَ فِي ثَوَابِ مَنْ عَزَّى مُصَابًا] 1601 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنِي قَيْسٌ أَبُو عُمَارَةَ مَوْلَى الْأَنْصَارِ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَزِّي أَخَاهُ بِمُصِيبَةٍ إِلَّا كَسَاهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مِنْ حُلَلِ الْكَرَامَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يُعَزِّي أَخَاهُ) أَيْ يَأْمُرُهُ بِالصَّبْرِ عَلَيْهَا بِنَحْوِ أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَكَ (مِنْ حُلَلِ الْكَرَامَةِ) أَيْ مِنَ الْحُلَلِ الدَّالَّةِ عَلَى الْكَرَامَةِ عِنْدَهُ أَوْ مِنْ حُلَلِ أَهْلِ الْكَرَامَةِ وَهِيَ حُلَلٌ نُسِجَتْ مِنَ الْكَرَامَةِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى تَجْسِيمِ الْمَعَانِي وَهُوَ أَمْرٌ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ قَيْسُ أَبُو عِمَارَةَ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْكَاشِفِ ثِقَةٌ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِيهِ نَظَرٌ وَبَاقِي رِجَالِهِ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.

1602 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ عَزَّى مُصَابًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ عَزَّى مُصَابًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ) قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْكِتَابِ هَذَا الْحَدِيثُ أَوْرَدَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ وَقَالَ تَفَرَّدَ بِهِ عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُرَاقَةَ وَقَدْ كَذَّبَهُ فِي سَنَدِهِ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ بَعْدَ إِخْرَاجِهِ: أَكْثَرُ مُبْتَلَى بِهِ عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ

نَقَمُوهُ عَلَيْهِ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ تَفَرَّدَ بِهِ عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ وَهُوَ أَحَدُ مَا أُنْكِرَ عَلَيْهِ قَالَ وَقَدْ رَوَى أَيْضًا عَنْ غَيْرِهِ وَقَالَ الْخَطِيبُ هَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا أَنْكَرَهُ النَّاسُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ وَكَانَ أَكْثَرُ كَلَامِهِمْ فِيهِ بِسَبَبِهِ وَقَدْ رَوَاهُ عَبْدُ الْحَكَمِ بْنُ مَنْصُورٍ وَرُوِيَ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَشُعْبَةَ وَإِسْرَائِيلَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ عَطِيَّةَ وَغَيْرِهِمْ عَنِ ابْنِ سُرَاقَةَ وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْهَا ثَابِتًا وَقَالَ الْحَافِظُ بْنُ حَجَرٍ كُلُّ الْمُتَابَعِينَ لَعَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ أَضْعَفُ مِنْهُ بِكَثِيرٍ وَلَيْسَ مِنْهَا رِوَايَةٌ يُمْكِنُ التَّعَلُّقُ بِهَا إِلَّا طَرِيقَ إِسْرَائِيلَ فَقَدْ ذَكَرَهَا صَاحِبُ الْكَمَالِ مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْهُ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى إِسْنَادِهِ بَعْدُ وَقَالَ الصَّلَاحُ الْعَلَائِيُّ قَدْ رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُسْلِمٍ الْخُوَارِزْمِيُّ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُرَاقَةَ وَإِبْرَاهِيمِ بْنِ مُسْلِمٍ وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهِ أَحَدٌ وَقَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ صَدُوقٌ مُتَكَلَّمٌ فِيهِ لَكِنَّ حَدِيثَهُ يُؤَيِّدُ رِوَايَتَهُ عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ وَيَخْرُجُ بِهِ عَنْ أَنْ يَكُونَ ضَعِيفًا وَاهِيًا فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ مَوْضُوعًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في ثواب من أصيب بولده]

[بَاب مَا جَاءَ فِي ثَوَابِ مَنْ أُصِيبَ بِوَلَدِهِ] 1603 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَمُوتُ لِرَجُلٍ ثَلَاثَةٌ مِنْ الْوَلَدِ فَيَلِجَ النَّارَ إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا يَمُوتُ لِرَجُلٍ) ذِكْرُهُ اتِّفَاقِيٌّ لَا مَفْهُومَ لَهُ فَكَذَا الْمَرْأَةُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ قُصِدَ لَهُ بِثُبُوتِ الْحُكْمِ لَهَا بِالدَّلَالَةِ لِأَنَّهَا أَضْعَفُ قَلْبًا وَأَكْثَرُ حُزْنًا فَإِذَا كَانَ جَزَاءُ الرَّجُلِ مَا ذُكِرَ فَكَيْفَ هِيَ (فَيَلِجَ) أَيْ فَيَدْخُلَ مِنَ الْوُلُوجِ وَالْمَشْهُورُ عِنْدَهُمْ نَصْبُهُ عَلَى أَنَّهُ جَوَابُ النَّفْيِ لَكِنْ يَشْكُلُ ذَلِكَ بِأَنَّ الْفَاءَ فِي جَوَابِ النَّفْيِ تَدُلُّ عَلَى سَبَبِيَّةِ الْأَوَّلِ لِلثَّانِي قَالَ تَعَالَى {لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا} [فاطر: 36] وَمَوْتُ الْأَوْلَادِ لَيْسَ سَبَبًا لِدُخُولِ النَّارِ بَلْ سَبَبٌ لِلنَّجَاةِ مِنْهَا وَعَدَمِ الدُّخُولِ فِيهَا بَلْ لَوْ فُرِضَ صِحَّةُ السَّبَبِيَّةِ فَهِيَ غَيْرُ مُرَادَةٍ هَاهُنَا لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ أَنَّ مَنْ مَاتَ لَهُ ثَلَاثَةُ وَلَدٍ لَا يَدْخُلُ بَعْدَ ذَلِكَ النَّارَ إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ وَعَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ جَوَابًا يَصِيرُ الْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَمُوتُ لِمُسْلِمٍ ثَلَاثَةُ وَلَدٍ حَتَّى يَدْخُلَ النَّارَ بِسَبَبِهِ إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ وَهَذَا مَعْنًى فَاسِدٌ قَطَعَا لِأَنَّ مَوْتَ ثَلَاثَةٍ مِنَ الْوَلَدِ لَا يَتَحَقَّقُ لِمُسْلِمٍ قَطْعًا وَأَنَّهُ لَوْ تَحَقَّقَ لَدَخَلَ ذَلِكَ الْمُسْلِمُ النَّارَ دَائِمًا إِلَّا قَدْرَ تَحِلَّةِ الْقَسَمِ فَالْوَجْهُ الرَّفْعُ عَلَى أَنَّ الْفَاءَ عَاطِفَةٌ لِلتَّضْعِيفِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ بَعْدَ مَوْتِ ثَلَاثَةِ وَلَدٍ لَا يَتَحَقَّقُ

الدُّخُولُ فِي النَّارِ إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ وَأَقْرَبُ مَا قِيلَ فِي تَوْجِيهِ النَّصْبِ أَنَّ الْفَاءَ بِمَعْنَى الْوَاوِ الْمُفِيدَةِ لِلْجَمْعِ وَتَنْصِبُ الْمُضَارِعَ بَعْدَ النَّفْيِ كَالْفَاءِ وَالْمَعْنَى لَا يُجْمَعُ مَوْتُ ثَلَاثَةٍ مِنَ الْوَلَدِ وَدُخُولُ النَّارِ إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ وَلِلْعُلَمَاءِ هَاهُنَا كَلِمَاتٌ بَعِيدَةٌ تَكَلَّمْتُ عَلَى بَعْضِهَا فِي حَاشِيَةِ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ (إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ أَيْ قَدْرَ مَا يَنْحَلُّ بِهِ الْيَمِينُ قَالَ الْجُمْهُورُ الْمُرَادُ بِذَلِكَ قَوْلُهُ: تَعَالَى {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم: 71]

1604 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ شُفْعَةَ قَالَ «لَقِيَنِي عُتْبَةُ بْنُ عَبْدٍ السُّلَمِيُّ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ لَهُ ثَلَاثَةٌ مِنْ الْوَلَدِ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ إِلَّا تَلَقَّوْهُ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ دَخَلَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَا مِنْ مُسْلِمٍ) أَيْ شَخْصٍ مُسْلِمٍ فَيَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى أَوْ ذَكَرٍ مُسْلِمٍ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ وَحَالُ الْأُنْثَى قَدْ سَبَقَ قَوْلُهُ: (يُتَوَفَّى لَهُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ (الْحِنْثَ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ نُونٍ أَيِ الذَّنْبَ وَالْمُرَادُ أَنَّهُمْ يَحْتَلِمُونَ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ هَذَا الْفَضْلَ مَخْصُوصٌ بِمَنْ مَاتَ أَوْلَادُهُ صِغَارًا وَقِيلَ إِذَا ثَبَتَ هَذَا الْفَضْلُ فِي الطِّفْلِ الَّذِي هُوَ كَلٌّ عَلَى أَبَوَيْهِ فَكَيْفَ لَا يَثْبُتُ فِي الْكَبِيرِ الَّذِي بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ وَوَصَلَ لَهُ مِنْهُ النَّفْعُ وَتَوَجَّهَ إِلَيْهِ الْخِطَابُ بِالْحُقُوقِ قُلْتُ: يَأْبَى عَنْهُ قَوْلُهُ: (إِلَّا تَلَقَّوْهُ إِلَخْ) إِذْ لَا يَلْزَمُ فِي الْكَبِيرِ الْإِسْلَامُ وَدُخُولُ الْجَنَّةِ فَضْلًا عَنْ تَلَقِّيهِ إِيَّاهُ مِنَ الْأَبْوَابِ الثَّمَانِيَةِ وَكَذَا مَا يَأْتِي عَنْهُ فِي قَوْلِهِ بِفَضْلِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ أَيْ بِفَضْلِ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى لِلْأَوْلَادِ إِذْ لَا يَلْزَمُ فِي الْكَبِيرِ أَنْ يَكُونَ مَرْحُومًا فَضْلًا عَنْ أَنْ يُرْحَمَ أَبُوهُ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ نَعَمْ قَدْ جَاءَ دُخُولُ الْجَنَّةِ بِسَبَبِ الصَّبْرِ مُطْلَقًا كَمَا فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ شُرَحْبِيلُ بْنُ سَفْعَةَ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ شُرَحْبِيلُ وَجَرِيرٌ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ اهـ وَبَاقِي رِجَالِهِ رِجَالُ الْإِسْنَادِ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ.

1605 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ حَمَّادٍ الْمَعْنِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يُتَوَفَّى لَهُمَا ثَلَاثَةٌ مِنْ الْوَلَدِ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ إِلَّا أَدْخَلَهُمْ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَةِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ (مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ) عَلَى صِيغَةِ التَّثْنِيَةِ (إِلَّا أَدْخَلَهُمُ اللَّهُ) أَيِ الْأَبَوَيْنِ وَالْأَوْلَادَ (بِفَضْلِ رَحْمَةِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ) أَيِ الْأَوْلَادَ.

1606 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَدَّمَ ثَلَاثَةً مِنْ الْوَلَدِ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ كَانُوا لَهُ حِصْنًا حَصِينًا مِنْ النَّارِ فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ قَدَّمْتُ اثْنَيْنِ قَالَ وَاثْنَيْنِ فَقَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ سَيِّدُ الْقُرَّاءِ قَدَّمْتُ وَاحِدًا قَالَ وَوَاحِدًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حِصْنًا حَصِينًا) أَيْ سِتْرًا قَوِيًّا وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب ما جاء فيمن أصيب بسقط]

[بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ أُصِيبَ بِسِقْطٍ] 1607 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ النَّوْفَلِيُّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَسِقْطٌ أُقَدِّمُهُ بَيْنَ يَدَيَّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ فَارِسٍ أُخَلِّفُهُ خَلْفِي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَسِقْطٌ) بِكَسْرِ السِّينِ أَكْثَرُ مِنَ الضَّمِّ هُوَ وَالْفَتْحُ وَلَدٌ يَسْقُطُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ قَبْلَ تَمَامِهِ بِفَتْحِ اللَّامِ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ (أَحَبُّ) بَيْنَ يَدَيَّ أَيْ قُدَّامِي تَأْكِيدًا لِمَعْنَى التَّقْدِيمِ (مِنْ فَارِسٍ) يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ (أُخَلِّفُهُ) مِنَ التَّخْلِيفِ وَفِي الزَّوَائِدِ قُلْتُ: قَالَ الْمِزِّيُّ فِي التَّهْذِيبِ وَالْإِطْرَافِ: يَزِيدُ لَمْ يُدْرِكْ أَبَا هُرَيْرَةَ وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَإِنْ وَثَّقَهُ ابْنُ سَعْدٍ فَقَدْ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَخَلَفٌ.

1608 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَقَ أَبُو بَكْرٍ الْبَكَّائِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا مَنْدَلٌ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ الْحَكَمِ النَّخَعِيِّ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عَابِسِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ أَبِيهَا عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ السِّقْطَ لَيُرَاغِمُ رَبَّهُ إِذَا أَدْخَلَ أَبَوَيْهِ النَّارَ فَيُقَالُ أَيُّهَا السِّقْطُ الْمُرَاغِمُ رَبَّهُ أَدْخِلْ أَبَوَيْكَ الْجَنَّةَ فَيَجُرُّهُمَا بِسَرَرِهِ حَتَّى يُدْخِلَهُمَا الْجَنَّةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لِيُرَاغِمُ رَبَّهُ) أَيْ يُحَاجُّهُ وَيُعَارِضُهُ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُبَالِغُ فِي شَفَاعَتِهِ وَيَجْتَهِدُ حَتَّى تُقْبَلَ شَفَاعَتُهُ.

1609 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ هَاشِمِ بْنِ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ السِّقْطَ لَيَجُرُّ أُمَّهُ بِسَرَرِهِ إِلَى الْجَنَّةِ إِذَا احْتَسَبَتْهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (سَرَرَهُ) بِفَتْحَتَيْنِ وَتُكْسَرُ السِّينُ هُوَ مَا تَقْطَعُهُ الْقَابِلَةُ وَهُوَ السُّرُّ بِالضَّمِّ أَيْضًا وَأَمَّا السُّرَّةُ فَهِيَ مَا يَبْقَى بَعْدَ الْقَطْعِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى ضَعْفِ مِنْدَلِ ابْنِ عَلِيٍّ قَوْلُهُ: (إِذَا احْتَسَبْتَهُ) أَيْ صَبَرْتَ عَلَيْهِ طَلَبًا لِلْأَجْرِ مِنَ اللَّهِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ يَحْيَى بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنُ مَوْهَبٍ وَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى ضَعْفِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في الطعام يبعث إلى أهل الميت]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الطَّعَامِ يُبْعَثُ إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ] 1610 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ «لَمَّا جَاءَ نَعْيُ جَعْفَرٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اصْنَعُوا لِآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا فَقَدْ أَتَاهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ أَوْ أَمْرٌ يَشْغَلُهُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَمَّا جَاءَ نَعْيُ جَعْفَرٍ) بِفَتْحِ نُونٍ فَسُكُونِ عَيْنٍ وَقِيلَ بِكَسْرِ عَيْنٍ وَتَشْدِيدِ يَاءٍ أَيْ خَبْرُ مَوْتِهِ (مَا يَشْغَلُهُمْ) كَمَنَعَ أَيْ عَنْ طَبْخِ الطَّعَامِ لِأَنْفُسِهِمْ وَفِيهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْأَقْرِبَاءِ أَنْ يُرْسِلُوا إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ طَعَامًا.

1611 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ أَبُو سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أُمِّ عِيسَى الْجَزَّارِ قَالَتْ حَدَّثَتْنِي أُمُّ عَوْنٍ ابْنَةُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ جَدَّتِهَا أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ قَالَتْ «لَمَّا أُصِيبَ جَعْفَرٌ رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَهْلِهِ فَقَالَ إِنَّ آلَ جَعْفَرٍ قَدْ شُغِلُوا بِشَأْنِ مَيِّتِهِمْ فَاصْنَعُوا لَهُمْ طَعَامًا» قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَمَا زَالَتْ سُنَّةً حَتَّى كَانَ حَدِيثًا فَتُرِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَمَّا أُصِيبَ جَعْفَرٌ) فِي إِسْنَادِهِ أُمُّ عِيسَى وَهِيَ مَجْهُولَةٌ لَمْ تُسَمَّ وَكَذَلِكَ أُمُّ عَوْنٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في النهي عن الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام]

[بَاب مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ الِاجْتِمَاعِ إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ وَصَنْعَةِ الطَّعَامِ] 1612 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ح وَحَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ مَخْلَدٍ أَبُو الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ قَالَ كُنَّا نَرَى الِاجْتِمَاعَ إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ وَصَنْعَةَ الطَّعَامِ مِنْ النِّيَاحَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كُنَّا نَرَى) هَذَا بِمَنْزِلَةِ رِوَايَةِ إِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَوْ تَقْرِيرِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَعَلَى الثَّانِي فَحِكْمَةُ الرَّفْعِ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَهُوَ حُجَّةٌ (وَصَنْعَةَ) أَيِ الْأَهْلِ وَإِفْرَادُ الضَّمِيرِ لِإِفْرَادِ لَفْظِ الْأَهْلِ وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا عَكْسُ الْوَارِدِ إِذِ الْوَارِدُ أَنْ يَصْنَعَ النَّاسُ الطَّعَامَ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ فَاجْتِمَاعُ النَّاسِ فِي بَيْتِهِمْ حَتَّى يَتَكَلَّفُوا لِأَجْلِهِمُ الطَّعَامَ قَلْبٌ لِذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرَ كَثِيرٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الضِّيَافَةَ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ قَلْبٌ لِلْمَعْقُولِ لِأَنَّ الضِّيَافَةَ حَقًّا أَنْ تَكُونَ لِلسُّرُورِ لَا لِلْحُزْنِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُ الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَالثَّانِي عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء فيمن مات غريبا]

[بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ مَاتَ غَرِيبًا] 1613 - حَدَّثَنَا جَمِيلُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُنْذِرِ الْهُذَيْلُ بْنُ الْحَكَمِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْتُ غُرْبَةٍ شَهَادَةٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَوْتُ غُرْبَةٍ شَهَادَةٌ) قَالَ السُّيُوطِيُّ أَوْرَدَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ هَذَا الْحَدِيثَ فِي الْمَوْضُوعَاتِ

مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَلَمْ يُصِبْ فِي ذَلِكَ وَقَدْ سُقْتُ لَهُ طُرُقًا كَثِيرَةً فِي الْلَّآلِئِ الْمَصْنُوعَةِ قَالَ الْحَافِظُ بْنُ حَجَرٍ فِي التَّرْجِيحِ إِسْنَادُ ابْنِ مَاجَهْ ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْهُذَيْلَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ الْخِلَافَ فِيهِ عَلَى الْهُذَيْلِ وَصَحَّحَ قَوْلَ مَنْ قَالَ عَنِ الْهُذَيْلِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادٌ فِيهِ الْهُذَيْلُ بْنُ الْحَكَمِ قَالَ فِيهِ الْبُخَارِيُّ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ لَا يُقِيمُ الْحَدِيثَ وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ جِدًّا وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ هَذَا الْحَدِيثُ مُنْكَرٌ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَقَدْ كَتَبْتُ عَنِ الْهُذَيْلِ وَلَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ.

1614 - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي حُيَيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَعَافِرِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ «تُوُفِّيَ رَجُلٌ بِالْمَدِينَةِ مِمَّنْ وُلِدَ بِالْمَدِينَةِ فَصَلَّى عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا لَيْتَهُ مَاتَ فِي غَيْرِ مَوْلِدِهِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ النَّاسِ وَلِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا مَاتَ فِي غَيْرِ مَوْلِدِهِ قِيسَ لَهُ مِنْ مَوْلِدِهِ إِلَى مُنْقَطَعِ أَثَرِهِ فِي الْجَنَّةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَا لَيْتَهُ مَاتَ فِي غَيْرِ مَوْلِدِهِ) لَعَلَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ بَذْلِكَ يَا لَيْتَهُ بِغَيْرِ الْمَدِينَةِ بَلْ أَرَادَ لَيْتَهُ غَرِيبًا مُهَاجِرًا بِالْمَدِينَةِ وَمَا نَاسَبَهَا فَإِنَّ الْمَوْتَ فِي غَيْرِ مَوْلِدِ مَنْ مَاتَ بِالْمَدِينَةِ كَمَا يُتَصَوَّرُ بِأَنْ يُولَدَ فِي الْمَدِينَةِ وَيَمُوتَ فِي غَيْرِهَا كَذَلِكَ يُتَصَوَّرُ بِأَنْ يُولَدَ بِغَيْرِ الْمَدِينَةِ وَيَمُوتَ بِهَا فَلْيَكُنْ رَاجِعًا إِلَى هَذَا الشِّقِّ حَتَّى لَا يُخَالِفَ الْحَدِيثَ حَدِيثُ فَضْلِ الْمَوْتِ بِالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ اهـ قَوْلُهُ: (إِلَى مُنْقَطَعِ أَثَرِهِ) أَيْ إِلَى مَوْضِعِ قَطْعِ أَجَلِهِ فَالْمُرَادُ بِالْأَثَرِ الْأَجَلُ لِأَنَّهُ يَتْبَعُ الْعُمْرَ ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ قُلْتُ: وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ مُنْتَهَى سَفَرِهِ وَمَشْيِهِ (فِي الْجَنَّةِ) مُتَعَلِّقٌ بِقِيسَ وَظَاهِرُهُ أَنْ يُعْطَى لَهُ فِي الْجَنَّةِ هَذَا مُقَدَّرٌ لِأَجْلِ مَوْتِهِ غَرِيبًا وَقِيلَ الْمُرَادُ أَنْ يُفْسَحَ لَهُ فِي قَبْرِهِ بِهَذَا الْقَدْرِ وَدَلَالَةُ اللَّفْظِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى خَفِيَّةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء فيمن مات مريضا]

[بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ مَاتَ مَرِيضًا] 1615 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ أَبِي السَّفَرِ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَطَاءٍ عَنْ مُوسَى بْنِ وَرْدَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ مَاتَ مَرِيضًا مَاتَ شَهِيدًا وَوُقِيَ فِتْنَةَ الْقَبْرِ وَغُدِيَ وَرِيحَ عَلَيْهِ بِرِزْقِهِ مِنْ الْجَنَّةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ مَاتَ مَرِيضًا) هَذَا إِنْ صَحَّ يُحْمَلُ عَلَى مَرَضٍ مَخْصُوصٍ كَمَرَضِ الْبَطْنِ مَثَلًا (فِتْنَةَ الْقَبْرِ) أَيْ سُؤَالَ الْمَلَكَيْنِ فِيهِ فَإِنَّهُ اخْتِبَارٌ (وَغُدِيَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَكَذَا رِيحَ أَيْ يُؤْتَى عِنْدَهُ بِرِزْقِهِ أَوَّلَ النَّهَارِ وَآخِرَهُ كَالشَّهِيدِ قَالَ السُّيُوطِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ أَوْرَدَهُ

ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ وَأَعَلَّهُ بَإِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى الْأَسْلَمِيِّ فَإِنَّهُ مَتْرُوكٌ قَالَ: وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: إِنَّمَا هُوَ مَنْ مَاتَ مُرَابِطًا قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَحْيَى يَقُولُ حَدَّثْتُ ابْنَ جُرَيْجٍ هَذَا الْحَدِيثَ: مَنْ مَاتَ مُرَابِطًا فَرَوَى عَنِّي مَنْ مَاتَ مَرِيضًا وَمَا هَكَذَا حَدَّثْتُهُ وَفِي الزَّوَائِدِ قُلْتُ: قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي سُكَيْنَةَ الْحَلَبِيُّ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي يَحْيَى يَقُولُ: حَكَمَ اللَّهُ بَيْنِي وَبَيْنَ مَالِكٍ وَهُوَ سَمَّانِي قَدَرِيًّا وَأَمَّا ابْنُ جُرَيْجٍ فَإِنِّي حَدَّثْتُهُ عَنْ مُوسَى بْنِ وَرْدَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ: «مَنْ مَاتَ مُرَابِطًا مَاتَ شَهِيدًا» فَنَسَبَنِي إِلَى جَدِّي مِنْ قِبَلِ أُمِّي وَرَوَى عَنِّي مَنْ مَاتَ مَرِيضًا مَاتَ شَهِيدًا وَمَا هَكَذَا حَدَّثْتُهُ ثُمَّ قَالَ فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ كَذَّبَهُ مَالِكٌ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَابْنُ مَعِينٍ وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَدَرِيٌّ مُعْتَزِلِيٌّ جَهْمِيٌ كُلُّ بَلَاءٍ فِيهِ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ جَهْمِيٌ تَرَكَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَالنَّاسُ فَقَدْ كَذَّبَهُ مَالِكٌ وَابْنُ مَعِينٍ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب في النهي عن كسر عظام الميت]

[بَاب فِي النَّهْيِ عَنْ كَسْرِ عِظَامِ الْمَيِّتِ] 1616 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيًّا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ) قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةِ أَبِي دَاوُدَ فِي بَيَانِ سَبَبِ الْحَدِيثَيْنِ قَالَ جَابِرٌ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي جِنَازَةٍ فَجَلَسَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ وَجَلَسْنَا مَعَهُ فَأَخْرَجَ الْحَفَّارُ عِظَامًا سَاقًا أَوْ عَضُدًا فَذَهَبَ لِيَكْسِرَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لَا تَكْسِرْهَا فَإِنَّ كَسْرَكَ إِيَّاهَا مَيِّتًا كَكَسْرِكَ إِيَّاهَا حَيًّا وَلَكِنْ دُسَّهُ فِي جَانِبِ الْقَبْرِ» .

1617 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ أَخْبَرَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ أَمِّ سَلَمَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِ عَظْمِ الْحَيِّ فِي الْإِثْمِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ مَجْهُولٌ وَلَعَلَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادِ بْنِ سَمْعَانَ الْمَدَنِيُّ أَحَدُ الْمَتْرُوكِينَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في ذكر مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم]

[بَاب مَا جَاءَ فِي ذِكْرِ مَرَضِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] 1618 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «سَأَلْتُ عَائِشَةَ فَقُلْتُ أَيْ أُمَّهْ أَخْبِرِينِي عَنْ مَرَضِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ اشْتَكَى فَعَلَقَ يَنْفُثُ فَجَعَلْنَا نُشَبِّهُ نَفْثَهُ بِنَفْثَةِ آكِلِ الزَّبِيبِ وَكَانَ يَدُورُ عَلَى نِسَائِهِ فَلَمَّا ثَقُلَ اسْتَأْذَنَهُنَّ أَنْ يَكُونَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ وَأَنْ يَدُرْنَ عَلَيْهِ قَالَتْ فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَرِجْلَاهُ تَخُطَّانِ بِالْأَرْضِ أَحَدُهُمَا الْعَبَّاسُ» فَحَدَّثْتُ بِهِ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ أَتَدْرِي مَنْ الرَّجُلُ الَّذِي لَمْ تُسَمِّهِ عَائِشَةُ هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أُمَّهْ) أَصْلُهُ أُمِّي لَكِنْ حَذَفَ يَاءَ الْمُتَكَلِّمِ تَخْفِيفًا ثُمَّ أَتَى بِهَاءِ السَّكْتِ وَإِنَّمَا أَضَافَهَا إِلَيْهِ لِأَنَّهَا أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ (قَالَتِ اشْتَكَى) أَيْ مَرِضَ (فَعَلَقَ) بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْ طَفِقَ وَجَعَلَ (يَنْفُثُ) مِنَ النَّفْثِ وَهُوَ دُونَ التُّفْلِ (نُشَبِّهُ) مِنَ التَّشْبِيهِ (بِنَفْثَةِ آكِلِ الزَّبِيبِ) أَيْ عِنْدَ إِلْقَاءِ الْبَزْرِ مِنَ الْفَمِ وَكَذَلِكَ كَانَ يَظْهَرُ صَوْتُهُ عِنْدَ النَّوْمِ أَيْضًا (يَدُورُ) أَيْ بَيَاتُ كُلِّ لَيْلَةٍ فِي بَيْتِ وَاحِدَةٍ كَمَا كَانَ قَبْلَ الْمَرَضِ لِمُرَاعَاةِ الْقَسْمِ الْوَاجِبِ أَوِ الْمَنْدُوبِ قَوْلُهُ: (وَرِجْلَاهُ تَخُطَّانِ فِي الْأَرْضِ) كَشَأْنِ الضَّعِيفِ فِي الْمَشْيِ فَإِنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى رَفْعِ الرِّجْلِ عَنِ الْأَرْضِ بَلْ يَجُرُّهَا عَلَى الْأَرْضِ فَيَظْهَرُ بِهَا فِي الْأَرْضِ أَثَرُهَا كَالْخَطِّ.

1619 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَوَّذُ بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ أَذْهِبْ الْبَاسْ رَبَّ النَّاسْ وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا فَلَمَّا ثَقُلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ أَخَذْتُ بِيَدِهِ فَجَعَلْتُ أَمْسَحُهُ وَأَقُولُهَا فَنَزَعَ يَدَهُ مِنْ يَدِي ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَأَلْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ الْأَعْلَى قَالَتْ فَكَانَ هَذَا آخِرَ مَا سَمِعْتُ مِنْ كَلَامِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَتَعَوَّذُ) أَيْ قَبْلَ مَرَضِ الْمَوْتِ أَوْ فِيهِ أَوَّلًا وَلَا (أَذْهِبِ الْبَاسَ) وَهُوَ الشِّدَّةُ وَالشِّفَاءُ لَا يُنَافِي الْمَوْتَ إِذَا كَانَ الَّذِي يَعْقُبُهُ خَيْرٌ (شِفَاءَ) مَنْصُوبٌ بِقَوْلِهِ اشْفِ وَمَا بَيْنَهُمَا اعْتِرَاضٌ قَوْلُهُ: (لَا يُغَادِرُ سَقَمًا) بِفَتْحَتَيْنِ أَوْ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ لَا يَتْرُكُ مَرَضًا قَوْلُهُ: (فَجَعَلْتُ أَمْسَحُهُ وَأَقُولُهَا) أَيْ بَدَلَهُ كَأَنَّهَا قَصَدَتْ بِذَلِكَ الصِّحَّةَ تَشْبِيهًا بِمَا فَعَلَ (فَنَزَعَ يَدَهُ) فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ مَرَضُ الْمَوْتِ وَالْمَطْلُوبُ فِيهِ الْمَغْفِرَةُ وَاللُّحُوقُ مَعَ الرَّفِيقِ الْأَعْلَى الْمُرَادُ بِهِ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْآتِي.

1620 - حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ الْعُثْمَانِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا مِنْ نَبِيٍّ يَمْرَضُ إِلَّا خُيِّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ قَالَتْ فَلَمَّا كَانَ مَرَضُهُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ أَخَذَتْهُ بُحَّةٌ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ فَعَلِمْتُ أَنَّهُ خُيِّرَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَرَضُهُ) أَيْ مَرَضُ الْمَوْتِ (بُحَّةٌ) بِضَمِّ مُوَحَّدَةٍ وَتَشْدِيدِ مُهْمَلَةٍ هِيَ الْخُشُونَةُ

وَالْغِلْظَةُ فِي الصَّوْتِ أَنَّهُ خُيِّرَ أَيْ فَاخْتَارَ الرَّفِيقَ الْأَعْلَى.

1621 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ زَكَرِيَّا عَنْ فِرَاسٍ عَنْ عَامِرٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «اجْتَمَعْنَ نِسَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ تُغَادِرْ مِنْهُنَّ امْرَأَةٌ فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ كَأَنَّ مِشْيَتَهَا مِشْيَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَرْحَبًا بِابْنَتِي ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ شِمَالِهِ ثُمَّ إِنَّهُ أَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثًا فَبَكَتْ فَاطِمَةُ ثُمَّ إِنَّهُ سَارَّهَا فَضَحِكَتْ أَيْضًا فَقُلْتُ لَهَا مَا يُبْكِيكِ قَالَتْ مَا كُنْتُ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ فَرَحًا أَقْرَبَ مِنْ حُزْنٍ فَقُلْتُ لَهَا حِينَ بَكَتْ أَخَصَّكِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَدِيثٍ دُونَنَا ثُمَّ تَبْكِينَ وَسَأَلْتُهَا عَمَّا قَالَ فَقَالَتْ مَا كُنْتُ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا قُبِضَ سَأَلْتُهَا عَمَّا قَالَ فَقَالَتْ إِنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُنِي أَنَّ جِبْرَائِيلَ كَانَ يُعَارِضُهُ بِالْقُرْآنِ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً وَأَنَّهُ عَارَضَهُ بِهِ الْعَامَ مَرَّتَيْنِ وَلَا أُرَانِي إِلَّا قَدْ حَضَرَ أَجَلِي وَأَنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِي لُحُوقًا بِي وَنِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكِ فَبَكَيْتُ ثُمَّ إِنَّهُ سَارَّنِي فَقَالَ أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ نِسَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَضَحِكْتُ لِذَلِكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (اجْتَمَعْنَ نِسَاءُ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ) مِنْ قَبِيلِ {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} [الأنبياء: 3] (فَلَمْ تُغَادِرْ مِنْهُنَّ امْرَأَةٌ) أَيْ فَمَا أُتْرِكَ مِنْهُنَّ امْرَأَةٌ مِنَ الْحُضُورِ فِي ذَلِكَ الِاجْتِمَاعِ فَامْرَأَةٌ بِالرَّفْعِ فَاعِلُ لَمْ تُغَادِرْ أَوْ فَمَا تَرَكَ ذَلِكَ الِاجْتِمَاعُ امْرَأَةً مِنْهُنَّ فَامْرَأَةً بِالنَّصْبِ مَفْعُولُ لَمْ تُغَادِرْ وَالْفَاعِلُ ضَمِيرُ الِاجْتِمَاعِ قَوْلُهُ: (كَأَنَّ) بِتَشْدِيدِ النُّونِ (مِشْيَتَهَا) بِكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ هَيْئَةَ مِشْيَتِهَا (لِأُفْشِيَ) مِنَ الْإِفْشَاءِ وَهُوَ مَنْصُوبٌ بِلَامِ الْجُحُودِ (كَالْيَوْمِ) أَيْ كَرُؤْيَتِي الْيَوْمَ.

1622 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ الْمِقْدَامِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشَدَّ عَلَيْهِ الْوَجَعُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»

1623 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ مُوسَى بْنِ سَرْجِسَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَمُوتُ وَعِنْدَهُ قَدَحٌ فِيهِ مَاءٌ فَيُدْخِلُ يَدَهُ فِي الْقَدَحِ ثُمَّ يَمْسَحُ وَجْهَهُ بِالْمَاءِ ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى سَكَرَاتِ الْمَوْتِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَعِنْدَهُ قَدَحٌ) بِفَتْحَتَيْنِ مَعْرُوفٌ (ثُمَّ يَمْسَحٌ وَجْهَهُ) تَخْفِيفًا لِلْحَرَارَةِ أَعْنِي مَا سَأَلَ دَفْعَ تِلْكَ الْمَكْرُوهَاتِ عَنْهُ بَلْ سَأَلَ الْإِعَانَةَ عَلَى حَمْلِهَا

فَفِيهِ أَنَّ ذَاكَ خَيْرٌ لِرَفْعِ الدَّرَجَاتِ.

1624 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ «آخِرُ نَظْرَةٍ نَظَرْتُهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَشْفُ السِّتَارَةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ فَنَظَرْتُ إِلَى وَجْهِهِ كَأَنَّهُ وَرَقَةُ مُصْحَفٍ وَالنَّاسُ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ فِي الصَّلَاةِ فَأَرَادَ أَنْ يَتَحَرَّكَ فَأَشَارَ إِلَيْهِ أَنْ اثْبُتْ وَأَلْقَى السِّجْفَ وَمَاتَ مِنْ آخِرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كَشَفَ السِّتَارَةَ) أَيْ كَانَ عِنْدَهُ كَشْفُ السِّتَارَةِ وَبِسَبَبِهِ حَتَّى كَأَنَّهُ نَفْسَهُ كَشَفَ السِّتَارَةَ (كَأَنَّهُ وَرَقَةُ مُصْحَفٍ) قَالَ النَّوَوِيُّ عِبَارَةٌ عَنِ الْجَمَالِ الْبَارِعِ وَحُسْنِ الْبَشَرَةِ وَصَفَاءِ الْوَجْهِ وَاسْتِنَارَتِهِ وَالْمُصْحَفُ مُثَلَّثُ الْمِيمِ، قُلْتُ: هُوَ عِبَارَةٌ عَمَّا ذَكَرَهُ مَعَ زِيَادَةِ كَوْنِهِ مَحْبُوبًا مُعَظَّمًا فِي الصُّدُورِ وَإِلَّا لَمَا كَانَ لِخُصُوصِ الْوَرَقَةِ بِالْمُصْحَفِ وَجْهٌ فَلْيُتَأَمَّلْ قَوْلُهُ: (وَأَلْقَى السِّجْفَ) بِكَسْرِ السِّينِ وَسُكُونِ الْجِيمِ وَهُوَ السِّتْرُ.

1625 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ صَالِحٍ أَبِي الْخَلِيلِ عَنْ سَفِينَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ الصَّلَاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَمَا زَالَ يَقُولُهَا حَتَّى مَا يَفِيضُ بِهَا لِسَانُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الصَّلَاةَ) أَيِ الْزَمُوهَا وَاهْتَمُّوا بِشَأْنِهَا وَلَا تَغْفُلُوا عَنْهَا (وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) مِنَ الْأَمْوَالِ أَيْ أَدُّوا زَكَاتِهَا وَلَا تُسَامِحُوا فِيهَا وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِقِرَانِ الصَّلَاةِ فَإِنَّ الْمُتَعَارَفَ فِي عُرْفِ الطُّرُقِ وَالشَّرْعِ قِرَانُهُمَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ وَصِيَّةً بِالْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ أَيْ أَدُّوا حُقُوقَهُمْ وَحُسْنَ مَلْكَتِهِمْ فَإِنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ لَفْظِ مَا مَلَكَتِ الْأَيْمَانُ فِي عُرْفِ الْقِرَانِ هُمُ الْعَبِيدُ وَالْإِمَاءُ قَوْلُهُ: (حَتَّى مَا يَفِيضَ بِهَا لِسَانُهُ) أَيْ مَا يَجْرِي وَلَا يَسِيلُ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ لِسَانُهُ مِنْ فَاضَ الْمَاءُ إِذَا سَالَ وَجَرَى حَتَّى لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْإِفْصَاحِ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحَيْنِ.

1626 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ قَالَ «ذَكَرُوا عِنْدَ عَائِشَةَ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ وَصِيًّا فَقَالَتْ مَتَى أَوْصَى إِلَيْهِ فَلَقَدْ كُنْتُ مُسْنِدَتَهُ إِلَى صَدْرِي أَوْ إِلَى حَجْرِي فَدَعَا بِطَسْتٍ فَلَقَدْ انْخَنَثَ فِي حِجْرِي فَمَاتَ وَمَا شَعَرْتُ بِهِ فَمَتَى أَوْصَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مُسْنِدَتَهُ) اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَسْنَدَهُ (أَوْ إِلَى حِجْرِي) بِتَقْدِيمِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ الْمَفْتُوحَةِ أَوِ الْمَكْسُورَةِ عَلَى الْجِيمِ (فَلَقَدِ انْخَنَثَ) بِنُونَيْنِ بَيْنَهُمَا خَاءٌ مُعْجَمَةٌ وَبَعْدَ الثَّانِيَةِ ثَاءٌ مُثَلَّثَةٌ فِي النِّهَايَةِ انْكَسَرَ وَانْثَنَى لِاسْتِرْخَاءِ أَعْضَائِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يَمْنَعُ الْوَصِيَّةَ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَا يَقْتَضِي أَنَّهُ مَاتَ فَجْأَةً بِحَيْثُ لَا تُمْكِنُ مِنْهُ الْوَصِيَّةُ وَلَا تُتَصَوَّرُ كَيْفَ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ عَلِمَ بِقُرْبِ أَجَلِهِ قَبْلَ الْمَرَضِ ثُمَّ مَرِضَ أَيَّامًا نَعَمْ هُوَ يُوصِي إِلَى عَلِيٍّ بِمَاذَا إِنْ كَانَ

بِالْكِتَابِ وَالسَّنَةِ فَالْوَصِيَّةُ بِهِمَا لَا تَخْتَصُّ بِعَلِيٍّ بَلْ تَعُمُّ الْمُسْلِمِينَ كُلَّهُمْ وَإِنْ كَانَ بِالْمَالِ فَمَا تَرَكَ مَالًا حَتَّى يَحْتَاجَ إِلَى وَصِيَّةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ذكر وفاته ودفنه صلى الله عليه وسلم]

[بَاب ذِكْرِ وَفَاتِهِ وَدَفْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] 1627 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ عِنْدَ امْرَأَتِهِ ابْنَةِ خَارِجَةَ بِالْعَوَالِي فَجَعَلُوا يَقُولُونَ لَمْ يَمُتْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا هُوَ بَعْضُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ عِنْدَ الْوَحْيِ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ وَقَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَقَالَ أَنْتَ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ أَنْ يُمِيتَكَ مَرَّتَيْنِ قَدْ وَاللَّهِ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعُمَرُ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ يَقُولُ وَاللَّهِ مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَمُوتُ حَتَّى يَقْطَعَ أَيْدِيَ أُنَاسٍ مِنْ الْمُنَافِقِينَ كَثِيرٍ وَأَرْجُلَهُمْ فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَقَالَ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَمْ يَمُتْ وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144] » قَالَ عُمَرُ فَلَكَأَنِّي لَمْ أَقْرَأْهَا إِلَّا يَوْمَئِذٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنَّمَا هُوَ بَعْضُ مَا كَانَ) أَيْ هَذَا الَّذِي طَرَأَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَالِ هُوَ بَعْضٌ مِنْ تِلْكَ الْأَحْوَالِ الَّتِي هِيَ تَأْخُذُهُ عِنْدَ الْوَحْيِ إِلَيْهِ (وَقَبَّلَ) مِنَ التَّقْبِيلِ (مِنْ أَنْ يُمِيتَكَ مَرَّتَيْنِ) رَدٌّ لِمَا زَعَمَ عُمَرُ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى الدُّنْيَا فَإِنَّهُ لَوْ رَجَعَ لَمَاتَ ثَانِيًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ أَعْلَى قَدْرًا مِنْ أَنْ يَمُوتَ مَرَّتَيْنِ (حَتَّى يَقْطَعَ أَيْدِي) كَأَنْ جَعَلَ إِلَيْهِ أَنَّهُ جَاءَ مُمَيِّزًا بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَإِتْمَامُ التَّمْيِيزِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى ذَلِكَ.

1628 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ أَنْبَأَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «لَمَّا أَرَادُوا أَنْ يَحْفِرُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثُوا إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ وَكَانَ يَضْرَحُ كَضَرِيحِ أَهْلِ مَكَّةَ وَبَعَثُوا إِلَى أَبِي طَلْحَةَ وَكَانَ هُوَ الَّذِي يَحْفِرُ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَكَانَ يَلْحَدُ فَبَعَثُوا إِلَيْهِمَا رَسُولَيْنِ وَقَالُوا اللَّهُمَّ خِرْ لِرَسُولِكَ فَوَجَدُوا أَبَا طَلْحَةَ فَجِيءَ بِهِ وَلَمْ يُوجَدْ أَبُو عُبَيْدَةَ فَلَحَدَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَلَمَّا فَرَغُوا مِنْ جِهَازِهِ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ وُضِعَ عَلَى سَرِيرِهِ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ دَخَلَ النَّاسُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَالًا يُصَلُّونَ عَلَيْهِ حَتَّى إِذَا فَرَغُوا أَدْخَلُوا النِّسَاءَ حَتَّى إِذَا فَرَغُوا أَدْخَلُوا الصِّبْيَانَ وَلَمْ يَؤُمَّ النَّاسَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدٌ لَقَدْ اخْتَلَفَ الْمُسْلِمُونَ فِي الْمَكَانِ الَّذِي يُحْفَرُ لَهُ فَقَالَ قَائِلُونَ يُدْفَنُ فِي مَسْجِدِهِ وَقَالَ قَائِلُونَ يُدْفَنُ مَعَ أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا قُبِضَ نَبِيٌّ إِلَّا دُفِنَ حَيْثُ يُقْبَضُ قَالَ فَرَفَعُوا فِرَاشَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي تُوُفِّيَ عَلَيْهِ فَحَفَرُوا لَهُ ثُمَّ دُفِنَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَطَ اللَّيْلِ مِنْ لَيْلَةِ الْأَرْبِعَاءِ وَنَزَلَ فِي حُفْرَتِهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَالْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ وَقُثَمُ أَخُوهُ وَشُقْرَانُ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ أَوْسُ بْنُ خَوْلِيٍّ وَهُوَ أَبُو لَيْلَى لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنْشُدُكَ اللَّهَ وَحَظَّنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ عَلِيٌّ انْزِلْ وَكَانَ شُقْرَانُ مَوْلَاهُ أَخَذَ قَطِيفَةً كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُهَا فَدَفَنَهَا فِي الْقَبْرِ وَقَالَ وَاللَّهِ لَا يَلْبَسُهَا أَحَدٌ بَعْدَكَ أَبَدًا فَدُفِنَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَكَانَ يَضْرَحُ) بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ وَرَاءٍ وَحَاءٍ مُهْمَلَتَيْنِ مِنْ ضَرَحَ الْمَيِّتَ كَمَنَعَ حَفَرَ لَهُ ضَرِيحًا وَالضَّرِيحُ الْقَبْرُ أَوِ الشِّقُّ وَالثَّانِي هُوَ الْمُرَادُ هُنَا لِلْمُقَابَلَةِ قَوْلُهُ: وَكَانَ يَلْحَدُ مِنْ لَحَدَ أَوْ أَلْحَدَ (خَرْ لِرَسُولِكَ) أَيِ اخْتَرْ لَهُ مَا فِيهِ الْخَيْرُ

قَوْلُهُ: (أَرْسَالًا) بِفَتْحِ الْأَلِفِ جَمْعُ رَسَلٍ بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ أَفْوَاجًا وَفِرَقًا مُتَقَطِّعَةً يَتْبَعُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَؤُمَّ رَسُولَ اللَّهِ) قِيلَ لِأَنَّهُ الْإِمَامُ وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ التَّقْدِيمُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَالْجُمْلَةُ تَقْتَضِي تَكْرَارَ الصَّلَاةِ مِرَارًا قَوْلُهُ: (إِلَّا دُفِنَ حَيْثُ يُقْبَضُ) قِيلَ وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ وَقَالَ أَنَا سَمِعْتُهُ أَيْضًا قَوْلُهُ: (وَسَطَ اللَّيْلِ مِنْ لَيْلَةِ الْأَرْبِعَاءِ) قِيلَ أُخِّرَ ذَلِكَ لِعَدَمِ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى مَوْتِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَوْ لِأَنَّهُمْ مَا عَلِمُوا بِمَوْضِعِ دَفْنِهِ حَتَّى ذَكَرَ لَهُمِ الصِّدِّيقُ أَوْ لِأَنَّهُمُ اشْتُغِلُوا بِالْخِلَافَةِ وَنِظَامِهَا وَخَافُوا بِالْخِلَافِ عَلَى الْمَدِينَةِ مِنْ أَهْلِ الرِّدَّةِ وَغَيْرِهِمْ قَوْلُهُ: (وَشُقْرَانُ) بِضَمِّ الشِّينِ وَسُكُونِ الْقَافِ قَوْلُهُ: (أَنْشُدُكَ اللَّهَ وَحَظَّنَا) أَيْ أَسْأَلُكَ أَنْ تُرَاعِيَ اللَّهَ وَأَنْ تُعْطِينَا حَظَّنَا يُرِيدُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ عَلِيٌّ فِي النُّزُولِ فِي الْقَبْرِ فَأَذِنَ لَهُ عَلِيٌّ فَنَزَلَ قَوْلُهُ: (قَطِيفَةً) نَوْعٌ مِنَ الْكِسَاءِ ثُمَّ الْمَشْهُورُ أَنَّ شُقْرَانَ انْفَرَدَ بِفِعْلِ ذَلِكَ وَلَمْ يُوَافِقْهُ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ وَلَا عَلِمُوا بِذَلِكَ وَإِنَّمَا فَعَلَهُ شُقْرَانُ كَرَاهَةَ أَنْ يَلْبَسَهَا أَحَدٌ بَعْدَ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَنُقِلَ عَنِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّهُ قَالَ ثُمَّ أُخْرِجَتْ يَعْنِي الْقَطِيفَةَ مِنَ الْقَبْرِ لَمَّا فَرَغُوا مِنْ وَضْعِ اللَّبِنَاتِ وَفِي الزَّوَائِدِ وَصَحَّحَ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّهَا أُخْرِجَتْ مِنْ قَبْرِهِ قُلْتُ: وَيَأْبَاهُ لَفْظُ فَدُفِنَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي حَدِيثِ الْكِتَابِ وَذَكَرَ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةِ النَّسَائِيِّ أَنَّهُ رَوَى ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ وَكِيعٌ هَذَا لِلنَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ خَاصَّةً وَلَهُ عَنِ الْحَسَنِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بُسِطَ تَحْتَهُ سَمَلُ قَطِيفَةٍ حَمْرَاءَ كَانَ يَلْبَسُهَا قَالَ وَكَانَتْ أَرْضٌ نَدِيَّةً» وَلَهُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ «افْرِشُوا

لِي قَطِيفَتِي فِي لَحْدِي فَإِنَّ الْأَرْضَ لَمْ تُسَلَّطْ عَلَى أَجْسَادِ الْأَنْبِيَاءِ» وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادٌ فِيهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ الْهَاشِمِيُّ تَرَكَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَالنَّسَائِيُّ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ يُقَالُ إِنَّهُ كَانَ يُتَّهَمُ بِالزَّنْدَقَةِ وَقَوَّاهُ ابْنُ عَدِيٍّ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ اهـ.

1629 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ أَبُو الزُّبَيْرِ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «لَمَّا وَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ كَرْبِ الْمَوْتِ مَا وَجَدَ قَالَتْ فَاطِمَةُ وَا كَرْبَ أَبَتَاهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا كَرْبَ عَلَى أَبِيكِ بَعْدَ الْيَوْمِ إِنَّهُ قَدْ حَضَرَ مِنْ أَبِيكِ مَا لَيْسَ بِتَارِكٍ مِنْهُ أَحَدًا الْمُوَافَاةُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مِنْ كَرْبِ الْمَوْتِ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ مَا اشْتَدَّ مِنَ الْغَمِّ وَأَخَذَ النَّفْسَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِضَمِّ كَافٍ وَفَتْحِ رَاءٍ عَلَى أَنَّهُ جَمْعُ كُرْبَةٍ قَوْلُهُ: (لَا كَرْبَ عَلَى أَبِيكِ بَعْدَ الْيَوْمِ) يَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ ذَلِكَ يَوْمَ الْمَوْتِ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا بَقِيَ مِنَ الْوَقْتِ فِي الدُّنْيَا يُرِيدُ أَنَّهُ لَا كَرْبَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْمُرَادُ بِالْكَرْبِ مَا كَانَ يَجِدُهُ مِنْ شِدَّةِ الْمَوْتِ فَلِذَلِكَ جَعَلَهُ مُنْقَطِعًا بِالْمَوْتِ وَقِيلَ هُوَ الْكَرْبُ الْحَاصِلُ بِالشَّفَقَةِ عَلَى الْأُمَّةِ لَمَا عَلِمَ مِنْ وُقُوعِ الْفِتَنِ بَعْدَهُ وَرُدَّ بِأَنَّ شَفَقَتَهُ عَلَى أُمَّتِهِ لَا تَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ قَوْلُهُ: (إِنَّهُ) أَيِ الشَّأْنُ (مَا) أَيْ أَمْرٌ عَظِيمٌ لَيْسَ أَيْ ذَلِكَ الْأَمْرُ (بِتَارِكٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ ذَلِكَ الْأَمْرِ (أَحَدًا) مِنَ الْخَلَائِقِ إِلَّا مَا اسْتَثْنَى قَوْلُهُ: (الْمُوَافَاةُ) بَدَلٌ مِنْ مَا أَوْ بَيَانٌ لَهُ أَوْ خَبَرٌ مَحْذُوفٌ وَهُوَ لِلْمَوْتِ وَقَوْلُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ ظَرْفٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ يَوْمَ كُلِّ أَحَدٍ قِيَامَتُهُ كَمَا وَرَدَ مَنْ مَاتَ فَقَدْ قَامَتْ قِيَامَتُهُ وَقِيلَ الْمُوَافَاةُ الْمُلَاقَاةُ وَالْمُرَادُ بِهَا الْحُضُورُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُسْتَلْزِمُ لِلْمَوْتِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ الْبَاهِلِيُّ أَبُو الزُّبَيْرِ وَيُقَالُ أَبُو مِعْبَدٍ الْمِصْرِيُّ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ مَجْهُولٌ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ صَالِحٌ وَبَاقِي رِجَالِهِ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ.

1630 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنِي حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنِي ثَابِتٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَتْ لِي فَاطِمَةُ يَا أَنَسُ كَيْفَ سَخَتْ أَنْفُسُكُمْ أَنْ تَحْثُوا التُّرَابَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (سَخَتْ أَنْفُسُكُمْ) مِنَ السَّخَاءِ أَيْ طَاوَعَتْ وَوَافَقَتْ وَرَضِيَتْ (أَنْ تَحْثُوَا) مِنَ الْحَثْيِ وَهُوَ رَمْيُ التُّرَابِ بِالْيَدِ.

1630 - وَحَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ فَاطِمَةَ قَالَتْ حِينَ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَا أَبَتَاهُ إِلَى جِبْرَائِيلَ أَنْعَاهُ وَا أَبَتَاهُ مِنْ رَبِّهِ مَا أَدْنَاهُ وَا أَبَتَاهُ جَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ مَأْوَاهُ وَا أَبَتَاهُ أَجَابَ رَبًّا دَعَاهُ قَالَ حَمَّادٌ فَرَأَيْتُ ثَابِتًا حِينَ حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ بَكَى حَتَّى رَأَيْتُ أَضْلَاعَهُ تَخْتَلِفُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (نَنْعَاهُ) أَيْ نُخْبِرُهُ بِمَوْتِهِ (مِنْ رَبِّهِ مَا أَدْنَاهُ) الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَدْنَاهُ أَيْ شَيْءٌ جَعَلَهُ قَرِيبًا مِنْ رَبِّهِ بِصِيغَةِ التَّعَجُّبِ قِيلَ قَدْ عَاشَتْ فَاطِمَةُ بَعْدَهُ

سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَمَا ضَحِكَتْ تِلْكَ الْمُدَّةِ وَحُقَّ لَهَا ذَلِكَ عَلَى مِثْلِ لَيْلَى يَقْتُلُ الْمَرْءُ نَفْسَهُ.

1631 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ هِلَالٍ الصَّوَّافُ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «لَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ أَضَاءَ مِنْهَا كُلُّ شَيْءٍ فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ أَظْلَمَ مِنْهَا كُلُّ شَيْءٍ وَمَا نَفَضْنَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَيْدِيَ حَتَّى أَنْكَرْنَا قُلُوبَنَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَضَاءَ مِنْهَا) أَيْ مِنَ الْمَدِينَةِ (وَمَا نَفَّضْنَا) أَيْ مَا خَلَصْنَا مِنْ دَفْنِهِ (أَنْكَرْنَا قُلُوبَنَا) أَيْ مَا وَجَدْنَاهَا عَلَى الْحَالَةِ السَّابِقَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْبَيْتَ يَصِيرُ مُظْلِمًا إِذَا بَعُدَ عَنْهُ السِّرَاجُ.

1632 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كُنَّا نَتَّقِي الْكَلَامَ وَالِانْبِسَاطَ إِلَى نِسَائِنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَخَافَةَ أَنْ يُنْزَلَ فِينَا الْقُرْآنُ فَلَمَّا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكَلَّمْنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كُنَّا نَتَّقِي) يُرِيدُ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَّقُونَ فِي وَقْتِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مَخَافَةَ نُزُولِ الْوَحْيِ عَنْ أَشْيَاءَ مَا يَفِيئُوا عَنِ التَّوَرُّعِ عَنْهَا بَعْدُ فَكَانَ ذَلِكَ الْوَرَعُ مِنْ جُمْلَةِ بَرَكَاتِ وَجُودِهِ وَذَهَابُهُ مِنْ جُمْلَةِ مَصَائِبِ فَقْدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

1633 - حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا وَجْهُنَا وَاحِدٌ فَلَمَّا قُبِضَ نَظَرْنَا هَكَذَا وَهَكَذَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا وَجْهُنَا وَاحِدٌ) أَيْ قَصْدُنَا وَاحِدٌ وَهُوَ إِقَامَةُ الدِّينِ وَإِعْلَاؤُهُ (نَظَرْنَا) أَيْ تَفَرَّقَتِ الْمَقَاصِدُ وَالْمَهَامُّ فَيَمِيلُ مَائِلٌ إِلَى الدُّنْيَا وَآخَرُ إِلَى غَيْرِهَا وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ إِلَّا أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ بَيْنَ الْحَسَنِ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ يَدْخُلُ بَيْنَهُمَا يَحْيَى بْنُ ضَمْرَةَ.

1634 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ حَدَّثَنَا خَالِي مُحَمَّدُ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ السَّائِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ السَّهْمِيُّ حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ الْمَخْزُومِيُّ حَدَّثَنِي مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ بِنْتِ أَبِي أُمَيَّةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ «كَانَ النَّاسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ الْمُصَلِّي يُصَلِّي لَمْ يَعْدُ بَصَرُ أَحَدِهِمْ مَوْضِعَ قَدَمَيْهِ فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ النَّاسُ إِذَا قَامَ أَحَدُهُمْ يُصَلِّي لَمْ يَعْدُ بَصَرُ أَحَدِهِمْ مَوْضِعَ جَبِينِهِ فَتُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ وَكَانَ عُمَرُ فَكَانَ النَّاسُ إِذَا قَامَ أَحَدُهُمْ يُصَلِّي لَمْ يَعْدُ بَصَرُ أَحَدِهِمْ مَوْضِعَ الْقِبْلَةِ وَكَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فَكَانَتْ الْفِتْنَةُ فَتَلَفَّتَ النَّاسُ يَمِينًا وَشِمَالًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَمْ يَعْدُ) مِنْ عَدَا أَيْ لَمْ يَتَجَاوَزْ وَالْمُرَادُ أَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى غَايَةِ الْخُشُوعِ لَكِنْ مُخْتَارُ كَثِيرٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فَكَانَ النَّاسُ إِلَخْ أَنَّهُ ذَهَبَ عَنْهُمْ تِلْكَ الْحَالَةُ بِتَدْرِيجٍ

وَتَأَنٍّ قَوْلُهُ: (فَتَلَفَّتَ) مِنَ التَّلَفُّتِ وَهُوَ الْإِكْثَارُ مِنَ الِالْتِفَاتِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ قَالَ الْعِجْلِيُّ ثِقَةٌ وَمُوسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ لَمْ أَرَ مَنْ جَرَّحَهُ وَلَا وَثَّقَهُ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ اهـ.

1635 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «قَالَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ انْطَلِقْ بِنَا إِلَى أُمِّ أَيْمَنَ نَزُورُهَا كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزُورُهَا قَالَ فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَيْهَا بَكَتْ فَقَالَا لَهَا مَا يُبْكِيكِ فَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ قَالَتْ» إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ وَلَكِنْ أَبْكِي أَنَّ الْوَحْيَ قَدْ انْقَطَعَ مِنْ السَّمَاءِ قَالَ فَهَيَّجَتْهُمَا عَلَى الْبُكَاءِ فَجَعَلَا يَبْكِيَانِ مَعَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَهَيَّجَتْهُمَا عَلَى الْبُكَاءِ) أَيْ صَارَتْ لَهَا سَبَبًا لِلْبُكَاءِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ فَقَدِ احْتَجَّا بِجَمِيعِ رُوَاتِهِ.

1636 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ عَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِيهِ خُلِقَ آدَمُ وَفِيهِ النَّفْخَةُ وَفِيهِ الصَّعْقَةُ فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهِ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تُعْرَضُ صَلَاتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرِمْتَ يَعْنِي بَلِيتَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَقَدْ أَرَمْتُ) كَضَرَبْتُ وَزْنًا (بَلِيتُ) بِفَتْحِ بَاءٍ وَكَسْرِ لَامٍ أَيْ صِرْتُ بَالِيًا عَتِيقًا وَالْحَدِيثُ قَدْ مَضَى فِي بَابِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ مَشْرُوحًا.

1637 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ سَوَّادٍ الْمِصْرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَيْمَنَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثِرُوا الصَّلَاةَ عَلَيَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ مَشْهُودٌ تَشْهَدُهُ الْمَلَائِكَةُ وَإِنَّ أَحَدًا لَنْ يُصَلِّيَ عَلَيَّ إِلَّا عُرِضَتْ عَلَيَّ صَلَاتُهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا قَالَ قُلْتُ وَبَعْدَ الْمَوْتِ قَالَ وَبَعْدَ الْمَوْتِ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ فَنَبِيُّ اللَّهِ حَيٌّ يُرْزَقُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَنَبِيُّ اللَّهِ حَيٌّ يُرْزَقُ) صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ يَحْتَمِلُ الْإِضَافَةَ فِي قَوْلِهِ نَبِيُّ اللَّهِ لِلِاسْتِغْرَاقِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا لِلْعَهْدِ وَالْمُرَادُ نَفْسُهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ ثُمَّ هَذَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُشَكَّ فِيهِ فَقَدْ جَاءَ مِثْلُهُ فِي حَقِّ الشُّهَدَاءِ فَكَيْفَ الْأَنْبِيَاءُ وَقَدْ جَاءَ فِي حَيَاةِ الْأَنْبِيَاءِ أَحَادِيثُ مِنْ جُمْلَتِهَا أَنَّهُ ـ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ «رَأَى مُوسَى يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ» وَغَيْرُ ذَلِكَ وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا الْحَدِيثُ

صَحِيحٌ إِلَّا أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ فِي مَوْضِعَيْنِ لِأَنَّ عُبَادَةَ رِوَايَتُهُ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ مُرْسَلَةٌ قَالَهُ الْعَلَاءُ وَزَيْدُ بْنُ أَيْمَنَ عَنْ عُبَادَةَ مُرْسَلَةٌ قَالَهُ الْبُخَارِيُّ اهـ وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[كتاب الصيام]

[كِتَاب الصِّيَامِ] [بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ الصِّيَامِ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَاب الصِّيَامِ بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ الصِّيَامِ 1638 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ مَا شَاءَ اللَّهُ يَقُولُ اللَّهُ إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ وَلَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ) وَالْمُرَادُ بِهِ الْحَسَنَاتُ وَلِذَا وَضَعَ الْحَسَنَةَ فِي الْخَيْرِ مَوْضِعَ الضَّمِيرِ الرَّاجِعِ إِلَى الْمُبْتَدَأِ تَنْبِيهًا عَلَى ذَلِكَ (فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ) قَدْ ذَكَرُوا لَهُ مَعَانِيَ لَكِنِ الْمُوَافِقُ لِلْأَحَادِيثِ أَنَّهُ كِنَايَةٌ عَنْ تَعْظِيمِ جَزَائِهِ وَأَنَّهُ لَا حَدَّ لَهُ وَهَذَا هُوَ الَّذِي تُفِيدُ الْمُقَابَلَةُ بِمَا قَبْلَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10] وَذَلِكَ لِأَنَّ اخْتِصَاصَهُ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْأَعْمَالِ بِأَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِعِظَمٍ لَا نِهَايَةَ لِعَظَمَتِهِ وَلَا حَدَّ لَهَا وَأَنَّ ذَلِكَ الْعِظَمَ هُوَ الْمُتَوَلِّي لِجَزَائِهِ مِمَّا يَنْسَاقُ الذِّهْنُ مِنْهُ إِلَى أَنَّ جَزَاءَهُ مِمَّا لَا حَدَّ لَهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ عَلَى هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ لِي أَنَا الْمُنْفَرِدُ بِهِ بِعِلْمٍ مُقَدَّمٌ ثَوَابُهُ وَتَضْعِيفُهُ وَبِهِ تَظْهَرُ الْمُقَابَلَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا جَاءَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ مِنْ قَوْلِهِ «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ هُوَ لِي» أَيْ كُلُّ عَمَلٍ لَهُ بِاخْتِيَارِ أَنَّهُ عَالِمٌ بِجَزَائِهِ وَمِقْدَارِ تَضْعِيفِهِ إِجْمَالًا لِمَا بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ الصَّبْرُ الَّذِي مَا حَدَّ لِجَزَائِهِ حَدًّا بَلْ قَالَ {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10] وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ مَعْنَى قَوْلِهِ كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَخْ جَمِيعُ أَعْمَالِ ابْنِ آدَمَ مِنْ بَابِ الْعُبُودِيَّةِ تُعَدُّ لَهُ مُنَاسِبَةً لِحَالِهِ بِخِلَافِ الصَّبْرِ فَإِنَّهُ مِنْ بَابِ التَّنَزُّهِ عَنِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالِاسْتِغْنَاءِ عَنْ ذَلِكَ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ التَّخَلُّقِ بِأَخْلَاقِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَأَمَّا الْحَدِيثُ فَيَحْتَاجُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى إِلَى تَقْدِيرٍ بِأَنْ يُقَالَ كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ جَزَاؤُهُ مَحْدُودٌ لِأَنَّهُ لَهُ أَيْ عَلَى قَدْرِهِ إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي فَجَزَاؤُهُ غَيْرُ مَحْصُورٍ بَلْ أَنَا الْمُتَوَلِّي لِجَزَائِهِ عَلَى قَدْرِي قَوْلُهُ (يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجَلِي) تَعْلِيلٌ لِاخْتِصَاصِهِ بِعَدَمِ الْجَزَاءِ (عِنْدَ فِطْرِهِ) أَيْ يَفْرَحُ حِينَئِذٍ طَبْعًا وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ لِمَا فِي طَبْعِ النَّفْسِ مِنْ مَحَبَّةِ الْإِرْسَالِ وَكَرَاهَةِ التَّقْتِيرِ قِيلَ يَحْتَمِلُ أَنَّ هَذِهِ هِيَ

فَرْحَةُ النَّفْسِ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا فَرَحُهَا بِالتَّوْفِيقِ لِإِتْمَامِ الصَّوْمِ وَالْخُرُوجِ عَنِ الْعُهْدَةِ قَوْلُهُ (عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ) أَيْ ثَوَابِهِ عَلَى الصَّوْمِ (لَخُلُوفُ) بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ فَتْحَهَا وَقِيلَ هُوَ خَطَأٌ أَيْ تَغَيُّرُ رَائِحَةِ الْفَمِ أَطْيَبُ إِلَخْ أَيْ صَاحِبُهُ عِنْدَ اللَّهِ أَطْيَبُ وَأَكْثَرُ قَبُولًا وَوَجَاهَةً وَأَزْيَدُ قُرْبًا مِنْهُ تَعَالَى مِنْ صَاحِبِ الْمِسْكِ بِسَبَبِ رِيحِهِ عِنْدَكُمْ وَهُوَ تَعَالَى أَكْثَرُ إِقْبَالًا عَلَيْهِ بِسَبَبِهِ مِنْ إِقْبَالِكُمْ عَلَى صَاحِبِ الْمِسْكِ بِسَبَبِهِ

1639 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ الْمِصْرِيُّ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ أَنَّ مُطَرِّفًا مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ حَدَّثَهُ «أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيَّ دَعَا لَهُ بِلَبَنٍ يَسْقِيهِ قَالَ مُطَرِّفٌ إِنِّي صَائِمٌ فَقَالَ عُثْمَانُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الصِّيَامُ جُنَّةٌ مِنْ النَّارِ كَجُنَّةِ أَحَدِكُمْ مِنْ الْقِتَالِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (جُنَّةٌ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ أَيْ وِقَايَةٌ وَسِتْرٌ مِنَ النَّارِ أَوْ مِمَّا يُؤَدِّي الْعَبْدَ إِلَيْهَا مِنَ الشَّهَوَاتِ

1640 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ يُدْعَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُقَالُ أَيْنَ الصَّائِمُونَ فَمَنْ كَانَ مِنْ الصَّائِمِينَ دَخَلَهُ وَمَنْ دَخَلَهُ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَيْنَ الصَّائِمُونَ) أَيْ الْمُكْثِرُونَ الصِّيَامَ كَالْعَادِلِ وَالظَّالِمِ يُقَالُ لِمَنْ يَعْتَادُ ذَلِكَ لَا لِمَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مَرَّةً وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِكْثَارَ لَا يَحْصُلُ بِصَوْمِ رَمَضَانَ وَحْدَهُ بَلْ بِأَنْ يَزِيدَ عَلَيْهِ مَا جَاءَ فِيهِ أَنَّهُ صِيَامُ الدَّهْرِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْأَمْرِ قَوْلُهُ (دَخَلَهُ) أَيْ دَخَلَ ذَلِكَ الْبَابَ لِيَدْخُلَ مِنْهُ إِلَى الْجَنَّةِ قَوْلُهُ (لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا) ظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا الْوَصْفَ مَخْصُوصٌ بِمَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ وَقَوْلُهُ تَعَالَى {لَا تَظْمَأُ فِيهَا} [طه: 119] يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا ظَمَأَ فِي الْجَنَّةِ أَصْلًا إِلَّا أَنْ يُقَالَ لَيْسَ الْمُرَادُ هُنَاكَ أَنَّهُ لَا ظَمَأَ أَصْلًا بَلِ الْمُرَادُ بَيَانُ دَوَامِ الْمَشَارِبِ عَلَى الْفَوْرِ هُنَاكَ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى الْإِنْسَانُ فِيهَا ظَمْآنَ لَا أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَسْتَعْمِلْ لَمْ يَظْمَأْ أَصْلًا وَالدَّاخِلُ مِنْ هَذَا الْبَابِ يَرْتَفِعُ عَنْهُ الظَّمَأُ مِنْ أَصْلِهِ أَوْ يُقَالُ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ مَنْ دَخَلَ لَا يَظْمَأُ مِنْ أَوَّلِ مَا دَخَلَهُ وَالدَّاخِلُونَ مِنْ سَائِرِ الْأَبْوَابِ يَرْتَفِعُ عَنْهُمُ الظَّمَأُ مِنْ حَيْثُ اسْتِقْرَارُهُمْ فِيهَا وَوُصُولُهُمْ إِلَى مَنَازِلِهِمُ الْمُعَدَّةِ لَهُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب ما جاء في فضل شهر رمضان]

[بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ شَهْرِ رَمَضَانَ] 1641 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (غُفِرَ) إِلَخْ هَذَا وَأَمْثَالُهُ بَيَانٌ لِفَضْلِ هَذِهِ الْعِبَادَاتِ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ عَلَى الْإِنْسَانِ ذُنُوبٌ يُغْفَرُ لَهُ بِهَذِهِ الْعِبَادَاتِ أَيْ إِنْ كَانَتْ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْأَسْبَابَ الْمُؤَدِّيَةَ إِلَى عُمُومِ الْمَغْفِرَةِ كَثِيرَةٌ فَعِنْدَ اجْتِمَاعِهَا أَيُّ شَيْءٍ يَبْقَى لِلْمُتَأَخِّرِ مِنْهَا حَتَّى يُغْفَرَ بِهِ إِذِ الْمَقْصُودُ بَيَانُ فَضِيلَةِ هَذِهِ الْعِبَادَاتِ بِأَنَّ لَهَا عِنْدَ اللَّهِ هَذَا الْقَدْرُ مِنَ الْفَضْلِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْإِنْسَانِ ذَنْبٌ يَظْهَرُ هَذَا الْفَضْلُ فِي رَفْعِ الدَّرَجَاتِ كَمَا فِي حَقِّ الْأَنْبِيَاءِ الْمَعْصُومِينَ مِنَ الذُّنُوبِ

1642 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا كَانَتْ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ وَفُتِحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ وَنَادَى مُنَادٍ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنْ النَّارِ وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِذَا كَانَتْ) أَيْ وُجِدَتْ وَتَحَقَّقَتْ عَلَى أَنَّ الْكَوْنَ تَامٌّ وَإِذَا كَانَتِ الزَّمَانُ أَوَّلَ لَيْلَةٍ عَلَى أَنَّ الْكَوْنَ نَاقِصٌ وَتَأْنِيثُ كَانَتْ لِرِعَايَةِ الْخَبَرِ قَوْلُهُ (صُفِّدَتْ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْفَاءِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ شُدَّتْ وَأُوثِقَتْ بِالْأَغْلَالِ وَالْمَرَدَةُ جَمْعُ مَارِدٍ وَهُوَ الْعَاتِي الشَّدِيدُ وَلَا يُنَافِيهِ وُقُوعُ الْمَعَاصِي إِذْ يَكْفِي فِي وَجُودِ الْمَعَاصِي شَرَازَةُ النَّفْسِ وَخَبَاثَتُهَا وَلَا يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ كُلُّ مَعْصِيَةٍ بِوَاسِطَةِ شَيْطَانٍ وَإِلَّا لَكَانَ لِكُلِّ شَيْطَانٍ شَيْطَانَانِ وَيَتَسَلْسَلُ وَأَيْضًا مَعْلُومٌ أَنَّهُ مَا سَبَقَ إِبْلِيسَ شَيْطَانٌ آخَرُ فَمَعْصِيَتُهُ مَا كَانَتْ إِلَّا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ قَوْلُهُ (وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النِّيرَانِ) أَيْ بِتَبْعِيدِ الْعِقَابِ عَنِ الْعِبَادِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ أَبْوَابَ النَّارِ كَانَتْ مَفْتُوحَةً وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ تَعَالَى {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} [الزمر: 71] الْجَوَابُ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ غَلْقٌ قُبَيْلَ ذَلِكَ وَغَلْقُ أَبْوَابِ النَّارِ لَا يُنَافِي مَوْتَ الْكَفَرَةِ فِي رَمَضَانَ وَتَعْذِيبَهُمْ بِالنَّارِ فِيهِ إِذْ يَكْفِي فِي تَعْذِيبِهِمْ فَتْحُ بَابٍ صَغِيرٍ مِنَ الْقَبْرِ إِلَى النَّارِ غَيْرَ الْأَبْوَابِ الْمَعْهُودَةِ الْكِبَارِ قَوْلُهُ: (وَفُتِحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ) أَيْ تَقْرِيبًا لِلرَّحْمَةِ إِلَى الْعِبَادِ وَلِهَذَا جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ وَفِي بَعْضِهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَبْوَابَ الْجَنَّةِ كَانَتْ مُغْلَقَةً وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: تَعَالَى {جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ} [ص: 50] إِذْ ذَاكَ لَا يَقْتَضِي دَوَامَ كَوْنِهَا مُفَتَّحَةً قَوْلُهُ (وَنَادَى مُنَادٍ) إِنْ قُلْتَ أَيُّ فَائِدَةٍ فِي هَذَا النِّدَاءِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مَسْمُوعٍ لِلنَّاسِ قُلْتُ عِلْمُ النَّاسِ بِهِ بِإِخْبَارِ الصَّادِقِ وَبِهِ يَحْصُلُ الْمَطْلُوبُ بِأَنْ يَتَذَكَّرَ الْإِنْسَانُ كُلَّ لَيْلَةٍ أَنَّهَا لَيْلَةُ الْمُنَادَاةِ فَيَتَّعِظَ بِهَا قَوْلُهُ (يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ) مَعْنَاهُ يَا طَالِبَ الْخَيْرِ (أَقْبِلْ) عَلَى فِعْلِ الْخَيْرِ فَهَذَا شَأْنُكَ تُعْطَى جَزِيلًا بِعَمَلٍ قَلِيلٍ (وَيَا طَالِبَ الشَّرِّ) أَمْسِكْ

وَتُبْ فَإِنَّهُ أَوَانُ قَبُولِ التَّوْبَةِ (وَذَلِكَ) أَيِ الْمَذْكُورُ مِنَ النِّدَاءِ وَالْعِتْقِ وَقَالَ الطِّيبِيُّ الْإِشَارَةُ إِمَّا لِلنِّدَاءِ لِبُعْدِهِ أَوْ لِلْعِتْقِ وَقَالَ السُّيُوطِيُّ قُلْتُ الثَّانِي أَرْجَحُ بِدَلِيلِ الْحَدِيثِ وَأَمَّا وَنَادَى فَإِنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى صُفِّدَتِ الَّذِي هُوَ جَوَابُ إِذَا كَانَتْ أَوَّلُ لَيْلَةٍ انْتَهَى يُرِيدُ أَنَّ النِّدَاءَ يَكُونُ لَيْلَةً وَاحِدَةً لَا فِي كُلِّ لَيْلَةٍ

1643 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ لِلَّهِ عِنْدَ كُلِّ فِطْرٍ عُتَقَاءَ وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عِنْدَ كُلِّ فِطْرٍ عُتَقَاءُ) وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ بِمَنْزِلَةِ التَّأْكِيدِ لِمَا قَالَهُ وَإِلَّا فَقَوْلُهُ عِنْدَ كُلِّ فِطْرٍ يَشْمَلُ كُلَّ لَيْلَةٍ بِعُمُومِهِ وَفِي الزَّوَائِدِ رِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ لِأَنَّ أَبَا سُفْيَانَ وَطَلْحَةَ بْنَ نَافِعٍ رِوَايَتُهُ عَنْ جَابِرٍ صَحِيحَةٌ قَالَ شُعْبَةُ وَقَوْلُ الْبَزَّارِ إِنَّ الْأَعْمَشَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي سُفْيَانَ غَرِيبٌ فَإِنَّ رِوَايَتَهُ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ وَهُوَ مَعْرُوفٌ بَلْ بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ

1644 - حَدَّثَنَا أَبُو بَدْرٍ عَبَّادُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِلَالٍ حَدَّثَنَا عِمْرَانُ الْقَطَّانُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «دَخَلَ رَمَضَانُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ هَذَا الشَّهْرَ قَدْ حَضَرَكُمْ وَفِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَهَا فَقَدْ حُرِمَ الْخَيْرَ كُلَّهُ وَلَا يُحْرَمُ خَيْرَهَا إِلَّا مَحْرُومٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَنْ حُرِمَهَا) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَكَذَا الْأَفْعَالُ الْبَاقِيَةُ قِيلَ الْمُرَادُ أَنَّهُ حُرِمَ لُطْفَ اللَّهِ وَتَوْفِيقَهُ وَمُنِعَ مِنَ الطَّاعَةِ فِيهَا وَالْقِيَامِ بِهَا وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الَّذِي فَاتَهُ الْعِشَاءُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ أَيْضًا (إِلَّا مَحْرُومٌ) وَهُوَ الَّذِي لَا حَظَّ لَهُ فِي السَّعَادَةِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عِمْرَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو الْعَوَّامِّ الْقَطَّانُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَمَشَّاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَوَثَّقَهُ عَفَّانُ وَالْعِجْلِيُّ وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ مُغْرِبٌ عَنْ عِمْرَانَ وَرَوَى عَنْ غَيْرِ عِمْرَانَ أَحَادِيثَ غَرَائِبَ وَأَرْجُو أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب ما جاء في صيام يوم الشك]

[بَاب مَا جَاءَ فِي صِيَامِ يَوْمِ الشَّكِّ] 1645 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ قَالَ «كُنَّا عِنْدَ عَمَّارٍ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ فَأُتِيَ بِشَاةٍ فَتَنَحَّى بَعْضُ الْقَوْمِ فَقَالَ عَمَّارٌ مَنْ صَامَ هَذَا الْيَوْمَ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يُشَكُّ فِيهِ) أَيْ فِي أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ أَوْ مِنْ شَعْبَانَ بِأَنْ يَتَحَدَّثَ النَّاسُ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ فِيهِ بِلَا ثَبْتٍ (بِشَاةٍ) أَيْ مَصْلِيَّةٍ كَمَا فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ قَوْلُهُ (فَتَنَحَّى بَعْضُ الْقَوْمِ) أَيِ احْتَرَزَ عَنْ أَكْلِهِ وَقَالَ اعْتِذَارًا عَنِّي إِنِّي صَائِمٌ كَمَا فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ وَحَمَلَ الْحَدِيثَ عُلَمَاؤُنَا عَلَى أَنْ يَصُومَ بِنِيَّةِ رَمَضَانَ شَكًّا أَوْ جَزْمًا وَأَمَّا إِذَا جَزَمَ بِأَنَّهُ نَفْلٌ فَلَا كَرَاهَةَ

وَبَعْضُهُمْ قَالَ بِالْكَرَاهَةِ مُطْلَقًا وَالْحُكْمُ بِأَنَّهُ عَصَى تَغْلِيظٌ عَلَى تَقْدِيرِ الْقَوْلِ بِالْكَرَاهَةِ

1646 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ تَعْجِيلِ صَوْمِ يَوْمٍ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ تَعْجِيلِ صَوْمِ يَوْمٍ) أَيْ عَنْ صَوْمٍ يَكُونُ بِسَبَبِ تَعْجِيلِهِ فِي الصَّوْمِ يَوْمٌ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا كَانَ مَقْصِدُهُ الشُّرُوعَ فِي صِيَامِ رَمَضَانَ بِالتَّعْجِيلِ فَيَصُومُ قَبْلَهُ كَذَلِكَ كَمَا يُشِيرُ إِلَيْهِ لَفْظُ الْحَدِيثِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى ضَعْفِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ اهـ

1647 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ الْقَاسِمِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ قَبْلَ شَهْرِ رَمَضَانَ الصِّيَامُ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا وَنَحْنُ مُتَقَدِّمُونَ فَمَنْ شَاءَ فَلْيَتَقَدَّمْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَتَأَخَّرْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ) إِمَّا بِالْوَحْيِ أَوْ بِالرَّأْيِ الْغَالِبِ الْحَاصِلِ بِالنَّظَرِ فِي بَعْضِ الْأَمَارَاتِ (وَنَحْنُ مُتَقَدِّمُونَ) أَيْ صَائِمُونَ قَبْلَ مَجِيئِهِ عَلَى مَا كَانَتْ عَادَتُهُ مِنَ الْإِكْثَارِ مِنَ الصِّيَامِ فِي شَعْبَانَ اهـ قَوْلُهُ (فَلْيَتَقَدَّمْ) أَيْ فَلْيَأْخُذْ بِعَادَتِي وَلْيَتَّخِذْهَا عَادَةً لَهُ وَعَلَى هَذَا فَلَا يُعَارِضُ هَذَا الْحَدِيثَ حَدِيثُ «لَا يَقْدُمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلًا كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ» عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْحَدِيثَ قَدْ أَوَّلَهُ كَثِيرٌ بِتَأْوِيلَاتٍ وَسَيَجِيءُ تَحْقِيقُهَا وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ مُوَثَّقُونَ لَكِنْ قِيلَ إِنَّ الْقَاسِمَ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ سِوَى أَبِي أُمَامَةَ قَالَهُ الْمِزِّيُّ فِي التَّهْذِيبِ وَالذَّهَبِيُّ فِي الْكَاشِفِ

[باب ما جاء في وصال شعبان برمضان]

[بَاب مَا جَاءَ فِي وِصَالِ شَعْبَانَ بِرَمَضَانَ] 1648 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصِلُ شَعْبَانَ بِرَمَضَانَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يَصِلُ شَعْبَانَ بِرَمَضَانَ) أَيْ فَيَصُومُهُمَا جَمِيعًا ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ كَمَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ الْآتِي لَكِنْ قَدْ جَاءَ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ فَلِذَلِكَ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ

يَصُومُ غَالِبَهُ فَكَأَنَّهُ يَصُومُ كُلَّهُ وَأَنَّهُ يَصِلُهُ بِرَمَضَانَ

1649 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنِي ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ الْغَازِ «أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ عَنْ صِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ حَتَّى يَصِلَهُ بِرَمَضَانَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ) قِيلَ أَكْثَرَهُ وَقِيلَ أَحْيَانًا يَصُومُ كُلَّهُ وَأَحْيَانَا أَكْثَرَهُ وَقِيلَ مَعْنَى كُلِّهِ أَنَّهُ لَا يَخُصُّ أَوَّلَهُ بِالصَّوْمِ أَوْ وَسَطَهُ أَوْ آخِرَهُ بَلْ يَعُمُّ أَطْرَافَهُ بِالصَّوْمِ وَإِنْ كَانَ بِلَا اتِّصَالِ الصِّيَامِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ

[باب ما جاء في النهي عن أن يتقدم رمضان بصوم إلا من صام صوما فوافقه]

[بَاب مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ أَنْ يُتَقَدَّمَ رَمَضَانُ بِصَوْمٍ إِلَّا مَنْ صَامَ صَوْمًا فَوَافَقَهُ] 1650 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ حَبِيبٍ وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَقَدَّمُوا صِيَامَ رَمَضَانَ بِيَوْمٍ وَلَا بِيَوْمَيْنِ إِلَّا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَيَصُومُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَا تَقَدَّمُوا) مِنَ التَّقْدِيِمِ بِحَذْفِ إِحْدَى التَّاءَيْنِ أَيْ لَا تَسْتَقْبِلُوهُ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ وَحَمَلَهُ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنْ يَكُونَ بِنِيَّةِ رَمَضَانَ أَوْ لِتَكْثِيرِ عَدَدِ صِيَامِهِ أَوْ لِزِيَادَةِ احْتِيَاطِهِ بِأَمْرِ رَمَضَانَ وَعَلَى صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ إِذْ لَا يَقَعُ الشَّكُّ عَادَةً فِي يَوْمَيْنِ وَالِاسْتِثْنَاءُ بِقَوْلِهِ إِلَّا رَجُلٌ إِلَخْ لَا يُنَاسِبُ التَّأْوِيلَاتِ الْأُخَرَ إِذْ لَازَمَهُ جَوَازُ صَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ قَبْلَ رَمَضَانَ لِمَنْ يَعْتَادُ بِنِيَّةِ رَمَضَانَ مَثَلًا وَهَذَا فَاسِدٌ وَالْوَجْهُ أَنْ يُحْمَلَ النَّهْيُ عَلَى الدَّوَامِ أَيْ لَا تُدَاوِمُوا عَلَى التَّقَدُّمِ لِمَا فِيهِ مِنْ إِيهَامِ لُحُوقِ هَذَا الصَّوْمِ بِرَمَضَانَ إِلَّا لِمَنْ يَعْتَادُ الْمُدَاوَمَةَ عَلَى صَوْمِ آخِرِ الشَّهْرِ فَإِنْ دَاوَمَ عَلَيْهِ لَا يُتَوَهَّمُ فِي صَوْمِهِ اللُّحُوقُ بِرَمَضَانَ (وَإِلَّا رَجُلٌ) بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ فَاعِلِ لَا تَقَدَّمُوا لِكَوْنِ الْكَلَامِ تَامًّا غَيْرَ مُوجَبٍ وَفِي مِثْلِهِ الْبَدَلُ هُوَ الْأَوْلَى

1651 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ ح وَحَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ قَالَا حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ النِّصْفُ مِنْ شَعْبَانَ فَلَا صَوْمَ حَتَّى يَجِيءَ رَمَضَانُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِذَا كَانَ النِّصْفُ) أَيْ تَحَقَّقَ النِّصْفُ أَوْ كَانَ الزَّمَانُ النِّصْفَ عَلَى احْتِمَالِ أَنَّ كَانَ تَامَّةٌ أَوْ نَاقِصَةٌ (فَلَا صَوْمَ) قِيلَ هَذَا لِمَنْ يَخَافُ عَلَيْهِ أَنْ يُضَعِّفَ مِنْ إِكْثَارِ الصِّيَامِ وَإِلَّا فَلَا نَهْيَ وَقِيلَ النَّهْيُ لِمَنْ يُرِيدُ بِذَلِكَ الْكَثِيرَ فِي عَدَدِ رَمَضَانَ وَنَحْوِهِ وَقِيلَ بَلِ الْحَدِيثُ غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا رُوِيَ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدِ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّهُ قَالَ لَمْ يَرْوِهِ يَعْنِي هَذَا الْحَدِيثَ إِلَّا الْعَلَاءُ وَالْعَلَاءُ ثِقَةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب ما جاء في الشهادة على رؤية الهلال]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ] 1652 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَوْدِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ حَدَّثَنَا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «جَاءَ أَعْرَابِيُّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَبْصَرْتُ الْهِلَالَ اللَّيْلَةَ فَقَالَ أَتَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ قُمْ يَا بِلَالُ فَأَذِّنْ فِي النَّاسِ أَنْ يَصُومُوا غَدًا» قَالَ أَبُو عَلِيٍّ هَكَذَا رِوَايَةُ الْوَلِيدِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ فَلَمْ يَذْكُرْ ابْنَ عَبَّاسٍ وَقَالَ فَنَادَى أَنْ يَقُومُوا وَأَنْ يَصُومُوا ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَقَالَ أَبْصَرْتُ الْهِلَالَ) قَبُولُ خَبَرِ الْوَاحِدِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا كَانَ بِالسَّمَاءِ عِلَّةٌ تَمْنَعُ إِبْصَارَ الْهِلَالِ وَقَوْلُهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لَهُ أَتَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تَحْقِيقٌ لِإِسْلَامِهِ وَفِيهِ أَنَّهُ إِذَا تَحَقَّقَ إِسْلَامُهُ وَفِي السَّمَاءِ غَيْمٌ يُقْبَلُ خَبَرُهُ فِي هِلَالِ رَمَضَانَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ عَدْلًا أَمْ لَا حُرًّا أَمْ لَا وَقَدْ يُقَالُ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَئِذٍ كُلُّهُمْ عُدُولٌ فَلَا يَلْزَمُ شَهَادَةُ غَيْرِ الْعَدْلِ إِلَّا أَنْ يُمْنَعَ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ} [الحجرات: 6] الْآيَةَ (فَأَذِّنْ فِي النَّاسِ) مِنَ الْإِيذَانِ أَوِ التَّأْذِينِ وَالْمُرَادُ مُطْلَقُ النِّدَاءِ وَالْإِعْلَامِ

1653 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ أَبِي عُمَيْرِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُمُومَتِي مِنْ الْأَنْصَارِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا «أُغْمِيَ عَلَيْنَا هِلَالُ شَوَّالٍ فَأَصْبَحْنَا صِيَامًا فَجَاءَ رَكْبٌ مِنْ آخِرِ النَّهَارِ فَشَهِدُوا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ رَأَوْا الْهِلَالَ بِالْأَمْسِ فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُفْطِرُوا وَأَنْ يَخْرُجُوا إِلَى عِيدِهِمْ مِنْ الْغَدِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَأَصْبَحْنَا صِيَامًا) جَمْعُ صَائِمٍ فَإِنَّهُ يَجِيءُ جَمْعًا كَمَا يَجِيءُ مَصْدَرًا لِصَامَ (رَكْبٌ) جَمْعُ رَاكِبٍ وَلَا دَلَالَةَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى عَدَدِهِمْ لَكِنْ فِيهِ جَوَازُ الْإِفْطَارِ آخِرِ النَّهَارِ إِذَا ثَبَتَ الْعِيدُ وَجَوَازُ الْخُرُوجِ لَهُ مِنَ الْغَدِ إِذَا ثَبَتَ بَعْدَ ذَهَابِ الْوَقْتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب ما جاء في صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته]

[بَاب مَا جَاءَ فِي صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ] 1654 - حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَأَيْتُمْ الْهِلَالَ فَصُومُوا وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ قَالَ» وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَصُومُ قَبْلَ الْهِلَالِ بِيَوْمٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلَالَ) أَيْ هِلَالَ رَمَضَانَ (فَصُومُوا) لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى النَّهْيِ عَنْ الصَّوْمِ قَبْلَهُ لَا مَنْطُوقًا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَا مَفْهُومًا لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْإِيجَابِ فَمَفْهُومُهُ

عَدَمُ الْوُجُوبِ قَبْلَهُ وَهَذَا حَقُّ لَا النَّهْيُ عَنِ الصَّوْمِ قَبْلَهُ (وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ) أَيْ هِلَالَ شَوَّالٍ فَفِي الضَّمِيرِ اسْتِخْدَامٌ (فَأَفْطِرُوا) لَيْسَ الْمُرَادُ الْإِفْطَارَ مِنْ وَقْتِ الرُّؤْيَةِ حَتَّى يَلْزَمَ أَنْ يُفْطِرَ قَبْلَ الْغُرُوبِ إِذَا رَأَى الْهِلَالَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ الصَّوْمَ مِنْ وَقْتِ الرُّؤْيَةِ بَلِ الْمُرَادُ الْإِفْطَارُ وَالصَّوْمُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ فَلَا بُدَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ الْوَقْتِ قَوْلُهُ (فَإِنْ غُمَّ) بِتَشْدِيدِ مِيمٍ أَيْ حَالَهُ بَيْنَكُمْ أَوْ بَيْنَ الْهِلَالِ غَيْمٌ رَقِيقٌ (فَاقْدُرُوا) بِضَمِّ الدَّالِ وَجُوِّزَ كَسْرُهَا أَيْ قَدِّرُوا لَهُ تَمَامَ الْعَدَدِ ثَلَاثِينَ وَقَدْ جَاءَتْ بِهِ الرِّوَايَةُ فَلَا الْتِفَاتَ إِلَى تَفْسِيرٍ آخَرَ قَوْلُهُ (يَصُومُ قَبْلَ الْهِلَالِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ كَانَ يَصُومُ بِنِيَّةِ النَّفْلِ وَلَا إِشْكَالَ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

1655 - حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ الْعُثْمَانِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَأَيْتُمْ الْهِلَالَ فَصُومُوا وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَصُومُوا ثَلَاثِينَ يَوْمًا»

[باب ما جاء في الشهر تسع وعشرون]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ] 1656 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمْ مَضَى مِنْ الشَّهْرِ قَالَ قُلْنَا اثْنَانِ وَعِشْرُونَ وَبَقِيَتْ ثَمَانٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشَّهْرُ هَكَذَا وَالشَّهْرُ هَكَذَا وَالشَّهْرُ هَكَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَأَمْسَكَ وَاحِدَةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (الشَّهْرُ هَكَذَا إِلَخْ) يُرِيدَ أَنَّ الشَّهْرَ قَدْ يَكُونُ نَاقِصًا فَلَا وَجْهَ لِلْجَزْمِ بِقَوْلِهِ تَمَامًا وَكَذَا كُلُّ حَدِيثٍ جَاءَ فِي نُقْصَانِ الشَّهْرِ يُرَادُ بِهِ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ كَذَلِكَ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ اهـ

1657 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا وَعَقَدَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ فِي الثَّالِثَةِ»

1658 - حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ الْمُزَنِيُّ حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «مَا صُمْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ أَكْثَرُ مِمَّا صُمْنَا ثَلَاثِينَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مِمَّا صُمْنَا) كَلِمَةُ مَا مَصْدَرِيَّةٌ فِي الْمَوْضِعَيْنِ أَيْ صَوْمُنَا تِسْعًا وَعِشْرِينَ أَكْثَرُ مِنْ صَوْمِنَا ثَلَاثِينَ أَوْ مَوْصُولَةٌ وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ أَيْ مَا صُمْنَاهُ وَالْمَعْنَى الْأَشْهُرُ الَّتِي صُمْنَاهَا تِسْعًا وَعِشْرِينَ أَكْثَرُ مِنَ الْأَشْهُرِ الَّتِي صُمْنَاهَا ثَلَاثِينَ وَعَلَى هَذَا فَنَصْبُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ وَكَذَا ثَلَاثِينَ إِمَّا عَلَى الْحَالِيَّةِ مِنَ الْمَفْعُولِ الْمُقَدَّرِ أَوْ عَلَى الْمَفْعُولِ وَالضَّمِيرُ الْمُقَدَّرُ ظَرْفٌ أَيْ صُمْنَا فِيهَا تِسْعًا وَعِشْرِينَ وَظَرْفُ الزَّمَانِ يَجُوزُ أَنْ يُذْكَرَ مَعَهُ كَلِمَةُ فِي أَوْ لَا فَالْمُقَدَّرُ بِحَسَبِ ذَلِكَ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ وَقَوْلُهُ أَكْثَرُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ مَرْفُوعٌ عَلَى الْخَبَرِيَّةِ وَالْمَقْصُودُ

أَنَّ صَوْمَنَا الْأَشْهُرَ النَّاقِصَةَ أَكْثَرُ مِنَ الْوَافِيَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ كَلِمَةَ مَا الْأُولَى نَافِيَةٌ أَيْ مَا صُمْنَا تِسْعًا وَعِشْرِينَ مِرَارًا وَأَحْيَانًا أَكْثَرَ مِنَ الْمَرَّاتِ وَالْأَحْيَانُ الَّتِي صُمْنَاهَا ثَلَاثِينَ وَعَلَى هَذَا فَلَفْظُ أَكْثَرَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ إِنْ قُدِّرَ مِرَارًا لِأَنَّهُ لِبَيَانِ عَدَدِ الْفِعْلِ وَالظَّرْفِيَّةِ إِنْ قُدِّرَ أَحْيَانًا وَالْكَلَامُ يُفِيدُ أَنَّ النَّاقِصَ كَانَ غَالِبًا عَلَى الْوَافِي وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ إِلَّا أَنَّ الْجَرِيرِيَّ وَاسْمُهُ سَعِيدُ بْنُ إِيَاسٍ أَبُو مَسْعُودٍ اخْتَلَطَ بِآخِرِ عُمْرِهِ وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب ما جاء في شهري العيد]

[بَاب مَا جَاءَ فِي شَهْرَيْ الْعِيدِ] 1659 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ شَهْرَا عِيدٍ لَا يَنْقُصَانِ رَمَضَانُ وَذُو الْحِجَّةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (شَهْرَا عِيدٍ لَا يَنْقُصَانِ) قِيلَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يُوصَفَانِ بِذَلِكَ لِمَا فِيهِمَا مِنَ الْعِيدِ الَّذِي هُوَ يَوْمٌ عَظِيمٌ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّهُمَا غَالِبًا لَا يَجْتَمِعَانِ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى النَّقْصِ بَلْ إِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا نَاقِصًا كَانَ الْآخَرُ وَافِيًا وَهَذَا أَكْثَرِيٌّ لَا كُلِّيٌّ فَقَدْ جَاءَ وَجُودُهُمَا نَاقِصَيْنِ وَقَدْ يُقَالُ شَهْرَا عِيدٍ لَا يَنْقُصَانِ عِنْدَ اللَّهِ أَجْرًا وَثَوَابًا بَلِ الْأَجْرُ وَالثَّوَابُ فِيهِمَا عَلَى الْأَعْمَالِ دَائِمًا عَلَى حَدٍّ وَاحِدٍ لَا يَتَفَاوَتُ ذَلِكَ بِالسِّنِينَ وَالْأَعْوَامِ مِثْلًا لِأَنَّ رَمَضَانَ أَحْيَانًا يَكُونُ فِي الشِّتَاءِ وَأَحْيَانًا يَكُونُ فِي الصَّيْفِ وَكَذَا الْحِجَّةُ إِلَخْ فَبَيَّنَّ أَنَّ الْأَجْرَ فِي الْكُلِّ سَوَاءٌ بَقِيَ عَدُّ رَمَضَانَ شَهْرَ عِيدٍ مَعَ أَنَّ الْعِيدَ بَعْدَهُ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُقَارَنَةَ مُجَوِّزَةٌ لِلْإِضَافَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

1660 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبِي عُمَرَ الْمُقْرِئُ حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ وَالْأَضْحَى يَوْمَ تُضَحُّونَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (الْفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ) وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ «الصَّوْمُ يَوْمَ تَصُومُونَ» وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ لَيْسَ لِلْآحَادِ فِيهَا دَخْلٌ وَلَيْسَ لَهُمُ التَّفَرُّدُ فِيهَا بَلِ الْأَمْرُ فِيهَا إِلَى الْإِمَامِ وَالْجَمَاعَةِ وَيَجِبُ عَلَى الْآحَادِ اتِّبَاعُهُمْ لِلْإِمَامِ وَالْجَمَاعَةِ وَعَلَى هَذَا فَإِذَا رَأَى أَحَدٌ الْهِلَالَ وَرَدَّ الْإِمَامُ شَهَادَتَهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَثْبُتَ فِي حَقِّهِ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتْبَعَ الْجَمَاعَةَ فِي ذَلِكَ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ الْخِطَابَ مَوْضُوعٌ عَلَى النَّاسِ فِيمَا سَبِيلُهُ الِاجْتِهَادُ فَلَوْ أَنَّ قَوْمًا اجْتَهَدُوا فَلَمْ يَرَوُا الْهِلَالَ إِلَّا بَعْدَ الثَّلَاثِينَ فَلَمْ يُفْطِرُوا حَتَّى اسْتَوْفَوُا الْعَدَدَ ثُمَّ ثَبَتَ عِنْدَهُمْ أَنَّ

الشَّهْرَ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ فَإِنَّ صَوْمَهُمْ وَفِطْرَهُمْ مَاضٍ وَلَا عَتْبَ عَلَيْهِمْ وَكَذَا فِي الْحَجِّ إِذَا أَخْطَأَ يَوْمَ عَرَفَةَ فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِمْ إِعَادَةٌ وَيَجْزِيهِمْ إِضْحَاؤُهُمْ وَهَذَا تَخْفِيفٌ مِنَ اللَّهِ وَرِفْقٌ بِعِبَادِهِ اهـ قُلْتُ وَيَلْزَمُ عَلَى رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ أَنَّهُمْ إِذَا أَخْطَئُوا فِي رُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ أَنْ لَا يَجِبَ عَلَيْهِمْ قَضَاءٌ وَهَذَا مُشْكِلٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب ما جاء في الصوم في السفر]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ] 1661 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّفَرِ وَأَفْطَرَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (صَامَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَأَفْطَرَ) أَيْ فَيَجُوزُ الْوَجْهَانِ

1662 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «سَأَلَ حَمْزَةُ الْأَسْلَمِيُّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي أَصُومُ أَفَأَصُومُ فِي السَّفَرِ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ شِئْتَ فَصُمْ وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَقَالَ إِنِّي أَصُومُ) أَيْ مِنْ عَادَتِي ذَلِكَ

1663 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَهَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَمَّالُ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ جَمِيعًا عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَيَّانَ الدِّمَشْقِيِّ حَدَّثَتْنِي أُمُّ الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ قَالَ «لَقَدْ رَأَيْتُنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ فِي الْيَوْمِ الْحَارِّ الشَّدِيدِ الْحَرِّ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ وَمَا فِي الْقَوْمِ أَحَدٌ صَائِمٌ إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ) الضَّمِيرُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَإِنَّ الرَّجُلَ إِلَخْ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ (إِلَّا رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ صَوْمِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي السَّفَرِ مَعَ ذَلِكَ الْحَرِّ أَنَّ الصَّوْمَ فِيهِ أَفْضَلُ مِنَ الْفِطْرِ

[باب ما جاء في الإفطار في السفر]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْإِفْطَارِ فِي السَّفَرِ] 1664 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ كَعْبِ بْنِ عَاصِمٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ) بِكَسْرِ الْبَاءِ أَيْ مِنَ الطَّاعَةِ وَالْعِبَادَةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ تَرْكَ الصَّوْمِ أَوْلَى ضَرُورَةَ أَنَّ الصَّوْمَ مَشْرُوعُ طَاعَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ وَلَا أَقَلَّ مِنْ كَوْنِ الْأَوْلَى تَرْكَهُ وَمَنْ يَقُولُ إِنَّ الصَّوْمَ هُوَ الْأَوْلَى فِي السَّفَرِ يَسْتَعْمِلُ الْحَدِيثَ فِي مَوْرِدِهِ وَمَوْرِدُهُ رَجُلٌ أَجْهَدَهُ الصَّوْمُ

وَأَتْعَبَهُ فِي السَّفَرِ حَتَّى ظُلِّلَ عَلَيْهِ أَيْ لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ إِذَا بَلَغَ الصَّائِمُ هَذَا الْمَبْلَغَ مِنَ الْمَشَقَّةِ وَكَأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ تَعْرِيفَ الصَّوْمِ لِلْعَهْدِ وَالْإِشَارَةِ إِلَى مِثْلِ صَوْمِ ذَلِكَ الصَّائِمِ نَعَمْ، الْأَصْلُ هُوَ عُمُومُ اللَّفْظِ لَا خُصُوصُ الْمَوْرِدِ كَمَا هَاهُنَا وَقِيلَ مِنْ فِي قَوْلِهِ لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ زَائِدَةٌ وَالْمَعْنَى لَيْسَ هُوَ مِنَ الْبِرِّ بَلْ قَدْ يَكُونُ الْإِفْطَارُ أَكْبَرَ مِنْهُ إِذَا كَانَ فِي حَجٍّ أَوْ جِهَادٍ لِيَقْوَى عَلَيْهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَعْنَى عَلَى الْقَصْرِ لِتَعْرِيفِ الطَّرَفَيْنِ وَقِيلَ مَحْمَلُ الْحَدِيثِ عَلَى مَنْ يَصُومُ وَلَا يَقْبَلُ الرُّخْصَةَ

1665 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ (عَنِ ابْنِ عُمَرَ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ صَحِيحٌ لِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُصَفَّى ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَوَثَّقَهُ مَسْلَمَةُ وَالذَّهَبِيُّ فِي الْكَاشِفِ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ صَدُوقٌ وَقَالَ النَّسَائِيُّ صَالِحٌ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ

1666 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى التَّيْمِيُّ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَائِمُ رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ كَالْمُفْطِرِ فِي الْحَضَرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (صَائِمُ رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ كَالْمُفْطِرِ فِي الْحَضَرِ) أَيْ كَالْمُفْطِرِ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ فَمَرْجِعُهُ إِلَى أَنَّ الصَّوْمَ خِلَافُ الْأَوْلَى أَوْ كَالْمُفْطِرِ فِي رَمَضَانَ فَمَدْلُولُهُ أَنَّهُ حَرَامٌ وَالْأَوَّلُ هُوَ أَقْرَبُ وَمَعَ ذَلِكَ لَا بُدَّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى حَالَةٍ مَخْصُوصَةٍ كَمَا إِذَا أَجْهَدَهُ الصَّوْمُ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ انْقِطَاعٌ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ مُتَّفَقٌ عَلَى تَضْعِيفِهِ وَابْنُ مَسْلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ شَيْئًا قَالَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَالْبُخَارِيُّ وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ مَرْفُوعًا عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ هُوَ عَبْدٌ غَيْرُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ خَادِمِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَالَّذِي فِي الْحَدِيثِ الثَّانِي قِيلَ هُوَ الْخَادِمُ لِأَنَّ الْمِزِّيَّ أَوْرَدَ ذَلِكَ الْحَدِيثَ فِي مُسْنَدِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب ما جاء في الإفطار للحامل والمرضع]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْإِفْطَارِ لِلْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ] 1667 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ أَبِي هِلَالٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَوَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ «أَغَارَتْ عَلَيْنَا خَيْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَتَغَدَّى فَقَالَ ادْنُ فَكُلْ قُلْتُ إِنِّي صَائِمٌ قَالَ اجْلِسْ أُحَدِّثْكَ عَنْ الصَّوْمِ أَوْ الصِّيَامِ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَضَعَ عَنْ الْمُسَافِرِ شَطْرَ الصَّلَاةِ وَعَنْ الْمُسَافِرِ وَالْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ الصَّوْمَ أَوْ الصِّيَامَ» وَاللَّهِ لَقَدْ قَالَهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِلْتَاهُمَا أَوْ إِحْدَاهُمَا فَيَا لَهْفَ نَفْسِي فَهَلَّا كُنْتُ طَعِمْتُ مِنْ طَعَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَغَارَتْ عَلَيْنَا) الْإِغَارَةُ النَّهْبُ وَالْوُقُوعُ عَلَى الْعَدُوِّ بِسُرْعَةٍ وَقِيلَ الْغَفْلَةُ وَلَعَلَّ سَبَبَ إِغَارَتِهِمْ أَنَّهُمْ مَا عَلِمُوا بِمَنْ فِي الْقَرْيَةِ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَزَعَمُوا أَنَّ أَهْلَ الْقَرْيَةِ

كُلَّهُمْ كَفَرَةٌ قَوْلُهُ (ادْنُ) مِنَ الدُّنُوِّ (شَطْرَ الصَّلَاةِ) أَيْ مِنَ الرُّبَاعِيَّةِ إِلَى بَدَلِهِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ قَوْلُهُ (وَعَنِ الْمُسَافِرِ) يُرِيدُ أَنْتَ مُسَافِرٌ وَقَدْ وَضَعَ اللَّهُ عَنِ الْمُسَافِرِ صَوْمَ الْفَرْضِ بِمَعْنَى وَضَعَ عَنْهُ لُزُومَهُ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ وَبَيَّنَ عِدَّةً مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ فَكَيْفَ صَوْمُ النَّفْلِ (وَالْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ) أَيْ إِذَا خَافَتَا عَلَى الْحَمْلِ وَالرَّضِيعِ أَوْ عَلَى أَنْفُسِهِمَا ثُمَّ هَلْ هُوَ وَضْعٌ إِلَى قَضَاءٍ أَوْ لَا وَهَذَا الْحَدِيثُ سَاكِتٌ عَنْهُ فَكُلُّ مَنْ يَقُولُ بِقَضَائِهِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ دَلِيلٍ قَوْلُهُ (كِلْتَاهُمَا) أَيِ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ (فَيَا لَهْفَ نَفْسِي) تَأَسُّفٌ مِنْهُ عَلَى فَوْتِهِ الْأَكْلَ مَعَهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ

1668 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ بَدْرٍ عَنْ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْحُبْلَى الَّتِي تَخَافُ عَلَى نَفْسِهَا أَنْ تُفْطِرَ وَلِلْمُرْضِعِ الَّتِي تَخَافُ عَلَى وَلَدِهَا»

[باب ما جاء في قضاء رمضان]

[بَاب مَا جَاءَ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ] 1669 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ إِنْ كَانَ لَيَكُونُ عَلَيَّ الصِّيَامُ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فَمَا أَقْضِيهِ حَتَّى يَجِيءَ شَعْبَانُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِنْ كَانَ) كَلِمَةُ إِنْ مُخَفَّفَةٌ مِنَ الثَّقِيلَةِ وَفِي كَانَ ضَمِيرُ الشَّأْنِ وَاللَّامُ فِي لَيَكُونَ مَفْتُوحَةٌ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْمُخَفَّفَةِ وَالنَّافِيَةِ (حَتَّى يَجِيءَ شَعْبَانُ) قَالَ الْبُخَارِيُّ رَوَاهُ يَحْيَى لِشَغْلٍ بِالنَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَيْ يَمْنَعُنِي أَيِ الشَّغْلُ لِأَنَّهَا كَانَتْ مُهَيِّئَةً نَفْسَهَا لِاسْتِمْتَاعِهِ بِهَا جَمِيعَ أَوْقَاتِهَا إِنْ أَرَادَ ذَلِكَ وَلَا تَعْلَمُ مَتَى يُرِيدُ وَلَا تَسْتَأْذِنُهُ فِي الصَّوْمِ مَخَافَةَ أَنْ يَأْذَنَ مَعَ الْحَاجَةِ وَهَذَا مِنَ الْآدَابِ وَأَمَّا شَعْبَانُ فَكَانَ يَصُومُهُ فَتَتَفَرَّغُ فِيهِ لِقَضَاءِ صَوْمِهَا وَلِأَنَّهُ إِذَا ضَاقَ الْوَقْتُ لَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ عَنْهُ وَلَا إِشْكَالَ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ لَهَا الْقَضَاءُ فِي أَيَّامِ الْقَسْمِ إِذْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْأَزْوَاجِ الطَّاهِرَاتِ يَوْمُهَا بَعْدَ ثَمَانِيَّةِ أَيَّامٍ فَيُمْكِنُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ أَنْ تَقْضِيَ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ لِأَنَّ الْقَسْمَ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِ فَهُنَّ يَتَوَقَّعْنَ حَاجَتَهُ

فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ ذَكَرَهُ الْقُرْطُبِيُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

1670 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كُنَّا نَحِيضُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَأْمُرُنَا بِقَضَاءِ الصَّوْمِ»

[باب ما جاء في كفارة من أفطر يوما من رمضان]

[بَاب مَا جَاءَ فِي كَفَّارَةِ مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ] 1671 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَقَالَ هَلَكْتُ قَالَ وَمَا أَهْلَكَكَ قَالَ وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْتِقْ رَقَبَةً قَالَ لَا أَجِدُ قَالَ صُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَ لَا أُطِيقُ قَالَ أَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا قَالَ لَا أَجِدُ قَالَ اجْلِسْ فَجَلَسَ فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أُتِيَ بِمِكْتَلٍ يُدْعَى الْعَرَقَ فَقَالَ اذْهَبْ فَتَصَدَّقْ بِهِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ إِلَيْهِ مِنَّا قَالَ فَانْطَلِقْ فَأَطْعِمْهُ عِيَالَكَ» حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فَقَالَ وَصُمْ يَوْمًا مَكَانَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي) كِنَايَةٌ عَنِ الْجِمَاعِ قَوْلُهُ (يُدْعَى الْعَرَقُ) بِفَتْحَتَيْنِ وَرُوِيَ بِسُكُونِ الرَّاءِ وَرَدَّهُ كَثِيرٌ مِكْتَلٌ يَسَعُ نَحْوَ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا إِلَى عِشْرِينَ (مَا بَيْنَ لَابَّتَيْهَا) أَيْ لَابَّتَيِ الْمَدِينَةِ يُرِيدُ الْحَرَّتَيْنِ (فَأَطْعِمْهُ عِيَالَكَ) قِيلَ بَقِيَتِ الْكَفَّارَةُ عَلَى ذِمَّتِهِ إِلَى الْيَسَارِ وَقِيلَ هَذَا مَنْسُوخٌ أَوْ خَاصٌّ بِهِ وَكُلُّ ذَلِكَ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ وَقِيلَ هُوَ الْحُكْمُ فِي كُلِّ مُحْتَاجٍ قَوْلُهُ (وَصُمْ يَوْمًا مَكَانَهُ) وَفِي الزَّوَائِدِ هَذِهِ الزِّيَادَةُ قَدِ انْفَرَدَ بِهَا ابْنُ مَاجَهْ وَفِي إِسْنَادِهَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَرَ وَهُوَ ضَعِيفٌ ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ عِنْدَهُ مَنَاكِيرُ وَقَالَ النَّسَائِيُّ لَيْسَ بِثِقَةٍ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ مَتْرُوكٌ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ وَكَانَ ثِقَةً وَقَدْ جَاءَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ رُخْصَةٍ لَمْ يُجْزِهِ صِيَامُ الدَّهْرِ» وَهَذَا الْحَدِيثُ تُخَالِفُهُ الزِّيَادَةُ اهـ

1672 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ ابْنِ الْمُطَوِّسِ عَنْ أَبِيهِ الْمُطَوِّسِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ رُخْصَةٍ لَمْ يُجْزِهِ صِيَامُ الدَّهْرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنِ ابْنِ الْمُطَوَّسِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الطَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ الْمَفْتُوحَةِ آخِرُهُ سِينٌ مُهْمَلَةٌ كَذَا ضَبَطَهُ الذَّهَبِيُّ وَالْمَضْبُوطُ الْمَرْوِيُّ فِي التَّقْرِيبِ أَنَّهُ بِكَسْرِ الْوَاوِ الْمُشَدَّدَةِ قِيلَ هُوَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَجْهُولٌ قَالَ الْبُخَارِيُّ لَا أَعْرِفُ لِابْنِ الْمُطَوَّسِ حَدِيثًا غَيْرَ

حَدِيثِ الصِّيَامِ وَلَا أَدْرِي يَسْمَعُ مِنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَمْ لَا (لَمْ يُجْزِهِ) أَيْ لَمْ يَكْفِ عَنْهُ وَلَا يَكُونُ مِثْلًا لَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِبَقَاءِ إِثْمِ التَّعَمُّدِ وَلَا يَحْصُلُ بِهِ فَضِيلَةُ صَوْمِ يَوْمِ رَمَضَانَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب ما جاء فيمن أفطر ناسيا]

[بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا] 1673 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عَوْفٍ عَنْ خِلَاسٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَكَلَ نَاسِيًا وَهُوَ صَائِمٌ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ) كَانَ الْمُرَادُ قَطْعُ نِسْبَةِ ذَلِكَ الْفِعْلِ إِلَى الْعَبْدِ بِوَاسِطَةِ النِّسْيَانِ فَلَا يُعَدُّ فِعْلُهُ جِنَايَةً مِنْهُ عَلَى صَوْمِهِ مُفْسِدًا لَهُ وَإِلَّا فَهَذَا الْقَدْرُ مَوْجُودٌ فِي كُلِّ طَعَامٍ وَشَرَابٍ يَأْكُلُهُ الْإِنْسَانُ أَكَلَهُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا

1674 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ «أَفْطَرْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَوْمِ غَيْمٍ ثُمَّ طَلَعَتْ الشَّمْسُ قُلْتُ لِهِشَامٍ أُمِرُوا بِالْقَضَاءِ قَالَ فَلَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَلَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ أَبَدَ مِنْ ذَلِكَ قَالَهُ لَا بُدَّ مِنْهُ وَلَا غِنًى عَنْهُ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخَطَأَ لَيْسَ كَالنِّسْيَانِ بَلْ فِيهِ الْقَضَاءُ وَقِيلَ هَذَا اجْتِهَادٌ مِنْ هِشَامٍ لَا رِوَايَةٌ لِلْحَدِيثِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ خَطَأً

[باب ما جاء في الصائم يقيء]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الصَّائِمِ يَقِيءُ] 1675 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَعْلَى وَمُحَمَّدُ ابْنَا عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيِّ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي مَرْزُوقٍ قَالَ سَمِعْتُ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ الْأَنْصَارِيَّ يُحَدِّثُ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَلَيْهِمْ فِي يَوْمٍ كَانَ يَصُومُهُ فَدَعَا بِإِنَاءٍ فَشَرِبَ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذَا يَوْمٌ كُنْتَ تَصُومُهُ قَالَ أَجَلْ وَلَكِنِّي قِئْتُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَلَكِنِّي قِئْتُ) قَدْ جَاءَ أَنَّهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَاءَ فَأَفْطَرَ قَالَ التِّرْمِذِيُّ إِنَّهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ «كَانَ صَائِمًا مُتَطَوِّعًا فَقَاءَ فَأَفْطَرَ لِذَلِكَ» هَكَذَا رُوِيَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْحَدِيثِ مُفَسَّرًا وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ هَذَا حَدِيثٌ مُخْتَلَفٌ فِي إِسْنَادِهِ فَإِنْ صَحَّ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ تَقَايَأَ عَامِدًا يُرِيدُ أَنَّهُ احْتَاجَ إِلَى ذَلِكَ فَقَاءَ عَمْدًا وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ وَقَدْ رَوَى بِالْعَنْعَنَةِ وَأَبُو مَرْزُوقٍ

لَا يُعْرَفُ اسْمُهُ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْ فُضَالَةَ فَفِي الْحَدِيثِ ضَعْفٌ وَانْقِطَاعٌ

1676 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ح وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ سُلَيْمَانَ أَبُو الشَعْثَاءِ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ جَمِيعًا عَنْ هِشَامٍ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَمَنْ اسْتَقَاءَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ سَبَقَهُ وَغَلَبَهُ فِي الْخُرُوجِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب ما جاء في السواك والكحل للصائم]

[بَاب مَا جَاءَ فِي السِّوَاكِ وَالْكُحْلِ لِلصَّائِمِ] 1677 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَعِيلَ الْمُؤَدِّبُ عَنْ مُجَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خَيْرِ خِصَالِ الصَّائِمِ السِّوَاكُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مِنْ خَيْرِ خِصَالِ الصَّائِمِ السِّوَاكُ) أَيِ اسْتِعْمَالُهُ وَإِطْلَاقُهُ يَشْمَلُ أَوَّلَ النَّهَارِ وَآخِرَهُ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مُجَاهِدٌ وَهُوَ ضَعِيفٌ لَكِنْ لَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ

1678 - حَدَّثَنَا أَبُو التَّقِيِّ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ حَدَّثَنَا الزُّبَيْدِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «اكْتَحَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ صَائِمٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (اكْتَحَلَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إِلَخْ) وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ الزُّبَيْدِيِّ وَاسْمُهُ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ بَيَّنَّهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب ما جاء في الحجامة للصائم]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ] 1679 - حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّقِّيُّ وَدَاوُدُ بْنُ رَشِيدٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُعَمَّرُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بِشْرٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ) مَنْ لَا يَقُولُ بِظَاهِرِهِ يُؤَوِّلُهُ بِأَنَّهُ تَعَرَّضَ بِعُرُوضِ الضَّعْفِ لِلْمَحْجُومِ وَوُصُولِ شَيْءٍ إِلَى الْجَوْفِ بِمَصِّ الْقَارُورَةِ لِلْحَاجِمِ وَقِيلَ هُوَ عَلَى التَّغْلِيظِ لَهُمَا وَالدُّعَاءِ عَلَيْهِمَا لِكَرَاهَةِ فِعْلِهِمَا وَقِيلَ بَلِ الْمُرَادُ بِذَلِكَ رَجُلَانِ بِعَيْنِهِمَا كَانَا مُشْتَغِلَيْنِ بِالْغِيبَةِ فَقَالَ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ ذَلِكَ عَلَى مَعْنَى ذَهَبَ أَجْرُهُمَا وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مُنْقَطِعٌ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بِشْرٍ لَمْ يَثْبُتْ سَمَاعُهُ عَنِ الْأَعْمَشِ وَإِنَّمَا

يَقُولُ كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنِ الْأَعْمَشِ

1680 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ أَنْبَأَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ حَدَّثَنِي أَبُو قِلَابَةَ أَنَّ أَبَا أَسْمَاءَ حَدَّثَهُ عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ «سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ»

1681 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ أَنْبَأَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي قِلَابَةَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ شَدَّادَ بْنَ أَوْسٍ بَيْنَمَا هُوَ يَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَقِيعِ فَمَرَّ عَلَى رَجُلٍ يَحْتَجِمُ بَعْدَ مَا مَضَى مِنْ الشَّهْرِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ لَيْلَةً «فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ»

1682 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ مِقْسَمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ صَائِمٌ مُحْرِمٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَهُوَ صَائِمٌ مُحْرِمٌ) قَدْ يُقَالُ هَذَا الْحَدِيثُ لَا يَدُلُّ عَلَى بَقَاءِ الصَّوْمِ بَعْدَ الْحِجَامَةِ لِجَوَازِ أَنَّهُ كَانَ فِي سَفَرٍ أَوْ كَانَ الصَّوْمُ صَوْمَ تَطَوُّعٍ يَحِلُّ فِيهِ الْإِفْطَارُ فَأَفْطَرَ بِالْحَجَّامَةِ بَلْ قَدْ جَاءَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَحِينَئِذٍ كَانَ فِي صَوْمِهِ أَمْرَانِ التَّطَوُّعُ وَالسَّفَرُ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

[باب ما جاء في القبلة للصائم]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ] 1683 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَرَّاحِ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ فِي شَهْرِ الصَّوْمِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يُقَبِّلُ) مِنَ التَّقْبِيلِ أَيْ نِسَاءَهُ

1684 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ وَأَيُّكُمْ يَمْلِكُ إِرْبَهُ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْلِكُ إِرْبَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِرْبَهُ) أَكْثَرُهُمْ يَرْوِيهِ بِفَتْحَتَيْنِ بِمَعْنَى الْحَاجَةِ وَبَعْضُهُمْ بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ وَهُوَ يَحْتَمِلُ مَعْنَى الْحَاجَةِ وَالْعُضْوِ أَيِ الذَّكَرِ وَرُدَّ تَفْسِيرُهُ بِالْعُضْوِ بِأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ سُنَنِ الْأَدَبِ قِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ يَأْمَنُ الْإِنْزَالَ وَالْوَقَاعَ فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ ذَلِكَ فَهَذَا إِشَارَةٌ إِلَى عِلَّةِ عَدَمِ إِلْحَاقِ الْغَيْرِ بِهِ وَذَلِكَ وَمَنْ يُجِيزُهَا لِلْغَيْرِ يَجْعَلُ قَوْلَهَا إِشَارَةً إِلَى أَنَّ غَيْرَهُ لَهُ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى فَإِنَّهُ أَمْلَكُ النَّاسِ لِإِرْبِهِ وَيُبَاشِرُ وَيُقَبِّلُ فَكَيْفَ لَا يُبَاحُ لِغَيْرِهِ اهـ

1685 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ شُتَيْرِ بْنِ شَكَلٍ عَنْ حَفْصَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ»

1686 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ زَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِي يَزِيدَ الضِّنِّيِّ عَنْ مَيْمُونَةَ مَوْلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ «سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رَجُلٍ قَبَّلَ امْرَأَتَهُ وَهُمَا صَائِمَانِ قَالَ قَدْ أَفْطَرَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (قَدْ أَفْطَرَا) أَيْ تَعَرَّضَا لِلْإِفْطَارِ لِأَنَّ التَّقْبِيلَ مِنْ مُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ وَهَذَا تَأْوِيلُ الْحَدِيثِ إِنْ صَحَّ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى ضَعْفِ زَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَضَعْفِ شَيْخِهِ أَبِي يَزِيدَ الضِّنِّيِّ وَنُقِلَ عَنِ التَّقْرِيبِ أَبُو يَزِيدَ الضِّنِّيُّ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ مَجْهُولٌ وَقَالَ الزُّبَيْرِيُّ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ وَأَبُو يَزِيدَ مَجْهُولٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب ما جاء في المباشرة للصائم]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْمُبَاشَرَةِ لِلصَّائِمِ] 1687 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ «دَخَلَ الْأَسْوَدُ وَمَسْرُوقٌ عَلَى عَائِشَةَ فَقَالَا أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ قَالَتْ كَانَ يَفْعَلُ وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لِإِرْبِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يُبَاشِرُ) أَيْ يَمَسُّ بَشَرَةَ الْمَرْأَةِ بِبَشَرَتِهِ كَوَضْعِ الْخَدِّ عَلَى الْخَدِّ وَنَحْوِهِ

1688 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «رُخِّصَ لِلْكَبِيرِ الصَّائِمِ فِي الْمُبَاشَرَةِ وَكُرِهَ لِلشَّابِّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (رُخِّصَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ شَيْخِ ابْنِ مَاجَهْ

[باب ما جاء في الغيبة والرفث للصائم]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْغِيبَةِ وَالرَّفَثِ لِلصَّائِمِ] 1689 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْجَهْلَ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَا حَاجَةَ لِلَّهِ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَنْ لَمْ يَدَعْ) أَيْ لَمْ يَتْرُكْ قَوْلُهُ (الزُّورَ) أَيِ الْكَذِبَ (وَالْجَهْلَ) أَيْ صِفَاتِ الْجَهْلِ أَوْ أَحْوَالَ الْجَهْلِ (وَالْعَمَلَ بِهِ) أَيْ بِالْجَهْلِ وَالْمَعَاصِي كُلُّهَا عَمَلٌ بِالْجَهْلِ فَدَخَلَ الْغِيبَةُ فِيهَا قِيلَ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ مَنْ لَمْ يَدَعْ ذَلِكَ مُطْلَقًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِصَوْمٍ أَيْ مَنْ لَمْ يَتْرُكِ الْمَعَاصِي مَاذَا يَصْنَعُ بِطَاعَتِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ مَنْ لَمْ يَتْرُكْ حَالَةَ الصَّوْمِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِبَعْضِ الرِّوَايَاتِ قَوْلُهُ (فَلَا حَاجَةَ إِلَخْ) كِنَايَةٌ عَنْ عَدَمِ الْقَبُولِ وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ لِلَّهِ تَعَالَى إِلَى عِبَادَةِ أَحَدٍ

1690 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا الْجُوعُ وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا السَّهَرُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ إِلَّا الْجُوعَ) أَيْ لَيْسَ لِصَوْمِهِ قَبُولٌ عِنْدَ اللَّهِ فَلَا ثَوَابَ لَهُ نَعَمْ سُقُوطُ التَّكْلِيفِ عَنِ الذِّمَّةِ حَاصِلٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ

1691 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا جَرِيرٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ وَإِنْ جَهِلَ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَلَا يَرْفُثُ) بِتَثْلِيثِ الْفَاءِ أَيْ لَا يُفْحِشُ فِي الْكَلَامِ وَلَا يَجْهَلُ بِفَتْحِ الْيَاءِ أَيْ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْجَهْلِ (فَإِنْ جُهِلَ) بِكَسْرِ الْهَاءِ أَيْ خَاصَمَهُ أَحَدٌ قَوْلًا أَوْ فِعْلًا وَتَسَبَّبَ لِمُخَاصَمَتِهِ بِأَحَدِ الْوَجْهَيْنِ (فَلْيَقُلْ) أَيْ فَلْيَذْكُرْ بِالْقَلْبِ صَوْمَهُ لِيَرْتَدِعَ بِهِ عَنْ مُقَابَلَتِهِ بِالْمِثْلِ أَوْ لِيَقُلْ بِاللِّسَانِ تَثْبِيتًا لِمَا فِي الْقَلْبِ وَتَوْكِيدًا أَوْ لِيَدْفَعْ خَصْمَهُ بِهَذَا الْكَلَامِ وَيَعْتَذِرُ عِنْدَهُ عَنِ الْمُقَابَلَةِ بِأَنَّ حَالَهُ

لَا يُنَاسِبُ الْمُقَابَلَةَ الْيَوْمَ وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ

[باب ما جاء في السحور]

[بَاب مَا جَاءَ فِي السُّحُورِ] 1692 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ أَنْبَأَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السُّحُورِ بَرَكَةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَإِنَّ فِي السَّحُورِ) بِفَتْحِ السِّينِ اسْمُ مَا يُتَسَحَّرُ بِهِ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَبِالضَّمِّ أَكْلُهُ وَالْوَجْهَانِ جَائِزَانِ هَاهُنَا وَالْبَرَكَةُ فِي الطَّعَامِ بِاعْتِبَارِ مَا فِي أَكْلِهِ مِنَ الْأَجْرِ وَالثَّوَابِ وَالتَّقْوِيَةِ عَلَى الصَّوْمِ وَيَتَضَمَّنُهُ مِنَ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَالْفَتْحُ هُوَ الْمَشْهُورُ رِوَايَةً وَقِيلَ الصَّوَابُ الضَّمُّ لِأَنَّ الْأَكْلَ هُوَ مَحَلُّ الْبَرَكَةِ لَا نَفْسُ الطَّعَامِ وَالْحَقُّ جَوَازُ الْوَجْهَيْنِ كَمَا عَرَفْتَ

1693 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنَا زَمْعَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ سَلَمَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اسْتَعِينُوا بِطَعَامِ السَّحَرِ عَلَى صِيَامِ النَّهَارِ وَبِالْقَيْلُولَةِ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (بِطَعَامِ السَّحَرِ) بِفَتْحَتَيْنِ آخِرِ اللَّيْلِ وَبِالْقَيْلُولَةِ هِيَ الِاسْتِرَاحَةُ نِصْفَ النَّهَارِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ زَمْعَةُ بْنُ صَالِحٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ

[باب ما جاء في تأخير السحور]

[بَاب مَا جَاءَ فِي تَأْخِيرِ السُّحُورِ] 1694 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ «تَسَحَّرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قُمْنَا إِلَى الصَّلَاةِ قُلْتُ كَمْ بَيْنَهُمَا قَالَ قَدْرُ قِرَاءَةِ خَمْسِينَ آيَةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِلَى الصَّلَاةِ) أَيْ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى تَأْخِيرِ السَّحُورِ كَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى تَعْجِيلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ

1695 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ «تَسَحَّرْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ النَّهَارُ إِلَّا أَنَّ الشَّمْسَ لَمْ تَطْلُعْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (هُوَ النَّهَارُ إِلَّا أَنَّ الشَّمْسَ لَمْ تَطْلُعْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّهَارِ هُوَ النَّهَارُ الشَّرْعِيُّ وَالْمُرَادُ بِالشَّمْسِ الْفَجْرُ لِكَوْنِهِ مِنْ آثَارِ الشَّمْسِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ فِي قُرْبِ طُلُوعِ الْفَجْرِ بِحَيْثُ يُقَالُ النَّهَارُ نَعَمْ مَا كَانَ الْفَجْرُ طَالِعًا وَقِيلَ الْحَدِيثُ مَنْسُوخٌ وَهُوَ مُشْكِلٌ بِأَنَّ الصَّوْمَ قَدْ نُسِخَ فِيهِ التَّشْدِيدُ إِلَى التَّخْفِيفِ دُونَ الْعَكْسِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَكَانَ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِمَا فِي بَعْضِ نُسَخِ الْكِتَابِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ

حَدِيثُ حُذَيْفَةَ مَنْسُوخٌ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ

1696 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ مِنْ سُحُورِهِ فَإِنَّهُ يُؤَذِّنُ لِيَنْتَبِهَ نَائِمُكُمْ وَلِيَرْجِعَ قَائِمُكُمْ وَلَيْسَ الْفَجْرُ أَنْ يَقُولَ هَكَذَا وَلَكِنْ هَكَذَا يَعْتَرِضُ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَلْيَرْجِعْ قَائِمُكُمْ) مِنَ الرُّجُوعِ فَيَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولٍ مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ} [التوبة: 83] وَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَارْجِعِ الْبَصَرَ} [الملك: 3] وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الرُّجُوعِ فَيَكُونَ قَائِمُكُمْ بِالرَّفْعِ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ أَوْ مِنَ الْإِرْجَاعِ لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَشْهَرُ رِوَايَةً وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِيهِمْ مَنْ قَامَ وَمَنْ نَامَ وَيَحْتَاجُ الْقَائِمُ إِلَى أَنْ يُخْبِرَهُ أَحَدٌ بِقُرْبِ الْفَجْرِ لِيَرْجِعَ إِلَى بَعْضِ حَوَائِجِهِ وَكَذَا النَّائِمُ يُسْتَفَزُّ لِلصَّلَاةِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ بِغَلَسٍ فَسُنَّ أَذَانُ بِلَالٍ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ لِذَلِكَ وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ مَا كَانَ آذَانًا شَرْعِيًّا لِأَنَّهُ بِوَجْهٍ آخَرَ وَإِلَّا لَكَانَ مَانِعًا مِنَ السَّحُورِ قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ الْفَجْرُ أَنْ يَقُولَ) أَيْ لَيْسَ الْفَجْرُ الَّذِي عَلَيْهِ مَدَارُ الصَّوْمِ ظُهُورُ النُّورِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَالْقَوْلُ بِمَعْنَى ظُهُورِ النُّورِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في تعجيل الإفطار]

[بَاب مَا جَاءَ فِي تَعْجِيلِ الْإِفْطَارِ] 1697 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْإِفْطَارَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَا عَجَّلُوا) أَيْ مُدَّةَ تَعْجِيلِ فَمَا ظَرْفِيَّةٌ وَالْمُرَادُ مَا لَمْ يُؤَخِّرُوا عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهِ بَعْدَ تَحَقُّقِ الْوَقْتِ.

1698 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ عَجِّلُوا الْفِطْرَ فَإِنَّ الْيَهُودَ يُؤَخِّرُونَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَإِنَّ الْيَهُودَ إِلَخْ) تَعْلِيلٌ لِمَا ذُكِرَ بِأَنَّ فِيهِ مُخَالَفَةً لِأَعْدَاءِ اللَّهِ فَمَا دَامَ النَّاسُ يُرَاعُونَ مُخَالَفَةَ أَعْدَاءِ اللَّهِ تَعَالَى يَنْصُرُهُمُ اللَّهُ وَيُظْهِرُ دِينَهُمْ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَالْحَدِيثُ مِنْ رِوَايَةِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا.

[باب ما جاء على ما يستحب الفطر]

[بَاب مَا جَاءَ عَلَى مَا يُسْتَحَبُّ الْفِطْرُ] 1699 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنْ الرَّبَابِ أُمِّ الرَّائِحِ بِنْتِ صُلَيْعٍ عَنْ عَمِّهَا سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَفْطَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيُفْطِرْ عَلَى تَمْرٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيُفْطِرْ عَلَى الْمَاءِ فَإِنَّهُ طَهُورٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَلْيُفْطِرْ عَلَى تَمْرٍ) قِيلَ لِأَنَّهُ يُقَوِّي الْبَصَرَ وَيَدْفَعُ الضَّعْفَ الْحَاصِلَ فِيهِ بِالصَّوْمِ قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ طَهُورٌ) أَيْ فَهُوَ أَحَقُّ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْإِفْطَارِ الَّذِي هُوَ قُرْبَةٌ وَتَتْمِيمٌ لِقُرْبَةٍ

وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في فرض الصوم من الليل والخيار في الصوم]

[بَاب مَا جَاءَ فِي فَرْضِ الصَّوْمِ مِنْ اللَّيْلِ وَالْخِيَارِ فِي الصَّوْمِ] 1700 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْقَطَوَانِيُّ عَنْ إِسْحَقَ بْنِ حَازِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ حَفْصَةَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يَفْرِضْهُ مِنْ اللَّيْلِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْقَطَوَانِيُّ) بِفَتْحَتَيْنِ قَوْلُهُ: (لِمَنْ لَمْ يَفْرِضْهُ) مِنْ فَرَضَهُ إِذَا قَدَّرَهُ وَجَزَمَهُ أَيْ لَمْ يَنْوِهِ بِاللَّيْلِ وَقَدْ رَجَّحَ التِّرْمِذِيُّ وَقْفَهُ وَعَلَى تَقْدِيرِ الرَّفْعِ فَالْإِطْلَاقُ غَيْرُ مُرَادٍ فَحَمَلَهُ كَثِيرٌ عَلَى صِيَامِ الْفَرْضِ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادَرُ وَبَعْضُهُمْ إِلَى غَيْرِ الْمُتَعَيَّنِ شَرْعًا كَالْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ وَالنَّذْرِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ قَوْلُهُ: (مَنْ لَمْ يُجْمِعْ) مِنَ الْإِجْمَاعِ أَيْ مَنْ لَمْ يَنْوِ.

1701 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ فَنَقُولُ لَا فَيَقُولُ إِنِّي صَائِمٌ فَيُقِيمُ عَلَى صَوْمِهِ ثُمَّ يُهْدَى لَنَا شَيْءٌ فَيُفْطِرُ» قَالَتْ وَرُبَّمَا صَامَ وَأَفْطَرَ قُلْتُ كَيْفَ ذَا قَالَتْ إِنَّمَا مَثَلُ هَذَا مَثَلُ الَّذِي يَخْرُجُ بِصَدَقَةٍ فَيُعْطِي بَعْضًا وَيُمْسِكُ بَعْضًا ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ثُمَّ يُهْدَى) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنَ الْإِهْدَاءِ (فَيُفْطِرُ) يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْفِطْرِ لِلصَّائِمِ تَطَوُّعًا بِلَا عُذْرٍ وَعَلَيْهِ كَثِيرٌ مِنْ مُحَقِّقِي عُلَمَائِنَا الْحَنَفِيَّةِ لَكِنَّهُمْ أَوْجَبُوا الْقَضَاءَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ صُومُوا يَوْمًا مَكَانَهُ قَالَهُ لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ حِينَ أَفْطَرَتَا مِنْ صَوْمِ التَّطَوُّعِ وَهَذَا الْحَدِيثُ وَكَذَا حَدِيثُ أُمِّ هَانِئٍ لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْقَضَاءِ فَهَذَا الْقَوْلُ أَقْرَبُ دَلِيلًا قَوْلُهُ: (صَامَ وَأَفْطَرَ) أَيْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا وَفِيهِ أَنَّ مَنْ عَزَمَ عَلَى الصَّوْمِ ثُمَّ أَفْطَرَ لَهُ أَجْرُ الْقَدْرِ الَّذِي مَضَى فِيهِ عَلَى صَوْمِهِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ إِعْطَائِهِ بَعْضَ مَا قَصَدَ التَّصَدُّقَ بِهِ وَعَلَى هَذَا لَا يَنْتَهِضُ الِاسْتِدْلَالُ بِقَوْلِهِ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ إِفْطَارِ الصَّوْمِ أَصْلًا فَافْهَمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في الرجل يصبح جنبا وهو يريد الصيام]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الرَّجُلِ يُصْبِحُ جُنُبًا وَهُوَ يُرِيدُ الصِّيَامَ] 1702 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الْقَارِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ «لَا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ مَا أَنَا قُلْتُ مَنْ أَصْبَحَ وَهُوَ جُنُبٌ فَلْيُفْطِرْ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا) لَعَلَّ الْجَنَابَةَ فِيهِ كِنَايَةٌ عَنِ الْجِمَاعِ عَلَى مَا هُوَ دَأْبُ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ فِي الْكِنَايَةِ عَنْ أَمْثَالِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَلَا يُنَافِي هَذَا الْحَدِيثَ الْحَدِيثُ الْآتِي الدَّالُّ عَلَى أَنَّ الْجَنَابَةَ لَا تُبْطِلُ الصَّوْمَ

قَالُوا فِي الْكِتَابِ إِشَارَةٌ إِلَى ذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهَ تَعَالَى {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ} [البقرة: 187] إِلَى قَوْلِهِ {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ} [البقرة: 187] حَلَّ الْجِمَاعَ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ فَمَنْ كَانَ يُجَامِعُ إِلَى هَذَا الْحَدِّ فَبِالضَّرُورَةِ يُصْبِحُ جُنُبًا وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ سَمِعَهُ مِنَ الْفَضْلِ زَادَ مُسْلِمٌ وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنَ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ شَيْخُنَا أَبُو الْفَضْلِ هَذَا إِمَّا مَنْسُوخٌ أَوْ مَرْجُوحٌ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ كَانَ يُدْرِكُهُ الْفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أَهْلِهِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَيَصُومُ» وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ خَصَائِصِهِ وَعِنْدَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ حِينَ بَلَغَهُ ذَلِكَ الْحَدِيثُ

1703 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبِيتُ جُنُبًا فَيَأْتِيهِ بِلَالٌ فَيُؤْذِنُهُ بِالصَّلَاةِ فَيَقُومُ فَيَغْتَسِلُ فَأَنْظُرُ إِلَى تَحَدُّرِ الْمَاءِ مِنْ رَأْسِهِ ثُمَّ يَخْرُجُ فَأَسْمَعُ صَوْتَهُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ» قَالَ مُطَرِّفٌ فَقُلْتُ لِعَامِرٍ أَفِي رَمَضَانَ قَالَ رَمَضَانُ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَيُؤْذِنُهُ) مِنَ الْإِيذَانِ أَيْ يُخْبِرُهُ بِحُضُورِ وَقْتِهَا (إِلَى تَحَدُّرِ الْمَاءِ) أَيْ نُزُولِهِ (فَقُلْتُ لِعَامِرٍ) أَيِ الشَّعْبِيِّ وَهَذَا مَحَلُّ الدَّلِيلِ وَهُوَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مُرْسَلٌ لَكِنَّهُ فِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ مُسْنَدٌ وَهُوَ يَكْفِي

1704 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ قَالَ «سَأَلْتُ أُمَّ سَلَمَةَ عَنْ الرَّجُلِ يُصْبِحُ وَهُوَ جُنُبٌ يُرِيدُ الصَّوْمَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ الْوِقَاعِ لَا مِنْ احْتِلَامٍ ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَيُتِمُّ صَوْمَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مِنَ الْوَقَاعِ) أَيِ الْجِمَاعِ وَالْمَقْصُودُ التَّنْصِيصُ عَلَى أَنَّ الْجَنَابَةَ كَانَتِ اخْتِيَارِيَّةً لَا اضْطِرَارِيَّةً لِيَكُونَ نَصًّا فِي مَحَلِّ الْخِلَافِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب ما جاء في صيام الدهر]

[بَاب مَا جَاءَ فِي صِيَامِ الدَّهْرِ] 1705 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَأَبُو دَاوُدَ قَالُوا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ فَلَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَلَا صَامَ) أَيْ لَيْسَ لَهُ ثَوَابُ الصِّيَامِ عَلَى التَّمَامِ فَلَا صَامَ لِقِلَّةِ أَجْرِهِ (وَلَا أَفْطَرَ) لِتَحَمُّلِهِ مَشَقَّةَ الْجُوعِ وَالْعَطَشِ وَقِيلَ دَعَا عَلَيْهِ زَجْرًا لَهُ عَنْ ذَلِكَ وَقِيلَ لَا يَبْقَى لَهُ حَظٌّ مِنَ الصَّوْمِ لِكَوْنِهِ يَصِيرُ عَادَةً لَهُ وَلَا هُوَ مُفْطِرٌ حَقِيقَةً فَلَا حَظَّ لَهُ مِنَ الْإِفْطَارِ قِيلَ النَّهْيُ إِنَّمَا هُوَ إِذَا صَامَ أَيَّامَ الْكَرَاهَةِ وَإِلَّا فَلَا نَهْيَ

1706 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ مِسْعَرٍ وَسُفْيَانَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الْمَكِّيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ»

[باب ما جاء في صيام ثلاثة أيام من كل شهر]

[بَاب مَا جَاءَ فِي صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ] 1707 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمِنْهَالِ عَنْ أَبِيهِ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِصِيَامِ الْبِيضِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ وَيَقُولُ هُوَ كَصَوْمِ الدَّهْرِ أَوْ كَهَيْئَةِ صَوْمِ الدَّهْرِ» حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَنْبَأَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ قَتَادَةَ بْنِ مَلْحَانَ الْقَيْسِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ قَالَ ابْن مَاجَةَ أَخْطَأَ شُعْبَةُ وَأَصَابَ هَمَّامٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (بِصِيَامِ الْبِيضِ) أَيْ بِصِيَامِ أَيَّامِ اللَّيَالِي الْبِيضِ الَّتِي يَكُونُ الْقَمَرُ فِيهَا مِنَ الْمَغْرِبِ إِلَى الصُّبْحِ (كَصَوْمِ الدَّهْرِ) لِقَضِيَّةِ {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160] وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بَعْدَ السَّنَدِ الثَّانِي قَالَ ابْنُ مَاجَهْ أَخْطَأَ شُعْبَةُ وَأَصَابَ هَمَّامٌ يُرِيدُ أَنَّ شُعْبَةَ قَالَ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمِنْهَالِ وَهُوَ خَطَأٌ وَالصَّوَابُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ قَتَادَةَ كَمَا قَالَ هَمَّامٌ

1708 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ فَذَلِكَ صَوْمُ الدَّهْرِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ تَصْدِيقَ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160] فَالْيَوْمُ بِعَشْرَةِ أَيَّامٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) أَيَّ ثَلَاثَةً كَانَتْ وَأَيَّامُ الْبِيضِ أَوْلَى

1709 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ عَنْ مُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ قُلْتُ مِنْ أَيِّهِ قَالَتْ لَمْ يَكُنْ يُبَالِي مِنْ أَيِّهِ كَانَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مِنْ أَيَّة) أَيْ مِنْ أَيِّ أَجْزَاءِ الشَّهْرِ مِنْ أَوَّلِهِ أَوْ وَسَطِهِ أَوْ آخِرِهِ أَوْ مِنْ أَيَّامِهِ

[باب ما جاء في صيام النبي صلى الله عليه وسلم]

[بَاب مَا جَاءَ فِي صِيَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] 1710 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي لَبِيدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ «سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ صَوْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ كَانَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ قَدْ صَامَ وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ قَدْ أَفْطَرَ وَلَمْ أَرَهُ صَامَ مِنْ شَهْرٍ قَطُّ أَكْثَرَ مِنْ صِيَامِهِ مِنْ شَعْبَانَ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلَّا قَلِيلًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (قَدْ صَامَ) أَيْ دَاوَمَ عَلَى الصِّيَامِ وَعَزَمَ عَلَيْهِ وَلَا يُرِيدُ الْإِفْطَارَ فِي هَذَا الشَّهْرِ وَمِثْلُهُ قَدْ أَفْطَرَ قَوْلُهُ (كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلِّهِ) أَيْ غَالِبِهِ وَلِذَلِكَ ذَكَرَتْ قَوْلَهَا كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلَّا

قَلِيلًا تَفْسِيرًا لَهُ

1711 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لَا يُفْطِرُ وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لَا يَصُومُ وَمَا صَامَ شَهْرًا مُتَتَابِعًا إِلَّا رَمَضَانَ مُنْذُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَا يُفْطِرُ) أَيْ فِي هَذَا الشَّهْرِ (مُتَتَابِعًا) أَيْ مُتَّصِلًا مُنْذُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَفِي الْحَدِيثِ إِرْسَالٌ لَكِنَّ إِرْسَالَ الصَّحَابِيِّ لَا يَضُرُّ اتِّفَاقًا

[باب ما جاء في صيام داود عليه السلام]

[بَاب مَا جَاءَ فِي صِيَامِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام] 1712 - حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَقَ الشَّافِعِيُّ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ أَوْسٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ فَإِنَّهُ كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا وَأَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ صَلَاةُ دَاوُدَ كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيُصَلِّي ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا) قِيلَ هُوَ أَشَدُّ الصِّيَامِ عَلَى النَّفْسِ فَإِنَّهُ لَا يَعْتَادُ الصَّوْمَ وَلَا الْإِفْطَارَ فَيَصْعُبُ عَلَيْهِ كُلٌّ مِنْهُمَا وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ صَوْمِ يَوْمَيْنِ وَإِفْطَارِ يَوْمٍ وَمِنْ صِيَامِ الدَّهْرِ بِلَا صِيَامِ أَيَّامِ الْكَرَاهَةِ وَبِهِ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ (كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ) أَيْ مِنَ الْوَقْتِ الَّذِي كَانُوا يَعْتَادُونَهُ لَا مِنْ وَقْتِ الْمَغْرِبِ إِذْ يُسْتَبْعَدُ النَّوْمُ مِنْهُ

1713 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا غَيْلَانُ بْنُ جَرِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ الزِّمَّانِيِّ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ «قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ بِمَنْ يَصُومُ يَوْمَيْنِ وَيُفْطِرُ يَوْمًا قَالَ وَيُطِيقُ ذَلِكَ أَحَدٌ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ بِمَنْ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا قَالَ ذَلِكَ صَوْمُ دَاوُدَ قَالَ كَيْفَ بِمَنْ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمَيْنِ قَالَ وَدِدْتُ أَنِّي طُوِّقْتُ ذَلِكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَيُطِيقُ ذَلِكَ) بِحَذْفِ حَرْفِ الْإِنْكَارِ وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ وَكَأَنَّهُ كَرِهَهُ لِأَنَّهُ مِمَّا يُعْجَزُ عَنْهُ فِي الْغَالِبِ فَلَا يُرْغَبُ فِيهِ فِي دِينٍ سَهْلٍ سَمْحٍ قَوْلُهُ (ذَاكَ صِيَامُ دَاوُدَ) أَيْ وَصَوْمُ دَاوُدَ أَفْضَلُ الصِّيَامِ وَكَأَنَّهُ تَرَكَهُ لِتَقْرِيرِهِ ذَلِكَ مِرَارًا قَوْلُهُ (أَنِّي طُوِّقْتُ ذَلِكَ) بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أُجْعِلَ دَاخِلًا فِي قُدْرَتِي وَكَانَ قَادِرًا وَلَكِنْ خَافَ فَوَاتَ حُقُوقِ نِسَائِهِ فَإِنَّ إِدَامَةَ الصَّوْمِ يُخِلُّ بِخَطَرِ حَقِّهِنَّ مِنْهُ وَكَانَ يُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْهُ فَإِنَّهُ كَانَ يُوَاصِلُ وَعَلَى هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ (وَدِدْتُ أَنِّي طُوِّقْتُ) أَيْ مَعَ أَدَاءِ حُقُوقِ النِّسَاءِ

[باب ما جاء في صيام نوح عليه السلام]

[بَاب مَا جَاءَ فِي صِيَامِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَام] 1714 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ أَبِي فِرَاسٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ صَامَ نُوحٌ الدَّهْرَ إِلَّا يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ الْأَضْحَى» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (صَامَ نُوحٌ) الْحَدِيثَ قَالَ السُّيُوطِيُّ وَزَادَ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِهِ وَصَامَ دَاوُدُ نِصْفَ الدَّهْرِ وَصَامَ إِبْرَاهِيمُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صَامَ الدَّهْرَ وَأَفْطَرَ الدَّهْرَ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب صيام ستة أيام من شوال]

[بَاب صِيَامِ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ] 1715 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْحَارِثِ الذَّمَارِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا أَسْمَاءَ الرَّحَبِيَّ عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ صَامَ سِتَّةَ أَيَّامٍ بَعْدَ الْفِطْرِ كَانَ تَمَامَ السَّنَةِ {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160] » ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (كَانَ تَمَامَ السَّنَةِ) أَيْ كَانَ صَوْمُهُ ذَاكَ صَوْمُ تَمَامِ السَّنَةِ إِذِ السَّنَةُ بِمَنْزِلَةِ شَهْرَيْنِ بِحِسَابِ مَنْ جَاءَ {بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160] وَشَهْرُ رَمَضَانَ بِمَنْزِلَةِ عَشَرَةِ أَشْهُرٍ وَفِي الزَّوَائِدِ الْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ يُرِيدُ فَهُوَ صَحِيحٌ وَقَالَ وَلَهُ شَاهِدٌ.

1716 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصَوْمِ الدَّهْرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ) أَيْ بَعْدَ يَوْمِ الْعِيدِ وَقَدِ اخْتَارَ بَعْضُهُمُ الْمُتَوَالِيَةَ وَجَوَّزَ بَعْضُهُمُ التَّفْرِيقَ وَهَذَا الْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي نَدْبِ صِيَامِ سِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ وَعَامَّةُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا الْحَنَفِيَّةِ أَخَذُوا بِهِ وَلَعَلَّ الْقَائِلَ بِالْكَرَاهَةِ يُؤَوِّلُ هَذَا الْحَدِيثَ بِأَنَّ الْمُرَادَ هُوَ كَصَوْمِ الدَّهْرِ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَدْ جَاءَ لَا صِيَامَ لِمَنْ صَامَ الْأَبَدَ وَنَحْوَهُ مِمَّا يُفِيدُ كَرَاهَةَ صَوْمِ الدَّهْرِ لَكِنَّ هَذَا التَّأْوِيلَ مَرْدُودٌ بِمَا وَرَدَ فِي صَوْمِ ثَلَاثٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ أَنَّهُ صَوْمُ الدَّهْرِ وَنَحْوِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ صَوْمَ الدَّهْرِ تَحْقِيقًا مَكْرُوهٌ وَمَا لَيْسَ بِصَوْمِ الدَّهْرِ إِذَا وَرَدَ فِيهِ أَنَّهُ صَوْمُ الدَّهْرِ فَهُوَ مَحْبُوبٌ وَجَاءَ فِي الْبَابِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ وَقَدْ جَوَّزَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ قَوْلَ مَالِكٍ بِالْكَرَاهَةِ لِعَدَمِ بُلُوغِ الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب في صيام يوم في سبيل الله عز وجل]

[بَاب فِي صِيَامِ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ] 1717 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحِ بْنِ الْمُهَاجِرِ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ الْهَادِ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَاعَدَ اللَّهُ بِذَلِكَ الْيَوْمِ النَّارَ مِنْ وَجْهِهِ سَبْعِينَ خَرِيفًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي سَبِيلِ اللَّهِ) يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مُجَرَّدُ إِخْلَاصِ النِّيَّةِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّهُ صَامَ حَالَ كَوْنِهِ غَازِيًا وَالثَّانِي هُوَ الْمُتَبَادَرُ (سَبْعِينَ خَرِيفًا) أَيْ مَسَافَةَ سَبْعِينَ عَامًا يَعْنِي أَنَّهَا مَسَافَةٌ لَا تُقْطَعُ إِلَّا بِسَيْرِ سَبْعِينَ عَامًا وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ حُصُولِ الْبُعْدِ الْعَظِيمِ.

1718 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ اللَّيْثِيُّ عَنْ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ زَحْزَحَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (زَحْزَحَ اللَّهُ وَجْهَهُ) أَيْ بَعَّدَهُ.

[باب ما جاء في النهي عن صيام أيام التشريق]

[بَاب مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ] 1719 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَّامُ مِنًى أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَيَّامُ مِنًى) الْحَدِيثَ فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ.

1720 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ بِشْرِ بْنِ سُحَيْمٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ فَقَالَ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ وَإِنَّ هَذِهِ الْأَيَّامَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ بِشْرِ بْنِ سُحَيْمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ خَطَبَ) الْحَدِيثَ فِي الزَّوَائِدِ رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ يُرِيدُ فَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ اهـ.

[باب في النهي عن صيام يوم الفطر والأضحى]

[بَاب فِي النَّهْيِ عَنْ صِيَامِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى] 1721 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى التَّيْمِيُّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ قَزَعَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَيَوْمِ الْأَضْحَى» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (نَهَى عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْفِطْرِ إِلَخْ) خَصَّ النَّهْيَ بِالْيَوْمَيْنِ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْهُمَا أَصَالَةٌ وَعَنْ سَائِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ تَبَعٌ.

1722 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ «شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ صِيَامِ هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَيَوْمِ الْأَضْحَى أَمَّا يَوْمُ الْفِطْرِ فَيَوْمُ فِطْرِكُمْ مِنْ صِيَامِكُمْ وَيَوْمُ الْأَضْحَى تَأْكُلُونَ فِيهِ مِنْ لَحْمِ نُسُكِكُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ) جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي الْإِشَارَةِ تَغْلِيبًا

لِلْحَاضِرِ عَلَى الْغَائِبِ قَوْلُهُ: (نُسُكِكُمْ) بِضَمَّتَيْنِ أَيْ ذَبَائِحِكُمْ.

[باب في صيام يوم الجمعة]

[بَاب فِي صِيَامِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ] 1723 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ إِلَّا بِيَوْمٍ قَبْلَهُ أَوْ يَوْمٍ بَعْدَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ) يَدُلُّ عَلَى كَرَاهَةِ إِفْرَادِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِالصَّوْمِ وَيُعَضِّدُهُ أَحَادِيثُ كَالْحَدِيثِ الْآتِي وَغَيْرُهُ وَبِهِ قَالَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَخِلَافُهُ غَيْرُ قَوِيٍّ.

1724 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ «سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَنَا أَطُوفُ بِالْبَيْتِ أَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ قَالَ نَعَمْ وَرَبِّ هَذَا الْبَيْتِ»

1725 - حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَنْبَأَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ «قَلَّمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفْطِرُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَلَمَّا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إِلَخْ) أَيْ يَصُومُهُ مَعَ يَوْمِ الْخَمِيسِ إِذْ قَدْ عَمَّ أَنَّهُ يَعْتَادُ صَوْمَ الْخَمِيسِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَصُومُهُ وَحْدَهُ فَلَا يُنَافِي مَا جَاءَ مِنَ النَّهْيِ عَنْهُ لِكَوْنِهِ مَحْمُولًا عَلَى صَوْمِ الْجُمُعَةِ وَحْدَهَا.

[باب ما جاء في صيام يوم السبت]

[بَاب مَا جَاءَ فِي صِيَامِ يَوْمِ السَّبْتِ] 1726 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إِلَّا فِيمَا افْتُرِضَ عَلَيْكُمْ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَّا عُودَ عِنَبٍ أَوْ لِحَاءَ شَجَرَةٍ فَلْيَمُصَّهُ» حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ حَبِيبٍ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ عَنْ أُخْتِهِ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَوْ لِحَاءِ شَجَرَةٍ) بِكَسْرِ اللَّامِ وَبِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمَدِّ قِشْرَةُ الشَّجَرِ وَفِي الزَّوَائِدِ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ يُرِيدُ فَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ وَالْمَتْنُ مَوْجُودٌ فِي أَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ بِإِسْنَادِ آخِرِهِ.

[باب صيام العشر]

[بَاب صِيَامِ الْعَشْرِ] 1727 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ يَعْنِي الْعَشْرَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (صِيَامِ الْعَشْرِ) أَيْ غَالِبًا وَإِلَّا فَالْعَاشِرُ لَا صَوْمَ فِيهِ وَكَذَا مَا فِي الْحَدِيثِ (وَإِنَّ صِيَامَ يَوْمٍ فِيهَا) أَيْ فِي غَالِبِهَا. قَوْلُهُ: (مَا مِنْ أَيَّامٍ) كَلِمَةُ مِنْ زَائِدَةٌ لِاسْتِغْرَاقِ النَّفْيِ وَجُمْلَةُ الْعَمَلِ الصَّالِحِ صِفَةُ أَيَّامٍ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ أَيْ

مَوْجُودَةٍ أَوْ خَيْرٍ وَهُوَ الْأَوْجَهُ قَوْلُهُ: (مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ) مُتَعَلِّقَةٌ بِأَحَبَّ وَالْمَعْنَى عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَيْ مِنْ عَمَلِ هَذِهِ الْأَيَّامِ لِيَكُونَ الْمُفَضَّلُ وَالْمُفَضَّلُ عَلَيْهِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ ثُمَّ الْمُتَبَادَرُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ عُرْفًا أَنَّ كُلَّ عَمَلٍ صَالِحٍ إِذَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ نَفْسِهِ إِذَا وَقَعَ فِي غَيْرِهَا وَهَذَا مِنْ بَابِ تَفْضِيلِ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ بِاعْتِبَارَيْنِ وَهُوَ شَائِعٌ وَأَصْلُ اللُّغَةِ فِي مِثْلِ هَذَا الْكَلَامِ لَا يُفِيدُ الْأَحَبِّيَّةَ بَلْ يَكْفِي فِيهِ الْمُسَاوَاةُ لِأَنَّ نَفْيَ الْأَحَبِّيَّةِ يَصْدُقُ بِالْمُسَاوَاةِ وَهَذَا وَاضِحٌ وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ لَا يَظْهَرُ لِاسْتِبْعَادِهِمُ الْمَذْكُورِ بِلَفْظِ وَلَا الْجِهَادُ إِذْ لَا يُسْتَبْعَدُ أَنْ يَكُونَ الْجِهَادُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ أَحَبَّ مِنْهُ فِي غَيْرِهَا أَوْ مُسَاوِيًا لِلْجِهَادِ فِي غَيْرِهَا نَعَمْ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ الْعَمَلَ الصَّالِحَ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ مُطْلَقًا أَيَّ عَمَلٍ كَانَ، أَحَبُّ مِنَ الْعَمَلِ فِي غَيْرِهَا مُطْلَقًا أَيِّ عَمَلٍ كَانَ، حَتَّى إِنَّ أَدْنَى الْأَعْمَالِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ أَحَبُّ مِنْ أَعْظَمِ الْأَعْمَالِ فِي غَيْرِهَا لَكَانَ الِاسْتِبْعَادُ مُوَجَّهًا لَكِنْ كَوْنُ ذَلِكَ مُرَادًا بَعِيدٌ لَفْظًا وَمَعْنًى فَلَعَلَّ وَجْهَ اسْتِبْعَادِهِمْ أَنَّ الْجِهَادَ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ يُخِلُّ بِالْحَجِّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي غَيْرِهَا أَحَبَّ مِنْهَا فِيهَا وَحِينَئِذٍ قَوْلُهُ: ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إِلَّا رَجُلٌ أَيْ جِهَادُ رَجُلٍ بَيَانٌ لِفَخَامَةِ جِهَادِهِ وَتَعْظِيمٌ لَهُ بِأَنَّهُ قَدْ بَلَغَ مَبْلَغًا لَا يَكَادُ يُتَفَاوَتُ بِشَرَفِ الزَّمَانِ وَعَدَمِهِ.

1728 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ بْنِ عَبِيدَةَ حَدَّثَنَا مَسْعُودُ بْنُ وَاصِلٍ عَنْ النَّهَّاسِ بْنِ قَهْمٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا أَيَّامٌ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ أَنْ يُتَعَبَّدَ لَهُ فِيهَا مِنْ أَيَّامِ الْعَشْرِ وَإِنَّ صِيَامَ يَوْمٍ فِيهَا لَيَعْدِلُ صِيَامَ سَنَةٍ وَلَيْلَةٍ فِيهَا بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ»

1729 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَامَ الْعَشْرَ قَطُّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (صَامَ الْعَشْرَ قَطُّ) لَا يُنَافِي صَوْمَ بَعْضِهَا.

[باب صيام يوم عرفة]

[بَاب صِيَامِ يَوْمِ عَرَفَةَ] 1730 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ أَنْبَأَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا غَيْلَانُ بْنُ جَرِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ الزِّمَّانِيِّ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ إِنِّي أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالَّتِي بَعْدَهُ»

1731 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ عَنْ إِسْحَقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ صَامَ يَوْمَ عَرَفَةَ غُفِرَ لَهُ سَنَةٌ أَمَامَهُ وَسَنَةٌ بَعْدَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ صَامَ يَوْمَ عَرَفَةَ غُفِرَ لَهُ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى ضَعْفِ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ نَعَمْ قَدْ جَاءَ لَهُ شَاهِدٌ صَحِيحٌ.

1732 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنِي حَوْشَبُ بْنُ عَقِيلٍ حَدَّثَنِي مَهْدِيٌّ الْعَبْدِيُّ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ «دَخَلْتُ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ فِي بَيْتِهِ فَسَأَلْتُهُ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَاتٍ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَاتٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِعَرَفَاتٍ) فَصَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ لِمُبِيتٍ بِعَرَفَةَ، مَنْدُوبٌ لِغَيْرِهِمُ اهـ.

[باب صيام يوم عاشوراء]

[بَاب صِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ] 1733 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ عَاشُورَاءَ وَيَأْمُرُ بِصِيَامِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَيَأْمُرُ بِصِيَامِهِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَمْرُ إِيجَابٍ وَمَنْ لَا يَقُولُ بِهِ يَقُولُ إِنَّهُ أُكِّدَ نَدْبُهُ ثُمَّ نُسِخَ تَأْكِيدُ نَدْبِهِ فَبَقِيَ مَنْدُوبًا فِي الْجُمْلَةِ.

1734 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنِ أَبِي سَهْلٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَوَجَدَ الْيَهُودَ صُيَّامًا فَقَالَ مَا هَذَا قَالُوا هَذَا يَوْمٌ أَنْجَى اللَّهُ فِيهِ مُوسَى وَأَغْرَقَ فِيهِ فِرْعَوْنَ فَصَامَهُ مُوسَى شُكْرًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْنُ أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَوَجَدَ الْيَهُودَ) وَفِي نُسْخَةٍ فَوَجَدَ النَّاسَ صِيَامًا فَالْمُرَادُ بِالنَّاسِ الْيَهُودُ (أَحَقَّ بِمُوسَى) يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَصَدَ مُوَافَقَةَ مُوسَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} [الأنعام: 90] لَا مُوَافَقَةً لِلْيَهُودِ حَتَّى يُقَالَ اللَّائِقُ مُخَالَفَتُهُمْ وَكَأَنَّهُ لِهَذَا عَزَمَ فِي آخِرِ الْأَمْرِ عَلَى ضَمِّ الْيَوْمِ التَّاسِعِ إِلَى يَوْمِ عَاشُورَاءَ تَحْقِيقًا لِلْمُخَالَفَةِ ثُمَّ لَعَلَّ الْخَبَرَ بَلَغَ مَبْلَغَ التَّوَاتُرِ أَوْ عَلِمَ صِدْقَهُمْ بِأَمَارَةٍ أَوْ وَحْيٍ وَإِلَّا فَالْيَهُودُ كَفَرَةٌ وَخَبَرُ الْكَافِرِ مَرْدُودٌ

1735 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَيْفِيٍّ قَالَ «قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ مِنْكُمْ أَحَدٌ طَعِمَ الْيَوْمَ قُلْنَا مِنَّا طَعِمَ وَمِنَّا مَنْ لَمْ يَطْعَمْ قَالَ فَأَتِمُّوا بَقِيَّةَ يَوْمِكُمْ مَنْ كَانَ طَعِمَ وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْ فَأَرْسِلُوا إِلَى أَهْلِ الْعَرُوضِ فَلْيُتِمُّوا بَقِيَّةَ يَوْمِهِمْ» قَالَ يَعْنِي أَهْلَ الْعَرُوضِ حَوْلَ الْمَدِينَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَأَتِمُّوا بَقِيَّةَ يَوْمِكُمْ) الْأَحَادِيثُ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ صَوْمَ يَوْمِ عَاشُورَاءَ كَانَ فَرْضًا مِنْ جُمْلَتِهَا هَذَا الْحَدِيثُ فَإِنَّ هَذَا الِاهْتِمَامَ يَقْتَضِي الِافْتِرَاضَ نَعَمِ الِافْتِرَاضُ مَنْسُوخٌ بِالِاتِّفَاقِ وَشَهَادَةُ الْأَحَادِيثِ عَلَى النَّسْخِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ صَوْمِ الْفَرْضِ بِنِيَّةٍ مِنْ نَهَارٍ وَمَا قِيلَ إِنَّ هَذَا لَيْسَ بِصَوْمٍ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ إِطْلَاقُ الصَّوْمِ عَلَيْهِ وَحَمْلُ الصَّوْمِ

عَلَى الْإِمْسَاكِ خِلَافُ الظَّاهِرِ فَلَا يُصَارُ إِلَيْهِ بِلَا دَلِيلٍ فِيمَنْ أَكَلَ قَبْلَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ إِمْسَاكَهُ لَيْسَ بِصَوْمٍ لَا يُقَالُ صَوْمُ عَاشُورَاءَ مَنْسُوخٌ فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ لِأَنَّا نَقُولُ دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى شَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا وُجُوبُ صَوْمِ عَاشُورَاءَ وَالثَّانِي أَنَّ الصَّوْمَ وَاجِبٌ فِي يَوْمٍ بِعَيْنِهِ مِنْ نَهَارٍ وَالْمَنْسُوخُ هُوَ الْأَوَّلُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَسْخِهِ نَسْخُ الثَّانِي وَلَا دَلِيلَ عَلَى نَسْخِهِ أَيْضًا بَقِيَ فِيهِ بَحْثٌ وَهُوَ أَنَّ الْحَدِيثَ يَقْتَضِي أَنَّ وُجُوبَ الصَّوْمِ عَلَيْهِمْ مَا كَانَ مَعْلُومًا مِنَ اللَّيْلِ فَإِنَّمَا عُلِمَ مِنَ النَّهَارِ وَحِينَئِذٍ صَارَ اعْتِبَارُ النِّيَّةِ مِنَ النَّهَارِ فِي حَقِّهِمْ ضَرُورِيًّا كَمَا إِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِالْهِلَالِ يَوْمَ الشَّكِّ فَلَا يَلْزَمُ جَوَازُ الصَّوْمِ بِنِيَّةٍ مِنَ النَّهَارِ بِلَا ضَرُورَةٍ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ قَوْلُهُ (إِلَى أَهْلِ الْعَرُوضِ) ضُبِطَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ يُطْلَقُ عَلَى مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَمَا حَوْلَهُمَا وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ غَرِيبٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يَرْوِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَيْفِيٍّ غَيْرُ الشَّعْبِيِّ وَلَهُ شَاهِدٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ وَالرَّبِيعِ بْنِ مُعَوِّذٍ وَالْحَدِيثُ قَدْ عَزَاهُ الْمِزِّيُّ إِلَى النَّسَائِيِّ وَلَيْسَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ السُّنِّيِّ

1736 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَيْرٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ الْيَوْمَ التَّاسِعَ» قَالَ أَبُو عَلِيٍّ رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ زَادَ فِيهِ مَخَافَةَ أَنْ يَفُوتَهُ عَاشُورَاءُ

1737 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ ذُكِرَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَوْمًا يَصُومُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَصُومَهُ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَرِهَهُ فَلْيَدَعْهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (كَانَ يَوْمًا يَصُومُهُ) كَأَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ نَسْخِ التَّأْكِيدِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

1738 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ أَنْبَأَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا غَيْلَانُ بْنُ جَرِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ الزِّمَّانِيِّ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ إِنِّي أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ»

[باب صيام يوم الاثنين والخميس]

[بَاب صِيَامِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ] 1739 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنِي ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ الْغَازِ «أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ عَنْ صِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ كَانَ يَتَحَرَّى صِيَامَ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (كَانَ يَتَحَرَّى صِيَامَ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ) أَيْ يَقْعُدُهُمَا وَيُرِيدُهُمَا أَحَرُّ وَأَوْلَى

1740 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُومُ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسَ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ تَصُومُ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسَ فَقَالَ إِنَّ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسَ يَغْفِرُ اللَّهُ فِيهِمَا لِكُلِّ مُسْلِمٍ إِلَّا مُهْتَجِرَيْنِ يَقُولُ دَعْهُمَا حَتَّى يَصْطَلِحَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يَغْفِرُ اللَّهُ فِيهِمَا لِكُلِّ مُسْلِمٍ) قَدْ جَاءَ أَنَّهُ يُعْرَضُ فِيهِمَا الْأَعْمَالُ فَكَأَنَّهُ يَغْفِرُ لِلْمُسْلِمِينَ حِينَ عُرِضَ عَلَيْهِ أَعْمَالُهُمْ (إِلَّا مُهْتَجِرَيْنِ) أَيْ مُتَقَاطِعَيْنِ لِأَمْرٍ لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ وَإِلَّا فَالتَّقَاطُعُ لِلدِّينِ وَلِتَأْدِيبِ الْأَهْلِ جَائِزٌ قَوْلُهُ (يَقُولُ دَعْهُمَا) كَأَنَّهُ خِطَابٌ لِلْمَلَكِ الَّذِي يَعْرِضُ الْأَعْمَالَ فَمَعْنَى دَعْهُمَا أَيْ لَا تَعْرِضْ عَمَلَهُمَا أَوْ لَعَلَّهُ إِذَا غُفِرَ لِأَحَدٍ يَضْرِبُ الْمَلَكُ عَلَى سَيِّئَاتِهِ أَوْ يَمْحُوهَا مِنَ الصَّحِيفَةِ بِوُجُودِهِ فَمَعْنَى دَعْهُمَا لَا تَمْسَحْ سَيِّئَاتِهِمَا وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ غَرِيبٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ رِفَاعَةَ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ تَفَرَّدَ بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ وَبَاقِي رِجَالِ إِسْنَادِهِ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ بَعْضَهُ فِي الْجَامِعِ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ

[باب صيام أشهر الحرم]

[بَاب صِيَامِ أَشْهُرِ الْحُرُمِ] 1741 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي السَّلِيلِ عَنْ أَبِي مُجِيبَةَ الْبَاهِلِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَوْ عَنْ عَمِّهِ قَالَ «أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَنَا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتُكَ عَامَ الْأَوَّلِ قَالَ فَمَا لِي أَرَى جِسْمَكَ نَاحِلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَكَلْتُ طَعَامًا بِالنَّهَارِ مَا أَكَلْتُهُ إِلَّا بِاللَّيْلِ قَالَ مَنْ أَمَرَكَ أَنْ تُعَذِّبَ نَفْسَكَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَقْوَى قَالَ صُمْ شَهْرَ الصَّبْرِ وَيَوْمًا بَعْدَهُ قُلْتُ إِنِّي أَقْوَى قَالَ صُمْ شَهْرَ الصَّبْرِ وَيَوْمَيْنِ بَعْدَهُ قُلْتُ إِنِّي أَقْوَى قَالَ صُمْ شَهْرَ الصَّبْرِ وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بَعْدَهُ وَصُمْ أَشْهُرَ الْحُرُمِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (نَاحِلًا) أَيْ ضَعِيفًا قَوْلُهُ (شَهْرَ الصَّبْرِ) هُوَ شَهْرُ رَمَضَانَ وَأَصْلُ الصَّبْرِ الْحَبْسُ فَسُمِّيَ الصِّيَامُ صَبْرًا لِمَا فِيهِ مِنْ حَبْسِ النَّفْسِ عَنِ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ فِي النَّهَارِ قَوْلُهُ (وَصُمْ أَشْهُرَ الْحُرُمِ) بِضَمَّتَيْنِ أَيْ صُمِ الْأَشْهُرَ الْحُرُمَ

1742 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَيُّ الصِّيَامِ أَفْضَلُ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ قَالَ شَهْرُ اللَّهِ الَّذِي تَدْعُونَهُ الْمُحَرَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (شَهْرُ اللَّهِ) أَيْ صِيَامُ شَهْرِ اللَّهِ وَالْإِضَافَةُ إِلَى اللَّهِ لِلتَّشْرِيفِ وَقِيلَ الْمُرَادُ يَوْمُ عَاشُورَاءَ قُلْتُ فِي التِّرْمِذِيِّ عَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا «مَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ تَمَامُ الشَّهْرِ»

1743 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَطَاءٍ حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ صِيَامِ رَجَبٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (نَهَى عَنْ صِيَامِ رَجَبٍ) فِي إِسْنَادِهِ دَاوُدُ بْنُ عَطَاءٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ مُتَّفَقٌ عَلَى تَضْعِيفِهِ

1744 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ الْهَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ «أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ كَانَ يَصُومُ أَشْهُرَ الْحُرُمِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صُمْ شَوَّالًا فَتَرَكَ أَشْهُرَ الْحُرُمِ ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يَصُومُ شَوَّالًا حَتَّى مَاتَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يَصُومُ شَوَّالًا حَتَّى مَاتَ) قِيلَ إِنَّ شَوَّالًا لَمَّا كَانَ مِنْ أَشْهُرِ الْحَجِّ فُضِّلَ بِذَلِكَ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ إِلَّا أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ بَيْنَ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَرْثِ التَّيْمِيِّ وَبَيْنَ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب في الصوم زكاة الجسد]

[بَاب فِي الصَّوْمِ زَكَاةُ الْجَسَدِ] 1745 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ ح وَحَدَّثَنَا مُحْرِزُ بْنُ سَلَمَةَ الْعَدَنِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ جَمِيعًا عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ جُمْهَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكُلِّ شَيْءٍ زَكَاةٌ وَزَكَاةُ الْجَسَدِ الصَّوْمُ زَادَ مُحْرِزٌ فِي حَدِيثِهِ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصِّيَامُ نِصْفُ الصَّبْرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لِكُلِّ شَيْءٍ زَكَاةٌ) أَيْ يَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ قَدْرَ اللَّهِ فَيَكُونَ ذَلِكَ زَكَاةً لَهُ وَزَكَاةُ الْجَسَدِ الصَّوْمُ فَإِنَّهُ يَنْتَقِصُ بِهِ الْجَسَدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَصَارَ ذَلِكَ الَّذِي نَقَصَ مِنْهُ كَأَنَّهُ أُخْرِجَ مِنْهُ لِلَّهِ عَلَى أَنَّهُ زَكَاةٌ لَهُ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ الْحَدِيثِ مِنَ الطَّرِيقَيْنِ مَعًا ضَعِيفٌ فِيهِ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيُّ وَمَدَارُ الطَّرِيقَيْنِ عَلَيْهِ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَى تَضْعِيفِهِ

[باب في ثواب من فطر صائما]

[بَاب فِي ثَوَابِ مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا] 1746 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَخَالِي يَعْلَى عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ حَجَّاجٍ كُلُّهُمْ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا) مِنَ التَّفْطِيرِ (مِثْلُ أَجْرِهِمْ) أَيْ أَجْرِ الصَّائِمِينَ الَّذِينَ فَطَّرَهُمْ وَجُمِعَ لِعُمُومِ النَّكِرَةِ فِي حَيِّزِ الشَّرْطِ

1747 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى اللَّخْمِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ «أَفْطَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَقَالَ أَفْطَرَ عِنْدَكُمْ الصَّائِمُونَ وَأَكَلَ طَعَامَكُمْ الْأَبْرَارُ وَصَلَّتْ عَلَيْكُمْ الْمَلَائِكَةُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ) هُوَ إِمَّا دُعَاءٌ بِالتَّوْفِيقِ

حَتَّى يُفْطِرَ الصَّائِمُونَ عِنْدَهُمْ وَإِمَّا بِشَارَةٌ بِمَا حَصَلَ لَهُمْ مِنَ الْخَيْرِ وَاللَّامُ فِي الصَّائِمِينَ لِلْجِنْسِ وَهُوَ يُعَطِّلُ مَعْنَى الْجَمْعِيَّةِ عَلَى أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَفْطَرَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ضَعِيفٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب في الصائم إذا أكل عنده]

[بَاب فِي الصَّائِمِ إِذَا أُكِلَ عِنْدَهُ] 1748 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَسَهْلٌ قَالُوا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ امْرَأَةٍ يُقَالُ لَهَا لَيْلَى عَنْ أُمِّ عُمَارَةَ قَالَتْ «أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَّبْنَا إِلَيْهِ طَعَامًا فَكَانَ بَعْضُ مَنْ عِنْدَهُ صَائِمًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّائِمُ إِذَا أُكِلَ عِنْدَهُ الطَّعَامُ صَلَّتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِذَا أُكِلَ عِنْدَهُ الطَّعَامُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ (صَلَّتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ) إِذْ حَبْسُ النَّفْسِ لَا يُظْهِرُ عَلَيْهِ تَعَبَهُ إِلَّا عِنْدَ حُضُورِ الشَّهْوَةِ وَحَبْسِ النَّفْسِ عَنْهَا فَعِنْدَ ذَلِكَ يَعْظُمُ لَهُ الْأَجْرُ

1749 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبِلَالٍ الْغَدَاءُ يَا بِلَالُ فَقَالَ إِنِّي صَائِمٌ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَأْكُلُ أَرْزَاقَنَا وَفَضْلُ رِزْقِ بِلَالٍ فِي الْجَنَّةِ أَشَعَرْتَ يَا بِلَالُ أَنَّ الصَّائِمَ تُسَبِّحُ عِظَامُهُ وَتَسْتَغْفِرُ لَهُ الْمَلَائِكَةُ مَا أُكِلَ عِنْدَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (الْغَدَاءَ يَا بِلَالُ) بِالنَّصْبِ أَيِ أَحْضِرِ الْغَدَاءَ أَوْ بِالرَّفْعِ أَيْ حَاضِرٌ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُتَّفَقٌ عَلَى تَضْعِيفِهِ وَكَذَّبَهُ ابْنُ حَاتِمٍ وَالْأَزْدِيُّ

[باب من دعي إلى طعام وهو صائم]

[بَاب مَنْ دُعِيَ إِلَى طَعَامٍ وَهُوَ صَائِمٌ] 1750 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى طَعَامٍ وَهُوَ صَائِمٌ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ) أَيْ لِئَلَّا يُكْرِهُوهُ عَلَى الْأَكْلِ أَوْ لِئَلَّا يُضَيِّقَ صُدُورَهُمْ بِامْتِنَاعِهِ عَنْهُ وَقِيلَ أَيْ فَلْيَقُلِ اعْتِذَارًا فَإِنْ سُمِحَ تُرِكَ حُضُورُهُ وَتُرِكَ أَكْلُهُ وَدَاوَمَ عَلَى صَوْمِهِ وَإِلَّا أَكَلَ فِيهِ إِظْهَارُ النَّفْلِ لِلْحَاجَةِ

1751 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ أَنْبَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ دُعِيَ إِلَى طَعَامٍ وَهُوَ صَائِمٌ فَلْيُجِبْ فَإِنْ شَاءَ طَعِمَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَإِنْ شَاءَ طَعِمَ) أَيْ لَيْسَ مِنْ لَوَازِمِ الْإِجَابَةِ

الْأَكْلُ وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ «إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى طَعَامٍ فَلْيُجِبْ فَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلِيُصَلِّ» وَفَسَّرَ الصَّلَاةَ بِالدُّعَاءِ أَيْ فَلْيَدْعُ لِأَهْلِ الطَّعَامِ بِالْمَغْفِرَةِ وَالْبَرَكَةِ وَفِي حَدِيثِ الْكِتَابِ دَلَالَةٌ عَلَى جَوَازِ إِحْظَارِ صَوْمِ النَّفْلِ بِعُذْرَةِ الدَّعْوَةِ

[باب في الصائم لا ترد دعوته]

[بَاب فِي الصَّائِمِ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُ] 1752 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سَعْدَانَ الْجُهَنِيِّ عَنْ سَعْدٍ أَبِي مُجَاهِدٍ الطَّائِيِّ وَكَانَ ثِقَةً عَنْ أَبِي مُدِلَّةَ وَكَانَ ثِقَةً عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ الْإِمَامُ الْعَادِلُ وَالصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ يَرْفَعُهَا اللَّهُ دُونَ الْغَمَامِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَتُفْتَحُ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَيَقُولُ بِعِزَّتِي لَأَنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (حَتَّى يُفْطِرَ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ دُعَاءَهُ تَمَامَ النَّهَارِ مُسْتَجَابٌ وَعَلَى هَذَا فَلَفْظُ الدَّعْوَةِ بِمَعْنَى الدُّعَاءِ لَا لِلْمَرَّةِ كَمَا هُوَ أَصْلُ الْبِنَاءِ وَالْأَقْرَبُ أَنَّ حَتَّى سَهْوٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ وَالصَّوَابُ حِينَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الْآتِي قَوْلُهُ (وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ) أَيْ عَلَى الظَّالِمِ أَوْ فِي الْخَلَاصِ مِنَ الظُّلْمِ يَدُلُّ عَلَيْهِ الْعِنْوَانُ وَكَذَا آخِرُ الْكَلَامِ (دُونَ الْغَمَامِ) الْمُرَادُ بِهِ الْغَمَامُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ} [الفرقان: 25] وَفِي قَوْلِهِ {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} [البقرة: 210] قَوْلُهُ (وَتُفْتَحُ لَهَا) أَيِ الدَّعْوَةِ يَوْمَ يَدْعُونَهَا (أَبْوَابُ السَّمَاءِ) لِتُرْفَعَ مِنْهَا إِلَى الْعَرْشِ وَهَذَا يَدُلُّ ظَاهِرًا عَلَى تَجَسُّمِ الْمَعَانِي إِلَّا أَنْ يُقَالَ فَتْحُ الْأَبْوَابِ لِلْمَلَكِ الْحَامِلِ لَهَا

1753 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمَدَنِيُّ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَقُولُ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ لِلصَّائِمِ عِنْدَ فِطْرِهِ لَدَعْوَةً مَا تُرَدُّ» قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ إِذَا أَفْطَرَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ أَنْ تَغْفِرَ لِي ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِنَّ لِلصَّائِمِ عِنْدَ فِطْرِهِ إِلَخْ) الدَّعْوَةُ هُنَا لِلْمَرَّةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ لِأَنَّ إِسْحَاقَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ النَّسَائِيُّ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ ثِقَةٌ وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ قَالَ السُّيُوطِيُّ قَالَ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ فِي نَوَادِرِ الْأُصُولِ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَدْ خُصَّتْ مِنْ بَيْنِ الْأُمَمِ فِي شَأْنِ الدُّعَاءِ فَقَالَ تَعَالَى {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60] وَإِنَّمَا كَانَ ذَاكَ لِلْأَنْبِيَاءِ فَأُعْطِيَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ مَا أُعْطِيَتِ الْأَنْبِيَاءُ فَلَمَّا دَخَلَ التَّخْلِيطُ فِي أُمُورِهِمْ مِنْ أَجْلِ الشَّهَوَاتِ

الَّتِي اسْتَوْلَتْ عَلَى قُلُوبِهِمْ حُجِبَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّوْمُ يَمْنَعُ النَّفْسَ عَنِ الشَّهَوَاتِ فَإِذَا تَرَكَ شَهْوَتَهُ مِنْ قَلْبِهِ صَفَا الْقَلْبُ وَصَارَتْ دَعَوْتُهُ بِقَلْبٍ فَارِغٍ قَدْ زَايَلَتْهُ ظُلْمَةُ الشَّهَوَاتِ وَتَوَلَّتْهُ الْأَنْوَارُ فَإِنْ كَانَ مَا سَأَلَ فِي الْمُقَدَّرِ لَهُ عُجِّلَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَانَ مُدَّخَرًا لَهُ فِي الْآخِرَةِ اهـ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب في الأكل يوم الفطر قبل أن يخرج]

[بَاب فِي الْأَكْلِ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ] 1754 - حَدَّثَنَا جُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَطْعَمَ تَمَرَاتٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حَتَّى يَطْعَمَ) أَيْ يَأْكُلَ مُبَادَرَةً إِلَى الْفِطْرِ الْمَطْلُوبِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ.

1755 - حَدَّثَنَا جُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ حَدَّثَنَا مَنْدَلُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ صَهْبَانَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يُغَذِّيَ أَصْحَابَهُ مِنْ صَدَقَةِ الْفِطْرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا يَغْدُو) أَيْ لَا يَخْرُجُ (يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يُغَدِّي) مِنَ التَّغْدِيَةِ يُقَالُ غَدَّيْتُهُ فَتَغَدَّى وَالْغَدَاءُ طَعَامٌ مَعْرُوفٌ فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ قَدْ تَسَلْسَلَ بِالضُّعَفَاءِ لِأَنَّ عُمْرَ بْنَ صَهْبَانَ وَمَنْ دُونَهُ ضُعَفَاءُ.

1756 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا ثَوَابُ بْنُ عُتْبَةَ الْمَهْرِيُّ عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ وَكَانَ لَا يَأْكُلُ يَوْمَ النَّحْرِ حَتَّى يَرْجِعَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَكَانَ لَا يَأْكُلُ يَوْمَ النَّحْرِ إِلَخْ) أَيْ لِيَأْكُلَ مِنَ الْأُضْحِيَّةِ.

[باب من مات وعليه صيام رمضان قد فرط فيه]

[بَاب مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامُ رَمَضَانَ قَدْ فَرَّطَ فِيهِ] 1757 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْثَرُ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرٍ فَلْيُطْعَمْ عَنْهُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ) قَالَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ قَوْلُهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَهِمٌ فَإِنَّ التِّرْمِذِيَّ رَوَاهُ وَلَمْ يَنْسُبْهُ ثُمَّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَهُوَ عِنْدِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرٍ) ظَاهِرُ اللَّفْظِ الْعُمُومُ لَكِنِ الْعَادَةُ اقْتَضَتِ الْخُصُوصَ بِرَمَضَانَ قَوْلُهُ: (فَلْيُطْعَمْ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ أَخَذَ بِهِ عُلَمَاؤُنَا لَكِنْ بِقَيْدِ أَنَّهُ أَوْصَى وَبِدُونِ الْوَصِيَّةِ لَا يَلْزَمُ قَالَ التِّرْمِذِيُّ بَعْدَ تَخْرِيجِهِ: هَذَا الْحَدِيثُ لَا نَعْرِفُهُ مَرْفُوعًا إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا فَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ إِذَا كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ صِيَامُ نَذْرٍ يُصَامُ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ قَضَاءُ رَمَضَانَ أُطْعِمَ عَنْهُ وَقَالَ الْإِمَامُ

مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَسُفْيَانُ لَا يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ.

[باب من مات وعليه صيام من نذر]

[بَاب مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ مِنْ نَذْرٍ] 1758 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ وَالْحَكَمِ وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٍ وَمُجاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُخْتِي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَ أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُخْتِكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ تَقْضِينَهُ قَالَتْ بَلَى قَالَ فَحَقُّ اللَّهِ أَحَقُّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ) كَأَنَّهُمْ أَخَذُوا مِنْ ذَلِكَ أَنَّهَا صِيَامُ نَذْرٍ قَوْلُهُ: (فَحَقُّ اللَّهِ أَحَقُّ) أَيْ فَصُومُوا عَنْهَا كَمَا سَيَجِيءُ لَا أَفْدِي عَنْهَا.

1759 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمٌ أَفَأَصُومُ عَنْهَا قَالَ نَعَمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهَا صَوْمٌ) إِطْلَاقُهُ يَشْمَلُ الْفَرْضَ وَالنَّذْرَ وَخَصَّهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِالنَّذْرِ بِالرِّوَايَةِ السَّابِقَةِ وَقَدْ أَخَذَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِإِطْلَاقِهِ مِنْهُمْ طَاوُسٌ وَقَتَادَةُ وَالْحَسَنُ وَالزُّهْرِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ فِي رِوَايَةِ دَاوُدَ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ الْقَدِيمُ قَالَ النَّوَوِيُّ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَرَجَّحَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ لَوِ اطَّلَعَ الشَّافِعِيُّ عَلَى جَمِيعِ طُرُقِ الْحَدِيثِ لَمْ يُخَالِفْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَمَنْ لَا يَقُولُ بِهِ يَدَّعِي النَّسْخَ بِأَدِلَّةٍ غَيْرِ تَامَّةٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ مَعْنَى أَفَأَصُومُ عَنْهَا أَفَأَفْدِي عَنْهَا عَلَى تَسْمِيَةِ الْفِدَاءِ صَوْمًا لِكَوْنِهِ بَدَلًا عَنِ الصَّوْمِ وَكُلُّ ذَلِكَ غَيْرُ تَامٍّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب فيمن أسلم في شهر رمضان]

[بَاب فِيمَنْ أَسْلَمَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ] 1760 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَقَ عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ «حَدَّثَنَا وَفْدُنَا الَّذِينَ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِسْلَامِ ثَقِيفٍ قَالَ وَقَدِمُوا عَلَيْهِ فِي رَمَضَانَ فَضَرَبَ عَلَيْهِمْ قُبَّةً فِي الْمَسْجِدِ فَلَمَّا أَسْلَمُوا صَامُوا مَا بَقِيَ عَلَيْهِمْ مِنْ الشَّهْرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (صَامُوا مَا بَقِيَ عَلَيْهِمْ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ وَقَدْ رَوَاهُ بِالْعَنْعَنَةِ عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ وَتَفَرَّدَ بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ وَقَالَ عِيسَى ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ مَجْهُولٌ.

[باب في المرأة تصوم بغير إذن زوجها]

[بَاب فِي الْمَرْأَةِ تَصُومُ بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا] 1761 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ يَوْمًا مِنْ غَيْرِ شَهْرِ رَمَضَانَ إِلَّا بِإِذْنِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ) أَيْ صَوْمَ النَّفْلِ (وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ) أَيْ حَاضِرٌ عِنْدَهَا مُقِيمٌ فِي بَلَدِهَا.

1762 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النِّسَاءَ أَنْ يَصُمْنَ إِلَّا بِإِذْنِ أَزْوَاجِهِنَّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنْ يَصُمْنَ) أَيِ الصَّوْمَ النَّفْلَ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ.

[باب فيمن نزل بقوم فلا يصوم إلا بإذنهم]

[بَاب فِيمَنْ نَزَلَ بِقَوْمٍ فَلَا يَصُومُ إِلَّا بِإِذْنِهِمْ] 1763 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْأَزْدِيُّ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ وَخَالِدُ بْنُ أَبِي يَزِيدَ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَدَنِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا نَزَلَ الرَّجُلُ بِقَوْمٍ فَلَا يَصُومُ إِلَّا بِإِذْنِهِمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَلَا يَصُومُ) أَيْ صَوْمَ التَّطَوُّعِ وَقَدْ جَاءَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ (إِلَّا بِإِذْنِهِمْ) إِذِ الصَّوْمُ بِلَا إِذْنٍ يُشْبِهُ رَدَّ ضِيَافَتِهِمْ وَالْإِعْرَاضَ عَنْهَا وَهُوَ يُؤَدِّي إِلَى التَّأَذِّي وَالتَّهَاجُرِ وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ وَاقِدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ الْحَدِيثَ وَقَالَ هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ لَا نَعْرِفُ أَحَدًا مِنَ الثِّقَاتِ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ هِشَامٍ وَقَدْ رَوَى مُوسَى بْنُ دَاوُدَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْمَدِينِيِّ عَنْ هِشَامٍ وَأَبُو بَكْرٍ هَذَا ضَعِيفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ.

[باب فيمن قال الطاعم الشاكر كالصائم الصابر]

[بَاب فِيمَنْ قَالَ الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ كَالصَّائِمِ الصَّابِرِ] 1764 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْنٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأُمَوِيِّ عَنْ مَعْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ عَلِيٍّ الْأَسْلَمِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ بِمَنْزِلَةِ الصَّائِمِ الصَّابِرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ) أَيِ الَّذِي يَعْرِفُ قُوَّةَ ذَلِكَ الطَّعَامِ فِي طَاعَتِهِ تَعَالَى (بِمَنْزِلَةِ الصَّائِمِ) فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فِي الطَّاعَةِ الْمَقْصُودَةِ مِنْ خَلْقِ الْإِنْسَانِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ خَلْقِ الْإِنْسَانِ الطَّاعَةُ لَا خُصُوصُ الصَّوْمِ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ الْآتِي الْمُسَاوَاةُ فِي الْأَجْرِ لَكِنِ الظَّاهِرُ أَنْ يُرَادَ فِي أَنَّهُمَا مُتَسَاوِيَانِ

فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَأْجُورٌ.

1765 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حُرَّةَ عَنْ عَمِّهِ حَكِيمِ بْنِ أَبِي حُرَّةَ عَنْ سِنَانِ بْنِ سَنَّةَ الْأَسْلَمِيِّ صَاحِبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الصَّائِمِ الصَّابِرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الصَّائِمِ الصَّابِرِ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ مُوَثَّقُونَ وَلَيْسَ لِسِنَانِ بْنِ سَنَّةَ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ فِي الْكُتُبِ الْخَمْسَةِ الْأُصُولِيَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب في ليلة القدر]

[بَاب فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ] 1766 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «اعْتَكَفْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَشْرَ الْأَوْسَطَ مِنْ رَمَضَانَ فَقَالَ إِنِّي أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَأُنْسِيتُهَا فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ فِي الْوَتْرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَأُنْسِيتُهَا) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ.

[باب في فضل العشر الأواخر من شهر رمضان]

[بَاب فِي فَضْلِ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ] 1767 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ وَأَبُو إِسْحَقَ الْهَرَوِيُّ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَاتِمٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَجْتَهِدُ) أَيْ يُبَالِغُ فِي أَنْوَاعِ الْخَيْرَاتِ وَأَصْنَافِ الْمَبَرَّاتِ وَالْعِبَادَاتِ.

1768 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ ابْنِ عُبَيْدِ بْنِ نِسْطَاسٍ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَتْ الْعَشْرُ أَحْيَا اللَّيْلَ وَشَدَّ الْمِئْزَرَ وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَحْيَا اللَّيْلَ) بِالْقِيَامِ وَالْقِرَاءَةِ كَأَنَّ الزَّمَانَ الْخَالِي عَنِ الْعِبَادَةِ بِمَنْزِلَةِ الْمَيِّتِ وَبِالْعِبَادَةِ فِيهِ يَصِيرُ حَيًّا فَإِذَا كَانَ حَالُ الزَّمَانِ كَيْفَ الْقَلْبُ (وَشَدَّ الْمِئْزَرَ) أَيِ الْإِزَارَ وَهَذَا إِمَّا كِنَايَةٌ عَنْ غَايَةِ الْجِدِّ فِي الْعِبَادَةِ كَتَشَمُّرِ الذَّيْلِ أَوْ كِنَايَةٌ عَنِ اجْتِنَابِ النِّسَاءِ.

[باب ما جاء في الاعتكاف]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الِاعْتِكَافِ] 1769 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ كُلَّ عَامٍ عَشْرَةَ أَيَّامٍ فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ اعْتَكَفَ عِشْرِينَ يَوْمًا وَكَانَ يُعْرَضُ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ عُرِضَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَشَرَةَ أَيَّامٍ) أَيْ مِنْ رَمَضَانَ إِذْ هُوَ الْمُتَبَادَرُ لَكِنْ قَدْ جَاءَ أَنَّهُ فَاتَهُ سَنَةٌ فَقَضَى فَيُحْمَلُ عَلَى الْغَالِبِ أَوْ يُقَالُ الْمُرَادُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ مِنْ رَمَضَانَ أَوْ غَيْرِهِ (وَكَانَ يُعْرَضُ)

بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ.

1770 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ فَسَافَرَ عَامًا فَلَمَّا كَانَ مِنْ الْعَامِ الْمُقْبِلِ اعْتَكَفَ عِشْرِينَ يَوْمًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كَانَ يَعْتَكِفُ) أَيْ يُدِيمُ عَلَيْهِ (فَسَافَرَ عَامًا) الظَّاهِرُ أَنَّهُ عَامُ الْفَتْحِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ سُنَّةٌ بِلَا سَفَرٍ أَيْضًا فَقَضَى وَبِالْجُمْلَةِ فَكَانَ يَهْتَمُّ بِأَمْرِ الِاعْتِكَافِ فَيَقْضِي إِنْ فَاتَهُ ـ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ ـ.

[باب ما جاء فيمن يبتدئ الاعتكاف وقضاء الاعتكاف]

[بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ يَبْتَدِئُ الِاعْتِكَافَ وَقَضَاءِ الِاعْتِكَافِ] 1771 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَلَّى الصُّبْحَ ثُمَّ دَخَلَ الْمَكَانَ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَعْتَكِفَ فِيهِ فَأَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ فَأَمَرَ فَضُرِبَ لَهُ خِبَاءٌ فَأَمَرَتْ عَائِشَةُ بِخِبَاءٍ فَضُرِبَ لَهَا وَأَمَرَتْ حَفْصَةُ بِخِبَاءٍ فَضُرِبَ لَهَا فَلَمَّا رَأَتْ زَيْنَبُ خِبَاءَهُمَا أَمَرَتْ بِخِبَاءٍ فَضُرِبَ لَهَا فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ آلْبِرَّ تُرِدْنَ فَلَمْ يَعْتَكِفْ رَمَضَانَ وَاعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (صَلَّى الصُّبْحَ ثُمَّ دَخَلَ الْمَكَانَ إِلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُعْتَكِفَ يَشْرَعُ فِي الِاعْتِكَافِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ يَشْرَعُ مِنْ لَيْلَةِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ وَقَدْ أَخَذَ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ قَوْمٌ إِلَّا أَنَّهُمْ حَمَلُوهُ عَلَى أَنَّهُ يَشْرَعُ مِنْ صُبْحِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ فَرَدَّ عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ بِأَنَّ الْمَعْلُومَ أَنَّهُ كَانَ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ وَيَحُثُّ الصَّحَابَةَ عَلَيْهِ وَعَدَدُ الْعَشْرِ عَدَدُ اللَّيَالِي فَتَدْخُلُ فِيهِ اللَّيْلَةُ الْأُولَى وَإِلَّا لَا يُتِمُّ هَذَا الْعَدَدَ أَصْلًا وَأَيْضًا مِنْ أَعْظَمِ مَا يُطْلَبُ بِالِاعْتِكَافِ إِدْرَاكُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَهِيَ قَدْ تَكُونُ لَيْلَةَ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَكُونَ مُعْتَكِفًا فِيهَا لَا أَنْ يَعْتَكِفَ بَعْدَهَا وَأَجَابَ النَّوَوِيُّ عَنِ الْجُمْهُورِ بِتَأْوِيلِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ وَانْقَطَعَ فِيهِ وَتَخَلَّى بِنَفْسِهِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ لَا أَنَّ ذَلِكَ وَقْتَ ابْتِدَاءِ الِاعْتِكَافِ بَلْ كَانَ قَبْلَ الْمَغْرِبِ مُعْتَكِفًا لَابِثًا فِي جُمْلَةِ الْمَسْجِدِ فَلَمَّا أَصْبَحَ انْفَرَدَ اهـ وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ يُفِيدُ أَنَّهُ كَانَ يَدْخُلُ الْمُعْتَكَفَ حِينَ يُرِيدُ الِاعْتِكَافَ لَا أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي الشُّرُوعِ فِي الِاعْتِكَافِ فِي اللَّيْلِ وَأَيْضًا الْمُتَبَادَرُ مِنْ لَفْظِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ بَيَانٌ لِكَيْفِيَّةِ الشُّرُوعِ فِي الِاعْتِكَافِ وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ لَمْ يَكُنْ بَيَانًا لِكَيْفِيَّةِ الشُّرُوعِ ثُمَّ لَازِمُ هَذَا التَّأْوِيلِ أَنْ يُقَالَ السُّنَّةُ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَلْبَثَ أَوَّلَ لَيْلَةٍ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا يَدْخُلَ فِي الْمُعْتَكَفِ وَإِنَّمَا يَدْخُلُ فِيهِ مِنَ الصُّبْحِ وَلَا يَلْزَمُ تَرْكُ الْعَمَلِ بِالْحَدِيثِ وَعِنْدَ تَرْكِهِ لَا حَاجَةَ إِلَى التَّأْوِيلِ وَالْجُمْهُورُ لَا يَقُولُ بِهَذِهِ السُّنَّةِ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِمْ تَرْكُ الْعَمَلِ بِالْحَدِيثِ وَأَجَابَ الْقَاضِي

أَبُو يَعْلَى مِنَ الْحَنَابِلَةِ بِحَمْلِ الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي يَوْمِ الْعِشْرِينَ لِيَسْتَظْهِرُوا بِبَيَاضِ يَوْمٍ زِيَادَةً قَبْلَ الْعَشْرِ قُلْتُ: وَهَذَا الْجَوَابُ هُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ النَّظَرُ فِي أَحَادِيثِ الْبَابِ فَهُوَ أَوْلَى وَبِالِاعْتِمَادِ أَحْرَى بَقِيَ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ تَكُونَ السُّنَّةُ الشُّرُوعَ فِي الِاعْتِكَافِ مِنْ صُبْحِ الْعِشْرِينَ اسْتِظْهَارًا بِالْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَلَا بَعْدُ فِي الْتِزَامِهِ وَكَلَامُ الْجُمْهُورِ لَا يُنَافِيهِ فَإِنَّهُمْ مَا تَعَرَّضُوا لَهُ لَا إِثْبَاتًا وَلَا نَفْيًا وَإِنَّمَا تَعَرَّضُوا لِدُخُولِهِ لَيْلَةَ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ وَهُوَ حَاصِلُ غَايَةِ الْأَمْرِ أَنَّ قَوَاعِدَهُمْ تَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ هَذَا الْأَمْرُ سُنَّةً عِنْدَهُمْ فَلْنَقُلْ وَعَدَمُ التَّعَرُّضِ لَيْسَ دَلِيلًا عَلَى الْعَدَمِ وَمِثْلُ هَذَا الْإِيرَادِ يَرُدُّ عَلَى جَوَابِ النَّوَوِيِّ مَعَ ظُهُورِ مُخَالَفَةِ الْحَدِيثِ قَوْلُهُ: (خِبَاءٍ) بِكَسْرٍ وَمَدٍّ فِي الصِّحَاحِ هُوَ وَاحِدُ الْأَخْبِيَةِ وَهُوَ مِنْ وَبَرٍ أَوْ صُوفٍ وَلَا يَكُونُ مِنْ شَعْرٍ وَهُوَ عَلَى عَمُودَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ وَمَا فَوْقَ ذَلِكَ فَهُوَ بَيْتٌ قَوْلُهُ: (آلْبِرَّ تُرِدْنَ) بِمَدِّ الْهَمْزَةِ مِثْلَ {آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ} [يونس: 59] وَالِاسْتِفْهَامُ لِلْإِنْكَارِ وَالْبِرَّ بِالنَّصْبِ مَفْعُولُ تُرِدْنَ أَيْ مَا أَرَدْنَ الْبِرَّ وَإِنَّمَا أَرَدْنَ قَضَاءَ مُقْتَضَى الْغَيْرَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب في اعتكاف يوم أو ليلة]

[بَاب فِي اعْتِكَافِ يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ] 1772 - حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مُوسَى الْخَطْمِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ «أَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ نَذْرُ لَيْلَةٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَعْتَكِفُهَا فَسَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَكِفَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (نَذْرُ لَيْلَةٍ) مَنْ يَرَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ صَوْمٍ يَقُولُ الْمُرَادُ اللَّيْلَةُ مَعَ يَوْمِهَا وَقَدْ جَاءَ مَا يُسَاعِدُهُ (فَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَكِفَ) لَا مَانِعَ مِنَ الْقَوْلِ بِأَنَّ نَذْرَ الْكَافِرِ يَنْعَقِدُ مَوْقُوفًا عَلَى إِسْلَامِهِ فَإِنْ أَسْلَمَ لَزِمَهُ الْوَفَاءُ بِهِ فِي الْخَيْرِ وَالْكُفْرِ وَإِنْ كَانَ يُمْنَعُ مِنَ انْعِقَادِهِ مُنَجَّزًا لَكِنْ لَا نُسَلِّمُ أَنْ يُمْنَعَ عَنْهُ مَوْقُوفًا وَحَدِيثُ «الْإِسْلَامِ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ مِنَ الْخَطَايَا» لَا يُنَافِيهِ لِأَنَّهُ فِي الْخَطَايَا لَا فِي النُّذُورِ وَلَيْسَ النَّذْرُ مِنْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب في المعتكف يلزم مكانا من المسجد]

[بَاب فِي الْمُعْتَكِفِ يَلْزَمُ مَكَانًا مِنْ الْمَسْجِدِ] 1773 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَنْبَأَنَا يُونُسُ أَنَّ نَافِعًا حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ» قَالَ نَافِعٌ وَقَدْ أَرَانِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْمَكَانَ الَّذِي كَانَ يَعْتَكِفُ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

1774 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ عِيسَى بْنِ عُمَرَ بْنِ مُوسَى عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا اعْتَكَفَ طُرِحَ لَهُ فِرَاشُهُ أَوْ يُوضَعُ لَهُ سَرِيرُهُ وَرَاءَ أُسْطُوَانَةِ التَّوْبَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَرَاءَ أُسْطُوَانَةِ التَّوْبَةِ) هِيَ أُسْطُوَانَةٌ رَبَطَ بِهَا رَجُلٌ مِنَ الصَّحَابَةِ نَفْسَهُ حَتَّى تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ مُوَثَّقُونَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب الاعتكاف في خيمة المسجد]

[بَاب الِاعْتِكَافِ فِي خَيْمَةِ الْمَسْجِدِ] 1775 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنِي عُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَكَفَ فِي قُبَّةٍ تُرْكِيَّةٍ عَلَى سُدَّتِهَا قِطْعَةُ حَصِيرٍ قَالَ فَأَخَذَ الْحَصِيرَ بِيَدِهِ فَنَحَّاهَا فِي نَاحِيَةِ الْقُبَّةِ ثُمَّ أَطْلَعَ رَأْسَهُ فَكَلَّمَ النَّاسَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَلَى سُدَّتِهَا قِطْعَةُ حَصِيرٍ) يُرِيدُ أَنَّهُ وَضَعَ قِطْعَةَ حَصِيرٍ عَلَى سُدَّتِهَا لِئَلَّا يَقَعَ فِيهَا نَظَرُ أَحَدٍ (ثُمَّ أَطْلَعَ) أَيْ أَظْهَرَ

[باب في المعتكف يعود المريض ويشهد الجنائز]

[بَاب فِي الْمُعْتَكِفِ يَعُودُ الْمَرِيضَ وَيَشْهَدُ الْجَنَائِزَ] 1776 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ «إِنْ كُنْتُ لَأَدْخُلُ الْبَيْتَ لِلْحَاجَةِ وَالْمَرِيضُ فِيهِ فَمَا أَسْأَلُ عَنْهُ إِلَّا وَأَنَا مَارَّةٌ قَالَتْ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلَّا لِحَاجَةٍ إِذَا كَانُوا مُعْتَكِفِينَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِنْ كُنْتُ) إِنْ مُخَفَّفَةٌ مِنَ الثَّقِيلَةِ (لِلْحَاجَةِ) أَيْ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ الْمَعْهُودَةِ بَيْنَ النَّاسِ كَالْبَوْلِ وَنَحْوِهِ (وَأَنَا مَارَّةٌ) بِلَا وُقُوفٍ لِأَجْلِهِ (إِذَا كَانُوا) أَيْ هُوَ وَأَهْلُهُ

1777 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا الْهَيَّاجُ الْخُرَاسَانِيُّ حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ الْخَالِقِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُعْتَكِفُ يَتْبَعُ الْجِنَازَةَ وَيَعُودُ الْمَرِيضَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (الْمُعْتَكِفُ يَتْبَعُ الْجَنَائِزَ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِأَنَّ عَبْدَ الْخَالِقِ وَعَنْبَسَةَ وَالْهَيَّاجَ ضُعَفَاءُ مَعَ أَنَّهُ مُعَارَضٌ بِمَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ وَهُوَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلَّا لِحَاجَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب ما جاء في المعتكف يغسل رأسه ويرجله]

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْمُعْتَكِفِ يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَيُرَجِّلُهُ] 1778 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدْنِي إِلَيَّ رَأْسَهُ وَهُوَ مُجَاوِرٌ فَأَغْسِلُهُ وَأُرَجِّلُهُ وَأَنَا فِي حُجْرَتِي وَأَنَا حَائِضٌ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يُدْنِي) مِنَ الْإِدْنَاءِ أَيْ يُقَرِّبُ (وَهُوَ مُجَاوِرٌ) أَيْ مُعْتَكِفٌ (وَأُرَجِّلُهُ) مِنَ التَّرْجِيلِ أَيْ أُصْلِحُهُ بِمُشْطٍ

[باب في المعتكف يزوره أهله في المسجد]

[بَاب فِي الْمُعْتَكِفِ يَزُورُهُ أَهْلُهُ فِي الْمَسْجِدِ] 1779 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ بْنِ مُوسَى بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَنَّهَا جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزُورُهُ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فِي الْمَسْجِدِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فَتَحَدَّثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً مِنْ الْعِشَاءِ ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ فَقَامَ مَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْلِبُهَا حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ بَابَ الْمَسْجِدِ الَّذِي كَانَ عِنْدَ مَسْكَنِ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَرَّ بِهِمَا رَجُلَانِ مِنْ الْأَنْصَارِ فَسَلَّمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ نَفَذَا فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رِسْلِكُمَا إِنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ قَالَا سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَبُرَ عَلَيْهِمَا ذَلِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَيْئًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (تَنْقَلِبُ) أَيْ تَرْجِعُ إِلَى بَيْتِهَا (يُقْلِبُهَا) أَيْ يَرُدُّهَا إِلَى بَيْتِهَا (مَرَّ بِهِمَا) أَيْ بِالنَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَأَهْلِهِ (ثُمَّ نَفَذَا) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ مَضَيَا (عَلَى رِسْلِكُمَا) أَيْ كُونَا مَكَانَكُمَا قَوْلُهُ (سُبْحَانَ اللَّهِ) كَأَنَّهُ عَظُمَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَخَافَ عَلَيْهِمَا اتِّهَامَ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِشَيْءٍ لَا يَلِيقُ فَأَشَارَ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إِلَى أَنَّ إِلْقَاءَ ذَلِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ لَا يُسْتَبْعَدُ قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي الْحَاشِيَةِ فِي تَارِيخِ ابْنِ عَسَاكِرَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ كُنَّا فِي مَجْلِسِ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَالشَّافِعِيُّ حَاضِرٌ فَحَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَقَالَ لِلشَّافِعِيِّ مَا فِقْهُهُ فَقَالَ لَوِ اتَّهَمَ الْقَوْمُ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لَكَانُوا بِتُهْمَتِهِمْ إِيَّاهُ كُفَّارًا لَكِنِ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَدَّبَ مَنْ بَعْدَهُ فَقَالَ إِذَا كُنْتُمْ هَكَذَا فَافْعَلُوا هَكَذَا حَتَّى لَا يُظَنَّ بِكَمْ ظَنُّ السُّوءِ لَا أَنَّ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ اتَّهَمَهُمْ وَهُوَ أَمِينُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ فَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا يَجِيئُنَا مِنْكَ إِلَّا كَلَامٌ نُحِبُّهُ اهـ قُلْتُ وَالْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ خَشِيَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُلْقِيَ الشَّيْطَانُ فِي قُلُوبِهِمَا شَيْئًا مِمَّا يُؤَدِّيهِمَا إِلَى الْهَلَاكِ فَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ الشَّيْطَانَ لَهُ تَسَلُّطٌ عَظِيمٌ عَلَى الْإِنْسَانِ فَلَا يَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَغْفُلَ عَنْهُ فِي وَقْتٍ بَلْ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَبْقَى خَائِفًا مِنْ مَكَائِدِهِ عَلَى

الدَّوَامِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْمَرَامِ

[باب في المستحاضة تعتكف]

[بَاب فِي الْمُسْتَحَاضَةِ تَعْتَكِفُ] 1780 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّبَّاحُ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ «اعْتَكَفَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَائِهِ فَكَانَتْ تَرَى الْحُمْرَةَ وَالصُّفْرَةَ فَرُبَّمَا وَضَعَتْ تَحْتَهَا الطَّسْتَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَكَانَتْ تَرَى الْحُمْرَةَ وَالصُّفْرَةَ) أَيْ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْحَيْضِ فَظَهَرَ أَنَّ الِاسْتِحَاضَةَ لَا تَمْنَعُ الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ وَالْمَعِيَّةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ مُعْتَكِفَةً فِي الْمَسْجِدِ لَا الْبَيْتِ كَمَا قَالَ عُلَمَاؤُنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب في ثواب الاعتكاف]

[بَاب فِي ثَوَابِ الِاعْتِكَافِ] 1781 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أُمَيَّةَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مُوسَى الْبُخَارِيُّ عَنْ عُبَيْدَةَ الْعَمِّيِّ عَنْ فَرْقَدٍ السَّبَخِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الْمُعْتَكِفِ هُوَ يَعْكِفُ الذُّنُوبَ وَيُجْرَى لَهُ مِنْ الْحَسَنَاتِ كَعَامِلِ الْحَسَنَاتِ كُلِّهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (هُوَ يَعْكُفُ الذُّنُوبَ) مِنْ عَكَفَهُ كَنَصَرَ وَضَرَبَ أَيْ حَبَسَ وَضَمِيرُ هُوَ لِلْمُعْتَكِفِ أَوِ الِاعْتِكَافِ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَيْ هُوَ يَمْنَعُ الذُّنُوبَ وَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ وَإِنْ أُرِيدَ الْمَنْعُ عَلَى الدَّوَامِ فَيُمْكِنُ مِنْ آثَارِ الِاعْتِكَافِ أَنْ يُوَفِّقَ اللَّهُ تَعَالَى صَاحِبَهُ مِنَ الْمَعَاصِي وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ فَرْقَدِ بْنِ يَعْقُوبَ السَّبَخِيِّ الْبَصْرِيِّ الْحَائِكِ اهـ قُلْتُ فِي آخِرِ كِتَابِ الْحَجِّ مِنْ جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ قَدْ تَكَلَّمَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ فِي فَرْقَدِ السَّبَخِيِّ وَرَوَى عَنْهُ النَّاسُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب فيمن قام في ليلتي العيدين]

[بَاب فِيمَنْ قَامَ فِي لَيْلَتَيْ الْعِيدَيْنِ] 1782 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْمَرَّارُ بْنُ حَمُّويَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قَامَ لَيْلَتَيْ الْعِيدَيْنِ مُحْتَسِبًا لِلَّهِ لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَنْ قَامَ لَيْلَتَيِ الْعِيدَيْنِ) ظَاهِرُهُ أَنْ يُحْيِيَ كُلَّ اللَّيْلَةِ بِالْعِبَادَةِ وَالْمَرْجُوُّ أَنَّ قِيَامَ التَّهَجُّدِ يَكْفِي (يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ) أَيْ لِكَثْرَةِ الذُّنُوبِ وَالْمُرَادُ إِنْ أَدْرَكَهُ ذَلِكَ الْيَوْمُ يَكُونُ هُوَ مَخْصُوصًا مِنْ بَيْنِ النَّاسِ بِحَيَاةِ الْقَلْبِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِتَدْلِيسِ بَقِيَّةَ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

[كتاب الزكاة]

[كِتَاب الزَّكَاةِ] [بَاب فَرْضِ الزَّكَاةِ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَاب الزَّكَاةِ بَاب فَرْضِ الزَّكَاةِ 1783 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَقَ الْمَكِّيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ فَقَالَ إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ فَادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ) كَأَنَّهُ بَعَثَهُ إِلَيْهَا فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَقِيلَ فِي آخِرِ سَنَةِ تِسْعٍ عِنْدَ مُنْصَرَفِهِ مِنْ تَبُوكَ وَقِيلَ عَامَ الْفَتْحِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَاخْتُلِفَ هَلْ بَعَثَهُ وَالِيًا أَوْ قَاضِيًا فَجَزَمَ النَّسَائِيُّ بِالْأَوَّلِ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ بِالثَّانِي وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ عَلَيْهَا إِلَى أَنَّ قَدِمَ فِي عَهْدِ عُمَرَ فَتَوَجَّهَ إِلَى الشَّامِ فَمَاتَ بِهَا قَوْلُهُ (قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ) أَيِ الْيَهُودَ فَقَدْ كَثُرُوا يَوْمَئِذٍ فِي أَقْطَارِ الْيَمَنِ (فَادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ) أَيْ فَادْعُهُمْ بِالتَّدْرِيجِ إِلَى دِينِنَا شَيْئًا فَشَيْئًا وَلَا تُلْجِئْهُمْ إِلَى كُلِّهِ دَفْعَةً لِئَلَّا يَمْنَعَهُمْ مِنْ دُخُولِهِمْ فِيهِ مَا يَجِدُونَ فِيهِ مِنْ كَثْرَةِ مُخَالَفَتِهِ لِدِينِهِمْ فَإِنَّ مِثْلَهُ قَدْ يَمْنَعُ مِنَ الدُّخُولِ وَيُورِثُ التَّنَفُّرَ لِمَنْ أَخَذَ قَبْلُ عَلَى دِينٍ آخِرَ بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَأْخُذْ عَلَى آخَرَ فَلَا دَلَالَةَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْكَافِرَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ بِالْفُرُوعِ كَيْفَ وَلَوْ كَانَ ذَاكَ مَطْلُوبًا لَلَزِمَ أَنَّ التَّكْلِيفَ بِالزَّكَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَهَذَا بَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ ثُمَّ الْحَدِيثُ لَيْسَ مَسُوقًا لِتَفَاصِيلِ الشَّرَائِعِ بَلْ لِكَيْفِيَّةِ الدَّعْوَةِ إِلَى الشَّرَائِعِ إِجْمَالًا وَأَمَّا تَفَاصِيلُهَا فَذَاكَ أَمْرٌ مُفَوَّضٌ إِلَى مَعْرِفَةِ مُعَاذٍ فَتَرْكُ ذِكْرِ الصَّوْمِ وَالْحَجِّ لَا يَضُرُّ كَمَا لَا يَضُرُّ تَفَاصِيلُ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ قَوْلُهُ (فَأَعْلِمْهُمْ) مِنَ الْإِعْلَامِ بِمَعْنَى الْإِخْبَارِ (خَمْسَ صَلَوَاتٍ) يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْوِتْرِ كَمَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَالصَّاحِبَانِ مِنْ عُلَمَاؤُنَا الْحَنَفِيَّةِ (تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ) يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ إِلَى فُقَرَاءِ مَنْ أُخِذَتْ مِنْهُمْ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِخْرَاجُهَا إِلَى غَيْرِهِمْ إِلَّا لِضَرُورَةٍ كَعَدَمِ فَقِيرٍ فِيهِمْ إِلَّا أَنْ يُجْعَلَ الضَّمِيرُ لِلْمُسْلِمَيْنِ مُطْلَقًا أَيْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَتُرَدُّ إِلَى فُقَرَائِهِمْ حَيْثُمَا كَانُوا فَيُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ جَوَازُ النَّقْلِ قَوْلُهُ (وَكَرَائِمِ أَمْوَالِهِمْ) جَمْعُ كَرِيمَةٍ وَهِيَ خِيَارُ الْمَالِ أَوْ أَفْضَلُهُ (وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ) أُرِيدَ بِهِ اتَّقِ الظُّلْمَ خَوْفًا مِنْ دَعْوَةِ الْمَظْلُومِ عَلَيْكَ فِيهِ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ

يَغْلِبُ حُبُّ الدُّنْيَا حَتَّى يَنْسَى الْآخِرَةَ فَلَا يَتْرُكِ الظُّلْمَ لِكَوْنِهِ حَرَامًا مُضِرًّا فِي الْآخِرَةِ فَلِيُتْرَكْ لِحُبِّ الدُّنْيَا خَوْفًا مِنْ دَعْوَةِ الْمَظْلُومِ وَإِلَّا فَالظُّلْمُ يَجِبُ تَرْكُهُ لِكَوْنِهِ حَرَامًا وَإِنْ لَمْ يَخَفْ دَعْوَةَ صَاحِبِهِ (وَبَيْنَ اللَّهِ) أَيْ بَيْنَ وُصُولِهَا إِلَى مَحَلِّ الِاسْتِجَابَةِ وَالْقَبُولِ وَقَدْ جَاءَ وَلَوْ كَانَ عَاصِيًا فَعِنْدَ أَحْمَدَ مَرْفُوعًا «دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ وَإِنْ كَانَ فَاجِرًا فَفُجُورُهُ عَلَى نَفْسِهِ» وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ هَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا فَهُوَ مُقَيَّدٌ بِالْحَدِيثِ الْآخَرِ أَنَّ الدَّاعِيَ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبٍ إِمَّا أَنَّ يُعَجَّلَ لَهُ مَا طَلَبَ وَإِمَّا أَنَّ يُؤَخَّرَ لَهُ أَفْضَلُ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ يُدْفَعَ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهُ وَهَذَا كَمَا قَيَّدَ مُطْلَقَ قَوْلِهِ تَعَالَى {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ} [النمل: 62] بِقَوْلِهِ {فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ} [الأنعام: 41] ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب ما جاء في منع الزكاة]

[بَاب مَا جَاءَ فِي مَنْعِ الزَّكَاةِ] 1784 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَعْيَنَ وَجَامِعِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ سَمِعَا شَقِيقَ بْنَ سَلَمَةَ يُخْبِرُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا مِنْ أَحَدٍ لَا يُؤَدِّي زَكَاةَ مَالِهِ إِلَّا مُثِّلَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ حَتَّى يُطَوِّقَ عُنُقَهُ ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِصْدَاقَهُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [آل عمران: 180] الْآيَةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِلَّا مُثِّلَ لَهُ) مِنَ التَّمْثِيلِ أَيْ صُوِّرَ لَهُ مَالُهُ وَالظَّاهِرُ جَمِيعُ الْمَالِ أَوْ قَدْرُ الزَّكَاةِ فَقَطْ (شُجَاعًا) بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ الْحَيَّةُ الذَّكَرُ وَقِيلَ الْحَيَّةُ مُطْلَقًا (أَقْرَعَ) لَا شَعْرَ عَلَى رَأْسِهِ لِكَثْرَةِ سُمِّهِ وَقِيلَ هُوَ الْأَبْيَضُ الرَّأْسِ مِنْ كَثْرَةِ السُّمِّ (حَتَّى يُطَوَّقَ بِهِ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنْ طُوِّقَ بِالتَّشْدِيدِ (حَتَّى) لِلتَّعْلِيلِ لِكَيْ يُطَوِّقَهُ أَوْ هِيَ غَايَةُ مَحْذُوفٍ أَيْ يَفِرُّ مِنْهُ حَتَّى يُطَوَّقَ بِهِ قَوْلُهُ {وَلَا يَحْسَبَنَّ} [آل عمران: 180] إِلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ تَعَالَى {سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ} [آل عمران: 180] أَنَّهُ يَجْعَلُ قَدْرَ الزَّكَاةِ طَوْقًا لَهُ لِأَنَّهُ الَّذِي بَخِلَ بِهِ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ الْكُلُّ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ فِي الْقُرْآنِ مَا بَخْلُوَا بِزَكَاتِهِ وَهُوَ كُلُّ الْمَالِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ} [التوبة: 34] الْآيَةَ إِذْ يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ بَعْضُ أَنْوَاعِ الْمَالِ طَوْقًا وَبَعْضُهَا يُحْمَى عَلَيْهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ أَوْ يُعَذَّبُ حِينًا بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَحِينًا بِتِلْكَ الصِّفَةِ

1785 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ صَاحِبِ إِبِلٍ وَلَا غَنَمٍ وَلَا بَقَرٍ لَا يُؤَدِّي زَكَاتَهَا إِلَّا جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْظَمَ مَا كَانَتْ وَأَسْمَنَهُ تَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا وَتَطَؤُهُ بِأَخْفَافِهَا كُلَّمَا نَفِدَتْ أُخْرَاهَا عَادَتْ عَلَيْهِ أُولَاهَا حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَعْظَمَ مَا كَانَتْ) أَيْ جِدًّا (تَنْطِحُهُ) بِكَسْرِ الطَّاءِ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ رِوَايَةً

1786 - حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَأْتِي الْإِبِلُ الَّتِي لَمْ تُعْطِ الْحَقَّ مِنْهَا تَطَأُ صَاحِبَهَا بِأَخْفَافِهَا وَتَأْتِي الْبَقَرُ وَالْغَنَمُ تَطَأُ صَاحِبَهَا بِأَظْلَافِهَا وَتَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا وَيَأْتِي الْكَنْزُ شُجَاعًا أَقْرَعَ فَيَلْقَى صَاحِبَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَفِرُّ مِنْهُ صَاحِبُهُ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يَسْتَقْبِلُهُ فَيَفِرُّ فَيَقُولُ مَا لِي وَلَكَ فَيَقُولُ أَنَا كَنْزُكَ أَنَا كَنْزُكَ فَيَتَقِيهِ بِيَدِهِ فَيَلْقَمُهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (الَّتِي لَمْ تُعْطِ الْحَقَّ مِنْهَا) الْمُرَادُ بِالْحَقِّ الزَّكَاةُ (فَيَقُولُ) أَيْ صَاحِبُ الْكَنْزِ (مَا لِي وَلَكَ) أَيُّ مُعَامَلَةٍ جَرَتْ بَيْنِي وَبَيْنَكَ حَتَّى تَطْلُبَنِي لِأَجْلِهَا (فَلَحِقَهُ) لَعَلَّ هَذَا فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ طَوْقًا لَهُ

[باب ما أدي زكاته فليس بكنز]

[بَاب مَا أُدِّيَ زَكَاتُهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ] 1787 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ سَوَّادٍ الْمِصْرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَلَحِقَهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ لَهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 34] قَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ مَنْ كَنَزَهَا فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهَا فَوَيْلٌ لَهُ إِنَّمَا كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ تُنْزَلَ الزَّكَاةُ فَلَمَّا أُنْزِلَتْ جَعَلَهَا اللَّهُ طَهُورًا لِلْأَمْوَالِ ثُمَّ الْتَفَتَ فَقَالَ مَا أُبَالِي لَوْ كَانَ لِي أُحُدٌ ذَهَبًا أَعْلَمُ عَدَدَهُ وَأُزَكِّيهِ وَأَعْمَلُ فِيهِ بِطَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَنْ كَنَزَهَا) أَيِ الْأَمْوَالَ أَوِ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ أَوِ الْفِضَّةَ وَتَرَكَ ذِكْرَ الذَّهَبِ لِلْمُقَايَسَةِ بَلْ لِلْأَوْلَوِيَّةِ وَمِثْلُهُ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَا يُنْفِقُونَهَا} [التوبة: 34] وَفِيهِ أَنَّ الْكَنْزَ بَعْدَ نُزُولِ الْآيَةِ مَا لَمْ يُؤَدَّ زَكَاتُهُ وَأَمَّا مَا أُدِّيَ زَكَاتُهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا) أَيْ ظَاهِرُ هَذِهِ الْآيَةِ كَانَ مَعْمُولًا قَبْلَ شُرُوعِ الزَّكَاةِ وَأَمَّا بَعْدَ شُرُوعِهَا فَتُحْمَلُ الْآيَةُ عَلَى هَذَا الْمَحْمَلِ الَّذِي ذَكَرْنَا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ظَاهِرَ الْآيَةِ كَانَ مَعْمُولًا بِهِ قَبْلَ شُرُوعِ الزَّكَاةِ ثُمَّ نُسِخَ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي مَنْعِ الزَّكَاةِ مِنَ الْأَصْلِ وَأَيْضًا لَوْ كَانَتِ الْآيَةُ مَنْسُوخَةً لَمَا حُمِلَتْ عَلَى مَحْمَلٍ آخَرَ بَعْدَ النَّسْخِ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ إِنَّمَا كَانَ هَذَا أَيْ مَا فَهِمْتَ مِنْ ظَاهِرِ الْآيَةِ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الزَّكَاةُ وَفَهِمْتَ مِنْهَا هَذَا الْفَهْمَ

لَكَانَ فَهْمُكَ هَذَا مُسْتَقِيمًا وَحَيْثُ نَزَلَتِ الزَّكَاةُ ثُمَّ نَزَلَتِ الْآيَةُ فَلَا يَسْتَقِيمُ هَذَا الْفَهْمُ لِأَنَّ اللَّهَ جَعَلَ الزَّكَاةَ طَهُورًا لِلْأَمْوَالِ بِأَنْ عَلَّقَ بِحَبْسِهَا الْآثَامَ.

1788 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ دَرَّاجٍ أَبِي السَّمْحِ عَنْ ابْنِ حُجَيْرَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا أَدَّيْتَ زَكَاةَ مَالِكَ فَقَدْ قَضَيْتَ مَا عَلَيْكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَقَدْ قَضَيْتَ مَا عَلَيْكَ) مِنْ حَقِّ الْمَالِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى دُخُولِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ فِي الزَّكَاةِ وَكَذَا النَّفَقَةُ اللَّازِمَةُ أَوْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ فَقَدْ قَضَيْتَ مَا عَلَيْكَ أَيْ قَضَيْتَ أَعْظَمَ مَا عَلَيْكَ مِنَ الْحَقِّ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ الْكَلَامُ فِي حُقُوقِ الْمَالِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مِنْ حُقُوقِ الْمَالِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُوجِبُهُ الْمَالُ بَلْ يُوجِبُهُ أَسْبَابٌ أُخَرُ كَالْفِطْرِ وَالْقَرَابَةِ وَالزَّوَاجِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَالْحُقُوقُ الَّتِي يُوجِبُهَا الْمَالُ فَقَطْ تُقْضَى بِالزَّكَاةِ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ بَعْدَ تَخْرِيجِ هَذَا الْحَدِيثِ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ «أَنَّهُ ذَكَرَ الزَّكَاةَ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا فَقَالَ لَا إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ» .

1789 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ «أَنْهَا سَمِعَتْهُ تَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَيْسَ فِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَيْسَ فِي الْمَالِ حَقٌّ) مِثْلُ الزَّكَاةِ سِوَاهَا أَوْ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ كَالْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ لَكِنْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ «عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ قَالَتْ سَأَلْتُ أَوْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ عَنِ الزَّكَاةِ فَقَالَ إِنَّ فِي الْمَالِ لَحَقًّا سِوَى الزَّكَاةِ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا} [البقرة: 177] الْآيَةَ» ثُمَّ رَجَّحَ أَنَّ الْمَرْفُوعَ ضَعِيفٌ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ الشَّعْبِيِّ وَحَاصِلُ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّ الْآيَةَ قَدْ جُمِعَ فِيهَا بَيْنَ إِيتَاءِ الْمَالِ عَلَى حُبِّهِ وَبَيْنَ إِيتَاءِ الزَّكَاةِ بِالْعَطْفِ الْمُقْتَضِي لِلْمُغَايَرَةِ وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ فِي الْمَالِ حَقًّا سِوَى الزَّكَاةِ لِتَصِحَّ الْمُغَايَرَةُ وَمَنْ نَظَرَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ يَرَى أَنَّ رِوَايَةَ الْمُصَنِّفِ أَقْرَبُ إِلَى الْخَطَأِ مِنْ رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ لِقُوَّةِ رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ بِالدَّلِيلِ الْمُوَافِقِ لَهَا فَلْيُتَأَمَّلْ

[باب زكاة الورق والذهب]

[بَاب زَكَاةِ الْوَرِقِ وَالذَّهَبِ] 1790 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي قَدْ عَفَوْتُ لَكُمْ عَنْ صَدَقَةِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ وَلَكِنْ هَاتُوا رُبُعَ الْعُشْرِ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِنِّي قَدْ عَفَوْتُ لَكُمْ عَنْ صَدَقَةِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ) أَيْ تَرَكْتُ لَكُمْ أَخْذَ زَكَاتِهَا وَتَجَاوَزْتُ عَنْهُ وَهَذَا لَا يَقْتَضِي سَبْقَ وُجُوبِهِ ثُمَّ نَسْخِهِ وَقَوْلُهُ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا أَيْ إِذَا بَلَغَتْ

الدَّرَاهِمُ النِّصَابَ

1791 - حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَا حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَعِيلَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْخُذُ مِنْ كُلِّ عِشْرِينَ دِينَارًا فَصَاعِدًا نِصْفَ دِينَارٍ وَمِنْ الْأَرْبَعِينَ دِينَارًا دِينَارًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مِنْ كُلِّ عِشْرِينَ دِينَارًا فَصَاعِدًا إِلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ مَا بَيْنَهُمَا عَفْوًا وَإِسْنَادُ الْحَدِيثِ كَمَا فِي الزَّوَائِدِ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب من استفاد مالا]

[بَاب مَنْ اسْتَفَادَ مَالًا] 1792 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا حَارِثَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ) عُمُومُهُ يَشْمَلُ الْأَصْلِيَّ وَالْمُسْتَفَادَ فَلَازِمُهُ أَنْ لَا زَكَاةَ فِي الْمُسْتَفَادِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَبِهِ وُفِّقَ لِلتَّرْجَمَةِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ حَارِثَةَ ابْنِ مُحَمَّدٍ وَهُوَ ابْنُ أَبِي الرِّجَالِ وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا اهـ قُلْتُ لَفْظُهُ «مَنِ اسْتَفَادَ مَالًا فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ» رَوَاهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا بِإِسْنَادٍ فِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَقَالَ هُوَ ضَعِيفٌ فِي الْحَدِيثِ كَثِيرُ الْغَلَطِ ضَعَّفَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَرَوَاهُ عَنْهُ مَوْقُوفًا وَقَالَ هَذَا أَصَحُّ وَرَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مَوْقُوفًا ثُمَّ قَالَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي الْمَالِ الْمُسْتَفَادِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنْ كَانَ عِنْدَهُ مَالٌ يَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ يَضُمُّ إِلَيْهِ الْمُسْتَفَادَ وَإِلَّا فَلَا زَكَاةَ فِيهِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرَيُّ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب ما تجب فيه الزكاة من الأموال]

[بَاب مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنْ الْأَمْوَالِ] 1793 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ وَعَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا صَدَقَةَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسَاقٍ مِنْ التَّمْرِ وَلَا فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ وَلَا فِيمَا دُونَ خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسَاقٍ) جَمْعُ وَسْقٍ بِفَتْحِ وَاوٍ وَكَسْرِهَا وَسُكُونِ سِينٍ وَالْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعًا وَالْمَعْنَى إِذَا خَرَجَ مِنَ الْأَرْضِ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ فِي الْمَكِيلِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِ وَبِهِ أَخَذَ الْجُمْهُورُ وَخَالَفَهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَخَذَ بِإِطْلَاقِ حَدِيثِ «فِيمَا سَقَتْهُ السَّمَاءُ الْعَشْرُ» الْحَدِيثَ (أَوَاقٍ) سُمِعَ أُوقِيَّةٍ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَيُقَالُ لَهَا الْوَقِيَّةُ

بِحَذْفِ الْأَلِفِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَهِيَ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا وَخَمْسَةُ أَوَاقٍ مِائَتَا دِرْهَمٍ اهـ

1794 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسَاقٍ صَدَقَةٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَبَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ وَالرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ بِإِضَافَةِ خَمْسٍ وَرُوِيَ تَنْوِينُهُ عَلَى أَنَّ ذَوْدَ بَدَلٌ مِنْهُ وَالذَّوْدُ مِنَ الثَّلَاثَةِ إِلَى الْعَشَرَةِ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ وَإِنَّمَا يُقَالُ فِي الْوَاحِدِ بَعِيرٌ وَقِيلَ بَلْ نَاقَةٌ فَإِنَّ الذَّوْدَ فِي الْإِنَاثِ دُونَ الذُّكُورِ لَكِنْ حَمَلُوا فِي الْحَدِيثِ عَلَى مَا يَعُمُّ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى فَمَنْ مَلَكَ خَمْسًا مِنَ الْإِبِلِ ذُكُورًا يَجِبُ عَلَيْهِ فِيهَا الصَّدَقَةُ فَالْمَعْنَى إِذَا كَانَ الْإِبِلُ أَقَلَّ مِنْ خَمْسٍ فَلَا صَدَقَةَ فِيهَا قِيلَ مُقْتَضَى الْإِضَافَةِ أَنْ لَا تَجِبَ الزَّكَاةُ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ عَشَرَ بَعِيرًا لِأَنَّ أَقَلَّ الذَّوْدِ ثَلَاثَةٌ فَلَا يَتَحَقَّقُ خَمْسٌ مِنَ الذَّوْدِ فِيمَا دُونَ خَمْسَةَ عَشَرَ فَيَجِبُ تَنْوِينُ خَمْسٍ وَجَعْلُ مَا بَعْدَهُ بَدَلًا وَإِبْطَالُ رِوَايَةِ الْإِضَافَةِ قُلْتُ وَهَذَا غُفُولٌ عَنْ قَوَاعِدِ أَسْمَاءِ الْعَدَدِ لِأَنَّ اسْمَ الْعَدَدِ مِنْ ثَلَاثَةٍ إِلَى عَشَرَةٍ يُضَافُ إِلَى الْجَمْعِ لَفْظًا أَوْ مَعْنًى لِإِفَادَةِ أَنَّ مَجْمُوعَ الْعَدَدِ مَجْمُوعٌ الْمَعْدُودِ وَآحَادُ الْعَدَدِ آحَادُ الْمَعْدُودِ فَتَقُولُ جَاءَنِي ثَلَاثَةُ رِجَالٍ فَمَجْمُوعُ الثَّلَاثَةِ هِيَ الرِّجَالُ وَآحَادُ الثَّلَاثَةِ كُلٌّ مِنْهَا رَجُلٌ لَا رِجَالُ فَهَاهُنَا عَلَى قِيَاسِهِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَجْمُوعُ الْخَمْسِ ذَوْدٍ آحَادَ الْخَمْسِ كُلٌّ مِنْهَا بَعِيرٌ لَا ذَوْدٌ نَعَمِ الْمُفْرَدُ هَاهُنَا لَيْسَ مِنْ لَفْظِ الْجَمْعِ لِأَنَّهُ جُمِعَ مَعْنًى لَا لَفْظًا وَهُنَاكَ مِنْ لَفْظِهِ وَهَذَا لَا يُوجِبُ شَيْئًا فَلَا تَغْفُلْ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَالْحَدِيثُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ مَشْهُورَةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب تعجيل الزكاة قبل محلها]

[بَاب تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ قَبْلَ مَحِلِّهَا] 1795 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا عَنْ حَجَّاجِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ حُجَيَّةَ بْنِ عَدِيٍّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ «أَنَّ الْعَبَّاسَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَعْجِيلِ صَدَقَتِهِ قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ فَرَخَّصَ لَهُ فِي ذَلِكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ) بِكَسْرِ الْحَاءِ أَيْ قَبْلَ أَنْ تَجِبَ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى {أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ} [طه: 86] أَيْ يَجِبُ عَلَى قِرَاءَةِ الْكَسْرِ وَمِنْهُ حَلَّ الدَّيْنُ حُلُولًا وَأَمَّا الَّذِي بِمَعْنَى النُّزُولِ فَبِضَمِّ الْحَاءِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى {أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ} [الرعد: 31]

[باب ما يقال عند إخراج الزكاة]

[بَاب مَا يُقَالُ عِنْدَ إِخْرَاجِ الزَّكَاةِ] 1796 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى يَقُولُ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَاهُ الرَّجُلُ بِصَدَقَةِ مَالِهِ صَلَّى عَلَيْهِ فَأَتَيْتُهُ بِصَدَقَةِ مَالِي فَقَالَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (صَلَّى عَلَيْهِ) بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة: 103]

1797 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ الْبَخْتَرِيِّ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَعْطَيْتُمْ الزَّكَاةَ فَلَا تَنْسَوْا ثَوَابَهَا أَنْ تَقُولُوا اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا مَغْنَمًا وَلَا تَجْعَلْهَا مَغْرَمًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَلَا تَنْسَوْا ثَوَابَهَا أَنْ تَقُولُوا) بَدَلٌ مِنَ الثَّوَابِ أَيْ لَا تَنْسَوْا هَذَا الدُّعَاءَ الْمُشْتَمِلَ عَلَى طَلَبِ الثَّوَابِ وَالْمَعْنَى فَلَا تَنْسَوْا طَلَبَ ثَوَابِهَا بِأَنْ تَقُولُوا وَالْمُرَادُ أَنَّكُمْ إِذَا أَعْطَيْتُمُ الزَّكَاةَ فَاطْلُبُوا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ثَوَابَهَا بِهَذَا الدُّعَاءِ (مَغْنَمًا) أَيْ سَبَبًا لِلْحَوْبَةِ الْعَظِيمَةِ (مَغْرَمًا) لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى أَدَائِهَا ثَوَابٌ كَالدَّيْنِ الْمُؤَدَّى إِلَى الدَّائِنِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ الدِّمَشْقِيُّ وَكَانَ مُدَلِّسًا وَالْبُخْتُرِيُّ مُتَّفَقٌ عَلَى ضَعْفِهِ وَقَالَ فِيهِ لَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ «إِذَا أَتَاهُ الرَّجُلُ بِصَدَقَةِ مَالِهِ صَلَّى عَلَيْهِ» قُلْتُ: وَلَعَلَّ وَجْهَ الشَّهَادَةِ أَنَّ ذَلِكَ الْحَدِيثَ فِي دُعَاءِ الْإِمَامِ وَهَذَا فِي دُعَاءِ صَاحِبِ الصَّدَقَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب صدقة الإبل]

[بَاب صَدَقَةِ الْإِبِلِ] 1798 - حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَقْرَأَنِي سَالِمٌ كِتَابًا كَتَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّدَقَاتِ قَبْلَ أَنْ يَتَوَفَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَوَجَدْتُ فِيهِ فِي خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ شَاةٌ وَفِي عَشْرٍ شَاتَانِ وَفِي خَمْسَ عَشْرَةَ ثَلَاثُ شِيَاهٍ وَفِي عِشْرِينَ أَرْبَعُ شِيَاهٍ وَفِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ بِنْتُ مَخَاضٍ إِلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ بِنْتُ مَخَاضٍ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ فَإِنْ زَادَتْ عَلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ وَاحِدَةً فَفِيهَا بِنْتُ لَبُونٍ إِلَى خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ فَإِنْ زَادَتْ عَلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَاحِدَةً فَفِيهَا حِقَّةٌ إِلَى سِتِّينَ فَإِنْ زَادَتْ عَلَى سِتِّينَ وَاحِدَةً فَفِيهَا جَذَعَةٌ إِلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ فَإِنْ زَادَتْ عَلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ وَاحِدَةً فَفِيهَا ابْنَتَا لَبُونٍ إِلَى تِسْعِينَ فَإِنْ زَادَتْ عَلَى تِسْعِينَ وَاحِدَةً فَفِيهَا حِقَّتَانِ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَإِذَا كَثُرَتْ فَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَالَ أَقْرَأَنِي سَالِمٌ) ضَمِيرُ قَالَ لِابْنِ شِهَابٍ فَالظَّاهِرُ تَقْدِيمُ هَذَا عَنْ قَوْلِهِ: عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَوْلُهُ: (بِنْتُ مَخَاضٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْمُعْجَمَةِ الْمُخَفَّفَةِ الَّتِي أَتَى عَلَيْهَا الْحَوْلُ وَدَخَلَتْ فِي الثَّانِي وَحَمَلَتْ أُمُّهَا وَالْمَخَاضُ الْحَامِلُ أَيْ دَخَلَ وَقْتُ حَمْلِهَا وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ قَوْلُهُ: (فَابْنُ لَبُونٍ) ذَكَرُ اللَّبُونِ هُوَ الَّذِي مَضَى عَلَيْهِ حَوْلَانِ وَصَارَتْ أُمُّهُ لَبُونًا بِوَضْعِ الْحَمْلِ وَتَوْصِيفُهُ بِالذُّكُورَةِ مَعَ كَوْنِهِ مَعْلُومًا مِنَ الِاسْمِ إِمَّا لِلتَّأْكِيدِ وَزِيَادَةِ الْبَيَانِ أَوْ لِتَنْبِيهِ رَبِّ الْمَالِ بَالِزِيَادَةِ الْمَأْخُوذَةِ إِذَا تَأَمَّلَهُ فَيَعْلَمُ أَنَّهُ سَقَطَ عَنْهُ مَا كَانَ بِإِزَائِهِ مِنْ فَضْلِ الْأُنُوثَةِ فِي الْفَرِيضَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ

وَلِيَعْلَمَ الْمُصَّدِّقُ أَنَّ سِنَّ الذُّكُورَةِ مَقْبُولٌ مِنْ رَبِّ الْمَالِ فِي النَّوْعِ وَهَذَا أَمْرٌ نَادِرٌ وَزِيَادَةُ الْبَيَانِ فِي الْأَمْرِ الْغَرِيبِ النَّادِرِ لِيَتَمَكَّنَ فِي النَّفْسِ فَضْلُ تَمَكُّنٍ مَقْبُولٍ كَذَا ذَكَرَهُ الْخَطَّابِيُّ قَوْلُهُ: (حِقَّةٌ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْقَافِ هِيَ الَّتِي أَتَتْ عَلَيْهَا ثَلَاثُ سِنِينَ. قَوْلُهُ: (جَذَعَةٌ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالذَّالِ وَالْمُعْجَمَةِ الَّتِي أَتَى عَلَيْهَا أَرْبَعُ سِنِينَ (فَإِذَا كَثُرَتْ فَفِي كُلِّ خَمْسِينَ) أَيْ إِذَا زَادَ يَجْعَلُ الْكُلُّ عَلَى عَدَدِ الْخَمْسِينَاتِ وَالْأَرْبَعِينَاتِ مَثَلًا إِذَا زَادَ وَاحِدٌ عَلَى الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ يَعْتَبِرُ الْكُلَّ ثَلَاثَ أَرْبَعِينَاتٍ وَوَاحِدًا وَالْوَاحِدُ لَا شَيْءَ فِيهِ وَثَلَاثُ أَرْبَعِينَاتٍ فِيهَا ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ إِلَى ثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ وَفِي ثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ حِقَّةٌ لِخَمْسِينَ وَبِنْتَا لَبُونٍ لِأَرْبَعِينَ وَهَكَذَا إِذْ لَا يَظْهَرُ التَّغْيِيرُ إِلَّا عِنْدَ زِيَادَةِ عَشَرَةٍ.

1799 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَقِيلِ بْنِ خُوَيْلِدٍ النَّيْسَابُورِيُّ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السُّلَمِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ صَدَقَةٌ وَلَا فِي الْأَرْبَعِ شَيْءٌ فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا فَفِيهَا شَاةٌ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ تِسْعًا فَإِذَا بَلَغَتْ عَشْرًا فَفِيهَا شَاتَانِ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسَ عَشْرَةَ فَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ تِسْعَ عَشْرَةَ فَإِذَا بَلَغَتْ عِشْرِينَ فَفِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ إِلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ فَإِذَا لَمْ تَكُنْ بِنْتُ مَخَاضٍ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ فَإِنْ زَادَتْ بَعِيرًا فَفِيهَا بِنْت لَبُونٍ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ خَمْسًا وَأَرْبَعِينَ فَإِنْ زَادَتْ بَعِيرًا فَفِيهَا حِقَّةٌ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ سِتِّينَ فَإِنْ زَادَتْ بَعِيرًا فَفِيهَا جَذَعَةٌ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ خَمْسًا وَسَبْعِينَ فَإِنْ زَادَتْ بَعِيرًا فَفِيهَا بِنْتَا لَبُونٍ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ تِسْعِينَ فَإِنْ زَادَتْ بَعِيرًا فَفِيهَا حِقَّتَانِ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ عِشْرِينَ وَمِائَةً ثُمَّ فِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَقِيلٍ قَالَ فِيهِ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ حَدَّثَ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بِحَدِيثَيْنِ لَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِمَا وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ مِنَ الثِّقَاتِ رُبَّمَا أَخْطَأَ حَدَّثَ بِالْعِرَاقِ بِمِقْدَارِ عَشَرَةِ أَحَادِيثَ مَقْلُوبَةً وَقَالَ النَّسَائِيُّ ثِقَةٌ وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ مِنْ أَعْيَانِ الْعُلَمَاءِ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَالْجُمْلَةُ الْأُولَى مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ رَوَاهَا الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا وَلِلْحَدِيثِ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَغَيْرِهِ

[باب إذا أخذ المصدق سنا دون سن أو فوق سن]

[بَاب إِذَا أَخَذَ الْمُصَدِّقُ سِنًّا دُونَ سِنٍّ أَوْ فَوْقَ سِنٍّ] 1800 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَمُحَمَّدُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالُوا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ ثُمَامَةَ حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ كَتَبَ لَهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ مِنْ أَسْنَانِ الْإِبِلِ فِي فَرَائِضِ الْغَنَمِ مَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ مِنْ الْإِبِلِ صَدَقَةُ الْجَذَعَةِ وَلَيْسَ عِنْدَهُ جَذَعَةٌ وَعِنْدَهُ حِقَّةٌ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ الْحِقَّةُ وَيَجْعَلُ مَكَانَهَا شَاتَيْنِ إِنْ اسْتَيْسَرَتَا أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ الْحِقَّةِ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ إِلَّا بِنْتُ لَبُونٍ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ بِنْتُ لَبُونٍ وَيُعْطِي مَعَهَا شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا وَمَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ بِنْتَ لَبُونٍ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُ حِقَّةٌ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ الْحِقَّةُ وَيُعْطِيهِ الْمُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ وَمَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ بِنْتَ لَبُونٍ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ ابْنَةُ مَخَاضٍ وَيُعْطِي مَعَهَا عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ وَمَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ بِنْتَ مَخَاضٍ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُ ابْنَةُ لَبُونٍ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ بِنْتُ لَبُونٍ وَيُعْطِيهِ الْمُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ فَمَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ ابْنَةُ مَخَاضٍ عَلَى وَجْهِهَا وَعِنْدَهُ ابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ وَلَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ) أَيِ الْمَفْرُوضَةُ مِنَ الصَّدَقَةِ (الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ إِلَخْ) صِفَةٌ بَعْدَ صِفَةٍ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنَ الصِّفَةِ الْأُولَى ثُمَّ الْحَدِيثُ طَوِيلٌ وَالْمُصَنِّفُ ذَكَرَهُ مُخْتَصَرًا وَتَرَكَ مِنْهُ مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِتَرْجَمَتِهِ وَقَوْلُهُ: (فَإِنَّ مِنْ أَسْنَانِ الْإِبِلِ فِي فَرَائِضِ الْغَنَمِ) أَيْ مِنْ جُمْلَةِ الْأَسْنَانِ الْوَاجِبَةِ فِي الْإِبِلِ الْمُؤَدَّاةِ فِي ضِمْنِ أَدَاءِ الْغَنَمِ الْمَفْرُوضَاتِ أَسْنَانُ مَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ مِنَ الْإِبِلِ إِلَخْ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ فِي قَوْلِهِ فِي فَرَائِضِ الْغَنَمِ بِمَعْنَى الْبَاءِ أَيِ الْمُؤَدَّاةِ بِالْغَنَمِ الْمَفْرُوضَاتِ وَهَذَا الْكَلَامُ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الرِّوَايَاتِ الْمَشْهُورَةِ لِلْحَدِيثِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ وَقَعَ مِنَ الْمُصَنِّفِ عِنْدَ التَّغْيِيرِ وَهُوَ بَعِيدٌ غَيْرُ ظَاهِرِ الْمَعْنَى لَكِنْ بِمَا ذِكْرُنَا يُظْهِرُ مَعْنَاهُ فِي الْجُمْلَةِ قَوْلُهُ: (فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ الْحِقَّةُ) ضَمِيرُ فَإِنَّهَا لِلْقِصَّةِ وَالْمُرَادُ أَنَّ الْحِقَّةَ تُقْبَلُ مَوْضِعَ الْجَذَعَةِ مَعَ شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّ ذَاكَ تَفَاوُتُ قِيمَةٍ مَا بَيْنَ الْجَذَعَةِ وَالِحْقَّةِ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ فَالْوَاجِبُ بِهَذَا تَفَاوُتُ الْقِيمَةِ لَا تَعْيِينُ ذَلِكَ فَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ أَدَاءِ الْقِيمَةِ فِي الزَّكَاةِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى تَعْيِينِ ذَلِكَ الْقَدْرِ بِرِضَا صَاحِبِ الْمَالِ وَإِلَّا فَلْيَطْلُبِ السِّنَّ الْوَاجِبَ وَلَمْ يُجَوِّزُوا الْقِيمَةَ وَمَعْنَى إِنِ اسْتَيْسَرَتَا لَهُ أَيْ كَانَتَا مَوْجُودَتَيْنِ فِي مَاشِيَتِهِ وَيُعْطِيهِ الْمُصَدِّقُ وَهُوَ بِتَخْفِيفِ الصَّادِ وَكَسْرِ الدَّالِ الْمُشَدِّدَةِ بِمَعْنَى الْعَامِلِ عَلَى الصَّدَقَاتِ الَّذِي يَسْتَوْفِيهَا مِنْ أَرْبَابِهَا يُقَالُ صَدَّقَهُمْ يُصَدِّقُهُمْ

فَهُوَ مُصَدِّقٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما يأخذ المصدق من الإبل]

[بَاب مَا يَأْخُذُ الْمُصَدِّقُ مِنْ الْإِبِلِ] 1801 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ عُثْمَانَ الثَّقَفِيِّ عَنْ أَبِي لَيْلَى الْكِنْدِيِّ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ «جَاءَنَا مُصَدِّقُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ وَقَرَأْتُ فِي عَهْدِهِ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ فَأَتَاهُ رَجُلٌ بِنَاقَةٍ عَظِيمَةٍ مُلَمْلَمَةٍ فَأَبَى أَنْ يَأْخُذَهَا فَأَتَاهُ بِأُخْرَى دُونَهَا فَأَخَذَهَا وَقَالَ أَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّنِي وَأَيُّ سَمَاءٍ تُظِلُّنِي إِذَا أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أَخَذْتُ خِيَارَ إِبِلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ) مَعْنَاهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ عَلَى النَّهْيِ أَيْ لَا يَنْبَغِي لِمَالِكَيْنِ يَجِبُ عَلَى مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَدَقَةٌ وَمَالُهُمَا مُتَفَرِّقٌ بِأَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَرْبَعُونَ شَاةً فَتَجِبُ فِي مَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا شَاةٌ وَاحِدَةٌ أَنْ يَجْمَعَا عِنْدَ حُضُورِ الْمُصَدِّقِ فِرَارًا عَنْ لُزُومِ الشَّاةِ إِلَى نِصْفِهَا إِذْ عِنْدَ الْجَمْعِ يُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ الْمَالِ شَاةٌ وَاحِدَةٌ وَعَلَى قِيَاسِهِ قَوْلُهُ: (وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ) أَيْ لَيْسَ لِشَرِيكَيْنِ مَالُهُمَا بِأَنْ يَكُونَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مِائَةُ شَاةٍ فَيَكُونَ عَلَيْهِمَا عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ ثَلَاثُ شِيَاهٍ أَنْ يُفَرِّقَا مَالَهُمَا فَيَكُونَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ شَاةٌ وَاحِدَةٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْخَلْطَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ مُؤَثِّرٌ فِي زِيَادَةِ الصَّدَقَةِ وَنُقْصَانِهَا لَكِنْ لَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ فِرَارًا عَنْ زِيَادَةِ الصَّدَقَةِ وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُ النَّهْيِ إِلَى الْمُصَدِّقِ أَيْ لَيْسَ لَهُ الْجَمْعُ وَالتَّفْرِيقُ خَشْيَةَ نُقْصَانِ الصَّدَقَةِ أَيْ لَيْسَ لَهُ أَنَّهُ إِذَا رَأَى نُقْصَانًا فِي الصَّدَقَةِ عَلَى تَقْدِيرِ الِاجْتِمَاعِ أَنْ يُفَرِّقَ إِذَا رَأَى نُقْصَانًا وَعَلَى تَقْدِيرِ التَّفَرُّقِ أَنْ يَجْمَعَ وَقَوْلُهُ: (خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْفِعْلَيْنِ عَلَى التَّنَازُعِ أَوْ بِفِعْلٍ يَعُمُّ الْفِعْلَيْنِ أَيْ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا أَثَرَ لِلْخُلْطَةِ فَمَعْنَى الْحَدِيثِ عِنْدَهُ عَلَى ظَاهِرِ النَّفْيِ عَلَى أَنَّ النَّفْيَ رَاجِعٌ إِلَى الْقَيْدِ وَحَاصِلُهُ نَفِيُ الْخَلْطِ لَنَفْيِ الْأَثَرِ لِلْخَلْطِ وَالتَّقْرِيرِ فِي تَقْلِيلِ الزَّكَاةِ وَتَكْثِيرِهَا أَيْ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ إِذْ لَا أَثَرَ لَهُ فِي الصَّدَقَةِ قَوْلُهُ: (مُلَمْلَمَةً) هِيَ الْمُسْتَدِيرَةُ سَمْنًا مِنَ اللَّحْمِ بِمَعْنَى الضَّمِّ وَالْجَمْعِ (تُقِلُّنِي) تَرْفَعُنِي فَوْقَ ظَهْرِهَا مِنْ أَقَلَّ (تُظِلُّنِي) أَيْ تُوقَعُ عَلَيَّ ظِلَّهَا (وَقَدْ أَخَذْتُ)

الْجُمْلَةُ حَالٌ.

1802 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَامِرٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَرْجِعُ الْمُصَدِّقُ إِلَّا عَنْ رِضًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا يَرْجِعُ الْمُصَدِّقُ) بِكَسْرِ الدَّالِ الْمُشَدَّدَةِ مَعَ تَخْفِيفِ الصَّادِ لَا يَرْجِعُ عَامِلُ الصَّدَقَةِ إِلَّا عَنْ رِضًا بِأَنْ تَلْقَوْهُ بِالتَّرْحِيبِ وَتُؤَدُّوا إِلَيْهِ الزَّكَاةَ طَائِعِينَ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ تُعْطُوهُ الزَّائِدَ عَلَى الْوَاجِبِ لِحَدِيثِ مَنْ سَأَلَ فَوْقَهَا فَلَا يُعْطَى أَيْ فَوْقَ الْوَاجِبِ وَقِيلَ لَا يُعْطَى أَصْلًا لِأَنَّهُ انْعَزَلَ بِالْجَوْرِ.

[باب صدقة البقر]

[بَاب صَدَقَةِ الْبَقَرِ] 1803 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عِيسَى الرَّمْلِيُّ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ «بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْيَمَنِ وَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ مِنْ الْبَقَرِ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةً وَمِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعًا أَوْ تَبِيعَةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مُسِنَّةً) أَيْ مَا دَخَلَ فِي الثَّالِثَةِ (تَبِيعًا) مَا دَخَلَ فِي الثَّانِيَةِ.

1804 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ عَنْ خَصِيفٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي ثَلَاثِينَ مِنْ الْبَقَرِ تَبِيعٌ أَوْ تَبِيعَةٌ وَفِي أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ»

[باب صدقة الغنم]

[بَاب صَدَقَةِ الْغَنَمِ] 1805 - حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَقْرَأَنِي سَالِمٌ كِتَابًا كَتَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّدَقَاتِ قَبْلَ أَنْ يَتَوَفَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَوَجَدْتُ فِيهِ فِي أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً فَفِيهَا شَاتَانِ إِلَى مِائَتَيْنِ فَإِنْ زَادَتْ وَاحِدَةً فَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ إِلَى ثَلَاثِ مِائَةٍ فَإِذَا كَثُرَتْ فَفِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ وَوَجَدْتُ فِيهِ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ وَوَجَدْتُ فِيهِ لَا يُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ تَيْسٌ وَلَا هَرِمَةٌ وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (تَيْسٌ) أَيْ فَحْلُ الْغَنَمِ الْمُعَدُّ لِضِرَابِهَا (وَلَا هَرِمَةٌ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ كَبِيرَةُ السِّنِّ قَوْلُهُ: (ذَاتُ عَوَارٍ) بِفَتْحٍ وَقَدْ تُضَمُّ أَيْ ذَاتُ عَيْبٍ.

1806 - حَدَّثَنَا أَبُو بَدْرٍ عَبَّادُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُؤْخَذُ صَدَقَاتُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مِيَاهِهِمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَلَى مِيَاهِهِمْ) أَيْ لَا يُكَلِّفُهُمُ الْمُصَدِّقُ بِالْحُضُورِ بَلْ يَحْضُرُ هُوَ عِنْدَ الْمِيَاهِ فَإِذَا حَضَرَتِ الْمَاشِيَةُ هُنَاكَ يَأْخُذُ مِنْهُمُ الصَّدَقَةَ وَفِي

الزَّوَائِدِ اتَّفَقُوا عَلَى ضَعْفِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قِيلَ هُوَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ.

1807 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ الْأَوْدِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هِنْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً فَفِيهَا شَاتَانِ إِلَى مِائَتَيْنِ فَإِنْ زَادَتْ وَاحِدَةً فَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ إِلَى ثَلَاثِ مِائَةٍ فَإِنْ زَادَتْ فَفِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ وَكُلُّ خَلِيطَيْنِ يَتَرَاجَعَانِ بِالسَّوِيَّةِ وَلَيْسَ لِلْمُصَدِّقِ هَرِمَةٌ وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ وَلَا تَيْسٌ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمُصَّدِّقُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَكُلُّ خَلِيطَيْنِ يَتَرَاجَعَانِ إِلَخْ) مَعْنَاهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ أَنَّ مَا كَانَ مُتَمَيِّزًا لِأَحَدِ الْخَلِيطَيْنِ مِنَ الْمَالِ فَأَخَذَ السَّاعِي مِنْ ذَلِكَ الْمُتَمَيِّزَ يَرْجِعُ إِلَى صَاحِبِهِ بِحِصَّتِهِ بِأَنْ كَانَ لِكُلٍّ عِشْرُونَ وَأَخَذَ السَّاعِي مِنْ مَالِ أَحَدِهِمَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ نِصْفِ شَاةٍ وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عِشْرُونَ وَلِلْآخَرِ أَرْبَعُونَ مَثَلًا فَأَخَذَ مِنْ صَاحِبِ عِشْرِينَ يَرْجِعُ إِلَى صَاحِبِ أَرْبَعِينَ بِالثُّلُثَيْنِ وَإِنْ أَخَذَ مِنْهُ يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِ عِشْرِينَ بِالثُّلُثِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَحْمِلُ الْخَلِيطَ عَلَى الشَّرِيكِ إِذَا كَانَ الْمَالُ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرِكَةِ بِلَا تَمْيِيزٍ وَأَخَذَ مِنْ ذَلِكَ الْمُشْتَرَكِ فَعِنْدَهُ يَجِبُ التَّرَاجُعُ بِالسَّوِيَّةِ أَيْ يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِقَدْرِ مَا يُسَاوِي مَالَهُ مَثَلًا لِأَحَدِهِمَا أَرْبَعُونَ بَقَرَةً وَلِلْآخِرِ ثَلَاثُونَ وَالْمَالُ مُشْتَرَكٌ غَيْرُ مُتَمَيِّزٍ فَأَخَذَ السَّاعِي مِنْ صَاحِبِ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةً وَمِنْ صَاحِبِ ثَلَاثِينَ تَبِيعًا وَأَعْطَى كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنَ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فَيَرْجِعُ صَاحِبُ أَرْبَعِينَ بِأَرْبَعَةِ أَسْبَاعِ التَّبِيعِ عَلَى صَاحِبِ ثَلَاثِينَ وَصَاحِبُ ثَلَاثِينَ بِثَلَاثَةِ أَسْبَاعِ الْمُسِنَّةِ عَلَى صَاحِبِ أَرْبَعِينَ (لَيْسَ لِلْمُصَدِّقِ) بِتَخْفِيفِ صَادٍ وَكَسْرِ دَالٍ مُشَدَّدَةٍ أَيْ عَامِلِ الصَّدَقَاتِ قَوْلُهُ: (هَرِمَةٌ) أَيْ أَخَذَهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمُصَدِّقُ قِيلَ بِتَخْفِيفِ الصَّادِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُشَدِّدَةِ أَوْ بِتَشْدِيدِهِمَا وَكَسْرِ الدَّالِ وَأَصْلُهُ الْمُتَصَدِّقُ فَأُدْغِمَتِ التَّاءُ فِي الصَّادِ وَالْمُرَادُ صَاحِبُ الْمَالِ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُتَعَلِّقٌ بِالْأَخِيرِ أَيْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ التَّيْسَ لِأَنَّهُ يَضُرُّ بِصَاحِبِ الْمَالِ لِأَنَّهُ يَعِزُّ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ صَاحِبُ الْمَالِ وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ وَقِيلَ بِتَخْفِيفِ الصَّادِ وَكَسْرِ الدَّالِ الْمُشَدَّدَةِ وَالْمُرَادُ عَامِلُ الصَّدَقَاتِ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُتَعَلِّقٌ بِالْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ التَّيْسَ لِأَنَّ الْأُنْثَى خَيْرٌ مِنْهُ وَلَا الْكَبِيرَ وَلَا الْمَعِيبَةَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ بِأَنْ يَرَى أَنَّ ذَلِكَ أَفْضَلُ لَلْمَسَاكِينَ فَيَأْخُذُهُ نَظَرًا لَهُمْ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى التَّفْوِيضِ إِلَى اجْتِهَادِ الْعَامِلِ لِكَوْنِهِ كَالْوَكِيلِ لِلْفُقَرَاءِ فَيَفْعَلُ مَا يَرَى فِيهِ الْمَصْلَحَةَ.

[باب ما جاء في عمال الصدقة]

[بَاب مَا جَاءَ فِي عُمَّالِ الصَّدَقَةِ] 1808 - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ الْمِصْرِيُّ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُعْتَدِي فِي الصَّدَقَةِ كَمَانِعِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْمُعْتَدِي فِي الصَّدَقَةِ) قِيلَ هُوَ الَّذِي يُعْطِي الصَّدَقَةَ فِي غَيْرِ الْمَصْرِفِ وَقِيلَ هُوَ

السَّاعِي الَّذِي يَأْخُذُ أَكْثَرَ وَأَجْوَدَ مِنَ الْوَاجِبِ لِأَنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ سَنَةً فَصَاحِبُ الْمَالِ يَمْنَعُهُ فِي السَّنَةِ الْأُخْرَى فَيَكُونُ سَبَبًا لِلْمَنْعِ فَشَارَكَ الْمَانِعَ فِي إِثْمِ الْمَنْعِ.

1809 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ وَيُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْعَامِلُ عَلَى الصَّدَقَةِ بِالْحَقِّ كَالْغَازِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى بَيْتِهِ»

1810 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ سَوَّادٍ الْمِصْرِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ مُوسَى بْنَ جُبَيْرٍ حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحُبَابِ الْأَنْصَارِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُنَيْسٍ حَدَّثَهُ «أَنَّهُ تَذَاكَرَ هُوَ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَوْمًا الصَّدَقَةَ فَقَالَ عُمَرُ أَلَمْ تَسْمَعْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ يَذْكُرُ غُلُولَ الصَّدَقَةِ أَنَّهُ مَنْ غَلَّ مِنْهَا بَعِيرًا أَوْ شَاةً أُتِيَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ» قَالَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ بَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (غُلُولَ الصَّدَقَةِ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ هِيَ الْخِيَانَةُ فِي خُفْيَةٍ وَالْمُرَادُ مُطْلَقُ الْخِيَانَةِ (أُتِيَ بِهِ) أَيْ بِمَا غَلَّ فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ لِأَنَّ مُوسَى بْنَ جُبَيْرٍ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَقَالَ إِنَّهُ يُخْطِئُ وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْكَاشِفِ ثِقَةٌ وَلَمْ أَرَ لِغَيْرِهِمَا فِيهِ كَلَامًا وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَبَاقِي رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

1811 - حَدَّثَنَا أَبُو بَدْرٍ عَبَّادُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا أَبُو عَتَّابٍ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَطَاءٍ مَوْلَى عِمْرَانَ حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ الْحُصَيْنِ «اسْتُعْمِلَ عَلَى الصَّدَقَةِ فَلَمَّا رَجَعَ قِيلَ لَهُ أَيْنَ الْمَالُ قَالَ وَلِلْمَالِ أَرْسَلْتَنِي أَخَذْنَاهُ مِنْ حَيْثُ كُنَّا نَأْخُذُهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَضَعْنَاهُ حَيْثُ كُنَّا نَضَعُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (اسْتُعْمِلَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ (قِيلَ لَهُ) قَالَ لَهُ ذَلِكَ مَنِ اسْتَعْمَلَهُ زَعْمًا مِنْهُ أَنَّهُ كَسَائِرِ الْعُمَّالِ الَّذِينَ يَجْمَعُونَ الْأَمْوَالَ بِلَا حَقٍّ فَيَأْتُونَ بِهَا إِلَى مَنِ اسْتَعْمَلَهُمْ حَتَّى يَقْتَسِمُوهَا بَيْنَهُمْ وَيَصْرِفُوهَا فِي مَصَارِفِهِمْ وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي نَقْلُ الزَّكَاةِ مِنْ مَحَلِّهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ. .

[باب صدقة الخيل والرقيق]

[بَاب صَدَقَةِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ] 1812 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فِي فَرَسِهِ صَدَقَةٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ إِلَخْ) حَمَلُوهَا عَلَى مَا لَا يَكُونُ لِلتِّجَارَةِ وَمَنْ يَقُولُ بِالزَّكَاةِ فِي الْفَرَسِ يَحْمِلُهُ عَلَى فَرَسِ الرُّكُوبِ وَأَمَّا مَا أُعِدَّ لِلنَّمَاءِ فَفِيهِ عِنْدَهُ صَدَقَةٌ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي كُتُبِ

الْفُرُوعِ.

1813 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَجَوَّزْتُ لَكُمْ عَنْ صَدَقَةِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (تَجَوَّزْتُ) أَيْ تَجَاوَزْتُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما تجب فيه الزكاة من الأموال]

[بَاب مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنْ الْأَمْوَالِ] 1814 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ سَوَّادٍ الْمِصْرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ وَقَالَ لَهُ خُذْ الْحَبَّ مِنْ الْحَبِّ وَالشَّاةَ مِنْ الْغَنَمِ وَالْبَعِيرَ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرَةَ مِنْ الْبَقَرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَالْبَعِيرَ مِنَ الْإِبِلِ) أَيْ إِذَا كَانَتْ كَثِيرَةً وَإِلَّا فِيمَا دُونَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ يُؤْخَذُ الشِّيَاهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَصْلَ أَنْ يُؤْخَذَ الزَّكَاةُ مِنَ الْمَالِ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ.

1815 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «إِنَّمَا سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزَّكَاةَ فِي هَذِهِ الْخَمْسَةِ فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَالذُّرَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي هَذِهِ الْخَمْسَةِ) أَيْ مِمَّا يَخْرُجُ مِنَ الْأَرْضِ وَالذُّرَةُ بِضَمٍّ فَتَخْفِيفٍ حَبٌّ مَعْرُوفٌ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَصْرَ فِي هَذِهِ الْأَقْسَامِ إِنَّمَا كَانَ اتِّفَاقِيًّا لِأَجْلِ أَنَّهَا هِيَ غَالِبُ قُوتِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ هُوَ الْخَزْرَجِيُّ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ تَرَكَ النَّاسُ حَدِيثَهُ وَقَالَ الْحَاكِمُ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَئِمَّةِ النَّقْلِ فِيهِ وَقَالَ السَّاجِيُّ صَدُوقٌ مُنْكَرٌ أَجْمَعَ أَهْلُ النَّقْلِ عَلَى تَرْكِ حَدِيثِهِ وَعِنْدَهُ مَنَاكِيرُ قُلْتُ: رَوَى أَبُو دَاوُدَ بَعْضَ الْمَتْنِ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ اهـ كَلَامَ الزَّوَائِدِ.

[باب صدقة الزروع والثمار]

[بَاب صَدَقَةِ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ] 1816 - حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مُوسَى أَبُو مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَاصِمٍ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَعَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ الْعُشْرُ وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ) أَيِ الْمَطَرُ مِنْ بَابِ ذِكْرِ الْمَحَلِّ وَإِرَادَةِ الْحَالِّ وَالْمُرَادُ مَا لَا يَحْتَاجُ سَقْيُهُ إِلَى مُؤْنَةٍ (بِالنَّضْحِ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ هُوَ السَّقْيُ بِالرِّشَاءِ وَالْمُرَادُ مَا يَحْتَاجُ إِلَى مُؤْنَةِ

الْآلَةِ وَاسْتَدَلَّ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ بِعُمُومِ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي كُلِّ مَا أَخْرَجَتْهُ الْأَرْضُ مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ وَالْجُمْهُورُ جَعَلُوا هَذَا الْحَدِيثَ لِبَيَانِ كُلِّ الْعُشْرِ وَنِصْفِهِ وَأَمَّا الْقَدْرُ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْهُ فَأَخَذُوا الْقَدْرَ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْهُ مِنْ حَدِيثِ «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ» وَهَذَا أَوْجَهُ لِمَا فِيهِ مِنَ اسْتِعْمَالِ كُلٍّ مِنَ الْحَدِيثَيْنِ فِيمَا سِيقَ لَهُ.

1817 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْمِصْرِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْأَنْهَارُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ بَعْلًا الْعُشْرُ وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّوَانِي نِصْفُ الْعُشْرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَوْ كَانَ بَعْلًا) بِمُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ مَا شَرِبَ مِنَ النَّخِيلِ بِعُرُوقِهِ مِنَ الْأَرْضِ بِغَيْرِ سَقْيِ سَمَاءٍ بَلْ بِدِلَاءِ وَغَيْرِهَا وَقِيلَ هُوَ مَا يُنْبِتُ نَوَاةَ النَّخْلِ فِي أَرْضٍ بِقُرْبِ مَاءٍ فَرَسَخَتْ عُرُوقُهَا فِي الْمَاءِ وَاسْتَغْنَتْ عَنْ مَاءِ السَّمَاءِ وَالْأَنْهَارِ وَغَيْرِهَا (بِالسَّوَانِي) جَمْعُ سَانِيَةٍ وَهِيَ نَاقَةٌ يُسْتَقَى عَلَيْهَا.

1818 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ «بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْيَمَنِ وَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ مِمَّا سَقَتْ السَّمَاءُ وَمَا سُقِيَ بَعْلًا الْعُشْرَ وَمَا سُقِيَ بِالدَّوَالِي نِصْفَ الْعُشْرِ» قَالَ يَحْيَى بْنُ آدَمَ الْبَعْلُ وَالْعَثَرِيُّ وَالْعَذْيُ هُوَ الَّذِي يُسْقَى بِمَاءِ السَّمَاءِ وَالْعَثَرِيُّ مَا يُزْرَعُ بِالسَّحَابِ وَالْمَطَرِ خَاصَّةً لَيْسَ يُصِيبُهُ إِلَّا مَاءُ الْمَطَرِ وَالْبَعْلُ مَا كَانَ مِنْ الْكُرُومِ قَدْ ذَهَبَتْ عُرُوقُهُ فِي الْأَرْضِ إِلَى الْمَاءِ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى السَّقْيِ الْخَمْسَ سِنِينَ وَالسِّتَّ يَحْتَمِلُ تَرْكَ السَّقْيِ فَهَذَا الْبَعْلُ وَالسَّيْلُ مَاءُ الْوَادِي إِذَا سَالَ وَالْغَيْلُ سَيْلٌ دُونَ سَيْلٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَمَا سُقِيَ بِالدَّوَالِي) جَمْعُ دَالِيَةٍ آلَةٌ لِإِخْرَاجِ الْمَاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب خرص النخل والعنب]

[بَاب خَرْصِ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ] 1819 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ وَالزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ نَافِعٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ التَّمَّارُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَبْعَثُ عَلَى النَّاسِ مَنْ يَخْرُصُ عَلَيْهِمْ كُرُومَهُمْ وَثِمَارَهُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ يَخْرُصُ عَلَيْهِمْ كُرُومَهُمْ) الْخَرْصُ تَقْدِيرُ مَا عَلَى النَّخْلِ مِنَ الرُّطَبِ تَمْرًا وَمَا عَلَى الْكُرُومِ مِنَ الْعِنَبِ زَبِيبًا لِيُعْرَفَ مِقْدَارُ ثَمَرِهِ ثُمَّ يُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِكِهِ وَيُؤْخَذُ ذَلِكَ الْمِقْدَارُ وَقْتَ قَطْعِ الثِّمَارِ وَفَائِدَتُهُ التَّوْسِعَةُ عَلَى أَرْبَابِ الثِّمَارِ فِي التَّنَاوُلِ مِنْهَا وَهُوَ جَائِزٌ

عِنْدَ الْجُمْهُورِ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ لِإِفْضَائِهِ إِلَى الرِّبَا وَحَمَلُوا أَحَادِيثَ الْخَرْصِ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ قَبْلَ تَحْرِيمِ الرِّبَا.

1820 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ مِقْسَمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ اشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ أَنَّ لَهُ الْأَرْضَ وَكُلَّ صَفْرَاءَ وَبَيْضَاءَ يَعْنِي الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَقَالَ لَهُ أَهْلُ خَيْبَرَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِالْأَرْضِ فَأَعْطِنَاهَا عَلَى أَنْ نَعْمَلَهَا وَيَكُونَ لَنَا نِصْفُ الثَّمَرَةِ وَلَكُمْ نِصْفُهَا فَزَعَمَ أَنَّهُ أَعْطَاهُمْ عَلَى ذَلِكَ فَلَمَّا كَانَ حِينَ يُصْرَمُ النَّخْلُ بَعَثَ إِلَيْهِمْ ابْنَ رَوَاحَةَ فَحَزَرَ النَّخْلَ وَهُوَ الَّذِي يَدْعُونَهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ الْخَرْصَ فَقَالَ فِي ذَا كَذَا وَكَذَا فَقَالُوا أَكْثَرْتَ عَلَيْنَا يَا ابْنَ رَوَاحَةَ فَقَالَ فَأَنَا أَحْزِرُ النَّخْلَ وَأُعْطِيكُمْ نِصْفَ الَّذِي قُلْتُ قَالَ فَقَالُوا هَذَا الْحَقُّ وَبِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ فَقَالُوا قَدْ رَضِينَا أَنْ نَأْخُذَ بِالَّذِي قُلْتَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (اشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى أَهْلِ خَيْبَرَ (حِينَ يُصْرَمُ النَّخْلُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيْ يُقْطَعُ ثِمَارُهَا وَالْمُرَادُ إِذَا قَارَبَ ذَلِكَ إِذْ لَا حَاجَةَ إِلَى الْخَرْصِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ (فَحَزَرَ) بِتَقْدِيمِ الزَّايِ الْمُعْجَمَةِ عَلَى الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ خَمَّنَ (فَأَنَا أَحْزِرُ النَّخْلَ) أَيْ آخُذُهَا (هَذَا الْحَقُّ) أَيْ أَنَّ هَذَا الْحَزْرَ وَهُوَ أَنْ يَحْزِرَ الْإِنْسَانُ عَلَى الْغَيْرِ بِحَيْثُ يَحْمِلُ بِذَلِكَ الْحَزْرَ عَلَى نَفْسِهِ هُوَ الْحَقُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب النهي أن يخرج في الصدقة شر ماله]

[بَاب النَّهْيِ أَنْ يُخْرِجَ فِي الصَّدَقَةِ شَرَّ مَالِهِ] 1821 - حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ أَبِي عَرِيبٍ عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ قَالَ «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ عَلَّقَ رَجُلٌ أَقْنَاءً أَوْ قِنْوًا وَبِيَدِهِ عَصًا فَجَعَلَ يَطْعَنُ يُدَقْدِقُ فِي ذَلِكَ الْقِنْوِ وَيَقُولُ لَوْ شَاءَ رَبُّ هَذِهِ الصَّدَقَةِ تَصَدَّقَ بِأَطْيَبَ مِنْهَا إِنَّ رَبَّ هَذِهِ الصَّدَقَةِ يَأْكُلُ الْحَشَفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَقَدْ عَلَّقَ رَجُلٌ) وَكَانُوا يُعَلِّقُونَ فِي الْمَسْجِدِ لِيَأْكُلَ مِنْهُ مَنْ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ (أَقْنَاءَ) جَمْعُ قِنْوٍ بِكَسْرِ الْقَافِ أَوْ ضَمِّهَا وَسُكُونِ النُّونِ هُوَ الْفَرْقُ بِمَا فِيهِ مِنَ الرُّطَبِ (يَطْعَنُ) فِي الْقَامُوسِ طَعَنَهُ بِالرُّمْحِ كَمَنَعَ وَنَصَرَ (يُدَقْدِقُ) يُسْرِعُ (يَأْكُلُ الْحَشَفَ) بِفَتْحَتَيْنِ هُوَ الْيَابِسُ الْفَاسِدُ مِنَ التَّمْرِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَأْكُلُ جَزَاءَ الْحَشَفِ

فَسُمِّيَ الْجَزَاءُ بِاسْمِ الْأَصْلِ كَمَا قَالُوا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: 40] وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُجْعَلَ الْجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ الْأَصْلِ وَيَخْلُقُ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذَا الرَّجُلِ حَبَّ الْحَشَفِ فَيَأْكُلُهُ فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى {وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ} [فصلت: 31]

1822 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنْقَزِيُّ حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ عَنْ السُّدِّيِّ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنْ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267] قَالَ نَزَلَتْ فِي الْأَنْصَارِ كَانَتْ الْأَنْصَارُ تُخْرِجُ إِذَا كَانَ جِدَادُ النَّخْلِ مِنْ حِيطَانِهَا أَقْنَاءَ الْبُسْرِ فَيُعَلِّقُونَهُ عَلَى حَبْلٍ بَيْنَ أُسْطُوَانَتَيْنِ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَأْكُلُ مِنْهُ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ فَيَعْمِدُ أَحَدُهُمْ فَيُدْخِلُ قِنْوًا فِيهِ الْحَشَفُ يَظُنُّ أَنَّهُ جَائِزٌ فِي كَثْرَةِ مَا يُوضَعُ مِنْ الْأَقْنَاءِ فَنَزَلَ فِيمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267] يَقُولُ لَا تَعْمِدُوا لِلْحَشَفِ مِنْهُ تُنْفِقُونَ {وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ} [البقرة: 267] يَقُولُ لَوْ أُهْدِيَ لَكُمْ مَا قَبِلْتُمُوهُ إِلَّا عَلَى اسْتِحْيَاءٍ مِنْ صَاحِبِهِ غَيْظًا أَنَّهُ بَعَثَ إِلَيْكُمْ مَا لَمْ يَكُنْ لَكُمْ فِيهِ حَاجَةٌ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ صَدَقَاتِكُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (تُخْرِجُ) مِنَ الْإِخْرَاجِ (مِنْ حِيطَانِهَا) أَيْ مِنْ بَسَاتِينِهَا (فَيُعَلِّقُونَهُ) مِنَ التَّعْلِيقِ كُلَّمَا يُخْرِجُهُ (يَظُنُّ أَنَّهُ جَائِزٌ) أَيْ نَافِذٌ مَا يَتَعَرَّفُهُ أَحَدٌ لِاخْتِلَاطِهِ بِغَيْرِهِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ لِأَنَّ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ ابْنِ يَحْيَى قَالَ فِيهِ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالذَّهَبِيُّ صَدُوقٌ وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ مِنَ الثِّقَاتِ وَكَانَ مُتْقِنًا وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب زكاة العسل]

[بَاب زَكَاةِ الْعَسَلِ] 1823 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ أَبِي سَيَّارَةَ الْمُتَعِيُّ قَالَ «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي نَحْلًا قَالَ أَدِّ الْعُشْرَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ احْمِهَا لِي فَحَمَاهَا لِي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَدِّ الْعُشْرَ) أَيْ مِنْ عَسَلِهِ (احْمِهَا) أَيِ احْفَظْهَا حَتَّى لَا يَطْمَعَ فِيهِ أَحَدٌ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ لَمْ يَلْقَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى أَبَا سَيَّارَةَ وَالْحَدِيثُ مُرْسَلٌ وَحَكَى التِّرْمِذِيُّ فِي الْعِلَلِ عَنِ الْبُخَارِيِّ عَقِبَ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ مُرْسَلٌ ثُمَّ قَالَ لَمْ يُدْرِكْ سُلَيْمَانُ أَحَدًا مِنَ الصَّحَابَةِ اهـ وَأَبُو سَيَّارَةَ لَيْسَ لَهُ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ وَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ فِي الْأُصُولِ الْخَمْسَةِ وَالْحَدِيثُ لَهُ شَاهِدَانِ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَشَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ لَكِنْ قَالَ التِّرْمِذِيُّ لَمْ يَصِحَّ عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي هَذَا الْبَابِ كَبِيرُ شَيْءٍ وَالْعَمَلُ عَلَى غَيْرِ هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ

وَبِهِ يَقُولُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

1824 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ الْعَسَلِ الْعُشْرَ»

[باب صدقة الفطر]

[بَاب صَدَقَةِ الْفِطْرِ] 1825 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ الْمِصْرِيُّ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ» قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَجَعَلَ النَّاسُ عِدْلَهُ مُدَّيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَمَرَ) أَيْ أَمْرَ إِيجَابٍ (صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ) تَخْصِيصُهُمَا لِكَوْنِهِمَا غَالِبَ الْقُوتِ فِي الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ

1826 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَرَضَ) أَيْ أَوْجَبَ وَالْحَدِيثُ مِنْ أَخْبَارِ الْآحَادِ فَمُؤَدَّاهُ الظَّنُّ فَلِذَلِكَ قَالَ بِوُجُوبِهِ دُونَ افْتِرَاضِهِ مَنْ خَصَّ الْفَرْضَ بِالْقَطْعِ وَالْوَاجِبَ بِالظَّنِّ (عَلَى كُلِّ حُرٍّ وَعَبْدٍ) كَلِمَةُ عَلَى بِمَعْنَى عَنْ كَمَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ إِذْ لَا وُجُوبَ عَلَى الْعَبْدِ وَالصَّغِيرِ إِذْ لَا مَالَ لِلْعَبْدِ وَلَا تَكْلِيفَ عَلَى الصَّغِيرِ ثُمَّ يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ عِنْدَ بَعْضٍ وَالْوَلِيُّ نَائِبٌ (مِنَ الْمُسْلِمِينَ) اسْتِدْلَالٌ بِالْمَفْهُومِ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ عِنْدَ مَنْ لَا يَقُولُ بِهِ وَلَذَلِكَ يُوجِبُ فِي الْعَبْدِ الْكَافِرِ بِإِطْلَاقِ النُّصُوصِ

1827 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَشِيرِ بْنِ ذَكْوَانَ وَأَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ قَالَا حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو يَزِيدَ الْخَوْلَانِيُّ عَنْ سَيَّارِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصَّدَفِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ فَمَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (طُهْرَةً) بِضَمِّ الطَّاءِ وَسُكُونِ الْهَاءِ أَيْ تَطْهِيرًا (وَطُعِمَةً) بِضَمِّ الطَّاءِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي الْمُبَادَرَةُ فِي أَدَاءِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ

1828 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ عَنْ أَبِي عَمَّارٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ تُنْزَلَ الزَّكَاةُ فَلَمَّا نَزَلَتْ الزَّكَاةُ لَمْ يَأْمُرْنَا وَلَمْ يَنْهَنَا وَنَحْنُ نَفْعَلُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَمْ يَأْمُرْنَا وَلَمْ يَنْهَنَا إِلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ سَقْطُ الْأَمْرِ بِهِ لَا إِلَى النَّهْيِ بَلْ إِلَى الْإِبَاحَةِ وَالْأَمْرُ فِي ذَاتِهِ حَسَنَةٌ فَفَعَلَ النَّاسُ

لِذَلِكَ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ بَقَاءِ الْأَمْرِ السَّابِقِ أَمْرًا جَدِيدًا أَوِ اعْتِبَارِ دَفْعِ ذَلِكَ الْبَقَاءِ دَفْعَ الْأَمْرِ فَقِيلَ لَهُ لَمْ يَأْمُرْنَا وَلِذَلِكَ اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ إِنَّ وُجُوبَ زَكَاةِ الْفِطْرِ مَنْسُوخٌ وَهُوَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُلَيَّةَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ كَيْسَانَ الْأَصَمُّ وَأَشْهَبُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَابْنُ اللَّبَّانِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ فِي إِسْنَادِهِ رَاوِيًا مَجْهُولًا وَعَلَى تَقْدِيرِ الصِّحَّةِ فَلَا دَلِيلَ عَلَى النَّسْخِ لِاحْتِمَالِ الِاكْتِفَاءِ بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ نُزُولَ فَرْضٍ لَا يُوجِبُ سُقُوطَ فَرْضٍ آخَرَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَوَّلَ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ الدَّالَّ عَلَى الِافْتِرَاضِ فَحَمَلَ فَرَضَ عَلَى مَعْنَى قَدَّرَ قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَهُوَ أَصْلٌ فِي اللُّغَةِ لَكِنْ نُقِلَ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ إِلَى الْوُجُوبِ وَالْحَمْلُ عَلَيْهِ أَوْلَى وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا الْحَدِيثُ يُضَعِّفُ كَوْنَ الِافْتِرَاضِ قَطْعِيًّا وَيُؤَيِّدُ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ ظَنِّيٌّ وَهَذَا هُوَ مُرَادُ الْحَنَفِيَّةِ بِقَوْلِهِمْ إِنَّهُ وَاجِبٌ

1829 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ الْفَرَّاءِ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ إِذْ كَانَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ فَلَمْ نَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى قَدِمَ عَلَيْنَا مُعَاوِيَةُ الْمَدِينَةَ فَكَانَ فِيمَا كَلَّمَ بِهِ النَّاسَ أَنْ قَالَ لَا أُرَى مُدَّيْنِ مِنْ سَمْرَاءِ الشَّامِ إِلَّا تَعْدِلُ صَاعًا مِنْ هَذَا فَأَخَذَ النَّاسُ بِذَلِكَ» قَالَ أَبُو سَعِيدٍ لَا أَزَالُ أُخْرِجُهُ كَمَا كُنْتُ أُخْرِجُهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَدًا مَا عِشْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (صَاعًا مِنْ طَعَامِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ إِلَخْ) يَحْتَمِلُ أَنَّ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أُرِيدَ بِهِ صَاعٌ مِنَ الْحِنْطَةِ فَإِنَّ الطَّعَامَ وَإِنْ كَانَ يَعُمُّ الْحِنْطَةَ وَغَيْرَهَا لُغَةً لَكِنِ اشْتُهِرَ فِي الْعُرْفِ إِطْلَاقُهُ عَلَى الْحِنْطَةِ وَيُؤَيِّدُهُ الْمُقَابَلَةُ بِمَا بَعْدَهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ مُجْمَلًا وَيَكُونَ مَا بَعْدَهُ بَيَانًا لَهُ كَأَنَّهُ بَيَّنَ أَنَّ الطَّعَامَ الَّذِي كَانُوا يُعْطُونَ مِنْهُ الصَّاعَ كَانَ تَمْرًا وَشَعِيرًا وَأَقِطًا لَا حِنْطَةً وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَى الْبُخَارِيُّ «عَنْ أَبِي سَعِيدٍ كُنَّا نُخْرِجُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَوْمَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ وَكَانَ طَعَامُنَا يَوْمَئِذٍ الشَّعِيرُ وَالزَّبِيبُ وَالْأَقِطُ وَالتَّمْرُ» وَكَذَا مَا رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي مُخْتَصَرِ الْمُسْنَدِ الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «لَمْ تَكُنِ الصَّدَقَةُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إِلَّا التَّمْرَ وَالزَّبِيبَ وَالشَّعِيرَ وَلَمْ تَكُنِ الْحِنْطَةُ» فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَعَيَّنَ الْحَمْلُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى بَلْ يُسْتَبْعَدُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْلُومُ عِنْدَهُمُ الْمَعْلُومَ فِيمَا بَيْنَهُمْ صَاعًا مِنَ الْحِنْطَةِ فَيَتْرُكُونَهُ إِلَى نِصْفِهِ بِكَلَامِ مُعَاوِيَةَ بَلْ لَا يَبْقَى لِقَوْلِ مُعَاوِيَةَ إِنَّ النِّصْفَ يَعْدِلُ الصَّاعَ حِينَئِذٍ وَجْهٌ إِلَّا بِتَكَلُّفٍ وَبِالْجُمْلَةِ فَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ مَا كَانَ عِنْدَهُمْ نَصٌّ مِنْهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي الْبُرِّ بِصَاعٍ أَوْ نِصْفِهِ وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ عِنْدَهُمْ حَدِيثٌ بِالصَّاعِ لَمَا خَالَفُوهُ أَوْ بِنِصْفِهِ لَمَا احْتَاجُوا إِلَى الْقِيَاسِ بَلْ حَكَمُوا بِذَلِكَ وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فِي هَذَا الْبَابِ الْمَرْوِيُّ فِي الصِّحَاحِ قَوْلُهُ (مِنْ أَقِطٍ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ اللَّبَنُ الْمُتَحَجِّرُ (مِنْ سَمْرَاءَ الشَّامِ)

أَيْ مِنْ حِنْطَةِ الشَّامِ (إِلَّا تَعْدِلُ صَاعًا) أَيْ تُسَاوِيهِ فِي الْمَنْفَعَةِ أَوِ الْقِيمَةِ وَهِيَ مَدَارُ الْإِجْزَاءِ أَوِ الْمُرَادُ تُسَاوِيهِ فِي الْإِجْزَاءِ

1830 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعْدِ بْنِ عَمَّارٍ الْمُؤَذِّنِ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ مُؤَذِّنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ سُلْتٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مِنْ سُلْتٍ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَمُثَنَّاةٍ نَوْعٌ مِنَ الشَّعِيرِ يُشْبِهُ الْبُرَّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب العشر والخراج]

[بَاب الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ] 1831 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ جُنَيْدٍ الدَّامَغَانِيُّ حَدَّثَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ الْمُرْوَزِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو حَمْزَةَ قَالَ سَمِعْتُ مُغِيرَةَ الْأَزْدِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ حَيَّانَ الْأَعْرَجِ عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ قَالَ «بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْبَحْرَيْنِ أَوْ إِلَى هَجَرَ فَكُنْتُ آتِي الْحَائِطَ يَكُونُ بَيْنَ الْإِخْوَةِ يُسْلِمُ أَحَدُهُمْ فَآخُذُ مِنْ الْمُسْلِمِ الْعُشْرَ وَمِنْ الْمُشْرِكِ الْخَرَاجَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَآخُذُ مِنَ الْمُسْلِمِ الْعُشْرَ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ الْخَرَاجِيَّةَ إِذَا أَسْلَمَ أَهْلُهَا تَصِيرُ عُشْرِيَّةً وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِأَنَّ مُغِيرَةَ الْأَزْدِيَّ وَمُحَمَّدَ بْنَ زَيْدٍ مَجْهُولَانِ وَحَيَّانَ الْأَعْرَجَ وَإِنْ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَعَدَّهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ فَإِنَّ رِوَايَتَهُ عَنِ الْعَلَاءِ مُرْسَلَةٌ قَالَهُ الْمِزِّيُّ فِي التَّهْذِيبِ

[باب الوسق ستون صاعا]

[بَاب الْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعًا] 1832 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْكِنْدِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ عَنْ إِدْرِيسَ الْأَوْدِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ «رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (الْوَسْقُ) بِفَتْحِ وَاوٍ وَكَسْرِهَا وَسُكُونِ سِينٍ

1833 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَأَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ حَدِيثِ جَابِرٍ ضَعِيفٌ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى تَرْكِ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَزْرِيِّ قَالَ وَرَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ خَلَا التِّرْمِذِيَّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ

[باب الصدقة على ذي قرابة]

[بَاب الصَّدَقَةِ عَلَى ذِي قَرَابَةٍ] 1834 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُصْطَلِقِ ابْنِ أَخِي زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَتْ «سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُجْزِئُ عَنِّي مِنْ الصَّدَقَةِ النَّفَقَةُ عَلَى زَوْجِي وَأَيْتَامٍ فِي حِجْرِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا أَجْرَانِ أَجْرُ الصَّدَقَةِ وَأَجْرُ الْقَرَابَةِ» حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ ابْن أَخِي زَيْنَبَ عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَيَجْزِي) بِفَتْحِ يَاءٍ وَكَسْرِ زَايٍ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى يَوْمَ {لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} [البقرة: 48] أَوْ هُوَ مِنَ الْإِجْزَاءِ (مِنَ الصَّدَقَةِ) إِطْلَاقُهُ يَشْمَلُ الْوَاجِبَةَ وَغَيْرَهَا بَلْ قِيلَ يَنْبَغِي التَّخْصِيصُ بِالْوَاجِبَةِ بِقَرِينَةِ أَيَجْزِي إِلَّا أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الْفُقَهَاءِ خَصَّهَا بِالنَّافِلَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَيِ النَّفَقَةَ الْمَذْكُورَةَ

1835 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصَّدَقَةِ فَقَالَتْ زَيْنَبُ امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ أَيُجْزِينِي مِنْ الصَّدَقَةِ أَنْ أَتَصَدَّقَ عَلَى زَوْجِي وَهُوَ فَقِيرٌ وَبَنِي أَخٍ لِي أَيْتَامٍ وَأَنَا أُنْفِقُ عَلَيْهِمْ هَكَذَا وَهَكَذَا وَعَلَى كُلِّ حَالٍ قَالَ نَعَمْ قَالَ وَكَانَتْ صَنَاعَ الْيَدَيْنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (كَانَتْ صَنَّاعَ الْيَدَيْنِ) أَيْ تَصْنَعُ بِالْيَدَيْنِ وَتَكْسِبُ وَهَذَا اللَّفْظُ مِمَّا يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ يُقَالُ رَجُلٌ صَنَّاعٌ وَامْرَأَةٌ صَنَّاعٌ إِذَا كَانَ لَهُمَا صَنْعَةٌ يَعْمَلَانِهَا بِأَيْدِيهِمْ وَيَكْسِبَانِهَا وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ وَلَهُ شَاهِدٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ أَصْحَابُ الْكُتُبِ السِّتَّةِ خَلَا أَبَا دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب كراهية المسألة]

[بَاب كَرَاهِيَةِ الْمَسْأَلَةِ] 1836 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَوْدِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ أَحْبُلَهُ فَيَأْتِيَ الْجَبَلَ فَيَجِئَ بِحُزْمَةِ حَطَبٍ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَبِيعَهَا فَيَسْتَغْنِيَ بِثَمَنِهَا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَالْكَلَامُ مِنْ قَبِيلِ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ (أَحْبُلَهُ) جَمْعُ حَبْلٍ وَالْمُرَادُ أَنَّ مَا يَلْحَقُ الْإِنْسَانَ بِالِاحْتِزَامِ مِنَ التَّعَبِ الدُّنْيَوِيِّ خَيْرٌ لَهُ مِمَّا يَلْحَقُهُ بِالسُّؤَالِ مِنَ التَّعَبِ الْأُخْرَوِيِّ فَعِنْدَ الْحَاجَةِ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَخْتَارَ الْأَوَّلَ وَيَتْرُكَ الثَّانِي

1837 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ يَتَقَبَّلُ لِي بِوَاحِدَةٍ وَأَتَقَبَّلُ لَهُ بِالْجَنَّةِ قُلْتُ أَنَا قَالَ لَا تَسْأَلْ النَّاسَ شَيْئًا» قَالَ فَكَانَ ثَوْبَانُ يَقَعُ سَوْطُهُ وَهُوَ رَاكِبٌ فَلَا يَقُولُ لِأَحَدٍ نَاوِلْنِيهِ حَتَّى يَنْزِلَ فَيَأْخُذَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَنْ يَتَقَبَّلُ) مَنِ اسْتِفْهَامِيَّةٌ أَيْ أَيُّكُمْ يَضْمَنُ لِي بِخَصْلَةٍ وَاحِدَةٍ هِيَ حِفْظُ نَفْسِهِ مِنْ

السُّؤَالِ وَأَنَا أَضْمَنُ لَهُ بِالْجَنَّةِ (لَا تَسْأَلِ النَّاسَ شَيْئًا) أَيْ مِنْ مَالِهِمْ وَإِلَّا فَطَلَبُ مَالِهِ عَلَيْهِمْ فَلَا يَضُرُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب من سأل عن ظهر غنى]

[بَاب مَنْ سَأَلَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى] 1838 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرَ جَهَنَّمَ فَلْيَسْتَقِلَّ مِنْهُ أَوْ لِيُكْثِرْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (تَكَثُّرًا) أَيْ لَيُكْثِرَ بِهِ مَالَهُ أَوْ بِطَرِيقِ الْإِلْحَاحِ وَالْمُبَالَغَةِ فِي السُّؤَالِ (فَلْيَسْتَقِلَّ مِنْهُ) هُوَ لِلتَّوْبِيخِ مِثْلَ {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: 29] لَا لِلْإِذْنِ وَالتَّخْيِيرِ.

1839 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ) أَيْ سُؤَالُهَا وَإِلَّا فَهِيَ تَحِلُّ لِلْفَقِيرِ وَإِنْ كَانَ قَوِيًّا صَحِيحَ الْأَعْضَاءِ إِذَا أَعْطَاهُ أَحَدٌ بِلَا سُؤَالٍ (مِرَّةٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ (سَوِيٍّ) صَحِيحِ الْأَعْضَاءِ.

1840 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ حَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَأَلَ وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ جَاءَتْ مَسْأَلَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خُدُوشًا أَوْ خُمُوشًا أَوْ كُدُوحًا فِي وَجْهِهِ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا يُغْنِيهِ قَالَ خَمْسُونَ دِرْهَمًا أَوْ قِيمَتُهَا مِنْ الذَّهَبِ» فَقَالَ رَجُلٌ لِسُفْيَانَ إِنَّ شُعْبَةَ لَا يُحَدِّثُ عَنْ حَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ فَقَالَ سُفْيَانُ قَدْ حَدَّثَنَاهُ زُبَيْدٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (خُدُوشًا) بِضَمِّ أَوَّلِهِ مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ وَهُوَ مَصْدَرُ خَدَشَ الْجِلْدَ قَشَرَهُ بِنَحْوِ عُودٍ وَالْخُمُوشُ وَالْكُدُوحُ مِثْلُهُ وَزْنًا وَمَعْنًى فَأَوْ لِلشَّكِّ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ (وَمَا يُغْنِيهِ) أَيْ عَنِّي يَمْنَعُهُ مِنَ السُّؤَالِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بَيَانَ الْغِنَى الْمُوجِبِ لِلزَّكَاةِ وَالْمُحَرِّمِ لِأَخْذِهَا مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ.

[باب من تحل له الصدقة]

[بَاب مَنْ تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ] 1841 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ إِلَّا لِخَمْسَةٍ لِعَامِلٍ عَلَيْهَا أَوْ لِغَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ لِغَنِيٍّ اشْتَرَاهَا بِمَالِهِ أَوْ فَقِيرٍ تُصُدِّقَ عَلَيْهِ فَأَهْدَاهَا لِغَنِيٍّ أَوْ غَارِمٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ) أَيْ لَا تَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا

إِذِ الْكَلَامُ الْآتِي لَيْسَ فِي الْأَخْذِ فَقَطْ بَلْ فِي التَّمَلُّكِ مُطْلَقًا (أَوْ غَنِيٍّ اشْتَرَاهَا) الْمُرَادُ إِنَّمَا حَصَلَتْ لَهُ بِسَبَبٍ آخَرَ غَيْرِ التَّصَدُّقِ كَالشِّرَاءِ وَالْهَدِيَّةِ فَشَمَلَ الْإِرْثَ وَبَدَلَ الْكِتَابَةِ بِأَنْ كَاتَبَ عَبْدًا فَأَخَذَ صَدَقَةً وَأَعْطَاهَا لِلسَّيِّدِ فِي بَدَلِ الْكِتَابَةِ وَالْمَهْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَأَمَّا قَوْلُهُ: أَوْ فَقِيرٍ فَعَطْفُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ بِحَسَبِ الْمَعْنَى كَأَنَّهُ قِيلَ أَوْ غَنِيٍّ أَهْدَى لَهُ فَقِيرٌ مَا تَصَدَّقَ عَلَيْهِ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ صَاحِبِ فَقِيرٍ (أَوْ غَارِمٍ) أَيْ مَدْيُونٍ لَا يَبْقَى عِنْدَهُ بَعْدَ أَدَاءِ الدَّيْنِ قَدْرُ النِّصَابِ وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنَ السَّبِيلِ لِأَنَّهُ لَا يَأْخُذُهُ إِلَّا حَالُ الْحَاجَةِ فَهُوَ بِالنَّظَرِ إِلَى تِلْكَ الْحَاجَةِ فَقِيرٌ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا فِي بَلَدِهِ ثُمَّ الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْفَقْرَ لَازِمٌ فِي مَصَارِفِ الزَّكَاةِ كُلِّهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب فضل الصدقة]

[بَاب فَضْلِ الصَّدَقَةِ] 1842 - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ الْمِصْرِيُّ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَصَدَّقَ أَحَدٌ بِصَدَقَةٍ مِنْ طَيِّبٍ وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَّا الطَّيِّبَ إِلَّا أَخَذَهَا الرَّحْمَنُ بِيَمِينِهِ وَإِنْ كَانَتْ تَمْرَةً فَتَرْبُو فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَتَّى تَكُونَ أَعْظَمَ مِنْ الْجَبَلِ وَيُرَبِّيهَا لَهُ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فُلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مِنْ طَيِّبٍ) أَيْ حَلَالٍ وَهَذَا هُوَ الطَّيِّبُ طَبْعًا وَالْمُرَادُ هَاهُنَا هُوَ الْأَوَّلُ وَجُمْلَةُ وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَخْ مُعْتَرَضَةٌ لِبَيَانِ أَنَّهُ لَا ثَوَابَ فِي غَيْرِ الطَّيِّبِ لَا أَنَّ ثَوَابَهُ دُونَ هَذَا الثَّوَابِ إِذْ قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنَ التَّقْيِيدِ أَنَّهُ شَرْطٌ لِهَذَا الثَّوَابِ بِخُصُوصِهِ لَا لِمُطْلَقِ الثَّوَابِ فَمُطْلَقُ الثَّوَابِ يَكُونُ بِدُونِهِ أَيْضًا فَذُكِرَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ دَفْعًا لِهَذَا التَّوَهُّمِ وَمَعْنَى عَدَمِ قَبُولِهِ أَنَّهُ لَا يُثِيبُ عَلَيْهِ وَلَا يَرْضَى بِهِ (بِيَمِينِهِ) الْمَرْوِيِّ عَنِ السَّلَفِ فِي هَذَا وَأَمْثَالِهِ أَنْ يُؤْمِنَ الْمَرْءُ بِهِ وَيَكِلَ عِلْمَهُ إِلَى الْعَلِيمِ الْخَبِيرِ وَقِيلَ هُوَ كِنَايَةٌ عَنِ الرِّضَا بِهِ وَالْقَبُولِ قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَتْ تَمْرَةً) إِنْ وَصَلْيَةٌ أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الصَّدَقَةُ شَيْئًا حَقِيرًا (فَتَرْبُو) عَطْفٌ عَلَى أَخَذَهَا أَيْ يَزِيدُ تِلْكَ الصَّدَقَةَ وَيُرَبِّيهَا مِنَ التَّرْبِيَةِ (فَلُوَّهُ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَضَمِّ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ أَيِ الصَّغِيرَ مِنْ أَوْلَادِ الْفَرَسِ فَإِنَّ تَرْبِيَتَهُ يَحْتَاجُ إِلَى مُبَالَغَةٍ فِي الِاهْتِمَامِ بِهِ

عَادَةً وَالْفَصِيلُ وَلَدُ النَّاقَةِ وَكَلِمَةُ أَوْ لِلشَّكِّ مِنَ الرَّاوِي أَوْ لِلتَّنْوِيعِ.

1843 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ عَدِيِّ ابْنِ حَاتِمٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ فَيَنْظُرُ أَمَامَهُ فَتَسْتَقْبِلُهُ النَّارُ وَيَنْظُرُ عَنْ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا شَيْئًا قَدَّمَهُ وَيَنْظُرُ عَنْ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا شَيْئًا قَدَّمَهُ فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَّقِيَ النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَلْيَفْعَلْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ) بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ نِصْفِهَا.

1844 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنْ الرَّبَابِ أُمِّ الرَّائِحِ بِنْتِ صُلَيْعٍ عَنْ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ الضَّبِّيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ وَعَلَى ذِي الْقَرَابَةِ اثْنَتَانِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكَيْنِ إِلَخْ) إِطْلَاقُهُ يَشْمَلُ الْفَرْضَ وَالنَّدْبَ فَيَدُلُّ عَلَى جَوَازِ أَدَاءِ الزَّكَاةِ إِلَى الْقَرَابَةِ مُطْلَقًا وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[كتاب النكاح]

[كِتَاب النِّكَاحِ] [بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ النِّكَاحِ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَاب النِّكَاحِ بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ النِّكَاحِ 1845 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ قَالَ «كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ بِمِنًى فَخَلَا بِهِ عُثْمَانُ فَجَلَسْتُ قَرِيبًا مِنْهُ فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ هَلْ لَكَ أَنْ أُزَوِّجَكَ جَارِيَةً بِكْرًا تُذَكِّرُكَ مِنْ نَفْسِكَ بَعْضَ مَا قَدْ مَضَى فَلَمَّا رَأَى عَبْدُ اللَّهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ سِوَى هَذِهِ أَشَارَ إِلَيَّ بِيَدِهِ فَجِئْتُ وَهُوَ يَقُولُ لَئِنْ قُلْتَ ذَلِكَ لَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَخَلَا بِهِ إِلَخْ) مِنَ الْخَلْوَةِ قَوْلُهُ: (جَارِيَةً) صَغِيرَةً (بَعْضَ مَا قَدْ مَضَى) فِي أَيَّامِ الشَّبَابِ مِنَ الْقُوَّةِ وَالشَّهْوَةِ فَإِنَّ الْقُوَّةَ تَرْجِعُ بِمُخَالَطَةِ الشَّابَّةِ (أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ) أَيْ لِعُثْمَانَ (حَاجَةٌ) يَطْلُبُ لَهَا الْخَلْوَةَ (هَذَا) الَّذِي ذَكَرَ أَيْ وَرَأَى أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى ذَلِكَ فَلَا حَاجَةَ إِلَى بَقَاءِ الْخَلْوَةِ بِسَبَبِهِ قَوْلُهُ: أَشَارَ إِلَيَّ إِلَخْ (لَئِنْ قُلْتُ ذَلِكَ لَقَدْ قَالَ إِلَخْ) يَحْتَمِلُ أَنَّهُ تَحْسِينٌ لِكَلَامِ عُثْمَانَ أَيْ أَنَّ مَا حَضَضْتَنِي عَلَيْهِ فَهُوَ مَا حَضَّنَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَيْضًا وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ رَدَّ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْخِطَابَ فِي الْحَدِيثِ بِالشَّبَابِ فَالْمُرَادُ أَنَّهُ إِنَّمَا يَحُضُّ عَلَى ذَلِكَ مَنْ هُوَ فِي شِدَّةِ الشَّبَابِ قَوْلُهُ: (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ) الْمَعْشَرُ الطَّائِفَةُ الَّتِي يَشْمَلُهَا وَصْفٌ كَالنَّوْعِ وَالْجِنْسِ وَنَحْوِهِ وَالشَّبَابُ كَذَلِكَ وَالشَّبَابُ بِفَتْحِ الشِّينِ جَمْعُ شَابٍّ وَيَجِيءُ مَصْدَرًا أَيْضًا لَكِنْ هَاهُنَا جَمْعٌ قَوْلُهُ: (الْبَاءَةَ) بِالْمَدِّ وَالْهَاءِ عَلَى الْأَفْصَحِ يُطْلَقُ عَلَى الْجِمَاعِ وَالْعَقْدِ وَيَصِحُّ فِي الْحَدِيثِ كُلٌّ مِنْهُمَا بِتَقْدِيرِ الْمُضَافِ أَيْ مُؤَنَهُ وَأَسْبَابَهُ أَوِ الْمُرَادُ هَاهُنَا بِلَفْظِ الْبَاءَةِ هِيَ الْمُؤَنُ وَالْأَسْبَابُ إِطْلَاقًا لِلِاسْمِ عَلَى مَا يُلَازِمُ مُسَمَّاهُ (فَلْيَتَزَوَّجْ) أَمْرُ نَدْبٍ عِنْدَ الْجُمْهُورِ إِلَّا إِذَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ (أَغَضُّ) أَجَسْرُ (وَأَحْصَنُ) أَحْفَظُ

(فَإِنَّهُ) أَيِ الصَّوْمَ (لَهُ) أَيْ لِلْفَرْجِ (وِجَاءٌ) بِكَسْرِ الْوَاوِ وَالْمَدِّ أَيْ كَسْرٌ شَدِيدٌ يَذْهَبُ بِشَهْوَتِهِ.

1846 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مَيْمُونٍ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النِّكَاحُ مِنْ سُنَّتِي فَمَنْ لَمْ يَعْمَلْ بِسُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي وَتَزَوَّجُوا فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ وَمَنْ كَانَ ذَا طَوْلٍ فَلْيَنْكِحْ وَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَعَلَيْهِ بِالصِّيَامِ فَإِنَّ الصَّوْمَ لَهُ وِجَاءٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (النِّكَاحِ) أَيْ طَلَبِ النِّسَاءِ بِالْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ فِي الدِّينِ (مِنْ سُنَّتِي) مِنْ طَرِيقَتِي الَّتِي سَلَكْتُهَا وَسَبِيلِي الَّتِي نَدَبْتُهَا (فَمَنْ لَمْ يَعْمَلْ بِسُنَّتِي) رَغْبَةً وَإِعْرَاضًا عَنْهَا وَقِلَّةَ مُبَالَاةٍ بِهَا فَلَا يَشْمَلُ الْحَدِيثُ مَنْ يَتْرُكُ النِّكَاحَ لِعَدَمِ تَيَسُّرِ الْمُؤَنِ أَوْ لِلِاشْتِغَالِ بِالْعِبَادَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ (فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكَمْ) أَيْ مُفَاخِرٌ بِكَثْرَتِكُمْ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى ضَعْفِ عِيسَى بْنِ مَيْمُونٍ الْمَدِينِيِّ لَكِنْ لَهُ شَاهِدٌ صَحِيحٌ.

1847 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ نَرَ لِلْمُتَحَابَّيْنِ مِثْلَ النِّكَاحِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: ( «لَمْ نَرَ لِلْمُتَحَابَّيْنِ مِثْلَ النِّكَاحِ» ) لَفْظُ مُتَحَابَّيْنِ يَحْتَمِلُ التَّثْنِيَةَ وَالْجَمْعَ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ بَيْنَ اثْنَيْنِ مَحَبَّةٌ فَتِلْكَ الْمَحَبَّةُ لَا يَزِيدُهَا شَيْءٌ مِنْ أَنْوَاعِ التَّعَلُّقَاتِ بِالتَّقَرُّبَاتِ وَلَا يُدِيمُهَا مِثْلُ تَعَلُّقِ النِّكَاحِ فَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا نِكَاحٌ مَعَ تِلْكَ الْمَحَبَّةِ لَكَانَتِ الْمَحَبَّةُ كُلَّ يَوْمٍ بِالِازْدِيَادِ وَالْقُوَّةِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب النهي عن التبتل]

[بَاب النَّهْيِ عَنْ التَّبَتُّلِ] 1848 - حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ سَعْدٍ قَالَ «لَقَدْ رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ التَّبَتُّلَ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ لَاخْتَصَيْنَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (التَّبَتُّلَ) هُوَ الِانْقِطَاعُ عَنِ النِّسَاءِ وَتَرْكُ النِّكَاحِ لِلِانْقِطَاعِ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدْ رَدَّ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ التَّبَتُّلَ عَلَيْهِ حَيْثُ نَهَاهُ عَنْهُ (لَاخْتَصَيْنَا) الِاخْتِصَاءُ مِنْ خَصَيْتَ الْفَحْلَ إِذَا سَلَلْتَ خُصْيَتَيْهِ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ بِنَفْسِكَ وَفَعَلَهُ بِنَفْسِهِ حَرَامٌ فَلَيْسَ بِمُرَادٍ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ قَطْعُ الشَّهْوَةِ بِمُعَالَجَةٍ أَوِ التَّبَتُّلُ وَالِانْقِطَاعُ إِلَى اللَّهِ بِتَرْكِ النِّسَاءِ أَيْ لَفَعَلْنَا فِعْلَ الْمُخْتَصِينَ فِي تَرْكِ النِّكَاحِ وَالِانْقِطَاعِ عَنْهُ اشْتِغَالًا بِالْعِبَادَةِ وَالنَّوَوِيُّ حَمَلَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ فَقَالَ مَعْنَاهُ

لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الِانْقِطَاعِ عَنِ النِّسَاءِ وَغَيْرِهِنَّ مِنْ مَلَاذِ الدُّنْيَا لَاخْتَصَيْنَا لِدَفْعِ شَهْوَةِ النِّسَاءِ لَا يُمْكِنُنَا التَّبَتُّلُ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يَظُنُّونَ جَوَازَ الِاخْتِصَاءِ بِاجْتِهَادِهِمْ وَلَمْ يَكُنْ ظَنُّهُمْ هَذَا مُوَافِقًا فَإِنَّ الِاخْتِصَاءَ فِي الْآدَمِيِّ حِرَامٌ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا انْتَهَى وَمَا سَبَقَ أَحْسَنُ لِمَا فِيهِ مِنْ حَمْلِ ظَنِّهِمْ عَلَى أَحْسَنِ الظُّنُونِ فَلْيَتَأَمَّلْهُ.

1849 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ آدَمَ وَزَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ قَالَا حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ التَّبَتُّلِ زَادَ زَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ وَقَرَأَ قَتَادَةُ {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً} [الرعد: 38] » ـــــــــــــــــــــــــــــ {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا} [الرعد: 38] أَيْ وَهُمُ الَّذِينَ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالِاقْتِدَاءِ بِهَدْيِهِمْ فَقَالَ {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} [الأنعام: 90] ثُمَّ لِلنَّاسِ فِي سَمَاعِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ كَلَامٌ إِلَّا فِي حَدِيثِ الْعَقِيقَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب حق المرأة على الزوج]

[بَاب حَقِّ الْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ] 1850 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي قَزْعَةَ عَنْ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا حَقُّ الْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ قَالَ أَنْ يُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمَ وَأَنْ يَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَى وَلَا يَضْرِبْ الْوَجْهَ وَلَا يُقَبِّحْ وَلَا يَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَنْ يُطْعِمَهَا إِلَخْ) لَيْسَ الْمَقْصُودُ التَّقَيُّدُ بَلِ الْمَطْلُوبُ الْحَثُّ عَلَى الْمُبَادَرَةِ فِي إِطْعَامِهَا وَكَسَوْتِهَا كَمَا يَفْعَلُ الْإِنْسَانُ عَادَةً ذَلِكَ فِي شَأْنِ نَفْسِهِ (وَلَا يَضْرِبَ الْوَجْهَ) أَيْ إِنِ احْتَاجَ إِلَى ضَرْبِهَا لِلتَّأْدِيبِ أَوْ لِتَرْكِهَا بَعْضَ الْفَرَائِضِ (وَلَا يُقَبِّحَ) أَيْ صُورَتَهَا بِضَرْبِ الْوَجْهِ وَلَا يَنْسُبَ شَيْئًا مِنْ أَفْعَالِهَا وَأَقْوَالِهَا إِلَى الْقُبْحِ وَلَا يَقُولَ لَهَا قَبَّحَ اللَّهُ وَجْهَكِ أَوْ قَبَّحَكِ مِنْ غَيْرِ حَقٍّ قَوْلُهُ (وَلَا يَهْجُرَ إِلَّا فِي الْبَيْتِ) أَيْ لَا يَهْجُرَهَا إِلَّا فِي الْمَضْجَعِ وَلَا يَتَحَوَّلَ عَنْهَا وَلَا يُحَوِّلَهَا إِلَى دَارٍ أُخْرَى وَلَعَلَّ ذَلِكَ فِيمَا يُعْتَادُ وُقُوعُهُ مِنْ الْهَجْرِ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ وَإِلَّا فَيَجُوزُ هَجْرُهُنَّ إِذَا انْحَسَّتِ الْمَعْصِيَةُ فِي بَيْتٍ كَإِيلَاءِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إِيَّاهُنَّ شَهْرًا وَاعْتِزَالِهِ فِي الْمَشْرَبَةِ

1851 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ الْبَارِقِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَصِ حَدَّثَنِي أَبِي «أَنَّهُ شَهِدَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَذَكَّرَ وَوَعَظَ ثُمَّ قَالَ اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّهُنَّ عِنْدَكُمْ عَوَانٍ لَيْسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئًا غَيْرَ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ فَإِنْ فَعَلْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ لَكُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ حَقًّا وَلِنِسَائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقًّا فَأَمَّا حَقُّكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ فَلَا يُوَطِّئَنَّ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَ وَلَا يَأْذَنَّ فِي بُيُوتِكُمْ لِمَنْ تَكْرَهُونَ أَلَا وَحَقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ فِي كِسْوَتِهِنَّ وَطَعَامِهِنَّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا) قِيلَ الِاسْتِيصَاءُ قَبُولُ الْوَصِيَّةِ أَيْ أُوصِيكُمْ بِهِنَّ خَيْرًا فَاقْبَلُوا وَصِيَّتِي فِيهِنَّ وَقَالَ الطِّيبِيُّ لِلطَّلَبِ أَيِ اطْلُبُوا الْوَصِيَّةَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِخَيْرٍ أَوْ يَطْلُبُ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ بِالْإِحْسَانِ فِي حَقِّهِنَّ وَالصَّبْرِ عَلَى عِوَجِ أَخْلَاقِهِنَّ

بِلَا سَبَبٍ وَقِيلَ الِاسْتِيصَاءُ بِمَعْنَى الْإِيصَاءِ (عَوَانٌ) جَمْعُ عَانِيَةٍ بِمَعْنَى الْأَسِيرَةِ (غَيْرَ ذَلِكَ) أَيْ غَيْرَ الْأَمْرِ الْمَعْهُودِ الَّذِي لِأَجْلِهِ شُرِعَ نِكَاحُهُنَّ قَوْلُهُ (إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ إِلَخْ) أَيْ لَا تَمْلِكُونَ غَيْرَ ذَلِكَ فِي وَقْتٍ إِلَّا وَقْتَ إِتْيَانِهِنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ أَيْ ظَاهِرَةٍ فُحْشًا وَقُبْحًا وَالْمُرَادُ النُّشُوزُ وَشَكَاسَةُ الْخُلُقِ وَإِيذَاءُ الزَّوْجِ وَأَهْلِهِ بِاللِّسَانِ وَالْيَدِ لَا الزِّنَا إِذْ لَا يُنَاسِبُ (ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ) وَهَذَا هُوَ الْمُلَائِمُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ} [النساء: 34] الْآيَةَ فَالْحَدِيثُ عَلَى هَذَا كَالتَّفْسِيرِ لِلْآيَةِ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالضَّرْبِ فِيهَا هُوَ الضَّرْبُ الْمُتَوَسِّطُ لَا الشَّدِيدُ (وَالْمَضَاجِعِ) الْمَرَاقِدِ أَيْ فَلَا تُدْخِلُوهُنَّ تَحْتَ اللُّحُفِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ فَيَكُونَ كِنَايَةً عَنِ الْجِمَاعِ (غَيْرَ مُبَرِّحٍ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ وَتَشْدِيدِ رَاءٍ وَحَاءٍ مُهْمَلَةٍ هُوَ الشَّدِيدُ الشَّاقُّ {فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ} [النساء: 34] فِي تَرْكِ النُّشُوزِ {فَلَا تَبْغُوا} [النساء: 34] إِلَخْ بِالتَّوْبِيخِ وَالْأَذِيَّةِ أَيْ فَأَزِيلُوا عَنْهُنَّ التَّعَرُّضَ وَاجْعَلُوا مَا كَانَ مِنْهُنَّ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فَإِنَّ التَّائِبَ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ (فَلَا يُوطِئْنَ) صِفَةُ جَمْعِ النِّسَاءِ مِنَ الْإِيطَاءِ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ فِي مَعْنَاهُ أَنْ لَا يُمَكِّنَّ مِنْ أَنْفُسِهِنَّ أَحَدًا سِوَاكُمْ وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا مَعْنَى حِينَئِذٍ لِاشْتِرَاطِ الْكَرَاهَةِ لِأَنَّ الزِّنَا حَرَامٌ عَلَى الْوُجُوهِ كُلِّهَا قُلْتُ يُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْكَرَاهَةَ فِي جِمَاعِهِنَّ يَشْمَلُ عَادَةً لِلْكُلِّ سِوَى الزَّوْجِ وَلِذَا قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ أَحَدًا سِوَاكُمْ فَلَا إِشْكَالَ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ أَنْ لَا يُؤْذِنَّ لِأَحَدٍ مِنَ الرِّجَالِ يَدْخُلُ فَيُحَدِّثُ إِلَيْهِنَّ وَكَانَ الْحَدِيثُ مِنَ الرِّجَالِ إِلَى النِّسَاءِ مِنْ عَادَاتِ الْعَرَبِ لَا يَرَوْنَ ذَلِكَ عَيْبًا وَلَا يَعُدُّونَهُ رِيبَةً فَلَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ وَصَارَتِ النِّسَاءُ مَقْصُورَاتٍ نَهَى عَنْ مُحَادِثَتِهِنَّ وَالْقُعُودِ إِلَيْهِنَّ وَقَوْلُهُ مَنْ تَكْرَهُونَ أَيْ تَكْرَهُونَ دُخُولِهِ سَوَاءٌ كَرِهْتُمُوهُ فِي نَفْسِهِ أَمْ لَا قِيلَ الْمُخْتَارُ مَنْعُهُنَّ عَنْ إِذْنِ أَحَدٍ فِي الدُّخُولِ وَالْجُلُوسِ فِي الْمَنَازِلِ سَوَاءٌ كَانَ مَحْرَمًا أَوِ امْرَأَةً إِلَّا بِرِضَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب حق الزوج على المرأة]

[بَاب حَقِّ الزَّوْجِ عَلَى الْمَرْأَةِ] 1852 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَوْ أَمَرْتُ أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَمَرَ امْرَأَتَهُ أَنْ تَنْقُلَ مِنْ جَبَلٍ أَحْمَرَ إِلَى جَبَلٍ أَسْوَدَ وَمِنْ جَبَلٍ أَسْوَدَ إِلَى جَبَلٍ أَحْمَرَ لَكَانَ نَوْلُهَا أَنْ تَفْعَلَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ) أَيْ غَيْرَ اللَّهِ (لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ إِلَخْ) كِنَايَةٌ عَنْ تَعْظِيمِ حَقِّ الزَّوْجِ لَهُ (أَنْ تَنْقُلَ مِنْ جَبَلٍ أَحْمَرَ إِلَخْ) هُوَ بِالْجِيمِ وَفَتْحِ الْبَاءِ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْبَاءِ كَمَا فِي بَعْضِ الْأُصُولِ وَالْحَبْلُ هُوَ الرَّمْلُ الْمُسْتَطِيلُ أَيْ لَوْ أَمَرَهَا أَنْ تَنْقُلَ الْأَحْجَارَ مِنْ جَبَلٍ إِلَى جَبَلٍ أَوِ الرَّمْلَ مِنْ حَبْلٍ إِلَى حَبْلٍ فَإِذَا كَانَ اللَّائِقُ بِحَالِهِنَّ أَنْ تُطِيعَ فِي مِثْلِ هَذَا مَعَ أَنَّهُ تَعَبٌ شَدِيدٌ بِلَا فَائِدَةٍ فَكَيْفَ بِأَمْرٍ آخَرَ وَذِكْرُ الْأَلْوَانَ لِلْمُبَالَغَةِ فِي الْبُعْدِ إِذْ لَا يُوجَدَ أَمْثَالُ هَذِهِ الْجِبَالِ مُتَقَارِبَةً قَوْلُهُ (لَكَانَ نَوْلُهَا) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْوَاوِ أَيْ حَقُّهَا وَالَّذِي يَنْبَغِي لَهَا وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ لَكِنْ لِلْحَدِيثِ طُرُقٌ أُخَرُ وَلَهُ شَاهِدَانِ مِنْ حَدِيثِ طَلْقِ بْنِ عَلِيٍّ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَمِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ

1853 - حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ مَرْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ الْقَاسِمِ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ «لَمَّا قَدِمَ مُعَاذٌ مِنْ الشَّامِ سَجَدَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا هَذَا يَا مُعَاذُ قَالَ أَتَيْتُ الشَّامَ فَوَافَقْتُهُمْ يَسْجُدُونَ لِأَسَاقِفَتِهِمْ وَبَطَارِقَتِهِمْ فَوَدِدْتُ فِي نَفْسِي أَنْ نَفْعَلَ ذَلِكَ بِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا تَفْعَلُوا فَإِنِّي لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِغَيْرِ اللَّهِ لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا تُؤَدِّي الْمَرْأَةُ حَقَّ رَبِّهَا حَتَّى تُؤَدِّيَ حَقَّ زَوْجِهَا وَلَوْ سَأَلَهَا نَفْسَهَا وَهِيَ عَلَى قَتَبٍ لَمْ تَمْنَعْهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَوَافَقْتُهُمْ) أَيْ صَادَفْتُهُمْ وَوَجَدْتُهُمْ (لِأَسَاقِفَتِهِمْ وَبِطَارِقَتِهِمْ) أَيْ رُؤَسَائِهِمْ وَأُمَرَائِهِمْ (وَلَوْ سَأَلَهَا) أَيِ الزَّوْجُ (نَفْسَهَا) أَيِ الْجِمَاعَ (عَلَى قَتَبٍ) بِفَتْحَتَيْنِ لِلْجَمَلِ كَالْإِكَافِ لِغَيْرِهِ وَمَعْنَاهُ الْحَثُّ عَلَى مُطَاوَعَةِ أَزْوَاجِهِنَّ وَأَنَّهُنَّ لَا يَنْبَغِي لَهُنَّ الِامْتِنَاعُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَكَيْفَ فِي غَيْرِهَا وَقِيلَ إِنَّ نِسَاءَ الْعَرَبِ كُنَّ إِذَا أَرَدْنَ الْوِلَادَةَ جَلَسْنَ عَلَى قَتَبٍ وَيُقَالُ إِنَّهُ أَسْهَلُ لِخُرُوجِ الْوَلَدِ فَأَرَادَ تِلْكَ الْحَالَةَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ كُنَّا نَرَى أَنَّ الْمَعْنَى وَهِيَ تَسِيرُ عَلَى ظَهْرِ الْبَعِيرِ فَجَاءَهُ التَّفْسِيرُ بِغَيْرِ ذَلِكَ وَفِي الزَّوَائِدِ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ كَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنَّهُ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَذُكِرَ أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالُوا

لَمَّا قَدِمَ مَعَاذٌ مِنَ الْيَمَنِ

1854 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِي نَصْرٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُسَاوِرٍ الْحِمْيَرِيِّ عَنْ أُمِّهِ قَالَتْ سَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ تَقُولُ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَنْهَا رَاضٍ دَخَلَتْ الْجَنَّةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (دَخَلَتِ الْجَنَّةَ) أَيِ ابْتِدَاءً

[باب أفضل النساء]

[بَاب أَفْضَلِ النِّسَاءِ] 1855 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّمَا الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَلَيْسَ مِنْ مَتَاعِ الدُّنْيَا شَيْءٌ أَفْضَلَ مِنْ الْمَرْأَةِ الصَّالِحَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَتَاعٌ) أَيْ مَحَلٌّ لِلِاسْتِمْتَاعِ لَا مَطْلُوبَةٌ بِالذَّاتِ فَتُؤْخَذَ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ

1856 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ بْنِ سَمُرَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ «لَمَّا نَزَلَ فِي الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ مَا نَزَلَ قَالُوا فَأَيَّ الْمَالِ نَتَّخِذُ قَالَ عُمَرُ فَأَنَا أَعْلَمُ لَكُمْ ذَلِكَ فَأَوْضَعَ عَلَى بَعِيرِهِ فَأَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا فِي أَثَرِهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَّ الْمَالِ نَتَّخِذُ فَقَالَ لِيَتَّخِذْ أَحَدُكُمْ قَلْبًا شَاكِرًا وَلِسَانًا ذَاكِرًا وَزَوْجَةً مُؤْمِنَةً تُعِينُ أَحَدَكُمْ عَلَى أَمْرِ الْآخِرَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَمَّا نَزَلَ) أَيْ قَوْلُهُ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} [التوبة: 34] كَمَا فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ (فَأَنَا أُعْلِمُ) مِنَ الْإِعْلَامِ قَوْلُهُ (فَأَوْضَعَ) أَيْ أَسْرَعَ بَعِيرَهُ رَاكِبًا عَلَيْهِ فَفِي الْكَلَامِ تَضْمِينٌ وَكَانُوا فِي سَفَرٍ كَمَا فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ (فِي أَثَرِهِ) أَيْ فِي عَقِبِهِ وَهُوَ بِفَتْحَتَيْنِ أَوْ بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ قَوْلُهُ (لِيَتَّخِذْ أَحَدُكُمْ قَلْبًا إِلَخْ) وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ أَيُّ الْمَالِ خَيْرٌ فَنَتَّخِذَهُ فَقَالَ أَفْضَلُهُ لِسَانٌ ذَاكِرٌ وَقَلْبٌ شَاكِرٌ وَزَوْجَةٌ مُؤْمِنَةٌ تُعِينُهُ عَلَى إِيمَانِهِ فَعَدَّ الْمَذْكُورَاتِ مِنَ الْمَالِ لِمُشَارَكَتِهَا لِلْمَالِ أَيْ فِي مَيْلِ قَلْبِ الْمُؤْمِنِ إِلَيْهَا وَأَنَّهَا أُمُورٌ مَطْلُوبَةٌ عِنْدَهُ ثُمَّ عَدَّهَا مِنْ أَصْلِ الْأَمْوَالِ لِأَنَّ نَفْعَهَا بَاقٍ وَنَفْعَ سَائِرِ الْأَمْوَالِ زَائِلٌ وَبِالْجُمْلَةِ فَالْجَوَابُ مِنْ أُسْلُوبِ الْحَكِيمِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ هَمَّ الْمُؤْمِنِ يَنْبَغِي أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالْآخِرَةِ فَيَسْأَلَ عَمَّا يَنْفَعُهُ وَأَنَّ أَمْوَالَ الدُّنْيَا كُلَّهَا لَا تَخْلُو عَنْ شَرٍّ وَفِي الزَّوَائِدِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو بْنِ مُرَّةَ ضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ وَوَثَّقَهُ الْحَاكِمُ وَابْنُ حِبَّانَ وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ لَا بَأْسَ بِهِ فَقَالَ رَوَى التِّرْمِذِيُّ فِي التَّفْسِيرِ الْمَرْفُوعَ مِنْهُ دُونَ قَوْلِ عُمَرَ وَقَالَ حَسَنٌ

1857 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاتِكَةِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ مَا اسْتَفَادَ الْمُؤْمِنُ بَعْدَ تَقْوَى اللَّهِ خَيْرًا لَهُ مِنْ زَوْجَةٍ صَالِحَةٍ إِنْ أَمَرَهَا أَطَاعَتْهُ وَإِنْ نَظَرَ إِلَيْهَا سَرَّتْهُ وَإِنْ أَقْسَمَ عَلَيْهَا أَبَرَّتْهُ وَإِنْ غَابَ عَنْهَا نَصَحَتْهُ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (بَعْدَ تَقْوَى اللَّهِ) فِيهِ أَنَّ التَّقْوَى هُوَ الْمَقْصُودُ لِلْمُؤْمِنِ وَلَا مِثْلَ لَهُ أَصْلًا (إِنْ أَمَرَهَا) بَيَانُ صَلَاحِهَا إِنْ أُرِيدَ صَلَاحُ الزَّوْجَةِ وَمَا يَحْصُلُ بِهِ أُمُورُ الْمَعِيشَةِ أَوْ صِفَةً لِلزَّوْجَةِ لِبَيَانِ أَنَّ هَذِهِ

الْأُمُورَ مَطْلُوبَةٌ فِي الزَّوْجَةِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا غَيْرَ مَرْعِيَّةٍ فِي الصَّلَاحِ (سَرَّتْهُ) أَيْ لِحُسْنِهَا ظَاهِرًا أَوْ لِحُسْنِ أَخْلَاقِهَا بَاطِنًا أَوْ لِدَوَامِ اشْتِغَالِهَا بِطَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَالتَّقْوَى (أَبَرَّتْهُ) بِفِعْلِ الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (فِي نَفْسِهَا) بِحِفْظِهَا مِنْ تَمْكِينِ أَحَدٍ مِنْهَا وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جَدْعَانَ ضَعِيفٌ وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي عَاتِكَةَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَسَكَتَ عَلَيْهِ وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب تزويج ذوات الدين]

[بَاب تَزْوِيجِ ذَوَاتِ الدِّينِ] 1858 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تُنْكَحُ النِّسَاءُ لِأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَلِجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لِأَرْبَعٍ) أَيِ النَّاسُ يُرَاعُونَ هَذِهِ الْخِصَالَ فِي الْمَرْأَةِ وَيَرْغَبُونَ فِيهَا لِأَجْلِهَا وَلَمْ يُرِدِ الْأَمْرَ بِمُرَاعَاتِهَا وَالْحَسَبُ شَرَفُ الْآبَاءِ أَوْ حُسْنُ الْأَفْعَالِ (فَاظْفَرْ) أَيْ فَاطْلُبْ أَيُّهَا الْمُسْتَرْشِدُ ذَاتَ الدِّينِ حَتَّى تَفُوزَ بِهَا وَتَكُونَ مُحَصِّلًا بِهَا غَايَةَ الْمَطْلُوبِ (تَرِبَتْ) بِكَسْرِ الرَّاءِ مِنْ تَرِبَ إِذَا افْتَقَرَ فَلَصِقَ بِالتُّرَابِ وَهَذِهِ كَلِمَةٌ تَجْرِي عَلَى لِسَانِ الْعَرَبِ فِي مَقَامِ الْمَدْحِ وَالذَّمِّ وَلَا يُرَادُ بِهَا الدُّعَاءُ عَلَى الْمُخَاطَبِ دَائِمًا وَقَدْ يُرَادُ الدُّعَاءُ أَيْضًا وَالْمُرَادُ هَاهُنَا إِمَّا الْمَدْحُ أَيِ اطْلُبْ ذَاتَ الدِّينِ أَيُّهَا الْعَاقِلُ الَّذِي يُحْسَدُ عَلَيْكَ لِكَمَالِ عَقْلِكَ فَيَقُولُ الْحَاسِدُ حَسَدًا تَرِبَتْ يَدَاكَ أَوِ الذَّمُّ أَوِ الدُّعَاءُ عَلَيْهِ بِتَقْدِيرِ إِنْ خَالَفْتَ هَذَا الْأَمْرَ

1859 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْمُحَارِبيُّ وَجَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ عَنْ الْإِفْرِيقِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَزَوَّجُوا النِّسَاءَ لِحُسْنِهِنَّ فَعَسَى حُسْنُهُنَّ أَنْ يُرْدِيَهُنَّ وَلَا تَزَوَّجُوهُنَّ لِأَمْوَالِهِنَّ فَعَسَى أَمْوَالُهُنَّ أَنْ تُطْغِيَهُنَّ وَلَكِنْ تَزَوَّجُوهُنَّ عَلَى الدِّينِ وَلَأَمَةٌ خَرْمَاءُ سَوْدَاءُ ذَاتُ دِينٍ أَفْضَلُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَنْ يُرْدِيَهُنَّ) أَيْ يُوقِعَهُنَّ فِي الْهَلَاكِ بِالْإِعْجَابِ وَالتَّكَبُّرِ (تُطْغِيَهُنَّ) أَيْ تُوقِعَهُنَّ فِي الْمَعَاصِي وَالشُّرُورِ (خَرْمَاءُ) أَيْ مَقْطُوعَةُ بَعْضِ الْأَنْفِ وَمَثْقُوبَةُ الْأُذُنِ (أَفْضَلُ) مِنَ الْحُرَّةِ وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ} [البقرة: 221] وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ الْأَفْرِيقِيُّ وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنْعَمَ ضَعِيفٌ وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ بِإِسْنَادٍ آخَرَ اهـ

[باب تزويج الأبكار]

[بَاب تَزْوِيجِ الْأَبْكَارِ] 1860 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَتَزَوَّجْتَ يَا جَابِرُ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ أَبِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا قُلْتُ ثَيِّبًا قَالَ فَهَلَّا بِكْرًا تُلَاعِبُهَا قُلْتُ كُنَّ لِي أَخَوَاتٌ فَخَشِيتُ أَنْ تَدْخُلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُنَّ قَالَ فَذَاكَ إِذَنْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَهَلَّا بِكْرًا) أَيْ فَهَلَّا تَزَوَّجْتَ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِكْرَ بِلَا أَلِفٍ وَهُوَ بِالنَّصْبِ كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ رِوَايَةً وَلَا عِبْرَةَ بِسُقُوطِ الْأَلِفِ خَطًّا فِي عِلْمِ الْحَدِيثِ قَوْلُهُ (تُلَاعِبُهَا) وَتُلَاعِبُكَ تَعْلِيلٌ لِلتَّرْغِيبِ فِي الْأَبْكَارِ سَوَاءٌ كَانَتِ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةً كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ أَوْ صِفَةً لِبِكْرًا أَيْ لِيَكُونَ بَيْنَكُمَا كَمَالُ التَّآلُفِ وَالتَّآنُسِ فَإِنَّ الثَّيِّبَ قَدْ تَكُونُ مُعَلَّقَةَ الْقَلْبِ بِالسَّابِقِ (أَنْ تَدْخُلَ) أَيِ الْبِكْرُ لِصِغَرِهَا وَخِفَّةِ عَقْلِهَا (بَيْنِي وَبَيْنَهُنَّ) فَتُورِثَ الْفِتَنَ وَتُؤَدِّي إِلَى الْفِرَاقِ (فَذَاكَ) الَّذِي فَعَلْتَ مِنْ أَخْذِ الثَّيِّبِ أَحْسَنُ وَأَوْلَى أَوْ خَيْرٌ (إِذَا) أَيْ إِذَا كَانَ لِهَذَا الْغَرَضِ بِتِلْكَ النِّيَّةِ فَإِنَّ الدِّينَ خَيْرٌ مِنْ لَذَّةِ الدُّنْيَا

1861 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ التَّيْمِيُّ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَالِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ عُوَيْمِ بْنِ سَاعِدَةَ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْكُمْ بِالْأَبْكَارِ فَإِنَّهُنَّ أَعْذَبُ أَفْوَاهًا وَأَنْتَقُ أَرْحَامًا وَأَرْضَى بِالْيَسِيرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَعْذَبُ أَفْوَاهًا) وَتَذْكِيرُهُ بِتَقْدِيرِ مِنْ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ لُوطٍ {هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} [هود: 78] قِيلَ الْمُرَادُ عُذُوبَةُ الرِّيقِ وَقِيلَ هُوَ مَجَازٌ عَنْ حَسَنِ كَلَامِهَا وَقِلَّةِ بَذَاهَا وَفُحْشِهَا مَعَ زَوْجِهَا لِبَقَاءِ حَيَائِهَا فَإِنَّهَا مَا خَالَطَتْ زَوْجًا قَبْلَهُ (وَأَنْتَقُ أَرْحَامًا) أَيْ أَكْثَرُ أَوْلَادًا يُقَالُ لِلْمَرْأَةِ الْكَثِيرَةِ الْوَلَدِ نَاتِقٌ لِأَنَّهَا تَرْمِي بِالْأَوْلَادِ نَتْقًا وَالنَّتْقُ الرَّمْيُ وَلَعَلَّ سَبَبَ هَذَا أَنَّهَا مَا وَلَدَتْ قَبْلُ حَتَّى يَنْقُصَ مِنَ اسْتِعْدَادِهَا شَيْءٌ (بِالْيَسِيرِ) مِنَ الْإِرْفَاقِ بِالْمَالِ وَالْجِمَاعِ وَنَحْوِهِمِا قَالَ السُّيُوطِيُّ زَادَ ابْنُ السُّنِّيِّ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الطَّلَبِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مِنَ الْعَمَلِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ يَعْنِي مِنَ الْجِمَاعِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِمٍ لَا يُحْتَجُّ بِهِ وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ هُوَ مِنَ الثِّقَاتِ رُبَّمَا أَخْطَأَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَالِمِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ الْبُخَارِيُّ لَمْ يَصِحَّ حَدِيثُهُ.

[باب تزويج الحرائر]

[بَاب تَزْوِيجِ الْحَرَائِرِ] ِ وَالْوَلُودِ 1862 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ سَوَّارٍ حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ طَاهِرًا مُطَهَّرًا فَلْيَتَزَوَّجْ الْحَرَائِرَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَلْيَتَزَوَّجِ الْحَرَائِرَ) قِيلَ لِكَوْنِهِنَّ أَنْظَفُ مِنَ الْإِمَاءِ فَيَسْرِي ذَلِكَ مِنْ صُحْبَتِهِنَّ إِلَى الْأَزْوَاجِ وَالْأَقْرَبُ حَمْلُ الْحُرِّيَّةِ عَلَى الْحُرِّيَّةِ الْمَعْنَوِيَّةِ وَهِيَ نَجَابَةُ الصِّفَاتِ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ وَلَدَ الْجَارِيَةِ أَنْجَبُ وَمِنْهُ قَوْلُ الْحَمَاسِيِّ وَلَا يَكْشِفُ الْغَمَّ إِلَّا ابْنُ حُرَّةٍ ... يَرَى غَمَرَاتِ الْمَوْتِ ثُمَّ يَزُورُهَا قُلْتُ: وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ النَّفْسَ قَلَّمَا تَقْنَعُ بِالْأَمَةِ فَالْمُتَزَوِّجُ بِهَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَا زَوْجَ لَهُ فِي النَّظَرِ وَالطَّمَعِ إِلَى غَيْرِهَا ثُمَّ اللَّامُ فِي الْحَرَائِرِ لِلْجِنْسِ فَالتَّعَدُّدُ غَيْرُ لَازِمٍ وَقَدْ يُقَالُ الْأَمْرُ رَاجِعٌ إِلَى التَّعَدُّدِ إِذْ كَثِيرًا لَا تَقْنَعُ النَّفْسُ بِالْوَاحِدَةِ فَتَطْمَعَ فِي غَيْرِهَا وَلَا يَخْفَى بُعْدُهُ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ كَثِيرِ بْنِ سَلِيمٍ وَسَلَامُ هُوَ ابْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ سِوَارٍ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ عِنْدَهُ مَنَاكِيرُ وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ فِي حَدِيثِهِ مَنَاكِيرُ.

1863 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ الْمَخْزُومِيُّ عَنْ طَلْحَةَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْكِحُوا فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (انْكِحُوا) أَيِ الْوَلُودَ وَقُدِّرَ الْمَفْعُولُ بِقَرِينَةِ إِنِّي مُكَاثِرٌ بِكَمُ الْأَنْبِيَاءَ كَمَا فِي رِوَايَةِ أَوِ الْأُمَمَ كَمَا تَقَدَّمَ وَبِتَقْدِيرِ الْمَفْعُولِ نَاسَبَ الْحَدِيثُ التَّرْجَمَةَ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ طَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو الْمَكِّيُّ الْحَضْرَمِيُّ مُتَّفَقٌ عَلَى تَضْعِيفِهِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب النظر إلى المرأة إذا أراد أن يتزوجها]

[بَاب النَّظَرِ إِلَى الْمَرْأَةِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا] 1864 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ عَمِّهِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ قَالَ «خَطَبْتُ امْرَأَةً فَجَعَلْتُ أَتَخَبَّأُ لَهَا حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهَا فِي نَخْلٍ لَهَا فَقِيلَ لَهُ أَتَفْعَلُ هَذَا وَأَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا أَلْقَى اللَّهُ فِي قَلْبِ امْرِئٍ خِطْبَةَ امْرَأَةٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَتَخَبَّأُ لَهَا) أَيْ لِأَجْلِ النَّظَرِ إِلَيْهَا (خِطْبَةَ امْرَأَةٍ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ بِمَعْنَى طَلَبِ النِّكَاحِ (أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا) فَالنَّظَرُ إِلَى الْأَجْنَبِيَّةِ لِقَصْدِ النِّكَاحِ جَائِزٌ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ حَجَّاجُ وَهُوَ ابْنُ أَرْطَاةَ الْكُوفِيِّ ضَعِيفٌ مُدَلِّسٌ وَرَوَاهُ بِالْعَنْعَنَةِ لَكِنْ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ حَجَّاجُ فَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ بِإِسْنَادٍ آخَرَ.

1865 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ وَزُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالُوا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ ثابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا فَفَعَلَ فَتَزَوَّجَهَا فَذَكَرَ مِنْ مُوَافَقَتِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنْ أَدَامَ بِلَا مَدٍّ أَوْ بِمَدٍّ أَيْ يُوَفَّقَ وَيُؤَلَّفَ وَالْخِطَابُ لِتَغْلِيبِ الْحَاضِرِ عَلَى الْغَائِبِ قَوْلُهُ: (فَذَكَرَ مِنْ مُوَافَقَتِهَا) أَيْ مَا ذَكَرَ حَذَفَ الْمَفْعُولَ لِلتَّعْظِيمِ وَأَنَّهُ قَدْرٌ لَا يُحِيطُهُ الْوَصْفُ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ كَالْمُصَنِّفِ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْمُغِيرَةِ.

1866 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ «أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ لَهُ امْرَأَةً أَخْطُبُهَا فَقَالَ اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا فَأَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ فَخَطَبْتُهَا إِلَى أَبَوَيْهَا وَأَخْبَرْتُهُمَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَأَنَّهُمَا كَرِهَا ذَلِكَ قَالَ فَسَمِعَتْ ذَلِكَ الْمَرْأَةُ وَهِيَ فِي خِدْرِهَا فَقَالَتْ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَكَ أَنْ تَنْظُرَ فَانْظُرْ وَإِلَّا فَأَنْشُدُكَ كَأَنَّهَا أَعْظَمَتْ ذَلِكَ قَالَ فَنَظَرْتُ إِلَيْهَا فَتَزَوَّجْتُهَا فَذَكَرَ مِنْ مُوَافَقَتِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَخْطُبُهَا) مِنْ بَابِ نَصَرَ مِنَ الْخُطْبَةِ (وَخَبَّرْتُهُمَا) مِنَ التَّخْبِيرِ أَيْ أَخْبَرْتُهُمَا (فِي خِدْرِهَا) بِالْكَسْرِ أَيْ سِتْرِهَا يُرِيدُ أَنَّهَا كَانَتْ بِكْرًا (وَإِلَّا فَإِنِّي أَنْشُدُكَ) أَيْ أَسْأَلُكَ بِاللَّهِ أَنْ لَا تَنْظُرَ إِلَيَّ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ بَعْضَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب لا يخطب الرجل على خطبة أخيه]

[بَاب لَا يَخْطُبْ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ] 1867 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَسَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَخْطُبْ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا يَخْطُبُ) إِلَخْ يَحْتَمِلُ النَّفْيَ بِمَعْنَى النَّهْيِ وَهَذَا إِذَا تَرَاضَيَا وَلَمْ يَبْقَ بَيْنَهُمَا إِلَّا الْعُقُودُ وَلَمْ يَمْنَعْ قَبْلَ ذَلِكَ وَالْجُمْهُورُ عَلَى عَدَمِ خُصُوصِ هَذَا الْحُكْمِ بِالْمُسْلِمِ خِلَافًا لِلْأَوْزَاعِيِّ وَعِنْدَ الْجُمْهُورِ يُحْمَلُ ذِكْرُ الْأَخِ الْمَبْنِيِّ عَلَى الْإِسْلَامِ عَلَى أَنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَلَا

مَفْهُومَ لَهُ عِنْدَ الْقَائِلِ لَهُ مِنْهُمْ.

1868 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَخْطُبْ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ»

1869 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ بْنِ صُخَيْرٍ الْعَدَوِيِّ قَالَ سَمِعْتُ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ تَقُولُ «قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي فَآذَنَتْهُ فَخَطَبَهَا مُعَاوِيَةُ وَأَبُو الْجَهْمِ بْنُ صُخَيْرٍ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَرَجُلٌ تَرِبٌ لَا مَالَ لَهُ وَأَمَّا أَبُو الْجَهْمِ فَرَجُلٌ ضَرَّابٌ لِلنِّسَاءِ وَلَكِنْ أُسَامَةُ فَقَالَتْ بِيَدِهَا هَكَذَا أُسَامَةُ أُسَامَةُ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَاعَةُ اللَّهِ وَطَاعَةُ رَسُولِهِ خَيْرٌ لَكِ قَالَتْ فَتَزَوَّجْتُهُ فَاغْتَبَطْتُ بِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذَا حَلَلْتِ) أَيْ خَرَجْتِ مِنَ الْعِدَّةِ فَصِرْتِ حَلَالًا لِلْأَزْوَاجِ (فَآذِنِينِي) مِنَ الْإِيذَانِ بِمَعْنَى الْإِعْلَامِ أَيْ أَخْبِرِينِي بِحَالِكِ (فَخَطَبَهَا مُعَاوِيَةُ) ظَاهِرُ اللَّفْظِ أَنَّهُمْ خَطَبُوهَا بَعْدَ أَنْ آذَنَتِ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَهُوَ خِلَافُ الْوَاقِعِ وَلَا يُنَاسِبُ آخِرَ الْحَدِيثِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بِتَقْدِيرِ الْقَوْلِ أَيْ فَقُلْتُ: خَطَبَهَا غَايَةَ الْأَمْرِ أَنَّ الرَّاوِي حَكَى عَنْهَا الْكَلَامَ بِطَرِيقِ الْغَيْبَةِ لَا التَّكَلُّمِ وَهَذَا كَثِيرٌ لَا بُعْدَ فِيهِ (تَرِبٌ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ أَيْ فَقِيرٌ (ضَرَّابٌ) أَيْ كَثِيرُ الضَّرْبِ وَقِيلَ إِنَّهُ أُرِيدَ كَثِيرُ الْجِمَاعِ وَهُوَ بَعِيدٌ وَفِيهِ أَنَّهُ يَجُوزُ ذِكْرُ مِثْلِ هَذِهِ الْأَوْصَافِ إِذَا دَعَتْ حَاجَةُ الْمَشُورِ إِلَيْهِ وَأَنَّهُ يَجُوزُ الْخِطْبَةُ عَلَى خِطْبَةِ آخَرَ قَبْلَ الرُّكُونِ وَلِهَذَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الْحَدِيثَ فِي هَذَا الْبَابِ وَمَقْصُودُهُ بَيَانُ التَّقْيِيدِ فِي حَدِيثِ لَا يَخْطُبُ لَكِنْ مَا يُقَالُ إِنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ خَطَبَهَا لِأُسَامَةَ قَبْلَ ذَلِكَ بِالتَّعْرِيضِ حَيْثُ قَالَ إِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي وَبَعْضُهُمْ أَخَذَ مِنْهُ جَوَازَ ذَلِكَ لِلْمَأْذُونِ مِنَ الْخَاطِبِ كَالنَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إِذْ مَعْلُومٌ رِضَا الْكُلِّ بِمَا قَضَى فَهُوَ كَالْمَأْذُونِ فِي ذَلِكَ (هَكَذَا) إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ غَيْرُ مَرْغُوبٍ فِيهِ (فَاغْتَبَطَتْ بِهِ) عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ مِنَ الِاغْتِبَاطِ مِنْ غَبَطَهُ فَاغْتَبَطَ أَوْ كَانَ النِّسَاءُ تَغْبِطُنِي لِوُفُورِ حَظِّي مِنْهُ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب استئمار البكر والثيب]

[بَاب اسْتِئْمَارِ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ] 1870 - حَدَّثَنِي إِسْمَعِيلُ بْنُ مُوسَى السُّدِّيُّ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ الْهَاشِمِيِّ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَيِّمُ أَوْلَى بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ فِي نَفْسِهَا قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْبِكْرَ تَسْتَحْيِي أَنْ تَتَكَلَّمَ قَالَ إِذْنُهَا سُكُوتُهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْأَيِّمُ) بِفَتْحٍ فَتَشْدِيدِ تَحْتِيَّةٍ مَكْسُورَةٍ فِي الْأَصْلِ مَنْ لَا زَوْجَ لَهَا بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا وَالْمُرَادُ هَاهُنَا الثَّيِّبُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْلَى وَهُوَ يَقْتَضِي الْمُشَارَكَةَ فَيُفِيدُ أَنَّ لَهَا حَقًّا فِي نِكَاحِهَا وَلِوَلِيِّهَا حَقًّا وَحَقُّهَا آكَدُ مِنْ حَقِّهِ فَإِنَّهَا لَا تُجْبَرُ لِأَجْلِ الْوَلِيِّ وَهُوَ يُجْبَرُ لِأَجْلِهَا فَإِنْ أَبَى زَوَّجَهَا الْقَاضِي فَلَا يُنَافِي هَذَا الْحَدِيثَ حَدِيثُ «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ»

(وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ) أَيْ يَطْلُبُ الْوَلِيُّ مِنْهَا الْإِذْنَ فِي النِّكَاحِ.

1871 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تُنْكَحُ الثَّيِّبُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ وَلَا الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ وَإِذْنُهَا الصُّمُوتُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا تُنْكَحُ الثَّيِّبُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ يَحْتَمِلُ النَّفْيَ وَالنَّهْيَ (حَتَّى تُسْتَأْمَرَ) أَيْ يُطْلَبَ مِنْهَا الْأَمْرُ صَرِيحًا بِخِلَافِ الْبِكْرِ فَإِنَّ إِذْنَهَا بِالسُّكُوتِ يَكْفِي (الصُّمُوتُ) كَالسُّكُوتِ لَفْظًا وَمَعْنًى.

1872 - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ الْمِصْرِيُّ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ عَنْ عَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ الْكِنْدِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثَّيِّبُ تُعْرِبُ عَنْ نَفْسِهَا وَالْبِكْرُ رِضَاهَا صَمْتُهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (تُعْرِبُ) مِنْ أَعْرَبَ أَيْ تُظْهِرُ وَتُخْبِرُ وَتَكْشِفُ عَنْ نَفْسِهَا فِي النِّهَايَةِ هَكَذَا يُرْوَى بِالتَّخْفِيفِ مِنْ أَعْرَبَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الصَّوَابُ بِالتَّشْدِيدِ يُقَالُ عَرَّبْتُ عَنِ الْقَوْمِ إِذَا تَكَلَّمْتُ عَنْهُمْ وَقِيلَ إِنَّ عَرَّبَ بِمَعْنَى أَعْرَبَ يُقَالُ أَعْرَبَ عَنْهُ لِسَانُهُ أَوْ عَرَّبَ وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ الصَّوَابُ أَعْرَبَ بِالتَّخْفِيفِ وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْإِعْرَابُ إِعْرَابًا لِتَبْيِينِهِ وَإِيضَاحِهِ وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ لُغَتَانِ مُتَسَاوِيَتَانِ بِمَعْنَى الْإِبَانَةِ وَالْإِيضَاحِ أَيْ فَلَا فَائِدَةَ فِي اخْتِلَافِهِمَا ثُمَّ الْأَوْجَهُ هُوَ التَّخْفِيفُ لِمُوَافَقَةِ الرِّوَايَاتِ وَفِي الزَّوَائِدِ رِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ فَإِنَّ عَدِيًّا لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ عَدِيِّ بْنِ عُمَيْرَةَ يَدْخُلُ بَيْنَهُمَا الْعُرْسُ بْنُ عُمَيْرَةَ قَالَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ لَكِنِ الْحَدِيثُ لَهُ شَوَاهِدُ صَحِيحَةٌ.

[باب من زوج ابنته وهي كارهة]

[بَاب مَنْ زَوَّجَ ابْنَتَهُ وَهِيَ كَارِهَةٌ] 1873 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ وَمُجَمِّعَ بْنَ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيَّيْنِ أَخْبَرَاهُ «أَنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ يُدْعَى خِذَامًا أَنْكَحَ ابْنَةً لَهُ فَكَرِهَتْ نِكَاحَ أَبِيهَا فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ لَهُ فَرَدَّ عَلَيْهَا نِكَاحَ أَبِيهَا فَنَكَحَتْ أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ» وَذَكَرَ يَحْيَى أَنَّهَا كَانَتْ ثَيِّبًا ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يُدْعَى خِذَامًا) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَذَالٍ مُعْجَمَةٍ (أَنَّهَا كَانَتْ ثَيِّبًا) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا إِجْبَارَ عَلَى الثَّيِّبِ وَلَوْ صَغِيرَةً لِأَنَّ ذِكْرَ هَذَا الْوَصْفِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ مَدَارُ الرَّدِّ وَمَنْ يَرَى أَنَّ الْمُؤَثِّرَ

فِي عَدَمِ الْإِجْبَارِ الْبُلُوغُ يَرَى أَنَّ هَذَا حِكَايَةُ حَالٍ لَا عُمُومَ لَهَا فَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ بَالِغَةً فَصَارَ حَقُّ الْفَسْخِ بِسَبَبِ ذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ اشْتَبَهَ عَلَى الرَّاوِي فَزَعَمَ أَنَّ الْحَقَّ لِكَوْنِهَا ثَيِّبًا.

1874 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ كَهْمَسِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «جَاءَتْ فَتَاةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِنَّ أَبِي زَوَّجَنِي ابْنَ أَخِيهِ لِيَرْفَعَ بِي خَسِيسَتَهُ قَالَ فَجَعَلَ الْأَمْرَ إِلَيْهَا فَقَالَتْ قَدْ أَجَزْتُ مَا صَنَعَ أَبِي وَلَكِنْ أَرَدْتُ أَنْ تَعْلَمَ النِّسَاءُ أَنْ لَيْسَ إِلَى الْآبَاءِ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لِيَرْفَعَ بِي) أَيْ لِيُزِيلَ عَنْهُ بِإِنْكَاحِي إِيَّاهُ (خَسِيسَتَهُ) دَنَاءَتَهُ أَيْ أَنَّهُ خَسِيسٌ فَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَهُ بِي عَزِيزًا وَالْخَسِيسُ الدَّنِيءُ وَالْخِسَّةُ وَالْخَسَاسَةُ الْحَالَةُ الَّتِي يَكُونُ عَلَيْهَا الْخَسِيسُ يُقَالُ رَفَعَ خَسِيسَتَهُ إِذَا فَعَلَ بِهِ فِعْلًا يَكُونُ فِيهِ رِفْعَةٌ (فَجَعَلَ الْأَمْرَ إِلَيْهَا) يُفِيدُ أَنَّ النِّكَاحَ مُنْعَقِدٌ إِلَّا أَنَّهُ يُعَادُ إِلَى أَمْرِهَا وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُ الْمُصَنِّفِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَغَيْرِهَا.

1875 - حَدَّثَنَا أَبُو السَّقْرِ يَحْيَى بْنُ يَزْدَادَ الْعَسْكَرِيُّ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَرُوذِيُّ حَدَّثَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ جَارِيَةً بِكْرًا أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ لَهُ أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ فَخَيَّرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا مُعَمَّرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّقِّيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ حِبَّانَ عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَبُو السَّقْرِ) بِالْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَقَدْ تُبْدَلُ سِينُهُ صَادَا (الْمَرْوَرَا) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ وَذِي أَوْ ثُمَّ رَاءٍ مَضْمُومَةٍ مُشَدَّدَةٍ وَبِذَالٍ مُعْجَمَةٍ كَذَا هُوَ مَضْبُوطٌ بِخَطِّ بَعْضِ الْأَكَابِرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب نكاح الصغار يزوجهن الآباء]

[بَاب نِكَاحِ الصِّغَارِ يُزَوِّجُهُنَّ الْآبَاءُ] 1876 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَنَزَلْنَا فِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ فَوُعِكْتُ فَتَمَرَّقَ شَعَرِي حَتَّى وَفَى لَهُ جُمَيْمَةٌ فَأَتَتْنِي أُمِّي أُمُّ رُومَانَ وَإِنِّي لَفِي أُرْجُوحَةٍ وَمَعِي صَوَاحِبَاتٌ لِي فَصَرَخَتْ بِي فَأَتَيْتُهَا وَمَا أَدْرِي مَا تُرِيدُ فَأَخَذَتْ بِيَدِي فَأَوْقَفَتْنِي عَلَى بَابِ الدَّارِ وَإِنِّي لَأَنْهَجُ حَتَّى سَكَنَ بَعْضُ نَفَسِي ثُمَّ أَخَذَتْ شَيْئًا مِنْ مَاءٍ فَمَسَحَتْ بِهِ عَلَى وَجْهِي وَرَأْسِي ثُمَّ أَدْخَلَتْنِي الدَّارَ فَإِذَا نِسْوَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فِي بَيْتٍ فَقُلْنَ عَلَى الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ وَعَلَى خَيْرِ طَائِرٍ فَأَسْلَمَتْنِي إِلَيْهِنَّ فَأَصْلَحْنَ مِنْ شَأْنِي فَلَمْ يَرُعْنِي إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضُحًى فَأَسْلَمَتْنِي إِلَيْهِ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَأَنَا بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ) لَعَلَّهَا كَانَتْ بِنْتَ سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ فَلِذَلِكَ جَاءَ أَنَّهَا كَانَتْ بِنْتَ سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ (فَوُعِكْتُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيْ أَخَذَتْنِي الْحُمَّى (فَتَمَرَّقَ شَعْرِي) قِيلَ هُوَ بِالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ يُقَالُ مَرَّقَ شَعْرُهُ وَتَمَرَّقَ إِذَا انْتَشَرَ وَتَسَاقَطَ مِنْ مَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ قُلْتُ: هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الْغَايَةِ فِي بَابِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمَضْبُوطُ فِي بَعْضِ الْأُصُولِ بِالزَّايِ الْمُعْجَمَةِ مِنْ مَزَّقْتُ الشَّيْءَ فَتَمَزَّقَ أَيْ قَطَّعَهُ فَتَقَطَّعَ وَالظَّاهِرُ جَوَازُ الْوَجْهَيْنِ (حَتَّى وَفَى لِي) غَايَةٌ لِمِقْدَارِيٍ أَيْ فَقُمْتُ مِنَ الْمَرَضِ وَمَضَتْ أَيَّامٌ حَتَّى وَفَى لِي (حُمَيْمَةٌ) وَهُوَ مِنْ وَفَاءِ

الشَّيْءِ إِذَا كَمُلَ وَتَمَّ وَالْحُمَيْمَةُ تَصْغِيرٌ الْحُمَّى بِضَمٍّ فَتَشْدِيدٍ وَهُوَ مِنْ شَعْرِ الرَّأْسِ مَا يَسْقُطُ عَلَى الْمَنْكِبَيْنِ قَوْلُهُ: (لِفِي أُرْجُوحَةٍ) بِضَمِّ هَمْزَةٍ وَسُكُونِ وَاوٍ وَضَمِّ جِيمٍ وَبِمُهْمَلَةٍ خَشَبَةٍ يَلْعَبُ عَلَيْهَا الصِّبْيَانُ يَكُونُ وَسَطُهَا عَلَى مَكَانٍ مُرْتَفِعٍ وَيَجْلِسُونَ عَلَى طَرَفَيْهَا وَيُحَرِّكُونَهَا فَيَرْتَفِعُ جَانِبٌ وَيَنْزِلُ جَانِبٌ كَذَا فِي الْمَجْمَعِ وَقَالَ السُّيُوطِيُّ هِيَ حَبْلٌ يُشَدُّ طَرَفَاهُ فِي مَوْضِعٍ عَالٍ ثُمَّ يَرْكَبُهُ الْإِنْسَانُ وَيُحَرِّكُ وَهُوَ فِيهِ سُمِّيَ بِهِ لِتَحَرُّكِهِ وَمَجِيئِهِ وَذَهَابِهِ قَوْلُهُ: (فَصَرَخَتْ بِي) أَيْ صَاحَتْ بِي وَنَادَتْنِي (وَإِنِّي لَأَنْهَجُ) مِنَ النَّهَجِ بِفَتْحَتَيْنِ وَهُوَ تَتَابُعُ النَّفَسِ كَمَا يَحْصُلُ لِمَنْ يُسْرِعُ فِي الْمَشْيِ وَالْفِعْلُ مِنْ بَابِ عَلِمَ (بَعَضُ نَفَسِي) بِفَتْحَتَيْنِ (مِنْ مَاءٍ فَمَسَحَتْ بِهِ) لِيَزُولَ مَا عَلَيْهَا مِنْ أَثَرِ اللَّعِبِ (وَعَلَى خَيْرِ طَائِرٍ) أَيْ عَلَى خَيْرِ نَصِيبٍ وَطَائِرُ الْإِنْسَانِ نَصِيبُهُ قَوْلُهُ: (فَلَمْ يَرُعْنِي إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ) أَيْ حُضُورُهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَقْتَ الضُّحَى إِذْ مَا رَاعَنِي شَيْءٌ مِمَّا فَعَلْتُ وَلَا خَطَرَ بِبَالِي خَطْرَةٌ بَلْ كُنْتُ غَافِلَةً وَمَا انْتَبَهْتُ عَنْ تِلْكَ الْغَفْلَةِ إِلَّا حِينَ حُضُورِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ.

1877 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِشَةَ وَهِيَ بِنْتُ سَبْعٍ وَبَنَى بِهَا وَهِيَ بِنْتُ تِسْعٍ وَتُوُفِّيَ عَنْهَا وَهِيَ بِنْتُ ثَمَانِي عَشْرَةَ سَنَةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَائِشَةَ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ إِلَّا أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ قَالَهُ شُعْبَةُ وَأَبُو حَاتِمٍ وَابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَالتِّرْمِذِيُّ فِي الْجَامِعِ وَالْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ وَغَيْرُهُمْ وَالْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي الصُّغْرَى مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب نكاح الصغار يزوجهن غير الآباء]

[بَاب نِكَاحِ الصِّغَارِ يُزَوِّجُهُنَّ غَيْرُ الْآبَاءِ] 1878 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ الصَّائِغُ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ حِينَ هَلَكَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ تَرَكَ ابْنَةً لَهُ قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَزَوَّجَنِيهَا خَالِي قُدَامَةُ وَهُوَ عَمُّهَا وَلَمْ يُشَاوِرْهَا وَذَلِكَ بَعْدَ مَا هَلَكَ أَبُوهَا فَكَرِهَتْ نِكَاحَهُ وَأَحَبَّتْ الْجَارِيَةُ أَنْ يُزَوِّجَهَا الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ فَزَوَّجَهَا إِيَّاهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ حِينَ هَلَكَ أَيْ مَاتَ فَزُوِّجَهَا أَيْ بَعْدَ فَسْخِ اَلنِّكَاحِ اَلْأَوَّلِ بِخِيَارِ اَلْبُلُوغِ وَفِي اَلزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ مَوْقُوفٌ وَفِيهِ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ نَافِعٍ مَوْلَى اِبْنِ عُمَرَ مُتَّفَقٌ عَلَى تَضْعِيفِهِ.

[باب لا نكاح إلا بولي]

[بَاب لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ] 1879 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّمَا امْرَأَةٍ لَمْ يُنْكِحْهَا الْوَلِيُّ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَإِنْ أَصَابَهَا فَلَهَا مَهْرُهَا بِمَا أَصَابَ مِنْهَا فَإِنْ اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَمْ يَنْكِحْهَا الْوَلِيُّ) أَيْ لَمْ يَأْذَنِ الْوَلِيُّ بِنِكَاحِهَا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَاتُ الْحَدِيثِ فَلَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ النِّكَاحِ بِعِبَارَةِ النَّسْلِ (فَإِنِ اشْتَجَرُوا) أَيْ تَنَازَعُوا وَاخْتَلَفُوا بِحَيْثُ أَدَّى ذَلِكَ إِلَى الْمَنْعِ عَنِ النِّكَاحِ يُفَوَّضُ الْأَمْرُ إِلَى السُّلْطَانِ وَيُجْعَلُ الْأَوْلِيَاءُ كَالْمَعْدُومِينَ وَمَنْ لَا يَقُولُ بِاشْتِرَاطِ الْوَلِيِّ فِي النِّكَاحِ يَقُولُ فِي إِسْنَادِ أَحَادِيثِ الْبَابِ مَقَالٌ أَشَارَ إِلَى بَعْضِهِ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالُوا عَلَى تَقْدِيرِ الصِّحَّةِ يُحْمَلُ عُمُومُ أَيُّمَا امْرَأَةٍ عَلَى امْرَأَةٍ تَحْتِ وَلِيٍّ بِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ.

1880 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَا «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ وَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ) أَيْ بِإِذْنِهِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ حَجَّاجُ وَهُوَ ابْنُ أَرْطَاةَ مُدَلِّسٌ وَقَدْ رَوَاهُ بِالْعَنْعَنَةِ وَأَيْضًا لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عِكْرِمَةَ وَإِنَّمَا يُحَدِّثُ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَلَمْ يَسْمَعْ حَجَّاجٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَهُ عَبَّادُ بْنُ الزُّهْرِيِّ فَقَدْ تَابَعَهُ عَلَيْهِ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى وَهُوَ ثِقَةٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ بِلَفْظِ «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نُكِحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ» الْحَدِيثَ

كَمَا رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ اهـ قُلْتُ: وَلِأَهْلِ الْحَدِيثِ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ أَيْضًا تَكَلُّمٌ.

1881 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَقَ الْهَمْدَانِيُّ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ»

1882 - حَدَّثَنَا جَمِيلُ بْنُ الْحَسَنِ الْعَتَكِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ الْعُقَيْلِيُّ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ وَلَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا فَإِنَّ الزَّانِيَةَ هِيَ الَّتِي تُزَوِّجُ نَفْسَهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَإِنَّ الزَّانِيَةَ إِلَخْ) أَيْ مُبَاشَرَةَ الْمَرْأَةِ لِلْعَقْدِ مِنْ شَأْنِ الزَّانِيَةِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَتَحَقَّقَ الْمُبَاشَرَةُ فِي النِّكَاحِ الشَّرْعِيِّ وَلِمَنْ يَرَى جَوَازَ ذَلِكَ أَنْ يَجْعَلَ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى النَّهْيِ عَنْ مُبَاشَرَةِ الْمَرْأَةِ بِلَا بَيِّنَةٍ بِقَرِينَةِ التَّعْلِيلِ إِذِ الزَّانِيَةُ لَا تُبَاشِرُ الْعَقْدَ بِبَيِّنَةٍ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ «الْبَغَايَا اللَّاتِي يُنْكِحْنَ أَنْفُسَهُنَّ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا وَرَجَّحَ الْوَقْفَ أَوْ يَحْمِلُ النَّهْيَ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ جَمِيلُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْعَتَكِيُّ قَالَ فِيهِ عَبْدَانُ إِنَّهُ فَاسِقٌ يَكْذِبُ يَعْنِي فِي كَلَامِهِ وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا تَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرَ عَبْدَانَ إِنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ وَلَا أَعْلَمُ لَهُ حَدِيثًا مُنْكَرًا وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَقَالَ يُغَرَّبُ وَأَخْرَجَ لَهُ فِي صَحِيحِهِ هُوَ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ مَسْلَمَةُ الْأَنْدَلُسِيُّ ثِقَةٌ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب النهي عن الشغار]

[بَاب النَّهْيِ عَنْ الشِّغَارِ] 1883 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الشِّغَارِ وَالشِّغَارُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ زَوِّجْنِي ابْنَتَكَ أَوْ أُخْتَكَ عَلَى أَنْ أُزَوِّجَكَ ابْنَتِي أَوْ أُخْتِي وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا صَدَاقٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنِ الشِّغَارِ) بِكَسْرِ الشِّينِ وَبِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَتَيْنِ قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا صَدَاقٌ) بَلْ يَجْعَلُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِنْتَهُ أَوْ أُخْتَهُ صَدَاقَ زَوْجَتِهِ وَالنَّهْيُ عَنْهُ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ الْمَشْرُوعِيَّةِ بِالِاتِّفَاقِ لِمَا جَاءَ «لَا شِغَارَ فِي الْإِسْلَامِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَرَوَاهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ نَعَمْ عِنْدَ الْجُمْهُورِ لَا يَنْعَقِدُ أَصْلًا وَعِنْدَنَا لَا يَبْقَى شِغَارًا بَلْ يَلْزَمُ فِيهِ مَهْرُ الْمِثْلِ وَبِهِ يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ شِغَارًا لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ فِيهِ عَدَمُ الصَّدَاقِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَدَمَ مَشْرُوعِيَّةِ الشِّغَارِ يُفِيدُ بُطْلَانَهُ وَأَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ لَا أَنَّهُ انْعَقَدَ نِكَاحًا آخَرَ فَقَوْلُ الْجُمْهُورِ أَقْرَبُ.

1884 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَأَبُو أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الشِّغَارِ»

1885 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا شِغَارَ فِي الْإِسْلَامِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا شِغَارَ فِي الْإِسْلَامِ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَلَهُ شَوَاهِدُ صَحِيحَةٌ.

[باب صداق النساء]

[بَاب صَدَاقِ النِّسَاءِ] 1886 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ «سَأَلْتُ عَائِشَةَ كَمْ كَانَ صَدَاقُ نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ كَانَ صَدَاقُهُ فِي أَزْوَاجِهِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَنَشًّا هَلْ تَدْرِي مَا النَّشُّ هُوَ نِصْفُ أُوقِيَّةٍ وَذَلِكَ خَمْسُ مِائَةِ دِرْهَمٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كَمْ كَانَ صَدَاقُ إِلَخْ) الصَّدَاقُ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرُ أَفْصَحُ (أُوقِيَّةً) بِضَمِّ هَمْزَةٍ فَسُكُونِ وَاوٍ وَتَشْدِيدِ يَاءٍ بَعْدَ الْقَافِ الْمَكْسُورَةِ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا قَوْلُهُ: (وَنَشًّا) بِفَتْحِ النُّونِ وَتَشْدِيدِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ اسْمٌ لِعِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ هُوَ بِمَعْنَى النِّصْفِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إِنْ كَانَ يَتَوَلَّى تَقْرِيرَ الصَّدَاقِ فَلَا يَزِيدُ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ قِيلَ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَكْثَرِ وَإِلَّا فَخَدِيجَةُ وَجُوَيْرِيَّةُ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَصْفِيَّةُ كَانَ عِتْقُهَا صَدَاقُهَا وَأُمُّ حَبِيبَةَ أَصْدَقَهَا عَنْهُ النَّجَاشِيُّ أَرْبَعَةَ آلَافٍ كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ فَلَا يَرِدُ زِيَادَةُ مَهْرِ أُمِّ حَبِيبَةَ لِأَنَّ ذَاكَ قَدْ قَرَّرَهُ النَّجَاشِيُّ وَأَعْطَاهُ مِنْ عِنْدِهِ وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ فِي حَدِيثِ عُمَرَ الْآتِي.

1887 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ ح وَحَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي الْعَجْفَاءِ السُّلَمِيِّ قَالَ «قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لَا تُغَالُوا صَدَاقَ النِّسَاءِ فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا أَوْ تَقْوًى عِنْدَ اللَّهِ كَانَ أَوْلَاكُمْ وَأَحَقَّكُمْ بِهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَصْدَقَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ وَلَا أُصْدِقَتْ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِهِ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُثَقِّلُ صَدَقَةَ امْرَأَتِهِ حَتَّى يَكُونَ لَهَا عَدَاوَةٌ فِي نَفْسِهِ وَيَقُولُ قَدْ كَلِفْتُ إِلَيْكِ عَلَقَ الْقِرْبَةِ أَوْ عَرَقَ الْقِرْبَةِ وَكُنْتُ رَجُلًا عَرَبِيًّا مَوْلِدًا مَا أَدْرِي مَا عَلَقُ الْقِرْبَةِ أَوْ عَرَقُ الْقِرْبَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا تُغَالُوا) هُوَ مِنَ الْغُلُوِّ وَهُوَ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ فِي كُلِّ شَيْءٍ يُقَالُ غَالَيْتُ فِي الشَّيْءِ وَبِالشَّيْءِ وَغَلَوْتُ فِيهِ غُلُوًّا إِذَا جَاوَزْتُ فِيهِ الْحَدَّ وَنُصِبَ صَدَاقُ النِّسَاءِ بِنَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ لَا تُبَالِغُوا فِي كَثْرَةِ الصَّدَاقِ قَوْلُهُ: (مَكْرُمَةً) بِفَتْحِ مِيمٍ وَضَمِّ رَاءٍ بِمَعْنَى الْكَرَامَةِ (مَا أَصْدَقَ) مِنْ أَصْدَقَ الْمَرْأَةَ إِذَا سَمَّى لَهَا صَدَاقًا وَأُعْطِيهَا (وَلَا أُصْدِقَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ هُوَ يَتَوَلَّى تَقْرِيرَ الصَّدَاقِ فَلَا يَزِيدُ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ كَمَا تَقَدَّمَ وَكَأَنَّهُ تَرَكَ الْنَّشَّ لِكَوْنِهِ كَسْرًا قَوْلُهُ: (لَيُثَقِّلَ) مِنَ التَّثْقِيلِ (صَدُقَةَ) بِفَتْحٍ فَضَمٍّ

(حَتَّى يَكُونَ لَهَا عَدَاوَةٌ فِي نَفْسِهِ) أَيْ حَتَّى يُعَادِيَهَا فِي نَفْسِهِ عِنْدَ أَدَاءِ ذَلِكَ الْمَهْرِ لِثِقَلِهِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ أَوْ عِنْدَ مُلَاحَظَةِ قَدْرِهِ وَتَفَكُّرِهِ فِيهِ بِالتَّفْصِيلِ قَوْلُهُ: (كُلِّفَتْ) مِنْ كُلِّفَ بِكَسْرِ اللَّامِ إِذَا تَعَمَّدَهُ قَوْلُهُ: (عَلَقَ الْقِرْبَةِ) بِفَتْحَتَيْنِ حَبْلٌ تُعَلَّقُ بِهِ أَيْ تَحَمَّلْتُ لِأَجْلِكَ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى تَعَلُّقَ الْقِرْبَةِ وَيُرْوَى عَرَقَ الْقِرْبَةِ بِالرَّاءِ أَيْ تَحَمَّلْتُ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى عَرِقْتُ كَعَرَقِ الْقِرْبَةِ وَهُوَ سَيَلَانُ مَائِهَا وَقِيلَ أَرَادَ بِعَرَقِ الْقِرْبَةِ عَرَقَ حَامِلِهَا وَقِيلَ أَرَادَ تَحَمَّلْتُ عَرَقَ الْقِرْبَةِ وَهُوَ مُسْتَحِيلٌ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ تَحَمَّلَ الْأَمْرَ الشَّدِيدَ الشَّبِيهَ بِهَا وَفِي الصِّحَاحِ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ يُقَالُ لَقِيتُ مِنْ فُلَانٍ عَرَقَ الْقِرْبَةِ وَمَعْنَاهُ أَشَدَّهُ وَلَا أَدْرِي مَا أَصْلُهُ وَقَالَ غَيْرُهُ الْعَرَقُ إِنَّمَا هُوَ لِلرَّجُلِ لَا لِلْقِرْبَةِ قَالَ وَأَصْلُهُ أَنَّ الْقِرْبَةَ تَحْمِلُهَا الْإِمَاءُ الزَّوَافِرُ وَمَنْ لَا مُعِينَ لَهُ وَرُبَّمَا افْتَقَرَ الرَّجُلُ الْكَرِيمُ وَاحْتَاجَ إِلَى حَمْلِهَا بِنَفْسِهِ فَيَعْرَقُ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنَ الْمَشَقَّةِ وَالْحَيَاءِ مِنَ النَّاسِ فَيُقَالُ تَحَمَّلْتُ لَكَ عَرَقَ الْقِرْبَةِ وَقَالَ فِي عَلَقِ الْقِرْبَةِ لُغَةٌ فِي عَرَقِ الْقِرْبَةِ قَوْلُهُ: (مَا أَدْرِي) لِغَرَابَتِهِ وَفِي الْمَقَاصِدِ الْحَسَنَةِ رَوَى أَبُو يَعْلَى فِي مُسْنَدِهِ الْكَبِيِرِ أَنَّهُ لَمَّا نَهَى عَنْ إِكْثَارِ الْمَهْرِ بِالْوَجْهِ الْمَذْكُورِ اعْتَرَضَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَتْ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ نَهَيْتَ النَّاسَ أَنْ يَزِيدُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ عَلَى أَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ قَالَ نَعَمْ فَقَالَتْ أَمَا سَمِعْتَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ قَالَ وَأَيُّ ذَلِكَ فَقَالَتْ أَمَا سَمِعْتَ اللَّهَ يَقُولُ {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [النساء: 20] قَالَ فَقَالَ اللَّهُمَّ غَفْرًا كُلُّ النَّاسِ أَفْقَهُ مِنْ عُمَرَ ثُمَّ رَجَعَ فَرَكِبَ الْمِنْبَرَ فَقَالَ إِنِّي نَهَيْتُ أَنْ تَزِيدُوا فِي الْمَهْرِ عَلَى أَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَمَنْ شَاءَ أَنْ يُعْطِيَ مِنْ مَالِهِ مَا أَحَبَّ أَوْ فَمَنْ طَابَتْ نَفْسُهُ فَلْيَفْعَلْ وَسَنَدُهُ جَيِّدٌ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ وَلَفْظُهُ فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَكِتَابُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَوْ قَوْلُكَ قَالَ بَلْ كِتَابُ اللَّهِ فَمَا ذَاكَ قَالَتْ نَهَيْتَ الرِّجَالَ عَنِ الزِّيَادَةِ فِي الْمَهْرِ وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} [النساء: 20] الْآيَةَ فَقَالَ عُمَرُ كُلُّ أَحَدٍ أَفْقَهُ مِنْ عُمَرَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ الْحَدِيثُ وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَلَفْظُهُ فَقَامَتِ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ لَهُ لَيْسَ ذَلِكَ لَكَ يَا عُمَرُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} [النساء: 20] إِلَخْ فَقَالَ

إِنَّ امْرَأَةً خَاصَمَتْ عُمَرَ فَخَصَمَتْهُ وَفِي رِوَايَةٍ فَقَالَ امْرَأَةٌ أَصَابَتْ وَرَجُلٌ أَخْطَأَ اهـ

1888 - حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الضَّرِيرُ وَهَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي فَزَارَةَ تَزَوَّجَ عَلَى نَعْلَيْنِ فَأَجَازَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِكَاحَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَلَى نَعْلَيْنِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَهْرَ غَيْرُ مُقَدَّرٍ وَمَنْ يَقُولُ بِتَقْدِيرِ الْمَهْرِ يَحْمِلُ أَمْثَالَ هَذَا عَلَى الْمُعَجَّلِ

1889 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ «جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا فَقَالَ رَجُلٌ أَنَا فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطِهَا وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ فَقَالَ لَيْسَ مَعِي قَالَ قَدْ زَوَّجْتُكَهَا عَلَى مَا مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَلَى مَا مَعَكَ) أَيْ عَلَى تَعْلِيمِهَا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بَعْضُ الرِّوَايَاتِ وَمَنْ لَا يَقُولُ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ يَدَّعِي الْخُصُوصَ بِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي النُّعْمَانَ فَقَالَ «زَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ امْرَأَةً عَلَى سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ وَقَالَ لَا يَكُونُ لِأَحَدٍ بَعْدَكَ» رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ

1890 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ حَدَّثَنَا الْأَغَرُّ الرَّقَاشِيُّ عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ عَائِشَةَ عَلَى مَتَاعِ بَيْتٍ قِيمَتُهُ خَمْسُونَ دِرْهَمًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَلَى مَتَاعِ بَيْتٍ قِيمَتُهُ إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ ضَعِيفٌ اهـ قُلْتُ مَعَ ضَعْفِهِ مُعَارَضٌ بِحَدِيثِ «إِنَّ صَدَاقَ أَزْوَاجِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ كَانَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَنَشًّا» وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب الرجل يتزوج ولا يفرض لها فيموت على ذلك]

[بَاب الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ وَلَا يَفْرِضُ لَهَا فَيَمُوتُ عَلَى ذَلِكَ] 1891 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ فِرَاسٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَمَاتَ عَنْهَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا قَالَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَهَا الصَّدَاقُ وَلَهَا الْمِيرَاثُ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ فَقَالَ» مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ الْأَشْجَعِيُّ شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِي بِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ بِمِثْلِ ذَلِكَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مِثْلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا) أَيْ لَمْ يُعَيِّنْ لَهَا فِي الْمَهْرِ شَيْئًا (مَعْقِلُ) بِفَتْحِ مِيمٍ وَكَسْرِ قَافٍ (فِي بِرُوعِ) بِكَسْرِ الْبَاءِ وَجُوِّزَ فَتْحُهَا قِيلَ الْكَسْرُ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْفَتْحُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ أَشْهَرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب خطبة النكاح]

[بَاب خُطْبَةِ النِّكَاحِ] 1892 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي أَبِي إِسْحَقَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ «أُوتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَوَامِعَ الْخَيْرِ وَخَوَاتِمَهُ أَوْ قَالَ فَوَاتِحَ الْخَيْرِ فَعَلَّمَنَا خُطْبَةَ الصَّلَاةِ وَخُطْبَةَ الْحَاجَةِ خُطْبَةُ الصَّلَاةِ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَخُطْبَةُ الْحَاجَةِ أَنْ الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تَصِلُ خُطْبَتَكَ بِثَلَاثِ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ - وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا - اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا - يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 102 - 71] » ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَخُطْبَةُ الْحَاجَةِ) الظَّاهِرُ عُمُومُ الْحَاجَةِ لِلنِّكَاحِ وَغَيْرِهِ وَيُؤَيِّدُهُ الرِّوَايَاتُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِي الْإِنْسَانُ بِهَذَا وَيَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى قَضَائِهَا وَتَمَامِهَا وَلِذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سُنَّةٌ فِي أَوَّلِ الْعُقُودِ كُلِّهَا مِثْلَ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَغَيْرِهِمَا وَالْحَاجَةُ إِشَارَةٌ إِلَيْهَا وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَاجَةِ النِّكَاحُ إِذْ هُوَ الَّذِي تَعَارَفَ فِيهِ الْخُطْبَةُ دُونَ سَائِرِ الْحَاجَاتِ

1893 - حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ أَبُو بِشْرٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَمَّا بَعْدُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ إِلَخْ) قَالَ ذَلِكَ فِي الْخُطْبَةِ

1894 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَمُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْعَسْقَلَانِيُّ قَالُوا حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ قُرَّةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِالْحَمْدِ أَقْطَعُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (ذِي بَالٍ) أَيْ مُهْتَمٍّ بِهِ مُعْتَنٍى بِحَالِهِ مُلْقًى إِلَيْهِ بَالُ صَاحِبِهِ (أَقْطَعُ) أَيْ مَقْطُوعٌ مِنَ الْبَرَكَةِ قِيلَ الْمُرَادُ بَالْحَمْدِ لِلَّهِ الذِّكْرُ لِمَا جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ بِذِكْرِ اللَّهِ وَبِاسْمِ اللَّهِ فَالْجَمْعُ يَقْتَضِي الْحَمْلَ عَلَى الْأَعَمِّ وَالْحَدِيثُ قَدْ حَسَّنَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَالنَّوَوِيُّ وَأَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَالْمَقْصُودُ هَاهُنَا أَنَّهُ يَنْبَغِي تَصْدِيرُ الْخُطْبَةِ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب إعلان النكاح]

[بَاب إِعْلَانِ النِّكَاحِ] 1895 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ وَالْخَلِيلُ بْنُ عَمْرٍو قَالَا حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ خَالِدِ بْنِ إِلْيَاسَ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَعْلِنُوا هَذَا النِّكَاحَ وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالْغِرْبَالِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالْغِرْبَالِ) أَيْ بِالدُّفِّ لِلْإِعْلَانِ وَعَبَّرَ عَنْهُ بِالْغِرْبَالِ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْغِرْبَالَ فِي اسْتِدَارَتِهِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ خَالِدُ بْنُ إِلْيَاسٍ أَبُو الْهَيْثَمِ الْعَدَوِيُّ اتَّفَقُوا عَلَى ضَعْفِهِ بَلْ نَسَبَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَأَبُو سَعِيدٍ النَّقَّاشُ إِلَى الْوَضْعِ

1896 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ أَبِي بَلْجٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصْلُ مَا بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ الدُّفُّ وَالصَّوْتُ فِي النِّكَاحِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (الدُّفُّ) بِضَمِّ الدَّالِ وَفَتْحِهَا مَعْرُوفٌ وَالْمُرَادُ إِعْلَانُ النِّكَاحِ بِالدُّفِّ ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ (وَالصَّوْتُ) قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ ذَهَبَ بَعْضُ النَّاسِ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ السَّمَاعُ وَهُوَ خَطَأٌ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ عِنْدَنَا إِعْلَانُ النِّكَاحِ وَاضْطِرَابُ الصَّوْتِ بِهِ وَالذِّكْرُ فِي النَّاسِ ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةِ التِّرْمِذِيِّ وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ التَّحْقِيقِ مَا ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ مُحْتَمَلٌ وَلَيْسَ الْحَدِيثُ نَصًّا فِيهِ فَالْأَوَّلُ مُحْتَمَلٌ أَيْضًا فَالْجَزْمُ بِكَوْنِهِ خَطَأً لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْإِنْصَافِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قُلْتُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِهِ عَلَى السَّمَاعِ خَطَأٌ وَهَذَا ظَاهِرٌ لِأَنَّ الِاحْتِمَالَ يُفْسِدُ الِاسْتِدْلَالَ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ ضَمُّ الصَّوْتِ إِلَى الدُّفِّ شَاهِدُ صِدْقٍ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ هُوَ السَّمَاعُ إِذْ لَيْسَ الْمُتَبَادَرُ عِنْدَ الضَّمِّ غَيْرَهُ مِثْلَ تَبَادُرِهِ فَصَحَّ الِاسْتِدْلَالُ إِذْ ظُهُورُ الِاحْتِمَالِ يَكْفِي فِي الِاسْتِدْلَالِ ثُمَّ جَاءَ فِي بَابِ مَا يُغْنِي وَيَكْفِي فِي إِفَادَةِ أَنَّ الْمُرَادَ هُوَ السَّمَاعُ فَإِنْكَارُهُ يُشْبِهُ تَرْكَ الْإِنْصَافِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ

[باب الغناء والدف]

[بَاب الْغِنَاءِ وَالدُّفِّ] 1897 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الْحُسَيْنِ اسْمُهُ خَالِدٌ الْمَدَنِيُّ قَالَ «كُنَّا بِالْمَدِينَةِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَالْجَوَارِي يَضْرِبْنَ بِالدُّفِّ وَيَتَغَنَّيْنَ فَدَخَلْنَا عَلَى الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهَا فَقَالَتْ دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَبِيحَةَ عُرْسِي وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ يَتَغَنَّيَتَانِ وَتَنْدُبَانِ آبَائِي الَّذِينَ قُتِلُوا يَوْمَ بَدْرٍ وَتَقُولَانِ فِيمَا تَقُولَانِ وَفِينَا نَبِيٌّ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ فَقَالَ أَمَّا هَذَا فَلَا تَقُولُوهُ مَا يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ إِلَّا اللَّهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (الْغِنَاءِ) بِكَسْرِ غَيْنٍ مُعْجَمَةٍ وَمَدٍّ صَوْتُ الْمُغَنِّي وَبِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمَمْدُودَةِ بِمَعْنَى الْكِفَايَةِ وَكَذَا بِكَسْرِ الْغَيْنِ مَقْصُورًا قَوْلُهُ (عَلَى الرُّبَيِّعِ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتٍ

مُصَغَّرًا بِنْتِ مُعَوِّذٍ بِكَسْرِ الْوَاوِ الْمُشَدَّدَةِ (وَيَنْدُبَانِ) بِضَمِّ الدَّالِ مِنَ النُّدْبَةِ أَيْ يَذْكُرَانِ أَحْوَالَهُمْ وَالنُّدْبَةُ عَدُّ خِصَالِ الْمَيِّتِ وَمَحَاسِنِهِ قَوْلُهُ (أَمَّا هَذَا فَلَا تَقُولَاهُ) لِمَا فِيهِ مِنْ إِسْنَادِ عِلْمِ الْغَيْبِ إِلَيْهِ مُطْلَقًا وَلَا يَسْتَحِقُّ لِلْإِسْنَادِ مُطْلَقًا إِلَّا اللَّهُ

1898 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «دَخَلَ عَلَيَّ أَبُو بَكْرٍ وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ مِنْ جَوَارِي الْأَنْصَارِ تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتْ بِهِ الْأَنْصَارُ فِي يَوْمِ بُعَاثٍ قَالَتْ وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَبِمَزْمُورِ الشَّيْطَانِ فِي بَيْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ فِي يَوْمِ عِيدِ الْفِطْرِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا وَهَذَا عِيدُنَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يَوْمَ بُعَاثٍ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ وَآخِرُهُ مُثَلَّثَةٌ اسْمُ حِصْنٍ لِلْأَوْسِ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُهُ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ تَصْحِيفٌ ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ نَقْلًا عَنِ النِّهَايَةِ وَالْمُرَادُ بِالْيَوْمِ حَرْبٌ كَانَتْ لَهُمْ وَأَيَّامُ الْعَرَبِ حُرُوبُهُمْ قَوْلُهُ (وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ) أَيْ لَيْسَ التَّغَنِّي مِنْ دَأْبِهِمَا أَوْ عَادَتِهِمَا (أَبِمَزْمُورِ الشَّيْطَانِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّهَا الْمِزْمَارُ وَهُوَ الْآلَةُ الَّتِي يُزَمَّرُ بِهَا قِيلَ هُوَ يُطْلَقُ عَلَى الْغِنَاءِ وَعَلَى الدُّفِّ وَعَلَى قَصَبَةٍ يُزَمَّرُ بِهَا وَعَلَى الصَّوْتِ الْحَسَنِ أَيْ أَتَشْتَغِلَانِ بِالتَّغَنِّي وَآلَةِ اللَّهْوِ وَلَعَلَّ ذَلِكَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِتَقْرِيرِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إِيَّاهَا عَلَى ذَلِكَ يَظُنُّهُ أَنَّهُ رَاقِدٌ لَا يَدْرِي بِالْأَمْرِ (وَهَذَا عِيدُنَا) فَيَجُوزُ لَهُمْ إِظْهَارُ الْفَرْحَةِ فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ

1899 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِبَعْضِ الْمَدِينَةِ فَإِذَا هُوَ بِجَوَارٍ يَضْرِبْنَ بِدُفِّهِنَّ وَيَتَغَنَّيْنَ وَيَقُلْنَ نَحْنُ جَوَارٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ ... يَا حَبَّذَا مُحَمَّدٌ مِنْ جَارِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْلَمُ اللَّهُ إِنِّي لَأُحِبُّكُنَّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِنِّي لَأُحِبُّكُنَّ) كَمَا تُحْبِبْنَنِي حَيْثُ تُظْهِرْنَ الْفَرْحَةَ وَالسُّرُورَ بِجِوَارِي فِيكُمْ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ

1900 - حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ أَنْبَأَنَا الْأَجْلَحُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «أَنْكَحَتْ عَائِشَةُ ذَاتَ قَرَابَةٍ لَهَا مِنْ الْأَنْصَارِ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَهْدَيْتُمْ الْفَتَاةَ قَالُوا نَعَمْ قَالَ أَرْسَلْتُمْ مَعَهَا مَنْ يُغَنِّي قَالَتْ لَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الْأَنْصَارَ قَوْمٌ فِيهِمْ غَزَلٌ فَلَوْ بَعَثْتُمْ مَعَهَا مَنْ يَقُولُ أَتَيْنَاكُمْ أَتَيْنَاكُمْ ... فَحَيَّانَا وَحَيَّاكُمْ » ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَهْدَيْتُمُ الْفَتَاةَ) أَيْ أَرْسَلْتُمُوهَا إِلَى بَيْتِ

بَعْلِهَا قِيلَ مَجِيءُ الْفِعْلِ هَدَى وَأَهْدَى مُجَرَّدًا وَمَزِيدًا فِيهِ مِنْ بَابِ الْأَفْعَالِ فَالْهَمْزَةُ تَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ لِلِاسْتِفْهَامِ وَتَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مِنْ بِنَاءِ الْفِعْلِ وَالْهَاءُ عَلَى الثَّانِي سَاكِنَةٌ وَيَحْتَاجُ الْكَلَامُ إِلَى تَقْدِيرِ الْهَمْزَةِ لِلِاسْتِفْهَامِ وَالْغَزَلُ بِفَتْحَتَيْنِ اسْمٌ مِنَ الْمُغَازَلَةِ بِمَعْنَى مُحَادَثَةِ النِّسَاءِ وَمِثْلُهُمْ لَا يَخْلُو عَنْ حُبِّ التَّغَنِّي (فَحَيَّانَا وَحَيَّاكُمْ) قِيلَ وَآخِرُهُ لَوْلَا الْحِنْطَةُ السَّمْرَاءُ لَمْ تَسْمَنْ عَذَارَاكُمْ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ مِنْ أَجَلِ الْأَجْلَحِ وَأَبِي الزُّبَيْرِ يَقُولُونَ إِنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَثْبَتَ أَبُو حَاتِمٍ أَنَّهُ رَأَى ابْنَ عَبَّاسٍ

1901 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ التَّمِيمِيِّ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ «كُنْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ فَسَمِعَ صَوْتَ طَبْلٍ فَأَدْخَلَ إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ ثُمَّ تَنَحَّى حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ قَالَ هَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (صَوْتَ طَبْلٍ إِلَخْ) يَدُلُّ عَلَى كَرَاهَةِ سَمَاعِ صَوْتِهِ وَأَنَّهُ يَنْبَغِي الِاحْتِرَازُ عَنْهُ بِسَمَاعِهِ وَفِي الزَّوَائِدِ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ ضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ وَوَقَعَ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ بْنِ مَالِكٍ وَهُوَ وَهْمٌ مِنَ الْفِرْيَابِيِّ وَالصَّوَابُ ثَعْلَبَةُ بْنُ سُهَيْلٍ أَبُو مَالِكٍ كَمَا قَالَهُ الْمِزِّيُّ فِي التَّهْذِيبِ وَالْأَطْرَافِ وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ بِسَنَدِهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فَذَكَرَ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ صَوْتَ طَبْلٍ وَقَالَ بَدَلَهُ مِزْمَارَ وَالْبَاقِي نَحْوُهُ

[باب في المخنثين]

[بَاب فِي الْمُخَنَّثِينَ] 1902 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا فَسَمِعَ مُخَنَّثًا وَهُوَ يَقُولُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ إِنْ يَفْتَحْ اللَّهُ الطَّائِفَ غَدًا دَلَلْتُكَ عَلَى امْرَأَةٍ تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْرِجُوهُ مِنْ بُيُوتِكُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَسَمِعَ مُخَنَّثًا) التَّخَنُّثُ هُوَ التَّكَسُّرُ وَالْمُخَنَّثُ بِفَتْحِ النُّونِ وَقِيلَ بِالْفَتْحِ مَنْ كَانَ خِلْقَةً وَبِالْكَسْرِ مَنْ يَتَكَلَّفُ ذَلِكَ (تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ) مِنَ الْإِقْبَالِ (وَتُدْبِرُ) مِنَ الْإِدْبَارِ (بِثَمَانٍ) يَعْنِي أَنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعِ عُكَنٍ فَإِذَا رَأَيْتَهَا مِنْ خَلْفٍ رَأَيْتَ لِكُلِّ عُكْنَةٍ طَرَفَيْنِ فَصَارَتْ ثَمَانِيَّةً قَوْلُهُ (أَخْرِجُوهُ) قِيلَ كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ لِاعْتِقَادِهِنَّ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ حَاجَةٌ وَرَغْبَةٌ فِي النِّسَاءِ فَلَمَّا سَمِعَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مِنْهُ هَذَا الْكَلَامَ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ أُولِي الْإِرْبَةِ فَمَنَعَهُ

1903 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ الْمَرْأَةَ تَتَشَبَّهُ بِالرِّجَالِ وَالرَّجُلَ يَتَشَبَّهُ بِالنِّسَاءِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يَتَشَبَّهُ) أَيْ يَتَكَلَّفُ التَّشَبُّهَ وَأَمَّا مَنْ خُلِقَ كَذَلِكَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ لِأَنَّ يَعْقُوبَ بْنَ حُمَيْدٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَبَاقِي رِجَالِهِ مُوَثَّقُونَ وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِلَفْظٍ قَرِيبٍ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ

1904 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنْ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَلَعَنَ الْمُتَشَبِّهَاتِ مِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ»

[باب تهنئة النكاح]

[بَاب تَهْنِئَةِ النِّكَاحِ] 1905 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَفَّأَ قَالَ بَارَكَ اللَّهُ لَكُمْ وَبَارَكَ عَلَيْكُمْ وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِذَا رَفَّأَ) بِتَشْدِيدٍ آخِرُهُ هَمْزَةٌ وَقَدْ تُقْلَبُ أَلِفًا أَيْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ بِالرِّفَاءِ وَهُوَ الِالْتِئَامُ وَالِاجْتِمَاعُ وَقِيلَ أَيْ إِذَا هَنَّاهُ وَدَعَا لَهُ وَكَانَ مِنْ دُعَائِهِمْ لِلْمُتَزَوِّجِ لِمَنْ يَقُولُوا بِالرِّفَاءِ وَالْبَنِينَ فَنَهَى عَنْهُ قَوْلُهُ (بَارَكَ اللَّهُ لَكُمْ) الْبَرَكَةُ لِكَوْنِهَا نَافِعَةً تَتَعَدَّى بِاللَّامِ وَلِكَوْنِهَا نَازِلَةً مِنَ السَّمَاءِ تَتَعَدَّى بِعَلَى فَجَاءَتْ فِي الْحَدِيثِ بِالْوَجْهَيْنِ لِلتَّأْكِيدِ وَالتَّفَنُّنِ وَالدُّعَاءُ مَحَلٌّ لِلتَّأْكِيدِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

1906 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَشْعَثُ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ «أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي جُشَمَ فَقَالُوا بِالرَّفَاءِ وَالْبَنِينَ فَقَالَ لَا تَقُولُوا هَكَذَا وَلَكِنْ قُولُوا كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ وَبَارِكْ عَلَيْهِمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَقَالُوا بِالرِّفَاءِ وَالْبَنِينَ) الرِّفَاءُ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَالْمَدِّ قَالَ الْخَطَّابِيُّ كَانَ مِنْ عَادَتِهِمْ أَنْ يَقُولُوا بِالرِّفَاءِ وَالْبَنِينَ وَالرِّفَاءُ مِنَ الرَّفْوِ يَجِيءُ لِمَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا التَّسْكِينُ يُقَالُ رَفَوْتُ الرَّجُلَ إِذَا سَكَنْتُ بِبَابِهِ مِنْ رَوْعٍ وَالثَّانِي التَّوَافُقُ وَالِالْتِئَامُ وَمِنْهُ رَفَوْتُ الثَّوْبَ اهـ وَالْبَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ الْمَعْنَى أَيْ أَعْرَسْتُ ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ

[باب الوليمة]

[بَاب الْوَلِيمَةِ] 1907 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَثَرَ صُفْرَةٍ فَقَالَ مَا هَذَا أَوْ مَهْ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَثَرَ صُفْرَةٍ) هِيَ مِنْ طِيبِ النِّسَاءِ قِيلَ إِنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ مِنْ طِيبِ الْعَرُوسِ وَلَمْ يَقْصِدْهُ وَقِيلَ بَلْ يَجُوزُ لِلْعَرُوسِ (أَوْ مَهْ) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي وَهِيَ مَا الِاسْتِفْهَامِيَّةُ حُذِفَ أَلِفُهَا وَأَلْحَقَ بِهَا هَاءُ السَّكْتِ وَحُذِفَ الْمُسْتَفْهَمُ عَنْهُ لِظُهُورِهِ قِيلَ هَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ

إِنْكَارًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سُؤَالًا قَوْلُهُ (وَزْنِ نَوَاةٍ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ كَانَ وَزْنًا مُقَرَّرًا بَيْنَهُمْ وَقِيلَ هِيَ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ فَإِنْ أَرَادَ بِهِ أَنَّ الْمَهْرَ كَانَ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فَقَوْلُهُ مِنْ ذَهَبٍ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ يَوْمَئِذٍ فَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَإِثْبَاتُهُ يَحْتَاجُ إِلَى نَقْلٍ وَكَذَا مَنْ قَالَ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ (وَلَوْ بِشَاةٍ) يُفِيدُ أَنَّهَا قَلِيلَةٌ مِنْ أَهْلِ الْغِنَا

1908 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَمَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ نِسَائِهِ مَا أَوْلَمَ عَلَى زَيْنَبَ فَإِنَّهُ ذَبَحَ شَاةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَإِنَّهُ ذَبَحَ شَاةً) أَيْ لِوَلِيمَةِ زَيْنَبَ وَالْحَدِيثُ يُفِيدُ أَنَّ الشَّاةَ فِي الْوَلِيمَةِ كَثِيرَةٌ وَلَا يُنَافِي مَا سَبَقَ لِاخْتِلَافِ ذَلِكَ بِالنَّظَرِ إِلَى النَّاسِ

1909 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ وَغِيَاثُ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّحَبِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا وَائِلُ بْنُ دَاوُدَ عَنْ ابْنِهِ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَمَ عَلَى صَفِيَّةَ بِسَوِيقٍ وَتَمْرٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (بِسَوِيقٍ وَتَمْرٍ) قَدْ جَاءَ أَنَّهُ اجْتَمَعَ فِي وَلِيمَةٍ أَشْيَاءُ مُتَعَدِّدَةٌ فَخَلَطَ بَيْنَ الْكُلِّ وَاتَّخَذَهُ حَيْسًا

1910 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ أَبُو خَيْثَمَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «شَهِدْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِيمَةً مَا فِيهَا لَحْمٌ وَلَا خُبْزٌ» قَالَ ابْن مَاجَةَ لَمْ يُحَدِّثْ بِهِ إِلَّا ابْنُ عُيَيْنَةَ

1911 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ قَالَتَا «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُجَهِّزَ فَاطِمَةَ حَتَّى نُدْخِلَهَا عَلَى عَلِيٍّ فَعَمَدْنَا إِلَى الْبَيْتِ فَفَرَشْنَاهُ تُرَابًا لَيِّنًا مِنْ أَعْرَاضِ الْبَطْحَاءِ ثُمَّ حَشَوْنَا مِرْفَقَتَيْنِ لِيفًا فَنَفَشْنَاهُ بِأَيْدِينَا ثُمَّ أَطْعَمْنَا تَمْرًا وَزَبِيبًا وَسَقَيْنَا مَاءً عَذْبًا وَعَمَدْنَا إِلَى عُودٍ فَعَرَضْنَاهُ فِي جَانِبِ الْبَيْتِ لِيُلْقَى عَلَيْهِ الثَّوْبُ وَيُعَلَّقَ عَلَيْهِ السِّقَاءُ فَمَا رَأَيْنَا عُرْسًا أَحْسَنَ مِنْ عُرْسِ فَاطِمَةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَنْ نُجَهِّزَ) مِنَ التَّجْهِيزِ (مِنْ أَعْرَاضِ الْبَطْحَاءِ) كَانَ الْمُرَادُ مِنْ جَوَانِبِ الْبَطْحَاءِ (مُرْفَقَتَيْنِ) أَيْ مِخَدَّتَيْنِ (فَنَفَشْنَاهُ) أَيِ اللِّيفَ مِنْ نَفَشَ الْقُطْنَ وَالصُّوفَ (ثُمَّ أُطْعِمْنَا) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ كَمَا ضُبِطَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَيَحْتَمِلُ بِنَاءَ الْفَاعِلِ أَيْ أَطْعَمْنَا النَّاسَ فِي الْوَلِيمَةِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ الْفَضْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَجَابِرُ الْجُعْفِيُّ مِنْهُمْ

1912 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ «دَعَا أَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِيُّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عُرْسِهِ فَكَانَتْ خَادِمَهُمْ الْعَرُوسُ قَالَتْ تَدْرِي مَا سَقَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ أَنْقَعْتُ تَمَرَاتٍ مِنْ اللَّيْلِ فَلَمَّا أَصْبَحْتُ صَفَّيْتُهُنَّ فَأَسْقَيْتُهُنَّ إِيَّاهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَكَانَتْ خَادِمُهُمُ الْعَرُوسَ) الْخَادِمُ يُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَقَدْ أُطْلِقَ

هَاهُنَا عَلَى الْأُنْثَى أَيِ الْعَرُوسُ هِيَ الَّتِي قَامَتْ بِأَمْرِ الْوَلِيمَةِ قَوْلُهُ (أَنَقَعْتُ) تُرِيدُ أَنَّهَا سَقَتْهُ نَبِيذَ التَّمْرِ

[باب إجابة الداعي]

[بَاب إِجَابَةِ الدَّاعِي] 1913 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُدْعَى لَهَا الْأَغْنِيَاءُ وَيُتْرَكُ الْفُقَرَاءُ وَمَنْ لَمْ يُجِبْ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يُدْعَى لَهَا الْأَغْنِيَاءُ) أَيْ عَادَةُ تَعْلِيلٍ لِكَوْنِهَا شَرَّ الطَّعَامِ فَهِيَ شَرٌّ إِذَا كَانَتْ كَذَلِكَ لَا مُطْلَقًا وَإِلَّا فَهِيَ ذَاتُهَا سُنَّةٌ وَلِذَلِكَ وَجَبَتْ إِجَابَةُ الدَّعْوَةِ إِلَيْهَا وَفِي قَوْلِهِ وَمَنْ لَمْ يُجِبْ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ إِجَابَةَ الدَّعْوَةِ لِلْوَلِيمَةِ وَاجِبَةٌ وَإِنْ كَانَتْ هِيَ شَرُّ الطَّعَامِ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ

1914 - حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى وَلِيمَةِ عُرْسٍ فَلْيُجِبْ»

1915 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَادَةَ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حُسَيْنٍ أَبُو مَالِكٍ النَّخَعِيُّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَلِيمَةُ أَوَّلَ يَوْمٍ حَقٌّ وَالثَّانِيَ مَعْرُوفٌ وَالثَّالِثَ رِيَاءٌ وَسُمْعَةٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (حَقٌّ) لَا بِمَعْنَى الْوُجُوبِ بَلْ بِمَعْنَى زِيَادَةِ التَّأْكِيدِ أَيْ شَيْءٌ لَا يَنْبَغِي تَرْكُهُ أَيْ مَطْلُوبٌ عُرْفًا لِزِيَادَةِ اشْتِهَارِ النِّكَاحِ الْمَطْلُوبِ مِنَ الْوَلِيمَةِ بِمَنْزِلَةِ التَّأْكِيدِ (سُمْعَةٌ) أَيْ مَكْرُوهَةٌ لَيْسَ فِيهَا فَائِدَةٌ دِينِيَّةٌ وَإِنَّمَا فِيهَا مُجَرَّدُ الِافْتِخَارِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ أَبُو مَالِكٍ النَّخَعِيُّ وَهُوَ مِمَّنِ اتَّفَقُوا عَلَى ضَعْفِهِ وَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ

[باب الإقامة على البكر والثيب]

[بَاب الْإِقَامَةِ عَلَى الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ] 1916 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ لِلثَّيِّبِ ثَلَاثًا وَلِلْبِكْرِ سَبْعًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِنَّ لِلثَّيِّبِ ثَلَاثًا) أَيْ إِذَا تَزَوَّجَ ثَيِّبًا فَلَهَا ثَلَاثَةُ لَيَالٍ هِيَ حَقُّهَا ثُمَّ يَجِبُ الْقَسْمُ وَفِي الْبِكْرِ سَبْعُ لَيَالٍ وَمَنْ لَا يَقُولُ بِهِ يَعْتَذِرُ بِأَنَّهُ مُعَارَضٌ بِالْعَدْلِ الْوَاجِبِ بِالْكِتَابِ إِذِ الْعَدْلُ مَعْلُومٌ لُغَةً وَهُوَ التَّسْوِيَةُ فَيُؤْخَذُ بِالْكِتَابِ وَيُتْرَكُ حَدِيثُ الْآحَادِ وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ فِي الْكِتَابِ الْعَدْلُ شَرْعًا لَا مُطْلَقُ التَّسْوِيَةِ لُغَةً، ضَرُورَةُ أَنَّ التَّسْوِيَةَ فِي الْجِمَاعِ غَيْرُ وَاجِبٍ وَكَذَا فِي طُولِ الثَّوْبِ وَقِصَرِهِ إِذَا كَانَتْ إِحْدَاهُمَا طَوِيلَةً وَالثَّانِيَةُ قَصِيرَةً وَغَيْرُ ذَلِكَ بَلْ إِذَا كَانَتْ

إِحْدَاهُمَا حُرَّةً وَالثَّانِيَةُ أُمَّةً فَلِلْحُرَّةِ يَوْمَانِ وَلِلْأَمَةِ يَوْمٌ وَكُلُّ ذَلِكَ عَدْلٌ شَرْعًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَسْوِيَةً لُغَةً فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ الْعَدْلُ شَرْعًا مِنْ بَيَانِ الشَّارِعِ

1917 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا تَزَوَّجَ أُمَّ سَلَمَةَ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا وَقَالَ لَيْسَ بِكِ عَلَى أَهْلِكِ هَوَانٌ إِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ لَكِ وَإِنْ سَبَّعْتُ لَكِ سَبَّعْتُ لِنِسَائِي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَيْسَ بِكَ عَلَى أَهْلِكَ) أَرَادَ بِالْأَهْلِ نَفْسَهُ الْكَرِيمَةَ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَهُ تَمْهِيدًا لِعُذْرِهِ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى اثْنَيْنِ قَوْلُهُ (إِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ) بِتَشْدِيدِ الْبَاءِ أَيْ أَقَمْتُ عِنْدَكِ سَبْعَ لَيَالٍ إِلَّا أَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الثَّلَاثِ مِمَّا يُسْقِطُ الِاخْتِصَاصَ بِالثَّلَاثِ أَيْضًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب ما يقول الرجل إذا دخلت عليه أهله]

[بَاب مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ أَهْلُهُ] 1918 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَصَالِحُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْقَطَّانُ قَالَا حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا أَفَادَ أَحَدُكُمْ امْرَأَةً أَوْ خَادِمًا أَوْ دَابَّةً فَلْيَأْخُذْ بِنَاصِيَتِهَا وَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِهَا وَخَيْرِ مَا جُبِلَتْ عَلَيْهِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا جُبِلَتْ عَلَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِذَا أَفَادَ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَحَلَّ أَنْ يُقَالَ إِذَا اسْتَفَادَ فَلَعَلَّهُ وَضَعَ أَفَادَ مَوْضِعَ اسْتَفَادَ مَجَازًا قَوْلُهُ (أَوْ خَادِمًا) يُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالْحَمْلُ هَاهُنَا عَلَى الْأُنْثَى أَقْرَبُ بِقَرِينَةِ جُبِلَتْ عَلَى تَقْدِيرِ بِنَائِهِ لِلْمَفْعُولِ فَكَأَنَّهُ تَرَكَ حَالَ الْعَبْدِ مُقَايَسَةً (وَخَيْرِ مَا جُبِلَتْ عَلَيْهِ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ لِلْمُؤَنَّثِ أَيْ خَيْرِ صِفَاتٍ وَأَخْلَاقٍ خُلِقَتْ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ لِلْمُخَاطَبِ أَيْ خَيْرِ مَا خَلَقْتَهَا عَلَيْهِ

1919 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ كُرَيْبٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَتَى امْرَأَتَهُ قَالَ اللَّهُمَّ جَنِّبْنِي الشَّيْطَانَ وَجَنِّبْ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنِي ثُمَّ كَانَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ لَمْ يُسَلِّطْ اللَّهُ عَلَيْهِ الشَّيْطَانَ أَوْ لَمْ يَضُرَّهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (جَنِّبْنِي) مِنْ جَنَّبَ بِتَشْدِيدِ النُّونِ وَالْمُرَادُ بِمَا رَزَقْتَنِي الْوَلَدَ وَصِيغَةُ الْمَاضِي لِلتَّفَاؤُلِ وَتَحْقِيقِ الرَّجَاءِ قَوْلُهُ (لَمْ يُسَلِّطْ إِلَخْ) لَمْ يَحْمِلْ أَحَدٌ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى عُمُومِ الضَّرَرِ لِعُمُومِ ضَرَرِ الْوَسْوَسَةِ لِلْكُلِّ وَقَدْ جَاءَ كُلُّ مَوْلُودٍ يَمَسُّهُ الشَّيْطَانُ إِلَّا مَرْيَمَ وَابْنَهَا فَقِيلَ لَا يَضُرُّهُ بِالْإِغْرَاءِ وَالْإِضْلَالِ بِالْكُفْرِ وَقِيلَ

بِالْكَبَائِرِ وَقِيلَ بِالصَّرْفِ عَنِ التَّوْبَةِ إِذَا عَصَى وَقِيلَ إِنَّهُ يَأْمَنُ مِمَّا يُصِيبُ الصِّبْيَانَ مِنْ جِهَةِ الْجَانِّ وَقِيلَ لَا يَكُونُ لِلشَّيْطَانِ عَلَيْهِ سُلْطَانٌ فَيَكُونَ مِنَ الْمَحْفُوظِينَ قَالَ تَعَالَى {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} [الحجر: 42] وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب التستر عند الجماع]

[بَاب التَّسَتُّرِ عِنْدَ الْجِمَاعِ] 1920 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَأَبُو أُسَامَةَ قَالَا حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَوْرَاتُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ قَالَ احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلَّا مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ قَالَ فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا تُرِيَهَا أَحَدًا فَلَا تُرِيَنَّهَا قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُنَا خَالِيًا قَالَ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنْ النَّاسِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَوْرَاتُنَا إِلَخْ) أَيْ أَيُّ عَوْرَةٍ نَسْتُرُهَا وَأَيُّ عَوْرَةٍ نَتْرُكُ سِتْرَهَا (احْفَظْ عَوْرَتَكَ) اسْتُرْهَا كُلَّهَا (بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ) أَيْ مُخْتَلِطُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ مُجْتَمِعُونَ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ قَوْلُهُ: (أَنْ يُسْتَحْيَى مِنْهُ) أَيْ فَاسْتُرْ طَاعَةً لَهُ وَطَلَبًا لِمَا يُحِبُّهُ مِنْكَ وَيُرْضِيهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ فَاسْتَتِرْ مِنْهُ إِذْ لَا يُمْكِنُ الِاسْتِتَارُ مِنْهُ جَلَّ ذِكْرُهُ وَثَنَاؤُهُ وَقَوْلُهُ مِنَ النَّاسِ مُتَعَلِّقٌ بِأَحَقِّ.

1921 - حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ وَهْبٍ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْهَمْدَانِيُّ حَدَّثَنَا الْأَحْوَصُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ وَرَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ وَعَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَدِيٍّ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ السُّلَمِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ فَلْيَسْتَتِرْ وَلَا يَتَجَرَّدْ تَجَرُّدَ الْعَيْرَيْنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (تَجَرُّدَ الْعِيرَيْنِ) تَثْنِيَةُ عِيرٍ وَهُوَ حِمَارُ الْوَحْشِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ الْأَحْوَصُ ابْنُ حَكِيمٍ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو حَاتِمٍ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمْ.

1922 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ مَوْلًى لِعَائِشَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «مَا نَظَرْتُ أَوْ مَا رَأَيْتُ فَرْجَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطُّ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ عَنْ مَوْلَاةٍ لِعَائِشَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَا نَظَرْتُ إِلَخْ) قَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِجَهَالَةِ تَابِعِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب النهي عن إتيان النساء في أدبارهن]

[بَاب النَّهْيِ عَنْ إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ] 1923 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ مُخَلَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى رَجُلٍ جَامَعَ امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا يَنْظُرُ اللَّهُ) أَيْ نَظَرَ رَحْمَةٍ وَإِلَّا فَلَا يَغِيبُ شَيْءٌ عَنْ نَظَرِهِ تَعَالَى ثُمَّ الْمُرَادُ أَنَّهُ

لَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يُنْظَرَ إِلَيْهِ مَعَ الْأَوَّلَيْنِ فَلَا يَقْتَضِي أَنْ لَا يُغْفَرَ لَهُ وَإِلَّا فَعَدَمُ نَظَرِ الرَّحْمَةِ إِلَيْهِ أَصْلًا يَقْتَضِي عَدَمَ دُخُولِهِ الْجَنَّةَ أَصْلًا وَعَدَمُ النَّظَرِ مَعَ الْأَوَّلَيْنِ يَقْتَضِي أَنْ لَا يُغْفَرَ لَهُ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] فَيَنْبَغِي تَأْوِيلُهُ بِالِاسْتِحْقَاقِ كَمَا ذُكِرَ ثُمَّ الْأَمْرُ إِلَيْهِ وَفَضْلُهُ وَاسِعٌ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ لِأَنَّ الْحَارِثَ بْنَ مَخْلَدٍ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ كَذَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ وَالْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ بِلَفْظٍ قَرِيبٍ مِنْ هَذَا

1924 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هَرَمِيٍّ عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنْ الْحَقِّ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ وَالْحَدِيثُ مُنْكَرٌ لَا يَصِحُّ مِنْ وَجْهٍ كَمَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ طَلْقٍ

1925 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ وَجَمِيلُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ كَانَتْ يَهُودُ تَقُولُ مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ فِي قُبُلِهَا مِنْ دُبُرِهَا كَانَ الْوَلَدُ أَحْوَلَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (نِسَاؤُكُمْ)) أَيْ لِإِفَادَةِ أَنَّ الْإِتْيَانَ فِي الْقُبُلِ مِنَ الدُّبْرِ جَائِزٌ وَلَا يُحْمَلُ عَلَى الْإِتْيَانِ فِي الدُّبُرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب العزل]

[بَاب الْعَزْلِ] 1926 - حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْعَزْلِ فَقَالَ أَوَ تَفْعَلُونَ لَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ نَسَمَةٍ قَضَى اللَّهُ لَهَا أَنْ تَكُونَ إِلَّا هِيَ كَائِنَةٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (الْعَزْلِ) هُوَ الْإِنْزَالُ خَارِجَ الْفَرْجِ قَوْلُهُ (لَا عَلَيْكُمْ) أَيْ مَا عَلَيْكُمْ ضَرَرٌ فِي التَّرْكِ فَأَشَارَ إِلَى أَنَّ تَرْكَ الْعَزْلِ أَحْسَنُ وَقَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ إِلَخْ تَعْلِيلٌ لِذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ قَوْلُهُ (أَنْ تَكُونَ) أَيْ تُوجَدَ فِي الْخَارِجِ (إِلَّا هِيَ كَائِنَةٌ) أَيْ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهَا فِي الْوُجُودِ وَقِيلَ الْمَعْنَى لَا بَأْسَ عَلَيْكُمْ إِنْ فَعَلْتُمْ فَكَلِمَةُ لَا فِي قَوْلِهِ أَنْ لَا تَفْعَلُوا زَائِدَةٌ

وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ

1927 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْحَقَ الْهَمْدَانِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقُرْآنُ يَنْزِلُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَالْقُرْآنُ يَنْزِلُ) أَيْ فَلَوْ كَانَ مَمْنُوعًا لَنَزَلَ الْوَحْيُ بِمَنْعِهِ فَحَيْثُ مَا نَزَلَ عَلَيْهِ جَوَّزَهُ

1928 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ مُحَرَّرِ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعْزَلَ عَنْ الْحُرَّةِ إِلَّا بِإِذْنِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِلَّا بِإِذْنِهَا) أَيْ بِإِذْنِ الْحُرَّةِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها]

[بَاب لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَلَا عَلَى خَالَتِهَا] 1929 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَلَا عَلَى خَالَتِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنَ الْإِنْكَاحِ أَوْ مِنَ النِّكَاحِ أَوْ عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ مِنْهُمَا تَعْمِيمُ الْخِطَابِ لِكُلِّ مَنْ يَصْلُحُ لَهُ فَإِنْ كَانَ مِنَ الْإِنْكَاحِ فَالْخِطَابُ لِلْأَوْلِيَاءِ وَإِنْ كَانَ مِنَ النِّكَاحِ فَالْخِطَابُ لِلْأَزْوَاجِ وَيَجُوزُ جَعْلُهُ مِنَ النِّكَاحِ وَإِسْنَادُ النِّكَاحِ إِلَى الْمَرْأَةِ غَيْرُ عَزِيزٍ وَعَلَى تَقْدِيرِهِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ نَفْيًا بِمَعْنَى النَّهْيِ أَوْ نَهْيًا صَرِيحًا وَعَلَى أَجْوَدٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لَا تُنْكَحُ بِالتَّاءِ الْفَوْقَانِيَّةِ أَوِ الْيَاءِ التَّحْتَانِيَّةِ لَكِنْ يُجْعَلُ مَقَامَهُ ضَمِيرُ الْغِيبَةِ إِلَى الْوَلِيِّ أَوِ الْمُنْكِحِ عَلَى تَقْدِيرِ بِنَاءِ الْفَاعِلِ مِنَ الْإِنْكَاحِ وَإِلَى الزَّوْجِ أَوِ النِّكَاحِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ مِنَ النِّكَاحِ وَهِيَ عِشْرُونَ احْتِمَالًا صَحِيحَةٌ لَفْظًا وَمَعْنًى إِلَّا مَا فِيهِ الْإِسْنَادُ إِلَى الْمَرْأَةِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ فِيهِ التَّحْتَانِيَّةُ لَفْظًا فَافْهَمْ قَوْلُهُ (عَلَى عَمَّتِهَا) أَيْ وَإِنْ عَلَتْ فَشَمَلَتْ أُخْتَ الْجَدِّ وَكَذَا الْخَالَةُ تَشْمَلُ أُخْتَ الْجَدَّةِ وَإِطْلَاقُ اسْمِ الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ عَلَيْهِمَا بِالْمَجَازِ وَالِاشْتِرَاكِ

1930 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْ نِكَاحَيْنِ أَنْ يَجْمَعَ الرَّجُلُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَنْ يَجْمَعَ) أَيْ فِي النِّكَاحِ عَقْدَ وَاحِدٍ أَوْ عَقْدَيْنِ قِيلَ تَخْصِيصُ الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ إِمَّا اتِّفَاقِيٌّ لِوُقُوعِ السُّؤَالِ عَنْهُمَا أَوْ لِأَنَّ الْأُخْتَيْنِ مَذْكُورَتَانِ فِي نَصِّ الْقُرْآنِ وَإِلَّا فَالْأُخْتَانِ كَذَلِكَ قُلْتُ أَوِ التَّنْبِيهُ بِالْأَدْنَى عَلَى الْأَعْلَى وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ مُدَلِّسٌ وَقَدْ عَنْعَنَهُ

1931 - حَدَّثَنَا جُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ النَّهْشَلِيُّ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةِ عَلَى عَمَّتِهَا وَلَا عَلَى خَالَتِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ أَبِيهِ إِلَخْ) فِي

الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ جُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ

[باب الرجل يطلق امرأته ثلاثا فتتزوج فيطلقها قبل أن يدخل بها أترجع إلى الأول]

[بَاب الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فَتَتَزَوَّجُ فَيُطَلِّقُهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا أَتَرْجِعُ إِلَى الْأَوَّلِ] 1932 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ امْرَأَةَ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِنِّي كُنْتُ عِنْدَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلَاقِي فَتَزَوَّجْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ وَإِنَّ مَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ لَا حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَنَّ امْرَأَةَ رِفَاعَةَ) بِكَسْرِ الرَّاءِ (فَبَتَّ طَلَاقِي) أَيْ طَلَّقَنِي ثَلَاثًا (الزَّبِيرِ) بِفَتْحِ الزَّايِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ بِلَا خِلَافٍ (هُدْبَةِ الثَّوْبِ) هُوَ بِضَمِّ هَاءٍ وَسُكُونِ دَالٍ طَرَفُهُ الَّذِي لَا يُنْسَجُ تُرِيدُ أَنَّ الَّذِي مَعَهُ رَخْوٌ أَوْ صَغِيرٌ أَوْ كَطَرَفِ الثَّوْبِ لَا يُغْنِي عَنْهَا وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَيَّ (لَا) أَيْ لَا رُجُوعَ لَكِ إِلَى رِفَاعَةَ (عُسَيْلَتَهُ) تَصْغِيرُ الْعَسَلِ وَالتَّاءُ لِأَنَّ الْعَسَلَ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَقِيلَ عَلَى إِرَادَةِ اللَّذَّةِ وَالْمُرَادُ لَذَّةُ الْجِمَاعِ لَا لَذَّةُ إِنْزَالِ الْمَاءِ لِأَنَّ التَّصْغِيرَ يَقْتَضِي الِاكْتِفَاءَ بِالْقَلِيلِ فَيُكْتَفَى بِلَذَّةِ الْجِمَاعِ وَلَيْسَ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الزَّبِيرِ بِخُصُوصِهِ بَلْ زَوْجٌ آخَرُ غَيْرَ رِفَاعَةَ

1933 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ قَالَ سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ رَزِينٍ يُحَدِّثُ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرَّجُلِ تَكُونُ لَهُ الْمَرْأَةُ فَيُطَلِّقُهَا فَيَتَزَوَّجُهَا رَجُلٌ فَيُطَلِّقُهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا أَتَرْجِعُ إِلَى الْأَوَّلِ قَالَ لَا حَتَّى يَذُوقَ الْعُسَيْلَةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَيُطَلِّقُهَا) أَيْ ثَلَاثًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب المحلل والمحلل له]

[بَاب الْمُحَلِّلِ وَالْمُحَلَّلِ لَهُ] 1934 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ عَنْ زَمْعَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ وَهْرَامَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (الْمُحَلِّلُ وَالْمُحَلَّلُ لَهُ) الْأَوَّلُ مِنَ الْإِحْلَالِ وَالثَّانِي مِنَ التَّحْلِيلِ وَهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَلِذَا رُوِيَ الْمُحِلُّ وَالْمَحَلُّ لَهُ بِلَامٍ وَاحِدَةٍ مُشَدَّدَةٍ وَالْمُحَلِّلُ وَالْمُحَلَّلُ لَهُ بِلَامَيْنِ أُولَاهُمَا مُشَدَّدَةٌ ثُمَّ الْمُحِلُّ مَنْ تَزَوَّجَ مُطَلَّقَةَ الْغَيْرِ ثَلَاثًا لِتَحِلَّ لَهُ وَالْمُحَلَّلُ هُوَ الْمُطَلِّقُ وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ النِّكَاحَ بِنِيَّةِ التَّحْلِيلِ

يَقْتَضِي عَدَمَ الصِّحَّةِ وَأَجَابَ مَنْ يَقُولُ بِصِحَّتِهِ أَنَّ اللَّعْنَ قَدْ يَكُونُ لِخَسَّةِ الْفِعْلِ فَلَعَلَّ اللَّعْنَ هَاهُنَا لِأَنَّهُ هَتْكُ مُرُوءَةٍ وَقِلَّةُ حَمِيَّةٍ وَخِسَّةُ نَفْسٍ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُحَلَّلِ لَهُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الْمُحَلِّلُ فَإِنَّهُ كَالتَّيْسِ يُعِيرُ نَفْسَهُ بِالْوَطْءِ لِغَرَضِ الْغَيْرِ وَتَسْمِيَتُهُ مُحَلِّلًا يُؤَيِّدُ الْقَوْلَ بِالصِّحَّةِ وَمَنْ لَا يَقُولُ بِهَا يَقُولُ إِنَّهُ قَصَدَ التَّحْلِيلَ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَحِلُّ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ زَمْعَةُ بْنُ صَالِحٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ

1935 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ بْنِ الْبَخْتَرِيِّ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ وَمُجالِدٌ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ»

1936 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ الْمِصْرِيُّ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ سَمِعْتُ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ قَالَ لِي أَبُو مُصْعَبٍ مِشْرَحُ بْنُ هَاعَانَ قَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالتَّيْسِ الْمُسْتَعَارِ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ هُوَ الْمُحَلِّلُ لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَلَا أَخْبِرُكُمْ بِالتَّيْسِ الْمُسْتَعَارِ إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مِشْرَحُ بْنُ هَاعَانَ أَبُو مُصْعَبٍ الْغَافِرِيُّ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَقَالَ يُخْطِئُ وَيُخَالِفُ وَذَكَرَهُ فِي الضُّعَفَاءِ وَقَالَ يَرْوِي عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ مَنَاكِيرَ لَا يُتَابَعُ عَلَيْهَا وَالصَّوَابُ تَرْكُ مَا انْفَرَدَ بِهِ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ كَانَ فِي جَيْشِ الْحَجَّاجِ الَّذِينَ رَمَوْا الْكَعْبَةَ بِالْمَنْجَنِيقِ وَقَالَ أَحْمَدُ مَعْرُوفٌ وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ وَالذَّهَبِيُّ ثِقَةٌ وَيَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ تَكَلَّمُوا فِيهِ وَقَالَ أَبُو يُونُسَ كَانَ حَافِظًا لِلْحَدِيثِ وَحَدَّثَ بِمَا لَمْ يَكُنْ يُوجَدُ عِنْدَ غَيْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب]

[بَاب يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ] 1937 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَاعِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا أَيْ أَنَّ الرَّضِيعَ يَصِيرُ وَلَدًا لِلْمُرْضِعَةِ بِالرَّضَاعِ فَيُحَرِّمُ عَلَيْهِ مَا يُحَرِّمُ عَلَى وَلَدِهَا وَفِي الْمَسْأَلَةِ بَسْطُ مَوْضِعِهِ كُتُبُ الْفِقْهِ

1938 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ قَالَا حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرِيدَ عَلَى بِنْتِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنْ الرَّضَاعَةِ وَإِنَّهُ يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أُرِيدَ عَلَى بِنْتِ)

أَيْ أُرِيدَ أَنْ يَنْكِحَ عَلَيْهَا أَوْ أَرَادُوهُ لِأَجْلِهَا

1939 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ حَدَّثَتْهُ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ حَدَّثَتْهَا «أَنَّهَا قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْكِحْ أُخْتِي عَزَّةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتُحِبِّينَ ذَلِكِ قَالَتْ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ وَأَحَقُّ مَنْ شَرِكَنِي فِي خَيْرٍ أُخْتِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ لِي قَالَتْ فَإِنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَنْكِحَ دُرَّةَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ فَقَالَ بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ نَعَمْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي فِي حَجْرِي مَا حَلَّتْ لِي إِنَّهَا لَابْنَةُ أَخِي مِنْ الرَّضَاعَةِ أَرْضَعَتْنِي وَأَبَاهَا ثُوَيْبَةُ فَلَا تَعْرِضْنَ عَلَيَّ أَخَوَاتِكُنَّ وَلَا بَنَاتِكُنَّ» حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَزَّةَ) ضُبِطَ بِفَتْحِ عَيْنٍ مُهْمَلَةٍ وَتَشْدِيدِ زَايٍ مُعْجَمَةٍ قَوْلُهُ (فَلَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ) اسْمُ فَاعِلٍ مِنَ الْإِخْلَاءِ أَيْ لَسْتُ بِمُنْفَرِدَةٍ بِكَ وَلَا خَالِيَةٍ مِنْ ضَرَّةٍ (شَرِكَنِي) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَنَتَحَدَّثُ عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ (دُرَّةَ) بِضَمِّ دَالٍ مُهْمَلَةٍ وَتَشْدِيدِ رَاءٍ (ثُوَيْبَةُ) بِمُثَلَّثَةٍ مَضْمُومَةٍ ثُمَّ وَاوٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ يَاءِ التَّصْغِيرِ ثُمَّ يَاءٍ مُوَحَّدَةٍ مَوْلَاةٌ لِأَبِي لَهَبٍ (تَعْرِضْنَ) مِنَ الْعَرْضِ

[باب لا تحرم المصة ولا المصتان]

[بَاب لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ] 1940 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّ أُمَّ الْفَضْلِ حَدَّثَتْهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ أَوْ الْمَصَّةُ وَالْمَصَّتَانِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ أَوِ الْمَصَّةُ إِلَخْ) أَوْ لِلشَّكِّ وَلَعَلَّ تَخْصِيصَ الْمَصَّةِ وَالْمَصَّتَيْنِ لِمُوَافَقَةِ السُّؤَالِ كَمَا يَقْتَضِيهِ رِوَايَاتُ الْحَدِيثِ فَلَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الثَّلَاثَ مُحَرَّمَةٌ عِنْدَ الْقَائِلِ بِالْمَفْهُومِ ثُمَّ هَذَا الْحَدِيثُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حِينَ كَانَ الْمُحَرَّمُ الْعَشْرُ أَوِ الْخَمْسُ فَلَا يُنَافِي كَوْنَ الْحُكْمِ بَعْدَ النَّسْخِ هُوَ الْإِطْلَاقَ الْمُوَافِقَ لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ

1941 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ خِدَاشٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَالْمَصَّتَانِ»

1942 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ الْقُرْآنِ ثُمَّ سَقَطَ لَا يُحَرِّمُ إِلَّا عَشْرُ رَضَعَاتٍ أَوْ خَمْسٌ مَعْلُومَاتٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (ثُمَّ سَقَطَ) أَيْ بِالنَّسْخِ وَالْمُتَبَادَرُ مِنَ النَّسْخِ تِلَاوَةً وَحُكْمًا بَلْ حُكْمًا وَأَمَّا التِّلَاوَةُ فَنَسْخُهَا مَعْلُومٌ بِضَرُورَةِ عَدَمِ وُجُودِ الْحُكْمَيْنِ فِي الْقَدْرِ الْمَوْجُودِ فَيَدُلُّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنَ الْعَشْرِ وَالْخَمْسِ قَدْ سَقَطَ وَنُسِخَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ بَعْدَ

نَسْخِهِمَا الْإِطْلَاقَ الْمُوَافِقَ لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ (مَعْلُومَاتٍ) وَصْفَهَا بِذَلِكَ لِلتَّحَرُّزِ عَمَّا يُشَكُّ وُصُولُهُ إِلَى الْجَوْفِ

[باب رضاع الكبير]

[بَاب رِضَاعِ الْكَبِيرِ] 1943 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «جَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَرَى فِي وَجْهِ أَبِي حُذَيْفَةَ الْكَرَاهِيَةَ مِنْ دُخُولِ سَالِمٍ عَلَيَّ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْضِعِيهِ قَالَتْ كَيْفَ أُرْضِعُهُ وَهُوَ رَجُلٌ كَبِيرٌ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ رَجُلٌ كَبِيرٌ فَفَعَلَتْ فَأَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ مَا رَأَيْتُ فِي وَجْهِ أَبِي حُذَيْفَةَ شَيْئًا أَكْرَهُهُ بَعْدُ وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مِنْ دُخُولِ سَالِمٍ عَلَيَّ) أَيْ لِأَجْلِ دُخُولِهِ عَلَيَّ وَأَبُو حُذَيْفَةَ زَوْجُ سَهْلَةَ وَقَدْ تَبَنَّى سَالِمًا حِينَ كَانَ التَّبَنِّي غَيْرَ مَمْنُوعٍ فَكَانَ يَسْكُنُ مَعَهُمْ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ فَحِينَ نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} [الأحزاب: 5] وَحُرِّمَ التَّبَنِّي كَرِهَ أَبُو حُذَيْفَةَ دُخُولَ سَالِمٍ مَعَ اتِّحَادِ الْمَسْكَنِ وَفِي تَعَدُّدِ الْمَسْكَنِ كَانَ عَلَيْهِمْ تَعَبٌ فَجَاءَتْ سَهْلَةُ لِذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَوْلُهُ (وَكَانَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا) أَيْ قَبْلَ الْإِرْضَاعِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى خُصُوصِ ذَلِكَ الْحُكْمِ بِتِلْكَ الْحَادِثَةِ وَهَذَا هُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ سِوَى عَائِشَةَ فَإِنَّهَا كَانَتْ تَزْعُمُ الْعُمُومَ قُلْتُ وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ إِلَيْنَا لَقُلْنَا بِثُبُوتِ ذَلِكَ الْحُكْمِ فِي الْكَبِيرِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ كَمَا فِي الْمَوْرِدِ وَأَمَّا الْقَوْلُ بِالثُّبُوتِ مُطْلَقًا كَمَا تَقُولُهُ عَائِشَةُ فَبَعِيدٌ وَدَعْوَى الْخُصُوصِ لَا بُدَّ مِنْ إِثْبَاتِهَا

1944 - حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَقَدْ نَزَلَتْ آيَةُ الرَّجْمِ وَرَضَاعَةُ الْكَبِيرِ عَشْرًا وَلَقَدْ كَانَ فِي صَحِيفَةٍ تَحْتَ سَرِيرِي فَلَمَّا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَشَاغَلْنَا بِمَوْتِهِ دَخَلَ دَاجِنٌ فَأَكَلَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَرَضَاعَةُ الْكَبِيرِ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ثُبُوتَ حُكْمِ الرَّضَاعِ فِي الْكَبِيرِ كَانَ بِعَشْرِ مَرَّاتٍ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ فِي الصَّغِيرِ ذَلِكَ (وَلَقَدْ كَانَ) أَيْ ذَلِكَ الْقُرْآنُ بَعْدَ أَنْ نُسِخَ تِلَاوَةً مَكْتُوبًا (فِي صَحِيفَةٍ تَحْتَ سَرِيرِي) وَلَمْ تُرِدْ أَنَّهُ كَانَ مَقْرُوءًا بَعْدُ إِذِ الْقَوْلُ بِهِ يُوجِبُ وُقُوعَ التَّغْيِيرِ فِي الْقُرْآنِ وَهُوَ خِلَافُ النَّصِّ أَعْنِي قَوْلَهُ تَعَالَى {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] (دَاجِنٌ) هِيَ الشَّاةُ يَعْلِفُهَا النَّاسُ فِي مَنَازِلِهِمْ وَقَدْ يَقَعُ عَلَى غَيْرِ الشَّاةِ مِنْ كُلِّ مَا يَأْلَفُ الْبُيُوتَ مِنَ الطَّيْرِ وَغَيْرِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب لا رضاع بعد فصال]

[بَاب لَا رَضَاعَ بَعْدَ فِصَالٍ] 1945 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا رَجُلٌ فَقَالَ مَنْ هَذَا قَالَتْ هَذَا أَخِي قَالَ انْظُرُوا مَنْ تُدْخِلْنَ عَلَيْكُنَّ فَإِنَّ الرَّضَاعَةَ مِنْ الْمَجَاعَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَإِنَّ الرَّضَاعَةَ مِنَ الْمَجَاعَةِ) أَيْ الرَّضَاعَةَ الْمُحَرِّمَةَ فِي الصِّغَرِ حِينَ يَسُدُّ اللَّبَنُ الْجُوعَ فَإِنَّ الْكَبِيرَ لَا يُشْبِعُهُ إِلَّا الْخُبْزُ وَهُوَ عِلَّةٌ لِوُجُوبِ النَّظَرِ وَالتَّأَمُّلِ وَقِيلَ يُرِيدُ أَنَّ الْمَصَّةَ وَالْمَصَّتَيْنِ لَا تَسُدُّ الْجُوعَ فَلَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ الْحُرْمَةُ وَالْمَجَاعَةُ مَفْعَلَةٌ مِنَ الْجُوعِ قُلْتُ فَإِنْ كَانَ كِنَايَةً عَنْ أَنَّ الرَّضَاعَةَ الْمُحَرِّمَةَ لَا تَثْبُتُ بِالْمَصَّةِ وَالْمَصَّتَيْنِ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ عَائِشَةُ مِنْ ثُبُوتِ الرَّضَاعَةِ فِي الْكَبِيرِ وَإِنْ كَانَ كِنَايَةً عَنْ كَوْنِ الرَّضَاعَةِ الْمُحَرِّمَةِ لَا تَثْبُتُ فِي الْكَبِيرِ فَلَا بُدَّ مِنَ الْقَوْلِ بِأَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ عَالِمَةً بِالتَّارِيخِ فَرَأَتْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ سَهْلَةَ

1946 - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا رَضَاعَ إِلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ) وَالْفَتْقُ الشِّقُّ وَالْأَمْعَاءُ بِالْمَدِّ جَمْعُ مِعًى بِكَسْرِ الْمِيمِ مَقْصُورًا كَعِنَبٍ وَأَعْنَابٍ وَهِيَ الْمَصَارِينُ قَالَ الطِّيبِيُّ أَيْ مَا وَقَعَ عَنِ الْغِذَاءِ بِأَنْ يَكُونَ فِي أَوَانِ الرَّضَاعَةِ قُلْتُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ مَا يَفْتَحُ الْأَمْعَاءَ لِلشَّرْبَةِ وَلَا يَكُونُ مَصَّةً وَمَصَّتَيْنِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ رِوَايَةٍ لِلتِّرْمِذِيِّ فَلْيُتَأَمَّلْ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ

1947 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ الْمِصْرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ وَعُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ عَنْ أُمِّهِ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّهُنَّ خَالَفْنَ عَائِشَةَ وَأَبَيْنَ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِنَّ أَحَدٌ بِمِثْلِ رَضَاعَةِ سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ وَقُلْنَ وَمَا يُدْرِينَا لَعَلَّ ذَلِكَ كَانَتْ رُخْصَةً لِسَالِمٍ وَحْدَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَأَبَيْنَ) مِنَ الْإِبَاءِ أَيِ امْتَنَعْنَ (وَمَا يُدْرِينَا لَعَلَّ ذَلِكَ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُنَّ دَلِيلٌ عَلَى الْخُصُوصِ وَلَكِنَّهُنَّ أَخَذْنَ بِالْأَحْوَطِ لِاحْتِمَالِ الْخُصُوصِ وَحِينَئِذٍ فَيُقَالُ الْأَصْلُ هُوَ الْعُمُومُ نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَامًّا فِي مَحَلِّ الضَّرُورَةِ وَأَمَّا الْعُمُومُ فَوْقَ مَحَلِّ الضَّرُورَةِ فَلَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب لبن الفحل]

[بَاب لَبَنِ الْفَحْلِ] 1948 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «أَتَانِي عَمِّي مِنْ الرَّضَاعَةِ أَفْلَحُ بْنُ أَبِي قُعَيْسٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَيَّ بَعْدَ مَا ضُرِبَ الْحِجَابُ فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّهُ عَمُّكِ فَأْذَنِي لَهُ فَقُلْتُ إِنَّمَا أَرْضَعَتْنِي الْمَرْأَةُ وَلَمْ يُرْضِعْنِي الرَّجُلُ قَالَ تَرِبَتْ يَدَاكِ أَوْ يَمِينُكِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِنَّمَا أَرْضَعَتْنِي الْمَرْأَةُ) أَيِ امْرَأَةُ أَخِيهِ لَا أَخُوهُ كَأَنَّهَا زَعَمَتْ أَنَّ أَحْكَامَ الرَّضَاعِ تَثْبُتُ بَيْنَ الرَّضِيعِ وَالْمُرْضِعِ الْمَرْأَةِ فَصَارَتْ هِيَ أُمًّا لَهَا لَا الرَّجُلُ الَّذِي هُوَ أَخُوهُ عَمًّا لَهَا فَيَصِيرُ هَذَا الدَّاخِلُ عَمًّا

1949 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «جَاءَ عَمِّي مِنْ الرَّضَاعَةِ يَسْتَأْذِنُ عَلَيَّ فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلْيَلِجْ عَلَيْكِ عَمُّكِ فَقُلْتُ إِنَّمَا أَرْضَعَتْنِي الْمَرْأَةُ وَلَمْ يُرْضِعْنِي الرَّجُلُ قَالَ إِنَّهُ عَمُّكِ فَلْيَلِجْ عَلَيْكِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَلْيَلِجْ عَلَيْكِ) أَيْ لِيَدْخُلْ عَلَيْكِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب الرجل يسلم وعنده أختان]

[بَاب الرَّجُلِ يُسْلِمُ وَعِنْدَهُ أُخْتَانِ] 1950 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ عَنْ إِسْحَقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ أَبِي وَهْبٍ الْجَيْشَانِيِّ عَنْ أَبِي خِرَاشٍ الرُّعَيْنِيِّ عَنْ الدَّيْلَمِيِّ قَالَ «قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدِي أُخْتَانِ تَزَوَّجْتُهُمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَال إِذَا رَجَعْتَ فَطَلِّقْ إِحْدَاهُمَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَطَلِّقْ إِحْدَاهُمَا) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّازِمَ تَطْلِيقُ إِحْدَاهُمَا مُطْلَقًا لَا الْمُتَأَخِّرَةِ نِكَاحًا إِلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا إِذَا لَمْ يَعْلَمِ الْمُتَأَخِّرَةَ وَبِالْجُمْلَةِ فَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجَمْعَ مَعًا حَرَامٌ فَإِذَا جَمَعَ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ يَجِبُ عَلَيْهِ تَفْرِيقُ إِحْدَاهُمَا لَا أَنَّهُ إِذَا جَمَعَهُمَا فِي الْعَقْدِ أَصْلًا وَإِذَا تَقَدَّمَ نِكَاحُ إِحْدَاهُمَا بَطَلَ نِكَاحُ الْأُخْرَى كَيْفَ وَإِنَّهُ مِنْ حِينِ أَسْلَمَ إِلَى أَنْ فَارَقَ إِحْدَاهُمَا كَانَتَا فِي نِكَاحِهِ وَلَمْ يَحْكُمْ بِخُرُوجِهِمَا عَنْ نِكَاحِهِ فَكَأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الْإِسْلَامِ تَسَبَّبَ أَنَّهُ جَمَعَ

1951 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي وَهْبٍ الْجَيْشَانِيِّ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ الضَّحَّاكَ بْنَ فَيْرُوزَ الدَّيْلَمِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَسْلَمْتُ وَتَحْتِي أُخْتَانِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِي طَلِّقْ أَيَّتَهُمَا شِئْتَ»

[باب الرجل يسلم وعنده أكثر من أربع نسوة]

[بَاب الرَّجُلِ يُسْلِمُ وَعِنْدَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ] 1952 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ حُمَيْضَةَ بِنْتِ الشَّمَرْدَلِ عَنْ قَيْسِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ «أَسْلَمْتُ وَعِنْدِي ثَمَانِ نِسْوَةٍ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ اخْتَرْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (اخْتَرْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى {مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3] فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3] الْآيَةَ لِلتَّقْيِيدِ لَا لِلتَّعْمِيمِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى} [فاطر: 1] الْآيَةَ وَالتَّكْرَارُ بِالنَّظَرِ إِلَى آحَادِ الرِّجَالِ لَا بِالنَّظَرِ إِلَى وَاحِدٍ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ لِإِفَادَةِ حِلِّ هَذِهِ الْأَعْدَادِ كُلِّهَا لِوَاحِدٍ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إِذَا جَاءَ الْحَدِيثُ وَجَبَ حَمْلُ الْآيَةِ عَلَى مَا يُوَافِقُ الْحَدِيثَ ثُمَّ إِنَّ الْحَدِيثَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ جَمْعَ مَا فَوْقَ الْأَرْبَعَةِ بَقَاءُ حَرَامٍ لَا أَنَّ الْعَقْدَ ابْتِدَاءً لَا يَصِحُّ وَعَلَى أَنَّهُ لَهُ الْخِيَارُ فِي إِبْقَاءِ مَنْ يُرِيدُ لَا أَنَّ الْعَقْدَ عَلَى الْمُتَأَخِّرَةِ بَاطِلٌ مِنَ الْأَصْلِ

1953 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «أَسْلَمَ غَيْلَانُ بْنُ سَلَمَةَ وَتَحْتَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا»

[باب الشرط في النكاح]

[بَاب الشَّرْطِ فِي النِّكَاحِ] 1954 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ أَحَقَّ الشَّرْطِ أَنْ يُوفَى بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِنَّ أَحَقَّ الشَّرْطِ إِلَخْ) خَبَرُ إِنَّ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ وَأَنْ يُوَفَّى بِهِ بِتَقْدِيرِ الْبَاءِ مُتَعَلِّقٌ بِأَحَقِّ أَيْ أَلْيَقُ الشُّرُوطِ بِالْإِيفَاءِ شُرُوطُ النِّكَاحِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ كُلُّ مَا شَرَطَهُ الزَّوْجُ تَرْغِيبًا لِلْمَرْأَةِ فِي النِّكَاحِ مَا لَمْ يَكُنْ مَحْظُورًا وَمَنْ لَا يَقُولُ بِالْعُمُومِ يَحْمِلُهُ عَلَى الْمَهْرِ فَإِنَّهُ مَشْرُوطٌ شَرْعًا فِي مُقَابَلَةِ الْبِضْعِ أَوْ عَلَى جَمِيعِ مَا تَسْتَحِقُّهُ الْمَرْأَةُ بِمُقْتَضَى الزَّوَاجِ مِنَ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَحُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ فَإِنَّهَا الْتَزَمَهَا الزَّوْجُ بِالْعَقْدِ انْتَهَى

1955 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كَانَ مِنْ صَدَاقٍ أَوْ حِبَاءٍ أَوْ هِبَةٍ قَبْلَ عِصْمَةِ النِّكَاحِ فَهُوَ لَهَا وَمَا كَانَ بَعْدَ عِصْمَةِ النِّكَاحِ فَهُوَ لِمَنْ أُعْطِيَهُ أَوْ حُبِيَ وَأَحَقُّ مَا يُكْرَمُ الرَّجُلُ بِهِ ابْنَتُهُ أَوْ أُخْتُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَوْ حِبَاءٍ) بِالْكَسْرِ وَالْمَدِّ أَيْ عَطِيَّةٍ وَهِيَ مَا يُعْطِيهُ الزَّوْجُ سِوَى الصَّدَاقِ بِطَرِيقِ الْهِبَةِ أَوْ بِلَا تَصْرِيحٍ بِالْهِبَةِ وَالْمُرَادُ هَاهُنَا هُوَ الثَّانِي بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ أَوْ هِبَةٍ قَوْلُهُ (قَبْلَ عِصْمَةِ النِّكَاحِ) أَيْ قَبْلَ عَقْدِ النِّكَاحِ وَالْعِصْمَةُ هِيَ مَا يُعْتَصَمُ بِهِ مِنْ عَقْدٍ وَسَبَبٍ (لِمَنْ أُعْطِيَهُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ كَذَا حُبِيَ أَيْ لِمَنْ أَعْطَاهُ الزَّوْجُ وَحَبَاهُ أَيْ مَا يَقْبِضُهُ الْوَلِيُّ قَبْلَ الْعَقْدِ

فَهُوَ لِلْمَرْأَةِ وَمَا يَقْبِضُهُ بَعْدُ فَلَهُ قَالَ الْخَطَّابِيُّ هَذَا تَأْوِيلُهُ عَلَى مَا يَشْرِطُهُ الْوَلِيُّ لِنَفْسِهِ سِوَى الْمَهْرِ

[باب الرجل يعتق أمته ثم يتزوجها]

[بَاب الرَّجُلِ يُعْتِقُ أَمَتَهُ ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا] 1956 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ صَالِحِ بْنِ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ فَأَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ أَدَبَهَا وَعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا فَلَهُ أَجْرَانِ وَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمَنَ بِنَبِيِّهِ وَآمَنَ بِمُحَمَّدٍ فَلَهُ أَجْرَانِ وَأَيُّمَا عَبْدٍ مَمْلُوكٍ أَدَّى حَقَّ اللَّهِ عَلَيْهِ وَحَقَّ مَوَالِيهِ فَلَهُ أَجْرَانِ» قَالَ صَالِحٌ قَالَ الشَّعْبِيُّ قَدْ أَعْطَيْتُكَهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ إِنْ كَانَ الرَّاكِبُ لَيَرْكَبُ فِيمَا دُونَهَا إِلَى الْمَدِينَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا فَلَهُ أَجْرَانِ) أَيْ فَتَزَوُّجَهُ زِيَادَةٌ فِي الْإِحْسَانِ إِلَيْهَا فَيَسْتَحِقُّ بِهِ مُضَاعَفَةَ الْأَجْرِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ بَابِ الْعَوْدِ إِلَى صَدَقَتِهِ حَتَّى يَنْقُصَ بِهِ الْأَجْرُ ثُمَّ لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ لِهَؤُلَاءِ أَجْرَيْنِ فِي كُلِّ عَمَلٍ أَوْ فِي الْأَعْمَالِ الَّتِي عَمِلُوهَا فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ لِهَؤُلَاءِ أَجْرَيْنِ لِمَا فَعَلُوا مِنْ عَمَلَيْنِ وَإِلَّا لَمَا اخْتُصَّ الْأَجْرَانِ بِهَؤُلَاءِ بَلْ كُلُّ مَنْ يَعْمَلُ عَمَلَيْنِ فِي مُقَابَلَتِهِمَا أَجْرَانِ قَوْلُهُ (قَالَ الشَّعْبِيُّ) كَأَنَّهُ قَالَ لَهُ ذَلِكَ حَثًّا عَلَى أَنْ يَحْفَظَهَا وَيَعْرِفَ قَدْرَهَا وَلَا يُضَيِّعَهَا فَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ لَا يَعْتَنِي بِمَا يَحْصُلُ لَهُ بِلَا تَعَبٍ وَإِنْ كَانَ عَظِيمًا وَقَوْلُهُ إِنْ كَانَ كَلِمَةُ إِنْ مُخَفَّفَةٌ

1957 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «صَارَتْ صَفِيَّةُ لِدِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ ثُمَّ صَارَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدُ فَتَزَوَّجَهَا وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا قَالَ حَمَّادٌ فَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ لِثَابِتٍ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَنْتَ سَأَلْتَ أَنَسًا مَا أَمْهَرَهَا قَالَ أَمْهَرَهَا نَفْسَهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا) قِيلَ يَجُوزُ ذَلِكَ لِكُلِّ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَفْعَلَ كَذَلِكَ وَقِيلَ بَلْ هُوَ مَخْصُوصٌ بِهِ إِذْ يَجُوزُ لَهُ النِّكَاحُ بِلَا مَهْرٍ وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ ذَلِكَ سَوَاءٌ قُلْنَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ أَعْتَقَ فِي مُقَابَلَةِ الْعَقْدِ أَوْ أَنَّهُ أَعْتَقَهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بِلَا مَهْرٍ

1958 - حَدَّثَنَا حُبَيْشُ بْنُ مُبَشِّرٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْتَقَ صَفِيَّةَ وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا وَتَزَوَّجَهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ عَائِشَةَ) الْحَدِيثَ فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ إِذْ كَانَ عِكْرِمَةُ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ سَمِعَ مِنْ عَائِشَةَ فَقَدْ تَنَاقَضَ فِيهِ قَوْلُ ابْنِ حَاتِمٍ فَقَالَ فِي الْمَرَاسِيلِ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَائِشَةَ وَقَالَ فِي الْجَرْحِ

وَالتَّعْدِيلِ سَمِعَ مِنْهَا وَرَجَّحَ سَمَاعَهُ مِنْهَا أَنَّ رِوَايَتَهُ عَنْهَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ لَا أَعْلَمُهُ سَمِعَ مِنْ أَحَدٍ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَالْحَدِيثُ مِنْ رِوَايَةِ أَنَسٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب تزويج العبد بغير إذن سيده]

[بَاب تَزْوِيجِ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ] 1959 - حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ مَرْوَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ كَانَ عَاهِرًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (كَانَ عَاهِرًا) أَيْ زَانِيًا فَإِنْ قُلْتَ الْمُتَبَادَرُ مِنَ التَّزْوِيجِ هُوَ الْعَقْدُ دُونَ الْوَطْءِ فَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ زَانِيًا بِالْعَقْدِ وَإِنْ أُرِيدَ الْوَطْءُ مَجَازًا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْإِذْنُ شَرْطًا لِلْوَطْءِ وَوَطْئِهِ لِهَذِهِ الزَّوْجَةِ وَظَاهِرٌ عَدَمُ جَوَازِ الْعَقْدِ أَصْلًا لَا كَوْنُهُ جَائِزًا مَوْقُوفًا وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ حَسَنٌ وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ

1960 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَصَالِحُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَعِيلَ حَدَّثَنَا مَنْدَلٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّمَا عَبْدٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ فَهُوَ زَانٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَهُوَ زَانٍ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مِنْدَلٌ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب النهي عن نكاح المتعة]

[بَاب النَّهْيِ عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ] 1961 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَسَنِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِمَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ) هِيَ النِّكَاحُ لِأَجَلٍ مَعْلُومٍ أَوْ مَجْهُولٍ كَقُدُومِ زَيْدٍ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهَا مُجَرَّدُ الِاسْتِمْتَاعِ دُونَ التَّوَالُدِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَغْرَاضِ النِّكَاحِ وَهِيَ حَرَامٌ بِالْكِتَابِ وَالسَّنَةِ أَمَّا السُّنَّةُ فَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَأَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون: 6] وَالْمُتَمَتَّعُ بِهَا لَيْسَتْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا بِالِاتِّفَاقِ فَلَا تَحِلُّ أَمَّا أَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَمْلُوكَةٍ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا أَنَّهَا لَيْسَتْ بِزَوْجَةٍ فَلِأَنَّ الزَّوَاجَ لَهُ أَحْكَامٌ كَالْإِرْثِ وَغَيْرِهِ وَهِيَ مُنْعَدِمَةٌ بِالِاتِّفَاقِ قَوْلُهُ (الْإِنْسِيَّةِ) بِكَسْرٍ وَسُكُونٍ نِسْبَةً إِلَى الْإِنْسِ وَهُمْ بَنُو آدَمَ أَوْ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ نِسْبَةً إِلَى الْأُنْسِ خِلَافِ الْوَحْشِ أَوْ بِفَتْحَتَيْنِ نِسْبَةَ إِلَى الْأَنَسِيَّةِ بِمَعْنَى الْأَنَسِ أَيْضًا وَالْمُرَادُ هِيَ الَّتِي تَأْلَفُ الْبُيُوتَ وَعَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ذَكَرَ هَذَا

الْحَدِيثَ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ـ فَكَأَنَّهُ مَا الْتَفَتَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ فَأُثْبِتَ نَسْخُ هَذَا النَّهْيِ بِالرُّخْصَةِ فِي الْمُتْعَةِ بَعْدَ ذَلِكَ كَأَيَّامِ الْفَتْحِ لَكِنْ قَدْ ثَبَتَ النَّسْخُ بَعْدَ ذَلِكَ نَسْخًا مُؤَبَّدًا وَهَذَا ظَاهِرٌ لِمِنْ تَتَبَّعَ الْأَحَادِيثَ وَسَيَجِيءُ فِي الْكِتَابِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ

1962 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْعُزْبَةَ قَدْ اشْتَدَّتْ عَلَيْنَا قَالَ فَاسْتَمْتِعُوا مِنْ هَذِهِ النِّسَاءِ فَأَتَيْنَاهُنَّ فَأَبَيْنَ أَنْ يَنْكِحْنَنَا إِلَّا أَنْ نَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُنَّ أَجَلًا فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ اجْعَلُوا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُنَّ أَجَلًا فَخَرَجْتُ أَنَا وَابْنُ عَمٍّ لِي مَعَهُ بُرْدٌ وَمَعِي بُرْدٌ وَبُرْدُهُ أَجْوَدُ مِنْ بُرْدِي وَأَنَا أَشَبُّ مِنْهُ فَأَتَيْنَا عَلَى امْرَأَةٍ فَقَالَتْ بُرْدٌ كَبُرْدٍ فَتَزَوَّجْتُهَا فَمَكَثْتُ عِنْدَهَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ ثُمَّ غَدَوْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ وَهُوَ يَقُولُ أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي قَدْ كُنْتُ أَذِنْتُ لَكُمْ فِي الِاسْتِمْتَاعِ أَلَا وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهُنَّ شَيْءٌ فَلْيُخْلِ سَبِيلَهَا وَلَا تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِنَّ الْعُزْبَةَ) بِضَمِّ عَيْنٍ مُهْمَلَةٍ وَسُكُونِ زَايٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ التَّجَرُّدَ عَنِ النِّسَاءِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ وَرَاءٍ مُهْمَلَةٍ أَيِ الْفِرَاقَ عَنِ الْأَوْطَانِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْفِرَاقِ عَنِ الْأَهْلِ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ وَأَشْهَرُ (فَأَبَيْنَ) مِنَ الْإِبَاءِ أَيِ امْتَنَعْنَ (بُرْدٌ كَبُرُدٍ) أَيْ يَكْفِي كُلٌّ مِنْهُمَا مَقَامَ صَاحِبِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِالْجَوْدَةِ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهَا لَا تُسَاوِي جَوْدَةَ الرَّجُلِ

1963 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْعَسْقَلَانِيُّ حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ عَنْ أَبَانَ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «لَمَّا وَلِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ لَنَا فِي الْمُتْعَةِ ثَلَاثًا ثُمَّ حَرَّمَهَا وَاللَّهِ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا يَتَمَتَّعُ وَهُوَ مُحْصَنٌ إِلَّا رَجَمْتُهُ بِالْحِجَارَةِ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَنِي بِأَرْبَعَةٍ يَشْهَدُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَحَلَّهَا بَعْدَ إِذْ حَرَّمَهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (ثَلَاثًا) أَيْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ أَوْ ثَلَاثَ لَيَالٍ (إِلَّا رَجَمْتُهُ بِالْحِجَارَةِ) أَيْ إِذَا دَخَلَ بِهَا بِذَلِكَ الْعَقْدِ لِكَوْنِهِ زَنَى (بِأَرْبَعَةٍ) كَأَنَّهُ قَاسَ رَفْعَ الْحَدِيثِ عَلَى ثُبُوتِهِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ حَفْصٍ اسْمُهُ إِسْمَاعِيلُ الْأَبَّائِي ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ كَتَبَ عَنْهُ وَعَنْ أَبِيهِ وَكَانَ أَبُوهُ يَكْذِبُ قُلْتُ لَا بَأْسَ بِهِ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَالْعِجْلِيُّ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَغَيْرُهُمْ وَأَخْرَجَ لَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

[باب المحرم يتزوج]

[بَاب الْمُحْرِمِ يَتَزَوَّجُ] 1964 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو فَزَارَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ حَدَّثَتْنِي مَيْمُونَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَهَا وَهُوَ حَلَالٌ» قَالَ وَكَانَتْ خَالَتِي وَخَالَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ

1965 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيِّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَكَحَ وَهُوَ مُحْرِمٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (نَكَحَ وَهُوَ مُحْرِمٌ) بِهَذَا أَخَذَ عُلَمَاؤُنَا فَجَوَّزُوا نِكَاحَ الْمُحْرِمِ

1966 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ الْمَكِّيُّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ نَبِيهِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُحْرِمُ لَا يَنْكِحُ وَلَا يُنْكِحُ وَلَا يَخْطُبُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَا يَنْكِحُ) بِفَتْحِ الْيَاءِ أَيْ لَا يَعْقِدُ لِنَفْسِهِ (وَلَا يُنْكَحُ) بِضَمِّ الْيَاءِ أَيْ فَلَا يُعْقَدُ لِغَيْرِهِ (وَلَا يَخْطُبُ) كَيَنْصُرُ مِنَ الْخِطْبَةِ بِكَسْرِ الْخَاءِ وَهَذَا يَمْنَعُ تَأْوِيلَ النِّكَاحِ فِي الْحَدِيثِ بِالْجِمَاعِ كَمَا قِيلَ وَكُلٌّ مِنْهَا يَحْتَمِلُ النَّهْيَ وَالنَّفْيَ بِمَعْنَى النَّهْيِ وَالْجُمْهُورُ أَخَذُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ وَرَأَوْا أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهْمٌ لِمَا جَاءَ عَنْ مَيْمُونَةَ لِكَوْنِهَا صَاحِبَةَ الْوَاقِعَةِ فَهِيَ أَعْلَمُ بِهَا مِنْ غَيْرِهَا وَرَافِعٌ مِمَّنْ خَالَفَهُ فَرَجَّحُوا حَدِيثَ مَيْمُونَةَ وَرَافِعٍ لِكَوْنِهِ كَانَ سَفِيرًا بَيْنَ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَبَيْنَهَا وَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ إِذْ ذَاكَ صَغِيرًا وَلِكَوْنِ حَدِيثِهِمَا أَوْفَقَ بِالْحَدِيثِ الْقَوْلِيِّ الَّذِي رَوَاهُ عُثْمَانُ ـ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ـ وَقَالُوا وَإِذَا سُلِّمَ أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ يُعَارِضُ حَدِيثَ مَيْمُونَةَ يَسْقُطِ الْحَدِيثَانِ لِلتَّعَارُضِ وَيَبْقَى حَدِيثُ عُثْمَانَ الْقَوْلِيُّ سَالِمًا عَنِ الْمُعَارَضَةِ فَيُؤْخَذُ بِهِ وَسُلِّمَ أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ لَا يَسْقُطُ وَلَا يُعَارِضُهُ حَدِيثُ مَيْمُونَةَ وَرَافِعٍ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ حِكَايَةُ فِعْلٍ يَحْتَمِلُ الْخُصُوصَ وَحَدِيثُ عُثْمَانَ قَوْلُ نَصٍّ فِي التَّشْرِيعِ فَيُؤْخَذُ بِهِ قَطْعًا عَلَى مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَرْجَحُ نَقْلًا فَقَدْ أَخْرَجَهُ السِّتَّةُ فَلَا يُعَارِضُهُ شَيْءٌ مِنْ حَدِيثِ مَيْمُونَةَ وَرَافِعٍ وَالْأَصْلُ فِي الْأَفْعَالِ الْعُمُومُ فَيُقَدَّمُ عَلَى حَدِيثِ عُثْمَانَ أَيْضًا فَيُؤْخَذُ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب الأكفاء]

[بَاب الْأَكْفَاءِ] 1967 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابُورَ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْصَارِيُّ أَخُو فُلَيْحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ ابْنِ وَثِيمَةَ النَّصْرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِذَا أَتَاكُمْ) أَيْ خَطَبَ إِلَيْكُمْ بِنْتَكُمْ (مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ) بِضَمَّتَيْنِ أَوْ سُكُونِ الثَّانِي وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مَدَارُ حُسْنِ الْمَعَاشِ كَمَا أَنَّ الدِّينَ مَدَارُ أَدَاءِ الْحُقُوقِ (إِلَّا تَفْعَلُوا إِلَخْ) أَيْ إِنْ لَمْ تُزَوِّجُوا مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ وَتَرْغَبُوا فِي ذِي الْحَسَبِ وَالْمَالِ تَكُنْ فِتْنَةٌ وَفَسَادٌ لِأَنَّ الْحَسَبَ وَالْمَالَ يَجْلُبَانِ إِلَى الْفِتْنَةِ وَالْفَسَادِ عَادَةً وَقِيلَ إِذَا نَظَرْتُمْ إِلَى صَاحِبِ الْمَالِ وَالْجَاهِ يَبْقَى اكْثَرُ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ بِلَا تَزَوُّجٍ فَيَكْثُرُ الزِّنَا وَيَلْحَقُ الْعَارُ وَالْغَيْرَةُ بِالْأَوْلِيَاءِ فَيَقَعُ الْقَتْلُ وَتَهِيجُ الْفِتْنَةُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ تَعْظِيمَ الْجَاهِ وَالْمَالِ وَإِيثَارَهُ عَلَى الدِّينِ يُؤَدِّي إِلَى الْفِتْنَةِ وَفِيهِ حُجَّةٌ لِمَالِكٍ عَلَى الْجُمْهُورِ فَإِنَّهُ يُرَاعِي الْكَفَاءَةَ فِي الدِّينِ فَقَطْ وَالْحَدِيثُ قَدْ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَرَجَّحَ إِرْسَالَهُ ثُمَّ أَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي حَاتِمٍ الْمُزَنِيِّ وَقَالَ فِيهِ إِنَّهُ حَسَنٌ

1968 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عِمْرَانَ الْجَعْفَرِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَخَيَّرُوا لِنُطَفِكُمْ وَانْكِحُوا الْأَكْفَاءَ وَأَنْكِحُوا إِلَيْهِمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (تَخَيَّرُوا لِنُطَفِكُمْ) أَيِ اطْلُبُوا لَهَا مَا هُوَ خَيْرُ الْمَنَاكِحِ وَأَزْكَاهَا وَأَبْعَدُهَا مِنَ الْخُبْثِ وَالْفُجُورِ (وَأَنْكِحُوا إِلَيْهِمْ) أَيِ اخْطُبُوا إِلَيْهِمْ بَنَاتِهِمْ يَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِهِمُ الْكَفَاءَةَ وَلَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا تُعْتَبَرُ فِي أَيِّ شَيْءٍ فَلَا يُخَالِفُ هَذَا الْحَدِيثَ الْحَدِيثُ السَّابِقُ الدَّالُّ عَلَى اعْتِبَارِهِ بِالدِّينِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ الْحَارِثُ بْنُ عِمْرَانَ الْمَدِينِيُّ قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِمٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَالْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ لَا أَصْلَ لَهُ يَعْنِي هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الثِّقَاتِ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ مَتْرُوكٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب القسمة بين النساء]

[بَاب الْقِسْمَةِ بَيْنَ النِّسَاءِ] 1969 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ يَمِيلُ مَعَ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَحَدُ شِقَّيْهِ سَاقِطٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْحُكْمَ غَيْرُ مَقْصُورٍ عَلَى امْرَأَتَيْنِ بَلْ هُوَ اقْتِصَارٌ عَلَى أَدْنَى فَمَنْ لَهُ ثَلَاثٌ أَوْ أَرْبَعٌ كَانَ ذَلِكَ أَيْ فِعْلًا لَا قَلْبًا وَالْمَيْلُ فِعْلًا هُوَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ} [النساء: 129] أَيْ فِعْلًا لَا الْمَيْلَ قَلْبًا (شِقَّيْهِ) بِالْكَسْرِ أَيْ أَحَدُ نِصْفَيْهِ

أَيْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غَيْرَ مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ بِالنَّظَرِ إِلَى الْمَرْأَتَيْنِ بَلْ كَانَ يُرَجِّحُ إِحْدَاهُمَا.

1970 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا سَافَرَ أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَقَرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ) أَيْ بَيْنَهُنَّ الْقُرْعَةُ وَاجِبَةٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ مُسْتَحَبَّةٌ عِنْدَنَا لِمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَسْمُ وَأَمَّا النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَالْقَسْمُ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهِ.

1971 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُ بَيْنَ نِسَائِهِ فَيَعْدِلُ ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُمَّ هَذَا فِعْلِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِيمَا تَمْلِكُ) هِيَ الْمَحَبَّةُ بِالْقَلْبِ وَهَذَا مِنْ بَابِ إِظْهَارِ افْتِقَارِ الْعُبُودِيَّةِ وَالتَّضَرُّعِ وَإِلَّا فَلَا تَكْلِيفَ بِمَا لَيْسَ فِي وُسْعِ الْإِنْسَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب المرأة تهب يومها لصاحبتها]

[بَاب الْمَرْأَةِ تَهَبُ يَوْمَهَا لِصَاحِبَتِهَا] 1972 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ جَمِيعًا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «لَمَّا كَبِرَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُ لِعَائِشَةَ بِيَوْمِ سَوْدَةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَمَّا كَبِرَتْ) بِكَسْرِ الْبَاءِ مِنْ بَابِ عَلِمَ مِنَ السِّنِّ وَبِضَمِّ الْبَاءِ مِنْ بَابِ كَرُمَ فِي الْقَدْرِ.

1973 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَا حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ سُمَيَّةَ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَدَ عَلَى صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ فِي شَيْءٍ فَقَالَتْ صَفِيَّةُ يَا عَائِشَةُ هَلْ لَكِ أَنْ تُرْضِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِّي وَلَكِ يَوْمِي قَالَتْ نَعَمْ فَأَخَذَتْ خِمَارًا لَهَا مَصْبُوغًا بِزَعْفَرَانٍ فَرَشَّتْهُ بِالْمَاءِ لِيَفُوحَ رِيحُهُ ثُمَّ قَعَدَتْ إِلَى جَنْبِ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا عَائِشَةُ إِلَيْكِ عَنِّي إِنَّهُ لَيْسَ يَوْمَكِ فَقَالَتْ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ فَأَخْبَرَتْهُ بِالْأَمْرِ فَرَضِيَ عَنْهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (هَلْ لَكِ أَنْ تُرْضِي) مِنَ الْإِرْضَاءِ أَيْ هَلْ لَكِ رَغْبَةٌ فِي إِرْضَائِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَوْلُهُ: (وَلَكِ يَوْمِي) أَرَادَتْ ذَلِكَ الْيَوْمَ بِعَيْنِهِ لَا لِلنَّوْبَةِ مُطْلَقًا (إِلَيْكِ عَنِّي) أَيْ تَنَحَّيْ عَنِّي وَتَبَعَّدِي وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ سُمَيَّةُ الْبَصْرِيَّةُ وَهِيَ لَا تُعْرَفُ كَذَا قَالَهُ صَاحِبُ الْمِيزَانِ.

1974 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128] فِي رَجُلٍ كَانَتْ تَحْتَهُ امْرَأَةٌ قَدْ طَالَتْ صُحْبَتُهَا وَوَلَدَتْ مِنْهُ أَوْلَادًا فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَبْدِلَ بِهَا فَرَاضَتْهُ عَلَى أَنْ تُقِيمَ عِنْدَهُ وَلَا يَقْسِمَ لَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنْ يَسْتَبْدِلَ بِهَا) أَيْ يَتْرُكُهَا وَيَأْتِي بَدَلَهَا غَيْرَهَا (فَرَاضَتْهُ) أَيْ أَرْضَتْهُ (وَلَا يَقْسِمُ) مِنْ

الْقَسْمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب الشفاعة في التزويج]

[بَاب الشَّفَاعَةِ فِي التَّزْوِيجِ] 1975 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ أَبِي رُهْمٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَفْضَلِ الشَّفَاعَةِ أَنْ يُشَفَّعَ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ فِي النِّكَاحِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنْ يَشْفَعَ) عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ أَيِ الشَّافِعِ أَوْ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ مُرْسَلٌ أَبُو رَهْمٍ هَذَا اسْمُهُ حَزَّابُ بْنُ أَسِيدٍ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَقِيلَ بِضَمِّهَا قَالَ الْبُخَارِيُّ هُوَ تَابِعِيٌّ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ لَيْسَتْ لَهُ صُحْبَةٌ وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ.

1976 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ الْعَبَّاسِ بْنِ ذُرَيْحٍ عَنْ الْبَهِيِّ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «عَثَرَ أُسَامَةُ بِعَتَبَةِ الْبَابِ فَشُجَّ فِي وَجْهِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمِيطِي عَنْهُ الْأَذَى فَتَقَذَّرْتُهُ فَجَعَلَ يَمُصُّ عَنْهُ الدَّمَ وَيَمُجُّهُ عَنْ وَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ لَوْ كَانَ أُسَامَةُ جَارِيَةً لَحَلَّيْتُهُ وَكَسَوْتُهُ حَتَّى أُنَفِّقَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَثَرَ) مِنَ الْعَثْرَةِ وَهِيَ الزَّلَّةُ أَيْ زَلَّتْ قَدَمُهُ فَسَقَطَ وَوَقَعَ عَلَى عَتَبِ الْبَابِ (فَشُجَّ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَشَجَّةُ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ مَعْرُوفَةٌ قَوْلُهُ: (أَمِيطِي) أَزِيلِي (الْأَذَى) الدَّمَ (فَتَقَذَّرَتْهُ) كَرِهَتْهُ (وَيَمُجُّهُ) أَيْ يَرْمِيهِ مِنَ الْفَمِ (حَتَّى أُنْفِقَهُ) مِنْ نَفَّقَ بِالتَّشْدِيدِ إِذَا زَوَّجَ وَأُنْفِقَ لُغَةٌ فِيهِ حَتَّى تَمِيلَ إِلَيْهَا قُلُوبُ الرِّجَالِ وَهَذَا فِي الْمَعْنَى كَالشَّفَاعَةِ فِي النِّكَاحِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ إِنْ كَانَ الْبَهِيُّ سَمِعَ مِنْ عَائِشَةَ وَفِي سَمَاعِهِ كَلَامٌ وَقَدْ سُئِلَ عَنْهُ أَحْمَدُ فَقَالَ مَا أَرَى فِي هَذَا شَيْئًا إِنَّمَا يُرْوَى عَنِ الْبَهِيِّ قَالَ الْعَلَاءُ فِي الْمَرَاسِيلِ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ لِعَبْدِ اللَّهِ الْبَهِيِّ عَنْ عَائِشَةَ حَدِيثًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب حسن معاشرة النساء]

[بَاب حُسْنِ مُعَاشَرَةِ النِّسَاءِ] 1977 - حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ يَحْيَى بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ عَمِّهِ عُمَارَةَ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (خَيْرُكُمْ) أَيْ مِنْ خَيْرِكُمْ لِأَهْلِهِ فَمُرَادُهُ أَنَّ حُسْنَ الْعِشْرَةِ مَعَ الْأَهْلِ مِنْ جُمْلَةِ الْأَشْيَاءِ الْمَطْلُوبَةِ فِي الدِّينِ فَالْمُتَّصِفُ بِهِ مِنْ جُمْلَةِ الْخِيَارِ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُتَّصِفَ بِهِ يُوَفَّقُ لِسَائِرِ الصَّالِحَاتِ حَتَّى يَصِيرَ خَيْرًا عَلَى الْإِطْلَاقِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي الزَّوَائِدِ الْحَدِيثُ مِنْ رِوَايَةِ عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا ـ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَأَمَّا مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ

عَبَّاسٍ فَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِأَنَّ عِمَارَةَ بْنَ ثَوْبَانَ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ مَجْهُولُ الْحَالِ وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ.

1978 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (خِيَارُكُمْ) أَيْ مِنْ خِيَارِكُمْ لِمَا تَقَدَّمَ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُمُ الْخِيَارُ بِالْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَا وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.

1979 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «سَابَقَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَبَقْتُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَسَبَقَتْهُ) أَيْ غَلَبَتْهُ فِيهِ وَهَذَا مِنْ كَمَالِ حُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ مَعَ أَهْلِ الْبَيْتِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَعَزَاهُ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ لِلنَّسَائِيِّ وَلَيْسَ هُوَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ السُّنِّيِّ.

1980 - حَدَّثَنَا أَبُو بَدْرٍ عَبَّادُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أُمِّ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَهُوَ عَرُوسٌ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ جِئْنَ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ فَأَخْبَرْنَ عَنْهَا قَالَتْ فَتَنَكَّرْتُ وَتَنَقَّبْتُ فَذَهَبْتُ فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَيْنِي فَعَرَفَنِي قَالَتْ فَالْتَفَتَ فَأَسْرَعْتُ الْمَشْيَ فَأَدْرَكَنِي فَاحْتَضَنَنِي فَقَالَ كَيْفَ رَأَيْتِ قَالَتْ قُلْتُ أَرْسِلْ يَهُودِيَّةٌ وَسْطَ يَهُودِيَّاتٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَهُوَ عَرُوسٌ بِصَفِيَّةَ) أَيْ قَرِيبُ الزَّوَاجِ بِهَا (جِئْنَ نِسَاءُ) مِنْ قَبِيلِ {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} [الأنبياء: 3] (فَتَنَكَّرْتُ) غَيَّرْتُ بِحَيْثُ لَا أُعْرَفُ (أَرْسِلْ) صِيغَةُ أَمْرٍ مِنَ الْإِرْسَالِ أَيْ لَا تَحْمِلْهَا وَالْمُرَادُ إِظْهَارُ الْكَرَاهَةِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جَدْعَانَ

1981 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ زَكَرِيَّا عَنْ خَالِدِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ الْبَهِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ «مَا عَلِمْتُ حَتَّى دَخَلَتْ عَلَيَّ زَيْنَبُ بِغَيْرِ إِذْنٍ وَهِيَ غَضْبَى ثُمَّ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحَسْبُكَ إِذَا قَلَبَتْ بُنَيَّةُ أَبِي بَكْرٍ ذُرَيْعَتَيْهَا ثُمَّ أَقَبَلَتْ عَلَيَّ فَأَعْرَضْتُ عَنْهَا حَتَّى قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُونَكِ فَانْتَصِرِي فَأَقْبَلْتُ عَلَيْهَا حَتَّى رَأَيْتُهَا وَقَدْ يَبِسَ رِيقُهَا فِي فِيهَا مَا تَرُدُّ عَلَيَّ شَيْئًا فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَا عَلِمْتُ) أَيْ بِقِيَامِ الْأَزْوَاجِ الطَّاهِرَاتِ عَلَيَّ فِي تَخْصِيصِ النَّاسِ بِالْهَدَايَا يَوْمَ عَائِشَةَ وَقَدْ جَاءَتْ فَاطِمَةُ قَبْلَ ذَلِكَ وَكَأَنَّهَا مَا صَرَّحَتْ بِتَمَامِ الْحَقِيقَةِ وَعِنْدَ مَجِيءِ زَيْنَبَ ظَهَرَ لَهَا تَمَامُ الْحَقِيقَةِ قَوْلُهُ (أَحْسَبُكَ) الْهَمْزَةُ لِلِاسْتِفْهَامِ أَيْ أَيَكْفِيكَ فِعْلُ عَائِشَةَ حِينَ تَقْلِبُ لَكَ الذِّرَاعَيْنِ أَيْ كَأَنَّكَ لِشِدَّةِ حُبِّكَ لَهَا لَا تَنْظُرُ إِلَى أَمْرٍ آخَرَ (إِذَا قَلَبَتْ) هِيَ لَكَ الذِّرَاعَيْنِ (بُنَيَّةُ أَبِي بَكْرٍ) تَصْغِيرُ بِنْتٍ وَهُوَ فَاعِلُ قَلَبَتْ (ذُرَيْعَيْهَا) الذُّرَيْعَةُ بِضَمِّ ذَالٍ مُعْجَمَةٍ وَتَشْدِيدِ يَاءٍ تَصْغِيرُ الذِّرَاعِ وَلُحُوقُ الْهَاءِ فِيهَا لِكَوْنِهَا مُؤَنَّثَةً ثُمَّ تَثْنِيَةً وَأُضِيفُ كَذَا فِي الْمَجْمَعِ وَالنِّهَايَةِ وَفِي بَعْضِ الْأُصُولِ بِلَا هَاءِ

التَّأْنِيثِ عَلَى الْأَصْلِ قَوْلُهُ (دُونَكِ) أَيْ خُذِيهَا (فَانْتَصِرِي) كَأَنَّهُ أَمَرَ بِذَلِكَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَدَفْعِ الْخِصَامِ فَأَشَارَ إِلَى أَنَّهُ مَحْمُودٌ حَيْثُ يُرْجَى بِهِ دَفْعُ الْخِصَامِ وَإِلَّا فَالْعَفْوُ أَحْسَنُ (حَتَّى رَأَيْتُهَا) أَيْ مِمَّا ذَكَرْتُ لَهَا مِنَ الْكَلَامِ الشَّدِيدِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَزَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ كَانَ يُدَلِّسُ

1982 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَبِيبٍ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ وَأَنَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ يُسَرِّبُ إِلَيَّ صَوَاحِبَاتِي يُلَاعِبْنَنِي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ) فِي النِّهَايَةِ هِيَ التَّمَاثِيلُ الَّتِي تَلْعَبُ بِهَا الصِّبْيَانُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِيهِ جَوَازُ اتِّخَاذِ اللُّعَبِ وَإِبَاحَةُ الْجَوَارِي لَهَا وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ رَأَى ذَلِكَ فَلَمْ يُنْكِرْهُ قَالُوا وَسَبَبُهُ تَدْرِيبُهُنَّ لِتَرْبِيَةِ الْأَوْلَادِ وَإِصْلَاحِ شَأْنِهِنَّ وَبُيُوتِهِنَّ قَالَ النَّوَوِيُّ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَخْصُوصًا مِنْ أَحَادِيثِ النَّهْيِ عَنْ اتِّخَاذِ الصُّوَرِ لِمَا ذُكِرَ مِنَ الْمَصْلَحَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مَنْهِيًّا عَنْهُ فَكَانَتْ قَضِيَّةُ عَائِشَةَ هَذِهِ وَلَعِبُهَا فِي أَوَّلِ الْهِجْرَةِ قَبْلَ تَحْرِيمِ الصُّوَرِ قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةِ النَّسَائِيِّ قُلْتُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِكَوْنِهِنَّ دُونَ الْبُلُوغِ فَلَا تَكْلِيفَ عَلَيْهِنَّ كَمَا جَازَ لِلْوَلِيِّ إِلْبَاسُ الصَّبِيِّ الْحَرِيرَ اهـ قُلْتُ وَهَذَا لَا يَتَمَشَّى عَلَى أُصُولِ عُلَمَائِنَا الْحَنَفِيَّةِ إِذْ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ عِنْدَهُمُ الْإِلْبَاسُ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ لِمَا جَاءَ النَّهْيُ فِي صِغَارِ أَهْلِ الْبَيْتِ مِنْ تَنَاوُلِ الصَّدَقَةِ وَكَذَا جَاءَ فِي الصِّغَارِ عَنِ الْحُمْرِ قَوْلُهُ (يُسَرِّبُ) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ أَيْ يَبْعَثُ وَيُرْسِلُ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِأَنَّ فِيهِ عُمَرُ بْنُ حَبِيبٍ الْعَدَوِيُّ قَاضِي الْبَصْرَةِ ثُمَّ قَاضِي الشَّرْقِيَّةِ لِلْمَأْمُونِ مُتَّفَقٌ عَلَى تَضْعِيفِهِ وَكَذَّبَهُ ابْنُ مَعِينٍ اهـ قُلْتُ أَصْلُ الْحَدِيثِ ثَابِتٌ بِلَا رَيْبٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب ضرب النساء]

[بَاب ضَرْبِ النِّسَاءِ] 1983 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ قَالَ «خَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ ذَكَرَ النِّسَاءَ فَوَعَظَهُمْ فِيهِنَّ ثُمَّ قَالَ إِلَامَ يَجْلِدُ أَحَدُكُمْ امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْأَمَةِ وَلَعَلَّهُ أَنْ يُضَاجِعَهَا مِنْ آخِرِ يَوْمِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَوَعَظَهُمْ) أَيِ الرِّجَالَ (فِيهِنَّ) أَيْ فِي شَأْنِ النِّسَاءِ (إِلَامَ) هِيَ مَا الِاسْتِفْهَامِيَّةُ حُذِفَ أَلِفُهَا لِدُخُولِ إِلَى الْجَارَّةِ وَإِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا يُحْذَفُ أَلِفُهَا مِثْلَ عَمَّ وَبِمَ وَلِمَ أَيْ مُذْ أَنْتُمْ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ وَإِلَى مَتَى تَبْقُونَ عَلَى هَذِهِ الْعَادَةِ

وَهِيَ أَنَّ أَحَدَكُمْ يَجْلِدُ امْرَأَتَهُ ضَرْبًا شَدِيدًا كَضَرْبِ الْأَمَةِ أَيِ اتْرُكُوا هَذِهِ الْعَادَةَ وَالتَّشْبِيهُ لَيْسَ لِإِبَاحَةِ ضَرْبِ الْمَمَالِيكِ بَلْ لِأَنَّهُ جَرَى بِهِ عَادَتُهُمْ وَفِي حَدِيثِ لَا تَرْفَعْ عَصَاكَ عَنْ أَهْلِكَ قِيلَ أُرِيدَ الْأَدَبُ لَا الضَّرْبُ قَوْلُهُ (وَلَعَلَّهُ) أَيِ الَّذِي ضَرَبَ امْرَأَتَهُ أَوَّلَ النَّهَارِ (أَنْ يُضَاجِعَهَا) أَنْ زَائِدَةٌ أَيْ فَكَيْفَ يَضْرِبُهَا ذَاكَ الضَّرْبَ الشَّدِيدَ عِنْدَ هَذِهِ الْمُقَارَبَةِ وَالْمُقَابَلَةِ لِكَمَالِ الِاتِّحَادِ وَالْمَوَدَّةِ

1984 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَادِمًا لَهُ وَلَا امْرَأَةً وَلَا ضَرَبَ بِيَدِهِ شَيْئًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَلَا ضَرَبَ بِيَدِهِ شَيْئًا) أَيْ فِي الْبَيْتِ كَمَا هُوَ الْمُعْتَادُ وَإِلَّا فَالضَّرْبُ فِي الْحَرْبِ خَارِجٌ عَنْ هَذَا الْعُمُومِ

1985 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ إِيَاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ قَالَ «قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَضْرِبُنَّ إِمَاءَ اللَّهِ فَجَاءَ عُمَرُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ ذَئِرَ النِّسَاءُ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ فَأْمُرْ بِضَرْبِهِنَّ فَضُرِبْنَ فَطَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَائِفُ نِسَاءٍ كَثِيرٍ فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ لَقَدْ طَافَ اللَّيْلَةَ بِآلِ مُحَمَّدٍ سَبْعُونَ امْرَأَةً كُلُّ امْرَأَةٍ تَشْتَكِي زَوْجَهَا فَلَا تَجِدُونَ أُولَئِكَ خِيَارَكُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (قَدْ زَئِرَ النِّسَاءَ) كَفَرِحَ وَاجْتَرَأَ وَغَصِبَ وَزَئِرَتِ الْمَرْأَةُ عَلَى بَعْلِهَا نَشِزَتْ وَقَالَ السُّيُوطِيُّ بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ مَكْسُورَةٍ وَرَاءِ نَشَزْنَ وَاجْتَرَأْنَ (فَطَافَ) أَهْلُ أَلَمَّ وَنَزَلَ (أُولَئِكَ) أَيِ الَّذِينَ يُبَالِغُونَ فِي الضَّرْبِ وَيُكْثِرُونَ مِنْهُ

1986 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى والْحَسَنُ بْنُ مُدْرِكٍ الطَّحَّانُ قَالَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَوْدِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُسْلِيِّ عَنْ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ «ضِفْتُ عُمَرَ لَيْلَةً فَلَمَّا كَانَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ قَامَ إِلَى امْرَأَتِهِ يَضْرِبُهَا فَحَجَزْتُ بَيْنَهُمَا فَلَمَّا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ لِي يَا أَشْعَثُ احْفَظْ عَنِّي شَيْئًا سَمِعْتُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُسْأَلُ الرَّجُلُ فِيمَ يَضْرِبُ امْرَأَتَهُ وَلَا تَنَمْ إِلَّا عَلَى وِتْرٍ وَنَسِيتُ الثَّالِثَةَ» حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ خِدَاشٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (ضِفْتُ) أَيْ نَزَلْتُ ضَيْفًا عِنْدَهُ (فِيمَ يَضْرِبُ امْرَأَتَهُ) قِيلَ هُوَ عِبَارَةٌ عَنِ النُّشُوزِ أَيْ لَا تَسْأَلِ الرَّجُلِ وَلَا تُعَاتِبُهُ فِيهِ لَكِنْ إِذَا رَاعَى شَرَائِطَهُ وَحُدُودَهُ قُلْتُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ اسْتِفْهَامِيَّةً وَالْمَعْنَى لَا يُقَالُ لِلرَّجُلِ فِي أَيِّ شَيْءٍ ضَرَبَ امْرَأَتَهُ فَقَدْ يَكُونُ لَا يَحْسُنُ ذِكْرُهُ قَوْلُهُ (وَلَا تَنَمْ إِلَّا عَلَى وِتْرٍ) هَذَا لِمَنْ لَا يَعْتَادُ الْيَقَظَةَ آخِرِ اللَّيْلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب الواصلة والواشمة]

[بَاب الْوَاصِلَةِ وَالْوَاشِمَةِ] 1987 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَعَنَ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ وَالْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ) هِيَ الَّتِي تَصِلُ الشَّعْرَ بِشَعْرٍ آخِرَ سَوَاءٌ اتَّصَلَ بِشَعْرِهَا أَوْ بِشَعْرِ غَيْرِهَا (وَالْمُسْتَوْصِلَةُ) الَّتِي تَأْمُرُ مَنْ يَفْعَلُ بِهَا ذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْوَاشِمَةُ وَالْمُسْتَوْشِمَةُ وَالْوَشْمُ غَرْزُ الْإِبْرَةِ فِي الْوَجْهِ ثُمَّ يُحْشَى كُحْلًا أَوْ غَيْرَهُ قِيلَ هَذَا وَنَحْوُهُ لَيْسَ دُعَاءً مِنْهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِالْإِبْعَادِ بَلْ ذَلِكَ إِخْبَارٌ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَعَنَ هَؤُلَاءِ لِأَنَّهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لَمْ يُبْعَثْ لَعَّانًا وَقَدْ قَالَ «الْمُؤْمِنُ لَا يَكُونُ لَعَّانًا» قُلْتُ لَعَنَ الشَّيْطَانَ وَغَيْرَهُ وَأَرَادَ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [البقرة: 161] فَالظَّاهِرُ أَنَّ اللَّعْنَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ عَلَى قِلَّةٍ لَا يَضُرُّ فَلِذَلِكَ قِيلَ لَمْ يُبْعَثْ لَعَّانًا بِالْمُبَالَغَةِ فَتَأَمَّلْ وَذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ تَغْيِيرِ الْخَلْقِ بِتَكَلُّفٍ وَمِثْلُهُ قَدْ حَرَّمَ الشَّارِعُ لِعَدَمِ التَّكَلُّفِ فِيهِ

1988 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ «جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِنَّ ابْنَتِي عُرَيِّسٌ وَقَدْ أَصَابَتْهَا الْحَصْبَةُ فَتَمَرَّقَ شَعْرُهَا فَأَصِلُ لَهَا فِيهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عُرَيِّسٌ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ تَصْغِيرُ عَرُوسٍ قَوْلُهُ (الْحَصْبَةُ) بِفَتْحِ الْحَاءِ نَوْعٌ مِنَ الْعَاهَاتِ (فَتَمْرُقُ) بِرَاءٍ مُهْمَلَةٍ أَوْ بِزَايٍ مُعْجَمَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ اهـ

1989 - حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ حَفْصُ بْنُ عَمْرٍو وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ لِخَلْقِ اللَّهِ فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي أَسَدٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ يَعْقُوبَ فَجَاءَتْ إِلَيْهِ فَقَالَتْ بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ قُلْتَ كَيْتَ وَكَيْتَ قَالَ وَمَا لِي لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ قَالَتْ إِنِّي لَأَقْرَأُ مَا بَيْنَ لَوْحَيْهِ فَمَا وَجَدْتُهُ قَالَ إِنْ كُنْتِ قَرَأْتِهِ فَقَدْ وَجَدْتِهِ أَمَا قَرَأْتِ {وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7] قَالَتْ بَلَى قَالَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَهَى عَنْهُ قَالَتْ فَإِنِّي لَأَظُنُّ أَهْلَكَ يَفْعَلُونَ قَالَ اذْهَبِي فَانْظُرِي فَذَهَبَتْ فَنَظَرَتْ فَلَمْ تَرَ مِنْ حَاجَتِهَا شَيْئًا قَالَتْ مَا رَأَيْتُ شَيْئًا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَوْ كَانَتْ كَمَا تَقُولِينَ مَا جَامَعَتْنَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَالْمُتَنَمِّصَاتِ) التَّنَمُّصُ نَتْفُ الشَّعْرِ وَالتَّفَلُّجُ التَّكَلُّفُ لِتَحْصِيلِ الْفُلْجَةِ بَيْنَ الْأَسْنَانِ بِاسْتِعْمَالِ بَعْضِ آلَاتٍ وَقَوْلُهُ لِلْحُسْنِ مُتَعَلِّقٌ بِالْمُتَفَلِّجَاتِ فَقَطْ أَوْ بِالْكُلِّ

[باب متى يستحب البناء بالنساء]

[بَاب مَتَى يُسْتَحَبُّ الْبِنَاءُ بِالنِّسَاءِ] 1990 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ جَمِيعًا عَنْ سُفْيَانَ عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «تَزَوَّجَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَوَّالٍ وَبَنَى بِي فِي شَوَّالٍ فَأَيُّ نِسَائِهِ كَانَ أَحْظَى عِنْدَهُ مِنِّي وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَسْتَحِبُّ أَنْ تُدْخِلَ نِسَاءَهَا فِي شَوَّالٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَبَنَى بِي فِي شَوَّالٍ) أَيْ دَخَلَ بِي وَالْأَصْلُ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً بَنَى عَلَيْهَا قُبَّةً لِيَدْخُلً بِهَا فِيهَا فَيُقَالُ بَنَى عَلَى أَهْلِهِ وَبِأَهْلِهِ وَقَوْلُ الْجَوْهَرِيِّ وَلَا يُقَالُ بِأَهْلِهِ مَحَلُّ نَظَرٍ كَذَا فِي النِّهَايَةِ قَوْلُهُ (أَحْظَى) أَيْ أَكْثَرَ حَظًّا تُرِيدُ رَدَّ مَا اشْتُهِرَ مِنْ كَرَاهِيَةِ التَّزَوُّجِ بِشَوَّالٍ (تُسْتَحَبُّ) ذَلِكَ لِلِاتِّبَاعِ لَا لِاعْتِقَادِ سُعُودٍ فِيهِ (أَنْ تُدْخَلَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَوِ الْفَاعِلِ مِنَ الْإِدْخَالِ وَالضَّمِيرُ لِعَائِشَةَ أَوْ مِنَ الدُّخُولِ أَيْ عَلَى زَوْجِهَا وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ

1991 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ أُمَّ سَلَمَةَ فِي شَوَّالٍ وَجَمَعَهَا إِلَيْهِ فِي شَوَّالٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَجَمَعَهَا إِلَيْهِ) أَيْ ضَمَّهَا إِلَيْهِ بِالدُّخُولِ بِهَا وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ وَقَدْ عَنْعَنَهُ وَلَيْسَ لِلْحَارِثِ بْنِ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدِ الْمُصَنَّفِ وَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ فِي الْأُصُولِ الْخَمْسَةِ وَقَالَ الْمِزِّيُّ وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْمُسْتَمْلِيُّ عَنْ أَسْوَدَ بْنِ عَامِرٍ بِإِسْنَادِهِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بَدَلَ عَبْدِ الْمَلِكِ وَهُوَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ

[باب الرجل يدخل بأهله قبل أن يعطيها شيئا]

[بَاب الرَّجُلِ يَدْخُلُ بِأَهْلِهِ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَهَا شَيْئًا] 1992 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ مَنْصُورٍ ظَنَّهُ عَنْ طَلْحَةَ عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهَا أَنْ تُدْخِلَ عَلَى رَجُلٍ امْرَأَتَهُ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَهَا شَيْئًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَمَرَهَا) أَيْ عَائِشَةَ (أَنْ تُدْخَلَ) مِنَ الْإِدْخَالِ وَفِيهِ أَنَّ دُخُولَ الزَّوْجِ بِالْمَرْأَةِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إِعْطَاءِ الْمَهْرِ وَظَاهِرُهُ أَنْ لَيْسَ لَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا لِذَلِكَ

[باب ما يكون فيه اليمن والشؤم]

[بَاب مَا يَكُونُ فِيهِ الْيُمْنُ وَالشُّؤْمُ] 1993 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ سُلَيْمٍ الْكَلْبِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ عَنْ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنْ عَمِّهِ مِخْمَرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا شُؤْمَ وَقَدْ يَكُونُ الْيُمْنُ فِي ثَلَاثَةٍ فِي الْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ وَالدَّارِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَا شُؤْمَ) أَيْ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ بِأَنْ يَكُونَ لِشَيْءٍ تَأْثِيرٌ فِي الشَّرِّ وَهُوَ لَا يُنَافِي أَنْ يَكُونَ سَبَبًا عَادِيًّا لِذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ تَعَالَى إِيَّاهُ كَذَلِكَ قَوْلُهُ (وَقَدْ يَكُونُ الْيُمْنُ) وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ عَادِيًّا لِلْخَيْرِ لَا بِمَعْنَى التَّأْثِيرِ فِيهِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ

1994 - حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ عَاصِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنْ كَانَ فَفِي الْفَرَسِ وَالْمَرْأَةِ وَالْمَسْكَنِ يَعْنِي الشُّؤْمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِنْ كَانَ) أَيِ الشُّؤْمُ يُرِيدُ أَنَّهَا أَسْبَابٌ عَادِيَّةٌ لِمَا يَقَعُ فِي قَلْبِ الْمُتَشَائِمِ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَقِيلَ الْمَعْنَى لَوْ كَانَ الشُّؤْمُ فِي شَيْءٍ لَكَانَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَكِنَّهُ غَيْرُ ثَابِتٍ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَلَا ثُبُوتَ لَهُ أَصْلًا لَكِنِ الْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ يُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ

1995 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ أَبُو سَلَمَةَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الشُّؤْمُ فِي ثَلَاثٍ فِي الْفَرَسِ وَالْمَرْأَةِ وَالدَّارِ» قَالَ الزُّهْرِيُّ فَحَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ أَنَّ جَدَّتَهُ زَيْنَبَ حَدَّثَتْهُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَعُدُّ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ وَتَزِيدُ مَعَهُنَّ السَّيْفَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (الشُّؤْمُ فِي ثَلَاثٍ إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ فَقَدِ احْتَجَّ مُسْلِمٌ بِجَمِيعِ رُوَاتِهِ وَأَصْلُ الْحَدِيثِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَانْفَرَدَ ابْنُ مَاجَهْ بِذِكْرِ السَّيْفِ فَلِذَلِكَ أَوْرَدْتُهُ أَيْ فِي الزَّوَائِدِ

[باب الغيرة]

[بَاب الْغَيْرَةِ] 1996 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ شَيْبَانَ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَهْمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْغَيْرَةِ مَا يُحِبُّ اللَّهُ وَمِنْهَا مَا يَكْرَهُ اللَّهُ فَأَمَّا مَا يُحِبُّ فَالْغَيْرَةُ فِي الرِّيبَةِ وَأَمَّا مَا يَكْرَهُ فَالْغَيْرَةُ فِي غَيْرِ رِيبَةٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَالْغَيْرَةُ فِي الرِّيبَةِ) أَيْ فِي مَظِنَّةِ الْفَسَادِ أَيْ إِذَا ظَهَرَتْ أَمَارَاتُ الْفَسَادِ فِي مَحَلٍّ فَالْقِيَامُ بِمُقْتَضَى الْغَيْرَةِ مَحْمُودٌ وَأَمَّا إِذَا قَامَ بِدُونِ ظُهُورِ شَيْءٍ فَالْقِيَامُ بِهِ مَذْمُومٌ لِمَا فِيهِ مِنَ اتِّهَامِ الْمُسْلِمِينَ بِالسُّوءِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ أَبُو سَهْمٍ هَذَا مَجْهُولٌ وَقَالَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ أَبُو سَهْمٍ وَهِمٌ وَالصَّوَابُ أَبُو سَلَمَةَ وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ

عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ

1997 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْحَقَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ قَطُّ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ مِمَّا رَأَيْتُ مِنْ ذِكْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا وَلَقَدْ أَمَرَهُ رَبُّهُ أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ» يَعْنِي مِنْ ذَهَبٍ قَالَهُ ابْن مَاجَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مَا غِرْتُ) أَيْ قَدْرَ مَا غِرْتُ (مِمَّا رَأَيْتُ) أَيْ مِنْ أَجْلِ مَا رَأَيْتُ (مِنْ ذِكْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ مِنْ كَثْرَةِ ذِكْرِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إِيَّاهَا مِنْ أَوْصَافٍ جَمِيلَةٍ وَأَحْوَالٍ حَمِيدَةٍ (مِنْ قَصَبٍ) فِي النِّهَايَةِ الْقَصَبُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لُؤْلُؤٌ مُجَوَّفٌ وَاسِعٌ كَالْقَصَبِ الْمُنِيفِ وَالْقَصَبُ مِنَ الْجَوْهَرِ مَا اسْتَطَالَ مِنْهُ فِي تَجْوِيفِهِ وَقَدْ جَاءَ مِنَ الْمُصَنِّفِ تَفْسِيرُهُ بِالذَّهَبِ فَفِي بَعْضِ النُّسَخِ يَعْنِي مِنْ ذَهَبٍ قَالَهُ ابْنُ مَاجَهْ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ

1998 - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ الْمِصْرِيُّ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ إِنَّ بَنِي هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ اسْتَأْذَنُونِي أَنْ يُنْكِحُوا ابْنَتَهُمْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَلَا آذَنُ لَهُمْ ثُمَّ لَا آذَنُ لَهُمْ ثُمَّ لَا آذَنُ لَهُمْ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَنْ يُطَلِّقَ ابْنَتِي وَيَنْكِحَ ابْنَتَهُمْ فَإِنَّمَا هِيَ بَضْعَةٌ مِنِّي يَرِيبُنِي مَا رَابَهَا وَيُؤْذِينِي مَا آذَاهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَإِنَّمَا هِيَ ابْنَتِي بَضْعَةٌ مِنِّي) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَقَدْ تُكْسَرُ أَيْ أَنَّهَا جُزْءٌ مِنِّي كَمَا أَنَّ الْبَضْعَةَ جُزْءٌ مِنَ اللَّحْمِ (يَرِيبُنِي) بِفَتْحِ الْيَاءِ أَيْ يُوقِعُنِي فِي الْقَلَقِ وَالِاضْطِرَابِ

1999 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَنْبَأَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَهُ «أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ خَطَبَ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ وَعِنْدَهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا سَمِعَتْ بِذَلِكَ فَاطِمَةُ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِنَّ قَوْمَكَ يَتَحَدَّثُونَ أَنَّكَ لَا تَغْضَبُ لِبَنَاتِكَ وَهَذَا عَلِيٌّ نَاكِحًا ابْنَةَ أَبِي جَهْلٍ قَالَ الْمِسْوَرُ فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعْتُهُ حِينَ تَشَهَّدَ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي قَدْ أَنْكَحْتُ أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ فَحَدَّثَنِي فَصَدَقَنِي وَإِنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ بَضْعَةٌ مِنِّي وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ تَفْتِنُوهَا وَإِنَّهَا وَاللَّهِ لَا تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ عِنْدَ رَجُلٍ وَاحِدٍ أَبَدًا قَالَ فَنَزَلَ عَلِيٌّ عَنْ الْخِطْبَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَحَدَّثَنِي فَصَدَّقَنِي) أَيْ فِي الْحَدِيثِ مَدْحٌ لَهُ بِحُسْنِ مُعَامَلَتِهِ وَلَعَلَّهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ ذَكَرَهُ تَعْرِيضًا لِعَلِيٍّ (أَنْ يَفْتِنُوهَا) أَيْ يُوقِعَهَا النَّاسُ فِي الْفِتْنَةِ بِمَا يَتَقَاوَلُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ إِنَّهُ لَا يَغْضَبُ لِلْبَنَاتِ وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ

[باب التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم]

[بَاب الَّتِي وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] َ 2000 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ أَمَا تَسْتَحِي الْمَرْأَةُ أَنْ تَهَبَ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ} [الأحزاب: 51] قَالَتْ فَقُلْتُ إِنَّ رَبَّكَ لَيُسَارِعُ فِي هَوَاكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَمَا تَسْتَحْيِي الْمَرْأَةُ) قَالَتْهُ تَقْبِيحًا لِهَذَا الْفِعْلِ وَتَنْفِيرًا لِلنِّسَاءِ عَنْهُ لِئَلَّا تَهَبَ النِّسَاءُ أَنْفُسَهُنَّ لَهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَيَكْثُرْنَ عِنْدَهُ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَسَبَبُ ذَلِكَ لِقُوَّةِ الْغَيْرَةِ وَإِلَّا فَقَدْ عَلِمَتْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ لَهُ هَذَا خَاصَّةً وَأَنَّ النِّسَاءَ مَعْذُورَاتٍ وَمَشْكُورَاتٍ فِي ذَلِكَ لِعَظِيمِ بَرَكَتِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَأَيُّ مَنْزِلَةٍ أَشْرَفُ مِنَ الْقُرْبِ لَا سِيَّمَا مُخَالَطَةَ اللُّحُومِ وَمُشَابَكَةِ الْأَعْضَاءِ قَوْلُهُ (فَقُلْتُ إِنَّ رَبَّكَ إِلَخْ) كِنَايَةٌ عَنْ تَرْكِ ذَلِكَ التَّنْفِيرِ وَالتَّقْبِيحِ لِمَا رَأَتْ مِنْ مُسَارَعَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي مَرْضَاةِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَيْ كُنْتُ أُنَفِّرُ النِّسَاءَ عَنْ ذَلِكَ فَلَمَّا رَأَيْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ يُسَارِعُ فِي مَرْضَاةِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ تَرَكْتُ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنَ الْإِخْلَالِ بِمَرْضَاتِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَقَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَى يُسَارِعُ فِي هَوَاكَ يُخَفِّفُ عَنْكَ وَيُوَسِّعُ عَلَيْكَ فِي الْأُمُورِ وَلِهَذَا خُيِّرَ وَقِيلَ قَوْلُهَا الْمَذْكُورُ أَبْرَزَتْهُ لِلْغَيْرَةِ وَالدَّلَالِ وَإِلَّا فَإِضَافَةُ الْهَوَى إِلَى النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ غَيْرُ مُنَاسِبَةٍ فَإِنَّهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مُنَزَّهٌ عَنِ الْهَوَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: 3] وَهُوَ مِمَّنْ يَنْهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى وَلَوْ قَالَتْ فِي مَرْضَاتِكَ كَانَ أَوْلَى اهـ وَقَدْ يُقَالُ الْمَذْمُومُ هُوَ الْهَوَى الْخَالِي عَنِ الْهُدَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ} [القصص: 50] وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَتَأَمَّلْ.

2001 - حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا مَرْحُومُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ قَالَ «كُنَّا جُلُوسًا مَعَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَعِنْدَهُ ابْنَةٌ لَهُ فَقَالَ أَنَسٌ جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَرَضَتْ نَفْسَهَا عَلَيْهِ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لَكَ فِيَّ حَاجَةٌ فَقَالَتْ ابْنَتُهُ مَا أَقَلَّ حَيَاءَهَا قَالَ هِيَ خَيْرٌ مِنْكِ رَغِبَتْ فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَرَضَتْ نَفْسَهَا عَلَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَا أَقَلَّ حَيَاءَهَا) فِي الْقَامُوسِ أَقَلُّهُ جُعِلَ قَلِيلًا كَفَكَكِهِ أَيْ أَيُّ شَيْءٍ جَعَلَ حَيَاءَهَا قَلِيلًا وَالْمَقْصُودُ التَّعَجُّبُ مِنْ قِلَّةِ حَيَائِهَا حَيْثُ عَرَضَتْ نَفْسَهَا عَلَى الرَّجُلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب الرجل يشك في ولده]

[بَاب الرَّجُلُ يَشُكُّ فِي وَلَدِهِ] 2002 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «جَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَمَا أَلْوَانُهَا قَالَ حُمْرٌ قَالَ هَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ قَالَ إِنَّ فِيهَا لَوُرْقًا قَالَ فَأَنَّى أَتَاهَا ذَلِكَ قَالَ عَسَى عِرْقٌ نَزَعَهَا قَالَ وَهَذَا لَعَلَّ عِرْقًا نَزَعَهُ» وَاللَّفْظُ لِابْنِ الصَّبَّاحِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (غُلَامًا أَسْوَدَ) أَيْ عَلَى خِلَافِ لَوْنِي يُرِيدُ فَهَلْ لِي أَنْ أَنْفِيَهُ عَنِّي بِذَلِكَ فَأَشَارَ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِمَا ذُكِرَ مِنَ الْجَوَابِ أَنَّ مُخَالَفَةَ اللَّوْنِ لَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ نَفْيُ النَّسَبِ بِهَا قَوْلُهُ: (حُمْرٌ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ جَمْعُ أَحْمَرَ (مِنْ أَوْرَقَ) أَيْ أَسْوَدَ وَالْوَرِقُ سَوَادٌ فِي غَيْرٍ وَجَمْعُهُ وُرْقٌ بِضَمِّ وَاوٍ فَسُكُونِ رَاءٍ (عِرْقٌ نَزَعَهَا) يُقَالُ نَزَعَ إِلَيْهِ فِي الشَّبَهِ إِذَا أَشْبَهَهُ وَقَالَ النَّوَوِيُّ الْمُرَادُ بِالْعِرْقِ هَاهُنَا الْأَصْلُ مِنَ النَّسَبِ تَشْبِيهًا بِعِرْقِ الثَّمَرَةِ وَمَعْنَى نَزَعَهَا أَشْبَهَهَا وَاجْتَذَبَهَا إِلَيْهِ وَأَظْهَرَ لَوْنَهُ عَلَيْهَا.

2003 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَادَةُ بْنُ كُلَيْبٍ اللَّيْثِيُّ أَبُو غَسَّانَ عَنْ جُوَيْرِيَةَ بْنِ أَسْمَاءَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ عَلَى فِرَاشِي غُلَامًا أَسْوَدَ وَإِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ لَمْ يَكُنْ فِينَا أَسْوَدُ قَطُّ قَالَ هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَمَا أَلْوَانُهَا قَالَ حُمْرٌ قَالَ هَلْ فِيهَا أَسْوَدُ قَالَ لَا قَالَ فِيهَا أَوْرَقُ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَنَّى كَانَ ذَلِكَ قَالَ عَسَى أَنْ يَكُونَ نَزَعَهُ عِرْقٌ قَالَ فَلَعَلَّ ابْنَكَ هَذَا نَزَعَهُ عِرْقٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَلَعَلَّ ابْنَكَ هَذَا نَزَعَهُ عِرْقٌ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَبَّادُ بْنُ كُلَيْبٍ كَذَا وَقَعَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَصَوَابُهُ عُبَادَةُ بْنُ كُلَيْبٍ كَذَا قَالَ الْمِزِّيُّ فِي التَّهْذِيبِ وَقَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِمٍ صَدُوقٌ فِي حَدِيثِهِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ.

[باب الولد للفراش وللعاهر الحجر]

[بَاب الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ] 2004 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «إِنَّ عَبْدَ بْنَ زَمْعَةَ وَسَعْدًا اخْتَصَمَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ابْنِ أَمَةِ زَمْعَةَ فَقَالَ سَعْدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصَانِي أَخِي إِذَا قَدِمْتُ مَكَّةَ أَنْ أَنْظُرَ إِلَى ابْنِ أَمَةِ زَمْعَةَ فَأَقْبِضَهُ وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ أَخِي وَابْنُ أَمَةِ أَبِي وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِي فَرَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَهَهُ بِعُتْبَةَ فَقَالَ هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ بْنَ زَمْعَةَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَاحْتَجِبِي عَنْهُ يَا سَوْدَةُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنْ أَنْظُرَ) أَنْ تَفْسِيرِيَّةٌ لِمَا فِي الْإِيصَاءِ مِنْ مَعْنَى الْقَوْلِ وَمَا بَعْدَهَا صِيغَةُ أَمْرٍ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا مَصْدَرِيَّةٌ وَمَا بَعْدَهُ فِعْلُ مُضَارِعٍ وَعَلَى التَّقْدِيرِ إِذَا قَدِمْتُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ مَعْنًى أَيْ قَالَ لِي انْظُرْ إِذَا قَدِمْتَ عَلَى الْخِطَابِ أَوْ أَوْصَانِي بِأَنْ أَنْظُرَ إِذَا قَدِمْتُ عَلَى التَّكَلُّمِ نَعَمْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ لَفْظًا لِأَنَّ قَوَاعِدَ الْعَرَبِيَّةِ تَأْبَى ذَلِكَ فَيَحْتَاجُ إِلَى تَقْدِيرِ مُتَعَلِّقٍ وَيُجْعَلُ الْمُتَأَخِّرُ تَفْسِيرًا لِذَلِكَ الْمُتَعَلِّقِ قَوْلُهُ: (شَبَهَهُ) بِفَتْحَتَيْنِ (بِعُتْبَةَ) أَيْ أَخِي سَعْدٍ (هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ) أَيْ أَخُوكَ وَمَنْ قَالَ بِعَدَمِ الْإِلْحَاقِ قَالَ الْمُرَادُ هُوَ لَكَ عَلَى أَنَّهُ عَبْدٌ لَكَ وَهَذَا تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ يَرُدُّهُ قَوْلُهُ: الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ

أَيْ لِصَاحِبِ الْفِرَاشِ أَيْ لِمَنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ فِرَاشًا لَهُ قَوْلُهُ: (فَاحْتَجِبِي مِنْهُ) مُرَاعَاةً لِلشُّبْهَةِ فَكَأَنَّهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَرْشَدَ إِلَى أَنَّهُ مَعَ إِلْحَاقِ الْوَلَدِ بِالْفِرَاشِ يُؤْخَذُ فِي الْأَحْكَامِ بِالْأَحْوَطِ.

2005 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْوَلَدِ لِلْفِرَاشِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَضَى بِالْوَلَدِ لِلْفِرَاشِ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ أَبُو يَزِيدَ الْمَكِّيُّ وَأَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَبَاقِي رِجَالِهِ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ.

2006 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ»

2007 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا شُرَحْبِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ يَقُولُ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ) الْحَدِيثُ فِيهِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ الْعَاهِرُ الزَّانِي قِيلَ الْمُرَادُ بِالْحَجَرِ الْحِرْمَانُ وَقِيلَ كَنَّى بِهِ عَنِ الرَّجْمِ وَفِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ زَانٍ يُرْجَمُ وَقَدْ يُقَالُ يَكْفِي فِي صِدْقِ هَذَا الْكَلَامِ ثُبُوتُ الرَّجْمِ بِهِ أَحْيَانًا وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[باب الزوجين يسلم أحدهما قبل الآخر]

[بَاب الزَّوْجَيْنِ يُسْلِمُ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ] 2008 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ جُمَيْعٍ حَدَّثَنَا سِمَاكٌ عَنْ عِكرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَتْ فَتَزَوَّجَهَا رَجُلٌ قَالَ فَجَاءَ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي قَدْ كُنْتُ أَسْلَمْتُ مَعَهَا وَعَلِمَتْ بِإِسْلَامِي قَالَ فَانْتَزَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ زَوْجِهَا الْآخَرِ وَرَدَّهَا إِلَى زَوْجِهَا الْأَوَّلِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَعَلِمَتْ) أَيِ الْمَرْأَةُ (بِإِسْلَامِي) (فَانْتَزَعَهَا) أَيْ أَبْطَلَ النِّكَاحَ الثَّانِي لِأَنَّهُ وَقَعَ غَيْرَ صَحِيحٍ.

2009 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ وَيَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ قَالَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَقَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدَّ ابْنَتَهُ عَلَى أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ بَعْدَ سَنَتَيْنِ بِنِكَاحِهَا الْأَوَّلِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بَعْدَ سَنَتَيْنِ) هَكَذَا فِي الْأُصُولِ بِلَفْظِ التَّثْنِيَةِ وَالْمُوَافِقُ لِرِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ بَعْدَ سِنِينَ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ فَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ بَعْدَ سِتِّ سِنِينَ فَلَعَلَّ التَّاءَ كُتِبَتْ سَهْوًا ثُمَّ قَدْ جَاءَ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأَنَّهُ رَدَّهَا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ رَوَاهُ الْمُصَنِّفُ وَالتِّرْمِذِيُّ

وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ يُرِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِ النِّكَاحِ عِنْدَهُمْ إِذَا كَانَ الرَّدُّ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَقِيلَ يَعْنِي بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ أَيْ بِسَبَبِ مُرَاعَاتِهِ أَيْ أَنَّهُ رَدَّ بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ مُرَاعَاةً لِمَا بَيْنَهُمَا مِنَ النِّكَاحِ السَّابِقِ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي مَعْرِفَةِ السِّتِّ لَوْ صَحَّ الْحَدِيثَانِ لَقُلْنَا بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ زَائِدٌ لَكِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فَقُلْنَا بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَإِنْ قِيلَ حَدِيثُهُ أَنَّهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ رَدَّهَا عَلَيْهِ بَعْدَ سِتِّ سِنِينَ وَالْعِدَّةُ لَا تَبْقَى إِلَى هَذِهِ الْمُدَّةِ غَالِبًا قُلْنَا لَمْ يُؤْثَرْ إِسْلَامُهَا وَبَقَاؤُهُ عَلَى الْكُفْرِ فِي قَطْعِ النِّكَاحِ إِلَّا بَعْدَ نُزُولِ الْآيَةِ فِي الْمُمْتَحَنَةِ وَذَلِكَ بَعْدَ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ فَيُوقَفُ نِكَاحُهَا عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ مِنْ حِينَئِذٍ وَكَانَ إِسْلَامُ أَبِي الْعَاصِ بَعْدَ الْحُدَيْبِيَةِ بِزَمَانٍ يَسِيرٍ بِحَيْثُ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ عِدَّتُهَا لَمْ تَنْقَضِ فِي الْغَالِبِ فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الرَّدُّ بِالنِّكَاحِ لِأَجْلِ ذَلِكَ اهـ قُلْتُ: آيَةُ الْمُمْتَحَنَةِ هِيَ قَوْلُهُ: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: 10] وَمَا قِيلَ الْفُرْقَةُ وَقَعَتْ مِنْ حِينِ نَزَلَتْ {وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} [البقرة: 221] وَهِيَ مَكِّيَّةٌ بَاطِلٌ فَإِنَّمَا نَزَلَتْ لِإِفَادَةِ تَحْرِيمِ النِّكَاحِ ابْتِدَاءً لَا لِتَحْرِيمِ الْبَقَاءِ عَلَيْهِ فَأَيُّ دَلَالَةٍ عَلَى الْفُرْقَةِ

2010 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدَّ ابْنَتَهُ زَيْنَبَ عَلَى أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ»

[باب الغيل]

[بَاب الْغَيْلِ] 2011 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَقَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ الْقُرَشِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ جُدَامَةَ بِنْتِ وَهْبٍ الْأَسَدِيَّةِ أَنَّهَا قَالَتْ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ قَدْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْهَى عَنْ الْغِيَالِ فَإِذَا فَارِسُ وَالرُّومُ يُغِيلُونَ فَلَا يَقْتُلُونَ أَوْلَادَهُمْ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ وَسُئِلَ عَنْ الْعَزْلِ فَقَالَ هُوَ الْوَأْدُ الْخَفِيُّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ جُدَامَةَ) قِيلَ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مَنْ قَالَ بِالْمُعْجَمَةِ فَقَدْ صَحَّفَ قَوْلُهُ (قَدْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْهَى عَنِ الْغَيْلِ) هُوَ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ أَنْ يُجَامِعَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ وَهِيَ تُرْضِعُ وَفِي كَثِيرٍ مِنَ الْأُصُولِ عَنِ الْغِيَالِ وَأَرَادَ النَّهْيَ عَنْ ذَلِكَ لِمَا اشْتُهِرَ عِنْدَ الْعَرَبِ أَنَّهُ يَضُرُّ بِالْوَلَدِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ حِينَ تَحَقَّقَ عِنْدَهُ عَدَمُ الضَّرَرِ فِي بَعْضِ النَّاسِ كَفَارِسٍ وَالرُّومِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ فُوِّضَ إِلَيْهِ فِي بَعْضِ الْأُمُورِ ضَوَابِطٌ فَكَانَ يَنْظُرُ فِي الْجُزْئِيَّاتِ وَانْدِرَاجِهَا فِي الضَّوَابِطِ قَوْلُهُ (هُوَ الْوَأْدُ الْخَفِيُّ) قِيلَ جَعَلَ الْعَزْلَ عَنِ الْمَرْأَةِ بِمَنْزِلَةِ الْوَأْدِ

إِلَّا أَنَّهُ خَفِيٌّ لِأَنَّ مَنْ يَعْزِلُ عَنِ امْرَأَتِهِ إِنَّمَا يَعْزِلُ هَرَبًا مِنَ الْوَلَدِ

2012 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُهَاجِرٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ الْمُهَاجِرَ بْنَ أَبِي مُسْلِمٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ وَكَانَتْ مَوْلَاتَهُ أَنَّهَا «سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ سِرًّا فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ الْغَيْلَ لَيُدْرِكُ الْفَارِسَ عَلَى ظَهْرِ فَرَسِهِ حَتَّى يَصْرَعَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ سِرًّا) نَهَى عَنِ الْغَيْلِ بِأَنَّهُ مُضِرٌّ بِالْوَلَدِ الرَّضِيعِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرُهُ فِي الْحَالِ حَتَّى رُبَّمَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ بَعْدَ أَنْ يَصِيرَ الْوَلَدُ رَجُلًا فَارِسًا فَيُسْقِطُهُ ذَلِكَ الْأَثَرُ عَنْ فَرَسِهِ فَيَمُوتُ وَهَذَا الْحَدِيثُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ قَالَهُ عَلَى زَعْمِ الْعَرَبِ قَبْلَ الْحَدِيثِ السَّابِقِ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ السَّابِقَ وَهَذَا بَعِيدٌ لِأَنَّ مُفَادَ الْحَدِيثِ السَّابِقِ أَنَّهُ أَرَادَ النَّهْيَ وَلَمْ يَنْهَ وَهَذَا نَهْيٌ فَكَيْفَ يَكُونُ قَبْلَهُ وَأَيْضًا لَوْ كَانَ عَلَى زَعْمِ الْعَرَبِ لَمَا اسْتَحْسَنَ الْقَسَمَ بِاللَّهِ فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ قَالَهُ بَعْدَ ذَلِكَ حَيْثُ حَقَّقَ أَنَّهُ يَضُرُّ إِلَّا أَنَّ الضَّرَرَ قَدْ يَخْفَى إِلَى الْكِبَرِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

[باب في المرأة تؤذي زوجها]

[بَاب فِي الْمَرْأَةِ تُؤْذِي زَوْجَهَا] 2013 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ «أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةٌ مَعَهَا صَبِيَّانِ لَهَا قَدْ حَمَلَتْ أَحَدَهُمَا وَهِيَ تَقُودُ الْآخَرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَامِلَاتٌ وَالِدَاتٌ رَحِيمَاتٌ لَوْلَا مَا يَأْتِينَ إِلَى أَزْوَاجِهِنَّ دَخَلَ مُصَلِّيَاتُهُنَّ الْجَنَّةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (حَامِلَاتٌ إِلَخْ) أَيْ يَحْمِلْنَ الْأَوْلَادَ فِي بُطُونِهِنَّ بِأَنْوَاعٍ مِنَ التَّعَبِ وَيَلِدْنَهُمْ ثَانِيًا كَذَلِكَ وَيَرْحَمْنَهُمْ ثَالِثًا (مَا يَأْتِينَ مِنَ الْأَذَى) وَفِيهِ أَنَّهُ لَوْ صَلَّيْنَ وَتَرَكْنَ الْأَذَى لَدَخَلْنَ الْجَنَّةَ إِلَّا أَنَّهُنَّ كَثِيرَاتُ الْأَذَى قَلِيلَاتُ الصَّلَاةِ وَفِي الزَّوَائِدِ رِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ حَكَى التِّرْمِذِيُّ فِي الْعِلَلِ عَنِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ سَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي أُمَامَةَ اهـ وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ أَدْرَكَ أَبَا أُمَامَةَ

2014 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الضَّحَّاكِ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ بَحِيرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُؤْذِي امْرَأَةٌ زَوْجَهَا إِلَّا قَالَتْ زَوْجَتُهُ مِنْ الْحُورِ الْعِينِ لَا تُؤْذِيهِ قَاتَلَكِ اللَّهُ فَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَكِ دَخِيلٌ أَوْشَكَ أَنْ يُفَارِقَكِ إِلَيْنَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَا تُؤْذِيهِ) مَجْزُومٌ بِحَذْفِ النُّونِ (دَخِيلٌ) هُوَ الضَّيْفُ وَالنَّزِيلُ وَفِيهِ أَنَّ الْآخِرَةَ هِيَ الدَّارُ الصَّافِيَةُ عَنِ الْكَدِرِ حَتَّى أَنَّ أَهْلَ الْمَرْءِ فِي تِلْكَ الدَّارِ لَا يُرِيدُونَ التَّعَبَ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا قَالَ تَعَالَى {وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ} [غافر: 39]

وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب لا يحرم الحرام الحلال]

[بَاب لَا يُحَرِّمُ الْحَرَامُ الْحَلَالَ] 2015 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُعَلَّى بْنِ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يُحَرِّمُ الْحَرَامُ الْحَلَالَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَا يُحَرِّمِ الْحَرَامُ الْحَلَالَ) يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ لَا تَثْبُتُ بِالْحَرَامِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْمَزْنِي بِهَا تَحِلُّ إِذَا نَكَحَهَا وَفِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ هُوَ ضَعِيفٌ وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ

[كتاب الطلاق]

[كِتَاب الطَّلَاقِ] [بَاب حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَاب الطَّلَاقِ بَاب حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ 2016 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ وَمَسْرُوقُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ قَالُوا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ صَالِحِ بْنِ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَّقَ حَفْصَةَ ثُمَّ رَاجَعَهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (طَلَّقَ حَفْصَةَ) فِيهِ جَوَازُ التَّطْلِيقِ وَأَنَّهُ لَا يُنَافِي الْكَمَالَ إِذَا كَانَ لِمَصْلَحَةٍ

2017 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَلْعَبُونَ بِحُدُودِ اللَّهِ يَقُولُ أَحَدُهُمْ قَدْ طَلَّقْتُكِ قَدْ رَاجَعْتُكِ قَدْ طَلَّقْتُكِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يَلْعَبُونَ بِحُدُودِ اللَّهِ) أَيْ لَا يُبَالُونَ بِهَا إِذِ الطَّلَاقُ مَبْغُوضٌ عِنْدَ اللَّهِ فَمَا شُرِعَ إِلَّا لِحَاجَةِ النَّاسِ فَحَدُّهُ أَنْ لَا يَأْتِيَ الْإِنْسَانُ بِهِ إِلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ فَالْإِكْثَارُ مِنْهُ بِلَا حَاجَةٍ مِنْ قِلَّةِ الْمُبَالَاةِ بِالْحَدِّ وَقَوْلُهُ يَقُولُ أَحَدُهُمْ يُرِيدُ أَنَّهُ يُكْثِرُ الطَّلَاقَ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَيْهِ بَلْ مَعَ الْحَاجَةِ إِلَى الزَّوْجَةِ حَتَّى يُكْثِرُوا الرَّجْعَةَ لِذَلِكَ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ لِأَخْذِ مُؤَمَّلِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ فَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ فَقِيلَ ثِقَةٌ وَقِيلَ كَثِيرُ الْخَطَأِ قِيلَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ

2018 - حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ الْوَصَّافِيِّ عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْغَضُ الْحَلَالِ إِلَى اللَّهِ الطَّلَاقُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَبْغَضُ الْحَلَالِ) أَيْ أَنَّهُ تَعَالَى شَرَعَ وَوَضَعَ عَنْهُ الْإِثْمَ لِمَصَالِحِ النَّاسِ وَإِنْ كَانَ فِي ذَاتِهِ أَبْغَضَ لِمَا فِيهِ مِنْ قَطْعِ الْوَصْلَةِ وَإِيقَاعِ الْعَدَاوَةِ وَرُبَّمَا يُفْضِي إِلَى وُقُوعِ الطَّرَفَيْنِ فِي الْحَرَامِ وَلِذَلِكَ هُوَ أَحَبُّ الْأَشْيَاءِ إِلَى الشَّيْطَانِ فَيَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ تَرْكُ الْإِكْثَارِ مِنْهُ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

[باب طلاق السنة]

[بَاب طَلَاقِ السُّنَّةِ] 2019 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «طَلَّقْتُ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ ثُمَّ إِنْ شَاءَ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يُجَامِعَهَا وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا فَإِنَّهَا الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (بَابُ طَلَاقِ السُّنَّةِ) بِمَعْنَى أَنَّ السُّنَّةَ قَدْ وَرَدَتْ بَابَاحَتِهِ لِمَنِ احْتَاجَ إِلَيْهِ لَا بِمَعْنَى أَنَّهَا

مِنَ الْأَفْعَالِ الْمَسْنُونَةِ الَّتِي يَكُونُ الْفَاعِلُ مَأْجُورًا بِإِتْيَانِهَا ثُمَّ إِذَا كَفَّ الْمَرْءُ نَفْسَهُ عَنْ غَيْرِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَآثَرَ هَذَا النَّوْعَ مِنَ الطَّلَاقِ لِكَوْنِهِ مُبَاحًا فَلَهُ أَجْرٌ عَلَى ذَلِكَ لَا عَلَى نَفْسِ الطَّلَاقِ فَلَا يَرِدُ أَنَّهَا كَيْفَ تَكُونُ سُنَّةً وَهِيَ مِنْ أَبْغَضِ الْمُبَاحَاتِ قَوْلُهُ (مُرْهُ) أَيِ ابْنَكَ (فَلْيُرَاجِعْهَا) اتِّقَاءَ الْأَمْرِ الْمَكْرُوهِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ (ثُمَّ تَطْهُرُ) مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّانِيَةِ قِيلَ أَمَرَ بِإِمْسَاكِهَا فِي الطُّهْرِ الْأَوَّلِ وَجَوَّزَ تَطْلِيقَهَا فِي الطُّهْرِ الثَّانِي لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ الْمُرَاجِعَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ قَصْدُهُ بِالْمُرَاجَعَةِ تَطْلِيقَهَا قَوْلُهُ (فَإِنَّهَا الْعِدَّةُ) ظَاهِرُهُ أَنَّ تِلْكَ الْحَالَةَ وَهِيَ حَالَةُ الطُّهْرِ هِيَ الْعِدَّةُ فَتَكُونُ الْعِدَّةُ بِالْأَطْهَارِ لَا الْحَيْضِ وَيَكُونُ الطُّهْرُ الْأَوَّلُ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الطَّلَاقُ مَحْسُوبًا مِنَ الْعِدَّةِ وَمَنْ لَا يَقُولُ بِهِ يَقُولُ الْمُرَادُ فَإِنَّهَا قُبُلُ الْعِدَّةِ بِضَمَّتَيْنِ أَيْ إِقْبَالُهَا فَإِنَّهَا بِالطُّهْرِ صَارَتْ مُقْبِلَةً لِلْحَيْضِ وَصَارَ الْحَيْضُ مُقْبِلًا لَهَا

2020 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ طَلَاقُ السُّنَّةِ أَنْ يُطَلِّقَهَا طَاهِرًا مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ) أَيْ فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ الَّذِي طَلَّقَ فِيهِ

2021 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ فِي طَلَاقِ السُّنَّةِ يُطَلِّقُهَا عِنْدَ كُلِّ طُهْرٍ تَطْلِيقَةً فَإِذَا طَهُرَتْ الثَّالِثَةَ طَلَّقَهَا وَعَلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ حَيْضَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (يُطَلِّقُهَا عِنْدَ كُلِّ طُهْرٍ) أَيْ إِذَا أَرَادَ التَّثْلِيثَ وَعَلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ حَيْضَةٌ هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْعِدَّةَ تَكُونُ بِالْحَيْضِ لَا بِالْأَطْهَارِ

2022 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ أَبِي غَلَّابٍ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ «عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فَقَالَ تَعْرِفُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فَأَتَى عُمَرُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا قُلْتُ أَيُعْتَدُّ بِتِلْكَ قَالَ أَرَأَيْتَ إِنْ عَجَزَ وَاسْتَحْمَقَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَيُعْتَدُّ بِتِلْكَ) أَيْ بِتِلْكَ التَّطْلِيقَةِ أَيْ تُعَدُّ تِلْكَ التَّطْلِيقَةُ وَتُحْسَبُ فِي الطَّلَاقَاتِ الثَّلَاثِ أَمْ لَا لِعَدَمِ مُصَادَفَتِهَا وَقْتَهَا وَالشَّيْءُ يَبْطُلُ قَبْلَ أَوَانِهِ سِيَّمَا وَقَدْ لَحِقَهُ الرَّجْعَةُ الْمُبْطِلَةُ لِأَثَرِهِ (إِنْ عَجَزَ) عَنِ الرَّجْعَةِ أَيْ فَلَمْ تُحْسَبْ حِينَئِذٍ فَإِذَا حُسِبَتْ بَعْدَ الرَّجْعَةِ أَيْضًا إِذْ لَا أَثَرَ لِلرَّجْعَةِ فِي إِبْطَالِ الطَّلَاقِ

نَفْسِهِ (وَاسْتَحْمَقَ) أَيْ فَعَلَ فِعْلَ الْجَاهِلِ الْأَحْمَقِ بِأَنْ أَبَى عَنِ الرَّجْعَةِ بِلَا عَجْزٍ فَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب الحامل كيف تطلق]

[بَاب الْحَامِلِ كَيْفَ تُطَلَّقُ] 2023 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ يُطَلِّقْهَا وَهِيَ طَاهِرٌ أَوْ حَامِلٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَهِيَ طَاهِرٌ أَوْ حَامِلٌ) فَدَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ الْحَامِلَ كَالطَّاهِرِ فِي جَوَازِ تَطْلِيقِهَا

[باب من طلق ثلاثا في مجلس واحد]

[بَاب مَنْ طَلَّقَ ثَلَاثًا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ] 2024 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ إِسْحَقَ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ قَالَ «قُلْتُ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ حَدِّثِينِي عَنْ طَلَاقِكِ قَالَتْ طَلَّقَنِي زَوْجِي ثَلَاثًا وَهُوَ خَارِجٌ إِلَى الْيَمَنِ فَأَجَازَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (طَلَّقَنِي زَوْجِي ثَلَاثًا) لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الثَّلَاثَ كَانَتْ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ بَلْ قَدْ وُجِدَ فِي رِوَايَاتِ هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ مُتَفَرِّقَةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب الرجعة]

[بَاب الرَّجْعَةِ] 2025 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ هِلَالٍ الصَّوَّافُ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ الْحُصَيْنِ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ ثُمَّ يَقَعُ بِهَا وَلَمْ يُشْهِدْ عَلَى طَلَاقِهَا وَلَا عَلَى رَجْعَتِهَا فَقَالَ عِمْرَانُ طَلَّقْتَ بِغَيْرِ سُنَّةٍ وَرَاجَعْتَ بِغَيْرِ سُنَّةٍ أَشْهِدْ عَلَى طَلَاقِهَا وَعَلَى رَجْعَتِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَشْهِدْ عَلَى طَلَاقِهَا إِلَخْ) يُرِيدُ أَنَّ اللَّائِقَ الْإِشْهَادُ فِي الْحَالَتَيْنِ لِئَلَّا يَقَعَ النِّزَاعُ وَالتُّهْمَةُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب المطلقة الحامل إذا وضعت ذا بطنها بانت]

[بَاب الْمُطَلَّقَةِ الْحَامِلِ إِذَا وَضَعَتْ ذَا بَطْنِهَا بَانَتْ] 2026 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ هَيَّاجٍ حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ «أَنَّهُ كَانَتْ عِنْدَهُ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ فَقَالَتْ لَهُ وَهِيَ حَامِلٌ طَيِّبْ نَفْسِي بِتَطْلِيقَةٍ فَطَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ فَرَجَعَ وَقَدْ وَضَعَتْ فَقَالَ مَا لَهَا خَدَعَتْنِي خَدَعَهَا اللَّهُ ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ سَبَقَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ اخْطُبْهَا إِلَى نَفْسِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (خَدَعَهَا اللَّهُ) أَيْ جَزَاهَا اللَّهُ تَعَالَى بِخِدَاعِهَا وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [النساء: 142] (سَبَقَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ) أَيْ مَضَتِ الْعِدَّةُ الْمَكْتُوبَةُ قَبْلَ مَا يُتَوَقَّعُ مِنْ تَمَامِهَا

فَصَارَ الطَّلَاقُ بَائِنًا فَتَحْتَاجُ إِلَى نِكَاحٍ جَدِيدٍ وَفِي الزَّوَائِدِ رِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ وَمَيْمُونٌ هُوَ ابْنُ مِهْرَانَ وَأَبُو أَيُّوبَ رِوَايَتُهُ عَنِ الزُّبَيْرِ مُرْسَلَةٌ قَالَهُ الْمِزِّيُّ فِي التَّهْذِيبِ.

[باب الحامل المتوفى عنها زوجها إذا وضعت حلت للأزواج]

[بَاب الْحَامِلِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا إِذَا وَضَعَتْ حَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ] 2027 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِي السَّنَابِلِ قَالَ «وَضَعَتْ سُبَيْعَةُ الْأَسْلَمِيَّةُ بِنْتُ الْحَارِثِ حَمْلَهَا بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِبِضْعٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً فَلَمَّا تَعَلَّتْ مِنْ نِفَاسِهَا تَشَوَّفَتْ فَعِيبَ ذَلِكَ عَلَيْهَا وَذُكِرَ أَمْرُهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنْ تَفْعَلْ فَقَدْ مَضَى أَجَلُهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي السَّنَابِلِ) بِفَتْحِ السِّينِ قَوْلُهُ: (سُبَيْعَةٌ) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَإِسْكَانِ التَّحْتِيَّةِ (بِبِضْعٍ) بِكَسْرِ الْبَاءِ وَبَعْضُ الْعَرَبِ يَفْتَحُهَا مَا بَيْنَ الثَّلَاثِ إِلَى التِّسْعِ (تَعَلَّتْ) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ مِنْ تَعَلَّى إِذَا ارْتَفَعَ أَوْ بِزَايٍ إِذَا ارْتَفَعَتْ وَطَهُرَتْ وَخَرَجَتْ مِنْ نِفَاسِهَا (تَشَوَّفَتْ) بِالْفَاءِ أَيْ طَمَحَتْ وَتَشَرَّفَتْ أَيْ نَظَرَتْ أَنْ يَخْطُبَهَا أَحَدٌ (فَعِيبَ) كَبِيعَ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنْ عَابَهُ (إِنْ تَفْعَلْ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ شَرْطِيَّةٌ أَوْ بِفَتْحِهَا بِتَقْدِيرِ أَنْ تَفْعَلَ جَازَ أَيْ فِعْلُهَا ذَلِكَ جَائِزٌ.

2028 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ وَعَمْرِو بْنِ عُتْبَةَ «أَنَّهُمَا كَتَبَا إِلَى سُبَيْعَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ يَسْأَلَانِهَا عَنْ أَمْرِهَا فَكَتَبَتْ إِلَيْهِمَا إِنَّهَا وَضَعَتْ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ فَتَهَيَّأَتْ تَطْلُبُ الْخَيْرَ فَمَرَّ بِهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ فَقَالَ قَدْ أَسْرَعْتِ اعْتَدِّي آخِرَ الْأَجَلَيْنِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَغْفِرْ لِي قَالَ وَفِيمَ ذَاكَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ إِنْ وَجَدْتِ زَوْجًا صَالِحًا فَتَزَوَّجِي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَتَهَيَّأَتْ) أَيْ فَهَيَّأَتْ نَفْسَهَا تَطْلُبُ الْأَزْوَاجَ (ابْنُ بَعْكَكَ) بِمُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ عَيْنٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ كَافَيْنِ الْأُولَى مَفْتُوحَةٌ (آخِرَ الْأَجَلَيْنِ) بِكَسْرِ الْخَاءِ أَيْ مُتَأَخِّرَهُمَا يُرِيدُ أَنَّهُ قَدْ جَاءَتْ آيَتَانِ مُتَعَارِضَتَانِ إِحْدَاهُمَا تَقْتَضِي أَنَّ الْعِدَّةَ فِي حَقِّهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا وَهِيَ قَوْلُهُ: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234] وَالثَّانِيَةُ تَقْتَضِي أَنَّ الْعِدَّةَ فِي حَقِّهَا وَضْعُ الْحَمْلِ وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] وَلَمْ نَدْرِ أَيَّ الْعَمَلِ بِأَيِّهِمَا فَالْوَجْهُ الْعَمَلُ بِالْأَحْوَطِ وَهُوَ الْأَخْذُ بِالْأَجَلِ الْمُتَأَخِّرِ فَإِنْ تَأَخَّرَ وَضْعُ الْحَمْلِ عَنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ يُؤْخَذُ بِهِ وَإِنْ تَقَدَّمَ يُؤْخَذُ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ نَعَمْ قَدْ يَتَسَاوَيَانِ فَلَا يَبْقَى آخِرُ الْأَجَلَيْنِ بَلْ هُمَا يَجْتَمِعَانِ لَكِنَّ هَذَا الْقَسْمَ لِقِلَّتِهِ لَمْ يُذْكَرْ

وَقَوْلُهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا بَدَلٌ مِنْ آخِرِ الْأَجَلَيْنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ الْآخِرُ فِي حَقِّهَا (إِنْ وَجَدَتْ إِلَخْ) بَيَّنَ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَنَّ الْحُبْلَى تَأْخُذُ بِقَوْلِهِ {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ} [الطلاق: 4] الْآيَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

2029 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ سُبَيْعَةَ أَنْ تَنْكِحَ إِذَا تَعَلَّتْ مِنْ نِفَاسِهَا»

2030 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ وَاللَّهِ لَمَنْ شَاءَ لَاعَنَّاهُ لَأُنْزِلَتْ سُورَةُ النِّسَاءِ الْقُصْرَى بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لِمَنْ شَاءَ) بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْ مَنْ يُخَالِفُنِي فَإِنْ شَاءَ فَلْيَجْتَمِعْ مَعِي حَتَّى نَلْعَنَ الْمُخَالِفَ لِلْحَقِّ وَهَذَا كِنَايَةٌ عَنْ قَطْعِهِ وَجَزْمِهِ بِأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ} [الطلاق: 4] مُتَأَخِّرٌ نُزُولًا عَنْ قَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ} [البقرة: 234] فَيُعْمَلُ بِالْمُتَأَخِّرِ بِأَنَّهُ نَاسِخٌ لِلْمُتَقَدِّمِ

[باب أين تعتد المتوفى عنها زوجها]

[بَاب أَيْنَ تَعْتَدُّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا] 2031 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ وَكَانَتْ تَحْتَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ أُخْتَهُ الْفُرَيْعَةَ بِنْتَ مَالِكٍ قَالَتْ «خَرَجَ زَوْجِي فِي طَلَبِ أَعْلَاجٍ لَهُ فَأَدْرَكَهُمْ بِطَرَفِ الْقَدُومِ فَقَتَلُوهُ فَجَاءَ نَعْيُ زَوْجِي وَأَنَا فِي دَارٍ مِنْ دُورِ الْأَنْصَارِ شَاسِعَةٍ عَنْ دَارِ أَهْلِي فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَاءَ نَعْيُ زَوْجِي وَأَنَا فِي دَارٍ شَاسِعَةٍ عَنْ دَارِ أَهْلِي وَدَارِ إِخْوَتِي وَلَمْ يَدَعْ مَالًا يُنْفِقُ عَلَيَّ وَلَا مَالًا وَرِثْتُهُ وَلَا دَارًا يَمْلِكُهَا فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَأْذَنَ لِي فَأَلْحَقَ بِدَارِ أَهْلِي وَدَارِ إِخْوَتِي فَإِنَّهُ أَحَبُّ إِلَيَّ وَأَجْمَعُ لِي فِي بَعْضِ أَمْرِي قَالَ فَافْعَلِي إِنْ شِئْتِ قَالَتْ فَخَرَجْتُ قَرِيرَةً عَيْنِي لِمَا قَضَى اللَّهُ لِي عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ فِي بَعْضِ الْحُجْرَةِ دَعَانِي فَقَالَ كَيْفَ زَعَمْتِ قَالَتْ فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ امْكُثِي فِي بَيْتِكِ الَّذِي جَاءَ فِيهِ نَعْيُ زَوْجِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ قَالَتْ فَاعْتَدَدْتُ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (الْفُرَيْعَةُ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ (فِي طَلَبِ أَعْلَاجٍ) جَمْعُ عِلْجٍ وَهُوَ الرَّجُلُ مِنَ الْعَجَمِ وَالْمُرَادُ عَبِيدٌ (الْقَدُومِ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَخْفِيفِ الدَّالِ وَتَشْدِيدِهَا مَوْضِعٌ عَلَى سِتَّةِ أَمْيَالٍ مِنَ الْمَدِينَةِ (نَعْيِ زَوْجِي) أَيْ خَبَرُ مَوْتِهِ (شَاسِعَةٍ) أَيْ بَعِيدَةٍ {حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} [البقرة: 235] أَيْ تَنْتَهِيَ الْعِدَّةُ الْمَكْتُوبَةُ وَتَبْلُغَ آخِرَهَا

[باب هل تخرج المرأة في عدتها]

[بَاب هَلْ تَخْرُجُ الْمَرْأَةُ فِي عِدَّتِهَا] 2032 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «دَخَلْتُ عَلَى مَرْوَانَ فَقُلْتُ لَهُ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِكَ طُلِّقَتْ فَمَرَرْتُ عَلَيْهَا وَهِيَ تَنْتَقِلُ فَقَالَتْ أَمَرَتْنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ وَأَخْبَرَتْنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهَا أَنْ تَنْتَقِلَ فَقَالَ مَرْوَانُ هِيَ أَمَرَتْهُمْ بِذَلِكَ قَالَ عُرْوَةُ فَقُلْتُ أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ عَابَتْ ذَلِكَ عَائِشَةُ وَقَالَتْ إِنَّ فَاطِمَةَ كَانَتْ فِي مَسْكَنٍ وَحْشٍ فَخِيفَ عَلَيْهَا فَلِذَلِكَ أَرْخَصَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَقَدْ عَابَتْ ذَلِكَ) أَيْ أَنْكَرَتْ جَوَازَ الِانْتِقَالِ مُطْلَقًا (وَحْشٍ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَيْ خَالٍ عَنِ الْأَنِيسِ

2033 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ «قَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُقْتَحَمَ عَلَيَّ فَأَمَرَهَا أَنْ تَتَحَوَّلَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَنْ يُقْتَحَمَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيْ يَدْخُلَ جَبْرًا وَقَهْرًا بَعْضُ اللُّصُوصِ

2034 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ حَدَّثَنَا رَوْحٌ ح وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ جَمِيعًا عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «طُلِّقَتْ خَالَتِي فَأَرَادَتْ أَنْ تَجُدَّ نَخْلَهَا فَزَجَرَهَا رَجُلٌ أَنْ تَخْرُجَ إِلَيْهِ فَأَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ بَلَى فَجُدِّي نَخْلَكِ فَإِنَّكِ عَسَى أَنْ تَصَدَّقِي أَوْ تَفْعَلِي مَعْرُوفًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (طُلِّقَتْ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ (أَنْ تَجُذَّ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الذَّالِ أَيْ تَقْطَعَ ثَمَرَتَهَا (فَزَجَرَهَا) أَيْ نَهَاهَا (أَوْ تَفْعَلِي مَعْرُوفًا) قِيلَ أَوْ لِلشَّكِّ أَوْ لِلتَّنْوِيعِ بِأَنْ يُرَادَ بِالتَّصَدُّقِ الْفَرْضُ وَبِالْمَعْرُوفِ التَّطَوُّعُ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

[باب المطلقة ثلاثا هل لها سكنى ونفقة]

[بَاب الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا هَلْ لَهَا سُكْنَى وَنَفَقَةٌ] 2035 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ بْنِ صُخَيْرٍ الْعَدَوِيِّ قَالَ سَمِعْتُ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ تَقُولُ «إِنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَلَمْ يَجْعَلْ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُكْنَى وَلَا نَفَقَةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا إِلَخْ) ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ وَلَا سُكْنَى لِلْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا وَمَنْ لَا يَقُولُ بِهِ يَعْتَذِرُ بِقَوْلِ عُمَرَ لَا نَدَعُ كِتَابَ رَبِّنَا وَلَا سُنَّةَ نَبِيِّنَا ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِقَوْلِ امْرَأَةٍ لَا نَدْرِي أَحَفِظَتْ أَمْ نَسِيَتْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

2036 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ قَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ «طَلَّقَنِي زَوْجِي عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا سُكْنَى لَكِ وَلَا نَفَقَةَ»

[باب متعة الطلاق]

[بَاب مُتْعَةِ الطَّلَاقِ] 2037 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ أَبُو الْأَشْعَثِ الْعِجْلِيُّ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ عَمْرَةَ بِنْتَ الْجَوْنِ تَعَوَّذَتْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ فَقَالَ لَقَدْ عُذْتِ بِمُعَاذٍ فَطَلَّقَهَا وَأَمَرَ أُسَامَةَ أَوْ أَنَسًا فَمَتَّعَهَا بِثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ رَازِقِيَّةٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (حِينَ أُدْخِلَتْ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ (بِمَعَاذٍ) أَيْ عَظِيمٍ عَلَى أَنَّ التَّنْكِيرَ لِلتَّعْظِيمِ فَإِنَّهَا تَعَوَّذَتْ بِاللَّهِ الْجَلِيلِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عُبَيْدُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ ابْنُ مَعِينٍ فِيهِ كَانَ كَذَّابًا خَبِيثًا وَقَالَ صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ كَذَّابٌ كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ مِمَّنْ يَرْوِي الْمَوْضُوعَاتِ عَنِ الثِّقَاتِ حَدَّثَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ نُسْخَةٌ مَوْضُوعَةٌ وَضَعَّفَهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو زُرْعَةَ وَأَبُو حَاتِمٍ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمْ

[باب الرجل يجحد الطلاق]

[بَاب الرَّجُلِ يَجْحَدُ الطَّلَاقَ] 2038 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ أَبُو حَفْصٍ التَّنِّيسِيُّ عَنْ زُهَيْرٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ طَلَاقَ زَوْجِهَا فَجَاءَتْ عَلَى ذَلِكَ بِشَاهِدٍ عَدْلٍ اسْتُحْلِفَ زَوْجُهَا فَإِنْ حَلَفَ بَطَلَتْ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ وَإِنْ نَكَلَ فَنُكُولُهُ بِمَنْزِلَةِ شَاهِدٍ آخَرَ وَجَازَ طَلَاقُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (اسْتُحْلِفَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ (وَجَازَ طَلَاقُهُ) أَيْ نَفَذَ وَمَضَى أَيْ يَحْكُمُ بِهِ الْقَاضِي وَظَاهِرُهُ إِنْ نَكَلَ بِلَا شَاهِدٍ لَا يَقْضِي بِالطَّلَاقِ إِلَّا أَنْ يُقَالَ لَا عِبْرَةَ بِالْمَفْهُومِ وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب من طلق أو نكح أو راجع لاعبا]

[بَاب مَنْ طَلَّقَ أَوْ نَكَحَ أَوْ رَاجَعَ لَاعِبًا] 2039 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَبِيبِ بْنِ أَرْدَكَ حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالرَّجْعَةُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (ابْنِ أَرْدَكَ) بِتَقْدِيمِ الرَّاءِ عَلَى الدَّالِ بَعْدَهَا كَافٌ قَوْلُهُ (وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ) الْهَزْلُ اللَّعِبُ وَالْجِدُّ بِكَسْرِ الْجِيمِ ضِدُّهُ وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ يَقُولُ بِطَلَاقِ الْمُكْرَهِ وَرُدَّ بِأَنَّ الْهَازِلَ يَتَكَلَّمُ بِالطَّلَاقِ عَنْ قَصْدٍ وَاخْتِيَارٍ كَامِلٍ لِلْمُتَكَلِّمِ بِهِ وَبِذَلِكَ يَقَعُ طَلَاقُهُ وَيَلْزَمُ حُكْمُهُ وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى عَدَمِ رِضَاهُ بِحُكْمِهِ بِخِلَافِ الْمُكْرَهِ فَإِنَّهُ مُلْجَأٌ لَا اخْتِيَارَ لَهُ فِي التَّكَلُّمِ بِالطَّلَاقِ قَصْدًا وَيُفَارِقُ الطَّائِعَ بِهِ قَالُوا وَالْحُكْمُ فِي جَمِيعِ الْعُقُودِ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ مُسَاوَاةُ الْجِدِّ وَالْهَزْلِ وَإِنَّمَا خَصَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ لِتَأْكِيدِ أَمْرِ الْفَرَجِ وَالِاهْتِمَامِ بِهِ وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ

[باب من طلق في نفسه ولم يتكلم به]

[بَاب مَنْ طَلَّقَ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ] 2040 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ وَعَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ ح وَحَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ جَمِيعًا عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ بِهِ أَوْ تَكَلَّمْ بِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا) يَحْتَمِلُ الرَّفْعَ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ وَالنَّصْبَ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ وَالثَّانِي أَظْهَرُ مَعْنًى وَعَلَى الْأَوَّلِ يُجْعَلُ كِنَايَةً عَمَّا لَمْ تُحَدِّثْ بِهِ أَلْسِنَتُهُمْ وَقَوْلُهُ مَا لَمْ تَعْمَلْ بِهِ أَوْ تُكَلِّمْ بِهِ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ مَغْفُورٌ مَا دَامَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ قَوْلٌ أَوْ فِعْلٌ فَقَوْلُهُمْ إِذَا صَارَ عَزْمًا يُؤَاخَذُ بِهِ مُخَالِفٌ لِذَلِكَ قَطْعًا ثُمَّ حَاصِلُ الْحَدِيثِ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يُؤَاخَذُ بِحَدِيثِ النَّفْسِ قَبْلَ التَّكَلُّمِ بِهِ وَالْعَمَلِ بِهِ وَهَذَا لَا يُنَافِي ثُبُوتَ الثَّوَابِ عَلَى حَدِيثِ النَّفْسِ أَصْلًا فَمَنْ قَالَ إِنَّهُ مُعَارَضٌ بِحَدِيثِ «مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَانَتْ لَهُ حَسَنَةٌ» فَقَدْ وَهِمَ بَقِيَ الْكَلَامُ فِي اعْتِقَادِ الْكُفْرِ وَنَحْوِهِ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ حَدِيثِ النَّفْسِ بَلْ هُوَ مُنْدَرِجٌ فِي الْعَمَلِ وَعَمَلُ كُلِّ شَيْءٍ عَلَى حَسَبِهِ أَوْ نَقُولُ الْكَلَامُ فِيمَا يُتَكَلَّمُ إِلَخْ وَهَذَا لَيْسَ مِنْهُمَا وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ أَفْعَالِ الْقُلُوبِ وَعَقَائِدِهِ وَلَا كَلَامَ فِيهِ فَتَأَمَّلْ

[باب طلاق المعتوه والصغير والنائم]

[بَاب طَلَاقِ الْمَعْتُوهِ وَالصَّغِيرِ وَالنَّائِمِ] 2041 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ خِدَاشٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنْ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبَرَ وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ أَوْ يُفِيقَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي حَدِيثِهِ وَعَنْ الْمُبْتَلَى حَتَّى يَبْرَأَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (رُفِعَ الْقَلَمُ) كِنَايَةٌ عَنْ عَدَمِ كِتَابَةِ الْآثَامِ عَلَيْهِمْ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ وَهُوَ لَا يُنَافِي ثُبُوتَ بَعْضِ الْأَحْكَامِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَالْأُخْرَوِيَّةِ لَهُمْ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ كَالْمُتَلَقَّاتِ وَغَيْرِهَا فَلِذَلِكَ مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ فِي النَّوْمِ فَصَلَّى فَفِعْلُهُ قَضَاءٌ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ مَعَ أَنَّ الْقَضَاءَ مَسْبُوقٌ بِوُجُوبِ الصَّلَاةِ فَلَا بُدَّ لَهُمْ مِنَ الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ حَالَةَ النَّوْمِ وَلِهَذَا أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الصَّبِيَّ يُثَابُ عَلَى الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْأَعْمَالِ فَهَذَا الْحَدِيثُ كَحَدِيثِ رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ مَعَ أَنَّ الْقَاتِلَ خَطَأً يَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ وَعَلَى هَذَا فَفِي دَلَالَةِ الْحَدِيثِ عَلَى عَدَمِ وُقُوعِ طَلَاقِ هَؤُلَاءِ بَحْثٌ وَيَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَبْحَاثٌ أُخَرُ ذَكَرْنَاهُ فِي حَاشِيَةِ أَبِي دَاوُدَ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ قَوْلُهُ (حَتَّى يَكْبُرَ) أَيْ يَحْتَلِمَ أَوْ يَبْلُغَ وَالثَّانِي أَظْهَرُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ رِوَايَةُ يَحْتَلِمَ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ

يَبْلُغُ بِلَا احْتِلَامٍ

2042 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَنْبَأَنَا الْقَاسِمُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يُرْفَعُ الْقَلَمُ عَنْ الصَّغِيرِ وَعَنْ الْمَجْنُونِ وَعَنْ النَّائِمِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ عَلِيٍّ) حَدِيثُ يُرْفَعُ فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ الْقَاسِمُ بْنُ يَزِيدَ هَذَا مَجْهُولٌ وَأَيْضًا لَمْ يُدْرِكْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ) عَرَفْتَ مِمَّا سَبَقَ مَعْنَاهُ وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ عَلَى عَدَمِ وُقُوعِ طَلَاقِ الْمَكْرُوهِ وَالنَّاسِي

[باب طلاق المكره والناسي]

[بَاب طَلَاقِ الْمُكْرَهِ وَالنَّاسِي] 2043 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ أَبِي ذَرٍّ إِلَخْ) ثُمَّ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ مِنَ الزَّوَائِدِ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى ضَعْفِ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلَيِّ كَذَا فِي الزَّوَائِدِ

2044 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَمَّا تُوَسْوِسُ بِهِ صُدُورُهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ بِهِ أَوْ تَتَكَلَّمْ بِهِ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ»

2045 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ إِنْ سَلِمَ مِنَ الِانْقِطَاعِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ بِدَلِيلِ زِيَادَةِ عُبَيْدِ بْنِ نُمَيْرٍ فِي الطَّرِيقِ الثَّانِي وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ أَنْ يَكُونَ السِّقْطُ مِنْ جِهَةِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ فَإِنَّهُ كَانَ يُدَلِّسُ

2046 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ ثَوْرٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ قَالَتْ حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا طَلَاقَ وَلَا عَتَاقَ فِي إِغْلَاقٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فِي إِغْلَاقِ) فَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِالْغَضَبِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْجَامِعِ غَلِقَ إِذَا غَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا لَكِنْ غَالِبُ أَهْلِ الْغَرِيبِ فَسَّرُوهُ بِالْإِكْرَاهِ وَقَالُوا كَأَنَّ الْمُكْرَهَ أَغْلَقَ عَلَيْهِ الْبَابَ حَتَّى يَفْعَلَ بَلْ رُوِيَ فِي مَجْمَعِ الْغَرَائِبِ تَفْسِيرُهُ بِالْغَضَبِ وَقَالَ إِنَّهُ غَلَطٌ لِأَنَّ أَكْثَرَ طَلَاقِ النَّاسِ فِي الْغَضَبِ قَالَ وَإِنَّمَا هُوَ الْإِكْرَاهُ وَفِي التَّنْقِيحِ وَقَدْ فُسِّرَ الْإِغْلَاقُ بِالْغَضَبِ كَمَا ظَنَّهُ أَبُو دَاوُدَ وَنَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ قَالَهُ شَيْخُنَا إِنَّهُ يَعُمُّ الْغَضَبَ وَالْجُنُونَ وَكُلُّ أَمْرٍ أُغْلِقَ عَلَى صَاحِبِهِ عِلْمُهُ وَقَصْدُهُ مَأْخُوذٌ مِنْ غَلَقَ الْبَابَ بِخِلَافِ مَنْ عَلِمَ

مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ وَقَصَدَهُ وَأَرَادَهُ فَإِنَّهُ انْفَتَحَ بَابُهُ وَلَمْ يُغْلَقْ عَلَيْهِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يُغْلِقُ التَّطْلِيقَاتِ فِي دَفْعَةٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهَا شَيْءٌ لَكِنْ يُطَلِّقُ طَلَاقَ السُّنَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب لا طلاق قبل النكاح]

[بَاب لَا طَلَاقَ قَبْلَ النِّكَاحِ] 2047 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَنْبَأَنَا عَامِرٌ الْأَحْوَلُ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَعِيلَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ جَمِيعًا عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا طَلَاقَ فِيمَا لَا تَمْلِكُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَا طَلَاقَ فِيمَا لَا تَمْلِكُ) مَنْ يَقُولُ بِصِحَّةِ التَّعْلِيقِ قَبْلَ النِّكَاحِ يُجِيبُ عَنِ الْحَدِيثِ لِأَنَّا نَقُولُ بِمُوجِبِ هَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ إِنَّمَا هُوَ انْتِفَاءُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ قَبْلَ النِّكَاحِ وَلَا نِزَاعَ فِيهِ وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي الْتِزَامِهِ قَبْلَ النِّكَاحِ وَقَالُوا التَّعْلِيقُ لَا يُسَمَّى تَطْلِيقًا وَلَا يُوصَفُ الرَّجُلُ بِهِ بِأَنَّهُ طَلَّقَ

2048 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا طَلَاقَ قَبْلَ نِكَاحٍ وَلَا عِتْقَ قَبْلَ مِلْكٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ لِأَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَكَذَلِكَ هِشَامُ بْنُ سَعِيدٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي الشَّوَاهِدِ

2049 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ جُوَيْبِرٍ عَنْ الضَّحَّاكِ عَنْ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا طَلَاقَ قَبْلَ النِّكَاحِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنْ عَلِيٍّ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى ضَعْفِ جُوَيْبِرِ بْنِ سَعِيدٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب ما يقع به الطلاق من الكلام]

[بَاب مَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ مِنْ الْكَلَامِ] 2050 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ سَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ أَيُّ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعَاذَتْ مِنْهُ فَقَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ ابْنَةَ الْجَوْنِ لَمَّا دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَنَا مِنْهَا قَالَتْ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُذْتِ بِعَظِيمٍ الْحَقِي بِأَهْلِكِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (الْحَقِي بِأَهْلِكِ) أَيْ فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى التَّصْرِيحِ بِهِ بَلْ يَقَعُ بِالْكِنَايَةِ أَيْضًا

[باب طلاق البتة]

[بَاب طَلَاقِ الْبَتَّةِ] 2051 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ الْبَتَّةَ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ فَقَالَ مَا أَرَدْتَ بِهَا قَالَ وَاحِدَةً قَالَ آللَّهِ مَا أَرَدْتَ بِهَا إِلَّا وَاحِدَةً قَالَ آللَّهِ مَا أَرَدْتُ بِهَا إِلَّا وَاحِدَةً قَالَ فَرَدَّهَا عَلَيْهِ» قَالَ مُحَمَّد بْن مَاجَةَ سَمِعْت أَبَا الْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ الطَّنَافِسِيَّ يَقُولُ مَا أَشْرَفَ هَذَا الْحَدِيثَ قَالَ ابْن مَاجَةَ أَبُو عُبَيْدٍ تَرَكَهُ نَاجِيَةُ وَأَحْمَدُ جَبُنَ عَنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (ابْنِ رُكَانَةَ) بِضَمِّ الرَّاءِ (الْبَتَّةَ) لَا كَمَا يَقُولُ مَالِكٌ إِنَّهَا ثَلَاثٌ إِلَّا أَنَّهُ إِذَا نَوَى وَاحِدَةً فَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ رَجْعِيَّةٌ وَعِنْدَنَا بَائِنَةٌ فَالرَّدُّ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ مَحْمُولٌ عَلَى الرَّجْعَةِ وَعِنْدَنَا عَلَى تَجْدِيدِ النِّكَاحِ (آللَّهُ) بِمَدِّ الْهَمْزَةِ عَلَى حَدِّ {آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ} [يونس: 59] يُسْتَعْمَلُ فِي الْقَسَمِ

[باب الرجل يخير امرأته]

[بَاب الرَّجُلِ يُخَيِّرُ امْرَأَتَهُ] 2052 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «خَيَّرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاخْتَرْنَاهُ فَلَمْ نَرَهُ شَيْئًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَلَمْ يَرَهُ شَيْئًا) أَيْ طَلَاقًا وَفِيهِ أَنَّ النِّزَاعَ فِيمَا إِذَا قَالَ اخْتَارِي نَفْسَكِ مَثَلًا لَا فِيمَا إِذَا خَيَّرَهَا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ مَثَلًا كَيْفَ وَلَوِ اخْتَارَتْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الدُّنْيَا لَمَا كَانَ طَلَاقًا كَمَا يُفِيدُهُ الْقُرْآنِ وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ أَهْلِ التَّحْقِيقِ إِنَّ هَذَا الِاخْتِيَارَ خَارِجٌ عَنْ مَحَلِّ النِّزَاعِ فَلَا يَتِمُّ بِهِ الِاسْتِدْلَالُ عَلَى مَسَائِلِ الِاخْتِيَارِ فَلْيُتَأَمَّلْ

2053 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «لَمَّا نَزَلَتْ {وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [الأحزاب: 29] دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا عَائِشَةُ إِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا فَلَا عَلَيْكِ أَنْ لَا تَعْجَلِي فِيهِ حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ قَالَتْ قَدْ عَلِمَ وَاللَّهِ أَنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا لِيَأْمُرَانِي بِفِرَاقِهِ قَالَتْ فَقَرَأَ عَلَيَّ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا} [الأحزاب: 28] الْآيَاتِ فَقُلْتُ فِي هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ قَدْ اخْتَرْتُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَلَا عَلَيْكَ أَنْ لَا تَعْجَلِي) كَأَنَّهُ خَافَ عَلَيْهَا لِأَجْلِ الصِّغَرِ

[باب كراهية الخلع للمرأة]

[بَاب كَرَاهِيَةِ الْخُلْعِ لِلْمَرْأَةِ] 2054 - حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ أَبُو بِشْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ يَحْيَى بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ عَمِّهِ عُمَارَةَ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَسْأَلُ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ فِي غَيْرِ كُنْهِهِ فَتَجِدَ رِيحَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فِي غَيْرِ كُنْهِهِ) فِي النِّهَايَةِ كُنْهُ الْأَمْرِ حَقِيقَتُهُ وَقِيلَ وَقْتُهُ وَقَدْرُهُ وَقِيلَ غَايَتُهُ أَيْ فِي غَيْرِ أَنْ تَبْلُغَ مِنَ الْأَذَى مَا تُعْذَرُ فِي سُؤَالِ الطَّلَاقِ مَعَهَا

(فَتَجِدَ رِيحَ الْجَنَّةِ) قِيلَ إِنَّهَا لَا تَجِدُ الرِّيحَ وَإِنْ دَخَلَتِ الْجَنَّةَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ أَنْ تَدْخُلَ الْجَنَّةَ مَعَ مَنْ يَدْخُلُ أَوَّلًا وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي بَابِ عِشْرَةِ النِّسَاءِ

2055 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ) مَا زَائِدَةٌ وَالْبَأْسُ الشِّدَّةُ أَيِ الَّتِي تَطْلُبُ الطَّلَاقَ فِي غَيْرِ حَالِ شِدَّةٍ مُلْجِئَةٍ إِلَيْهِ وَتَأْوِيلُ قَوْلِهِ فَحَرَامٌ مَا تَقَدَّمَ

[باب المختلعة تأخذ ما أعطاها]

[بَاب الْمُخْتَلِعَةِ تَأْخُذُ مَا أَعْطَاهَا] 2056 - حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ مَرْوَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ جَمِيلَةَ بِنْتَ سَلُولَ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ وَاللَّهِ مَا أَعْتِبُ عَلَى ثَابِتٍ فِي دِينٍ وَلَا خُلُقٍ وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ لَا أُطِيقُهُ بُغْضًا فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ قَالَتْ نَعَمْ فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا حَدِيقَتَهُ وَلَا يَزْدَادَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ) أَيْ أَخْلَاقَ الْكُفْرِ بَعْدَ الدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ وَعَدَمُ الْمُوَافَقَةِ مَعَ الزَّوْجِ وَشِدَّةُ الْعَدَاوَةِ فِي الْبَيْنِ قَدْ تَفْضِي إِلَى ذَلِكَ فَلِذَلِكَ أُرِيدُ الْخُلْعَ

2057 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «كَانَتْ حَبِيبَةُ بِنْتُ سَهْلٍ تَحْتَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ وَكَانَ رَجُلًا دَمِيمًا فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ لَوْلَا مَخَافَةُ اللَّهِ إِذَا دَخَلَ عَلَيَّ لَبَصَقْتُ فِي وَجْهِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ قَالَتْ نَعَمْ فَرَدَّتْ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ قَالَ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (كَانَتْ حَبِيبَةُ بِنْتُ سَهْلٍ) قِيلَ فِي رِوَايَةِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ أَنَّهَا جَمِيلَةُ بِنْتُ سَلُولٍ وَفِي رِوَايَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنَّهَا حَبِيبَةُ بِنْتُ سَهْلٍ فَقِيلَ لَعَلَّهَا جَمِيلَةُ اخْتَلَعَهَا مِنْ ثَابِتٍ وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهَا مَرْيَمُ الْغَالِيَةُ قَوْلُهُ (دَمِيمًا) بِدَالٍ مُهْمَلَةٍ وَالدَّمَامَةُ بِالْفَتْحِ الْقِصَرُ وَالْقُبْحُ يُقَالُ رَجُلٌ دَمِيمٌ (لَبَصَقْتُ) أَيْ تَفَلْتُ مِنْ شِدَّةِ كَرَاهَةِ وَجْهِهِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ مُدَلِّسٌ وَقَدْ عَنْعَنَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب عدة المختلعة]

[بَاب عِدَّةِ الْمُخْتَلِعَةِ] 2058 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَلَمَةَ النَّيْسَابُورِيُّ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ ابْنِ إِسْحَقَ أَخْبَرَنِي عُبَادَةُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ ابْنِ عَفْرَاءَ قَالَ «قُلْتُ لَهَا حَدِّثِينِي حَدِيثَكِ قَالَتْ اخْتَلَعْتُ مِنْ زَوْجِي ثُمَّ جِئْتُ عُثْمَانَ فَسَأَلْتُ مَاذَا عَلَيَّ مِنْ الْعِدَّةِ فَقَالَ لَا عِدَّةَ عَلَيْكِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَدِيثَ عَهْدٍ بِكِ فَتَمْكُثِينَ عِنْدَهُ حَتَّى تَحِيضِينَ حَيْضَةً قَالَتْ وَإِنَّمَا تَبِعَ فِي ذَلِكَ قَضَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرْيَمَ الْمَغَالِيَّةِ وَكَانَتْ تَحْتَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ فَاخْتَلَعَتْ مِنْهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَتَمْكُثِينَ عِنْدَهُ) أَيْ فِي حَقِّهِ يُرِيدُ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهَا الِاسْتِبْرَاءَ بِحَيْضَةٍ إِذَا كَانَتْ قَرِيبَةَ الْعَهْدِ بِالْجِمَاعِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَكِنْ قَدْ جَاءَ أَنَّ عِدَّتَهَا حَيْضَةٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَجَاءَ فِي امْرَأَةِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ بِحَيْضَةٍ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ ثُمَّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ عَلَى أَنَّ عِدَّتَهَا عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ بِأَنَّ عِدَّتَهَا حَيْضَةٌ قُلْتُ فَلَعَلَّ مَنْ لَا يَقُولُ بِالْحَدِيثِ يَقُولُ إِنَّ الْوَاجِبَ فِي الْعِدَّةِ ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ بِالنَّصِّ فَلَا يَتْرُكُ النَّصَّ بِخَبَرِ الْآحَادِ وَقَدْ يُقَالُ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْخُلْعَ طَلَاقٌ وَهُوَ مَمْنُوعٌ وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ لِمَنْ يَقُولُ إِنَّهُ لَيْسَ بِطَلَاقٍ عَلَى أَنَّهُ لَوْ سَلِمَ أَنَّهُ طَلَاقٌ فَالنَّصُّ مَخْصُوصٌ فَيَجُوزُ تَخْصِيصُهُ ثَانِيًا بِالِاتِّفَاقِ أَمَّا عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِالتَّخْصِيصِ بِخَبَرِ الْآحَادِ مُطْلَقًا فَظَاهِرٌ وَأَمَّا عِنْدَ غَيْرِهِ فَلِمَكَانِ التَّخْصِيصِ أَوَّلًا وَالْمَخْصُوصُ أَوَّلًا يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ بِخَبَرِ الْآحَادِ قَوْلُهُ (فِي مَرْيَمَ الْمَغَالِيَّةِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ نِسْبَةً إِلَى بَنِي مَغَالِي قَبِيلَةٍ مِنِ الْأَنْصَارِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

[باب الإيلاء]

[بَاب الْإِيلَاءِ] 2059 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الرِّجَالِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «أَقْسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَى نِسَائِهِ شَهْرًا فَمَكَثَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا حَتَّى إِذَا كَانَ مِسَاءَ ثَلَاثِينَ دَخَلَ عَلَيَّ فَقُلْتُ إِنَّكَ أَقْسَمْتَ أَنْ لَا تَدْخُلَ عَلَيْنَا شَهْرًا فَقَالَ الشَّهْرُ هَكَذَا يُرْسِلُ أَصَابِعَهُ فِيهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَالشَّهْرُ هَكَذَا وَأَرْسَلَ أَصَابِعَهُ كُلَّهَا وَأَمْسَكَ إِصْبَعًا وَاحِدًا فِي الثَّالِثَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَقْسَمَ إِلَخْ) الْإِيلَاءُ هُوَ الْقَسَمُ فَلِذَلِكَ ذُكِرَ الْحَدِيثُ فِي هَذَا الْبَابِ لَكِنَّ الْإِيلَاءَ الْمَشْهُورَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ مَا كَانَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَأَزْيَدَ وَهَذَا كَانَ شَهْرًا فَهُوَ إِيلَاءٌ لُغَةً قَوْلُهُ (فَقَالَ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ الشَّهْرُ إِلَخْ) يُرِيدُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَنَّ ذَلِكَ الشَّهْرَ تِسْعٌ وَعُشْرُونَ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ لِأَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي الرِّجَالِ

مُخْتَلَفٌ فِيهِ

2060 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا آلَى لِأَنَّ زَيْنَبَ رَدَّتْ عَلَيْهِ هَدِيَّتَهُ فَقَالَتْ عَائِشَةُ لَقَدْ أَقْمَأَتْكَ فَغَضِبَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَآلَى مِنْهُنَّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِنَّمَا آلَى) بِالْمَدِّ الْإِيلَاءُ حَلِفٌ مِنْ قُرْبَانِهِنَّ (لِقَدْ أَقْمَأَتْكَ) أَقْمَأَ بِهَمْزَةٍ فِي آخِرِهِ بِمَعْنَى صَغُرَ وَأُذِلَّ أَيْ مَا رَاعَتْ عَظِيمَ شَأْنِكَ (فَآلَى مِنْهُنَّ) تَأْدِيبًا لِلْكُلِّ حَتَّى لَا تَعُودَ الْفَاعِلَةُ إِلَى مِثْلِهِ ثَانِيًا وَلَا تَقْتَدِي بِهَا غَيْرُهَا وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ حَارِثَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الرِّجَالِ وَقَدْ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ عَدِيٍّ وَغَيْرُهُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

2061 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ صَيْفِيٍّ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آلَى مِنْ بَعْضِ نِسَائِهِ شَهْرًا فَلَمَّا كَانَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ رَاحَ أَوْ غَدَا فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا مَضَى تِسْعٌ وَعِشْرُونَ فَقَالَ الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ»

[باب الظهار]

[بَاب الظِّهَارِ] 2062 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ الْبَيَاضِيِّ قَالَ «كُنْتُ امْرَأً أَسْتَكْثِرُ مِنْ النِّسَاءِ لَا أَرَى رَجُلًا كَانَ يُصِيبُ مِنْ ذَلِكَ مَا أُصِيبُ فَلَمَّا دَخَلَ رَمَضَانُ ظَاهَرْتُ مِنْ امْرَأَتِي حَتَّى يَنْسَلِخَ رَمَضَانُ فَبَيْنَمَا هِيَ تُحَدِّثُنِي ذَاتَ لَيْلَةٍ انْكَشَفَ لِي مِنْهَا شَيْءٌ فَوَثَبْتُ عَلَيْهَا فَوَاقَعْتُهَا فَلَمَّا أَصْبَحْتُ غَدَوْتُ عَلَى قَوْمِي فَأَخْبَرْتُهُمْ خَبَرِي وَقُلْتُ لَهُمْ سَلُوا لِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا مَا كُنَّا نَفْعَلُ إِذًا يُنْزِلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِينَا كِتَابًا أَوْ يَكُونَ فِينَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلٌ فَيَبْقَى عَلَيْنَا عَارُهُ وَلَكِنْ سَوْفَ نُسَلِّمُكَ لِجَرِيرَتِكَ اذْهَبْ أَنْتَ فَاذْكُرْ شَأْنَكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَخَرَجْتُ حَتَّى جِئْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْتَ بِذَاكَ فَقُلْتُ أَنَا بِذَاكَ وَهَا أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ صَابِرٌ لِحُكْمِ اللَّهِ عَلَيَّ قَالَ فَأَعْتِقْ رَقَبَةً قَالَ قُلْتُ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَصْبَحْتُ أَمْلِكُ إِلَّا رَقَبَتِي هَذِهِ قَالَ فَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهَلْ دَخَلَ عَلَيَّ مَا دَخَلَ مِنْ الْبَلَاءِ إِلَّا بِالصَّوْمِ قَالَ فَتَصَدَّقْ أَوْ أَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا قَالَ قُلْتُ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَقَدْ بِتْنَا لَيْلَتَنَا هَذِهِ مَا لَنَا عَشَاءٌ قَالَ فَاذْهَبْ إِلَى صَاحِبِ صَدَقَةِ بَنِي زُرَيْقٍ فَقُلْ لَهُ فَلْيَدْفَعْهَا إِلَيْكَ وَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَانْتَفِعْ بِبَقِيَّتِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَسْتَكْثِرُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَخْ) كِنَايَةٌ عَنْ كَثْرَةِ شَهْوَتِهِ فِي النِّسَاءِ وَوُفُورِ قُوَّتِهِ (وَلَكِنْ سَوْفَ نُسَلِّمُكَ بِجَرِيرَتِكَ) بِكُلِّيَّتِكَ وَذَنْبِكَ (أَنْتَ بِذَاكَ) أَيْ أَنْتَ مُلْتَبِسٌ بِذَلِكَ الْفِعْلِ وَالْبَاءُ زَائِدَةٌ أَيْ أَنْتَ فَاعِلٌ ذَلِكَ الْفِعْلَ (مَا لَنَا عَشَاءٌ) بِفَتْحٍ طَعَامٌ يُؤْكَلُ

وَقْتَ الْعِشَاءِ بِالْكَسْرِ (فَلْيَدْفَعْهَا) أَيِ الصَّدَقَةَ

2063 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ تَمِيمِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ «تَبَارَكَ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ كُلَّ شَيْءٍ إِنِّي لَأَسْمَعُ كَلَامَ خَوْلَةَ بِنْتِ ثَعْلَبَةَ وَيَخْفَى عَلَيَّ بَعْضُهُ وَهِيَ تَشْتَكِي زَوْجَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ تَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكَلَ شَبَابِي وَنَثَرْتُ لَهُ بَطْنِي حَتَّى إِذَا كَبِرَتْ سِنِّي وَانْقَطَعَ وَلَدِي ظَاهَرَ مِنِّي اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْكُو إِلَيْكَ فَمَا بَرِحَتْ حَتَّى نَزَلَ جِبْرَائِيلُ بِهَؤُلَاءِ الْآيَاتِ {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ} [المجادلة: 1] » ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَسِعَ) بِكَسْرِ السِّينِ أَيْ يُدْرِكُ كُلَّ صَوْتٍ (وَيَخْفَى عَلَيَّ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ تُرِيدُ أَنَّهَا تَشْكُو سِرًّا حَتَّى يَخْفَى عَلَيْهَا بَعْضُهُ وَأَنَا حَاضِرَةٌ كَلَامَهَا (وَنَثَرْتُ لَهُ بَطْنِي) أَيْ أَكْثَرْتُ لَهُ الْأَوْلَادَ تُرِيدُ أَنَّهَا كَانَتْ شَابَّةً تَلِدُ الْأَوْلَادَ عِنْدَهُ يُقَالُ امْرَأَةٌ نَثُورٌ كَثِيرَةُ الْأَوْلَادِ قَوْلُهُ (كَبِرْتُ) بِكَسْرِ الْبَاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب المظاهر يجامع قبل أن يكفر]

[بَاب الْمُظَاهِرِ يُجَامِعُ قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ] 2064 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ الْبَيَاضِيِّ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُظَاهِرِ يُوَاقِعُ قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ قَالَ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ) مِنَ التَّكْفِيرِ أَيْ يُعْطِي الْكَفَّارَةَ (كَفَّارَةً وَاحِدَةً) أَيْ لَا تَتَعَدَّدُ بِذَلِكَ الْكَفَّارَةُ

2065 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَجُلًا ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ فَغَشِيَهَا قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ مَا حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْتُ بَيَاضَ حِجْلَيْهَا فِي الْقَمَرِ فَلَمْ أَمْلِكْ نَفْسِي أَنْ وَقَعْتُ عَلَيْهَا فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَهُ أَلَّا يَقْرَبَهَا حَتَّى يُكَفِّرَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَغَشِيَهَا) أَيْ جَامَعَهَا (حِجْلَيْهَا) هُمَا الْخَلْخَالَانِ قَوْلُهُ (أَنْ لَا يَقْرَبَهَا) بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ مَرَّةً ثَانِيَةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب اللعان]

[بَاب اللِّعَانِ] 2066 - حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ الْعُثْمَانِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ «جَاءَ عُوَيْمِرٌ إِلَى عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ فَقَالَ سَلْ لِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَقَتَلَهُ أَيُقْتَلُ بِهِ أَمْ كَيْفَ يَصْنَعُ فَسَأَلَ عَاصِمٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَعَابَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسَائِلَ ثُمَّ لَقِيَهُ عُوَيْمِرٌ فَسَأَلَهُ فَقَالَ مَا صَنَعْتَ فَقَالَ صَنَعْتُ أَنَّكَ لَمْ تَأْتِنِي بِخَيْرٍ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَابَ الْمَسَائِلَ فَقَالَ عُوَيْمِرٌ وَاللَّهِ لَآتِيَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَأَسْأَلَنَّهُ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَهُ وَقَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ فِيهِمَا فَلَاعَنَ بَيْنَهُمَا قَالَ عُوَيْمِرٌ وَاللَّهِ لَئِنْ انْطَلَقْتُ بِهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ كَذَبْتُ عَلَيْهَا قَالَ فَفَارَقَهَا قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَارَتْ سُنَّةً فِي الْمُتَلَاعِنَيْنِ ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْظُرُوهَا فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَسْحَمَ أَدْعَجَ الْعَيْنَيْنِ عَظِيمَ الْأَلْيَتَيْنِ فَلَا أُرَاهُ إِلَّا قَدْ صَدَقَ عَلَيْهَا وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أُحَيْمِرَ كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ فَلَا أُرَاهُ إِلَّا كَاذِبًا قَالَ فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الْمَكْرُوهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَيُقْتَلُ بِهِ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيْ يُقْتَلُ بِقَتْلِهِ قِصَاصًا إِنْ لَمْ يَأْتِ بِالشُّهُودِ وَإِنْ كَانَ

لَا قَتْلَ عَلَيْهِ عِنْدَ بَعْضٍ لَكِنْ لَا يُصَدَّقُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى فِي الْقَضَاءِ (فَعَابَ) أَيْ كَرِهَهَا وَكَأَنَّهُ مَا اطَّلَعَ عَلَى الْوَاقِعَةِ فَرَأَى الْبَحْثَ عَنْ مِثْلِهِ قَبْلَ الْوُقُوعِ مِنْ فُضُولِ الْعِلْمِ مَعَ أَنَّهُ يَحِلُّ الْبَحْثُ عَنِ الضَّرُورِيِّ قَوْلُهُ (فَلَاعَنَ بَيْنَهُمَا) أَيْ أَمَرَ بِاللِّعَانِ بَيْنَهُمَا (لَئِنِ انْطَلَقْتُ بِهَا) أَيْ لَئِنْ رَجَعْتُ بِهَا إِلَى بَيْتِي وَأَبْقَيْتُهَا عِنْدِي زَوْجَةً يُرِيدُ أَنَّ مُقْتَضَى مَا جَرَى مِنَ اللِّعَانِ أَنْ لَا أُمْسِكَهَا إِنْ كُنْتُ صَادِقًا فِيمَا قُلْتُ فَإِنْ أُمْسِكُهَا فَإِنِّي كُنْتُ كَاذِبًا فِيمَا قُلْتُ فَلَا يَلِيقُ الْإِمْسَاكُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ التَّفْرِيقُ بِمُجَرَّدِ اللِّعَانِ بَلْ يَلْزَمُ أَنْ يُفَرِّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا أَوِ الزَّوْجُ يُفَرِّقُ بِنَفْسِهِ وَمَنْ يَقُولُ بِخِلَافِهِ يَعْتَذِرُ بِأَنَّهُ مَا كَانَ عَالِمًا بِالْحُكْمِ وَفِيهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَنْ جَهْلٍ كَيْفَ قَرَّرَهُ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَوْلُهُ (أَسْحَمَ) أَيْ أَسْوَدَ (أَدْعَجَ الْعَيْنَيْنِ) مِنَ الدَّعَجِ بِفَتْحَتَيْنِ شِدَّةُ سَوَادِ الْعَيْنِ وَقِيلَ مَعَ سَعَتِهَا (عَظِيمَ الْأَلْيَتَيْنِ) تَثْنِيَةُ أَلْيَةِ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ الْعَجِيزَةُ (أُحَيْمِرَ) تَصْغِيرُ أَحْمَرَ (وَحَرَةٌ) بِفَتْحِ وَاوٍ بِمُهْمَلَتَيْنِ دُوَيْبَةٌ حَمْرَاءُ تَلْصَقُ بِالْأَرْضِ

2067 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ أَنْبَأَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيِّنَةَ أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ فَقَالَ هِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنِّي لَصَادِقٌ وَلَيُنْزِلَنَّ اللَّهُ فِي أَمْرِي مَا يُبَرِّئُ ظَهْرِي قَالَ فَنَزَلَتْ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ} [الفاتحة: 6 - 10480] حَتَّى بَلَغَ {وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ} [النور: 9] فَانْصَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمَا فَجَاءَا فَقَامَ هِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ فَشَهِدَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ فَهَلْ مِنْ تَائِبٍ ثُمَّ قَامَتْ فَشَهِدَتْ فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ الْخَامِسَةِ {أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ} [النور: 9] قَالُوا لَهَا إِنَّهَا لَمُوجِبَةٌ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَتَلَكَّأَتْ وَنَكَصَتْ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهَا سَتَرْجِعُ فَقَالَتْ وَاللَّهِ لَا أَفْضَحُ قَوْمِي سَائِرَ الْيَوْمِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْظُرُوهَا فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ الْعَيْنَيْنِ سَابِغَ الْأَلْيَتَيْنِ خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ فَهُوَ لِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ فَجَاءَتْ بِهِ كَذَلِكَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْلَا مَا مَضَى مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (ابْنِ سَحْمَاءَ) بِسِينٍ مُهْمَلَةٍ (الْبَيِّنَةُ) أَيْ أَقِمْ (أَوْ حَدٌّ) أَيْ أَوْ نُقِمْ حَدًّا (مَا يُبَرِّئُ) بِالتَّشْدِيدِ مِنَ التَّبْرِئَةِ (فَانْصَرَفَ) أَيْ مِنَ الْمَقَامِ الَّذِي

جَاءَ إِلَيْهِ الْوَحْيُ فِيهِ قَوْلُهُ (إِنَّهَا لَمُوجِبَةٌ) أَيْ لِلْعَذَابِ فِي حَقِّ الْكَاذِبِ (فَتَلَكَّأَتْ) أَيْ تَوَقَّفَتْ أَنْ تَقُولَ (وَنَكَصَتْ) أَيْ رَجَعَتِ الْقَهْقَرَى (سَائِرَ الْيَوْمِ) قِيلَ أُرِيدَ بِالْيَوْمِ الْجِنْسُ أَيْ جَمِيعَ الْأَيَّامِ أَوْ بَقِيَّتَهَا وَالْمُرَادُ مُدَّةُ عُمْرِهِمْ قَوْلُهُ (أَكْحَلَ الْعَيْنَيْنِ) هُوَ مَنْ يَظْهَرُ فِي عَيْنِهِ كَأَنَّهُ اكْتَحَلَ وَإِنْ لَمْ يَكْتَحِلْ قَوْلُهُ (سَابِغَ الْأَلْيَتَيْنِ) أَيْ تَامَّهُمَا وَعَظِيمَهُمَا (خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامِ الْمُشَدَّدَةِ وَجِيمٍ غَلِيظَهُمَا قَوْلُهُ (مِنْ كِتَابِ اللَّهِ) أَيْ مِنْ حُكْمِهِ بِدَرْءِ الْحَدِّ عَمَّنْ لَاعَنَ أَوْ مِنَ اللِّعَانِ الْمَذْكُورِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ مِنْ حُكْمِهِ الَّذِي هُوَ اللِّعَانُ قَوْلُهُ (لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ) فِي إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهَا كَذَا قَالُوا وَيَلْزَمُ أَنْ يُقَامَ الْحَدُّ بِالْأَمَارَاتِ عَلَى مَنْ لَمْ يُلَاعِنْ فَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ لَوْلَا حُكْمُهُ تَعَالَى بِهَذِهِ الْحُدُودِ فَلَا تَحْقِيقَ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ لَكِنَّ رِوَايَةَ لَوْلَا الْأَيْمَانُ تَقْتَضِي أَنْ يُقَدَّرَ لَوْلَا اللِّعَانُ وَنَحْوُهُ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَوْلَا الْأَيْمَانُ مِنْهَا بَعْدَ أَيْمَانِ الزَّوْجِ لَحُدَّتْ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا الْحَدُّ بَعْدَ لِعَانِ الزَّوْجِ إِنْ لَمْ تُلَاعِنْ وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لَا يَجِبُ بِذَلِكَ حَدٌّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

2068 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَبِيبٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «كُنَّا فِي الْمَسْجِدِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ رَجُلٌ لَوْ أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَقَتَلَهُ قَتَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَكَلَّمَ جَلَدْتُمُوهُ وَاللَّهِ لَأَذْكُرَنَّ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ آيَاتِ اللِّعَانِ ثُمَّ جَاءَ الرَّجُلُ بَعْدَ ذَلِكَ يَقْذِفُ امْرَأَتَهُ فَلَاعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا وَقَالَ عَسَى أَنْ تَجِيءَ بِهِ أَسْوَدَ فَجَاءَتْ بِهِ أَسْوَدَ جَعْدًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (قَتَلْتُمُوهُ) خِطَابٌ لِلْمُسْلِمِينَ (وَإِنْ تَكَلَّمَ) بِأَنَّهَا زَنَتْ (فَلَاعَنَ) أَيْ أَمَرَ بِاللِّعَانِ (جَعْدًا) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ هُوَ أَنْ يَكُونَ شَعْرُهُ مُنْقَبِضًا غَيْرَ مُنْبَسِطٍ

2069 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَجُلًا لَاعَنَ امْرَأَتَهُ وَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا فَفَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَفَرَّقَ) مِنَ التَّفْرِيقِ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَفْرِيقِ الْحَاكِمِ وَالزَّوْجِ بَعْدَ اللِّعَانِ

وَلَا يَكْفِي اللِّعَانُ فِي التَّفْرِيقِ وَمَنْ لَا يَقُولُ بِهِ يَرَى أَنَّ مَعْنَاهُ فَأَظْهَرَ أَنَّ اللِّعَانَ مُفَرِّقٌ بَيْنَهُمَا

2070 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَلَمَةَ النَّيْسَابُورِيُّ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ ابْنِ إِسْحَقَ قَالَ ذَكَرَ طَلْحَةُ بْنُ نَافِعٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «تَزَوَّجَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ امْرَأَةً مِنْ بَلْعِجْلَانَ فَدَخَلَ بِهَا فَبَاتَ عِنْدَهَا فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ مَا وَجَدْتُهَا عَذْرَاءَ فَرُفِعَ شَأْنُهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَا الْجَارِيَةَ فَسَأَلَهَا فَقَالَتْ بَلَى قَدْ كُنْتُ عَذْرَاءَ فَأَمَرَ بِهِمَا فَتَلَاعَنَا وَأَعْطَاهَا الْمَهْرَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (مِنْ بِلْعَجَلَانَ) أَصْلُهُ مِنْ بَنِي عَجْلَانَ اسْمُ قَبِيلَةٍ وَمُقْتَضَى الْحَدِيثِ أَنَّهُ إِذَا قَذَفَ زَوْجَتَهُ بِالزِّنَا السَّابِقِ عَلَى الزَّوَاجِ فَالْحُكْمُ هُوَ اللِّعَانُ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ لِتَدْلِيسِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ وَقَدْ قَالَ الْبَزَّارُ هَذَا الْحَدِيثُ لَا يُعْرَفُ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ

2071 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ الْحَضْرَمِيُّ عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ ابْنِ عَطَاءٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَرْبَعٌ مِنْ النِّسَاءِ لَا مُلَاعَنَةَ بَيْنَهُنَّ النَّصْرَانِيَّةُ تَحْتَ الْمُسْلِمِ وَالْيَهُودِيَّةُ تَحْتَ الْمُسْلِمِ وَالْحُرَّةُ تَحْتَ الْمَمْلُوكِ وَالْمَمْلُوكَةُ تَحْتَ الْحُرِّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَرْبَعٌ مِنَ النِّسَاءِ) فِي إِسْنَادِهِ عُثْمَانُ بْنُ عَطَاءٍ مُتَّفَقٌ عَلَى تَضْعِيفِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب الحرام]

[بَاب الْحَرَامِ] 2072 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ قَزْعَةَ حَدَّثَنَا مَسْلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنْ عَامِرٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «آلَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نِسَائِهِ وَحَرَّمَ فَجَعَلَ الْحَلَالَ حَرَامًا وَجَعَلَ فِي الْيَمِينِ كَفَّارَةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (آلَى) بِمَدِّ الْهَمْزَةِ مِنَ الْإِيلَاءِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ خَلَّفَ مِنْ قُرْبَانِهِنَّ شَهْرًا وَقَدْ عَزَلَهُنَّ ذَلِكَ الشَّهْرَ (وَحَرَّمَ) مِنَ التَّحْرِيمِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ حَرَّمَهُنَّ عَلَى نَفْسِهِ لَكِنَّ الثَّابِتَ أَنَّهُ حَرَّمَ مَارِيَةَ بِالْيَمِينِ (فَجَعَلَ الْحَرَامَ) أَيْ مَا حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ (حَلَالًا) لَهُ بِالْمُبَاشَرَةِ (وَجَعَلَ فِي الْيَمِينِ) أَيْ أَعْطَى وَأَدَّى (كَفَّارَةَ) فَضَمِيرُ الْجَعْلِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ لَهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَيُمْكِنُ جَعْلُهُ لَهُ تَعَالَى وَيُمْكِنُ بِنَاءُ الْجَعْلَيْنِ لِلْمَفْعُولِ

2073 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي الْحَرَامِ يَمِينٌ وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21] ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فِي الْحَرَامِ) أَيْ فِيمَا إِذَا حَرَّمَ الْحَلَالَ عَلَى نَفْسِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب خيار الأمة إذا أعتقت]

[بَاب خِيَارِ الْأَمَةِ إِذَا أُعْتِقَتْ] 2074 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهَا أَعْتَقَتْ بَرِيرَةَ فَخَيَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ لَهَا زَوْجٌ حُرٌّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَكَانَ لَهَا زَوْجٌ حُرٌّ) أَيْ حِينَ أُعْتِقَتْ قِيلَ حَدِيثُ عَائِشَةَ قَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ كَمَا سَيَجِيءُ وَحَدِيثُ ابْنِ عُثْمَانَ لَا اخْتِلَافَ فِيهِ بِأَنَّهُ كَانَ عَبْدًا فَالْأَخْذُ بِهِ أَحْسَنُ وَقِيلَ كَانَ فِي الْأَصْلِ عَبْدًا ثُمَّ أُعْتِقَ فَلَعَلَّ مَنْ قَالَ عَبْدًا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى إِعْتَاقِهِ فَاعْتَمَدَ عَلَى الْأَصْلِ فَقَالَ عَبْدًا بِخِلَافِ مَنْ قَالَ إِنَّهُ مُعْتَقٌ فَمَعَهُ زِيَادَةُ عِلْمٍ وَلَعَلَّ عَائِشَةَ اطَّلَعَتْ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ الِاخْتِلَافِ فِي خَبَرِهَا فَالتَّوْفِيقُ مُمْكِنٌ بِهَذَا الْوَجْهِ فَالْأَخْذُ بِهِ أَحْسَنُ

2075 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كَانَ زَوْجُ بَرِيرَةَ عَبْدًا يُقَالُ لَهُ مُغِيثٌ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَطُوفُ خَلْفَهَا وَيَبْكِي وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى خَدِّهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعَبَّاسِ يَا عَبَّاسُ أَلَا تَعْجَبُ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ وَمِنْ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغِيثًا فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ رَاجَعْتِيهِ فَإِنَّهُ أَبُو وَلَدِكِ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَأْمُرُنِي قَالَ إِنَّمَا أَشْفَعُ قَالَتْ لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أَلَا تَعْجَبْ إِلَخْ) أَنَّهُ خِلَافُ الْمَعْهُودِ إِذِ الْمَعْهُودُ أَنَّ الْمَحَبَّةَ تَكُونُ مِنَ الطَّرَفَيْنِ فَالْمَحَبَّةُ مِنَ الْغَايَةِ مِنَ الطَّرَفِ الْآخَرِ عَجِيبٌ جِدًّا قَوْلُهُ (إِنَّمَا أَنَا أَشْفَعُ إِلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ لَا إِثْمَ فِي رَدِّ شَفَاعَةِ الصَّالِحِينَ

2076 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «مَضَى فِي بَرِيرَةَ ثَلَاثُ سُنَنٍ خُيِّرَتْ حِينَ أُعْتِقَتْ وَكَانَ زَوْجُهَا مَمْلُوكًا وَكَانُوا يَتَصَدَّقُونَ عَلَيْهَا فَتُهْدِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولُ هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ وَهُوَ لَنَا هَدِيَّةٌ وَقَالَ الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (وَهُيَ لَنَا هَدِيَّةٌ) فَبَيَّنَ أَنَّ الْعَيْنَ الْوَاحِدَةَ تَخْتَلِفُ حُكْمًا بِاخْتِلَافِ جِهَاتِ الْمِلْكِ وَقَالَ أَيْ فِيهَا

2077 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «أُمِرَتْ بَرِيرَةُ أَنْ تَعْتَدَّ بِثَلَاثِ حِيَضٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (أُمِرَتْ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ مُوَثَّقُونَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

2078 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ تَوْبَةَ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أُذَيْنَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيَّرَ بَرِيرَةَ»

[باب في طلاق الأمة وعدتها]

[بَاب فِي طَلَاقِ الْأَمَةِ وَعِدَّتِهَا] 2079 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَرِيفٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ شَبِيبٍ الْمُسْلِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَاقُ الْأَمَةِ اثْنَتَانِ وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (طَلَاقِ الْأَمَةِ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ وَالْعِدَّةَ بِاعْتِبَارِ الْمَرْأَةِ وَعَلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ

اللَّهُ تَعَالَى خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ كَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى الْقُرْءِ الْمُعْتَبَرِ فِي الْعِدَّةِ بِمَعْنَى الْحَيْضِ كَمَا يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ لَا الطُّهْرِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ حَدِيثِ أَبِي عُمَرَ فِيهِ عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ مُتَّفَقٌ عَلَى تَضْعِيفِهِ كَذَلِكَ عُمَرُ بْنُ شَبِيبٍ الْكُوفِيُّ وَالْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ عُمَرَ وَرَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ سِوَى النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَائِشَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

2080 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ مُظَاهِرِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ طَلَاقُ الْأَمَةِ تَطْلِيقَتَانِ وَقُرْؤُهَا حَيْضَتَانِ»

2080 - قَالَ أَبُو عَاصِمٍ فَذَكَرْتُهُ لِمُظَاهِرٍ فَقُلْتُ حَدِّثْنِي كَمَا حَدَّثْتَ ابْنَ جُرَيْجٍ فَأَخْبَرَنِي عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ طَلَاقُ الْأَمَةِ تَطْلِيقَتَانِ وَقُرْؤُهَا حَيْضَتَانِ»

[باب طلاق العبد]

[بَاب طَلَاقِ الْعَبْدِ] 2081 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ أَيُّوبَ الْغَافِقِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ سَيِّدِي زَوَّجَنِي أَمَتَهُ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا قَالَ فَصَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرَ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَا بَالُ أَحَدِكُمْ يُزَوِّجُ عَبْدَهُ أَمَتَهُ ثُمَّ يُرِيدُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا إِنَّمَا الطَّلَاقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (إِنَّمَا الطَّلَاقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ) أَيْ الطَّلَاقُ حَقُّ الزَّوْجِ الَّذِي لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِسَاقِ الْمَرْأَةِ لَا حَقَّ الْمَوْلَى وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب من طلق أمة تطليقتين ثم اشتراها]

[بَاب مَنْ طَلَّقَ أَمَةً تَطْلِيقَتَيْنِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا] 2082 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ زَنْجَوَيْهِ أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُعَتِّبٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مَوْلَى بَنِي نَوْفَلٍ قَالَ «سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ عَبْدٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَتَيْنِ ثُمَّ أُعْتِقَا يَتَزَوَّجُهَا قَالَ نَعَمْ فَقِيلَ لَهُ عَمَّنْ قَالَ قَضَى بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ لَقَدْ تَحَمَّلَ أَبُو الْحَسَنِ هَذَا صَخْرَةً عَظِيمَةً عَلَى عُنُقِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (ثُمَّ أُعْتِقَا) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيِ الْعَبْدِ وَامْرَأَتِهِ (قَالَ نَعَمْ إِلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا أُعْتِقَ صَارَ لَهُ ثَلَاثُ طَلْقَاتٍ فَيُمْكِنُ لَهُ الرُّجُوعُ بَعْدَ طَلْقَتَيْنِ لِبَقَاءِ الثَّالِثِ الْحَاصِلِ بِالْعِتْقِ لَكِنِ الْعَمَلُ عَلَى خِلَافِهِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ هَذَا حِينَ كَانَتِ الطَّلْقَاتُ الثَّلَاثُ وَاحِدَةً كَمَا رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَالطَّلْقَتَانِ لِلْعَبْدِ حِينَئِذٍ كَانَتَا وَاحِدَةً أَيْضًا وَلِهَذَا قَدْ تَقَرَّرَ

أَنَّهُ مَنْسُوخٌ الْآنَ فَلَا إِشْكَالَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب عدة أم الولد]

[بَاب عِدَّةِ أُمِّ الْوَلَدِ] 2083 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ «لَا تُفْسِدُوا عَلَيْنَا سُنَّةَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عِدَّةِ أُمِّ الْوَلَدِ) أَيْ مِنَ الْمَوْلَى (أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا) نَصْبُ عَشْرًا كَمَا فِي الْأَصْلِ عَلَى حِكَايَةِ لَفْظِ الْقُرْآنِ فَأُمُّ الْوَلَدِ عَلَى هَذَا كَالزَّوْجَةِ فِي عِدَّةِ الْمَوْتِ وَالْحَدِيثُ حُكْمُهُ الرَّفْعُ لَكِنْ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَخَذُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[باب كراهية الزينة للمتوفى عنها زوجها]

[بَاب كَرَاهِيَةِ الزِّينَةِ لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا] 2084 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ أَنَّهُ سَمِعَ زَيْنَبَ ابْنَةَ أُمِّ سَلَمَةَ تُحَدِّثُ أَنَّهَا سَمِعَتْ أُمَّ سَلَمَةَ وَأُمَّ حَبِيبَةَ تَذْكُرَانِ «أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِنَّ ابْنَةً لَهَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا فَاشْتَكَتْ عَيْنُهَا فَهِيَ تُرِيدُ أَنْ تَكْحَلَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عِنْدَ رَأْسِ الْحَوْلِ وَإِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَاشْتَكَتْ عَيْنُهَا) بِالرَّفْعِ أَوِ النَّصْبِ وَعَلَى الثَّانِي فَاعِلُ اشْتَكَتْ ضَمِيرُ الْبِنْتِ (أَنْ تَنْكِحَهَا) بِالتَّاءِ أَوِ النُّونِ مِنْ بَابِ مَنَعَ وَنَصَرَ (تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ أَوْ فَتْحِهَا وَكَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عِنْدَ الْخُرُوجِ مِنَ الْعِدَّةِ تَرْمِي بِبَعْرَةٍ كَأَنَّهَا تَقُولُ كَانَ جُلُوسُهَا فِي الْبَيْتِ وَحَبْسُهَا نَفْسَهَا سَنَةً بِالنِّسْبَةِ إِلَى حَقِّ الزَّوْجِ عَلَيْهَا كَالرَّمْيَةِ بِالْبَعْرَةِ (وَإِنَّمَا هِيَ) أَيِ الْعِدَّةُ فِي الْإِسْلَامِ {أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234] بِنِصْفِ الْجُزْأَيْنِ عَلَى حِكَايَةِ لَفْظِ الْقُرْآنِ وَقِيلَ بِرَفْعِ الْأَوَّلِ عَلَى الْأَصْلِ وَجَازَ رَفْعُهُمَا عَلَى الْأَصْلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب هل تحد المرأة على غير زوجها]

[بَاب هَلْ تُحِدُّ الْمَرْأَةُ عَلَى غَيْرِ زَوْجِهَا] 2085 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنْ تَحِدَّ) مِنَ الْإِحْدَادِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ مِنْ بَابِ نَصَرَ وَالْإِحْدَادُ تَرْكُ الزِّينَةِ عَلَى الْمَيِّتِ.

2086 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ»

2087 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلَّا امْرَأَةٌ تُحِدُّ عَلَى زَوْجِهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا وَلَا تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا إِلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ وَلَا تَكْتَحِلُ وَلَا تَطَيَّبُ إِلَّا عِنْدَ أَدْنَى طُهْرِهَا بِنُبْذَةٍ مِنْ قُسْطٍ أَوْ أَظْفَارٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِلَّا امْرَأَةٌ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مُفَرَّغٌ أَيْ لَا تَحِدُّ امْرَأَةٌ إِلَّا الزَّوْجَةُ (إِلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ) بِفَتْحِ عَيْنٍ وَسُكُونِ صَادٍ مُهْمَلَتَيْنِ هُوَ بُرُودٌ يَمَنِيَّةٌ يُعْصَبُ

[باب الرجل يأمره أبوه بطلاق امرأته]

غَزْلَهَا أَيْ يُرْبَطُ ثُمَّ يُصْبَغُ وَيُنْسَجُ فَيَبْقَى مَا عُصِبَ أَبْيَضُ لَمْ يَأْخُذْهُ صَبْغٌ يُقَالُ بُرْدُ عَصْبٍ بِالْإِضَافَةِ وَالتَّنْوِينِ وَقِيلَ بُرُودٌ مُخَطَّطَةٌ قِيلَ عَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ النَّهْيُ لِلْمُعْتَدَّةِ عَمَّا صُبِغَ بَعْدَ النَّسْجِ قُلْتُ: وَالْأَقْرَبُ أَنَّ النَّهْيَ عَمَّا صُبِغَ كُلِّهِ فَإِنَّ الْإِضَافَةَ إِلَى الْعَصْبِ تَقْتَضِي ذَلِكَ فَإِنَّ عَمَلَهُ مَنَعَ الْكُلَّ عَنِ الصَّبْغِ فَتَأَمَّلْ قَوْلُهُ: (إِلَّا عِنْدَ أَدْنَى طُهْرِهَا) أَيْ عِنْدَ أَوَّلِ طُهْرِهَا فَالْأَدْنَى بِمَعْنَى الْأَوَّلِ (نُبْذَةٍ) بِضَمِّ النُّونِ وَسُكُونِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَذَالٍ مُعْجَمَةٍ هُوَ الْقَلِيلُ مِنَ الشَّيْءِ (قُسْطٍ) بِضَمِّ الْقَافِ وَسُكُونِ الْبَاءِ قَالَ النَّوَوِيُّ الْقُسْطُ وَالْأَظْفَارُ نَوْعَانِ مَعْرُوفَانِ مِنَ الْبَخُورِ رُخِّصَ فِيهِمَا لِإِزَالَةِ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ لَا لِلتَّطَيُّبِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. [بَاب الرَّجُلِ يَأْمُرُهُ أَبُوهُ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ] 2088 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَعُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ خَالِهِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ «كَانَتْ تَحْتِي امْرَأَةٌ وَكُنْتُ أُحِبُّهَا وَكَانَ أَبِي يُبْغِضُهَا فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَنِي أَنْ أُطَلِّقَهَا فَطَلَّقْتُهَا»

2089 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ «أَنَّ رَجُلًا أَمَرَهُ أَبُوهُ أَوْ أُمُّهُ شَكَّ شُعْبَةُ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ فَجَعَلَ عَلَيْهِ مِائَةَ مُحَرَّرٍ فَأَتَى أَبَا الدَّرْدَاءِ فَإِذَا هُوَ يُصَلِّي الضُّحَى وَيُطِيلُهَا وَصَلَّى مَا بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ أَوْفِ بِنَذْرِكَ وَبِرَّ وَالِدَيْكَ وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْوَالِدُ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ فَحَافِظْ عَلَى وَالِدَيْكَ أَوْ اتْرُكْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَجَعَلَ عَلَيْهِ مِائَةَ مُحَرَّرٍ) أَيْ إِنْ طَلَّقَ (أَوْسَطُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ) أَيْ خَيْرُهَا وَالْمُرَادُ انْقِضَاءُ حَقِّهِ بِسَبَبِ الدُّخُولِ مِنْ أَوْسَطِ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[كتاب الكفارات]

[كِتَاب الْكَفَّارَاتِ] [بَاب يَمِينِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي كَانَ يَحْلِفُ بِهَا] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَاب الْكَفَّارَاتِ بَاب يَمِينِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي كَانَ يَحْلِفُ بِهَا 2090 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ رِفَاعَةَ الْجُهَنِيِّ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا حَلَفَ قَالَ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذَا حَلَفَ) أَيْ أَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ وَفِيهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُلَاحِظَ أَنَّهُ يَبَرُّهُ تَعَالَى وَأَنَّهُ تَعَالَى قَادِرٌ عَلَى التَّصَرُّفِ فِيهِ كَيْفَ شَاءَ سِيَّمَا عِنْدَ الْحَلِفِ بِاسْمِهِ تَعَالَى لِيَرُدَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ عَنْ الِاجْتِرَاءِ عَلَى الْمَعَاصِي وَالْحَلِفِ بِهِ تَعَالَى كَاذِبًا.

2091 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّنْعَانِيُّ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ عَرَابَةَ الْجُهَنِيِّ قَالَ «كَانَتْ يَمِينُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي يَحْلِفُ بِهَا أَشْهَدُ عِنْدَ اللَّهِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كَانَتْ يَمِينُ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ) الْمُرَادُ بِالْيَمِينِ الْمَحْلُوفُ بِهِ فَقَوْلُهُ الَّتِي يَحْلِفُ بِهَا صِفَةٌ كَاشِفَةٌ (أَشْهَدُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى) يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مِنَ الْيَمِينِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ الصَّحَابِيِّ ذَكَرَهُ تَقْرِيرًا لِصِدْقِهِ فِيمَا يَقُولُ وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِلرِّوَايَةِ الْأُولَى وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ بِالْإِسْنَادَيْنِ فَفِي الْإِسْنَادِ الْأَوَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَفِي الثَّانِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّنْعَانِيُّ لَكِنَّ الْحَدِيثَ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ بِإِسْنَادَيْنِ أَحَدُهُمَا عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَالثَّانِي عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ قَالَ وَرِفَاعَةُ هَذَا لَيْسَ لَهُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْأُصُولِ الْخَمْسَةِ شَيْءٌ أَصْلًا.

2092 - حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَقَ الشَّافِعِيُّ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ الْمَكِّيُّ عَنْ عَبَّادِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَتْ «أَكْثَرُ أَيْمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا وَمُصَرِّفِ الْقُلُوبِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا وَمُصَرِّفِ الْقُلُوبِ) كَلِمَةُ لَا إِمَّا زَائِدَةٌ لِتَأْكِيدِ الْقَسَمِ كَمَا فِي قَوْلِهِ لَا أُقْسِمُ أَوْ لِنَفْيِ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْكَلَامِ مَثَلًا يُقَالُ لَهُ هَلِ الْأَمْرُ كَذَا فَيَقُولُ لَا وَمُصَرِّفِ الْقُلُوبِ.

2093 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ ح وَحَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى جَمِيعًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «قَالَ كَانَتْ يَمِينُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ) أَيْ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إِنْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ وَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَمِينًا لَكِنَّهُ مُشَابِهٌ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ أَكَّدَ الْكَلَامَ فَلِذَلِكَ سَمَّاهُ يَمِينًا قَالَهُ الْبَيْضَاوِيُّ وَقَالَ الطِّيبِيُّ الْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ الْوَاوَ فِي قَوْلِهِ وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِلْعَطْفِ عَلَى مَحْذُوفٍ وَهُوَ أُقْسِمُ بِاللَّهِ وَكَلِمَةُ لَا الزَّائِدَةُ لِتَأْكِيدِ الْقَسَمِ أَوْ لِرَدِّ كَلَامٍ سَابِقٍ وَلِذَلِكَ قِيلَ الِاسْتِغْفَارُ كَانَ لِمَا يَجْرِي عَلَى لِسَانِهِ مِنَ الْيَمِينِ اللَّغْوِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ وَهُوَ وَإِنْ

كَانَ مَعْفُوًّا عَنْهُ لَكِنَّهُ اسْتَغْفَرَ لِيَكُونَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ الِاحْتِرَازَ عَنْهُ أَوْلَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب النهي أن يحلف بغير الله]

[بَاب النَّهْيِ أَنْ يُحْلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ] 2094 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَهُ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ» قَالَ عُمَرُ فَمَا حَلَفْتُ بِهَا ذَاكِرًا وَلَا آثِرًا ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَمَا حَلَفْتُ بِهَا) أَيْ بِالْآبَاءِ أَوْ بِهَذِهِ اللَّفْظَةِ وَهِيَ وَأَبِي (ذَاكِرًا) مِنْ نَفْسِي (وَلَا آثِرًا) أَيْ رَاوِيًا عَنْ غَيْرِي بِأَنْ أَقُولَ قَالَ فُلَانٌ وَأَبِي أَيْ وَمَتَى مَا حَلَفْتُ بِهَا مَا أَجْرَيْتُ عَلَى لِسَانِي الْحَلِفَ بِهَا فَيُصْبِحُ التَّقْسِيمُ إِلَى الْقِسْمَيْنِ وَإِلَّا فَالرَّاوِي عَنِ الْغَيْرِ لَا يُسَمَّى حَالِفًا اهـ.

2095 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ هِشَامٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَحْلِفُوا بِالطَّوَاغِي وَلَا بِآبَائِكُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِالطَّوَاغِي) جَمْعُ طَاغِيَةٍ وَهِيَ فَاعِلَةٌ لَهُ وَقِيلَ الطَّاغِيَةُ مَصْدَرٌ كَالْعَافِيَةِ سُمِّيَ بِهَا الصَّنَمُ لِلْمُبَالَغَةِ ثُمَّ جُمِعَ عَلَى طَوَاغِي.

2096 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ حَلَفَ فَقَالَ فِي يَمِينِهِ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى فَلْيَقُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِاللَّاتِ) أَيْ بِلَا قَصْدٍ بَلْ عَلَى طَرِيقِ جَرْيِ الْعَادَةِ بَيْنَهُمْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا قَرِيبِي عَهْدٍ بِالْجَاهِلِيَّةِ (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) اسْتِدْرَاكًا لِمَا فَاتَهُ مِنْ تَعْظِيمِ اللَّهِ تَعَالَى فِي مَحَلِّهِ وَنَفْيًا لِمَا تَعَاطَى مِنْ تَعْظِيمِ الْأَصْنَامِ صُورَةً وَأَمَّا مَنْ قَصَدَ الْحَلِفَ بِالْأَصْنَامِ تَعْظِيمًا لَهَا فَهُوَ كَافِرٌ نَعُوذُ بِاللَّهِ.

2097 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ قَالَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سَعْدٍ قَالَ «حَلَفْتُ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ثُمَّ انْفُثْ عَنْ يَسَارِكَ ثَلَاثًا وَتَعَوَّذْ وَلَا تَعُدْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ثُمَّ انْفُثْ) أَيِ اتْفُلْ طَرْدًا لِلشَّيْطَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب من حلف بملة غير الإسلام]

[بَاب مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الْإِسْلَامِ] 2098 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ سِوَى الْإِسْلَامِ كَاذِبًا مُتَعَمِّدًا فَهُوَ كَمَا قَالَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ سِوَى الْإِسْلَامِ كَاذِبًا) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ فِي الْيَمِينِ عَلَى الْمَاضِي إِذِ الْكَذِبُ حَالُ الْيَمِينِ يَظْهَرُ فِيهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ كَاذِبًا حَالٌ مُقَدَّرَةٌ أَيْ مُقَدَّرًا كَذِبُهُ فَيَنْطَبِقُ عَلَى الْيَمِينِ

فِي الْمُسْتَقْبَلِ (فَهُوَ كَمَا قَالَ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَصِيرُ كَافِرًا بِضَعْفِهِ فِي دِينِهِ وَخُرُوجِهِ عَنِ الْكَمَالِ فِيهِ وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ رَاضِيًا بِالدُّخُولِ فِي تِلْكَ الْمِلَّةِ.

2099 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَرَّرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يَقُولُ أَنَا إِذًا لَيَهُودِيٌّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَبَتْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَجَبَتْ) أَيْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ أَيْ مُقْتَضَاهَا أَوِ الْيَهُودِيَّةُ عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ مُدَلَّسٌ وَقَدْ رَوَاهُ بِالْعَنْعَنَةِ.

2100 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ بْنِ سَمُرَةَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ الْبَجَلِيُّ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى عَنْ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْ الْإِسْلَامِ فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَهُوَ كَمَا قَالَ وَإِنْ كَانَ صَادِقًا لَمْ يَعُدْ إِلَى الْإِسْلَامِ سَالِمًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا) فِيمَا إِذَا عَلَّقَ عَلَيْهِ الْبَرَاءَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب من حلف له بالله فليرض]

[بَاب مَنْ حُلِفَ لَهُ بِاللَّهِ فَلْيَرْضَ] 2101 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ بْنِ سَمُرَةَ حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يَحْلِفُ بِأَبِيهِ فَقَالَ لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ مَنْ حَلَفَ بِاللَّهِ فَلْيَصْدُقْ وَمَنْ حُلِفَ لَهُ بِاللَّهِ فَلْيَرْضَ وَمَنْ لَمْ يَرْضَ بِاللَّهِ فَلَيْسَ مِنْ اللَّهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَلْيَصْدُقْ) مِنَ الصِّدْقِ (وَمَنْ حُلِفَ لَهُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيْ حُلِفَ بِاللَّهِ لِإِرْضَائِهِ (فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ) أَيْ مِنْ قُرْبِهِ فِي شَيْءٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَهْلَ الْقُرْبِ يُصَدِّقُونَ الْحَالِفَ فِيمَا حَلَفَ عَلَيْهِ تَعْظِيمًا لِلَّهِ وَمَنْ لَا يُصَدِّقُهُ مَعَ إِمْكَانِ التَّصْدِيقِ فَلَيْسَ مِنْهُمْ وَفِي الزَّوَائِدِ رِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ.

2102 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَعِيلَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ يَحْيَى بْنِ النَّضْرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رَأَى عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَجُلًا يَسْرِقُ فَقَالَ أَسَرَقْتَ فَقَالَ لَا وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَقَالَ عِيسَى آمَنْتُ بِاللَّهِ وَكَذَّبْتُ بَصَرِي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (آمَنْتُ بِاللَّهِ) أَيْ بِأَنَّهُ عَظِيمٌ يَنْبَغِي تَصْدِيقُ مَنْ حَلَفَ بِهِ (وَكَذَّبْتُ بَصَرِي) فَإِنَّ الْبَصَرَ قَدْ يُخْطِئُ فَيُمْكِنُ تَصْدِيقُ الْحَالِفِ بِتَخْطِئَتِهِ فَمُقْتَضَى تَعْظِيمِهِ تَعَالَى أَنْ يُصَدِّقَ الْحَالِفَ بِهِ بِتَخْطِئَةِ الْبَصَرِ.

[باب اليمين حنث أو ندم]

[بَاب الْيَمِينُ حِنْثٌ أَوْ نَدَمٌ] 2103 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ بَشَّارِ بْنِ كِدَامٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا الْحَلِفُ حِنْثٌ أَوْ نَدَمٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حِنْثٌ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ أَيْ ذَنْبٌ يَحْتَاجُ تَكْفِيرُهُ إِلَى كَفَّارَةٍ إِنْ لَمْ يَأْتِ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَلَمْ يُكَفِّرْ (أَوْ نَدَمٌ) بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ غَالِبًا إِنْ أَتَى بِهِ أَوْ كَفَّرَ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي الْحَلِفُ لِإِفْضَائِهِ إِلَى الْإِثْمِ وَالنَّدَمِ وَفِي الزَّوَائِدِ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي صَحِيحِهِ فَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب الاستثناء في اليمين]

[بَاب الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْيَمِينِ] 2104 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ حَلَفَ فَقَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَهُ ثُنْيَاهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَلَهُ ثُنْيَاهُ) الثُّنْيَا كَالدُّنْيَا اسْمٌ بِمَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ أَيْ أَنَّ الثُّنْيَا تَنْفَعُهُ حَيْثُ لَا يَحْنَثُ أَتَى بِالْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ أَمْ لَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

2105 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ حَلَفَ وَاسْتَثْنَى إِنْ شَاءَ رَجَعَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ غَيْرُ حَانِثٍ»

2106 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «رِوَايَةً قَالَ مَنْ حَلَفَ وَاسْتَثْنَى فَلَنْ يَحْنَثْ»

[باب من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها]

[بَاب مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا] 2107 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ أَنْبَأَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا غَيْلَانُ بْنُ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَبِي مُوسَى قَالَ «أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَهْطٍ مِنْ الْأَشْعَرِيِّينَ نَسْتَحْمِلُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهِ مَا أَحْمِلُكُمْ وَمَا عِنْدِي مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ قَالَ فَلَبِثْنَا مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أُتِيَ بِإِبِلٍ فَأَمَرَ لَنَا بِثَلَاثَةِ ذَوْدٍ غُرِّ الذُّرَى فَلَمَّا انْطَلَقْنَا قَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَسْتَحْمِلُهُ فَحَلَفَ أَلَّا يَحْمِلَنَا ثُمَّ حَمَلَنَا ارْجِعُوا بِنَا فَأَتَيْنَاهُ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا أَتَيْنَاكَ نَسْتَحْمِلُكَ فَحَلَفْتَ أَنْ لَا تَحْمِلَنَا ثُمَّ حَمَلْتَنَا فَقَالَ وَاللَّهِ مَا أَنَا حَمَلْتُكُمْ بَلْ اللَّهُ حَمَلَكُمْ إِنِّي وَاللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا كَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي وَأَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ أَوْ قَالَ أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَكَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (نَسْتَحْمِلُهُ) أَيْ نَطْلُبُ مِنْهُ مَا نَرْكَبُ عَلَيْهِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ (ثُمَّ أُتِيَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ (بِثَلَاثَةِ إِبِلٍ ذَوْدٍ) بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ جَمْعُ نَاقَةٍ مَعْنًى أَيْ بِثَلَاثِ نُوقٍ (غُرِّ الذُّرَى) أَيْ بِيضِ الْأَسْنِمَةِ كِنَايَةٌ عَنْ كَوْنِهَا سَمِينَةً قَوْلُهُ: (مَا أَنَا حَمَلْتُكُمْ) يُرِيدُ أَنَّ الْمِنَّةَ لِلَّهِ تَعَالَى لَا لِمَخْلُوقٍ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ وَهُوَ الْفَاعِلُ حَقِيقَةً أَوِ الْمُرَادُ إِنِّي حَلَفْتُ نَظَرًا إِلَى ظَاهِرِ الْأَسْبَابِ وَهَذَا جَاءَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى خِلَافِ تِلْكَ الْأَسْبَابِ وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ فَالْجَوَابُ عَنِ الْحَلِفِ

هُوَ قَوْلُهُ: إِنِّي لَا عَلَى يَمِينِ حَلِفٍ وَاللَّهِ إِلَخْ وَالْمُرَادُ بِالْيَمِينِ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَلَا دَلَالَةَ فِي الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى تَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْحِنْثِ وَلَا عَلَى تَأْخِيرِهَا إِذِ الْوَاوُ لَا تَدُلُّ عَلَى التَّرْتِيبِ فَلِذَلِكَ جَاءَتِ الرِّوَايَةُ بِالْوَجْهَيْنِ نَعَمْ قَدْ يُقَالُ الْأَمْرُ فِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى وُجُوبِ تَقْدِيمِ الْحِنْثِ كَمَا لَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى وُجُوبِ تَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ وَمُقْتَضَى هَذَا الْإِطْلَاقِ أَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ فِعْلُ الْمَجْمُوعِ كَيْفَمَا اتَّفَقَ وَهَذَا الْإِطْلَاقُ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْوَجْهَيْنِ فَقَوْلُ مَنْ أَوْجَبَ تَقْدِيمَ الْحِنْثِ مُخَالِفٌ لِهَذَا الْإِطْلَاقِ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ دَلِيلٍ يُعَارِضُ هَذَا الْإِطْلَاقَ وَيُرَجَّحُ عَلَيْهِ حَتَّى يَسْتَقِيمَ الْأَخْذُ بِهِ وَتَرْكُ هَذَا الْإِطْلَاقِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

2108 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ عَنْ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ عَنْ عَدِيِّ ابْنِ حَاتِمٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ»

2109 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الزَّعْرَاءِ عَمْرُو بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَمِّهِ أَبِي الْأَحْوَصِ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْجُشَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَأْتِينِي ابْنُ عَمِّي فَأَحْلِفُ أَنْ لَا أُعْطِيَهُ وَلَا أَصِلَهُ قَالَ كَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ»

[باب من قال كفارتها تركها]

[بَاب مَنْ قَالَ كَفَّارَتُهَا تَرْكُهَا] 2110 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ أَبِي الرِّجَالِ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ حَلَفَ فِي قَطِيعَةِ رَحِمٍ أَوْ فِيمَا لَا يَصْلُحُ فَبِرُّهُ أَنْ لَا يُتِمَّ عَلَى ذَلِكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَبِرُّهُ أَنْ لَا يُتِمَّ عَلَى ذَلِكَ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ الْبِرُّ شَرْعًا فَلَا حَاجَةَ مَعَهُ إِلَى كَفَّارَةٍ أُخْرَى كَمَا فِي صُورَةِ الْبِرِّ لَكِنَّ الْأَحَادِيثَ الْمَشْهُورَةَ تَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فَالْحَدِيثُ إِنْ صَحَّ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْبِرِّ فِي كَوْنِهِ مَطْلُوبًا شَرْعًا فَإِنَّ الْمَطْلُوبَ فِي الْحَلِفِ هُوَ الْبِرُّ إِلَّا فِي مِثْلِ هَذَا الْحَلِفِ فَإِنَّ الْمَطْلُوبَ فِيهِ الْحِنْثُ فَصَارَ الْحِنْثُ فِيهِ كَالْبِرِّ فَمِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ قِيلَ إِنَّهُ الْبِرُّ وَهَذَا لَا يُنَافِي وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ فِي الْحَدِيثِ الْآتِي إِنْ صَحَّ أَنْ يُرَادَ بِالْكَفَّارَةِ الْبِرُّ فَلْيُتَأَمَّلْ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ حَارِثَةُ بْنُ أَبِي الرِّجَالِ مُتَّفَقٌ عَلَى تَضْعِيفِهِ اهـ.

2111 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا عَوْنُ بْنُ عُمَارَةَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَتْرُكْهَا فَإِنَّ تَرْكَهَا كَفَّارَتُهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَإِنَّ تَرْكَهَا كَفَّارَتُهَا) فِي إِسْنَادِهِ عَوْنُ بْنُ عُمَارَةَ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَى ضَعْفِهِ.

[باب كم يطعم في كفارة اليمين]

[بَاب كَمْ يُطْعَمُ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ] 2112 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَكَّائِيُّ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَعْلَى الثَّقَفِيُّ عَنْ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كَفَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ وَأَمَرَ النَّاسَ بِذَلِكَ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَنِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كَفَّرَ) مِنَ التَّكْفِيرِ (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ الصَّحَابِيِّ أَوْ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِتَقْدِيرِ وَقَالَ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ إِلَخْ وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَفِيهِ إِينَاسٌ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ إِنَّهَا نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَلَّى ضَعِيفٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب من أوسط ما تطعمون أهليكم]

[بَاب مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ] 2113 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ الرَّجُلُ يَقُوتُ أَهْلَهُ قُوتًا فِيهِ سَعَةٌ وَكَانَ الرَّجُلُ يَقُوتُ أَهْلَهُ قُوتًا فِيهِ شِدَّةٌ فَنَزَلَتْ {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة: 89] ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِقُوتِ أَهْلِهِ) فِي الصِّحَاحِ قَاتَ أَهْلَهُ يَقُوتُهُمْ قَوْتًا أَيْ بِفَتْحِ الْقَافِ وَقِيَاتَةً وَالِاسْمُ الْقُوتُ بِالضَّمِّ.

[باب النهي أن يستلج الرجل في يمينه ولا يكفر]

[بَاب النَّهْيِ أَنْ يَسْتَلِجَّ الرَّجُلُ فِي يَمِينِهِ وَلَا يُكَفِّرَ] 2114 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الْمَعْمَرِيُّ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ «قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَلَجَّ أَحَدُكُمْ فِي الْيَمِينِ فَإِنَّهُ آثَمُ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ الْكَفَّارَةِ الَّتِي أُمِرَ بِهَا» وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوَحَاظِىُّ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذَا اسْتَلَجَّ) قَالَ السُّيُوطِيُّ بِجِيمٍ مُشَدَّدَةٍ فِي النِّهَايَةِ وَهُوَ اسْتِفْعَالٌ مِنَ اللَّجَاجِ وَمَعْنَاهُ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى شَيْءٍ وَيَرَى أَنَّ غَيْرَهُ خَيْرٌ مِنْهُ فَيُقِيمَ عَلَى يَمِينِهِ وَلَا يَحْنَثُ وَلَا يُكَفِّرُ فَذَلِكَ إِثْمٌ لَهُ وَقِيلَ هُوَ أَنْ يَرَى أَنَّهُ صَادِقٌ فِيهَا مُصِيبٌ فَيَلِجُ فِيهَا وَلَا يُكَفِّرُهَا وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ إِذَا اسْتَلْجَجَ أَحَدُكُمْ بِإِظْهَارِ الْإِدْغَامِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب إبرار المقسم]

[بَاب إِبْرَارِ الْمُقْسِمِ] 2115 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِبْرَارِ الْمُقْسِمِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بَإِبْرَارِ الْمُقْسِمِ) اسْمُ فَاعِلٍ مِنَ الْإِقْسَامِ أَيْ مَنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ أَحَدٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْعَلَهُ بَارًّا مَهْمَا أَمْكَنَ وَلَا يَجْعَلَهُ حَانِثًا بِأَنْ يَأْتِيَ بِالْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ.

2116 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَفْوَانَ أَوْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيِّ قَالَ «لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ جَاءَ بِأَبِيهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اجْعَلْ لِأَبِي نَصِيبًا فِي الْهِجْرَةِ فَقَالَ إِنَّهُ لَا هِجْرَةَ فَانْطَلَقَ فَدَخَلَ عَلَى الْعَبَّاسِ فَقَالَ قَدْ عَرَفْتَنِي قَالَ أَجَلْ فَخَرَجَ الْعَبَّاسُ فِي قَمِيصٍ لَيْسَ عَلَيْهِ رِدَاءٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَرَفْتَ فُلَانًا وَالَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ وَجَاءَ بِأَبِيهِ لِتُبَايِعَهُ عَلَى الْهِجْرَةِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ لَا هِجْرَةَ فَقَالَ الْعَبَّاسُ أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ فَمَدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ فَمَسَّ يَدَهُ فَقَالَ أَبْرَرْتُ عَمِّي وَلَا هِجْرَةَ» حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ قَالَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ يَعْنِي لَا هِجْرَةَ مِنْ دَارٍ قَدْ أَسْلَمَ أَهْلُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا هِجْرَةَ) أَيْ مِنْ مَكَّةَ لِصَيْرُورَتِهَا دَارَ إِسْلَامٍ أَوْ إِلَى الْمَدِينَةِ مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ لِظُهُورِ عِزَّةِ الْإِسْلَامِ فَمَا بَقِيَتْ هَذِهِ الْهِجْرَةُ فَرْضًا وَأَمَّا الْهِجْرَةُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَنَحْوُهَا فَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى الدَّوَامِ قَوْلُهُ: (فَانْطَلَقَ فَدَخَلَ عَلَى الْعَبَّاسِ) هَكَذَا فِي بَعْضِ الْأُصُولِ وَفِي بَعْضِهَا فَانْطَلَقَ مُدِلًّا وَهُوَ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَدَلَّ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ إِذَا وَثِقَ بِمَحَبَّتِهِ أَيْ خَرَجَ إِلَى بَيْتِ الْعَبَّاسِ مُعْتَمِدًا عَلَى مَحَبَّتِهِ (أَبْرَرْتُ عَمِّي) فِيهِ أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ قَسَمٌ فِي حَقِّهِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي الْمُتَابِعَاتِ وَضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب النهي أن يقال ما شاء الله وشئت]

[بَاب النَّهْيِ أَنْ يُقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ] 2117 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا الْأَجْلَحُ الْكِنْدِيُّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا حَلَفَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَقُلْ مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ وَلَكِنْ لِيَقُلْ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شِئْتَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذَا حَلَفَ أَحَدُكُمْ) لَعَلَّهُ تَعَارَفَ عِنْدَهُمُ الْإِكْثَارُ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ عِنْدَ الْحَلِفِ

فَذَكَرَ هَذَا الْقَيْدَ جَرْيًا عَلَى الْمُعْتَادِ وَإِلَّا فَهَذَا اللَّفْظُ مَمْنُوعٌ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ يُوهِمُ الْمُسَاوَاةَ وَاللَّائِقُ أَنْ يُقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شِئْتَ لِمَا فِي ثُمَّ شِئْتَ مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى النُّزُولِ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ الْأَجْلَحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ ضَعَّفَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو حَاتِمٍ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ سَعْدٍ وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَيَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ وَالْعِجْلِيُّ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ.

2118 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ «أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ رَأَى فِي النَّوْمِ أَنَّهُ لَقِيَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَقَالَ نِعْمَ الْقَوْمُ أَنْتُمْ لَوْلَا أَنَّكُمْ تُشْرِكُونَ تَقُولُونَ مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ مُحَمَّدٌ وَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَمَا وَاللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأَعْرِفُهَا لَكُمْ قُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شَاءَ مُحَمَّدٌ» حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ الطُّفَيْلِ بْنِ سَخْبَرَةَ أَخِي عَائِشَةَ لِأُمِّهَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنْ كُنْتُ) إِنْ مُخَفَّفَةٌ أَيْ مَا عَرَفْتُ هَذِهِ الْكَلِمَةَ لَكُمْ وَمَا تَفَكَّرْتُ فِي كَلَامِكُمْ حَتَّى أَعْرِفَ أَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَةَ تَصْدُرُ عَنْكُمْ وَلَوْ عَرَفْتُ لَنَهَيْتُكُمْ عَنْهَا وَبِالْجُمْلَةِ فَالنَّهْيُ لَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى مُجَرَّدِ الرُّؤْيَا بَلْ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ عَلِمَ قُبْحَ هَذِهِ الْكَلِمَةِ لِأَنَّهَا تُوهِمُ الْمُسَاوَاةَ وَفِي الزَّوَائِدِ رِجَالُ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب من ورى في يمينه]

[بَاب مَنْ وَرَّى فِي يَمِينِهِ] 2119 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ ح وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ جَدَّتِهِ عَنْ أَبِيهَا سُوَيْدِ بْنِ حَنْظَلَةَ قَالَ «خَرَجْنَا نُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَنَا وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ فَأَخَذَهُ عَدُوٌّ لَهُ فَتَحَرَّجَ النَّاسُ أَنْ يَحْلِفُوا فَحَلَفْتُ أَنَا أَنَّهُ أَخِي فَخَلَّى سَبِيلَهُ فَأَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّ الْقَوْمَ تَحَرَّجُوا أَنْ يَحْلِفُوا وَحَلَفْتُ أَنَا أَنَّهُ أَخِي فَقَالَ صَدَقْتَ الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَقَالَ صَدَقْتَ) يُفِيدُ أَنَّ التَّوْرِيَةَ نَافِعَةٌ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْتَحْلِفِ حَقٌّ فِي الِاسْتِحْلَافِ وَحِينَئِذٍ لَا يَنْفَعُ التَّوْرِيَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

2120 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا هُشَيْمٌ عَنْ عَبَّادِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ»

2121 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمِينُكَ عَلَى مَا يُصَدِّقُكَ بِهِ صَاحِبُكَ»

[باب النهي عن النذر]

[بَاب النَّهْيِ عَنْ النَّذْرِ] 2122 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ النَّذْرِ وَقَالَ إِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنْ اللَّئِيمِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ عَنِ النَّذْرِ) أَيْ يَظُنُّ أَنَّهُ يُفِيدُ فِي حُصُولِ الْمَطْلُوبِ وَالْخَلَاصِ عَنِ الْمَكْرُوهِ قَوْلُهُ: (إِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ اللَّئِيمِ) أَيِ الْبَخِيلِ أَيِ الَّذِي لَا يَأْتِي بِهَذِهِ الطَّاعَةِ إِلَّا فِي مُقَابَلَةِ شِفَاءِ مَرِيضٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا عَلَّقَ النَّذْرَ عَلَيْهِ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ نَهَى عَنِ النَّذْرِ تَكْرِيرًا إِلَّا مَرَّةً وَتَجْدِيدُ التَّهَاوُنِ بِهِ بَعْدَ إِيجَابِهِ وَلَيْسَ النَّهْيُ لِإِفَادَةِ أَنَّهُ مَعْصِيَةٌ وَإِلَّا لَمَا وَجَبَ الْوَفَاءُ بِهِ بَعْدَ كَوْنِهِ مَعْصِيَةً.

2123 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ النَّذْرَ لَا يَأْتِي ابْنَ آدَمَ بِشَيْءٍ إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ وَلَكِنْ يَغْلِبُهُ الْقَدَرُ مَا قُدِّرَ لَهُ فَيُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ فَيُيَسَّرُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَكُنْ يُيَسَّرُ عَلَيْهِ مِنْ قَبْلِ ذَلِكَ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَلَكِنْ يَغْلِبُهُ الْقَدْرُ) أَيْ يَصْعُبُ عَلَيْهِ الْقَدْرُ أَيْ حُصُولُ مَا قُدِّرَ لَهُ فَقَوْلُهُ: (مَا قُدِّرَ لَهُ) يَدُلُّ مِنَ الْقَدْرِ فَيَنْذِرُ لِذَلِكَ فَيَحْصُلُ الْمُقَدَّرُ لَهُ بَعْدَ النَّذْرِ (فَيُسْتَخْرَجُ بِهِ) أَيْ بِالنَّذْرِ (مِنَ الْبَخِيلِ) الَّذِي يُنْذِرُ لِأَجْلِ حُصُولِ ذَلِكَ الْمُقَدَّرِ (فَيُتَيَسَّرُ عَلَيْهِ) أَيْ يَسْهُلُ عَلَيْهِ إِعْطَاءُ مَا لَمْ يَسْهُلْ عَلَيْهِ إِعْطَاؤُهُ مِنْ قَبْلِ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ: (أَنْفِقْ) أَمْرٌ مِنَ الْإِنْفَاقِ أُنْفِقْ صِيغَةُ الْمُتَكَلِّمِ مِنَ الْإِنْفَاقِ مَجْزُومٌ عَلَى أَنَّهُ جَوَابُ الْأَمْرِ أَيْ فَلَوْ أَنْفَقَ مِنْ غَيْرِ نَذْرٍ لَأَنْفَقَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب النذر في المعصية]

[بَاب النَّذْرِ فِي الْمَعْصِيَةِ] 2124 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي سَهْلٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ عَمِّهِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ وَلَا نَذْرَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ) لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ أَصْلًا إِذْ لَا يُنَاسِبُ ذَلِكَ.

2125 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ الْمِصْرِيُّ أَبُو طَاهِرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنْبَأَنَا يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَكَفَّارَتُهُ إِلَخْ) كَمَا سَيَجِيءُ بَلْ مَعْنَاهُ لَيْسَ فِيهِ وَفَاءٌ وَهَذَا صَرِيحُ بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ فَإِنَّ فِيهَا لَا وَفَاءَ لِلنَّذْرِ فِي مَعْصِيَةٍ وَقَوْلُهُ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ يَمِينًا يَجِبُ الْحِنْثُ وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَا حُجَّةَ لِلْمُخَالِفِ فِي حَدِيثِ مَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ

اللَّهَ وَأَمْثَالُهُ فَإِنَّهُ لَا يَنْفِي الْكَفَّارَةَ.

2126 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ»

[باب من نذر نذرا ولم يسمه]

[بَاب مَنْ نَذَرَ نَذْرًا وَلَمْ يُسَمِّهِ] 2127 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ رَافِعٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ نَذَرَ نَذْرًا وَلَمْ يُسَمِّهِ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ نَذَرَ إِلَخْ) أَيْ إِذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ وَلَمْ يُسَمِّ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ.

2128 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّنْعَانِيُّ حَدَّثَنَا خَارِجَةُ بْنُ مُصْعَبٍ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ كُرَيْبٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ نَذَرَ نَذْرًا وَلَمْ يُسَمِّهِ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَمَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَمْ يُطِقْهُ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَمَنْ نَذَرَ نَذْرًا أَطَاقَهُ فَلْيَفِ بِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَطَاقَهُ) أَيْ وَلَمْ يَكُنْ مَعْصِيَةً (فَلْيَفِ بِهِ) أَمْرٌ بِاللَّامِ مِنَ الْوَفَاءِ.

[باب الوفاء بالنذر]

[بَاب الْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ] 2129 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ «نَذَرْتُ نَذْرًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَمَا أَسْلَمْتُ فَأَمَرَنِي أَنْ أُوفِيَ بِنَذْرِي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَأَمَرَنِي أَنْ أُوَفِّيَ) إِذْ قَدْ سَبَقَ الْحَدِيثُ فِي أَبْوَابِ الصَّوْمِ.

2130 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَقَ الْجَوْهَرِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ أَنْبَأَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَنْحَرَ بِبُوَانَةَ فَقَالَ فِي نَفْسِكَ شَيْءٌ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ لَا قَالَ أَوْفِ بِنَذْرِكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِبُوانَةَ) بِضَمِّ مُوَحَّدَةٍ وَتَخْفِيفِ الْوَاوِ اسْمُ مَوْضِعٍ بِأَسْفَلَ مَكَّةَ أَوْ وَرَاءَ يَنْبُعَ وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ مَنْ نَذَرَ أَنْ يُضَحِّيَ فِي مَكَانٍ لَزِمَهُ الْوَفَاءُ بِهِ وَمِثْلُهُ أَنْ يُنْذِرَ التَّصَدُّقَ عَلَى أَهْلِ بَلَدٍ وَكُلُّ ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَعْصِيَةٌ وَفِي الزَّوَائِدِ قُلْتُ: الْحَدِيثُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَإِسْنَادُ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ لَكِنْ فِيهِ الْمَسْعُودِيُّ وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ اخْتَلَطَ بِآخِرِهِ قَالَ ابْنُ حِبَّانَ اخْتَلَطَ حَدِيثُهُ فَلَمْ يَتَمَيَّزْ وَاسْتَحَقَّ التَّرْكَ.

2131 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّائِفِيِّ عَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ كَرْدَمٍ الْيَسَارِيَّةِ «أَنَّ أَبَاهَا لَقِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ رَدِيفَةٌ لَهُ فَقَالَ إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَنْحَرَ بِبُوَانَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ بِهَا وَثَنٌ قَالَ لَا قَالَ أَوْفِ بِنَذْرِكَ» حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ دُكَيْنٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ مِقْسَمٍ عَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ كَرْدَمٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنَّ أَبَاهَا لَقِيَ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ أَعْنِي الطَّرِيقَ

الْأُولَى إِلَى مَيْمُونَةَ بِنْتِ كَرْدَمٍ وَاخْتُلِفَ فِي صُحْبَتِهَا أَثْبَتَهَا ابْنُ حِبَّانَ وَالذَّهَبِيُّ فِي الْكَاشِفِ وَفِي الطَّبَقَاتِ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ سِيَاقُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى وَرَوَاهَا الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ بِلَفْظِ عَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ كَرْدَمٍ عَنْ أَبِيهَا كَرْدَمٍ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَجَعَلَ الْحَدِيثَ مِنْ مُسْنَدِ أَبِيهَا وَإِسْنَادُ الطَّرِيقِ الثَّانِي مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ يَزِيدَ بْنَ مِقْسَمٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ مَيْمُونَةَ وَأَصْلُ الْحَدِيثِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ـ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ـ.

[باب من مات وعليه نذر]

[بَاب مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ نَذْرٌ] 2132 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ اسْتَفْتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَذْرٍ كَانَ عَلَى أُمِّهِ تُوُفِّيَتْ وَلَمْ تَقْضِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْضِهِ عَنْهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (اقْضِهِ عَنْهَا) مَنْ لَا يَرَى ذَلِكَ يُؤَوِّلُ الْقَضَاءَ وَالصَّوْمَ بِالْفِدَاءِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَبَاحِثُ الْحَدِيثِ فِي أَبْوَابِ الصَّوْمِ.

2133 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ وَعَلَيْهَا نَذْرُ صِيَامٍ فَتُوُفِّيَتْ قَبْلَ أَنْ تَقْضِيَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَصُمْ عَنْهَا الْوَلِيُّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ إِلَخْ) وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[باب من نذر أن يحج ماشيا]

[بَاب مَنْ نَذَرَ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا] 2134 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الرُّعَيْنِيِّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَالِكٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ أَخْبَرَهُ «أَنَّ أُخْتَهُ نَذَرَتْ أَنْ تَمْشِيَ حَافِيَةً غَيْرَ مُخْتَمِرَةٍ وَأَنَّهُ ذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مُرْهَا فَلْتَرْكَبْ وَلْتَخْتَمِرْ وَلْتَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (غَيْرَ مُخْتَمِرَةٍ) أَيْ غَيْرَ سَاتِرَةٍ رَأْسَهَا بِالْخِمَارِ وَقَدْ أَمَرَهَا بِالِاخْتِمَارِ وَالِاسْتِتَارِ لِأَنَّ تَرْكَهُ مَعْصِيَةٌ لَا نَذْرَ فِيهِ وَأَمَّا الْمَشْيُ حَافِيًا فَيَصِحُّ النَّذْرُ فِيهِ فَلَعَلَّهَا عَجَزَتْ عَنِ الْمَشْيِ

وَاللَّازِمُ حِينَئِذٍ الْهَدْيُ كَمَا جَاءَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ فَلَعَلَّهُ تَرَكَهُ الرَّاوِي اخْتِصَارًا وَأَمَّا الْأَمْرُ بِالصَّوْمِ فَمَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ كَفَّارَةَ النَّذْرِ بِمَعْصِيَةٍ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ وَقِيلَ عَجَزَتْ عَنِ الْهَدْيِ فَأَمَرَهَا بِالصَّوْمِ لِذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب من خلط في نذره طاعة بمعصية]

2135 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْخًا يَمْشِي بَيْنَ ابْنَيْهِ فَقَالَ مَا شَأْنُ هَذَا فَقَالَ ابْنَاهُ نَذْرٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ ارْكَبْ أَيُّهَا الشَّيْخُ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكَ وَعَنْ نَذْرِكَ» [بَاب مَنْ خَلَطَ فِي نَذْرِهِ طَاعَةً بِمَعْصِيَةٍ] 2136 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِرَجُلٍ بِمَكَّةَ وَهُوَ قَائِمٌ فِي الشَّمْسِ فَقَالَ مَا هَذَا قَالُوا نَذَرَ أَنْ يَصُومَ وَلَا يَسْتَظِلَّ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا يَتَكَلَّمَ وَلَا يَزَالُ قَائِمًا قَالَ لِيَتَكَلَّمْ وَلْيَسْتَظِلَّ وَلْيَجْلِسْ وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ» حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَنْبَةَ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ وُهَيْبٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[كتاب التجارات]

[كِتَاب التِّجَارَاتِ] [بَاب الْحَثِّ عَلَى الْمَكَاسِبِ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَاب التِّجَارَاتِ بَاب الْحَثِّ عَلَى الْمَكَاسِبِ 2137 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَبِيبٍ قَالُوا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ وَإِنَّ وَلَدَهُ مِنْ كَسْبِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ. . . إِلَخْ) الطَّيِّبُ الْحَلَالُ، فَالتَّفْصِيلُ فِيهِ بِنَاءً عَلَى بُعْدِهِ عَنِ الشُّبُهَاتِ وَمَظَانِّهَا، وَالْكَسْبُ: السَّعْيُ فِي تَحْصِيلِ الْوَرِقِ وَغَيْرِهِ، وَالْمُرَادُ الْمَكْسُوبُ الْحَاصِلُ بِالطَّلَبِ وَالْجِدِّ فِي تَحْصِيلِهِ بِالْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ (وَوَلَدُ الْإِنْسَانِ مِنْ كَسْبِهِ) أَيْ: مِنَ الْمَكْسُوبِ الْحَاصِلِ بِالْجِدِّ وَالطَّلَبِ وَمُبَاشَرَةِ الْأَسْبَابِ، وَمَالُ الْوَلَدِ مِنْ كَسْبِ الْوَلَدِ فَصَارَ مِنْ كَسْبِ الْإِنْسَانِ بِوَاسِطَةٍ، فَجَازَ لَهُ أَكْلُهُ، وَالْفُقَهَاءُ قَيَّدُوا ذَلِكَ بِمَا إِذَا احْتَاجَ إِلَى مَالِ الْوَلَدِ فَيَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ مِنْهُ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ.

2138 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ بَحِيرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ الزُّبَيْدِيِّ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا كَسَبَ الرَّجُلُ كَسْبًا أَطْيَبَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ وَمَا أَنْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَخَادِمِهِ فَهُوَ صَدَقَةٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَهُوَ صَدَقَةٌ) أَيْ: إِذَا كَانَ بِنِيَّةِ خَيْرٍ. وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ.

2139 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنَا كُلْثُومُ بْنُ جَوْشَنٍ الْقُشَيْرِيُّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّاجِرُ الْأَمِينُ الصَّدُوقُ الْمُسْلِمُ مَعَ الشُّهَدَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (التَّاجِرُ الْأَمِينُ. . . إِلَخْ) أَيْ: إِذَا قَصَدَ بِتِجَارَتِهِ الْخَيْرَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُبَاحَ يَصِيرُ بِحُسْنِ النِّيَّةِ عِبَادَةً فَيَسْتَحِقُّ صَاحِبُهُ الْأَجْرَ عَلَى ذَلِكَ وَيَكُونُ مَعَ أَهْلِ الْعِبَادَةِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ كُلْثُومُ بْنُ جَوْشَنٍ الْقُشَيْرِيُّ ضَعِيفٌ. وَأَصْلُ الْحَدِيثِ قَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ.

2140 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيْلِيِّ عَنْ أَبِي الْغَيْثِ مَوْلَى ابْنِ مُطِيعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ السَّاعِي عَلَى الْأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَكَالَّذِي يَقُومُ اللَّيْلَ وَيَصُومُ النَّهَارَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (السَّاعِي عَلَى الْأَرْمَلَةِ) أَيِ: الَّذِي يَسْعَى وَيَجِدُّ فِي تَحْصِيلِ الْمَالِ لِيُنْفِقَهُ عَلَى الْأَرْمَلَةِ، وَهِيَ الْمَرْأَةُ الَّتِي لَا زَوْجَ لَهَا، وَالذَّكَرُ الْأَرْمَلُ قَوْلُهُ: (يَقُومُ اللَّيْلَ) أَيْ: كُلَّهُ أَوْ آخِرَهُ كَمَا هُوَ فِي الْمُتَعَارَفِ (وَيَصُومُ النَّهَارَ) أَيْ: عَلَى الدَّوَامِ أَوْ غَالِبًا لِمَا جَاءَ فِي صَوْمِ الْأَبَدِ، مِثْلَ: لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ.

2141 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خُبَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمِّهِ قَالَ «كُنَّا فِي مَجْلِسٍ فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى رَأْسِهِ أَثَرُ مَاءٍ فَقَالَ لَهُ بَعْضُنَا نَرَاكَ الْيَوْمَ طَيِّبَ النَّفْسِ فَقَالَ أَجَلْ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ثُمَّ أَفَاضَ الْقَوْمُ فِي ذِكْرِ الْغِنَى فَقَالَ لَا بَأْسَ بِالْغِنَى لِمَنْ اتَّقَى وَالصِّحَّةُ لِمَنْ اتَّقَى خَيْرٌ مِنْ الْغِنَى وَطِيبُ النَّفْسِ مِنْ النَّعِيمِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ثُمَّ أَفَاضَ الْقَوْمُ) أَيْ: وَقَعُوا فِي ذِكْرِ الْغِنَى - فِي الصِّحَاحِ: مَقْصُورٌ الْيَسَارُ -. قَوْلُهُ: (لَا بَأْسَ بِالْغِنَى لِمَنِ اتَّقَى) قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي " نَوَادِرِ الْأُصُولِ ": الْغِنَى بِغَيْرِ تَقْوَى هَلَكَةٌ يَجْمَعُهُ مِنْ غَيْرِ حَقِّهِ، وَيَمْنَعُهُ مِنْ حَقِّهِ، وَيَضَعُهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ، فَإِذَا كَانَ هُنَاكَ مَعَ صَاحِبِهِ تَقْوَى ذَهَبَ الْبَأْسُ وَجَاءَ الْخَيْرُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: (وَالصِّحَّةُ لِمَنِ اتَّقَى خَيْرٌ مِنَ الْغِنَى) فَإِنَّ صِحَّةَ الْجَسَدِ تُعِينُ عَلَى الْعِبَادَةِ، فَالصِّحَّةُ مَالٌ مَمْدُودٌ، وَالسَّقَمُ عَجْزٌ حَاجِزٌ لِعُمْرِ الَّذِي أُعْطِيهِ، يَمْنَعُهُ الْعِبَادَةَ، وَالصِّحَّةُ مَعَ الْعُمْرِ خَيْرٌ مِنَ الْغِنَى مَعَ الْعَجْزِ، وَالْعَاجِزُ كَالْمَيِّتِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: (وَطِيبِ النَّفْسِ مِنَ النَّعِيمِ) ؛ فَلِأَنَّهُ مِنْ رُوحِ الْيَقِينِ عَلَى الْقَلْبِ وَهُوَ النُّورُ الْوَارِدُ الَّذِي قَدْ أَشْرَقَ الصُّوَرَ فَأَرَاحَ الْقَلْبَ وَالنَّفْسَ مِنَ الظُّلْمَةِ وَالضِّيقِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب الاقتصاد في طلب المعيشة]

[بَاب الِاقْتِصَادِ فِي طَلَبِ الْمَعِيشَةِ] 2142 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْمِلُوا فِي طَلَبِ الدُّنْيَا فَإِنَّ كُلًّا مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ) أَجْمَلَ فِي الطَّلَبِ إِذَا اعْتَدَلَ وَلَمْ يُفْرِطْ (مُيَسَّرٌ) أَيْ: مُهَيَّأٌ (لِمَا خُلِقَ لَهُ) أَيْ:

فَيُجْعَلُ لَهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَعَبٍ فَلَا فَائِدَةَ فِي إِيقَاعِ نَفْسِهِ فِي التَّعَبِ كَثِيرًا. وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ يُدَلِّسُ، وَرَوَاهُ بِالْعَنْعَنَةِ، وَرِوَايَتُهُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ بَلَدِهِ ضَعِيفَةٌ.

2143 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ بِهْرَامٍ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ زَوْجُ بِنْتِ الشَّعْبِيِّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْظَمُ النَّاسِ هَمًّا الْمُؤْمِنُ الَّذِي يَهُمُّ بِأَمْرِ دُنْيَاهُ وَآخِرَتِهِ» قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ تَفَرَّدَ بِهِ إِسْمَعِيلُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الَّذِي يَهْتَمُّ بِأَمْرِ دُنْيَاهُ وَأَمْرِ آخِرَتِهِ) فَإِنَّ هَمَّ كُلٍّ مِنْهُمَا بِانْفِرَادِهِ كَافٍ، فَكَيْفَ إِذَا اجْتَمَعَ الْهَمَّانِ؟! وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ بَهْرَامٍ.

2144 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ فَإِنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ رِزْقَهَا وَإِنْ أَبْطَأَ عَنْهَا فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ خُذُوا مَا حَلَّ وَدَعُوا مَا حَرُمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَإِنَّ نَفْسًا) مِنْ عُمُومِ النَّكِرَةِ فِي الْإِثْبَاتِ، أَوْ فِي النَّفْيِ بِنَاءً عَلَى اتِّحَادِهِ مَعَ ضَمِيرِ لَنْ تَمُوتَ، وَإِذَا أَبْطَأَ أَيْ: تَأَخَّرَ الرِّزْقُ (خُذُوا مَا حَلَّ. . . إِلَخْ) بَيَانٌ لِلْإِجْمَالِ فِي الطَّلَبِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ الْوَلِيدَ بْنَ مُسْلِمٍ وَابْنَ جُرَيْجٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا كَانَ يُدَلِّسُ، وَكَذَلِكَ أَبُو الزُّبَيْرِ وَقَدْ عَنْعَنُوهُ، لَكِنْ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، فَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ بِإِسْنَادَيْنِ عَنْ جَابِرٍ.

[باب التوقي في التجارة]

[بَاب التَّوَقِّي فِي التِّجَارَةِ] 2145 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي غَرَزَةَ قَالَ «كُنَّا نُسَمَّى فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّمَاسِرَةَ فَمَرَّ بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمَّانَا بِاسْمٍ هُوَ أَحْسَنُ مِنْهُ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ إِنَّ الْبَيْعَ يَحْضُرُهُ الْحَلِفُ وَاللَّغْوُ فَشُوبُوهُ بِالصَّدَقَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كُنَّا) أَيْ: مَعْشَرَ التُّجَّارِ (نُسَمَّى) بِنَاءِ الْمَفْعُولِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ بِتَقْدِيرِ نُسَمِّي (السَّمَاسِرَةَ) بِفَتْحِ السِّينِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ جَمْعُ سِمْسَارٍ بِكَسْرِ السِّينِ، وَهُوَ الْقَيِّمُ بِأَمْرِ الْبَيْعِ وَالْحَافِظُ لَهُ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: هُوَ اسْمٌ أَعْجَمِيٌّ، وَكَانَ فِيمَنْ يُعَالِجُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ فِيهِمُ الْعَجَمُ فَتَلَقَّوْا هَذَا الِاسْمَ عَنْهُمْ فَغَيَّرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالتُّجَّارِ الَّذِي هُوَ مِنَ الْأَسْمَاءِ الْعَرَبِيَّةِ قَوْلُهُ: (يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ) هُوَ بِضَمٍّ وَتَشْدِيدٍ أَوْ كَسْرٍ وَتَخْفِيفٍ (الْحَلِفُ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ، وَالْمُرَادُ الْكَاذِبَةُ

وَيَجُوزُ سُكُونُ لَامِهِ أَيْضًا (فَشُوبُوهُ) بِضَمِّ الشِّينِ أَمْرٌ مِنَ الشَّوْبِ بِمَعْنَى الْخَلْطِ، أَمَرَهُمْ بِذَلِكَ لِيَكُونَ كَفَّارَةً لِمَا يَجْرِي بَيْنَهُمْ مِنَ الْكَذِبِ وَغَيْرِهِ، وَالْمُرَادُ بِهَا صَدَقَةٌ غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ حَسْبَ تَضَاعِيفِ الْآثَامِ.

2146 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رِفَاعَةَ قَالَ «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ بُكْرَةً فَنَادَاهُمْ يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ فَلَمَّا رَفَعُوا أَبْصَارَهُمْ وَمَدُّوا أَعْنَاقَهُمْ قَالَ إِنَّ التُّجَّارَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فُجَّارًا إِلَّا مَنْ اتَّقَى اللَّهَ وَبَرَّ وَصَدَقَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فُجَّارًا) فَإِنَّ مِنْ عَادَتِهِمُ التَّدْلِيسَ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَالْأَيْمَانَ الْكَاذِبَةَ وَنَحْوَهَا، وَاسْتَثْنَى مَنِ اتَّقَى الْمَحَارِمَ، وَيُوَفِّي يَمِينَهُ، وَصَدَقَ فِي حَدِيثِهِ.

[باب إذا قسم للرجل رزق من وجه فليلزمه]

[بَاب إِذَا قُسِمَ لِلرَّجُلِ رِزْقٌ مِنْ وَجْهٍ فَلْيَلْزَمْهُ] 2147 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا فَرْوَةُ أَبُو يُونُسَ عَنْ هِلَالِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَصَابَ مِنْ شَيْءٍ فَلْيَلْزَمْهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ أَصَابَ مَالًا مِنْ شَيْءٍ) أَيْ: مِنْ وَجْهٍ وَسَبَبٍ، أَيْ: إِذَا فُتِحَ عَلَى الْعَبْدِ بَابُ الرِّزْقِ مِنْ سَبَبٍ، فَيَلْزَمُ ذَلِكَ السَّبَبَ وَلَا يَتْرُكُهُ إِلَى غَيْرِهِ؛ إِذْ كُلُّ سَبَبٍ لَا يُوَافِقُ كُلَّ عَبْدٍ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ فَرْوَةُ أَبُو يُونُسَ، وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، قَالَهُ الذَّهَبِيُّ فِي " الْكَاشِفِ ". وَقَالَ الْأَزْدِيُّ: ضَعِيفٌ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. وَهِلَالُ بْنُ جُبَيْرٍ الْبَصْرِيُّ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَقَالَ: وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ إِنْ كَانَ سَمِعَ مِنْهُ.

2148 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ «كُنْتُ أُجَهِّزُ إِلَى الشَّامِ وَإِلَى مِصْرَ فَجَهَّزْتُ إِلَى الْعِرَاقِ فَأَتَيْتُ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ فَقُلْتُ لَهَا يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ كُنْتُ أُجَهِّزُ إِلَى الشَّامِ فَجَهَّزْتُ إِلَى الْعِرَاقِ فَقَالَتْ لَا تَفْعَلْ مَا لَكَ وَلِمَتْجَرِكَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا سَبَّبَ اللَّهُ لِأَحَدِكُمْ رِزْقًا مِنْ وَجْهٍ فَلَا يَدَعْهُ حَتَّى يَتَغَيَّرَ لَهُ أَوْ يَتَنَكَّرَ لَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كُنْتُ أُجَهِّزُ) مِنَ التَّجْهِيزِ أَيْ: أُرْسِلُ (مَالَكَ وَلِمَتْجَرِكَ) أَيُّ شَيْءٍ جَرَى بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَتْجَرِكَ الْقَدِيمِ حَتَّى تَرَكْتَهُ وَأَرْسَلْتَ الْمَالَ إِلَى غَيْرِهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ؛ لِأَنَّ وَالِدَ أَبِي عَاصِمٍ اسْمُهُ مَخْلَدُ بْنُ الضَّحَّاكِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، قَالَ الْعُقَيْلِيُّ وَالنَّسَائِيُّ: لَا يُتَابَعُ عَلَى حَدِيثِهِ. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. وَالزُّبَيْرُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ الذَّهَبِيُّ: مَجْهُولٌ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ.

[باب الصناعات]

[بَاب الصِّنَاعَاتِ] 2149 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقُرَشِيُّ عَنْ جَدِّهِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أُحَيْحَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا رَاعِيَ غَنَمٍ قَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَأَنَا كُنْتُ أَرْعَاهَا لِأَهْلِ مَكَّةَ بِالْقَرَارِيطِ» قَالَ سُوَيْدٌ يَعْنِي كُلَّ شَاةٍ بِقِيرَاطٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِلَّا رَاعِي غَنَمٍ) اسْمُ فَاعِلٍ مِنَ الرَّعْيِ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ لِأَنَّ الْغَنَمَ أَكْثَرُ مِنَ الْمَوَاشِي انْتِشَارًا وَضَعْفًا فَرَاعِيهَا يَكُونُ أَقْدَرَ لِجَمْعِ الْمُتَفَرِّقِ وَأَعْرَفَ بِتَدْبِيرِهِ، وَيَكُونُ أَرَقَّ قَلْبًا يُرَاعِي الضَّعِيفَ وَجَمْعَ الْمُتَفَرِّقِ (بِالْقَرَارِيطِ) جَمْعُ قِيرَاطٍ عَلَى أَنَّ يَاءَهُ بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ، وَهُوَ مِنْ أَجْزَاءِ الدِّينَارِ وَهُوَ نِصْفُ عُشْرِهِ فِي أَكْثَرِ الْبِلَادِ، وَأَهْلُ الشَّامِ يَجْعَلُونَهُ جُزْءًا مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ.

2150 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيُّ وَالْحَجَّاجُ وَالْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ قَالُوا حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَ زَكَرِيَّا نَجَّارًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كَانَ نَجَّارًا) فَالْكَسْبُ الصَّالِحُ وَطَلَبُ الْحَلَالِ مَعَ التَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ دَأْبِ الْأَخْيَارِ.

2151 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ أَصْحَابَ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنَّ أَصْحَابَ الصُّوَرِ) الْمُرَادُ بِهَا تَمَاثِيلُ ذَوِي الْأَرْوَاحِ (يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) لِأَنَّهُمْ بِذَلِكَ ادَّعَوُا التَّشْبِيهَ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى فَيُعَذَّبُونَ لِذَلِكَ (وَيُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا) أَمْرٌ مِنَ الْإِحْيَاءِ، أَيْ: لِيَتِمَّ مَا ادَّعَيْتُمْ بِلِسَانِ الْحَالِ مِنَ التَّشْبِيهِ بِالْمَقَالِ.

2152 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ هَارُونَ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ فَرْقَدٍ السَّبَخِيِّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْذَبُ النَّاسِ الصَّبَّاغُونَ وَالصَّوَّاغُونَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الصَّبَّاغُونَ) أَيِ: الَّذِينَ يَصْبُغُونَ الثِّيَابَ (وَالصَّوَّاغُونَ) أَيِ: الَّذِينَ يَصِيغُونَ الْحُلِيَّ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِمُ الْكَذِبَ فِي الْمَوَاعِيدِ، وَهَذَا مَعْلُومٌ بِالتَّجْرِبَةِ، وَقِيلَ: أَرَادَ الَّذِينَ يَصْنَعُونَ الْكَلَامَ، يَصُوغُونَهُ أَيْ: يُغَيِّرُونَ مَا سَمِعُوا وَيَخْتَرِعُونَ غَيْرَهُ، وَأَصْلُ الصَّبْغِ التَّغْيِيرُ. رُوِيَ أَنَّهُ سُئِلَ أَبُو عُبَيْدَةَ مُدَّةً عَنْ تَفْسِيرِهِ فَقَالَ: الصَّبَّاغُ الَّذِي يَزِيدُ فِي الْحَدِيثِ مِنْ عِنْدِهِ يُزَيِّنُهُ بِهِ، وَأَمَّا الصَّائِغُ فَهُوَ الَّذِي يَصُوغُ الْحَدِيثَ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ بَعْدَ حِكَايَةِ كَلَامِ أَبِي عُبَيْدَةَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ الْعَامِلُ بِيَدِهِ، وَهِيَ صَرِيحٌ فِيمَا رُوِيَ فِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَإِنَّمَا نَسَبَهُ إِلَى الْكَذِبِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - لِكَثْرَةِ مَوَاعِيدِهِ الْكَاذِبَةِ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ لَا يَفِي بِهَا. قَالَ: وَفِي صِحَّةِ الْحَدِيثِ نَظَرٌ. كَذَا ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ وَفِي الزَّوَائِدِ

إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ فَرْقَدًا السَّبَخِيَّ، ضَعِيفٌ وَعُمَرَ بْنَ هَارُونَ كَذَّبَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ.

[باب الحكرة والجلب]

[بَاب الْحُكْرَةِ وَالْجَلْبِ] 2153 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَالِمِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَالِبُ مَرْزُوقٌ وَالْمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قِيلَ: الْحُكْرَةُ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ مَا جُمِعَ مِنَ الطَّعَامِ يُتَرَبَّصُ بِهِ الْغَلَاءُ وَالْحَكَرُ بِفَتْحَتَيْنِ مِثْلُهُ، وَفِي الصِّحَاحِ احْتِكَارُ الطَّعَامِ جَمْعُهُ وَحَبْسُهُ يُتَرَبَّصُ بِهِ الْغَلَاءُ، وَهُوَ الْحُكْرَةُ بِالضَّمِّ. قَوْلُهُ: (الْجَالِبُ. . . إِلَخْ) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ دُعَاءٌ لِلْأَوَّلِ وَعَلَى الثَّانِي، أَوْ إِخْبَارٌ بِأَنَّ الْأَوَّلَ يُبَارِكُ اللَّهُ لَهُ وَيُبْعِدُ الثَّانِي عَنْ رَحْمَتِهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جُدْعَانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

2154 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَضْلَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا يَحْتَكِرُ) هُوَ حَبْسُ الطَّعَامِ لِانْتِظَارِ الْغَلَاءِ بِهِ (إِلَّا خَاطِئٌ) هُوَ بِالْهَمْزِ بِمَعْنَى آثِمٍ، وَالْمَعْنَى: لَا يَجْتَرِئُ عَلَى هَذَا الْفِعْلِ الشَّنِيعِ إِلَّا مَنِ اعْتَادَ الْمَعْصِيَةَ، فَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهَا مَعْصِيَةٌ عَظِيمَةٌ لَا يَرْتَكِبُهَا الْإِنْسَانُ أَوَّلًا، وَإِنَّمَا يَرْتَكِبُهَا بَعْدَ الِاعْتِيَادِ وَبِالتَّدْرِيجِ، وَقَدِ اشْتُهِرَ الِاحْتِكَارُ فِي الطَّعَامِ بِحَيْثُ لَا يُفْهَمُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ غَيْرُهُ، وَلِذَلِكَ لَمَّا قِيلَ لِسَعِيدٍ بِأَنَّكَ تَحْتَكِرُ الطَّعَامَ، قَالَ: وَمَعْمَرٌ كَانَ يَحْتَكِرُ، أَيْ أَنَّ مَعْمَرًا الَّذِي هُوَ شَيْخِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَانَ يَحْتَكِرُ مِثْلَ احْتِكَارِي، يُرِيدُ أَنَّ فِعْلِي مِمَّا لَا يَشْمَلُهُ الِاحْتِكَارُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ فِي الْحَدِيثِ، إِذِ الْمُسْلِمُ لَا يُخَالِفُ أَمْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِ، وَإِنَّمَا الِاحْتِكَارُ مَخْصُوصٌ بِالْقُوتِ، وَكَانَ احْتِكَارُ سَعِيدٍ وَمَعْمَرٍ فِي غَيْرِهِ.

2155 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنِي أَبُو يَحْيَى الْمَكِّيُّ عَنْ فَرُّوخَ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ احْتَكَرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ طَعَامًا ضَرَبَهُ اللَّهُ بِالْجُذَامِ وَالْإِفْلَاسِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِلَّا ضَرَبَهُ اللَّهُ بِالْجُذَامِ وَالْإِفْلَاسِ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ مُوَثَّقُونَ أَبُو يَحْيَى الْمَكِّيُّ وَالْهَيْثَمُ بْنُ مَعِينٍ قَدْ ذَكَرَهَا ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَالْهَيْثَمُ بْنُ رَافِعٍ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَأَبُو دَاوُدَ وَأَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ وَاسْمُهُ عُبَيْدُ الْكَبِيرِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، احْتَجَّ بِهِ الشَّيْخَانِ، وَشَيْخُ ابْنُ مَاجَهْ يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا.

[باب أجر الراقي]

[بَاب أَجْرِ الرَّاقِي] 2156 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِيَاسٍ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثِينَ رَاكِبًا فِي سَرِيَّةٍ فَنَزَلْنَا بِقَوْمٍ فَسَأَلْنَاهُمْ أَنْ يَقْرُونَا فَأَبَوْا فَلُدِغَ سَيِّدُهُمْ فَأَتَوْنَا فَقَالُوا أَفِيكُمْ أَحَدٌ يَرْقِي مِنْ الْعَقْرَبِ فَقُلْتُ نَعَمْ أَنَا وَلَكِنْ لَا أَرْقِيهِ حَتَّى تُعْطُونَا غَنَمًا قَالُوا فَإِنَّا نُعْطِيكُمْ ثَلَاثِينَ شَاةً فَقَبِلْنَاهَا فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ الْحَمْدُ سَبْعَ مَرَّاتٍ فَبَرِئَ وَقَبَضْنَا الْغَنَمَ فَعَرَضَ فِي أَنْفُسِنَا مِنْهَا شَيْءٌ فَقُلْنَا لَا تَعْجَلُوا حَتَّى نَأْتِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا قَدِمْنَا ذَكَرْتُ لَهُ الَّذِي صَنَعْتُ فَقَالَ أَوَ مَا عَلِمْتَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ اقْتَسِمُوهَا وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْمًا» حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ عَنْ ابْنِ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ وَالصَّوَابُ هُوَ أَبُو الْمُتَوَكِّلِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنْ يَقْرُونَا) مِنْ قَرَيْتُ الضَّيْفَ إِذَا أَحْسَنْتُ إِلَيْهِ (فَلُدِغَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنْ لَدَغَتْهُ الْعَقْرَبُ قَوْلُهُ: (فَبَرِئَ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَهَمْزَةٍ، يُقَالُ: بَرِئْتُ مِنَ الْمَرَضِ (لَا تَعْجَلُوا) فِي الْقِسْمَةِ (أَوَمَا عَلِمْتَ) الظَّاهِرُ أَنَّ مَا زَائِدَةٌ أَيْ: أَفَعَلْتَ ذَلِكَ وَعَلِمْتَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ قَوْلُهُ: (وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ) قَالَهُ تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمْ وَلِبَيَانِ أَنَّهُ حَلَالٌ طَيِّبٌ.

[باب الأجر على تعليم القرآن]

[بَاب الْأَجْرِ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ] 2157 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ زِيَادٍ الْمَوْصِلِيُّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ «عَلَّمْتُ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ الْقُرْآنَ وَالْكِتَابَةَ فَأَهْدَى إِلَيَّ رَجُلٌ مِنْهُمْ قَوْسًا فَقُلْتُ لَيْسَتْ بِمَالٍ وَأَرْمِي عَنْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا فَقَالَ إِنْ سَرَّكَ أَنْ تُطَوَّقَ بِهَا طَوْقًا مِنْ نَارٍ فَاقْبَلْهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَلَّمْتُ نَاسًا) مِنَ التَّعْلِيمِ (لَيْسَتْ) أَيِ: الْقَوْسُ (بِمَالٍ) أَيْ: لَمْ يُعْهَدْ فِي الْعُرْفِ عَدُّ الْقَوْسِ عَنِ الْأُجْرَةِ فَأَخْذُهَا لَا يَضُرُّ قَوْلُهُ: (إِنْ سَرَّكَ إِلَخْ) دَلِيلٌ لِمَنْ يُحَرِّمُ أَخْذَ الْأُجْرَةِ عَلَى الْقُرْآنِ وَيَكْرَهُهُ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَرَخَّصَ فِيهِ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَهْلِ مَذْهَبِهِ كَذَا. قِيلَ: وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ هَدِيَّةٌ وَلَيْسَ بِأُجْرَةٍ مَشْرُوطَةٍ فِي التَّعْلِيمِ فَهُوَ مُبَاحٌ عِنْدَ الْكُلِّ،

وَحُرْمَتُهُ لَا تَسْتَقِيمُ عَلَى مَذْهَبٍ وَلَا يَتِمُّ قَوْلُ مَنْ يَقُولُ إِنَّهُ دَلِيلٌ لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ: الْأَوْلَى أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ الْحَدِيثَ مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ الرُّقْيَةِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَحَدِيثِ «إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى» وَأَيْضًا فِي سَنَدِهِ الْأَسْوَدُ بْنُ ثَعْلَبَةَ، وَهُوَ لَا نَعْرِفُهُ، قَالَهُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ كَمَا فِي الْمِيزَانِ لِلذَّهَبِيِّ اهـ. قُلْتُ: دَعْوَى النَّسْخِ يَحْتَاجُ إِلَى عِلْمِ التَّارِيخِ، وَقَالَ فِي حَاشِيَةِ أَبِي دَاوُدَ: أَخَذَ بِظَاهِرِهِ قَوْمٌ وَتَأَوَّلَهُ آخَرُونَ، وَقَالُوا: هُوَ مُعَارَضٌ بِحَدِيثِ «زَوَّجْتُكَهَا عَلَى مَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ» . وَحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ» . وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: رِجَالُهُ كُلُّهُمْ مَعْرُوفُونَ إِلَّا الْأَسْوَدُ بْنُ ثَعْلَبَةَ فَإِنَّا لَا نَحْفَظُ عَنْهُ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثَ، وَهُوَ حَدِيثٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ عَلَى عُبَادَةَ، وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي سَعِيدٍ أَصَحُّ إِسْنَادًا مِنْهُ، انْتَهَى. الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمُعَارَضَةِ تَقْدِيمُ الْمُحَرِّمِ، وَلَعَلَّهُمْ يَقُولُونَ ذَلِكَ عِنْدَ التَّسَاوِي، لَكِنَّ كَلَامَ أَبِي دَاوُدَ يُشِيرُ إِلَى دَفْعِ الْمُعَارَضَةِ بِأَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرَهُ فِي الطِّبِّ، وَحَدِيثَ عُبَادَةَ فِي التَّعْلِيمِ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَخْذُ الْأَجْرِ جَائِزًا فِي الطِّبِّ دُونَ التَّعْلِيمِ، وَأَجَابَ آخَرُونَ بِأَنَّ عُبَادَةَ كَانَ مُتَبَرِّعًا بِالتَّعْلِيمِ حِسْبَةً لِلَّهِ تَعَالَى، فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُضَيِّعَ أَجْرَهُ وَيُبْطِلَ حِسْبَتَهُ بِمَا يَأْخُذُهُ بِهِ، وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ أَنْ نَقْصِدَ بِهِ الْأُجْرَةَ ابْتِدَاءً وَيُشْتَرَطُ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: هَذَا تَهْدِيدٌ عَلَى فَوَاتِ الْعَزِيمَةِ وَالْإِخْلَاصِ، وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ كَانَ لِبَيَانِ الرُّخْصَةِ، كَذَا قَالُوا. قُلْتُ: لَفْظُ الْحَدِيثِ لَا يُوَافِقُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ التَّأَمُّلِ، أَوِ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُقَالُ: إِنَّ الْخِلَافَ فِي الْأُجْرَةِ، وَأَمَّا الْهَدِيَّةُ فَلَا خِلَافَ لِأَحَدٍ فِي جَوَازِهَا، فَالْحَدِيثُ مَتْرُوكٌ بِالْإِجْمَاعِ، لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ مَعْمُولٌ بِهِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ فِي الْأُجْرَةِ.

2158 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَلْمٍ عَنْ عَطِيَّةَ الْكَلَاعِيِّ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ «عَلَّمْتُ رَجُلًا الْقُرْآنَ فَأَهْدَى إِلَيَّ قَوْسًا فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنْ أَخَذْتَهَا أَخَذْتَ قَوْسًا مِنْ نَارٍ فَرَدَدْتُهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ (قَوْلُهُ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ. . . إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ مُضْطَرِبٌ قَالَهُ الذَّهَبِيُّ فِي تَرْجَمَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، وَقَالَ الْعَلَاءُ فِي الْمَرَاسِيلِ: عَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ الْكُلَاعِيُّ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مُرْسَلٌ.

[باب النهي عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن وعسب الفحل]

[بَاب النَّهْيِ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَمَهْرِ الْبَغِيِّ وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ وَعَسْبِ الْفَحْلِ] 2159 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَمَهْرِ الْبَغِيِّ وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ) ظَاهِرُهُ عَدَمُ جَوَازِ بَيْعِهِ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَجَوَّزَهُ الْحَنَفِيَّةُ وَحَمَلُوا

الْحَدِيثَ عَلَى غَيْرِ الْمَأْذُونِ بِهِ فِي الِاتِّخَاذِ، وَأَمَّا الْمُنْتَفَعُ بِهِ حِرَاسَةً أَوِ اصْطِيَادًا فَيَجُوزُ عِنْدَهُمْ. قَوْلُهُ: (وَمَهْرُ الْبَغِيِّ) بِفَتْحٍ فَتَشْدِيدٍ أَوْ كَسْرٍ فَتَشْدِيدِ يَاءٍ: الزَّانِيَةُ فَقِيلَ: يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ، وَمَهْرُهَا مَا تُعْطَى عَلَى الزِّنَا قَوْلُهُ: (وَحُلْوَانُ الْكَاهِنِ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ مَصْدَرُ حَلَوْتُهُ إِذَا أَعْطَيْتُهُ، وَالْمُرَادُ مَا يُعْطَى الْكَاهِنُ عَلَى أَنَّهُ يَتَكَهَّنُ، قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ. وَأَصْلُهُ مِنَ الْحَلَاوَةِ شَبَّهَ مَا يُعْطَى الْكَاهِنُ بِشَيْءٍ حُلْوٍ لِأَخْذِهِ إِيَّاهُ سَهْلًا دُونَ كُلْفَةٍ، يُقَالُ: حَلَوْتُ الرَّجُلَ إِذَا أَطْعَمْتُهُ الْحُلْوَ، وَيُقَالُ: لِلرِّشْوَةِ الْحُلْوَاتُ.

2160 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ طَرِيفٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَعَسْبِ الْفَحْلِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَعَسْبِ الْفَحْلِ) عَسْبُهُ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ مَاؤُهُ فَرَسًا كَانَ أَوْ بَعِيرًا أَوْ غَيْرُهُمَا ضِرَابُهُ، وَلَمْ يَنْهَ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، بَلْ عَنْ كِرَاءٍ يُؤْخَذُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ إِعَارَتَهُ مَنْدُوبٌ إِلَيْهَا فِي الْأَحَادِيثِ وَفِي الْمَنْعِ عَنْ إِعَارَتِهِ قَطْعُ النَّسْلِ فَهُوَ بِحَذْفِ الْمُضَافِ، أَيْ: كِرَاءُ عَسْبِهِ وَقِيلَ: يُقَالُ لِكِرَائِهِ: عَسْبٌ أَيْضًا.

2161 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ أَنْبَأَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ثَمَنِ السِّنَّوْرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ ثَمَنِ السِّنَّوْرِ) قِيلَ: يُحْمَلُ النَّهْيُ عَلَى التَّنْزِيهِ، وَفِي إِسْنَادِ الْمُصَنِّفِ ابْنُ لَهِيعَةَ، لَكِنَّ الْحَدِيثَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ آخَرَ، فَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: الْإِسْنَادُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ دُونَ الْبُخَارِيِّ، فَإِنَّ الْبُخَارِيَّ لَا يَحْتَجُّ بِرِوَايَةِ أَبِي سُفْيَانَ وَلَا بِرِوَايَةِ أَبِي الزُّبَيْرِ، وَلَعَلَّ مُسْلِمًا إِنَّمَا لَمْ يُخَرِّجْهُ فِي الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ وَكِيعًا رَوَاهُ عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ: قَالَ جَابِرٌ فَذَكَرَهُ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ الْأَعْمَشُ: أَرَى أَبَا سُفْيَانَ ذَكَرَهُ، فَالْأَعْمَشُ شَكَّ فِي أَصْلِ الْحَدِيثِ، فَصَارَ رِوَايَةُ أَبِي سُفْيَانَ بِذَلِكَ ضَعِيفَةً. قُلْتُ: وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِرِوَايَةِ أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ: «سَأَلْتُ جَابِرًا عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَالسِّنَّوْرِ، قَالَ: زَجَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ» . فَكَانَ مُرَادُ الْبَيْهَقِيِّ أَنَّهُ لَمْ يُخَرِّجْهُ بِرِوَايَةِ أَبِي سُفْيَانَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -. ثُمَّ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَقَدْ حَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْهِرِّ إِذَا تَوَحَّشَ فَلَمْ يُقْدَرْ عَلَى تَسْلِيمِهِ، وَزَعَمَ بَعْضٌ أَنَّ النَّهْيَ كَانَ ابْتِدَاءَ الْإِسْلَامِ حَيْثُ كَانَ مَحْكُومًا بِنَجَاسَتِهِ، ثُمَّ حِينَ صَارَ مَحْكُومًا بِطَهَارَةِ سُؤْرِهِ حَلَّ ثَمَنُهُ، وَلَا دَلِيلَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ. ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا بَأْسَ بِثَمَنِ السِّنَّوْرِ، وَقَالَ: إِذَا ثَبَتَ الْحَدِيثُ وَلَمْ يَثْبُتْ نَسْخُهُ لَا يُعَارِضُهُ قَوْلُ عَطَاءٍ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب كسب الحجام]

[بَاب كَسْبِ الْحَجَّامِ] 2162 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَأَعْطَاهُ أَجْرَهُ» تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ أَبِي عُمَرَ وَحْدَهُ قَالَهُ ابْن مَاجَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَأَعْطَاهُ) أَيِ: الْحَجَّامَ (أَجْرَهُ) بِهِ اسْتَدَلَّ الْجُمْهُورُ عَلَى جَوَازِ كَسْبِ الْحَجَّامِ.

2163 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ أَبُو حَفْصٍ الصَّيْرَفِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَادَةَ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَا حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَنِي فَأَعْطَيْتُ الْحَجَّامَ أَجْرَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَأَمَرَانِي. . . إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِ حَدِيثِ عَلِيٍّ عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَامِرٍ قَدْ تَرَكَهُ ابْنُ مَهْدِيٍّ وَالْقَطَّانُ وَضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُمَا.

2164 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَأَعْطَى الْحَجَّامَ أَجْرَهُ»

2165 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنِي الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَسْبِ الْحَجَّامِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ كَسْبِ الْحَجَّامِ) الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى التَّنْزِيهِ لِمُبَاشَرَتِهِ بِالشَّيْءِ النَّجِسِ، وَحَمَلَهُ أَحْمَدُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَقَالَ: لَا يَحِلُّ إِلَّا لِلْعَبْدِ وَنَحْوِهِ، وَبِهِ يَحْصُلُ التَّوْفِيقُ بَيْنَ أَحَادِيثِ الْبَابِ وَيَصِيرُ كُلُّ حَدِيثٍ مَعْمُولًا بِهِ فِي مَوْرِدِهِ؛ لِأَنَّ الَّذِي حَجَمَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَجْرَهُ كَانَ عَبْدًا اسْمُهُ أَبُو طَيْبَةَ، وَالْفَرْقُ قَدْ جَاءَ فِي حَدِيثِ مُحَيِّصَةَ - وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ -. وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ.

2166 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ حَرَامِ بْنِ مُحَيِّصَةَ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَسْبِ الْحَجَّامِ فَنَهَاهُ عَنْهُ فَذَكَرَ لَهُ الْحَاجَةَ فَقَالَ اعْلِفْهُ نَوَاضِحَكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ابْنُ مُحَيِّصَةَ) بِضَمِّ مِيمٍ وَفَتْحِ حَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَسُكُونِ الْيَاءِ أَوْ تَشْدِيدِ الْيَاءِ الْمَكْسُورَةِ قَوْلُهُ: (نَوَاضِحَكَ) جَمْعُ نَاضِحَةٍ وَهِيَ النَّاقَةُ الَّتِي يُسْقَى عَلَيْهَا الْمَاءُ، أَيِ: اجْعَلْهُ عَلَفًا لَهَا، وَجَاءَ فِي رِوَايَةِ الْحَدِيثِ إِطْعَامُ الْعَبِيدِ أَيْضًا، وَبِهِ يَحْصُلُ التَّوْفِيقُ بَيْنَ أَحَادِيثِ الْبَابِ كَمَا تَقَدَّمَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب ما لا يحل بيعه]

[بَاب مَا لَا يَحِلُّ بَيْعُهُ] 2167 - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ الْمِصْرِيُّ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ أَنَّهُ قَالَ قَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ وَهُوَ بِمَكَّةَ إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَصْنَامِ فَقِيلَ لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ شُحُومَ الْمَيْتَةِ فَإِنَّهُ يُدْهَنُ بِهَا السُّفُنُ وَيُدْهَنُ بِهَا الْجُلُودُ وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ قَالَ لَا هُنَّ حَرَامٌ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ الشُّحُومَ فَأَجْمَلُوهُ ثُمَّ بَاعُوهُ فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ) أَيْ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، أَوِ

الضَّمِيرُ لِلَّهِ، وَرَسُولُهُ بِتَقْدِيرِ وَبَلَّغَ، أَوْ بَيَّنَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ حَرَّمَ، أَوْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، أَوْ لِلرَّسُولِ، وَذُكِرَ اللَّهُ لِلتَّعْظِيمِ قَوْلُهُ: (وَالْأَصْنَامَ) وَكَانُوا يَعْمَلُونَهَا مِنْ نُحَاسٍ وَغَيْرِهِ وَيَبِيعُونَهَا، فَانْظُرْ إِلَى سَخَافَةِ عُقُولٍ تَتَّخِذُ أَرْبَابًا يَبِيعُونَهَا فِي الْأَسْوَاقِ. قَوْلُهُ: (وَيَسْتَصْبِحُ بِهِ النَّاسُ) أَيْ: يُنَوِّرُونَ مَصَابِيحَهُمْ (لَا هُنَّ حَرَامٌ) أَيْ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ (هُنَّ) أَيِ: الشُّحُومُ (حَرَامٌ) أَيْ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ بَيْعًا وَانْتِفَاعًا قَوْلُهُ: (قَاتَلَ اللَّهُ) أَيْ: لَعَنَهُمْ أَوْ قَتَلَهُمْ وَصِيغَةُ الْمُفَاعَلَةِ لِلْمُبَالَغَةِ. (فَأَجْمِلُوهُ) مِنْ أَجْمَلَ الشَّحْمَ: أَذَابَهُ وَاسْتَخْرَجَ دُهْنَهُ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: مَعْنَاهُ أَذَابُوهَا حَتَّى تَصِيرَ وَدَكًا فَيَزُولَ عَنْهَا اسْمُ الشَّحْمِ، وَفِي هَذَا إِبْطَالُ كُلِّ حِيلَةٍ يُتَوَصَّلُ بِهَا إِلَى مُحَرَّمٍ بِتَغَيُّرٍ، وَأَنَّهُ لَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُهُ بِتَغْيِيرِ هَيْئَتِهِ وَتَبْدِيلِ اسْمِهِ.

2168 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ الْإِفْرِيقِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْمُغَنِّيَاتِ وَعَنْ شِرَائِهِنَّ وَعَنْ كَسْبِهِنَّ وَعَنْ أَكْلِ أَثْمَانِهِنَّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ بَيْعِ الْمُغَنِّيَاتِ) أَيِ: الْجَوَارِي الَّتِي عَادَتُهُنَّ الْغِنَاءُ (وَعَنْ كَسْبِهِنَّ) أَيْ: عَمَّا يَكْسِبْنَ بِالْغِنَاءِ، وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اتِّخَاذَ الْغِنَاءِ عَادَةً مَذْمُومٌ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب ما جاء في النهي عن المنابذة والملامسة]

[بَاب مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ الْمُنَابَذَةِ وَالْمُلَامَسَةِ] 2169 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعَتَيْنِ عَنْ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ بَيْعَتَيْنِ) الْمَشْهُورُ فَتْحُ الْبَاءِ وَجُوِّزَ الْكَسْرُ عَلَى أَنَّ الْبِنَاءَ لِلْمَفْعُولِ، وَالْمُنَابَذَةَ أَنْ يَجْعَلَ عَقْدَ الْبَيْعِ نَبْذَ الْمَبِيعِ، أَوْ يَجْعَلَ النَّبْذَ قَاطِعًا لِلْخِيَارِ بَعْدَ الْبَيْعِ، أَوْ قَاطِعًا لِكُلِّ خِيَارٍ، أَقْوَالٌ، وَالْمُلَامَسَةُ أَنْ يَجْعَلَ اللَّمْسَ كَذَلِكَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

2170 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَسَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ» زَادَ سَهْلٌ قَالَ سُفْيَانُ الْمُلَامَسَةُ أَنْ يَلْمِسَ الرَّجُلُ بِيَدِهِ الشَّيْءَ وَلَا يَرَاهُ وَالْمُنَابَذَةُ أَنْ يَقُولَ أَلْقِ إِلَيَّ مَا مَعَكَ وَأُلْقِي إِلَيْكَ مَا مَعِي

[باب لا يبيع الرجل على بيع أخيه ولا يسوم على سومه]

[بَاب لَا يَبِيعُ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَلَا يَسُومُ عَلَى سَوْمِهِ] 2171 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَبِيعُ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا يَبِيعُ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ) بِصِيغَةِ النَّفْيِ، لَكِنْ يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى النَّهْيِ كَمَا جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ، ثُمَّ قِيلَ: الْمُرَادُ بِالْبَيْعِ السَّوْمُ وَالنَّهْيُ لِلْمُشْتَرِينَ دُونَ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا يَكَادُ يَدْخُلُ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنَّمَا الْمَشْهُورُ زِيَادَةُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْمُشْتَرَى، وَقِيلَ: يُحْتَمَلُ الْحَمْلُ عَلَى ظَاهِرِهِ، فَيُمْنَعُ الْبَائِعُ أَنْ يَبِيعَ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، وَهُوَ أَنْ يَعْرِضَ سِلْعَتَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي الرَّاكِنِ إِلَى شِرَاءِ سِلْعَةِ غَيْرِهِ وَهُوَ أَرْخَصُ وَأَجْوَدُ لِيُزَهِّدَهُ فِي شِرَاءِ سِلْعَةِ الْغَيْرِ، قَالَ عِيَاضٌ: وَهُوَ الْأَوْلَى. قُلْتُ: وَيُؤَيِّدُهُ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ حِينَ عَطَفَ السَّوْمَ فِيهِ عَلَى الْبَيْعِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

2172 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَبِيعُ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَلَا يَسُومُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ»

[باب ما جاء في النهي عن النجش]

[بَاب مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ النَّجْشِ] 2173 - قَرَأْتُ عَلَى مُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيِّ عَنْ مَالِكٍ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو حُذَافَةَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ النَّجْشِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنِ النَّجْشِ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ وَهُوَ أَنْ يَمْدَحَ السِّلْعَةَ لِيُرَوِّجَهَا، أَوْ يَزِيدَ فِي الثَّمَنِ وَلَا يُرِيدُ شِرَاءَهَا لِيَضُرَّ بِذَلِكَ غَيْرَهُ.

2174 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَسَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَنَاجَشُوا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا تَنَاجَشُوا) جِيءَ بِالتَّفَاعُلِ لِأَنَّ التُّجَّارَ يَتَعَارَضُونَ، فَيَفْعَلُ هَذَا بِصَاحِبِهِ عَلَى أَنْ يُكَافِئَهُ بِمِثْلِ مَا فَعَلَ، فَنُهُوا عَنْ أَنْ يَفْعَلُوا مُعَارَضَةً فَضْلًا عَنْ أَنْ يَفْعَلَ بَدْأً - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب النهي أن يبيع حاضر لباد]

[بَاب النَّهْيِ أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ] 2175 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا يَبِيعُ حَاضِرٌ) هُوَ الْمُقِيمُ بِالْبَلْدَةِ وَالْبَادِي الْبَدْوِيُّ، وَهُوَ أَنْ يَبِيعَ الْحَاضِرُ مَالَ الْبَادِي نَفْعًا لَهُ بِأَنْ يَكُونَ دَلَّالًا لَهُ، وَذَلِكَ يَتَضَمَّنُ الْغَرَرَ فِي حَقِّ الْحَاضِرِينَ؛ فَإِنَّهُ لَوْ تُرِكَ الْبَادِي عَادَةً بَاعَهُ رَخِيصًا، وَقِيلَ: هُوَ أَنْ

لَا يَبِيعَ الْحَاضِرُ مَتَاعَهُ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ، بَلْ يَبِيعُهُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ طَمَعًا فِي غَلَاءِ ثَمَنِ مَتَاعِهِ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْبَادِيَةِ مَعَ قِلَّةِ مَعْرِفَتِهِمْ يَقْضُونَ حَوَائِجَهُمْ عَلَى اسْتِعْجَالٍ فَيَأْخُذُونَ الشَّيْءَ غَالِيًا، وَعَلَى هَذَا فَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ " لِبَادٍ " بِمَعْنَى مِنْ، وَلَا يَخْفَى بُعْدُهُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

2176 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ»

2177 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ» قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ مَا قَوْلُهُ حَاضِرٌ لِبَادٍ قَالَ لَا يَكُونُ سِمْسَارًا

[باب النهي عن تلقي الجلب]

[بَاب النَّهْيِ عَنْ تَلَقِّي الْجَلَبِ] 2178 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَلَقَّوْا الْأَجْلَابَ فَمَنْ تَلَقَّى مِنْهُ شَيْئًا فَاشْتَرَى فَصَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ إِذَا أَتَى السُّوقَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا تَلَقَّوُا الْأَجْلَابَ) جَمْعُ جَلَبٍ أُرِيدَ بِهَا الْأَمْتِعَةُ الْمَجْلُوبَةُ الَّتِي يَأْتِي بِهَا الرُّكْبَانُ إِلَى الْبَلْدَةِ لِيَبِيعُوا فِيهَا، وَتَلَقِّيهَا: اسْتِقْبَالُهَا، أَوْ فِي اسْتِقْبَالِهَا تَضْيِيقٌ عَلَى أَهْلِ السُّوقِ وَغَدْرٌ بِالْجَلَّابِينَ عَادَةً، فَلَا يَنْبَغِي وَلَا يَحِلُّ الْغَدْرُ بِهِمْ، أَثْبَتَ الشَّارِعُ لَهِمُ الْخِيَارَ إِذَا أَتَوُا السُّوقَ.

2179 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ تَلَقِّي الْجَلَبِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ تَلَقِّي الْجَلَبِ) هُوَ بِفَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِهَا مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْمَجْلُوبِ مِنْ مَحَلٍّ إِلَى غَيْرِهِ يُبَاعُ فِيهِ.

2180 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَحَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ تَلَقِّي الْبُيُوعِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ تَلَقِّي الْبُيُوعِ) جَمْعُ بَيْعٍ بِمَعْنَى الْمَبِيعِ وَالْمُرَادُ الْمَبِيعَاتُ الْمَجْلُوبَةُ كَمَا تَقَدَّمَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب البيعان بالخيار ما لم يفترقا]

[بَاب الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا] 2181 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ الْمِصْرِيُّ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا تَبَايَعَ الرَّجُلَانِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا وَكَانَا جَمِيعًا أَوْ يُخَيِّرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَإِنْ خَيَّرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَتَبَايَعَا عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ وَإِنْ تَفَرَّقَا بَعْدَ أَنْ تَبَايَعَا وَلَمْ يَتْرُكْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا الْبَيْعَ فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذَا تَبَايَعَا الرَّجُلَانِ) أَيْ: جَرَى الْعَقْدُ بَيْنَهُمَا (بِالْخِيَارِ) أَيْ: لِكُلٍّ مِنْهُمَا خِيَارُ فَسْخِ الْبَيْعِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا عَنِ الْمَجْلِسِ بِالْأَبْدَانِ، وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَهُوَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ، وَقِيلَ:

الْمُرَادُ إِذَا تَبَايَعَ الرَّجُلَانِ إِذَا تَسَاوَمَا وَجَرَى بَيْنَهُمَا كَلَامُ الْبَيْعِ، وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا بِلَا إِيجَابٍ وَقَبُولٍ فَهُمَا بِالْخِيَارِ، إِذْ يَجُوزُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَرْجِعَ عَنِ الْعَقْدِ. قَوْلُهُ: (مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا) بِالْأَقْوَالِ وَهُوَ الْفَرَاغُ عَنِ الْعَقْدِ فَصَارَ حَاصِلُهُ لَهُمَا الْخِيَارُ قَبْلَ تَمَامِ الْعَقْدِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْخِيَارَ قَبْلَ تَمَامِ الْعَقْدِ ضَرُورِيٌّ، وَلَا فَائِدَةَ فِي قِيَامِهِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ حَمْلِ الْبَيْعِ عَلَى السَّوْمِ وَحَمْلِ التَّفَرُّقِ عَلَى الْأَقْوَالِ، وَكُلُّ ذَلِكَ لَا يَخْلُو عَنْ بُعْدٍ عَلَى أَنَّ قَوْلُهُ: " وَكَانَا. . . " إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ يَأْبَى هَذَا الْحَمْلَ جِدًّا وَهُوَ ظَاهِرٌ (أَوْ يُجِيزَ) بِالنَّصْبِ بِمَعْنَى إِلَّا أَنْ يُجِيزَ أَوْ بِالْجَزْمِ بِالْعَطْفِ عَلَى يَتَفَرَّقَا، أَيْ أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ فِي الْمَجْلِسِ: اخْتَرْ، فَقَالَ: اخْتَرْتُ، فَلَا خِيَارَ قَبْلَ التَّفَرُّقِ، وَهَذَا لَا يَتِمُّ إِلَّا عَلَى مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ الْقَائِلِينَ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ. وَفِي الْجُمْلَةِ فَهَذَا الْحَدِيثُ قَاطِعٌ فِي ثُبُوتِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ، وَلَا يُحْتَمَلُ تَأْوِيلُ مَنْ خَالَفَ فِيهِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

2182 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ وَأَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي الْوَضِيءِ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا»

2183 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَإِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا»

[باب بيع الخيار]

[بَاب بَيْعِ الْخِيَارِ] 2184 - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى وَأَحْمَدُ بْنُ عِيسَى الْمِصْرِيَّانِ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «اشْتَرَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ رَجُلٍ مِنْ الْأَعْرَابِ حِمْلَ خَبَطٍ فَلَمَّا وَجَبَ الْبَيْعُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اخْتَرْ فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ عَمْرَكَ اللَّهَ بَيِّعًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حِمْلَ خَبَطٍ) الْحِمْلُ - بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ - مَا كَانَ عَلَى ظَهْرٍ أَوْ رَأْسٍ، وَالْخَبَطُ - بِفَتْحَتَيْنِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ - اسْمٌ مِنَ الْخَبْطِ بِسُكُونِ الثَّانِي وَهُوَ ضَرْبُ الشَّجَرِ بِالْعَصَا لِيَتَنَاثَرَ وَرَقُهَا، وَاسْمُ الْوَرَقِ السَّاقِطِ - بِفَتْحَتَيْنِ - وَهُوَ مِنْ عَلَفِ الْإِبِلِ (اخْتَرْ) أَيِ: الثَّمَنَ أَيِ: الْمَبِيعَ قَوْلُهُ: (عَمَّرَكَ اللَّهُ) مِنَ التَّعْمِيرِ أَيْ: طَوَّلَ عُمْرَكَ، أَوْ أَصْلَحَ حَالَكَ (بَيِّعًا) بِفَتْحٍ فَتَشْدِيدِ يَاءٍ مَكْسُورَةٍ تَمْيِيزٌ أَيْ: مِنْ بَيْعٍ كَأَنَّهُ رَضِيَ بِهَذَا الْقَوْلِ فَمَدَحَهُ بِأَنَّهُ خَيْرُ بَيْعٍ وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُدْعَى لَهُ بِأَنَّهُ خَيْرُ بَيْعٍ، وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُدْعَى لَهُ بِالتَّعْمِيرِ.

2185 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ صَالِحٍ الْمَدِينِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ) يَدُلُّ ظَاهِرُهُ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ الْمُكْرَهِ لِعَدَمِ التَّرَاضِي، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ مَوْثُوقُونَ، رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب البيعان يختلفان]

[بَاب الْبَيِّعَانِ يَخْتَلِفَانِ] 2186 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَا حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَنْبَأَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ بَاعَ مِنْ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ رَقِيقًا مِنْ رَقِيقِ الْإِمَارَةِ فَاخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ بِعْتُكَ بِعِشْرِينَ أَلْفًا وَقَالَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ إِنَّمَا اشْتَرَيْتُ مِنْكَ بِعَشْرَةِ آلَافٍ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ إِنْ شِئْتَ حَدَّثْتُكَ بِحَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ هَاتِهِ قَالَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا اخْتَلَفَ الْبَيِّعَانِ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا بَيِّنَةٌ وَالْبَيْعُ قَائِمٌ بِعَيْنِهِ فَالْقَوْلُ مَا قَالَ الْبَائِعُ أَوْ يَتَرَادَّانِ الْبَيْعَ قَالَ فَإِنِّي أَرَى أَنْ أَرُدَّ الْبَيْعَ فَرَدَّهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذَا اخْتَلَفَ الْبَيِّعَانِ) بِفَتْحٍ فَتَشْدِيدِ يَاءٍ مَكْسُورَةٍ أَيْ: إِذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ أَوْ فِي شَرْطِ الْخِيَارِ مَثَلًا، يَحْلِفُ الْبَائِعُ عَلَى مَا أَنْكَرَ ثُمَّ يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ أَنْ يَرْضَى بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ الْبَائِعُ وَبَيْنَ الْمَبِيعِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب النهي عن بيع ما ليس عندك وعن ربح ما لم يضمن]

[بَاب النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ وَعَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ] 2187 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي بِشْرٍ قَالَ سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ مَاهَكَ يُحَدِّثُ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قَالَ «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ الرَّجُلُ يَسْأَلُنِي الْبَيْعَ وَلَيْسَ عِنْدِي أَفَأَبِيعُهُ قَالَ لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ) قِيلَ: هُوَ بَيْعُ الْآبِقِ وَمَالِ الْغَيْرِ بِلَا إِذْنِهِ، أَوِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ مَالِ الْغَيْرِ بِلَا إِذْنِهِ مَوْقُوفًا، وَمَنَعَهُ الشَّافِعِيُّ لِهَذَا الْحَدِيثِ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: يُرِيدُ بَيْعَ الْعَيْنِ دُونَ بَيْعِ الصِّفَةِ. اهـ يَعْنِي أَنَّ الْمُرَادَ بَيْعُ الْعَيْنِ دُونَ الدَّيْنِ كَمَا فِي مُسْلِمٍ، فَإِنَّ مَدَارَهُ عَلَى الضَّعْفِ، وَهَذَا جَائِزٌ فِيمَا لَيْسَ عِنْدَ الْإِنْسَانِ بِالْإِجْمَاعِ.

2188 - حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ مَرْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَا حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحِلُّ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ وَلَا رِبْحُ مَا لَمْ يُضْمَنْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَلَا رِبْحُ مَا لَمْ يُضْمَنْ) هُوَ رِبْحُ مَبِيعٍ اشْتَرَاهُ فَبَاعَهُ قَبْلَ أَنْ يَنْتَقِلَ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ إِلَى ضَمَانِ الْقَبْضِ.

2189 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ عَنْ لَيْثٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ قَالَ «لَمَّا بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَكَّةَ نَهَاهُ عَنْ شِفِّ مَا لَمْ يُضْمَنْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ شِفِّ مَا لَمْ يُضْمَنْ) فِي الصِّحَاحِ

الشِّفُّ بِالْكَسْرِ أَيْ وَتَشْدِيدِ الْفَاءِ الْفَضْلُ وَالرِّبْحُ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ: " «نَهَى عَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ» ". وَقَوْلُهُ: " مَا لَمْ يُضْمَنْ " عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ ضَعِيفٌ وَمُدَلِّسٌ، وَعَطَاءٌ هُوَ ابْنُ أَبِي رَبَاْحٍ لَمْ يُدْرِكْ عَتَّابًا، - وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ -.

[باب إذا باع المجيزان فهو للأول]

[بَاب إِذَا بَاعَ الْمُجِيزَانِ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ] 2190 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَوْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَيُّمَا رَجُلٍ بَاعَ بَيْعًا مِنْ رَجُلَيْنِ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ مِنْهُمَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (هُوَ لِلْأَوَّلِ مِنْهُمَا) أَيِ: الْأَوَّلِ مِنَ الْمُشْتَرِيَيْنِ.

2191 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ الْعَسْقَلَانِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا بَاعَ الْمُجِيزَانِ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذَا بَاعَ الْمُجِيزَانِ) بِجِيمٍ وَمُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ وَزَايٍ مُعْجَمَةٍ قَالَ فِي النِّهَايَةِ: الْمُجِيزُ الْوَلِيُّ وَالْقَيِّمُ بِأَمْرِ الْيَتِيمِ وَالصَّغِيرِ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ قَوْلُهُ: (فَهُوَ لِلْأَوَّلِ) أَيِ: الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَلِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ حِينَ يَنْفُذُ فِيهِ تَصَرُّفُهُ دُونَ تَصَرُّفِ الثَّانِي - وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ -.

[باب بيع العربان]

[بَاب بَيْعِ الْعُرْبَانِ] 2192 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ قَالَ بَلَغَنِي عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْعُرْبَانِ»

2193 - حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ الرُّخَامِيُّ حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ أَبُو مُحَمَّدٍ كَاتِبُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ الْأَسْلَمِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْعُرْبَانِ «قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ الْعُرْبَانُ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ دَابَّةً بِمِائَةِ دِينَارٍ فَيُعْطِيَهُ دِينَارَيْنِ عُرْبُونًا فَيَقُولُ إِنْ لَمْ أَشْتَرِ الدَّابَّةَ فَالدِّينَارَانِ لَكَ وَقِيلَ» يَعْنِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ الشَّيْءَ فَيَدْفَعَ إِلَى الْبَائِعِ دِرْهَمًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَيَقُولَ إِنْ أَخَذْتُهُ وَإِلَّا فَالدِّرْهَمُ لَكَ

[باب النهي عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر]

[بَاب النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ وَعَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ] 2194 - حَدَّثَنَا مُحْرِزُ بْنُ سَلَمَةَ الْعَدَنِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ وَعَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ (بَابُ بَيْعِ الْعُرْبَانِ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، وَيُقَالُ: فِيهِ عُرْبُونُ بِالضَّمِّ أَيْضًا سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِيهِ إِعْرَابًا لِعَقْدِ الْبَيْعِ أَيْ: إِصْلَاحًا وَإِزَالَةَ فَسَادٍ لِئَلَّا يَمْلِكَهُ بِاشْتِرَائِهِ، وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ هَذَا الْبَيْعُ بَاطِلٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَجَازَ هَذَا الْبَيْعَ، وَيُرْوَى - أَيْضًا - عَنْ عُمَرَ. وَمَالَ أَحْمَدُ إِلَى الْقَوْلِ بِإِجَازَتِهِ وَضَعَّفَ الْحَدِيثَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مُنْقَطِعٌ يُقَالُ: رَوَاهُ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شُعَيْبٍ بَلَاغًا.

قَوْلُهُ: (عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ) هُوَ مَا كَانَ لَهُ ظَاهِرٌ يَغُرُّ الْمُشْتَرِيَ وَبَاطِنٌ مَجْهُولٌ، أَوْ مَا كَانَ بِغَيْرِ عُهْدَةٍ وَلَا ثِقَةٍ وَيَدْخُلُ فِيهِ بُيُوعٌ كَثِيرَةٌ مِنْ كُلِّ مَجْهُولٍ وَبَيْعِ الْآبِقِ وَالْمَعْدُومِ وَغَيْرِ الْمَقْدُورِ التَّسْلِيمِ وَأَفْرَدَ بَعْضَهَا بِالنَّهْيِ لِكَوْنِهِ مِنْ مَشَاهِيرِ بُيُوعِ الْجَاهِلِيَّةِ. وَقَدْ ذَكَرَ أَنَّ الْغَرَرَ الْقَلِيلَ وَالضَّرُورِيَّ مُسْتَثْنًى مِنَ الْحَدِيثِ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ عَلَى الْأَشْهَرِ مَعَ تَفَاوُتِ الْأَشْهُرِ فِي الْأَيَّامِ، كَمَا فِي الدُّخُولِ فِي الْحَمَّامِ مَعَ تَفَاوُتِ النَّاسِ فِي صَبِّ الْمَاءِ وَالْمُكْثِ فِيهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَعَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ) هُوَ أَنْ يَقُولَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ: إِذَا نَبَذْتُ إِلَيْكَ الْحَصَاةَ فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ، وَقَبْلَ ذَلِكَ لِيَ الْخِيَارُ فَهَذَا يَتَضَمَّنُ إِثْبَاتَ خِيَارٍ إِلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ، أَوْ هُوَ أَنْ يَرْمِيَ حَصَاةً فِي قَطِيعِ غَنَمٍ فَأَيُّ شَاةٍ أَصَابَهَا كَانَتْ مَبِيعَةً، وَهُوَ يَتَضَمَّنُ جَهَالَةَ الْمَبِيعِ، وَقِيلَ: هُوَ أَنْ يَجْعَلَ الرَّمْيَ هُوَ الْعَقْدُ، وَهُوَ عَقْدٌ مُخَالِفٌ لِعُقُودِ الشَّرْعِ فَإِنَّهُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَالتَّعَاطِي لَا بِالرَّمْيِ.

2195 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَالْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ عُتْبَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَهَى. . . إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ أَيُّوبُ بْنُ عُتْبَةَ ضَعِيفٌ - وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ -.

[باب النهي عن شراء ما في بطون الأنعام وضروعها وضربة الغائص]

[بَاب النَّهْيِ عَنْ شِرَاءِ مَا فِي بُطُونِ الْأَنْعَامِ وَضُرُوعِهَا وَضَرْبَةِ الْغَائِصِ] 2196 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَعِيلَ حَدَّثَنَا جَهْضَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَمَانِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْبَاهِلِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ الْعَبْدِيِّ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شِرَاءِ مَا فِي بُطُونِ الْأَنْعَامِ حَتَّى تَضَعَ وَعَمَّا فِي ضُرُوعِهَا إِلَّا بِكَيْلٍ وَعَنْ شِرَاءِ الْعَبْدِ وَهُوَ آبِقٌ وَعَنْ شِرَاءِ الْمَغَانِمِ حَتَّى تُقْسَمَ وَعَنْ شِرَاءِ الصَّدَقَاتِ حَتَّى تُقْبَضَ وَعَنْ ضَرْبَةِ الْغَائِصِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ شِرَاءِ مَا فِي بُطُونِ الْأَنْعَامِ) فَقَدْ يَكُونُ رِيحًا أَوْ يَخْرُجُ مَيِّتًا (إِلَّا بِكَيْلٍ) إِذْ بِدُونِ الْكَيْلِ يَخْتَلِطُ مِلْكُ الْمُشْتَرِيَ بِمِلْكِ الْبَائِعِ لِزِيَادَةِ اللَّبَنِ شَيْئًا عَلَى الدَّوَامِ (وَهُوَ آبِقٌ) إِذْ قَدْ لَا يَرْجِعُ (حَتَّى تُقْسَمَ) إِذْ لَا يَتَعَيَّنُ لِكُلِّ غَانِمٍ إِلَّا حِينَئِذٍ (وَعَنْ ضَرْبَةِ الْغَائِصِ) فِي النِّهَايَةِ هُوَ أَنْ يَقُولَ الْغَائِصُ فِي

الْبَحْرِ لِلتَّاجِرِ أَغُوصُ غَوْصَةً، فَمَا أَخْرَجْتُهُ فَهُوَ لَكَ بِكَذَا؛ نَهَى عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ غَرَرٌ.

2197 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حَبَلِ الْحَبَلَةِ) هُوَ بِفَتْحَتَيْنِ وَمَعْنَاهُمَا مَحْبُولُ الْمَحْبُولَةِ فِي الْحَالِ عَلَى أَنَّهُمَا مَصْدَرَانِ أُرِيدَ بِهِمَا الْمَفْعُولُ وَالتَّاءُ فِي الثَّانِي هِيَ إِشَارَةٌ إِلَى الْأُنُوثَةِ، وَفِي تَفْسِيرِهِ اخْتِلَافٌ، فَقِيلَ: هُوَ بَيْعُ وَلَدِ وَلَدِ النَّاقَةِ أَيِ: الْحَامِلِ فِي الْحَالِ بِأَنْ يَقُولَ: إِذَا وَلَدَتِ النَّاقَةُ، ثُمَّ وَلَدَتِ الَّتِي فِي بَطْنِهَا فَقَدْ بِعْتُكَ وَلَدَهَا، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنَ اللَّفْظِ لِإِضَافَةِ الْبَيْعِ إِلَى الْحَبَلَةِ، وَفَسَادُ هَذَا الْبَيْعِ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ فَهُوَ غَرَرٌ. وَالْمَرْوِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنْ يُبَاعَ شَيْءٌ مَا وَيُجْعَلَ أَجَلُ ثَمَنِهِ إِلَّا أَنْ تُنْتِجَ النَّاقَةُ، ثُمَّ تُنْتِجُ مَا فِي بَطْنِهَا فَفَسَادُ الْبَيْعِ لِجَهَالَةِ الْأَجَلِ وَإِضَافَةِ الْبَيْعِ حِينَئِذٍ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ، قُلْتُ: وَأَقْرَبُ عَلَى تَقْدِيرِ الْحَمْلِ عَلَى التَّأْجِيلِ أَنَّ الْأَوَّلَ مَصْدَرٌ وَالثَّانِي بِمَعْنَى الْمَحْبُولَةِ، أَيْ: إِلَى أَنْ تَحْبَلَ الْمَحْبُولَةُ الَّتِي فِي بَطْنِ أُمِّهَا فِي الْحَالِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ الْحَبَلَ هُوَ الْمَبِيعُ أَنَّ الْأَوَّلَ بِمَعْنَى الْمَحْبُولِ، وَالثَّانِي بِمَعْنَى الْمَحْبُولَةِ أَيْ: بَيْعُ وَلَدِ الَّتِي فِي بَطْنِ أُمِّهَا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب بيع المزايدة]

[بَاب بَيْعِ الْمُزَايَدَةِ] 2198 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا الْأَخْضَرُ بْنُ عَجْلَانَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ فَقَالَ لَكَ فِي بَيْتِكَ شَيْءٌ قَالَ بَلَى حِلْسٌ نَلْبَسُ بَعْضَهُ وَنَبْسُطُ بَعْضَهُ وَقَدَحٌ نَشْرَبُ فِيهِ الْمَاءَ قَالَ ائْتِنِي بِهِمَا قَالَ فَأَتَاهُ بِهِمَا فَأَخَذَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ مَنْ يَشْتَرِي هَذَيْنِ فَقَالَ رَجُلٌ أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ قَالَ مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا قَالَ رَجُلٌ أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ فَأَعْطَاهُمَا إِيَّاهُ وَأَخَذَ الدِّرْهَمَيْنِ فَأَعْطَاهُمَا الْأَنْصَارِيَّ وَقَالَ اشْتَرِ بِأَحَدِهِمَا طَعَامًا فَانْبِذْهُ إِلَى أَهْلِكَ وَاشْتَرِ بِالْآخَرِ قَدُومًا فَأْتِنِي بِهِ فَفَعَلَ فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَدَّ فِيهِ عُودًا بِيَدِهِ وَقَالَ اذْهَبْ فَاحْتَطِبْ وَلَا أَرَاكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَجَعَلَ يَحْتَطِبُ وَيَبِيعُ فَجَاءَ وَقَدْ أَصَابَ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ فَقَالَ اشْتَرِ بِبَعْضِهَا طَعَامًا وَبِبَعْضِهَا ثَوْبًا ثُمَّ قَالَ هَذَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَجِيءَ وَالْمَسْأَلَةُ نُكْتَةٌ فِي وَجْهِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَصْلُحُ إِلَّا لِذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ أَوْ لِذِي غُرْمٍ مُفْظِعٍ أَوْ دَمٍ مُوجِعٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حِلْسٌ) بِكَسْرِ حَاءٍ مُهْمَلَةٍ كِسَاءٌ يَلِي ظَهْرَ الْبَعِيرِ يُفْرَشُ تَحْتَ الْقَتَبِ قَوْلُهُ: (فَانْبِذْهُ) أَيْ: أَلْقِهِ (قَدُومًا) بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَخْفِيفِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَجُوِّزَ تَشْدِيدُهَا قَوْلُهُ: (نُكْتَةً) كَالنُّقْطَةِ (مُدْقِعٍ) بِدَالٍ وَعَيْنٍ مُهْمَلَتَيْنِ بَيْنَهُمَا قَافٌ، أَيْ: شَدِيدٍ يُفْضِي بِصَاحِبِهِ إِلَى الدُّقَاعِ وَهُوَ التُّرَابُ (وَالْغُرْمُ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ

وَالْمُفْظِعُ بِظَاءٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ: فَظِيعٌ شَنِيعٌ قَوْلُهُ: (أَوْ دَمٍ مُوجِعٍ) هُوَ أَنْ يَتَحَمَّلَ دِيَةً فَيَسْعَى فِيهَا حَتَّى يُؤَدِّيَهَا إِلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ، فَإِنْ لَمْ يُؤَدِّهَا قُتِلَ الْمُحْتَمِلُ عَنْهُ فَيُوجِعُهُ قَتْلُهُ - وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ -.

[باب الإقالة]

[بَاب الْإِقَالَةِ] 2199 - حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ يَحْيَى أَبُو الْخَطَّابِ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ سُعَيْرٍ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَقَالَ مُسْلِمًا أَقَالَهُ اللَّهُ عَثْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ أَقَالَ مُسْلِمًا) أَيْ: وَافَقَهُ عَلَى نَقْضِ الْبَيْعِ وَالْإِقَالَةِ تَجْرِي فِي الْبَيْعَةِ وَالْعَهْدِ أَيْضًا قَوْلُهُ: (أَقَالَ اللَّهُ عَثْرَتَهُ) أَيْ: يُزِيلُ ذَنْبَهُ وَيَغْفِرُ لَهُ خَطِيئَتَهُ - وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ -.

[باب من كره أن يسعر]

[بَاب مَنْ كَرِهَ أَنْ يُسَعِّرَ] 2200 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ قَتَادَةَ وَحُمَيْدٌ وَثَابِتٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «غَلَا السِّعْرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ غَلَا السِّعْرُ فَسَعِّرْ لَنَا فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الرَّازِقُ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَلْقَى رَبِّي وَلَيْسَ أَحَدٌ يَطْلُبُنِي بِمَظْلَمَةٍ فِي دَمٍ وَلَا مَالٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (غَلَى السِّعْرُ) بِالْكَسْرِ الَّذِي يَغْرَمُ عَلَيْهِ الثَّمَنُ (فَسَعِّرْ) بِالتَّشْدِيدِ أَيْ: عَيِّنِ السِّعْرَ لَنَا (هُوَ الْمُسَعِّرُ) الَّذِي يُرَخِّصُ الْأَشْيَاءَ وَيُغَلِّيهَا أَيْ: فَمَنْ سَعَّرَ فَقَدْ نَازَعَهُ فِيمَا لَهُ تَعَالَى وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُنَازِعَ (بِمَظْلِمَةٍ) بِكَسْرِ اللَّامِ هِيَ مَا تَطْلُبُهُ مِنْ عِنْدَ الظَّالِمِ مِمَّا أَخَذَهُ مِنْكَ، وَقَدْ تُفْتَحُ اللَّامُ وَتُضَمُّ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ التَّسْعِيرَ تَصَرُّفٌ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ بِغَيْرِ إِذْنِ أَهْلِهَا، فَيَكُونُ ظُلْمًا فَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُسَعِّرَ، لَكِنْ يَأْمُرُهُمْ بِالْإِنْصَافِ وَالشَّفَقَةِ عَلَى الْخَلْقِ وَالنَّصِيحَةِ.

2201 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ «غَلَا السِّعْرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا لَوْ قَوَّمْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أُفَارِقَكُمْ وَلَا يَطْلُبَنِي أَحَدٌ مِنْكُمْ بِمَظْلَمَةٍ ظَلَمْتُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَوْ قُوِّمْتَ) بِكَسْرِ الْوَاوِ، أَيْ: وُضِعَتْ لِكُلِّ نَوْعٍ مِنَ الطَّعَامِ قِيمَةٌ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ اخْتَلَطَ بِآخِرِهِ، لَكِنَّ عَبْدَ الْأَعْلَى الشَّامِيَّ رَوَى عَنْهُ قَبْلَ الِاخْتِلَاطِ. وَمُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ الذَّهَبِيُّ: رَوَى لَهُ الْبُخَارِيُّ مَقْرُونًا بِغَيْرِهِ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ: رُبَّمَا أَخْطَأَ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ.

[باب السماحة في البيع]

[بَاب السَّمَاحَةِ فِي الْبَيْعِ] 2202 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ الْبَلْخِيُّ أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ فَرُّوخَ قَالَ قَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدْخَلَ اللَّهُ الْجَنَّةَ رَجُلًا كَانَ سَهْلًا بَائِعًا وَمُشْتَرِيًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (سَهْلًا) أَيْ: سَمْحًا لَيِّنًا يَمِيلُ إِلَى مَا يُرِيدُ مِنْهُ صَاحِبُهُ فِي الْأَجَلِ وَغَيْرِهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ رِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ عَطَاءَ بْنَ فَرُّوخٍ لَمْ يَلْقَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَالَهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ فِي الْعِلَلِ.

2203 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحِمَ اللَّهُ عَبْدًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ سَمْحًا إِذَا اشْتَرَى سَمْحًا إِذَا اقْتَضَى» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذَا اقْتَضَى) أَيْ: مَا لَهُ مِنَ الْخَلْقِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب السوم]

[بَاب السَّوْمِ] 2204 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ شَبِيبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ قَيْلَةَ أُمِّ بَنِي أَنْمَارٍ قَالَتْ «أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ عُمَرِهِ عِنْدَ الْمَرْوَةِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي امْرَأَةٌ أَبِيعُ وَأَشْتَرِي فَإِذَا أَرَدْتُ أَنْ أَبْتَاعَ الشَّيْءَ سُمْتُ بِهِ أَقَلَّ مِمَّا أُرِيدُ ثُمَّ زِدْتُ ثُمَّ زِدْتُ حَتَّى أَبْلُغَ الَّذِي أُرِيدُ وَإِذَا أَرَدْتُ أَنْ أَبِيعَ الشَّيْءَ سُمْتُ بِهِ أَكْثَرَ مِنْ الَّذِي أُرِيدُ ثُمَّ وَضَعْتُ حَتَّى أَبْلُغَ الَّذِي أُرِيدُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَفْعَلِي يَا قَيْلَةُ إِذَا أَرَدْتِ أَنْ تَبْتَاعِي شَيْئًا فَاسْتَامِي بِهِ الَّذِي تُرِيدِينَ أُعْطِيتِ أَوْ مُنِعْتِ وَإِذَا أَرَدْتِ أَنْ تَبِيعِي شَيْئًا فَاسْتَامِي بِهِ الَّذِي تُرِيدِينَ أَعْطَيْتِ أَوْ مَنَعْتِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي بَعْضِ عُمَرِهِ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ جَمْعُ عُمْرَةٍ (أَنْ أَبْتَاعَ) أَيْ: أَشْتَرِيَ (سُمْتُ) مِنَ السَّوْمِ (أُعْطِيتِ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ بِخِطَابِ الْأُنْثَى، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ انْقِطَاعٌ. قَالَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ: ابْنُ خُثَيْمٍ عَنْ قَيْلَةَ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْكَاشِفِ: قَيْلَةُ أُمُّ رُومَانَ رَوَى عَنْهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ مُرْسَلًا انْتَهَى.

2205 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةٍ فَقَالَ لِي أَتَبِيعُ نَاضِحَكَ هَذَا بِدِينَارٍ وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَكَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ نَاضِحُكُمْ إِذَا أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ قَالَ فَتَبِيعُهُ بِدِينَارَيْنِ وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَكَ قَالَ فَمَا زَالَ يَزِيدُنِي دِينَارًا دِينَارًا وَيَقُولُ مَكَانَ كُلِّ دِينَارٍ وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَكَ حَتَّى بَلَغَ عِشْرِينَ دِينَارًا فَلَمَّا أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ أَخَذْتُ بِرَأْسِ النَّاضِحِ فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا بِلَالُ أَعْطِهِ مِنْ الْغَنِيمَةِ عِشْرِينَ دِينَارًا وَقَالَ انْطَلِقْ بِنَاضِحِكَ فَاذْهَبْ بِهِ إِلَى أَهْلِكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (نَاضِحَكِ) أَيْ: جَمَلَكِ (هُوَ نَاضِحُكُمْ) فِيهِ اسْتِعْمَالُ الْجَمْعِ فِي الْخِطَابِ لِلتَّعْظِيمِ وَهُوَ قَلِيلٌ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ الْقَدِيمَةِ (فَتَبِيعُهُ بِدِينَارٍ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ ظَهَرَ لَهُ الشِّرَاءُ بِأَزْيَدَ ثَانِيًا وَثَالِثًا وَهَكَذَا، إِلَّا أَنَّهُ أَرَادَ الشِّرَاءَ بِالزَّائِدِ إِلَّا أَنَّهُ ذَكَرَ النَّاقِصَ أَوَّلًا، ثُمَّ زَادَ كَمَا هُوَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ فِي الْحَدِيثِ

الْمُتَقَدِّمِ (مِنَ الْغَنِيمَةِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْ خُمُسِ الْغَنِيمَةِ.

2206 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَسَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ قَالَا حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى أَنْبَأَنَا الرَّبِيعُ بْنُ حَبِيبٍ عَنْ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ السَّوْمِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعَنْ ذَبْحِ ذَوَاتِ الدَّرِّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ السَّوْمِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) عَنِ الِاشْتِغَالِ بِالتِّجَارَةِ فِي هَذَا الْوَقْتِ الشَّرِيفِ الَّذِي حَقُّهُ أَنْ يُصْرَفَ فِي ذِكْرِ اللَّهِ - تَعَالَى - فَالْمُرَادُ بِالسَّوْمِ أَنْ يُسَاوِمَ سِلْعَتَهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّوْمِ الرَّعْيُ أَيْ: نَهَى عَنْ رَعْيِ الْإِبِلِ فِي هَذَا الْوَقْتِ لِأَنَّهُ قَدْ يُصِيبُهَا مِنَ الْوَبَاءِ، وَذَلِكَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْإِبِلِ قَوْلُهُ: (ذَوَاتِ الدَّرِّ) بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِهَا مَعَ الرَّاءِ أَيْ: ذَوَاتِ اللَّبَنِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ نَوْفَلُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَالرَّبِيعُ بْنُ حَبِيبٍ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب ما جاء في كراهية الأيمان في الشراء والبيع]

[بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ الْأَيْمَانِ فِي الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ] 2207 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ قَالُوا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بِالْفَلَاةِ يَمْنَعُهُ ابْنَ السَّبِيلِ وَرَجُلٌ بَايَعَ رَجُلًا سِلْعَةً بَعْدَ الْعَصْرِ فَحَلَفَ بِاللَّهِ لَأَخَذَهَا بِكَذَا وَكَذَا فَصَدَّقَهُ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا لَا يُبَايِعُهُ إِلَّا لِدُنْيَا فَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا وَفَى لَهُ وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا لَمْ يَفِ لَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا يُكَلِّمُهُمْ. . . إِلَخْ) كِنَايَةٌ عَنِ الْغَضَبِ (يَمْنَعُهُ ابْنَ السَّبِيلِ) يُفِيدُ ذَمَّ مَنْعِ ابْنِ السَّبِيلِ فَلَا يَدْخُلُ فِي مَنْعِ زَرْعِ الْغَيْرِ وَلَا يَلْزَمُهُ الْبَذْلُ فِيهِ (بَعْدَ الْعَصْرِ) لِلْمُبَالَغَةِ فِي الذَّمِّ؛ لِأَنَّهُ وَقْتٌ يَتُوبُ فِيهِ الْمُقَصِّرُ تَمَامَ النَّهَارِ وَيَسْتَعْمِلُ فِيهِ الْمُوَفَّقُ الذِّكْرَ وَنَحْوَهُ فَالْمَعْصِيَةُ فِي مِثْلِهِ أَقْبَحُ (وَفَّى لَهُ) أَيْ: مَا عَلَيْهِ مِنَ الطَّاعَةِ مَعَ أَنَّ الْوَفَاءَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ مُطْلَقًا.

2208 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ الْمَسْعُودِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُدْرِكٍ عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُدْرِكٍ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فَقُلْتُ مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَدْ خَابُوا وَخَسِرُوا قَالَ الْمُسْبِلُ إِزَارَهُ وَالْمَنَّانُ عَطَاءَهُ وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ. . . إِلَخْ) الْكَلَامُ مَسُوقٌ لِإِفَادَةِ كَمَالِ الْغَضَبِ عَلَيْهِمْ وَإِلَّا فَلَا

يَغِيبُ أَحَدٌ عَنْ نَظَرِهِ - تَعَالَى - فَقَوْلُهُ: " {وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ} [آل عمران: 77] " أَيْ: تَلَطُّفًا وَرَحْمَةً، وَقَوْلُهُ: وَلَا يُزَكِّيهِمْ أَيْ: لَا يُطَهِّرُهُمْ عَنْ دَنَسِ الذُّنُوبِ بِالْمَغْفِرَةِ، أَوْ لَا يُثْنِي عَلَيْهِمْ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَالْكُلُّ مُقَيَّدٌ بِأَوَّلِ الْأَحْوَالِ لَا بِالدَّوَامِ، ثُمَّ هَذَا بَيَانُ مَا يَسْتَحِقُّونَهُ وَفَضْلُ اللَّهِ أَوْسَعُ، فَقَدْ قَالَ: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] قَوْلُهُ: (الْمُسْبِلُ) أَيْ: مِنَ السَّبَلِ أَيْ: مَا يُطَوِّلُ ثَوْبَهُ وَيُرْسِلُهُ إِلَى الْأَرْضِ إِذَا مَشَى، وَاللَّفْظُ مُطْلَقٌ إِلَّا أَنَّ بَعْضَ الرِّوَايَاتِ تُفِيدُ تَقْيِيدَهُ بِمَا إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ تَكَبُّرًا، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَأَمْرُهُ أَخَفُّ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -. (وَالْمَنَّانُ عَطَاءَهُ) أَيْ: يَمُنُّ بِمَا أَعْطَى وَهَذَا إِذَا لَمْ يُعْطِ شَيْئًا إِلَّا مَنَّهُ كَمَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ (وَالْمُنْفِقُ) مِنَ التَّنْفِيقِ أَوِ الْإِنْفَاقِ بِمَعْنَى التَّرْوِيجِ إِلَّا أَنَّ الْمَشْهُورَ رِوَايَةً هُوَ الْأَوَّلُ (سِلْعَتَهُ) بِكَسْرِ السِّينِ أَيْ: مَتَاعَهُ.

2209 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى ح وَحَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَقَ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاكُمْ وَالْحَلِفَ فِي الْبَيْعِ فَإِنَّهُ يُنَفِّقُ ثُمَّ يَمْحَقُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْحَلِفِ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ أَوْ سُكُونٍ (فَإِنَّهُ) أَيِ: الْحَلِفُ، وَالْمُرَادُ الْكَاذِبُ أَوْ مُطْلَقًا (ثُمَّ يَمْحَقُ) مِنَ الْمَحْقِ وَهُوَ الْمَحْوُ أَيْ: يُزِيلُ الْبَرَكَةَ.

[باب ما جاء فيمن باع نخلا مؤبرا أو عبدا له مال]

[بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ بَاعَ نَخْلًا مُؤَبَّرًا أَوْ عَبْدًا لَهُ مَالٌ] 2210 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ قَالَ حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ اشْتَرَى نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ» حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَقَدْ أُبِّرَتْ) مِنَ التَّأْبِيرِ وَهُوَ التَّلْقِيحُ، وَهُوَ أَنْ يَشُقَّ طَلْعَ الْإِنَاثِ وَيُؤْخَذُ مِنْ طَلْعِ الذُّكُورِ فَيُوضَعَ بِهَا لِيَكُونَ الثَّمَرُ - بِإِذْنِ اللَّهِ - أَجْوَدَ مَا لَمْ يُؤَبِّرِ الْمُبْتَاعُ، أَيِ: الْمُشْتَرِي.

2211 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ح وَحَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ جَمِيعًا عَنْ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرَتُهَا لِلَّذِي بَاعَهَا إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ وَمَنْ ابْتَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَلَهُ مَالٌ) هِيَ إِضَافَةٌ مَجَازِيَّةٌ عِنْدَ غَالِبِ الْعُلَمَاءِ كَإِضَافَةِ السَّرْجِ إِلَى الْفَرَسِ؛ لِأَنَّ

الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ وَلِذَلِكَ أُضِيفَ حَقِيقَةً فِي الْمَحَلَّيْنِ وَقِيلَ: الْمَالُ لِلْعَبْدِ لَكِنْ لِلسَّيِّدِ حَقُّ النَّزْعِ مِنْهُ.

2212 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ بَاعَ نَخْلًا وَبَاعَ عَبْدًا جَمَعَهُمَا جَمِيعًا»

2213 - حَدَّثَنَا عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ خَالِدٍ النُّمَيْرِيُّ أَبُو الْمُغَلِّسِ حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ حَدَّثَنِي إِسْحَقُ بْنُ يَحْيَى ابْنِ الْوَلِيدِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَمَرِ النَّخْلِ لِمَنْ أَبَّرَهَا إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ وَأَنَّ مَالَ الْمَمْلُوكِ لِمَنْ بَاعَهُ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَضَى رَسُولُ اللَّهِ. . . إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ الْوَلِيدِ وَأَيْضًا لَمْ يُدْرِكْ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ، قَالَهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ.

[باب النهي عن بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها]

[بَاب النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا] 2214 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَبِيعُوا الثَّمَرَةَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا نَهَى الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا تَبِيعُوا الثَّمَرَةَ) أَيْ: بِدُونِ الشَّجَرَةِ.

2215 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى الْمِصْرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَبِيعُوا الثَّمَرَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ»

2216 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ»

2217 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ حَتَّى تَزْهُوَ وَعَنْ بَيْعِ الْعِنَبِ حَتَّى يَسْوَدَّ وَعَنْ بَيْعِ الْحَبِّ حَتَّى يَشْتَدَّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حَتَّى تَزْهُوَ) بِالْوَاوِ مِنْ زَهَا يَزْهُو إِذَا ظَهَرَ الثَّمَرُ وَصَلَاحُهُ (وَعَنْ بَيْعِ الْحَبِّ حَتَّى يَشْتَدَّ) أَرَادَ بِالْحَبِّ الطَّعَامَ كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَاشْتِدَادَ قُوَّتِهِ وَصَلَابَتِهِ، ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ.

[باب بيع الثمار سنين والجائحة]

[بَاب بَيْعِ الثِّمَارِ سِنِينَ وَالْجَائِحَةِ] 2218 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَتِيقٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ السِّنِينَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ بَيْعِ السِّنِينَ) هُوَ أَنْ يَبِيعَ ثَمَرَةَ نَخْلَةٍ أَوْ نَخَلَاتٍ بِأَعْيَانِهَا سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، فَإِنَّهُ

يَبِيعُ شَيْئًا لَا وُجُودَ لَهُ حَالَ الْعَقْدِ.

2219 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ بَاعَ ثَمَرًا فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَلَا يَأْخُذْ مِنْ مَالِ أَخِيهِ شَيْئًا عَلَامَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (جَائِحَةٌ) أَيْ: آفَةٌ تُهْلِكُ الثَّمَرَةَ (عَلَامَ) أَيْ: عَلَى أَيِّ شَيْءٍ أَيْ: لِأَجْلِ أَيِّ وَجْهٍ، أَوْ فِي مُقَابَلَةِ أَيِّ شَيْءٍ، وَظَاهِرُهُ حُرْمَةُ الْأَخْذِ وَوُجُوبُ وَضْعِ الْجَائِحَةِ، وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ الْحَدِيثِ، قَالُوا: وَضْعُ الْجَائِحَةِ لَازِمٌ بِقَدْرِ مَا هَلَكَ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: هُوَ لِنَدْبِ الْوَضْعِ مِنْ طَرِيقِ الْمَعْرُوفِ وَالْإِحْسَانِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ تَأْبَى ذَلِكَ جِدًّا، وَقِيلَ: الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا هَلَكَ قَبْلَ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ إِلَى الْمُشْتَرِي، فَإِنَّهُ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ بِخِلَافِ مَا هَلَكَ بَعْدَ التَّسْلِيمِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ قَدْ خَرَجَ عَنْ عُهْدَةِ الْبَائِعِ بِالتَّسْلِيمِ إِلَى الْمُشْتَرِي فَلَا يَلْزَمُهُ مَا يَعْتَرِيهِ بَعْدَهُ، وَاسْتُدِلَّ عَلَى ذَلِكَ بِمَا رَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ: «أَنَّ رَجُلًا أُصِيبَ فِي ثِمَارٍ ابْتَاعَهَا فَكَثُرَ دَيْنُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: تَصَدَّقُوا عَلَيْهِ.» وَلَوْ كَانَتِ الْجَوَائِحُ مَوْضُوعَةً لَمْ يَصِرْ مَدْيُونًا بِسَبَبِهَا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب الرجحان في الوزن]

[بَاب الرُّجْحَانِ فِي الْوَزْنِ] 2220 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ قَالُوا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ «جَلَبْتُ أَنَا وَمَخْرَفَةُ الْعَبْدِيُّ بَزًّا مِنْ هَجَرَ فَجَاءَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَاوَمَنَا سَرَاوِيلَ وَعِنْدَنَا وَزَّانٌ يَزِنُ بِالْأَجْرِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا وَزَّانُ زِنْ وَأَرْجِحْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مِنْ هَجَرَ) بِفَتْحَتَيْنِ اسْمُ بَلَدٍ قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ لِأَبِي دَاوُدَ: ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اشْتَرَى السَّرَاوِيلَ وَلَمْ يَلْبَسْهَا، وَفِي الْهُدَى لِابْنِ الْقَيِّمِ أَنَّهُ لَبِسَهَا فَقِيلَ: هُوَ سَبْقُ قَلَمٍ، لَكِنْ فِي مُسْنَدِ أَبِي يَعْلَى وَالْأَوْسَطِ لِلطَّبَرَانِيِّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «دَخَلْتُ يَوْمًا السُّوقَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَلَسَ إِلَى الْبَزَّازِينَ فَاشْتَرَى مِنْهُمْ سَرَاوِيلَ بِأَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ، وَكَانَ لِأَهْلِ السُّوقِ وَزَّانٌ فَقَالَ لَهُ: زِنْ وَأَرْجِحْ، وَأَخَذَ السَّرَاوِيلَ، فَذَهَبْتُ لِأَحْمِلَ عَنْهُ فَقَالَ: صَاحِبُ الشَّيْءِ أَحَقُّ بِشَيْئِهِ أَنْ يَحْمِلَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ضَعِيفًا يَعْجِزُ عَنْهُ فَيُعِينُهُ أَخُوهُ الْمُسْلِمُ "، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنَّكَ لَتَلْبَسُ السَّرَاوِيلَ، فَقَالَ: أَجَلْ

فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ، وَبِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، فَإِنِّي أُمِرْتُ بِالسِّتْرِ فَلَمْ أَجِدْ شَيْئًا أَسْتَرَ مِنْهُ» .

2221 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكًا أَبَا صَفْوَانَ بْنَ عُمَيْرَةَ قَالَ «بِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِجْلَ سَرَاوِيلَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ فَوَزَنَ لِي فَأَرْجَحَ لِي»

2222 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا وَزَنْتُمْ فَأَرْجِحُوا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذَا وَزَنْتُمْ فَأَرْجِحُوا) مِنَ الْإِرْجَاحِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ.

[باب التوقي في الكيل والوزن]

[بَاب التَّوَقِّي فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ] 2223 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرِ بْنِ الْحَكَمِ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَقِيلِ بْنِ خُوَيْلِدٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنِي يَزِيدُ النَّحْوِيُّ أَنَّ عِكْرِمَةَ حَدَّثَهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ كَانُوا مِنْ أَخْبَثِ النَّاسِ كَيْلًا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: 1] فَأَحْسَنُوا الْكَيْلَ بَعْدَ ذَلِكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كَانُوا) أَيْ: أَهْلَ الْمَدِينَةِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ؛ لِأَنَّ مَحْمُودَ بْنَ عَقِيلٍ وَعَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ مُخْتَلَفٌ فِيهِمَا وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ.

[باب النهي عن الغش]

[بَاب النَّهْيِ عَنْ الْغِشِّ] 2224 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ يَبِيعُ طَعَامًا فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ فَإِذَا هُوَ مَغْشُوشٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ مِنَّا مَنْ غَشَّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ غَشَّ) الْغِشُّ بِالْكَسْرِ هُوَ ضِدُّ النُّصْحِ مِنَ الْغَشَشِ، وَهُوَ الْمَشْرُوبُ الْكَدِرُ أَيْ: لَيْسَ عَلَى خُلُقِنَا وَسُنَّتِنَا.

2225 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ أَبِي دَاوُدَ عَنْ أَبِي الْحَمْرَاءِ قَالَ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِجَنَبَاتِ رَجُلٍ عِنْدَهُ طَعَامٌ فِي وِعَاءٍ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ فَقَالَ لَعَلَّكَ غَشَشْتَ مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِجَنَبَاتِ رَجُلٍ) أَيْ: حَوَالَيْهِ، ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ. وَفِي الزَّوَائِدِ فِي سَنَدِهِ أَبُو دَاوُدَ هَذَا هُوَ نُفَيْعُ بْنُ الْحَرْثِ الْأَعْمَى أَحَدُ الضُّعَفَاءِ الْمَتْرُوكِينَ، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَبُو الْحَمْرَاءِ اتَّفَقُوا عَلَى ضَعْفِهِ وَكَذَّبَهُ بَعْضُهُمْ، قَالُوا وَأَجْمَعُوا عَلَى تَرْكِ الرِّوَايَةِ عَنْهُ، وَنَسَبَهُ ابْنُ مَعِينٍ إِلَى الْوَضْعِ، نَعَمْ لِلْمَتْنِ شَاهِدٌ تَقَدَّمَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب النهي عن بيع الطعام قبل ما لم يقبض]

[بَاب النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلُ مَا لَمْ يُقْبَضْ] 2226 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ»

2227 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى اللَّيْثِيُّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ح وَحَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ الضَّرِيرُ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ قَالَ أَبُو عَوَانَةَ فِي حَدِيثِهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ مِثْلَ الطَّعَامِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَلَا يَبِيعُهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الطَّعَامَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِيمَا عَدَاهُ، فَقَالَ مَالِكٌ: هُوَ فِي الطَّعَامِ فَقَطْ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ

وَمُحَمَّدٌ: بَلْ هُوَ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ: إِنَّهُ فِيمَا سِوَى الطَّعَامِ قَوْلُهُ: (وَأَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ مِثْلَ الطَّعَامِ) تَخْصِيصُ الطَّعَامِ بِالذِّكْرِ لِلِاهْتِمَامِ لِكَوْنِهِ مَدَارَ التَّقْوَى وَلِكَثْرَةِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ.

2228 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يَجْرِيَ فِيهِ الصَّاعَانِ صَاعُ الْبَائِعِ وَصَاعُ الْمُشْتَرِي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ) أَيْ: إِذَا بَاعَ الطَّعَامَ بِالْكَيْلِ مَنِ اشْتَرَاهُ بِهِ فَلَا يَصِحُّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يَقْبِضَهُ أَوَّلًا بِالْكَيْلِ، ثُمَّ يَكِيلَ لِمَنِ اشْتَرَى مِنْهُ، فَحُمِلَ الْحَدِيثُ عَلَى مَا إِذَا كَانَ مِنَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بِالْكَيْلِ لَا بِالْمُجَازَفَةِ، وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ كَمَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ بِالْكَيْلِ، كَذَا لَا يَصِحُّ الِاكْتِفَاءُ فِي الْبَيْعِ الثَّانِي بِالْبَيْعِ بِالْكَيْلِ الْأَوَّلِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ كَيْلٍ آخَرَ عِنْدَ الْبَيْعِ الثَّانِي، وَأَمَّا إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مُجَازَفَةً فَلَا حَاجَةَ إِلَى الْكَيْلِ أَصْلًا وَقَالَ: بَلْ إِذَا كَانَ الشِّرَاءُ الْأَوَّلُ بِالْكَيْلِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يُجْرِيَ فِيهِ صَاعَ مَنِ اشْتَرَى مِنْهُ وَصَاعَهُ. وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[باب بيع المجازفة]

[بَاب بَيْعِ الْمُجَازَفَةِ] 2229 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «كُنَّا نَشْتَرِي الطَّعَامَ مِنْ الرُّكْبَانِ جِزَافًا فَنَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَبِيعَهُ حَتَّى نَنْقُلَهُ مِنْ مَكَانِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (جِزَافًا) مُثَلَّثُ الْجِيمِ وَالْكَسْرُ أَفْصَحُ هُوَ الْمَجْهُولُ الْقَدْرِ مَكِيلًا كَانَ أَوْ مَوْزُونًا قَوْلُهُ: (حَتَّى تَنْقُلَهُ مِنْ مَكَانِهِ) أَيْ: لِيَتِمَّ الْقَبْضُ عَلَى وَجْهٍ.

2230 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ وَرْدَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ «كُنْتُ أَبِيعُ التَّمْرَ فِي السُّوقِ فَأَقُولُ كِلْتُ فِي وَسْقِي هَذَا كَذَا فَأَدْفَعُ أَوْسَاقَ التَّمْرِ بِكَيْلِهِ وَآخُذُ شِفِّي فَدَخَلَنِي مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِذَا سَمَّيْتَ الْكَيْلَ فَكِلْهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي وَسْقٍ) بِفَتْحِ وَاوٍ وَسُكُونِ سِينٍ: مِقْدَارٌ مُعَيَّنٌ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ كَانَ بَيْعًا بِكَيْلِ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ، وَيَقُولُ لِلْمُشْتَرِي: إِنِّي كِلْتُ فِيهِ عِنْدَ الشِّرَاءِ قَدْرَ هَذَا مِنَ الْكَيْلِ وَلَا يَكِيلُ لَهُ، وَالْمُشْتَرِي يَعْتَمِدُ عَلَى قَوْلِهِ، فَيَأْخُذُهُ مِنْ غَيْرِ كَيْلٍ جَدِيدٍ، فَأَشَارَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْجَوَابِ إِلَى أَنَّكَ إِذَا عَقَدْتَ الْبَيْعَ عَلَى الْكَيْلِ فَكِلْهُ وَلَا تَعْتَمِدْ عَلَى الْكَيْلِ الْأَوَّلِ. وَقَوْلُهُ: (وَآخُذُ

شِفِّي) بِكَسْرِ الشِّينِ وَتَشْدِيدِ الْفَاءِ، أَيْ: رِبْحِي - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب ما يرجى في كيل الطعام من البركة]

[بَاب مَا يُرْجَى فِي كَيْلِ الطَّعَامِ مِنْ الْبَرَكَةِ] 2231 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْيَحْصُبِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ الْمَازِنِيِّ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ كِيلُوا طَعَامَكُمْ يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كِيلُوا طَعَامَكُمْ) قَالَ الْمُظَهِّرِيُّ: الْغَرَضُ مِنْ كَيْلِ الطَّعَامِ مَعْرِفَةُ مِقْدَارِ مَا يَبِيعُ الرَّجُلُ وَيَشْتَرِي لِئَلَّا يَكُونَ مَجْهُولًا، وَكَذَا إِذْ لَمْ يَكِلْ مَا يُنْفِقُ عَلَى الْعِيَالِ لِيَعْرِفَ مَا يَدَّخِرُ لِتَمَامِ السَّنَةِ، فَأُمِرُوا بِالْكَيْلِ لِيَكُونُوا عَلَى عِلْمٍ وَيَقِينٍ، وَمَنْ رَاعَى أَمْرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَجِدْ بَرَكَةً عَظِيمَةً فِي الدُّنْيَا وَأَجْرًا عَظِيمًا فِي الْأُخْرَى. وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرٍ صَحِيحٌ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَفِي إِسْنَادِ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ وَهُوَ مُدَلِّسٌ، وَأَصْلُ الْحَدِيثِ فِي الْبُخَارِيِّ.

2232 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ بَحِيرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كِيلُوا طَعَامَكُمْ يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ»

[باب الأسواق ودخولها]

[بَاب الْأَسْوَاقِ وَدُخُولِهَا] 2233 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ حَدَّثَنِي صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ وَعَلِيٌّ ابْنَا الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ الْبَرَّادِ أَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ الْمُنْذِرِ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ السَّاعِدِيَّ حَدَّثَهُمَا أَنَّ أَبَاهُ الْمُنْذِرَ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ «أَنَّ أَبَا أُسَيْدٍ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَهَبَ إِلَى سُوقِ النَّبِيطِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ لَيْسَ هَذَا لَكُمْ بِسُوقٍ ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى سُوقٍ فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ لَيْسَ هَذَا لَكُمْ بِسُوقٍ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى هَذَا السُّوقِ فَطَافَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ هَذَا سُوقُكُمْ فَلَا يُنْتَقَصَنَّ وَلَا يُضْرَبَنَّ عَلَيْهِ خَرَاجٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ذَهَبَ إِلَى سُوقِ النَّبِيطِ) هُوَ اسْمُ مَوْضِعٍ (فَلَا يُنْتَقَضَنَّ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنَ الِانْتِقَاضِ بِنُونِ التَّوْكِيدِ أَيْ: لَا يَبْطُلَنَّ هَذَا السُّوقُ، بَلْ تَدُومُ لَكُمْ (وَلَا يُضْرَبَنَّ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيْضًا أَيْ: لَا يُضْرَبُ عَلَى أَهْلِهَا خَرَاجٌ بِأَنْ يُقَالَ: كُلُّ مَنْ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فِيهَا فَعَلَيْهِ كَذَا، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ ذَلِكَ. وَفِي الزَّوَائِدِ رُوَاةُ إِسْنَادِهِ ضِعَافٌ وَهُمْ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ

وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَشَيْخُهُمَا الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ.

2234 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُسْتَمِرِّ الْعُرُوقِيُّ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عُبَيْسُ بْنُ مَيْمُونٍ حَدَّثَنَا عَوْنٌ الْعُقَيْلِيُّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ غَدَا إِلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ غَدَا بِرَايَةِ الْإِيمَانِ وَمَنْ غَدَا إِلَى السُّوقِ غَدَا بِرَايَةِ إِبْلِيسَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (غَدَا بِرَايَةِ إِبْلِيسَ) فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَدْخُلَ السُّوقَ إِلَّا لِضَرُورَةٍ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عِيسَى بْنُ مَيْمُونٍ مُتَّفَقٌ عَلَى تَضْعِيفِهِ.

2235 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ الضَّرِيرُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَالَ حِينَ يَدْخُلُ السُّوقَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ كُلُّهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ حَسَنَةٍ وَمَحَا عَنْهُ أَلْفَ أَلْفِ سَيِّئَةٍ وَبَنَى لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَمَحَا عَنْهُ أَلْفَ أَلْفِ سَيِّئَةٍ) أَيْ: إِنْ كَانَتْ وَإِلَّا تُزَادُ فِي الْحَسَنَةِ بِقَدْرِ ذَلِكَ وَبَنَى لَهُ بِمَعْنَى أَمَرَ بِبِنَائِهِ.

[باب ما يرجى من البركة في البكور]

[بَاب مَا يُرْجَى مِنْ الْبَرَكَةِ فِي الْبُكُورِ] 2236 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ حَدِيدٍ عَنْ صَخْرٍ الْغَامِدِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا قَالَ وَكَانَ إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً أَوْ جَيْشًا بَعَثَهُمْ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ قَالَ وَكَانَ صَخْرٌ رَجُلًا تَاجِرًا فَكَانَ يَبْعَثُ تِجَارَتَهُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ فَأَثْرَى وَكَثُرَ مَالُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي بُكُورِهَا) أَيْ: فِيمَا يَأْتُونَ بِهِ أَوَّلَ النَّهَارِ (فَأَثْرَى) أَيْ: كَثُرَ عَدَدُ مَالِهِ فَقَوْلُهُ وَكَثُرَ مَالُهُ تَفْسِيرٌ لَهُ.

2237 - حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَيْمُونٍ الْمَدَنِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا يَوْمَ الْخَمِيسِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَوْمَ الْخَمِيسِ) فِي الزَّوَائِدِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَمَنْ دُونَهُ ضَعِيفٌ.

2238 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الْجَدْعَانِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنِ ابْنِ عُمَرَ. . . إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.

[باب بيع المصراة]

[باب بَيْعِ الْمُصَرَّاةِ] 2239 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ ابْتَاعَ مُصَرَّاةً فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ رَدَّهَا رَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ لَا سَمْرَاءَ يَعْنِي الْحِنْطَةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مُصَرَّاةً) مِنْ التَّصْرِيَةِ وَهُوَ حَبْسُ اللَّبَنِ فِي ضُرُوعِ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ تَغْرِيرًا لِلْمُشْتَرِي

قَوْلُهُ: (رَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ) أَيْ: صَاعًا مِمَّا هُوَ غَالِبُ عَيْشِ أَهْلِ الْبَلَدِ، وَأَخَذَ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ غَالِبُ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: إِنَّ لَبَنَ التَّصْرِيَةِ اخْتَلَطَ بِاللَّبَنِ الطَّارِئِ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي، فَلَمْ يَتَهَيَّأْ تَقْوِيمُ مَالِ الْبَائِعِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ مَا لَا يُعْرَفُ غَيْرُ مُمْكِنٍ تَقْوِيمُهُ فَحَكَمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ قَطْعًا لِلنِّزَاعِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الطَّعَامَ بَدَلُ اللَّبَنِ الْمَوْجُودِ فِي الضَّرْعِ حَالَ الْبَيْعِ، وَأَمَّا الْحَادِثُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَدْ حَدَثَ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ فِي ضَمَانِهِ، وَقَدْ أَخَذَ الْجُمْهُورُ بِالْحَدِيثِ، وَمَنْ لَا يَأْخُذُ بِهِ يَعْتَذِرُ عَنْهُ بِأَنَّ الْمَعْلُومَ مِنْ قَوَاعِدِ الدِّينِ هُوَ الضَّمَانُ بِالْقِيمَةِ أَوِ الْمِثْلِ أَوِ الثَّمَنِ، وَهَذَا الضَّمَانُ لَيْسَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَلَا يُثْبِتُهُ بِحَدِيثِ الْآحَادِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ الْمَعْلُومِ قَطْعًا، وَقَالُوا: الْحَدِيثُ مِنْ رُوَاتِهِ أَبُو هُرَيْرَةَ وَهُوَ غَيْرُ فَقِيهٍ، وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ بِأَنَّ لَهُ نَظَائِرَ كَالدِّيَةِ فَإِنَّهَا مِائَةُ بَعِيرٍ وَلَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ حَالِ الْقَتِيلِ وَالْغُرَّةِ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْجَنِينِ، وَكُلُّ ذَلِكَ شُرِعَ قَطْعًا لِلنِّزَاعِ، وَأَمَّا الْحَدِيثُ فَقَدْ جَاءَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِوَجْهٍ وَالطَّبَرَانِيُّ بِآخَرَ مِنْ رِوَايَةِ أَنَسٍ، أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى. وَمِنْ رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ، وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ مَسْعُودٍ مَوْقُوفًا كَمَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، وَالْمَوْقُوفُ لَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ لِتَصْرِيحِهِمْ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْأَقْيِسَةِ، وَالْمَوْقُوفُ الْمُخَالِفُ مَرْفُوعٌ حُكْمًا، وَابْنُ مَسْعُودٍ مِنْ أَجِلَّاءِ الْفُقَهَاءِ بِالِاتِّفَاقِ. وَقَوْلُهُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ غَيْرُ فَقِيهٍ ضَعِيفٌ أَيْضًا، فَقَدْ ذَكَرَهُ فِي الْإِصَابَةِ مِنْ فُقَهَاءِ الصَّحَابَةِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ يُفْتِي وَمَنْ يَتَتَبَّعْ كُتُبَ الْحَدِيثِ يَجِدْهُ حَقًّا بِلَا رَيْبٍ.

2240 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ سَعِيدٍ الْحَنَفِيُّ حَدَّثَنَا جُمَيْعُ بْنُ عُمَيْرٍ التَّيْمِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ بَاعَ مُحَفَّلَةً فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ رَدَّهَا رَدَّ مَعَهَا مِثْلَيْ لَبَنِهَا أَوْ قَالَ مِثْلَ لَبَنِهَا قَمْحًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ بَاعَ مُحَفَّلَةً) بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ اسْمُ مَفْعُولٍ أَيْ: مُصَرَّاةً وَبَاعَ بِمَعْنَى اشْتَرَى (مِثْلَ لَبَنَهَا. . . إِلَخْ) لَعَلَّ هَذَا كَانَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ ثُمَّ جَاءَ التَّحْدِيدُ قَطْعًا لِلنِّزَاعِ وَلِذَلِكَ مَا أَخَذَ النَّاسُ بِالْحَدِيثِ. وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَأَيْضًا قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ. قَالَ: وَقَدْ قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ:

إِنَّهُ مَتْرُوكُ الظَّاهِرِ بِالِاتِّفَاقِ.

2241 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ «أَشْهَدُ عَلَى الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ أَبِي الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ حَدَّثَنَا قَالَ بَيْعُ الْمُحَفَّلَاتِ خِلَابَةٌ وَلَا تَحِلُّ الْخِلَابَةُ لِمُسْلِمٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (خِلَابَةٌ) بِالْكَسْرِ فَسَّرَهُ الْمُصَنِّفُ بِالْخَدِيعَةِ وَفِي إِسْنَادِهِ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ وَهُوَ مُتَّهَمٌ كَذَا فِي الزَّوَائِدِ.

[باب الخراج بالضمان]

[باب الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ] 2242 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ مَخْلَدِ بْنِ خُفَافِ بْنِ إِيمَاءَ بْنِ رَحَضَةَ الْغِفَارِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى أَنَّ خَرَاجَ الْعَبْدِ بِضَمَانِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَضَى أَنَّ خَرَاجَ الْعَبْدِ) هُوَ مَا يَحْصُلُ وَيَخْرُجُ مِنْ غَلَّةِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَى، وَذَلِكَ بِأَنِ اشْتَرَى عَبْدًا ثُمَّ اسْتَغَلَّهُ زَمَانًا، ثُمَّ اطَّلَعَ مِنْهُ عَلَى عَيْبٍ فَلَهُ رَدُّهُ وَاسْتِرْدَادُ ثَمَنِهِ وَيَكُونُ لِلْمُشْتَرِي مَا اسْتَغَلَّهُ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ لَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ لَكَانَ فِي ضَمَانِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ شَيْءٌ، وَقَوْلُهُ: بِضَمَانِهِ أَيْ: مُسْتَحِقٌّ بِضَمَانِهِ أَيْ: ضَمَانُ الْأَصْلِ سَبَبٌ لِمِلْكِ الْخَرَاجِ.

2243 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزَّنْجِيُّ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى عَبْدًا فَاسْتَغَلَّهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَرَدَّهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ قَدْ اسْتَغَلَّ غُلَامِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ»

[باب عهدة الرقيق]

[باب عُهْدَةِ الرَّقِيقِ] 2244 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُهْدَةُ الرَّقِيقِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عُهْدَةُ الرَّقِيقِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ) هَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ كَابْنِ الْمُسَيَّبِ وَالزُّهْرِيِّ وَبِهِ أَخَذَ مَالِكٌ، وَضَعَّفَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ الْحَدِيثَ وَقَالَ: لَا يَثْبُتُ فِي الْعُهْدَةِ حَدِيثٌ وَلَمْ يَسْمَعِ الْحَسَنُ مِنْ عُقْبَةَ شَيْئًا، وَالْحَدِيثُ مَشْكُوكٌ فِيهِ فَمَرَّةً قَالَ عَنْ سَمُرَةَ، وَمَرَّةً قَالَ عَنْ عُقْبَةً. وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِ حَدِيثِ سُمْرَةَ: رِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ، إِلَّا أَنَّ سَعِيدَ بْنَ أَبِي عَرُوبَةَ اخْتَلَطَ بِآخِرِهِ، وَعَبَدَةُ بْنُ سَلِيمَانَ رَوَى عَنْهُ قَبْلُ، وَسَمَاعُ الْحَسَنِ مِنْ سَمُرَةَ فِيهِ مَقَالٌ.

2245 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا عُهْدَةَ بَعْدَ أَرْبَعٍ»

[باب من باع عيبا فليبينه]

[باب مَنْ بَاعَ عَيْبًا فَلْيُبَيِّنْهُ] 2246 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا أَبِي سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ أَيُّوبَ يُحَدِّثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شُمَاسَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ بَاعَ مِنْ أَخِيهِ بَيْعًا فِيهِ عَيْبٌ إِلَّا بَيَّنَهُ لَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بَيْعًا فِيهِ عَيْبٌ) أَيْ: مَبِيعًا فِيهِ عَيْبٌ (إِلَّا

بِبَيِّنَةٍ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ أَعَمِّ الْأَحْوَالِ.

2247 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الضَّحَّاكِ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَحْيَى عَنْ مَكْحُولٍ وَسُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ بَاعَ عَيْبًا لَمْ يُبَيِّنْهُ لَمْ يَزَلْ فِي مَقْتِ اللَّهِ وَلَمْ تَزَلْ الْمَلَائِكَةُ تَلْعَنُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي مَقْتٍ مِنَ اللَّهِ) أَيْ: غَضَبٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ وَهُوَ مُدَلِّسٌ وَشَيْخُهُ ضَعِيفٌ.

[باب النهي عن التفريق بين السبي]

[باب النَّهْيِ عَنْ التَّفْرِيقِ بَيْنَ السَّبْيِ] 2248 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ جَابِرٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أُتِيَ بِالسَّبْيِ أَعْطَى أَهْلَ الْبَيْتِ جَمِيعًا كَرَاهِيَةَ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَعْطَى أَهْلَ الْبَيْتِ) أَيْ: وَضَعَهُمْ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ هَذَا فِيمَنْ كَانَ بَيْنَهُمْ قَرَابَةٌ بِحَيْثُ يَصْعُبُ عَلَيْهِمُ الْفِرَاقُ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ.

2249 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَفَّانُ عَنْ حَمَّادٍ أَنْبَأَنَا الْحَجَّاجُ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «وَهَبَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُلَامَيْنِ أَخَوَيْنِ فَبِعْتُ أَحَدَهُمَا فَقَالَ مَا فَعَلَ الْغُلَامَانِ قُلْتُ بِعْتُ أَحَدَهُمَا قَالَ رُدَّهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَا فَعَلَ الْغُلَامَانِ) بِالْبِنَاءِ عَلَى الْفَاعِلِ أَيْ: مَا حَصَلَ لَهُمَا، وَالْمَقْصُودُ السُّؤَالُ عَنْ حَالِهِمَا، أَيْ: مَا حَالُهُمَا وَظَاهِرُ الْأَمْرِ بِالرَّدِّ يُفِيدُ عَدَمَ صِحَّةِ الْبَيْعِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

2250 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ هَيَّاجٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَعِيلَ عَنْ طَلِيقِ بْنِ عِمْرَانَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْوَالِدَةِ وَوَلَدِهَا وَبَيْنَ الْأَخِ وَبَيْنَ أَخِيهِ»

[باب شراء الرقيق]

[باب شِرَاءِ الرَّقِيقِ] 2251 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ لَيْثٍ صَاحِبُ الْكَرَابِيسِيِّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ قَالَ لِي الْعَدَّاءُ بْنُ خَالِدِ بْنِ هَوْذَةَ «أَلَا نُقْرِئُكَ كِتَابًا كَتَبَهُ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قُلْتُ بَلَى فَأَخْرَجَ لِي كِتَابًا فَإِذَا فِيهِ هَذَا مَا اشْتَرَى الْعَدَّاءُ بْنُ خَالِدِ بْنِ هَوْذَةَ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْتَرَى مِنْهُ عَبْدًا أَوْ أَمَةً لَا دَاءَ وَلَا غَائِلَةَ وَلَا خِبْثَةَ بَيْعَ الْمُسْلِمِ لِلْمُسْلِمِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْعَدَّاءُ) قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةِ التِّرْمِذِيِّ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ الْمُهْمَلَتَيْنِ مَمْدُودٌ قَوْلُهُ: (عَبْدًا أَوْ أَمَةً) هُوَ شَكٌّ مِنْ عَبَّادِ بْنِ لَيْثٍ كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ الطُّوسِيُّ فِي الْأَحْكَامِ فَقَالَ فِي السَّنَدِ فَقَالَ عَبَّادٌ: أَنَا أَشُكُّ. (لَا دَاءَ) قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةِ التِّرْمِذِيِّ: هُوَ الْمَرَضُ، وَقَالَ فِي حَاشِيَةِ الْكِتَابِ: هُوَ الْعَيْبُ الْبَاطِنُ فِي السِّلْعَةِ الَّذِي لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي قَوْلُهُ: (وَلَا غَائِلَةَ) بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ (وَلَا خِبْثَةَ)

بِكَسْرِ الْخَاءِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ ثُمَّ مُثَلَّثَةٍ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ أَبِي عَرُوبَةَ عَنِ الْغَائِلَةِ فَقَالَ: هُوَ الْإِبَاقُ وَالسَّرِقَةُ وَالزِّنَا، وَسَأَلْتُهُ عَنِ الْخِبْثَةِ فَقَالَ: يَبْغِي عَلَى أَهْلِ عَهْدِ الْمُسْلِمِينَ. وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ: الْغَائِلَةُ أَنْ يَكُونَ مَسْرُوقًا، وَأَرَادَ بِالْخِبْثَةِ الْحَرَامَ أَرَادَ أَنَّهُ لَيْسَ بِرَقِيقٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَوْمٍ لَا يَحِلُّ سَبْيُهُمْ كَمَنْ أَعْطَى عَهْدًا أَوْ أَمَانًا، أَوْ مَنْ هُوَ حُرٌّ فِي الْأَصْلِ. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: الدَّاءُ مَا كَانَ فِي الْجَسَدِ وَالْخِلْقَةِ، وَالْخِبْثَةُ مَا كَانَ فِي الْخُلُقِ، وَالْغَائِلَةُ سُكُوتُ الْبَائِعِ عَمَّا يَعْلَمُ فِي الْمَبِيعِ مِنْ مَكْرُوهٍ، كَذَا ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةِ التِّرْمِذِيِّ، وَقَالَ فِي حَاشِيَةِ الْكِتَابِ: الْغَائِلَةُ أَنْ يَكُونَ مَسْرُوقًا فَإِذَا ظَهَرَ وَاسْتَحَقَّهُ مَالِكُهُ غَالَ مَالَ مُشْتَرِيهِ الَّذِي أَدَّاهُ فِي ثَمَنِهِ أَيْ: أَتْلَفَهُ وَأَهْلَكَهُ. قَوْلُهُ: (بَيْعَ الْمُسْلِمِ) قَالَ الْعِرَاقِيُّ: الْأَشْهَرُ فِي الرِّوَايَةِ نَصْبُ: " بَيْعَ " فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى إِسْقَاطِ حَرْفِ التَّشْبِيهِ يُرِيدُ كَبَيْعِ الْمُسْلِمِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا لَاشْتَرَى مِنْ غَيْرِ لَفْظِهِ وَيَجُوزُ رَفْعُهُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: هُوَ.

2252 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اشْتَرَى أَحَدُكُمْ الْجَارِيَةَ فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا وَخَيْرَ مَا جَبَلْتَهَا عَلَيْهِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا جَبَلْتَهَا عَلَيْهِ وَلْيَدْعُ بِالْبَرَكَةِ وَإِذَا اشْتَرَى أَحَدُكُمْ بَعِيرًا فَلْيَأْخُذْ بِذِرْوَةِ سَنَامِهِ وَلْيَدْعُ بِالْبَرَكَةِ وَلْيَقُلْ مِثْلَ ذَلِكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَخَيْرُ مَا جَبَلْتَهَا) أَيْ: خَلَقْتَهَا وَطَبَعْتَهَا عَلَيْهِ مِنَ الْأَخْلَاقِ قَوْلُهُ: (بِذِرْوَةِ سَنَامِهِ) الذِّرْوَةُ بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ أَعْلَى السَّنَامِ، وَسَنَامُ الْإِبِلِ بِالْفَتْحِ مَعْرُوفٌ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب الصرف وما لا يجوز متفاضلا يدا بيد]

[باب الصَّرْفِ وَمَا لَا يَجُوزُ مُتَفَاضِلًا يَدًا بِيَدٍ] 2253 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَنَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالُوا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ النَّصْرِيِّ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ) هُوَ بِمَدِّ هَاءَ وَأَهْلُ الْحَدِيثِ يَقُولُونَ بِالْقَصْرِ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَالصَّوَابُ الْمَدُّ

وَقَالَ غَيْرُهُ: الْقَصْرُ، وَالْوَجْهَانِ جَائِزَانِ وَالْمَدُّ أَشْهَرُ وَهُوَ حَالٌ أَيْ: إِلَّا مَقُولًا فِيهِمَا مِنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ خُذْ وَخُذْ أَيْ: يَدًا بِيَدٍ.

2254 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ خِدَاشٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَا حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ التَّمِيمِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ أَنَّ مُسْلِمَ بْنَ يَسَارٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُبَيْدٍ حَدَّثَاهُ قَالَا «جَمَعَ الْمَنْزِلُ بَيْنَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَمُعَاوِيَةَ إِمَّا فِي كَنِيسَةٍ وَإِمَّا فِي بِيعَةٍ فَحَدَّثَهُمْ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ فَقَالَ قَالَ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْوَرِقِ بِالْوَرِقِ وَالذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَالْبُرِّ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ بِالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ بِالتَّمْرِ قَالَ أَحَدُهُمَا وَالْمِلْحِ بِالْمِلْحِ وَلَمْ يَقُلْهُ الْآخَرُ وَأَمَرَنَا أَنْ نَبِيعَ الْبُرَّ بِالشَّعِيرِ وَالشَّعِيرَ بِالْبُرِّ يَدًا بِيَدٍ كَيْفَ شِئْنَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَأَمَرَنَا) أَيْ: أَذِنَ لَنَا فِيهِ وَرَخَّصَ لَنَا فِيهِ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْبُرَّ وَالشَّعِيَرُ جِنْسَانِ كَمَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ لَا جِنْسٌ وَاحِدٌ كَمَا عَلَيْهِ مَالِكٌ.

2255 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ عَنْ ابْنِ أَبِي نُعْمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْفِضَّةَ بِالْفِضَّةِ وَالذَّهَبَ بِالذَّهَبِ وَالشَّعِيرَ بِالشَّعِيرِ وَالْحِنْطَةَ بِالْحِنْطَةِ مِثْلًا بِمِثْلٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْفِضَّةَ بِالْفِضَّةِ) بِالنَّصَبِ أَيْ: بِيعُوا الْفِضَّةَ بِالْفِضَّةِ وَالْأَمْرُ لِلْجَوَازِ أَوْ لِلْإِيجَابِ بِالنَّظَرِ إِلَى قَيْدٍ مَثَلًا أَيْ: يَجِبُ عَلَيْكُمْ مُرَاعَاةُ الْمُمَاثَلَةِ إِذَا بِعْتُمْ، وَبِالرَّفْعِ أَيِ: الْفِضَّةُ تُبَاعُ بِالْفِضَّةِ.

2256 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْزُقُنَا تَمْرًا مِنْ تَمْرِ الْجَمْعِ فَنَسْتَبْدِلُ بِهِ تَمْرًا هُوَ أَطْيَبُ مِنْهُ وَنَزِيدُ فِي السِّعْرِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَصْلُحُ صَاعُ تَمْرٍ بِصَاعَيْنِ وَلَا دِرْهَمٌ بِدِرْهَمَيْنِ وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ وَالدِّينَارُ بِالدِّينَارِ لَا فَضْلَ بَيْنَهُمَا إِلَّا وَزْنًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَرْزُقُنَا) أَيْ: يُعْطِينَا مِنْ ثَمَرِ الْجَمْعِ قِيلَ: كُلُّ لَوْنٍ مِنَ النَّخِيلِ لَا يُعْرَفُ اسْمُهُ فَهُوَ جَمْعٌ، وَقِيلَ: الْجَمْعُ تَمْرٌ مُخْتَلِطٌ مِنْ أَنْوَاعٍ مُتَفَرِّقَةٍ، وَلَيْسَ مَرْغُوبًا فِيهِ وَلَا يُخْلَطُ إِلَّا لِرَدَاءَتِهِ. (وَنَزِيدُ فِي السِّعْرِ) أَيْ: فِيمَا نُعْطِي فِي مُقَابَلَةِ الْأَطْيَبِ مِنَ الْجَمْعِ. وَقَوْلُهُ: وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ، يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ لَا يَصْلُحُ الدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ بَيْنَهُمَا فَضْلٌ وَزْنًا، وَعَلَى هَذَا يَبْقَى الْقَصْرُ فِي قَوْلُهُ: لَا فَضْلَ بَيْنَهُمَا إِلَّا وَزْنًا أَنَّهُ لَا فَضْلَ يُفْسِدُ الْبَيْعَ إِلَّا مَا كَانَ فِي الْوَزْنِ، وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ جِهَةِ الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ فَلَا عِبْرَةَ بِذَلِكَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب من قال لا ربا إلا في النسيئة]

[باب مَنْ قَالَ لَا رِبَا إِلَّا فِي النَّسِيئَةِ] 2257 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ «الدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ وَالدِّينَارُ بِالدِّينَارِ فَقُلْتُ إِنِّي سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ غَيْرَ ذَلِكَ قَالَ أَمَا إِنِّي لَقِيتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ أَخْبِرْنِي عَنْ هَذَا الَّذِي تَقُولُ فِي الصَّرْفِ أَشَيْءٌ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْ شَيْءٌ وَجَدْتَهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَقَالَ مَا وَجَدْتُهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنْ أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ) أَيْ: الدِّرْهَمُ لَا يُبَاعُ إِلَّا بِالدِّرْهَمِ، وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ بِدِرْهَمَيْنِ، وَمَقْصُودُهُ الْمَنْعُ عَنِ الزِّيَادَةِ (غَيْرَ ذَلِكَ) أَيِ:

: الْفَضْلُ جَائِزٌ، وَإِنَّمَا الْحُرْمَةُ فِي النَّسِيئَةِ (إِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ) كَالْكَرِيمَةِ وَزْنًا، قَالَ النَّوَوِيُّ: أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى تَرْكِ الْعَمَلِ بِظَاهِرِهِ، ثُمَّ قَالَ قَوْمٌ: إِنَّهُ مَنْسُوخٌ، وَتَأَوَّلَهُ آخَرُونَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ لَا رِبَا فِي الْأَجْنَاسِ الْمُخْتَلِفَةِ إِلَّا فِي النَّسِيئَةِ.

2258 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ أَنْبَأَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ الرِّبْعِيِّ عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ قَالَ «سَمِعْتُهُ يَأْمُرُ بِالصَّرْفِ يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ وَيُحَدَّثُ ذَلِكَ عَنْهُ ثُمَّ بَلَغَنِي أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ فَلَقِيتُهُ بِمَكَّةَ فَقُلْتُ إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكَ رَجَعْتَ قَالَ نَعَمْ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ رَأْيًا مِنِّي وَهَذَا أَبُو سَعِيدٍ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ الصَّرْفِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَأْمُرُ بِالصَّرْفِ) أَيْ: يُرَخِّصُ فِيهِ بِالزِّيَادَةِ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ، وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ رَجَعَ إِلَى الْجَمَاعَاتِ فِي الْقَوْلِ بِالْحُرْمَةِ، لَكِنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ رَأْيًا مِنِّي يُخَالِفُ الْحَدِيثَ السَّابِقَ إِلَّا أَنْ يُقَالَ: اعْتِقَادُ ظَاهِرِ ذَلِكَ الْحَدِيثِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: إِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ، وَتَرْكِ الِالْتِفَاتِ إِلَى تَأْوِيلِ الْجُمْهُورِ لَهُ كَانَ رَأْيًا، ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ إِلَى تَأْوِيلِ ذَلِكَ الْحَدِيثِ بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب صرف الذهب بالورق]

[باب صَرْفِ الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ] 2259 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ سَمِعَ مَالِكَ بْنَ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ يَقُولُ سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ» قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ احْفَظُوا

2260 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ قَالَ «أَقْبَلْتُ أَقُولُ مَنْ يَصْطَرِفُ الدَّرَاهِمَ فَقَالَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ وَهُوَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَرِنَا ذَهَبَكَ ثُمَّ ائْتِنَا إِذَا جَاءَ خَازِنُنَا نُعْطِكَ وَرِقَكَ فَقَالَ عُمَرُ كَلَّا وَاللَّهِ لَتُعْطِيَنَّهُ وَرِقَهُ أَوْ لَتَرُدَّنَّ إِلَيْهِ ذَهَبَهُ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْوَرِقُ بِالذَّهَبِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ»

2261 - حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَقَ الشَّافِعِيُّ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ الْعَبَّاسِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ شَافِعٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ لَا فَضْلَ بَيْنَهُمَا فَمَنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ بِوَرِقٍ فَلْيَصْطَرِفْهَا بِذَهَبٍ وَمَنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ بِذَهَبٍ فَلْيَصْطَرِفْهَا بِالْوَرِقِ وَالصَّرْفُ هَاءَ وَهَاءَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا فَضْلَ بَيْنَهُمَا) أَيْ: لَا يَجُوزُ الْفَضْلُ بِذَهَبٍ أَيْ: إِذَا لَمْ يَرْضَ بِالتَّسَاوِي فِي الْفِضَّةِ (وَالصَّرْفِ) أَيْ: مُطْلَقًا سَوَاءً كَانَ

الْبَدَلَانِ مُتَّحِدَيْنِ جِنْسًا أَوْ لَا.

[باب اقتضاء الذهب من الورق والورق من الذهب]

[باب اقْتِضَاءِ الذَّهَبِ مِنْ الْوَرِقِ وَالْوَرِقِ مِنْ الذَّهَبِ] 2262 - حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَبِيبٍ وَسُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ الْحِمَّانِيُّ قَالُوا حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ أَوْ سِمَاكٌ وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا سِمَاكًا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «كُنْتُ أَبِيعُ الْإِبِلَ فَكُنْتُ آخُذُ الذَّهَبَ مِنْ الْفِضَّةِ وَالْفِضَّةَ مِنْ الذَّهَبِ وَالدَّنَانِيرَ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّرَاهِمَ مِنْ الدَّنَانِيرِ فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِذَا أَخَذْتَ أَحَدَهُمَا وَأَعْطَيْتَ الْآخَرَ فَلَا تُفَارِقْ صَاحِبَكَ وَبَيْنَكَ وَبَيْنَهُ لَبْسٌ» حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَقَ أَنْبَأَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَلَا تُفَارِقْ صَاحِبَكَ) أَيْ: يَجُوزُ أَخْذُ الدَّرَاهِمِ بِالدَّنَانِيرِ وَبِالْعَكْسِ بِشَرْطِ التَّقَابُضِ فِي الْمَجْلِسِ لَا يَبْقَى بَيْنَهُمَا شَيْءٌ غَيْرُ مُفِيدٍ، قِيلَ: وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوِ اسْتَبْدَلَ عَنِ الدَّيْنِ شَيْئًا مُؤَجَّلًا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ وَقَدْ نُهِيَ عَنْهُ، قُلْتُ: وَعَلَى هَذَا لَوِ اسْتَبْدَلَ بَعْضَ الدَّيْنِ وَأَبْقَى بَعْضَهُ عَلَى حَالِهِ، ثُمَّ اسْتَبْدَلَ عِنْدَ قَبْضِ الْبَدَلِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ جَائِزًا أَيْضًا.

[باب النهي عن كسر الدراهم والدنانير]

[باب النَّهْيِ عَنْ كَسْرِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ] 2263 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ وَهَارُونُ بْنُ إِسْحَقَ قَالُوا حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فَضَاءٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَسْرِ سِكَّةِ الْمُسْلِمِينَ الْجَائِزَةِ بَيْنَهُمْ إِلَّا مِنْ بَأْسٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كَسْرِ سِكَّةِ الْمُسْلِمِينَ) فِي النِّهَايَةِ أَرَادَ بِهَا الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ الْمَضْرُوبَةَ، فَيُسَمَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا سِكَّةً؛ لِأَنَّهُ طُبِعَ بِالْحَدِيدَةِ وَاسْمُهَا السِّكَّةُ (إِلَّا مِنْ بَأْسٍ) أَيْ: إِلَّا مِنْ أَمْرٍ يَقْتَضِي كَسْرَهَا كَرَدَاءَتِهَا أَوْ شَكٍّ فِي صِحَّةِ نَقْدِهَا، وَكَرِهَ ذَلِكَ لِمَا فِيهَا مِنِ اسْمِ اللَّهِ - تَعَالَى - وَقِيلَ: لِأَنَّ فِيهِ إِضَاعَةَ الْمَالِ، وَقِيلَ: إِنَّمَا نَهَى عَنْ كَسْرِهَا عَلَى أَنْ تُعَادَ تِبْرًا أَمَّا لِلنَّفَقَةِ فَلَا. وَقِيلَ: كَانَتِ الْمُعَامَلَةُ بِهَا فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ عَدًّا لَا وَزْنًا، وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُصُّ أَطْرَافَهَا فَنُهُوا عَنْهُ، كَذَا ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ.

[باب بيع الرطب بالتمر]

[باب بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ] 2264 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَإِسْحَقُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَا حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ زَيْدًا أَبَا عَيَّاشٍ مَوْلًى لِبَنِي زُهْرَةَ أَخْبَرَهُ «أَنَّهُ سَأَلَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ اشْتِرَاءِ الْبَيْضَاءِ بِالسُّلْتِ فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ أَيَّتُهُمَا أَفْضَلُ قَالَ الْبَيْضَاءُ فَنَهَانِي عَنْهُ وَقَالَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ اشْتِرَاءِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ فَقَالَ أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا يَبِسَ قَالُوا نَعَمْ فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنِ اشْتِرَاءِ الْبَيْضَاءِ) أَيِ: الشَّعِيرِ كَمَا وَرَدَ بِوَجْهٍ آخَرَ، وَالْبَيْضَاءُ عِنْدَ الْعَرَبِ الشَّعِيرُ وَالسَّمْرَاءُ الْبُرُّ (بِالسُّلْتِ) بِضَمِّ السِّينِ وَسُكُونِ اللَّامِ حَبٌّ بَيْنَ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ (لَا قِشْرَ لَهُ) كَقِشْرِ الشَّعِيرِ فَهُوَ كَالْحِنْطَةِ فِي مَلَاسَتِهِ وَكَالشَّعِيرِ فِي طَبْعِهِ وَبُرُودَتِهِ، وَلِتَقَارُبِ الشَّعِيرِ وَالسُّلْتِ يُعَدَّانِ جِنْسًا وَاحِدًا كَمَا عَدَّهَا الْجَوْهَرِيُّ جِنْسًا وَاحِدًا، فَلِذَلِكَ مَنَعَ سَعِيدٌ عَنْ بَيْعِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ مَعَ فَضْلِ أَحَدِهَا، وَفَسَّرَ مَالِكٌ الْفَضْلَ بِالْكَثْرَةِ فِي الْكَيْلِ قَوْلُهُ: (وَسُئِلَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَالْجَمْلَةُ حَالٌ (أَيَنْقُصُ) تَنْبِيهٌ عَلَى عِلَّةِ الْمَنْعِ بَعْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ فَيَجْرِي الْمَنْعُ فِي كُلِّ مَا يَجْرِي فِيهِ هَذِهِ الْعِلَّةُ؛ وَلِذَلِكَ حَكَمَ سَعِيدٌ بِالْمَنْعِ فِي الشَّعِيرِ وَالسُّلْتِ لَمَّا رَأَى مِنْ وُجُودِ الْعِلَّةِ فِيهَا. قَالَ الْقَاضِي فِي شَرْحِ الْمَصَابِيحِ: لَيْسَ الْمُرَادُ مِنَ الِاسْتِفْهَامِ فِي قَوْلِهِ: " أَيَنْقُصُ " اسْتِعْلَامُ الْقَضِيَّةِ فَإِنَّهَا جَلِيَّةٌ مُسْتَغْنِيَةٌ عَنِ الِانْكِشَافِ، بَلِ التَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ الْمَطْلُوبَ تَحَقُّقُ الْمُمَاثَلَةِ حَالَ الْيُبُوسَةِ؛ لِأَنَّهُ تَخْمِينٌ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ، وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَجَوَّزَهُ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا تَسَاوَيَا كَيْلًا حَمْلًا لِلْحَدِيثِ عَلَى النَّسِيئَةِ، وَهَذَا التَّقْيِيدُ يُفْسِدُ السُّؤَالَ وَالْجَوَابَ، وَتَرَتَّبَ النَّهْيُ عَلَيْهِمَا بِالْكُلِّيَّةِ إِذْ كَوْنُهُ نَسِيئَةً يَكْفِي فِي عَدَمِ الْجَوَازِ وَلَا دَخْلَ مَعَهُ لِلْجَفَافِ.

[باب المزابنة والمحاقلة]

[باب الْمُزَابَنَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ] 2265 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمُزَابَنَةِ وَالْمُزَابَنَةُ أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ تَمْرَ حَائِطِهِ إِنْ كَانَتْ نَخْلًا بِتَمْرٍ كَيْلًا وَإِنْ كَانَتْ كَرْمًا أَنْ يَبِيعَهُ بِزَبِيبٍ كَيْلًا وَإِنْ كَانَتْ زَرْعًا أَنْ يَبِيعَهُ بِكَيْلِ طَعَامٍ نَهَى عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنْ كَانَتْ نَخْلًا) أَيْ: بَيْعَ الرُّطَبِ عَلَى النَّخْلِ بِالتَّمْرِ، وَمِثْلُ هَذَا يُسَمَّى مُزَابَنَةً مُفَاعَلَةً مِنَ الزَّبْنِ بِمَعْنَى الدَّفْعِ، وَهَذَا الْبَيْعُ قَدْ يُفْضِي إِلَى التَّدَافُعِ.

2266 - حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ مَرْوَانَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ وَسَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي الْمُحَاقَلَةِ) أَيْ: كِرَاءَ الْأَرْضِ لِلزِّرَاعَةِ.

2267 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ طَارِقِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ»

[باب بيع العرايا بخرصها تمرا]

[باب بَيْعِ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا تَمْرًا] 2268 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ فِي الْعَرَايَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَرَخَّصَ فِي الْعَرَايَا) أَيْ: بِخَرْصِهَا، وَالْخَرْصُ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى التَّخْمِينِ.

2269 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْخَصَ فِي بَيْعِ الْعَرِيَّةِ بِخَرْصِهَا تَمْرًا» قَالَ يَحْيَى الْعَرِيَّةُ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ ثَمَرَ النَّخَلَاتِ بِطَعَامِ أَهْلِهِ رُطَبًا بِخَرْصِهَا تَمْرًا ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَالَ يَحْيَى: الْعَرِيَّةُ) هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَفَسَّرَهَا غَيْرُهُ بِمَعْنًى آخَرَ مَذْكُورٍ فِي كُتُبِ الْفُرُوعِ. قَوْلُهُ: (بِسَبْعَةِ أَرْؤُسٍ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ رِبَا الْفَضْلِ لَا يَجْرِي فِي الْحَيَوَانِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ مُوَثَّقُونَ.

[باب الحيوان بالحيوان نسيئة]

[باب الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً] 2270 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (نَسِيئَةً) اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى مَنْ لَا يَقُولُ بِجَوَازِ الِاسْتِقْرَاضِ فِي الْحَيَوَانِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الِاسْتِقْرَاضَ فِي الْحَيَوَانِ بَيْعٌ بِخِلَافِهِ فِي الدَّرَاهِمِ فَإِنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ، فَيَكُونُ رَدُّ الْمِثْلِ فِي الدَّرَاهِمِ كَرَدِّ الْعَيْنِ، وَالْحَيَوَانُ يَتَعَيَّنُ فَرَدُّ الْمِثْلِ فِيهِ رَدٌّ لِلْبَدَلِ وَهُوَ بَيْعٌ، فَلَا يَجُوزُ لِلنَّهْيِ وَقَدْ جَاءَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ، لَكِنَّ النَّهْيَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُبِيحِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

2271 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَأَبُو خَالِدٍ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا بَأْسَ بِالْحَيَوَانِ وَاحِدًا بِاثْنَيْنِ يَدًا بِيَدٍ وَكَرِهَهُ نَسِيئَةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ سبق شرحه

[باب الحيوان بالحيوان متفاضلا يدا بيد]

[باب الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ مُتَفَاضِلًا يَدًا بِيَدٍ] 2272 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عُرْوَةَ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْتَرَى صَفِيَّةَ بِسَبْعَةِ أَرْؤُسٍ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنْ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْله (سَبْعَةِ أَرْؤُس) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ رِبَا الْفَضْل لَا يَجْرِي فِي الْحَيَوَان وَفِي الزَّوَائِد إِسْنَاده صَحِيح وَرِجَاله مُوَثَّقُونَ.

[باب التغليظ في الربا]

[باب التَّغْلِيظِ فِي الرِّبَا] 2273 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي الصَّلْتِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عَلَى قَوْمٍ بُطُونُهُمْ كَالْبُيُوتِ فِيهَا الْحَيَّاتُ تُرَى مِنْ خَارِجِ بُطُونِهِمْ فَقُلْتُ مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرَائِيلُ قَالَ هَؤُلَاءِ أَكَلَةُ الرِّبَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (تُرَى) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيْ: تَلِكَ الْحَيَّاتُ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جُدْعَانَ ضَعِيفٌ.

2274 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرِّبَا سَبْعُونَ حُوبًا أَيْسَرُهَا أَنْ يَنْكِحَ الرَّجُلُ أُمَّهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (سَبْعُونَ حُوبًا) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ الْإِثْمُ، وَالْمُرَادُ إِنَّهَا سَبْعُونَ نَوْعًا مِنَ الْإِثْمِ، وَالْمُرَادُ التَّكْثِيرُ دُونَ التَّحْدِيدِ وَبِهِ يَظْهَرُ التَّوْفِيقُ بَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ وَالْحَدِيثِ الْآتِي (أَيْسَرُهَا) أَيْ: أَخَفُّ تَلِكِ الْآثَامِ إِثْمُ نِكَاحِ الرَّجُلِ أُمَّهُ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْعَقْدُ أَوِ الْجِمَاعُ. فَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرِّبَا أَشَدُّ مِنَ الزِّنَا، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ نَجِيحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو مَعْشَرٍ مُتَّفَقٌ عَلَى تَضْعِيفِهِ.

2275 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الصَّيْرَفِيُّ أَبُو حَفْصٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ زُبَيْدٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الرِّبَا ثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ بَابًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الرِّبَا ثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ بَابًا) قَالَ السُّيُوطِيُّ: قَالَ الْعِرَاقِيُّ فِي تَخْرِيجِ الْإِحْيَاءِ: الْمَشْهُورُ إِنَّهُ بِالْمُوَحَّدَةِ؛ وَلِذَا أَوْرَدَهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي أَبْوَابِ التِّجَارَاتِ وَتَصَحَّفَ عَلَى الْغَوَالِي بِالْمُثَنَّاةِ فَأَوْرَدَهُ فِي بَابِ " ذَمِّ الْجَاهِ " وَالرِّبَا بِضْعٌ وَسَبْعُونَ بَابًا وَالشِّرْكُ مِثْلُ ذَلِكَ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ قَدْ يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى أَنَّهُ الرِّبَا بِالْمُثَنَّاةِ لِاقْتِرَانِهِ مَعَ الشِّرْكِ اهـ. وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَابْنُ عَدِيٍّ اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ ثِقَةٌ، وَقَدِ انْفَرَدَ بِرِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ شُعْبَةَ.

2276 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ إِنَّ آخِرَ مَا نَزَلَتْ آيَةُ الرِّبَا وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُبِضَ وَلَمْ يُفَسِّرْهَا لَنَا فَدَعُوا الرِّبَا وَالرِّيبَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنَّ آخِرَ مَا نَزَلَتْ آيَةُ الرِّبَا) لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا آخِرُ مَا نَزَلَتْ فِي الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - قِيلَ: أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهَا ثَابِتَةٌ غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ (وَلَمْ يُفَسِّرْهَا لَنَا) أَيْ: تَفْسِيرًا جَامِعًا لِتَمَامِ الْجُزْئِيَّاتِ مُغْنِيًا عَنْ مُؤْنَةِ الْقِيَاسِ، وَإِلَّا فَالتَّفْسِيرُ قَدْ جَاءَ وَمُرَادُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي بَابِ الرِّبَا مِنَ الِاحْتِيَاطِ (فَدَعُوا الرِّبَا) أَيِ: الصَّرِيحَ (وَالرِّيبَةَ) بِكَسْرِ الرَّاءِ بَعْدَهَا يَاءٌ مُثَنَّاةٌ سَاكِنَةٌ، ثُمَّ مُوَحَّدَةٌ فِي الصِّحَاحِ، الرَّيْبُ الشَّكُّ وَالِاسْمُ الرِّيبَةُ بِالْكَسْرِ وَهِيَ التُّهْمَةُ، وَالْمُرَادُ أَنَّ مَا يُشْتَبَهُ الْأَمْرُ فِيهِ يَنْبَغِي تَرْكُهُ تَوَرُّعًا فِي هَذَا الْبَابِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - بِالصَّوَابِ. وَقَدْ صُحِّفَ هَذَا اللَّفْظُ عَلَى السُّيُوطِيِّ فَنَقَلَ عَنِ النِّهَايَةِ بِذَلِكَ كَلَامًا لَيْسَ هَذَا مَحَلُّهُ، فَلْيُتَنَبَّهْ! وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ مَوْثُوقُونَ، إِلَّا أَنَّ سَعِيدًا وَهُوَ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ اخْتَلَطَ بِآخِرِهِ كَذَا فِي الزَّوَائِدِ.

2277 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَشَاهِدِيهِ وَكَاتِبَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (آكِلَ الرِّبَا) أَيْ: آخِذَهُ وَلَوْ لَمْ يَأْكُلْ وَمُوكِلَهُ أَيْ: مُعْطِيَهِ إِنَّمَا لُعِنَ الْكُلُّ لِمُشَارَكَتِهِمْ فِي الْإِثْمِ.

2278 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي خَيْرَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يَبْقَى مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا آكِلُ الرِّبَا فَمَنْ لَمْ يَأْكُلْ أَصَابَهُ مِنْ غُبَارِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِلَّا آكِلُ الرِّبَا) قُلْتُ: هُوَ زَمَانُنَا هَذَا فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ وَفِيهِ مُعْجِزَةٌ بَيِّنَةٌ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

2279 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ الرُّكَيْنِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ عُمَيْلَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا أَحَدٌ أَكْثَرَ مِنْ الرِّبَا إِلَّا كَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهِ إِلَى قِلَّةٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَكْثَرَ مِنَ الرِّبَا) أَيْ: أَكْثَرَ مَالَهُ وَجَمَعَهُ مِنَ الرِّبَا. وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ مُوَثَّقُونَ؛ لِأَنَّ الْعَبَّاسَ بْنَ جَعْفَرٍ وَثَّقَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ الْمَدِينِيِّ وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ. وَفِي الْفَتْحِ: إِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

[باب السلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم]

[باب السَّلَفِ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ] 2280 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمْ يُسْلِفُونَ فِي التَّمْرِ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ فَقَالَ مَنْ أَسْلَفَ فِي تَمْرٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَهُمْ يُسْلِفُونَ) يُقَالُ: أُسَلِّفُ تَسْلِيفًا وَأُسْلِفُ إِسْلَافًا وَالِاسْمُ السَّلَفُ وَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا قَرْضٌ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ لِلْمُقْتَرِضِ غَيْرَ الْأَجْرِ وَالشُّكْرِ، وَالثَّانِي أَنْ يُعْطِيَ مَالًا فِي سِلْعَةٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ، وَنَصْبُ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ إِمَّا عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ إِلَى السَّنَةِ أَوْ عَلَى الْمَصْدَرِ أَيْ: إِسْلَافَ السَّنَةِ قَوْلُهُ: (وَوَزْنٌ مَعْلُومٌ) بِالْوَاوِ فِي الْأُصُولِ فَقِيلَ: الْوَاوُ لِلتَّقْسِيمِ أَوْ بِمَعْنَى أَوْ أَيِ: الْكَيْلُ فِيمَا يُكَالُ وَوَزْنٌ فِيمَا يُوزَنُ، وَقِيلَ: بِتَقْدِيرِ الْقَيْدِ، أَيْ: فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ إِنْ كَانَ كَيْلِيَّا وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِنْ كَانَ وَزْنِيًّا، أَوْ مَنْ تَسَلَّفَ فِي مَكِيلٍ مَعْلُومٍ وَمَنْ أَسْلَفَ فِي مَوْزُونٍ مَعْلُومٍ فَلْيُسْلِفْ فِي وَزْنٍ، وَقَوْلُهُ: إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ قَبْلَ ظَاهِرِهِ اشْتِرَاطُ الْأَجَلِ فِي السَّلَمِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يُشْتَرَطُ الْأَجَلُ،

وَالْمُرَادُ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ إِنْ أَجَّلَ اشْتُرِطَ أَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ مَعْلُومًا كَمَا فِي قَرِينِهِ.

2281 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ بَنِي فُلَانٍ أَسْلَمُوا لِقَوْمٍ مِنْ الْيَهُودِ وَإِنَّهُمْ قَدْ جَاعُوا فَأَخَافُ أَنْ يَرْتَدُّوا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ عِنْدَهُ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ عِنْدِي كَذَا وَكَذَا لِشَيْءٍ قَدْ سَمَّاهُ أُرَاهُ قَالَ ثَلَاثُ مِائَةِ دِينَارٍ بِسِعْرِ كَذَا وَكَذَا مِنْ حَائِطِ بَنِي فُلَانٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسِعْرِ كَذَا وَكَذَا إِلَى أَجَلِ كَذَا وَكَذَا وَلَيْسَ مِنْ حَائِطِ بَنِي فُلَانٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَسْلَمُوا) أَيْ: دَخَلُوا فِي دِينِ الْإِسْلَامِ (لِقَوْمٍ) أَيْ: قَالَ فِي حَقِّ قَوْمٍ (مَنْ عِنْدَهُ) أَيْ: شَيْءٌ حَتَّى يَأْخُذَهُ سَلَفًا (إِلَى أَجَلِ كَذَا وَكَذَا) نَبَّهَ عَلَى أَنَّ الْأَجَلَ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِيهِ، وَكَذَا نَبَّهَ بِقَوْلِهِ: (وَلَيْسَ مِنْ حَائِطِ فُلَانٍ) عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي تَعْيِينُ أَنَّهُ ثَمَرَةُ الْبُسْتَانِ الْفُلَانِيِّ أَوِ النَّخْلِ الْفُلَانِيِّ، إِذْ قَدْ لَا يُثْمِرُ ذَلِكَ الْبُسْتَانُ فِي تَلِكَ السَّنَةِ فَيُشْكَلُ الْأَمْرُ. وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَهُوَ مُدَلِّسٌ.

2282 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْمُجَالِدِ وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ ابْنِ أَبِي الْمُجَالِدِ قَالَ «امْتَرَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ وَأَبُو بُرْدَةَ فِي السَّلَمِ فَأَرْسَلُونِي إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ كُنَّا نُسْلِمُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَهْدِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ عِنْدَ قَوْمٍ مَا عِنْدَهُمْ فَسَأَلْتُ ابْنَ أَبْزَى فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ»

[باب من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره]

[باب مَنْ أَسْلَمَ فِي شَيْءٍ فَلَا يَصْرِفْهُ إِلَى غَيْرِهِ] 2283 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ خَيْثَمَةَ عَنْ سَعْدٍ عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَسْلَفْتَ فِي شَيْءٍ فَلَا تَصْرِفْهُ إِلَى غَيْرِهِ» حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ زِيَادِ بْنِ خَيْثَمَةَ عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ سَعْدًا ـــــــــــــــــــــــــــــ (قَوْلُهُ: إِذَا أَسْلَفْتَ) أَيْ: أَسْلَمْتَ فَلَا تَصْرِفْهُ، أَيْ: ذَلِكَ الشَّيْءَ إِلَى غَيْرِهِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ الشَّيْءِ، أَوْ فَلَا تَصْرِفْ مَا أَسْلَفْتَ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ الشَّيْءِ، أَيْ: لَا يَأْخُذْ فِي مُقَابِلِ الْمُسْلِمِ فِيهِ غَيْرَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب إذا أسلم في نخل بعينه لم يطلع]

[باب إِذَا أَسْلَمَ فِي نَخْلٍ بِعَيْنِهِ لَمْ يُطْلِعْ] 2284 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ النَّجْرَانِيِّ قَالَ «قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أُسْلِمُ فِي نَخْلٍ قَبْلَ أَنْ يُطْلِعَ قَالَ لَا قُلْتُ لِمَ قَالَ إِنَّ رَجُلًا أَسْلَمَ فِي حَدِيقَةِ نَخْلٍ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يُطْلِعَ النَّخْلُ فَلَمْ يُطْلِعْ النَّخْلُ شَيْئًا ذَلِكَ الْعَامَ فَقَالَ الْمُشْتَرِي هُوَ لِي حَتَّى يُطْلِعَ وَقَالَ الْبَائِعُ إِنَّمَا بِعْتُكَ النَّخْلَ هَذِهِ السَّنَةَ فَاخْتَصَمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِلْبَائِعِ أَخَذَ مِنْ نَخْلِكَ شَيْئًا قَالَ لَا قَالَ فَبِمَ تَسْتَحِلُّ مَالَهُ ارْدُدْ عَلَيْهِ مَا أَخَذْتَ مِنْهُ وَلَا تُسْلِمُوا فِي نَخْلٍ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي حَدِيقَةِ نَخْلٍ)

أَيْ: مُعَيَّنَةٍ (قَبْلَ أَنْ يُطْلِعَ النَّخْلُ) فِي الصِّحَاحِ أَطْلَعَ النَّخْلُ إِذَا أَخْرَجَ طَلْعَهُ (فَلَمْ يُطْلِعِ النَّخْلُ شَيْئًا) أَيْ: لَمْ يُخْرِجْ ذَلِكَ النَّخْلُ شَيْئًا، وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ يُعْطِي جَوَازَ السَّلَفِ فِي ثِمَارِ قَرْيَةٍ مُعَيَّنَةٍ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا، وَقَدْ مَنَعَهُ عُلَمَاؤُنَا الْحَنَفِيَّةُ، وَلَعَلَّهُمْ يَعْتَذِرُونَ بِعَدَمِ اعْتِبَارِ دَلَالَةِ الْمَفْهُومِ، لَكِنَّ الْمَشْهُورَ اعْتِبَارُ مَفْهُومِ الْغَايَةِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب السلم في الحيوان]

[باب السَّلَمِ فِي الْحَيَوَانِ] 2285 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَسْلَفَ مِنْ رَجُلٍ بَكْرًا وَقَالَ إِذَا جَاءَتْ إِبِلُ الصَّدَقَةِ قَضَيْنَاكَ فَلَمَّا قَدِمَتْ قَالَ يَا أَبَا رَافِعٍ اقْضِ هَذَا الرَّجُلَ بَكْرَهُ فَلَمْ أَجِدْ إِلَّا رَبَاعِيًا فَصَاعِدًا فَأَخْبَرْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَعْطِهِ فَإِنَّ خَيْرَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (اسْتَسْلَفَ) أَيِ: اسْتَقْرَضَ (بَكْرًا) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ الْفَتِيُّ مِنَ الْإِبِلِ كَالْغُلَامِ مِنَ الْإِنْسَانِ (إِلَّا رَبَاعِيًا) كَثَمَانِيًا وَهُوَ مَا دَخَلَ فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ؛ لِأَنَّهَا سِنُّ ظُهُورِ الرَّبَاعِيَةِ، وَالرَّبَاعِيَةُ بِوَزْنِ ثَمَانِيَةٍ، وَلَعَلَّهُ أَدَّى مِنَ الصَّدَاقَةِ بِالشِّرَاءِ مِنْهَا، وَقِيلَ: إِنَّ اسْتِقْرَاضَهُ مِنْهُ كَانَ أَصْلًا لِلصَّدَقَةِ أَيْضًا بِأَنْ كَانَ مِنَ الْغَارِمِينَ فَيَكُونُ الْفَضْلُ صَدَقَةً عَلَيْهِ فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ كَيْفَ قَضَى مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ أَجْوَدَ مِمَّا يَسْتَحِقُّهُ الْغَرِيمُ، وَلَيْسَ لِنَاظِرِ الصَّدَقَاتِ التَّبَرُّعُ مِنْهَا، وَكَذَا انْدَفَعَ أَنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَكَيْفَ قَضَى مِنْهَا؟ وَفِيهِ أَنَّ رَدَّ الْقَرْضِ بِالْأَجْوَدِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ مِنَ السُّنَّةِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، وَكَذَا فِيهِ جَوَازُ الْقَرْضِ لِلْحَيَوَانِ، وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَجُوزُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ دَلِيلُهُ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ اسْتِقْرَاضَ الْجَارِيَةِ لِلْوَطْءِ، ثُمَّ رَدَّهَا بِعَيْنِهَا لَا يَجُوزُ اتِّفَاقًا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

2286 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ هَانِئٍ قَالَ سَمِعْتُ الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ يَقُولُ «كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ اقْضِنِي بَكْرِي فَأَعْطَاهُ بَعِيرًا مُسِنًّا فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا أَسَنُّ مِنْ بَعِيرِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرُ النَّاسِ خَيْرُهُمْ قَضَاءً»

[باب الشركة والمضاربة]

[باب الشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ] 2287 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ وَأَبُو بَكْرٍ ابْنَا أَبِي شَيْبَةَ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ قَائِدِ السَّائِبِ عَنْ السَّائِبِ «قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنْتَ شَرِيكِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَكُنْتَ خَيْرَ شَرِيكٍ لَا تُدَارِينِي وَلَا تُمَارِينِي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا تُدَارِينِي) مِنْ دَرَأَ بِالْهَمْزِ إِذَا دَفَعَ، وَلَا تُمَارِينِي مِنَ الْمِرَاءُ وَهُوَ الْجِدَالُ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ كَانَ شَرِيكًا مُوَافِقًا لَا يُخَالِفُ وَلَا يُنَازِعُ، وَفِي النِّهَايَةِ وَأَصْلُهُ يُدَارِئُ مَهْمُوزٌ، وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ غَيْرَ مَهْمُوزٍ؛ لِيُزَاوِجَ: يُمَارِي.

2288 - حَدَّثَنَا أَبُو السَّائِبِ سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ اشْتَرَكْتُ أَنَا وَسَعْدٌ وَعَمَّارٌ يَوْمَ بَدْرٍ فِيمَا نُصِيبُ فَلَمْ أَجِئْ أَنَا وَلَا عَمَّارٌ بِشَيْءٍ وَجَاءَ سَعْدٌ بِرَجُلَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (اشْتَرَكْتُ أَنَا. . . إِلَخْ) يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الشَّرِكَةِ فِي الْمُبَاحِ الَّذِي يَتَمَلَّكُهُ الْإِنْسَانُ بِالْإِحْرَازِ كَالصَّيْدِ وَالْحَطَبِ.

2289 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ ثَابِتٍ الْبَزَّارُ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ دَاوُدَ عَنْ صَالِحِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثٌ فِيهِنَّ الْبَرَكَةُ الْبَيْعُ إِلَى أَجَلٍ وَالْمُقَارَضَةُ وَأَخْلَاطُ الْبُرِّ بِالشَّعِيرِ لِلْبَيْتِ لَا لِلْبَيْعِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَالْمُقَارَضَةُ) بِالْقَافِ وَهِيَ الْمُضَارَبَةُ كَمَا فِي التَّرْجَمَةِ. وَالسُّيُوطِيُّ نَقَلَهُ بِالْعَيْنِ، وَفَسَّرَهُ بِبَيْعِ الْعَرَضِ بِالْعَرَضِ، وَقَالَ: هُوَ لِكَوْنِ الْمَتَاعِ بِالْمَتَاعِ لَا نَقْدَ فِيهِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَصْحِيفٌ. وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ صَالِحُ بْنُ صُهَيْبٍ مَجْهُولٌ وَعَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ دَاوُدَ قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: حَدِيثُهُ غَيْرُ مَحْفُوظٍ اهـ. وَنَصْرُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدِيثُهُ مَجْهُولٌ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب ما للرجل من مال ولده]

[باب مَا لِلرَّجُلِ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ] 2290 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَمَّتِهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ وَإِنَّ أَوْلَادَكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنَّ أَطْيَبَ. . . إِلَخْ) تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي أَوَّلِ أَبْوَابِ التِّجَارَاتِ.

2291 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ إِسْحَقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي مَالًا وَوَلَدًا وَإِنَّ أَبِي يُرِيدُ أَنْ يَجْتَاحَ مَالِي فَقَالَ أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ (يَجْتَاحُ) بِتَقْدِيمِ الْجِيمِ عَلَى الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ: يَسْتَأْصِلُهُ، أَيْ: يَصْرِفُهُ فِي حَوَائِجِهِ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى لِي شَيْءٌ، وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ لِلْأَبِ أَنْ يَفْعَلَ فِي مَالِ ابْنِهِ مَا شَاءَ، كَيْفَ وَقَدْ جَعَلَ نَفْسَ الِابْنِ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ مُبَالَغَةً، لَكِنَّ الْفُقَهَاءَ جَوَّزُوا ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ. وَفِي الْخَطَّابِيِّ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي النَّفَقَةِ عَلَيْهِ بِأَنْ يَكُونَ مَعْذُورًا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ لِلنَّفَقَةِ كَثِيرًا، وَإِلَّا يَسَعُهُ فَضْلُ الْمَالِ، وَالصَّرْفُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ يَجْتَاحُ أَصْلَهُ وَيَأْتِي عَلَيْهِ فَلَمْ يَعْذُرْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُ فِي تَرْكِ النَّفَقَةِ وَقَالَ لَهُ: أَنْتَ وَمَالُكَ لِوَالِدِكِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ إِذَا احْتَاجَ إِلَى مَالِكَ أَخَذَ مِنْهُ قَدْرَ الْحَاجَةِ كَمَا يَأْخُذُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، فَأَمَّا إِذَا أَرَدْنَا بِهِ إِبَاحَةَ مَالِهِ حَتَّى يَجْتَاحَ وَيَأْتِيَ عَلَيْهِ لَا عَلَى هَذَا

الْوَجْهِ، فَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا ذَهَبَ إِلَيْهِ مِنَ الْفُقَهَاءِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ.

2292 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَيَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ قَالَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا حَجَّاجٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ أَبِي اجْتَاحَ مَالِي فَقَالَ أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَوْلَادَكُمْ مِنْ أَطْيَبِ كَسْبِكُمْ فَكُلُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ»

[باب ما للمرأة من مال زوجها]

[باب مَا لِلْمَرْأَةِ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا] 2293 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَبُو عُمَرَ الضَّرِيرُ قَالُوا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «جَاءَتْ هِنْدٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ لَا يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي إِلَّا مَا أَخَذْتُ مِنْ مَالِهِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَقَالَ خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (رَجُلٌ شَحِيحٌ) أَيْ: بَخِيلٌ (بِالْمَعْرُوفِ) أَيْ: بِالْقَدْرِ الَّذِي يُتَحَمَّلُ فِي الْعُرْفِ أَخْذُهُ.

2294 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي وَأَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَنْفَقَتْ الْمَرْأَةُ وَقَالَ أَبِي فِي حَدِيثِهِ إِذَا أَطْعَمَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ كَانَ لَهَا أَجْرُهَا وَلَهُ مِثْلُهُ بِمَا اكْتَسَبَ وَلَهَا بِمَا أَنْفَقَتْ وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ. . . إِلَخْ) مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا عَلِمَتْ بِرِضَاهُ بِإِذْنٍ صَرِيحٍ أَوْ بِإِذْنٍ مَفْهُومٍ مِنِ اطِّرَادِ الْعُرْفِ كَإِعْطَاءِ السَّائِلِ كِسْرَةً وَنَحْوَهَا مِمَّا جَرَتِ الْعَادَةُ بِهِ هَذَا إِذَا عَلِمَتْ أَنَّ نَفْسَ الزَّوْجِ كَنُفُوسِ غَالِبِ النَّاسِ فِي السَّمَاحَةِ، وَإِنْ شَكَّتْ فِي رِضَاهُ فَلَا بُدَّ مِنْ إِذْنٍ صَرِيحٍ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (غَيْرَ مُفْسِدَةٍ) أَيْ: لَيْسَ مِنْ قَصْدِهَا إِفْسَادُ بَيْتِ الزَّوْجِ وَلَا تُعْطِي شَيْئًا يُفْضِي إِلَى ذَلِكَ، وَدَخَلَ فِيهِ إِعْطَاءُ الْكَثِيرِ غَيْرِ الْمُعْتَادِ (وَلِلْخَازِنِ) هُوَ الَّذِي يَكُونُ بِيَدِهِ حِفْظُ الطَّعَامِ وَنَحْوِهِ.

2295 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ يَقُولُ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا تُنْفِقُ الْمَرْأَةُ مِنْ بَيْتِهَا شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الطَّعَامَ قَالَ ذَلِكَ مِنْ أَفْضَلِ أَمْوَالِنَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا) أَيْ: صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً كَمَا سَبَقَ.

[باب ما للعبد أن يعطي ويتصدق]

[باب مَا لِلْعَبْدِ أَنْ يُعْطِيَ وَيَتَصَدَّقَ] 2296 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ح وَحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مُسْلِمٍ الْمُلَائِيِّ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُجِيبُ دَعْوَةَ الْمَمْلُوكِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يُجِيبُ دَعْوَةَ الْمَمْلُوكِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ الْمَأْذُونُ فِي التِّجَارَةِ وَلَهُ إِعْطَاءُ الْقَلِيلِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ الْمَأْذُونُ فِي الدَّعْوَةِ، وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى أَنَّ لِلْعَبْدِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ ذَلِكَ بِلَا إِذْنٍ.

2297 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى آبِي اللَّحْمِ قَالَ «كَانَ مَوْلَايَ يُعْطِينِي الشَّيْءَ فَأُطْعِمُ مِنْهُ فَمَنَعَنِي أَوْ قَالَ فَضَرَبَنِي فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ سَأَلَهُ فَقُلْتُ لَا أَنْتَهِي أَوْ لَا أَدَعُهُ فَقَالَ الْأَجْرُ بَيْنَكُمَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَقَالَ) أَيْ: لِمَوْلَايَ الْأَجْرُ بَيْنَكُمَا، أَيْ: تَرْغِيبًا لَهُ فِي تَجْوِيزِ ذَلِكَ لِلْعَبْدِ حِينَ رَأَى رَغْبَةَ الْعَبْدِ فِيهِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب من مر على ماشية قوم أو حائط هل يصيب منه]

[باب مَنْ مَرَّ عَلَى مَاشِيَةِ قَوْمٍ أَوْ حَائِطٍ هَلْ يُصِيبُ مِنْهُ] 2298 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي بِشْرٍ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي إِيَاسٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبَّادَ بْنَ شُرَحْبِيلَ «رَجُلًا مِنْ بَنِي غُبَرَ قَالَ أَصَابَنَا عَامُ مَخْمَصَةٍ فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَأَتَيْتُ حَائِطًا مِنْ حِيطَانِهَا فَأَخَذْتُ سُنْبُلًا فَفَرَكْتُهُ وَأَكَلْتُهُ وَجَعَلْتُهُ فِي كِسَائِي فَجَاءَ صَاحِبُ الْحَائِطِ فَضَرَبَنِي وَأَخَذَ ثَوْبِي فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ لِلرَّجُلِ مَا أَطْعَمْتَهُ إِذْ كَانَ جَائِعًا أَوْ سَاغِبًا وَلَا عَلَّمْتَهُ إِذْ كَانَ جَاهِلًا فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَدَّ إِلَيْهِ ثَوْبَهُ وَأَمَرَ لَهُ بِوَسْقٍ مِنْ طَعَامٍ أَوْ نِصْفِ وَسْقٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَامُ مَخْمَصَةٍ) أَيْ: جُوعٍ وَقَحْطٍ (فَفَرَكْتُهُ) مِنْ فَرَكْتُ السُّنْبُلَ أَفْرُكُهُ مِنْ بَابِ نَصَرَ إِذَا أَخْرَجْتُ مَا فِيهِ مِنَ الْحُبُوبِ قَوْلُهُ: (أَوْ سَاغِبًا) أَيْ: جَائِعًا وَالشَّكُّ مِنَ الرَّاوِي (وَلَا عَلَّمْتَهُ) مِنَ التَّعْلِيمِ، أَيْ: أَنَّهُ كَانَ جَاهِلًا جَائِعًا فَاللَّائِقُ بِكَ تَعْلِيمُهُ أَوَّلًا بِأَنَّ لَكَ مَا سَقَطَ، وَإِطْعَامُهُ بِالْمُسَامَحَةِ عَمَّا أَخَذَ ثَانِيًا! وَأَنْتَ مَا فَعَلْتَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ (بِوَسْقٍ) بِفَتْحٍ أَوْ كَسْرٍ فَسُكُونٍ.

2299 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ وَيَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي الْحَكَمِ الْغِفَارِيَّ قَالَ حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي عَنْ عَمِّ أَبِيهَا رَافِعِ بْنِ عَمْرٍو الْغِفَارِيِّ قَالَ «كُنْتُ وَأَنَا غُلَامٌ أَرْمِي نَخْلَنَا أَوْ قَالَ نَخْلَ الْأَنْصَارِ فَأُتِيَ بِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا غُلَامُ وَقَالَ ابْنُ كَاسِبٍ فَقَالَ يَا بُنَيَّ لِمَ تَرْمِي النَّخْلَ قَالَ قُلْتُ آكُلُ قَالَ فَلَا تَرْم النَّخْلَ وَكُلْ مِمَّا يَسْقُطُ فِي أَسَافِلِهَا قَالَ ثُمَّ مَسَحَ رَأْسِي وَقَالَ اللَّهُمَّ أَشْبِعْ بَطْنَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَأُتِيَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ (وَكُلْ مِمَّا يَسْقُطُ) قِيلَ: هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ

لَمْ يَكُنْ مُضْطَرًّا وَإِلَّا لَمَا خَصَّهُ بِمَا سَقَطَ، وَكَذَا الدُّعَاءُ بِقَوْلِهِ: أَشْبِعْ بَطْنَهُ؛ فَمُقْتَضَاهُ أَنْ لَا يَخُصَّ مَا جَاءَ مِنْ حَدِيثِ مَنْ دَخَلَ حَائِطًا فَلْيَأْكُلْ، أَيْ: مِمَّا سَقَطَ وَلَا يَتَّخِذْ خُبْنَةً بِحَالَةِ الِاضْطِرَارِ كَمَا قَالُوا.

2300 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا الْجُرَيْرِيُّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا أَتَيْتَ عَلَى رَاعٍ فَنَادِهِ ثَلَاثَ مِرَارٍ فَإِنْ أَجَابَكَ وَإِلَّا فَاشْرَبْ فِي غَيْرِ أَنْ تُفْسِدَ وَإِذَا أَتَيْتَ عَلَى حَائِطِ بُسْتَانٍ فَنَادِ صَاحِبَ الْبُسْتَانِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَإِنْ أَجَابَكَ وَإِلَّا فَكُلْ فِي أَنْ لَا تُفْسِدَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَاشْرَبْ. . . إِلَخْ) قَالُوا هَذَا فِي الْمُضْطَرِّ الَّذِي لَا يَجِدُ طَعَامًا وَهُوَ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ التَّلَفَ، وَفِي الْفَتْحِ هَذَا الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ الْجُرَيْرِيُّ، وَاسْمُهُ سَعْدُ بْنُ إِيَامٍ، وَقَدِ اخْتَلَطَ بِآخِرِهِ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ رَوَى عَنْهُ بَعْدَ الِاخْتِلَاطِ، لَكِنْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ لَهُ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ عَنِ الْجُرَيْرِيِّ.

2301 - حَدَّثَنَا هَدِيَّةُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَأَيُّوبُ بْنُ حَسَّانَ الْوَاسِطِيُّ وَعَلِيُّ بْنُ سَلَمَةَ قَالُوا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا مَرَّ أَحَدُكُمْ بِحَائِطٍ فَلْيَأْكُلْ وَلَا يَتَّخِذْ خُبْنَةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَلْيَأْكُلْ) أَيْ: مَا سَقَطَ (خُبْنَةً) بِضَمِّ خَاءٍ مُعْجَمَةٍ وَسُكُونِ مُوَحَّدَةٍ وَنُونٍ: مِعْطَفَ الْإِزَارِ وَطَرَفَ الثَّوْبِ، أَيْ: لَا يَأْخُذْ مِنْهُ فِي ثَوْبِهِ يُقَالُ: أَخْبَنَ الرَّجُلُ إِذَا خَبَّأَ شَيْئًا فِي ثَوْبِهِ أَوْ سَرَاوِيلِهِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب النهي أن يصيب منها شيئا إلا بإذن صاحبها]

[باب النَّهْيِ أَنْ يُصِيبَ مِنْهَا شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهَا] 2302 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ قَالَ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَامَ فَقَالَ لَا يَحْتَلِبَنَّ أَحَدُكُمْ مَاشِيَةَ رَجُلٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تُؤْتَى مَشْرُبَتُهُ فَيُكْسَرَ بَابُ خِزَانَتِهِ فَيُنْتَثَلَ طَعَامُهُ فَإِنَّمَا تَخْزُنُ لَهُمْ ضُرُوعُ مَوَاشِيهِمْ أَطْعِمَاتِهِمْ فَلَا يَحْتَلِبَنَّ أَحَدُكُمْ مَاشِيَةَ امْرِئٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنْ تُؤْتَى) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ (مَشْرُبَتُهُ) بِفَتْحِ مِيمٍ وَضَمِّ رَاءٍ: الْغَرْفَةُ (خِزَانَتِهِ) بِكَسْرِ الْخَاءِ (فَيُنْتَثَلَ) بِنُونٍ بَعْدَ حَرْفِ الْمُضَارَعَةِ، ثُمَّ تَاءٍ مُثَنَّاةٍ مِنْ فَوْقُ ثُمَّ مُثَلَّثَةٍ، أَيْ: يُسْتَخْرَجَ (تَخْزُنُ) مِنْ خَزَنَ الْمَالَ حَفِظَهُ عَنْ غَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ: عَنْ سُلَيْطِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الطَّهَوِيِّ، ضَبَطَ فِي التَّقْرِيبِ الطَّهَوِيَّ بِفَتْحَتَيْنِ، وَفِي سُلَيْطٍ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ اللَّامِ فِي تَرْجَمَةِ

ذُهَيْلٍ، وَضَبَطَ فِي اللُّبَابِ بِضَمٍّ فَفَتْحٍ، وَقِيلَ: بِفَتْحَتَيْنِ فَسُكُونٍ.

2303 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ بِشْرِ بْنِ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ سَلِيطِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الطُّهَوِيِّ عَنْ ذُهَيْلِ بْنِ عَوْفِ بْنِ شَمَّاخٍ الطُّهَوِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ «بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ إِذْ رَأَيْنَا إِبِلًا مَصْرُورَةً بِعِضَاهِ الشَّجَرِ فَثُبْنَا إِلَيْهَا فَنَادَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَجَعْنَا إِلَيْهِ فَقَالَ إِنَّ هَذِهِ الْإِبِلَ لِأَهْلِ بَيْتٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ هُوَ قُوتُهُمْ وَيُمْنُهُمْ بَعْدَ اللَّهِ أَيَسُرُّكُمْ لَوْ رَجَعْتُمْ إِلَى مَزَاوِدِكُمْ فَوَجَدْتُمْ مَا فِيهَا قَدْ ذُهِبَ بِهِ أَتُرَوْنَ ذَلِكَ عَدْلًا قَالُوا لَا قَالَ فَإِنَّ هَذَا كَذَلِكَ قُلْنَا أَفَرَأَيْتَ إِنْ احْتَجْنَا إِلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فَقَالَ كُلْ وَلَا تَحْمِلْ وَاشْرَبْ وَلَا تَحْمِلْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَصْرُورَةً) أَيْ: مَرْبُوطَةَ الضُّرُوعِ وَكَانَ عَادَةُ الْعَرَبِ أَنَّهُمْ إِذَا أَرْسَلُوا الْحَلُوبَاتِ إِلَى الْمَرَاعِي رَبَطُوا ضُرُوعَهَا وَأَرْسَلُوهَا وَيُسَمُّونَ ذَلِكَ الرِّبَاطَ صِرَارًا (بِعِضَاهِ الشَّجَرِ) ضُبِطَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ، وَهِيَ شَجَرُ أُمِّ غَيْلَانَ وَكُلُّ شَجَرٍ عَظِيمٍ لَهُ شَوْكٌ (فَثُبْنَا) مِنْ ثَابَ النَّاسُ إِذَا اجْتَمَعُوا، أَيِ: اجْتَمَعْنَا إِلَيْهَا قَوْلُهُ: (هُوَ قُوتُهُمْ) أَيْ: مَا فِي ضُرُوعِهَا قُوتٌ لِأُولَئِكَ الْمُسْلِمِينَ (وَيُمْنُهُمْ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَسُكُونِ الْمِيمِ، أَيْ: بَرَكَتُهُمْ وَخَيْرُهُمْ (بَعْدَ اللَّهِ) يُرِيدُ أَنَّ الْمُحْتَاجَ إِلَيْهِ أَوَّلًا الَّذِي فِيهِ الْبَرَكَةُ وَالْيُمْنُ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى، لَكِنْ بَعْدَ ذَلِكَ: الْقُوتُ هُوَ الْمُحْتَاجُ إِلَيْهِ (إِلَى مَزَاوِدِكُمْ) بِالزَّايِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ: أَوْعِيَتِكُمُ الْمُعَدَّةِ لِلسَّفَرِ (عَدْلًا) مِنْ فَاعِلِهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ سُلَيْطُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ فِيهِ الْبُخَارِيُّ: إِسْنَادُهُ لَيْسَ بِالْقَائِمِ. قُلْتُ: وَالْحَجَّاجُ هُوَ ابْنُ أَرْطَاةَ كَانَ يُدَلِّسُ، وَقَدْ رَوَاهُ بِالْعَنْعَنَةِ.

[باب اتخاذ الماشية]

[باب اتِّخَاذِ الْمَاشِيَةِ] 2304 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُمِّ هَانِئٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا اتَّخِذِي غَنَمًا فَإِنَّ فِيهَا بَرَكَةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَإِنَّ فِيهَا بَرَكَةً) هِيَ مُجَرَّبَةٌ فَإِنَّهُ يَكْثُرُ نَمَاؤُهَا، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

2305 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ عَامِرٍ عَنْ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ «يَرْفَعُهُ قَالَ الْإِبِلُ عِزٌّ لِأَهْلِهَا وَالْغَنَمُ بَرَكَةٌ وَالْخَيْرُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِي الْخَيْلِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ (عِزٌّ لِأَهْلِهَا) لِمَا فِيهِ مِنَ الِارْتِفَاعِ وَقَدْ جَاءَ تَفْسِيرُهُ بِالْأَجْرِ وَالْغَنِيمَةِ؛ وَلِذَلِكَ اسْتَدَلَّ بِالْحَدِيثِ عَلَى بَقَاءِ الْجِهَادِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، بَلْ بَعْضُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ بِهَذَا الْوَجْهِ، وَإِنَّمَا انْفَرَدَ ابْنُ مَاجَهْ بِذِكْرِ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ فَلِذَلِكَ ذَكَرْتُهُ.

2306 - حَدَّثَنَا عِصْمَةُ بْنُ الْفَضْلِ النَّيْسَابُورِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ فِرَاسٍ أَبُو هُرَيْرَةَ الصَّيْرَفِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ حَدَّثَنَا زَرْبِيٌّ إِمَامُ مَسْجِدِ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشَّاةُ مِنْ دَوَابِّ الْجَنَّةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الشَّاةُ مِنْ دَوَابِّ الْجَنَّةِ) فِي إِسْنَادِهِ زِرُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو يَحْيَى الْأَزْدِيُّ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَى ضَعْفِهِ.

2307 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَغْنِيَاءَ بِاتِّخَاذِ الْغَنَمِ وَأَمَرَ الْفُقَرَاءَ بِاتِّخَاذِ الدَّجَاجِ وَقَالَ عِنْدَ اتِّخَاذِ الْأَغْنِيَاءِ الدَّجَاجَ يَأْذَنُ اللَّهُ بِهَلَاكِ الْقُرَى» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَأْذَنُ اللَّهُ) أَيْ: يُرِيدُ هَلَاكَ أَهْلِهَا حَيْثُ ضَيَّقُوا عَلَى الْفُقَرَاءِ مَسَالِكَ الرِّزْقِ وَقَطَعُوا عَلَيْهِمُ الِانْتِفَاعَ بِالدَّجَاجِ، فَإِنَّ الْأَغْنِيَاءَ إِذَا اتَّخَذَتْهَا تَقِلُّ حَاجَتُهُمْ إِلَى الشِّرَاءِ فَيَنْقَطِعُ انْتِفَاعُ الْفُقَرَاءِ بِالدَّجَاجِ. وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَلِيُّ بْنُ عُرْوَةَ تَرَكُوهُ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَضَعُ الْحَدِيثَ وَعُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَجْهُولٌ. وَالْمَتْنُ ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ.

[كتاب الأحكام]

[كِتَاب الْأَحْكَامِ] [بَاب ذِكْرِ الْقُضَاةِ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَاب الْأَحْكَامِ بَاب ذِكْرِ الْقُضَاةِ 2308 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ الْمَقْبُريِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ جُعِلَ قَاضِيًا بَيْنَ النَّاسِ فَقَدْ ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَقَدْ ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ) أُرِيدَ بِهِ أَنَّهُ ذُبِحَ بِغَيْرِ آلَةِ الذَّبْحِ؛ لِأَنَّ الذَّبْحَ بِالسِّكِّينِ أَرْيَحُ لِلذَّبِيحَةِ بِخِلَافِهِ بِغَيْرِهَا أَوِ الْمُرَادُ ذُبِحَ لَا ذَبْحًا يَقْتُلُهُ، بَلْ ذَبْحًا يَبْقَى فِيهِ لَا حَيًّا وَلَا مَيِّتًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ ذَبْحًا بِسِكِّينٍ حَتَّى يَمُوتَ، وَلَا هُوَ سَالِمٌ عَنِ الذَّبْحِ حَتَّى يَكُونَ حَيًّا، وَقِيلَ: أَرَادَ الذَّبْحَ غَيْرَ الْمُتَعَارَفِ الَّذِي هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ هَلَاكِ دِينِهِ دُونَ هَلَاكِ بَدَنِهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ ابْتُلِيَ بِالْغِنَاءِ الدَّائِمِ وَالدَّاءِ الْمُعْضِلِ الَّذِي يُعْقِبُ النَّدَامَةَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَالْجُمْهُورُ حَمَلُوهُ عَلَى ذَمِّ التَّوَلِّي لِلْقَضَاءِ وَالتَّرْغِيبِ عَنْهُ لِمَا فِيهِ مِنَ الْخَطَرِ. وَحَمَلَهُ ابْنُ الْقَاصِّ عَلَى التَّرْغِيبِ فِيهِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمُجَاهَدَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى ذُبِحَ أَنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُمِيتَ دَوَاعِيَهُ الْخَبِيثَةَ وَشَهَوَاتِهِ الرَّدِيئَةَ، وَعَلَى هَذَا فَالْخَبَرُ بِمَنْزِلَةِ الْأَمْرِ، وَالْحَدِيثُ إِرْشَادٌ لَهُ إِلَى مَا يَلِيقُ بِحَالِهِ لَا يَلِيقُ بِمَدْحٍ وَلَا ذَمٍّ.

2309 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ بِلَالِ بْنِ أَبِي مُوسَى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَأَلَ الْقَضَاءَ وُكِلَ إِلَى نَفْسِهِ وَمَنْ جُبِرَ عَلَيْهِ نَزَلَ إِلَيْهِ آلِكْ فَسَدَّدَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وُكِلَ إِلَى نَفْسِهِ) فُوِّضَ إِلَيْهَا، وَهَذَا كِنَايَةٌ عَنْ عَدَمِ الْعَوْنِ مِنَ اللَّهِ - تَعَالَى - فِي مَعْرِفَةِ الْحَقِّ وَالتَّوْفِيقِ لِلْعَمَلِ بِهِ. (فَسَدَّدَهُ) أَيْ: أَرْشَدَهُ

وَهَدَاهُ طَرِيقَ السَّدَادِ، أَيِ: الصَّوَابِ.

2310 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَعْلَى وَأَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْيَمَنِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَبْعَثُنِي وَأَنَا شَابٌّ أَقْضِي بَيْنَهُمْ وَلَا أَدْرِي مَا الْقَضَاءُ قَالَ فَضَرَبَ بِيَدِهِ فِي صَدْرِي ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ اهْدِ قَلْبَهُ وَثَبِّتْ لِسَانَهُ قَالَ فَمَا شَكَكْتُ بَعْدُ فِي قَضَاءٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَلَا أَدْرِي مَا الْقَضَاءُ) لَمْ يُرِدْ نَفْيَ الْعِلْمِ بِالْقَضَاءِ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا أَرَادَ نَفْيَ التَّجْرِبَةِ بِكَيْفِيَّةِ فَصْلِ الْخُصُومَاتِ وَكَيْفِيَّةِ دَفْعِ كُلٍّ مِنَ الْمُتَخَاصِمَيْنِ كَلَامَ الْآخَرِ وَمَكْرِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ، أَيْ: إِنِّي مَا جَرَّبْتُ ذَلِكَ قَبْلَ هَذَا وَإِلَّا فَهُوَ كَامِلٌ لِلْعِلْمِ بِأَحْكَامِ الدِّينِ وَقَضَايَا الشَّرْعِ. قَوْلُهُ: (فِي قَضَاءٍ. . . إِلَخْ) أَيْ: فِي كَيْفِيَّةِ الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا، وَفِي الزَّوَائِدِ: هَذَا إِسْنَادٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَمْ يَسْمَعِ الْبَخْتَرِيُّ وَاسْمُهُ سَعِيدُ بْنُ فَيْرُوزَ مِنْ عَلِيٍّ وَلَمْ يُدْرِكْهُ اهـ. قُلْتُ: حَدِيثُ عَلِيٍّ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ آخَرَ فَكَأَنَّهُ عَدَّهُ مِنَ الزَّوَائِدِ نَظَرًا إِلَى خُصُوصِ الْإِسْنَادِ.

[باب التغليظ في الحيف والرشوة]

[باب التَّغْلِيظِ فِي الْحَيْفِ وَالرَّشْوَةِ] 2311 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا مُجَالِدٌ عَنْ عَامِرٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ حَاكِمٍ يَحْكُمُ بَيْنَ النَّاسِ إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَلَكٌ آخِذٌ بِقَفَاهُ ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَإِنْ قَالَ أَلْقِهِ أَلْقَاهُ فِي مَهْوَاةٍ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَا مِنْ حَاكِمٍ يَحْكُمُ بَيْنَ النَّاسِ) عُمُومُهُ يَشْمَلُ مَنْ يَحْكُمُ بِالْحَقِّ - أَيْضًا - نَعَمْ، لَا عُمُومَ فِي الْأَمْرِ بِالْإِلْقَاءِ فَيُخَصَّ بِالْحُكْمِ بِالْبَاطِلِ، وَيُمْكِنُ تَخْصِيصُ الْكَلَامِ مِنَ الْأَصْلِ بِمَنْ يَحْكُمُ بِالْبَاطِلِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَرْفَعُ) أَيِ: الْمِلْكُ (فَإِنْ قَالَ) أَيْ: قَائِلٌ مِنَ السَّمَاءِ (أَرْبَعِينَ خَرِيفًا) أَيْ: ذَاهِبًا إِلَى الْأَسْفَلِ أَرْبَعِينَ عَامًا، أَوْ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَهْوَاةٍ، أَيْ: فِي مَحَلٍّ يَسْقُطُ فِيهِ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا وَلَا يُمْكِنُهُ تَعَلُّقُهُ بِالْإِلْقَاءِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مُجَالِدٌ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

2312 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ عِمْرَانَ الْقَطَّانِ عَنْ حُسَيْنٍ يَعْنِي ابْنَ عِمْرَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الْقَاضِي مَا لَمْ يَجُرْ فَإِذَا جَارَ وَكَّلَهُ إِلَى نَفْسِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَعَ الْقَاضِي) بِالتَّأْبِيدِ وَالتَّوْفِيقِ لِإِدْرَاكِ الْحَقِّ وَالْحُكْمِ بِهِ (مَا لَمْ يَجُرْ) مِنَ الْجَوْرِ مَا لَمْ يَكُنْ مَائِلًا إِلَى الْبَاطِلِ.

2313 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ خَالِهِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الرَّاشِي) هُوَ الْمُعْطِي لِلرِّشْوَةِ وَالْمُرْتَشِي هُوَ الْآخِذُ لَهَا وَالرِّشْوَةُ بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ وَصْلَةٌ إِلَى حَاجَتِهِ بِالْمُصَانَعَةِ مِنَ الرِّشَاءِ الْمُتَوَصَّلِ بِهِ إِلَى الْمَاءِ، قِيلَ: هَذَا إِنْ كَانَ لِبَاطِلٍ،

وَأَمَّا مَنْ يُعْطِي دَفْعًا لِظَالِمٍ أَوْ تَوَصُّلًا بِهِ إِلَى حَقٍّ فَغَيْرُ دَاخِلٍ فِيهِ.

[باب الحاكم يجتهد فيصيب الحق]

[باب الْحَاكِمِ يَجْتَهِدُ فَيُصِيبُ الْحَقَّ] 2314 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي قَيْسٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ «أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ» قَالَ يَزِيدُ فَحَدَّثْتُ بِهِ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فَقَالَ هَكَذَا حَدَّثَنِيهِ أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ اللَّازِمَ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ فِي إِدْرَاكِ الصَّوَابِ، وَأَمَّا الْوُصُولُ إِلَيْهِ فَلَيْسَ بِقُدْرَتِهِ، فَهُوَ مَعْذُورٌ إِنْ لَمْ يَصِلْ إِلَيْهِ، نَعَمْ إِنْ وُفِّقَ لِلصَّوَابِ. قَوْلُهُ: (فَلَهُ أَجْرَانِ) أَجْرُ الِاجْتِهَادِ وَأَجْرُ الْحُكْمِ بِالْحَقِّ، وَإِلَّا فَلَهُ أَجْرُ الِاجْتِهَادِ فَقَطْ، بَقِيَ أَنَّ هَذَا هَلْ هُوَ اجْتِهَادٌ فِي مَعْرِفَةِ الْحُكْمِ مِنْ أَدِلَّتِهِ أَوِ اجْتِهَادٌ فِي مَعْرِفَةِ حَقِيقَةِ الْحَادِثَةِ لِيَقْضِيَ عَلَى وَفْقِ مَا عَلَيْهِ الْأَمْرُ فِي نَفْسِهِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ حَمَلَهُ غَالِبُ الْعُلَمَاءِ لَكِنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِهِ عَلَى جَوَازِ الِاجْتِهَادِ لَا يَتِمُّ لِوُجُودِ الِاحْتِمَالِ الثَّانِي فَلْيُتَأَمَّلْ.

2315 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ تَوْبَةَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ حَدَّثَنَا أَبُو هَاشِمٍ قَالَ لَوْلَا حَدِيثُ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ اثْنَانِ فِي النَّارِ وَوَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ رَجُلٌ عَلِمَ الْحَقَّ فَقَضَى بِهِ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ وَرَجُلٌ قَضَى لِلنَّاسِ عَلَى جَهْلٍ فَهُوَ فِي النَّارِ وَرَجُلٌ جَارَ فِي الْحُكْمِ فَهُوَ فِي النَّارِ لَقُلْنَا إِنَّ الْقَاضِيَ إِذَا اجْتَهَدَ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَضَى لِلنَّاسِ عَلَى جَهْلٍ) عُمُومُهُ يَشْمَلُ مَا إِذَا قَضَى بِالْحَقِّ - أَيْضًا - وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ النَّارَ حَيْثُ تَجَارَى عَلَى هَذَا الْعَمَلِ الْعَظِيمِ بِلَا عِلْمٍ لَا لِسَبَبِ جَوْرِهِ فِي الْحُكْمِ. قَوْلُهُ: (وَرَجُلٌ جَارَ فِي الْحُكْمِ) أَيْ: مَالَ إِلَى الْبَاطِلِ مَعَ عِلْمِهِ بِالْحَقِّ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب لا يحكم الحاكم وهو غضبان]

[بَاب لَا يَحْكُمُ الْحَاكِمُ وَهُوَ غَضْبَانُ] 2316 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ وَأَحْمَدُ بْنُ ثَابِتٍ الْجَحْدَرِيُّ قَالُوا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَقْضِي الْقَاضِي بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ قَالَ هِشَامٌ فِي حَدِيثِهِ لَا يَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يَقْضِيَ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا يَقْضِي الْقَاضِي) نَفْيٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ، أَيْ: لَا يَنْبَغِي لَهُ ذَلِكَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْغَضَبَ يُفْسِدُ

الْفِكْرَ وَيُغَيِّرُ الْحَالَ فَلَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ فِي الْحُكْمِ، وَقَالُوا: وَكَذَا الْجُوعُ وَالْعَطَشُ وَأَمْثَالُ ذَلِكَ.

[باب قضية الحاكم لا تحل حراما ولا تحرم حلالا]

[بَاب قَضِيَّةِ الْحَاكِمِ لَا تُحِلُّ حَرَامًا وَلَا تُحَرِّمُ حَلَالًا] 2317 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ وَإِنَّمَا أَقْضِي لَكُمْ عَلَى نَحْوٍ مِمَّا أَسْمَعُ مِنْكُمْ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلَا يَأْخُذْهُ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ يَأْتِي بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ) أَيْ: لَا أَعْلَمُ مِنَ الْغَيْبِ إِلَّا مَا أَطْلَعَنِي اللَّهُ - تَعَالَى - عَلَيْهِ كَمَا هُوَ شَأْنُ الْبَشَرِ (أَنْ يَكُونَ) أَنْ زَائِدَةٌ دَخَلَتْ فِي خَبَرِ لَعَلَّ تَشْبِيهًا لَهَا بِعَسَى (أَلْحَنَ) أَيْ: أَفْطَنَ وَأَعْرَفَ بِهَا أَوْ أَقْدَرَ عَلَى بَيَانِ مَقْصُودِهِ وَأَبْيَنَ كَلَامًا (فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ) أَيْ: أَقْطَعُ لَهُ مَا هُوَ حَرَامٌ عَلَيْهِ يُفْضِيهِ إِلَى النَّارِ قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةِ أَبِي دَاوُدَ: هَذَا فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ لَمَّا أُمِرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَحْكُمَ بِالظَّاهِرِ وَيَكِلَ سَرَائِرَ الْخَلْقِ إِلَى اللَّهِ - تَعَالَى - كَسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ثُمَّ خُصَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ أُذِنَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِالْبَاطِنِ أَيْضًا، وَأَنْ يَقْتُلَ بِعِلْمِهِ خُصُوصِيَّةً انْفَرَدَ بِهَا عَنْ سَائِرِ الْخَلْقِ بِالْإِجْمَاعِ، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَقْتُلَ بِعِلْمِهِ إِلَّا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اهـ. قُلْتُ: كَلَامُ الْقُرْطُبِيِّ مَحْمُولٌ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَا يُشْكَلُ الْأَمْرُ بِقَتْلِ خَضِرٍ فَتَأَمَّلْ. فَإِنْ قِيلَ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ يُقَرِّرُ عَلَى الْخَطَأِ، وَقَدْ أَطْبَقَ الْأُصُولِيُّونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقَرِّرُ عَلَيْهِ! أُجِيبَ بِأَنَّهُ فِيمَا حَكَمَ بِهِ بِالِاجْتِهَادِ هَذَا فِي فَصْلِ الْخُصُومَاتِ بِالْبَيِّنَةِ وَالْإِقْرَارِ وَالنُّكُولِ، قَالَ السُّبْكِيُّ: هَذِهِ قَضِيَّةٌ شَرْطِيَّةٌ لَا يَسْتَدْعِي وُجُودَهَا، بَلْ مَعْنَاهُ بَيَانُ ذَلِكَ. قَالَ: وَلَمْ يَثْبُتْ لَنَا قَطُّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَكَمَ بِحُكْمٍ ثُمَّ بَانَ خِلَافُهُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، وَقَدْ صَانَ اللَّهُ - تَعَالَى - أَحْكَامَ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ لَهُ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ مَحْذُورٌ. قُلْتُ: الْحُكْمُ بِالظَّاهِرِ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ وَلَا خَطَأَ مِنْهُ أَصْلًا فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا الْخَطَأُ مِمَّنْ أَقَامَ الْحُجَّةَ الْبَاطِلَةَ وَلَوْ سَلِمَ فَمِنْ أَيْنَ عُلِمَ أَنَّهُ يُقَرِّرُ عَلَيْهِ حَتَّى تُوُهِّمَ التَّنَافِي بَيْنَ هَذَا وَبَيْنِ الْقَاعِدَةِ الْأُصُولِيَّةِ؟ فَيَحْتَاجُ إِلَى الْجَوَابِ، إِذْ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَزْيَدَ مِنْ إِمْكَانِ الْقَضَاءِ فَلَعَلَّهُ لَا يُقَرِّرُ عَلَى ذَلِكَ الْقَضَاءِ، وَيَكُونُ الْأَخْذُ بِذَلِكَ مُفْضِيًا إِلَى النَّارِ فِي حَقِّ مَنْ يَأْخُذُ مَالَ الْغَيْرِ.

2318 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَمَنْ قَطَعْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ قِطْعَةً فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثُ

(إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

[باب من ادعى ما ليس له وخاصم فيه]

[باب مَنْ ادَّعَى مَا لَيْسَ لَهُ وَخَاصَمَ فِيهِ] 2319 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سَعِيدٍ أَبُو عُبَيْدَةَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ ذَكْوَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ أَنَّ أَبَا الْأَسْوَدِ الدِّيلِيَّ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ «أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ ادَّعَى مَا لَيْسَ لَهُ فَلَيْسَ مِنَّا وَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ مِنَّا) أَيْ: مِنْ أَهْلِ سُنَّتِنَا (وَلْيَتَبَوَّأْ) أَيْ: لِيَتَهَيَّأْ لِنَفْسِهِ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ، هَذَا عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْقَاقِ وَفَضْلُ اللَّهِ أَوْسَعُ.

2320 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ سَوَاءٍ حَدَّثَنِي عَمِّي مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَعَانَ عَلَى خُصُومَةٍ بِظُلْمٍ أَوْ يُعِينُ عَلَى ظُلْمٍ لَمْ يَزَلْ فِي سَخَطِ اللَّهِ حَتَّى يَنْزِعَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَوْ يُعِينُ عَلَى ظُلْمٍ) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي (حَتَّى يَنْزِعَ) أَيْ: يَتْرُكَ ذَلِكَ بِالتَّوْبَةِ.

[باب البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه]

[باب الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ] 2321 - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى الْمِصْرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَنْبَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ ادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ وَلَكِنْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَوْ يُعْطَى النَّاسُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِذَا عَجَزَ الْمُدَّعِي عَنِ الْبَيِّنَةِ.

2322 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَا حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ «كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنْ الْيَهُودِ أَرْضٌ فَجَحَدَنِي فَقَدَّمْتُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ لَكَ بَيِّنَةٌ قُلْتُ لَا قَالَ لِلْيَهُودِيِّ احْلِفْ قُلْتُ إِذًا يَحْلِفُ فِيهِ فَيَذْهَبُ بِمَالِي فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77] إِلَخْ الْآيَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ} [آل عمران: 77] إِلَخْ) تَقْرِيرُهُ أَنَّ الشِّرَاءَ هُوَ الْحَلِفُ وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَجَزَاؤُهُ فِي الْآخِرَةِ.

[باب من حلف على يمين فاجرة ليقتطع بها مالا]

[باب مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَاجِرَةٍ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالًا] 2323 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَا حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ وَهُوَ فِيهَا فَاجِرٌ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَلَى يَمِينٍ) أَيْ: مَحْلُوفٍ (فَاجِرٍ) أَيْ: كَاذِبٍ.

2324 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَخَاهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ أَنَّ أَبَا أُمَامَةَ الْحَارِثِيَّ حَدَّثَهُ «أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يَقْتَطِعُ رَجُلٌ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَأَوْجَبَ لَهُ النَّارَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا قَالَ وَإِنْ كَانَ سِوَاكًا مِنْ أَرَاكٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ) أَيِ: ابْتِدَاءً، أَوِ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ وَأَمْرُ الْمَغْفِرَةِ وَرَاءَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (مِنْ أَرَاكٍ) بِالْفَتْحِ شَجَرَةٌ مَعْرُوفَةٌ.

[باب اليمين عند مقاطع الحقوق]

[باب الْيَمِينِ عِنْدَ مَقَاطِعِ الْحُقُوقِ] 2325 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ح وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ ثَابِتٍ الْجَحْدَرِيُّ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى قَالَا حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ هَاشِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نِسْطَاسٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ حَلَفَ بِيَمِينٍ آثِمَةٍ عِنْدَ مِنْبَرِي هَذَا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ وَلَوْ عَلَى سِوَاكٍ أَخْضَرَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عِنْدَ مِنْبَرِي هَذَا) فِيهِ التَّغْلِيظُ فِي الْأَيْمَانِ بِالْمَكَانِ قَوْلُهُ: (عَلَى سِوَاكٍ أَخْضَرَ) لَعَلَّ التَّقْيِيدَ بِالْأَخْضَرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَسْتَبْعِدُ الِاخْتِصَامَ بَيْنَ الْعَاقِلَيْنِ فِي مِثْلِهِ.

2326 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَزَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ قَالَا حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ فَرُّوخَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَهُوَ أَبُو يُونُسَ الْقَوِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحْلِفُ عِنْدَ هَذَا الْمِنْبَرِ عَبْدٌ وَلَا أَمَةٌ عَلَى يَمِينٍ آثِمَةٍ وَلَوْ عَلَى سِوَاكٍ رَطْبٍ إِلَّا وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَهُوَ أَبُو يُونُسَ الْقَوِيُّ) قِيلَ: لِقُوَّتِهِ عَلَى الْعِبَادَةِ يُسَمَّى الْقَوِيَّ بَكَى حَتَّى عَمِيَ وَصَامَ حَتَّى حُنِيَ، وَقِيلَ: صَلَّى وَطَافَ حَتَّى أُقْعِدَ، وَكَانَ يَطُوفُ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ سَبْعِينَ أُسْبُوعًا فَقُدِّرَ ذَلِكَ فَإِذَا هُوَ ثَمَانِيَةُ فَرَاسِخَ. قَوْلُهُ: (لَا يَحْلِفُ عِنْدَ هَذَا الْمِنْبَرِ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[باب بما يستحلف أهل الكتاب]

[باب بِمَا يُسْتَحْلَفُ أَهْلُ الْكِتَابِ] 2327 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا رَجُلًا مِنْ عُلَمَاءِ الْيَهُودِ فَقَالَ أَنْشُدُكَ بِالَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ سُؤَالٌ لَا حَلِفٌ، لَكِنْ كَثِيرًا مَا يُذْكَرُ مِثْلُ هَذَا الْكَلَامِ فِي مَوْضِعِ الْحَلِفِ فَلِذَلِكَ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ.

2328 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ مُجَالِدٍ أَنْبَأَنَا عَامِرٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِيَهُودِيَّيْنِ أَنْشَدْتُكُمَا بِاللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام»

[باب الرجلان يدعيان السلعة وليس بينهما بينة]

[بَاب الرَّجُلَانِ يَدَّعِيَانِ السِّلْعَةَ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا بَيِّنَةٌ] 2329 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ خِلَاسٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ رَجُلَيْنِ ادَّعَيَا دَابَّةً وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا بَيِّنَةٌ فَأَمَرَهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْتَهِمَا عَلَى الْيَمِينِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ادَّعَيَا دَابَّةً) أَيْ: فِي يَدِ ثَالِثٍ (وَلَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمَا بَيِّنَةٌ) أَيْ: لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا بَيِّنَةٌ أَصْلًا (أَنْ يَسْتَهِمَا) يَقْتَرِعَا (عَلَى الْيَمِينِ) أَيْ: يَمِينِ ذِي الْيَدِ، أَيْ: يَبْدَأُ بِالْيَمِينِ لِأَيِّهِمَا.

2330 - حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ وَزُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالُوا حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي مُوسَى «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اخْتَصَمَ إِلَيْهِ رَجُلَانِ بَيْنَهُمَا دَابَّةٌ وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ فَجَعَلَهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ) أَيْ: بِعَيْنِهِ، بَلْ لَهُمَا أَوْ لَا بَيِّنَةَ أَصْلًا، قِيلَ: وَالدَّابَّةُ فِي يَدِ غَيْرِهِمَا، أَوْ فِي يَدِهِمَا حَتَّى لَا يَتَرَجَّحَ أَحَدُ الْجَانِبَيْنِ بِالْيَدِ.

[باب من سرق له شيء فوجده في يد رجل اشتراه]

[بَاب مَنْ سُرِقَ لَهُ شَيْءٌ فَوَجَدَهُ فِي يَدِ رَجُلٍ اشْتَرَاهُ] 2331 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ضَاعَ لِلرَّجُلِ مَتَاعٌ أَوْ سُرِقَ لَهُ مَتَاعٌ فَوَجَدَهُ فِي يَدِ رَجُلٍ يَبِيعُهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَوَجَدَ فِي يَدِ رَجُلٍ) أَيِ: اشْتَرَى ذَلِكَ الرَّجُلُ مِنْ غَيْرِهِ فَهُوَ، أَيِ: الْمَالِكُ أَحَقُّ بِهِ، أَيْ: بِذَلِكَ الشَّيْءِ مِنْ صَاحِبِ الْيَدِ الْمُشْتَرِي وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي الَّذِي هُوَ صَاحِبُ الْيَدِ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ إِنْ وَجَدَهُ، وَفِي الزَّوَائِدِ رَوَى بَعْضَهُ أَبُو دَاوُدَ وَفِي إِسْنَادِ الْمُصَنِّفِ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ.

[باب الحكم فيما أفسدت المواشي]

[بَاب الْحُكْمِ فِيمَا أَفْسَدَتْ الْمَوَاشِي] 2332 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ الْمِصْرِيُّ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ ابْنَ مُحَيِّصَةَ الْأَنْصَارِيَّ أَخْبَرَهُ «أَنَّ نَاقَةً لِلْبَرَاءِ كَانَتْ ضَارِيَةً دَخَلَتْ فِي حَائِطِ قَوْمٍ فَأَفْسَدَتْ فِيهِ فَكُلِّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا فَقَضَى أَنَّ حِفْظَ الْأَمْوَالِ عَلَى أَهْلِهَا بِالنَّهَارِ وَعَلَى أَهْلِ الْمَوَاشِي مَا أَصَابَتْ مَوَاشِيهِمْ بِاللَّيْلِ» حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةَ بْنُ هِشَامٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ حَرَامِ بْنِ مُحَيِّصَةَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّ نَاقَةً لِآلِ الْبَرَاءِ أَفْسَدَتْ شَيْئًا فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ضَارِيَةً) أَيِ: الَّتِي تَعْتَادُ رَعْيَ زَرْعِ النَّاسِ قَوْلُهُ: (فِي حَائِطِ قَوْمٍ) أَيْ: بُسْتَانِهِمْ (إِنَّ حِفْظَ الْأَمْوَالِ) أَيِ: الْبَسَاتِينِ يُرِيدُ أَنَّهَا إِنْ تَلِفَتْ بِالنَّهَارِ فَالتَّقْصِيُرُ مِنْ صَاحِبِ الْبُسْتَانِ فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ تَلِفَتْ بِاللَّيْلِ فَالتَّقْصِيرُ مِنْ صَاحِبِهَا فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ، وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ، وَقِيلَ: إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا صَاحِبُهَا فَلَا ضَمَانَ لَا لَيْلًا وَلَا نَهَارًا.

[باب الحكم فيمن كسر شيئا]

[بَاب الْحُكْمِ فِيمَنْ كَسَرَ شَيْئًا] 2333 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ قَيْسِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سُوءَةَ قَالَ «قُلْتُ لِعَائِشَةَ أَخْبِرِينِي عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ أَوَ مَا تَقْرَأُ الْقُرْآنَ {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4] قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَصْحَابِهِ فَصَنَعْتُ لَهُ طَعَامًا وَصَنَعَتْ لَهُ حَفْصَةُ طَعَامًا قَالَتْ فَسَبَقَتْنِي حَفْصَةُ فَقُلْتُ لِلْجَارِيَةِ انْطَلِقِي فَأَكْفِئِي قَصْعَتَهَا فَلَحِقَتْهَا وَقَدْ هَمَّتْ أَنْ تَضَعَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكْفَأَتْهَا فَانْكَسَرَتْ الْقَصْعَةُ وَانْتَشَرَ الطَّعَامُ قَالَتْ فَجَمَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا فِيهَا مِنْ الطَّعَامِ عَلَى النِّطَعِ فَأَكَلُوا ثُمَّ بَعَثَ بِقَصْعَتِي فَدَفَعَهَا إِلَى حَفْصَةَ فَقَالَ خُذُوا ظَرْفًا مَكَانَ ظَرْفِكُمْ وَكُلُوا مَا فِيهَا قَالَتْ فَمَا رَأَيْتُ ذَلِكَ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَكَفِّئِي) مِنْ كَفِئَ بِالْهَمْزِ فِي آخِرِهِ، أَيْ: قَلَبَ، أَيْ: كُبِّيَ مَا فِي الْإِنَاءِ مِنَ الطَّعَامِ (فَلَحِقَتْهَا) أَيْ: فَلَحِقَتْ جَارِيَتِي حَفْصَةَ (وَقَدْ هَوَتْ) أَيْ: مَالَتْ أَوْ هَمَّتْ وَقَصَدَتْ (فَأَكْفَأَتْهَا) أَيْ: قَلَبَتْهَا، أَيِ: الْقَصْعَةَ (عَلَى النَّطْعِ) بِفَتْحَتَيْنِ أَوْ سُكُونِ الثَّانِي وَفِيهِ لُغَاتٌ أُخَرُ (خُذُوا ظَرْفًا) لَعَلَّ الْقَصْعَتَيْنِ كَانَتَا فِي الْقِيمَةِ سَوَاءً أَوْ أَنَّهُمَا كَانَتَا مِلْكًا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنَّمَا أَرَادَ بِمَا فَعَلَ جَبْرًا لِلْخَاطِرِ فَلَا يَضُرُّ التَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا قَوْلُهُ: (فَمَا رَأَيْتُ ذَلِكَ) أَيْ: أَثَرَ مَا فَعَلَتْ فِي حَضْرَتِهِ، وَهَذَا مِنْ كَمَالِ حُسْنِ الْخُلُقِ الَّذِي يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُعْجِزَةً

لَهُ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِلْجَاهِلَةِ بِالتَّابِعِيِّ.

2334 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ فَأَرْسَلَتْ أُخْرَى بِقَصْعَةٍ فِيهَا طَعَامٌ فَضَرَبَتْ يَدَ الرَّسُولِ فَسَقَطَتْ الْقَصْعَةُ فَانْكَسَرَتْ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكِسْرَتَيْنِ فَضَمَّ إِحْدَاهُمَا إِلَى الْأُخْرَى فَجَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ وَيَقُولُ غَارَتْ أُمُّكُمْ كُلُوا فَأَكَلُوا حَتَّى جَاءَتْ بِقَصْعَتِهَا الَّتِي فِي بَيْتِهَا فَدَفَعَ الْقَصْعَةَ الصَّحِيحَةَ إِلَى الرَّسُولِ وَتَرَكَ الْمَكْسُورَةَ فِي بَيْتِ الَّتِي كَسَرَتْهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَضَرَبَتْ) أَيْ: صَاحِبَةُ الْبَيْتِ (الْكِسْرَتَيْنِ) هُمَا كَالْقِطْعَتَيْنِ لَفْظًا وَمَعْنًى (غَارَتْ أُمُّكُمْ) اعْتِذَارٌ مِنْ قِيلِ الضَّارِبَةِ.

[باب الرجل يضع خشبة على جدار جاره]

[بَاب الرَّجُلِ يَضَعُ خَشَبَةً عَلَى جِدَارِ جَارِهِ] 2335 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ «يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا اسْتَأْذَنَ أَحَدَكُمْ جَارُهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً فِي جِدَارِهِ فَلَا يَمْنَعْهُ» فَلَمَّا حَدَّثَهُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ طَأْطَئُوا رُءُوسَهُمْ فَلَمَّا رَآهُمْ قَالَ مَا لِي أَرَاكُمْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ وَاللَّهِ لَأَرْمِيَنَّ بِهَا بَيْنَ أَكْتَافِكُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (خَشَبَتُهُ) بِالْإِضَافَةِ إِلَى الضَّمِيرِ، أَوْ بِتَاءِ الْوَحْدَةِ رِوَايَتَانِ وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَةَ يَخِفُّ عَلَى الْجَارِ أَنْ يَسْمَحَ بِهَا بِخِلَافِ الْخَشَبِ الْكَثِيرِ، قِيلَ: الْمُرَادُ بِالْوَاحِدَةِ الْجِنْسُ فَيَتَّحِدُ مَعْنَى الرِّوَايَتَيْنِ (فَلَا يَمْنَعْهُ) بِالْجَزْمِ أَوِ الرَّفْعِ، الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَهْلُ الْحَدِيثِ: إِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْوُجُوبِ (مُعْرِضِينَ) أَيْ: بِمَا ذَكَرْتُ لَكُمْ (لَأَرْمِيَنَّ بِهَا) أَيْ: بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ (بَيْنَ أَكْتَافِكُمْ) بِالتَّاءِ جَمْعُ كَتِفٍ، أَوْ بِالنُّونِ جَمْعِ كَنَفٍ بِمَعْنَى الْجَانِبِ، أَيْ: لَأُشِيعَنَّ هَذِهِ الْمَقَالَةَ فِيكُمْ فَلَا يُمْكِنُ لَكُمْ أَنْ تَغْفُلُوا عَنْهَا، وَالضَّمِيرُ لِلْخَشَبَةِ، وَالْمَعْنَى إِنْ رَضِيتُمْ بِهَذَا الْحُكْمِ وَإِلَّا لَأَجْعَلَنَّ الْخَشَبَةَ بَيْنَ رِقَابِكُمْ كَارِهِينَ، وَالْمُرَادُ الْمُبَالَغَةُ فِي إِجْرَاءِ الْحُكْمِ فِيهِمْ وَإِنْ ثَقُلَ عَلَيْهِمْ قِيلَ: قَالَهُ حِينَ كَانَ أَمِيرًا عَلَى الْمَدِينَةِ.

2336 - حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَنَّ هِشَامَ بْنَ يَحْيَى أَخْبَرَهُ أَنَّ عِكْرِمَةَ بْنَ سَلَمَةَ أَخْبَرَهُ «أَنَّ أَخَوَيْنِ مِنْ بَلْمُغِيرَةِ أَعْتَقَ أَحَدَهُمَا أَنْ لَا يَغْرِزَ خَشَبًا فِي جِدَارِهِ فَأَقْبَلَ مُجَمِّعُ بْنُ يَزِيدَ وَرِجَالٌ كَثِيرٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالُوا نَشْهَدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَمْنَعْ أَحَدُكُمْ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً فِي جِدَارِهِ» فَقَالَ يَا أَخِي إِنَّكَ مَقْضِيٌّ لَكَ عَلَيَّ وَقَدْ حَلَفْتُ فَاجْعَلْ أُسْطُوَانًا دُونَ حَائِطِي أَوْ جِدَارِي فَاجْعَلْ عَلَيْهِ خَشَبَكَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مِنْ بَلْمُغِيرَةَ) أَيْ: بَنِي الْمُغِيرَةِ وَهَذِهِ لُغَةٌ (أَعْتَقَ أَحَدَهُمَا) أَيْ: حَلَفَ بِالْعِتْقِ عَلَى أَنْ لَا يَغْرِزَ

لِآخَرَ خَشَبًا فِي جِدَارِهِ (فَاجْعَلْ أُسْطُوَانًا) حَتَّى لَا أَقَعَ فِي الْحِنْثِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ هِشَامُ بْنُ يَحْيَى بْنِ الْعَاصِ الْمَخْزُومِيُّ، ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَقَالَ الذَّهَبِيُّ: مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَعِكْرِمَةُ بْنُ سَلَمَةَ لَمْ أَرَ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ لَا بِتَجْرِيحٍ وَلَا تَوْثِيقٍ، وَقَالَ: وَلَيْسَ لِمُجَمَّعٍ هَذَا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَلَا بَقِيَّةِ الْكُتُبِ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ.

2337 - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَمْنَعْ أَحَدُكُمْ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً عَلَى جِدَارِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. . . إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[باب إذا تشاجروا في قدر الطريق]

[بَاب إِذَا تَشَاجَرُوا فِي قَدْرِ الطَّرِيقِ] 2338 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا مُثَنَّى بْنُ سَعِيدٍ الضُّبَعِيُّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْعَلُوا الطَّرِيقَ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (اجْعَلُوا الطَّرِيقَ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ) أَيْ: إِذَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهَا، أَيْ: إِذَا كَانَ الْأَرْضُ لِقَوْمٍ وَأَرَادُوا إِحْيَاءَهَا وَعِمَارَتَهَا، فَإِنِ اتَّفَقُوا فِي الطَّرِيقِ عَلَى شَيْءٍ فَذَاكَ، وَإِلَّا فَيُجْعَلُ عَرْضُ طَرِيقِهِمْ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ لِدُخُولِ الْأَحْمَالِ وَالْأَثْقَالِ وَخُرُوجِهَا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

2339 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَمُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ هَيَّاجٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اخْتَلَفْتُمْ فِي الطَّرِيقِ فَاجْعَلُوهُ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. . . إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادٌ صَحِيحٌ رِجَالُهُ مُوَثَّقُونَ.

[باب من بنى في حقه ما يضر بجاره]

[بَاب مَنْ بَنَى فِي حَقِّهِ مَا يَضُرُّ بِجَارِهِ] 2340 - حَدَّثَنَا عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ خَالِدٍ النُّمَيْرِيُّ أَبُو الْمُغَلِّسِ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى أَنْ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنْ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ) لَا ضَرَرَ بِفَتْحَتَيْنِ وَلَا ضِرَارَ بِكَسْرٍ وَالرِّوَايَةُ عَلَى بِنَائِهِمَا عَلَى الْفَتْحِ، وَالدِّرَايَةُ تُجَوِّزُ خَمْسَةَ أَوْجُهٍ مَذْكُورَةٍ فِي مِثْلِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ، ثُمَّ الضَّرَرُ خِلَافَ النَّفْعِ وَالضِّرَارُ مِنَ الِاثْنَيْنِ فَالْمَعْنَى: لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَضُرَّ صَاحِبَهُ بِوَجْهٍ وَلَا لِاثْنَيْنِ أَنْ يَضُرَّ كُلٌّ مِنْهُمَا

بِصَاحِبِهِ ظَنًّا أَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّبَادُلِ فَلَا إِثْمَ فِيهِ، وَلِهَذَا ذِكْرُهُ بَعْدَ الْأَوَّلِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ، هَذَا إِسْنَادٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ إِسْحَاقَ بْنَ الْوَلِيدِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ عَدِيٍّ: لَمْ يُدْرِكْ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ لَمْ يَلْقَ عُبَادَةَ.

2341 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. . . إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ جَابِرٌ الْجَعَفِيُّ مُتَّهَمٌ.

2342 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ لُؤْلُؤَةَ عَنْ أَبِي صِرْمَةَ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ ضَارَّ أَضَرَّ اللَّهُ بِهِ وَمَنْ شَاقَّ شَقَّ اللَّهُ عَلَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ ضَارَّ) أَيْ: قَصَدَ إِيقَاعَ الضَّرَرِ بِأَحَدٍ بِلَا حَقٍّ، وَمَعْنَى شَاقَّ قَصَدَ إِلْحَاقَ الْمَشَقَّةِ بِأَحَدٍ.

[باب الرجلان يدعيان في خص]

[بَاب الرَّجُلَانِ يُدْعَيَانِ فِي خُصٍّ] 2343 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ وَعَمَّارُ بْنُ خَالِدٍ الْوَاسِطِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ دَهْثَمِ بْنِ قُرَّانٍ عَنْ نِمْرَانَ بْنِ جَارِيَةَ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ قَوْمًا اخْتَصَمُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خُصٍّ كَانَ بَيْنَهُمْ فَبَعَثَ حُذَيْفَةَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ فَقَضَى لِلَّذِينَ يَلِيهِمْ الْقِمْطُ فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَهُ فَقَالَ أَصَبْتَ وَأَحْسَنْتَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي خُصٍّ كَانَ بَيْنَهُمْ) الْخُصُّ - بِضَمِّ خَاءٍ مُعْجَمَةٍ فَتَشْدِيدِ صَادٍ مُهْمَلَةٍ - بَيْتٌ يُتَّخَذُ مِنْ قَصَبٍ يَلِيهِمُ (الْقِمْطُ) بِالْكَسْرِ حَبْلٌ يَشُدُّ بِهِ الْأَخْصَاصُ، وَقَالَ الْهَرَوِيُّ: هُوَ بِالضَّمِّ فَقِيلَ: هُوَ جَمْعٌ، وَبِالْكَسْرِ مُفْرَدٌ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ قَضَى لِمِنْ يَلِي بَيْتُهُ مَعَاقِدَ الْقِمْطِ، فَإِنَّ ذَاكَ دَلِيلُ الْمِلْكِ إِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ دَلِيلٌ، وَلَعَلَّ قَضَى لَهُ بِالْيَمِينِ فَصَارَ مَرْجِعُهُ الْقَضَاءَ لِذِي الْيَدِ بِالْيَمِينِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عُمَرُ بْنُ أَبِي جَارِيَةَ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: حَالُهُ مَجْهُولٌ. قُلْتُ: دَهْثَمُ بْنُ قُرَّانٍ تَرَكُوهُ وَشَذَّ ابْنُ حِبَّانَ بِذَكَرِهِ فِي الثِّقَاتِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب من اشترط الخلاص]

[بَاب مَنْ اشْتَرَطَ الْخَلَاصَ] 2344 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا بِيعَ الْبَيْعُ مِنْ رَجُلَيْنِ فَالْبَيْعُ لِلْأَوَّلِ» قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِبْطَالُ الْخَلَاصِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذَا بِيعَ الْمَبِيعُ. . . إِلَخْ) مِنَ الْمُشْتَرِيَيْنِ، أَيِ: الْمَبِيعُ وَإِنْ شَرَطَ الْبَائِعُ مَعَ الثَّانِي أَنَّ عَلَيْهِ خَلَاصَ الْمَبِيعِ فَعُلِمَ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَا فَائِدَةَ فِيهِ.

[باب القضاء بالقرعة]

[بَاب الْقَضَاءِ بِالْقُرْعَةِ] 2345 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ «أَنَّ رَجُلًا كَانَ لَهُ سِتَّةُ مَمْلُوكِينَ لَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ فَأَعْتَقَهُمْ عِنْدَ مَوْتِهِ فَجَزَّأَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَجَزَّأَهُمْ) بِتَشْدِيدِ الزَّايِ وَتَخْفِيفِهَا وَفِي آخِرِهِ هَمْزَةٌ، أَيْ: فَرَّقَهُمْ أَجْزَاءً ثَلَاثَةً، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى تَسَاوِي قِيمَتِهِمْ، وَقَدِ اسْتَبْعَدَ وُقُوعَ مِثْلِ ذَلِكَ مَنْ لَا يَقُولُ بِهِ بِأَنَّهُ كَيْفَ يَكُونُ رَجُلٌ لَهُ سِتَّةُ عَبِيدٍ مِنْ غَيْرِ بَيْتٍ وَلَا مَالٍ وَلَا طَعَامٍ وَلَا قَلِيلٍ وَلَا كَثِيرٍ، وَأَيْضًا كَيْفَ تَكُونُ السِّتَّةُ مُتَسَاوِيَةً قِيمَةً. قُلْتُ: يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فَقِيرًا حَصَلَ لَهُ الْعَبِيدُ فِي

الْغَنِيمَةِ وَمَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ قَرِيبٍ، وَأَيْضًا يَجُوزُ أَنَّهُ مَا بَقِيَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ تَجْهِيزِهِ وَتَكْفِينِهِ وَقَضَاءِ دُيُونِهِ إِلَّا ذَاكَ، وَأَمَّا تَسَاوِي كَثِيرٍ فِي الْقِيمَةِ فَغَيْرُ عَزِيزٍ، وَبِالْجُمْلَةِ إِنَّ الْخَبَرَ إِذَا صَحَّ لَا يُتْرَكُ الْعَمَلُ بِهِ بِمِثْلِ تَلِكَ الِاسْتِبْعَادَاتِ.

2346 - حَدَّثَنَا جَمِيلُ بْنُ الْحَسَنِ الْعَتَكِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ خِلَاسٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَجُلَيْنِ تَدَارَءَا فِي بَيْعٍ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ فَأَمَرَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْتَهِمَا عَلَى الْيَمِينِ أَحَبَّا ذَلِكَ أَمْ كَرِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَدْ تَدَارَأَ) تَفَاعَلَ مِنْ دَرَأَ بِهَمْزَةٍ بِمَعْنَى دَفَعَ، أَيْ: تَنَازَعَا فِي بَيْعٍ لَعَلَّ صُورَتَهُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَانَ يَدَّعِي الشِّرَاءَ مِنْ ثَالِثٍ وَكَانَ الثَّالِثُ يُنْكِرُ ذَلِكَ لَهُمَا (أَنْ يَسْتَهِمَا) أَيْ: يَقْتَرِعَا عَلَى الْيَمِينِ، أَيْ: عَلَى يَمِينِ الثَّالِثِ لَهُمَا لِأَنَّهُمَا بَيْعَانِ.

2347 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا سَافَرَ أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ»

2348 - حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ صَالِحٍ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ «أُتِيَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَهُوَ بِالْيَمَنِ فِي ثَلَاثَةٍ قَدْ وَقَعُوا عَلَى امْرَأَةٍ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ فَسَأَلَ اثْنَيْنِ فَقَالَ أَتُقِرَّانِ لِهَذَا بِالْوَلَدِ فَقَالَا لَا ثُمَّ سَأَلَ اثْنَيْنِ فَقَالَ أَتُقِرَّانِ لِهَذَا بِالْوَلَدِ فَقَالَا لَا فَجَعَلَ كُلَّمَا سَأَلَ اثْنَيْنِ أَتُقِرَّانِ لِهَذَا بِالْوَلَدِ قَالَا لَا فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالَّذِي أَصَابَتْهُ الْقُرْعَةُ وَجَعَلَ عَلَيْهِ ثُلُثَيْ الدِّيَةِ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَجَعَلَ عَلَيْهِ ثُلُثَيِ الدِّيَةِ) أَيِ: الْغَنِيمَةِ، وَالْمُرَادُ قِيمَةُ الْأُمِّ، فَإِنَّهَا انْتَقَلَتْ إِلَيْهِ مِنْ يَوْمِ وَقَعَ عَلَيْهَا بِالْقِيَافَةِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ الْقَضَاءِ بِالْقُرْعَةِ لَا بِالْقِيَافَةِ، وَلَعَلَّ مَنْ يَقُولُ بِالْقِيَافَةِ يَحْمِلُ حَدِيثَ عَلِيٍّ عَلَى مَا إِذَا لَمْ يُوجَدِ الْقَائِفُ وَقَدْ أَخَذَ بَعْضُهُمْ بِالْقُرْعَةِ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ.

[باب القافة]

[بَاب الْقَافَةِ] 2349 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالُوا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ مَسْرُورًا وَهُوَ يَقُولُ يَا عَائِشَةُ أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ مُجَزِّزًا الْمُدْلِجِيَّ دَخَلَ عَلَيَّ فَرَأَى أُسَامَةَ وَزَيْدًا عَلَيْهِمَا قَطِيفَةٌ قَدْ غَطَّيَا رُءُوسَهُمَا وَقَدْ بَدَتْ أَقْدَامُهُمَا فَقَالَ إِنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْقَافَةُ) جَمْعُ قَائِفٍ وَهُوَ مَنْ يَسْتَدِلُّ عَلَى النَّسَبِ وَيُلْحِقُ الْفُرُوعَ بِالْأُصُولِ بِالتَّشْبِيهِ وَالْعَلَامَاتِ. قَوْلُهُ: (أَلَمْ تَرَيْ) بِفَتْحِ الرَّاءِ

وَسُكُونِ الْيَاءِ خِطَابُ الْمَرْأَةِ (أَنَّ مُجَزِّزًا) بِجِيمٍ وِزَاءَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ أُولَاهُمَا مُشَدَّدَةٌ مَكْسُورَةٌ الْمُدْجَلِيَّ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الدَّالِ وَكَسْرِ اللَّامِ، وَوَجْهُ سُرُورِهِ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَطْعَنُونَ فِي نَسَبِ أُسَامَةَ مِنْ زَيْدٍ لِكَوْنِهِ أَسْوَدَ، وَزَيْدٌ أَبْيَضُ، وَهُمْ كَانُوا يَعْتَمِدُونَ عَلَى قَوْلِ الْقَائِفِ، فَشَهَادَةُ هَذَا الْقَائِفِ تَدْفَعُ طَعْنَهُمْ، وَقَدْ أَخَذَ بَعْضُهُمْ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ الْقَوْلَ بِالْقِيَافَةِ فِي إِثْبَاتِ النَّسَبِ؛ لِأَنَّ سُرُورَهُ بِهَذَا الْقَوْلِ دَلِيلُ صِحَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَرُّ بِالْبَاطِلِ، بَلْ يُنْكَرُ، وَمَنْ لَا يَقُولُ بِذَلِكَ يَقُولُ: وَجْهُ السُّرُورِ هُوَ أَنَّ الْكَفَرَةَ الطَّاعِنِينَ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ الْقِيَافَةَ فَصَارَ الْقَائِفُ حُجَّةً عَلَيْهِمْ وَهُوَ يَكْفِي فِي السُّرُورِ.

2350 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ حَدَّثَنَا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ قُرَيْشًا أَتَوْا امْرَأَةً كَاهِنَةً فَقَالُوا لَهَا أَخْبِرِينَا أَشْبَهَنَا أَثَرًا بِصَاحِبِ الْمَقَامِ فَقَالَتْ إِنْ أَنْتُمْ جَرَرْتُمْ كِسَاءً عَلَى هَذِهِ السِّهْلَةِ ثُمَّ مَشَيْتُمْ عَلَيْهَا أَنْبَأْتُكُمْ قَالَ فَجَرُّوا كِسَاءً ثُمَّ مَشَى النَّاسُ عَلَيْهَا فَأَبْصَرَتْ أَثَرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ هَذَا أَقْرَبُكُمْ إِلَيْهِ شَبَهًا ثُمَّ مَكَثُوا بَعْدَ ذَلِكَ عِشْرِينَ سَنَةً أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِصَاحِبِ الْمَقَامِ) أَيْ: مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ أَقْرَبُ اتِّبَاعًا لِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ (عَلَى هَذِهِ السَّهْلَةِ) هِيَ رَمْلٌ خَشِنٌ بِالدِّقَاقِ النَّاعِمِ كَذَا ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[باب تخيير الصبي بين أبويه]

[بَاب تَخْيِيرِ الصَّبِيِّ بَيْنَ أَبَوَيْهِ] 2351 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ عَنْ أَبِي مَيْمُونَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيَّرَ غُلَامًا بَيْنَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَقَالَ يَا غُلَامُ هَذِهِ أُمُّكَ وَهَذَا أَبُوكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (هَذِهِ أُمُّكَ، وَهَذَا أَبُوكَ) أَيْ: فَاخْتَرْ أَيَّهُمَا شِئْتَ وَمَنْ أَنْكَرَ تَخْيِيرَ الْوَلَدِ يَرَى أَنَّهُ مَخْصُوصٌ ضَرُورَةَ أَنَّ الصَّغِيرَ لَا يَهْتَدِي بِنَفْسِهِ إِلَى الصَّوَابِ وَالْهِدَايَةِ مِنَ اللَّهِ - تَعَالَى - لِلصَّوَابِ لِغَيْرِ هَذَا الْوَلَدِ غَيْرِ لَازِمَةٍ بِخِلَافِ هَذَا فَقَدْ وُفِّقَ لِلْخَيْرِ بِدُعَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا سَيَجِيءُ فِي الْحَدِيثِ الْآتِي.

2352 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ أَبَوَيْهِ اخْتَصَمَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدُهُمَا كَافِرٌ وَالْآخَرُ مُسْلِمٌ فَخَيَّرَهُ فَتَوَجَّهَ إِلَى الْكَافِرِ فَقَالَ اللَّهُمَّ اهْدِهِ فَتَوَجَّهَ إِلَى الْمُسْلِمِ فَقَضَى لَهُ بِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنَّ أَبَوَيْهِ اخْتَصَمَا. . . إِلَخْ) وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: عَبْدُ الْحَمِيدِ

بْنُ سَلَمَةَ وَأَبُوهُ وَجَدُّهُ لَا يُعْرَفُونَ.

[باب الصلح]

[بَاب الصُّلْحِ] 2353 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا صُلْحًا حَرَّمَ حَلَالًا أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِلَّا صُلْحًا حَرَّمَ حَلَالًا) كَأَنْ يُصَالِحَ امْرَأَتَهُ عَلَى أَنْ لَا يَطَأَ جَارِيَتَهُ (أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا) كَأَنْ يُصَالِحَ مِنْ دَرَاهِمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهَا فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلرِّبَا.

[باب الحجر على من يفسد ماله]

[بَاب الْحَجْرِ عَلَى مَنْ يُفْسِدُ مَالَهُ] 2354 - حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ مَرْوَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ رَجُلًا كَانَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عُقْدَتِهِ ضَعْفٌ وَكَانَ يُبَايِعُ وَأَنَّ أَهْلَهُ أَتَوْا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ احْجُرْ عَلَيْهِ فَدَعَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَا أَصْبِرُ عَنْ الْبَيْعِ فَقَال إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ هَا وَلَا خِلَابَةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي عُقْدَتِهِ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ، أَيْ: فِي رَأْيِهِ وَنَظَرِهِ فِي مَصَالِحِ نَفْسِهِ وَعَقْلِهِ (احْجُرْ) بِتَقْدِيمِ الْمُهْمَلَةِ عَلَى الْجِيمِ، أَيِ: امْنَعْهُ. قَوْلُهُ: (لَا خِلَابَةَ) أَيْ: لَا خَدِيعَةَ وَهَا كَجَا اسْمُ فِعْلٍ بِمَعْنَى خُذْ قِيلَ: وَإِنَّمَا عَلَّمَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ لِيُطْلِعَ بِهِ صَاحِبَهُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ ذَوِي الْبَصَائِرِ فَيُرَاعِيهِ وَيَرَى لَهُ كَمَا يَرَى لِنَفْسِهِ، وَكَانَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ كَالْإِخْوَانِ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَكْثَرَ مِمَّا يَنْظُرُونَ لِأَنْفُسِهِمْ، وَرُوِيَ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ: ثُمَّ أَنْتَ بِالْخِيَارِ فِي كُلِّ سِلْعَةٍ ثَلَاثَ لَيَالٍ. قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ: وَهَذَا خَاصٌّ بِهَذَا الرَّجُلِ وَحْدَهُ، وَلَا يَثْبُتُ لِغَيْرِهِ الْخِيَارُ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ.

2355 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانٍ قَالَ «هُوَ جَدِّي مُنْقِذُ بْنُ عَمْرٍو وَكَانَ رَجُلًا قَدْ أَصَابَتْهُ آمَّةٌ فِي رَأْسِهِ فَكَسَرَتْ لِسَانَهُ وَكَانَ لَا يَدَعُ عَلَى ذَلِكَ التِّجَارَةَ وَكَانَ لَا يَزَالُ يُغْبَنُ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ لَهُ إِذَا أَنْتَ بَايَعْتَ فَقُلْ لَا خِلَابَةَ ثُمَّ أَنْتَ فِي كُلِّ سِلْعَةٍ ابْتَعْتَهَا بِالْخِيَارِ ثَلَاثَ لَيَالٍ فَإِنْ رَضِيتَ فَأَمْسِكْ وَإِنْ سَخِطْتَ فَارْدُدْهَا عَلَى صَاحِبِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (آمَّةٌ) بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ، أَيْ: شَجَّةُ أُمِّ الدِّمَاغِ بِغَيْنٍ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ وَقَدْ عَنْعَنَهُ.

[باب تفليس المعدم والبيع عليه لغرمائه]

[بَاب تَفْلِيسِ الْمُعْدَمِ وَالْبَيْعِ عَلَيْهِ لِغُرَمَائِهِ] 2356 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «أُصِيبَ رَجُلٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثِمَارٍ ابْتَاعَهَا فَكَثُرَ دَيْنُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَصَدَّقُوا عَلَيْهِ فَتَصَدَّقَ النَّاسُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ وَفَاءَ دَيْنِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ وَلَيْسَ لَكُمْ إِلَّا ذَلِكَ يَعْنِي الْغُرَمَاءَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ابْتَاعَهَا) أَيِ: اشْتَرَاهَا (خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ إِلَّا مَا تَيَسَّرَ وَسَقَطَ غَيْرُهُ، فَيُحْمَلُ عَلَى مَا جَاءَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَخْذَ غَيْرِ مَا تَيَسَّرَ جَمْعًا بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ، لَكِنَّ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ عَلَى خِلَافِهِ فَقَالُوا فِي تَأْوِيلِهِ قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لَكُمْ إِلَّا ذَلِكَ) مِنْ زَجْرِهِ وَحَبْسِهِ؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ إِفْلَاسُهُ وَإِذَا ظَهَرَ إِفْلَاسُ الرَّجُلِ لَا يَجُوزُ حَبْسُهُ بِالدَّيْنِ، بَلْ يُتْرَكُ إِلَى أَنْ يَحْصُلَ لَهُ مَالٌ فَيَأْخُذَ الْغُرَمَاءُ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ إِلَّا مَا وَجَدُوا وَبَطَلَ مَا بَقِيَ مِنَ الدُّيُونِ.

2357 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ هُرْمُزٍ عَنْ سَلَمَةَ الْمَكِّيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلَعَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ مِنْ غُرَمَائِهِ ثُمَّ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى الْيَمَنِ» فَقَالَ مُعَاذٌ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَخْلَصَنِي بِمَالِي ثُمَّ اسْتَعْمَلَنِي ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (خَلَعَ) أَيْ: نَزَعَهُ مِنْ أَيْدِيهِمْ (اسْتَخْلَصَنِي بِمَالِي) أَيْ: فِي مُقَابَلَةِ مَالِي، أَيْ: أُعْطِيهِمْ مَالِي بِقَدْرِ مَا يَتَيَسَّرُ وَأُسْتَخْلَصُ مِنْهُمْ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ سَلَمَةُ الْمَكِّيُّ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ فِيهِ ابْنُ حِبَّانَ: يَرْفَعُ الْمَوْقُوفَ وَيُسْنِدُ الْمَرْفُوعَ لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ. وَقَالَ الْآَجُرِيُّ عَنْ أَبِي دَاوُدَ عَنْ أَحْمَدَ: كُلُّ بَلِيَّةٍ مِنْهُ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: صَدُوقٌ كَثِيرُ الْخَطَأِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب من وجد متاعه بعينه عند رجل قد أفلس]

[بَاب مَنْ وَجَدَ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلٍ قَدْ أَفْلَسَ] 2358 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ جَمِيعًا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ وَجَدَ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلٍ قَدْ أَفْلَسَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عِنْدَ رَجُلٍ) أَيْ: بَعْدَ أَنْ بَاعَهَا مِنْهُ وَلَمْ يَقْبِضْ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا كَمَا فِي رِوَايَةِ: " قَدْ أَفْلَسَ الرَّجُلُ " إِذَا صَارَ إِلَى حَالٍ لَا فُلُوسَ لَهُ، أَوْ صَارَ ذَا فُلُوسٍ بَعْدَ أَنْ كَانَ ذَا دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ، وَحَقِيقَتُهُ الِانْتِقَالُ مِنَ الْيُسْرِ إِلَى الْعُسْرِ، قِيلَ: الْمُفْلِسُ لُغَةً مَنْ لَا عَيْنَ لَهُ وَلَا عَرَضَ، وَشَرْعًا مَنْ قَصَرَ مَا بِيَدِهِ عَمَّا عَلَيْهِ مِنَ الدُّيُونِ قَوْلُهُ: (فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ: يَجُوزُ لَهُ أَنْ

يَأْخُذَ بِعَيْنِهِ وَلَا يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ، وَهَذَا يَقُولُ بِهِ الْجُمْهُورُ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ فَقَالُوا: إِنَّهُ كَالْغُرَمَاءِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] وَحَمَلُوا الْحَدِيثَ عَلَى مَا إِذَا أَخَذَهُ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ مَثَلًا، أَوْ عَلَى الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ، أَيْ: إِذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي مُفْلِسٌ، فَالْأَنْسَبُ لَهُ أَنْ يَحْتَاجَ إِلَى الْفَسْخِ، وَهُوَ تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ، وَقَوْلُهُمْ: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَشْرَعْ لِلدَّيْنِ عِنْدَ الْإِفْلَاسِ إِلَّا الِانْتِظَارَ، فَحَرِيٌّ بِهِ أَنَّ الِانْتِظَارَ فِيمَا لَمْ يُوجَدْ عِنْدَ الْمُفْلِسِ وَلَا كَلَامَ فِيهِ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِيمَا وُجِدَ عِنْدَ الْمُفْلِسِ وَلَا بُدَّ أَنَّ الدَّائِنِينَ يَأْخُذُونَ ذَلِكَ الْمَوْجُودَ عِنْدَهُ، وَالْحَدِيثُ يُبَيِّنُ أَنَّ الَّذِي يَأْخُذُ هَذَا الْمَوْجُودَ هُوَ صَاحِبُ الْمَتَاعِ وَلَا يُجْعَلُ مَقْسُومًا بَيْنَ تَمَامِ الدَّائِنِينَ، وَهَذَا لَا يُخَالِفُ الْقُرْآنَ وَلَا مُقْتَضَى الْقُرْآنِ.

2359 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَيُّمَا رَجُلٍ بَاعَ سِلْعَةً فَأَدْرَكَ سِلْعَتَهُ بِعَيْنِهَا عِنْدَ رَجُلٍ وَقَدْ أَفْلَسَ وَلَمْ يَكُنْ قَبَضَ مِنْ ثَمَنِهَا شَيْئًا فَهِيَ لَهُ وَإِنْ كَانَ قَبَضَ مِنْ ثَمَنِهَا شَيْئًا فَهُوَ أُسْوَةٌ لِلْغُرَمَاءِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَيُّمَا رَجُلٍ) كَلِمَةُ مَا زَائِدَةٌ لِزِيَادَةِ الْإِبْهَامِ وَرَجُلٌ مَجْرُورٌ بِالْإِضَافَةِ. (أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّهَا، أَيْ: يَكُونُ مِثْلَهُمْ.

2360 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ أَبِي الْمُعْتَمِرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ رَافِعٍ عَنْ ابْنِ خَلْدَةَ الزُّرَقِيِّ وَكَانَ قَاضِيًا بِالْمَدِينَةِ قَالَ «جِئْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ فِي صَاحِبٍ لَنَا قَدْ أَفْلَسَ فَقَالَ هَذَا الَّذِي قَضَى فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّمَا رَجُلٍ مَاتَ أَوْ أَفْلَسَ فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أَحَقُّ بِمَتَاعِهِ إِذَا وَجَدَهُ بِعَيْنِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (هَذَا الَّذِي. . . إِلَخْ) هَذَا مِثْلُ الَّذِي قَضَى فِيهِ. . . إِلَخْ.

2361 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا الْيَمَانُ بْنُ عَدِيٍّ حَدَّثَنِي الزُّبَيْدِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّمَا امْرِئٍ مَاتَ وَعِنْدَهُ مَالُ امْرِئٍ بِعَيْنِهِ اقْتَضَى مِنْهُ شَيْئًا أَوْ لَمْ يَقْتَضِ فَهُوَ أُسْوَةٌ لِلْغُرَمَاءِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (اقْتَضَى مِنْهُ شَيْئًا) أَيْ: أَخَذَ مِنَ الثَّمَنِ شَيْئًا، أَوْ لَمْ يَأْخُذْ، وَهَذَا مُعَارِضٌ لِمَا سَبَقَ.

[باب كراهية الشهادة لمن لم يستشهد]

[بَاب كَرَاهِيَةِ الشَّهَادَةِ لِمَنْ لَمْ يَسْتَشْهِدْ] 2362 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَمْرُو بْنُ رَافِعٍ قَالَا حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ السَّلْمَانِيِّ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ قَالَ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ تَبْدُرُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَالَ قَرْنِي) فِي النِّهَايَةِ: الْقَرْنُ كُلُّ زَمَانٍ وَهُوَ مِقْدَارُ الْمُتَوَسِّطِ فِي أَعْمَالِ كُلِّ زَمَانٍ، مَأْخُوذٌ مِنَ الِاقْتِرَانِ، فَكَأَنَّهُ الْقَدْرُ الَّذِي تَغَيَّرَتْ فِيهِ أَهْلُ ذَلِكَ الزَّمَانِ فِي أَعْمَارِهِمْ وَأَحْوَالِهِمْ، وَقِيلَ: الْقَرْنُ أَرْبَعُونَ سَنَةً، وَقِيلَ: ثَمَانُونَ، وَقِيلَ: مِائَةٌ اهـ. قُلْتُ: لَا بُدَّ مِنْ تَخْصِيصِ الْكَلَامِ بِالْمُؤْمِنِينَ، وَالْمُرَادُ أَنَّ مُؤْمِنَ زَمَانِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيْرٌ مِنَ الَّذِينَ بَعْدَهُمْ، ثُمَّ خَيْرِيَّةُ قَرْنِ الزَّمَانِ لَا تَقْتَضِي خَيْرِيَّةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْآحَادِ، بَلْ يَكْفِي فِيهِ خَيْرِيَّةُ الْغَالِبِ وَإِلَّا لَكَانَ كُلُّ مَنْ كَانَ فِي وَقْتِ التَّابِعِينَ خَيْرًا مِمَّنْ بَعْدَهُ مَعَ أَنَّ فِي وَقْتِهِمُ الْحَجَّاجُ الظَّالِمُ، وَلَعَلَّهُ لَا يُوجَدُ لَهُ نَظِيرٌ فِي بَابِهِ. (تَبْدُرُ) تَسْبِقُ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَكْثُرُ كَذِبُهُمْ وَلَا يُوثَقُ بِشَهَادَتِهِمْ فَيُرَوِّجُونَ شَهَادَتَهُمْ بِحَلِفٍ قَبْلَهَا، أَوْ بَعْدَهَا.

2363 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بنُ الْجَرَّاحِ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ «خَطَبَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِالْجَابِيَةِ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فِينَا مِثْلَ مُقَامِي فِيكُمْ فَقَالَ احْفَظُونِي فِي أَصْحَابِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ يَفْشُو الْكَذِبُ حَتَّى يَشْهَدَ الرَّجُلُ وَمَا يُسْتَشْهَدُ وَيَحْلِفَ وَمَا يُسْتَحْلَفُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (احْفَظُونِي) أَيْ: رَاعُونِي فِي شَأْنِهِمْ فَلَا تُؤْذُوهُمْ لِأَجْلِ حَقِّي وَصُحْبَتِي، أَوِ اقْتِدَاءً بِأَخْلَاقِي وَأَحْوَالِي فِيهِمْ وَأَنَّهُمْ عَلَى الْخَيْرِ، وَهَذَا أَقْرَبُ إِلَى مَا بَعْدَهُ (وَمَا يُسْتَشْهَدُ) قِيلَ: هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ شَهَادَةِ الزُّورِ أَيْ أَنَّ النَّاسَ مَا يَطْلُبُونَ مِنْهُ الشَّهَادَةَ لِعِلْمِهِمْ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَاهِدٍ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي انْتُصِبَ شَاهِدًا وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ (وَمَا اسْتُحْلِفَ) أَيْ: مَا عِنْدَهُ مُبَالَاةٌ بِالْحَلِفِ، وَفِي الزَّوَائِدِ رِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ فِيهِ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنِ حِمْيَرٍ وَهُوَ مُدَلِّسٌ وَقَدْ رَوَاهُ بِالْعَنْعَنَةِ.

[باب الرجل عنده الشهادة ولا يعلم بها صاحبها]

[بَاب الرَّجُلِ عِنْدَهُ الشَّهَادَةُ وَلَا يَعْلَمُ بِهَا صَاحِبُهَا] 2364 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبدِ الرَّحْمَنِ الْجُعْفِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ الْعُكْلِيُّ أَخْبَرَنِي أُبَيُّ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ حَدَّثَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ الْأَنْصَارِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ الْجُهَنِيَّ يَقُولُ «إِنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ خَيْرُ الشُّهُودِ مَنْ أَدَّى شَهَادَتَهُ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ أَدَّى شَهَادَتَهُ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا) قِيلَ: هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنْ يَكُونَ عِنْدَ شَهَادَةِ إِنْسَانٍ لَا عِلْمَ لَهُ بِهَا فَيُخْبِرَهُ بِأَنَّهُ شَاهِدٌ لَهُ، أَوْ عَلَى شَاهِدِ الْحِسْبَةِ فِي غَيْرِ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْوَقْفِ وَالْوَصَايَا

الْعَامَّةُ وَالْحُدُودُ وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَمَنْ عَلِمَ شَيْئًا مِنْ هَذَا النَّوْعِ وَجَبَ عَلَيْهِ رَفْعُهُ إِلَى الْقَاضِي وَإِعْلَامُهُ بِهِ، أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ بَعْدَ طَلَبِهَا كَمَا يُقَالُ: الْجَوَادُ يُعْطِي قَبْلَ السُّؤَالِ، أَيْ: يُعْطِي سَرِيعًا عَقِبَ السُّؤَالِ حَتَّى كَأَنَّهُ مُهَيَّأٌ لِلْإِعْطَاءِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب الإشهاد على الديون]

[بَاب الْإِشْهَادِ عَلَى الدُّيُونِ] 2365 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْجُبَيْرِيُّ وَجَمِيلُ بْنُ الْحَسَنِ الْعَتَكِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ الْعِجْلِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى حَتَّى بَلَغَ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} [البقرة: 282] فَقَالَ هَذِهِ نَسَخَتْ مَا قَبْلَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (هَذِهِ نَسَخَتْ مَا قَبْلَهَا) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمْ أُمِرُوا أَوَّلًا بِالْكِتَابَةِ مُطْلَقًا، ثُمَّ أُمِرُوا بِالِاكْتِفَاءِ بِالشَّهَادَةِ عِنْدَ الْأَمْنِ فَنَسَخَ بِهِ الْأَمْرَ الْأَوَّلَ، وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ مَوْقُوفٌ وَحُكْمُهُ الرَّفْعُ.

[باب من لا تجوز شهادته]

[بَاب مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ] 2366 - حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا مُعَمَّرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَا حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ خَائِنٍ وَلَا خَائِنَةٍ وَلَا مَحْدُودٍ فِي الْإِسْلَامِ وَلَا ذِي غِمْرٍ عَلَى أَخِيهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ خَائِنٍ) يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ الْخِيَانَاتُ فِي أَمَانَاتِ النَّاسِ، وَأَنْ يُرَادَ الْأَعَمُّ الشَّامِلُ لِلْخِيَانَةِ فِي أَحْكَامِ اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: لَا نَرَاهُ خَصَّ بِهِ الْخِيَانَةَ فِي أَمَانَاتِ النَّاسِ دُونَ مَا افْتَرَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ وَائْتَمَنَهُمْ عَلَيْهِ وَقَدْ شَمِلَ الْكُلَّ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ} [الأنفال: 27] فَقَدْ دَخَلَ فِيهِ كُلُّ مَنْ يُضَيِّعُ شَيْئًا مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ، أَوْ رَكِبَ شَيْئًا عَمَّا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ، وَعَلَى هَذَا فَعَطْفُ الْمَجْرُورِ عَلَيْهِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ، قِيلَ: هُوَ الْوَجْهُ لِئَلَّا يَخْرُجَ كَثِيرٌ مِنْ أَنْوَاعِ الْفِسْقِ، قِيلَ: حَقِيقَةُ الْخِيَانَةِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ، لَكِنْ قَدْ يَغْلِبُ الظَّنُّ بِهَا بِالْأَمَارَاتِ، وَهَذَا يَكْفِي فِي رَدِّ الشَّهَادَةِ قَوْلُهُ: (ذِي غِمْرٍ) ضَبَطَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ بِكَسْرِ الْغَيْنِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وَهُوَ الْحِقْدُ وَالْعَدَاوَةُ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ عَدُوٍّ عَلَى عَدُوِّهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ أَخَاهُ نَسَبًا أَوْ حَسَبًا فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ عَلَى أَخِيهِ أَيْ: مِثْلَهُ، وَلَا يَخُصُّ بِأُخُوَّةِ الْإِسْلَامِ لِئَلَّا يَخْرُجَ حُكْمُ الذِّمِّيِّ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْقَامُوسِ أَنَّهُ بِفَتْحَتَيْنِ وَإِنَّ كَسْرَ الْغَيْنِ لُغَةٌ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ضَعِيفٌ

وَلِتَدْلِيسِ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ وَقَدْ رَوَاهُ بِالْعَنْعَنَةِ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا.

2367 - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ الْهَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ بَدَوِيٍّ عَلَى صَاحِبِ قَرْيَةٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ بَدْوِيٍّ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ: إِنَّمَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْبَدْوِيِّ لِجَهَالَتِهِمْ بِأَحْكَامِ الشَّرْعِ وَبِكَيْفِيَّةِ تَحَمُّلُ الشَّهَادَةَ وَأَدَائِهَا بِغَيْرِ زِيَادَةٍ وَنُقْصَانٍ وَإِنْ كَانَ عَدْلًا مِنْ أَهْلِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ جَازَتْ شَهَادَتُهُ خِلَافًا لِمَالِكٍ، قِيلَ: إِنْ كَانَ الْعِلَّةُ جَهَالَتَهُمْ لَزِمَ أَنْ لَا يَكُونَ لِلتَّخْصِيصِ فِي قَوْلِهِ: عَلَى صَاحِبِ قَرْيَةٍ فَائِدَةٌ، وَقِيلَ: مَعْنَى لَا تَجُوزُ عِنْدَ مَنْ يَرَى الْجَوَازَ لَا يَحْسُنُ لِحُصُولِ التُّهْمَةِ لِبُعْدِ مَا بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ تَعْدِيَتُهَا بِعَلَى، فَلَوْ شَهِدَ لَهُ يُقْبَلُ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ، أَيْ: لَا تَحْسُنُ أَنْ يَحْمِلَ مَصْلَحَةً؛ لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ طَلَبُهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ، أَيْ: أَدَاءِ الشَّهَادَةِ، وَقِيلَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ وَرَدَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْإِعْسَارِ وَفِيهَا يُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ الْبَاطِنَةِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب القضاء بالشاهد واليمين]

[بَاب الْقَضَاءِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ] 2368 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ الْمَدِينِيُّ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّهْرِيُّ وَيَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ) الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَانَ لِلْمُدَّعِي شَاهِدٌ وَاحِدٌ فَحَلَفَ عَلَى مُدَّعَاهُ بَدَلًا مِنَ الشَّاهِدِ الْآخَرِ فَقَضَى لَهُ بِهَا، وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ رِوَايَةِ قَضَى بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَلَعَلَّ تَأْوِيلَهُ عِنْدَ مَنْ لَا يَقُولُ بِهِ إِنْ قَضَى بِيَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ وُجُودِ شَاهِدٍ وَاحِدٍ لِلْمُدَّعِي بَعْدَ تَمَامِ الْحُجَّةِ بِذَلِكَ وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ رِوَايَةُ قَضَى بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الشَّاهِدَ قَدْ قَضَى بِهِ لَا أَنَّهُ تَرَكَ الشَّاهِدَ الْوَاحِدَ وَقَضَى بِالْيَمِينِ، وَلَعَلَّهُ يَقُولُ: الْمُرَادُ بِالشَّاهِدِ الْجِنْسُ، وَالْمَعْنَى: قَضَى بِشَاهِدِ الْمُدَّعِي تَارَةً وَيَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ

أُخْرَى، وَهَذَا مَعْنًى بَعِيدٌ جِدًّا، ثُمَّ بَعْضُ الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْبَابِ مُبْطِلٌ لِهَذَا التَّأْوِيلِ قَطْعًا، وَقَدْ أَخْرَجَ مَا يُبْطِلُ التَّأْوِيلِ أَبُو دَاوُدَ أَيْضًا.

2369 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ»

2370 - حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَقَ الْهَرَوِيُّ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَاتِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ الْمَخْزُومِيُّ حَدَّثَنَا سَيْفُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمَكِّيُّ أَخْبَرَنِي قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ»

2371 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ عَنْ سُرَّقٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجَازَ شَهَادَةَ الرَّجُلِ وَيَمِينَ الطَّالِبِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَجَازَ شَهَادَةَ الرَّجُلِ وَيَمِينَ الطَّالِبِ) فِي الزَّوَائِدِ التَّابِعِيُّ مَجْهُولٌ وَلَمْ يُخَرَّجْ لِسُرَّقٍ هَذَا غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ.

[باب شهادة الزور]

[بَاب شَهَادَةِ الزُّورِ] 2372 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الْعُصْفُرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ النُّعْمَانِ الْأَسَدِيِّ عَنْ خُرَيْمِ بْنِ فَاتِكٍ الْأَسَدِيِّ قَالَ «صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّبْحَ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَامَ قَائِمًا فَقَالَ عُدِلَتْ شَهَادَةُ الزُّورِ بِالْإِشْرَاكِ بِاللَّهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ {وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ - حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ} [الحج: 30 - 31] » ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَامَ قَائِمًا) أَيْ: قِيَامًا فَهُوَ مَصْدَرٌ عَلَى وَزْنِ اسْمِ الْفَاعِلِ (عُدِلَتْ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مُخَفَّفًا، أَيْ: جُعِلَتْ عَدِيلَةً لَهُ لَفْظًا لِمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْمُنَاسَبَةِ مَعْنًى، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِشْرَاكَ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ بِالْعِبَادَةِ لِغَيْرِ أَهْلِهَا فَهِيَ شَهَادَةٌ بِالزُّورِ كَالشَّهَادَةِ بِالْمَالِ لِغَيْرِ أَهْلِهِ.

2373 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُرَاتِ عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَنْ تَزُولَ قَدَمَا شَاهِدِ الزُّورِ حَتَّى يُوجِبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ (لَنْ تَزُولَ قَدَمَا شَاهِدِ الزُّورِ) أَيْ: عِنْدَ مَوْقِفِ الْحِسَابِ، أَوْ فِي الْحُكْمِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفُرَاتِ وَأَبُو عَلِيٍّ الْكُوفِيُّ مُتَّفَقٌ عَلَى ضَعْفِهِ، وَكَذَّبَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ.

[باب شهادة أهل الكتاب بعضهم على بعض]

[بَاب شَهَادَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ] 2374 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَرِيفٍ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ مُجَالِدٍ عَنْ عَامِرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجَازَ شَهَادَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَجَازَ شَهَادَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[كتاب الهبات]

[كتاب الهبات] [بَاب الرَّجُلِ يَنْحَلُ وَلَدَهُ] بَاب الرَّجُلِ يَنْحَلُ وَلَدَهُ 2375 - حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ «انْطَلَقَ بِهِ أَبُوهُ يَحْمِلُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ اشْهَدْ أَنِّي قَدْ نَحَلْتُ النُّعْمَانَ مِنْ مَالِي كَذَا وَكَذَا قَالَ فَكُلَّ بَنِيكَ نَحَلْتَ مِثْلَ الَّذِي نَحَلْتَ النُّعْمَانَ قَالَ لَا قَالَ فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي قَالَ أَلَيْسَ يَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا لَكَ فِي الْبِرِّ سَوَاءً قَالَ بَلَى قَالَ فَلَا إِذًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَدْ نَحَلْتُ النُّعْمَانَ) أَيْ: أَعْطَيْتُهُ قَوْلُهُ: (فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي)

مِنَ الْإِشْهَادِ كِنَايَةٌ عَنْ تَرْكِهِ، وَقِيلَ: مِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ لَا يَشْهَدَ عَلَى جَوْرٍ. قُلْتُ: هَذَا بِالْعُمُومِ أَشْبَهُ فَقَدْ جَاءَ اللَّعْنُ فِي شَاهِدِ الزُّورِ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ قَدْ تَقَدَّمَ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ.

2376 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَخْبَرَاهُ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ «أَنَّ أَبَاهُ نَحَلَهُ غُلَامًا وَأَنَّهُ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُشْهِدُهُ فَقَالَ أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَهُ قَالَ لَا قَالَ فَارْدُدْهُ»

[باب من أعطى ولده ثم رجع فيه]

[بَاب مَنْ أَعْطَى وَلَدَهُ ثُمَّ رَجَعَ فِيهِ] 2377 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ «يَرْفَعَانِ الْحَدِيثَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُعْطِيَ الْعَطِيَّةَ ثُمَّ يَرْجِعَ فِيهَا إِلَّا الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ. . . إِلَخْ) ذَكَرَ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ نَفْيَ الْحِلِّ لَيْسَ بِصَرِيحٍ فِي إِفَادَةِ الْحُرْمَةِ؛ لِأَنَّ الْحِلَّ هُوَ اسْتِوَاءُ الطَّرَفَيْنِ، فَالْمَكْرُوهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَلَالٍ وَعَلَى هَذَا فَالْحَدِيثُ يَحْتَمِلُ الْحُرْمَةَ وَالْكَرَاهَةَ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: إِلَّا الْوَالِدَ يَحْمِلُهُ مَنْ لَا يُجَوِّزُ الرُّجُوعَ لِلْوَالِدِ عَلَى أَنَّهُ يَجُوِّزُ لِلْوَالِدِ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْهُ وَيَصْرِفَهُ فِي نَفَقَتِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ كَسَائِرِ أَمْوَالِهِ.

2378 - حَدَّثَنَا جَمِيلُ بْنُ الْحَسَنِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ عَامِرٍ الْأَحْوَلِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَرْجِعْ أَحَدُكُمْ فِي هِبَتِهِ إِلَّا الْوَالِدَ مِنْ وَلَدِهِ»

[باب العمرى]

[بَاب الْعُمْرَى] 2379 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا عُمْرَى فَمَنْ أُعْمِرَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا عُمْرَى) هِيَ كَحُبْلَى اسْمٌ مِنْ أَعْمَرْتُكَ الدَّارَ، أَيْ: جَعَلْتُ سُكْنَاهَا لَكَ مُدَّةَ عُمْرِكَ، قَالُوا: هِيَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا أَنْ يَقُولَ أَعْمَرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ فَإِذَا مُتَّ فَهُوَ لِوَرَثَتِكَ، وَلَا خِلَافَ لِأَحَدٍ فِي أَنَّهُ هِبَةٌ، وَثَانِيهَا أَنْ يَقُولَ: أَعْمَرْتُكَ إِيَّاهَا مُطْلَقًا، وَالثَّالِثُ أَنْ يَضُمَّ إِلَيْهِ: فَإِذَا مُتَّ عَادَتْ إِلَيَّ، وَفِيهِمَا خِلَافٌ، لَكِنَّ مَذْهَبَ الْحَنَفِيَّةِ وَالصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ الْجَوَازُ وَبُطْلَانُ الشَّرْطِ لِإِطْلَاقِ الْأَحَادِيثِ، وَمَعْنَى " لَا عُمْرَى " أَنَّهُ لَا يَلِيقُ بِالْمَصْلَحَةِ (فَمَنْ أُعْمِرَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ، وَفِي

الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ.

2380 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ أَعْمَرَ رَجُلًا عُمْرَى لَهُ وَلِعَقِبِهِ فَقَدْ قَطَعَ قَوْلُهُ حَقَّهُ فِيهَا فَهِيَ لِمَنْ أُعْمِرَ وَلِعَقِبِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ أَعْمَرَ) عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ فَقَدْ قَطَعَ قَوْلُهُ حَقَّهُ بِالرَّفْعِ بِالنَّصْبِ لِمَنْ أُعْمِرَ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ، وَعَقِبُ الْإِنْسَانِ بِكَسْرِ الْقَافِ وَإِسْكَانِهَا مَعَ فَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا أَوْلَادُهُ.

2381 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ حُجْرٍ الْمَدَرِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ الْعُمْرَى لِلْوَارِثِ»

[باب الرقبى]

[بَاب الرُّقْبَى] 2382 - حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا رُقْبَى فَمَنْ أُرْقِبَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ حَيَاتَهُ وَمَمَاتَهُ» قَالَ وَالرُّقْبَى أَنْ يَقُولَ هُوَ لِلْآخَرِ مِنِّي وَمِنْكَ مَوْتًا ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا رُقْبَى) عَلَى وَزْنِ الْعُمْرَى، وَصُورَتُهَا أَنْ يَقُولَ: جَعَلْتُ هَذِهِ الدَّارَ لَكَ سُكْنَى، فَإِنْ مُتُّ قَبْلَكَ فَهِيَ لَكَ، وَإِنْ مُتَّ قَبْلِي عَادَتْ إِلَيَّ مِنَ الْمُرَاقَبَةِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُرَاقِبُ مَوْتَ صَاحِبِهِ، فَهَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ نَهْيٌ عَنِ الرُّقْبَى وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهَا لِمَنْ أُرْقِبَ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ، أَيْ: فَلَا تُضَيِّعُوا أَمْوَالَكُمْ وَلَا تُخْرِجُوهَا مِنْ أَمْلَاكِكُمْ، فَالنَّهْيُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَلِيقُ بِالْمَصْلَحَةِ كَمَا سَبَقَ فِي الْعُمْرَى.

2383 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَا حَدَّثَنَا دَاوُدُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعُمْرَى جَائِزَةٌ لِمَنْ أُعْمِرَهَا وَالرُّقْبَى جَائِزَةٌ لِمَنْ أُرْقِبَهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لِمَنْ أُعْمِرَهَا) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَكَذَا لِمَنْ أُرْقِبَهَا.

[باب الرجوع في الهبة]

[بَاب الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ] 2384 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عَوْفٍ عَنْ خِلَاسٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مَثَلَ الَّذِي يَعُودُ فِي عَطِيَّتِهِ كَمَثَلِ الْكَلْبِ أَكَلَ حَتَّى إِذَا شَبِعَ قَاءَ ثُمَّ عَادَ فِي قَيْئِهِ فَأَكَلَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ثُمَّ عَادَ فِي قَيْئِهِ) قِيلَ: هُوَ تَحْرِيمٌ لِلرُّجُوعِ، وَقِيلَ: تَقْبِيحٌ وَتَشْنِيعٌ؛ لِأَنَّهُ شَبَّهَهُ بِكَلْبٍ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ، وَعَوْدُ الْكَلْبِ فِي قَيْئِهِ لَا يُوصَفُ بِحُرْمَةٍ، وَفِي الزَّوَائِدِ الْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ غَيْرِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَإِسْنَادُ أَبِي هُرَيْرَةَ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ: لَمْ يَسْمَعْ خِلَاسُ بْنُ عَمْرٍو الْهَجَرِيُّ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ شَيْئًا.

(بَابُ مَنْ وَهَبَ هِبَةً رَجَاءَ ثَوَابَهَا)

2385 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْعَائِدِ فِي قَيْئِهِ»

2386 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ الْعَرْعَرِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ حَدَّثَنَا الْعُمَرِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ»

[باب من وهب هبة رجاء ثوابها]

[بَاب مَنْ وَهَبَ هِبَةً رَجَاءَ ثَوَابِهَا] 2387 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَعِيلَ بْنِ مُجَمِّعِ بْنِ جَارِيَةَ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلُ أَحَقُّ بِهِبَتِهِ مَا لَمْ يُثَبْ مِنْهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَحَقُّ) أَيْ: بِهِبَتِهِ بِمَا وَهَبَهُ، أَيْ: لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ وَإِنَّهُ إِذَا رَجَعَ يَرُدُّ عَلَيْهِ هِبَتَهُ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ (مَا لَمْ يُثَبْ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنُ مُجَمِّعٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[باب عطية المرأة بغير إذن زوجها]

[بَاب عَطِيَّةِ الْمَرْأَةِ بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا] 2388 - حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ الرَّقِّيُّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الصَّيْدَلَانِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ الْمُثَنَّى بْنِ الصَّبَّاحِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي خُطْبَةٍ خَطَبَهَا لَا يَجُوزُ لِامْرَأَةٍ فِي مَالِهَا إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا إِذَا هُوَ مَلَكَ عِصْمَتَهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا يَجُوزُ لِامْرَأَةٍ فِي مَالِهَا) أَمْرٌ كَمَا فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: أَخَذَ بِهِ الْإِمَامُ مَالِكٌ. قُلْتُ: مَا أَخَذَ بِإِطْلَاقِهِ، وَلَكِنْ أَخَذَ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ، وَهُوَ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ عَلَى مَعْنَى حُسْنِ الْعِشْرَةِ وَاسْتِطَابَةِ نَفْسِ الزَّوْجِ، وَنُقِلَ عَنِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْحَدِيثَ لَيْسَ بِثَابِتٍ، وَكَيْفَ نَقُولُ بِهِ وَالْقُرْآنُ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ، ثُمَّ السُّنَّةُ، ثُمَّ الْأَثَرُ، ثُمَّ الْمَعْقُولُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِي مَوْضِعِ الِاخْتِيَارِ، مِثْلَ: لَيْسَ لَهَا أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا حَاضِرٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ، فَإِنْ فَعَلَتْ جَازَ صَوْمُهَا، وَإِذَا خَرَجَتْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَبَاعَتْ جَازَ بَيْعُهَا، وَقَدْ أَعْتَقَتْ مَيْمُونَةُ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهَا، فَدَلَّ هَذَا مَعَ غَيْرِهِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ إِنْ ثَبَتَ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِذْنِ وَالِاخْتِيَارِ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ.

2389 - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى رَجُلٌ مِنْ وَلَدِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ جَدَّتَهُ خَيْرَةَ امْرَأَةَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحُلِيٍّ لَهَا فَقَالَتْ إِنِّي تَصَدَّقْتُ بِهَذَا فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ فِي مَالِهَا إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا فَهَلْ اسْتَأْذَنْتِ كَعْبًا قَالَتْ نَعَمْ فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ زَوْجِهَا فَقَالَ هَلْ أَذِنْتَ لِخَيْرَةَ أَنْ تَتَصَدَّقَ بِحُلِيِّهَا فَقَال نَعَمْ فَقَبِلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِحُلِيٍّ لَهَا) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ يَحْيَى وَهُوَ غَيْرُ مَعْرُوفٍ فِي أَوْلَادِ كَعْبٍ فَالْإِسْنَادُ

[كتاب الصدقات]

ضَعِيفٌ. [كتاب الصدقات] [بَاب الرُّجُوعِ فِي الصَّدَقَةِ] كتاب الصدقات بَاب الرُّجُوعِ فِي الصَّدَقَةِ 2390 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ»

2391 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثَلُ الَّذِي يَتَصَدَّقُ ثُمَّ يَرْجِعُ فِي صَدَقَتِهِ مَثَلُ الْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَرْجِعُ فَيَأْكُلُ قَيْئَهُ»

[باب من تصدق بصدقة فوجدها تباع هل يشتريها]

[بَاب مَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَوَجَدَهَا تُبَاعُ هَلْ يَشْتَرِيهَا] 2392 - حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يَعْنِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عُمَرَ «أَنَّهُ تَصَدَّقَ بِفَرَسٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَبْصَرَ صَاحِبَهَا يَبِيعُهَا بِكَسْرٍ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَا تَبْتَعْ صَدَقَتَكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِكَسْرٍ) أَيْ: نَقْصٍ (لَا تَبْتَعْ صَدَقَتَكَ) أَيْ: لَا تَشْتَرِهَا؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الِاسْتِرْدَادَ فَالْأَحْوَطُ تَرْكُهُ.

2393 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ أَنَّهُ حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ يُقَالُ لَهُ غَمْرٌ أَوْ غَمْرَةٌ فَرَأَى مُهْرًا أَوْ مُهْرَةً مِنْ أَفْلَائِهَا يُبَاعُ يُنْسَبُ إِلَى فَرَسِهِ فَنَهَى عَنْهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَرَأَى مُهْرًا. . . إِلَخْ) الْمُهْرُ بِالضَّمِّ وَلَدُ الْفَرَسِ وَالْأُنْثَى مُهْرَةٌ وَالْفَلُوُّ لِمُهْرٍ، وَالْجَمْعُ أَفْلَاءٌ، كَعَدُوٍّ وَأَعْدَاءٍ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.

[باب من تصدق بصدقة ثم ورثها]

[بَاب مَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ ثُمَّ وَرِثَهَا] 2394 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي تَصَدَّقْتُ عَلَى أُمِّي بِجَارِيَةٍ وَإِنَّهَا مَاتَتْ فَقَالَ آجَرَكِ اللَّهُ وَرَدَّ عَلَيْكِ الْمِيرَاثَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (آجَرَكَ) بِالْقَصْرِ وَالْمَدِّ، أَيْ: ثَبَتَ أَجْرُكَ عِنْدَ اللَّهِ (وَرَدَّ عَلَيْكَ الْمِيرَاثَ) أَيْ: رَجَعَ عَلَيْكَ بِسَبَبٍ لَا دَخْلَ لَكَ فِيهِ فَلَا يَكُونُ سَبَبًا لِنُقْصَانِ الْأَجْرِ فِي الصَّدَقَةِ.

2395 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي أَعْطَيْتُ أُمِّي حَدِيقَةً لِي وَإِنَّهَا مَاتَتْ وَلَمْ تَتْرُكْ وَارِثًا غَيْرِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَبَتْ صَدَقَتُكَ وَرَجَعَتْ إِلَيْكَ حَدِيقَتُكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَجَبَتْ صَدَقَتُكَ) أَيْ: تَمَّتْ وَنَفَذَتْ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ مَا حَصَلَ فِيهَا نَقْصٌ بِسَبَبِ الرُّجُوعِ إِلَيْكَ بِالْإِرْثِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ عِنْدَ مَنْ

يَحْتَجُّ بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ.

[باب من وقف]

[بَاب مَنْ وَقَفَ] 2396 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «أَصَابَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَرْضًا بِخَيْبَرَ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَأْمَرَهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصَبْتُ مَالًا بِخَيْبَرَ لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ هُوَ أَنْفَسُ عِنْدِي مِنْهُ فَمَا تَأْمُرُنِي بِهِ فَقَالَ إِنْ شِئْتَ حَبَّسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا» قَالَ فَعَمِلَ بِهَا عُمَرُ عَلَى أَنْ لَا يُبَاعَ أَصْلُهَا وَلَا يُوهَبَ وَلَا يُورَثَ تَصَدَّقَ بِهَا لِلْفُقَرَاءِ وَفِي الْقُرْبَى وَفِي الرِّقَابِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَالضَّيْفِ لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَهَا بِالْمَعْرُوفِ أَوْ يُطْعِمَ صَدِيقًا غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَمَا تَأْمُرُنِي بِهِ) أَيْ: مَاذَا أَفْعَلُ فِيهِ مِنَ الْخَيْرِ (وَتَصَدَّقْتَ بِهَا) أَيْ: بِثَمَرِهَا (لِلْفُقَرَاءِ) مُتَعَلِّقٌ بِتَصَدَّقَ (وَفِي الْقُرْبَى) أَيْ: فِي قُرْبَاهُ (مَنْ وَلِيَهَا) بِكَسْرِ اللَّامِ الْمُخَفَّفَةِ (غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ) أَيْ: غَيْرَ مُتَّخِذٍ بِذَلِكَ مَالًا.

2397 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّه بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ «يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْمِائَةَ سَهْمٍ الَّتِي بِخَيْبَرَ لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهَا وَقَدْ أَرَدْتُ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْبِسْ أَصْلَهَا وَسَبِّلْ ثَمَرَهَا» قَالَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ فَوَجَدْتُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فِي كِتَابِي عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ عُمَرُ فَذَكَرَ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَسَبِّلْ) مِنَ التَّسْبِيلِ، أَيِ: اجْعَلْهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

[باب العارية]

[بَاب الْعَارِيَةِ] 2398 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا شُرَحْبِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ يَقُولُ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْعَارِيَةُ مُؤَدَّاةٌ وَالْمِنْحَةُ مَرْدُودَةٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مُؤَدَّاةٌ) أَيْ: وَجَبَ رَدُّ عَيْنِهَا إِنْ بَقِيَتْ، وَقِيلَ: مَضْمُونَةٌ يَجِبُ أَدَاؤُهَا بِرَدِّ عَيْنِهَا، أَوْ قِيمَتِهَا لَوْ تَلِفَتْ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَالْمِنْحَةُ فِي الْأَصْلِ الْعَطِيَّةُ، وَيُقَالُ لِمَا يُعْطِي الرَّجُلُ لِلِانْتِفَاعِ كَأَرْضٍ يُعْطِيهَا لِلزَّرْعِ وَشَاةٍ لِلَّبَنِ، أَوْ شَجَرَةٍ لِأَكْلِ الثَّمَرَةِ، وَمَرْجِعُ الْكُلِّ إِلَى تَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ دُونَ الرَّقَبَةِ فَيَجِبُ رَدُّ عَيْنِهِ إِلَى الْمَالِكِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الِانْتِفَاعِ بِهَا، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ ضَعِيفٌ لِتَدْلِيسِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، لَكِنْ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ ابْنُ عَيَّاشٍ فَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ بِوَجْهٍ آخَرَ. قَوْلُهُ: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ

فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ حَدِيثِ أَنَسٍ صَحِيحٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ هُوَ ابْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ - ثِقَةٌ - وَهُوَ ابْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ.

2399 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيَّانِ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْعَارِيَةُ مُؤَدَّاةٌ وَالْمِنْحَةُ مَرْدُودَةٌ»

2400 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُسْتَمِرِّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ح وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ جَمِيعًا عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ) أَيْ: عَلَى صَاحِبِهَا يَشْمَلُ الْعَارِيَةَ وَالْغَصْبَ وَالسَّرِقَةَ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ السَّارِقَ يَضْمَنُ الْمَسْرُوقَ وَإِنْ قُطِعَ يَدُهُ.

[باب الوديعة]

[بَاب الْوَدِيعَةِ] 2401 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَهْمِ الْأَنْمَاطِيُّ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ عَنْ الْمُثَنَّى عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أُودِعَ وَدِيعَةً فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ أَوْدَعَ وَدِيعَةً) هَذَا إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ الْمُثَنَّى بْنِ الصَّبَّاحِ وَالرَّاوِي عَنْهُ.

[باب الأمين يتجر فيه فيربح]

[بَاب الْأَمِينِ يَتَّجِرُ فِيهِ فَيَرْبَحُ] 2402 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ عَنْ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهُ دِينَارًا يَشْتَرِي لَهُ شَاةً فَاشْتَرَى لَهُ شَاتَيْنِ فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِدِينَارٍ وَشَاةٍ فَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَرَكَةِ قَالَ فَكَانَ لَوْ اشْتَرَى التُّرَابَ لَرَبِحَ فِيهِ» حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ الْخِرِّيتِ عَنْ أَبِي لَبِيدٍ لِمَازَةُ بْنِ زَبَّارٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ الْبَارِقِيِّ قَالَ قَدِمَ جَلَبٌ فَأَعْطَانِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِينَارًا فَذَكَرَ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَاشْتَرَى لَهُ شَاتَيْنِ) اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ يُجَوِّزُ بَيْعَ الْفُضُولِيِّ.

[باب الحوالة]

[بَاب الْحَوَالَةِ] 2403 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّلْمُ مَطْلُ الْغَنِيِّ وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ) أَرَادَ بِالْغَنِيِّ الْقَادِرِ عَلَى الْأَدَاءِ وَلَوْ كَانَ فَقِيرًا، وَمَطْلُهُ مَنْعُهُ أَدَاءَهُ وَتَأْخِيرُهُ، وَالْحَصْرُ الْمَفْهُومُ مِنَ الْكَلَامِ إِضَافِيٌّ، أَيْ: لَا مَطْلَ غَيْرِهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَيْسَ الظُّلْمُ إِلَّا عَلَى هَذَا قَالَ الْقَاضِي الْمَطْلُ مَنْعُ قَضَاءِ مَا اسْتُحِقَّ أَدَاؤُهُ، زَادَ الْقُرْطُبِيُّ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ ذَلِكَ وَطَلَبِ صَاحِبِ الْحَقِّ حَقَّهُ.

قُلْتُ: التَّمَكُّنُ مِنْ ذَلِكَ مُعْتَبَرٌ فِي الْغِنَى فَلَا حَاجَةَ إِلَى زِيَادَةٍ، وَالْإِضَافَةُ إِلَى الْفَاعِلِ لَا غَيْرَ وَإِنْ جُوِّزَ فِي قَوْلِهِ: مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ أَنْ تَكُونَ الْإِضَافَةِ إِلَى الْمَفْعُولِ - أَيْضًا - عَلَى مَعْنَى أَنْ يَمْنَعَ عَنْ إِيصَالِ الْحَقِّ إِلَيْهِ ظُلْمٌ فَكَيْفَ مَنَعَ الْفَقِيرَ عَنْ إِيصَالِ الْحَقِّ إِلَيْهِ، وَالْغَنِيُّ يَجِبُ عَلَيْهِ وَفَاءُ الدَّيْنِ وَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ غَنِيًّا، فَالْفَقِيرُ بِالْأَوْلَى، لَكِنِ الْمَعْنَى هَاهُنَا عَلَى الْقَصْرِ بِشَهَادَةِ تَعْرِيفِ الطَّرَفَيْنِ، أَيِ: الظُّلْمُ مَنْعُ الْغَنِيِّ دُونَ الْفَقِيرِ، فَلَا يَصِحُّ عَلَى تَقْدِيرِ الْإِضَافَةِ إِلَى الْمَفْعُولِ، فَلْيُتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَإِذَا أُتْبِعَ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ مُخَفَّفٍ، أَيْ: أُحِيلَ قَالَ السُّيُوطِيُّ: قَالَ الْخَطَّابِيُّ: أَصْحَابُ الْحَدِيثِ يَرْوُونَهُ بِتَشْدِيدِ التَّاءِ وَصَوَابُهُ سُكُونُهَا بِوَزْنِ أُكْرِمَ (عَلَى مَلِئٍ) بِالْهَمْزِ مِثْلِ كَرِيمٍ هُوَ الْغَنِيُّ لَفْظًا وَمَعْنًى، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَصْلُ، لَكِنْ قَدِ اشْتُهِرَ الثَّانِي عَلَى الْأَلْسِنَةِ (فَالتَّبْعُ) بِإِسْكَانِ الْفَوْقِيَّةِ عَلَى الْمَشْهُورُ مِنْ تَبِعَ، أَيْ: فَلْيَقْبَلِ الْحَوَالَةَ، وَقِيلَ: بِتَشْدِيدِهَا وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ لِلنَّدْبِ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْوَاجِبِ. قَوْلُهُ: (وَإِذَا أُحِلْتَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنَ الْإِحَالَةِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ انْقِطَاعٌ بَيْنَ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ وَبَيْنَ نَافِعٍ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ نَافِعٍ شَيْئًا، وَإِنَّمَا سَمِعَ مِنَ ابْنِ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ وَأَبُو حَاتِمٍ: لَمْ يَسْمَعْ مِنْ نَافِعٍ شَيْئًا. قُلْتُ: وَهُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ مُدَلِّسٌ وَقَدْ عَنْعَنَهُ اهـ كَلَامُ صَاحِبُ الزَّوَائِدِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

2404 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ تَوْبَةَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ وَإِذَا أُحِلْتَ عَلَى مَلِيءٍ فَاتْبَعْهُ»

[باب الكفالة]

[بَاب الْكَفَالَةِ] 2405 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَالْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ قَالَا حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ يَقُولُ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الزَّعِيمُ غَارِمٌ وَالدَّيْنُ مَقْضِيٌّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الزَّعِيمُ) أَيِ: الْكَفِيلُ (غَارِمٌ) أَيْ: ضَامِنٌ وَاسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ يُنْكِرُ الْكَفَالَةَ بِالنَّفْسِ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ الضَّمَانِ فِيهِ (مَقْضِيٌّ) أَيْ: يَجِبُ قَضَاؤُهُ وَلَا يَسُوغُ الْإِمْهَالِ وَالتَّسَامُحِ فِي أَمْرِهِ.

2406 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّارَوَرْدِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَجُلًا لَزِمَ غَرِيمًا لَهُ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا عِنْدِي شَيْءٌ أُعْطِيكَهُ فَقَالَ لَا وَاللَّهِ لَا أُفَارِقُكَ حَتَّى تَقْضِيَنِي أَوْ تَأْتِيَنِي بِحَمِيلٍ فَجَرَّهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمْ تَسْتَنْظِرُهُ فَقَالَ شَهْرًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنَا أَحْمِلُ لَهُ فَجَاءَهُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَيْنَ أَصَبْتَ هَذَا قَالَ مِنْ مَعْدِنٍ قَالَ لَا خَيْرَ فِيهَا وَقَضَاهَا عَنْهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِحَمِيلٍ) أَيِ: الْكَفِيلِ (لَا خَيْرَ فِيهَا) كَأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ مَا أَدَّى خُمُسَ الْمَأْخُوذِ مِنَ الْمَعْدِنِ

وَإِلَّا فَالْمَأْخُوذُ مِنَ الْمَعْدِنِ إِذَا كَانَ عَلَى وَجْهِهِ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ.

2407 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِجَنَازَةٍ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهَا فَقَالَ صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ فَإِنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا فَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ أَنَا أَتَكَفَّلُ بِهِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْوَفَاءِ قَالَ بِالْوَفَاءِ وَكَانَ الَّذِي عَلَيْهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَوْ تِسْعَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنَا أَتَكَفَّلُ بِهِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الضَّمَانِ عَنِ الْمَيِّتِ وَمَنْ لَا يَقُولُ بِهِ يَحْمِلُهُ عَلَى الْوَعْدِ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ بِالْوَفَاءِ وَعَبَّرَ بَعْضُ الرُّوَاةِ عَنْهُ بِلَفْظِ الْكَفَالَةِ.

[باب من ادان دينا وهو ينوي قضاءه]

[بَاب مَنْ ادَّانَ دَيْنًا وَهُوَ يَنْوِي قَضَاءَهُ] 2408 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ عَمْرِو بْنِ هِنْدٍ عَنْ ابْنِ حُذَيْفَةَ هُوَ عِمْرَانُ عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ مَيْمُونَةَ قَالَ «كَانَتْ تَدَّانُ دَيْنًا فَقَالَ لَهَا بَعْضُ أَهْلِهَا لَا تَفْعَلِي وَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا قَالَتْ بَلَى إِنِّي سَمِعْتُ نَبِيِّي وَخَلِيلِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدَّانُ دَيْنًا يَعْلَمُ اللَّهُ مِنْهُ أَنَّهُ يُرِيدُ أَدَاءَهُ إِلَّا أَدَّاهُ اللَّهُ عَنْهُ فِي الدُّنْيَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَدَّانُ) بِتَشْدِيدِ الدَّالِ مِنِ ادَّانَ إِذَا اسْتَقْرَضَ وَهُوَ افْتِعَالٌ مِنَ الدَّيْنِ قَوْلُهُ: (إِلَّا أَدَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الدُّنْيَا) أَيْ: فَصَارَ أَخْذُهَا وَصَرْفُهَا فِي الْخَيْرِ خَيْرًا مَحْضًا لَا شَرَّ فِيهِ.

2409 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُفْيَانَ مَوْلَى الْأَسْلَمِيِّينَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ اللَّهُ مَعَ الدَّائِنِ حَتَّى يَقْضِيَ دَيْنَهُ مَا لَمْ يَكُنْ فِيمَا يَكْرَهُ اللَّهُ» قَالَ فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ يَقُولُ لِخَازِنِهِ اذْهَبْ فَخُذْ لِي بِدَيْنٍ فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَبِيتَ لَيْلَةً إِلَّا وَاللَّهُ مَعِي بَعْدَ الَّذِي سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَعَ الدَّائِنِ) فِي عَوْنِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَعَانَ أَخَاهُ الْمَدْيُونَ بِالدَّيْنِ هَذَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنَ اللَّفْظِ، لَكِنَّ كَلَامَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ يُشِيرُ إِلَى أَنَّ الدَّائِنَ بِمَعْنَى ذِي الدَّيْنِ أَيِ الْمَدْيُونِ، ثُمَّ رَأَيْتُ فِي الصِّحَاحِ قَالَ: دَانَ يَجِيءُ بِمَعْنَى أَقْرَضَ وَاسْتَقْرَضَ، وَعَلَى هَذَا فَكَلَامُ عَبْدِ اللَّهِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ دَانَ بِمَعْنَى اسْتَقْرَضَ،

وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.

[باب من ادان دينا لم ينو قضاءه]

[بَاب مَنْ ادَّانَ دَيْنًا لَمْ يَنْوِ قَضَاءَهُ] 2410 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَيْفِيِّ بْنِ صُهَيْبِ الْخَيْرِ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ زِيَادِ بْنِ صَيْفِيِّ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ عَمْرٍو حَدَّثَنَا صُهَيْبُ الْخَيْرِ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَيُّمَا رَجُلٍ يَدِينُ دَيْنًا وَهُوَ مُجْمِعٌ أَنْ لَا يُوَفِّيَهُ إِيَّاهُ لَقِيَ اللَّهَ سَارِقًا» حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَيْفِيٍّ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ صُهَيْبٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَدِينُ) أَيْ: يَسْتَقْرِضُ (وَهُوَ مُجْمِعٌ) مِنْ أَجْمَعَ بِمَعْنَى عَزَمَ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدٍ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَا بَأْسَ بِهِ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: فِيهِ نَظَرٌ اهـ. وَعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ زِيَادٍ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ اهـ. وَزِيَادُ بْنُ صَيْفِيٍّ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

2411 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ عَنْ أَبِي الْغَيْثِ مَوْلَى ابْنِ مُطِيعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ إِتْلَافَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ»

[باب التشديد في الدين]

[بَاب التَّشْدِيدِ فِي الدَّيْنِ] 2412 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ فَارَقَ الرُّوحُ الْجَسَدَ وَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ ثَلَاثٍ دَخَلَ الْجَنَّةَ مِنْ الْكِبْرِ وَالْغُلُولِ وَالدَّيْنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ فَارَقَ الرُّوحُ الْجَسَدَ) أَيْ: فَارَقَ رُوحُهُ جَسَدَهُ (مِنَ الْكِبْرِ وَالْغُلُولِ وَالدَّيْنِ) وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ بَعْدَ تَخْرِيجِ هَذَا الْحَدِيثِ هَكَذَا قَالَ سَعِيدٌ الْكَنْزُ، أَيْ: بِفَتْحِ كَافٍ وَسُكُونِ نُونٍ وَزَايٍ مُعْجَمَةٍ، وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ فِي حَدِيثِهِ: الْكِبْرُ، أَيْ: بِكَسْرِ كَافٍ وَسُكُونِ مُوَحَّدَةٍ وَرَاءٍ مُهْمَلَةٍ، قَالَ: وَرِوَايَةُ سَعِيدٍ أَصَحُّ، وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ الْعِرَاقِيُّ الْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَةِ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَالرَّاءِ، وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي مَجْمَعِ الْأَسَانِيدِ عَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ أَنَّهُ الْكَنْزُ بِالنُّونِ وَالزَّايِ؛ وَلِذَا ذَكَرَهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ فِي تَفْسِيرِ {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} [التوبة: 34] اهـ. قُلْتُ: فَالْكِبْرُ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ بِمَعْنَى التَّكَبُّرِ وَالْعُلُوِّ قَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} [التوبة: 34] الْآيَةَ، وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا بَعْدَهُ إِذِ الْكَلَامُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَمْوَالِ، وَالْغُلُولُ بِضَمَّتَيْنِ الْخِيَانَةُ فِي الْغَنِيمَةِ وَالدَّيْنِ بِفَتْحِ الدَّالِ.

2413 - حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ الْعُثْمَانِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مُعَلَّقَةٌ) أَيْ: مَحْبُوسَةٌ عَنِ الدُّخُولِ

فِي الْجَنَّةِ.

2414 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ سَوَاءٍ حَدَّثَنَا عَمِّي مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دِينَارٌ أَوْ دِرْهَمٌ قُضِيَ مِنْ حَسَنَاتِهِ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَضَى مِنْ حَسَنَاتِهِ) أَيْ: أَخَذَ مِنْ حَسَنَاتِهِ وَيُعْطِي لِلدَّائِنِ فِي مُقَابَلَةِ دَيْنِهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنَ سَوَاءٍ قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِمٍ: أَدْرَكْتُهُ وَلَمْ أَكْتُبْ عَنْهُ اهـ. وَلَمْ أَرَ لِغَيْرِهِ مِنَ الْأَئِمَّةِ فِيهِ كَلَامًا غَيْرَهُ، وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.

[باب من ترك دينا أو ضياعا فعلى الله وعلى رسوله]

[بَاب مَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَعَلَى اللَّهِ وَعَلَى رَسُولِهِ] 2415 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ الْمِصْرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ إِذَا تُوُفِّيَ الْمُؤْمِنُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ الدَّيْنُ فَيَسْأَلُ هَلْ تَرَكَ لِدَيْنِهِ مِنْ قَضَاءٍ فَإِنْ قَالُوا نَعَمْ صَلَّى عَلَيْهِ وَإِنْ قَالُوا لَا قَالَ صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفُتُوحَ قَالَ أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ فَمَنْ تُوُفِّيَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ وَمَنْ تَرَكَ مَالًا فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ) أَيْ: لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ، وَيَقُولُ لَهُمْ: صَلُّوا عَلَيْهِ تَغْلِيظًا لِأَمْرِ الدَّيْنِ وَتَشْدِيدًا لَهُ فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ، أَيْ: وَسَّعَ عَلَيْهِ (أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ) قِيلَ: أَحَقُّ بِهِمْ وَأَقْرَبُ إِلَيْهِمْ، وَقِيلَ: مَعْنَى الْوِلَايَةِ النُّصْرَةُ وَالتَّوْلِيَةُ، أَيْ: أَنَا أَتَوَلَّى أُمُورَهَمْ بَعْدَ وَفَاتِهِمْ وَأَنْصُرُهُمْ فَوْقَ مَا كَانُوا مِنْهُمْ لَوْ عَاشُوا.

2416 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَعَلَيَّ وَإِلَيَّ وَأَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَوْ ضَيَاعًا) هُوَ بِالْفَتْحِ مَصْدَرُ ضَاعَ إِذَا هَلَكَ يُطْلَقُ عَلَى الْعِيَالِ تَسْمِيَةً لِلْفَاعِلِ بِالْمَصْدَرِ؛ لِأَنَّهَا إِذَا لَمْ تُتَعَهَّدْ ضَاعَتْ، وَقَدْ يُرْوَى بِكَسْرِ ضَادٍ جَمْعُ ضَائِعٍ، كَجِيَاعٍ جَمْعُ جَائِعٍ، وَقِيلَ: الضَّيَاعُ اسْمُ مَا هُوَ فِي مَعْرِضِ أَنْ يَضِيعَ إِنْ لَمْ يُتَعَهَّدْ كَالذُّرِّيَّةِ الصِّغَارِ وَالْزَّمْنَى (فَإِلَيَّ) أَيْ: أَمْرُهُ. (وَعَلَيَّ) أَيْ: قَضَاءُ دَيْنِهِ وَمُؤْنَةُ صِغَارِهِ

[باب إنظار المعسر]

[بَاب إِنْظَارِ الْمُعْسِرِ] 2417 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ) بِتَأْجِيلِ الدَّيْنِ ابْتِدَاءً، أَوْ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ، أَوْ بِتَرْكِهِ،

أَوْ بِالتَّصْدُّقِ عَلَيْهِ.

2418 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ نُفَيْعٍ أَبِي دَاوُدَ عَنْ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا كَانَ لَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ وَمَنْ أَنْظَرَهُ بَعْدَ حِلِّهِ كَانَ لَهُ مِثْلُهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَمَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا) أَيْ: أَجَّلَ دَيْنَهُ ابْتِدَاءً (بَعْدَ حِلِّهِ) ضُبِطَ بِكَسْرِ الْحَاءِ، أَيْ: بَعْدَ حُلُولِ الدَّيْنِ بِحُضُورِ حِلِّ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ، أَيْ: أَجَّلَ ثَانِيًا، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ نُفَيْعُ بْنُ الْحَارِثِ الْأَعْمَى الْكُوفِيُّ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَى تَضْعِيفِهِ.

2419 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِي الْيَسَرِ صَاحِبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُظِلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ فَلْيُنْظِرْ مُعْسِرًا أَوْ لِيَضَعْ لَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَلْيُنْظِرْ) مِنَ الْإِنْظَارِ (أَوْ لِيَضَعْ لَهُ) أَيِ: الدَّيْنَ.

2420 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ رِبْعِيَّ بْنَ حِرَاشٍ يُحَدِّثُ عَنْ حُذَيْفَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَجُلًا مَاتَ فَقِيلَ لَهُ مَا عَمِلْتَ فَإِمَّا ذَكَرَ أَوْ ذُكِّرَ قَالَ إِنِّي كُنْتُ أَتَجَوَّزُ فِي السِّكَّةِ وَالنَّقْدِ وَأُنْظِرُ الْمُعْسِرَ فَغَفَرَ اللَّهُ لَهُ» قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ أَنَا قَدْ سَمِعْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَإِمَّا ذَكَرَ) عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ، أَيْ: ذَكَرَ بِنَفْسِهِ (أَوْ ذُكِّرَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنَ التَّذْكِيرِ أَيْ: ذَكَّرَهُ غَيْرُهُ (أَتَجَوَّزُ) أَيْ: أَتَسَامَحُ.

[باب حسن المطالبة وأخذ الحق في عفاف]

[بَاب حُسْنِ الْمُطَالَبَةِ وَأَخْذِ الْحَقِّ فِي عَفَافٍ] 2421 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْعَسْقَلَانِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ طَالَبَ حَقًّا فَلْيَطْلُبْهُ فِي عَفَافٍ وَافٍ أَوْ غَيْرِ وَافٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي عَفَافٍ) الْعَفَافُ بِالْفَتْحِ الْكَفُّ عَنِ الْمَحَارِمِ، أَيْ: فَلْيَطْلُبْهُ حَالَ كَوْنِهِ سَاعِيًا فِي عَدَمِ الْوُقُوعِ فِي الْمَحَارِمِ مَهْمَا أَمْكَنَ تَمَّ لَهُ الْعَفَافُ أَمْ لَا، قَالُوا فِيمَنْ وَفَّى الشَّيْءَ إِذَا تَمَّ، وَهَذَا الْمَعْنَى هُوَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُجْعَلَ وَافٍ حَالًا عَنِ الْحَقِّ عَلَى أَنَّهُ مَجْرُورٌ فِي اللَّفْظِ عَلَى الْجِوَارِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَرْفُوعًا وَالْجُمْلَةُ حَالٌ، أَيْ: هُوَ وَافٍ، أَيِ: الْحَقُّ، فَلَا يَتَعَدَّى إِلَى الْمَحَارِمِ سَوَاءً وَصَلَ إِلَيْهِ وَافِيًا أَمْ لَا، وَهَذَا الْمَعْنَى أَمْتَنُ، وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ.

2422 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُؤَمَّلِ بْنِ الصَّبَّاحِ الْقَيْسِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَبَّبٍ الْقُرَشِيُّ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ السَّائِبِ الطَّائِفِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَامِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِصَاحِبِ الْحَقِّ خُذْ حَقَّكَ فِي عَفَافٍ وَافٍ أَوْ غَيْرِ وَافٍ»

[باب حسن القضاء]

[بَاب حُسْنِ الْقَضَاءِ] 2423 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ خَيْرَكُمْ أَوْ مِنْ خَيْرِكُمْ أَحَاسِنُكُمْ قَضَاءً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَحَاسِنُكُمْ قَضَاءً) أَيِ: الَّذِينَ يُؤَدُّونَ الدَّيْنَ إِلَى أَصْحَابِهِ عَلَى أَحْسَنِ وَجْهٍ.

2424 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَلَفَ مِنْهُ حِينَ غَزَا حُنَيْنًا ثَلَاثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ أَلْفًا فَلَمَّا قَدِمَ قَضَاهَا إِيَّاهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ إِنَّمَا جَزَاءُ السَّلَفِ الْوَفَاءُ وَالْحَمْدُ»

[باب لصاحب الحق سلطان]

[بَاب لِصَاحِبِ الْحَقِّ سُلْطَانٌ] 2425 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَنَشٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «جَاءَ رَجُلٌ يَطْلُبُ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِدَيْنٍ أَوْ بِحَقٍّ فَتَكَلَّمَ بِبَعْضِ الْكَلَامِ فَهَمَّ صَحَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَهْ إِنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى صَاحِبِهِ حَتَّى يَقْضِيَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَتَكَلَّمَ بِبَعْضِ الْكَلَامِ) أَيْ: مِمَّا لَا يُنَاسِبُ مَقَامَهُ الْعَلِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فَهَمَّ) قَصَدُوا الْوُقُوعَ فِيهِ بِالزَّجْرِ وَالْأَذَى تَأْدِيبًا لَهُ (مَهْ) أَيْ: قَالَ لَنَا حِينَ أَرَادَ الْقِيَامَ بِذَلِكَ: اسْكُتْ وَدَعْ عَنْكَ ذَلِكَ. وَقَوْلُهُ: سُلْطَانٌ، أَيْ: مُطَالَبَةٌ بِالْمُبَالَغَةِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ حَنَشٌ وَاسْمُهُ حُسَيْمُ بْنُ قَيْسٍ أَبُو عَلِيٍّ الرَّحْبِيُّ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَأَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو زُرْعَةَ.

2426 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ أَبُو شَيْبَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ أَظُنُّهُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَقَاضَاهُ دَيْنًا كَانَ عَلَيْهِ فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ حَتَّى قَالَ لَهُ أُحَرِّجُ عَلَيْكَ إِلَّا قَضَيْتَنِي فَانْتَهَرَهُ أَصْحَابُهُ وَقَالُوا وَيْحَكَ تَدْرِي مَنْ تُكَلِّمُ قَالَ إِنِّي أَطْلُبُ حَقِّي فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلَّا مَعَ صَاحِبِ الْحَقِّ كُنْتُمْ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى خَوْلَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فَقَالَ لَهَا إِنْ كَانَ عِنْدَكِ تَمْرٌ فَأَقْرِضِينَا حَتَّى يَأْتِيَنَا تَمْرُنَا فَنَقْضِيَكِ فَقَالَتْ نَعَمْ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَأَقْرَضَتْهُ فَقَضَى الْأَعْرَابِيَّ وَأَطْعَمَهُ فَقَالَ أَوْفَيْتَ أَوْفَى اللَّهُ لَكَ فَقَالَ أُولَئِكَ خِيَارُ النَّاسِ إِنَّهُ لَا قُدِّسَتْ أُمَّةٌ لَا يَأْخُذُ الضَّعِيفُ فِيهَا حَقَّهُ غَيْرَ مُتَعْتَعٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أُحَرِّجُ عَلَيْكَ) مِنَ التَّحْرِيجِ، أَيْ: أُضَيِّقُ عَلَيْكَ إِلَّا وَقْتَ قَضَائِكَ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ مِنْ بَابِ اجْتِمَاعِ إِنِ الشَّرْطِيَّةِ وَلَا النَّافِيَةِ (فَانْتَهَرَهُ) أَيْ: زَجَرَهُ (هَلَّا مَعَ صَاحِبِ الْحَقِّ كُنْتُمْ) حَثَّهُمْ عَلَى الْقِيَامِ مَعَ صَاحِبِ الْحَقِّ، أَيْ: يَنْبَغِي

لَكُمْ أَنْ تَكُونُوا مَعَ صَاحِبِ الْحَقِّ إِلَى أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ حَقُّهُ (وَأَطْعَمَهُ) أَيْ: أَعْطَاهُ زَائِدًا عَلَى حَقِّهِ طُعْمَةً لَهُ قَوْلُهُ: (لَا قُدِّسَتْ) مِنَ التَّقْدِيسِ (أُمَّةٌ) أَيْ: قَوْمٌ مَا يَطْهُرُونَ مِنْ دَنَسِ الذُّنُوبِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ دَعَا عَلَيْهِمْ، فَإِنَّ كَلِمَةَ " لَا " لَا تَدْخُلُ عَلَى الْمَاضِي فِي غَيْرِ الدُّعَاءِ إِلَّا مُكَرَّرَةً غَالِبًا، مِثْلَ: لَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى (غَيْرَ مُتَعْتَعٍ) بِفَتْحِ التَّاءِ الثَّانِيَةِ، أَيْ: مِنْ غَيْرِ أَنْ يُصِيبَهُ أَذًى يُقْلِقُهُ وَيُزْعِجُهُ وَغَيْرَ مَنْصُوبٌ؛ لِأَنَّهُ حَالٌ لِلضَّعِيفِ، وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ؛ لِأَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ.

[باب الحبس في الدين والملازمة]

[بَاب الْحَبْسِ فِي الدَّيْنِ وَالْمُلَازَمَةِ] 2427 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا وَبْرُ بْنُ أَبِي دُلَيْلَةَ الطَّائِفِيُّ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مَيْمُونِ بْنِ مُسَيْكَةَ قَالَ وَكِيعٌ وَأَثْنَى عَلَيْهِ خَيْرًا عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ» قَالَ عَلِيٌّ الطَّنَافِسِيُّ يَعْنِي عِرْضَهُ شِكَايَتَهُ وَعُقُوبَتَهُ سِجْنَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَيُّ الْوَاجِدِ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ، أَيْ: مَطْلُهُ، وَالْوَاجِدُ بِالْجِيمِ الْقَادِرُ عَلَى الْأَدَاءِ، أَيِ: الَّذِي يَجِدُ مَا يُؤَدِّي. يُحِلُّ عِرْضَهُ لِلدَّائِنِ بِأَنْ يَقُولَ ظَلَمَنِي، وَعُقُوبَتُهُ بِالْحَبْسِ وَالتَّعْزِيرِ.

2428 - حَدَّثَنَا هَدِيَّةُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ حَدَّثَنَا الْهِرْمَاسُ بْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغَرِيمٍ لِي فَقَالَ لِي الْزَمْهُ ثُمَّ مَرَّ بِي آخِرَ النَّهَارِ فَقَالَ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ يَا أَخَا بَنِي تَمِيمٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ) أَيْ: أَعْطَاكَ الدَّيْنَ أَمْ لَا، وَقَوْلُهُ: تَقَاضَى، أَيْ: طَلَبَ مِنْهُ أَدَاءَهُ. دَعْ أَيْ: خَفِّفْ عَنْهُ بِتَرْكِ النِّصْفِ.

2429 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَيَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ قَالَا حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ أَنْبَأَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا لَهُ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا فَنَادَى كَعْبًا فَقَالَ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ دَعْ مِنْ دَيْنِكَ هَذَا وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى الشَّطْرِ فَقَالَ قَدْ فَعَلْتُ قَالَ قُمْ فَاقْضِهِ»

[باب القرض]

[بَاب الْقَرْضِ] 2430 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْعَسْقَلَانِيُّ حَدَّثَنَا يَعْلَى حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ يَسِيرٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ رُومِيٍّ قَالَ كَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ أُذُنَانٍ يُقْرِضُ عَلْقَمَةَ أَلْفَ دِرْهَمٍ إِلَى عَطَائِهِ فَلَمَّا خَرَجَ عَطَاؤُهُ تَقَاضَاهَا مِنْهُ وَاشْتَدَّ عَلَيْهِ فَقَضَاهُ فَكَأَنَّ عَلْقَمَةَ غَضِبَ فَمَكَثَ أَشْهُرًا ثُمَّ أَتَاهُ فَقَالَ أَقْرِضْنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ إِلَى عَطَائِي قَالَ نَعَمْ وَكَرَامَةً يَا أُمَّ عُتْبَةَ هَلُمِّي تِلْكَ الْخَرِيطَةَ الْمَخْتُومَةَ الَّتِي عِنْدَكِ فَجَاءَتْ بِهَا فَقَالَ أَمَا وَاللَّهِ إِنَّهَا لَدَرَاهِمُكَ الَّتِي قَضَيْتَنِي مَا حَرَّكْتُ مِنْهَا دِرْهَمًا وَاحِدًا قَالَ فَلِلَّهِ أَبُوكَ مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا فَعَلْتَ بِي قَالَ مَا سَمِعْتُ مِنْكَ قَالَ مَا سَمِعْتَ مِنِّي قَالَ سَمِعْتُكَ تَذْكُرُ «عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُقْرِضُ مُسْلِمًا قَرْضًا مَرَّتَيْنِ إِلَّا كَانَ كَصَدَقَتِهَا مَرَّةً قَالَ كَذَلِكَ أَنْبَأَنِي ابْنُ مَسْعُودٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَقَالَ أَمَا إِنَّهَا وَاللَّهِ لَدَرَاهِمُكَ) بِفَتْحِ كَافِ الْخِطَابِ عَلَى أَنَّهُ خِطَابٌ لِعَلْقَمَةَ لَا لِأُمِّ عُتْبَةَ (عَلَى مَا فَعَلْتَ بِي) أَيْ: مِنَ الِاشْتِدَادِ فِي التَّقَاضِي مَعَ أَنَّكَ مَا كُنْتَ مُحْتَاجًا إِلَى الدَّرَاهِمِ (قَالَ مَا سَمِعْتُ مِنْكَ) أَيْ: أَرَدْتُ أَنْ أُقْرِضَكَ مَرَّةً ثَانِيَةً فَأَنَالَ هَذَا الْفَضْلَ، وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ قَيْسَ بْنَ رُومِيٍّ مَجْهُولٌ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ وَيُقَالُ: ابْنُ مُنِيرَةَ وَيُقَالُ: ابْنُ شُقَيْرٍ وَيُقَالُ: ابْنُ سُفْيَانَ وَكُلُّهُ وَاحِدٌ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَى تَضْعِيفِهِ. وَالْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ بِإِسْنَادٍ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ.

2431 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ وَحَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ مَكْتُوبًا الصَّدَقَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا وَالْقَرْضُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ فَقُلْتُ يَا جِبْرِيلُ مَا بَالُ الْقَرْضِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ قَالَ لِأَنَّ السَّائِلَ يَسْأَلُ وَعِنْدَهُ وَالْمُسْتَقْرِضُ لَا يَسْتَقْرِضُ إِلَّا مِنْ حَاجَةٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا يُسْتَقْرَضُ إِلَّا مِنْ حَاجَةٍ) أَنَّ الْقَرْضَ وَاجِبُ الْأَدَاءِ فَلَا يَخْتَارُهُ أَحَدٌ إِلَّا بِحَاجَةٍ، وَلَا يَخْفَى مَا بَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ وَالْحَدِيثِ السَّابِقِ مِنَ التَّعَارُضِ. فِي حَاشِيَةِ السُّيُوطِيِّ قَالَ سِرَاجُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ: الْحَدِيثُ دَالٌّ عَلَى أَنَّ دِرْهَمَ الْقَرْضِ بِدِرْهَمَيْ صَدَقَةٍ، لَكِنَّ الصَّدَقَةَ لَمْ يَعْدِلْهَا شَيْءٌ، وَالْقَرْضُ عَادَلَهُ مِنْهُ دِرْهَمٌ فَسَقَطَ مُقَابِلُهُ وَبَقِيَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، اهـ. وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي مَالِكٍ أَبُو هَاشِمٍ الْهَمْدَانِيُّ الدِّمَشْقِيُّ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو زُرْعَةَ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُمْ.

2432 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنِي عُتْبَةُ بْنُ حُمَيْدٍ الضَّبِّيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَقَ الْهُنَائِيِّ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ «الرَّجُلُ مِنَّا يُقْرِضُ أَخَاهُ الْمَالَ فَيُهْدِي لَهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَقْرَضَ أَحَدُكُمْ قَرْضًا فَأَهْدَى لَهُ أَوْ حَمَلَهُ عَلَى الدَّابَّةِ فَلَا يَرْكَبْهَا وَلَا يَقْبَلْهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ قَبْلَ ذَلِكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَيُهْدِي) مِنْ أَهْدَى أَيْ:

يُهْدِي الْمُسْتَقْرِضُ لِلْمُقْرِضِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَجُرَّ الْقَرْضُ نَفْعًا، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عُقْبَةُ بْنُ حُمَيْدٍ الضَّبِّيُّ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو حَاتِمٍ وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ.

[باب أداء الدين عن الميت]

[بَاب أَدَاءِ الدَّيْنِ عَنْ الْمَيِّتِ] 2433 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ الْأَطْوَلِ «أَنَّ أَخَاهُ مَاتَ وَتَرَكَ ثَلَاثَ مِائَةِ دِرْهَمٍ وَتَرَكَ عِيَالًا فَأَرَدْتُ أَنْ أُنْفِقَهَا عَلَى عِيَالِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَخَاكَ مُحْتَبَسٌ بِدَيْنِهِ فَاقْضِ عَنْهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَدَّيْتُ عَنْهُ إِلَّا دِينَارَيْنِ ادَّعَتْهُمَا امْرَأَةٌ وَلَيْسَ لَهَا بَيِّنَةٌ قَالَ فَأَعْطِهَا فَإِنَّهَا مُحِقَّةٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مُحْتَبَسٌ) أَيْ: عَنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ (فَأَعْطِهَا) فِيهِ الْقَضَاءُ بِبَاطِنِ الْأَمْرِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ عَبْدُ الْمَلِكِ أَبُو جَعْفَرٍ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ صَحِيحٌ لَهُمْ فِي أَحَدِ الصَّحِيحَيْنِ، قَالَ: وَلَيْسَ لِسَعْدٍ هَذَا فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ.

2434 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَقَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ أَبَاهُ تُوُفِّيَ وَتَرَكَ عَلَيْهِ ثَلَاثِينَ وَسْقًا لِرَجُلٍ مِنْ الْيَهُودِ فَاسْتَنْظَرَهُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَأَبَى أَنْ يُنْظِرَهُ فَكَلَّمَ جَابِرٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَشْفَعَ لَهُ إِلَيْهِ فَجَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَلَّمَ الْيَهُودِيَّ لِيَأْخُذَ ثَمَرَ نَخْلِهِ بِالَّذِي لَهُ عَلَيْهِ فَأَبَى عَلَيْهِ فَكَلَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَبَى أَنْ يُنْظِرَهُ فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّخْلَ فَمَشَى فِيهَا ثُمَّ قَالَ لِجَابِرٍ جُدَّ لَهُ فَأَوْفِهِ الَّذِي لَهُ فَجَدَّ لَهُ بَعْدَ مَا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثِينَ وَسْقًا وَفَضَلَ لَهُ اثْنَا عَشَرَ وَسْقًا فَجَاءَ جَابِرٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُخْبِرَهُ بِالَّذِي كَانَ فَوَجَدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَائِبًا فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَهُ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَدْ أَوْفَاهُ وَأَخْبَرَهُ بِالْفَضْلِ الَّذِي فَضَلَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبِرْ بِذَلِكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَذَهَبَ جَابِرٌ إِلَى عُمَرَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ لَقَدْ عَلِمْتُ حِينَ مَشَى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُبَارِكَنَّ اللَّهُ فِيهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ثَلَاثِينَ وَسْقًا) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ، أَوْ بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ وَفِي الْمَجْمَعِ فَتْحُ الْوَاوِ أَشْهَرُ مِنَ الْكَسْرِ سِتُّونَ صَاعًا، وَقَالَ الْجِيلِيُّ: الْوَسْقُ حِمْلُ الْبَعِيرِ قَوْلُهُ: (فَاسْتَنْظَرَهُ) أَيْ: طَلَبَ مِنْهُ التَّأْخِيرَ (أَنْ يُنْظِرَهُ) مِنَ الْإِنْظَارِ، أَيْ: يُؤَخِّرَهُ (لِيَأْخُذَ ثَمَرَ نَخْلِهِ بِالَّذِي لَهُ عَلَيْهِ) أَيْ: لِيَأْخُذَ كُلَّ الثَّمَرِ فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنِ مُصَالَحَةً، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ جَهَالَةَ بَدَلِ الصُّلْحِ لَا يَضُرُّ وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْمُسَاوَاةُ فِي الصُّلْحِ فِي الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ. قَوْلُهُ: (جُذَّ لَهُ)

بِالْجِيمِ الْمَضْمُومَةِ وَالذَّالِ الْمُشَدَّدَةِ، أَيِ: اقْطَعْ لَهُ الثَّمَرَ (أَخْبَرَ بِذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ) فَإِنَّهُ كَثِيرُ الِاهْتِمَامِ بِأَمْرِ جَابِرٍ، فَأَرَادَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَفْرَحَ بِذَلِكَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب ثلاث من ادان فيهن قضى الله عز وجل عنه]

[بَاب ثَلَاثٍ مَنْ ادَّانَ فِيهِنَّ قَضَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهُ] 2435 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ الْمُحَارِبِيُّ وَأَبُو أُسَامَةَ وَجَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ عَنْ ابْنِ أَنْعُمٍ قَالَ أَبُو كُرَيْبٍ وَحَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ ابْنِ أَنْعُمٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ عَبْدٍ الْمَعَافِرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الدَّيْنَ يُقْضَى مِنْ صَاحِبِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذَا مَاتَ إِلَّا مَنْ يَدِينُ فِي ثَلَاثِ خِلَالٍ الرَّجُلُ تَضْعُفُ قُوَّتُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَسْتَدِينُ يَتَقَوَّى بِهِ لِعَدُوِّ اللَّهِ وَعَدُوِّهِ وَرَجُلٌ يَمُوتُ عِنْدَهُ مُسْلِمٌ لَا يَجِدُ مَا يُكَفِّنُهُ وَيُوَارِيهِ إِلَّا بِدَيْنٍ وَرَجُلٌ خَافَ اللَّهَ عَلَى نَفْسِهِ الْعُزْبَةَ فَيَنْكِحُ خَشْيَةً عَلَى دِينِهِ فَإِنَّ اللَّهَ يَقْضِي عَنْ هَؤُلَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِلَّا مَنْ يَدِينُ) أَيْ: يَسْتَدِينُ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنْعَمَ الشَّيْبَانِيُّ قَاضِي إِفْرِيقِيَّةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمْ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[كتاب الرهون]

[كتاب الرُّهُونِ] [بَاب حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ] ِ بَاب حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ 2436 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنِي الْأَسْوَدُ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْتَرَى مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا إِلَى أَجَلٍ وَرَهَنَهُ دِرْعَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (اشْتَرَى مِنْ يَهُودِيٍّ. . . إِلَخْ) يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْبَيْعِ إِلَى الْأَجَلِ وَعَلَى جَوَازِ الرَّهْنِ وَعَلَى جَوَازِ الْمُعَامَلَةِ مَعَ الْكَفَرَةِ وَعَلَى أَنَّ الذِّمِّيَّ يُمَكَّنُ مِنَ السِّلَاحِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَجَلَ كَانَ مَعْلُومًا فِي الْعَقْدِ إِلَّا أَنَّ التَّعْبِيرَ وَقَعَ عَنْهُ فِي الْحَدِيثِ بِالنَّكِرَةِ.

2437 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «لَقَدْ رَهَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِرْعَهُ عِنْدَ يَهُودِيٍّ بِالْمَدِينَةِ فَأَخَذَ لِأَهْلِهِ مِنْهُ شَعِيرًا»

2438 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ بَهْرَامَ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ بِطَعَامٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ. . . إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ حَوْشَبٌ وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُمَا، وَضَعَّفَهُ شُعْبَةُ وَأَبُو حَاتِمٍ وَالنَّسَائِيُّ. وَعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَهْرَامٍ وَثَّقَهُ أَحْمَدُ

وَابْنُ مَعِينٍ وَابْنُ الْمَدِينِيِّ وَأَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُمْ.

2439 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْجُمَحِيُّ حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا هِلَالُ بْنُ خَبَّابٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاتَ وَدِرْعُهُ رَهْنٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ بِثَلَاثِينَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[باب الرهن مركوب ومحلوب]

[بَاب الرَّهْنُ مَرْكُوبٌ وَمَحْلُوبٌ] 2440 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ زَكَرِيَّا عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظَّهْرُ يُرْكَبُ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا وَلَبَنُ الدَّرِّ يُشْرَبُ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا وَعَلَى الَّذِي يَرْكَبُ وَيَشْرَبُ نَفَقَتُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَلَبَنُ الدَّارِّ) أَيْ: لَبَنُ ذَاتِ اللَّبَنِ (يُشْرَبُ) قَالَ الْجُمْهُورُ: يَشْرَبُهُ الْمَالِكُ وَعَلَيْهِ النَّفَقَةُ، وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْحَدِيثِ أَنَّ الرَّهْنَ لَا يُهْمَلُ وَلَا يُعَطَّلُ مَنَافِعُهُ، وَقِيلَ: يَشْرَبُهُ الْمُرْتَهِنُ وَعَلَيْهِ النَّفَقَةُ فَيَكُونُ بَدَلًا عَنِ الِانْتِفَاعِ بِالْمَرْهُونِ وَلَا يَكُونُ انْتِفَاعًا بِمَالِ الْغَيْرِ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب يغلق الرهن]

[بَاب يَغْلَقُ الرَّهْنُ] باب لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ 2441 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُخْتَارِ عَنْ إِسْحَقَ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ) كَمَثِلِ إِذَا بَقِيَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ لَا يَقْدِرُ رَاهِنُهُ عَلَى تَخْلِيصِهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهُ الْمُرْتَهِنُ إِذَا لَمْ يَسْتَفِكَّهُ صَاحِبُهُ، وَكَانَ هَذَا مِنْ فِعْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، الرَّاهِنُ إِذَا لَمْ يَرُدَّ مَا عَلَيْهِ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ مَلَكَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ فَأَبْطَلَهُ الْإِسْلَامُ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ، وَإِنْ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ فِي الرِّوَايَةِ فَقَدْ ضَعَّفَهُ فِي أُخْرَى، وَضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالْجَوْزَجَانِيُّ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي عَنِ الثِّقَاتِ الْمَقْلُوبَاتِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: كَذَّابٌ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب أجر الأجراء]

[بَاب أَجْرِ الْأُجَرَاءِ] 2442 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَلِيمٍ عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَنْ كُنْتُ خَصْمَهُ خَصَمْتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُوفِهِ أَجْرَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (خَصَمْتُهُ) بِالتَّخْفِيفِ، أَيْ: غَلَبْتُهُ فِي الْخُصُومَةِ (أَعَطَى بِي) أَيْ: عَهِدَ أَنَّهُ يُعْطِينِي (ثُمَّ غَدَرَ) أَيْ: مَا وَفَّى بَعْهِدِهِ.

2443 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَطِيَّةَ السَّلَمِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطُوا الْأَجِيرَ أَجْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَعْطُوا الْأَجِيرَ) أَيْ: يَنْبَغِي الْمُبَادَرَةُ فِي إِعْطَاءِ حَقِّهِ

بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْحَاجَةِ قَوْلُهُ: (قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ) الْحَاصِلُ بِالِاشْتِغَالِ بِالْحَاجَةِ، وَفِي الزَّوَائِدِ أَصْلُهُ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، لَكِنَّ إِسْنَادَ الْمُصَنِّفِ ضَعِيفٌ وَهْبُ بْنُ سَعِيدٍ هُوَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ سَعِيدٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ ضَعِيفَانِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب إجارة الأجير على طعام بطنه]

[بَاب إِجَارَةِ الْأَجِيرِ عَلَى طَعَامِ بَطْنِهِ] 2444 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عُلَيِّ بْنِ رَبَاحٍ قَالَ سَمِعْتُ عُتْبَةَ بْنَ النُّدَّرِ يَقُولُ «كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَ طس حَتَّى إِذَا بَلَغَ قِصَّةَ مُوسَى قَالَ إِنَّ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آجَرَ نَفْسَهُ ثَمَانِيَ سِنِينَ أَوْ عَشْرًا عَلَى عِفَّةِ فَرْجِهِ وَطَعَامِ بَطْنِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَلَى عِفَّةِ فَرْجِهِ وَطَعَامِ بَطْنِهِ) وَنَقْلُ شَرِيعَةِ مَنْ قَبْلَنَا مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِعَدَمِ جَوَازِ مِثْلِ ذَلِكَ فِي شَرْعِنَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ شَرْعُنَا أَيْضًا، فَيَنْبَغِي جَوَازُ الْأُجْرَةِ عَلَى الطَّعَامِ وَالنِّكَاحِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ بَقِيَّةَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ، وَلَيْسَ لِبَقِيَّةَ هَذَا عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ، وَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ فِي بَقِيَّةِ الْكُتُبِ الْخَمْسَةِ.

2445 - حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ حَفْصُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا سَلِيمُ بْنُ حَيَّانَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ نَشَأْتُ يَتِيمًا وَهَاجَرْتُ مِسْكِينًا وَكُنْتُ أَجِيرًا لِابْنَةِ غَزْوَانَ بِطَعَامِ بَطْنِي وَعُقْبَةِ رِجْلِي أَحْطِبُ لَهُمْ إِذَا نَزَلُوا وَأَحْدُو لَهُمْ إِذَا رَكِبُوا فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ الدِّينَ قِوَامًا وَجَعَلَ أَبَا هُرَيْرَةَ إِمَامًا ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَعُقْبَةُ رِجْلِي) فِي الْقَامُوسِ الْعُقْبَةُ بِالضَّمِّ النَّوْبَةُ وَالرِّجْلُ بِالْكَسْرِ، أَيْ: لِلنَّوْبَةِ مِنَ الرُّكُوبِ اسْتِرَاحَةً لِلرِّجْلِ. (وَأَحْدُو لَهُمْ) مِنَ الْحَدْوِ وَهُوَ سَوْقُ الْإِبِلِ وَالْغِنَاءُ لَهَا، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ مَوْقُوفٌ؛ لِأَنَّ حَيَّانَ بْنَ بِسْطَامٍ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَحَفْصَ بْنَ عَمْرٍو ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَوَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالذَّهَبِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ أَثْبَاتٌ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب الرجل يستقي كل دلو بتمرة ويشترط جلدة]

[بَاب الرَّجُلِ يَسْتَقِي كُلُّ دَلْوٍ بِتَمْرَةٍ وَيَشْتَرِطُ جَلْدَةً] 2446 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَنَشٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «أَصَابَ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَصَاصَةٌ فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيًّا فَخَرَجَ يَلْتَمِسُ عَمَلًا يُصِيبُ فِيهِ شَيْئًا لِيُقِيتَ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَى بُسْتَانًا لِرَجُلٍ مِنْ الْيَهُودِ فَاسْتَقَى لَهُ سَبْعَةَ عَشَرَ دَلْوًا كُلُّ دَلْوٍ بِتَمْرَةٍ فَخَيَّرَهُ الْيَهُودِيُّ مِنْ تَمْرِهِ سَبْعَ عَشَرَةَ عَجْوَةً فَجَاءَ بِهَا إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (خَصَاصَةٌ) أَيْ: حَاجَةٌ إِلَى الطَّعَامِ وَفَقْرٌ (لِيُقِيتَ) أَيْ: لِيَجْعَلَهُ قُوتًا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

(فَخَيَّرَهُ الْيَهُودِيُّ) كَانَ الْعَقْدُ مَا وَقَعَ عَلَى الْعَجْوَةِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ حَنَشٌ وَاسْمُهُ حُسَيْنُ بْنُ قَيْسٍ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ.

2447 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ أَبِي حَيَّةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ كُنْتُ أَدْلُو الدَّلْوَ بِتَمْرَةٍ وَأَشْتَرِطُ أَنَّهَا جَلْدَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنَّهَا جَلْدَةٌ) هِيَ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ الْيَابِسَةُ الْجَيِّدَةُ، وَفِي الزَّوَائِدِ رِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ وَالْحَدِيثُ مَوْقُوفٌ وَأَبُو إِسْحَاقَ اسْمُهُ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّبِيعِيُّ اخْتَلَطَ بِآخِرِهِ وَكَانَ يُدَلِّسُ وَقَدْ رَوَاهُ بِالْعَنْعَنَةِ.

2448 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «جَاءَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لِي أَرَى لَوْنَكَ مُنْكَفِئًا قَالَ الْخَمْصُ فَانْطَلَقَ الْأَنْصَارِيُّ إِلَى رَحْلِهِ فَلَمْ يَجِدْ فِي رَحْلِهِ شَيْئًا فَخَرَجَ يَطْلُبُ فَإِذَا هُوَ بِيَهُودِيٍّ يَسْقِي نَخْلًا فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ لِلْيَهُودِيِّ أَسْقِي نَخْلَكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ كُلُّ دَلْوٍ بِتَمْرَةٍ وَاشْتَرَطَ الْأَنْصَارِيُّ أَنْ لَا يَأْخُذَ خَدِرَةً وَلَا تَارِزَةً وَلَا حَشَفَةً وَلَا يَأْخُذَ إِلَّا جَلْدَةً فَاسْتَقَى بِنَحْوٍ مِنْ صَاعَيْنِ فَجَاءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مُنْكَفِئًا) هُوَ بِهَمْزَةٍ فِي آخِرِهِ، أَيْ: مُتَغَيِّرًا يُقَالُ: انْكَفَأَ لَوْنُهُ، أَيْ: تَغَيَّرَ عَنْ حَالِهِ كَذَا فِي الْمَجْمَعِ. (الْخَمْصُ) هُوَ الْجُوعُ قَوْلُهُ: (خَدِرَةً) ضُبِطَ بِفَتْحِ خَاءٍ وَكَسْرِ دَالٍ مُهْمَلَةٍ وَهِيَ الَّتِي اسْوَدَّ بَطْنُهَا (وَلَا تَارِزَةً) بِمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ، ثُمَّ رَاءٍ مُهْمَلَةٍ، ثُمَّ زَايٍ مُعْجَمَةٍ، أَيْ: يَابِسَةٌ وَكُلُّ قَوِيٍّ صَلْبٍ يَابِسٍ تَارِزٌ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ كَيْسَانَ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُمَا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب المزارعة بالثلث والربع]

[بَاب الْمُزَارَعَةِ بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ] 2449 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ طَارِقِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ وَقَالَ إِنَّمَا يَزْرَعُ ثَلَاثَةٌ رَجُلٌ لَهُ أَرْضٌ فَهُوَ يَزْرَعُهَا وَرَجُلٌ مُنِحَ أَرْضًا فَهُوَ يَزْرَعُ مَا مُنِحَ وَرَجُلٌ اسْتَكْرَى أَرْضًا بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنِ الْمُحَاقَلَةِ) أَيْ: كِرَاءِ الْأَرْضِ لِلزِّرَاعَةِ (وَالْمُزَابَنَةِ) بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ، أَوْ نَحْوِهِ (وَرَجُلٌ مُنِحَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ، أَيْ: أَعْطَاهُ أَخُوهُ أَرْضًا، وَكَذَا الثَّانِي.

2450 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ «كُنَّا نُخَابِرُ وَلَا نَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا حَتَّى سَمِعْنَا رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ يَقُولُ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ فَتَرَكْنَاهُ لِقَوْلِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كُنَّا نُخَابِرُ)

أَيْ: فِي عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ دَلِيلٌ فِي جَوَازِهِ (فَتَرَكْنَاهُ لِقَوْلِهِ) تَوَرُّعًا وَإِنْ كَانَ مُعَارِضًا لِلْعَمَلِ الْمُسْتَمِرِّ.

2451 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنِي عَطَاءٌ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ «كَانَتْ لِرِجَالٍ مِنَّا فُضُولُ أَرَضِينَ يُؤَاجِرُونَهَا عَلَى الثُّلُثِ وَالرُّبُعِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَتْ لَهُ فُضُولُ أَرْضِينَ فَلْيَزْرَعْهَا أَوْ لِيُزْرِعْهَا أَخَاهُ فَإِنْ أَبَى فَلْيُمْسِكْ أَرْضَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فُضُولُ أَرَضِينَ) بِفَتْحَتَيْنِ، أَيْ: أَرَاضِي فَاضِلَةٌ عَنْ حَاجَتِهِمْ (فَلْيَزْرَعْهَا) بِفَتْحِ الْيَاءِ، أَيْ: لِيَزْرَعْهَا لِنَفْسِهِ (أَوْ لِيُزْرِعْهَا) بِضَمِّ الْيَاءِ، أَيْ: لِيُمَكِّنْ أَخَاهُ مِنَ الزَّرْعِ وَيُعْطِيهَا لَهُ بِلَا بَدَلٍ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

2452 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا أَوْ لِيَمْنَحْهَا أَخَاهُ فَإِنْ أَبَى فَلْيُمْسِكْ أَرْضَهُ»

[باب كراء الأرض]

[بَاب كِرَاءِ الْأَرْضِ] 2453 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَأَبُو أُسَامَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ أَوْ قَالَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ كَانَ يُكْرِي أَرْضًا لَهُ مَزَارِعًا فَأَتَاهُ إِنْسَانٌ فَأَخْبَرَهُ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ فَذَهَبَ ابْنُ عُمَرَ وَذَهَبْتُ مَعَهُ حَتَّى أَتَاهُ بِالْبَلَاطِ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ» فَتَرَكَ عَبْدُ اللَّهِ كِرَاءَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يُكْرِي) بِضَمِّ الْيَاءِ مِنْ أَكْرَى (بِالْبَلَاطِ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ، وَقِيلَ: بِكَسْرِهَا اسْمُ مَوْضِعٍ بِالْمَدِينَةِ بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَالسُّوقِ كَذَا فِي الْمَجْمَعِ.

2454 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ ابْنِ شَوْذَبٍ عَنْ مَطَرٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا أَوْ لِيُزْرِعْهَا وَلَا يُؤَاجِرْهَا»

2455 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُحَاقَلَةُ اسْتِكْرَاءُ الْأَرْضِ»

[باب الرخصة في كراء الأرض البيضاء بالذهب والفضة]

[بَاب الرُّخْصَةِ فِي كِرَاءِ الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ] 2456 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّهُ لَمَّا سَمِعَ إِكْثَارَ النَّاسِ فِي كِرَاءِ الْأَرْضِ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ إِنَّمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا مَنَحَهَا أَحَدُكُمْ أَخَاهُ وَلَمْ يَنْهَ عَنْ كِرَائِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِلَّا مَنَحَهَا أَحَدُكُمْ) أَيْ: قَالَهُ تَحْرِيضًا لِلنَّاسِ عَلَى الْإِحْسَانِ.

2457 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأَنْ يَمْنَحَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ أَرْضَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهَا كَذَا وَكَذَا لِشَيْءٍ مَعْلُومٍ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هُوَ الْحَقْلُ وَهُوَ بِلِسَانِ الْأَنْصَارِ الْمُحَاقَلَةُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَأَنْ يَمْنَحَ) بِفَتْحِ أَنْ مُبْتَدَأٌ خَيْرٌ خَبَرُهَا.

2458 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ قَالَ سَأَلْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ قَالَ «كُنَّا نُكْرِي الْأَرْضَ عَلَى أَنَّ لَكَ مَا أَخْرَجَتْ هَذِهِ وَلِي مَا أَخْرَجَتْ هَذِهِ فَنُهِينَا أَنْ نُكْرِيَهَا بِمَا أَخْرَجَتْ وَلَمْ نُنْهَ أَنْ نُكْرِيَ الْأَرْضَ بِالْوَرِقِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كُنَّا نُكُرِي) مِنَ الْإِكْرَاءِ (فَنُهِينَا) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ، وَلَعَلَّ النَّهْيَ عَنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا تُخْرِجُ إِحْدَى الْقِطْعَتَيْنِ شَيْئًا فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إِلَى التَّنَازُعِ، فَعَلَى هَذَا لَا نَهْيَ عَنِ الْكِرَاءِ بِحِصَّةٍ مِنَ الْخَارِجِ كَالثُّلُثِ وَنَحْوِهِ، لَكِنَّ بَعْضَ الرِّوَايَاتِ يَقْتَضِي عُمُومَ النَّهْيِ. (وَلَمْ نُنْهَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ بِالْوَرِقِ بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ، أَيْ: بِالْفِضَّةِ، وَمِثْلُهَا الذَّهَبُ وَالْعُرُوضُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب ما يكره من المزارعة]

[بَاب مَا يُكْرَهُ مِنْ الْمُزَارَعَةِ] 2459 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنِي أَبُو النَّجَاشِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ يُحَدِّثُ عَنْ عَمِّهِ ظُهَيْرٍ قَالَ «نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَمْرٍ كَانَ لَنَا رَافِقًا فَقُلْتُ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ حَقٌّ فَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَصْنَعُونَ بِمَحَاقِلِكُمْ قُلْنَا نُؤَاجِرُهَا عَلَى الثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَالْأَوْسُقِ مِنْ الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ فَقَالَ فَلَا تَفْعَلُوا ازْرَعُوهَا أَوْ أَزْرِعُوهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (رَافِقًا) أَيْ: كَانَ فِيهِ رِفْقٌ فِي حَقِّنَا.

2460 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ ظُهَيْرٍ ابْن أَخِي رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ «كَانَ أَحَدُنَا إِذَا اسْتَغْنَى عَنْ أَرْضِهِ أَعْطَاهَا بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَالنِّصْفِ وَاشْتَرَطَ ثَلَاثَ جَدَاوِلَ وَالْقُصَارَةَ وَمَا يَسْقِي الرَّبِيعُ وَكَانَ الْعَيْشُ إِذْ ذَاكَ شَدِيدًا وَكَانَ يَعْمَلُ فِيهَا بِالْحَدِيدِ وَبِمَا شَاءَ اللَّهُ وَيُصِيبُ مِنْهَا مَنْفَعَةً فَأَتَانَا رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَاكُمْ عَنْ أَمْرٍ كَانَ لَكُمْ نَافِعًا وَطَاعَةُ اللَّهِ وَطَاعَةُ رَسُولِهِ أَنْفَعُ لَكُمْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَاكُمْ عَنْ الْحَقْلِ وَيَقُولُ مَنْ اسْتَغْنَى عَنْ أَرْضِهِ فَلْيَمْنَحْهَا أَخَاهُ أَوْ لِيَدَعْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَاشْتَرَطَ) أَيْ: لِصَاحِبِ الْأَرْضِ (ثَلَاثَ) أَيْ: ثَلَاثَ حِصَصٍ مِنْ جَدَاوِلَ جَمْعِ جَدْوَلٍ: النَّهَرُ الصَّغِيرُ، أَيْ: مَا يَخْرُجُ عَلَى

أَطْرَافِهَا (وَالْقُصَارَةُ) هُوَ بِالضَّمِّ مَا بَقِيَ مِنَ الْحَبِّ فِي السُّنْبُلِ بَعْدَمَا يُدَاسُ (وَمَا سَقَى الرَّبِيعُ) هُوَ النَّهْرُ الصَّغِيرُ كَأَنَّهُمْ يَجْعَلُونَ قِطْعَةً مِنَ الْأَرْضِ يَسْقِيهَا الرَّبِيعُ (فِيهَا) أَيْ: فِي الْأَرْضِ.

2461 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَقَ حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ أَبِي الْوَلِيدِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ «يَغْفِرُ اللَّهُ لِرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَا وَاللَّهِ أَعْلَمُ بِالْحَدِيثِ مِنْهُ إِنَّمَا أَتَى رَجُلَانِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ اقْتَتَلَا فَقَالَ إِنْ كَانَ هَذَا شَأْنُكُمْ فَلَا تُكْرُوا الْمَزَارِعَ فَسَمِعَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ قَوْلَهُ فَلَا تُكْرُوا الْمَزَارِعَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (هَذَا شَأْنُكُمْ) أَيِ: التَّنَازُعُ وَالِاخْتِصَامُ فَالنَّهْيُ مِمَّا يُؤَدِّي إِلَى ذَلِكَ فَلَا نَهْيَ إِذَا لَمْ يُؤَدِّ إِلَيْهِ.

[باب الرخصة في المزارعة بالثلث والربع]

[بَاب الرُّخْصَةِ فِي الْمُزَارَعَةِ بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ] 2462 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ قُلْتُ لِطَاوُسٍ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَوْ تَرَكْتَ هَذِهِ الْمُخَابَرَةَ فَإِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهُ فَقَالَ أَيْ عَمْرُو إِنِّي أُعِينُهُمْ وَأُعْطِيهِمْ وَإِنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ أَخَذَ النَّاسَ عَلَيْهَا عِنْدَنَا وَإِنَّ أَعْلَمَهُمْ يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَنِي «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنْهَ عَنْهَا وَلَكِنْ قَالَ لَأَنْ يَمْنَحَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهَا أَجْرًا مَعْلُومًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنِّي أُعِينُهُمْ) مِنَ الْإِعَانَةِ (أَخَذَ النَّاسَ عَلَيْهَا) أَيْ: رَخَّصَ لَهُمْ فِيهَا، بَلْ حَثَّهُمْ عَلَيْهَا.

2463 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ ثَابِتٍ الْجَحْدَرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ خَالِدٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ «أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ أَكْرَى الْأَرْضَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ عَلَى الثُّلُثِ وَالرُّبُعِ فَهُوَ يُعْمَلُ بِهِ إِلَى يَوْمِكَ هَذَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَهُوَ يَعْمَلُ بِهِ) أَيِ: الْكِرَاءَ يَعْمَلُ بِهِ إِلَى هَذَا النَّوْعِ مِنْ ذَلِكَ الْعَهْدِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ مُوَثَّقُونَ؛ لِأَنَّ أَحْمَدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ فِيهِ ابْنُ حِبَّانَ فِي

الثِّقَاتِ: مُسْتَقِيمُ الْأَمْرِ. قُلْتُ: وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ يُحْتَجُّ بِهِمْ فِي الصَّحِيحِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

2464 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ قَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ «إِنَّمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأَنْ يَمْنَحَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ الْأَرْضَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ خَرَاجًا مَعْلُومًا»

[باب استكراء الأرض بالطعام]

[بَاب اسْتِكْرَاءِ الْأَرْضِ بِالطَّعَامِ] 2465 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ «كُنَّا نُحَاقِلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَزَعَمَ أَنَّ بَعْضَ عُمُومَتِهِ أَتَاهُمْ فَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلَا يُكْرِيهَا بِطَعَامٍ مُسَمَّى» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلَا يُكْرِيهَا) نَفْيٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فَلَا يُكْرِهَا بِحَذْفِ الْيَاءِ عَلَى لَفْظِ النَّهْيِ.

[باب من زرع في أرض قوم بغير إذنهم]

[بَاب مَنْ زَرَعَ فِي أَرْضِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ] 2466 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ زَرَعَ فِي أَرْضِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ فَلَيْسَ لَهُ مِنْ الزَّرْعِ شَيْءٌ وَتُرَدُّ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ لَهُ مِنَ الزَّرْعِ شَيْءٌ) عَلَى أَنَّ الزَّرْعَ لِمَنْ لَهُ أَرْضٌ لَا لِمَنْ لَهُ الْبَذْرُ.

[باب معاملة النخيل والكرم]

[بَاب مُعَامَلَةِ النَّخِيلِ وَالْكَرْمِ] 2467 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ وَسَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ وَإِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالُوا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ بِالشَّطْرِ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ) وَكَانَتِ الْمُعَامَلَةُ مُسَاقَاةً وَمُزَارَعَةً مُسْتَقِلِّينَ عِنْدَ قَوْمٍ، وَمُسَاقَاةً مُتَضَمِّنَةً لِلزِّرَاعَةِ عِنْدَ آخَرِينَ لَا مُزَارَعَةً فَقَطْ، وَالْمُسَاقَاةُ إِجَارَةٌ عَلَى الْعَمَلِ فِي الِاسْتِئْجَارِ بِجُزْءٍ مِنَ الْخَارِجِ، وَالْمُزَارَعَةُ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا بَيْنَهُمَا فَرْقٌ. وَالْمُسَاقَاةُ قَدْ تَتَضَمَّنُ الْمُزَارَعَةَ بِأَنْ تَكُونَ فِي الْبُسْتَانِ أَرْضٌ بَيَاضٌ فَيُشْتَرَطُ الزَّرْعُ فِيهَا - أَيْضًا - تَبَعًا لِلْمُسَاقَاةِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ كَمَا تَحْتَمِلُ الْمُسَاقَاةُ وَالْمُزَارَعَةُ الِاسْتِقْلَالَ، وَقَدْ جَوَّزَ الْمُزَارِعَةَ تَبَعًا لِلْمُسَاقَاةِ بَعْضُ مَنْ لَمْ يُجَوِّزْهَا اسْتِقْلَالًا فَلَمْ يَتِمَّ بِهِ اسْتِدْلَالُ مَنْ يَسْتَدِلُّ بِهِ عَلَى جَوَازِ الْمُزَارَعَةِ اسْتِقْلَالًا فَافْهَمْ.

2468 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ تَوْبَةَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ عَنْ مِقْسَمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى خَيْبَرَ أَهْلَهَا عَلَى النِّصْفِ نَخْلِهَا وَأَرْضِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَعْطَى خَيْبَرَ أَهْلَهَا) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ الْحَكَمُ بْنُ عُتْبَةَ قَالَ شُعْبَةُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ مِقْسَمٍ إِلَّا أَرْبَعَ أَحَادِيثَ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى هَذَا

هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ضَعِيفٌ.

2469 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ مُسْلِمٍ الْأَعْوَرِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «لَمَّا افْتَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ أَعْطَاهَا عَلَى النِّصْفِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَعْطَاهَا عَلَى النِّصْفِ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مُسْلِمُ بْنُ كَيْسَانَ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُمَا.

[باب تلقيح النخل]

[بَاب تَلْقِيحِ النَّخْلِ] 2470 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ سِمَاكٍ أَنَّهُ سَمِعَ مُوسَى بْنَ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «مَرَرْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَخْلٍ فَرَأَى قَوْمًا يُلَقِّحُونَ النَّخْلَ فَقَالَ مَا يَصْنَعُ هَؤُلَاءِ قَالُوا يَأْخُذُونَ مِنْ الذَّكَرِ فَيَجْعَلُونَهُ فِي الْأُنْثَى قَالَ مَا أَظُنُّ ذَلِكَ يُغْنِي شَيْئًا فَبَلَغَهُمْ فَتَرَكُوهُ فَنَزَلُوا عَنْهَا فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّمَا هُوَ الظَّنُّ إِنْ كَانَ يُغْنِي شَيْئًا فَاصْنَعُوهُ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَإِنَّ الظَّنَّ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ وَلَكِنْ مَا قُلْتُ لَكُمْ قَالَ اللَّهُ فَلَنْ أَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يُلَقِّحُونَ النَّخْلَ) مِنَ التَّلْقِيحِ وَهُوَ التَّأْبِيرُ، وَهُوَ أَنْ يَشُقَّ طَلْعَ الْإِنَاثِ وَيُؤْخَذَ مِنْ طَلْعِ الذُّكُورِ فَيُوضَعَ فِيهَا لِيَكُونَ الثَّمَرُ بِإِذْنِ اللَّهِ أَجْوَدَ مِمَّا لَمْ يُؤَبَّرْ (مَا أَظُنُّ ذَلِكَ يُغْنِي شَيْئًا) هُوَ كَلَامٌ صَادِقٌ مَا ظَهَرَ خِلَافُهُ، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ خِلَافُهُ لَوْ ظَهَرَ أَنَّهُ ظَنَّهُ مُغْنِيًا نَفَعَ ذَلِكَ وَمَا قَالَ ذَلِكَ حَاشَاهُ، وَهَذَا ظَاهِرٌ اهـ. قُلْتُ: الْكَذِبُ كَانَ الْمُرَادَ، قُلْتُ: أَخْطَأَ، وَبِهِ وَافَقَ هَذَا الْكَلَامُ السَّابِقَ فَانْدَفَعَ أَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ يَكْذِبُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُخْبِرًا عَنِ الْوَاقِعِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

2471 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ أَصْوَاتًا فَقَالَ مَا هَذَا الصَّوْتُ قَالُوا النَّخْلُ يُؤَبِّرُونَهَا فَقَالَ لَوْ لَمْ يَفْعَلُوا لَصَلَحَ فَلَمْ يُؤَبِّرُوا عَامَئِذٍ فَصَارَ شِيصًا فَذَكَرُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنْ كَانَ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ دُنْيَاكُمْ فَشَأْنُكُمْ بِهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أُمُورِ دِينِكُمْ فَإِلَيَّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يُؤَبِّرُونَهَا) مِنَ التَّأْبِيرِ (لَوْ لَمْ يَفْعَلُوا لَصَلُحَ) أَيْ: ظَنَّ ذَلِكَ فَيُوَافِقُ مَا تَقَدَّمَ (شِيصًا) الشِّيصُ هُوَ التَّمْرُ الَّذِي لَا يُشْتَدُّ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب المسلمون شركاء في ثلاث]

[بَاب الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ] 2472 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خِرَاشِ بْنِ حَوْشَبٍ الشَّيْبَانِيُّ عَنْ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ فِي الْمَاءِ وَالْكَلَإِ وَالنَّارِ وَثَمَنُهُ حَرَامٌ» قَالَ أَبُو سَعِيدٍ يَعْنِي الْمَاءَ الْجَارِيَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ. . . إِلَخْ) ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ فَقَالُوا: إِنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ الثَّلَاثَةَ لَا تُمْلَكُ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهَا مُطْلَقًا وَالْمَشْهُورُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَلَأِ الْكَلَأُ الْمُبَاحُ الَّذِي لَا يَخْتَصُّ بِأَحَدٍ وَبِالْمَاءِ مَاءُ السَّمَاءِ وَالْعُيُونِ وَالْأَنْهَارِ الَّتِي لَا مَالِكَ لَهَا وَبِالنَّارِ

الشَّجَرُ الَّذِي يَحْتَطِبُهُ النَّاسُ مِنَ الْمُبَاحِ فَيُوقِدُونَهُ، فَالْمَاءُ إِذَا أَحْرَزَهُ إِنْسَانٌ فِي إِنَاءٍ وَمَلَكَهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَكَذَا غَيْرُهُ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْكَلَأُ هُوَ الَّذِي يَنْبُتُ فِي مَوَاتِ الْأَرْضِ يَرْعَاهُ النَّاسُ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَخْتَصَّ بِهِ، وَالنَّارُ فَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِالْحِجَارَةِ الَّتِي تُورَى، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَمْنَعَ غَيْرَهُ مِنْ أَخْذِهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَهُ مَنْعُ مَنْ أَخَذَ جَمْرَةً أَيْ جَذْوَةً وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَصْبِحَ مِنْهَا مِصْبَاحًا، أَوْ دَنَى مِنْهَا فَيَتَدَفَّأَ بِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُنْقِصُ مِنْ عَيْنِهَا شَيْئًا، وَفِي الزَّوَائِدِ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حِرَاشٍ قَدْ ضَعَّفَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَالْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُمَا، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارٍ الْمَوْصِلِيُّ: كَذَّابٌ.

2473 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ثَلَاثٌ لَا يُمْنَعْنَ الْمَاءُ وَالْكَلَأُ وَالنَّارُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ثَلَاثٌ لَا يُمْنَعْنَ) كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ مِثْلَ الْمَاءِ وَالنَّارِ مِنَ الْأَشْيَاءِ الْمُحَقَّرَةِ لَا يَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ مَنْعُهَا عَنِ الْمُحْتَاجِ وَالْجَارِ، وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ رِجَالُهُ مُوَثَّقُونَ إِلَا مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ أَبَا يَحْيَى الْمَكِّيَّ وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَغَيْرُهُمَا وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ.

2474 - حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ خَالِدٍ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ غُرَابٍ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مَرْزُوقٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جَدْعَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ «يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الشَّيْءُ الَّذِي لَا يَحِلُّ مَنْعُهُ قَالَ الْمَاءُ وَالْمِلْحُ وَالنَّارُ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الْمَاءُ قَدْ عَرَفْنَاهُ فَمَا بَالُ الْمِلْحِ وَالنَّارِ قَالَ يَا حُمَيْرَاءُ مَنْ أَعْطَى نَارًا فَكَأَنَّمَا تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَا أَنْضَجَتْ تِلْكَ النَّارُ وَمَنْ أَعْطَى مِلْحًا فَكَأَنَّمَا تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَا طَيَّبَ ذَلِكَ الْمِلْحُ وَمَنْ سَقَى مُسْلِمًا شَرْبَةً مِنْ مَاءٍ حَيْثُ يُوجَدُ الْمَاءُ فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَ رَقَبَةً وَمَنْ سَقَى مُسْلِمًا شَرْبَةً مِنْ مَاءٍ حَيْثُ لَا يُوجَدُ الْمَاءُ فَكَأَنَّمَا أَحْيَاهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَالَ يَا حُمَيْرَاءُ) قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي النِّهَايَةِ: الْحُمَيْرَاءُ تَصْغِيرُ الْحَمْرَاءِ يُرِيدُ الْبَيْضَاءَ وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ أَوْرَدَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ وَأَعَلَّهُ بِعَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كُلُّ حَدِيثٍ وَرَدَ فِيهِ الْحُمَيْرَاءُ ضَعِيفٌ، وَاسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ الْوَرْدِ عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ أُمِّ سَلِمَةَ قَالَتْ «ذَكَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خُرُوجَ بَعْضِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ فَضَحِكَتْ عَائِشَةُ فَقَالَ: انْظُرِي يَا حُمَيْرَاءُ أَنْ لَا تَكُونِي أَنْتِ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالَ: إِنْ وُلِّيتَ مِنْ أَمْرِهَا شَيْئًا فَارْفُقْ بِهَا.» قَالَ الْحَاكِمُ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ، وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب إقطاع الأنهار والعيون]

[بَاب إِقْطَاعِ الْأَنْهَارِ وَالْعُيُونِ] 2475 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ حَدَّثَنَا فَرَجُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبْيَضَ بْنِ حَمَّالٍ حَدَّثَنِي عَمِّي ثَابِتُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبْيَضَ بْنِ حَمَّالٍ عَنْ أَبِيهِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ أَبْيَضَ بْنِ حَمَّالٍ «أَنَّهُ اسْتَقْطَعَ الْمِلْحَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ مِلْحُ سُدِّ مَأْرِبٍ فَأَقْطَعَهُ لَهُ ثُمَّ إِنَّ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ التَّمِيمِيَّ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي قَدْ وَرَدْتُ الْمِلْحَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَهُوَ بِأَرْضٍ لَيْسَ بِهَا مَاءٌ وَمَنْ وَرَدَهُ أَخَذَهُ وَهُوَ مِثْلُ الْمَاءِ الْعِدِّ فَاسْتَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْيَضَ بْنَ حَمَّالٍ فِي قَطِيعَتِهِ فِي الْمِلْحِ فَقَالَ قَدْ أَقَلْتُكَ مِنْهُ عَلَى أَنْ تَجْعَلَهُ مِنِّي صَدَقَةً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ مِنْكَ صَدَقَةٌ وَهُوَ مِثْلُ الْمَاءِ الْعِدِّ مَنْ وَرَدَهُ أَخَذَهُ قَالَ فَرَجٌ وَهُوَ الْيَوْمَ عَلَى ذَلِكَ مَنْ وَرَدَهُ أَخَذَهُ قَالَ فَقَطَعَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْضًا وَنَخْلًا بِالْجَوْفِ جَوْفِ مُرَادٍ مَكَانَهُ حِينَ أَقَالَهُ مِنْهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ابْنِ أَبْيَضَ) بِلَفْظٍ ضِدُّ أَسْوَدَ (ابْنِ حَمَّالٍ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ قَوْلُهُ: (اسْتَقْطَعَ الْمِلْحَ) أَيْ: طَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَجْعَلَهُ خَالِصًا يَتَمَلَّكُهُ، أَوْ يَشْتَرِيهِ (سُدُّ مَأْرِبٍ) السُّدُّ بِضَمٍّ فَتَشْدِيدِ دَالٍ، وَمَأْرِبٌ بِمِيمٍ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ سَاكِنَةٌ وَيَجُوزُ قَلْبُهَا أَلِفًا وَرَاءٍ مُهْمَلَةٍ مَكْسُورَةٍ بَلْدَةُ بِلْقِيسَ بِالْيَمِينِ (فَأَقْطَعَهُ لَهُ) أَيْ: أَعْطَاهُ إِيَّاهُ، قِيلَ: ظَنًّا بِأَنَّهُ مَعْدِنٌ يَحْصُلُ مِنْهُ الْمِلْحُ بِعَمَلٍ وَكَدٍّ فَلَمَّا ظَهَرَ خِلَافُهُ رَجَعَ قَوْلُهُ: (مِثْلُ الْمَاءِ الْعِدِّ) بِكَسْرِ عَيْنٍ وَتَشْدِيدِ دَالٍ مُهْمَلَتَيْنِ، أَيِ: الْمَاءِ الدَّائِمِ لِمَادَّتِهِ وَالْكَثِيرِ أَوِ الْقَدِيمِ. قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةِ أَبِي دَاوُدَ: وَهُوَ الْكَثِيرُ الدَّائِمُ الَّذِي لَا يَنْقَطِعُ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى عَمَلٍ، وَأَصْلُهُ مَا يَأْتِي لِأَوْقَاتٍ مَعْلُومَةٍ يُشْبِهُ الْمَالَ (فَاسْتَقَالَ. . . إِلَخْ) قَالَ السُّيُوطِيُّ نَقْلًا عَنِ السُّبْكِيِّ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ اسْتَقَالَ تَطْيِيبًا لِقَلْبِهِ تَكَرُّمًا مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَوْلُهُ: هُوَ مِنْكَ صَدَقَةٌ: مُبَالَغَةٌ فِي مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ. قِيلَ: وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ إِقْطَاعِ الْمَعَادِنِ إِنَّمَا يَجُوزُ إِذَا كَانَ بَاطِنُهُ لَا يُنَالُ مِنْهَا إِلَّا بِتَعَبٍ وَمُؤْنَةٍ، فَإِذَا كَانَتْ ظَاهِرَةً يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ مِنْهَا مِنْ غَيْرِ كَدٍّ وَلَا تَعَبٍ لَا يَجُوزُ إِقْطَاعُهَا، بَلِ النَّاسُ فِيهِ

[باب النهي عن بيع الماء]

سَوَاءٌ كَالْمِيَاهِ وَالْكَلَأِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -. [بَاب النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْمَاءِ] 2476 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ سَمِعْتُ إِيَاسَ بْنَ عَبْدٍ الْمُزَنِيَّ وَرَأَى نَاسًا يَبِيعُونَ الْمَاءَ فَقَالَ «لَا تَبِيعُوا الْمَاءَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُبَاعَ الْمَاءُ»

2477 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ فَضْلِ الْمَاءِ»

[باب النهي عن منع فضل الماء ليمنع به الكلأ]

[بَاب النَّهْيِ عَنْ مَنْعِ فَضْلِ الْمَاءِ لِيَمْنَعَ بِهِ الْكَلَأَ] 2478 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَمْنَعْ أَحَدُكُمْ فَضْلَ مَاءٍ لِيَمْنَعَ بِهِ الْكَلَأَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا يَمْنَعْ أَحَدُكُمْ فَضْلَ مَاءٍ لِيَمْنَعَ بِهِ الْكَلَا) الْكَلَا هُوَ الْعُشْبُ رَطْبُهُ وَيَابِسُهُ كَذَا فِي الْقَامُوسِ، يُرِيدُ أَنَّهُ بِفَتْحَتَيْنِ بِلَا مَدٍّ وَهُوَ عَامٌّ يَشْمَلُ الرَّطْبَ وَالْيَابِسَ، بِخِلَافِ الْحَشِيشِ فَإِنَّهُ الْيَابِسُ، وَالْعُشْبِ فَإِنَّهُ الرَّطْبُ مِنَ النَّبَاتِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مَوَاتٍ فَيَمْلِكُهَا بِالْإِحْيَاءِ وَبِقُرْبِ الْبِئْرِ. مَوَاتٌ فِيهِ كَلَأٌ وَلَا يُمْكِنُ لِلنَّاسِ أَنْ يَرْعَوْهُ إِلَّا بِأَنْ يَبْذُلَ لَهُمْ مَاءَهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ مَاشِيَةَ غَيْرِهِ أَنْ تَرِدَ مَاءَهُ الَّذِي زَادَ عَلَى حَاجَةِ مَاشِيَتِهِ لِيَمْنَعَ فَضْلَ الْكَلَأِ، قِيلَ: وَمَفْهُومُ الْحَدِيثِ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَحْرُمَ إِذَا لَمْ يَمْنَعْ بِهِ الْكَلَأَ فَلَا يَجِبُ بَذْلُهُ لِلزَّرْعِ وَيَجِبُ لِلْمَاشِيَةِ.

2479 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ حَارِثَةَ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ وَلَا يُمْنَعُ نَقْعُ الْبِئْرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَلَا يَمْنَعُ نَقْعَ الْبِئْرِ) بِنُونٍ وَقَافٍ، أَيْ: فَضْلَ مَائِهَا؛ لِأَنَّهُ يَنْقَطِعُ بِهِ الْعَطَشُ، أَيْ: يُرْوَى يُقَالُ: شَرِبَ حَتَّى نَقَعَ، أَيْ: رُوِيَ وَالنَّقْعُ الْمَاءُ النَّاقِعُ وَهُوَ الْمُجْتَمِعُ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ حَارِثَةُ بْنُ أَبِي الرِّجَالِ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ، وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ بِسَنَدٍ فِيهِ ابْنُ إِسْحَاقَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب الشرب من الأودية ومقدار حبس الماء]

[بَاب الشُّرْبِ مِنْ الْأَوْدِيَةِ وَمِقْدَارِ حَبْسِ الْمَاءِ] 2480 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ «أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شِرَاجِ الْحَرَّةِ الَّتِي يَسْقُونَ بِهَا النَّخْلَ فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ سَرِّحْ الْمَاءَ يَمُرَّ فَأَبَى عَلَيْهِ فَاخْتَصَمَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ أَرْسِلْ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ فَغَضِبَ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ يَا زُبَيْرُ اسْقِ ثُمَّ احْبِسْ الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ» قَالَ فَقَالَ الزُّبَيْرُ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَحْسِبُ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65] ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي شِرَاجِ الْحَرَّةِ) بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ آخِرُهُ جِيمٌ جَمْعُ شَرْجَةٍ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ وَهِيَ مَسَايِلُ الْمَاءِ، بِالْحَرَّةِ بِفَتْحٍ فَتَشْدِيدٍ وَهِيَ أَرْضٌ ذَاتُ حِجَارَةٍ سُودٍ قَوْلُهُ: (سَرِّحِ الْمَاءَ) أَيْ: مِنَ التَّسْرِيحِ، أَيْ: أَرْسِلْهُ (اسْقِ) يَحْتَمِلُ قَطْعَ الْهَمْزَةِ وَوَصْلَهَا (أَنْ كَانَ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ، أَوْ مُخَفَّفُ (أَنَّ) اللَّامُ مُقَدَّرَةٌ، أَيْ: حَكَمْتَ بِهِ لِكَوْنِهِ ابْنَ

عَمَّتِكَ، وَرُوِيَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ عَلَى أَنَّهُ مُخَفَّفُ أَنَّ وَالْجُمْلَةُ اسْتِئْنَافِيَّةٌ فِي مَوْضِعِ التَّعْلِيلِ (فَتَلَوَّنَ) أَيْ: تَغَيَّرَ وَظَهَرَ فِيهِ آثَارُ الْغَضَبِ قَوْلُهُ: (إِلَى الْجَدْرِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ الْجِدَارُ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ مَا وَقَعَ حَوْلَ الْمَزْرَعَةِ كَالْجِدَارِ، وَقِيلَ: أُصُولُ الشَّجَرِ. أَمَرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوَّلًا بِالْمُسَامَحَةِ وَالْإِيثَارِ بِأَنْ يَسْقِيَ شَيْئًا يَسِيرًا، ثُمَّ يُرْسِلَهُ إِلَى جَارِهِ، فَلَمَّا قَالَ الْأَنْصَارِيُّ مَا قَالَ وَجَهِلَ مَوْضِعَ حَقِّهِ أَمَرَهُ بِأَنْ يَأْخُذَ تَمَامَ حَقِّهِ وَيَسْتَوْفِيَهُ، فَإِنَّهُ أَصْلَحُ لَهُ وَفِي الزَّجْرِ أَبْلَغُ، وَقَوْلُ الْأَنْصَارِيِّ مَا قَالَ زَلَّةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ بِالْغَضَبِ إِنْ كَانَ مُسْلِمًا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ مُنَافِقًا، وَقِيلَ: لَهُ الْأَنْصَارِيُّ لِاتِّحَادِ الْقَبِيلَةِ.

2481 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ مَنْظُورِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ عَنْ عَمِّهِ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ قَالَ «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَيْلِ مَهْزُورٍ الْأَعْلَى فَوْقَ الْأَسْفَلِ يَسْقِي الْأَعْلَى إِلَى الْكَعْبَيْنِ ثُمَّ يُرْسِلُ إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي سَيْلٍ مَهْزُورٍ) بِتَقْدِيمِ الْمُعْجَمَةِ عَلَى الْمُهْمَلَةِ اسْمُ وَادٍ لِبَنِي قُرَيْظَةَ بِالْحِجَازِ، وَأَمَّا بِتَقْدِيمِ الْمُهْمَلَةِ عَلَى الْمُعْجَمَةِ فَمَوْضِعُ سُوقِ بِالْمَدِينَةِ تَصَدَّقَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمُسْلِمِينَ، كَذَا ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ، وَفِي الزَّوَائِدِ قُلْتُ: انْفَرَدَ ابْنُ مَاجَهْ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ ثَعْلَبَةَ وَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ فِي بَقِيَّةِ السِّتَّةِ وَفِي إِسْنَادِهِ زَكَرِيَّا بْنُ مَنْظُورٍ الْمَدَنِيُّ الْقَاضِي ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُمَا.

2482 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ أَنْبَأَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِي سَيْلِ مَهْزُورٍ أَنْ يُمْسِكَ حَتَّى يَبْلُغَ الْكَعْبَيْنِ ثُمَّ يُرْسِلَ الْمَاءَ»

2483 - حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغَلِّسِ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ إِسْحَقَ بْنِ يَحْيَى بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِي شُرْبِ النَّخْلِ مِنْ السَّيْلِ أَنَّ الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى يَشْرَبُ قَبْلَ الْأَسْفَلِ وَيُتْرَكُ الْمَاءُ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَاءُ إِلَى الْأَسْفَلِ الَّذِي يَلِيهِ وَكَذَلِكَ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْحَوَائِطُ أَوْ يَفْنَى الْمَاءُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ) وَفِي إِسْنَادِهِ إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: يَرْوِي عَنْ عُبَادَةَ وَلَمْ يُدْرِكْهُ وَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب قسمة الماء]

[بَاب قِسْمَةِ الْمَاءِ] 2484 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ أَنْبَأَنَا أَبُو الْجَعْدِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَدَّأُ بِالْخَيْلِ يَوْمَ وِرْدِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يُبَدَّأُ) ضُبِطَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنْ بَدَّا بِبَاءٍ مُوَحَّدَةٍ وَدَالٍ مُشَدَّدَةٍ بِلَا هَمْزٍ، أَيْ: تَفَرَّقَ وَفِي بَعْضِهَا مِنْ بَدَّأَ بِتَشْدِيدِ الدَّالِ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ مِنَ الِابْتِدَاءِ وَالْمَعْنَى، أَيْ: يُبْدَأُ بِهَا فِي السَّقْيِ قَبْلَ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ، وَهَذَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ بَعْضِ أَهْلِ الْغَرِيبِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ السُّيُوطِيِّ أَنَّهُ بِالنُّونِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي النِّهَايَةِ: التَّنْدِيَةُ بِالنُّونِ أَنْ يُورِدَ الرَّجُلُ الْإِبِلَ وَالْخَيْلَ فَيَشْرَبَ قَلِيلًا، ثُمَّ يَرُدَّهَا إِلَى الْمَرْعَى سَاعَةً، ثُمَّ تُعَادَ إِلَى الْمَاءِ، وَالتَّنْدِيَةُ أَيْضًا تَضْمِيرُ الْفَرَسِ وَإِجْرَاؤُهُ حَتَّى يَسِيلَ عَرَقُهُ، وَيُقَالُ: نَدَّيْتُ الْفَرَسَ وَالْبَعِيرَ أُنَدِّيهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَمْرُو بْنُ عَوْفٍ ضَعِيفٌ، وَفِيهِ حَفِيدُهُ كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْكَذِبِ وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَذَّابٌ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: رَوَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ نُسْخَةً مَوْضُوعَةً لَا يَحِلُّ ذِكْرُهَا فِي الْكُتُبِ وَلَا الرِّوَايَةُ عَنْهُ إِلَّا عَلَى جِهَةِ التَّعَجُّبِ.

2485 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ قَسْمٍ قُسِمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ عَلَى مَا قُسِمَ وَكُلُّ قَسْمٍ أَدْرَكَهُ الْإِسْلَامُ فَهُوَ عَلَى قَسْمِ الْإِسْلَامِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَكُلُّ قَسْمٍ) مِنَ الْمِيرَاثِ وَغَيْرِهِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب حريم البئر]

[بَاب حَرِيمِ الْبِئْرِ] 2486 - حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سُكَيْنٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى ح وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَا حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ الْمَكِيُّ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ حَفَرَ بِئْرًا فَلَهُ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا عَطَنًا لِمَاشِيَتِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَلَهُ أَرْبَعُونَ) أَيْ: مِنْ كُلِّ طَرَفٍ، أَوْ مِنْ جَمِيعِ الْأَطْرَافِ أَرْبَعُونَ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ إِذَا حَفَرَ فِي أَرْضٍ مَوَاتٍ فَلَهُ ذَلِكَ، وَفِي الزَّوَائِدِ مَدَارُ الْحَدِيثِ فِي الْإِسْنَادَيْنِ عَلَى إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ الْمَكِّيِّ تَرَكَهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ وَابْنُ مَهْدِيٍّ وَغَيْرُهُمَا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

2487 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَبِي الصُّغْدِيِّ حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ صُقَيْرٍ حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ نَافِعٍ أَبِي غَالِبٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرِيمُ الْبِئْرِ مَدُّ رِشَائِهَا»

[باب حريم الشجر]

[بَاب حَرِيمِ الشَّجَرِ] 2488 - حَدَّثَنَا عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ خَالِدٍ النُّمَيْرِيُّ أَبُو الْمُغَلِّسِ حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ أَخْبَرَنِي إِسْحَقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِي النَّخْلَةِ وَالنَّخْلَتَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ لِلرَّجُلِ فِي النَّخْلِ فَيَخْتَلِفُونَ فِي حُقُوقِ ذَلِكَ فَقَضَى أَنَّ لِكُلِّ نَخْلَةٍ مِنْ أُولَئِكَ مِنْ الْأَسْفَلِ مَبْلَغُ جَرِيدِهَا حَرِيمٌ لَهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَضَى فِي النَّخْلَةِ. . . إِلَخْ) أَيْ: إِذَا غَرَسَهَا فِي الْمَوَاتِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ إِسْحَاقَ بْنَ يَحْيَى يَرْوِي عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ وَلَمْ يُدْرِكْهُ.

2489 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَبِي الصُّغْدِيِّ حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ صُقَيْرٍ حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَبْدِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرِيمُ النَّخْلَةِ مَدُّ جَرِيدِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حَرِيمُ النَّخْلَةِ مَدُّ جَرِيدِهَا) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب من باع عقارا ولم يجعل ثمنه في مثله]

[بَاب مَنْ بَاعَ عَقَارًا وَلَمْ يَجْعَلْ ثَمَنَهُ فِي مِثْلِهِ] 2490 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ حُرَيْثٍ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ بَاعَ دَارًا أَوْ عَقَارًا فَلَمْ يَجْعَلْ ثَمَنَهُ فِي مِثْلِهِ كَانَ قَمِنًا أَنْ لَا يُبَارَكَ فِيهِ» حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ حَدَّثَنِي إِسْمَعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ عَنْ أَخِيهِ سَعِيدِ بْنِ حُرَيْثٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَلَمْ يَجْعَلْهُ فِي مِثْلِهِ) أَيْ: مَنْ بَاعَ دَارًا يَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِيَ بِثَمَنِهَا مِثْلَهَا، أَيْ: دَارًا أُخْرَى وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِ دَارًا بَعْدَ أَنْ بَاعَ دَارَهُ كَانَ حَقِيقًا أَنْ لَا يُبَارَكَ لَهُ فِيهِ، وَقَوْلُهُ: قَمِنًا، أَيْ: جَدِيرًا وَخَلِيقًا وَمَنْ فَتَحَ الْمِيمَ جَعَلَهُ مَصْدَرًا وَمَنْ كَسَرَهَا جَعَلَهُ وَصْفًا وَهُوَ الْأَقْرَبُ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ حُرَيْثٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ضَعَّفَهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُمَا. قَالَ: وَلَيْسَ لِسَعِيدِ بْنِ حُرَيْثٍ فِي الْكُتُبِ الْخَمْسَةِ شَيْءٌ وَلَا لِلْمُصَنِّفِ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ.

2491 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَعَمْرُو بْنُ رَافِعٍ قَالَا حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مَالِكٍ النَّخَعِيُّ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ حُذَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ بَاعَ دَارًا وَلَمْ يَجْعَلْ ثَمَنَهَا فِي مِثْلِهَا لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِيهِ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ) وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ يُوسُفُ بْنُ مَيْمُونٍ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ.

[كتاب الشفعة]

[كتاب الشفعة] [بَاب مَنْ بَاعَ رُبَاعًا فَلْيُؤْذِنْ شَرِيكَهُ] باب مَنْ بَاعَ رُبَاعًا فَلْيُؤْذِنْ شَرِيكَهُ 2492 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَتْ لَهُ نَخْلٌ أَوْ أَرْضٌ فَلَا يَبِيعُهَا حَتَّى يَعْرِضَهَا عَلَى شَرِيكِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَلَا يَبِيعُهَا) قِيلَ: أَيْ: يُكْرَهُ لَهُ الْبَيْعُ لَا أَنَّ الْبَيْعَ حَرَامٌ وَغَيْرُ جَائِزٍ كَذَا قَرَّرَهُ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ - وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ يَقْتَضِي الْحُرْمَةَ - قَوْلُهُ: فَلْيَعْرِضْهَا عَلَى جَارِهِ فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

2493 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانَ وَالْعَلَاءُ بْنُ سَالِمٍ قَالَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا شَرِيكٌ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَأَرَادَ بَيْعَهَا فَلْيَعْرِضْهَا عَلَى جَارِهِ»

[باب الشفعة بالجوار]

[بَاب الشُّفْعَةِ بِالْجِوَارِ] 2494 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَارُ أَحَقُّ بِشُفْعَةِ جَارِهِ يَنْتَظِرُ بِهَا وَإِنْ كَانَ غَائِبًا إِذَا كَانَ طَرِيقُهُمَا وَاحِدًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَنْتَظِرُ بِهَا) قِيلَ: لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْبَائِعَ يَنْتَظِرُهُ وَلَا يَبِيعُ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَنْتَظِرُ فِي قَطْعِ حَقِّ الشُّفْعَةِ وَيَحْتَاجُ إِلَى إِذْنِهِ فِي ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: (إِذَا كَانَ طَرِيقُهُمَا وَاحِدًا) يَقْتَضِي أَنَّ الشُّفْعَةَ تَكُونُ عِنْدَ الشَّرِكَةِ فِي الطَّرِيقِ.

2495 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِي رَافِعٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَحَقُّ بِسَقَبِهِ) السَّقَبُ بِفَتْحَتَيْنِ الْقُرْبُ وَالْبَاءُ بِسَقَبِهِ صِلَةُ أَحَقَّ لَا لِلسَّبَبِ، أَيِ: الْجَارُ أَحَقُّ بِالدَّارِ السَّاقِبَةِ، أَيِ: الْقَرِيبَةِ وَمَنْ لَا يَقُولُ بِشُفْعَةِ الْجَارِ حَمَلَ الْجَارَ عَلَى الشَّرِيكِ فَإِنَّهُ يُسَمَّى جَارًا، أَوْ يَحْمِلُ الْبَاءَ عَلَى السَّبَبِيَّةِ، أَيْ: أَحَقُّ بِالْبِرِّ وَالْمَعُونَةِ بِسَبَبِ قُرْبِ جَارِهِ قَالَ السُّيُوطِيُّ: سُئِلَ الْأَصْمَعِيُّ عَنْهُ فَقَالَ: لَا أُفَسِّرُ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَكِنَّ الْعَرَبَ تَزْعُمُ أَنَّ السَّقِيبَ اللَّزِيقَ.

2496 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ الشَّرِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرْضٌ لَيْسَ فِيهَا لِأَحَدٍ قِسْمٌ وَلَا شِرْكٌ إِلَّا الْجِوَارُ قَالَ الْجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قِسْمٌ) بِالْكَسْرِ وَكَذَا شِرْكٌ، أَيْ: وَنَصِيبٌ، وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجَارَ ظَاهِرُهُ وَلَيْسَ بِمُؤَّوَلٍ بِالشَّرِيكِ وَعَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ فِي الشُّفْعَةِ لَا فِي الْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ - وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ -.

[باب إذا وقعت الحدود فلا شفعة]

[بَاب إِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ فَلَا شُفْعَةَ] 2497 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالشُّفْعَةِ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ فَلَا شُفْعَةَ» حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادٍ الطِّهْرَانِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ قَالَ أَبُو عَاصِمٍ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ مُرْسَلٌ وَأَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُتَّصِلٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ) أَيْ: فِي الْمَالِ الْبَاقِي عَلَى الشَّرِكَةِ فَالشُّفْعَةُ إِنَّمَا هِيَ مَا دَامَتِ الْأَرْضُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمْ، وَأَمَّا إِذَا قُسِمَتْ وَعُيِّنَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ سَهْمُهُ وَطَرِيقُهُ فَلَا شُفْعَةَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ لِلْجَارِ، وَإِنَّمَا الشُّفْعَةُ لِلشَّرِيكِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ، وَمَنْ يَقُولُ بِهَا يَحْمِلُ النَّفْيَ عَلَى نَفْيِ شُفْعَةِ الشَّرِكَةِ؛ لِأَنَّ الشَّرِيكَ أَوْلَى بِهَا مِنَ الْجَارِ، فَإِذَا قُسِمَتِ الْأَرْضُ وَعُيِّنَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ سَهْمُهُ وَطَرِيقُهُ فَمَا بَقِيَ لَهُ الْأَوْلَوِيَّةُ فَهَذَا مَحْمَلُ الْحَدِيثِ عِنْدَهُمْ، وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَالْحَدِيثُ قَدْ جَاءَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ فِي الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ.

2498 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَرَّاحِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشَّرِيكُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ مَا كَانَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَحَقُّ بِصَقَبِهِ) بِالصَّادِّ لُغَةٌ فِي السِّينِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

2499 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «إِنَّمَا جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشُّفْعَةَ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ وَصُرِّفَتْ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ»

[باب طلب الشفعة]

[بَاب طَلَبِ الشُّفْعَةِ] 2500 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَيْلَمَانِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشُّفْعَةُ كَحَلِّ الْعِقَالِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الشُّفْعَةُ كَحَلِّ الْعِقَالِ) قَالَ السُّبْكِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ: الْمَشْهُورُ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهَا تَفُوتُ إِنْ لَمْ يُبْتَدَرْ إِلَيْهَا كَالْبَعِيرِ الشُّرُودُ يُحَلُّ عِقَالُهُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ حَلُّ الْبَيْعِ عَنِ الشَّقِيصِ، أَيِ: الشَّرِيكِ وَإِيجَابُهُ لِغَيْرِهِ كَذَا ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ قَالَ فِيهِ ابْنُ عَدِيٍّ: كُلُّ مَا يَرْوِيهِ الْبَيْلَمَانِيُّ فَالْبَلَاءُ فِيهِ مِنْهُ، وَإِذَا رَوَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ فَهُمَا ضَعِيفَانِ، وَقَالَ: حَدَّثَ عَنْ أَبِيهِ نُسْخَةً كُلَّهَا مَوْضُوعَةً لَا يَجُوزُ

الِاحْتِجَاجُ بِهِ وَلَا أَذْكُرُهُ إِلَّا عَلَى وَجْهِ التَّعَجُّبِ.

2501 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَيْلَمَانِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا شُفْعَةَ لِشَرِيكٍ عَلَى شَرِيكٍ إِذَا سَبَقَهُ بِالشِّرَاءِ وَلَا لِصَغِيرٍ وَلَا لِغَائِبٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذَا سَبَقَهُ بِالشِّرَاءِ) أَيْ: إِذَا اشْتَرَى أَحَدُ الشُّرَكَاءِ الثَّلَاثَةِ نَصِيبَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ الْبَيْلَمَانِيُّ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ فِي الْإِسْنَادِ قَبْلَهُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[كتاب اللقطة]

[كتاب اللقطة] [بَاب ضَالَّةِ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ] باب ضَالَّةِ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ 2502 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَالَّةُ الْمُسْلِمِ حَرَقُ النَّارِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ضَالَّةُ الْمُسْلِمِ حَرَقُ النَّارِ) فِي النِّهَايَةِ حَرَقُ النَّارِ بِالتَّحْرِيكِ لَهَبُهَا وَقَدْ تَسْكُنُ، الْمَعْنَى: ضَالَّةُ الْمُسْلِمِ إِذَا أَخَذَهَا إِنْسَانٌ لِيَتَمَلَّكَهَا أَدَّتْ إِلَى النَّارِ ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

2503 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ خَالُ الْمُنْذِرِ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ الْمُنْذِرِ بْنِ جَرِيرٍ قَالَ «كُنْتُ مَعَ أَبِي بِالْبَوَازِيجِ فَرَاحَتْ الْبَقَرُ فَرَأَى بَقَرَةً أَنْكَرَهَا فَقَالَ مَا هَذِهِ قَالُوا بَقَرَةٌ لَحِقَتْ بِالْبَقَرِ قَالَ فَأَمَرَ بِهَا فَطُرِدَتْ حَتَّى تَوَارَتْ ثُمَّ قَالَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يُؤْوِي الضَّالَّةَ إِلَّا ضَالٌّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا يَأْوِي الضَّالَّةَ) أَيْ: لَا يَضُمُّهَا إِلَى مَالِهِ وَلَا يَخْلِطُهَا مَعَهُ، وَالضَّالَّةُ الضَّائِعَةُ كُلُّ مَا يُقْتَنَى مِنَ الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ يُقَالُ: ضَلَّ الشَّيْءُ إِذَا ضَاعَ وَصَارَ مِنَ الصِّفَاتِ الْغَالِبَةِ فِي كُلِّ ضَائِعٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، وَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرَ، قِيلَ: الْمُرَادُ بِهَا فِي الْحَدِيثِ الضَّالَّةُ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَهُمَا يَحْمِي بِنَفْسِهِ وَيَقْدِرُ عَلَى الْإِيعَادِ فِي طَلَبِ الْمَرْعَى وَالْمَاءِ بِخِلَافِ الْغَنَمِ. قُلْتُ: وَعَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي مَعْنَى الْإِيوَاءِ لَا حَاجَةَ إِلَى التَّخْصِيصِ.

2504 - حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِسْمَعِيلَ بْنِ الْعَلَاءِ الْأَيْلِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ فَلَقِيتُ رَبِيعَةَ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سُئِلَ عَنْ ضَالَّةِ الْإِبِلِ فَغَضِبَ وَاحْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ فَقَالَ مَا لَكَ وَلَهَا مَعَهَا الْحِذَاءُ وَالسِّقَاءُ تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا وَسُئِلَ عَنْ ضَالَّةِ الْغَنَمِ فَقَالَ خُذْهَا فَإِنَّمَا هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ وَسُئِلَ عَنْ اللُّقَطَةِ فَقَالَ اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا وَعَرِّفْهَا سَنَةً فَإِنْ اعْتُرِفَتْ وَإِلَّا فَاخْلِطْهَا بِمَالِكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَاحْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَقَدْ تُكْسَرُ وَقَدْ تُضَمُّ وَسُكُونِ الْجِيمِ مَا ارْتَفَعَ مِنَ الْخَدَّيْنِ كَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَرِهَ السُّؤَالَ عَنْ أَخْذِهَا مَعَ عَدَمِ ظُهُورِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ، وَمَالُ الْغَيْرِ لَا يُبَاحُ أَخْذُهُ إِلَّا لِحَاجَةٍ، قِيلَ: وَكَانَ كَذَلِكَ إِلَى زَمَنِ عُمَرَ وَظَهَرَتِ الْحَاجَةُ إِلَى حِفْظِهَا بَعْدَ ذَلِكَ لِكَثْرَةِ السُّرَّاقِ وَالْخَائِنِينَ

فَالْأَخْذُ وَالْحِفْظُ بَعْدَ ذَلِكَ أَحْوَطُ (الْحِذَاءُ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَبِذَالٍ مُعْجَمَةٍ، أَيْ: خِفَافُهَا فَتَقْتَدِرُ بِهَا عَلَى السَّيْرِ وَقَطْعِ الْبِلَادِ الْبَعِيدَةِ (وَالسِّقَاءُ) بِكَسْرِ السِّينِ أُرِيدَ بِهِ الْجَوْفُ، أَيْ: حَيْثُ وَرَدَتِ الْمَاءَ شَرِبَتْ مَا يَكْفِيهَا حَتَّى تَرِدَ مَاءً آخَرَ (حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا) غَايَةَ الْمَحْذُوفِ، أَيْ: فَدَعْهَا تَأْكُلْ وَتَشْرَبْ حَتَّى يَأْتِيَهَا رَبُّهَا (لَكَ، أَوْ لِأَخِيكَ) أَيْ: إِنْ أَخَذْتَ، أَوْ أَخَذَهُ غَيْرُكَ (أَوْ لِلذِّئْبِ) أَيْ: إِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ أَحَدٌ، أَيْ: فَأَخْذُهَا أَحَبُّ قَوْلُهُ: (عَنِ اللُّقَطَةِ) هُوَ بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِ الْقَافِ أَشْهَرُ مِنْ سُكُونِ الْقَافِ أُرِيدَ بِهِ مَا كَانَ مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ مَثَلًا (عِفَاصُهَا) بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَبِالْفَاءِ (وَوِكَاؤُهَا) بِالْكَسْرِ الْخَيْطُ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ الْوِعَاءُ، وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ تَقَدُّمُ الْمَعْرِفَةِ عَلَى التَّعْرِيفِ، وَقَدْ جَاءَ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ أُجِيبَ بِأَنَّ الْمَطْلُوبَ الْمَعْرِفَةُ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً حِينَ يَلْتَقِطُ لِيَعْلَمَ بِهَا صِدْقَ وَاصِفِهَا، فَإِذَا عَرَّفَهَا سَنَةً وَأَرَادَ تَمَلُّكَهَا عَرَّفَهَا مَرَّةً ثَانِيَةً مَعْرِفَةً وَافِيَةً لِيَرُدَّهَا عَلَى صَاحِبِهَا إِنْ جَاءَ بَعْدَ تَمَلُّكِهَا وَلَا يَنْسَى عَلَامَاتِهَا بِطُولِ الزَّمَانِ قَوْلُهُ: (فَإِنِ اعْتُرِفَتْ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ، أَيْ: عَرَفَهَا صَاحِبُهَا بِتِلْكَ الْعَلَامَاتِ دَفَعَهَا إِلَيْهِ وَإِلَّا فَلْيَمْلِكْهَا، وَإِنَّمَا حَذَفَ ذِكْرَ الدَّفْعِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ الْمُتَعَيَّنُ فَفِي الْحَذْفِ زِيَادَةُ تَأْكِيدٍ لِإِيجَابِ الدَّفْعِ عِنْدَ بَيَانِ الْعَلَامَةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ يَجُوزُ الدَّفْعُ عَلَى الْوَصْفِ وَلَا يَجِبُ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهَا مُدَّعٍ فَيَحْتَاجُ فِي الْوُجُوبِ إِلَى الْبَيِّنَةِ لِعُمُومِ حَدِيثِ: الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، فَيُحْمَلُ الْأَمْرُ بِالدَّفْعِ فِي الْحَدِيثِ عَلَى الْإِبَاحَةِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ. وَأَشَارَ الْحَافِظُ بْنُ حَجَرٍ إِلَى تَرْجِيحِ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ فَقَالَ: يَخُصُّ الْمُلْتَقِطَ مِنْ عُمُومِ الْبَيِّنَةِ مَا جَعَلَهُ الشَّارِعُ بَيِّنَةً لَا الشُّهُودُ فَقَطْ، وَقَدْ جَعَلَ الشَّارِعُ الْبَيِّنَةَ فِي اللُّقَطَةِ الْوَصْفَ فَإِذَا وَصَفَ فَقَدْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَيَجِبُ قَبُولُهَا وَأَيُّ دَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ، وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ حَدِيثَ: الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي إِنَّمَا هُوَ فِي الْقَضَاءِ، وَوُجُوبُ الدَّفْعِ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ كَانَ فِي يَدِهِ حَقٌّ لِأَحَدٍ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ إِذَا عَلِمَ بِهِ وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي لَا يَقْضِي عَلَيْهِ بِالدَّفْعِ بِلَا شُهُودٍ فَيَجِبُ الْقَوْلُ بِوُجُوبِ الدَّفْعِ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَإِنْ قُلْنَا إِنَّ الْقَاضِيَ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ بِالدَّفْعِ

لِحَدِيثِ الْبَيِّنَةِ.

[باب اللقطة]

[بَاب اللُّقَطَةِ] 2505 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ وَجَدَ لُقَطَةً فَلْيُشْهِدْ ذَا عَدْلٍ أَوْ ذَوَيْ عَدْلٍ ثُمَّ لَا يُغَيِّرْهُ وَلَا يَكْتُمْ فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا وَإِلَّا فَهُوَ مَالُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَلْيُشْهِدْ ذَا عَدْلٍ) مِنَ الْإِشْهَادِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: هُوَ أَمْرُ تَأْدِيبٍ وَإِرْشَادٍ لِخَوْفِ تَسْوِيلِ النَّفْسِ وَالشَّيْطَانِ وَانْبِعَاثِ الرَّغْبَةِ فِيهَا فَتَدْعُوهُ إِلَى الْخِيَانَةِ بَعْدَ الْأَمَانَةِ وَرُبَّمَا يَمُوتُ فَيَدَّعِيهَا وَرَثَتُهُ.

2506 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ «خَرَجْتُ مَعَ زَيْدِ بْنِ صُوحَانَ وَسَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْعُذَيْبِ الْتَقَطْتُ سَوْطًا فَقَالَا لِي أَلْقِهِ فَأَبَيْتُ فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ أَتَيْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ أَصَبْتَ الْتَقَطْتُ مِائَةَ دِينَارٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ عَرِّفْهَا سَنَةً فَعَرَّفْتُهَا فَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا يَعْرِفُهَا فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ عَرِّفْهَا فَعَرَّفْتُهَا فَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا يَعْرِفُهَا فَقَالَ اعْرِفْ وِعَاءَهَا وَوِكَاءَهَا وَعَدَدَهَا ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً فَإِنْ جَاءَ مَنْ يَعْرِفُهَا وَإِلَّا فَهِيَ كَسَبِيلِ مَالِكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ابْنُ صُوحَانَ) ضُبِطَ بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ قَوْلُهُ: (عَرَّفَهَا) مِنَ التَّعْرِيفِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّعْرِيفَ ثَلَاثُ سِنِينَ وَقَلَّ مَنْ ذَهَبَ إِلَيْهِ، إِنَّمَا أَخَذُوا بِالسَّنَةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَكَأَنَّهُمْ تَرَكُوا هَذَا الْحَدِيثَ لِمَا جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ مِنَ الشَّكِّ فِي مُدَّةِ التَّعْرِيفِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

2507 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ ح وَحَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَا حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ الْقُرَشِيُّ حَدَّثَنِي سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ اللُّقَطَةِ فَقَالَ عَرِّفْهَا سَنَةً فَإِنْ اعْتُرِفَتْ فَأَدِّهَا فَإِنْ لَمْ تُعْتَرَفْ فَاعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِعَاءَهَا ثُمَّ كُلْهَا فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَأَدِّهَا إِلَيْهِ»

[باب التقاط ما أخرج الجرذ]

[بَاب الْتِقَاطِ مَا أَخْرَجَ الْجُرَذُ] 2508 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَثْمَةَ حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ الزَّمْعِيُّ حَدَّثَتْنِي عَمَّتِي قُرَيْبَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أُمَّهَا كَرِيمَةَ بِنْتَ الْمِقْدَادِ بْنِ عَمْرٍو أَخْبَرَتْهَا عَنْ ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ عَنْ الْمِقْدَادِ بْنِ عَمْرٍو «أَنَّهُ خَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ إِلَى الْبَقِيعِ وَهُوَ الْمَقْبَرَةُ لِحَاجَتِهِ وَكَانَ النَّاسُ لَا يَذْهَبُ أَحَدُهُمْ فِي حَاجَتِهِ إِلَّا فِي الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ فَإِنَّمَا يَبْعَرُ كَمَا تَبْعَرُ الْإِبِلُ ثُمَّ دَخَلَ خَرِبَةً فَبَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ لِحَاجَتِهِ إِذْ رَأَى جُرَذًا أَخْرَجَ مِنْ جُحْرٍ دِينَارًا ثُمَّ دَخَلَ فَأَخْرَجَ آخَرَ حَتَّى أَخْرَجَ سَبْعَةَ عَشَرَ دِينَارًا ثُمَّ أَخْرَجَ طَرَفَ خِرْقَةٍ حَمْرَاءَ قَالَ الْمِقْدَادُ فَسَلَلْتُ الْخِرْقَةَ فَوَجَدْتُ فِيهَا دِينَارًا فَتَمَّتْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ دِينَارًا فَخَرَجْتُ بِهَا حَتَّى أَتَيْتُ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ خَبَرَهَا فَقُلْتُ خُذْ صَدَقَتَهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ ارْجِعْ بِهَا لَا صَدَقَةَ فِيهَا بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيهَا ثُمَّ قَالَ لَعَلَّكَ أَتْبَعْتَ يَدَكَ فِي الْجُحْرِ قُلْتُ لَا وَالَّذِي أَكْرَمَكَ بِالْحَقِّ قَالَ فَلَمْ يَفْنَ آخِرُهَا حَتَّى مَاتَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَإِنَّمَا يَبْعَرُ) أَيْ: أَحَدُهُمْ لِقِلَّةِ الْمَأْكُولِ وَيُبُوسَتِهِ (جُرَذٌ) بِضَمِّ

جِيمٍ وَفَتْحِ رَاءٍ مُهْمَلَةٍ فِي آخِرِهِ ذَالٌ مُعْجَمَةُ: الذَّكَرُ الْكَبِيرُ مِنَ الْفَأْرِ (مِنْ جُحْرٍ) بِتَقْدِيمِ الْجِيمِ الْمَضْمُومَةِ عَلَى الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَجُحْرُ الْفَأْرَةِ وَالْحَيَّةِ وَنَحْوِهَا مَعْرُوفٌ. قَوْلُهُ: (خُذْ صَدْقَتَهَا) أَيْ: حَقَّهَا، أَيْ أَنَّهُ رِكَازٌ يَجِبُ فِيهِ الْخُمُسُ (ارْجِعْ بِهَا. . . إِلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ جَعَلَهَا لَهُ فِي الْحَالِ، وَقِيلَ: هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا هُوَ الْمَعْهُودُ فِي اللُّقَطَةِ مِنْ أَنَّهُ إِذَا عُرِّفَتْ سَنَةً وَلَمْ تُعْرَفْ كَانَتْ لِآخِذِهَا (لَعَلَّكَ اتَّبَعْتَ يَدَكَ فِي الْجُحْرِ) أَيْ: لَعَلَّكَ أَخَذْتَهَا بِيَدِكَ مِنَ الْجُحْرِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَخَذَهَا مِنَ الْجُحْرِ لَكَانَ رِكَازًا يَجِبُ فِيهِ الْخُمُسُ (فَلَمْ يَفْنَ) مِنَ الْفَنَاءِ وَالْمَقْصُودُ بَيَانُ مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْبَرَكَةِ بِدُعَائِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

[باب من أصاب ركازا]

[بَاب مَنْ أَصَابَ رِكَازًا] 2509 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَيْمُونٍ الْمَكِّيُّ وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ وَأَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي الرِّكَازِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَتَخْفِيفِ الْكَافِ آخِرُهُ زَايٌ مُعْجَمَةٌ مِنَ الرَّكْزِ إِذَا دَفَنَهُ، وَالْمُرَادُ الْكَنْزُ الْجَاهِلِيُّ الْمَدْفُونُ فِي الْأَرْضِ، وَقِيلَ: يَشْمَلُ الْمَعْدِنَ أَيْضًا، وَإِنَّمَا وَجَبَ الْخُمُسُ لِكَثْرَةِ نَفْعِهِ وَسُهُولَةِ أَخْذِهِ.

2510 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ»

2511 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ ثَابِتٍ الْجَحْدَرِيُّ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَقَ الْحَضْرَمِيُّ حَدَّثَنَا سَلِيمُ بْنُ حَيَّانَ سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ اشْتَرَى عَقَارًا فَوَجَدَ فِيهَا جَرَّةً مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ اشْتَرَيْتُ مِنْكَ الْأَرْضَ وَلَمْ أَشْتَرِ مِنْكَ الذَّهَبَ فَقَالَ الرَّجُلُ إِنَّمَا بِعْتُكَ الْأَرْضَ بِمَا فِيهَا فَتَحَاكَمَا إِلَى رَجُلٍ فَقَالَ أَلَكُمَا وَلَدٌ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِي غُلَامٌ وَقَالَ الْآخَرُ لِي جَارِيَةٌ قَالَ فَأَنْكِحَا الْغُلَامَ الْجَارِيَةَ وَلْيُنْفِقَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا مِنْهُ وَلْيَتَصَدَّقَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَقَارًا) بِالْفَتْحِ، أَيْ: أَرْضًا (جَرَّةً) بِفَتْحِ جِيمٍ وَتَشْدِيدِ رَاءٍ وَاحِدُ الْجِرَارِ وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ.

[كتاب العتق]

[كتاب العتق] [بَاب الْمُدَبَّرِ] باب الْمُدَبَّرِ 2512 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَاعَ الْمُدَبَّرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بَاعَ الْمُدَبَّرَ) حَمَلَهُ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى الْمُدَبَّرِ الْمُقَيَّدِ وَهُوَ عِنْدَهُمْ يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَأَصْحَابُ مَالِكٍ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مَدْيُونًا حِينَ دُبِّرَ وَمِثْلُهُ يَجُوزُ إِبْطَالُ تَدْبِيرِهِ عِنْدَهُمْ، وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ فَأَخَذَ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَجَوَّزَ بَيْعَ الْمُدَبَّرِ مُطْلَقًا.

2513 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «دَبَّرَ رَجُلٌ مِنَّا غُلَامًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ فَبَاعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاشْتَرَاهُ ابْنُ النَّحَّامِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَدِيٍّ»

2514 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ ظَبْيَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمُدَبَّرُ مِنْ الثُّلُثِ» قَالَ ابْن مَاجَةَ سَمِعْتُ عُثْمَانَ يَعْنِي ابْنَ أَبِي شَيْبَةَ يَقُولُ هَذَا خَطَأٌ يَعْنِي حَدِيثَ الْمُدَبَّرُ مِنْ الثُّلُثِ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْمُدَبَّرُ مِنَ الثُّلُثِ) أَيِ: الزَّوَائِدُ. فِي إِسْنَادِهِ عَلِيُّ بْنُ ظَبْيَانَ ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَأَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ، وَكَذَّبَهُ ابْنُ مَعِينٍ - أَيْضًا - وَقَالَ الْمِزِّيُّ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ ظَبْيَانَ مَوْقُوفًا قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ ظَبْيَانَ: كُنْتُ أُحَدِّثُ بِهِ مَرْفُوعًا فَقَالَ أَصْحَابُنَا: لَيْسَ بِمَرْفُوعٍ، بَلْ مَوْقُوفٌ عَلَى ابْنِ عُمَرَ فَوَقَفْتُهُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: الْحُفَّاظُ الَّذِينَ حَدَّثُوهُ يُوقِفُونَهُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ وَلَا أَعْلَمُ مَنْ أَدْرَكْتُهُ مِنَ الْمُنْتَسِبِينَ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْمُدَبَّرَ وَصِيَّةٌ مِنَ الثُّلُثِ.

[باب أمهات الأولاد]

[بَاب أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ] 2515 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّمَا رَجُلٍ وَلَدَتْ أَمَتُهُ مِنْهُ فَهِيَ مُعْتَقَةٌ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَيُّمَا رَجُلٍ وَلَدَتْ أَمَتُهُ مِنْهُ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ تَرَكَهُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُ وَضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: إِنَّهُ كَانَ يُتَّهَمُ بِالزَّنْدَقَةِ.

2516 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ يَعْنِي النَّهْشَلِيَّ عَنْ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «ذُكِرَتْ أُمُّ إِبْرَاهِيمَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ذَكَرْتُ أُمَّ إِبْرَاهِيمَ. . . إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَقَدْ

تَقَدَّمَ فِيهِ الْكَلَامُ آنِفًا.

2517 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَإِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ «كُنَّا نَبِيعُ سَرَارِيَّنَا وَأُمَّهَاتِ أَوْلَادِنَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِينَا حَيٌّ لَا نَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كُنَّا نَبِيعُ سَرَارِينَا وَأُمَّهَاتِ أَوْلَادِنَا) قِيلَ: يُحْتَمَلُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِمَّا جَازَ فِي الْعُمْرِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ خُرُوجِهِ مِنَ الدُّنْيَا؛ وَلِذَلِكَ نَهَى عَنْهُ عُمَرُ، وَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ فَلَعَلَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِحَالِ النَّاسِ، أَوْ بِحَدِيثِ النَّهْيِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[باب المكاتب]

[بَاب الْمُكَاتَبِ] 2518 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةٌ كُلُّهُمْ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُ الْغَازِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الْأَدَاءَ وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ التَّعَفُّفَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَلَى اللَّهِ عَوْنٌ) أَيْ: لَازِمٌ عَلَيْهِ - تَعَالَى - بِمُقْتَضَى كَرَمِهِ وَوَعْدِهِ (يُرِيدُ التَّعَفُّفَ) أَيِ: الْكَفَّ عَنِ الْوُقُوعِ فِي الْمَحَارِمِ.

2519 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّمَا عَبْدٍ كُوتِبَ عَلَى مِائَةِ أُوقِيَّةٍ فَأَدَّاهَا إِلَّا عَشْرَ أُوقِيَّاتٍ فَهُوَ رَقِيقٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مِائَةِ أُوقِيَّةٍ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَبِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ الْمُشَدَّدَةِ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ عُشْرُ الْكِتَابِ فَهُوَ عَبْدٌ وَلَا دَلَالَةَ فِيمَا دُونَ الْعُشْرِ إِلَّا بِالْمَفْهُومِ عَلَى أَنَّهُ فِيمَا دُونَ الْعُشْرِ يَصِيرُ حُرًّا، لَكِنَّ مَفْهُومَ هَذَا لَا يُعَارِضُ مَنْطُوقَ الرِّوَايَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى خِلَافِهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِيهِ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ.

2520 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ نَبْهَانَ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا أَخْبَرَتْ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِذَا كَانَ لِإِحْدَاكُنَّ مُكَاتَبٌ وَكَانَ عِنْدَهُ مَا يُؤَدِّي فَلْتَحْتَجِبْ مِنْهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذَا كَانَ لِإِحْدَاكُنَّ) الْخِطَابُ لِلنِّسَاءِ مُطْلَقًا، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مَحْمُولٌ عَلَى التَّوَرُّعِ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَقُ بِمُجَرَّدِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْأَدَاءِ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَقُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنٍ، وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ لَا يَخْلُو مِنْ ضَعْفٍ؛ لِأَنَّ رَاوِيَهُ نَبْهَانُ. وَعَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِ الْحَدِيثِ يُحْمَلُ عَلَى خُصُوصِ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ بِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْخِطَابَ بِإِحْدَاكُنَّ

مَعَهُنَّ، وَالْحَمْلُ عَلَى الْخُصُوصِ قَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَاجَهْ أَيْضًا، وَقَالَ ابْنُ شُرَيْحٍ قَالَ ذَلِكَ لِيُحَرِّكَهُ احْتِجَابُهُنَّ عَنْهُ عَلَى تَعْجِيلِ الْأَدَاءِ وَالْمَصِيرِ إِلَى الْحُرِّيَّةِ، وَلَا يَتْرُكُ ذَلِكَ مِنْ أَجْلَ دُخُولِهِ عَلَيْهِنَّ، أَيْ: فَالْمَطْلُوبُ بَيَانُ الْمَصْلَحَةِ فِي حَمْلِهِ عَلَى الْأَدَاءِ لَا بَيَانُ الْحُكْمِ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ فَلْيَسْتَعِدَّ لِلِاحْتِجَابِ مِنْهُ إِشَارَةً إِلَى قُرْبِ زَمَانِهِ وَحُصُولِهِ بِمُجَرَّدِ الْأَدَاءِ، وَبِالْجُمْلَةِ فَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى انْتِفَاءِ الِاحْتِجَابِ مِنَ الْعَبْدِ.

2521 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَنَّ بَرِيرَةَ أَتَتْهَا وَهِيَ مُكَاتَبَةٌ قَدْ كَاتَبَهَا أَهْلُهَا عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ فَقَالَتْ لَهَا إِنْ شَاءَ أَهْلُكِ عَدَدْتُ لَهُمْ عَدَّةً وَاحِدَةً وَكَانَ الْوَلَاءُ لِي قَالَ فَأَتَتْ أَهْلَهَا فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُمْ فَأَبَوْا إِلَّا أَنْ تَشْتَرِطَ الْوَلَاءَ لَهُمْ فَذَكَرَتْ عَائِشَةُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ افْعَلِي قَالَ فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ كِتَابُ اللَّهِ أَحَقُّ وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ وَالْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَدَّةً) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَمُرَادُ عَائِشَةَ شِرَاؤُهَا بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ وَإِعْتَاقُهَا وَلَا بُدَّ مِنَ الْحَمْلِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى العبدوَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلرِّوَايَاتِ وَإِلَّا لَزِمَ أَنَّ عَائِشَةَ اشْتَرَطَتْ مَا لَيْسَ لَهَا. قَوْلُهُ: (افْعَلِي) أَيْ: ذَلِكَ الشَّرْطَ، قِيلَ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ خُصُوصِيَّةً لِيَظْهَرَ إِبْطَالُ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ وَأَنَّهَا لَا تَنْفَعُ أَصْلًا. قَوْلُهُ: (لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ) كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ كِتَابَ اللَّهِ أَيْ: حُكْمُهُ، وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْمَكَاتَبِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ وَلِلْعُلَمَاءِ كَلَامٌ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ وَفِي جَوَازِ اشْتِرَاطِ الْعِتْقِ فِي الْبَيْعِ، فَمَنْ لَمْ يُجَوِّزْ بَيْعَ الْمَكَاتَبِ يَحْمِلُ الْحَدِيثَ عَلَى فَسْخِ الْكِتَابَةِ بِالتَّعْجِيزِ وَمَنْ لَمْ يُجَوِّزْ شَرْطَ الْعِتْقِ يَقُولُ لَمْ يُشْتَرَطْ، وَالْعِتْقُ فِي نَفْسِ الْبَيْعِ، لَكِنْ كَانَ مَعْلُومًا عِنْدَهُمْ أَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - شَرَطَتِ الْعِتْقَ فِي نَفْسِ الْبَيْعِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب العتق]

[بَاب الْعِتْقِ] 2522 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ السِّمْطِ قَالَ قُلْتُ لِكَعْبٍ يَا كَعْبَ بْنَ مُرَّةَ حَدِّثْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحْذَرْ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ أَعْتَقَ امْرَأً مُسْلِمًا كَانَ فِكَاكَهُ مِنْ النَّارِ يُجْزِئُ كُلُّ عَظْمٍ مِنْهُ بِكُلِّ عَظْمٍ مِنْهُ وَمَنْ أَعْتَقَ امْرَأَتَيْنِ مُسْلِمَتَيْنِ كَانَتَا فِكَاكَهُ مِنْ النَّارِ يُجْزِئُ بِكُلِّ عَظْمَيْنِ مِنْهُمَا عَظْمٌ مِنْهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كَانَ فِكَاكَهُ مِنَ النَّارِ) ضَمِيرُ " كَانَ " لِلْعَبْدِ، وَضَمِيرُ " فِكَاكَهُ " لِمَنْ أَعْتَقَ، وَالْحَدِيثُ

يَدُلُّ عَلَى فَضْلِ إِعْتَاقِ الذُّكُورِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ امْرَأَتَيْنِ مَوْضِعَ رَجُلٍ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

2523 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي مُرَاوِحٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ قَالَ أَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا وَأَغْلَاهَا ثَمَنًا»

[باب من ملك ذا رحم محرم فهو حر]

[بَاب مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ فَهُوَ حُرٌّ] 2524 - حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ وَإِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيُّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ قَتَادَةَ وَعَاصِمٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ فَهُوَ حُرٌّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَحْرَمٍ) بِالْجَرِّ عَلَى الْجِوَارِ؛ لِأَنَّهُ صِفَةُ " ذَا رَحِمٍ " لَا " رَحِمٍ "، وَضَمِيرُ فَهُوَ لِـ " ذَا رَحِمٍ " لَا لِـ " مَنْ "، وَعَلَى هَذَا فَمَنْ شَرْطِيَّةٌ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ الْجُمْلَةُ الشَّرْطِيَّةُ لَا الْجُمْلَةُ الْجَزَائِيَّةُ كَمَا ذَكَرَهُ كَثِيرٌ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ فَلَا يَلْزَمُ خُلُوُّ الْجُمْلَةِ الْخَبَرِيَّةِ عَنِ الْعَائِدِ، وَإِنْ جُعِلَتِ الْجُمْلَةُ الْجَزَائِيَّةُ خَبَرًا وَجُعِلَتْ مَنْ مَوْصُولَةً فَلَا بُدَّ مِنَ الْقَوْلِ بِتَقْدِيرِ الْعَائِدِ، أَيْ: فَهُوَ مُعْتَقٌ عَلَيْهِ.

2525 - حَدَّثَنَا رَاشِدُ بْنُ سَعِيدٍ الرَّمْلِيُّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَهْمِ الْأَنْمَاطِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ فَهُوَ حُرٌّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنِ ابْنِ عُمَرَ) فِيِ الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مَنْ تُكِلَّمَ فِيهِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب من أعتق عبدا واشترط خدمته]

[بَاب مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا وَاشْتَرَطَ خِدْمَتَهُ] 2526 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْجُمَحِيُّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُمْهَانَ عَنْ سَفِينَةَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ أَعْتَقَتْنِي أُمُّ سَلَمَةَ وَاشْتَرَطَتْ عَلَيَّ أَنْ أَخْدُمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا عَاشَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَاشْتَرَطَتْ) قِيلَ: هَذَا وَعْدٌ عَبَّرَ عَنْهُ بِاسْمِ الشَّرْطِ وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ لَا يُصَحِّحُونَ إِبْقَاءَ الشَّرْطِ بَعْدَ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يُنَافِي مِلْكًا (أَنْ أَخْدُمَ) بِضَمِّ الدَّالِ.

[باب من أعتق شركا له في عبد]

[بَاب مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ] 2527 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبًا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ أَوْ شِقْصًا فَعَلَيْهِ خَلَاصُهُ مِنْ مَالِهِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ اسْتُسْعِيَ الْعَبْدُ فِي قِيمَتِهِ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبًا) الْمُرَادُ بِهِ مَنْ يَلْزَمُ

عِتْقُهُ، فَخَرَجَ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ (أَوْ شِقْصًا) بِالْكَسْرِ، أَيْ: بَعْضَهُ، وَيُقَالُ لَهُ: الشَّقِيصُ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَهُوَ شَكٌّ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ. قَوْلُهُ: (اسْتُسْعِيَ الْعَبْدُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَالِاسْتِسْعَاءُ أَنْ يُكَلَّفَ الِاكْتِسَابَ وَالطَّلَبَ حَتَّى يُحَصِّلَ قِيمَةَ نَصِيبِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ. (غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ) أَيْ: لَا يُكَلَّفُ مَا يَشُقُّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: لَا يُسْتَغْلَى عَلَيْهِ فِي الثَّمَنِ، وَمَنْ لَا يَقُولُ بِالِاسْتِسْعَاءِ بِالْمَعْنَى الْمُتَعَارَفِ فَسَّرَهُ أَنْ يَسْتَخْدِمَهُ سَيِّدُهُ الَّذِي لَمْ يُعْتِقْ بِقَدْرِ مَالِهِ وَلَا يُكَلَّفُ بِمَا يَشُقُّ عَلَيْهِ.

2528 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ أُقِيمَ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ عَدْلٍ فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ إِنْ كَانَ لَهُ مِنْ الْمَالِ مَا يَبْلُغُ ثَمَنَهُ وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (شِرْكًا) بِكَسْرِ الشِّينِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، أَيْ: نَصِيبًا (بِقِيمَةِ عَدْلٍ) عَلَى الْإِضَافَةِ الْبَيَانِيَّةِ، أَيْ: قِيَمُةٌ هِيَ عَدْلٌ وَسَطٌ لَا زِيَادَةٌ فِيهَا وَلَا نَقْصٌ وَإِلَّا فَهُوَ مُقَابِلٌ لِلشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ. (فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ) هَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ فِي أَنَّهُ لَا يُسْتَسْعَى الْبَاقِيَ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الَّذِي عَتَقَ مَجَّانًا أَوْ حَالًا هُوَ ذَلِكَ الْقَدْرُ، وَأَمَّا الْبَاقِي فَهُوَ يُعْتِقُ مِنْهُ بِمَالٍ، أَوْ إِذَا أَدَّى - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب من أعتق عبدا وله مال]

[بَاب مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ] 2529 - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ جَمِيعًا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُ الْعَبْدِ لَهُ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ السَّيِّدُ مَالَهُ فَيَكُونَ لَهُ وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ إِلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَهُ السَّيِّدُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَمَالُ الْعَبْدِ لَهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّ لِلْعَبْدِ مَالًا، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ إِضَافَةَ الْمَالِ إِلَى الْعَبْدِ حَقِيقِيَّةٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْإِضَافَةِ، وَلِلْمَوْلَى حَقُّ النَّزْعِ. وَبِهِ يَقُولُ مَالِكٌ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ، فَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: هَذَا مَا دَلَّ عَلَى وَجْهِ النَّدْبِ وَالِاسْتِحْبَابِ. قُلْتُ: لَا يُنَاسِبُهُ الِاسْتِثْنَاءُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: إِضَافَةُ الْمَالِ إِلَى الْعَبْدِ لَيْسَتْ بِاعْتِبَارِ الْمِلْكِ، بَلْ بِاعْتِبَارِ الْيَدِ وَالضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ. فَمَالُ الْعَبْدِ لَهُ أَيْ: لِمَنْ يُعْتِقُ وَهُوَ السَّيِّدُ. قَوْلُهُ: (إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ السَّيِّدُ) أَيْ: لِلْعَبْدِ فَيَكُونَ مِنْحَةً مِنَ السَّيِّدِ لِلْعَبْدِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِبُعْدِ هَذَا الْمَعْنَى عَنْ لَفْظِ الِاشْتِرَاطِ جِدًّا، بَلْ

اللَّائِقُ حِينَئِذٍ أَنْ يُقَالَ: إِلَّا أَنْ يَتْرُكَ لَهُ السَّيِّدُ، أَوْ يُعْطِيَهُ.

2530 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَرْمِيُّ حَدَّثَنَا الْمُطَّلِبُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ إِسْحَقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ جَدِّهِ عُمَيْرٍ وَهُوَ مَوْلَى ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ قَالَ لَهُ «يَا عُمَيْرُ إِنِّي أَعْتَقْتُكَ عِتْقًا هَنِيئًا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَيُّمَا رَجُلٍ أَعْتَقَ غُلَامًا وَلَمْ يُسَمِّ مَالَهُ فَالْمَالُ لَهُ فَأَخْبِرْنِي مَا مَالُكَ» حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا الْمُطَّلِبُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ إِسْحَقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ لِجَدِّي فَذَكَرَ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ قَالَ لَهُ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَسْعُودِيُّ قَالَ فِيهِ الْبُخَارِيُّ: لَا يُتَابَعُ فِي رَفْعِ حَدِيثِهِ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَيْسَ لَهُ إِلَّا حَدِيثَانِ، وَقَالَ مَسْلَمَةُ: ثِقَةٌ. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. وَشَيْخُهُ عُمَيْرٌ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. وَالْمُطَّلِبُ بْنُ زِيَادٍ وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَالْعِجْلِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَبَاقِيهِمْ ثِقَاتٌ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب عتق ولد الزنا]

[بَاب عِتْقِ وَلَدِ الزِّنَا] 2531 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ زَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِي يَزِيدَ الضَّبِّيِّ عَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ سَعْدٍ مَوْلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ وَلَدِ الزِّنَا فَقَالَ نَعْلَانِ أُجَاهِدُ فِيهِمَا خَيْرٌ مِنْ أَنْ أُعْتِقَ وَلَدَ الزِّنَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (نَعْلَانِ أُجَاهِدُ فِيهِمَا خَيْرٌ. . . إِلَخْ) كَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ أَجْرَ إِعْتَاقِهِ قَلِيلٌ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِ الشَّرُّ عَادَةً، فَالْإِحْسَانُ إِلَيْهِ قَلِيلُ الْأَجْرِ كَالْإِحْسَانِ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ أَبُو يَزِيدَ الضِّنِّيُّ بِكَسْرِ الضَّادِ وَتَشْدِيدِ نُونٍ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْغَنِيِّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مَجْهُولٌ، وَكَذَا قَالَ الذَّهَبِيُّ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ.

[باب من أراد عتق رجل وامرأته فليبدأ بالرجل]

[بَاب مَنْ أَرَادَ عِتْقَ رَجُلٍ وَامْرَأَتِهِ فَلْيَبْدَأْ بِالرَّجُلِ] 2532 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْعَسْقَلَانِيُّ وَإِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَا حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَوْهَبٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهَا كَانَ لَهَا غُلَامٌ وَجَارِيَةٌ زَوْجٌ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُعْتِقَهُمَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ أَعْتَقْتِهِمَا فَابْدَئِي بِالرَّجُلِ قَبْلَ الْمَرْأَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (زَوْجٌ) صِفَةُ الْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ؛ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَيْهِمَا (فَابْدَئِي بِالرَّجُلِ) قِيلَ: أَمَرَ بِذَلِكَ لِئَلَّا تَخْتَارَ الزَّوْجَةُ نَفْسَهَا إِنْ بُدِئَ بِإِعْتَاقِهَا. قُلْتُ: وَهَذَا لَا يَمْنَعُهُ إِعْتَاقُهُمَا مَعًا، فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: بَدَأَ بِالرَّجُلِ لِشَرَفِهِ.

[كتاب الحدود]

[كِتَاب الْحُدُودِ] [بَاب لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَاب الْحُدُودِ بَاب لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ 2533 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ أَنْبَأَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ «أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ فَسَمِعَهُمْ وَهُمْ يَذْكُرُونَ الْقَتْلَ فَقَالَ إِنَّهُمْ لَيَتَوَاعَدُونِي بِالْقَتْلِ فَلِمَ يَقْتُلُونِي وَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا فِي إِحْدَى ثَلَاثٍ رَجُلٌ زَنَى وَهُوَ مُحْصَنٌ فَرُجِمَ أَوْ رَجُلٌ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ رَجُلٌ ارْتَدَّ بَعْدَ إِسْلَامِهِ فَوَاللَّهِ مَا زَنَيْتُ فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا فِي إِسْلَامٍ وَلَا قَتَلْتُ نَفْسًا مُسْلِمَةً وَلَا ارْتَدَدْتُ مُنْذُ أَسْلَمْتُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ) أَيْ: إِهْرَاقُهُ (مُسْلِمٍ) أَشَارَ إِلَى أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الشَّهَادَةِ الظَّاهِرِيَّةِ الَّتِي تُوصَفُ بِالْإِسْلَامِ لَا عَنْ تَحَقُّقِ الْإِيمَانِ فِي الْبَاطِنِ فَإِنَّهُ غَيْبٌ (رَجُلٌ زَنَى) هَذَا تَفْصِيلٌ لِلْخِصَالِ الثَّلَاثِ بِذِكْرِ الْمُتَّصِفِينَ بِهَا وَالتَّقْدِيرُ: يُقْتَلُ الثَّيِّبُ الزَّانِي (بِغَيْرِ نَفْسٍ) أَيْ: بِغَيْرِ حَقٍّ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْقَتْلِ بِغَيْرِ نَفْسٍ هُوَ أَنْ يَكُونَ بِغَيْرِ حَقٍّ فَعَبَّرَ عَنْهُ بِذَلِكَ.

2534 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنِ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا أَحَدُ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ النَّفْسُ بِالنَّفْسِ وَالثَّيِّبُ الزَّانِي وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَشْهَدُ) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الشَّهَادَةِ الظَّاهِرِيَّةِ (النَّفْسُ بِالنَّفْسِ) أَيْ: تُقْتَلُ النَّفْسُ فِي مُقَابَلَةِ النَّفْسِ، أَيْ: قِصَاصًا (وَالثَّيِّبُ الزَّانِي) أَيِ: الزَّانِي الْمُحْصَنُ (وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ) أَيْ: دِينِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ أَوَّلَ الْكَلَامِ فِيهِ (الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ) أَيْ: جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ لِزِيَادَةِ التَّوْضِيحِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب المرتد عن دينه]

[بَاب الْمُرْتَدِّ عَنْ دِينِهِ] 2535 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ) الْمُرَادُ بِمَنْ: الْمُسْلِمُ، أَوِ الْمُرَادُ بِدِينِهِ الدِّينُ الْحَقُّ، وَهَذَا ظَاهِرُ بِالسَّوْقِ فَلَا يَشْمَلُ عُمُومُهُ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الْكَفَرَةِ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى الْقَوْلِ بِتَخْصِيصِ الْعُمُومِ فَتَأَمَّلْ، وَالْجُمْهُورُ أَخَذُوا بِعُمُومِهِ وَخَصَّهُ بَعْضٌ بِالرَّجُلِ وَيُوَافِقُهُ رِوَايَةُ: لَا يَحِلُّ دَمُ رَجُلٍ.

2536 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْ مُشْرِكٍ أَشْرَكَ بَعْدَ مَا أَسْلَمَ عَمَلًا حَتَّى يُفَارِقَ الْمُشْرِكِينَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَشْرَكَ بَعْدَمَا أَسْلَمَ)

تَخْصِيصُهُ بِالذِّكْرِ لِتَقْبِيحِ حَالِهِ، وَإِلَّا فَكُلُّ مُشْرِكٍ كَذَلِكَ، وَظَاهِرُ الْغَايَةِ أَنَّهُ إِذَا أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ يُقْبَلُ مِنْهُ مَا عَمِلَهُ حَالَ الشِّرْكِ مِنَ الْحَسَنَاتِ، وَمَنْ لَا يَقُولُ بِهِ يَقُولُ إِنَّهُ يُقْبَلُ لَهُ الْأَعْمَالُ الْمُتَأَخِّرَةُ عَنِ الْإِسْلَامِ إِذَا أَسْلَمَ.

[باب إقامة الحدود]

[بَاب إِقَامَةِ الْحُدُودِ] 2537 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سِنَانٍ عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ عَنْ أَبِي شَجَرَةَ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِقَامَةُ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ مَطَرِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً فِي بِلَادِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِقَامَةُ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ خَيْرٌ) قِيلَ: وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِي إِقَامَتِهَا زَجْرًا لِلْخَلْقِ عَنِ الْمَعَاصِي وَالذُّنُوبِ وَسَبَبًا لِفَتْحِ أَبْوَابِ السَّمَاءِ بِالْمَطَرِ، وَفِي الْقُعُودِ عَنْهَا وَالتَّهَاوُنِ بِهَا أَنَّهُمَا كَأَنَّهُمْ فِي الْمَعَاصِي، وَذَلِكَ سَبَبٌ لِأَخْذِهِمْ بِالسِّنِينَ وَالْجَدْبِ وَإِهْلَاكِ الْخَلْقِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ سَعِيدُ بْنُ سِنَانٍ ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: يَضَعُ الْحَدِيثَ.

2538 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ أَنْبَأَنَا عِيسَى بْنُ يَزِيدَ قَالَ أَظُنُّهُ عَنْ جَرِيرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدٌّ يُعْمَلُ بِهِ فِي الْأَرْضِ خَيْرٌ لِأَهْلِ الْأَرْضِ مِنْ أَنْ يُمْطَرُوا أَرْبَعِينَ صَبَاحًا»

2539 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ جَحَدَ آيَةً مِنْ الْقُرْآنِ فَقَدْ حَلَّ ضَرْبُ عُنُقِهِ وَمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فَلَا سَبِيلَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يُصِيبَ حَدًّا فَيُقَامَ عَلَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حَلَّ ضَرْبَ عُنُقِهِ) لِأَنَّهُ ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ (فَلَا سَبِيلَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يُصِيبَ حَدًّا) أَوْ مَا فِي حُكْمِ الْحَدِّ كَالتَّعْزِيرِ وَالْقِصَاصِ، وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ فِيهِ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْعَدَنِيُّ الْفَرْخُ ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَأَبُو حَاتِمٍ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ عَدِيٍّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَوَثَّقَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.

2540 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ الْمَفْلُوجُ حَدَّثَنَا عُبَيْدَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي صَادِقٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ نَاجِدٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقِيمُوا حُدُودَ اللَّهِ فِي الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ وَلَا تَأْخُذْكُمْ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ) أَيْ: فِي النَّسَبِ لَا الْقَوِيِّ وَالضَّعِيفِ، قَالَ: وَالثَّانِي أَنْسَبُ. (وَلَا تَأْخُذْكُمْ) عَطْفٌ عَلَى أَقِيمُوا وَهُوَ نَهْيٌ تَأْكِيدٌ لِلْأَمْرِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا بِمَعْنَى النَّهْيِ، وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ ابْنِ حِبَّانَ فَقَدْ ذَكَرَ جَمِيعَ رُوَاتِهِ فِي ثِقَاتِهِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب من لا يجب عليه الحد]

[بَاب مَنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ] 2541 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ عَطِيَّةَ الْقُرَظِيَّ يَقُولُ «عُرِضْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ قُرَيْظَةَ فَكَانَ مَنْ أَنْبَتَ قُتِلَ وَمَنْ لَمْ يُنْبِتْ خُلِّيَ سَبِيلُهُ فَكُنْتُ فِيمَنْ لَمْ يُنْبِتْ فَخُلِّيَ سَبِيلِي» 2542 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ عَطِيَّةَ الْقُرَظِيَّ يَقُولُ فَهَا أَنَا ذَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَكَانَ مَنْ أَنْبَتَ) أَيْ: شَعْرَ الْعَانَةِ كَأَنَّهُ عَلَامَةُ الْبُلُوغِ فِي الظَّاهِرِ فَاعْتَمَدُوا عَلَيْهَا وَمَا اكْتَفَوْا بِقَوْلِهِمْ فِي الْبُلُوغِ وَعَدَمِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِهِ.

2543 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَأَبُو أُسَامَةَ قَالُوا حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «عُرِضْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً فَلَمْ يُجِزْنِي وَعُرِضْتُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَأَجَازَنِي» قَالَ نَافِعٌ فَحَدَّثْتُ بِهِ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي خِلَافَتِهِ فَقَالَ هَذَا فَصْلُ مَا بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَلَمْ يُجِزْنِي) أَيْ: مَا أَجَازَ لِي فِي الْخُرُوجِ إِلَى الْمُحَارَبَةِ يُؤْخَذُ مِنْهُ حَدُّ الْبُلُوغِ إِذَا كَانَ بِالسِّنِّ - وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ -.

[باب الستر على المؤمن ودفع الحدود بالشبهات]

[بَاب السِّتْرِ عَلَى الْمُؤْمِنِ وَدَفْعِ الْحُدُودِ بِالشُّبُهَاتِ] 2544 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا) أَيْ: سَتَرَ ذَنْبَهُ وَلَمْ يُظْهِرْهُ، أَوْ سَتَرَ عَوْرَتَهُ بِأَنْ أَعْطَاهُ ثَوْبًا، قَوْلُهُ: (مَا وَجَدْتُمْ لَهُ مَدْفَعًا) ، أَيْ: يَنْبَغِي السَّعْيُ فِي دَفْعِهِ قَبْلَ إِثْبَاتِهِ، نَعَمْ بَعْدَ ثُبُوتِهِ لَا يَنْبَغِي التَّسَامُحُ فِي إِجْرَائِهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْفَضْلِ الْمَخْزُومِيُّ ضَعَّفَهُ مُحَمَّدٌ وَابْنُ مَعِينٍ وَالْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُمْ.

2545 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَرَّاحِ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ادْفَعُوا الْحُدُودَ مَا وَجَدْتُمْ لَهُ مَدْفَعًا»

2546 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْجُمَحِيُّ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ سَتَرَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَنْ كَشَفَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ كَشَفَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ حَتَّى يَفْضَحَهُ بِهَا فِي بَيْتِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَفْضَحَهُ) بِفَتْحِ الْيَاءِ (بِهَا) أَيْ:

بِعَوْرَتِهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَفْوَانَ الْجُمَحِيُّ، قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِمٍ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، ضَعِيفُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب الشفاعة في الحدود]

[بَاب الشَّفَاعَةِ فِي الْحُدُودِ] 2547 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ الْمِصْرِيُّ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ فَقَالُوا مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا هَلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا» قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ سَمِعْتُ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ قَدْ أَعَاذَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ تَسْرِقَ وَكُلُّ مُسْلِمٍ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقُولَ هَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَهَمَّهُمْ) أَيْ: أَقْلَقَهُمْ وَأَحْزَنَهُمْ (الْمَرْأَةِ) فَاطِمَةَ بِنْتِ الْأَسْوَدِ (مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا) أَيْ: فِي دَرْءِ الْحَدِّ عَنْهَا (وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ) ، أَيْ: لَا يَتَجَاسَرُ أَحَدٌ بِطَرِيقِ الْأُولَى إِلَّا أُسَامَةُ (حِبُّ) بِكَسْرِ الْحَاءِ، أَيْ: مَحْبُوبُهُ (أَنَّهُمْ) لِأَنَّهُمْ (لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ) ضَرَبَ الْمَثَلَ بِهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ أَعَزَّ أَهْلِهِ وَلِأَنَّهَا كَانَتْ سَمِيَّةً لَهَا.

2548 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ رُكَانَةَ عَنْ أُمِّهِ عَائِشَةَ بِنْتِ مَسْعُودِ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهَا قَالَ «لَمَّا سَرَقَتْ الْمَرْأَةُ تِلْكَ الْقَطِيفَةَ مِنْ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْظَمْنَا ذَلِكَ وَكَانَتْ امْرَأَةً مِنْ قُرَيْشٍ فَجِئْنَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُكَلِّمُهُ وَقُلْنَا نَحْنُ نَفْدِيهَا بِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُطَهَّرَ خَيْرٌ لَهَا فَلَمَّا سَمِعْنَا لِينَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَيْنَا أُسَامَةَ فَقُلْنَا كَلِّمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ قَامَ خَطِيبًا فَقَالَ مَا إِكْثَارُكُمْ عَلَيَّ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقَعَ عَلَى أَمَةٍ مِنْ إِمَاءِ اللَّهِ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ كَانَتْ فَاطِمَةُ ابْنَةُ رَسُولِ اللَّهِ نَزَلَتْ بِالَّذِي نَزَلَتْ بِهِ لَقَطَعَ مُحَمَّدٌ يَدَهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (تُطَهَّرُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنَ التَّطْهِيرِ، وَهُوَ بِتَأْوِيلِ الْمَصْدَرِ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ: خَيْرٌ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ أَبُو إِسْحَاقَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب حد الزنا]

[بَاب حَدِّ الزِّنَا] 2549 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالُوا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ وَشِبْلٍ قَالُوا «كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ أَنْشُدُكَ اللَّهَ لَمَّا قَضَيْتَ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ فَقَالَ خَصْمُهُ وَكَانَ أَفْقَهَ مِنْهُ اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ وَأْذَنْ لِي حَتَّى أَقُولَ قَالَ قُلْ قَالَ إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا وَإِنَّهُ زَنَى بِامْرَأَتِهِ فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَخَادِمٍ فَسَأَلْتُ رِجَالًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَأُخْبِرْتُ أَنَّ عَلَى ابْنِي جَلْدَ مِائَةٍ وَتَغْرِيبَ عَامٍ وَأَنَّ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا الرَّجْمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ الْمِائَةُ الشَّاةُ وَالْخَادِمُ رَدٌّ عَلَيْكَ وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا قَالَ هِشَامٌ فَغَدَا عَلَيْهَا فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنْشُدُكَ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الشِّينِ، وَنُصِبَ اللَّهُ بِنَزْعِ الْخَافِضِ، أَيْ: أَسْأَلُكَ بِاللَّهِ إِلَّا قَضَيْتَ، أَيْ: مَا أَتْرُكُ السُّؤَالَ إِلَّا إِذَا قَضَيْتَ بِكِتَابِ اللَّهِ - تَعَالَى - يَفْصِلُ مَا بَيْنَهُمَا بِالْحُكْمِ الصِّرْفِ لَا بِالتَّصَالُحِ وَالتَّرْغِيبِ فِيمَا هُوَ الْأَرْفَقُ إِذْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ وَلَكِنْ بِرِضَى الْخَصْمَيْنِ. قَوْلُهُ: (عَسِيفًا) أَيْ: أَجِيرًا (جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ) بِالْإِضَافَةِ فِيهِمَا (رَدٌّ) أَيْ: مَرْدُودَتَانِ (عَلَيْكَ) فَخُذْهُمَا مِنْهُ وَكَأَنَّهُ زَعَمَ أَنَّ الرَّجْمَ حَقٌّ لِزَوْجِ الْمَزْنِيِّ بِهَا فَأَعْطَاهُ مَا أَعْطَاهُ (وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ) أَيْ: إِذَا ثَبَتَ الزِّنَا بِوَجْهِهِ لَا بِمُجَرَّدِ قَوْلِ الْأَبِ (وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ) قَالَ النَّوَوِيُّ: عَلَى إِعْلَامِ الْمَرْأَةِ بِأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَذَفَهَا بِابْنِهِ لِيُعَرِّفَهَا بِأَنَّ لَهَا عِنْدَهِ حَقًّا، وَهُوَ حَدُّ الْقَذْفِ أَخَذَتْ أَوْ تَرَكَتْ، إِلَّا أَنْ تَعْتَرِفَ بِالزِّنَا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ حَدٌّ، بَلْ يَجِبُ عَلَيْهَا حَدُّ الزِّنَا وَهُوَ الرَّجْمُ لِكَوْنِهَا كَانَتْ مُحْصَنَةً وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا التَّأْوِيلِ؛ لِأَنَّ حَدَّ الزِّنَا لَا يُحْتَاطُ لَهُ بِالتَّقْرِيرِ، بَلْ لَوْ أَقَرَّ الزَّانِي يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُلَقَّنَ الرُّجُوعَ. قَوْلُهُ: (فَإِنِ اعْتَرَفَتْ) اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْإِقْرَارَ مَرَّةً كَافٍ وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ لِظُهُورِ أَنَّ الْإِطْلَاقَ غَيْرُ مُرَادٍ إِذْ لَا يَصِحُّ الْأَمْرُ بِالرَّجْمِ كَيْفَمَا كَانَ الِاعْتِرَافُ، كَيْفَ وَإِذَا اعْتَرَفَتْ مَعَ دَعْوَى الْإِكْرَاهِ أَوِ الْجُنُونِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَلَا حَدَّ، وَالْمُرَادُ إِنِ اعْتَرَفَتْ بِالْوَجْهِ الْمُوجِبِ لِلرَّجْمِ، فَكَانَ ذَلِكَ الْوَجْهُ مَعْلُومًا عِنْدَهُمْ مَشْهُورًا بَيْنَهُمْ فَاكْتَفَى بِذَلِكَ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ حَدِيثَ مَاعِزٍ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْإِقْرَارَ الْمُعْتَبَرَ هُوَ الْإِقْرَارُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَيَجِبُ الْحَمْلُ عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَتِمُّ الِاسْتِدْلَالُ عَلَى خِلَافِهِ.

2550 - حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ أَبُو بِشْرٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ سَنَةٍ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا) أَيْ: بَيَّنَ مَا وَعَدَ بِهِ بِقَوْلِهِ: {أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} [النساء: 15] (الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ) قِيلَ: تَقْدِيرُهُ

حَدُّ زِنَا الْبِكْرِ بِالْبِكْرِ (جَلْدُ مِائَةٍ) أَيْ: لِكُلِّ وَاحِدٍ، وَكَذَا قَوْلُهُ: تَغْرِيبُ عَامٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ قَوْلُهُ: (وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ) أَيْ: لِكُلِّ وَاحِدٍ، وَكَذَا الرَّجْمُ. فُهِمَ مِنْ مَجْمُوعِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا ثَيِّبًا وَالثَّانِي بِكْرًا فَلِلثَّيِّبِ حَدُّ الثَّيِّبِ وَلِلْبِكْرِ حَدُّ الْبِكْرِ، ثُمَّ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْجَلْدَ فِي الثَّيِّبِ مَنْسُوخٌ، وَإِنَّمَا هُوَ الرَّجْمُ فَقَطْ، وَأَمَّا الْبِكْرُ فَالْجُمْهُورُ عَلَى وُجُوبِ الْجَلْدِ وَالنَّفْيِ جَمِيعًا. وَعُلَمَاؤُنَا الْحَنَفِيَّةُ يَرَوْنَ النَّفْيَ مَنْسُوخًا - وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ -.

[باب من وقع على جارية امرأته]

[بَاب مَنْ وَقَعَ عَلَى جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ] 2551 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ قَالَ «أُتِيَ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ بِرَجُلٍ غَشِيَ جَارِيَةَ امْرَأَتِهِ فَقَالَ لَا أَقْضِي فِيهَا إِلَّا بِقَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنْ كَانَتْ أَحَلَّتْهَا لَهُ جَلَدْتُهُ مِائَةً وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَذِنَتْ لَهُ رَجَمْتُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (غَشِيَ جَارِيَةَ امْرَأَتِهِ) أَيْ: جَامَعَهَا (جَلَدْتُهُ مِائَةً) قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: يَعْنِي أَدَّبْتُهُ تَعْزِيرًا وَأَبْلُغُ بِهِ الْحَدَّ تَنْكِيلًا، لَا أَنَّهُ رَأَى حَدَّهُ بِالْجَلْدِ حَدًّا لَهُ. قُلْتُ: لِأَنَّ الْمُحْصَنَ حَدُّهُ الرَّجْمُ لَا الْجَلْدُ، وَلَعَلَّ سَبَبَ ذَلِكَ أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا أَحَلَّتْ جَارِيَتَهَا لِزَوْجِهَا فَهُوَ إِعَارَةُ الْفُرُوجِ فَلَا يَصِحُّ، لَكِنَّ الْعَارِيَةَ تَصِيرُ شُبْهَةً ضَعِيفَةً فَيُعَذَّرُ صَاحِبُهَا. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ غَيْرُ مُتَّصِلٍ، وَلَيْسَ الْعَمَلُ عَلَيْهِ اهـ.

2552 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبِّقِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُفِعَ إِلَيْهِ رَجُلٌ وَطِئَ جَارِيَةَ امْرَأَتِهِ فَلَمْ يَحُدَّهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَلَمْ يَحُدَّهُ) كَأَنَّهُ مَا حُدَّ لِوُجُودِ الشُّبْهَةِ الْمُسْقِطَةِ لِلْحَدِّ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ تَرْكُ التَّعْزِيرِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب الرجم]

[بَاب الرَّجْمِ] 2553 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ «لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَطُولَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ حَتَّى يَقُولَ قَائِلٌ مَا أَجِدُ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ أَلَا وَإِنَّ الرَّجْمَ حَقٌّ إِذَا أُحْصِنَ الرَّجُلُ وَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ أَوْ كَانَ حَمْلٌ أَوْ اعْتِرَافٌ وَقَدْ قَرَأْتُهَا الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ) أَيْ: فِي خُطْبَتِهِ كَمَا جَاءَ، قَالَ النَّوَوِيُّ فِي إِعْلَانِ عُمَرَ بِالرَّجْمِ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَسُكُوتِ الصَّحَابَةِ عَنْ مُخَالَفَتِهِ بِالْإِنْكَارِ دَلِيلٌ عَلَى ثُبُوتِ الرَّجْمِ. قُلْتُ: أَرَادَ إِجْمَاعًا سُكُوتِيًّا، لَكِنْ قَالَ فِي قَوْلِ عُمَرَ إِذْ كَانَ حَمْلٌ أَنَّ وُجُوبَ الْحَدِّ بِالْحَمْلِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ أَوْ سَيِّدٌ مَذْهَبُ عُمَرَ وَتَابَعَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهَا بِمُجَرَّدِ الْحَمْلِ. قُلْتُ: إِنْ كَانَ إِعْلَانُ عُمَرَ دَلِيلًا كَمَا قَرَّرَهُ وَيَكُونُ إِجْمَاعًا سُكُوتِيًّا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ هَاهُنَا مُخَالِفًا لِلْإِجْمَاعِ، فَإِنَّ عُمَرَ أَعْلَمَ بِوُجُوبِ الْحَدِّ بِالْحَمْلِ

كَمَا أَعْلَمَ بِالرَّجْمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَلِيلًا لَا يَتِمُّ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ عَلَى ثُبُوتِ الرَّجْمِ أَيْضًا. وَالْمُعْجَبُ مِنَ النَّوَوِيِّ أَنَّهُ قَرَّرَهُ دَلِيلًا حِينَ وَافَقَ مَطْلُوبَهُ، ثُمَّ جَاءَ يُخَالِفُهُ حِينَ لَمْ يُوَافِقْ وَالِاسْتِدْلَالُ بِالسُّكُوتِ وَعَدَمِ الْإِنْكَارِ مَشْهُورٌ بَيْنَهُمْ وَيَعْرِفُونَهُ إِجْمَاعًا سُكُوتِيًّا فَلُزُومُ مُخَالَفَةِ الْإِجْمَاعِ وَارِدٌ عَلَى الْجُمْهُورِ إِلْزَامًا لَهُمْ. نَعَمِ التَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَيْسَ بِدَلِيلٍ؛ إِذْ لَا يَجِبُ إِنْكَارُ قَوْلِ الْمُجْتَهِدِ بَلْ قَوْلِ الْمُقَلِّدِ إِذَا وَافَقَ الْمُجْتَهِدَ، فَكَيْفَ قَوْلُ الْخَلِيفَةِ إِذَا كَانَ مُجْتَهِدًا فَالِاسْتِدْلَالُ بِالسُّكُوتِ عَلَى الْإِجْمَاعُ لَيْسَ بِشَيْءٍ. قَوْلُهُ: (وَقَامَتِ الْبَيِّنَةُ) عَلَى الزِّنَا (وَقَدْ قَرَأْتُهَا) أَيْ: آيَةَ الرَّجْمِ وَهَذِهِ الْآيَةُ مِمَّا نُسِخَ لَفْظُهَا وَبَقِيَ حُكْمُهَا (الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ) لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُمَا الْإِحْصَانُ عَادَةً فَذُكِرَ، أَوْ أُرِيدَ بِهِمَا الْمُحْصَنُ وَالْمُحْصَنَةُ، وَفِي هَذَا الْإِطْلَاقِ تَنْفِيرٌ لَهُمَا عَنْ هَذَا الْفِعْلِ الشَّنِيعِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ هَذَا السِّنَّ يَقْتَضِي كَمَالَ الْعَقْلِ وَقِلَّةَ الشَّهْوَةِ وَالْقُرْبَ مِنَ الْمَوْتِ وَالِاسْتِعْدَادَ لِلْآخِرَةِ، فَالْوُقُوعُ فِي هَذَا الْفِعْلِ مَعَ ذَلِكَ قَبِيحٌ جِدًّا، وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ التَّغْلِيظَ فِي حَقِّهِمَا فِي الْحَدِّ تَغْلِيظٌ فِي مَحَلِّهِ.

2554 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «جَاءَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي زَنَيْتُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ ثُمَّ قَالَ إِنِّي قَدْ زَنَيْتُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ ثُمَّ قَالَ إِنِّي زَنَيْتُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ ثُمَّ قَالَ قَدْ زَنَيْتُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ حَتَّى أَقَرَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُرْجَمَ فَلَمَّا أَصَابَتْهُ الْحِجَارَةُ أَدْبَرَ يَشْتَدُّ فَلَقِيَهُ رَجُلٌ بِيَدِهِ لَحْيُ جَمَلٍ فَضَرَبَهُ فَصَرَعَهُ فَذُكِرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِرَارُهُ حِينَ مَسَّتْهُ الْحِجَارَةُ فَقَالَ فَهَلَّا تَرَكْتُمُوهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حَتَّى أَقَرَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ) ظَاهِرُهُ دَلِيلٌ لِمَنْ يَشْتَرِطُ فِي الْإِقْرَارِ التَّكْرِيرَ إِلَى أَرْبَعِ مَرَّاتٍ كَمَا قَالَ عُلَمَاؤُنَا الْحَنَفِيَّةُ (يَشْتَدُّ) أَيْ: يَعْدُو وَيُسْرِعُ فِي الْفِرَارِ عَنْهُمْ. (لِحْيُ جَمَلٍ) بِكَسْرِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ عَظْمُهُ الَّذِي يَنْبُتُ عَلَى الْأَسْنَانِ (فَهَلَّا تَرَكْتُمُوهُ) دَلِيلٌ لِمَنْ يَقُولُ أَنَّ مَنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ الْحَدُّ بِالْإِقْرَارِ إِذَا هَرَبَ يُتْرَكُ.

2555 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عُثْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَاجِرِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ «أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاعْتَرَفَتْ بِالزِّنَا فَأَمَرَ بِهَا فَشُكَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا ثُمَّ رَجَمَهَا ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَاعْتَرَفَتْ بِالزِّنَا) أَيْ: عَلَى وَجْهٍ يُوجِبُ الْحَدَّ فَلَا يُنَافِي قَوْلَ مَنْ يَشْتَرِطُ

فِي الْإِقْرَارِ أَنْ يَكُونَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ (فَشُكَّتْ) بِتَشْدِيدِ الْكَافِ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ، أَيْ: رُبِطَتْ وَشُدَّتْ لِئَلَّا يَنْكَشِفَ عَوْرَتُهَا عِنْدَ الرَّجْمِ (ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا) أَيْ: بِنَفْسِهِ، أَيْ أَوْ أَمَرَ غَيْرَهُ بِذَلِكَ - وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ -.

[باب رجم اليهودي واليهودية]

[بَاب رَجْمِ الْيَهُودِيِّ وَالْيَهُودِيَّةِ] 2556 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَمَ يَهُودِيَّيْنِ» أَنَا فِيمَنْ رَجَمَهُمَا فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ وَإِنَّهُ يَسْتُرُهَا مِنْ الْحِجَارَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (رَجَمَ يَهُودِيَّيْنِ) أَيْ: أَمَرَ بِرَجْمِهِمَا (أَنَا فِيمَنْ رَجَمَهُمَا) أَيْ: كُنْتُ فِي جُمْلَةِ مَنْ رَجَمَهُمَا (فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ) أَيِ: الرَّجُلَ (يَسْتُرُهَا) أَيِ: الْمَرْأَةَ مِنْ كَمَالِ الْمَوَدَّةِ، وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ رَجْمُ الْكَفَرَةِ وَمَنْ لَا يَقُولُ بِهِ يَعْتَذِرُ بِأَنَّ حُكْمَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحُكْمِ كَانَ بِالتَّوْرَاةِ عَلَيْهِمْ. قُلْتُ: فَيَجِبُ عَلَيْنَا اتِّبَاعُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحُكْمِ بِالتَّوْرَاةِ عَلَيْهِمْ بِالرَّجْمِ عَلَى أَنَّ هَذَا مُسْتَبْعَدٌ، بَلْ ظَاهِرُ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنْ حَكَمْتَ {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ} [المائدة: 48] الْآيَةَ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحُكْمُ بَيْنَهُمْ بِشَرِيعَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَمَّا إِحْضَارُ التَّوْرَاةِ فَكَانَ إِلْزَامًا لَهُمْ، وَقِيلَ: ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ قَبْلَ نُزُولِ الْحُدُودِ، ثُمَّ نَزَلَتِ الْحُدُودُ فَنُسِخَ، وَهَذَا غَيْرُ بَعِيدٍ بِالنَّظَرِ إِلَى الْأَحَادِيثِ.

2557 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَمَ يَهُودِيًّا وَيَهُودِيَّةً»

2558 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ «مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَهُودِيٍّ مُحَمَّمٍ مَجْلُودٍ فَدَعَاهُمْ فَقَالَ هَكَذَا تَجِدُونَ فِي كِتَابِكُمْ حَدَّ الزَّانِي قَالُوا نَعَمْ فَدَعَا رَجُلًا مِنْ عُلَمَائِهِمْ فَقَالَ أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى أَهَكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّانِي قَالَ لَا وَلَوْلَا أَنَّكَ نَشَدْتَنِي لَمْ أُخْبِرْكَ نَجِدُ حَدَّ الزَّانِي فِي كِتَابِنَا الرَّجْمَ وَلَكِنَّهُ كَثُرَ فِي أَشْرَافِنَا الرَّجْمُ فَكُنَّا إِذَا أَخَذْنَا الشَّرِيفَ تَرَكْنَاهُ وَكُنَّا إِذَا أَخَذْنَا الضَّعِيفَ أَقَمْنَا عَلَيْهِ الْحَدَّ فَقُلْنَا تَعَالَوْا فَلْنَجْتَمِعْ عَلَى شَيْءٍ نُقِيمُهُ عَلَى الشَّرِيفِ وَالْوَضِيعِ فَاجْتَمَعْنَا عَلَى التَّحْمِيمِ وَالْجَلْدِ مَكَانَ الرَّجْمِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَوَّلُ مَنْ أَحْيَا أَمْرَكَ إِذْ أَمَاتُوهُ وَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مُحَمَّمٍ) بِالتَّشْدِيدِ، أَيْ: مُسَوَّدٌ وَجْهُهُ بِالْحُمَمِ (مَجْلُودٍ) مِنَ الْجَلْدِ بِالْجِيمِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب من أظهر الفاحشة]

[بَاب مَنْ أَظْهَرَ الْفَاحِشَةَ] 2559 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ كُنْتُ رَاجِمًا أَحَدًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ لَرَجَمْتُ فُلَانَةَ فَقَدْ ظَهَرَ مِنْهَا الرِّيبَةُ فِي مَنْطِقِهَا وَهَيْئَتِهَا وَمَنْ يَدْخُلُ عَلَيْهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ عُرْوَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ فَهِيَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

2560 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ «ذَكَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْمُتَلَاعِنَيْنِ فَقَالَ لَهُ ابْنُ شَدَّادٍ أَهِيَ الَّتِي قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ كُنْتُ رَاجِمًا أَحَدًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ لَرَجَمْتُهَا فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ تِلْكَ امْرَأَةٌ أَعْلَنَتْ»

[باب من عمل عمل قوم لوط]

[بَاب مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ] 2561 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيرِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ. . . إِلَخْ) الْحَدِيثُ ضَعَّفَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَلِلْعُلَمَاءِ فِي عُقُوبَتِهِ خِلَافٌ، وَالْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُؤَدَّبُ وَلَا حَدَّ فِيهِ، وَاسْتَدَلَّ أَصْحَابُهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا} [النساء: 16]

2562 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ أَخْبَرَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الَّذِي يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ قَالَ ارْجُمُوا الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلَ ارْجُمُوهُمَا جَمِيعًا»

2563 - حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ مَرْوَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي عَمَلُ قَوْمِ لُوطٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنَّ أَخْوَفَ. . . إِلَخْ) اسْمُ التَّفْضِيلِ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ وَلِذَا أُضِيفَ إِلَى مَا أَتَخَوَّفُ، أَيِ: الَّذِي هُوَ أَكْثَرُ خَوْفًا وَأَشَدُّ ضَرَرًا مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي أَخَافُ مِنْهَا عَلَى أُمَّتِي، وَالْمُرَادُ مِنْ أَخْوَفَ لَا أَنَّهُ الْأَخْوَفُ لِئَلَّا يُعَارِضَهُ نَحْوُ: «أَخْوَفُ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي الْأَئِمَّةُ الْمُضِلُّونَ» .

[باب من أتى ذات محرم ومن أتى بهيمة]

[بَاب مَنْ أَتَى ذَاتَ مَحْرَمٍ وَمَنْ أَتَى بَهِيمَةً] 2564 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَعِيلَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ وَقَعَ عَلَى ذَاتِ مَحْرَمٍ فَاقْتُلُوهُ وَمَنْ وَقَعَ عَلَى بَهِيمَةٍ فَاقْتُلُوهُ وَاقْتُلُوا الْبَهِيمَةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ وَقَعَ عَلَى ذَاتِ مَحْرَمٍ) لَعَلَّ هَذَا كَانَ عَلَى مَا عَلَيْهِ عَمَلُ الْجَاهِلِيَّةِ مِنَ اعْتِقَادِهِمْ أَنَّ أَمْثَالَ ذَلِكَ حَلَالٌ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَصِيرُ

مُرْتَدًّا فَيَسْتَحِقُّ الْقَتْلَ. قَوْلُهُ: (وَاقْتُلُوا الْبَهِيمَةَ) زَادَ التِّرْمِذِيُّ فَقِيلَ: لابْنِ عَبَّاسٍ مَا شَأْنُ الْبَهِيمَةِ فَقَالَ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَرِهَ أَنْ يُؤْكَلَ مِنْ لَحْمِهَا، أَوْ يُنْتَفَعَ بِهَا وَقَدْ عُمِلَ بِهَا ذَلِكَ الْعَمَلَ. وَقِيلَ: حِكْمَةُ قَتْلِهَا خَوْفُ أَنْ تَأْتِيَ بِصُورَةٍ قَبِيحَةٍ يُشْبِهُ بَعْضُهَا الْآدَمِيَّ وَبَعْضُهَا الْبَهِيمَةَ، وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ كَمَا حَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ عَلَى عَدَمِ الْعَمَلِ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَلَا تُقْتَلُ الْبَهِيمَةُ وَمَنْ وَقَعَ عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ تَرْجِيحًا لِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " «مَنْ أَتَى بَهِيمَةً فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ» ". قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا أَصَحُّ مِنَ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ، وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ. كَذَا ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْكِتَابِ.

[باب إقامة الحدود على الإماء]

[بَاب إِقَامَةِ الْحُدُودِ عَلَى الْإِمَاءِ] 2565 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ وَشِبْلٍ قَالُوا «كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ الْأَمَةِ تَزْنِي قَبْلَ أَنْ تُحْصَنَ فَقَالَ اجْلِدْهَا فَإِنْ زَنَتْ فَاجْلِدْهَا ثُمَّ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ أَوْ فِي الرَّابِعَةِ فَبِعْهَا وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعَرٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (اجْلِدْهَا) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَوْلَى يُبَاشِرُ ذَلِكَ، وَمَنْ لَا يَقُولُ بِذَلِكَ يُؤَوِّلُهُ بِأَنَّ الْمَوْلَى يَرْفَعُ أَمْرَهَا إِلَى الْحَاكِمِ (فَبِعْهَا) قِيلَ: هَذَا الْبَيْعُ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَيَلْزَمُ عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يُبَيِّنَ حَالَهَا لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ عَيْبٌ. فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَكْرَهُ شَيْئًا وَيَرْتَضِيهِ لِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ فَالْجَوَابُ لَعَلَّهَا تَسْتَعِفُّ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِأَنْ يَقِفَهَا لِنَفْسِهِ، أَوْ يَصُونَهَا لِهَيْبَتِهِ وَبِالْإِحْسَانِ إِلَيْهَا وَالتَّوْسِعَةِ عَلَيْهَا، أَوْ يَزَوَّجَهَا، أَوْ غَيْرُهُ.

2566 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ قَالَ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مُسْلِمٍ حَدَّثَهُ أَنَّ عُرْوَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ عَمْرَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَتْهُ أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهَا «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا زَنَتْ الْأَمَةُ فَاجْلِدُوهَا فَإِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا فَإِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا فَإِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا ثُمَّ بِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ وَالضَّفِيرُ الْحَبْلُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَلَوْ بِضَفِيرٍ) فَعِيلٍ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ، وَالْمُرَادُ الْحَبْلُ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَمَّارُ بْنُ أَبِي فَرْوَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ.

[باب حد القذف]

[بَاب حَدِّ الْقَذْفِ] 2567 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «لَمَّا نَزَلَ عُذْرِي قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَذَكَرَ ذَلِكَ وَتَلَا الْقُرْآنَ فَلَمَّا نَزَلَ أَمَرَ بِرَجُلَيْنِ وَامْرَأَةٍ فَضُرِبُوا حَدَّهُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَضُرِبُوا) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ.

2568 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ يَا مُخَنَّثُ فَاجْلِدُوهُ عِشْرِينَ وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ يَا لُوطِيُّ فَاجْلِدُوهُ عِشْرِينَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَا مُخَنَّثُ) فِي الْمَجْمَعِ: الْمُخَنَّثُ بِفَتْحِ النُّونِ مَنْ يُؤْتَى فِي دُبُرِهِ وَبِكَسْرِهَا مَنْ فِيهِ تَسْكِينٌ وَتَكْسِيرٌ خِلْقَةً كَالنِّسَاءِ، وَقِيلَ: بِفَتْحِ نُونِ وَكَسْرِهَا مَنْ يَتَشَبَّهُ بِهِنَّ سُمِّيَ بِهِ لِانْكِسَارِ كَلَامِهِ، وَقِيلَ: قِيَاسُهُ الْكَسْرُ وَالْمَشْهُورُ فَتْحُهُ وَالتَّشْبِيهُ قَدْ يَكُونُ طَبِيعِيًّا وَقَدْ يَكُونُ تَكْلِيفِيًّا، وَالثَّانِي هُوَ مَحَلُّ اللَّعْنِ الْوَارِدِ فِيهِ.

[باب حد السكران]

[بَاب حَدِّ السَّكْرَانِ] 2569 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ عُمَيْرِ بْنِ سَعِيدٍ ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ سَمِعْتُهُ عَنْ عُمَيْرِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ «مَا كُنْتُ أَدِي مَنْ أَقَمْتُ عَلَيْهِ الْحَدَّ إِلَّا شَارِبَ الْخَمْرِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسُنَّ فِيهِ شَيْئًا إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ جَعَلْنَاهُ نَحْنُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَدِي. . . إِلَخْ) مِنَ الدِّيَةِ كَالْعِدَةِ أَصْلُهُ الْوَدْيُ. قَوْلُهُ: (أَقَمْتُ عَلَيْهِ الْحَدَّ) أَيْ: وَمَاتَ بِذَلِكَ (إِلَّا شَارِبَ الْخَمْرِ) كَأَنَّهُ أَرَادَ إِذَا مَاتَ بِمَا زَادَ عَلَى أَرْبَعِينَ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ إِعْطَاءُ دِيَتِهِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَسُنَّ فِيهِ شَيْئًا) أَيْ: فَوْقَ الْأَرْبَعِينَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْحَدَّ أَصْلًا حَتَّى يُقَالَ: الْحُدُودُ لَا تَثْبُتُ بِالرَّأْيِ فَكَيْفَ أَثْبَتَ النَّاسُ فِي الْخَمْرِ حَدًّا، بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ فِيهِ بَعْدَ أَرْبَعِينَ إِلَى ثَمَانِينَ فَحِينَ شَاوَرَ عُمَرُ الصَّحَابَةَ اتَّفَقَ رَأْيُهُمْ عَلَى تَقْدِيرِ أَقْصَى الْمَرَاتِبِ، قِيلَ: سَبَبُهُ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَيْهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ أَنَّ النَّاسَ قَدِ انْهَمَكُوا فِي الشُّرْبِ وَتَحَاقَرُوا الْعُقُوبَةَ، فَانْدَفَعَ تَوَهُّمُ أَنَّهُ كَيْفَ زَادُوا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ مَعَ عَدَمِ جَوَازِ الزِّيَادَةِ فِي الْحَدِّ.

2570 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ جَمِيعًا عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضْرِبُ فِي الْخَمْرِ بِالنِّعَالِ وَالْجَرِيدِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَالْجَرِيدِ) هُوَ غُصْنُ النَّخْلَةِ جُرِّدَ عَنْهُ الْوَرَقُ.

2571 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الدَّانَاجِ سَمِعْتُ حُضَيْنَ بْنَ الْمُنْذِرِ الرَّقَاشِيَّ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ فَيْرُوزَ الدَّانَاجُ قَالَ حَدَّثَنِي حُضَيْنُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ «لَمَّا جِيءَ بِالْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ إِلَى عُثْمَانَ قَدْ شَهِدُوا عَلَيْهِ قَالَ لِعَلِيٍّ دُونَكَ ابْنَ عَمِّكَ فَأَقِمْ عَلَيْهِ الْحَدَّ فَجَلَدَهُ عَلِيٌّ وَقَالَ جَلَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعِينَ وَجَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ وَجَلَدَ عُمَرُ ثَمَانِينَ وَكُلٌّ سُنَّةٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَرْبَعِينَ) أَيْ: غَالِبًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ

عَلَيْهِ (وَكُلٌّ سُنَّةٌ) مُطْلَقُ السُّنَّةِ عِنْدَ الصَّحَابَةِ يَنْصَرِفُ إِلَى سُنَّةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَفِيهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْيَانًا كَانَ يَجْلِدُ ثَمَانِينَ أَيْضًا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب من شرب الخمر مرارا]

[بَاب مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ مِرَارًا] 2572 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَكِرَ فَاجْلِدُوهُ فَإِنْ عَادَ فَاجْلِدُوهُ فَإِنْ عَادَ فَاجْلِدُوهُ ثُمَّ قَالَ فِي الرَّابِعَةِ فَإِنْ عَادَ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ) قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي كِتَابِ الْعِلَلِ أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى تَرْكِهِ أَيْ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ، وَقِيلَ: مُؤَوَّلٌ بِالضَّرْبِ الشَّدِيدِ، وَبَسَطَ السُّيُوطِيُّ الْكَلَامَ فِي حَاشِيَةِ التِّرْمِذِيِّ وَقَصَدَ بِهِ إِثْبَاتَ أَنَّهُ يَنْبَغِي الْعَمَلُ بِهِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

2573 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَقَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ ذَكْوَانَ أَبِي صَالِحٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا شَرِبُوا الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُمْ ثُمَّ إِذَا شَرِبُوا فَاجْلِدُوهُمْ ثُمَّ إِذَا شَرِبُوا فَاجْلِدُوهُمْ ثُمَّ إِذَا شَرِبُوا فَاقْتُلُوهُمْ»

[باب الكبير والمريض يجب عليه الحد]

[بَاب الْكَبِيرِ وَالْمَرِيضِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ] 2574 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَقَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ قَالَ «كَانَ بَيْنَ أَبْيَاتِنَا رَجُلٌ مُخْدَجٌ ضَعِيفٌ فَلَمْ يُرَعْ إِلَّا وَهُوَ عَلَى أَمَةٍ مِنْ إِمَاءِ الدَّارِ يَخْبُثُ بِهَا فَرَفَعَ شَأْنَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ اجْلِدُوهُ ضَرْبَ مِائَةِ سَوْطٍ قَالُوا يَا نَبِيَّ اللَّهِ هُوَ أَضْعَفُ مِنْ ذَلِكَ لَوْ ضَرَبْنَاهُ مِائَةَ سَوْطٍ مَاتَ قَالَ فَخُذُوا لَهُ عِثْكَالًا فِيهِ مِائَةُ شِمْرَاخٍ فَاضْرِبُوهُ ضَرْبَةً وَاحِدَةً» حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مُخْدَجٌ) بِضَمِّ مِيمٍ وَسُكُونِ خَاءٍ مُعْجَمَةٍ وَفَتْحِ دَالٍ مُهْمَلَةٍ، أَيْ: نَاقِصُ الْخَلْقِ (فَلَمْ يُرَعْ) مِنَ الرَّوْعِ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ (يَخْبُثُ بِهَا) أَيْ: يَزْنِي بِهَا. قَوْلُهُ: (عِثْكَالًا) بِكَسْرِ الْعَيْنِ هُوَ الْعِذْقُ مِنْ أَعْذَاقِ النَّخْلَةِ وَهُوَ عَلَى غُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهِ (شِمْرَاخٌ) بِكَسْرِ

الشِّينِ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْبُسْرُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْحَدَّ لَا يُؤَخَّرُ، بَلْ يُرَاعَى فِيهِ حَالُ الْمَحْدُودِ وَطَاقَتِهِ، وَقَدْ جَاءَ مَا يُفِيدُ تَأْخِيرِهُ، فَالْجَمْعُ أَنَّ مَنْ يُرْجَى بُرْؤُهُ يُؤَخَّرُ وَمَنْ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ لَا يُؤَخَّرُ، وَفِي الزَّوَائِدِ مَدَارُ الْإِسْنَادِ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ وَقَدْ رَوَاهُ بِالْعَنْعَنَةِ - وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ -.

[باب من شهر السلاح]

[بَاب مَنْ شَهَرَ السِّلَاحَ] 2575 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ وَحَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ وَحَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ وَمُوسَى بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ مِنَّا) ظَاهِرُهُ الْخُرُوجُ عَنِ الْمُسْلِمِينَ، فَيُحْمَلُ عَلَى التَّغْلِيظِ، أَوْ عَلَى الْخُرُوجِ عَنْهُمْ فِعْلًا، أَوِ الْمُرَادُ فَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ سُنَّتِنَا.

2576 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ الْبَرَّادِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا»

2577 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ وَأَبُو كُرَيْبٍ وَيُوسُفُ بْنُ مُوسَى وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْبَرَّادِ قَالُوا حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةُ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ مَنْ شَهَرَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ شَهَرَ) كَمَنَعَ، أَيْ: أَخْرَجَهُ مِنْ غِمْدِهِ وَحَمَلَهُ عَلَى النَّاسِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب من حارب وسعى في الأرض فسادا]

[بَاب مَنْ حَارَبَ وَسَعَى فِي الْأَرْضِ فَسَادًا] 2578 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ أُنَاسًا مِنْ عُرَيْنَةَ قَدِمُوا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاجْتَوَوْا الْمَدِينَةَ فَقَالَ لَوْ خَرَجْتُمْ إِلَى ذَوْدٍ لَنَا فَشَرِبْتُمْ مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا فَفَعَلُوا فَارْتَدُّوا عَنْ الْإِسْلَامِ وَقَتَلُوا رَاعِيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتَاقُوا ذَوْدَهُ فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ فِي طَلَبِهِمْ فَجِيءَ بِهِمْ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ وَتَرَكَهُمْ بِالْحَرَّةِ حَتَّى مَاتُوا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مِنْ عُرَيْنَةَ) بِالتَّصْغِيرِ (فَاجْتَوَوُا الْمَدِينَةَ) بِالْجِيمِ مِنَ الْجَوَى، وَالْمُرَادُ كَرِهُوا الْمُقَامَ بِهَا لِضَرَرٍ لَحِقَهُمْ بِهَا. قَوْلُهُ: (إِلَى ذَوْدٍ) أَيْ: نُوقٍ (وَسَمَرَ) بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ وَقَدْ تُشَدُّ، أَيْ: كَحَّلَهُمْ بِمَسَامِيرَ حُمِيَتْ، ذَهَبَ بَصَرُهُمْ، قِيلَ: فَعَلَ ذَلِكَ قِصَاصًا لِأَنَّهُمْ فَعَلُوا بِالرَّاعِي مِثْلَ

ذَلِكَ، وَقِيلَ: بَلْ لِشِدَّةِ جِنَايَتِهِمْ كَمَا يُشِيرُ إِلَيْهِ كَلَامُ أَبِي قِلَابَةَ.

2579 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْوَزِيرِ حَدَّثَنَا الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ قَوْمًا أَغَارُوا عَلَى لِقَاحِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَطَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لِقَاحِ) بِالْكَسْرِ هِيَ ذَاتُ اللَّبَنِ مِنَ النُّوقِ (وَسَمَلَ) بِمِيمٍ مُخَفَّفَةٍ فَقَأَهَا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ سَمَرَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب من قتل دون ماله فهو شهيد]

[بَاب مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ] 2580 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (دُونَ مَالِهِ) أَيْ: عِنْدَهُ وَلِأَجْلِ حِفْظِهِ لَهُ.

2581 - حَدَّثَنَا الْخَلِيلُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ الْجَزَرِيُّ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أُتِيَ عِنْدَ مَالِهِ فَقُوتِلَ فَقَاتَلَ فَقُتِلَ فَهُوَ شَهِيدٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ أُتِيَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ التَّمِيمِيُّ أَبُو فَرْوَةَ الرَّهَاوِيُّ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ.

2582 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُطَّلِبِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أُرِيدَ مَالُهُ ظُلْمًا فَقُتِلَ فَهُوَ شَهِيدٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ أُرِيدَ مَالُهُ ظُلْمًا) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ لِقُصُورِ دَرَجَتِهِ عَنْ أَهْلِ الْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب حد السارق]

[بَاب حَدِّ السَّارِقِ] 2583 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ وَيَسْرِقُ الْحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ) أَيْ: بَيْضَةَ الدَّجَاجَةِ، وَهَذَا تَقْلِيلٌ لِمَسْرُوقِهِ بِالنَّظَرِ إِلَى يَدِهِ الْمَقْطُوعَةِ فِيهِ كَأَنَّهُ كَالْبَيْضَةِ وَالْحَبْلِ مِمَّا لَا قِيمَةَ لَهُ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ أَنَّهُ يَسْرِقُ قَدْرَ الْبَيْضَةِ وَالْحَبْلِ أَوَّلًا، ثُمَّ يَجْتَرِئُ إِلَى أَنْ تُقْطَعَ يَدُهُ، وَقِيلَ: قَالَهُ نَظَرًا إِلَى ظَاهِرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] قَبْلَ أَنْ يُعْلِمَهُ اللَّهُ تَحْدِيدَ الْمَسْرُوقِ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْبَيْضَةِ بَيْضَةُ الْحَدِيدِ وَبِالْحَبْلِ حَبْلُ السَّفِينَةِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَهُ قِيمَةٌ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ سَوْقَ الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ مَسُوقٌ لِتَحْقِيرِ مَسْرُوقِهِ وَتَعْظِيمِ عُقُوبَتِهِ.

2584 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَطَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي مِجَنٍّ) بِكَسْرٍ

فَفَتْحٍ فَتَشْدِيدِ نُونٍ اسْمُ مَا يُسْتَرُ بِهِ مِنَ التُّرْسِ وَنَحْوِهِ، ثُمَّ ظَاهِرُ الْكِتَابِ نَوْطُ الْقَطْعِ بِتَحْقِيقِ مُسَمَّى السَّرِقَةِ قَالَ تَعَالَى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] لَكِنَّ الْآيَةَ عَلَى تَقْيِيدِ هَذَا الْإِطْلَاقِ فَاخْتَلَفُوا فِي الْقَدْرِ الَّذِي يُقْطَعُ فِيهِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ حَدِيثَ: فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ أَوْ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ لَا يَدُلُّ عَلَى تَعْيِينِ أَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَلَا يَنْفِي الْقَطْعَ فِيمَا دُونَهُ لَا مَنْطُوقًا وَلَا مَفْهُومًا؛ لِأَنَّهُ حِكَايَةُ حَالٍ لَا عُمُومَ لَهُ، وَكَذَا مَا جَاءَ مِنَ الْقَطْعِ فِي عَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَقَدْ جَاءَ التَّحْدِيدُ فِي الزَّوَائِدِ فِي الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ بِرُبْعِ دِينَارٍ، فَالْأَقْرَبُ الْقَوْلُ بِهِ، وَمَا جَاءَ بِهِ مِنَ الْقَطْعِ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ فَقَدْ جَاءَ أَنَّ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ كَانَتْ رُبْعَ الدِّينَارِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَصَارَ الْأَصْلُ رُبْعَ الدِّينَارِ وَقَدِ اعْتَرَفَ بِقُوَّةِ هَذَا الْقَوْلِ كَثِيرٌ مِنَ الْمُخَالِفِينَ، وَمَنْ زَادَ فِي التَّحْدِيدِ عَلَى رُبْعِ الدِّينَارِ اعْتَذَرَ بِأَنَّ أَحَادِيثَ التَّحْدِيدِ لَا تَخْلُو عَنِ اضْطِرَابٍ، وَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنْ لَا يُقْطَعَ بِمُطْلَقِ مُسَمَّى السَّرِقَةِ وَيَدُ الْمُسْلِمِ لَهُ حُرْمَةٌ فَلَا يَنْبَغِي قَطْعُهَا بِالشَّكِّ، وَفِيمَا دُونَ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ حَصَلَ الشَّكُّ بِوَاسِطَةِ الِاضْطِرَابِ فِي الْحَدِيثِ وَاخْتِلَافِ الْأَئِمَّةِ، فَالْوَجْهُ تَرْكُهُ وَالْأَخْذُ بِالْعَشَرَةِ، أَيْ: فَلَا خِلَافَ لِأَحَدٍ فِي الْقَطْعَ بِهَا.

2585 - حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ الْعُثْمَانِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عَمْرَةَ أَخْبَرَتْهُ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُقْطَعُ الْيَدُ إِلَّا فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَصَاعِدًا) أَيْ: فَمَا زَادَ عَلَى الرُّبْعِ صَاعِدًا إِلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ فَهُوَ حَالٌ مُقَدَّرَةٌ.

2586 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الْمَخْزُومِيُّ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو وَاقِدٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ فِي ثَمَنِ الْمِجَنِّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي ثَمَنِ الْمِجَنِّ) الْمُرَادُ بِالثَّمَنِ الْقِيمَةُ إِذِ الشَّيْءُ يُحَدُّ وَيُعْرَفُ بِالْقِيَمِ لَا بِالْأَثْمَانِ، ثُمَّ الْمُرَادُ مِجَنٌّ مُعَيَّنٌ وَهُوَ مَا قِيمَتُهُ رُبْعُ دِينَارٍ، وَالْمِجَنُّ عِنْدَهُمْ غَالِبًا مَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ، وَإِلَّا فَالْمِجَنُّ مُخْتَلِفُ الْقِيمَةِ فَلَا يَصْلُحُ لِلضَّبْطِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ وَاقِدٌ وَهُوَ ضَعِيفٌ ضَعَّفَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَأَصْلُ الْحَدِيثِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب تعليق اليد في العنق]

[بَاب تَعْلِيقِ الْيَدِ فِي الْعُنُقِ] 2587 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَأَبُو سَلَمَةَ الْجُوبَارِيُّ يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ قَالُوا حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَطَاءِ بْنِ مُقَدَّمٍ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ قَالَ «سَأَلْتُ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ عَنْ تَعْلِيقِ الْيَدِ فِي الْعُنُقِ فَقَالَ السُّنَّةُ قَطَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَ رَجُلٍ ثُمَّ عَلَّقَهَا فِي عُنُقِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ثُمَّ عَلَّقَهَا فِي عُنُقِهِ) أَيْ: لِيَكُونَ عِبْرَةً وَنَكَالًا قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ: وَلَوْ ثَبَتَ هَذَا الْحُكْمُ لَكَانَ حَسَنًا صَحِيحًا، لَكِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ وَيَرْوِيهِ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ. قُلْتُ: وَالْحَدِيثُ قَدْ حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَسَكَتَ عَلَيْهِ أَبُو دَاوُدَ وَإِنْ تَكَلَّمَ فِيهِ النَّسَائِيُّ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب السارق يعترف]

[بَاب السَّارِقِ يَعْتَرِفُ] 2588 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَنْبَأَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَعْلَبَةَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ عَمْرَو بْنَ سَمُرَةَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي سَرَقْتُ جَمَلًا لِبَنِي فُلَانٍ فَطَهِّرْنِي فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا إِنَّا افْتَقَدْنَا جَمَلًا لَنَا فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُطِعَتْ يَدُهُ» قَالَ ثَعْلَبَةُ أَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ حِينَ وَقَعَتْ يَدُهُ وَهُوَ يَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي طَهَّرَنِي مِنْكِ أَرَدْتِ أَنْ تُدْخِلِي جَسَدِي النَّارَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَطَهِّرْنِي) مِنَ التَّطْهِيرِ بِإِيرَادِ الْحَدِّ عَلَى قَوْلُهُ: (مِنْكِ) خِطَابٌ لِلْيَدِ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب العبد يسرق]

[بَاب الْعَبْدِ يَسْرِقُ] 2589 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَرَقَ الْعَبْدُ فَبِيعُوهُ وَلَوْ بِنَشٍّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَلَوْ بِنَشٍّ) بِفَتْحِ نُونٍ وَتَشْدِيدِ شِينٍ عِشْرُونَ دِرْهَمًا، وَيُطْلَقُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، فَالْمُرَادُ وَلَوْ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ، أَوْ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: وَلَوْ بِشَنٍّ بِفَتْحِ شِينٍ وَتَشْدِيدِ نُونٍ الْقِرْبَةُ الْعَتِيقَةُ، وَالْمُرَادُ الْبَيْعُ مَعَ بَيَانِ الْحَالِ وَأَمَرَهُ بِالْبَيْعِ مَعَ أَنَّ الْمُسْلِمَ يَنْبَغِي أَنْ يُحِبَّ لِلْمُسْلِمِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ لَا يَقْدِرُ عَلَى إِصْلَاحِ حَالِهِ وَيَكُونُ غَيْرُهُ قَادِرًا عَلَيْهِ.

2590 - حَدَّثَنَا جُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ تَمِيمٍ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ عَبْدًا مِنْ رَقِيقِ الْخُمُسِ سَرَقَ مِنْ الْخُمُسِ فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَقْطَعْهُ وَقَالَ مَالُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ سَرَقَ بَعْضُهُ بَعْضًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (سَرَقَ مِنَ الْخُمُسِ) عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَمُحْتَمَلٌ بِنَاءُ الْمَفْعُولِ، أَيْ: سَرَقَهُ أَحَدٌ، وَقَوْلُهُ: مَالُ اللَّهِ. . . إِلَخْ يُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا قَطْعَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ النَّاسُ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ جُبَارَةُ وَهُوَ ضَعِيفٌ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب الخائن والمنتهب والمختلس]

[بَاب الْخَائِنِ وَالْمُنْتَهِبِ وَالْمُخْتَلِسِ] 2591 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يُقْطَعُ الْخَائِنُ وَلَا الْمُنْتَهِبُ وَلَا الْمُخْتَلِسُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا يُقْطَعُ الْخَائِنُ) أَيْ: لَا تُقْطَعُ يَدُ الْخَائِنِ وَهُوَ الْأَخْذُ مِمَّا فِي يَدِهِ عَلَى الْأَمَانَةِ (وَلَا الْمُنْتَهِبُ) النَّهْبُ: الْأَخْذُ عَلَى وَجْهِ الْعَلَانِيَةِ وَالْقَهْرِ (وَلَا الْمُخْتَلِسُ) الِاخْتِلَاسُ: أَخْذُ الشَّيْءِ مِنْ ظَاهِرٍ بِسُرْعَةٍ. قَالُوا: كُلُّ ذَلِكَ لَيْسَ فِيهِ مَعْنَى السَّرِقَةِ. قَالَ الْقَاضِي عَيَّاشٌ: شَرْعُ اللَّهِ - تَعَالَى - إِيجَابُ الْقَطْعِ عَلَى السَّارِقِ وَلَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ كَالِاخْتِلَاسِ وَالِانْتِهَابِ وَالْغَصْبِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَلِيلٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى السَّرِقَةِ، وَلِأَنَّهُ يُمْكِنُ اسْتِرْجَاعُ هَذَا النَّوْعِ بِاسْتِعْدَاءٍ وَيَسْهُلُ إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ السَّرِقَةِ فَعَظُمَ أَمْرُهَا وَاشْتَدَّتْ عُقُوبَتُهَا لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي الزَّجْرِ عَنْهَا.

2592 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَاصِمِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمِصْرِيُّ حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَيْسَ عَلَى الْمُخْتَلِسِ قَطْعٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (لَيْسَ عَلَى الْمُخْتَلِسِ قَطْعٌ) فِي الزَّوَائِدِ رِجَالُ إِسْنَادِهِ مُوَثَّقُونَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب لا يقطع في ثمر ولا كثر]

[بَاب لَا يُقْطَعُ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ] 2593 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ عَمِّهِ وَاسِعِ بْنِ حَبَّانَ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي ثَمَرٍ) بِفَتْحَتَيْنِ فُسِّرَ بِمَا كَانَ مُعَلَّقًا بِالشَّجَرِ قَبْلَ أَنْ يُجَذَّ وَيُحْرَزَ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ فِيمَا يَتَسَارَعُ إِلَيْهِ الْفَسَادُ وَلَوْ بَعْدَ الْإِحْرَازِ (وَلَا كَثَرٍ) بِفَتْحَتَيْنِ الْجُمَّارُ وَهُوَ شَحْمُهُ الَّذِي فِي وَسَطِ النَّخْلِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

2594 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ أَخِيهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[باب من سرق من الحرز]

[بَاب مَنْ سَرَقَ مِنْ الْحِرْزِ] 2595 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّهُ نَامَ فِي الْمَسْجِدِ وَتَوَسَّدَ رِدَاءَهُ فَأُخِذَ مِنْ تَحْتِ رَأْسِهِ فَجَاءَ بِسَارِقِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقْطَعَ فَقَالَ صَفْوَانُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أُرِدْ هَذَا رِدَائِي عَلَيْهِ صَدَقَةٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَلَّا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَأُخِذَ مِنْ تَحْتَ رَأْسِهِ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ (لَمْ أُرِدْ هَذَا) أَيْ: مَا قَصَدْتُ بِإِحْضَارِهِ عِنْدَكَ أَنْ تَقْطَعَ يَدَهُ (فَهَلَّا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ)

أَيْ: لَوْ تَرَكْتَهُ قَبْلَ إِحْضَارِهِ عِنْدِي لَنَفَعَهُ ذَلِكَ، وَأَمَّا بَعْدَ ذَلِكَ فَالْحَقُّ لِلشَّرْعِ لَا لَكَ.

2596 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ رَجُلًا مِنْ مُزَيْنَةَ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الثِّمَارِ فَقَالَ مَا أُخِذَ فِي أَكْمَامِهِ فَاحْتُمِلَ فَثَمَنُهُ وَمِثْلُهُ مَعَهُ وَمَا كَانَ مِنْ الْجَرِينِ فَفِيهِ الْقَطْعُ إِذَا بَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ وَإِنْ أَكَلَ وَلَمْ يَأْخُذْ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَالَ الشَّاةُ الْحَرِيسَةُ مِنْهُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ ثَمَنُهَا وَمِثْلُهُ مَعَهُ وَالنَّكَالُ وَمَا كَانَ فِي الْمُرَاحِ فَفِيهِ الْقَطْعُ إِذَا كَانَ مَا يَأْخُذُ مِنْ ذَلِكَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَا أُخِذَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ (فِي كِمَّامِهِ) بِكَسْرِ الْكَافِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ وَهُوَ غِلَافُ الثَّمَرِ وَالْحَبِّ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ (فَاحْتُمِلَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ فَثَمَنُهُ، أَيْ: فَعَلَى الْآخِذِ ثَمَنُهُ أَرَادَ بِهِ قِيمَتَهُ. (وَمِثْلُهُ مَعَهُ) قِيلَ: هُوَ مِنْ بَابِ التَّعْزِيرِ بِالْمَالِ، وَغَالِبُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ التَّعْزِيرَ بِالْمَالِ مَنْسُوخٌ (مِنَ الْجِرَانِ) سُمِعَ جَرِينٌ وَهُوَ مَوْضِعٌ يُجْمَعُ فِيهِ التَّمْرُ وَيَجِفُّ، وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِ الْحِرْزِ فِي الْقَطْعِ (ثَمَنُ الْمِجَنِّ) الْمُرَادُ بِهِ رُبْعُ دِينَارٍ كَمَا جَاءَ مُفَسَّرًا وَقَدْ سَبَقَ تَحْقِيقُهُ قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ عَلَيْهِ) أَيْ: فِيهِ شَيْءٌ، ظَاهِرُهُ أَنَّهُ حَلَالٌ وَقَدْ سَبَقَ تَحْقِيقُهُ (الْحَرِيسَةُ) أَرَادَ بِهَا الْمَسْرُوقَةَ مِنَ الْمَرْعَى وَالِاحْتِرَاسَ أَنْ يُؤْخَذَ الشَّيْءُ مِنَ الْمَرْعَى. يُقَالُ: فُلَانٌ يَأْكُلُ الْحَرِيسَاتِ إِذَا كَانَ يَسْرِقُ أَغْنَامَ النَّاسِ يَأْكُلُهَا، كَذَا نُقِلَ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ. قَوْلُهُ: (وَالنَّكَالُ) أَيِ: الْعُقُوبَةُ وَفِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ التَّعْزِيرِ بِالْمَالِ وَالْعُقُوبَةِ. (فِي الْمَرَاحِ) بِفَتْحِ مِيمِ الْمَحَلِّ الَّذِي تَرْجِعُ إِلَيْهِ وَتَثْبُتُ فِيهِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب تلقين السارق]

[بَاب تَلْقِينِ السَّارِقِ] 2597 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ إِسْحَقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْمُنْذِرِ مَوْلَى أَبِي ذَرٍّ يَذْكُرُ أَنَّ أَبَا أُمَيَّةَ حَدَّثَهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِلِصٍّ فَاعْتَرَفَ اعْتِرَافًا وَلَمْ يُوجَدْ مَعَهُ الْمَتَاعُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا إِخَالُكَ سَرَقْتَ قَالَ بَلَى ثُمَّ قَالَ مَا إِخَالُكَ سَرَقْتَ قَالَ بَلَى فَأَمَرَ بِهِ فَقُطِعَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ قَالَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ قَالَ اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَا إِخَالُكَ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ هُوَ الشَّائِعُ الْمَشْهُورُ بَيْنَ الْجُمْهُورِ، وَالْفَتْحُ لُغَةُ بَعْضٍ وَإِنْ كَانَ الْقِيَاسُ لِكَوْنِهِ صِيغَةَ الْمُتَكَلِّمِ مِنْ خَالَ بِمَعْنَى ظَنَّ، قِيلَ: أَرَادَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ تَلْقِينَ الرُّجُوعِ عَنِ الِاعْتِرَافِ، وَلِلْإِمَامِ ذَلِكَ فِي السَّارِقِ إِذَا اعْتَرَفَ، وَمَنْ لَا يَقُولُ بِهِ يَقُولُ لَعَلَّهُ ظَنَّ بِالْمُعْتَرِفِ غَفْلَةً عَنِ السَّرِقَةِ وَأَحْكَامِهَا أَوْ لِأَنَّهُ اسْتَبْعَدَ اعْتِرَافَهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَا وَجِدَ مَعَهُ مَتَاعٌ، وَاسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ يَقُولُ لَا بُدَّ فِي السَّرِقَةِ مِنْ تَعَدُّدِ الْإِقْرَارِ.

قَوْلُهُ: (قُلْ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ) أَيْ: مِنْ سَائِرِ الذُّنُوبِ، وَلَعَلَّهُ قَالَ ذَلِكَ لِيَعْزِمَ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ إِلَى مِثْلِهِ فَلَا دَلِيلَ لِمَنْ قَالَ: الْحُدُودُ لَيْسَتْ كَفَّارَاتٍ لِأَهْلِهَا مَعَ ثُبُوتِ كَوْنِهَا كَفَّارَاتٍ بِالْأَحَادِيثِ الصِّحَاحِ الَّتِي تَكَادُ تَبْلُغُ حَدَّ التَّوَاتُرِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب المستكره]

[بَاب الْمُسْتَكْرَهِ] 2598 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ الرَّقِّيُّ وَأَيُّوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَزَّانُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ قَالُوا حَدَّثَنَا مُعَمَّرُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَنْبَأَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ وَائِلٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «اسْتُكْرِهَتْ امْرَأَةٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَرَأَ عَنْهَا الْحَدَّ وَأَقَامَهُ عَلَى الَّذِي أَصَابَهَا وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ جَعَلَ لَهَا مَهْرًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (اسْتُكْرِهَتِ امْرَأَةٌ) أَيْ: عَلَى الزِّنَا عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب النهي عن إقامة الحدود في المساجد]

[بَاب النَّهْيِ عَنْ إِقَامَةِ الْحُدُودِ فِي الْمَسَاجِدِ] 2599 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ ح وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ الْأَبَّارُ جَمِيعًا عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تُقَامُ الْحُدُودُ فِي الْمَسَاجِدِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا تُقَامُ الْحُدُودُ فِي الْمَسَاجِدِ) فَإِنَّهَا تُؤَدِّي إِلَى الصِّيَاحِ فِي الْمَسَاجِدِ وَإِلَى تَلْوِيثِهَا بِالدَّمِ وَنَحْوِهِ.

2600 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ أَنَّهُ سَمِعَ عَمْرَو بْنَ شُعَيْبٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ جَلْدِ الْحَدِّ فِي الْمَسَاجِدِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنَّهُ سَمِعَ عَمْرَو بْنَ شُعَيْبٍ. . . إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ مُدَلِّسٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ مُدَلِّسٌ أَيْضًا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب التعزير]

[بَاب التَّعْزِيرِ] 2601 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ نِيَارٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ لَا يُجْلَدُ أَحَدٌ فَوْقَ عَشْرِ جَلَدَاتٍ إِلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ) الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ الْحُدُودُ الْمُقَدَّرَةُ كَحَدِّ الزِّنَا وَالْقَذْفِ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ الْقَذْفُ الْفَاحِشُ الَّذِي يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ حَدٌّ وَإِنْ لَمْ يُشْرَعْ، وَهَذَا تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ لَا يُسَاعِدُهُ لَفْظُ الْحَدِيثِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ - وَهُوَ الْوَجْهُ - لَا يُزَادُ فِيمَا لَا حَدَّ فِيهِ عَلَى عَشَرَةٍ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ مَنْسُوخٌ لِعَمَلِ الصَّحَابَةِ بِخِلَافِهِ، أَوْ

مَخْصُوصٌ بِوَقْتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكِلَاهُمَا دَعْوَى بِلَا بُرْهَانٍ، وَلَعَلَّ مَنْ عَمِلَ مِنَ الصَّحَابَةِ بِخِلَافِهِ كَانَ عَمَلُهُ بِهِ لِعَدَمِ بُلُوغِ الْحَدِيثِ إِلَيْهِ، وَعَلَى الثَّانِي صِغَارُ الذُّنُوبِ لَا يُزَادُ فِيهَا عَلَى الْعَشَرَةِ، وَأَمَّا مَا فَحُشَ مِنْ ذَنْبٍ وَقَبُحَ مِمَّا لَمْ يَرِدْ فِيهِ حَدٌّ فَلَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْعَشَرَةِ عَلَى حَسَبِ مَا يَرَاهُ بِالِاجْتِهَادِ. وَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ.

2602 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُعَزِّرُوا فَوْقَ عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا تُعَزِّرُوا فَوْقَ. . . إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ الثَّقَفِيُّ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رَوَى أَحَادِيثَ كَذِبٍ لَمْ يَسْمَعْهَا، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: تَرَكُوهُ. كَذَا قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب الحد كفارة]

[بَاب الْحَدُّ كَفَّارَةٌ] 2603 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ وَابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَصَابَ مِنْكُمْ حَدًّا فَعُجِّلَتْ لَهُ عُقُوبَتُهُ فَهُوَ كَفَّارَتُهُ وَإِلَّا فَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَهُوَ كَفَّارَتُهُ) أَيْ: فَعُقُوبَتُهُ كَفَّارَتُهُ (إِلَى اللَّهِ تَعَالَى) أَيْ: إِنْ شَاءَ عَفَا وَإِنْ شَاءَ عَاقَبَ.

2604 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَمَّالُ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَصَابَ فِي الدُّنْيَا ذَنْبًا فَعُوقِبَ بِهِ فَاللَّهُ أَعْدَلُ مِنْ أَنْ يُثَنِّيَ عُقُوبَتَهُ عَلَى عَبْدِهِ وَمَنْ أَذْنَبَ ذَنْبًا فِي الدُّنْيَا فَسَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَاللَّهُ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ يَعُودَ فِي شَيْءٍ قَدْ عَفَا عَنْهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَاللَّهُ أَكْرَمُ. . . إِلَخْ) مُقْتَضَاهُ أَنَّ السِّتْرَ فِي الدُّنْيَا عَلَامَةُ الْمَغْفِرَةِ فِي الْآخِرَةِ، وَلَعَلَّ الْأَوَّلَ بَيَانُ مَا يُمْكِنُ، وَهَذَا بَيَانُ مَا يَقَعُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب الرجل يجد مع امرأته رجلا]

[بَاب الرَّجُلِ يَجِدُ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا] 2605 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمَدِينِيُّ أَبُو عُبَيْدٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ الْأَنْصَارِيَّ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ الرَّجُلُ يَجِدُ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا قَالَ سَعْدٌ بَلَى وَالَّذِي أَكْرَمَكَ بِالْحَقِّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْمَعُوا مَا يَقُولُ سَيِّدُكُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَيَقْتُلُهُ) إِذْ لَا يُصَدَّقُ الرَّجُلُ قَضَاءً فِي ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ الْبَعْضِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ (بَلَى) أَيْ، بَلْ تَقْتَضِي الْغَيْرَةُ أَنْ يَقْتُلَ وَلَمْ يُرِدْ رَدَّ الْحُكْمِ فَإِنَّهُ بَعِيدٌ مِنْ مِثْلِ سَعْدٍ (اسْمَعُوا مَا يَقُولُ سَيِّدُكُمْ) أَيِ: انْظُرُوا إِلَى غَيْرَتِهِ حَيْثُ حَمَلَتْهُ عَلَى ذَلِكَ.

2606 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ الْفَضْلِ بْنِ دَلْهَمٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ حُرَيْثٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبِّقِ قَالَ «قِيلَ لِأَبِي ثَابِتٍ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ حِينَ نَزَلَتْ آيَةُ الْحُدُودِ وَكَانَ رَجُلًا غَيُورًا أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّكَ وَجَدْتَ مَعَ امْرَأَتِكَ رَجُلًا أَيَّ شَيْءٍ كُنْتَ تَصْنَعُ قَالَ كُنْتُ ضَارِبَهُمَا بِالسَّيْفِ أَنْتَظِرُ حَتَّى أَجِيءَ بِأَرْبَعَةٍ إِلَى مَا ذَاكَ قَدْ قَضَى حَاجَتَهُ وَذَهَبَ أَوْ أَقُولُ رَأَيْتُ كَذَا وَكَذَا فَتَضْرِبُونِي الْحَدَّ وَلَا تَقْبَلُوا لِي شَهَادَةً أَبَدًا قَالَ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ كَفَى بِالسَّيْفِ شَاهِدًا ثُمَّ قَالَ لَا إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَتَابَعَ فِي ذَلِكَ السَّكْرَانُ وَالْغَيْرَانُ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ مَاجَهْ سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُولُ هَذَا حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الطَّنَافِسِيِّ وَفَاتَنِي مِنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَعَ امْرَأَتِكَ) وَفِي نُسْخَةٍ مَعَ أُمِّ ثَابِتٍ هِيَ زَوْجَةُ سَعْدٍ (ضَارِبَهُمَا) بِالنَّصْبِ خَبَرُ كَانَ، أَيْ: أَضْرِبُ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ جَمِيعًا بِالسَّيْفِ وَأَقْتُلُهُمَا (إِلَى مَا ذَاكَ) أَيْ: إِلَى رَجُلِ زَمَانِ ذَلِكَ الْمَحْمِيِّ بِأَرْبَعَةٍ (كَفَى بِالسَّيْفِ شَاهِدًا) أَيْ: وُجُودُهُمَا مَعًا مَقْتُولِينَ دَلِيلٌ جَلِيٌّ أَنَّهُمَا كَانَا عَلَى تَلِكَ الْحَالَةِ الشَّنِيعَةِ فَقُتِلَا لِذَلِكَ (لَا) أَيْ: لَا يَنْبَغِي قَتْلُهُمَا، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ قَبِيصَةُ بْنُ حُرَيْثِ بْنِ قَبِيصَةَ قَالَ الْبُخَارِيُّ: فِي حَدِيثِهِ نَظَرٌ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ مُوَثَّقُونَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب من تزوج امرأة أبيه من بعده]

[بَاب مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ أَبِيهِ مِنْ بَعْدِهِ] 2607 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ح وَحَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ جَمِيعًا عَنْ أَشْعَثَ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ «مَرَّ بِي خَالِي سَمَّاهُ هُشَيْمٌ فِي حَدِيثِهِ الْحَارِثَ بْنَ عَمْرٍو وَقَدْ عَقَدَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِوَاءً فَقُلْتُ لَهُ أَيْنَ تُرِيدُ فَقَالَ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ أَبِيهِ مِنْ بَعْدِهِ فَأَمَرَنِي أَنْ أَضْرِبَ عُنُقَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (تَزَوَّجَ امْرَأَةَ أَبِيهِ) أَيْ: نَكَحَهَا عَلَى قَوَاعِدِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَتَزَوَّجُونَ بِأَزْوَاجِ آبَائِهِمْ يَعُدُّونَ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْإِرْثِ؛ وَلِذَلِكَ ذَكَرَ اللَّهُ - تَعَالَى - النَّهْيَ عَنْ ذَلِكَ بِخُصُوصِهِ بِقَوْلِهِ {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} [النساء: 22] مُبَالَغَةً فِي الزَّجْرِ عَنْ ذَلِكَ فَالرَّجُلُ سَلَكَ مَسْلَكَهُمْ فِي عَدِّ ذَلِكَ حَلَالًا فَصَارَ مُرْتَدًّا فَقُتِلَ لِذَلِكَ، وَهَذَا تَأْوِيلُ الْحَدِيثِ مَنْ

يَقُولُ بِظَاهِرِهِ.

2608 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنُ أَخِي الْحُسَيْنِ الْجُعْفِيِّ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مَنَازِلَ التَّيْمِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ أَبِيهِ أَنْ أَضْرِبَ عُنُقَهُ وَأُصَفِّيَ مَالَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَأُصَفِّيَ مَالَهُ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب من ادعى إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه]

[بَاب مَنْ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ أَوْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ] 2609 - حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الضَّيْفِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ انْتَسَبَ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ أَوْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنِ انْتَسَبَ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ) أَيْ: مَنْ نَسَبَ نَفْسَهُ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ (أَوْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ) أَيِ: اتَّخَذَ غَيْرَ مَوْلَاهُ مَوْلًى لَهُ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ ابْنُ أَبِي الضَّيْفِ اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي ضَيْفٍ الْمَكِّيُّ لَمْ أَرَ لِأَحَدٍ فِيهِ كَلَامًا لَا بِجُرْحٍ وَلَا بِتَوْثِيقٍ، وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.

2610 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ سَمِعْتُ سَعْدًا وَأَبَا بَكْرَةَ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقُولُ «سَمِعَتْ أُذُنَايَ وَوَعَى قَلْبِي مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ أَبِيهِ فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ) أَيْ: لَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يَدْخُلَ فِيهَا ابْتِدَاءً.

2611 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ خَمْسِ مِائَةِ عَامٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَمْ يَرَحْ رِيحَ الْجَنَّةِ) أَيْ: لَمْ يَشُمَّ رِيحَهَا وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ عَدَمِ الدُّخُولِ فِيهَا ابْتِدَاءً بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَجِدُ لَهَا رِيحًا وَإِنْ دَخَلَهَا قَالَ: رَاحَ يَرِيحُ وَيَرَاحُ، وَأَرَاحَ يُرِيحُ إِذَا وَجَدَ رَائِحَةَ الشَّيْءِ، وَقَدْ رُوِيَ الْحَدِيثُ بِالْمُوَحَّدَةِ فِي الثَّلَاثَةِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الصَّبَّاحِ هُوَ أَبُو جَعْفَرٍ الْجُرْجَانِيُّ التَّاجِرُ قَالَ فِيهِ ابْنُ مَعِينٍ: لَا بَأْسَ بِهِ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ لَا يُسْئَلُ عَنْ حَالِهِمْ لِشُهْرَتِهِمْ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب من نفى رجلا من قبيلته]

[بَاب مَنْ نَفَى رَجُلًا مِنْ قَبِيلَتِهِ] 2612 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ح وَحَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ حَيَّانَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُغِيرَةِ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَقِيلِ بْنِ طَلْحَةَ السُّلَمِيِّ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ هَيْضَمٍ عَنْ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ «أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَفْدِ كِنْدَةَ وَلَا يَرَوْنِي إِلَّا أَفْضَلَهُمْ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَسْتُمْ مِنَّا فَقَالَ نَحْنُ بَنُو النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ لَا نَقْفُو أُمَّنَا وَلَا نَنْتَفِي مِنْ أَبِينَا» قَالَ فَكَانَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ يَقُولُ لَا أُوتِي بِرَجُلٍ نَفَى رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ إِلَّا جَلَدْتُهُ الْحَدَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ (قَوْلُهُ: وَلَا يَرَوْنِي أَفْضَلَهُمْ) أَيْ: مَا يَرَى أَهْلُ الْوَفْدِ أَنِّي أَفْضَلُهُمْ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ إِلَّا أَفْضَلَ (لَا نَقَفُو أُمَّنَا) بِتَقْدِيمِ الْقَافِ عَلَى الْفَاءِ، أَيْ: لَا نْقَطَعُ أُمَّنَا فِي النَّسَبِ فَلَا نَنْتَسِبُ إِلَيْهَا، وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ؛ لِأَنَّ عَقِيلَ بْنَ طَلْحَةَ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَالنَّسَائِيُّ وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب المخنثين]

[بَاب الْمُخَنَّثِينَ] 2613 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ الْجُرْجَانِيُّ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ الْعَلَاءِ أَنَّهُ سَمِعَ بِشْرَ بْنَ نُمَيْرٍ أَنَّهُ سَمِعَ مَكْحُولًا يَقُولُ إِنَّهُ سَمِعَ يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ قَالَ «كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ قَدْ كَتَبَ عَلَيَّ الشِّقْوَةَ فَمَا أُرَانِي أُرْزَقُ إِلَّا مِنْ دُفِّي بِكَفِّي فَأْذَنْ لِي فِي الْغِنَاءِ فِي غَيْرِ فَاحِشَةٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا آذَنُ لَكَ وَلَا كَرَامَةَ وَلَا نُعْمَةَ عَيْنٍ كَذَبْتَ أَيْ عَدُوَّ اللَّهِ لَقَدْ رَزَقَكَ اللَّهُ طَيِّبًا حَلَالًا فَاخْتَرْتَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْكَ مِنْ رِزْقِهِ مَكَانَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَكَ مِنْ حَلَالِهِ وَلَوْ كُنْتُ تَقَدَّمْتُ إِلَيْكَ لَفَعَلْتُ بِكَ وَفَعَلْتُ قُمْ عَنِّي وَتُبْ إِلَى اللَّهِ أَمَا إِنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ بَعْدَ التَّقْدِمَةِ إِلَيْكَ ضَرَبْتُكَ ضَرْبًا وَجِيعًا وَحَلَقْتُ رَأْسَكَ مُثْلَةً وَنَفَيْتُكَ مِنْ أَهْلِكَ وَأَحْلَلْتُ سَلَبَكَ نُهْبَةً لِفِتْيَانِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَقَامَ عَمْرٌو وَبِهِ مِنْ الشَّرِّ وَالْخِزْيِ مَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ فَلَمَّا وَلَّى قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَؤُلَاءِ الْعُصَاةُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ بِغَيْرِ تَوْبَةٍ حَشَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا كَانَ فِي الدُّنْيَا مُخَنَّثًا عُرْيَانًا لَا يَسْتَتِرُ مِنْ النَّاسِ بِهُدْبَةٍ كُلَّمَا قَامَ صُرِعَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَدْ كَتَبَ عَلَيَّ الشِّقْوَةَ) بِالْكَسْرِ، أَيِ: الْمُصِيبَةَ (أُرْزَقُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ (مِنْ دُفِّي) بِضَمِّ الدَّالِ وَفَتْحِهَا (فِي الْغِنَاءِ) بِالْكَسْرِ وَالْمَدِّ، أَيِ: التَّغَنِّي (وَلَا كَرَامَةَ وَلَا نُعْمَةَ عَيْنٍ) نُعْمَةَ بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِهَا وَكَسْرِهَا قِيلَ: أَيْ: قُرَّةَ عَيْنٍ، وَقَالَ السُّيُوطِيُّ: لَا أُكْرِمُكَ كَرَامَةً وَلَا أُنْعِمُ عَيْنَيْكَ، قِيلَ: هُمَا مِنَ الْمَصَادِرِ الْمُنْتَصِبَةِ عَلَى إِضْمَارِ الْفِعْلِ الْمَتْرُوكِ إِظْهَارُهُ، كَمَا قَالَ سِيبَوَيْهِ: تَقُولُ أَفْعَلُ ذَلِكَ وَكَرَامَةً وَنِعْمَةَ عَيْنٍ كَأَنَّكَ قُلْتُ: وَأُكْرِمُكَ كَرَامَةً وَنَعِمَتْ عَيْنَيْكَ نُعْمَةً وَهُوَ بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِهَا وَكَسْرِهَا اسْمٌ بِمَعْنَى الْإِنْعَامِ، وَلَمَّا كَانَ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ ذَكَرَ مَعَ الْمَصْدَرِ قَوْلُهُ: (لَقَدْ رَزَقَكَ اللَّهُ) أَيْ: مَكَّنَكَ مِنْهُ. (تَقَدَّمْتُ إِلَيْكَ) أَيْ: بِالنَّهْيِ الَّذِي ذَكَرْتُ لَكَ الْآنَ، أَيْ: لَوْ بَلَغَكَ مِنِّي قَبْلَ مَا ذَكَرْتُ لَكَ الْآنَ (نُهْبَةً)

بِضَمِّ النُّونِ؛ لِأَنَّ هَذَا كَانَ حَيْثُ إِنَّ التَّعْزِيرَ بِالْمَالِ إِنْ قُلْنَا بِثُبُوتِ الْحَدِيثِ، وَإِلَّا فَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ بِشْرُ بْنُ نُمَيْرٍ الْبَصْرِيُّ، قَالَ فِيهِ يَحْيَى الْقَطَّانُ: كَانَ رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِ الْكَذِبِ، وَقَالَ أَحْمَدُ: تَرَكَ النَّاسُ حَدِيثَهُ، وَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ. وَيَحْيَى بْنُ الْعَلَاءِ قَالَ أَحْمَدُ: يَضَعُ الْحَدِيثَ، وَقَرِيبٌ مِنْهُ مَا قَالَ غَيْرُهُ.

2614 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا فَسَمِعَ مُخَنَّثًا وَهُوَ يَقُولُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ إِنْ يَفْتَحْ اللَّهُ الطَّائِفَ غَدًا دَلَلْتُكَ عَلَى امْرَأَةٍ تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْرِجُوهُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (تُقْبِلُ) مِنَ الْإِقْبَالِ (وَتُدْبِرُ) مِنَ الْإِدْبَارِ وَالْحَدِيثُ قَدْ تَقَدَّمَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[كتاب الديات]

[كِتَاب الدِّيَاتِ] [بَاب التَّغْلِيظِ فِي قَتْلِ مُسْلِمٍ ظُلْمًا] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَاب الدِّيَاتِ بَاب التَّغْلِيظِ فِي قَتْلِ مُسْلِمٍ ظُلْمًا 2615 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالُوا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الدِّمَاءِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ) أَيْ: فِيمَا بَيْنَهُمْ وَإِلَّا فَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ أَوَّلُ مَا يُقْضَى هُوَ الصَّلَاةُ كَمَا جَاءَ بِهِ وَبِهِ انْدَفَعَ التَّعَارُضُ.

2616 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الْأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْأَوَّلِ) أَيِ: الَّذِي هُوَ أَوَّلُ قَاتِلٍ، قِيلَ: هُوَ قَابِيلُ قَتَلَ أَخَاهُ هَابِيلَ (كِفْلٌ) بِكَسْرِ الْكَافِ هُوَ الْحَظُّ وَالنَّصِيبُ قَوْلُهُ: (مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ) فَهُوَ مَتْبُوعٌ فِي هَذَا الْفِعْلِ وَلِلْمَتْبُوعِ نَصِيبٌ مِنْ فِعْلِ تَابِعِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدِ التَّابِعُ اتِّبَاعَهُ فِي الْفِعْلِ.

2617 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ الْأَزْهَرِ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ يُوسُفَ الْأَزْرَقُ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الدِّمَاءِ»

2618 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِذٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَقِيَ اللَّهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا لَمْ يَتَنَدَّ بِدَمٍ حَرَامٍ دَخَلَ الْجَنَّةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَمْ يَتَنَدَّ) قَالَ السُّيُوطِيُّ: أَيْ لَمْ يُصِبْ مِنْهُ شَيْئًا وَلَمْ يَنَلْهُ مِنْهُ شَيْءٌ

كَأَنَّهُ نَالَ نَدَاوَةَ الدَّمِ وَبَلَّهُ، وَالْجُمْلَةُ حَالٌ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَمْ يَتَدَمَّرْ، وَهُوَ نُسْخَةُ الدَّمِيرِيِّ فَقَالَ دَمَرَ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ هَلَكَ، وَذَمَرَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ حَضَّ عَلَى الْقَتْلِ وَحَثَّ عَلَيْهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ إِنْ كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَائِدٍ الْأَزْدِيُّ سَمِعَ مِنْ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ فَقَدْ، قِيلَ: إِنَّ رِوَايَتَهُ عَنْهُ مُرْسَلَةٌ.

2619 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ جَنَاحٍ عَنْ أَبِي الْجَهْمِ الْجُوْزَجَانِيِّ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ مُؤْمِنٍ بِغَيْرِ حَقٍّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَزَوَالُ الدُّنْيَا. . . إِلَخْ) الْكَلَامُ مَسُوقٌ لِتَعْظِيمِ الْقَتْلِ وَتَهْوِيلِ أَمْرِهِ وَكَيْفِيَّةِ إِفَادَةِ اللَّفْظِ ذَلِكَ هُوَ أَنَّ الدُّنْيَا عَظِيمَةٌ فِي نُفُوسِ الْخَلْقِ، فَزَوَالُهَا يَكُونُ عِنْدَهُمْ عَلَى قَدْرِ عَظَمَتِهَا، فَإِذَا قِيلَ: إِنَّ زَوَالَهَا أَهْوَنُ مِنْ قَتْلِ الْمُؤْمِنِ يُفِيدُ الْكَلَامُ مِنْ تَعْظِيمِ الْقَتْلِ وَتَهْوِيلِهِ وَتَقْبِيحِهِ وَتَشْنِيعِهِ مَا لَا يُحِيطُهُ الْوَصْفُ، وَلَا يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ فِي كَوْنِ الزَّوَالِ إِثْمًا أَوْ ذَنْبًا، حَتَّى يُقَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ بِذَنْبٍ فَكُلُّ ذَنْبٍ بِجِهَةِ كَوْنِهِ ذَنْبًا أَعْظَمُ مِنْهُ، فَأَيُّ تَعْظِيمٍ حَصَلَ لِلْقَتْلِ بِجَعْلِ زَوَالِ الدُّنْيَا أَهْوَنَ مِنْهُ، وَإِنْ أُرِيدَ بِالزَّوَالِ الْإِزَالَةُ فَإِزَالَةُ الدُّنْيَا يَسْتَلْزِمُ قَتْلَ الْمُؤْمِنِينَ، فَكَيْفَ يُقَالُ: إِنَّ قَتْلَ وَاحِدٍ أَعْظَمُ مِمَّا يَسْتَلْزِمُ قَتْلَ الْكُلِّ وَكَذَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى كَوْنِ الدُّنْيَا عَظِيمَةً فِي ذَاتِهَا عِنْدَ اللَّهِ حَتَّى يُقَالَ: هِيَ لَا تُسَاوِي جَنَاحَ بَعُوضَةٍ عِنْدَ اللَّهِ فَكُلُّ شَيْءٍ أَعْظَمُ مِنْهَا فَلَا فَائِدَةَ فِي الْقَوْلِ بِأَنَّ قَتْلَ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ مِنْهَا مَثَلًا، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْمُؤْمِنَ الْكَامِلُ الَّذِي يَكُونُ عَارِفًا بِاللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ فَإِنَّهُ الْمَقْصُودُ مِنْ خَلْقِ الْعَالَمِ لِكَوْنِهِ مُظْهِرًا لِآيَاتِهِ وَأَسْرَارِهِ وَمَا سِوَاهُ فِي هَذَا الْعَالَمِ الْحِسِّيِّ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَقْصُودٌ لِأَجْلِهِ وَمَخْلُوقٌ لِيَكُونَ مَسْكَنًا لَهُ وَمَحَلًّا لِتَفَكُّرِهِ، فَصَارَ زَوَالُهُ أَعْظَمَ مِنْ زَوَالِ التَّابِعِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ مُوَثَّقُونَ، وَقَدْ صَرَّحَ الْوَلِيدُ بِالسَّمَاعِ فَزَالَتْ تُهْمَةُ تَدْلِيسِهِ، وَالْحَدِيثُ مِنْ رِوَايَةِ غَيْرِ الْبَرَاءِ أَخْرَجَهُ غَيْرُ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا.

2620 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ مُؤْمِنٍ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِشَطْرِ كَلِمَةٍ) قِيلَ: هُوَ أَنْ يَقُولَ اقْ! اقْتُلْ كَمَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: فَكَيْفَ مَنْ أَمَرَ بِهِ أَوْ تَسَبَّبَ فِيهِ؟! قَوْلُهُ: (مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ) الْجُمْلَةُ الْآتِيَةُ حَالٌ بِلَا وَاوٍ وَمَعْنَى كَوْنِهِ آيِسًا يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ فَظَاهِرُهُ يُوَافِقُ ظَاهِرَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} [النساء: 93] الْآيَةَ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ

يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ بَالَغُوا بِتَضْعِيفِهِ حَتَّى قِيلَ: كَأَنَّهُ حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب هل لقاتل مؤمن توبة]

[بَاب هَلْ لِقَاتِلِ مُؤْمِنٍ تَوْبَةٌ] 2621 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ «سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَمَّنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا ثُمَّ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى قَالَ وَيْحَهُ وَأَنَّى لَهُ الْهُدَى سَمِعْتُ نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَجِيءُ الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُتَعَلِّقٌ بِرَأْسِ صَاحِبِهِ يَقُولُ رَبِّ سَلْ هَذَا لِمَ قَتَلَنِي وَاللَّهِ لَقَدْ أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَبِيِّكُمْ ثُمَّ مَا نَسَخَهَا بَعْدَمَا أَنْزَلَهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ (يَجِيءُ) مِنَ الْمَجِيءِ فَقَوْلُهُ: وَالْمَقْتُولُ. . . إِلَخْ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ (بِرَأْسِ صَاحِبِهِ) أَيْ: بِرَأْسِ الْقَاتِلِ (أَنْزَلَهَا) أَيْ: آيَةَ {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} [النساء: 93] إِلَخْ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا تَوْبَةَ لِقَاتِلِ النَّفْسِ الْمُؤْمِنَةِ عَمْدًا، قِيلَ: هَذَا تَغْلِيظٌ مِنَ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - كَيْفَ وَالْمُشْرِكُ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِيهِ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] وَكَانَ يَتَمَسَّكُ فِي قَوْلِهِ: بِظَاهِرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} [النساء: 93] الْآيَةَ وَيُجِيبُ عَنْ قَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [الفرقان: 68] الْآيَةَ تَارَةً بِالنَّسْخِ، وَتَارَةً بِأَنَّ ذَاكَ إِذَا قَتَلَ وَهُوَ كَافِرٌ، ثُمَّ أَسْلَمَ، وَقَوْلُهُ: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} [النساء: 93] مُقَيَّدًا بِالْمَوْتِ بِلَا تَوْبَةٍ وَيُؤَوِّلُونَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْخُلُودِ طُولُ الْمُكْثِ، وَبِأَنَّ هَذَا بَيَانُ مَا يَسْتَحِقُّهُ بِعَمَلِهِ كَمَا يُشِيرُ إِلَيْهِ قَوْلُهُ: {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} [النساء: 93] ثُمَّ أَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ، وَبِأَنَّ هَذَا فِي الْمُسْتَحِلِّ وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ مُسْتَمْسِكَاتٌ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.

2622 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا سَمِعْتُ مِنْ فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي إِنَّ عَبْدًا قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا ثُمَّ عَرَضَتْ لَهُ التَّوْبَةُ فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ فَأَتَاهُ فَقَالَ إِنِّي قَتَلْتُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَهَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ قَالَ بَعْدَ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ نَفْسًا قَالَ فَانْتَضَى سَيْفَهُ فَقَتَلَهُ فَأَكْمَلَ بِهِ الْمِائَةَ ثُمَّ عَرَضَتْ لَهُ التَّوْبَةُ فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ فَأَتَاهُ فَقَالَ إِنِّي قَتَلْتُ مِائَةَ نَفْسٍ فَهَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ فَقَالَ وَيْحَكَ وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ اخْرُجْ مِنْ الْقَرْيَةِ الْخَبِيثَةِ الَّتِي أَنْتَ فِيهَا إِلَى الْقَرْيَةِ الصَّالِحَةِ قَرْيَةِ كَذَا وَكَذَا فَاعْبُدْ رَبَّكَ فِيهَا فَخَرَجَ يُرِيدُ الْقَرْيَةَ الصَّالِحَةَ فَعَرَضَ لَهُ أَجَلُهُ فِي الطَّرِيقِ فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ قَالَ إِبْلِيسُ أَنَا أَوْلَى بِهِ إِنَّهُ لَمْ يَعْصِنِي سَاعَةً قَطُّ قَالَ فَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ إِنَّهُ خَرَجَ تَائِبًا» قَالَ هَمَّامٌ فَحَدَّثَنِي حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ فَبَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَلَكًا فَاخْتَصَمُوا إِلَيْهِ ثُمَّ رَجَعُوا فَقَالَ انْظُرُوا أَيَّ الْقَرْيَتَيْنِ كَانَتْ أَقْرَبَ فَأَلْحِقُوهُ بِأَهْلِهَا قَالَ قَتَادَةُ فَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ قَالَ لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ احْتَفَزَ بِنَفْسِهِ فَقَرُبَ مِنْ الْقَرْيَةِ الصَّالِحَةِ وَبَاعَدَ مِنْهُ الْقَرْيَةَ الْخَبِيثَةَ فَأَلْحَقُوهُ بِأَهْلِ الْقَرْيَةِ الصَّالِحَةِ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِسْمَعِيلَ الْبَغْدَادِيُّ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ فَذَكَرَ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ثُمَّ عَرَضَتْ لَهُ التَّوْبَةُ) أَيْ: ظَهَرَ لَهُ أَنْ يَتُوبَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى (عَلَى رَجُلٍ) مِنْ أَهْلِ الْعِبَادَةِ دُونَ الْعِلْمِ (فَقَالَ بَعْدَ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ) اسْتِبْعَادٌ لِأَنْ يَكُونَ لَهُ تَوْبَةٌ بَعْدَ قَتْلِهِ هَذَا الْمِقْدَارَ فَانْتَضَى سَيْفَهُ

بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ: أَخْرَجَهُ مِنْ غِمْدِهِ (فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ) هُوَ عَالِمٌ، وَبِهَذَا ظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْعَالِمِ وَالْعَابِدِ (الْخَبِيثَةِ) أَيِ: الَّتِي لَا خَيْرَ فِيهَا فِي حَقِّهِ (أَنَا أَوْلَى بِهِ) أَيْ: أَوْلَى بِأَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ أَعْوَانِي قَوْلُهُ: (احْتَفَزَ بِنَفْسِهِ) الْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ، أَيْ: دَفَعَ نَفْسَهُ (إِلَى الْقَرْيَةِ الصَّالِحَةِ) فَصَارَ قَرِيبًا بِشَيْءٍ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب من قتل له قتيل فهو بالخيار بين إحدى ثلاث]

[بَاب مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ إِحْدَى ثَلَاثٍ] 2623 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ وَأَبُو بَكْرٍ ابْنَا أَبِي شَيْبَةَ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ ح وَحَدَّثَنَا أبُو بَكْرٍ وَعُثْمَانُ ابْنَا أَبِي شَيْبَةَ قَالَا حَدَّثَنَا جَرِيرٌ وَعَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ جَمِيعًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ فُضَيْلٍ أَظُنُّهُ عَنْ ابْنِ أَبِي الْعَوْجَاءِ وَاسْمُهُ سُفْيَانُ عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أُصِيبَ بِدَمٍ أَوْ خَبْلٍ وَالْخَبْلُ الْجُرْحُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ إِحْدَى ثَلَاثٍ فَإِنْ أَرَادَ الرَّابِعَةَ فَخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَنْ يَقْتُلَ أَوْ يَعْفُوَ أَوْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ فَمَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَعَادَ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ أُصِيبَ بِدَمٍ) أَيْ: مَنْ أَصَابَ آخَرَ بِدَمِ قَرِيبِهِ (أَوْ خَبْلٍ) بِفَتْحِ خَاءٍ مُعْجَمَةٍ وَسُكُونِ مُوَحَّدَةٍ: فَسَادُ الْأَعْضَاءِ (فَخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ) أَيْ: لَا تُمَكِّنُوهُ (فَعَادَ) أَيْ: إِلَى الْقَتْلِ بَعْدَ الْعَفْوِ، أَوْ أَخْذِ الدِّيَةِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: مَعْنَى فَعَادَ تَعَدَّى (فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ) يَسْتَحِقُّهَا، ثُمَّ أَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ كَمَا تَقَدَّمَ.

2624 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ إِمَّا أَنْ يَقْتُلَ وَإِمَّا أَنْ يُفْدَى» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ) فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ نَظَرَيْنِ

أَيَّهُمَا رَأَى خَيْرًا فَلْيَأْخُذْ بِهِ (وَإِمَّا أَنْ يَفْدِيَ) أَيْ: يُعْطِيَ الْفِدَاءَ يُفِيدُ أَنَّ الْخِيَارَ لِوَلِيِّ الدَّمِ لَا لِلْقَاتِلِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب من قتل عمدا فرضوا بالدية]

[بَاب مَنْ قَتَلَ عَمْدًا فَرَضُوا بِالدِّيَةِ] 2625 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ضُمَيْرَةَ حَدَّثَنِي أَبِي وَعَمِّي وَكَانَا شَهِدَا حُنَيْنًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَا «صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ ثُمَّ جَلَسَ تَحْتَ شَجَرَةٍ فَقَامَ إِلَيْهِ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ وَهُوَ سَيِّدُ خِنْدِفٍ يَرُدُّ عَنْ دَمِ مُحَلِّمِ بْنِ جَثَّامَةَ وَقَامَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ يَطْلُبُ بِدَمِ عَامِرِ بْنِ الْأَضْبَطِ وَكَانَ أَشْجَعِيًّا فَقَالَ لَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقْبَلُونَ الدِّيَةَ فَأَبَوْا فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ يُقَالُ لَهُ مُكَيْتِلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ مَا شَبَّهْتُ هَذَا الْقَتِيلَ فِي غُرَّةِ الْإِسْلَامِ إِلَّا كَغَنَمٍ رُمِيَ أَوَّلُهَا فَنَفَرَ آخِرُهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكُمْ خَمْسُونَ فِي سَفَرِنَا وَخَمْسُونَ إِذَا رَجَعْنَا فَقَبِلُوا الدِّيَةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (سَيِّدُ خِنْدَفَ) ضُبِطَ بِكَسْرِ خَاءٍ وَنُونٍ سَاكِنَةٍ وَدَالٍ مَفْتُوحَةٍ (يَرُدُّ) مِنَ الرَّدِّ أَيْ: يُخَاصِمُ عَنْ طَرَفِهِ (مُحَلِّمِ) ضُبِطَ عَلَى وَزْنِ اسْمِ الْفَاعِلِ مِنَ التَّحَلُّمِ (ابْنِ جَثَّامَةَ) بِفَتْحِ جِيمٍ فَتَشْدِيدِ مُثَلَّثَةٍ (بِدَمِ عَامِرٍ) الَّذِي قَتَلَهُ مُحَلِّمٌ (مُكَيْتِلُ) ضُبِطَ بِالتَّصْغِيرِ (فِي غُرَّةِ الْإِسْلَامِ) أَيْ: أَوَّلُهُ كَغُرَّةِ الشَّهْرِ لِأَوَّلِهِ وَمُرَادُهُ بِالْمِثْلِ أَنَّهُ يَنْبَغِي قَتْلُ هَذَا الْقَاتِلِ وَإِنْ لَمْ يَتَقَرَّرِ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ الْآخِرَ يَتْبَعُ الْأَوَّلَ.

2626 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَتَلَ عَمْدًا دُفِعَ إِلَى أَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ فَإِنْ شَاءُوا قَتَلُوا وَإِنْ شَاءُوا أَخَذُوا الدِّيَةَ وَذَلِكَ ثَلَاثُونَ حِقَّةً وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً وَذَلِكَ عَقْلُ الْعَمْدِ مَا صُولِحُوا عَلَيْهِ فَهُوَ لَهُمْ وَذَلِكَ تَشْدِيدُ الْعَقْلِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (دُفِعَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ (خَلِفَةً) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ هِيَ النَّاقَةُ الْحَامِلَةُ إِلَى نِصْفِ أَجَلِهَا، ثُمَّ هِيَ عِشَارٌ. قَوْلُهُ: (وَذَلِكَ) أَيِ: الْقِسْمُ الْمَذْكُورُ مِنَ الْعَقْلِ (تَشْدِيدُ الْعَقْلِ) أَيْ: هُوَ قِسْمٌ غَلِيظٌ - وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ -.

[باب دية شبه العمد مغلظة]

[بَاب دِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ مُغَلَّظَةً] 2627 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَيُّوبَ سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَتِيلُ الْخَطَإِ شِبْهِ الْعَمْدِ قَتِيلُ السَّوْطِ وَالْعَصَا مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ أَرْبَعُونَ مِنْهَا خَلِفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا» حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ أَوْسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (شِبْهِ الْعَمْدِ) الشِّبْهُ كَالْمِثْلِ يَجُوزُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا الْكَسْرُ مَعَ السُّكُونِ وَهُوَ ضَعِيفُ الْخَطَأِ

(مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ) أَيْ: فِيهِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ.

2628 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ جُدْعَانَ سَمِعَهُ مِنْ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَهُوَ عَلَى دَرَجِ الْكَعْبَةِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ أَلَا إِنَّ قَتِيلَ الْخَطَإِ قَتِيلَ السَّوْطِ وَالْعَصَا فِيهِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ مِنْهَا أَرْبَعُونَ خَلِفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا أَلَا إِنَّ كُلَّ مَأْثُرَةٍ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَدَمٍ تَحْتَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ سِدَانَةِ الْبَيْتِ وَسِقَايَةِ الْحَاجِّ أَلَا إِنِّي قَدْ أَمْضَيْتُهُمَا لِأَهْلِهِمَا كَمَا كَانَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَلَا إِنَّ كُلَّ مَأْثُرَةٍ) بِفَتْحِ مِيمٍ وَضَمِّ مُثَلَّثَةٍ أَوْ فَتْحِهَا كُلُّ مَا يُذْكَرُ وَيُؤْتَى مِنْ مَكَارِمِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ وَمَفَاخِرِهِمْ (وَدَمٍ) عَطْفٌ عَلَى مَأْثُرَةٍ (تَحْتَ قَدَمَيَّ) أَرَادَ إِبْطَالَهَا وَإِسْقَاطَهَا (مِنْ سِدْنَةِ الْبَيْتِ) بِكَسْرِ السِّينِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ خِدْمَتُهُ وَالْقِيَامُ بِأَمْرِهِ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: كَانَتِ الْحِجَابَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فِي بَنِي عَبْدِ الدَّارِ وَالسِّقَايَةُ فِي بَنِي هَاشِمٍ فَأَقَرَّهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَصَارَ بَنُو شَيْبَةَ يَحْجُبُونَ الْبَيْتَ وَبَنُو الْعَبَّاسِ يَسْقُونَ الْحَجِيجَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب دية الخطإ]

[بَاب دِيَةِ الْخَطَإِ] 2629 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هَانِئٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ جَعَلَ الدِّيَةَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا) هَذَا مَعَ مَا سَيَجِيءُ يُؤَيِّدُ أَنَّ النَّقْصَ كَانَ مُخْتَلِفًا بِحَسْبِ الْأَوْقَاتِ.

2630 - حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ الْمَرْوَزِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قُتِلَ خَطَأً فَدِيَتُهُ مِنْ الْإِبِلِ ثَلَاثُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ وَثَلَاثُونَ بِنْتَ لَبُونٍ وَثَلَاثُونَ حِقَّةً وَعَشَرَةٌ بَنِي لَبُونٍ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَوِّمُهَا عَلَى أَهْلِ الْقُرَى أَرْبَعَ مِائَةِ دِينَارٍ أَوْ عَدْلَهَا مِنْ الْوَرِقِ وَيُقَوِّمُهَا عَلَى أَزْمَانِ الْإِبِلِ إِذَا غَلَتْ رَفَعَ ثَمَنَهَا وَإِذَا هَانَتْ نَقَصَ مِنْ ثَمَنِهَا عَلَى نَحْوِ الزَّمَانِ مَا كَانَ فَبَلَغَ قِيمَتُهَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَيْنَ الْأَرْبَعِ مِائَةِ دِينَارٍ إِلَى ثَمَانِ مِائَةِ دِينَارٍ أَوْ عَدْلَهَا مِنْ الْوَرِقِ ثَمَانِيَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ مَنْ كَانَ عَقْلُهُ فِي الْبَقَرِ عَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ مِائَتَيْ بَقَرَةٍ وَمَنْ كَانَ عَقْلُهُ فِي الشَّاءِ عَلَى أَهْلِ الشَّاءِ أَلْفَيْ شَاةٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ثَلَاثُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ) هِيَ الَّتِي أَتَى عَلَيْهَا الْحَوْلُ. (وَبِنْتُ لَبُونٍ) هِيَ الَّتِي أَتَى عَلَيْهَا حَوْلَانِ، وَالْحِقَّةُ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الْقَافِ هِيَ الَّتِي دَخَلَتْ فِي الرَّابِعَةِ. قَوْلُهُ: (بَنِي لَبُونٍ) أَيْ: ذُكُورٍ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ لَا أَعْرِفُ أَحَدًا مِنَ الْفُقَهَاءِ قَالَ بِهِ. قَوْلُهُ: (يُقَوِّمُهَا عَلَى أَهْلِ الْقُرَى. . . إِلَخْ) يُقَوِّمُ مِنَ التَّقْوِيمِ، وَهَذَا يَدُلُّ

عَلَى أَنَّ الدِّيَةَ عَلَى أَهْلِ الْقُرَى لَمْ تَكُنْ مُخْتَلِفَةً بِحَسَبِ الزَّمَانِ، وَأَمَّا عَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ فَكَانَتْ مُخْتَلِفَةً بِحَسْبِ تَفَاوُتِ قِيمَةِ الْإِبِلِ.

2631 - حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ عَاصِمٍ حَدَّثَنَا الصَّبَّاحُ بْنُ مُحَارِبٍ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنْ خِشْفِ بْنِ مَالِكٍ الطَّائِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دِيَةِ الْخَطَإِ عِشْرُونَ حِقَّةً وَعِشْرُونَ جَذَعَةً وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ وَعِشْرُونَ بَنِي مَخَاضٍ ذُكُورٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَعِشْرُونَ جَذَعَةً) بِفَتْحَتَيْنِ هِيَ الَّتِي دَخَلَتْ فِي الْخَامِسَةِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

2632 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ الدِّيَةَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا قَالَ وَذَلِكَ قَوْلُهُ {وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ} [التوبة: 74] قَالَ بِأَخْذِهِمْ الدِّيَةَ»

[باب الدية على العاقلة فإن لم تكن له عاقلة ففي بيت المال]

[بَاب الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ عَاقِلَةٌ فَفِي بَيْتِ الْمَالِ] 2633 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ نَضْلَةَ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَلَى الْعَاقِلَةِ) أَيْ: عَلَى عَصَبَةِ الْقَاتِلِ.

2634 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ دُرُسْتَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ بُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي عَامِرٍ الْهَوْزَنِيِّ عَنْ الْمِقْدَامِ الشَّامِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ أَعْقِلُ عَنْهُ وَأَرِثُهُ وَالْخَالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ يَعْقِلُ عَنْهُ وَيَرِثُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنَا وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ) أَيْ: أَجْعَلُ مَالَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ (أَعْقِلُ عَنْهُ) أَيْ: أُعْطِي عَنْهُ الدِّيَةَ (وَالْخَالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ) أَيْ: أَجْعَلُهُ مِنَ الْعَصَبَاتِ وَأَهْلِ الْفُرُوضِ، وَالْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَهُوَ مَذْهَبُ عُلَمَائِنَا الْحَنَفِيَّةِ وَمَنْ لَا يَقُولُ بِإِرْثِهِ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ قَالَ عَلَى وَجْهِ السَّلَبِ وَالنَّفْيِ كَمَا قَالُوا: الصَّبْرُ حِيلَةُ مَنْ لَا حِيلَةَ لَهُ. قُلْتُ: يَرُدُّهُ آخِرُ الْحَدِيثِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ إِذَا

كَانَ عَصَبَةً وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ السُّلْطَانَ فَإِنَّهُ يُسَمَّى خَالًا كَذَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ التِّرْمِذِيُّ وَالْكُلُّ بَعْدَهُ لَا يَخْفَى - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب من حال بين ولي المقتول وبين القود أو الدية]

[بَاب مَنْ حَالَ بَيْنَ وَلِيِّ الْمَقْتُولِ وَبَيْنَ الْقَوَدِ أَوْ الدِّيَةِ] 2635 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قَتَلَ فِي عِمِّيَّةٍ أَوْ عَصَبِيَّةٍ بِحَجَرٍ أَوْ سَوْطٍ أَوْ عَصًا فَعَلَيْهِ عَقْلُ الْخَطَإِ وَمَنْ قَتَلَ عَمْدًا فَهُوَ قَوَدٌ وَمَنْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ قَتَلَ) عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ (فِي عِمِّيَّةٍ) بِكَسْرِ عَيْنٍ وَحُكِيَ ضَمُّهَا وَبِكَسْرِ مِيمٍ وَبِمُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ مُشَدَّدَةٍ هِيَ الْأَمْرُ الَّذِي لَا يَسْتَبِينُ وَجْهُهُ، وَقِيلَ: هِيَ كِنَايَةٌ عَنْ جَمَاعَةٍ مُجْتَمِعِينَ عَلَى أَمْرٍ مَجْهُولٍ لَا يُعْرَفُ أَنَّهُ حَقٌّ أَوْ بَاطِلٌ، قَالَ السُّيُوطِيُّ: هِيَ فَعِّيلَةٌ مِنَ الْعَمَى وَهِيَ الضَّلَالَةُ كَالْقِتَالِ فِي الْعَصَبَةِ وَالْأَهْوَاءِ. (أَوْ عَصَبِيَّةٍ) ضُبِطَ بِفَتْحَتَيْنِ، قَالَ السُّيُوطِيُّ: هِيَ الْمُحَامَاةِ وَالْمُدَافَعَةِ وَالْعَصَبِيُّ هُوَ الَّذِي يَعْصِبُ لِعَصَبَتِهِ، أَيْ: أَقَارِبِهِ وَيُحَامِي عَنْهُمْ. قَوْلُهُ: (فَهُوَ قَوَدٌ) بِفَتْحَتَيْنِ، أَيْ: قَتْلُهُ سَبَبٌ لِلْقِصَاصِ (لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ) قِيلَ: أَيْ: تَوْبَةٌ لِمَا فِيهَا مِنْ صَرْفِ الْإِنْسَانِ نَفْسَهُ مِنْ حَالَةِ الْمَعْصِيَةِ إِلَى حَالَةِ الطَّاعَةِ (وَعَدْلٌ) أَيْ: فِدَاءٌ مَأْخُوذٌ مِنَ التَّعَادُلِ وَهُوَ التَّسَاوِي؛ لِأَنَّ فِدَاءَ الْأَسِيرِ يُسَاوِيهِ، وَالْمُرَادُ التَّغْلِيظُ وَالتَّشْدِيدُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب ما لا قود فيه]

[بَاب مَا لَا قَوَدَ فِيهِ] 2636 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ وَعَمَّارُ بْنُ خَالِدٍ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ دَهْثَمِ بْنِ قُرَّانَ حَدَّثَنِي نِمْرَانُ بْنُ جَارِيَةَ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رَجُلًا ضَرَبَ رَجُلًا عَلَى سَاعِدِهِ بِالسَّيْفِ فَقَطَعَهَا مِنْ غَيْرِ مَفْصِلٍ فَاسْتَعْدَى عَلَيْهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ لَهُ بِالدِّيَةِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ الْقِصَاصَ قَالَ خُذْ الدِّيَةَ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيهَا وَلَمْ يَقْضِ لَهُ بِالْقِصَاصِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَاسْتَعْدَى) عَلَيْهِ أَيْ: طَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهِ لِيَأْخُذَ مِنْهُ لَهُ حَقَّهُ (وَلَمْ يَقْضِ لَهُ بِالْقِصَاصِ) قِيلَ: لِتَعَذُّرِ الْقِصَاصِ وَعَدَمِ انْضِبَاطِهِ إِذَا لَمْ يَكُنِ الْعَظْمُ قُطِعَ عَنْ مِفْصَلٍ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ دَهْثَمُ بْنُ قُرَّانَ الْيَمَانِيُّ ضَعَّفَهُ أَبُو دَاوُدَ وَقَالَ:

وَلَيْسَ لِحَارِثَةَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ فِي بَقِيَّةِ الْكُتُبِ.

2637 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ ابْنِ صُهْبَانَ عَنْ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا قَوَدَ فِي الْمَأْمُومَةِ وَلَا الْجَائِفَةِ وَلَا الْمُنَقِّلَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي الْمَأْمُومَةِ) هِيَ الشَّجَّةُ الَّتِي لَمْ تَبْلُغْ أُمَّ الدِّمَاغِ (وَالْجَائِفَةِ) هِيَ الطَّعْنَةُ الَّتِي لَمْ تَنْفُذْ إِلَى بَطْنٍ مِنْ بُطُونٍ كَالدِّمَاغِ وَالْجَوْفِ (وَالْمُنَقِّلَةِ) الشَّجَّةُ الَّتِي تَنْقُلُ الْعَظْمِ، وَإِنَّمَا انْتَفَى الْقِصَاصُ لِعُسْرِ ضَبْطِهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ سَعْدٌ الْمِصْرِيُّ أَبُو الْحَجَّاجِ الْمَهْرِيُّ ضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ، وَاخْتَلَفَ فِيهِ كَلَامُ أَحْمَدَ فَمَرَّةً ضَعَّفَهُ، وَمَرَّةً قَالَ: أَرْجُو أَنَّهُ صَالِحُ الْحَدِيثِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب الجارح يفتدى بالقود]

[بَاب الْجَارِحِ يُفْتَدَى بِالْقَوَدِ] 2638 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا جَهْمِ بْنَ حُذَيْفَةَ مُصَدِّقًا فَلَاجَّهُ رَجُلٌ فِي صَدَقَتِهِ فَضَرَبَهُ أَبُو جَهْمٍ فَشَجَّهُ فَأَتَوْا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا الْقَوَدَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكُمْ كَذَا وَكَذَا فَلَمْ يَرْضَوْا فَقَالَ لَكُمْ كَذَا وَكَذَا فَرَضُوا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي خَاطِبٌ عَلَى النَّاسِ وَمُخْبِرُهُمْ بِرِضَاكُمْ قَالُوا نَعَمْ فَخَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ اللَّيْثِيِّينَ أَتَوْنِي يُرِيدُونَ الْقَوَدَ فَعَرَضْتُ عَلَيْهِمْ كَذَا وَكَذَا أَرَضِيتُمْ قَالُوا لَا فَهَمَّ بِهِمْ الْمُهَاجِرُونَ فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكُفُّوا فَكَفُّوا ثُمَّ دَعَاهُمْ فَزَادَهُمْ فَقَالَ أَرَضِيتُمْ قَالُوا نَعَمْ قَالَ إِنِّي خَاطِبٌ عَلَى النَّاسِ وَمُخْبِرُهُمْ بِرِضَاكُمْ قَالُوا نَعَمْ فَخَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ أَرَضِيتُمْ قَالُوا نَعَمْ» قَالَ ابْن مَاجَةَ سَمِعْت مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى يَقُولُ تَفَرَّدَ بِهَذَا مَعْمَرٌ لَا أَعْلَمُ رَوَاهُ غَيْرُهُ

[باب دية الجنين]

[بَاب دِيَةِ الْجَنِينِ] 2639 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَنِينِ بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ فَقَالَ الَّذِي قُضِيَ عَلَيْهِ أَنَعْقِلُ مَنْ لَا شَرِبَ وَلَا أَكَلَ وَلَا صَاحَ وَلَا اسْتَهَلَّ وَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ هَذَا لَيَقُولُ بِقَوْلِ شَاعِرٍ فِيهِ غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي الْجَنِينِ) أَيِ: الَّذِي فِي بَطْنِهَا (وَلَا اسْتَهَلَّ) أَيْ: وَلَا صَاحَ عِنْدَ الْوِلَادَةِ: كِنَايَةٌ عَنْ خُرُوجِهِ حَيًّا أَيْ: وَلَا خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ حَيًّا (بَطَلَ) بِفَتْحِ مُوَحَّدَةٍ وَتَخْفِيفِ لَامٍ مِنَ الْبُطْلَانِ، أَوْ بِضَمِّ مُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ وَتَشْدِيدِ لَامٍ، أَيْ: يُهْدَرُ وَيُلْغَى.

2640 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ «اسْتَشَارَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ النَّاسَ فِي إِمْلَاصِ الْمَرْأَةِ يَعْنِي سِقْطَهَا فَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِيهِ بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ فَقَالَ عُمَرُ ائْتِنِي بِمَنْ يَشْهَدُ مَعَكَ فَشَهِدَ مَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِمْلَاصِ الْمَرْأَةِ)

الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ: إِسْقَاطِهَا الْوَلَدَ (بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ) الْمَشْهُورُ تَنْوِينُ غُرَّةٍ وَمَا بَعْدَهُ بَدَلٌ، أَوْ بَيَانٌ لَهُ، وَرُوِيَ بِالْإِضَافَةِ وَأَوْ لِلتَّقْسِيمِ لَا لِلشَّكِّ، فَإِنَّ كُلًّا مِنَ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ يُقَالُ لَهُ الْغُرَّةُ، إِذِ الْغُرَّةُ اسْمٌ لِلْإِنْسَانِ الْمَمْلُوكِ وَيُطْلَقُ عَلَى مَعَانٍ.

2641 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ طَاوُسًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ «أَنَّهُ نَشَدَ النَّاسَ قَضَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ يَعْنِي فِي الْجَنِينِ فَقَامَ حَمَلُ بْنُ مَالِكِ بْنِ النَّابِغَةِ فَقَالَ كُنْتُ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ لِي فَضَرَبَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِمِسْطَحٍ فَقَتَلَتْهَا وَقَتَلَتْ جَنِينَهَا فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَنِينِ بِغُرَّةٍ عَبْدٍ وَأَنْ تُقْتَلَ بِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِمِسْطَحٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ عُودٌ مِنْ أَعْوَادِ الْخِبَاءِ (وَأَنْ تُقْتَلَ) أَيْ: قَضَى بِأَنْ تُقْتَلَ الْمَرْأَةُ الْقَاتِلَةُ فِي مُقَابَلَةِ الْمَرْأَةِ الْمَقْتُولَةِ، - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب الميراث من الدية]

[بَاب الْمِيرَاثِ مِنْ الدِّيَةِ] 2642 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بِنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ عُمَرَ «كَانَ يَقُولُ الدِّيَةُ لِلْعَاقِلَةِ وَلَا تَرِثُ الْمَرْأَةُ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا شَيْئًا حَتَّى كَتَبَ إِلَيْهِ الضَّحَّاكُ بْنُ سُفْيَانَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَّثَ امْرَأَةَ أَشْيَمَ الضِّبَابِيِّ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الدِّيَةُ لِلْعَاقِلَةِ) كَأَنَّهُ رَأَى أَنَّهُمْ يَتَحَمَّلُونَ عَنْهُ الدِّيَةَ، فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ لَهُمْ لِيَكُونَ الْغُرْمُ بِالْغُنْمِ. قَوْلُهُ: (وَرَّثَ) مِنَ التَّوْرِيثِ (امْرَأَةَ أَشْيَمَ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتَ وَإِسْكَانِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ بَيْنَهُمَا (الضِّبِابِيِّ) بِكَسْرِ الضَّادِ وَبِبَاءٍ مُوَحَّدَةٍ مَكْسُورَةٍ وَرَجَعَ عُمَرُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى الْحَدِيثِ.

2643 - حَدَّثَنَا عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ خَالِدٍ النُّمَيْرِيُّ حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ إِسْحَقَ بْنِ يَحْيَى بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى لِحَمَلِ بْنِ مَالِكٍ الْهُذَلِيِّ اللِّحْيَانِيِّ بِمِيرَاثِهِ مِنْ امْرَأَتِهِ الَّتِي قَتَلَتْهَا امْرَأَتُهُ الْأُخْرَى»

[باب دية الكافر]

[بَاب دِيَةِ الْكَافِرِ] 2644 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَعِيلَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى أَنَّ عَقْلَ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ نِصْفُ عَقْلِ الْمُسْلِمِينَ وَهُمْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (نِصْفُ عَقْلِ الْمُسْلِمِينَ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ: لَيْسَ فِي دِيَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ شَيْءٌ أَثْبَتُ مِنْ هَذَا وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ، وَقَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ: دِيَتُهُ كَدِيَةِ الْمُسْلِمِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ثُلُثُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ، وَالْوَجْهُ الْأَخْذُ بِالْحَدِيثِ

[باب القاتل لا يرث]

وَلَا بَأْسَ بِإِسْنَادِهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ لِقُصُورِهِ عَنْ دَرَجَةِ الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَيَّاشٍ لَمْ أَرَ مَنْ ضَعَّفَهُ وَلَا مَنْ وَثَّقَهُ وَعَمْرَو بْنَ شُعَيْبٍ عَنْ جَدِّهِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -. [بَاب الْقَاتِلُ لَا يَرِثُ] 2645 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ الْمِصْرِيُّ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ إِسْحَقَ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْقَاتِلُ لَا يَرِثُ»

2646 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْكِنْدِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ «أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ قَتَلَ ابْنَهُ فَأَخَذَ مِنْهُ عُمَرُ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ ثَلَاثِينَ حِقَّةً وَثَلَاثِينَ جَذَعَةً وَأَرْبَعِينَ خَلِفَةً فَقَالَ ابْنُ أَخِي الْمَقْتُولِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَيْسَ لِقَاتِلٍ مِيرَاثٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَقَالَ أَيْنَ أَخُو الْمَقْتُولِ. . . إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

[باب عقل المرأة على عصبتها وميراثها لولدها]

[بَاب عَقْلِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَصَبَتِهَا وَمِيرَاثِهَا لِوَلَدِهَا] 2647 - حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَنْبَأَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَعْقِلَ الْمَرْأَةَ عَصَبَتُهَا مَنْ كَانُوا وَلَا يَرِثُوا مِنْهَا شَيْئًا إِلَّا مَا فَضَلَ عَنْ وَرَثَتِهَا وَإِنْ قُتِلَتْ فَعَقْلُهَا بَيْنَ وَرَثَتِهَا فَهُمْ يَقْتُلُونَ قَاتِلَهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنْ يَعْقِلَ الْمَرْأَةَ عَصَبَتُهَا) أَيْ: إِذَا جَنَتْ (فَضَلَ عَنْ وَرَثَتِهَا) أَيْ: عَنْ ذَوِي الْقُرُوضِ (وَإِنْ قُتِلَتْ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ (بَيْنَ وَرَثَتِهَا) أَيِ: الدِّيَةُ مَوْرُوثَةٌ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ الَّتِي كَانَتْ تَمْلِكُهَا أَيَّامَ حَيَاتِهَا يَرِثُهَا الزَّوْجُ وَغَيْرُهُ.

2648 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا مُجَالِدٌ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدِّيَةَ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلَةِ فَقَالَتْ عَاقِلَةُ الْمَقْتُولَةِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِيرَاثُهَا لَنَا قَالَ لَا مِيرَاثُهَا لِزَوْجِهَا وَوَلَدِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَالَ لَا) أَيْ: لَيْسَ الْمِيرَاثُ لَكُمْ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب القصاص في السن]

[بَاب الْقِصَاصِ فِي السِّنِّ] 2649 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى أَبُو مُوسَى حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ وَابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «كَسَرَتْ الرُّبَيِّعُ عَمَّةُ أَنَسٍ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ فَطَلَبُوا الْعَفْوَ فَأَبَوْا فَعَرَضُوا عَلَيْهِمْ الْأَرْشَ فَأَبَوْا فَأَتَوْا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ بِالْقِصَاصِ فَقَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ يَا رَسُولَ اللَّهِ تُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا تُكْسَرُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَنَسُ كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ قَالَ فَرَضِيَ الْقَوْمُ فَعَفَوْا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّةُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كَسَرَتِ الرُّبَيِّعُ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ الْمَكْسُورَةِ (لَا تُكْسَرْ)

عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ، وَيُحْتَمَلُ بِنَاءُ الْفَاعِلِ وَالْمَطْلُوبُ الْإِخْبَارُ بِأَنَّ الْكَسْرَ لَا يَتَحَقَّقُ، لَا رَدُّ الْحُكْمِ. (كِتَابُ اللَّهِ) أَيْ: حُكْمُهُ.

[باب دية الأسنان]

[بَاب دِيَةِ الْأَسْنَانِ] 2650 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ حَدَّثَنِي شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْأَسْنَانُ سَوَاءٌ الثَّنِيَّةُ وَالضِّرْسُ سَوَاءٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْأَسْنَانُ سَوَاءٌ) أَيْ: جُعِلَتْ سَوَاءً وَإِنْ كَانَتْ مُخْتَلِفَةَ الْمَعَانِي وَالْمَبَانِي قَصْدًا لِلضَّبْطِ.

2651 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَالِسِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ حَدَّثَنَا أَبُو حَمْزَةَ الْمَرْوَزِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ النَّحْوِيُّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَضَى فِي السِّنِّ خَمْسًا مِنْ الْإِبِلِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنَّهُ قَضَى فِي السِّنِّ. . . إِلَخْ) وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.

[باب دية الأصابع]

[بَاب دِيَةِ الْأَصَابِعِ] 2652 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَابْنُ أَبِي عَدِيٍّ قَالُوا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ هَذِهِ وَهَذِهِ سَوَاءٌ يَعْنِي الْخِنْصَرَ وَالْإِبْهَامَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَالَ هَذِهِ وَهَذِهِ سَوَاءٌ) الْمَقْصُودُ أَنَّ الْأَصَابِعَ كُلَّهَا سَوَاءٌ شَرْعًا لِأَجْلِ الضَّبْطِ.

2653 - حَدَّثَنَا جَمِيلُ بْنُ الْحَسَنِ الْعَتَكِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ مَطَرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْأَصَابِعُ سَوَاءٌ كُلُّهُنَّ فِيهِنَّ عَشْرٌ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْأَصَابِعُ كُلُّهُنَّ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

2654 - حَدَّثَنَا رَجَاءُ بْنُ الْمُرَجَّى السَّمَرْقَنْدِيُّ حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ غَالِبٍ التَّمَّارِ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ مَسْرُوقِ بْنِ أَوْسٍ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْأَصَابِعُ سَوَاءٌ»

[باب الموضحة]

[بَاب الْمُوضِحَةِ] 2655 - حَدَّثَنَا جَمِيلُ بْنُ الْحَسَنِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ مَطَرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الْمَوَاضِحِ خَمْسٌ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي الْمَوَاضِحِ) جَمْعُ مُوضِحَةٍ وَهِيَ الشَّجَّةُ الَّتِي تُوضِحُ الْعَظْمَ، أَيْ: تُظْهِرُهُ، وَالشَّجَّةُ الْجِرَاحَةُ، وَإِنَّمَا تُسَمَّى شَجَّةً إِذَا كَانَتْ فِي الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ، وَالْمُرَادُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ قَالُوا وَالَّتِي فِيهَا خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ مَا كَانَ فِي الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ، وَأَمَّا فِي غَيْرِهِمَا فَحُكُومَةُ عَدْلٍ.

[باب من عض رجلا فنزع يده فندر ثناياه]

[بَاب مَنْ عَضَّ رَجُلًا فَنَزَعَ يَدَهُ فَنَدَرَ ثَنَايَاهُ] 2656 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَمَّيْهِ يَعْلَى وَسَلَمَةَ ابْنَيْ أُمَيَّةَ قَالَا «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَمَعَنَا صَاحِبٌ لَنَا فَاقْتَتَلَ هُوَ وَرَجُلٌ آخَرُ وَنَحْنُ بِالطَّرِيقِ قَالَ فَعَضَّ الرَّجُلُ يَدَ صَاحِبِهِ فَجَذَبَ صَاحِبُهُ يَدَهُ مِنْ فِيهِ فَطَرَحَ ثَنِيَّتَهُ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْتَمِسُ عَقْلَ ثَنِيَّتِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إِلَى أَخِيهِ فَيَعَضُّهُ كَعِضَاضِ الْفَحْلِ ثُمَّ يَأْتِي يَلْتَمِسُ الْعَقْلَ لَا عَقْلَ لَهَا قَالَ فَأَبْطَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»

2657 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ «أَنَّ رَجُلًا عَضَّ رَجُلًا عَلَى ذِرَاعِهِ فَنَزَعَ يَدَهُ فَوَقَعَتْ ثَنِيَّتُهُ فَرُفِعَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَبْطَلَهَا وَقَالَ يَقْضَمُ أَحَدُكُمْ كَمَا يَقْضَمُ الْفَحْلُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كَمَا يَقْضِمُ) أَيْ: يَعَضُّ بِالْأَسْنَانِ وَهُوَ بِقَافٍ وَضَادٍ مُعْجَمَةٍ مِنَ الْقَضْمِ وَهُوَ الْأَكْلُ بِأَطْرَافِ الْأَسْنَانِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب لا يقتل مسلم بكافر]

[بَاب لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ] 2658 - حَدَّثَنَا عَلْقَمَةُ بْنُ عَمْرٍو الدَّارِمِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ «قُلْتُ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ مِنْ الْعِلْمِ لَيْسَ عِنْدَ النَّاسِ قَالَ لَا وَاللَّهِ مَا عِنْدَنَا إِلَّا مَا عِنْدَ النَّاسِ إِلَّا أَنْ يَرْزُقَ اللَّهُ رَجُلًا فَهْمًا فِي الْقُرْآنِ أَوْ مَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ فِيهَا الدِّيَاتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْ لَا يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِلَّا أَنْ يَرْزُقَ اللَّهُ) أَيْ: إِلَّا الْفَهْمَ الَّذِي أَعْطَانِي اللَّهُ تَعَالَى، أَوْ مَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ كَأَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ مَا فِي الصَّحِيفَةِ مَخْصُوصٌ بِهِ مِنْ جِهَةِ الْكِتَابِ فَإِنَّهُ كَانَ مَكْتُوبًا عِنْدَهُ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَ غَيْرِهِ مَكْتُوبًا، وَإِلَّا فَقَدْ كَانَ عِنْدَ غَيْرِهِ قَوْلُهُ: (وَأَنْ لَا يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ) أَيْ: فِي مُقَابَلَتِهِ، قِيلَ: بِعُمُومِهِ، وَقِيلَ: مَخْصُوصٌ بِالْحَرْبِيِّ الْمُسْتَأْمَنِ، وَأَمَّا الذِّمِّيُّ فَلَيْسَ كَذَلِكَ لِحِدِّيثِ: " لَهُمْ مَا لَنَا وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَيْنَا ".

2659 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ»

2660 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَنَشٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ) أَيْ: كَافِرٌ ذُو عَهْدٍ، أَيْ: ذُو ذِمَّةٍ وَأَمَانٍ، قِيلَ: ذَكَرَهُ تَأْكِيدًا لِتَحْرِيمِ

دَمِهِ، إِذْ قَوْلُهُ: وَلَا يُقْتَلُ إِلَى آخِرِهِ رُبَّمَا يُوهِمُ ضَعْفًا فِي أَمْرِهِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب لا يقتل الوالد بولده]

[بَاب لَا يُقْتَلُ الْوَالِدُ بِوَلَدِهِ] 2661 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يُقْتَلُ بِالْوَلَدِ الْوَالِدُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا يُقْتَلُ بِالْوَلَدِ الْوَالِدُ) لِأَنَّ الْوَالَدَ سَبَبٌ لِوُجُودِهِ فَلَا يَحْسُنُ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ سَبَبًا لِعَدَمِهِ.

2662 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يُقْتَلُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ»

[باب هل يقتل الحر بالعبد]

[بَاب هَلْ يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ] 2663 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ وَمَنْ جَدَعَهُ جَدَعْنَاهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَتَلْنَاهُ) اتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ عَلَى أَنَّ السَّيِّدَ لَا يُقْتَلُ بِعَبْدِهِ، وَقَالُوا: الْحَدِيثُ وَارِدٌ عَلَى الزَّجْرِ وَالرَّدْعِ لِيَرْتَدِعُوا وَلَا يُقْدِمُوا عَلَى ذَلِكَ، وَقِيلَ: وَرَدَ فِي عَبْدٍ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ فَسَمَّى عَبْدَهُ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ، وَقِيلَ: مَنْسُوخٌ. قُلْتُ: حَاصِلُ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ قَتَلْنَاهُ وَأَمْثَالَهُ عَاقَبْنَاهُ وَجَازَيْنَاهُ عَلَى سُوءِ صَنِيعِهِ إِلَّا أَنَّهُ عَبَّرَ بِلَفْظِ الْقَتْلِ وَنَحْوِهِ لِلْمُشَاكَلَةِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ} [الشورى: 40] وَفَائِدَةُ هَذَا التَّعْبِيرِ الزَّجْرُ وَالرَّدْعُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ تَكَلَّمَ بِهَذِهِ اللَّفْظَةِ لِمُجَرَّدِ الزَّجْرِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُرِيدَ بِهِ مَعْنًى، أَوْ أَنَّهُ أَرَادَ حَقِيقَةَ الزَّجْرِ فَإِنَّ الْأَوَّلَ يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْكَلِمَةُ مُهْمَلَةً، وَالثَّانِي يُؤَدِّي إِلَى الْكَذِبِ لِمَصْلَحَةِ الزَّجْرِ، وَكُلُّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَكَذَا كُلُّ مَا جَاءَ فِي كَلَامِهِمْ مِنْ نَحْوِ قَوْلِهِمْ هَذَا وَارِدٌ عَلَى سَبِيلِ التَّغْلِيظِ وَالتَّشْدِيدِ، فَمُرَادُهُمْ أَنَّ اللَّفْظَ يُحْمَلُ عَلَى مَعْنًى مَجَازِيٍّ يُنَاسِبُ الْمَقَامَ، وَفَائِدَةُ التَّعْبِيرِ إِيهَامُ الْحَقِيقَةِ لِلتَّشْدِيدِ وَالتَّغْلِيظِ، وَإِنْ كَانَ كَلَامُ بَعْضٍ آبِيًا عَنْ هَذَا، وَهَذِهِ الْفَائِدَةُ فِي مَوَاضِعَ فَاحْفَظْهَا، وَأَمَّا قَوْلُهُمْ وَرَدَ فِي عَبْدٍ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ فَمَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَنْ مَوْصُولَةٌ لَا شَرْطِيَّةٌ وَالْكَلَامُ إِخْبَارٌ عَنْ وَاقِعَةٍ بِعَيْنِهَا.

2664 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا ابْنُ الطَّبَّاعِ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ إِسْحَقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ عَلِيٍّ وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «قَتَلَ رَجُلٌ عَبْدَهُ عَمْدًا مُتَعَمِّدًا فَجَلَدَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِائَةً وَنَفَاهُ سَنَةً وَمَحَا سَهْمَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَجَلَدَهُ) أَيْ: تَعْزِيرًا عَلَى سُوءِ صَنِيعِهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ إِسْحَاقُ بْنُ

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ.

[باب يقتاد من القاتل كما قتل]

[بَاب يُقْتَادُ مِنْ الْقَاتِلِ كَمَا قَتَلَ] 2665 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ يَهُودِيًّا رَضَخَ رَأْسَ امْرَأَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ فَقَتَلَهَا فَرَضَخَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (رَضَخَ) بِضَادٍ وَخَاءٍ مُعْجَمَتَيْنِ عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ، أَيْ: كَسَرَ.

2666 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ يَهُودِيًّا قَتَلَ جَارِيَةً عَلَى أَوْضَاحٍ لَهَا فَقَالَ لَهَا أَقَتَلَكِ فُلَانٌ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا أَنْ لَا ثُمَّ سَأَلَهَا الثَّانِيَةَ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا أَنْ لَا ثُمَّ سَأَلَهَا الثَّالِثَةَ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا أَنْ نَعَمْ فَقَتَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ حَجَرَيْنِ»

[باب لا قود إلا بالسيف]

[بَاب لَا قَوَدَ إِلَّا بِالسَّيْفِ] 2667 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُسْتَمِرِّ الْعُرُوقِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي عَازِبٍ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا قَوَدَ إِلَّا بِالسَّيْفِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا قَوَدَ إِلَّا بِالسَّيْفِ) أَيْ: لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ إِذَا كَانَ قَتْلًا إِلَّا بِالسَّيْفِ أَيِ: الْمَحْدُودُ. وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ أَحَدُهُمَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ وَهُوَ يُدَلِّسُ وَقَدْ عَنْعَنَهُ، وَكَذَا الْحَسَنُ وَفِي إِسْنَادِهِ الْآخِرِ جَابِرٌ وَهُوَ الْجُعَفِيُّ كَذَّابٌ.

2668 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُسْتَمِرِّ حَدَّثَنَا الْحُرُّ بْنُ مَالِكٍ الْعَنْبَرِيُّ حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا قَوَدَ إِلَّا بِالسَّيْفِ»

[باب لا يجني أحد على أحد]

[بَاب لَا يَجْنِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ] 2669 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ أَلَا لَا يَجْنِي جَانٍ إِلَّا عَلَى نَفْسِهِ لَا يَجْنِي وَالِدٌ عَلَى وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ عَلَى وَالِدِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَلَا يَجْنِي وَالِدٌ. . . إِلَخْ) أَيْ: جِنَايَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا قَاصِرَةٌ عَلَيْهِ لَا تَتَعَدَّاهُ إِلَى غَيْرِهِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ الْإِثْمُ وَالْقِصَاصُ وَإِلَّا فَالْعُقُوبَةُ مُتَعَدِّيَةٌ، وَقَوْلُهُ: حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ، أَيْ: مِنَ الْمُبَالَغَةِ فِي الرَّفْعِ،

وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

2670 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ حَدَّثَنَا جَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ عَنْ طَارِقٍ الْمُحَارِبِيِّ قَالَ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ يَقُولُ أَلَا لَا تَجْنِي أُمٌّ عَلَى وَلَدٍ أَلَا لَا تَجْنِي أُمٌّ عَلَى وَلَدٍ»

2671 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ يُونُسَ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ أَبِي الْحُرِّ عَنْ الْخَشْخَاشِ الْعَنْبَرِيِّ قَالَ «أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعِيَ ابْنِي فَقَالَ لَا تَجْنِي عَلَيْهِ وَلَا يَجْنِي عَلَيْكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَمَعِي ابْنِي) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ هُشَيْمًا كَانَ يُدَلِّسُ، وَقَالَ: وَلَيْسَ لِلْخَشْخَاشِ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ الْمَوْجُودِ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ وَلَيْسَ لَهُ فِي بَقِيَّةِ الْأُصُولِ الْخَمْسَةِ.

2672 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عَقِيلٍ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَوَّامِ الْقَطَّانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَجْنِي نَفْسٌ عَلَى أُخْرَى» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا تَجْنِي نَفْسٌ عَلَى أُخْرَى) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَا بَأْسَ بِهِ وَأَبُو الْعَوَامِّ الْقَطَّانُ اسْمُهُ عِمْرَانُ بْنُ دَاوُدَ وَثَّقَهُ الْجُمْهُورُ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب الجبار]

[بَاب الْجُبَارِ] 2673 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَجْمَاءُ جَرْحُهَا جُبَارٌ وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ وَالْبِئْرُ جُبَارٌ»

2674 - حَدَّثَنَا أَبو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْعَجْمَاءُ جَرْحُهَا جُبَارٌ وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ حَفِيدُهُ ابْنُ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ، وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَذَّابٌ، وَقَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ: هُوَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْكَذِبِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ: مُجْمَعٌ عَلَى ضَعْفِهِ.

2675 - حَدَّثَنَا عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ خَالِدٍ النُّمَيْرِيُّ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ حَدَّثَنِي إِسْحَقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْمَعْدِنَ جُبَارٌ وَالْبِئْرَ جُبَارٌ وَالْعَجْمَاءَ جَرْحُهَا جُبَارٌ وَالْعَجْمَاءُ الْبَهِيمَةُ مِنْ الْأَنْعَامِ وَغَيْرِهَا وَالْجُبَارُ هُوَ الْهَدْرُ الَّذِي لَا يُغَرَّمُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ؛ لِأَنَّ إِسْحَاقَ بْنَ يَحْيَى لَمْ يُدْرِكْ عُبَادَةَ

قَالَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ.

2676 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّارُ جُبَارٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (النَّارُ جُبَارٌ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ: لَمْ أَزَلْ أَسْمَعُ أَصْحَابَ الْحَدِيثِ يَقُولُ: غَلِطَ فِيهِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، إِنَّمَا هُوَ الْبِئْرُ جُبَارٌ حَتَّى وَجَدْتُهُ لِأَبِي دَاوُدَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ الصَّنْعَانِيِّ عَنْ مَعْمَرٍ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَمَنْ قَالَ هُوَ تَصْحِيفُ الْبِئْرِ احْتَجَّ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ أَهْلَ الْيَمَنِ يُمِيلُونَ النَّارَ يَكْسِرُونَ النُّونَ مِنْهَا فَسَمِعَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْإِمَالَةِ فَكَتَبَهُ بِالْبَاءِ، ثُمَّ نَقَلَهُ الرُّوَاةُ مُصَحَّفًا قُلْتُ: وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْبِئْرُ مُصَحَّفًا مِنَ النَّارِ وَيَكُونَ الْأَصْلُ النَّارَ لَا الْبِئْرَ وَهُوَ خِلَافُ الْمَطْلُوبِ فَلْيُتَأَمَّلْ. ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ صَحَّ الْحَدِيثُ عَلَى مَا رُوِيَ فَإِنَّهُ مُتَأَوَّلٌ عَلَى النَّارِ يُوقِدُهَا الرَّجُلُ فِي مِلْكِهِ لِحَاجَةٍ لَهُ فِيهَا فَتُطَيِّرُهَا الرِّيحُ فَتُشْعِلُهَا فِي مَالِ غَيْرِهِ مِنْ حَيْثُ لَا يَمْلِكُ رَدَّهَا فَيَكُونُ هَدْرًا غَيْرَ مَضْمُونٍ عَلَيْهِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب القسامة]

[بَاب الْقَسَامَةِ] 2677 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ حَدَّثَنِي أَبُو لَيْلَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ رِجَالٍ مِنْ كُبَرَاءِ قَوْمِهِ «أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةَ خَرَجَا إِلَى خَيْبَرَ مِنْ جَهْدٍ أَصَابَهُمْ فَأُتِيَ مُحَيِّصَةُ فَأُخْبِرَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ قَدْ قُتِلَ وَأُلْقِيَ فِي فَقِيرٍ أَوْ عَيْنٍ بِخَيْبَرَ فَأَتَى يَهُودَ فَقَالَ أَنْتُمْ وَاللَّهِ قَتَلْتُمُوهُ قَالُوا وَاللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ ثُمَّ أَقْبَلَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى قَوْمِهِ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُمْ ثُمَّ أَقْبَلَ هُوَ وَأَخُوهُ حُوَيِّصَةُ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ فَذَهَبَ مُحَيِّصَةُ يَتَكَلَّمُ وَهُوَ الَّذِي كَانَ بِخَيْبَرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُحَيِّصَةَ كَبِّرْ كَبِّرْ يُرِيدُ السِّنَّ فَتَكَلَّمَ حُوَيِّصَةُ ثُمَّ تَكَلَّمَ مُحَيِّصَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِمَّا أَنْ يَدُوا صَاحِبَكُمْ وَإِمَّا أَنْ يُؤْذَنُوا بِحَرْبٍ فَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ فَكَتَبُوا إِنَّا وَاللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ تَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ قَالُوا لَا قَالَ فَتَحْلِفُ لَكُمْ يَهُودُ قَالُوا لَيْسُوا بِمُسْلِمِينَ فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنْدِهِ فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِائَةَ نَاقَةٍ حَتَّى أُدْخِلَتْ عَلَيْهِمْ الدَّارَ» فَقَالَ سَهْلٌ فَلَقَدْ رَكَضَتْنِي مِنْهَا نَاقَةٌ حَمْرَاءُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَمُحَيِّصَةُ هُوَ وَحُوَيِّصَةُ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ، ثُمَّ يَاءٍ مُشَدَّدَةٍ مَكْسُورَةٍ، أَوْ مُخَفَّفَةٍ سَاكِنَةٍ وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ فِيهِمَا أَشْهَرُهُمَا التَّشْدِيدُ (فَأُتِيَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ، أَيْ: أَتَاهُ وَكَذَا أَخْبَرَ (فِي بِئْرٍ) مِثْلِ الْفَقِيرِ الْمُقَابِلِ لِلْغَنِيِّ أَيْ بِبِئْرٍ قَرِيبَةِ الْقَعْرِ وَاسِعِ الْفَمِ (كَبِّرْ كَبِّرْ) بِتَشْدِيدِ الْبَاءِ، أَيْ: قَدِّمِ الْأَكْبَرَ قَالُوا هَذَا عِنْدَ تَسَاوِيهِمْ فِي الْفَضْلِ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ الصَّغِيرُ ذَا فَضْلٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَقَدَّمَ رُوِيَ أَنَّهُ قَدِمَ وَفْدٌ مِنَ الْعِرَاقِ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَنَظَرَ عُمَرُ إِلَى شَابٍّ يُرِيدُ الْكَلَامَ فَقَالَ عُمَرُ: كَبِّرْ فَقَالَ الْفَتَى: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ بِالسِّنِّ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ فِي الْمُسْلِمِينَ مَنْ هُوَ أَسَنُّ مِنْكَ فَقَالَ: صَدَقْتَ تَكَلَّمْ رَحِمَكَ اللَّهُ

قَوْلُهُ: (إِمَّا أَنْ يَدُوا) مُضَارِعُ وَدِيَ بِحَذْفِ الْوَاوِ كَمَا فِي يَفِي (وَإِمَّا أَنْ يَأْذَنُوا) الظَّاهِرُ أَنَّهُ بِفَتْحِ الْيَاءِ مِنَ الْإِذْنِ بِمَعْنَى الْعِلْمِ مِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ} [البقرة: 279] وَضُبِطَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنَ الْإِيذَانِ بِمَعْنَى الْإِعْلَامِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُمْ يَفْعَلُونَ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ إِنْ ثَبَتَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ. قَوْلُهُ: (وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ) الْمَقْتُولِ، أَيْ: بَدَلَهُ وَهُوَ الدِّيَةُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَالْقِصَاصُ عِنْدَ مَالِكٍ إِذَا حَلَفَ عَلَى أَنَّ الْقَاتِلَ فُلَانٌ بِعَيْنِهِ (فَوَدَاهُ) أَيْ: أَعْطَى دِيَتَهُ، قَالُوا: إِنَّمَا أَعْطَى دَفْعًا لِلنِّزَاعِ وَإِصْلَاحًا لِذَاتِ الْبَيْنِ وَجَبْرًا لِمَا يَلْحَقُهُمْ مِنَ الْكَسْرِ بِوَاسِطَةِ قَتْلِ قَرِيبِهِمْ وَإِلَّا فَأَهْلُ الْقَتِيلِ لَا يَسْتَحِقُّونَ إِلَّا أَنْ يَحْلِفُوا، أَوْ يَسْتَحْلِفُوا الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ مَعَ نُكُولِهِمْ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ شَيْءٌ مِنَ الْأَمْرِ، ثُمَّ رِوَايَاتُ الْحَدِيثِ لَا تَخْلُو عَنِ اضْطِرَابٍ وَاخْتِلَافٍ؛ وَلِذَلِكَ تَرَكَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ رِوَايَاتِهِ وَأَخَذُوا بِرِوَايَاتٍ أُخَرَ لِمَا تَرَجَّحَ عِنْدَهُمْ.

2678 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ حُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ ابْنَيْ مَسْعُودٍ وَعَبْدَ اللَّهِ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ ابْنَيْ سَهْلٍ خَرَجُوا يَمْتَارُونَ بِخَيْبَرَ فَعُدِيَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ فَقُتِلَ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ تُقْسِمُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نُقْسِمُ وَلَمْ نَشْهَدْ قَالَ فَتُبْرِئُكُمْ يَهُودُ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذًا تَقْتُلَنَا قَالَ فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنْدِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَمْتَارُونَ) أَيْ: يَطْلُبُونَ الطَّعَامَ (فَقَالَ تُقْسِمُونَ) مِنَ الْإِقْسَامِ (فَتُبْرِئُكُمْ) مِنَ التَّبْرِيَةِ، أَيْ: يَرْفَعُونَ ظَنَّكُمْ وَتُهْمَتَكُمْ، أَوْ دَعْوَتَكُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَقِيلَ: يُخَلِّصُونَكُمْ عَنِ الْيَمِينِ بِأَنْ يَحْلِفُوا فَتَنْتَهِيَ الْخُصُومَةُ بِحَلِفِهِمْ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب من مثل بعبده فهو حر]

[بَاب مَنْ مَثَّلَ بِعَبْدِهِ فَهُوَ حُرٌّ] 2679 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ عَنْ إِسْحَقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ رَوْحِ بْنِ زِنْبَاعٍ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أَخْصَى غُلَامًا لَهُ فَأَعْتَقَهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمُثْلَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَقَدْ خَصَى. . . إِلَخْ) عَلَى مَا فِي الصِّحَاحِ خَصَيْتُ الْفَحْلَ إِذَا سَلَلْتُ خِصْيَتَيْهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ لِضَعْفِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ.

2680 - حَدَّثَنَا رَجَاءُ بْنُ الْمُرَجَّى السَّمَرْقَنْدِيُّ حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ حَدَّثَنَا أَبُو حَمْزَةَ الصَّيْرَفِيُّ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَارِخًا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَكَ قَالَ سَيِّدِي رَآنِي أُقَبِّلُ جَارِيَةً لَهُ فَجَبَّ مَذَاكِيرِي فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ بِالرَّجُلِ فَطُلِبَ فَلَمْ يُقْدَرْ عَلَيْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اذْهَبْ فَأَنْتَ حُرٌّ قَالَ عَلَى مَنْ نُصْرَتِي يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ يَقُولُ أَرَأَيْتَ إِنْ اسْتَرَقَّنِي مَوْلَايَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ أَوْ مُسْلِمٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أُقَبِّلُ) مِنَ التَّقْبِيلِ (فَجَبَّ) أَيْ: قَطَعَ (فَطُلِبَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ (فَلَمْ يُقْدَرْ عَلَيْهِ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ (فَأَنْتَ حُرٌّ) كَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْتَقَ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَجْتَرِئَ النَّاسُ عَلَى مِثْلِهِ.

[باب أعف الناس قتلة أهل الإيمان]

[بَاب أَعَفُّ النَّاسِ قِتْلَةً أَهْلُ الْإِيمَانِ] 2681 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ شِبَاكٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنْ أَعَفِّ النَّاسِ قِتْلَةً أَهْلَ الْإِيمَانِ»

2682 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ شِبَاكٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ هُنَيِّ بْنِ نُوَيْرَةَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَعَفَّ النَّاسِ قِتْلَةً أَهْلُ الْإِيمَانِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنَّ أَعَفَّ النَّاسِ) هُوَ بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ اسْمُ تَفْضِيلٍ مِنَ الْعِفَّةِ وَهِيَ الْكَفُّ عَمَّا لَا يَنْبَغِي، أَيِ: الَّذِينَ هُمْ أَعَفُّ مِنْ حَيْثُ الْمِلَّةُ أَهْلُ الْإِيمَانِ، وَالْقِتْلَةُ بِكَسْرِ الْقَافِ لِلْهَيْئَةِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب المسلمون تتكافأ دماؤهم]

[بَاب الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ] 2683 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَنَشٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ وَيُرَدُّ عَلَى أَقْصَاهُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (تَتَكَافَأُ) هَمْزَةٌ فِي آخِرِهِ، أَيْ: تَتَسَاوَى فِي الْقِصَاصِ وَالدِّيَاتِ لَا يَفْضُلُ شَرِيفٌ عَلَى وَضِيعٍ (وَهُمْ يَدٌ) أَيِ: اللَّائِقُ بِحَالِهِمْ أَنْ يَكُونُوا كَيَدٍ وَاحِدَةٍ فِي التَّعَاوُنِ وَالتَّعَاضُدِ عَلَى الْأَعْدَاءِ فَكَمَا أَنَّ الْيَدَ الْوَاحِدَةَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَمِيلَ بَعْضُهَا إِلَى جَانِبٍ وَبَعْضُهَا

إِلَى جَانِبٍ آخَرَ فَكَذَلِكَ اللَّائِقُ بِشَأْنِ الْمُؤْمِنِينَ (يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ) أَيْ: أَقَلُّهُمْ عَدَدًا وَهُوَ الْوَاحِدُ وَأَسْفَلُهُمْ رُتْبَةً وَهُوَ الْعَبْدُ يَمْشِي بِهِ يَعْقِدُهُ لِمَنْ يَرَى مِنَ الْكَفَرَةِ فَإِذَا عَقَدَ حَصَلَ لَهُ الذِّمَّةُ مِنَ الْكُلِّ. قَوْلُهُ: (يُرَدُّ عَلَى أَقْصَاهُمْ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ، أَيْ: يَرُدُّ الْأَقْرَبُ مِنْهِمُ الْغَنِيمَةَ عَلَى الْأَبْعَدِ، وَالْمُرَادُ أَنَّ مَنْ حَضَرَ الْوَقْعَةَ فَالْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ وَالْقَوِيُّ وَالضَّعِيفُ مِنْهُمْ فِي الْغَنِيمَةِ سَوَاءٌ. وَقَالَ السُّيُوطِيُّ: يَرُدُّ عَلَى أَقْصَاهُمْ أَيْ: أَبْعَدِهِمْ وَذَلِكَ فِي الْغَزْوِ، أَيْ: إِذَا دَخَلَ الْعَسْكَرُ أَرْضَ الْحَرْبِ فَوَجَّهَ الْإِمَامُ مِنْهُ السَّرَايَا فَمَا غَنِمَتِ الْغَنِيمَةَ رُدَّ لِلسَّرَايَا، وَظَهَرَ يَرْجِعُونَ إِلَيْهِمْ.

2684 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ أَبُو ضَمْرَةَ عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ أَبِي الْجَنُوبِ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمُونَ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ وَتَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ»

2685 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَعِيلَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ وَيُجِيرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَدْنَاهُمْ وَيَرُدُّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَقْصَاهُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَيُجِيرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَدْنَاهُمْ) أَيْ: إِذَا عَقَدَ الذِّمَّةَ لِلْكَافِرِ مَنْ هُوَ أَدْنَى فَهُوَ نَافِذٌ عَلَى الْكُلِّ لَيْسَ لِأَحَدٍ نَقْضُهُ (وَيَرُدُّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ) أَيِ: الْغَنِيمَةَ (أَقْصَاهُمْ) أَيْ: أَبْعَدُهُمْ إِلَى جِهَةِ الْعَدُوِّ.

[باب من قتل معاهدا]

[بَاب مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا] 2686 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ قَتَلَ مُعَاهِدًا) أَيْ: ذِمِّيًّا (لَمْ يَرَحْ) مِنْ رَاحَ يَرَاحُ، أَوْ يُرِيحُ، أَوْ أَرَاحَ يُرِيحُ، أَيْ: لَمْ يَشُمَّ رِيحَهَا وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ عَدَمِ الدُّخُولِ فِيهَا ابْتِدَاءً بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ، أَوِ الْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَجِدُ رِيحَهَا وَإِنْ دَخَلَهَا.

2687 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مَعْدِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ أَنْبَأَنَا ابْنُ عَجْلَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ سَبْعِينَ عَامًا»

[باب من أمن رجلا على دمه فقتله]

[بَاب مَنْ أَمِنَ رَجُلًا عَلَى دَمِهِ فَقَتَلَهُ] 2688 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ شَدَّادٍ الْقِتْبَانِيِّ قَالَ «لَوْلَا كَلِمَةٌ سَمِعْتُهَا مِنْ عَمْرِو بْنِ الْحَمِقِ الْخُزَاعِيِّ لَمَشَيْتُ فِيمَا بَيْنَ رَأْسِ الْمُخْتَارِ وَجَسَدِهِ سَمِعْتُهُ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَمِنَ رَجُلًا عَلَى دَمِهِ فَقَتَلَهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ لِوَاءَ غَدْرٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَمَشَيْتُ فِيمَا بَيْنَ رَأْسِ الْمُخْتَارِ وَجَسَدِهِ) أَيْ: فَرَّقْتُ رَأْسَهُ عَنْ جَسَدِهِ وَمَشَيْتُ بَيْنَهُمَا قَوْلُهُ: (مَنْ أَمِنَ) كَسَمِعَ يُقَالُ: أَمِنْتُهُ عَلَى كَذَا، أَوِ ائْتَمَنْتُهُ بِمَعْنًى، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ؛ لِأَنَّ رِفَاعَةَ بْنَ شَدَّادٍ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ وَوَثَّقَهُ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.

2689 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا أَبُو لَيْلَى عَنْ أَبِي عُكَّاشَةَ عَنْ رِفَاعَةَ قَالَ «دَخَلْتُ عَلَى الْمُخْتَارِ فِي قَصْرِهِ فَقَالَ قَامَ جِبْرَائِيلُ مِنْ عِنْدِيَ السَّاعَةَ فَمَا مَنَعَنِي مِنْ ضَرْبِ عُنُقِهِ إِلَّا حَدِيثٌ سَمِعْتُهُ مِنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِذَا أَمِنَكَ الرَّجُلُ عَلَى دَمِهِ فَلَا تَقْتُلْهُ فَذَاكَ الَّذِي مَنَعَنِي مِنْهُ»

[باب العفو عن القاتل]

[بَاب الْعَفْوِ عَنْ الْقَاتِلِ] 2690 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَتَلَ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَفَعَهُ إِلَى وَلِيِّ الْمَقْتُولِ فَقَالَ الْقَاتِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ قَتْلَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْوَلِيِّ أَمَا إِنَّهُ إِنْ كَانَ صَادِقًا ثُمَّ قَتَلْتَهُ دَخَلْتَ النَّارَ قَالَ فَخَلَّى سَبِيلَهُ قَالَ فَكَانَ مَكْتُوفًا بِنِسْعَةٍ فَخَرَجَ يَجُرُّ نِسْعَتَهُ فَسُمِّيَ ذَا النِّسْعَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَتَلَ رَجُلٌ) عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ وَضُبِطَ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ - أَيْضًا - وَلَا يَخْلُو عَنْ نَوْعِ بُعْدٍ؛ لِأَنَّ ضَمِيرَ فَدَفَعَهُ إِلَى الْقَاتِلِ لِتَقَدُّمِ ذِكْرِهِ أَحْسَنُ. (مَا أَرَدْتُ قَتْلَهُ) أَيْ: مَا كَانَ الْقَتْلُ مِنِّي عَمْدًا (أَمَا إِنَّهُ إِنْ كَانَ صَادِقًا. . . إِلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ مَا كَانَ ظَاهِرُهُ الْعَمْدَ لَا يُسْمَعُ فِيهِ كَلَامُ الْقَاتِلِ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَمْدٍ فِي الْحُكْمِ نَعَمْ يَنْبَغِي لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ أَنْ لَا يَقْتُلَهُ خَوْفًا مِنْ لُحُوقِ الْإِثْمِ بِهِ عَلَى تَقْدِيرِ صِدْقِ دَعْوَى الْقَاتِلِ (بِنِسْعَةٍ) بِكَسْرِ النُّونِ: قِطْعَةُ جِلْدٍ تُجْعَلُ زِمَامًا لِلْبَعِيرِ وَغَيْرِهِ.

2691 - حَدَّثَنَا أَبُو عُمَيْرٍ عِيسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النَّحَّاسِ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وَالْحُسَيْنُ بْنُ أَبِي السَّرِىِّ الْعَسْقَلَانِيُّ قَالُوا حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ ابْنِ شَوْذَبٍ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «أَتَى رَجُلٌ بِقَاتِلِ وَلِيِّهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْفُ فَأَبَى فَقَالَ خُذْ أَرْشَكَ فَأَبَى قَالَ اذْهَبْ فَاقْتُلْهُ فَإِنَّكَ مِثْلُهُ قَالَ فَلُحِقَ بِهِ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ اقْتُلْهُ فَإِنَّكَ مِثْلُهُ فَخَلَّى سَبِيلَهُ قَالَ فَرُئِيَ يَجُرُّ نِسْعَتَهُ ذَاهِبًا إِلَى أَهْلِهِ قَالَ كَأَنَّهُ قَدْ كَانَ أَوْثَقَهُ» قَالَ أَبُو عُمَيْرٍ فِي حَدِيثِهِ قَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُولُ اقْتُلْهُ فَإِنَّكَ مِثْلُهُ قَالَ ابْن مَاجَةَ هَذَا حَدِيثُ الرَّمْلِيِّينَ لَيْسَ إِلَّا عِنْدَهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَلُحِقَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ قَوْلُهُ: (فَإِنَّكَ مِثْلُهُ) أَيْ: فِي كَوْنِ

كُلٍّ مِنْهُمَا قَاتِلُ نَفْسٍ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا قَتَلَ بِظُلْمٍ وَالْآخَرُ قَتَلَ بِحَقٍّ إِلَّا أَنَّهُ أَطْلَقَ لِلتَّرْغِيبِ إِلَى الْعَفْوِ وَإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ، وَالتَّعْرِيضُ فِي مِثْلِهِ جَائِزٌ، أَوِ الْمُرَادُ: إِنَّكَ مِثْلُهُ عَلَى تَقْدِيرِ صِدْقِهِ فِي قَوْلِهِ: مَا قَتَلْتُهُ عَمْدًا.

[باب العفو في القصاص]

[بَاب الْعَفْوِ فِي الْقِصَاصِ] 2692 - حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَنْبَأَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ الْمُزَنِيُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ قَالَ لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «مَا رُفِعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْءٌ فِيهِ الْقِصَاصُ إِلَّا أَمَرَ فِيهِ بِالْعَفْوِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِلَّا أَمَرَ فِيهِ) أَيْ: رَغَّبَ وَحَثَّ عَلَى ذَلِكَ.

2693 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ أَبِي السَّفَرِ قَالَ قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا مِنْ رَجُلٍ يُصَابُ بِشَيْءٍ مِنْ جَسَدِهِ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ بِهِ دَرَجَةً أَوْ حَطَّ عَنْهُ بِهِ خَطِيئَةً سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَيَتَصَدَّقُ بِهِ) أَيْ: بِتَرْكِ الْقِصَاصِ.

[باب الحامل يجب عليها القود]

[بَاب الْحَامِلِ يَجِبُ عَلَيْهَا الْقَوَدُ] 2694 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ ابْنِ أَنْعُمَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ وَشَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمَرْأَةُ إِذَا قَتَلَتْ عَمْدًا لَا تُقْتَلُ حَتَّى تَضَعَ مَا فِي بَطْنِهَا إِنْ كَانَتْ حَامِلًا وَحَتَّى تُكَفِّلَ وَلَدَهَا وَإِنْ زَنَتْ لَمْ تُرْجَمْ حَتَّى تَضَعَ مَا فِي بَطْنِهَا وَحَتَّى تُكَفِّلَ وَلَدَهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذَا قَتَلَتْ) عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ ابْنُ أَنْعَمَ اسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنْعَمَ ضَعِيفٌ وَكَذَلِكَ الرَّاوِي عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ لَهِيعَةَ.

[كتاب الوصايا]

[كِتَاب الْوَصَايَا] [بَاب هَلْ أَوْصَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَاب الْوَصَايَا بَاب هَلْ أَوْصَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 2695 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي وَأَبُو مُعَاوِيَةَ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَلَا شَاةً وَلَا بَعِيرًا وَلَا أَوْصَى بِشَيْءٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا. . . إِلَخْ)

أَيْ: مَا تَرَكَ شَيْئًا إِرْثًا (وَلَا أَوْصَى بِشَيْءٍ) أَيْ: فِي الْمَالِ لِعَدَمِهِ وَإِنْ أَوْصَى بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَنَحْوِهِمَا.

2696 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ قَالَ «قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى أَوْصَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَيْءٍ قَالَ لَا قُلْتُ فَكَيْفَ أَمَرَ الْمُسْلِمِينَ بِالْوَصِيَّةِ قَالَ أَوْصَى بِكِتَابِ اللَّهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَالَ لَا) كَأَنَّهُ فَهِمَ السُّؤَالَ عَمَّا اشْتُهِرَ بَيْنَ الْجُهَّالِ مِنَ الْوَصِيَّةِ إِلَى أَحَدٍ، أَوْ فَهِمَ السُّؤَالَ عَنِ الْوَصِيَّةِ فِي الْأَمْوَالِ فَقَالَ فِي الْجَوَابِ: لَا، ثُمَّ صَرَّحَ السَّائِلُ بِأَنَّهُ كَيْفَ أَمَرَ الْمُسْلِمِينَ بِالْوَصِيَّةِ وَقَدْ تَرَكَهَا بَيْنَهُمْ؟ قَالَ فِي الْجَوَابِ: إِنَّهُ مَا تَرَكَ الْوَصِيَّةَ مُطْلَقًا، بَلْ أَوْصَى بِالْكِتَابِ، وَالْمُرَادُ بِهِ وَبِنَحْوِهِ كَالسُّنَّةِ.

2696 - قَالَ مَالِكٌ وَقَالَ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ قَالَ الْهُزَيْلُ بْنُ شُرَحْبِيلَ أَبُو بَكْرٍ كَانَ يَتَأَمَّرُ عَلَى وَصِيِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَّ أَبُو بَكْرٍ أَنَّهُ وَجَدَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدًا فَخَزَمَ أَنْفَهُ بِخِزَامٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَبُو بَكْرٍ كَانَ يَتَأَمَّرُ. . . إِلَخْ) بِتَقْدِيرِ الِاسْتِفْهَامِ الْإِنْكَارِيِّ، أَيْ: هَلْ يَجِيءُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ أَنْ يَتَكَلَّفَ بِالْإِمَارَةِ عَلَى عَلِيٍّ لَوْ كَانَ هُوَ وَصِيًّا كَمَا يَزْعُمُهُ الرَّوَافِضُ حَاشَاهُ مِنْ ذَلِكَ. (عَهْدًا) أَيْ: لِأَحَدٍ حَتَّى يَتْبَعَهُ وَيَنْسَاقَ مَعَهُ انْسِيَاقَ الْجَمَلِ فِي يَدِ جَارِّهِ.

2697 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «كَانَتْ عَامَّةُ وَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ وَهُوَ يُغَرْغِرُ بِنَفْسِهِ الصَّلَاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الصَّلَاةَ) بِالنَّصْبِ أَيِ: الْزَمُوهَا. وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ أَيْ: حَقَّ الْمَالِ يُرِيدُ الزَّكَاةَ وَرَاعُوا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ أَعْنِي الْعَبِيدَ وَالْإِمَاءَ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ لِقُصُورِ أَحْمَدَ بْنِ الْمِقْدَامِ عَنْ دَرَجَةِ أَهْلِ الضَّبْطِ وَبَاقِي رِجَالِهِ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ.

2698 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ أُمِّ مُوسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ «كَانَ آخِرُ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (آخِرُ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ: فِي الْأَحْكَامِ وَإِلَّا فَقَدْ جَاءَ أَنَّ آخِرَ كَلَامِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ: الرَّفِيقُ الْأَعْلَى.

[باب الحث على الوصية]

[بَاب الْحَثِّ عَلَى الْوَصِيَّةِ] 2699 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ أَنْ يَبِيتَ لَيْلَتَيْنِ وَلَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يُوصِي فِيهِ) صِفَةُ شَيْءٍ، أَيْ: يَصْلُحُ أَنْ يُوصِيَ فِيهِ، أَوْ يَلْزَمَهُ أَنْ يُوصِيَ فِيهِ (إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ)

بِالْوَاوِ حَالٌ، أَيْ: لَيْسَ مِنْ حَقِّهِ الْبَيْتُوتَةُ إِلَّا فِي حَالِ كَوْنِ الْوَصِيَّةِ مَكْتُوبَةً عِنْدَهُ.

2700 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا دُرُسْتُ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَحْرُومُ مَنْ حُرِمَ وَصِيَّتَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْمَحْرُومُ) مِنَ الْكَمَالِ (مَنْ حُرِمَ وَصِيَّتَهُ) فَإِنَّهَا آخِرُ عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ الدُّنْيَا شُرِعَتْ لِيَنْتَفِعَ بِهَا فِي الْآخِرَةِ فَمَنْ حُرِمَهَا حُرِمَ خَيْرًا كَثِيرًا، فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ يَزِيدُ بْنُ أَبَانَ الرَّقَاشِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

2701 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ مَاتَ عَلَى وَصِيَّةٍ مَاتَ عَلَى سَبِيلٍ وَسُنَّةٍ وَمَاتَ عَلَى تُقًى وَشَهَادَةٍ وَمَاتَ مَغْفُورًا لَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ مَاتَ عَنْ وَصِيَّةٍ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ بَقِيَّةُ وَهُوَ مُدَلِّسٌ وَشَيْخُهُ، وَبِهِ يَزِيدُ بْنُ عَوْفٍ لَمْ أَرَ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

2702 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عَوْفٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ وَلَهُ شَيْءٌ يُوصِي بِهِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ»

[باب الحيف في الوصية]

[بَاب الْحَيْفِ فِي الْوَصِيَّةِ] 2703 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ زَيْدٍ الْعَمِّيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ فَرَّ مِنْ مِيرَاثِ وَارِثِهِ قَطَعَ اللَّهُ مِيرَاثَهُ مِنْ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ فَرَّ مِنْ مِيرَاثِ وَارِثِهِ قَطَعَ اللَّهُ) أَيْ: يَسْتَحِقُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهِ ذَلِكَ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ زَيْدٌ الْعَمِّيُّ.

2704 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْخَيْرِ سَبْعِينَ سَنَةً فَإِذَا أَوْصَى حَافَ فِي وَصِيَّتِهِ فَيُخْتَمُ لَهُ بِشَرِّ عَمَلِهِ فَيَدْخُلُ النَّارَ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الشَّرِّ سَبْعِينَ سَنَةً فَيَعْدِلُ فِي وَصِيَّتِهِ فَيُخْتَمُ لَهُ بِخَيْرِ عَمَلِهِ فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ» قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ} [النساء: 13] إِلَى قَوْلِهِ {عَذَابٌ مُهِينٌ} [النساء: 14] ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حَافَ فِي وَصِيَّتِهِ) أَيْ: جَارَ وَعَدَلَ عَنْ نَهْجِ الصَّوَابِ (فَيَدْخُلُ النَّارَ) أَيْ: يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ وَفَضْلُ اللَّهِ وَاسِعٌ.

2705 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ عَنْ أَبِي حَلْبَسٍ عَنْ خُلَيْدِ بْنِ أَبِي خُلَيْدٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ فَأَوْصَى وَكَانَتْ وَصِيَّتُهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا تَرَكَ مِنْ زَكَاتِهِ فِي حَيَاتِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ. . . إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ وَهُوَ مُدَلِّسٌ وَقَدْ عَنْعَنَهُ وَشَيْخُهُ أَبُو حُلَيْسٍ أَحَدُ

الْمَجَاهِيلِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب النهي عن الإمساك في الحياة والتبذير عند الموت]

[بَاب النَّهْيِ عَنْ الْإِمْسَاكِ فِي الْحَيَاةِ وَالتَّبْذِيرِ عِنْدَ الْمَوْتِ] 2706 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ شُبْرُمَةَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ نَبِّئْنِي مَا حَقُّ النَّاسِ مِنِّي بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ فَقَالَ نَعَمْ وَأَبِيكَ لَتُنَبَّأَنَّ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ أَبُوكَ قَالَ نَبِّئْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ عَنْ مَالِي كَيْفَ أَتَصَدَّقُ فِيهِ قَالَ نَعَمْ وَاللَّهِ لَتُنَبَّأَنَّ أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَأْمُلُ الْعَيْشَ وَتَخَافُ الْفَقْرَ وَلَا تُمْهِلْ حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ نَفْسُكَ هَا هُنَا قُلْتَ مَالِي لِفُلَانٍ وَمَالِي لِفُلَانٍ وَهُوَ لَهُمْ وَإِنْ كَرِهْتَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (نَعَمْ وَأَبِيكَ) لَعَلَّهُ قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ النَّهْيِ عَنِ الْحَلِفِ بِالْآبَاءِ، أَوْ هُوَ خَرَجَ مَخْرَجَ الْعَادَةِ بِلَا قَصْدِ الْحَلِفِ (لَتُنَبَّأَنَّ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ بِنُونِ التَّأْكِيدِ (أُمُّكَ) أَيْ: أَحَقُّ النَّاسِ أُمُّكَ، وَفِيهِ إِنَّ الْأُمَّ أَحَقُّ بِالْبِرِّ مِنَ الْأَبِ كَمَا أَنَّهَا أَكْثَرُ تَعَبًا مِنْهُ فِي تَرْبِيَةِ الْوَلَدِ. قَوْلُهُ: (أَنْ تَصَدَّقَ) أَيْ: تَتَصَدَّقَ بِالتَّاءَيْنِ فَحُذِفَتْ إِحْدَاهُمَا تَخْفِيفًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِتَشْدِيدِ الصَّادِ وَالدَّالِ جَمِيعًا (شَحِيحٌ) قِيلَ: الشُّحُّ بُخْلٌ مَعَ حِرْصٍ، وَقِيلَ: هُوَ أَعَمُّ مِنَ الْبُخْلِ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي كَالْوَصْفِ اللَّازِمِ مِنْ قَبِيلِ الطَّمَعِ (تَأْمُلُ) بِضَمِّ الْمِيمِ (الْعَيْشَ) أَيِ: الْحَيَاةَ فَإِنَّ الْمَالَ يَعِزُّ عَلَى النَّفْسِ صَرْفُهُ حِينَئِذٍ فَيَصِيرُ مَحْبُوبًا، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] (وَلَا تُمْهِلْ) مِنَ الْإِمْهَالِ (مَالِي لِفُلَانٍ) الْوَارِثِ (وَهُوَ لَهُمْ) أَيْ: فَلَا فَائِدَةَ فِي الْإِعْطَاءِ وَلَا وَجْهَ لِإِضَافَةِ الْمَالِ إِلَى نَفْسِهِ بِقَوْلِهِ مَالِي.

2707 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ بُسْرِ بْنِ جَحَّاشٍ الْقُرَشِيِّ قَالَ «بَزَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَفِّهِ ثُمَّ وَضَعَ أُصْبُعَهُ السَّبَّابَةَ وَقَالَ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّى تُعْجِزُنِي ابْنَ آدَمَ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ مِثْلِ هَذِهِ فَإِذَا بَلَغَتْ نَفْسُكَ هَذِهِ وَأَشَارَ إِلَى حَلْقِهِ قُلْتَ أَتَصَدَّقُ وَأَنَّى أَوَانُ الصَّدَقَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنَّى) بِتَشْدِيدِ النُّونِ وَأَلْفٍ مَقْصُورَةٍ فِي آخِرِهِ (تُعْجِزُنِي) مِنْ أَعْجَزْتَ بِصِيغَةِ الْخِطَابِ (ابْنَ آدَمَ) بِالنَّصَبِ عَلَى النِّدَاءِ (وَأَنَّى) مِثْلُ الْأَوَّلِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب الوصية بالثلث]

[بَاب الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ] 2708 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَالْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيُّ وَسَهْلٌ قَالُوا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «مَرِضْتُ عَامَ الْفَتْحِ حَتَّى أَشْفَيْتُ عَلَى الْمَوْتِ فَعَادَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ أَيْ رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي مَالًا كَثِيرًا وَلَيْسَ يَرِثُنِي إِلَّا ابْنَةٌ لِي أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي قَالَ لَا قُلْتُ فَالشَّطْرُ قَالَ لَا قُلْتُ فَالثُّلُثُ قَالَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حَتَّى أَشْفَيْتُ عَلَى الْمَوْتِ) أَيْ: قَارَبْتُ فِيهِ الْمَوْتَ قَالَهُ عَلَى زَعْمِهِ يَوْمَئِذٍ قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ يَرِثُنِي) أَيْ: لَيْسَ أَحَدٌ يَرِثُنِي (إِلَّا ابْنَتِي) قِيلَ: الْمُرَادُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ، أَوْ مِنَ الْوَلَدِ، أَوْ مِنَ النِّسَاءِ، أَوْ مِمَّنْ يَخَافُ عَلَيْهِ الضَّيَاعَ، وَإِلَّا فَقَدْ كَانَ لَهُ عَصَبَاتٌ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِ إِنْ تَتْرُكْ وَرَثَتَكَ قَوْلُهُ: (فَالشَّطْرُ) أَيِ: النِّصْفُ (الثُّلُثُ كَثِيرٌ) أَيْ: كَافٍ فِي الْمَطْلُوبِ، أَوْ هُوَ كَثِيرٌ - أَيْضًا - وَالنُّقْصَانُ عَنْهُ أَوْلَى وَإِلَى الثَّانِيَةِ مَالَ كَثِيرٌ. (أَنْ تَتْرُكَ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مِنْ قَبِيلِ {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 184] وَجُوِّزَ الْكَسْرُ عَلَى أَنَّهَا شَرْطِيَّةٌ وَخَيْرٌ - بِتَقْدِيرِ فَهُوَ خَيْرٌ - جَوَابُهَا وَحَذْفُ الْفَاءِ مَعَ الْمُبْتَدَأِ مِمَّا جَوَّزَهُ الْبَعْضُ وَإِنْ مَنَعَهُ الْأَكْثَرُ. (عَالَةً) فُقَرَاءَ جَمْعُ عَائِلٍ (يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ) أَيْ: يَسْأَلُونَهُمْ بِأَكُفِّهِمْ.

2709 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ عِنْدَ وَفَاتِكُمْ بِثُلُثِ أَمْوَالِكُمْ زِيَادَةً لَكُمْ فِي أَعْمَالِكُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ) أَيْ: جَعَلَ لَكُمْ وَأَعْطَى لَكُمْ أَنْ تَتَصَرَّفُوا فِيهَا، وَإِنْ لَمْ تَرْضَ الْوَرَثَةُ، فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ طَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو الْحَضْرَمِيُّ ضَعَّفَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ.

2710 - حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى أَنْبَأَنَا مُبَارَكُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا ابْنَ آدَمَ اثْنَتَانِ لَمْ تَكُنْ لَكَ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا جَعَلْتُ لَكَ نَصِيبًا مِنْ مَالِكَ حِينَ أَخَذْتُ بِكَظَمِكَ لِأُطَهِّرَكَ بِهِ وَأُزَكِّيَكَ وَصَلَاةُ عِبَادِي عَلَيْكَ بَعْدَ انْقِضَاءِ أَجَلِكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَمْ تَكُنْ لَكَ وَاحِدَةٌ مِنْهَا) أَيْ: لَا تَسْتَحِقُّهُ إِلَّا بِرَحْمَتِهِ تَعَالَى؛ إِذِ الْمَالُ لِلْحَيَاةِ فَإِذَا جَاءَ الْمَوْتُ يَنْبَغِي أَنْ يَنْتَقِلَ كُلُّهُ إِلَى غَيْرِهِ، لَكِنَّهُ - تَعَالَى - أَبْقَى لَهُ التَّصَرُّفَ فِي الثُّلُثِ. (وَصَلَاةُ الْمُصَلِّينَ) عَلَى الْجِنَازَةِ لَهُمْ لَا لِلْمَيِّتِ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْتَفِعَ بِهَا {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: 39] لَكِنَّهُ تَعَالَى بِمَنِّهِ جَعَلَهَا نَافِعَةً لَهُ كَأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ مَا سَعَى (بِكَظَمِكَ) الْغَيْظَ، الْكَظَمُ بِفَتْحَتَيْنِ وَإِعْجَامِ

الظَّاءِ مَجَامِعُ النَّفْسِ، وَالْجَمْعُ كِظَامٌ. قَالَ السُّيُوطِيُّ: أَيْ عِنْدَ خُرُوجِ نَفْسِكَ وَانْقِطَاعِ نَفَسِكَ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ؛ لِأَنَّ صَالِحَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى لَمْ أَرَ لِأَحَدٍ فِيهِ كَلَامًا لَا بِجَرْحٍ وَلَا غَيْرِهِ وَمُبَارَكُ بْنُ حَسَّانَ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، يُخْطِئُ وَيُخَالِفُ، وَقَالَ الْأَزْدِيُّ: مَتْرُوكٌ. وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -

2711 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «وَدِدْتُ أَنَّ النَّاسَ غَضُّوا مِنْ الثُّلُثِ إِلَى الرُّبُعِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الثُّلُثُ كَبِيرٌ أَوْ كَثِيرٌ»

[باب لا وصية لوارث]

[بَاب لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ] 2712 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ خَارِجَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَهُمْ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَإِنَّ رَاحِلَتَهُ لَتَقْصَعُ بِجِرَّتِهَا وَإِنَّ لُغَامَهَا لَيَسِيلُ بَيْنَ كَتِفَيَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ قَسَمَ لِكُلِّ وَارِثٍ نَصِيبَهُ مِنْ الْمِيرَاثِ فَلَا يَجُوزُ لِوَارِثٍ وَصِيَّةٌ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ وَمَنْ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ أَوْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ أَوْ قَالَ عَدْلٌ وَلَا صَرْفٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَتَقْصَعُ بِجَرَّتِهَا) الْجِرَّةُ بِالْكَسْرِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ اسْمٌ مِنَ اجْتِرَارِ الْبَعِيرِ وَهِيَ اللُّقْمَةُ الَّتِي يَتَعَلَّلُ بِهَا الْبَعِيرُ وَقَصْعُهَا إِخْرَاجُهَا، قِيلَ: إِنَّمَا تَفْعَلُ النَّاقَةُ ذَلِكَ إِذَا كَانَتْ مُطْمَئِنَّةً وَإِذَا خَافَتْ شَيْئًا لَمْ تُخْرِجْهَا. (فَلَا يَجُوزُ لِوَارِثٍ وَصِيَّةٌ) لِأَنَّهَا صَارَتْ بِمَنْزِلَةِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْحُقُوقِ الَّتِي قَرَّرَهَا، وَلَا يَنْبَغِي ذَلِكَ، وَبَقِيَّةُ أَلْفَاظِ الْحَدِيثِ قَدْ تَقَدَّمَتْ مُفَسَّرَةً. قَوْلُهُ: (لُغَامِهَا) بِضَمِّ اللَّامِ وَغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ هُوَ لُعَابُهَا وَزَبَدُهَا الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ فِيهَا وَهُوَ الزَّبَدُ وَحْدَهُ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ وَثَّقَهُ رُحَيْمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -

2713 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا شُرَحْبِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيُّ سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ يَقُولُ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ عَامَ حِجَّةِ الْوَدَاعِ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ»

2714 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «إِنِّي لَتَحْتَ نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسِيلُ عَلَيَّ لُعَابُهَا فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ أَلَا لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ»

[باب الدين قبل الوصية]

[بَاب الدَّيْنِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ] 2715 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالدَّيْنِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ وَأَنْتُمْ تَقْرَءُونَهَا {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 11] وَإِنَّ أَعْيَانَ بَنِي الْأُمِّ لَيَتَوَارَثُونَ دُونَ بَنِي الْعَلَّاتِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِالدَّيْنِ) أَيْ: بِأَدَائِهِ قَبْلَ إِخْرَاجِ الْوَصِيَّةِ (وَأَنْتُمْ تَقْرَؤُنَهَا) أَيْ: فَلَا تَفْهَمُوا مِنَ التَّقْدِيمِ اللَّفْظِيِّ التَّقْدِيمَ الْحُكْمِيَّ، وَلَعَلَّ سَبَبَ التَّقْدِيمِ اللَّفْظِيِّ الِاهْتِمَامُ بِشَأْنِهَا لِقِلَّةِ الرَّغْبَةِ فِي إِجْرَائِهَا بِخِلَافِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ بِالْجَبْرِ. (وَإِنَّ أَعْيَانَ بَنِي الْأُمِّ. . . إِلَخْ) قَالَ الدَّمِيرِيُّ: قَالَ الْعُلَمَاءُ أَوْلَادُ الْعَلَّاتِ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ الْإِخْوَةُ لِأَبٍ مِنْ أُمَّهَاتٍ شَتَّى، وَأَمَّا الْإِخْوَةُ لِأَبَوَيْنِ فَيُقَالُ: لَهُمْ أَوْلَادُ الْأَعْيَانِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب من مات ولم يوص هل يتصدق عنه]

[بَاب مَنْ مَاتَ وَلَمْ يُوصِ هَلْ يُتَصَدَّقُ عَنْهُ] 2716 - حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ أَبِي مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا وَلَمْ يُوصِ فَهَلْ يُكَفِّرُ عَنْهُ أَنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهُ قَالَ نَعَمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يُكَفِّرُ) مِنَ التَّكْفِيرِ كَأَنَّهُ رَأَى أَنَّ تَرْكَ الْوَصِيَّةِ مِنْ مِثْلِهِ بِمَنْزِلَةِ الذَّنْبِ الْمُحْتَاجِ إِلَى الْمُكَفِّرِ، أَيْ: فَهَلْ يَكُونُ صَدَقَتِي عَنْهُ كَفَّارَةً أَمْ لَا (أَنْ تَصَدَّقْتُ) بِفَتْحِ أَنْ عَلَى أَنَّهَا مَعَ مَا بَعْدَهَا فَاعِلُ يُكَفِّرُ، وَضَبَطَ بَعْضُهُمْ فِي مِثْلِهِ بِكَسْرِ إِنْ عَلَى أَنَّهَا شَرْطِيَّةٌ. وَالْحَدِيثُ قَدْ عَدَّهُ الدَّمِيرِيُّ مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ الْمُصَنِّفُ، لَكِنْ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الزَّوَائِدِ.

2717 - حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا وَلَمْ تُوصِ وَإِنِّي أَظُنُّهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ لَتَصَدَّقَتْ فَلَهَا أَجْرٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا وَلِيَ أَجْرٌ قَالَ نَعَمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ افْتِعَالٍ مِنْ فَلَتَ بِالْفَاءِ، أَيْ: مَاتَتْ فَجْأَةً وَأُخِذَتْ نَفْسُهَا فَلْتَةً، يُقَالُ: افْتَلَتَهُ إِذَا سَلَبَهُ، وَافْتُلِتَ فُلَانٌ بِكَذَا عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ، أَيْ: فُجِئَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَعِدَّ لَهُ يُرْوَى بِنَصْبِ النَّفْسِ بِمَعْنَى أَفْلَتَهَا اللَّهُ نَفْسَهَا يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ كَاخْتَلَسَهُ الشَّيْءَ، وَاسْتَلَبْتُ فَبَنَى الْفِعْلَ لِلْمَفْعُولِ فَصَارَ الْأَوَّلُ مُضْمَرًا وَبَقِيَ الثَّانِي مَنْصُوبًا، وَبِرَفْعِ النَّفْسِ عَلَى أَنَّهُ مُتَعَدٍّ إِلَى وَاحِدٍ نَابَ عَنِ الْفَاعِلِ، أَيْ: أُخِذَتْ نَفْسُهَا فَلْتَةً - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب قوله ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف]

[بَاب قَوْلِهِ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ] ِ} [النساء: 6] 2718 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَا أَجِدُ شَيْئًا وَلَيْسَ لِي مَالٌ وَلِي يَتِيمٌ لَهُ مَالٌ قَالَ كُلْ مِنْ مَالِ يَتِيمِكَ غَيْرَ مُسْرِفٍ وَلَا مُتَأَثِّلٍ مَالًا قَالَ وَأَحْسِبُهُ قَالَ وَلَا تَقِي مَالَكَ بِمَالِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كُلْ مِنْ مَالِ يَتِيمِكَ) حَمَلُوهُ عَلَى مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنَ الْأُجْرَةِ بِسَبَبِ مَا يَعْمَلُ فِيهِ وَيُصْلِحُ لَهُ (غَيْرَ مُسْرِفٍ) أَيْ: غَيْرَ آخِذٍ أَزْيَدَ مِنْ قَدْرِ الْحَاجَةِ (مُتَأَثِّلٍ) أَيْ: وَلَا مُتَّخِذٍ مِنْهُ أَصْلَ مَالٍ لِلتِّجَارَةِ وَنَحْوِهَا (وَلَا تَقِي) أَيْ: وَلَا تَحْفَظْ مَالَكَ بِصَرْفِ مَالِهِ فِي حَاجَتِكَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[كتاب الفرائض]

[كِتَاب الْفَرَائِضِ] [بَاب الْحَثِّ عَلَى تَعْلِيمِ الْفَرَائِضِ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَاب الْفَرَائِضِ بَاب الْحَثِّ عَلَى تَعْلِيمِ الْفَرَائِضِ 2719 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبِي الْعِطَافِ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَعَلِّمُوهَا فَإِنَّهُ نِصْفُ الْعِلْمِ وَهُوَ يُنْسَى وَهُوَ أَوَّلُ شَيْءٍ يُنْزَعُ مِنْ أُمَّتِي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ) يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا مَا فَرَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ مِنَ الْأَحْكَامِ، وَعَلَى هَذَا فَمَعْنَى كَوْنِهَا نِصْفَ الْعِلْمِ أَنَّ الْعِلْمَ بِهَا نِصْفُ عِلْمِ الشَّرَائِعِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ الْعِلْمُ بِالْمُحَرَّمَاتِ، وَأَمَّا السُّنَنُ وَالْمَنْدُوبَاتُ فَهِيَ مِنْ تَوَابِعِ الْفَرَائِضِ كَمَا أَنَّ الْمَكْرُوهَاتِ تَحْرِيمًا أَوْ تَنْزِيهًا مِنْ تَوَابِعِ الْمُحَرَّمَاتِ، وَهَذَا أَقْرَبُ إِلَى ظُهُورِ مَعْنَى النِّصْفِ. وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَرَائِضِ هِيَ السِّهَامُ الْمُقَدَّرَةُ لِلْوَرَثَةِ مِنَ التَّرِكَةِ وَمَعْنَى كَوْنِهَا نِصْفَ الْعِلْمِ أَنَّ لِلْإِنْسَانِ حَالَتَيْنِ الْحَيَاةَ وَالْمَوْتَ، وَالْفَرَائِضُ أَحْكَامُ الْمَوْتِ وَيَكُونُ لَفْظُ النِّصْفِ عِبَارَةٌ عَنِ الْقِسْمِ الْوَافِرِ مِنَ الْقِسْمَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَتَسَاوَيَا كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ: إِذَا مِتُّ كَانَ النَّاسُ صِنْفَانِ شَامِتٌ ... وَآخَرُ مُثْنٍ بِالَّذِي كُنْتُ أَصْنَعُ وَفِي حَاشِيَةِ السُّيُوطِيِّ قَالَ السُّبْكِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ: قِيلَ جُعِلَ نِصْفُ الْعِلْمِ تَعْظِيمًا لَهُ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ مُعَلِّمُ أَحْكَامِ الْأَمْوَاتِ فِي مُقَابَلَةِ أَحْكَامِ الْأَحْيَاءِ وَقِيلَ: لِأَنَّهُ إِذَا بُسِطَتْ فُرُوعُهُ وَجُزْئِيَّاتُهُ كَانَ مِقْدَارَ بَقِيَّةِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ، وَقِيلَ: هَذَا الْحَدِيثُ مِنَ الْمُتَشَابِهِ لَا يُدْرَى مَعْنَاهُ كَمَا، قِيلَ: بِذَلِكَ فِي حَدِيثِ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) ثُلُثُ الْقُرْآنِ (وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) رُبْعُ الْقُرْآنِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -. قَوْلُهُ: (وَهُوَ يُنْسَى) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنَ النِّسْيَانِ، أَيْ: مِنْ قِلَّةِ اهْتِمَامِ النَّاسِ بِهِ (يُنْزَعُ) أَيْ: يُخْرَجُ (مِنْ أُمَّتِي) بِمَوْتِ أَهْلِهِ وَقِلَّةِ اهْتِمَامِ غَيْرِهِمْ، لَا أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ صُدُورِهِمْ، فَقَدْ جَاءَ أَنَّ نَزْعَ الْعِلْمِ يَكُونُ بِمَوْتِ الْعُلَمَاءِ لَا بِنَزْعِهِ مِنَ الصُّدُورِ، وَفِي الزَّوَائِدِ قُلْتُ: أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، وَقَالَ إِنَّهُ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ فَإِنَّ

حَفْصَ بْنَ عُمَرَ الْمَذْكُورَ ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَالْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو حَاتِمٍ وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ بِحَالٍ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: قَلِيلُ الْحَدِيثِ وَحَدِيثُهُ كَمَا قَالَ الْبُخَارِيُّ مُنْكَرٌ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب فرائض الصلب]

[بَاب فَرَائِضِ الصُّلْبِ] 2720 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «جَاءَتْ امْرَأَةُ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ بِابْنَتَيْ سَعْدٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَاتَانِ ابْنَتَا سَعْدٍ قُتِلَ مَعَكَ يَوْمَ أُحُدٍ وَإِنَّ عَمَّهُمَا أَخَذَ جَمِيعَ مَا تَرَكَ أَبُوهُمَا وَإِنَّ الْمَرْأَةَ لَا تُنْكَحُ إِلَّا عَلَى مَالِهَا فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أُنْزِلَتْ آيَةُ الْمِيرَاثِ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَا سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ فَقَالَ أَعْطِ ابْنَتَيْ سَعْدٍ ثُلُثَيْ مَالِهِ وَأَعْطِ امْرَأَتَهُ الثُّمُنَ وَخُذْ أَنْتَ مَا بَقِيَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قُتِلَ مَعَكَ) ظَرْفٌ مُسْتَقِرٌّ، أَيْ: كَائِنًا مَعَكَ لَا ظَرْفُ لَغْوٍ مُتَعَلِّقٌ بِقُتِلَ لِاقْتِضَائِهِ الْمُشَارَكَةَ فِي الْقَتْلِ. (لَا تُنْكَحُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ قَوْلُهُ: (ثُلُثَيْ مَالِهِ) هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْبِنْتَيْنِ حُكْمُ الْبَنَاتِ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ خِلَافًا لِابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا.

2721 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي قَيْسٍ الْأَوْدِيِّ عَنْ الْهُزَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ قَالَ «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَسَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ الْبَاهِلِيِّ فَسَأَلَهُمَا عَنْ ابْنَةٍ وَابْنَةِ ابْنٍ وَأُخْتٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَقَالَا لِلِابْنَةِ النِّصْفُ وَمَا بَقِيَ فَلِلْأُخْتِ وَائْتِ ابْنَ مَسْعُودٍ فَسَيُتَابِعُنَا فَأَتَى الرَّجُلُ ابْنَ مَسْعُودٍ فَسَأَلَهُ وَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالَا فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنْ الْمُهْتَدِينَ وَلَكِنِّي سَأَقْضِي بِمَا قَضَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلِابْنَةِ النِّصْفُ وَلِابْنَةِ الِابْنِ السُّدُسُ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ وَمَا بَقِيَ فَلِلْأُخْتِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَسَيُتَابِعُنَا) مِنَ الْمُتَابَعَةِ، أَيْ: يُوَافِقُنَا فِيمَا قُلْنَا (لَقَدْ ضَلَلْتُ إِذًا) أَيْ: إِنْ وَافَقْتُهُمَا فِي هَذِهِ الْفَتْوَى بَعْدَ أَنْ عَلِمْتُ بِقَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخِلَافِ فَتْوَاهُمَا نَعَمْ هُمَا مَعْذُورَانِ لِعَدَمِ عِلْمِهِمَا بِذَلِكَ (تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ) أَيْ: يَكْمُلُ - بِذَلِكَ السُّدُسِ - الثُّلُثَانِ اللَّذَانِ هُمَا حَقُّ الْبَنَاتِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب فرائض الجد]

[بَاب فَرَائِضِ الْجَدِّ] 2722 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ الْمُزَنِيِّ قَالَ «سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِفَرِيضَةٍ فِيهَا جَدٌّ فَأَعْطَاهُ ثُلُثًا أَوْ سُدُسًا» 2723 - حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ الطَّبَّاعِ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ يُونُسَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَدٍّ كَانَ فِينَا بِالسُّدُسِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَأَعْطَاهُ ثُلُثًا أَوْ سُدُسًا) لَا يُفْهَمُ مِنْهُ الْحُكْمُ لِوُجُودِ الشَّكِّ، وَأَيْضًا مَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ

أَعْطَاهُ ذَلِكَ مَعَ مَنْ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب ميراث الجدة]

[بَاب مِيرَاثِ الْجَدَّةِ] 2724 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ الْمِصْرِيُّ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَنْبَأَنَا يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَهُ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ ح وَحَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ إِسْحَقَ بْنِ خَرَشَةَ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ قَالَ «جَاءَتْ الْجَدَّةُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا فَقَالَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ مَا لَكِ فِي كِتَابِ اللَّهِ شَيْءٌ وَمَا عَلِمْتُ لَكِ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا فَارْجِعِي حَتَّى أَسْأَلَ النَّاسَ فَسَأَلَ النَّاسَ فَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهَا السُّدُسَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ هَلْ مَعَكَ غَيْرُكَ فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ مِثْلَ مَا قَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فَأَنْفَذَهُ لَهَا أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ جَاءَتْ الْجَدَّةُ الْأُخْرَى مِنْ قِبَلِ الْأَبِ إِلَى عُمَرَ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا فَقَالَ مَا لَكِ فِي كِتَابِ اللَّهِ شَيْءٌ وَمَا كَانَ الْقَضَاءُ الَّذِي قُضِيَ بِهِ إِلَّا لِغَيْرِكِ وَمَا أَنَا بِزَائِدٍ فِي الْفَرَائِضِ شَيْئًا وَلَكِنْ هُوَ ذَاكِ السُّدُسُ فَإِنْ اجْتَمَعْتُمَا فِيهِ فَهُوَ بَيْنَكُمَا وَأَيَّتُكُمَا خَلَتْ بِهِ فَهُوَ لَهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْجَدَّةُ الْأُخْرَى) أَيِ: الْمُغَايِرَةُ لِلْأُولَى ذَاتًا أَوْصِفَةً بِأَنْ كَانَتِ الْأُولَى مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ وَهَذِهِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلْأُمِّ (خَلَتْ بِهِ) أَيِ: انْفَرَدَتْ بِهِ.

2725 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَّثَ جَدَّةً سُدُسًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَرَّثَ جَدَّةً سُدُسًا) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ مُدَلِّسٌ.

[باب الكلالة]

[بَاب الْكَلَالَةِ] 2726 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْيَعْمُرِيِّ «أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَامَ خَطِيبًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ خَطَبَهُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ إِنِّي وَاللَّهِ مَا أَدَعُ بَعْدِي شَيْئًا هُوَ أَهَمُّ إِلَيَّ مِنْ أَمْرِ الْكَلَالَةِ وَقَدْ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا أَغْلَظَ لِي فِي شَيْءٍ مَا أَغْلَظَ لِي فِيهَا حَتَّى طَعَنَ بِإِصْبَعِهِ فِي جَنْبِي أَوْ فِي صَدْرِي ثُمَّ قَالَ يَا عُمَرُ تَكْفِيكَ آيَةُ الصَّيْفِ الَّتِي نَزَلَتْ فِي آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (آيَةُ الصَّيْفِ) هِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} [النساء: 176] وَهِيَ نَزَلَتْ فِي الصَّيْفِ وَهِيَ أَوْضَحُ مِنْ آيَةِ الشِّتَاءِ الَّتِي هِيَ فِي أَوَّلِ سُورَةِ

النِّسَاءِ.

2727 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ مُرَّةَ بْنِ شَرَاحِيلَ قَالَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ثَلَاثٌ لَأَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَّنَهُنَّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا الْكَلَالَةُ وَالرِّبَا وَالْخِلَافَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَأَنْ يَكُونَ) بِفَتْحِ اللَّامِ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ أَحَبُّ (وَالرِّبَا) أَيْ: بِالتَّفْصِيلِ بِحَيْثُ لَا يَحْتَاجُ الْأَمْرُ إِلَى الْقِيَاسِ، وَفِي الزَّوَائِدِ رِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ.

2728 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ «مَرِضْتُ فَأَتَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ مَعَهُ وَهُمَا مَاشِيَانِ وَقَدْ أُغْمِيَ عَلَيَّ فَتَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَبَّ عَلَيَّ مِنْ وَضُوئِهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ أَصْنَعُ كَيْفَ أَقْضِي فِي مَالِي حَتَّى نَزَلَتْ آيَةُ الْمِيرَاثِ فِي آخِرِ النِّسَاءِ {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً} [النساء: 12] وَ {يَسْتَفْتُونَكَ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} [النساء: 176] الْآيَةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مِنْ وَضُوئِهِ) بِفَتْحِ الْوَاوِ (حَتَّى نَزَلَتْ) غَايَةٌ لِمُقَدَّرٍ، أَيْ: يَتَوَقَّفُ فِي الْأَمْرِ حَتَّى نَزَلَتْ آيَةُ الْمِيرَاثِ فِي آخِرِهَا بَعْدَ نُزُولِ آيَةِ الْمِيرَاثِ فِي أَوَّلِهَا: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً} [النساء: 12] بَيَانٌ لِلْآيَتَيْنِ جَمِيعًا هَذَا عَلَى مَا هُوَ الْمَوْجُودُ فِي النُّسَخِ، وَفِي نُسْخَةِ الدَّمِيرِيِّ حَتَّى نَزَلَتْ آيَةُ الْمِيرَاثِ فِي النِّسَاءِ {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً} [النساء: 12] أَوْ {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ} [النساء: 176] بِسُقُوطِ لَفْظِ الْأُخْرَى بِالْعَطْفِ بِالْوَاوِ، وَهَذَا لَا إِشْكَالَ فِيهِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب ميراث أهل الإسلام من أهل الشرك]

[بَاب مِيرَاثِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ] 2729 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ «رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ. . . إِلَخْ)

يُرِيدُ أَنَّ اخْتِلَافَ الدِّينِ يَمْنَعُ الْإِرْثَ.

2730 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَنْبَأَنَا يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ عَمْرَو بْنَ عُثْمَانَ أَخْبَرَهُ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ «أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَنْزِلُ فِي دَارِكَ بِمَكَّةَ قَالَ وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ رِبَاعٍ أَوْ دُورٍ وَكَانَ عَقِيلٌ وَرِثَ أَبَا طَالِبٍ هُوَ وَطَالِبٌ وَلَمْ يَرِثْ جَعْفَرٌ وَلَا عَلِيٌّ شَيْئًا لِأَنَّهُمَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ وَكَانَ عَقِيلٌ وَطَالِبٌ كَافِرَيْنِ فَكَانَ عُمَرُ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ يَقُولُ لَا يَرِثُ الْمُؤْمِنُ الْكَافِرَ قَالَ أُسَامَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ»

2731 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ الْمُثَنَّى بْنَ الصَّبَّاحِ أَخْبَرَهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ»

[باب ميراث الولاء]

[بَاب مِيرَاثِ الْوَلَاءِ] 2732 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «تَزَوَّجَ رَبَابُ بْنُ حُذَيْفَةَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ سَهْمٍ أُمَّ وَائِلٍ بِنْتَ مَعْمَرٍ الْجُمَحِيَّةَ فَوَلَدَتْ لَهُ ثَلَاثَةً فَتُوُفِّيَتْ أُمُّهُمْ فَوَرِثَهَا بَنُوهَا رِبَاعًا وَوَلَاءَ مَوَالِيهَا فَخَرَجَ بِهِمْ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ إِلَى الشَّامِ فَمَاتُوا فِي طَاعُونِ عَمْوَاسٍ فَوَرِثَهُمْ عَمْرُو وَكَانَ عَصَبَتَهُمْ فَلَمَّا رَجَعَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ جَاءَ بَنُو مَعْمَرٍ يُخَاصِمُونَهُ فِي وَلَاءِ أُخْتِهِمْ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ عُمَرُ أَقْضِي بَيْنَكُمْ بِمَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ مَا أَحْرَزَ الْوَلَدُ وَالْوَالِدُ فَهُوَ لِعَصَبَتِهِ مَنْ كَانَ قَالَ فَقَضَى لَنَا بِهِ وَكَتَبَ لَنَا بِهِ كِتَابًا فِيهِ شَهَادَةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَآخَرَ حَتَّى إِذَا اسْتُخْلِفَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ تُوُفِّيَ مَوْلًى لَهَا وَتَرَكَ أَلْفَيْ دِينَارٍ فَبَلَغَنِي أَنَّ ذَلِكَ الْقَضَاءَ قَدْ غُيِّرَ فَخَاصَمُوا إِلَى هِشَامِ بْنِ إِسْمَعِيلَ فَرَفَعَنَا إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فَأَتَيْنَاهُ بِكِتَابِ عُمَرَ فَقَالَ إِنْ كُنْتُ لَأَرَى أَنَّ هَذَا مِنْ الْقَضَاءِ الَّذِي لَا يُشَكُّ فِيهِ وَمَا كُنْتُ أَرَى أَنَّ أَمْرَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ بَلَغَ هَذَا أَنْ يَشُكُّوا فِي هَذَا الْقَضَاءِ فَقَضَى لَنَا فِيهِ فَلَمْ نَزَلْ فِيهِ بَعْدُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (رِبَاعُهَا) بِكَسْرِ الرَّاءِ (وَوَلَاءُ مَوَالِيهَا) بِفَتْحِ الْوَاوِ (وَمَا أَحْرَزَ الْوَلَدُ) أَيْ: مِنْ إِرْثِ الْأَبِ، أَوِ الْأُمِّ (فَهُوَ لِعَصَبَتِهِ) أَيِ: الْوَلَدِ إِنْ كَانَ هُوَ الْمُحْرِزَ.

2733 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ وَرْدَانَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ مَوْلًى لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَعَ مِنْ نَخْلَةٍ فَمَاتَ وَتَرَكَ مَالًا وَلَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا وَلَا حَمِيمًا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطُوا مِيرَاثَهُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ قَرْيَتِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَقَعَ مِنْ نَخْلَةٍ) أَيْ: سَقَطَ مِنْهَا (وَلَا حَمِيمًا) أَيْ: قَرِيبًا. قِيلَ: وَإِنَّمَا وَضَعَ مَالَهُ فِي رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ قَرْيَتِهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَمَصَالِحُهُ مَصَالِحُ الْمُسْلِمِينَ فَوَضَعَهُ فِي أَهْلِ قَرْيَتِهِ لِقُرْبِهِمْ. قُلْتُ: وَلَعَلَّهُ مَا وَرِثَهُ هُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَا يَرِثُونَ كَمَا أَنَّهُمْ لَا يُورَثُونَ.

2734 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ بِنْتِ حَمْزَةَ قَالَ مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ أَبِي لَيْلَى وَهِيَ أُخْتُ ابْنِ شَدَّادٍ لِأُمِّهِ قَالَتْ «مَاتَ مَوْلَايَ وَتَرَكَ ابْنَةً فَقَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَالَهُ بَيْنِي وَبَيْنَ ابْنَتِهِ فَجَعَلَ لِي النِّصْفَ وَلَهَا النِّصْفَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَجَعَلَ لِي النِّصْفَ) بِالْعُصُوبَةِ

[باب ميراث القاتل]

(وَلَهَا النِّصْفُ) بِالْفَرْضِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -. [بَاب مِيرَاثِ الْقَاتِلِ] 2735 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ إِسْحَقَ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ الْقَاتِلُ لَا يَرِثُ»

2736 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَا حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ فَقَالَ الْمَرْأَةُ تَرِثُ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا وَمَالِهِ وَهُوَ يَرِثُ مِنْ دِيَتِهَا وَمَالِهَا مَا لَمْ يَقْتُلْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَإِذَا قَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ عَمْدًا لَمْ يَرِثْ مِنْ دِيَتِهِ وَمَالِهِ شَيْئًا وَإِنْ قَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ خَطَأً وَرِثَ مِنْ مَالِهِ وَلَمْ يَرِثْ مِنْ دِيَتِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْمَرْأَةُ تَرِثُ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ، قَالَ أَحْمَدُ: حَدِيثُهُ مَوْضُوعٌ، وَقَالَ مَرَّةً عَمْدًا: كَانَ يَضَعُ، وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ، صُلِبَ عَلَى الزَّنْدَقَةِ، وَقَالَ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ سَاقِطٌ بِلَا خِلَافٍ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب ذوي الأرحام]

[بَاب ذَوِي الْأَرْحَامِ] 2737 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الزُّرَقِيِّ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ حُنَيْفٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ «أَنَّ رَجُلًا رَمَى رَجُلًا بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ إِلَّا خَالٌ فَكَتَبَ فِي ذَلِكَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ إِلَى عُمَرَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مَوْلَى مَنْ لَا مَوْلَى لَهُ وَالْخَالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَالْخَالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ) تَقَدَّمَ عَنْ قَرِيبٍ، وَفَهْمُ عُمَرَ يَرُدُّ عَلَى مَنْ حَمَلَ الْخَالَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى غَيْرِ الْمُتَعَارَفِ.

2738 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنِي بُدَيْلُ بْنُ مَيْسَرَةَ الْعُقَيْلِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي عَامِرٍ الْهَوْزَنِيِّ عَنْ الْمِقْدَامِ أَبِي كَرِيمَةَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ وَمَنْ تَرَكَ كَلًّا فَإِلَيْنَا وَرُبَّمَا قَالَ فَإِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ وَأَنَا وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ أَعْقِلُ عَنْهُ وَأَرِثُهُ وَالْخَالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ يَعْقِلُ عَنْهُ وَيَرِثُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَمَنْ تَرَكَ كَلًّا) بِفَتْحٍ فَتَشْدِيدِ لَامٍ، أَيْ: عِيَالًا وَدَيْنًا مِمَّا يَثْقُلُ عَلَى صَاحِبِهِ (فَإِلَيْنَا) أَيْ: مَرْجِعُهُ أَوْ

[باب ميراث العصبة]

أَمْرُهُ يُرِيدُ أَنَّهُ يَتَحَمَّلُ ذَلِكَ وَيُنْفِقُ عَلَى مَنْ يَحْتَاجُ إِلَى الْإِنْفَاقِ (وَأَنَا وَارِثُ. . . إِلَخْ) يُرِيدُ أَنَّهُ يَضَعُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، أَوْ يَصْرِفُهُ فِي مَصَارِفِهِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -. [بَاب مِيرَاثِ الْعَصَبَةِ] 2739 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَحْرٍ الْبَكْرَاوِيُّ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أَعْيَانَ بَنِي الْأُمِّ يَتَوَارَثُونَ دُونَ بَنِي الْعَلَّاتِ يَرِثُ الرَّجُلُ أَخَاهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ دُونَ إِخْوَتِهِ لِأَبِيهِ»

2740 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْسِمُوا الْمَالَ بَيْنَ أَهْلِ الْفَرَائِضِ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ فَمَا تَرَكَتْ الْفَرَائِضُ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَلِأَوْلَى رَجُلٍ) أَيِ: الْأَقْرَبِ إِلَى الْمَيِّتِ مِنْ ذَكَرٍ، فَالْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ. وَأَوْلَى بِمَعْنَى أَقْرَبَ نَسَبًا لَا أَحَقَّ إِرْثًا وَإِلَّا فَلَمْ يُفْهَمْ بَيَانُ الْحُكْمِ إِذْ لَا يُدْرَى مَنِ الْأَحَقُّ بِالْإِرْثِ (وَذَكَرٍ) لِلتَّأْكِيدِ وَإِلَّا فَذِكْرُ رَجُلٍ يُغْنِي عَنْهُ. وَقَالَ الدَّمِيرِيُّ وَلَوْ خَلَّفَ بِنْتًا وَأُخْتًا لِأَبَوَيْنِ وَأَخًا لِأَبٍ فَمَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ أَنَّ لِلْبِنْتِ النِّصْفَ وَالْبَاقِيَ لِلْأُخْتِ وَلَا شَيْءَ لِلْأَخِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي لِلْأَخِ دُونَ الْأُخْتِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ فِي الْبَابِ ظَاهِرٌ فِي الدَّلَالَةِ لِمَذْهَبِهِ اهـ. قُلْتُ: وَلَعَلَّ الْجُمْهُورَ يُؤَوِّلُونَ الرَّجُلَ الذَّكَرَ بِالْعَصَبَةِ وَنَاسَبَ التَّعْبِيرُ بِالرَّجُلِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْعَصَبَاتِ الرُّجُولَةُ دُونَ الْأُنُوثَةِ، - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب من لا وارث له]

[بَاب مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ] 2741 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَوْسَجَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «مَاتَ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَدَعْ لَهُ وَارِثًا إِلَّا عَبْدًا هُوَ أَعْتَقَهُ فَدَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِيرَاثَهُ إِلَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَدَفَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِيرَاثَهُ إِلَيْهِ) أَيْ: إِلَى الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ. مِيرَاثَهُ أَيْ: مِيرَاثَ الْمَيِّتِ، ظَاهِرُهُ أَنَّ الْعَبْدَ الْمُعْتَقَ يَرِثُ الْمُعْتِقَ بِالْكَسْرِ، وَالْجُمْهُورُ لَا يَقُولُ بِهِ فَلَعَلَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ الْمَالَ كَانَ لِبَيْتِ الْمَالِ فَاخْتَارَ بِهِ أَقْرَبَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى الْمَيِّتِ وَلَمْ يُعْطِهِ؛ لِأَنَّهُ وَارِثٌ.

[باب تحوز المرأة ثلاث مواريث]

[بَاب تَحُوزُ الْمَرْأَةُ ثَلَاثَ مَوَارِيثَ] 2742 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ رُؤْبَةَ التَّغْلِبِيُّ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّصْرِيِّ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمَرْأَةُ تَحُوزُ ثَلَاثَ مَوَارِيثَ عَتِيقِهَا وَلَقِيطِهَا وَوَلَدِهَا الَّذِي لَاعَنَتْ عَلَيْهِ» قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ مَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرُ هِشَامٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (تُحْرِزُ) مِنَ الْإِحْرَازِ، أَيْ: تَجْمَعُ (وَلَقِيطَهَا) أَيِ: الَّذِي الْتَقَطَتْهُ مِنَ الطَّرِيقِ وَرَبَّتْهُ قَالُوا: إِذَا لَمْ يَتْرُكْ وَارِثًا فَمَالُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَهَذِهِ الْمَرْأَةُ أَوْلَى بِأَنْ يُصْرَفَ إِلَيْهَا مِنْ غَيْرِهَا مِنْ آحَادِ الْمُسْلِمِينَ وَبِهَذَا الْمَعْنَى قِيلَ إِنَّهَا تَرِثُهُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - وَقِيلَ: بَلِ الْحَدِيثُ غَيْرُ ثَابِتٍ فَلَا إِشْكَالَ عَلَى الْجُمْهُورِ بِمُخَالَفَتِهِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب من أنكر ولده]

[بَاب مَنْ أَنْكَرَ وَلَدَهُ] 2743 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ حَرْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ اللِّعَانِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَلْحَقَتْ بِقَوْمٍ مَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ فَلَيْسَتْ مِنْ اللَّهِ فِي شَيْءٍ وَلَنْ يُدْخِلَهَا جَنَّتَهُ وَأَيُّمَا رَجُلٍ أَنْكَرَ وَلَدَهُ وَقَدْ عَرَفَهُ احْتَجَبَ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَفَضَحَهُ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَلَيْسَتْ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ) مِنْ دِينِهِ، أَوْ مِنْ رَحْمَتِهِ، وَهَذَا تَغْلِيظٌ لِفِعْلِهَا (وَلَنْ يُدْخِلَهَا جَنَّتَهُ) أَيْ: لَا تَسْتَحِقُّ أَنْ يُدْخِلَهَا اللَّهُ جَنَّتَهُ مَعَ الْأَوَّلِينَ، وَقِيلَ: أَنْ لَا يُدْخِلَهَا مَعَ الْأَوَّلِينَ وَهُوَ مُشْكِلٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: 48] الْآيَةَ فَلْيُتَأَمَّلْ قَوْلُهُ: (احْتَجَبَ اللَّهُ مِنْهُ) احْتَجَبَ مِنْ وَلَدِهِ (وَفَضَحَهُ) كَمَا فَضَحَ الْوَلَدَ، وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ فِيهِ يَحْيَى بْنُ حَرْبٍ وَهُوَ مَجْهُولٌ قَالَهُ الذَّهَبِيُّ فِي الْكَاشِفِ.

2744 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كُفْرٌ بِامْرِئٍ ادِّعَاءُ نَسَبٍ لَا يَعْرِفُهُ أَوْ جَحْدُهُ وَإِنْ دَقَّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كُفْرٌ بِالْمَرْءِ) بِالرَّفْعِ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ لِ قَوْلِهِ: (ادِّعَاءُ) وَهَذَا مِنْ بَابِ كُفْرِ نِعْمَةِ النَّسَبِ وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا الْحَدِيثُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ دُونَ بَعْضٍ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ، وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَأَظُنُّهُ مِنْ زِيَادَاتِ ابْنِ الْقَطَّانِ - وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ -.

[باب في ادعاء الولد]

[بَاب فِي ادِّعَاءِ الْوَلَدِ] 2745 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْيَمَانِ عَنْ الْمُثَنَّى بْنِ الصَّبَّاحِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ عَاهَرَ أَمَةً أَوْ حُرَّةً فَوَلَدُهُ وَلَدُ زِنًا لَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ عَاهَرَ أَمَةً) أَيْ: زَنَى بِهَا حَاصِلُهُ أَنَّ وَلَدَ الزِّنَا لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنَ الزَّانِي وَلَا

يَجْرِي الْإِرْثُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزَّانِي.

2746 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ بِلَالٍ الدِّمَشْقِيُّ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كُلُّ مُسْتَلْحَقٍ اسْتُلْحِقَ بَعْدَ أَبِيهِ الَّذِي يُدْعَى لَهُ ادَّعَاهُ وَرَثَتُهُ مِنْ بَعْدِهِ فَقَضَى أَنَّ مَنْ كَانَ مِنْ أَمَةٍ يَمْلِكُهَا يَوْمَ أَصَابَهَا فَقَدْ لَحِقَ بِمَنْ اسْتَلْحَقَهُ وَلَيْسَ لَهُ فِيمَا قُسِمَ قَبْلَهُ مِنْ الْمِيرَاثِ شَيْءٌ وَمَا أَدْرَكَ مِنْ مِيرَاثٍ لَمْ يُقْسَمْ فَلَهُ نَصِيبُهُ وَلَا يَلْحَقُ إِذَا كَانَ أَبُوهُ الَّذِي يُدْعَى لَهُ أَنْكَرَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَمَةٍ لَا يَمْلِكُهَا أَوْ مِنْ حُرَّةٍ عَاهَرَ بِهَا فَإِنَّهُ لَا يَلْحَقُ وَلَا يُورَثُ وَإِنْ كَانَ الَّذِي يُدْعَى لَهُ هُوَ ادَّعَاهُ فَهُوَ وَلَدُ زِنًا لِأَهْلِ أُمِّهِ مَنْ كَانُوا حُرَّةً أَوْ أَمَةً قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ يَعْنِي بِذَلِكَ مَا قُسِمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كُلُّ مُسْتَلْحَقٍ) بِفَتْحِ الْحَاءِ، أَيْ: طَلَبَ الْوَرَثَةُ إِلْحَاقَهُ بِهِمْ (بَعْدَ أَبِيهِ) أَيْ: بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ وَإِضَافَةُ الْأَبِ إِلَيْهِ بِاعْتِبَارِ الِادِّعَاءِ وَالِاسْتِلْحَاقِ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ: الَّذِي يَدَّعِي لَهُ، وَقَوْلُهُ: (ادَّعَاهُ وَرَثَتُهُ مِنْ بَعْدِهِ) قِيلَ: هُوَ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ، وَلَعَلَّهُ بِتَقْدِيرِ هُوَ الَّذِي ادَّعَاهُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي هَذَا الْخَبَرِ لِدَلَالَةِ عِنْوَانِ الْمُبْتَدَأِ عَلَيْهِ، فَالْوَجْهُ أَنَّهُ وَصْفُ الْمُسْتَلْحَقِ لِزِيَادَةِ الْكَشْفِ وَخَبَرُ الْمُبْتَدَأِ مَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ: أَنَّ مَنْ كَانَ. . . إِلَخْ، وَقَوْلُهُ: (فَقَضَى) تَكْرَارٌ لِمَعْنَى قَالَ لِبُعْدِ الْعَهْدِ قَوْلُهُ: (فَقَدْ لَحِقَ بِمَنِ اسْتَلْحَقَهُ) مَعْنَى اسْتَلْحَقَهُ ادَّعَاهُ وَضَمِيرُهُ الْمَرْفُوعُ لِمَنِ الْمَوْصُولِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْوَارِثُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ كُلُّ الْوَرَثَةِ، أَوْ بَعْضُهُمْ فَلَا يَلْحَقُ إِلَّا بِالْوَارِثِ الَّذِي لَا يَدَّعِيهِ فَهُوَ فِي حَقِّهِ أَجْنَبِيٌّ وَلَا يَلْحَقُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ مِنَ اللُّحُوقِ، أَوْ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنَ الْإِلْحَاقِ عَلَى مَعْنًى لَا يَجُوزُ إِلْحَاقُهُ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ. (وَإِنْ كَانَ الَّذِي يَدَّعِي لَهُ. . . إِلَخْ) كَلِمَةُ " أَنْ " فِيهِ وَصْلِيَّةٌ وَهُوَ تَأْكِيدٌ لِمَا قَبْلَهُ مِنْ عَدَمِ حُصُولِ اللُّحُوقِ. وَقَوْلُهُ: فَهُوَ وَلَدُ زِنًا تَعْلِيلٌ لِذَلِكَ، وَحَاصِلُ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ الْمُسْتَلْحَقَ إِنْ كَانَ مِنْ أَمَةٍ لِلْمَيِّتِ مَلَكَهَا يَوْمَ جَامَعَهَا فَقَدْ لَحِقَ بِالْوَارِثِ الَّذِي ادَّعَاهُ فَصَارَ وَارِثًا فِي حَقِّهِ مُشَارِكًا مَعَهُ فِي الْإِرْثِ، لَكِنْ فِيمَا يُقْسَمُ مِنَ الْمِيرَاثِ بَعْدَ الِاسْتِلْحَاقِ وَلَا نَصِيبَ لَهُ فِيمَا قَبْلُ، وَأَمَّا الْوَارِثُ الَّذِي لَمْ يَدَّعِ فَلَا يُشَارِكُهُ وَلَا يَرِثُ مِنْهُ، وَهَذَا إِذَا لَمْ يَكُنِ الرَّجُلُ الَّذِي يَدَّعِي لَهُ قَدْ أَنْكَرَهُ فِي حَيَاتِهِ وَإِنْ أَنْكَرَهُ لَا يَصِحُّ الِاسْتِلْحَاقُ، وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَمَةٍ لَمْ يَمْلِكْهَا يَوْمَ جَامَعَهَا بِأَنْ زَنَى مِنْ أَمَةِ غَيْرِهِ، أَوْ مِنْ حُرَّةٍ زَنَى بِهَا فَلَا يَصِحُّ لُحُوقُهُ أَصْلًا، وَإِنِ ادَّعَاهُ أَبُوهُ الَّذِي يَدَّعِي لَهُ فِي حَيَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ وَلَدُ زِنًا وَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ بِالزِّنَا. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: هَذِهِ الْأَحْكَامُ وَقَعَتْ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ وَكَانَ حُدُوثُهَا مَا بَيْنَ الْجَاهِلِيَّةِ وَبَيْنَ قِيَامِ الْإِسْلَامِ؛ وَلِذَلِكَ جَعَلَ حُكْمَ الْمِيرَاثِ السَّابِقِ عَلَى الِاسْتِلْحَاقِ حُكْمَ مَا مَضَى فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَعَفَا عَنْهُ

وَلَمْ يُرِدْ حُكْمَ الْإِسْلَامِ، وَذَكَرَ فِي سَبَبِهِ أَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ يَطَأُ أَحَدُهُمْ أَمَتَهُ وَيَطَؤُهَا غَيْرُهُ بِالزِّنَا فَرُبَّمَا أَوْلَدَهَا السَّيِّدُ أَوْ وَرَثَتُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَرُبَّمَا يَدَّعِيهِ الزَّانِي فَشَرَعَ لَهُمْ هَذِهِ الْأَحْكَامَ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَهَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ دُونَ بَعْضٍ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمِزِّيُّ - وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ -.

[باب النهي عن بيع الولاء وعن هبته]

[بَاب النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَعَنْ هِبَتِهِ] 2747 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَعَنْ هِبَتِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَهِبَتِهِ) الْوَلَاءُ بِفَتْحِ الْوَاوِ أُرِيدَ بِهِ بَيْعُ مُجَرَّدِ الِاسْتِحْقَاقِ الْحَاصِلِ بِالْإِعْتَاقِ لَا بَيْعُ مَا حَصَلَ مِنَ الْمَالِ بِسَبَبِ ذَلِكَ الِاسْتِحْقَاقِ فَإِنَّ بَيْعَهُ بَعْدَ حُصُولِهِ جَائِزٌ.

2748 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَعَنْ هِبَتِهِ»

[باب قسمة المواريث]

[بَاب قِسْمَةِ الْمَوَارِيثِ] 2749 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عُقَيْلٍ أَنَّهُ سَمِعَ نَافِعًا يُخْبِرُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا كَانَ مِنْ مِيرَاثٍ قُسِمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ عَلَى قِسْمَةِ الْجَاهِلِيَّةِ وَمَا كَانَ مِنْ مِيرَاثٍ أَدْرَكَهُ الْإِسْلَامُ فَهُوَ عَلَى قِسْمَةِ الْإِسْلَامِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَمَا كَانَ مِنْ مِيرَاثٍ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ ابْنِ لَهِيعَةَ.

[باب إذا استهل المولود ورث]

[بَاب إِذَا اسْتَهَلَّ الْمَوْلُودُ وَرِثَ] 2750 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ بَدْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَهَلَّ الصَّبِيُّ صُلِّيَ عَلَيْهِ وَوَرِثَ»

2751 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَالْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَا «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَرِثُ الصَّبِيُّ حَتَّى يَسْتَهِلَّ صَارِخًا قَالَ وَاسْتِهْلَالُهُ أَنْ يَبْكِيَ وَيَصِيحَ أَوْ يَعْطِسَ»

[باب الرجل يسلم على يدي الرجل]

[بَاب الرَّجُلِ يُسْلِمُ عَلَى يَدَيْ الرَّجُلِ] 2752 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ قَالَ سَمِعْتُ تَمِيمًا الدَّارِيَّ يَقُولُ «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا السُّنَّةُ فِي الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ يُسْلِمُ عَلَى يَدَيْ الرَّجُلِ قَالَ هُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِمَحْيَاهُ وَمَمَاتِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذَا اسْتَهَلَّ الْمَوْلُودُ) أَيْ: صَاحَ وَحَمَلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ أَمَارَةُ الْحَيَاةِ، أَيْ: وُجِدَ مِنْهُ أَمَارَةُ الْحَيَاةِ وَعَبَّرَ بِالِاسْتِهْلَالِ؛ لِأَنَّهُ الْمُعْتَادُ وَهُوَ الَّذِي يُعْرَفُ بِهِ الْحَيَاةُ عَادَةً - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

قَوْلُهُ: (مَا السُّنَّةُ) أَيْ: مَا حُكْمُ الشَّرْعِ فِيهِ (أَوْلَى النَّاسِ) أَيْ: هُوَ أَقْرَبُ النَّاسِ إِلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ فَيُحْسِنُ إِلَيْهِ مَا دَامَ حَيًّا وَحَالَ مَوْتِهِ فَيَرِثُهُ مِنْهُ، قِيلَ: هَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ، لَكِنَّ الْجُمْهُورَ يَقُولُ بِنَسْخِهِ، وَقِيلَ: بَلْ مَعْنَاهُ هُوَ أَوْلَى بِالنَّصْرِ حَالَ الْحَيَاةِ وَبِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْمَوْتِ. قُلْتُ: لَكِنْ لَيْسَ مَذْهَبُ مَنْ يَقُولُ بِالْإِرْثِ أَنَّهُ أَوْلَى بِالصَّلَاةِ فَلَا يَنْفَعُهُمْ هَذَا التَّأْوِيلُ فَتَأَمَّلْ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[كتاب الجهاد]

[كِتَاب الْجِهَادِ] [بَاب فَضْلِ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَاب الْجِهَادِ بَاب فَضْلِ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ 2753 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعَدَّ اللَّهُ لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا جِهَادٌ فِي سَبِيلِي وَإِيمَانٌ بِي وَتَصْدِيقٌ بِرُسُلِي فَهُوَ عَلَيَّ ضَامِنٌ أَنْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ أَرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ نَائِلًا مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ ثُمَّ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَا قَعَدْتُ خِلَافَ سَرِيَّةٍ تَخْرُجُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَبَدًا وَلَكِنْ لَا أَجِدُ سَعَةً فَأَحْمِلَهُمْ وَلَا يَجِدُونَ سَعَةً فَيَتَّبِعُونِي وَلَا تَطِيبُ أَنْفُسُهُمْ فَيَتَخَلَّفُونَ بَعْدِي وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنْ أَغْزُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأُقْتَلَ ثُمَّ أَغْزُوَ فَأُقْتَلَ ثُمَّ أَغْزُوَ فَأُقْتَلَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَعَدَّ اللَّهُ لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ) الْمَفْعُولُ مُقَدَّرٌ، أَيْ: أَعَدَّ لَهُ فَضْلًا كَبِيرًا، أَوْ أَجْرًا عَظِيمًا قَوْلُهُ: (لَا يُخْرِجُهُ. . . إِلَخْ) هُوَ مِنْ كَلَامِهِ تَعَالَى فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ الْقَوْلِ عَلَى أَنَّ جُمْلَةَ الْقَوْلِ بَيَانٌ لِجُمْلَةِ " أَعَدَّ اللَّهُ " أَيْ: قَالَ تَعَالَى خَرَجَ فِي سَبِيلِي لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا جِهَادٌ فِي سَبِيلِي قَوْلُهُ: (فَهُوَ عَلَيَّ ضَامِنٌ) خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مُقَدَّرٍ قَبْلَ قَوْلِهِ: " «لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا جِهَادٌ فِي سَبِيلِي» " كَمَا أَشَرْتُ إِلَيْهِ، وَضَامِنٌ بِمَعْنَى ذُو ضَمَانٍ، أَوْ مَضْمُونٌ مَرْعِيٌّ حَالُهُ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلٌ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ (أَنْ أُدْخِلَهُ) مِنَ الْإِدْخَالِ (أَوْ أَرْجِعَهُ) مِنَ الرُّجُوعِ الْمُتَعَدِّي، أَيْ: أَرُدَّهُ لَا مِنَ الرُّجُوعِ فَإِنَّهُ لَازِمٌ وَجَعْلُهُ مِنَ الْإِرْجَاعِ بَعِيدٌ فَإِنَّهُ غَيْرُ فَصِيحٍ إِلَّا أَنْ يُقَالَ بِفَصَاحَتِهِ هَاهُنَا لِلْأَزْوَاجِ. (مِنْ أَجْرٍ) أَيْ: فَقَطْ (أَوْ غَنِيمَةٍ) أَيْ: مَعَهُ. قَوْلُهُ: (لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ) أَيْ: مَعَ حُصُولِ الْمَغْفِرَةِ لِي قَطْعًا أُرِيدُ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لِتَحْصِيلِ مَا فِيهِ مِنَ الْخَيْرِ فَكَيْفَ حَالُ غَيْرِي (فَيَتْبَعُونِي) أَيْ: رَاكِبِينَ (فَيَتَخَلَّفُونَ بَعْدِي) فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إِلَى مَشْيِهِمْ مَعِي عَلَى الْأَرْجُلِ، وَفِيهِ مِنَ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِمْ مَا لَا يَخْفَى

قَوْلُهُ: (لَوَدِدْتُ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ قَوْلِهِ: تَعَالَى {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67] وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَهُ لِجَوَازِ تَمَنِّي الْمُسْتَحِيلِ كَمَا فِي: لَيْتَ الشَّبَابَ يَعُودُ يَوْمًا.

2754 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ شَيْبَانَ عَنْ فِرَاسٍ عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَضْمُونٌ عَلَى اللَّهِ إِمَّا أَنْ يَكْفِتَهُ إِلَى مَغْفِرَتِهِ وَرَحْمَتِهِ وَإِمَّا أَنْ يَرْجِعَهُ بِأَجْرٍ وَغَنِيمَةٍ وَمَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ الَّذِي لَا يَفْتُرُ حَتَّى يَرْجِعَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَكْفِتَهُ) أَيْ: يَضُمَّهُ (كَمَثَلِ الصَّائِمِ) أَيْ: مَا دَامَ فِي الْجِهَادِ فَهُوَ كَالصَّائِمِ (لَا يَفْتُرُ) مِنْ بَابِ نَصَرَ، أَيْ: يُدِيمُ عَلَى الْقِيَامِ مِنْ غَيْرِ فُتُورٍ، وَالْجُمْلَةُ حَالٌ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَطِيَّةُ بْنُ سَعِيدٍ الْعَوْفِيُّ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُمَا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب فضل الغدوة والروحة في سبيل الله عز وجل]

[بَاب فَضْلِ الْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ] 2755 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدْوَةٌ أَوْ رَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا»

2756 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ مَنْظُورٍ حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدْوَةٌ أَوْ رَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا»

2757 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَغَدْوَةٌ أَوْ رَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا»

[باب من جهز غازيا]

[بَاب مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا] 2758 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ أَبِي الْوَلِيدِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُرَاقَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى يَسْتَقِلَّ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ حَتَّى يَمُوتَ أَوْ يَرْجِعَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا) مِنَ التَّجْهِيزِ، وَتَجْهِيزُ الْغَازِي تَحْمِيلُهُ وَإِعْدَادُهُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي الْغَزْوِ قَوْلُهُ: (حَتَّى يَسْتَقِلَّ) أَيْ: يَقْدِرَ عَلَى الْغَزْوِ وَلَا يَبْقَى مُحْتَاجًا إِلَى شَيْءٍ مِنْ آلَاتِهِ وَأَسْبَابِهِ، وَفِي

الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ إِنْ كَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ سَمِعَ مِنْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَدْ قَالَ فِي التَّهْذِيبِ: إِنَّ رِوَايَتَهُ عَنْهُ مُرْسَلَةٌ.

2759 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَجْرِ الْغَازِي شَيْئًا»

[باب فضل النفقة في سبيل الله تعالى]

[بَاب فَضْلِ النَّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى] 2760 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى اللَّيْثِيُّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ دِينَارٍ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ دِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى عِيَالِهِ وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ عَلَى أَصْحَابِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (دِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى عِيَالِهِ) . أَيْ: إِذَا نَوَى بِهِ وَجْهَ اللَّهِ وَأَرَادَ حَقَّ الْعِيَالِ مَثَلًا (عَلَى أَصْحَابِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْجِهَادُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ الْإِخْلَاصُ لَكِنَّهُ بَعِيدٌ.

2761 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَمَّالُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ الْخَلِيلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَعِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ كُلُّهُمْ يُحَدِّثُ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ أَرْسَلَ بِنَفَقَةٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأَقَامَ فِي بَيْتِهِ فَلَهُ بِكُلِّ دِرْهَمٍ سَبْعُ مِائَةِ دِرْهَمٍ وَمَنْ غَزَا بِنَفْسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأَنْفَقَ فِي وَجْهِ ذَلِكَ فَلَهُ بِكُلِّ دِرْهَمٍ سَبْعُ مِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ {وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ} [البقرة: 261] » ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ {وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ} [البقرة: 261] ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ خَلِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ الذَّهَبِيُّ: لَا يُعْرَفُ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْهَادِي.

[باب التغليظ في ترك الجهاد]

[بَاب التَّغْلِيظِ فِي تَرْكِ الْجِهَادِ] 2762 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْحَارِثِ الذِّمَارِيُّ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ لَمْ يَغْزُ أَوْ يُجَهِّزْ غَازِيًا أَوْ يَخْلُفْ غَازِيًا فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ أَصَابَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِقَارِعَةٍ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَوْ يَخْلُفْ) بِضَمِّ اللَّامِ الْمُخَفَّفَةِ عَطْفٌ عَلَى الْمَجْزُومِ، أَيْ: لَمْ يَقُمْ مَقَامَهُ بَعْدَهُ فِي خِدْمَةِ أَهْلِهِ بِأَنْ يَصِيرَ خَلِيفَةً لَهُ وَنَائِبًا عَنْهُ فِي قَضَاءِ حَوَائِجِهِ لَهُ. (بِخَيْرٍ) احْتِرَازًا عَنِ الْخِيَانَةِ (بِقَارِعَةٍ) أَيْ: بِدَاهِيَةٍ مُهْلِكَةٍ، يُقَالُ: قَرَعَهُ أَمْرٌ إِذَا أَتَاهُ فَجْأَةً وَجَمْعُهَا قَوَارِعُ، وَلَعَلَّ هَذَا

كَانَ مَخْصُوصًا بِوَقْتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ.

2763 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا أَبُو رَافِعٍ هُوَ إِسْمَعِيلُ بْنُ رَافِعٍ عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَقِيَ اللَّهَ وَلَيْسَ لَهُ أَثَرٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَقِيَ اللَّهَ وَفِيهِ ثُلْمَةٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لَهُ أَثَرٌ) أَيْ: عَمَلٌ بِأَنْ غَزَا، أَوْ جَهَّزَ غَازِيًا، أَوْ خَلَفَهُ بِخَيْرٍ أَوْ نِيَّةٍ كَمَا يُفِيدُهُ الْأَحَادِيثُ. (وَفِيهِ ثُلْمَةٌ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ، أَيْ: نُقْصَانٌ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب من حبسه العذر عن الجهاد]

[بَاب مَنْ حَبَسَهُ الْعُذْرُ عَنْ الْجِهَادِ] 2764 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «لَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ فَدَنَا مِنْ الْمَدِينَةِ قَالَ إِنَّ بِالْمَدِينَةِ لَقَوْمًا مَا سِرْتُمْ مِنْ مَسِيرٍ وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ فِيهِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ قَالَ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ حَبَسَهُمْ الْعُذْرُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ) أَيْ: وَإِلَّا فَنِيَّتُهُمُ الْجِهَادُ وَعَادَتُهُمُ الْخُرُوجُ إِلَيْهِ وَالْمَعْذُورُ يُكْتَبُ لَهُ الْعَمَلُ الَّذِي يَعْتَادُهُ إِذَا مَنَعَهُ الْعُذْرُ عَنْ ذَلِكَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

2765 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ بِالْمَدِينَةِ رِجَالًا مَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا وَلَا سَلَكْتُمْ طَرِيقًا إِلَّا شَرِكُوكُمْ فِي الْأَجْرِ حَبَسَهُمْ الْعُذْرُ» قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ أَوْ كَمَا قَالَ كَتَبْتُهُ لَفْظًا

[باب فضل الرباط في سبيل الله]

[بَاب فَضْلِ الرِّبَاطِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ] 2766 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ «خَطَبَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ النَّاسَ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي سَمِعْتُ حَدِيثًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أُحَدِّثَكُمْ بِهِ إِلَّا الضِّنُّ بِكَمْ وَبِصَحَابَتِكُمْ فَلْيَخْتَرْ مُخْتَارٌ لِنَفْسِهِ أَوْ لِيَدَعْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ رَابَطَ لَيْلَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ كَانَتْ كَأَلْفِ لَيْلَةٍ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِلَّا الضِّنُّ بِكَمْ) الضِّنُّ بِكَسْرِ الضَّادِ الْبُخْلُ، أَيْ: إِلَّا الْبُخْلُ بِفِرَاقِكُمْ. قَوْلُهُ: (مَنْ رَابَطَ) أَيْ لَازَمَ الثَّغْرَ لِلْجِهَادِ (صِيَامِهَا) أَيْ: صِيَامِ أَيَّامِهَا (وَقِيَامِهَا) بِالْجَرِّ بَدَلٌ مِنْ أَلْفِ لَيْلَةٍ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُمَا.

2767 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ عَنْ زُهْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ مَاتَ مُرَابِطًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَجْرَى عَلَيْهِ أَجْرَ عَمَلِهِ الصَّالِحِ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُ وَأَجْرَى عَلَيْهِ رِزْقَهُ وَأَمِنَ مِنْ الْفَتَّانِ وَبَعَثَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ آمِنًا مِنْ الْفَزَعِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَجْرَى عَلَيْهِ) أَيْ: مَعَ انْقِطَاعِ عَمَلِهِ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يُنَافِي هَذَا الْحَدِيثُ

حَدِيثَ «إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ» فَإِنَّ الْمُرَادَ بَيَانُ أَنَّهُ لَا يَبْقَى الْعَمَلُ إِلَّا لِهَؤُلَاءِ الثَّلَاثِ فَإِنَّ عَمَلَهُمْ بَاقٍ فَلْيُتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (رِزْقَهُ) أَيْ: هُوَ كَالشَّهِيدِ حَيٌّ مَرْزُوقٌ (مِنَ الْفُتَّانِ) بِضَمٍّ فَتَشْدِيدٍ جَمْعُ فَاتِنٍ، وَقِيلَ: بِفَتْحٍ فَتَشْدِيدٍ لِلْمُبَالَغَةِ، وَفُسِّرَ عَلَى الْأَوَّلِ بِمُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُمَا لَا يَجِيئَانِ إِلَيْهِ لِلْمَسْئُولِ بَلْ يَكْفِي مَوْتُهُ مُرَابِطًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يُزْعِجَانِهِ، وَعَلَى الثَّانِي بِالشَّيْطَانِ وَنَحْوِهِ مِمَّنْ يُوقِعُ الْإِنْسَانَ فِي فِتْنَةِ الْقَبْرِ، أَيْ: عَذَابِهِ، أَوْ بِمَلَكِ الْعَذَابِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ مَعْبَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِشَامٍ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَيُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ.

2768 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ بْنِ سَمُرَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْلَى السُّلَمِيُّ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ صُبْحٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَرِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مِنْ وَرَاءِ عَوْرَةِ الْمُسْلِمِينَ مُحْتَسِبًا مِنْ غَيْرِ شَهْرِ رَمَضَانَ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ عِبَادَةِ مِائَةِ سَنَةٍ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا وَرِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مِنْ وَرَاءِ عَوْرَةِ الْمُسْلِمِينَ مُحْتَسِبًا مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَعْظَمُ أَجْرًا أُرَاهُ قَالَ مِنْ عِبَادَةِ أَلْفِ سَنَةٍ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا فَإِنْ رَدَّهُ اللَّهُ إِلَى أَهْلِهِ سَالِمًا لَمْ تُكْتَبْ عَلَيْهِ سَيِّئَةٌ أَلْفَ سَنَةٍ وَتُكْتَبُ لَهُ الْحَسَنَاتُ وَيُجْرَى لَهُ أَجْرُ الرِّبَاطِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مِائَةِ سَنَةٍ. . . إِلَخْ) قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ: الْقَصْدُ مِنْ هَذَا وَنَحْوِهِ مِنَ الْأَخْبَارِ بَيَانُ تَضْعِيفِ أَجْرِ الرِّبَاطِ عَلَى غَيْرِهِ وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي نِيَّاتِهِمْ وَإِخْلَاصِهِمْ وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَوْقَاتِ. قَوْلُهُ: (لَمْ تَكْتُبْ عَلَيْهِ سَيِّئَةٌ أَلْفَ سَنَةٍ) أَيْ: عَلَى فَرْضِ امْتِدَادِ عُمْرِهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْلَى وَهُوَ ضَعِيفٌ وَكَذَلِكَ عُمَرُ بْنُ صُبَيْحٍ، وَمَكْحُولٌ لَمْ يُدْرِكْ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ وَمَعَ ذَلِكَ فَهُوَ مُدَلِّسٌ وَقَدْ عَنْعَنَهُ اهـ. وَقَالَ السُّيُوطِيُّ: قَالَ الْحَافِظُ زَكِيُّ الدِّينِ الْمُنْذِرِيُّ فِي التَّرْغِيبِ: آثَارُ الْوَضْعِ لَائِحَةٌ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا يُحْتَجُّ بِرِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ صُبَيْحٍ. وَقَالَ الْحَافِظُ عِمَادُ الدِّينِ بْنُ كَثِيرٍ فِي جَامِعِ الْمَسَانِيدِ: أَخْلِقْ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْ يَكُونَ مَوْضُوعًا لِمَا فِيهِ مِنَ الْمُجَازَفَةِ، وَلِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ صُبَيْحٍ أَحَدِ الْكَذَّابِينَ الْمَعْرُوفِينَ بِوَضْعِ الْحَدِيثِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -

[باب فضل الحرس والتكبير في سبيل الله]

[بَاب فَضْلِ الْحَرَسِ وَالتَّكْبِيرِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ] 2769 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَائِدَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحِمَ اللَّهُ حَارِسَ الْحَرَسِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حَارِسَ الْحَرَسِ) الْحَرَسُ - بِفَتْحَتَيْنِ - جَمْعُ الْحَارِسِ مَعْنًى كَالْخَدَمِ جَمْعِ الْخَادِمِ وَالطَّلَبِ جَمْعِ الطَّالِبِ، وَالْمُرَادُ الْعَسْكَرُ فَإِنَّهُمْ يَحْرُسُونَ الْمُسْلِمِينَ فَحَارِسُ الْعَسْكَرِ صَارَ حَارِسًا لِلْحَرَسِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ فِيهِ صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَائِدَةَ أَبُو وَاقِدٍ اللَّيْثِيُّ ضَعِيفٌ وَسَعِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ أَبِي الطَّوِيلِ قَالَ الْبُخَارِيُّ فِيهِ، وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ رَوَى عَنْ أَنَسٍ أَحَادِيثَ مَوْضُوعَةً، وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: رَوَى عَنْ أَنَسٍ مَنَاكِيرَ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: أَحَادِيثُهُ عَنْ أَنَسٍ لَا تُعْرَفُ.

2770 - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ الرَّمْلِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أَبِي الطَّوِيلِ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ حَرَسُ لَيْلَةٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَفْضَلُ مِنْ صِيَامِ رَجُلٍ وَقِيَامِهِ فِي أَهْلِهِ أَلْفَ سَنَةٍ السَّنَةُ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَسِتُّونَ يَوْمًا وَالْيَوْمُ كَأَلْفِ سَنَةٍ»

2771 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلٍ أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالتَّكْبِيرِ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَالتَّكْبِيرِ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ) أَيْ: كُلِّ أَرْضٍ مُرْتَفِعَةٍ فَإِنَّ ارْتِفَاعَ الْمَخْلُوقِ يُذَكِّرُ بِارْتِفَاعِ الْخَالِقِ.

[باب الخروج في النفير]

[بَاب الْخُرُوجِ فِي النَّفِيرِ] 2772 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ أَنْبَأَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «ذُكِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ كَانَ أَحْسَنَ النَّاسِ وَكَانَ أَجْوَدَ النَّاسِ وَكَانَ أَشْجَعَ النَّاسِ وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ لَيْلَةً فَانْطَلَقُوا قِبَلَ الصَّوْتِ فَتَلَقَّاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ سَبَقَهُمْ إِلَى الصَّوْتِ وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ مَا عَلَيْهِ سَرْجٌ فِي عُنُقِهِ السَّيْفُ وَهُوَ يَقُولُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ لَنْ تُرَاعُوا يَرُدُّهُمْ ثُمَّ قَالَ لِلْفَرَسِ وَجَدْنَاهُ بَحْرًا أَوْ إِنَّهُ لَبَحْرٌ قَالَ حَمَّادٌ وَحَدَّثَنِي ثَابِتٌ أَوْ غَيْرُهُ قَالَ كَانَ فَرَسًا لِأَبِي طَلْحَةَ يُبَطَّأُ فَمَا سُبِقَ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَزِعَ) بِكَسْرِ الزَّايِ خَافُوا عَدُوًّا (قِبَلَ الصَّوْتِ) بِكَسْرِ الْقَافِ، أَيْ: نَحْوَهُ قَوْلُهُ: (عُرْيَ) بِضَمِّ مُهْمَلَةٍ وَسُكُونِ رَاءٍ، وَقِيلَ: بِكَسْرِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِهَا، أَيْ: لَا سَرْجَ عَلَيْهِ وَلَا غَيْرُهُ (لَنْ تُرَاعَوْا) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ (يُبَطَّأُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ بِتَشْدِيدِ الطَّاءِ، أَيْ: يُقَالُ إِنَّهُ بَطِيءٌ فِي الْجَرْيِ (فَمَا سُبِقَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ.

2773 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بَكَّارِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ بُسْرِ بْنِ أَبِي أَرْطَاةَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنِي شَيْبَانُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ،

أَيْ: طَلَبَ الْإِمَامُ مِنْكُمُ الْخُرُوجَ إِلَى الْجِهَادِ (فَانْفِرُوا) أَيْ: فَاخْرُجُوا. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجِهَادَ فَرْضُ عَيْنٍ عِنْدَ طَلَبِ الْإِمَامِ الْخُرُوجَ لَهُ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

2774 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَجْتَمِعُ غُبَارٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ فِي جَوْفِ عَبْدٍ مُسْلِمٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي مَنْخِرَيْ مُسْلِمٍ) تَثْنِيَةُ مَنْخِرٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْخَاءِ وَبِكَسْرِهَا وَبِضَمِّهَا كَمَجْلِسِ خَرْقُ الْأَنْفِ، كَذَا فِي الْقَامُوسِ، وَقِيلَ: بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْخَاءِ، وَقَدْ تُكْسَرُ مِيمُهُ إِتْبَاعًا لِلْخَاءِ، وَقَدْ تُفْتَحُ الْخَاءُ إِتْبَاعًا لِلْمِيمِ، خَرْقُ الْأَنْفِ وَحَقِيقَتُهُ مَوْضِعُ النَّخِرِ وَهُوَ صَوْتُ الْأَنْفِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فِي جَوْفِ عَبْدٍ مُسْلِمٍ، وَفِيهِ أَنَّ الْمُسْلِمَ الْحَقِيقِيَّ إِذَا جَاهَدَ لِلَّهِ خَالِصًا لَا يَدْخُلُ النَّارَ، وَعَلَى هَذَا فَمَنْ عُلِمَ فِي حَقِّهِ خِلَافَهُ فَلَا بُدَّ أَنْ لَا يَكُونَ مُسْلِمًا بِالتَّحْقِيقِ أَوْ لَمْ يُجَاهِدْ بِالْإِخْلَاصِ.

2775 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التُّسْتَرِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ شَبِيبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ رَاحَ رَوْحَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَانَ لَهُ بِمِثْلِ مَا أَصَابَهُ مِنْ الْغُبَارِ مِسْكًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مِسْكًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ) فِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ حَسَنٌ مُخْتَلَفٌ فِي رِجَالِ إِسْنَادِهِ.

[باب فضل غزو البحر]

[بَاب فَضْلِ غَزْوِ الْبَحْرِ] 2776 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ حَبَّانَ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ خَالَتِهِ أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ أَنَّهَا قَالَتْ «نَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا قَرِيبًا مِنِّي ثُمَّ اسْتَيْقَظَ يَبْتَسِمُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَضْحَكَكَ قَالَ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ يَرْكَبُونَ ظَهْرَ هَذَا الْبَحْرِ كَالْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ قَالَتْ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ قَالَ فَدَعَا لَهَا ثُمَّ نَامَ الثَّانِيَةَ فَفَعَلَ مِثْلَهَا ثُمَّ قَالَتْ مِثْلَ قَوْلِهَا فَأَجَابَهَا مِثْلَ جَوَابِهِ الْأَوَّلِ قَالَتْ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ قَالَ أَنْتِ مِنْ الْأَوَّلِينَ» قَالَ فَخَرَجَتْ مَعَ زَوْجِهَا عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ غَازِيَةً أَوَّلَ مَا رَكِبَ الْمُسْلِمُونَ الْبَحْرَ مَعَ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ فَلَمَّا انْصَرَفُوا مِنْ غَزَاتِهِمْ قَافِلِينَ فَنَزَلُوا الشَّامَ فَقُرِّبَتْ إِلَيْهَا دَابَّةٌ لِتَرْكَبَ فَصَرَعَتْهَا فَمَاتَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أُمِّ حَرَامٍ) هُوَ ضِدُّ الْحَلَالِ (بِنْتِ مِلْحَانَ) بِكَسْرِ الْمِيمَ وَسُكُونَ اللَّامِ (قَرِيبًا مِنِّي) قِيلَ: كَانَتْ مَحْرَمًا مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَي هِ وَسَلَّمَ - بِوَاسِطَةِ أَنَّ آمِنَةَ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ، وَقِيلَ: بَلْ هُوَ مِنْ خَصَائِصِهِ (مَا أَضْحَكَكَ) أَيْ: مَا سَبَبُ ضَحِكِكَ (عُرِضُوا) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ، أَيْ: أَظْهَرَ اللَّهُ تَعَالَى صُوَرَهُمْ وَأَحْوَالَهُمْ حَالَ رُكُوبِهِمْ (عَلَيَّ) وَهُوَ تَعَالَى قَادِرٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَوْلُهُ: (هَذَا الْبَحْرِ) أَيِ: الْمَالِحِ فَإِنَّهُ الْمُتَبَادَرُ مِنِ اسْمِ الْبَحْرِ (كَالْمُلُوكِ) فِي مَحَلِّ النَّصْبِ عَلَى الْحَالِ (عَلَى الْأَسِرَّةِ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ فَتَشْدِيدٍ: جَمْعُ سَرِيرٍ كَالْأَعِزَّةِ: جَمْعُ عَزِيزٍ، وَالْأَذِلَّةِ: جَمْعُ ذَلِيلٍ،

أَيْ: قَاعِدِينَ عَلَى الْأَسِرَّةِ (فَصَرَعَتْهَا) أَيْ: أَسْقَطَتْهَا حِينَ خَرَجَتْ إِلَى الْبَحْرِ.

2777 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَحْيَى عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادٍ عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ غَزْوَةٌ فِي الْبَحْرِ مِثْلُ عَشْرِ غَزَوَاتٍ فِي الْبَرِّ وَالَّذِي يَسْدَرُ فِي الْبَحْرِ كَالْمُتَشَحِّطِ فِي دَمِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَسْدِرُ) قَالَ الدَّمِيرِيُّ السَّادِرُ الْمُتَّجِرُ وَالسَّدَرُ بِالتَّحْرِيكِ الدُّوَارُ وَهُوَ كَثِيرًا مَا يَعْرِضُ لِرَاكِبِ الْبَحْرِ (كَالْمُتَشَحِّطِ) هُوَ الَّذِي يَتَخَبَّطُ وَيَضْرِبُ وَيَتَمَرَّغُ، ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَحْيَى وَهُوَ ضَعِيفٌ.

2778 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْجُبَيْرِيُّ حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِنْدِيُّ حَدَّثَنَا عُفَيْرُ بْنُ مَعْدَانَ الشَّامِيُّ عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ يَقُولُ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ شَهِيدُ الْبَحْرِ مِثْلُ شَهِيدَيْ الْبَرِّ وَالْمَائِدُ فِي الْبَحْرِ كَالْمُتَشَحِّطِ فِي دَمِهِ فِي الْبَرِّ وَمَا بَيْنَ الْمَوْجَتَيْنِ كَقَاطِعِ الدُّنْيَا فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَكَلَ مَلَكَ الْمَوْتِ بِقَبْضِ الْأَرْوَاحِ إِلَّا شَهِيدَ الْبَحْرِ فَإِنَّهُ يَتَوَلَّى قَبْضَ أَرْوَاحِهِمْ وَيَغْفِرُ لِشَهِيدِ الْبَرِّ الذُّنُوبَ كُلَّهَا إِلَّا الدَّيْنَ وَلِشَهِيدِ الْبَحْرِ الذُّنُوبَ وَالدَّيْنَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَالْمَائِدَةُ فِي الْبَحْرِ) هُوَ الَّذِي يُدَارُ بِرَأْسِهِ مِنْ رِيحِ الْبَحْرِ وَاضْطِرَابِ السَّفِينَةِ بِالْأَمْوَاجِ قَوْلُهُ: (وَمَا بَيْنَ الْمَوْجَتَيْنِ) أَيْ: قَاطِعٌ مَا بَيْنَ الْمَرْجَيْنِ مِنَ الْمَسَافَةِ (إِلَّا الدَّيْنَ) أَيْ: إِلَّا تَرْكَ وَفَاءِ الدَّيْنِ إِذْ نَفْسُ الدَّيْنِ لَيْسَ مِنَ الذُّنُوبِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ تَرْكَ الْوَفَاءِ ذَنْبٌ إِذَا كَانَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْوَفَاءِ فَلَعَلَّهُ الْمُرَادُ اهـ. وَذَكَرَ السُّيُوطِيُّ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ فِي حَاشِيَةِ التِّرْمِذِيِّ فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ حُقُوقَ الْآدَمِيِّينَ لَا تُكَفَّرُ لِكَوْنِهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُشَاحَّةِ وَالتَّضْيِيقِ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الدَّيْنِ الَّذِي هُوَ خَطِيئَةٌ وَهُوَ الَّذِي اسْتَدَانَهُ صَاحِبُهُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَجُوزُ بِأَنْ أَخَذَهُ بِحِيلَةٍ، أَوْ غَصَبَهُ فَثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ الْبَدَلُ، أَوْ دَانَ غَيْرَ عَازِمٍ عَلَى الْوَفَاءِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى ذَلِكَ مِنَ الْخَطَايَا، وَإِلَّا فَالِاسْتِثْنَاءُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْجِنْسِ فَيَكُونُ الدَّيْنُ الْمَأْذُونُ فِيهِ مَسْكُوتًا عَنْهُ فِي هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُؤَاخَذَةُ بِهِ لِجَوَازِ أَنْ يُعَوِّضَ اللَّهُ صَاحِبَهُ مِنْ فَضْلِهِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -

[باب ذكر الديلم وفضل قزوين]

[بَاب ذِكْرِ الدَّيْلَمِ وَفَضْلِ قَزْوِينَ] 2779 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ كُلُّهُمْ عَنْ قَيْسٍ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الدُّنْيَا إِلَّا يَوْمٌ لَطَوَّلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى يَمْلِكَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يَمْلِكُ جَبَلَ الدَّيْلَمِ وَالْقُسْطَنْطِينِيَّةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حَتَّى يَمْلِكَ رَجُلٌ) حُمِلَ عَلَى الْمَهْدِيِّ الْمَوْعُودِ بِهِ وَالْقُسْطَنْطِينِيَّةُ بِضَمِّ قَافٍ وَسُكُونِ سِينٍ وَبِضَمِّ طَاءٍ وَسُكُونِ نُونٍ وَبَعْدَهُ طَاءٌ مَعَ زِيَادَةِ يَاءٍ مُخَفَّفَةٍ، أَوْ مُثَقَّلَةٍ وَتَاءِ تَأْنِيثٍ اسْمُ مَدِينَةٍ فِي بِلَادِ الرُّومِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ الْمَدِينِيِّ وَغَيْرُهُمَا، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ مَحَلُّهُ الصِّدْقُ، وَقَالَ الْعِجْلِيُّ: كَانَ مَعْرُوفًا بِالْحَدِيثِ صَدُوقًا، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: رِوَايَاتُهُ مُسْتَقِيمَةٌ وَالْقَوْلُ فِيهِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ.

2780 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ الْمُحَبَّرِ أَنْبَأَنَا الرَّبِيعُ بْنُ صَبِيحٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبَانَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَتُفْتَحُ عَلَيْكُمْ الْآفَاقُ وَسَتُفْتَحُ عَلَيْكُمْ مَدِينَةٌ يُقَالُ لَهَا قَزْوِينُ مَنْ رَابَطَ فِيهَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً كَانَ لَهُ فِي الْجَنَّةِ عَمُودٌ مِنْ ذَهَبٍ عَلَيْهِ زَبَرْجَدَةٌ خَضْرَاءُ عَلَيْهَا قُبَّةٌ مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ لَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ مِصْرَاعٍ مِنْ ذَهَبٍ عَلَى كُلِّ مِصْرَاعٍ زَوْجَةٌ مِنْ الْحُورِ الْعِينِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْآفَاقُ) بِمَدِّ الْهَمْزَةِ جَمْعُ أُفُقٍ، أَيْ: أَطْرَافُ الدُّنْيَا، وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ يَزِيدَ بِنِ أَبَانَ الرَّقَاشِيِّ وَالرَّبِيعِ بْنِ صُبَيْحٍ وَدَاوُدَ بْنِ الْمُحَبَّرِ فَهُوَ مُسَلْسَلٌ بِالضُّعَفَاءِ ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ. وَقَالَ: هَذَا الْحَدِيثُ مَوْضُوعٌ لَا شَكَّ فِيهِ وَلَا أَتَّهِمُ بِوَضْعِ هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرَ يَزِيدَ بْنِ أَبَانَ. قَالَ: وَالْعَجَبُ مِنَ ابْنِ مَاجَهْ مَعَ عِلْمِهِ كَيْفَ اسْتَحَلَّ أَنْ يَذْكُرَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي كِتَابِ السُّنَنِ وَلَا يَتَكَلَّمُ عَلَيْهِ اهـ. وَنَقَلَ السُّيُوطِيُّ عَنِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ أَنَّهُ قَالَ: هَذَا الْحَدِيثُ مَوْضُوعٌ؛ لِأَنَّ دَاوُدَ وَضَّاعٌ وَهُوَ الْمُتَّهَمُ بِهِ وَالرَّبِيعُ ضَعِيفٌ وَيَزِيدُ مَتْرُوكٌ. قُلْتُ: وَيُوَافِقُهُ مَا قَالَهُ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ فِي تَرْجَمَةِ دَاوُدَ لَقَدْ سَاءَ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ بِإِدْخَالِ هَذَا الْحَدِيثِ الْمَوْضُوعِ فِيهَا، ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ السُّيُوطِيُّ: أَوْرَدَهُ لِلرَّافِعِيِّ فِي تَارِيخِهِ، وَقَالَ: مَشْهُورٌ رَوَاهُ عَنْ دَاوُدَ جَمَاعَةٌ وَأَوْدَعَهُ الْإِمَامُ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ، وَالْحُفَّاظُ يُقْرِنُونَ كِتَابَهُ بِالصَّحِيحَيْنِ وَسُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ وَيَحْتَجُّونَ بِمَا فِيهِ، لَكِنْ يُحْكَى تَضْعِيفُ دَاوُدَ عَنْ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ - وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ -

[باب الرجل يغزو وله أبوان]

[بَاب الرَّجُلِ يَغْزُو وَلَهُ أَبَوَانِ] 2781 - حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْحَرَّانِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ جَاهِمَةَ السُّلَمِيِّ قَالَ «أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الْجِهَادَ مَعَكَ أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ قَالَ وَيْحَكَ أَحَيَّةٌ أُمُّكَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ ارْجِعْ فَبَرَّهَا ثُمَّ أَتَيْتُهُ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الْجِهَادَ مَعَكَ أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ قَالَ وَيْحَكَ أَحَيَّةٌ أُمُّكَ قُلْتُ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَارْجِعْ إِلَيْهَا فَبَرَّهَا ثُمَّ أَتَيْتُهُ مِنْ أَمَامِهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الْجِهَادَ مَعَكَ أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ قَالَ وَيْحَكَ أَحَيَّةٌ أُمُّكَ قُلْتُ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَيْحَكَ الْزَمْ رِجْلَهَا فَثَمَّ الْجَنَّةُ» حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَمَّالُ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَنْ أَبِيهِ طَلْحَةَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ جَاهِمَةَ السُّلَمِيِّ أَنَّ جَاهِمَةَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ بْن مَاجَةَ هَذَا جَاهِمَةُ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ السُّلَمِيُّ الَّذِي عَاتَبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَبِرَّهَا) صِيغَةُ أَمْرٍ مِنْ بَرَّ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ عَلَى حَدِّ: سَمِعَ. قَوْلُهُ: (الْزَمْ رِجْلَهَا فَثَمَّ الْجَنَّةُ) قَالَ الدَّمِيرِيُّ: هُوَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ يَعْنِي دَارَهَا وَمَسْكَنَهَا وَمِنْهُ حَدِيثُ «إِذَا ابْتَلَّتِ النِّعَالُ فَالصَّلَاةُ فِي الرِّحَالِ،» أَيِ: الدُّورِ وَالْمَسَاكِنِ وَالْمَنَازِلِ، وَيُقَالُ لِمَنْزِلِ الْإِنْسَانِ وَمَسْكَنِهِ: رَحْلُهُ اهـ. قُلْتُ: الْمَشْهُورُ أَنَّهُ بِالْجِيمِ بِمَعْنَى الْقَدَمِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِرِوَايَةِ النَّسَائِيِّ وَغَيْرِهِ، وَعَلَيْهِ مَشَى السَّخَاوِيُّ فِي الْمَقَاصِدِ الْحَسَنَةِ، فَقَدْ أَوْرَدَ الْحَدِيثَ بِلَفْظِ: «الْجَنَّةُ تَحْتَ أَقْدَامِ الْأُمَّهَاتِ» قَالَ: رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ، ثُمَّ ذَكَرَ ابْنُ مَاجَهْ هَذِهِ الرِّوَايَةَ قَالَ السَّخَاوِيُّ: إِنَّ التَّوَاضُعَ لِلْأُمَّهَاتِسَبَبٌ لِدُخُولِ الْجَنَّةِ. قُلْتُ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ الْجَنَّةَ أَيْ نَصِيبَكَ مِنْهَا لَا يَصِلُ إِلَيْكَ إِلَّا بِرِضَاهَا بِحَيْثُ كَأَنَّهُ لَهَا وَهِيَ قَاعِدَةٌ عَلَيْهِ فَلَا يَصِلُ إِلَيْكَ إِلَّا مِنْ جِهَتِهَا فَإِنَّ الشَّيْءَ إِذَا صَارَ تَحْتَ رِجْلَيْ أَحَدٍ فَقَدْ تَمَكَّنَ مِنْهُ وَاسْتَوْلَى عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَا يَصِلُ إِلَى آخَرَ مِنْ جِهَتِهِ.

2782 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ «أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي جِئْتُ أُرِيدُ الْجِهَادَ مَعَكَ أَبْتَغِي وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَقَدْ أَتَيْتُ وَإِنَّ وَالِدَيَّ لَيَبْكِيَانِ قَالَ فَارْجِعْ إِلَيْهِمَا فَأَضْحِكْهُمَا كَمَا أَبْكَيْتَهُمَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَارْجِعْ إِلَيْهِمَا فَأَضْحِكْهُمَا) مِنَ الْإِضْحَاكِ، وَلَعَلَّ هَذَا حِينَ سَقَطَ افْتِرَاضُ الْهِجْرَةِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب النية في القتال]

[بَاب النِّيَّةِ فِي الْقِتَالِ] 2783 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ «سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الرَّجُلِ يُقَاتِلُ شَجَاعَةً وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً وَيُقَاتِلُ رِيَاءً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يُقَاتِلُ شَجَاعَةً) أَيْ: لِيَذْكُرَهُ النَّاسُ وَيَصِفُوهُ بِالشُّجَاعَةِ (حَمِيَّةً) قَالَ الدَّمِيرِيُّ: الْحَمِيَّةُ الْأَنَفَةُ وَالْغَيْرَةُ لِعَشِيرَتِهِ، أَيْ: يُقَاتِلُ مُرَاعَاةً لِعَشِيرَتِهِ وَالْقِيَامِ لِأَجْلِهِمْ (كَلِمَةُ اللَّهِ) أَيْ: دِينُهُ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ مَنْ قَاتَلَ لِإِعْزَازِ دِينِهِ فَقِتَالُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا مَا ذَكَرَهُ السَّائِلُ.

2784 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عُقْبَةَ عَنْ أَبِي عُقْبَةَ وَكَانَ مَوْلًى لِأَهْلِ فَارِسَ قَالَ «شَهِدْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ فَضَرَبْتُ رَجُلًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَقُلْتُ خُذْهَا مِنِّي وَأَنَا الْغُلَامُ الْفَارِسِيُّ فَبَلَغَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَلَا قُلْتَ خُذْهَا وَأَنَا الْغُلَامُ الْأَنْصَارِيُّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَلَا قُلْتَ خُذْهَا مِنِّي وَأَنَا الْغُلَامُ الْأَنْصَارِيُّ) فِيهِ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ مِثْلُهُ بَعْدَ صَلَاحِ النِّيَّةِ.

2785 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا حَيْوَةُ أَخْبَرَنِي أَبُو هَانِئٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيَّ يَقُولُ إِنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ «سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا مِنْ غَازِيَةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُصِيبُوا غَنِيمَةً إِلَّا تَعَجَّلُوا ثُلُثَيْ أَجْرِهِمْ فَإِنْ لَمْ يُصِيبُوا غَنِيمَةً تَمَّ لَهُمْ أَجْرُهُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَا مِنْ غَازِيَةٍ) أَيْ: جَمَاعَةٍ، أَوْ طَائِفَةٍ، أَوْ سَرِيَّةٍ غَازِيَةٍ (إِلَّا تَعَجَّلُوا. . . إِلَخْ) هَذَا فِيمَنْ لَمْ يَنْوِ الْغَنِيمَةَ بِغَزْوِهِ، وَأَمَّا مَنْ نَوَى فَقَدِ اسْتَوْفَى أَجْرَهُ كُلَّهُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب ارتباط الخيل في سبيل الله]

[بَاب ارْتِبَاطِ الْخَيْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ] 2786 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ عَنْ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَيْرُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِي الْخَيْلِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَعْقُودٌ بِنَوَاصِي الْخَيْلِ) أَيْ: مُلَازِمٌ لَهَا كَأَنَّهُ مَعْقُودٌ فِيهَا كَذَا فِي الْمَجْمَعِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهَا أَسْبَابٌ لِحُصُولِ الْخَيْرِ لِصَاحِبِهَا فَاعْتَبِرْ.

ذَلِكَ كَأَنَّهُ عُقِدَ فِيهَا، ثُمَّ لَمَّا كَانَ الْوَجْهُ هُوَ الْأَشْرَفَ وَلَا يُتَصَوَّرُ الْعَقْدُ فِي الْوَجْهِ إِلَّا فِي النَّاصِيَةِ اعْتُبِرَ ذَلِكَ عَقْدًا لَهُ فِي النَّاصِيَةِ وَفُسِّرَ الْخَيْرُ بِالْأَجْرِ وَالْغَنِيمَةِ.

2787 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ الْخَيْلُ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»

2788 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ حَدَّثَنَا سُهَيْلٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَيْلُ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ أَوْ قَالَ الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ قَالَ سُهَيْلٌ أَنَا أَشُكُّ الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الْخَيْلُ ثَلَاثَةٌ فَهِيَ لِرَجُلٍ أَجْرٌ وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ فَأَمَّا الَّذِي هِيَ لَهُ أَجْرٌ فَالرَّجُلُ يَتَّخِذُهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَيُعِدُّهَا فَلَا تُغَيِّبُ شَيْئًا فِي بُطُونِهَا إِلَّا كُتِبَ لَهُ أَجْرٌ وَلَوْ رَعَاهَا فِي مَرْجٍ مَا أَكَلَتْ شَيْئًا إِلَّا كُتِبَ لَهُ بِهَا أَجْرٌ وَلَوْ سَقَاهَا مِنْ نَهَرٍ جَارٍ كَانَ لَهُ بِكُلِّ قَطْرَةٍ تُغَيِّبُهَا فِي بُطُونِهَا أَجْرٌ حَتَّى ذَكَرَ الْأَجْرَ فِي أَبْوَالِهَا وَأَرْوَاثِهَا وَلَوْ اسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ كُتِبَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ تَخْطُوهَا أَجْرٌ وَأَمَّا الَّذِي هِيَ لَهُ سِتْرٌ فَالرَّجُلُ يَتَّخِذُهَا تَكَرُّمًا وَتَجَمُّلًا وَلَا يَنْسَى حَقَّ ظُهُورِهَا وَبُطُونِهَا فِي عُسْرِهَا وَيُسْرِهَا وَأَمَّا الَّذِي هِيَ عَلَيْهِ وِزْرٌ فَالَّذِي يَتَّخِذُهَا أَشَرًا وَبَطَرًا وَبَذَخًا وَرِيَاءً لِلنَّاسِ فَذَلِكَ الَّذِي هِيَ عَلَيْهِ وِزْرٌ»

2789 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ أَيُّوبَ يُحَدِّثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عُلَيِّ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَيْرُ الْخَيْلِ الْأَدْهَمُ الْأَقْرَحُ الْمُحَجَّلُ الْأَرْثَمُ طَلْقُ الْيَدِ الْيُمْنَى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَدْهَمَ فَكُمَيْتٌ عَلَى هَذِهِ الشِّيَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْأَدْهَمُ) أَيِ: الْأَسْوَدُ (الْأَقْرَحُ) مَا كَانَ فِي جَبْهَتِهِ قُرْحَةٌ بِالضَّمِّ وَهُوَ بَيَاضٌ يَسِيرٌ دُونَ الْغُرَّةِ (الْمُحَجَّلُ) اسْمُ مَفْعُولٍ مِنَ التَّحْجِيلِ بِتَقْدِيمِ الْمُهْمَلَةِ عَلَى الْجِيمِ وَهُوَ الَّذِي فِي قَوَائِمِهِ بَيَاضٌ (الْأَرْثَمُ) بِرَاءٍ وَمُثَلَّثَةٍ هُوَ الَّذِي أَنْفُهُ أَبْيَضُ وَشَفَتُهُ الْعُلْيَا (طَلْقُ الْيَمِينِ) أَيْ: مُطْلَقُهَا لَيْسَ فِيهَا تَحْجِيلٌ (فَكُمَيْتٌ) بِضَمِّ الْكَافِ مُصَغَّرٌ هُوَ الَّذِي لَوْنُهُ بَيْنَ السَّوَادِ وَالْحُمْرَةِ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ (عَلَى هَذِهِ الشِّيَةِ) بِكَسْرِ الشِّينِ هُوَ اللَّوْنُ الْمُخَالِفُ لِغَالِبِ اللَّوْنِ.

2790 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سَلْمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّخَعِيِّ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْرَهُ الشِّكَالَ مِنْ الْخَيْلِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَكْرَهُ الشِّكَالَ) بِكَسْرِ الشِّينِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ ثَلَاثُ قَوَائِمَ مِنْهُ مُحَجَّلَةً وَوَاحِدَةٌ مُطْلَقَةً.

2791 - حَدَّثَنَا أَبُو عُمَيْرٍ عِيسَى بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّمْلِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ رَوْحٍ الدَّارِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ الْقَاضِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ ارْتَبَطَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ عَالَجَ عَلَفَهُ بِيَدِهِ كَانَ لَهُ بِكُلِّ حَبَّةٍ حَسَنَةٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنِ ارْتَبَطَ. . . إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدٌ وَأَبُوهُ عُقْبَةُ وَجَدُّهُ وَهُمْ مَجْهُولُونَ وَالْجَدُّ لَمْ يُسَمَّ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب القتال في سبيل الله سبحانه وتعالى]

[بَاب الْقِتَالِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى] 2792 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ يُخَامِرَ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ «أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ فُوَاقَ نَاقَةٍ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَوَاقَ نَاقَةٍ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَفَتْحِهَا قَدْرُ مَا بَيْنَ الْحَلْبَتَيْنِ مِنَ الرَّاحِلَةِ؛ لِأَنَّهَا تُحْلَبُ، ثُمَّ تُتْرَكُ سُوَيْعَةً تُرْضِعُ الْفَصِيلَ لِتُدِرَّ، ثُمَّ تُحْلَبَ، وَقِيلَ: يُحْتَمَلُ مَا بَيْنَ الْغَدَاةِ إِلَى الْمَسَاءِ، أَوْ مَا بَيْنَ أَنْ تُحْلَبَ فِي ظَرْفٍ فَامْتَلَأَ، ثُمَّ تُحْلَبَ فِي ظَرْفٍ آخَرَ، أَوْ مَا بَيْنَ جَرِّ الضَّرْعِ إِلَى آخَرَ مِنْ أُخْرَى، وَهُوَ أَلْيَقُ بِالتَّرْغِيبِ فِي الْجِهَادِ، وَنَصْبُهُ عَلَى الظَّرْفِ بِتَقْدِيرِ: وَقْتَ فَوَاقِ نَاقَةٍ وَقْتًا مُقَدَّرًا بِذَلِكَ، أَوْ عَلَى إِجْرَائِهِ مَجْرَى الْمَصْدَرِ، أَيْ: وَقْتًا قَلِيلًا.

2793 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا دَيْلَمُ بْنُ غَزْوَانَ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ حَضَرْتُ حَرْبًا فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ يَا نَفْسِ ... أَلَا أَرَاكِ تَكْرَهِينَ الْجَنَّهْ أَحْلِفُ بِاللَّهِ لَتَنْزِلِنَّهْ ... طَائِعَةً أَوْ لَتُكْرَهِنَّهْ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: ( يَا نَفْسُ أَلَا أَرَاكِ تَكْرَهِينَ الْجَنَّةَ ) أَيْ: سَبَبَهَا وَهُوَ الْقِتَالُ وَكَأَنَّهُ لِهَذَا ذُكِرَ، أَوْ لَتُكْرَهِنَّهْ بِكَسْرِ الْهَاءِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ؛ لِأَنَّ دَيْلَمَ بْنَ غَزْوَانَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.

2794 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ دِينَارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ذَكْوَانَ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ قَالَ «أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ قَالَ مَنْ أُهَرِيقَ دَمُهُ وَعُقِرَ جَوَادُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ أُهْرِيقَ دَمُهُ) أَيْ: جَاهَدَ حَتَّى أَفْنَى نَفْسَهُ وَمَالَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ الدَّمِيرِيُّ: الْجَوَادُ الْفَرَسُ الْجَيِّدُ سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَجُودُ بِجَرْيِهِ وَالْأُنْثَى جَوَادٌ أَيْضًا، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ مُحَمَّدِ بْنِ ذَكْوَانَ.

2795 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ آدَمَ وَأَحْمَدُ بْنُ ثَابِتٍ الْجَحْدَرِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ عَنْ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ مَجْرُوحٍ يُجْرَحُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُجْرَحُ فِي سَبِيلِهِ إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَجُرْحُهُ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ جُرِحَ اللَّوْنُ لَوْنُ دَمٍ وَالرِّيحُ رِيحُ مِسْكٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (- وَاللَّهُ أَعْلَمُ - بِمَنْ يُجْرَحُ فِي سَبِيلِهِ) أَيِ: الْمَدَارُ عَلَى الْإِخْلَاصِ الْبَاطِنِيِّ لَا عَلَى الظَّاهِرِ وَهُوَ مِمَّا يَعْلَمُ اللَّهُ (كَهَيْئَتِهِ) أَيْ: سَائِلٌ كَسَيَلَانِهِ يَوْمَ حُصُولِهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.

2796 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنِي إِسْمَعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى يَقُولُ «دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْأَحْزَابِ فَقَالَ اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ سَرِيعَ الْحِسَابِ اهْزِمْ الْأَحْزَابَ اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مُنْزِلَ الْكِتَابِ، سَرِيعَ الْحِسَابِ،) لِكَوْنِهِمَا لِلْفَصْلِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ يَقْتَضِيَانِ دَفْعَ أَهْلِ

الْبَاطِلِ وَهَدْمَ بُنْيَانِهِمْ، فَيَنْبَغِي التَّوَسُّلُ بِهِمَا لِذَلِكَ.

2797 - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى وَأَحْمَدُ بْنُ عِيسَى الْمِصْرِيَّانِ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي أَبُو شُرَيْحٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ أَنَّ سَهْلَ بْنَ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ مِنْ قَلْبِهِ بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بَلَّغَهُ اللَّهُ) يُرِيدُ أَنَّ الدُّعَاءَ بِالشَّهَادَةِ إِذَا كَانَ يُصَدِّقُ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُسْتَجَابٌ لِفَائِدَةِ الشَّهَادَةِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب فضل الشهادة في سبيل الله]

[بَاب فَضْلِ الشَّهَادَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ] 2798 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي زَيْنَبَ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذُكِرَ الشُّهَدَاءُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَا تَجِفُّ الْأَرْضُ مِنْ دَمِ الشَّهِيدِ حَتَّى تَبْتَدِرَهُ زَوْجَتَاهُ كَأَنَّهُمَا ظِئْرَانِ أَضَلَّتَا فَصِيلَيْهِمَا فِي بَرَاحٍ مِنْ الْأَرْضِ وَفِي يَدِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حُلَّةٌ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حَتَّى تَبْتَدِرَهُ) أَيْ: تَسْبِقَ إِلَيْهِ (كَأَنَّهُمَا ظِئْرَانِ) الظِّئْرُ بِكَسْرِ الظَّاءِ الْمُرْضِعَةُ غَيْرَ وَلَدِهَا وَيَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَالسَّبَبُ فِي شِدَّةِ الْجَرْيِ وَقُوَّةِ التَّرَدُّدِ (أَضَلَّتَا) غَيَّبَتَا (فَصِيلَهُمَا) رَضِيعَهُمَا (فِي بَرَاحٍ) بِفَتْحِ الْبَاءِ هُوَ الْمُتَّسَعُ مِنَ الْأَرْضِ الَّذِي لَا زَرْعَ فِيهِ وَلَا شَجَرَةَ، وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ هِلَالِ بْنِ أَبِي ذِئْبٍ

2799 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنِي بَحِيرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللَّهِ سِتُّ خِصَالٍ يَغْفِرُ لَهُ فِي أَوَّلِ دُفْعَةٍ مِنْ دَمِهِ وَيُرَى مَقْعَدَهُ مِنْ الْجَنَّةِ وَيُجَارُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَيَأْمَنُ مِنْ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ وَيُحَلَّى حُلَّةَ الْإِيمَانِ وَيُزَوَّجُ مِنْ الْحُورِ الْعِينِ وَيُشَفَّعُ فِي سَبْعِينَ إِنْسَانًا مِنْ أَقَارِبِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (سِتُّ خِصَالٍ) الْمَذْكُورَاتُ سَبْعٌ إِلَّا أَنْ يَجْعَلَ الْإِجَارَةَ وَالْأَمْنَ مِنَ الْفَزَعِ وَاحِدَةً، وَقَوْلُهُ: فِي أَوَّلِ دُفْعَةٍ، قَالَ الدَّمِيرِيُّ: ضَبَطْنَاهُ فِي جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ بِضَمِّ الدَّالِ وَكَذَلِكَ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الدُّفْعَةُ بِالضَّمِّ مَا دُفِعَ مِنْ إِنَاءٍ أَوْ سِقَاءٍ فَانْصَبَّ بِمَرَّةٍ، وَكَذَلِكَ الدُّفْعَةُ مِنَ الْمَطَرِ وَغَيْرِهِ مِثْلُ الدُّفْقَةِ بِالْقَافِ يُقَالُ جَاءَ الْقَوْمُ دُفْعَةً وَاحِدَةً بِالضَّمِّ إِذَا دَخَلُوا مَرَّةً وَاحِدَةً، وَأَمَّا الدَّفْعَةُ بِالْفَتْحِ فَهِيَ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ مِنَ الدَّفْعِ، الْإِزَالَةُ بِقُوَّةٍ فَلَا يَصْلُحُ هَاهُنَا. (وَيُحَلَّى) الْمَضْبُوطُ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ وَإِضَافَةِ الْحُلَّةِ إِلَى الْإِيمَانِ

بِمَعْنَى أَنَّهَا عَلَامَةٌ لِإِيمَانِ صَاحِبِهَا، أَوْ بِمَعْنَى أَنَّهَا مُسَبَّبَةٌ عَنْهُ.

2800 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَرَامِيُّ الْأَنْصَارِيُّ سَمِعْتُ طَلْحَةَ بْنَ خِرَاشٍ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ «لَمَّا قُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ يَوْمَ أُحُدٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا جَابِرُ أَلَا أُخْبِرُكَ مَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِأَبِيكَ قُلْتُ بَلَى قَالَ مَا كَلَّمَ اللَّهُ أَحَدًا إِلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَكَلَّمَ أَبَاكَ كِفَاحًا فَقَالَ يَا عَبْدِي تَمَنَّ عَلَيَّ أُعْطِكَ قَالَ يَا رَبِّ تُحْيِينِي فَأُقْتَلُ فِيكَ ثَانِيَةً قَالَ إِنَّهُ سَبَقَ مِنِّي أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لَا يُرْجَعُونَ قَالَ يَا رَبِّ فَأَبْلِغْ مَنْ وَرَائِي فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَذِهِ الْآيَةَ {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا} [آل عمران: 169] الْآيَةَ كُلَّهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَا كَلَّمَ اللَّهُ أَحَدًا) مِنَ الشُّهَدَاءِ مُطْلَقًا، أَوْ شُهَدَاءِ أُحُدٍ (كِفَاحًا) بِكَسْرِ الْكَافِ، أَيْ: مُوَاجَهَةً لَيْسَ بَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَلَا رَسُولٌ قَوْلُهُ: (تَمَنَّ عَلَيَّ. . . إِلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ مَفْعُولَهُ عَامٌّ، أَيْ: مَا شِئْتَ فَيُشْكَلُ بِأَنَّهُ يَشْمَلُ الْأَحْيَاءَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ خِلَافَ الْمُعْتَادِ مُسْتَثْنًى مِنَ الْعُمُومِ لِمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ الْعَادَةَ مُخَصِّصَةٌ - وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ - وَقَدْ سَبَقَ الْحَدِيثُ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ

2801 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ «فِي قَوْلِهِ {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: 169] قَالَ أَمَا إِنَّا سَأَلْنَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ أَرْوَاحُهُمْ كَطَيْرٍ خُضْرٍ تَسْرَحُ فِي الْجَنَّةِ فِي أَيِّهَا شَاءَتْ ثُمَّ تَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مُعَلَّقَةٍ بِالْعَرْشِ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ اطَّلَعَ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ اطِّلَاعَةً فَيَقُولُ سَلُونِي مَا شِئْتُمْ قَالُوا رَبَّنَا مَاذَا نَسْأَلُكَ وَنَحْنُ نَسْرَحُ فِي الْجَنَّةِ فِي أَيِّهَا شِئْنَا فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّهُمْ لَا يُتْرَكُونَ مِنْ أَنْ يَسْأَلُوا قَالُوا نَسْأَلُكَ أَنْ تَرُدَّ أَرْوَاحَنَا فِي أَجْسَادِنَا إِلَى الدُّنْيَا حَتَّى نُقْتَلَ فِي سَبِيلِكَ فَلَمَّا رَأَى أَنَّهُمْ لَا يَسْأَلُونَ إِلَّا ذَلِكَ تُرِكُوا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَمَا إِنَّا سَأَلْنَا) بِفَتْحِ هَمْزَةِ أَمَا وَتَخْفِيفِ مِيمِهَا حَرْفُ اسْتِفْتَاحٍ (كَطَيْرٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّ نَفْسَ الرُّوحِ يَتَمَثَّلُ طَيْرًا، قِيلَ: ذَلِكَ فِي قُوَّةِ الطَّيَرَانِ، وَإِلَّا فَالصُّورَةُ الْإِنْسَانِيَّةُ أَحْسَنُ مِنْ صُورَةِ الطَّيْرِ (فِي أَيِّهَا) أَيْ: فِي أَيِّ الْجِنَانِ.

2802 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَأَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ وَبِشْرُ بْنُ آدَمَ قَالُوا حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ عَنْ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَجِدُ الشَّهِيدُ مِنْ الْقَتْلِ إِلَّا كَمَا يَجِدُ أَحَدُكُمْ مِنْ الْقَرْصَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَا يَجِدُ الشَّهِيدُ) أَيْ: يُهَوِّنُ اللَّهُ تَعَالَى الْأَمْرَ عَلَيْهِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب ما يرجى فيه الشهادة]

[بَاب مَا يُرْجَى فِيهِ الشَّهَادَةُ] 2803 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ أَبِي الْعُمَيْسِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبْرِ بْنِ عَتِيكٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّهُ مَرِضَ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ فَقَالَ قَائِلٌ مِنْ أَهْلِهِ إِنْ كُنَّا لَنَرْجُو أَنْ تَكُونَ وَفَاتُهُ قَتْلَ شَهَادَةٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ شُهَدَاءَ أُمَّتِي إِذًا لَقَلِيلٌ الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ شَهَادَةٌ وَالْمَطْعُونُ شَهَادَةٌ وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ شَهَادَةٌ يَعْنِي الْحَامِلَ وَالْغَرِقُ وَالْحَرِقُ وَالْمَجْنُوبُ يَعْنِي ذَاتَ الْجَنْبِ شَهَادَةٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنْ كُنَّا) كَلِمَةُ أَنْ مُخَفَّفَةٌ مِنَ الثَّقِيلَةِ (قَتْلَ شَهَادَةٍ) بِالنَّصْبِ وَالْإِضَافَةِ (أَنَّ شُهَدَاءَ أُمَّتِي إِذَا) أَيْ: إِذَا لَمْ تَكُنِ الشَّهَادَةُ إِلَّا الْقَتْلَ وَقَدْ جَرَى مِنْهُمْ كَلَامٌ اقْتَضَى ذَلِكَ فَلِذَلِكَ رَدَّ عَلَيْهِمْ بِمَا ذُكِرَ قَوْلُهُ: (وَالْمَطْعُونُ شَهَادَةٌ) أَيْ: مَوْتُ الْمَطْعُونِ، أَوْ شَهَادَةٌ بِمَعْنَى شَهِيدٍ وَكَذَا فِيمَا بَعْدَهُ وَالْمَطْعُونُ الْمَيِّتُ بِالطَّاعُونِ قَوْلُهُ: (بِجُمْعٍ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ: هُوَ أَنْ تَمُوتَ وَفِي بَطْنِهَا وَلَدٌ، زَادَ فِي النِّهَايَةِ وَقِيلَ: أَوْ تَمُوتَ بِكْرًا قَالَ وَالْجُمْعُ بِالضَّمِّ بِمَعْنَى الْمَجْمُوعِ كَالذُّخْرِ بِمَعْنَى الْمَذْخُورِ وَكَسَرَ الْكَسَائِيُّ الْجِيمَ، وَالْمَعْنَى أَنَّهَا مَاتَتْ مَعَ شَيْءٍ مَجْمُوعٍ فِيهَا غَيْرِ مُنْفَصِلٍ عَنْهَا مِنْ حَمْلٍ، أَوْ بَكَارَةٍ (وَالْغَرِقُ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ الَّذِي هُوَ يَمُوتُ غَرِيقًا فِي الْمَاءِ وَكَذَا الْحَرِقُ بِمَعْنَى مَنْ يَمُوتُ حَرِيقًا فِي النَّارِ.

2804 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ حَدَّثَنَا سُهَيْلٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَا تَقُولُونَ فِي الشَّهِيدِ فِيكُمْ قَالُوا الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ إِنَّ شُهَدَاءَ أُمَّتِي إِذًا لَقَلِيلٌ مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ مَاتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَالْمَبْطُونُ شَهِيدٌ وَالْمَطْعُونُ شَهِيدٌ» قَالَ سُهَيْلٌ وَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مِقْسَمٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ وَزَادَ فِيهِ وَالْغَرِقُ شَهِيدٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي الشَّهِيدِ) أَيْ: فِي مَوْتِ الشَّهِيدِ، أَوِ الْمُرَادُ بِالْقَتْلِ الْقَتْلُ فِي الْحَرْبِ، وَالْمَبْطُونُ هُوَ الَّذِي يَمُوتُ بِمَرَضِ بَطْنِهِ كَإِسْهَالٍ وَاسْتِسْقَاءٍ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب السلاح]

[بَاب السِّلَاحِ] 2805 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَهُوَ الْمَنْسُوجُ مِنَ الدِّرْعِ عَلَى قَدْرِ الرَّأْسِ، وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ: " وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ " إِذْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْعِمَامَةُ فَوْقَ الْمَغْفِرَةِ، أَوْ بِالْعَكْسِ، أَوْ كَانَ أَوَّلَ دُخُولِهِ عَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ، ثُمَّ أَزَالَهُ وَلَبِسَ الْعِمَامَةَ بَعْدَ ذَلِكَ.

2806 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ أَخَذَ دِرْعَيْنِ كَأَنَّهُ ظَاهَرَ بَيْنَهُمَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ظَاهَرَ بَيْنَهُمَا) أَيْ: جَمَعَ بَيْنَهُمَا وَلَبِسَ أَحَدَهُمَا

فَوْقَ الْأُخْرَى وَكَأَنَّهُ مِنَ التَّظَاهُرِ بِمَعْنَى التَّعَاوُنِ وَالتَّسَاعُدِ كَأَنْ جَعَلَ أَحَدَهُمَا ظِهَارَةً وَالْأُخْرَى بِطَانَةً، وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ مُبَاشَرَةَ الْأَسْبَابِ لَا تُنَافِي التَّوَكُّلَ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ.

2807 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ حَبِيبٍ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى أَبِي أُمَامَةَ فَرَأَى فِي سُيُوفِنَا شَيْئًا مِنْ حِلْيَةِ فِضَّةٍ فَغَضِبَ وَقَالَ لَقَدْ فَتَحَ الْفُتُوحَ قَوْمٌ مَا كَانَ حِلْيَةُ سُيُوفِهِمْ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَكِنْ الْآنُكُ وَالْحَدِيدُ وَالْعَلَابِيُّ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْقَطَّانُ الْعَلَابِيُّ الْعَصَبُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَتَحَ الْفُتُوحَ قَوْمٌ) أَيِ: الصَّحَابَةُ (وَلَكِنِ الْآنُكُ) بِالْمَدِّ وَضَمِّ النُّونِ هِيَ الرَّصَاصُ الْأَبْيَضُ، وَقِيلَ: الْأَسْوَدُ، وَقِيلَ: هُوَ الْخَالِصُ مِنْهُ، وَفِي: الصِّحَاحِ أَفْعُلُ مِنْ أَبْنِيَةِ الْجَمْعِ وَلَمْ يَجِئْ عَلَيْهِ الْوَاحِدُ إِلَّا آنُكٌ وَأَشُدُّ وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَ الدَّمِيرِيِّ وَالسُّيُوطِيِّ وَلَمْ يَجِئْ عَلَى أَفْعُلَ وَاحِدٍ غَيْرُ هَذَا فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ (وَالْعَلَابِيُّ) سَاكِنُ الْيَاءِ وَمُشَدَّدُهَا جَمْعُ عَلْيَابَةٍ وَهُوَ عَصَبٌ فِي الْعُنُقِ يَأْخُذُ إِلَى الْكَاهِلِ كَانَتِ الْعَرَبُ تَشُدُّ أَحْقَابَ سُيُوفِهَا بِالْعَلَابِيِّ الرَّطْبَةِ فَيَجِفُّ عَلَيْهَا، وَتَشُدُّ الرِّمَاحَ بِهَا إِذَا انْصَدَعَتْ فَتَيْبَسُ بِهِ وَتَقْوَى، كَذَا ذَكَرَهُ الدَّمِيرِيُّ وَالسُّيُوطِيُّ.

2808 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا ابْنُ الصَّلْتِ عَنْ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنَفَّلَ سَيْفَهُ ذَا الْفَقَارِ يَوْمَ بَدْرٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (تَنَفَّلَ) أَيْ: أَخَذَ مِنَ النَّفَلِ وَهُوَ بِفَتْحَتَيْنِ عَلَى الْمَشْهُورُ وَقَدْ تُسَكَّنُ الْفَاءُ وَاحِدُ الْأَنْفَالِ. وَهِيَ زِيَادَةٌ يُزَادُهَا الْغَازِي عَلَى نَصِيبِهِ مِنَ الْغَنِيمَةِ وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْغَنِيمَةِ. (ذَا الْفَقَارِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَتُكْسَرُ وَبَعْدَهَا قَافٌ وَبِالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ جَمْعُ فَقَرَةٍ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِفَقَرَاتٍ كَانَتْ فِيهِ وَالْفَقَارُ الْعِظَامُ الَّتِي هِيَ سِلْسِلَةُ الظَّهْرِ.

2809 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ بْنِ سَمُرَةَ أَنْبَأَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ «كَانَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ إِذَا غَزَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَمَلَ مَعَهُ رُمْحًا فَإِذَا رَجَعَ طَرَحَ رُمْحَهُ حَتَّى يُحْمَلَ لَهُ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ لَأَذْكُرَنَّ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَا تَفْعَلْ فَإِنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ لَمْ تُرْفَعْ ضَالَّةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَقَالَ) أَيِ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْمُغِيرَةِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ لَهُ عَلِيٌّ (لَمْ تُرْفَعْ) أَيِ: الرُّمْحُ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ (ضَالَّةً) بِالنَّصْبِ حَالٌ، أَيْ: كُلُّ مَنْ يَرْفَعُ الشَّيْءَ وَيَرَى صَاحِبُهُ تَرَكَ عَمْدًا لَا يَرُدُّ ضَالَّةً، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ أَبُو الْخَلِيلِ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْخَلِيلِ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ وَأَبُو إِسْحَاقَ مُدَلِّسٌ وَقَدِ اخْتَلَطَ بِآخِرِ عُمْرِهِ.

2810 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ بْنِ سَمُرَةَ أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ عَنْ أَبِي رَاشِدٍ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ «كَانَتْ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْسٌ عَرَبِيَّةٌ فَرَأَى رَجُلًا بِيَدِهِ قَوْسٌ فَارِسِيَّةٌ فَقَالَ مَا هَذِهِ أَلْقِهَا وَعَلَيْكُمْ بِهَذِهِ وَأَشْبَاهِهَا وَرِمَاحِ الْقَنَا فَإِنَّهُمَا يَزِيدُ اللَّهُ لَكُمْ بِهِمَا فِي الدِّينِ وَيُمَكِّنُ لَكُمْ فِي الْبِلَادِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَوْسٌ عَرَبِيَّةٌ) الْقَوْسُ الْعَرَبِيُّ مَا يُرْمَى بِهِ النَّبْلُ وَهُوَ السِّهَامُ الْعَرَبِيَّةُ، وَالْفَارِسِيُّ مَا يُرْمَى بِهِ نَحْوُ الْبُنْدُقِ، وَالْقَنَا جَمْعُ قَنَاةٍ وَهِيَ الرُّمْحُ. قُلْتُ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ هَاهُنَا نَوْعٌ مِنْهُ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بِشْرٍ الْجِيَانِيُّ ضَعَّفَهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ وَغَيْرُهُ وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ لَكِنَّهُ مَا أَجَادَ فِي ذَلِكَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب الرمي في سبيل الله]

[بَاب الرَّمْيِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ] 2811 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَّامٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَزْرَقِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ لَيُدْخِلُ بِالسَّهْمِ الْوَاحِدِ الثَّلَاثَةَ الْجَنَّةَ صَانِعَهُ يَحْتَسِبُ فِي صَنْعَتِهِ الْخَيْرَ وَالرَّامِيَ بِهِ وَالْمُمِدَّ بِهِ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارْمُوا وَارْكَبُوا وَأَنْ تَرْمُوا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ تَرْكَبُوا وَكُلُّ مَا يَلْهُو بِهِ الْمَرْءُ الْمُسْلِمُ بَاطِلٌ إِلَّا رَمْيَهُ بِقَوْسِهِ وَتَأْدِيبَهُ فَرَسَهُ وَمُلَاعَبَتَهُ امْرَأَتَهُ فَإِنَّهُنَّ مِنْ الْحَقِّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (صَانِعُهُ يَحْتَسِبُ) أَيْ: يَنْوِي (فِي صَنْعَتِهِ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ، أَيْ: عَمَلِهِ (وَالْمُمِدُّ بِهِ) اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَمَدَّهُ، وَالْمُرَادُ مَنْ يَقُومُ بِجَنْبِ الرَّامِي، أَوْ خَلْفَهُ يُنَاوِلُهُ النَّبْلَ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، أَوْ يَرُدُّ عَلَيْهِ النَّبْلَ الْمَرْمِيَّ بِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ: مَنْ يُعْطِي النَّبْلَ مِنْ مَالِهِ تَجْهِيزًا لِلْغَازِي وَإِمْدَادًا لَهُ (وَأَنْ تَرْمُوا) مِثْلُ وَأَنْ تَصُومُوا قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُنَّ مِنَ الْحَقِّ) أَيْ: هُوَ فِيمَا هُوَ مَأْجُورٌ.

2812 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيِّ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ رَمَى الْعَدُوَّ بِسَهْمٍ فَبَلَغَ سَهْمُهُ الْعَدُوَّ أَصَابَ أَوْ أَخْطَأَ فَعَدْلُ رَقَبَةٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَبَلَغَ سَهْمُهُ الْعَدُوَّ) مِنَ التَّبْلِيغِ وَنَصْبِ السَّهْمِ وَالْعَدُوِّ، أَوْ مِنَ الْبُلُوغِ وَرَفْعِ السَّهْمِ (فَعِدْلُ رَقَبَةٍ) أَيْ: فَلَهُ مِنَ الثَّوَابِ عِدْلُ رَقَبَةٍ.

2813 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْهَمْدَانِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيَّ يَقُولُ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ عَلَى الْمِنْبَرِ {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60] أَلَا وَإِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَلَا وَإِنَّ الْقُوَّةَ) اللَّامُ لِلْعَهْدِ الْمَذْكُورَةُ فِي الْقُرْآنِ فَلَا يَنْبَغِي تَفْسِيرُهَا بِغَيْرِ الرَّمْيِ كَمَا فَعَلَهُ بَعْضُ

الْمُفَسِّرِينَ.

2814 - حَدَّثَنَا حَرْمَلَهُ بْنُ يَحْيَى الْمِصْرِيُّ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي ابنُ لَهِيعَةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ نُعَيْمٍ الرُّعَيْنِيِّ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ نَهِيكٍ أَنَّهُ سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيَّ يَقُولُ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ تَعَلَّمَ الرَّمْيَ ثُمَّ تَرَكَهُ فَقَدْ عَصَانِي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَقَدْ عَصَانِي) فَإِنَّ وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ.

2815 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ زِيَادِ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَفَرٍ يَرْمُونَ فَقَالَ رَمْيًا بَنِي إِسْمَعِيلَ فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (رَمْيًا) أَيِ: ارْمُوا رَمْيًا وَالْزَمُوا رَمْيًا، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ.

[باب الرايات والألوية]

[بَاب الرَّايَاتِ وَالْأَلْوِيَةِ] 2816 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ حَسَّانَ قَالَ «قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا عَلَى الْمِنْبَرِ وَبِلَالٌ قَائِمٌ بَيْنَ يَدَيْهِ مُتَقَلِّدٌ سَيْفًا وَإِذَا رَايَةٌ سَوْدَاءُ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا هَذَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ قَدِمَ مِنْ غَزَاةٍ»

2817 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ وَعَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَلِوَاؤُهُ أَبْيَضُ»

2818 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَقَ الْوَاسِطِيُّ النَّاقِدُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَيَّانَ سَمِعْتُ أَبَا مِجْلَزٍ يُحَدِّثُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَايَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ سَوْدَاءَ وَلِوَاؤُهُ أَبْيَضُ»

[باب لبس الحرير والديباج في الحرب]

[بَاب لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ فِي الْحَرْبِ] 2819 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ أَبِي عُمَرَ مَوْلَى أَسْمَاءَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ «أَنَّهَا أَخْرَجَتْ جُبَّةً مُزَرَّرَةً بِالدِّيبَاجِ فَقَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُ هَذِهِ إِذَا لَقِيَ الْعَدُوَّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بَابُ الرَّايَاتِ وَالْأَلْوِيَةِ) قِيلَ: الرَّايَةُ وَاللِّوَاءُ مُتَرَادِفَانِ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَقِيلَ: بَيْنَهُمَا فَرْقٌ بِأَنَّ اللِّوَاءَ هُوَ الْعَلَمُ الصَّغِيرُ، وَالرَّايَةَ الْكَبِيرُ وَمُقْتَضَى حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ وَأَحْمَدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " «كَانَتْ رَايَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَوْدَاءَ وَلِوَاؤُهُ أَبْيَضُ» ثُبُوتُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ أَوَّلَ مَا حَدَثَ الرَّايَاتُ يَوْمَ خَيْبَرَ وَمَا كَانُوا يَعْرِفُونَ قَبْلَ ذَلِكَ إِلَّا الْأَلْوِيَةَ، وَبِالْجُمْلَةِ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَرْقِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -. قَوْلُهُ: (مُزَرَّرَةً بِالدِّيبَاجِ) بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِهَا فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ مَأْخُوذٌ مِنَ التَّدْبِيجِ وَهُوَ

النَّقْشُ وَالتَّزْيِينُ وَجَمْعُهُ دَبَائِجُ وَهُوَ الثِّيَابُ الْمُتَّخَذَةُ مِنَ الْإِبْرَيْسَمِ.

2820 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ عُمَرَ «أَنَّهُ كَانَ يَنْهَى عَنْ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ إِلَّا مَا كَانَ هَكَذَا ثُمَّ أَشَارَ بِإِصْبَعِهِ ثُمَّ الثَّانِيَةِ ثُمَّ الثَّالِثَةِ ثُمَّ الرَّابِعَةِ وَقَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَانَا عَنْهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِلَّا مَا كَانَ هَكَذَا) أَيْ: قَدْرَ أَرْبَعَةِ أَصَابِعَ.

[باب لبس العمائم في الحرب]

[بَاب لُبْسِ الْعَمَائِمِ فِي الْحَرْبِ] 2821 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ مُسَاوِرٍ حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ قَدْ أَرْخَى طَرَفَيْهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ»

2822 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّةَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ»

[باب الشراء والبيع في الغزو]

[بَاب الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ فِي الْغَزْوِ] 2823 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ حَدَّثَنَا سُنَيْدُ بْنُ دَاوُدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ حَيَّانَ الرَّقِّيِّ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ عُرْوَةَ الْبَارِقِيُّ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ «رَأَيْتُ رَجُلًا يَسْأَلُ أَبِي عَنْ الرَّجُلِ يَغْزُو فَيَشْتَرِي وَيَبِيعُ وَيَتَّجِرُ فِي غَزْوَتِهِ فَقَالَ لَهُ أَبِي كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَبُوكَ نَشْتَرِي وَنَبِيعُ وَهُوَ يَرَانَا وَلَا يَنْهَانَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي غَزْوَتِهِ) أَيْ: هُوَ هَلْ يَبْطُلُ أَجْرُ الْخُرُوجِ لِلْغَزْوِ أَمْ لَا، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ عَلِيِّ بْنِ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ دَاوُدَ.

[باب تشييع الغزاة ووداعهم]

[بَاب تَشْيِيعِ الْغُزَاةِ وَوَدَاعِهِمْ] 2824 - حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَسْوَدِ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ زَبَّانَ بْنِ فَائِدٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَبِيهِ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَأَنْ أُشَيِّعَ مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأَكُفَّهُ عَلَى رَحْلِهِ غَدْوَةً أَوْ رَوْحَةً أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَأَكْفِهِ عَلَى رَحْلِهِ) مِنَ الْكِفَايَةِ قَالَ الدَّمِيرِيُّ هُوَ أَنْ يَحْرُسَ لَهُ مَتَاعَهُ إِذَا غَدَا أَوْ رَاحَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالْكِفَايَةُ الْخَدَمُ الَّذِينَ يَقُومُونَ بِالْخِدْمَةِ جَمْعُ كَافٍ أَرَادَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ تَرْغِيبَ النَّاسِ فِي خِدْمَةِ الْمُجَاهِدِينَ وَمَعُونَتِهِمْ: «وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا دَامَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ ".» وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَشَيْخُهُ زَبَّانُ بْنُ فَائِدٍ وَهُمَا ضَعِيفَانِ.

2825 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ مُوسَى بْنِ وَرْدَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «وَدَّعَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ الَّذِي لَا تَضِيعُ وَدَائِعُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَدَّعَنِي. . . إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

2826 - حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ حَدَّثَنَا أَبُو مِحْصَنٍ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَشْخَصَ السَّرَايَا يَقُولُ لِلشَّاخِصِ أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكَ وَأَمَانَتَكَ وَخَوَاتِيمَ عَمَلِكَ»

[باب السرايا]

[بَاب السَّرَايَا] 2827 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ مُحَمَّدٌ الصَّنْعَانِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ الْعَامِلِيُّ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَكْثَمَ بْنِ الْجَوْنِ الْخُزَاعِيِّ يَا أَكْثَمُ اغْزُ مَعَ غَيْرِ قَوْمِكَ يَحْسُنْ خُلُقُكَ وَتَكْرُمْ عَلَى رُفَقَائِكَ يَا أَكْثَمُ خَيْرُ الرُّفَقَاءِ أَرْبَعَةٌ وَخَيْرُ السَّرَايَا أَرْبَعُ مِائَةٍ وَخَيْرُ الْجُيُوشِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ وَلَنْ يُغْلَبَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَعَ غَيْرِ قَوْمِكَ) فَإِنَّهُمْ يُرَاعُونَ الْإِنْسَانَ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ يَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يُرَاعِيَهُمْ فَبِالضَّرُورَةِ يَحْتَاجُ إِلَى اسْتِعْمَالِ الْأَخْلَاقِ الْحَسَنَةِ (وَتَكَرَّمْ) أَمْرٌ مِنَ التَّكَرُّمِ كَمَا ضَبَطَهُ صَاحِبُ الزَّوَائِدِ، وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ مُضَارِعًا مِنَ الْكَرْمِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ بِمَعْنَى الْأَمْرِ، أَيْ: كُنْ كَرِيمًا عَلَيْهِمْ مُحْسِنًا إِلَيْهِمْ قَوْلُهُ: (خَيْرُ الرُّفَقَاءِ) خَيْرِيَّةُ هَذِهِ الْأَعْدَادِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا دُونَهَا قَوْلُهُ: (وَلَنْ يُغْلَبَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ تَرْغِيبًا لَهُمْ فِي التَّعَبِ وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَرَوْا أَنْفُسَهُمْ قَلِيلِينَ فَيَفِرُّوا لِذَلِكَ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّنْعَانِيُّ وَابْنُ سَلَمَةَ الْعَامِلِيُّ وَهُمَا ضَعِيفَانِ، وَقَالَ السُّيُوطِيُّ: قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ الْعَامِلِيُّ مَتْرُوكٌ، وَالْحَدِيثُ بَاطِلٌ. وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ الْعَامِلِيُّ كَذَّابٌ وَاسْمُهُ الْحُكْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَطَّابٍ، وَقَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي الْإِصَابَةِ قَدْ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَنْدَهْ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ أَكْثَمَ بْنِ الْجَوْنِ الْخُزَاعِيِّ نَفْسِهِ. وَأَشَارَ إِلَيْهَا ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ. وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ ابْنِ عَسَاكِرَ «يَا أَكْثَمُ اغْزُ مَعَ قَوْمِكَ يَحْسُنْ خُلُقُكَ.» قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: الْمَحْفُوظُ مَعَ غَيْرِ قَوْمِكَ اهـ. قُلْتُ: وَكَانَ وَجْهُهُ أَنَّ الْإِنْسَانَ يُرَاعِي التَّحَفُّظَ مَعَ غَيْرِ قَوْمِهِ مَالَا يُرَاعِيهِ مَعَهُمْ وَمِنْ هَذَا النَّمَطِ أَخْرَجَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَكْثُرَ عِلْمُهُ وَأَنْ يَعْظُمَ حِلْمُهُ فَلْيُجَالِسْ غَيْرَ عَشِيرَتِهِ اهـ. كَلَامُ السُّيُوطِيِّ.

2828 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا يَوْمَ بَدْرٍ ثَلَاثَ مِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ عَلَى عِدَّةِ أَصْحَابِ طَالُوتَ مَنْ جَازَ مَعَهُ النَّهَرَ وَمَا جَازَ مَعَهُ إِلَّا مُؤْمِنٌ

2829 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ أَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ لَهِيعَةَ بْنِ عُقْبَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْوَرْدِ صَاحِبَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِيَّاكُمْ وَالسَّرِيَّةَ الَّتِي إِنْ لَقِيَتْ فَرَّتْ وَإِنْ غَنِمَتْ غَلَّتْ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذَا لَقِيَتْ)

أَيِ: الْعَدُوَّ (وَإِنْ غَنِمَتْ) بِكَسْرِ النُّونِ بِأَنْ حَصَلَ لَهُمُ الْغَنِيمَةُ بِلَا لِقَاءِ الْعَدُوِّ وَمُحَارَبَتِهِمْ (غَلَّتْ) مِنْ الْغُلُولِ، أَيْ: خَانَتْ فِي الْغَنِيمَةِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب الأكل في قدور المشركين]

[بَاب الْأَكْلِ فِي قُدُورِ الْمُشْرِكِينَ] 2830 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ هُلْبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ طَعَامِ النَّصَارَى فَقَالَ لَا يَخْتَلِجَنَّ فِي صَدْرِكَ طَعَامٌ ضَارَعْتَ فِيهِ نَصْرَانِيَّةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا يَخْتَلِجَنَّ) قَدِ اخْتُلِفَ فِي رِوَايَتِهِ مَادَّةً وَهَيْئَةً أَمَّا الْأَوَّلُ فَقَالَ الْعِرَاقِيُّ: الْمَشْهُورُ أَنَّهُ بِتَقْدِيمِ الْخَاءِ عَلَى الْجِيمِ وَرُوِيَ بِتَقْدِيمِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ عَلَى الْجِيمِ وَظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ تَطْبِيقٌ، فَالْجَوَابُ إِفَادَةُ الْإِبَاحَةِ وَالْإِذْنِ فِيهِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ بَيْنَ الْجُمْهُورِ لِحَدِيثِ: " «الْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ» لَكِنَّ قَوْلَهُ: ضَارَعْتَ بِسُكُونِ الْعَيْنِ وَفَتْحِ التَّاءِ عَلَى صِيغَةِ الْخِطَابِ، أَيْ: شَابَهْتَ بِهِ مِلَّةً نَصْرَانِيَّةً أَيْ أَهْلَهَا يُفِيدَانِ سَوْقَ الْجَوَابِ لِإِفَادَةِ الْمَنْعِ مِنْهُ كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو مُوسَى فَقَالَ إِنَّهُ مُنِعَ مِنْهُ وَذَلِكَ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ طَعَامِ النَّصَارَى، فَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ لَا يَتَحَرَّكَ فِي ذَلِكَ شَكٌّ إِذْ مَا شَابَهْتَ فِيهِ النَّصَارَى حَرَامٌ خَبِيثٌ، أَوْ مَكْرُوهٌ، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ: إِذَا كَانَ سَوْقُ الْجَوَابِ لِلْمَنْعِ فَالتَّرَدُّدُ بَيْنَ كَوْنِهِ حَرَامًا أَوْ مَكْرُوهًا مَوْجُودٌ فَلَا يَسْتَقِيمُ نَفْيُ التَّرَدُّدِ بَيْنَ كَوْنِهِ مُبَاحًا أَوْ مَمْنُوعًا، أَوْ أُثْبِتَ فِيهِ الْمَنْعُ وَالتَّرَدُّدُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي أَقْسَامِ الْمَمْنُوعِ لَا يُنَافِيهِ؛ وَلِذَلِكَ جَزَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ سِيَاقَ الْحَدِيثِ لَا يُنَاسِبُ الْإِذْنَ، وَإِنَّمَا يُنَاسِبُ الْمَنْعَ، وَقَدْ يُقَالُ: إِنَّهُ لِلْإِذْنِ، وَمَحَطُّ الْكَلَامِ إِنَّمَا هُوَ الْمَقَامُ، وَالْمَعْنَى لَا يَخْتَلِجْ فِي صَدْرِكَ طَعَامٌ يَعْنِي أَنَّ التَّشْبِيهَ الْمَمْنُوعَ إِنَّمَا هُوَ فِي الدِّينِ وَالْعَادَاتِ وَالْأَخْلَاقِ لَا فِي الطَّعَامِ الَّذِي يَحْتَاجُ إِلَيْهِ كُلُّ وَاحِدٍ، وَالتَّشْبِيهُ فِيهِ لَازِمٌ لِاتِّحَادِ جِنْسِ مَأْكُولِ الْفَرِيقَيْنِ وَقَدْ أَذِنَ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: 5] فَالتَّشْبِيهُ فِيهِ مِثْلُهُ لَا عِبْرَةَ بِهِ وَلَا يَخْتَلِجُ فِي الصُّدُورِ حَتَّى تَسْأَلَ عَنْهُ، وَأَجَابَ الطِّيبِيُّ بِأَنَّ جُمْلَةَ ضَارَعْتَ جَوَابُ شَرْطٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ إِنْ شَكَكْتَ شَابَهْتَ فِيهِ الرَّهْبَانِيَّةَ، وَالْجُمْلَةُ الشَّرْطِيَّةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لِبَيَانِ سَبَبِ النَّهْيِ، وَالْمَعْنَى لَا يَدْخُلُ

فِي قَلْبِكَ ضِيقٌ وَحَرَجٌ لِأَنَّكَ عَلَى الْحَنِيفِيَّةِ السَّهْلَةِ السَّمْحَةِ فَإِذَا شَكَكْتَ وَشَدَّدْتَ عَلَى نَفْسِكَ بِمِثْلِ هَذَا شَابَهْتَ فِيهِ الرَّهْبَانِيَّةَ، وَبِالْجُمْلَةِ فَأُوَلِّ الْحَدِيثُ إِلَى الْإِذْنِ أَقْرَبُ وَآخِرُهُ بِالْمَنْعِ أَنْسَبُ فَاخْتَلَفَتْ كَلِمَاتُ الْقَوْمِ فِي ذَلِكَ

2831 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنِي أَبُو فَرْوَةَ يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ رُوَيْمٍ اللَّخْمِيُّ عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ قَالَ وَلَقِيَهُ وَكَلَّمَهُ قَالَ «أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْتُهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قُدُورُ الْمُشْرِكِينَ نَطْبُخُ فِيهَا قَالَ لَا تَطْبُخُوا فِيهَا قُلْتُ فَإِنْ احْتَجْنَا إِلَيْهَا فَلَمْ نَجِدْ مِنْهَا بُدًّا قَالَ فَارْحَضُوهَا رَحْضًا حَسَنًا ثُمَّ اطْبُخُوا وَكُلُوا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا تَطْبُخُوا فِيهَا) الِاسْتِحْبَابُ عَنِ الِاحْتِرَازِ عَنْ آنِيَتِهِمْ مَعَ وُجُودِ الْغَيْرِ إِذِ الْكَلَامُ فِيمَا يَسْتَعْمِلُونَ فِيهِ الْأَشْيَاءَ النَّجِسَةَ، وَالِاحْتِرَازُ عَنْهَا أَحْسَنُ. (فَارْحَضُوهَا) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، أَيِ: اغْسِلُوهَا مِنْ: رَحَضَهُ - كَمَنَعَهُ - غَسَلَهُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب الاستعانة بالمشركين]

[بَاب الِاسْتِعَانَةِ بِالْمُشْرِكِينَ] 2832 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ نِيَارٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّا لَا نَسْتَعِينُ بِمُشْرِكٍ قَالَ عَلِيٌّ فِي حَدِيثِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ أَوْ زَيْدٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنَّا لَا نَسْتَعِينُ بِمُشْرِكٍ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِاسْتِعَانَةَ بِالْمُشْرِكِ حَرَامٌ وَمَحَلُّهُ عَدَمُ الْحَاجَةِ إِذِ الْحَاجَةُ مُسْتَثْنَاةٌ، فَيُحْمَلُ مَا جَاءَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْحَاجَةِ فَلَا تَعَارُضَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب الخديعة في الحرب]

[بَاب الْخَدِيعَةِ فِي الْحَرْبِ] 2833 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْحَرْبُ خَدْعَةٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْحَرْبُ خَدْعَةٌ) قَالَ الدَّمِيرِيُّ: فِي خُدْعَةٍ ثَلَاثُ لُغَاتٍ مَشْهُورَاتٌ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ أَفْصَحَهُنَّ خَدْعَةٌ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَإِسْكَانِ الدَّالِ، وَالثَّانِيَةُ ضَمُّ الْخَاءِ مَعَ إِسْكَانِ الدَّالِ، وَالثَّالِثَةُ ضَمُّهَا مَعَ فَتْحِ الدَّالِ، وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ خِدَاعِ الْكُفَّارِ فِي الْحَرْبِ كَيْفَ أَمْكَنَ الْخِدَاعُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ نَقْضُ عَهْدٍ أَوْ أَمَانٍ فَلَا يَحِلُّ اهـ. وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الْمَعْنَى عَلَى الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ وَاحِدٌ، لَكِنَّ كَلَامَ غَيْرِهِ يَقْتَضِي الْفَرْقَ وَأَنَّهُ بِفَتْحِ الْخَاءِ لِلْمَرَّةِ، أَيْ أَنَّ الْحَرْبَ يَنْقَضِي أَمْرُهَا بِخَدْعَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهَا قَدْ تَقُومُ مَقَامَ الْحَرْبِ، وَبِضَمِّهَا مَعَ السُّكُونِ اسْمٌ مِنَ الْخِدَاعِ، وَبِضَمِّهَا مَعَ الْفَتْحِ مَعْنَاهُ أَنَّهَا تَعْتَادُ الْخِدَاعَ وَتُكْثِرُهُ كَاللُّعَبَةِ وَالضُّحَكَةِ لِمَنْ يُكْثِرُ اللَّعِبَ وَالضَّحِكَ، أَيْ أَنَّ الْحَرْبَ تَخْدَعُ الرِّجَالَ وَتُمَنِّيهِمْ وَلَا تَفِي لَهُمْ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

2834 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ مَطَرِ بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْحَرْبُ خَدْعَةٌ»

[باب المبارزة والسلب]

[بَاب الْمُبَارَزَةِ وَالسَّلَبِ] 2835 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ وَحَفْصُ بْنُ عَمْرٍو قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ أَنْبَأَنَا وَكِيعٌ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ الرُّمَّانِيِّ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ هُوَ يَحْيَى بْنُ الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ يُقْسِمُ لَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي هَؤُلَاءِ الرَّهْطِ السِّتَّةِ يَوْمَ بَدْرٍ {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ} [الفاتحة: 19 - 30772] إِلَى قَوْلِهِ {الْحَرِيقِ} [الحج: 22] فِي حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ اخْتَصَمُوا فِي الْحُجَجِ يَوْمَ بَدْرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: ( {هَذَانِ خَصْمَانِ} [الحج: 19] ) بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ الْخَصْمَ يُطْلَقُ عَلَى الْجَمْعِ، أَيْ: هَذَانِ فَرِيقَانِ هُمَا خَصْمَانِ (اخْتَصَمُوا فِي الْحِجَجِ) أَيْ: فِي مُقْتَضَى الْحِجَجِ وَهُوَ الْإِسْلَامِ وَبِالسَّيْفِ وَالسِّنَانِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُمُ اخْتَصَمُوا بِالْحِجَجِ.

2836 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا أَبُو الْعُمَيْسِ وَعِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «بَارَزْتُ رَجُلًا فَقَتَلْتُهُ فَنَفَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَلَبَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ (فَنَفَّلَنِي) بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ أَيْ: أَعْطَانِي السَّلَبَ بِفَتْحَتَيْنِ مَا عَلَى الْمَقْتُولِ مِنْ مَلْبُوسٍ وَغَيْرِهِ، وَفِي شُمُولِ الدَّابَّةِ اخْتِلَافٌ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

2837 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَّلَهُ سَلَبَ قَتِيلٍ قَتَلَهُ يَوْمَ حُنَيْنٍ»

2838 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ ابْنِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَتَلَ فَلَهُ السَّلَبُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ قَتَلَ فَلَهُ السَّلَبُ) وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ سُلَيْمَانُ بْنُ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ حَالُهُ مَجْهُولٌ وَبَاقِي رِجَالِهِ مُوَثَّقُونَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب الغارة والبيات وقتل النساء والصبيان]

[بَاب الْغَارَةِ وَالْبَيَاتِ وَقَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ] 2839 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا الصَّعْبُ بْنُ جَثَّامَةَ قَالَ «سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَهْلِ الدَّارِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ يُبَيَّتُونَ فَيُصَابُ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ قَالَ هُمْ مِنْهُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الصَّعْبُ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ (ابْنُ جَثَّامَةَ) بِفَتْحِ جِيمٍ وَتَشْدِيدِ مُثَلَّثَةٍ قَوْلُهُ: (عَنْ أَهْلِ الدَّارِ) أَيِ: الْقَرْيَةِ، أَوِ الْمَحَلِّ (يُبَيَّتُونَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ، وَالضَّمِيرُ لِأَهْلِ

الدَّارِ، أَيْ: يَقَعُ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِمْ لَيْلًا (هُمْ مِنْهُمْ) أَيْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فِي جَوَازِ الْقَتْلِ فِي تَلِكَ الْحَالَةِ الْمَسْئُولِ عَنْهَا، وَفِي ذَلِكَ الْقَتْلِ غَيْرِ الْقَصْدِيِّ، وَأَمَّا الْقَصْدِيُّ فَقَدْ نُهِيَ عَنْهُ فَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ وَحَدِيثِ النَّهْيِ. وَالزُّهْرِيُّ جَعَلَهُ مَنْسُوخًا بِحَدِيثِ النَّهْيِ.

2840 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ أَنْبَأَنَا وَكِيعٌ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «غَزَوْنَا مَعَ أَبِي بَكْرٍ هَوَازِنَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَيْنَا مَاءً لِبَنِي فَزَارَةَ فَعَرَّسْنَا حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الصُّبْحِ شَنَنَّاهَا عَلَيْهِمْ غَارَةً فَأَتَيْنَا أَهْلَ مَاءٍ فَبَيَّتْنَاهُمْ فَقَتَلْنَاهُمْ تِسْعَةً أَوْ سَبْعَةَ أَبْيَاتٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَعَرَّسْنَا) مِنَ التَّعْرِيسِ وَهُوَ نُزُولُ الْمُسَافِرِ آخِرَ اللَّيْلِ (شَنَنَّاهَا) الشَّنُّ بِشِينٍ مُعْجَمَةٍ وَنُونٍ مُشَدَّدَةٍ صَبُّ الْمَاءِ مُتَفَرِّقًا وَضَمِيرُهَا مُبْهَمٌ يُفَسِّرُهُ قَوْلُهُ: غَارَةً.

2841 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ أَنْبَأَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى امْرَأَةً مَقْتُولَةً فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ فَنَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصَّبِيَّانِ) أَيْ قَصْدًا وَبِلَا ضَرُورَةٍ.

2842 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْمُرَقَّعِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ عَنْ حَنْظَلَةَ الْكَاتِبِ قَالَ «غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَرَرْنَا عَلَى امْرَأَةٍ مَقْتُولَةٍ قَدْ اجْتَمَعَ عَلَيْهَا النَّاسُ فَأَفْرَجُوا لَهُ فَقَالَ مَا كَانَتْ هَذِهِ تُقَاتِلُ فِيمَنْ يُقَاتِلُ ثُمَّ قَالَ لِرَجُلٍ انْطَلِقْ إِلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ فَقُلْ لَهُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُكَ يَقُولُ لَا تَقْتُلَنَّ ذُرِّيَّةً وَلَا عَسِيفًا» حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْمُرَقَّعِ عَنْ جَدِّهِ رَبَاحِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ يُخْطِئُ الثَّوْرِيُّ فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَرَّجُوا لَهُ) أَيْ: تَفَرَّقُوا لِأَجْلِهِ (مَا كَانَتْ هَذِهِ تُقَاتَلُ) أُخِذَ مِنْهُ أَنَّ الْمُبِيحَ لِلْقَتْلِ هُوَ الْحَرْبُ لَا الْكُفْرُ وَالْأَوَّلُ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالثَّانِي نُسِبَ إِلَى الشَّافِعِيِّ. (وَلَا عَسِيفًا) أَيْ: أَجِيرًا وَكَأَنَّ الْمُرَادَ الْأَجِيرُ عَلَى حِفْظِ الدَّوَابِّ وَنَحْوُهُ لَا الْأَجِيرُ عَلَى الْقِتَالِ، - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب التحريق بأرض العدو]

[بَاب التَّحْرِيقِ بِأَرْضِ الْعَدُوِّ] 2843 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ بْنِ سَمُرَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي الْأَخْضَرِ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ «بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا أُبْنَى فَقَالَ ائْتِ أُبْنَى صَبَاحًا ثُمَّ حَرِّقْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ائْتِ أُبْنَى) بِضَمِّ هَمْزَةٍ وَسُكُونِ بَاءٍ مَقْصُورَةٍ اسْمُ مَوْضِعٍ وَيُقَالُ: لَهُ مُبَنَى (ثُمَّ حَرِّقْ)

أَيْ: بُيُوتَهَمْ وَزُرُوعَهُمْ وَلَمْ يُرِدْ تَحْرِيقَ أَهْلِهَا، وَقِيلَ: يَجُوزُ تَحْرِيقُ أَهْلِ الْحَرْبِ مِنَ الْكَفَرَةِ عِنْدَ قِيَامِ الْحَرْبِ وَمَا جَاءَ مِنَ النَّهْيِ فَإِنَّمَا هُوَ إِذَا كَانَ الْكَافِرُ أَسِيرًا يَتَمَكَّنُ الْمُسْلِمُ مِنْ قَتْلِهِ.

2844 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّقَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَقَطَعَ وَهِيَ الْبُوَيْرَةُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً} [الحشر: 5] الْآيَةَ الْآيَةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَهِيَ الْبُوَيْرَةُ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مَوْضِعٌ كَانَ بِهِ نَخْلُ بَنِي النَّضِيرِ (فَأَنْزَلَ اللَّهُ. . . إِلَخْ) وَذَلِكَ أَنَّهُ حِينَ قَطَعَ نَادَوْهُ: يَا مُحَمَّدُ، قَدْ كُنْتَ تَنْهَى عَنِ الْفَسَادِ وَتَعِيبُهُ عَلَى مَنْ صَنَعَهُ، فَمَا بَالُكَ تَقْطَعُ النَّخْلَ وَتُحَرِّقُهَا؟! قَالَ السُّهَيْلِيُّ: قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ: وَقَعَ فِي نُفُوسِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ شَيْءٌ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ الْآيَةَ، وَاللِّينَةُ: أَلْوَانُ التَّمْرِ مَا عَدَا الْعَجْوَةَ.

2845 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّقَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَقَطَعَ وَفِيهِ يَقُولُ شَاعِرُهُمْ فَهَانَ عَلَى سَرَاةِ بَنِي لُؤَيٍّ ... حَرِيقٌ بِالْبُوَيْرَةِ مُسْتَطِيرُ » ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (سَرَاةِ) بِفَتْحِ السِّينِ جَمْعُ سَرِيٍّ وَهُوَ السَّيِّدُ، مُسْتَطِيرُ، أَيْ: مُنْتَشِرٌ مُتَفَرِّقٌ كَأَنَّهُ طَارَ فِي نَوَاحِيهَا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب فداء الأسارى]

[بَاب فِدَاءِ الْأُسَارَى] 2846 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «غَزَوْنَا مَعَ أَبِي بَكْرٍ هَوَازِنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَفَّلَنِي جَارِيَةً مِنْ بَنِي فَزَارَةَ مِنْ أَجْمَلِ الْعَرَبِ عَلَيْهَا قَشْعٌ لَهَا فَمَا كَشَفْتُ لَهَا عَنْ ثَوْبٍ حَتَّى أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَلَقِيَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السُّوقِ فَقَالَ لِلَّهِ أَبُوكَ هَبْهَا لِي فَوَهَبْتُهَا لَهُ فَبَعَثَ بِهَا فَفَادَى بِهَا أُسَارَى مِنْ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ كَانُوا بِمَكَّةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَنَفَّلَنِي) بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ، أَيْ: أَعْطَانِي زِيَادَةً عَلَى السَّهْمِ (قِشْعٌ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِهَا وَسُكُونِ الشِّينِ جِلْدٌ يَابِسٌ (فَمَا كَشَفْتُ لَهَا عَنْ ثَوْبٍ) كِنَايَةٌ عَنْ عَمَلِ الْجِمَاعِ (لِلَّهِ أَبُوكَ) قَالَ أَبُو الْبَقَاءِ هُوَ فِي حُكْمِ الْقَسَمِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب ما أحرز العدو ثم ظهر عليه المسلمون]

[بَاب مَا أَحْرَزَ الْعَدُوُّ ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ] 2847 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ ذَهَبَتْ فَرَسٌ لَهُ فَأَخَذَهَا الْعَدُوُّ فَظَهَرَ عَلَيْهِمْ الْمُسْلِمُونَ فَرُدَّ عَلَيْهِ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَأَبَقَ عَبْدٌ لَهُ فَلَحِقَ بِالرُّومِ فَظَهَرَ عَلَيْهِمْ الْمُسْلِمُونَ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَظَهَرَ عَلَيْهِمُ الْمُسْلِمُونَ) أَيْ: غَلَبُوا عَلَيْهِمْ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَالَ الْمُسْلِمِ إِذَا

وُجِدَ عِنْدَ الْكَفَرَةِ بِعَيْنِهِ يُرَدُّ عَلَيْهِ إِذَا غَلَبْنَا عَلَيْهِمْ وَاخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَبَعْدَهُ، أَوْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَقَطْ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب الغلول]

[بَاب الْغُلُولِ] 2848 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ «تُوُفِّيَ رَجُلٌ مِنْ أَشْجَعَ بِخَيْبَرَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ فَأَنْكَرَ النَّاسُ ذَلِكَ وَتَغَيَّرَتْ لَهُ وُجُوهُهُمْ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَالَ إِنَّ صَاحِبَكُمْ غَلَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» قَالَ زَيْدٌ فَالْتَمَسُوا فِي مَتَاعِهِ فَإِذَا خَرَزَاتٌ مِنْ خَرَزِ يَهُودَ مَا تُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَأَنْكَرَ النَّاسُ ذَلِكَ) أَيْ: تَعَجَّبُوا مِنْ تَرْكِ الصَّلَاةِ لِعَدَمِ عِلْمِهِمْ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ (فَإِذَا خَرَزَاتٌ) الْخَرَزُ بِفَتْحَتَيْنِ مَعَ تَقْدِيِمِ الْمُهْمَلَةِ عَلَى الْمُعْجَمَةِ الْجَوْهَرُ وَمَا يَنْتَظِمُ.

2849 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ «كَانَ عَلَى ثَقَلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ كِرْكِرَةُ فَمَاتَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ فِي النَّارِ فَذَهَبُوا يَنْظُرُونَ فَوَجَدُوا عَلَيْهِ كِسَاءً أَوْ عَبَاءَةً قَدْ غَلَّهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يُقَالُ لَهُ كَرْكَرَةُ) قِيلَ: بِكَسْرِ الْكَافَيْنِ، أَوْ فَتْحِهِمَا وَهُوَ الْأَكْثَرُ وَقَالَ النَّوَوِيُّ: بِفَتْحِ الْكَافِ الْأُولَى وَكَسْرِهَا، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَمَكْسُورَةٌ فِيهِمَا.

2850 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ أَبِي سِنَانٍ عِيسَى بْنِ سِنَانٍ عَنْ يَعْلَى بْنِ شَدَّادٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ «صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ إِلَى جَنْبِ بَعِيرٍ مِنْ الْمَقَاسِمِ ثُمَّ تَنَاوَلَ شَيْئًا مِنْ الْبَعِيرِ فَأَخَذَ مِنْهُ قَرَدَةً يَعْنِي وَبَرَةً فَجَعَلَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ ثُمَّ قَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ هَذَا مِنْ غَنَائِمِكُمْ أَدُّوا الْخَيْطَ وَالْمِخْيَطَ فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ فَمَا دُونَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْغُلُولَ عَارٌ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشَنَارٌ وَنَارٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَرَدَةً) ضُبِطَ بِفَتْحَتَيْنِ (هَذَا مِنْ غَنَائِمِكُمْ) الَّتِي تَشْمَلُهَا الْحُرْمَةُ بِلَا قِسْمَةٍ (وَشَنَارٌ) هُوَ الْعَيْبُ وَالْعَارُ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عِيسَى بْنِ سِنَانٍ اخْتَلَفَ كَلَامُ ابْنِ مَعِينٍ وَقَالَ: لَيِّنُ الْحَدِيثِ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ، قِيلَ: ضَعِيفٌ، وَقِيلَ: لَا بَأْسَ بِهِ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -

[باب النفل]

[بَاب النَّفْلِ] 2851 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ جَارِيَةَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَّلَ الثُّلُثَ بَعْدَ الْخُمُسِ»

2852 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ الزُّرَقِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ أَبِي سَلَّامٍ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَّلَ فِي الْبَدْأَةِ الرُّبُعَ وَفِي الرَّجْعَةِ الثُّلُثَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي الْبَدَاءَةِ) أَيِ: ابْتِدَاءِ الْغَزْوِ وَذَلِكَ بِأَنْ نَهَضَتْ سَرِيَّةٌ مِنَ الْعَسْكَرِ وَابْتَدَرُوا إِلَى الْعَدُوِّ فِي أَوَّلِ الْغَزْوِ فَغَنِمُوا كَانَ يُعْطِيهِمْ مِنْهَا الرُّبُعَ وَإِنْ فَعَلَ طَائِفَةٌ مِثْلَ ذَلِكَ حِينَ رُجُوعِ الْعَسْكَرِ الثُّلُثَ لِضَعْفِ الظَّهْرِ وَالْعُدَّةِ وَالْفُتُورِ وَالشَّوْقِ إِلَى الْأَوْطَانِ فَزَادَ لِذَلِكَ.

2853 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ أَنْبَأَنَا رَجَاءُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «لَا نَفَلَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرُدُّ الْمُسْلِمُونَ قَوِيُّهُمْ عَلَى ضَعِيفِهِمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَوِيُّهُمْ عَلَى ضَعِيفِهِمْ) أَيْ: إِذَا خَرَجَ الْعَسْكَرُ مَعَ الْإِمَامِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ، ثُمَّ حَارَبَ الْأَقْوِيَاءُ، فَالْقِسْمَةُ يَشْتَرِكُ فِيهَا الْكُلُّ.

2853 - قَالَ رَجَاءٌ فَسَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ مُوسَى يَقُولُ لَهُ حَدَّثَنِي مَكْحُولٌ عَنْ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَّلَ فِي الْبَدْأَةِ الرُّبُعَ وَحِينَ قَفَلَ الثُّلُثَ» فَقَالَ عَمْرٌو أُحَدِّثُكَ عَنْ أَبِي عَنْ جَدِّي وَتُحَدِّثُنِي عَنْ مَكْحُولٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ وَقَوْلُهُ: فَقَالَ عَمْرٌو. . . إِلَخْ كَأَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ عَلَى زَعْمِ الْمُعَارَضَةِ، وَإِلَّا فَلَا مُعَارَضَةَ، فَكَأَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى رَجَاءِ قَصْدِ الْمُعَارَضَةِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب قسمة الغنائم]

[بَاب قِسْمَةِ الْغَنَائِمِ] 2854 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْهَمَ يَوْمَ خَيْبَرَ لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ لِلْفَرَسِ سَهْمَانِ وَلِلرَّجُلِ سَهْمٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لِلْفَرَسِ سَهْمَانِ وَلِلرَّجُلِ سَهْمٌ) قِيلَ: اللَّامُ فِي قَوْلِهِ: لِلرَّجُلِ لِلْمِلْكِ، وَقَوْلُهُ: لِلْفَرَسِ لِلسَّبَبِيَّةِ وَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَخَذَ الْجُمْهُورُ، فَقَالُوا: لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ، وَمَنْ لَا يَقُولُ بِهِ يَعْتَذِرُ عَنْهُ بِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ خِلَافُهُ أَيْضًا فَحِينَ تَعَارَضَ رِوَايَتَا حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ تَرَكْنَاهُ وَأَخَذْنَا بِرَاوِيَةِ غَيْرِهِ «أَنَّ لِلْفَارِسِ سَهْمَيْنِ» - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب العبيد والنساء يشهدون مع المسلمين]

[بَاب الْعَبِيدِ وَالنِّسَاءِ يَشْهَدُونَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ] 2855 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مُهَاجِرِ بْنِ قُنْفُذٍ قَالَ سَمِعْتُ عُمَيْرًا مَوْلَى آبِي اللَّحْمِ قَالَ وَكِيعٌ كَانَ لَا يَأْكُلُ اللَّحْمَ قَالَ «غَزَوْتُ مَعَ مَوْلَايَ يَوْمَ خَيْبَرَ وَأَنَا مَمْلُوكٌ فَلَمْ يَقْسِمْ لِي مِنْ الْغَنِيمَةِ وَأُعْطِيتُ مِنْ خُرْثِيِّ الْمَتَاعِ سَيْفًا وَكُنْتُ أَجُرُّهُ إِذَا تَقَلَّدْتُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَوْلَى آبِي اللَّحْمَ) بِمَدِّ الْهَمْزَةِ (وَأُعْطِيتُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ (مِنْ خُرْثِيِّ الْمَتَاعِ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ

الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ: أَثَاثُ الْبَيْتِ وَمَتَاعُهُ (وَكُنْتُ أَجُرُّهُ) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ، أَيْ: أَجُرُّ السَّيْفَ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ قِصَرِ قَامَتِي لِصِغَرِ سِنِّي، وَيُمْكِنُ أَنَّهُ كَنَّى بِذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ لَا يُحْسِنُ تَقْلِيدَ السَّيْفِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ أَهْلٍ - وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ -.

2856 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الْأَنْصَارِيَّةِ قَالَتْ «غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعَ غَزَوَاتٍ أَخْلُفُهُمْ فِي رِحَالِهِمْ وَأَصْنَعُ لَهُمْ الطَّعَامَ وَأُدَاوِي الْجَرْحَى وَأَقُومُ عَلَى الْمَرْضَى»

[باب وصية الإمام]

[بَاب وَصِيَّةِ الْإِمَامِ] 2857 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنِي عَطِيَّةُ بْنُ الْحَارِثِ أَبُو رُوقٍ الْهَمْدَانِيُّ حَدَّثَنِي أَبُو الْغَرِيفِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ قَالَ «بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَرِيَّةٍ فَقَالَ سِيرُوا بِاسْمِ اللَّهِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ وَلَا تَمْثُلُوا وَلَا تَغْدِرُوا وَلَا تَغُلُّوا وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَلَا تَمْثُلُوا) بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ الْمُخَفَّفَةِ وَضُبِطَ مِنْ بَابِ التَّفْعِيلِ أَيْضًا، لَكِنَّ التَّفْعِيلَ لِلْمُبَالَغَةِ وَلَا يُنَاسِبُهُ النَّهْيُ نَعَمْ هُوَ مَشْهُورُ رِوَايَةً. (وَلَا تَغُلُّوا) هَكَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهُوَ بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَقَدْ سَقَطَ مِنْ بَعْضِهَا (وَلِيدًا) أَيْ: طِفْلًا وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

2858 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَمَّرَ رَجُلًا عَلَى سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا فَقَالَ اغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ اغْزُوا وَلَا تَغْدِرُوا وَلَا تَغُلُّوا وَلَا تَمْثُلُوا وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا وَإِذَا أَنْتَ لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى إِحْدَى ثَلَاثِ خِلَالٍ أَوْ خِصَالٍ فَأَيَّتُهُنَّ أَجَابُوكَ إِلَيْهَا فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إِلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ وَأَخْبِرْهُمْ إِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ أَنَّ لَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَأَنَّ عَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ وَإِنْ أَبَوْا فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ يَجْرِي عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللَّهِ الَّذِي يَجْرِي عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَكُونُ لَهُمْ فِي الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يُجَاهِدُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ هُمْ أَبَوْا أَنْ يَدْخُلُوا فِي الْإِسْلَامِ فَسَلْهُمْ إِعْطَاءَ الْجِزْيَةِ فَإِنْ فَعَلُوا فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ عَلَيْهِمْ وَقَاتِلْهُمْ وَإِنْ حَاصَرْتَ حِصْنًا فَأَرَادُوكَ أَنْ تَجْعَلَ لَهُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ نَبِيِّكَ فَلَا تَجْعَلْ لَهُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ وَلَا ذِمَّةَ نَبِيِّكَ وَلَكِنْ اجْعَلْ لَهُمْ ذِمَّتَكَ وَذِمَّةَ أَبِيكَ وَذِمَّةَ أَصْحَابِكَ فَإِنَّكُمْ إِنْ تُخْفِرُوا ذِمَّتَكُمْ وَذِمَّةَ آبَائِكُمْ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ مِنْ أَنْ تُخْفِرُوا ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ رَسُولِهِ وَإِنْ حَاصَرْتَ حِصْنًا فَأَرَادُوكَ أَنْ يَنْزِلُوا عَلَى حُكْمِ اللَّهِ فَلَا تُنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِكَ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي أَتُصِيبُ فِيهِمْ حُكْمَ اللَّهِ أَمْ لَا» قَالَ عَلْقَمَةُ فَحَدَّثْتُ بِهِ مُقَاتِلَ بْنَ حَيَّانَ فَقَالَ حَدَّثَنِي مُسْلِمُ بْنُ هَيْضَمٍ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذَا أُمِّرَ) بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ، أَيْ: جَعَلَهُ أَمِيرًا (عَلَى سَرِيَّةٍ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ فَتَشْدِيدٍ: قِطْعَةٌ مِنَ الْجَيْشِ قَوْلُهُ: (وَمَنْ مَعَهُ) عَطْفٌ عَلَى خَاصَةِ نَفْسِهِ، وَخَيْرًا مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ، أَيْ: بِخَيْرِ أَوْصَافِهِ فِي مُقَابَلَتِهِ مَعَ اللَّهِ بِالتَّقْوَى وَالشِّدَّةِ عَلَى النَّفْسِ، وَفِي مُعَامَلَتِهِ مَعَ الْخَلْقِ بِالرِّفْقِ وَالْمُسَامَحَةِ. قَوْلُهُ: (اغْزُوا) خِطَابٌ لِجَمِيعِ الْجَيْشِ (اغْزُوا) تَأْكِيدٌ لِلْأَوَّلِ (وَلَا تَغْدِرُوا) بِكَسْرِ الدَّالِ، أَيْ: لَا تَنْقُضُوا الْعَهْدَ إِنْ وُجِدَ بَيْنَكُمْ (فَإِذَا لَقِيتَ) خِطَابٌ لِلْأَمِيرِ لِأَنَّ غَيْرَهُ تَبَعٌ لَهُ، قَوْلُهُ: فَادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ قَالُوا هَذَا لِمَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ، وَإِلَّا فَهُوَ مَنْدُوبٌ لَا وَاجِبٌ (إِلَى التَّحَوُّلِ) أَيِ: الْهِجْرَةِ قَوْلُهُ: (ثَلَاثِ خِلَالٍ) جَمْعُ خَلَّةٍ بِالْفَتْحِ وَهِيَ الْخَصْلَةُ، وَقَوْلُهُ: أَوْ خِصَالٍ شَكٌّ مِنَ

الرَّاوِي (وَكُفَّ عَنْهُمْ) بِضَمٍّ وَتَشْدِيدٍ أَمْرٌ مِنَ الْكَفِّ، وَهُوَ يَكُونُ لَازِمًا بِمَعْنَى الِامْتِنَاعِ وَمُتَعَدِّيًا بِمَعْنَى الْمَنْعِ فَإِنْ جُعِلَ هَاهُنَا مُتَعَدِّيًا يُقَدَّرُ لَهُ مَفْعُولٌ أَيِ امْنَعِ الْقِتَالَ وَاحْبِسْهُ عَنْهُمْ، أَوِ امْنَعْ نَفْسَكَ عَنْ قِتَالِهِمُ اهـ. قَوْلُهُ: (إِنَّ لَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ) مِنَ الثُّبُوتِ وَاسْتِحْقَاقِ مَالِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ وَإِنْ لَمْ يُجَاهِدُوا فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ بِلَا جِهَادٍ. وَلِذَا قِيلَ: مَا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ مِنَ الْخُرُوجِ إِلَى الْجِهَادِ إِذَا أَمَرَهُمُ الْإِمَامُ بِذَلِكَ سَوَاءً كَانَ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ مَنْ بِهِ الْكِفَايَةُ، كَذَا قِيلَ. ثُمَّ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ الْخِصَالَ الثَّلَاثَ هِيَ الْإِسْلَامُ وَالْهِجْرَةُ وَالْجِزْيَةُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا مُقَابَلَةَ بَيْنَ الْهِجْرَةِ وَالْإِسْلَامِ فَلِذَلِكَ قِيلَ: هِيَ الْإِسْلَامُ وَالْجِزْيَةُ وَالْمُقَاتَلَةُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ عَدَّهُ الْمُقَاتَلَةَ مِنْهَا لَا يُنَاسِبُهُ. قَوْلُهُ: فَإِنْ أَجَابُوكَ إِلَيْهَا فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُقَالَ لَيْسَ مَعْنَى " كُفَّ " عَنْهُمْ لَا تُقَاتِلْهُمْ، بَلْ مَعْنَاهُ لَا تَطْلُبْهُ مِنْهِمُ الثَّانِيَةَ، وَقِيلَ: هِيَ الْإِسْلَامُ مَعَ الْهِجْرَةِ وَالْإِسْلَامُ بِدُونِهَا وَالْجِزْيَةُ. قَوْلُهُ: (فَأَرَادُوكَ) أَيْ: أَرَادُوا مِنْكَ وَالْمُرَادُ بِالذِّمَّةِ الْعَهْدُ قَوْلُهُ: (أَنْ تُخْفِرُوا) بِضَمِّ حَرْفِ الْمُضَارَعَةِ مِنْ أَخْفَرْتُ الرَّجُلَ إِذَا نَقَضْتُ عَهْدَهُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[باب طاعة الإمام]

[بَاب طَاعَةِ الْإِمَامِ] 2859 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَمَنْ أَطَاعَ الْإِمَامَ فَقَدْ أَطَاعَنِي وَمَنْ عَصَى الْإِمَامَ فَقَدْ عَصَانِي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ) أَيْ لِأَنِّي أَحْكُمُ نِيَابَةً عَنْهُ، وَكَذَا الْإِمَامُ يَحْكُمُ نِيَابَةً عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَالْحَاصِلُ أَنَّ طَاعَةَ النَّائِبِ طَاعَةٌ لِلْأَصْلِ.

2860 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَأَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ قَالَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنِي أَبُو التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنْ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَإِنِ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ) أَيْ: وَلَوْ جَعَلَ الْخَلِيفَةُ بَعْضَ عَبِيدِهِ أَمِيرًا عَلَيْكُمْ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَصْلُحُ لِلْخِلَافَةِ عَلَى أَنَّ الْمَطْلُوبَ الْمُبَالَغَةُ فَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى مِثْلِ هَذَا (زَبِيبَةٌ) أَيْ: صَغِيرَةٌ قَدْرُ الزَّبِيبَةِ، وَهَذَا مِنْ عَلَامَةِ قِلَّةِ عَقْلِهِ وَكَثْرَةِ حُمْقِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

2861 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ الْحُصَيْنِ قَالَتْ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ مُجَدَّعٌ فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا مَا قَادَكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ»

2862 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ «أَنَّهُ انْتَهَى إِلَى الرَّبَذَةِ وَقَدْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَإِذَا عَبْدٌ يَؤُمُّهُمْ فَقِيلَ هَذَا أَبُو ذَرٍّ فَذَهَبَ يَتَأَخَّرُ فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَسْمَعَ وَأُطِيعَ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا مُجَدَّعَ الْأَطْرَافِ»

[باب لا طاعة في معصية الله]

[بَاب لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ] 2863 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عَلْقَمَةَ بْنَ مُجَزِّرٍ عَلَى بَعْثٍ وَأَنَا فِيهِمْ فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى رَأْسِ غَزَاتِهِ أَوْ كَانَ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ اسْتَأْذَنَتْهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْجَيْشِ فَأَذِنَ لَهُمْ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حُذَافَةَ بْنِ قَيْسٍ السَّهْمِيَّ فَكُنْتُ فِيمَنْ غَزَا مَعَهُ فَلَمَّا كَانَ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ أَوْقَدَ الْقَوْمُ نَارًا لِيَصْطَلُوا أَوْ لِيَصْنَعُوا عَلَيْهَا صَنِيعًا فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَكَانَتْ فِيهِ دُعَابَةٌ أَلَيْسَ لِي عَلَيْكُمْ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ قَالُوا بَلَى قَالَ فَمَا أَنَا بِآمِرِكُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا صَنَعْتُمُوهُ قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَإِنِّي أَعْزِمُ عَلَيْكُمْ إِلَّا تَوَاثَبْتُمْ فِي هَذِهِ النَّارِ فَقَامَ نَاسٌ فَتَحَجَّزُوا فَلَمَّا ظَنَّ أَنَّهُمْ وَاثِبُونَ قَالَ أَمْسِكُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَإِنَّمَا كُنْتُ أَمْزَحُ مَعَكُمْ فَلَمَّا قَدِمْنَا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَمَرَكُمْ مِنْهُمْ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ فَلَا تُطِيعُوهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بَعَثَ عَلْقَمَةَ بْنَ مُجَزِّزٍ) هُوَ بِجِيمٍ وِزَاءَيْنِ الْأُولَى مُشَدَّدَةٌ مَكْسُورَةٌ (وَأَمَّرَ) مِنَ التَّأْمِيرِ قَوْلُهُ: (لِيَصْطَلُوا) أَيْ: لِيَقُوا أَنْفُسَهُمْ مِنَ الْبَرْدِ (دُعَابَةٌ) فِي الْقَامُوسِ الدُّعَابَةُ بِالضَّمِّ اللَّعِبُ وَالْمَزْحُ فَمَا أَنَا بِآمِرِكُمْ، هُوَ مِنْ زِيَادَةِ

الْبَاءِ فِي خَبَرِ مَا الْمُشَبَّهَةِ بِلَيْسَ (إِلَّا تَوَاثَبْتُمْ) إِلَّا حَرْفُ اسْتِثْنَاءٍ وَتَوَاثَبْتُمْ فِعْلٌ مِنَ التَّوَثُّبِ (فَتَحَجَّزُوا) أَيْ: أَعَدُّوا أَنْفُسَهُمْ لِلْوُثُوبِ وَاجْتَمَعُوا لِذَلِكَ مَنْ أَمَرَكُمْ مِنْهُمْ، أَيْ: مِنَ الْأُمَرَاءِ مِنْهُمْ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

2864 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ الْمَكِّيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ الطَّاعَةُ فِيمَا أَحَبَّ أَوْ كَرِهَ إِلَّا أَنْ يُؤْمَرَ بِمَعْصِيَةٍ فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ الطَّاعَةُ) أَيْ: لِلْإِمَامِ.

2865 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ ح وَحَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سَيَلِي أُمُورَكُمْ بَعْدِي رِجَالٌ يُطْفِئُونَ السُّنَّةَ وَيَعْمَلُونَ بِالْبِدْعَةِ وَيُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ مَوَاقِيتِهَا فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُهُمْ كَيْفَ أَفْعَلُ قَالَ تَسْأَلُنِي يَا ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ كَيْفَ تَفْعَلُ لَا طَاعَةَ لِمَنْ عَصَى اللَّهَ»

[باب البيعة]

[بَاب الْبَيْعَةِ] 2866 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَجْلَانَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ «بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ وَالْأَثَرَةِ عَلَيْنَا وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ وَأَنْ نَقُولَ الْحَقَّ حَيْثُمَا كُنَّا لَا نَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ) صِلَةُ بَايَعْنَا مُتَضَمِّنٌ مَعْنَى الْعَهْدِ، أَيْ: عَلَى أَنْ نَسْمَعَ كَلَامَكَ وَنُطِيعَكَ فِي مَرَامِكِ وَكَذَا مَنْ يَقُومُ مَقَامَكَ مِنَ الْخُلَفَاءِ مِنْ بَعْدِكَ (وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ) مَفْعَلٌ بِفَتْحِ مِيمٍ وَعَيْنٍ مِنَ النَّشَاطِ وَالْكَرَاهَةِ أَيْ حَالَةَ انْشِرَاحِ صُدُورِنَا وَطِيبِ قُلُوبِنَا وَمَا يُضَادُّ ذَلِكَ أَوِ اسْمَا زَمَانٍ، وَالْمَعْنَى وَاضِحٌ، أَوِ اسْمَا مَكَانٍ، أَيْ: فِيمَا فِيهِ نَشَاطُهُمْ وَكَرَاهَتُهُمْ، كَذَا قِيلَ: وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنَ الْمَعْنَى عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِمَا اسْمَيْ مَكَانٍ - مَعْنًى مَجَازِيٌّ، وَلِذَا قَالَ بَعْضُهُمْ: كَوْنُهُمَا اسْمَيْ مَكَانٍ بَعِيدٌ قَوْلُهُ: (لَا تَخَافُ. . . إِلَخْ) أَيْ: لَا تَتْرُكِ الْحَقَّ لِخَوْفِ مَلَامَتِهِمْ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْخَوْفُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَى تَرْكٍ فَلَيْسَ بِمَنْهِيٍّ عَنْهُ، بَلْ وَلَا فِي قُدْرَةِ الْإِنْسَانِ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ قَوْلُهُ: (وَالْأَثَرَةُ عَلَيْنَا) الْأَثَرَةُ بِفَتْحَتَيْنِ اسْمٌ مِنَ

الِاسْتِئْثَارِ، أَيْ: وَعَلَى تَفْضِيلِ غَيْرِنَا، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ لِلْبَيْعَةِ عَلَيْهِ وَجْهٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِعْلًا لَهُمْ، وَأَيْضًا لَيْسَ هُوَ بِأَمْرٍ مَطْلُوبٍ فِي الدِّينِ بِحَيْثُ يُبَايِعُ عَلَيْهِ، وَأَيْضًا عُمُومُهُ يَرْفَعُهُ مِنْ أَصْلِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مُسْلِمٍ إِذَا بَايَعَ عَلَى أَنْ يُفَضِّلَ عَلَيْهِ غَيْرَهُ لَا يُوجَدُ ذَلِكَ الْغَيْرُ الَّذِي يُفَضَّلُ، وَهَذَا ظَاهِرٌ فَالْمُرَادُ وَعَلَى الصَّبْرِ عَلَى أَثَرَةٍ عَلَيْنَا، أَيْ: بَايَعْنَا عَلَى أَنْ نَصْبِرَ إِنْ أُوثِرَ غَيْرُنَا عَلَيْنَا وَضَمِيرُ عَلَيْنَا، قِيلَ: كِنَايَةٌ عَنْ جَمَاعَةِ الْأَنْصَارِ، أَوْ عَامٌّ لَهُمْ وَلِغَيْرِهِمْ وَالْأَوَّلُ أَوْجُهُ فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَوْصَى إِلَى الْأَنْصَارِ سَيَكُونُ بَعْدِي أَثَرَةٌ فَاصْبِرُوا عَلَيْهَا» يَعْنِي أَنَّ الْأُمَرَاءَ يُفَضِّلُونَ عَلَيْكُمْ غَيْرَكُمْ فِي الْعَطَايَا وَالْوِلَايَاتِ وَالْحُقُوقِ وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي عَهْدِ الْأُمَرَاءِ بَعْدَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ فَصَبَرُوا اهـ. (وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ) أَيِ: الْإِمَارَةَ، أَوْ كُلَّ أَمْرٍ (أَهْلَهُ) الضَّمِيرُ لِلْأَمْرِ، أَيْ: إِذَا وُكِّلَ الْأَمْرُ إِلَى مَنْ هُوَ أَهْلُهُ فَلَيْسَ لَنَا أَنْ نَجُرَّهُ إِلَى غَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ أَهْلًا أَمْ لَا.

2867 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّنُوخِيُّ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنِي الْحَبِيبُ الْأَمِينُ أَمَّا هُوَ إِلَيَّ فَحَبِيبٌ وَأَمَّا هُوَ عِنْدِي فَأَمِينٌ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ قَالَ «كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعَةً أَوْ ثَمَانِيَةً أَوْ تِسْعَةً فَقَالَ أَلَا تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللَّهِ فَبَسَطْنَا أَيْدِيَنَا فَقَالَ قَائِلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا قَدْ بَايَعْنَاكَ فَعَلَامَ نُبَايِعُكَ فَقَالَ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمُوا الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ وَتَسْمَعُوا وَتُطِيعُوا وَأَسَرَّ كَلِمَةً خُفْيَةً وَلَا تَسْأَلُوا النَّاسَ شَيْئًا قَالَ فَلَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ أُولَئِكَ النَّفَرِ يَسْقُطُ سَوْطُهُ فَلَا يَسْأَلُ أَحَدًا يُنَاوِلُهُ إِيَّاهُ»

2868 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَتَّابٍ مَوْلَى هُرْمُزَ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ «بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فَقَالَ فِيمَا اسْتَطَعْتُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِيمَا اسْتَطَعْتُمْ) إِذِ الطَّاعَةُ بِقَدْرِ الطَّاقَةِ فَلَا مَعْنَى لِلْبَيْعَةِ فِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ وَالْإِطْلَاقُ يُوهِمُهُ فَلَا يَنْبَغِي.

2869 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «جَاءَ عَبْدٌ فَبَايَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْهِجْرَةِ وَلَمْ يَشْعُرْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ عَبْدٌ فَجَاءَ سَيِّدُهُ يُرِيدُهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعْنِيهِ فَاشْتَرَاهُ بِعَبْدَيْنِ أَسْوَدَيْنِ ثُمَّ لَمْ يُبَايِعْ أَحَدًا بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى يَسْأَلَهُ أَعَبْدٌ هُوَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِعْنِيهِ) كَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَرِهَ أَنْ يَرُدَّهُ بَعْدَ وُقُوعِ الْمُبَايَعَةِ عَلَى الْهِجْرَةِ خَائِبًا مِنَ الْهِجْرَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب الوفاء بالبيعة]

[بَاب الْوَفَاءِ بِالْبَيْعَةِ] 2870 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ قَالُوا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بِالْفَلَاةِ يَمْنَعُهُ مِنْ ابْنِ السَّبِيلِ وَرَجُلٌ بَايَعَ رَجُلًا بِسِلْعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ فَحَلَفَ بِاللَّهِ لَأَخَذَهَا بِكَذَا وَكَذَا فَصَدَّقَهُ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا لَا يُبَايِعُهُ إِلَّا لِدُنْيَا فَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا وَفَى لَهُ وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا لَمْ يَفِ لَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ثَلَاثٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ. . . إِلَخْ) قَدْ سَبَقَ الْحَدِيثُ.

2871 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ حَسَنِ بْنِ فُرَاتٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ تَسُوسُهُمْ أَنْبِيَاؤُهُمْ كُلَّمَا ذَهَبَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ وَأَنَّهُ لَيْسَ كَائِنٌ بَعْدِي نَبِيٌّ فِيكُمْ قَالُوا فَمَا يَكُونُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ تَكُونُ خُلَفَاءُ فَيَكْثُرُوا قَالُوا فَكَيْفَ نَصْنَعُ قَالَ أَوْفُوا بِبَيْعَةِ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ أَدُّوا الَّذِي عَلَيْكُمْ فَسَيَسْأَلُهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ الَّذِي عَلَيْهِمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (تَسُوسُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ) أَيْ: تَتَوَلَّى أُمُورَهُمْ كَمَا فَعَلَ الْأُمَرَاءُ وَالْوُلَاةُ بِالرَّعِيَّةِ وَالسِّيَاسَةُ الْقِيَامُ عَلَى الشَّيْءِ بِمَا يُصْلِحُهُ (فَيَكْثُرُوا) مِنَ الْكَثْرَةِ قَوْلُهُ: (أَوْفُوا بِبَيْعَةِ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ) أَيْ: يَجِبُ الْوَفَاءُ بِبَيْعَةِ مَنْ كَانَ أَوَّلًا فِي كُلِّ زَمَانٍ وَبَيْعَةُ الثَّانِي بَاطِلَةٌ.

2872 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنْصَبُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقَالُ هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لِكُلِّ غَادِرٍ) هُوَ الَّذِي يَنْقُضُ عَهْدَهُ وَفِي نَصْبِهِ لَهُ تَفْصِيحٌ وَتَشْهِيرٌ لِأَمْرِهِ.

2873 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى اللَّيْثِيُّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا إِنَّهُ يُنْصَبُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقَدْرِ غَدْرَتِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَلَا إِنَّهُ يُنْصَبُ لِكُلِّ غَادِرٍ. . . إِلَخْ) وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ ضَعِيفٌ.

[باب بيعة النساء]

[بَاب بَيْعَةِ النِّسَاءِ] 2874 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ قَالَ سَمِعْتُ أُمَيْمَةَ بِنْتَ رُقَيْقَةَ تَقُولُ «جِئْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نِسْوَةٍ نُبَايِعُهُ فَقَالَ لَنَا فِيمَا اسْتَطَعْتُنَّ وَأَطَقْتُنَّ إِنِّي لَا أُصَافِحُ النِّسَاءَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنِّي لَا أُصَافِحُ النِّسَاءَ) أَيِ: الْأَجْنَبِيَّاتِ فَبَايَعْنَ،

أَيْ: بِالْكَلَامِ لَا بِالْيَدِ.

2875 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ الْمِصْرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ «كَانَتْ الْمُؤْمِنَاتُ إِذَا هَاجَرْنَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُمْتَحَنَّ بِقَوْلِ اللَّهِ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} [الممتحنة: 12] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ قَالَتْ عَائِشَةُ فَمَنْ أَقَرَّ بِهَا مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ فَقَدْ أَقَرَّ بِالْمِحْنَةِ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَقْرَرْنَ بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِنَّ قَالَ لَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْطَلِقْنَ فَقَدْ بَايَعْتُكُنَّ لَا وَاللَّهِ مَا مَسَّتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ غَيْرَ أَنَّهُ يُبَايِعُهُنَّ بِالْكَلَامِ قَالَتْ عَائِشَةُ وَاللَّهِ مَا أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النِّسَاءِ إِلَّا مَا أَمَرَهُ اللَّهُ وَلَا مَسَّتْ كَفُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَفَّ امْرَأَةٍ قَطُّ وَكَانَ يَقُولُ لَهُنَّ إِذَا أَخَذَ عَلَيْهِنَّ قَدْ بَايَعْتُكُنَّ كَلَامًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَا مَسَّتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدَ امْرَأَةٍ. . . إِلَخْ) أَيْ: مِنَ الْأَجْنَبِيَّاتِ.

[باب السبق والرهان]

[بَاب السَّبَقِ وَالرِّهَانِ] 2876 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ وَهُوَ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَسْبِقَ فَلَيْسَ بِقِمَارٍ وَمَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ وَهُوَ يَأْمَنُ أَنْ يَسْبِقَ فَهُوَ قِمَارٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ. . . إِلَخْ) هَذَا فِي صُورَةِ التَّحْلِيلِ وَتَفْصِيلُهُ أَنَّهُ قَدْ يُشْتَرَطُ فِي الْمُسَابِقَةِ مَالٌ لِلسَّابِقِ فَإِنْ كَانَ مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ آحَادِ النَّاسِ، أَوْ مِنْ أَحَدِ الْفَارِسَيْنِ دُونَ الْآخَرِ وَكَانَ مَالًا مَعْلُومًا فَجَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ مِنْهُمَا فَلَا يَجُوزُ إِلَّا بِمُحَلِّلٍ يَدْخُلُ بَيْنَهُمَا بِشَرْطِ أَنَّهُ إِنْ سَبَقَ الْمُحَلِّلُ فَلَهُ السَّبَقَانِ وَإِنْ سُبِقَ فَلَا شَيْءَ لَهُ، فَهَذَا الْمُحَلِّلُ إِنْ كَانَ فَرَسُهُ مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ سَابِقًا، أَوْ مَسْبُوقًا فَجَائِزٌ دُونَ تَعَيُّنِ أَنَّهُ سَابِقٌ وَكَانَ مَأْمُونًا مِنْ كَوْنِهِ مَسْبُوقًا فَلَا يَجُوزُ، وَقَوْلُهُ: لَا يُؤْمَنُ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنَ الْأَمْنِ وَكَذَا أَنْ يُسْبَقَ.

2877 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «ضَمَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَيْلَ فَكَانَ يُرْسِلُ الَّتِي ضُمِّرَتْ مِنْ الْحَفْيَاءِ إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ وَالَّتِي لَمْ تُضَمَّرْ مِنْ ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ضَمَّرَ) مِنَ التَّضْمِيرِ وَهُوَ تَقْلِيلُ عَلَفِهَا مُدَّةً وَإِدْخَالُهَا بَيْتًا يُخْلَى لَهَا التَّعَرُّقُ وَيَجِفُّ عَرَقُهَا فَيَخِفُّ لَحْمُهَا وَتَقْوَى عَلَى الْجَرْيِ، وَقِيلَ: هُوَ تَسْمِينُهَا أَوَّلًا، ثُمَّ رَدُّهَا إِلَى الْقُوتِ قَوْلُهُ: (الْحَفْيَا) بِفَتْحِ حَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَسُكُونِ فَاءٍ مَمْدُودَةٍ وَيُقْصَرُ مَوْضِعٌ عَلَى أَمْيَالٍ مِنَ الْمَدِينَةِ وَقَدْ يُقَالُ بِتَقْدِيمِ الْيَاءِ عَلَى الْفَاءِ (مَسْجِدُ بَنِي زُرَيْقٍ)

بِضَمِّ مُعْجَمَةٍ فَفَتْحِ مُهْمَلَةٍ.

2878 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي الْحَكَمِ مَوْلَى بَنِي لَيْثٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا سَبْقَ إِلَّا فِي خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا سَبَقَ) بِفَتْحِ الْبَاءِ مَا يُجْعَلُ لِلسَّابِقِ عَلَى سَبْقِهِ مِنَ الْمَالِ وَبِالسُّكُونِ مَصْدَرُ سَبَقْتُ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الصَّحِيحُ رِوَايَةُ الْفَتْحِ، أَيْ: لَا يَحِلُّ أَخْذُ الْمَالِ بِالْمُسَابَقَةِ إِلَّا فِي هَذَيْنِ وَهُمَا الْإِبِلُ وَالْخَيْلُ وَأُلْحِقَ بِهِمَا مَا فِي مَعْنَاهَمَا مِنْ آلَاتِ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّ فِي الْجُعْلِ عَلَيْهَا تَرْغِيبًا فِي الْجِهَادِ وَتَحْرِيضًا عَلَيْهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب النهي أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو]

[بَاب النَّهْيِ أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ] 2879 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ وَأَبُو عُمَرَ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ مَخَافَةَ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَخَافَةَ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُّ) فَلَا يُرَاعِي حُرْمَتَهُ وَكَذَلِكَ جَوَّزَ كَثِيرٌ مِنْهُمُ السَّفَرَ بِالْقُرْآنِ إِنْ كَانَ آمِنًا مِنْ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

2880 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَنْهَى أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ مَخَافَةَ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُّ»

[باب قسمة الخمس]

[بَاب قِسْمَةِ الْخُمُسِ] 2881 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ أَخْبَرَهُ «أَنَّهُ جَاءَ هُوَ وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَلِّمَانِهِ فِيمَا قَسَمَ مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ لِبَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ فَقَالَا قَسَمْتَ لِإِخْوَانِنَا بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ وَقَرَابَتُنَا وَاحِدَةٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَرَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ شَيْئًا وَاحِدًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَقَرَابَتُنَا) أَيْ: قَرَابَةُ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ وَاحِدَةٌ فَأَشَارَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى أَنَّ بَنِي الْمُطَّلِبِ مَعَ بَنِي هَاشِمٍ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ، حَيْثُ إِنَّهُمْ كَانُوا مَعَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ بِخِلَافِ عَبْدِ شَمْسٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[كتاب المناسك]

[كِتَاب الْمَنَاسِكِ] [بَاب الْخُرُوجِ إِلَى الْحَجِّ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَاب الْمَنَاسِكِ بَاب الْخُرُوجِ إِلَى الْحَجِّ 2882 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَأَبُو مُصْعَبٍ الزُّهْرِيُّ وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالُوا حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنْ الْعَذَابِ يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ نَوْمَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ فَإِذَا قَضَى أَحَدُكُمْ نَهْمَتَهُ مِنْ سَفَرِهِ فَلْيُعَجِّلْ الرُّجُوعَ إِلَى أَهْلِهِ» حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ) هَكَذَا

الْمَرْوِيُّ وَمَا اشْتُهِرَ السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ النَّارِ فَهُوَ نَقْلٌ بِالْمَعْنَى قَوْلُهُ: (يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ نَوْمَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ) بَيَانٌ لِسَبَبِ كَوْنِهِ قِطْعَةً مِنَ الْعَذَابِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: أَيْ يَمْنَعُ كَمَالَهَا وَلَذِيذَهَا لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَشَقَّةِ وَالتَّعَبِ وَمُقَاسَاةِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَالسُّرَى وَالْخَوْفِ وَمُفَارَقَةِ الْأَهْلِ وَالْأَصْحَابِ وَخُشُونَةِ الْعَيْشِ، وَفِي الْمَقَاصِدِ الْحَسَنَةِ سُئِلَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ حِينَ جَلَسَ مَوْضِعَ أَبِيهِ: لِمَ كَانَ السَّفَرُ قِطْعَةً مِنَ الْعَذَابِ فَأَجَابَ عَلَى الْفَوْرِ: لِأَنَّ فِيهِ فِرَاقَ الْأَحْبَابِ اهـ. قُلْتُ: كَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَنَّ ذِهْنَهُ انْتَقَلَ إِلَيْهِ سَرِيعًا حِينَ ذَاقَ كَأْسَ الْفِرَاقِ، وَقَالَ الدَّمِيرِيُّ وَنَقَلَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي الذَّيْلِ عَلَى تَارِيخِ بَغْدَادَ أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيَّ حِينَ عَقَدَ مَجْلِسَ الْوَعْظِ بِبَغْدَادَ افْتَتَحَهُ بِحَدِيثِ " السَّفَرٌ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ " فَقِيلَ لَهُ: لِمَ سُمِّيَ السَّفَرُ قِطْعَةً مِنَ الْعَذَابِ فَقَالَ: لِأَنَّهُ سَبَبٌ فِي فِرَاقِ الْأَحْبَابِ فَتَوَاجَدَ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ وَكَانَ ذَلِكَ هُوَ الْمَجْلِسُ اهـ. قُلْتُ: وَبِالْجُمْلَةِ فَقَدْ جَاءَ بَيَانُهُ فِي الْحَدِيثِ بِمَا عَرَفْتَ قَوْلُهُ: (نَهْمَتُهُ) بِفَتْحِ نُونٍ فَسُكُونِ هَاءٍ، أَيْ: صَاحِبَةٌ، وَقِيلَ: النَّهْمَةُ بُلُوغُ الْهِمَّةِ فِي الشَّيْءِ، وَفِي الْحَدِيثِ اسْتِحْبَابُ الرُّجُوعِ إِلَى الْأَهْلِ بَعْدَ قَضَاءِ شُغْلِهِ وَلَا يَتَأَخَّرُ لِمَا لَيْسَ بِمُهِمٍّ.

2883 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ أَبُو إِسْرَائِيلَ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ الْفَضْلِ أَوْ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيَتَعَجَّلْ فَإِنَّهُ قَدْ يَمْرَضُ الْمَرِيضُ وَتَضِلُّ الضَّالَّةُ وَتَعْرِضُ الْحَاجَةُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيَتَعَجَّلْ) أَيْ: يُسْتَحَبُّ لَهُ التَّعْجِيلُ لِمَا فِي التَّأْخِيرِ مِنْ تَعْرِيضِهِ وَمَعْنَى يَمْرَضُ الْمَرِيضُ، أَيْ: مَنْ قُدِّرَ لَهُ الْمَرَضُ يَمْرَضُ فَيَمْنَعُهُ ذَلِكَ عَنِ الْحَجِّ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ خِلْفَةَ أَبُو إِسْرَائِيلَ اللَّائِيُّ قَالَ فِيهِ ابْنُ عَدِيٍّ عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ يُخَالِفُ الثِّقَاتَ وَقَالَ النَّسَائِيُّ ضَعِيفٌ وَقَالَ الْجُرْجَانِيُّ مُفْتَرٍ زَائِغٌ نَعَمْ قَدْ جَاءَ «مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيُعَجِّلْ» بِسَنَدٍ آخَرَ رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ أَيْضًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب فرض الحج]

[بَاب فَرْضِ الْحَجِّ] 2884 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ وَرْدَانَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «لَمَّا نَزَلَتْ {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97] قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ الْحَجُّ فِي كُلِّ عَامٍ فَسَكَتَ ثُمَّ قَالُوا أَفِي كُلِّ عَامٍ فَقَالَ لَا وَلَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ فَنَزَلَتْ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101] » ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: لَمَّا نَزَلَتْ {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: 97] ) الْمَشْهُورُ فِي إِعْرَابِ " مَنِ اسْتَطَاعَ " أَنَّهُ بَدَلٌ

مِنَ " النَّاسِ " مُخَصِّصٌ لَهُ وَبَحَثَ فِيهِ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ الْفَصْلُ بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ مِنْهُ بِالْمُبْتَدَأِ وَهُوَ مُخِلٌّ، وَقِيلَ: إِنَّهُ فَاعِلُ الْمَصْدَرِ وَرَدَّهُ ابْنُ هِشَامٍ بِأَنَّ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ أَنْ يَحُجَّ الْمُسْتَطِيعُ، فَيَلْزَمُ إِثْمُ الْجَمِيعِ إِذَا تَخَلَّفَ الْمُسْتَطِيعُ وَتَعَقَّبَهُ الْبَدْرُ فِي الْمَصَابِيحِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ تَعْرِيفَ النَّاسِ لِلِاسْتِغْرَاقِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ لِجَوَازِ كَوْنِهِ لِلْعَهْدِ، وَالْمُرَادُ هُمُ الْمُسْتَطِيعُونَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ " حَجُّ الْبَيْتِ " مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ " لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ " وَالْمُبْتَدَأُ وَإِنْ تَأَخَّرَ لَفْظًا فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْخَبَرِ رُتْبَةً فَالتَّقْدِيرُ: حَجُّ الْمُسْتَطِيعِينَ الْبَيْتَ ثَابِتٌ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ، أَيْ: عَلَى أُولَئِكَ الْمُسْتَطِيعِينَ، بَلْ جَعْلُ التَّعْرِيفِ لِلْعَهْدِ مُقَدَّمٌ عَلَى جَعْلِهِ لِلِاسْتِغْرَاقِ فَتَعَيَّنَ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ عِنْدَ الْإِمْكَانِ قَوْلُهُ: (فِي كُلِّ عَامٍ) أَيْ: مَفْرُوضٌ عَلَى كُلِّ إِنْسَانٍ مُكَلَّفٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ، أَوْ هُوَ مَفْرُوضٌ عَلَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً قَوْلُهُ: (لَوَجَبَتْ) ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَنَّ افْتِرَاضَ الْحَجِّ كُلَّ عَامٍ كَانَ مَعْرُوضًا عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ قَالَ نَعَمْ لَحَصَلَ، وَلَيْسَ بِمُسْتَبْعَدٍ إِذْ يَجُوزُ أَنْ يَأْمُرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْإِطْلَاقِ وَيُفَوِّضَ أَمْرَ التَّقْيِيدِ إِلَى الَّذِي فَوَّضَ إِلَيْهِ الْبَيَانَ، فَهُوَ إِنْ أَرَادَ أَنْ يُقَيِّدَ بِكُلِّ عَامٍ يُقَيِّدُهُ بِهِ، وَفِي الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى كَرَاهَةِ السُّؤَالِ فِي النُّصُوصِ الْمُطْلَقَةِ وَالتَّفْتِيشِ عَنْ قُيُودِهَا، بَلْ يَنْبَغِي إِطْلَاقُهَا حَتَّى يَظْهَرَ فِيهَا قَيْدٌ، وَقَدْ جَاءَ الْقُرْآنُ مُوَافِقًا لِهَذِهِ الْكَرَاهَةِ.

2885 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ الْحَجُّ فِي كُلِّ عَامٍ قَالَ لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَوْ وَجَبَتْ لَمْ تَقُومُوا بِهَا وَلَوْ لَمْ تَقُومُوا بِهَا عُذِّبْتُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَلَوْ لَمْ تَقُومُوا بِهَا) أَيْ: عَلَى تَقْدِيرِ الْوُجُوبِ (لَعُذِّبْتُمْ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ تَرْكَ الْوَاجِبِ يُوجِبُ الْعَذَابَ، وَفِي الزَّوَائِدِ: هَذَا إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مَعْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ثِقَةٌ وَأَبُوهُ مِثْلُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

2886 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سِنَانٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ الْحَجُّ فِي كُلِّ سَنَةٍ أَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً قَالَ بَلْ مَرَّةً وَاحِدَةً فَمَنْ اسْتَطَاعَ فَتَطَوَّعَ»

[باب فضل الحج والعمرة]

[بَاب فَضْلِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ] 2887 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّ الْمُتَابَعَةَ بَيْنَهُمَا تَنْفِي الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ» حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ) أَيْ: أَوْقِعُوا الْمُتَابَعَةَ بَيْنَهُمَا بِأَنْ تَجْعَلُوا كُلًّا مِنْهُمَا تَابِعًا لِلْآخَرِ، أَيْ: إِذَا حَجَجْتُمْ فَاعْتَمِرُوا وَإِذَا اعْتَمَرْتُمْ فَحُجُّوا (كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ) بِكَسْرِ الْكَافِ كِيرُ الْحَدَّادِ الْمَبْنِيُّ مِنَ الطِّينِ، وَقِيلَ: زِقٌّ يُنْفَخُ بِهِ النَّارُ وَالْمَبْنِيُّ مِنَ الطِّينِ كُورٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ هَاهُنَا نَفْسُ النَّارِ عَلَى الْأَوَّلِ وَنَفْخُهَا عَلَى الثَّانِي (وَالْخَبَثُ) بِفَتْحَتَيْنِ وَيُرْوَى بِضَمٍّ فَسُكُونٍ، وَالْمُرَادُ الْوَسَخُ وَالرَّدِيءُ الْخَبِيثُ، وَفِي الزَّوَائِدِ: مَدَارُ الْإِسْنَادَيْنِ عَلَى عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمَتْنُ صَحِيحٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ.

2888 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةُ مَا بَيْنَهُمَا وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ) قَالَ ابْنُ التِّينِ: يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ إِلَى بِمَعْنَى مَعَ، أَيِ: الْعُمْرَةُ مَعَ الْعُمْرَةِ، أَوْ بِمَعْنَاهَا مُتَعَلِّقَةً بِكَفَّارَةٍ، وَالْحَدِيثُ خَصَّهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ بِالصَّغَائِرِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ اجْتِنَابَ الْكَبَائِرِ مُكَفِّرٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ} [النساء: 31] الْآيَةَ فَمَاذَا تُكَفِّرُ الْعُمْرَةُ قُلْتُ: وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ الَّذِي لَا يَجْتَنِبُ الْكَبَائِرَ فَصَغَائِرُهُ يُكَفِّرُهَا الْعُمْرَةُ وَمَنْ لَيْسَ لَهُ صَغِيرَةٌ، أَوْ صَغَائِرُهُ مُكَفَّرَةٌ بِسَبَبٍ آخَرَ فَالْعُمْرَةُ لَهُ فَضِيلَةٌ (وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ) قِيلَ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ الَّذِي لَا يُخَالِطُهُ إِثْمٌ مَأْخُوذٌ مِنَ الْبِرِّ وَهُوَ الطَّاعَةُ، وَقِيلَ: هُوَ الْقَبُولُ الْمُقَابِلُ لِلْبِرِّ وَهُوَ الثَّوَابُ وَمِنْ عَلَامَاتِ الْقَبُولِ أَنْ يَرْجِعَ خَيْرًا مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ وَلَا يُعَاوِدَ الْمَعَاصِي وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا يَعْقُبُهُ مَعْصِيَةٌ (إِلَّا الْجَنَّةُ) ابْتِدَاءٌ، وَإِلَّا فَأَصْلُ الدُّخُولِ فِيهَا يَكْفِي فِيهِ الْإِيمَانُ وَلَازِمُهُ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ الذُّنُوبُ كُلُّهَا صَغَائِرُهَا وَكَبَائِرُهَا بَلِ الْمُتَقَدِّمَةُ مِنْهَا وَالْمُتَأَخِّرَةُ.

2889 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ مِسْعَرٍ وَسُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَلَمْ يَرْفُثْ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَالرَّفَثُ الْقَوْلُ الْفُحْشُ، وَقِيلَ: الْجِمَاعُ وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ الرَّفَثُ اسْمٌ جَامِعٌ لِكُلِّ مَا يُرِيدُهُ الرَّجُلُ مِنَ الْمَرْأَةِ وَالْفِسْقُ ارْتِكَابُ شَيْءٍ مِنَ الْمَعْصِيَةِ (رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ) أَيْ: بِغَيْرِ ذَنْبٍ وَظَاهِرُهُ غُفْرَانُ الصَّغَائِرِ وَالْكَبَائِرِ وَالتَّبِعَاتِ وَهُوَ مِنْ أَقْوَى الشَّوَاهِدِ بِحَدِيثِ الْعَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ الْمُصَرِّحِ بِذَلِكَ، وَبِهِ

قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: أَيْضًا. قُلْتُ: وَالْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ أَيْضًا كَالصَّرِيحِ فِي ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب الحج على الرحل]

[بَاب الْحَجِّ عَلَى الرَّحْلِ] 2890 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ صَبِيحٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبَانَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «حَجَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَحْلٍ رَثٍّ وَقَطِيفَةٍ تُسَاوِي أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ أَوْ لَا تُسَاوِي ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ حَجَّةٌ لَا رِيَاءَ فِيهَا وَلَا سُمْعَةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَلَى رَحْلٍ رَثٍّ) أَيْ: عَتِيقٍ (حَجَّةٌ) أَيِ: اجْعَلْهُ حَجَّةً، أَوْ هَذِهِ حَجَّةٌ وَالْمَقْصُودُ بِذَلِكَ التَّوَسُّلُ إِلَى الْقَبُولِ.

2891 - حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَمَرَرْنَا بِوَادٍ فَقَالَ أَيُّ وَادٍ هَذَا قَالُوا وَادِي الْأَزْرَقِ قَالَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ مِنْ طُولِ شَعَرِهِ شَيْئًا لَا يَحْفَظُهُ دَاوُدُ وَاضِعًا إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ لَهُ جُؤَارٌ إِلَى اللَّهِ بِالتَّلْبِيَةِ مَارًّا بِهَذَا الْوَادِي قَالَ ثُمَّ سِرْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى ثَنِيَّةٍ فَقَالَ أَيُّ ثَنِيَّةٍ هَذِهِ قَالُوا ثَنِيَّةُ هَرْشَى أَوْ لَفْتٍ قَالَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى يُونُسَ عَلَى نَاقَةٍ حَمْرَاءَ عَلَيْهِ جُبَّةُ صُوفٍ وَخِطَامُ نَاقَتِهِ خُلْبَةٌ مَارًّا بِهَذَا الْوَادِي مُلَبِّيًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَاضِعًا أُصْبُعَهُ) كَأَنَّهُ لِزِيَادَةِ رَفْعِ الصَّوْتِ كَمَا يَفْعَلُ الْمُؤَذِّنُ قَوْلُهُ: (لَهُ جُؤَارٌ) بِجِيمٍ مَضْمُومَةٍ، ثُمَّ هَمْزَةٍ وَهُوَ رَفْعُ الصَّوْتِ قَوْلُهُ: (ثَنِيَّةُ هَرْشَى) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَبِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ مَقْصُورَةِ الْأَلِفِ وَهُوَ جَبَلٌ عَلَى طَرِيقِ الشَّامِ وَالْمَدِينَةِ قَرِيبٌ مِنَ الْجُحْفَةِ (خُلْبَةٌ) بِضَمِّ خَاءٍ مُعْجَمَةٍ وَبِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ بَيْنَهُمَا لَامٌ مَضْمُومَةٌ، أَوْ سَاكِنَةٌ وَهُوَ اللِّيفُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب فضل دعاء الحاج]

[بَاب فَضْلِ دُعَاءِ الْحَاجِّ] 2892 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ مَوْلَى بَنِي عَامِرٍ حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ الْحُجَّاجُ وَالْعُمَّارُ وَفْدُ اللَّهِ إِنْ دَعَوْهُ أَجَابَهُمْ وَإِنْ اسْتَغْفَرُوهُ غَفَرَ لَهُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَفْدُ اللَّهِ) الْوَفْدُ هُمُ الْقَوْمُ الَّذِينَ يَجْتَمِعُونَ وَيَرِدُونَ الْبِلَادَ وَاحِدُهُمْ وَفْدٌ وَكَذَلِكَ يَقْصِدُونَ الْأُمَرَاءَ لِزِيَارَةٍ وَاسْتِرْفَادٍ وَانْتِجَاعٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، أَيْ: إِنَّهُمْ بِسَفَرِهِمْ قَاصِدُونَ التَّقَرُّبَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ صَالِحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ فِيهِ الْبُخَارِيُّ:

مُنْكَرُ الْحَدِيثِ.

2893 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَرِيفٍ حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْغَازِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْحَاجُّ وَالْمُعْتَمِرُ وَفْدُ اللَّهِ دَعَاهُمْ فَأَجَابُوهُ وَسَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْغَازِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْحَاجُّ) . . . إِلَخْ، فِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَعِمْرَانُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.

2894 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ «أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعُمْرَةِ فَأَذِنَ لَهُ وَقَالَ لَهُ يَا أُخَيَّ أَشْرِكْنَا فِي شَيْءٍ مِنْ دُعَائِكَ وَلَا تَنْسَنَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَا أَخِي) بِالتَّصْغِيرِ، أَوْ بِدُونِهِ (وَلَا تَنْسَنَا) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَا تَنْسَانَا عَلَى الْإِشْبَاعِ.

2895 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ قَالَ «وَكَانَتْ تَحْتَهُ ابْنَةُ أَبِي الدَّرْدَاءِ فَأَتَاهَا فَوَجَدَ أُمَّ الدَّرْدَاءِ وَلَمْ يَجِدْ أَبَا الدَّرْدَاءِ فَقَالَتْ لَهُ تُرِيدُ الْحَجَّ الْعَامَ قَالَ نَعَمْ قَالَتْ فَادْعُ اللَّهَ لَنَا بِخَيْرٍ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ دَعْوَةُ الْمَرْءِ مُسْتَجَابَةٌ لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ يُؤَمِّنُ عَلَى دُعَائِهِ كُلَّمَا دَعَا لَهُ بِخَيْرٍ قَالَ آمِينَ وَلَكَ بِمِثْلِهِ قَالَ ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى السُّوقِ فَلَقِيتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ فَحَدَّثَنِي عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِ ذَلِكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (دَعْوَةُ الْمَرْءِ مُسْتَجَابَةٌ) أَيْ: بِغَيْرِ حَجٍّ فَكَيْفَ إِذَا كَانَ حَاجًّا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما يوجب الحج]

[بَاب مَا يُوجِبُ الْحَجَّ] 2896 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ الْمَكِّيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمَخْزُومِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَامَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يُوجِبُ الْحَجَّ قَالَ الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا الْحَاجُّ قَالَ الشَّعِثُ التَّفِلُ وَقَامَ آخَرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْحَجُّ قَالَ الْعَجُّ وَالثَّجُّ» قَالَ وَكِيعٌ يَعْنِي بِالْعَجِّ الْعَجِيجَ بِالتَّلْبِيَةِ وَالثَّجُّ نَحْرُ الْبُدْنِ

2897 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْقُرَشِيُّ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ وَأَخْبَرَنِيهِ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عَطَاءٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ يَعْنِي قَوْلَهُ {مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97] » ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: يَعْنِي قَوْلُهُ: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97] وَقَدْ جَاءَ الْعَدَدُ مُخْتَلِفًا فَالظَّاهِرُ أَنْ يُؤْخَذَ بِالْأَقَلِّ وَيُحْمَلُ الْأَكْثَرُ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ الْمَفْهُومِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب المرأة تحج بغير ولي]

[بَاب الْمَرْأَةِ تَحُجُّ بِغَيْرِ وَلِيٍّ] 2898 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ سَفَرًا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا إِلَّا مَعَ أَبِيهَا أَوْ أَخِيهَا أَوْ ابْنِهَا أَوْ زَوْجِهَا أَوْ ذِي مَحْرَمٍ»

2899 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَاحِدٍ لَيْسَ لَهَا ذُو حُرْمَةٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ذُو حُرْمَةٍ) هُوَ يَشْمَلُ الزَّوْجَ فَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ أَنْ تُسَافِرَ بِلَا زَوْجٍ، وَالْمُرَادُ بِذِي حُرْمَةٍ هُوَ، أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنَ الزَّوْجِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

2900 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَقَ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا مَعْبَدٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنِّي اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا وَامْرَأَتِي حَاجَّةٌ قَالَ فَارْجِعْ مَعَهَا»

[باب الحج جهاد النساء]

[بَاب الْحَجُّ جِهَادُ النِّسَاءِ] 2901 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى النِّسَاءِ جِهَادٌ قَالَ نَعَمْ عَلَيْهِنَّ جِهَادٌ لَا قِتَالَ فِيهِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ) فَإِنَّهُمَا يُشْبِهَانِ الْجِهَادَ فِي السَّفَرِ وَالْخُرُوجِ مِنَ الْبِلَادِ وَالتَّعَبِ.

2902 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ الْفَضْلِ الْحُدَّانِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَجُّ جِهَادُ كُلِّ ضَعِيفٍ»

[باب الحج عن الميت]

[بَاب الْحَجِّ عَنْ الْمَيِّتِ] 2903 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَزْرَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ شُبْرُمَةُ قَالَ قَرِيبٌ لِي قَالَ هَلْ حَجَجْتَ قَطُّ قَالَ لَا قَالَ فَاجْعَلْ هَذِهِ عَنْ نَفْسِكَ ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ شُبْرُمَةَ) بِضَمِّ الشِّينِ وَالرَّاءِ، قِيلَ: هُوَ صَحَابِيٌّ تُوُفِّيَ فِي حَيَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فَاجْعَلْ هَذِهِ عَنْ نَفْسِكَ) مُفَادُ الْحَدِيثِ أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ وَأَحْرَمَ بِغَيْرِهَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْمُضِيُّ فِي الْغَيْرِ، بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّرْفُ ذَلِكَ الْإِحْرَامِ إِلَى حَجَّةِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ جَعْلَ تِلْكَ الْحَجَّةِ عَنْ نَفْسِهِ لَا يَكُونُ إِلَّا كَذَلِكَ.

2904 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَحُجُّ عَنْ أَبِي قَالَ نَعَمْ حُجَّ عَنْ أَبِيكَ فَإِنْ لَمْ تَزِدْهُ خَيْرًا لَمْ تَزِدْهُ شَرًّا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ تَزِدْهُ خَيْرًا) كَأَنَّهُ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى أَنَّ الشَّيْءَ إِذَا كَانَ مُحْتَمِلًا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ خَيْرًا وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ شَرًّا فَاللَّائِقُ بِحَالِ الْعَاقِلِ أَنْ يَفْعَلَهُ وَلَا يَتَوَقَّفَ فِي فِعْلٍ عَلَى السُّؤَالِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

بِحَقِيقَةِ الْحَالِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَسُلَيْمَانُ هُوَ ابْنُ فَيْرُوزَ أَبُو إِسْحَاقَ ثِقَةٌ.

2905 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَطَاءٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي الْغَوْثِ بْنِ حُصَيْنٍ رَجُلٌ مِنْ الْفُرْعِ «أَنَّهُ اسْتَفْتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ حَجَّةٍ كَانَتْ عَلَى أَبِيهِ مَاتَ وَلَمْ يَحُجَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُجَّ عَنْ أَبِيكَ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَلِكَ الصِّيَامُ فِي النَّذْرِ يُقْضَى عَنْهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَكَذَلِكَ الصَّائِمُ. . . إِلَخْ) أَيْ: عَنِ الْأَمْوَاتِ وَبِهَذَا قَالَ أَحْمَدُ، فَقَالَ صَوْمُ النَّذْرِ يَجُوزُ قَضَاؤُهُ عَنِ الْمَيِّتِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عُثْمَانُ بْنُ عَطَاءٍ الْخَرْثَانِيُّ ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَقِيلَ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ مَتْرُوكٌ وَقَالَ الْحَاكِمُ: رَوَى عَنْ أَبِيهِ أَحَادِيثَ مَوْضُوعَةً وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب الحج عن الحي إذا لم يستطع]

[بَاب الْحَجِّ عَنْ الْحَيِّ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ] 2906 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ عَنْ أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ «أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ الْحَجَّ وَلَا الْعُمْرَةَ وَلَا الظَّعْنَ قَالَ حُجَّ عَنْ أَبِيكَ وَاعْتَمِرْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَلَا الظَّعَنُ) بِفَتْحَتَيْنِ، أَوْ سُكُونِ الثَّانِي وَالْأُولَى مُعْجَمَةٌ وَالثَّانِيَةُ مُهْمَلَةٌ مَصْدَرُ ظَعَنَ يَظْعُنُ بِالضَّمِّ إِذَا سَافَرَ، وَفِي الْجَمْعِ الظَّعْنُ الرَّاحِلَةُ، أَيْ: لَا يَقْوَى عَلَى السَّيْرِ وَلَا عَلَى الرُّكُوبِ مِنْ كِبَرِ السِّنِّ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: لَا أَعْلَمُ فِي إِيجَابِ الْعُمْرَةِ حَدِيثًا أَجْوَدَ مِنْ هَذَا وَأَصَحَّ مِنْهُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ عَنِ الْغَيْرِ لَيْسَا بِوَاجِبَيْنِ عَلَى الْفَاعِلِ فَالظَّاهِرُ حَمْلُ الْأَمْرِ عَلَى النَّدْبِ وَحِينَئِذٍ دَلَالَةُ الْحَدِيثِ عَلَى وُجُوبِ الْعُمْرَةِ خَفَاؤُهَا لَا يَخْفَى.

2907 - حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيِّ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ حُنَيْفٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمٍ جَاءَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ قَدْ أَفْنَدَ وَأَدْرَكَتْهُ فَرِيضَةُ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ وَلَا يَسْتَطِيعُ أَدَاءَهَا فَهَلْ يُجْزِئُ عَنْهُ أَنْ أُؤَدِّيَهَا عَنْهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَمْ»

2908 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كُرَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَخْبَرَنِي حُصَيْنُ بْنُ عَوْفٍ قَالَ «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبِي أَدْرَكَهُ الْحَجُّ وَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَحُجَّ إِلَّا مُعْتَرِضًا فَصَمَتَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ حُجَّ عَنْ أَبِيكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِلَّا مُعْتَرِضًا) قِيلَ: مَعْنَاهُ لَا يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَعْهُودِ، إِنَّمَا يُمْكِنُ أَنْ يُشَدَّ بِحَبْلٍ وَنَحْوِهِ بِالرَّاحِلَةِ (فَصَمَتَ سَاعَةً)

أَيْ: سَكَتَ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ كُرَيْبٍ قَالَ أَحْمَدُ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ يَجِيءُ بِعَجَائِبَ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَوْفٍ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ فِيهِ نَظَرٌ وَضَعَّفَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

2909 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَخِيهِ الْفَضْلِ «أَنَّهُ كَانَ رِدْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةَ النَّحْرِ فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ فِي الْحَجِّ عَلَى عِبَادِهِ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَرْكَبَ أَفَأَحُجُّ عَنْهُ قَالَ نَعَمْ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكِ دَيْنٌ قَضَيْتِهِ»

[باب حج الصبي]

[بَاب حَجِّ الصَّبِيِّ] 2910 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ طَرِيفٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سُوقَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «رَفَعَتْ امْرَأَةٌ صَبِيًّا لَهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّتِهِ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِهَذَا حَجٌّ قَالَ نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَلَكَ أَجْرٌ) قَالَ النَّوَوِيُّ: مَعْنَاهُ بِسَبَبِ حَمْلِهَا وَتَجَنُّبِهَا إِيَّاهُ - أَيْ: مَا يَجْتَنِبُهُ الْمُحْرِمُ - وَفِعْلِهَا مَا يَفْعَلُهُ.

[باب النفساء والحائض تهل بالحج]

[بَاب النُّفَسَاءِ وَالْحَائِضِ تُهِلُّ بِالْحَجِّ] 2911 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «نُفِسَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ بِالشَّجَرَةِ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يَأْمُرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُهِلَّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (نُفِسَتْ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ (بِالشَّجَرَةِ) أَيْ: بِذِي الْحُلَيْفَةِ وَكَانَتْ هُنَاكَ شَجَرَةٌ (أَنْ تَغْتَسِلَ) أَيْ: لِلتَّنْظِيفِ لَا لِلتَّطْهِيرِ.

2912 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ «أَنَّهُ خَرَجَ حَاجًّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ فَوَلَدَتْ بِالشَّجَرَةِ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ فَأَتَى أَبُو بَكْرٍ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْمُرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ ثُمَّ تُهِلَّ بِالْحَجِّ وَتَصْنَعَ مَا يَصْنَعُ النَّاسُ إِلَّا أَنَّهَا لَا تَطُوفُ بِالْبَيْتِ»

2913 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «نُفِسَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ بِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فَأَرْسَلَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ وَتَسْتَثْفِرَ بِثَوْبٍ ثُمَّ تُهِلَّ»

[باب مواقيت أهل الآفاق]

[بَاب مَوَاقِيتِ أَهْلِ الْآفَاقِ] 2914 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يُهِلُّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَأَهْلُ الشَّامِ مِنْ الْجُحْفَةِ وَأَهْلُ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ أَمَّا هَذِهِ الثَّلَاثَةُ فَقَدْ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَيُهِلُّ أَهْلُ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يُهِلُّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ) خَبَرٌ فِي مَعْنَى الْأَمْرِ، أَيْ: يُهَلِّلُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ التَّأْخِيرُ عَنْهُ لَا بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّقْدِيمُ

عَلَيْهِ (مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ) بِالتَّصْغِيرِ اسْمُ مَوْضِعٍ قَرِيبٍ بِالْمَدِينَةِ (مِنَ الْجُحْفَةِ) بِتَقْدِيمِ الْجِيمِ الْمَضْمُومَةِ عَلَى الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ السَّاكِنَةِ (مِنْ قَرْنٍ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ وَغَلَّطُوا الْجَوْهَرِيَّ فِي قَوْلِهِ: إِنَّهُ بِفَتْحَتَيْنِ (مِنْ يَلَمْلَمَ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتٍ وَفَتْحِ اللَّامَيْنِ بَيْنَهُمَا مِيمٌ سَاكِنَةٌ.

2915 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مُهَلُّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَمُهَلُّ أَهْلِ الشَّامِ مِنْ الْجُحْفَةِ وَمُهَلُّ أَهْلِ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ وَمُهَلُّ أَهْلِ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ وَمُهَلُّ أَهْلِ الْمَشْرِقِ مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ ثُمَّ أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ لِلْأُفُقِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ أَقْبِلْ بِقُلُوبِهِمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِوَجْهِهِ لِلْأُفُقِ) أَيْ: أُفُقِ الْمَشْرِقِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ إِبْرَاهِيمُ الْحَرِيرِيُّ قَالَ فِيهِ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، وَقِيلَ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، وَقِيلَ: ضَعِيفٌ وَأَصْلُ الْحَدِيثِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَلَمْ يَقُلْ ثُمَّ أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ، وَلَا ذَكَرَ مُهَلَّ أَهْلِ الشَّامِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب الإحرام]

[بَاب الْإِحْرَامِ] 2916 - حَدَّثَنَا مُحْرِزُ بْنُ سَلَمَةَ الْعَدَنِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَدْخَلَ رِجْلَهُ فِي الْغَرْزِ وَاسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ أَهَلَّ مِنْ عِنْدِ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ»

2917 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَا حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «إِنِّي عِنْدَ ثَفِنَاتِ نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ الشَّجَرَةِ فَلَمَّا اسْتَوَتْ بِهِ قَائِمَةً قَالَ لَبَّيْكَ بِعُمْرَةٍ وَحِجَّةٍ مَعًا وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنِّي عِنْدَ ثَفِنَاتِ نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) الثَّفِنَاتُ جَمْعُ ثَفِنَةٍ بِمُثَلَّثَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَفَاءٍ مَكْسُورَةٍ وَنُونٍ وَهِيَ مَا وَلِيَ الْأَرْضَ مِنْ كُلِّ ذَاتِ أَرْبَعٍ إِذَا بَرَكَتْ كَالرُّكْبَتَيْنِ وَهُمَا الْعَظْمَاتُ وَيَحْصُلُ فِيهِ غِلَظٌ مِنْ أَثَرِ الْبُرُوكِ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ قَارِنًا وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي نُسُكِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب التلبية]

[بَاب التَّلْبِيَةِ] 2918 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَأَبُو أُسَامَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «تَلَقَّفْتُ التَّلْبِيَةَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ» قَالَ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَزِيدُ فِيهَا لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ لَبَّيْكَ وَالرَّغْبَاءُ إِلَيْكَ وَالْعَمَلُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (تَلَقَّفْتُ) أَيْ: أَخَذْتُ (إِنَّ الْحَمْدَ) بِكَسْرِ

هَمْزَةِ إِنَّ وَفَتْحِهَا وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْكَسْرَ أَجْوَدُ وَالْفَتْحُ عَلَى تَقْدِيرِ: لِأَنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ وَالْمَشْهُورُ نَصْبُ النِّعْمَةِ وَجَوَازُ رَفْعِهَا (وَالرَّغْبَاءُ) بِفَتْحِ الرَّاءِ مَعَ الْمَدِّ وَبِضَمِّهَا مَعَ الْقَصْرِ وَحُكِيَ الْفَتْحُ وَالْقَصْرُ كَالْكَسْرِ مِنَ الرَّغْبَةِ وَمَعْنَاهُ الطَّلَبُ وَالْمَسْأَلَةُ.

2919 - حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَعِيلَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «كَانَتْ تَلْبِيَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ»

2920 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي تَلْبِيَتِهِ لَبَّيْكَ إِلَهَ الْحَقِّ لَبَّيْكَ»

2921 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا مِنْ مُلَبٍّ يُلَبِّي إِلَّا لَبَّى مَا عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ مِنْ حَجَرٍ أَوْ شَجَرٍ أَوْ مَدَرٍ حَتَّى تَنْقَطِعَ الْأَرْضُ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِلَّا لَبَّى مَا عَنْ يَمِينِهِ. . . إِلَخْ) إِنْ قُلْتَ: أَيُّ فَائِدَةٍ لِلْمُسْلِمِ فِي تَلْبِيَةِ الْأَحْجَارِ وَغَيْرِهَا مَعَ تَلْبِيَتِهِ؟ قُلْتُ: اتِّبَاعُهُمْ فِي هَذَا الذِّكْرِ دَلِيلٌ عَلَى فَضِيلَتِهِ وَشَرَفِهِ وَمَكَانَتِهِ عِنْدَ اللَّهِ إِذْ لَيْسَ اتِّبَاعُهُمْ فِي هَذَا الذِّكْرِ إِلَّا لِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُكْتَبَ لَهُ أَجْرُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لِمَا أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ صَدَرَ عَنْهَا الذِّكْرُ تَبَعًا فَصَارَ الْمُؤْمِنُ بِالذِّكْرِ كَأَنَّهُ دَالٌّ عَلَى الْخَيْرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب رفع الصوت بالتلبية]

[بَاب رَفْعِ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ] 2922 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ حَدَّثَهُ عَنْ خَلَّادِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَصْحَابِي أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالْإِهْلَالِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَأَمَرَنِي) أَمْرُ إِيجَابٍ إِذْ تَبْلِيغُ الشَّرَائِعِ وَاجِبٌ عَلَيْهِ (آمُرَ أَصْحَابِي) أَمْرُ نَدْبٍ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَأَمْرُ وُجُوبٍ عِنْدَ الظَّاهِرِيَّةِ (أَنْ يَرْفَعُوا) أَيْ: إِظْهَارًا لِشِعَارِ الْإِحْرَامِ وَتَعْلِيمًا لِلْجَاهِلِ مَا يُسْتَحَبُّ لَهُ فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ (بِالْإِهْلَالِ) أُرِيدَ بِهِ التَّلْبِيَةُ عَلَى

التَّجْرِيدِ وَأَصْلُهُ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ.

2923 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي لَبِيدٍ عَنْ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ عَنْ خَلَّادِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَنِي جِبْرِيلُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ مُرْ أَصْحَابَكَ فَلْيَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّلْبِيَةِ فَإِنَّهَا مِنْ شِعَارِ الْحَجِّ»

2924 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ وَيَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَرْبُوعٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ الْعَجُّ وَالثَّجُّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْعَجُّ وَالثَّجُّ) قَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ قَرِيبًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب الظلال للمحرم]

[بَاب الظِّلَالِ لِلْمُحْرِمِ] 2925 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ قَالُوا حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ مُحْرِمٍ يَضْحَى لِلَّهِ يَوْمَهُ يُلَبِّي حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ إِلَّا غَابَتْ بِذُنُوبِهِ فَعَادَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَا مِنْ مُحْرِمٍ يَضْحَى لِلَّهِ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالْحَاءِ، أَيْ: يَبْرُزُ لِلشَّمْسِ لِأَجْلِ التَّقَرُّبِ بِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى يُقَالُ ضَحِيتُ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ أَضْحَى إِذَا بَرَزَ لِلشَّمْسِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى} [طه: 119] (فَعَادَ) أَيْ: صَارَ (كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ) طَاهِرًا مِنَ الذُّنُوبِ كَمَا كَانَ طَاهِرًا مِنْهَا حِينَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَعَاصِمِ بْنِ عُمْرَ بْنِ حَفْصٍ. قُلْتُ: وَقَدْ جَاءَ فِي الصَّحِيحِ «أَنَّ أُسَامَةَ وَبِلَالًا أَحَدُهُمَا أَخَذَ بِخِطَامِ نَاقَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْآخَرُ رَافِعٌ ثَوْبَهُ يَسْتُرُهُ مِنَ الْحَرِّ حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَكَانَ ذَلِكَ يَوْمَ النَّحْرِ» وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب الطيب عند الإحرام]

[بَاب الطِّيبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ] 2926 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ جَمِيعًا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ «طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يُفِيضَ قَالَ سُفْيَانُ بِيَدَيَّ هَاتَيْنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَبْلَ أَنْ يُفِيضَ) مِنَ الْإِفَاضَةِ، أَيْ: قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ، وَالْجُمْهُورُ قَدْ أَخَذُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ فَقَالُوا بِاسْتِحْبَابِ الطِّيبِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَإِنْ بَقِيَ لَهُ جُرْمٌ بَعْدَهُ وَكَذَا قَبْلَ الْإِفَاضَةِ خِلَافًا لِمَالِكٍ.

2927 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الطِّيبِ فِي مَفَارِقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُلَبِّي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَبِيصَ الطِّيبِ) أَيْ: لَمَعَانَهُ وَالْمَفَارِقُ جَمْعُ مَفْرِقٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا، قِيلَ: مَفْرِقُ الرَّأْسِ وَسَطُهُ، وَالْمُرَادُ هَاهُنَا الْمَوَاضِعُ الَّتِي

يُفَرَّقُ مِنْهَا بَعْضُ الشَّعْرِ عَنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

2928 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَأَنِّي أَرَى وَبِيصَ الطِّيبِ فِي مَفْرِقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ثَلَاثَةٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ سبق شرحه

[باب ما يلبس المحرم من الثياب]

[بَاب مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنْ الثِّيَابِ] 2929 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنْ الثِّيَابِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَلْبَسُ الْقُمُصَ وَلَا الْعَمَائِمَ وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ وَلَا الْبَرَانِسَ وَلَا الْخِفَافَ إِلَّا أَنْ لَا يَجِدَ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ وَلَا تَلْبَسُوا مِنْ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ أَوْ الْوَرْسُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ، أَيْ: مَا يَحِلُّ لَهُ لُبْسُهُ (الْقُمُصُ) بِضَمَّتَيْنِ جَمْعُ قَمِيصٍ (وَالْبَرَانِسُ) جَمْعُ بُرْنُسٍ بِضَمِّ الْبَاءِ وَالنُّونِ كُلُّ ثَوْبٍ رَأْسُهُ مِنْهُ (وَالْخِفَافُ) بِكَسْرِ الْخَاءِ جَمْعُ خُفٍّ (وَالْوَرْسُ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ نَبْتٌ أَصْفَرُ طَيِّبُ الرِّيحِ يُصْبَغُ بِهِ، قِيلَ: عَدَلَ فِي الْجَوَابِ عَنْ بَيَانِ الْمَلْبُوسِ الْجَائِزِ إِلَى بَيَانِ غَيْرِ الْجَائِزِ لِكَوْنِ غَيْرِ الْجَائِزِ مُنْحَصِرًا وَأَمَّا الْجَائِزُ فَلَا يَنْحَصِرُ فَبَيَّنَ غَيْرَ الْجَائِزِ لِيُعْلَمَ أَنَّ الْبَاقِيَ جَائِزٌ (فَيَلْبَسُ خُفَّيْنِ) حَمَلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ بَعْدَ الْقَطْعِ حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب السراويل والخفين للمحرم إذا لم يجد إزارا أو نعلين]

2930 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَلْبَسَ الْمُحْرِمُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا بِوَرْسٍ أَوْ زَعْفَرَانٍ» [بَاب السَّرَاوِيلِ وَالْخُفَّيْنِ لِلْمُحْرِمِ إِذَا لَمْ يَجِدْ إِزَارًا أَوْ نَعْلَيْنِ] 2931 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ أَبِي الشَّعْثَاءِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ قَالَ هِشَامٌ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ مَنْ لَمْ يَجِدْ إِزَارًا فَلْيَلْبَسْ سَرَاوِيلَ وَمَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ» وَقَالَ هِشَامٌ فِي حَدِيثِهِ فَلْيَلْبَسْ سَرَاوِيلَ إِلَّا أَنْ يَفْقِدَ

2932 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ»

[باب التوقي في الإحرام]

[بَاب التَّوَقِّي فِي الْإِحْرَامِ] 2933 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْعَرْجِ نَزَلْنَا فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَائِشَةُ إِلَى جَنْبِهِ وَأَنَا إِلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ فَكَانَتْ زِمَالَتُنَا وَزِمَالَةُ أَبِي بَكْرٍ وَاحِدَةً مَعَ غُلَامِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ فَطَلَعَ الْغُلَامُ وَلَيْسَ مَعَهُ بَعِيرُهُ فَقَالَ لَهُ أَيْنَ بَعِيرُكَ قَالَ أَضْلَلْتُهُ الْبَارِحَةَ قَالَ مَعَكَ بَعِيرٌ وَاحِدٌ تُضِلُّهُ قَالَ فَطَفِقَ يَضْرِبُهُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ انْظُرُوا إِلَى هَذَا الْمُحْرِمِ مَا يَصْنَعُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِالْعَرْجِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَجِيمٍ

قَرْيَةٌ جَامِعَةٌ بَيْنَ الْحَرَمَيْنِ (فَكَانَتْ زِمَالَتُنَا وَزِمَالَةُ أَبِي بَكْرٍ) أَيْ: مَرْكُوبُهُمَا وَمَا كَانَ مَعَهُمَا مِنْ أَدَوَاتِ السَّفَرِ وَاحِدًا.

[باب المحرم يغسل رأسه]

[بَاب الْمُحْرِمِ يَغْسِلُ رَأْسَهُ] 2934 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ اخْتَلَفَا بِالْأَبْوَاءِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ وَقَالَ الْمِسْوَرُ لَا يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ فَأَرْسَلَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَى أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ أَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ بَيْنَ الْقَرْنَيْنِ وَهُوَ يَسْتَتِرُ بِثَوْبٍ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ مَنْ هَذَا قُلْتُ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُنَيْنٍ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ أَسْأَلُكَ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ قَالَ فَوَضَعَ أَبُو أَيُّوبَ يَدَهُ عَلَى الثَّوْبِ فَطَأْطَأَهُ حَتَّى بَدَا لِي رَأْسُهُ ثُمَّ قَالَ لِإِنْسَانٍ يَصُبُّ عَلَيْهِ اصْبُبْ فَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ ثُمَّ حَرَّكَ رَأْسَهُ بِيَدِهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ ثُمَّ قَالَ هَكَذَا رَأَيْتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِالْأَبْوَاءِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْمَدِّ جَبَلٌ بَيْنَ الْحَرَمَيْنِ (بَيْنَ الْقَرْنَيْنِ) هُمَا قَرْنَا الْبِئْرِ الْمَبْنِيَّانِ عَلَى جَانِبِهَا، أَوْ هُمَا خَشَبَتَانِ فِي جَانِبَيِ الْبِئْرِ لِأَجْلِ الْبَكْرَةِ (كَيْفَ كَانَ. . . إِلَخْ) لَا يَخْلُو عَنْ إِشْكَالٍ؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ بَيْنَهُمَا كَانَ فِي أَصْلِ الْغُسْلِ لَا فِي كَيْفِيَّتِهِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ إِرْسَالَهُ كَانَ لِلسُّؤَالِ عَنْ أَصْلِهِ إِلَّا أَنْ يُقَالَ إِرْسَالُهُ لِيَسْأَلَهُ عَنِ الْأَصْلِ وَالْكَيْفِيَّةِ عَلَى تَقْدِيرِ جَوَازِ الْأَصْلِ مَعًا فَلَمَّا عَلِمَ جَوَازَ الْأَصْلِ بِمُبَاشَرَةِ أَبِي أَيُّوبَ سَكَتَ عَنْهُ وَسَأَلَ عَنِ الْكَيْفِيَّةِ، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ مَحَلُّ الْخِلَافِ هُوَ الْغُسْلُ بِلَا احْتِلَامٍ فَمِنْ أَيْنَ عَلِمَ بِمُجَرَّدِ فِعْلِ أَبِي أَيُّوبَ جَوَازَ ذَلِكَ؟ إِلَّا أَنْ يُقَالَ لَعَلَّهُ عَلِمَ ذَلِكَ بِقَرَائِنَ وَأَمَارَاتٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب المحرمة تسدل الثوب على وجهها]

[بَاب الْمُحْرِمَةِ تَسْدُلُ الثَّوْبَ عَلَى وَجْهِهَا] 2935 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ فَإِذَا لَقِيَنَا الرَّاكِبُ أَسْدَلْنَا ثِيَابَنَا مِنْ فَوْقِ رُءُوسِنَا فَإِذَا جَاوَزَنَا رَفَعْنَاهَا» حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ

[باب الشرط في الحج]

[بَاب الشَّرْطِ فِي الْحَجِّ] 2936 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ جَدَّتِهِ قَالَ لَا أَدْرِي أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ أَوْ سُعْدَى بِنْتِ عَوْفٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ مَا يَمْنَعُكِ يَا عَمَّتَاهُ مِنْ الْحَجِّ فَقَالَتْ أَنَا امْرَأَةٌ سَقِيمَةٌ وَأَنَا أَخَافُ الْحَبْسَ قَالَ فَأَحْرِمِي وَاشْتَرِطِي أَنَّ مَحِلَّكِ حَيْثُ حُبِسْتِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَلَى ضُبَاعَةَ) بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ (وَاشْتَرِطِي) مَنْ لَا يَقُولُ بِالِاشْتِرَاطِ يَدَّعِي الْخُصُوصَ بِهَا، وَفِي الزَّوَائِدِ لَيْسَ لِسُعْدَى بِنْتِ عَوْفٍ هَذِهِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ، وَلَيْسَ لَهَا فِي بَقِيَّةِ الْكُتُبِ شَيْءٌ، وَهَذَا مِنْ مُسْنَدِهَا، وَفِي إِسْنَادِهِ أَبُو بِكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ لَمْ أَرَ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ بِجَرْحٍ وَلَا بِتَوْثِيقٍ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ.

2937 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ وَوَكِيعٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ضُبَاعَةَ قَالَتْ «دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا شَاكِيَةٌ فَقَالَ أَمَا تُرِيدِينَ الْحَجَّ الْعَامَ قُلْتُ إِنِّي لَعَلِيلَةٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ حُجِّي وَقُولِي مَحِلِّي حَيْثُ تَحْبِسُنِي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ ضُبَاعَةَ) وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَلَيْسَ لِضُبَاعَةَ سِوَى ثَلَاثَةِ أَحَادِيثَ انْفَرَدَ الْمُصَنِّفُ بِإِخْرَاجِ هَذَا، وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ حَدِيثًا وَالنَّسَائِيُّ آخَرَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

2938 - حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ طَاوُسًا وَعِكْرِمَةَ يُحَدِّثَانِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «جَاءَتْ ضُبَاعَةُ بِنْتُ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِنِّي امْرَأَةٌ ثَقِيلَةٌ وَإِنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ فَكَيْفَ أُهِلُّ قَالَ أَهِلِّي وَاشْتَرِطِي أَنَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي»

[باب دخول الحرم]

[بَاب دُخُولِ الْحَرَمِ] 2939 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ صَبِيحٍ حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ حَسَّانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَتْ الْأَنْبِيَاءُ تَدْخُلُ الْحَرَمَ مُشَاةً حُفَاةً وَيَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ وَيَقْضُونَ الْمَنَاسِكَ حُفَاةً مُشَاةً ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (تَدْخُلُ الْحَرَمَ مُشَاةً حُفَاةً) . قُلْتُ: قَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَافَ رَاكِبًا، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مُبَارَكُ بْنُ حَسَّانَ وَهُوَ وَإِنْ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ فَقَدْ قَالَ النَّسَائِيُّ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ يُخْطِئُ وَيُخَالِفُ وَقَالَ الْأَزْدِيُّ مَتْرُوكٌ انْتَهَى وَإِسْمَاعِيلُ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ.

[باب دخول مكة]

[بَاب دُخُولِ مَكَّةَ] 2940 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْخُلُ مَكَّةَ مِنْ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا وَإِذَا خَرَجَ خَرَجَ مِنْ الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى»

2941 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا الْعُمَرِيُّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّةَ نَهَارًا»

2942 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيْنَ تَنْزِلُ غَدًا وَذَلِكَ فِي حَجَّتِهِ قَالَ وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مَنْزِلًا ثُمَّ قَالَ نَحْنُ نَازِلُونَ غَدًا بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ يَعْنِي الْمُحَصَّبَ حَيْثُ قَاسَمَتْ قُرَيْشٌ عَلَى الْكُفْرِ وَذَلِكَ أَنَّ بَنِي كِنَانَةَ حَالَفَتْ قُرَيْشًا عَلَى بَنِي هَاشِمٍ أَنْ لَا يُنَاكِحُوهُمْ وَلَا يُبَايِعُوهُمْ» قَالَ مَعْمَرٌ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَالْخَيْفُ الْوَادِي ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَاسَمَتْ قُرَيْشٌ) أَيْ: تَوَافَقُوا عَلَى الْقَسْمِ عَلَى ثُبُوتِهِمْ عَلَى مُقْتَضَيَاتِ الْكُفْرِ (أَنْ لَا يُنَاكِحُوهُمْ) أَيْ: حَتَّى يُسَلِّمُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ لِيَفْعَلُوا مَا شَاءُوا فَنَزَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَكَانَ لِيُظْهِرَ فِيهِ عِزَّةَ الْإِسْلَامِ بَعْدَ أَنْ كَانَ فِيهِ ذَلِيلًا، فَلِلَّهِ الْحَمْدُ عَلَى أَنَّهُ أَعَزَّهُ حَيْثُ كَانَ ذَلِيلًا.

[باب استلام الحجر]

[بَاب اسْتِلَامِ الْحَجَرِ] 2943 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ قَالَ «رَأَيْتُ الْأُصَيْلِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يُقَبِّلُ الْحَجَرَ وَيَقُولُ إِنِّي لَأُقَبِّلُكَ وَإِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (رَأَيْتُ الْأُصَيْلِعَ) هُوَ تَصْغِيرُ الْأَصْلَعِ وَهُوَ الَّذِي انْحَسَرَ الشَّعْرُ عَنْ رَأْسِهِ وَعُمَرُ كَانَ كَذَلِكَ، وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ قِيلَ: لَهُ الْقُرْعَانُ فَقِيلَ لَهُ فَأَنْتَ أَصْلَعُ فَقَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْزَعَ ذَكَرَهُ الدَّمِيرِيُّ وَيَقُولُ، أَيْ: لِلْحَجَرِ مُخَاطِبًا إِيَّاهُ لِيَسْمَعَ الْحَاضِرُونَ وَيَعْلَمُوا أَنَّ الْمَقْصُودَ الِاتِّبَاعُ لَا تَعْظِيمُ الْحَجَرِ كَمَا كَانَ عَلَيْهِ عَبَدَةُ الْأَوْثَانِ فَالْمَطْلُوبُ تَعْظِيمُ أَمْرِهِ تَعَالَى وَاتِّبَاعُ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

2944 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ الرَّازِيُّ عَنْ ابْنِ خُثَيْمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَأْتِيَنَّ هَذَا الْحَجَرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَهُ عَيْنَانِ يُبْصِرُ بِهِمَا وَلِسَانٌ يَنْطِقُ بِهِ يَشْهَدُ عَلَى مَنْ يَسْتَلِمُهُ بِحَقٍّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَلَى مَنْ يَسْتَلِمُهُ بِحَقٍّ) أَيْ: مُلْتَبِسًا بِحَقٍّ وَهُوَ دِينُ الْإِسْلَامِ وَاسْتِلَامُهُ بِحَقٍّ هُوَ طَاعَةُ اللَّهِ وَاتِّبَاعُ سَنَةِ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

لَا تَعْظِيمُ الْحَجَرِ نَفْسِهِ وَالشَّهَادَةُ عَلَيْهِ هِيَ الشَّهَادَةُ عَلَى أَدَائِهِ حَقَّ اللَّهِ الْمُتَعَلِّقَ بِهِ وَلَيْسَتْ عَلَى الضَّرَرِ.

2945 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا خَالِي يَعْلَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «اسْتَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَجَرَ ثُمَّ وَضَعَ شَفَتَيْهِ عَلَيْهِ يَبْكِي طَوِيلًا ثُمَّ الْتَفَتَ فَإِذَا هُوَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَبْكِي فَقَالَ يَا عُمَرُ هَاهُنَا تُسْكَبُ الْعَبَرَاتُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (تَسْكُبُ) تَصُبُّ (الْعَبَرَاتِ) الدُّمُوعَ، أَيْ: شَوْقًا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ خَوْفًا وَحَيَاءً، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الْخُرَاسَانِيُّ ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَأَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُمَا.

2946 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ الْمِصْرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَلِمُ مِنْ أَرْكَانِ الْبَيْتِ إِلَّا الرُّكْنَ الْأَسْوَدَ وَالَّذِي يَلِيهِ مِنْ نَحْوِ دُورِ الْجُمَحِيِّينَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَالَّذِي يَلِيهِ) هُوَ الرُّكْنُ الْيَمَانِيُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب من استلم الركن بمحجنه]

[بَاب مَنْ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ بِمِحْجَنِهِ] 2947 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ قَالَتْ «لَمَّا اطْمَأَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ طَافَ عَلَى بَعِيرٍ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ بِيَدِهِ ثُمَّ دَخَلَ الْكَعْبَةَ فَوَجَدَ فِيهَا حَمَامَةَ عَيْدَانٍ فَكَسَرَهَا ثُمَّ قَامَ عَلَى بَابِ الْكَعْبَةِ فَرَمَى بِهَا وَأَنَا أَنْظُرُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَطَافَ عَلَى بَعِيرٍ) أَيْ: رَاكِبًا عَلَيْهِ (بِمِحْجَنٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ هُوَ عَصَاةٌ مُعْوَجَّةُ الرَّأْسِ وَقَدْ جَوَّزَ الْعُلَمَاءُ الرُّكُوبَ فِي الطَّوَافِ لِعُذْرٍ وَحَمَلُوا عَلَيْهِ فِعْلَهُ لِمَا جَاءَ أَنَّهُ قَدِمَ مَكَّةَ وَهُوَ يَشْتَكِي وَأَنَّهُ طَافَ رَاكِبًا لِيَرَاهُ النَّاسُ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لِأَمْرَيْنِ قَوْلُهُ: (حَمَامَةُ عَيْدَانٍ) بِالْإِضَافَةِ وَفَتْحِ عَيْنِ عَيْدَانَ، وَالْمُرَادُ بِالْحَمَامَةِ صُورَةٌ كَصُورَةِ الْحَمَامَةِ وَكَانَتْ مِنْ عَيْدَانٍ وَهِيَ الطَّوِيلُ مِنَ النَّخْلِ الْوَاحِدَةُ عَيْدَانَةٌ.

2948 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَافَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ عَلَى بَعِيرٍ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ»

2949 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ح وَحَدَّثَنَا هَدِيَّةُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى قَالَا حَدَّثَنَا مَعْرُوفُ بْنُ خَرَّبُوذَ الْمَكِّيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الطُّفَيْلِ عَامِرَ بْنَ وَاثِلَةَ قَالَ «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عَلَى رَاحِلَتِهِ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنِهِ وَيُقَبِّلُ الْمِحْجَنَ»

[باب الرمل حول البيت]

[بَاب الرَّمَلِ حَوْلَ الْبَيْتِ] 2950 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ بَشِيرٍ ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَا حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ الطَّوَافَ الْأَوَّلَ رَمَلَ ثَلَاثَةً وَمَشَى أَرْبَعَةً مِنْ الْحِجْرِ إِلَى الْحِجْرِ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الطَّوَافَ الْأَوَّلَ) الَّذِي يَسْعَى بَعْدَهُ (رَمَلَ) الرَّمَلُ إِسْرَاعُ الْمَشْيِ مَعَ تَقَارُبِ الْخُطَى فِي الطَّوَافِ (مِنَ الْحَجَرِ إِلَى الْحَجَرِ) أَيْ: فِي تَمَامِ الدَّوْرِ.

2951 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ الْعُكْلِيُّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَلَ مِنْ الْحِجْرِ إِلَى الْحِجْرِ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا»

2952 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ «فِيمَ الرَّمَلَانُ الْآنَ وَقَدْ أَطَّأَ اللَّهُ الْإِسْلَامَ وَنَفَى الْكُفْرَ وَأَهْلَهُ وَايْمُ اللَّهِ مَا نَدَعُ شَيْئًا كُنَّا نَفْعَلُهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِيمَ الرَّمَلَانُ) بِفَتْحَتَيْنِ مَصْدَرُ رَمَلَ، وَقِيلَ: تَثْنِيَةُ رَمْلٍ وَأَرَادَ رَمَلَ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ تَغْلِيبًا وَاسْتُبْعِدَ بِأَنَّ رَمْلَ الطَّوَافِ هُوَ الَّذِي شُرِعَ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ لِيُرِيَ الْمُشْرِكِينَ قُوَّتَهُمْ حِينَ قَالُوا وَهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ، وَأَمَّا السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَهِيَ شِعَارٌ قَدِيمٌ مِنْ عَهْدِ إِبْرَاهِيمَ فَالْمُرَادُ بِقَوْلِ عُمَرَ رَمَلَ الطَّوَافَ فَقَطْ، فَلَا وَجْهَ لِلتَّثْنِيَةِ قَوْلُهُ: (وَقَدْ أَطَّأَ اللَّهُ) بِتَشْدِيدِ الطَّاءِ، أَيْ: ثَبَّتَهُ وَأَحْكَمَهُ وَالْهَمْزَةُ الْأُولَى فِيهِ بَدَلٌ مِنْ وَاوِ وَطَّأَ.

2953 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ ابْنِ خُثَيْمٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ حِينَ أَرَادُوا دُخُولَ مَكَّةَ فِي عُمْرَتِهِ بَعْدَ الْحُدَيْبِيَةِ إِنَّ قَوْمَكُمْ غَدًا سَيَرَوْنَكُمْ فَلَيَرَوُنَّكُمْ جُلْدًا فَلَمَّا دَخَلُوا الْمَسْجِدَ اسْتَلَمُوا الرُّكْنَ وَرَمَلُوا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُمْ حَتَّى إِذَا بَلَغُوا الرُّكْنَ الْيَمَانِيَ مَشَوْا إِلَى الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ ثُمَّ رَمَلُوا حَتَّى بَلَغُوا الرُّكْنَ الْيَمَانِيَ ثُمَّ مَشَوْا إِلَى الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ فَفَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ مَشَى الْأَرْبَعَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَلْيَرَوْنَكُمْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ صِيغَةُ أَمْرٍ فَالْوَجْهُ أَنَّ النُّونَ هِيَ النُّونُ الثَّقِيلَةُ (جُلْدً) ضُبِطَ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ مِنَ الْجَلَادَةِ وَهِيَ الصَّلَابَةُ (حَتَّى إِذَا بَلَغُوا. . . إِلَخْ) أَيْ: رَمَلُوا مِنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ إِلَى الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ لَا فِي تَمَامِ الدَّوْرَةِ؛ لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا فِي الْجِهَاتِ الثَّلَاثِ فَقَطْ، وَمَا كَانَ مِنْهُمْ أَحَدٌ فِيمَا بَيْنَ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ إِلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، لَكِنْ قَدْ صَحَّ أَنَّهُمْ رَمَلُوا فِي تَمَامِ الدَّوْرَةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْإِثْبَاتُ مُقَدَّمٌ فَلِذَلِكَ أَخَذَ الْعُلَمَاءُ بِذَلِكَ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب الاضطباع]

[بَاب الِاضْطِبَاعِ] 2954 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ وَقَبِيصَةُ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ ابْنِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ أَبِيهِ يَعْلَى «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَافَ مُضْطَبِعًا قَالَ قَبِيصَةُ وَعَلَيْهِ بُرْدٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (طَافَ مُضْطَبِعًا) الِاضْطِبَاعُ هُوَ إِعْرَاءُ مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ وَجَمْعُ الرِّدَاءِ عَلَى الْأَيْسَرِ.

[باب الطواف بالحجر]

[بَاب الطَّوَافِ بِالْحِجْرِ] 2955 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْحِجْرِ فَقَالَ هُوَ مِنْ الْبَيْتِ قُلْتُ مَا مَنَعَهُمْ أَنْ يُدْخِلُوهُ فِيهِ فَقَالَ عَجَزَتْ بِهِمْ النَّفَقَةُ قُلْتُ فَمَا شَأْنُ بَابِهِ مُرْتَفِعًا لَا يُصْعَدُ إِلَيْهِ إِلَّا بِسُلَّمٍ قَالَ ذَلِكَ فِعْلُ قَوْمِكِ لِيُدْخِلُوهُ مَنْ شَاءُوا وَيَمْنَعُوهُ مَنْ شَاءُوا وَلَوْلَا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُ عَهْدٍ بِكُفْرٍ مَخَافَةَ أَنْ تَنْفِرَ قُلُوبُهُمْ لَنَظَرْتُ هَلْ أُغَيِّرُهُ فَأُدْخِلَ فِيهِ مَا انْتَقَصَ مِنْهُ وَجَعَلْتُ بَابَهُ بِالْأَرْضِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ الْحِجْرُ) بِكَسْرِ الْحَاءِ (إِلَّا بِسُلَّمٍ) بِضَمِّ السِّينِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ الْمَفْتُوحَةِ، أَيْ: بِمِصْعَدٍ يُرْتَقَى عَلَيْهِ.

[باب فضل الطواف]

[بَاب فَضْلِ الطَّوَافِ] 2956 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَ كَعِتْقِ رَقَبَةٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ) أَيْ: سَبْعًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ إِذْ صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ مِنْ رَوَادِفِ السَّبْعِ.

2957 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ أَبِي سَوِيَّةَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ هِشَامٍ يَسْأَلُ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ الرُّكْنِ الْيَمَانِي وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ فَقَالَ عَطَاءٌ حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وُكِلَ بِهِ سَبْعُونَ مَلَكًا فَمَنْ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ قَالُوا آمِينَ فَلَمَّا بَلَغَ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ قَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ مَا بَلَغَكَ فِي هَذَا الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ فَقَالَ عَطَاءٌ حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ فَاوَضَهُ فَإِنَّمَا يُفَاوِضُ يَدَ الرَّحْمَنِ قَالَ لَهُ ابْنُ هِشَامٍ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ فَالطَّوَافُ قَالَ عَطَاءٌ حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا وَلَا يَتَكَلَّمُ إِلَّا بِسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ مُحِيَتْ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ وَكُتِبَتْ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ وَرُفِعَ لَهُ بِهَا عَشْرَةُ دَرَجَاتٍ وَمَنْ طَافَ فَتَكَلَّمَ وَهُوَ فِي تِلْكَ الْحَالِ خَاضَ فِي الرَّحْمَةِ بِرِجْلَيْهِ كَخَائِضِ الْمَاءِ بِرِجْلَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ (قَوْلُهُ: وُكِّلَ بِهِ) أَيْ: بِالتَّأْمِينِ، أَيْ: لِمَنْ دَعَا عِنْدَهُ (قَالُوا آمِينَ) أَيْ: وَدُعَاءُ الْمَلَائِكَةِ يُرْجَى اسْتِجَابَتُهُ مِنْهُ (فَاوَضَهُ) أَيْ: قَابَلَهُ بِوَجْهِهِ قَوْلُهُ: (فَتَكَلَّمَ) أَيْ: بِكَلَامِ

[باب الركعتين بعد الطواف]

الدُّنْيَا خَاضَ فِي الرَّحْمَةِ بِرِجْلَيْهِ أَيْ: كَأَنَّ رِجْلَيْهِ فِي الرَّحْمَةِ فَقَطْ دُونَ سَائِرِ جَسَدِهِ بِخِلَافِ مَنْ يَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى فِي تَلِكَ الْحَالَةِ فَإِنَّهُ فِي الرَّحْمَةِ بِتَمَامِ جَسَدِهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ مِنَ الزَّوَائِدِ إِلَّا أَنَّهُ مَا تَكَلَّمَ عَلَى إِسْنَادِهِ وَذَكَرَ الدَّمِيرِيُّ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ حَدِيثٌ غَيْرُ مَحْفُوظٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. [بَاب الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الطَّوَافِ] 2958 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ كَثِيرِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ السَّهْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْمُطَّلِبِ قَالَ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا فَرَغَ مِنْ سَبْعِهِ جَاءَ حَتَّى يُحَاذِيَ بِالرُّكْنِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فِي حَاشِيَةِ الْمَطَافِ وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطُّوَّافِ أَحَدٌ» قَالَ ابْن مَاجَةَ هَذَا بِمَكَّةَ خَاصَّةً

2959 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ الْعَبْدِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَالَ وَكِيعٌ يَعْنِي عِنْدَ الْمَقَامِ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا»

2960 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عُثْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّهُ لَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طَوَافِ الْبَيْتِ أَتَى مَقَامَ إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا مَقَامُ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ الَّذِي قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] » قَالَ الْوَلِيدُ فَقُلْتُ لِمَالِكٍ هَكَذَا قَرَأَهَا {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] قَالَ نَعَمْ

[باب المريض يطوف راكبا]

[بَاب الْمَرِيضِ يَطُوفُ رَاكِبًا] 2961 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ وَأَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ مَهْدِيٍّ قَالَا حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ زَيْنَبَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ «أَنَّهَا مَرِضَتْ فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَطُوفَ مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَهِيَ رَاكِبَةٌ قَالَتْ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي إِلَى الْبَيْتِ وَهُوَ يَقْرَأُ وَالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ» قَالَ ابْن مَاجَةَ هَذَا حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَهِيَ رَاكِبَةٌ) وَقَدْ جَاءَ أَنَّهَا كَانَتْ شَاكِيَةً وَقَدْ جَوَّزَ الرُّكُوبَ فِي الطَّوَافِ لِعُذْرٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب الملتزم]

[بَاب الْمُلْتَزِمِ] 2962 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ سَمِعْتُ الْمُثَنَّى بْنَ الصَّبَّاحِ يَقُولُ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «طُفْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَلَمَّا فَرَغْنَا مِنْ السَّبْعِ رَكَعْنَا فِي دُبُرِ الْكَعْبَةِ فَقُلْتُ أَلَا نَتَعَوَّذُ بِاللَّهِ مِنْ النَّارِ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ النَّارِ قَالَ ثُمَّ مَضَى فَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ ثُمَّ قَامَ بَيْنَ الْحَجَرِ وَالْبَابِ فَأَلْصَقَ صَدْرَهُ وَيَدَيْهِ وَخَدَّهُ إِلَيْهِ ثُمَّ قَالَ هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (رَكَعْنَا فِي دُبُرِ الْكَعْبَةِ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ

الصَّلَاةَ خَلْفَ الْمَقَامِ غَيْرُ لَازِمٍ (بَيْنَ الْحِجْرِ وَالْبَابِ) أَيْ: عِنْدَ الْمُلْتَزَمِ، قِيلَ: الْحَدِيثُ ضَعِيفٌ وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ لِمُسَامَحَتِهِمْ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ بِالْعَمَلِ بِالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ.

[باب الحائض تقضي المناسك إلا الطواف]

[بَاب الْحَائِضِ تَقْضِي الْمَنَاسِكَ إِلَّا الطَّوَافَ] 2963 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نَرَى إِلَّا الْحَجَّ فَلَمَّا كُنَّا بِسَرِفَ أَوْ قَرِيبًا مِنْ سَرِفَ حِضْتُ فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَبْكِي فَقَالَ مَا لَكِ أَنَفِسْتِ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ فَاقْضِي الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ قَالَتْ وَضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نِسَائِهِ بِالْبَقَرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا نَرَى إِلَّا الْحَجَّ) أَيِ: الْمَقْصُودُ الْأَصْلِيُّ مِنَ الْخُرُوجِ مَا كَانَ إِلَّا الْحَجُّ وَمَا وَقَعَ الْخُرُوجُ إِلَّا لِأَجْلِهِ، وَمَنِ اعْتَمَرَ فَعُمْرَتُهُ كَانَتْ تَابِعَةً لِلْحَجِّ فَلَا يُخَالِفُ هَذَا الْحَدِيثُ مَا جَاءَ مِنْ أَنَّهَا كَانَتْ مُعْتَمِرَةً وَكَذَا بَعْضُ الصَّحَابَةِ كَانُوا مُعْتَمِرِينَ (أَنَفِسْتِ) كَعَلِمْتِ أَيْ حِضْتِ (غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي) قِيلَ: كَلِمَةُ لَا زَائِدَةٌ إِذِ الْمَقْصُودُ اسْتِثْنَاءُ الطَّوَافِ مِنَ الْمَنَاسِكِ لَا اسْتِثْنَاءُ عَدَمِ الطَّوَافِ. قُلْتُ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ، أَيْ: فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الطَّاهِرَةِ وَبَيْنَكِ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي وَالطَّاهِرَةُ تَطُوفُ، وَالْمُرَادُ الطَّوَافُ فِي الْحَالِ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ، ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ قَيْدٍ بِأَصَالَةِ أَنْ لَا تَطُوفَ أَصَالَةً فَإِنَّهَا لَا تَسْعَى أَيْضًا، لَكِنْ تَأْخِيرُ السَّعْيِ تَبَعٌ لِتَأْخِيرِ الطَّوَافِ (وَضَحَّى) يَدُلُّ عَلَى بَقَاءِ الْأُضْحِيَّةِ عَلَى الْمُسَافِرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب الإفراد بالحج]

[بَاب الْإِفْرَادِ بِالْحَجِّ] 2964 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَأَبُو مُصْعَبٍ قَالَا حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْرَدَ الْحَجَّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَفْرَدَ الْحَجَّ) الْمُحَقِّقُونَ قَالُوا فِي نُسُكِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ الْقِرَانُ فَقَدْ صَحَّ ذَلِكَ مِنْ رِوَايَةِ اثْنَيْ عَشَرَ مِنَ الصَّحَابَةِ بِحَيْثُ لَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ وَقَدْ جَمَعَ

أَحَادِيثَهُمْ ابْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ لَهُ وَذَكَرَهَا حَدِيثًا حَدِيثًا، قَالُوا: وَبِهِ يَحْصُلُ الْجَمْعُ بَيْنَ أَحَادِيثِ الْبَابِ، أَمَّا أَحَادِيثُ الْإِفْرَادِ فَمَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ الرَّاوِيَ سَمِعَهُ يُلَبِّي بِالْحَجِّ فَزَعَمَ أَنَّهُ مُفْرِدٌ بِالْحَجِّ فَأَخْبَرَ عَلَى حَسَبِ ذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِإِفْرَادِ الْحَجِّ أَنَّهُ لَمْ يَحُجَّ بَعْدَ افْتِرَاضِ الْحَجِّ عَلَيْهِ إِلَّا حَجَّةً وَاحِدَةً فَأَمَّا أَحَادِيثُ التَّمَتُّعِ فَمَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّهُ سَمِعَهُ يُلَبِّي بِالْعُمْرَةِ فَزَعَمَ أَنَّهُ مُتَمَتِّعٌ، وَهَذَا لَا مَانِعَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ إِفْرَادِ نُسُكٍ بِالذِّكْرِ لِلْقَارِنِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَخْتَفِي الصَّوْتُ بِالثَّانِي وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّمَتُّعِ الْقِرَانُ؛ لِأَنَّهُ مِنَ الْإِطْلَاقَاتِ الْقَدِيمَةِ وَهُمْ كَانُوا يُسَمُّونَهُ تَمَتُّعًا.

2965 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ وَكَانَ يَتِيمًا فِي حِجْرِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْرَدَ الْحَجَّ»

2966 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ وَحَاتِمُ بْنُ إِسْمَعِيلَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْرَدَ الْحَجَّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ جَابِرٍ. . . إِلَخْ) ، فِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُ حَدِيثِ جَابِرٍ صَحِيحٌ.

2967 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعُمَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ أَفْرَدُوا الْحَجَّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ جَابِرٍ. . . إِلَخْ) ، فِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ مَتْرُوكٌ، وَكَذَّبَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَنَسَبَهُ إِلَى الْوَضْعِ.

[باب من قرن الحج والعمرة]

[بَاب مَنْ قَرَنَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ] 2968 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَكَّةَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحِجَّةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَسَمِعْتُهُ. . . إِلَخْ) هَذَا مِنْ أَقْوَى الْأَدِلَّةِ عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ قَارِنًا؛ لِأَنَّهُ مُسْتَنِدٌ إِلَى قَوْلِهِ: وَالرُّجُوعُ إِلَى قَوْلِهِ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ هُوَ الْوَاجِبُ خُصُوصًا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: 59] وَعُمُومًا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ إِذَا كَانَ فِي حَالِ امْرِئٍ وَحَصَلَ فِيهِ الِاخْتِلَافُ يَجِبُ الرُّجُوعُ فِيهِ إِلَى قَوْلِهِ: لِأَنَّهُ أَدْرَى بِحَالِهِ وَمَا أَسْنَدَ أَحَدٌ مِمَّنْ قَالَ بِخِلَافِهِ إِلَى قَوْلِهِ فَتَعَيَّنَ الْقِرَانُ.

2969 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَبَّيْكَ بِعُمْرَةٍ وَحِجَّةٍ»

2970 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ شَقِيقَ بْنَ سَلَمَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ الصُّبَيَّ بْنَ مَعْبَدٍ يَقُولُ «كُنْتُ رَجُلًا نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمْتُ فَأَهْلَلْتُ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَسَمِعَنِي سَلْمَانُ بْنُ رَبِيعَةَ وَزَيْدُ بْنُ صُوحَانَ وَأَنَا أُهِلُّ بِهِمَا جَمِيعًا بِالْقَادِسِيَّةِ فَقَالَا لَهَذَا أَضَلُّ مِنْ بَعِيرِهِ فَكَأَنَّمَا حَمَلَا عَلَيَّ جَبَلًا بِكَلِمَتِهِمَا فَقَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمَا فَلَامَهُمَا ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ فَقَالَ هُدِيتَ لِسُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُدِيتَ لِسُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ هِشَامٌ فِي حَدِيثِهِ قَالَ شَقِيقٌ فَكَثِيرًا مَا ذَهَبْتُ أَنَا وَمَسْرُوقٌ نَسْأَلُهُ عَنْهُ» حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَخَالِي يَعْلَى قَالُوا حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ الصُّبَيِّ بْنِ مَعْبَدٍ قَالَ كُنْتُ حَدِيثَ عَهْدٍ بِنَصْرَانِيَّةٍ فَأَسْلَمْتُ فَلَمْ آلُ أَنْ أَجْتَهِدَ فَأَهْلَلْتُ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَذَكَرَ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (سَمِعْتُ الصَّبِيَّ) بِفَتْحِ صَادٍ مُهْمَلَةٍ وَفَتْحِ بَاءٍ مُوَحَّدَةٍ وَتَشْدِيدِ يَاءٍ مُثَنَّاةٍ مِنْ تَحْتٍ (صُوحَانَ) بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ (لِهَذَا) بِفَتْحِ

اللَّامِ لِلِابْتِدَاءِ قَالَ ذَلِكَ لِمَنْعِ عُمَرَ عَنِ الْجَمْعِ " هُدِيتَ " يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْعَهُ عَنِ الْجَمْعِ كَانَ لِمَصْلَحَةٍ، وَإِلَّا فَقَدْ كَانَ يَعْتَقِدُ الْجَمْعَ سُنَةً.

2971 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْبَرَنِي أَبُو طَلْحَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَنَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَخْبَرَنِي أَبُو طَلْحَةَ. . . إِلَخْ) ، فِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ ضَعِيفٌ وَمُدَلِّسٌ وَقَدْ رَوَاهُ بِالْعَنْعَنَةِ.

[باب طواف القارن]

[بَاب طَوَافِ الْقَارِنِ] 2972 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى بْنِ حَارِثٍ الْمُحَارِبِيُّ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ غَيْلَانَ بْنِ جَامِعٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَطُفْ هُوَ وَأَصْحَابُهُ لِعُمْرَتِهِمْ وَحَجَّتِهِمْ حِينَ قَدِمُوا إِلَّا طَوَافًا وَاحِدًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَمْ يَطُفْ هُوَ وَأَصْحَابُهُ) أَيِ: الْمُوَافِقُونَ مَعَهُ فِي الْقِرَانِ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ قَارِنًا وَالْقَارِنُ حِينَ يَدْخُلُ يَطُوفُ طَوَافًا وَاحِدًا هُوَ طَوَافُ الْقُدُومِ، وَأَمَّا طَوَافُ الرُّكْنِ لِلْعُمْرَةِ فَيَدْخُلُ فِي طَوَافِ الرُّكْنِ لِلْحَجِّ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَالْحَدِيثُ عَنْ غَيْرِ ابْنِ عَبَّاسٍ ذَكَرُهُ غَيْرُ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا، كَذَا فِي الزَّوَائِدِ: وَفِيهِ أَنَّ فِي إِسْنَادِ الْمُصَنِّفِ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَمُدَلِّسٌ.

2973 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ حَدَّثَنَا عَبْثَرُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَافَ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ طَوَافًا وَاحِدًا»

2974 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزَّنْجِيُّ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ قَدِمَ قَارِنًا فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ قَالَ هَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»

2975 - حَدَّثَنَا مُحْرِزُ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ كَفَى لَهُمَا طَوَافٌ وَاحِدٌ وَلَمْ يَحِلَّ حَتَّى يَقْضِيَ حَجَّهُ وَيَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كَفَى لَهُمَا طَوَافٌ وَاحِدٌ) أَيْ: طَوَافُ الرُّكْنِ لِلْحَجِّ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُ وَلِلْعُمْرَةِ بِنَاءً عَلَى دُخُولِ أَفْعَالِ

[باب التمتع بالعمرة إلى الحج]

الْعُمْرَةِ فِي أَفْعَالِ الْحَجِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. [بَاب التَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ] 2976 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ يَعْنِي دُحَيْمًا حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَا حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَهُوَ بِالْعَقِيقِ أَتَانِي آتٍ مِنْ رَبِّي فَقَالَ صَلِّ فِي هَذَا الْوَادِي الْمُبَارَكِ وَقُلْ عُمْرَةٌ فِي حَجَّةٍ» وَاللَّفْظُ لِدُحَيْمٍ

2977 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ سُرَاقَةَ بْنِ جُعْشُمٍ قَالَ «قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطِيبًا فِي هَذَا الْوَادِي فَقَالَ أَلَا إِنَّ الْعُمْرَةَ قَدْ دَخَلَتْ فِي الْحَجِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِلَّا أَنَّ الْعُمْرَةَ قَدْ دَخَلَتْ فِي الْحَجِّ) مَنْ لَمْ يَقُلْ بِوُجُوبِ الْعُمْرَةِ يَقُولُ إِنَّهُ سَقَطَ افْتِرَاضُهَا بِالْحَجِّ فَكَأَنَّهَا دَخَلَتْ فِيهِ، وَمَنْ يَقُولُ بِهِ يَقُولُ إِنَّ خِصَالَ الْعُمْرَةِ دَخَلَتْ فِي أَفْعَالِ الْحَجِّ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْقَارِنِ إِلَّا إِحْرَامٌ وَاحِدٌ وَطَوَافٌ وَاحِدٌ وَهَكَذَا وَأَنَّهَا دَخَلَتْ فِي وَقْتِ الْحَجِّ وَشُهُورِهِ وَبَطَلَ مَا كَانَ عَلَيْهِ الْجَاهِلِيَّةُ مِنْ عَدَمِ حِلِّ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ.

2978 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ يَزِيدَ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ أَخِيهِ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ قَالَ قَالَ لِي عِمْرَانُ بْنُ الْحُصَيْنِ «إِنِّي أُحَدِّثُكَ حَدِيثًا لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَكَ بِهِ بَعْدَ الْيَوْمِ اعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ اعْتَمَرَ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِهِ فِي الْعَشْرِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ فَلَمْ يَنْهَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَنْزِلْ نَسْخُهُ قَالَ فِي ذَلِكَ بَعْدُ رَجُلٌ بِرَأْيِهِ مَا شَاءَ أَنْ يَقُولَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَكَ بِهِ بَعْدَ الْيَوْمِ) كَلِمَةُ " أَنْ " زَائِدَةٌ فِي خَبَرِ لَعَلَّ لِمُشَابَهَتِهِ بِعَسَى، وَالْمُرَادُ لَعَلَّكَ تَعْمَلُ بِهِ بَعْدَ وَفَاةِ عُمَرَ (بَعْدَ) أَيْ: بَعْدَ فِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَدَمِ نَسْخِهِ، أَوْ بَعْدَ وَفَاتِهِ (رَجُلٌ) تَعَرَّضَ لِعُمَرَ فِي بَيَانِ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِنَهْيِهِ.

2979 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ح وَحَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ «أَنَّهُ كَانَ يُفْتِي بِالْمُتْعَةِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ رُوَيْدَكَ بَعْضَ فُتْيَاكَ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي النُّسُكِ بَعْدَكَ حَتَّى لَقِيتُهُ بَعْدُ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ عُمَرُ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَهُ وَأَصْحَابُهُ وَلَكِنِّي كَرِهْتُ أَنْ يَظَلُّوا بِهِنَّ مُعْرِسِينَ تَحْتَ الْأَرَاكِ ثُمَّ يَرُوحُونَ بِالْحَجِّ تَقْطُرُ رُءُوسُهُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (رُوَيْدَكَ) أَيْ: أَخِّرْهُ (أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ) أَيْ: عُمَرُ (كَرِهْتُ أَنْ يَظَلُّوا بِهِنَّ مُعْرِسِينَ) بِإِسْكَانِ الْعَيْنِ

[باب فسخ الحج]

وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ، وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ وَطْءُ النِّسَاءِ إِلَى حِينِ الْخُرُوجِ إِلَى عَرَفَاتٍ ذَكَرَهُ الدَّمِيرِيُّ. [باب فَسْخِ الْحَجِّ]

2980 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «أَهْلَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجِّ خَالِصًا لَا نَخْلِطُهُ بِعُمْرَةٍ فَقَدِمْنَا مَكَّةَ لِأَرْبَعِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ فَلَمَّا طُفْنَا بِالْبَيْتِ وَسَعَيْنَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَجْعَلَهَا عُمْرَةً وَأَنْ نَحِلَّ إِلَى النِّسَاءِ فَقُلْنَا مَا بَيْنَنَا لَيْسَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ عَرَفَةَ إِلَّا خَمْسٌ فَنَخْرُجُ إِلَيْهَا وَمَذَاكِيرُنَا تَقْطُرُ مَنِيًّا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَأَبَرُّكُمْ وَأَصْدَقُكُمْ وَلَوْلَا الْهَدْيُ لَأَحْلَلْتُ فَقَالَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ أَمُتْعَتُنَا هَذِهِ لِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِأَبَدٍ فَقَالَ لَا بَلْ لِأَبَدِ الْأَبَدِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِالْحَجِّ خَالِصًا) حِكَايَةً عَنْ حَالِ غَالِبِ مَنْ كَانَ مَعَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَإِلَّا فَقَدْ جَاءَ فِيهِمْ مَنْ كَانَ قَارِنًا وَمُعْتَمِرًا قَوْلُهُ: (فَقُلْنَا مَا بَيْنَنَا) أَيْ: فِيمَا، أَيْ: فِي جُمْلَةِ تَذَاكُرِنَا فِيمَا بَيْنَنَا (وَمَذَاكِيرُنَا) أَيْ: يُرِيدُ قُرْبَ الْعَهْدِ بِالْجِمَاعِ وَلَوْلَا الْهَدْيُ، أَيْ: مَعِي، يُفِيدُ أَنَّ الْهَدْيَ يَمْنَعُ الْإِحْلَالَ قَبْلَ. . . إِلَخْ (أَمُتْعَتُنَا هَذِهِ) أَيْ: هَذَا فِي أَيَّامِ الْحَجِّ وَمَنْ يَرَى جَوَازَ الْفَسْخِ يَرَى أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُتْعَةَ تَفْسَخُ الْحَجَّ إِلَى الْعُمْرَةِ (بَلْ لِأَبَدِ الْأَبَدِ) أَيْ: لِآخِرِ الدَّهْرِ.

2981 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ لَا نُرَى إِلَّا الْحَجَّ حَتَّى إِذَا قَدِمْنَا وَدَنَوْنَا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ أَنْ يَحِلَّ فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ دُخِلَ عَلَيْنَا بِلَحْمِ بَقَرٍ فَقِيلَ ذَبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَزْوَاجِهِ»

2982 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ «خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ فَأَحْرَمْنَا بِالْحَجِّ فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ قَالَ اجْعَلُوا حِجَّتَكُمْ عُمْرَةً فَقَالَ النَّاسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَحْرَمْنَا بِالْحَجِّ فَكَيْفَ نَجْعَلُهَا عُمْرَةً قَالَ انْظُرُوا مَا آمُرُكُمْ بِهِ فَافْعَلُوا فَرَدُّوا عَلَيْهِ الْقَوْلَ فَغَضِبَ فَانْطَلَقَ ثُمَّ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ غَضْبَانَ فَرَأَتْ الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ فَقَالَتْ مَنْ أَغْضَبَكَ أَغْضَبَهُ اللَّهُ قَالَ وَمَا لِي لَا أَغْضَبُ وَأَنَا آمُرُ أَمْرًا فَلَا أُتْبَعُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَرَدُّوا عَلَيْهِ الْقَوْلَ) كَأَنَّهُ غَلَبَ عَلَيْهِمْ

حُبُّ الْمُوَافَقَةِ وَرَأَوْهُ أَنَّهُ عَلَى إِحْرَامِهِ فَذَكَرُوا لَهُ ذَلِكَ رَجَاءَ أَنْ يُبْقِيَهُمْ عَلَى الْإِحْرَامِ وَمَا رَأَوْا بِذَلِكَ الرَّدَّ عَلَيْهِ حَاشَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ فَلَا اتُّبِعَ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ، أَيْ: فَلَا يُسْرِعُونَ فِي الِاتِّبَاعِ، وَفِي الزَّوَائِدِ رِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ فِيهِ أَبَا إِسْحَاقَ وَاسْمُهُ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَقَدِ اخْتَلَطَ بِآخِرِهِ، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ حَالُ ابْنِ عَيَّاشٍ هَلْ رَوَى قَبْلَ الِاخْتِلَاطِ أَوْ بَعْدَهُ، فَيَتَوَقَّفُ حَدِيثُهُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَالَهُ.

2983 - حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ أَبُو بِشْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ أَنْبَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أُمِّهِ صَفِيَّةَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْرِمِينَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُقِمْ عَلَى إِحْرَامِهِ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحْلِلْ قَالَتْ فَلَمْ يَكُنْ مَعِي هَدْيٌ فَأَحْلَلْتُ وَكَانَ مَعَ الزُّبَيْرِ هَدْيٌ فَلَمْ يَحِلَّ فَلَبِسْتُ ثِيَابِي وَجِئْتُ إِلَى الزُّبَيْرِ فَقَالَ قُومِي عَنِّي فَقُلْتُ أَتَخْشَى أَنْ أَثِبَ عَلَيْكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنْ أَثِبَ عَلَيْكَ) مِنَ الْوَثْبِ.

[باب من قال كان فسخ الحج لهم خاصة]

[باب مَنْ قَالَ كَانَ فَسْخُ الْحَجِّ لَهُمْ خَاصَّةً] 2984 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ فَسْخَ الْحَجِّ فِي الْعُمْرَةِ لَنَا خَاصَّةً أَمْ لِلنَّاسِ عَامَّةً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ لَنَا خَاصَّةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بَلْ لَنَا خَاصَّةً) أَخَذَ بِهِ الْجُمْهُورُ فَقَالُوا بِالْخُصُوصِ وَعَدَمِ جَوَازِ النَّسْخِ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَالَ أَحْمَدُ حَدِيثُ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ عِنْدِي غَيْرُ ثَابِتٍ وَلَا أَقُولُ بِهِ وَلَا نَعْرِفُ هَذَا الرَّجُلَ يَعْنِي الْحَارِثَ بْنَ بِلَالٍ وَقَالَ: رَأَيْتُ لَوْ عُرِفَ الْحَارِثُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ بِلَالٍ إِلَّا أَنَّ أَحَدَ عَشَرَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَرْوُونَ مَا يَرْوُونَ مِنَ الْفَسْخِ أَيْنَ يَقُومُ الْحَارِثُ بْنُ بِلَالٍ مِنْهُمْ.

2985 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ كَانَتْ الْمُتْعَةُ فِي الْحَجِّ لِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كَانَتِ الْمُتْعَةُ) ظَاهِرُهُ مُوَافَقَةُ نَهْيِ عُمَرَ عَنِ الْمُتْعَةِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ وَأَنَّ الْمُتْعَةَ غَيْرُ مَخْصُوصَةٍ بِهِمْ فَلِذَلِكَ حَمَلُوا الْمُتْعَةَ بِالْفَسْخِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب السعي بين الصفا والمروة]

[باب السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ] 2986 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ «قُلْتُ لِعَائِشَةَ مَا أَرَى عَلَيَّ جُنَاحًا أَنْ لَا أَطَّوَّفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ قَالَتْ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوْ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [الفاتحة: 158 - 31374] وَلَوْ كَانَ كَمَا تَقُولُ لَكَانَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا إِنَّمَا أُنْزِلَ هَذَا فِي نَاسٍ مِنْ الْأَنْصَارِ كَانُوا إِذَا أَهَلُّوا أَهَلُّوا لِمَنَاةَ فَلَا يَحِلُّ لَهُمْ أَنْ يَطَّوَّفُوا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَلَمَّا قَدِمُوا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَجِّ ذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ فَأَنْزَلَهَا اللَّهُ فَلَعَمْرِي مَا أَتَمَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حَجَّ مَنْ لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنْ لَا أَطُوفَ) أَيْ: فِي أَنْ لَا أَطُوفَ بِتَقْدِيرِ حَرْفِ الْجَرِّ مِنْ أَنْ، وَقَوْلُهَا وَلَوْ كَانَ كَمَا تَقُولُ. . . إِلَخْ، أَيْ: لَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِالنَّصِّ كَمَا تَقُولُ وَهُوَ عَدَمُ

الْوُجُوبِ لَكَانَ نَظْمُهُ: فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَطَّوْفَ بِهِمَا تُرِيدُ أَنَّ الَّذِي يُسْتَعْمَلُ لِلدَّلَالَةِ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ عَيْنًا هُوَ رَفْعُ الْإِثْمِ عَنِ التَّرْكِ، وَأَمَّا رَفْعُ الْإِثْمِ عَنِ الْفِعْلِ فَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي الْمُبَاحِ وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي الْمَنْدُوبِ، أَوِ الْوَاجِبِ أَيْضًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُخَاطَبَ يَتَوَهَّمُ فِيهِ الْإِثْمَ فَيُخَاطَبُ بِنَفْيِ الْإِثْمِ، أَوْ إِنْ كَانَ الْفِعْلُ فِي نَفْسِهِ وَاجِبًا وَفِيمَا نَحْنُ فِيهِ كَذَلِكَ فَلَوْ كَانَ الْمَقْصُودُ فِي هَذَا الْمَقَامِ الدَّلَالَةَ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ عَيْنًا لَكَانَ الْكَلَامُ اللَّائِقُ بِهَذِهِ الدَّلَالَةِ أَنْ يُقَالَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَطَّوْفَ بِهِمَا (فَلَا يَحِلُّ لَهُمْ) أَيْ: عَلَى هَذَا الْوَضْعِ الْجَاهِلِيِّ.

2987 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ بُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ عَنْ أُمِّ وَلَدٍ لِشَيْبَةَ قَالَتْ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَهُوَ يَقُولُ لَا يُقْطَعُ الْأَبْطَحُ إِلَّا شَدًّا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِلَّا شَدًّا) أَيْ: عَدْوًا.

2988 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ كَثِيرِ بْنِ جُمْهَانَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «إِنْ أَسْعَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْعَى وَإِنْ أَمْشِ فَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي وَأَنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ابْنِ جُمْهَانَ) بِضَمِّ الْجِيمِ.

[باب العمرة]

[باب الْعُمْرَةِ] 2989 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى الْخُشَنِيُّ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ قَيْسٍ أَخْبَرَنِي طَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى عَنْ عَمِّهِ إِسْحَقَ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ «أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْحَجُّ جِهَادٌ وَالْعُمْرَةُ تَطَوُّعٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْحَجُّ جِهَادٌ وَالْعُمْرَةُ تَطَوُّعٌ) أَيْ: غَيْرُ وَاجِبٍ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ عُلَمَائِنَا الْحَنَفِيَّةِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ ابْنُ قَيْسٍ الْمَعْرُوفُ بِمَنْدَلٍ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُمْ وَالْحَسَنُ أَيْضًا ضَعِيفٌ.

2990 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا يَعْلَى حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى يَقُولُ «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ اعْتَمَرَ فَطَافَ وَطُفْنَا مَعَهُ وَصَلَّى وَصَلَّيْنَا مَعَهُ وَكُنَّا نَسْتُرُهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ لَا يُصِيبُهُ أَحَدٌ بِشَيْءٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا يُصِيبُهُ أَحَدٌ بِشَيْءٍ) لِمَا لَهُمْ مِنَ الْعَوَارِضِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْعُمْرَةَ عُمْرَةُ الْقَضَاءِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب العمرة في رمضان]

[باب الْعُمْرَةِ فِي رَمَضَانَ] 2991 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ بَيَانٍ وَجَابِرٌ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ وَهْبِ بْنِ خَنْبَشٍ قَالَ «قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً) أَيْ: فِي الثَّوَابِ لَا فِي إِجْزَاءٍ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَفِي الزَّوَائِدِ حَدِيثُ وَهْبٍ بِنِّ خَنْبَشٍ إِسْنَادُ الطَّرِيقِ الْأُولَى مِنْ طَرِيقٍ صَحِيحٍ وَإِسْنَادُ الطَّرِيقِ الثَّانِيَةِ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ دَاوُدَ بْنِ يَزِيدَ وَضَبَطُ خَنْبَشٍ بِأَنَّهُ بِمُعْجَمَةٍ وَنُونٍ وَبِمُوَحَّدَةٍ بِوَزْنِ جَعْفَرٍ.

2992 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ جَمِيعًا عَنْ دَاوُدَ بْنِ يَزِيدَ الزَّعَافِرِيِّ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ هَرِمِ بْنِ خَنْبَشٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً»

2993 - حَدَّثَنَا جُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي مَعْقِلٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً»

2994 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً»

2995 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ وَاقِدٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً»

[باب العمرة في ذي القعدة]

[باب الْعُمْرَةِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ] 2996 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «لَمْ يَعْتَمِرْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا فِي ذِي الْقَعْدَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِلَّا فِي ذِي الْقَعْدَةِ) يَجُوزُ كَسْرُ الْقَافِ وَفَتْحُهَا، قِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لِقُعُودِهِمْ فِيهِ عَنِ الْحَجِّ. قُلْتُ: وَعَنِ الْعُمْرَةِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، وَفِي الزَّوَائِدِ وَإِسْنَادُ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى.

2997 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ حَبِيبٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «لَمْ يَعْتَمِرْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمْرَةً إِلَّا فِي ذِي الْقَعْدَةِ»

[باب العمرة في رجب]

[باب الْعُمْرَةِ فِي رَجَبٍ] 2998 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ حَبِيبٍ يَعْنِي ابْنَ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ «سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ فِي أَيِّ شَهْرٍ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي رَجَبٍ فَقَالَتْ عَائِشَةُ مَا اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَجَبٍ قَطُّ وَمَا اعْتَمَرَ إِلَّا وَهُوَ مَعَهُ تَعْنِي ابْنَ عُمَرَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِلَّا وَهُوَ مَعَهُ) أَيْ: فَكَانَ قَوْلُهُ: الْمَذْكُورُ عَنْ نِسْيَانٍ.

[باب العمرة من التنعيم]

[باب الْعُمْرَةِ مِنْ التَّنْعِيمِ] 2999 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو إِسْحَقَ الشَّافِعِيُّ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ شَافِعٍ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ أَوْسٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ أَنْ يُرْدِفَ عَائِشَةَ فَيُعْمِرَهَا مِنْ التَّنْعِيمِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنْ يُرْدِفَ عَائِشَةَ) مِنْ أَرْدَفَ غَيْرَهُ إِذَا جَعَلَهُ رَدِيفًا لَهُ وَكَذَا قَوْلُهُ: (فَيُعْمِرَهَا) مِنْ أَعْمَرَ غَيْرَهُ إِذَا أَعَانَهُ عَلَى أَدَاءِ الْعُمْرَةِ وَالتَّنْعِيمُ مَوْضِعٌ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنْ مَكَّةَ.

3000 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ نُوَافِي هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهْلِلْ فَلَوْلَا أَنِّي أَهْدَيْتُ لَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ قَالَتْ فَكَانَ مِنْ الْقَوْمِ مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَمِنْهُمْ مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ فَكُنْتُ أَنَا مِمَّنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ قَالَتْ فَخَرَجْنَا حَتَّى قَدِمْنَا مَكَّةَ فَأَدْرَكَنِي يَوْمُ عَرَفَةَ وَأَنَا حَائِضٌ لَمْ أَحِلَّ مِنْ عُمْرَتِي فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ دَعِي عُمْرَتَكِ وَانْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ قَالَتْ فَفَعَلْتُ فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ وَقَدْ قَضَى اللَّهُ حَجَّنَا أَرْسَلَ مَعِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ فَأَرْدَفَنِي وَخَرَجَ إِلَى التَّنْعِيمِ فَأَحْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ فَقَضَى اللَّهُ حَجَّنَا وَعُمْرَتَنَا وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ هَدْيٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَا صَوْمٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (نُوَافِي هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ) أَيْ: نُقَارِبُهُ فَلَوْلَا أَنِّي أَهْدَيْتُ، أَيْ: لَوْلَا مَعِي هَدْيِي (لَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ) أَيْ: خَالِصَةٍ، لَكِنَّ الْهَدْيَ يَمْنَعُ الْإِهْلَالَ قَبْلَ الْحَجِّ كَالْقِرَانِ فَالْأَوْلَى لِصَاحِبِهِ أَنْ يَجْعَلَ نُسُكَهُ قِرَانًا فَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْهَدْيَ يَمْنَعُ صَاحِبَهُ مِنَ الْإِحْلَالِ قَبْلَ الْحَجِّ كَمَا عَلَيْهِ أَصْحَابُنَا الْحَنَفِيُّونَ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقِرَانَ لِمَنْ مَعَهُ الْهَدْيُ أَفْضَلُ قَوْلُهُ: (دَعِي عُمْرَتَكَ) قَالَ عُلَمَاؤُنَا، أَيِ: اتْرُكِيهَا وَاقْضِيهَا بَعْدُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: أَيِ اتْرُكِي الْعَمَلَ لِلْعُمْرَةِ مِنَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ لَا أَنَّهَا تَتْرُكُ الْعُمْرَةَ أَصْلًا، وَإِنَّمَا أَمَرَهَا أَنْ تُدْخِلَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ فَتَكُونُ قَارِنَةً، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ عُمْرَتُهَا مِنَ التَّنْعِيمِ تَطَوُّعًا لَا قَضَاءً عَنْ وَاجِبٍ وَلَكِنْ أَرَادَ أَنْ يُطَيِّبَ نَفْسَهَا فَأَعْمَرَهَا وَكَانَتْ قَدْ سَأَلَتْهُ ذَلِكَ (وَانْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ هُوَ الِاغْتِسَالُ لِإِحْرَامِ الْحَجِّ كَمَا وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ فِي رِوَايَةِ جَابِرٍ قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ. . . إِلَخْ) قِيلَ: هَذَا مِنْ كَلَامِ هِشَامٍ قَالَهُ عَلَى حَسَبِ زَعْمِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْهَدْيِ فِي الْوَاقِعِ فَقَدْ يَكُونُ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ.

[باب من أهل بعمرة من بيت المقدس]

[باب مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ] 3001 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ سُحَيْمٍ عَنْ أُمِّ حَكِيمٍ بِنْتِ أُمَيَّةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ غُفِرَ لَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ) بِفَتْحِ مِيمٍ وَإِسْكَانِ قَافٍ وَكَسْرِ دَالٍ مُخَفَّفَةٍ، أَوْ بِضَمِّ مِيمٍ وَفَتْحِ قَافٍ وَدَالٍ مُشَدَّدَةٍ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ تَقْدِيمِ الْإِحْرَامِ عَلَى الْمِيقَاتِ.

3002 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَقَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ أُمِّهِ أُمِّ حَكِيمٍ بِنْتِ أُمَيَّةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ كَانَتْ لَهُ كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهَا مِنْ الذُّنُوبِ قَالَتْ فَخَرَجْتُ أَيْ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ بِعُمْرَةٍ»

[باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم]

[باب كَمْ اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] 3003 - حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَقَ الشَّافِعِيُّ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَ عُمَرٍ عُمْرَةَ الْحُدَيْبِيَةِ وَعُمْرَةَ الْقَضَاءِ مِنْ قَابِلٍ وَالثَّالِثَةَ مِنْ الْجِعْرَانَةِ وَالرَّابِعَةَ الَّتِي مَعَ حَجَّتِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَعُمْرَةُ الْقَضَاءِ) قِيلَ: هِيَ قَضَاءٌ عَنْ عُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ عَدَّهَا عُمْرَتَيْنِ وَقِيلَ: الْقَضَاءُ بِمَعْنَى الْمُقَاضَاةِ، أَيِ: الْمُصَالَحَةِ فَقَدْ وَقَعَ عَلَيْهَا الصُّلْحُ فَسُمِّيَتْ لِذَلِكَ عُمْرَةَ الْقَضَاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب الخروج إلى منى]

[باب الْخُرُوجِ إِلَى مِنًى] 3004 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ إِسْمَعِيلَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِمِنًى يَوْمَ التَّرْوِيَةِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ ثُمَّ غَدَا إِلَى عَرَفَةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (صَلَّى بِمِنًى يَوْمَ التَّرْوِيَةِ الظُّهْرَ) أَيْ: صَلَّى الْخَمْسَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَفِيهِ تَغْلِيبٌ، وَإِلَّا فَالْفَجْرُ صَلَّاهَا يَوْمَ عَرَفَةَ.

3005 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ بِمِنًى ثُمَّ يُخْبِرُهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ) ، فِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[باب النزول بمنى]

[باب النُّزُولِ بِمِنًى] 3006 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا نَبْنِي لَكَ بِمِنًى بَيْتًا قَالَ لَا مِنًى مُنَاخُ مَنْ سَبَقَ»

3007 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ عَنْ أُمِّهِ مُسَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا نَبْنِي لَكَ بِمِنًى بَيْتًا يُظِلُّكَ قَالَ لَا مِنًى مُنَاخُ مَنْ سَبَقَ»

[باب الغدو من منى إلى عرفات]

[باب الْغُدُوِّ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَاتٍ] 3008 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «غَدَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْيَوْمِ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ فَمِنَّا مَنْ يُكَبِّرُ وَمِنَّا مَنْ يُهِلُّ فَلَمْ يَعِبْ هَذَا عَلَى هَذَا وَلَا هَذَا عَلَى هَذَا وَرُبَّمَا قَالَ هَؤُلَاءِ عَلَى هَؤُلَاءِ وَلَا هَؤُلَاءِ عَلَى هَؤُلَاءِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَمِنَّا مَنْ يُكَبِّرُ. . . إِلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُمْ كَانُوا يَجْمَعُونَ بَيْنَ التَّلْبِيَةِ وَالتَّكْبِيرِ فَمَرَّةً يُكَبِّرُ هَؤُلَاءِ وَيُلَبِّي آخَرُونَ وَمَرَّةً بِالْعَكْسِ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ يُلَبِّي فَقَطْ وَبَعْضُهُمْ يُكَبِّرُ فَقَطْ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ مَا فَعَلُوا كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُمْ وَجَدُوهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَعَ إِذْ يُسْتَبْعَدُ أَنَّهُمْ يُخَالِفُونَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَكُونُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ذِكْرٍ وَاحِدٍ وَهُمْ يَأْتُونَ بِذِكْرٍ آخَرَ، فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُمْ كَانُوا يَجْمَعُونَ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَجْمَعُ، وَعَلَى هَذَا فَالْأَقْرَبُ لِلْعَامِلِ أَنْ يَجْمَعَ، ثُمَّ رَأَيْتُ أَنَّ الْحَافِظَ ابْنَ حَجَرٍ نَقَلَ فِي شَرْحِ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فِي بَابِ التَّلْبِيَةِ وَالتَّكْبِيرِ غَدَاةَ النَّحْرِ مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ، قَالَ: فَعِنْدَ أَحْمَدَ وَابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَالطَّحَاوِيِّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: " «خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَا تَرَكَ التَّلْبِيَةَ حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ إِلَّا أَنْ يُخَالِطَهَا تَكْبِيرٌ» " اهـ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب المنزل بعرفة]

[باب الْمَنْزِلِ بِعَرَفَةَ] 3009 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ أَنْبَأَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ الْجُمَحِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْزِلُ بِعَرَفَةَ فِي وَادِي نَمِرَةَ قَالَ فَلَمَّا قَتَلَ الْحَجَّاجُ ابْنَ الزُّبَيْرِ أَرْسَلَ إِلَى ابْنِ عُمَرَ أَيَّ سَاعَةٍ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرُوحُ فِي هَذَا الْيَوْمِ قَالَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ رُحْنَا فَأَرْسَلَ الْحَجَّاجُ رَجُلًا يَنْظُرُ أَيَّ سَاعَةٍ يَرْتَحِلُ فَلَمَّا أَرَادَ ابْنُ عُمَرَ أَنْ يَرْتَحِلَ قَالَ أَزَاغَتْ الشَّمْسُ قَالُوا لَمْ تَزِغْ بَعْدُ فَجَلَسَ ثُمَّ قَالَ أَزَاغَتْ الشَّمْسُ قَالُوا لَمْ تَزِغْ بَعْدُ فَجَلَسَ ثُمَّ قَالَ أَزَاغَتْ الشَّمْسُ قَالُوا لَمْ تَزِغْ بَعْدُ فَجَلَسَ ثُمَّ قَالَ أَزَاغَتْ الشَّمْسُ قَالُوا نَعَمْ فَلَمَّا قَالُوا قَدْ زَاغَتْ ارْتَحَلَ» قَالَ وَكِيعٌ يَعْنِي رَاحَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي وَادِي نَمِرَةَ) بِفَتْحِ نُونٍ وَكَسْرِ مِيمٍ.

[باب الموقف بعرفات]

[باب الْمَوْقِفِ بِعَرَفَاتٍ] 3010 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَةَ فَقَالَ هَذَا الْمَوْقِفُ وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ»

3011 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ شَيْبَانَ قَالَ «كُنَّا وُقُوفًا فِي مَكَانٍ تُبَاعِدُهُ مِنْ الْمَوْقِفِ فَأَتَانَا ابْنُ مِرْبَعٍ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْكُمْ يَقُولُ كُونُوا عَلَى مَشَاعِرِكُمْ فَإِنَّكُمْ الْيَوْمَ عَلَى إِرْثٍ مِنْ إِرْثِ إِبْرَاهِيمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (تُبَاعِدُهُ مِنَ الْمَوْقِفِ) أَيْ: مِنْ مَوْقِفِ الْإِمَامِ وَهُوَ مِنْ بَاعَدَ بِمَعْنَى بَعَّدَ مُشَدَّدًا عَمْرٌو هُوَ الْمُخَاطَبُ بِهَذَا الْكَلَامِ، أَيْ: مَكَانًا تَبْعُدُهُ أَنْتَ، أَيْ: تَعُدُّهُ بَعِيدًا وَالْمَقْصُودُ تَقْدِيرُ بُعْدِهِ وَأَنَّهُ مُسَلَّمٌ عِنْدَ الْمُخَاطَبِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ هَذَا مِنْ كَلَامِ الرَّاوِي عَنْ عَمْرٍو بِمَنْزِلَةِ قَالَ عَمْرٌو: وَكَانَ ذَلِكَ الْمَكَانُ بَعِيدًا عَنْ مَوْقِفِ الْإِمَامِ، أَوْ مِنْ كَلَامِ عَمْرٍو فإِرْسَالُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الرَّسُولَ بِذَلِكَ لِتَطْيِيبِ قُلُوبِهِمْ لِئَلَّا يَتَحَزَّنُوا بِبُعْدِهِمْ عَنْ مَوْقِفِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَرَوْا ذَلِكَ نَقْصًا فِي الْحَجِّ، أَوْ يَظُنُّوا ذَلِكَ الْمَكَانَ الَّذِي هُمْ فِيهِ لَيْسَ بِمَوْقِفٍ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بَيَانُ أَنَّ هَذَا خَيْرٌ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ قُرَيْشٌ مِنَ الْوُقُوفِ بِمُزْدَلِفَةَ وَأَنَّهُ شَيْءٌ اخْتَرَعُوهُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَالَّذِي أَوْرَثَهُ إِبْرَاهِيمُ هُوَ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

3012 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعُمَرِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ عَرَفَةَ مَوْقِفٌ وَارْتَفِعُوا عَنْ بَطْنِ عَرَفَةَ وَكُلُّ الْمُزْدَلِفَةِ مَوْقِفٌ وَارْتَفِعُوا عَنْ بَطْنِ مُحَسِّرٍ وَكُلُّ مِنًى مَنْحَرٌ إِلَّا مَا وَرَاءَ الْعَقَبَةِ»

[باب الدعاء بعرفة]

[باب الدُّعَاءِ بِعَرَفَةَ] 3013 - حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَاشِمِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْقَاهِرِ بْنُ السَّرِيِّ السُّلَمِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كِنَانَةَ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ السُّلَمِيُّ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا لِأُمَّتِهِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ بِالْمَغْفِرَةِ فَأُجِيبَ إِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ مَا خَلَا الظَّالِمَ فَإِنِّي آخُذُ لِلْمَظْلُومِ مِنْهُ قَالَ أَيْ رَبِّ إِنْ شِئْتَ أَعْطَيْتَ الْمَظْلُومَ مِنْ الْجَنَّةِ وَغَفَرْتَ لِلظَّالِمِ فَلَمْ يُجَبْ عَشِيَّتَهُ فَلَمَّا أَصْبَحَ بِالْمُزْدَلِفَةِ أَعَادَ الدُّعَاءَ فَأُجِيبَ إِلَى مَا سَأَلَ قَالَ فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ قَالَ تَبَسَّمَ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي إِنَّ هَذِهِ لَسَاعَةٌ مَا كُنْتَ تَضْحَكُ فِيهَا فَمَا الَّذِي أَضْحَكَكَ أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ قَالَ إِنَّ عَدُوَّ اللَّهِ إِبْلِيسَ لَمَّا عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ اسْتَجَابَ دُعَائِي وَغَفَرَ لِأُمَّتِي أَخَذَ التُّرَابَ فَجَعَلَ يَحْثُوهُ عَلَى رَأْسِهِ وَيَدْعُو بِالْوَيْلِ وَالثُّبُورِ فَأَضْحَكَنِي مَا رَأَيْتُ مِنْ جَزَعِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لِأُمَّتِهِ) أَيْ: لِمَنْ مَعَهُ فِي حَجِّهِ ذَلِكَ، أَوْ لِمَنْ حَجَّ مِنْ أُمَّتِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، أَوْ لِأُمَّتِهِ مُطْلَقًا مَنْ حَجَّ، أَوْ لَمْ يَحُجَّ، فَأُجِيبَ أَنِّي: بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، أَيْ: أَجَابَهُ اللَّهُ بِأَنِّي قَدْ غَفَرْتُ، أَوْ بِكَسْرِهَا، أَيْ: أَجَابَهُ قَائِلًا إِنِّي قَدْ غَفَرْتُ (أَعْطَيْتَ الْمَظْلُومَ مِنَ الْجَنَّةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ سَأَلَ مَغْفِرَةَ مَظَالِمِ الْمُؤْمِنِينَ بِخِلَافِ مَظَالِمِ أَهْلِ الذِّمَّةِ إِلَّا أَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ: (مِنَ الْجَنَّةِ) أَيْ مَثَلًا، أَوْ تَخْفِيفِ الْعَذَابِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كِنَانَةَ قَالَ الْبُخَارِيُّ: لَمْ يَصِحَّ حَدِيثُهُ اهـ. وَلَمْ أَرَ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ بِجَرْحٍ وَلَا تَوْثِيقٍ اهـ. وَقَالَ السُّيُوطِيُّ فِي

حَاشِيَةِ الْكِتَابِ هَذَا الْحَدِيثُ أَوْرَدَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ وَأَعَلَّهُ بِكِنَانَةَ فَإِنَّهُ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ جِدًّا، أَوْرَدَهُ عَلَيْهِ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ بِمُؤَلَّفٍ سَمَّاهُ " فَذَّةُ الْحِجَاجِ فِي عُمُومِ الْمَغْفِرَةِ لِلْحُجَّاجِ: قَالَ فِيهِ: حَكَمَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ مَرْدُودٌ فَإِنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ لَا يَنْتَهِضُ دَلِيلًا عَلَى كَوْنِهِ مَوْضُوعًا، وَقَدِ اخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنُ حِبَّانَ فِي كِنَانَةَ فَذَكَرَهُ فِي الثِّقَاتِ وَذَكَرَهُ مِنَ الضُّعَفَاءِ وَذَكَرَهُ ابْنُ مَنْدَهْ أَنَّهُ قِيلَ: إِنَّ لَهُ رِوَايَةً عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَوَلَدُهُ عَبْدُ اللَّهِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فِي كَلَامِ ابْنِ حِبَّانَ أَيْضًا، وَكُلُّ ذَلِكَ لَا يَقْتَضِي الْحُكْمَ عَلَى الْحَدِيثِ بِالْوَضْعِ، بَلْ غَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ ضَعِيفًا وَيُعْتَضَدَ بِكَثْرَةِ طُرُقِهِ وَهُوَ بِمُفْرَدِهِ يَدْخُلُ فِي حَدِّ الْحَسَنِ عَلَى رَأْيِ التِّرْمِذِيِّ وَلَا سِيَّمَا بِالنَّظَرِ فِي مَجْمُوعِ طُرُقِهِ، وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ طَرَفًا مِنْهُ وَسَكَتَ عَلَيْهِ فَهُوَ صَالِحٌ عِنْدَهُ، وَأَخْرَجَهُ الْحَافِظُ ضِيَاءُ الدِّينِ الْمَقْدِسِيُّ فِي الْأَحَادِيثِ الْمُخْتَارَةِ مِمَّا لَيْسَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَهُ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ: هَذَا الْحَدِيثُ لَهُ شَوَاهِدُ كَثِيرَةٌ فَذَكَرْنَاهَا فِي كِتَابِ الْبَعْثِ فَإِنْ صَحَّ شَوَاهِدُهُ فَفِيهِ الْحُجَّةُ وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ فَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] وَظُلْمُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا دُونَ الشِّرْكِ وَقَدْ جَاءَ هَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَابْنِ عُمَرَ وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَزَيْدٍ جَدِّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَكَثْرَةُ الطُّرُقِ إِنِ اخْتَلَفَتِ الْمَخَارِجُ تَزِيدُ الْمَتْنَ قُوَّةً وَبَعْضُ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَهُ شَوَاهِدُ فِي أَحَادِيثَ صِحَاحٍ.

3014 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْمِصْرِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ يُوسُفَ يَقُولُ عَنْ ابْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ عَبْدًا مِنْ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنَّهُ لَيَدْنُو عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمْ الْمَلَائِكَةَ فَيَقُولُ مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مَا يَعْتِقُ اللَّهُ فِيهِ. . . إِلَخْ) هَكَذَا فِي النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ لِابْنِ مَاجَهْ كَذَا فِي نُسْخَةِ الدَّمِيرِيِّ وَنَقَلَهُ السُّيُوطِيُّ مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ. . . إِلَخْ، بِزِيَادَةِ مِنْ، ثُمَّ أَكْثَرَ جَاءَ بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مَا الْعَامِلَةِ عَلَى لُغَةِ أَهْلِ الْحِجَازِ وَبِالرَّفْعِ عَلَى إِبْطَالِ عَمَلِ مَا وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ " أَنْ يُعْتِقَ " فَاعِلُ اسْمِ

التَّفْضِيلِ وَيُحْتَمَلُ عَلَى تَقْدِيرِ الرَّفْعِ أَنْ يُجْعَلَ " أَنْ يُعْتِقَ " مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ " أَكْثَرُ " وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ " مَا " وَتَجْوِيزُ فَتْحِهِ أَكْثَرُ عَلَى أَنَّهُ صِفَةُ " يَوْمٍ " مَحْمُولٌ عَلَى لَفْظِهِ إِلَّا أَنَّهُ جُرَّ بِالْفَتْحَةِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُنْصَرِفٍ وَتَجْوِيزُ رَفْعِهِ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لَهُ حَمْلٌ لَهُ عَلَى مَحَلِّهِ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ لِمَا بَعْدَهُ وَالْجُمْلَةُ صِفَةٌ فَذَاكَ يُحْوِجُ إِلَى تَقْدِيرِ خَبَرٍ مِثْلِ مَوْجُودٍ بِلَا حَاجَةٍ إِلَيْهِ قَوْلُهُ: (وَأَنَّهُ لَيَدْنُو) أَيْ: يَقْرَبُ إِلَيْهِمْ بِرَحْمَتِهِ وَمَغْفِرَتِهِ وَفَضْلِهِ، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمْ، أَيْ: يَغْفِرُ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَحِلُّ مِنْ قُرْبِهِ وَكَرَامَتِهِ مَحَلَّ الشَّيْءِ وَالْمُبَاهِي كَذَا قِيلَ: وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب من أتى عرفة قبل الفجر ليلة جمع]

[باب مَنْ أَتَى عَرَفَةَ قَبْلَ الْفَجْرِ لَيْلَةَ جَمْعٍ] 3015 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَطَاءٍ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَعْمَرَ الدِّيلِيَّ قَالَ «شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ وَأَتَاهُ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ الْحَجُّ قَالَ الْحَجُّ عَرَفَةُ فَمَنْ جَاءَ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ لَيْلَةَ جَمْعٍ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ أَيَّامُ مِنًى ثَلَاثَةٌ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَرْدَفَ رَجُلًا خَلْفَهُ فَجَعَلَ يُنَادِي بِهِنَّ» حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَطَاءٍ اللَّيْثِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْمَرَ الدِّيلِيِّ قَالَ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَةَ فَجَاءَهُ نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ فَذَكَرَ نَحْوَهُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى مَا أُرَ لِلثَّوْرِيِّ حَدِيثًا أَشْرَفَ مِنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كَيْفَ الْحَجُّ) أَيْ: كَيْفَ إِدْرَاكُهُ وَحُصُولُهُ قَوْلُهُ: (الْحَجُّ عَرَفَةُ) قِيلَ: التَّقْدِيرُ مُعْظَمُ الْحَجِّ وُقُوفُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَقِيلَ: إِدْرَاكُ الْحَجِّ إِدْرَاكُهُ وُقُوفُ يَوْمِ عَرَفَةَ وَالْمَقْصُودُ أَنَّ إِدْرَاكَ الْحَجِّ يَتَوَقَّفُ عَلَى إِدْرَاكِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَأَنَّ مَنْ أَدْرَكَهُ فَقَدْ أَمِنَ حَجَّهُ مِنَ الْفَوَاتِ (لَيْلَةَ جَمْعٍ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ اسْمُ مُزْدَلِفَةَ وَظَاهِرُ الْعُرْفِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي وُقُوفِ عَرَفَةَ مِنْ جُزْءٍ مِنَ اللَّيْلِ، لَكِنْ لَيْسَ بِمُرَادٍ كَمَا سَيَجِيءُ (فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ) أَيْ: أَمِنَ مِنَ الْفَوْتِ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنَ الطَّوَافِ (وَأَيَّامُ مِنًى ثَلَاثَةٌ) أَيْ: سِوَى يَوْمِ النَّحْرِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُعَدَّ يَوْمُ النَّحْرِ مِنْ أَيَّامِ مِنًى؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَخْصُوصًا بِمِنًى، بَلْ فِيهِ مَنَاسِكُ كَثِيرَةٌ يُنَادِي بِهِنَّ، أَيْ: بِهَذِهِ الْأَحْكَامِ أَوِ الْجُمَلِ، أَوِ الْكَلِمَاتِ.

3016 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ عَامِرٍ يَعْنِي الشَّعْبِيَّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ مُضَرِّسٍ الطَّائِيِّ «أَنَّهُ حَجَّ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُدْرِكْ النَّاسَ إِلَّا وَهُمْ بِجَمْعٍ قَالَ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَنْضَيْتُ رَاحِلَتِي وَأَتْعَبْتُ نَفْسِي وَاللَّهِ إِنْ تَرَكْتُ مِنْ حَبْلٍ إِلَّا وَقَفْتُ عَلَيْهِ فَهَلْ لِي مِنْ حَجٍّ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ شَهِدَ مَعَنَا الصَّلَاةَ وَأَفَاضَ مِنْ عَرَفَاتٍ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَقَدْ قَضَى تَفَثَهُ وَتَمَّ حَجُّهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنِّي أَنْضَيْتُ رَاحِلَتِي)

بِنُونٍ وَضَادٍ مُعْجَمَةٍ فِي الصِّحَاحِ النِّضْوُ بِالْكَسْرِ الْبَعِيرُ الْمَهْزُولُ وَالنَّاقَةُ نِضْوَةٌ وَقَدْ أَنْضَتْهَا الْأَسْفَارُ (إِنْ تَرَكْتُ) أَيْ: مَا تَرَكْتُ (مِنْ حَبْلٍ) بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَمُوَحَّدَةٍ سَاكِنَةٍ الْمُسْتَطِيلُ مِنَ الرَّمْلِ (لَيْلًا وَنَهَارًا) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ جُزْءٍ مِنَ النَّهَارِ وَجُزْءٍ مِنَ اللَّيْلِ لَيْسَ بِشَرْطٍ، بَلْ لَوْ أَدْرَكَ جُزْءًا مِنَ اللَّيْلِ وَحْدَهُ لَكَفَى عَنْ حُصُولِ الْحَجِّ (فَقَدْ قَضَى تَفَثَهُ) أَيْ: أَتَمَّ ابْتِنَاءَ التَّفَثِ أَعْنِي الْوَسَخَ وَغَيْرَهُ مِمَّا يُنَاسِبُ الْمُحْرِمَ فَحَلَّ لَهُ أَنْ يُزِيلَ عَنْهُ التَّفَثَ بِحَلْقِ الرَّأْسِ، وَقَصِّ الشَّارِبِ وَالْأَظْفَارِ، وَنَتْفِ الْإِبْطِ، وَحَلْقِ الْعَانَةِ، وَإِزَالَةِ الشَّعَثِ وَالدَّرَنِ وَالْوَسَخِ مُطْلَقًا (وَتَمَّ حَجُّهُ) أَيْ: مِنَ الْفَوَاتِ عَلَى أَحْسَنِ وَجْهٍ وَأَكْمَلِهِ، وَالْأَصْلُ التَّمَامُ بِهَذَا الْمَعْنَى بِالْوُقُوفِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ الْحَدِيثِ السَّابِقِ، وَأَيْضًا شُهُودُ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِلتَّمَامِ عِنْدَ أَحَدٍ.

[باب الدفع من عرفة]

[باب الدَّفْعِ مِنْ عَرَفَةَ] 3017 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ «أَنَّهُ سُئِلَ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسِيرُ حِينَ دَفَعَ مِنْ عَرَفَةَ قَالَ كَانَ يَسِيرُ الْعَنَقَ فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ» قَالَ وَكِيعٌ وَالنَّصُّ يَعْنِي فَوْقَ الْعَنَقِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَسِيرُ الْعَنَقَ) هُوَ بِفَتْحَتَيْنِ سَيْرٌ سَرِيعٌ مُعْتَدِلٌ (فَجْوَةٌ) بِفَتْحِ فَاءٍ فَسُكُونِ جِيمٍ الْمَوْضِعُ الْمُتَّسِعُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ (نَصَّ) أَيْ: حَرَّكَ النَّاقَةَ يَسْتَخْرِجُ أَقْصَى سَيْرِهَا.

3018 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَتْ قُرَيْشٌ نَحْنُ قَوَاطِنُ الْبَيْتِ لَا نُجَاوِزُ الْحَرَمَ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [البقرة: 199] ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَوَاطِنُ الْبَيْتِ) أَيْ: مُقِيمُونَ عِنْدَهُ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ، أَيْ: مِنْ عَرَفَاتٍ، وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَقَالَ الْحَدِيثُ مَوْقُوفٌ وَلَكِنْ حُكْمُهُ الرَّفْعُ؛ لِأَنَّهُ فِي شَأْنِ نُزُولِهِ.

[باب النزول بين عرفات وجمع لمن كانت له حاجة]

[باب النُّزُولِ بَيْنَ عَرَفَاتٍ وَجَمْعٍ لِمَنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ] 3019 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ «أَفَضْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا بَلَغَ الشِّعْبَ الَّذِي يَنْزِلُ عِنْدَهُ الْأُمَرَاءُ نَزَلَ فَبَالَ فَتَوَضَّأَ قُلْتُ الصَّلَاةَ قَالَ الصَّلَاةُ أَمَامُكَ فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى جَمْعٍ أَذَّنَ وَأَقَامَ ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ ثُمَّ لَمْ يَحِلَّ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ حَتَّى قَامَ فَصَلَّى الْعِشَاءَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَفَضْتُ) أَيْ: نَزَلْتُ مِنْ عَرَفَاتٍ (الشِّعْبُ) بِكَسْرِ مُعْجَمَةٍ وَسُكُونِ مُهْمَلَةٍ الطَّرِيقُ الْمَعْهُودُ لِلْحَاجِّ نَزَلَ فِيهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَتَوَضَّأَ) بِمَاءِ زَمْزَمَ كَمَا ثَبَتَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَصْلُ الشِّعْبِ مَا انْفَرَجَ بَيْنَ

[باب الجمع بين الصلاتين بجمع]

الْجَبَلَيْنِ، وَقِيلَ: الطَّرِيقُ (قُلْتُ: الصَّلَاةَ) أَيْ: صَلِّ الصَّلَاةَ (لَمْ يَحِلَّ) أَيْ: لَمْ يَفُكَّ مَا عَلَى الْجِمَالِ مِنَ الْأَدَوَاتِ. [باب الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِجَمْعٍ] 3020 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْخَطْمِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ يَقُولُ «صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْمُزْدَلِفَةِ»

3021 - حَدَّثَنَا مُحْرِزُ بْنُ سَلَمَةَ الْعَدَنِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الْمَغْرِبَ بِالْمُزْدَلِفَةِ فَلَمَّا أَنَخْنَا قَالَ الصَّلَاةُ بِإِقَامَةٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَلَمَّا أَنَخْنَا) مِنَ الْإِنَاخَةِ، أَيْ: أَنَخْنَا الْمَطَايَا قَالَ: الصَّلَاةُ بِإِقَامَةٍ، أَيْ: يَنْبَغِي أَدَاؤُهَا وَفِعْلُهَا بِإِقَامَةٍ.

[باب الوقوف بجمع]

[باب الْوُقُوفِ بِجَمْعٍ] 3022 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ «حَجَجْنَا مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَلَمَّا أَرَدْنَا أَنْ نُفِيضَ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ قَالَ إِنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا يَقُولُونَ أَشْرِقْ ثَبِيرُ كَيْمَا نُغِيرُ وَكَانُوا لَا يُفِيضُونَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَخَالَفَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَفَاضَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَشْرِقْ) بِهَمْزَةِ قَطْعٍ أَمْرٌ مِنْ أَشْرَقَ إِذَا دَخَلَ فِي شُرُوقِ الشَّمْسِ (ثَبِيرُ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ جَبَلٌ بِالْمُزْدَلِفَةِ عَلَى يَسَارِ الذَّاهِبِ إِلَى مِنًى وَهُوَ مُنَادَى مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّمِّ (نُغِيرُ) بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مِنْ أَغَارَ إِذَا أَسْرَعَ فِي الْعَدْوِ، أَيْ: كَيْمَا نَذْهَبُ سَرِيعًا، وَقِيلَ: أَرَادَ نُغِيرُ عَلَى لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ مِنَ الْإِغَارَةِ بِمَعْنَى النَّهْبِ.

3023 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ الْمَكِّيُّ عَنْ الثَّوْرِيِّ قَالَ قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ قَالَ جَابِرٌ «أَفَاضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَعَلَيْهِ السَّكِينَةُ وَأَمَرَهُمْ بِالسَّكِينَةِ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَرْمُوا بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ وَأَوْضَعَ فِي وَادِي مُحَسِّرٍ وَقَالَ لِتَأْخُذْ أُمَّتِي نُسُكَهَا فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَلْقَاهُمْ بَعْدَ عَامِي هَذَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حَصَى الْخَذْفِ) بِخَاءٍ وَذَالٍ مُعْجَمَتَيْنِ هُوَ الرَّمْيُ بِالْأَصَابِعِ وَالْمَقْصُودُ بَيَانُ صِغَرِ الْحَصَى (وَأَوْضَعَ) أَيْ: أَجْرَى (فِي وَادِي مُحَسِّرٍ) بِكَسْرِ السِّينِ الْمُشَدَّدَةِ مَوْضِعٌ مَعْلُومٌ (لِتَأْخُذَ أُمَّتِي نُسُكَهَا) يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْأَخْذِ وَالتَّعْلِيمِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ وُجُوبُ الْعَمْدِ كَمَا تُوُهِّمَ.

3024 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي رَوَّادٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ الْحِمْصِيِّ عَنْ بِلَالِ بْنِ رَبَاحٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ غَدَاةَ جَمْعٍ يَا بِلَالُ أَسْكِتْ النَّاسَ أَوْ أَنْصِتْ النَّاسَ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَطَوَّلَ عَلَيْكُمْ فِي جَمْعِكُمْ هَذَا فَوَهَبَ مُسِيئَكُمْ لِمُحْسِنِكُمْ وَأَعْطَى مُحْسِنَكُمْ مَا سَأَلَ ادْفَعُوا بِاسْمِ اللَّهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَسْكِتِ النَّاسَ) مِنَ الْإِسْكَاتِ، أَوْ أَنْصِتْ مِنَ الْإِنْصَاتِ وَهُوَ شَكٌّ، أَيِ: أَمَرَهُمْ

بِالسُّكُوتِ لِلِاسْتِمَاعِ (تَطَوَّلَ عَلَيْكُمْ) أَيْ: تَفَضَّلَ، فِي الزَّوَائِدِ: هَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ أَبُو سَلَمَةَ هَذَا لَا يُعْرَفُ اسْمُهُ وَهُوَ مَجْهُولٌ.

[باب من تقدم من جمع إلى منى لرمي الجمار]

[باب مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ جَمْعٍ إِلَى مِنًى لِرَمْيِ الْجِمَارِ] 3025 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ وَسُفْيَانُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ الْحَسَنِ الْعُرَنِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَدِمْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُغَيْلِمَةَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَلَى حُمُرَاتٍ لَنَا مِنْ جَمْعٍ فَجَعَلَ يَلْطَحُ أَفْخَاذَنَا وَيَقُولُ أُبَيْنِيَّ لَا تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ زَادَ سُفْيَانُ فِيهِ وَلَا إِخَالُ أَحَدًا يَرْمِيهَا حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أُغَيْلِمَةً) تَصْغِيرُ أَغْلِمَةٍ، وَالْمُرَادُ الصِّبْيَانُ؛ وَلِذَلِكَ صَغَّرَهُمْ وَنَصَبَهُ عَلَى الِاخْتِصَاصِ (عَلَى جَمَرَاتٍ) جَمْعُ جَمْرٍ جَمْعُ تَصْحِيحٍ " يَلْطَحُ " مِنَ اللَّطْحِ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ الضَّرْبُ الْخَفِيفُ (أُبَيْنِيَّ) بِضَمِّ هَمْزَةٍ، ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَةٍ، ثُمَّ يَاءٍ سَاكِنَةٍ، ثُمَّ نُونٍ مَكْسُورَةٍ، ثُمَّ يَاءٍ مُشَدَّدَةٍ، قِيلَ: هِيَ تَصْغِيرُ أَبْنَى كَأَعْمَى وَأُعَيْمَى وَهُوَ اسْمٌ مُفْرَدٌ يَدُلُّ عَلَى الْجَمْعِ، أَوْ جَمْعُ ابْنٍ مَقْصُورٌ كَمَا جَاءَ مَمْدُودًا وَالْقِيَاسُ حِينَئِذٍ عِنْدَ الْإِضَافَةِ إِلَى يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ أُبَيْنَاءُ، فَكَأَنَّهُ رَدَّ الْأَلِفَ إِلَى الْوَاوِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، ثُمَّ قُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً وَأُدْغِمَتِ الْيَاءُ فِي الْيَاءِ وَكُتِبَتْ يَاءً، قِيلَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَقْصُورَ الْآخِرِ لَا مُشَدَّدَةً فَالْأَمْرُ أَظْهَرُ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

3026 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرٌو عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كُنْتُ فِيمَنْ قَدِمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ضَعَفَةِ أَهْلِهِ»

3027 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ كَانَتْ امْرَأَةً ثَبْطَةً فَاسْتَأْذَنَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَدْفَعَ مِنْ جَمْعٍ قَبْلَ دَفْعَةِ النَّاسِ فَأَذِنَ لَهَا»

[باب قدر حصى الرمي]

[باب قَدْرِ حَصَى الرَّمْيِ] 3028 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَصِ عَنْ أُمِّهِ قَالَتْ «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ النَّحْرِ عِنْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَهُوَ رَاكِبٌ عَلَى بَغْلَةٍ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِذَا رَمَيْتُمْ الْجَمْرَةَ فَارْمُوا بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَهُوَ رَاكِبٌ عَلَى بَغْلَتِهِ) الْمَشْهُورُ أَنَّهُ كَانَ رَاكِبًا

يَوْمَئِذٍ عَلَى نَاقَةٍ.

3029 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عَوْفٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةَ الْعَقَبَةِ وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ الْقُطْ لِي حَصًى فَلَقَطْتُ لَهُ سَبْعَ حَصَيَاتٍ هُنَّ حَصَى الْخَذْفِ فَجَعَلَ يَنْفُضُهُنَّ فِي كَفِّهِ وَيَقُولُ أَمْثَالَ هَؤُلَاءِ فَارْمُوا ثُمَّ قَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ فَإِنَّهُ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَجَعَلَ يَنْقُضُهُنَّ) مِنْ نَقَضَ كَنَصَرَ، أَوْ ضَرَبَ، أَوْ مِنْ أَنْقَضَ بِمَعْنَى حَرَّكَ (وَالْغُلُوُّ فِي الدِّينِ) أَيِ: التَّشْدِيدُ فِيهِ وَمُجَاوَزَةُ الْحَدِّ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ الْحَدُّ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ الْبَحْثُ عَنْ بَوَاطِنِ الْأَشْيَاءِ وَالْكَشْفِ عَنْ عِلَلِهَا.

[باب من أين ترمى جمرة العقبة]

[باب مِنْ أَيْنَ تُرْمَى جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ] 3030 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ الْمَسْعُودِيِّ عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ «لَمَّا أَتَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ اسْتَبْطَنَ الْوَادِيَ وَاسْتَقْبَلَ الْكَعْبَةَ وَجَعَلَ الْجَمْرَةَ عَلَى حَاجِبِهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ رَمَى بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ ثُمَّ قَالَ مِنْ هَاهُنَا وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ رَمَى الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (اسْتَبْطَنَ الْوَادِي) أَيْ: طَلَبَ بَطْنَ الْوَادِي لِيَقُومَ فِيهِ لِلرَّمْيِ وَاسْتَقْبَلَ الْكَعْبَةَ، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ " وَاسْتَقْبَلَ الْجَمْرَةَ " وَيُرَجِّحُ رِوَايَةَ الْكِتَابِ: كَانَ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ حَالَ أَدَاءِ الْعِبَادَةِ أَوْلَى وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

3031 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَصِ عَنْ أُمِّهِ قَالَتْ «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ النَّحْرِ عِنْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ اسْتَبْطَنَ الْوَادِيَ فَرَمَى الْجَمْرَةَ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ ثُمَّ انْصَرَفَ» حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَصِ عَنْ أُمِّ جُنْدَبٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ سبق شرحه

[باب إذا رمى جمرة العقبة لم يقف عندها]

[باب إِذَا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ لَمْ يَقِفْ عِنْدَهَا] 3032 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَلَمْ يَقِفْ عِنْدَهَا وَذَكَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ»

3033 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ الْحَجَّاجِ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ عَنْ مِقْسَمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَمَى جَمَرَ الْعَقَبَةِ مَضَى وَلَمْ يَقِفْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَضَى) أَيْ: وَلَمْ يَقِفْ، فِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.

[باب رمي الجمار راكبا]

[باب رَمْيِ الْجِمَارِ رَاكِبًا] 3034 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَى الْجَمْرَةَ عَلَى رَاحِلَتِهِ»

3035 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ أَيْمَنَ بْنِ نَابِلٍ عَنْ قُدَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعَامِرِيِّ قَالَ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَى الْجَمْرَةَ يَوْمَ النَّحْرِ عَلَى نَاقَةٍ لَهُ صَهْبَاءَ لَا ضَرْبَ وَلَا طَرْدَ وَلَا إِلَيْكَ إِلَيْكَ»

[باب تأخير رمي الجمار من عذر]

[باب تَأْخِيرِ رَمْيِ الْجِمَارِ مِنْ عُذْرٍ] 3036 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِي الْبَدَّاحِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ لِلرِّعَاءِ أَنْ يَرْمُوا يَوْمًا وَيَدَعُوا يَوْمًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنْ يَرْمُوا يَوْمًا) أَيْ: ذَلِكَ الْيَوْمَ وَعَنِ الْيَوْمِ اللَّاحِقِ جَمِيعًا (يَدْعُوا يَوْمًا) لِمَا رَمَوْا عَنْهُ قَبْلَهُ.

3037 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ح وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي الْبَدَّاحِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرِعَاءِ الْإِبِلِ فِي الْبَيْتُوتَةِ أَنْ يَرْمُوا يَوْمَ النَّحْرِ ثُمَّ يَجْمَعُوا رَمْيَ يَوْمَيْنِ بَعْدَ النَّحْرِ فَيَرْمُونَهُ فِي أَحَدِهِمَا قَالَ مَالِكٌ ظَنَنْتُ أَنَّهُ قَالَ فِي الْأَوَّلِ مِنْهُمَا ثُمَّ يَرْمُونَ يَوْمَ النَّفْرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي الْبَيْتُوتَةِ) أَيْ: فِي شَأْنِ الْبَيْتُوتَةِ بِمِنًى، أَوْ فِي أَيَّامِ الْبَيْتُوتَةِ بِمِنًى، أَوْ رَخَّصَ فِي الْبَيْتُوتَةِ خَارِجَ مِنًى، أَوْ فِي تَرْكِ الْبَيْتُوتَةِ.

[باب الرمي عن الصبيان]

[باب الرَّمْيِ عَنْ الصِّبْيَانِ] 3038 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «حَجَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَنَا النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ فَلَبَّيْنَا عَنْ الصِّبْيَانِ وَرَمَيْنَا عَنْهُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَلَبَّيْنَا عَنِ الصِّبْيَانِ) أَيْ: نِيَابَةً عَنْهُمْ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَدَاءِ فِعْلٍ يَجُوزُ أَنْ يَنُوبَ عَنْهُ رَفِيقُهُ.

[باب متى يقطع الحاج التلبية]

[باب مَتَى يَقْطَعُ الْحَاجُّ التَّلْبِيَةَ] 3039 - حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ أَبُو بِشْرٍ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبَّى حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَبَّى) أَيِ: اسْتَمَرَّ عَلَى التَّلْبِيَةِ حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ أَيْ: حَتَّى شَرَعَ فِيهِ، أَوْ فَرَغَ مِنْهُ، وَفِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَأَيُّوبُ هُوَ السِّخْتِيَانِيُّ.

3040 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ خُصَيْفٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ «كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا زِلْتُ أَسْمَعُهُ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَلَمَّا رَمَاهَا قَطَعَ التَّلْبِيَةَ»

[باب ما يحل للرجل إذا رمى جمرة العقبة]

[باب مَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ إِذَا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ] 3041 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَوَكِيعٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالُوا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ الْحَسَنِ الْعُرَنِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «إِذَا رَمَيْتُمْ الْجَمْرَةَ فَقَدْ حَلَّ لَكُمْ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا النِّسَاءَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ وَالطِّيبُ فَقَالَ أَمَّا أَنَا فَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُضَمِّخُ رَأْسَهُ بِالْمِسْكِ أَفَطِيبٌ ذَلِكَ أَمْ لَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِلَّا النِّسَاءَ) أَيْ: حَتَّى تَطُوفُوا طَوَافَ الْإِفَاضَةِ وَالطِّيبُ عَطْفٌ عَلَى النِّسَاءِ، أَيِ: اذْكُرِ الطِّيبَ فِي حَيِّزِ الِاسْتِثْنَاءِ أَيْضًا كَمَا ذَكَرَ النِّسَاءَ فَرَدَّ عَلَيْهِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الطِّيبِ فِي حَيِّزٍ وَبِهَذَا يَقُولُ الْجَمْهُوَرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

3042 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا خَالِي مُحَمَّدٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَأَبُو أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِإِحْرَامِهِ حِينَ أَحْرَمَ وَلِإِحْلَالِهِ حِينَ أَحَلَّ»

[باب الحلق]

[باب الْحَلْقِ] 3043 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالْمُقَصِّرِينَ قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ ثَلَاثًا قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالْمُقَصِّرِينَ قَالَ وَالْمُقَصِّرِينَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ) خَصَّهُمْ بِزِيَادَةِ الدُّعَاءِ لِاتِّبَاعِهِمْ سَنَةَ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

3044 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ الدِّمَشْقِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ قَالُوا وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ قَالُوا وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ قَالُوا وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَالْمُقَصِّرِينَ»

3045 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ إِسْحَقَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ ظَاهَرْتَ لِلْمُحَلِّقِينَ ثَلَاثًا وَلِلْمُقَصِّرِينَ وَاحِدَةً قَالَ إِنَّهُمْ لَمْ يَشُكُّوا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ظَاهَرْتَ لِلْمُحَلِّقِينَ) أَيْ: أَعَنْتَهُمْ وَأَيَّدْتَهُمْ بِالدُّعَاءِ لَهُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ (إِنَّهُمْ لَمْ يَشُكُّوا) أَيْ: مَا عَامَلُوا مُعَامَلَةَ مَنْ يَشُكُّ فِي أَنَّ الِاتِّبَاعَ أَحْسَنُ، وَأَمَّا مَنْ قَصَّرَ فَقَدْ عَامَلَ مُعَامَلَةَ الشَّاكِّ فِي ذَلِكَ حَيْثُ تَرَكَ فِعْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

[باب من لبد رأسه]

[باب مَنْ لَبَّدَ رَأْسَهُ] 3046 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ حَفْصَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا وَلَمْ تَحِلَّ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ قَالَ إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي وَقَلَّدْتُ هَدْيِي فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي) مِنَ التَّلْبِيدِ وَهُوَ أَنْ يُجْمَعَ شَعْرُ الرَّأْسِ بِشَيْءٍ كَالصَّمْغِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ لِئَلَّا تُنْتَتَفَ بِقِلَّةِ الدُّهْنِ وَلَا يَكْثُرَ فِيهِ الْقَمْلُ مِنْ طُولِ الْمُكْثِ فِي الْإِحْرَامِ، وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَقْلِيدَ الْبُدْنِ يَمْنَعُ الْإِحْلَالَ.

3047 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ الْمِصْرِيُّ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَنْبَأَنَا يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهِلُّ مُلَبِّدًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مُلَبِّدًا) بِكَسْرِ الْبَاءِ وَيَحْتَمِلُ الْفَتْحَ، أَيْ: مُلَبِّدًا شَعْرَهُ.

[باب الذبح]

[باب الذَّبْحِ] 3048 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ وَكُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ طَرِيقٌ وَمَنْحَرٌ وَكُلُّ عَرَفَةَ مَوْقِفٌ وَكُلُّ الْمُزْدَلِفَةِ مَوْقِفٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كُلُّهَا مَنْحَرٌ) دَفْعٌ لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ حُصُولِ النَّحْرِ بِمَنْحَرِهِ وَالْوُقُوفِ بِمَوْقِفِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " كُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ بِكَسْرِ الْفَاءِ جَمْعُ فَجٍّ وَهُوَ الطَّرِيقُ الْوَاسِعُ.

[باب من قدم نسكا قبل نسك]

[باب مَنْ قَدَّمَ نُسُكًا قَبْلَ نُسُكٍ] 3049 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «مَا سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّنْ قَدَّمَ شَيْئًا قَبْلَ شَيْءٍ إِلَّا يُلْقِي بِيَدَيْهِ كِلْتَيْهِمَا لَا حَرَجَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ قَدَّمَ شَيْئًا) قِيلَ: فِي الْكَلَامِ تَجْرِيدٌ فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ " قَدَّمَ " أَيْ: أَتَى بِهِ، فَلِذَلِكَ تَعَلَّقَ بِهِ قَوْلُهُ: قَبْلَ شَيْءٍ، وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا} [الإسراء: 1] وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ: (إِلَّا يُلْقِي) مِنَ الْإِلْقَاءِ، أَيْ: يَرْمِي بِهِمَا مُشِيرًا بِهِمَا إِلَّا أَنَّهُ لَا حَرَجَ وَمَعْنَاهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَا إِثْمَ وَلَا دَمَ وَمَنْ أَوْجَبَ الدَّمَ حَمَلَهُ عَلَى دَفْعِ الْإِثْمِ وَهُوَ بِعِيدٌ إِذِ الظَّاهِرُ عُمُومُ النَّفْيِ لِحَرَجِ الدُّنْيَا وَحَرَجِ الْآخِرَةِ، وَأَيْضًا لَوْ كَانَ دَمٌ لَبَيَّنَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذْ تَرْكُ الْبَيَانِ، أَوْ تَأْخِيرُهُ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ فِي حَقِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

3050 - حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسْأَلُ يَوْمَ مِنًى فَيَقُولُ لَا حَرَجَ لَا حَرَجَ فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ قَالَ لَا حَرَجَ قَالَ رَمَيْتُ بَعْدَ مَا أَمْسَيْتُ قَالَ لَا حَرَجَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (سُئِلَ. . . إِلَخْ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ.

3051 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَمَّنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ أَوْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ قَالَ لَا حَرَجَ»

3052 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْمِصْرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ «قَعَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى يَوْمَ النَّحْرِ لِلنَّاسِ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ قَالَ لَا حَرَجَ ثُمَّ جَاءَهُ آخَرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي نَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ قَالَ لَا حَرَجَ فَمَا سُئِلَ يَوْمَئِذٍ عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ قَبْلَ شَيْءٍ إِلَّا قَالَ لَا حَرَجَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَعَدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ النَّحْرِ) وَفِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[باب رمي الجمار أيام التشريق]

[باب رَمْيِ الْجِمَارِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ] 3053 - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى الْمِصْرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ ضُحًى وَأَمَّا بَعْدَ ذَلِكَ فَبَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ»

3054 - حَدَّثَنَا جُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ أَبُو شَيْبَةَ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْمِي الْجِمَارَ إِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ قَدْرَ مَا إِذَا فَرَغَ مِنْ رَمْيِهِ صَلَّى الظُّهْرَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَدْرَ مَا إِذَا فَرَغَ. . . إِلَخْ) إِذْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ بَعْدَ الزَّوَالِ يَبْدَأُ بِرَمْيِ الْجِمَارِ، ثُمَّ يُصَلِّي.

[باب الخطبة يوم النحر]

[باب الْخُطْبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ] 3055 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَهَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلَا أَيُّ يَوْمٍ أَحْرَمُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالُوا يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ قَالَ فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا أَلَا لَا يَجْنِي جَانٍ إِلَّا عَلَى نَفْسِهِ وَلَا يَجْنِي وَالِدٌ عَلَى وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ عَلَى وَالِدِهِ أَلَا إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يُعْبَدَ فِي بَلَدِكُمْ هَذَا أَبَدًا وَلَكِنْ سَيَكُونُ لَهُ طَاعَةٌ فِي بَعْضِ مَا تَحْتَقِرُونَ مِنْ أَعْمَالِكُمْ فَيَرْضَى بِهَا أَلَا وَكُلُّ دَمٍ مِنْ دِمَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ وَأَوَّلُ مَا أَضَعُ مِنْهَا دَمُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ كَانَ مُسْتَرْضِعًا فِي بَنِي لَيْثٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ أَلَا وَإِنَّ كُلَّ رِبًا مِنْ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ لَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ أَلَا يَا أُمَّتَاهُ هَلْ بَلَّغْتُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالُوا نَعَمْ قَالَ اللَّهُمَّ اشْهَدْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَلَا) بِالتَّخْفِيفِ اسْتِفْتَاحِيَّةٌ (أَيُّ يَوْمٍ أَحْرَمُ) أَيْ: أَشَدُّ حُرْمَةً وَأَكْثَرُ احْتِرَامًا وَقَوْلُهُ: فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ أُرِيدَ أَنَّ دَمَ كُلِّ وَاحِدٍ حَرَامٌ عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ، وَأَمَّا فِي الْمَالِ فَالْمُرَادُ أَنَّ مَالَ كُلِّ وَاحِدٍ حَرَامٌ عَلَى غَيْرِهِ لَا عَلَيْهِ إِلَّا فِي الْبَاطِلِ فَقَدْ يَصِيرُ حَرَامًا عَلَيْهِ أَنْ يَصْرِفَهُ فِيهِ أَلَا لَا يَجْنِي. . . إِلَخْ أَيْ: لَا يَرْجِعُ وَبَالُ جِنَايَتِهِ مِنَ

الْإِثْمِ، أَوِ الْقِصَاصِ إِلَّا إِلَيْهِ (مَوْضُوعٌ. . . إِلَخْ) أَيْ: بَاطِلٌ لَا يُطْلَبُ وَلَا يُوجَدُ (أَلَا يَا أُمَّتَاهُ) نِدَاءٌ لِمَنْ حَضَرَ هُنَاكَ مِنْ أُمَّةِ الْإِجَابَةِ.

3056 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْخَيْفِ مِنْ مِنًى فَقَالَ نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَبَلَّغَهَا فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرُ فَقِيهٍ وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ ثَلَاثٌ لَا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُؤْمِنٍ إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ وَالنَّصِيحَةُ لِوُلَاةِ الْمُسْلِمِينَ وَلُزُومُ جَمَاعَتِهِمْ فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (نَضَّرَ اللَّهُ) رُوِيَ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ مِنَ النَّضَارَةِ (لَا يَغُلُّ) مِنْ غَلَّ إِذَا خَانَ، أَوْ مِنْ غَلَّ يَغِلُّ بِالْكَسْرِ إِذَا صَارَ ذَا حِقْدٍ وَعَدَاوَةٍ وَعَلَيْهِنَّ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، أَيْ: ثَلَاثٌ لَا يَحْوِي قَلْبُ الْمُؤْمِنِ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الْحِقْدُ كَائِنًا " عَلَيْهِنَّ "، أَيْ: دَوَامُ الْمُؤْمِنِ عَلَى هَذِهِ الْخِصَالِ لَا يَدْخُلُ فِي قَلْبِهِ خِيَانَةً، أَوْ حِقْدًا يَمْنَعُهُ مِنْ تَبْلِيغِ الْعِلْمِ، أَيْ: فَيَنْبَغِي لَهُ الثَّبَاتُ عَلَى هَذِهِ الْخِصَالِ وَقَدْ سَبَقَ الْحَدِيثُ مَشْرُوحًا فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ، وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ وَقَدْ رَوَاهُ بِالْعَنْعَنَةِ وَالْمَتْنُ عَلَى حَالِهِ صَحِيحٌ.

3057 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ تَوْبَةَ حَدَّثَنَا زَافِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي سِنَانٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ الْمُخَضْرَمَةِ بِعَرَفَاتٍ فَقَالَ أَتَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا وَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا وَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا قَالُوا هَذَا بَلَدٌ حَرَامٌ وَشَهْرٌ حَرَامٌ وَيَوْمٌ حَرَامٌ قَالَ أَلَا وَإِنَّ أَمْوَالَكُمْ وَدِمَاءَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي يَوْمِكُمْ هَذَا أَلَا وَإِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ وَأُكَاثِرُ بِكُمْ الْأُمَمَ فَلَا تُسَوِّدُوا وَجْهِي أَلَا وَإِنِّي مُسْتَنْقِذٌ أُنَاسًا وَمُسْتَنْقَذٌ مِنِّي أُنَاسٌ فَأَقُولُ يَا رَبِّ أُصَيْحَابِي فَيَقُولُ إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْمُخَضْرَمَةُ) بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ مِنْ خَضْرَمَ كَدَحْرَجَ، أَيِ: الَّتِي قُطِعَ طَرَفُ أُذُنِهَا قَوْلُهُ: (أَلَا وَإِنِّي فَرَطُكُمْ) بِفَتْحَتَيْنِ، أَيِ: الْمُهَيِّئُ لَكُمْ مَا تَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ قَوْلُهُ: (فَلَا تُسَوِّدُوا) بِأَنْ تُكْثِرُوا الْمَعَاصِيَ فَلَا تَصْلُحُوا لِأَنْ يُفْتَخَرَ بِمِثْلِكُمْ قَوْلُهُ: (مُسْتَنْقِذٌ) عَلَى صِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ وَالثَّانِي عَلَى صِيغَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ، أَيْ: أَنَا أُحَقِّقُ أَحْوَالَ النَّاسِ وَأَبْحَثُ عَنْهَا وَأَشْهَدُ عَلَى أَحْوَالٍ أُخْرَى هَذَا إِذَا كَانَ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ كَمَا فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأُصُولِ،

وَأَمَّا إِذَا كَانَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ كَمَا فِي بَعْضِ الْأُصُولِ فَمَعْنَاهُ وَاضِحٌ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.

3058 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ الْغَازِ قَالَ سَمِعْتُ نَافِعًا يُحَدِّثُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَفَ يَوْمَ النَّحْرِ بَيْنَ الْجَمَرَاتِ فِي الْحَجَّةِ الَّتِي حَجَّ فِيهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا قَالُوا يَوْمُ النَّحْرِ قَالَ فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا قَالُوا هَذَا بَلَدُ اللَّهِ الْحَرَامُ قَالَ فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا قَالُوا شَهْرُ اللَّهِ الْحَرَامُ قَالَ هَذَا يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ وَدِمَاؤُكُمْ وَأَمْوَالُكُمْ وَأَعْرَاضُكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ هَذَا الْبَلَدِ فِي هَذَا الشَّهْرِ فِي هَذَا الْيَوْمِ ثُمَّ قَالَ هَلْ بَلَّغْتُ قَالُوا نَعَمْ فَطَفِقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اللَّهُمَّ اشْهَدْ ثُمَّ وَدَّعَ النَّاسَ فَقَالُوا هَذِهِ حَجَّةُ الْوَدَاعِ»

[باب زيارة البيت]

[باب زِيَارَةِ الْبَيْتِ] 3059 - حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ أَبُو بِشْرٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ طَارِقٍ عَنْ طَاوُسٍ وَأَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَّرَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ إِلَى اللَّيْلِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَخَّرَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ إِلَى اللَّيْلِ) الْمَعْلُومُ الثَّابِتُ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ أَنَّهُ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ وَهُوَ الطَّوَافُ الْفَرْضُ قَبْلَ اللَّيْلِ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ رَخَّصَ فِي تَأْخِيرِهِ إِلَى اللَّيْلِ، أَوِ الْمُرَادُ بِطَوَافِ الزِّيَارَةِ غَيْرُ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ، أَيْ: إِنَّهُ كَانَ يَقْصِدُ زِيَارَةَ الْبَيْتِ أَيَّامَ مِنًى بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ، فَإِذَا زَارَ طَافَ أَيْضًا وَكَانَ يُؤَخِّرُ طَوَافَ تَلِكَ الزِّيَارَةِ إِلَى اللَّيْلِ بِتَأْخِيرِ تِلْكَ الزِّيَارَةِ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا يَذْهَبُ إِلَى مَكَّةَ لِأَجْلِ تِلْكَ الزِّيَارَةِ فِي النَّهَارِ بَعْدَ الْعَصْرِ مَثَلًا.

3060 - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنْبَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَرْمُلْ فِي السَّبْعِ الَّذِي أَفَاضَ فِيهِ قَالَ عَطَاءٌ وَلَا رَمَلَ فِيهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَمْ يَرْمُلْ) بِضَمِّ الْمِيمِ مِنْ حَدِّ نَصَرَ.

[باب الشرب من زمزم]

[باب الشُّرْبِ مِنْ زَمْزَمَ] 3061 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ «كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ جَالِسًا فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ مِنْ أَيْنَ جِئْتَ قَالَ مِنْ زَمْزَمَ قَالَ فَشَرِبْتَ مِنْهَا كَمَا يَنْبَغِي قَالَ وَكَيْفَ قَالَ إِذَا شَرِبْتَ مِنْهَا فَاسْتَقْبِلْ الْقِبْلَةَ وَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ وَتَنَفَّسْ ثَلَاثًا وَتَضَلَّعْ مِنْهَا فَإِذَا فَرَغْتَ فَاحْمَدْ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ آيَةَ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمُنَافِقِينَ إِنَّهُمْ لَا يَتَضَلَّعُونَ مِنْ زَمْزَمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَتَنَفَّسْ ثَلَاثًا) أَيْ: فِي أَثْنَاءِ الشُّرْبِ، لَكِنْ بِإِبَانَةِ الْإِنَاءِ مِنَ الْفَمِ وَتَضَلَّعْ، أَيْ: أَكْثِرْ مِنَ الشُّرْبِ حَتَّى يَمْتَلِئَ جَنْبُكَ وَأَضْلَاعُكَ قَوْلُهُ: (إِنَّ آيَةَ مَا بَيْنَنَا) أَيْ: عَلَامَةَ الْفَرْقِ الَّذِي هُوَ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ فِي الْقَلْبِ لَا يَتَضَلَّعُونَ أَيْ: عَدَمُ تَضَلُّعِ الْمُنَافِقِينَ مِنْ زَمْزَمَ فَالضِّلْعُ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ وَقَعَ مَحْمُولًا عَلَى الْعَلَامَةِ وَاللَّهُ

تَعَالَى أَعْلَمُ، وَفِي الزَّوَائِدِ: هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ رِجَالُهُ مُوَثَّقُونَ.

3062 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا الزُّبَيْرِ يَقُولُ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لِمَا شُرِبَ لَهُ) قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْكِتَابِ: هَذَا الْحَدِيثُ مَشْهُورٌ عَلَى الْأَلْسِنَةِ كَثِيرًا وَاخْتَلَفَ الْحُفَّاظُ فِيهِ: فَمِنْهُمْ مَنْ صَحَّحَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَسَّنَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ ضَعَّفَهُ، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ، وَجَارَ مَنْ قَالَ: إِنَّ حَدِيثَ " «الْبَاذِنْجَانُ لِمَا أُكِلَ لَهُ» " أَصَحُّ مِنْهُ، فَإِنَّ حَدِيثَ الْبَاذِنْجَانِ مَوْضُوعٌ كَذِبٌ، وَفِي الزَّوَائِدِ: هَذَا إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُؤَمِّلِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ. قُلْتُ: وَقَدْ ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُمْ جَرَّبُوهُ فَوَجَدُوهُ كَذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب دخول الكعبة]

[باب دُخُولِ الْكَعْبَةِ] 3063 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ حَدَّثَنِي حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفَتْحِ الْكَعْبَةَ وَمَعَهُ بِلَالٌ وَعُثْمَانُ بْنُ شَيْبَةَ فَأَغْلَقُوهَا عَلَيْهِمْ مِنْ دَاخِلٍ فَلَمَّا خَرَجُوا سَأَلْتُ بِلَالًا أَيْنَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ صَلَّى عَلَى وَجْهِهِ حِينَ دَخَلَ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ عَنْ يَمِينِهِ ثُمَّ لُمْتُ نَفْسِي أَنْ لَا أَكُونَ سَأَلْتُهُ كَمْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (صَلَّى عَلَى وَجْهِهِ حِينَ دَخَلَ) أَيْ: صَلَّى فِي الْجِهَةِ الَّتِي وَجْهُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ فِيهَا وَقْتَ الدُّخُولِ عَنْ يَمِينِهِ وَكَانَ مَالَ إِلَى جِهَةِ الْيَمِينِ (ثُمَّ لُمْتُ) مِنَ اللَّوْمِ.

3064 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنْدِي وَهُوَ قَرِيرُ الْعَيْنِ طَيِّبُ النَّفْسِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيَّ وَهُوَ حَزِينٌ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ خَرَجْتَ مِنْ عِنْدِي وَأَنْتَ قَرِيرُ الْعَيْنِ وَرَجَعْتَ وَأَنْتَ حَزِينٌ فَقَالَ إِنِّي دَخَلْتُ الْكَعْبَةَ وَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ فَعَلْتُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ أَكُونَ أَتْعَبْتُ أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَتْعَبْتُ أُمَّتِي) أَيْ: فَعَلَ مَا صَارَ سَبَبًا لِوُقُوعِهِمْ فِي الْمَشَقَّةِ وَالتَّعَبِ لِقَصْدِهِمُ الِاتِّبَاعَ لِي فِي دُخُولِهِمُ الْكَعْبَةَ وَذَاكَ لَا يَتَيَسَّرُ لِغَالِبِهِمْ إِلَّا بِتَعَبٍ.

[باب البيتوتة بمكة ليالي منى]

[باب الْبَيْتُوتَةِ بِمَكَّةَ لَيَالِي مِنًى] 3065 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «اسْتَأْذَنَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ أَيَّامَ مِنًى مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ فَأَذِنَ لَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ أَيَّامَ مِنًى) دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ

تَرْكِ الْمَبِيتِ بِمِنًى لِلْحَاجَةِ.

3066 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَهَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «لَمْ يُرَخِّصْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَحَدٍ يَبِيتُ بِمَكَّةَ إِلَّا لِلْعَبَّاسِ مِنْ أَجْلِ السِّقَايَةِ»

[باب نزول المحصب]

[باب نُزُولِ الْمُحَصَّبِ] 3067 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ وَعَبْدَةُ وَوَكِيعٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ كُلُّهُمْ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «إِنَّ نُزُولَ الْأَبْطَحِ لَيْسَ بِسُنَّةٍ إِنَّمَا نَزَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَكُونَ أَسْمَحَ لِخُرُوجِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَسْمَحُ بِخُرُوجِهِ) أَيْ: أَسْهَلُ فَلَيْسَ ذَاكَ لِقَصْدِ النُّسُكِ حَتَّى يَكُونَ سُنَّةً.

3068 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ عَمَّارِ بْنِ زُرَيْقٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «ادَّلَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ النَّفْرِ مِنْ الْبَطْحَاءِ ادِّلَاجًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ادَّلَجَ) بِتَشْدِيدِ الدَّالِ وَهُوَ السَّيْرُ آخِرَ اللَّيْلِ وَبِلَا تَشْدِيدٍ هُوَ السَّيْرُ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَخُرُوجُهُ مِنَ الْبَطْحَاءِ كَانَ فِي الْآخِرِ فَتَعَيَّنَ التَّشْدِيدُ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، وَفِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.

3069 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ يَنْزِلُونَ بِالْأَبْطَحِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ) أَيْ: مُوَافَقَةُ الْخُلَفَاءِ عَلَى ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ رَأَوْهُ مِنَ النُّسُكِ فَيُبَيِّنُ لِلنَّاسِ ذَلِكَ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب طواف الوداع]

[باب طَوَافِ الْوَدَاعِ] 3070 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كَانَ النَّاسُ يَنْصَرِفُونَ كُلَّ وَجْهٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ»

3071 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَنْفِرَ الرَّجُلُ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. . . إِلَخْ) ، فِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ إِبْرَاهِيمُ هُوَ ابْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمَكِّيُّ الْفَرَبْرِيُّ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ قَوْلُهُ: (حَتَّى يَكُونَ آخِرَ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ) قَدْ جَاءَ حَتَّى يَكُونَ آخِرَ عَهْدِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ وَمَذْهَبُ عُلَمَائِنَا الْحَنَفِيَّةِ يُخَالِفُ ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ جَعَلُوا أَخِيرَهُ مُسْتَحَبًّا وَقَالُوا بِتَأْخِيرِ الْمُقَدَّمِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب الحائض تنفر قبل أن تودع]

[باب الْحَائِضِ تَنْفِرُ قَبْلَ أَنْ تُوَدِّعَ] 3072 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَعُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «حَاضَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ بَعْدَ مَا أَفَاضَتْ قَالَتْ عَائِشَةُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَحَابِسَتُنَا هِيَ فَقُلْتُ إِنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ ثُمَّ حَاضَتْ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلْتَنْفِرْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَحَابِسَتُنَا هِيَ) أَيْ: أَخَّرَتْ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ حَتَّى يَلْزَمَنَا الْإِقَامَةُ لِأَجْلِهَا إِلَى أَنْ تَطُوفَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْحَيْضِ فَتَصِيرَ حَابِسَةً لَنَا عَنِ الْخُرُوجِ إِلَى الْمَدِينَةِ.

3073 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَفِيَّةَ فَقُلْنَا قَدْ حَاضَتْ فَقَالَ عَقْرَى حَلْقَى مَا أُرَاهَا إِلَّا حَابِسَتَنَا فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا قَدْ طَافَتْ يَوْمَ النَّحْرِ قَالَ فَلَا إِذَنْ مُرُوهَا فَلْتَنْفِرْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَقْرَى حَلْقَى) قَالَ ذَلِكَ عَلَى زَعْمِ أَنَّهَا أَخَّرَتِ الْإِفَاضَةَ وَلَيْسَ هَذَا لِذَمِّ الْحَيْضِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (فَلَا إِذًا) أَيْ: فَلَا تَحْبِسُنَا إِذِ الْأَمَةُ يَجُوزُ لَهَا تَرْكُ طَوَافِ الصَّدَرِ لِلْعُذْرِ.

[باب حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم]

[باب حَجَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] 3074 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَعِيلَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «دَخَلْنَا عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَيْهِ سَأَلَ عَنْ الْقَوْمِ حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّ فَقُلْتُ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ فَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى رَأْسِي فَحَلَّ زِرِّي الْأَعْلَى ثُمَّ حَلَّ زِرِّي الْأَسْفَلَ ثُمَّ وَضَعَ كَفَّهُ بَيْنَ ثَدْيَيَّ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ شَابٌّ فَقَالَ مَرْحَبًا بِكَ سَلْ عَمَّا شِئْتَ فَسَأَلْتُهُ وَهُوَ أَعْمَى فَجَاءَ وَقْتُ الصَّلَاةِ فَقَامَ فِي نِسَاجَةٍ مُلْتَحِفًا بِهَا كُلَّمَا وَضَعَهَا عَلَى مَنْكِبَيْهِ رَجَعَ طَرَفَاهَا إِلَيْهِ مِنْ صِغَرِهَا وَرِدَاؤُهُ إِلَى جَانِبِهِ عَلَى الْمِشْجَبِ فَصَلَّى بِنَا فَقُلْتُ أَخْبِرْنَا عَنْ حَجَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ بِيَدِهِ فَعَقَدَ تِسْعًا وَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَثَ تِسْعَ سِنِينَ لَمْ يَحُجَّ فَأَذَّنَ فِي النَّاسِ فِي الْعَاشِرَةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاجٌّ فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ بَشَرٌ كَثِيرٌ كُلُّهُمْ يَلْتَمِسُ أَنْ يَأْتَمَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَعْمَلَ بِمِثْلِ عَمَلِهِ فَخَرَجَ وَخَرَجْنَا مَعَهُ فَأَتَيْنَا ذَا الْحُلَيْفَةِ فَوَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ أَصْنَعُ قَالَ اغْتَسِلِي وَاسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ وَأَحْرِمِي فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ قَالَ جَابِرٌ نَظَرْتُ إِلَى مَدِّ بَصَرِي مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ بَيْنَ رَاكِبٍ وَمَاشٍ وَعَنْ يَمِينِهِ مِثْلُ ذَلِكَ وَعَنْ يَسَارِهِ مِثْلُ ذَلِك وَمِنْ خَلْفِهِ مِثْلُ ذَلِكَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا وَعَلَيْهِ يَنْزِلُ الْقُرْآنُ وَهُوَ يَعْرِفُ تَأْوِيلَهُ مَا عَمِلَ بِهِ مِنْ شَيْءٍ عَمِلْنَا بِهِ فَأَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهَذَا الَّذِي يُهِلُّونَ بِهِ فَلَمْ يَرُدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ شَيْئًا مِنْهُ وَلَزِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلْبِيَتَهُ قَالَ جَابِرٌ لَسْنَا نَنْوِي إِلَّا الْحَجَّ لَسْنَا نَعْرِفُ الْعُمْرَةَ حَتَّى إِذَا أَتَيْنَا الْبَيْتَ مَعَهُ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ فَرَمَلَ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا ثُمَّ قَامَ إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] فَجَعَلَ الْمَقَامَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ فَكَانَ أَبِي يَقُولُ وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا ذَكَرَهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْبَيْتِ فَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ الْبَابِ إِلَى الصَّفَا حَتَّى إِذَا دَنَا مِنْ الصَّفَا قَرَأَ {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158] نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ فَبَدَأَ بِالصَّفَا فَرَقِيَ عَلَيْهِ حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ فَكَبَّرَ اللَّهَ وَهَلَّلَهُ وَحَمِدَهُ وَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ أَنْجَزَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ وَقَالَ مِثْلَ هَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ نَزَلَ إِلَى الْمَرْوَةِ فَمَشَى حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ رَمَلَ فِي بَطْنِ الْوَادِي حَتَّى إِذَا صَعِدَتَا يَعْنِي قَدَمَاهُ مَشَى حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ فَفَعَلَ عَلَى الْمَرْوَةِ كَمَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا فَلَمَّا كَانَ آخِرُ طَوَافِهِ عَلَى الْمَرْوَةِ قَالَ لَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُقْ الْهَدْيَ وَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحْلِلْ وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ وَقَصَّرُوا إِلَّا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ فَقَامَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِأَبَدِ الْأَبَدِ قَالَ فَشَبَّكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَابِعَهُ فِي الْأُخْرَى وَقَالَ دَخَلَتْ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ هَكَذَا مَرَّتَيْنِ لَا بَلْ لِأَبَدِ الْأَبَدِ قَالَ وَقَدِمَ عَلِيٌّ بِبُدْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَ فَاطِمَةَ مِمَّنْ حَلَّ وَلَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا وَاكْتَحَلَتْ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا عَلِيٌّ فَقَالَتْ أَمَرَنِي أَبِي بِهَذَا فَكَانَ عَلِيٌّ يَقُولُ بِالْعِرَاقِ فَذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَرِّشًا عَلَى فَاطِمَةَ فِي الَّذِي صَنَعَتْهُ مُسْتَفْتِيًا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الَّذِي ذَكَرَتْ عَنْهُ وَأَنْكَرْتُ ذَلِكَ عَلَيْهَا فَقَالَ صَدَقَتْ صَدَقَتْ مَاذَا قُلْتُ حِينَ فَرَضْتَ الْحَجَّ قَالَ قُلْتُ اللَّهُمَّ إِنِّي أُهِلُّ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَإِنَّ مَعِي الْهَدْيَ فَلَا تَحِلَّ قَالَ فَكَانَ جَمَاعَةُ الْهَدْيِ الَّذِي جَاءَ بِهِ عَلِيٌّ مِنْ الْيَمَنِ وَالَّذِي أَتَى بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمَدِينَةِ مِائَةً ثُمَّ حَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ وَقَصَّرُوا إِلَّا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ وَتَوَجَّهُوا إِلَى مِنًى أَهَلُّوا بِالْحَجِّ فَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى بِمِنًى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلًا حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ وَأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ شَعَرٍ فَضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَشُكُّ قُرَيْشٌ إِلَّا أَنَّهُ وَاقِفٌ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ أَوْ الْمُزْدَلِفَةِ كَمَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصْنَعُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ فَوَجَدَ الْقُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ فَنَزَلَ بِهَا حَتَّى إِذَا زَاغَتْ الشَّمْسُ أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ فَرُحِلَتْ لَهُ فَرَكِبَ حَتَّى أَتَى بَطْنَ الْوَادِي فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا أَلَا وَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ تَحْتَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ وَدِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ وَأَوَّلُ دَمٍ أَضَعُهُ دَمُ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ كَانَ مُسْتَرْضِعًا فِي بَنِي سَعْدٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ وَرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ وَأَوَّلُ رِبًا أَضَعُهُ رِبَانَا رِبَا الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ وَإِنَّ لَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَمْ تَضِلُّوا إِنْ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ كِتَابَ اللَّهِ وَأَنْتُمْ مَسْئُولُونَ عَنِّي فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ قَالُوا نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ فَقَالَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ إِلَى السَّمَاءِ وَيَنْكُبُهَا إِلَى النَّاسِ اللَّهُمَّ اشْهَدْ اللَّهُمَّ اشْهَدْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَتَى الْمَوْقِفَ فَجَعَلَ بَطْنَ نَاقَتِهِ إِلَى الصَّخَرَاتِ وَجَعَلَ حَبْلَ الْمُشَاةِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَذَهَبَتْ الصُّفْرَةُ قَلِيلًا حَتَّى غَابَ الْقُرْصُ وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ خَلْفَهُ فَدَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ شَنَقَ الْقَصْوَاءَ بِالزِّمَامِ حَتَّى إِنَّ رَأْسَهَا لَيُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْلِهِ وَيَقُولُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى أَيُّهَا النَّاسُ السَّكِينَةَ السَّكِينَةَ كُلَّمَا أَتَى حَبْلًا مِنْ الْحِبَالِ أَرْخَى لَهَا قَلِيلًا حَتَّى تَصْعَدَ ثُمَّ أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا ثُمَّ اضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ فَصَلَّى الْفَجْرَ حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ حَتَّى أَتَى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ فَرَقِيَ عَلَيْهِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ فَلَمْ يَزَلْ وَ

الْحَجِّ قَوْلُهُ: (يَلْتَمِسُ) أَيْ: يَطْلُبُ وَيَقْصِدُ أَنْ يَأْتَمَّ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ، أَيْ: يَقْتَدِي وَيَعْمَلُ بِمِثْلِ عَمَلِهِ عَطْفُ تَفْسِيرٍ (اغْتَسِلِي) أَيْ: لِلتَّنْظِيفِ لَا لِلصَّلَاةِ وَالتَّطْهِيرِ وَاسْتَثْفِرِي مِنَ الِاسْتِثْفَارِ، وَهُوَ أَنْ تَشُدَّ فَرْجَهَا بِخِرْقَةٍ لِيَمْنَعَ سَيَلَانَ الدَّمِ (ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَالْمَدِّ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَرُوِيَ بِضَمِّ الْقَافِ وَهُوَ خَطَأٌ وَهِيَ لُغَةً النَّاقَةُ الَّتِي قُطِعَ طَرَفُ أُذُنِهَا وَهَاهُنَا قِيلَ: اسْمٌ لِنَاقَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلَا قَطْعِ أُذُنٍ، وَقِيلَ: بَلْ لِلْقَطْعِ قَوْلُهُ: (حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ) أَيْ: عَلَتْ بِهِ أَوْ قَامَتْ مُسْتَوِيَةً عَلَى قَوَائِمِهَا، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ بَعْدَ تَمَامِ طُلُوعِ الْبَيْدَاءِ لَا فِي أَثْنَاءِ طُلُوعِهِ وَالْبَيْدَاءُ الْمَفَازَةُ وَهَاهُنَا اسْمُ مَوْضِعٍ قَرِيبٍ مِنْ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَجَوَابُ إِذَا قَوْلُهُ: فَأَهَلَّ، وَالْفَاءُ زَائِدَةٌ مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} [النصر: 3] فِي جَوَابِ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ} [النصر: 1] وَجُمْلَةُ (قَالَ جَابِرٌ نَظَرْتُ إِلَى) مُعْتَرِضَةٌ (إِلَى مَدِّ بَصَرِي) أَيْ: مُنْتَهَى بَصَرِي، وَأَنْكَرَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ ذَلِكَ، وَقَالَ: الصَّوَابُ مَدَى بَصَرِي بِفَتْحِ الْمِيمِ قَالَ النَّوَوِيُّ: لَيْسَ بِمُنْكَرٍ بَلْ هُمَا لُغَتَانِ وَالْمَدُّ أَشْهُرُ. قَوْلُهُ: (مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ) أَيْ: قُدَّامَهُ بَيْنَ رَاكِبٍ وَمَاشٍ، أَيْ: فَرَأَيْتُ مَا لَا يُحْصَى بَيْنَ رَاكِبٍ وَمَاشٍ وَعَنْ يَمِينِهِ مِثْلُ ذَلِكَ، أَيْ: وَرَأَيْتُ عَنْ يَمِينِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، أَوْ كَانَ عَنْ يَمِينِهِ مِثْلُ ذَلِكَ وَعَلَى الْأَوَّلِ: مِثْلَ ذَلِكَ بِالنَّصْبِ، وَعَلَى الثَّانِي بِالرَّفْعِ قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ يَنْزِلُ الْقُرْآنُ. . . إِلَخْ) هُوَ حَثٌّ عَلَى التَّمَسُّكِ بِمَا أَخْبَرَ بِهِ عَنْ فِعْلِهِ فَأَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ، قِيلَ: بِالْإِفْرَادِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ، بَلْ الْمُرَادُ بِتَوْحِيدِ اللَّهِ لَا بِتَلْبِيَةِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الشِّرْكِ. لَبَّيْكَ. . . إِلَخْ تَفْسِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ بِتَقْدِيرِ قَالَ (بِهَذَا الَّذِي يُهِلُّونَ بِهِ) قَالَ الْقَاضِي: كَقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ: لَبَّيْكَ ذَا النَّعْمَاءِ وَالْفَضْلِ الْحَسَنِ، لَبَّيْكَ مَرْغُوبًا إِلَيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ بِيَدَيْكَ، وَالرَّغْبَاءُ إِلَيْكَ وَالْعَمَلُ، وَكَقَوْلِ أَنَسٍ: لَبَّيْكَ حَقًّا تَعَبُّدًا وَرِقًّا. قُلْتُ: وَكَقَوْلِ الْقَائِلِ:

لَبَّيْكَ عَدَدَ الرَّمْلِ وَالتُّرَابِ وَنَحْوَ ذَلِكَ " فَلَمْ يَرُدَّ " أَيْ: فَهُوَ مِنْهُ تَقْرِيرٌ لِلزِّيَادَةِ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهَا نَعَمْ حَيْثُ لَزِمَ تَلْبِيَةٌ فَهِيَ أَفْضَلُ قَوْلُهُ: (لَسْنَا نَنْوِي) أَيْ: غَالِبُنَا، وَإِلَّا فَفِيهِمْ مَنِ اعْتَمَرَ كَعَائِشَةَ عَلَى مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ نَفْسِهِ فِي حَالِ عَائِشَةَ، أَوْ قَارَنَ فَقَالَ: وَاتَّخِذُوا، أَيْ: لِيُعْلَمَ تَفْسِيرُهُ بِالْفِعْلِ الَّذِي يُبَاشِرُهُ، وَكَانَ أَبِي: هُوَ الْأَبُ الْمُضَافُ إِلَى يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ وَهُوَ مُعَدٌّ مِنْ كَلَامِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ يَقُولُ أَيْ مُحَمَّدٌ يَقُولُ: إِنَّهُ قَرَأَ هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ قَالَ جَعْفَرٌ: وَلَا أَعْلَمُ. . . إِلَخْ قَالَ النَّوَوِيُّ: لَيْسَ شَكًّا فِي رَفْعِهِ لِأَنَّ لَفْظَةَ الْعِلْمِ تُنَافِي الشَّكَّ، بَلْ هُوَ جَزْمٌ يَرْفَعُهُ وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ بِصِيغَةِ الْجَزْمِ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] أَيْ: فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَفِي الثَّانِيَةِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] بَعْدَ الْفَاتِحَةِ. (نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ) يُفِيدُ أَنَّ بِدَايَةَ اللَّهِ - تَعَالَى ذِكْرًا - تَقْتَضِي الْبُدَاءَةَ عَمَلًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَقْتَضِي نَدْبَ الْبُدَاءَةِ عَمَلًا لَا وُجُوبًا وَالْوُجُوبُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ قَوْلُهُ: (فَرَقِيَ) بِكَسْرِ الْقَافِ قَوْلُهُ: (ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ) أَيْ: بَيْنَ مَرَّاتِ هَذَا الذِّكْرِ بِمَا شَاءَ وَقَالَ الذِّكْرَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ (حَتَّى انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ) بِتَشْدِيدِ الْبَاءِ، أَيِ: انْحَدَرَتَا بِالسُّهُولَةِ حَتَّى وَصَلَتَا إِلَى بَطْنِ الْوَادِي قَوْلُهُ: (حَتَّى إِذَا صَعِدَتَا) أَيْ: خَرَجَتَا مِنَ الْبَطْنِ إِلَى طَرَفِهِ الْأَعْلَى مَشَى، أَيْ: سَارَ عَلَى السُّكُونِ قَوْلُهُ: (لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي. . . إِلَخْ) أَيْ: وَلَوْ كَانَ بَعْدَمَا ظَهَرَ لِي عَزْمُ الْحَجِّ

وَجَعْلُهُ عُمْرَةً، أَرَادَ تَطْيِيبَ قُلُوبِهِمْ بِالْفَسْخِ وَعَدَمِ الْمُوَافَاةِ مَعَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلُهُ: (جَعْشُمٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِهَا كَذَا ضَبَطَهُ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةِ مُسْلِمٍ وَضَبَطَهُ فِي الْمَفَاتِيحِ بِضَمِّ الْجِيمِ وَالشِّينِ، وَقَالَ الدَّمِيرِيُّ: بِضَمِّ الْجِيمِ وَبِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِهَا ذَكَرَهَا الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ (أَلِعَامِنَا) الْمُرَادُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ هَلِ التَّمَتُّعُ لِعَامِنَا هَذَا؟ وَعِنْدَ أَحْمَدَ وَالظَّاهِرِيَّةِ: أَهَلِ الْفَسْخُ لِعَامِنَا هَذَا؟ فَعَلَى الْأَوَّلِ (دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ) أَيْ: حَلَّتْ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَصَحَّتْ وَعَلَى الثَّانِي دَخَلَتْ نِيَّةُ الْعُمْرَةِ فِي نِيَّةِ الْحَجِّ بِحَيْثُ إِنَّ مَنْ نَوَى الْحَجَّ صَحَّ الْفَرَاغُ مِنْهُ بِالْعُمْرَةِ (لَا) أَيْ: لَا فِي هَذَا الْعَامِ وَحْدَهُ قَوْلُهُ: (بَلْ لِأَبَدِ الْأَبَدِ) أَيْ: آخِرِ الدَّهْرِ (بِبُدْنٍ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ، أَوْ بِضَمَّتَيْنِ جَمْعُ بَدَنَةٍ قَوْلُهُ: (مُحَرِّشًا) مِنَ التَّحْرِيشِ وَهُوَ الْإِغْرَاءُ، قِيلَ: أُرِيدَ بِهِ هَاهُنَا ذِكْرُ مَا يُوجِبُ عِتَابَهُ لَهَا حِينَ. . . إِلَخْ. قَوْلُهُ: فَرَضْتَ الْحَجَّ أَيْ: أَلْزَمْتَهُ نَفْسَكَ بِالْإِحْرَامِ (وَوَجَّهُوا) بِتَشْدِيدِ الْجِيمِ، أَيْ: تَوَجَّهُوا كَمَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ أَوْ وَجَّهُوا وُجُوهَهُمْ أَوْ رَوَاحِلَهُمْ. قَوْلُهُ: (بِنَمِرَةَ)

بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْمِيمِ (لَا تَشُكُّ قُرَيْشٌ إِلَّا أَنَّهُ. . . إِلَخْ) كَلِمَةُ إِلَّا بِمَعْنَى لَكِنْ وَمَا بَعْدَهُ مَفْعُولٌ مُقَدَّرٌ، أَيْ: مَا شَكُّوا وَلَكِنْ جَزَمُوا أَنَّهُ وَاقِفٌ قَوْلُهُ: (عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ) جَبَلٌ بِمُزْدَلِفَةَ (فَأَجَازَ) أَيْ: جَاوَزَ مُزْدَلِفَةَ (زَاغَتِ) الشَّمْسُ، أَيْ: زَالَتْ (فَرُحِلَتْ) بِتَخْفِيفِ الْحَاءِ أَيْ جُعِلَ عَلَيْهَا الرَّحْلُ قَوْلُهُ: (بَطْنَ الْوَادِي) هُوَ وَادِي عُرَنَةَ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَنُونٍ (إِنَّ دِمَاءَكُمْ) قِيلَ: تَقْدِيرُهُ سَفْكُ دَمٍ وَاحِدٍ حَرَامٌ إِذِ الذَّوَاتُ لَا تُوصَفُ بِتَحْرِيمٍ وَلَا تَحْلِيلٍ، وَأَمْوَالَكُمْ: فَيَتَقَدَّرُ فِي كُلِّ مَا يَلِيقُ بِهِ كَتَنَاوُلِ دِمَائِكُمْ وَتَعَرُّضِهَا، ثُمَّ لَيْسَ الْكَلَامُ مِنْ مُقَابَلَةِ الْجَمْعِ لِلْجَمْعِ لِإِفَادَةِ التَّفْرِيقِ حَتَّى يَصِيرَ الْمَعْنَى أَنَّ دَمَ كُلِّ أَحَدٍ وَمَالَهُ حَرَامٌ عَلَيْهِ، بَلِ الْأَوَّلُ لِإِفَادَةِ الْعُمُومِ، أَيْ: دَمُ كُلِّ أَحَدٍ حَرَامٌ عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ وَالثَّانِي لِإِفَادَةِ أَنَّ مَالَ كُلِّ أَحَدٍ حَرَامٌ عَلَى غَيْرِهِ، وَأَمَّا حُرْمَةُ الدَّمِ عَلَى نَفْسِهِ فَلَيْسَ بِمَقْصُودٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَإِنَّمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ خَارِجِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَعَرُّضَ الْمَرْءِ لِدَمِ نَفْسِهِ مَمْنُوعٌ طَبْعًا فَلَا حَاجَةَ إِلَى ذِكْرِهِ إِلَّا نَادِرًا قَوْلُهُ: (تَحْتَ قَدَمِي) إِبْطَالٌ لِأُمُورِ الْجَاهِلِيَّةِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا مُؤَاخَذَةَ بَعْدَ الْإِسْلَامِ بِمَا فَعَلَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَلَا قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ وَلَا كَفَّارَةَ بِمَا وَقَعَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يُؤْخَذُ الزَّائِدُ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ بِمَا وَقَعَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ عَقْدِ الرِّبَا قَوْلُهُ: (بِأَمَانَةِ اللَّهِ) أَيِ: ائْتَمَنَكُمْ عَلَيْهِنَّ فَيَجِبُ حِفْظُ أَمَانَتِهِ وَصِيَانَتُهَا عَنِ الضَّيَاعِ بِمُرَاعَاةِ الْحُقُوقِ قَوْلُهُ: (بِكَلِمَةِ اللَّهِ) أَيْ: إِبَاحَتِهِ وَحُكْمِهِ، قِيلَ: الْمُرَادُ بِهَا الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ أَيْ بِالْكَلِمَةِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا بِالْإِبَاحَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَانْكِحُوا وَقِيلَ: كَلِمَةُ التَّوْحِيدِ، إِذْ لَا تَحِلُّ مُسْلِمَةٌ لِغَيْرِ مُسْلِمٍ، وَقِيلَ: كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229]

قَوْلُهُ: (أَنْ لَا يُوطِئْنَ. . . إِلَخْ) صِيغَةُ جَمْعِ الْإِنَاثِ مِنَ الْإِيطَاءِ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ مَعْنَاهُ أَنْ لَا يُمَكِّنَّ مِنْ أَنْفُسِهِنَّ أَحَدًا سِوَاكُمْ وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا مَعْنَى حِينَئِذٍ لِاشْتِرَاطِ الْكَرَاهَةِ؛ لِأَنَّ الزِّنَا عَلَى الْوُجُوهِ كُلِّهَا مَمْنُوعٌ. قُلْتُ: يُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْكَرَاهَةَ فِي جِمَاعِهِنَّ يَشْمَلُ عَادَةً لِكُلِّ أَحَدٍ سِوَى الزَّوْجِ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: أَحَدٌ سِوَاكُمْ، لَكِنْ لَا يُنَاسِبُهُ قَوْلُهُ: ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: مَعْنَاهُ أَنْ يَأْذَنَّ لِأَحَدٍ مِنَ الرِّجَالِ يَدْخُلُ فَيَتَحَدَّثُ إِلَيْهِنَّ وَكَانَ عَادَةُ الْعَرَبِ تَحْدِيثَ الرِّجَالِ إِلَى النِّسَاءِ، وَقَوْلُهُ: تَكْرَهُونَ دُخُولَهُ سَوَاءٌ كَرِهْتُمُوهُ فِي نَفْسِهِ أَمْ لَا، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: الْمُخْتَارُ لَا يَأْذَنَّ لِأَحَدٍ تَكْرَهُونَ دُخُولَهُ فِي بُيُوتِكُمْ سَوَاءٌ كَانَ رَجُلًا، أَوِ امْرَأَةً، أَجْنَبِيًّا أَوْ مَحْرَمًا مِنْهَا (مُبَرِّحٍ) بِكَسْرِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ بَعْدَهَا حَاءٌ مُهْمَلَةٌ، أَيْ: غَيْرُ شَدِيدٍ وَلَا شَاقٍّ (وَيَنْكُبُهَا) مُوَحَّدَةٌ فِي آخِرِهِ، أَيْ: يُمِيلُهَا يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يُشْهِدَ اللَّهَ عَلَيْهِمْ يُقَالُ نَكَبْتُ الْإِنَاءَ نَكْبًا وَنَكَّبْتُهُ تَنْكِيبًا إِذَا أَمَالَهُ وَكَبَّهُ وَجَاءَ بِمُثَنَّاةٍ مِنْ فَوْقُ مَوْضِعَ مُوَحَّدَةٍ لَكِنَّهُ بَعِيدٌ مَعْنًى. قَوْلُهُ: (حَبْلَ الْمُشَاةِ) رُوِيَ بِمُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَسُكُونِ مُوَحَّدَةٍ هُوَ فِي الْأَصْلِ مَا طَالَ مِنَ الرَّمْلِ وَضَخُمَ، قِيلَ: هُوَ الْمُرَادُ أُضِيفَ إِلَى الْمُشَاةِ لِاجْتِمَاعِهِمْ هُنَالِكَ تَوَقُّفًا عَنْ مُوَافَقَةِ الرِّكَابِ، وَقِيلَ: بَلْ الْمُرَادُ صَفُّ السَّابِقِ وَمُجْتَمَعُهُمْ تَشْبِيهًا لَهُ بِحَبْلِ الرَّمْلِ وَرُوِيَ بِجِيمٍ وَيَاءٍ مَفْتُوحَتَيْنِ وَأُضِيفَ إِلَى الْمُشَاةِ لِأَنَّهُمْ يَقْدِرُونَ عَلَى الصُّعُودِ عَلَيْهِ دُونَ الرَاكِبِ قَوْلُهُ: (وَقَدْ شَنَقَ الْقَصْوَاءَ) بِفَتْحِ نُونٍ خَفِيفَةٍ مِنْ بَابِ ضَرَبَ، أَيْ: ضَمَّ وَضَيَّقَ (مَوْرِكَ رَحْلِهِ) بِفَتْحِ مِيمٍ وَكَسْرِ رَاءٍ وَفَتْحِهَا وَالرَّحْلُ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مَعْرُوفٌ. قَوْلُهُ: (السَّكِينَةَ)

بِالنَّصْبِ أَيْ الْزَمُوهَا حَبْلًا بِمُهْمَلَةٍ فَسَاكِنَةٍ وَالْحِبَالُ فِي الرِّمَالِ كَالْجِبَالِ فِي الْحَجَرِ قَوْلُهُ: (حَتَّى أَسْفَرَ) الضَّمِيرُ لِلصُّبْحِ (وَسِيمًا) أَيْ: حَسَنًا (الظُّعُنُ) بِضَمِّ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ جَمْعُ ظَعِينَةٍ كَالسُّفُنِ جَمْعُ سَفِينَةٍ وَهِيَ الْمَرْأَةُ فِي الْهَوْدَجِ قَوْلُهُ: (مُحَسِّرٌ) بِكَسْرِ السِّينِ الْمُشَدَّدَةِ مَوْضِعٌ مَعْلُومٌ مِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ بِخَاءٍ وَذَالٍ مُعْجَمَتَيْنِ هُوَ الرَّمْيُ بِالْأَصَابِعِ وَالْمَقْصُودُ بَيَانُ صِغَرِ الْحَصَى قَوْلُهُ: (مَا غَبَرَ) بِغَيْنٍ، ثُمَّ بَاءٍ، أَيْ: مَا بَقِيَ وَأَشْرَكَهُ فِي هَدْيِهِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ جَعَلَ الْهَدْيَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فَهُوَ مِنْ أَدِلَّةِ جَوَازِ الشَّرِكَةِ فِي الْهَدَايَا (بِبَضْعَةٍ) بِفَتْحِ الْبَاءِ لَا غَيْرَ الْقِطْعَةُ مِنَ اللَّحْمِ. لَوْلَا أَنْ تَغْلِبَكُمُ النَّاسُ: تَبَرُّكًا بِفِعْلِهِ وَاتِّبَاعًا لَهُ أَوْ لِعَدِّهِمْ ذَلِكَ مِنَ الْمَنَاسِكِ.

3075 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْحَجِّ عَلَى أَنْوَاعٍ ثَلَاثَةٍ فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ مَعًا وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ مُفْرَدٍ وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ مُفْرَدَةٍ فَمَنْ كَانَ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ مَعًا لَمْ يَحْلِلْ مِنْ شَيْءٍ مِمَّا حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى يَقْضِيَ مَنَاسِكَ الْحَجِّ وَمَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ مُفْرَدًا لَمْ يَحْلِلْ مِنْ شَيْءٍ مِمَّا حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى يَقْضِيَ مَنَاسِكَ الْحَجِّ وَمَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ مُفْرَدَةٍ فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ حَلَّ مَا حَرُمَ عَنْهُ حَتَّى يَسْتَقْبِلَ حَجًّا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَمَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ مُفْرِدًا لَمْ يَحِلَّ. . . إِلَخْ) ظَاهِرُهُ عَدَمُ الْفَسْخِ لَكِنَّهُ ثَابِتٌ بِالْأَدِلَّةِ الَّتِي لَمْ يُمْكِنْ إِنْكَارُهَا فَلَابُدَّ مِنْ تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ بِحَمْلِهِ عَلَى مَنْ سَاقَ الْهَدْيَ وَالْفَسْخَ، إِنَّمَا كَانَ لِمَنْ لَمْ يَسُقْ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

3076 - حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ الْمُهَلَّبِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ «حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ حَجَّاتٍ حَجَّتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ وَحَجَّةً بَعْدَ مَا هَاجَرَ مِنْ الْمَدِينَةِ وَقَرَنَ مَعَ حَجَّتِهِ عُمْرَةً وَاجْتَمَعَ مَا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا جَاءَ بِهِ عَلِيٌّ مِائَةَ بَدَنَةٍ مِنْهَا جَمَلٌ لِأَبِي جَهْلٍ فِي أَنْفِهِ بُرَةٌ مِنْ فِضَّةٍ فَنَحَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ وَنَحَرَ عَلِيٌّ مَا غَبَرَ» قِيلَ لَهُ مَنْ ذَكَرَهُ قَالَ جَعْفَرٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ

[باب المحصر]

[باب الْمُحْصِرِ] 3077 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ حَدَّثَنِي الْحَجَّاجُ بْنُ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيُّ قَالَ «سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرَجَ فَقَدْ حَلَّ وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى» فَحَدَّثْتُ بِهِ ابْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ فَقَالَا صَدَقَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ كُسِرَ، أَوْ عَرِجَ. . . إِلَخْ) كُسِرَ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَعَرِجَ بِكَسْرِ الرَّاءِ عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ فِي الصِّحَاحِ بِفَتْحِ الرَّاءِ إِذَا أَصَابَهُ شَيْءٌ فِي رِجْلِهِ فَجَعَلَ يَمْشِي مِشْيَةَ الْعَرْجَانِ وَبِالْكَسْرِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ خِلْقَةً، وَفِي النِّهَايَةِ وَكَذَا إِذَا صَارَ أَعْرَجَ، أَيْ: مَنْ أَحْرَمَ، ثُمَّ حَدَثَ لَهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ التَّحَلُّلَ وَقَدَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِالِاشْتِرَاطِ وَمَنْ يَرَى أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْإِحْصَارِ لَعَلَّهُ يَقُولُ مَعْنَى حَلَّ كُلُّ أَنْ يُحِلَّ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى نُسُكِهِ بِأَنْ يَبْعَثَ الْهَدْيَ مَعَ أَحَدٍ وَيُرِيدَهُ يَوْمًا بِعَيْنِهِ يَذْبَحُهَا فِيهِ فِي الْحَرَمِ فَيَتَحَلَّلَ قَبْلَ الذَّبْحِ.

3078 - حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ قَالَ «سَأَلْتُ الْحَجَّاجَ بْنَ عَمْرٍو عَنْ حَبْسِ الْمُحْرِمِ فَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كُسِرَ أَوْ مَرِضَ أَوْ عَرَجَ فَقَدْ حَلَّ وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ» قَالَ عِكْرِمَةُ فَحَدَّثْتُ بِهِ ابْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ فَقَالَا صَدَقَ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فَوَجَدْتُهُ فِي جُزْءِ هِشَامٍ صَاحِبِ الدَّسْتُوَائِيِّ فَأَتَيْتُ بِهِ مَعْمَرًا فَقَرَأَ عَلَيَّ أَوْ قَرَأْتُ عَلَيْهِ

[باب فدية المحصر]

[باب فِدْيَةِ الْمُحْصِرِ] 3079 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ قَالَ «قَعَدْتُ إِلَى كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ فِي الْمَسْجِدِ فَسَأَلْتُهُ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196] قَالَ كَعْبٌ فِيَّ أُنْزِلَتْ كَانَ بِي أَذًى مِنْ رَأْسِي فَحُمِلْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي فَقَالَ مَا كُنْتُ أُرَى الْجُهْدَ بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى أَتَجِدُ شَاةً قُلْتُ لَا قَالَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196] قَالَ فَالصَّوْمُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَالصَّدَقَةُ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ طَعَامٍ وَالنُّسُكُ شَاةٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَحُمِلْتُ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ.

[باب الحجامة للمحرم]

3080 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ «أَمَرَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ آذَانِي الْقَمْلُ أَنْ أَحْلِقَ رَأْسِي وَأَصُومَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أُطْعِمَ سِتَّةَ مَسَاكِينَ وَقَدْ عَلِمَ أَنْ لَيْسَ عِنْدِي مَا أَنْسُكُ» [باب الْحِجَامَةِ لِلْمُحْرِمِ] 3081 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ مِقْسَمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ مُحْرِمٌ»

3082 - حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ أَبُو بِشْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الضَّيْفِ عَنْ ابْنِ خُثَيْمٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ عَنْ رَهْصَةٍ أَخَذَتْهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ) تَجُوزُ الْحِجَامَةُ لِلْمُحْرِمِ عِنْدَ كَثِيرٍ إِذَا كَانَ بِلَا حَلْقِ شَعْرٍ، لَكِنْ قَدْ عُلِمَ أَنَّ حِجَامَتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَتْ فِي الرَّأْسِ وَهِيَ عَادَةً لَا تَخْلُو عَنْ حَلْقٍ، فَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ: يَجُوزُ حَلْقُ مَوْضِعِ الْحِجَامَةِ إِذَا كَانَ هُنَاكَ ضَرُورَةٌ قَوْلُهُ: (رَهْصَةٌ) قِيلَ: الرَّهْصُ أَنْ يُصِيبَ بَاطِنَ حَافِرِ الدَّابَّةِ شَيْءٌ يُوهِنُهُ، أَوْ يَنْزِلَ فِيهِ الْمَاءُ مِنَ الْإِعْيَاءِ وَأَصْلُ الرَّهْصِ شِدَّةٌ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الضَّيْفِ لَمْ أَرَ مَنْ ضَعَّفَهُ وَلَا مَنْ جَرَحَهُ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ.

[باب ما يدهن به المحرم]

[باب مَا يَدَّهِنُ بِهِ الْمُحْرِمُ] 3083 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ فَرْقَدٍ السَّبَخِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدَّهِنُ رَأْسَهُ بِالزَّيْتِ وَهُوَ مُحْرِمٌ غَيْرَ الْمُقَتَّتِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (غَيْرُ الْمُقَتَّتِ) بِقَافٍ وَتَاءَيْنِ مُثَنَّاتَيْنِ فَوْقِيَّتَيْنِ، أَيْ: غَيْرُ الطِّيبِ وَهُوَ الَّذِي يُطْبَخُ فِيهِ الرَّيَاحِينُ حَتَّى يَطِيبَ رِيحُهُ قَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ فَرْقَدٍ، وَفِيهِ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ فَكَانَ مَنْ تَرَكَ هَذَا الْحَدِيثَ تَرَكَهُ لِذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب المحرم يموت]

[باب الْمُحْرِمِ يَمُوتُ] 3084 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَجُلًا أَوْقَصَتْهُ رَاحِلَتُهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ وَلَا تُخَمِّرُوا وَجْهَهُ وَلَا رَأْسَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا» حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ أَعْقَصَتْهُ رَاحِلَتُهُ وَقَالَ لَا تُقَرِّبُوهُ طِيبًا فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَوْقَصَتْهُ) الْوَقْصُ كَسْرُ الْعُنُقِ وَلَا تُخَمِّرُوا وَجْهَهُ قِيلَ: كَشْفُ الْوَجْهِ لَيْسَ لِمُرَاعَاةِ الْإِحْرَامِ، وَإِنَّمَا هُوَ لِصِيَانَةِ الرَّأْسِ مِنَ التَّغْطِيَةِ كَذَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ، وَزَعَمَ أَنَّ هَذَا التَّأْوِيلَ لَازِمٌ عِنْدَ الْكُلِّ. قُلْتُ: ظَاهِرُ الْحَدِيثِ يُفِيدُ أَنَّ الْمُحْرِمَ يَجِبُ عَلَيْهِ كَشْفُ وَجْهِهِ وَأَنَّ الْأَمْرَ بِكَشْفِ وَجْهِ الْمَيِّتِ لِمُرَاعَاةِ الْإِحْرَامِ نَعَمْ مَنْ لَا يَقُولُ بِمُرَاعَاةِ إِحْرَامِ الْمَيِّتِ يَحْمِلُ الْحَدِيثَ عَلَى الْخُصُوصِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يُؤَوِّلَ الْحَدِيثَ كَمَا زَعَمَ.

[باب جزاء الصيد يصيبه المحرم]

[باب جَزَاءِ الصَّيْدِ يُصِيبُهُ الْمُحْرِمُ] 3085 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الضَّبُعِ يُصِيبُهُ الْمُحْرِمُ كَبْشًا وَجَعَلَهُ مِنْ الصَّيْدِ»

3086 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْقَطَّانُ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ أَبِي الْمُهَزِّمِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي بَيْضِ النَّعَامِ يُصِيبُهُ الْمُحْرِمُ ثَمَنُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مَجْهُولٌ وَأَبُو المُهَزِّمِ اسْمُهُ يَزِيدُ بْنُ سُفْيَانَ ضَعِيفٌ.

[باب ما يقتل المحرم]

[باب مَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ] 3087 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالُوا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَمْسٌ فَوَاسِقُ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ الْحَيَّةُ وَالْغُرَابُ الْأَبْقَعُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ وَالْحِدَأَةُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (خَمْسٌ فَوَاسِقُ) الْمَشْهُورُ الْإِضَافَةُ وَرُوِيَ بِالتَّنْوِينِ عَلَى الْوَصْفِ وَبَيْنَهُمَا فِي الْمَعْنَى فَرْقٌ دَقِيقٌ ذَكَرَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ تَقْتَضِي الْحُكْمَ عَلَى خَمْسٍ مِنَ الْفَوَاسِقِ بِالْقَتْلِ وَرُبَّمَا أَشْعَرَ التَّخْصِيصَ بِخِلَافِ الْحُكْمِ فِي غَيْرِهَا بِطَرِيقِ الْمَفْهُومِ، وَأَمَّا التَّنْوِينُ فَيَقْتَضِي وَصْفَ الْخَمْسِ بِالْفِسْقِ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى وَقَدْ أَشْعَرَ بِأَنَّ الْحُكْمَ الْمُرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ الْقَتْلُ مُعَلَّلٌ بِمَا جَاءَ وَصْفًا وَهُوَ الْفِسْقُ فَيَقْتَضِي التَّعْمِيمَ لِكُلِّ فَاسِقٍ مِنَ الدَّوَابِّ وَهُوَ ضِدُّ مَا اقْتَضَاهُ الْأَوَّلُ

بِالْمَفْهُومِ مِنَ التَّخْصِيصِ قَوْلُهُ: (الْأَبْقَعُ) هُوَ الَّذِي فِي ظَهْرِهِ، أَوْ بَطْنِهِ بَيَاضٌ وَقَدْ أَخَذَ بِهَذَا الْقَيْدِ طَائِفَةٌ، وَأَجَابَ آخَرُونَ بِأَنَّ الرِّوَايَاتِ الْمُطْلَقَةَ أَصَحُّ وَالْفَأْرَةُ بِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ وَتُسَهَّلُ (الْعَقُورُ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ مُبَالَغَةُ عَاقِرٍ وَهُوَ الْجَارِحُ الْمُفْتَرِسُ وَالْحِدَأَةُ بِكَسْرِ حَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَفَتْحِ دَالٍ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ كَعِنَبَةٍ وَوَقَعَ فِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ بِلَفْظِ التَّصْغِيرِ أَعْنِي حُدَيَّاةً بِضَمِّ الْحَاءِ وَفَتْحِ الدَّالِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ مَقْصُورٌ هِيَ أَخَسُّ الطُّيُورِ تَخْطِفُ أَطْعِمَةَ النَّاسِ مِنْ أَيْدِيهِمْ.

3088 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسٌ مِنْ الدَّوَابِّ لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ قَتَلَهُنَّ أَوْ قَالَ فِي قَتْلِهِنَّ وَهُوَ حَرَامٌ الْعَقْرَبُ وَالْغُرَابُ وَالْحُدَيَّاةُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا جُنَاحَ) أَيْ: لَا إِثْمَ.

3089 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ ابْنِ أَبِي نُعْمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الْحَيَّةَ وَالْعَقْرَبَ وَالسَّبُعَ الْعَادِيَ وَالْكَلْبَ الْعَقُورَ وَالْفَأْرَةَ الْفُوَيْسِقَةَ فَقِيلَ لَهُ لِمَ قِيلَ لَهَا الْفُوَيْسِقَةُ قَالَ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَيْقَظَ لَهَا وَقَدْ أَخَذَتْ الْفَتِيلَةَ لِتُحْرِقَ بِهَا الْبَيْتَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَالسَّبُعُ الْعَادِي) أَيِ: الظَّالِمُ الَّذِي يَفْتَرِسُ النَّاسَ وَالْفَأْرَةُ الْفُوَيْسِقَةُ تَصْغِيرُ الْفَاسِقَةِ فَإِنَّهَا تَخْرُجُ مِنَ الْجُحْرِ إِلَى النَّاسِ وَتُفْسِدُ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَإِنْ أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ.

[باب ما ينهى عنه المحرم من الصيد]

[باب مَا يُنْهَى عَنْهُ الْمُحْرِمُ مِنْ الصَّيْدِ] 3090 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ جَمِيعًا عَنْ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَنْبَأَنَا صَعْبُ بْنُ جَثَّامَةَ قَالَ «مَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا بِالْأَبْوَاءِ أَوْ بِوَدَّانَ فَأَهْدَيْتُ لَهُ حِمَارَ وَحْشٍ فَرَدَّهُ عَلَيَّ فَلَمَّا رَأَى فِي وَجْهِيَ الْكَرَاهِيَةَ قَالَ إِنَّهُ لَيْسَ بِنَا رَدٌّ عَلَيْكَ وَلَكِنَّا حُرُمٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ابْنُ جَثَّامَةَ) بِجِيمٍ مَفْتُوحَةٍ، ثُمَّ ثَاءٍ مُشَدَّدَةٍ بِالْأَبْوَاءِ بِفَتْحِ هَمْزَةٍ وَسُكُونِ مُوَحَّدَةٍ أَوْ بِوَدَّانَ بِفَتْحِ وَاوٍ وَتَشْدِيدِ دَالٍ مُهْمَلَةٍ هُمَا مَكَانَانِ بَيْنَ الْحَرَمَيْنِ أَنَّهُ، أَيِ: الشَّأْنُ لَيْسَ بِنَا رَدٌّ أَيْ: لَيْسَ الرَّدُّ مُتَعَلِّقًا بِنَا وَلَا يَلِيقُ بِنَا ذَلِكَ حُرُمٌ بِضَمَّتَيْنِ، أَيْ: مُحْرِمُونَ وَكَأَنَّهُ كَانَ حِمَارًا حَيًّا، أَوْ إِنَّهُ صِيدَ لَهُ وَمَا جَاءَ مِنَ الْقَبُولُ فَكَانَ فِي غَيْرِهِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

3091 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ «أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَحْمِ صَيْدٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَلَمْ يَأْكُلْهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَلَمْ يَأْكُلْهُ) ، فِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ الْكَرِيمِ وَهُوَ أَبُو الْمُخَارِقِ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[باب الرخصة في ذلك إذا لم يصد له]

[باب الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ إِذَا لَمْ يُصَدْ لَهُ] 3092 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهُ حِمَارَ وَحْشٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يُفَرِّقَهُ فِي الرِّفَاقِ وَهُمْ مُحْرِمُونَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَعْطَاهُ حِمَارَ وَحْشٍ) ، فِي الزَّوَائِدِ: رِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ فِي الْأَطْرَافِ قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ هَذَا الْحَدِيثُ لَا أَعْلَمُ رَوَاهُ هَكَذَا غَيْرَ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَأَحْسَبُهُ أَرَادَ أَنْ يَخْتَصِرَهُ فَأَخْطَأَ فِيهِ وَقَدْ خَالَفَهُ النَّاسُ جَمِيعًا فَقَالُوا فِي حَدِيثِهِمْ «فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا بَكْرٍ أَنْ يَقْسِمَهُ فِي الرِّقَابِ وَهُمْ مُحْرِمُونَ» .

3093 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ فَأَحْرَمَ أَصْحَابُهُ وَلَمْ أُحْرِمْ فَرَأَيْتُ حِمَارًا فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ وَاصْطَدْتُهُ فَذَكَرْتُ شَأْنَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَحْرَمْتُ وَأَنِّي إِنَّمَا اصْطَدْتُهُ لَكَ فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَأْكُلُوهُ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ حِينَ أَخْبَرْتُهُ أَنِّي اصْطَدْتُهُ لَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ) بِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ تَرْكَهُ الْإِحْرَامَ وَمُجَاوَزَتَهُ الْمِيقَاتَ بِلَا إِحْرَامٍ كَأَنَّهُ قَبْلَ أَنْ تُقَدَّرَ الْمَوَاقِيتُ فَإِنَّ تَقْدِيرَ الْمَوَاقِيتِ كَانَ فِي سَنَةِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ كَمَا رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ (وَإِنِّي إِنَّمَا اصْطَدْتُهُ لَكَ) هَذَا خِلَافُ الْمَعْرُوفِ، بَلْ قَدْ جَاءَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ أَكَلَ مِنْهُ.

[باب تقليد البدن]

[باب تَقْلِيدِ الْبُدْنِ] 3094 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهْدِي مِنْ الْمَدِينَةِ فَأَفْتِلُ قَلَائِدَ هَدْيِهِ ثُمَّ لَا يَجْتَنِبُ شَيْئًا مِمَّا يَجْتَنِبُ الْمُحْرِمُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَأَفْتِلُ) مِنْ فَتَلَ كَضَرَبَ.

[باب تقليد الغنم]

3095 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ «كُنْتُ أَفْتِلُ الْقَلَائِدَ لِهَدْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُقَلِّدُ هَدْيَهُ ثُمَّ يَبْعَثُ بِهِ ثُمَّ يُقِيمُ لَا يَجْتَنِبُ شَيْئًا مِمَّا يَجْتَنِبُهُ الْمُحْرِمُ» [باب تَقْلِيدِ الْغَنَمِ] 3096 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «أَهْدَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّةً غَنَمًا إِلَى الْبَيْتِ فَقَلَّدَهَا»

[باب إشعار البدن]

[باب إِشْعَارِ الْبُدْنِ] 3097 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي حَسَّانَ الْأَعْرَجِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشْعَرَ الْهَدْيَ فِي السَّنَامِ الْأَيْمَنِ وَأَمَاطَ عَنْهُ الدَّمَ وَقَالَ عَلِيٌّ فِي حَدِيثِهِ بِذِي الْحُلَيْفَةِ وَقَلَّدَ نَعْلَيْنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ (بَابُ الْإِشْعَارِ) هُوَ أَنْ يَطْعَنَ فِي أَحَدِ جَانِبَيْ سَنَامِ الْبَعِيرِ حَتَّى يَسِيلَ دَمُهَا لِيُعْرَفَ أَنَّهَا هَدْيٌ وَتَتَمَيَّزَ إِنْ خُلِطَتْ وَتُعْرَفَ إِنْ ضَلَّتْ وَيَرْتَدِعَ عَنْهَا السُّرَّاقُ وَيَأْكُلُهَا الْفُقَرَاءُ بِأَنْ ذُبِحَتْ فِي الطَّرِيقِ لِقُرْبِهَا مِنَ الْهَلَاكِ فِي الطَّرِيقِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ: لِأَنَّهُ مُثْلَةٌ، لَكِنِ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَصْحَابِهِ حَمَلُوا قَوْلَهُ عَلَى

الْإِشْعَارِ عَلَى وَجْهِ الْمُبَالَغَةِ فَالْإِشْعَارُ الْمَقْصُودُ مُخْتَارٌ عِنْدَهُ أَيْضًا مُسْتَحَبٌّ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْجَرْحِ لَا يُعَدُّ مُثْلَةً، بَلْ الْمُثْلَةُ مَا فِيهِ تَغْيِيرٌ لِلصُّورَةِ وَذَلِكَ لَا يَظْهَرُ إِلَّا إِذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْمُبَالَغَةِ فَتَعْلِيلُ الْحَنَفِيَّةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ مَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْمُبَالَغَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (وَأَمَاطَ) أَيْ: أَزَالَ.

[باب من جلل البدنة]

3098 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ أَفْلَحَ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَلَّدَ وَأَشْعَرَ وَأَرْسَلَ بِهَا وَلَمْ يَجْتَنِبْ مَا يَجْتَنِبُ الْمُحْرِمُ» [باب مَنْ جَلَّلَ الْبَدَنَةَ] 3099 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ «أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ وَأَنْ أَقْسِمَ جِلَالَهَا وَجُلُودَهَا وَأَنْ لَا أُعْطِيَ الْجَازِرَ مِنْهَا شَيْئًا وَقَالَ نَحْنُ نُعْطِيهِ»

[باب الهدي من الإناث والذكور]

[باب الْهَدْيِ مِنْ الْإِنَاثِ وَالذُّكُورِ] 3100 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْدَى فِي بُدْنِهِ جَمَلًا لِأَبِي جَهْلٍ بُرَتُهُ مِنْ فِضَّةٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَهْدَى فِي بُدْنِهِ جَمَلًا) أَيْ: ذَكَرًا وَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ النُّوقَ كَانَتْ هِيَ الْغَالِبَ فَإِذَا ثَبَتَ إِهْدَاءُ الذُّكُورِ لَزِمَ جَوَازُ النَّوْعَيْنِ (بُرَةٌ) بِضَمِّ بَاءٍ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ، أَيْ: حَلْقَةٌ.

3101 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى أَنْبَأَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي بُدْنِهِ جَمَلٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كَانَ فِي بُدْنِهِ جَمَلٌ) ، فِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ الزُّبَيْدِيُّ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُمَا.

[باب الهدي يساق من دون الميقات]

[باب الْهَدْيِ يُسَاقُ مِنْ دُونِ الْمِيقَاتِ] 3102 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْتَرَى هَدْيَهُ مِنْ قُدَيْدٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مِنْ قُدَيْدٍ) بِالتَّصْغِيرِ مَوْضِعٌ بَيْنَ الْحَرَمَيْنِ دَاخِلُ الْمِيقَاتِ.

[باب ركوب البدن]

[باب رُكُوبِ الْبُدْنِ] 3103 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً فَقَالَ ارْكَبْهَا قَالَ إِنَّهَا بَدَنَةٌ قَالَ ارْكَبْهَا وَيْحَكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَقَالَ ارْكَبْهَا) كَأَنَّهُ كَانَ مُحْتَاجًا إِلَى الرُّكُوبِ إِلَّا أَنَّهُ لِكَوْنِهِ هَدْيًا يُحْتَرَزُ عَنْهُ فَأَرَاهُ أَنَّهُ جَائِزٌ عِنْدَ الِاضْطِرَارِ (وَيْحَكَ) أَصْلُهُ الدُّعَاءُ بِالْهَلَاكِ وَقَدْ لَا يُرَادُ بِهَا الْحَقِيقَةُ، بَلِ الزَّجْرُ وَهُوَ الْمُرَادُ.

3104 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامٍ صَاحِبِ الدَّسْتُوَائِيِّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرَّ عَلَيْهِ بِبَدَنَةٍ فَقَالَ ارْكَبْهَا قَالَ إِنَّهَا بَدَنَةٌ قَالَ ارْكَبْهَا قَالَ فَرَأَيْتُهُ رَاكِبَهَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عُنُقِهَا نَعْلٌ»

[باب في الهدي إذا عطب]

[باب فِي الْهَدْيِ إِذَا عَطِبَ] 3105 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سِنَانِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ ذُؤَيْبًا الْخُزَاعِيَّ حَدَّثَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَبْعَثُ مَعَهُ بِالْبُدْنِ ثُمَّ يَقُولُ إِذَا عَطِبَ مِنْهَا شَيْءٌ فَخَشِيتَ عَلَيْهِ مَوْتًا فَانْحَرْهَا ثُمَّ اغْمِسْ نَعْلَهَا فِي دَمِهَا ثُمَّ اضْرِبْ صَفْحَتَهَا وَلَا تَطْعَمْ مِنْهَا أَنْتَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ رُفْقَتِكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَطِبَ) بِكَسْرِ الطَّاءِ، أَيْ: هَلَكَ، وَالْمُرَادُ قَارَبَ الْهَلَاكَ (ثُمَّ اغْمِسْ نَعْلَهَا) أَيْ: لِيَحْتَرِزَ عَنْ أَكْلِهَا الْغَنِيُّ وَيَرَى أَنَّهَا هَدْيٌ (وَلَا تَطْعَمْ أَنْتَ إِلَخْ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ذَاكَ لِيَقْطَعَ عَنْهُمْ بَابَ التُّهْمَةِ. قُلْتُ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ (رُفْقَتُكَ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا وَسُكُونِ الْفَاءِ جَمَاعَةٌ تُرَافِقُهُمْ فِي سَفَرِكَ وَالْأَهْلُ مُقْحَمٌ.

3106 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالُوا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ نَاجِيَةَ الْخُزَاعِيِّ قَالَ عَمْرٌو فِي حَدِيثِهِ وَكَانَ صَاحِبَ بُدْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ أَصْنَعُ بِمَا عَطِبَ مِنْ الْبُدْنِ قَالَ انْحَرْهُ وَاغْمِسْ نَعْلَهُ فِي دَمِهِ ثُمَّ اضْرِبْ صَفْحَتَهُ وَخَلِّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ فَلْيَأْكُلُوهُ»

[باب أجر بيوت مكة]

[باب أَجْرِ بُيُوتِ مَكَّةَ] 3107 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ نَضْلَةَ قَالَ «تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَمَا تُدْعَى رِبَاعُ مَكَّةَ إِلَّا السَّوَائِبَ مَنْ احْتَاجَ سَكَنَ وَمَنْ اسْتَغْنَى أَسْكَنَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (رِبَاعُ مَكَّةَ) بِكَسْرِ الرَّاءِ دُورُهَا إِلَّا السَّوَائِبَ، أَيِ: الْغَيْرُ الْمَمْلُوكَةِ لِأَهْلِهَا، بَلِ الْمَتْرُوكَةُ لِلَّهِ لِيَنْتَفِعَ بِهَا الْمُحْتَاجُ إِلَيْهَا (أَسْكَنَ) غَيْرَهُ بِلَا إِجَارَةٍ، وَفِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلَيْسَ لِعَلْقَمَةَ بْنِ نَضْلَةَ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ فِي بَقِيَّةِ الْكُتُبِ. قُلْتُ: الْحَدِيثُ حُجَّةٌ إِذْ يُرْوَى ذَلِكَ، لَكِنْ قَالَ الدَّمِيرِيُّ عَلْقَمَةُ بْنُ نَضْلَةَ لَا يَصِحُّ لَهُ صُحْبَةٌ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْكُتُبِ شَيْءٌ سِوَاهُ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ مِنَ الثِّقَاتِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ ضَعِيفٌ، وَإِنْ كَانَ الْحَاكِمُ رَوَاهُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ اهـ. قُلْتُ: كَأَنَّهُ قَصَدَ بِذَلِكَ الْجَوَابَ عَنْ مَذْهَبِهِ.

[باب فضل مكة]

[باب فَضْلِ مَكَّةَ] 3108 - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ الْمِصْرِيُّ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ أَخْبَرَنِي عُقَيْلٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِيِّ بْنِ الْحَمْرَاءِ قَالَ لَهُ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ وَاقِفٌ بِالْحَزْوَرَةِ يَقُولُ وَاللَّهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَيَّ وَاللَّهِ لَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَاقِفٌ بِالْحَزَوَّرَةِ) بِفَتْحَتَيْنِ وَوَاوٍ مُشَدَّدَةٍ كَذَا ضُبِطَ، لَكِنْ قَالَ الدَّمِيرِيُّ عَلَى وَزْنِ قَسْوَرَةٍ، قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ: الْمُحَدِّثُونَ يَسْتَنِدُونَ بِالْجَزَوَّرَةِ وَالْحُدَيْبِيَةِ وَهُمَا مُخْتَلِفَانِ وَهُوَ مَوْضِعٌ بِمَكَّةَ عِنْدَ بَابِ الْحَنَّاطِينَ وَعَلَى الثَّانِي: لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ. . . إِلَخْ، أَيْ: حِينَ أُخْرِجْتُ وَفَضْلُ الْمَدِينَةِ كَانَ بَعْدَ، أَوْ مُطْلَقًا وَعَلَى الثَّانِي هُوَ دَلِيلٌ لِمَنْ قَالَ بِفَضْلِ مَكَّةَ عَلَى الْمَدِينَةِ قَالَ الدَّمِيرِيُّ: وَأَمَّا مَا رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ: " «اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُمْ أَخْرَجُونِي مِنْ أَحَبِّ الْبِلَادِ إِلَيَّ فَأَسْكِنِّي فِي أَحَبِّ الْبِلَادِ إِلَيْكَ» ". فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا يَخْتَلِفُ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي نَكَارَتِهِ وَوَضْعِهِ وَنَسَبُوا وَضْعَهُ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ وَتَرَكُوهُ لِأَجْلِهِ، وَقَالَ ابْنُ دِحْيَةَ فِي تَنْوِيرِهِ: إِنَّهُ حَدِيثٌ بَاطِلٌ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَالَ ابْنُ مُهْدٍ: سَأَلْتُ عَنْهُ مَالِكًا فَقَالَ: لَا يَحِلُّ أَنْ تَنْسِبَ الْبَاطِلَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ بَيَّنَ عِلَّتَهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ فِي عِلَلِهِ وَالْحَافِظُ وَغَيْرُهُمَا، نَعَمْ السُّكْنَى بِالْمَدِينَةِ أَفْضَلُ لِمَا ثَبَتَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «لَا يَصْبِرُ عَلَى لَأْوَائِهَا وَشِدَّتِهَا أَحَدٌ إِلَّا كُنْتُ لَهُ شَفِيعًا وَشَهِيدًا

يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَوْ شَهِيدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ". وَلَمْ يَرِدْ بِسُكْنَى مَكَّةَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، بَلْ كَرِهَهَا جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَثَبَتَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَمُوتَ بِالْمَدِينَةِ فَلْيَمُتْ بِهَا فَإِنِّي أَشْفَعُ لِمَنْ يَمُوتُ بِهَا» وَجَعَلَ ابْنُ حَزْمٍ التَّفْضِيلَ الْحَاصِلَ بِمَكَّةَ ثَابِتًا لِجَمِيعِ الْحَرَمِ.

3109 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَقَ حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ يَنَّاقٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ قَالَتْ «سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ عَامَ الْفَتْحِ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فَهِيَ حَرَامٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا وَلَا يَأْخُذُ لُقْطَتَهَا إِلَّا مُنْشِدٌ فَقَالَ الْعَبَّاسُ إِلَّا الْإِذْخِرَ فَإِنَّهُ لِلْبُيُوتِ وَالْقُبُورِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا الْإِذْخِرَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ، أَيْ: لَا يُقْطَعُ وَهُوَ نَفْيٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ وَهَذِهِ الْأَحْكَامُ بَيَانٌ لِلْحُرْمَةِ وَلَا يُنَفَّرُ بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيْضًا إِلَّا مُنْشِدٌ أَيْ: مُعَرِّفٌ قِيلَ: أَيْ: عَلَى الدَّوَامِ لِيَظْهَرَ فَائِدَةُ التَّخْصِيصِ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَلَعَلَّ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمُعَرِّفُ كَمَا فِي سَائِرِ الْبِلَادِ يُجِيبُ عَنِ التَّخْصِيصِ بِأَنَّهُ كَتَخْصِيصِ الْإِحْرَامِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197] مَعَ أَنَّ الْفُسُوقَ حَرَامٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ بِلَا إِحْرَامٍ أَيْضًا وَحَاصِلُهُ زِيَادَةُ الِاهْتِمَامِ بِالْإِحْرَامِ وَبَيَانُ أَنَّ الِاجْتِنَابَ عَنِ الْفُسُوقِ فِي الْإِحْرَامِ آكَدُ فَكَذَلِكَ هَاهُنَا التَّخْصِيصُ لِزِيَادَةِ الِاهْتِمَامِ بِأَمْرِ الْإِحْرَامِ قَوْلُهُ: (إِلَّا الْإِذْخِرَ) بِكَسْرِ هَمْزَةٍ وَإِعْجَامِ الذَّالِ حَشِيشَةٌ طَيِّبَةُ الرَّائِحَةِ يُسْقَفُ بِهَا الْبُيُوتُ فَوْقَ الْخَشَبِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: هَذَا الْحَدِيثُ، وَإِنْ كَانَ صَرِيحًا فِي سَمَاعِهَا مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لَكِنْ فِي إِسْنَادِهِ أَبَانُ بْنُ صَالِحٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

3110 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ وَابْنُ الْفُضَيْلِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَابِطٍ عَنْ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَزَالُ هَذِهِ الْأُمَّةُ بِخَيْرٍ مَا عَظَّمُوا هَذِهِ الْحُرْمَةَ حَقَّ تَعْظِيمِهَا فَإِذَا ضَيَّعُوا ذَلِكَ هَلَكُوا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (هَذِهِ الْحُرْمَةُ) أَيْ: حُرْمَةُ شَعَائِرِ اللَّهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ وَاخْتَلَطَ بِآخِرِهِ.

[باب فضل المدينة]

[باب فَضْلِ الْمَدِينَةِ] 3111 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الْإِيمَانَ لَيَأْرِزُ إِلَى الْمَدِينَةِ كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا»

3112 - حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَمُوتَ بِالْمَدِينَةِ فَلْيَفْعَلْ فَإِنِّي أَشْهَدُ لِمَنْ مَاتَ بِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَمُوتَ بِالْمَدِينَةِ)

أَيْ: بِأَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْهَا إِلَى أَنْ يَمُوتَ إِنْ مَاتَ فِي جِوَارِهِ وَأَنَّهُ بِذَلِكَ حَقِيقٌ بِالْإِكْرَامِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، قَالَ الدَّمِيرِيُّ: فَائِدَةُ زِيَارَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَفْضَلِ الطَّاعَاتِ وَأَعْظَمِ الْقُرُبَاتِ؛ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ زَارَ قَبْرِي وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ جَاءَنِي زَائِرًا لَا تَحْمِلُهُ حَاجَةٌ إِلَّا زِيَارَتِي، كَانَ حَقًّا عَلَيَّ أَنْ أَكُونَ لَهُ شَفِيعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ مِنْهُمُ الْحَافِظُ أَبُو عَلِيِّ بْنُ السَّكَنِ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِالسُّنَنِ الصِّحَاحِ، فَهَذَانِ إِمَامَانِ صَحَّحَا هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ وَقَوْلُهُمَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ مَنْ طَعَنَ فِي ذَلِكَ.

3113 - حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلُكَ وَنَبِيُّكَ وَإِنَّكَ حَرَّمْتَ مَكَّةَ عَلَى لِسَانِ إِبْرَاهِيمَ اللَّهُمَّ وَأَنَا عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ وَإِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا» قَالَ أَبُو مَرْوَانَ لَابَتَيْهَا حَرَّتَيْ الْمَدِينَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حَرَّتَيِ الْمَدِينَةِ) الْحَرَّةُ بِفَتْحٍ فَتَشْدِيدٍ أَرْضٌ ذَاتُ حِجَارَةٍ سُودٍ وَلِلْمَدِينَةِ لَابَتَانِ شَرْقِيَّةٌ وَغَرْبِيَّةٌ، قِيلَ: الْمُرَادُ تَحْرِيمُ اللَّابَتَيْنِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَالْجُمْهُورُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ وَخِلَافُهُ غَيْرُ قَوِيٍّ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، وَأَصْلُ الْحَدِيثِ فِي الصَّحِيحَيْنِ، لَكِنِ الْحَدِيثَ بِهَذَا الْوَجْهِ مِنَ الزَّوَائِدِ قَالَ فِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَقَالَ صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَسَدِيُّ ثِقَةٌ صَدُوقٌ إِلَّا أَنَّهُ يَرْوِي عَنْ أَبِيهِ الْمَنَاكِيرَ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ: يُخْطِئُ وَيُخَالِفُ، وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ فِي حَدِيثِهِ بَعْضُ الْمَنَاكِيرِ.

3114 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَرَادَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ بِسُوءٍ أَذَابَهُ اللَّهُ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ»

3115 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِكْنَفٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ أُحُدًا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ وَهُوَ عَلَى تُرْعَةٍ مِنْ تُرَعِ الْجَنَّةِ وَعَيْرٌ عَلَى تُرْعَةٍ مِنْ تُرَعِ النَّارِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ) وَقِيلَ: هُوَ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ، أَيْ: يُحِبُّنَا أَهْلُهُ وَنُحِبُّ أَهْلَهُ فَحَذَفَ الْمُضَافَ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إِلَيْهِ مَقَامَهُ وَأَهْلُهُ هُمْ أَهْلُ الْمَدِينَةِ، وَقِيلَ: عَلَى حَقِيقَتِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ أَهْلِ التَّحْقِيقِ إِذْ لَا نَسْتَبْعِدُ وَضْعَ الْمَحَبَّةِ فِي الْجِبَالِ، وَفِي الْجِذْعِ الْيَابِسِ حَتَّى حَنَّ إِلَيْهِ قَوْلُهُ: (عَلَى تُرْعَةٍ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فِي الصِّحَاحِ هِيَ الْبَابُ، وَفِي الْحَدِيثِ إِنَّ مِنْبَرِي هَذَا عَلَى تُرْعَةٍ مِنْ تُرَعِ الْجَنَّةِ وَيُقَالُ التُّرْعَةُ الرَّوْضَةُ وَيُقَالُ الدَّرَجَةُ وَالتُّرْعَةُ أَيْضًا أَفْوَاهُ الْجَدَاوِلِ حَكَاهُ بَعْضُهُمْ وَذَكَرَ السُّيُوطِيُّ عَنِ النِّهَايَةِ أَنَّ التُّرْعَةَ فِي الْأَصْلِ الرَّوْضَةُ عَلَى الْمَكَانِ

الْمُرْتَفِعِ خَاصَّةً، فَإِذَا كَانَتْ فِي الْمُطْمَئِنِّ فَهِيَ رَوْضَةٌ. قُلْتُ: يَكُونُ قَوْلُهُ: عَلَى تُرْعَةِ النَّارِ مَجَازًا مِنْ بَابِ الْمُقَابَلَةِ وَالْمُشَاكَلَةِ اهـ. وَعِيرٌ اسْمُ جَبَلٍ مِنْ جِبَالِ الْمَدِينَةِ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ سِرٌّ يَنْبَغِي تَفْوِيضُهُ إِلَى اللَّهِ وَالْمَقْصُودُ بِالْإِفَادَةِ أَنَّ أُحُدًا جَبَلٌ مَمْدُوحٌ وَعِيرٌ بِخِلَافِهِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ ابْنُ إِسْحَاقَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ وَقَدْ عَنْعَنَهُ وَشَيْخُهُ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ الْبُخَارِيُّ: فِي حَدِيثِهِ نَظَرٌ وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ لَا أَعْلَمُ لَهُ سَمَاعًا مِنْ أَنَسٍ وَيَدْفَعُهُ مَا فِي ابْنِ مَاجَهْ مِنَ التَّصْرِيحِ بِالسَّمَاعِ.

[باب مال الكعبة]

[باب مَالِ الْكَعْبَةِ] 3116 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ عَنْ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ وَاصِلٍ الْأَحْدَبِ عَنْ شَقِيقٍ قَالَ «بَعَثَ رَجُلٌ مَعِيَ بِدَرَاهِمَ هَدِيَّةً إِلَى الْبَيْتِ قَالَ فَدَخَلْتُ الْبَيْتَ وَشَيْبَةُ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ فَنَاوَلْتُهُ إِيَّاهَا فَقَالَ لَهُ أَلَكَ هَذِهِ قُلْتُ لَا وَلَوْ كَانَتْ لِي لَمْ آتِكَ بِهَا قَالَ أَمَا لَئِنْ قُلْتَ ذَلِكَ لَقَدْ جَلَسَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مَجْلِسَكَ الَّذِي جَلَسْتَ فِيهِ فَقَالَ لَا أَخْرُجُ حَتَّى أَقْسِمَ مَالَ الْكَعْبَةِ بَيْنَ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ قُلْتُ مَا أَنْتَ فَاعِلٌ قَالَ لَأَفْعَلَنَّ قَالَ وَلِمَ ذَاكَ قُلْتُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ رَأَى مَكَانَهُ وَأَبُو بَكْرٍ وَهُمَا أَحْوَجُ مِنْكَ إِلَى الْمَالِ فَلَمْ يُحَرِّكَاهُ فَقَامَ كَمَا هُوَ فَخَرَجَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (فَلَمْ يُحَرِّكَاهُ) اسْتَدَلَّ بِتَرْكِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَرْكِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ التَّعَرُّضَ لِمَالِ الْكَعْبَةِ مَعَ عِلْمِهِمَا بِهِ وَحَاجَتُهُمَا إِلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِخْرَاجُهُ وَالتَّعَرُّضُ لَهُ وَوَافَقَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عَلَى ذَلِكَ، لَكِنِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُرَاعِي حَدَاثَةَ عَهْدِهِمْ بِالْجَاهِلِيَّةِ وَأَبُو بَكْرٍ لَمْ يَفْرُغْ لِأَمْثَالِ هَذِهِ الْأُمُورِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب صيام شهر رمضان بمكة]

[باب صِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ بِمَكَّةَ] 3117 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ زَيْدٍ الْعَمِّيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَدْرَكَ رَمَضَانَ بِمَكَّةَ فَصَامَ وَقَامَ مِنْهُ مَا تَيَسَّرَ لَهُ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مِائَةَ أَلْفِ شَهْرِ رَمَضَانَ فِيمَا سِوَاهَا وَكَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ عِتْقَ رَقَبَةٍ وَكُلِّ لَيْلَةٍ عِتْقَ رَقَبَةٍ وَكُلِّ يَوْمٍ حُمْلَانَ فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَفِي كُلِّ يَوْمٍ حَسَنَةً وَفِي كُلِّ لَيْلَةٍ حَسَنَةً»

[باب الطواف في مطر]

[باب الطَّوَافِ فِي مَطَرٍ] 3118 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَجْلَانَ قَالَ طُفْنَا مَعَ أَبِي عِقَالٍ فِي مَطَرٍ فَلَمَّا قَضَيْنَا طَوَافَنَا أَتَيْنَا خَلْفَ الْمَقَامِ فَقَالَ «طُفْتُ مَعَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِي مَطَرٍ فَلَمَّا قَضَيْنَا الطَّوَافَ أَتَيْنَا الْمَقَامَ فَصَلَّيْنَا رَكْعَتَيْنِ فَقَالَ لَنَا أَنَسٌ ائْتَنِفُوا الْعَمَلَ فَقَدْ غُفِرَ لَكُمْ هَكَذَا قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطُفْنَا مَعَهُ فِي مَطَرٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ائْتَنِفُوا الْعَمَلَ) أَيِ: اسْتَأْنِفُوا، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ دَاوُدُ بْنُ عَجْلَانَ ضَعَّفَهُ

ابْنُ مَعِينٍ وَأَبُو دَاوُدَ وَالْحَاكِمُ وَالنَّقَّاشُ وَقَالَ رَوَى عَنْ أَبِي عِقَالٍ أَحَادِيثَ مَوْضُوعَةً وَشَيْخُهُ أَبُو عِقَالٍ اسْمُهُ هِلَالُ بْنُ زَيْدٍ ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَالْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ عَدِيٍّ وَابْنُ حِبَّانَ وَقَالَ: يَرْوِي عَنْ أَنَسٍ أَشْيَاءَ مَوْضُوعَةً مَا حَدَّثَ بِهَا أَنَسٌ قَطُّ لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ بِحَالٍ.

[باب الحج ماشيا]

[باب الْحَجُّ مَاشِيًا] 3119 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ حَفْصٍ الْأُبُلِّيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ حَبِيبٍ الزَّيَّاتِ عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ «حَجَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ مُشَاةً مِنْ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ وَقَالَ ارْبُطُوا أَوْسَاطَكُمْ بِأُزُرِكُمْ وَمَشَى خِلْطَ الْهَرْوَلَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مُشَاةٌ) هَذَا إِنْ صَحَّ يَنْبَغِي أَنْ يُرْفَعَ مُشَاةٌ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ لِقَوْلِهِ فَأَصْحَابُهُ، أَوْ يُنْصَبَ عَلَى أَنَّهُ حَالٌ عَنْهُمْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ بَعْضُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ، وَإِلَّا فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَثِيرًا مِنَ الصَّحَابَةِ كَانُوا رَاكِبِينَ. وَقَالَ، أَيْ: لِلْمُشَاةِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَشَى، أَيْ: أَمَرَهُمْ بِهَذَا الْمَشْيِ، أَوْ مَشَى لَهُمْ لِيَبَرَّهُمْ بِذَلِكَ وَخِلْطَ الْهَرْوَلَةِ بِالْكَسْرِ، أَيْ: شَيْئًا مَخْلُوطًا بِالْهَرْوَلَةِ بِأَنْ يَمْشِيَ حِينًا وَيُهَرْوِلَ حِينًا، أَوْ مُعْتَدِلًا، وَفِي الزَّوَائِدِ: هَذَا إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ حِمْرَانَ بْنَ أَعْيَنَ الْكُوفِيَّ قَالَ فِيهِ ابْنُ مَعِينٍ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ رَافِضِيٌّ وَقَالَ النَّسَائِيُّ لَيْسَ ثِقَةً وَيَحْيَى بْنُ يَمَانٍ الْعِجْلِيُّ وَإِنْ رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ فَقَدِ اخْتَلَطَ بِآخِرِهِ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ حَالُ مَنْ رَوَى عَنْهُ هُوَ قَبْلَ الِاخْتِلَاطِ، أَوْ بَعْدَهُ فَاسْتَحَقَّ التَّرْكَ اهـ. وَقَالَ الدَّمِيرِيُّ: انْفَرَدَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ ضَعِيفٌ مُنْكَرٌ مَرْدُودٌ بِالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابَهُ لَمْ يَكُونُوا مُشَاةً مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ. قُلْتُ: قَدْ عَرَفْتَ بِمَا ذَكَرْنَا التَّوْفِيقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

[كتاب الأضاحي]

[كِتَاب الْأَضَاحِيِّ] [بَاب أَضَاحِيِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَاب الْأَضَاحِيِّ بَاب أَضَاحِيِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 3120 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنِي أَبِي ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ وَيُسَمِّي وَيُكَبِّرُ وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَذْبَحُ بِيَدِهِ وَاضِعًا قَدَمَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ فِيهَا أَرْبَعُ لُغَاتٍ أُضْحِيَّةٌ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا وَجَمْعُهَا الْأَضَاحِيُّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَتَخْفِيفِهَا وَاللُّغَةُ الثَّانِيَةُ ضَحِيَّةٌ وَجَمْعُهَا ضَحَايَا كَعَطِيَّةٍ وَعَطَايَا وَالرَّابِعَةُ أَضْحَاةٌ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْجَمْعُ أَضْحَى كَأَرْطَاةٍ وَأَرْطَى وَبِهَا سُمِّيَ يَوْمُ الْأَضْحَى. قَوْلُهُ: (أَمْلَحَيْنِ) قَالَ الْعِرَاقِيُّ فِي الْأَمْلَحِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ أَصَحُّهَا أَنَّهُ الَّذِي فِيهِ بَيَاضٌ وَسَوَادٌ وَبَيَاضُهُ أَكْثَرُ، وَقِيلَ: هُوَ الْأَبْيَضُ الْخَالِصُ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي فِيهِ بَيَاضٌ وَسَوَادٌ، وَقِيلَ: هُوَ الْأَسْوَدُ يَعْلُوهُ حُمْرَةٌ اهـ. قُلْتُ: وَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ (أَقْرَنَيْنِ) الْأَقْرَنُ هُوَ الَّذِي لَهُ قَرْنَانِ مُعْتَدِلَانِ ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ

(صِفَاحُهُمَا) أَيْ: عَلَى صَفْحَةِ الْعُنُقِ مِنْهَا وَهِيَ جَانِبُهُ فَعَلَى ذَلِكَ يَكُونُ أَثْبَتَ وَأَمْكَنَ لِئَلَّا تَهْرُبَ الذَّبِيحَةُ.

3121 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي عَيَّاشٍ الزُّرَقِيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عِيدٍ بِكَبْشَيْنِ فَقَالَ حِينَ وَجَّهَهُمَا إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْله (عَن مُحَمَّد وَأُمَّتِه) أَي قَالَ فِي أَحَدُهمَا عَنْ مُحَمَّد وَفِي الأَخَر عَنْ أُمْتَه كَمَا سَيَجِيء.

3122 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ اشْتَرَى كَبْشَيْنِ عَظِيمَيْنِ سَمِينَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ فَذَبَحَ أَحَدَهُمَا عَنْ أُمَّتِهِ لِمَنْ شَهِدَ لِلَّهِ بِالتَّوْحِيدِ وَشَهِدَ لَهُ بِالْبَلَاغِ وَذَبَحَ الْآخَرَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَعَنْ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَوْجُوءَيْنِ) تَثْنِيَةُ مَوْجُوءٍ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ وَجَأَ مَهْمُوزُ اللَّامِ وَرُوِيَ بِالْإِثْبَاتِ لِلْهَمْزَةِ وَقَلْبِهَا يَاءً، ثُمَّ قَلْبِ الْوَاوِ يَاءً وَإِدْغَامِهَا فِيهَا كَرَمْيٍّ، أَيْ: مَنْزُوعَتَيْنِ قَدْ نُزِعَ عِرْقُ الْأُنْثَيَيْنِ مِنْهُمَا وَذَلِكَ أَسْمَنُ لَهُمَا (عَنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ) اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ يَقُولُ الشَّاةُ الْوَاحِدَةُ تَكْفِي لِأَهْلِ الْبَيْتِ فِي أَدَاءِ السُّنَّةِ وَمَنْ لَا يَقُولُ بِهِ يَحْمِلُ الْحَدِيثَ عَلَى الِاشْتِرَاكِ فِي الثَّوَابِ كَيْفَ وَقَدْ ضَحَّى عَنْ تَمَامِ الْأُمَّةِ بِالشَّاةِ الْوَاحِدَةِ وَهِيَ لَا تَكْفِي عَنْ أَهْلِ الْبُيُوتِ الْمُتَعَدِّدَةِ بِالِاتِّفَاقِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.

[باب الأضاحي واجبة هي أم لا]

[باب الْأَضَاحِيِّ وَاجِبَةٌ هِيَ أَمْ لَا] 3123 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ وَلَمْ يُضَحِّ فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (سَعَةٌ) أَيْ: فِي الْمَآلِ وَالْحَالِ، قِيلَ: هِيَ أَنْ يَكُونَ صَاحِبَ نِصَابِ الزَّكَاةِ، «فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا،» لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ صِحَّةَ الصَّلَاةِ تَتَوَقَّفُ عَلَى الْأُضْحِيَّةِ، بَلْ هُوَ عُقُوبَةٌ لَهُ بِالطَّرْدِ عَنْ مَجَالِسِ الْأَخْيَارِ، وَهَذَا يُفِيدُ الْوُجُوبَ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشٍ وَهُوَ وَإِنْ رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ فَإِنَّمَا أَخْرَجَ لَهُ فِي الْمُتَابَعَاتِ وَالشَّوَاهِدِ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ وَقَالَ

ابْنُ يُونُسَ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ.

3124 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ «سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنْ الضَّحَايَا أَوَاجِبَةٌ هِيَ قَالَ ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمُونَ مِنْ بَعْدِهِ وَجَرَتْ بِهِ السُّنَّةُ» حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ حَدَّثَنَا جَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَالَ ضَحَّى. . . إِلَخْ) كَأَنَّهُ أَفَادَ أَنَّهُ مَا جَاءَ فِيهَا الْوُجُوبُ صَرِيحًا لَكِنَّهَا طَرِيقَةٌ مَسْلُوكَةٌ فِي الدِّينِ فَلَا يَنْبَغِي تَرْكُهَا.

3125 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو رَمْلَةَ عَنْ مِخْنَفِ بْنِ سُلَيْمٍ قَالَ «كُنَّا وَقُوفًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَةَ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ عَلَى كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ فِي كُلِّ عَامٍ أُضْحِيَّةً وَعَتِيرَةً أَتَدْرُونَ مَا الْعَتِيرَةُ هِيَ الَّتِي يُسَمِّيهَا النَّاسُ الرَّجَبِيَّةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنَّ عَلَى كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ) مُقْتَضَاهُ أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ الْوَاحِدَةَ تَكْفِي عَنْ تَمَامِ أَهْلِ الْبَيْتِ وَيُوَافِقُهُ مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ كَانَ الرَّجُلُ يُضَحِّي بِالشَّاةِ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ فَيَأْكُلُونَ وَيُطْعِمُونَ حَتَّى تَبَاهَى النَّاسُ فَصَارَتْ كَمَا تَرَى، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، قَالَ: وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ، وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: لَا تُجْزِئُ الشَّاةُ الْوَاحِدَةُ إِلَّا عَنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي شَرْحِهِ فِي قَوْلِهِ الثَّانِي: الْآثَارُ الصِّحَاحُ تَرُدُّ عَلَيْهِ.

[باب ثواب الأضحية]

[باب ثَوَابِ الْأُضْحِيَّةِ] 3126 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ نَافِعٍ حَدَّثَنِي أَبُو الْمُثَنَّى عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا عَمِلَ ابْنُ آدَمَ يَوْمَ النَّحْرِ عَمَلًا أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ هِرَاقَةِ دَمٍ وَإِنَّهُ لَيَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَظْلَافِهَا وَأَشْعَارِهَا وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هِرَاقَةِ دَمٍ) قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: لِأَنَّ قُرْبَةَ كُلِّ وَقْتٍ أَخَصُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهَا وَأَوْلَى وَلِأَجْلِ ذَلِكَ أُضِيفَ إِلَيْهِ، أَيْ: فَيُقَالُ يَوْمُ النَّحْرِ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ فَرْضِ الْأَعْيَانِ كَالصَّلَاةِ وَالْهِرَاقَةُ أَصْلُهُ الْإِرَاقَةُ وَالْهَاءُ بَدَلٌ مِنَ الْهَمْزَةِ كَمَا أَنَّ الْهَمْزَةَ أُبْدِلَتْ مِنْهَا فِي الْمَاءِ وَالْآلِ بِدَلِيلِ الْمِيَاهِ وَالْأُهَيْلِ (وَإِنَّهُ) أَيِ: الشَّأْنُ (يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا) قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ يُرِيدُ أَنَّهَا تَأْتِي بِذَلِكَ فَتُوضَعُ فِي مِيزَانِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ (بِمَكَانٍ) يُرِيدُ الْقَبُولَ قَالَ الْعِرَاقِيُّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ: أَرَادَ أَنَّ الدَّمَ وَإِنْ شَاهَدَهُ الْحَاضِرُونَ يَقَعُ عَلَى الْأَرْضِ فَيَذْهَبُ وَلَا يُنْتَفَعُ بِهِ فَإِنَّهُ مَحْفُوظٌ عِنْدَ اللَّهِ لَا يَضِيعُ كَمَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ «الدَّمَ وَإِنْ وَقَعَ فِي التُّرَابِ فَإِنَّمَا يَقَعُ فِي حِرْزِ اللَّهِ بِرُمَّتِهِ يُوَافِيهِ صَاحِبُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ،» رَوَاهُ أَبُو الشَّيْخِ ابْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ

(فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا) نَصَبَ نَفْسًا عَلَى التَّمْيِيزِ وَجَعْلُهُ مِنْ طَيِّبَ وَنَصْبٌ نَفْسًا عَلَى الْمَفْعُولِ بَعِيدٌ قَالَ الْعِرَاقِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ مُدْرَجَةٌ مِنْ قَوْلِ عَائِشَةَ وَلَيْسَتْ مَرْفُوعَةً إِلَّا فِي رِوَايَةِ أَبِي الشَّيْخِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: " «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، ضَحُّوا وَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: مَا مِنْ عَبْدٍ يُوَجِّهُ أُضْحِيَّتَهُ» " الْحَدِيثَ.

3127 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْعَسْقَلَانِيُّ حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ مِسْكِينٍ حَدَّثَنَا عَائِذُ اللَّهِ عَنْ أَبِي دَاوُدَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ «قَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذِهِ الْأَضَاحِيُّ قَالَ سُنَّةُ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ قَالُوا فَمَا لَنَا فِيهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ بِكُلِّ شَعَرَةٍ حَسَنَةٌ قَالُوا فَالصُّوفُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ بِكُلِّ شَعَرَةٍ مِنْ الصُّوفِ حَسَنَةٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (سُنَّةُ أَبِيكُمْ) لَا يَلْزَمُ عَدَمُ الْوُجُوبِ (بِكُلِّ شَعْرَةٍ) أَيْ: فَضْلًا عَنِ اللَّحْمِ وَالشَّحْمِ وَالْجِلْدِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ أَبُو دَاوُدَ وَاسْمُهُ نُفَيْعُ بْنُ الْحَارِثِ وَهُوَ مَتْرُوكٌ وَاتُّهِمَ بِوَضْعِ الْحَدِيثِ.

[باب ما يستحب من الأضاحي]

[باب مَا يُسْتَحَبُّ مِنْ الْأَضَاحِيِّ] 3128 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ «ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ فَحِيلٍ يَأْكُلُ فِي سَوَادٍ وَيَمْشِي فِي سَوَادٍ وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَقْرَنَ) أَيْ: ذِي قَرْنَيْنِ فَحِيلٍ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ: كَامِلِ الْخِلْقَةِ لَمْ يُقْطَعْ أُنْثَيَاهُ، وَلَا اخْتِلَافَ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَالَّتِي جَاءَ فِيهَا انْزِعْهُمَا - لِحَمْلِهِمَا عَلَى حَالَيْنِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا فِيهِ صِفَةٌ مَرْغُوبَةٌ فَإِمَّا قُطِعَ مِنْهُ أُنْثَيَاهُ يَكُونُ أَسْمَنَ وَأَطْيَبَ لَحْمًا وَالْفَحِيلُ أَتَمُّ خِلْقَةً يَأْكُلُ فِي سَوَادٍ أَيْ: فِي بَطْنِهِ سَوَادٌ وَيَمْشِي فِي سَوَادٍ أَيْ: فِي رِجْلَيْهِ سَوَادٌ وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ أَيْ: مَكْحُولٌ فِي عَيْنَيْهِ سَوَادٌ وَبَاقِيهِ سُودٌ وَهُوَ أَجْمَلُ.

3129 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مَيْسَرَةَ بْنِ حَلْبَسٍ قَالَ «خَرَجْتُ مَعَ أَبِي سَعِيدٍ الزُّرَقِيِّ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى شِرَاءِ الضَّحَايَا قَالَ يُونُسُ فَأَشَارَ أَبُو سَعِيدٍ إِلَى كَبْشٍ أَدْغَمَ لَيْسَ بِالْمُرْتَفِعِ وَلَا الْمُتَّضِعِ فِي جِسْمِهِ فَقَالَ لِي اشْتَرِ لِي هَذَا كَأَنَّهُ شَبَّهَهُ بِكَبْشِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَدْغَمُ) قَالَ السُّيُوطِيُّ: بِدَالٍ مُهْمَلَةٍ وَعَيْنٍ مُعْجَمَةٍ هُوَ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ أَدْنَى سَوَادٍ خُصُوصًا إِلَى أُذُنَيْهِ وَتَحْتَ حَنَكِهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.

3130 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عُثْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَائِذٍ أَنَّهُ سَمِعَ سُلَيْمَ بْنَ عَامِرٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَيْرُ الْكَفَنِ الْحُلَّةُ وَخَيْرُ الضَّحَايَا الْكَبْشُ الْأَقْرَنُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (خَيْرُ الْكَفَنِ الْحُلَّةُ)

هِيَ بُرُودُ الْيَمَنِ لَا تُسَمَّى حُلَّةً إِلَّا أَنْ تَكُونَ ثَوْبَيْنِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا مِنْ خَيْرِ الْكَفَنِ وَالْمَطْلُوبُ بَيَانُ دِقَّتِهَا فِي التَّكْفِينِ.

[باب عن كم تجزئ البدنة والبقرة]

[باب عَنْ كَمْ تُجْزِئُ الْبَدَنَةُ وَالْبَقَرَةُ] 3131 - حَدَّثَنَا هَدِيَّةُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ أَنْبَأَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى أَنْبَأَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ عَنْ عِلْبَاءَ بْنِ أَحْمَرَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَحَضَرَ الْأَضْحَى فَاشْتَرَكْنَا فِي الْجَزُورِ عَنْ عَشَرَةٍ وَالْبَقَرَةِ عَنْ سَبْعَةٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَاشْتَرَكْنَا) دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الشَّرِكَةِ فِي الْأُضْحِيَّةِ وَبِهِ يَقُولُ الْجُمْهُورُ خِلَافًا لِمَالِكٍ (عَنْ عَشَرَةٍ) قَالَ الْمَظْهَرِيُّ فِي الْمَصَابِيحِ عَمِلَ بِهَذَا الْحَدِيثِ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنَّهُ مَنْسُوخٌ. قُلْتُ: وَالْجُمْهُورُ أَخَذُوا بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ.

3132 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «نَحَرْنَا بِالْحُدَيْبِيَةِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْبَدَنَةَ) بِفَتْحَتَيْنِ دَلِيلٌ عَلَى خُصُوصِ الْبَدَنَةِ بِالْإِبِلِ وَعَدَمِ شُمُولِهَا لِلْبَقَرِ.

3133 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «ذَبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّنْ اعْتَمَرَ مِنْ نِسَائِهِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بَقَرَةً بَيْنَهُنَّ»

3134 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ أَبِي حَاضِرٍ الْأَزْدِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَلَّتْ الْإِبِلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَنْحَرُوا الْبَقَرَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قُلْتُ: الْإِبِلُ) مِنَ الْقِلَّةِ ضِدُّ الْكَثْرَةِ، وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْبَقَرَ يُنْحَرُ كَالْإِبِلِ وَلَا يُذْبَحُ كَالْغَنَمِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَأَبُو حَاضِرٍ اسْمُهُ عُثْمَانُ بْنُ حِصْنٍ.

3135 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ الْمِصْرِيُّ أَبُو طَاهِرٍ أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنْبَأَنَا يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحَرَ عَنْ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بَقَرَةً وَاحِدَةً»

[باب كم تجزئ من الغنم عن البدنة]

[باب كَمْ تُجْزِئُ مِنْ الْغَنَمِ عَنْ الْبَدَنَةِ] 3136 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ قَالَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ إِنَّ عَلَيَّ بَدَنَةً وَأَنَا مُوسِرٌ بِهَا وَلَا أَجِدُهَا فَأَشْتَرِيَهَا فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبْتَاعَ سَبْعَ شِيَاهٍ فَيَذْبَحَهُنَّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَأَنَا مُوسِرٌ بِهَا) أَيْ: أَنَا مِنْ جِهَةِ الْمَالِ قَادِرٌ عَلَى ثَمَنِهَا إِنْ وَجَدْتُهَا فَأَشْتَرِيَهَا بِالنَّصْبِ جَوَابُ النَّفْيِ أَنْ يَبْتَاعَ أَيْ: يَشْتَرِي، وَفِي الزَّوَائِدِ: رِجَالُ الْإِسْنَادِ رِجَالُ الصَّحِيحِ إِلَّا أَنَّ عَطَاءَ الْخُرَاسَانِيَّ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَلَكِنْ قَالَ شَيْخُنَا أَبُو زُرْعَةَ رِوَايَتُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، أَيْ: فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى السَّمَاعِ

وَقَالَ وَابْنُ جُرَيْجٍ مُدَلِّسٌ وَقَدْ رَوَاهُ بِالْعَنْعَنَةِ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ: ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ ضَعِيفٌ، إِنَّمَا هُوَ كِتَابٌ دَوَّنَهُ إِلَيْهِ.

3137 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ وَعَبْدُ الرَّحِيمِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ وَحَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ مِنْ تِهَامَةَ فَأَصَبْنَا إِبِلًا وَغَنَمًا فَعَجِلَ الْقَوْمُ فَأَغْلَيْنَا الْقُدُورَ قَبْلَ أَنْ تُقْسَمَ فَأَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ بِهَا فَأُكْفِئَتْ ثُمَّ عَدَلَ الْجَزُورَ بِعَشَرَةٍ مِنْ الْغَنَمِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَنَحْنُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ) قَالُوا هَذَا مَكَانٌ مِنْ تِهَامَةِ الْيَمَنِ وَلَيْسَ هُوَ الْمِيقَاتَ الْمَشْهُورَ (فَأُكْفِئَتْ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْفَاءِ، أَيْ: قُلِبَتْ وَأُرِيقَ مَا فِيهَا (ثُمَّ عَدَلَ) أَيْ: قَسَمَ بَيْنَهُمْ لِمَا رَأَى مِنْ حَاجَتِهِمْ إِلَى ذَلِكَ فَجَعَلَ الْجَزُورَ فِي الْقِسْمَةِ فِي مُقَابَلَةِ (عَشَرَةٍ مِنَ الْغَنَمِ) قِيلَ: أَمَرَهُمْ بِإِرَاقَةِ الْقِدْرِ لِأَنَّهُمْ قَدِ انْتَهَوْا إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَالْأَكْلُ مِنَ الْغَنِيمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ، إِنَّمَا يَجُوزُ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَقِيلَ: لَمَّا تَقَدَّمُوا عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي السَّيْرِ فَأَمَرَهُمْ بِذَلِكَ عُقُوبَةً كَمَا يُعَاقَبُ الْقَاتِلُ بِحِرْمَانِ الْمِيرَاثِ لِاسْتِعْجَالِهِ قَبْلَ أَوَانِهِ وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَالْمَأْمُورُ بِهِ إِرَاقَةُ الْمَرَقِ لَا إِضَاعَةُ اللَّحْمِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ اللَّحْمَ نُقِلَ إِلَى الْغَنِيمَةِ وَقُسِّمَ مَعَهَا.

[باب ما تجزئ من الأضاحي]

[باب مَا تُجْزِئُ مِنْ الْأَضَاحِيِّ] 3138 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهُ غَنَمًا فَقَسَمَهَا عَلَى أَصْحَابِهِ ضَحَايَا فَبَقِيَ عَتُودٌ فَذَكَرَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ضَحِّ بِهِ أَنْتَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَبَقِيَ عَتُودٌ) بِفَتْحٍ فَضَمٍّ هُوَ الَّذِي قَوِيَ عَلَى الرَّعْيِ وَاسْتَقَلَّ بِنَفْسِهِ عَنِ الْأُمِّ، قِيلَ: هَذَا مَخْصُوصٌ بِعُقْبَةَ وَقَدْ جَاءَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ.

3139 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَحْيَى مَوْلَى الْأَسْلَمِيِّينَ عَنْ أُمِّهِ قَالَتْ حَدَّثَتْنِي أُمُّ بِلَالٍ بِنْتُ هِلَالٍ عَنْ أَبِيهَا «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَجُوزُ الْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ أُضْحِيَّةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَجُوزُ الْجَذَعُ) بِفَتْحَتَيْنِ مَا تَمَّ لَهُ سَنَةٌ مِنَ الضَّأْنِ، وَقِيلَ: دُونَ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: (مِنَ الضَّأْنِ) أَيْ: لَا مِنَ الْمَعَزِ، وَالْحَدِيثُ مِنَ الزَّوَائِدِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ فِي الزَّوَائِدِ لِإِسْنَادِهِ، وَقَالَ

الدَّمِيرِيُّ: قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: إِنَّهُ حَدِيثٌ سَاقِطٌ لِجَهَالَةِ أُمِّ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى وَأُمُّ بِلَالٍ أَيْضًا مَجْهُولَةٌ لَا يُدْرَى أَنَّهَا صَحَابِيَّةٌ أَمْ لَا كَذَا قَالَ فَأَصَابَ فِي الْأَوَّلِ وَأَخْطَأَ فِي الثَّانِي فَقَدْ ذَكَرَ أُمَّ بِلَالٍ فِي الصَّحَابَةِ ابْنُ مَنْدَهْ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ: إِنَّهَا لَا تُعْرَفُ وَوَثَّقَهَا الْعِجْلِيُّ اهـ. وَأَفَادَ فِي الزَّوَائِدِ: أَنَّ أَصْلَ الْحَدِيثِ مَوْجُودٌ فِي أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ بِإِسْنَادٍ صَحَّحَهُ.

3140 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «كُنَّا مَعَ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَالُ لَهُ مُجَاشِعٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ فَعَزَّتْ الْغَنَمُ فَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ إِنَّ الْجَذَعَ يُوفِي مِمَّا تُوفِي مِنْهُ الثَّنِيَّةُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يُوفِي) أَيْ: يُجْزِئُ وَتَكْفِي الثَّنِيَّةُ، أَيِ: الْمُسِنَّةُ وَهِيَ الَّتِي بَلَغَتْ سَنَتَيْنِ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُسَافِرَ يُضَحِّي كَالْمُقِيمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

3141 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ حَيَّانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنْبَأَنَا زُهَيْرٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَذْبَحُوا إِلَّا مُسِنَّةً إِلَّا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنْ الضَّأْنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِلَّا أَنْ يُعْسِرَ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ جَوَازَ الْجَذَعِ، إِنَّمَا هُوَ عِنْدَ الضَّرُورَةِ.

[باب ما يكره أن يضحى به]

[باب مَا يُكْرَهُ أَنْ يُضَحَّى بِهِ] 3142 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ شُرَيْحِ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُضَحَّى بِمُقَابَلَةٍ أَوْ مُدَابَرَةٍ أَوْ شَرْقَاءَ أَوْ خَرْقَاءَ أَوْ جَدْعَاءَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنْ يُضَحِّيَ) بِتَشْدِيدِ الْحَاءِ (بِمُقَابَلَةٍ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَذَا (مُدَابَرَةٍ) الْأُولَى هِيَ الَّتِي قُطِعَ مُقَدَّمُ أُذُنِهَا وَالثَّانِيَةُ هِيَ الَّتِي قُطِعَ مُؤَخَّرُ أُذُنِهَا (وَالشَّرْقَاءُ) مَشْقُوقَةُ الْأُذُنِ نِصْفَيْنِ (وَالْخَرْقَاءُ) الَّتِي فِي أُذُنِهَا ثَقْبٌ مُسْتَدِيرٌ (وَالْجَدْعَاءُ) مِنَ الْجَدْعِ وَهُوَ قَطْعُ الْأَنْفِ وَالْأُذُنِ وَالشَّفَةِ وَهِيَ بِالْأَنْفِ أَخَصُّ فَإِذَا أُطْلِقَ غَلَبَ عَلَيْهِ.

3143 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ حُجَيَّةَ بْنِ عَدِيٍّ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَسْتَشْرِفَ الْعَيْنَ وَالْأُذُنَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنَّ نَسْتَشْرِفَ الْعَيْنَ وَالْأُذُنَ) أَيْ: نَبْحَثَ عَنْهُمَا وَنَتَأَمَّلَ فِي حَالِهِمَا يَكُونُ فِيهِمَا عَيْبٌ قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةِ التِّرْمِذِيِّ: اخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ هَلْ هُوَ مِنَ التَّأَمُّلِ وَالنَّظَرِ مِنْ قَوْلِهِمُ اسْتَشْرَفَ إِذَا نَظَرَ مِنْ مَكَانٍ مُرْتَفِعٍ فَإِنَّهُ أَمْكَنُ فِي النَّظَرِ وَالتَّأَمُّلِ وَهُوَ لِمُجَرَّدِ الْأَشْرَفِ بِأَنْ لَا يَكُونَ

فِي عَيْنِهِ، أَوْ أُذُنِهِ نَقْصٌ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ كِبَرُ الْعُضْوِ مِنَ الْمَذْكُورِينَ؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ أَصِيلًا فِي جِنْسِهِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ أُذُنٌ شَرْقَاءُ، أَيْ: طَوِيلَةٌ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ.

3144 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ أَبِي عَدِيٍّ وَأَبُو الْوَلِيدِ قَالُوا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ فَيْرُوزَ قَالَ «قُلْتُ لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ حَدِّثْنِي بِمَا كَرِهَ أَوْ نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْأَضَاحِيِّ فَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَكَذَا بِيَدِهِ وَيَدِي أَقْصَرُ مِنْ يَدِهِ أَرْبَعٌ لَا تُجْزِئُ فِي الْأَضَاحِيِّ الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلْعُهَا وَالْكَسِيرَةُ الَّتِي لَا تُنْقِي» قَالَ فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَكُونَ نَقْصٌ فِي الْأُذُنِ قَالَ فَمَا كَرِهْتَ مِنْهُ فَدَعْهُ وَلَا تُحَرِّمْهُ عَلَى أَحَدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْعَوْرَاءُ) بِالْمَدِّ تَأْنِيثُ الْأَعْوَرِ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا بِفَتْحَتَيْنِ ذَهَابُ بَصَرِ إِحْدَى الْعَيْنَيْنِ، أَيِ: الْعَوْرَاءُ يَكُونُ عَوَرُهَا ظَاهِرًا بَيِّنًا وَفِيهِ أَنَّ الْعَوَرَ إِذَا كَانَ خَفِيفًا لَا يَظْهَرُ، وَإِنَّمَا يَتَوَهَّمُهُ فَلَا حَاجَةَ إِلَى أَنْ تَعْرِفَهُ بِجِدٍّ وَتَكَلُّفٍ (ظَلْعُهَا) الْمَشْهُورُ عَلَى أَلْسِنَةِ أَهْلِ الْحَدِيثِ فَتْحُ الظَّاءِ وَاللَّامِ وَضَبْطُ أَهْلِ اللُّغَةِ بِفَتْحِ الظَّاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَهُوَ الْعَرَجُ. قُلْتُ: كَأَنَّ أَهْلَ الْحَدِيثِ رَاعَوْا مُشَاكَلَةَ الْعَوَرِ وَالْمَرَضِ قَوْلُهُ: (وَالْكَسِيرَةُ) فُسِّرَ بِالْمُنْكَسِرِ، أَيِ: الرِّجْلُ الَّتِي لَا تَقْدِرُ عَلَى الْمَشْيِ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ بَدَلُهَا الْعَجْفَاءُ وَهِيَ الْمَهْزُولَةُ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ أَظْهَرُ مَعْنًى (لَا تُنْقِي) مِنْ أَنْقَى إِذَا صَارَ ذَا نِقْيٍ، أَيْ: ذَا مُخٍّ فَالْمَعْنَى الَّتِي مَا بَقِيَ لَهَا مُخٌّ مِنْ غَايَةِ الْعَجَفِ.

3145 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ سَمِعَ جُرَيَّ بْنَ كُلَيْبٍ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيًّا يُحَدِّثُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُضَحَّى بِأَعْضَبِ الْقَرْنِ وَالْأُذُنِ»

[باب من اشترى أضحية صحيحة فأصابها عنده شيء]

[باب مَنْ اشْتَرَى أُضْحِيَّةً صَحِيحَةً فَأَصَابَهَا عِنْدَهُ شَيْءٌ] 3146 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَبُو بَكْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ الثَّوْرِيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَرَظَةَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «ابْتَعْنَا كَبْشًا نُضَحِّي بِهِ فَأَصَابَ الذِّئْبُ مِنْ أَلْيَتِهِ أَوْ أُذُنِهِ فَسَأَلْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَنَا أَنْ نُضَحِّيَ بِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَأَصَابَ الذِّئْبُ) هُوَ الْحَيَوَانُ الْمَشْهُورُ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ قَدِ اتُّهِمَ وَقَالَ الدَّمِيرِيُّ قَالَ: قَالَ ابْنُ حَزْمٍ هُوَ أَثَرٌ رَوَى فِيهِ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ وَهُوَ كَذَّابٌ.

[باب من ضحى بشاة عن أهله]

[باب مَنْ ضَحَّى بِشَاةٍ عَنْ أَهْلِهِ] 3147 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ حَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيَّادٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ «سَأَلْتُ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ كَيْفَ كَانَتْ الضَّحَايَا فِيكُمْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَ الرَّجُلُ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُضَحِّي بِالشَّاةِ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ فَيَأْكُلُونَ وَيُطْعِمُونَ ثُمَّ تَبَاهَى النَّاسُ فَصَارَ كَمَا تَرَى» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَصَارَ) أَيِ: الْأَمْرُ كَمَا تَرَى أَنْ يُكْثِرْنَ الضَّحَايَا وَيَفْتَخِرْنَ بِهَا وَقَدْ سَبَقَ تَحْقِيقُ فِقْهِهِ.

3148 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَمُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ جَمِيعًا عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ بَيَانٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَبِي سَرِيحَةَ قَالَ حَمَلَنِي أَهْلِي عَلَى الْجَفَاءِ بَعْدَ مَا عَلِمْتُ مِنْ السُّنَّةِ كَانَ أَهْلُ الْبَيْتِ يُضَحُّونَ بِالشَّاةِ وَالشَّاتَيْنِ وَالْآنَ يُبَخِّلُنَا جِيرَانُنَا ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يُبَخِّلُنَا) مِنَ التَّبْخِيلِ، أَيْ: يَنْسُبُونَنَا إِلَى الْبُخْلِ وَالشُّحِّ إِنِ اكْتَفَيْنَا بِالْوَاحِدَةِ وَبِالِاثْنَيْنِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ مُوَثَّقُونَ.

[باب من أراد أن يضحي فلا يأخذ في العشر من شعره وأظفاره]

[باب مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَأْخُذْ فِي الْعَشْرِ مِنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ] 3149 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَمَّالُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَلَا بَشَرِهِ شَيْئًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَلَا يَمَسَّ) حَمَلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى الْفَرْضِيَّةِ، قِيلَ: لِيَبْقَى كَامِلَ الْأَجْزَاءِ لِلْعِتْقِ مِنَ النَّارِ، وَقِيلَ: لِلتَّشْبِيهِ بِالْمُحْرِمِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الضَّحِيَّةَ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ لِقَوْلِهِ «وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ» وَلَوْ كَانَتْ وَاجِبَةً أَشْبَهَ أَنْ يَقُولَ «فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعْرِهِ حَتَّى يُضَحِّيَ» . قُلْتُ: هَذَا لَوْ قُلْنَا بِالْوُجُوبِ عَلَى الْكُلِّ، وَأَمَّا إِذَا قُلْنَا بِالْوُجُوبِ عَلَى مَنْ يَمْلِكُ النِّصَابَ وَبِالنَّدْبِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ فَلَا دَلَالَةَ.

3150 - حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ بَكْرٍ الضَّبِّيُّ أَبُو عَمْرٍو حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيُّ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ وَيَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ قَالُوا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ رَأَى مِنْكُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ فَأَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَقْرَبَنَّ لَهُ شَعَرًا وَلَا ظُفْرًا»

[باب النهي عن ذبح الأضحية قبل الصلاة]

[باب النَّهْيِ عَنْ ذَبْحِ الْأُضْحِيَّةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ] 3151 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ رَجُلًا ذَبَحَ يَوْمَ النَّحْرِ يَعْنِي قَبْلَ الصَّلَاةِ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعِيدَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُعِيدَ) ظَاهِرُهُ وُجُوبُ الْأُضْحِيَّةِ وَمَنْ لَا يَقُولُ بِهِ يَحْمِلُهُ عَلَى أَنَّ

الْمَقْصُودَ بِالْبَيَانِ أَنَّ السُّنَّةَ لَا تَتَأَدَّى بِالْأُولَى، بَلْ تَحْتَاجُ إِلَى الثَّانِيَةِ فَالْمُرَادُ أَمَرَهُ لِتَحْصِيلِ سُنَّةِ الْأُضْحِيَّةِ إِنْ أَرَادَهَا.

3152 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الْأَسْوَدِ ابْنِ قَيْسٍ عَنْ جُنْدُبٍ الْبَجَلِيِّ «أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ شَهِدْتُ الْأَضْحَى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَبَحَ أُنَاسٌ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ ذَبَحَ مِنْكُمْ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَلْيُعِدْ أُضْحِيَّتَهُ وَمَنْ لَا فَلْيَذْبَحْ عَلَى اسْمِ اللَّهِ»

3153 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عُوَيْمِرِ بْنِ أَشْقَرَ «أَنَّهُ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَعِدْ أُضْحِيَّتَكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَعِدْ أُضْحِيَّتَكَ) ، فِي الزَّوَائِدِ: رِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ عَبَّادَ بْنَ تَمِيمٍ لَمْ يَسْمَعْ عُوَيْمِرَ بْنَ أَشْقَرَ قَالَهُ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ.

3154 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي زَيْدٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ غَيْرُ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ عَمْرِو بْنِ بُجْدَانَ عَنْ أَبِي زَيْدٍ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى أَبُو مُوسَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ بُجْدَانَ عَنْ أَبِي زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ «مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِدَارٍ مِنْ دُورِ الْأَنْصَارِ فَوَجَدَ رِيحَ قُتَارٍ فَقَالَ مَنْ هَذَا الَّذِي ذَبَحَ فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنَّا فَقَالَ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أُصَلِّيَ لِأُطْعِمَ أَهْلِي وَجِيرَانِي فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ فَقَالَ لَا وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ مَا عِنْدِي إِلَّا جَذَعٌ أَوْ حَمَلٌ مِنْ الضَّأْنِ قَالَ اذْبَحْهَا وَلَنْ تُجْزِئَ جَذَعَةٌ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (رِيحُ قُتَارِ) بِقَافٍ مَضْمُومَةٍ وَمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ مُخَفَّفَةٍ وَرَاءٍ مُهْمَلَةٍ، هُوَ رِيحُ الْقِدْرِ وَالشِّوَاءِ وَنَحْوِ هَذَا فَفِي الْقَامُوسِ قُتَارٌ كَهُمَامٍ رِيحُ الْبَخُورِ وَالشِّوَاءِ فَالْإِضَافَةُ مِنْ إِضَافَةِ الْعَامِ إِلَى الْخَاصِّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِالْقُتَارِ اللَّحْمُ مَجَازًا.

[باب من ذبح أضحيته بيده]

[باب مَنْ ذَبَحَ أُضْحِيَّتَهُ بِيَدِهِ] 3155 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ لَقَدْ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْبَحُ أُضْحِيَّتَهُ بِيَدِهِ وَاضِعًا قَدَمَهُ عَلَى صِفَاحِهَا»

3156 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعْدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ سَعْدٍ مُؤَذِّنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَبَحَ أُضْحِيَّتَهُ عِنْدَ طَرَفِ الزُّقَاقِ طَرِيقِ بَنِي زُرَيْقٍ بِيَدِهِ بِشَفْرَةٍ»

[باب جلود الأضاحي]

[باب جُلُودِ الْأَضَاحِيِّ] 3157 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيُّ أَنْبَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ أَنَّ مُجَاهِدًا أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ أَنْ يَقْسِمَ بُدْنَهُ كُلَّهَا لُحُومَهَا وَجُلُودَهَا وَجِلَالَهَا لِلْمَسَاكِينِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بُدْنَهُ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ، أَوْ بِضَمَّتَيْنِ، أَيْ:

فَيُقَاسُ الْأُضْحِيَّةُ عَلَى الْبَدَنَةِ.

[باب الأكل من لحوم الأضاحي]

[باب الْأَكْلِ مِنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ] 3158 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ مِنْ كُلِّ جَزُورٍ بِبَضْعَةٍ فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ فَأَكَلُوا مِنْ اللَّحْمِ وَحَسَوْا مِنْ الْمَرَقِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِبَضْعَةٍ) بِفَتْحِ الْبَاءِ، أَيْ: بِقِطْعَةٍ فَأَكَلُوا أَيْ: هُوَ وَمَنْ مَعَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحَسَوْا أَيْ شَرِبُوا، وَفِي الزَّوَائِدِ: رِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ.

[باب ادخار لحوم الضحايا]

[باب ادِّخَارِ لُحُومِ الضَّحَايَا] 3159 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «إِنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ لِجَهْدِ النَّاسِ ثُمَّ رَخَّصَ فِيهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لِجَهْدِ النَّاسِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَضَمِّهَا الْمَشَقَّةُ، أَيِ: الشِّدَّةُ فَأَرَادَ السَّعَةَ بِذَلِكَ.

3160 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ عَنْ نُبَيْشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَكُلُوا وَادَّخِرُوا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ) عَنِ ادِّخَارِهَا.

[باب الذبح بالمصلى]

[باب الذَّبْحِ بِالْمُصَلَّى] 3161 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَذْبَحُ بِالْمُصَلَّى»

[كتاب الذبائح]

[كِتَاب الذَّبَائِحِ] [بَاب الْعَقِيقَةِ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَاب الذَّبَائِحِ بَاب الْعَقِيقَةِ 3162 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سِبَاعِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أُمِّ كُرْزٍ قَالَتْ «سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَنْ الْغُلَامِ شَاتَانِ مُتَكَافِئَتَانِ وَعَنْ الْجَارِيَةِ شَاةٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْعَقِيقَةُ) قِيلَ: هِيَ فِي الْأَصْلِ الشَّعْرُ الَّذِي عَلَى رَأْسِ الْمَوْلُودِ، وَقِيلَ: هِيَ الذَّبْحُ نَفْسُهُ. قَوْلُهُ: (عَنِ الْغُلَامِ) أَيْ: يُجْزِئُ فِي عَقِيقَتِهِ (شَاتَانِ مُكَافَأَتَانِ) بِالْهَمْزِ، أَيْ: مُسَاوِيَتَانِ فِي السِّنِّ بِمَعْنَى أَنْ لَا يَنْزِلَ سِنُّهُمَا عَنْ سِنِّ أَدْنَى مَا يُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ، وَقِيلَ: مُسَاوِيَتَانِ، أَيْ: مُتَقَارِبَتَانِ وَهُوَ بِكَسْرِ الْفَاءِ مِنْ كَافَأَهُ إِذَا سَاوَاهُ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَالْمُحَدِّثُونَ يَفْتَحُونَ الْفَاءَ وَأَرَادَ أَنَّهُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُسَاوِيَ بَيْنَهُمَا، وَأَمَّا بِالْكَسْرِ فَلَا وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: لَا فَرْقَ بَيْنَ الْفَتْحِ وَالْكَسْرِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ إِذَا كَانَتْ أُخْتُهَا فَقَدْ كُوفِئَتْ فَهِيَ كَافِيَةٌ وَمُكَافَأَةٌ اهـ. حَاصِلُهُ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْفَتْحِ وَالْكَسْرِ اعْتِبَارُ

الْمُسَاوَاةِ بِالنَّظَرِ إِلَى ثَالِثٍ، فَعَلَى الْكَسْرِ هُمَا يُسَاوَيَانِ الثَّانِيَ وَعَلَى الْفَتْحِ يُسَاوِيهِمَا ثَالِثٌ كَمَا هُوَ شَأْنُ بَابِ الْمُفَاعَلَةِ فَإِنِ اكْتَفَى بِمُسَاوَاةِ إِحْدَيْهِمَا الْأُخْرَى فَيَصِحَّ الْفَتْحُ وَالْكَسْرُ جَمِيعًا فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ فَاعِلَةٌ لِهَذِهِ الْمُسَاوَاةِ وَمَفْعُولَةٌ، ثُمَّ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ يُحْتَمَلُ أَنَّ مَعْنَاهُ مُتَسَاوِيَتَانِ لِمَا يَجِبُ فِي الْأُضْحِيَّةِ فِي الْأَسْنَانِ وَيُحْتَمَلُ مَعَ الْفَتْحِ أَنْ يُرَادَ مَذْبُوحَتَانِ مِنْ كَافَأَ الرَّجُلُ بَيْنَ بَعِيرَيْنِ إِذَا نَحَرَ هَذَا ثُمَّ هَذَا مَعًا مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ كَأَنَّهُ يُرِيدُ شَاتَيْنِ يَذْبَحُهُمَا مَعًا.

3163 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَعُقَّ عَنْ الْغُلَامِ شَاتَيْنِ وَعَنْ الْجَارِيَةِ شَاةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَمَرَنَا) أَيْ: أَمْرُ نَدْبٍ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَأَمْرُ إِيجَابٍ عِنْدَ الظَّاهِرِيَّةِ أَنْ نَعُقَّ أَيْ: نَذْبَحَ.

3164 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنْ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ «أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ مَعَ الْغُلَامِ عَقِيقَةً فَأَهْرِيقُوا عَنْهُ دَمًا وَأَمِيطُوا عَنْهُ الْأَذَى» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنَّ مَعَ الْغُلَامِ عَقِيقَةً) الْمُرَادُ بِالْغُلَامِ الْمَوْلُودُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَقِيقَةِ هَاهُنَا الشَّعْرُ، أَيْ: يَنْبَغِي إِزَالَتُهُ مَعَ إِرَاقَةِ الدَّمِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي قَوْلِهِ: «وَأَمِيطُوا عَنْهُ الْأَذَى،» أَيْ: ذَلِكَ الشَّعْرَ بِحَلْقِ رَأْسِهِ، فَالْحَدِيثُ يُؤَيِّدُ قَوْلَ مَنْ قَالَ: الْعَقِيقَةُ اسْمٌ لِشَعْرِ الْمَوْلُودِ، وَلَعَلَّ مَنْ قَالَ إِنَّهَا اسْمٌ لِنَفْسِ الذَّبْحِ يَقُولُ لَمَّا كَانَ وُجُودُ الْغُلَامِ سَبَبًا لِنَدْبِ الذَّبْحِ صَارَ كَأَنَّ الذَّبْحَ مَعَهُ وَهُوَ يَسْتَصْحِبُهُ.

3165 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَقَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كُلُّ غُلَامٍ مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ السَّابِعِ وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ وَيُسَمَّى» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كُلُّ غُلَامٍ) أَيْ: مَوْلُودٌ ذَكَرًا كَانَ، أَوْ أُنْثَى مُرْتَهَنٌ بِفَتْحِ الْهَاءِ قِيلَ: أَيْ: مَمْنُوعٌ مِنَ الشَّفَاعَةِ فِي حَقِّ الْوَالِدَيْنِ فَإِذَا لَمْ يُعَقَّ عَنْهُ فَمَاتَ طِفْلًا لَمْ يَشْفَعْ فِي وَالِدَيْهِ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ الْعَقِيقَةُ لَازِمَةٌ لَهُ لَا بُدَّ مِنْهَا، فَكَأَنَّهُ كَالْمُرْتَهَنِ فِي يَدَيِ الْمُرْتَهِنِ فِي عَدَمِ انْفِكَاكِهِ مِنْ يَدِهِ إِلَّا بِالدَّيْنِ، وَقِيلَ: هُوَ كَالشَّيْءِ الْمَرْهُونِ لَا يَتِمُّ الِانْتِفَاعُ بِدُونِ فَكِّهِ، وَالنِّعْمَةُ إِنَّمَا تَتِمُّ عَلَى الْمُنْعَمِ عَلَيْهِ بِقِيَامِهِ بِالشُّكْرِ، وَوَظِيفَةُ الشُّكْرِ فِي هَذِهِ النِّعْمَةِ مَا سَنَّهُ نَبِيُّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ أَنْ يُعَقَّ عَنِ الْمَوْلُودِ شُكْرًا لِلَّهِ وَطَلَبًا لِسَلَامَةِ الْمَوْلُودِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّ سَلَامَةَ الْمَوْلُودِ وَنَشْوَهَ عَلَى النَّعْتِ الْمَحْمُودِ رَهِينَةٌ بِالْعَقِيقَةِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ قَوْلُهُ: (وَيُسَمَّى)

أَيْ: إِنْ أُخِّرَتِ التَّسْمِيَةُ، وَإِلَّا فَالْأَفْضَلُ تَقْدِيمُ التَّسْمِيَةِ.

3166 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ عَبْدٍ الْمُزَنِيَّ حَدَّثَهُ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يُعَقُّ عَنْ الْغُلَامِ وَلَا يُمَسُّ رَأْسُهُ بِدَمٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَلَا يَمَسُّ رَأْسَهُ بِدَمٍ) أَيْ: كَمَا كَانَ يَفْعَلُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يُلَطِّخُونَ رَأْسَهُ بِالدَّمِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ حَسَنٌ؛ لِأَنَّ يَعْقُوبَ بْنَ حُمَيْدٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَقَالَ: وَلَيْسَ لِيَزِيدَ هَذَا عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ فِي بَقِيَّةِ الْكُتُبِ.

[باب الفرعة والعتيرة]

[باب الْفَرَعَةِ وَالْعَتِيرَةِ] 3167 - حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ عَنْ نُبَيْشَةَ قَالَ «نَادَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا نَعْتِرُ عَتِيرَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ فِي رَجَبٍ فَمَا تَأْمُرُنَا قَالَ اذْبَحُوا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَيِّ شَهْرٍ كَانَ وَبَرُّوا لِلَّهِ وَأَطْعِمُوا قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا نُفْرِعُ فَرَعًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَمَا تَأْمُرُنَا بِهِ قَالَ فِي كُلِّ سَائِمَةٍ فَرَعٌ تَغْذُوهُ مَاشِيَتُكَ حَتَّى إِذَا اسْتَحْمَلَ ذَبَحْتَهُ فَتَصَدَّقْتَ بِلَحْمِهِ أُرَهُ قَالَ عَلَى ابْنِ السَّبِيلِ فَإِنَّ ذَلِكَ هُوَ خَيْرٌ»

3168 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا فَرَعَةَ وَلَا عَتِيرَةَ قَالَ هِشَامٌ فِي حَدِيثِهِ وَالْفَرَعَةُ أَوَّلُ النَّتَاجِ وَالْعَتِيرَةُ الشَّاةُ يَذْبَحُهَا أَهْلُ الْبَيْتِ فِي رَجَبٍ»

3169 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا فَرَعَةَ وَلَا عَتِيرَةَ» قَالَ ابْن مَاجَةَ هَذَا مِنْ فَرَائِدِ الْعَدَنِيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ ابْنِ عُمَرَ) ، فِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[باب إذا ذبحتم فأحسنوا الذبح]

[باب إِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ] 3170 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ) أَيْ: أَوْجَبَ عَلَيْكُمُ الْإِحْسَانَ فِي كُلِّ شَيْءٍ فَكَلِمَةُ " عَلَى " بِمَعْنَى " فِي "، وَمُتَعَلِّقُ الْكِتَابَةِ مَحْذُوفٌ، وَالْمُرَادُ بِالْإِيجَابِ النَّدْبُ الْمُؤَكَّدُ «فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ» بِكَسْرِ الْقَافِ لِلنَّوْعِ وَإِحْسَانُ الْقِتْلَةِ أَنْ لَا يَمِيلَ وَلَا يَزِيدَ فِي الضَّرْبِ بِأَنْ يَبْدَأَ

بِالضَّرْبِ فِي غَيْرِ الْمَقَاتِلِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ. الذَّبْحُ بِفَتْحِ الذَّالِ وَلْيُحِدَّ مِنَ الْإِحْدَادِ شَفْرَتَهُ بِفَتْحِ الشِّينِ السِّكِّينَ الْعَظِيمَ، أَيْ: لِيَجْعَلْهَا حَادَّةً سَرِيعَةً فِي الْقِتْلَةِ وَلْيُرِحْ مِنَ الْإِرَاحَةِ.

3171 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ وَهُوَ يَجُرُّ شَاةً بِأُذُنِهَا فَقَالَ دَعْ أُذُنَهَا وَخُذْ بِسَالِفَتِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِسَالِفَتِهَا) هِيَ صَفْحَةُ الْعُنُقِ كَأَنَّهُ قَصَدَ بِذَلِكَ النَّهْيَ عَنْ مُثْلَةِ الْبَهَائِمِ، أَوْ عَنْ تَعْذِيبِهَا وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

3172 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنُ أَخِي حُسَيْنٍ الْجُعْفِيِّ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ حَدَّثَنِي قُرَّةُ بْنُ حَيْوَئِيلَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَدِّ الشِّفَارِ وَأَنْ تُوَارَى عَنْ الْبَهَائِمِ وَقَالَ إِذَا ذَبَحَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجْهِزْ» حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَسْوَدِ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الشِّفَارُ) ضُبِطَ بِالْكَسْرِ جَمْعُ شَفْرَةٍ فَلْيُجْهِزْ مِنْ جَهَزَ كَمَنَعَ وَجَوَّزَ أَجْهَزَ، وَقِيلَ: لَا يُقَالُ أَجْهَزَ، أَيْ: أَسْرَعَ فِي الذَّبْحِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: مَدَارُ الْإِسْنَادَيْنِ عَلَى ابْنِ لَهِيعَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَشَيْخُهُ قُرَّةُ أَيْضًا ضَعِيفٌ.

[باب التسمية عند الذبح]

[باب التَّسْمِيَةِ عِنْدَ الذَّبْحِ] 3173 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ {إِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ} [الأنعام: 121] قَالَ كَانُوا يَقُولُونَ مَا ذُكِرَ عَلَيْهِ اسْمُ اللَّهِ فَلَا تَأْكُلُوا وَمَا لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلُوهُ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121] ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَا ذُكِرَ عَلَيْهِ اسْمُ اللَّهِ فَلَا تَأْكُلُوا) أَيْ: تَعْظِيمًا لِاسْمِهِ وَتَأَدُّبًا مَعَهُ وَكَانُوا يُوَسْوِسَونَ إِلَيْهِمْ أَنَّ مُقْتَضَى التَّعْظِيمِ أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ مَا ذُبِحَ بِاسْمِهِ تَعَالَى.

3174 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ «أَنَّ قَوْمًا قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ قَوْمًا يَأْتُونَا بِلَحْمٍ لَا نَدْرِي ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لَا قَالَ سَمُّوا أَنْتُمْ وَكُلُوا وَكَانُوا حَدِيثَ عَهْدٍ بِالْكُفْرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (سَمُّوا أَنْتُمْ وَكُلُوا) أَرْشَدَهُمْ بِذَلِكَ إِلَى حَمْلِ حَالِ الْمُؤْمِنِ عَلَى الصَّلَاحِ، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا وَأَنَّ تَسْمِيَةَ الْأَكْلِ تَنُوبُ عَنْ تَسْمِيَةِ الذَّبْحِ فَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِالنِّيَابَةِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب ما يذكى به]

[باب مَا يُذَكَّى بِهِ] 3175 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَيْفِيٍّ قَالَ «ذَبَحْتُ أَرْنَبَيْنِ بِمَرْوَةٍ فَأَتَيْتُ بِهِمَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَنِي بِأَكْلِهِمَا»

3176 - حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ سَمِعْتُ حَاضِرَ بْنَ مُهَاجِرٍ يُحَدِّثُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ «أَنَّ ذِئْبًا نَيَّبَ فِي شَاةٍ فَذَبَحُوهَا بِمَرْوَةٍ فَرَخَّصَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَكْلِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (نَيَّبَ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ مِنَ النَّابِ، أَيِ: انْشَبَكَتْ أَنْيَابُهُ فِيهَا وَالنَّابُ سِنٌّ خَلْفَ الرُّبَاعِيَّةِ قَوْلُهُ: (بِمَرْوَةٍ) بِفَتْحِ مِيمٍ وَسُكُونِ رَاءٍ حَجَرٌ أَبْيَضُ بَرَّاقٌ يُجْعَلُ مِنْهُ كَالسِّكِّينِ.

3177 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ مُرِّيِّ بْنِ قَطَرِيٍّ عَنْ عَدِيِّ ابْنِ حَاتِمٍ قَالَ «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَصِيدُ الصَّيْدَ فَلَا نَجِدُ سِكِّينًا إِلَّا الظِّرَارَ وَشِقَّةَ الْعَصَا قَالَ أَمْرِرْ الدَّمَ بِمَا شِئْتَ وَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ»

3178 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ جَدِّهِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَكُونُ فِي الْمَغَازِي فَلَا يَكُونُ مَعَنَا مُدًى فَقَالَ مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ غَيْرَ السِّنِّ وَالظُّفْرِ فَإِنَّ السِّنَّ عَظْمٌ وَالظُّفْرَ مُدَى الْحَبَشَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مُدَى) بِضَمِّ الْمِيمِ مَقْصُورٌ جَمْعُ مُدْيَةٍ بِضَمِّ مِيمٍ وَكَسْرِهَا، وَقِيلَ: بِتَثْلِيثِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الدَّالِ السِّكِّينُ مَا أَنْهَرَ بِالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ: أَجْرَاهُ وَذُكِرَ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ فَكُلْ أَيْ: ذَبِيحَتَهُ (عَظْمٌ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْعِلَّةَ كَوْنُهَا عَظْمًا فَكُلُّ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ اسْمُ الْعَظْمِ لَا يَجُوزُ الزَّكَاةُ بِهِ وَفِيهِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ (مُدَى الْحَبَشَةِ) أَيْ: وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَا يَجُوزُ التَّشْبِيهُ بِهِمْ فِيمَا هُوَ مِنْ شِعَارِهِمْ.

[باب السلخ]

[باب السَّلْخِ] 3179 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا هِلَالُ بْنُ مَيْمُونٍ الْجُهَنِيُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ قَالَ عَطَاءٌ لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِغُلَامٍ يَسْلُخُ شَاةً فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنَحَّ حَتَّى أُرِيَكَ فَأَدْخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ بَيْنَ الْجِلْدِ وَاللَّحْمِ فَدَحَسَ بِهَا حَتَّى تَوَارَتْ إِلَى الْإِبِطِ وَقَالَ يَا غُلَامُ هَكَذَا فَاسْلُخْ ثُمَّ مَضَى وَصَلَّى لِلنَّاسِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَسْلُخُ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّهَا، أَيْ: يَنْزِعُ جِلْدَهَا تَنَحَّ بِتَاءٍ وَنُونٍ وَمُهْمَلَةٍ مُشَدَّدَةٍ، مَفْتُوحَاتٍ، أَيْ: تَبْعُدُ عَنْ مَكَانِكَ أُرِيكَ مِنْ أَرَاهُ، أَيْ: أُعْلِمَكَ فَدَحَسَ بِمُهْمَلَاتٍ مَفْتُوحَاتٍ مِنَ الدَّحْسِ بِسُكُونِ الْحَاءِ وَهُوَ إِدْخَالُ الْيَدِ بَيْنَ جِلْدِ الشَّاةِ وَلَحْمِهَا قَوْلُهُ: (حَتَّى تَوَارَتْ) أَيِ: اسْتَتَرَتْ بِالْجِلْدِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ أَيْ: وَلَمْ يَغْسِلْ يَدَهُ، أَوْ وَلَمْ يَتَوَضَّإِ الْوُضُوءَ الشَّرْعِيَّ.

[باب النهي عن ذبح ذوات الدر]

[باب النَّهْيِ عَنْ ذَبْحِ ذَوَاتِ الدَّرِّ] 3180 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَنْبَأَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ جَمِيعًا عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ فَأَخَذَ الشَّفْرَةَ لِيَذْبَحَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاكَ وَالْحَلُوبَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَأَخَذَ الشَّفْرَةَ) بِفَتْحِ الشِّينِ السِّكِّينُ الْعَظِيمَةُ الْحَلُوبَ، أَيْ: ذَاتَ اللَّبَنِ.

3181 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْمُحَارِبِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي قُحَافَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ وَلِعُمَرَ انْطَلِقَا بِنَا إِلَى الْوَاقِفِيِّ قَالَ فَانْطَلَقْنَا فِي الْقَمَرِ حَتَّى أَتَيْنَا الْحَائِطَ فَقَالَ مَرْحَبًا وَأَهْلًا ثُمَّ أَخَذَ الشَّفْرَةَ ثُمَّ جَالَ فِي الْغَنَمِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاكَ وَالْحَلُوبَ أَوْ قَالَ ذَاتَ الدَّرِّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْله (حَدَثَني أَبو بَكْر الخ) فِي الزَوَائِد فِي إِسْنَادُه يَحْيَى بْن عُبَيد اللَّه وَاهِي الْحَدِيث.

[باب ذبيحة المرأة]

[باب ذَبِيحَةِ الْمَرْأَةِ] 3182 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ امْرَأَةً ذَبَحَتْ شَاةً بِحَجَرٍ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا»

[باب ذكاة الناد من البهائم]

[باب ذَكَاةِ النَّادِّ مِنْ الْبَهَائِمِ] 3183 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ جَدِّهِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ «كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَنَدَّ بَعِيرٌ فَرَمَاهُ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ لَهَا أَوَابِدَ أَحْسَبُهُ قَالَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ فَمَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَنَدَّ) بِتَشْدِيدِ الدَّالِ، أَيْ: شَرَدَ وَهَرَبَ (أَنَّ لَهَا) أَيْ: لِلْبَهَائِمِ كَمَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ (أَوَابِدُ) أَيِ: الَّتِي تَتَوَحَّشُ وَتَنْفِرُ.

3184 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الْعُشَرَاءِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَكُونُ الذَّكَاةُ إِلَّا فِي الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ قَالَ لَوْ طَعَنْتَ فِي فَخِذِهَا لَأَجْزَأَكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَاللَّبَّةُ) بِفَتْحٍ فَتَشْدِيدِ مُوَحَّدَةٍ سُئِلَ أَنَّ الذَّكَاةَ مُنْحَصِرَةٌ فِيهِمَا فَأَجَابَ إِلَّا فِي الضَّرُورَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب النهي عن صبر البهائم وعن المثلة]

[باب النَّهْيِ عَنْ صَبْرِ الْبَهَائِمِ وَعَنْ الْمُثْلَةِ] 3185 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُمَثَّلَ بِالْبَهَائِمِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنْ يُمَثَّلَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مُخَفَّفٌ، أَوْ مُشَدَّدٌ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ مُوسَى بْنُ

مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

3186 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَبْرِ الْبَهَائِمِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ صَبْرِ الْبَهَائِمِ) وَهُوَ أَنْ تُمْسَكَ وَتُجْعَلَ هَدَفًا يُرْمَى إِلَيْهِ حَتَّى يَمُوتَ فَفِيهِ تَعْذِيبٌ لَهَا وَتَصِيرُ مَيْتَةً لَا يَحِلُّ أَكْلُهَا وَيَخْرُجُ جِلْدُهَا عَنِ الِانْتِفَاعِ.

3187 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَتَّخِذُوا شَيْئًا فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (غَرَضًا) بِفَتْحَتَيْنِ وَالْغَيْنُ مُعْجَمَةٌ، أَيْ: هَدَفًا.

3188 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ أَنْبَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقْتَلَ شَيْءٌ مِنْ الدَّوَابِّ صَبْرًا»

[باب النهي عن لحوم الجلالة]

[باب النَّهْيِ عَنْ لُحُومِ الْجَلَّالَةِ] 3189 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لُحُومِ الْجَلَّالَةِ وَأَلْبَانِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ لُحُومِ الْجَلَّالَةِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ مَا تَأْكُلُ الْعَذِرَةَ مِنَ الدَّوَابِّ، وَالْمُرَادُ مَا ظَهَرَ فِي لَحْمِهَا وَلَبَنِهَا نَتْنٌ، فَيَنْبَغِي أَنْ تُحْبَسَ أَيَّامًا ثُمَّ تُذْبَحَ.

[باب لحوم الخيل]

[باب لُحُومِ الْخَيْلِ] 3190 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ «نَحَرْنَا فَرَسًا فَأَكَلْنَا مِنْ لَحْمِهِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَأَكَلْنَا مِنْ لَحْمِهِ) قِيلَ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى حِلِّ لَحْمِهِ وَمَا جَاءَ فِي جَانِبِ الْحُرْمَةِ وَالْكَرَاهَةِ لَا يَصْلُحُ مُعَارِضًا لِهَذَا الْحَدِيثِ فَتَرَجَّحَ الْحِلُّ، وَعَلَيْهِ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ.

3191 - حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ أَبُو بِشْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ «أَكَلْنَا زَمَنَ خَيْبَرَ الْخَيْلَ وَحُمُرَ الْوَحْشِ»

[باب لحوم الحمر الوحشية]

[باب لُحُومِ الْحُمُرِ الْوَحْشِيَّةِ] 3192 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ «سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ فَقَالَ أَصَابَتْنَا مَجَاعَةٌ يَوْمَ خَيْبَرَ وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أَصَابَ الْقَوْمُ حُمُرًا خَارِجًا مِنْ الْمَدِينَةِ فَنَحَرْنَاهَا وَإِنَّ قُدُورَنَا لَتَغْلِي إِذْ نَادَى مُنَادِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ اكْفَئُوا الْقُدُورَ وَلَا تَطْعَمُوا مِنْ لُحُومِ الْحُمُرِ شَيْئًا فَأَكْفَأْنَاهَا فَقُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى حَرَّمَهَا تَحْرِيمًا قَالَ تَحَدَّثْنَا أَنَّمَا حَرَّمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَتَّةَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا تَأْكُلُ الْعَذِرَةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنْ أَكْفِئُوا الْقُدُورَ) أَيْ: كُبُّوا مَا فِيهَا وَهُوَ بِقَطْعِ

الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْفَاءِ، أَوْ بِوَصْلِهَا وَفَتْحِ الْفَاءِ لُغَتَانِ (أَنَّهَا كَانَتْ تَأْكُلُ الْعَذِرَةَ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْحِمَارَ إِنْ لَمْ يَأْكُلْ ذَلِكَ يَحِلَّ أَكْلُهُ، لَكِنْ قَدْ جَاءَ مَا يَدُلُّ عَلَى إِطْلَاقِ الْحُرْمَةِ فَلِذَلِكَ أَخَذُوا بِهِ.

3193 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ جَابِرٍ عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ الْكِنْدِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ أَشْيَاءَ حَتَّى ذَكَرَ الْحُمُرَ الْإِنْسِيَّةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ذَكَرَ الْحُمُرَ الْإِنْسِيَّةَ) الْمَشْهُورُ كَسْرُ الْهَمْزَةِ وَسُكُونُ النُّونِ نِسْبَةً إِلَى الْإِنْسِ الْمُقَابِلِ لِلْجِنِّ، وَالْمُرَادُ الْأَهْلِيَّةُ وَجُوِّزَ ضَمُّ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ النُّونِ نِسْبَةً إِلَى الْأُنْسِ وَهُوَ أَيْضًا خِلَافُ التَّوَحُّشِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ الْحَسَنُ بْنُ جَابِرٍ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.

3194 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُلْقِيَ لُحُومَ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ نِيئَةً وَنَضِيجَةً ثُمَّ لَمْ يَأْمُرْنَا بِهِ بَعْدُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنْ نُلْقِيَ) مِنَ الْإِلْقَاءِ (نَيِّئَةً) أَيْ: غَيْرَ نَضِيجَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

3195 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ «غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةَ خَيْبَرَ فَأَمْسَى النَّاسُ قَدْ أَوْقَدُوا النِّيرَانَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَامَ تُوقِدُونَ قَالُوا عَلَى لُحُومِ الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ فَقَالَ أَهْرِيقُوا مَا فِيهَا وَاكْسِرُوهَا فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ أَوْ نُهَرِيقُ مَا فِيهَا وَنَغْسِلُهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ ذَاكَ»

[باب لحوم البغال]

3196 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ مُنَادِيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَادَى إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ فَإِنَّهَا رِجْسٌ» [باب لُحُومِ الْبِغَالِ] 3197 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ وَمَعْمَرٌ جَمِيعًا عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا نَأْكُلُ لُحُومَ الْخَيْلِ قُلْتُ فَالْبِغَالُ قَالَ لَا

3198 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ حَدَّثَنِي ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ صَالِحِ بْنِ يَحْيَى بْنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لُحُومِ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ لُحُومِ الْخَيْلِ) قِيلَ: اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَوْ ثَبَتَ لَا يُعَارِضُ حَدِيثَ جَابِرٍ.

[باب ذكاة الجنين ذكاة أمه]

[باب ذَكَاةِ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ] 3199 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَأَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ وَعَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مُجَالِدٍ عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ «سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْجَنِينِ فَقَالَ كُلُوهُ إِنْ شِئْتُمْ فَإِنَّ ذَكَاتَهُ ذَكَاةُ أُمِّهِ» قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ سَمِعْتُ الْكَوْسَجَ إِسْحَقَ بْنَ مَنْصُورٍ يَقُولُ فِي قَوْلِهِمْ فِي الذَّكَاةِ لَا يُقْضَى بِهَا مَذِمَّةٌ قَالَ مَذِمَّةٌ بِكَسْرِ الذَّالِ مِنْ الذِّمَامِ وَبِفَتْحِ الذَّالِ مِنْ الذَّمِّ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنِ الْجَنِينِ) أَيِ: الْخَارِجِ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ مَيِّتًا إِذَا ذُبِحَتْ أُمُّهُ فَإِنَّهُ مَحَلُّ الْإِشْكَالِ إِذْ لَا يُظَنُّ بِهِمُ الْجَهْلُ عَمَّا خَرَجَ حَيًّا فَقَوْلُهُ كُلُوهُ إِنْ شِئْتُمْ ظَاهِرٌ فِي حِلِّ مِثْلِهِ وَدَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: «فَإِنَّ ذَكَاتَهُ ذَكَاةُ أُمِّهِ» أُرِيدَ بِهِ أَنَّ مَا طَيَّبَ أُمَّهُ مِنَ الذَّبْحِ طَيَّبَهُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَالصَّاحِبَيْنِ مِنْ عُلَمَائِنَا الْحَنَفِيَّةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ كَمَا كَانَتْ مُحْتَاجَةً إِلَى الذَّبْحِ كَذَلِكَ هُوَ مُحْتَاجٌ إِلَى الذَّبْحِ فَإِذَا خَرَجَ مَيِّتًا لَا يُؤْكَلُ كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ.

[كتاب الصيد]

[كِتَاب الصَّيْدِ] [بَاب قَتْلِ الْكِلَابِ إِلَّا كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ زَرْعٍ] ِ بَاب قَتْلِ الْكِلَابِ إِلَّا كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ زَرْعٍ 3200 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ قَالَ سَمِعْتُ مُطَرِّفًا يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ ثُمَّ قَالَ مَا لَهُمْ وَلِلْكِلَابِ ثُمَّ رَخَّصَ لَهُمْ فِي كَلْبِ الصَّيْدِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ (بَابُ قَتْلِ الْكِلَابِ إِلَّا كَلْبَ صَيْدٍ، أَوْ زَرْعٍ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ إِلَى آخِرِ الْبَابِ لَمْ تُوجَدْ فِي غَيْرِ مَطْبُوعَاتِ الْهِنْدِ وَلْيُتَأَمَّلْ فِي مَعْنَاهَا وَمُنَاسَبَتِهَا لِلْبَابِ. قَوْلُهُ: (مَا لَهُمْ وَلِلْكِلَابِ) أَيْ: لَا دَاعِيَ لَهُمْ إِلَى قَتْلِهِمْ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِمْ أَمْرٌ يَقْتَضِي ذَلِكَ (فِي كَلْبِ الصَّيْدِ) أَيْ: بَعْدَ إِذْ نَسَخَ الْقَتْلَ رَخَّصَ لَهُمْ فِي اتِّخَاذِ كَلْبِ الصَّيْدِ، وَالْمُرَادُ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ لِنَفْعِهِ كَالصَّيْدِ.

3201 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ قَالَ سَمِعْتُ مُطَرِّفًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ ثُمَّ قَالَ مَا لَهُمْ وَلِلْكِلَابِ ثُمَّ رَخَّصَ لَهُمْ فِي كَلْبِ الزَّرْعِ وَكَلْبِ الْعِينِ» قَالَ بُنْدَارٌ الْعِينُ حِيطَانُ الْمَدِينَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَكَلْبُ الْعَيْنِ) قَالَ الدَّمِيرِيُّ فِي لَفْظِ مُسْلِمٍ وَالنَّسَائِيِّ،

«ثُمَّ رَخَّصَ فِي كَلْبِ الصَّيْدِ وَالْغَنَمِ» فَلَفْظُ الْمُصَنِّفِ كَلْبُ الْعَيْنِ تَصْحِيفٌ وَالصَّوَابُ الْغَنَمُ، ثُمَّ قَالَ وَتَفْسِيرُ الْعَيْنِ بِالْحِيطَانِ خِلَافُ الْمَعْرُوفِ فَفِي النِّهَايَةِ الْعَيْنُ جَمْعُ أَعْيُنٍ وَهُوَ وَاسِعُ الْعَيْنِ وَالْمَرْأَةُ عَيْنَاءُ.

3202 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ أَنْبَأَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ»

3203 - حَدَّثَنَا أَبُو طَاهِرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَافِعًا صَوْتَهُ يَأْمُرُ بِقَتْلِ الْكِلَابِ وَكَانَتْ الْكِلَابُ تُقْتَلُ إِلَّا كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ»

[باب النهي عن اقتناء الكلب إلا كلب صيد أو حرث أو ماشية]

[باب النَّهْيِ عَنْ اقْتِنَاءِ الْكَلْبِ إِلَّا كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ حَرْثٍ أَوْ مَاشِيَةٍ] 3204 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ اقْتَنَى كَلْبًا فَإِنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ عَمَلِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ إِلَّا كَلْبَ حَرْثٍ أَوْ مَاشِيَةٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنِ اقْتَنَى) أَيِ: اتَّخَذَ (قِيرَاطٌ) هُوَ قَدْرٌ مَحْدُودٌ عِنْدَ اللَّهِ، وَقَدْ جَاءَ تَفْسِيرُهُ فِي بَابِ الْجَنَائِزِ بِجَبَلِ أُحُدٍ وَنَحْوِهِ وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ هَلْ هُوَ بِعَيْنِهِ مُعْتَبَرٌ فِي هَذَا الْبَابِ، أَوْ غَيْرُهُ.

3205 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي شِهَابٍ حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْلَا أَنَّ الْكِلَابَ أُمَّةٌ مِنْ الْأُمَمِ لَأَمَرْتُ بِقَتْلِهَا فَاقْتُلُوا مِنْهَا الْأَسْوَدَ الْبَهِيمَ وَمَا مِنْ قَوْمٍ اتَّخَذُوا كَلْبًا إِلَّا كَلْبَ مَاشِيَةٍ أَوْ كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ كَلْبَ حَرْثٍ إِلَّا نَقَصَ مِنْ أُجُورِهِمْ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَوْلَا أَنَّ الْكِلَابَ أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ) أَيْ: أُمَّةٌ خُلِقَتْ لِمَنَافِعَ أَوْ أُمَّةٌ تُسَبِّحُ، وَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ} [الأنعام: 38] إِلَى قَوْلِهِ: {إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} [الأنعام: 38] فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الصَّانِعِ وَالتَّسْبِيحِ لَهُ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: إِنَّهُ كَرِهَ إِفْنَاءَ أُمَّةٍ مِنَ الْأُمَمِ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى مِنْهَا بَاقِيَةٌ؛ لِأَنَّهُ مَا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ خَلْقًا إِلَّا وَفِيهِ نَوْعٌ مِنْ حِكْمَةِ اللَّهِ إِذَا كَانَ الْأَمْرُ عَلَى هَذَا فَلَا سَبِيلَ إِلَى قَتْلِ كُلِّهِنَّ فَاقْتُلُوا شِرَارَهَا (وَهِيَ الْأَسْوَدُ الْبَهِيمُ) أَيِ: الْأَسْوَدُ الْخَالِصُ، أَيْ: وَأَبْقُوا مَا سِوَاهَا لِتَنْتَفِعُوا بِهَا فِي الْحِرَاسَةِ وَيُقَالُ إِنَّ السُّودَ مِنَ الْكِلَابِ شِرَارُهَا (قِيرَاطَانِ) لَعَلَّ الْأَمْرَ أَوَّلًا كَانَ ذَلِكَ، ثُمَّ نَزَلَ عَنْهُ إِلَى قِيرَاطٍ لَمَّا عَلِمَ أَنَّ الْأَمْرَ فِي الْكِلَابِ أَوَّلًا كَانَ عَلَى التَّشْدِيدِ حَتَّى أَمَرَ بِقَتْلِ الْكُلِّ، ثُمَّ نَزَلَ إِلَى التَّخْفِيفِ، وَهَذَا أَشْبَهُ بِالتَّوْفِيقِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا هُوَ التَّحْقِيقُ.

3206 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ قَالَ «سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ اقْتَنَى كَلْبًا لَا يُغْنِي عَنْهُ زَرْعًا وَلَا ضَرْعًا نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ فَقِيلَ لَهُ أَنْتَ سَمِعْتَ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِيْ وَرَبِّ هَذَا الْمَسْجِدِ»

[باب صيد الكلب]

[باب صَيْدِ الْكَلْبِ] 3207 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ أَخْبَرَنِي أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ قَالَ «أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا بِأَرْضِ أَهْلِ كِتَابٍ نَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ وَبِأَرْضِ صَيْدٍ أَصِيدُ بِقَوْسِي وَأَصِيدُ بِكَلْبِي الْمُعَلَّمِ وَأَصِيدُ بِكَلْبِي الَّذِي لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ أَنَّكُمْ فِي أَرْضِ أَهْلِ كِتَابٍ فَلَا تَأْكُلُوا فِي آنِيَتِهِمْ إِلَّا أَنْ لَا تَجِدُوا مِنْهَا بُدًّا فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مِنْهَا بُدًّا فَاغْسِلُوهَا وَكُلُوا فِيهَا وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَمْرِ الصَّيْدِ فَمَا أَصَبْتَ بِقَوْسِكَ فَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ وَكُلْ وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ الْمُعَلَّمِ فَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ وَكُلْ وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ الَّذِي لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ فَأَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ فَكُلْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَلَا تَأْكُلُوا فِي آنِيَتِهِمْ) الْمُرَادُ الْآنِيَةُ الَّتِي يَسْتَعْمِلُونَهَا فِي طَبْخِ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَنَحْوِهِ. فَأَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ، أَيْ: أَدْرَكْتَهُ حَيًّا فَذَبَحْتَهُ، ثُمَّ ظَاهِرُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ ذِكْرَ اسْمِ اللَّهِ مَطْلُوبٌ عِنْدَ الْأَكْلِ، لَكِنِ الرِّوَايَاتُ الْأُخَرُ مُصَرِّحَةً بِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ عِنْدَ الرَّمْيِ وَإِرْسَالِ الْكَلْبِ.

3208 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا بَيَانُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَدِيِّ ابْنِ حَاتِمٍ قَالَ «سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ إِنَّا قَوْمٌ نَصِيدُ بِهَذِهِ الْكِلَابِ قَالَ إِذَا أَرْسَلْتَ كِلَابَكَ الْمُعَلَّمَةَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا فَكُلْ مَا أَمْسَكْنَ عَلَيْكَ إِنْ قَتَلْنَ إِلَّا أَنْ يَأْكُلَ الْكَلْبُ فَإِنْ أَكَلَ الْكَلْبُ فَلَا تَأْكُلْ فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ وَإِنْ خَالَطَهَا كِلَابٌ أُخَرُ فَلَا تَأْكُلْ» قَالَ ابْن مَاجَةَ سَمِعْتُهُ يَعْنِي عَلِيَّ بْنَ الْمُنْذِرِ يَقُولُ حَجَجْتُ ثَمَانِيَةً وَخَمْسِينَ حِجَّةً أَكْثَرُهَا رَاجِلٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كِلَابٌ أُخَرُ) أَيْ: غَيْرُ كِلَابِكَ.

[باب صيد كلب المجوس والكلب الأسود البهيم]

[باب صَيْدِ كَلْبِ الْمَجُوسِ وَالْكَلْبِ الْأَسْوَدِ الْبَهِيمِ] 3209 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ عَنْ سُلَيْمَانَ الْيَشْكُرِيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «نُهِينَا عَنْ صَيْدِ كَلْبِهِمْ وَطَائِرِهِمْ يَعْنِي الْمَجُوسَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (نُهِينَا) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَالْمُتَبَادَرُ فِي مِثْلِ هَذَا، أَيْ: كَلَامُ الصَّحَابَةِ أَنَّ النَّاهِيَ هُوَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلِذَلِكَ قَالُوا حُكْمُ مِثْلِهِ الرَّفْعُ (وَطَائِرِهِمْ) عَطْفٌ عَلَى الْكَلْبِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُمْ إِذَا أَرْسَلُوا كَلْبًا، أَوْ طَائِرًا فَلَا يَحِلُّ صَيْدُهُ لَنَا بِخِلَافِ مَا إِذَا أَرْسَلَ كَلْبًا اسْتَعَارَهُ مِنْهُمْ فَإِنَّ صَيْدَهُ يَحِلُّ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ

حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ وَقَدْ رَوَاهُ بِالْعَنْعَنَةِ وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ إِلَّا قَوْلَهُ: وَطَائِرِهِمْ.

3210 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ «سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْكَلْبِ الْأَسْوَدِ الْبَهِيمِ فَقَالَ شَيْطَانٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَقَالَ: شَيْطَانٌ) أَيْ: وَلَا يَحِلُّ صَيْدُ الْكَافِرِ مَا عَدَا الْكِتَابِيَّ فَضْلًا عَنِ الشَّيْطَانِ فَكَيْفَ يَحِلُّ صَيْدُ الْكَلْبِ الْأَسْوَدِ إِذَا كَانَ شَيْطَانًا، وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى جَوَازِهِ وَأَنَّ الْكَلَامَ عَلَى التَّشْبِيهِ، أَيْ إِنَّهُ فِي السَّيْرِ كَالشَّيْطَانِ.

[باب صيد القوس]

[باب صَيْدِ الْقَوْسِ] 3211 - حَدَّثَنَا أَبُو عُمَيْرٍ عِيسَى بْنُ مُحَمَّدٍ النَّحَّاسُ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ الرَّمْلِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كُلْ مَا رَدَّتْ عَلَيْكَ قَوْسُكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَا رَدَّتْ عَلَيْكَ قَوْسُكَ) أَيْ: مَا صِدْتَهُ بِالرَّمْيِ.

3212 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا مُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَامِرٍ عَنْ عَدِيِّ ابْنِ حَاتِمٍ قَالَ «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا قَوْمٌ نَرْمِي قَالَ إِذَا رَمَيْتَ وَخَزَقْتَ فَكُلْ مَا خَزَقْتَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَخَزَقْتَ) بِخَاءٍ وَزَايٍ مُعْجَمَةٍ وَقَافٍ، أَيْ: جَرَحْتَ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ مُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَأَصْلُ الْحَدِيثِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، لَكِنْ بِغَيْرِ هَذَا السِّيَاقِ.

[باب الصيد يغيب ليلة]

[باب الصَّيْدِ يَغِيبُ لَيْلَةً] 3213 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَدِيِّ ابْنِ حَاتِمٍ قَالَ «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرْمِي الصَّيْدَ فَيَغِيبُ عَنِّي لَيْلَةً قَالَ إِذَا وَجَدْتَ فِيهِ سَهْمَكَ وَلَمْ تَجِدْ فِيهِ شَيْئًا غَيْرَهُ فَكُلْهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَلَمْ تَجِدْ فِيهِ شَيْئًا غَيْرَهُ فَكُلْهُ) أَيْ: إِذَا لَمْ يَكُنْ هَذَا احْتِمَالَ أَنَّ الْقَاتِلَ غَيْرُهُ فَكُلْهُ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي الصَّيْدِ الْحُرْمَةُ فَإِذَا حَصَلَ الشَّكُّ يَكُونُ حَرَامًا كَمَا هُوَ الْأَصْلُ.

[باب صيد المعراض]

[باب صَيْدِ الْمِعْرَاضِ] 3214 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ قَالَا حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ عَامِرٍ عَنْ عَدِيِّ ابْنِ حَاتِمٍ قَالَ «سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الصَّيْدِ بِالْمِعْرَاضِ قَالَ مَا أَصَبْتَ بِحَدِّهِ فَكُلْ وَمَا أَصَبْتَ بِعَرْضِهِ فَهُوَ وَقِيذٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ (بَابُ صَيْدِ الْمِعْرَاضِ) بِكَسْرِ مِيمٍ وَسُكُونِ عَيْنٍ آخِرُهُ ضَادٌ مُعْجَمَةٌ خَشَبَةٌ ثَقِيلَةٌ، أَوْ عَصًا فِي طَرَفِهَا حَدِيدَةٌ، أَوْ سَهْمٌ لَا رِيشَ لَهُ. (وَقِيذٌ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ بِمَعْنَى مَوْقُوذٍ، أَيْ: حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَوْقُوذَةِ

الْمَنْصُوصِ عَلَى تَحْرِيمِهَا فِي الْآيَةِ، وَالْمَوْقُوذَةُ الْمَقْتُولَةُ بِغَيْرِ مُحَدِّدٍ مِنْ عَصًا أَوْ حَجَرٍ أَوْ غَيْرِهِمَا.

3215 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ النَّخَعِيِّ عَنْ عَدِيِّ ابْنِ حَاتِمٍ قَالَ «سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمِعْرَاضِ فَقَالَ لَا تَأْكُلْ إِلَّا أَنْ يَخْزِقَ»

[باب ما قطع من البهيمة وهي حية]

[باب مَا قُطِعَ مِنْ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ] 3216 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا قُطِعَ مِنْ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ فَمَا قُطِعَ مِنْهَا فَهُوَ مَيْتَةٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَا قُطِعَ مِنْ بَهِيمَةٍ وَهِيَ حَيَّةٌ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ مَنْ قُطِعَ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَمَا قُطِعَ مِنْهَا بِمَنْزِلَةِ التَّكْرَارِ، أَيِ: الْقَدْرُ الَّذِي قُطِعَ مِنَ الْبَهِيمَةِ حَالَ حَيَاتِهَا (مَيْتَةٌ) أَيْ: حَرَامٌ، وَفِي الزَّوَائِدِ: وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَكَأَنَّهُ قَصَدَ بِذَلِكَ أَنَّ لَهُ نَوْعَ قُوَّةٍ.

3217 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ يَجُبُّونَ أَسْنِمَةَ الْإِبِلِ وَيَقْطَعُونَ أَذْنَابَ الْغَنَمِ أَلَا فَمَا قُطِعَ مِنْ حَيٍّ فَهُوَ مَيِّتٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَجُبُّونَ) مِنَ الْجَبِّ بِالْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ، أَيْ: يَقْطَعُونَ أَذْنَابَ الْغَنَمِ، أَيْ: أَلْيَاتِهَا، أَيْ: إِنَّهُمْ يَقْطَعُونَ بَعْضَ أَجْزَاءِ الْحَيِّ وَيَأْكُلُونَهُ مَعَ أَنَّهُ حَرَامٌ لَا يَجُوزُ لَهُمُ اسْتِعْمَالُهُ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[باب صيد الحيتان والجراد]

[باب صَيْدِ الْحِيتَانِ وَالْجَرَادِ] 3218 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ الْحُوتُ وَالْجَرَادُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَيْتَتَانِ) أَيْ: بِلَا ذَكَاةٍ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

3219 - حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ وَنَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَا حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَوَّامِ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْجَرَادِ فَقَالَ أَكْثَرُ جُنُودِ اللَّهِ لَا آكُلُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا آكُلُهُ) لِعَدَمِ مُوَافَقَتِهِ الطَّبْعَ (وَلَا أُحَرِّمُهُ) أَيْ: فَمَنْ أَكَلَ فَلَهُ ذَلِكَ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ حَلَالٌ إِلَّا أَنَّهُ لَا يُوَافِقُ كُلَّ ذِي طَبْعٍ شَرِيفٍ.

3220 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ سَعْدٍ الْبَقَّالِ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ كُنَّ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَهَادَيْنَ الْجَرَادَ عَلَى الْأَطْبَاقِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كُنَّ أَزْوَاجُ) عَلَى لُغَةِ أَكَلُونِي الْبَرَاغِيثُ (يَتَهَادَيْنَ) أَيْ: يُرْسِلُ بَعْضُهُنَّ لِبَعْضٍ (الْجَرَادَ عَلَى الْأَطْبَاقِ) إِلَى هَدِيَّةٍ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى حِلِّهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ:

فِي إِسْنَادِهِ سَعِيدٌ الْبَقَّالُ وَاسْمُهُ سَعِيدُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ الْعِيسِيُّ الْكُوفِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

3221 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَمَّالُ حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُلَاثَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا دَعَا عَلَى الْجَرَادِ قَالَ اللَّهُمَّ أَهْلِكْ كِبَارَهُ وَاقْتُلْ صِغَارَهُ وَأَفْسِدْ بَيْضَهُ وَاقْطَعْ دَابِرَهُ وَخُذْ بِأَفْوَاهِهَا عَنْ مَعَايِشِنَا وَأَرْزَاقِنَا إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَدْعُو عَلَى جُنْدٍ مِنْ أَجْنَادِ اللَّهِ بِقَطْعِ دَابِرهِ قَالَ إِنَّ الْجَرَادَ نَثْرَةُ الْحُوتِ فِي الْبَحْرِ» قَالَ هَاشِمٌ قَالَ زِيَادٌ فَحَدَّثَنِي مَنْ رَأَى الْحُوتَ يَنْثُرُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَاقْطَعْ دَابِرَهُ) الْمُرَادُ بِهِ اقْطَعْ جِنْسَهُ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهُ أَحَدٌ وَدَابِرُ الْقَوْمِ آخِرُ مَنْ يَبْقَى مِنْهُمْ قَوْلُهُ: (نَثْرَةُ حُوتٍ) بِنُونٍ وَمُثَلَّثَةٍ وَرَاءٍ، أَيْ: عَطْسَتُهُ فَلَا يَضُرُّ قَطْعُهُ مِنَ الْبَرِّ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَصْلِ مِنْ جُنُودِ الْبَحْرِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالدُّعَاءِ بِالْقَطْعِ مِنَ الْبَرِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، قَالَ الدَّمِيرِيُّ: هُوَ مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ صَاحِبُ الزَّوَائِدِ.

3222 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ ابْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَزِّمِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ فَاسْتَقْبَلَنَا رِجْلٌ مِنْ جَرَادٍ أَوْ ضَرْبٌ مِنْ جَرَادٍ فَجَعَلْنَا نَضْرِبُهُنَّ بِأَسْوَاطِنَا وَنِعَالِنَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُوهُ فَإِنَّهُ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ»

[باب ما ينهى عن قتله]

[باب مَا يُنْهَى عَنْ قَتْلِهِ] 3223 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْفَضْلِ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَتْلِ الصُّرَدِ وَالضِّفْدَعِ وَالنَّمْلَةِ وَالْهُدْهُدِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ قَتْلِ الصُّرَدِ. . . إِلَخْ) ظَاهِرُ الْحَدِيثِ يُفِيدُ أَنَّ الْمَذْكُورَاتِ مُحَرَّمَةٌ لَا يَجُوزُ تَنَاوُلُهَا، وَإِلَّا لَجَازَ أَخْذُهَا وَذَبْحُهَا لِلْأَكْلِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْفَضْلِ الْمَخْزُومِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

3224 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَتْلِ أَرْبَعٍ مِنْ الدَّوَابِّ النَّمْلَةِ وَالنَّحْلِ وَالْهُدْهُدِ وَالصُّرَدِ»

3225 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ وَأَحْمَدُ بْنُ عِيسَى الْمِصْرِيَّانِ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ نَبِيًّا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ قَرَصَتْهُ نَمْلَةٌ فَأَمَرَ بِقَرْيَةِ النَّمْلِ فَأُحْرِقَتْ فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ فِي أَنْ قَرَصَتْكَ نَمْلَةٌ أَهْلَكْتَ أُمَّةً مِنْ الْأُمَمِ تُسَبِّحُ» حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ وَقَالَ قَرَصَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِقَرْيَةِ النَّمْلِ) أَيْ: بِمَسَاكِنِهَا وَبُيُوتِهَا (فَأُحْرِقَتْ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنَ الْإِحْرَاقِ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ يُفِيدُ أَنَّ الْإِحْرَاقَ كَانَ جَائِزًا فِي شَرِيعَةِ ذَلِكَ النَّبِيِّ فَلِذَلِكَ مَا عَاتَبَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ بِالْإِحْرَاقِ وَإِنَّمَا عَاتَبَ عَلَيْهِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْوَاحِدَةِ الَّتِي قَرَصَتْ وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ فِي شَرِيعَتِنَا فَلَا يَجُوزُ إِحْرَاقُ الَّتِي قَرَصَتْ أَيْضًا، وَأَمَّا قَتْلُ الْمُؤْذِي فَجَائِزٌ

(فِي أَنْ قَرَصَتْكَ) الْجَارُ مُتَعَلِّقٌ بِأَهْلَكْتَ، وَفِي بِمَعْنَى لَامِ التَّعْلِيلِ (تُسَبِّحُ) إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْأُمَّةَ مَطْلُوبَةُ الْبَقَاءِ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا فَائِدَةٌ إِلَّا التَّسْبِيحُ لَكَفَى دَاعِيًا إِلَى إِبْقَائِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب النهي عن الخذف]

[باب النَّهْيِ عَنْ الْخَذْفِ] 3226 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ «أَنَّ قَرِيبًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ خَذَفَ فَنَهَاهُ وَقَالَ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الْخَذْفِ وَقَالَ إِنَّهَا لَا تَصِيدُ صَيْدًا وَلَا تَنْكَأُ عَدُوًّا وَلَكِنَّهَا تَكْسِرُ السِّنَّ وَتَفْقَأُ الْعَيْنَ قَالَ فَعَادَ فَقَالَ أُحَدِّثُكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهُ ثُمَّ عُدْتَ لَا أُكَلِّمُكَ أَبَدًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (نَهَى عَنِ الْخَذْفِ) بِالْخَاءِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَتَيْنِ رَمْيُ الْإِنْسَانِ بِحَصَاةٍ، أَوْ نَوَاةٍ، أَوْ نَحْوِهِ يَجْعَلُهَا بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ السَّبَّابَتَيْنِ، أَوِ الْإِبْهَامِ وَالسَّبَّابَةِ (وَلَا تَنْكَأُ) كَيَمْنَعُ بِهَمْزَةٍ فِي آخِرِهِ، أَوْ يَضْرِبُ بِيَاءٍ فِي آخِرِهِ وَنِكَايَةُ الْعَدُوِّ إِكْثَارُ الْجَرْحِ فِيهِمْ (أَوْ تَفْقَأُ) آخِرُهُ هَمْزَةٌ، أَيْ: يَشُقُّ الْعَيْنَ وَيُزِيلُهَا.

3227 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ صُهْبَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ «نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَذْفِ وَقَالَ إِنَّهَا لَا تَقْتُلُ الصَّيْدَ وَلَا تَنْكِي الْعَدُوَّ وَلَكِنَّهَا تَفْقَأُ الْعَيْنَ وَتَكْسِرُ السِّنَّ»

[باب قتل الوزغ]

[باب قَتْلِ الْوَزَغِ] 3228 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أُمِّ شَرِيكٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهَا بِقَتْلِ الْأَوْزَاغِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِقَتْلِ الْأَوْزَاغِ) الْوَزَغُ بِفَتْحَتَيْنِ دُوَيْبَةٌ مَعْرُوفَةٌ.

3229 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ حَدَّثَنَا سُهَيْلٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قَتَلَ وَزَغًا فِي أَوَّلِ ضَرْبَةٍ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا حَسَنَةً وَمَنْ قَتَلَهَا فِي الثَّانِيَةِ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا أَدْنَى مِنْ الْأُولَى وَمَنْ قَتَلَهَا فِي الضَّرْبَةِ الثَّالِثَةِ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا حَسَنَةً أَدْنَى مِنْ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَدْنَى مِنَ الْأُولَى) فِي رَاوِيَةِ مُسْلِمٍ «كُتِبَ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَفِي الثَّانِيَةِ دُونَ ذَلِكَ،» وَفِي رِوَايَةٍ: فِي أَوَّلِ ضَرْبَةٍ سَبْعِينَ حَسَنَةً قَالُوا: إِنَّمَا أَمَرَ بِقَتْلِهَا لِكَوْنِهَا مِنَ الْمُؤْذِيَاتِ وَزِيَادَةُ الْحَسَنَاتِ فِي قَتْلِهَا بِالضَّرْبَةِ الْأُولَى لِلْحَثِّ عَلَى الْمُبَادَرَةِ بِقَتْلِهَا وَالِاعْتِنَاءِ بِهِ فَإِنَّهَا رُبَّمَا تَفْلِتُ فَيَفُوتُ قَتْلُهَا وَاخْتِلَافُ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الضَّرْبَةِ الْأُولَى لَعَلَّهُ بِنَاءٌ عَلَى أَنَّهُ أَخْبَرَ أَوَّلًا بِسَبْعِينَ ثُمَّ تَصَدَّقَ اللَّهُ تَعَالَى بِالزِّيَادَةِ فَأَخْبَرَ بِهَا ثَانِيًا.

3230 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْوَزَغِ الْفُوَيْسِقَةُ»

3231 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سَائِبَةَ مَوْلَاةِ الْفَاكِهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ «أَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى عَائِشَةَ فَرَأَتْ فِي بَيْتِهَا رُمْحًا مَوْضُوعًا فَقَالَتْ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ مَا تَصْنَعِينَ بِهَذَا قَالَتْ نَقْتُلُ بِهِ هَذِهِ الْأَوْزَاغَ فَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَنَا أَنَّ إِبْرَاهِيمَ لَمَّا أُلْقِيَ فِي النَّارِ لَمْ تَكُنْ فِي الْأَرْضِ دَابَّةٌ إِلَّا أَطْفَأَتْ النَّارَ غَيْرَ الْوَزَغِ فَإِنَّهَا كَانَتْ تَنْفُخُ عَلَيْهِ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَإِنَّهَا كَانَتْ تَنْفُخُ) ، فِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُ حَدِيثِ عَائِشَةَ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[باب أكل كل ذي ناب من السباع]

[باب أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ] 3232 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ» قَالَ الزُّهْرِيُّ وَلَمْ أَسْمَعْ بِهَذَا حَتَّى دَخَلْتُ الشَّامَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كُلُّ ذِي نَابٍ) كَالْأَسَدِ وَالذِّئْبِ وَالْكَلْبِ وَأَمْثَالِهَا مِمَّا يَعْدُو وَالنَّابُ السِّنُّ الَّذِي خَلْفَ الرُّبَاعِيَّةِ.

3233 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ ح وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ وَإِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَا حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ عَنْ عَبِيدَةَ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَكْلُ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ حَرَامٌ»

3234 - حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ وَعَنْ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنْ الطَّيْرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَعَنْ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ كَالنَّسْرِ وَالصَّقْرِ وَالْبَازِي وَنَحْوِهَا مِمَّا يَصْطَادُ مِنَ الطَّيْرِ بِمِخْلَبِهِ وَالْمِخْلَبُ لِلطَّيْرِ وَالسِّبَاعِ بِمَنْزِلَةِ الظُّفْرِ مِنَ الْإِنْسَانِ.

[باب الذئب والثعلب]

[باب الذِّئْبِ وَالثَّعْلَبِ] 3235 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ عَنْ حِبَّانَ بْنِ جَزْءٍ عَنْ أَخِيهِ خُزَيْمَةَ بْنِ جَزْءٍ قَالَ «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ جِئْتُكَ لِأَسْأَلَكَ عَنْ أَحْنَاشِ الْأَرْضِ مَا تَقُولُ فِي الثَّعْلَبِ قَالَ وَمَنْ يَأْكُلُ الثَّعْلَبَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَقُولُ فِي الذِّئْبِ قَالَ وَيَأْكُلُ الذِّئْبَ أَحَدٌ فِيهِ خَيْرٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ أَحْنَاشِ الْأَرْضِ) أَيْ: هَوَامِّهَا (وَمَنْ يَأْكُلُ الثَّعْلَبَ) كَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَنَّهُ مَكْرُوهٌ طَبْعًا فَلَا يُقْدِمُ أَحَدٌ عَلَى أَكْلِهِ لِذَلِكَ فَلَا حَاجَةَ إِلَى سُؤَالٍ عَنْهُ، وَأَمَّا ذِكْرُهُ مِنَ الذِّئْبِ مَثَلًا فَعَلَى أَنَّهُ مَكْرُوهٌ دِينًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالْحَدِيثُ لَا يَخْلُو عَنْ ضَعْفٍ كَمَا ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ فَإِنَّهُ رَوَى الْأَخْبَثَ مِنْهُ، ثُمَّ أَشَارَ

[باب الضبع]

إِلَى الضَّعْفِ كَذَا فِي الزَّوَائِدِ. [باب الضَّبُعِ] 3236 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ الْمَكِّيُّ عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ ابْنِ أَبِي عَمَّارٍ وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ «سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الضَّبُعِ أَصَيْدٌ هُوَ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ آكُلُهَا قَالَ نَعَمْ قُلْتُ أَشَيْءٌ سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نَعَمْ»

3237 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ عَنْ ابْنِ إِسْحَقَ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ عَنْ حِبَّانَ بْنِ جَزْءٍ عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ جَزْءٍ قَالَ «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَقُولُ فِي الضَّبُعِ قَالَ وَمَنْ يَأْكُلُ الضَّبُعَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَمَنْ يَأْكُلُ الضَّبْعَ) يُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ مَكْرُوهٌ طَبْعًا وَحَدِيثُ جَابِرٍ السَّابِقُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ حَلَالٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى حُرْمَتِهِ قَالَ هَذِهِ الْأُمُورُ الْخَبِيثَةُ طَبْعًا نُسِخَ حِلُّهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157] وَكَانَ بَعْضُهَا حَلَالًا قَبْلُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب الضب]

[باب الضَّبِّ] 3238 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ ثَابِتِ بْنِ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ «كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَصَابَ النَّاسُ ضِبَابًا فَاشْتَوَوْهَا فَأَكَلُوا مِنْهَا فَأَصَبْتُ مِنْهَا ضَبًّا فَشَوَيْتُهُ ثُمَّ أَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَ جَرِيدَةً فَجَعَلَ يَعُدُّ بِهَا أَصَابِعَهُ فَقَالَ إِنَّ أُمَّةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُسِخَتْ دَوَابَّ فِي الْأَرْضِ وَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلَّهَا هِيَ فَقُلْتُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ اشْتَوَوْهَا فَأَكَلُوهَا فَلَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَنْهَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ضِبَابًا) بِالْكَسْرِ جَمْعُ ضَبٍّ (مُسِخَتْ دَوَابًّ) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ الْعِلْمِ بِأَنَّ الْمَمْسُوخَ لَا يَعِيشُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، أَوِ امْتَنَعَ عَنِ الْأَكْلِ بِمُجَرَّدِ الْمُجَانَسَةِ لِلْمَمْسُوخِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ «الْمَمْسُوخَ لَا يَبْقَى أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ» - صَحِيحٌ، وَهَذَا الْحَدِيثُ غَيْرُ صَرِيحٍ فِي الْبَقَاءِ كَمَا لَا يَخْفَى وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ يَقْتَضِي الْبَقَاءَ يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ قَبْلَ الْعِلْمِ.

3239 - حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَقَ الْهَرَوِيُّ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَاتِمٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ الْيَشْكُرِيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُحَرِّمْ الضَّبَّ وَلَكِنْ قَذِرَهُ وَإِنَّهُ لَطَعَامُ عَامَّةِ الرِّعَاءِ وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيَنْفَعُ بِهِ غَيْرَ وَاحِدٍ وَلَوْ كَانَ عِنْدِي لَأَكَلْتُهُ» حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَذَّرَهُ) أَيْ: كَرِهَهُ طَبْعًا لَا دِينًا، وَفِي الزَّوَائِدِ: رِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ حَكَى التِّرْمِذِيُّ فِي الْجَامِعِ عَنِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ قَتَادَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ سُلَيْمَانَ بْنِ قَيْسٍ.

3240 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «نَادَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ حِينَ انْصَرَفَ مِنْ الصَّلَاةِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَرْضَنَا أَرْضٌ مَضَبَّةٌ فَمَا تَرَى فِي الضِّبَابِ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّهُ أُمَّةً مُسِخَتْ فَلَمْ يَأْمُرْ بِهِ وَلَمْ يَنْهَ عَنْهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَضْبَبَةٌ) مَفْعَلٌ، أَيْ:

مَحَلٌّ لِلضِّبَابِ وَمَأْوًى لَهَا، وَالْمُرَادُ أَنَّ الضِّبَابَ فِيهَا كَثِيرٌ.

3241 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيُّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِضَبٍّ مَشْوِيٍّ فَقُرِّبَ إِلَيْهِ فَأَهْوَى بِيَدِهِ لِيَأْكُلَ مِنْهُ فَقَالَ لَهُ مَنْ حَضَرَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ لَحْمُ ضَبٍّ فَرَفَعَ يَدَهُ عَنْهُ فَقَالَ لَهُ خَالِدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحَرَامٌ الضَّبُّ قَالَ لَا وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِي فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ قَالَ فَأَهْوَى خَالِدٌ إِلَى الضَّبِّ فَأَكَلَ مِنْهُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَقُرِّبَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنَ التَّقْرِيبِ (فَأَهْوَى بِيَدِهِ) وَأَمَالَ لِيَتَنَاوَلَ مِنْهُ (أَعَافُهُ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، أَيْ: أَكْرَهُهُ طَبْعًا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ فِي وَجْهِ الْكَرَاهَةِ وَالْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ حَلَالٌ لَكِنَّهُ مُسْتَقْذَرٌ طَبْعًا لَا يُوَافِقُ كُلَّ ذِي طَبْعٍ شَرِيفٍ فَلِذَلِكَ مَنْ يَقُولُ بِحُرْمَتِهِ يَقُولُ كَانَ هَذَا قَبْلَ نُزُولِ قَوْلِهِ تَعَالَى {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157] وَبَعْدَ نُزُولِهِ حَرَّمَ الْخَبَائِثَ وَالضَّبُّ مِنْ جُمْلَتِهِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَسْتَقْذِرُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

3242 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا أُحَرِّمُ يَعْنِي الضَّبَّ»

[باب الأرنب]

[باب الْأَرْنَبِ] 3243 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «مَرَرْنَا بِمَرِّ الظَّهْرَانِ فَأَنْفَجْنَا أَرْنَبًا فَسَعَوْا عَلَيْهَا فَلَغَبُوا فَسَعَيْتُ حَتَّى أَدْرَكْتُهَا فَأَتَيْتُ بِهَا أَبَا طَلْحَةَ فَذَبَحَهَا فَبَعَثَ بِعَجُزِهَا وَوَرِكِهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَبِلَهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَأَنْفَجْنَا) هُوَ بِنُونٍ وَفَاءٍ وَجِيمٍ، أَيْ: هَيَّجْنَاهَا مِنْ مَحَلِّهَا لِنَأْخُذَهَا (فَلَغَبُوا) بِفَتْحِ لَامٍ وَغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ وَكَسْرُ الْغَيْنِ لُغَةٌ ضَعِيفَةٌ، أَيْ: عَجَزُوا وَتَعِبُوا (فَقَبِلَهَا) وَالْقَبُولُ دَلِيلُ الْحِلِّ.

3244 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَفْوَانَ «أَنَّهُ مَرَّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَرْنَبَيْنِ مُعَلِّقَهُمَا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصَبْتُ هَذَيْنِ الْأَرْنَبَيْنِ فَلَمْ أَجِدْ حَدِيدَةً أُذَكِّيهِمَا بِهَا فَذَكَّيْتُهُمَا بِمَرْوَةٍ أَفَآكُلُ قَالَ كُلْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِمَرْوَةَ) بِفَتْحِ مِيمٍ وَسُكُونِ رَاءٍ حَجَرٌ أَبْيَضُ يُجْعَلُ مِنْهُ السِّكِّينُ.

3245 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ عَنْ حِبَّانَ بْنِ جَزْءٍ عَنْ أَخِيهِ خُزَيْمَةَ بْنِ جَزْءٍ قَالَ «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ جِئْتُكَ لِأَسْأَلَكَ عَنْ أَحْنَاشِ الْأَرْضِ مَا تَقُولُ فِي الضَّبِّ قَالَ لَا آكُلُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ قَالَ قُلْتُ فَإِنِّي آكُلُ مِمَّا لَمْ تُحَرِّمْ وَلِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فُقِدَتْ أُمَّةٌ مِنْ الْأُمَمِ وَرَأَيْتُ خَلْقًا رَابَنِي قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَقُولُ فِي الْأَرْنَبِ قَالَ لَا آكُلُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ قُلْتُ فَإِنِّي آكُلُ مِمَّا لَمْ تُحَرِّمْ وَلِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نُبِّئْتُ أَنَّهَا تَدْمَى» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فُقِدَتْ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ، أَيْ: غَابَتْ (خَلْقًا) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَإِنَّهَا تُشْبِهُ الْإِنْسَانَ فِي عَدَدِ الْأَصَابِعِ، أَوْ بِضَمَّتَيْنِ، أَيْ: رَأَيْتُ فِيهَا خَصْلَةً حَصَلَ عِنْدِي بِهَا شَكٌّ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْأُمَّةُ قَدْ مُسِخَتْ ضِبَابًا (تَدْمَى) مُضَارِعُ دَمِيَ كَرَضِيَ، أَيْ: تَحِيضُ.

[باب الطافي من صيد البحر]

[باب الطَّافِي مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ] 3246 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ حَدَّثَنِي صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ مِنْ آلِ ابْنِ الْأَزْرَقِ أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ أَبِي بُرْدَةَ وَهُوَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَحْرُ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ بَلَغَنِي عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ الْجَوَادِ أَنَّهُ قَالَ هَذَا نِصْفُ الْعِلْمِ لِأَنَّ الدُّنْيَا بَرٌّ وَبَحْرٌ فَقَدْ أَفْتَاكَ فِي الْبَحْرِ وَبَقِيَ الْبَرُّ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْحِلُّ مِيتَتُهُ) أَيْ: هَذَا الْعُمُومُ يَشْمَلُ الطَّافِيَ وَهُوَ مَا مَاتَ فِي الْبَحْرِ بِلَا سَبَبٍ، ثُمَّ عَلَا وَارْتَفَعَ عَلَى ظَهْرِ الْبَحْرِ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ حَلَالٌ.

3247 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَلْقَى الْبَحْرُ أَوْ جَزَرَ عَنْهُ فَكُلُوهُ وَمَا مَاتَ فِيهِ فَطَفَا فَلَا تَأْكُلُوهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَوْ جَزْرَفَ عَنْهُ) بِجِيمٍ، ثُمَّ زَايٍ مُعْجَمَةٍ، ثُمَّ رَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَفَاءٍ، أَيْ: عَلَا وَارْتَفَعَ عَلَى ظَهْرِ الْبَحْرِ بَعْدَ أَنْ مَاتَ فِيهِ حَتْفَ أَنْفِهِ قَالَ الدَّمِيرِيُّ وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ بِاتِّفَاقِ الْحُفَّاظِ لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ فَإِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيِّ وَهُوَ كَثِيرُ الْوَهْمِ سَيِّئُ الْحِفْظِ وَقَدْ جَاءَ فِي غَيْرِهِ مَرْفُوعًا. قُلْتُ: وَقَدْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِطَرِيقٍ وَضَعَّفَهَا، لَكِنْ كَثُرَ أَنَّ لَهَا أَصْلًا وَرُبَّمَا يُجَابُ عَنْ مُعَارَضَتِهِ لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ أَنَّهُ مِنْ بَابِ مُعَارَضَةِ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ فَيُقَدِّمُ الْحُرْمَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب الغراب]

[باب الْغُرَابِ] 3248 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ النَّيْسَابُورِيُّ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «مَنْ يَأْكُلُ الْغُرَابَ وَقَدْ سَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسِقًا وَاللَّهِ مَا هُوَ مِنْ الطَّيِّبَاتِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَا هُوَ مِنَ الطَّيِّبَاتِ)

إِذْ لَوْ كَانَ مِنْهَا لَمَا سَمَّاهُ فَاسِقًا وَاللَّهُ تَعَالَى أَمَرَ الرُّسُلَ بِالْأَكْلِ مِنَ الطَّيِّبَاتِ فَقَالَ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ} [المؤمنون: 51] وَأُمَمُهُمْ أَتْبَاعٌ لَهُمْ فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَأْكُلُوا مِمَّا لَيْسَ مِنْهَا، وَفِي الزَّوَائِدِ: هَذَا الْإِسْنَادُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

3249 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا الْأَنْصَارِيُّ حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْحَيَّةُ فَاسِقَةٌ وَالْعَقْرَبُ فَاسِقَةٌ وَالْفَأْرَةُ فَاسِقَةٌ وَالْغُرَابُ فَاسِقٌ» فَقِيلَ لِلْقَاسِمِ أَيُؤْكَلُ الْغُرَابُ قَالَ مَنْ يَأْكُلُهُ بَعْدَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسِقًا ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَالْغُرَابُ فَاسِقٌ فَقِيلَ لِلْقَاسِمِ. . . إِلَخْ) ، فِي الزَّوَائِدِ: رِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ الْمَسْعُودِيَّ اخْتَلَطَ بِآخِرِهِ وَلَمْ نَعْلَمْ هَلْ رَوَى الْأَنْصَارِيُّ هَذَا عَنِ الْمَسْعُودِيِّ قَبْلَ الِاخْتِلَاطِ، أَوْ بَعْدَهُ فَيَجِبُ التَّوَقُّفُ فِي حَدِيثِهِ وَاسْمُ الْأَنْصَارِيِّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى.

[باب الهرة]

[باب الْهِرَّةِ] 3250 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مَهْدِيٍّ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا عُمَرُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ الْهِرَّةِ وَثَمَنِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ أَكْلِ الْهِرَّةِ وَثَمَنِهَا) وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ فِي أَبْوَابِ الْبَيْعِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[كتاب الأطعمة]

[كِتَاب الْأَطْعِمَةِ] [باب إِطْعَامِ الطَّعَامِ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَاب الْأَطْعِمَةِ باب إِطْعَامِ الطَّعَامِ 3251 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عَوْفٍ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ قَالَ «لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ انْجَفَلَ النَّاسُ قِبَلَهُ وَقِيلَ قَدْ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ قَدْ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ثَلَاثًا فَجِئْتُ فِي النَّاسِ لِأَنْظُرَ فَلَمَّا تَبَيَّنْتُ وَجْهَهُ عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ فَكَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلَامَ وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَصِلُوا الْأَرْحَامَ وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (انْجَفَلَ النَّاسُ قَبْلَهُ) أَيْ: ذَهَبُوا مُسْرِعِينَ نَحْوَهُ كَذَا قِيلَ: وَفِي الصِّحَاحِ انْجَفَلَ الْقَوْمُ، أَيِ: انْقَلَبُوا كُلُّهُمْ وَمَضَوْا (وَقِيلَ: قَدْ قَدُمَ. . . إِلَخْ) أَيِ: اشْتَهَرَ بَيْنَ النَّاسِ هَذَا الْخَبَرُ (فَلَمَّا تَبَيَّنْتُ) أَيْ: عَرَفْتُهُ (لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ) لِمَا لَاحَ عَلَيْهِ مِنْ أَنْوَارِ النُّبُوَّةِ (أَوَّلَ شَيْءٍ) بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ كَانَ وَاسْمُهَا أَنْ قَالَ (وَأَفْشُوا) مِنَ الْإِفْشَاءِ أَيْ كَثِّرُوا وَبَيِّنُوهُ فِيمَا بَيْنَكُمْ (بِسَلَامٍ) أَيْ سَالِمِينَ مِنَ الْمَكْرُوهِ، أَوْ يُسَلِّمُ عَلَيْكُمُ الْمَلَائِكَةُ

وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ فِي أَبْوَابِ صَلَاةِ اللَّيْلِ.

3252 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْأَزْدِيُّ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ «كَانَ يَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَفْشُوا السَّلَامَ وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَكُونُوا إِخْوَانًا كَمَا أَمَرَكُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كَمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ) فِيهِ أَنَّ الْمَطْلُوبَ الْأُخُوَّةُ فِي الطَّاعَةِ لَا فِي الْمَعْصِيَةِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، رِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِنْ كَانَ ابْنُ جُرَيْجٍ سَمِعَهُ مِنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى.

3253 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْإِسْلَامِ خَيْرٌ قَالَ تُطْعِمُ الطَّعَامَ وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَيُّ الْإِسْلَامِ خَيْرٌ) أَيْ: أَيُّ خِصَالِ الْإِسْلَامِ خَيْرٌ، وَقَوْلُهُ: (تُطْعِمُ) بِتَقْدِيرِ أَنْ تُطْعِمَ، وَهَذَا الْبَيَانُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَيْرِ مَا هُوَ أَنْفَعُ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ وَالْمَوَدَّةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ.

[باب طعام الواحد يكفي الاثنين]

[باب طَعَامِ الْوَاحِدِ يَكْفِي الِاثْنَيْنِ] 3254 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الْأَسَدِيُّ أَنْبَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَنْبَأَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامُ الْوَاحِدِ يَكْفِي الِاثْنَيْنِ وَطَعَامُ الِاثْنَيْنِ يَكْفِي الْأَرْبَعَةَ وَطَعَامُ الْأَرْبَعَةِ يَكْفِي الثَّمَانِيَةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (طَعَامُ الْوَاحِدِ يَكْفِي الِاثْنَيْنِ) فِيهِ حَثٌّ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِقَلِيلِ الطَّعَامِ وَعَلَى إِيثَارِ الْإِخْوَانِ بِالطَّعَامِ وَعَلَى أَنَّهُ مَنْ قَنَعَ بِقَلِيلٍ كَفَاهُ اللَّهُ تَعَالَى.

3255 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَهْرَمَانُ آلِ الزُّبَيْرِ قَالَ سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ طَعَامَ الْوَاحِدِ يَكْفِي الِاثْنَيْنِ وَإِنَّ طَعَامَ الِاثْنَيْنِ يَكْفِي الثَّلَاثَةَ وَالْأَرْبَعَةَ وَإِنَّ طَعَامَ الْأَرْبَعَةِ يَكْفِي الْخَمْسَةَ وَالسِّتَّةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ) ، فِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَهْرَمَانُ آلِ الزُّبَيْرِ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[باب المؤمن يأكل في معى واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء]

[باب الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ] 3256 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ) مِنْ شَأْنِ الْمُؤْمِنِ التَّقْلِيلُ مِنَ الْأَطْعِمَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ

حُظُوظِ الدُّنْيَا وَإِرْسَالُ النَّفْسِ فِيهَا مِنْ شَأْنِ الْكَافِرِينَ الَّذِينَ نَظَرُهُمْ مَقْصُورٌ عَلَى هَذِهِ الدَّارِ، وَأَمَّا مَنْ يَرَى هَذِهِ الدَّارَ فَنَاءً وَيَعْتَقِدُ أَنَّ هُنَاكَ دَارًا أُخْرَى هِيَ دَارُ بَقَاءٍ فَمِنْ شَأْنِهِ الزُّهْدُ فِي هَذِهِ وَالِاسْتِعْدَادُ لِتِلْكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

3257 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ وَالْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ»

3258 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ جَدِّهِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ»

[باب النهي أن يعاب الطعام]

[باب النَّهْيِ أَنْ يُعَابَ الطَّعَامُ] 3259 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «مَا عَابَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا قَطُّ إِنْ رَضِيَهُ أَكَلَهُ وَإِلَّا تَرَكَهُ» حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي يَحْيَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ نُخَالِفُ فِيهِ يَقُولُونَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَا عَابَ) هُوَ أَنْ يَقُولَ هَذَا مَالِحٌ، أَوْ قَلِيلُ الْمِلْحِ وَنَحْوَهُ، وَأَمَّا إِظْهَارُ الْكَرَاهَةِ الطَّبِيعِيَّةِ كَمَا فِي الضَّبِّ فَلَيْسَ مِنَ الْعَيْبِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب الوضوء عند الطعام]

[باب الْوُضُوءِ عِنْدَ الطَّعَامِ] 3260 - حَدَّثَنَا جُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ سُلَيْمٍ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُكْثِرَ اللَّهُ خَيْرَ بَيْتِهِ فَلْيَتَوَضَّأْ إِذَا حَضَرَ غَدَاؤُهُ وَإِذَا رُفِعَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (خَيْرَ بَيْتِهِ) أَيْ: يُبَارِكُ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيَزِيدُ لَهُ فِي طَعَامِهِ (فَلْيَتَوَضَّأْ) مَحْمُولٌ عَلَى غَسْلِ الْيَدَيْنِ فَقَطْ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مُرَاعَاةَ الْأَدَبِ وَالسُّنَنِ فِي اسْتِعْمَالِ النِّعَمِ مِنْ جُمْلَةِ الشُّكْرِ عَلَيْهَا وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7] وَتَخْصِيصُ الْغَدَاءِ اتِفَاقِيٌّ، وَإِلَّا فَالْعَشَاءُ كَذَلِكَ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ جُبَارَةُ وَكَثِيرٌ وَهُمَا ضَعِيفَانِ.

3261 - حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ حَدَّثَنَا صَاعِدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْجَزَرِيُّ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ الْمَكِّيُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ الْغَائِطِ فَأُتِيَ بِطَعَامٍ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا آتِيكَ بِوَضُوءٍ قَالَ أُرِيدُ الصَّلَاةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِوَضُوءٍ) بِفَتْحِ وَاوٍ، مَاءُ الْوُضُوءِ (أُرِيدُ الصَّلَاةَ) إِنْكَارًا عَلَيْهِ بِأَنَّ الْوُضُوءَ عِنْدَ الصَّلَوَاتِ وَنَحْوِهَا، وَأَمَّا الطَّعَامُ فَيَكْفِي عِنْدَهُ غَسْلُ الْيَدَيْنِ وَهُوَ أَيْضًا لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ؛ لِأَنَّ صَاعِدَ بْنَ عُبَيْدٍ لَمْ أَرَ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ لَا بِجَرْحٍ وَلَا بِتَوْثِيقٍ وَجَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ شَيْخٌ وَقَالَ النَّسَائِيُّ صَالِحٌ وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحَيْنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب الأكل متكئا]

[باب الْأَكْلُ مُتَّكِئًا] 3262 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْأَقْمَرِ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا آكُلُ مُتَّكِئًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا آكُلُ مُتَّكِئًا) الِاتِّكَاءُ هُوَ أَنْ يَتَمَكَّنَ فِي الْجُلُوسِ مُتَرَبِّعًا، أَوْ يَسْتَوِيَ قَاعِدًا عَلَى وِطَاءٍ، أَوْ يُسْنِدَ ظَهْرَهُ إِلَى شَيْءٍ، أَوْ يَضَعَ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ وَكُلُّ ذَلِكَ خِلَافُ النَّدْبِ الْمَطْلُوبِ حَالَ الْأَكْلِ وَبَعْضُهُ فِعْلُ الْمُكْثِرِينَ الطَّعَامَ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالِاتِّكَاءِ الْمَيْلَ وَالِاعْتِمَادَ عَلَى أَحَدِ جَانِبَيْهِ كَمَا يَحْسَبُهُ الْعَامَّةُ وَمَنْ حَمَلَ عَلَيْهِ تَأَوَّلَ عَلَى مَذْهَبِ الطِّبِّ فَإِنَّهُ لَا يَنْحَدِرُ فِي مَجَارِي الطَّعَامِ سَهْلًا وَلَا يُسِيغُهُ هَيِّنًا وَرُبَّمَا يَتَأَذَّى بِهِ.

3263 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا أَبِي أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عِرْقٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ قَالَ «أَهْدَيْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاةً فَجَثَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ يَأْكُلُ فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ مَا هَذِهِ الْجِلْسَةُ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ جَعَلَنِي عَبْدًا كَرِيمًا وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا عَنِيدًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَجَثَى) بِجِيمٍ وَمُثَلَّثَةٍ يُقَالُ جَثَى إِذَا جَلَسَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، أَوْ قَامَ عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ جَلَسَ جُلُوسَ الْمُسْتَعْجِلِ الْمُتَعَلِّقِ قَلْبُهُ بِشُغْلٍ فَيَأْكُلُ قَلِيلًا لِيَتَفَرَّغَ لِشُغْلِهِ وَهَذِهِ الْهَيْئَةُ فِي الْجُلُوسِ يَخْتَارُهَا الْعُبُودِيَّةُ وَلَا يَخْتَارُهَا الْمُلُوكُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ «جَعَلَنِي عَبْدًا كَرِيمًا وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا عَنِيدًا» وَلَمَّا كَانَ الْأَعْرَابُ رُبَّمَا سَبَقَ ذِهْنُهُمْ مِنِ اسْمِ الْعَبْدِ إِلَى التَّحْقِيرِ وَمِنِ اسْمِ الْمَلِكِ إِلَى التَّعْظِيمِ زَادَ قَوْلَهُ: كَرِيمًا وَعَبَّرَ عَنِ الْمَلِكِ بِقَوْلِهِ جَبَّارًا عَنِيدًا، وَفِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بِشْرٍ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب التسمية عند الطعام]

[باب التَّسْمِيَةِ عِنْدَ الطَّعَامِ] 3264 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ عَنْ بُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ طَعَامًا فِي سِتَّةِ نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَأَكَلَهُ بِلُقْمَتَيْنِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ لَكَفَاكُمْ فَإِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَامًا فَلْيَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ فَإِنْ نَسِيَ أَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ فِي أَوَّلِهِ فَلْيَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ فِي أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَأَكَلَهُ بِلُقْمَتَيْنِ) أَيْ: جَعَلَ الطَّعَامَ كُلَّهُ لُقْمَتَيْنِ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكْفِي بَسْمَلَةُ بَعْضٍ فِي الْأَكْلِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَسْمَلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ (فَلْيَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ) فِي أَوَّلِهِ كَمَا يَقْتَضِيهِ قَوْلُهُ: (فَإِنْ نَسِيَ أَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ) بِسْمِ اللَّهِ فِي أَوَّلِهِ فَلْيَقُلْ حِينَ يَذْكُرُ، أَيْ: فِي أَثْنَاءِ الْأَكْلِ، أَوْ وَهُوَ فِي آخِرِهِ بِسْمِ اللَّهِ فِي أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ، أَيْ: آكُلُ مُتَبَرِّكًا بِاسْمِهِ فِي أَوَّلِ الْأَكْلِ وَآخِرِهِ فَقَوْلُهُ فِي أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ ظَرْفٌ لِلتَّبَرُّكِ

وَالتَّبَرُّكُ بِاسْمِهِ تَعَالَى فِي أَوَّلِ الْأَكْلِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ إِلَّا فِي الْوَسَطِ غَيْرُ مُسْتَبْعَدٍ بِطَرِيقِ الْإِنْشَاءِ، وَإِنْ كَانَ الْإِخْبَارُ بِهِ لَا يَصِحُّ، وَفِي الزَّوَائِدِ: رِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ إِلَّا أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِي الْمُجْمَلِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَائِشَةَ.

3265 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ «قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا آكُلُ سَمِّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِسْمِ اللَّهِ) أَيْ: فِي ابْتِدَاءِ الْأَكْلِ، وَلَعَلَّهُ نَسِيَ فَأَمَرَهُ أَنْ يَقُولَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب الأكل باليمين]

[باب الْأَكْلِ بِالْيَمِينِ] 3266 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا الْهِقْلُ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِيَأْكُلْ أَحَدُكُمْ بِيَمِينِهِ وَلْيَشْرَبْ بِيَمِينِهِ وَلْيَأْخُذْ بِيَمِينِهِ وَلْيُعْطِ بِيَمِينِهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ وَيُعْطِي بِشِمَالِهِ وَيَأْخُذُ بِشِمَالِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ. . . إِلَخْ) أَيْ: فَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُخَالِفَ فِعْلَهُ وَالْحَدِيثُ عَلَى حَقِيقَتِهِ إِذْ لَا بُعْدَ فِي أَكْلِ الشَّيْطَانِ وَشُرْبِهِ وَأَنْ يَكُونَ لَهُ يَدَانِ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ أَوْلِيَاؤُهُ، وَفِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

3267 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ سَمِعَهُ مِنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ «كُنْتُ غُلَامًا فِي حِجْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ فَقَالَ لِي يَا غُلَامُ سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (تَطِيشُ) أَيْ: تَتَحَرَّكُ وَتَضْطَرِبُ وَلَا تَثْبُتُ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

3268 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَأْكُلُوا بِالشِّمَالِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِالشِّمَالِ»

[باب لعق الأصابع]

[باب لَعْقِ الْأَصَابِعِ] 3269 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَامًا فَلَا يَمْسَحْ يَدَهُ حَتَّى يَلْعَقَهَا أَوْ يُلْعِقَهَا» قَالَ سُفْيَانُ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ قَيْسٍ يَسْأَلُ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ أَرَأَيْتَ حَدِيثَ عَطَاءٍ لَا يَمْسَحْ أَحَدُكُمْ يَدَهُ حَتَّى يَلْعَقَهَا أَوْ يُلْعِقَهَا عَمَّنْ هُوَ قَالَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ فَإِنَّهُ حُدِّثْنَاهُ عَنْ جَابِرٍ قَالَ حَفِظْنَاهُ مِنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ جَابِرٌ عَلَيْنَا وَإِنَّمَا لَقِيَ عَطَاءٌ جَابِرًا فِي سَنَةٍ جَاوَرَ فِيهَا بِمَكَّةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَلْعَقُهَا أَوْ يُلْعِقُهَا) الْأَوَّلُ مِنْ لَعِقَ وَالثَّانِي مِنْ أَلْعَقَ، أَيْ: لِيُمَكِّنَ غَيْرَهُ مِنْ لَعْقِهَا مِمَّا لَا يُقَذِّرُهُ كَالزَّوْجَةِ وَالْجَارِيَةِ وَالْوَلَدِ وَالْخَادِمِ لِأَنَّهُمْ يَتَلَذَّذُونَ

بِذَلِكَ، وَفِي مَعْنَاهُمُ التِّلْمِيذُ وَمَنْ يَعْتَقِدُ التَّبَرُّكَ بِلَعْقِهَا.

3270 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنْبَأَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَمْسَحْ أَحَدُكُمْ يَدَهُ حَتَّى يَلْعَقَهَا فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي فِي أَيِّ طَعَامِهِ الْبَرَكَةُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي أَيِّ طَعَامِهِ الْبَرَكَةُ) أَيْ: لَا يَدْرِي أَنَّ الْبَرَكَةَ فِيمَا عَلَى الْأَصَابِعِ، أَوْ فِي غَيْرِهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُضَيَّعَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب تنقية الصحفة]

[باب تَنْقِيَةِ الصَّحْفَةِ] 3271 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْبَرَّاءُ قَالَ حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي أُمُّ عَاصِمٍ قَالَتْ «دَخَلَ عَلَيْنَا نُبَيْشَةُ مَوْلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نَأْكُلُ فِي قَصْعَةٍ فَقَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَكَلَ فِي قَصْعَةٍ فَلَحِسَهَا اسْتَغْفَرَتْ لَهُ الْقَصْعَةُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (اسْتَغْفَرَتْ لَهُ الْقَصْعَةُ) حَقِيقَتُهُ غَيْرُ مُسْتَبْعَدَةٍ لِمَنْ يَعْلَمُ قُدْرَةَ الْخَالِقِ ذَكَرَهُ الدَّمِيرِيُّ، وَهَذَا لَا يُؤَوِّلُ الْحَقِيقَةَ وَقَدْ يُؤَوَّلُ ذَلِكَ بِاسْتِغْفَارِ مَنْ يَحْتَاجُ إِلَى اسْتِعْمَالِ الْقَصْعَةِ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ إِذَا وَجَدَهَا نَقِيَّةً يَطِيبُ بِهَا قَلْبُهُ وَذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِغْفَارِ مِمَّا فِيهَا.

3272 - حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ وَنَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَا حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ رَاشِدٍ أَبُو الْيَمَانِ حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي عَنْ رَجُلٍ مِنْ هُذَيْلٍ يُقَالُ لَهُ نُبَيْشَةُ الْخَيْرِ قَالَتْ «دَخَلَ عَلَيْنَا نُبَيْشَةُ وَنَحْنُ نَأْكُلُ فِي قَصْعَةٍ لَنَا فَقَالَ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَكَلَ فِي قَصْعَةٍ ثُمَّ لَحِسَهَا اسْتَغْفَرَتْ لَهُ الْقَصْعَةُ»

[باب الأكل مما يليك]

[باب الْأَكْلِ مِمَّا يَلِيكَ] 3273 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْعَسْقَلَانِيُّ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا وُضِعَتْ الْمَائِدَةُ فَلْيَأْكُلْ مِمَّا يَلِيهِ وَلَا يَتَنَاوَلْ مِنْ بَيْنِ يَدَيْ جَلِيسِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذَا وُضِعَتِ الْمَائِدَةُ) هِيَ خُوَانٌ عَلَيْهِ طَعَامٌ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ طَعَامٌ فَلَيْسَ بِمَائِدَةٍ، وَإِنَّمَا هُوَ خُوَانٌ ذَكَرَهُ فِي الصِّحَاحِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ هَاهُنَا مَا يَعُمُّ السُّفْرَةَ (فَلْيَأْكُلْ) أَيِ: الْآكِلُ، أَوْ مَنْ حَضَرَهُ (وَلَا يَتَنَاوَلْ) بِالْجَزْمِ عَلَى أَنَّهُ نَهْيٌ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ أَعْيَنَ أَخُو حِمْرَانَ قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْكَاشِفِ وَاهٍ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ جَاءَ بِأَحَادِيثَ مُنْكَرَةً لَيْسَ مِنْهَا شَيْءٌ مَحْفُوظٌ

وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ.

3274 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي السَّوِيَّةِ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عِكْرَاشٍ عَنْ أَبِيهِ عِكْرَاشِ بْنِ ذُؤَيْبٍ قَالَ «أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَفْنَةٍ كَثِيرَةِ الثَّرِيدِ وَالْوَدَكِ فَأَقْبَلْنَا نَأْكُلُ مِنْهَا فَخَبَطْتُ يَدِي فِي نَوَاحِيهَا فَقَالَ يَا عِكْرَاشُ كُلْ مِنْ مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ طَعَامٌ وَاحِدٌ ثُمَّ أُتِينَا بِطَبَقٍ فِيهِ أَلْوَانٌ مِنْ الرُّطَبِ فَجَالَتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الطَّبَقِ وَقَالَ يَا عِكْرَاشُ كُلْ مِنْ حَيْثُ شِئْتَ فَإِنَّهُ غَيْرُ لَوْنٍ وَاحِدٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عِكْرَاشُ بْنُ ذُؤَيْبٍ) ضُبِطَ بِكَسْرِ عَيْنٍ مُهْمَلَةٍ وَسُكُونِ كَافٍ وَذُؤَيْبٌ بِضَمِّ ذَالٍ مُعْجَمَةٍ وَفَتْحِ هَمْزَةٍ قَوْلُهُ: (بِجَفْنَةٍ) بِفَتْحِ جِيمٍ وَسُكُونِ الْفَاءِ إِنَاءٌ مَعْرُوفٌ (فَخَبَطْتُ) الْخَبْطُ فِعْلُ الشَّيْءِ عَلَى غَيْرِ نِظَامٍ، وَالْمُرَادُ إِدْخَالُ الْيَدِ لِأَعْلَى وَجْهِهِ (ثُمَّ أُتِينَا) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ، وَفِي الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ صِنْفًا وَاحِدًا لَمْ يَكُنْ لِجَوَلَانِ الْيَدِ مَعْنًى وَهُوَ اخْتِيَارُ مَا يُسْتَطَابُ مِنْهُ.

[باب النهي عن الأكل من ذروة الثريد]

[باب النَّهْيِ عَنْ الْأَكْلِ مِنْ ذُرْوَةِ الثَّرِيدِ] 3275 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عِرْقٍ الْيَحْصَبِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِقَصْعَةٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُوا مِنْ جَوَانِبِهَا وَدَعُوا ذُرْوَتَهَا يُبَارَكْ فِيهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَذُرْوَتُهَا) فِي الْقَامُوسِ الذُّرْوَةُ بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ أَعْلَى الشَّيْءِ، وَالْمُرَادُ الْوَسَطُ وَالْبَرَكَةُ وَالنَّمَاءُ وَالزِّيَادَةُ وَمَحَلُّهَا الْوَسَطُ فَاللَّائِقُ إِبْقَاؤُهُ إِلَى آخِرِ الطَّعَامِ لِبَقَاءِ الْبَرَكَةِ وَاسْتِمْرَارُهَا وَلَا يَحْسُنُ إِفْنَاؤُهُ وَإِزَالَتُهُ.

3276 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ الدَّرَفْسِ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي قَسِيمَةَ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ اللَّيْثِيِّ قَالَ «أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَأْسِ الثَّرِيدِ فَقَالَ كُلُوا بِسْمِ اللَّهِ مِنْ حَوَالَيْهَا وَاعْفُوا رَأْسَهَا فَإِنَّ الْبَرَكَةَ تَأْتِيهَا مِنْ فَوْقِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَاعْفُوا) أَيِ: اتْرُكُوا، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي قَسِيمَةَ لَمْ أَرَ لِأَحَدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ فِيهِ كَلَامًا وَعَمْرُو بْنُ الدِّرَفْسِ، قِيلَ: صَالِحُ الْحَدِيثِ وَبَاقِي الرِّجَالِ ثِقَاتٌ وَالدِّرَفْسُ بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِ الرَّاءِ.

3277 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا وُضِعَ الطَّعَامُ فَخُذُوا مِنْ حَافَتِهِ وَذَرُوا وَسَطَهُ فَإِنَّ الْبَرَكَةَ تَنْزِلُ فِي وَسَطِهِ»

[باب اللقمة إذا سقطت]

[باب اللُّقْمَةِ إِذَا سَقَطَتْ] 3278 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ «بَيْنَمَا هُوَ يَتَغَدَّى إِذْ سَقَطَتْ مِنْهُ لُقْمَةٌ فَتَنَاوَلَهَا فَأَمَاطَ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ أَذًى فَأَكَلَهَا فَتَغَامَزَ بِهِ الدَّهَاقِينُ فَقِيلَ أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ إِنَّ هَؤُلَاءِ الدَّهَاقِينَ يَتَغَامَزُونَ مِنْ أَخْذِكَ اللُّقْمَةَ وَبَيْنَ يَدَيْكَ هَذَا الطَّعَامُ قَالَ إِنِّي لَمْ أَكُنْ لِأَدَعَ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِهَذِهِ الْأَعَاجِمِ إِنَّا كُنَّا نَأْمُرُ أَحَدُنَا إِذَا سَقَطَتْ لُقْمَتُهُ أَنْ يَأْخُذَهَا فَيُمِيطَ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ أَذًى وَيَأْكُلَهَا وَلَا يَدَعَهَا لِلشَّيْطَانِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَأَمَاطَ) أَيْ: أَزَالَ (فَتَغَامَزَ بِهِ الدَّهَاقِينُ)

أَيْ: أَصْحَابُ الْقُرَى وَأَهْلُ الزِّرَاعَةِ، أَيْ: أَشَارَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ بِخِسَّةِ مَا فَعَلَهُ (مِنْ أَخْذِكَ) مِنْ تَعْلِيلِيَّةٌ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الْحَسَنُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ.

3279 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا وَقَعَتْ اللُّقْمَةُ مِنْ يَدِ أَحَدِكُمْ فَلْيَمْسَحْ مَا عَلَيْهَا مِنْ الْأَذَى وَلْيَأْكُلْهَا»

[باب فضل الثريد على الطعام]

[باب فَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى الطَّعَامِ] 3280 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَمَلَ مِنْ الرِّجَالِ كَثِيرٌ وَلَمْ يَكْمُلْ مِنْ النِّسَاءِ إِلَّا مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ وَإِنَّ فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كَمُلَ مِنَ الرِّجَالِ) هُوَ كَنَصَرَ وَكَرُمَ (إِلَّا مَرْيَمَ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْحَصْرَ، بَلْ بَيَانَ الْقِلَّةِ وَمَا ذَكَرَهُ فَهُوَ مَذْكُورٌ عَلَى سَبِيلِ التَّمْثِيلِ فَلَا إِشْكَالَ بِفَاطِمَةَ وَخَدِيجَةَ وَالثَّرِيدُ أَفْضَلُ طَعَامِ الْعَرَبِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ اللَّحْمِ جَامِعٌ بَيْنَ اللَّذَّةِ وَالْقُوَّةِ وَسُهُولَةِ التَّنَاوُلِ وَقِلَّةِ الْمُؤْنَةِ فِي الْمَضْغِ وَفَضْلُ عَائِشَةَ بِوُجُودِهِ لِحُسْنِ الْخُلُقِ وَفَصَاحَةِ اللِّسَانِ وَرَزَانَةِ الرَّأْيِ وَلِهَذَا ذَكَرَ فَضْلَ عَائِشَةَ بِكَلَامٍ مُسْتَقِلٍّ وَلَمْ يَعْطِفْ عَائِشَةَ عَلَى السَّابِقَتَيْنِ.

3281 - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَنْبَأَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ»

[باب مسح اليد بعد الطعام]

[باب مَسْحِ الْيَدِ بَعْدَ الطَّعَامِ] 3282 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمِصْرِيُّ أَبُو الْحَارِثِ الْمُرَادِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «كُنَّا زَمَانَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَلِيلٌ مَا نَجِدُ الطَّعَامَ فَإِذَا نَحْنُ وَجَدْنَاهُ لَمْ يَكُنْ لَنَا مَنَادِيلُ إِلَّا أَكُفُّنَا وَسَوَاعِدُنَا وَأَقْدَامُنَا ثُمَّ نُصَلِّي وَلَا نَتَوَضَّأُ» قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ غَرِيبٌ لَيْسَ إِلَّا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَمْ يَكُنْ لَنَا مَنَادِيلُ) أَيْ: نَمْسَحُ بِهَا أَيْدِيَنَا مِنَ الطَّعَامِ (وَلَا نَتَوَضَّأُ) أَيْ: نَغْسِلُ الْيَدَيْنِ وَالْوُضُوءُ الشَّرْعِيُّ اللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما يقال إذا فرغ من الطعام]

[باب مَا يُقَالُ إِذَا فَرَغَ مِنْ الطَّعَامِ] 3283 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ رِيَاحِ بْنِ عَبِيدَةَ عَنْ مَوْلًى لِأَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَكَلَ طَعَامًا قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا وَجَعَلَنَا مُسْلِمِينَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَطْعَمَنَا) قَدَّمَهُ لِزِيَادَةِ الِاهْتِمَامِ بِهِ عَلَى مُقْتَضَى الْحَالِ وَلِمَا كَانَ الطَّعَامُ لَا يَخْلُو عَنْ شُرْبٍ فِي أَثْنَائِهِ أَوْ بَعْدُ، ذَكَرَهُ تَبَعًا وَضَمَّ إِلَيْهِ قَوْلَهُ: وَجَعَلَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الْحَمْدِ عَلَى النِّعْمَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَالْأُخْرَوِيَّةِ.

3284 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِذَا رُفِعَ طَعَامُهُ أَوْ مَا بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلَا مُوَدَّعٍ وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ رَبَّنَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كَثِيرًا) صِفَةُ مَفْعُولٍ مُطْلَقٍ وَأُرِيدَ بِالْكَثْرَةِ عَدَمُ النِّهَايَةِ لِحَمْدِهِ تَعَالَى لَا نِهَايَةَ لِنِعَمِهِ تَعَالَى (مُبَارَكًا) ثَابِتًا دَائِمًا لَا يَنْقَطِعُ فَإِنَّ الْبَرَكَةَ بِمَعْنَى الثَّبَاتِ (غَيْرَ مَكْفِيٍّ) ذَكَرُوا فِيهِ وُجُوهًا، لَكِنِ الْأَنْسَبُ بِالسِّيَاقِ مَنْصُوبٌ صِفَةَ " حَمْدًا " كَالْأَخَوَاتِ السَّابِقَةِ (وَمَكْفِيٌّ) بِفَتْحِ مِيمٍ وَتَشْدِيدِ يَاءٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْكِفَايَةِ، أَوْ مِنْ كَفَأْتُ مَهْمُوزًا بِمَعْنَى قَلَبْتُ، وَالْمَعْنَى عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّ هَذَا الْحَمْدَ غَيْرُ مَا أَتَى بِهِ كَمَا هُوَ حَقُّهُ لِقُصُورِ الْقُدْرَةِ الْبَشَرِيَّةِ عَنْ ذَلِكَ وَمَعَ هَذَا فَغَيْرُ مُودَعٍ أَيْ مَتْرُوكٍ، بَلْ الِاشْتِغَالُ بِهِ دَائِمًا مِنْ غَيْرِ انْقِطَاعٍ كَمَا أَنَّ نِعَمَهُ تَعَالَى لَا تَنْقَطِعُ غَفَا عَيْنٍ (وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْكَ) بَلْ هُوَ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْإِنْسَانُ فِي كُلِّ حَالٍ لِيَثْبُتَ وَيَدُومَ بِهِ الْعَتِيقُ مِنَ النِّعَمِ وَيُسْتَجْلَبَ بِهِ الْمَزِيدُ وَعَلَى الثَّانِي أَنَّهُ غَيْرُ مَرْدُودٍ عَلَى وَجْهِ قَائِلِهِ، بَلْ مَقْبُولٌ فِي حَضْرَةِ الْقُدْسِ وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ مُودَعٌ بِفَتْحِ الدَّالِ وَمُسْتَغْنًى عَنْهُ بِفَتْحِ النُّونِ عَطْفٌ عَلَى مَكْفِيٍّ بِزِيَادَةِ لَا لِلتَّأْكِيدِ (رَبَّنَا) بِالنَّصْبِ بِتَقْدِيرِ حَرْفِ النِّدَاءِ وَبِالْجَرِّ بَدَلٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

3285 - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ أَبِي مَرْحُومٍ عَبْدِ الرَّحِيمِ عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ أَبِيهِ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَكَلَ طَعَامًا فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي هَذَا وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»

[باب الاجتماع على الطعام]

[باب الِاجْتِمَاعِ عَلَى الطَّعَامِ] 3286 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَدَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالُوا حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا وَحْشِيُّ بْنُ حَرْبِ بْنِ وَحْشِيِّ بْنِ حَرْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَحْشِيٍّ «أَنَّهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَأْكُلُ وَلَا نَشْبَعُ قَالَ فَلَعَلَّكُمْ تَأْكُلُونَ مُتَفَرِّقِينَ قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَاجْتَمِعُوا عَلَى طَعَامِكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَاجْتَمِعُوا. . . إِلَخْ) فَبِالِاجْتِمَاعِ تَنْزِلُ

الْبَرَكَاتُ فِي الْأَقْوَاتِ وَبِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى يَمْتَنِعُ الشَّيْطَانُ عَنِ الْوُصُولِ إِلَى الطَّعَامِ.

3287 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَهْرَمَانُ آلِ الزُّبَيْرِ قَالَ سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُوا جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا فَإِنَّ الْبَرَكَةَ مَعَ الْجَمَاعَةِ»

[باب النفخ في الطعام]

[باب النَّفْخِ فِي الطَّعَامِ] 3288 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُحَارِبِيُّ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْفُخُ فِي طَعَامٍ وَلَا شَرَابٍ وَلَا يَتَنَفَّسُ فِي الْإِنَاءِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَنْفُخُ فِي الطَّعَامِ) أَيْ: حَارٌّ لِيَصِيرَ إِلَى الْبَرْدِ (وَلَا يَتَنَفَّسُ فِي الْإِنَاءِ) أَيْ: مِنْ غَيْرِ إِبَانَتِهِ عَنِ الْفَمِ.

[باب إذا أتاه خادمه بطعامه فليناوله منه]

[باب إِذَا أَتَاهُ خَادِمُهُ بِطَعَامِهِ فَلْيُنَاوِلْهُ مِنْهُ] 3289 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ أَبِيهِ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمْ خَادِمُهُ بِطَعَامِهِ فَلْيُجْلِسْهُ فَلْيَأْكُلْ مَعَهُ فَإِنْ أَبِي فَلْيُنَاوِلْهُ مِنْهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ) بِالنَّصْبِ (خَادِمٌ) بِالرَّفْعِ (فَلْيُجْلِسْهُ) مِنْ أَجْلَسَهُ يُرِيدُ أَنَّ اللَّائِقَ بِحَالِ الْمُؤْمِنِ أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَمْلُوكِهِ فِي الطَّعَامِ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَا أَقَلَّ أَنْ يُعْطِيَهُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ التَّسْوِيَةَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ وَإِنَّمَا هِيَ مِنَ الْكَمَالِ.

3290 - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ الْمِصْرِيُّ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَحَدُكُمْ قَرَّبَ إِلَيْهِ مَمْلُوكُهُ طَعَامًا قَدْ كَفَاهُ عَنَاءَهُ وَحَرَّهُ فَلْيَدْعُهُ فَلْيَأْكُلْ مَعَهُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلْيَأْخُذْ لُقْمَةً فَلْيَجْعَلْهَا فِي يَدِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنَاءَهُ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ مَمْدُودًا، أَيْ:

تَعَبَهُ وَمَشَقَّتَهُ قَالَ الدَّمِيرِيُّ هُوَ مِنَ الزَّوَائِدِ. قُلْتُ: وَلَمْ يَذْكُرْهُ صَاحِبُ الزَّوَائِدِ فَإِنَّهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ أَخْرَجَهُ غَيْرُ الْمُصَنِّفِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب الأكل على الخوان والسفرة]

3291 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ ثَنَا إِبْرَاهِيمُ الْهَجَرِيُّ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَاءَ خَادِمُ أَحَدِكُمْ بِطَعَامِهِ فَلْيُقْعِدْهُ مَعَهُ أَوْ لِيُنَاوِلْهُ مِنْهُ فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي وَلِيَ حَرَّهُ وَدُخَانَهُ» [باب الْأَكْلِ عَلَى الْخِوَانِ وَالسُّفْرَةِ] 3292 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي الْفُرَاتِ الْإِسْكَافِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «مَا أَكَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى خِوَانٍ وَلَا فِي سُكُرُّجَةٍ قَالَ فَعَلَامَ كَانُوا يَأْكُلُونَ قَالَ عَلَى السُّفَرِ»

3293 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْجُبَيْرِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو بَحْرٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَلَ عَلَى خِوَانٍ حَتَّى مَاتَ»

[باب النهي أن يقام عن الطعام حتى يرفع وأن يكف يده حتى يفرغ القوم]

[باب النَّهْيِ أَنْ يُقَامَ عَنْ الطَّعَامِ حَتَّى يُرْفَعَ وَأَنْ يَكُفَّ يَدَهُ حَتَّى يَفْرُغَ الْقَوْمُ] 3294 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَشِيرِ بْنِ ذَكْوَانَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ مُنِيرِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُقَامَ عَنْ الطَّعَامِ حَتَّى يُرْفَعَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حَتَّى يُرْفَعَ) أَيِ: الطَّعَامُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ إِذَا بَقِيَ فِي الْإِنَاءِ شَيْءٌ مِنَ الطَّعَامِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ مُدَلِّسٌ وَكَذَلِكَ مَكْحُولٌ الدِّمَشْقِيُّ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ فِيهِ دُحَيْمٌ ضَعِيفٌ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ حِبَّانَ يَأْتِي عَنِ الثِّقَاتِ بِالْمُعْضِلَاتِ لَا تَحِلُّ الرِّوَايَةُ عَنْهُ إِلَّا عَلَى سَبِيلِ الِاعْتِبَارِ.

3295 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْعَسْقَلَانِيُّ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا وُضِعَتْ الْمَائِدَةُ فَلَا يَقُومُ رَجُلٌ حَتَّى تُرْفَعَ الْمَائِدَةُ وَلَا يَرْفَعُ يَدَهُ وَإِنْ شَبِعَ حَتَّى يَفْرُغَ الْقَوْمُ وَلْيُعْذِرْ فَإِنَّ الرَّجُلَ يُخْجِلُ جَلِيسَهُ فَيَقْبِضُ يَدَهُ وَعَسَى أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي الطَّعَامِ حَاجَةٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَلْيُعْذِرْ) مِنَ التَّعْذِيرِ بِمَعْنَى التَّقْصِيرِ، أَيْ: لِيُقْلِلْ فِي الْأَكْلِ إِنْ شَبِعَ وَلَا يَرْفَعُ يَدَهُ، مِنَ الْإِعْذَارِ بِمَعْنَى الْمُبَالَغَةِ كَمَا جَاءَ إِذَا أَكَلَ مَعَ قَوْمٍ كَانَ آخِرَهُمْ لِئَلَّا يَخْجَلَ جَلِيسُهُ بِقِيَامِهِ وَرَفْعِ يَدِهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ أَعْيَنَ وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا.

[باب من بات وفي يده ريح غمر]

[باب مَنْ بَاتَ وَفِي يَدِهِ رِيحُ غَمَرٍ] 3296 - حَدَّثَنَا جُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ وَسِيمٍ الْجَمَّالُ حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ أُمِّهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ عَنْ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أُمِّهِ فَاطِمَةَ ابْنَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا لَا يَلُومَنَّ امْرُؤٌ إِلَّا نَفْسَهُ يَبِيتُ وَفِي يَدِهِ رِيحُ غَمَرٍ»

3297 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا نَامَ أَحَدُكُمْ وَفِي يَدِهِ رِيحُ غَمَرٍ فَلَمْ يَغْسِلْ يَدَهُ فَأَصَابَهُ شَيْءٌ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَأَصَابَهُ شَيْءٌ) لِلْبَزَّارِ فَأَصَابَهُ خَبْلٌ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فَأَصَابَهُ لَمَمٌ وَهُوَ لَمْسٌ مِنَ الْجُنُونِ، وَفِي رِوَايَةٍ فَأَصَابَهُ وَضَحٌ وَهُوَ الْبَرَصُ وَقَالَ الطِّيبِيُّ وَغَيْرُهُ

فَأَصَابَهُ إِيذَاءٌ مِنَ الْهَوَامِّ، وَذَلِكَ لِأَنَّ ذَوَاتَ السُّمُومِ رُبَّمَا تَقْصِدُهُ فِي الْمَنَامِ لِرَائِحَةِ الطَّعَامِ فِي يَدِهِ فَتُؤْذِيهِ، قُلْتُ: وَهَذَا لَا يُنَاسِبُ التَّفْسِيرَ الْمَرْوِيَّ كَمَا رَأَيْتُ وَكَذَا لَا يُنَاسِبُ أَوَّلَ الْحَدِيثِ فَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِنَّ الشَّيْطَانَ حَسَّاسٌ يُحَاسِسُ فَاحْذَرُوهُ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَنْ بَاتَ وَفِي يَدِهِ» إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب عرض الطعام]

[باب عَرْضِ الطَّعَامِ] 3298 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ قَالَتْ «أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطَعَامٍ فَعَرَضَ عَلَيْنَا فَقُلْنَا لَا نَشْتَهِيهِ فَقَالَ لَا تَجْمَعْنَ جُوعًا وَكَذِبًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا تَجْمَعْنَ) بِسُكُونِ الْعَيْنِ عَلَى خِطَابِ جَمْعِ النِّسَاءِ وَقَدْ جَاءَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ حِينَ زِفَافِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قِيلَ: هَذَا مِنَ الْأَمْثَالِ وَقَدْ جَاءَ «عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهَا أَرْخِي عَلَيَّ مِرْطَكِ فَقَالَتْ أَنَا حَائِضٌ قَالَ أَعِلَّةً وَبُخْلًا،» وَفِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ حَسَنٌ؛ لِأَنَّ شَهْرًا مُخْتَلَفٌ فِيهِ.

3299 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ أَبِي هِلَالٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَوَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ قَالَ «أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَتَغَدَّى فَقَالَ ادْنُ فَكُلْ فَقُلْتُ إِنِّي صَائِمٌ فَيَا لَهْفَ نَفْسِي هَلَّا كُنْتُ طَعِمْتُ مِنْ طَعَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ادْنُ) أَمْرٌ مِنَ الدُّنُوِّ (فَيَا لَهْفَ نَفْسِي) يَتَأَسَّفُ عَلَى مَا فَاتَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب الأكل في المسجد]

[باب الْأَكْلِ فِي الْمَسْجِدِ] 3300 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ زِيَادٍ الْحَضْرَمِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ الزُّبَيْدِيَّ يَقُولُ «كُنَّا نَأْكُلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ الْخُبْزَ وَاللَّحْمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي الْمَسْجِدِ الْخُبْزُ وَاللَّحْمُ) ، فِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ حَسَنٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَيَعْقُوبُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.

[باب الأكل قائما]

[باب الْأَكْلُ قَائِمًا] 3301 - حَدَّثَنَا أَبُو السَّائِبِ سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «كُنَّا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَأْكُلُ وَنَحْنُ نَمْشِي وَنَشْرَبُ وَنَحْنُ قِيَامٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (نَأْكُلُ وَنَحْنُ نَمْشِي. . . إِلَخْ) قَدْ جَاءَ النَّهْيُ عَنِ الشُّرْبِ قَائِمًا فَيُحْتَمَلُ أَنَّ النَّهْيَ لِلتَّنْزِيهِ، وَعَمَلُهُمْ ذَلِكَما يستحب في الأضحية كَانَ وَقْتَ الْحَاجَةِ إِلَى ذَلِكَ.

[باب الدباء]

[باب الدُّبَّاءِ] 3302 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ أَنْبَأَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ الْقَرْعَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يُحِبُّ الْقَرْعَ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ الدُّبَّاءُ وَهُوَ بِضَمِّ الدَّالِ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ مَمْدُودَةً وَقَدْ تُقْصَرُ مَعْرُوفٌ وَاحِدُهُ دُبَّأَةٌ وَمَحَبَّتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِبَعْضِ الْمَأْكُولَاتِ هِيَ أَنَّهُ إِذَا حَضَرَ عِنْدَهُ يَتَنَاوَلُ مِنْهُ قَدْرًا صَالِحًا لَا أَنَّهُ يُكَلِّفُ النَّاسَ بِإِحْضَارِهِ وَطَبْخِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

3303 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «بَعَثَتْ مَعِي أُمُّ سُلَيْمٍ بِمِكْتَلٍ فِيهِ رُطَبٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ أَجِدْهُ وَخَرَجَ قَرِيبًا إِلَى مَوْلًى لَهُ دَعَاهُ فَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا فَأَتَيْتُهُ وَهُوَ يَأْكُلُ قَالَ فَدَعَانِي لِآكُلَ مَعَهُ قَالَ وَصَنَعَ ثَرِيدَةً بِلَحْمٍ وَقَرْعٍ قَالَ فَإِذَا هُوَ يُعْجِبُهُ الْقَرْعُ قَالَ فَجَعَلْتُ أَجْمَعُهُ فَأُدْنِيهِ مِنْهُ فَلَمَّا طَعِمْنَا مِنْهُ رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ وَوَضَعْتُ الْمِكْتَلَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَأْكُلُ وَيَقْسِمُ حَتَّى فَرَغَ مِنْ آخِرِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَأُدْنِيهِ) صِيغَةُ الْمُتَكَلِّمِ مِنَ الْإِدْنَاءِ، أَيْ: أُقَرِّبُهُ إِلَيْهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَالْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ مِنْ طَرِيقِ أَنَسٍ أَيْضًا بِلَفْظٍ قَرِيبٍ مِنْ هَذَا.

3304 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ حَكِيمِ بْنِ جَابِرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهِ وَعِنْدَهُ هَذَا الدُّبَّاءُ فَقُلْتُ أَيُّ شَيْءٍ هَذَا قَالَ هَذَا الْقَرْعُ هُوَ الدُّبَّاءُ نُكْثِرُ بِهِ طَعَامَنَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (نُكْثِرُ بِهِ طَعَامَنَا) أَيْ: مَرَقَتَنَا، وَفِي الزَّوَائِدِ: هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب اللحم]

[باب اللَّحْمِ] 3305 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الْخَلَّالُ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ عَطَاءٍ الْجَزَرِيُّ حَدَّثَنِي مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِيُّ عَنْ عَمِّهِ أَبِي مَشْجَعَةَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيِّدُ طَعَامِ أَهْلِ الدُّنْيَا وَأَهْلِ الْجَنَّةِ اللَّحْمُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (سَيِّدُ طَعَامِ أَهْلِ الدُّنْيَا. . . إِلَخْ) فَإِنَّ اللَّحْمَ جَامِعٌ بَيْنَ اللَّذَّةِ الْوَافِرَةِ وَالْقُوَّةِ الْمُتَكَاثِرَةِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ أَبُو مَشْجَعَةَ وَابْنُ أَخِيهِ مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ لَمْ أَرَ مَنْ جَرَّحَهُمَا وَلَا مَنْ وَثَّقَهُمَا وَسُلَيْمَانُ بْنُ عَطَاءٍ ضَعِيفٌ. قُلْتُ: قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَقَدِ اتُّهِمَ بِالْوَضْعِ.

3306 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَطَاءٍ الْجَزَرِيُّ حَدَّثَنَا مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِيُّ عَنْ عَمِّهِ أَبِي مَشْجَعَةَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ «مَا دُعِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى لَحْمٍ قَطُّ إِلَّا أَجَابَ وَلَا أُهْدِيَ لَهُ لَحْمٌ قَطُّ إِلَّا قِبَلَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِلَّا أَجَابَ) أَيِ: الدَّعْوَةَ، وَفِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ إِسْنَادُ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب أطايب اللحم]

[باب أَطَايِبِ اللَّحْمِ] 3307 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ بِلَحْمٍ فَرُفِعَ إِلَيْهِ الذِّرَاعُ وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ فَنَهَسَ مِنْهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ) لِأَنَّهَا أَسْرَعُ نُضْجًا وَأَلَذُّ لَحْمًا وَأَبْعَدُ مِنْ مَوْضِعِ الْأَذَى (فَنَهَسَ) قَالَ الْقَاضِي: أَكْثَرُ الرُّوَاةِ رَوَوْهُ بِالْمُهْمَلَةِ وَرُوِيَ بِالْمُعْجَمَةِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَمَعْنَاهُمَا الْأَخْذُ بِأَطْرَافِ الْأَسْنَانِ، وَقِيلَ: بِالْمُهْمَلَةِ بِأَطْرَافِ الْأَسْنَانِ وَبِالْمُعْجَمَةِ بِالْأَضْرَاسِ.

3308 - حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ أَبُو بِشْرٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مِسْعَرٍ حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ فَهْمٍ قَالَ وَأَظُنُّهُ يُسَمَّى مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ «يُحَدِّثُ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَقَدْ نَحَرَ لَهُمْ جَزُورًا أَوْ بَعِيرًا أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَالْقَوْمُ يُلْقُونَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّحْمَ يَقُولُ أَطْيَبُ اللَّحْمِ لَحْمُ الظَّهْرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَطْيَبُ اللَّحْمِ. . . إِلَخْ) لَمْ يَذْكُرْ فِي الزَّوَائِدِ حَالَ إِسْنَادِهِ إِلَّا أَنَّهُ ذَكَرَ مَا يُشْعِرُ بِقُوَّةِ الْإِسْنَادِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب الشواء]

[باب الشِّوَاءِ] 3309 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «مَا أَعْلَمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى شَاةً سَمِيطًا حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (سَمِيطًا) أَيْ: مَشْوِيَّةً، وَقِيلَ: بِمَعْنَى مَفْعُولٍ وَأَصْلُ السَّمِيطِ أَنْ يُنْزَعَ صُوفُ الشَّاةِ الْمَذْبُوحَةِ بِالْمَاءِ الْحَارِّ، وَإِنَّمَا يُفْعَلُ بِهَا ذَلِكَ فِي الْغَالِبِ لِلشِّوَاءِ كَذَا ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ نَقْلًا عَنِ النِّهَايَةِ (حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ) كِنَايَةً عَنِ الْمَوْتِ.

3310 - حَدَّثَنَا جُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «مَا رُفِعَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضْلُ شِوَاءٍ قَطُّ وَلَا حُمِلَتْ مَعَهُ طِنْفِسَةٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَضْلُ شِوَاءٍ قَطُّ) أَيْ: لِقِلَّةِ مَا يَحْضُرُ عِنْدَهُ (مَعَهُ طِنْفِسَةٌ) بِكَسْرِ الطَّاءِ وَالْفَاءِ وَبِضَمِّهِمَا وَكَسْرِ الطَّاءِ وَفَتْحِ الْفَاءِ الْبِسَاطُ الَّذِي لَهُ خَمْلٌ دَقِيقٌ وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حَالُهُ حَالَ أَهْلِ الدُّنْيَا، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ جُبَارَةُ وَكَثِيرُ بْنُ سُلَيْمٍ وَهُمَا ضَعِيفَانِ.

3311 - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ زِيَادٍ الْحَضْرَمِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ الزُّبَيْدِيِّ قَالَ «أَكَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا فِي الْمَسْجِدِ لَحْمًا قَدْ شُوِيَ فَمَسَحْنَا أَيْدِيَنَا بِالْحَصْبَاءِ ثُمَّ قُمْنَا نُصَلِّي وَلَمْ نَتَوَضَّأْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَمَسَحْنَا أَيْدِيَنَا بِالْحَصَى) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ مَسْحُ الْيَدِ مِنْ أَثَرِ الطَّعَامِ بِحَصَى الْمَسْجِدِ، لَكِنْ، فِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ.

[باب القديد]

[باب الْقَدِيدِ] 3312 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ «أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَكَلَّمَهُ فَجَعَلَ تُرْعَدُ فَرَائِصُهُ فَقَالَ لَهُ هَوِّنْ عَلَيْكَ فَإِنِّي لَسْتُ بِمَلِكٍ إِنَّمَا أَنَا ابْنُ امْرَأَةٍ تَأْكُلُ الْقَدِيدَ» قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ إِسْمَعِيلُ وَحْدَهُ وَصَلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَرَائِصُهُ) الْفَرَائِصُ جَمْعُ فَرِيصَةٍ وَهِيَ لَحْمَةٌ تَرْتَعِدُ عِنْدَ الْفَزَعِ وَالْكَلَامُ كِنَايَةٌ عَنِ الْفَزَعِ (هَوِّنْ عَلَيْكَ) أَمْرِي وَكَلَامِي وَمُصَاحَبَتِي قَوْلُهُ: (تَأْكُلُ الْقَدِيدَ) وَاللَّحْمُ الْمُمَلَّحُ الْمُجَفَّفُ فِي الشَّمْسِ، فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، وَفِي الزَّوَائِدِ: هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَقَالَ السُّيُوطِيُّ: قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ هَذَا الْحَدِيثُ مَعْدُودٌ فِي أَفْرَادِ ابْنِ مَاجَهْ وَقَدِ اسْتَغْرَبَهُ حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ وَأَشَارَ عَلَى إِسْمَاعِيلَ أَنْ لَا يُحَدِّثَ بِهِ إِلَّا مَرَّةً فِي السَّنَةِ لِغَرَابَتِهِ، ثُمَّ أَخْرَجَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي الْحَارِثِ يَقُولُ بَعَثَ إِلَيَّ حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ فَقَالَ: لَا تُحَدِّثْ بِهَذَا الْحَدِيثِ إِلَّا مِنْ سَنَةٍ إِلَى سَنَةٍ، فَقُلْتُ لِلرَّسُولِ: أَقْرِئْهُ السَّلَامَ وَقُلْ رُبَّمَا حَدَّثَ بِهِ فِي الْيَوْمِ مَرَّاتٍ قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ وَقَدْ تَابَعَ إِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ قَاضِي دِمَشْقَ وَسَرَقَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ أَبَانَ وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ هَذَا الْحَدِيثُ سَرَقَهُ ابْنُ أَبَانَ مِنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي الْحَارِثِ الْقَطَّانِ وَسَرَقَهُ مِنْهُ أَيْضًا عُبَيْدُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْحَلَبِيُّ وَرَوَاهُ زُهَيْرٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ عَنْ أَبِي خَالِدٍ مُرْسَلًا وَالْمَحْفُوظُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسٍ مُرْسَلًا مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ ابْنِ مَسْعُودٍ.

[باب الكبد والطحال]

3313 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «لَقَدْ كُنَّا نَرْفَعُ الْكُرَاعَ فَيَأْكُلُهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ مِنْ الْأَضَاحِيِّ» [باب الْكَبِدِ وَالطِّحَالِ] 3314 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أُحِلَّتْ لَكُمْ مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ فَأَمَّا الْمَيْتَتَانِ فَالْحُوتُ وَالْجَرَادُ وَأَمَّا الدَّمَانِ فَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ»

[باب الملح]

[باب الْمِلْحِ] 3315 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ أَبِي عِيسَى عَنْ رَجُلٍ أُرَاهُ مُوسَى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيِّدُ إِدَامِكُمْ الْمِلْحُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (سَيِّدُ إِدَامِكُمُ الْمِلْحُ) فَإِنَّهُ إِدَامُ السَّادَةِ مِنَ النَّاسِ وَهُمُ الزُّهَّادُ، فِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ عِيسَى بْنُ أَبِي عِيسَى الْخَيَّاطُ.

[باب الائتدام بالخل]

[باب الِائْتِدَامِ بِالْخَلِّ] 3316 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِعْمَ الْإِدَامُ الْخَلُّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (نِعْمَ الْإِدَامُ الْخَلُّ) قِيلَ: لِأَنَّهُ أَقَلُّ مُؤْنَةً وَأَقْرَبُ إِلَى الْقَنَاعَةِ؛ وَلِذَلِكَ قَنَعَ بِهِ أَكْثَرُ الْعَارِفِينَ قَالَ الْقَاضِي هُوَ مَدْحٌ لِلِاقْتِصَادِ فِي الْمَأْكَلِ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَالصَّوَابُ أَنَّهُ مَدْحٌ لِلْخَلِّ وَالِاقْتِصَادُ فِي الْأَكْلِ مَعْلُومٌ مِنْ قَوَاعِدَ أُخَرَ وَالْأَقْرَبُ بِسِيَاقِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ بَيَانُ أَنَّ الْخَلَّ صَالِحٌ؛ لِأَنَّهُ يُؤْدَمُ بِهِ وَهُوَ إِدَامٌ حَسَنٌ وَلَمْ يَرِدْ تَرْجِيحُهُ عَلَى غَيْرِهِ مِنَ اللَّبَنِ وَاللَّحْمِ وَالْعَسَلِ وَالْمَرَقِ وَذَلِكَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمًا فَقَدَّمُوا لَهُ خُبْزًا فَقَالَ مَا عِنْدَكُمْ مِنْ إِدَامٍ فَقَالُوا مَا عِنْدَنَا إِلَّا خَلٌّ فَقَالَ نِعْمَ الْإِدَامُ الْخَلُّ» فَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ صَالِحٌ لِأَنْ يُؤْخَذَ إِدَامًا وَلَيْسَ كَمَا ظَنُّوا أَنَّهُ غَيْرُ صَالِحٍ لِذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

3317 - حَدَّثَنَا جُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِعْمَ الْإِدَامُ الْخَلُّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ سبق شرحه

3318 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عُثْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَاذَانَ أَنَّهُ حَدَّثَهُ قَالَ حَدَّثَتْنِي أُمُّ سَعْدٍ قَالَتْ «دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَائِشَةَ وَأَنَا عِنْدَهَا فَقَالَ هَلْ مِنْ غَدَاءٍ قَالَتْ عِنْدَنَا خُبْزٌ وَتَمْرٌ وَخَلٌّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِعْمَ الْإِدَامُ الْخَلُّ اللَّهُمَّ بَارِكْ فِي الْخَلِّ فَإِنَّهُ كَانَ إِدَامَ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي وَلَمْ يَفْتَقِرْ بَيْتٌ فِيهِ خَلٌّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ سبق شرحه

[باب الزيت]

[باب الزَّيْتِ] 3319 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ائْتَدِمُوا بِالزَّيْتِ وَادَّهِنُوا بِهِ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ»

3320 - حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ جَدِّهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُوا الزَّيْتَ وَادَّهِنُوا بِهِ فَإِنَّهُ مُبَارَكٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ مُبَارَكٌ) وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ.

[باب اللبن]

[باب اللَّبَنِ] 3321 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْدٍ الرَّاسِبِيِّ حَدَّثَتْنِي مَوْلَاتِي أُمُّ سَالِمٍ الرَّاسِبِيَّةُ قَالَتْ سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أُتِيَ بِلَبَنٍ قَالَ بَرَكَةٌ أَوْ بَرَكَتَانِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بَرَكَةٌ، أَوْ بَرَكَتَانِ) أَيْ، بَلْ بَرَكَتَانِ؛ لِأَنَّهُ يُغْنِي عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَفِي الزَّوَائِدِ:. قُلْتُ: أُمُّ سَالِمٍ الرَّاسِبِيَّةُ وَجَعْفَرُ بْنُ بُرْدٍ لَمْ أَرَ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهِمَا بِجَرْحٍ وَلَا تَوْثِيقٍ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ. قُلْتُ: قَالَ الدَّمِيرِيُّ فِي جَعْفَرِ بْنِ

بُرْدٍ وَرَوَى لَهُ الْمُصَنِّفُ هَذَا الْحَدِيثَ الْوَاحِدَ وَكَانَ شَيْخًا ثِقَةً يُكْتَبُ حَدِيثُهُ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ لَمْ يُحَدِّثْ عَنْ أُمِّ سَالِمٍ غَيْرُ جَعْفَرٍ هَذَا وَهُوَ شَيْخٌ بَصْرِيٌّ مُقِلٌّ يُعْتَبَرُ بِهِ وَأُمُّ سَالِمٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَكَانَتْ مِنَ الْعَابِدَاتِ أَحْرَمَتْ مِنَ الْبَصْرَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ مَرَّةً رَوَى لَهَا الْمُصَنِّفُ هَذَا الْحَدِيثَ الْوَاحِدَ.

3322 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَطْعَمَهُ اللَّهُ طَعَامًا فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيهِ وَارْزُقْنَا خَيْرًا مِنْهُ وَمَنْ سَقَاهُ اللَّهُ لَبَنًا فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيهِ وَزِدْنَا مِنْهُ فَإِنِّي لَا أَعْلَمُ مَا يُجْزِئُ مِنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ إِلَّا اللَّبَنُ»

[باب الحلواء]

[باب الْحَلْوَاءِ] 3323 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالُوا حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ الْحَلْوَاءَ وَالْعَسَلَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يُحِبُّ الْحَلْوَاءَ وَالْعَسَلَ) قِيلَ: قَالَ الْعُلَمَاءُ الْمُرَادُ بِالْحَلْوَاءِ هَاهُنَا كُلُّ شَيْءٍ حُلْوٍ وَذِكْرُ الْعَسَلِ بَعْدَهَا مِنْ ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ تَنْبِيهًا عَلَى شَرَفِهِ وَمَرْتَبَتِهِ وَالْحَلْوَاءُ بِالْمَدِّ وَفِيهِ جَوَازُ أَكْلِ لَذِيذِ الْأَطْعِمَةِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يُنَافِي الزُّهْدَ وَالْمُرَاقَبَةَ لَا سِيَّمَا إِذَا حَصَلَ اتِّفَاقًا اهـ، قِيلَ: مَحَبَّتُهُ لِذَلِكَ لَيْسَ عَلَى مَعْنَى كَثْرَةِ التَّشَهِّي لَهَا وَشِدَّةِ فَرَاغِ النَّفْسِ إِلَيْهَا وَتَأَنُّقِ الطَّبِيعَةِ فِي اتِّخَاذِهَا كَفِعْلِ أَهْلِ الشَّرَهِ، وَإِنَّمَا كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا قُدِّمَتْ إِلَيْهِ الْحَلْوَاءُ نَالَ مِنْهَا نَيْلًا صَالِحًا فَيُعْلَمُ بِذَلِكَ أَنَّهُ أَعْجَبَهُ طَعْمُهَا وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اتِّخَاذِ الْحُلْوَاتِ. قُلْتُ: فَحَمَلَ هَذَا الْقَائِلُ الْحَلْوَاءَ عَلَى مَا تُتَّخَذُ مِنْ أَخْلَاطٍ شَتَّى.

[باب القثاء والرطب يجمعان]

[باب الْقِثَّاءِ وَالرُّطَبِ يُجْمَعَانِ] 3324 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَتْ أُمِّي تُعَالِجُنِي لِلسُّمْنَةِ تُرِيدُ أَنْ تُدْخِلَنِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا اسْتَقَامَ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى أَكَلْتُ الْقِثَّاءَ بِالرُّطَبِ فَسَمِنْتُ كَأَحْسَنِ سِمْنَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لِلسُّمْنَةِ) هِيَ بِالضَّمِّ دَوَاءٌ تَسْمَنُ بِهِ النِّسَاءُ (فَسَمِنْتُ) مِنْ بَابِ عَلِمَ (كَأَحْسَنِ السِّمَنِ) بِكَسْرٍ فَفَتْحٍ قَالَ الدَّمِيرِيُّ كَذَا مِنْ بَابِ الِاسْتِصْلَاحِ وَتَنْمِيَةِ الْجَسَدِ، وَأَمَّا مَا نَهَى عَنْهُ فَذَاكَ هُوَ الَّذِي يَكُونُ بِالْإِكْثَارِ مِنَ الْأَطْعِمَةِ.

3325 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ وَإِسْمَعِيلُ بْنُ مُوسَى قَالَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ الْقِثَّاءَ بِالرُّطَبِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَأْكُلُ الْقِثَّاءَ) بِكَسْرِ الْقَافِ ـ وَضَمُّهَا أَشْهُرُ ـ وَتَشْدِيدِ الْمُثَلَّثَةِ.

3326 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ وَعَمْرُو بْنُ رَافِعٍ قَالَا حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ الْمَدَنِيُّ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ الرُّطَبَ بِالْبِطِّيخِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِالطَّبِيخِ)

بِتَقْدِيمِ الطَّاءِ عَلَى الْبَاءِ لُغَةٌ فِي الْبِطِّيخِ بِتَقْدِيمِ الْبَاءِ عَلَى الطَّاءِ وَقَدْ وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ عَلَى الْأَصْلِ، قِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ الْبِطِّيخُ الْأَخْضَرُ وَهُوَ بَارِدٌ وَرُدَّ بِأَنَّهُ جَاءَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ الْجَمْعُ بَيْنَ الرُّطَبِ وَالْخِرْبِزِ وَهُوَ بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ اسْمٌ لِلْأَصْفَرِ قُلْتُ: وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذِكْرِ الْخِرْبِزِ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ أَنْ يُحْمَلَ الْبِطِّيخُ فِي حَدِيثِ سَهْلٍ عَلَيْهِ فَيَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ الْبِطِّيخُ عَلَى الْأَخْضَرِ، وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تَحْتَمِلُ الْوَجْهَيْنِ وَاتَّهَمُوهُ بِهِ.

[باب التمر]

[باب التَّمْرِ] 3327 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتٌ لَا تَمْرَ فِيهِ جِيَاعٌ أَهْلُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (جِيَاعٌ أَهْلُهُ) بِكَسْرِ الْجِيمِ جَمْعُ جَائِعٍ، قِيلَ: لِأَنَّ التَّمْرَ كَانَ يَقُوتُهُمْ فَإِذَا خَلَا مِنْهُ الْبَيْتُ جَاعَ أَهْلُهُ وَأَهْلُ بَلَدِهِ بِالنَّظَرِ إِلَى قُوتِهِمْ يَقُولُونَ كَذَلِكَ وَقَالَ الطِّيبِيُّ لَعَلَّهُ حَثَّ عَلَى الْقَنَاعَةِ فِي بِلَادٍ كَثُرَ فِيهَا التَّمْرُ، أَيْ: مَنْ قَنَعَ بِهِ لَا يَجُوعُ، وَقِيلَ: هُوَ تَفْضِيلٌ لِلتَّمْرِ.

3328 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ جَدَّتِهِ سَلْمَى «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَيْتٌ لَا تَمْرَ فِيهِ كَالْبَيْتِ لَا طَعَامَ فِيهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كَالْبَيْتِ لَا طَعَامَ فِيهِ) وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَهِشَامُ بْنُ سَعْدٍ هُوَ وَإِنْ خَرَّجَ لَهُ مُسْلِمٌ فَإِنَّمَا رَوَاهُ لَهُ فِي الشَّوَاهِدِ وَقَدْ ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ شَيْخٌ مَحَلُّهُ الصِّدْقُ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب إذا أتي بأول الثمرة]

[باب إِذَا أُتِيَ بِأَوَّلِ الثَّمَرَةِ] 3329 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ وَيَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنِي سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أُتِيَ بِأَوَّلِ الثَّمَرَةِ قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي مَدِينَتِنَا وَفِي ثِمَارِنَا وَفِي مُدِّنَا وَفِي صَاعِنَا بَرَكَةً مَعَ بَرَكَةٍ ثُمَّ يُنَاوِلُهُ أَصْغَرَ مَنْ بِحَضْرَتِهِ مِنْ الْوِلْدَانِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بَرَكَةٌ مَعَ بَرَكَةٍ) أَيْ: بَرَكَةٌ مُضَاعَفَةٌ (ثُمَّ يُنَاوِلُهُ أَصْغَرَ. . . إِلَخْ) فَإِنَّهُ يَفْرَحُ بِهِ مَا لَا يَفْرَحُ بِهِ الْكَبِيرُ قَالَ الْعُلَمَاءُ «وَكَانَتِ الصَّحَابَةُ يَأْتُونَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَوَّلِ التَّمْرَةِ رَغْبَةً فِي دُعَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَقَالَ النَّوَوِيُّ: الْمُرَادُ الْبَرَكَةُ فِي نَفْسِ الْمَكِيلِ فِي الْمَدِينَةِ بِحَيْثُ يَكْفِي الْمُدُّ فِيهَا لِمَنْ لَا يَكْفِيهِ فِي غَيْرِهَا، وَهَذَا شَاهِدٌ مَحْسُوسٌ بَاقٍ فِيهَا إِلَى الْآنَ.

[باب أكل البلح بالتمر]

[باب أَكْلِ الْبَلَحِ بِالتَّمْرِ] 3330 - حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ الْمَدَنِيُّ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُوا الْبَلَحَ بِالتَّمْرِ كُلُوا الْخَلَقَ بِالْجَدِيدِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَغْضَبُ وَيَقُولُ بَقِيَ ابْنُ آدَمَ حَتَّى أَكَلَ الْخَلَقَ بِالْجَدِيدِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كُلُوا الْبَلَحَ بِالتَّمْرِ) قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي الْهَدْيِ الْبَاءُ فِيهِ بِمَعْنَى مَعَ، أَيْ: كُلُوا هَذَا مَعَ هَذَا قَالَ بَعْضُ أَطِّبَاءِ الْإِسْلَامِ: إِنَّمَا أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَكْلِ الْبَلَحِ؛ لِأَنَّهُ بَارِدٌ بِخِلَافِ الْبُرِّ مَعَ التَّمْرِ فَإِنَّ فِيهِ الْجَمْعَ بَيْنَ حَارَّيْنِ وَلَا يَنْبَغِي ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الطِّبِّ (الْخَلَقَ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ مَعًا، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ أَحَادِيثُهُ مُسْتَقِيمَةٌ سِوَى أَرْبَعَةِ أَحَادِيثَ. قُلْتُ: وَقَدْ عَدَّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ جُمْلَةِ تِلْكَ الْأَحَادِيثِ وَقَالَ النَّسَائِيُّ إِنَّهُ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ.

[باب النهي عن قران التمر]

[باب النَّهْيِ عَنْ قِرَانِ التَّمْرِ] 3331 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ جَبَلَةَ بْنِ سُحَيْمٍ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقْرِنَ الرَّجُلُ بَيْنَ التَّمْرَتَيْنِ حَتَّى يَسْتَأْذِنَ أَصْحَابَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنْ يُقْرِنَ) مِنْ أَقْرَنَ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ إِذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا، أَوْ مِنْ قَرَنَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ لُغَةً (حَتَّى يَسْتَأْذِنَ) أَيِ: الَّذِي يُرِيدُ الْإِقْرَانَ (أَصْحَابَهُ) الَّذِينَ هُوَ يَأْكُلُ مَعَهُمْ وَالْمَطْلُوبُ التَّسْوِيَةُ فِي الْأَكْلِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِ الْآكِلِينَ تَرْجِيحٌ فَيَجُوزُ إِقْرَانُ الْكُلِّ وَإِقْرَانُ الْمَالِكِ إِذَا أَكَلَ مَعَ غَيْرِ الْمَالِكِينَ نَعَمْ الْأَقْرَبُ إِلَى الْمُرُوءَةِ تَرْكُ الْإِقْرَانِ مُطْلَقًا إِذَا لَمْ يَدْعُ إِلَيْهِ دَاعٍ.

3332 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْخَزَّازُ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَعْدٍ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ وَكَانَ سَعْدٌ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ يُعْجِبُهُ حَدِيثُهُ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الْإِقْرَانِ يَعْنِي فِي التَّمْرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (نَهَى عَنِ الْإِقْرَانِ) ، فِي الزَّوَائِدِ: هَذَا إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَلَيْسَ لِسَعْدٍ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ وَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ فِي بَقِيَّةِ الْكُتُبِ السِّتَّةِ.

[باب تفتيش التمر]

[باب تَفْتِيشِ التَّمْرِ] 3333 - حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ حَدَّثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ إِسْحَقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِتَمْرٍ عَتِيقٍ فَجَعَلَ يُفَتِّشُهُ» [باب التَّمْرِ بِالزُّبْدِ] 3334 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنِي ابْنُ جَابِرٍ حَدَّثَنِي سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ عَنْ ابْنَيْ بُسْرٍ السُّلَمِيَّيْنِ قَالَا «دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعْنَا تَحْتَهُ قَطِيفَةً لَنَا صَبَبْنَاهَا لَهُ صَبًّا فَجَلَسَ عَلَيْهَا وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ الْوَحْيَ فِي بَيْتِنَا وَقَدَّمْنَا لَهُ زُبْدًا وَتَمْرًا وَكَانَ يُحِبُّ الزُّبْدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»

[باب الحوارى]

[باب الْحُوَّارَى] 3335 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ سَأَلْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ «هَلْ رَأَيْتَ النَّقِيَّ قَالَ مَا رَأَيْتُ النَّقِيَّ حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ فَهَلْ كَانَ لَهُمْ مَنَاخِلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا رَأَيْتُ مُنْخُلًا حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ فَكَيْفَ كُنْتُمْ تَأْكُلُونَ الشَّعِيرَ غَيْرَ مَنْخُولٍ قَالَ نَعَمْ كُنَّا نَنْفُخُهُ فَيَطِيرُ مِنْهُ مَا طَارَ وَمَا بَقِيَ ثَرَّيْنَاهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْحُوَّارَى) هُوَ بِضَمٍّ فَتَشْدِيدِ وَاوٍ وَرَاءٍ مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ مَا حُوِّرَ مِنَ الطَّعَامِ، أَيْ: بُيِّضَ، وَتَحْوِيرُ الثِّيَابِ تَبْيِيضُهَا. قَوْلُهُ: (ثَرَّيْنَاهُ) بِمُثَلَّثَةٍ وَتَشْدِيدِ رَاءٍ كَمَا ضُبِطَ، أَيْ: لَيَّنَّاهُ بِالْمَاءِ وَعَجَنَّاهُ، وَفِي الزَّوَائِدِ: هَذَا إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

3336 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَخْبَرَنِي بَكْرُ بْنُ سَوَادَةَ أَنَّ حَنَشَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَهُ عَنْ أُمِّ أَيْمَنَ «أَنَّهَا غَرْبَلَتْ دَقِيقًا فَصَنَعَتْهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَغِيفًا فَقَالَ مَا هَذَا قَالَتْ طَعَامٌ نَصْنَعُهُ بِأَرْضِنَا فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَصْنَعَ مِنْهُ لَكَ رَغِيفًا فَقَالَ رُدِّيهِ فِيهِ ثُمَّ اعْجِنِيهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَصْنَعَ) أَيْ: أَرَادَتْ أَنْ تَصْنَعَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: رُدِّيهِ فِيهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: هَذَا إِسْنَادٌ حَسَنٌ وَلَيْسَ لِأُمِّ أَيْمَنَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثُ وَحَدِيثٌ ذَكَرَهُ فِي أَبْوَابِ الْجَنَائِزِ وَلَيْسَ لَهَا فِي الْكُتُبِ الْبَاقِيَةِ شَيْءٌ.

3337 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ أَبُو الْجَمَاهِرِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «مَا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَغِيفًا مُحَوَّرًا بِوَاحِدٍ مِنْ عَيْنَيْهِ حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مُحَوَّرًا) اسْمُ مَفْعُولٍ مِنَ التَّحْوِيرِ قَالَ السُّيُوطِيُّ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ هُوَ الَّذِي نُخِلَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ.

[باب الرقاق]

[باب الرُّقَاقِ] 3338 - حَدَّثَنَا أَبُو عُمَيْرٍ عِيسَى بْنُ مُحَمَّدٍ النَّحَّاسُ الرَّمْلِيُّ حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ ابْنِ عَطَاءٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «زَارَ أَبُو هُرَيْرَةَ قَوْمَهُ يَعْنِي قَرْيَةً أَظُنُّهُ قَالَ يُنَا فَأَتَوْهُ بِرُقَاقٍ مِنْ رُقَاقِ الْأُوَلِ فَبَكَى وَقَالَ مَا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا بِعَيْنِهِ قَطُّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يُنَا) بِضَمِّ الْيَاءِ مَقْصُورًا اسْمُ مَوْضِعٍ (بِرُقَاقٍ) بِضَمِّ الرَّاءِ هِيَ الْأَرْغِفَةُ الْوَاسِعَةُ الرَّقِيقَةُ يُقَالُ رَقِيقٌ وَرِقَاقٌ كَطَوِيلٍ وَطِوَالٍ (هَذَا)

أَيْ: هَذَا النَّوْعُ مِنَ الْخُبْزِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ عَطَاءٌ وَاسْمُهُ عُثْمَانُ بْنُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

3339 - حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ وَأَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ «كُنَّا نَأْتِي أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ إِسْحَقُ وَخَبَّازُهُ قَائِمٌ وَقَالَ الدَّارِمِيُّ وَخِوَانُهُ مَوْضُوعٌ فَقَالَ يَوْمًا كُلُوا فَمَا أَعْلَمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَغِيفًا مُرَقَّقًا بِعَيْنِهِ حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ وَلَا شَاةً سَمِيطًا قَطُّ»

[باب الفالوذج]

[باب الْفَالُوذَجِ] 3340 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الضَّحَّاكِ السُّلَمِيُّ أَبُو الْحَارِثِ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «أَوَّلُ مَا سَمِعْنَا بِالْفَالُوذَجِ أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَام أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ أُمَّتَكَ تُفْتَحُ عَلَيْهِمْ الْأَرْضُ فَيُفَاضُ عَلَيْهِمْ مِنْ الدُّنْيَا حَتَّى إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الْفَالُوذَجَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا الْفَالُوذَجُ قَالَ يَخْلِطُونَ السَّمْنَ وَالْعَسَلَ جَمِيعًا فَشَهِقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِذَلِكَ شَهْقَةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَشَهِقَ) فِي الْقَامُوسِ كَمَنَعَ وَضَرَبَ وَسَمِعَ إِذَا تَرَدَّدَ الْبُكَاءُ فِي صَدْرِهِ، وَفِي الصِّحَاحِ الشَّهْقَةُ الصَّيْحَةُ قَالَ الدَّمِيرِيُّ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: إِنَّهُ مَوْضُوعٌ بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ عُثْمَانُ بْنُ يَحْيَى مَا عَلِمْتُ فِيهِ جَرْحًا وَمُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ لَمْ أَعْرِفْهُ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ فِيهِ أَبُو دَاوُدَ يَضَعُ الْحَدِيثَ وَقَالَ الْحَاكِمُ: رَوَى أَحَادِيثَ مَوْضُوعَةً.

[باب الخبز الملبق بالسمن]

[باب الْخُبْزِ الْمُلَبَّقِ بِالسَّمْنِ] 3341 - حَدَّثَنَا هَدِيَّةُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى السِّينَانِيُّ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ وَدِدْتُ لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا خُبْزَةً بَيْضَاءَ مِنْ بُرَّةٍ سَمْرَاءَ مُلَبَّقَةٍ بِسَمْنٍ نَأْكُلُهَا قَالَ فَسَمِعَ بِذَلِكَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَاتَّخَذَهُ فَجَاءَ بِهِ إِلَيْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَيِّ شَيْءٍ كَانَ هَذَا السَّمْنُ قَالَ فِي عُكَّةِ ضَبٍّ قَالَ فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَجَاءَ بِهِ. . . إِلَخْ) لِشِدَّةِ نَزْعِ النَّفْسِ إِلَيْهَا وَبِنَحْوِ هَذَا يُؤَوَّلَ مَا جَاءَ أَنَّهُ «يُحِبَّ الْحَلْوَاءَ» .

3342 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «صَنَعَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُبْزَةً وَضَعَتْ فِيهَا شَيْئًا مِنْ سَمْنٍ ثُمَّ قَالَتْ اذْهَبْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَادْعُهُ قَالَ فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ أُمِّي تَدْعُوكَ قَالَ فَقَامَ وَقَالَ لِمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ النَّاسِ قُومُوا قَالَ فَسَبَقْتُهُمْ إِلَيْهَا فَأَخْبَرْتُهَا فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ هَاتِي مَا صَنَعْتِ فَقَالَتْ إِنَّمَا صَنَعْتُهُ لَكَ وَحْدَكَ فَقَالَ هَاتِيهِ فَقَالَ يَا أَنَسُ أَدْخِلْ عَلَيَّ عَشَرَةً عَشَرَةً قَالَ فَمَا زِلْتُ أُدْخِلُ عَلَيْهِ عَشَرَةً عَشَرَةً فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا وَكَانُوا ثَمَانِينَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا) فِيهِ مُعْجِزَةٌ عَظِيمَةٌ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ.

[باب خبز البر]

[باب خُبْزِ الْبُرِّ] 3343 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا شَبِعَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ تِبَاعًا مِنْ خُبْزِ الْحِنْطَةِ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ»

3344 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْذُ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ ثَلَاثَ لَيَالٍ تِبَاعًا مِنْ خُبْزِ بُرٍّ حَتَّى تُوُفِّيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (آلُ مُحَمَّدٍ) هُوَ مِنْ بَابِ إِقْحَامِ الْآلِ، أَوْ أُرِيدَ بِالْآلِ هُوَ وَآلُهُ وَإِذَا كَانَ هَذَا حَالُ الْآلِ فَكَيْفَ حَالُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ.

[باب خبز الشعير]

[باب خُبْزِ الشَّعِيرِ] 3345 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «لَقَدْ تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا فِي بَيْتِي مِنْ شَيْءٍ يَأْكُلُهُ ذُو كَبِدٍ إِلَّا شَطْرُ شَعِيرٍ فِي رَفٍّ لِي فَأَكَلْتُ مِنْهُ حَتَّى طَالَ عَلَيَّ فَكِلْتُهُ فَفَنِيَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ذُو كَبِدٍ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ وَقَدْ تَسْكُنُ مَعَ كَسْرٍ وَالْأَوَّلُ أَشْهُرُ (شَطْرُ شَعِيرٍ) مَعْنَاهُ شَيْءٌ مِنْ شَعِيرٍ كَذَا فَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ نِصْفُ وَسْقٍ (فِي رَفٍّ) بِفَتْحِ رَاءٍ وَتَشْدِيدِ فَاءٍ مَعْرُوفٌ قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ كَانَ الشَّعِيرُ الَّذِي عِنْدَ عَائِشَةَ غَيْرَ مَكِيلٍ فَكَالَتْهُ مِنْ أَجْلِ عِلْمِهَا بِكَيْلِهِ وَكَانَتْ تَظُنُّ كُلَّ يَوْمٍ أَنَّهُ سَيَفْنَى لِقِلَّةٍ كَانَتْ تَتَوَهَّمُهَا فَلِذَلِكَ طَالَ عَلَيْهَا فَلَمَّا كَالَتْهُ عَلِمَتْ مُدَّةَ بَقَائِهِ فَفَنِيَ عِنْدَ تَمَامِ ذَلِكَ الْقَدْرِ قَالَ الْقَاضِي: وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْبَرَكَةَ أَكْثَرُ مَا تَكُونُ فِي الْمَجْهُولَاتِ وَالْمُبْهَمَاتِ، وَأَمَّا حَدِيثُ «كِيلُوا طَعَامَكُمْ يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ» فَقَالُوا أَرَادَ أَنْ يَكِيلَهُ عِنْدَ إِخْرَاجِ النَّفَقَةِ مِنْهُ بِشَرْطِ أَنْ يَبْقَى الْبَاقِي مَجْهُولًا وَيَكِيلُ مَا يُخْرِجُهُ لِئَلَّا يُخْرِجَ أَكْثَرَ مِنَ الْحَاجَةِ، أَوْ أَقَلَّ.

3346 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ يُحَدِّثُ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ حَتَّى قُبِضَ»

3347 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْجُمَحِيُّ حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ هِلَالِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبِيتُ اللَّيَالِي الْمُتَتَابِعَةَ طَاوِيًا وَأَهْلُهُ لَا يَجِدُونَ الْعَشَاءَ وَكَانَ عَامَّةَ خُبْزِهِمْ خُبْزُ الشَّعِيرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (طَاوِيًا) أَيْ: خَالِيَ الْبَطْنِ جَائِعًا (وَأَهْلُهُ) عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ يَبِيتُ وَالْفَصْلُ مُغَنٍّ عَنِ التَّأْكِيدِ، أَوْ عَلَى اسْمِ كَانَ، أَيْ: وَكَانَ أَهْلُهُ كَذَلِكَ (الْعَشَاءُ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ، أَيْ: طَعَامُ الْعِشَاءِ بِالْكَسْرِ.

3348 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ الْحِمْصِيُّ وَكَانَ يُعَدُّ مِنْ الْأَبْدَالِ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ نُوحِ بْنِ ذَكْوَانَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «لَبِسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّوفَ وَاحْتَذَى الْمَخْصُوفَ وَقَالَ أَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَشِعًا وَلَبِسَ خَشِنًا» فَقِيلَ لِلْحَسَنِ مَا الْبَشِعُ قَالَ غَلِيظُ الشَّعِيرِ مَا كَانَ يُسِيغُهُ إِلَّا بِجُرْعَةِ مَاءٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَاحْتَذَى الْمَخْصُوفَ) أَيْ: لَبِسَ النَّعْلَ (بَشِعًا) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ وَكَذَلِكَ خَشِنًا، وَقَوْلُهُ: (يُسِيغُهُ) بِضَمِّ الْيَاءِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: هَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ نُوحَ بْنَ ذَكْوَانَ مُتَّفَقٌ عَلَى تَضْعِيفِهِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ: يَرْوِي عَنِ الْحَسَنِ كُلَّ مُعْضِلَةٍ.

[باب الاقتصاد في الأكل وكراهة الشبع]

[باب الِاقْتِصَادِ فِي الْأَكْلِ وَكَرَاهَةِ الشِّبَعِ] 3349 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَتْنِي أُمِّي عَنْ أُمِّهَا أَنَّهَا سَمِعَتْ الْمِقْدَامَ بْنَ مَعْدِ يكَرِبَ يَقُولُ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ حَسْبُ الْآدَمِيِّ لُقَيْمَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فَإِنْ غَلَبَتْ الْآدَمِيَّ نَفْسُهُ فَثُلُثٌ لِلطَّعَامِ وَثُلُثٌ لِلشَّرَابِ وَثُلُثٌ لِلنَّفَسِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (شَرًّا مِنْ بَطْنِهِ) قِيلَ: لِأَنَّهُ سَبَبُ غَالِبِ أَمْرَاضِ الْبَدَنِ. قُلْتُ: مَعَ أَنَّهُ يَمْنَعُ عَنِ الطَّاعَةِ وَيُفْضِي إِلَى الْبَطَالَةِ وَالْمَعْصِيَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (لُقَيْمَاتٌ) تَصْغِيرُ لُقْمَةٍ (يُقِمْنَ) مِنَ الْإِقَامَةِ، وَهَذَا إِشَارَةٌ إِلَى الْغِذَاءِ الضَّرُورِيِّ، وَقَوْلُهُ: (فَإِنْ غَلَبَتْ. . . إِلَخْ) إِشَارَةٌ إِلَى الْمُعْتَدِلِ، وَالْمُرَادُ بِالثُّلُثِ الثُّلُثُ تَخْمِينًا (لِلنَّفَسِ) بِفَتْحَتَيْنِ بِخِلَافٍ فَإِنْ غَلَبَتِ الْأُدْمَةُ نَفَسَهُ فَإِنَّهُ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ قَالَ الْغَزَالِيُّ ذُكِرَ هَذَا الْحَدِيثُ لِبَعْضِ الْفَلَاسِفَةِ مِنَ الْأَطِبَّاءِ فَعَجِبَ مِنْهُ وَقَالَ مَا سَمِعْتُ كَلَامًا فِي قِلَّةِ الْأَكْلِ أَعْظَمَ مِنْ هَذَا وَاللَّهِ إِنَّهُ لَكَلَامُ حَكِيمٍ.

3350 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو يَحْيَى عَنْ يَحْيَى الْبَكَّاءِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «تَجَشَّأَ رَجُلٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ كُفَّ جُشَاءَكَ عَنَّا فَإِنَّ أَطْوَلَكُمْ جُوعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُكُمْ شِبَعًا فِي دَارِ الدُّنْيَا»

3351 - حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْعَسْكَرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ عَنْ مُوسَى الْجُهَنِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ سَمِعْتُ سَلْمَانَ «وَأُكْرِهَ عَلَى طَعَامٍ يَأْكُلُهُ فَقَالَ حَسْبِي أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ شِبَعًا فِي الدُّنْيَا أَطْوَلُهُمْ جُوعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حَسْبِي. . . إِلَخْ) وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَرَّاقُ الثَّقَفِيُّ ضَعَّفُوهُ وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ.

[باب من الإسراف أن تأكل كل ما اشتهيت]

[باب مِنْ الْإِسْرَافِ أَنْ تَأْكُلَ كُلَّ مَا اشْتَهَيْتَ] 3352 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ وَيَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ الْحِمْصِيُّ قَالُوا حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ نُوحِ بْنِ ذَكْوَانَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنْ السَّرَفِ أَنْ تَأْكُلَ كُلَّ مَا اشْتَهَيْتَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنَّ مِنَ السَّرَفِ. . . إِلَخْ) أَيْ: فَاللَّائِقُ بِحَالِ الْمُؤْمِنِ أَنْ يَمْنَعَ نَفْسَهُ عَنْ بَعْضِ مُشْتَهَيَاتِهَا، وَفِي الزَّوَائِدِ: هَذَا إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ نُوحَ بْنَ ذَكْوَانَ مُتَّفَقٌ عَلَى تَضْعِيفِهِ كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا وَقَالَ الدَّمِيرِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا أُنْكِرَ عَلَيْهِ كَالْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ.

[باب النهي عن إلقاء الطعام]

[باب النَّهْيِ عَنْ إِلْقَاءِ الطَّعَامِ] 3353 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ حَدَّثَنَا وَسَّاجُ بْنُ عُقْبَةَ بْنِ وَسَّاجٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُوَقَّرِيُّ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيْتَ فَرَأَى كِسْرَةً مُلْقَاةً فَأَخَذَهَا فَمَسَحَهَا ثُمَّ أَكَلَهَا وَقَالَ يَا عَائِشَةُ أَكْرِمِي كَرِيمًا فَإِنَّهَا مَا نَفَرَتْ عَنْ قَوْمٍ قَطُّ فَعَادَتْ إِلَيْهِمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ثُمَّ أَكَلَهَا) قَدْ جَاءَ أَنَّهُ مَا أَكَلَ تَمْرَةً وَحْدَهَا كَذَلِكَ خَوْفًا مِنْ أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً، فَكَانَ هَذَا الِاحْتِمَالُ فِي الْكِسْرَةِ كَانَ - بَعِيدًا، فَلِذَلِكَ أَكَلَهَا (مَا نَفَرَتْ) أَيِ: الْكِسْرَةُ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ الْوَلِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ. قُلْتُ: أَشَارَ الدَّمِيرِيُّ إِلَى أَنَّهُ مُتَّهَمٌ بِالْوَضْعِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب التعوذ من الجوع]

[باب التَّعَوُّذِ مِنْ الْجُوعِ] 3354 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا هُرَيْمٌ عَنْ لَيْثٍ عَنْ كَعْبٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْجُوعِ فَإِنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعُ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْخِيَانَةِ فَإِنَّهَا بِئْسَتِ الْبِطَانَةُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِئْسَ الضَّجِيعُ) ضَجِيعُكَ بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ مَنْ يَنَامُ فِي فِرَاشِكَ، أَيْ: بِئْسَ الصَّاحِبُ الْجُوعُ الَّذِي يَمْنَعُهُ مِنْ وَظَائِفِ الْعِبَادَاتِ وَيُشَوِّشُ الدِّمَاغَ وَيُثِيرُ الْأَفْكَارَ الْفَاسِدَةَ وَالْخَيَالَاتِ الْبَاطِلَةَ (وَالْبِطَانَةُ) بِكَسْرِ بَاءٍ مُوَحَّدَةٍ وَهُوَ ضِدُّ الظِّهَارَةِ وَأَصْلُهَا فِي الثَّوْبِ فَاتَّسَعَ بِمَا يُسْتَبْطَنُ مِنْ أَمْرِهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[باب ترك العشاء]

[باب تَرْكِ الْعَشَاءِ] 3355 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَابَاهُ الْمَخْزُومِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَيْمُونٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَدَعُوا الْعَشَاءَ وَلَوْ بِكَفٍّ مِنْ تَمْرٍ فَإِنَّ تَرْكَهُ يُهْرِمُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَرَكَهُ يَهْرَمُ) الْهَرَمُ بِفَتْحَتَيْنِ كِبَرُ السِّنِّ يُقَالُ هَرِمَ كَعَلِمَ لَازِمٌ وَالْمُتَعَدِّي أَهْرَمَهُ اللَّهُ وَهَرَّمَهُ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُضَعِّفُهُ وَيُلْحِقُهُ بِمَنْ كَبِرَ سِنُّهُ، وَفِي

الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَنَسٍ وَقَالَ إِنَّهُ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب الضيافة]

[باب الضِّيَافَةِ] 3356 - حَدَّثَنَا جُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَيْرُ أَسْرَعُ إِلَى الْبَيْتِ الَّذِي يُغْشَى مِنْ الشَّفْرَةِ إِلَى سَنَامِ الْبَعِيرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الَّذِي يُغْشَى) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ، أَيْ: يَغْشَاهُ الْأَضْيَافُ (مِنَ الشَّفْرَةِ) بِفَتْحِ شِينٍ فَسُكُونٍ السِّكِّينُ الْعَظِيمُ، وَالسَّنَامُ أَحَبُّ عِنْدَ الْعَرَبِ فَكَانُوا يَبْدَءُونَ بِهِ إِذَا نَحَرُوا الْإِبِلَ لِلضَّيْفِ فَالْخَيْرُ الَّذِي هُوَ يَدُلُّ لِهَذَا الْعَمَلِ يَحْصُلُ قَبْلَ تَمَامِ هَذَا الْعَمَلِ فَإِنَّهُ يَجِيءُ قَبْلَ أَنْ يَضَعَ السِّكِّينَ فِي السَّنَامِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ جُبَارَةُ وَكَثِيرٌ وَهُمَا ضَعِيفَانِ.

3357 - حَدَّثَنَا جُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نَهْشَلٍ عَنْ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَيْرُ أَسْرَعُ إِلَى الْبَيْتِ الَّذِي يُؤْكَلُ فِيهِ مِنْ الشَّفْرَةِ إِلَى سَنَامِ الْبَعِيرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الَّذِي يُؤْكَلُ فِيهِ) ، فِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ جُبَارَةُ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نَهْشَلٍ غَلَطٌ وَالصَّوَابُ ثَنَا الْمُحَارِبِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ نَهْشَلٍ وَهُوَ ابْنُ سَعِيدٍ وَنَهْشَلٌ سَاقِطٌ.

3358 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنْ السُّنَّةِ أَنْ يَخْرُجَ الرَّجُلُ مَعَ ضَيْفِهِ إِلَى بَابِ الدَّارِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنَّ مِنَ السُّنَّةِ) أَيِ: الطَّرِيقَةِ الْمَسْلُوكَةِ بَيْنَ أَهْلِ الْمُرُوءَةِ، أَوْ مِنْ سُنَّةِ اللَّهِ وَشَرْعِهِ نَدْبًا، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ عَلَسُ بْنُ عُرْوَةَ أَحَدُ الضُّعَفَاءِ الْمَتْرُوكِينَ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ وَقَالَ الدَّمِيرِيُّ رَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا أَنَّ أَبَا عُبَيْدٍ الْقَاسِمَ بْنَ سَلَّامٍ زَارَ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ قَالَ: فَلَمَّا قُمْتُ قَامَ مَعِي فَقُلْتُ لَهُ لَا تَفْعَلْ فَقَالَ الشَّعْبِيُّ مِنْ تَمَامِ إِكْرَامِ الزَّائِرِ أَنْ تَمْشِيَ مَعَهُ إِلَى بَابِ الدَّارِ وَتَأْخُذَ بِرِكَابِهِ.

[باب إذا رأى الضيف منكرا رجع]

[باب إِذَا رَأَى الضَّيْفُ مُنْكَرًا رَجَعَ] 3359 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «صَنَعْتُ طَعَامًا فَدَعَوْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ فَرَأَى فِي الْبَيْتِ تَصَاوِيرَ فَرَجَعَ»

3360 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْجَزَرِيُّ حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ حَدَّثَنَا سَفِينَةُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ «أَنَّ رَجُلًا أَضَافَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا فَقَالَتْ فَاطِمَةُ لَوْ دَعَوْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكَلَ مَعَنَا فَدَعَوْهُ فَجَاءَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى عِضَادَتَيْ الْبَابِ فَرَأَى قِرَامًا فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ فَرَجَعَ فَقَالَتْ فَاطِمَةُ لِعَلِيٍّ الْحَقْ فَقُلْ لَهُ مَا رَجَعَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِنَّهُ لَيْسَ لِي أَنْ أَدْخُلَ بَيْتًا مُزَوَّقًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنَّ رَجُلًا أَضَافَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ) أَيْ: نَزَلَ عَلَى عَلِيٍّ ضَيْفًا، أَوْ إِنَّ أَضَافَ بِمَعْنَى

ضَافَ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ صَنَعَ طَعَامًا وَأَهْدَى إِلَى بَيْتِ عَلِيٍّ وَلَيْسَ الْمَعْنَى أَنَّهُ دَعَا عَلِيًّا إِلَى بَيْتِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَقْدِيرُهُ أَضَافَهُ، ثُمَّ حَذَفَ الْمَفْعُولَ، وَعَلَى هَذَا فَعَلِيٌّ بِالرَّفْعِ فَاعِلٌ (قِرَامًا) بِكَسْرِ الْقَافِ السِّتْرُ الرَّقِيقُ (مَا رَجَعَكَ) مِنَ الرُّجُوعِ الْمُتَعَدِّي لَا مِنَ الرُّجُوعِ اللَّازِمِ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {رَجَعَكَ اللَّهُ} [التوبة: 83] وَلَهُ أَمْثَالٌ فِي الْقُرْآنِ (مُزَوَّقًا) أَيْ: مُزَيَّنًا.

[باب الجمع بين اللحم والسمن]

[باب الْجَمْعِ بَيْنَ اللَّحْمِ وَالسَّمْنِ] 3361 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَرْحَبِيُّ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي الْيَعْفُورِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «دَخَلَ عَلَيْهِ عُمَرُ وَهُوَ عَلَى مَائِدَتِهِ فَأَوْسَعَ لَهُ عَنْ صَدْرِ الْمَجْلِسِ فَقَالَ بِسْمِ اللَّهِ ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ فَلَقِمَ لُقْمَةً ثُمَّ ثَنَّى بِأُخْرَى ثُمَّ قَالَ إِنِّي لَأَجِدُ طَعْمَ دَسَمٍ مَا هُوَ بِدَسَمِ اللَّحْمِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي خَرَجْتُ إِلَى السُّوقِ أَطْلُبُ السَّمِينَ لِأَشْتَرِيَهُ فَوَجَدْتُهُ غَالِيًا فَاشْتَرَيْتُ بِدِرْهَمٍ مِنْ الْمَهْزُولِ وَحَمَلْتُ عَلَيْهِ بِدِرْهَمٍ سَمْنًا فَأَرَدْتُ أَنْ يَتَرَدَّدَ عِيَالِي عَظْمًا عَظْمًا فَقَالَ عُمَرُ مَا اجْتَمَعَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطُّ إِلَّا أَكَلَ أَحَدَهُمَا وَتَصَدَّقَ بِالْآخَرِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ خُذْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَلَنْ يَجْتَمِعَا عِنْدِي إِلَّا فَعَلْتُ ذَلِكَ قَالَ مَا كُنْتُ لِأَفْعَلَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَلَى مَائِدَتِهِ) الْمُرَادُ السُّفْرَةُ لَا الْخِوَانُ، وَإِلَّا لَكَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يَمْتَنِعَ عُمَرُ لِأَجْلِهِ قَوْلُهُ: (خُذْ) أَيْ: كُلْ هَذِهِ الْمَرَّةَ وَفِيمَا بَعْدُ لَا نَجْمَعُ بَيْنَهُمَا، بَلْ نَتَصَدَّقُ بِأَحَدِهِمَا (وَمَا كُنْتُ لِأَفْعَلَ) وَفِي الزَّوَائِدِ: هَذَا إِسْنَادٌ حَسَنٌ فِيهِ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُبَيْدٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب من طبخ فليكثر ماءه]

[باب مَنْ طَبَخَ فَلْيُكْثِرْ مَاءَهُ] 3362 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْخَزَّازُ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا عَمِلْتَ مَرَقَةً فَأَكْثِرْ مَاءَهَا وَاغْتَرِفْ لِجِيرَانِكَ مِنْهَا» [باب أَكْلِ الثُّومِ وَالْبَصَلِ وَالْكُرَّاثِ] 3363 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ الْغَطَفَانِيِّ عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْيَعْمَرِيِّ «أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَامَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ خَطِيبًا فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ تَأْكُلُونَ شَجَرَتَيْنِ لَا أُرَاهُمَا إِلَّا خَبِيثَتَيْنِ هَذَا الثُّومُ وَهَذَا الْبَصَلُ وَلَقَدْ كُنْتُ أَرَى الرَّجُلَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوجَدُ رِيحُهُ مِنْهُ فَيُؤْخَذُ بِيَدِهِ حَتَّى يُخْرَجَ بِهِ إِلَى الْبَقِيعِ فَمَنْ كَانَ آكِلَهُمَا لَا بُدَّ فَلْيُمِتْهُمَا طَبْخًا»

3364 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُمِّ أَيُّوبَ قَالَتْ «صَنَعْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا فِيهِ مِنْ بَعْضِ الْبُقُولِ فَلَمْ يَأْكُلْ وَقَالَ إِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُوذِيَ صَاحِبِي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِيهِ مِنْ بَعْضِ الْبُقُولِ) أَيْ: كَالْبَصَلِ وَنَحْوِهِ (صَاحِبِي) أَيْ: جِبْرِيلَ.

3365 - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَنْبَأَنَا أَبُو شُرَيْحٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نِمْرَانَ الْحَجْرِيِّ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ نَفَرًا أَتَوْا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَ مِنْهُمْ رِيحِ الْكُرَّاثِ فَقَالَ أَلَمْ أَكُنْ نَهَيْتُكُمْ عَنْ أَكْلِ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ الْإِنْسَانُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَتَأَذَّى) أَيْ: فَيَنْبَغِي تَرْكُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ عَلَى الدَّوَامِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ أَذَاهُمْ.

3366 - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يُحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ نُعَيْمٍ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ دُخَيْنٍ الْحَجْرِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيَّ يَقُولُ «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ لَا تَأْكُلُوا الْبَصَلَ ثُمَّ قَالَ كَلِمَةً خَفِيَّةً النِّيءَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا تَأْكُلُوا الْبَصَلَ. . . إِلَخْ) ، فِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَعُثْمَانُ وَالْمُغِيرَةُ لَمْ أَرَ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهِمَا بِجَرْحٍ وَلَا تَوْثِيقٍ.

[باب أكل الجبن والسمن]

[باب أَكْلِ الْجُبْنِ وَالسَّمْنِ] 3367 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ مُوسَى السُّدِّيُّ حَدَّثَنَا سَيْفُ بْنُ هَارُونَ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ السَّمْنِ وَالْجُبْنِ وَالْفِرَاءِ قَالَ الْحَلَالُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وَالْحَرَامُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ مِمَّا عَفَا عَنْهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَالْفِرَا) بِكَسْرِ الْفَاءِ جَمْعُ فَرَا بِمَعْنَى حِمَارِ الْوَحْشِ، وَهَذَا هُوَ مُقْتَضَى جَمْعِهِ فِي الْحَدِيثِ بِالْمَأْكُولَاتِ، أَوْ جَمْعُ فَرْوَةٍ مَا تُلْبَسُ مِنَ الْجُلُودِ وَإِلَيْهِ تُشِيرُ تَرْجَمَةُ التِّرْمِذِيِّ وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ مَا صَرَّحَ الْكِتَابُ بِحِلِّهَا وَلَا حُرْمَتِهَا وَهِيَ مُنْدَرِجَةٌ فِي الْمَسْكُوتِ عَنْهَا ظَاهِرًا، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ الْمُوَافِقُ لِلَفْظِ الْحَدِيثِ بَقِيَ فِي الْحَدِيثِ إِشْكَالٌ وَهُوَ أَنَّ الْحَدِيثَ بِظَاهِرِهِ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَثْبُتَ شَيْءٌ مِنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ بِالسُّنَّةِ وَهُوَ خِلَافُ الْوَاقِعِ وَخِلَافُ مَا يُعْطِيهِ حَدِيثُ «أَلَا إِنِّي أُوتِيَتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ» الْحَدِيثُ وَقَدْ ذَمَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ لَمْ يَأْخُذْ بِمَا حَرَّمَ فِي الْحَدِيثِ وَيَعْتَذِرُ بِأَنَّ مَا وَجَدَ فِي الْقُرْآنِ فَلَا بُدَّ مِنْ صَرْفِ الْحَدِيثِ عَنْ ظَاهِرِهِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِمَا أَحَلَّهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وَمَا حَرَّمَ أَعَمُّ مِمَّا حَلَّلَهُ وَحَرَّمَهُ تَفْصِيلًا وَتَعْيِينًا فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ

تَعَالَى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [النساء: 59] وَأَمْثَالِهِ، وَعَلَى هَذَا فَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْحَدِيثِ مُنْدَرِجَةٌ فِيمَا أَحَلَّ لَا فِيمَا سَكَتَ عَنْهُ، أَمَّا السَّمْنُ فَقَدْ وَرَدَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهَا، وَأَمَّا الْجُبْنُ فَفِي أَبِي دَاوُدَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أُتِيَ بِتَبُوكَ بِجُبْنَةٍ فَدَعَا بِسِكِّينٍ فَسَمَّى وَقَطَعَ» الْحَدِيثَ، وَأَمَّا الْفِرَا فَإِنْ كَانَ جَمْعَ فَرَا بِمَعْنَى حِمَارِ الْوَحْشِ فَقَدْ وَرَدَتْ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، وَإِنْ كَانَ جَمْعَ فَرْوَةٍ فَقَدْ عُلِمَ طَهَارَةُ الْجِلْدِ إِذَا دُبِغَ سَوَاءٌ كَانَ جِلْدَ مُذَكَّاةٍ، أَوْ مَيْتَةٍ فَلَيْسَ الْمُرَادُ فِي الْحَدِيثِ حِينَئِذٍ بَيَانُ أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مُنْدَرِجَةٌ فِي الْمَسْكُوتِ عَنْهُ فَتَكُونُ حَلَالًا، بَلْ بَيَانُ ضَابِطٍ فِي مَعْرِفَةِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ عَلَى الْعُمُومِ وَالْإِطْلَاقِ بِحَدِيثٍ يُعْرَفُ مِنْهَا حَالُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَغَيْرِهَا، فَالْحَدِيثُ مُوَافِقٌ لِحَدِيثِ «إِنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ بِأَشْيَاءَ فَامْتَثِلُوهَا وَنَهَاكُمْ عَنْ أَشْيَاءَ فَاجْتَنِبُوهَا وَسَكَتَ لَكُمْ عَنْ أَشْيَاءَ رَحْمَةً مِنْهُ فَلَا تَسْأَلُوا عَنْهَا،» وَبِالْجُمْلَةِ فَالْحَدِيثُ يَقْتَضِي أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَشْيَاءِ الْحِلُّ.

[باب أكل الثمار]

[باب أَكْلِ الثِّمَارِ] 3368 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عِرْقٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ «أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنَبٌ مِنْ الطَّائِفِ فَدَعَانِي فَقَالَ خُذْ هَذَا الْعُنْقُودَ فَأَبْلِغْهُ أُمَّكَ فَأَكَلْتُهُ قَبْلَ أَنْ أُبْلِغَهُ إِيَّاهَا فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ لَيَالٍ قَالَ لِي مَا فَعَلَ الْعُنْقُودُ هَلْ أَبْلَغْتَهُ أُمَّكَ قُلْتُ لَا فَسَمَّانِي غُدَرَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَسَمَّانِي غُدَرَ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ كَمَا ضُبِطَ، وَفِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ فِي الرِّوَايَةِ عَنِ النَّبِيِّ عَكْسُ مَا ذُكِرَ هَاهُنَا فَفِيهِ «أَنَّ أُمَّهُ بَعَثَتْهُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقِطْفٍ مِنْ عِنَبٍ فَأَكَلَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يُبَلِّغَهُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا جَاءَ بِهِ أَخَذَ بِأُذُنِهِ فَقَالَ لَهُ يَا غُدَرُ» وَقَالَ «الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ» وَالْقِصَّةُ مُخْتَلَفٌ فِيهَا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَا قِصَّتَيْنِ.

3369 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّلْحِيُّ حَدَّثَنَا نُقَيْبُ بْنُ حَاجِبٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ الزُّبَيْرِيِّ عَنْ طَلْحَةَ قَالَ «دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِيَدِهِ سَفَرْجَلَةٌ فَقَالَ دُونَكَهَا يَا طَلْحَةُ فَإِنَّهَا تُجِمُّ الْفُؤَادَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (دُوَنَكَهَا) أَيْ: خُذْهَا (تَجُمُّ الْفُؤَادَ) أَيْ: تُرِيحُهُ وَتُكْمِلُ صَلَاحَهُ وَنَشَاطَهُ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ الْمَلِكِ الزُّبَيْرِيُّ مَجْهُولٌ قَالَ الْمِزِيُّ فِي الْأَطْرَافِ وَالذَّهَبِيُّ فِي الْكَاشِفِ وَأَبُو سَعِيدٍ يُكْرَهُ قَالَهُ فِي الْكَاشِفِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب النهي عن الأكل منبطحا]

[باب النَّهْيِ عَنْ الْأَكْلِ مُنْبَطِحًا] 3370 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْكُلَ الرَّجُلُ وَهُوَ مُنْبَطِحٌ عَلَى وَجْهِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَهُوَ مُنْبَطِحٌ) بِتَقْدِيمِ النُّونِ عَلَى الْمُوَحَّدَةِ، أَيْ: مُفْتَرِشٌ مُلْصِقٌ بِالْبَطْحَاءِ قَالَ الْمُوَفَّقُ عَبْدُ اللَّطِيفِ الْبَغْدَادِيُّ هَذِهِ الْهَيْئَةُ الْمَنْهِيُّ عَنْهَا تَمْنَعُ مِنْ حُسْنِ الِاسْتِمْرَاءِ فَإِنَّ عُرُوقَ الْحَلْقِ تَضِيقُ عِنْدَ دُخُولِ الطَّعَامِ مِنْهَا إِلَى الْبَطْنِ بِالْأَرْضِ وَمِمَّا يَلِي الظَّهْرَ بِالْحِجَابِ الْفَاصِلِ بَيْنَ آلَاتِ الْغِذَاءِ وَآلَاتِ التَّنَفُّسِ، وَإِنَّمَا يَكْرَهُ الْقَعْدَةَ عَلَى وَضْعِهَا الْأَصْلِيِّ إِذَا كَانَ الْإِنْسَانُ قَاعِدًا.

[كتاب الأشربة]

[كِتَاب الْأَشْرِبَةِ] [بَاب الْخَمْرُ مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَاب الْأَشْرِبَةِ بَاب الْخَمْرُ مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ 3371 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ ح وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ جَمِيعًا عَنْ رَاشِدٍ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحِمَّانِيِّ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ «أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَشْرَبْ الْخَمْرَ فَإِنَّهَا مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَإِنَّهَا مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ) فَإِنَّهَا تُزِيلُ الْعَقْلَ فَلَا يُبَالِي بِشَيْءٍ فَقَدِ انْفَتَحَ لَهُ بَابُ الشَّرِّ بَعْدَ أَنْ كَانَ مُغْلَقًا بِقَيْدِ الْعَقْلِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

3372 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عُثْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا مُنِيرُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ عُبَادَةَ بْنَ نُسَيٍّ يَقُولُ سَمِعْتُ خَبَّابَ بْنَ الْأَرَتِّ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِيَّاكَ وَالْخَمْرَ فَإِنَّ خَطِيئَتَهَا تَفْرَعُ الْخَطَايَا كَمَا أَنَّ شَجَرَتَهَا تَفْرَعُ الشَّجَرَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (تَفْرَعُ الْخَطَايَا) مِنْ فَرَعَ الْعُلَمَاءَ الرَّجُلُ إِذَا طَالَهُمْ، أَيْ: تَعْلُو الْخَطَايَا وَتُعْلِيهَا فَإِنَّ مَنِ ارْتَكَبَ هَذِهِ الْخَطِيئَةَ لَا يُبَالِي بِغَيْرِهَا (تَفْرَعُ الشَّجَرَةُ) فَإِنَّ شَجَرَةَ الْعِنَبِ تَزِيدُ عَلَى الْأَشْجَارِ طُولًا وَكَذَلِكَ شَجَرَةُ الرُّطَبِ وَالْبُسْرِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ نُمَيْرُ بْنُ الزُّبَيْرِ الشَّامِيُّ الْأَزْدِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[باب من شرب الخمر في الدنيا لم يشربها في الآخرة]

[باب مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَشْرَبْهَا فِي الْآخِرَةِ] 3373 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَشْرَبْهَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا أَنْ يَتُوبَ»

3374 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ أَنَّ خَالِدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُسَيْنٍ حَدَّثَهُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَشْرَبْهَا فِي الْآخِرَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ) ، فِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ قَوْلُهُ: (مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ) أَيْ: دَاوَمَ عَلَى شُرْبِهَا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ سَائِرُ الرِّوَايَاتِ، لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الدَّوَامَ فِيهَا مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ

التَّوْبَةِ عَنْهَا فَلَا حَاجَةَ إِلَى هَذَا التَّأْوِيلِ قَوْلُهُ: (لَمْ يَشْرَبْهَا فِي الْآخِرَةِ) قِيلَ: كِنَايَةً عَنْ عَدَمِ دُخُولِ الْجَنَّةِ؛ لِأَنَّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ فِي الْآخِرَةِ وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ شَارِبُ الْخَمْرِ لَا يَخْلُو أَنْ يَتُوبَ مِنْهَا، أَوْ يَمُوتَ بِلَا تَوْبَةٍ فَإِنْ تَابَ فَالتَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَتُبْ فَالَّذِي عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ أَمْرَهُ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ فَإِنْ عَاقَبَهُ لَمْ يَكُنْ مُخَلَّدًا فِي النَّارِ أَبَدًا، بَلْ لَا بُدَّ لَهُ مِنَ الْخُرُوجِ مِنَ النَّارِ بِمَا مَعَهُ مِنَ التَّوْحِيدِ وَمِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ فَإِنْ دَخَلَ الْجَنَّةَ فَذَهَبَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ وَأَهْلُ السُّنَّةِ أَنَّهُ لَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ فِي الْجَنَّةِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَعْجَلَ مَا أُمِرَ بِتَأْخِيرِهِ وَوُعِدَ بِهِ فَحُرِمَهُ عِنْدَ مِيقَاتِهِ وَهُوَ مَوْضِعُ الْإِشْكَالِ وَعِنْدِي الْأَمْرُ كَذَلِكَ اهـ. قُلْتُ: وَهَذَا كَمَا يُقَالُ مَنِ اسْتَعْجَلَ الشَّيْءَ قَبْلَ أَوَانِهِ عُوقِبَ بِحِرْمَانِهِ وَمَحَلُّ الْإِشْكَالِ هُوَ أَنَّهُ كَيْفَ يَكُونُ كَذَلِكَ مَعَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ} [فصلت: 31] وَالْجَوَابُ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَصْرِفُ شَهْوَتَهُ مِنْهَا فِي الْآخِرَةِ، بَلْ تَفَاوُتُ الْمَرَاتِبِ فِي الْجَنَّةِ لَا يَجْتَمِعُ مَعَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ} [فصلت: 31] إِلَّا بِهَذَا وَعَلَى هَذَا لَا حَاجَةَ إِلَى تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَعَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ. قُلْتُ: وَهَذَا لَا يَصِحُّ لِجَوَازِ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ ابْتِدَاءً فَيَدْخُلُ مَعَ السَّابِقَيْنِ فَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ إِذَا احْتِيجَ إِلَى التَّأْوِيلِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الدُّخُولَ مَعَ السَّابِقِينَ، ثُمَّ قَالَ السُّيُوطِيُّ: وَعِنْدِي فِيهِ تَأْوِيلٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ إِشَارَةً إِلَى مَا ذَكَرَهُ الْعُلَمَاءُ أَنَّ مِنْ أَسْبَابِ سُوءِ الْخَاتِمَةِ وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ تَعَالَى إِدْمَانَ الْخَمْرِ. قُلْتُ: الْوَجْهُ هُوَ أَنْ يَصْرِفَ شَهْوَتَهُ مِنْهَا فَقَدْ جَاءَ مِثْلُهُ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب مدمن الخمر]

[باب مُدْمِنُ الْخَمْرِ] 3375 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُدْمِنُ الْخَمْرِ كَعَابِدِ وَثَنٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مُدْمِنُ الْخَمْرِ) أَيِ: الَّذِي يُلَازِمُهَا (كَعَابِدِ وَثَنٍ) حَيْثُ إِنَّ اللَّه تَعَالَى جَمَعَ شُرْبَ الْخَمْرِ مَعَ عَابِدِ الْوَثَنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} [المائدة: 90] الْآيَةَ، وَأَيْضًا هُمَا سَوَاءٌ فِي عَدَمِ قَبُولِ الصَّلَاةِ فَإِنَّ الْكَافِرَ لَوْ صَلَّى لَمْ تُقْبَلْ صَلَاتُهُ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ عَدِيٍّ وَقَوَّاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ.

3376 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عُتْبَةَ حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ مَيْسَرَةَ بْنِ حَلْبَسٍ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مُدْمِنُ خَمْرٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ) قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَذَلِكَ أَنَّهُ يُخْشَى عَلَيْهِ سُوءُ الْخَاتِمَةِ فَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِسَبَبِهِ، أَوْ إِنَّهُ لَا يَدْخُلُهَا مَعَ أَوَّلِ دَاخِلٍ حَتَّى يَطْهُرَ بِعَفْوِ اللَّهِ عَنْهُ اهـ، وَفِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَسُلَيْمَانُ بْنُ عُتْبَةَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ.

[باب من شرب الخمر لم تقبل له صلاة]

[باب مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ] 3377 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ الدَّيْلَمِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ وَسَكِرَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا وَإِنْ مَاتَ دَخَلَ النَّارَ فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَإِنْ عَادَ فَشَرِبَ فَسَكِرَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا فَإِنْ مَاتَ دَخَلَ النَّارَ فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَإِنْ عَادَ فَشَرِبَ فَسَكِرَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا فَإِنْ مَاتَ دَخَلَ النَّارَ فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَإِنْ عَادَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ رَدَغَةِ الْخَبَالِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا رَدَغَةُ الْخَبَالِ قَالَ عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَرْبَعِينَ صَبَاحًا) قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةِ التِّرْمِذِيِّ: ذَكَرَ فِي حِكْمَةِ ذَلِكَ أَنَّهَا تَبْقَى فِي عُرُوقِهِ وَأَعْضَائِهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا نَقَلَهُ ابْنُ الْقَيِّمِ قَوْلُهُ: (مِنْ رَدْغَةِ الْخَبَالِ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْفَسَادُ قَالَ السُّيُوطِيُّ: وَيَكُونُ فِي الْأَفْعَالِ وَالْأَبَدَانِ وَالْعُقُولِ وَقَدْ جَاءَ مُفَسَّرًا فِي الْحَدِيثِ بِعُصَارَةِ أَهْلِ النَّارِ وَهِيَ صَدِيدُهُمْ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ مُصَرَّحًا أَيْضًا وَهُوَ مُشْكِلٌ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ لَا يُوَفَّقُ لِلتَّوْبَةِ فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ كَمَا فِي الْمَرَّاتِ الْأُوَلِ.

[باب ما يكون منه الخمر]

[باب مَا يَكُونُ مِنْهُ الْخَمْرُ] 3378 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَمَامِيُّ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو كَثِيرٍ السُّحَيْمِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَمْرُ مِنْ هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ النَّخْلَةِ وَالْعِنَبَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْخَمْرُ مِنْ هَاتَيْنِ) لَا عَلَى وَجْهِ الْقَصْرِ عَلَيْهِمَا، بَلْ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ مِنْهُمَا وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْعِنَبِ، وَقِيلَ: الْمَقْصُودُ بَيَانُ ذَلِكَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهمْ مَشْرُوبٌ إِلَّا مِنْ هَذَيْنَ النَّوْعَيْنِ، وَقِيلَ: إِنَّهُ مُعْظَمُ مَا يُتَّخَذُ مِنَ الْخَمْرِ، أَوْ أَشَدُّ مَا يَكُونُ فِي مَعْنَى الْمُخَامَرَةِ وَالْإِسْكَارِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ هَاتَيْنِ فَلَا يُنَافِي هَذَا الْحَدِيثَ

مَا سَيَجِيءُ.

3379 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ أَنَّ خَالِدَ بْنَ كَثِيرٍ الْهَمْدَانِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّ السَّرِيَّ بْنَ إِسْمَعِيلَ حَدَّثَهُ أَنَّ الشَّعْبِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنْ الْحِنْطَةِ خَمْرًا وَمِنْ الشَّعِيرِ خَمْرًا وَمِنْ الزَّبِيبِ خَمْرًا وَمِنْ التَّمْرِ خَمْرًا وَمِنْ الْعَسَلِ خَمْرًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنَّ مِنَ الْحِنْطَةِ خَمْرًا) يُرِيدُ أَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ الْمَوْجُودَ بَيْنَ أَيْدِي النَّاسِ هَذِهِ الْأَنْوَاعُ وَأَنْوَاعُ الْخَمْرِ تَعُمُّ الْكُلَّ لَا بِمَعْنَى الْحَصْرِ، بَلْ يَعُمُّ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ فَإِنَّ حَقِيقَةَ الْخَمْرِ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ.

[باب لعنت الخمر على عشرة أوجه]

[باب لُعِنَتْ الْخَمْرُ عَلَى عَشْرَةِ أَوْجُهٍ] 3380 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْغَافِقِيِّ وَأَبِي طُعْمَةَ مَوْلَاهُمْ أَنَّهُمَا سَمِعَا ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لُعِنَتْ الْخَمْرُ عَلَى عَشْرَةِ أَوْجُهٍ بِعَيْنِهَا وَعَاصِرِهَا وَمُعْتَصِرِهَا وَبَائِعِهَا وَمُبْتَاعِهَا وَحَامِلِهَا وَالْمَحْمُولَةِ إِلَيْهِ وَآكِلِ ثَمَنِهَا وَشَارِبِهَا وَسَاقِيهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لُعِنَتِ الْخَمْرَةُ عَلَى عَشَرَةِ أَوْجُهٍ) فِيهِ أَنَّ اللَّعْنَ فِي الْكُلِّ يَرْجِعُ إِلَى الْخَمْرِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَاصِرَ مَثَلًا يُلْعَنُ لِكَوْنِهِ عَاصِرًا لَهَا وَكَذَلِكَ الْبَاقُونَ فَرَجَعَ الْكُلُّ إِلَى الْخَمْرِ وَالْعَاصِرُ مَنْ عَصَرَهَا مُطْلَقًا وَالْمُعْتَصِرُ مَنْ عَصَرَهَا لِنَفْسِهِ.

3381 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التُّسْتَرِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ شَبِيبٍ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَوْ حَدَّثَنِي أَنَسٌ قَالَ «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَمْرِ عَشَرَةً عَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَالْمَعْصُورَةَ لَهُ وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ لَهُ وَبَائِعَهَا وَالْمَبْيُوعَةَ لَهُ وَسَاقِيَهَا وَالْمُسْتَقَاةَ لَهُ حَتَّى عَدَّ عَشَرَةً مِنْ هَذَا الضَّرْبِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي الْخَمْرِ) أَيْ: شَأْنِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب التجارة في الخمر]

[باب التِّجَارَةِ فِي الْخَمْرِ] 3382 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ «لَمَّا نَزَلَتْ الْآيَاتُ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي الرِّبَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَرَّمَ التِّجَارَةَ فِي الْخَمْرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَحَرَّمَ التِّجَارَةَ فِي الْخَمْرِ) تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهَا فِي الْحُرْمَةِ سَوَاءٌ وَقَالَ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةِ أَبِي دَاوُدَ: جَاءَ عَنْ عَائِشَةَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ لَمَّا نَزَلَتْ سُورَةُ الْبَقَرَةِ نَزَلَ فِيهَا تَحْرِيمُ الْخَمْرِ فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ تَحْرِيمُ ذَلِكَ وَكَأَنَّهُ نُسِخَتْ تِلَاوَتُهُ.

3383 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «بَلَغَ عُمَرَ أَنَّ سَمُرَةَ بَاعَ خَمْرًا فَقَالَ قَاتَلَ اللَّهُ سَمُرَةَ أَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الشُّحُومُ فَجَمَلُوهَا فَبَاعُوهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بَاعَ خَمْرًا) الظَّاهِرُ أَنَّهُ بَاعَهَا لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِالْحَدِيثِ وَقَوْلُ عُمَرَ قَاتَلَ اللَّهُ سُمْرَةَ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ اللَّعْنَ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ إِظْهَارُ الْغَضَبِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُ جَهْلٌ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَاللَّائِقُ بِحَالِ الْعَاقِلِ أَنْ لَا يَجْهَلَ مِثْلَهُ

وَإِنْ يَجْهَلْ فَلَا يُبَاشِرَ مِثْلَ هَذَا الْعَمَلِ إِلَّا بَعْدَ التَّفْتِيشِ عَنْ حَقِيقَتِهِ قَوْلُهُ: (فَجَمَلُوهَا) أَيْ: أَذَابُوهَا يُقَالُ جَمَلَ الشَّحْمَ بِالتَّخْفِيفِ وَأَجْمَلَهُ أَذَابَهُ وَاسْتَخْرَجَ دُهْنَهُ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: أَذَابُوهَا حَتَّى تَصِيرَ وَدَكًا فَيَنْفَكَّ عَنْهَا اسْمُ الشَّحْمِ، وَفِي هَذَا إِبْطَالُ كُلِّ حِيلَةٍ يُتَوَصَّلُ بِهَا إِلَى مُحَرَّمٍ وَأَنَّهُ لَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُهُ بِتَغَيُّرِ هَيْئَتِهِ وَتَبْدِيلِ اسْمِهِ.

[باب الخمر يسمونها بغير اسمها]

[باب الْخَمْرِ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا] 3384 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ عَبْدِ الْقُدُّوسِ حَدَّثَنَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَذْهَبُ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامُ حَتَّى تَشْرَبَ فِيهَا طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا) أَيْ: يُبَدِّلُونَ اسْمَهَا لِيُبَدِّلُوا بِذَلِكَ حُكْمَهَا، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ عَبْدِ الْقُدُّوسِ فَهُوَ حَرَامٌ؛ لِأَنَّ عُمُومَهُ يَشْمَلُ الْخَمْرَ الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ حَرَامٌ قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا بِالْإِجْمَاعِ فَيَلْزَمُ فِي الْكُلِّ الْحَمْلُ عَلَى ذَلِكَ فَهَذَا الْحَدِيثُ وَأَمْثَالُهُ دَلِيلٌ عَلَى حُرْمَةِ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنَ اللَّفْظِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب كل مسكر حرام]

3385 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ أَوْسٍ الْعَبْسِيُّ عَنْ بِلَالِ بْنِ يَحْيَى الْعَبْسِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصٍ عَنْ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ عَنْ ثَابِتِ بْنِ السِّمْطِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْرَبُ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ بِاسْمٍ يُسَمُّونَهَا إِيَّاهُ» [باب كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ] 3386 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ «تَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ»

3387 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْحَارِثِ الذِّمَارِيُّ سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ»

3388 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ هَانِئٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» قَالَ ابْن مَاجَةَ هَذَا حَدِيثُ الْمِصْرِيِّينَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ. . . إِلَخْ) ، فِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ

ثِقَاتٌ وَأَصْلُ الْمَتْنِ صَحِيحٌ بِلَا رَيْبٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

3389 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ حَيَّانَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزِّبْرِقَانِ عَنْ يَعْلَى بْنِ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ يَقُولُ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ» وَهَذَا حَدِيثُ الرَّقِّيِّينَ

3390 - حَدَّثَنَا سَهْلٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ»

3391 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ»

[باب ما أسكر كثيره فقليله حرام]

[باب مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ] 3392 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّا بْنُ مَنْظُورٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وَمَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَمَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ) أَيْ: مَا يَحْصُلُ السُّكْرُ بِشُرْبِ كَثِيرِهِ فَهُوَ حَرَامٌ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ وَإِنْ كَانَ قَلِيلُهُ غَيْرَ مُسْكِرٍ وَبِهِ أَخَذَ الْجُمْهُورُ، وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الْحَنَفِيَّةِ وَالِاعْتِمَادُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْحَرَامَ الشَّرْبَةُ الْمُسْكِرَةُ وَمَا كَانَ قَبْلَهَا فَحَلَالٌ قَدْ رَدَّهُ الْمُحَقِّقُونَ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ زَكَرِيَّا بْنُ مَنْظُورٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

3393 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ بَكْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ»

3394 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ»

[باب النهي عن الخليطين]

[باب النَّهْيِ عَنْ الْخَلِيطَيْنِ] 3395 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُنْبَذَ التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ جَمِيعًا وَنَهَى أَنْ يُنْبَذَ الْبُسْرُ وَالرُّطَبُ جَمِيعًا» قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ الْمَكِّيُّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَنَهَى أَنْ يُنْبَذَ التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ جَمِيعًا) أَيْ: نَهَى عَنِ الْجَمْعِ بَيْنَ النَّوْعَيْنِ فِي الِانْتِبَاذِ لِمُسَارَعَةِ الْإِسْكَارِ وَجَاءَ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ إِذَا أُمِنَ مِنَ الْإِسْكَارِ فَلَا بَأْسَ وَبِهِ أَخَذَ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَقَالَ بَعْضُهُمُ النَّهْيُ لِلتَّنْزِيهِ وَكَثِيرٌ

مِنْهُمْ أَخَذَ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ فَقَالُوا بِالْحُرْمَةِ.

3396 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَمَامِيُّ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَنْبِذُوا التَّمْرَ وَالْبُسْرَ جَمِيعًا وَانْبِذُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَتِهِ»

3397 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا تَجْمَعُوا بَيْنَ الرُّطَبِ وَالزَّهْوِ وَلَا بَيْنَ الزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ وَانْبِذُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَتِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَالزَّهْوِ) بِفَتْحِ الزَّايِ وَضَمِّهَا وَسُكُونِ الْهَاءِ الْبُسْرُ الْمُلَوَّنُ الَّذِي بَدَأَ فِيهِ حُمْرَةٌ، أَوْ صُفْرَةٌ وَطَابَ. فِي الصِّحَاحِ: وَأَهْلُ الْحِجَازِ يَقُولُونَ الزُّهْوُ بِالضَّمِّ.

[باب صفة النبيذ وشربه]

[باب صِفَةِ النَّبِيذِ وَشُرْبِهِ] 3398 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ حَدَّثَتْنَا بُنَانَةُ بِنْتُ يَزِيدَ الْعَبْشَمِيَّةُ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كُنَّا نَنْبِذُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سِقَاءٍ فَنَأْخُذُ قَبْضَةً مِنْ تَمْرٍ أَوْ قَبْضَةً مِنْ زَبِيبٍ فَنَطْرَحُهَا فِيهِ ثُمَّ نَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ فَنَنْبِذُهُ غُدْوَةً فَيَشْرَبُهُ عَشِيَّةً وَنَنْبِذُهُ عَشِيَّةً فَيَشْرَبُهُ غُدْوَةً وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ نَهَارًا فَيَشْرَبُهُ لَيْلًا أَوْ لَيْلًا فَيَشْرَبُهُ نَهَارًا»

3399 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ صَبِيحٍ عَنْ أَبِي إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي عُمَرَ الْبَهْرَانِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كَانَ يُنْبَذُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَشْرَبُهُ يَوْمَهُ ذَلِكَ وَالْغَدَ وَالْيَوْمَ الثَّالِثَ فَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ أَهْرَاقَهُ أَوْ أَمَرَ بِهِ فَأُهْرِيقَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَيَشْرَبُهُ يَوْمَهُ ذَلِكَ وَالْغَدَ وَالْيَوْمَ الثَّالِثَ) قِيلَ: لَعَلَّ هَذَا فِي الْأَيَّامِ الْحَارَّةِ.

3400 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «كَانَ يُنْبَذُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَوْرٍ مِنْ حِجَارَةٍ»

[باب النهي عن نبيذ الأوعية]

[باب النَّهْيِ عَنْ نَبِيذِ الْأَوْعِيَةِ] 3401 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ وَحَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُنْبَذَ فِي النَّقِيرِ وَالْمُزَفَّتِ وَالدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمَةِ وَقَالَ كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي النَّقِيرِ) ظَرْفٌ يُتَّخَذُ مِنْ أَصْلِ شَجَرَةٍ بِالنَّقْرِ (وَالْمُزَفَّتِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ الْفَاءِ الْمَفْتُوحَةِ وَهُوَ الْمَطْلِيُّ بِالزِّفْتِ (وَالدُّبَّاءِ) أَيِ: الظَّرْفُ الْمُتَّخَذُ مِنَ الدُّبَّاءِ (وَالْحَنْتَمَةِ) هِيَ الْجَرَّةُ الْمَدْهُونَةُ تُحْمَلُ الْخَمْرُ فِيهَا إِلَى الْمَدِينَةِ، وَإِنَّمَا نَهَى عَنِ الِانْتِبَاذِ فِي هَذِهِ الظُّرُوفِ لِإِسْرَاعِ الشِّدَّةِ إِلَيْهِ فِي هَذِهِ الظُّرُوفِ وَأَصْلُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الصَّحِيحَيْنِ سِوَى قَوْلِهِ كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ كَذَا فِي الزَّوَائِدِ.

3402 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُنْبَذَ فِي الْمُزَفَّتِ وَالْقَرْعِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَالْقَرْعُ) أَيِ: الدُّبَّاءُ، ثُمَّ النَّهْيُ عَنْ هَذِهِ الْأَوْعِيَةِ كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ نُسِخَ بِالْأَحَادِيثِ الَّتِي فِي الْبَابِ الْآتِي وَأَخَذَ الْجُمْهُورُ بِالنَّسْخِ

وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

3403 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ الْمُثَنَّى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الشُّرْبِ فِي الْحَنْتَمِ وَالدُّبَّاءِ وَالنَّقِيرِ»

[باب ما رخص فيه من ذلك]

3404 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ وَالْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا شَبَابَةُ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْمَرَ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ» [باب مَا رُخِّصَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ] 3405 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ الْأَوْعِيَةِ فَانْتَبِذُوا فِيهِ وَاجْتَنِبُوا كُلَّ مُسْكِرٍ»

3406 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَنْبَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ هَانِئٍ عَنْ مَسْرُوقِ بْنِ الْأَجْدَعِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنِّي كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ نَبِيذِ الْأَوْعِيَةِ أَلَا وَإِنَّ وِعَاءً لَا يُحَرِّمُ شَيْئًا كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ) ، فِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

[باب نبيذ الجر]

[باب نَبِيذِ الْجَرِّ] 3407 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَتْنِي رُمَيْثَةُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ «أَتَعْجِزُ إِحْدَاكُنَّ أَنْ تَتَّخِذَ كُلَّ عَامٍ مِنْ جِلْدِ أُضْحِيَّتِهَا سِقَاءً ثُمَّ قَالَتْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُنْبَذَ فِي الْجَرِّ وَفِي كَذَا وَفِي كَذَا إِلَّا الْخَلَّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِلَّا الْخَلَّ) ، فِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ حَسَنٌ مِنْ أَجْلِ سُوَيْدٍ فَإِنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.

3408 - حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مُوسَى الْخَطْمِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُنْبَذَ فِي الْجِرَارِ»

3409 - حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ عَنْ صَدَقَةَ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَبِيذِ جَرٍّ يَنِشُّ فَقَالَ اضْرِبْ بِهَذَا الْحَائِطَ فَإِنَّ هَذَا شَرَابُ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَنِشُّ) بِكَسْرِ النُّونِ وَتَشْدِيدِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ: يَغْلِي.

[باب تخمير الإناء]

[باب تَخْمِيرِ الْإِنَاءِ] 3410 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ غَطُّوا الْإِنَاءَ وَأَوْكُوا السِّقَاءَ وَأَطْفِئُوا السِّرَاجَ وَأَغْلِقُوا الْبَابَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَحُلُّ سِقَاءً وَلَا يَفْتَحُ بَابًا وَلَا يَكْشِفُ إِنَاءً فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَّا أَنْ يَعْرُضَ عَلَى إِنَائِهِ عُودًا وَيَذْكُرَ اسْمَ اللَّهِ فَلْيَفْعَلْ فَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ تُضْرِمُ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ بَيْتَهُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (غَطُّوا) مِنَ التَّغْطِيَةِ، وَهَذَا كُلُّهُ مُقَيَّدٌ بِاللَّيْلِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ السَّوْقُ وَيَحْتَمِلُ إِطْلَاقَ الْأَوَّلَيْنِ وَتَقْيِيدَ الْآخَرَيْنِ بِاللَّيْلِ (وَأَوْكُوا) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الْكَافِ (السِّقَاءَ) بِكَسْرِ السِّينِ الْقِرْبَةُ أَيْ شُدُّوا رَأْسَهَا وَارْبُطُوهَا بِالْوِكَاءِ وَهُوَ الْخَيْطُ (وَأَطْفِئُوا) مِنَ الْإِطْفَاءِ (وَأَغْلِقُوا) مِنَ الْإِغْلَاقِ

(لَا يَحُلُّ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّ الْحَاءِ (وَإِنِ الْفُوَيْسِقَةَ) أَرَادَ بِهَا الْفَأْرَةَ (تُضْرِمُ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ، أَيْ: تُوقِدُ.

3411 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَغْطِيَةِ الْإِنَاءِ وَإِيكَاءِ السِّقَاءِ وَإِكْفَاءِ الْإِنَاءِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَإِكْفَاءِ الْإِنَاءِ) أَيْ: بِقَلْبِهِ وَجَعْلِهِ عَلَى فِيهِ هَذَا إِذَا كَانَ خَالِيًا، وَإِنْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ يَنْبَغِي تَغْطِيَتُهُ، وَفِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

3412 - حَدَّثَنَا عِصْمَةُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ حَدَّثَنَا حَرِيشُ بْنُ خِرِّيتٍ أَنْبَأَنَا ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كُنْتُ أَضَعُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةَ آنِيَةٍ مِنْ اللَّيْلِ مُخَمَّرَةً إِنَاءً لِطَهُورِهِ وَإِنَاءً لِسِوَاكِهِ وَإِنَاءً لِشَرَابِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ثَلَاثَةُ آنِيَةٍ) وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ حَرِيشُ بْنُ خِرِّيتٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ.

[باب الشرب في آنية الفضة]

[باب الشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الْفِضَّةِ] 3413 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ «أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الَّذِي يَشْرَبُ فِي إِنَاءِ الْفِضَّةِ إِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ»

3414 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَقَالَ هِيَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَهِيَ لَكُمْ فِي الْآخِرَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (هِيَ) أَيْ: آنِيَةُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (لَهُمْ) أَيْ: لِلْكَفَرَةِ بِقَرِينَةِ الْمُقَابَلَةِ بِلَكُمْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِذَلِكَ أَنَّهَا تُبَاحُ لَهُمْ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّهُمْ يَنْتَفِعُونَ بِهَا إِلَّا أَنْ يُقَالَ إِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْكَفَّارَ غَيْرُ مُكَلَّفِينَ بِالْفُرُوعِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْبَعْضِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

3415 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ امْرَأَةِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عَائِشَةَ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ شَرِبَ فِي إِنَاءِ فِضَّةٍ فَكَأَنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ عَائِشَةَ. . . إِلَخْ) ، فِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[باب الشرب بثلاثة أنفاس]

[باب الشُّرْبِ بِثَلَاثَةِ أَنْفَاسٍ] 3416 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّهُ كَانَ يَتَنَفَّسُ فِي الْإِنَاءِ ثَلَاثًا وَزَعَمَ أَنَسٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَنَفَّسُ فِي الْإِنَاءِ ثَلَاثًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنَّهُ كَانَ يَتَنَفَّسُ) أَيْ: بِإِبَانَةِ الْإِنَاءِ عَنِ الْفَمِ.

3417 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَا حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا رِشْدِينُ بْنُ كُرَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرِبَ فَتَنَفَّسَ فِيهِ مَرَّتَيْنِ»

[باب اختناث الأسقية]

[باب اخْتِنَاثِ الْأَسْقِيَةِ] 3418 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ اخْتِنَاثِ الْأَسْقِيَةِ أَنْ يُشْرَبَ مِنْ أَفْوَاهِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنِ اخْتِنَاثِ الْأَسْقِيَةِ) بِسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقٍ، ثُمَّ نُونٌ وَبَعْدَ الْأَلِفِ ثَاءٌ مُثَلَّثَةٌ مَصْدَرُ اخْتَنَثَ السِّقَاءَ، أَيْ: طَوَى فَمَهُ لِيَشْرَبَ مِنْهُ، قِيلَ: وَمَا جَاءَ عَلَى خِلَافِهِ فَمَحْمُولٌ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ، أَوْ كَانَ لِضَرُورَةٍ، وَقِيلَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ فِي غَيْرِ الْمُعَلَّقَةِ وَالرُّخْصَةُ فِي الْمُعَلَّقَةِ؛ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَةَ أَبْعَدُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ هَوَامُّ الْأَرْضِ، وَقِيلَ: النَّهْيُ لِخَوْفِ تَغَيُّرِ الْمَاءِ بِمَا يُصِيبُهُ مِنْ بُخَارِ الْمَعِدَةِ وَنَحْوِهِ وَذَلِكَ مَحْذُورٌ مَأْمُونٌ فِي شُرْبِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّ نَكْهَتَهُ الشَّرِيفَةَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَطْيَبُ مِنْ كُلِّ طَيِّبٍ فَلَا يُخْشَى مِنْهُ تَغَيُّرُ السِّقَاءِ وَنَتْنِهِ.

[باب الشرب من في السقاء]

3419 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنَا زَمْعَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ وَهْرَامَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ اخْتِنَاثِ الْأَسْقِيَةِ وَإِنَّ رَجُلًا بَعْدَ مَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ قَامَ مِنْ اللَّيْلِ إِلَى سِقَاءٍ فَاخْتَنَثَهُ فَخَرَجَتْ عَلَيْهِ مِنْهُ حَيَّةٌ» [باب الشُّرْبِ مِنْ فِي السِّقَاءِ] 3420 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ هِلَالٍ الصَّوَّافُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الشُّرْبِ مِنْ فِي السِّقَاءِ»

3421 - حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ أَبُو بِشْرٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُشْرَبَ مِنْ فَمِ السِّقَاءِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مِنْ فَمِ السِّقَاءِ) بِكَسْرِ السِّينِ، أَيْ: مِنْ فَمِهِ كَأَنَّهُ رُبَّمَا يَكُونُ فِيهِ شَيْءٌ يَدْخُلُ فِي الْجَوْفِ فَالْأَوْلَى

[باب الشرب قائما]

أَنْ يَشْرَبَ فِي إِنَاءٍ ظَاهِرٍ يُبْصِرُهُ. [باب الشُّرْبُ قَائِمًا] 3422 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «سَقَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ زَمْزَمَ فَشَرِبَ قَائِمًا فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعِكْرِمَةَ فَحَلَفَ بِاللَّهِ مَا فَعَلَ»

3423 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ جَدَّةٍ لَهُ يُقَالُ لَهَا كَبْشَةُ الْأَنْصَارِيَّةُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا قِرْبَةٌ مُعَلَّقَةٌ فَشَرِبَ مِنْهَا وَهُوَ قَائِمٌ فَقَطَعَتْ فَمَ الْقِرْبَةِ تَبْتَغِي بَرَكَةَ مَوْضِعِ فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»

[باب إذا شرب أعطى الأيمن فالأيمن]

3424 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الشُّرْبِ قَائِمًا» [باب إِذَا شَرِبَ أَعْطَى الْأَيْمَنَ فَالْأَيْمَنَ] 3425 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِلَبَنٍ قَدْ شِيبَ بِمَاءٍ وَعَنْ يَمِينِهِ أَعْرَابِيٌّ وَعَنْ يَسَارِهِ أَبُو بَكْرٍ فَشَرِبَ ثُمَّ أَعْطَى الْأَعْرَابِيَّ وَقَالَ الْأَيْمَنُ فَالْأَيْمَنُ»

3426 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَبَنٍ وَعَنْ يَمِينِهِ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَنْ يَسَارِهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِابْنِ عَبَّاسٍ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَسْقِيَ خَالِدًا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَا أُحِبُّ أَنْ أُوثِرَ بِسُؤْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نَفْسِي أَحَدًا فَأَخَذَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَشَرِبَ وَشَرِبَ خَالِدٌ»

[باب التنفس في الإناء]

[باب التَّنَفُّسِ فِي الْإِنَاءِ] 3427 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ عَنْ عَمِّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَتَنَفَّسْ فِي الْإِنَاءِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَعُودَ فَلْيُنَحِّ الْإِنَاءَ ثُمَّ لِيَعُدْ إِنْ كَانَ يُرِيدُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَلَا يَتَنَفَّسْ فِي الْإِنَاءِ) أَيْ: مِنْ غَيْرِ إِبَانَةِ الْإِنَاءِ عَنِ الْفَمِ فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا سَبَقَ، وَفِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[باب النفخ في الشراب]

3428 - حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ أَبُو بِشْرٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ التَّنَفُّسِ فِي الْإِنَاءِ» [باب النَّفْخِ فِي الشَّرَابِ] 3429 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُنْفَخَ فِي الْإِنَاءِ»

3430 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُحَارِبِيُّ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْفُخُ فِي الشَّرَابِ»

[باب الشرب بالأكف والكرع]

[باب الشُّرْبِ بِالْأَكُفِّ وَالْكَرْعِ] 3431 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَشْرَبَ عَلَى بُطُونِنَا وَهُوَ الْكَرْعُ وَنَهَانَا أَنْ نَغْتَرِفَ بِالْيَدِ الْوَاحِدَةِ وَقَالَ لَا يَلَغْ أَحَدُكُمْ كَمَا يَلَغُ الْكَلْبُ وَلَا يَشْرَبْ بِالْيَدِ الْوَاحِدَةِ كَمَا يَشْرَبُ الْقَوْمُ الَّذِينَ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَا يَشْرَبْ بِاللَّيْلِ مِنْ إِنَاءٍ حَتَّى يُحَرِّكَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ إِنَاءً مُخَمَّرًا وَمَنْ شَرِبَ بِيَدِهِ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى إِنَاءٍ يُرِيدُ التَّوَاضُعَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِعَدَدِ أَصَابِعِهِ حَسَنَاتٍ وَهُوَ إِنَاءُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِمَا السَّلَام إِذْ طَرَحَ الْقَدَحَ فَقَالَ أُفٍّ هَذَا مَعَ الدُّنْيَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْكَرْعُ) هُوَ تَنَاوُلُ الْمَاءِ بِفِيهِ مِنْ مَوْضِعِهِ (لَا يَلِغْ) بِكَسْرِ اللَّامِ مِنَ الْوُلُوغِ (الَّذِينَ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ) الظَّاهِرُ

أَنَّهُمُ الْيَهُودُ، ثُمَّ رَأَيْتُ الدَّمِيرِيَّ قَالَ إِنَّهُمُ الْقِرَدَةُ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ بَقِيَّةُ وَهُوَ مُدَلِّسٌ وَقَدْ عَنْعَنَهُ وَقَالَ الدَّمِيرِيُّ هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ انْفَرَدَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَزِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَذْكُورُ لَا يَكَادُ يُعْرَفُ رَوَى لَهُ الْمُصَنِّفُ هَذَا الْحَدِيثَ الْوَاحِدَ.

3432 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ وَهُوَ يُحَوِّلُ الْمَاءَ فِي حَائِطِهِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ مَاءٌ بَاتَ فِي شَنٍّ فَاسْقِنَا وَإِلَّا كَرَعْنَا قَالَ عِنْدِي مَاءٌ بَاتَ فِي شَنٍّ فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْنَا مَعَهُ إِلَى الْعَرِيشِ فَحَلَبَ لَهُ شَاةً عَلَى مَاءٍ بَاتَ فِي شَنٍّ فَشَرِبَ ثُمَّ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ بِصَاحِبِهِ الَّذِي مَعَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ) قِيلَ: هُوَ أَبُو الْهَيْثَمِ قَوْلُهُ: (يُحَوِّلُ الْمَاءَ) أَيْ: يُجْرِيهِ مِنْ جَانِبٍ إِلَى جَانِبٍ فِي بُسْتَانِهِ، وَقِيلَ: يَنْقُلُهُ عَنْ عُمْقِ الْبِئْرِ إِلَى ظَاهِرِهَا قَوْلُهُ: (فِي شَنٍّ) بِفَتْحِ شِينٍ وَتَشْدِيدِ نُونٍ الْقِرْبَةُ الْخَلِقَةُ وَهِيَ أَشَدُّ تَبْرِيدًا لِلْمَاءِ مِنَ الْجَدِيدَةِ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ (كَرَعْنَا) قِيلَ: أُرِيدَ بِالْكَرْعِ هَاهُنَا الِاغْتِرَافُ بِالْيَدَيْنِ، أَوْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ الشُّرْبُ بِالْيَدَيْنِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مُتَعَذِّرًا فَأَدَّتِ الضَّرُورَةُ إِلَى الْكَرْعِ، وَقِيلَ: لَا يَتَعَذَّرُ مِنْ عَدَمِ تَكَلُّفِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَفْعَلَ أَحْيَانًا مِثْلَ ذَلِكَ، وَقِيلَ: إِنْ ثَبَتَ النَّهْيُ يُجْعَلْ هَذَا لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

3433 - حَدَّثَنَا وَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «مَرَرْنَا عَلَى بِرْكَةٍ فَجَعَلْنَا نَكْرَعُ فِيهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَكْرَعُوا وَلَكِنْ اغْسِلُوا أَيْدِيَكُمْ ثُمَّ اشْرَبُوا فِيهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ إِنَاءٌ أَطْيَبَ مِنْ الْيَدِ»

[باب ساقي القوم آخرهم شربا]

[باب سَاقِي الْقَوْمِ آخِرُهُمْ شُرْبًا] 3434 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاقِي الْقَوْمِ آخِرُهُمْ شُرْبًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (سَاقِي الْقَوْمِ آخِرُهُمْ شُرْبًا) أَيْ: يَنْبَغِي لِسَاقِي الْقَوْمِ أَنْ يَتَأَخَّرَ عَنْهُمْ فِي الشُّرْبِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْإِخْبَارَ.

[باب الشرب في الزجاج]

[باب الشُّرْبِ فِي الزُّجَاجِ] 3435 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ حَدَّثَنَا مَنْدَلُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدَحٌ مِنْ قَوَارِيرَ يَشْرَبُ فِيهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَدَحٌ قَوَارِيرُ) الْقَدَحُ بِفَتْحَتَيْنِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ مَنْدَلُ بْنُ عَلِيٍّ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَهُمَا ضَعِيفَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[كتاب الطب]

[كِتَاب الطِّبِّ] [بَاب مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَاب الطِّبِّ بَاب مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً 3436 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ «شَهِدْتُ الْأَعْرَابَ يَسْأَلُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعَلَيْنَا حَرَجٌ فِي كَذَا أَعَلَيْنَا حَرَجٌ فِي كَذَا فَقَالَ لَهُمْ عِبَادَ اللَّهِ وَضَعَ اللَّهُ الْحَرَجَ إِلَّا مَنْ اقْتَرَضَ مِنْ عِرْضِ أَخِيهِ شَيْئًا فَذَاكَ الَّذِي حَرِجَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ عَلَيْنَا جُنَاحٌ أَنْ لَا نَتَدَاوَى قَالَ تَدَاوَوْا عِبَادَ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ مَعَهُ شِفَاءً إِلَّا الْهَرَمَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا خَيْرُ مَا أُعْطِيَ الْعَبْدُ قَالَ خُلُقٌ حَسَنٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَضَعَ اللَّهُ الْحَرَجَ) أَيِ: الْإِثْمَ، أَيْ: عَمَّا سَأَلْتُمُوهُ مِنَ الْأَشْيَاءِ وَكَأَنَّهُمْ مَا سَأَلُوا إِلَّا عَنِ الْمُبَاحَاتِ وَقَوْلُهُ: إِلَّا مَنِ اقْتَرَضَ يَحْتَمِلُ أَنَّ " أَلَا " بِالتَّخْفِيفِ حَرْفُ اسْتِفْتَاحٍ وَمَا بَعْدَهُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ فَذَلِكَ إِلَخْ، وَالْفَاءُ لِتَضَمُّنِ الْمُبْتَدَإِ مَعْنَى الشَّرْطِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِالتَّشْدِيدِ بِمَعْنَى لَكِنْ، وَمَا بَعْدَهُ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ اسْتِثْنَاءً مِمَّا تَقَدَّمَ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى وَضَعَ اللَّهُ الْحَرَجَ عَمَّنْ فَعَلَ شَيْئًا مِمَّا ذَكَرْتُمْ إِلَّا عَمَّنِ اقْتَرَضَ. . . إِلَخْ، وَعَلَى هَذَا لَا بُدَّ مِنِ اعْتِبَارِ أَنَّهُمْ سَأَلُوهُ عَمَّا اقْتَرَضَ أَيْضًا وَيَحْتَاجُ هَذَا الْمَعْنَى إِلَى تَقْدِيرِ حَرْفِ الْجَرِّ كَمَا لَا يَخْفَى وَنُقِلَ عَنْ شَارِحٍ فِي مَعْنَاهُ، أَيْ: إِلَّا مَنِ اغْتَابَ أَخَاهُ، أَوْ سَبَّهُ، أَوْ آذَاهُ فِي نَفْسِهِ عَبَّرَ عَنْهَا بِالِاقْتِرَاضِ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَرَدُّ مِنْهُ فِي الْعُقْبَى وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ اقْتَرَضَ بِمَعْنَى قَطَعَ وَقَالَ السُّيُوطِيُّ: أَيْ نَالَ مِنْهُ وَقَطَعَهُ بِالْغَيْبَةِ وَقَوْلُهُ: (أَنْ لَا نَتَدَاوَى) هَكَذَا فِي النُّسَخِ بِزِيَادَةِ لَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَمْرَ لِلْإِبَاحَةِ وَالرُّخْصَةِ وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمَقَامُ فَإِنَّ السُّؤَالَ عَنِ الْإِبَاحَةِ وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْأَمْرَ لِلنَّدَبِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِظَاهِرِ رِوَايَةِ الْمُصَنِّفِ أَنْ لَا نَتَدَاوَى بِزِيَادَةِ لَا النَّافِيَةِ لَكِنَّهُ بَعِيدٌ فَقَدْ وَرَدَ مَدْحُ مَنْ تَرَكَ الدَّوَاءَ وَالِاسْتِرْقَاءَ تَوَكُّلًا عَلَى اللَّهِ نَعَمْ قَدْ تَدَاوَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيَانًا لِلْجَوَازِ فَمَنْ نَوَى مُوَافَقَتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُؤْجَرُ عَلَى ذَلِكَ (لَمْ يَضَعْ) لَمْ يَخْلُقْ (شِفَاءً) أَيْ: دَوَاءً شَافِيًا بِجَرْيِ الْعَادَةِ الْإِلَهِيَّةِ (إِلَّا الْهَرَمَ) بِفَتْحَتَيْنِ، أَيْ: كِبَرَ السِّنِّ وَعَدَّهُ مِنَ الْأَسْقَامِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَسْبَابِ الْهَلَاكِ وَمُقَدِّمَاتِهِ كَالدَّاءِ أَوْ لِأَنَّهُ يُفَتِّرُ الْبَدَنَ عَنِ الْقُوَّةِ وَالِاعْتِدَالِ كَالدَّوَاءِ

(خُلُقٌ حَسَنٌ) يُعَامِلُ بِهِ مَعَ اللَّهِ أَحْسَنَ مُعَامَلَةٍ وَمَعَ الْخَلْقِ كَذَلِكَ، وَفِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَقَدْ رَوَى بَعْضَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ أَيْضًا.

3437 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ ابْنِ أَبِي خِزَامَةَ عَنْ أَبِي خِزَامَةَ قَالَ «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَأَيْتَ أَدْوِيَةً نَتَدَاوَى بِهَا وَرُقًى نَسْتَرْقِي بِهَا وَتُقًى نَتَّقِيهَا هَلْ تَرُدُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ شَيْئًا قَالَ هِيَ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَرَأَيْتَ) أَيْ: أَخْبِرْنِي عَنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَإِنَّ الرُّؤْيَةَ سَبَبُ الْإِخْبَارِ فِي أَدَاءِ ذَلِكَ (وَرُقًى) بِضَمٍّ وَقَصْرٍ جَمْعُ رُقْيَةٍ وَهُوَ مَا يُقْرَأُ مِنَ الدُّعَاءِ لِطَلَبِ الشِّفَاءِ (وَتُقًى نَتَّقِيهَا) جَمْعُ تُقَاةٍ وَأَصْلُهَا وُقَاةٌ قُلِبَتِ الْوَاوُ تَاءً وَهُوَ اسْمُ مَا تَلْجَأُ بِهِ النَّاسُ خَوْفَ الْأَعْدَاءِ مِنْ وَقَى يَقِي وِقَايَةً إِذَا حَفِظَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تُقَاةٌ مَصْدَرًا بِمَعْنَى الِاتِّقَاءِ فَحِينَئِذٍ الضَّمِيرُ فِي نَتَّقِيهَا لِلْمَصْدَرِ، أَيْ: نَتَّقِي تُقَاةً بِمَعْنَى اتِّقَاءٍ (هِيَ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ) عَنَى أَنَّهُ تَعَالَى قَدَّرَ الْأَسْبَابَ وَالْمُسَبَّبَاتِ وَرَبْطَ الْمُسَبَّبَاتِ بِالْأَسْبَابِ فَحُصُولُ الْمُسَبَّبَاتِ عِنْدَ حُصُولِ الْأَسْبَابِ مِنْ جُمْلَةِ الْقَدَرِ.

3438 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ دَوَاءً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَا أَنْزَلَ اللَّهُ) أَيْ: خَلَقَ وَلَمَّا كَانَ الْخَلْقُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِوَاسِطَةِ بَعْضِ الْأَسْبَابِ السَّمَاوِيَّةِ عَبَّرَ عَنْهُ بِالْإِنْزَالِ وَعَنِ الْخَلْقِ بِالْإِنْزَالِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ التَّكْوِينِيَّ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ قَالَ تَعَالَى: " يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ " وَفِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

3439 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ حَدَّثَنَا عَطَاءٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً» ـــــــــــــــــــــــــــــ سبق شرحه

[باب المريض يشتهي الشيء]

[باب الْمَرِيضِ يَشْتَهِي الشَّيْءَ] 3440 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ هُبَيْرَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مَكِينٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَادَ رَجُلًا فَقَالَ لَهُ مَا تَشْتَهِي فَقَالَ أَشْتَهِي خُبْزَ بُرٍّ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ خُبْزُ بُرٍّ فَلْيَبْعَثْ إِلَى أَخِيهِ ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اشْتَهَى مَرِيضُ أَحَدِكُمْ شَيْئًا فَلْيُطْعِمْهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَلْيُطْعِمْهُ) قَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ فِي أَبْوَابِ الْجَنَائِزِ مَشْرُوحًا، وَقِيلَ: هَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ حِكْمَةٌ طِبِّيَّةٌ فَاضِلَةٌ تَشْهَدُ لِقَانُونٍ شَرِيفٍ فِي أَنَّ الْمَرِيضَ لَا يُمْنَعُ مَا يَشْتَهِيهِ لِأَنْ كَانَ نَافِعًا وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ مَا يَشْتَهِيهِ غِذَاءً ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ نَقْلًا عَنْ

عَبْدِ اللَّطِيفِ الْبَغْدَادِيِّ الْمُلَقَّبِ بِالْمُوَفَّقِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: هَذَا إِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

3441 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَرِيضٍ يَعُودُهُ قَالَ أَتَشْتَهِي شَيْئًا قَالَ أَشْتَهِي كَعْكًا قَالَ نَعَمْ فَطَلَبُوا لَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَشْتَهِي كَعْكًا) وَهُوَ خُبْزٌ مَعْلُومٌ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَفِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ فِي الْجَنَائِزِ.

[باب الحمية]

[باب الْحِمْيَةِ] 3442 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ وَأَبُو دَاوُدَ قَالَا حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ عَنْ أُمِّ الْمُنْذِرِ بِنْتِ قَيْسٍ الْأَنْصَارِيَّةِ قَالَتْ «دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَعَلِيٌّ نَاقِهٌ مِنْ مَرَضٍ وَلَنَا دَوَالِي مُعَلَّقَةٌ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ مِنْهَا فَتَنَاوَلَ عَلِيٌّ لِيَأْكُلَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَهْ يَا عَلِيُّ إِنَّكَ نَاقِهٌ قَالَتْ فَصَنَعْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِلْقًا وَشَعِيرًا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا عَلِيُّ مِنْ هَذَا فَأَصِبْ فَإِنَّهُ أَنْفَعُ لَكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْحِمْيَةُ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَسُكُونِ الْمِيمِ مِنْ حَمَيْتُ الْمَرِيضَ الطَّعَامَ حِمْيَةً، أَيْ: مَنَعْتُهُ. قَوْلُهُ: (وَعَلِيٌّ نَاقِهٌ) بِكَسْرِ الْقَافِ، أَيْ: قَرِيبُ الْعَهْدِ بِالْمَرَضِ وَدَوَالِي جَمْعُ دَالِيَةٍ وَهِيَ الْعِذْقُ مِنَ الْبُسْرِ يُعَلَّقُ فَإِذَا أَرْطَبَ أَكَلَهُ قَوْلُهُ: (سِلْقًا) بِكَسْرِ السِّينِ وَسُكُونِ اللَّامِ مَعْرُوفٌ.

3443 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَعِيلَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ صَيْفِيٍّ مِنْ وَلَدِ صُهَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ صُهَيْبٍ قَالَ «قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ يَدَيْهِ خُبْزٌ وَتَمْرٌ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ادْنُ فَكُلْ فَأَخَذْتُ آكُلُ مِنْ التَّمْرِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَأْكُلُ تَمْرًا وَبِكَ رَمَدٌ قَالَ فَقُلْتُ إِنِّي أَمْضُغُ مِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ادْنُ) مِنَ الدُّنُوِّ، وَفِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[باب لا تكرهوا المريض على الطعام]

[باب لَا تُكْرِهُوا الْمَرِيضَ عَلَى الطَّعَامِ] 3444 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُكْرِهُوا مَرْضَاكُمْ عَلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فَإِنَّ اللَّهَ يُطْعِمُهُمْ وَيَسْقِيهِمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا تُكْرِهُوا مَرْضَاكُمْ عَلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ) فِي حَاشِيَةِ السُّيُوطِيِّ قَالَ الْمُوَفَّقُ: مَا أَغْزَرَ فَوَائِدَ هَذِهِ الْكَلِمَةِ النَّبَوِيَّةِ وَمَا أَجْوَدَهَا لِلْأَطِبَّاءِ وَذَلِكَ أَنَّ الْمَرِيضَ إِذَا عَافَ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ فَذَلِكَ لِاشْتِغَالِ طَبِيعَتِهِ بِمُجَاهَدَةِ مَادَّةِ الْمَرَضِ، أَوْ سُقُوطِ شَهْوَتِهِ الْحَارَّ الْغَرِيزِيَّ وَكَيْفَمَا كَانَ فَلَا يَجُوزُ حِينَئِذٍ إِعْطَاءُ الْغِذَاءِ فِي هَذَا الْحَالِ " فَإِنَّ اللَّهَ يُطَعِّمُهُمْ وَيُسْقِيهِمُ " الْأَوَّلُ مِنْ طَعَّمَ وَالثَّانِي

[باب التلبينة]

مِنْ سَقَى، أَوْ أَسْقَى وَالثَّانِي أَوْفَقُ بِالْأَوَّلِ قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْكِتَابِ، أَيْ: يُشْبِعُهُمْ وَيَرْوِيهِمْ مِنْ غَيْرِ تَنَاوُلِ طَعَامٍ، أَوْ شَرَابٍ وَقَالَ فِي حَاشِيَةِ التِّرْمِذِيِّ قَالَ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ فِي نَوَادِرِ الْأُصُولِ: مَعْنَاهُ عِنْدَنَا بِأَنَّهُ يُطَهِّرُ قُلُوبَهُمْ مِنْ رَيْنِ الذَّنْبِ فَإِذَا طَهَّرَهُمْ مَنَّ عَلَيْهِمْ بِالْيَقِينِ فَأَشْبَعَهُمْ وَأَرْوَاهُمْ فَذَلِكَ طَعَامُهُ وَسُقْيَاهُ لَهُمْ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَمْكُثُ الْأَيَّامَ الْكَثِيرَةَ لَا يَذُوقُ شَيْئًا وَمَعَهُ قُوَّتُهُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي أَيَّامِ الصِّحَّةِ لَضَعُفَ عَنْ ذَلِكَ وَعَجَزَ عَنْ مُقَاسَاتِهِ وَالصَّبْرِ عَلَيْهِ اهـ. وَفِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ حَسَنٌ؛ لِأَنَّ بَكْرَ بْنَ يُونُسَ بْنِ بَكِيرٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ إِلَّا لَفْظَةَ الشَّرَابِ فَلِذَلِكَ أَوْرَدْتُهُ، فِي الزَّوَائِدِ. [باب التَّلْبِينَةِ] 3445 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ بْنِ بَرَكَةَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَخَذَ أَهْلَهُ الْوَعْكُ أَمَرَ بِالْحَسَاءِ قَالَتْ وَكَانَ يَقُولُ إِنَّهُ لَيَرْتُو فُؤَادَ الْحَزِينِ وَيَسْرُو عَنْ فُؤَادِ السَّقِيمِ كَمَا تَسْرُو إِحْدَاكُنَّ الْوَسَخَ عَنْ وَجْهِهَا بِالْمَاءِ»

3446 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي الْخَصِيبِ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ أَيْمَنَ بْنِ نَابِلٍ عَنْ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالَ لَهَا كُلْثُمٌ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْكُمْ بِالْبَغِيضِ النَّافِعِ التَّلْبِينَةِ يَعْنِي الْحَسَاءَ قَالَتْ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اشْتَكَى أَحَدٌ مِنْ أَهْلِهِ لَمْ تَزَلْ الْبُرْمَةُ عَلَى النَّارِ حَتَّى يَنْتَهِيَ أَحَدُ طَرَفَيْهِ يَعْنِي يَبْرَأُ أَوْ يَمُوتُ»

[باب الحبة السوداء]

[باب الْحَبَّةُ السَّوْدَاءُ] 3447 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ الْمِصْرِيَّانِ قَالَا حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُمَا «أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ فِي الْحَبَّةِ السَّوْدَاءِ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ إِلَّا السَّامَ وَالسَّامُ الْمَوْتُ وَالْحَبَّةُ السَّوْدَاءُ الشُّونِيزُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي الْحَبَّةِ السَّوْدَاءِ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ) قِيلَ: الْمُرَادُ أَنَّهَا شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ مِنَ الْعِلَلِ الَّتِي نَشَأَتْ مِنْ بُرُودَةٍ وَرُطُوبَةٍ إِلَّا أَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ تَعَالَى الْمَوْتَ عِنْدَهَا.

3448 - حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عَلَيْكُمْ بِهَذِهِ الْحَبَّةِ السَّوْدَاءِ فَإِنَّ فِيهَا شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ إِلَّا السَّامَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ) ، فِي الزَّوَائِدِ: حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ حَسَنٌ وَعُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.

3449 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ أَنْبَأَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ خَرَجْنَا وَمَعَنَا غَالِبُ بْنُ أَبْجَرَ فَمَرِضَ فِي الطَّرِيقِ فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَهُوَ مَرِيضٌ فَعَادَهُ ابْنُ أَبِي عَتِيقٍ وَقَالَ لَنَا عَلَيْكُمْ بِهَذِهِ الْحَبَّةِ السَّوْدَاءِ فَخُذُوا مِنْهَا خَمْسًا أَوْ سَبْعًا فَاسْحَقُوهَا ثُمَّ اقْطُرُوهَا فِي أَنْفِهِ بِقَطَرَاتِ زَيْتٍ فِي هَذَا الْجَانِبِ وَفِي هَذَا الْجَانِبِ فَإِنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهُمْ «أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ هَذِهِ الْحَبَّةَ السَّوْدَاءَ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ السَّامُ قُلْتُ وَمَا السَّامُ قَالَ الْمَوْتُ»

[باب العسل]

[باب الْعَسَلِ] 3450 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خِدَاشٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ الْقُرَشِيُّ حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَاشِمِيُّ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَعِقَ الْعَسَلَ ثَلَاثَ غَدَوَاتٍ كُلَّ شَهْرٍ لَمْ يُصِبْهُ عَظِيمٌ مِنْ الْبَلَاءِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ لَعِقَ) هُوَ كَسَمِعَ، أَيْ: لَحِسَ، وَفِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ لَيِّنٌ وَمَعَ ذَلِكَ فَهُوَ مُنْقَطِعٌ قَالَ الْبُخَارِيُّ: لَا نَعْرِفُ لِعَبْدِ الْحَمِيدِ سَمَاعًا مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

3451 - حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَهْلٍ حَدَّثَنَا أَبُو حَمْزَةَ الْعَطَّارُ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَسَلٌ فَقَسَمَ بَيْنَنَا لُعْقَةً لُعْقَةً فَأَخَذْتُ لُعْقَتِي ثُمَّ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَزْدَادُ أُخْرَى قَالَ نَعَمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لُعْقَةً لُعْقَةً) اللُّعْقَةُ بِالضَّمِّ مَا يَأْخُذُهُ الْإِنْسَانُ فِي اللُّقْمَةِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: هَذَا إِسْنَادٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ مِنْ أَجْلِ أَبِي حَمْزَةَ اسْمُهُ إِسْحَاقُ بْنُ الرَّبِيعِ وَكَذَلِكَ عُمَرُ بْنُ سَهْلٍ.

3452 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْكُمْ بِالشِّفَاءَيْنِ الْعَسَلِ وَالْقُرْآنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْعَسَلُ وَالْقُرْآنُ) فِيهِ جَوَازُ الِاسْتِرْقَاءِ بِالْقُرْآنِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[باب الكمأة والعجوة]

[باب الْكَمْأَةِ وَالْعَجْوَةِ] 3453 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِيَاسٍ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَجَابِرٍ قَالَا «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَمْأَةُ مِنْ الْمَنِّ وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ وَالْعَجْوَةُ مِنْ الْجَنَّةِ وَهِيَ شِفَاءٌ مِنْ الْجِنَّةِ» حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقِّيَّانِ قَالَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ هِشَامٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِيَاسٍ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْكَمْأَةُ مِنَ الْمَنِّ) الْكَمْأَةُ مَعْلُومَةٌ، وَقَوْلُهُ: مِنَ الْمَنِّ، أَيْ: مِنَ الْمَنِّ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالَ الْقَاضِي فَأَفَادَ أَنَّ الْمَنَّ

لَمْ يَكُنْ طَعَامًا وَاحِدًا كَمَا يَقُولُهُ الْمُفَسِّرُونَ، وَإِنَّمَا كَانَ أَنْوَاعًا وَمِنْهُ الْكَمْأَةُ وَالْعَجْوَةُ صِنْفٌ مِنْ تَمْرِ الْمَدِينَةِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَشَهْرٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ لَكِنْ قِيلَ: الصَّوَابُ عَنْ شَهْرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كَمَا فِي رِوَايَةِ غَيْرِ الْمُصَنِّفِ.

3454 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ سَمِعَ عَمْرَو بْنَ حُرَيْثٍ يَقُولُ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ «يُحَدِّثُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْكَمْأَةَ مِنْ الْمَنِّ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ وَمَاؤُهَا شِفَاءُ الْعَيْنِ»

3455 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا مَطَرٌ الْوَرَّاقُ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «كُنَّا نَتَحَدَّثُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْنَا الْكَمْأَةَ فَقَالُوا هُوَ جُدَرِيُّ الْأَرْضِ فَنُمِيَ الْحَدِيثُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ الْكَمْأَةُ مِنْ الْمَنِّ وَالْعَجْوَةُ مِنْ الْجَنَّةِ وَهِيَ شِفَاءٌ مِنْ السَّمِّ»

3456 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا الْمُشْمَعِلُّ بْنُ إِيَاسٍ الْمُزَنِيُّ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ سُلَيْمٍ قَالَ سَمِعْتُ رَافِعَ بْنَ عَمْرٍو الْمُزَنِيَّ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْعَجْوَةُ وَالصَّخْرَةُ مِنْ الْجَنَّةِ» قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَفِظْتُ الصَّخْرَةَ مِنْ فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَالصَّخْرَةُ) قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي النِّهَايَةِ: يُرِيدُ صَخْرَةَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[باب السنا والسنوت]

[باب السَّنَا وَالسَّنُّوتِ] 3457 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ سَرْحٍ الْفِرْيَابِيُّ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ بَكْرٍ السَّكْسَكِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا أُبَيِّ بْنَ أُمِّ حَرَامٍ وَكَانَ قَدْ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِبْلَتَيْنِ يَقُولُ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَلَيْكُمْ بِالسَّنَى وَالسَّنُّوتِ فَإِنَّ فِيهِمَا شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ إِلَّا السَّامَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا السَّامُ قَالَ الْمَوْتُ» قَالَ عَمْرٌو قَالَ ابْنُ أَبِي عَبْلَةَ السَّنُّوتُ الشِّبِتُّ وَقَالَ آخَرُونَ بَلْ هُوَ الْعَسَلُ الَّذِي يَكُونُ فِي زِقَاقِ السَّمْنِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّاعِرِ هُمْ السَّمْنُ بِالسَّنُّوتِ لَا أَلْسَ فِيهِمْ ... وَهُمْ يَمْنَعُونَ جَارَهُمْ أَنْ يُقَرَّدَا ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَالسَّنُّوتُ) نَقَلَ السُّيُوطِيُّ عَنِ النِّهَايَةِ أَنَّهُ الْعَسَلُ، وَقِيلَ: الرُّبُّ، وَقِيلَ: هُوَ الْكَمُّونُ وَيُرْوَى بِضَمِّ السِّينِ وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ، قَوْلُ الشَّاعِرِ " أُلْسَ بَيْنَهُمْ " ضُبِطَ بِضَمِّ هَمْزَةٍ فَسُكُونِ لَامٍ وَفُسِّرَ بِالْخِيَانَةِ أَنْ يُقَرَّدَا، قِيلَ: التَّقْرِيدُ الْخِدَاعُ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ عَمْرُو بْنُ بَكْرٍ السَّكْسَكِيُّ قَالَ فِيهِ ابْنُ حِبَّانَ رَوَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ الْأَوَابِدَ وَالطَّامَّاتِ الَّذِي لَا يَشُكُّ فِي هَذَا الشَّأْنِ صُنَّاعُهُ أَنَّهَا مَعْلُولَةٌ، أَوْ مَقْلُوبَةٌ لَا يَحِلُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ، لَكِنْ قَالَ الْحَاكِمُ إِنَّهُ إِسْنَادٌ صَحِيحٌ.

[باب الصلاة شفاء]

[باب الصَّلَاةُ شِفَاءٌ] 3458 - حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ حَدَّثَنَا السَّرِيُّ بْنُ مِسْكِينٍ حَدَّثَنَا ذَوَّادُ بْنُ عُلْبَةَ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «هَجَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَجَّرْتُ فَصَلَّيْتُ ثُمَّ جَلَسْتُ فَالْتَفَتَ إِلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ اشِكَمَتْ دَرْدْ قُلْتُ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ قُمْ فَصَلِّ فَإِنَّ فِي الصَّلَاةِ شِفَاءً» حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ حَدَّثَنَا ذَوَّادُ بْنُ عُلْبَةَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَقَالَ فِيهِ اشِكَمَتْ دَرْدْ يَعْنِي تَشْتَكِي بَطْنَكَ بِالْفَارِسِيَّةِ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ حَدَّثَ بِهِ رَجُلٌ لِأَهْلِهِ فَاسْتَعْدَوْا عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَالَ هَجَّرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) هُوَ مِنَ التَّهْجِيرِ فِي

الْمَوْضِعَيْنِ وَهُوَ التَّبْكِيرُ إِلَى الصَّلَاةِ وَالْبَادِرَةُ إِلَيْهَا (اشِكَمَتْ دَرْدْ) هُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ بِمَعْنَى أَتَشْتَكِي بَطْنَكَ كَمَا فَسَّرَهُ بَعْضُ الرُّوَاةِ قَوْلُهُ: (فَإِنَّ الصَّلَاةَ شِفَاءٌ) قَالَ الْمُوَفِّقُ: الصَّلَاةُ قَدْ تُبْرِئُ مِنْ أَلَمِ الْفُؤَادِ وَالْمَعِدَةِ وَالْأَمْعَاءِ وَكَذَلِكَ مِنَ الْآلَامِ؛ وَلِذَلِكَ ثَلَاثُ عِلَلٍ الْأُولَى أَنَّهَا أَمْرٌ إِلَهِيٌّ حَيْثُ كَانَتْ عِبَادَةً يُرِيدُ أَنَّهَا تَدْفَعُ الْأَمْرَاضَ بِالْبَرَكَةِ وَالثَّانِيَةُ أَنَّ النَّفْسَ تَلْهُو فِيهَا عَنِ الْأَلَمِ وَيَقِلُّ إِحْسَاسُهَا فَتَسْتَظْهِرُ الْقُوَّةَ عَلَيْهِ فَإِنَّ قُوَّةَ الْأَعْضَاءِ وَالْمَعِدَةِ بِمَصَالِحِهِ وَحَوَاسِّهِ الَّتِي سَمَّتْهَا الْأَطِبَّاءُ طَبِيعَةً هِيَ الشَّافِيَةُ لِلْأَمْرَاضِ بِإِذْنِ خَالِقِهَا وَالْمَاهِرُ مِنَ الْأَطِبَّاءِ يَعْمَلُ كُلَّ حِيلَةٍ فِي تَقْوِيَتِهَا إِنْ كَانَتْ ضَعِيفَةً، وَفِي انْتِبَاهِهَا إِنْ كَانَتْ غَافِلَةً، وَفِي إِلْفَاتِهَا إِنْ كَانَتْ مُعْرِضَةً، وَفِي اسْتِزَادَتِهَا إِنْ كَانَتْ مُقَصِّرَةً تَارَةً بِتَحْرِيكِ السُّرُورِ وَالْفَرَحِ وَتَارَةً بِالْحَيَاءِ وَالْخَوْفِ وَالْخَجَلِ وَتَارَةً بِتَذْكِيرِهَا وَشُغْلِهَا بِعَظَائِمِ الْأُمُورِ وَعَوَاقِبِ الْمَصِيرِ وَأَمْرِ الْمَعَادِ، وَالصَّلَاةُ تَجْمَعُ ذَلِكَ، أَوْ أَكْثَرَهُ إِذْ يَحُضُّ الْعَبْدَ فِيهَا خَوْفٌ وَرَجَاءٌ وَأَمَلٌ وَتَذَكُّرُ الْآخِرَةِ وَأَحْوَالِهَا، وَكَثِيرٌ مِنَ الْأَمْرَاضِ الْمُزْمِنَةِ تُشْفَى بِالْأَوْهَامِ، وَالثَّالِثَةُ: أَمْرٌ ظَنِّيٌّ وَذَلِكَ أَنَّ الصَّلَاةَ رِيَاضَةٌ فَاضِلَةٌ لِلنَّفْسِ؛ لِأَنَّهَا تَشْتَمِلُ عَلَى انْتِصَابٍ وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَتَوَرُّكٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَوْضَاعِ الَّتِي تَتَحَرَّكُ مَعَهَا أَكْثَرُ الْمَفَاصِلِ وَيَنْغَمِرُ فِيهَا أَكْثَرُ الْأَعْضَاءِ سِيَّمَا الْمَعِدَةِ وَالْأَمْعَاءِ وَسَائِرِ آلَاتِ التَّنَفُّسِ وَالْغِذَاءِ عِنْدَ السُّجُودِ وَمَا أَنْفَعَ السُّجُودَ الطَّوِيلَ لِصَاحِبِ النَّزْلَةِ وَالزُّكَامِ وَمَا أَنْفَعَ السُّجُودَ لِانْصِبَابِ النَّزْلَةِ إِلَى الْحَلْقِ وَمَا أَشَدَّ إِعَانَةَ السُّجُودِ الطَّوِيلِ عَلَى فَتْحِ سَدَدِ الْمَنْخِرَيْنِ فِي عِلَّةِ الزُّكَامِ وَإِنْضَاجِ مَادَّتِهِ وَمَا أَقْوَى مُعَاوَنَةَ السُّجُودِ عَلَى هَضْمِ الطَّعَامِ مِنَ الْمَعِدَةِ وَالْأَمْعَاءِ وَتَحْرِيكِ الْفُضُولِ الْمُتَخَلِّقَةِ فِيهَا وَإِخْرَاجِهَا إِذْ عِنْدَهُ تَنْحَصِرُ الْآلَاتُ بِازْدِحَامِهَا وَيَتَسَاقَطُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ وَكَثِيرًا مَا تَسْتُرُ الصَّلَاةُ النَّفْسَ وَتَمْحَقُ الْهَمَّ وَالْحُزْنَ وَتُذِيبُ الْآمَالَ الْخَائِبَةَ وَتَكْشِفُ عَنِ الْأَوْهَامِ الْكَاذِبَةِ وَيَصْفُو فِيهَا الذِّهْنُ وَتُطْفِي نَارَ الْغَضَبِ اهـ. وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ لَيْثٌ وَهُوَ ابْنُ أَبِي سُلَيْمٍ وَقَدْ ضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب النهي عن الدواء الخبيث]

[باب النَّهْيِ عَنْ الدَّوَاءِ الْخَبِيثِ] 3459 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الدَّوَاءِ الْخَبِيثِ يَعْنِي السُّمَّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَعْنِي السَّمَّ) بِفَتْحِ السِّينِ وَضَمِّهَا، وَقِيلَ: مُثَلَّثَةٌ بِالسِّينِ دَاءٌ قَاتِلٌ.

3460 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ شَرِبَ سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ شَرِبَ سَمًّا) يَنْبَغِي حَمْلُ شَرِبَ عَلَى مَعْنَى دَخَلَ فِي بَاطِنِهِ فَإِنَّهُ قَدْ يُخْلَطُ بِالْمَاءِ فَيُشْرَبُ وَقَدْ يُخْلَطُ بِالطَّعَامِ فَيُؤْكَلُ (فَيَتَحَسَّاهُ) فَيَشْعُرُ بِهِ وَيَتَجَرَّعُهُ (خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا) وَهِيَ أَصَحُّ لِمَا ثَبَتَ مِنْ خُرُوجِ أَهْلِ التَّوْحِيدِ مِنَ النَّارِ، قُلْتُ: إِنْ صَحَّ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ يَسْتَحِلُّ ذَلِكَ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ الْجَزَاءَ، وَقِيلَ: هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الِامْتِدَادِ.

[باب دواء المشي]

[باب دَوَاءِ الْمَشِيِّ] 3461 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ زُرْعَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مَوْلًى لِمَعْمَرٍ التَّيْمِيِّ عَنْ مَعْمَرٍ التَّيْمِيِّ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ قَالَتْ «قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَاذَا كُنْتِ تَسْتَمْشِينَ قُلْتُ بِالشُّبْرُمِ قَالَ حَارٌّ جَارٌّ ثُمَّ اسْتَمْشَيْتُ بِالسَّنَى فَقَالَ لَوْ كَانَ شَيْءٌ يَشْفِي مِنْ الْمَوْتِ كَانَ السَّنَي وَالسَّنَي شِفَاءٌ مِنْ الْمَوْتِ»

[باب دواء العذرة والنهي عن الغمز]

[باب دَوَاءِ الْعُذْرَةِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْغَمْزِ] 3462 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ قَالَتْ «دَخَلْتُ بِابْنٍ لِي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أَعْلَقْتُ عَلَيْهِ مِنْ الْعُذْرَةِ فَقَالَ عَلَامَ تَدْغَرْنَ أَوْلَادَكُنَّ بِهَذَا الْعِلَاقِ عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْعُودِ الْهِنْدِيِّ فَإِنَّ فِيهِ سَبْعَةَ أَشْفِيَةٍ يُسْعَطُ بِهِ مِنْ الْعُذْرَةِ وَيُلَدُّ بِهِ مِنْ ذَاتِ الْجَنْبِ» حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ الْمِصْرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَنْبَأَنَا يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ قَالَ يُونُسُ أَعْلَقْتُ يَعْنِي غَمَزْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْعُذْرَةُ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَجَعٌ، أَوْ وَرَمٌ يَهِيجُ فِي الْحَلْقِ مِنَ الدَّمِ أَيَّامَ الْحَرِّ وَالْأَعْلَاقُ غَمْزُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لِيَخْرُجَ مِنْهُ دَمٌ أَسْوَدُ يُقَالُ لِلْأَعْلَاقِ الْمَذْكُورِ الدَّغْرُ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ آخِرُهُ رَاءٌ قَوْلُهُ: (عَلَامَ) أَيْ: لِأَيِّ شَيْءٍ وَهُوَ إِنْكَارٌ لِهَذَا الْعَلَاقِ، أَيْ: بِهَذَا الْغَمْزِ وَالدَّغْرِ (وَالْعَلَاقُ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ اسْمٌ مِنْ أَعْلَقَ (يُسْعَطُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنَ السُّعُوطِ وَهُوَ صَبُّ الدَّوَاءِ فِي الْأَنْفِ (وَيُلَدُّ) مِنَ اللَّدُودِ بِالْفَتْحِ وَهُوَ صَبُّ الدَّوَاءِ فِي الْأَنْفِ.

[باب دواء عرق النسا]

[باب دَوَاءِ عِرْقِ النَّسَا] 3463 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَرَاشِدُ بْنُ سَعِيدٍ الرَّمْلِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ شِفَاءُ عِرْقِ النَّسَا أَلْيَةُ شَاةٍ أَعْرَابِيَّةٍ تُذَابُ ثُمَّ تُجَزَّأُ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ ثُمَّ يُشْرَبُ عَلَى الرِّيقِ فِي كُلِّ يَوْمٍ جُزْءٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عِرْقُ النَّسَا) فِي النِّهَايَةِ بِوَزْنِ الْعَصَا عِرْقٌ يَخْرُجُ فِي الْوَرِكِ فَيَسْتَبْطِنُ الْفَخِذَ وَالْأَفْصَحُ أَنْ يُقَالَ لَهُ النَّسَا لَا عِرْقُ النَّسَا وَقَالَ الْمُوَفَّقُ عَبْدُ اللَّطِيفِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ رَدٌّ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ فَإِنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ مَنَعُوا أَنْ يُقَالَ عِرْقُ النَّسَا؛ لِأَنَّ النَّسَا هُوَ الْعِرْقُ نَفْسُهُ فَتَكُونُ إِضَافَةُ الشَّيْءِ إِلَى نَفْسِهِ قَوْلُهُ: (أَلْيَةُ شَاةٍ أَعْرَابِيَّةٍ. . . إِلَخْ) قَالَ الْمُوَفِّقُ: هَذِهِ الْمُعَالَجَةُ تَصْلُحُ لِلْأَعْرَابِ وَالَّذِينَ يَعْرِضُ لَهُمْ هَذَا الْمَرَضُ مِنْ يُبْسٍ وَقَدْ تَنْفَعُ مَا كَانَ مِنْ مَادَّةٍ غَلِيظَةٍ لَزِجَةٍ بِالْإِنْضَاجِ وَالْإِسْهَالِ فَإِنَّ الْأَلْيَةَ تَنْضَخُ وَتُلَيَّنُ وَتُسَهَّلُ وَقَصَدَ بِالشَّاةِ الْأَعْرَابِيَّةِ مَا قَلَّتْ فُضُولُهَا وَشُحُومُهَا وَرَعْيُهَا يَكُونُ فِي الْبَرِّ تَرْعَى مِثْلَ الْقَيْصُومِ وَالشِّيحِ وَأَمْثَالَ ذَلِكَ، وَفِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب دواء الجراحة]

[باب دَوَاءِ الْجِرَاحَةِ] 3464 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ «جُرِحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ وَهُشِمَتْ الْبَيْضَةُ عَلَى رَأْسِهِ فَكَانَتْ فَاطِمَةُ تَغْسِلُ الدَّمَ عَنْهُ وَعَلِيٌّ يَسْكِبُ عَلَيْهِ الْمَاءَ بِالْمِجَنِّ فَلَمَّا رَأَتْ فَاطِمَةُ أَنَّ الْمَاءَ لَا يَزِيدُ الدَّمَ إِلَّا كَثْرَةً أَخَذَتْ قِطْعَةَ حَصِيرٍ فَأَحْرَقَتْهَا حَتَّى إِذَا صَارَ رَمَادًا أَلْزَمَتْهُ الْجُرْحَ فَاسْتَمْسَكَ الدَّمُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (رَبَاعِيَتُهُ) الثَّانِيَةُ (وَهُشِمَتْ) كُسِرَتْ (يَسْكُبُ) يَصُبُّ بِالْمِجَنِّ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ وَهُوَ التُّرْسُ.

3465 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ عَبْدِ الْمُهَيْمِنِ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «إِنِّي لَأَعْرِفُ يَوْمَ أُحُدٍ مَنْ جَرَحَ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ كَانَ يُرْقِئُ الْكَلْمَ مِنْ وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُدَاوِيهِ وَمَنْ يَحْمِلُ الْمَاءَ فِي الْمِجَنِّ وَبِمَا دُووِيَ بِهِ الْكَلْمُ حَتَّى رَقَأَ قَالَ أَمَّا مَنْ كَانَ يَحْمِلُ الْمَاءَ فِي الْمِجَنِّ فَعَلِيٌّ وَأَمَّا مَنْ كَانَ يُدَاوِي الْكَلْمَ فَفَاطِمَةُ أَحْرَقَتْ لَهُ حِينَ لَمْ يَرْقَأْ قِطْعَةَ حَصِيرٍ خَلَقٍ فَوَضَعَتْ رَمَادَهُ عَلَيْهِ فَرَقَأَ الْكَلْمُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَمَنْ كَانَ يَرْقَأُ) بِهَمْزَةٍ فِي آخِرِهِ يُقَالُ لَهُ رَقَأَ الدَّمَ إِذَا سَكَنَ

وَانْقَطَعَ عَنِ الْجَرْيِ وَأَرْقَأَ الدَّمْعَةَ إِذَا سَكَنَتْ.

[باب من تطبب ولم يعلم منه طب]

[باب مَنْ تَطَبَّبَ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ طِبٌّ] 3466 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَرَاشِدُ بْنُ سَعِيدٍ الرَّمْلِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَطَبَّبَ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ طِبٌّ قَبْلَ ذَلِكَ فَهُوَ ضَامِنٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ تَطَبَّبَ) أَيْ: تَكَلَّفَ فِي الطِّبِّ فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا تَلِفَ بِفِعْلِهِ قَالَ الْمُوَفِّقُ إنَّ مَنْ تَعَاطَى فِعْلَ الطِّبِّ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ بِذَلِكَ سَابِقَةُ تَجْرِبَةٍ فَتَلِفَ فَهُوَ ضَامِنٌ.

[باب دواء ذات الجنب]

[باب دَوَاءِ ذَاتِ الْجَنْبِ] 3467 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَقَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَيْمُونٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ «نَعَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَاتِ الْجَنْبِ وَرْسًا وَقُسْطًا وَزَيْتًا يُلَدُّ بِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَقُسْطًا) بِضَمِّ الْقَافِ هُوَ الْعُودُ الْهِنْدِيُّ وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا الْكُسْتُ (وَذَاتُ الْجَنْبِ) هِيَ السُّلُّ.

3468 - حَدَّثَنَا أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ الْمِصْرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَنْبَأَنَا يُونُسُ وَابْنُ سَمْعَانَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْكُمْ بِالْعُودِ الْهِنْدِيِّ يَعْنِي بِهِ الْكُسْتَ فَإِنَّ فِيهِ سَبْعَةَ أَشْفِيَةٍ مِنْهَا ذَاتُ الْجَنْبِ قَالَ ابْنُ سَمْعَانَ فِي الْحَدِيثِ فَإِنَّ فِيهِ شِفَاءً مِنْ سَبْعَةِ أَدْوَاءٍ مِنْهَا ذَاتُ الْجَنْبِ»

[باب الحمى]

[باب الْحُمَّى] 3469 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «ذُكِرَتْ الْحُمَّى عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَبَّهَا رَجُلٌ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَسُبَّهَا فَإِنَّهَا تَنْفِي الذُّنُوبَ كَمَا تَنْفِي النَّارُ خَبَثَ الْحَدِيدِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (تَنْفِي) مِنَ النَّفْيِ، أَيْ: تُزِيلُ وَ (خَبَثَ الْحَدِيدِ) هُوَ مَا تُلْقِيهِ النَّارُ مِنْ وَسَخِهِ إِذَا أُذِيبَ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ مُوسَى بْنُ عُبَيْدٍ الزُّبْدِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

3470 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ عَادَ مَرِيضًا وَمَعَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ مِنْ وَعْكٍ كَانَ بِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْشِرْ فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ هِيَ نَارِي أُسَلِّطُهَا عَلَى عَبْدِي الْمُؤْمِنِ فِي الدُّنْيَا لِتَكُونَ حَظَّهُ مِنْ النَّارِ فِي الْآخِرَةِ»

[باب الحمى من فيح جهنم فابردوها بالماء]

[باب الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَابْرُدُوهَا بِالْمَاءِ] 3471 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَابْرُدُوهَا بِالْمَاءِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ يأتي شرحه

3472 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ شِدَّةَ الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَابْرُدُوهَا بِالْمَاءِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنَّ الْحُمَّى مِنْ فِيحِ جَهَنَّمَ) أَيْ: مِنْ شِدَّةِ غَلَيَانِهَا، وَالْمُرَادُ أَنَّهَا قِطْعَةٌ مِنَ النَّارِ الشَّدِيدَةِ فِي شِدَّةِ الْغَلَيَانِ عَلَى بَدَنِ الْإِنْسَانِ فَأَبْرِدُوهَا بِهَمْزَةٍ وَضَمِّ رَاءٍ قَالَ الْقَاضِي تَبْرِيدُهَا بِالْمَاءِ عَلَى أَصْلِ الطِّبِّ فِي مُعَارَضَةِ الشَّيْءِ بِضِدِّهِ وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ فَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: مَعْنَاهُ تَصَدَّقُوا بِالْمَاءِ فَإِنَّ أَفْضَلَ الصَّدَقَةِ سَقْيُ الْمَاءِ، وَهَذَا عُدُولٌ عَنِ الظَّاهِرِ وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَاغْتَسَلَ بِالْمَاءِ فَكَادَ يَهْلِكُ فَقَالَ مَا يَنْبَغِي، وَهَذَا جَهْلٌ فِي التَّأْوِيلِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِنَّ الْحُمَّيَاتِ عَلَى قِسْمَيْنِ مِنْهَا مَا يَكُونُ مِنْ خِلْطٍ بَارِدٍ وَمِنْهَا مَا يَكُونُ مِنْ حَارٍّ وَفِيهِ يَنْفَعُ الْمَاءُ وَهِيَ حُمَّيَاتُ الْحِجَازِ وَعَلَيْهَا خُرِّجَ كَلَامُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِعْلُهُ حِينَ قَالُوا صُبُّوا عَلَيَّ مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ لَمْ تُحْلَلْ أَوْكِيَتُهُنَّ فَبِأَيِّ لا وَصْفَ حَالِهِ وَقَدْ ذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثًا غَرِيبًا فِي تَبْرِيدِ الْحُمَّى بِالْمَاءِ وَذَلِكَ بِاسْتِقْبَالِ جَرْيَةِ الْمَاءِ فِي النَّهَرِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا، أَوْ تِسْعًا وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى مَاءِ زَمْزَمَ لِمَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ، أَوْ بِمَاءِ زَمْزَمَ بِالشَّكِّ وَرَوَى مَالِكٌ أَنَّ أَسْمَاءَ كَانَتْ تَأْخُذُ الْمَاءَ وَتَصُبُّ عَلَى الْمَحْمُومِ مَاءً مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَيْبِ وَكَانَتْ تُفَسِّرُ الْحَدِيثَ بِذَلِكَ، قِيلَ: وَهُوَ أَوْلَى مَا يُفَسَّرُ بِهِ الْحَدِيثُ؛ لِأَنَّ الصَّحَابِيَّ أَعْلَمُ بِالْمُرَادِ مِنْ غَيْرِ تَشْكِيكِ بَعْضِهِمْ أَنَّ غَسْلَ الْمَحْمُومِ مُهْلِكٌ؛

لِأَنَّهُ يُدْخِلُ الْحَرَارَةَ إِلَى دَاخِلِ الْبَدَنِ فَإِنَّهُ نَشَأَ مِنْ عَدَمِ فَهْمِ كَلَامِ النُّبُوَّةِ.

3473 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ الْمِقْدَامِ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ «سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَابْرُدُوهَا بِالْمَاءِ فَدَخَلَ عَلَى ابْنٍ لِعَمَّارٍ فَقَالَ اكْشِفْ الْبَاسْ رَبَّ النَّاسْ إِلَهَ النَّاسْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ سبق شرحه

3474 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ «أَنَّهَا كَانَتْ تُؤْتَى بِالْمَرْأَةِ الْمَوْعُوكَةِ فَتَدْعُو بِالْمَاءِ فَتَصُبُّهُ فِي جَيْبِهَا وَتَقُولُ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ابْرُدُوهَا بِالْمَاءِ وَقَالَ إِنَّهَا مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ سبق شرحه

3475 - حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْحُمَّى كِيرٌ مِنْ كِيرِ جَهَنَّمَ فَنَحُّوهَا عَنْكُمْ بِالْمَاءِ الْبَارِدِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْحُمَّى كِيرٌ مِنْ كِيرِ جَهَنَّمَ) ، فِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[باب الحجامة]

[باب الْحِجَامَةُ] 3476 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِمَّا تَدَاوَوْنَ بِهِ خَيْرٌ فَالْحِجَامَةُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ. . . إِلَخْ) التَّعْلِيقُ بِهَذَا الشَّرْطِ لَيْسَ لِلشَّكِّ، بَلْ لِلتَّحْقِيقِ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ وُجُودَ الْخَيْرِ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَدْوِيَةِ فَمِنَ الْمُحَقَّقِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ فِيهِ الشَّكُّ فَالتَّعْلِيقُ بِهِ يُوجِبُ تَحَقُّقَ الْمُعَلَّقِ بِهِ بِلَا رَيْبٍ كَأَنْ يُقَالَ فِي أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِ خَيْرُكَ إِنْ كَانَ فَفِيكَ وَنَحْوَ ذَلِكَ.

3477 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي بِمَلَإٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا كُلُّهُمْ يَقُولُ لِي عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ بِالْحِجَامَةِ»

3478 - حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِعْمَ الْعَبْدُ الْحَجَّامُ يَذْهَبُ بِالدَّمِ وَيُخِفُّ الصُّلْبَ وَيَجْلُو الْبَصَرَ»

3479 - حَدَّثَنَا جُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ سُلَيْمٍ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي بِمَلَإٍ إِلَّا قَالُوا يَا مُحَمَّدُ مُرْ أُمَّتَكَ بِالْحِجَامَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ. . . إِلَخْ) ، فِي الزَّوَائِدِ:. قُلْتُ: وَإِنْ ضَعُفَ جُبَارَةُ وَكَثِيرٌ فِي إِسْنَادِ حَدِيثِ أَنَسٍ فَقَدْ رَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ التِّرْمِذِيُّ فِي الْجَامِعِ وَالشَّمَائِلِ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ.

[باب موضع الحجامة]

3480 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ الْمِصْرِيُّ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَأْذَنَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحِجَامَةِ فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا طَيْبَةَ أَنْ يَحْجُمَهَا» وَقَالَ حَسِبْتُ أَنَّهُ كَانَ أَخَاهَا مِنْ الرِّضَاعَةِ أَوْ غُلَامًا لَمْ يَحْتَلِمْ [باب مَوْضِعِ الْحِجَامَةِ] 3481 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ حَدَّثَنِي عَلْقَمَةُ بْنُ أَبِي عَلْقَمَةَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ بُحَيْنَةَ يَقُولُ «احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَحْيِ جَمَلٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَسَطَ رَأْسِهِ»

3482 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ سَعْدٍ الْإِسْكَافِ عَنْ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «نَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِجَامَةِ الْأَخْدَعَيْنِ وَالْكَاهِلِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِحِجَامَةِ الْأَخْدَعَيْنِ) هُمَا عِرْقَانِ فِي جَانِبِ الْعُنُقِ وَالْكَاهِلِ: مُقَدَّمُ الظَّهْرِ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ أَصْبَغُ بْنُ نُبَاتَةَ التَّيْمِيُّ الْحَنْظَلِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

3483 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي الْخَصِيبِ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ فِي الْأَخْدَعَيْنِ وَعَلَى الْكَاهِلِ»

3484 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْبَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي كَبْشَةَ الْأَنْمَارِيِّ أَنَّهُ حَدَّثَهُ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَحْتَجِمُ عَلَى هَامَتِهِ وَبَيْنَ كَتِفَيْهِ وَيَقُولُ مَنْ أَهْرَاقَ مِنْهُ هَذِهِ الدِّمَاءَ فَلَا يَضُرُّهُ أَنْ لَا يَتَدَاوَى بِشَيْءٍ لِشَيْءٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَلَى هَامَتِهِ) بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ الرَّأْسُ (هَذِهِ الدِّمَاءُ) الظَّاهِرُ دِمَاءُ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ الْمَذْكُورَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ جِنْسُ الدِّمَاءِ مِنْ أَيْ عُضْوٍ كَانَ لِشَيْءٍ مِنَ الْأَمْرَاضِ الدَّمَوِيَّةِ.

3485 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَرِيفٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ عَلَى جِذْعٍ فَانْفَكَّتْ قَدَمُهُ» قَالَ وَكِيعٌ يَعْنِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ عَلَيْهَا مِنْ وَثْءٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (احْتَجَمَ عَلَيْهَا) أَيْ: عَلَى الْقَدَمِ (مِنْ وَثْءٍ) بِفَتْحِ وَاوٍ وَسُكُونِ مُثَلَّثَةٍ آخِرُهُ هَمْزَةٌ وَالْعَامَّةُ تَقُولُ بِالْيَاءِ وَهُوَ غِلَظٌ يُصِيبُ اللَّحْمَ لَا يَبْلُغُ الْعَظْمَ وَيُصِيبُ الْعَظْمَ مِنْ غَيْرِ كَسْرٍ، وَفِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ إِنْ كَانَ أَبُو سُفْيَانَ طَلْحَةُ بْنُ نَافِعٍ سَمِعَ مِنْ جَابِرٍ.

[باب في أي الأيام يحتجم]

[باب فِي أَيِّ الْأَيَّامِ يُحْتَجَمُ] 3486 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَطَرٍ عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ النَّهَّاسِ بْنِ قَهْمٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَرَادَ الْحِجَامَةَ فَلْيَتَحَرَّ سَبْعَةَ عَشَرَ أَوْ تِسْعَةَ عَشَرَ أَوْ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَلَا يَتَبَيَّغْ بِأَحَدِكُمْ الدَّمُ فَيَقْتُلَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَلْيَتَحَرَّ سَبْعَةَ عَشَرَ. . . إِلَخْ) قَالُوا الْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الدَّمَ يَغْلِبُ فِي أَوَائِلِ الشَّهْرِ وَيَقِلُّ فِي أَوَاخِرِهِ فَأَوْسَاطُهُ يَكُونُ أَوْلَى وَأَوْفَقَ (لَا يَتَبَيَّغُ) قَالَ السُّيُوطِيُّ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ: فَارَ الدَّمُ عَلَى الْإِنْسَانِ يُقَالُ تَبَيَّغَ الدَّمُ إِذَا تَرَدَّدَ فِيهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ أَنَّ الْإِسْنَادَ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ النَّهَّاسِ بْنِ قَهْمٍ وَأَشَارَ إِلَى أَنَّ الْمَتْنَ صَحِيحٌ.

3487 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَطَرٍ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «يَا نَافِعُ قَدْ تَبَيَّغَ بِيَ الدَّمُ فَالْتَمِسْ لِي حَجَّامًا وَاجْعَلْهُ رَفِيقًا إِنْ اسْتَطَعْتَ وَلَا تَجْعَلْهُ شَيْخًا كَبِيرًا وَلَا صَبِيًّا صَغِيرًا فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْحِجَامَةُ عَلَى الرِّيقِ أَمْثَلُ وَفِيهِ شِفَاءٌ وَبَرَكَةٌ وَتَزِيدُ فِي الْعَقْلِ وَفِي الْحِفْظِ فَاحْتَجِمُوا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَاجْتَنِبُوا الْحِجَامَةَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَالْجُمُعَةِ وَالسَّبْتِ وَيَوْمَ الْأَحَدِ تَحَرِّيًا وَاحْتَجِمُوا يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالثُّلَاثَاءِ فَإِنَّهُ الْيَوْمُ الَّذِي عَافَى اللَّهُ فِيهِ أَيُّوبَ مِنْ الْبَلَاءِ وَضَرَبَهُ بِالْبَلَاءِ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَبْدُو جُذَامٌ وَلَا بَرَصٌ إِلَّا يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ أَوْ لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَاجْعَلْهُ رَفِيقًا) أَيِ: اخْتَرْ لِي رَفِيقًا مَهْمَا أَمْكَنَ، وَقَوْلُهُ: فَإِنِّي سَمِعْتُ - تَعْلِيلٌ لِاخْتِيَارِ أَصْلِ الْحِجَامَةِ وَلِخُصُوصِ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَذَلِكَ الْيَوْمُ لَا لِاخْتِيَارِ الرَّفِيقِ وَغَيْرِهِ

قَوْلُهُ: (الْحِجَامَةُ عَلَى الرِّيقِ أَمْثَلُ) أَيْ: أَفْضَلُ وَأَكْثَرُ نَفْعًا، وَفِي الزَّوَائِدِ: قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي تَرْجَمَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِصْمَةَ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ مَيْمُونٍ مَجْهُولٌ كَذَا قَالَ الْمِزِيُّ فِي التَّهْذِيبِ.

3488 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِصْمَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ «يَا نَافِعُ تَبَيَّغَ بِيَ الدَّمُ فَأْتِنِي بِحَجَّامٍ وَاجْعَلْهُ شَابًّا وَلَا تَجْعَلْهُ شَيْخًا وَلَا صَبِيًّا قَالَ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْحِجَامَةُ عَلَى الرِّيقِ أَمْثَلُ وَهِيَ تَزِيدُ فِي الْعَقْلِ وَتَزِيدُ فِي الْحِفْظِ وَتَزِيدُ الْحَافِظَ حِفْظًا فَمَنْ كَانَ مُحْتَجِمًا فَيَوْمَ الْخَمِيسِ عَلَى اسْمِ اللَّهِ وَاجْتَنِبُوا الْحِجَامَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيَوْمَ السَّبْتِ وَيَوْمَ الْأَحَدِ وَاحْتَجِمُوا يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالثُّلَاثَاءِ وَاجْتَنِبُوا الْحِجَامَةَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ فَإِنَّهُ الْيَوْمُ الَّذِي أُصِيبَ فِيهِ أَيُّوبُ بِالْبَلَاءِ وَمَا يَبْدُو جُذَامٌ وَلَا بَرَصٌ إِلَّا فِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ أَوْ لَيْلَةِ الْأَرْبِعَاءِ»

[باب الكي]

[باب الْكَيِّ] 3489 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَقَّارِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِيهِ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ اكْتَوَى أَوْ اسْتَرْقَى فَقَدْ بَرِئَ مِنْ التَّوَكُّلِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَقَدْ بَرِئَ مِنَ التَّوَكُّلِ) يُرِيدُ أَنَّ كَمَالَ التَّوَكُّلِ يَقْتَضِي تَرْكَ الْأَدْوِيَةِ وَمَنْ أَتَى فَقَدْ بَرِئَ مِنْ تِلْكَ الْمَرْتَبَةِ الْعَظِيمَةِ مِنَ التَّوَكُّلِ.

3490 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ مَنْصُورٍ وَيُونُسُ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْكَيِّ فَاكْتَوَيْتُ فَمَا أَفْلَحْتُ وَلَا أَنْجَحْتُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَاكْتَوَيْتُ) أَيْ: حَمْلًا لِلنَّهْيِ عَلَى التَّنْزِيهِ، أَوْ عَلَى مَا إِذَا أَمْكَنَ رَفْعُ الْمَرَضِ بِعِلَاجٍ آخَرَ، أَوْ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ لِمَنْ يَرَى الْكَيَّ مُؤَثِّرًا كَأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ حَتَّى اشْتَهَرَ بَيْنَهُمْ أَنَّ آخِرَ الدَّوَاءِ الْكَيُّ، وَإِنَّمَا حُمِلَ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَوَى سَعْدًا» وَلَوْ كَانَ النَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ عَلَى إِطْلَاقِهِ لَمَا أَمَرَ بِهِ وَرُوِيَ أَنَّ الْحَفَظَةَ كَانَتْ تُكَلِّمُهُ وَتُسَلِّمُ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ حَتَّى اكْتَوَى فَاحْتَبَسَ عَنْهُ حَتَّى ذَهَبَ أَثَرُ الْكَيِّ عَادَ (فَمَا أَفْلَحْتُ) أَيْ: عِنْدَ ارْتِكَابِ النَّهْيِ (وَلَا أَنْجَحْتُ) بِالْمَطْلُوبِ

بِالْكَيِّ.

3491 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ حَدَّثَنَا سَالِمٌ الْأَفْطَسُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «الشِّفَاءُ فِي ثَلَاثٍ شَرْبَةِ عَسَلٍ وَشَرْطَةِ مِحْجَمٍ وَكَيَّةٍ بِنَارٍ وَأَنْهَى أُمَّتِي عَنْ الْكَيِّ رَفَعَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الشِّفَاءُ فِي ثَلَاثٍ) أَيْ: مُتَفَرِّقَةٍ لَا مُجْتَمِعَةٍ (وَشَرْطَةُ مِحْجَمٍ) مِنْ شَرَطِ الْحَاجِمِ إِذَا ضَرَبَ عَلَى مَوْضِعِ الْحِجَامَةِ ضَرْبًا شَقَّ بِهِ الْجِلْدَ وَإِضَافَتُهَا إِلَى الْمِحْجَمِ لِلْمُلَابَسَةِ (عَنِ الْكَيِّ) فَإِنَّهُ أَشَدُّ الثَّلَاثِ فَلَا يَنْبَغِي اسْتِعْمَالُهُ إِلَّا لِضَرُورَةٍ، وَبِالْجُمْلَةِ فَالنَّهْيُ لِلتَّنْزِيهِ.

[باب من اكتوى]

[باب مَنْ اكْتَوَى] 3492 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ح وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ الْأَنْصَارِيُّ «سَمِعَهُ عَمِّي يَحْيَى وَمَا أَدْرَكْتُ رَجُلًا مِنَّا بِهِ شَبِيهًا يُحَدِّثُ النَّاسَ أَنَّ أَسَعْدَ بْنَ زُرَارَةَ وَهُوَ جَدُّ مُحَمَّدٍ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ أَنَّهُ أَخَذَهُ وَجَعٌ فِي حَلْقِهِ يُقَالُ لَهُ الذُّبْحَةُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأُبْلِغَنَّ أَوْ لَأُبْلِيَنَّ فِي أَبِي أُمَامَةَ عُذْرًا فَكَوَاهُ بِيَدِهِ فَمَاتَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِيتَةَ سَوْءٍ لِلْيَهُودِ يَقُولُونَ أَفَلَا دَفَعَ عَنْ صَاحِبِهِ وَمَا أَمْلِكُ لَهُ وَلَا لِنَفْسِي شَيْئًا»

3493 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «مَرِضَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ مَرَضًا فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَبِيبًا فَكَوَاهُ عَلَى أَكْحَلِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَلَى أَكْحَلِهِ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ عِرْقٌ فِي وَسَطِ الذِّرَاعِ وَيَكْثُرُ فَصْدُهُ، وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا دَلِيلُ الْجَوَازِ فَالنَّهْيُ لِلتَّنْزِيهِ.

3494 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي الْخَصِيبِ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَوَى سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ فِي أَكْحَلِهِ مَرَّتَيْنِ»

[باب الكحل بالإثمد]

[باب الْكُحْلِ بِالْإِثْمِدِ] 3495 - حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْكُمْ بِالْإِثْمِدِ فَإِنَّهُ يَجْلُو الْبَصَرَ وَيُنْبِتُ الشَّعَرَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِالْإِثْمِدِ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ وَالْمِيمُ مَكْسُورَةٌ، قِيلَ: هُوَ الْحَجَرُ الْمَعْرُوفُ لِلِاكْتِحَالِ، وَقِيلَ: هُوَ كُحْلٌ أَصْبَهَانِيٌّ (يَجْلُو) مِنَ الْجَلَاءِ، أَيْ: يَزِيدُهُ نُورًا (وَيُنْبِتُ) مِنَ الْإِنْبَاتِ (الشَّعَرَ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ شَعْرُ أَهْدَابِ الْعَيْنِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَقَالٌ؛ لِأَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِمٍ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ.

3496 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَلَيْكُمْ بِالْإِثْمِدِ عِنْدَ النَّوْمِ فَإِنَّهُ يَجْلُو الْبَصَرَ وَيُنْبِتُ الشَّعَرَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عِنْدَ النَّوْمِ) قَالَ

السُّيُوطِيُّ: رُوِيَ أَنَّ الْمُتَوَكِّلَ قَالَ لِطَبِيبِهِ مَا تَقُولُ فِي الْكُحْلِ فِي اللَّيْلِ قَالَ لَا تَقْرَبْهُ فَقَالَ لَهُ لِمَ قَالَ إِنَّ الْعَيْنَ شَحْمَةٌ وَالْكُحْلُ حَجَرٌ فَإِذَا خَلَى الْحَجَرُ بِالشَّحْمَةِ أَذَابَهَا فَقَالَ لَهُ بَعْضُ الْحَاضِرِينَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَا تَقْبَلْ مِنْ هَذَا الْكَافِرِ مَا قَالَ إِنَّ «سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَكْتَحِلُ بِاللَّيْلِ» فَقَالَ لَهُ الطَّبِيبُ انْظُرْ مَا قُلْتَ: إِنَّ سَيِّدَكُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَا يَنَامُ بِاللَّيْلِ، بَلْ يُحْيِيهِ عِبَادَةً وَصَلَاةً فَمَا كَانَ الْكُحْلُ يَضُرُّهُ فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ لَا يَضُرَّهُ الْكُحْلُ فَلْيَفْعَلْ مَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَفِي الزَّوَائِدِ: أَنَّ الْمَتْنَ أَخْرَجَهُ عُرْوَةُ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ جَابِرٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ إِسْنَادَ حَدِيثِ جَابِرٍ.

3497 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ ابْنِ خُثَيْمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرُ أَكْحَالِكُمُ الْإِثْمِدُ يَجْلُو الْبَصَرَ وَيُنْبِتُ الشَّعَرَ»

[باب من اكتحل وترا]

[باب مَنْ اكْتَحَلَ وِتْرًا] 3498 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الصَّبَّاحِ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ حُصَيْنٍ الْحِمْيَرِيِّ عَنْ أَبِي سَعْدِ الْخَيْرِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ اكْتَحَلَ فَلْيُوتِرْ مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ. . . إِلَخْ) يُرِيدُ أَنَّ الْإِيتَارَ حَسَنٌ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ فَالْأَمْرُ لِلنَّدَبِ دُونَ الْوُجُوبِ، فَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ اسْتِعْمَالِ صِيغَةِ الْأَمْرِ فِي النَّدْبِ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِيهَا الْوُجُوبُ فَلْيُتَأَمَّلْ.

3499 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُكْحُلَةٌ يَكْتَحِلُ مِنْهَا ثَلَاثًا فِي كُلِّ عَيْنٍ»

[باب النهي أن يتداوى بالخمر]

[باب النَّهْيِ أَنْ يُتَدَاوَى بِالْخَمْرِ] 3500 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَنْبَأَنَا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ طَارِقِ بْنِ سُوَيْدٍ الْحَضْرَمِيِّ قَالَ «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ بِأَرْضِنَا أَعْنَابًا نَعْتَصِرُهَا فَنَشْرَبُ مِنْهَا قَالَ لَا فَرَاجَعْتُهُ قُلْتُ إِنَّا نَسْتَشْفِي بِهِ لِلْمَرِيضِ قَالَ إِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِشِفَاءٍ وَلَكِنَّهُ دَاءٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَلَكِنَّهُ دَاءٌ) قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ إِنْ قِيلَ: فَنَحْنُ نُشَاهِدُ الصِّحَّةَ وَالْقُوَّةَ عِنْدَ شُرْبِ الْخَمْرِ قُلْنَا إِنَّ ذَلِكَ إِمْهَالٌ وَاسْتِدْرَاجٌ، أَوْ إِنَّ الدَّاءَ مَا يُصَحِّحُ الْبَدَنَ وَيُسْقِمُ الدِّينَ فَإِذَا أَسْقَمَ الدِّينَ فَدَاؤُهُ أَعْظَمُ مِنْ دَوَائِهِ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: أَرَادَ بِالدَّاءِ الْإِثْمَ بِتَشْبِيهِ الضَّرَرِ الْأُخْرَوِيِّ بِالضَّرَرِ الدُّنْيَوِيِّ وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ كُلَّمَا يَقُولُ الْأَطِبَّاءُ فِي الْخَمْرِ مِنَ الْمَنَافِعِ فَهُوَ شَيْءٌ كَانَ عِنْدَ شَهَادَةِ الْقُرْآنِ بِأَنَّ فِيهَا مَنَافِعَ

لِلنَّاسِ قَبْلَ تَحْرِيمِهَا، وَأَمَّا بَعْدَ نُزُولِ آيَةِ التَّحْرِيمِ فَإِنَّ اللَّهَ الْخَالِقَ لِكُلِّ شَيْءٍ سَلَبَهَا الْمَنَافِعَ جُمْلَةً فَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مِنَ الْمَنَافِعِ، وَعَلَيْهِ يَدُلُّ قَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَ أُمَّتِي فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْهَا» وَبِهَذَا تَسْقُطُ مَسْأَلَةُ التَّدَاوِي بِالْخَمْرِ اهـ. وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: لَوْ أُبِيحَ التَّدَاوِي بِهِ لَاتُّخِذَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إِلَى تَنَاوُلِهِ لِلشَّهْوَةِ وَاللَّذَّةِ فَسَدَّ الشَّارِعُ الذَّرِيعَةَ إِلَى تَنَاوُلِهِ بِكُلِّ مُمْكِنٍ.

[باب الاستشفاء بالقرآن]

[باب الِاسْتِشْفَاءِ بِالْقُرْآنِ] 3501 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكِنْدِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ حَدَّثَنَا سَعَّادُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرُ الدَّوَاءِ الْقُرْآنُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (خَيْرُ الدَّوَاءِ الْقُرْآنُ) إِمَّا لِأَنَّهُ دَوَاءُ الْقَلْبِ فَهُوَ خَيْرٌ مِنْ دَوَاءِ الْجَسَدِ وَإِمَّا لِأَنَّهُ دَوَاءٌ لِلْجَسَدِ وَتَزْدَادُ الْمَزِيَّةُ إِيمَانًا فَوْقَ إِيمَانٍ نَعَمْ شَرْطُ التَّدَاوِي بِهِ حُسْنُ الِاعْتِقَادِ وَمُرَاعَاةُ التَّقْوَى، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ الْحَارْثُ الْأَعْوَرُ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[باب الحناء]

[باب الْحِنَّاءِ] 3502 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ حَدَّثَنَا فَائِدٌ مَوْلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي رَافِعٍ حَدَّثَنِي مَوْلَايَ عُبَيْدُ اللَّهِ حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي سَلْمَى أُمُّ رَافِعٍ مَوْلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ «كَانَ لَا يُصِيبُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرْحَةٌ وَلَا شَوْكَةٌ إِلَّا وَضَعَ عَلَيْهِ الْحِنَّاءَ»

[باب أبوال الإبل]

[باب أَبْوَالِ الْإِبِلِ] 3503 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ نَاسًا مِنْ عُرَيْنَةَ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاجْتَوَوْا الْمَدِينَةَ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ خَرَجْتُمْ إِلَى ذَوْدٍ لَنَا فَشَرِبْتُمْ مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا فَفَعَلُوا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَأَبْوَالِهَا) مِنْ هُنَا قَالَ مَالِكٌ وَمُحَمَّدٌ بِطَهَارَةِ بَوْلِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، وَقِيلَ: يَحِلُّ لِلتَّدَاوِي وَمَنْ لَا يُجَوِّزُ ذَلِكَ يَقُولُ إِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْوَحْيِ دَاوَاهُمْ بِالْبَوْلِ وَهُوَ مَفْقُودٌ فِي غَيْرِهِ فَلَا يَحِلُّ بِقَوْلِ الْغَيْرِ.

[باب يقع الذباب في الإناء]

[باب يَقَعُ الذُّبَابُ فِي الْإِنَاءِ] 3504 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْ الذُّبَابِ سُمٌّ وَفِي الْآخَرِ شِفَاءٌ فَإِذَا وَقَعَ فِي الطَّعَامِ فَامْقُلُوهُ فِيهِ فَإِنَّهُ يُقَدِّمُ السُّمَّ وَيُؤَخِّرُ الشِّفَاءَ»

3505 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ فِيهِ ثُمَّ لِيَطْرَحْهُ فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ دَاءً وَفِي الْآخَرِ شِفَاءً»

[باب العين]

[باب الْعَيْنُ] 3506 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ رُزَيْقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ هِنْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ أَبِيهِ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْعَيْنُ حَقٌّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْعَيْنَ حَقٌّ) لَا بِمَعْنَى أَنَّ لَهَا تَأْثِيرًا ذَاتِيًّا، بَلْ بِمَعْنَى أَنَّهَا سَبَبُ عَادَةٍ كَسَائِرِ الْأَسْبَابِ الْعَادِيَّةِ، يَخْلُقُ اللَّهُ تَعَالَى عِنْدَ نَظَرِ الْعَيْنِ إِلَى شَيْءٍ وَإِعْجَابِهِ - مَا شَاءَ مِنْ أَلَمٍ أَوْ هَلَكَةٍ.

3507 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ مُضَارِبِ بْنِ حَزْنٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَيْنُ حَقٌّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ سبق شرحه

3508 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الْمَخْزُومِيُّ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَبِي وَاقِدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ فَإِنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ. . . إِلَخْ) ، فِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ أَبُو وَاقِدٍ وَاسْمُهُ صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَائِدَةَ اللَّيْثِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

3509 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ «مَرَّ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ بِسَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ وَهُوَ يَغْتَسِلُ فَقَالَ لَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ وَلَا جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ فَمَا لَبِثَ أَنْ لُبِطَ بِهِ فَأُتِيَ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقِيلَ لَهُ أَدْرِكْ سَهْلًا صَرِيعًا قَالَ مَنْ تَتَّهِمُونَ بِهِ قَالُوا عَامِرَ بْنَ رَبِيعَةَ قَالَ عَلَامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مِنْ أَخِيهِ مَا يُعْجِبُهُ فَلْيَدْعُ لَهُ بِالْبَرَكَةِ ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَأَمَرَ عَامِرًا أَنْ يَتَوَضَّأَ فَيَغْسِلْ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَرُكْبَتَيْهِ وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَصُبَّ عَلَيْهِ» قَالَ سُفْيَانُ قَالَ مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ وَأَمَرَهُ أَنْ يَكْفَأَ الْإِنَاءَ مِنْ خَلْفِهِ

[باب من استرقى من العين]

[باب مَنْ اسْتَرْقَى مِنْ الْعَيْنِ] 3510 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ عَامِرٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ الزُّرَقِيِّ قَالَ «قَالَتْ أَسْمَاءُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ بَنِي جَعْفَرٍ تُصِيبُهُمْ الْعَيْنُ فَأَسْتَرْقِي لَهُمْ قَالَ نَعَمْ فَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابَقَ الْقَدَرَ سَبَقَتْهُ الْعَيْنُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (سَابِقُ الْقَدَرِ) مِنَ السَّبْقِ سَبَقَتْهُ أَيْ: لَسَابَقَتْهُ الْعَيْنُ فَسَبَقَتْهُ، أَيْ: غَلَبَتْهُ بِالسَّبْقِ فَفِي الْكَلَامِ اخْتِصَارٌ لِلظُّهُورِ وَالْمَقْصُودُ بَيَانُ قُوَّةِ ضَرَرِ الْعَيْنِ وَشِدَّتِهِ بِحَيْثُ إِنَّهُ لَوْ كَانَ هُنَاكَ شَيْءٌ آخَرُ عَلَى خِلَافِ مُقْتَضَى التَّقْدِيرِ

لَكَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ هُوَ الْعَيْنَ.

3511 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عَبَّادٍ عَنْ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَوَّذُ مِنْ عَيْنِ الْجَانِّ ثُمَّ أَعْيُنِ الْإِنْسِ فَلَمَّا نَزَلَتْ الْمُعَوِّذَتَانِ أَخَذَهُمَا وَتَرَكَ مَا سِوَى ذَلِكَ»

[باب ما رخص فيه من الرقى]

3512 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي الْخَصِيبِ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ وَمِسْعَرٍ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهَا أَنْ تَسْتَرْقِيَ مِنْ الْعَيْنِ» [باب مَا رَخَّصَ فِيهِ مِنْ الرُّقَى] 3513 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا رُقْيَةَ إِلَّا مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَةٍ»

3514 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ «أَنَّ خَالِدَةَ بِنْتَ أَنَسٍ أُمَّ بَنِي حَزْمٍ السَّاعِدِيَّةَ جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَرَضَتْ عَلَيْهِ الرُّقَى فَأَمَرَهَا بِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَعَرَضَتْ عَلَيْهِ) أَيْ: خَوْفًا مِنْ أَنْ يَكُونَ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ شِرْكِ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَمَرَهَا أَيْ: رَخَّصَ لَهَا فِي ذَلِكَ حِينَ رَأَى خُلُوَّهَا عَمَّا لَا يَجُوزُ مِنْ شِرْكِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَلَمْ يَكُنْ لِخَالِدَةَ شَيْءٌ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ.

3515 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي الْخَصِيبِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عِيسَى عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «كَانَ أَهْلُ بَيْتٍ مِنْ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُمْ آلُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ يَرْقُونَ مِنْ الْحُمَةِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَهَى عَنْ الرُّقَى فَأَتَوْهُ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ قَدْ نَهَيْتَ عَنْ الرُّقَى وَإِنَّا نَرْقِي مِنْ الْحُمَةِ فَقَالَ لَهُمْ اعْرِضُوا عَلَيَّ فَعَرَضُوهَا عَلَيْهِ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهَذِهِ هَذِهِ مَوَاثِيقُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (اعْرِضُوهَا عَلَيَّ) أَيْ: فَإِنْ كَانَ فِيهَا مِنْ شِرْكِ الْجَاهِلِيَّةِ شَيْءٌ فَذَلِكَ هُوَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ، وَإِلَّا أَذِنَ فِيهَا.

3516 - حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ فِي الرُّقْيَةِ مِنْ الْحُمَةِ وَالْعَيْنِ وَالنَّمْلَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَالنَّمْلَةُ) بِفَتْحِ نُونٍ وَسُكُونِ مِيمٍ قُرُوحٌ تَخْرُجُ فِي الْجَنْبِ تُرْقَى فَتَبْرَأُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى.

[باب رقية الحية والعقرب]

[باب رُقْيَةِ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ] 3517 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَهَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرُّقْيَةِ مِنْ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ) الرُّقْيَةُ مِنْهُمَا دَاخِلَةٌ فِي الرُّقْيَةِ مِنَ الْحُمَّى.

3518 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ بَهْرَامَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ الْأَشْجَعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «لَدَغَتْ عَقْرَبٌ رَجُلًا فَلَمْ يَنَمْ لَيْلَتَهُ فَقِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ فُلَانًا لَدَغَتْهُ عَقْرَبٌ فَلَمْ يَنَمْ لَيْلَتَهُ فَقَالَ أَمَا إِنَّهُ لَوْ قَالَ حِينَ أَمْسَى أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ مَا ضَرَّهُ لَدْغُ عَقْرَبٍ حَتَّى يُصْبِحَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ: إِنَّمَا وَصَفَهَا بِالتَّمَامِ؛

لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي شَيْءٍ مِنْ كَلَامِهِ نَقْصٌ، أَوْ عَيْبٌ كَمَا يَكُونُ فِي كَلَامِ النَّاسِ، وَقِيلَ: مَعْنَى التَّمَامِ هَاهُنَا أَنَّهَا تَنْفَعُ الْمَقُولَةُ لَهُ وَتَحْفَظُهُ مِنَ الْآفَاتِ وَتَكْفِيهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

3519 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَالَ «عَرَضْتُ النَّهْشَةَ مِنْ الْحَيَّةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ بِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَأَمَرَ بِهَا) أَيْ: أَذِنَ فِي التَّرْقِيَةِ فَالضَّمِيرُ لِغَيْرِ الْمَذْكُورِ لِلْقَرِينَةِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: قَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا مُرْسَلٌ وَأَبُو بَكْرٍ هُوَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فَإِنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ جَدَّهُ.

[باب ما عوذ به النبي صلى الله عليه وسلم وما عوذ به]

[باب مَا عَوَّذَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا عُوِّذَ بِهِ] 3520 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَى الْمَرِيضَ فَدَعَا لَهُ قَالَ أَذْهِبْ الْبَاسْ رَبَّ النَّاسْ وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (شِفَاءً) مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ لِقَوْلِهِ اشْفِ (لَا يُغَادِرُ) أَيْ: لَا يَتْرُكُ سَقَمًا بِفَتْحَتَيْنِ، أَوْ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ، أَيْ: مَرَضًا.

3521 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مِمَّا يَقُولُ لِلْمَرِيضِ بِبُزَاقِهِ بِإِصْبَعِهِ بِسْمِ اللَّهِ تُرْبَةُ أَرْضِنَا بِرِيقَةِ بَعْضِنَا لِيُشْفَى سَقِيمُنَا بِإِذْنِ رَبِّنَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ (بِبُزَاقِهِ بِأُصْبُعِهِ) أَيْ: كَانَ يَأْخُذُ مِنْ رِيقِهِ عَلَى أُصْبُعِهِ شَيْئًا، ثُمَّ يَضَعُهَا عَلَى التُّرَابِ فَيَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْهُ شَيْءٌ فَيَمْسَحُ بِهَا عَلَى الْمَوْضِعِ الْجَرِيحِ وَيَقُولُ هَذِهِ الْكَلِمَاتُ (تُرْبَةُ أَرْضِنَا) أَيْ: هَذِهِ تُرْبَةُ أَرْضِنَا بِرِيقِ بَعْضِنَا، أَيْ: مَمْزُوجَةٌ بِرِيقِهِ (يُشْفَى) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ عِلَّةٌ لِلْمُمَزِّجِ (بِإِذْنِ رَبِّنَا) مُتَعَلِّقُ يُشْفَى.

3522 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيِّ أَنَّهُ قَالَ «قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِي وَجَعٌ قَدْ كَادَ يُبْطِلُنِي فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْعَلْ يَدَكَ الْيُمْنَى عَلَيْهِ وَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ أَعُوذُ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ سَبْعَ مَرَّاتٍ فَقُلْتُ ذَلِكَ فَشَفَانِيَ اللَّهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى مَوْضِعِ الْوَجَعِ.

3523 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ هِلَالٍ الصَّوَّافُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ «أَنَّ جِبْرَائِيلَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ اشْتَكَيْتَ قَالَ نَعَمْ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أَوْ عَيْنٍ أَوْ حَاسِدٍ اللَّهُ يَشْفِيكَ بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ) بِكَسْرِ الْقَافِ (يَشْفِيكَ) مِنَ الشِّفَاءِ.

3524 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَحَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ زِيَادِ بْنِ ثُوَيْبٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي فَقَالَ لِي أَلَا أَرْقِيكَ بِرُقْيَةٍ جَاءَنِي بِهَا جِبْرَائِيلُ قُلْتُ بِأَبِي وَأُمِّي بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ وَاللَّهُ يَشْفِيكَ مِنْ كُلِّ دَاءٍ فِيكَ {مِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ - وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} [الفلق: 4 - 5] ثَلَاثَ مَرَّاتٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَلَا أَرْقِيكَ بِرُقْيَةٍ) ، فِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ عَاصِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ الْعَمْرِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

3525 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ هِشَامٍ الْبَغْدَادِيُّ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مِنْهَالٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ يَقُولُ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ قَالَ وَكَانَ أَبُونَا إِبْرَاهِيمُ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَعِيلَ وَإِسْحَقَ أَوْ قَالَ إِسْمَعِيلَ وَيَعْقُوبَ» وَهَذَا حَدِيثُ وَكِيعٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَهَامَّةٍ) بِالتَّنْوِينِ وَاحِدَةُ الْهَوَامِّ وَهِيَ ذَوَاتُ السَّمُومِ (لَامَّةٍ) بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ، أَيْ: ذَاتِ لَمَمٍ وَاللَّمَمُ كُلُّ دَاءٍ يُلِمُّ مِنْ خَبْلٍ، أَوْ جُنُونٍ، أَوْ نَحْوِهِمَا أَيْ مِنْ كُلِّ عَيْنٍ تُصِيبُ بِسُوءٍ.

[باب ما يعوذ به من الحمى]

[باب مَا يُعَوَّذُ بِهِ مِنْ الْحُمَّى] 3526 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ الْأَشْهَلِيُّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ مِنْ الْحُمَّى وَمِنْ الْأَوْجَاعِ كُلِّهَا أَنْ يَقُولُوا بِسْمِ اللَّهِ الْكَبِيرِ أَعُوذُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ مِنْ شَرِّ عِرْقٍ نَعَّارٍ وَمِنْ شَرِّ حَرِّ النَّارِ» قَالَ أَبُو عَامِرٍ أَنَا أُخَالِفُ النَّاسَ فِي هَذَا أَقُولُ يَعَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ الْأَشْهَلِيُّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ وَقَالَ مِنْ شَرِّ عِرْقٍ يَعَّارٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (نَعَّارٍ) بِالنُّونِ وَتَشْدِيدِ الْعَيْنِ (وَالْيَعَّارُ) بِالْيَاءِ وَتَشْدِيدِ الْعَيْنِ قَالَ الْقَاضِي فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ النَّعَّارُ وَهُوَ الَّذِي يَرْتَفِعُ دَمُهُ وَيَزِيدُ فَيَحْدُثُ فِيهِ الْحَرُّ وَالْيَعَّارُ الْمُضْطَرِبُ مِنْ عَكَّةِ الْحُمَّى فَهِيَ الْخَلْطُ فِيهِ.

3527 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ ابْنِ ثَوْبَانَ عَنْ عُمَيْرٍ أَنَّهُ سَمِعَ جُنَادَةَ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ قَالَ سَمِعْتُ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ يَقُولُ «أَتَى جِبْرَائِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُوعَكُ فَقَالَ بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ مِنْ حَسَدِ حَاسِدٍ وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ اللَّهُ يَشْفِيكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَهُوَ يُوعَكُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنْ وَعَكَتْهُ الْحُمَّى فَهُوَ مَعُوكٌ، وَفِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ حَسَنٌ؛ لِأَنَّ ابْنَ ثَوْبَانَ اسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَابِتٍ وَابْنُ ثَوْبَانَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ.

[باب النفث في الرقية]

[باب النَّفْثِ فِي الرُّقْيَةِ] 3528 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ الرَّقِّيُّ وَسَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ قَالُوا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْفُثُ فِي الرُّقْيَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يُنَفِّثُ) بِالتَّشْدِيدِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ النَّفْثُ بِالْفَمِ شَبِيهٌ بِالتَّفْلِ وَهُوَ أَقَلُّ مِنَ التَّفْلِ؛ لِأَنَّ التَّفْلَ لَا يَكُونُ إِلَّا وَمَعَهُ شَيْءٌ مِنَ الرِّيقِ.

3529 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ قَالَا حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اشْتَكَى يَقْرَأُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ وَيَنْفُثُ فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعُهُ كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَيْهِ وَأَمْسَحُ بِيَدِهِ رَجَاءَ بَرَكَتِهَا»

[باب تعليق التمائم]

[باب تَعْلِيقِ التَّمَائِمِ] 3530 - حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا مُعَمَّرُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بِشْرٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ عَنْ ابْنِ أُخْتِ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ زَيْنَبَ قَالَتْ «كَانَتْ عَجُوزٌ تَدْخُلُ عَلَيْنَا تَرْقِي مِنْ الْحُمْرَةِ وَكَانَ لَنَا سَرِيرٌ طَوِيلُ الْقَوَائِمِ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ إِذَا دَخَلَ تَنَحْنَحَ وَصَوَّتَ فَدَخَلَ يَوْمًا فَلَمَّا سَمِعَتْ صَوْتَهُ احْتَجَبَتْ مِنْهُ فَجَاءَ فَجَلَسَ إِلَى جَانِبِي فَمَسَّنِي فَوَجَدَ مَسَّ خَيْطٍ فَقَالَ مَا هَذَا فَقُلْتُ رُقًى لِي فِيهِ مِنْ الْحُمْرَةِ فَجَذَبَهُ وَقَطَعَهُ فَرَمَى بِهِ وَقَالَ لَقَدْ أَصْبَحَ آلُ عَبْدِ اللَّهِ أَغْنِيَاءَ عَنْ الشِّرْكِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ قُلْتُ فَإِنِّي خَرَجْتُ يَوْمًا فَأَبْصَرَنِي فُلَانٌ فَدَمَعَتْ عَيْنِي الَّتِي تَلِيهِ فَإِذَا رَقَيْتُهَا سَكَنَتْ دَمْعَتُهَا وَإِذَا تَرَكْتُهَا دَمَعَتْ قَالَ ذَاكِ الشَّيْطَانُ إِذَا أَطَعْتِهِ تَرَكَكِ وَإِذَا عَصَيْتِهِ طَعَنَ بِإِصْبَعِهِ فِي عَيْنِكِ وَلَكِنْ لَوْ فَعَلْتِ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ خَيْرًا لَكِ وَأَجْدَرَ أَنْ تُشْفَيْنَ تَنْضَحِينَ فِي عَيْنِكِ الْمَاءَ وَتَقُولِينَ أَذْهِبْ الْبَاسْ رَبَّ النَّاسْ اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (تَرْقِي مِنَ الْحُمْرَةِ) فِي الْقَامُوسِ الْحُمْرَةُ لَوْنٌ مَعْرُوفٌ وَوَرَمٌ مِنْ جِنْسِ الطَّوَاعِينِ. قُلْتُ: فَلَعَلَّ الْمُرَادَ هَاهُنَا هُوَ الْمَعْنَى الثَّانِي قَوْلُهُ: (أَغْنِيَاءُ عَنِ الشِّرْكِ) يُرِيدُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لَهُمْ إِلَى أَنْ يَسْتَعْمِلُوا مَا هُوَ شِرْكٌ وَالرُّقَى بِضَمِّ الرَّاءِ مَقْصُورٌ جَمْعُ رُقْيَةٍ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ الْعُوذَةُ، وَالْمُرَادُ مَا كَانَ بِأَسْمَاءِ الْأَصْنَامِ وَالشَّيَاطِينِ لَا مَا كَانَ بِالْقُرْآنِ وَنَحْوِهِ وَالتَّمَائِمُ جَمْعُ تَمِيمَةٍ أُرِيدَ بِهَا الْخَرَزَاتُ الَّتِي يُعَلِّقُهَا النِّسَاءُ فِي أَعْنَاقِ الْأَوْلَادِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا تُؤَثِّرُ وَتَدْفَعُ الْعَيْنَ وَالتِّوَلَةُ بِكَسْرِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقٍ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَاللَّامِ نَوْعٌ مِنَ السِّحْرِ يَجْلِبُ الْمَرْأَةَ إِلَى زَوْجِهَا شِرْكٌ مِنْ أَفْعَالِ الْمُشْرِكِينَ أَيْ: لِأَنَّهُ قَدْ يُفْضِي إِلَى الشِّرْكِ إِذَا اعْتَقَدَ أَنَّ لَهَا تَأْثِيرًا حَقِيقَةً، وَقِيلَ: الْمُرَادُ الشِّرْكُ الْخَفِيُّ بِتَرْكِ التَّوَكُّلِ وَالِاعْتِمَادِ عَلَى اللَّهِ

سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَفِي الزَّوَائِدِ: رَوَى أَبُو دَاوُدَ بَعْضَهُ وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ.

3531 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي الْخَصِيبِ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ مُبَارَكٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا فِي يَدِهِ حَلْقَةٌ مِنْ صُفْرٍ فَقَالَ مَا هَذِهِ الْحَلْقَةُ قَالَ هَذِهِ مِنْ الْوَاهِنَةِ قَالَ انْزِعْهَا فَإِنَّهَا لَا تَزِيدُكَ إِلَّا وَهْنًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مِنَ الْوَاهِنَةِ) فِي النِّهَايَةِ الْوَاهِنَةُ عِرْقٌ يَأْخُذُ فِي الْمَنْكِبِ، وَفِي الْيَدِ كُلِّهَا فَيَرْقَى مِنْهَا، وَقِيلَ: مَرَضٌ يَأْخُذُ فِي الْعُضْوِ وَرُبَّمَا عُلِّقَ عَلَيْهِ مِنَ الْخَرَزِ مَا يُقَالُ لَهَا خَرَزُ الْوَاهِنَةِ وَهِيَ تَأْخُذُ الرِّجَالَ دُونَ النِّسَاءِ وَإِنَّمَا نَهَاهُ عَنْهَا؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَخَذَهَا عَلَى أَنَّهَا تَعْصِمُهُ مِنَ الْأَلَمِ فَكَانَتْ عِنْدَهُ فِي مَعْنَى التَّمَائِمِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا، وَفِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ حَسَنٌ؛ لِأَنَّ مُبَارَكًا هَذَا هُوَ ابْنُ فَضَالَةَ.

[باب النشرة]

[باب النُّشْرَةِ] 3532 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَصِ عَنْ أُمِّ جُنْدُبٍ قَالَتْ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي يَوْمَ النَّحْرِ ثُمَّ انْصَرَفَ وَتَبِعَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمٍ وَمَعَهَا صَبِيٌّ لَهَا بِهِ بَلَاءٌ لَا يَتَكَلَّمُ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذَا ابْنِي وَبَقِيَّةُ أَهْلِي وَإِنَّ بِهِ بَلَاءً لَا يَتَكَلَّمُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ائْتُونِي بِشَيْءٍ مِنْ مَاءٍ فَأُتِيَ بِمَاءٍ فَغَسَلَ يَدَيْهِ وَمَضْمَضَ فَاهُ ثُمَّ أَعْطَاهَا فَقَالَ اسْقِيهِ مِنْهُ وَصُبِّي عَلَيْهِ مِنْهُ وَاسْتَشْفِي اللَّهَ لَهُ قَالَتْ فَلَقِيتُ الْمَرْأَةَ فَقُلْتُ لَوْ وَهَبْتِ لِي مِنْهُ فَقَالَتْ إِنَّمَا هُوَ لِهَذَا الْمُبْتَلَى قَالَتْ فَلَقِيتُ الْمَرْأَةَ مِنْ الْحَوْلِ فَسَأَلْتُهَا عَنْ الْغُلَامِ فَقَالَتْ بَرَأَ وَعَقَلَ عَقْلًا لَيْسَ كَعُقُولِ النَّاسِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (النُّشْرَةُ) بِضَمِّ النُّونِ وَسُكُونِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ نَوْعٌ مِنَ الرُّقْيَةِ يُعَالَجُ بِهَا الْمَجْنُونُ وَقَدْ جَاءَ النَّهْيُ عَنْهَا، وَلَعَلَّ النَّهْيَ عَمَّا كَانَ مُشْتَمِلًا عَلَى أَسْمَاءِ الشَّيَاطِينِ، أَوْ كَانَ بِلِسَانٍ غَيْرِ مَعْلُومٍ فَلِذَلِكَ جَاءَ أَنَّهَا سِحْرٌ سُمِّيَ النَّشْرَةَ لِانْتِشَارِ الدَّاءِ وَانْكِشَافِ الْبَلَاءِ. قُلْتُ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ هَاهُنَا مَا يُدَاوَى بِهِ الْمَجْنُونُ لِيُنَاسِبَ الْحَدِيثَ الْآتِي فِي التَّرْجَمَةِ. قَوْلُهُ: (وَبَقِيَّةُ أَهْلِي) أَيْ: إِنَّهُمْ مَاتُوا وَمَا بَقِيَ مِنْهُمْ إِلَّا هَذَا، وَفِي الْحَدِيثِ مُعْجِزَةٌ عَظِيمَةٌ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

[باب الاستشفاء بالقرآن]

[باب الِاسْتِشْفَاءِ بِالْقُرْآنِ] 3533 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكِنْدِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ حَدَّثَنَا سَعَّادُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرُ الدَّوَاءِ الْقُرْآنُ»

_ (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: مكرر، برقم 3501

[باب قتل ذي الطفيتين]

[باب قَتْلِ ذِي الطُّفْيَتَيْنِ] 3534 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ ذِي الطُّفْيَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَلْتَمِسُ الْبَصَرَ وَيُصِيبُ الْحَبَلَ يَعْنِي حَيَّةً خَبِيثَةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِقَتْلِ ذِي الطُّفْيَتَيْنِ) هُوَ بِضَمِّ الطَّاءِ وَسُكُونِ الْفَاءِ هُمَا الْخَيْطَانِ الْأَبْيَضَانِ عَلَى ظَهْرِ الْحَيَّةِ وَالْأَبْتَرُ هُوَ الَّذِي لَا ذَنَبَ لَهُ، أَوْ قَصِيرُ الذَّنَبِ (وَالْحَبَلُ) بِفَتْحَتَيْنِ مَصْدَرٌ أُطْلِقَ عَلَى الْمَحْمُولِ، قِيلَ: مَعْنَى يَلْتَمِسَانِ الْبَصَرَ أَنَّهُمَا إِذَا نَظَرَا إِلَى إِنْسَانٍ ذَهَبَ بَصَرُهُ بِالْخَاصِّيَّةِ فِيهِمَا وَكَذَا قَوْلُهُ: وَيُسْقِطَانِ الْحَبَلَ بِالْخَاصِّيَّةِ أَيْضًا، وَقِيلَ: إِنَّهُمَا يَقْصِدَانِ الْبَصَرَ بِالسُّمِّ.

3535 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ وَاقْتُلُوا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ وَالْأَبْتَرَ فَإِنَّهُمَا يَلْتَمِسَانِ الْبَصَرَ وَيُسْقِطَانِ الْحَبَلَ»

[باب من كان يعجبه الفأل ويكره الطيرة]

[باب مَنْ كَانَ يُعْجِبُهُ الْفَأْلُ وَيَكْرَهُ الطِّيَرَةَ] 3536 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ الْفَأْلُ الْحَسَنُ وَيَكْرَهُ الطِّيَرَةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يُعْجِبُهُ الْفَأْلُ الْحَسَنُ) الْفَأْلُ بِالْهَمْزَةِ وَقَدْ تُخَفَّفُ بِقَلْبِهَا أَلِفًا وَهُوَ الْأَشْهُرُ عَلَى الْأَلْسِنَةِ وَهُوَ عَامٌّ فِيمَا يَسُرُّ وَيُسِيءُ؛ وَلِذَلِكَ قُيِّدَ بِالْحَسَنِ تَخْصِيصًا لَهُ بِالْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَسْمَعَ الْمَرِيضُ يَا سَالِمُ فَيَرْجُو الْبُرْءَ وَنَحْوَ ذَلِكَ (وَيَكْرَهُ الطِّيَرَةَ) هِيَ بِكَسْرٍ فَفَتْحٍ وَقَدْ تُسَكَّنُ، التَّشَاؤُمُ بِالشَّيْءِ فَهُوَ مَخْصُوصٌ بِمَا يُسِيءُ، وَفِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

3537 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَأُحِبُّ الْفَأْلَ الصَّالِحَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا عَدْوَى) الْعَدْوَىمُجَاوَزَةُ الْعِلَّةِ مِنْ صَاحِبِهَا إِلَى غَيْرِهِ بِالْمُجَاوَرَةِ وَالْقُرْبِ، وَهَذَا الْكَلَامُ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ نَفْيُ ذَلِكَ وَإِبْطَالُهُ مِنْ أَصْلِهِ وَمَعْنَى فَمَنْ أَعْدَى الْأَوَّلَ، أَيْ: إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ ابْتَدَأَ ذَلِكَ فِي الثَّانِي كَمَا ابْتَدَأَ فِي الْأَوَّلِ، وَعَلَى هَذَا فَمَا جَاءَ مِنَ الْأَمْرِ بِالْفِرَارِ مِنَ الْمَجْذُومِ وَنَحْوِهِ فَهُوَ مِنْ بَابِ سَدِّ الذَّرِيعَةِ لِئَلَّا يَتَّفِقَ لِشَخْصٍ يُخَالِطُ مَرِيضًا فَيَمْرَضُ مِثْلَ مَرَضِهِ بِتَقْدِيرِ اللَّهِ تَعَالَى ابْتِدَاءً لَا بِالْعَدْوَى الْمَنْفِيَّةِ فَيَظُنُّ أَنَّ ذَلِكَ بِسَبَبِ مُخَالَطَتِهِ فَيَعْتَقِدُ صِحَّةَ الْعَدْوَى فَيَقَعُ فِي الْحَرَجِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ نَفْيُ التَّأْثِيرِ وَبَيَانُ أَنَّ مُجَاوَرَةَ الْمَرِيضِ مِنَ الْأَسْبَابِ الْعَادِيَّةِ لَا هِيَ مُؤَثِّرَةٌ بِطَبْعِهَا كَمَا يَعْتَقِدُهُ أَهْلُ الطَّبِيعَةِ، وَعَلَى هَذَا

فَالْأَمْرُ بِالْفِرَارِ وَغَيْرِهِ ظَاهِرٌ.

3538 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سَلَمَةَ عَنْ عِيسَى بْنِ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطِّيَرَةُ شِرْكٌ وَمَا مِنَّا إِلَّا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (شِرْكٌ) إِذَا اعْتَقَدَ لَهَا تَأْثِيرًا، أَوْ مَعْنَاهُ أَنَّهَا مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ الشِّرْكِ، أَوْ مُفْضِيَةٌ إِلَيْهِ بِاعْتِقَادِهَا مُؤَثِّرَةً، أَوِ الْمُرَادُ الشِّرْكُ الْخَفِيُّ قَوْلُهُ: (وَمَا مِنَّا) أَيْ: مَا مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا وَيَعْتَرِيهِ شَيْءٌ مَا مِنْهُ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ قَبْلَ التَّأَمُّلِ قَوْلُهُ: (يُذْهِبُهُ) بِضَمِّ الْيَاءِ، أَيْ: إِذَا تَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ ذَكَرَ كَثِيرٌ مِنَ الْحُفَّاظِ أَنَّ جُمْلَةَ وَمَا مِنَّا. . . إِلَخْ مِنْ كَلَامِ ابْنِ مَسْعُودٍ مُدْرَجٌ فِي الْحَدِيثِ وَلَوْ كَانَ مَرْفُوعًا كَانَ الْمُرَادُ وَمَا مِنَّا، أَيْ: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْأُمَّةِ.

3539 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَلَا هَامَةَ وَلَا صَفَرَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَلَا هَامَةَ) بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ وَجُوِّزَ تَشْدِيدُهَا طَائِرٌ كَانُوا يَتَشَاءَمُونَ بِهِ وَلَا صَفَرَ بِفَتْحَتَيْنِ أُرِيدَ بِهِ الشَّهْرُ الْمَشْهُورُ إِمَّا بِمَعْنَى أَنَّهُمْ يَتَشَاءَمُونَ بِهِ وَيُرِيدُونَ أَنَّهُ يَكْثُرُ فِيهِ الدَّوَاهِي وَالْفِتَنُ، أَوْ إِنَّهُمْ كَانُوا يَجْعَلُونَ الْمُحَرَّمَ صَفَرًا فَنُهُوا عَنْهُ، وَفِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

3540 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ أَبِي جَنَابٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَلَا هَامَةَ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ الْبَعِيرُ يَكُونُ بِهِ الْجَرَبُ فَتَجْرَبُ بِهِ الْإِبِلُ قَالَ ذَلِكَ الْقَدَرُ فَمَنْ أَجْرَبَ الْأَوَّلَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَتَجْرَبُ بِهِ الْإِبِلُ) أَيِ: الَّتِي كَانَ ذَلِكَ الْبَعِيرُ فِيهَا فَمَنْ أَجْرَبَ الْأَوَّلَ فَمَنْ أَوْصَلَ الْجَرَبَ إِلَيْهِ، أَيْ: فَهُوَ الَّذِي أَوْصَلَ إِلَى الْإِبِلِ كُلِّهَا، وَفِي الزَّوَائِدِ: حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ ضَعِيفٌ فِيهِ أَبُو حَيَّانَ اسْمُهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي جَنَّةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

3541 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُورِدُ الْمُمْرِضُ عَلَى الْمُصِحِّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْمُمْرِضُ عَلَى الْمُصِحِّ) الْمُمْرِضُ الَّذِي كَانَ لَهُ إِبِلٌ مَرْضَى وَالْمُصِحُّ صَاحِبُ الصِّحَاحِ وَهُوَ نَهْيٌ لِلْمُمْرِضِ أَنْ يَسْقِيَ وَيَرْعَى إِبِلَهُ مَعَ إِبِلِ الْمُصِحِّ لِئَلَّا يَقَعَ فِي اعْتِقَادِ الْعَدْوَى أَوْ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنَ الْأَسْبَابِ الْعَادِيَّةِ لِلْمَرَضِ فَلَا بُدَّ مِنَ النَّهْيِ عَنْهُ.

[باب الجذام]

[باب الْجُذَامِ] 3542 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ وَمُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى وَمُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْعَسْقَلَانِيُّ قَالُوا حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ بِيَدِ رَجُلٍ مَجْذُومٍ فَأَدْخَلَهَا مَعَهُ فِي الْقَصْعَةِ ثُمَّ قَالَ كُلْ ثِقَةً بِاللَّهِ وَتَوَكُّلًا عَلَى اللَّهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَخَذَ بِيَدِ مَجْذُومٍ) الْمَجْذُومُ الَّذِي أَصَابَهُ الْجُذَامُ وَهُوَ دَاءٌ مَعْرُوفٌ، وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِيَعْلَمَ النَّاسُ أَنَّ شَأْنَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِتَقْدِيرِ اللَّهِ تَعَالَى

(ثِقَةً بِاللَّهِ) قِيلَ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمَصْدَرُ بِمَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ، أَيْ: كُلْ مَعِي وَاثِقًا بِاللَّهِ، حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ مَعِي، أَوْ يُقَدَّرُ أَثِقُ بِاللَّهِ وَالْجُمْلَةُ حَالٌ، أَوِ اسْتِئْنَافٌ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ الرَّاوِي، أَيْ: قَالَ ذَلِكَ ثِقَةً بِاللَّهِ وَتَوَكُّلًا عَلَيْهِ.

3543 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي الْخَصِيبِ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ جَمِيعًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أُمِّهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تُدِيمُوا النَّظَرَ إِلَى الْمَجْذُومِينَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا تُدِيمُوا النَّظَرَ إِلَى الْمَجْذُومِ) وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إِذَا دَاوَمَ النَّظَرَ إِلَيْهِ حَقَّرَهُ وَرَأَى لِنَفْسِهِ عَلَيْهِ فَضْلًا وَتَأَذَّى بِهِ الْمَنْظُورُ إِلَيْهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: رِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ.

3544 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ آلِ الشَّرِيدِ يُقَالُ لَهُ عَمْرٌو عَنْ أَبِيهِ قَالَ «كَانَ فِي وَفْدِ ثَقِيفٍ رَجُلٌ مَجْذُومٌ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارْجِعْ فَقَدْ بَايَعْنَاكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ارْجِعْ فَقَدْ بَايَعْنَاكَ) قِيلَ: رَدَّهُ خَوْفًا عَلَى أَصْحَابِهِ لِئَلَّا يَرَوْا لِأَنْفُسِهِمْ فَضْلًا عَلَيْهِ فَيَدْخُلُهُمُ الْعُجْبُ، أَوْ خَوْفًا عَلَيْهِ لِئَلَّا يَحْزَنَ الْمَجْذُومُ لِرُؤْيَةِ النَّاسِ فَيَقِلُّ صَبْرُهُ عَلَى الْبَلَاءِ، وَقِيلَ: لِأَنَّ الْجُذَامَ يَتَعَدَّى عَادَةً، وَقِيلَ: لِئَلَّا يَظُنَّ أَحَدٌ الْعَدْوَى إِنْ حَصَلَ لَهُ جُذَامٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب السحر]

[باب السِّحْرِ] 3545 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «سَحَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَهُودِيٌّ مِنْ يَهُودِ بَنِي زُرَيْقٍ يُقَالُ لَهُ لَبِيدُ بْنُ الْأَعْصَمِ حَتَّى كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَلَا يَفْعَلُهُ قَالَتْ حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ كَانَ ذَاتَ لَيْلَةٍ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ دَعَا ثُمَّ دَعَا ثُمَّ قَالَ يَا عَائِشَةُ أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ جَاءَنِي رَجُلَانِ فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي وَالْآخَرُ عِنْدَ رِجْلِي فَقَالَ الَّذِي عِنْدَ رَأْسِي لِلَّذِي عِنْدَ رِجْلِي أَوْ الَّذِي عِنْدَ رِجْلِي لِلَّذِي عِنْدَ رَأْسِي مَا وَجَعُ الرَّجُلِ قَالَ مَطْبُوبٌ قَالَ مَنْ طَبَّهُ قَالَ لَبِيدُ بْنُ الْأَعْصَمِ قَالَ فِي أَيِّ شَيْءٍ قَالَ فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ وَجُفِّ طَلْعَةِ ذَكَرٍ قَالَ وَأَيْنَ هُوَ قَالَ فِي بِئْرِ ذِي أَرْوَانَ قَالَتْ فَأَتَاهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ وَاللَّهِ يَا عَائِشَةُ لَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ وَلَكَأَنَّ نَخْلَهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا أَحْرَقْتَهُ قَالَ لَا أَمَّا أَنَا فَقَدْ عَافَانِي اللَّهُ وَكَرِهْتُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى النَّاسِ مِنْهُ شَرًّا فَأَمَرَ بِهَا فَدُفِنَتْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَلَا يَفْعَلُهُ) أَيْ: يُخَيَّلُ إِلَيْهِ الْقُدْرَةُ عَلَى الْفِعْلِ، ثُمَّ يَظْهَرُ لَهُ عِنْدَ الْمُبَاشَرَةِ أَنَّهُ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَيْهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُخَيَّلُ بِأَنَّهُ فَعَلَ وَالْحَالُ أَنَّهُ مَا فَعَلَهُ (مَطْبُوبٌ) أَيْ: مَسْحُورٌ كَنُّوا بِالطِّبِّ عَنِ السِّحْرِ تَفَاؤُلًا بِالْبُرْءِ كَمَا كَنُّوا بِالسَّلِيمِ عَنِ اللَّدِيغِ قَوْلُهُ: (فِي مُشْطٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ، وَقَوْلُهُ: وَمُشَاطَةٌ هِيَ الشَّعْرُ الَّذِي يَسْقُطُ عَنِ الرَّأْسِ

وَاللِّحْيَةِ عِنْدَ التَّسْرِيحِ بِالْمُشْطِ قَوْلُهُ: (وَجُفُّ طَلْعَةِ ذَكَرٍ) هُوَ بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الْفَاءِ وِعَاءُ الطَّلْعِ وَهُوَ الْغِشَاءُ الَّذِي يَكُونُ فَوْقَهُ وَيُرْوَى جُبٌّ بِالْبَاءِ وَهُوَ بِمَعْنَاهُ قَوْلُهُ: (فِي بِئْرٍ ذِي أَرْوَانَ) وَيُرْوَى ذَرْوَانَ بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَهِيَ بِئْرٌ لِبَنِي زُرَيْقٍ بِالْمَدِينَةِ قَوْلُهُ: (نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ) بِضَمِّ نُونٍ وَخِفَّةِ قَافٍ، أَوْ تَشْدِيدِهَا وَبِمُهْمَلَةٍ مَا يُنْفَعُ فِيهِ الْحِنَّاءُ، أَيْ: مُتَغَيِّرُ اللَّوْنِ قَوْلُهُ: (رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ) أَيْ: فِي الْقُبْحِ وَالْكَرَاهَةِ وَالْمَقْصُودُ بَيَانُ أَنَّهُ مَحَلٌّ لَا خَيْرَ فِيهِ مَاؤُهُ وَلَا أَشْجَارُهُ قَوْلُهُ: (أَنْ أُثِيرَ عَلَى النَّاسِ مِنْهُ شَرًّا) لِأَنَّهُ يَنْتَشِرُ بِهِ الْخَبَرُ فَلَعَلَّ بَعْضَ النَّاسِ يَعْتَقِدُونَ السِّحْرَ مُؤَثِّرًا وَلَوْلَا ذَلِكَ كَيْفَ جَرَى عَلَيْهِ مَا جَرَى، أَوْ يُوَسْوِسُ إِلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ نَبِيًّا لَمَا عَمِلَ فِيهِ السِّحْرُ فَلَا خَيْرَ فِي انْتِشَارِ مِثْلِ هَذَا الْخَبَرِ.

3546 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْعَنْسِيُّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ الْمِصْرِيَّيْنِ قَالَا حَدَّثَنَا نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا يَزَالُ يُصِيبُكَ كُلَّ عَامٍ وَجَعٌ مِنْ الشَّاةِ الْمَسْمُومَةِ الَّتِي أَكَلْتَ قَالَ مَا أَصَابَنِي شَيْءٌ مِنْهَا إِلَّا وَهُوَ مَكْتُوبٌ عَلَيَّ وَآدَمُ فِي طِينَتِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَآدَمُ فِي طِينَتِهِ) أَيْ: مَا تَمَّ خَلْقُهُ، فِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ أَبُو بَكْرٍ الْعَنْسِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[باب الفزع والأرق وما يتعوذ منه]

[باب الْفَزَعِ وَالْأَرَقِ وَمَا يُتَعَوَّذُ مِنْهُ] 3547 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا وَهْبٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا نَزَلَ مَنْزِلًا قَالَ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ يَضُرَّهُ فِي ذَلِكَ الْمَنْزِلِ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْفَزَعُ وَالْأَرَقُ) الْأَرَقُ بِفَتْحَتَيْنِ السَّهَرُ بِاللَّيْلِ وَهُوَ أَنْ يَضْطَرِبَ عَلَى الْفِرَاشِ وَلَا يَأْخُذُهُ النَّوْمُ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَضُرَّهُ فِي ذَلِكَ الْمَنْزِلِ شَيْءٌ) أَيْ: وَعُمُومُهُ يَشْمَلُ الْفَزَعَ وَالْأَرَقَ وَنَحْوَ ذَلِكَ.

3548 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ حَدَّثَنِي عُيَيْنَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ قَالَ «لَمَّا اسْتَعْمَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الطَّائِفِ جَعَلَ يَعْرِضُ لِي شَيْءٌ فِي صَلَاتِي حَتَّى مَا أَدْرِي مَا أُصَلِّي فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ رَحَلْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ابْنُ أَبِي الْعَاصِ قُلْتُ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَا جَاءَ بِكَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَرَضَ لِي شَيْءٌ فِي صَلَوَاتِي حَتَّى مَا أَدْرِي مَا أُصَلِّي قَالَ ذَاكَ الشَّيْطَانُ ادْنُهْ فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَجَلَسْتُ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيَّ قَالَ فَضَرَبَ صَدْرِي بِيَدِهِ وَتَفَلَ فِي فَمِي وَقَالَ اخْرُجْ عَدُوَّ اللَّهِ فَفَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ قَالَ الْحَقْ بِعَمَلِكَ» قَالَ فَقَالَ عُثْمَانُ فَلَعَمْرِي مَا أَحْسِبُهُ خَالَطَنِي بَعْدُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْحَقْ بِعَمَلِكَ) أَيِ: اشْتَغِلْ بِهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ.

3549 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ حَيَّانَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَنْبَأَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا أَبُو جَنَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ أَبِيهِ أَبِي لَيْلَى قَالَ «كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ إِنَّ لِي أَخًا وَجِعًا قَالَ مَا وَجَعُ أَخِيكَ قَالَ بِهِ لَمَمٌ قَالَ اذْهَبْ فَأْتِنِي بِهِ قَالَ فَذَهَبَ فَجَاءَ بِهِ فَأَجْلَسَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَسَمِعْتُهُ عَوَّذَهُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَأَرْبَعِ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ الْبَقَرَةِ وَآيَتَيْنِ مِنْ وَسَطِهَا {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [البقرة: 163] وَآيَةِ الْكُرْسِيِّ وَثَلَاثِ آيَاتٍ مِنْ خَاتِمَتِهَا وَآيَةٍ مِنْ آلِ عِمْرَانَ أَحْسِبُهُ قَالَ {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [آل عمران: 18] وَآيَةٍ مِنْ الْأَعْرَافِ {إِنَّ رَبَّكُمْ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ} [الأعراف: 54] الْآيَةَ وَآيَةٍ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ} [المؤمنون: 117] وَآيَةٍ مِنْ الْجِنِّ {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا} [الجن: 3] وَعَشْرِ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ الصَّافَّاتِ وَثَلَاثِ آيَاتٍ مِنْ آخِرِ الْحَشْرِ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ فَقَامَ الْأَعْرَابِيُّ قَدْ بَرَأَ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِهِ لَمَمٌ) هُوَ طَرَفٌ مِنَ الْجُنُونِ يُلِمُّ مِنَ الْإِنْسَانِ، أَيْ: يَقْرَبُ مِنْهُ وَيَعْتَرِيهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: هَذَا إِسْنَادٌ فِيهِ أَبُو جَنَابٍ الْكَلْبِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَاسْمُهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي حَيَّةَ وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي حِبَّانَ وَقَالَ هَذَا الْحَدِيثُ مَحْفُوظٌ صَحِيحٌ.

[كتاب اللباس]

[كِتَاب اللِّبَاسِ] [بَاب لِبَاسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] ِ بَاب لِبَاسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 3550 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَمِيصَةٍ لَهَا أَعْلَامٌ فَقَالَ شَغَلَنِي أَعْلَامُ هَذِهِ اذْهَبُوا بِهَا إِلَى أَبِي جَهْمٍ وَأْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّتِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي خَمِيصَةٍ) هُوَ ثَوْبُ خَزٍّ، أَوْ صُوفٌ لَهَا أَعْلَامٌ بِأَنْبِجَانِيَّتِهِ بِأَلِفٍ مَفْتُوحَةٍ، ثُمَّ نُونٍ سَاكِنَةٍ، ثُمَّ يَاءٍ مُوَحَّدَةٍ مَكْسُورَةٍ، أَوْ مَفْتُوحَةٍ هِيَ كِسَاءٌ مِنْ صُوفٍ لَا عَلَمَ لَهُ وَهِيَ مِنْ أَدْوَنِ الثِّيَابِ الْغَلِيظَةِ وَكَأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَرَادَ بِطَلَبِ الْأَنْبِجَانِيَّةِ بَعْدَ رَدِّ الْخَمِيصَةِ أَنْ لَا يُنْكِرَ خَاطِرَهُ بِالرَّدِّ وَيَرَى أَنَّ الرَّدَّ لِمَصْلَحَةٍ اقْتَضَتْهُ الْحَالُ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ يَشْغَلُنِي أَنَّهُ

خَافَ أَدْنَى نَظَرٍ مِنْهُ إِلَى الْأَعْلَامِ بِالِاتِّفَاقِ، أَوْ وَقَعَ مِنْهُ أَدْنَى نَظَرٍ اتِّفَاقًا وَلِكَوْنِ قَلْبِهِ فِي غَايَةِ النَّظَافَةِ وَالطَّهَارَةِ عَنِ الْأَغْيَارِ ظَهَرَ فِيهِ أَثَرُ ذَلِكَ الْقَدْرِ كَالثَّوْبِ الْأَبْيَضِ بِخِلَافِهِ الْقَلْبُ الْمُشْتَغِلُ بِالْأَشْغَالِ فَإِنَّهُ قَدْ لَا يَظْهَرُ فِيهِ أَثَرُ أَضْعَافِ ذَلِكَ.

3551 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ «دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَأَخْرَجَتْ لِي إِزَارًا غَلِيظًا مِنْ الَّتِي تُصْنَعُ بِالْيَمَنِ وَكِسَاءً مِنْ هَذِهِ الْأَكْسِيَةِ الَّتِي تُدْعَى الْمُلَبَّدَةَ وَأَقْسَمَتْ لِي لَقُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الَّتِي تُدْعَى الْمُلَبَّدَةَ) بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ الْمُشَدَّدَةِ، قِيلَ: هِيَ الْمُرْتَفِعَةُ، وَقِيلَ: الْغَلِيظَةُ رَكِبَ بَعْضُهَا بَعْضًا لِغِلَظِهَا (لَقُبِضَ) بِفَتْحِ اللَّامِ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ.

3552 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ ثَابِتٍ الْجَحْدَرِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الْأَحْوَصِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي شَمْلَةٍ قَدْ عَقَدَ عَلَيْهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَدْ عُقِدَ عَلَيْهَا) أَيْ: لِئَلَّا يَسْقُطَ مِنَ الصِّغَرِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: مَا يَصِحُّ سَمَاعُ خَالِدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ لَمْ يَلْقَ خَالِدٌ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ وَالْأَحْوَصُ بْنُ حَكِيمٍ ضَعِيفٌ.

3553 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ إِسْحَقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ رِدَاءٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (نَجْرَانِيٌّ) مَنْسُوبٌ إِلَى نَجْرَانَ وَهُوَ مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ بَيْنَ الْحِجَازِ وَالشَّامِ وَالْيَمَنِ.

3554 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَسْوَدِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسُبُّ أَحَدًا وَلَا يُطْوَى لَهُ ثَوْبٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَلَا يُطْوَى لَهُ ثَوْبٌ) بِأَنْ يَكُونَ لَهُ ثَوْبَانِ فَيَلْبَسُ وَاحِدًا وَيُطْوَى لَهُ غَيْرُهُ إِلَى يَوْمِ الْحَاجَةِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

3555 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ «أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبُرْدَةٍ قَالَ وَمَا الْبُرْدَةُ قَالَ الشَّمْلَةُ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ نَسَجْتُ هَذِهِ بِيَدِي لِأَكْسُوَكَهَا فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْتَاجًا إِلَيْهَا فَخَرَجَ عَلَيْنَا فِيهَا وَإِنَّهَا لَإِزَارُهُ فَجَاءَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ رَجُلٌ سَمَّاهُ يَوْمَئِذٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَحْسَنَ هَذِهِ الْبُرْدَةَ اكْسُنِيهَا قَالَ نَعَمْ فَلَمَّا دَخَلَ طَوَاهَا وَأَرْسَلَ بِهَا إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ الْقَوْمُ وَاللَّهِ مَا أَحْسَنْتَ كُسِيَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْتَاجًا إِلَيْهَا ثُمَّ سَأَلْتَهُ إِيَّاهَا وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ سَائِلًا فَقَالَ إِنِّي وَاللَّهِ مَا سَأَلْتُهُ إِيَّاهَا لِأَلْبَسَهَا وَلَكِنْ سَأَلْتُهُ إِيَّاهَا لِتَكُونَ كَفَنِي فَقَالَ سَهْلٌ فَكَانَتْ كَفَنَهُ يَوْمَ مَاتَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لِأَكْسُوكَهَا) أَيْ: أُعْطِيكَهَا مُحْتَاجًا إِلَيْهَا أَيْ: حَالَةَ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا قَوْلُهُ: (اكْسُنِيهَا) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ فَقَالَ: إِنِّي وَاللهِ. . . إِلَخْ، يُرِيدُ أَنَّهُ مَا سَأَلَ

لِيَلْبِسَ حَتَّى يَعْتَرِضَ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ سَأَلَ لِيَتَبَرَّكَ بِمَا لَبِسَهُ - عَلِيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَفِيهِ أَنَّهُ يَجُوزُ إِعْدَادُ الثَّوْبِ لِلْكَفَنِ.

3556 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ يُوسُفَ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ نُوحِ بْنِ ذَكْوَانَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «لَبِسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّوفَ وَاحْتَذَى الْمَخْصُوفَ وَلَبِسَ ثَوْبًا خَشِنًا خَشِنًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَاحْتَذَى الْمَخْصُوفَ) أَيْ: لَبِسَ النَّعْلَ الْمَخْرُوزَ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ نُوحُ بْنُ ذَكْوَانَ ضَعِيفٌ وَبَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ مُدَلِّسٌ وَقَدْ عَنْعَنَهُ.

[باب ما يقول الرجل إذا لبس ثوبا جديدا]

[باب مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا] 3557 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَلَاءِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ «لَبِسَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ثَوْبًا جَدِيدًا فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَسَانِي مَا أُوَارِي بِهِ عَوْرَتِي وَأَتَجَمَّلُ بِهِ فِي حَيَاتِي ثُمَّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَسَانِي مَا أُوَارِي بِهِ عَوْرَتِي وَأَتَجَمَّلُ بِهِ فِي حَيَاتِي ثُمَّ عَمَدَ إِلَى الثَّوْبِ الَّذِي أَخْلَقَ أَوْ أَلْقَى فَتَصَدَّقَ بِهِ كَانَ فِي كَنَفِ اللَّهِ وَفِي حِفْظِ اللَّهِ وَفِي سِتْرِ اللَّهِ حَيًّا وَمَيِّتًا قَالَهَا ثَلَاثًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَا أُوَارِي بِهِ عَوْرَتِي) مِنَ الْمُوَارَاةِ، أَيْ: أَسْتَتِرُ بِهِ (الَّذِي أَخْلَقَ) أَيْ: جَعَلَهُ خَلِقًا، أَيْ: عَتِيقًا (أَوْ قَالَ أَلْقَى) أَيْ: مِنْ بَدَنِهِ (فِي كَنَفِ اللَّهِ) بِفَتْحَتَيْنِ، أَيْ: حِرْزِهِ وَسَتْرِهِ وَهُوَ الْجَانِبُ وَالظِّلُّ وَالنَّاحِيَةُ كَالْكَنَفَةِ بِفَتْحَتَيْنِ كَذَا فِي الْقَامُوسِ.

3558 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى عَلَى عُمَرَ قَمِيصًا أَبْيَضَ فَقَالَ ثَوْبُكَ هَذَا غَسِيلٌ أَمْ جَدِيدٌ قَالَ لَا بَلْ غَسِيلٌ قَالَ الْبَسْ جَدِيدًا وَعِشْ حَمِيدًا وَمُتْ شَهِيدًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْبَسْ جَدِيدًا) صِيغَةُ أَمْرٍ أُرِيدَ بِهِ الدُّعَاءُ بِأَنْ يَرْزُقَهُ اللَّهُ الْجَدِيدَ، وَفِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَالْحُسَيْنُ بْنُ مَهْدِيٍّ الْأَيْلِيُّ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ صَدُوقٌ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ صَحِيحٌ لَهُمْ فِي الصَّحِيحَيْنِ.

[باب ما نهي عنه من اللباس]

[باب مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ اللِّبَاسِ] 3559 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ لِبْسَتَيْنِ فَأَمَّا اللِّبْسَتَانِ فَاشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ وَالِاحْتِبَاءُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى فَرْجِهِ مِنْهُ شَيْءٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (نَهَى عَنْ لِبْسَتَيْنِ) بِكَسْرِ الْلَامِ (فَاشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ) قِيلَ: هُوَ عِنْدَ الْعَرَبِ أَنْ يَشْتَمِلَ

الرَّجُلُ بِثَوْبِهِ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى لَهُ مَوْضِعٌ يُخْرِجُ مِنْهُ يَدَهُ وَأَمَّا الْفُقَهَاءُ فَقَالُوا: هُوَ أَنْ يَشْتَمِلَ بِثَوْبٍ وَاحِدٍ لَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، ثُمَّ يَرْفَعَهُ مِنْ أَحَدِ جَانِبَيْهِ فَيَضَعَ عَلَى مَنْكِبَيْهِ فَيَبْدُوَ مِنْهُ وَالْفُقَهَاءُ أَعْلَمُ بِالتَّأْوِيلِ فِي هَذَا وَذَاكَ أَصَحُّ فِي الْكَلَامِ.

3560 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ لِبْسَتَيْنِ عَنْ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ وَعَنْ الِاحْتِبَاءِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ يُفْضِي بِفَرْجِهِ إِلَى السَّمَاءِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مُفْضٍ بِفَرْجِهِ إِلَى السَّمَاءِ) مِنَ الْإِفْضَاءِ كِنَايَةً عَنِ انْكِشَافِ الْفَرْجِ إِلَى جِهَةِ السَّمَاءِ.

3561 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لِبْسَتَيْنِ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ وَالِاحْتِبَاءِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَأَنْتَ مُفْضٍ فَرْجَكَ إِلَى السَّمَاءِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ. . . إِلَخْ) ، فِي الزَّوَائِدِ: حَدِيثُ عَائِشَةَ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَسَعْدُ بْنُ سَعِيدٍ هُوَ أَخُو يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ.

[باب لبس الصوف]

[باب لُبْسِ الصُّوفِ] 3562 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى عَنْ شَيْبَانَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَالَ لِي يَا بُنَيَّ لَوْ شَهِدْتَنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَصَابَتْنَا السَّمَاءُ لَحَسِبْتَ أَنَّ رِيحَنَا رِيحُ الضَّأْنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذَا أَصَابَتْنَا السَّمَاءُ) أَيِ: الْمَطَرُ (كَرِيحِ الضَّأْنِ) أَيْ: لِمَا عَلَيْنَا مِنْ ثِيَابِ الصُّوفِ.

3563 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ كَرَامَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا الْأَحْوَصُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ «خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ رُومِيَّةٌ مِنْ صُوفٍ ضَيِّقَةُ الْكُمَّيْنِ فَصَلَّى بِنَا فِيهَا لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ غَيْرُهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ غَيْرُهَا) يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ، وَفِي الزَّوَائِدِ:. قُلْتُ: قَالَ الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ: خَالِدٌ لَمْ يَلْقَ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ وَكَذَا قَالَ أَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو الْأَحْوَصِ ضَعِيفٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ اللِّبَاسِ.

3564 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الدِّمَشْقِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ قَالَا حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ السِّمْطِ حَدَّثَنِي الْوَضِينُ بْنُ عَطَاءٍ عَنْ مَحْفُوظِ بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ فَقَلَبَ جُبَّةَ صُوفٍ كَانَتْ عَلَيْهِ فَمَسَحَ بِهَا وَجْهَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَمَسَحَ بِهَا وَجْهَهُ) أَيْ: تَقْلِيلًا لِلْمَاءِ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى طَهَارَةِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ مَحْفُوظُ بْنُ عَلْقَمَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ يُقَالُ إِنَّهُ مُرْسَلٌ كَمَا فِي التَّهْذِيبِ

وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ.

3565 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ الْفَضْلِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسِمُ غَنَمًا فِي آذَانِهَا وَرَأَيْتُهُ مُتَّزِرًا بِكِسَاءٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَسِمُ غَنَمًا) مِنَ الْوَسْمِ أَنْ يَجْعَلَ عَلَامَةً عَلَى آذَانِهَا لِئَلَّا تَلْتَبِسَ بِغَيْرِهَا.

[باب البياض من الثياب]

[باب الْبَيَاضِ مِنْ الثِّيَابِ] 3566 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ الْمَكِّيُّ عَنْ ابْنِ خُثَيْمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرُ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضُ فَالْبَسُوهَا وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (خَيْرُ ثِيَابِكُمُ الْبَيَاضُ) لِأَنَّهُ يَظْهَرُ فِيهَا مِنَ الْوَسَخِ مَا لَا يَظْهَرُ فِي غَيْرِهَا فَيُزَالُ وَكَذَا يُبَالَغُ فِي تَنْظِيفِهَا مَا لَا يُبَالَغُ فِي غَيْرِهَا وَلِذَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّهَا أَطْهَرُ وَأَطْيَبُ.

3567 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَسُوا ثِيَابَ الْبَيَاضِ فَإِنَّهَا أَطْهَرُ وَأَطْيَبُ»

3568 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانَ الْأَزْرَقُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَحْسَنَ مَا زُرْتُمْ اللَّهَ بِهِ فِي قُبُورِكُمْ وَمَسَاجِدِكُمْ الْبَيَاضُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنَّ أَحْسَنَ مَا زُرْتُمُ اللَّهَ بِهِ) أَيْ: دَخَلْتُمْ بِهِ فِي مَحَلِّ رَحْمَتِهِ وَرِضْوَانِهِ وَكَرَامَتِهِ كَالزَّائِرِ إِذَا دَخَلَ عَلَى الْمَزُورِ يَكُونُ فِي كَرَامَتِهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ شُرَيْحُ بْنُ عُبَيْدٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَهُ فِي التَّهْذِيبِ.

[باب من جر ثوبه من الخيلاء]

[باب مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ مِنْ الْخُيَلَاءِ] 3569 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ جَمِيعًا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الَّذِي يَجُرُّ ثَوْبَهُ مِنْ الْخُيَلَاءِ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مِنَ الْخُيَلَاءِ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْيَاءِ مَمْدُودٌ وَكَسْرِ الْخَاءِ لُغَةً الْكِبْرُ وَالْعُجْبُ وَالِاخْتِيَالُ (لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِ) أَيْ: نَظَرَ رَحْمَةٍ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَرْحَمُهُ مَعَ السَّابِقِينَ اسْتِحْقَاقًا وَجَزَاءً وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يَرْحَمَهُ تَفَضُّلًا وَإِحْسَانًا.

3570 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ مِنْ الْخُيَلَاءِ لَمْ يَنْظُرْ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» قَالَ فَلَقِيتُ ابْنَ عُمَرَ بِالْبَلَاطِ فَذَكَرْتُ لَهُ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ وَأَشَارَ إِلَى أُذُنَيْهِ سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَلَقِيتُ ابْنَ عُمَرَ بِالْبَلَاطِ) بِفَتْحِ الْبَاءِ، وَقِيلَ: بِكَسْرِهَا مَوْضِعٌ

بِالْمَدِينَةِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، لَكِنَّ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ قَدِ انْفَرَدَ بِهِ الْمُصَنِّفُ، وَفِي إِسْنَادِهِ عَطِيَّةُ بْنُ سَعْدٍ الْعَوْفِيُّ أَبُو الْحَسَنِ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

3571 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «مَرَّ بِأَبِي هُرَيْرَةَ فَتًى مِنْ قُرَيْشٍ يَجُرُّ سَبَلَهُ فَقَالَ يَا ابْنَ أَخِي إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ مِنْ الْخُيَلَاءِ لَمْ يَنْظُرْ اللَّهُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (سَبْرُهُ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الثَّوْبُ، لَكِنْ مَا وَجَدْتُ السَّبْرَ بِهَذَا الْمَعْنَى فِيمَا عِنْدِي مِنَ الْكُتُبِ وَذَكَرُوا أَنَّهُ يُقَالُ لِمَا يَفْرِي مِنَ الْجِلْدِ وَهُوَ غَيْرُ مُنَاسِبٍ وَالسِّبْرُ بِكَسْرِ السِّينِ وَمُوَحَّدَةٍ الهَيْئَةُ، وَهَذَا أَيْضًا بَعِيدٌ.

[باب موضع الإزار أين هو]

[باب مَوْضِعِ الْإِزَارِ أَيْنَ هُوَ] 3572 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ نُذَيْرٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ «أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَسْفَلِ عَضَلَةِ سَاقِي أَوْ سَاقِهِ فَقَالَ هَذَا مَوْضِعُ الْإِزَارِ فَإِنْ أَبَيْتَ فَأَسْفَلَ فَإِنْ أَبَيْتَ فَأَسْفَلَ فَإِنْ أَبَيْتَ فَلَا حَقَّ لِلْإِزَارِ فِي الْكَعْبَيْنِ» حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَقَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ نُذَيْرٍ عَنْ حُذَيْفَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِأَسْفَلِ عَضَلَةِ سَاقِي) الْعَضَلَةُ بِفَتْحَتَيْنِ كُلُّ عَصَبَةٍ مَعَهَا لَحْمٌ غَلِيظٌ (فَإِنْ أَبَيْتَ) أَيْ: رَغِبْتَ التَّسَفُّلَ عَنْ هَذَا الْمَوْضِعِ (فَلَا حَقَّ لِلْإِزَارِ فِي الْكَعْبَيْنِ) أَيْ: لَا تَسْتُرُ الْكَعْبَيْنِ بِالْإِزَارِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا هُوَ التَّحْدِيدُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا خُيَلَاءً نَعَمْ إِذَا انْضَمَّ أَسْفَلُ عَنْ هَذَا الْمَوْضِعِ بِالْخُيَلَاءِ اشْتَدَّ الْأَمْرُ وَبِدُونِهِ الْأَمْرُ أَخَفُّ.

3573 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قُلْتُ لِأَبِي سَعِيدٍ هَلْ سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا فِي الْإِزَارِ قَالَ نَعَمْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِزْرَةُ الْمُؤْمِنِ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ لَا جُنَاحَ عَلَيْهِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَيْنِ وَمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ فِي النَّارِ يَقُولُ ثَلَاثًا لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ بَطَرًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِزَارَةُ الْمُؤْمِنِ) بِالْكَسْرِ لِلْحَالَةِ وَالْهَيْئَةِ، أَيْ: هَيْئَةُ إِزَارِ الْمُؤْمِنِ أَنْ يَكُونَ الْإِزَارُ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ تَقْرِيبًا وَتَخْمِينًا لَا تَحْقِيقًا فَفِي الْكَلَامِ تَقْدِيرٌ قَوْلُهُ: (وَمَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ) قِيلَ: يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ كَانَ الْمَحْذُوفَةِ، أَيْ: مَا كَانَ أَسْفَلَ أَوْ مَرْفُوعٌ بِتَقْدِيرِ الْمُبْتَدَأِ، أَيْ: مَا هُوَ أَسْفَلُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ فِعْلٌ مَاضٍ (فِي النَّارِ)

أَيْ: فَمَوْضِعُهُ مِنَ الْبَدَنِ فِي النَّارِ (بَطَرًا) بِفَتْحَتَيْنِ، أَيْ: تَكَبُّرًا.

3574 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا شَرِيكٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ قَبِيصَةَ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا سُفْيَانَ بْنَ سَهْلٍ لَا تُسْبِلْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُسْبِلِينَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا تُسْبِلْ) مِنَ الْإِسْبَالِ، وَالْمُرَادُ إِرْسَالُ الْإِزَارِ إِلَى أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب لبس القميص]

[باب لُبْسِ الْقَمِيصِ] 3575 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو تُمَيْلَةَ عَنْ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ «لَمْ يَكُنْ ثَوْبٌ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْقَمِيصِ»

[باب طول القميص كم هو]

[باب طُولِ الْقَمِيصِ كَمْ هُوَ] 3576 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ ابْنِ أَبِي رَوَّادٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْإِسْبَالُ فِي الْإِزَارِ وَالْقَمِيصِ وَالْعِمَامَةِ مَنْ جَرَّ شَيْئًا خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرْ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ مَا أَغْرَبَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْإِسْبَالُ فِي الْإِزَارِ وَالْقَمِيصِ وَالْعِمَامَةِ) أَيِ: الْإِسْبَالُ يَتَحَقَّقُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، قِيلَ: الْإِسْبَالُ فِي الْعِمَامَةِ يَكُونُ بِإِرْسَالِ الْعَذَبَاتِ زِيَادَةً عَلَى الْعَادَةِ عَدَدًا وَطُولًا وَغَايَتُهَا إِلَى نِصْفِ الظَّهْرِ وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِ بِدْعَةٌ كَذَا ذَكَرُوا.

[باب كم القميص كم يكون]

[باب كُمِّ الْقَمِيصِ كَمْ يَكُونُ] 3577 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ الْأَوْدِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ صَالِحٍ ح وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُ قَمِيصًا قَصِيرَ الْيَدَيْنِ وَالطُّولِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ بَابُ كُمِّ القَمِيصِ كَمْ يَكُونُ قَوْلُهُ: (قَصِيرَ الْيَدَيْنِ) أَيْ: قَصِيرَ الْكُمَّيْنِ طُولًا وَعَرْضًا، أَوِ الْمُرَادُ بَيَانُ الطُّولِ فَقَطْ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ مُسْلِمُ بْنُ كَيْسَانَ الْكُوفِيُّ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَى تَضْعِيفِهِ وَمَدَارُ الْإِسْنَادِ عَلَيْهِ وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَسْمَاءَ بِنْتِ السَّكَنِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.

[باب حل الأزرار]

[باب حَلِّ الْأَزْرَارِ] 3578 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ دُكَيْنٍ عَنْ زُهَيْرٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُشَيْرٍ حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعْتُهُ وَإِنَّ زِرَّ قَمِيصِهِ لَمُطْلَقٌ» قَالَ عُرْوَةُ فَمَا رَأَيْتُ مُعَاوِيَةَ وَلَا ابْنَهُ فِي شِتَاءٍ وَلَا صَيْفٍ إِلَّا مُطْلَقَةً أَزْرَارُهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَإِنَّ زِرَّ قَمِيصِهِ لَمُطْلَقٌ) وَفِي رِوَايَةٍ وَإِنَّ قَمِيصَهُ لَمَحْلُولُ الزِّرَارِ، قِيلَ: هَذَا يَدُلُّ

عَلَى أَنَّ جَيْبَ قَمِيصِهِ كَانَ كَمَا هُوَ الْمُعْتَادُ الْآنَ، أَيْ: عَلَى الصُّدُورِ.

[باب لبس السراويل]

[باب لُبْسِ السَّرَاوِيلِ] 3579 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالُوا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ «أَتَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَاوَمَنَا سَرَاوِيلَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَسَاوَمْنَا سَرَاوِيلَ) قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةِ أَبِي دَاوُدَ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ: ذَكَرَ بَعْضُهُمْ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اشْتَرَى السَّرَاوِيلَ وَلَمْ يَلْبَسْهَا،» وَفِي الْهَدْيِ لِابْنِ الْقَيِّمِ أَنَّهُ لَبِسَهَا فَقِيلَ: هُوَ سَبْقُ قَلَمٍ، لَكِنْ فِي مُسْنَدِ أَبِي يَعْلَى وَالْأَوْسَطِ لِلطَّبَرَانِيِّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «دَخَلْتُ يَوْمًا السُّوقَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَلَسَ إِلَى الْبَزَّازِينَ فَاشْتَرَى سَرَاوِيلَ بِأَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ وَكَانَ لِأَهْلِ السُّوقِ وَزَّانٌ فَقَالَ زِنْ وَأَرْجِعْ فَوَزَنَ وَأَرْجَعَ وَأَخَذَ السَّرَاوِيلَ فَذَهَبْتُ لِأَحْمِلَهُ عَنْهُ فَقَالَ صَاحِبُ الشَّيْءِ أَحَقُّ بِشَيْئِهِ أَنْ يَحْمِلَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ضَعِيفًا يَعْجِزُ عَنْهُ فَيُعِينُهُ أَخُوهُ الْمُسْلِمُ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنَّكَ لَتَلْبَسُ السَّرَاوِيلَ؟ فَقَالَ: أَجَلْ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ، وَبِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، فَإِنِّي أُمِرْتُ بِالسَّتْرِ، فَلَمْ أَجِدْ شَيْئًا أَسْتَرَ مِنْهُ. »

[باب ذيل المرأة كم يكون]

[باب ذَيْلِ الْمَرْأَةِ كَمْ يَكُونُ] 3580 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمْ تَجُرُّ الْمَرْأَةُ مِنْ ذَيْلِهَا قَالَ شِبْرًا قُلْتُ إِذًا يَنْكَشِفُ عَنْهَا قَالَ ذِرَاعٌ لَا تَزِيدُ عَلَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كَمْ تَجُرُّ الْمَرْأَةُ) ظَاهِرُ اللَّفْظِ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا يَقَعُ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ ثَوْبِ الْمَرْأَةِ وَيَسْقُطُ عَلَيْهَا مِنْ ذَيْلِهِ، لَكِنْ لَا يَظْهَرُ قَوْلُهَا (إِذًا يَنْكَشِفُ عَنْهَا) فَلَعَلَّهُ كِنَايَةٌ عَمَّا يَزِيدُ عَلَى ذَيْلِ الرَّجُلِ، أَيْ: قَدْرًا تَجْعَلُهُ الْمَرْأَةُ زَائِدًا فِي ذَيْلِهَا عَلَى ذَيْلِ الرَّجُلِ يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى رِوَايَةُ أَبِي الدَّرْدَاءِ فِي أَبِي دَاوُدَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (إِذًا يَنْكَشِفُ عَنْهَا) أَيْ: مَا يَنْبَغِي سَتْرُهُ.

3581 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ زَيْدٍ الْعَمِّيِّ عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُخِّصَ لَهُنَّ فِي الذَّيْلِ ذِرَاعًا فَكُنَّ يَأْتِيَنَّا فَنَذْرَعُ لَهُنَّ بِالْقَصَبِ ذِرَاعًا»

3582 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَزِّمِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِفَاطِمَةَ أَوْ لِأُمِّ سَلَمَةَ ذَيْلُكِ ذِرَاعٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لِفَاطِمَةَ أَوْ أُمِّ سَلَمَةَ) ، فِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ أَبُو مِهْزَمٍ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَى تَضْعِيفِهِ وَاسْمُهُ يَزِيدُ بْنُ سُفْيَانَ،

وَقِيلَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ.

3583 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا حَبِيبٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ أَبِي الْمُهَزِّمِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي ذُيُولِ النِّسَاءِ شِبْرًا فَقَالَتْ عَائِشَةُ إِذًا تَخْرُجَ سُوقُهُنَّ قَالَ فَذِرَاعٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَقَالَتْ عَائِشَةُ إِذًا تَخْرُجُ سُوقُهُنَّ) وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ أَبُو مِهْزَمٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَيْضًا.

[باب العمامة السوداء]

[باب الْعِمَامَةِ السَّوْدَاءِ] 3584 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مُسَاوِرٍ الْوَرَّاقِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ»

3585 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّةَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ»

3586 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ أَنْبَأَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ. . . إِلَخْ) ، فِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ مُوسَى بْنُ عُبَيْدةٍ الرَّبَذِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[باب إرخاء العمامة بين الكتفين]

[باب إِرْخَاءِ الْعِمَامَةِ بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ] 3587 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ مُسَاوِرٍ حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ قَدْ أَرْخَى طَرَفَيْهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ (قَدْ أَرْخَى) أَيْ: أَرْسَلَ (طَرَفَيْهَا) بِالتَّثْنِيَةِ فِي بَعْضِ نُسَخِ ابْنِ مَاجَهْ، وَفِي بَعْضِهَا وَبَعْضِ نُسَخِ أَبِي دَاوُدَ طَرْفَهَا بِالْإِفْرَادِ وَهُوَ أَظْهَرُ.

[باب كراهية لبس الحرير]

[باب كَرَاهِيَةِ لُبْسِ الْحَرِيرِ] 3588 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الْآخِرَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الْآخِرَةِ) قَدْ سَبَقَ تَحْقِيقُهُ فِي أَبْوَابِ الشُّرْبِ وَأَنَّهُ يُمْكِنُ تَحْقِيقُهُ مَعَ دُخُولِ الْجَنَّةِ بِأَنْ يَصْرِفَ اللَّهُ شَهْوَاهُ مِنْهُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} [الحج: 23] فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ لِبَاسٌ غَيْرُهُ إِذْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ الْغَالِبَ.

3589 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ الْبَرَاءِ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الدِّيبَاجِ وَالْحَرِيرِ وَالْإِسْتَبْرَقِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنِ الدِّيبَاجِ) هُوَ وَالْإِسْتَبْرَقُ مِنْ ثِيَابِ الْحَرِيرِ فَذِكْرُهَا مَعَهُ مِنْ ذِكْرِ الْأَخَصِّ مَعَ الْأَعَمِّ.

3590 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ وَقَالَ هُوَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَنَا فِي الْآخِرَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَقَالَ هُوَ) أَيِ: الذَّهَبُ (لَهُمْ) أَيْ: لِلْكَفَرَةِ بِمَعْنَى أَنَّهُمْ يَنْتَفِعُونَ بِهِ لَا بِمَعْنَى أَنَّهُ يُبَاحُ لَهُمْ.

3591 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ «أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَأَى حُلَّةً سِيَرَاءَ مِنْ حَرِيرٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ ابْتَعْتَ هَذِهِ الْحُلَّةَ لِلْوَفْدِ وَلِيَوْمِ الْجُمُعَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حُلَّةً سِيَرَاءَ) بِكَسْرِ السِّينِ وَفَتْحِ التَّحْتَانِيَّةِ مَمْدُودٌ نَوْعٌ مِنَ الْبُرُودِ فِيهِ خُطُوطٌ يُخَالِطُهُ حَرِيرٌ وَهُوَ عَلَى الْإِضَافَةِ وَيَرْوِيهِ بَعْضُهُمْ بِالتَّنْوِينِ (مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ) أَيْ: لَا نَصِيبَ لَهُ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ.

[باب من رخص له في لبس الحرير]

[باب مَنْ رُخِّصَ لَهُ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ] 3592 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ نَبَّأَهُمْ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ لِلزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ وَلِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي قَمِيصَيْنِ مِنْ حَرِيرٍ مِنْ وَجَعٍ كَانَ بِهِمَا حِكَّةٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حِكَّةٍ) فِي الصِّحَاحِ الْحِكَّةُ بِالْكَسْرِ الْجَرَبُ وَهُوَ بَدَلٌ مِنْ وَجَعٍ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عِلَّةَ الرُّخْصَةِ هِيَ الْحِكَّةُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا مَضَرَّةٌ.

[باب الرخصة في العلم في الثوب]

[باب الرُّخْصَةِ فِي الْعَلَمِ فِي الثَّوْبِ] 3593 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ عُمَرَ «أَنَّهُ كَانَ يَنْهَى عَنْ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ إِلَّا مَا كَانَ هَكَذَا ثُمَّ أَشَارَ بِإِصْبَعِهِ ثُمَّ الثَّانِيَةِ ثُمَّ الثَّالِثَةِ ثُمَّ الرَّابِعَةِ فَقَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَانَا عَنْهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِلَّا مَا كَانَ) لَعَلَّهُ، أَيْ: قَدْرُ أَرْبَعَةِ أَصَابِعَ.

3594 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي عُمَرَ مَوْلَى أَسْمَاءَ قَالَ «رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ اشْتَرَى عِمَامَةً لَهَا عَلَمٌ فَدَعَا بِالْجَلَمَيْنِ فَقَصَّهُ فَدَخَلْتُ عَلَى أَسْمَاءَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهَا فَقَالَتْ بُؤْسًا لِعَبْدِ اللَّهِ يَا جَارِيَةُ هَاتِي جُبَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَتْ بِجُبَّةٍ مَكْفُوفَةِ الْكُمَّيْنِ وَالْجَيْبِ وَالْفَرْجَيْنِ بِالدِّيبَاجِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِالْجَلَمَيْنِ) الْجَلَمُ بِالْجِيمِ وَاللَّامِ وَالْمِيمِ الَّذِي يُجَزُّ بِهِ الشَّعْرُ وَالصُّوفُ وَالْجَلَمَانُ شَفْرَتَانِ وَيُقَالُ لِلْمُثَنَّى كَالْمِقَصِّ وَالْمِقَصَّيْنِ كَذَا ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ (بُؤْسًا لِعَبْدِ اللَّهِ) أَيْ: حَيْثُ لَا يَعْتَقِدُ حِلَّ هَذَا الْمِقْدَارِ الْقَلِيلِ مِنَ الْحَرِيرِ مَعَ أَنَّهُ حَلَالٌ (مَكْفُوفَةٌ) أَيْ: عَمَلَ عَلَى جَيْبِهَا وَكُمَّيْهَا وَفَرْجِهَا كُفَّانِ

مِنْ حَرِيرٍ وَكُفَّةُ كُلِّ شَيْءٍ بِالضَّمِّ طَرْفُهُ وَحَاشِيَتُهُ وَالْفَرْجَيْنِ الشِّقَّيْنِ مِنْ قُدَّامٍ وَخَلْفٍ (بِالدِّيبَاجِ) أَيِ: الْحَرِيرِ وَمَقْصُودُهَا بِذَلِكَ أَنَّ الْقَلِيلَ لَيْسَ بِحَرَامٍ، وَإِنَّمَا الْحَرَامُ الْكَثِيرُ وَقَدْ جَاءَ فِي هَذِهِ مَا زَادَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَصَابِعَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب لبس الحرير والذهب للنساء]

[باب لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ لِلنِّسَاءِ] 3595 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي الصَّعْبَةِ عَنْ أَبِي الْأَفْلَحِ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَيْرٍ الْغَافِقِيِّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَقُولُ «أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرِيرًا بِشِمَالِهِ وَذَهَبًا بِيَمِينِهِ ثُمَّ رَفَعَ بِهِمَا يَدَيْهِ فَقَالَ إِنَّ هَذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي حِلٌّ لِإِنَاثِهِمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنَّ هَذَيْنَ) إِشَارَةً إِلَى جِنْسِهِمَا لَا عَيْنِهِمَا فَقَطْ (حَرَامٌ) قِيلَ: الْقِيَاسُ حَرَامَانِ إِلَّا أَنَّهُ مَصْدَرٌ وَهُوَ لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ وَالتَّقْدِيرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَرَامٌ فَأُفْرِدَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ الْجَمْعُ وَقَالَ ابْنُ مَالِكٍ أَيِ اسْتِعْمَالُ هَذَيْنَ فَحَذَفَ الْمُضَافَ وَأَبْقَى الْخَبَرَ عَلَى إِفْرَادِهِ وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ فَالْمُرَادُ اسْتِعْمَالُهُمَا لُبْسًا، وَإِلَّا فَالِاسْتِعْمَالُ صَرْفًا وَاتِّفَاقًا وَبَيْعًا جَائِزٌ لِلْكُلِّ وَاسْتِعْمَالُ الذَّهَبِ بِاتِّخَاذِ الْأَوَانِي مِنْهُ وَاسْتِعْمَالُهَا حَرَامٌ لِلْكُلِّ.

3596 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ أَبِي فَاخِتَةَ حَدَّثَنِي هُبَيْرَةُ بْنُ يَرِيمَ عَنْ عَلِيٍّ «أَنَّهُ أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُلَّةٌ مَكْفُوفَةٌ بِحَرِيرٍ إِمَّا سَدَاهَا وَإِمَّا لَحْمَتُهَا فَأَرْسَلَ بِهَا إِلَيَّ فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَصْنَعُ بِهَا أَلْبَسُهَا قَالَ لَا وَلَكِنْ اجْعَلْهَا خُمُرًا بَيْنَ الْفَوَاطِمِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (اجْعَلْهَا خُمُرًا) جَمْعُ خِمَارِ الرَّأْسِ (بَيْنَ الْفَوَاطِمِ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَرَادَ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفَاطِمَةَ بِنْتَ أَسَدٍ أُمَّ عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ بِنْتَ حَمْزَةَ.

3597 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ الْإِفْرِيقِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ «خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي إِحْدَى يَدَيْهِ ثَوْبٌ مِنْ حَرِيرٍ وَفِي الْأُخْرَى ذَهَبٌ فَقَالَ إِنَّ هَذَيْنِ مُحَرَّمٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي حِلٌّ لِإِنَاثِهِمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ خَرَجَ. . . إِلَخْ) ، فِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ رَافِعٍ عَنْهُ رَوَى مَنَاكِيرَ وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ لَا يُحْتَجُّ بِخَبَرِهِ إِذَا كَانَ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنْعَمَ، وَإِنَّمَا وَقَعَ الْمَنَاكِيرُ فِي حَدِيثِهِ مِنْ أَجْلِهِ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ شَيْخٌ حَدِيثُهُ مُنْكَرٌ.

3598 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «رَأَيْتُ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَمِيصَ حَرِيرٍ سِيَرَاءَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (سِيَرَاءَ) بِكَسْرٍ فَفَتْحٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا.

[باب لبس الأحمر للرجال]

[باب لُبْسِ الْأَحْمَرِ لِلرِّجَالِ] 3599 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَاضِي عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ الْبَرَاءِ قَالَ «مَا رَأَيْتُ أَجْمَلَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَرَجِّلًا فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مُتَرَجِّلًا) التَّرَجُّلُ تَسْرِيحُ الشَّعْرِ وَتَنْظِيفُهُ بِالْأَمْشَاطِ (فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ) قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ وَغَلِطَ مَنْ ظَنَّ أَنَّهَا كَانَتْ حَمْرَاءَ بَحْتًا لَا يُخَالِطُهَا غَيْرُهَا، وَإِنَّمَا الْحُلَّةُ الْحَمْرَاءُ فِي بُرْدَانِ يَمَانِيَّانِ مَنْسُوجَانِ بِخُطُوطٍ حُمْرٍ مَعَ الْأَسْوَدِ كَسَائِرِ الْبُرُودِ الْيَمَنِيَّةِ وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ بِهَذَا الِاسْمِ بِاعْتِبَارِ مَا فِيهَا مِنَ الْخُطُوطِ، وَإِلَّا فَالْأَحْمَرُ الْبَحْتُ يُنْهَى عَنْهُ أَشَدَّ النَّهْيِ وَكَرَاهِيَةً شَدِيدَةً فَكَيْفَ يُظَنُّ بِهِ أَنَّهُ لَبِسَ الثَّانِيَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَإِنَّمَا وَقَعَتِ الشُّبْهَةُ مِنْ لَفْظِ الْحُلَّةِ الْحَمْرَاءِ.

3600 - حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ بَرَّادِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ قَاضِي مَرْوَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ قَالَ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ فَأَقْبَلَ حَسَنٌ وَحُسَيْنٌ عَلَيْهِمَا السَّلَام عَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ أَحْمَرَانِ يَعْثُرَانِ وَيَقُومَانِ فَنَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَهُمَا فَوَضَعَهُمَا فِي حِجْرِهِ فَقَالَ صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} [التغابن: 15] رَأَيْتُ هَذَيْنِ فَلَمْ أَصْبِرْ ثُمَّ أَخَذَ فِي خُطْبَتِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَعْثُرَانِ) أَيْ: فِي الْمَشْيِ مِنْ عَثَرَ فِي مَشْيِهِ زَلَّ مِنْ حَدِّ نَصَرَ وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الْأَحْمَرَ لَوْ كَانَ حَرَامًا عَلَى الرِّجَالِ لَمَا مَكَّنَهُمَا مِنَ اللُّبْسِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب كراهية المعصفر للرجال]

[باب كَرَاهِيَةِ الْمُعَصْفَرِ لِلرِّجَالِ] 3601 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ سُهَيْلٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمُفَدَّمِ» قَالَ يَزِيدُ قُلْتُ لِلْحَسَنِ مَا الْمُفَدَّمُ قَالَ الْمُشْبَعُ بِالْعُصْفُرِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنِ الْمُفَدَّمِ) بِالْفَاءِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ الْمَفْتُوحَةِ، أَيِ: الْمُشْبَعِ حُمْرَةً كَأَنَّهُ الَّذِي لَا يُقْدَرُ عَلَى الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ لِتَنَاهِي حُمْرَتِهِ فَهُوَ كَالْمُشْبَعِ مِنَ الصَّبْغِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

3602 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ «نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَقُولُ نَهَاكُمْ عَنْ لُبْسِ الْمُعَصْفَرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَلَا أَقُولُ نَهَاكُمْ) يُرِيدُ أَنَّ اللَّفْظَ فِي الْحَدِيثِ كَانَ مَخْصُوصًا لَا عَامًّا وَلَمْ يُرِدْ خُصُوصَ الْحُكْمِ.

3603 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْغَازِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ثَنِيَّةِ أَذَاخِرَ فَالْتَفَتَ إِلَيَّ وَعَلَيَّ رَيْطَةٌ مُضَرَّجَةٌ بِالْعُصْفُرِ فَقَالَ مَا هَذِهِ فَعَرَفْتُ مَا كَرِهَ فَأَتَيْتُ أَهْلِي وَهُمْ يَسْجُرُونَ تَنُّورَهُمْ فَقَذَفْتُهَا فِيهِ ثُمَّ أَتَيْتُهُ مِنْ الْغَدِ فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ مَا فَعَلَتْ الرَّيْطَةُ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ أَلَا كَسَوْتَهَا بَعْضَ أَهْلِكَ فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ لِلنِّسَاءِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (رَيْطَةٌ) بِفَتْحِ رَاءٍ

وَسُكُونِ يَاءٍ كُلُّ ثَوْبٍ رَقِيقٍ مِنْ كَتَّانٍ لَمْ يَكُنْ رُقْعَتَيْنِ مُتَضَامَّتَيْنِ، بَلْ وَاحِدَةً (مُضَرَّجَةٌ) اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ ضَرَّجْتُ الثَّوْبَ تَضْرِيجًا بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْجِيمِ إِذَا سُقِيَتْ بِالْحُمْرَةِ وَهُوَ دُونَ الْمُشْبَعِ وَفَوْقَ الْمُوَرَّدِ (وَهُمْ يَسْجُرُونَ) مِنْ سَجَرْتُ التَّنُّورَ كَنَصَرَ إِذَا حَمَيْتُهُ (مَا فَعَلَتِ الرَّيْطَةُ) عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ وَالرَّيْطَةُ بِالرَّفْعِ فَاعِلٌ، وَهَذَا كِنَايَةٌ، أَيْ: مَا حَصَلَ لَهَا وَمَا حَالُهَا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى كَرَاهَةِ الْمَصْبُوغِ بِالْعُصْفُرِ لِلرِّجَالِ، وَقِيلَ: بَلْ كَرَاهَةُ الْأَحْمَرِ مُطْلَقًا.

[باب الصفرة للرجال]

[باب الصُّفْرَةِ لِلرِّجَالِ] 3604 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ «أَتَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعْنَا لَهُ مَاءً يَتَبَرَّدُ بِهِ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ أَتَيْتُهُ بِمِلْحَفَةٍ صَفْرَاءَ فَرَأَيْتُ أَثَرَ الْوَرْسِ عَلَى عُكَنِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عُكَنِهِ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ جَمْعُ عُكْنَةٍ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ مِثْلَ غُرْفَةٍ وَغُرَفٍ وَالْعُكْنَةُ الطَّيُّ فِي الْبَطْنِ مِنَ السِّمَنِ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لُبْسَ الْمَصْبُوغِ بِالْوَرْسِ جَائِزٌ لِغَيْرِ الْمُحْرِمِ.

[باب البس ما شئت ما أخطأك سرف أو مخيلة]

[باب الْبَسْ مَا شِئْتَ مَا أَخْطَأَكَ سَرَفٌ أَوْ مَخِيلَةٌ] 3605 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُوا وَاشْرَبُوا وَتَصَدَّقُوا وَالْبَسُوا مَا لَمْ يُخَالِطْهُ إِسْرَافٌ أَوْ مَخِيلَةٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَا لَمْ يُخَالِطْهُ) أَيِ: الْمَذْكُورُ مِنَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَغَيْرِهِمَا وَيُحْتَمَلُ رُجُوعُ الضَّمِيرِ إِلَى اللُّبْسِ فَقَطْ (أَوْ مَخِيلَةٌ) أَيْ: تَكَبُّرٌ.

[باب من لبس شهرة من الثياب]

[باب مَنْ لَبِسَ شُهْرَةً مِنْ الثِّيَابِ] 3606 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَادَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْوَاسِطِيَّانِ قَالَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا شَرِيكٌ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ مُهَاجِرٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ أَلْبَسَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ثَوْبُ شُهْرَةٍ) أَيْ: مَنْ لَبِسَ ثَوْبًا يَقْصِدُ بِهِ الِاشْتِهَارَ بَيْنَ النَّاسِ سَوَاءٌ كَانَ الثَّوْبُ نَفِيسًا يَلْبَسُهُ تَفَاخُرًا بِالدُّنْيَا وَزِينَتِهَا، أَوْ خَسِيسًا يَلْبَسُهُ إِظْهَارًا لِلزُّهْدِ وَالرِّيَاءِ

(ثَوْبَ مَذَلَّةٍ) بِفَتْحَتَيْنِ مِنْ إِضَافَةِ السَّبَبِ إِلَى الْمُسَبَّبِ، أَوْ بَيَانِيَّةٌ تَشْبِيهًا لِلْمَذَلَّةِ بِالثَّوْبِ فِي الِاشْتِمَالِ.

3607 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ الْمُهَاجِرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ فِي الدُّنْيَا أَلْبَسَهُ اللَّهُ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ أَلْهَبَ فِيهِ نَارًا»

3608 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ يَزِيدَ الْبَحْرَانِيُّ حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ مُحْرِزٍ النَّاجِيُّ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ جَهْمٍ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ أَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ حَتَّى يَضَعَهُ مَتَى وَضَعَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ) ، فِي الزَّوَائِدِ: هَذَا إِسْنَادُهُ حَسَنٌ الْعَبَّاسُ بْنُ زَيْدٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.

[باب لبس جلود الميتة إذا دبغت]

[باب لِبْسِ جُلُودِ الْمَيْتَةِ إِذَا دُبِغَتْ] 3609 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَيُّمَا إِهَابٍ) هُوَ الْجِلْدُ قَبْلَ الدِّبَاغِ وَعُمُومُهُ يَشْمَلُ جِلْدَ مَأْكُولِ اللَّحْمِ وَغَيْرِهِ وَبِهِ أَخَذَ كَثِيرٌ إِلَّا فِي جِلْدِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْآدَمِيِّ.

3610 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ «أَنَّ شَاةً لِمَوْلَاةِ مَيْمُونَةَ مَرَّ بِهَا يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُعْطِيَتْهَا مِنْ الصَّدَقَةِ مَيْتَةً فَقَالَ هَلَّا أَخَذُوا إِهَابَهَا فَدَبَغُوهُ فَانْتَفَعُوا بِهِ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا مَيْتَةٌ قَالَ إِنَّمَا حُرِّمَ أَكْلُهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنَّمَا حُرِّمَ أَكْلُهَا) رُوِيَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالرَّاءِ الْمُخَفَّفَةِ وَبِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ مَا عَدَا الْمَأْكُولَ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَيْتَةِ غَيْرُ مُحَرَّمٍ كَالشَّعْرِ وَالسِّنِّ وَالْقَرْنِ وَنَحْوِهَا قَالُوا لَا حَيَاةَ فِيهَا فَلَا تَنْجُسُ بِمَوْتِ الْحَيَوَانِ.

3611 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ لَيْثٍ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ «كَانَ لِبَعْضِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ شَاةٌ فَمَاتَتْ فَمَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا فَقَالَ مَا ضَرَّ أَهْلَ هَذِهِ لَوْ انْتَفَعُوا بِإِهَابِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَا ضَرَّ أَهْلُ. . . إِلَخْ) ، فِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ لَيْثُ بْنُ سُلَيْمٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

3612 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُسْتَمْتَعَ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ إِذَا دُبِغَتْ»

[باب من قال لا ينتفع من الميتة بإهاب ولا عصب]

[باب مَنْ قَالَ لَا يُنْتَفَعُ مِنْ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ] 3613 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ الشَّيْبَانِيِّ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ كُلُّهُمْ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ قَالَ «أَتَانَا كِتَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا تَنْتَفِعُوا مِنْ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنْ لَا تَنْتَفِعُوا) قِيلَ: هَذَا الْحَدِيثُ نَاسِخٌ لِلْأَخْبَارِ السَّابِقَةِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ قَبْلَ الْمَوْتِ بِشَهْرٍ فَصَارَ مُتَأَخِّرًا وَالْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَاوِمُ تِلْكَ الْأَحَادِيثَ صِحَّةً وَاشْتِهَارًا وَجَمَعَ كَثِيرٌ بَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ وَالْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ بِأَنَّ الْإِهَابَ اسْمٌ لِغَيْرِ الْمَدْبُوغِ فَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ وَالْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ أَصْلًا.

[باب صفة النعال]

[باب صِفَةِ النِّعَالِ] 3614 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ قَالَ «كَانَ لِنَعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَالَانِ مَثْنِيٌّ شِرَاكُهُمَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قِبَالَانِ) قِبَالُ النَّعْلِ كَكِتَابٍ زِمَامٌ بَيْنَ الْإِصْبَعِ الْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِيهَا وَالشِّرَاكُ بِالْكَسْرِ أَحَدُ سُيُورِ النَّعْلِ تَكُونُ عَلَى وَجْهِهَا، وَفِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[باب لبس النعال وخلعها]

3615 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «كَانَ لِنَعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَالَانِ» [باب لُبْسِ النِّعَالِ وَخَلْعِهَا] 3616 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا انْتَعَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِالْيُمْنَى وَإِذَا خَلَعَ فَلْيَبْدَأْ بِالْيُسْرَى»

[باب المشي في النعل الواحد]

[باب الْمَشْيِ فِي النَّعْلِ الْوَاحِدِ] 3617 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَمْشِي أَحَدُكُمْ فِي نَعْلٍ وَاحِدٍ وَلَا خُفٍّ وَاحِدٍ لِيَخْلَعْهُمَا جَمِيعًا أَوْ لِيَمْشِ فِيهِمَا جَمِيعًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا يَمْشِي أَحَدُكُمْ) قِيلَ: النَّهْيُ عَنِ الشُّهْرَةِ، وَقِيلَ: لِمَا فِيهِ مِنَ الْمُثْلَةِ وَمُفَارَقَةِ الْوَقَارِ وَمُشَابَهَةِ زِيِّ الشَّيْطَانِ كَالْأَكْلِ بِالشِّمَالِ وَلِلْمَشَقَّةِ فِي الْمَشْيِ وَالْخُرُوجِ عَنِ الِاعْتِدَالِ فَرُبَّمَا يَصِيرُ سَبَبًا لِلْعِثَارِ (فَلْيَخْلَعْهَا) أَيِ: النَّعْلَيْنِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ غَيْرُ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا إِلَّا أَنَّ الْمُصَنِّفَ زَادَ الْخُفَّ فَلِذَا أَوْرَدْتُهُ، فِي الزَّوَائِدِ:.

[باب الانتعال قائما]

[باب الِانْتِعَالِ قَائِمًا] 3618 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَنْتَعِلَ الرَّجُلُ قَائِمًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَائِمًا) قِيلَ: أَيْ: فِي الصَّلَاةِ، وَقِيلَ: مَخْصُوصٌ بِمَا إِذَا لَحِقَهُ مَشَقَّةٌ فِي لُبْسِهِ قَائِمًا كَالْخُفِّ وَالنِّعَالِ الْمُحْتَاجَةِ

إِلَى شَدِّ شِرَاكِهَا.

3619 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَنْتَعِلَ الرَّجُلُ قَائِمًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ (عَنِ ابْنِ عُمَرَ) أَشَارَ إِلَى أَنَّ الْحَدِيثَ مِنَ الزَّوَائِدِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْإِسْنَادِ.

[باب الخفاف السود]

[باب الْخِفَافِ السُّودِ] 3620 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا دَلْهَمُ بْنُ صَالِحٍ الْكِنْدِيُّ عَنْ حُجَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْكِنْدِيِّ عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ النَّجَاشِيَّ أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُفَّيْنِ سَاذَجَيْنِ أَسْوَدَيْنِ فَلَبِسَهُمَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (سَاذَجَيْنِ) بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْجِيمِ قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ: كَأَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يُخَالِطْهُمَا لَوْنٌ آخَرُ، وَهَذَا الْمَعْنَى يُفْهَمُ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ عُرْفًا وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَهْلُ اللُّغَةِ وَلَا أَهْلُ الْإِعْرَابِ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ حُجَّةٌ سَاذِجَةٌ بِكَسْرِ الذَّالِ وَفَتْحِهَا أَرَاهَا غَيْرَ عَرَبِيَّةٍ.

[باب الخضاب بالحناء]

[باب الْخِضَابِ بِالْحِنَّاءِ] 3621 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ سَمِعَ أَبَا سَلَمَةَ وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ يُخْبِرَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لَا يَصْبُغُونَ فَخَالِفُوهُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا يَصْبُغُونَ) أَيْ: لَا يَخْضِبُونَ اللِّحْيَةَ.

3622 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ الْأَجْلَحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ الدَّيْلَمِيِّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَحْسَنَ مَا غَيَّرْتُمْ بِهِ الشَّيْبَ الْحِنَّاءُ وَالْكَتَمُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْحِنَّاءُ وَالْكَتَمُ) هُوَ بِكَافٍ وَتَاءٍ مُثَنَّاةٍ مِنْ فَوْقٍ مَفْتُوحَتَيْنِ وَالْمَشْهُورُ تَخْفِيفُ التَّاءِ وَبَعْضُهُمْ يُشَدِّدُهَا نَبْتٌ يُخْلَطُ بِالْحِنَّاءِ وَيُخْضَبُ بِهِ الشَّعْرُ، ثُمَّ قِيلَ: الْمُرَادُ هَاهُنَا اسْتِعْمَالُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالِانْفِرَادِ، وَإِلَّا فَعِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا يَحْصُلُ السَّوَادُ وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ الْمَجْمُوعُ وَالنَّهْيُ عَنِ السَّوَادِ الْخَالِصِ.

3623 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مَوْهَبٍ قَالَ «دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ قَالَ فَأَخْرَجَتْ إِلَيَّ شَعَرًا مِنْ شَعْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَخْضُوبًا بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَخْضُوبًا بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ) قَدْ جَاءَ أَنَّهُ مَا كَانَ يَخْضِبُ وَلَمْ يَبْلُغْ شَيْبُهُ حَدَّ الْخِضَابِ وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ لَمْ يَخْضِبِ الشَّعْرَ قَصْدًا وَلَكِنْ كَانَ يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ بِالْحِنَّاءِ وَنَحْوِهِ فَرُبَّمَا يَبْقَى أَثَرُ ذَلِكَ فِي الشَّعْرِ.

[باب الخضاب بالسواد]

[باب الْخِضَابِ بِالسَّوَادِ] 3624 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ لَيْثٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «جِيءَ بِأَبِي قُحَافَةَ يَوْمَ الْفَتْحِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَأَنَّ رَأْسَهُ ثَغَامَةٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اذْهَبُوا بِهِ إِلَى بَعْضِ نِسَائِهِ فَلْتُغَيِّرْهُ وَجَنِّبُوهُ السَّوَادَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِأَبِي قُحَافَةَ) بِضَمِّ الْقَافِ وَالِدُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا (ثَغَامَةٌ) بِمُثَلَّثَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَبِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ

نَبَاتٌ لَهُ ثَمَرٌ أَبْيَضُ (فَلْتُغَيِّرْهُ) هَذَا إِذَا كَانَ الشَّيْبُ غَيْرَ مُسْتَحْسَنٍ عِنْدَ الطِّبَاعِ وَالنَّاسُ فِي ذَلِكَ مُخْتَلِفُونَ (وَجَنِّبُوهُ السَّوَادَ) لَعَلَّ الْمُرَادَ الْخَالِصُ وَفِيهِ أَنَّ الْخِضَابَ بِالسَّوَادِ حَرَامٌ، أَوْ مَكْرُوهٌ وَلِلْعُلَمَاءِ فِيهِ كَلَامٌ فَقَدْ مَالَ بَعْضٌ إِلَى جَوَازِهِ لِلْغُزَاةِ لِيَكُونَ أَهْيَبَ فِي عَيْنِ الْعَدُوِّ، وَفِي الزَّوَائِدِ: أَصْلُ الْحَدِيثِ قَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، لَكِنْ فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ الَّتِي رَوَاهُ بِهَا الْمُصَنِّفُ لَيْثُ بْنُ سُلَيْمٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ.

3625 - حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ الصَّيْرَفِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ فِرَاسٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بْنِ زَكَرِيَّا الرَّاسِبِيُّ حَدَّثَنَا دَفَّاعُ بْنُ دَغْفَلٍ السَّدُوسِيُّ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ صَيْفِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ صُهَيْبِ الْخَيْرِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَحْسَنَ مَا اخْتَضَبْتُمْ بِهِ لَهَذَا السَّوَادُ أَرْغَبُ لِنِسَائِكُمْ فِيكُمْ وَأَهْيَبُ لَكُمْ فِي صُدُورِ عَدُوِّكُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لِهَذَا السَّوَادِ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَجُمْلَةُ أَرْغَبُ. . . إِلَخْ بَيَانٌ لِكَوْنِ السَّوَادِ أَحْسَنَ فَإِنَّهُ يَصِيرُ الْمَرْءُ بِهِ كَالشَّابِّ الْجَمِيلِ فَتَرْغَبُ فِيهِ النِّسَاءُ وَيَخَافُ مِنْهُ الْعَدُوُّ، وَهَذَا الْحَدِيثُ مُعَارِضٌ لِحَدِيثِ النَّهْيِ عَنِ السَّوَادِ وَهُوَ أَقْوَى إِسْنَادًا، وَأَيْضًا النَّهْيُ يُقَدَّمُ عَنْهُ الْمُعَارَضَةُ، وَفِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

[باب الخضاب بالصفرة]

[باب الْخِضَابِ بِالصُّفْرَةِ] 3626 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ عُبَيْدَ بْنَ جُرَيْجٍ سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ قَالَ «رَأَيْتُكَ تُصَفِّرُ لِحْيَتَكَ بِالْوَرْسِ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ أَمَّا تَصْفِيرِي لِحْيَتِي فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ) قِيلَ: إِنَّهُ يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ بِالزَّعْفَرَانِ وَنَحْوِهِ تَنْظِيفًا وَتَطْيِيبًا؛ لِأَنَّهُ يَخْضِبُ قَصْدًا.

3627 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَجُلٍ قَدْ خَضَبَ بِالْحِنَّاءِ فَقَالَ مَا أَحْسَنَ هَذَا ثُمَّ مَرَّ بِآخَرَ قَدْ خَضَبَ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ فَقَالَ هَذَا أَحْسَنُ مِنْ هَذَا ثُمَّ مَرَّ بِآخَرَ قَدْ خَضَبَ بِالصُّفْرَةِ فَقَالَ هَذَا أَحْسَنُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ» قَالَ وَكَانَ طَاوُسٌ يُصَفِّرُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَدْ خَضَبَ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ) يُفِيدُ الْجَمْعَ فَعَلَيْهِ يُحْمَلُ الْحَدِيثُ السَّابِقُ.

[باب من ترك الخضاب]

[باب مَنْ تَرَكَ الْخِضَابَ] 3628 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ مِنْهُ بَيْضَاءُ يَعْنِي عَنْفَقَتَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَعْنِي عَنْفَقَتَهُ) هِيَ شَعْرٌ فِي الشَّفَةِ السُّفْلَى، وَقِيلَ: شَعْرٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الذَّقَنِ.

3629 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ وَابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ سُئِلَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ «أَخَضَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّهُ لَمْ يَرَ مِنْ الشَّيْبِ إِلَّا نَحْوَ سَبْعَةَ عَشَرَ أَوْ عِشْرِينَ شَعَرَةً فِي مُقَدَّمِ لِحْيَتِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي مُقَدَّمِ) لِحْيَتِهِ، فِي الزَّوَائِدِ: هَذَا الْإِسْنَادُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

3630 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْوَلِيدِ الْكِنْدِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «كَانَ شَيْبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ عِشْرِينَ شَعَرَةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (نَحْوَ عِشْرِينَ شَعْرَةً) ، فِي الزَّوَائِدِ: هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[باب اتخاذ الجمة والذوائب]

[باب اتِّخَاذِ الْجُمَّةِ وَالذَّوَائِبِ] 3631 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ قَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ «دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ وَلَهُ أَرْبَعُ غَدَائِرَ تَعْنِي ضَفَائِرَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَلَهُ أَرْبَعُ غَدَائِرَ) أَيْ: ذَوَائِبَ وَهِيَ الشَّعْرُ الْمَضْفُورُ، أَيِ: الْمَنْسُوجُ أُدْخِلَ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ.

3632 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَسْدُلُونَ أَشْعَارَهُمْ وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَفْرُقُونَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ قَالَ فَسَدَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاصِيَتَهُ ثُمَّ فَرَقَ بَعْدُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَسْدُلُونَ) مِنْ بَابِ نَصَرَ وَضَرَبَ وَكَذَا فَرَقَ وَالسَّدْلُ إِرْسَالُ الشَّعْرِ حَوْلَ الرَّأْسِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْسِمَهُ نِصْفَيْنِ وَالْفَرْقُ أَنْ يَقْسِمَهُ نِصْفًا عَنْ يَمِينِهِ وَنِصْفًا عَنْ يَسَارِهِ عَلَيْهِ وَكِلَاهُمَا جَائِزٌ وَالْأَفْضَلُ الْفَرْقُ (يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ) لِاحْتِمَالِ اسْتِنَادِ عَمَلِهِمْ إِلَى أَمْرِهِ تَعَالَى، أَوْ لِتَأَلُّفِهِمْ حَتَّى دَخَلَ الْمَدِينَةَ، أَوْ لِأَمْرٍ (ثُمَّ فَرَقَ بَعْدُ) كَلِمَةُ بَعْدُ تَأْكِيدٌ لِمَا يُفِيدُهُ كَلِمَةُ " ثُمَّ " أَيْ: حِينَ اطَّلَعَ عَلَى أَحْوَالِهِمْ فَرَآهُمْ أَبْغَضَ النَّاسِ وَأَنَّ التَّأَلُّفَ لَا يُؤَثِّرُ فِي قُلُوبِهِمْ.

3633 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ إِسْحَقَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كُنْتُ أَفْرِقُ خَلْفَ يَافُوخِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَسْدِلُ نَاصِيَتَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (خَلْفَ يَافُوخِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) هُوَ الَّذِي يَتَحَرَّكُ فِي وَسَطِ رَأْسِ الصَّبِيِّ يُرِيدُ أَنَّهَا تَفْرُقُ الْقَفَا وَتَسْدُلُ النَّاصِيَةَ.

3634 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «كَانَ شَعَرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَعَرًا رَجِلًا بَيْنَ أُذُنَيْهِ وَمَنْكِبَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (رَجِلًا) بِفَتْحِ رَاءٍ وَكَسْرِ جِيمٍ، وَقِيلَ: بِفَتْحِهَا، أَيْ: مُسْتَرْسِلًا لَا كُلَّ الِاسْتِرْسَالِ، بَلْ وَسَطًا كَمَا جَاءَ فِي بَابِهِ.

3635 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَعَرٌ دُونَ الْجُمَّةِ وَفَوْقَ الْوَفْرَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (دُونَ الْجُمَّةِ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ وَهِيَ مَا نَزَلَ إِلَى الْمَنْكِبَيْنِ (وَفَوْقَ الْوَفْرَةِ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَإِسْكَانِ الْفَاءِ وَرَاءٍ وَهِيَ مَا بَلَغَ شَحْمَةَ الْأُذُنِ.

[باب كراهية كثرة الشعر]

[باب كَرَاهِيَةِ كَثْرَةِ الشَّعَرِ] 3636 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ وَسُفْيَانُ بْنُ عُقْبَةَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ «رَآنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِي شَعَرٌ طَوِيلٌ فَقَالَ ذُبَابٌ ذُبَابٌ فَانْطَلَقْتُ فَأَخَذْتُهُ فَرَآنِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي لَمْ أَعْنِكَ وَهَذَا أَحْسَنُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ذُبَابٌ) بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ وَمُوَحَّدَتَيْنِ هُوَ الشَّعْرُ (لَمْ أَعْنِكَ) أَيْ: مَا قُلْتُ لَكَ ذَلِكَ الْكَلَامَ، بَلْ قُلْتُ لِغَيْرِكَ وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ أَخْطَأَ فِي الْفَهْمِ وَأَصَابَ فِي الْفِعْلِ.

[باب النهي عن القزع]

[باب النَّهْيِ عَنْ الْقَزَعِ] 3637 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ بْنِ نَافِعٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْقَزَعِ» قَالَ وَمَا الْقَزَعُ قَالَ أَنْ يُحْلَقَ مِنْ رَأْسِ الصَّبِيِّ مَكَانٌ وَيُتْرَكَ مَكَانٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنِ الْقَزَعِ) بِقَافٍ وَزَايٍ مُعْجَمَتَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ قِطَعُ السَّحَابِ، وَالْمُرَادُ مَا فِي الْكِتَابِ.

3638 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْقَزَعِ»

[باب نقش الخاتم]

[باب نَقْشِ الْخَاتَمِ] 3639 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «اتَّخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ ثُمَّ نَقَشَ فِيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ لَا يَنْقُشْ أَحَدٌ عَلَى نَقْشِ خَاتَمِي هَذَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مِنْ وَرِقٍ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ، أَيْ: فِضَّةٍ (ثُمَّ نَقَشَ فِيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ) ثُمَّ لِتَرَاخِي الْأَخْبَارِ وَمَعْنَى نَقَشَ أَمَرَ بِالنَّقْشِ وَقَالَ الْحَافِظُ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةِ أَبِي دَاوُدَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ بِالرَّفْعِ عَلَى الْحِكَايَةِ قُلْتُ: بَلْ رَفْعُهُ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرِيَّةِ وَالْجُمْلَةُ مَفْعُولُ نَقَشَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِمَجْمُوعِ الْجُمْلَةِ هَذَا اللَّفْظُ لَا بِالنَّظَرِ إِلَى الْوُجُودِ اللَّفْظِيِّ، بَلِ النَّظَرِ إِلَى الْوُجُودِ الْكَتْبِيِّ (عَلَى نَقْشِ خَاتَمِي) أَيْ: لِئَلَّا تَفُوتَ مَصْلَحَةُ نَقْشِ الِاسْمِ بِوُقُوعِ الِاشْتِرَاكِ.

3640 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «اصْطَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمًا فَقَالَ إِنَّا قَدْ اصْطَنَعْنَا خَاتَمًا وَنَقَشْنَا فِيهِ نَقْشًا فَلَا يَنْقُشْ عَلَيْهِ أَحَدٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَقَالَ) أَيِ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلنَّاسِ (إِنَّا قَدِ اصْطَنَعْنَا. . . إِلَخْ)

خَوْفًا مِنْ أَنْ يُجْمِلَهُمْ.

3641 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ لَهُ فَصٌّ حَبَشِيٌّ وَنَقْشُهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَهُ فَصٌّ) بِفَتْحِ فَاءٍ، أَوْ بِكَسْرٍ وَتَشْدِيدِ صَادٍ مَعْرُوفٌ (حَبَشِيٌّ) وَقِيلَ: أَوْ صَائِغُهُ حَبَشِيٌّ وَعَلَى هَذَا فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ وَبَيْنَ حَدِيثِ: فَصُّهُ مِنْهُ وَإِنْ قُلْنَا إِنَّهُ كَانَ حَجَرًا، أَوْ جِزْعًا، أَوْ نَحْوَهَ يَكُونُ بِالْحَبَشَةِ تُظْهِرُ الْمُخَالَفَةَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ وَتُدْفَعُ بِالْقَوْلِ بِتَعَدُّدِ الْخَاتَمِ كَمَا نُقِلَ عَنِ الْبَيْهَقِيِّ.

[باب النهي عن خاتم الذهب]

[باب النَّهْيِ عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ] 3642 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ حُنَيْنٍ مَوْلَى عَلِيٍّ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ التَّخَتُّمِ بِالذَّهَبِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنِ التَّخَتُّمِ بِالذَّهَبِ) هَذَا مَخْصُوصٌ بِالرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الْأَخِيرُ الَّذِي فِي الْبَابِ.

3643 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ سُهَيْلٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ»

[باب من جعل فص خاتمه مما يلي كفه]

3644 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ «أَهْدَى النَّجَاشِيُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَلْقَةً فِيهَا خَاتَمُ ذَهَبٍ فِيهِ فَصٌّ حَبَشِيٌّ فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُودٍ وَإِنَّهُ لَمُعْرِضٌ عَنْهُ أَوْ بِبَعْضِ أَصَابِعِهِ ثُمَّ دَعَا بِابْنَةِ ابْنَتِهِ أُمَامَةَ بِنْتِ أَبِي الْعَاصِ فَقَالَ تَحَلِّي بِهَذَا يَا بُنَيَّةُ» [باب مَنْ جَعَلَ فَصَّ خَاتَمِهِ مِمَّا يَلِي كَفَّهُ] 3645 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَجْعَلُ فَصَّ خَاتَمِهِ مِمَّا يَلِي كَفَّهُ»

3646 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ الْأَيْلِيِّ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبِسَ خَاتَمَ فِضَّةٍ فِيهِ فَصٌّ حَبَشِيٌّ كَانَ يَجْعَلُ فَصَّهُ فِي بَطْنِ كَفِّهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي بَطْنِ كَفِّهِ) ثُمَّ جَاءَ خِلَافُهُ، لَكِنَّ أَحَادِيثَ الْبَاطِنِ أَصَحُّ وَأَكْثَرُ فَهُوَ أَفْضَلُ.

[باب التختم باليمين]

[باب التَّخَتُّمِ بِالْيَمِينِ] 3647 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَخَتَّمُ فِي يَمِينِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كَانَ يَتَخَتَّمُ فِي يَمِينِهِ)

[باب التختم في الإبهام]

قَدْ صَحَّ تَخَتُّمُهُ فِي الْيَمِينِ وَالْيَسَارِ جَمِيعًا فَقَالَ بَعْضُهُمْ يَجُوزُ الْوَجْهَانِ وَالْيَمِينُ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ زِينَةٌ وَالْيَمِينُ بِهَا أَوْلَى وَقَالَ آخَرُونَ بِنَسْخِ الْيَمِينِ لِمَا جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الضَّعِيفَةِ أَنَّهُ تَخَتَّمَ أَوَّلًا فِي الْيَمِينِ، ثُمَّ حَوَّلَهُ فِي الْيَسَارِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَرَى الْوَجْهَيْنِ مَعَ تَرْجِيحِ الْيَسَارِ إِمَّا لِهَذَا الْحَدِيثِ أَوْ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ التَّخَتُّمُ فِي الْيَسَارِ يَكُونُ أَخْذُ الْخَاتَمِ وَقْتَ اللُّبْسِ وَالنِّزَاعِ بِالْيَمِينِ بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَ التَّخَتُّمُ فِي الْيَمِينِ وَالْوَجْهُ الْقَوْلُ بِجَوَازِ الْوَجْهَيْنِ. [باب التَّخَتُّمِ فِي الْإِبْهَامِ] 3648 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَتَخَتَّمَ فِي هَذِهِ وَفِي هَذِهِ يَعْنِي الْخِنْصَرَ وَالْإِبْهَامَ»

[باب الصور في البيت]

[باب الصُّوَرِ فِي الْبَيْتِ] 3649 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِي طَلْحَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ) حَمْلُ الْكَلْبِ عَلَى غَيْرِ كَلْبِ الصَّيْدِ وَالزَّرْعِ وَنَحْوِهِمَا، وَالْمُرَادُ بِالصُّورَةِ صُورَةُ ذِي الرُّوحِ، قِيلَ: إِذَا كَانَ لَهَا ظِلٌّ، وَقِيلَ: بَلْ أَعَمُّ، وَالْمَعْنَى لَا تَدْخُلُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَالْبَرَكَةِ فِي ذَلِكَ الْبَيْتِ، وَإِلَّا فَالْحَفَظَةُ لَا يُفَارِقُونَ أَحَدًا.

3650 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُدْرِكٍ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُجَيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ»

3651 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «وَاعَدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام فِي سَاعَةٍ يَأْتِيهِ فِيهَا فَرَاثَ عَلَيْهِ فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا هُوَ بِجِبْرِيلَ قَائِمٌ عَلَى الْبَابِ فَقَالَ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَدْخُلَ قَالَ إِنَّ فِي الْبَيْتِ كَلْبًا وَإِنَّا لَا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَرَاثَ عَلَيْهِ) أَيْ: طَوَّلَ عَلَيْهِ الِانْتِظَارَ.

3652 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عُثْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا عُفَيْرُ بْنُ مَعْدَانَ حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ «أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّ زَوْجَهَا فِي بَعْضِ الْمَغَازِي فَاسْتَأْذَنَتْهُ أَنْ تُصَوِّرَ فِي بَيْتِهَا نَخْلَةً فَمَنَعَهَا أَوْ نَهَاهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَمَنَعَهَا) أَيْ: لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ وَإِنْ كَانَتْ صُورَةُ النَّخْلَةِ لَيْسَتْ كَصُورَةِ ذِي الرُّوحِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ عُفَيْرُ بْنُ مَعْدَانَ الْمُؤَذِّنُ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[باب الصور فيما يوطأ]

[باب الصُّوَرِ فِيمَا يُوطَأُ] 3653 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «سَتَرْتُ سَهْوَةً لِي تَعْنِي الدَّاخِلَ بِسِتْرٍ فِيهِ تَصَاوِيرُ فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَتَكَهُ فَجَعَلْتُ مِنْهُ مَنْبُوذَتَيْنِ فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَّكِئًا عَلَى إِحْدَاهُمَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (سَهْوَةٌ لِي) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ بَيْتٌ صَغِيرٌ مُنْحَدِرٌ

فِي الْأَرْضِ قَلِيلًا، وَقِيلَ: كَالصُّفَّةِ تَكُونُ بَيْنَ يَدَيِ الْبَيْتِ، وَقِيلَ: شَبِيهٌ بِالرَّفِّ وَالطَّاقِ يُوضَعُ فِيهِ الشَّيْءُ (مُسْنَدَتَيْنِ) أَيْ: مِخَدَّتَيْنِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ مُتَّفَقٌ عَلَى تَضْعِيفِهِ وَالْحَدِيثُ فِي الْبُخَارِيِّ مَا عَدَا قَوْلَهُ: (فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُتَّكِئًا عَلَى إِحْدَيْهِمَا) وَالْبَاقِي نَحْوُهُ.

[باب المياثر الحمر]

[باب الْمَيَاثِرِ الْحُمْرِ] 3654 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ هُبَيْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ وَعَنْ الْمِيثَرَةِ يَعْنِي الْحَمْرَاءَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَعَنِ الْمِيثَرَةِ) بِكَسْرِ مِيمٍ وَفَتْحِ مُثَلَّثَةٍ وِطَاءٌ مَحْشُوٌّ يُجْعَلُ فَوْقَ رَحْلِ الْبَعِيرِ تَحْتَ الرَّاكِبِ وَهُوَ دَأْبُ الْمُتَكَبِّرِينَ وَقَدْ حَمَلَهَا عَلَى الْحَمْرَاءِ كَمَا جَاءَ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ فَمَفْهُومُ اللَّفْظِ أَنَّهَا إِذَا لَمْ تَكُنْ حَمْرَاءَ لَمْ يَحْرُمْ لِقَصْدِ الِاسْتِرَاحَةِ خُصُوصًا لِلضُّعَفَاءِ.

[باب ركوب النمور]

[باب رُكُوبِ النُّمُورِ] 3655 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنِي عَيَّاشُ بْنُ عَبَّاسٍ الْحِمْيَرِيُّ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ الْحَجْرِيِّ الْهَيْثَمِ عَنْ عَامِرٍ الْحَجْرِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا رَيْحَانَةَ صَاحِبَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْ رُكُوبِ النُّمُورِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (رُكُوبُ النُّمُورِ) أَيْ: جُلُودُهَا مُلْقَاةً عَلَى السُّرُجِ وَالرِّحَالِ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّكَبُّرِ أَوْ لِأَنَّهُ زِيُّ الْعَجَمِ أَوْ لِأَنَّ الشَّعْرَ نَجِسٌ لَا يَقْبَلُ الدِّبَاغَ.

3656 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ أَبِي الْمُعْتَمِرِ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْ رُكُوبِ النُّمُورِ»

[كتاب الأدب]

[كِتَاب الْأَدَبِ] [بَاب بِرِّ الْوَالِدَيْنِ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَاب الْأَدَبِ بَاب بِرِّ الْوَالِدَيْنِ 3657 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ ابْنِ سَلَامَةَ السُّلَمِيِّ قَالَ «قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُوصِي امْرَأً بِأُمِّهِ أُوصِي امْرَأً بِأُمِّهِ أُوصِي امْرَأً بِأُمِّهِ ثَلَاثًا أُوصِي امْرَأً بِأَبِيهِ أُوصِي امْرَأً بِمَوْلَاهُ الَّذِي يَلِيهِ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ مِنْهُ أَذًى يُؤْذِيهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ (أَبْوَابُ الْآدَابِ) قِيلَ: الْأَدَبُ حُسْنُ التَّنَاوُلِ، وَقِيلَ: مُرَاعَاةُ حَدِّ كُلِّ شَيْءٍ، وَقِيلَ: هُوَ اسْتِعْمَالُ مَا يُحْمَدُ قَوْلًا وَفِعْلًا، وَقِيلَ: الْأَخْذُ بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، وَقِيلَ: الْوُقُوفُ مَعَ الْحَسَنَاتِ، وَقِيلَ: تَعْظِيمُ مَنْ فَوْقَكَ وَالرِّفْقُ بِمَنْ دُونَكَ، وَقِيلَ: حُسْنُ الْأَخْلَاقِ. قَوْلُهُ: (أَوْصَى) مِنَ الْإِيصَاءِ (امْرَأً) يُرِيدُ الْعُمُومَ فَهُوَ مِنْ عُمُومِ النَّكِرَةِ فِي الْإِثْبَاتِ مِثْلُ عَلِمَتْ نَفْسٌ، أَيْ: كُلُّ شَخْصٍ ذَكَرًا كَانَ، أَوْ أُنْثَى (بِأُمِّهِ) أَيْ: بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهَا، وَفِي تَكْرِيرِ الْإِيصَاءِ بِالْأُمِّ تَأْكِيدٌ فِي أَمْرِهَا

وَزِيَادَةُ اهْتِمَامٍ فِي بِرِّهَا فَوْقَ الْأَبِ وَذَلِكَ لِتَهَاوُنِ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ فِي حَقِّهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَبِ دُونَ كَثِيرٍ فَالتَّكْرِيرُ لِلتَّأْكِيدِ، وَقِيلَ: بَلْ هُوَ لِإِفَادَةِ أَنَّ لِلْأُمِّ ثَلَاثَ أَمْثَالِ مَا لِلْأَبِ مِنَ الْبِرِّ وَذَلِكَ لِصُعُوبَةِ الْحَمْلِ، ثُمَّ الْوَضْعِ، ثُمَّ الرَّضَاعَةِ وَهَذِهِ تَنْفَرِدُ بِهَا الْأُمُّ ثُمَّ تُشَارِكُ الْأَبَ فِي الرُّتْبَةِ وَالتَّكْرَارُ لِلِاسْتِئْنَافِ قَوْلُهُ: (الَّذِي يَلِيهِ) أَحَدُ الضَّمِيرَيْنِ لِلْمَوْصُولِ وَالْآخَرُ لِلْمَرْءِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْفَاعِلَ لِلْمَوْصُولِ، أَيِ: الْمَوْلَى الَّذِي يُمَوِّنُ الْمَرْءَ وَيَلِي أَمْرَهُ فَإِنَّهُ أَنْسَبُ بِذِكْرِ الْمَوْلَى مَعَ الْأَبِ، وَأَيْضًا هُوَ الْمُتَعَارَفُ بِاسْمِ الْمَوْلَى، وَأَيْضًا هُوَ الْمُنَاسِبُ بِالْمَوْصُولِ الْمَذْكُورِ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ، أَيْ: عَلَى الْمَرْءِ (مِنْهُ) أَيْ: مِنَ الْمَوْلَى (أَذَاةٌ) بِتَاءِ التَّأْنِيثِ، وَفِي بَعْضٍ أَذًى بِلَا تَاءِ تَأْنِيثٍ وَجُمْلَةُ يُؤْذِيهِ صِفَةٌ لِأَذَاةٍ مُؤَكِّدَةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ نَبَّهَ فِي الزَّوَائِدِ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ الْمُصَنِّفُ، لَكِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِإِسْنَادِهِ وَقَالَ لَيْسَ لِأَبِي سَلَامَةَ هَذَا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ فِي بَقِيَّةِ الْكُتُبِ.

3658 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَيْمُونٍ الْمَكِّيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَبَرُّ قَالَ أُمَّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ أُمَّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ أَبَاكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ الْأَدْنَى فَالْأَدْنَى»

3659 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدًا إِلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ (قَوْلُهُ: لَا يُجْزِئُ) أَيْ: لَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ حَقَّهُ (فَيَعْتِقُهُ) أَيْ: فَيَصِيرُ سَبَبًا لِعِتْقِهِ بِشِرَائِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى إِعْتَاقٍ آخَرَ سِوَى أَنَّهُ اشْتَرَاهُ وَفِيهِ أَنَّ الْعَبْدَ كَالْهَالِكِ، فَكَأَنَّهُ بِالْإِعْتَاقِ أَخْرَجَهُ مِنَ الْهَلَاكِ إِلَى الْحَيَاةِ فَصَارَ فِعْلُهُ ذَلِكَ مِمَّا يَعْدِلُ فِعْلَ الْأَبِ حَيْثُ كَانَ سَبَبًا لِلْوُجُودِ وَإِخْرَاجِهِ مِنَ الْعَدَمِ إِلَيْهِ.

3660 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْقِنْطَارُ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ أُوقِيَّةٍ كُلُّ أُوقِيَّةٍ خَيْرٌ مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الرَّجُلَ لَتُرْفَعُ دَرَجَتُهُ فِي الْجَنَّةِ فَيَقُولُ أَنَّى هَذَا فَيُقَالُ بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْقِنْطَارُ) إِذَا كَانَ جَزَاءَ الْعَمَلِ فِي

الْآخِرِ فَذَاكَ هَذَا الْمِقْدَارُ (أُوقِيَّةٌ) بِضَمٍّ وَتَشْدِيدِ يَاءٍ (بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ) أَيْ: فَيَنْبَغِي لِلْوَلَدِ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لِلْوَالِدَيْنِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

3661 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ بَحِيرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ بِأُمَّهَاتِكُمْ ثَلَاثًا إِنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ بِآبَائِكُمْ إِنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ. . . إِلَخْ) ، فِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ إِسْمَاعِيلُ وَرِوَايَتُهُ عَنِ الْحِجَازِيِّينَ ضَعِيفَةٌ كَمَا هُنَا.

3662 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاتِكَةِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ «أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا حَقُّ الْوَالِدَيْنِ عَلَى وَلَدِهِمَا قَالَ هُمَا جَنَّتُكَ وَنَارُكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (هُمَا جَنَّتُكَ) أَيْ: سَبَبٌ لِدُخُولِكَ الْجَنَّةَ إِنْ أَطَعْتَهُمَا فِيمَا يَحِلُّ فِيهِ طَاعَتُهُمَا (وَنَارُكَ) أَيْ: سَبَبٌ لِدُخُولِكَ فِي النَّارِ إِنْ عَصَيْتَهُمَا مِمَّا يَنْبَغِي طَاعَتُهُمَا فِيهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: قَالَ ابْنُ مَعِينٍ عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ هِيَ ضَعِيفَةٌ كُلُّهَا وَقَالَ السَّاجِيُّ اتَّفَقَ أَهْلُ النَّقْلِ عَلَى ضَعْفِ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ.

3663 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ «سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْوَالِدُ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ فَأَضِعْ ذَلِكَ الْبَابَ أَوْ احْفَظْهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْوَالِدُ أَوْسَطُ) أَيْ: سَبَبٌ لِدُخُولِ الْوَلَدِ مِنْ أَحْسَنِ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ وَقَالَ السُّيُوطِيُّ: أَوْسَطُ الْأَبْوَابِ، أَيْ: خَيْرُهَا (فَأَضِعْ) مِنَ الْإِضَاعَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ التَّخْيِيرَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ، بَلْ الْمُرَادُ التَّوْبِيخُ عَلَى الْإِضَاعَةِ وَالْحَثُّ عَلَى الْحِفْظِ مِثْلُ {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: 29] قَالَ السُّيُوطِيُّ: ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ، وَفِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ أَنَّهُ مُنْدَرِجٌ مِنْ كَلَامِ الرَّاوِيِ.

[باب صل من كان أبوك يصل]

[باب صِلْ مَنْ كَانَ أَبُوكَ يَصِلُ] 3664 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَسِيدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عُبَيْدٍ مَوْلَى بَنِي سَاعِدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ مَالِكِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ «بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَبَقِيَ مِنْ بِرِّ أَبَوَيَّ شَيْءٌ أَبَرُّهُمَا بِهِ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِمَا قَالَ نَعَمْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِمَا وَالِاسْتِغْفَارُ لَهُمَا وَإِيفَاءٌ بِعُهُودِهِمَا مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِمَا وَإِكْرَامُ صَدِيقِهِمَا وَصِلَةُ الرَّحِمِ الَّتِي لَا تُوصَلُ إِلَّا بِهِمَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الصَّلَاةُ عَلَيْهِمَا) أَيِ: الدُّعَاءُ لَهُمَا بِالرَّحْمَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِلَفْظِ الصَّلَاةِ، لَكِنِ الظَّاهِرُ شُمُولُ مَا كَانَ بِلَفْظِ الصَّلَاةِ أَيْضًا وَيُحْتَمَلُ

أَنَّ الْمُرَادَ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ قَوْلُهُ: (لَا تُوصَلُ إِلَّا بِهِمَا) أَيْ: بِسَبَبِهِمَا.

[باب بر الوالد والإحسان إلى البنات]

[باب بِرِّ الْوَالِدِ وَالْإِحْسَانِ إِلَى الْبَنَاتِ] 3665 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «قَدِمَ نَاسٌ مِنْ الْأَعْرَابِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا أَتُقَبِّلُونَ صِبْيَانَكُمْ قَالُوا نَعَمْ فَقَالُوا لَكِنَّا وَاللَّهِ مَا نُقَبِّلُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمْلِكُ أَنْ كَانَ اللَّهُ قَدْ نَزَعَ مِنْكُمْ الرَّحْمَةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَتُقَبِّلُونَ صِبْيَانَكُمْ) مِنَ التَّقْبِيلِ (وَأَمْلِكُ إِنْ كَانَ) أَيْ: أَمْلِكُ لَكُمُ الرَّحْمَةَ وَإِيقَاعَهَا فِي قُلُوبِكُمْ إِنْ كَانَ. . . إِلَخْ وَالْمَقْصُودُ بَيَانُ أَنَّ هَذَا سَبَبُهُ قِلَّةُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ مِنَ الرَّحْمَةِ وَكَثْرَةُ الْقَسْوَةِ.

3666 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ عَنْ يَعْلَى الْعَامِرِيِّ «أَنَّهُ قَالَ جَاءَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ يَسْعَيَانِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَمَّهُمَا إِلَيْهِ وَقَالَ إِنَّ الْوَلَدَ مَبْخَلَةٌ مَجْبَنَةٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَبْخَلَةٌ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مَعًا وَمِثْلُهُ مَجْبَنَةٌ، أَيْ إِنَّهُ مَظِنَّةُ الْبُخْلِ وَالْجُبْنِ لِأَجْلِهِ يَبْخَلُ الْإِنْسَانُ وَيَجْبُنُ، وَفِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

3667 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُلَيٍّ سَمِعْتُ أَبِي يَذْكُرُ عَنْ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى أَفْضَلِ الصَّدَقَةِ ابْنَتُكَ مَرْدُودَةً إِلَيْكَ لَيْسَ لَهَا كَاسِبٌ غَيْرُكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ابْنَتُكَ) أَيْ: هِيَ ابْنَتُكَ، أَيِ: الصَّدَقَةُ عَلَيْهَا (مَرْدُودَةً) بِالنَّصْبِ حَالٌ، أَيْ: حَالَ كَوْنِهَا مَرْدُودَةً إِلَيْكَ بِأَنْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا مَثَلًا، وَفِي الزَّوَائِدِ: رِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ ابْنَ رَبَاحٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ سُرَاقَةَ.

3668 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ مِسْعَرٍ أَخْبَرَنِي سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ صَعْصَعَةَ عَمِّ الْأَحْنَفِ قَالَ «دَخَلَتْ عَلَى عَائِشَةَ امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنَتَانِ لَهَا فَأَعْطَتْهَا ثَلَاثَ تَمَرَاتٍ فَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَمْرَةً ثُمَّ صَدَعَتْ الْبَاقِيَةَ بَيْنَهُمَا قَالَتْ فَأَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَدَّثَتْهُ فَقَالَ مَا عَجَبُكِ لَقَدْ دَخَلَتْ بِهِ الْجَنَّةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ثُمَّ صَدَعَتْ) مِنْ صَدَعَهُ كَمَنَعَهُ شَقَّهُ نِصْفَيْنِ، أَوْ مُطْلَقًا، أَيْ: قَسَمَتِ الثَّالِثَةُ بَيْنَهُمَا (مَا عَجَبُكِ) بِالرَّفْعِ، أَيْ: جَزَاءُ هَذَا الْعَمَلِ أَكْبَرُ مِنْ نَفْسِهِ فَلَا تَعَجُّبَ، وَإِنَّمَا لَا تَعَجُّبَ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلُ

هَذَا الْجَزَاءِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهَمَا بِغَيْرِ هَذَا السِّيَاقِ.

3669 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ حَرْمَلَةَ بْنِ عِمْرَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عُشَانَةَ الْمُعَافِرِيَّ قَالَ سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ يَقُولُ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ كَانَ لَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ فَصَبَرَ عَلَيْهِنَّ وَأَطْعَمَهُنَّ وَسَقَاهُنَّ وَكَسَاهُنَّ مِنْ جِدَتِهِ كُنَّ لَهُ حِجَابًا مِنْ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مِنْ جِدَتِهِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ، أَيْ: غِنَاهُ وَيُقَالُ وَجَدَ يَجِدُ جِدَةً إِذَا اسْتَغْنَى.

3670 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ فِطْرٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ رَجُلٍ تُدْرِكُ لَهُ ابْنَتَانِ فَيُحْسِنُ إِلَيْهِمَا مَا صَحِبَتَاهُ أَوْ صَحِبَهُمَا إِلَّا أَدْخَلَتَاهُ الْجَنَّةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (تُدْرِكُ لَهُ ابْنَتَانِ) مِنْ أَدْرَكَ إِذَا بَلَغَ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْبِنْتَ تَغْفُلُ عَنِ الْأَبِ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَرُبَّمَا تُؤَدِّي الْكَرَاهَةُ إِلَى سُوءِ الْمُعَامَلَةِ فَبَيَّنَ أَنَّ حُسْنَ الْمُعَامَلَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ أَبُو سَعِيدٍ اسْمُهُ شُرَحْبِيلُ وَهُوَ وَإِنْ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ فَقَدْ ضَعَّفَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَقَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ كَانَ مُتَّهَمًا وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَقَالَ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ.

3671 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُمَارَةَ أَخْبَرَنِي الْحَارِثُ بْنُ النُّعْمَانِ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَكْرِمُوا أَوْلَادَكُمْ وَأَحْسِنُوا أَدَبَهُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَكْرِمُوا أَوْلَادَكُمْ) فَإِنَّ إِكْرَامَهُمْ يَزِيدُهُمْ حُبًّا لِلْآبَاءِ، وَأَمَّا لَوِ الْإِكْرَامُ قَدْ يُفْضِي إِلَى سُوءِ الْأَدَبِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَأَحْسِنُوا أَدَبَهُمْ إِلَى أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْإِكْرَامُ إِلَى هَذَا الْحَدِّ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ الْحَارِثُ بْنُ النُّعْمَانِ وَإِنْ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ فَقَدْ لَيَّنَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب حق الجوار]

[باب حَقِّ الْجِوَارِ] 3672 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ سَمِعَ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ يُخْبِرُ عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُحْسِنْ إِلَى جَارِهِ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَسْكُتْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) قِيلَ: أَيْ: إِيمَانًا كَامِلًا، وَالظَّاهِرُ الْإِطْلَاقُ؛ لِأَنَّ الْإِيمَانَ وَغَيْرَهُ مَطْلُوبٌ مِنْ كُلِّ مُؤْمِنٍ لَا يَخُصُّ طَلَبَهُ مِنْ أَهْلِ الْكَمَالِ، بَلْ كُلُّ أَحَدٍ يُؤْمَرُ لِيَصِلَ ذَلِكَ الْكَمَالَ (فَلْيُحْسِنْ إِلَى جَارِهِ) أَيْ: بِمَا أَمْكَنَ وَلْيَتَحَمَّلْ مَا يَصْدُرُ عَنْهُ وَيَكُفَّ الْأَذَى عَنْهُ (فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ) بِمَا يَنْبَغِي الْإِكْرَامُ وَهُوَ مَعْلُومٌ بَيِّنٌ أَنَّ الْإِكْرَامَ خَيْرٌ يَكُونُ فِيهِ فَائِدَةٌ دِينِيَّةٌ، أَوْ دُنْيَوِيَّةٌ مُبَاحَةٌ لَهُ، أَوْ لِغَيْرِهِ.

3673 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَعَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ جَمِيعًا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِالْجَارِ) أَيْ: بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنَ الزَّوَائِدِ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

3674 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا زَالَ جِبْرَائِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ»

[باب حق الضيف]

[باب حَقِّ الضَّيْفِ] 3675 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ وَجَائِزَتُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَثْوِيَ عِنْدَ صَاحِبِهِ حَتَّى يُحْرِجَهُ الضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَهُوَ صَدَقَةٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَجَائِزَتُهُ) الْجَائِزَةُ الْعَطِيَّةُ، أَيْ: لِيَتَكَلَّفَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ بِمَا اتَّسَعَ لَهُ مِنْ بُرٍّ أَوْ أَلْطَافٍ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ يَكْفِي الطَّعَامُ الْمُعْتَادُ (أَنْ يَثْوِيَ) مِنْ ثَوَى بِالْمَكَانِ، أَيْ: أَقَامَ بِهِ مِنْ حَدِّ ضَرَبَ (حَتَّى تُحْرِجَهُ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مِنَ الْإِحْرَاجِ وَالتَّحْرِيجُ وَالْحَرَجُ هُوَ الضِّيقُ أَيْ: حَتَّى يُضَيِّقَ عَلَيْهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ بِالْحَاءِ الْمُعْجَمَةِ مِنَ الْإِخْرَاجِ، لَكِنِ الْمَشْهُورَ رِوَايَةُ الْأَوَّلِ.

3676 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّهُ قَالَ «قُلْنَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّكَ تَبْعَثُنَا فَنَنْزِلُ بِقَوْمٍ فَلَا يَقْرُونَا فَمَا تَرَى فِي ذَلِكَ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ فَأَمَرُوا لَكُمْ بِمَا يَنْبَغِي لِلضَّيْفِ فَاقْبَلُوا وَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَخُذُوا مِنْهُمْ حَقَّ الضَّيْفِ الَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَخُذُوا مِنْهُمْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ ذَلِكَ الْقَدْرُ قَهْرًا فَقِيلَ: كَانَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ وَكَانَتِ الضِّيَافَةُ يَوْمَئِذٍ وَاجِبَةً، ثُمَّ نُسِخَ وُجُوبُ الضِّيَافَةِ وَأُخِذَ قَدْرُ الضِّيَافَةِ قَهْرًا.

3677 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ الْمِقْدَامِ أَبِي كَرِيمَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةُ الضَّيْفِ وَاجِبَةٌ فَإِنْ أَصْبَحَ بِفِنَائِهِ فَهُوَ دَيْنٌ عَلَيْهِ فَإِنْ شَاءَ اقْتَضَى وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَصْبَحَ) أَيِ: الضَّيْفُ (بِفِنَائِهِ) أَيْ: بِفِنَاءِ أَحَدٍ (فَهُوَ) أَيْ: فَحَقُّ الضَّيْفِ (دَيْنٌ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى مَنْ أَصْبَحَ بِفِنَائِهِ.

[باب حق اليتيم]

[باب حَقِّ الْيَتِيمِ] 3678 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ الْيَتِيمِ وَالْمَرْأَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنِّي أُحَرِّجُ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مِنَ التَّحْرِيجِ أَوِ الْإِحْرَاجِ، أَيْ: أُضَيِّقُ عَلَى النَّاسِ فِي تَضْيِيعِ حَقِّهِمَا وَأُشَدِّدُ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ وَالْمَقْصُودُ إِشْهَادُهُ تَعَالَى فِي تَبْلِيغِ ذَلِكَ الْحُكْمِ إِلَيْهِمْ، وَفِي الزَّوَائِدِ: الْمَعْنَى أُحَرِّجُ عَنْ هَذَا الْإِثْمِ بِمَعْنَى أَنْ يَضِيعَ حَقَّهَا وَأُحَذِّرُ مِنْ ذَلِكَ تَحْذِيرًا بَلِيغًا وَأَزْجُرُ عَنْهُ زَجْرًا أَكِيدًا قَالَهُ النَّوَوِيُّ قَالَ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

3679 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي عَتَّابٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَيْرُ بَيْتٍ فِي الْمُسْلِمِينَ بَيْتٌ فِيهِ يَتِيمٌ يُحْسَنُ إِلَيْهِ وَشَرُّ بَيْتٍ فِي الْمُسْلِمِينَ بَيْتٌ فِيهِ يَتِيمٌ يُسَاءُ إِلَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (خَيْرُ بَيْتٍ فِي الْمُسْلِمِينَ. . . إِلَخْ) ، فِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ أَبُو صَالِحٍ قَالَ فِيهِ الْبُخَارِيُّ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ مُضْطَرِبُ الْحَدِيثِ وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَأَخْرَجَ ابْنُ خُزَيْمَةَ حَدِيثَهُ فِي صَحِيحِهِ وَقَالَ فِي النَّفْسِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ شَيْءٌ فَإِنِّي لَا أَعْرِفُ يَحْيَى بِعَدَالَةٍ وَلَا جَرْحٍ، وَإِنَّمَا خَرَّجْتُ خَبَرَهُ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ فِيهِ. قُلْتُ: قَدْ ظَهَرَ لِلْبُخَارِيِّ وَأَبِي حَاتِمٍ مَا خَفِيَ عَلَى ابْنِ خُزَيْمَةَ وَغَيْرِهِ فَجَرْحُهُمَا مُقَدَّمٌ عَلَى مَنْ عَدَّلَهُ اهـ كَلَامُ صَاحِبِ الزَّوَائِدِ.

3680 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكَلْبِيُّ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ عَالَ ثَلَاثَةً مِنْ الْأَيْتَامِ كَانَ كَمَنْ قَامَ لَيْلَهُ وَصَامَ نَهَارَهُ وَغَدَا وَرَاحَ شَاهِرًا سَيْفَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَكُنْتُ أَنَا وَهُوَ فِي الْجَنَّةِ أَخَوَيْنِ كَهَاتَيْنِ أُخْتَانِ وَأَلْصَقَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةَ وَالْوُسْطَى» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ عَالَ) أَيْ: مَنْ حَمَلَ مُؤْنَتَهُمْ (أَخَوَيْنِ) كِنَايَةٌ عَنْ كَمَالِ قُرْبِهِ مِنْهُ حَالَ دُخُولِهِ الْجَنَّةَ لَا مُسَاوَاةَ الدَّرَجَةِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ مَجْهُولٌ وَالرَّاوِي عَنْهُ ضَعِيفٌ.

[باب إماطة الأذى عن الطريق]

[باب إِمَاطَةِ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ] 3681 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ أَبَانَ بْنِ صَمْعَةَ عَنْ أَبِي الْوَازِعِ الرَّاسِبِيِّ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ أَنْتَفِعُ بِهِ قَالَ اعْزِلْ الْأَذَى عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (اعْزِلِ الْأَذَى) أَيْ: أَبْعِدْهُ.

3682 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَ عَلَى الطَّرِيقِ غُصْنُ شَجَرَةٍ يُؤْذِي النَّاسَ فَأَمَاطَهَا رَجُلٌ فَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ (فَأَمَاطَهَا) أَيْ: أَزَالَهَا (فَأُدْخِلَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ.

3683 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ وَاصِلٍ مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُقَيْلٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عُرِضَتْ عَلَيَّ أُمَّتِي بِأَعْمَالِهَا حَسَنِهَا وَسَيِّئِهَا فَرَأَيْتُ فِي مَحَاسِنِ أَعْمَالِهَا الْأَذَى يُنَحَّى عَنْ الطَّرِيقِ وَرَأَيْتُ فِي سَيِّئِ أَعْمَالِهَا النُّخَاعَةَ فِي الْمَسْجِدِ لَا تُدْفَنُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عُرِضَتْ عَلَيَّ أُمَّتِي) أَيْ: حِينَ أَخْذِهِمْ مِنْهُ الْمِيثَاقَ قَبْلَ الْإِيجَادِ قَالَ: أَوْ عَلَى إِظْهَارِهِمْ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ أَعْمَالِهِمْ (لَا تُدْفَنُ) وَفِيهِ أَنَّهَا إِذَا دُفِنَتْ فَلَيْسَتْ مِنْ سَيِّئَاتِ الْأَعْمَالِ.

[باب فضل صدقة الماء]

[باب فَضْلِ صَدَقَةِ الْمَاءِ] 3684 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامٍ صَاحِبِ الدَّسْتُوَائِيِّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ قَالَ «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ قَالَ سَقْيُ الْمَاءِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (سَقْيُ الْمَاءِ) قِيلَ: ذَلِكَ حِينَ قِلَّةِ الْمَاءِ بِالْمَدِينَةِ.

3685 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُفُّ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صُفُوفًا وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَيَمُرُّ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ عَلَى الرَّجُلِ فَيَقُولُ يَا فُلَانُ أَمَا تَذْكُرُ يَوْمَ اسْتَسْقَيْتَ فَسَقَيْتُكَ شَرْبَةً قَالَ فَيَشْفَعُ لَهُ وَيَمُرُّ الرَّجُلُ فَيَقُولُ أَمَا تَذْكُرُ يَوْمَ نَاوَلْتُكَ طَهُورًا فَيَشْفَعُ لَهُ قَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ وَيَقُولُ يَا فُلَانُ أَمَا تَذْكُرُ يَوْمَ بَعَثْتَنِي فِي حَاجَةِ كَذَا وَكَذَا فَذَهَبْتُ لَكَ فَيَشْفَعُ لَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَصُفُّ النَّاسُ) جَاءَ لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا فَعَلَى الْأَوَّلِ عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ وَعَلَى الثَّانِي عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ (عَلَى الرَّجُلِ) أَيْ: عَلَى رَجُلٍ مِنْ صُفُوفِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ يَزِيدُ بْنُ أَبَانَ الرَّقَاشِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

3686 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَقَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمِّهِ سُرَاقَةَ بْنِ جُعْشُمٍ قَالَ «سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ضَالَّةِ الْإِبِلِ تَغْشَى حِيَاضِي قَدْ لُطْتُهَا لِإِبِلِي فَهَلْ لِي مِنْ أَجْرٍ إِنْ سَقَيْتُهَا قَالَ نَعَمْ فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ حَرَّى أَجْرٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (تَغْشَى حِيَاضِي) أَيْ: مَنْزِلَهَا (قَدْ لُطْتُهَا) بِضَمِّ اللَّامِ مِنْ لَاطَ حَوْضَهُ، أَيْ: طَيَّنَهُ وَأَصْلَحَهُ (ذَاتُ كَبِدٍ) كَكَتِفِ (حَرَّى) بِأَلِفٍ مَقْصُورَةٍ فِي النِّهَايَةِ الْحَرَّى فَعْلَى مِنَ الْحَرِّ وَهِيَ تَأْنِيثُ حَرَّا وَهُمَا لِلْمُبَالَغَةِ يُرِيدُ أَنَّهَا لِشِدَّةِ حَرِّهَا قَدْ عَطِشَتْ وَيَبِسَتْ مِنَ الْعَطَشِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ فِي سَقْيِ كُلِّ شَيْءٍ غَلَبَهُ الْعَطَشُ أَجْرًا، وَقِيلَ: أَرَادَ بِالْكَبِدِ الْحَرَّى حَيَاةَ صَاحِبِهَا لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَكُونُ كَبِدُهُ حَرَّى إِذَا كَانَ فِيهِ حَيَاةٌ يَعْنِي

فِي سَقْيِ كُلِّ ذِي رُوحٍ مِنَ الْحَيَوَانِ أَجْرٌ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ.

[باب الرفق]

[باب الرِّفْقِ] 3687 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ تَمِيمِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هِلَالٍ الْعَبْسِيِّ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ يُحْرَمْ الرِّفْقَ يُحْرَمْ الْخَيْرَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ يُحْرَمِ الرِّفْقَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ بِالْجَزْمِ لِكَوْنِ مَنْ شَرْطِيَّةً، أَوْ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهَا مَوْصُولَةٌ وَالرِّفْقُ مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ ثَانٍ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ ضَمِيرُ مَنْ، أَيْ: مَنْ جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَحْرُومًا مِنَ الرِّفْقِ مَمْنُوعًا مِنْهُ فَقَدْ جَعَلَهُ مَحْرُومًا مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ إِذِ الْخَيْرُ لَا يُكْتَسَبُ إِلَّا بِالرِّفْقِ وَالتَّأَنِّي وَتَرْكِ الِاسْتِعْجَالِ فِي الْأُمُورِ.

3688 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ حَفْصٍ الْأُبُلِّيُّ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ وَيُعْطِي عَلَيْهِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (رَفِيقٌ) أَيْ: يُعَامِلُ النَّاسَ بِالرِّفْقِ وَاللُّطْفِ وَيُكَلِّفُهُمْ بِقَدْرِ الطَّاقَةِ (يُحِبُّ الرِّفْقَ) مِنَ الْعَبْدِ (وَيُعْطِي عَلَيْهِ) مِنْ جَزِيلِ الثَّوَابِ (عَلَى الْعُنْفِ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ ضِدُّ الرِّفْقِ، أَيْ: مَنْ يَدْعُو النَّاسَ إِلَى الْهُدَى بِرِفْقٍ وَتَلَطُّفٍ خَيْرٌ مِنَ الَّذِي يَدْعُو بِعُنْفٍ وَشِدَّةٍ إِذَا كَانَ الْمَحَلُّ يَقْبَلُ الْأَمْرَيْنِ، وَإِلَّا فَيَتَعَيَّنُ مَا يَقْبَلُهُ الْمَحَلُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ.

3689 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ ح وَحَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَا حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ»

[باب الإحسان إلى المماليك]

[باب الْإِحْسَانِ إِلَى الْمَمَالِيكِ] 3690 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِخْوَانُكُمْ جَعَلَهُمْ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ فَأَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ وَأَلْبِسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِخْوَانُكُمْ) يَعْنِي الْمَمَالِيكُ إِخْوَانُكُمْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إِخْوَانُكُمْ مُبْتَدَأً خَبَرُهُ جَعَلَهُمُ اللَّهُ وَالْأُخُوَّةُ إِمَّا بِاعْتِبَارِ الدِّينِ، أَوْ بِالنَّظَرِ إِلَى الْكُلِّ مِنْ أَصْلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ آدَمُ (مَا يُعَنِّيهِمْ) مِنْ عَنَّى بِالتَّشْدِيدِ، أَيْ: مَا يُعْجِزُهُمْ.

3691 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ فَرْقَدٍ السَّبَخِيِّ عَنْ مُرَّةَ الطَّيِّبِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ سَيِّئُ الْمَلَكَةِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَيْسَ أَخْبَرْتَنَا أَنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ أَكْثَرُ الْأُمَمِ مَمْلُوكِينَ وَيَتَامَى قَالَ نَعَمْ فَأَكْرِمُوهُمْ كَكَرَامَةِ أَوْلَادِكُمْ وَأَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ قَالُوا فَمَا يَنْفَعُنَا فِي الدُّنْيَا قَالَ فَرَسٌ تَرْتَبِطُهُ تُقَاتِلُ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَمْلُوكُكَ يَكْفِيكَ فَإِذَا صَلَّى فَهُوَ أَخُوكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (سَيِّئُ الْمَلَكَةِ) الْمَلَكَةُ ضُبِطَ بِفَتَحَاتٍ، وَالْمُرَادُ سَيِّئُ الْمُعَامَلَةِ مَعَ الْعَبِيدِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى قِلَّةِ أَعْمَارِهِمْ وَكَثْرَةِ فُتُوحِهِمْ (فَهُوَ أَخُوكَ) يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تُنْزِلَهُ مِنْكَ مَنْزِلَةَ أَخِيكَ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ فَرْقَدٌ السَّبَخِيُّ هُوَ وَإِنْ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ فِي رِوَايَةٍ فَقَدْ ضَعَّفَهُ فِي أُخْرَى وَضَعَّفَهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ.

[باب إفشاء السلام]

[باب إِفْشَاءِ السَّلَامِ] 3692 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ) كَذَا بِحَذْفِ النُّونِ هَاهُنَا، وَفِي قَوْلِهِ: (وَلَا تُؤْمِنُوا) وَالْقِيَاسُ ثُبُوتُهَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ، فَكَأَنَّهُ حَذَفَ نُونَ الْإِعْرَابِ لِلْمُجَانَسَةِ وَالِازْدِوَاجِ، ثُمَّ الْكَلَامُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي الْحَثِّ عَلَى التَّحَابُبِ وَإِفْشَاءِ السَّلَامِ، أَوِ الْمُرَادُ لَا تَسْتَحِقُّوا دُخُولَ الْجَنَّةِ أَوَّلًا حَتَّى تُؤْمِنُوا إِيمَانًا كَامِلًا وَلَا تُؤْمِنُوا ذَلِكَ الْإِيمَانَ حَتَّى تَحَابُّوا بِفَتْحِ التَّاءِ وَأَصْلُهُ تَتَحَابُّوا، أَيْ: يُحِبُّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَأَمَّا حَمْلُ حَتَّى تُؤْمِنُوا عَلَى أَصْلِ الْإِيمَانِ وَحَمْلُ وَلَا تُؤْمِنُوا عَلَى كَمَالِهِ فَيَأْبَاهُ أَنَّ الْكَلَامَ عَلَى هَيْئَةِ الْأَشْكَالِ الْمَنْطِقِيَّةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَصَدَ بِهِ الْبُرْهَانَ، وَهَذَا التَّأْوِيلُ يُخِلُّ بِهِ لِإِخْلَالِهِ بِتَكْرَارِ الْحَدِّ الْأَوْسَطِ فَلْيُتَأَمَّلْ قَوْلُهُ: (أَفْشُوا السَّلَامَ) مِنَ الْإِفْشَاءِ، أَيْ: أَظْهِرُوهُ، وَالْمُرَادُ نَشْرُ السَّلَامِ بَيْنَ النَّاسِ لِيُحْيُوا السُّنَّةَ قَالَ النَّوَوِيُّ: أَقَلُّهُ أَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ بِحَيْثُ يَسْمَعُ الْمُسَلَّمُ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ لَمْ يَكُنْ آتِيًا بِالسُّنَّةِ. قُلْتُ: ظَاهِرُهُ حَمْلُ الْإِفْشَاءِ عَلَى رَفْعِ الصَّوْتِ بِهِ وَالْأَقْرَبُ حَمْلُهُ عَلَى الْإِكْثَارِ.

3693 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ «أَمَرَنَا نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُفْشِيَ السَّلَامَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنْ نُفْشِيَ السَّلَامَ) مِنَ الْإِفْشَاءِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

3694 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْبُدُوا الرَّحْمَنَ وَأَفْشُوا السَّلَامَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (اعْبُدُوا الرَّحْمَنَ وَأَفْشُوا السَّلَامَ) قَالَ تَعَالَى:

{وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} [الفرقان: 63]

[باب رد السلام]

[باب رَدِّ السَّلَامِ] 3695 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ فَقَالَ وَعَلَيْكَ السَّلَامُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَقَالَ وَعَلَيْكَ السَّلَامُ) يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الِاقْتِصَارِ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ.

3696 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ زَكَرِيَّا عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا إِنَّ جِبْرَائِيلَ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلَامَ قَالَتْ وَعَلَيْهِ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الرَّدُّ عَلَى الْمُبَلِّغِ.

[باب رد السلام على أهل الذمة]

[باب رَدِّ السَّلَامِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ] 3697 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَقُولُوا وَعَلَيْكُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَعَلَيْكُمْ) أَيْ: لَا تَقُولُوا وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ لِأَنَّهُمْ كَثِيرًا مَا يُوهِمُونَ السَّلَامَ وَيَقُولُونَ السَّامُ بِالْأَلِفِ وَهُوَ الْمَوْتُ فَقُولُوا وَعَلَيْكُمْ مَا قُلْتُمْ.

3698 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاسٌ مِنْ الْيَهُودِ فَقَالُوا السَّامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ فَقَالَ وَعَلَيْكُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَقَالُوا السَّامُ) هُوَ الْمَوْتُ، وَقِيلَ: الْمَوْتُ الْعَاجِلُ وَجَاءَتِ الرِّوَايَةُ فِي الْجَوَابِ بِالْوَاوِ وَحَذْفِهَا وَالْحَذْفُ لِرَدِّ قَوْلِهِمْ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُمُ الدُّعَاءُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، فَيَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِينَ رَدُّ ذَلِكَ الدُّعَاءِ عَلَيْهِمْ، وَأَمَّا الْوَاوُ فَإِنَّمَا ذُكِرَتْ تَشْبِيهًا بِالْجَوَابِ وَالْمَقْصُودُ هُوَ الرَّدُّ وَإِمَّا لِلْعَطْفِ، وَالْمُرَادُ الْإِخْبَارُ بِأَنَّ الْمَوْتَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْكُلِّ غَيْرُ مَخْصُوصٍ بِأَحَدٍ فَهُوَ رَدٌّ بِوَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّهُمْ أَرَادُوا بِهَذَا الدُّعَاءِ إِلْحَاقَ ضَرَرٍ مَعَ أَنَّهُمْ مُخْطِئُونَ فِي هَذَا الِاعْتِقَادِ لِعُمُومِ الْمَوْتِ لِلْكُلِّ وَلَا ضَرَرَ بِمِثْلِهِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: رِوَايَةُ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ بِحَذْفِ الْوَاوِ قَالَ وَهُوَ الصَّوَابُ، لَكِنْ قَدْ عَرَفْتَ تَوْجِيهَ الْوَاوِ فَلَا وَجْهَ لِرَدِّهِ بَعْدَ ثُبُوتِهَا مِنْ حَيْثُ الرِّوَايَةُ.

3699 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُهَنِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي رَاكِبٌ غَدًا إِلَى الْيَهُودِ فَلَا تَبْدَءُوهُمْ بِالسَّلَامِ فَإِذَا سَلَّمُوا عَلَيْكُمْ فَقُولُوا وَعَلَيْكُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنِّي رَاكِبٌ غَدًا) ، فِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ

ابْنُ إِسْحَاقَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ وَقَالَ وَلَيْسَ لِأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ هَذَا سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ فِي بَقِيَّةِ الْكُتُبِ السِّتَّةِ.

[باب السلام على الصبيان والنساء]

[باب السَّلَامِ عَلَى الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ] 3700 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ صِبْيَانٌ فَسَلَّمَ عَلَيْنَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (صِبْيَانٌ فَسَلَّمَ عَلَيْنَا) قِيلَ: فِي السَّلَامِ عَلَى الصِّغَارِ تَدْرِيبُهُمْ عَلَى أَدَبِ الشَّرِيعَةِ وَطَرْحِ رِدَاءِ الْكِبْرِ وَسُلُوكِ التَّوَاضُعِ وَلِينِ الْجَانِبِ.

3701 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ قَالَ سَمِعَهُ مِنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ يَقُولُ أَخْبَرَتْهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ يَزِيدَ قَالَتْ «مَرَّ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نِسْوَةٍ فَسَلَّمَ عَلَيْنَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي نِسْوَةٍ فَسَلَّمَ عَلَيْنَا) قَالَ الْحَلِيِمِيُّ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُسَلِّمُ لِلْعِصْمَةِ وَكَانَ مَأْمُونًا مِنَ الْفِتْنَةِ فَمَنْ وَثِقَ مِنْ فِتْنَتِهِ بِالسَّلَامِ فَلْيُسَلِّمْ، وَإِلَّا فَالصَّمْتُ أَسْلَمُ اهـ. فَالْحَاصِلُ أَنَّ سَلَامَ الرَّجُلِ عَلَيْهِنَّ جَائِزٌ فِي نَفْسِهِ، بَلْ مَسْنُونٌ، لَكِنْ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ بِأَنْ ظَنَّ بِهَا، وَإِلَّا تَعَيَّنَ التَّرْكُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب المصافحة]

[باب الْمُصَافَحَةِ] 3702 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّدُوسِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَنْحَنِي بَعْضُنَا لِبَعْضٍ قَالَ لَا قُلْنَا أَيُعَانِقُ بَعْضُنَا بَعْضًا قَالَ لَا وَلَكِنْ تَصَافَحُوا» ـــــــــــــــــــــــــــــ بَابُ المُصَافَحَةِ هِيَ مُفَاعَلَةٌ مِنَ الصَّفْحَةِ، وَالْمُرَادُ بِهَا الْإِفْضَاءُ بِصَفْحَةِ الْيَدِ إِلَى صَفْحَةِ الْيَدِ. قَوْلُهُ: (أَيُعَانِقُ بَعْضُنَا بَعْضًا) أَيْ: عَلَى الدَّوَامِ فَلِذَا قَالَ لَا، وَإِلَّا فَالْمُعَانَقَةُ أَحْيَانًا إِظْهَارٌ لِشِدَّةِ الْمَحَبَّةِ الْمُعَانَقَةُ قَدْ جَاءَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

3703 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ الْأَجْلَحِ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ إِلَّا غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا»

[باب الرجل يقبل يد الرجل]

[باب الرَّجُلِ يُقَبِّلُ يَدَ الرَّجُلِ] 3704 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَبَّلْنَا يَدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَبَّلْنَا) مِنَ التَّقْبِيلِ وَذَلِكَ حِينَ قَبِلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُذْرَهُمْ مِنْ فِرَارِهِمْ مِنَ الْحَرْبِ وَكَانُوا قَدْ فَرُّوا مِنْهَا، وَبِالْجُمْلَةِ فَتَقْبِيلُ يَدِ مَنْ يُتَبَرَّكُ بِهِ جَائِزٌ إِذَا لَمْ يُؤَدِّ ذَلِكَ إِلَى خَلَلٍ قَوْلُهُ: وَرِجْلَيْهِ فِيهِ جَوَازُ تَقْبِيلِ الرِّجْلَيْنِ.

3705 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ وَغُنْدَرٌ وَأَبُو أُسَامَةَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ «أَنَّ قَوْمًا مِنْ الْيَهُودِ قَبَّلُوا يَدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرِجْلَيْهِ»

[باب الاستئذان]

[باب الِاسْتِئْذَانِ] 3706 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّ أَبَا مُوسَى اسْتَأْذَنَ عَلَى عُمَرَ ثَلَاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَانْصَرَفَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ عُمَرُ مَا رَدَّكَ قَالَ اسْتَأْذَنْتُ الِاسْتِئْذَانَ الَّذِي أَمَرَنَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثًا فَإِنْ أُذِنَ لَنَا دَخَلْنَا وَإِنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَنَا رَجَعْنَا قَالَ فَقَالَ لَتَأْتِيَنِّي عَلَى هَذَا بِبَيِّنَةٍ أَوْ لَأَفْعَلَنَّ فَأَتَى مَجْلِسَ قَوْمِهِ فَنَاشَدَهُمْ فَشَهِدُوا لَهُ فَخَلَّى سَبِيلَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ) كَأَنَّهُ شُغِلَ عَنْهُ بِأَمْرٍ فَلَمْ يَأْذَنْ

لَهُ بِالدُّخُولِ لِذَلِكَ (مَا رَدَّكَ) أَيْ: بِأَيِّ سَبَبٍ رَجَعْتَ إِلَى بَيْتِكَ وَمَا وَقَفْتَ عِنْدَ الْبَابِ حَتَّى يُؤْذَنَ لَكَ فِي الدُّخُولِ (أَوْ لَأَفْعَلَنَّ) كِنَايَةٌ عَنِ الْعُقُوبَةِ كَأَنَّ عُمَرَ أَرَادَ تَثْبِيتَ الْأَمْرِ لِئَلَّا يُخْبِرَ كُلُّ أَحَدٍ عَلَى دَعْوَى السَّمَاعِ إِذَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ فِعْلَهُ لَا تَكْذِيبَهُ وَرَدَّ خَبَرِ الْآحَادِ (مَجْلِسُ قَوْمِهِ) أَيْ: مَجْلِسُ الْأَنْصَارِ، وَقِيلَ: إِنَّهُمْ قَوْمُهُ لَاشْتَرَاكِ الْإِسْلَامِ بَيْنَهُمْ أَوْ لِأَنَّ الْأَنْصَارَ كَانُوا فِي الْأَصْلِ فِي الْيَمَنِ (فَشَهِدُوا لَهُ) أَيْ: شَهِدَ لَهُ بَعْضُهُمْ فَنَسَبَ فِعْلَ الْبَعْضِ إِلَى الْكُلِّ.

3707 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ وَاصِلِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِي سَوْرَةَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ «قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا السَّلَامُ فَمَا الِاسْتِئْذَانُ قَالَ يَتَكَلَّمُ الرَّجُلُ تَسْبِيحَةً وَتَكْبِيرَةً وَتَحْمِيدَةً وَيَتَنَحْنَحُ وَيُؤْذِنُ أَهْلَ الْبَيْتِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَيُؤْذِنُ أَهْلَ الْبَيْتِ) مِنَ الْإِيذَانِ بِمَعْنَى الْإِعْلَامِ، أَيْ: أَعْلَمَهُمْ بِالدُّخُولِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ أَبُو سَوْرَةَ قَالَ فِيهِ الْبُخَارِيُّ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وَيَرْوِي عَنْ أَبِي أَيُّوبَ مَنَاكِيرَ لَا يُتَابَعُ عَلَيْهَا.

3708 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُجَيٍّ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «كَانَ لِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُدْخَلَانِ مُدْخَلٌ بِاللَّيْلِ وَمُدْخَلٌ بِالنَّهَارِ فَكُنْتُ إِذَا أَتَيْتُهُ وَهُوَ يُصَلِّي يَتَنَحْنَحُ لِي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَتَنَحْنَحُ) لِإِفْهَامِ الْغَيْرِ لَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ.

3709 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «اسْتَأْذَنْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَنْ هَذَا فَقُلْتُ أَنَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا أَنَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنَا أَنَا) كَرَّرَهُ تَأْكِيدًا وَهُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْهُ الْإِنْكَارُ عُرْفًا، وَإِنَّمَا كَرَّرَهُ؛ لِأَنَّ السُّؤَالَ لِلِاسْتِكْشَافِ وَدَفْعِ الْإِيهَامِ وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ أَنَا إِلَّا أَنْ يَضُمَّ إِلَيْهِ اسْمَهُ، أَوْ كُنْيَتَهُ، أَوْ لَقَبَهُ نَعَمْ قَدْ يَحْصُلُ بِمَعْرِفَةِ الصَّوْتِ، لَكِنْ مَخْصُوصٌ بِأَهْلِ الْبَيْتِ وَلَا يَعُمُّ غَيْرَهُمْ عَادَةً.

[باب الرجل يقال له كيف أصبحت]

[باب الرَّجُلِ يُقَالُ لَهُ كَيْفَ أَصْبَحْتَ] 3710 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «قُلْتُ كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ بِخَيْرٍ مِنْ رَجُلٍ لَمْ يُصْبِحْ صَائِمًا وَلَمْ يَعُدْ سَقِيمًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مِنْ رَجُلٍ) بَيَانٌ لِفَاعِلِ أَصْبَحْتُ الْمُقَدَّرِ كَأَنَّهُ قَالَ وَأَنَا رَجُلٌ (لَمْ يُصْبِحْ صَائِمًا. . . إِلَخْ)

أَيْ: مَا قَدَرَ عَلَى الصَّوْمِ وَلَا عِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَقَوْلُهُ: يَعُدْ مِنَ الْعِيَادَةِ وَالسَّقِيمُ الْمَرِيضُ، وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمٍ هُوَ ابْنُ مُؤْمِنٍ الْمَكِّيُّ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُمَا.

3711 - حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَقَ الْهَرَوِيُّ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَاتِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ إِسْحَقَ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ حَدَّثَنِي جَدِّي أَبُو أُمِّي مَالِكُ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ السَّاعِدِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَبِي أُسَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَدَخَلَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ قَالُوا وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ قَالَ كَيْفَ أَصْبَحْتُمْ قَالُوا بِخَيْرٍ نَحْمَدُ اللَّهَ فَكَيْفَ أَصْبَحْتَ بِأَبِينَا وَأُمِّنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَصْبَحْتُ بِخَيْرٍ أَحْمَدُ اللَّهَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَدَخَلَ عَلَيْهِمْ) أَيْ: دَخَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْعَبَّاسِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ: قَالَ الْبُخَارِيُّ: مَالِكُ بْنُ حَمْزَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَعَا الْعَبَّاسَ الْحَدِيثُ لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ شَيْخٌ يَرْوِي أَحَادِيثَ مُشْتَبِهَةً.

[باب إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه]

[باب إِذَا أَتَاكُمْ كَرِيمُ قَوْمٍ فَأَكْرِمُوهُ] 3712 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَاكُمْ كَرِيمُ قَوْمٍ فَأَكْرِمُوهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذَا أَتَاكُمْ كَرِيمُ قَوْمٍ فَأَكْرِمُوهُ) هَذَا مِثْلُ حَدِيثِ «نَزِّلُوا النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ،» وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ سَعِيدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[باب تشميت العاطس]

[باب تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ] 3713 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «عَطَسَ رَجُلَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَمَّتَ أَحَدَهُمَا أَوْ سَمَّتَ وَلَمْ يُشَمِّتْ الْآخَرَ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَطَسَ عِنْدَكَ رَجُلَانِ فَشَمَّتَّ أَحَدَهُمَا وَلَمْ تُشَمِّتْ الْآخَرَ فَقَالَ إِنَّ هَذَا حَمِدَ اللَّهَ وَإِنَّ هَذَا لَمْ يَحْمَدْ اللَّهَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ بَابُ تَشْمِيتِ العَاطِسِ قَوْلُهُ: (فَشَمَّتَ أَحَدَهُمَا) مِنَ التَّشْمِيتِ بِشِينٍ مُعْجَمَةٍ، أَوْ مُهْمَلَةٍ وَجْهَانِ، أَيْ: دَعَا لَهُ بِالرَّحْمَةِ فَقَالَ لَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ (وَإِنَّ هَذَا لَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ) أَيْ: وَمَنْ لَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ لَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يُشَمَّتَ قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةِ أَبِي دَاوُدَ: الَّذِي لَمْ يَحْمَدْ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ مَاتَ كَافِرًا أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ.

3714 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُشَمَّتُ الْعَاطِسُ ثَلَاثًا فَمَا زَادَ فَهُوَ مَزْكُومٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَهُوَ مَزْكُومٌ) أَيْ: فَلَا حَاجَةَ

إِلَى التَّشْمِيتِ.

3715 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَلْيَرُدَّ عَلَيْهِ مَنْ حَوْلَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ وَلْيَرُدَّ عَلَيْهِمْ يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَلْيَرُدَّ عَلَيْهِ مَنْ حَوْلَهُ) ظَاهِرُهُ عُمُومُ الْحُكْمِ لِكُلِّ الْحَاضِرِينَ، وَقِيلَ: هُوَ عَلَى الْكِفَايَةِ، وَالْمُرَادُ بَعْضُ مَنْ حَوْلَهُ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَاسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[باب إكرام الرجل جليسه]

[باب إِكْرَامِ الرَّجُلِ جَلِيسَهُ] 3716 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ أَبِي يَحْيَى الطَّوِيلِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلُ الْكُوفَةِ عَنْ زَيْدٍ الْعَمِّيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا لَقِيَ الرَّجُلَ فَكَلَّمَهُ لَمْ يَصْرِفْ وَجْهَهُ عَنْهُ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الَّذِي يَنْصَرِفُ وَإِذَا صَافَحَهُ لَمْ يَنْزِعْ يَدَهُ مِنْ يَدِهِ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الَّذِي يَنْزِعُهَا وَلَمْ يُرَ مُتَقَدِّمًا بِرُكْبَتَيْهِ جَلِيسًا لَهُ قَطُّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَلَمْ يُرَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ (جَلِيسًا لَهُ) مَفْعُولٌ، " مُتَقَدِّمًا " أَيْ: لَمْ يُقَدِّمْ فِي الْمَجْلِسِ رُكْبَتَهُ عَلَى رُكْبَةِ جَلِيسِهِ، وَالْحَدِيثُ مَسُوقٌ لِأَخْلَاقِهِ الْكَرِيمَةِ، وَفِي الزَّوَائِدِ مَدَارُ الْحَدِيثِ عَلَى زَيْدٍ الْعَمِّيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[باب من قام عن مجلس فرجع فهو أحق به]

[باب مَنْ قَامَ عَنْ مَجْلِسٍ فَرَجَعَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ] 3717 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ عَنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ رَجَعَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَجْلِسِهِ) أَيْ: عَلَى نِيَّةِ الرُّجُوعِ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَعَلَامَةُ ذَلِكَ أَنْ يَتْرُكَ بَعْضَ مَا عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ بَعْضِ الْأَحَادِيثِ.

[باب المعاذير]

[باب الْمَعَاذِيرِ] 3718 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ مِينَاءَ عَنْ جُودَانَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ اعْتَذَرَ إِلَى أَخِيهِ بِمَعْذِرَةٍ فَلَمْ يَقْبَلْهَا كَانَ عَلَيْهِ مِثْلُ خَطِيئَةِ صَاحِبِ مَكْسٍ» حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هُوَ ابْنُ مِينَاءَ عَنْ جُودَانَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَقْبَلْهَا) لَعَلَّ هَذَا إِذَا لَمْ يَظْهَرْ كَذِبُهُ فِي الْمَعْذِرَةِ وَخِيَانَتُهُ قَوْلُهُ: (مَكْسٌ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَخْذُ الْعُشْرِ وَالْمَاكِسُ الْعَشَّارُ، وَفِي الْحَدِيثِ «لَا يَدْخُلُ صَاحِبُ مَكْسٍ الْجَنَّةَ،» وَبِالْجُمْلَةِ، فَيَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَقْبَلَ الْمَعْذِرَةَ مَهْمَا أَمْكَنَ، وَفِي الزَّوَائِدِ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ مُرْسَلٌ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ جُودَانُ

هَذَا لَيْسَتْ لَهُ صُحْبَةٌ وَهُوَ مَجْهُولٌ.

[باب المزاح]

[باب الْمُزَاحِ] 3719 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ زَمْعَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا زَمْعَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبِ بْنِ زَمْعَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ «خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ فِي تِجَارَةٍ إِلَى بُصْرَى قَبْلَ مَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَامٍ وَمَعَهُ نُعَيْمَانُ وَسُوَيْبِطُ بْنُ حَرْمَلَةَ وَكَانَا شَهِدَا بَدْرًا وَكَانَ نُعَيْمَانُ عَلَى الزَّادِ وَكَانَ سُوَيْبِطُ رَجُلًا مَزَّاحًا فَقَالَ لِنُعَيْمَانَ أَطْعِمْنِي قَالَ حَتَّى يَجِيءَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ فَلَأُغِيظَنَّكَ قَالَ فَمَرُّوا بِقَوْمٍ فَقَالَ لَهُمْ سُوَيْبِطٌ تَشْتَرُونَ مِنِّي عَبْدًا لِي قَالُوا نَعَمْ قَالَ إِنَّهُ عَبْدٌ لَهُ كَلَامٌ وَهُوَ قَائِلٌ لَكُمْ إِنِّي حُرٌّ فَإِنْ كُنْتُمْ إِذَا قَالَ لَكُمْ هَذِهِ الْمَقَالَةَ تَرَكْتُمُوهُ فَلَا تُفْسِدُوا عَلَيَّ عَبْدِي قَالُوا لَا بَلْ نَشْتَرِيهِ مِنْكَ فَاشْتَرَوْهُ مِنْهُ بِعَشْرِ قَلَائِصَ ثُمَّ أَتَوْهُ فَوَضَعُوا فِي عُنُقِهِ عِمَامَةً أَوْ حَبْلًا فَقَالَ نُعَيْمَانُ إِنَّ هَذَا يَسْتَهْزِئُ بِكُمْ وَإِنِّي حُرٌّ لَسْتُ بِعَبْدٍ فَقَالُوا قَدْ أَخْبَرَنَا خَبَرَكَ فَانْطَلَقُوا بِهِ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَأَخْبَرُوهُ بِذَلِكَ قَالَ فَاتَّبَعَ الْقَوْمَ وَرَدَّ عَلَيْهِمْ الْقَلَائِصَ وَأَخَذَ نُعَيْمَانَ قَالَ فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْبَرُوهُ قَالَ فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ مِنْهُ حَوْلًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْمُزَاحُ) بِضَمِّ الْمِيمِ كَلَامٌ يُرَادُ بِهِ الْمُبَاسَطَةُ بِحَيْثُ لَا يُفْضِي إِلَى أَذًى فَإِنْ بَلَغَ بِهِ الْإِيذَاءَ فَهُوَ السُّخْرِيَةُ وَالْمِزَاحُ بِكَسْرِ الْمِيمِ مَصْدَرٌ. قَوْلُهُ: (وَمَعَهُ نُعَيْمَانُ وَسُوَيْبِطُ) هُمَا مَضْبُوطَانِ بِالتَّصْغِيرِ (مَزَّاحًا) كَعَلَّامًا (لَأَغِيظَنَّكَ) مِنَ الْإِغَاظَةِ بِنُونِ التَّوْكِيدِ الثَّقِيلَةِ (بِعَشْرَةِ قَلَائِصَ) أَيْ: بِعَشْرِ نُوقٍ (حَوْلًا) أَيْ: عَامًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الصَّحَابَةَ هُمُ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ هَذَا الْكَلَامَ فِيمَا بَيْنَهُمُ الْعَامَ وَيَضْحَكُونَ مِنْهُ فَهَذَا قَيْدٌ لِضَحِكِهِمْ فَقَطْ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ زَمْعَةُ بْنُ صَالِحٍ وَهُوَ وَإِنْ أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ فَإِنَّمَا رَوَى لَهُ مَقْرُونًا بِغَيْرِهِ وَقَدْ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُمَا.

3720 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَالِطُنَا حَتَّى يَقُولَ لِأَخٍ لِي صَغِيرٍ يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ» قَالَ وَكِيعٌ يَعْنِي طَيْرًا كَانَ يَلْعَبُ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَا أَبَا عُمَيْرٍ) بِالتَّصْغِيرِ (مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ) عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ وَالنُّغَيْرُ بِالتَّصْغِيرِ اسْمُ طَائِرٍ قَالَهُ حِينَ مَاتَ النُّغَيْرُ، أَيْ: مَا صَنَعَ وَمَا جَرَى لَهُ.

[باب نتف الشيب]

[باب نَتْفِ الشَّيْبِ] 3721 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَتْفِ الشَّيْبِ وَقَالَ هُوَ نُورُ الْمُؤْمِنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (هُوَ نُورُ الْمُؤْمِنِ) أَيْ: فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُزِيلَهُ بِخِلَافِ الْخِضَابِ فَإِنَّهُ سَتْرٌ لَهُ لَا إِزَالَةٌ فَهُوَ جَائِزٌ.

[باب الجلوس بين الظل والشمس]

[باب الْجُلُوسِ بَيْنَ الظِّلِّ وَالشَّمْسِ] 3722 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ عَنْ أَبِي الْمُنِيبِ عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُقْعَدَ بَيْنَ الظِّلِّ وَالشَّمْسِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (نَهَى أَنْ يُقْعَدَ بَيْنَ الظِّلِّ وَالشَّمْسِ) قَالَ الْبَيْهَقِيُّ قَدْ جَاءَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَاعِدًا فِي جِدَارِ الْكَعْبَةِ بَعْضُهُ فِي الظِّلِّ وَبَعْضُهُ فِي الشَّمْسِ» وَقَدْ جَاءَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بِرِوَايَةِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْهُ قَالَ: «إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي الْفَيْءِ فَقَلَصَ عَنْهُ فَلْيَقُمْ فَإِنَّهُ مَجْلِسُ الشَّيْطَانِ» فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تَجْمَعُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ حَدِيثِ ابْنِ بُرَيْدَةَ حَسَنٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب النهي عن الاضطجاع على الوجه]

[باب النَّهْيِ عَنْ الِاضْطِجَاعِ عَلَى الْوَجْهِ] 3723 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ قَيْسِ بْنِ طِخْفَةَ الْغِفَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «أَصَابَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَائِمًا فِي الْمَسْجِدِ عَلَى بَطْنِي فَرَكَضَنِي بِرِجْلِهِ وَقَالَ مَا لَكَ وَلِهَذَا النَّوْمِ هَذِهِ نَوْمَةٌ يَكْرَهُهَا اللَّهُ أَوْ يُبْغِضُهَا اللَّهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَلَى بَطْنِي) أَيْ: عَلَى وَجْهِي (فَرَكَضَنِي) أَيْ: عَرَكَنِي.

3724 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ طِخْفَةَ الْغِفَارِيِّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ «مَرَّ بِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مُضْطَجِعٌ عَلَى بَطْنِي فَرَكَضَنِي بِرِجْلِهِ وَقَالَ يَا جُنَيْدِبُ إِنَّمَا هَذِهِ ضِجْعَةُ أَهْلِ النَّارِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَا جُنَيْدِبُ) بِالتَّصْغِيرِ (ضِجْعَةُ) بِالْكَسْرِ كَالْجِلْسَةِ لِلْهَيْئَةِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ نُعَيْمٍ لَمْ أَرَ مَنْ جَرَّحَهُ وَلَا مَنْ وَثَّقَهُ وَيَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ.

3725 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ رَجَاءٍ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ جَمِيلٍ الدِّمَشْقِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ الْقَاسِمَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ «مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَجُلٍ نَائِمٍ فِي الْمَسْجِدِ مُنْبَطِحٍ عَلَى وَجْهِهِ فَضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ وَقَالَ قُمْ وَاقْعُدْ فَإِنَّهَا نَوْمَةٌ جَهَنَّمِيَّةٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَإِنَّهَا نَوْمَةٌ جَهَنَّمِيَّةٌ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ وَلِيدُ بْنُ جَمِيلٍ لَيَّنَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ شَيْخٌ رَوَى عَنِ الْقَاسِمِ أَحَادِيثَ مُنْكَرَةً وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ وَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتٍ، وَسَلَمَةُ بْنُ رَجَاءٍ وَيَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِمَا.

[باب تعلم النجوم]

[باب تَعَلُّمِ النُّجُومِ] 3726 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَخْنَسِ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ اقْتَبَسَ عِلْمًا مِنْ النُّجُومِ اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنْ السِّحْرِ زَادَ مَا زَادَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنِ اقْتَبَسَ) تَعَلَّمَ (عِلْمًا مِنَ النُّجُومِ) هُوَ الَّذِي يُخْبِرُ بِهِ عَنِ الْمُغَيَّبَاتِ وَالْأُمُورِ الْمُسْتَقْبَلَةِ بِوَاسِطَةِ النَّظَرِ فِي أَحْوَالِ الْكَوَاكِبِ، وَأَمَّا مَا يُعْلَمُ بِهِ أَوْقَاتُ الصَّلَاةِ وَجِهَةُ الْقِبْلَةِ فَغَيْرُ دَاخِلٍ فِيهِ (شُعْبَةً) بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ: قِطْعَةً زَادَ مِنَ السِّحْرِ مَا زَادَ مِنَ النُّجُومِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ الرَّاوِي، أَيْ: زَادَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي تَقْبِيحِ النُّجُومِ مَا زَادَ.

[باب النهي عن سب الريح]

[باب النَّهْيِ عَنْ سَبِّ الرِّيحِ] 3727 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الزُّرَقِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُسُبُّوا الرِّيحَ فَإِنَّهَا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ تَأْتِي بِالرَّحْمَةِ وَالْعَذَابِ وَلَكِنْ سَلُوا اللَّهَ مِنْ خَيْرِهَا وَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَإِنَّهَا مِنْ رُوحِ اللَّهِ) قِيلَ: الرُّوحُ النَّفْسُ وَالْفَرَجُ وَالرَّحْمَةُ فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَكُونُ الرِّيحُ مِنْ رَحْمَتِهِ مَعَ أَنَّهَا تَجِيءُ بِالْعَذَابِ. قُلْتُ: إِذَا كَانَ عَذَابًا لِلظَّلَمَةِ فَيَكُونُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، وَأَيْضًا الرُّوحُ بِمَعْنَى الرَّائِحِ أَيِ الْجَائِي مِنْ حَضْرَةِ اللَّهِ بِأَمْرِهِ تَارَةً لِلْكَرَامَةِ وَأُخْرَى لِلْعَذَابِ فَلَا يَعِيبُ فَإِنَّهُ تَأْدِيبٌ وَالتَّأْدِيبُ حَسَنٌ.

[باب ما يستحب من الأسماء]

[باب مَا يُسْتَحَبُّ مِنْ الْأَسْمَاءِ] 3728 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا الْعُمَرِيُّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَحَبُّ الْأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَحَبُّ الْأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ) أَيْ: وَأَمْثَالُهُمَا مِمَّا فِيهِ إِضَافَةُ الْعَبْدِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى لِمَا فِيهِ مِنَ الِاعْتِرَافِ بِالْعُبُودِيَّةِ وَتَعْظِيمِهِ تَعَالَى بِالرُّبُوبِيَّةِ كُلَّمَا يُذْكَرُ الِاسْمُ مَعَ الْمُوَافَقَةِ بِاسْمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا شَكَّ أَنَّ وَصْفَ الْعُبُودِيَّةِ وَتَعْظِيمَهُ تَعَالَى بِالرُّبُوبِيَّةِ يَتَضَمَّنُ الْإِشْعَارَ بِالذُّلِّ فِي حَضْرَتِهِ الْمُسْتَدْعِي لِلرَّحْمَةِ لِصَاحِبِهِ؛ وَلِذَلِكَ ذَكَّرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي مَوَاضِعَ الرَّحْمَةِ بِاسْمِ الْعَبْدِ فَقَالَ {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ} [الزمر: 53] الْآيَةَ وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَشْرَفِ الْمَوَاضِعِ فِي كِتَابِهِ بِاسْمِ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ} [الجن: 19] وَقَالَ {نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ} [الفرقان: 1] وَقِيلَ: أَيْ أَحَبُّ الْأَسْمَاءِ بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَهَذَانِ الِاسْمَانِ لَيْسَا بِأَحَبِّ مِنَ اسْمِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

[باب ما يكره من الأسماء]

[باب مَا يُكْرَهُ مِنْ الْأَسْمَاءِ] 3729 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَئِنْ عِشْتُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْهَيَنَّ أَنْ يُسَمَّى رَبَاحٌ وَنَجِيحٌ وَأَفْلَحُ وَنَافِعٌ وَيَسَارٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَأَنْهَيَنَّ) مِنَ النَّهْيِ بِنُونِ التَّوْكِيدِ الثَّقِيلَةِ كَأَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ النَّهْيِ، ثُمَّ نَهَى (رَبَاحُ) بِفَتْحِ الرَّاءِ ضِدُّ الْخَسَارَةِ، وَالنَّجَاحُ وَالْفَلَاحُ هُوَ الظَّفَرُ بِالْمَطْلُوبِ وَالْيَسَارُ مِنَ الْيُسْرِ ضِدُّ الْعُسْرِ، وَإِنَّمَا تُكْرَهُ التَّسْمِيَةُ بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا سُئِلَ بِأَحَدِ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ فَقِيلَ: اسْمٌ هُوَ فَيَقُولُ الْمُجِيبُ لَا فَيَكُونُ الْجَوَابُ شَنِيعًا تَكْرَهُهُ الْعُقُولُ فَالتَّسْمِيَةُ الْمُؤَدِّيَةُ إِلَى هَذَا الْجَوَابِ مَكْرُوهَةٌ.

3730 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ الرُّكَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَمُرَةَ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُسَمِّيَ رَقِيقَنَا أَرْبَعَةَ أَسْمَاءٍ أَفْلَحُ وَنَافِعٌ وَرَبَاحٌ وَيَسَارٌ»

3731 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا أَبُو عَقِيلٍ حَدَّثَنَا مُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ «لَقِيتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقَالَ مَنْ أَنْتَ فَقُلْتُ مَسْرُوقُ بْنُ الْأَجْدَعِ فَقَالَ عُمَرُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْأَجْدَعُ شَيْطَانٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (شَيْطَانٌ) أَيْ: فَلَا يَنْبَغِي تَسْمِيَةُ الْإِنْسَانِ بِاسْمِهِ.

[باب تغيير الأسماء]

[باب تَغْيِيرِ الْأَسْمَاءِ] 3732 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا رَافِعٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ زَيْنَبَ كَانَ اسْمُهَا بَرَّةَ فَقِيلَ لَهَا تُزَكِّي نَفْسَهَا فَسَمَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْنَبَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بَرَّةُ) بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمُهْلَةِ مِنَ الْبِرِّ بِكَسْرِ الْبَاءِ فِعْلُ الْخَيْرِ فَفِي هَذَا الِاسْمِ تَزْكِيَةٌ بِأَنَّهَا فَاعِلَةُ الْخَيْرَاتِ.

3733 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ ابْنَةً لِعُمَرَ كَانَ يُقَالُ لَهَا عَاصِيَةُ فَسَمَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمِيلَةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (جَمِيلَةً) قِيلَ: لَعَلَّهُ لَمْ يُسَمِّهَا مُطِيعَةً مَعَ أَنَّهَا ضِدُّ الْعَاصِيَةِ كَرَاهَةَ التَّنْزِيهِ.

3734 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى أَبُو الْمُحَيَّاةِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ حَدَّثَنِي ابْنُ أَخِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ «قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ اسْمِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ فَسَمَّانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ (قَوْلُهُ: فَسَمَّانِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ) ابْنُ أَخِي عَبْدِ اللَّهِ لَمْ يُسَمَّ، وَفِي الْأَطْرَافِ وَمَا عَلِمْتُهُ وَبَاقِي رِجَالِ

الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ.

[باب الجمع بين اسم النبي صلى الله عليه وسلم وكنيته]

[باب الْجَمْعِ بَيْنَ اسْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكُنْيَتِهِ] 3735 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ «قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسَمَّوْا بِاسْمِي وَلَا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (تَسَمَّوْا) مِنَ التَّسَمِّي وَأَصْلُهُ تَتَسَمَّوْا بِالتَّاءَيْنِ، وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِ وَلَا تَكْتَنُوا مِنَ الِاكْتِنَاءِ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ رَجُلًا نَادَى آخَرَ فَقَالَ، إِنَّمَا دَعَوْتُ هَذَا فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَسَمَّوْا بِاسْمِي. . . الْحَدِيثَ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عِلَّةَ النَّهْيِ الِالْتِبَاسُ الْمُرَتَّبُ عَلَيْهِ الْإِيذَاءُ حِينَ مُنَادَاةِ بَعْضِ النَّاسِ وَالِالْتِبَاسُ لَا يَتَحَقَّقُ فِي الِاسْمِ وَلِأَنَّهُمْ نُهُوا عَنْ نِدَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالِاسْمِ فَقَالَ تَعَالَى {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: 63] وَلِتَعْلِيمِ الْفِعْلِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِعِبَادِهِ لَمْ يُخَاطِبْهُ فِي كَلَامِهِ إِلَّا بِمِثْلِ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ، وَأَمَّا الْكُنْيَةُ فَالْمُنَادَاةُ عَلَى هَذَا مُخْتَصَّةٌ بِحَالِ حَيَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاخْتِصَاصُ الْعِلَّةِ وَحْدَهُ لَا يُوجِبُ اخْتِصَاصَ الْحُكْمِ إِذِ الْحُكْمُ لَا يَنْتَفِي بِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ مَا دَامَ يَرِدُ مِنَ الذَّمِّ مَا يَنْفِي الْحُكْمَ، لَكِنْ قَدْ جَاءَ فِي الْبَابِ مَا يَدُلُّ عَلَى خُصُوصِ الْحُكْمِ بِزَمَانِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي الْمَقَامِ زِيَادَةُ بَسْطٍ ذَكَرْنَاهُ فِي حَاشِيَةِ أَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

3736 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسَمَّوْا بِاسْمِي وَلَا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي»

3737 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَقِيعِ فَنَادَى رَجُلٌ رَجُلًا يَا أَبَا الْقَاسِمِ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي لَمْ أَعْنِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسَمَّوْا بِاسْمِي وَلَا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي»

[باب الرجل يكنى قبل أن يولد له]

[باب الرَّجُلِ يُكْنَى قَبْلَ أَنْ يُولَدَ لَهُ] 3738 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ صُهَيْبٍ «أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِصُهَيْبٍ مَا لَكَ تَكْتَنِي بِأَبِي يَحْيَى وَلَيْسَ لَكَ وَلَدٌ قَالَ كَنَّانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَبِي يَحْيَى» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كَنَّانِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَبِي يَحْيَى) أَيْ: فَعُلِمَ أَنَّ الْكُنْيَةَ لَا تَتَوَقَّفُ صِحَّتُهَا عَلَى وُجُودِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْعَلَمِ وَمُرَاعَاةُ الْمَعْنَى الْأَصْلِيِّ فِيهِ غَيْرُ لَازِمٍ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُرَادُ بِهِ التَّفَاؤُلُ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ؛ لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.

3739 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ مَوْلًى لِلزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ أَزْوَاجِكَ كَنَّيْتَهُ غَيْرِي قَالَ فَأَنْتِ أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ (قَالَ فَأَنْتِ أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ) قُلْتُ:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَأُمُّهُ اسْمُهَا أَسْمَاءُ أُخْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَعَائِشَةُ خَالَتُهُ وَالْخَالَةُ كَالْأُمِّ.

3740 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتِينَا فَيَقُولُ لِأَخٍ لِي وَكَانَ صَغِيرًا يَا أَبَا عُمَيْرٍ»

[باب الألقاب]

[باب الْأَلْقَابِ] 3741 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ دَاوُدَ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَبِي جَبِيرَةَ بْنِ الضَّحَّاكِ قَالَ «فِينَا نَزَلَتْ مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ قَدِمَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالرَّجُلُ مِنَّا لَهُ الِاسْمَانِ وَالثَّلَاثَةُ فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُبَّمَا دَعَاهُمْ بِبَعْضِ تِلْكَ الْأَسْمَاءِ فَيُقَالُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ يَغْضَبُ مِنْ هَذَا فَنَزَلَتْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: ( {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ} [الحجرات: 11] ) أَيْ: لَا يَدْعُوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِسُوءِ الْأَلْقَابِ وَالنَّبْزُ مُخْتَصٌّ بِالسُّوءِ عُرْفًا.

[باب المدح]

[باب الْمَدْحِ] 3742 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ عَنْ الْمِقْدَادِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَحْثُوَ فِي وُجُوهِ الْمَدَّاحِينَ التُّرَابَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنْ تَحْثُوا فِي وُجُوهَ الْمَدَّاحِينَ) هُمُ الَّذِينَ عَادَتُهُمْ مَدْحُ النَّاسِ لِتَحْصِيلِ الْمَالِ وَالْجَاهِ لَدَيْهِمْ، وَأَمَّا الْمَدْحُ عَلَى الْفِعْلِ الْحَسَنِ تَحْرِيضًا عَلَى الْإِسْدَاءِ فَلَيْسَ مِنْهُ، ذَكَرَهُ الْخَطَّابِيُّ وَقَالَ هَذَا الْأَمْرُ قَدِ اسْتَعْمَلَهُ الْمِقْدَادُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَقَدْ يُؤَوَّلُ إِلَى الْحِرْمَانِ وَالْخَيْبَةِ أَيْ فَلَا تُعْطُوهُمْ.

3743 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ مَعْبَدٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِيَّاكُمْ وَالتَّمَادُحَ فَإِنَّهُ الذَّبْحُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ الذَّبْحُ) لِأَنَّهُ قَدْ يَغْتَرُّ بِهِ صَاحِبُهُ، وَهَذَا مَعْنَى مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْآتِي مِنْ قَوْلِهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ سُفْيَانَ حَسَنٌ؛ لِأَنَّ مَعْبَدًا الْجُهَنِيَّ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ.

3744 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «مَدَحَ رَجُلٌ رَجُلًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيْحَكَ قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ مِرَارًا ثُمَّ قَالَ إِنْ كَانَ أَحَدُكُمْ مَادِحًا أَخَاهُ فَلْيَقُلْ أَحْسِبُهُ وَلَا أُزَكِّي عَلَى اللَّهِ أَحَدًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَحْسَبُهُ) أَيْ: لَا يَقْطَعُ بِذَلِكَ، بَلْ يَذْكُرُهُ عَلَى وَجْهِ الظَّنِّ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ شَيْنِ التَّزْكِيَةِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَأَيْضًا هُوَ أَقَلُّ إِغْرَارًا مِنَ الْقَطْعِ فِي حَقِّ صَاحِبِ الْمَدْحِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب المستشار مؤتمن]

[باب الْمُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ] 3745 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ عَنْ شَيْبَانَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْمُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ) أَيْ: أَمِينٌ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَخُونَ الْمُسْتَشِيرَ بِكِتْمَانِ الْمَصْلَحَةِ وَالدَّلَالَةِ عَلَى الْمَفْسَدَةِ.

3746 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

3747 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ وَعَلِيُّ بْنُ هَاشِمٍ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَشَارَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُشِرْ عَلَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَلْيُشِرْ عَلَيْهِ) أَيْ: بِمَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ إِذَا ظَهَرَ لَهُ ذَلِكَ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَاسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وَأَبُوهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيُّ الْقَاضِي وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[باب دخول الحمام]

[باب دُخُولِ الْحَمَّامِ] 3748 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا خَالِي يَعْلَى وَجَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ جَمِيعًا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمٍ الْإِفْرِيقِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُفْتَحُ لَكُمْ أَرْضُ الْأَعَاجِمِ وَسَتَجِدُونَ فِيهَا بُيُوتًا يُقَالُ لَهَا الْحَمَّامَاتُ فَلَا يَدْخُلْهَا الرِّجَالُ إِلَّا بِإِزَارٍ وَامْنَعُوا النِّسَاءَ أَنْ يَدْخُلْنَهَا إِلَّا مَرِيضَةً أَوْ نُفَسَاءَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يُقَالُ لَهَا الْحَمَّامَاتُ) جَمْعُ حَمَّامٍ بِالتَّشْدِيدِ بَيْتٌ مَعْلُومٌ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ فِيهِمْ حَمَّامٌ، وَفِي الْحَدِيثِ إِخْبَارٌ عَمَّا سَيَكُونُ وَقَدْ كَانَ الْآنَ فَفِيهِ مُعْجِزَةٌ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (إِلَّا بِإِزَارٍ) أَيْ: لِيَأْمَنُوا بِذَلِكَ عَنْ كَشْفِ الْعَوْرَةِ وَنَظَرِ بَعْضٍ إِلَى عَوْرَةِ الْآخَرِ.

3749 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ عَنْ أَبِي عُذْرَةَ قَالَ وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ عَنْ الْحَمَّامَاتِ ثُمَّ رَخَّصَ لِلرِّجَالِ أَنْ يَدْخُلُوهَا فِي الْمَيَازِرِ وَلَمْ يُرَخِّصْ لِلنِّسَاءِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (نَهَى الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ) هَذَا لَا يَقْتَضِي وُجُودَ الْحَمَّامِ يَوْمَئِذٍ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ فَلَا يُنَافِي هَذَا الْحَدِيثُ الْحَدِيثَ الْمُتَقَدِّمَ الدَّالَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ فِيهِمْ حَمَّامٌ (بِالْمَيَازِرِ) جَمْعُ مِئْزَرٍ بِتَقْدِيمِ الْمُعْجَمَةِ عَلَى الْمُهْمَلَةِ بِمَعْنَى

الْإِزَارِ.

3750 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ الْهُذَلِيِّ «أَنَّ نِسْوَةً مِنْ أَهَلْ حِمْصَ اسْتَأْذَنَّ عَلَى عَائِشَةَ فَقَالَتْ لَعَلَّكُنَّ مِنْ اللَّوَاتِي يَدْخُلْنَ الْحَمَّامَاتِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَيُّمَا امْرَأَةٍ وَضَعَتْ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِ زَوْجِهَا فَقَدْ هَتَكَتْ سِتْرَ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَقَدْ هَتَكَتْ. . . إِلَخْ) الْهَتْكُ خَرْقُ السِّتْرِ عَمَّا وَرَاءَهُ فَإِنْ قُلْتَ: أَيُّ سِتْرٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَهَلْ يُمْكِنُ وُجُودُ سَاتِرٍ يَسْتُرُهَا عَنْ نَظَرِ اللَّهِ تَعَالَى؟ قُلْتُ: لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ الْحَيَاءُ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَسْتَحِي عَنْ أَنْ يَأْخُذَ الْحَيَاءَ مِنَ الْعَبْدِ وَيُعَاقِبَهُ بِذُنُوبِهِ فَكَانَ الْحَيَاءُ بِمَنْزِلَةِ الْحِجَابِ وَالسِّتْرُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ اللَّهِ بِوَاسِطَةِ ذُنُوبِ الْعَبْدِ وَلَا يُنَاقِشُهُ فِيهَا، بَلْ يَعْفُو عَنْهُ.

[باب الاطلاء بالنورة]

[باب الِاطِّلَاءِ بِالنُّورَةِ] 3751 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ الرُّمَّانِيِّ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اطَّلَى بَدَأَ بِعَوْرَتِهِ فَطَلَاهَا بِالنُّورَةِ وَسَائِرَ جَسَدِهِ أَهْلُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كَانَ إِذَا اطَّلَى) بِتَشْدِيدِ الطَّاءِ افْتِعَالٌ يُقَالُ طَلَيْتُهُ بِنُورَةٍ أَوْ غَيْرِهِ لَطَّخْتُهُ وَاطَّلَيْتُ إِذَا فَعَلْتَهُ بِنَفْسِكَ (وَسَائِرَ جَسَدِهِ) بِالنَّصْبِ (وَأَهْلُهُ) بِالرَّفْعِ وَطَلَى سَائِرَ جَسَدِهِ أَهْلُهُ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ مَعْمُولَيْ عَامِلٍ وَاحِدٍ، وَفِي الزَّوَائِدِ بَعْدَ ذِكْرِ الْحَدِيثِ بِالسَّنَدَيْنِ هَذَا حَدِيثٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أُمِّ سَلِمَةَ قَالَهُ أَبُو زُرْعَةَ.

3752 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنِي إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ كَامِلٍ أَبِي الْعَلَاءِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اطَّلَى وَوَلِيَ عَانَتَهُ بِيَدِهِ»

[باب القصص]

[باب الْقَصَصِ] 3753 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا الْهِقْلُ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ الْأَسْلَمِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَقُصُّ عَلَى النَّاسِ إِلَّا أَمِيرٌ أَوْ مَأْمُورٌ أَوْ مُرَاءٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا يَقُصُّ عَلَى النَّاسِ) الْقَصَصُ التَّحَدُّثُ وَيُسْتَعْمَلُ فِي الْوَعْظِ، قِيلَ: هَذَا فِي الْخُطْبَةُ وَالْخُطْبَةُ مِنْ وَظِيفَةِ الْإِمَامِ فَإِنْ شَاءَ خَطَبَ بِنَفْسِهِ وَإِنْ شَاءَ نَصَّبَ نَائِبًا يَخْطُبُ عَنْهُ، وَأَمَّا مَنْ لَيْسَ بِإِمَامٍ وَلَا نَائِبٍ عَنْهُ إِذَا تَصَدَّرَ لِلْخُطْبَةِ فَهُوَ مِمَّنْ نَصَّبَ نَفْسَهُ فِي هَذَا الْمَحَلِّ رِيَاءً، وَقِيلَ: بَلِ الْقُصَّاصُ وَالْوُعَّاظُ لَا يَنْبَغِي لَهُمَا الْوَعْظُ وَالْقَصَصُ إِلَّا بِأَمْرِ الْإِمَامِ، وَإِلَّا لَدَخَلَا فِي الْمُرَائِي، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِمَامَ أَدْرَى بِمَصَالِحِ الْخَلْقِ وَلَا يُنَصِّبُ إِلَّا مَنْ يَكُونُ أَكْثَرَ نَفْعًا بِخِلَافِ مَنْ نَصَّبَ نَفْسَهُ قَدْ يَكُونُ ضَرَرُهُ أَكْثَرَ فَقَدْ يَفْعَلُ ذَلِكَ رِيَاءً، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ الْأَسْلَمِيُّ الْقَارِّيُّ وَهُوَ

ضَعِيفٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

3754 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ الْعُمَرِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ لَمْ يَكُنْ الْقَصَصُ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ وَلَا زَمَنِ عُمَرَ

[باب الشعر]

[باب الشِّعْرِ] 3755 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ مِنْ الشِّعْرِ لَحِكْمَةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكْمَةٌ) مِنْ تَبْعِيضِيَّةٌ يُرِيدُ أَنَّ الشِّعْرَ لَا دَخْلَ لَهُ فِي الْحُسْنِ وَالْقُبْحِ وَلَا يُعْتَبَرُ بِهِ حَالُ الْمَعَانِي فِي الْحُسْنِ وَالْقُبْحِ وَالْمَدَارِ، إِنَّمَا هُوَ عَلَى الْمَعَانِي لَا عَلَى كَوْنِ الْكَلَامِ نَثْرًا، أَوْ نَظْمًا فَإِنَّهُمَا كَيْفِيَّتَانِ لِأَدَاءِ الْمَعْنَى وَطَرِيقَانِ إِلَيْهِ، وَلَكِنِ الْمَعْنَى إِنْ كَانَ حَسَنًا وَحِكْمَةً فَذَلِكَ الشِّعْرُ حِكْمَةٌ وَإِذَا كَانَ قَبِيحًا فَذَلِكَ الشِّعْرُ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا يُذَمُّ الشِّعْرُ شَرْعًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ غَالِبًا يَكُونُ مَدْحًا لِمَنْ لَا يَسْتَحِقُّهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَلِذَلِكَ لَمَّا قَالَ تَعَالَى: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} [الشعراء: 224] أَثْنَى عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [الشعراء: 227] الْآيَةَ.

3756 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ إِنَّ مِنْ الشِّعْرِ حِكَمًا»

3757 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَهَا الشَّاعِرُ كَلِمَةُ لَبِيدٍ أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلُ وَكَادَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ أَنْ يُسْلِمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَصْدَقُ كَلِمَةٍ) أُرِيدَ بِالْكَلِمَةِ اللُّغَوِيُّ وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ مُوَافِقَةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: 88] فَلِذَلِكَ وُصِفَتْ بِمَا وُصِفَتْ، وَبِالْجُمْلَةِ فَالْبَاطِلُ وَالْهَالِكُ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ فَصَدَقَ قَوْلُ مَنْ قَالَ لَيْسَ فِي الْوُجُودِ سِوَاهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.

3758 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْلَى عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «أَنْشَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِائَةَ قَافِيَةٍ مِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ يَقُولُ بَيْنَ كُلِّ قَافِيَةٍ هِيهْ وَقَالَ كَادَ أَنْ يُسْلِمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (هِيهِ) أَيْ: زِدْ.

[باب ما كره من الشعر]

[باب مَا كُرِهَ مِنْ الشِّعْرِ] 3759 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا حَفْصٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ الرَّجُلِ قَيْحًا حَتَّى يَرِيَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا إِلَّا أَنَّ حَفْصًا لَمْ يَقُلْ يَرِيَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَيْحًا) الْقَيْحُ صَدِيدٌ يَسِيلُ مِنَ الْجُرْحِ (يَرِيهِ) فِي النِّهَايَةِ مِنَ الْوَرْيِ مِثْلَ الرَّمْيِ يَدْخُلُ الْجَوْفَ يُقَالُ رَجُلٌ مُورًى غَيْرُ مَهْمُوزٍ

وَقَالَ الْفَرَّاءُ هُوَ الْوَرَى بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ بِالسُّكُونِ الْمَصْدَرُ وَبِالْفَتْحِ الِاسْمُ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَرَى الْقَيْحُ جَوْفَهُ يَرِيهِ وَرْيًا أَكَلَهُ وَقَالَ قَوْمٌ مَعْنَاهُ يُصِيبُ رِئَتَهُ وَأَنْكَرَهُ غَيْرُهُمْ؛ لِأَنَّ الرِّئَةَ مَهْمُوزَةٌ وَصَحَّحَهُ بَعْضُهُمْ (مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا) قَالَ النَّوَوِيُّ: قَالُوا الْمُرَادُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ الشِّعْرُ غَالِبًا عَلَيْهِ مُسْتَوْلِيًا بِحَيْثُ يَشْغَلُهُ عَنِ الْقُرْآنِ، أَوْ غَيْرِهِ مِنَ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ وَذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى اهـ، وَبِالْجُمْلَةِ فَالشِّعْرُ غَالِبًا لَا يَخْلُو عَنْ ضَرَرٍ دِينِيٍّ فَالضَّرَرُ الدُّنْيَوِيُّ خَيْرٌ مِنْهُ.

3760 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنِي قَتَادَةُ عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا حَتَّى يَرِيَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا»

3761 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ شَيْبَانَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ فِرْيَةً لَرَجُلٌ هَاجَى رَجُلًا فَهَجَا الْقَبِيلَةَ بِأَسْرِهَا وَرَجُلٌ انْتَفَى مِنْ أَبِيهِ وَزَنَّى أُمَّهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَرَجُلٌ انْتَفَى مِنْ أَبِيهِ) أَيْ: بِأَنْ نَسَبَ نَفْسَهُ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ (وَزَنَّى) بِتَشْدِيدِ النُّونِ مِنَ التَّزْنِيَةِ، أَيْ: نَسَبَهَا إِلَى الزِّنَا؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ ابْنًا لِلْغَيْرِ لَا يَكُونُ إِلَّا كَذَلِكَ، وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ هُوَ ابْنُ مُوسَى الْقَيْسِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ وَشَيْبَانُ هُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّحْوِيُّ أَبُو مُعَاوِيَةَ الْمُؤَدِّبُ وَالْأَعْمَشُ هُوَ سُلَيْمَانُ بْنُ مِهْرَانَ، وَفِي الْإِسْنَادِ أَرْبَعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ يَرْوِي بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ.

[باب اللعب بالنرد]

[باب اللَّعِبِ بِالنَّرْدِ] 3762 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ وَأَبُو أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ»

3763 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ فَكَأَنَّمَا غَمَسَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ لَعِبَ) كَسَمِعَ يُقَالُ لَعِبَ إِذَا عَمِلَ مَا لَا يَنْفَعُ وَالنَّرْدُ لَعِبٌ مَعْرُوفٌ، قِيلَ: هُوَ مُعَرَّبٌ قَوْلُهُ: (بِالنَّرْدِشِيرِ) هُوَ لَفْظٌ فَارِسِيٌّ بِمَعْنَى الْحُلْوِ (فَكَأَنَّمَا غَمَسَ. . . إِلَخْ) تَصْوِيرٌ لِقُبْحِهِ تَنْفِيرًا عَنْهُ أَيْ كَأَنَّهُ يَنْغَمِسُ يَدُهُ فِيهِمَا لِيَأْكُلَهَا.

[باب اللعب بالحمام]

[باب اللَّعِبِ بِالْحَمَامِ] 3764 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَظَرَ إِلَى إِنْسَانٍ يَتْبَعُ طَائِرًا فَقَالَ شَيْطَانٌ يَتْبَعُ شَيْطَانًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (شَيْطَانٌ) أَيْ: هُوَ شَيْطَانٌ لِاشْتِغَالِهِ بِمَا لَا يَعْنِيهِ يَقْفُو أَثَرَ شَيْطَانٍ أَوْرَثَهُ الْغَفْلَةَ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، قِيلَ: اتِّخَاذُ الْحَمَامِ لِلْبَيْضِ وَالْأُنْسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ جَائِزٌ غَيْرٌ مَكْرُوهٍ وَاللَّعِبُ بِهَا بِالتَّطْيِيرِ مَكْرُوهٌ وَمَعَ الْقِمَارُ يَصِيرُ مَرْدُودَ الشَّهَادَةِ، ثُمَّ الْحَدِيثُ لَا يَنْزِلُ عَنْ دَرَجَةِ الْحُسْنِ كَمَا حَقَّقَهُ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فَزَعَمَ أَنَّهُ مَوْضُوعٌ بَاطِلٌ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ.

3765 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يَتْبَعُ حَمَامَةً فَقَالَ شَيْطَانٌ يَتْبَعُ شَيْطَانَةً»

3766 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا وَرَاءَ حَمَامَةٍ فَقَالَ شَيْطَانٌ يَتْبَعُ شَيْطَانَةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ) فِي الزَّوَائِدِ رِجَالُ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ غَيْرَ أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ فَإِنَّ الْحَسَنَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَهُ أَبُو زُرْعَةَ.

3767 - حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْعَسْقَلَانِيُّ حَدَّثَنَا رَوَّادُ بْنُ الْجَرَّاحِ حَدَّثَنَا أَبُو سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يَتْبَعُ حَمَامًا فَقَالَ شَيْطَانٌ يَتْبَعُ شَيْطَانًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ أَنَسٍ. . . إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ رَوَّادُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[باب كراهية الوحدة]

[باب كَرَاهِيَةِ الْوَحْدَةِ] 3768 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ عَاصِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُكُمْ مَا فِي الْوَحْدَةِ مَا سَارَ أَحَدٌ بِلَيْلٍ وَحْدَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَا فِي الْوَحْدَةِ) أَيْ: مَا فِي السَّيْرِ بِلَا رَفِيقٍ مِنَ الْآفَاتِ سِيَّمَا فِي اللَّيْلِ.

[باب إطفاء النار عند المبيت]

[باب إِطْفَاءِ النَّارِ عِنْدَ الْمَبِيتِ] 3769 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَتْرُكُوا النَّارَ فِي بُيُوتِكُمْ حِينَ تَنَامُونَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا تَتْرُكُوا النَّارَ فِي بُيُوتِكُمْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ لَا تَتْرُكُوهَا مَكْشُوفَةً فَتَغْطِيَتُهَا تَكْفِي فِي إِطْفَاءِ شَرِّهَا عَنْكُمْ، وَفِي

التَّطْفِيَةِ ذَلِكَ نَعَمْ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَقْتَضِي أَنْ لَا تُتْرَكَ أَصْلًا.

3770 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ «احْتَرَقَ بَيْتٌ بِالْمَدِينَةِ عَلَى أَهْلِهِ فَحُدِّثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَأْنِهِمْ فَقَالَ إِنَّمَا هَذِهِ النَّارُ عَدُوٌّ لَكُمْ فَإِذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوهَا عَنْكُمْ»

3771 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَهَانَا فَأَمَرَنَا أَنْ نُطْفِئَ سِرَاجَنَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ: أَمَرَنَا بِأَشْيَاءَ وَنَهَانَا عَنْ أَشْيَاءَ.

[باب النهي عن النزول على الطريق]

[باب النَّهْيِ عَنْ النُّزُولِ عَلَى الطَّرِيقِ] 3772 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا هِشَامٌ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَنْزِلُوا عَلَى جَوَادِّ الطَّرِيقِ وَلَا تَقْضُوا عَلَيْهَا الْحَاجَاتِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا تَنْزِلُوا عَلَى جَوَادِّ الطَّرِيقِ) جَمْعُ جَادَّةٍ وَقَدْ جَاءَ أَنَّهَا مَمَرُّ السِّبَاعِ وَالدَّوَابِّ فِي اللَّيْلِ (وَلَا تَقْضُوا عَلَيْهَا الْحَاجَاتِ) يُرِيدُ الْحَاجَةَ الْإِنْسَانِيَّةَ فَإِنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى اللَّعْنِ مِنَ الْمَارِّ عَلَى مَنْ قَضَى حَاجَةً فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ.

[باب ركوب ثلاثة على دابة]

[باب رُكُوبِ ثَلَاثَةٍ عَلَى دَابَّةٍ] 3773 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عَاصِمٍ حَدَّثَنَا مُوَرِّقٌ الْعِجْلِيُّ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ تُلُقِّيَ بِنَا قَالَ فَتُلُقِّيَ بِي وَبِالْحَسَنِ أَوْ بِالْحُسَيْنِ قَالَ فَحَمَلَ أَحَدَنَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَالْآخَرَ خَلْفَهُ حَتَّى قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَتُلَقِّي) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنَ التَّلَقِّي، وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ رُكُوبِ الثَّلَاثَةِ عَلَى دَابَّةٍ إِذَا كَانَتِ الدَّابَّةُ مُطِيقَةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب تتريب الكتاب]

[باب تَتْرِيبِ الْكِتَابِ] 3774 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا بَقِيَّةُ أَنْبَأَنَا أَبُو أَحْمَدَ الدِّمَشْقِيُّ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَرِّبُوا صُحُفَكُمْ أَنْجَحُ لَهَا إِنَّ التُّرَابَ مُبَارَكٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (تَرِّبُوا صُحُفَكُمْ) مِنَ التَّتْرِيبِ، قِيلَ: اجْعَلُوا عَلَيْهَا التُّرَابَ وَقَالَ الطِّيبِيُّ، أَيْ: أَسْقِطُوهَا عَلَى التُّرَابِ حَتَّى يَصِيرَ أَقْرَبَ إِلَى الْمَقْصِدِ قَالَ أَهْلُ الْحَقِّ إِنَّمَا أَمَرَهُ بِالْإِسْقَاطِ عَلَى التُّرَابِ اعْتِمَادًا عَلَى الْحَقِّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي إِيصَالِهِ إِلَى الْمَقْصِدِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ خَاطِبُوا الْكَاتِبَ خِطَابًا عَلَى غَايَةِ التَّوَاضُعِ، وَالْمُرَادُ بِالتَّتْرِيبِ أَنَّ الْمُبَالَغَةَ فِي التَّوَاضُعِ فِي الْخِطَابِ أَنْجَحُ لَهَا، وَفِي الزَّوَائِدِ. قُلْتُ: وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ غَيْلَانَ حَدَّثْنَا شَبَابَةُ عَنْ حَمْزَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ بِهِ بِلَفْظِ «إِذَا كَتَبَ أَحَدُكُمْ كِتَابًا فَلْيُتَرِّبْهُ فَإِنَّهُ أَنْجَحُ لِلْحَاجَةِ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ لَا نَعْرِفُهُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ قَالَ وَحَمْزَةُ عِنْدِي هُوَ ابْنُ عَمْرٍو النَّصِيبِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ فِي الْحَدِيثِ اهـ. كَلَامُ الزَّوَائِدِ. قُلْتُ: قَالَ السُّيُوطِيُّ: هَذَا أَحَدُ الْأَحَادِيثِ

الَّتِي انْتَقَدَهَا الْحَافِظُ سِرَاجُ الدِّينِ الْقَزْوِينِيُّ عَلَى الْمَصَابِيحِ وَزَعَمَ أَنَّهُ مَوْضُوعٌ وَقَالَ الْحَافِظُ صَلَاحُ الدِّينِ الْقَزْوِينِيُّ الْعَلَائِيُّ هَذَا لَيْسَ مِنَ الْحِسَانِ قَطْعًا فَهُوَ مِمَّا يُنْكَرُ عَلَى صَاحِبِ الْمَصَابِيحِ حَيْثُ جَعَلَهُ مِنْهَا وَقَدِ اعْتَرَضَ الْحُفَّاظُ عَلَى التِّرْمِذِيِّ وَقَالُوا: بَلْ حَمْزَةُ هَذَا هُوَ ابْنُ أَبِي حَمْزَةَ مَيْمُونٌ النَّصِيبِيُّ قَالَ فِيهِ ابْنُ مَعِينٍ لَا يُسَاوِي فَلْسًا وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وَقَالَ النَّسَائِيُّ مَتْرُوكٌ وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ رِوَايَتُهُ مَوْضُوعَةٌ وَلَهُ طَرَفٌ ثَانٍ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ عَنْ بَقِيَّةَ عَنْ أَبِي أَحْمَدَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ وَبَقِيَّةُ يَرْوِي عَنِ الْمَحَامِلِيِّ وَشَيْخُهُ أَبُو مُحَمَّدٍ مَجْهُولٌ وَقَدْ رَوَاهُ عَمَّارُ بْنُ نَسِيٍّ أَبُو يَاسِرٍ عَنْ بَقِيَّةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي عُمَرَ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا الْمِزِيُّ فِي الْأَطْرَافِ، ثُمَّ قَالَ، وَقِيلَ: عِنْدِي عَنْ بَقِيَّةَ بْنِ مُوسَى عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ الْعَلَائِيُّ إِنْ كَانَ أَبُو أَحْمَدَ هُوَ عُمَرُ بْنُ أَبِي عُمَرَ فَقَدْ قَالَ بَقِيَّةُ ابْنُ عَدِيٍّ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وَسَاقَ لَهُ مِنْ رِوَايَةِ بَقِيَّةَ عَنْهُ أَحَادِيثَ وَاهِيَةً وَأَمَّا عُمَرُ بْنُ مُوسَى فَهُوَ الْوَجْهِينِيُّ رَوَى عَنْ بَقِيَّةَ أَيْضًا قَالَ فِيهِ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِثِقَةٍ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ هُوَ مِمَّنْ يَضَعُ الْحَدِيثَ مَتْنًا وَإِسْنَادًا وَأَيًّا مَا كَانَ، فَالْحَدِيثُ ضَعِيفٌ مُنْكَرٌ وَلَهُ سَنَدٌ آخَرُ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ مِنْ رِوَايَةِ بَقِيَّةَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَفَعَهُ وَذَكَرَهُ عَنْ حَاتِمٍ أَنَّهُ قَالَ هَذَا حَدِيثُ بَاطِلٌ اهـ. وَقَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ كَذَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ: إِنَّ حَمْزَةَ هُوَ ابْنُ عُمَرَ النَّصِيبِيُّ وَقَالَ الْمِزِيُّ الْمَحْفُوظُ أَنَّهُ حَمْزَةُ بْنُ مَيْمُونٍ وَكَانَ التِّرْمِذِيُّ عَرَفَ ذَلِكَ وَخَالَفَهُ فِيهِ وَمِنْ ثَمَّ قَيَّدَهُ بِقَوْلِهِ عِنْدِي وَقَدْ وَرَدَ مِنْ رِوَايَةِ غَيْرِهِ عَنْ شَيْخِهِ أَبِي الزُّبَيْرِ فَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ أَبِي أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْكُلَاعِيِّ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُمَرَ بْنِ أَبِي عُمَرَ، قِيلَ: إِنَّ هَذَا هُوَ أَبُو أَحْمَدَ الْكُلَاعِيُّ، وَقِيلَ: غَيْرُهُ وَالْحَدِيثُ عِنْدَهُ مِنْ رِوَايَةِ بَقِيَّةَ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْهُ فَقَالَ تَارَةً عَنْ أَبِي أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ وَقَالَ تَارَةً عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي عُمَرَ وَعَلَى الْحَالَتَيْنِ يُمْكِنُ أَنْ يَخْرُجَ الْحَدِيثُ عَنْ كَوْنِهِ مَوْضُوعًا بِوُجُودِهِ بِسَنَدَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ.

[باب لا يتناجى اثنان دون الثالث]

[باب لَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ] 3775 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كُنْتُمْ ثَلَاثَةً فَلَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ صَاحِبِهِمَا فَإِنَّ ذَلِكَ يَحْزُنُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذَا كُنْتُمْ ثَلَاثَةً) يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ إِذَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ

يَأْتَنِسَ الثَّالِثُ بِالرَّابِعِ، وَأَيْضًا بِوُجُودِ الرَّابِعِ لَا يَخَافُ الثَّالِثُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْهُمَا الشَّرَّ، وَقَوْلُهُ: (يُحْزِنُهُ) مِنْ أَحْزَنَ، أَوْ حَزِنَ فَإِنَّ الْحُزْنَ لَازِمٌ وَمُتَعَدٍّ وَوَجْهُ الْحُزْنِ هُوَ الْوَحْشَةُ، أَوِ الْحُزْنُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

3776 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ»

[باب من كان معه سهام فليأخذ بنصالها]

[باب مَنْ كَانَ مَعَهُ سِهَامٌ فَلْيَأْخُذْ بِنِصَالِهَا] 3777 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ قُلْتُ لِعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَسَمِعْتَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ «مَرَّ رَجُلٌ بِسِهَامٍ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْسِكْ بِنِصَالِهَا قَالَ نَعَمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَمْسِكْ بِنِصَالِهَا) حَدُّ النَّصْلِ بِالْيَدِ وَالنِّصَالُ وَالنُّصُولُ جَمْعُ نَصْلٍ وَنَصْلُ السَّهْمِ حَدِيدَةٌ كَنَصْلِ السَّيْفِ وَالرُّمْحِ.

3778 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ جَدِّهِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا مَرَّ أَحَدُكُمْ فِي مَسْجِدِنَا أَوْ فِي سُوقِنَا وَمَعَهُ نَبْلٌ فَلْيُمْسِكْ عَلَى نِصَالِهَا بِكَفِّهِ أَنْ تُصِيبَ أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِشَيْءٍ أَوْ فَلْيَقْبِضْ عَلَى نِصَالِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنْ تُصِيبَ أَحَدًا) أَيْ: خَوْفًا مِنْ أَنْ تُصِيبَ، أَوْ كَرَاهَةَ أَنْ تُصِيبَ، وَقِيلَ: بِتَقْدِيرِ لَا، أَيْ: لِئَلَّا تُصِيبَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ثواب القرآن]

[باب ثَوَابِ الْقُرْآنِ] 3779 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ وَالَّذِي يَقْرَؤُهُ يَتَتَعْتَعُ فِيهِ وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ لَهُ أَجْرَانِ اثْنَانِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ) أَيِ: الْحَاذِقُ بِقِرَاءَتِهِ (مَعَ السَّفَرَةِ) هُمُ الْمَلَائِكَةُ جَمْعُ سَافِرٍ وَهُوَ الْكَاتِبُ؛ لِأَنَّهُ يُبَيِّنُ الشَّيْءَ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِمُ الْمَلَائِكَةُ الَّذِينَ قَالَ تَعَالَى فِيهِمْ {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ - كِرَامٍ بَرَرَةٍ} [عبس: 15 - 16] وَالْمَعِيَّةُ فِي التَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَقِيلَ: يُرِيدُ أَنَّهُ يَكُونُ فِي الْآخِرَةِ رَفِيقًا لَهُمْ فِي مَنَازِلِهِمْ، أَوْ هُوَ عَامِلٌ بِعَمَلِهِمْ (يَتَتَعْتَعُ فِيهِ) أَيْ: يَتَرَدَّدُ فِي قِرَاءَتِهِ (لَهُ أَجْرَانِ) قِيلَ: هُوَ يُضَاعَفُ لَهُ فِي الْأَجْرِ عَلَى الْمَاهِرِ؛ لِأَنَّ الْأَجْرَ بِقَدْرِ التَّعَبِ، وَقِيلَ: بَلِ الْمُضَاعَفَةُ لِلْمَاهِرِ لَا تُحْصَى فَإِنَّ الْحَسَنَةَ قَدْ تُضَاعَفُ إِلَى أَرْبَعِمِائَةٍ.

3780 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى أَنْبَأَنَا شَيْبَانُ عَنْ فِرَاسٍ عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ إِذَا دَخَلَ الْجَنَّةَ اقْرَأْ وَاصْعَدْ فَيَقْرَأُ وَيَصْعَدُ بِكُلِّ آيَةٍ دَرَجَةً حَتَّى يَقْرَأَ آخِرَ شَيْءٍ مَعَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (اقْرَأْ وَاصْعَدْ) مِنْ صَعِدَ كَسَمِعَ مِنَ الصُّعُودِ، أَيِ: ارْتَفَعَ فِي دَرَجَاتِ الْجَنَّةِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: جَاءَ فِي الْأَثَرِ عَدَدُ آيِ الْقُرْآنِ عَلَى قَدْرِ دَرَجِ الْجَنَّةِ يُقَالُ لِلْقَارِئِ اقْرَأْ

وَارْقَ اسْتَوْفِ قِرَاءَةَ جَمِيعِ الْقُرْآنِ اسْتَوْلِ عَلَى أَقْصَى دَرَجِ الْجَنَّةِ وَمَنْ قَرَأَ جُزْءًا مِنْهُ كَانَ رُقِيُّهُ فِي الدَّرَجِ عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ فَيَكُونُ مُنْتَهَى الثَّوَابِ عَلَى مُنْتَهَى الْقُرْآنِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادَهِ عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

3781 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ بَشِيرِ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجِيءُ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَالرَّجُلِ الشَّاحِبِ فَيَقُولُ أَنَا الَّذِي أَسْهَرْتُ لَيْلَكَ وَأَظْمَأْتُ نَهَارَكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كَالرَّجُلِ الشَّاحِبِ) قَالَ السُّيُوطِيُّ: هُوَ الْمُتَغَيِّرُ اللَّوْنِ وَالْجِسْمِ لِعَارِضٍ مِنَ الْعَوَارِضِ كَمَرَضٍ، أَوْ سَفَرٍ وَنَحْوِهَا وَكَأَنَّهُ يَجِيءُ عَلَى هَذِهِ الْهَيْئَةِ لِيَكُونَ أَشْبَهَ بِصَاحِبِهِ فِي الدُّنْيَا، أَوْ لِلتَّنْبِيهِ لَهُ عَلَى أَنَّهُ كَمَا تَغَيَّرَ لَوْنُهُ فِي الدُّنْيَا لِأَجْلِ الْقِيَامِ بِالْقُرْآنِ كَذَلِكَ الْقُرْآنُ لِأَجْلِهِ فِي السَّعْيِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَنَالَ صَاحِبُهُ الْغَايَةَ الْقُصْوَى فِي الْآخِرَةِ (فَيَقُولُ) أَيْ: لِصَاحِبِهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

3782 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ أَنْ يَجِدَ فِيهِ ثَلَاثَ خَلِفَاتٍ عِظَامٍ سِمَانٍ قُلْنَا نَعَمْ قَالَ فَثَلَاثُ آيَاتٍ يَقْرَؤُهُنَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثَلَاثِ خَلِفَاتٍ سِمَانٍ عِظَامٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنْ يَجِدَ) أَيْ: فِي أَهْلِهِ (ثَلَاثُ خَلِفَاتٍ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ جَمْعُ خَلِفَةٍ وَهِيَ الْحَامِلُ مِنَ النُّوقِ وَهِيَ مِنْ أَعَزِّ أَمْوَالِ الْعَرَبِ.

3783 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثَلُ الْقُرْآنِ مَثَلُ الْإِبِلِ الْمُعَقَّلَةِ إِنْ تَعَاهَدَهَا صَاحِبُهَا بِعُقُلِهَا أَمْسَكَهَا عَلَيْهِ وَإِنْ أَطْلَقَ عُقُلَهَا ذَهَبَتْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَثَلُ الْإِبِلِ الْمُعَقَّلَةِ) أَيِ: الْمَشْدُودَةِ بِالْعُقُلِ وَالْعُقُلُ جَمْعُ عِقَالٍ كَالْكُتُبِ جَمْعُ كِتَابٍ وَالْعِقَالُ هُوَ الْحَبْلُ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ ذِرَاعُ الْبَعِيرِ (إِنْ تَعَاهَدَهَا) أَيْ حَافَظَ عَلَيْهَا، أَيْ: عَلَى الْإِبِلِ (أَمْسَكَهَا عَلَيْهِ) أَيْ: أَبْقَاهَا عَلَى نَفْسِهِ يُرِيدُ أَنَّ الْقُرْآنَ فِي سُرْعَةِ الذَّهَابِ وَالْخُرُوجِ مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ كَالْإِبِلِ الْمُطْلَقَةِ مِنَ الْعُقُلِ إِذَا لَمْ يُعَاهِدْ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ.

3784 - حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي شَطْرَيْنِ فَنِصْفُهَا لِي وَنِصْفُهَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْرَءُوا يَقُولُ الْعَبْدُ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حَمِدَنِي عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ فَيَقُولُ {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 3] فَيَقُولُ أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ يَقُولُ {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 4] فَيَقُولُ اللَّهُ مَجَّدَنِي عَبْدِي فَهَذَا لِي وَهَذِهِ الْآيَةُ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ يَقُولُ الْعَبْدُ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] يَعْنِي فَهَذِهِ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ وَآخِرُ السُّورَةِ لِعَبْدِي يَقُولُ الْعَبْدُ {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ - صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 6 - 7] فَهَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَسَمْتُ الصَّلَاةَ) يُرِيدُ قَسَمْتُ الْفَاتِحَةَ، تَسْمِيَتُهَا صَلَاةً لِلُزُومِهَا

فِيهَا، وَفِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى خُرُوجِ الْبَسْمَلَةِ مِنَ الْفَاتِحَةِ.

3785 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ «قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا أُعَلِّمُكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ أَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ قَالَ فَذَهَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَخْرُجَ فَأَذْكَرْتُهُ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَهِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ) عَطْفٌ عَلَى السَّبْعِ الْمَثَانِي وَإِطْلَاقُ اسْمِ الْقُرْآنِ عَلَى بَعْضِهِ سَائِغٌ.

3786 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَبَّاسٍ الْجُشَمِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ سُورَةً فِي الْقُرْآنِ ثَلَاثُونَ آيَةً شَفَعَتْ لِصَاحِبِهَا حَتَّى غُفِرَ لَهُ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ»

3787 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ حَدَّثَنِي سُهَيْلٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ) أَيْ: تُسَاوِيهِ أَجْرًا. .

3788 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ»

3789 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي قَيْسٍ الْأَوْدِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُ أَحَدٌ الْوَاحِدُ الصَّمَدُ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْوَاحِدُ الصَّمَدُ) أَيِ: السُّورَةُ الَّتِي مَضْمُونُهَا هَذَا الْمَذْكُورُ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ، وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَأَبُو قَيْسٍ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ تَوْرَانَ.

[باب فضل الذكر]

[باب فَضْلِ الذِّكْرِ] 3790 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ مَوْلَى ابْنِ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي بَحْرِيَّةَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ وَأَرْضَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ إِعْطَاءِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَمِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ قَالُوا وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ ذِكْرُ اللَّهِ» وَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ مَا عَمِلَ امْرُؤٌ بِعَمَلٍ أَنْجَى لَهُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ) أَحَادِيثُ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ مُخْتَلِفَةٌ وَقَدْ ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ فِي تَوْفِيقِهَا وُجُوهًا مِنْ جُمْلَتِهَا أَنَّ الِاخْتِلَافَ بِالنَّظَرِ إِلَى اخْتِلَافِ أَحْوَالِ

الْمُخَاطَبِينَ فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ الْأَفْضَلُ لَهُ الِاشْتِغَالُ بِعَمَلٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ الْأَفْضَلُ لَهُ الِاشْتِغَالُ بِآخَرَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (وَالْوَرِقِ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ، أَيِ: الْفِضَّةِ (ذِكْرُ اللَّهِ) إِطْلَاقُهُ يَشْمَلُ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ مَعَ الْمُدَاوَمَةِ وَعَدَمِهَا.

3791 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ رُزَيْقٍ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ الْأَغَرِّ أَبِي مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ «يَشْهَدَانِ بِهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ فِيهِ إِلَّا حَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَتَغَشَّتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَتَنَزَّلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِلَّا حَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ) أَيْ: أَحَاطَتْهُمْ (وَتَغَشَّتْهُمُ الرَّحْمَةُ) أَيْ: غَطَّتْهُمُ الرَّحْمَةُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ إِذِ الْغَشَيَانُ يُسْتَعْمَلُ فِيمَا يَشْمَلُ الْمَغْشِيَّ مِنْ جَمِيعِ جَوَانِبِهِ وَالسَّكِينَةُ الطُّمَأْنِينَةُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28] وَقِيلَ: السَّكِينَةُ هِيَ الرَّحْمَةُ وَالْعَطْفُ، وَقِيلَ: الْأَظْهَرُ أَنَّهَا الْمَلَائِكَةُ، وَقِيلَ: هِيَ مَا يَحْصُلُ بِهِ السُّكُونُ وَضَعْفُ الْقَلْبِ وَذَهَابُ الظُّلْمَةِ النَّفْسَانِيَّةِ.

3792 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ أَنَا مَعَ عَبْدِي إِذَا هُوَ ذَكَرَنِي وَتَحَرَّكَتْ بِي شَفَتَاهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنَا مَعَ عَبْدِي) أَيْ: عَوْنًا وَنَصْرًا وَتَأْيِيدًا وَتَوْفِيقًا وَتَحْصِيلًا لِمَرَامِهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ الْقَرْقَشَانِيُّ قَالَ فِيهِ صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ ضَعِيفٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ، لَكِنْ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ بْنِ سُوَيْدٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَيْضًا وَأَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ ضَعِيفٌ.

3793 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ الْكِنْدِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ «أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ فَأَنْبِئْنِي مِنْهَا بِشَيْءٍ أَتَشَبَّثُ بِهِ قَالَ لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِشَيْءٍ أَتَشَبَّثُ بِهِ) أَيْ: لِيَسْهُلَ عَلَيْهِ أَدَاؤُهَا، أَوْ لِيَحْصُلَ بِهِ فَضْلُ مَا فَاتَ مِنْهَا مِنْ غَيْرِ الْفَرَائِضِ وَلَمْ يُرِدِ الِاكْتِفَاءُ بِهِ عَنِ الْفَرَائِضِ وَالْوَاجِبَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب فضل لا إله إلا الله]

[باب فَضْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ] 3794 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ الْأَغَرِّ أَبِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ شَهِدَ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ «أَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا قَالَ الْعَبْدُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ قَالَ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ صَدَقَ عَبْدِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا وَأَنَا أَكْبَرُ وَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ قَالَ صَدَقَ عَبْدِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا وَحْدِي وَإِذَا قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ لَا شَرِيكَ لَهُ قَالَ صَدَقَ عَبْدِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا وَلَا شَرِيكَ لِي وَإِذَا قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ قَالَ صَدَقَ عَبْدِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا لِي الْمُلْكُ وَلِيَ الْحَمْدُ وَإِذَا قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ قَالَ صَدَقَ عَبْدِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِي» قَالَ أَبُو إِسْحَقَ ثُمَّ قَالَ الْأَغَرُّ شَيْئًا لَمْ أَفْهَمْهُ قَالَ فَقُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ مَا قَالَ فَقَالَ مَنْ رُزِقَهُنَّ عِنْدَ مَوْتِهِ لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ رُزِقَهُنَّ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَرَجَعَ نَائِبُ الْفَاعِلِ إِلَى مَنْ، أَيْ: مَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْكَلِمَاتِ عِنْدَ الْمَوْتِ وَوَفَّقَهُ لَهَا لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ، بَلْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ ابْتِدَاءً مَعَ الْأَبْرَارِ اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنْ رَزَقْتَهُ إِيَّاهُنَّ.

3795 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْحَقَ الْهَمْدَانِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أُمِّهِ سُعْدَى الْمُرِّيَّةِ قَالَتْ «مَرَّ عُمَرُ بِطَلْحَةَ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا لَكَ كَئِيبًا أَسَاءَتْكَ إِمْرَةُ ابْنِ عَمِّكَ قَالَ لَا وَلَكِنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً لَا يَقُولُهَا أَحَدٌ عِنْدَ مَوْتِهِ إِلَّا كَانَتْ نُورًا لِصَحِيفَتِهِ وَإِنَّ جَسَدَهُ وَرُوحَهُ لَيَجِدَانِ لَهَا رَوْحًا عِنْدَ الْمَوْتِ فَلَمْ أَسْأَلْهُ حَتَّى تُوُفِّيَ قَالَ أَنَا أَعْلَمُهَا هِيَ الَّتِي أَرَادَ عَمَّهُ عَلَيْهَا وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ شَيْئًا أَنْجَى لَهُ مِنْهَا لَأَمَرَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَا لَكَ مُكْتَئِبًا) مِنِ اكْتَأَبَ الرَّجُلُ بِهَمْزَةٍ بَعْدَ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ افْتِعَالٌ مِنْ كَئِبَ، أَيْ: كَئِيبًا حَزِينًا، وَفِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ كَئِيبًا (إِمْرَةٌ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، أَيْ: إِمَارَتُهُ، أَيْ: أَمَا رَضِيتَ بِخِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ (رُوحًا) أَيْ: رَحْمَةً وَرِضْوَانًا، وَفِي الزَّوَائِدِ اخْتُلِفَ عَلَى الشَّعْبِيِّ فَقِيلَ: عَنْهُ هَكَذَا، وَقِيلَ: عَنْهُ عَنْ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَبِيهِ، وَقِيلَ: عَنْهُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أُمِّهِ وَسُعْدَى عَنْ طَلْحَةَ، وَقِيلَ: عَنْهُ عَنْ طَلْحَةَ مُرْسَلًا.

3796 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ يُونُسَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ هِصَّانَ بْنِ الْكَاهِلِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ نَفْسٍ تَمُوتُ تَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْجِعُ ذَلِكَ إِلَى قَلْبِ مُوقِنٍ إِلَّا غَفَرَ اللَّهُ لَهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَرْجِعُ ذَلِكَ إِلَى قَلْبٍ مُوقِنٍ) أَيْ: يَكُونُ نَاشِئًا عَنْ قَلْبٍ مُوقِنٍ وَيَكُونُ

أَصْلُهُ ذَلِكَ كَأَنَّهُ تَفَرَّعَ عَنْ أَصْلٍ يَرْجِعُ إِلَيْهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ الْحَدِيثُ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ مِنْ طُرُقٍ.

3797 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ مَنْظُورٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُقْبَةَ عَنْ أُمِّ هَانِئٍ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ لَا يَسْبِقُهَا عَمَلٌ وَلَا تَتْرُكُ ذَنْبًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا يَسْبِقُهَا عَمَلٌ) أَيْ: فِي الْفَضْلِ، أَيْ: هُوَ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ الْبَدَنِيَّةِ، وَأَمَّا التَّصْدِيقُ فَهُوَ مِنْ عَمَلِ الْقَلْبِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ زَكَرِيَّا بْنُ مَنْظُورٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

3798 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ أَخْبَرَنِي سُمَيٌّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَالَ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ كَانَ لَهُ عَدْلُ عَشْرِ رِقَابٍ وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ وَمُحِيَ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ وَكُنَّ لَهُ حِرْزًا مِنْ الشَّيْطَانِ سَائِرَ يَوْمِهِ إِلَى اللَّيْلِ وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا أَتَى بِهِ إِلَّا مَنْ قَالَ أَكْثَرَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (سَائِرَ يَوْمِهِ) أَيْ: بَقِيَّةَ يَوْمِهِ أَوْ كُلَّهُ.

3799 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ الْمُخْتَارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قَالَ فِي دُبُرِ صَلَاةِ الْغَدَاةِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ كَانَ كَعَتَاقِ رَقَبَةٍ مِنْ وَلَدِ إِسْمَعِيلَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كَانَ كَعَتَاقِ رَقَبَةٍ) ضُبِطَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَطِيَّةُ بْنُ عَوْفٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ كَذَلِكَ الرَّاوِي عَنْهُ.

[باب فضل الحامدين]

[باب فَضْلِ الْحَامِدِينَ] 3800 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ بَشِيرِ بْنِ الْفَاكِهِ قَالَ سَمِعْتُ طَلْحَةَ بْنَ خِرَاشٍ ابْنَ عَمِّ جَابِرٍ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَفْضَلُ الذِّكْرِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَفْضَلُ الدُّعَاءِ الْحَمْدُ لِلَّهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَفْضَلُ الذِّكْرِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) قِيلَ: إِنَّمَا جُعِلَ أَفْضَلُ الذِّكْرِ؛ لِأَنَّ لَهُ تَأْثِيرًا فِي تَطْهِيرِ الْبَاطِنِ عَنِ الْأَوْصَافِ الذَّمِيمَةِ الَّتِي هِيَ مَعْبُودَاتٌ فِي الظَّاهِرِ قَالَ تَعَالَى {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} [الجاثية: 23] فَيُقَيَّدُ نَفْيُ عُمُومِ الْآلِهَةِ بِقَوْلِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيَعُودُ الذِّكْرُ عَنْ ظَاهِرِ لِسَانِهِ إِلَى بَاطِنِ قَلْبِهِ فَيَتَمَكَّنُ فِيهِ وَيَسْتَوْلِي عَلَى جَوَارِحِهِ وَوَجَدَ حَلَاوَةَ هَذَا مَنْ ذَاقَ، وَقِيلَ: إِنَّمَا جُعِلَ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْإِيمَانُ إِلَّا بِهِ (وَأَفْضَلُ الدُّعَاءِ هُوَ الْحَمْدُ لِلَّهِ) يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ سُورَةُ الْفَاتِحَةُ بِتَمَامِهَا كَانَ هَذَا اللَّفْظُ بِمَنْزِلَةِ

الْقَلْبِ لَهَا قَالَ الطِّيبِيُّ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ " الْحَمْدُ لِلَّهِ " مِنْ بَابِ التَّلْمِيحِ وَالْإِشَارَةِ إِلَى قَوْلِهِ: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ - صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: 6 - 7] أَيْ: دُعَاءٌ أَفْضَلُ وَأَكْمَلُ وَأَجْمَعُ مِنْ ذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ هَذِهِ اللَّفْظَةُ وَعَلَى هَذَا فَقِيلَ: إِطْلَاقُ الدُّعَاءِ عَلَيْهِ مِنْ بَابِ الْمَجَازِ، وَلَعَلَّهُ أَفْضَلُ الدُّعَاءِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ سُؤَالٌ لَطِيفٌ يَدُقُّ مَسْلَكُهُ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ أُمِّيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ حِينَ خَرَجَ إِلَى بَعْضُ الْمُلُوكِ يَطْلُبُ نَائِلَهُ: إِذَا أَثْنَى عَلَيْكَ الْمَرْءُ يَوْمًا ... كَفَاهُ عَنْ تَعَرُّضِهِ الثَّنَاءُ وَقِيلَ: إِنَّمَا جُعِلَ دُعَاءً لِأَنَّ الدُّعَاءَ عِبَارَةٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَأَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ حَاجَتَهُ وَالْحَدِيثُ يَشْمَلُهَا فَإِنَّ مَنْ حَمِدَ اللَّهَ، إِنَّمَا يَحْمَدُ عَلَى نِعْمَتِهِ وَالْحَمْدُ عَلَى النِّعْمَةِ طَلَبُ مَزِيدٍ قَالَ تَعَالَى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7] قُلْتُ فِي قَوْلِهِ: إِنَّمَا يَحْمَدُهُ عَلَى نِعْمَتِهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِمَنْ يَنْظُرُ فِيمَا ذَكَرُوا فِي تَحَقُّقِ مَعْنَى الْحَمْدِ لِلَّهِ، وَفِي نَوَادِرِ الْأُصُولِ لِلْحَكِيمِ التِّرْمِذِيِّ فِي طَرِيقِ الْجَارُودِ قَالَ كَانَ وَكِيعٌ يَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ شُكْرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، قَالَ الْحَكِيمُ فَيَا لَهَا مِنْ كَلِمَةٍ لِوَكِيعٍ؛ لِأَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَعْظَمُ النِّعَمِ فَإِذَا حَمِدَ اللَّهَ عَلَيْهَا كَانَ فِي حِكْمَةِ الْحَمْدِ قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُنْضَمَّةٌ مُشْتَمِلٌ عَلَيْهَا الْحَمْدُ لِلَّهِ كَذَا ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةِ التِّرْمِذِيِّ.

3801 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ بَشِيرٍ مَوْلَى الْعُمَرِيِّينَ قَالَ سَمِعْتُ قُدَامَةَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ الْجُمَحِيَّ يُحَدِّثُ أَنَّهُ كَانَ يَخْتَلِفُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَهُوَ غُلَامٌ وَعَلَيْهِ ثَوْبَانِ مُعَصْفَرَانِ قَالَ فَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَهُمْ أَنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِ اللَّهِ قَالَ يَا رَبِّ لَكَ الْحَمْدُ كَمَا يَنْبَغِي لِجَلَالِ وَجْهِكَ وَلِعَظِيمِ سُلْطَانِكَ فَعَضَّلَتْ بِالْمَلَكَيْنِ فَلَمْ يَدْرِيَا كَيْفَ يَكْتُبَانِهَا فَصَعِدَا إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَا يَا رَبَّنَا إِنَّ عَبْدَكَ قَدْ قَالَ مَقَالَةً لَا نَدْرِي كَيْفَ نَكْتُبُهَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا قَالَ عَبْدُهُ مَاذَا قَالَ عَبْدِي قَالَا يَا رَبِّ إِنَّهُ قَالَ يَا رَبِّ لَكَ الْحَمْدُ كَمَا يَنْبَغِي لِجَلَالِ وَجْهِكَ وَعَظِيمِ سُلْطَانِكَ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمَا اكْتُبَاهَا كَمَا قَالَ عَبْدِي حَتَّى يَلْقَانِي فَأَجْزِيَهُ بِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَعَضَلَتْ بِالْمَلَكَيْنِ) الظَّاهِرُ أَنَّ ضَمِيرَ عَضَلَتْ لِهَذِهِ الْكَلِمَةِ وَالْبَاءُ فِي الْمَلَكَيْنِ لِلتَّعْدِيَةِ يُقَالُ أَعْضَلَنِي فُلَانٌ، أَيْ: أَعْيَانِي أَمْرُهُ وَقَوْلُهُ: فَلَمْ يَدْرِيَا كَيْفَ يَكْتُبَانِهَا تَفْسِيرٌ لَهُ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ قُدَامَةُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَصَدَقَةُ بْنُ بَشِيرٍ وَلَمْ أَرَ مَنْ جَرَّحَهُ وَلَا مَنْ وَثَّقَهُ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ

ثِقَاتٌ.

3802 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ وَائِلٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَجُلٌ الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ فَلَمَّا صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ ذَا الَّذِي قَالَ هَذَا قَالَ الرَّجُلُ أَنَا وَمَا أَرَدْتُ إِلَّا الْخَيْرَ فَقَالَ لَقَدْ فُتِحَتْ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ فَمَا نَهْنَهَهَا شَيْءٌ دُونَ الْعَرْشِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (نَهْنَهَهَا شَيْءٌ دُونَ الْعَرْشِ) مِنْ نَهْنَهْتُ الشَّيْءَ إِذَا زَجَرْتُهُ وَمَنَعْتُهُ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ مَا مَنَعَهَا مَانِعٌ مِنَ الْحُضُورِ فِي مَحَلِّ الْإِجَابَةِ، وَالْمُرَادُ سُرْعَةُ حُضُورِهَا فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ.

3803 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ الْأَزْرَقُ أَبُو مَرْوَانَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أُمِّهِ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَأَى مَا يُحِبُّ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ وَإِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ. . . إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

3804 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ حَالِ أَهْلِ النَّارِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ حَالِ أَهْلِ النَّارِ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ الزَّيْدِيُّ ضَعِيفٌ وَشَيْخُهُ مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ مَجْهُولٌ.

3805 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ شَبِيبِ بْنِ بِشْرٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ نِعْمَةً فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ إِلَّا كَانَ الَّذِي أَعْطَاهُ أَفْضَلَ مِمَّا أَخَذَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كَانَ الَّذِي أَعْطَاهُ) أَدَّى وَفَعَلَ مِنَ الْحَمْدِ (أَفْضَلَ مِمَّا أَخَذَ) أَيْ: مِنَ النِّعْمَةِ عَنْ بَعْضِ الشُّرُوحِ قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا بَلَغَنِي عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ لَا يَكُونُ فِعْلُ الْعَبْدِ أَفْضَلَ مِنْ فِعْلِ اللَّهِ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هَذِهِ غَفْلَةٌ مِنْ عَالِمٍ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَصِلُ إِلَى حَمْدِ اللَّهِ وَشُكْرِهِ إِلَّا بِتَوْفِيقِهِ، وَإِنَّمَا فَضْلُهُ لِمَا فَضُلَ مِنْ حُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ وَمَدْحِهِ إِيَّاهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي النِّعْمَةِ الْأُولَى رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ الْحَكِيمُ بِلَفْظِ لَوْ أَنَّ الدُّنْيَا كُلَّهَا بِحَذَافِيرِهَا فِي يَدِ رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي، ثُمَّ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ لَكَانَ الْجِهَادُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ فِي مَعْنَاهُ؛ لِأَنَّ الدُّنْيَا فَانِيَةٌ وَالْكَلِمَةُ الْبَاقِيَةُ هِيَ مِنَ الْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ وَقَدْ ذَكَرَ كَلَامَ الْبَيْهَقِيِّ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ أَيْضًا، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادٌ حَسَنٌ، شَبِيبُ بْنُ بَشِيرٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب فضل التسبيح]

[باب فَضْلِ التَّسْبِيحِ] 3806 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ) الْمُرَادُ بِالْكَلِمَةِ اللُّغَوِيَّةِ أَوِ الْعُرْفِيَّةِ لَا النَّحْوِيَّةِ وَخِفَّتُهُمَا

سُهُولَتُهُمَا عَلَى اللِّسَانِ لِقِلَّةِ حُرُوفِهِمَا وَحُسْنِ نَظْمِهِمَا وَاشْتِمَالِهِمَا عَلَى الِاسْمِ الْجَلِيلِ الَّذِي يُذْعِنُ الطِّبَاعَ فِي ذِكْرِهِ كَأَنَّهُمَا فِي ذَلِكَ كَالْحِمْلِ الْخَفِيفِ الَّذِي يَسْهُلُ حَمْلُهُ وَثِقَلُهُمَا فِي الْمِيزَانِ لِعِظَمِ لَفْظِهِمَا قَدْرًا عِنْدَ اللَّهِ وَمَعْنَى حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ أَنَّهُمَا مَوْصُوفَتَانِ بِكَثْرَةِ الْمَحْبُوبِيَّةِ عِنْدَهُ تَعَالَى تُفِيدُهُ الْأَحَادِيثُ الْأُخَرُ مِثْلَ «أَحَبُّ الْكَلَامِ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ،» وَإِلَّا جَمِيعُ الذِّكْرِ مَحْبُوبٌ عِنْدَهُ تَعَالَى، ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ: كَلِمَتَانِ خَبَرٌ لِقَوْلِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ. . . إِلَخْ قُدِّمَ عَلَى الْمُبْتَدَأِ لِتَشْوِيقِ السَّامِعِ إِلَيْهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ كَلِمَتَانِ نَكِرَةٌ وَسُبْحَانَ اللَّهِ. . . إِلَخْ؛ لِأَنَّهُ مَعْرِفَةٌ أُرِيدَ بِهِ نَفْسُهُ وَاللَّفْظُ إِذَا أُرِيدَ بِهِ نَفْسُهُ يَكُونُ مَعْرِفَةً حَقِيقَةً عِنْدَ مَنْ قَالَ بِوَضْعِ الْأَلْفَاظِ لَا نَفْسِهَا وَحُكْمِهَا عِنْدَ مَنْ يَنْفِيهِ وَالْمَعْرِفَةُ لَا تَكُونُ خَبَرَ النَّكِرَةِ عِنْدَ غَالِبِ النُّحَاةِ وَمَعْنَى سُبْحَانَ اللَّهِ تَنْزِيهُهُ عَنْ كُلِّ مَا لَا يَلِيقُ بِجَنَابِهِ الْعَلِيِّ وَهُوَ مَصْدَرٌ لِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ، أَيْ: أُسَبِّحُ اللَّهَ تَسْبِيحًا وَالْوَاوُ فِي وَبِحَمْدِهِ لِلْحَالِ بِتَقْدِيرِ وَأَنَا مُلْتَبِسٌ بِحَمْدِهِ، وَقِيلَ: لِلْعَطْفِ، أَيْ: أُنَزِّهُهُ وَأَتَلَبَّسُ بِحَمْدِهِ، وَقِيلَ: زَائِدَةٌ، أَيْ: أُسَبِّحُهُ مُلْتَبِسًا بِحَمْدِهِ.

3807 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سِنَانٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سَوْدَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِهِ وَهُوَ يَغْرِسُ غَرْسًا فَقَالَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ مَا الَّذِي تَغْرِسُ قُلْتُ غِرَاسًا لِي قَالَ أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى غِرَاسٍ خَيْرٍ لَكَ مِنْ هَذَا قَالَ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ قُلْ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ يُغْرَسْ لَكَ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَهُوَ يَغْرِسُ) كَضَرَبَ (غِرَاسًا) بِكَسْرِ الْأَوَّلِ مَا يُغْرَسِ مِنَ الشَّجَرِ، وَفِي الزَّوَائِدِ حَسَنٌ، وَأَبُو سُفْيَانَ اسْمُهُ عِيسَى بْنُ سِنَانٍ أَبُو سُفْيَانَ الْحَنَفِيُّ السُّلَمِيُّ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.

3808 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي رِشْدِينَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ جُوَيْرِيَةَ قَالَتْ «مَرَّ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ صَلَّى الْغَدَاةَ أَوْ بَعْدَ مَا صَلَّى الْغَدَاةَ وَهِيَ تَذْكُرُ اللَّهَ فَرَجَعَ حِينَ ارْتَفَعَ النَّهَارُ أَوْ قَالَ انْتَصَفَ وَهِيَ كَذَلِكَ فَقَالَ لَقَدْ قُلْتُ مُنْذُ قُمْتُ عَنْكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَهِيَ أَكْثَرُ وَأَرْجَحُ أَوْ أَوْزَنُ مِمَّا قُلْتِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ خَلْقِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ رِضَا نَفْسِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ زِنَةَ عَرْشِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ خَلْقِهِ) وَهُوَ وَمَا بَعْدَهُ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ، أَيْ: بِعَدَدِ جَمِيعِ مَخْلُوقَاتِهِ وَبِمِقْدَارِ رِضَا ذَاتِهِ الشَّرِيفَةِ، أَيْ: بِمِقْدَارٍ يَكُونُ سَبَبًا لِرِضَاهُ تَعَالَى وَفِيهِ إِطْلَاقُ النَّفْسِ عَلَيْهِ تَعَالَى مِنْ غَيْرِ مُشَاكَلَةٍ وَبِمِقْدَارِ ثِقَلِ عَرْشِهِ وَبِمِقْدَارِ زِيَادَةِ كَلِمَاتِهِ، أَيْ: بِمِقْدَارٍ يُسَاوِيهِمَا، وَقِيلَ: نَصْبُهُمَا عَلَى الظَّرْفِيَّةِ بِتَقْدِيرِ " قَدْرَ "، أَيْ: قَدْرَ عَدَدِ مَخْلُوقَاتِهِ وَقَدْرَ رِضَا

ذَاتِهِ، فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ يَصِحُّ تَقْيِيدُ التَّسْبِيحِ بِالْعَدَدِ الْمَذْكُورِ وَنَحْوِهِ مَعَ أَنَّ التَّسْبِيحَ هُوَ التَّنْزِيهُ عَنْ جَمِيعِ مَا لَا يَلِيقُ بِجَنَابِهِ الْأَقْدَسِ وَهُوَ أَمْرٌ وَاحِدٌ فِي ذَاتِهِ لَا يَقْبَلُ التَّعَدُّدَ وَبِاعْتِبَارِ صُدُورِهِ عَنِ الْمُتَكَلِّمِ لَا يُمْكِنُ اعْتِبَارَ هَذَا الْعَدَدِ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَلَوْ فُرِضَ قُدْرَتُهُ عَلَيْهِ أَيْضًا لَمَا صَحَّ تَعَلُّقُ هَذَا الْعَدَدِ بِالتَّسْبِيحِ إِلَّا بَعْدَ أَنْ صَدَرَ مِنْهُ بِهَذَا الْعَدَدِ، أَوْ عَزَمَ عَلَى ذَلِكَ وَإِمَّا بِمُجَرَّدِ ذَاتِهِ فَإِنَّهُ مَرَّةً سُبْحَانَ اللَّهِ لَا يَحْصُلُ مِنْهُ هَذَا الْعَدَدُ فَكَيْفَ يَقُولُ سُبْحَانَ اللَّهِ هَذَا الْعَدَدَ. قُلْتُ: لَعَلَّ التَّقْيِيدَ بِمُلَاحَظَةِ اسْتِحْقَاقِ ذَاتِهِ الْأَقْدَسِ الْأَظْهَرِ إِذَا صَدَرَ مِنَ الْمُتَكَلِّمِ التَّسْبِيحَ بِهَذَا الْعَدَدِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَدَدَ ثَابِتٌ لِقَوْلِ الْمُتَكَلِّمِ، لَكِنْ لَا بِالنَّظَرِ إِلَى أَنَّهُ تَحَقَّقَ مِنْهُ التَّسْبِيحُ بِهَذَا الْعَدَدِ، بَلْ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ تَعَالَى حَقِيقٌ بِأَنْ يَقُولَ الْمُتَكَلِّمُ التَّسْبِيحَ فِي حَقِّهِ بِهَذَا الْعَدَدِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

3809 - حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عِيسَى الطَّحَّانِ عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَوْ عَنْ أَخِيهِ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِمَّا تَذْكُرُونَ مِنْ جَلَالِ اللَّهِ التَّسْبِيحَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّحْمِيدَ يَنْعَطِفْنَ حَوْلَ الْعَرْشِ لَهُنَّ دَوِيٌّ كَدَوِيِّ النَّحْلِ تُذَكِّرُ بِصَاحِبِهَا أَمَا يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَوْ لَا يَزَالَ لَهُ مَنْ يُذَكِّرُ بِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنَّ مِمَّا تَذْكُرُ نَ مِنْ جَلَالِ اللَّهِ التَّسْبِيحَ) بِالنَّصْبِ اسْمُ إِنَّ وَالْجَارُ وَالْمَجْرُورُ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَمِنْ جَلَالِ اللَّهِ بَيَانٌ لِلْمَوْصُولِ الْمَجْرُورِ وَجُمْلَةُ يَنْعَطِفْنَ اسْتِئْنَافٌ لِبَيَانِ حَالِ التَّسْبِيحِ وَغَيْرِهِ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى تَشْكِيلِ الْأَعْمَالِ وَالْمَعَانِي بِأَشْكَالٍ، وَهَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ (لَهُنَّ دَوِيٌّ) بِفَتْحِ الدَّالِ وَكَسْرِ الْوَاوِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ هُوَ مَا يَظْهَرُ مِنَ الصَّوْتِ وَيُسْمَعُ عِنْدَ شِدَّتِهِ وَبُعْدِهِ فِي الْهَوَاءِ شَبِيهًا بِصَوْتِ النَّحْلِ (تُذَكِّرُ) مِنَ التَّذْكِيرِ (مَنْ يُذَكِّرُ بِهِ) التَّعْبِيرُ بِمَنْ مَوْضِعَ مَا بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْمُذَكِّرَ عَادَةٌ يَكُونُ مِنَ الْعُقَلَاءِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَأَخُو عَوْنٍ اسْمُهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ.

3810 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّا بْنُ مَنْظُورٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ عَنْ أُمِّ هَانِئٍ قَالَتْ «أَتَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ فَإِنِّي قَدْ كَبِرْتُ وَضَعُفْتُ وَبَدُنْتُ فَقَالَ كَبِّرِي اللَّهَ مِائَةَ مَرَّةٍ وَاحْمَدِي اللَّهَ مِائَةَ مَرَّةٍ وَسَبِّحِي اللَّهَ مِائَةَ مَرَّةٍ خَيْرٌ مِنْ مِائَةِ فَرَسٍ مُلْجَمٍ مُسْرَجٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَخَيْرٌ مِنْ مِائَةِ بَدَنَةٍ وَخَيْرٌ مِنْ مِائَةِ رَقَبَةٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَدْ كَبِرْتُ) بِكَسْرِ الْبَاءِ، أَيْ: صِرْتُ كَبِيرَ السِّنِّ (وَبَدُنْتُ)

بِضَمِّ الدَّالِ الْخَفِيفَةِ مِنَ الْبَدَانَةِ بِمَعْنَى كَثْرَةِ اللَّحْمِ (خَيْرٌ) أَيْ: ذِكْرٌ خَيْرٌ (مُلْجَمٍ) اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ أَلْجَمَ الدَّابَّةَ إِذَا أَلْبَسَهَا اللِّجَامَ (مُسْرَجٍ) اسْمُ مَفْعُولِ مِنْ أَسْرَجَ (مِائَةِ بَدَنَةٍ) بِفَتْحَتَيْنِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ زَكَرِيَّا وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ.

3811 - حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ حَفْصُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَرْبَعٌ أَفْضَلُ الْكَلَامِ لَا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ»

3812 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَشَّاءُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْمُحَارِبِيُّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ سُمَيٍّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ مِائَةَ مَرَّةٍ غُفِرَتْ لَهُ ذُنُوبُهُ وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ»

3813 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ «قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْكَ بِسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ فَإِنَّهَا يَعْنِي يَحْطُطْنَ الْخَطَايَا كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَحْطُطْنَ) مِنَ الْحَطِّ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عُمَرُ بْنُ رَاشِدٍ قَالَ فِيهِ الْبُخَارِيُّ: حَدِيثُهُ عَنْ أَبِي كَثِيرٍ مُضْطَرِبٌ لَيْسَ بِالْقَائِمِ وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ لَا يَحِلُّ ذِكْرُهُ إِلَّا عَلَى سَبِيلِ الْقَدَحِ فِيهِ اهـ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب الاستغفار]

[باب الِاسْتِغْفَارِ] 3814 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ وَالْمُحَارِبِيُّ عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَجْلِسِ يَقُولُ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ مِائَةَ مَرَّةٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنْ كُنَّا) كَلِمَةُ أَنْ مُخَفَّفَةٌ مِنَ الثَّقِيلَةِ وَكَأَنَّهُ قَالَ يَقُولُ ذَلِكَ عَمَلًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [النصر: 3] وَتَمَسُّكًا بِقَوْلِهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَالِاسْتِغْفَارُ عِبَادَةٌ، وَإِنْ كَانَ هُوَ مَقْصُودًا لَهُ عَلَى فَرْضِ وُجُودِهِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى الْمَغْفِرَةِ.

3815 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ. . . الْحَدِيثَ) نَقَلَ السُّيُوطِيُّ عَنْ زَيْنِ الْعَرَبِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمَصَابِيحِ لَيْسَ ذَلِكَ لِذَنْبٍ صَدَرَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ، بَلْ لِاعْتِقَادِ قُصُورِهِ، وَفِي الْعُبُودِيَّةِ عَمَّا يَلِيقُ

بِحَضْرَةِ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

3816 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ أَبِي الْحُرِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ سَبْعِينَ مَرَّةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ) فِي الزَّوَائِدِ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ عَنْ مُغِيرَةَ بِهِ.

3817 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ أَبِي الْمُغِيرَةِ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ «كَانَ فِي لِسَانِي ذَرَبٌ عَلَى أَهْلِي وَكَانَ لَا يَعْدُوهُمْ إِلَى غَيْرِهِمْ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَيْنَ أَنْتَ مِنْ الِاسْتِغْفَارِ تَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ سَبْعِينَ مَرَّةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ذَرَبٌ عَلَى أَهْلِي) بِفَتْحِ ذَالٍ مُعْجَمَةٍ وَرَاءٍ مُهْمَلَةٍ مَعًا، أَيْ: فَحَشَ وَكَانَ لَا يَعْدُوهُمْ إِلَى الذَّرَبِ يُرِيدُ أَنَّهُ كَانَ مَقْصُورًا عَلَى الْأَهْلِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ أَبُو الْمُغِيرَةِ الْبَجَلِيُّ مُضْطَرِبُ الْحَدِيثِ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَهُ الذَّهَبِيُّ فِي الْكَاشِفِ.

3818 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عِرْقٍ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُسْرٍ يَقُولُ «قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ فِي صَحِيفَتِهِ اسْتِغْفَارًا كَثِيرًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (اسْتِغْفَارًا كَثِيرًا) أَيْ: لِعِظَمِ مَنَافِعِهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

3819 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُصْعَبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا وَمِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ) قَالَ السُّيُوطِيُّ: أَيْ دَاوَمَ عَلَيْهِ (فَرَجًا) أَيْ: خَلَاصًا (مَخْرَجًا) أَيْ: طَرِيقًا يُخْرِجُهُ مِنْ كُلِّ عَسِيرٍ (لَا يَحْتَسِبُ) أَيْ: مِنْ حَيْثُ لَا يَرْجُو وَلَا يَخْطِرُ بِبَالِهِ.

3820 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ الَّذِينَ إِذَا أَحْسَنُوا اسْتَبْشَرُوا وَإِذَا أَسَاءُوا اسْتَغْفَرُوا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي. . . الْحَدِيثَ) وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[باب فضل العمل]

[باب فَضْلِ الْعَمَلِ] 3821 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَأَزِيدُ وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ مِثْلُهَا أَوْ أَغْفِرُ وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا وَمَنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً وَمَنْ لَقِيَنِي بِقِرَابِ الْأَرْضِ خَطِيئَةً ثُمَّ لَا يُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَقِيتُهُ بِمِثْلِهَا مَغْفِرَةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَأَزِيدُ) عَلَى صِيغَةِ الْمُتَكَلِّمِ، أَوْ عَلَى صِيغَةِ اسْمِ التَّفْضِيلِ وَالثَّانِي غَيْرُ مُنَاسِبٍ لِقَوْلِهِ فِي مُقَابَلَةٍ أَوْ أَغْفِرُ

(وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا) الْمَقْصُودُ أَنَّ إِقْبَالَ اللَّهِ عَلَى الْعَبْدِ إِذَا أَقْبَلَ الْعَبْدُ عَلَيْهِ تَعَالَى أَكْثَرُ مِنْ إِقْبَالِ الْعَبْدِ عَلَيْهِ، وَفِي النِّهَايَةِ الْمُرَادُ بِقُرْبِ الْعَبْدِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى الْقُرْبُ بِالذِّكْرِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ لَا قُرْبُ الذَّاتِ وَالْمَكَانِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِ الْأَجْسَامِ وَاللَّهُ تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ مُتَقَدِّسٌ، وَالْمُرَادُ بِقُرْبِ اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْعَبْدِ قُرْبُ نِعَمِهِ وَأَلْطَافِهِ مِنْهُ وَبِرِّهِ وَإِحْسَانِهِ إِلَيْهِ وَتَرَادُفُ مِنَنِهِ وَفَيْضُ مَوَاهِبِهِ عَلَيْهِ (بِقِرَابِ) بِكَسْرِ الْقَافِ فِي النِّهَايَةِ، أَيْ: بِمَا يُقَارِبُ مِلْأَهَا وَهُوَ مَصْدَرُ قَارَبَ يُقَارِبُ.

3822 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ وَإِنْ اقْتَرَبَ إِلَيَّ شِبْرًا اقْتَرَبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي. . . الْحَدِيثَ) حَثٌّ عَلَى حُسْنِ الظَّنِّ بِاللَّهِ وَعَلَى الْإِكْثَارِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ (وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأٍ) يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا الْجَهْرُ وَبِالْأَوَّلِ السِّرُّ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَوَّلِ الذِّكْرُ حَالَ الْوَحْدَةِ وَهَاهُنَا الذِّكْرُ مَعَ الْكَثْرَةِ الشَّاغِلَةِ عَنْهُ.

3823 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ لَهُ الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ. . . إِلَخْ) قَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ فِي كِتَابِ الصَّوْمِ وَالْحَافِظُ السُّيُوطِيُّ قَدْ نَقَلَ هَاهُنَا فِي حَاشِيَةِ الْكِتَابِ أَقْوَالًا كَثِيرَةً فِي مَعْنَاهُ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُرَاجِعْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما جاء في لا حول ولا قوة إلا بالله]

[باب مَا جَاءَ فِي لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ] 3824 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا جَرِيرٌ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ «سَمِعَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَقُولُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ قَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ قُلْ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ»

3825 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ «قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ) جُعِلَتِ الْكَلِمَةُ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ قَائِلَهَا يَمْلِكُهَا بِسَبَبِهَا، وَفِي النِّهَايَةِ، أَيْ: أَجْرُهَا مُدَّخَرٌ لِقَائِلِهَا وَالْمُتَّصِفُ بِهَا كَمَا يُدَّخَرُ الْكَنْزُ قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي ذَرٍّ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

3826 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ الْمَدَنِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْنٍ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي زَيْنَبَ مَوْلَى حَازِمِ بْنِ حَرْمَلَةَ عَنْ حَازِمِ بْنِ حَرْمَلَةَ قَالَ «مَرَرْتُ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِي يَا حَازِمُ أَكْثِرْ مِنْ قَوْلِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ»

[كتاب الدعاء]

[كِتَاب الدُّعَاءِ] [بَاب فَضْلِ الدُّعَاءِ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَاب الدُّعَاءِ بَاب فَضْلِ الدُّعَاءِ 3827 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ الْمَدَنِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَمْ يَدْعُ اللَّهَ سُبْحَانَهُ غَضِبَ عَلَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ لَمْ يَدْعُ اللَّهَ سُبْحَانَهُ غَضِبَ عَلَيْهِ) لِمَا فِي تَرْكِ الدُّعَاءِ مِنْ دَعْوَى الِاسْتِغْفَارِ صُورَةً وَهُوَ وَصْفٌ غَيْرُ لَائِقٍ بِمَنْصِبِ الْعُبُودِيَّةِ؛ وَلِذَلِكَ عَدَّ الدُّعَاءَ مِنْ وَظَائِفِ الْعُبُودِيَّةِ، بَلْ أَعْلَاهَا مُخُّ الْعِبَادَةِ وَمَنْ يَعْلَمْ أَنَّ حَقِيقَةَ الْعِبَادَةِ إِظْهَارُ التَّذَلُّلِ وَالِافْتِقَارِ وَالِاسْتِكَانَةِ وَالدُّعَاءُ فِي ذَلِكَ فِي الْغَايَةِ الْقُصْوَى يَظْهَرْ لَهُ سِرُّ كَوْنِ الدُّعَاءِ مُخَّ الْعِبَادَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْغَضَبُ عَلَى تَرْكِ الدُّعَاءِ مِنْ مُقْتَضَى الْكَمَالِ إِذِ الْإِعْرَاضُ عَنِ الدُّعَاءِ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْبُخْلِ فَكَمَالُ الْجُودِ كَمَالُ الْإِقْبَالِ عَلَى الدَّاعِي حَتَّى إِنَّ الْجُودَ الْمُطْلَقَ الْغِنَى بِالذَّاتِ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْبُخْلِ جُودَةً، أَيْ: يَغْضَبُ عَلَى مَنْ تَرَكَ الدُّعَاءَ.

3828 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ ذَرِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ يُسَيْعٍ الْكِنْدِيِّ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الدُّعَاءَ هُوَ الْعِبَادَةُ ثُمَّ قَرَأَ {وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60] » ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنَّ الدُّعَاءَ هُوَ الْعِبَادَةُ) هُوَ مِنْ أَقْصَرِ الدُّعَاءِ فِي كَوْنِهِ عِبَادَةً لِأَشْيَاءَ أُخْرَى أَنْ يَكُونَ عِبَادَةً وَالِاشْتِرَاكُ بِالْآيَةِ بِتَمَامِهَا، وَذَلِكَ لِأَنَّ أَوَّلَ الْكَلَامِ مَسُوقٌ لِلدُّعَاءِ فَالْمُنَاسِبُ بِهِ أَنْ يَقُولَ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي، فَإِطْلَاقُ

الْعِبَادَةِ فِي مَوْضِعِ الدُّعَاءِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الدُّعَاءَ عِبَادَةٌ.

3829 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا عِمْرَانُ الْقَطَّانُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ مِنْ الدُّعَاءِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ عَزَّ وَجَلَّ) " أَكْرَمَ " مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ لَيْسَ وَعَلَى اللَّهِ بِمَعْنَى عِنْدَهُ، وَالْمُرَادُ أَكْرَمَ عَلَى مَنْ سِوَاهُ مِنَ الْعِبَادَاتِ الْقَوْلِيَّةِ؛ لِأَنَّ سَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ يُعْتَبَرُ فِي بَابِهِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الصَّلَاةَ أَفْضَلُ الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ وَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ مُنَافٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] كَذَا قِيلَ: قُلْتُ وَالْإِشْكَالُ بِنَحْوِ: أَفْضَلُ الْأَذْكَارِ قَوْلُهُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَحَبُّ الْأَذْكَارِ سُبْحَانَ اللَّهِ الْحَدِيثُ بَاقٍ بَعْدُ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الذِّكْرَ مُنْدَرِجٌ فِي الدُّعَاءِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى بَعْضِ الْأَحَادِيثِ يَقْتَضِي انْتِفَاءَ الْفَضْلِ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يُرَادَ لَيْسَ بِشَيْءٍ مِنْ مُطْلَقِ الْقَوْلِ أَكْرَمَ فَيَصِيرُ حَاصِلُ الْحَدِيثِ أَنَّ الذِّكْرَ أَكْرَمُ مِنْ مُطْلَقِ الْقَوْلِ، وَهَذَا مَعْنَى لَا يُنَاسِبُ مَتَانَةَ الْكَلَامِ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ أَكْرَمَ أَسْرَعَ قَبُولًا وَأَنْفَعَ تَأْثِيرًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِالدُّعَاءِ الدُّعَاءُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَيَكُونُ الْمَعْنَى أَكْرَمُ الْأَعْمَالِ هُوَ الْهِدَايَةُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي هِيَ وَظِيفَةُ الرُّسُلِ وَالْعُلَمَاءِ النَّائِبِينَ عَنْهُمْ، وَهَذَا مَعْنَى صَحِيحٌ وَلَا يَظْهَرُ فِيهِ إِشْكَالٌ فَتَأَمَّلْ.

[باب دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم]

[باب دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] 3830 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ فِي مَجْلِسِ الْأَعْمَشِ مُنْذُ خَمْسِينَ سَنَةً حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ الْجَمَلِيُّ فِي زَمَنِ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُكَتِّبِ عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ الْحَنَفِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ رَبِّ أَعِنِّي وَلَا تُعِنْ عَلَيَّ وَانْصُرْنِي وَلَا تَنْصُرْ عَلَيَّ وَامْكُرْ لِي وَلَا تَمْكُرْ عَلَيَّ وَاهْدِنِي وَيَسِّرْ الْهُدَى لِي وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيَّ رَبِّ اجْعَلْنِي لَكَ شَكَّارًا لَكَ ذَكَّارًا لَكَ رَهَّابًا لَكَ مُطِيعًا إِلَيْكَ مُخْبِتًا إِلَيْكَ أَوَّاهًا مُنِيبًا رَبِّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي وَاغْسِلْ حَوْبَتِي وَأَجِبْ دَعْوَتِي وَاهْدِ قَلْبِي وَسَدِّدْ لِسَانِي وَثَبِّتْ حُجَّتِي وَاسْلُلْ سَخِيمَةَ قَلْبِي» قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الطَّنَافِسِيُّ قُلْتُ لِوَكِيعٍ أَقُولُهُ فِي قُنُوتِ الْوِتْرِ قَالَ نَعَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (رَبِّ أَعِنِّي) أَيْ: عَلَى الْأَعْدَاءِ (وَلَا تُعِنْ عَلَيَّ) أَيِ: الْأَعْدَاءَ (وَامْكُرْ لِي) مَكْرُ اللَّهِ إِيقَاعُ بَلَائِهِ بِأَعْدَائِهِ دُونَ أَوْلِيَائِهِ، وَقِيلَ: وَاسْتِدْرَاجُ الْعَبْدِ بِالطَّاعَاتِ فَيَتَوَهَّمُ أَنَّهَا مَقْبُولَةٌ وَهِيَ مَرْدُودَةٌ، وَالْمَعْنَى أَلْحِقْ مَكْرَكَ بِأَعْدَائِي لَا بِي (رَهَّابًا بِكَ) أَيْ: خَوَّافًا خَاشِعًا بِالْمُبَالَغَةِ (مُخْبِتًا) مِنَ الْإِخْبَاتِ وَهُوَ الْخُشُوعُ وَالتَّوَاضُعُ (أَوَّاهًا) أَيْ: مُتَضَرِّعًا،

وَقِيلَ: بَكَّاءٌ، وَقِيلَ: كَثِيرُ الدُّعَاءِ (مُنِيبًا) مِنَ الْإِنَابَةِ وَهُوَ الرُّجُوعُ إِلَى اللَّهِ بِالتَّوْبَةِ (حَوْبَتِي) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَتُضَمُّ، أَيْ: خَطِيئَتِي (وَاسْلُلْ) أَيِ: انْزَعْ (سَخِيمَةَ قَلْبِي) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ هِيَ الْحِقْدُ.

3831 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «أَتَتْ فَاطِمَةُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْأَلُهُ خَادِمًا فَقَالَ لَهَا مَا عِنْدِي مَا أُعْطِيكِ فَرَجَعَتْ فَأَتَاهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ الَّذِي سَأَلْتِ أَحَبُّ إِلَيْكِ أَوْ مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ فَقَالَ لَهَا عَلِيٌّ قُولِي لَا بَلْ مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ فَقَالَتْ فَقَالَ قُولِي اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ مُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَأَغْنِنَا مِنْ الْفَقْرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مُنْزِلَ التَّوْرَاةِ) مِنَ الْإِنْزَالِ وَالتَّنْزِيلِ (فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ) أَيْ: فَلَيْسَ وُجُودُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِكَ لِكَوْنِ ذَلِكَ الشَّيْءِ قَبْلَكَ كَوُجُودِ غَيْرِهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُنَافِي قَصْرَ الْأَوَّلِيَّةِ عَلَيْهِ تَعَالَى وَأَنْتَ الْآخِرُ هُوَ الْبَاقِي بَعْدَ فَنَاءِ خَلْقِهِ كُلِّهِ نَاطِقَةٍ وَصَامِتَةٍ (بَعْدَكَ شَيْءٌ) لِعَدَمِ الْبَعْدِيَّةِ وَلَا يُتَوَهَّمُ عَلَى غَيْرِ هَذَا فَلْيُتَأَمَّلْ (وَأَنْتَ الظَّاهِرُ) أَيْ: فَلَا ظُهُورَ لِشَيْءٍ وَلَا وُجُودَ إِلَّا مِنْ آثَارِ ظُهُورِكَ وَوُجُودِكَ (فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ) يَكُونُ أَعْلَى مِنْكَ ظُهُورًا، وَقِيلَ: الظَّاهِرُ هُوَ الَّذِي ظَهَرَ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ وَعَلَا عَلَيْهِ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي عُرِفَ بِطَرِيقِ الِاسْتِدْلَالِ الْعَقْلِيِّ بِمَا ظَهَرَ لَهُمْ مِنْ آثَارِ أَفْعَالِهِ وَأَوْصَافِهِ (وَأَنْتَ الْبَاطِنُ) بِعَظَمَةِ جَلَالِكَ وَكَمَالِ كِبْرِيَائِكَ حَتَّى لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَى إِدْرَاكِ ذَاتِكَ مَعَ كَمَالِ ظُهُورِكَ (فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ) أَيْ: وَرَاءَكَ شَيْءٌ يَكُونُ أَبَطْنَ مِنْكَ وَقِيلَ: الْبَاطِنُ هُوَ الْمُحْتَجِبُ عَنْ أَبْصَارِ الْخَلَائِقِ وَأَوْهَامِهِمْ فَلَا يُدْرِكُهُ بَصَرٌ وَلَا يُحِيطُ بِهِ وَهْمٌ، وَقِيلَ: هُوَ الْعَالِمُ بِمَا بَطَنَ يُقَالُ بَطَنْتُ الْأَمْرَ إِذَا عَرَفْتُ بَاطِنَهُ.

3832 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَالْعَفَافَ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْكَفُّ عَنِ الْمَعَاصِي وَعَمَّا لَا يَنْبَغِي (وَالْغِنَى) بِالْكَسْرِ وَالْقَصْرِ الْيَسَارُ، وَالْمُرَادُ غِنَى الْقَلْبِ لَا غِنَى الْيَدِ.

3833 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اللَّهُمَّ انْفَعْنِي بِمَا عَلَّمْتَنِي وَعَلِّمْنِي مَا يَنْفَعُنِي وَزِدْنِي عِلْمًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَأَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (انْفَعْنِي بِمَا عَلَّمْتَنِي) أَيْ: فِي الْأَزْمِنَةِ السَّابِقَةِ وَعَلِّمْنِي فِيمَا بَعْدُ وَزِدْنِي عِلْمًا، أَيْ: نَافِعًا بِقَرِينَةِ السِّيَاقِ، أَوْ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى تَنْزِيلِ غَيْرِ النَّافِعِ مَنْزِلَةَ الْجَهْلِ.

3834 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَخَافُ عَلَيْنَا وَقَدْ آمَنَّا بِكَ وَصَدَّقْنَاكَ بِمَا جِئْتَ بِهِ فَقَالَ إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ يُقَلِّبُهَا وَأَشَارَ الْأَعْمَشُ بِإِصْبَعَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (تَخَافُ عَلَيْنَا) عَلِمَ الرَّجُلُ أَنَّ قَوْلَهُ ذَلِكَ لَيْسَ لِخَوْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ تَشْرِيعٌ لِلْأُمَّةِ فَهُوَ لِخَوْفِهِ عَلَيْهِمْ وَأَنَّهُ رَأَى لَمَّا كَانَ هُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدْعُو بِمِثْلِ هَذَا الدُّعَاءِ فَالْأُمَّةُ أَوْلَى بِذَلِكَ فَفَرَضَ السُّؤَالَ فِي الْأُمَّةِ تَأَدُّبًا قَوْلُهُ: (إِنَّ الْقُلُوبَ. . . إِلَخْ) كِنَايَةٌ عَنْ سُرْعَةِ تَقَلُّبِهَا وَاحْتَاجَ فِي الثَّبَاتِ عَلَى الْخَيْرِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الدَّوَامِ، وَأَمَّا الْكَلَامُ فِي الْأَصَابِعِ فَالْمُحَقِّقُونَ فِيهِ عَلَى التَّفْوِيضِ إِلَيْهِ تَعَالَى وَهُوَ أَوْلَى وَأَحْسَنُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَفِي الزَّوَائِدِ مَدَارُ الْحَدِيثِ عَلَى يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

3835 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّهُ «قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلَاتِي قَالَ قُلْ اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ وَارْحَمْنِي إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ) أَيْ: بِلَا اسْتِحْقَاقٍ مِنِّي لِتَلِكَ، أَوْ مَا يُنَاسِبُ عَظِيمَ فَضْلِكَ وَعَلَى الْمَعْنَيَيْنِ انْدَفَعَ مَا يُتَوَهَّمُ هَلْ يُتَصَوَّرُ أَنْ تَكُونَ الْمَغْفِرَةُ مِنْ عِنْدِ غَيْرِهِ فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي ذِكْرِ قَوْلِهِ: مِنْ عِنْدِكَ.

3836 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ أَبِي مَرْزُوقٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ «خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى عَصًا فَلَمَّا رَأَيْنَاهُ قُمْنَا فَقَالَ لَا تَفْعَلُوا كَمَا يَفْعَلُ أَهْلُ فَارِسَ بِعُظَمَائِهَا قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ دَعَوْتَ اللَّهَ لَنَا قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَارْضَ عَنَّا وَتَقَبَّلْ مِنَّا وَأَدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَنَجِّنَا مِنْ النَّارِ وَأَصْلِحْ لَنَا شَأْنَنَا كُلَّهُ قَالَ فَكَأَنَّمَا أَحْبَبْنَا أَنْ يَزِيدَنَا فَقَالَ أَوَلَيْسَ قَدْ جَمَعْتُ لَكُمْ الْأَمْرَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا تَفْعَلُوا كَمَا يَفْعَلُ أَهْلُ فَارِسَ بِعُظَمَائِهِمْ)

يَدُلُّ عَلَى كَرَاهَةِ الْقِيَامِ لِلدَّاخِلِ (أَوَلَيْسَ) أَيِ: الشَّأْنُ (قَدْ جَمَعْتُ) عَلَى صِيغَةِ الْمُتَكَلِّمِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِلْمُؤَنَّثِ، أَيْ: جَمَعَتْ هَذِهِ الْكَلِمَاتُ، أَوْ تَلْكَ الْمَقَالَةُ. قُلْتُ: وَكَيْفَ لَا وَقَدْ ذَكَرَ بَعْدَ قَوْلِهِ: وَأَصْلِحْ لَنَا شَأْنَنَا كُلَّهُ فَمَا بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ.

3837 - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ الْمِصْرِيُّ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَخِيهِ عَبَّادِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْأَرْبَعِ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ وَمِنْ دُعَاءٍ لَا يُسْمَعُ»

[باب ما تعوذ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم]

[باب مَا تَعَوَّذَ مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] 3838 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ جَمِيعًا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النَّارِ وَعَذَابِ النَّارِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْغِنَى وَشَرِّ فِتْنَةِ الْفَقْرِ وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ وَنَقِّ قَلْبِي مِنْ الْخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الْأَبْيَضَ مِنْ الدَّنَسِ وَبَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْكَسَلِ وَالْهَرَمِ وَالْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ) أَيْ: بِأَنْوَاعِ الْأَلْطَافِ وَالرَّحْمَةِ كَأَنَّ كُلَّ نَوْعٍ مِنَ الْمَاءِ بِمَنْزِلَةِ نَوْعٍ مِنَ الرَّحْمَةِ فِي التَّطْهِيرِ (وَبَيْنَ خَطَايَايَ) أَيْ: بَيْنَ مَا فَعَلْتُ مِنْهَا بِالْمَغْفِرَةِ، أَوْ بَيْنَ مَا يُمْكِنُ لِي مُبَاشَرَتَهَا بِالتَّوْفِيقِ وَالتَّأْيِيدِ حَتَّى لَا أُبَاشِرَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَالْهَرَمُ كِبَرُ السِّنِّ.

3839 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ هِلَالٍ عَنْ فَرْوَةَ بْنِ نَوْفَلٍ قَالَ «سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ دُعَاءٍ كَانَ يَدْعُو بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ كَانَ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَمِلْتُ وَمِنْ شَرِّ مَا لَمْ أَعْمَلْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَمِنْ شَرِّ مَا لَمْ أَعْمَلْ) أَيْ: شَرِّ مَا تَرَكْتُ مِنَ الْخَيْرَاتِ، أَوْ مِنْ شَرِّ مَا كَسَبْتُ وَمَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ شَيْءٌ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ.

3840 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سُلَيْمٍ حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ الْخَرَّاطُ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا هَذَا الدُّعَاءَ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّوَرَ مِنَ الْقُرْآنِ) أَيْ: كَمَا يَهْتَمُّ فِي التَّعْلِيمِ غَايَةَ الِاهْتِمَامِ

(مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا) بِالْقَصْرِ مَفْعَلٌ مِنَ الْحَيَاةِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ؛ لِأَنَّ حُمَيْدَ بْنَ زِيَادٍ أَبَا صَخْرٍ الْخَرَّاطَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَكَذَلِكَ بَكْرُ بْنُ سُلَيْمٍ الصَّوَافُّ.

3841 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ مِنْ فِرَاشِهِ فَالْتَمَسْتُهُ فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى بَطْنِ قَدَمَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ وَهُوَ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَعُوذُ بِرِضَاكَ) قَدْ سَبَقَ الْحَدِيثُ فِي أَبْوَابِ الصَّلَاةِ.

3842 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ إِسْحَقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عِيَاضٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ الْفَقْرِ وَالْقِلَّةِ وَالذِّلَّةِ وَأَنْ تَظْلِمَ أَوْ تُظْلَمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَأَنْ تَظْلِمَ، أَوْ تُظْلَمَ) الْأَوَّلُ عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ وَالثَّانِي عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ.

3843 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ «قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَلُوا اللَّهَ عِلْمًا نَافِعًا وَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (سَلُوا اللَّهَ عِلْمًا نَافِعًا) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ هَذَا هُوَ اللَّيْثِيُّ الْمُزَنِيُّ احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ.

3844 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ وَأَرْذَلِ الْعُمُرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ وَفِتْنَةِ الصَّدْرِ» قَالَ وَكِيعٌ يَعْنِي الرَّجُلَ يَمُوتُ عَلَى فِتْنَةٍ لَا يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِنْهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ (وَأَرْذَلِ الْعُمُرِ) هُوَ غَايَةُ الْكِبَرِ الَّتِي يَصِيرُ الْمَرْءُ فِيهَا كَالصَّغِيرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب الجوامع من الدعاء]

[بَاب الْجَوَامِعِ مِنْ الدُّعَاءِ] 3845 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا أَبُو مَالِكٍ سَعْدُ بْنُ طَارِقٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ أَقُولُ حِينَ أَسْأَلُ رَبِّي قَالَ قُلْ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَعَافِنِي وَارْزُقْنِي وَجَمَعَ أَصَابِعَهُ الْأَرْبَعَ إِلَّا الْإِبْهَامَ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ يَجْمَعْنَ لَكَ دِينَكَ وَدُنْيَاكَ»

3846 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَخْبَرَنِي جَبْرُ بْنُ حَبِيبٍ عَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَهَا هَذَا الدُّعَاءَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَاذَ بِهِ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ كُلَّ قَضَاءٍ قَضَيْتَهُ لِي خَيْرًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ كُلَّ قَضَاءٍ) الْحَدِيثَ فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ وَأُمُّ كُلْثُومٍ هَذِهِ لَمْ أَرَ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهَا وَعَدَّهَا جَمَاعَةٌ فِي الصَّحَابَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهَا وُلِدَتْ بَعْدَ مَوْتِ أَبِي بَكْرٍ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ.

3847 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ مَا تَقُولُ فِي الصَّلَاةِ قَالَ أَتَشَهَّدُ ثُمَّ أَسْأَلُ اللَّهَ الْجَنَّةَ وَأَعُوذُ بِهِ مِنْ النَّارِ أَمَا وَاللَّهِ مَا أُحْسِنُ دَنْدَنَتَكَ وَلَا دَنْدَنَةَ مُعَاذٍ قَالَ حَوْلَهَا نُدَنْدِنُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَا أَحْسَنَ دَنْدَنَتَكَ) أَيْ: كَلَامَكَ الْخَفِيَّ (حَوْلَهَا) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ حَوْلَهُمَا بِالتَّثْنِيَةِ فَعَلَى الْأَوَّلِ مَعْنَاهُ حَوْلَ مَقَالَتِكَ، أَيْ: كَلَامُنَا قَرِيبٌ مِنْ كَلَامِكَ وَعَلَى الثَّانِي مَعْنَاهُ حَوْلَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، أَيْ: كَلَامُنَا أَيْضًا لِطَلَبِ الْجَنَّةِ وَالتَّعَوُّذِ مِنَ النَّارِ وَقَدْ سَبَقَ الْحَدِيثُ فِي أَبْوَابِ الْجَنَّةِ وَأَحَالَ فِي الزَّوَائِدِ بَيَانَ حَالِ إِسْنَادِهِ عَلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، ثُمَّ رَاجَعْتُ ذَلِكَ الْمَحَلَّ فَفِيهِ أَنَّ إِسْنَادَهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[باب الدعاء بالعفو والعافية]

[باب الدُّعَاءِ بِالْعَفْوِ وَالْعَافِيَةِ] 3848 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ أَخْبَرَنِي سَلَمَةُ بْنُ وَرْدَانَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الدُّعَاءِ أَفْضَلُ قَالَ سَلْ رَبَّكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ثُمَّ أَتَاهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الدُّعَاءِ أَفْضَلُ قَالَ سَلْ رَبَّكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ثُمَّ أَتَاهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَيُّ الدُّعَاءِ أَفْضَلُ قَالَ سَلْ رَبَّكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَإِذَا أُعْطِيتَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَقَدْ أَفْلَحْتَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَإِذَا أُعْطِيتَ. . . إِلَخْ) بَيَّنَ لَهُ عِظَمَ ذَلِكَ الدُّعَاءِ فِي صَدْرِهِ فَإِنَّهُ كَانَ بِحَضْرَةٍ (فَقَدْ أَفْلَحْتَ) فُزْتَ بِالْمَطْلُوبِ.

3849 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ شُعْبَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ سُلَيْمَ بْنَ عَامِرٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَوْسَطَ بْنِ إِسْمَعِيلَ الْبَجَلِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بَكْرٍ حِينَ قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ «قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَقَامِي هَذَا عَامَ الْأَوَّلِ ثُمَّ بَكَى أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ قَالَ عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّهُ مَعَ الْبِرِّ وَهُمَا فِي الْجَنَّةِ وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّهُ مَعَ الْفُجُورِ وَهُمَا فِي النَّارِ وَسَلُوا اللَّهَ الْمُعَافَاةَ فَإِنَّهُ لَمْ يُؤْتَ أَحَدٌ بَعْدَ الْيَقِينِ خَيْرًا مِنْ الْمُعَافَاةِ وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَقَاطَعُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. . . إِلَخْ) ثُمَّ بَكَى أَبُو بَكْرٍ أَيْ: ثُمَّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ رِوَايَةً وَحِكَايَةً

(وَهُمَا فِي الْجَنَّةِ) أَيْ: صَاحِبُهُمَا، أَيِ: الصِّدْقُ وَالْبِرُّ فِي الْجَنَّةِ وَكَذَا قَوْلُهُ: فِي النَّارِ، وَالصِّدْقُ أَيِ: الْيَقِينُ هُوَ الْمَطْلُوبُ الْأَوَّلُ إِذْ لَا عِبْرَةَ لِشَيْءٍ مِنَ الْأَعْمَالِ بِدُونِهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ قُلْتُ: رَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ مِنْ طُرُقٍ مِنْهَا عَنْ يَحْيَى بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ وَعَنْ مَحْمُودِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ الْوَلِيدِ كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ.

3850 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ كَهْمَسِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ «يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مَا أَدْعُو قَالَ تَقُولِينَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي»

3851 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامٍ صَاحِبِ الدَّسْتُوَائِيِّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ زِيَادٍ الْعَدَوِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ دَعْوَةٍ يَدْعُو بِهَا الْعَبْدُ أَفْضَلَ مِنْ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْمُعَافَاةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَفْضَلَ مِنَ اللَّهُمَّ. . . إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَالْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ لَا يُسْأَلُ عَنْ حَالِهِمْ لِشُهْرَتِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب إذا دعا أحدكم فليبدأ بنفسه]

[باب إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِنَفْسِهِ] 3852 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْحَمُنَا اللَّهُ وَأَخَا عَادٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَرْحَمُنَا وَأَخَا عَادٍ) أَيْ: فَقَدَّمَ نَفْسَهَ، وَالْمُرَادُ بِأَخِي عَادٍ هُوَ هُودٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[باب يستجاب لأحدكم ما لم يعجل]

[باب يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ] 3853 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ قِيلَ وَكَيْفَ يَعْجَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ يَقُولُ قَدْ دَعَوْتُ اللَّهَ فَلَمْ يَسْتَجِبْ اللَّهُ لِي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَا لَمْ يَعْجَلْ) بِفَتْحِ الْجِيمِ مِنْ عَجِلَ كَسَمِعَ.

[باب لا يقول الرجل اللهم اغفر لي إن شئت]

[باب لَا يَقُولُ الرَّجُلُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ] 3854 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ وَلْيَعْزِمْ فِي الْمَسْأَلَةِ فَإِنَّ اللَّهَ لَا مُكْرِهَ لَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ) أَيْ: بِالتَّفْوِيضِ إِلَيْهِ خَشْيَةَ الْوُقُوعِ فِي إِيهَامِ الْإِكْرَاهِ إِذْ لَا يُمْكِنُ لَهُ مُكْرِهٌ فَلَا يُتَوَهَّمُ الْإِيهَامَ الْمَذْكُورَ، وَإِنَّمَا يَتَضَمَّنُ إِيهَامَ الِاسْتِغْنَاءَ لِغَيْرِ اللَّائِقِ بِمَقَامِ الدُّعَاءِ وَالسُّؤَالِ فَاللَّائِقُ بِالْمَقَامِ تَرْكُهُ.

[باب اسم الله الأعظم]

[باب اسْمِ اللَّهِ الْأَعْظَمِ] 3855 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 163] وَفَاتِحَةِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ. . . إِلَخْ) يُرِيدُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ حَدِيثِ الْقَاسِمِ أَيْضًا.

3856 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَلَاءِ عَنْ الْقَاسِمِ قَالَ «اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ فِي سُوَرٍ ثَلَاثٍ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ وَطه» حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعِيسَى بْنِ مُوسَى فَحَدَّثَنِي أَنَّهُ سَمِعَ غَيْلَانَ بْنَ أَنَسٍ يُحَدِّثُ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي ثَلَاثِ سُوَرٍ) فِي الزَّوَائِدِ رِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ وَهُوَ مَوْقُوفٌ، وَأَمَّا إِسْنَادُ الْمَرْفُوعِ فَفِيهِ غَيْلَانُ لَمْ أَرَ لِأَحَدٍ فِيهِ كَلَامًا لَا بِجَرْحٍ وَلَا تَوْثِيقٍ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ.

3857 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ الْأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ سَأَلَ اللَّهَ بِاسْمِهِ الْأَعْظَمِ الَّذِي إِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى وَإِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِأَنَّكَ أَنْتَ اللَّهَ. . . إِلَخْ) هَذَا ذِكْرٌ لِلْوَسِيلَةِ، وَأَمَّا السُّؤَالُ فَغَيْرُ مَذْكُورٍ.

3858 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا أَبُو خُزَيْمَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ الْمَنَّانُ بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ فَقَالَ لَقَدْ سَأَلَ اللَّهَ بِاسْمِهِ الْأَعْظَمِ الَّذِي إِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى وَإِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ»

3859 - حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ الصَّيْدَلَانِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ الْفَزَارِيِّ عَنْ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الطَّاهِرِ الطَّيِّبِ الْمُبَارَكِ الْأَحَبِّ إِلَيْكَ الَّذِي إِذَا دُعِيتَ بِهِ أَجَبْتَ وَإِذَا سُئِلْتَ بِهِ أَعْطَيْتَ وَإِذَا اسْتُرْحِمْتَ بِهِ رَحِمْتَ وَإِذَا اسْتُفْرِجَتَ بِهِ فَرَّجْتَ قَالَتْ وَقَالَ ذَاتَ يَوْمٍ يَا عَائِشَةُ هَلْ عَلِمْتِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ دَلَّنِي عَلَى الِاسْمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ قَالَتْ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي فَعَلِّمْنِيهِ قَالَ إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَكِ يَا عَائِشَةُ قَالَتْ فَتَنَحَّيْتُ وَجَلَسْتُ سَاعَةً ثُمَّ قُمْتُ فَقَبَّلْتُ رَأْسَهُ ثُمَّ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِيهِ قَالَ إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَكِ يَا عَائِشَةُ أَنْ أُعَلِّمَكِ إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَكِ أَنْ تَسْأَلِينَ بِهِ شَيْئًا مِنْ الدُّنْيَا قَالَتْ فَقُمْتُ فَتَوَضَّأْتُ ثُمَّ صَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قُلْتُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَدْعُوكَ اللَّهَ وَأَدْعُوكَ الرَّحْمَنَ وَأَدْعُوكَ الْبَرَّ الرَّحِيمَ وَأَدْعُوكَ بِأَسْمَائِكَ الْحُسْنَى كُلِّهَا مَا عَلِمْتُ مِنْهَا وَمَا لَمْ أَعْلَمْ أَنْ تَغْفِرَ لِي وَتَرْحَمَنِي قَالَتْ فَاسْتَضْحَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ إِنَّهُ لَفِي الْأَسْمَاءِ الَّتِي دَعَوْتِ بِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَإِذَا اسْتُفْرِجْتَ بِهِ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ (فَرَّجْتَ) مِنَ التَّفْرِيجِ (فَتَنَحَّيْتُ) أَيْ: تَبَعَّدْتُ (فَاسْتَضْحَكَ) كَأَنَّ السِّينَ لِلْمُبَالَغَةِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُكَيْمٌ وَثَّقَهُ الْخَطِيبُ وَعَدَّهُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلَا يَصِحُّ لَهُ سَمَاعٌ وَأَبُو شَيْبَةَ لَمْ أَرَ مَنْ جَرَّحَهُ وَلَا مَنْ وَثَّقَهُ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ.

[باب أسماء الله عز وجل]

[باب أَسْمَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ] 3860 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا) بَدَلٌ مِمَّا قَبْلَهُ لِلتَّنْصِيصِ عَلَى الْعَدَدِ الْمَقْصُودِ عَلَى وَجْهِ الْمُبَالَغَةِ، وَقِيلَ: إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ الْعَدَدُ عَلَى التَّقْرِيبِ وَفِيهِ فَائِدَةُ رَفْعِ الِاشْتِبَاهِ فِي الْخَطِّ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ بِسَبْعَةٍ وَسَبْعِينَ اهـ. قُلْتُ: وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَعْرِفَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَسْمَ الْخَطِّ وَأَنَّ كَوْنَهُ أَمْيَالًا يَتَأَتَّى مَعْرِفَةَ ذَلِكَ إِلَّا بِإِلْهَامٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى قَوْلُهُ: (مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْإِحْصَاءُ فِي هَذَا يَحْصُلُ بِوُجُوهٍ أَحَدُهَا أَنْ يَعُدَّهَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَهَا يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى بَعْضِهَا، لَكِنْ يَدْعُو اللَّهَ بِهَا كُلَّهَا وَيُثْنِي عَلَيْهِ بِجَمِيعِهَا فَيَسْتَوْجِبَ الْوَعْدَ عَلَيْهَا مِنَ الثَّوَابِ، الثَّانِي الْمُرَادُ بِالْإِحْصَاءِ الْإِضَافَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ} [المزمل: 20] وَالْمَعْنَى مَنْ أَطَاقَ الْقِيَامَ بِحَقِّ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ وَالْعَمَلَ بِمُقْتَضَاهَا وَهُوَ أَنْ يَعْتَبِرَ مَعَانِيهَا فَيُلْزِمُ نَفْسَهُ بِوَاجِبِهَا فَإِذَا عَلِمَ الرَّازِقَ وَثِقَ بِالرِّزْقِ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَسْمَاءِ، الثَّالِثُ الْمُرَادُ الْإِحَاطَةُ بِمَعَانِيهَا مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ فُلَانٌ ذُو إِحْصَاءٍ أَيْ ذُو مَعْرِفَةٍ، وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: فِيهِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا مَنِ اسْتَوْفَاهَا حِفْظًا وَالثَّانِي مَنْ أَطَاقَ الْعَمَلَ

بِمُقْتَضَاهَا مِثْلَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ سَمِعَ فَكَفَّ لِسَانَهُ عَنِ الْقَبِيحِ وَالثَّالِثُ مَنْ عَقَلَ مَعَانِيهَا وَالرَّابِعُ مَنْ أَحْصَاهَا عِلْمًا وَإِيمَانًا وَالْخَامِسُ أَنَّ الْمَعْنَى مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ حَتَّى يَخْتِمَهُ لِأَنَّهَا فِيهِ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: الْمَرْجُوُّ مِنْ كَرَمِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّ مَنْ حَصَلَ لَهُ إِحْصَاءُ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ عَلَى أَحَدِ هَذِهِ الْمَرَاتِبِ مَعَ صِحَّةِ النِّيَّةِ أَنَّهُ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ، قُلْتُ: كَأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى إِرَادَةِ الْمَعَانِي كُلِّهَا مِنَ الْمُشْتَرَكِ لَا بِشَرْطِ الِاجْتِمَاعِ، بَلْ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالْمُحَقِّقُونَ عَلَى أَنَّ مَعْنَى أَحْصَاهَا حَفِظَهَا.

3861 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّنْعَانِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُنْذِرِ زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا إِنَّهُ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ مَنْ حَفِظَهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ وَهِيَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الصَّمَدُ الْأَوَّلُ الْآخِرُ الظَّاهِرُ الْبَاطِنُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ الْمَلِكُ الْحَقُّ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ الْعَلِيمُ الْعَظِيمُ الْبَارُّ الْمُتْعَالِ الْجَلِيلُ الْجَمِيلُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ الْقَادِرُ الْقَاهِرُ الْعَلِيُّ الْحَكِيمُ الْقَرِيبُ الْمُجِيبُ الْغَنِيُّ الْوَهَّابُ الْوَدُودُ الشَّكُورُ الْمَاجِدُ الْوَاجِدُ الْوَالِي الرَّاشِدُ الْعَفُوُّ الْغَفُورُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ التَّوَّابُ الرَّبُّ الْمَجِيدُ الْوَلِيُّ الشَّهِيدُ الْمُبِينُ الْبُرْهَانُ الرَّءُوفُ الرَّحِيمُ الْمُبْدِئُ الْمُعِيدُ الْبَاعِثُ الْوَارِثُ الْقَوِيُّ الشَّدِيدُ الضَّارُّ النَّافِعُ الْبَاقِي الْوَاقِي الْخَافِضُ الرَّافِعُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الْمُعِزُّ الْمُذِلُّ الْمُقْسِطُ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ الْقَائِمُ الدَّائِمُ الْحَافِظُ الْوَكِيلُ الْفَاطِرُ السَّامِعُ الْمُعْطِي الْمُحْيِي الْمُمِيتُ الْمَانِعُ الْجَامِعُ الْهَادِي الْكَافِي الْأَبَدُ الْعَالِمُ الصَّادِقُ النُّورُ الْمُنِيرُ التَّامُّ الْقَدِيمُ الْوِتْرُ الْأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ» قَالَ زُهَيْرٌ فَبَلَغَنَا مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ أَوَّلَهَا يُفْتَحُ بِقَوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنَّهُ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ) وَالْوِتْرُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا الْفَرْدُ وَمَعْنَى يُحِبُّ مِنَ الْأَذْكَارِ وَالطَّاعَاتِ مَا هُوَ عَلَى عَدَدِ الْوِتْرِ وَيُثِيبُ عَلَيْهِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الْفَرْدِيَّةِ (مَنْ حَفِظَهَا) هَذِهِ الرِّوَايَةُ تُؤَيِّدُ أَنَّ مَعْنَى الْإِحْصَاءِ هُوَ الْحِفْظُ كَمَا عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالْجُمْهُورِ عَلَى أَنَّهُ اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ قَالَ الْقُطْبُ الرَّبَّانِيُّ وَالْغَوْثُ الصَّمَدَانِيُّ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ الْجِيلَانِيُّ الِاسْمُ الْأَعْظَمُ هُوَ اللَّهُ وَلَا يَكُونُ فِي قَلْبِكَ سِوَاهُ (الْوَاحِدُ الصَّمَدُ إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ) قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: وَقَعَ بِسَرْدِ الْأَسْمَاءِ فِي رِوَايَةِ زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنِ ابْنِ مَاجَهْ، أَيْ: كَمَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ حَمْزَةَ وَهَذَانِ الطَّرِيقَانِ يَرْجِعَانِ إِلَى رِوَايَةِ الْأَعْرَجِ وَفِيهِمَا اخْتِلَافٌ شَدِيدٌ فِي سَرْدِ الْأَسْمَاءِ وَزِيَادَةٌ وَنَقْصٌ وَوَقَعَ سَرْدُ الْأَسْمَاءِ أَيْضًا فِي طَرِيقٍ ثَالِثٍ أَخْرَجَهَا الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَجَعْفَرٌ الْفِرْيَابِيُّ فِي الذِّكْرِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي سَرْدِ الْأَسْمَاءِ: هَلْ هُوَ مَرْفُوعٌ

أَوْ مُدْرَجٌ فِي الْخَبَرِ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ؟ فَمَشَى كَثِيرٌ مِنْهُمْ عَلَى الْأَوَّلِ، وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى تَعَيُّنِ أَنَّهُ مُدْرَجٌ لِخُلُوِّ أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ التَّعْيِينُ وَقَعَ عَنْ بَعْضِ رُوَاةِ الطَّرِيقَيْنِ مَعًا وَلِهَذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ الشَّدِيدُ بَيْنَهُمَا وَلِهَذَا الِاحْتِمَالُ تَرَكَ الشَّيْخَانِ تَخْرِيجَ التَّعْيِينِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَفِي الزَّوَائِدِ لَمْ يُخَرِّجْ أَحَدٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ السِّتَّةِ عَدَدَ أَسْمَاءِ اللَّهِ الْحُسْنَى مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ غَيْرَ أَنَّ ابْنَ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيَّ مَعَ تَقْدِيمٍ وَتَأْخِيرٍ وَطَرِيقُ التِّرْمِذِيِّ أَصَحُّ شَيْءٍ فِي الْبَابِ، وَقَالَ: وَإِسْنَادُ طَرِيقِ ابْنِ مَاجَهْ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مُحَمَّدٍ.

[باب دعوة الوالد ودعوة المظلوم]

[باب دَعْوَةِ الْوَالِدِ وَدَعْوَةِ الْمَظْلُومِ] 3862 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ يُسْتَجَابُ لَهُنَّ لَا شَكَّ فِيهِنَّ دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ) أَيْ: فِي حَقِّ الظَّالِمِ، وَأَثَرُ الِاسْتِجَابَةِ قَدْ لَا يَظْهَرُ فِي الْحَالِ لِكَوْنِ الْمُجِيبِ تَعَالَى حَكِيمًا.

3863 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ حَدَّثَتْنَا حُبَابَةُ ابْنَةُ عَجْلَانَ عَنْ أُمِّهَا أُمِّ حَفْصٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ جَرِيرٍ عَنْ أُمِّ حَكِيمٍ بِنْتِ وَدَّاعٍ الْخُزَاعِيَّةِ قَالَتْ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ دُعَاءُ الْوَالِدِ يُفْضِي إِلَى الْحِجَابِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يُفْضِي) مِنَ الْإِفْضَاءِ، وَالْمُرَادُ بِالْحِجَابِ مَحَلُّ الْإِجَابَةِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ مَنْ ذُكِرَ فِي إِسْنَادِهِ مِنَ النِّسَاءِ لَمْ أَرَ مَنْ جَرَّحَهُنَّ وَلَا مَنْ وَثَّقَهُنَّ وَأَبُو سَلَمَةَ هُوَ التَّبُوذِيُّ وَاسْمُهُ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ ثِقَةٌ وَكَذَا الرَّاوِي عَنْهُ.

[باب كراهية الاعتداء في الدعاء]

[باب كَرَاهِيَةِ الِاعْتِدَاءِ فِي الدُّعَاءِ] 3864 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَنْبَأَنَا سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ عَنْ أَبِي نَعَامَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُغَفَّلٍ «سَمِعَ ابْنَهُ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْقَصْرَ الْأَبْيَضَ عَنْ يَمِينِ الْجَنَّةِ إِذَا دَخَلْتُهَا فَقَالَ أَيْ بُنَيَّ سَلْ اللَّهَ الْجَنَّةَ وَعُذْ بِهِ مِنْ النَّارِ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ سَيَكُونُ قَوْمٌ يَعْتَدُونَ فِي الدُّعَاءِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَعْتَدُونَ فِي الدُّعَاءِ) أَيْ: يُجَاوِزُونَ حَدَّهُ.

[باب رفع اليدين في الدعاء]

[باب رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاءِ] 3865 - حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ سَلْمَانَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ رَبَّكُمْ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ أَنْ يَرْفَعَ إِلَيْهِ يَدَيْهِ فَيَرُدَّهُمَا صِفْرًا أَوْ قَالَ خَائِبَتَيْنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حَيِيٌّ) بِكَسْرِ الْيَاءِ الْأُولَى وَتَشْدِيدِ الثَّانِيَةِ فَعِيلٌ مِنَ الْحَيَاءِ، أَيْ: لَا يَتْرُكُ الْعَطَاءَ كَصَاحِبِ الْحَيَاءِ يَمْنَعُهُ مِنْ تَرْكِ الْعَطَاءِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْكَرَمَ وَالْحَيَاءَ إِذَا اجْتَمَعَا يَكُونُ صَاحِبُهُمَا كَمَنْ يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ أَنْ يَتْرُكَ الْعَطَاءَ مِنَ السَّائِلِينَ وَالضُّعَفَاءِ (صَفْرًا) بِفَتْحِ الصَّادِ وَسُكُونِ الْفَاءِ، أَيْ: خَلْوًا.

3866 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا عَائِذُ بْنُ حَبِيبٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَعَوْتَ اللَّهَ فَادْعُ بِبُطُونِ كَفَّيْكَ وَلَا تَدْعُ بِظُهُورِهِمَا فَإِذَا فَرَغْتَ فَامْسَحْ بِهِمَا وَجْهَكَ»

[باب ما يدعو به الرجل إذا أصبح وإذا أمسى]

[باب مَا يَدْعُو بِهِ الرَّجُلُ إِذَا أَصْبَحَ وَإِذَا أَمْسَى] 3867 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي عَيَّاشٍ الزُّرَقِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ كَانَ لَهُ عَدْلَ رَقَبَةٍ مِنْ وَلَدِ إِسْمَعِيلَ وَحُطَّ عَنْهُ عَشْرُ خَطِيئَاتٍ وَرُفِعَ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ وَكَانَ فِي حِرْزٍ مِنْ الشَّيْطَانِ حَتَّى يُمْسِيَ وَإِذَا أَمْسَى فَمِثْلُ ذَلِكَ حَتَّى يُصْبِحَ قَالَ فَرَأَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا عَيَّاشٍ يَرْوِي عَنْكَ كَذَا وَكَذَا فَقَالَ صَدَقَ أَبُو عَيَّاشٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عِدْلَ رَقَبَةٍ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ بِمَعْنَى الْمِثْلِ قَالَ الْفَرَّاءُ: الْعَدْلُ بِالْفَتْحِ مَا عَدَلَ الشَّيْءَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، وَالْعِدْلُ بِالْكَسْرِ الْمِثْلُ، وَعَلَى هَذَا فَالْفَتْحُ هَاهُنَا أَظْهَرُ.

3868 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَصْبَحْتُمْ فَقُولُوا اللَّهُمَّ بِكَ أَصْبَحْنَا وَبِكَ أَمْسَيْنَا وَبِكَ نَحْيَا وَبِكَ نَمُوتُ وَإِذَا أَمْسَيْتُمْ فَقُولُوا اللَّهُمَّ بِكَ أَمْسَيْنَا وَبِكَ أَصْبَحْنَا وَبِكَ نَحْيَا وَبِكَ نَمُوتُ وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَبِكَ أَمْسَيْنَا) مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْمَسَاءُ السَّابِقُ أَوِ اللَّاحِقُ وَصِيغَةُ الْمَاضِي لِلتَّفَاؤُلِ.

3869 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَقُولُ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَيَضُرَّهُ شَيْءٌ» قَالَ وَكَانَ أَبَانُ قَدْ أَصَابَهُ طَرَفٌ مِنْ الْفَالِجِ فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ أَبَانُ مَا تَنْظُرُ إِلَيَّ أَمَا إِنَّ الْحَدِيثَ كَمَا قَدْ حَدَّثْتُكَ وَلَكِنِّي لَمْ أَقُلْهُ يَوْمَئِذٍ لِيُمْضِيَ اللَّهُ عَلَيَّ قَدَرَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ) أَيْ: بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَبَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَمُتَعَلِّقُ الْبَاءِ بِبَسْمِ اللَّهِ هُوَ أَصْبَحْنَا وَأَمْسَيْنَا حَسْبَمَا يَقْتَضِيهِ الْمَقَامُ، أَوْ مُتَعَلِّقُهُ أَسْتَعِينُ وَأَتَحَفَّظُ، وَالْمَعْنَى أَذْكُرُ اسْمَهُ عَلَى وَجْهِ التَّعْظِيمِ وَالتَّبَرُّكِ (فَلَا يَضُرَّهُ) قِيلَ: بِالنَّصْبِ جَوَابُ مَا مِنْ عَبْدٍ، وَقِيلَ: بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى يَقُولُ (مَا تَنْظُرُ) أَيْ: مَا سَبَبُ نَظَرِكَ إِلَيَّ (لِيُمْضِيَ) مِنَ الْإِمْضَاءِ (عَلَيَّ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ.

3870 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَقِيلٍ عَنْ سَابِقٍ عَنْ أَبِي سَلَّامٍ خَادِمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ إِنْسَانٍ أَوْ عَبْدٍ يَقُولُ حِينَ يُمْسِي وَحِينَ يُصْبِحُ رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُرْضِيَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حَقًّا عَلَى اللَّهِ) أَيْ: يُمْضِي وَعْدَهُ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

3871 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّنَافِسِيُّ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا عُبَادَةُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا جُبَيْرُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ «لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَعُ هَؤُلَاءِ الدَّعَوَاتِ حِينَ يُمْسِي وَحِينَ يُصْبِحُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي وَاحْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي وَمِنْ فَوْقِي وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي» قَالَ وَكِيعٌ يَعْنِي الْخَسْفَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ) هِيَ السَّلَامَةُ مِنَ الْأَسْقَامِ وَالْبَلَايَا، وَقِيلَ: عَدَمُ الِابْتِلَاءِ بِهَا وَالصَّبْرُ عَلَيْهَا وَالرِّضَا بِقَضَائِهَا وَجَمَعَ الْعَافِيَةَ لِذَلِكَ كَانَ الدُّعَاءُ بِهَا أَجْمَعَ الْأَدْعِيَةِ (وَالْعَفْوُ) مَحْوُ الذُّنُوبِ (وَالْعَوْرَاتُ) الْعُيُوبُ (وَالرَّوْعَاتُ) الْفَزَعَاتُ وَمَعْنَى (آمِنْ رَوْعَاتِي) أَيِ: ادْفَعْ عَنِّي خَوْفًا يُقْلِقُنِي وَيُزْعِجُنِي وَكَانَ التَّقْدِيرُ وَآمِنِّي مِنْ رَوْعَاتِي عَلَى قِيَاسِ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (وَمَعْنَى احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ) أَيِ: ادْفَعْ عَنِّي الْبَلَاءَ مِنَ الْجِهَاتِ السِّتِّ؛ لِأَنَّ كُلَّ بَلِيَّةٍ تَصِلُ الْإِنْسَانَ، إِنَّمَا تَصِلُهُ مِنْ إِحْدَاهُنَّ وَبَالَغَ فِي جِهَةِ السُّفْلِ لِرَدَاءَةِ الْآفَةِ مِنْهَا (وَالِاغْتِيَالُ) الْأَخْذُ غِيلَةً وَاغْتَالَ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ مِنَ الْمُتَكَلِّمِ

(وَالْخَسْفُ) مِنْ خَسَفَ اللَّهُ بِفُلَانٍ غَيَّبَتْهُ الْأَرْضُ فِيهَا.

3872 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ ثَعْلَبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ أَبُوءُ بِنِعْمَتِكَ وَأَبُوءُ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَالَهَا فِي يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ فَمَاتَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَوْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ دَخَلَ الْجَنَّةَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ) أَيْ: مُقِيمٌ عَلَى مِيثَاقِكَ الَّذِي أَخَذْتَ بِقَوْلِكَ {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} [الأعراف: 172] أَوْ عَلَى مَا عَاهَدْتَنِي وَأَمَرْتَنِي بِهِ فِي كِتَابِكَ مِنَ الْإِيمَانِ بِكَ وَبِنَبِيِّكَ وَكِتَابِكَ (وَوَعْدِكَ) أَيْ: مُدِيمٌ عَلَى وَعْدِكَ الَّذِي لَا يُخْلَفُ الَّذِي وَعَدْتَ بِهِ أَهْلَ الْإِيمَانِ بِكَ وَبِكِتَابِكَ وَنَبِيِّكَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمُتَمَسِّكٌ بِهِ وَرَاجٍ رَحْمَتَكَ بِمُقْتَضَاهُ (وَمَعْنَى مَا اسْتَطَعْتُ) قَدْرُ اسْتِطَاعَتِي فَمَا مَصْدَرِيَّةٌ وَالْمُضَافُ مُقَدَّرٌ فِيهِ اعْتِرَافٌ بِالْعَجْزِ وَالْقُصُورِ، أَيْ: لَا أَقْدِرُ أَنْ أَقُومَ بِعَهْدِكَ حَقَّ الْقِيَامِ بِهِ وَلَكِنْ أَجْتَهِدُ قَدْرَ طَاقَتِي (أَبُوءُ) بِهَمْزَةٍ فِي آخِرِهِ، أَيْ: أَعْتَرِفُ (دَخَلَ الْجَنَّةَ) أَيْ: دُخُولًا أَوَّلِيًّا إِنْ مَاتَ عَلَى الْإِيمَانِ أَوْ هُوَ بِشَارَةٌ بِحُسْنِ الْخَاتِمَةِ اللَّهُمَّ ارْزُقْنَاهَا بِجُودِكَ.

[باب ما يدعو به إذا أوى إلى فراشه]

[باب مَا يَدْعُو بِهِ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ] 3873 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ حَدَّثَنَا سُهَيْلٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى مُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ دَابَّةٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ اقْضِ عَنِّي الدَّيْنَ وَأَغْنِنِي مِنْ الْفَقْرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذَا آوَى) بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ وَجْهَانِ (فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى) أَيْ: شَاقَّهُمَا بِإِخْرَاجِ النَّبَاتِ وَالنَّخْلِ مِنْهُمَا (مُنْزِلَ) مِنَ الْإِنْزَالِ، أَوِ التَّنْزِيلِ وَقَدْ سَبَقَ تَفْسِيرُ بَقِيَّةِ أَلْفَاظِهِ قَرِيبًا.

3874 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَضْطَجِعَ عَلَى فِرَاشِهِ فَلْيَنْزِعْ دَاخِلَةَ إِزَارِهِ ثُمَّ لِيَنْفُضْ بِهَا فِرَاشَهُ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَا خَلَفَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ لِيَضْطَجِعْ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ لِيَقُلْ رَبِّ بِكَ وَضَعْتُ جَنْبِي وَبِكَ أَرْفَعُهُ فَإِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْهَا وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا حَفِظْتَ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (دَاخِلَةَ إِزَارِهِ) أَيِ: الطَّرْفَ الَّذِي يَلِي الْجَسَدَ (مَا خَلَفَهُ) أَيْ: جَاءَ عَقِبَهُ عَلَى الْفِرَاشِ

إِذْ عَادَتُهُمْ كَانَتْ تَرْكَ الْفِرَاشِ فِي مَحَلِّهِ فِي النَّهَارِ، أَوْ هَذَا إِذَا قَامَ فِي وَسَطِ اللَّيْلِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى فِرَاشِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ فِي شَرْحِ هَذَا الْكَلَامِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ لَعَلَّ هَامَّةً دَبَّتْ فَصَارَتْ فِيهِ بَعْدَهُ وَأَخْرَجَ الْخَرَائِطِيُّ فِي مَبَادِئِ الْأَخْلَاقِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَيَأْتِيَ إِلَى فِرَاشِ الرَّجُلِ بَعْدَمَا يَفْرِشُهُ أَهْلُهُ وَيُهَيِّئْنَهُ فَيُلْقِي عَلَيْهِ الْعُودَ وَالْحَجَرَ لِيُغْضِبَهُ عَلَى أَهْلِهِ فَإِذَا وَجَدَ ذَلِكَ فَلَا يَغْضَبْ عَلَى أَهْلِهِ فَإِنَّهُ عَمَلُ الشَّيْطَانِ (وَبِكَ أَرْفَعُهُ) أَيْ: بِالْحَيَاةِ أَوْ بِالْبَعْثِ فَهُوَ مُتَحَقِّقٌ فَلِذَا تَرَكَ الْمَشِيئَةَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ التَّقْيِيدُ بِالْمَشِيئَةِ وَتَرَكَ الْقَيْدَ فِي اللَّفْظِ تَفَاؤُلًا.

3875 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَسَعِيدُ بْنُ شُرَحْبِيلَ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ نَفَثَ فِي يَدَيْهِ وَقَرَأَ بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ وَمَسَحَ بِهِمَا جَسَدَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (نَفَثَ فِي يَدَيْهِ وَقَرَأَ) الْوَاوُ لَا تَدُلُّ عَلَى التَّرْتِيبِ فَلَا يُنَافِي تَقْدِيمَ الْقِرَاءَةِ عَلَى النَّفْثِ كَمَا هُوَ الْمُعْتَادُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُخَالِفُ الْعَادَةَ الَّتِي بَيْنَ النَّاسِ.

3876 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلٍ إِذَا أَخَذْتَ مَضْجَعَكَ أَوْ أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَقُلْ اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَأَ مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ فَإِنْ مِتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ مِتَّ عَلَى الْفِطْرَةِ وَإِنْ أَصْبَحْتَ أَصْبَحْتَ وَقَدْ أَصَبْتَ خَيْرًا كَثِيرًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (رَغْبَةً وَرَهْبَةً) عِلَّةٌ لِكُلٍّ مِنَ الْمَذْكُورَاتِ (وَإِلَيْكَ) مُتَعَلِّقٌ بِالرَّغْبَةِ وَمُتَعَلِّقُ الرَّهْبَةِ مَحْذُوفٌ، أَيْ: مِنْكَ (لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا إِلَّا إِلَيْكَ) الْمَلْجَأُ مَهْمُوزٌ وَالْمَنْجَا مَقْصُورٌ وَلَكِنْ قَدْ يُهْمَزُ لِلِازْدِوَاجِ وَقَدْ يُجْعَلُ الْأَوَّلُ مَقْصُورًا لَهُ أَيْضًا مِنْ حَيْثُ أَصْلِ الْكَلِمَةِ، وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ الْإِعْرَابِ فَيَجُوزُ فِيهِ خَمْسَةُ أَوْجُهٍ كَمَا قَالُوا فِي لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، أَيْ: لَا مَهْرَبَ وَلَا مَلَاذَ وَلَا خَلَاصَ عَنْ عُقُوبَتِكَ إِلَّا بِرَحْمَتِكَ (عَلَى الْفِطْرَةِ) أَيْ: دِينِ الْإِسْلَامِ.

3877 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ وَضَعَ يَدَهُ يَعْنِي الْيُمْنَى تَحْتَ خَدِّهِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ قِنِي عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ أَوْ تَجْمَعُ عِبَادَكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (اللَّهُمَّ قِنِي عَذَابَكَ) فِيهِ أَنَّهُ

يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ يَجْعَلَ النَّوْمَ وَسِيلَةً لِذِكْرِ الْمَوْتِ وَالْبَعْثِ الَّذِي بَعْدَهُ، وَفِي الزَّوَائِدِ رِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ وَأَبُو عُبَيْدَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ شَيْئًا.

[باب ما يدعو به إذا انتبه من الليل]

[باب مَا يَدْعُو بِهِ إِذَا انْتَبَهَ مِنْ اللَّيْلِ] 3878 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنِي عُمَيْرُ بْنُ هَانِئٍ حَدَّثَنِي جُنَادَةُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَعَارَّ مِنْ اللَّيْلِ فَقَالَ حِينَ يَسْتَيْقِظُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ ثُمَّ دَعَا رَبِّ اغْفِرْ لِي غُفِرَ لَهُ قَالَ الْوَلِيدُ أَوْ قَالَ دَعَا اسْتُجِيبَ لَهُ فَإِنْ قَامَ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى قُبِلَتْ صَلَاتُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ تَعَارَّ) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ، أَيِ: اسْتَيْقَظَ.

3879 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ أَنْبَأَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ رَبِيعَةَ بْنَ كَعْبٍ الْأَسْلَمِيَّ أَخْبَرَهُ «أَنَّهُ كَانَ يَبِيتُ عِنْدَ بَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ يَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مِنْ اللَّيْلِ سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الْهَوِيَّ ثُمَّ يَقُولُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْهَوِيَّ) بِفَتْحِ هَاءٍ وَكَسْرِ وَاوٍ وَتَشْدِيدِ يَاءٍ، أَيْ: أَيُّ سَاعَةٍ مِنَ اللَّيْلِ، قِيلَ: هُوَ الْحِينُ الطَّوِيلُ مِنَ الزَّمَانِ، وَقِيلَ: هُوَ مُخْتَصٌّ بِاللَّيْلِ.

3880 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا انْتَبَهَ مِنْ اللَّيْلِ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذَا انْتَبَهَ) أَيِ: اسْتَيْقَظَ وَفِيهِ أَنَّ النَّوْمَ بِمَنْزِلَةِ الْمَوْتِ، وَالْيَقِظَةُ بَعْدَهُ بِمَنْزِلَةِ الْحَيَاةِ الْجَدِيدَةِ.

3881 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النُّجُودِ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أَبِي ظَبْيَةَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ عَبْدٍ بَاتَ عَلَى طُهُورٍ ثُمَّ تَعَارَّ مِنْ اللَّيْلِ فَسَأَلَ اللَّهَ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا أَوْ مِنْ أَمْرِ الْآخِرَةِ إِلَّا أَعْطَاهُ»

[باب الدعاء عند الكرب]

[باب الدُّعَاءِ عِنْدَ الْكَرْبِ] 3882 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ جَمِيعًا عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَدَّثَنِي هِلَالٌ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أُمِّهِ أَسْمَاءَ ابْنَةِ عُمَيْسٍ قَالَتْ «عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ عِنْدَ الْكَرْبِ اللَّهُ اللَّهُ رَبِّي لَا أُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عِنْدَ الْكَرْبِ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ غَمٌّ يَأْخُذُ النَّفْسَ (اللَّهُ اللَّهُ. . . إِلَخْ) الْأَوَّلُ مُبْتَدَأٌ وَالثَّانِي تَأْكِيدٌ لَهُ وَرَبِّي خَبَرٌ وَجُمْلَةُ لَا أُشْرِكُ خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ وَمَعْنَى لَا أُشْرِكُ بِهِ، أَيْ: فِي الْعِبَادَةِ، أَوْ إِثْبَاتِ الْأُلُوهِيَّةِ.

3883 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامٍ صَاحِبِ الدَّسْتُوَائِيِّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ عِنْدَ الْكَرْبِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبِّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ قَالَ وَكِيعٌ مَرَّةً لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فِيهَا كُلِّهَا»

[باب ما يدعو به الرجل إذا خرج من بيته]

[باب مَا يَدْعُو بِهِ الرَّجُلُ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ] 3884 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَضِلَّ أَوْ أَزِلَّ أَوْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ أَوْ أَجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنْ أَضِلَّ) فَتْحُ الْهَمْزَةِ (أَوْ أَزِلَّ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الزَّايِ الْمُعْجَمَةِ، ثُمَّ الْأَوَّلُ مِنَ الْفِعْلَيْنِ عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ وَالثَّانِي عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ.

3885 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَعِيلَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ التُّكْلَانُ عَلَى اللَّهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (التُّكْلَانُ عَلَى اللَّهِ) بِضَمِّ التَّاءِ اسْمٌ مِنَ التَّوَكُّلِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُسَيْنٍ ضَعَّفَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَالْبُخَارِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ.

3886 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ هَارُونَ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ بَابِ بَيْتِهِ أَوْ مِنْ بَابِ دَارِهِ كَانَ مَعَهُ مَلَكَانِ مُوَكَّلَانِ بِهِ فَإِذَا قَالَ بِسْمِ اللَّهِ قَالَا هُدِيتَ وَإِذَا قَالَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ قَالَا وُقِيتَ وَإِذَا قَالَ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ قَالَا كُفِيتَ قَالَ فَيَلْقَاهُ قَرِينَاهُ فَيَقُولَانِ مَاذَا تُرِيدَانِ مِنْ رَجُلٍ قَدْ هُدِيَ وَكُفِيَ وَوُقِيَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (هُدِيتَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَكَذَا فَيَلْقَاهُ قَرِينَاهُ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَرِينَيْنِ هَاهُنَا شَيْطَانَانِ أَحَدُهُمَا شَيْطَانُ الْإِنْسِ وَالثَّانِي شَيْطَانُ الْجِنِّ (فَيَقُولَانِ) أَيِ: الْمَلَكَانِ لِلشَّيْطَانَيْنِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[باب ما يدعو به إذا دخل بيته]

[باب مَا يَدْعُو بِهِ إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ] 3887 - حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَذَكَرَ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ لَا مَبِيتَ لَكُمْ وَلَا عَشَاءَ وَإِذَا دَخَلَ وَلَمْ يَذْكُرْ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ أَدْرَكْتُمْ الْمَبِيتَ فَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ اللَّهَ عِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ أَدْرَكْتُمْ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَالَ الشَّيْطَانُ) أَيْ: لِأَعْوَانِهِ (لَا مَبِيتَ لَكُمْ وَلَا عَشَاءَ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ طَعَامُ الْعِشَاءِ وَيُسْتَعْمَلُ فِي الْمُطْلَقِ أَيْضًا، أَيْ: يَقُولُ الشَّيْطَانُ لِأَعْوَانِهِ لَا يَحْصُلُ لَكُمْ فِي هَذَا الْبَيْتِ طَعَامٌ وَلَا مَسْكَنٌ بِسَبَبِ تَسْمِيَةِ اللَّهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْخِطَابُ لِأَهْلِ الْبَيْتِ دُعَاءٌ عَلَيْهِمْ أَيْ جَعَلَكُمُ اللَّهُ مَحْرُومِينَ كَمَا حَرَمْتُمُونَا، قِيلَ: هَذَا بَعِيدٌ فَإِنَّ الْمُخَاطَبَ بِأَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ أَعْوَانُهُ اهـ. قُلْتُ: يَحْتَمِلُ قَوْلُهُ: أَدْرَكْتُمْ أَنْ يَكُونَ خِطَابًا لِأَهْلِ الْبَيْتِ عَلَى أَنَّهُ دُعَاءٌ لَهُمْ بِالدَّوَامِ وَلَا يَبْعُدُ مِثْلُ ذَلِكَ مِنْ ذَلِكَ الْفَاسِقِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ما يدعو به الرجل إذا سافر]

[باب مَا يَدْعُو بِهِ الرَّجُلُ إِذَا سَافَرَ] 3888 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَقَالَ عَبْدُ الرَّحِيمِ يَتَعَوَّذُ إِذَا سَافَرَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ وَالْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْرِ وَدَعْوَةِ الْمَظْلُومِ وَسُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ وَزَادَ أَبُو مُعَاوِيَةَ فَإِذَا رَجَعَ قَالَ مِثْلَهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ عَيْنٍ مُهْمَلَةٍ مُثَلَّثَةٍ وَمَدٍّ، أَيْ: شِدَّتِهِ وَمَشَقَّتِهِ (وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَهَمْزَةٍ مَمْدُودَةٍ، أَوْ سَاكِنَةٍ كَرَأْفَةٍ وَرَآفَةٍ فِي الْقَامُوسِ هِيَ الْغَمُّ وَسُوءُ الْحَالِ وَالِانْكِسَارُ مِنْ حُزْنٍ وَالْمُنْقَلَبُ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الِانْقِلَابِ، أَوِ اسْمُ مَكَانٍ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: مَعْنَاهُ أَنْ يَنْقَلِبَ إِلَى أَهْلِهِ كَئِيبًا حَزِينًا لِعَدَمِ قَضَاءِ حَاجَتِهِ، أَوْ إِصَابَةِ آفَةٍ لَهُ، أَوْ يَجِدُهُمْ مَرْضَى أَوْ مَاتَ مِنْهُمْ بَعْضُهُمْ قَوْلُهُ: (وَالْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْرِ) أَيِ: النُّقْصَانِ بَعْدَ الزِّيَادَةِ وَأَصْلُ الْحَوْرِ الْمَرْجُوعُ وَأَصْلُ الْمَرْجُوعِ أَوْ أَصْلُهُ هُوَ الْجَمْعُ وَاللَّفُّ (وَسُوءِ الْمَنْظَرِ) الْمُرَادُ بِسُوءِ الْمَنْظَرِ كُلُّ مَنْظَرٍ يَعْقُبُ النَّظَرَ سُوءًا.

[باب ما يدعو به الرجل إذا رأى السحاب والمطر]

[باب مَا يَدْعُو بِهِ الرَّجُلُ إِذَا رَأَى السَّحَابَ وَالْمَطَرَ] 3889 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ أَبِيهِ الْمِقْدَامِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَأَى سَحَابًا مُقْبِلًا مِنْ أُفُقٍ مِنْ الْآفَاقِ تَرَكَ مَا هُوَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ فِي صَلَاتِهِ حَتَّى يَسْتَقْبِلَهُ فَيَقُولُ اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا أُرْسِلَ بِهِ فَإِنْ أَمْطَرَ قَالَ اللَّهُمَّ سَيْبًا نَافِعًا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً وَإِنْ كَشَفَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَمْ يُمْطِرْ حَمِدَ اللَّهَ عَلَى ذَلِكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مِنْ أُفُقٍ)

بِضَمَّتَيْنِ، أَيْ: مِنْ نَاحِيَةٍ مِنَ النَّوَاحِي (اللَّهُمَّ سَيْبًا) بِسُكُونِ الْيَاءِ مِنْ سَيَبَ إِذَا جَرَى، أَيْ: مَطَرًا جَارِيًا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مِنْ كَثْرَتِهِ، أَوْ بِمَعْنَى الْعَطَاءِ.

3890 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ حَبِيبِ بْنِ أَبِي الْعِشْرِينَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَهُ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَأَى الْمَطَرَ قَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ صَيِّبًا هَنِيئًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (اجْعَلْهُ صَيِّبًا) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ هُوَ مَا سَالَ مِنَ الْمَطَرِ مِنْ صَيَبَ إِذَا نَزَلَ.

3891 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَأَى مَخِيلَةً تَلَوَّنَ وَجْهُهُ وَتَغَيَّرَ وَدَخَلَ وَخَرَجَ وَأَقْبَلَ وَأَدْبَرَ فَإِذَا أَمْطَرَتْ سُرِّيَ عَنْهُ قَالَ فَذَكَرَتْ لَهُ عَائِشَةُ بَعْضَ مَا رَأَتْ مِنْهُ فَقَالَ وَمَا يُدْرِيكِ لَعَلَّهُ كَمَا قَالَ قَوْمُ هُودٍ {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ} [الأحقاف: 24] الْآيَةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذَا رَأَى مَخِيلَةً) أَيْ: سَحَابَةً تَكُونُ مَظِنَّةً لِلْمَطَرِ (سُرِّيَ) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ، أَيْ: كُشِفَ عَنْهُ الْحُزْنُ وَأُزِيلَ.

[باب ما يدعو به الرجل إذا نظر إلى أهل البلاء]

[باب مَا يَدْعُو بِهِ الرَّجُلُ إِذَا نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الْبَلَاءِ] 3892 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ مُصْعَبٍ عَنْ أَبِي يَحْيَى عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَلَيْسَ بِصَاحِبِ ابْنِ عُيَيْنَةَ مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ فَجِئَهُ صَاحِبُ بَلَاءٍ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلَاكَ بِهِ وَفَضَّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلًا عُوفِيَ مِنْ ذَلِكَ الْبَلَاءِ كَائِنًا مَا كَانَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ فَجَأَهُ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَفَتْحِهَا، أَيْ: لَقِيَهُ فَجْأَةً (مِمَّا ابْتَلَاكَ) يَنْبَغِي أَنْ يُخْفِي بِهِ صَوْتَهُ لِئَلَّا يَنْكَسِرَ بِهِ خَاطِرُ الْمُبْتَلَى.

[كتاب تعبير الرؤيا]

[كِتَاب تَعْبِيرِ الرُّؤْيَا] [بَاب الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَاب تَعْبِيرِ الرُّؤْيَا بَاب الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ 3893 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ حَدَّثَنِي إِسْحَقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ مِنْ الرَّجُلِ الصَّالِحِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (جُزْءٌ. . . إِلَخْ) حَقِيقَةُ التَّجَزِّي لَا تُدْرَى وَالرِّوَايَاتُ أَيْضًا مُخْتَلِفَةٌ وَالْقَدْرُ الَّذِي أُرِيدَ

إِفْهَامُهُ هُوَ أَنَّ الرُّؤْيَا لَهَا مُنَاسَبَةٌ بِالنُّبُوَّةِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا اطِّلَاعٌ عَلَى الْغَيْبِ بِوَاسِطَةِ الْمَلَكِ إِذَا كَانَتْ صَالِحَةً.

3894 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ»

3895 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى أَنْبَأَنَا شَيْبَانُ عَنْ فِرَاسٍ عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رُؤْيَا الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ الصَّالِحِ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَطِيَّةُ بْنُ سَعِيدٍ الْعَوْفِيُّ الْبَجَلِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

3896 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَمَّالُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سِبَاعِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أُمِّ كُرْزٍ الْكَعْبِيَّةِ قَالَتْ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ذَهَبَتْ النُّبُوَّةُ وَبَقِيَتْ الْمُبَشِّرَاتُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ذَهَبَتِ النُّبُوَّةُ) أَيْ: سَتَذْهَبُ بِوَفَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ (وَبَقِيَتِ الْمُبَشِّرَاتُ) أَيِ: الصَّالِحَاتُ مِنَ الرُّؤْيَا، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

3897 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ»

3898 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ «سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ {لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [يونس: 64] قَالَ هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَوْ تُرَى لَهُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ.

3899 - حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِسْمَعِيلَ الْأَيْلِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سُحَيْمٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كَشَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السِّتَارَةَ فِي مَرَضِهِ وَالصُّفُوفُ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلَّا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِلَّا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةَ) كَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا لَمْ تَبْقَ عَلَى الْعُمُومِ، وَإِلَّا فَالْإِلْهَامُ وَالْكَشْفُ لِلْأَوْلِيَاءِ مَوْجُودٌ.

[باب رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام]

[باب رُؤْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ] 3900 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي فِي الْيَقَظَةِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَمَثَّلُ عَلَى صُورَتِي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَقَدْ رَآنِي فِي الْيَقِظَةِ) أَيْ: فَرُؤْيَاهُ حَقٌّ بِحَيْثُ كَانَ رُؤْيَتُهُ تَلْكَ رُؤْيَةٌ فِي الْيَقِظَةِ (لَا يَتَمَثَّلُ) أَيْ: لَا يَظْهَرُ بِحَيْثُ يَظُنُّ الرَّائِي أَنَّهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قِيلَ: هَذَا يَخْتَصُّ بِصُورَتِهِ

الْمَعْهُودَةِ فَيُعْرَضُ عَلَى الشَّمَائِلِ الشَّرِيفَةِ الْمَعْرُوفَةِ فَإِنْ طَابَقَتِ الصُّورَةُ الْمَرْئِيَّةُ تَلْكَ الشَّمَائِلَ فَهِيَ رُؤْيَا حَقٍّ، وَإِلَّا فَاللَّهُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ، وَقِيلَ: بَلْ فِي أَيِّ صُورَةٍ كَانَتْ وَقَدْ رَجَّحَهُ كَثِيرٌ بِأَنَّ الِاخْتِلَافَ إِنَّمَا يَجِيءُ مِنْ أَحْوَالِ الرَّائِي وَغَيْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، قِيلَ: وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَظْهَرُ الِاسْمِ الْهَادِي؛ وَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى: 52] وَالشَّيْطَانُ مَظْهَرُ الْمُضِلِّ، وَالْهِدَايَةُ وَالْإِضْلَالُ ضِدَّانِ فَمُنِعَ الشَّيْطَانُ عَنْ ظُهُورِ صُورَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

3901 - حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ الْعُثْمَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَمَثَّلُ بِي»

3902 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلشَّيْطَانِ أَنْ يَتَمَثَّلَ فِي صُورَتِي»

3903 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ الْمُخْتَارِ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَمَثَّلُ بِي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ) فِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ لِضَعْفِ عَطِيَّةَ بْنِ سَعْدٍ الْعَوْفِيِّ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَاسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى.

3904 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ يَحْيَى بْنِ صَالِحٍ اللَّخْمِيُّ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَكَأَنَّمَا رَآنِي فِي الْيَقَظَةِ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتَمَثَّلَ بِي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ؛ لِأَنَّ صَدَقَةَ بْنَ أَبِي عِمْرَانَةَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.

3905 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَمَّارٍ هُوَ الدُّهْنِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَمَثَّلُ بِي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ وَهُوَ مُتَّهَمٌ.

[باب الرؤيا ثلاث]

[باب الرُّؤْيَا ثَلَاثٌ] 3906 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الرُّؤْيَا ثَلَاثٌ فَبُشْرَى مِنْ اللَّهِ وَحَدِيثُ النَّفْسِ وَتَخْوِيفٌ مِنْ الشَّيْطَانِ فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا تُعْجِبُهُ فَلْيَقُصَّ إِنْ شَاءَ وَإِنْ رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلَا يَقُصَّهُ عَلَى أَحَدٍ وَلْيَقُمْ يُصَلِّي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَبُشْرَى مِنَ اللَّهِ)

أَيْ: فَمِنْهَا بُشْرَى، أَيْ: فَأَحَدُهَا بُشْرَى (وَلْيَقُمْ يُصَلِّي) أَيْ: لِيَطْرُدَ الشَّيْطَانَ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ ابْنُ مَعِينٍ هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ وَعَوْفٌ الْأَعْرَابِيُّ ضَعِيفٌ وَأَصْلُ الْحَدِيثِ فِي الْبُخَارِيِّ مَا عَدَا قَوْلَهُ: فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا. . . الْحَدِيثَ.

3907 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبِيدَةَ حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ مُسْلِمُ بْنُ مِشْكَمٍ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الرُّؤْيَا ثَلَاثٌ مِنْهَا أَهَاوِيلُ مِنْ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ بِهَا ابْنَ آدَمَ وَمِنْهَا مَا يَهُمُّ بِهِ الرَّجُلُ فِي يَقَظَتِهِ فَيَرَاهُ فِي مَنَامِهِ وَمِنْهَا جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ قَالَ قُلْتُ لَهُ أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نَعَمْ أَنَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مِنْهَا أَهَاوِيلُ) جَمْعُ أَهْوَالٍ هُوَ جَمْعُ هَوْلٍ كَأَقَاوِيلَ جَمْعُ أَقْوَالٍ جَمْعُ قَوْلٍ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[باب من رأى رؤيا يكرهها]

[باب مَنْ رَأَى رُؤْيَا يَكْرَهُهَا] 3908 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ الْمِصْرِيُّ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ الرُّؤْيَا يَكْرَهُهَا فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا وَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ ثَلَاثًا وَلْيَتَحَوَّلْ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا) أَيْ: يَطْرُدُ الشَّيْطَانَ.

3909 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الرُّؤْيَا مِنْ اللَّهِ وَالْحُلْمُ مِنْ الشَّيْطَانِ فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا وَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ثَلَاثًا وَلْيَتَحَوَّلْ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الرُّؤْيَا مِنَ اللَّهِ وَالْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ الرُّؤْيَا وَالْحُلْمُ عِبَارَةٌ عَمَّا يَرَاهُ النَّائِمُ فِي نَوْمِهِ مِنَ الْأَشْيَاءِ، لَكِنْ غَلَبَ الرُّؤْيَا عَلَى مَا يَرَاهُ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّيْءِ الْحَسَنِ وَغَلَبَ الْحُلْمُ عَلَى مَا يَرَاهُ مِنَ الشَّرِّ وَالْقَبِيحِ، وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَفِي غَرِيبِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الرُّؤْيَا وَالْحُلْمَ وَاحِدٌ غَيْرَ أَنَّ صَاحِبَ الشَّرْعِ خَصَّ الْخَيْرَ بِاسْمِ الرُّؤْيَا وَالشَّرَّ بِاسْمِ الْحُلْمِ.

3910 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ الْعُمَرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا يَكْرَهُهَا فَلْيَتَحَوَّلْ وَلْيَتْفُلْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا وَلْيَسْأَلْ اللَّهَ مِنْ خَيْرِهَا وَلْيَتَعَوَّذْ مِنْ شَرِّهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا يَكْرَهُهَا) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ الْعُمَرِيُّ وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعُمَرِيِّ ضَعِيفٌ.

[باب من لعب به الشيطان في منامه فلا يحدث به الناس]

[باب مَنْ لَعِبَ بِهِ الشَّيْطَانُ فِي مَنَامِهِ فَلَا يُحَدِّثْ بِهِ النَّاسَ] 3911 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي رَأَيْتُ رَأْسِي ضُرِبَ فَرَأَيْتُهُ يَتَدَهْدَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْمِدُ الشَّيْطَانُ إِلَى أَحَدِكُمْ فَيَتَهَوَّلُ لَهُ ثُمَّ يَغْدُو يُخْبِرُ النَّاسَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ضُرِبَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ (يَتَدَهْدَهُ) أَيْ: يَتَدَحْرَجُ وَيَضْطَرِبُ (ثُمَّ يَغْدُو) أَيْ: ذَلِكَ الْأَحَدُ (يُخْبِرُ النَّاسَ) مُضَارِعٌ مِنَ الْإِخْبَارِ قَالَهُ فِي قَصْدِ الْإِنْكَارِ بِالْإِخْبَارِ بِمِثْلِهِ وَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ الْإِخْبَارُ، إِنَّمَا يَنْبَغِي لَهُ السُّكُوتُ وَالْإِعْرَاضُ عَنْهُ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

3912 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ وَهُوَ يَخْطُبُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْتُ الْبَارِحَةَ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ كَأَنَّ عُنُقِي ضُرِبَتْ وَسَقَطَ رَأْسِي فَاتَّبَعْتُهُ فَأَخَذْتُهُ فَأَعَدْتُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا لَعِبَ الشَّيْطَانُ بِأَحَدِكُمْ فِي مَنَامِهِ فَلَا يُحَدِّثَنَّ بِهِ النَّاسَ»

3913 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا حَلَمَ أَحَدُكُمْ فَلَا يُخْبِرْ النَّاسَ بِتَلَعُّبِ الشَّيْطَانِ بِهِ فِي الْمَنَامِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذَا حَلَمَ) بِفَتْحِ اللَّامِ مِنَ الْحُلْمِ بِمَعْنَى مَا يَرَاهُ النَّائِمُ، وَالْمُرَادُ مَا يَكْرَهُهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب الرؤيا إذا عبرت وقعت فلا يقصها إلا على واد]

[باب الرُّؤْيَا إِذَا عُبِرَتْ وَقَعَتْ فَلَا يَقُصُّهَا إِلَّا عَلَى وَادٍّ] 3914 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ وَكِيعِ بْنِ عُدُسٍ الْعُقَيْلِيِّ عَنْ عَمِّهِ أَبِي رَزِينٍ «أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الرُّؤْيَا عَلَى رِجْلِ طَائِرٍ مَا لَمْ تُعْبَرْ فَإِذَا عُبِرَتْ وَقَعَتْ قَالَ وَالرُّؤْيَا جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ قَالَ وَأَحْسِبُهُ قَالَ لَا يَقُصُّهَا إِلَّا عَلَى وَادٍّ أَوْ ذِي رَأْيٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (رِجْلِ طَائِرٍ) بِكَسْرِ الرَّاءِ كَأَنَّهَا مُعَلَّقَةٌ بِطَائِرٍ، قِيلَ: هَذَا مَثَلٌ، وَالْمُرَادُ أَنَّهَا لَا يَسْتَقِرُّ قَرَارُهَا (مَا لَمْ تُعَبَّرْ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مُشَدَّدًا وَمُخَفَّفًا يُقَالُ عَبَرَ الرُّؤْيَا بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ إِذَا فَسَّرَهَا (وَادٍّ) اسْمُ فَاعِلٍ مِنَ الْوُدِّ كَالْحُبِّ لَفْظًا وَمَعْنًى إِلَا عَلَى حَبِيبٍ، (أَوْ ذِي رَأْيٍ) أَيْ: لُبٍّ.

[باب علام تعبر به الرؤيا]

[باب عَلَامَ تُعَبَّرُ بِهِ الرُّؤْيَا] 3915 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَبِرُوهَا بِأَسْمَائِهَا وَكَنُّوهَا بِكُنَاهَا وَالرُّؤْيَا لِأَوَّلِ عَابِرٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (اعْتَبِرُوهَا) أَيِ: الرُّؤْيَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ الرُّؤْيَا إِدْرَاكَاتٌ يَخْلُقُهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي قَلْبِ الْعَبْدِ عَلَى يَدِ الْمَلَكِ، أَوِ الشَّيْطَانِ إِمَّا أَدَاءً مِثَالًا بِكُنَاهَا وَإِمَّا تَخْلِيطًا اهـ، قِيلَ: مَعْنَى اعْتَبِرُوهَا بِأَسْمَائِهَا اجْعَلُوا أَسْمَاءَ مَا يُرَى فِي الْمَنَامِ عِبْرَةً وَقِيَاسًا كَأَنْ يَرَى رَجُلًا يُسَمَّى سَالِمًا فَأَوَّلَهُ بِالسَّلَامَةِ وَغَانِمًا فَأَوَّلَهُ بِالْغَنِيمَةِ، أَوْ رَأَى غُرَابًا فَأَوَّلَهُ بِالرَّجُلِ الْفَاسِقِ فَقَدْ سُمِّيَ الْغُرَابُ فِي الْحَدِيثِ فَاسِقًا وَرَأَى ضِلْعًا فَعَبَّرَ بِالْمَرْأَةِ لِتَسْمِيَتِهَا فِي الْحَدِيثِ ضِلْعًا وَنَحْوِ ذَلِكَ وَكَنُّوهَا بِكُنَاهَا، قِيلَ: الْكُنَى جَمْعُ كُنْيَةٍ مِنْ قَوْلِكَ كَنَنْتُ عَنِ الْأَمْرِ وَكَنَوْتُ عَنْهُ إِذَا وَرَّيْتُ عَنْهُ بِغَيْرِهِ وَأَرَادَ مَثِّلُوا لَهَا أَمْثَالًا إِذَا عَبَّرْتُمُوهَا وَهِيَ الَّتِي يَضْرِبُ بِهَا مَلَكُ الرُّؤْيَا لِلرَّجُلِ فِي مَنَامِهِ؛ لِأَنَّهُ يُكَنَّى بِهَا عَنْ أَعْيَانِ الْأُمُورِ كَقَوْلِهِمْ فِي تَعْبِيرِ النَّخْلِ إِنَّهَا رَجُلٌ ذُو إِحْسَانِ الْعَرَبِ، وَفِي الْجَوْزُ إِنَّهَا رِجَالٌ مِنَ الْعَجَمِ (لِأَوَّلِ عَابِرٍ) أَيْ: أَنَّهَا إِذَا احْتَمَلَتْ تَأْوِيلَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ فَعَبَّرَهَا مَنْ يَعْرِفُ عِبَارَتَهَا وَقَعَتْ عَلَى مَا أَوَّلَهَا وَانْتَفَى عَنْهَا غَيْرُهُ مِنَ التَّأْوِيلِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ يَزِيدُ بْنُ أَبَانَ الرَّقَاشِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[باب من تحلم حلما كاذبا]

[باب مَنْ تَحَلَّمَ حُلُمًا كَاذِبًا] 3916 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ هِلَالٍ الصَّوَّافُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَحَلَّمَ حُلُمًا كَاذِبًا كُلِّفَ أَنْ يَعْقِدَ بَيْنَ شَعِيرَتَيْنِ وَيُعَذَّبُ عَلَى ذَلِكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ تَحَلَّمَ) أَيْ: تَكَلَّفَ فِي الْحُلْمِ، أَيْ: أَتَى فِيهِ بِشَيْءٍ لَمْ يَرَهُ فَكَمَا أَنَّهُ نَظَمَ غَيْرَ الْمَنْظُومِ وَعَقَدَ بَيْنَ الْكَلِمَاتِ الْغَيْرِ الْمُرْتَبِطَةِ كَذَلِكَ يُكَلَّفُ بِالْعَقْدِ وَالرَّبْطِ بَيْنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ الْعَقْدُ بَيْنَهَا لِيَكُونَ الْعِقَابُ مِنْ جِنْسِ الْمَعْصِيَةِ، ثُمَّ مَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَعْقِدُ بَيْنَهُمَا أَصْلًا وَقَدْ جَاءَ بِهِ الرِّوَايَاتُ أَيْضًا فَيَمْتَدُّ عِقَابُهُ بِهَذَا التَّكْلِيفِ إِلَى مَا شَاءَ اللَّهُ، أَوْ يَدُومُ إِنْ كَانَ كَافِرًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب أصدق الناس رؤيا أصدقهم حديثا]

[باب أَصْدَقُ النَّاسِ رُؤْيَا أَصْدَقُهُمْ حَدِيثًا] 3917 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ الْمِصْرِيُّ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَرُبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ تَكْذِبُ وَأَصْدَقُهُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُهُمْ حَدِيثًا وَرُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذَا قَرُبَ الزَّمَانُ) قِيلَ: أَيْ

قَرُبَ مِنَ الِاعْتِدَالِ، وَقِيلَ: قَرُبَ مِنَ الِانْقِضَاءِ بِإِقْبَالِ السَّاعَةِ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَالْأَوَّلُ لَا يَصِحُّ إِذِ اعْتِدَالُ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ لَا أَثَرَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مَعْنًى إِلَّا مَا قَالَتْهُ الْفَلَاسِفَةُ مِنْ أَنَّ اعْتِدَالَ الزَّمَانُ يَعْتَدِلُ بِهِ الْأَخْلَاطُ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى تَعْلِيقِ الرُّؤْيَا بِالطَّبَائِعِ وَهُوَ بَاطِلٌ، وَأَيْضًا كَلَامُهُمْ مَخْصُوصٌ بِالرَّبِيعِ وَالْقُرْبُ فِي الْحَدِيثِ إِذَا حُمِلَ عَلَى الْقُرْبِ مِنَ الِاعْتِدَالِ فَهُوَ يَعُمُّ الرَّبِيعَ وَالْخَرِيفَ قَالَ بِخِلَافِ الْقُرْبِ مِنَ الْقِيَامَةِ فَإِنَّهَا الْحَاقَّةُ الَّتِي فِيهَا الْحَقَائِقُ فَكُلُّ مَا قَرُبَ مِنْهَا فَهُوَ أَخَصُّ بِالْحَقَائِقِ وَنَقَلَ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ مَجْمَعِ الْغَرَائِبِ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ قُرْبُ الْأَجَلِ وَهُوَ أَنْ يَطْعَنَ الْمُؤْمِنُ فِي السِّنِّ وَيَبْلُغَ أَوَانَ الْكُهُولَةِ وَالْمَشِيبِ فَتَكُونُ رُؤْيَاهُ أَصْدَقُ لِاسْتِكْمَالِهِ تَمَامَ الْحِلْمِ وَالْأَنَاةِ.

[باب تعبير الرؤيا]

[باب تَعْبِيرِ الرُّؤْيَا] 3918 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ الْمَدَنِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مُنْصَرَفَهُ مِنْ أُحُدٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ ظُلَّةً تَنْطُفُ سَمْنًا وَعَسَلًا وَرَأَيْتُ النَّاسَ يَتَكَفَّفُونَ مِنْهَا فَالْمُسْتَكْثِرُ وَالْمُسْتَقِلُّ وَرَأَيْتُ سَبَبًا وَاصِلًا إِلَى السَّمَاءِ رَأَيْتُكَ أَخَذْتَ بِهِ فَعَلَوْتَ بِهِ ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ بَعْدَكَ فَعَلَا بِهِ ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ بَعْدَهُ فَعَلَا بِهِ ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ بَعْدَهُ فَانْقَطَعَ بِهِ ثُمَّ وُصِلَ لَهُ فَعَلَا بِهِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ دَعْنِي أَعْبُرُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ اعْبُرْهَا قَالَ أَمَّا الظُّلَّةُ فَالْإِسْلَامُ وَأَمَّا مَا يَنْطُفُ مِنْهَا مِنْ الْعَسَلِ وَالسَّمْنِ فَهُوَ الْقُرْآنُ حَلَاوَتُهُ وَلِينُهُ وَأَمَّا مَا يَتَكَفَّفُ مِنْهُ النَّاسُ فَالْآخِذُ مِنْ الْقُرْآنِ كَثِيرًا وَقَلِيلًا وَأَمَّا السَّبَبُ الْوَاصِلُ إِلَى السَّمَاءِ فَمَا أَنْتَ عَلَيْهِ مِنْ الْحَقِّ أَخَذْتَ بِهِ فَعَلَا بِكَ ثُمَّ يَأْخُذُهُ رَجُلٌ مِنْ بَعْدِكَ فَيَعْلُو بِهِ ثُمَّ آخَرُ فَيَعْلُو بِهِ ثُمَّ آخَرُ فَيَنْقَطِعُ بِهِ ثُمَّ يُوَصَّلُ لَهُ فَيَعْلُو بِهِ قَالَ أَصَبْتَ بَعْضًا وَأَخْطَأْتَ بَعْضًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَتُخْبِرَنِّي بِالَّذِي أَصَبْتُ مِنْ الَّذِي أَخْطَأْتُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُقْسِمْ يَا أَبَا بَكْرٍ» حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْتُ ظُلَّةً بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ تَنْطِفُ سَمْنًا وَعَسَلًا فَذَكَرَ الْحَدِيثَ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مُنْصَرَفَهُ) بَعْدَ زَمَانِ انْصِرَافِهِ (ظُلَّةً) بِضَمٍّ فَتَشْدِيدِ لَامٍ، أَيْ: سَحَابَةً (تَنْطِفُ) كَنَصَرَ وَضَرَبَ، أَيْ: تُمْطِرُ (يَتَكَفَّفُونَ) أَيْ: يَأْخُذُونَ بِأَكُفِّهِمْ (فَالْمُسْتَكْثِرُ) خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ، أَيْ: فِيهِمْ، أَوْ مِنْهُمْ مَنْ يَأْخُذُ الْكَثِيرَ (سَبَبًا) أَيْ: حَبْلًا (وَاصِلًا) قِيلَ: هُوَ بِمَعْنَى الْمَوْصُولِ كَعِيشَةٍ رَاضِيَةٍ، أَيْ: مَرْضِيَّةٍ. قُلْتُ: هَذَا إِذَا كَانَ مِنَ الْوَصْلِ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ مِنَ الْوُصُولِ فَلَا حَاجَةَ إِلَى ذَلِكَ، بَلْ لَا يَصِحُّ (فَانْقَطَعَ بِهِ، ثُمَّ وَصَلَ لَهُ) قِيلَ: هُوَ إِشَارَةٌ إِلَى قَتْلِ عُثْمَانَ وَوَصْلِ الْخِلَافَةِ لِعَلِيٍّ، وَهَذَا مَحَلُّ الْخَطَأِ فِي تَعْبِيرِ الصِّدِّيقِ حَيْثُ قَالَ فِي التَّعْبِيرِ، ثُمَّ يُوصَلُ لَهُ وَلِي فِي الرُّؤْيَا لَهُ؛ وَلِذَلِكَ لَمْ تُوصَلِ الْخِلَافَةُ لِعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، وَإِنَّمَا وَصَلَتْ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَرَدَّ بِأَنَّ لَفْظَةَ لَهُ ثَابِتَةٌ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ. قُلْتُ: وَهِيَ ثَابِتَةٌ فِي رِوَايَةِ الْكِتَابِ أَيْضًا وَمَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ لَهُ يَرُدُّهُ رُجُوعُ ضَمِيرِ فَعَلَا بِهِ إِلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي انْقَطَعَ بِهِ إِلَّا أَنْ يُقَالَ ضَمِيرُهُ يَرْجِعُ إِلَى الَّذِي وُصِلَ لَهُ، وَلَا يَخْفَى بُعْدُهُ ثُمَّ قَالَ فَالْوَجْهُ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ عُثْمَانَ كَادَ أَنْ يَنْقَطِعَ مِنَ اللِّحَاقِ بِصَاحِبَيْهِ بِسَبَبِ مَا وَقَعَ لَهُ فِي تَلْكَ الْقَضَايَا الَّتِي أَنْكَرُوهَا فَعَبَّرَ عَنْهَا بِانْقِطَاعِ الْحَبْلِ، ثُمَّ وَقَعَتْ لَهُ الشَّهَادَةُ

فَاتَّصَلَ بِهِمْ فَعَبَّرَ عَنْهُ بِأَنَّ الْحَبْلَ وُصِلَ لَهُ فَاتَّصَلَ فَالْتَحَقَ بِهِمْ كَذَا ذَكَرَهُ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ (أَعْبُرُهَا) مِنْ عَبَرَ كَنَصَرَ (وَأَمَّا مَا يَنْطُفُ) أَيْ: يَسِيلُ حَلَاوَتُهُ وَلِينُهُ فَشُبِّهَ بِالسَّمْنِ فِي اللِّينِ وَبِالْعَسَلِ فِي الْحَلَاوَةِ فَظَهَرَ فِي عَالَمِ الْمِثَالِ بِالصُّورَتَيْنِ جَمِيعًا وَهُوَ وَاحِدٌ، وَقِيلَ: بَلْ هُوَ مَوْضِعُ الْخَطَأِ، وَإِنَّمَا هُمَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْحَقُّ تَرْكُ التَّعَرُّضِ لِمَوْضِعِ الْخَطَأِ فَإِنَّ مَا خَفَى عَلَى أَبِي بَكْرٍ لَا يُرْجَى لِغَيْرِهِ فِيهِ الْإِصَابَةُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ (لَا تُقْسِمْ) مِنَ الْإِقْسَامِ أَيْ لَا تَحْلِفْ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ قَسَمَ الْقَائِلِ.

3919 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الصَّنْعَانِيُّ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «كُنْتُ غُلَامًا شَابًّا عَزَبًا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكُنْتُ أَبِيتُ فِي الْمَسْجِدِ فَكَانَ مَنْ رَأَى مِنَّا رُؤْيَا يَقُصُّهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ لِي عِنْدَكَ خَيْرٌ فَأَرِنِي رُؤْيَا يُعَبِّرُهَا لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنِمْتُ فَرَأَيْتُ مَلَكَيْنِ أَتَيَانِي فَانْطَلَقَا بِي فَلَقِيَهُمَا مَلَكٌ آخَرُ فَقَالَ لَمْ تُرَعْ فَانْطَلَقَا بِي إِلَى النَّارِ فَإِذَا هِيَ مَطْوِيَّةٌ كَطَيِّ الْبِئْرِ وَإِذَا فِيهَا نَاسٌ قَدْ عَرَفْتُ بَعْضَهُمْ فَأَخَذُوا بِي ذَاتَ الْيَمِينِ فَلَمَّا أَصْبَحْتُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِحَفْصَةَ فَزَعَمَتْ حَفْصَةُ أَنَّهَا قَصَّتْهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ لَوْ كَانَ يُكْثِرُ الصَّلَاةَ مِنْ اللَّيْلِ» قَالَ فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُكْثِرُ الصَّلَاةَ مِنْ اللَّيْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَزَبًا) بِفَتْحَتَيْنِ مَنْ لَا أَهْلَ لَهُ (لَمْ تُرَعْ) مِنْ رَاعَ يَرُوعُ، أَيْ: لَمْ تُخَفْ.

3920 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الْأَشْيَبُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ قَالَ «قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَجَلَسْتُ إِلَى شِيَخَةٍ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ شَيْخٌ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَصًا لَهُ فَقَالَ الْقَوْمُ مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا فَقَامَ خَلْفَ سَارِيَةٍ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ قَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ كَذَا وَكَذَا قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الْجَنَّةُ لِلَّهِ يُدْخِلُهَا مَنْ يَشَاءُ وَإِنِّي رَأَيْتُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُؤْيَا رَأَيْتُ كَأَنَّ رَجُلًا أَتَانِي فَقَالَ لِي انْطَلِقْ فَذَهَبْتُ مَعَهُ فَسَلَكَ بِي فِي نَهْجٍ عَظِيمٍ فَعُرِضَتْ عَلَيَّ طَرِيقٌ عَلَى يَسَارِي فَأَرَدْتُ أَنْ أَسْلُكَهَا فَقَالَ إِنَّكَ لَسْتَ مِنْ أَهْلِهَا ثُمَّ عُرِضَتْ عَلَيَّ طَرِيقٌ عَنْ يَمِينِي فَسَلَكْتُهَا حَتَّى إِذَا انْتَهَيْتُ إِلَى جَبَلٍ زَلَقٍ فَأَخَذَ بِيَدِي فَزَجَّلَ بِي فَإِذَا أَنَا عَلَى ذُرْوَتِهِ فَلَمْ أَتَقَارَّ وَلَمْ أَتَمَاسَكْ وَإِذَا عَمُودٌ مِنْ حَدِيدٍ فِي ذُرْوَتِهِ حَلْقَةٌ مِنْ ذَهَبٍ فَأَخَذَ بِيَدِي فَزَجَّلَ بِي حَتَّى أَخَذْتُ بِالْعُرْوَةِ فَقَالَ اسْتَمْسَكْتَ قُلْتُ نَعَمْ فَضَرَبَ الْعَمُودَ بِرِجْلِهِ فَاسْتَمْسَكْتُ بِالْعُرْوَةِ فَقَالَ قَصَصْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رَأَيْتَ خَيْرًا أَمَّا الْمَنْهَجُ الْعَظِيمُ فَالْمَحْشَرُ وَأَمَّا الطَّرِيقُ الَّتِي عُرِضَتْ عَنْ يَسَارِكَ فَطَرِيقُ أَهْلِ النَّارِ وَلَسْتَ مِنْ أَهْلِهَا وَأَمَّا الطَّرِيقُ الَّتِي عُرِضَتْ عَنْ يَمِينِكَ فَطَرِيقُ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَمَّا الْجَبَلُ الزَّلَقُ فَمَنْزِلُ الشُّهَدَاءِ وَأَمَّا الْعُرْوَةُ الَّتِي اسْتَمْسَكْتَ بِهَا فَعُرْوَةُ الْإِسْلَامِ فَاسْتَمْسِكْ بِهَا حَتَّى تَمُوتَ فَأَنَا أَرْجُو أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَإِذَا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِلَى أَشْيِخَةٍ) أَيْ: طَائِفَةٍ

مِنَ الشُّيُوخِ (فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ) أَيْ: لِشَهَادَةِ الْمُسْلِمِينَ بِالْخَيْرِ لِمَا جَاءَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ شُهَدَاءُ اللَّهِ، أَوْ أَنَّهُمْ إِذَا شَهِدُوا بِشَيْءٍ يُرْجَى ذَلِكَ الشَّيْءُ (فَعُرِضَتْ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ، أَيْ: أُظْهِرَتْ (جَبَلٌ زَلَقٌ) بِفَتْحَتَيْنِ أَيِ الَّذِي لَا يَثْبُتُ عَلَيْهِ الْقَدَمُ (فَزُجِلَ بِي) بِالْجِيمِ (اتِّقَارٌ) مِنَ الْقَرَارِ (فَأَنَا أَرْجُو) أَيْ: لَا أَجْزِمُ بِذَلِكَ وَحَقِيقَةُ الْأَمْرِ عِنْدَ اللَّهِ.

3921 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا بُرَيْدَةُ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أُهَاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضٍ بِهَا نَخْلٌ فَذَهَبَ وَهَلِي إِلَى أَنَّهَا يَمَامَةُ أَوْ هَجَرٌ فَإِذَا هِيَ الْمَدِينَةُ يَثْرِبُ وَرَأَيْتُ فِي رُؤْيَايَ هَذِهِ أَنِّي هَزَزْتُ سَيْفًا فَانْقَطَعَ صَدْرُهُ فَإِذَا هُوَ مَا أُصِيبَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ أُحُدٍ ثُمَّ هَزَزْتُهُ فَعَادَ أَحْسَنَ مَا كَانَ فَإِذَا هُوَ مَا جَاءَ اللَّهُ بِهِ مِنْ الْفَتْحِ وَاجْتِمَاعِ الْمُؤْمِنِينَ وَرَأَيْتُ فِيهَا أَيْضًا بَقَرًا وَاللَّهُ خَيْرٌ فَإِذَا هُمْ النَّفَرُ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ أُحُدٍ وَإِذَا الْخَيْرُ مَا جَاءَ اللَّهُ بِهِ مِنْ الْخَيْرِ بَعْدُ وَثَوَابِ الصِّدْقِ الَّذِي آتَانَا اللَّهُ بِهِ يَوْمَ بَدْرٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنِّي أُهَاجِرُ) مِنَ الْمُهَاجَرَةِ (وَهَلَى) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْهَاءِ مَعًا، أَوْ بِسُكُونِ الْهَاءِ، أَيْ: وَهْمِي (أَنَّهَا يَمَامَةٌ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ، قِيلَ: هِيَ بِلَادٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْيَمَنِ (أَوْ هَجَرَ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالْجِيمِ مَعًا غَيْرُ مُنْصَرِفٍ قَاعِدَةُ أَرْضِ الْبَحْرَيْنِ، أَوْ بَلَدٌ بِالْيَمَنِ (أَنِّي هَزَزْتُ سَيْفًا) بِزَاءَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ، أَيْ: حَرَّكْتُهُ (فَإِذَا هُوَ مَا أُصِيبُ. . . إِلَخْ) قِيلَ: هَذِهِ الرِّوَايَةُ مِنْ ضَرْبِ الْمَثَلِ وَلَمَّا كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصُولُ بِأَصْحَابِهِ عَبَّرَ عَنِ السَّيْفِ بِهِمْ وَبِهَزِّهِ عَنْ أَمْرِهِ لَهُمْ بِالْحَرْبِ وَعَنِ الْقَطْعِ فِيهِ بِالْقَتْلِ فِيهِمْ، وَفِي الْمَرَّةِ الْأُخْرَى لَمَّا عَادَ إِلَى حَالَتِهِ مِنَ الِاسْتِوَاءِ عَبَّرَ بِهِ عَنِ اجْتِمَاعِهِمْ

وَالْفَتْحِ عَلَيْهِمْ.

3922 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَيْتُ فِي يَدِي سِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ فَنَفَخْتُهُمَا فَأَوَّلْتُهُمَا هَذَيْنِ الْكَذَّابَيْنِ مُسَيْلِمَةَ وَالْعَنْسِيَّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَأَوَّلْتُهُمَا هَذَيْنَ الْكَذَّابَيْنِ) أَوَّلَ السِّوَارَ بِذَلِكَ بِوَضْعِهِمَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِمَا؛ لِأَنَّ الذَّهَبَ مِنْ حِلْيَةِ النِّسَاءِ دُونَ الرِّجَالِ وَكَذَلِكَ الْكَذَّابُ يَضَعُ الْخَبَرَ فِي غَيْرِ مَحِلِّهِ.

3923 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ صَالِحٍ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ قَابُوسَ قَالَ قَالَتْ أُمُّ الْفَضْلِ «يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْتُ كَأَنَّ فِي بَيْتِي عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِكَ قَالَ خَيْرًا رَأَيْتِ تَلِدُ فَاطِمَةُ غُلَامًا فَتُرْضِعِيهِ فَوَلَدَتْ حُسَيْنًا أَوْ حَسَنًا فَأَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِ قُثَمٍ قَالَتْ فَجِئْتُ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعْتُهُ فِي حَجْرِهِ فَبَالَ فَضَرَبْتُ كَتِفَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْجَعْتِ ابْنِي رَحِمَكِ اللَّهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَتُرْضِعِيهِ) مِنَ الْإِرْضَاعِ مُقْتَضَاهُ أَنَّهَا هَاجَرَتْ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَفِي الزَّوَائِدِ رِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ، وَفِي التَّهْذِيبِ وَالْأَطْرَافِ رَوَى قَابُوسٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ.

3924 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «عَنْ رُؤْيَا النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رَأَيْتُ امْرَأَةً سَوْدَاءَ ثَائِرَةَ الرَّأْسِ خَرَجَتْ مِنْ الْمَدِينَةِ حَتَّى قَامَتْ بِالْمَهْيَعَةِ وَهِيَ الْجُحْفَةُ فَأَوَّلْتُهَا وَبَاءً بِالْمَدِينَةِ فَنُقِلَ إِلَى الْجُحْفَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِالْمَهْيَعَةِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْهَاءِ وَفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ هِيَ الْجُحْفَةُ مِيقَاتُ أَهْلِ الشَّامِ (وَبِالْمَدِينَةِ) قَالَ الْأَصْمَعِيُّ لَمْ يُولَدْ هُنَاكَ أَحَدٌ فَعَاشَ إِلَى أَنْ يَحْتَلِمَ إِلَّا أَنْ يَتَحَوَّلَ مِنْهَا.

3925 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ الْهَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ «أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ بَلِيٍّ قَدِمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ إِسْلَامُهُمَا جَمِيعًا فَكَانَ أَحَدُهُمَا أَشَدَّ اجْتِهَادًا مِنْ الْآخَرِ فَغَزَا الْمُجْتَهِدُ مِنْهُمَا فَاسْتُشْهِدَ ثُمَّ مَكَثَ الْآخَرُ بَعْدَهُ سَنَةً ثُمَّ تُوُفِّيَ قَالَ طَلْحَةُ فَرَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ بَيْنَا أَنَا عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ إِذَا أَنَا بِهِمَا فَخَرَجَ خَارِجٌ مِنْ الْجَنَّةِ فَأَذِنَ لِلَّذِي تُوُفِّيَ الْآخِرَ مِنْهُمَا ثُمَّ خَرَجَ فَأَذِنَ لِلَّذِي اسْتُشْهِدَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيَّ فَقَالَ ارْجِعْ فَإِنَّكَ لَمْ يَأْنِ لَكَ بَعْدُ فَأَصْبَحَ طَلْحَةُ يُحَدِّثُ بِهِ النَّاسَ فَعَجِبُوا لِذَلِكَ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَدَّثُوهُ الْحَدِيثَ فَقَالَ مِنْ أَيِّ ذَلِكَ تَعْجَبُونَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا كَانَ أَشَدَّ الرَّجُلَيْنِ اجْتِهَادًا ثُمَّ اسْتُشْهِدَ وَدَخَلَ هَذَا الْآخِرُ الْجَنَّةَ قَبْلَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَيْسَ قَدْ مَكَثَ هَذَا بَعْدَهُ سَنَةً قَالُوا بَلَى قَالَ وَأَدْرَكَ رَمَضَانَ فَصَامَ وَصَلَّى كَذَا وَكَذَا مِنْ سَجْدَةٍ فِي السَّنَةِ قَالُوا بَلَى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا بَيْنَهُمَا أَبْعَدُ مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (تُوُفِّيَ الْآخِرُ) بِكَسْرِ الْخَاءِ، أَيِ: الزَّمَانُ الْمُتَأَخِّرُ (لَمْ يَأْنِ) أَيْ: يَحْضُرْ وَقْتُ دُخُولِكَ الْجَنَّةَ (بَعْدُ) أَيْ: إِلَى هَذَا الْحِينِ، وَفِي الْحَدِيثِ فَضْلُ طُولِ

الْحَيَاةِ مَعَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَفِي الزَّوَائِدِ رِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَابْنُ مَعِينٍ: أَبُو سَلَمَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ طَلْحَةَ شَيْئًا.

3926 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْرَهُ الْغِلَّ وَأُحِبُّ الْقَيْدَ الْقَيْدُ ثَبَاتٌ فِي الدِّينِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَكْرَهُ الْغُلَّ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ مَا يُقَيَّدُ بِهِ وَالْقَيْدُ يَكُونُ فِي الرِّجْلِ فَيَدُلُّ عَلَى الثَّبَاتِ.

[كتاب الفتن]

[كِتَاب الْفِتَنِ] [بَاب الْكَفِّ عَمَّنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَاب الْفِتَنِ بَاب الْكَفِّ عَمَّنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ 3927 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قِيلَ: الْفِتَنُ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَفَتْحِ الْفَوْقَانِيَّةِ جَمْعُ فِتْنَةٍ وَهِيَ الْمِحْنَةُ وَالْعَذَابُ وَالشِّدَّةُ وَكُلُّ مَكْرُوهٍ آيِلٌ إِلَيْهِ كَالْكُفْرِ وَالْإِثْمِ وَالْفَضِيحَةِ وَالْفُجُورِ وَالْمُصِيبَةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْمَكْرُوهَاتِ. قَوْلُهُ: (حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) لَعَلَّهُ كِنَايَةٌ عَنْ إِظْهَارِ شِعَارِ الْإِسْلَامِ وَبِهِ يَحْصُلُ التَّوْفِيقُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ فِي هَذَا الْبَابِ كَمَا لَا يَخْفَى عَمَّنْ يَطَّلِعُ عَلَيْهَا وَيَنْدُبُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الِاعْتِرَافِ بِرِسَالَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَيْفَ اكْتَفَى بِالتَّوْحِيدِ، ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ حَمْلِ الْحَدِيثِ عَلَى مُشْرِكِي الْعَرَبِ، أَوْ أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ شُرُوعِ الْجِزْيَةِ، وَإِلَّا فَالْقِتَالُ كَمَا

يَنْتَهِي بِالْإِسْلَامِ يَنْتَهِي بِأَدَاءِ الْجِزْيَةِ فِي حَقِّ غَيْرِ الْعَرَبِ.

3928 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَإِذَا قَالُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ»

3929 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ أَنَّ عَمْرَو بْنَ أَوْسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ أَوْسًا أَخْبَرَهُ قَالَ «إِنَّا لَقُعُودٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُصُّ عَلَيْنَا وَيُذَكِّرُنَا إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَسَارَّهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اذْهَبُوا بِهِ فَاقْتُلُوهُ فَلَمَّا وَلَّى الرَّجُلُ دَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ هَلْ تَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ نَعَمْ قَالَ اذْهَبُوا فَخَلُّوا سَبِيلَهُ فَإِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ حَرُمَ عَلَيَّ دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَسَارَّهُ) أَيْ: تَكَلَّمَ مَعَهُ سِرًّا (اذْهَبُوا بِهِ) أَيْ: بِالْمُسَارِ وَكَأَنَّهُ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ عَلِمَ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ مَا دَخَلَ الْإِيمَانُ فِي قَلْبِهِ فَأَرَادَ قَتْلَهُ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى تَرْكِهِ حَتَّى يَتَفَكَّرَ فِي إِسْلَامِهِ، أَيْ: إِظْهَارِ الْإِيمَانِ ظَاهِرًا وَأَنَّ مَدَارَ الْعِصْمَةِ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْإِيمَانِ الْبَاطِنِيِّ وَظَاهِرُ هَذَا التَّعْرِيفِ يَقْتَضِي أَنَّهُ قَدْ يَجْتَهِدُ فِي الْحُكْمِ الْخَبَرِيِّ فَيَخْطَأُ فِي الْمَنَاطِ، نَعَمْ لَا يُقْرَرْ عَلَيْهِ وَلَا يَمْضِي الْحُكْمُ بِالنَّظَرِ، بَلْ يُوقَفُ لِلرُّجُوعِ مِنْ سَاعَتِهِ إِلَى دَرْكِ الْمَنَاطِ وَالْحُكْمِ بِهِ، وَلَا يَخْفَى بُعْدُهُ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ أَنَّهُ قَدْ أَذِنَ لَهُ فِي الْعَمَلِ بِالْبَاطِنِ فَأَرَادَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ، ثُمَّ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ الْعَمَلُ بِالظَّاهِرِ لِكَوْنِهِ أَعَمَّ وَأَشْمَلَ لَهُ وَلِأُمَّتِهِ؛ فَمَالَ إِلَيْهِ وَتَرَكَ الْعَمَلَ بِالْبَاطِنِ، وَبَعْضُ الْأَحَادِيثِ يَشْهَدُ لِذَلِكَ، وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ، إِنَّمَا أُمِرْتُ، أَيْ: وُجُوبًا، وَإِلَّا فَالْإِذْنُ لَهُ فِي الْقَتْلِ بِالنَّظَرِ إِلَى الْبَاطِنِ كَانَ ثَابِتًا، لَكِنْ هَذَا التَّقْرِيرُ لَا يُنَاسِبُهُ فَإِذَا فَعَلُوا حَرُمَ دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ، لَكِنَّ الْحَدِيثَ فِي النَّسَائِيِّ أَيْضًا مَوْجُودٌ وَأَشَارَ فِي الزَّوَائِدِ إِلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.

3930 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ السُّمَيْطِ بْنِ السَّمِيرِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ قَالَ «أَتَى نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ وَأَصْحَابُهُ فَقَالُوا هَلَكْتَ يَا عِمْرَانُ قَالَ مَا هَلَكْتُ قَالُوا بَلَى قَالَ مَا الَّذِي أَهْلَكَنِي قَالُوا قَالَ اللَّهُ {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [الأنفال: 39] قَالَ قَدْ قَاتَلْنَاهُمْ حَتَّى نَفَيْنَاهُمْ فَكَانَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ إِنْ شِئْتُمْ حَدَّثْتُكُمْ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا وَأَنْتَ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نَعَمْ شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ بَعَثَ جَيْشًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ فَلَمَّا لَقُوهُمْ قَاتَلُوهُمْ قِتَالًا شَدِيدًا فَمَنَحُوهُمْ أَكْتَافَهُمْ فَحَمَلَ رَجُلٌ مِنْ لُحْمَتِي عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ بِالرُّمْحِ فَلَمَّا غَشِيَهُ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِنِّي مُسْلِمٌ فَطَعَنَهُ فَقَتَلَهُ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ قَالَ وَمَا الَّذِي صَنَعْتَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي صَنَعَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَلَّا شَقَقْتَ عَنْ بَطْنِهِ فَعَلِمْتَ مَا فِي قَلْبِهِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ شَقَقْتُ بَطْنَهُ لَكُنْتُ أَعْلَمُ مَا فِي قَلْبِهِ قَالَ فَلَا أَنْتَ قَبِلْتَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ وَلَا أَنْتَ تَعْلَمُ مَا فِي قَلْبِهِ قَالَ فَسَكَتَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى مَاتَ فَدَفَنَّاهُ فَأَصْبَحَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ فَقَالُوا لَعَلَّ عَدُوًّا نَبَشَهُ فَدَفَنَّاهُ ثُمَّ أَمَرْنَا غِلْمَانَنَا يَحْرُسُونَهُ فَأَصْبَحَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ فَقُلْنَا لَعَلَّ الْغِلْمَانَ نَعَسُوا فَدَفَنَّاهُ ثُمَّ حَرَسْنَاهُ بِأَنْفُسِنَا فَأَصْبَحَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ فَأَلْقَيْنَاهُ فِي بَعْضِ تِلْكَ الشِّعَابِ» حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ حَفْصٍ الْأَيْلِيُّ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ السُّمَيْطِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ قَالَ بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَرِيَّةٍ فَحَمَلَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَزَادَ فِيهِ فَنَبَذَتْهُ الْأَرْضُ فَأُخْبِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ إِنَّ الْأَرْضَ لَتَقْبَلُ مَنْ هُوَ شَرٌّ مِنْهُ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَحَبَّ أَنْ يُرِيَكُمْ تَعْظِيمَ حُرْمَةِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَقَالُوا هَلَكْتَ) عَلَى الْخِطَابِ (قَالَ مَا هَلَكْتُ) كَلِمَةُ " مَا " نَافِيَةٌ وَهُوَ عَلَى صِيغَةِ الْمُتَكَلِّمِ (قَالُوا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى. . . إِلَخْ) أَيْ: وَأَنْتَ قَدْ تَرَكْتَ ذَلِكَ الْقِتَالَ الْمَأْمُورَ بِهِ (فَمَنَحُوهُمْ أَكْتَافَهُمْ) أَيْ: أَعْطَوْهُمْ أَكْتَافَهُمْ كَأَنَّهُ كِنَايَةٌ عَنِ التَّوَلِّي وَالْإِدْبَارِ أَوِ الْمَغْلُوبِيَّةِ، أَيْ: مَكَّنُوهُمْ مِنْ أَكْتَافِهِمْ حَتَّى يَضْرِبُوا أَكْتَافَهُمْ أَوْ يَرْكَبُوا

عَلَيْهَا قَوْلُهُ: (مِنْ لُحْمَتِي) بِضَمِّ اللَّامِ، أَيْ: قَرَابَتِي (تَلْكَ الشِّعَابِ) بِكَسْرِ الشِّينِ، أَيْ: تَلْكَ الطُّرُقِ الَّتِي هِيَ بَيْنَ الْجِبَالِ، وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ حَسَنٌ وَالسُّمَيْطُ وَثَّقَهُ الْعِجْلِيُّ وَرَوَى لَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ وَعَاصِمٌ هُوَ الْأَحْوَلُ يَرْوِي لَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا فِي صَحِيحِهِ وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ قَوْلُهُ: (وَلَكِنَّ اللَّهَ أَحَبَّ. . . إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ حَسَنٌ؛ لِأَنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ حَفْصٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ.

[باب حرمة دم المؤمن وماله]

[باب حُرْمَةِ دَمِ الْمُؤْمِنِ وَمَالِهِ] 3931 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ أَلَا إِنَّ أَحْرَمَ الْأَيَّامِ يَوْمُكُمْ هَذَا أَلَا وَإِنَّ أَحْرَمَ الشُّهُورِ شَهْرُكُمْ هَذَا أَلَا وَإِنَّ أَحْرَمَ الْبَلَدِ بَلَدُكُمْ هَذَا أَلَا وَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ قَالُوا نَعَمْ قَالَ اللَّهُمَّ اشْهَدْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَحْرَمُ الْأَيَّامِ) أَيْ: أَكْثَرُهَا وَأَشَدُّهَا حُرْمَةً وَالْحَدِيثُ قَدْ تَقَدَّمَ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ

صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

3932 - حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ أَبِي ضَمْرَةَ نَصْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَيْسٍ النَّصْرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ وَيَقُولُ مَا أَطْيَبَكِ وَأَطْيَبَ رِيحَكِ مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ حُرْمَةً مِنْكِ مَالِهِ وَدَمِهِ وَأَنْ نَظُنَّ بِهِ إِلَّا خَيْرًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ حُرْمَةً مِنْكِ) أَيْ: مِنْ حُرْمَتِكِ فَإِنَّ حُرْمَةَ الْبَيْتِ، إِنَّمَا هِيَ لِلْمُؤْمِنِينَ قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 96] إِلَى قَوْلِهِ: {مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ} [آل عمران: 96] (مَالِهِ وَدَمِهِ وَأَنْ نَظُنَّ بِهِ إِلَّا خَيْرًا) مَجْرُورَةٌ عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ بَدَلٌ مِنَ الْمُؤْمِنِ وَالْآخَرِينَ عَطْفٌ عَلَيْهِ، أَيْ: حُرْمَةُ مَالِهِ وَحُرْمَةُ دَمِهِ وَحُرْمَةُ أَنْ نَظُنَّ بِهِ مَا عَدَا الْخَيْرِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ وَنَصْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ شَيْخُ ابْنِ مَاجَهْ ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ.

3933 - حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ وَيُونُسُ بْنُ يَحْيَى جَمِيعًا عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ»

3934 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ الْمِصْرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ أَبِي هَانِئٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ الْجَنْبِيِّ أَنَّ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ حَدَّثَهُ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ الْخَطَايَا وَالذُّنُوبَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ) أَيِ: الْإِيمَانِ وَالْأَمَانَةِ وَالْأَمْنِ إِخْوَانٌ بِحَيْثُ كَانَ لَا وُجُودَ لِلْإِيمَانِ بِدُونِ الْأَمَانَةٍ أَوِ الْأَمْنِ فَمَنْ كَانَ أَمِينًا بِحَيْثُ يَأْمَنُهُ النَّاسُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَنُفُوسِهِمْ وَلَا يُخَافُ مِنْهُ عَلَى مَالِ أَحَدٍ وَلَا عَلَى نَفْسِهِ فَذَلِكَ الْحَقِيقُ بِأَنْ يُسَمَّى مُؤْمِنًا وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْهِجْرَةِ الْقُرْبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَلَا يَتِمُّ ذَلِكَ بِدُونِ تَرْكِ الْخَطَايَا فَالْمُهَاجِرُ الْحَقِيقِيُّ الْوَاصِلُ لِمَطْلُوبِ الْهِجْرَةِ مَنْ تَرَكَ الْخَطَايَا، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَأَبُو هَانِئٍ اسْمُهُ حُمَيْدُ بْنُ هَانِئٍ الْخَوْلَانِيُّ.

[باب النهي عن النهبة]

[باب النَّهْيِ عَنْ النُّهْبَةِ] 3935 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ انْتَهَبَ نُهْبَةً مَشْهُورَةً فَلَيْسَ مِنَّا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنِ انْتَهَبَ نُهْبَةً) النَّهْبُ الْأَخْذُ عَلَى وَجْهِ الْعَلَانِيَةِ وَالْقَهْرِ (نُهْبَةً) بِفَتْحِ نُونِ مَصْدَرٍ وَبِضَمِّهَا اسْمٌ لِلْمَالِ الْمَنْهُوبِ، وَالْمُرَادُ مِنْ تَوْصِيفِهَا بِالشُّهْرَةِ كَوْنُهَا ظَاهِرَةً غَيْرَ خَفِيَّةٍ، وَهَذَا تَقْبِيحٌ وَتَشْنِيعٌ لَهَا (فَلَيْسَ مِنَّا) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُؤْمِنِ؛ وَلِذَلِكَ، قِيلَ: إِنَّهُ تَغْلِيظٌ، وَقِيلَ: هُوَ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ، أَيْ: لَيْسَ هُوَ عَلَى طَرِيقَتِنَا وَلَا أَهْلِ سُنَّتِنَا.

3936 - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ أَبْصَارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا يَزْنِي الزَّانِي إِلَى قَوْلِهِ: وَهُوَ مُؤْمِنٌ) هَذَا وَأَمْثَالُهُ حَمَلَهُ الْعُلَمَاءُ عَلَى التَّغْلِيظِ، أَوْ عَلَى كَمَالِ الْإِيمَانِ، وَقِيلَ: أَرَادَ بِالْإِيمَانِ الْحَيَاءَ لِكَوْنِهِ شُعْبَةً مِنَ الْإِيمَانِ، وَالْمَعْنَى لَا يَزْنِي الزَّانِي وَهُوَ يَسْتَحْيِي مِنَ اللَّهِ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ مِنَ الْمُؤْمِنِ هُوَ ذُو الْأَمْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَقِيلَ: النَّفْيُ بِمَعْنَى النَّهْيِ، أَيْ: لَا يَنْبَغِي لِلزَّانِي أَنْ يَزْنِي وَالْحَالُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ فَإِنَّ مُقْتَضَى الْإِيمَانِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْفَاحِشَةِ.

3937 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ انْتَهَبَ نُهْبَةً فَلَيْسَ مِنَّا»

3938 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ «أَصَبْنَا غَنَمًا لِلْعَدُوِّ فَانْتَهَبْنَاهَا فَنَصَبْنَا قُدُورَنَا فَمَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقُدُورِ فَأَمَرَ بِهَا فَأُكْفِئَتْ ثُمَّ قَالَ إِنَّ النُّهْبَةَ لَا تَحِلُّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَأُكْفِئَتْ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ، أَيْ: قُلِبَتْ وَأُرِيقَ مَا فِيهَا مِنَ الْمَرَقِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَلَمْ يُخَرِّجْ لَهُ أَحَدٌ مِنْ بَقِيَّةِ الْكُتُبِ الْخَمْسَةِ شَيْئًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب سباب المسلم فسوق وقتاله كفر]

[باب سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ] 3939 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ»

3940 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْأَسْدِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو هِلَالٍ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ حَسَنٌ وَأَبُو هِلَالٍ اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ كَذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْأَسَدِيُّ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ قَوْلُهُ: (سِبَابُ الْمُسْلِمِ) بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَخِفَّةِ الْمُوَحَّدَةِ، أَيْ: شَتْمُهُ (فُسُوقٌ) أَيْ: مِنْ أَعْمَالِ الْفِسْقِ (كُفْرٌ) أَيْ: مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ فَإِنَّهُمُ الَّذِينَ يَقْصِدُونَ قِتَالَ الْمُسْلِمِينَ وَتَأْوِيلُهُ بِحَمْلِهِ عَلَى الْقِتَالِ مُسْتَحِلًّا يُؤَدِّي إِلَى عَدَمِ صِحَّةِ الْمُقَابَلَةِ لِكَوْنِ السِّبَابِ مُسْتَحِلًّا كُفْرًا أَيْضًا فَلْيُتَأَمَّلْ.

3941 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سَعْدٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سَعْدٍ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[باب لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض]

[باب لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ] 3942 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَعْبَدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُدْرِكٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ بْنَ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ يُحَدِّثُ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ اسْتَنْصِتْ النَّاسَ فَقَالَ لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (اسْتَنْصِتِ النَّاسَ) أَيْ: قُلْ لَهُمْ لِيَسْكُتُوا حَتَّى يَسْمَعُوا قَوْلِي وَفِيهِ اهْتِمَامٌ لِتَعْظِيمِ مَا يَقُولُهُ (لَا تَرْجِعُوا) أَيْ: لَا تَصِيرُوا (كُفَّارًا) نَصَبَهُ عَلَى الْخَبَرِ، أَيْ: كَالْكُفَّارِ (يَضْرِبُ) اسْتِئْنَافٌ لِبَيَانِ صَيْرُورَتِهِمْ كُفَّارًا، وَالْمَعْنَى لَا تَرْتَدُّوا عَنِ الْإِسْلَامِ إِلَى مَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ حَالَةَ كَوْنِهِمْ كُفَّارًا ضَارِبًا بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ.

3943 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَيْحَكُمْ أَوْ وَيْلَكُمْ لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ»

3944 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ عَنْ قَيْسٍ عَنْ الصُّنَابِحِ الْأَحْمَسِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا إِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ وَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ فَلَا تَقَتِّلُنَّ بَعْدِي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنِّي فَرَطُكُمْ) بِفَتْحَتَيْنِ، أَيْ: مُتَقَدِّمُكُمُ الَّذِي يُهَيِّئُ لَكُمْ مَا تَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَقِيسَ هُوَ ابْنُ أَبِي حَازِمٍ وَإِسْمَاعِيلُ هُوَ ابْنُ أَبِي خَالِدٍ وَلَيْسَ لِلصُّنَابِحِيِّ هَذَا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ فِي بَقِيَّةِ الْكُتُبِ السِّتَّةِ.

[باب المسلمون في ذمة الله عز وجل]

[باب الْمُسْلِمُونَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ] 3945 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَبِي عَوْنٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ حَابِسٍ الْيَمَانِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ فَلَا تُخْفِرُوا اللَّهَ فِي عَهْدِهِ فَمَنْ قَتَلَهُ طَلَبَهُ اللَّهُ حَتَّى يَكُبَّهُ فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ) أَيْ: أَمَانِهِ وَعَهْدِهِ، أَوْ أَنَّهُ تَعَالَى أَوْجَبَ لَهُ الْأَمَانَ (فَلَا تَخْفِرُوا اللَّهَ) مِنْ أَخْفَرَهُ إِذَا نَقَضَ عَهْدَهُ (حَتَّى يَكُبَّهُ)

مِنْ كَبَّهُ قَلَبَهُ وَصَرَعَهُ مِنْ بَابِ نَصَرَ، وَفِي الزَّوَائِدِ رِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ وَسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ لَمْ يُدْرِكْ حَابِسَ بْنَ سَعْدٍ قَالَهُ فِي التَّهْذِيبِ.

3946 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا أَشْعَثُ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ إِنْ كَانَ الْحَسَنُ سَمِعَ مِنْ سَمُرَةَ وَأَشْعَثُ هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ.

3947 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُهَزِّمِ يَزِيدُ بْنُ سُفْيَانَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُؤْمِنُ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ بَعْضِ مَلَائِكَتِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْمُؤْمِنُ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ. . . إِلَخْ) هَذِهِ قَضِيَّةٌ مُهْمَلَةٌ وَهِيَ فِي قُوَّةِ الْجُزْئِيَّةِ، وَالْمُرَادُ أَيْ بَعْضُ الْمُؤْمِنِينَ، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنْ أَنَّ خَوَاصَّ الْبَشَرِ أَفْضَلُ مِنْ خَوَاصِّ الْمَلَائِكَةِ وَعَوَامُّ الْبَشَرِ أَفْضَلُ مِنْ عَوَامِّ الْمَلَائِكَةِ قَالُوا الْمُرَادُ بِالْعَوَامِّ الْأَوْلِيَاءُ الْأَتْقِيَاءُ وَالصُّلَحَاءُ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ يَزِيدَ بْنِ سُفْيَانَ أَبِي الْمُهَزَّمِ.

[باب العصبية]

[باب الْعَصَبِيَّةِ] 3948 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ هِلَالٍ الصَّوَّافُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ غَيْلَانَ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ رِيَاحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَدْعُو إِلَى عَصَبِيَّةٍ أَوْ يَغْضَبُ لِعَصَبِيَّةٍ فَقِتْلَتُهُ جَاهِلِيَّةٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ) بِكَسْرِ عَيْنٍ وَحُكِيَ ضَمُّهَا وَبِكَسْرِ الْمِيمِ الْمُشَدَّدَةِ وَمُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ مُشَدَّدَةٍ وَهِيَ الْأَمْرُ الَّذِي لَا يَسْتَبِينُ وَجْهُهُ كَقَاتِلِ الْقَوْمِ عَصَبِيَّةً، وَقَوْلُهُ: تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ كِنَايَةٌ عَنْ جَمَاعَةٍ مُجْتَمِعِينَ عَلَى أَمْرٍ مَجْهُولٍ لَا يُعْرَفُ أَنَّهُ حَقٌّ، أَوْ بَاطِلٌ فِيهِ أَنَّ مَنْ قَاتَلَ تَعَصُّبًا لَا لِإِظْهَارِ دِينٍ وَلَا لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ لَهُ حَقًّا كَانَ عَلَى الْبَاطِلِ (يَدْعُو إِلَى عَصَبِيَّةٍ) ضُبِطَ بِفَتْحَتَيْنِ (فَقِتْلَتُهُ جَاهِلِيَّةٌ) الْقِتْلَةُ بِكَسْرِ الْقَافِ الْحَالَةُ فِي الْقَتْلِ.

3949 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ الرَّبِيعِ الْيُحْمِدِيُّ عَنْ عَبَّادِ بْنِ كَثِيرٍ الشَّامِيِّ عَنْ امْرَأَةٍ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهَا فُسَيْلَةُ قَالَتْ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ «سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمِنَ الْعَصَبِيَّةِ أَنْ يُحِبَّ الرَّجُلُ قَوْمَهُ قَالَ لَا وَلَكِنْ مِنْ الْعَصَبِيَّةِ أَنْ يُعِينَ الرَّجُلُ قَوْمَهُ عَلَى الظُّلْمِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنْ يُعِينَ الرَّجُلُ قَوْمَهُ. . . إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ رَوَى أَبُو دَاوُدَ بَعْضَ هَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ. «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْعَصَبِيَّةُ قَالَ أَنْ يُعِينَ الرَّجُلُ قَوْمَهُ عَلَى الظُّلْمِ» .

[باب السواد الأعظم]

[باب السَّوَادِ الْأَعْظَمِ] 3950 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عُثْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا مُعَانُ بْنُ رِفَاعَةَ السَّلَامِيُّ حَدَّثَنِي أَبُو خَلَفٍ الْأَعْمَى قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ أُمَّتِي لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ فَإِذَا رَأَيْتُمْ اخْتِلَافًا فَعَلَيْكُمْ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنَّ أُمَّتِي لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ) أَيِ: الْكُفْرِ، أَوِ الْفِسْقِ، أَوِ الْخَطَأِ فِي الِاجْتِهَادِ، وَهَذَا قَبْلَ مَجِيءِ الرِّيحِ قَوْلُهُ: (بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ) أَيْ: بِالْجَمَاعَةِ الْكَثِيرَةِ فَإِنَّ اتِّفَاقَهُمْ أَقْرَبُ إِلَى الْإِجْمَاعِ، قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي تَفْسِيرِ السَّوَادِ الْأَعْظَمِ، أَيْ: جَمَاعَةُ النَّاسِ وَمُعْظَمُهُمُ الَّذِينَ يَجْتَمِعُونَ عَلَى سُلُوكِ الْمَنْهَجِ الْمُسْتَقِيمِ، وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي الْعَمَلُ بِقَوْلِ الْجُمْهُورِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ أَبُو خَلَفٍ الْأَعْمَى وَاسْمُهُ حَازِمُ بْنُ عَطَاءٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَدْ جَاءَ الْحَدِيثُ بِطُرُقٍ فِي كُلِّهَا نَظَرٌ قَالَهُ شَيْخُنَا الْعِرَاقِيُّ فِي تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الْبَيْضَاوِيِّ.

[باب ما يكون من الفتن]

[باب مَا يَكُونُ مِنْ الْفِتَنِ] 3951 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ رَجَاءٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا صَلَاةً فَأَطَالَ فِيهَا فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْنَا أَوْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَطَلْتَ الْيَوْمَ الصَّلَاةَ قَالَ إِنِّي صَلَّيْتُ صَلَاةَ رَغْبَةٍ وَرَهْبَةٍ سَأَلْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لِأُمَّتِي ثَلَاثًا فَأَعْطَانِي اثْنَتَيْنِ وَرَدَّ عَلَيَّ وَاحِدَةً سَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُهْلِكَهُمْ غَرَقًا فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَرَدَّهَا عَلَيَّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنِّي صَلَّيْتُ صَلَاةَ رَغْبَةٍ وَرَهْبَةٍ) أَيْ: صَلَاةً دَعَوْتُ فِيهَا رَاغِبًا فِي الْإِجَابَةِ رَاهِبًا عَنْ رَدِّهَا أَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ، أَيْ: مِنْ فِرَقِ الْكُفْرِ، وَالْمُرَادُ أَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ بِحَيْثُ يَسْتَأْصِلُهُمْ (غَرَقًا) بِفَتْحَتَيْنِ، أَيْ: بِأَنْ يَعُمَّهُمُ الْغَرَقُ (وَأَنْ لَا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ) أَيْ: مُحَارَبَتَهُمْ (فَرَدَّهَا عَلَيَّ) وَفِيهِ أَنَّ الِاسْتِجَابَةَ بِإِعْطَاءِ عَيْنِ الْمَدْعُوِّ لَهُ لَيْسَتْ كُلِّيَّةً، بَلْ قَدْ تَتَخَلَّفُ مَعَ تَحَقُّقِ شَرَائِطِ الدُّعَاءِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

3952 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ الْجَرْمِيِّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ زُوِيَتْ لِي الْأَرْضُ حَتَّى رَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ الْأَصْفَرَ أَوْ الْأَحْمَرَ وَالْأَبْيَضَ يَعْنِي الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَقِيلَ لِي إِنَّ مُلْكَكَ إِلَى حَيْثُ زُوِيَ لَكَ وَإِنِّي سَأَلْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ثَلَاثًا أَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَى أُمَّتِي جُوعًا فَيُهْلِكَهُمْ بِهِ عَامَّةً وَأَنْ لَا يَلْبِسَهُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَهُمْ بَأْسَ بَعْضٍ وَإِنَّهُ قِيلَ لِي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَإِنِّي لَنْ أُسَلِّطَ عَلَى أُمَّتِكَ جُوعًا فَيُهْلِكَهُمْ فِيهِ وَلَنْ أَجْمَعَ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنَ أَقْطَارِهَا حَتَّى يُفْنِيَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَيَقْتُلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَإِذَا وُضِعَ السَّيْفُ فِي أُمَّتِي فَلَنْ يُرْفَعَ عَنْهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَإِنَّ مِمَّا أَتَخَوَّفُ عَلَى أُمَّتِي أَئِمَّةً مُضِلِّينَ وَسَتَعْبُدُ قَبَائِلُ مِنْ أُمَّتِي الْأَوْثَانَ وَسَتَلْحَقُ قَبَائِلُ مِنْ أُمَّتِي بِالْمُشْرِكِينَ وَإِنَّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ دَجَّالِينَ كَذَّابِينَ قَرِيبًا مِنْ ثَلَاثِينَ كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ وَلَنْ تَزَالَ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ مَنْصُورِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» قَالَ أَبُو الْحَسَنِ لَمَّا فَرَغَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ مَا أَهْوَلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (زُوِيَتْ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنْ زُوِيَ كَرْمِي، أَيْ: جُمِعَتْ وَضُمَّ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةً وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ الْإِدْرَاكُ فَيَكُونُ مَجَازًا فَإِنَّهُ لَمَّا أَدْرَكَ جَمِيعَهَا صَارَ كَأَنَّهُ جُمِعَتْ

لَهُ حَتَّى رَآهَا، وَالْمُرَادُ مِنَ الْأَرْضِ مَا سَيَبْلُغُهَا مُلْكُ الْأُمَّةِ لَا كُلُّهَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ (مَشَارِقَهَا) إِلَى الْبِلَادِ الْمُشْرِقَةِ مِنْهَا وَكَذَا مَغَارِبُهَا (وَأُعْطِيتُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَقَدْ أَعْطَاهُ اللَّهُ تَعَالَى مَفَاتِيحَ الْخَزَائِنِ الْمَفْتُوحَةِ عَلَى الْأُمَّةِ (الْأَصْفَرَ) وَفِي بَعْضِ النَّسْخِ " الْأَحْمَرَ "، وَالْمُرَادُ الذَّهَبُ (وَالْأَبْيَضَ) أَيِ: الْفِضَّةَ (فَيُهْلِكُهُمْ) مِنَ الْإِهْلَاكِ (بِهِ) الْجُوعُ (عَامَّةً) أَيْ: حَالَ كَوْنِ الْجُوعِ سُنَّةً عَامَّةً، أَيْ: شَامِلَةً لِكُلِّ الْأُمَّةِ (وَأَنْ لَا يَلْبِسَهُمْ) وَلَا يَخْلِطَهُمْ (شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَهُمْ بَأْسَ بَعْضٍ) بِالْمُحَارَبَةِ، أَيْ: لَا يَجْمَعُهُمْ مُتَحَارِبِينَ قَوْلُهُ: (مِنْ بَيْنَ أَقْطَارِهَا) أَيْ: أَقْطَارِ الْأَرْضِ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ (وَإِذَا وُضِعَ) هَذَا مِنْ كَلَامِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَيْ: إِذَا ظَهَرَتِ الْحَرْبُ فِيهِمْ تَبْقَى إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَقَدْ وُضِعَ السَّيْفُ بِقَتْلِ عُثْمَانَ فَلَمْ يَزُلْ إِلَى الْآنَ (أَئِمَّةً مُضِلِّينَ) أَيْ دَاعِينَ الْخَلْقَ إِلَى الْبِدَعِ (حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ) أَيِ: الرِّيحُ الَّذِي يُقْبَضُ عِنْدَهُ نَفْسُ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ.

3953 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ حَبِيبَةَ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ أَنَّهَا قَالَتْ «اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَوْمِهِ وَهُوَ مُحْمَرٌّ وَجْهُهُ وَهُوَ يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدْ اقْتَرَبَ فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَعَقَدَ بِيَدَيْهِ عَشَرَةً قَالَتْ زَيْنَبُ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ قَالَ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ) قِيلَ: أَشَارَ بِهِ إِلَى قَتْلِ عُثْمَانَ وَمَا جَرَى بَعْدَهُ بَيْنَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ (وَعَقَدَ بِيَدِهِ عَشْرَةً) أَيْ: لِيُرِيَهُمْ مِقْدَارَ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الْمَفْتُوحِ قَوْلُهُ: (أَنَهْلَكُ) عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ مِنَ الْهَلَاكِ أَوْ

بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنَ الْإِهْلَاكِ قَوْلُهُ: (كَثُرَ الْخَبَثُ) بِفَتْحَتَيْنِ أَوْ بِضَمِّ فَسُكُونٌ، أَيِ: الْمَعَاصِي وَالشُّرُورُ وَأَهْلُهَا قَالَ تَعَالَى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: 25]

3954 - حَدَّثَنَا رَاشِدُ بْنُ سَعِيدٍ الرَّمْلِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي السَّائِبِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ عَنْ الْقَاسِمِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَتَكُونُ فِتَنٌ يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا إِلَّا مَنْ أَحْيَاهُ اللَّهُ بِالْعِلْمِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِلَّا مَنْ أَحْيَاهُ اللَّهُ بِالْعِلْمِ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ هِيَ ضِعَافٌ كُلُّهَا، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ فِي عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ.

3955 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَأَبِي عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ «كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عُمَرَ فَقَالَ أَيُّكُمْ يَحْفَظُ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْفِتْنَةِ قَالَ حُذَيْفَةُ فَقُلْتُ أَنَا قَالَ إِنَّكَ لَجَرِيءٌ قَالَ كَيْفَ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ فَقَالَ عُمَرُ لَيْسَ هَذَا أُرِيدُ إِنَّمَا أُرِيدُ الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ فَقَالَ مَا لَكَ وَلَهَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا قَالَ فَيُكْسَرُ الْبَابُ أَوْ يُفْتَحُ قَالَ لَا بَلْ يُكْسَرُ قَالَ ذَاكَ أَجْدَرُ أَنْ لَا يُغْلَقَ» قُلْنَا لِحُذَيْفَةَ أَكَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ مَنْ الْبَابُ قَالَ نَعَمْ كَمَا يَعْلَمُ أَنَّ دُونَ غَدٍ اللَّيْلَةَ إِنِّي حَدَّثْتُهُ حَدِيثًا لَيْسَ بِالْأَغَالِيطِ فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَهُ مَنْ الْبَابُ فَقُلْنَا لِمَسْرُوقٍ سَلْهُ فَسَأَلَهُ فَقَالَ عُمَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنَّكَ لَجَرِيءٌ) أَيْ: شَجِيعٌ عَلَى حِفْظِهِ قَوِيٌّ عَلَيْهِ (فِتْنَةُ الرَّجُلِ) أَيْ: ذَنْبُهُ الصَّادِرُ عَنْهُ فِي شَأْنِ الْأَهْلِ وَالْمَالِ وَالْجَارِ يُكَفِّرُهَا صَالِحُ الْأَعْمَالِ مِنَ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114] (لَيْسَ هَذَا) أَيْ: هَذَا الْحَدِيثُ الَّتِي تَمُوجُ، أَيْ: حَدِيثُ الْفِتْنَةِ الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ (إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا) أَيْ: بَيْنَ الْوَقْتِ الَّذِي أَنْتَ فِيهِ وَبَيْنَهَا وَجُودُكَ الَّذِي بِمَنْزِلَةِ الْبَابِ الْمُغْلَقِ (إِنِّي حَدَّثْتُهُ حَدِيثًا لَيْسَ بِالْأَغَالِيطِ) أَيْ: وَمِثْلُ هَذَا الْحَدِيثِ لَا يَخْفَى عَلَى عُمَرَ.

3956 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ الْمُحَارِبِيُّ وَوَكِيعٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ رَبِّ الْكَعْبَةِ قَالَ «انْتَهَيْتُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَهُوَ جَالِسٌ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ وَالنَّاسُ مُجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ بَيْنَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ إِذْ نَزَلَ مَنْزِلًا فَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُ خِبَاءَهُ وَمِنَّا مَنْ يَنْتَضِلُ وَمِنَّا مَنْ هُوَ فِي جَشَرِهِ إِذْ نَادَى مُنَادِيهِ الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ فَاجْتَمَعْنَا فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَطَبَنَا فَقَالَ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى مَا يَعْلَمُهُ خَيْرًا لَهُمْ وَيُنْذِرَهُمْ مَا يَعْلَمُهُ شَرًّا لَهُمْ وَإِنَّ أُمَّتَكُمْ هَذِهِ جُعِلَتْ عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهَا وَإِنَّ آخِرَهُمْ يُصِيبُهُمْ بَلَاءٌ وَأُمُورٌ يُنْكِرُونَهَا ثُمَّ تَجِيءُ فِتَنٌ يُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ هَذِهِ مُهْلِكَتِي ثُمَّ تَنْكَشِفُ ثُمَّ تَجِيءُ فِتْنَةٌ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ هَذِهِ مُهْلِكَتِي ثُمَّ تَنْكَشِفُ فَمَنْ سَرَّهُ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنْ النَّارِ وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ فَلْتُدْرِكْهُ مَوْتَتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يَأْتُوا إِلَيْهِ وَمَنْ بَايَعَ إِمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَمِينِهِ وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ فَلْيُطِعْهُ مَا اسْتَطَاعَ فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَ الْآخَرِ» قَالَ فَأَدْخَلْتُ رَأْسِي مِنْ بَيْنِ النَّاسِ فَقُلْتُ أَنْشُدُكَ اللَّهَ أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى أُذُنَيْهِ فَقَالَ سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (خِبَاءٌ) بِكَسْرِ الْخَاءِ بَيْتٌ مِنْ صُوفٍ أَوْ وَبَرٍ لَا مِنْ

شَعْرٍ (مَنْ يَنْتَضِلُ) مِنَ انْتَضَلَ الْقَوْمُ إِذَا رَمَوْا لِلسَّبَقِ وَيُقَالُ انْتَضَلُوا بِالْكَلَامِ وَالْأَشْعَارِ (مَنْ هُوَ فِي جُشُرِهِ) ضُبِطَ بِضَمِّ الْجِيمِ وَشِينِ مَعًا أَيْ فِي إِخْرَاجِهِ الدَّوَابَّ إِلَى الرَّمْيِ (الصَّلَاةَ جَامِعَةً) أَيِ: ائْتُوا الصَّلَاةَ وَالْحَالُ أَنَّهَا جَامِعَةٌ فِيهَا النَّصَبُ وَيَجُوزُ رَفْعُهَا عَلَى الِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرِ (فَقَالَ إِنَّهُ) أَيِ: الشَّأْنُ (عَلَى مَا يَعْلَمُهُ) مِنَ الْعِلْمِ، أَيْ: عَلَى شَيْءٍ يَعْلَمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ الشَّيْءَ خَيْرًا لَهُمْ (جُعِلَتْ عَافِيَتُهَا) أَيْ: خَلَاصُهَا عَمَّا يَضُرُّ فِي الدِّينِ (يُرَقِّقُ) بِرَاءٍ وَقَافَيْنِ مِنَ التَّرْقِيقِ، أَيْ: يُزَيِّنُ بَعْضُهَا بَعْضًا، أَوْ يَجْعَلُ بَعْضُهَا بَعْضًا رَقِيقًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُتَأَخِّرَةَ مِنَ الْفِتْنَةِ أَعْظَمُ مِنَ الْمُتَقَدِّمَةِ فَتَصِيرُ الْمُتَقَدِّمَةُ عِنْدَهَا رَقِيقَةً وَجَاءَ بِرَاءٍ سَاكِنَةٍ فَفَاءٍ مَضْمُومَةٍ مِنَ الرِّفْقِ، أَيْ: يُرَافِقُ بَعْضُهَا بَعْضًا، أَيْ: يَجِيءُ بَعْضُهَا عَقِبَ بَعْضٍ، أَوْ فِي وَقْتِهِ وَجَاءَ بِدَالٍ مُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ فَفَاءٍ مَكْسُورَةٍ، أَيْ: تَدْفَعُ وَتَصُبُّ (أَنْ يُزَحْزَحَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ (وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ) أَيْ: لِيُؤَدِّ إِلَيْهِمْ وَيَفْعَلُ بِهِمْ مَا يُحِبُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهِ (فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَمِينِهِ) أَيْ: عَهْدَهُ وَمِيثَاقَهُ لِأَنَّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ يَضَعُ أَحَدُهُمَا يَدَهُ فِي يَدِ الْآخَرِ كَمَا يَفْعَلُهُ الْمُتَبَايِعَانِ وَهِيَ الْمَرَّةِ مِنَ التَّصْفِيقِ بِالْيَدِ (وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ) أَيْ: خَالِصَ عَهْدِهِ.

[باب التثبت في الفتنة]

[باب التَّثَبُّتِ فِي الْفِتْنَةِ] 3957 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عُمَارَةَ بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَيْفَ بِكُمْ وَبِزَمَانٍ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ يُغَرْبَلُ النَّاسُ فِيهِ غَرْبَلَةً وَتَبْقَى حُثَالَةٌ مِنْ النَّاسِ قَدْ مَرِجَتْ عُهُودُهُمْ وَأَمَانَاتُهُمْ فَاخْتَلَفُوا وَكَانُوا هَكَذَا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ قَالُوا كَيْفَ بِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ قَالَ تَأْخُذُونَ بِمَا تَعْرِفُونَ وَتَدَعُونَ مَا تُنْكِرُونَ وَتُقْبِلُونَ عَلَى خَاصَّتِكُمْ وَتَذَرُونَ أَمْرَ عَوَامِّكُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يُغَرْبَلُ النَّاسُ فِيهِ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ، أَيْ: يُذْهِبُ خِيَارَهُمْ وَيُبْقِي شِرَارَهُمْ وَأَرَاذِلَهُمْ (حُثَالَةٌ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ الرَّدِيءُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَالْمُرَادُ أَرَاذِلُهُمْ (قَدْ مَرِجَتْ) بِكَسْرِ الرَّاءِ عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ، أَيِ: اخْتَلَفَتْ وَفَسَدَتْ (عَلَى خَاصَّتِكُمْ) أَيْ: عَلَى مَنْ يَخْتَصُّ بِكُمْ مِنَ الْأَهْلِ وَالْخَدَمِ، أَوْ عَلَى إِصْلَاحِ الْأَحْوَالِ الْمُخْتَصَّةِ بِأَنْفُسِكُمْ.

3958 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ عَنْ الْمُشَعَّثِ بْنِ طَرِيفٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ أَنْتَ يَا أَبَا ذَرٍّ وَمَوْتًا يُصِيبُ النَّاسَ حَتَّى يُقَوَّمَ الْبَيْتُ بِالْوَصِيفِ يَعْنِي الْقَبْرَ قُلْتُ مَا خَارَ اللَّهُ لِي وَرَسُولُهُ أَوْ قَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ تَصَبَّرْ قَالَ كَيْفَ أَنْتَ وَجُوعًا يُصِيبُ النَّاسَ حَتَّى تَأْتِيَ مَسْجِدَكَ فَلَا تَسْتَطِيعَ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى فِرَاشِكَ وَلَا تَسْتَطِيعَ أَنْ تَقُومَ مِنْ فِرَاشِكَ إِلَى مَسْجِدِكَ قَالَ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ أَوْ مَا خَارَ اللَّهُ لِي وَرَسُولُهُ قَالَ عَلَيْكَ بِالْعِفَّةِ ثُمَّ قَالَ كَيْفَ أَنْتَ وَقَتْلًا يُصِيبُ النَّاسَ حَتَّى تُغْرَقَ حِجَارَةُ الزَّيْتِ بِالدَّمِ قُلْتُ مَا خَارَ اللَّهُ لِي وَرَسُولُهُ قَالَ الْحَقْ بِمَنْ أَنْتَ مِنْهُ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا آخُذُ بِسَيْفِي فَأَضْرِبَ بِهِ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ قَالَ شَارَكْتَ الْقَوْمَ إِذًا وَلَكِنْ ادْخُلْ بَيْتَكَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنْ دُخِلَ بَيْتِي قَالَ إِنْ خَشِيتَ أَنْ يَبْهَرَكَ شُعَاعُ السَّيْفِ فَأَلْقِ طَرَفَ رِدَائِكَ عَلَى وَجْهِكَ فَيَبُوءَ بِإِثْمِهِ وَإِثْمِكَ فَيَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَمَوْتًا يُصِيبُ النَّاسَ) أَيْ: بِالْمَدِينَةِ لَا الْحُمَّى كَمَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ (حَتَّى يَقُومَ) مِنَ التَّقْوِيمِ (بِالْوَصِيفِ) أَيْ: بِالْعَبْدِ، قِيلَ: الْمُرَادُ بِالْبَيْتِ الْقَبْرُ، أَيْ: يُبَاعُ مَوْضِعُ الْقَبْرِ بِعَبْدٍ وَصِيفٍ عَنِ ارْتِفَاعِ مَوَاضِعِ الْقُبُورِ مِنَ الْأَمْوَاتِ، أَوْ لِيَبْلُغَ أُجْرَةَ الْحَفَّارِ قِيمَةَ الْعَبْدِ لِكَثْرَةِ الْمَوْتَى وَقِلَّةِ الْحَفَّارِينَ وَاشْتِغَالِهِمْ بِالْمَعِيشَةِ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْبَيْتِ الْمُتَعَارَفُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْبُيُوتَ تَصِيرُ رَخِيصَةً لِكَثْرَةِ الْمَوْتِ وَقِلَّةِ مَنْ يَسْكُنُهَا فَيُبَاعُ الْبَيْتُ بِعَبْدٍ مَعَ أَنَّ الْبَيْتَ عَادَةً يَكُونُ أَكْثَرَ قِيمَةً (بِالْعِفَّةِ) أَيْ: لِكَفِّ النَّاسِ عَنِ الْوُقُوعِ فِي الْحَرَامِ (حَتَّى تُغْرَقَ) مِنْ غَرِقَ فِي الْمَاءِ كَسَمِعَ (حِجَارَةُ الزَّيْتِ) مَوْضِعٌ بِالْمَدِينَةِ فِي الْحَرَّةِ سُمِّيَ بِهَا لِسَوَادِ الْحِجَارَةِ كَأَنَّهَا طُلِيَتْ بِالزَّيْتِ، أَيِ: الدَّمُ يَعْلُو حِجَارَةَ الزَّيْتِ وَيَسْتُرُهَا لِكَثْرَةِ الْقَتْلَى، وَهَذَا إِشَارَةٌ إِلَى وَقْعَةِ الْحَرَّةِ الَّتِي كَانَتْ زَمَنَ يَزِيدَ (بِمَنْ أَنْتَ مِنْهُ) أَيْ: بِأَهْلِكَ وَعَشِيرَتِكَ الَّذِي خَرَجْتَ مِنْ عِنْدِهِمْ، أَيِ: ارْجِعْ إِلَيْهِمْ (فَإِذَا دُخِلَ)

عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ (إِنْ خَشِيتَ) فَمَكِّنْهُ مِنْ نَفْسِكَ فَإِنْ قَدَرْتَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ الْمَطْلُوبُ، وَإِلَّا بِأَنْ غَلَبَكَ ضَوْءُ السَّيْفِ وَبَرِيقُهُ فَغَطِّ وَجْهَكَ حَتَّى يَقْتُلَكَ، قِيلَ: الْمُرَادُ الْإِخْبَارُ بِهَذِهِ الْوَقَائِعِ عَلَى احْتِمَالِ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ لَعَلَّهُ يُدْرِكُهَا، وَإِلَّا فَأَبُو ذَرٍّ مَاتَ قَبْلَ وَقْعَةِ الْحَرَّةِ فَإِنَّهُ مَاتَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ، وَأَمَّا وُقُوعُ الْجُوعِ وَالْمَوْتِ بِالْمَدِينَةِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَدْرَكَهَا أَبُو ذَرٍّ لِأَنَّهُ وَقَعَ قَحْطٌ وَمَوْتٌ بِهَا فِي عَامِ الرَّمَادَةِ وَغَيْرِهِ.

3959 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ الْحَسَنِ حَدَّثَنَا أَسِيدُ بْنُ الْمُتَشَمِّسِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى «حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ لَهَرْجًا قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْهَرْجُ قَالَ الْقَتْلُ فَقَالَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَقْتُلُ الْآنَ فِي الْعَامِ الْوَاحِدِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ كَذَا وَكَذَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ بِقَتْلِ الْمُشْرِكِينَ وَلَكِنْ يَقْتُلُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا حَتَّى يَقْتُلَ الرَّجُلُ جَارَهُ وَابْنَ عَمِّهِ وَذَا قَرَابَتِهِ فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَعَنَا عُقُولُنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُنْزَعُ عُقُولُ أَكْثَرِ ذَلِكَ الزَّمَانِ وَيَخْلُفُ لَهُ هَبَاءٌ مِنْ النَّاسِ لَا عُقُولَ لَهُمْ» ثُمَّ قَالَ الْأَشْعَرِيُّ وَايْمُ اللَّهِ إِنِّي لَأَظُنُّهَا مُدْرِكَتِي وَإِيَّاكُمْ وَايْمُ اللَّهِ مَا لِي وَلَكُمْ مِنْهَا مَخْرَجٌ إِنْ أَدْرَكَتْنَا فِيمَا عَهِدَ إِلَيْنَا نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا أَنْ نَخْرُجَ كَمَا دَخَلْنَا فِيهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا) أَيْ: لَا عَقْلَ مَعَكُمْ ذَلِكَ الْيَوْمِ، ثُمَّ بَيْنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَنْزِعُ. . . إِلَخْ (وَيَحْلِفُ لَهُ) أَيْ: يَحْصُلُ ذَلِكَ النَّزْعُ (هَبَاءٌ) أَيْ: نَاسٌ بِمَنْزِلَةِ الْغُبَارِ (إِنِّي لِأَظُنُّهَا) أَيْ: تِلْكَ الْحَالَةَ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ أَسِيدُ بْنُ الْمُنْتَشِرِ وَهُوَ وَهْمٌ وَالصَّوَابُ ابْنُ الْمُتَشَمِّسِ كَمَا هُوَ الصَّوَابُ.

3960 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدٍ مُؤَذِّنُ مَسْجِدِ حُرْدَانَ قَالَ حَدَّثَتْنِي عُدَيْسَةُ بِنْتُ أُهْبَانَ قَالَتْ «لَمَّا جَاءَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ هَاهُنَا الْبَصْرَةَ دَخَلَ عَلَى أَبِي فَقَالَ يَا أَبَا مُسْلِمٍ أَلَا تُعِينُنِي عَلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ قَالَ بَلَى قَالَ فَدَعَا جَارِيَةً لَهُ فَقَالَ يَا جَارِيَةُ أَخْرِجِي سَيْفِي قَالَ فَأَخْرَجَتْهُ فَسَلَّ مِنْهُ قَدْرَ شِبْرٍ فَإِذَا هُوَ خَشَبٌ فَقَالَ إِنَّ خَلِيلِي وَابْنَ عَمِّكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهِدَ إِلَيَّ إِذَا كَانَتْ الْفِتْنَةُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَأَتَّخِذُ سَيْفًا مِنْ خَشَبٍ فَإِنْ شِئْتَ خَرَجْتُ مَعَكَ قَالَ لَا حَاجَةَ لِي فِيكَ وَلَا فِي سَيْفِكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَلَا تُعِينُنِي) مِنَ الْإِعَانَةِ (فَسَلَّ) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ، أَيْ: أَظْهَرَ وَأَخْرَجَ.

3961 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى اللَّيْثِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَرْوَانَ عَنْ هُزَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا وَيُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَائِمِ وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْمَاشِي وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي فَكَسِّرُوا قِسِيَّكُمْ وَقَطِّعُوا أَوْتَارَكُمْ وَاضْرِبُوا بِسُيُوفِكُمْ الْحِجَارَةَ فَإِنْ دُخِلَ عَلَى أَحَدِكُمْ فَلْيَكُنْ كَخَيْرِ ابْنَيْ آدَمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كَقِطَعِ) جَمْعُ قِطْعَةٍ، أَيْ: كَأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ تِلْكَ الْفِتَنِ قِطْعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ فِي الظُّلْمَةِ وَالِالْتِبَاسِ (الْقَاعِدُ فِيهَا) أَيْ: كُلَّمَا بَعُدَ الْإِنْسَانُ مِنْ مُبَاشَرَتِهَا يَكُونُ خَيْرًا (قِسِيَّكُمْ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ جَمْعُ قَوْسٍ كَغَيْرِ بَنِي آدَمَ، يُرِيدُ أَنَّ الصَّبْرَ عَلَى الْمَوْتِ فِيهَا أَحْسَنُ مِنَ الْحَرَكَةِ لِكَوْنِ الْحَرَكَةِ تَزِيدُ فِي الْفِتْنَةِ وَالْمَسْأَلَةُ مُخْتَلَفٌ فِيهَا وَأَخَذَ كَثِيرٌ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَقَدْ دَخَلَ بَعْضُ أَهْلِ الشَّامِ أَيَّامَ الْحَرَّةِ فِي غَارٍ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَمَعَهُ سَيْفٌ فَقَالَ لَهُ اخْرُجْ فَأَلْقَى أَبُو سَعِيدٍ سَيْفَهُ إِلَيْهِ وَخَرَجَ فَقَالَ لَهُ أَنْتَ أَبُو سَعِيدٍ قَالَ نَعَمْ فَكَفَّ ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ.

3962 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ أَوْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جَدْعَانَ شَكَّ أَبُو بَكْرٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ فَقَالَ «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ وَفُرْقَةٌ وَاخْتِلَافٌ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَأْتِ بِسَيْفِكَ أُحُدًا فَاضْرِبْهُ حَتَّى يَنْقَطِعَ ثُمَّ اجْلِسْ فِي بَيْتِكَ حَتَّى تَأْتِيَكَ يَدٌ خَاطِئَةٌ أَوْ مَنِيَّةٌ قَاضِيَةٌ فَقَدْ وَقَعَتْ وَفَعَلْتُ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَأْتِ بِسَيْفِكَ أُحُدًا) بِضَمَّتَيْنِ جَبَلٌ مَعْرُوفٌ يُرِيدُ كَسْرَ السَّيْفِ، بَلْ تَرْكَهُ، (يَدٌ خَاطِئَةٌ) بِالتَّوْصِيفِ وَيُحْتَمَلُ عَلَى بُعْدِ الْإِضَافَةِ، أَيْ: يَدُ نَفْسٍ خَاطِئَةٍ، وَالْمُرَادُ حَتَّى يَأْتِيَكَ مَنْ يَقْتُلُكَ (أَوْ مَنِيَّةٌ) أَيْ: مَوْتٌ، وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ إِنْ ثَبَتَ سَمَاعُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ.

[باب إذا التقى المسلمان بسيفيهما]

[باب إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا] 3963 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ سُحَيْمٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ الْتَقَيَا بِأَسْيَافِهِمَا إِلَّا كَانَ الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مُبَارَكُ بْنُ سُحَيْمٍ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ ضَعِيفٌ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ.

3964 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الْقَاتِلُ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ قَالَ إِنَّهُ أَرَادَ قَتْلَ صَاحِبِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (هَذَا الْقَاتِلُ) أَيْ: يَسْتَحِقُّهُ لِقَتْلِهِ فَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ وَالْأَقْرَبُ أَنَّ هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى ذَاتِ الْقَاتِلِ فَهُوَ مُبْتَدَأٌ وَالْقَاتِلُ خَبَرُهُ وَصَحَّتِ الْإِشَارَةُ بِاعْتِبَارِ إِحْضَارِ الْوَاقِعَةِ، أَيْ: هَذَا هُوَ الْقَاتِلُ فَلَا إِشْكَالَ فِي كَوْنِهِ فِي النَّارِ لِأَنَّهُ ظَالِمٌ أَرَادَ قَتْلَ صَاحِبِهِ، أَيْ: مَعَ السَّعْيِ فِي أَسْبَابِهِ لِأَنَّهُ تَوَجَّهَ بِسَيْفِهِ فَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ الْمُؤَاخَذَةِ بِمُجَرَّدِ نِيَّةِ الْقَلْبِ بِدُونِ عَمَلٍ كَمَا زَعَمَهُ بَعْضٌ فَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ يُؤَاخَذُ بِالْعَزْمِ، ثُمَّ اسْتَدَلَّ كَثِيرٌ عَلَى أَنَّ مُرْتَكِبَ الْكَبِيرَةِ مُسْلِمٌ فَسَمَّاهُمَا مُسْلِمَيْنِ مَعَ كَوْنِهِمَا مُبَاشِرَيْنِ بِالذَّنْبِ، وَهَذَا الَّذِي قَالُوا أَنَّ مَنِ ارْتَكَبَ الْكَبِيرَةَ مُسْلِمٌ حَقٌّ، لَكِنْ فِي كَوْنِ الْحَدِيثِ دَلِيلًا عَلَيْهِ نَصًّا فَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ فِي حَيِّزِ التَّعْلِيقِ لَا تَدُلُّ عَلَى بَقَاءِ الِاسْمِ عِنْدَ تَحَقُّقِ الشَّرْطِ مِثْلَ إِذَا أَحْدَثَ الْمُتَوَضِّئُ أَوِ الْمُصَلِّي بَطَلَ وُضُوءُهُ أَوْ صَلَاتُهُ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

3965 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا الْمُسْلِمَانِ حَمَلَ أَحَدُهُمَا عَلَى أَخِيهِ السِّلَاحَ فَهُمَا عَلَى جُرُفِ جَهَنَّمَ فَإِذَا قَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ دَخَلَاهَا جَمِيعًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَلَى أَخِيهِ) أَيْ: صَاحِبِهِ (فَهُمَا عَلَى حَرْفِ جَهَنَّمَ) بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَرَاءٍ سَاكِنَةٍ، أَيْ: عَلَى جَانِبِ جَهَنَّمَ، وَفِي رِوَايَةٍ بِضَمِّ جِيمٍ وَرَاءٍ مُهْمَلَةٍ مَضْمُومَةٍ أَوْ سَاكِنَةٍ مُسْتَعَارٌ مِنْ جُرُفِ النَّهْرِ لِطَرَفٍ أَكَلَهُ السَّيْلُ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ قُرْبِهِمَا مِنْ جَهَنَّمَ (دَخَلَاهَا) أَيْ دَخَلَ الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ جَهَنَّمَ.

3966 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ عَبْدِ الْحَكَمِ السُّدُوسِيِّ حَدَّثَنَا شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مِنْ شَرِّ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَبْدٌ أَذْهَبَ آخِرَتَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَذْهَبَ آخِرَتَهَ بِدُنْيَا غَيْرِهِ) أَيْ: قَتَلَ غَيْرَهُ لِيَأْخُذَ دُنْيَاهُ فَأَذْهَبَ بِذَلِكَ آخِرَتَهُ، أَوْ أَنَّهُ أَعَانَ ظَالِمًا وَجَرَّ إِلَيْهِ الدُّنْيَا فَذَهَبَ بِهِ دِينُهُ، وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ حَسَنٌ سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ. قُلْتُ: وَكَذَا شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ.

[باب كف اللسان في الفتنة]

[باب كَفِّ اللِّسَانِ فِي الْفِتْنَةِ] 3967 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْجُمَحِيُّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ لَيْثٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ زِيَادِ سَيْمِينْ كُوشْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكُونُ فِتْنَةٌ تَسْتَنْظِفُ الْعَرَبَ قَتْلَاهَا فِي النَّارِ اللِّسَانُ فِيهَا أَشَدُّ مِنْ وَقْعِ السَّيْفِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (تَسْتَنْظِفُ الْعَرَبُ) هُوَ بِالظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ: تَسْتَوْعِبُهُمْ هَلَاكًا (قَتَلَاهَا فِي النَّارِ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ، وَإِنَّمَا كَانُوا فِي

النَّارِ لِأَنَّهُمْ مَا قَصَدُوا بِالْقِتَالِ إِعْلَاءَ كَلِمَةِ اللَّهِ وَدَفْعَ ظُلْمٍ أَوْ إِعَانَةَ أَهْلِ حَقٍّ، وَإِنَّمَا قَصَدُوا التَّبَاهِيَ وَالتَّفَاخُرَ وَفَعَلُوا ذَلِكَ طَمَعًا فِي الْمَالِ وَالْمُلْكِ (أَشَدُّ) أَيْ: أَكْثَرُ إِيقَاعًا لَهَا.

3968 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاكُمْ وَالْفِتَنَ فَإِنَّ اللِّسَانَ فِيهَا مِثْلُ وَقْعِ السَّيْفِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِيَّاكُمْ وَالْفِتَنَ) الْحَدِيثُ فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَأَبُوهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ ابْنِ عُمَرَ.

3969 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ قَالَ «مَرَّ بِهِ رَجُلٌ لَهُ شَرَفٌ فَقَالَ لَهُ عَلْقَمَةُ إِنَّ لَكَ رَحِمًا وَإِنَّ لَكَ حَقًّا وَإِنِّي رَأَيْتُكَ تَدْخُلُ عَلَى هَؤُلَاءِ الْأُمَرَاءِ وَتَتَكَلَّمُ عِنْدَهُمْ بِمَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَتَكَلَّمَ بِهِ وَإِنِّي سَمِعْتُ بِلَالَ بْنَ الْحَارِثِ الْمُزَنِيَّ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ فَيَكْتُبُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ بِهَا رِضْوَانَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سُخْطِ اللَّهِ مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ فَيَكْتُبُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ بِهَا سُخْطَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ» قَالَ عَلْقَمَةُ فَانْظُرْ وَيْحَكَ مَاذَا تَقُولُ وَمَاذَا تَكَلَّمُ بِهِ فَرُبَّ كَلَامٍ قَدْ مَنَعَنِي أَنْ أَتَكَلَّمَ بِهِ مَا سَمِعْتُ مِنْ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ) أَيْ: مِنَ الْكَلِمَاتِ الَّتِي تَكُونُ سَبَبًا لِرِضْوَانِ اللَّهِ تَعَالَى (أَنْ تَبْلُغَ) تَلْكَ الْكَلِمَةُ مِنَ الرِّضْوَانِ (مَا بَلَغَتْ) مِنَ الْحَدِّ وَالْقَدْرِ، أَيْ: يَرَى أَنَّهُ يَحْصُلُ بِهَا شَيْءٌ مِنَ الرِّضْوَانِ عَلَى تَقْدِيرِ الْقَبُولِ عِنْدَهُ تَعَالَى وَلَا يَرَى أَنَّهُ يَحْصُلُ لَهَا الْقَدْرُ الَّذِي حَصَلَ، وَبِالْجُمْلَةِ فَالْمُتَكَلِّمُ لَا بُدَّ لَهُ مِنَ النَّظَرِ التَّامِّ فِي حُسْنِ الْكَلَامِ وَقُبْحِهِ.

3970 - حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ بْنُ الصَّيْدَلَانِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ابْنِ إِسْحَقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سُخْطِ اللَّهِ لَا يَرَى بِهَا بَأْسًا فَيَهْوِي بِهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ سَبْعِينَ خَرِيفًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَيَهْوِي بِهَا) كَيَضْرِبُ، أَيْ: يَسْقُطُ وَيَسْفُلُ بِهَا (سَبْعِينَ خَرِيفًا) أَيْ: قَدْرًا مِنَ الْمَسَافَةِ يُقْطَعُ فِي خَمْسِينَ سَنَةً، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ.

3971 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي حَصِينٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَسْكُتْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَلْيَقُلْ خَيْرًا) أَيْ: مَا اشْتَمَلَ عَلَى فَائِدَةٍ دِينِيَّةٍ أَوْ

دُنْيَوِيَّةٍ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ.

3972 - حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَاعِزٍ الْعَامِرِيِّ أَنَّ سُفْيَانَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيَّ قَالَ «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ حَدِّثْنِي بِأَمْرٍ أَعْتَصِمُ بِهِ قَالَ قُلْ رَبِّيَ اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقِمْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَكْثَرُ مَا تَخَافُ عَلَيَّ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلِسَانِ نَفْسِهِ ثُمَّ قَالَ هَذَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ثُمَّ اسْتَقِمْ) أَيْ: عَلَى مُقْتَضَى ذَلِكَ.

3973 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النُّجُودِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ «كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَأَصْبَحْتُ يَوْمًا قَرِيبًا مِنْهُ وَنَحْنُ نَسِيرُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِي مِنْ النَّارِ قَالَ لَقَدْ سَأَلْتَ عَظِيمًا وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ تَعْبُدُ اللَّهَ لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ وَتَصُومُ رَمَضَانَ وَتَحُجَّ الْبَيْتَ ثُمَّ قَالَ أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ الصَّوْمُ جُنَّةٌ وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ النَّارَ الْمَاءُ وَصَلَاةُ الرَّجُلِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ ثُمَّ قَرَأَ {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ} [السجدة: 16] حَتَّى بَلَغَ {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الفاتحة: 17] ثُمَّ قَالَ أَلَا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الْأَمْرِ وَعَمُودِهِ وَذُرْوَةِ سَنَامِهِ الْجِهَادُ ثُمَّ قَالَ أَلَا أُخْبِرُكَ بِمِلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ قُلْتُ بَلَى فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ فَقَالَ تَكُفُّ عَلَيْكَ هَذَا قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ قَالَ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ وَهَلْ يُكِبُّ النَّاسَ عَلَى وُجُوهِهِمْ فِي النَّارِ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يُدْخِلُنِي) مِنَ الْإِدْخَالِ وَهُوَ بِالرَّفْعِ صِفَةُ الْعَمَلِ وَإِسْنَادُ الْإِدْخَالِ إِلَى الْعَمَلِ مَجَازٌ، أَوْ بِالْجَزْمِ عَلَى أَنَّهُ جَزَاءُ شَرْطٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: إِنْ عَمِلْتُهُ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ أَوْ لِأَنَّهُ جَوَابُ الْأَمْرِ؛ لِأَنَّهُ تَرَتَّبَ عَلَى فِعْلِ الْعَمَلِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى الْإِخْبَارِ فَتَرَتُّبُهُ عَلَى الْإِخْبَارِ إِشَارَةٌ إِلَى سُرْعَةِ الِامْتِثَالِ بَعْدَ الِاطْلَاعِ عَلَى حَقِيقَةِ الْحَالِ، وَعَطْفُ يُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ عَلَى يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ يُفِيدُ أَنَّ مُرَادَهُ دُخُولُ الْجَنَّةِ مِنْ غَيْرِ سَابِقَةِ عَذَابٍ (عَظِيمًا) أَيْ: أَمْرًا مُسْتَعْظَمَ الْحُصُولِ لِصُعُوبَتِهِ عَلَى النُّفُوسِ إِلَّا عَلَى مَنْ سَهَّلَ اللَّهُ عَلَيْهِ (تَعْبُدُ اللَّهَ) خَبَرٌ بِمَعْنَى الْأَمْرِ وَهُوَ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ عَلَى تَقْدِيرِ أَنِ الْمَصْدَرِيَّةَ وَاسْتِعْمَالُ الْفِعْلِ مَوْضِعَ الْمَصْدَرِ مَجَازًا، أَيْ: هُوَ ذَلِكَ الْعَمَلُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ (الصَّوْمُ جُنَّةٌ) أَيْ: سِتْرٌ مِنَ النَّارِ وَالْمَعَاصِي الْمُؤَدِّيَةِ إِلَيْهَا (تُطْفِئُ) مِنَ الْإِطْفَاءِ فِيهِ تُنْزِلُ الْخَطِيئَةَ مَنْزِلَةَ النَّارِ الْمُؤَدِّيَةِ هِيَ إِلَيْهَا (وَصَلَاةُ) الرَّجُلِ مُبْتَدَأٌ حُذِفَ خَبَرُهُ، أَيْ: هِيَ مِمَّا لَا يُكْتَنَهُ كُنْهُهَا، أَيْ: هِيَ مِمَّا نَزَلَتْ فِيهَا الْآيَةُ الْمَذْكُورَةُ (بِرَأْسِ الْأَمْرِ) أَيْ: هُوَ لِلدِّينِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ لِلرَّجُلِ (وَعَمُودُهُ) أَيْ: مَا يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ الدِّينُ وَهُوَ لَهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَمُودِ لِلْبَيْتِ (وَذُرْوَةُ سَنَامِهِ) السَّنَامُ بِالْفَتْحِ مَا ارْتَفَعَ مِنْ ظَهْرِ الْجَمَلِ وَذُرْوَتُهُ بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ أَعْلَاهُ، أَيْ: بِمَا هُوَ لِلدِّينِ بِمَنْزِلَةِ ذُرْوَةِ السَّنَامِ لِلْجَمَلِ فِي الْعُلُوِّ وَالِارْتِفَاعِ وَقَدْ جَاءَ بَيَانُ هَذَا بِأَنَّ رَأْسَ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ، أَيِ: الْإِتْيَانُ بِالشَّهَادَتَيْنِ

وَعَمُودَهُ الصَّلَاةُ وَذُرْوَةَ سَنَامِهِ الْجِهَادُ، لَكِنْ فِي رِوَايَةِ الْمُصَنِّفِ وَقَعَ الِاخْتِصَارُ (بِمِلَاكِ ذَلِكَ) الْمِلَاكُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِهَا لُغَةٌ وَالرِّوَايَةُ الْكَسْرُ، أَيْ: بِمَا بِهِ يَمْلِكُ الْإِنْسَانُ ذَلِكَ كُلَّهُ بِحَيْثُ يَسْهُلُ عَلَيْهِ جَمِيعُ مَا ذُكِرَ (تَكُفُّ) أَيْ: تَحْرُسُ وَتَحْفَظُ (ثَكِلَتْكَ) بِكَسْرِ الْكَافِ، أَيْ: فَقَدَتْكَ وَهُوَ دُعَاءٌ عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ ظَاهِرٌ، أَوِ الْمَقْصُودُ التَّعَجُّبُ مِنَ الْغَفْلَةِ عَنْ مِثْلِ هَذَا الْأَمْرِ (يَكُبُّ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمَّ الْكَافِ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ مِنْ كَبَّهُ إِذَا صَرَعَهُ (حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ) بِمَعْنَى مَحْصُودَاتِهِمْ عَلَى تَشْبِيهِ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ الْإِنْسَانُ بِالزَّرْعِ الْمَحْصُودِ بِالْمِنْجَلِ فَكَمَا أَنَّ الْمِنْجَلَ يَقْطَعُ مِنْ غَيْرِ تَمْيِيزٍ بَيْنَ رَطْبٍ وَيَابِسٍ وَجَيِّدٍ وَرَدِيءٍ كَذَلِكَ لِسَانُ الْمِكْثَارِ فِي الْكَلَامِ بِكُلِّ فَنٍّ مِنَ الْكَلَامِ مِنْ غَيْرِ تَمْيِيزٍ بَيْنَ مَا يَحْسُنُ وَمَا يَقْبُحُ.

3974 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ الْمَكِّيُّ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ حَسَّانَ الْمَخْزُومِيَّ قَالَ حَدَّثَتْنِي أُمُّ صَالِحٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَلَامُ ابْنِ آدَمَ عَلَيْهِ لَا لَهُ إِلَّا الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَذِكْرَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَلَيْهِ) أَيْ: وَبَالُهُ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ مُبَاحًا فَإِنَّ أَقَلَّهُ تَطْوِيلُ الْحِسَابِ وَقَدْ يَجُرُّ إِلَى الْمَكْرُوهِ، أَوِ الْمُحَرَّمِ فَيَصِيرُ سَبَبًا لِلْعَذَابِ، أَوْ يُورِثُ الْغَفْلَةَ عَنِ الذِّكْرِ فَيَكُونُ وَسِيلَةً إِلَى نَقْصِ الثَّوَابِ.

3975 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا خَالِي يَعْلَى عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ قَالَ «قِيلَ لِابْنِ عُمَرَ إِنَّا نَدْخُلُ عَلَى أُمَرَائِنَا فَنَقُولُ الْقَوْلَ فَإِذَا خَرَجْنَا قُلْنَا غَيْرَهُ قَالَ كُنَّا نَعُدُّ ذَلِكَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النِّفَاقَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَإِذَا خَرَجْنَا قُلْنَا غَيْرَهُ) أَيْ: فَذِكْرُهُمُ الْكَلَامَ عَلَى مُقْتَضَى هَوَاهُمْ، وَإِلَّا فَالَّذِي عِنْدَنَا فِيمَا بَيْنَنَا غَيْرُهُ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَأَبُو الشَّعْثَاءِ اسْمُهُ سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَسْوَدِ.

3976 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ قُرَّةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَيْوَئِيلَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ. . . إِلَخْ) أَيْ: مِنْ جُمْلَةِ مَحَاسِنِ إِسْلَامِ الشَّخْصِ وَكَمَالِ إِيمَانِهِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ مِنْ عَنَاهُ إِذَا قَصَدَهُ وَأَحَدُ الضَّمِيرَيْنِ لِلْمَوْصُولِ وَالثَّانِي لِلْمَرْءِ فَإِنَّ الشَّيْءَ الَّذِي لَا فَائِدَةَ فِيهِ غَيْرُ قَاصِدٍ لِلشَّخْصِ وَلَا مُتَوَجِّهٌ إِلَيْهِ وَلَا مُتَعَلِّقٌ بِهِ كَمَا أَنَّ الشَّخْصَ

غَيْرُ قَاصِدٍ لَهُ فَيَصِحُّ كِلَا الْمَعْنَيَيْنِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب العزلة]

[باب الْعُزْلَةِ] 3977 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ بَعَجَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَدْرٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَيْرُ مَعَايِشِ النَّاسِ لَهُمْ رَجُلٌ مُمْسِكٌ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَيَطِيرُ عَلَى مَتْنِهِ كُلَّمَا سَمِعَ هَيْعَةً أَوْ فَزْعَةً طَارَ عَلَيْهِ إِلَيْهَا يَبْتَغِي الْمَوْتَ أَوْ الْقَتْلَ مَظَانَّهُ وَرَجُلٌ فِي غُنَيْمَةٍ فِي رَأْسِ شَعَفَةٍ مِنْ هَذِهِ الشِّعَافِ أَوْ بَطْنِ وَادٍ مِنْ هَذِهِ الْأَوْدِيَةِ يُقِيمُ الصَّلَاةَ وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ وَيَعْبُدُ رَبَّهُ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْيَقِينُ لَيْسَ مِنْ النَّاسِ إِلَّا فِي خَيْرٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (خَيْرُ مَعَايِشِ النَّاسِ لَهُمْ) الْمَعَايِشُ جَمْعُ مَعِيشَةٍ بِمَعْنَى الْحَيَاةِ، وَالْمُرَادُ أَنَّ الْحَيَاةَ الَّتِي هِيَ خَيْرُ النَّاسِ هِيَ الْحَيَاةُ (هَذَا الرَّجُلُ مُمْسِكٌ بِعِنَانِ فَرَسِهِ) أَيْ مُلَازِمٌ لَهُ كَثِيرُ الرُّكُوبِ عَلَيْهِ لِلْحَرْبِ وَالْجِهَادِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الدَّوَامُ عَلَى ظَهْرِ الْفَرَسِ إِذْ لَا بُدَّ مِنَ النُّزُولِ (يَطِيرُ) أَيْ: يَجْرِي (هَيْعَةً) أَيْ: صَوْتًا يُفْزَعُ مِنْهُ (فِي رَأْسِ شَعَفَةٍ) بِفَتْحَتَيْنِ: رَأْسُ الْجَبَلِ.

3978 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا الزَّبِيدِيُّ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ قَالَ رَجُلٌ مُجَاهِدٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ امْرُؤٌ فِي شِعْبٍ مِنْ الشِّعَابِ يَعْبُدُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي شِعْبٍ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ وَالشِّعَابُ بِالْكَسْرِ، أَيْ: فِي وَادٍ مِنَ الْأَوْدِيَةِ يُرِيدُ الْعُزْلَةَ عَنِ الْخَلْقِ (وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ) إِشَارَةً إِلَى أَنَّ صَاحِبَ الْعُزْلَةِ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنْظُرَ فِي الْعُزْلَةِ إِلَى تَرْكِ النَّاسِ عَنْ شَرِّهِ لَا إِلَى خَلَاصِهِ مِنْ شَرِّهِمْ فَفِي الْأَوَّلِ تَحْقِيرُ النَّفْسِ، وَفِي الثَّانِي تَحْقِيرُهُمْ.

3979 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِي أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَقُولُ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكُونُ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا قَالَ هُمْ قَوْمٌ مِنْ جِلْدَتِنَا يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا قُلْتُ فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ قَالَ فَالْزَمْ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ كَذَلِكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مِنْ جِلْدَتِنَا) أَيْ: مِنْ أَنْفُسِنَا وَعَشِيرَتِنَا بِكَسْرِ الْجِيمِ (وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ. . . إِلَخْ) أَيِ: اعْتَزِلِ النَّاسَ وَاصْبِرْ عَلَى الْمَكَارِهِ وَالْمَشَاقِّ وَاخْرُجْ مِنْهُمْ إِلَى

الْبَوَادِي وَكُلْ فِيهَا مِنْ أُصُولِ الشَّجَرِ وَاكْتَفِ بِهَا.

3980 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنْ الْفِتَنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (شَعَفَ الْجِبَالِ) بِفَتْحَتَيْنِ، أَيْ: رُءُوسَهَا.

3981 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ الْمُقَدِّمِيُّ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْخَزَّازُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ قُرْطٍ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكُونُ فِتَنٌ عَلَى أَبْوَابِهَا دُعَاةٌ إِلَى النَّارِ فَأَنْ تَمُوتَ وَأَنْتَ عَاضٌّ عَلَى جِذْلِ شَجَرَةٍ خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَتْبَعَ أَحَدًا مِنْهُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (جِذْلُ شَجَرَةٍ) بِكَسْرِ جِيمٍ وَفَتْحِهَا وَسُكُونِ ذَالٍ مُعْجَمَةٍ، أَيْ: أَصْلُهَا.

3982 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ الْمِصْرِيُّ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ (مِنْ جُحْرٍ) بِضَمِّ جِيمٍ وَسُكُونِ حَاءٍ مُهْمَلَةٍ قَالُوا سَبَبُهُ «أَنَّ شَاعِرًا أُسِرَ يَوْمَ بَدْرٍ فَمَنَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَنْ لَا يَهْجُوهُ وَأَطْلَقَهُ فَلَحِقَ بِقَوْمِهِ وَعَادَ إِلَى مَا كَانَ فِيهِ، ثُمَّ أُسِرَ يَوْمَ أُحُدٍ فَسَأَلَهُ الْمَنَّ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لَا يُلْدَغْ» الْحَدِيثَ، أَيْ لَيْسَ مِنْ شَأْنِ الْمُؤْمِنِ أَنْ يُصَدِّقَ الْكَاذِبَ الَّذِي ظَهَرَ كَذِبُهُ مَرَّةً ثَانِيَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ} [الحجرات: 6] الْآيَةَ، وَأَمَّا الْغَفْلَةُ عَنْ أُمُورِ الدُّنْيَا وَالْإِقْبَالُ عَلَى الْآخِرَةِ فَشَيْءٌ آخَرُ، وَلَعَلَّهُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ «الْمُؤْمِنُ غِرٌّ كَرِيمٌ،» وَقِيلَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا، أَيِ: الْمُؤْمِنُ الْمَمْدُوحُ هُوَ الْكَيِّسُ الْحَازِمُ الَّذِي لَا يُؤْتَى مِنْ نَاحِيَةِ الْغَفْلَةِ فَيُخْدَعُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَهُوَ لَا يَفْطِنُ لِذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ نَهْيًا، أَيْ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ غَافِلًا، بَلْ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَيْقِظًا عَاقِلًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

3983 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا زَمْعَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ»

[باب الوقوف عند الشبهات]

[باب الْوُقُوفِ عِنْدَ الشُّبُهَاتِ] 3984 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ «سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ وَأَهْوَى بِإِصْبَعَيْهِ إِلَى أُذُنَيْهِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ كَالرَّاعِي حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمَى أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلُحَتْ صَلُحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ) لَيْسَ الْمَعْنَى أَنَّ كُلَّ مَا هُوَ حَلَالٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ بَيِّنٌ يُوصَفُ بِالْحِلِّ يَعْرِفُهُ كُلَّ أَحَدٍ بِهَذَا الْوَصْفِ وَمَا هُوَ حَرَامٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ كَذَلِكَ،

وَإِلَّا لَمْ يَبْقَ الْمُشْتَبِهَاتُ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الْحَلَالَ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمِ بَيِّنٌ بِأَنَّهُ لَا يَضُرُّ تَنَاوُلُهُ وَكَذَلِكَ الْحَرَامُ بِأَنَّهُ يَضُرُّ تَنَاوُلُهُ وَيَخْرُجُ عَنِ الْوَرَعِ وَيَقْرُبُ إِلَى تَنَاوُلِ الْحَرَامِ، وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ «الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ» اعْتِذَارٌ لِتَرْكِ ذِكْرِ حُكْمِهِمَا (مُشْتَبِهَاتٌ) سَبَبُ تَجَاذُبِ الْأُصُولِ الْمَبْنِيُّ عَلَيْهَا أَصْلُ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ فِيهَا (اسْتَبْرَأَ) بِالْهَمْزِ بِوَزْنِ اسْتَفْعَلَ مِنَ الْبَرَاءَةِ، أَيْ: طَلَبَ لِدِينِهِ الْبَرَاءَةَ مِنَ النُّقْصَانِ وَلِعِرْضِهِ مِنَ الْعَيْبِ وَالطَّعْنِ (وَمَنْ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ) أَيْ: كَادَ أَنْ يَقَعَ فِيهِ (حَوْلَ الْحِمَى) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَالْقَصْرِ أَرْضٌ يَحْمِيهَا الْمُلُوكُ وَيَمْنَعُونَ النَّاسَ عَنِ الدُّخُولِ فِيهَا فَمَنْ دَخَلَهُ أَوْ وَقَعَ فَلَهُ الْعُقُوبَةُ وَمَنِ احْتَاطَ لِنَفْسِهِ لَا يُقَارِبُ ذَلِكَ الْحِمَى خَوْفًا عَنِ الْوُقُوعِ فِيهِ، وَالْمَحَارِمُ كَذَلِكَ يُعَاقِبُ اللَّهُ عَلَى ارْتِكَابِهَا، فَمَنِ احْتَاطَ لِنَفْسِهِ لَا يُقَارِبُهَا بِالْوُقُوعِ فِي الشُّبُهَاتِ (يُوشِكُ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الشِّينِ، أَيْ: يَقْرَبُ لِأَنْ يَتَعَاهَدَ بِهِ التَّسَاهُلُ وَيَتَمَرَّنَ عَلَيْهِ وَيَجْسُرُ عَلَى شُبْهَةٍ أُخْرَى أَغْلَظَ مِنْهَا وَهَكَذَا حَتَّى يَقَعَ فِي الْحَرَامِ قَوْلُهُ: (مُضْغَةً) أَيْ: قَدْرَ مَا يُمْضَغُ (صَلَحَتْ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَحُكِيَ ضَمُّهَا وَلَيْسَ فِي فَسَدَتْ إِلَّا الْفَتْحُ وَعُبِّرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنِ الصَّلَاحِ وَالْفَسَادِ بِالصِّحَّةِ وَالسَّقَمِ (أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ) فَإِنَّهُ مَحَلٌّ لِلنِّيَّةِ الَّتِي بِهَا صَلَاحُ الْأَعْمَالِ وَفَسَادُهَا، وَأَيْضًا هُوَ الْأَمِيرُ وَالْمَلِكُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى تَامِّ الْجَسَدِ وَالرَّعِيَّةُ تَابِعَةٌ لِلْمَلِكِ، النَّاسُ عَلَى دِينِ مُلُوكِهِمْ.

3985 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ الْمُعَلَّى بْنِ زِيَادٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي الْهَرْجِ) بِفَتْحٍ وَسُكُونٍ، أَيْ: فِي أَيَّامِ الْفِتَنِ وَظُهُورِ الْعِنَادِ بَيْنَ الْعِبَادِ.

[باب بدأ الإسلام غريبا]

[باب بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا] 3986 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَيَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالُوا حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ كَيْسَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بَدَا) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِلَا هَمْزَةٍ، أَيْ: ظَهَرَ، أَوْ بِهَمْزَةٍ، أَيِ: ابْتَدَأَ، وَالثَّانِي هُوَ الْأَشْهَرُ عَلَى الْأَلْسِنَةِ، وَيُؤَيِّدُهُ الْمُقَابَلَةُ بِالْعَوْدِ فَإِنَّ الْعَوْدَ يُقَابَلُ

بِالِابْتِدَاءِ (غَرِيبًا) أَيْ: لِقِلَّةِ أَهْلِهِ وَأَصْلُ الْغَرِيبِ الْبَعِيدُ مِنَ الْوَطَنِ (وَسَيَعُودُ غَرِيبًا) بِقِلَّةِ مَنْ يَقُومُ بِهِ وَيُعِينُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ أَهْلُهُ كَثِيرًا (لِلْغُرَبَاءِ) الْقَائِمِينَ بِأَمْرِهِ وَطُوبَى فُعْلَى مِنَ الطِّيبِ وَتُفَسَّرُ بِالْجَنَّةِ وَبِشَجَرَةٍ عَظِيمَةٍ فِيهَا وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ نُصْرَةَ الْإِسْلَامِ وَالْقِيَامَ بِأَمْرِهِ يَصِيرُ مُحْتَاجًا إِلَى التَّغَرُّبِ عَنِ الْأَوْطَانِ وَالصَّبْرِ عَلَى مَشَاقِّ الْغُرْبَةِ كَمَا كَانَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ.

3987 - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَنْبَأَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ سِنَانِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الْإِسْلَامَ بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ) فِي الزَّوَائِدِ حَدِيثُ أَنَسٍ حَسَنٌ وَسِنَانُ بْنُ سَعْدِ بْنِ سِنَانٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَفِي اسْمِهِ.

3988 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الْإِسْلَامَ بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ قَالَ قِيلَ وَمَنْ الْغُرَبَاءُ قَالَ النُّزَّاعُ مِنْ الْقَبَائِلِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَالَ النُّزَّاعُ) ضُبِطَ بِضَمٍّ فَتَشْدِيدٍ، قِيلَ: هُوَ جَمْعُ نَزِيعٍ وَنَازِعٌ وَهُوَ الْغَرِيبُ الَّذِي أَنَزَعَ عَنْ أَهْلِهِ وَعَشِيرَتِهِ، أَيِ: الَّذِينَ يَخْرُجُونَ عَنِ الْأَوْطَانِ لِإِقَامَةِ سُنَنِ الْإِسْلَامِ وَقَدْ جَاءَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُمْ أَهْلُ الْحَدِيثِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب من ترجى له السلامة من الفتن]

[باب مَنْ تُرْجَى لَهُ السَّلَامَةُ مِنْ الْفِتَنِ] 3989 - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ «أَنَّهُ خَرَجَ يَوْمًا إِلَى مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ قَاعِدًا عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْكِي فَقَالَ مَا يُبْكِيكَ قَالَ يُبْكِينِي شَيْءٌ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ يَسِيرَ الرِّيَاءِ شِرْكٌ وَإِنَّ مَنْ عَادَى لِلَّهِ وَلِيًّا فَقَدْ بَارَزَ اللَّهَ بِالْمُحَارَبَةِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْأَبْرَارَ الْأَتْقِيَاءَ الْأَخْفِيَاءَ الَّذِينَ إِذَا غَابُوا لَمْ يُفْتَقَدُوا وَإِنْ حَضَرُوا لَمْ يُدْعَوْا وَلَمْ يُعْرَفُوا قُلُوبُهُمْ مَصَابِيحُ الْهُدَى يَخْرُجُونَ مِنْ كُلِّ غَبْرَاءَ مُظْلِمَةٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَبْكِي) مِنَ الْبُكَاءِ (مَا يُبْكِيكَ) مِنَ الْإِبْكَاءِ (إِنَّ يَسِيرَ الرِّيَاءِ شِرْكٌ) أَيْ: قَلِيلَ الرِّيَاءِ فَضْلًا عَنْ كَثِيرِهِ (مِنْ عَادَى لِلَّهِ وَلِيًّا. . . إِلَخْ) فَإِنَّ أَوْلِيَاءَهُ وَأَهْلَهُ الْمَخْصُوصُونَ وَبِهِ، وَفِي الشَّاهِدِ «مَنْ عَادَى أَهْلَ أُحُدٍ فَقَدْ عَادَانِي» (الْأَخْفِيَاءَ) جَمْعُ خَفِيٍّ وَهُوَ الْمُعْتَزِلُ عَنِ النَّاسِ الَّذِي يَخْفَى عَلَيْهِمْ مَكَانَهُ (لَمْ يُفْتَقَدُوا) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ، أَيْ: مَا يَلْتَفِتُ أَحَدٌ إِلَى مَعْرِفَةِ حَالِهِمْ

وَمَكَانِهِمْ وَلَا يَنْظُرُ أَحَدٌ إِلَى أَنَّهُمْ أَحْيَاءٌ، أَوْ أَمْوَاتٌ (لَمْ يُدْعَوْا) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ، أَيْ: إِلَى الْمَجَالِسِ وَالْأُمُورِ الْمُهِمَّةِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

3990 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسُ كَإِبِلِ مِائَةٍ لَا تَكَادُ تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كَإِبِلٍ مِائَةٍ) يَعْنِي أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ الْمُنْتَخَبِينَ مِنَ النَّاسِ فِي عِزَّةِ وَجُودِهِمْ كَالْمُنْتَخَبِ مِنَ الْإِبِلِ الْقَوِيَّةِ عَلَى الْأَحْمَالِ وَالْأَسْفَارِ الَّذِي لَا يُوجَدُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْإِبِلِ قَالَ الزُّهْرِيُّ الَّذِي عِنْدِي فِيهِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَمَّ الدُّنْيَا وَحَذَّرَ الْعِبَادَ وَضَرَبَ لَهُمْ مِنْهَا الْأَمْثَالَ لِيَعْتَبِرُوا وَيَحْذَرُوا وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحَذِّرُهُمْ مَا حَذَّرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى وَيُزَهِّدُهُمْ فِيهَا فَرَغِبَتِ النَّاسُ بَعْدَهُ فِيهَا وَتَنَافَسُوا عَلَيْهَا حَتَّى كَانَ الزُّهْدُ فِي النَّادِرِ الْقَلِيلِ مِنْهُمْ فَقَالَ تَجِدُونَ النَّاسَ بَعْدِي كَإِبِلٍ مِائَةٍ لَيْسَ فِيهَا رَاحِلَةٌ، أَيْ أَنَّ الْكَامِلَ فِي الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا وَالرَّغْبَةِ فِي الْآخِرَةِ قَلِيلٌ كَقِلَّةِ الرَّاحِلَةِ فِي الْإِبِلِ وَالرَّاحِلَةُ هِيَ الْبَعِيرُ الْقَوِيُّ عَلَى الْأَسْفَارِ وَالْأَحْمَالِ النَّجِيبُ التَّامُّ الْخَلْقِ الْحَسَنُ النَّظَرِ وَيَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالْهَاءُ لِلْمُبَالَغَةِ ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِنْ ثَبَتَ سَمَاعُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ.

[باب افتراق الأمم]

[باب افْتِرَاقِ الْأُمَمِ] 3991 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحْمَّدُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَفَرَّقَتْ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي) قَالُوا الْمُرَادُ أُمَّةُ الْإِجَابَةِ وَهُمْ أَهْلُ الْقِبْلَةِ فَإِنَّ اسْمَ الْأُمَّةِ مُضَافًا إِلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَبَادَرُ مِنْهُ أُمَّةُ الْإِجَابَةِ، وَالْمُرَادُ تَفَرُّقُهُمْ فِي الْأُصُولِ وَالْعَقَائِدِ لَا الْفُرُوعِ وَالْعَمَلِيَّاتِ.

3992 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افْتَرَقَتْ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً فَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ وَافْتَرَقَتْ النَّصَارَى عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً فَإِحْدَى وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَتَفْتَرِقَنَّ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً وَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هُمْ قَالَ الْجَمَاعَةُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ) وَبَقِيَّةُ الْفِرَقِ فِي النَّارِ كَمَا جَاءَ، قِيلَ: إِنْ أُرِيدَ الْخُلُودَ فِيهَا فَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ فَإِنَّ الْمُؤْمِنِينَ لَا يُخَلَّدُونَ فِي النَّارِ وَإِنْ أُرِيدَ مُجَرَّدُ الدُّخُولِ فِيهَا فَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْفِرَقِ إِذْ مَا مِنْ فِرْقَةٍ إِلَّا بَعْضُهُمْ عُصَاةٌ

وَالْقَوْلُ بِأَنَّ مَعْصِيَةَ الْفِرْقَةِ النَّاجِيَةِ مُطْلَقًا مَغْفُورٌ بَعِيدٌ أُجِيبَ بِأَنَّ الْمَرَادَ أَنَّهُمْ فِي النَّارِ لِأَجْلِ اخْتِلَافِ الْعَقَائِدِ، فَمَعْنَى وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ أَنَّهُمْ لَا يَدْخُلُونَ النَّارَ لِأَجْلِ اخْتِلَافِ الْعَقَائِدِ، أَوِ الْمُرَادُ بِكَوْنِهِمْ فِي النَّارِ طُولُ مُكْثِهِمْ فِيهَا وَبِكَوْنِهِمْ فِي الْجَنَّةِ أَنْ لَا يَطُولَ مُكْثُهُمْ فِي النَّارِ وَعَبَّرَ عَنْهُ بِكَوْنِهِمْ فِي الْجَنَّةِ تَرْغِيبًا فِي تَصْحِيحِ الْعَقَائِدِ وَأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ لَا يُعْفَى عَنِ الْبِدْعَةِ الِاعْتِقَادِيَّةِ كَمَا لَا يُعْفَى عَنِ الشِّرْكِ إِذْ لَوْ تَحَقَّقَ الْعَفْوُ عَنِ الْبِدْعَةِ، فَإِنْ قِيلَ: لَا يَلْزَمُ دُخُولُ كُلِّ الْفِرْقَةِ الْمُبْتَدِعَةِ فِي النَّارِ فَضْلًا عَنْ طُولِ مُكْثِهِمْ إِذْ هُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] أُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمْ يَتَعَرَّضُونَ لِمَا يُدْخِلُهُمُ النَّارَ مِنَ الْعَقَائِدِ الرَّدِيئَةِ وَيَسْتَحِقُّونَ ذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْغَالِبَ فِي تِلْكَ الْفِرَقِ دُخُولُ النَّارِ فَيَنْدَفِعُ الْإِشْكَالِ مِنْ أَصْلِهِ قَوْلُهُ: (قَالَ الْجَمَاعَةُ) أَيِ: الْمُوَافِقُونَ لِجَمَاعَةِ الصَّحَابَةِ الْآخِذُونَ بِعَقَائِدِهِمُ الْمُتَمَسِّكُونَ بِرَأْيِهِمْ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ حَدِيثِ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ فِيهِ مَقَالٌ وَرَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِمٌ صَدُوقٌ وَعَبَّادُ بْنُ يُوسُفَ لَمْ يُخَرِّجْ لَهُ أَحَدٌ سِوَى ابْنُ مَاجَهْ وَلَيْسَ لَهُ عِنْدَهُ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ ابْنُ هَدْيٍ رَوَى أَحَادِيثَ تَفَرَّدَ بِهَا وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ.

3993 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ افْتَرَقَتْ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً وَإِنَّ أُمَّتِي سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً وَهِيَ الْجَمَاعَةُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. . . إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

3994 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَتَتَّبِعُنَّ سُنَّةَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بَاعًا بِبَاعٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ وَشِبْرًا بِشِبْرٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا فِي جُحْرِ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمْ فِيهِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى قَالَ فَمَنْ إِذًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَوْ دَخَلُوا) مُبَالَغَةٌ فِي كَمَالِ الْإِتْيَانِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[باب فتنة المال]

[باب فِتْنَةِ الْمَالِ] 3995 - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ الْمِصْرِيُّ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ «قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ لَا وَاللَّهِ مَا أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ إِلَّا مَا يُخْرِجُ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ كَيْفَ قُلْتَ قَالَ قُلْتُ وَهَلْ يَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الْخَيْرَ لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ أَوَ خَيْرٌ هُوَ إِنَّ كُلَّ مَا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ يَقْتُلُ حَبَطًا أَوْ يُلِمُّ إِلَّا آكِلَةَ الْخَضِرِ أَكَلَتْ حَتَّى إِذَا امْتَلَأَتْ امْتَدَّتْ خَاصِرَتَاهَا اسْتَقْبَلَتْ الشَّمْسَ فَثَلَطَتْ وَبَالَتْ ثُمَّ اجْتَرَّتْ فَعَادَتْ فَأَكَلَتْ فَمَنْ يَأْخُذُ مَالًا بِحَقِّهِ يُبَارَكُ لَهُ وَمَنْ يَأْخُذُ مَالًا بِغَيْرِ حَقِّهِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَا أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ. . . إِلَخْ) أَيْ: مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الْفَقْرَ، وَإِنَّمَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الْغِنَى (مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا) بِفَتْحِ الزَّايِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْهَاءِ، أَيْ: حُسْنِهَا وَبَهْجَتِهَا (أَيَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ) أَيِ: الْمَالُ الْخَيْرُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} [البقرة: 180] فَكَيْفَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الشَّرُّ حَتَّى يَخَافَ مِنْهُ (أَنَّ الْخَيْرَ) الْمُطْلَقَ (لَا يَأْتِي إِلَّا بِالْخَيْرِ أَوْ خَيْرٌ هُوَ) أَيِ: الْمَالُ عَلَى الْإِطْلَاقِ يُرِيدُ أَنَّهُ خَيْرٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ وَمِثْلُهُ قَدْ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الشَّرُّ (يُنْبِتُ الرَّبِيعُ) قِيلَ: هُوَ الْفَصْلُ الْمَشْهُورُ بِالْإِنْبَاتِ وَقِيلَ: هُوَ النَّهْرُ الصَّغِيرُ الْمُنْفَجِرُ عَنِ النَّهْرِ الْكَبِيرِ (حَبَطًا) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ مَعًا، أَيِ: انْتِفَاخًا (أَوْ يُلِمُّ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ (إِلَّا) اسْتِثْنَائِيَّةٌ (أُكْلَةَ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ (وَالْخَضِرُ) بِفَتْحِ خَاءٍ وَكَسْرِ ضَادٍ مُعْجَمَتَيْنِ، قِيلَ: نَوْعٌ مِنَ الْبُقُولِ لَيْسَ مِنْ جَيِّدِهَا وَإِحْرَارِهَا وَقِيلَ: هُوَ كَلَأٌ الصِّيقِ الْيَابِسِ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ، أَيْ: لَكِنْ أُكْلَةُ الْخَضِرِ انْتُفِعَ بِأَكْلِهَا فَإِنَّهَا تَأْخُذُ الْكَلَأَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَنْبَغِي، وَقِيلَ: مُتَّصِلٌ مُفَرَّغٌ عَلَى الْإِنْبَاتِ أَيْ يَقْتُلُ الْأَكْلُ إِلَّا أُكْلَةَ الْخَضِرِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا يُنْبِتُهُ الرَّبِيعُ خَيْرٌ، لَكِنَّ مَعَ ذَلِكَ يَضُرُّ إِذَا لَمْ يَسْتَعْمِلِ الْأُكْلَةَ عَلَى وَجْهِهِ وَإِذِ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى وَجْهِهِ لَا يَضُرُّ فَكَذَا الْمَالُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ (إِذَا امْتَدَّتْ خَاضِرَتَاهَا) أَيْ: شَبِعَتْ (اسْتَقْبَلَتِ الشَّمْسُ) تَسْتَمْرِئُ بِذَلِكَ (فَثَلَطَتْ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَاللَّامِ، أَيْ: أَلْقَتْ رَجِيعَهَا سَهْلًا رَقِيقًا (ثُمَّ اجْتَرَّتْ) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ.

3996 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ سَوَّادٍ الْمِصْرِيُّ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَنْبَأَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ بَكْرَ بْنَ سَوَادَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ رَبَاحٍ حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِذَا فُتِحَتْ عَلَيْكُمْ خَزَائِنُ فَارِسَ وَالرُّومِ أَيُّ قَوْمٍ أَنْتُمْ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ نَقُولُ كَمَا أَمَرَنَا اللَّهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ تَتَنَافَسُونَ ثُمَّ تَتَحَاسَدُونَ ثُمَّ تَتَدَابَرُونَ ثُمَّ تَتَبَاغَضُونَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ ثُمَّ تَنْطَلِقُونَ فِي مَسَاكِينِ الْمُهَاجِرِينَ فَتَجْعَلُونَ بَعْضَهُمْ عَلَى رِقَابِ بَعْضٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (تَتَنَافَسُونَ) أَيْ: يَرْغَبُ فِي الْمَالِ

أَشَدَّ رَغْبَةٍ فَيَجْعَلُونَهُ أَمِيرًا عَلَيْهِمْ.

3997 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الْمِصْرِيُّ أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَهُوَ حَلِيفُ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ إِلَى الْبَحْرَيْنِ يَأْتِي بِجِزْيَتِهَا وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ صَالَحَ أَهْلَ الْبَحْرَيْنِ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ فَقَدِمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِمَالٍ مِنْ الْبَحْرَيْنِ فَسَمِعَتْ الْأَنْصَارُ بِقُدُومِ أَبِي عُبَيْدَةَ فَوَافَوْا صَلَاةَ الْفَجْرِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْصَرَفَ فَتَعَرَّضُوا لَهُ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَآهُمْ ثُمَّ قَالَ أَظُنُّكُمْ سَمِعْتُمْ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ قَدِمَ بِشَيْءٍ مِنْ الْبَحْرَيْنِ قَالُوا أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ فَوَاللَّهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا فَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ (وَأَمْلُوا) مِنْ أَمَلَ كَنَصَرَ، أَوْ مِنَ التَّأْمِيلِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب فتنة النساء]

[باب فِتْنَةِ النِّسَاءِ] 3998 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ هِلَالٍ الصَّوَّافُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ ح وَحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَدَعُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ»

3999 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ مُصْعَبٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ صَبَاحٍ إِلَّا وَمَلَكَانِ يُنَادِيَانِ وَيْلٌ لِلرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ وَوَيْلٌ لِلنِّسَاءِ مِنْ الرِّجَالِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَيْلٌ لِلرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ. . . إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ خَارِجَةُ بْنُ مُصْعَبٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

4000 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى اللَّيْثِيُّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ خَطِيبًا فَكَانَ فِيمَا قَالَ إِنَّ الدُّنْيَا خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَنَاظِرٌ كَيْفَ تَعْمَلُونَ أَلَا فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (خَضِرَةٌ) بِفَتْحِ خَاءٍ وَكَسْرِ ضَادٍ (حُلْوَةٌ) بِضَمِّ الْحَاءِ، أَيْ: هِيَ يُرْغَبُ فِيهَا لِحُسْنِ لَوْنِهَا وَطِيبِ طَعْمِهَا (مُسْتَخْلِفُكُمْ) أَيْ: جَاعِلُكُمْ

مُتَفَرِّقِينَ.

4001 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُدْرِكٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ إِذْ دَخَلَتْ امْرَأَةٌ مِنْ مُزَيْنَةَ تَرْفُلُ فِي زِينَةٍ لَهَا فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ انْهَوْا نِسَاءَكُمْ عَنْ لُبْسِ الزِّينَةِ وَالتَّبَخْتُرِ فِي الْمَسْجِدِ فَإِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمْ يُلْعَنُوا حَتَّى لَبِسَ نِسَاؤُهُمْ الزِّينَةَ وَتَبَخْتَرْنَ فِي الْمَسَاجِدِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (تَرْفُلُ) مِنْ رَفَلَ فِي ثِيَابِهِ كَنَصَرَ وَفَرِحَ إِذَا أَطَالَهَا وَجَرَّهَا مُتَبَخْتِرًا، وَقَالَ السُّيُوطِيُّ: أَيْ تَتَبَخْتَرُ فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ دَاوُدُ بْنُ مُدْرِكٍ قَالَ فِيهِ الذَّهَبِيُّ فِي كِتَابِ الطَّبَقَاتِ نَكِرَةٌ لَا يُعْرَفُ وَمُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيُّ ضَعِيفٌ.

4002 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ مَوْلَى أَبِي رُهْمٍ وَاسْمُهُ عُبَيْدٌ «أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَقِيَ امْرَأَةً مُتَطَيِّبَةً تُرِيدُ الْمَسْجِدَ فَقَالَ يَا أَمَةَ الْجَبَّارِ أَيْنَ تُرِيدِينَ قَالَتْ الْمَسْجِدَ قَالَ وَلَهُ تَطَيَّبْتِ قَالَتْ نَعَمْ قَالَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَيُّمَا امْرَأَةٍ تَطَيَّبَتْ ثُمَّ خَرَجَتْ إِلَى الْمَسْجِدِ لَمْ تُقْبَلْ لَهَا صَلَاةٌ حَتَّى تَغْتَسِلَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَا أَمَةَ الْجَبَّارِ) نَادَاهَا بِهَذَا الِاسْمِ تَخْوِيفًا (وَلَهُ) أَيْ: لِلْمَسْجِدِ (حَتَّى تَغْتَسِلَ) أَيْ: تُبَالِغَ فِي إِزَالَةِ الطِّيبِ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ إِذَا كَانَ عَلَى الْبَدَنِ، وَقِيلَ: أَمَرَهَا بِذَلِكَ تَشْدِيدًا عَلَيْهَا وَتَشْنِيعًا لِفِعْلِهَا وَتَشْبِيهًا لَهُ بِالزِّنَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا هَيَّجَتْ بِالنَّظَرِ شَهَوَاتَ الرِّجَالِ وَفَتَحَتْ أَبْوَابَ عُيُونِهِمُ الَّتِي بِمَنْزِلِهِ مَنْ يُرِيدُ الزِّنَا فَحُكِمَ عَلَيْهَا بِمَا يُحْكَمُ عَلَى الزَّانِي مِنَ الِاغْتِسَالِ مِنَ الْجَنَابَةِ.

4003 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ الْهَادِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ وَأَكْثِرْنَ مِنْ الِاسْتِغْفَارِ فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ جَزْلَةٌ وَمَا لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ قَالَ تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَغْلَبَ لِذِي لُبٍّ مِنْكُنَّ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا نُقْصَانُ الْعَقْلِ وَالدِّينِ قَالَ أَمَّا نُقْصَانِ الْعَقْلِ فَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ تَعْدِلُ شَهَادَةَ رَجُلٍ فَهَذَا مِنْ نُقْصَانِ الْعَقْلِ وَتَمْكُثُ اللَّيَالِيَ مَا تُصَلِّي وَتُفْطِرُ فِي رَمَضَانَ فَهَذَا مِنْ نُقْصَانِ الدِّينِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (تَصَدَّقْنَ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَمْرُ نَدْبٍ بِالصَّدَقَةِ الْفَاضِلَةِ؛ لِأَنَّهُ خِطَابٌ لِلْحَاضِرَاتِ وَيُبْعِدَانِهِنَّ كُلُّهُنَّ مَنْ فُرِضَ عَلَيْهِنَّ الزَّكَاةُ (جَزْلَةٌ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ، أَيْ: ذَاتُ رَأْيٍ (تُكْثِرْنَ) مِنَ الْإِكْثَارِ (وَتَكْفُرْنَ) خِلَافَ الشُّكْرِ، أَيْ: يَجْحَدْنَ نِعَمَهُ قَوْلُهُ: (الْعَشِيرَ) الَّذِي هُوَ الزَّوْجُ (بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ) أَيْ فَعُلِمَ مِنْهُ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: نُقْصَانُ الدِّينِ، أَيْ: سَبَبٌ لَهُ وَإِنْ كَانَ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَهِيَ فِي ذَلِكَ مُطِيعَةٌ لِرَبِّهَا وَلَوْ صَلَّتْ وَصَامَتْ لَعَصَتْ، وَذَلِكَ

لِأَنَّ الطَّاعَاتِ لَيْسَتْ مُسْتَوِيَاتٍ، فَمَنْ أُوجِبَ عَلَيْهِ تَرْكُ الصَّلَاةِ فَتَرَكَ لَيْسَ كَمَنْ أُوجِبَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ فَصَلَّى.

[باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]

[باب الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ] 4004 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ قَبْلَ أَنْ تَدْعُوا فَلَا يُسْتَجَابَ لَكُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَبْلَ أَنْ تَدْعُوا) أَيْ: قَبْلَ أَنْ تَدْعُوا النَّاسَ إِلَى الْهُدَى بِالْأَمْرِ يَعْنِي بِمَعْرُوفٍ، أَوْ بِالنَّهْيِ عَنْ مُنْكَرٍ فَلَا يَقْبَلُ أَحَدٌ مِنْكُمْ ذَلِكَ وَفِيهِ أَنَّ النَّاسَ إِذَا تَرَكُوا قَبُولَ ذَلِكَ يَسْقُطُ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ غَيْرَ نَافِعٍ بِسَبَبِ تَرْكِ النَّاسِ قَبُولَهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ قِيلَ إِذَا تَرَكَ الْكُلُّ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ فَيَصِيرُ بِحَيْثُ لَا يُسْتَجَابُ لَهُمُ الدُّعَاءُ.

4005 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ «قَامَ أَبُو بَكْرٍ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ هَذِهِ الْآيَةَ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة: 105] وَإِنَّا سَمِعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الْمُنْكَرَ لَا يُغَيِّرُونَهُ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمْ اللَّهُ بِعِقَابِهِ قَالَ أَبُو أُسَامَةَ مَرَّةً أُخْرَى فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابِهِ) أَيْ: فَعُلِمَ أَنْ لَيْسَ الْمُرَادُ فِي الْقُرْآنِ بَيَانَ عَدَمِ لُزُومِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، بَلِ الْمَقْصُودُ بَيَانُ أَنَّ مَعْصِيَةَ الْغَيْرِ لَا تَضُرُّ إِذَا أُتِيَ بِمَا عَلَيْهِ وَمِنْ جُمْلَةِ مَا عَلَيْهِ هُوَ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ فَلَا بُدَّ مِنْهُمَا، نَعَمْ إِذَا لَمْ يَقْبَلِ الْمَأْمُورُ ذَلِكَ فَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ، وَقِيلَ: الْآيَةُ خِطَابٌ لِمَنْ سَقَطَ عَنْهُمُ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ بِسَبَبِ عَدَمِ قَبُولِ النَّاسِ ذَلِكَ.

4006 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمَّا وَقَعَ فِيهِمْ النَّقْصُ كَانَ الرَّجُلُ يَرَى أَخَاهُ عَلَى الذَّنْبِ فَيَنْهَاهُ عَنْهُ فَإِذَا كَانَ الْغَدُ لَمْ يَمْنَعْهُ مَا رَأَى مِنْهُ أَنْ يَكُونَ أَكِيلَهُ وَشَرِيبَهُ وَخَلِيطَهُ فَضَرَبَ اللَّهُ قُلُوبَ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ وَنَزَلَ فِيهِمْ الْقُرْآنُ فَقَالَ {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} [المائدة: 78] حَتَّى بَلَغَ {وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [المائدة: 81] قَالَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ وَقَالَ لَا حَتَّى تَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْ الظَّالِمِ فَتَأْطِرُوهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا» حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ أَمْلَاهُ عَلَيَّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْوَضَّاحِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَمْ يَمْنَعْهُ مَا رَأَى مِنْهُ) أَيْ: مَا رَآهُ مِنْهُ أَمْسُ (أَكِيلُهُ) الْأَكِيلُ مَنْ يُصَاحِبُكَ فِي الْأَكْلِ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ وَكَذَا الشَّرِيبُ وَالْخِلْطُ (فَضَرَبَ اللَّهُ) أَيْ: جَعَلَ قُلُوبَ الَّذِينَ تَرَكُوا

النَّهْيَ وَالْإِنْكَارَ مِثْلَ قُلُوبِ مَنِ ارْتَكَبُوا الْمُنْكَرَ (حَتَّى تَأْخُذُوا عَلَى يَدِ الظَّالِمِ) حَتَّى لَا يَتَمَكَّنَ مِنَ الظُّلْمِ (فَتَأْطُرُوهُ) أَيْ: فَتَصْرِفُوهُ عَنْ ظُلْمِهِ إِلَى الْحَقِّ.

4007 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى أَنْبَأَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جَدْعَانَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ خَطِيبًا فَكَانَ فِيمَا قَالَ أَلَا لَا يَمْنَعَنَّ رَجُلًا هَيْبَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ إِذَا عَلِمَهُ» قَالَ فَبَكَى أَبُو سَعِيدٍ وَقَالَ قَدْ وَاللَّهِ رَأَيْنَا أَشْيَاءَ فَهِبْنَا

4008 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحْقِرْ أَحَدُكُمْ نَفْسَهُ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يَحْقِرُ أَحَدُنَا نَفْسَهُ قَالَ يَرَى أَمْرًا لِلَّهِ عَلَيْهِ فِيهِ مَقَالٌ ثُمَّ لَا يَقُولُ فِيهِ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَقُولَ فِي كَذَا وَكَذَا فَيَقُولُ خَشْيَةُ النَّاسِ فَيَقُولُ فَإِيَّايَ كُنْتَ أَحَقَّ أَنْ تَخْشَى» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا يَحْقِرْ) مِثْلُ يَضْرِبُ (يَرَى أَمْرًا) هُوَ مَنْعُوتٌ وَجُمْلَةُ (لِلَّهِ عَلَيْهِ فِيهِ مَقَالٌ) نَعْتُهُ وَمَقَالُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ وَاحِدٌ مِنَ الظُّرُوفِ الثَّلَاثَةِ وَالْبَاقِيَانِ مُتَعَلِّقَانِ بِهِ، وَالْمُرَادُ هَاهُنَا الْجَارُ وَالْمَجْرُورُ فَمِنْهُمْ يُطْلِقُونَ عَلَيْهِ اسْمَ الظَّرْفِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَأَبُو الْبَخْتَرِيِّ اسْمُهُ سَعِيدُ بْنُ فَيْرُوزَ الطَّائِيُّ.

4009 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ قَوْمٍ يُعْمَلُ فِيهِمْ بِالْمَعَاصِي هُمْ أَعَزُّ مِنْهُمْ وَأَمْنَعُ لَا يُغَيِّرُونَ إِلَّا عَمَّهُمْ اللَّهُ بِعِقَابٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يُعْمَلُ فِيهِمْ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ (هُمْ) أَيْ: ذَلِكَ الْقَوْمُ (أَعَزُّ مِنْهُمْ) أَيْ: مِنَ الْفَاعِلِينَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا عَمِلَتِ الْمَعْصِيَةَ فَهُوَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ؛ لِأَنَّ الرِّجَالَ أَعَزُّ مِنَ النِّسَاءِ.

4010 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ «قَالَ لَمَّا رَجَعَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُهَاجِرَةُ الْبَحْرِ قَالَ أَلَا تُحَدِّثُونِي بِأَعَاجِيبِ مَا رَأَيْتُمْ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ قَالَ فِتْيَةٌ مِنْهُمْ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ مَرَّتْ بِنَا عَجُوزٌ مِنْ عَجَائِزِ رَهَابِينِهِمْ تَحْمِلُ عَلَى رَأْسِهَا قُلَّةً مِنْ مَاءٍ فَمَرَّتْ بِفَتًى مِنْهُمْ فَجَعَلَ إِحْدَى يَدَيْهِ بَيْنَ كَتِفَيْهَا ثُمَّ دَفَعَهَا فَخَرَّتْ عَلَى رُكْبَتَيْهَا فَانْكَسَرَتْ قُلَّتُهَا فَلَمَّا ارْتَفَعَتْ الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ فَقَالَتْ سَوْفَ تَعْلَمُ يَا غُدَرُ إِذَا وَضَعَ اللَّهُ الْكُرْسِيَّ وَجَمَعَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ وَتَكَلَّمَتْ الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ فَسَوْفَ تَعْلَمُ كَيْفَ أَمْرِي وَأَمْرُكَ عِنْدَهُ غَدًا قَالَ يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَتْ صَدَقَتْ كَيْفَ يُقَدِّسُ اللَّهُ أُمَّةً لَا يُؤْخَذُ لِضَعِيفِهِمْ مِنْ شَدِيدِهِمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَمَّا رَجَعَتْ) بِصِيغَةِ التَّأْنِيثِ (مُهَاجِرَةُ الْبَحْرِ) بِالرَّفْعِ فَاعِلُهُ (فِتْيَةٌ) بِكَسْرِ الْفَاءِ، أَيْ: جَمَاعَةٌ (قُلَّةٌ) بِضَمِّ قَافٍ وَتَشْدِيدِ لَامٍ مَعْرُوفٌ (فَمَرَّتْ)

بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ، أَيْ: سَقَطَتْ (يَا غُدَرُ) بِضَمِّ غَيْنٍ مُعْجَمَةٍ وَفَتْحِ مُهْمَلَةٍ (يُقَدِّسُ اللَّهَ) أَيْ: يُطَهِّرُهُمْ مِنَ الدَّنَسِ وَالْآثَامِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَسُوَيْدٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.

4011 - حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ دِينَارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُصْعَبٍ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَادَةَ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَا حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَفْضَلُ الْجِهَادِ. . . إِلَخْ) قِيلَ: لِأَنَّ مَنْ جَاهَدَ الْعَدُوَّ فَهُوَ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ رَجَاءٍ وَخَوْفٍ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْغَلَبَةُ لَهُ، أَوْ لِلْعَدُوِّ وَهَاهُنَا الْغَالِبُ الْهَلَاكُ وَالتَّلَفُ وَغَضَبُ السُّلْطَانِ فَصَارَ أَفْضَلَ، وَأَيْضًا الْغَالِبُ أَنَّ النَّاسَ يَتَّفِقُونَ عَلَى تَخْطِئَتِهِ وَتَوْبِيخِهِ وَقَلَّ مَنْ يُسَاعِدُهُ عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ الْقِتَالِ مِنَ الْكَفَرَةِ.

4012 - حَدَّثَنَا رَاشِدُ بْنُ سَعِيدٍ الرَّمْلِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي غَالِبٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ «عَرَضَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْأُولَى فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ فَسَكَتَ عَنْهُ فَلَمَّا رَأَى الْجَمْرَةَ الثَّانِيَةَ سَأَلَهُ فَسَكَتَ عَنْهُ فَلَمَّا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الْغَرْزِ لِيَرْكَبَ قَالَ أَيْنَ السَّائِلُ قَالَ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ ذِي سُلْطَانٍ جَائِرٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَالَ أَيْنَ السَّائِلُ. . . إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ أَبُو غَالِبٍ وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ ضَعَّفَهُ ابْنُ سَعْدٍ وَأَبُو حَاتِمٍ وَالنَّسَائِيُّ وَوَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ لَا بَأْسَ بِهِ وَرَاشِدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِمٍ صَدُوقٌ وَبَاقِي رِجَالِ

الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ.

4013 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَعَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «أَخْرَجَ مَرْوَانُ الْمِنْبَرَ فِي يَوْمِ عِيدٍ فَبَدَأَ بِالْخُطْبَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَقَالَ رَجُلٌ يَا مَرْوَانُ خَالَفْتَ السُّنَّةَ أَخْرَجْتَ الْمِنْبَرَ فِي هَذَا الْيَوْمِ وَلَمْ يَكُنْ يُخْرَجُ وَبَدَأْتَ بِالْخُطْبَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَلَمْ يَكُنْ يُبْدَأُ بِهَا فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ أَمَّا هَذَا فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَاسْتَطَاعَ أَنْ يُغَيِّرَهُ بِيَدِهِ فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَبِلِسَانِهِ) أَيْ: فَلْيُنْكِرْهُ بِلِسَانِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: فَبِقَلْبِهِ، أَيْ: فَلْيُنْكِرْهُ بِقَلْبِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ فَلْيُغَيِّرْهُ بِلِسَانِهِ، أَوْ بِقَلْبِهِ، أَمَّا فِي الْقَلْبِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي اللِّسَانِ فَلِأَنَّ الْمَفْرُوضَ أَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُغَيِّرَ بِالْيَدِ فَكَيْفَ يُغَيِّرُهُ بِاللِّسَانِ إِلَّا أَنْ يُقَالَ قَدْ يُمْكِنُ التَّغْيِيرُ بِطِيبِ الْكَلَامِ مَعَ عَدَمِ اسْتِطَاعَةِ التَّغْيِيرِ بِالْيَدِ، لَكِنَّ ذَلِكَ نَادِرٌ قَلِيلٌ جِدًّا وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ لِأَنَّ مِثْلَهُ يَنْبَغِي أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى التَّغْيِيرِ بِالْيَدِ إِنْ أَمْكَنَ التَّغْيِيرُ بِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ، أَيِ: الْإِنْكَارُ بِالْقَلْبِ فَقَطْ أَضْعَفُ فِي نَفْسِهِ إِذْ لَا يَكْتَفِي بِهِ إِلَّا مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ غَيْرَهُ، نَعَمْ إِذَا اكْتَفَى بِهِ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ غَيْرَهُ فَلَيْسَ فِيهِ ضَعْفٌ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ غَيْرَهُ وَالتَّكْلِيفُ بِالْوُسْعِ.

[باب قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم]

[باب قَوْلِهِ تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ] ْ} [المائدة: 105] 4014 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنِي عُتْبَةُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ حَدَّثَنِي عَنْ عَمِّهِ عَمْرِو بْنِ جَارِيَةَ عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ الشَّعْبَانِيِّ قَالَ «أَتَيْتُ أَبَا ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيَّ قَالَ قُلْتُ كَيْفَ تَصْنَعُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ أَيَّةُ آيَةٍ قُلْتُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة: 105] قَالَ سَأَلْتَ عَنْهَا خَبِيرًا سَأَلْتُ عَنْهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ بَلْ ائْتَمِرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنَاهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا وَهَوًى مُتَّبَعًا وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ وَرَأَيْتَ أَمْرًا لَا يَدَانِ لَكَ بِهِ فَعَلَيْكَ خُوَيْصَةَ نَفْسِكَ فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامَ الصَّبْرِ الصَّبْرُ فِيهِنَّ عَلَى مِثْلِ قَبْضٍ عَلَى الْجَمْرِ لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلًا يَعْمَلُونَ بِمِثْلِ عَمَلِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (سَأَلْتَ عَنْهَا خَبِيرًا) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَأَلْتَ عَلَى صِيغَةِ الْخِطَابِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى صِيغَةِ التَّكَلُّمِ، وَأَمَّا سَأَلْتُ الثَّانِي فَعَلَى صِيغَةِ التَّكَلُّمِ (شُحًّا مُطَاعًا) أَيْ: مُطِيعٌ كُلَّ وَاحِدٍ وَلَا يُخَالِفُ اللَّهَ تَعَالَى بِخِلَافِ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ عَنْ إِطَاعَتِهِ (مُؤْثَرَةٌ) أَيْ: يَخْتَارُهَا كُلُّ أَحَدٍ عَلَى الدِّينِ وَيَمِيلُ إِلَيْهَا لَا إِلَيْهِ (وَإِعْجَابُ. . . إِلَخْ) أَيْ: فَلَا يَرْجِعُ إِلَى رَأْيِ صَاحِبِهِ وَإِنْ كَانَ رَأْيُهُ هُوَ الصَّوَابُ الظَّاهِرُ وَرَأَى أَنَّ رَأْيَكَ هُوَ الْخَطَأُ الْوَاقِعُ قَوْلُهُ: (لَا يَدَانِ لَكَ) تَثْنِيَةُ الْيَدِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا قُدْرَةَ لَكَ فِي دَفْعِهِ (فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ) دَفْعٌ لِمَا يُسْتَبْعَدُ مِنْ وُقُوعِ شِدَّةِ الْحَالَةِ وَبَيَانُ أَنَّهَا مُتَحَقِّقَةٌ قَطْعًا (أَيَّامَ الصَّبْرِ) بِالْإِضَافَةِ، أَيْ: أَيَّامًا يَعْظُمُ

فِيهَا أَجْرُ الصَّبْرِ وَيَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ ذَلِكَ (يَعْمَلُونَ بِمِثْلِ عَمَلِهِ) فِي زَمَانٍ آخَرَ، ثُمَّ حَاصِلُ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْعَمَلَ بِالْآيَةِ مُقَيَّدٌ بِوَقْتٍ لَا دَائِمِيٌّ.

4015 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ الْخُزَاعِيُّ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَيْدٍ حَفْصُ بْنُ غَيْلَانَ الرُّعَيْنِيُّ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى نَتْرُكُ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ قَالَ إِذَا ظَهَرَ فِيكُمْ مَا ظَهَرَ فِي الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا ظَهَرَ فِي الْأُمَمِ قَبْلَنَا قَالَ الْمُلْكُ فِي صِغَارِكُمْ وَالْفَاحِشَةُ فِي كِبَارِكُمْ وَالْعِلْمُ فِي رُذَالَتِكُمْ» قَالَ زَيْدٌ تَفْسِيرُ مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْعِلْمُ فِي رُذَالَتِكُمْ إِذَا كَانَ الْعِلْمُ فِي الْفُسَّاقِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْمُلْكُ فِي صِغَارِكُمْ) أَيْ أَنَّ الْمُلُوكَ يَكُونُونَ صِغَارَ النَّاسِ سِنًّا غَيْرَ مُجَرَّبِينَ لِلْأُمُورِ، أَوْ ضِعَافَهُمْ عَقْلًا (فِي كِبَارِكُمْ) بِمَعْنَى الْحَصْرِ فِيهِمْ، بَلْ بِمَعْنَى أَنَّهَا تُنْشَرُ وَتَفْشُو إِلَى أَنْ تُوجَدَ فِي الْكِبَارِ أَيْضًا الْمُرَادُ الْفَاحِشَةُ الزِّنَا (فِي رُذَالَتِكُمْ) أَيْ: فِيمَنْ لَا يَعْمَلُ بِهِ وَلَا يُرِيدُهُ إِلَّا لِأَمْرِ الدُّنْيَا، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

4016 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ جُنْدُبٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ قَالُوا وَكَيْفَ يُذِلُّ نَفْسَهُ قَالَ يَتَعَرَّضُ مِنْ الْبَلَاءِ لِمَا لَا يُطِيقُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَتَعَرَّضُ مِنَ الْبَلَاءِ) إِمَّا بِالدُّعَاءِ عَلَى نَفْسِهِ بِهَا، أَوْ بِأَنْ يَأْتِي بِأَسْبَابِهَا الْعَادِيَّةِ.

4017 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو طُوَالَةَ حَدَّثَنَا نَهَارٌ الْعَبْدِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ لَيَسْأَلُ الْعَبْدَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَقُولَ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَ الْمُنْكَرَ أَنْ تُنْكِرَهُ فَإِذَا لَقَّنَ اللَّهُ عَبْدًا حُجَّتَهُ قَالَ يَا رَبِّ رَجَوْتُكَ وَفَرِقْتُ مِنْ النَّاسِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَفَرِقْتُ مِنَ النَّاسِ) أَيْ: خِفْتُهُمْ فَسَامَحْتُ فِي حَقِّكَ اعْتِمَادًا عَلَى أَنَّكَ كَرِيمٌ مَرْجُوٌّ لِكَمَالِ فَضْلِكَ وَلُطْفِكَ بِخِلَافِ النَّاسِ فَإِنَّهُمْ مِنَ الشُّحِّ بِمَكَانٍ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[باب العقوبات]

[باب الْعُقُوبَاتِ] 4018 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ يُمْلِي لِلظَّالِمِ فَإِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ ثُمَّ قَرَأَ {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ} [هود: 102] » ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يُمْلِي لِلظَّالِمِ) مِنْ أَمْلَى، أَيْ: يُمْهِلُ لَهُ مُدَّةً (لَمْ يُفْلِتْهُ) مِنْ أَفْلَتَهُ.

4019 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ أَبِي مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ «أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ لَمْ تَظْهَرْ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلَّا فَشَا فِيهِمْ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمْ الَّذِينَ مَضَوْا وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنْ السَّمَاءِ وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذَا ابْتُلِيتُمْ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَالْجَزَاءُ مَحْذُوفٌ، أَيْ: فَلَا خَبَرَ (لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ) أَيِ: الزِّنَا (بِالسِّنِينَ) أَيْ: بِالْقَحْطِ (مُنِعُوا الْقَطْرَ) مُنِعُوا عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَالْقَطْرُ بِالسُّكُونِ الْمَطَرُ وَهُوَ بِالنَّصْبِ مَفْعُولٌ ثَانٍ (لَمْ يُمْطَرُوا) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ (عَهْدُ اللَّهِ) هُوَ مَا جَرَى بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَهْلِ الْحَرْبِ، وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا حَدِيثٌ صَالِحٌ لِلْعَمَلِ بِهِ وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي ابْنِ مَالِكٍ وَأَبِيهِ.

4020 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ حَاتِمِ بْنِ حُرَيْثٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَشْرَبَنَّ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا يُعْزَفُ عَلَى رُءُوسِهِمْ بِالْمَعَازِفِ وَالْمُغَنِّيَاتِ يَخْسِفُ اللَّهُ بِهِمْ الْأَرْضَ وَيَجْعَلُ مِنْهُمْ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يُعْزَفُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ فِي الصِّحَاحِ الْمَعَازِفُ الْمَلَاهِي وَالْعَازِفُ اللَّاعِبُ بِهَا وَالْمُغَنَّى وَالْمُغَنَّيَاتِ بِفَتْحِ النُّونِ لِلْآلَةِ.

4021 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ الْمِنْهَالِ عَنْ زَاذَانَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْعَنُهُمْ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللَّاعِنُونَ قَالَ دَوَابُّ الْأَرْضِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَالَ دَوَابُّ الْأَرْضِ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ اللَّيْثُ وَهُوَ ابْنُ سُلَيْمٍ ضَعِيفٌ.

4022 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَزِيدُ فِي الْعُمْرِ إِلَّا الْبِرُّ وَلَا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلَّا الدُّعَاءُ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا يَزِيدُ فِي الْعُمْرِ. . . إِلَخْ) تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ فِي بَابِ الْإِيمَانِ بِالْقَدَرِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

[باب الصبر على البلاء]

[باب الصَّبْرِ عَلَى الْبَلَاءِ] 4023 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ حَمَّادٍ الْمَعْنِيُّ وَيَحْيَى بْنُ دُرُسْتَ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً قَالَ الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ يُبْتَلَى الْعَبْدُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ فَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ فَمَا يَبْرَحُ الْبَلَاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ وَمَا عَلَيْهِ مِنْ خَطِيئَةٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ) أَيِ: الْأَفْضَلُ فَالْأَفْضَلُ عَلَى تَرْتِيبِهِمْ فِي الْفَضْلِ فَكُلُّ مَنْ كَانَ أَفْضَلَ فَبَلَاؤُهُ أَشَدُّ (صُلْبًا) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ، أَيْ: شَدِيدًا.

4024 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُوعَكُ فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَيْهِ فَوَجَدْتُ حَرَّهُ بَيْنَ يَدَيَّ فَوْقَ اللِّحَافِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَشَدَّهَا عَلَيْكَ قَالَ إِنَّا كَذَلِكَ يُضَعَّفُ لَنَا الْبَلَاءُ وَيُضَعَّفُ لَنَا الْأَجْرُ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً قَالَ الْأَنْبِيَاءُ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ الصَّالِحُونَ إِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ لَيُبْتَلَى بِالْفَقْرِ حَتَّى مَا يَجِدُ أَحَدُهُمْ إِلَّا الْعَبَاءَةَ يُحَوِّيهَا وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ لَيَفْرَحُ بِالْبَلَاءِ كَمَا يَفْرَحُ أَحَدُكُمْ بِالرَّخَاءِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (هُوَ يُوعَكُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ، أَيْ: وَهُوَ مَحْمُومٌ (يُضَعَّفُ) مِنَ التَّضْعِيفِ (إِنْ كَانَ) كَلِمَةُ إِنْ مُخَفَّفَةٌ (يُحَوِّبُهَا) مِنْ حُبَى بِحَاءِ مُهْمَلَةٍ وَبَاءٍ مُوَحَّدَةٍ فِي آخِرِهِ، أَيْ: يَجْعَلُ لَهَا حَبِيبًا، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

4025 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَحْكِي نَبِيًّا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ ضَرَبَهُ قَوْمُهُ وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولُ رَبِّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَهُوَ يَحْكِي نَبِيًّا) أَيْ: بِذِكْرِ حَالِهِ (وَهُوَ يَمْسَحُ) أَيْ: ذَلِكَ النَّبِيُّ الَّذِي ضَرَبَهُ قَوْمُهُ.

4026 - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى وَيُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي وَيَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ طُولَ مَا لَبِثَ يُوسُفُ لَأَجَبْتُ الدَّاعِيَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ) لَمْ يُرِدْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِنَحْنُ نَفْسَهُ الْكَرِيمَ، بَلِ الْأَنْبِيَاءُ مُطْلَقًا غَيْرَ إِبْرَاهِيمَ شَكَّ لَكَانَ غَيْرُ إِبْرَاهِيمَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ أَحَقُّ بِهِ؛ لِأَنَّ إِبْرَاهِيمَ قَدْ أُعْطِيَ رُشْدَهُ وَفُتِحَ عَلَيْهِ مَا فُتِحَ فَقَالَ تَعَالَى {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ} [الأنعام: 75] فَهُوَ كَانَ عَلَمًا فِي الْإِيقَانِ، فَإِذَا فَرَضْنَاهُ شَاكًّا فِي شَيْءٍ كَانَ غَيْرُهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ أَحَقُّ بِالشَّكِّ فِيهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ مَا شَكَّ غَيْرُهُ فِي الْبَعْثِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى الْإِحْيَاءِ فَكَيْفَ هُوَ فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ مَا

شَكَّ، وَقَوْلُهُ: (إِذْ قَالَ رَبِّ أَرِنِي. . . إِلَخْ) تَقْدِيرُهُ: لَوْ كَانَ مِنْ إِبْرَاهِيمَ شَكٌّ إِذْ قَالَ رَبِّ. . . إِلَخْ وَلَيْسَ الْمَعْنَى نَحْنُ أَحَقُّ إِذْ قَالَ. . . إِلَخْ فَإِنْ قُلْتُ: فَمَا مَعْنَى سُؤَالِ إِبْرَاهِيمَ. قُلْتُ: سُؤَالُهُ مَا كَانَ إِلَّا عَنْ رُؤْيَةٍ كَرُؤْيَةِ إِحْيَاءِ الْمَوْتَى، لَكِنْ لَمَّا كَانَ مِثْلُ ذَلِكَ السُّؤَالِ قَدْ يَنْشَأُ عَنْ شَكٍّ فِي الْقُدْرَةِ عَلَى الْإِحْيَاءِ فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ مَنْ يَبْلُغُهُ السُّؤَالُ أَنَّهُ قَدْ شَكَّ، أَرَادَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يُزِيلَ ذَلِكَ التَّوَهُّمَ بِتَحْقِيقِ مَنْشَأِ سُؤَالِهِ فَقَالَ لَهُ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ، أَيْ: بِالْقُدْرَةِ فَقَالَ بَلَى أَنَا مُؤْمِنٌ بِالْقُدْرَةِ وَلَكِنْ سَأَلْتُ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي بِرُؤْيَةِ كَيْفِيَّةِ الْإِحْيَاءِ فَكَأَنَّ قَلْبَهُ اشْتَاقَ إِلَى ذَلِكَ فَأَرَادَ أَنْ يَطْمَئِنَّ بِوَصْلِهِ إِلَى الْمَطْلُوبِ، وَهَذَا لَا غُبَارَ عَلَيْهِ أَصْلًا، وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ كَمَا لَا يَخْفَى وَمَنْ قَالَ أَرَادَ زِيَادَةَ الْإِيقَانِ وَنَحْوَهُ فَقَدْ بَعُدَ إِذْ مَعْلُومٌ أَنَّ مَرْتَبَةَ إِبْرَاهِيمَ فَوْقَ مَرْتَبَةِ مَنْ قَالَ لَوْ كُشِفَ الْغِطَاءُ مَا ازْدَدْتُ يَقِينًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ: (وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ) الْمَقْصُودُ مَدْحُ يُوسُفَ بِأَنَّهُ بَلَغَ مِنَ الصَّبْرِ وَالتَّأَنِّي غَايَتَهُ.

4027 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ كُسِرَتْ رَبَاعِيَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشُجَّ فَجَعَلَ الدَّمُ يَسِيلُ عَلَى وَجْهِهِ وَجَعَلَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولُ كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ خَضَبُوا وَجْهَ نَبِيِّهِمْ بِالدَّمِ وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {لَيْسَ لَكَ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128] » ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ) كَثَمَانِيَةٍ (وَشُجَّ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ، أَيْ: رَأْسُهُ (يُفْلِحُ) مِنْ أَفْلَحَ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ (خُضِّبَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ.

4028 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَرِيفٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «جَاءَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام ذَاتَ يَوْمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ جَالِسٌ حَزِينٌ قَدْ خُضِّبَ بِالدِّمَاءِ قَدْ ضَرَبَهُ بَعْضُ أَهْلِ مَكَّةَ فَقَالَ مَا لَكَ قَالَ فَعَلَ بِي هَؤُلَاءِ وَفَعَلُوا قَالَ أَتُحِبُّ أَنْ أُرِيَكَ آيَةً قَالَ نَعَمْ أَرِنِي فَنَظَرَ إِلَى شَجَرَةٍ مِنْ وَرَاءِ الْوَادِي قَالَ ادْعُ تِلْكَ الشَّجَرَةَ فَدَعَاهَا فَجَاءَتْ تَمْشِي حَتَّى قَامَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ قُلْ لَهَا فَلْتَرْجِعْ فَقَالَ لَهَا فَرَجَعَتْ حَتَّى عَادَتْ إِلَى مَكَانِهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَسْبِي» ـــــــــــــــــــــــــــــ (أَنْ أُرِيَكَ) مِنَ الْجَاهِ وَالشَّرَفِ لِآيَةٍ تُخَفِّفُ عَنْهُ هَذِهِ الْمِحَنِ وَأَنَّهُ لَا يُبَالِي صَاحِبُهُ بِإِضْعَافِ هَذِهِ الْمِحَنِ وَالشَّدَائِدِ، وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ إِنْ كَانَ أَبُو سُفْيَانَ وَاسْمُهُ طَلْحَةُ بْنُ نَافِعٍ سَمِعَ مِنْ جَابِرٍ.

4029 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْصُوا لِي كُلَّ مَنْ تَلَفَّظَ بِالْإِسْلَامِ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَخَافُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ مَا بَيْنَ السِّتِّ مِائَةِ إِلَى السَّبْعِ مِائَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ لَعَلَّكُمْ أَنْ تُبْتَلُوا قَالَ فَابْتُلِينَا حَتَّى جَعَلَ الرَّجُلُ مِنَّا مَا يُصَلِّي إِلَّا سِرًّا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (احْصُوا) مِنَ الْإِحْصَاءِ، أَيِ: اضْبُطُوا لِي عَدَدَهُمْ وَمِثْلُ هَذَا السُّؤَالِ غَالِبًا يَكُونُ عِنْدَ الْخَوْفِ؛ وَلِذَلِكَ قَالُوا مَا قَالُوا.

4030 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ وَجَدَ رِيحًا طَيِّبَةً فَقَالَ يَا جِبْرِيلُ مَا هَذِهِ الرِّيحُ الطَّيِّبَةُ قَالَ هَذِهِ رِيحُ قَبْرِ الْمَاشِطَةِ وَابْنَيْهَا وَزَوْجِهَا قَالَ وَكَانَ بَدْءُ ذَلِكَ أَنَّ الْخَضِرَ كَانَ مِنْ أَشْرَافِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَانَ مَمَرُّهُ بِرَاهِبٍ فِي صَوْمَعَتِهِ فَيَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرَّاهِبُ فَيُعَلِّمُهُ الْإِسْلَامَ فَلَمَّا بَلَغَ الْخَضِرُ زَوَّجَهُ أَبُوهُ امْرَأَةً فَعَلَّمَهَا الْخَضِرُ وَأَخَذَ عَلَيْهَا أَنْ لَا تُعْلِمَهُ أَحَدًا وَكَانَ لَا يَقْرَبُ النِّسَاءَ فَطَلَّقَهَا ثُمَّ زَوَّجَهُ أَبُوهُ أُخْرَى فَعَلَّمَهَا وَأَخَذَ عَلَيْهَا أَنْ لَا تُعْلِمَهُ أَحَدًا فَكَتَمَتْ إِحْدَاهُمَا وَأَفْشَتْ عَلَيْهِ الْأُخْرَى فَانْطَلَقَ هَارِبًا حَتَّى أَتَى جَزِيرَةً فِي الْبَحْرِ فَأَقْبَلَ رَجُلَانِ يَحْتَطِبَانِ فَرَأَيَاهُ فَكَتَمَ أَحَدُهُمَا وَأَفْشَى الْآخَرُ وَقَالَ قَدْ رَأَيْتُ الْخَضِرَ فَقِيلَ وَمَنْ رَآهُ مَعَكَ قَالَ فُلَانٌ فَسُئِلَ فَكَتَمَ وَكَانَ فِي دِينِهِمْ أَنَّ مَنْ كَذَبَ قُتِلَ قَالَ فَتَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ الْكَاتِمَةَ فَبَيْنَمَا هِيَ تَمْشُطُ ابْنَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ سَقَطَ الْمُشْطُ فَقَالَتْ تَعِسَ فِرْعَوْنُ فَأَخْبَرَتْ أَبَاهَا وَكَانَ لِلْمَرْأَةِ ابْنَانِ وَزَوْجٌ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ فَرَاوَدَ الْمَرْأَةَ وَزَوْجَهَا أَنْ يَرْجِعَا عَنْ دِينِهِمَا فَأَبَيَا فَقَالَ إِنِّي قَاتِلُكُمَا فَقَالَا إِحْسَانًا مِنْكَ إِلَيْنَا إِنْ قَتَلْتَنَا أَنْ تَجْعَلَنَا فِي بَيْتٍ فَفَعَلَ فَلَمَّا أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَدَ رِيحًا طَيِّبَةً فَسَأَلَ جِبْرِيلَ فَأَخْبَرَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بَدْءُ ذَلِكَ) أَيِ: ابْتِدَاؤُهُ وَسَبَبُهُ (مَمَرُّهُ بِرَاهِبٍ) يَدُلُّ عَلَى وُجُودِ الرَّاهِبِينَ قَبْلَ زَمَانِ عِيسَى (فَعَلَّمَهَا) مِنَ التَّعْلِيمِ، أَيْ: عَلَّمَهَا الْإِسْلَامَ (أَنْ لَا تُعْلِمَهُ) مِنَ الْإِعْلَامِ، أَيْ: لَا تُخْبِرُ أَحَدًا بِأَنَّ فُلَانًا عَلَّمَنِي هَذَا (لَا يَقْرَبُ) مِنْ قَرِبَ كَسَمِعَ قَوْلُهُ: (فَتَزَوَّجَ) أَيِ: الْكَاتِمُ (الْمُشْطُ) بِتَثْلِيثِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الشِّينِ وَهُوَ آلَةٌ يُمَشَّطُ بِهَا (تَعِسَ) كَسَمِعَ، أَيْ: هَلَكَ وَهُوَ دُعَاءٌ عَلَيْهِ بِالْهَلَاكِ (فَرَاوَدَ الْمَرْأَةَ) أَيْ: أَكْثَرَ الذَّهَابَ وَالْمَجِيءَ إِلَيْهَا، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ قَالَ فِيهِ الْبُخَارِيُّ يَتَكَلَّمُونَ فِي حِفْظِهِ وَهُوَ يُحْتَمَلُ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ سَمِعْتُ أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ قَالَا مَحِلُّهُ الصِّدْقُ عِنْدَنَا، قُلْتُ: يُحْتَجُّ، قَالَا

لَا، وَضَعَّفَهُ غَيْرُهُمْ.

4031 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ عِظَمُ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلَاءِ وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا) أَيْ: رِضَا اللَّهِ تَعَالَى عَنْهُ جَزَاءً لِرِضَاهُ، أَوْ فَلَهُ جَزَاءُ رِضَاهُ وَكَذَا قَوْلُهُ: فَلَهُ السُّخْطُ، ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ تَفْصِيلٌ لِمُطْلَقِ الْمُبْتَلِينَ لَا لِمَنْ أَحَبَّهُمْ فَابْتَلَاهُمْ إِذِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ تَعَالَى يُوَفِّقُهُمْ لِلرِّضَا فَلَا يَسْخَطُ مِنْهُمْ أَحَدٌ.

4032 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يُخَالِطُ النَّاسَ وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا يُخَالِطُ النَّاسَ) أَيْ: يُسَاكِنُهُمْ وَيُعَامِلُهُمْ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُخَالِطَ الصَّابِرَ خَيْرٌ مِنَ الْمُعْتَزِلِ.

4033 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ طَعْمَ الْإِيمَانِ وَقَالَ بُنْدَارٌ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ مَنْ كَانَ يُحِبُّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ وَمَنْ كَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَمَنْ كَانَ أَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَجَدَ طَعْمَ الْإِيمَانِ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فِي الصِّحَاحِ الطَّعْمُ بِالْفَتْحِ مَا يُؤَدِّيهِ الذَّوْقُ يُقَالُ طَعِمَهُ وَالطُّعْمُ بِالضَّمِّ الطَّعَامُ، وَفِي الْقَامُوسِ طَعْمُ الشَّيْءِ يَعْنِي بِالْفَتْحِ حَلَاوَتَهُ وَمَرَارَتَهُ وَمَا بَيْنَهُمَا يَكُونُ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَفِي الْجُمْلَةِ فَقَدِ اسْتُعِيرَ اسْمُ الطَّعْمِ، أَوِ الْحَلَاوَةِ لِمَا يَجِدُهُ الْمُؤْمِنُ الْكَامِلُ فِي الْقَلْبِ بِسَبَبِ الْإِيمَانِ مِنَ الِانْشِرَاحِ وَالِاتِّسَاعِ وَلَذَّةِ الْقُرْبِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى. قَوْلُهُ: (مَنْ كَانَ يُحِبُّ الْمَرْءَ) أَيْ: أَيَّ امْرِئٍ كَانَ (يُلْقَى) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنَ الْإِلْقَاءِ (فِي النَّارِ) أَيْ: نَارِ الدُّنْيَا (أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ) قَيْدٌ عَلَى حَسَبِ وَقْتِهِ إِذِ النَّاسُ كَانُوا فِي وَقْتِهِ أَسْلَمُوا بَعْدَ سَبْقِ الْكُفْرِ (أَهْوَنُ) وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ مَعْنَى بَعْدَ أَنْ رَزَقَهُ اللَّهُ الْإِسْلَامَ وَهَدَاهُ إِلَيْهِ.

4034 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ ح وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَا حَدَّثَنَا رَاشِدٌ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحِمَّانِيُّ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ «أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئًا وَإِنْ قُطِّعْتَ وَحُرِّقْتَ وَلَا تَتْرُكْ صَلَاةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّدًا فَمَنْ تَرَكَهَا مُتَعَمِّدًا فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ وَلَا تَشْرَبْ الْخَمْرَ فَإِنَّهَا مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنْ لَا تُشْرِكَ) صِيغَةُ نَهْيٍ وَأَنْ لَا تَفْسِيرِيَّةٌ، أَوْ مَصْدَرِيَّةٌ عِنْدَ مَنْ جَوَّزَ دُخُولَهَا عَلَى الْإِنْشَاءِ، أَوْ صِيغَةُ مُضَارِعٍ وَأَنْ نَاصِبَةٌ مَصْدَرِيَّةٌ،

وَالْمُرَادُ أَنْ لَا تُظْهِرَ الشِّرْكَ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي اخْتِيَارُ الْمَوْتِ وَالْقَتْلِ دُونَ إِظْهَارِ الشِّرْكِ، لَكِنْ مَنِ ابْتُلِيَ بِأَحَدِهِمَا فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ، أَيْ: صَارَ كَالْكَافِرِ الَّذِي لَا ذِمَّةَ لَهُ فِعْلًا فَإِنَّ تَرْكَ الصَّلَاةِ مُتَعَمِّدًا مِنْ خِصَالِهِمْ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَشَهْرٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[باب شدة الزمان]

[باب شِدَّةِ الزَّمَانِ] 4035 - حَدَّثَنَا غِيَاثُ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّحَبِيُّ أَنْبَأَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ سَمِعْتُ ابْنَ جَابِرٍ يَقُولُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ رَبِّهِ يَقُولُ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ يَقُولُ «سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَمْ يَبْقَ مِنْ الدُّنْيَا إِلَّا بَلَاءٌ وَفِتْنَةٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا بَلَاءٌ وَفِتْنَةٌ) كَمَا هُوَ شَأْنُ آخِرِ الشَّيْءِ وَنِهَايَتِهِ عَادَةً، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

4036 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ قُدَامَةَ الْجُمَحِيُّ عَنْ إِسْحَقَ بْنِ أَبِي الْفُرَاتِ عَنْ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتُ يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ قِيلَ وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ قَالَ الرَّجُلُ التَّافِهُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (سَنَوَاتٌ) جَمْعُ سَنَةٍ بَعْدَ رَدِّهَا إِلَى الْأَصْلِ فَإِنَّ أَصْلَهَا سَنَوَ بِالْوَاوِ (خَدَّاعَاتٌ) بِتَشْدِيدِ الدَّالِ لِلْمُبَالَغَةِ قَالَ السُّيُوطِيُّ: أَيْ تَكْثُرُ فِيهَا الْأَمْطَارُ وَيَقِلُّ الرَّبِيعُ فَذَلِكَ خَدْعُهَا، أَيْ: لِأَنَّهُمْ تُطْمِعُهُمْ بِالْخَيْرِ، ثُمَّ تَخْتَلِفُ، وَقِيلَ: الْخُدْعَةُ الْقَلِيلَةُ الْمَطَرِ مِنْ خَدَعَ الرِّيقَ إِذَا جَفَّ (الرُّوَيْبِضَةُ) بِالتَّصْغِيرِ، وَقَوْلُهُ: (فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ) مُتَعَلِّقٌ بِـ " يَنْطِقُ " وَالتَّافِهُ الْحَقِيرُ الْيَسِيرُ، أَيْ: قَلِيلُ الْعِلْمِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ إِسْحَاقُ بْنُ بَكْرِ بْنِ أَبِي الْفُرَاتِ قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْكَاشِفِ مَجْهُولٌ، وَقِيلَ: مُنْكَرٌ وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَوَقَعَ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قُدَامَةَ وَصَوَابُهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ اهـ. كَلَامُ الزَّوَائِدِ. قُلْتُ: فِي أَصْلِنَا عَبْدُ اللَّهِ عَلَى الصَّوَابِ.

4037 - حَدَّثَنَا وَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِي إِسْمَعِيلَ الْأَسْلَمِيِّ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ عَلَى الْقَبْرِ فَيَتَمَرَّغَ عَلَيْهِ وَيَقُولَ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَكَانَ صَاحِبِ هَذَا الْقَبْرِ وَلَيْسَ بِهِ الدِّينُ إِلَّا الْبَلَاءُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَيَتَمَرَّغُ) آخِرُهُ غَيْنٌ مُعْجَمَةٌ، أَيْ: يَتَقَلَّبُ (وَلَيْسَ بِهِ الدِّينُ) أَيْ: لَيْسَ الدَّاعِي لَهُ عَلَى هَذَا الْفِعْلِ

الدِّينُ، وَإِنَّمَا الدَّاعِي لَهُ الْبَلَاءُ.

4038 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى عَنْ يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ يَعْنِي مَوْلَى مُسَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَتُنْتَقَوُنَّ كَمَا يُنْتَقَى التَّمْرُ مِنْ أَغْفَالِهِ فَلْيَذْهَبَنَّ خِيَارُكُمْ وَلَيَبْقَيَنَّ شِرَارُكُمْ فَمُوتُوا إِنْ اسْتَطَعْتُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَتُنْتَقَوُنَّ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَالْوَاوُ مَضْمُومَةٌ وَالنُّونُ ثَقِيلَةٌ (مِنْ أَغْفَالِهِ) قَدْ جَاءَ الْفِعْلُ بِضَمَّتَيْنِ بِمَعْنَى الْمَجْهُولِ وَبِالْفَتْحِ بِمَعْنَى التَّكْثِيرِ الرَّفِيعِ وَالْمَعْنَيَيْنِ نَوْعُ مُنَاسَبَةٍ بِالْمَقَامِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالْمَرَامِ قَوْلُهُ: (فَمُوتُوا) أَيْ: إِذَا تَحَقَّقَ ذَلِكَ فَمُوتُوا يُرِيدُ أَنَّ الْمَوْتَ خَيْرٌ حِينَئِذٍ مِنَ الْحَيَاةِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْحَيَاةُ عَزِيزَةً، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ وَأَبُو حُمَيْدٍ لَمْ أَرَ مَنْ جَرَّحَهُ وَلَا وَثَّقَهُ وَيُونُسُ هُوَ ابْنُ يَزِيدَ الْأَيْلِيُّ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ.

4039 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْجَنَدِيُّ عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَزْدَادُ الْأَمْرُ إِلَّا شِدَّةً وَلَا الدُّنْيَا إِلَّا إِدْبَارًا وَلَا النَّاسُ إِلَّا شُحًّا وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا عَلَى شِرَارِ النَّاسِ وَلَا الْمَهْدِيُّ إِلَّا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا يَزْدَادُ الْأَمْرُ) أَيِ: التَّمَسُّكُ بِالدِّينِ وَالسُّنَّةِ (إِلَّا شِدَّةً) لِقِلَّةِ أَعْوَانِهِ وَكَثْرَةِ مُخَالِفِيهِ (وَلَا الْمَهْدِيُّ) أَيْ: وَصْفًا لَا لَقَبًا أَيِ الْمُتَّصِفُ بِالْهَدْيِ عَلَى كُلِّ وَجْهٍ بَعْدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي يَنْصَرِفُ إِلَيْهِ مُطْلَقُ الِاسْمِ وَهُوَ عِيسَى وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ اللَّقَبَ بِالْمَهْدِيِّ لَيْسَ إِلَّا لِعِيسَى، فَالْحَدِيثُ عَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ لَا يُخَالِفُ أَحَادِيثَ الْمَهْدِيِّ، وَفِي الزَّوَائِدُ قَالَ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ بَعْدَ أَنْ رَوَى هَذَا الْمَتْنَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ هَذَا حَدِيثٌ يُعَدُّ فِي أَفْرَادِ الشَّافِعِيِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ حَدَّثَ بِهِ غَيْرُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ سَنَدَ أَبِي يَحْيَى بْنِ السَّكَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْجَنْدِيِّ بِهِ وَقَدْ بَسَطَ السُّيُوطِيُّ الْقَوْلَ فِيهِ وَخُلَاصَةُ مَا نَقَلَ عَنِ الْحَافِظِ عِمَادِ الدِّينِ ابْنِ كَثِيرٍ أَنَّهُ قَالَ هَذَا حَدِيثٌ مَشْهُورٌ بِمُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْجَنْدِيِّ الصَّغَانِيِّ الْمُؤَذِّنِ شَيْخِ الشَّافِعِيِّ وَرَوَى عَنْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ أَيْضًا وَلَيْسَ هُوَ بِمَجْهُولِ كَمَا زَعَمَهُ الْحَاكِمُ، بَلْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ ثِقَةٌ وَلَكِنْ رَوَى بَعْضُهُمْ عَنْهُ عَنِ الْحَسَنِ مُرْسَلًا وَذَكَرَ الْمِزِّيُّ فِي التَّهْذِيبِ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ رَأَى الشَّافِعِيَّ فِي الْمَنَامِ وَهُوَ يَقُولُ كَذَبَ عَلَيَّ يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى لَيْسَ هَذَا مِنْ حَدِيثِي قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّدَفِيُّ مِنَ الثِّقَاتِ لَا يُطْعَنُ فِيهِ بِمُجَرَّدِ مَنَامٍ وَهَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا يَظْهَرُ بِبَادِئِ الرَّأْيِ مُخَالِفٌ لِلْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي إِثْبَاتِ مَهْدِيٍّ غَيْرِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَعِنْدَ التَّأَمُّلِ لَا يُنَافِيهَا، بَلْ يَكُونُ الْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمَهْدِيَّ حَقٌّ، الْمَهْدِيُّ هُوَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، وَلَا يَنْفِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُ مَهْدِيًّا أَيْضًا

، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب أشراط الساعة]

[باب أَشْرَاطِ السَّاعَةِ] 4040 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ وَأَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا أَبُو حَصِينٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ وَجَمَعَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ) قِيلَ: بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مَعَهُ، وَقِيلَ: بِالرَّفْعِ عَلَى الْعَطْفِ وَيُشْكَلُ عَلَيْهِ أَنَّ السَّاعَةَ لَا تُوصَفُ بِالْبَعْثِ وَلَوْ سُلِّمَ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ السَّاعَةَ بُعِثَتْ لِعَدَمِ الْمُضِيِّ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ عَلَى تَضْمِينِ مَعْنَى الْجَعْلِ وَالتَّقْدِيرُ جُعِلْتُ أَنَا، أَوْ قُدِّرْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ، وَالْمَقْصُودُ بَيَانُ الْقُرْبِ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَاتَمُ النَّبِيِّينَ.

4041 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ فُرَاتٍ الْقَزَّازِ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ قَالَ «اطَّلَعَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غُرْفَةٍ وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ السَّاعَةَ فَقَالَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَكُونَ عَشْرُ آيَاتٍ الدَّجَّالُ وَالدُّخَانُ وَطُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مِنْ غُرْفَةٍ) بِضَمِّ غَيْنٍ مُعْجَمَةٍ الْعَلِيَّةُ وَالْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ بَعْضُ الْآيَاتِ.

4042 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِي أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ حَدَّثَنِي عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ قَالَ «أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَهُوَ فِي خِبَاءٍ مِنْ أَدَمٍ فَجَلَسْتُ بِفِنَاءِ الْخِبَاءِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ادْخُلْ يَا عَوْفُ فَقُلْتُ بِكُلِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ بِكُلِّكَ ثُمَّ قَالَ يَا عَوْفُ احْفَظْ خِلَالًا سِتًّا بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ إِحْدَاهُنَّ مَوْتِي قَالَ فَوَجَمْتُ عِنْدَهَا وَجْمَةً شَدِيدَةً فَقَالَ قُلْ إِحْدَى ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ثُمَّ دَاءٌ يَظْهَرُ فِيكُمْ يَسْتَشْهِدُ اللَّهُ بِهِ ذَرَارِيَّكُمْ وَأَنْفُسَكُمْ وَيُزَكِّي بِهِ أَعْمَالَكُمْ ثُمَّ تَكُونُ الْأَمْوَالُ فِيكُمْ حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِائَةَ دِينَارٍ فَيَظَلَّ سَاخِطًا وَفِتْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ لَا يَبْقَى بَيْتُ مُسْلِمٍ إِلَّا دَخَلَتْهُ ثُمَّ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الْأَصْفَرِ هُدْنَةٌ فَيَغْدِرُونَ بِكُمْ فَيَسِيرُونَ إِلَيْكُمْ فِي ثَمَانِينَ غَايَةٍ تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي خِبَاءٍ) بِكَسْرِ خَاءٍ مُعْجَمَةٍ وَمَدٍّ بَيْتٌ مِنْ جِلْدٍ وَنَحْوِهِ (أَدَمٌ) بِفَتْحَتَيْنِ الْجِلْدُ (فَقُلْتُ بِكُلِّي) يُرِيدُ أَنَّ الْبَيْتَ كَانَ صَغِيرًا بِحَيْثُ كَانَ فِي مَحَلِّ التَّرَدُّدِ أَنَّهُ يَسَعُ جَسَدِي كُلَّهُ أَمْ لَا (فَوَجَمْتُ) الْوَاجِمُ الَّذِي أَسْكَتَهُ الْهَمُّ وَغَلَبَتْهُ الْكَآبَةُ (قُلْ إِحْدَى) أَيْ: قُلْ تَلْكَ الْخَلَّةُ إِحْدَى الْخِلَالِ (ثُمَّ دَاءٌ) أَيِ: الطَّاعُونُ (أَمْوَالُكُمْ) وَكَأَنَّهُ وَقَعَ الْمَوْتُ وَالْآفَاتُ فِي الْأَمْوَالِ أَيْضًا (وَبَيْنَ بَنِي الْأَصْفَرِ) هُمُ الرُّومُ سُمُّوا بِذَلِكَ لِصَفَرِ اللَّوْنِ فِي آبَائِهِمْ (هُدْنَةٌ) بِضَمِّ هَاءٍ فَسُكُونِ

دَالٍ مُهْمَلَةٍ الصُّلْحُ (فِي ثَمَانِينَ غَايَةً) الْغَايَةُ بِمُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ الرَّايَةُ.

4043 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ حَدَّثَنَا عَمْرٌو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَقْتُلُوا إِمَامَكُمْ وَتَجْتَلِدُوا بِأَسْيَافِكُمْ وَيَرِثُ دُنْيَاكُمْ شِرَارُكُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حَتَّى تَقْتُلُوا إِمَامَكُمْ) وَقَدْ قَتَلُوا عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ (وَتَجْتَلِدُوا) أَيْ: تَقْتُلُوا.

4044 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَبِي حَيَّانَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بَارِزًا لِلنَّاسِ فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى السَّاعَةُ فَقَالَ مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنْ السَّائِلِ وَلَكِنْ سَأُخْبِرُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا إِذَا وَلَدَتْ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا وَإِذَا كَانَتْ الْحُفَاةُ الْعُرَاةُ رُءُوسَ النَّاسِ فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا وَإِذَا تَطَاوَلَ رِعَاءُ الْغَنَمِ فِي الْبُنْيَانِ فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا فِي خَمْسٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ فَتَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ} [لقمان: 34] الْآيَةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (رِعَاءُ الْغَنَمِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَالْمَدِّ الْأَعْرَابُ وَأَصْحَابُ الْبَوَادِي (فِي خَمْسٍ) أَيْ: وَقْتِ السَّاعَةِ فِي خَمْسٍ. . . إِلَخْ وَالْحَدِيثُ قَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ.

4045 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «أَلَا أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُحَدِّثُكُمْ بِهِ أَحَدٌ بَعْدِي سَمِعْتُهُ مِنْهُ إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ وَيَظْهَرَ الْجَهْلُ وَيَفْشُوَ الزِّنَا وَيُشْرَبَ الْخَمْرُ وَيَذْهَبَ الرِّجَالُ وَيَبْقَى النِّسَاءُ حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً قَيِّمٌ وَاحِدٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ) أَيْ: مِنَ الْأَرْضِ بِمَوْتِ الْعُلَمَاءِ، أَوِ الرِّجَالِ فَإِنَّهُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ غَالِبًا، لَكِنْ عَلَى هَذَا يَرْجِعُ هَذَا إِلَى مَعْنَى وَيَذْهَبُ الرِّجَالُ (قَيِّمٌ وَاحِدٌ) مَنْ يَقُومُ بِأَمْرِهِنَّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ ذَلِكَ بِسَبَبِ أَنَّهُ يَنْكِحُهُنَّ، لَكِنْ حِينَئِذٍ يَرْجِعُ إِلَى الْجَهْلِ وَفُشُوِّ الزِّنَا مَعَ عَدَمِ دَلَالَةِ اللَّفْظِ عَلَى هَذَا الْخُصُوصِ.

4046 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَحْسُرَ الْفُرَاتُ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ فَيَقْتَتِلُ النَّاسُ عَلَيْهِ فَيُقْتَلُ مِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ تِسْعَةٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حَتَّى يَحْسِرَ) كَـ " يَضْرِبُ " وَ " يَنْصُرُ " وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ، أَيْ: يَكْشِفَ (الْفُرَاتُ) نَهَرٌ مَشْهُورٌ بِالْكُوفَةِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَرِوَايَةُ أَبِي دَاوُدَ بِلَفْظِ: " يُوشِكُ الْفُرَاتُ "، أَيْ: يَحْسِرُ عَنْ كَنْزٍ مِنْ

ذَهَبٍ، فَمَنْ حَضَرَ فَلَا يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا.

4047 - حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ الْعُثْمَانِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَفِيضَ الْمَالُ وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ قَالُوا وَمَا الْهَرْجُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْقَتْلُ الْقَتْلُ الْقَتْلُ ثَلَاثًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حَتَّى يَفِيضَ) أَيْ: يَكْثُرَ (الْهَرْجُ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ بَعْضَهُ.

[باب ذهاب القرآن والعلم]

[باب ذَهَابِ الْقُرْآنِ وَالْعِلْمِ] 4048 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ زِيَادِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ «ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا فَقَالَ ذَاكَ عِنْدَ أَوَانِ ذَهَابِ الْعِلْمِ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ يَذْهَبُ الْعِلْمُ وَنَحْنُ نَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَنُقْرِئُهُ أَبْنَاءَنَا وَيُقْرِئُهُ أَبْنَاؤُنَا أَبْنَاءَهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَالَ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ زِيَادُ إِنْ كُنْتُ لَأَرَاكَ مِنْ أَفْقَهِ رَجُلٍ بِالْمَدِينَةِ أَوَلَيْسَ هَذِهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ لَا يَعْمَلُونَ بِشَيْءٍ مِمَّا فِيهِمَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ثَكِلَتْكَ) بِكَسْرِ الْكَافِ، أَيْ: فَقَدَتْكَ وَهُوَ دُعَاءٌ عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ ظَاهِرًا وَالْمَقْصُودُ التَّعَجُّبُ مِنَ الْغَفْلَةِ عَنْ مِثْلِ هَذَا الْأَمْرِ (لَا يَعْمَلُونَ بِشَيْءٍ مِمَّا فِيهِمَا) أَيْ: وَمَنْ لَا يَعْمَلُ بِعِلْمِهِ هُوَ وَالْجَاهِلُ سَوَاءٌ، وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ الصَّغِيرِ لَمْ يَسْمَعْ سَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ مِنْ زِيَادِ بْنِ لَبِيدٍ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ الذَّهَبِيُّ فِي الْكَاشِفِ، وَقَالَ: لَيْسَ لِزِيَادٍ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ فِي بَقِيَّةِ الْكُتُبِ.

4049 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْرُسُ الْإِسْلَامُ كَمَا يَدْرُسُ وَشْيُ الثَّوْبِ حَتَّى لَا يُدْرَى مَا صِيَامٌ وَلَا صَلَاةٌ وَلَا نُسُكٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَيُسْرَى عَلَى كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي لَيْلَةٍ فَلَا يَبْقَى فِي الْأَرْضِ مِنْهُ آيَةٌ وَتَبْقَى طَوَائِفُ مِنْ النَّاسِ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْعَجُوزُ يَقُولُونَ أَدْرَكْنَا آبَاءَنَا عَلَى هَذِهِ الْكَلِمَةِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَنَحْنُ نَقُولُهَا» فَقَالَ لَهُ صِلَةُ مَا تُغْنِي عَنْهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَهُمْ لَا يَدْرُونَ مَا صَلَاةٌ وَلَا صِيَامٌ وَلَا نُسُكٌ وَلَا صَدَقَةٌ فَأَعْرَضَ عَنْهُ حُذَيْفَةُ ثُمَّ رَدَّهَا عَلَيْهِ ثَلَاثًا كُلَّ ذَلِكَ يُعْرِضُ عَنْهُ حُذَيْفَةُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ فِي الثَّالِثَةِ فَقَالَ يَا صِلَةُ تُنْجِيهِمْ مِنْ النَّارِ ثَلَاثًا ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَدْرُسُ الْإِسْلَامُ) مِنْ دَرَسَ الرَّسْمُ دُرُوسًا إِذَا غَفَا وَهَلَكَ وَمِنْ دَرَسَ الثَّوْبَ دَرْسًا إِذَا صَارَ عَتِيقًا بِالْيَاءِ وَيُؤَيِّدُ الثَّانِي قَوْلُهُ: (وَشْيُ الثَّوْبِ) وَهُوَ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ نَقْشُهُ (وَلَيُسْرَى) مِنَ السَّرَايَةِ، أَيِ: الدَّرْسُ، أَوِ الدُّرُوسُ يُسْرَى لَيْلَةً (عَلَى كِتَابِ اللَّهِ) وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ

رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.

4050 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي وَوَكِيعٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكُونُ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ أَيَّامٌ يُرْفَعُ فِيهَا الْعِلْمُ وَيَنْزِلُ فِيهَا الْجَهْلُ وَيَكْثُرُ فِيهَا الْهَرْجُ وَالْهَرْجُ الْقَتْلُ»

4051 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامًا يَنْزِلُ فِيهَا الْجَهْلُ وَيُرْفَعُ فِيهَا الْعِلْمُ وَيَكْثُرُ فِيهَا الْهَرْجُ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْهَرْجُ قَالَ الْقَتْلُ»

4052 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «يَرْفَعُهُ قَالَ يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ وَيَنْقُصُ الْعِلْمُ وَيُلْقَى الشُّحُّ وَتَظْهَرُ الْفِتَنُ وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْهَرْجُ قَالَ الْقَتْلُ»

[باب ذهاب الأمانة]

[باب ذَهَابِ الْأَمَانَةِ] 4053 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ «حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَيْنِ قَدْ رَأَيْتُ أَحَدَهُمَا وَأَنَا أَنْتَظِرُ الْآخَرَ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَّ الْأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ قَالَ الطَّنَافِسِيُّ يَعْنِي وَسْطَ قُلُوبِ الرِّجَالِ وَنَزَلَ الْقُرْآنُ فَعَلِمْنَا مِنْ الْقُرْآنِ وَعَلِمْنَا مِنْ السُّنَّةِ ثُمَّ حَدَّثَنَا عَنْ رَفْعِهَا فَقَالَ يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ فَتُرْفَعُ الْأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ فَيَظَلُّ أَثَرُهَا كَأَثَرِ الْوَكْتِ وَيَنَامُ النَّوْمَةَ فَتُنْزَعُ الْأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ فَيَظَلُّ أَثَرُهَا كَأَثَرِ الْمَجْلِ كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ ثُمَّ أَخَذَ حُذَيْفَةُ كَفًّا مِنْ حَصًى فَدَحْرَجَهُ عَلَى سَاقِهِ قَالَ فَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ وَلَا يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الْأَمَانَةَ حَتَّى يُقَالَ إِنَّ فِي بَنِي فُلَانٍ رَجُلًا أَمِينًا وَحَتَّى يُقَالَ لِلرَّجُلِ مَا أَعْقَلَهُ وَأَجْلَدَهُ وَأَظْرَفَهُ وَمَا فِي قَلْبِهِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ» وَلَقَدْ أَتَى عَلَيَّ زَمَانٌ وَلَسْتُ أُبَالِي أَيَّكُمْ بَايَعْتُ لَئِنْ كَانَ مُسْلِمًا لَيَرُدَّنَّهُ عَلَيَّ إِسْلَامُهُ وَلَئِنْ كَانَ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا لَيَرُدَّنَّهُ عَلَيَّ سَاعِيهِ فَأَمَّا الْيَوْمَ فَمَا كُنْتُ لِأُبَايِعَ إِلَّا فُلَانًا وَفُلَانًا ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَدْ رَأَيْتُ أَحَدَهُمَا. . . إِلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْحَدِيثَيْنِ حَدِيثًا فِي نُزُولِ الْأَمَانَةِ وَحَدِيثًا فِي رَفْعِهَا، فَإِنْ قُلْتَ: آخِرُ الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ رَفْعَ الْأَمَانَةِ ظَهَرَ فِي وَقْتِهِ فَمَا مَعْنَى انْتَظَرَهُ. قُلْتُ: الْمُنْتَظَرُ الرَّفْعُ بِحَيْثُ يَصِيرُ كَالْمُجِلِّ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِحَدِيثَيْنِ حَدِيثَانِ فِي الرَّفْعِ وَحُذَيْفَةُ رَأَى مِنْهُمَا الْمَرْتَبَةَ الْأُولَى لِلرَّفْعِ دُونَ الْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ وَانْتَظَرَ الْآخَرَ (أَنَّ الْأَمَانَةَ) قِيلَ: الْمُرَادُ بِهَا التَّكَالِيفُ وَالْعَهْدُ الْمَأْخُوذُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ} [الأحزاب: 72] الْآيَةَ وَهِيَ عَيْنُ الْإِيمَانِ بِدَلِيلِ آخِرِ الْحَدِيثِ وَمَا فِي قَلْبِهِ خَرْدَلًا مِنْ إِيمَانٍ وَالْأَظْهَرُ حَمْلُهَا عَلَى ظَاهِرِهَا بِدَلِيلِ وَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ وَلَا يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الْأَمَانَةَ وَأَمَّا وَضْعُ الْإِيمَانِ مَوْضِعَهَا فَهُوَ لِتَفْخِيمِ شَأْنِهَا الْحَدِيثَ «لَا دِينَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ» قَوْلُهُ: (فِي جَذْرِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا وَسُكُونِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ الْأَصْلِ، وَالْمُرَادُ قُلُوبُ النَّاسِ أَعَمُّ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الرِّجَالَ بِخُصُوصِهِمْ لِقِلَّةِ الْأَمَانَةِ فِي النِّسَاءِ مِنْ

الْأَصْلِ (فَعَلِمْنَا مِنَ الْقُرْآنِ. . . إِلَخْ) أَيْ: بَعْدَ نُزُولِ الْأَمَانَةِ فِي الْقُلُوبِ ازْدَدْنَا فِيهَا بِالْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ بَصِيرَةً وَحَسُنَتْ مِنَّا الْعَلَانِيَةُ وَالسَّرِيرَةُ (عَنْ رَفْعِهِمَا) بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ فِي نُسَخِ الْكِتَابِ، وَرِوَايَةُ التِّرْمِذِيِّ رَفْعُ الْأَمَانَةِ وَالْمُوَافِقُ رَفْعُهَا بِالْإِفْرَادِ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَأَرَى أَنَّهُ الْمُوَافِقُ لِرِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهَا، وَلَعَلَّ رِوَايَةَ الْكِتَابِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى رَجْعِ الضَّمِيرِ إِلَى مَرْثِيِّ الْأَمَانَةِ حَالَةَ الرَّفْعِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تَمَامُ حَدِيثِ الرَّفْعِ قَوْلُهُ: (فَيَظَلُّ) أَيْ: يَصِيرُ (الْوَكْتُ فِيهَا كَأَثَرِ الْمَجْلِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْجِيمِ، أَوْ فَتْحِهَا هُوَ الْأَثَرُ فِي الْكَفِّ مِنْ قُوَّةِ الْخِدْمَةِ وَهُوَ غِلَظُ الْجِلْدِ وَارْتِفَاعُهُ يَحْسَبُهُ النَّاسُ فِي جَوْفِهِ شَيْئًا وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ (كَجَمْرٍ) أَيْ: وَهُوَ أَثَرُ جَمْرٍ (دَحْرَجَتْهُ) أَيْ: قَلَّبَتْهُ (فَنَفِطَ) كَعَلِمَ، أَيْ: فَارْتَفَعَ مَوْضِعُهُ فَصَارَ نُفَطَةً (فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا) بِضَمِّ مِيمٍ وَسُكُونِ نُونٍ وَفَتْحِ مُثَنَّاةٍ مِنْ فَوْقُ وَكَسْرِ مُوَحَّدَةٍ وَآخِرُهُ رَاءٌ مُهْمَلَةٌ، أَيْ: مُرْتَفِعًا فِي جِسْمِكَ، وَهَذَا أَقَلُّ مِنَ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ شُبِّهَ بِالْجَوْفِ الَّذِي يُرَى مُرْتَفِعًا كَثِيرًا وَلَا طَائِلَ تَحْتَهُ (يَتَبَايَعُونَ) أُرِيدَ بِهِ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ (وَلَقَدْ أَتَى عَلَيَّ) مِنْ كَلَامِ حُذَيْفَةَ (سَاعِيهِ) أَيْ: وَلِيَّهُ الَّذِي يَقُومُ بِأَمْرِ النَّاسِ وَيَسْتَخْرِجُ حُقُوقَ النَّاسِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ.

4054 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ عَنْ أَبِي شَجَرَةَ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ عَبْدًا نَزَعَ مِنْهُ الْحَيَاءَ فَإِذَا نَزَعَ مِنْهُ الْحَيَاءَ لَمْ تَلْقَهُ إِلَّا مَقِيتًا مُمَقَّتًا فَإِذَا لَمْ تَلْقَهُ إِلَّا مَقِيتًا مُمَقَّتًا نُزِعَتْ مِنْهُ الْأَمَانَةُ فَإِذَا نُزِعَتْ مِنْهُ الْأَمَانَةُ لَمْ تَلْقَهُ إِلَّا خَائِنًا مُخَوَّنًا فَإِذَا لَمْ تَلْقَهُ إِلَّا خَائِنًا مُخَوَّنًا نُزِعَتْ مِنْهُ الرَّحْمَةُ فَإِذَا نُزِعَتْ مِنْهُ الرَّحْمَةُ لَمْ تَلْقَهُ إِلَّا رَجِيمًا مُلَعَّنًا فَإِذَا لَمْ تَلْقَهُ إِلَّا رَجِيمًا مُلَعَّنًا نُزِعَتْ مِنْهُ رِبْقَةُ الْإِسْلَامِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَمْ تَلْقَهُ. . . إِلَخْ) أَيْ: بِالتَّشْدِيدِ فَهُوَ مُبَالَغَةٌ مَقِيتٌ فَالْأَوَّلُ هَاهُنَا بِفَتْحِ الْمِيمِ فَعِيلٌ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ وَالثَّانِي اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ مَقَّتَهُ بِالتَّشْدِيدِ وَالْجَمْعِ بَيْنَهُمَا لِلتَّأْكِيدِ، أَيْ: تَرَاهُ مُبْغَضًا عِنْدَ الطِّبَاعِ، أَوْ ظَاهِرًا عَلَيْهِ أَثَرُ

الْبُغْضِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى (مُخَوَّنٌ) اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ خَوَّنَهُ بِالتَّشْدِيدِ، أَيْ: مَنْسُوبًا بَيْنَ النَّاسِ إِلَى الْخِيَانَةِ مَشْهُورًا بَيْنَهُمْ بِهَا (رَجِيمًا) أَيْ: مَرْجُومًا مَطْرُودًا (مُلَعَّنًا) اسْمُ مَفْعُولٍ، أَيْ: مَنْسُوبًا عَلَى لِسَانِ النَّاسِ بِاللَّعْنِ (رِبْقَةُ الْإِسْلَامِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ قَيْدُ الْإِسْلَامِ أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ مِنْ سُوءِ الْخَاتِمَةِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ سَعِيدُ بْنُ سِنَانٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ مُخْتَلَفٌ فِي اسْمِهِ.

[باب الآيات]

[باب الْآيَاتِ] 4055 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ فُرَاتٍ الْقَزَّازِ عَنْ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ أَبِي الطُّفَيْلِ الْكِنَانِيِّ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ أَبِي سَرِيحَةَ قَالَ «اطَّلَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غُرْفَةٍ وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ السَّاعَةَ فَقَالَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَكُونَ عَشْرُ آيَاتٍ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَالدَّجَّالُ وَالدُّخَانُ وَالدَّابَّةُ وَيَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَخُرُوجُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَام وَثَلَاثُ خُسُوفٍ خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَنَارٌ تَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ عَدَنِ أَبْيَنَ تَسُوقُ النَّاسَ إِلَى الْمَحْشَرِ تَبِيتُ مَعَهُمْ إِذَا بَاتُوا وَتَقِيلُ مَعَهُمْ إِذَا قَالُوا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ) بِفَتْحِ هَمْزَةٍ وَكَسْرِ سِينٍ مُهْمَلَةٍ (أَبِي سَرِيحَةَ) بِفَتْحِ سِينٍ مُهْمَلَةٍ وَرَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَبِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ قَالَ السُّيُوطِيُّ: غَالِبُ أَحَادِيثِهِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الطُّفَيْلِ الصَّحَابِيِّ قَوْلُهُ: (عَدَنِ أَبْيَنَ) بِوَزْنِ أَحْمَرَ قَرْيَةٌ مَشْهُورَةٌ بِالنَّهَرِ (إِلَى الْمَحْشَرِ) إِلَى أَرْضِ الشَّامِ كَذَا قَالُوا (وَتُقِيلُ) مِنَ الْقَيْلُولَةِ كَذَا قَوْلُهُ: (إِذَا قَالُوا) .

4056 - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ سِنَانِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سِتًّا طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَالدُّخَانَ وَدَابَّةَ الْأَرْضِ وَالدَّجَّالَ وَخُوَيْصَّةَ أَحَدِكُمْ وَأَمْرَ الْعَامَّةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سِتًّا) أَيِ: اعْمَلُوا الصَّالِحَاتِ وَاشْتَغِلُوا بِهَا قَبْلَ مَجِيءِ هَذِهِ السِّتِّ الَّتِي هِيَ تَشْغَلُكُمْ عَنْهَا، وَفِي النِّهَايَةِ تَأْنِيثُ السِّتِّ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهَا مَصَائِبُ وَدَوَاهٍ (وَخُوَيْصَةَ أَحَدِكُمْ) رُوِيَ عَنِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهَا الْمَوْتُ، وَفِي النِّهَايَةِ يُرِيدُ حَادِثَةَ الْمَوْتِ الَّتِي تَخُصُّ كُلَّ إِنْسَانٍ وَهُوَ تَصْغِيرُ خَاصَّةٍ وَصُغِّرَتْ لِاحْتِقَارِهَا فِي جَنْبِ مَا بَعْدَهَا مِنَ الْبَعْثِ وَالْعَرْضِ وَالْحِسَابِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (وَأَمْرَ الْعَامَّةِ) أَيْ: قَبْلَ أَنْ يَتَوَجَّهَ إِلَيْكُمْ أَمْرُ الْعَامَّةِ وَالرِّيَاسَةِ فَيَشْغَلُكُمْ عَنْ صَالِحِ الْأَعْمَالِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَسِنَانُ بْنُ

مَعْبَدٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَفِي اسْمِهِ.

4057 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ حَدَّثَنَا عَوْنُ بْنُ عُمَارَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى بْنِ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْآيَاتُ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ابْنُ ثُمَامَةَ) قِيلَ: هُوَ أَخُو الْمُثَنَّى لَا أَبُوهُ قَوْلُهُ: (الْآيَاتُ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ) الْمُرَادُ الْآيَاتُ الصِّغَارِ الَّتِي هِيَ كَالْمُقَدَّمَاتِ لِلْكِبَارِ مِثْلَ فَشْوِ الْكَذِبِ، أَوِ الْكِبَارِ، وَالْمُرَادُ بِالْمِائَتَيْنِ الْمِائَتَانِ بَعْدَ الْأَلْفِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ مَسُوقًا لِإِفَادَةِ أَنَّ الْمِائَتَيْنِ مِنَ الْآيَاتِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهَا مُتَّصِلَاتٌ بِمُضِيِّ الْمِائَتَيْنِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَوْنُ بْنُ عُبَادَةَ الْعَبْدِيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَقَالَ السُّيُوطِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ أَوْرَدَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ يُونُسَ الْكِنْدَعِيِّ عَنْ عَوْنٍ بِهِ، وَقَالَ هَذَا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ وَعَوْنٌ وَابْنُ الْمُثَنَّى ضَعِيفَانِ غَيْرَ أَنَّ الْمُتَّهَمَ بِهِ الْكَنْدَعِيُّ. قُلْتُ: وَلَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ تُوبِعَ عَلَيْهِ كَمَا تَرَى، أَيْ: فِي رِوَايَةِ الْمُصَنَّفِ وَأَخْرُجُهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ عَنْ عَوْنٍ بِهِ، وَقَالَ: صَحِيحٌ، وَتَعَقَّبَهُ الذَّهَبِيُّ فِي تَلْخِيصِهِ فَقَالَ عَوْنٌ ضَعَّفُوهُ، وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ هَذَا الْحَدِيثُ لَا يَصِحُّ وَلَوْ صَحَّ فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا وَقَعَ مِنَ الْفِتْنَةِ بِسَبَبِ الْقَوْلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ وَالْمِحْنَةِ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَأَصْحَابِهِ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ.

4058 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ قَيْسٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْقِلٍ عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أُمَّتِي عَلَى خَمْسِ طَبَقَاتٍ فَأَرْبَعُونَ سَنَةٍ أَهْلُ بِرٍّ وَتَقْوَى ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ أَهْلُ تَرَاحُمٍ وَتَوَاصُلٍ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ إِلَى سِتِّينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ أَهْلُ تَدَابُرٍ وَتَقَاطُعٍ ثُمَّ الْهَرْجُ الْهَرْجُ النَّجَا النَّجَا» حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا خَازِمٌ أَبُو مُحَمَّدٍ الْعَنَزِيُّ حَدَّثَنَا الْمِسْوَرُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي مَعْنٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتِي عَلَى خَمْسِ طَبَقَاتٍ كُلُّ طَبَقَةٍ أَرْبَعُونَ عَامًا فَأَمَّا طَبَقَتِي وَطَبَقَةُ أَصْحَابِي فَأَهْلُ عِلْمٍ وَإِيمَانٍ وَأَمَّا الطَّبَقَةُ الثَّانِيَةُ مَا بَيْنَ الْأَرْبَعِينَ إِلَى الثَّمَانِينَ فَأَهْلُ بِرٍّ وَتَقْوَى ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْهَرْجُ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ الْقَتْلُ (النَّجَا) فِي الْمَجْمَعِ النَّجَا السُّرْعَةُ مِنْ نَجَا يَنْجُو إِذَا أَسْرَعَ وَنَجَا مِنَ الْأَمْرِ إِذَا خَلَصَ، أَيِ: اطْلُبُوا النَّجَا وَهُوَ بِالْمَدِّ وَالْمَعْرُوفُ فِيهِ الْمَدُّ إِذَا أَفْرَدَ، وَالْمَدَّ وَالْقَصْرَ إِذَا كَرَّرَ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ يَزِيدُ بْنُ أَبَانَ الرَّقَاشِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَالَهُ السُّيُوطِيُّ هَذَا أَيْضًا أَوْرَدَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ مِنْ طَرِيقِ كَامِلِ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسٍ، وَقَالَ: لَا أَصْلَ لَهُ وَالْمُتَّهَمُ بِهِ عَبَّادٌ وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ لَهُ مُتَابَعَاتٌ عَنْ أَنَسٍ وَلَهُ عِدَّةُ شَوَاهِدَ سُقْتُهَا فِي مُخْتَصَرِ الْمَوْضُوعَاتِ

قَوْلُهُ: (ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَأَبُو مَعْنٍ وَالْمِسْوَرُ بْنُ الْحَسَنِ وَحَازِمٌ الْعَنْبَرِيُّ مَجْهُولُونَ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: وَهَذَا الْحَدِيثُ بَاطِلٌ، وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي طَبَقَاتِ رِجَالِ التَّهْذِيبِ فِي تَرْجَمَةِ الْمِسْوَرِ: حَدِيثُهُ مُنْكَرٌ.

[باب الخسوف]

[باب الْخُسُوفِ] 4059 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ حَدَّثَنَا بَشِيرُ بْنُ سَلْمَانُ عَنْ سَيَّارٍ عَنْ طَارِقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ مَسْخٌ وَخَسْفٌ وَقَذْفٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَسْخٌ) لِلصُّوَرِ الظَّاهِرِيَّةِ، أَوْ لِلْقُلُوبِ الْبَاطِنِيَّةِ (وَخَسْفٌ) أَيْ: ذَهَابٌ فِي عُمْقِ الْأَرْضِ (وَقَذْفٌ) بِالْحِجَارَةِ قَالَ السُّيُوطِيُّ: هُوَ الرَّمْيُ بِقُوَّةٍ فِي الزَّوَائِدِ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ رِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ وَيَسَارُ أَبُو الْحَكَمِ لَمْ يُحَدِّثْ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ.

4060 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ «أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَكُونُ فِي آخِرِ أُمَّتِي خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَقَذْفٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ أَسْلَمَ.

4061 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ حَدَّثَنَا أَبُو صَخْرٍ عَنْ نَافِعٍ «أَنَّ رَجُلًا أَتَى ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ إِنَّ فُلَانًا يُقْرِئُكَ السَّلَامَ قَالَ إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّهُ قَدْ أَحْدَثَ فَإِنْ كَانَ قَدْ أَحْدَثَ فَلَا تُقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَكُونُ فِي أُمَّتِي أَوْ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ مَسْخٌ وَخَسْفٌ وَقَذْفٌ وَذَلِكَ فِي أَهْلِ الْقَدَرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَدْ أَحْدَثَ) أَيِ: اخْتَرَعَ بِدْعَةً وَاعْتَقَدَ بِهَا وَهُوَ الْقَوْلُ بِنَفْيِ الْقَدَرِ.

4062 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكُونُ فِي أُمَّتِي خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَقَذْفٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو) فِي الزَّوَائِدِ رِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ وَأَبُو الزُّبَيْرِ اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ تَدْرُسَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ لَمْ يَلْقَهُ.

[باب جيش البيداء]

[باب جَيْشِ الْبَيْدَاءِ] 4063 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ سَمِعَ جَدَّهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ صَفْوَانَ يَقُولُ أَخْبَرَتْنِي حَفْصَةُ «أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَيَؤُمَّنَّ هَذَا الْبَيْتَ جَيْشٌ يَغْزُونَهُ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنْ الْأَرْضِ خُسِفَ بِأَوْسَطِهِمْ وَيَتَنَادَى أَوَّلُهُمْ آخِرَهُمْ فَيُخْسَفُ بِهِمْ فَلَا يَبْقَى مِنْهُمْ إِلَّا الشَّرِيدُ الَّذِي يُخْبِرُ عَنْهُمْ» فَلَمَّا جَاءَ جَيْشُ الْحَجَّاجِ ظَنَنَّا أَنَّهُمْ هُمْ فَقَالَ رَجُلٌ أَشْهَدُ عَلَيْكَ أَنَّكَ لَمْ تَكْذِبْ عَلَى حَفْصَةَ وَأَنَّ حَفْصَةَ لَمْ تَكْذِبْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَيَؤُمَّنَّ) أَمَّ إِذَا قَصَدَ (بِبَيْدَاءَ مِنَ الْأَرْضِ) الْبَيْدَاءُ

الْأَرْضُ الْمَلْسَاءُ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ وَاسْمُ مَوْضِعٍ بَيْنَ الْحَرَمَيْنِ (خُسِفَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ (فَقَالَ رَجُلٌ) أَيْ: لَمَّا ظَهَرَ أَنَّهُمْ لَيْسُوا أُولَئِكَ.

4064 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْمُرْهِبِيِّ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صَفْوَانَ عَنْ صَفِيَّةَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَنْتَهِي النَّاسُ عَنْ غَزْوِ هَذَا الْبَيْتِ حَتَّى يَغْزُوَ جَيْشٌ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ أَوْ بَيْدَاءَ مِنْ الْأَرْضِ خُسِفَ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ وَلَمْ يَنْجُ أَوْسَطُهُمْ قُلْتُ فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ يُكْرَهُ قَالَ يَبْعَثُهُمْ اللَّهُ عَلَى مَا فِي أَنْفُسِهِمْ»

4065 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ وَنَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ وَهَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَمَّالُ قَالُوا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ سَمِعَ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ يُخْبِرُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ «ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَيْشَ الَّذِي يُخْسَفُ بِهِمْ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَعَلَّ فِيهِمْ الْمُكْرَهَ قَالَ إِنَّهُمْ يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ»

[باب دابة الأرض]

[باب دَابَّةِ الْأَرْضِ] 4066 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَوْسِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَخْرُجُ الدَّابَّةُ وَمَعَهَا خَاتَمُ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ وَعَصَا مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ عَلَيْهِمَا السَّلَام فَتَجْلُو وَجْهَ الْمُؤْمِنِ بِالْعَصَا وَتَخْطِمُ أَنْفَ الْكَافِرِ بِالْخَاتِمِ حَتَّى أَنَّ أَهْلَ الْحِوَاءِ لَيَجْتَمِعُونَ فَيَقُولُ هَذَا يَا مُؤْمِنُ وَيَقُولُ هَذَا يَا كَافِرُ» قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْقَطَّانُ حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَعِيلَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَقَالَ فِيهِ مَرَّةً فَيَقُولُ هَذَا يَا مُؤْمِنُ وَهَذَا يَا كَافِرُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَتَجْلُو وَجْهَ الْمُؤْمِنَ) أَيْ: تُنَوِّرُهُ (وَتَخْطِمُ) كَـ " تَضْرِبُ " لَفْظًا وَمَعْنًى، وَقَالَ السُّيُوطِيُّ أَيْ: تَسِمُهِ (الْحِوَاءُ) ضُبِطَ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمَدِّ هِيَ بُيُوتٌ مُجْتَمَعَةٌ مِنَ النَّاسِ عَلَى مَاءٍ.

4067 - حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو زُنَيْجٌ حَدَّثَنَا أَبُو تُمَيْلَةَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «ذَهَبَ بِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَوْضِعٍ بِالْبَادِيَةِ قَرِيبٍ مِنْ مَكَّةَ فَإِذَا أَرْضٌ يَابِسَةٌ حَوْلَهَا رَمْلٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَخْرُجُ الدَّابَّةُ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ فَإِذَا فِتْرٌ فِي شِبْرٍ» قَالَ ابْنُ بُرَيْدَةَ فَحَجَجْتُ بَعْدَ ذَلِكَ بِسِنِينَ فَأَرَانَا عَصًا لَهُ فَإِذَا هُوَ بِعَصَايَ هَذِهِ هَكَذَا وَهَكَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَإِذَا فَتَرَ فِي شِبْرٍ) الْفِتْرُ بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ كَالشِّبْرِ لَفْظًا وَمَعْنًى، وَفِي الصِّحَاحِ الْفِتْرُ مَا بَيْنَ

طَرْفَيِ السَّبَّابَةِ وَالْإِبْهَامِ (فَأَرَانَا) أَبِي، وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ خَالِدَ بْنَ عُبَيْدٍ قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي حَدِيثِهِ نَظَرٌ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ: يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسٍ بِأَحَادِيثَ مَوْضُوعَةٍ.

[باب طلوع الشمس من مغربها]

[باب طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا] 4068 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا فَإِذَا طَلَعَتْ وَرَآهَا النَّاسُ آمَنَ مَنْ عَلَيْهَا فَذَلِكَ حِينَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حِينَ لَا يَنْفَعُ) قِيلَ: لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَكْبَرِ عَلَامَاتِ السَّاعَةِ فَعُومِلَ مُعَامَلَةَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

4069 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلُ الْآيَاتِ خُرُوجًا طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَخُرُوجُ الدَّابَّةِ عَلَى النَّاسِ ضُحًى» قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَأَيَّتُهُمَا مَا خَرَجَتْ قَبْلَ الْأُخْرَى فَالْأُخْرَى مِنْهَا قَرِيبٌ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَلَا أَظُنُّهَا إِلَّا طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنَّ أَوَّلَ الْآيَاتِ خُرُوجًا طُلُوعُ الشَّمْسِ. . . إِلَخْ) قَالَ الْحَلِيمِيُّ طُلُوعُ الشَّمْسِ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ آيَةً؛ لِأَنَّ الْكُفَّارَ يُسْلِمُونَ زَمَانَ عِيسَى حَتَّى لَا يَكُونُ الْأَمَلَةُ وَاحِدَةً؛ وَلِذَلِكَ أَوَّلَ بَعْضُهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ بِأَنَّ الْآيَاتِ إِمَّا أَمَارَاتٌ دَالَّةٌ عَلَى قُرْبِ الْقِيَامَةِ أَنْ عَلَى وُجُودِهَا وَمِنَ الْأَوَّلِ الدَّجَّالُ وَنَحْوُهُ وَمِنَ الثَّانِي طُلُوعُ الشَّمْسِ وَنَحْوُهُ فَآيَةُ طُلُوعِ الشَّمْسِ، إِنَّمَا هِيَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْقِسْمِ الثَّانِي، وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: الْمُرَادُ فِي الْحَدِيثِ بَيَانُ أَوَّلِ الْآيَاتِ الْغَيْرِ الْمَأْلُوفَةِ لِكَوْنِهِ بَشَرًا فَأَمَّا خُرُوجُ الدَّابَّةِ عَلَى شَكْلٍ غَرِيبٍ غَيْرِ مَأْلُوفٍ وَمُخَاطَبَتُهَا النَّاسَ وَوَسْمُهَا إِيَّاهُمْ بِالْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ فَأَمْرٌ خَارِجٌ مِنْ مَجَارِي الْعَادَاتِ وَذَلِكَ أَوَّلُ الْآيَاتِ الْأَرْضِيَّةِ، كَمَا أَنَّ طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا عَلَى خِلَافِ عَادَتِهَا الْمَأْلُوفَةِ أَوَّلُ الْآيَاتِ السَّمَاوِيَّةِ.

4070 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنْ قِبَلِ مَغْرِبِ الشَّمْسِ بَابًا مَفْتُوحًا عَرْضُهُ سَبْعُونَ سَنَةً فَلَا يَزَالُ ذَلِكَ الْبَابُ مَفْتُوحًا لِلتَّوْبَةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ نَحْوِهِ فَإِذَا طَلَعَتْ مِنْ نَحْوِهِ لَمْ يَنْفَعْ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَفْتُوحًا لِلتَّوْبَةِ) أَيْ: بِارْتِفَاعِ التَّوْبَةِ مِنْهُ، أَيْ: مَحَلَّ الْقَبُولِ، أَوْ أَنَّهُ جُعِلَ عَلَامَةً لِقَبُولِ التَّوْبَةِ.

[باب فتنة الدجال وخروج عيسى ابن مريم وخروج يأجوج ومأجوج]

[باب فِتْنَةِ الدَّجَالِ وَخُرُوجِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَخُرُوجِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ] 4071 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّجَّالُ أَعْوَرُ عَيْنِ الْيُسْرَى جُفَالُ الشَّعَرِ مَعَهُ جَنَّةٌ وَنَارٌ فَنَارُهُ جَنَّةٌ وَجَنَّتُهُ نَارٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (جُفَالُ الشَّعْرِ) الْجُفَالُ كَالْغُرَابِ، أَيْ: كَثِيرُ الشَّعْرِ صُورَةُ جَنَّةِ حَقِيقِيَّةٌ.

4072 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالُوا حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ سُبَيْعٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَ «حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الدَّجَّالَ يَخْرُجُ مِنْ أَرْضٍ بِالْمَشْرِقِ يُقَالُ لَهَا خُرَاسَانُ يَتْبَعُهُ أَقْوَامٌ كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يُقَالُ لَهَا خُرَاسَانَ) قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ قَدْ جَاءَ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ أَصْبَهَانَ (الْمَجَانُّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ جَمْعُ مِجَنٍّ بِكَسْرِ مِيمٍ وَفَتْحِ جِيمٍ وَتَشْدِيدِ نُونٍ وَهُوَ التُّرْسُ (الْمُطْرَقَةُ) بِالتَّخْفِيفِ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنَ الْإِطْرَاقِ وَرُوِيَ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَالتُّرْسُ الْمُطْرَقُ الَّذِي جُعِلَ عَلَى ظَهْرِهِ طِرَاقٌ وَالطِّرَاقُ بِالْكَسْرِ جِلْدٌ يُقْطَعُ عَلَى مِقْدَارِ التُّرْسِ فَيُلْصَقُ عَلَى ظَهْرِهِ شَبَّهَ وُجُوهَهُمْ بِالتُّرْسِ لِبَسْطِهَا وَتَدْوِيرِهَا وَبِالْمِطْرَقَةِ لِغِلَظِهَا وَكَثْرَةِ لَحْمِهَا.

4073 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ «مَا سَأَلَ أَحَدٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الدَّجَّالِ أَكْثَرَ مِمَّا سَأَلْتُهُ وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ أَشَدَّ سُؤَالًا مِنِّي فَقَالَ لِي مَا تَسْأَلُ عَنْهُ قُلْتُ إِنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ مَعَهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ قَالَ هُوَ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَالشَّرَابُ يَوْمَئِذٍ إِلَّا مَعَهُ) وَلَا يَكُونُ عِنْدَ أَحَدٍ غَيْرَهُ مِنْ شَيْءٍ مِنْ طَعَامٍ وَلَا شَرَابٍ وَهَذِهِ فِتْنَةٌ كَبِيرَةٌ لِحَاجَةِ النَّاسِ إِلَيْهِمَا أَشَدَّ حَاجَةٍ فَلَا يُوجَدُ شَيْءٌ مِنْهُمَا عِنْدَ غَيْرِهِ فَبِالضَّرُورَةِ يَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَيْهِ وَيَأْخُذُونَ بِقَوْلِهِ أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: (أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ: مِنْ أَنْ يَجْعَلَ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ بِيَدِهِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ غَيْرُهُ شَيْئًا مِنْهُمَا.

4074 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ مُجَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ قَالَتْ «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ وَصَعِدَ الْمِنْبَرَ وَكَانَ لَا يَصْعَدُ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ إِلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ فَمِنْ بَيْنِ قَائِمٍ وَجَالِسٍ فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ بِيَدِهِ أَنْ اقْعُدُوا فَإِنِّي وَاللَّهِ مَا قُمْتُ مَقَامِي هَذَا لِأَمْرٍ يَنْفَعُكُمْ لِرَغْبَةٍ وَلَا لِرَهْبَةٍ وَلَكِنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي خَبَرًا مَنَعَنِي الْقَيْلُولَةَ مِنْ الْفَرَحِ وَقُرَّةِ الْعَيْنِ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَنْشُرَ عَلَيْكُمْ فَرَحَ نَبِيِّكُمْ أَلَا إِنَّ ابْنَ عَمٍّ لِتَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَخْبَرَنِي أَنَّ الرِّيحَ أَلْجَأَتْهُمْ إِلَى جَزِيرَةٍ لَا يَعْرِفُونَهَا فَقَعَدُوا فِي قَوَارِبِ السَّفِينَةِ فَخَرَجُوا فِيهَا فَإِذَا هُمْ بِشَيْءٍ أَهْدَبَ أَسْوَدَ قَالُوا لَهُ مَا أَنْتَ قَالَ أَنَا الْجَسَّاسَةُ قَالُوا أَخْبِرِينَا قَالَتْ مَا أَنَا بِمُخْبِرَتِكُمْ شَيْئًا وَلَا سَائِلَتِكُمْ وَلَكِنْ هَذَا الدَّيْرُ قَدْ رَمَقْتُمُوهُ فَأْتُوهُ فَإِنَّ فِيهِ رَجُلًا بِالْأَشْوَاقِ إِلَى أَنْ تُخْبِرُوهُ وَيُخْبِرَكُمْ فَأَتَوْهُ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَإِذَا هُمْ بِشَيْخٍ مُوثَقٍ شَدِيدِ الْوَثَاقِ يُظْهِرُ الْحُزْنَ شَدِيدِ التَّشَكِّي فَقَالَ لَهُمْ مِنْ أَيْنَ قَالُوا مِنْ الشَّامِ قَالَ مَا فَعَلَتْ الْعَرَبُ قَالُوا نَحْنُ قَوْمٌ مِنْ الْعَرَبِ عَمَّ تَسْأَلُ قَالَ مَا فَعَلَ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي خَرَجَ فِيكُمْ قَالُوا خَيْرًا نَاوَى قَوْمًا فَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فَأَمْرُهُمْ الْيَوْمَ جَمِيعٌ إِلَهُهُمْ وَاحِدٌ وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ قَالَ مَا فَعَلَتْ عَيْنُ زُغَرَ قَالُوا خَيْرًا يَسْقُونَ مِنْهَا زُرُوعَهُمْ وَيَسْتَقُونَ مِنْهَا لِسَقْيِهِمْ قَالَ فَمَا فَعَلَ نَخْلٌ بَيْنَ عَمَّانَ وَبَيْسَانَ قَالُوا يُطْعِمُ ثَمَرَهُ كُلَّ عَامٍ قَالَ فَمَا فَعَلَتْ بُحَيْرَةُ الطَّبَرِيَّةِ قَالُوا تَدَفَّقُ جَنَبَاتُهَا مِنْ كَثْرَةِ الْمَاءِ قَالَ فَزَفَرَ ثَلَاثَ زَفَرَاتٍ ثُمَّ قَالَ لَوْ انْفَلَتُّ مِنْ وَثَاقِي هَذَا لَمْ أَدَعْ أَرْضًا إِلَّا وَطِئْتُهَا بِرِجْلَيَّ هَاتَيْنِ إِلَّا طَيْبَةَ لَيْسَ لِي عَلَيْهَا سَبِيلٌ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هَذَا يَنْتَهِي فَرَحِي هَذِهِ طَيْبَةُ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا فِيهَا طَرِيقٌ ضَيِّقٌ وَلَا وَاسِعٌ وَلَا سَهْلٌ وَلَا جَبَلٌ إِلَّا وَعَلَيْهِ مَلَكٌ شَاهِرٌ سَيْفَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَمِنْ بَيْنَ قَائِمٍ وَجَالِسٍ) أَيْ: فَكَانَ النَّاسُ مِنْ

بَيْنَ هَذَيْنَ الْقِسْمَيْنِ (لِرَغْبَةٍ وَلَا لِرَهْبَةٍ) بَدَلَ مِنْ قَوْلِهِ: لِأَمْرٍ بِإِعَادَةِ الْجَارِ (مِنَ الْفَرَحِ وَقُرَّةِ الْعَيْنِ) سَيَعْلَمُ أَنَّ فَرَحَهُ كَانَ بِسَبَبِ أَمْنِ الْمَدِينَةِ مِنْ شَرِّ اللَّعِينِ (فِي قَوَارِبِ السَّفِينَةِ) مَعَ قَارِبٍ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَالْفَتْحُ أَشْهَرُ وَهِيَ سَفِينَةٌ صَغِيرَةٌ تَكُونُ مَعَ أَصْحَابِ السُّفُنِ الْكِبَارِ الْبَحْرِيَّةِ يَتَّخِذُونَهَا لِحَوَائِجِهِمْ قَوْلُهُ: (أَهْدَبُ) كَثِيرُ الْهُدْبِ أَوْ طَوِيلُهُ، وَالْهُدْبُ بِضَمَّتَيْنِ أَوْ سُكُونِ الثَّانِي شَعْرُ أَشَفْارِ الْعَيْنِ قَوْلُهُ: (الْجَسَّاسَةُ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ الْأُولَى، قِيلَ: هِيَ تَجُسُّ الْأَخْبَارَ فَتَأْتِي بِهَا الدَّجَّالَ، قِيلَ: هِيَ الدَّابَّةُ الَّتِي تَخْرُجُ آخِرَ الزَّمَانِ وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ (هَذَا الدَّيْرُ) ضُبِطَ بِفَتْحِ دَالٍ وَسُكُونِ الْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتَ هُوَ خَانُ النَّصَارَى، وَفِي الْمَغْرِبِ صَوْمَعَةُ الرَّاهِبِ (رَمَقْتُمُوهُ) فِي الْقَامُوسِ رَمَقَهُ كَفَرِحَ غَشِيَهُ وَلَحِقَهُ، أَوْ دَنَا مِنْهُ (بِالْأَشْوَاقِ) جَمْعُ شَوْقٍ أَيْ مُلْتَبِسًا بِهَا (شَدِيدُ الْوَثَاقِ) بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ مَا يُوثَقُ بِهِ (نَاوَى قَوْمًا) أَيْ: عَادَاهُمْ (فَأَظْهَرَهُ) أَيْ: نَصَرَهُ (زُغَرُ) بِزَايٍ وَغَيْنٍ مُعْجَمَتَيْنِ وَرَاءٍ مُهْمَلَةٍ هُوَ كَعُمَرُ فَلِذَلِكَ لَا يَنْصَرِفُ بَلْدَةٌ مَعْرُوفَةٌ بِالشَّامِ (بَيْنَ عَمَّانَ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ مَدِينَةٌ قَدِيمَةٌ بِالشَّامِ (يُطْعِمُ) بِضَمِّ الْيَاءِ، أَيْ: يُعْطِي (بُحَيْرَةُ طَبَرِيَّةَ) هُوَ تَصْغِيرُ بَحْرٍ وَطَبَرِيَّةُ بَلْدَةٌ بَنَاهَا بَعْضُ مُلُوكِ الرُّومِ وَالنِّسْبَةُ إِلَيْهَا طَبَرَانِيٌّ وَلِطَبَرِسْتَانَ بِخُرَاسَانَ طَبَرِيٌّ كَذَا فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ

(تَدْفُقُ) تَدْفَعُ الْمَاءَ بِقُوَّةٍ وَسُرْعَةٍ مِنْ بَابِ نَصَرَ (جَنَبَتَاهَا) تَثْنِيَةُ الْجَنَبَةِ بِفَتْحَتَيْنِ الطَّرَفُ (فَزَفَرَ) فِي الصِّحَاحِ الزَّفْرُ أَوَّلُ صَوْتِ الْحِمَارِ وَالشَّهِيقُ آخِرُهُ؛ لِأَنَّ الزَّفِيرَ إِدْخَالُ النَّفَسِ وَالشَّهِيقَ إِخْرَاجُهُ ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ (شَاهِرٌ) أَيْ: مُبْرِزٌ لَهُ.

4075 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ سَمِعَ النَّوَّاسَ بْنَ سَمْعَانَ الْكِلَابِيَّ يَقُولُ «ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّجَّالَ الْغَدَاةَ فَخَفَضَ فِيهِ وَرَفَعَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ فَلَمَّا رُحْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَفَ ذَلِكَ فِينَا فَقَالَ مَا شَأْنُكُمْ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَكَرْتَ الدَّجَّالَ الْغَدَاةَ فَخَفَضْتَ فِيهِ ثُمَّ رَفَعْتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ قَالَ غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُنِي عَلَيْكُمْ إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ وَإِنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ وَاللَّهُ خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ إِنَّهُ شَابٌّ قَطَطٌ عَيْنُهُ قَائِمَةٌ كَأَنِّي أُشَبِّهُهُ بِعَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قَطَنٍ فَمَنْ رَآهُ مِنْكُمْ فَلْيَقْرَأْ عَلَيْهِ فَوَاتِحَ سُورَةِ الْكَهْفِ إِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ خَلَّةٍ بَيْنَ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ فَعَاثَ يَمِينًا وَعَاثَ شِمَالًا يَا عِبَادَ اللَّهِ اثْبُتُوا قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا لُبْثُهُ فِي الْأَرْضِ قَالَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا يَوْمٌ كَسَنَةٍ وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَسَنَةٍ تَكْفِينَا فِيهِ صَلَاةُ يَوْمٍ قَالَ فَاقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ قَالَ قُلْنَا فَمَا إِسْرَاعُهُ فِي الْأَرْضِ قَالَ كَالْغَيْثِ اسْتَدْبَرَتْهُ الرِّيحُ قَالَ فَيَأْتِي الْقَوْمَ فَيَدْعُوهُمْ فَيَسْتَجِيبُونَ لَهُ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ فَيَأْمُرُ السَّمَاءَ أَنْ تُمْطِرَ فَتُمْطِرَ وَيَأْمُرُ الْأَرْضَ أَنْ تُنْبِتَ فَتُنْبِتَ وَتَرُوحُ عَلَيْهِمْ سَارِحَتُهُمْ أَطْوَلَ مَا كَانَتْ ذُرًى وَأَسْبَغَهُ ضُرُوعًا وَأَمَدَّهُ خَوَاصِرَ ثُمَّ يَأْتِي الْقَوْمَ فَيَدْعُوهُمْ فَيَرُدُّونَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ فَيَنْصَرِفُ عَنْهُمْ فَيُصْبِحُونَ مُمْحِلِينَ مَا بِأَيْدِيهِمْ شَيْءٌ ثُمَّ يَمُرَّ بِالْخَرِبَةِ فَيَقُولُ لَهَا أَخْرِجِي كُنُوزَكِ فَيَنْطَلِقُ فَتَتْبَعُهُ كُنُوزُهَا كَيَعَاسِيبِ النَّحْلِ ثُمَّ يَدْعُو رَجُلًا مُمْتَلِئًا شَبَابًا فَيَضْرِبُهُ بِالسَّيْفِ ضَرْبَةً فَيَقْطَعُهُ جِزْلَتَيْنِ رَمْيَةَ الْغَرَضِ ثُمَّ يَدْعُوهُ فَيُقْبِلُ يَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ يَضْحَكُ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ فَيَنْزِلُ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ وَاضِعًا كَفَّيْهِ عَلَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ إِذَا طَأْطَأَ رَأْسَهُ قَطَرَ وَإِذَا رَفَعَهُ يَنْحَدِرُ مِنْهُ جُمَانٌ كَاللُّؤْلُؤِ وَلَا يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ إِلَّا مَاتَ وَنَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرَفُهُ فَيَنْطَلِقُ حَتَّى يُدْرِكَهُ عِنْدَ بَابِ لُدٍّ فَيَقْتُلُهُ ثُمَّ يَأْتِي نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى قَوْمًا قَدْ عَصَمَهُمْ اللَّهُ فَيَمْسَحُ وُجُوهَهُمْ وَيُحَدِّثُهُمْ بِدَرَجَاتِهِمْ فِي الْجَنَّةِ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ يَا عِيسَى إِنِّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي لَا يَدَانِ لِأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ وَأَحْرِزْ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ وَيَبْعَثُ اللَّهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَهُمْ كَمَا قَالَ اللَّهُ {مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} [الأنبياء: 96] فَيَمُرُّ أَوَائِلُهُمْ عَلَى بُحَيْرَةِ الطَّبَرِيَّةِ فَيَشْرَبُونَ مَا فِيهَا ثُمَّ يَمُرُّ آخِرُهُمْ فَيَقُولُونَ لَقَدْ كَانَ فِي هَذَا مَاءٌ مَرَّةً وَيَحْضُرُ نَبِيُّ اللَّهِ وَأَصْحَابُهُ حَتَّى يَكُونَ رَأْسُ الثَّوْرِ لِأَحَدِهِمْ خَيْرًا مِنْ مِائَةِ دِينَارٍ لِأَحَدِكُمْ الْيَوْمَ فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إِلَى اللَّهِ فَيُرْسِلُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ النَّغَفَ فِي رِقَابِهِمْ فَيُصْبِحُونَ فَرْسَى كَمَوْتِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَيَهْبِطُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ فَلَا يَجِدُونَ مَوْضِعَ شِبْرٍ إِلَّا قَدْ مَلَأَهُ زَهَمُهُمْ وَنَتْنُهُمْ وَدِمَاؤُهُمْ فَيَرْغَبُونَ إِلَى اللَّهِ فَيُرْسِلُ عَلَيْهِمْ طَيْرًا كَأَعْنَاقِ الْبُخْتِ فَتَحْمِلُهُمْ فَتَطْرَحُهُمْ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَطَرًا لَا يُكِنُّ مِنْهُ بَيْتُ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ فَيَغْسِلُهُ حَتَّى يَتْرُكَهُ كَالزَّلَقَةِ ثُمَّ يُقَالُ لِلْأَرْضِ أَنْبِتِي ثَمَرَتَكِ وَرُدِّي بَرَكَتَكِ فَيَوْمَئِذٍ تَأْكُلُ الْعِصَابَةُ مِنْ الرِّمَّانَةِ فَتُشْبِعُهُمْ وَيَسْتَظِلُّونَ بِقِحْفِهَا وَيُبَارِكُ اللَّهُ فِي الرِّسْلِ حَتَّى إِنَّ اللِّقْحَةَ مِنْ الْإِبِلِ تَكْفِي الْفِئَامَ مِنْ النَّاسِ وَاللِّقْحَةَ مِنْ الْبَقَرِ تَكْفِي الْقَبِيلَةَ وَاللِّقْحَةَ مِنْ الْغَنَمِ تَكْفِي الْفَخِذَ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ رِيحًا طَيِّبَةً فَتَأْخُذُ تَحْتَ آبَاطِهِمْ فَتَقْبِضُ رُوحَ كُلَّ مُسْلِمٍ وَيَبْقَى سَائِرُ النَّاسِ يَتَهَارَجُونَ كَمَا تَتَهَارَجُ الْحُمُرُ فَعَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (سَمِعَ النَّوَّاسَ) بِفَتْحِ النُّونِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ (ابْنَ سَمْعَانَ) بِكَسْرِ السِّينِ وَفَتْحِهَا غَيْرُ مُنْصَرِفٍ قَوْلُهُ: (فَخَفَضَ فِيهِ وَرَفَعَ) الْمَشْهُورُ تَخْفِيفُ الْفَاءِ فِي خَفَضَ وَرَفَعَ وَرُوِيَ بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ فِيهِمَا عَلَى التَّضْعِيفِ وَالتَّكْثِيرِ وَالْمَعْنَى، أَيْ: بَالَغَ فِي تَقْرِيبِهِ وَاسْتَعْمَلَ فِيهِ كُلَّ فَنٍّ مِنْ خَفْضٍ وَرَفْعٍ (حَتَّى ظَنَنَّاهُ) لِغَايَةِ الْمُبَالَغَةِ فِي تَقْرِيبِهِ (أَنَّهُ فِي طَائِفَةٍ) مِنْ نَخْلِ الْمَدِينَةِ، وَقِيلَ: أَيْ: حَقَّرَ أَمْرَهُ بِأَنَّهُ أَعْوَرُ وَأَهْوَنَهُ عَلَى اللَّهِ وَأَنَّهُ يَضْمَحِلُّ أَمْرُهُ وَعَظْمُهُ بِجَعْلِ الْخَوَارِقِ بِيَدِهِ، أَوْ خَفَّضَ صَوْتَهُ لَعَلَّهُ يُفِيدُ كَثْرَةَ التَّكَلُّمِ فِيهِ ثُمَّ رَفَعَهُ بَعْدَ الِاسْتِرَاحَةِ لِيَبْلُغَ كَلَامَهُ. قُلْتُ: وَالْمَعْنَيَانِ لَا يُنَاسِبُهُمَا الْغَايَةُ قَوْلُهُ: (أَخْوَفَنِي عَلَيْكُمْ) أَخْوَفُ اسْمُ تَفْضِيلٍ الْمَبْنِيُّ لِلْمَفْعُولِ وَأَصْلُهُ أَخْوَفُ مُخَوَّفَاتِي عَلَيْكُمْ، ثُمَّ حَذَفَ الْمُضَافَ إِلَى الْيَاءِ فَاتَّصَلَ بِهَا أَخْوَفُ، لَكِنْ جِيءَ بِالنُّونِ بَيْنَهُمَا تَشْبِيهًا بِالْفِعْلِ وَقَدْ جَاءَ مِثْلُهُ عَلَى قِلَّةٍ كَذَا قِيلَ: (إِنْ يَخْرُجْ) كَلِمَةُ إِنْ شَرْطِيَّةٌ، قِيلَ: قَالَهُ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ بِوَقْتِهِ، ثُمَّ عَلِمَ بِوَقْتِهِ وَأَنَّ عِيسَى يَقْتُلُهُ) وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ إِعْلَامَ النَّاسِ بِقُرْبِ خُرُوجِهِ (وَالْحَجِيجُ) الْغَالِبُ الْحُجَّةِ فَامْرُؤٌ مِنْ بَابِ عُمُومِ النَّكِرَةِ فِي الْإِثْبَاتِ مِثْلَ عَلِمَتْ نَفْسٌ وَتَمْرَةٌ خَيْرٌ مِنْ جَرَادَةٍ فَلِذَلِكَ صَحَّ وُقُوعُهُ مُبْتَدَأً مَعَ كَوْنِهِ نَكِرَةً

(قَطَطٌ) بِفَتْحَتَيْنِ، أَيْ: شَدِيدُ جُعُودَةِ الشَّعْرِ (عَيْنُهُ قَائِمَةٌ) أَيْ: بَاقِيَةٌ فِي مَوْضِعِهَا صَحِيحَةٌ، وَإِنَّمَا ذَهَبَ نَظَرُهَا وَإِبْصَارُهَا (أَشْبَهَهُ) مِنَ التَّشْبِيهِ، أَيْ: أَرَاهُ شَبِيهًا (بِابْنِ قَطَنٍ) بِفَتْحَتَيْنِ (فَلْيَقْرَأْ) فِي نُسْخَةٍ عَلَيْهِ، أَيْ: لِأَجْلِ دَفْعِ ضَرَرِهِ (فَوَاتِحَ سُورَةِ الْكَهْفِ) أَيْ: أَوَائِلَهَا وَقَدْ جَاءَ مِنْ أَوَاخِرِهَا فَالْوَجْهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالْآخِرِ وَالْكُلُّ أَفْضَلُ قَوْلُهُ: (مِنْ خَلَّةٍ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ طَرِيقٍ بَيْنَهُمَا رُوِيَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مِنَ الْحُلُولِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: قَدْ جَاءَ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ خُرَاسَانَ وَمِنْ أَصْبَهَانَ وَوَجْهُ الْجَمْعِ أَنَّ مَبْدَأَ خُرُوجِهِ مِنْ خُرَاسَانَ مِنْ نَاحِيَةِ أَصْبَهَانَ، ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى الْحِجَازِ فِيمَا بَيْنَ الْعِرَاقِ وَالشَّامِ (فَعَاثَ) مِنَ الْعَيْثِ وَهُوَ أَشَدُّ الْفَسَادِ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ رُوِيَ بِفَتْحِ الثَّاءِ عَلَى أَنَّهُ فِعْلُ مَاضٍ وَبِكَسْرِهَا مُنَوَّنًا عَلَى أَنَّهُ اسْمُ فَاعِلٍ. قُلْتُ: عَلَى الْأَوَّلِ مِنَ الْعَيْثِ وَعَلَى الثَّانِي مِنَ الْعُثَى، أَوِ الْعُثُوِّ كُلٌّ بِمَعْنَى الْإِفْسَادِ. (يَا عِبَادَ اللَّهِ اثْبُتُوا) قَالَ الْقَاضِي أَبُو بِكْرٍ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ هَذَا مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَثْبِيتًا لِلْخَلْقِ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ اثْبُتُوا عَلَى الْإِسْلَامِ يُحَذِّرُهُمْ مِنْ فِتْنَتِهِ قَوْلُهُ: (وَمَا لَبِثَهُ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَتُضَمُّ، أَيْ: مِقْدَارَ مُكْثِهِ (اقْدُرُوا لَهُ) أَيِ: اقْدُرُوا لِلْيَوْمِ لِأَدَاءِ مَا فِيهِ مِنَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ قَدْرَ يَوْمٍ وَاحِدٍ وَحُدُّوا ذَلِكَ الْقَدْرَ فَصَلُّوا فِي ذَلِكَ الْمِقْدَارِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ (أَنْ تُمْطِرَ) مِنَ الْإِمْطَارِ (أَنْ تُنْبِتَ) مِنَ الْإِنْبَاتِ (وَتَرُوحُ) أَيْ: تَرْجِعُ آخِرَ النَّهَارِ (سَارِحَتُهُمْ) مَاشِيَتُهُمْ (أَطْوَلَ مَا كَانَتْ ذُرًى) بِضَمِّ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ جَمْعُ ذُرْوَةٍ بِضَمٍّ، أَوْ كَسْرٍ وَهُوَ أَعْلَى سَنَامِ الْبَعِيرِ (فَيَرُدُّونَ) مِنَ الرَّدِّ، أَيْ: يَكْذِبُونَهُ

(فَيُصْبِحُونَ) مِنْ أَصْبَحَ (مُمْحِلِينَ) مُجْدِبِينَ (بِالْخَرِبَةِ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ، أَيِ: الْأَرْضِ الْخَرَابِ (كَيَعَاسِيبَ النَّحْلِ) أَيْ: كَمَا يَتْبَعُ النَّحْلُ الْيَعَاسِيبَ جَمْعُ يَعْسُوبٍ وَهُوَ كَبِيرُ النَّحْلِ وَلَا يُفَارِقُهُ النَّحْلُ (جِزْلَتَيْنِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الزَّايِ، أَيْ: قِطْعَتَيْنِ (رَمْيَةَ الْغَرَضِ) بِفَتْحِ غَيْنٍ مُعْجَمَةٍ وَرَاءٍ الْهَدَفُ فِي النِّهَايَةِ أَرَادَ أَنَّ بُعْدَ مَا بَيْنَ الْقِطْعَتَيْنِ يَكُونُ بِقَدْرِ رَمْيَةِ السَّهْمِ إِلَى الْهَدَفِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ وَصْفُ الضَّرْبَةِ، أَيْ: تُصِيبُهُ إِصَابَةَ رَمْيَةِ الْغَرَضِ (فَيُقْبِلُ) مِنَ الْإِقْبَالِ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ إِحْيَاءُ الْمَوْتَى فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ وَجَاءَ هَذَا لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي النُّبُوَّةَ فَيَمْتَزِجُ الصَّادِقُ بِالْكَاذِبِ وَإِنَّمَا يَدَّعِي الرُّبُوبِيَّةَ فَكُلَّمَا ظَهَرَ عَلَى يَدَيْهِ فَإِنَّهَا فِتْنَةٌ مُعَارِضَةٌ لِلدَّلَالَةِ الظَّاهِرَةِ الْيَقِينِيَّةِ (يَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ) أَيْ: يَسْتَنِيرُ وَتَظْهَرُ عَلَيْهِ أَمَارَاتُ السُّرُورِ (عِنْدَ الْمَنَارَةِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ كَمَا فِي الصِّحَاحِ قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ هَذَا هُوَ الْأَشْهَرُ فِي مَوْضِعِ نُزُولِهِ قَالَ وَقَدْ وُجِدَتْ مَنَارَةٌ فِي زَمَانِنَا فِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ مِنْ حِجَارَةٍ بِيضٍ، وَلَعَلَّ هَذَا يَكُونُ مِنْ دَلِيلِ النُّبُوَّةِ الظَّاهِرَةِ قَالَ السُّيُوطِيُّ: هُوَ مِنَ الدَّلَائِلِ بِلَا رَيْبَ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُوحِيَ إِلَيْهِ بِجَمِيعِ مَا يَحْدُثُ بَعْدَهُ مَا لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِهِ وَقَدْ رَوَيْتُ مَرَّةً الْحَدِيثَ الصَّحِيحَ وَهُوَ قَوْلُهُ: (- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَبْعَثُ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ أَمْرَ دِينِهَا» فَبَلَغَنِي عَنْ بَعْضِ مَنْ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ أَنَّهُ اسْتَنْكَرَ ذَلِكَ، وَقَالَ مَا كَانَ التَّارِيخُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى يَقُولَ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ وَإِنَّمَا حَدَثَ التَّارِيخُ بَعْدَهُ فَقُلْتُ إِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِمَ بِجَمِيعِ مَا يَحْدُثُ بَعْدَهُ فَعَلَّقَ أُمُورًا كَثِيرَةً عَلَى مَا عَلِمَ أَنَّهُ سَيَحْدُثُ بَعْدَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا فِي وَقْتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَالَ الْحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ وَقَدْ وَرَدَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ أَنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ يَنْزِلُ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَفِي رِوَايَةٍ بِمُعَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ السُّيُوطِيُّ: حَدِيثُ نُزُولِ عِيسَى بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ أَرْجَحُ وَلَا يُنَافِيهِ سَائِرُ الرِّوَايَاتِ؛ لِأَنَّ بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَهُوَ شَرْقِيِّ دِمَشْقَ وَهُوَ مُعَسْكَرُ الْمُسْلِمِينَ إِذْ ذَاكَ وَالْأُرْدُنُّ اسْمُ الْكُورَةِ كَمَا فِي الصِّحَاحِ وَبَيْتُ الْمَقْدِسِ دَاخِلٌ فِيهِ فَاتَّفَقَتِ الرِّوَايَاتُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي

بَيْتِ الْمَقْدِسِ الْآنَ مَنَارَةٌ بَيْضَاءُ فَلَا بُدَّ أَنْ تَحْدُثَ قَبْلَ نُزُولِهِ. قَوْلُهُ: (بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ) أَيْ: بَيْنَ حُلَّتَيْنِ شَبِيهَتَيْنِ بِالْمَصْبُوغِ بِالْهُرْدِ وَالْهُرْدُ بِالضَّمِّ بَيِّنٌ مَعْرُوفٌ، وَقِيلَ: الثَّوْبُ الْهَرَوِيُّ الَّذِي يُصْبَغُ بِالْوَرْسِ، ثُمَّ بِالزَّعْفَرَانِ قَوْلُهُ: وَوَاضِعٌ هَكَذَا بِصُورَةِ الْمَرْفُوعِ فِي نُسَخِ ابْنِ مَاجَهْ، وَفِي التِّرْمِذِيِّ وَاضِعًا بِالنَّصْبِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَلَا يُسْتَبْعَدُ أَنْ يُقْرَأَ بِالنَّصْبِ فَإِنَّ أَهْلَ الْحَدِيثِ كَثِيرًا مَا يَكُونُ الْمَنْصُوبُ بِصُورَةِ الْمَرْفُوعِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ خَبَرَ مَحْذُوفٍ، أَيْ: هُوَ وَاضِعٌ قَوْلُهُ: (جُمَانٌ) أَيْ: عِرْقٌ كَمَا فِي رِوَايَةٍ، وَإِلَّا فَالْجُمَانُ هُوَ اللُّؤْلُؤُ نَفْسُهُ فَلَا يَصِحُّ تَشْبِيهُهُ بِهِ (وَلَا يَحِلُّ لِكَافِرٍ أَنْ يَجِدَ رِيحَ نَفَسِهِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ (إِلَّا مَاتَ) فِي النِّهَايَةِ هُوَ حَقٌّ وَاجِبٌ وَاقِعٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ} [الأنبياء: 95] أَيْ: حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَيْهَا قَالَ الْقَاضِي فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ قَدْ جَاءَ أَنَّهُ يُقَاتِلُ الْمِلَلَ كُلَّهَا فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ يُرِيدُ بِهِ يُقَاتِلُهُمْ بِنَفْسِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنَّ مَنْ كَانَ مَعَ الدَّجَّالِ مَاتَ هَكَذَا وَغَيْرُهُمْ يَمُوتُ بِالسَّيْفِ (عِنْدَ بَابِ لُدٍّ) بِضَمِّ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ اسْمُ جَبَلٍ، أَوْ قَرْيَةٍ بِالشَّامِ قَوْلُهُ: (لَا يَدَانِ لِأَحَدٍ) أَيْ لَا قُوَّةَ وَلَا قُدْرَةَ وَلَا طَاقَةَ وَمَعْنَى التَّشْبِيهِ تَضْعِيفُ الْقُوَّةِ قَالَهُ الطِّيبِيُّ، وَفِي النِّهَايَةِ الْمُبَاشَرُ وَالدِّفَاعُ إِنَّمَا تَكُونُ بِالْيَدِ فَكَأَنَّ يَدَيْهِ مَعْدُومَتَانِ لِعَجْزِهِ عَنِ الدَّفْعِ قُلْتُ: وَكَأَنَّهُ تَعَالَى مَا أَرَادَ مَوْتَهُمْ بِرِيحِ نَفْسِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَإِلَّا لَمَا كَانَتْ حَاجَةٌ إِلَى قِتَالِهِمْ. قَوْلُهُ: (فَأُحْرِزَ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مِنَ الْإِحْرَازِ وَهُوَ الْجَمْعُ وَالضَّمُّ وَالْإِدْخَالُ فِي الْحِرْزِ قَوْلُهُ: (حَدَبٌ) أَيْ: مُرْتَفَعٌ مِنَ الْأَرْضِ (يَنْسِلُونَ) يُسْرِعُونَ (نَغَفٌ) بِفَتْحَتَيْنِ وَالْغَيْنُ مُعْجَمَةٌ وَآخِرُهُ فَاءٌ دُودٌ يَكُونُ

فِي أَنْفِ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ وَاحِدُهُ نَغَفَةٌ (فَرْسَى) كَقَتْلَى لَفْظًا وَمَعْنًى جَمْعُ فَرَسٍ مِنْ فَرَسِ الذَّنْبِ (زُهْمُهُمْ) فِي الْقَامُوسِ الزُّهْمُ بِالضَّمِّ الرِّيحُ الْمُنْتِنَةُ، وَقَالَ السُّيُوطِيُّ: هُوَ بِفَتْحِ الزَّايِ وَالْهَاءِ النَّتِنُ وَكَلَامُ الصِّحَاحِ أَمْيَلُ إِلَى مَا فِي الْقَامُوسِ وَكَذَا وَكَلَامُ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةِ التِّرْمِذِيِّ قَوْلُهُ: (لَا يَكُنْ) أَيْ: لَا يَسْتُرُ وَلَا يَقِي (كَالزَّلَفَةِ) بِفَتْحَتَيْنِ وَآخِرُهُ فَاءٌ مَصَانِعُ الْمَاءِ وَقَدْ جَاءَ بِالْقَافِ (الْمُصَابَةِ) هُمُ الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ مِنَ الْعَشَرَةِ إِلَى الْأَرْبَعِينَ وَلَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا (بِقِحْفِهَا) بِالْكَسْرِ، أَيْ: بِقِشْرِهَا وَأَصْلُهُ مَا فَوْقَ الدِّمَاغِ مِنَ الرَّأْسِ (فِي الرِّسْلِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ اللَّبَنُ (اللِّقْحَةُ) بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ النَّاقَةُ الْقَرِيبَةُ الْعَهْدِ بِالنِّتَاجِ (الْفِئَامُ) بِالْهَمْزَةِ كَكِتَابٍ الْجَمَاعَةُ الْكَثِيرَةُ (الْفَخِذُ) هُوَ دُونَ الْقَبِيلَةِ وَفَوْقَ الْبَطْنِ (يَتَهَارَجُونَ) أَيْ: يَتَشَاجَرُونَ قَوْلُهُ: (وَحَذَّرْنَاهُ) مِنَ التَّحْذِيرِ.

4076 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ الطَّائِيِّ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّوَّاسَ بْنَ سَمْعَانَ يَقُولُ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيُوقِدُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ قِسِيِّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَنُشَّابِهِمْ وَأَتْرِسَتِهِمْ سَبْعَ سِنِينَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مِنْ قِسِيِّ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ جَمْعُ قَوْسٍ (وَنُشَّابِهِمْ) بِضَمِّ النُّونِ وَتَشْدِيدِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ السِّهَامُ.

4077 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْمُحَارِبِيُّ عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ رَافِعٍ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ السَّيْبَانِيِّ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ «خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ أَكْثَرُ خُطْبَتِهِ حَدِيثًا حَدَّثَنَاهُ عَنْ الدَّجَّالِ وَحَذَّرَنَاهُ فَكَانَ مِنْ قَوْلِهِ أَنْ قَالَ إِنَّهُ لَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ مُنْذُ ذَرَأَ اللَّهُ ذُرِّيَّةَ آدَمَ أَعْظَمَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ وَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْ نَبِيًّا إِلَّا حَذَّرَ أُمَّتَهُ الدَّجَّالَ وَأَنَا آخِرُ الْأَنْبِيَاءِ وَأَنْتُمْ آخِرُ الْأُمَمِ وَهُوَ خَارِجٌ فِيكُمْ لَا مَحَالَةَ وَإِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا بَيْنَ ظَهْرَانَيْكُمْ فَأَنَا حَجِيجٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ وَإِنْ يَخْرُجْ مِنْ بَعْدِي فَكُلُّ امْرِئٍ حَجِيجُ نَفْسِهِ وَاللَّهُ خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَإِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ خَلَّةٍ بَيْنَ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ فَيَعِيثُ يَمِينًا وَيَعِيثُ شِمَالًا يَا عِبَادَ اللَّهِ فَاثْبُتُوا فَإِنِّي سَأَصِفُهُ لَكُمْ صِفَةً لَمْ يَصِفْهَا إِيَّاهُ نَبِيٌّ قَبْلِي إِنَّهُ يَبْدَأُ فَيَقُولُ أَنَا نَبِيٌّ وَلَا نَبِيَّ بَعْدِي ثُمَّ يُثَنِّي فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ وَلَا تَرَوْنَ رَبَّكُمْ حَتَّى تَمُوتُوا وَإِنَّهُ أَعْوَرُ وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ وَإِنَّهُ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ كَاتِبٍ أَوْ غَيْرِ كَاتِبٍ وَإِنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنَّ مَعَهُ جَنَّةً وَنَارًا فَنَارُهُ جَنَّةٌ وَجَنَّتُهُ نَارٌ فَمَنْ ابْتُلِيَ بِنَارِهِ فَلْيَسْتَغِثْ بِاللَّهِ وَلْيَقْرَأْ فَوَاتِحَ الْكَهْفِ فَتَكُونَ عَلَيْهِ بَرْدًا وَسَلَامًا كَمَا كَانَتْ النَّارُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنْ يَقُولَ لِأَعْرَابِيٍّ أَرَأَيْتَ إِنْ بَعَثْتُ لَكَ أَبَاكَ وَأُمَّكَ أَتَشْهَدُ أَنِّي رَبُّكَ فَيَقُولُ نَعَمْ فَيَتَمَثَّلُ لَهُ شَيْطَانَانِ فِي صُورَةِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَيَقُولَانِ يَا بُنَيَّ اتَّبِعْهُ فَإِنَّهُ رَبُّكَ وَإِنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنْ يُسَلَّطَ عَلَى نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَيَقْتُلَهَا وَيَنْشُرَهَا بِالْمِنْشَارِ حَتَّى يُلْقَى شِقَّتَيْنِ ثُمَّ يَقُولَ انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي هَذَا فَإِنِّي أَبْعَثُهُ الْآنَ ثُمَّ يَزْعُمُ أَنَّ لَهُ رَبًّا غَيْرِي فَيَبْعَثُهُ اللَّهُ وَيَقُولُ لَهُ الْخَبِيثُ مَنْ رَبُّكَ فَيَقُولُ رَبِّيَ اللَّهُ وَأَنْتَ عَدُوُّ اللَّهِ أَنْتَ الدَّجَّالُ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ بَعْدُ أَشَدَّ بَصِيرَةً بِكَ مِنِّي الْيَوْمَ» قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الطَّنَافِسِيُّ فَحَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ الْوَصَّافِيُّ عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَرْفَعُ أُمَّتِي دَرَجَةً فِي الْجَنَّةِ قَالَ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ وَاللَّهِ مَا كُنَّا نُرَى ذَلِكَ الرَّجُلَ إِلَّا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ قَالَ الْمُحَارِبِيُّ ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ قَالَ وَإِنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنْ يَأْمُرَ السَّمَاءَ أَنْ تُمْطِرَ فَتُمْطِرَ وَيَأْمُرَ الْأَرْضَ أَنْ تُنْبِتَ فَتُنْبِتَ وَإِنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنْ يَمُرَّ بِالْحَيِّ فَيُكَذِّبُونَهُ فَلَا تَبْقَى لَهُمْ سَائِمَةٌ إِلَّا هَلَكَتْ وَإِنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنْ يَمُرَّ بِالْحَيِّ فَيُصَدِّقُونَهُ فَيَأْمُرَ السَّمَاءَ أَنْ تُمْطِرَ فَتُمْطِرَ وَيَأْمُرَ الْأَرْضَ أَنْ تُنْبِتَ فَتُنْبِتَ حَتَّى تَرُوحَ مَوَاشِيهِمْ مِنْ يَوْمِهِمْ ذَلِكَ أَسْمَنَ مَا كَانَتْ وَأَعْظَمَهُ وَأَمَدَّهُ خَوَاصِرَ وَأَدَرَّهُ ضُرُوعًا وَإِنَّهُ لَا يَبْقَى شَيْءٌ مِنْ الْأَرْضِ إِلَّا وَطِئَهُ وَظَهَرَ عَلَيْهِ إِلَّا مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ لَا يَأْتِيهِمَا مِنْ نَقْبٍ مِنْ نِقَابِهِمَا إِلَّا لَقِيَتْهُ الْمَلَائِكَةُ بِالسُّيُوفِ صَلْتَةً حَتَّى يَنْزِلَ عِنْدَ الظُّرَيْبِ الْأَحْمَرِ عِنْدَ مُنْقَطَعِ السَّبَخَةِ فَتَرْجُفُ الْمَدِينَةُ بِأَهْلِهَا ثَلَاثَ رَجَفَاتٍ فَلَا يَبْقَى مُنَافِقٌ وَلَا مُنَافِقَةٌ إِلَّا خَرَجَ إِلَيْهِ فَتَنْفِي الْخَبَثَ مِنْهَا كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَيُدْعَى ذَلِكَ الْيَوْمُ يَوْمَ الْخَلَاصِ فَقَالَتْ أُمُّ شَرِيكٍ بِنْتُ أَبِي الْعَكَرِ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيْنَ الْعَرَبُ يَوْمَئِذٍ قَالَ هُمْ يَوْمَئِذٍ قَلِيلٌ وَجُلُّهُمْ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَإِمَامُهُمْ رَجُلٌ صَالِحٌ فَبَيْنَمَا إِمَامُهُمْ قَدْ تَقَدَّمَ يُصَلِّي بِهِمْ الصُّبْحَ إِذْ نَزَلَ عَلَيْهِمْ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ الصُّبْحَ فَرَجَعَ ذَلِكَ الْإِمَامُ يَنْكُصُ يَمْشِي الْقَهْقَرَى لِيَتَقَدَّمَ عِيسَى يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَيَضَعُ عِيسَى يَدَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ ثُمَّ يَقُولُ لَهُ تَقَدَّمْ فَصَلِّ فَإِنَّهَا لَكَ أُقِيمَتْ فَيُصَلِّي بِهِمْ إِمَامُهُمْ فَإِذَا انْصَرَفَ قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام افْتَحُوا الْبَابَ فَيُفْتَحُ وَوَرَاءَهُ الدَّجَّالُ مَعَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ يَهُودِيٍّ كُلُّهُمْ ذُو سَيْفٍ مُحَلًّى وَسَاجٍ فَإِذَا نَظَرَ إِلَيْهِ الدَّجَّالُ ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ وَيَنْطَلِقُ هَارِبًا وَيَقُولُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام إِنَّ لِي فِيكَ ضَرْبَةً لَنْ تَسْبِقَنِي بِهَا فَيُدْرِكُهُ عِنْدَ بَابِ اللُّدِّ الشَّرْقِيِّ فَيَقْتُلُهُ فَيَهْزِمُ اللَّهُ الْيَهُودَ فَلَا يَبْقَى شَيْءٌ مِمَّا خَلَقَ اللَّهُ يَتَوَارَى بِهِ يَهُودِيٌّ إِلَّا أَنْطَقَ اللَّهُ ذَلِكَ الشَّيْءَ لَا حَجَرَ وَلَا شَجَرَ وَلَا حَائِطَ وَلَا دَابَّةَ إِلَّا الْغَرْقَدَةَ فَإِنَّهَا مِنْ شَجَرِهِمْ لَا تَنْطِقُ إِلَّا قَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ الْمُسْلِمَ هَذَا يَهُودِيٌّ فَتَعَالَ اقْتُلْهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّ أَيَّامَهُ أَرْبَعُونَ سَنَةً السَّنَةُ كَنِصْفِ السَّنَةِ وَالسَّنَةُ كَالشَّهْرِ وَالشَّهْرُ كَالْجُمُعَةِ وَآخِرُ أَيَّامِهِ كَالشَّرَرَةِ يُصْبِحُ أَحَدُكُمْ عَلَى بَابِ الْمَدِينَةِ فَلَا يَبْلُغُ بَابَهَا الْآخَرَ حَتَّى يُمْسِيَ فَقِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نُصَلِّي فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ الْقِصَارِ قَالَ تَقْدُرُونَ فِيهَا الصَّلَاةَ كَمَا تَقْدُرُونَهَا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الطِّوَالِ ثُمَّ صَلُّوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَكُونُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَام فِي أُمَّتِي حَكَمًا عَدْلًا وَإِمَامًا مُقْسِطًا يَدُقُّ الصَّلِيبَ وَيَذْبَحُ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ وَيَتْرُكُ الصَّدَقَةَ فَلَا يُسْعَى عَلَى شَاةٍ وَلَا بَعِيرٍ وَتُرْفَعُ الشَّحْنَاءُ وَالتَّبَاغُضُ وَتُنْزَعُ حُمَةُ كُلِّ ذَاتِ حُمَةٍ حَتَّى يُدْخِلَ الْوَلِيدُ يَدَهُ فِي فِي الْحَيَّةِ فَلَا تَضُرَّهُ وَتُفِرَّ الْوَلِيدَةُ الْأَسَدَ فَلَا يَضُرُّهَا وَيَكُونَ الذِّئْبُ فِي الْغَنَمِ كَأَنَّهُ كَلْبُهَا وَتُمْلَأُ الْأَرْضُ مِنْ السِّلْمِ كَمَا يُمْلَأُ الْإِنَاءُ مِنْ الْمَاءِ وَتَكُونُ الْكَلِمَةُ وَاحِدَةً فَلَا يُعْبَدُ إِلَّا اللَّهُ وَتَضَعُ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا وَتُسْلَبُ قُرَيْشٌ مُلْكَهَا وَتَكُونُ الْأَرْضُ كَفَاثُورِ الْفِضَّةِ تُنْبِتُ نَبَاتَهَا بِعَهْدِ آدَمَ حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّفَرُ عَلَى الْقِطْفِ مِنْ الْعِنَبِ فَيُشْبِعَهُمْ وَيَجْتَمِعَ النَّفَرُ عَلَى الرُّمَّانَةِ فَتُشْبِعَهُمْ وَيَكُونَ الثَّوْرُ بِكَذَا وَكَذَا مِنْ الْمَالِ وَتَكُونَ الْفَرَسُ بِالدُّرَيْهِمَاتِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا يُرْخِصُ الْفَرَسَ قَالَ لَا تُرْكَبُ لِحَرْبٍ أَبَدًا قِيلَ لَهُ فَمَا يُغْلِي الثَّوْرَ قَالَ تُحْرَثُ الْأَرْضُ كُلُّهَا وَإِنَّ قَبْلَ خُرُوجِ الدَّجَّالِ ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ شِدَادٍ يُصِيبُ النَّاسَ فِيهَا جُوعٌ شَدِيدٌ يَأْمُرُ اللَّهُ السَّمَاءَ فِي السَّنَةِ الْأُولَى أَنْ تَحْبِسَ ثُلُثَ مَطَرِهَا وَيَأْمُرُ الْأَرْضَ فَتَحْبِسُ ثُلُثَ نَبَاتِهَا ثُمَّ يَأْمُرُ السَّمَاءَ فِي الثَّانِيَةِ فَتَحْبِسُ ثُلُثَيْ مَطَرِهَا وَيَأْمُرُ الْأَرْضَ فَتَحْبِسُ ثُلُثَيْ نَبَاتِهَا ثُمَّ يَأْمُرُ اللَّهُ السَّمَاءَ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ فَتَحْبِسُ مَطَرَهَا كُلَّهُ فَلَا تُقْطِرُ قَطْرَةً وَيَأْمُرُ الْأَرْضَ فَتَحْبِسُ نَبَاتَهَا كُلَّهُ فَلَا تُنْبِتُ خَضْرَاءَ فَلَا تَبْقَى ذَاتُ ظِلْفٍ إِلَّا هَلَكَتْ إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ قِيلَ فَمَا يُعِيشُ النَّاسُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ قَالَ التَّهْلِيلُ وَالتَّكْبِيرُ وَالتَّسْبِيحُ وَالتَّحْمِيدُ وَيُجْرَى ذَلِكَ عَلَيْهِمْ مُجْرَى الطَّعَامِ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ سَمِعْت أَبَا الْحَسَنِ الطَّنَافِسِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ الْمُحَارِبِيَّ يَقُولُ يَنْبَغِي أَنْ يُدْفَعَ هَذَا الْحَدِيثُ إِلَى الْمُؤَدِّبِ حَتَّى يُعَلِّمَهُ الصِّبْيَانَ فِي الْكُتَّابِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَرْفَعُ أُمَّتِي) أَيِ: الَّذِينَ هُمُ الْمَوْجُودُونَ يَوْمَئِذٍ فَلَا يَلْزَمُ تَفْضِيلَهُمْ عَلَى الصَّحَابَةِ وَقَدْ جَاءَ أَنَّهُ الْخَضِرُ فَإِنْ قُلْنَا إِنَّهُ قَدْ صَحِبَ أَيْضًا فَلَا إِشْكَالَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، لَكِنْ يَلْزَمُ الْإِشْكَالَ عَلَى أَنَّ الصِّدِّيقَ أَفْضَلُ الْأُمَّةِ وَأَنَّ الْأَرْبَعَةَ أَفْضَلُ الصَّحَابَةِ، ثُمَّ بَقِيَّةَ

الْعَشَرَةِ كَمَا ذُكِرُوا فِي الْكُتُبِ وَإِنْ قُلْنَا إِنَّهُ نَبِيٌّ فَيُرْفَعُ الْإِشْكَالُ بِحَذَافِيرِهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ نَقْبٍ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ هُوَ الطَّرِيقُ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ (صَلْتَةً) أَيْ: مُجَرَّدَةَ الظَّرِيبِ لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ الْجَبَلُ (الْخَبَثُ) بِفَتْحَتَيْنِ، أَوْ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ (رَجُلٌ صَالِحٌ) قَالَ السُّيُوطِيُّ: هُوَ الْمَهْدِيُّ (يَنْكُصُ) قَالَ السُّيُوطِيُّ: النُّكُوصُ الرُّجُوعُ إِلَى وَرَاءٍ وَهُوَ الْقَهْقَرَى قَوْلُهُ: (افْتَحُوا الْبَابَ) أَيْ: بَابَ الْمَسْجِدِ قَوْلُهُ: (وَسَاجٍ) قِيلَ: هُوَ الطَّيْلَسَانُ الْأَخْضَرُ (لَنْ تَسْبِقَنِي بِهَا) أَيْ: لَنْ تُفَوِّتَهَا عَلَيَّ (وَيَهْزِمُ) كَيَضْرِبُ، أَيْ: بِكَسْرِهِمْ (إِلَّا الْغَرْقَدَةُ) هِيَ ضَرْبٌ مِنْ شَجَرِ الْعِضَاهِ (كَالشَّرَرَةِ) فِي الصِّحَاحِ الشَّرَرُ أَيْ: بِفَتْحَتَيْنِ مَا يَتَطَايَرُ مِنَ النَّارِ وَالْوَاحِدَةُ شَرَرَةٌ.

4078 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا وَإِمَامًا عَدْلًا فَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ وَيَفِيضُ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حَكَمًا) بِفَتْحَتَيْنِ، أَيْ:

حَاكِمًا بَيْنَ النَّاسِ بِشَرِيعَةِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا نَبِيًّا مُرْسَلًا بِشَرِيعَةٍ أُخْرَى (مُقْسِطًا) أَيْ: عَادِلًا فِي الْحُكْمِ (يَدُقُّ الصَّلِيبَ) أَيْ: يَكْسِرُهُ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى مِنْ جِنْسِ الصَّلِيبِ شَيْءٌ حَتَّى لَا يُعْبَدَ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى لِمَا فِي بَعْضِ الرَّوِايَّاتِ وَتَكُونُ السَّجْدَةُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (وَيَذْبَحُ الْخِنْزِيرَ) أَيْ: يُحَرِّمُ أَكْلَهُ، أَوْ يَقْتُلَهُ بِحَيْثُ لَا يُوجَدُ فِي الْأَرْضِ لِيَأْكُلَهُ أَحَدٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُبْطِلُ دِينَ النَّصَارَى (وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ) أَيْ: لَا يَقْبَلُهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْكَفَرَةِ، بَلْ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ مَرَّةً، وَهَذَا بَيَانٌ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّ الْجِزْيَةَ فِي دِينِهِ إِلَى زَمَانِ عِيسَى لَا أَنَّ عِيسَى يَأْتِي بِنَسْخِهَا، وَقِيلَ: يَضَعُ عَلَى الْكَفَرَةِ كُلِّهِمُ الْجِزْيَةَ وَلَا يَتْرُكَ أَحَدًا بِلَا جِزْيَةٍ كَمَا هُوَ شَأْنُ سَائِرِ الْأُمَرَاءِ فَإِنَّهُمْ أَحْيَانًا يَتْرُكُونَهَا مُرَاعَاةً لِبَعْضٍ. (وَيَتْرُكُ الصَّدَقَةَ) أَيِ الزَّكَاةَ لِكَثْرَةِ الْأَمْوَالِ، وَهَذَا مِثْلُ الْأَوَّلِ (فَلَا يُسْعَى) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ يَتْرُكَ زَكَاتَهَا فَلَا يَكُونُ لَهَا سَاعٍ قَوْلُهُ: حُمَةٌ بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُخَفَّفِ الْمِيمِ قَوْلُهُ: (مِنَ السِّلْمِ) بِكَسْرِ السِّينِ وَسُكُونِ اللَّامِ، أَيِ الصُّلْحِ (وَتُسْلَبُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ (كَفَاثُورِ الْفِضَّةِ) الْفَاثُورُ بِفَاءٍ وَمُثَلَّثَةٍ الْخُوَانُ وَقِيلَ: هُوَ طَسْتٌ، أَوْ جَامٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ.

4079 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تُفْتَحُ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ فَيَخْرُجُونَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} [الأنبياء: 96] فَيَعُمُّونَ الْأَرْضَ وَيَنْحَازُ مِنْهُمْ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى تَصِيرَ بَقِيَّةُ الْمُسْلِمِينَ فِي مَدَائِنِهِمْ وَحُصُونِهِمْ وَيَضُمُّونَ إِلَيْهِمْ مَوَاشِيَهُمْ حَتَّى أَنَّهُمْ لَيَمُرُّونَ بِالنَّهَرِ فَيَشْرَبُونَهُ حَتَّى مَا يَذَرُونَ فِيهِ شَيْئًا فَيَمُرُّ آخِرُهُمْ عَلَى أَثَرِهِمْ فَيَقُولُ قَائِلُهُمْ لَقَدْ كَانَ بِهَذَا الْمَكَانِ مَرَّةً مَاءٌ وَيَظْهَرُونَ عَلَى الْأَرْضِ فَيَقُولُ قَائِلُهُمْ هَؤُلَاءِ أَهْلُ الْأَرْضِ قَدْ فَرَغْنَا مِنْهُمْ وَلَنُنَازِلَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ حَتَّى إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيَهُزُّ حَرْبَتَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَتَرْجِعُ مُخَضَّبَةً بِالدَّمِ فَيَقُولُونَ قَدْ قَتَلْنَا أَهْلَ السَّمَاءِ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ دَوَابَّ كَنَغَفِ الْجَرَادِ فَتَأْخُذُ بِأَعْنَاقِهِمْ فَيَمُوتُونَ مَوْتَ الْجَرَادِ يَرْكَبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَيُصْبِحُ الْمُسْلِمُونَ لَا يَسْمَعُونَ لَهُمْ حِسًّا فَيَقُولُونَ مَنْ رَجُلٌ يَشْرِي نَفْسَهُ وَيَنْظُرُ مَا فَعَلُوا فَيَنْزِلُ مِنْهُمْ رَجُلٌ قَدْ وَطَّنَ نَفْسَهُ عَلَى أَنْ يَقْتُلُوهُ فَيَجِدُهُمْ مَوْتَى فَيُنَادِيهِمْ أَلَا أَبْشِرُوا فَقَدْ هَلَكَ عَدُوُّكُمْ فَيَخْرُجُ النَّاسُ وَيَخْلُونَ سَبِيلَ مَوَاشِيهِمْ فَمَا يَكُونُ لَهُمْ رَعْيٌ إِلَّا لُحُومُهُمْ فَتَشْكَرُ عَلَيْهَا كَأَحْسَنِ مَا شَكِرَتْ مِنْ نَبَاتٍ أَصَابَتْهُ قَطُّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مِنْ كُلِّ حَدَبٍ) مُرْتَفَعٍ مِنَ الْأَرْضِ (يَنْسِلُونَ) يُسْرِعُونَ (فَيَعُمُّونَ) مِنَ الْعُمُومِ (وَيَنْحَازُ) يُقَالُ انْحَازَ الْقَوْمُ تَرَكُوا مَرْكَزَهُمْ إِلَى آخِرِهِمْ (لَنُنَازِلَنَّ) التَّنَازُلُ كَالتَّقَاتُلِ هُوَ التَّضَارُبُ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ وَهُوَ النُّزُولُ عَنِ الرَّاكِبِ أَيْ لَنُحَارِبَنَّ قَوْلُهُ: (فَتَشْكَرُ) بِفَتْحِ الْكَافِ، أَيْ: تَسْمَنُ وَتَمْتَلِئُ شَحْمًا (شَكِرَتْ) بِكَسْرِ الْكَافِ عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ

رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.

4080 - حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ مَرْوَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ يَحْفِرُونَ كُلَّ يَوْمٍ حَتَّى إِذَا كَادُوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشَّمْسِ قَالَ الَّذِي عَلَيْهِمْ ارْجِعُوا فَسَنَحْفِرُهُ غَدًا فَيُعِيدُهُ اللَّهُ أَشَدَّ مَا كَانَ حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ مُدَّتُهُمْ وَأَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَهُمْ عَلَى النَّاسِ حَفَرُوا حَتَّى إِذَا كَادُوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشَّمْسِ قَالَ الَّذِي عَلَيْهِمْ ارْجِعُوا فَسَتَحْفِرُونَهُ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَاسْتَثْنَوْا فَيَعُودُونَ إِلَيْهِ وَهُوَ كَهَيْئَتِهِ حِينَ تَرَكُوهُ فَيَحْفِرُونَهُ وَيَخْرُجُونَ عَلَى النَّاسِ فَيُنْشِفُونَ الْمَاءَ وَيَتَحَصَّنُ النَّاسُ مِنْهُمْ فِي حُصُونِهِمْ فَيَرْمُونَ بِسِهَامِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ فَتَرْجِعُ عَلَيْهَا الدَّمُ الَّذِي اجْفَظَّ فَيَقُولُونَ قَهَرْنَا أَهْلَ الْأَرْضِ وَعَلَوْنَا أَهْلَ السَّمَاءِ فَيَبْعَثُ اللَّهُ نَغَفًا فِي أَقْفَائِهِمْ فَيَقْتُلُهُمْ بِهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ دَوَابَّ الْأَرْضِ لَتَسْمَنُ وَتَشْكَرُ شَكَرًا مِنْ لُحُومِهِمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَيُنَشِّفُونَ الْمَاءَ) مِنْ نَشِفَ كَعَلِمَ، أَيْ: يَنْزَحُونَهُ (الَّذِي أَحْفَظُ) لَعَلَّ هَذَا مِنْ كَلَامِ الرَّاوِي بِتَقْدِيرِ هَذَا الَّذِي أَحْفَظُهُ قَوْلُهُ: (شَكَرًا) بِفَتْحَتَيْنِ.

4081 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ حَدَّثَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ حَدَّثَنِي جَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ عَنْ مُؤْثِرِ بْنِ عَفَازَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ «لَمَّا كَانَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِيَ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى فَتَذَاكَرُوا السَّاعَةَ فَبَدَءُوا بِإِبْرَاهِيمَ فَسَأَلُوهُ عَنْهَا فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنْهَا عِلْمٌ ثُمَّ سَأَلُوا مُوسَى فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنْهَا عِلْمٌ فَرُدَّ الْحَدِيثُ إِلَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فَقَالَ قَدْ عُهِدَ إِلَيَّ فِيمَا دُونَ وَجْبَتِهَا فَأَمَّا وَجْبَتُهَا فَلَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ فَذَكَرَ خُرُوجَ الدَّجَّالِ قَالَ فَأَنْزِلُ فَأَقْتُلُهُ فَيَرْجِعُ النَّاسُ إِلَى بِلَادِهِمْ فَيَسْتَقْبِلُهُمْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ فَلَا يَمُرُّونَ بِمَاءٍ إِلَّا شَرِبُوهُ وَلَا بِشَيْءٍ إِلَّا أَفْسَدُوهُ فَيَجْأَرُونَ إِلَى اللَّهِ فَأَدْعُو اللَّهَ أَنْ يُمِيتَهُمْ فَتَنْتُنُ الْأَرْضُ مِنْ رِيحِهِمْ فَيَجْأَرُونَ إِلَى اللَّهِ فَأَدْعُو اللَّهَ فَيُرْسِلُ السَّمَاءَ بِالْمَاءِ فَيَحْمِلُهُمْ فَيُلْقِيهِمْ فِي الْبَحْرِ ثُمَّ تُنْسَفُ الْجِبَالُ وَتُمَدُّ الْأَرْضُ مَدَّ الْأَدِيمِ فَعُهِدَ إِلَيَّ مَتَى كَانَ ذَلِكَ كَانَتْ السَّاعَةُ مِنْ النَّاسِ كَالْحَامِلِ الَّتِي لَا يَدْرِي أَهْلُهَا مَتَى تَفْجَؤُهُمْ بِوِلَادَتِهَا» قَالَ الْعَوَّامُ وَوُجِدَ تَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} [الأنبياء: 96] ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَجْبَتُهَا) أَيْ: قِيَامُهَا (فَيَجْأَرُونَ إِلَى اللَّهِ) الْجُؤَارُ رَفْعُ الصَّوْتِ وَالِاسْتِغَاثَةُ (ثُمَّ تَنْسِفُ) كَيَضْرِبُ، أَيْ: يُفَتِّتُهَا، وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَمُؤْثِرُ بْنُ عَفَارَةَ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ، رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ: هَذَا صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

[باب خروج المهدي]

[باب خُرُوجِ الْمَهْدِيِّ] 4082 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ صَالِحٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أَقْبَلَ فِتْيَةٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ فَلَمَّا رَآهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ وَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ قَالَ فَقُلْتُ مَا نَزَالُ نَرَى فِي وَجْهِكَ شَيْئًا نَكْرَهُهُ فَقَالَ إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ اخْتَارَ اللَّهُ لَنَا الْآخِرَةَ عَلَى الدُّنْيَا وَإِنَّ أَهْلَ بَيْتِي سَيَلْقَوْنَ بَعْدِي بَلَاءً وَتَشْرِيدًا وَتَطْرِيدًا حَتَّى يَأْتِيَ قَوْمٌ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ مَعَهُمْ رَايَاتٌ سُودٌ فَيَسْأَلُونَ الْخَيْرَ فَلَا يُعْطَوْنَهُ فَيُقَاتِلُونَ فَيُنْصَرُونَ فَيُعْطَوْنَ مَا سَأَلُوا فَلَا يَقْبَلُونَهُ حَتَّى يَدْفَعُوهَا إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي فَيَمْلَؤُهَا قِسْطًا كَمَا مَلَئُوهَا جَوْرًا فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَلْيَأْتِهِمْ وَلَوْ حَبْوًا عَلَى الثَّلْجِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذَا أَقْبَلَ فِتْيَةٌ) بِكَسْرِ الْفَاءِ، أَيْ: جَمَاعَةٌ (اغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ) أَيْ: غَرِقَتَا بِالدُّمُوعِ وَهُوَ افْعَوْعَلَ مِنَ الْغَرَقِ (حَتَّى يَدْفَعُوهَا) أَيِ: الْإِمَارَةُ قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي هَذَا الْإِشَارَةُ إِلَى مُلْكِ بَنِي الْعَبَّاسِ قُلْتُ: يَأْبَاهُ قَوْلُهُ: فَيَمْلَؤُهَا قِسْطًا، أَيْ: عَدْلًا، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إِشَارَةٌ إِلَى الْمَهْدِيِّ الْمَوْعُودِ؛ وَلِذَلِكَ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي هَذَا الْبَابِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ الْكُوفِيِّ، لَكِنْ لَمْ يَنْفَرِدْ بِزَيْدِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ فَقَدْ رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ طَرِيقِ عُمَرَ بْنِ قَيْسٍ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ.

4083 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ الْعُقَيْلِيُّ حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ عَنْ زَيْدٍ الْعَمِّيِّ عَنْ أَبِي صِدِّيقٍ النَّاجِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَكُونُ فِي أُمَّتِي الْمَهْدِيُّ إِنْ قُصِرَ فَسَبْعٌ وَإِلَّا فَتِسْعٌ فَتَنْعَمُ فِيهِ أُمَّتِي نِعْمَةً لَمْ يَنْعَمُوا مِثْلَهَا قَطُّ تُؤْتَى أُكُلَهَا وَلَا تَدَّخِرُ مِنْهُمْ شَيْئًا وَالْمَالُ يَوْمَئِذٍ كُدُوسٌ فَيَقُومُ الرَّجُلُ فَيَقُولُ يَا مَهْدِيُّ أَعْطِنِي فَيَقُولُ خُذْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنْ قُصِرَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنَ الْقَصْرِ وَهُوَ خِلَافُ الْمَدِّ، أَيْ: إِنْ قُصِرَ بَقَاؤُهُ فِيكُمْ (كُدُوسٌ) ضُبِطَ بِضَمِّ الْكَافِ، قَالَ السُّيُوطِيُّ: أَيْ مُجْتَمَعٌ.

4084 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَأَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْتَتِلُ عِنْدَ كَنْزِكُمْ ثَلَاثَةٌ كُلُّهُمْ ابْنُ خَلِيفَةٍ ثُمَّ لَا يَصِيرُ إِلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَطْلُعُ الرَّايَاتُ السُّودُ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ فَيَقْتُلُونَكُمْ قَتْلًا لَمْ يُقْتَلْهُ قَوْمٌ ثُمَّ ذَكَرَ شَيْئًا لَا أَحْفَظُهُ فَقَالَ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَبَايِعُوهُ وَلَوْ حَبْوًا عَلَى الثَّلْجِ فَإِنَّهُ خَلِيفَةُ اللَّهِ الْمَهْدِيُّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عِنْدَ كَنْزِكُمْ) أَيْ: مُلْكِكُمْ، وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَنْزِ الْمَذْكُورِ كَنْزُ الْكَعْبَةِ (ثُمَّ تَطْلُعُ الرَّايَاتِ السُّودِ) قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ هَذِهِ الرَّايَاتُ السُّودُ لَيْسَتْ هِيَ الَّتِي أَقْبَلَ بِهَا أَبُو مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيُّ فَاسْتَلَبَ بِهَا دَوْلَةَ بَنِي أُمَيَّةَ، بَلْ رَايَاتٌ سُودٌ أُخَرُ تَأْتِي صُحْبَةَ

الْمَهْدِيِّ (لَا أَحْفَظُهُ) يَعْنِي فِي طَرِيقٍ آخَرَ فَأَخْرَجَهُ الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ فِي مُسْنَدِهِ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي كِتَابِ الْهَدْيِ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سُوَيْدٍ الشَّامِيِّ (خَلِيفَةُ اللَّهِ الْمَهْدِيُّ) كَذَا ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ، وَفِي الزَّوَائِدِ كَذَا إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ.

4085 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ حَدَّثَنَا يَاسِينُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَهْدِيُّ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ يُصْلِحُهُ اللَّهُ فِي لَيْلَةٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يُصْلِحُهُ اللَّهُ فِي لَيْلَةٍ) قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ، أَيْ: يَتُوبُ عَلَيْهِ وَيُوَفِّقُهُ وَيُلْهِمُهُ رُشْدَهُ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، وَفِي الزَّوَائِدِ قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ عَقِبَ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ هَذَا فِي إِسْنَادِهِ نَظَرٌ وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَوَثَّقَهُ الْعِجْلِيُّ قَالَ الْبُخَارِيُّ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا أَعْلَمُ لَهُ حَدِيثًا غَيْرَ هَذَا، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ وَأَبُو زُرْعَةَ: لَا بَأْسَ بِهِ وَأَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ اسْمُهُ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ وَبَاقِيهِمْ ثِقَاتٌ.

4086 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ الرَّقِّيُّ عَنْ زِيَادِ بْنِ بَيَانٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ نُفَيْلٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ «كُنَّا عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ فَتَذَاكَرْنَا الْمَهْدِيَّ فَقَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْمَهْدِيُّ مِنْ وَلَدِ فَاطِمَةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مِنْ وَلَدِ فَاطِمَةَ) قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ فَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْإِفْرَادِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ مَرْفُوعًا الْمَهْدِيُّ مِنْ وَلَدِ الْعَبَّاسِ عَمِّي فَإِنَّهُ حَدِيثٌ غَرِيبٌ كَمَا قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ تَفَرَّدَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ.

4087 - حَدَّثَنَا هَدِيَّةُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ الْيَمَامِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ إِسْحَقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ نَحْنُ وَلَدَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ سَادَةُ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنَا وَحَمْزَةُ وَعَلِيٌّ وَجَعْفَرٌ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَالْمَهْدِيُّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (سَادَةُ أَهْلِ الْجَنَّةِ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ وَعَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ لَمْ أَرَ مَنْ وَثَّقَهُ وَلَا مَنْ جَرَّحَهُ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ مُوثَقُونَ.

4088 - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى الْمِصْرِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُدَ الْحَرَّانِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَمْرِو بْنِ جَابِرٍ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنَ جَزْءٍ الزَّبِيدِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ نَاسٌ مِنْ الْمَشْرِقِ فَيُوَطِّئُونَ لِلْمَهْدِيِّ يَعْنِي سُلْطَانَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَيُوَطِّئُونَ لِلْمَهْدِيِّ) أَيْ: يُمَهِّدُونَ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَمْرُو بْنُ جَابِرٍ الْحَضْرَمِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ وَهُمَا ضَعِيفَانِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب الملاحم]

[باب الْمَلَاحِمِ] 4089 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ قَالَ مَالَ مَكْحُولٌ وَابْنُ أَبِي زَكَرِيَّا إِلَى خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ وَمِلْتُ مَعَهُمَا فَحَدَّثَنَا عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ قَالَ «قَالَ لِي جُبَيْرٌ انْطَلِقْ بِنَا إِلَى ذِي مِخْمَرٍ وَكَانَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْطَلَقْتُ مَعَهُمَا فَسَأَلَهُ عَنْ الْهُدْنَةِ فَقَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ سَتُصَالِحُكُمْ الرُّومُ صُلْحًا آمِنًا ثُمَّ تَغْزُونَ أَنْتُمْ وَهُمْ عَدُوًّا فَتَنْتَصِرُونَ وَتَغْنَمُونَ وَتَسْلَمُونَ ثُمَّ تَنْصَرِفُونَ حَتَّى تَنْزِلُوا بِمَرْجٍ ذِي تُلُولٍ فَيَرْفَعُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الصَّلِيبِ الصَّلِيبَ فَيَقُولُ غَلَبَ الصَّلِيبُ فَيَغْضَبُ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَيَقُومُ إِلَيْهِ فَيَدُقُّهُ فَعِنْدَ ذَلِكَ تَغْدِرُ الرُّومُ وَيَجْتَمِعُونَ لِلْمَلْحَمَةِ» حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ وَزَادَ فِيهِ فَيَجْتَمِعُونَ لِلْمَلْحَمَةِ فَيَأْتُونَ حِينَئِذٍ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةٍ تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا ـــــــــــــــــــــــــــــ جَمْعُ مَلْحَمَةٍ وَهُوَ مَوْضِعُ الْقِتَالِ وَيُطْلَقُ عَلَى الْقِتَالِ وَالْفِتْنَةِ أَيْضًا، إِمَّا مِنَ اللَّحْمِ لِكَثْرَةِ لُحُومِ الْقَتْلَى فِيهَا، أَوْ مِنْ لُحْمَةِ الثَّوْبِ لِاشْتِبَاكِ النَّاسِ وَاخْتِلَافِهِمْ فِيهَا كَاشْتِبَاكِ لُحْمَةِ الثَّوْبِ بِسُدَاهُ، وَالْمُرَادُ هَاهُنَا بَيَانُ الْفِتَنِ وَالْوَقَائِعِ الْعِظَامِ وَأَمْثَالِهَا. قَوْلُهُ: (عَنِ الْهُدْنَةِ) بِضَمِّ هَاءٍ وَسُكُونِ دَالٍ مُهْمَلَةٍ الصُّلْحُ (صُلْحًا آمِنًا) أَيْ: ذَا أَمْنٍ فَالصِّيغَةُ لِلنِّسْبَةِ، أَوْ جُعِلَ آمِنًا عَلَى النِّسْبَةِ الْمَجَازِيَّةِ (ثُمَّ تَغْزُونَ أَنْتُمْ وَهُمْ عَدُوًّا) أَيْ: عَدُوًّا آخَرَ بِالْمُشَارَكَةِ وَالِاجْتِمَاعِ بِسَبَبِ الصُّلْحِ الَّذِي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ، أَوْ أَنْتُمْ تَغْزُونَ عَدُوَّكُمْ وَهُمْ يَغْزُونَ عَدُوَّهُمْ بِالِانْفِرَادِ (وَتَسْلَمُونَ) مِنَ السَّلَامَةِ (بِمَرْجٍ) بِسُكُونِ رَاءٍ آخِرُهُ جِيمٍ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَرْعَى فِيهِ الدَّوَابُّ (تُلُولٌ) بِضَمَّتَيْنِ وَخِفَّةِ لَامٍ جَمْعُ تَلٍّ كُلُّ مَا اجْتَمَعَ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ تُرَابٍ أَوْ رَمْلٍ (غَلَبَ الصَّلِيبُ) أَيْ: دِينُ النَّصَارَى قَصْدًا لِإِبْطَالِ الصُّلْحِ، أَوْ لِمُجَرَّدِ الِافْتِخَارِ وَإِيقَاعِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْغَيْظِ قَوْلُهُ: (تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةٍ) بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتَ، أَيْ: ثَمَانِينَ رَايَةً، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ بَعْضَهُ.

4090 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاتِكَةِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَبِيبٍ الْمُحَارِبِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا وَقَعَتْ الْمَلَاحِمُ بَعَثَ اللَّهُ بَعْثًا مِنْ الْمَوَالِي هُمْ أَكْرَمُ الْعَرَبِ فَرَسًا وَأَجْوَدُهُ سِلَاحًا يُؤَيِّدُ اللَّهُ بِهِمْ الدِّينَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مِنَ الْمَوَالِي) أَيْ: مِنَ الَّذِينَ أَعْتَقَهُمُ الْعَرَبُ، وَقَوْلُهُ: هُمْ أَكْرَمُ الْعَرَبِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ مِنَ الْعَرَبِ فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعَرَبَ مُفْرَدٌ لَفْظًا فَإِنَّهُ اسْمٌ لِلْجِنْسِ، وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ حَسَنٌ وَعَمَّانُ بْنُ

أَبِي الْعَاتِكَةَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.

4091 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ عَنْ نَافِعِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سَتُقَاتِلُونَ جَزِيرَةَ الْعَرَبِ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ ثُمَّ تُقَاتِلُونَ الرُّومَ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ ثُمَّ تُقَاتِلُونَ الدَّجَّالَ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ» قَالَ جَابِرٌ فَمَا يَخْرُجُ الدَّجَّالُ حَتَّى تُفْتَحَ الرُّومُ

4092 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَإِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ قُطَيْبٍ السَّكُونِيِّ وَقَالَ الْوَلِيدُ يَزِيدُ بْنُ قُطْبَةَ عَنْ أَبِي بَحْرِيَّةَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمَلْحَمَةُ الْكُبْرَى وَفَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ وَخُرُوجُ الدَّجَّالِ فِي سَبْعَةِ أَشْهُرٍ»

4093 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ عَنْ بَحِيرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ أَبِي بِلَالٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْمَلْحَمَةِ وَفَتْحِ الْمَدِينَةِ سِتُّ سِنِينَ وَيَخْرُجُ الدَّجَّالُ فِي السَّابِعَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَفَتْحُ الْمَدِينَةِ) أَيْ: الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ وَعَلَى هَذَا، فَهَذَا الْحَدِيثُ مُنَافٍ لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ ظَاهِرًا، وَقِيلَ: فِي دَفْعِهِ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ أَوَّلِ الْمَلْحَمَةِ وَآخِرِهَا سِتُّ سِنِينَ وَيَكُونُ بَيْنَ آخِرِهَا وَفَتْحِ الْمَدِينَةِ بِحَيْثُ يَكُونُ ذَلِكَ مَعَ خُرُوجِ الدَّجَّالِ فِي سَبْعَةِ أَشْهُرٍ.

4094 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا أَبُو يَعْقُوبَ الْحُنَيْنِيُّ عَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَكُونَ أَدْنَى مَسَالِحِ الْمُسْلِمِينَ بِبَوْلَاءَ ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا عَلِيُّ يَا عَلِيُّ يَا عَلِيُّ قَالَ بِأَبِي وَأُمِّي قَالَ إِنَّكُمْ سَتُقَاتِلُونَ بَنِي الْأَصْفَرِ وَيُقَاتِلُهُمْ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِكُمْ حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ رُوقَةُ الْإِسْلَامِ أَهْلُ الْحِجَازِ الَّذِينَ لَا يَخَافُونَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ فَيَفْتَتِحُونَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّكْبِيرِ فَيُصِيبُونَ غَنَائِمَ لَمْ يُصِيبُوا مِثْلَهَا حَتَّى يَقْتَسِمُوا بِالْأَتْرِسَةِ وَيَأْتِي آتٍ فَيَقُولُ إِنَّ الْمَسِيحَ قَدْ خَرَجَ فِي بِلَادِكُمْ أَلَا وَهِيَ كِذْبَةٌ فَالْآخِذُ نَادِمٌ وَالتَّارِكُ نَادِمٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَدْنَى مَسَالِحَ) جَمْعُ مَسْلَحَةٍ وَهُوَ كَالثَّغْرِ وَالْمُرْقِبُ يَكُونُ فِيهِ أَقْوَامٌ يَرْقُبُونَ الْعَدُوَّ لِئَلَّا يَطْرُقَهُمْ عَلَى غَفْلَةٍ فَإِذَا رَأَوْهُ أَعْلَمُوا أَصْحَابَهُمْ لِيَتَأَهَّبُوا لَهُ (بَبَوْلَاءَ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ اسْمُ مَوْضِعٍ كَانَ يَسْرِقُ فِيهِ الْأَعْرَابُ مَتَاعَ الْحَاجِّ قَوْلُهُ: (رُوقَةُ الْإِسْلَامِ) ، أَيْ: خِيَارُ الْمُسْلِمِينَ وَسَرَاتُهُمْ جَمْعُ رَائِقَ مِنْ رَاقَ الشَّيْءَ إِذَا صَفَا وَخَلَصَ (بِالْأَتْرِسَةِ) جَمْعُ تُرْسٍ بَيَانُ كَثِيرِ مَا غَنِمُوا (فَالْآخِذُ نَادِمٌ) لِظُهُورِ أَنَّهُ كَذِبٌ (وَالتَّارِكُ) هَذَا الْقَوْلَ (نَادِمٌ) لِأَنَّ الدَّجَّالَ يَخْرُجُ بَعْدَهُ بِقَرِيبٍ بِحَيْثُ يَرَى التَّارِكُ أَنَّهُ لَوْ تَأَهَّبَ لَهُ حِينَ سَمِعَ ذَلِكَ الْقَوْلَ كَانَ أَحْسَنُ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ كَذَّبَهُ

الشَّافِعِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ رَوَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ نُسْخَةً مَوْضُوعَةً لَا يَحِلُّ ذِكْرُهَا فِي كُتُبٍ وَلَا الرِّوَايَةُ عَنْهُ إِلَّا عَلَى جِهَةِ التَّعَجُّبِ.

4095 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِي أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ حَدَّثَنِي عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الْأَصْفَرِ هُدْنَةٌ فَيَغْدِرُونَ بِكُمْ فَيَسِيرُونَ إِلَيْكُمْ فِي ثَمَانِينَ غَايَةً تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا»

[باب الترك]

[باب التُّرْكِ] 4096 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا نِعَالُهُمْ الشَّعَرُ وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا صِغَارَ الْأَعْيُنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (نِعَالُهُمُ الشَّعْرُ) أَيْ: يَتَّخِذُونَ النِّعَالَ مِنَ الشَّعْرِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ أَنَّ ذَوَائِبَهُمْ لِطُولِهَا وَلِوُصُولِهَا إِلَى أَرْجُلِهِمْ كَالنِّعَالِ.

4097 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا صِغَارَ الْأَعْيُنِ ذُلْفَ الْأُنُوفِ كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا نِعَالُهُمْ الشَّعَرُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ذُلْفُ الْأُنُوفِ) بِضَمِّ ذَالٍ مُعْجَمَةٍ وَسُكُونِ لَامٍ آخِرُهُ فَاءٌ جَمْعُ ذُلْفَةٍ يُقَالُ رَجُلٌ أَذْلَفُ، أَيْ: قَصِيرُ الْأَنْفِ، وَقِيلَ: أَيْ غَلِيظٌ (الْمُطْرَقَةُ) اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ أَطْرَقَ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا.

4098 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ عَنْ عَمْرِو بْنِ تَغْلِبَ قَالَ «سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ تُقَاتِلُوا قَوْمًا عِرَاضَ الْوُجُوهِ كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ وَإِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ تُقَاتِلُوا قَوْمًا يَنْتَعِلُونَ الشَّعَرَ»

4099 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا صِغَارَ الْأَعْيُنِ عِرَاضَ الْوُجُوهِ كَأَنَّ أَعْيُنَهُمْ حَدَقُ الْجَرَادِ كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ يَنْتَعِلُونَ الشَّعَرَ وَيَتَّخِذُونَ الدَّرَقَ يَرْبُطُونَ خَيْلَهُمْ بِالنَّخْلِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَيَتَّخِذُونَ الدَّرَقَ) بِفَتْحَتَيْنِ وَاحِدُهَا دَرَقَةٌ بِفَتْحَتَيْنِ وَهِيَ الْمِحَفَّةُ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَعَمَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ بِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[كتاب الزهد]

[كِتَاب الزُّهْدِ] [بَاب الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَاب الزُّهْدِ بَاب الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا 4100 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ وَاقِدٍ الْقُرَشِيُّ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مَيْسَرَةَ بْنِ حَلْبَسٍ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ الزَّهَادَةُ فِي الدُّنْيَا بِتَحْرِيمِ الْحَلَالِ وَلَا فِي إِضَاعَةِ الْمَالِ وَلَكِنْ الزَّهَادَةُ فِي الدُّنْيَا أَنْ لَا تَكُونَ بِمَا فِي يَدَيْكَ أَوْثَقَ مِنْكَ بِمَا فِي يَدِ اللَّهِ وَأَنْ تَكُونَ فِي ثَوَابِ الْمُصِيبَةِ إِذَا أُصِبْتَ بِهَا أَرْغَبَ مِنْكَ فِيهَا لَوْ أَنَّهَا أُبْقِيَتْ لَكَ» قَالَ هِشَامٌ كَانَ أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ يَقُولُ مِثْلُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْأَحَادِيثِ كَمِثْلِ الْإِبْرِيزِ فِي الذَّهَبِ ـــــــــــــــــــــــــــــ (أَبْوَابُ الزُّهْدِ) هَذَا آخِرُ أَبْوَابِ الْكِتَابِ وَقَدْ خَتَمَ بِهَذِهِ الْأَبْوَابِ الْكِتَابَ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ نَتِيجَةَ الْعِلْمِ هُوَ الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا وَالرَّغْبَةُ فِيمَا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ ابْنُ الْقِيَمُ الْفَرْقُ بَيْنَ الزُّهْدِ وَالْوَرَعِ

أَنَّ الزُّهْدَ تَرْكُ مَا لَا يَنْفَعُ فِي الْآخِرَةِ وَالْوَرَعُ تَرْكُ مَا يُخْشَى ضَرَرُهُ فِي الْآخِرَةِ. قَوْلُهُ: (بِتَحْرِيمِ الْحَلَالِ) أَيْ: بِتَرْكِ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّهُ اللَّهُ وَلَا يَتَنَاوَلُهَا (أَنْ لَا تَكُونَ) أَيْ: أَنْ لَا يَكُونَ اعْتِمَادُكَ عَلَى حَالِكَ أَكْثَرَ مِنَ اعْتِمَادِكَ عَلَى رِزْقِ اللَّهِ فَلَا يُهِمُّكَ جَمْعُ الْمَالِ بِنَاءً عَلَى أَنَّكَ تَعْتَمِدُ عَلَيْهِ، بَلْ تَنْظُرُ إِلَى رِزْقِ اللَّهِ وَتَتْرُكُ هَمَّ الْجَمْعِ لِذَلِكَ قَوْلُهُ: (إِذَا أُصِبْتَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ (فِيهَا) أَيْ: فِيمَا فَاتَ فِي الْمُصِيبَةِ لَا فِي نَفْسِ الْمُصِيبَةِ أَيْ أَنْ يَصِيرَ ثَوَابُ الْمُصِيبَةِ عِنْدَكَ خَيْرًا مِمَّا فَاتَ فِي الْمُصِيبَةِ مِنَ الْمَالِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالْحَالِ، وَالْحَاصِلُ أَنْ لَا يَكُونَ الْقَلْبُ مُتَعَلِّقًا بِالدُّنْيَا لَا ابْتِدَاءً اعْتِمَادًا عَلَى الرِّزْقِ لَا الْمَالِ وَلَا بَقَاءَ رَغْبَتِهِ فِي الثَّوَابِ دُونَ الْمَالِ.

4101 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ أَبِي خَلَّادٍ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَأَيْتُمْ الرَّجُلَ قَدْ أُعْطِيَ زُهْدًا فِي الدُّنْيَا وَقِلَّةَ مَنْطِقٍ فَاقْتَرِبُوا مِنْهُ فَإِنَّهُ يُلْقِي الْحِكْمَةَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَاقْتَرَبُوا مِنْهُ) أَيْ: أَصْغُوا وَاسْمَعُوا مِنْهُ مَا يَقُولُ (فَإِنَّهُ يُلْقِي الْحِكْمَةَ) أَيْ: يُظْهِرُهَا فِي كَلَامِهِ عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ مِنَ الْإِلْقَاءِ، أَوْ فَإِنَّ الْحِكْمَةَ تُلْقَى فِي قَلْبِهِ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنْهُ، وَفِي الزَّوَائِدِ لَمْ يُخَرِّجِ ابْنُ مَاجَهْ لِأَبِي خَلَّادٍ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَلَمْ يُخَرِّجْ لَهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الْكُتُبِ الْخَمْسَةِ شَيْئًا.

4102 - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ أَبِي السَّفَرِ حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَمْرٍو الْقُرَشِيُّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ «أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا أَنَا عَمِلْتُهُ أَحَبَّنِي اللَّهُ وَأَحَبَّنِي النَّاسُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبَّكَ اللَّهُ وَازْهَدْ فِيمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ يُحِبُّوكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبُّكَ اللَّهُ) فَإِنَّ الدُّنْيَا مَحْبُوبَةٌ عِنْدَهُمْ، فَمَنْ يُزَاحِمُهُمْ فِيهَا يَصِيرُ مَبْغُوضًا عِنْدَهُمْ بِقَدْرِ ذَلِكَ وَمَنْ تَرَكَهُمْ وَمَحْبُوبَهُمْ يَكُونُ مَحْبُوبًا فِي قُلُوبِهِمْ بِقَدْرِ ذَلِكَ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ خَالِدُ بْنُ عَمْرٍو وَهُوَ ضَعِيفٌ مُتَّفَقٌ عَلَى ضَعْفِهِ وَاتُّهِمَ

بِالْوَضْعِ وَأَوْرَدَ لَهُ الْعُقَيْلِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ، وَقَالَ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ، لَكِنْ قَالَ النَّوَوِيُّ: عَقِبَ هَذَا الْحَدِيثِ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ بِأَسَانِيدَ حَسَنَةً.

4103 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ سَهْمٍ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ قَالَ «نَزَلْتُ عَلَى أَبِي هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ وَهُوَ طَعِينٌ فَأَتَاهُ مُعَاوِيَةُ يَعُودُهُ فَبَكَى أَبُو هَاشِمٍ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ مَا يُبْكِيكَ أَيْ خَالِ أَوَجَعٌ يُشْئِزُكَ أَمْ عَلَى الدُّنْيَا فَقَدْ ذَهَبَ صَفْوُهَا قَالَ عَلَى كُلٍّ لَا وَلَكِنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهِدَ إِلَيَّ عَهْدًا وَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ تَبِعْتُهُ قَالَ إِنَّكَ لَعَلَّكَ تُدْرِكُ أَمْوَالًا تُقْسَمُ بَيْنَ أَقْوَامٍ وَإِنَّمَا يَكْفِيكَ مِنْ ذَلِكَ خَادِمٌ وَمَرْكَبٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأَدْرَكْتُ فَجَمَعْتُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يُشْئِزُكَ) مِنْ أَشْأَزَهُ، أَيْ: أَقْلَقَهُ (أَمْوَالًا تُقْسَمُ) أَيْ: أَمْوَالًا مِنْ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ.

4104 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «اشْتَكَى سَلْمَانُ فَعَادَهُ سَعْدٌ فَرَآهُ يَبْكِي فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ مَا يُبْكِيكَ يَا أَخِي أَلَيْسَ قَدْ صَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَيْسَ أَلَيْسَ قَالَ سَلْمَانُ مَا أَبْكِي وَاحِدَةً مِنْ اثْنَتَيْنِ مَا أَبْكِي ضِنًّا لِلدُّنْيَا وَلَا كَرَاهِيَةً لِلْآخِرَةِ وَلَكِنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهِدَ إِلَيَّ عَهْدًا فَمَا أُرَانِي إِلَّا قَدْ تَعَدَّيْتُ قَالَ وَمَا عَهِدَ إِلَيْكَ قَالَ عَهِدَ إِلَيَّ أَنَّهُ يَكْفِي أَحَدَكُمْ مِثْلُ زَادِ الرَّاكِبِ وَلَا أُرَانِي إِلَّا قَدْ تَعَدَّيْتُ وَأَمَّا أَنْتَ يَا سَعْدُ فَاتَّقِ اللَّهَ عِنْدَ حُكْمِكَ إِذَا حَكَمْتَ وَعِنْدَ قَسْمِكَ إِذَا قَسَمْتَ وَعِنْدَ هَمِّكَ إِذَا هَمَمْتَ» قَالَ ثَابِتٌ فَبَلَغَنِي أَنَّهُ مَا تَرَكَ إِلَّا بِضْعَةً وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا مِنْ نَفَقَةٍ كَانَتْ عِنْدَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَا أَبْكِي ضِنًّا) بِكَسْرِ ضَادٍ مُعْجَمَةٍ بُخْلًا لِذَهَابِهَا (نُفَيْقَةُ) تَصْغِيرُ نَفَقَةٍ بِنُونٍ فَفَاءٍ فَقَافٍ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ وَهُوَ وَإِنْ أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ هُوَ ثِقَةٌ عِنْدَنَا أَكْثَرَ عَنْ ثَابِتٍ أَحَادِيثَ مُنْكَرَةٍ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ يُخَالِفُ فِي بَعْضِ حَدِيثِهِ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ كَانَ يَبْغَضُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَكَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ يَسْتَضْعِفُهُ.

[باب الهم بالدنيا]

[باب الْهَمِّ بِالدُّنْيَا] 4105 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عُمَرَ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «خَرَجَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ مِنْ عِنْدِ مَرْوَانَ بِنِصْفِ النَّهَارِ قُلْتُ مَا بَعَثَ إِلَيْهِ هَذِهِ السَّاعَةَ إِلَّا لِشَيْءٍ سَأَلَ عَنْهُ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ سَأَلَنَا عَنْ أَشْيَاءَ سَمِعْنَاهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ كَانَتْ الدُّنْيَا هَمَّهُ فَرَّقَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَمْرَهُ وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَلَمْ يَأْتِهِ مِنْ الدُّنْيَا إِلَّا مَا كُتِبَ لَهُ وَمَنْ كَانَتْ الْآخِرَةُ نِيَّتَهُ جَمَعَ اللَّهُ لَهُ أَمْرَهُ وَجَعَلَ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَرَّقَ اللَّهُ) مِنَ التَّفْرِيقِ

(وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ) أَيْ: مَقْهُورَةٌ فَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا كُتِبَ لِلْعَبْدِ مِنَ الرِّزْقِ يَأْتِيهِ لَا مَحَالَةَ إِلَّا أَنَّهُ مَنْ طَلَبَ الْآخِرَةَ يَأْتِيهِ بِلَا تَعَبٍ وَمَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا يَأْتِيهِ بِتَعَبٍ وَشِدَّةٍ، فَطَالِبُ الْآخِرَةِ قَدْ جَمَعَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَإِنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْ جِمْعِ الْمَالِ الرَّاحَةَ فِي الدُّنْيَا وَقَدْ حَصَلَتْ لِطَالِبِ الْآخِرَةِ وَطَالِبُ الدُّنْيَا قَدْ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ؛ لِأَنَّهُ فِي الدُّنْيَا فِي التَّعَبِ الشَّدِيدِ فِي طَلَبِهَا فَأَيُّ فَائِدَةٍ لَهُ فِي الْمَالِ إِذَا فَاتَتِ الرَّاحَةُ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

4106 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَالْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ النَّصْرِيِّ عَنْ نَهْشَلٍ عَنْ الضَّحَّاكِ عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ «سَمِعْتُ نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ جَعَلَ الْهُمُومَ هَمًّا وَاحِدًا هَمَّ الْمَعَادِ كَفَاهُ اللَّهُ هَمَّ دُنْيَاهُ وَمَنْ تَشَعَّبَتْ بِهِ الْهُمُومُ فِي أَحْوَالِ الدُّنْيَا لَمْ يُبَالِ اللَّهُ فِي أَيِّ أَوْدِيَتِهِ هَلَكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَمْ يُبَالِ اللَّهُ فِي أَيْ أَوْدِيَتِهِ) ضَمِيرُ أَوْدِيَتِهِ لِمَنْ وَالْكَلَامُ كِنَايَةٌ عَنْ كَوْنِهِ تَعَالَى لَا يُعِينُهُ، وَفِي الزَّوَائِدِ الْحَدِيثُ قَدْ تَقَدَّمَ فِي اتِّبَاعِ السُّنَّةِ.

4107 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ زَائِدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْوَالِبِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَدْ رَفَعَهُ قَالَ «يَقُولُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ يَا ابْنَ آدَمَ تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي أَمْلَأْ صَدْرَكَ غِنًى وَأَسُدَّ فَقْرَكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ مَلَأْتُ صَدْرَكَ شُغْلًا وَلَمْ أَسُدَّ فَقْرَكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي) أَيْ: كُنْ فَارِغًا عَنْ كُلُّ شَيْءٍ لِأَجَلِ الْعِبَادَةِ وَاصْرِفْ وَقْتَكَ كُلَّهُ فِيهَا (أَمْلَأْ) يَحْتَمِلُ الْجَزْمُ عَلَى أَنَّهُ جَوَابُ الْأَمْرِ وَالرَّفْعُ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ.

[باب مثل الدنيا]

[باب مَثَلُ الدُّنْيَا] 4108 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ الْمُسْتَوْرِدَ أَخَا بَنِي فِهْرٍ يَقُولُ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا مَثَلُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَثَلُ مَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ إِصْبَعَهُ فِي الْيَمِّ فَلْيَنْظُرْ بِمَ يَرْجِعُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي الْآخِرَةِ) أَيْ: فِي جَنْبِهَا وَبِالنَّظَرِ إِلَيْهَا وَأَنَّ هَذَا الْمَثَلَ مَثَلٌ لِلدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ بِمَعْنَى أَنَّ النَّاسَ يَضْرِبُونَهُ مَثَلًا لَهَا هُنَاكَ وَهُوَ فَوْقَهُ مَثَلًا؛ لِأَنَّ هُنَاكَ مَعْرِفَتَهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الدُّنْيَا فِي الْقِلَّةِ بِالنَّظَرِ إِلَى الْآخِرَةِ كَالَّذِي عَلَى الْإِصْبَعِ بِالنَّظَرِ إِلَى الْبَحْرِ وَهَذَا الْحَدِيثُ شَرْحٌ وَتَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ} [التوبة: 38] وَالْيَمُّ الْبَحْرُ ذَكَرَهُ

السُّيُوطِيُّ.

4109 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «اضْطَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حَصِيرٍ فَأَثَّرَ فِي جِلْدِهِ فَقُلْتُ بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ كُنْتَ آذَنْتَنَا فَفَرَشْنَا لَكَ عَلَيْهِ شَيْئًا يَقِيكَ مِنْهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَنَا وَالدُّنْيَا إِنَّمَا أَنَا وَالدُّنْيَا كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَأَثَّرَ) مِنَ التَّأْثِيرِ، أَيِ: الْحَصِيرِ (آذَنْتَنَا) مِنَ الْإِذْنِ بِمَعْنَى الْإِعْلَامِ وَالْإِخْبَارِ (مَا أَنَا وَالدُّنْيَا) أَيْ: مُجْتَمِعَانِ مُفْتَرِقَانِ (اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ) أَيْ: وَمِثْلُهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْفِرَاشِ لِتِلْكَ السَّاعَةِ فَانْظُرْ قَدْ أَمَرَنَا بِاتِّبَاعِهِ إِذْ هَذِهِ السُّنَنُ مَخْصُوصَةٌ مِنْ بَيْنِ مَا يَنْبَغِي الِاتِّبَاعُ فِيهِ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ.

4110 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ وَمُحَمَّدٌ الصَّبَّاحُ قَالُوا حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّا بْنُ مَنْظُورٍ حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ فَإِذَا هُوَ بِشَاةٍ مَيِّتَةٍ شَائِلَةٍ بِرِجْلِهَا فَقَالَ أَتُرَوْنَ هَذِهِ هَيِّنَةً عَلَى صَاحِبِهَا فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَلدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ عَلَى صَاحِبِهَا وَلَوْ كَانَتْ الدُّنْيَا تَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا قَطْرَةً أَبَدًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (شَائِلَةٍ بِرِجْلِهَا) أَيْ: رَافِعَةٍ رِجْلَهَا مِنَ الِانْتِفَاخِ (هَيِّنَةً) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ مِنَ الْهَوْنِ (لَلدُّنْيَا) بِفَتْحِ اللَّامِ (جَنَاحَ بَعُوضَةٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ زَكَرِيَّا بْنُ مَنْظُورٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَفِيهِ أَنَّ أَصْلَ الْمَتْنِ صَحِيحٌ.

4111 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَرَبِيٍّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ مُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ الْهَمْدَانِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُسْتَوْرِدُ بْنُ شَدَّادٍ قَالَ «إِنِّي لَفِي الرَّكْبِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أَتَى عَلَى سَخْلَةٍ مَنْبُوذَةٍ قَالَ فَقَالَ أَتُرَوْنَ هَذِهِ هَانَتْ عَلَى أَهْلِهَا قَالَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ هَوَانِهَا أَلْقَوْهَا أَوْ كَمَا قَالَ قَالَ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَلدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ عَلَى أَهْلِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنِّي لَفِي الرَّكْبِ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ جَمْعُ رَاكِبٍ اسْمُ جَمْعٍ لَهُ (عَلَى سَخْلَةٍ) بِفَتْحِ سِينٍ فَسُكُونٍ مُعْجَمَةٍ وَلَدُ الْمَعْزِ، أَوِ الضَّأْنِ ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى، وَقِيلَ: وَقْتُ وَضْعِهِ (مَنْبُوذَةٌ) أَيْ: مَطْرُوحَةٌ (مِنْ هَوَانِهَا) عَلَيْهِمْ (أَلْقَوْهَا أَوْ كَمَا قَالَ) أَيْ وَقَالُوا أَوْ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ التَّحَرُّزُ عَنِ التَّعْبِيرِ فِي حِكَايَةِ كَلَامِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا فِي حِكَايَةِ كَلَامِهِمْ.

4112 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا أَبُو خُلَيْدٍ عُتْبَةُ بْنُ حَمَّادٍ الدِّمَشْقِيُّ عَنْ ابْنِ ثَوْبَانَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ قُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ضَمْرَةَ السَّلُولِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلَّا ذِكْرَ اللَّهِ وَمَا وَالَاهُ أَوْ عَالِمًا أَوْ مُتَعَلِّمًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ) الْمُرَادُ بِالدُّنْيَا كُلُّ مَا يَشْغَلُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى وَيُبْعِدُ عَنْهُ، وَلَعْنُهُ بُعْدُهُ عَنْ نَظَرِهِ تَعَالَى، وَالْمَقْبُولُ عِنْدَهُ وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي قَوْلِهِ: إِلَّا ذِكْرَ اللَّهِ مُنْقَطِعٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهَا الْعَالَمُ السُّفْلِيُّ كُلُّهُ وَكُلُّ مَا لَهُ نَصِيبٌ

فِي الْقَبُولِ عِنْدَهُ تَعَالَى قَدِ اسْتَثْنَى بِقَوْلِهِ إِلَّا ذِكْرَ اللَّهِ. . . إِلَخْ فَالِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ وَالْمُوَالَاةُ الْمَحَبَّةُ، أَيْ: إِلَّا ذِكْرَ اللَّهِ وَمَا أَحَبَّهُ اللَّهُ تَعَالَى مِمَّا يَجْرِي فِي الدُّنْيَا، أَوْ بِمَعْنَى الْمُتَابَعَةِ فَالْمَعْنَى مَا يَجْرِي عَلَى مُوَافَقَةِ أَمْرِهِ تَعَالَى، أَوْ نَهْيِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ وَمَا يُوَافِقُ ذِكْرَ اللَّهِ، أَيْ: يُجَانِسُهُ وَيُقَارِبُهُ وَطَاعَتُهُ تَعَالَى وَاتِّبَاعُ أَمْرِهِ وَالِاجْتِنَابُ عَنْ نَهْيِهِ كُلُّهَا دَاخِلَةٌ فِيمَا يُوَافِقُ ذِكْرَ اللَّهِ.

4113 - حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَجَنَّةُ الْكَافِرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (سِجْنُ الْمُؤْمِنِ) فَإِنَّهُ، وَإِنْ كَانَ فِي نِعْمَةٍ فَالْجَنَّةُ خَيْرٌ لَهُ مِنْهَا (وَجَنَّةُ الْكَافِرِ) إِنَّهُ، وَإِنْ كَانَ فِي مَقِيتَةٍ فَالنَّارُ شَرٌّ لَهُ مِنْهَا.

4114 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَرَبِيٍّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَعْضِ جَسَدِي فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ كَأَنَّكَ عَابِرُ سَبِيلٍ وَعُدَّ نَفْسَكَ مِنْ أَهْلِ الْقُبُورِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كَأَنَّكَ غَرِيبٌ) فِي انْقِطَاعِ التَّعَلُّقِ إِلَّا بِمَا يَتَعَلَّقُ بِسَفَرِهِ وَوَطَنِهِ الَّذِي مَرْجِعُهُ إِلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الْقُبُورِ فَإِنَّ الْمَوْتَ وَإِنْ بَعُدَ قَرِيبٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب من لا يؤبه له]

[باب مَنْ لَا يُؤْبَهُ لَهُ] 4115 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا أُخْبِرُكَ عَنْ مُلُوكِ الْجَنَّةِ قُلْتُ بَلَى قَالَ رَجُلٌ ضَعِيفٌ مُسْتَضْعِفٌ ذُو طِمْرَيْنِ لَا يُؤْبَهُ لَهُ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ»

4116 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ سَمِعْتُ حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعِّفٍ أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مُسْتَضْعِفٌ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ، أَيْ: مُبَالِغٌ فِي أَسْبَابِ ضَعْفِهِ سَاعٍ فِيهَا بِتَرْكِ الدُّنْيَا وَأَهْلِهَا (عُتُلٌّ) هُوَ الشَّدِيدُ الْجَافِي وَالْغَلِيظُ مِنَ النَّاسِ (جَوَّاظٌ) بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ وَهُوَ الْمَجْمُوعُ الْمُنَوَّعُ، وَقِيلَ: الْكَثِيرُ اللَّحْمِ الْمُخْتَالُ فِي مِشْيَتِهِ، وَقِيلَ: الْقَصِيرُ الْبَطِينُ، الْمَقْصُودُ أَنَّ الْغَالِبَ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ هُوَ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَالثَّانِي بِالْعَكْسِ.

4117 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ صَدَقَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ أَغْبَطَ النَّاسِ عِنْدِي مُؤْمِنٌ خَفِيفُ الْحَاذِ ذُو حَظٍّ مِنْ صَلَاةٍ غَامِضٌ فِي النَّاسِ لَا يُؤْبَهُ لَهُ كَانَ رِزْقُهُ كَفَافًا وَصَبَرَ عَلَيْهِ عَجِلَتْ مَنِيَّتُهُ وَقَلَّ تُرَاثُهُ وَقَلَّتْ بَوَاكِيهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنَّ أَغْبَطَ النَّاسِ) فِي

رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ «إِنَّ أَغْبَطَ أَوْلِيَائِي،» أَيْ: أَحْبَابِي مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، أَيْ: أَحَقَّ مَنْ يَطْلُبُ النَّاسُ حُصُولَ حَالِهِ لِأَنْفُسِهِمْ مِنْ بَيْنِ الْأَوْلِيَاءِ (خَفِيفُ الْحَاذِ) بِتَخْفِيفِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ قَالَ السُّيُوطِيُّ: أَيْ: خَفِيفُ الْحَالِ، أَوْ خَفِيفُ الظَّهْرِ مِنَ الْعِيَالِ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ مَنْ لَيْسَ لَهُ عِيَالٌ وَكَثْرَةُ شُغْلٍ ذُو حَظٍّ (مِنْ صَلَاةٍ) بِالْخُشُوعِ فِيهَا، أَوْ بِالْإِكْثَارِ مِنْهَا، وَقِيلَ: أَيْ: يَسْتَرِيحُ بِهَا مُنَاجِيًا لِلَّهِ عَنِ التَّعَبِ الدُّنْيَوِيِّ (غَامِضٌ) بِغَيْنٍ وَضَادٍ مُعْجَمَتَيْنِ، أَيْ: مَغْمُومٌ غَيْرُ مَشْهُورٍ (كَفَافًا) بِفَتْحِ الْكَافِ، أَيْ: عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ لَا يَفْضُلُ عَنْهَا (عَجِلَتْ مَنِيَّتُهُ) أَيْ: مَا اطَّلَعَ عَلَى مَرَضِهِ فَإِذَا هُوَ قَدْ مَاتَ، وَهَذَا شَأْنُ غَيْرِ الْمُتَعَارَفِ بَيْنَ النَّاسِ فَإِنَّهُ وَإِنْ مَرِضَ كَثِيرًا قَلَّ مَنْ يَعْلَمُ بِمَرَضِهِ (وَقَلَّ تُرَاثُهُ) أَيْ: مَا تَرَكَهُ مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ (وَقَلَّتْ بِوَاكِيهِ) أَيْ: مَنْ يَبْكِي عَلَيْهِ إِذَا مَاتَ مِنَ النَّاسِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ أَيُّوبَ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِمٍ مَجْهُولٌ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ الذَّهَبِيُّ فِي الطَّبَقَاتِ وَغَيْرِهَا، وَصَدَقَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مُتَّفَقٌ عَلَى تَضْعِيفِهِ اهـ كَلَامُ الزَّوَائِدِ. قُلْتُ: حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِزِيَادَةٍ بِإِسْنَادٍ آخَرَ قَدْ حَسَّنَهُ.

4118 - حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَامَةَ الْحَارِثِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَذَاذَةُ مِنْ الْإِيمَانِ قَالَ الْبَذَاذَةُ الْقَشَافَةُ يَعْنِي التَّقَشُّفَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْبَذَاذَةُ) فِي النِّهَايَةِ الْبَذَاذَةُ الْهَيْئَةُ أَرَادَ التَّوَاضُعَ فِي اللِّبَاسِ وَتَرْكَ الِافْتِخَارِ بِهِ.

4119 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ ابْنِ خُثَيْمٍ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ «أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخِيَارِكُمْ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ خِيَارُكُمْ الَّذِينَ إِذَا رُءُوا ذُكِرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذَا رُءُوا) أَيْ: أَنَّهُمْ مِنَ الْخَشْيَةِ وَالْخَوْفِ مِنَ اللَّهِ، أَوْ مِنْ كَثْرَةِ ذِكْرِ اللَّهِ بِحَيْثُ إِنَّ النَّاسَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ عِنْدَ حُضُورِهِمْ، وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ حَسَنٌ وَشَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِمَا وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ.

[باب فضل الفقراء]

[باب فَضْلِ الْفُقَرَاءِ] 4120 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ «مَرَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَقُولُونَ فِي هَذَا الرَّجُلِ قَالُوا رَأْيَكَ فِي هَذَا نَقُولُ هَذَا مِنْ أَشْرَفِ النَّاسِ هَذَا حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ يُخَطَّبَ وَإِنْ شَفَعَ أَنْ يُشَفَّعَ وَإِنْ قَالَ أَنْ يُسْمَعَ لِقَوْلِهِ فَسَكَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَرَّ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَقُولُونَ فِي هَذَا قَالُوا نَقُولُ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا مِنْ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ هَذَا حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ لَمْ يُنْكَحْ وَإِنْ شَفَعَ لَا يُشَفَّعْ وَإِنْ قَالَ لَا يُسْمَعْ لِقَوْلِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَذَا خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الْأَرْضِ مِثْلَ هَذَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (رَأْيَكَ) أَيْ:

نَقُولُ مَا يُوَافِقُ رَأْيَكَ وَقَدْ صَدَقُوا فَإِنَّهُمْ مَا وَصَفُوهُ إِلَّا بِوَجَاهَةِ الدُّنْيَا إِلَّا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ أَمْرَ الْآخِرَةِ عَلَى عَكْسِ أَمْرِ الدُّنْيَا (أَنْ يُشَفَّعَ) بِالتَّشْدِيدِ أَيْ يُقْبَلُ شَفَاعَتُهُ.

4121 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْجُبَيْرِيُّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ أَخْبَرَنِي الْقَاسِمُ بْنُ مِهْرَانَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ الْفَقِيرَ الْمُتَعَفِّفَ أَبَا الْعِيَالِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ الْفَقِيرَ) قَالَ السُّيُوطِيُّ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي تَارِيخِ قَزْوِينَ اعْتُبِرَ بَعْدَ الْإِيمَانِ ثَلَاثُ صِفَاتٍ: الْفَقْرُ وَالتَّعَفُّفُ وَأُبُوَّةُ الْعِيَالِ، أَمَّا أُبُوَّةُ الْعِيَالِ وَالِاهْتِمَامُ بِشَأْنِهِمْ فَفَضْلُهُ ظَاهِرٌ، وَفِي الْحَدِيثِ «الْكَاسِبُ عَلَى عِيَالِهِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ،» وَأَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَ الْفَقْرِ وَالتَّعَفُّفِ فَلِأَنَّ الْفَقْرَ قَدْ يَكُونُ عَنْ ضَرُورَةٍ وَحَاجَةٍ غَيْرَ صَابِرٍ عَلَيْهِ وَلَا رَاضٍ بِهِ وَقَدْ يَكُونُ لِعَجْزِ كَسَلٍ فِي طَلَبِ الْكِفَايَةِ مِنْ جِهَاتِ الْمَكَاسِبِ فَإِذَا انْضَمَّ إِلَيْهِ التَّعَفُّفُ أَشْعَرَ ذَلِكَ بِالصَّبْرِ وَالْقَنَاعَةِ وَالتَّحَرُّزِ عَنِ الشُّبُهَاتِ وَرُكُوبِ الْهَوَى اهـ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ الْقَاسِمُ بْنُ مِهْرَانَ قَالَ الْعُقَيْلِيُّ لَا يَثْبُتُ سَمَاعُهُ مِنْ عِمْرَانَ وَمُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيُّ مَتْرُوكٌ.

[باب منزلة الفقراء]

[باب مَنْزِلَةِ الْفُقَرَاءِ] 4122 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُ فُقَرَاءُ الْمُؤْمِنِينَ الْجَنَّةَ قَبْلَ الْأَغْنِيَاءِ بِنِصْفِ يَوْمٍ خَمْسِ مِائَةِ عَامٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (خَمْسُمِائَةِ عَامٍ) بَدَلٌ مِنْ نِصْفِ يَوْمٍ

لِبَيَانِ مِقْدَارِهِ.

4123 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ الْمُخْتَارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ فُقَرَاءَ الْمُهَاجِرِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ أَغْنِيَائِهِمْ بِمِقْدَارِ خَمْسِ مِائَةِ سَنَةٍ»

4124 - حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَنْبَأَنَا أَبُو غَسَّانَ بَهْلُولٌ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ «اشْتَكَى فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِمْ أَغْنِيَاءَهُمْ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْفُقَرَاءِ أَلَا أُبَشِّرُكُمْ أَنَّ فُقَرَاءَ الْمُؤْمِنِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ أَغْنِيَائِهِمْ بِنِصْفِ يَوْمٍ خَمْسِ مِائَةِ عَامٍ ثُمَّ تَلَا مُوسَى هَذِهِ الْآيَةَ {وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} [الحج: 47] » ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ثُمَّ تَلَا مُوسَى هَذِهِ الْآيَةَ. . . إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَمُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ ضَعِيفٌ.

[باب مجالسة الفقراء]

[باب مُجَالَسَةِ الْفُقَرَاءِ] 4125 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْكِنْدِيُّ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ أَبُو يَحْيَى حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ أَبُو إِسْحَقَ الْمَخْزُومِيُّ عَنْ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «كَانَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يُحِبُّ الْمَسَاكِينَ وَيَجْلِسُ إِلَيْهِمْ وَيُحَدِّثُهُمْ وَيُحَدِّثُونَهُ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْنِيهِ أَبَا الْمَسَاكِينِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَبَا الْمَسَاكِينِ) كَأَنَّهُ لِكَثْرَةِ حُبِّهِ إِيَّاهُمْ كَالْأَبِ لَهُمْ.

4126 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي الْمُبَارَكِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «أَحِبُّوا الْمَسَاكِينَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِينًا وَأَمِتْنِي مِسْكِينًا وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ الْمَسَاكِينِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِينًا. . . إِلَخْ) قَالَ الْقَاضِي تَاجُ الدِّينِ السُّبْكِيُّ سَمِعْتُ الْإِمَامَ الْوَالِدَ يَقُولُ لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقِيرًا مِنَ الْمَالِ قَطُّ وَلَا كَانَتْ حَالُهُ حَالَ فَقِيرٍ كَانَ أَغْنَى النَّاسِ بِاللَّهِ قَدْ كَفَى اللَّهُ دُنْيَاهُ فِي نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ وَكَانَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: «اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِينًا» إِنَّ الْمُرَادَ بِهِ اسْتِكَانَةُ الْقَلْبِ لَا الْمَسْكَنَةُ الَّتِي هِيَ نَوْعٌ مِنَ الْفَقْرِ وَكَانَ يُشَدِّدُ النَّكِيرَ عَلَى مَنْ يَعْتَقِدُ خِلَافَ ذَلِكَ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ: الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ حَالُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ وَفَاتِهِ أَنَّهُ لَمْ يَسْأَلِ الْمَسْكَنَةَ الَّتِي يَرْجِعُ مَعْنَاهَا إِلَى الْقِلَّةِ فَقَدْ مَاتَ مَكْفِيًّا بِمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا سَأَلَ الْمَسْكَنَةَ الَّتِي يَرْجِعُ مَعْنَاهَا إِلَى الْإِخْبَاتِ وَالتَّوَاضُعِ وَكَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ لَا يَجْعَلَهُ مِنَ الْجَبَّارِينَ وَالْمُتَكَبِّرِينَ وَأَنْ لَا يَحْشُرَهُ فِي زُمْرَةِ الْأَغْنِيَاءِ الْمُتَرَفِّهِينَ قَالَ الْقُتَيْبِيُّ الْمَسْكَنَةُ حَرْفٌ مَأْخُوذٌ مِنَ السُّكُونِ يُقَالُ تَمَسْكَنَ، أَيْ: تَخَشَّعَ وَتَوَاضَعَ، وَقَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: أَسْرَفَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ بِذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْمَوْضُوعَاتِ وَكَأَنَّهُ أَقْدَمَ عَلَيْهِ لِمَا رَآهُ مُبَايِنًا لِلْحَالِ الَّتِي مَاتَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَكْفِيًّا، ثُمَّ نَقَلَ فِي تَوْجِيهِ الْحَدِيثَ عَنِ الْبَيْهَقِيِّ مَا تَقَدَّمَ. قُلْتُ: الَّذِي يَتَتَبَّعُ أَحَادِيثَ مَعِيشَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْبُخَارِيِّ وَالشَّمَائِلِ وَجَامِعِ التِّرْمِذِيِّ وَسُنَنِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهَا كَحَدِيثِ عُمَرَ فِي دُخُولِهِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَشْرَبَةِ حِينَ اشْتُهِرَ أَنَّهُ طَلَّقَ الْأَزْوَاجَ لَا يَسْتَبْعِدُ حَمْلَ الْحَدِيثِ عَلَى ظَاهِرِهِ كَيْفَ وَقَدْ حَمَلَهُ الرَّاوِي أَبُو سَعِيدٍ عَلَى ظَاهِرِهِ وَالْعَجَبُ مِنْ قَوْلِهِمْ إِنَّ الْحَدِيثَ يُنَافِي حَالَ الْمَوْتِ وَقَدْ جَاءَ وَصَحَّ «أَنَّهُ مَاتَ وَدِرْعُهُ

مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ فِي قُوتِ الْعِيَالِ» وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ، وَفِي الزَّوَائِدِ أَبُو الْمُبَارَكِ لَا يُعْرَفُ اسْمُهُ وَهُوَ مَجْهُولٌ وَيَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ التَّمِيمِيُّ أَبُو فَرْوَةَ ضَعِيفٌ وَالْحَدِيثُ صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَعَدَّهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ اهـ، وَقَالَ السُّيُوطِيُّ: قَالَ الْحَافِظُ صَلَاحُ الدِّينِ بْنُ الْعَلَاءِ: الْحَدِيثُ ضَعِيفُ السَّنَدِ، لَكِنْ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْوَضْعِ وَأَبُو الْمُبَارَكِ وَإِنْ قَالَ فِيهِ التِّرْمِذِيُّ مَجْهُولٌ فَقَدْ عَرَّفَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَذَكَرَهُ فِي الثِّقَاتِ وَيَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ فِيهِ ابْنُ مَعِينٍ لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُقَارِبُ الْحَدِيثِ إِلَّا أَنَّ ابْنَهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ رَوَى عَنْهُ مَنَاكِيرَ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحِلُّهُ الصِّدْقُ وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ وَبَاقِي رُوَاتِهِ مَشْهُورُونَ، قَالَ الْعَلَاءُ: إِنَّهُ يَنْتَهِي بِمَجْمُوعِ طُرُقِهِ إِلَى دَرَجَةِ الصِّحَّةِ، وَقَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: قَدْ حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ لِأَنَّ لَهُ شَاهِدًا، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: أَسَاءَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ بِالْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالْوَضْعِ، وَلَهُ طَرِيقٌ آخَرُ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَأَقَرَّهُ الذَّهَبِيُّ فِي تَلْخِيصِهِ وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ تِلْكَ الطَّرِيقِ وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَمِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَصَحَّحَهُ الضِّيَاءُ الْمَقْدِسِيُّ فِي الْمُخْتَارَةِ وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْرَجَهُ الشِّيرَازِيُّ فِي الْأَلْقَابِ هَذَا خُلَاصَةُ مَا ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْكِتَابِ وَحَاشِيَةِ التِّرْمِذِيِّ.

4127 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنْقَزِيُّ حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ عَنْ السُّدِّيِّ عَنْ أَبِي سَعْدٍ الْأَزْدِيِّ وَكَانَ قَارِئَ الْأَزْدِ عَنْ أَبِي الْكَنُودِ عَنْ خَبَّابٍ «فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَا تَطْرُدْ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ إِلَى قَوْلِهِ فَتَكُونَ مِنْ الظَّالِمِينَ} [الأنعام: 52] قَالَ جَاءَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ وَعُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ الْفَزَارِيُّ فَوَجَدَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ صُهَيْبٍ وَبِلَالٍ وَعَمَّارٍ وَخَبَّابٍ قَاعِدًا فِي نَاسٍ مِنْ الضُّعَفَاءِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فَلَمَّا رَأَوْهُمْ حَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقَرُوهُمْ فَأَتَوْهُ فَخَلَوْا بِهِ وَقَالُوا إِنَّا نُرِيدُ أَنْ تَجْعَلَ لَنَا مِنْكَ مَجْلِسًا تَعْرِفُ لَنَا بِهِ الْعَرَبُ فَضْلَنَا فَإِنَّ وُفُودَ الْعَرَبِ تَأْتِيكَ فَنَسْتَحْيِي أَنْ تَرَانَا الْعَرَبُ مَعَ هَذِهِ الْأَعْبُدِ فَإِذَا نَحْنُ جِئْنَاكَ فَأَقِمْهُمْ عَنْكَ فَإِذَا نَحْنُ فَرَغْنَا فَاقْعُدْ مَعَهُمْ إِنْ شِئْتَ قَالَ نَعَمْ قَالُوا فَاكْتُبْ لَنَا عَلَيْكَ كِتَابًا قَالَ فَدَعَا بِصَحِيفَةٍ وَدَعَا عَلِيًّا لِيَكْتُبَ وَنَحْنُ قُعُودٌ فِي نَاحِيَةٍ فَنَزَلَ جِبْرَائِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ {وَلَا تَطْرُدْ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنْ الظَّالِمِينَ} [الأنعام: 52] ثُمَّ ذَكَرَ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ وَعُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ فَقَالَ {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ} [الأنعام: 53] ثُمَّ قَالَ {وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: 54] قَالَ فَدَنَوْنَا مِنْهُ حَتَّى وَضَعْنَا رُكَبَنَا عَلَى رُكْبَتِهِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْلِسُ مَعَنَا فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ قَامَ وَتَرَكَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ} [الكهف: 28] وَلَا تُجَالِسْ الْأَشْرَافَ {تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا} [الكهف: 28] يَعْنِي عُيَيْنَةَ وَالْأَقْرَعَ {وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف: 28] قَالَ هَلَاكًا قَالَ أَمْرُ عُيَيْنَةَ وَالْأَقْرَعِ ثُمَّ ضَرَبَ لَهُمْ مَثَلَ الرَّجُلَيْنِ وَمَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا» قَالَ خَبَّابٌ فَكُنَّا نَقْعُدُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا بَلَغْنَا السَّاعَةَ الَّتِي يَقُومُ فِيهَا قُمْنَا وَتَرَكْنَاهُ حَتَّى يَقُومَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حَقَرُوهُمْ) حَقَرَ كَضَرَبَ

(فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ قَامَ وَتَرَكَنَا) أَيْ أَنَّهُ بَعْدَ نُزُولِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ} [الأنعام: 52] الْآيَةَ قَدْ يَتَقَدَّمُ عَنَّا فِي الْقِيَامِ حَتَّى نَزَلَ {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ} [الكهف: 28] الْآيَةَ فَجَعَلَ يَتَأَخَّرُ عَنْهُمْ فِي الْقِيَامِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَالْمُصَنِّفُ بَعْضَهُ مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ اهـ. قُلْتُ: وَالَّذِي عَنْ سَعْدٍ لَا يُوَافِقُ هَذَا الْحَدِيثَ ظَاهِرًا فَكَيْفَ يَكُونُ بَعْضًا لَهُ فَهُمَا حَدِيثَانِ، وَلَعَلَّ التَّوْفِيقَ بَيْنَهُمَا بِأَنْ يُقَالَ كَمَا قَالَ الْأَقْرَعُ وَعُيَيْنَةُ مَا قَالَ كَذَلِكَ قَالَهُ بَعْضُ قُرَيْشٍ فَنَزَلَتِ الْآيَةُ بَعْدَ الْكُلِّ.

4128 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدٍ قَالَ «نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِينَا سِتَّةٍ فِيَّ وَفِي ابْنِ مَسْعُودٍ وَصُهَيْبٍ وَعَمَّارٍ وَالْمِقْدَادِ وَبِلَالٍ قَالَ قَالَتْ قُرَيْشٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّا لَا نَرْضَى أَنْ نَكُونَ أَتْبَاعًا لَهُمْ فَاطْرُدْهُمْ عَنْكَ قَالَ فَدَخَلَ قَلْبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدْخُلَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَلَا تَطْرُدْ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الأنعام: 52] الْآيَةَ»

[باب في المكثرين]

[باب فِي الْمُكْثِرِينَ] 4129 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ الْمُخْتَارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ وَيْلٌ لِلْمُكْثِرِينَ إِلَّا مَنْ قَالَ بِالْمَالِ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا أَرْبَعٌ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ وَمِنْ قُدَّامِهِ وَمِنْ وَرَائِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَيْلٌ لِلْمُكْثِرِينَ) أَيِ: الْمَالَ وَلَوْ مِنَ الْحَلَالِ كَمَا يَدُلُّ

عَلَيْهِ الْآتِي قَالَ بِالْمَالِ هَكَذَا، أَيْ: أَكْثَرُ التَّصَدُّقِ فِي جِهَاتِ الْخَيْرِ كُلِّهَا فَالْقَوْلُ فِي الْحَدِيثِ بِمَعْنَى الْفِعْلِ، وَفِي الزَّوَائِدِ عَطِيَّةُ وَالرَّاوِي عَنْهُ ضَعِيفَانِ وَرَوَاهُ الْإِمَامُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَطِيَّةَ بِهِ.

4130 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنِي أَبُو زُمَيْلٍ هُوَ سِمَاكٌ عَنْ مَالِكِ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَكْثَرُونَ هُمْ الْأَسْفَلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا مَنْ قَالَ بِالْمَالِ هَكَذَا وَهَكَذَا وَكَسَبَهُ مِنْ طَيِّبٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْأَكْثَرُونَ هُمُ الْأَسْفَلُونَ) أَيْ: مَنْزِلَةً، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

4131 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَكْثَرُونَ هُمْ الْأَسْفَلُونَ إِلَّا مَنْ قَالَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا ثَلَاثًا»

4132 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا أُحِبُّ أَنَّ أُحُدًا عِنْدِي ذَهَبًا فَتَأْتِي عَلَيَّ ثَالِثَةٌ وَعِنْدِي مِنْهُ شَيْءٌ إِلَّا شَيْءٌ أَرْصُدُهُ فِي قَضَاءِ دَيْنٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ قَوْلُهُ: (فَتَأْتِي عَلَى ثَالِثَةٍ) أَيْ: لَيْلَةٍ ثَالِثَةٍ، وَفِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ: ثَلَاثَةٍ، أَيْ: ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ (أَرْصُدُهُ) أَحْفَظُهُ (فِي قَضَاءِ دَيْنٍ) أَيْ: لِأَجْلِ قَضَاءِ دَيْنٍ عَلَيَّ، أَوْ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَيَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَأَبُو سَهْلٍ اسْمُهُ نَافِعُ بْنُ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ الْأَصْبَحِيُّ عَمُّ الْإِمَامِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ.

4133 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ مُسْلِمِ بْنِ مِشْكَمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ غَيْلَانَ الثَّقَفِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ مَنْ آمَنَ بِي وَصَدَّقَنِي وَعَلِمَ أَنَّ مَا جِئْتُ بِهِ هُوَ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَقْلِلْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ وَحَبِّبْ إِلَيْهِ لِقَاءَكَ وَعَجِّلْ لَهُ الْقَضَاءَ وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِي وَلَمْ يُصَدِّقْنِي وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ مَا جِئْتُ بِهِ هُوَ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ وَأَطِلْ عُمُرَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَاقْلِلْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ) أَيْ: حَتَّى لَا يُفْتَتَنَ بِشَيْءٍ مِنْهُمَا فَإِنَّ الْكَثْرَةَ فِيهِمَا لَا تَخْلُو مِنْ فِتْنَةٍ أَوْ لِأَنَّ كَثْرَةَ الْأَوْلَادِ عِنْدَ قِلَّةِ الْمَالِ تُؤَدِّي إِلَى الْمَعَاصِي وَتَرْكِ التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ (وَعَجِّلْ لَهُ الْقَضَاءَ) أَيْ: حَتَّى لَا يُفْتَتَنَ بِطُولِ الْعُمْرِ، أَوْ حَتَّى يَخْلُصَ عَنْ تَعَبِ الدُّنْيَا قَوْلُهُ: (فَأَكْثِرْ مَالَهُ) أَيْ: لِيَسْتَحِقَّ أَشَدَّ الْعَذَابِ، أَوْ لِيَتَخَلَّصَ مِنَ الْعَذَابِ وَيَتَنَعَّمُ بِالنِّعَمِ فِي الْجُمْلَةِ، وَفِي الزَّوَائِدِ رِجَالُ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ وَهُوَ مُرْسَلٌ، وَقَالَ: لَمْ يُخَرِّجِ ابْنُ مَاجَهْ لِعَمْرٍو هَذَا غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ وَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ فِي بَقِيَّةِ الْكُتُبِ السِّتَّةِ وَمُحَمَّدٌ مُخْتَلَفٌ فِي صُحْبَتِهِ ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ سُمَيْعٍ فِي الطَّبَقَةِ الْأُولَى مِنْ تَابِعِي أَهْلِ الشَّامِ

وَقَالَ الْمِزِّيُّ فِي التَّهْذِيبِ: لَا يَصِحُّ لَهُ صُحْبَةٌ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ الذَّهَبِيُّ فِي الطَّبَقَاتِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ لَيْسَ إِسْنَادُهُ بِالْقَوِيِّ وَأَبُوهُ «غِيلَانُ هُوَ الَّذِي أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ فَأَمَرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَخْتَارَ مِنْهُنَّ أَرْبَعَةً وَيُفَارِقَ سَائِرَهُنَّ.»

4134 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا غَسَّانُ بْنُ بُرْزِينَ ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْجُمَحِيُّ حَدَّثَنَا غَسَّانُ بْنُ بُرْزِينَ حَدَّثَنَا سَيَّارُ بْنُ سَلَامَةَ عَنْ الْبَرَاءِ السَّلِيطِيِّ عَنْ نُقَادَةَ الْأَسَدِيِّ قَالَ «بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رَجُلٍ يَسْتَمْنِحُهُ نَاقَةً فَرَدَّهُ ثُمَّ بَعَثَنِي إِلَى رَجُلٍ آخَرَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ بِنَاقَةٍ فَلَمَّا أَبْصَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ فِيهَا وَفِيمَنْ بَعَثَ بِهَا قَالَ نُقَادَةُ فَقُلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيمَنْ جَاءَ بِهَا قَالَ وَفِيمَنْ جَاءَ بِهَا ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَحُلِبَتْ فَدَرَّتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَ فُلَانٍ لِلْمَانِعِ الْأَوَّلِ وَاجْعَلْ رِزْقَ فُلَانٍ يَوْمًا بِيَوْمٍ لِلَّذِي بَعَثَ بِالنَّاقَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَسْتَمْنِحُهُ) أَيْ: يَطْلُبُ مِنْهُ أَنْ يَمْنَحَهُ نَاقَةً، أَيْ: يُعْطِيهِ لِلِانْتِفَاعِ بِهَا لَعَلَّهُ طَلَبَ لِبَعْضِ الْمُحْتَاجِينَ إِلَى ذَلِكَ (أَكْثِرْ مَالَ فُلَانٍ) كَأَنَّهُ رَدَّهُ لِقِلَّةِ مَالِهِ فَطَلَبَ لَهُ الْإِكْثَارَ لِيَنَالَ بِذَلِكَ فَضِيلَةَ التَّصَدُّقِ، أَوْ أَنَّهُ غَضِبَ عَلَيْهِ فَدَعَا لَهُ بِإِكْثَارِهِ الْمَالِ فِي الدُّنْيَا لِيَقِلَّ بِهِ حَظُّهُ مِنَ الْآخِرَةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ لِمُقَابَلَتِهِ بِقَوْلِهِ وَاجْعَلْ رِزْقَ فُلَانٍ يَوْمًا بِيَوْمٍ إِذِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ دَعَا لَهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ رَأَى كَثْرَةَ مَالِهِ فَخَافَ عَلَيْهِ الِافْتِتَانَ بِذَلِكَ فَدَعَا لَهُ بِتَقْلِيلِ الْمَالِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ الْبَرَاءُ قَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَقَالَ الذَّهَبِيُّ مَجْهُولٌ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ، وَقَالَ لَيْسَ لِقَتَادَةَ شَيْءٌ فِي بَقِيَّةِ الْكُتُبِ السِّتَّةِ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي انْفَرَدَ بِهِ ابْنُ مَاجَهْ.

4135 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي حَصِينٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ وَعَبْدُ الْقَطِيفَةِ وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَفِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (تَعِسَ) بِالْكَسْرِ وَقَدْ يُفْتَحُ، أَيْ: عَثَرَ وَانْكَبَّ لِوَجْهِهِ دُعَاءٌ عَلَيْهِ (عَبْدُ الدُّنْيَا) أَيِ: الَّذِي يَصْرِفُ هِمَّتَهُ وَأَوْقَاتَهُ فِي تَحْصِيلِ الدُّنْيَا وَغَيْرِهِ مِنَ الْمَذْكُورَاتِ كَمَا يَصْرِفُ طَالِبُ الْمَوْلَى هِمَّتَهُ فِي تَحْصِيلِ مَرْضَاتِهِ (لَمْ يَفِ) أَيْ: لِلْإِمَامِ الَّذِي يُعَاهِدُ عَلَى الطَّاعَةِ.

4136 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ تَعِسَ وَانْتَكَسَ وَإِذَا شِيكَ فَلَا انْتَقَشَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَانْتَكَسَ) أَيِ: انْقَلَبَ عَلَى رَأْسِهِ وَهُوَ دُعَاءٌ عَلَيْهِ بِالْخَيْبَةِ؛ لِأَنَّ مَنِ انْتَكَسَ فِي أَمْرِهِ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ (وَإِذَا شِيكَ) أَيْ: شَاكَهُ شَوْكَةٌ (فَلَا انْتَقَشَ)

أَيْ: فَلَا يَقْدِرُ عَلَى انْتِقَاشِهَا وَهُوَ إِخْرَاجُهَا بِالْمِنْقَاشِ.

[باب القناعة]

[باب الْقَنَاعَةِ] 4137 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ) بِفَتْحَتَيْنِ مَتَاعُ الدُّنْيَا وَحُطَامُهَا (غِنَى النَّفْسِ) وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ لَهَا طَمَعٌ إِلَى مَا فِي أَيْدِي النَّاسِ.

4138 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ وَحُمَيْدِ بْنِ هَانِئٍ الْخَوْلَانِيِّ أَنَّهُمَا سَمِعَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيَّ يُخْبِرُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ هُدِيَ إِلَى الْإِسْلَامِ وَرُزِقَ الْكَفَافَ وَقَنَعَ بِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَدْ أَفْلَحَ) عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ (مَنْ هُدِيَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَكَذَا رُزِقَ وَالْكَفَافِ مَا لَا فَضْلَ فِيهِ.

4139 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ قُوتًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قُوتًا) أَيْ: عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ الضَّرُورِيَّةِ وَلَا يَكُونُ فِيهِ فَضْلٌ عَنْهَا.

4140 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي وَيَعْلَى عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ نُفَيْعٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ غَنِيٍّ وَلَا فَقِيرٍ إِلَّا وَدَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَّهُ أُتِيَ مِنْ الدُّنْيَا قُوتًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قُوتًا) أَيْ: لِأَنَّهُ قَدْ يُعْدَمُ الْقُوتُ فَيُؤَدِّيهِ ذَلِكَ إِلَى مَا لَا يَنْبَغِي فَيَتَمَنَّى أَنَّهُ لَوْ كَانَ رَزَقَهُ اللَّهُ الْقُوتَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ السُّيُوطِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ أَوْرَدَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ وَأَعَلَّهُ بِنُفَيْعٍ فَإِنَّهُ مَتْرُوكٌ وَهُوَ مُخَرَّجٌ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَخْرَجَهُ الْخَطِيبُ فِي تَارِيخِهِ.

4141 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ وَمُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى قَالَا حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُمَيْلَةَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِحْصَنٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ آمِنًا فِي سِرْبِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي سِرْبِهِ) بِكَسْرِ السِّينِ، أَيْ: فِي نَفْسِهِ وَرُوِيَ بِالْفَتْحِ وَهُوَ الْمَسْلَكُ وَالطَّرِيقُ (حِيزَتْ) بِكَسْرِ حَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَسُكُونِ يَاءٍ مُثَنَّاةٍ بَعْدَهَا زَايٌ مُعْجَمَةٌ، أَيْ: جُمِعَتْ.

4142 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَلَيْكُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ (أَسْفَلَ مِنْكُمْ)

يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِالنَّصْبِ عَلَى الظَّرْفِ، أَوْ بِالرَّفْعِ عَلَى الْخَبَرِيَّةِ، أَيْ: لَا تَزْدَرُوا مِنَ الِازْدِرَاءِ، أَيْ: لَا تُحَقِّرُوا.

4143 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ الْأَصَمِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ إِنَّمَا يَنْظُرُ إِلَى أَعْمَالِكُمْ وَقُلُوبِكُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَلَكِنْ، إِنَّمَا يَنْظُرُ) أَيْ: فَأَصْلِحُوا أَعْمَالَكُمْ وَقُلُوبَكُمْ وَلَا تَجْعَلُوا هِمَّتَكُمْ مُتَعَلِّقَةً بِالْبَدَنِ وَالْمَالِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالنَّظَرِ وَعَدَمِهِ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ الْمَرْءَ وَلَا يُقَرِّبُهُ بِحُسْنِ الصُّورَةِ وَكَثْرَةِ الْمَالِ وَلَا يَرُدُّهُ بِضِدِّ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَقْبَلُهُ بِحُسْنِ الْعَمَلِ وَخُلُوصِ الْقَلْبِ وَيَرُدُّهُ بِضِدِّ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَمَا شَيْءٌ لَا يَغِيبُ مِنْ نَظَرِهِ تَعَالَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب معيشة آل محمد صلى الله عليه وسلم]

[باب مَعِيشَةِ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] 4144 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «إِنْ كُنَّا آلَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَنَمْكُثُ شَهْرًا مَا نُوقِدُ فِيهِ بِنَارٍ مَا هُوَ إِلَّا التَّمْرُ وَالْمَاءُ إِلَّا أَنَّ ابْنَ نُمَيْرٍ قَالَ نَلْبَثُ شَهْرًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنْ كُنَّا) كَلِمَةُ أَنْ مُخَفَّفَةٌ مِنَ الثَّقِيلَةِ، أَوْ بِالنَّصْبِ عَلَى الِاخْتِصَاصِ (مَا نُوقِدُ فِيهِ) أَيْ: فِي الْبَيْتِ (مَا هُوَ) أَيِ: الْمُسْتَعْمَلُ فِي الْبَيْتِ أَكْلًا وَشُرْبًا وَمَرْجِعُ الضَّمِيرَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ ذِكْرٌ، لَكِنْ عِلْمُهُ بِالسَّوْقِ يُغْنِي عَنِ الذِّكْرِ.

4145 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «لَقَدْ كَانَ يَأْتِي عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشَّهْرُ مَا يُرَى فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِهِ الدُّخَانُ قُلْتُ فَمَا كَانَ طَعَامُهُمْ قَالَتْ الْأَسْوَدَانِ التَّمْرُ وَالْمَاءُ غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ لَنَا جِيرَانٌ مِنْ الْأَنْصَارِ جِيرَانُ صِدْقٍ وَكَانَتْ لَهُمْ رَبَائِبُ فَكَانُوا يَبْعَثُونَ إِلَيْهِ أَلْبَانَهَا» قَالَ مُحَمَّدٌ وَكَانُوا تِسْعَةَ أَبْيَاتٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَكَانَتْ لَهُمْ رَبَائِبُ) بِرَاءٍ مُهْمَلَةٍ مُوَحَّدَةٍ وَآخِرُهُ مُوَحَّدَةٌ وَهُوَ الْغَنَمُ الَّتِي تَكُونُ فِي الْبَيْتِ وَلَيْسَتْ بِسَائِمَةٍ وَاحِدُهَا رَبِيبَةٌ بِمَعْنَى مَرْبُوبَةٍ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ بَعْضَهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.

4146 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْتَوِي فِي الْيَوْمِ مِنْ الْجُوعِ مَا يَجِدُ مِنْ الدَّقَلِ مَا يَمْلَأُ بِهِ بَطْنَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَلْتَوِي) قِيلَ: أَيْ: يَتَقَلَّبُ ظَهْرًا لِبَطْنٍ وَيَمِينًا وَشِمَالًا، وَقَالَ لَهُ الطِّيبِيُّ الِالْتِوَاءُ وَالتَّلَوِّي الِاضْطِرَابُ عِنْدَ الْجُوعِ وَالضَّرْبِ (مِنَ الدَّقَلِ)

بِفَتْحَتَيْنِ، أَيْ: أَرْدَأِ التَّمْرِ.

4147 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى أَنْبَأَنَا شَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مِرَارًا وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَا أَصْبَحَ عِنْدَ آلِ مُحَمَّدٍ صَاعُ حَبٍّ وَلَا صَاعُ تَمْرٍ وَإِنَّ لَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعَ نِسْوَةٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَا أَصْبَحَ عَنْ آلِ مُحَمَّدٍ. . . إِلَخْ) فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ يَقُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ إِظْهَارِ الشَّكْوَى. قُلْتُ: يُمْكِنُ أَنْ يَقُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَرْغِيبًا لِأُمَّتِهِ فِي الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا، وَفِي التَّوَكُّلِ عَلَى الْمَوْلَى كَمَا كَانَ هُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَلِكَ، وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا الْإِسْنَادُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ أَبَانَ الْعَطَّارِ عَنْ قَتَادَةَ بِهِ اهـ. قُلْتُ: وَأَصْلُ الْحَدِيثِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ وَاخْتَلَفَ شُرَّاحُهُ فِي أَنَّهُ مَوْقُوفٌ أَمْ مَرْفُوعٌ، لَكِنْ رِوَايَةَ الْمُصَنِّفِ تَرُدُّ عَلَى مَنْ قَالَ بِوَقْفِهِ عَنْ أَنَسٍ.

4148 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَسْعُودِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَصْبَحَ فِي آلِ مُحَمَّدٍ إِلَّا مُدٌّ مِنْ طَعَامٍ أَوْ مَا أَصْبَحَ فِي آلِ مُحَمَّدٍ مُدٌّ مِنْ طَعَامٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَوْ مَا أَصْبَحَ) لِظَاهِرِ أَنَّ كَلِمَةَ " أَوْ " لِلشَّكِّ فِي حُكْمِ الْمَسْكُوتِ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ لَا مَحْكُومٌ عَلَيْهِ بِخِلَافِ حُكْمِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ كَمَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ لِئَلَّا يَلْزَمَ التَّنَاقُضُ بَيْنَ هَذَا الْكَلَامِ وَالْكَلَامِ الْمُتَقَدِّمِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَأَبُو الْمُغِيرَةَ اسْمُهُ عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ حَجَّاجٍ الْخَوْلَانِيُّ.

4149 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ الْأَكْرَمِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ قَالَ «أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَكَثْنَا ثَلَاثَ لَيَالٍ لَا نَقْدِرُ أَوْ لَا يَقْدِرُ عَلَى طَعَامٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا نَقْدِرُ وَلَا يَقْدِرُ) الْأَوَّلُ بِصِيغَةِ الْمُتَكَلِّمُ مَعَ الْغَيْرِ وَالثَّانِي عَلَى صِيغَةِ الْغَائِبِ، وَفِي الزَّوَائِدِ التَّابِعِيُّ مَجْهُولٌ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَنَّفَ فِي الْمُسَمَّيَاتِ ذِكْرَهُ وَمَا عَلِمْتُهُ.

4150 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بِطَعَامٍ سُخْنٍ فَأَكَلَ فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ مَا دَخَلَ بَطْنِي طَعَامٌ سُخْنٌ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِطَعَامٍ سُخْنٍ) أَيْ: حَارٍّ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَسُوَيْدٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.

[باب ضجاع آل محمد صلى الله عليه وسلم]

[باب ضِجَاعِ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] 4151 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو خَالِدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ ضِجَاعُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدَمًا حَشْوُهُ لِيفٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ضِجَاعٌ) كَالْفِرَاشِ لَفْظًا وَمَعْنًى قَوْلُهُ: (أَدَمًا) بِفَتْحَتَيْنِ جَمْعُ أَدِيمٍ بِمَعْنَى الْجِلْدِ الْمَدْبُوغِ (لِيفٌ) بِكَسْرِ اللَّامِ قِشْرُ النَّخْلِ.

4152 - حَدَّثَنَا وَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَهُمَا فِي خَمِيلٍ لَهُمَا وَالْخَمِيلُ الْقَطِيفَةُ الْبَيْضَاءُ مِنْ الصُّوفِ قَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَهَّزَهُمَا بِهَا وَوِسَادَةٍ مَحْشُوَّةٍ إِذْخِرًا وَقِرْبَةٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (جَهَّزَهُمَا بِهَا وَوِسَادَةٍ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ بِلَا إِعَادَةِ الْجَارِّ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ جَوَّزَ ذَلِكَ أَيْ جَهَّزَهَا بِهَا وَبِوِسَادَةٍ (وَقِرْبَةٍ) عَطْفٌ عَلَى وِسَادَةٍ.

4153 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنِي سِمَاكٌ الْحَنَفِيُّ أَبُو زُمَيْلٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ «دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى حَصِيرٍ قَالَ فَجَلَسْتُ فَإِذَا عَلَيْهِ إِزَارٌ وَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَإِذَا الْحَصِيرُ قَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبهِ وَإِذَا أَنَا بِقَبْضَةٍ مِنْ شَعِيرٍ نَحْوِ الصَّاعِ وَقَرَظٍ فِي نَاحِيَةٍ فِي الْغُرْفَةِ وَإِذَا إِهَابٌ مُعَلَّقٌ فَابْتَدَرَتْ عَيْنَايَ فَقَالَ مَا يُبْكِيكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ فَقُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَمَالِي لَا أَبْكِي وَهَذَا الْحَصِيرُ قَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِكَ وَهَذِهِ خِزَانَتُكَ لَا أَرَى فِيهَا إِلَّا مَا أَرَى وَذَلِكَ كِسْرَى وَقَيْصَرُ فِي الثِّمَارِ وَالْأَنْهَارِ وَأَنْتَ نَبِيُّ اللَّهِ وَصَفْوَتُهُ وَهَذِهِ خِزَانَتُكَ قَالَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ أَلَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَنَا الْآخِرَةُ وَلَهُمْ الدُّنْيَا قُلْتُ بَلَى» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَإِذَا عَلَيْهِ إِزَارٌ) إِذْ كَانَ الْحَائِلُ بَيْنَ الْجَسَدِ الشَّرِيفِ وَبَيْنَ الْحَصِيرِ الْإِزَارُ فَقَطْ (وَإِذَا أَنَا بِقَبْضَةٍ) بِفَتْحِ قَافٍ، أَوْ ضَمِّهَا، وَالْمُرَادُ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ، أَيْ: بِقَلِيلٍ مِنْ شَعِيرٍ، وَالْمَعْنَى أَنِّي نَظَرْتُ إِلَى مَا فِي الْبَيْتٍ فَرَأَيْتُ فِيهِ الْأُمُورَ الْمَذْكُورَةَ (وَقَرَظٍ) هُوَ بِفَتْحَتَيْنِ شَيْءٌ يُدْبَغُ بِهِ الْجِلْدُ (إِهَابٌ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ الْجِلْدُ الْغَيْرُ الْمَدْبُوغِ، خِزَانَتُكَ بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الْمَخْزَنُ.

4154 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَرِيفٍ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَبِيبٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ مُجَالِدٍ عَنْ عَامِرٍ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «أُهْدِيَتْ ابْنَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيَّ فَمَا كَانَ فِرَاشُنَا لَيْلَةَ أُهْدِيَتْ إِلَّا مَسْكَ كَبْشٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أُهْدِيَتْ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ، أَيْ: أُرْسِلَتْ لَيْلَةَ الزَّوَاجِ (إِلَّا مَسْكَ كَبْشٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ السِّينِ، أَيْ: جِلْدَهُ ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ الْحَارِثُ الْأَعْوَرُ وَمَجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ وَهُمَا ضَعِيفَانِ.

[باب معيشة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم]

[باب مَعِيشَةِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] 4155 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ بِالصَّدَقَةِ فَيَنْطَلِقُ أَحَدُنَا يَتَحَامَلُ حَتَّى يَجِيءَ بِالْمُدِّ وَإِنَّ لِأَحَدِهِمْ الْيَوْمَ مِائَةَ أَلْفٍ» قَالَ شَقِيقٌ كَأَنَّهُ يُعَرِّضُ بِنَفْسِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: يَتَحَامَلُ، أَيْ: يَتَكَلَّفُ بِالْأُجْرَةِ لِيَكْسِبَ مَا يَتَصَدَّقُ بِهِ ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ (يَعْرِضُ) مِنَ التَّعْرِيضِ.

4156 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ أَبِي نَعَامَةَ سَمِعَهُ مِنْ خَالِدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ «خَطَبَنَا عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ لَقَدْ رَأَيْتُنِي سَابِعَ سَبْعَةٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَنَا طَعَامٌ نَأْكُلُهُ إِلَّا وَرَقُ الشَّجَرِ حَتَّى قَرِحَتْ أَشْدَاقُنَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حَتَّى قَرِحَتْ) فِي الْقَامُوسِ قَرِحَ كَسَمِعَ خَرَجَتِ الْقُرُوحُ قَالَ السُّيُوطِيُّ: أَيْ تَجَرَّحَتْ وَالْأَشْدَاقُ جَوَانِبُ الْفَمِ.

4157 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَبَّاسٍ الْجُرَيْرِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّهُمْ أَصَابَهُمْ جُوعٌ وَهُمْ سَبْعَةٌ قَالَ فَأَعْطَانِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعَ تَمَرَاتٍ لِكُلِّ إِنْسَانٍ تَمْرَةٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنَّهُمْ أَصَابَهُمْ جُوعٌ) أَيْ: بَعْضَ الصَّحَابَةِ.

4158 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «لَمَّا نَزَلَتْ {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنْ النَّعِيمِ} [التكاثر: 8] قَالَ الزُّبَيْرُ وَأَيُّ نَعِيمٍ نُسْأَلُ عَنْهُ وَإِنَّمَا هُوَ الْأَسْوَدَانِ التَّمْرُ وَالْمَاءُ قَالَ أَمَا إِنَّهُ سَيَكُونُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا هُوَ) أَيِ: الْمَأْكُولُ وَالْمَشْرُوبُ (إِنَّهُ) أَيِ الشَّأْنُ أَوْ إِنَّ الَّذِي تَسْأَلُونَ عَنْهُ (سَيَكُونُ) أَيْ: سَيُوجَدُ وَيُؤْخَذُ مِنَ التَّقْرِيرِ أَنَّ الضَّرُورِيَّ لَا يُسْأَلُ عَنْهُ.

4159 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ ثَلَاثُ مِائَةٍ نَحْمِلُ أَزْوَادَنَا عَلَى رِقَابِنَا فَفَنِيَ أَزْوَادُنَا حَتَّى كَانَ يَكُونُ لِلرَّجُلِ مِنَّا تَمْرَةٌ فَقِيلَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَأَيْنَ تَقَعُ التَّمْرَةُ مِنْ الرَّجُلِ فَقَالَ لَقَدْ وَجَدْنَا فَقْدَهَا حِينَ فَقَدْنَاهَا وَأَتَيْنَا الْبَحْرَ فَإِذَا نَحْنُ بِحُوتٍ قَدْ قَذَفَهُ الْبَحْرُ فَأَكَلْنَا مِنْهُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَنَحْمِلُ أَزْوَادَنَا عَلَى رِقَابِنَا) أَيْ: مِنْ قِلَّتِهِ (فَفَنِي) بِكَسْرِ النُّونِ، أَيْ: قَارَبَ الْفَنَاءَ (حَتَّى كَانَ) أَيِ: الشَّأْنُ (وَأَيْنَ تَقَعُ) أَيْ: لَا تَسُدُّ مِنَ الْجُوعِ شَيْئًا.

[باب في البناء والخراب]

[باب فِي الْبِنَاءِ وَالْخَرَابِ] 4160 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي السَّفَرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ «مَرَّ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نُعَالِجُ خُصًّا لَنَا فَقَالَ مَا هَذَا فَقُلْتُ خُصٌّ لَنَا وَهَى نَحْنُ نُصْلِحُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أُرَى الْأَمْرَ إِلَّا أَعْجَلَ مِنْ ذَلِكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (نُعَالِجُ) نُصْلِحُ (خُصًّا) بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ وَتَشْدِيدِ صَادٍ، أَيْ: بَيْتًا مِنْ قَصَبٍ وَهِيَ مِنْ وَهَى الْحَائِطُ يَهِي إِذَا ضَعُفَ وَهَمَّ بِالسُّقُوطِ (مَا أَرَى الْأَمْرَ) أَيْ: أَمْرَ الْمَوْتِ عَلَى وَجْهِ الِاحْتِمَالِ فَلَا يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ الِاشْتِغَالُ بِمَا يُتْعِبُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، أَوِ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ يَرَى أَسْرَعَ مِنْ ذَلِكَ بِحَيْثُ لَا يَشْتَغِلُ بِشَيْءٍ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ أَصْلًا وَلَيْسَ الْمُرَادُ إِخْبَارَهُ جَزْمًا بِأَنْ يَكُونَ مَوْتُكَ قَرِيبًا.

4161 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عُثْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ أَبِي فَرْوَةَ حَدَّثَنِي إِسْحَقُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقُبَّةٍ عَلَى بَابِ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ مَا هَذِهِ قَالُوا قُبَّةٌ بَنَاهَا فُلَانٌ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ مَالٍ يَكُونُ هَكَذَا فَهُوَ وَبَالٌ عَلَى صَاحِبِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَبَلَغَ الْأَنْصَارِيَّ ذَلِكَ فَوَضَعَهَا فَمَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدُ فَلَمْ يَرَهَا فَسَأَلَ عَنْهَا فَأُخْبِرَ أَنَّهُ وَضَعَهَا لِمَا بَلَغَهُ عَنْكَ فَقَالَ يَرْحَمُهُ اللَّهُ يَرْحَمُهُ اللَّهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كُلُّ مَالٍ يَكُونُ هَكَذَا) أَيْ: يَكُونُ مَصْرُوفًا فِي غَيْرِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ مِنَ الْبِنَاءِ وَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عِيسَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى لَمْ أَرَ مَنْ جَرَّحَهُ وَلَا مَنْ وَثَّقَهُ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ بِغَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.

4162 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ سَعِيدِ بِنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ عَنْ أَبِيهِ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «لَقَدْ رَأَيْتُنِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَنَيْتُ بَيْتًا يُكِنُّنِي مِنْ الْمَطَرِ وَيُكِنُّنِي مِنْ الشَّمْسِ مَا أَعَانَنِي عَلَيْهِ خَلْقُ اللَّهِ تَعَالَى» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يُكِنُّنِي) مِنْ أَكَنَّهُ بِتَشْدِيدِ النُّونِ سَتَرَهُ (مَا أَعَانَنِي) أَيْ: أَنَا بَاشَرْتُ وَحْدِي بِبِنَائِهِ.

4163 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ قَالَ «أَتَيْنَا خَبَّابًا نَعُودُهُ فَقَالَ لَقَدْ طَالَ سَقْمِي وَلَوْلَا أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا تَتَمَنَّوْا الْمَوْتَ لَتَمَنَّيْتُهُ وَقَالَ إِنَّ الْعَبْدَ لَيُؤْجَرُ فِي نَفَقَتِهِ كُلِّهَا إِلَّا فِي التُّرَابِ أَوْ قَالَ فِي الْبِنَاءِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (سَقَمِي) بِفَتْحَتَيْنِ، أَوْ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ، أَيْ: مَرَضِي (إِلَّا فِي التُّرَابِ) أَيْ: فِيمَا أُنْفِقَ فِي التُّرَابِ (أَوْ هَذَا الْبِنَاءِ) أَوْ لِلشَّكِّ.

[باب التوكل واليقين]

[باب التَّوَكُّلِ وَالْيَقِينِ] 4164 - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ ابْنِ هُبَيْرَةَ عَنْ أَبِي تَمِيمٍ الْجَيْشَانِيِّ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَوْ أَنَّكُمْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حَقَّ تَوَكُّلِهِ) بِأَنْ لَمْ يَخْطُرْ بِبَالِكَ مُدَاخَلَةٌ لِغَيْرِهِ تَعَالَى فِي الرِّزْقِ أَصْلًا وَعَمِلْتُمْ بِمُقْتَضَاهُ (لَرَزَقَكُمْ) كُلَّ يَوْمٍ رِزْقًا جَدِيدًا مِنْ غَيْرِ أَنْ تَحْتَاجُوا إِلَى حِفْظِ الْمَالِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ تَرْكَ السَّعْيِ فِي تَحْصِيلِ ذَلِكَ بِالْخُرُوجِ وَالْحَرَكَةِ فَإِنَّ السَّعْيَ مُعْتَادٌ فِي الطَّيْرِ وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ بِـ قَوْلِهِ: (تَغْدُو) أَيْ: تَخْرُجُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ (خِمَاصًا) بِكَسْرٍ جِيَاعًا (وَتَرُوحُ) أَيْ: آخِرَهُ (بِطَانًا) بِكَسْرِ الْبَاءِ، أَيْ: مُمْتَلِئَةَ الْأَجْوَافِ قَالَ السُّيُوطِيُّ: الْخِمَاصُ جَمْعُ خَمِيصٍ وَالْبِطَانُ جَمْعُ بَطِينٍ قُلْنَا هُمَا كَالْكِرَامِ جَمْعُ كَرِيمٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِيهِ أَنَّ الْحَاجَةَ فِي الْإِنْسَانِ إِلَى حِفْظِ الْمَالِ، إِنَّمَا جَاءَتْ مِنْ جِهَةِ تَرْكِ حَقِّ التَّوَكُّلِ عَلَى الْجَلِيلِ الْمُتَعَالِ.

4165 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ سَلَّامِ بْنِ شُرَحْبِيلَ أَبِي شُرَحْبِيلَ عَنْ حَبَّةَ وَسَوَاءٍ ابْنَيْ خَالِدٍ قَالَا «دَخَلْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُعَالِجُ شَيْئًا فَأَعَنَّاهُ عَلَيْهِ فَقَالَ لَا تَيْئَسَا مِنْ الرِّزْقِ مَا تَهَزَّزَتْ رُءُوسُكُمَا فَإِنَّ الْإِنْسَانَ تَلِدُهُ أُمُّهُ أَحْمَرَ لَيْسَ عَلَيْهِ قِشْرٌ ثُمَّ يَرْزُقُهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ حَبَّةَ) بِحَاءٍ مَفْتُوحَةٍ وَبَاءٍ مُوَحَّدَةٍ مُشَدَّدَةٍ (وَسَوَاءٍ) بِفَتْحِ السِّينِ مَمْدُودٌ قَالَ السُّيُوطِيُّ: قَالَ الْقَاسِمُ الْبَغَوِيُّ فِي مُعْجَمِ الصَّحَابَةِ مَا لِسَوَاءٍ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ، قَوْلُهُ: يُعَالِجُ، أَيْ: يُصْلِحُ (فَأَعَنَّاهُ عَلَيْهِ) مِنَ الْإِعَانَةِ (لَا تَيْأَسَا) مِنَ الْيَأْسِ (مَا تَهَزَّزَتْ رُءُوسُكُمَا) أَيْ: تَحَرَّكَتْ كِنَايَةً عَنِ الْحَيَاةِ (أَحْمَرَ) أَيْ: كَاللَّحْمِ الَّذِي لَا قِشْرَ عَلَيْهِ لِضَعْفِ الْجِلْدِ، ثُمَّ يُقَوِّي اللَّهُ تَعَالَى قِشْرَهُ، أَيْ: جِلْدَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِشْرِ الثَّوْبُ، أَيْ: يَخْرُجُ عُرْيَانًا بِلَا ثَوْبٍ ثُمَّ يُعْطِيهِ اللَّهُ تَعَالَى الثَّوْبَ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَسَلَّامُ بْنُ شُرَحْبِيلَ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ.

4166 - حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَنْبَأَنَا أَبُو شُعَيْبٍ صَالِحُ بْنُ زُرَيْقٍ الْعَطَّارُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيُّ عَنْ مُوسَى بْنِ عُلَيِّ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنْ قَلْبِ ابْنِ آدَمَ بِكُلِّ وَادٍ شُعْبَةً فَمَنْ اتَّبَعَ قَلْبُهُ الشُّعَبَ كُلَّهَا لَمْ يُبَالِ اللَّهُ بِأَيِّ وَادٍ أَهْلَكَهُ وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ كَفَاهُ التَّشَعُّبَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بِكُلِّ وَادٍ) أَيْ: فِي كُلِّ أَمْرٍ يَرْغَبُ فِيهِ وَيَقْصِدُ إِلَيْهِ مِنْ مَالٍ أَوْ جَاهٍ وَغَيْرِهِمَا (شُعْبَةٌ) بِضَمِّ شِينٍ فَسُكُونٍ، أَيْ: قِطْعَةٌ أَيْ أَنَّ لِلْقَلْبِ تَعَلُّقًا بِكُلِّ أَمْرٍ مَرْغُوبٍ فِيهِ وَمَيْلًا إِلَيْهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَصَالِحُ بْنُ رُزَيْقٍ لَيْسَ لَهُ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثُ قَالَ فِي الْمِيزَانِ حَدِيثُهُ مُنْكَرٌ.

4167 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَرِيفٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يَمُوتَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللَّهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا يَمُوتَنَّ. . . إِلَخْ)

أَيْ: دُومُوا عَلَى حُسْنِ الظَّنِّ وَاثْبُتُوا عَلَيْهِ حَتَّى يَجِيءَ الْمَوْتُ وَأَنْتُمْ عَلَيْهِ، قِيلَ: الْأَمْرُ بِحُسْنِ الظَّنِّ يَسْتَلْزِمُ الْأَمْرَ بِحُسْنِ الْعَمَلِ إِذْ لَا يَحْسُنُ الظَّنُّ إِلَّا عِنْدَ حُسْنِ الْعَمَلِ.

4168 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَلَا تَعْجِزْ فَإِنْ غَلَبَكَ أَمْرٌ فَقُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ وَإِيَّاكَ وَاللَّوْ فَإِنَّ اللَّوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ) قَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ فِي بَابِ الْإِيمَانِ بِالْقَدَرِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب الحكمة]

[باب الْحِكْمَةِ] 4169 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَلِمَةُ الْحِكْمَةُ ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ حَيْثُمَا وَجَدَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْكَلِمَةُ الْحِكْمَةُ) أَيْ: ذَاتُ الْحِكْمَةِ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَيْهَا (ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ) أَيْ: مَطْلُوبَةٌ لَهُ بِأَشَدِّ مَا يُتَصَوَّرُ فِي الطَّلَبِ كَمَا يَطْلُبُ الْمُؤْمِنُ ضَالَّتَهُ وَلَيْسَ الْمَطْلُوبُ بِهَذَا الْكَلَامِ الْإِخْبَارَ إِذْ كَمْ مِنْ مُؤْمِنٍ لَيْسَ لَهُ طَلَبٌ لِلْحِكْمَةِ أَصْلًا، بَلِ الْمَطْلُوبُ بِهِ الْإِرْشَادُ كَالتَّعْلِيمِ أَيِ اللَّائِقُ بِحَالِ الْمُؤْمِنِ أَنْ يَكُونَ مَطْلُوبُهُ الْكَلِمَةَ الْحِكْمَةَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَخْبَارُ الْحَمْلِ الْمُؤْمِنَ عَلَى الْكَامِلِ فِي الْإِيمَانِ (حَيْثُمَا وَجَدَهَا) أَيْ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ نَظَرُ الْمَرْءِ إِلَى الْقَوْلِ لَا إِلَى الْقَائِلِ، وَهَذَا كَمَا يُقَالُ انْظُرْ إِلَى مَا قَالَ وَلَا تَنْظُرْ إِلَى مَنْ قَالَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ.

4170 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَغْبُونٌ فِيهِمَا) أَيْ: ذُو خُسْرَانٍ فِيهِمَا قَالَ ابْنُ الْخَازِنِ النِّعْمَةُ مَا يَتَنَعَّمُ بِهِ الْإِنْسَانُ وَيَسْتَلِذُّهُ وَالْغَبَنُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِأَضْعَافِ الثَّمَنِ، أَوْ يَبِيعَ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ، فَمَنْ صَحَّ بَدَنُهُ وَتَفَرَّغَ مِنَ الْأَشْغَالِ الْعَاتِقَةِ وَلَمْ يَسْعَ لِصَلَاحِ آخِرَتِهِ فَهُوَ كَالْمَغْبُونِ فِي الْبَيْعِ اهـ. وَالْمَقْصُودُ بَيَانُ أَنَّ غَالِبَ النَّاسِ لَا يَنْتَفِعُونَ بِالصِّحَّةِ وَالْفَرَاغِ، بَلْ يَصْرِفُونَهُمَا فِي غَيْرِ مَحَالِّهِمَا فَيَصِيرُ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي حَقِّهِمْ وَبِالْأَبْعَدِ إِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا لَوْ صَرَفُوهُ فِي مَحِلِّهِ لَكَانَ لَهُمْ خَيْرًا، أَيْ: خَيْرٌ فَكَانُوا يَتَبَدَّلُونَ بِذَلِكَ الْخَيْرِ هَذَا

الْوَبَالَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ.

4171 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ جُبَيْرٍ مَوْلَى أَبِي أَيُّوبَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي وَأَوْجِزْ قَالَ إِذَا قُمْتَ فِي صَلَاتِكَ فَصَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ وَلَا تَكَلَّمْ بِكَلَامٍ تَعْتَذِرُ مِنْهُ وَأَجْمِعْ الْيَأْسَ عَمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَأَوْجِزْ) أَيِ: اقْتَصِرْ عَلَى خُلَاصَةِ الْأَمْرِ لِيَكُونَ أَسْهَلَ لِلضَّبْطِ، أَوْ أَدِّ ذَلِكَ الْعِلْمَ الْمَطْلُوبَ بِكَلَامٍ مُخْتَصَرٍ، الْمُوجَزُ لَفْظٌ جَامِعٌ لِلْعِلْمِ الْكَثِيرِ مَعْنًى (مُوَدِّعٌ) اسْمُ فَاعِلٍ مِنَ التَّوْدِيعِ، أَيْ: كُنْ كَأَنَّكَ تُصَلِّي آخِرَ صَلَاتَكَ (تَعْتَذِرُ مِنْهُ) يَحْتَاجُ مِنْهُ إِلَى الِاعْتِذَارِ (وَأَجْمِعْ) أَيِ: اعْتَقِدْ وَاعْزِمْ وَاحْكُمْ فِي قَلْبِكَ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَعُثْمَانُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الطَّبَقَاتِ مَجْهُولٌ وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو حَاتِمٍ رَوَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِي أَيُّوبٍ قُلْتُ، لَكِنْ كَوْنُ الْحَدِيثِ مِنْ أَوْجَزِ الْكَلِمَاتِ وَأَجْمَعِهَا لِلْحِكْمَةِ يَدُلُّ عَلَى قُرْبِهِ إِلَى الثُّبُوتِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

4172 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَوْسِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثَلُ الَّذِي يَجْلِسُ يَسْمَعُ الْحِكْمَةَ ثُمَّ لَا يُحَدِّثُ عَنْ صَاحِبِهِ إِلَّا بِشَرِّ مَا يَسْمَعُ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَتَى رَاعِيًا فَقَالَ يَا رَاعِي أَجْزِرْنِي شَاةً مِنْ غَنَمِكَ قَالَ اذْهَبْ فَخُذْ بِأُذُنِ خَيْرِهَا فَذَهَبَ فَأَخَذَ بِأُذُنِ كَلْبِ الْغَنَمِ» قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنَاهُ إِسْمَعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا حَمَّادٌ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَقَالَ فِيهِ بِأُذُنِ خَيْرِهَا شَاةً ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِلَّا بِشَرِّ مَا يَسْمَعُ) أَيْ أَنَّ صَاحِبَ الْحِكْمَةِ لَا يَخْلُو عَنْ سَهْوٍ وَنِسْيَانٍ وَخَطَأٍ فَالنَّاقِلُ إِذَا لَمْ يَنْقُلْ عَنْهُ إِلَّا مَا جَرَى فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الْمَذْكُورَاتِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ هَذَا الْآتِي إِلَى الرَّاعِي (أَجْزِرْنِي) بِجِيمٍ وَزَايٍ مُعْجَمَةٍ وَرَاءٍ مُهْمَلَةٍ مِنْ أَجْزَرْتُ إِذَا أَعْطَيْتُهُ شَاةً يَذْبَحَهَا، وَقَالَ السُّيُوطِيُّ: شَاةً تَصْلُحُ لِلذَّبْحِ، وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ مِنَ الطَّرَفَيْنِ؛ لِأَنَّ مَدَارَ الْإِسْنَادِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[باب البراءة من الكبر والتواضع]

[باب الْبَرَاءَةُ مِنْ الْكِبْرِ وَالتَّوَاضُعُ] 4173 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْلَمَةَ جَمِيعًا عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ كِبْرٍ وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مِنْ كِبْرٍ) بِكَسْرِ الْكَافِ وَسُكُونِ الْبَاءِ ظَاهِرُهُ يُوَافِقُ ظَاهِرَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ} [القصص: 83] وَلَعَلَّ الْمُرَادَ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَوَّلًا، وَالْمُرَادُ بِالثَّانِي لَا يَخْلُدُ فِي النَّارِ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ

بِالْكِبْرِ التَّرَفُّعُ وَالتَّأَبِّي عَنْ قَبُولِ الْحَقِّ وَالْإِيمَانِ فَيَكُونُ كُفْرًا فَلِذَا قُوبِلَ بِالْإِيمَانِ، أَوِ الْمُرَادُ أَنَّ مَنْ دَخَلَ الْجَنَّةَ يَخْرُجُ عَنْ قَلْبِهِ الْكِبْرُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} [الأعراف: 43] وَقِيلَ: يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مُبَالَغَةٌ فِي التَّيْسِيرِ عَلَى الْإِيمَانِ وَالتَّشْدِيدِ عَلَى الْكُفْرِ.

4174 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ الْأَغَرِّ أَبِي مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي مَنْ نَازَعَنِي وَاحِدًا مِنْهُمَا أَلْقَيْتُهُ فِي جَهَنَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْكِبْرِيَاءُ. . . إِلَخْ) ضَرَبَ مَثَلًا فِي انْفِرَادِهِ بِصِفَةِ الْعَظَمَةِ وَالْكِبْرِيَاءِ، أَيْ: لَيْسَا كَسَائِرِ الصِّفَاتِ الَّتِي قَدْ يَتَّصِفُ بِهَا غَيْرُهُ تَعَالَى مَجَازًا كَالْكَرَمِ وَالرَّحْمَةِ كَمَا لَا يُشَارِكُ فِي إِزَارِ أَحَدٍ وَرِدَائِهِ غَيْرُهُ، ظَاهِرُ الْحَدِيثِ يُعْطِي الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا وَيَظْهَرُ مِنْ كُتُبِ اللُّغَةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فَتَوَقَّفَ فِيهِ بَعْضُهُمْ وَفَرَّقَ آخَرُونَ فَقِيلَ: الْكِبْرِيَاءُ كَوْنُهُ مُتَكَبِّرًا فِي ذَاتِهِ اسْتَكْبَرَهُ غَيْرُهُ أَمْ لَا، وَالْعَظَمَةُ كَوْنُهُ يَسْتَعْظِمُهُ غَيْرُهُ فَالْكِبْرِيَاءُ صِفَةٌ ذَاتِيَّةٌ وَهِيَ أَرْفَعُ مِنَ الْعَظَمَةِ لِكَوْنِهَا إِضَافِيَّةٌ فَشُبِّهَتْ بِالرِّدَاءِ الَّذِي هُوَ أَرْفَعُ مِنَ الْإِزَارِ، وَقِيلَ: لَا الْعَظَمَةُ بِاعْتِبَارِ كَوْنِ الذَّاتِ لَا يُدْرَكُ كُنْهُهُ وَالْكِبْرِيَاءُ بِاعْتِبَارِ التَّرَفُّعِ عَلَى الْغَيْرِ فَشَبَّهَ الْعَظَمَةَ بِالْإِزَارِ الَّذِي هُوَ لَازِمٌ لَا بُدَّ مِنْهُ وَالثَّانِي بِالرِّدَاءِ الَّذِي فِيهِ زِيَادَةُ التَّزَيُّنِ وَالتَّرَفُّعِ.

4175 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ وَهَارُونُ بْنُ إِسْحَقَ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْمُحَارِبِيُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِدًا مِنْهُمَا أَلْقَيْتُهُ فِي النَّارِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يَقُولُ اللَّهُ الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي. . . إِلَخْ) وَفِي الزَّوَائِدِ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ عَطَاءَ بْنَ السَّائِبِ اخْتَلَطَ وَالْمُحَارِبِيُّ هَلْ رَوَى عَنْهُ قَبْلَ الِاخْتِلَاطِ أَوْ بَعْدَهُ.

4176 - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ دَرَّاجًا حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ يَتَوَاضَعُ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ دَرَجَةً يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهِ دَرَجَةً وَمَنْ يَتَكَبَّرُ عَلَى اللَّهِ دَرَجَةً يَضَعُهُ اللَّهُ بِهِ دَرَجَةً حَتَّى يَجْعَلَهُ فِي أَسْفَلِ السَّافِلِينَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ يَتَوَاضَعْ) يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مَنْ شَرْطِيَّةً أَوْ مَوْصُولَةً، أَيْ: يَنْزِلُ عَنْ دَرَجَتِهِ فِي الْكَلَامِ، أَوِ الْجُلُوسِ إِلَى مَا دُونَهُ (عَلَى اللَّهِ) أَيْ: عَلَى خِلَافِ مُقْتَضَى أَمْرِهِ وَرِضَاهُ تَابِعًا فِي ذَلِكَ هَوَاهُ، وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَدَرَّاجُ بْنُ سَمْعَانَ أَبُو السَّمْحِ الْمِصْرِيُّ وَإِنْ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ فَقَدْ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ مُسْتَقِيمٌ

إِلَّا مَا كَانَ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ عَامَّةُ أَحَادِيثِ دَرَّاجٍ مِمَّا يُتَابَعُ عَلَيْهِ. قُلْتُ: وَضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَالنَّسَائِيُّ وَالَّدَارَقُطْنِيُّ.

4177 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ وَسَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «إِنْ كَانَتْ الْأَمَةُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَتَأْخُذُ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا يَنْزِعُ يَدَهُ مِنْ يَدِهَا حَتَّى تَذْهَبَ بِهِ حَيْثُ شَاءَتْ مِنْ الْمَدِينَةِ فِي حَاجَتِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَمَا يَنْزِعُ يَدَهُ) أَيْ أَنَّهُ يَتْبَعُهَا إِلَى حَيْثُ مَالَتْ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ ضَعِيفٌ.

4178 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مُسْلِمٍ الْأَعْوَرِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُ الْمَرِيضَ وَيُشَيِّعُ الْجِنَازَةَ وَيُجِيبُ دَعْوَةَ الْمَمْلُوكِ وَيَرْكَبُ الْحِمَارَ وَكَانَ يَوْمَ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ عَلَى حِمَارٍ وَيَوْمَ خَيْبَرَ عَلَى حِمَارٍ مَخْطُومٍ بِرَسَنٍ مِنْ لِيفٍ وَتَحْتَهُ إِكَافٌ مِنْ لِيفٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَيُشَيِّعُ) مِنْ شَيَّعَ بِالتَّشْدِيدِ، أَيْ: يَتْبَعُهَا (دَعْوَةَ الْمَمْلُوكِ) أَيِ: الْمَأْذُونِ لَهُ فِيهَا (بِرَسَنٍ) بِفَتْحَتَيْنِ هُوَ الْحَبْلُ الَّذِي تُقَادُ بِهِ الدَّابَّةُ.

4179 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ مَطَرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ خَطَبَهُمْ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنْ تَوَاضَعُوا) أَيْ: أَنْ أَقُولَ لَكُمْ تَوَاضَعُوا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب الحياء]

[باب الْحَيَاءِ] 4180 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عُتْبَةَ مَوْلًى لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَدَّ حَيَاءً مِنْ عَذْرَاءَ فِي خِدْرِهَا وَكَانَ إِذَا كَرِهَ شَيْئًا رُئِيَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي خِدْرِهَا) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ سِتْرٌ يُعَدُّ لِلْجَارِيَةِ فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ (رُئِيَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ، أَيْ أَنَّهُ لَا يُظْهِرُ كَرَاهِيَةً بِالتَّكَلُّمِ حَيَاءً، بَلْ يَظْهَرُ آثَارُ كَرَاهَتِهِ فِي الْوَجْهِ فَيُعْرَفُ بِهِ أَنَّهُ كَرِهَهُ.

4181 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَحْيَى عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا وَخُلُقُ الْإِسْلَامِ الْحَيَاءُ»

4182 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَرَّاقُ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا وَإِنَّ خُلُقَ الْإِسْلَامِ الْحَيَاءُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ صَالِحِ بْنِ حِبَّانَ وَمُحَمَّدٍ الْوَرَّاقِ قَوْلُهُ: (خُلُقًا) بِضَمَّتَيْنِ، أَوْ بِسُكُونِ الثَّانِي، أَيْ: خُلُقًا يَخْتَصُّ بِأَهْلِ ذَلِكَ الدِّينِ وَبِهِ يُعْرَفُ مَنْ يَكُونُ كَامِلًا فِي ذَلِكَ الدِّينِ الْحَيَاءُ

فِيهِ يُحَصِّلُ حُسْنَ الْمُعَامَلَةِ مَعَ الْخَلْقِ وَمَعَ الْخَلَائِقِ، وَفِي الزَّوَائِدِ حَدِيثُ أَنَسٍ ضَعِيفٌ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ يَحْيَى الصَّدَفِيُّ وَأَبُو رَوْحٍ الدِّمَشْقِيُّ ضَعَّفُوهُ.

4183 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ) بِحَذْفِ إِحْدَى الْيَاءَيْنِ لِلْجَازِمِ وَإِبْقَاءِ الثَّانِيَةِ مَكْسُورَةً (فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ) أَيْ أَنَّ الْحَيَاءَ هُوَ الدَّافِعُ عَنِ ارْتِكَابِ السُّوءِ فَالْحَيَاءُ مِنَ اللَّهِ يَمْنَعُ مِنَ الْقَبَائِحِ الدِّينِيَّةِ وَمِنَ النَّاسِ يَمْنَعُ مِنَ الْقَبَائِحِ الْعَادِيَّةِ فَإِذَا فُقِدَ الْحَيَاءُ لَا يُبَالِي الْمَرْءُ بِمَا يَفْعَلُ فَالْأَمْرُ بِمَعْنَى الْخَبَرِ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِلْمَرْءِ مِنَ النَّظَرِ فِيمَا يَفْعَلُ فَإِنْ كَانَ أَمْرًا لَا يَسْتَحْيِي مِنْهُ فَلْيَفْعَلْ، وَإِلَّا فَلْيَدَعْ، وَقِيلَ: هُوَ وَعِيدٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [فصلت: 40]

4184 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَيَاءُ مِنْ الْإِيمَانِ وَالْإِيمَانُ فِي الْجَنَّةِ وَالْبَذَاءُ مِنْ الْجَفَاءِ وَالْجَفَاءُ فِي النَّارِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَالْإِيمَانُ فِي الْجَنَّةِ) أَيْ: أَهْلُ الْإِيمَانِ فِي الْجَنَّةِ (وَالْبَذَاءُ) هُوَ بِالْمَدِّ الْفُحْشُ مِنَ الْقَوْلِ، وَفِي الزَّوَائِدِ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَقَوْلُ الدَّارَقُطْنِيِّ إِنَّ الْحَسَنَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي بَكْرَةَ الْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الْبُخَارِيَّ احْتَجَّ فِي صَحِيحِهِ بِرِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ فِي أَرْبَعَةِ أَحَادِيثَ، وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ وَمُعْجَمِ الطَّبَرَانِيِّ الْكَبِيرِ التَّصْرِيحُ بِسَمَاعِهِ مِنْ أَبِي بَكْرَةَ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ وَالْمُثْبِتُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي.

4185 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا كَانَ الْفُحْشُ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا شَانَهُ وَلَا كَانَ الْحَيَاءُ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا زَانَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَا كَانَ الْفُحْشُ) بِضَمِّ الْفَاءِ فَسُكُونِ الْحَاءِ اسْمٌ مِنَ الْإِفْحَاشِ قَالَ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ هُوَ الْكَلَامُ بِمَا يُكْرَهُ سَمَاعُهُ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالدِّينِ.

[باب الحلم]

[باب الْحِلْمِ] 4186 - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ أَبِي مَرْحُومٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنْفِذَهُ دَعَاهُ اللَّهُ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ فِي أَيِّ الْحُورِ شَاءَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ كَظَمَ غَيْظًا) أَيْ: حَبَسَ نَفْسَهُ عَنْ إِجْرَاءِ مُقْتَضَاهُ (يُنْفِذُهُ) مِنَ الْإِنْفَاذِ، أَيْ: قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَأْتِيَ بِمُقْتَضَاهُ وَفِيهِ أَنَّهُ إِنَّمَا يَحْمَدُ الْقَادِرَ عَلَى تَأْخِيرِ مُقْتَضَاهُ وَغَيْرُهُ يَكْظِمُ خَيْرًا، لَكِنْ إِنْ تَرَكَ الِانْتِقَامَ كَمَيْلِ طَبْعِهِ إِلَى الْمُسَامَحَةِ وَالتَّحَمُّلِ

حَتَّى لَوْ تَرَكَ لِعُذْرٍ أَيْضًا لَا لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ فَهُوَ مِمَّنْ يُرْجَى لَهُ ذَلِكَ.

4187 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ دِينَارٍ الشَّيْبَانِيُّ عَنْ عُمَارَةَ الْعَبْدِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ قَالَ «كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَتَتْكُمْ وُفُودُ عَبْدِ الْقَيْسِ وَمَا يَرَى أَحَدٌ فِينَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ جَاءُوا فَنَزَلُوا فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَقِيَ الْأَشَجُّ الْعَصَرِيُّ فَجَاءَ بَعْدُ فَنَزَلَ مَنْزِلًا فَأَنَاخَ رَاحِلَتَهُ وَوَضَعَ ثِيَابَهُ جَانِبًا ثُمَّ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَشَجُّ إِنَّ فِيكَ لَخَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ الْحِلْمَ وَالتُّؤَدَةَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَشَيْءٌ جُبِلْتُ عَلَيْهِ أَمْ شَيْءٌ حَدَثَ لِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ شَيْءٌ جُبِلْتَ عَلَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْعَصَرِيُّ) ضُبِطَ بِفَتْحَتَيْنِ (جَانِبًا) أَيْ: طَرَفًا مِنَ الْمَنْزِلِ (وَالتُّؤَدَةُ) أَيِ: التَّأَنِّي وَتَرْكُ التَّعْجِيلِ (جُبِلَتْ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ، أَيْ: خُلِقَتْ وَطُبِعَتْ عَلَيْهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ عِمَارَةُ بْنُ خُوَيْنٍ أَبُو هَارُونَ الْعَبْدِيُّ كَذَّبَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ عُلَيَّةَ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ.

4188 - حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَقَ الْهَرَوِيُّ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ الْأَنْصَارِيُّ حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْأَشَجِّ الْعَصَرِيِّ إِنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ الْحِلْمَ وَالْحَيَاءَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْحِلْمُ وَالْحَيَاءُ) فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ عَنْ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ تَابَعَهُ عَلَيْهِ بِشْرُ بْنُ الْفَضْلِ كَمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

4189 - حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ جُرْعَةٍ أَعْظَمُ أَجْرًا عِنْدَ اللَّهِ مِنْ جُرْعَةِ غَيْظٍ كَظَمَهَا عَبْدٌ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَا مِنْ جُرْعَةٍ) بِضَمِّ الْجِيمِ اسْمٌ مِنْ جَرَعَ الْمَاءَ كَسَمْعِ بَلْعِهِ، وَفِي الْقَامُوسِ الْجُرْعَةُ مُثَلَّثَةً مِنَ الْمَاءِ حَسْوَةٌ مِنْهُ، أَوْ بِالضَّمِّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الْمُرَادُ هَاهُنَا، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[باب الحزن والبكاء]

[باب الْحُزْنِ وَالْبُكَاءِ] 4190 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى أَنْبَأَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ مُوَرِّقٍ الْعِجْلِيِّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ وَأَسْمَعُ مَا لَا تَسْمَعُونَ إِنَّ السَّمَاءَ أَطَّتْ وَحَقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلَّا وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِدًا لِلَّهِ وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا وَمَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْفُرُشَاتِ وَلَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ شَجَرَةً تُعْضَدُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَطَّتْ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ الْمُشَدَّدَةِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْأَطِيطُ صَوْتُ الِاقْتِيَاتِ وَأَطِيطُ الْإِبِلِ أَصْوَاتُهَا وَحَنِينُهَا أَيْ أَنَّ كَثْرَةَ مَا فِيهَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ قَدْ أَثْقَلَهَا حَتَّى أَطَّتْ، وَهَذَا مَثَلٌ لِكَثْرَةِ الْمَلَائِكَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ أَطِيطٌ فَإِنَّمَا هُوَ كَلَامُ تَقْرِيبٍ أُرِيدَ بِهِ تَقْرِيرُ عَظَمَةِ اللَّهِ تَعَالَى (مَا أَعْلَمُ) مِنْ كَمَالِ عَظَمَتِهِ وَجَلَالِهِ وَشِدَّةِ بَطْشِهِ وَأَلِيمِ عَذَابِهِ

(إِلَى الصُّعُدَاتِ) بِضَمِّ الصَّادِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَتَيْنِ جَمْعُ صُعُدٍ وَقِيلَ: صُعْدَةٌ كَظُلْمَةٍ، فِنَاءُ بَابِ الدَّارِ وَمَمَرُّ النَّاسِ بَيْنَ يَدَيْهِ (تَجْأَرُونَ) بِالْجِيمِ وَالْهَمْزَةِ وَالرَّاءِ أَيْ تَرْفَعُونَ أَصْوَاتَكُمْ وَتَسْتَغِيثُونَ يُقَالُ جَأَرَ جُؤَارًا بِالضَّمِّ (وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ. . . إِلَخْ) قَالَ الْحَافِظُ: هَذَا مِنْ قَوْلِ أَبِي ذَرٍّ مُدْرَجٌ فِي الْحَدِيثِ وَ (تُعْضَدُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ بِمَعْنَى تُقْطَعُ.

4191 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا»

4192 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ مُوسَى بْنِ يَعْقُوبَ الزَّمْعِيِّ عَنْ أَبِي حَازِمٍ أَنَّ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ إِسْلَامِهِمْ وَبَيْنَ أَنْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ يُعَاتِبُهُمْ اللَّهُ بِهَا إِلَّا أَرْبَعُ سِنِينَ {وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمْ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد: 16] ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَبَيْنَ أَنْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ. . . إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ اهـ.

4193 - حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُكْثِرُوا الضَّحِكَ فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (تُمِيتُ الْقَلْبَ) أَيْ: تَجْعَلُهُ قَاسِيًا لَا يَتَأَثَّرُ بِالْمَوَاعِظِ كَالْمَيِّتِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَأَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ عَبْدُ الْكَبِيرِ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْبَصْرِيُّ.

4194 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْرَأْ عَلَيَّ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ بِسُورَةِ النِّسَاءِ حَتَّى إِذَا بَلَغْتُ {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} [النساء: 41] فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ فَإِذَا عَيْنَاهُ تَدْمَعَانِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (تَدْمَعَانِ) أَيْ: تَسِيلَانِ بِالدَّمْعِ.

4195 - حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ دِينَارٍ حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ الْخُرَاسَانِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ الْبَرَاءِ قَالَ «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جِنَازَةٍ فَجَلَسَ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ فَبَكَى حَتَّى بَلَّ الثَّرَى ثُمَّ قَالَ يَا إِخْوَانِي لِمِثْلِ هَذَا فَأَعِدُّوا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ) أَيْ: طَرَفِهِ (الثَّرَى) أَيِ: التُّرَابُ (فَأَعِدُّوا) أَيْ: صَالِحَ الْأَعْمَالِ الَّذِي يَدْخُلُ الْقَبْرَ مَعَ الْمُؤْمِنِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ: مُحَمَّدُ

بْنُ مَالِكٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ الْبَرَاءِ، ثُمَّ ذَكَرَهُ فِي الضُّعَفَاءِ.

4196 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَشِيرِ بْنِ ذَكْوَانَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو رَافِعٍ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْكُوا فَإِنْ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكَوْا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَتَبَاكَوْا) أَيْ: تَكَلَّفُوا الْبُكَاءَ.

4197 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ حَدَّثَنِي حَمَّادُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ الزُّرَقِيُّ عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ يَخْرُجُ مِنْ عَيْنَيْهِ دُمُوعٌ وَإِنْ كَانَ مِثْلَ رَأْسِ الذُّبَابِ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ثُمَّ تُصِيبُ شَيْئًا مِنْ حُرِّ وَجْهِهِ إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ثُمَّ تُصِيبُ) أَيْ: تِلْكَ الدُّمُوعُ (مِنْ حُرِّ وَجْهِهِ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ هُوَ مَا أَقْبَلَ عَلَيْكَ وَبَدَا لَكَ مِنْهُ (إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهِ) أَيْ: ذَلِكَ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ أَوْ وَجْهَهُ أَوْ حُرَّ الْوَجْهِ، أَوِ الشَّيْءَ الَّذِي أَصَابَتْهُ الدُّمُوعُ مِنْهُ وَأَرْجَى الْوُجُوهِ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ هُوَ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ، وَالْمُرَادُ بِالتَّحْرِيمِ عَلَى النَّارِ مَنْعُ النَّارِ مِنْ إِحْرَاقِهِ لَا التَّحْرِيمُ التَّكْلِيفِيُّ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ ضَعِيفٌ.

[باب التوقي على العمل]

[باب التَّوَقِّي عَلَى الْعَمَلِ] 4198 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [المؤمنون: 60] أَهُوَ الَّذِي يَزْنِي وَيَسْرِقُ وَيَشْرَبُ الْخَمْرَ قَالَ لَا يَا بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ أَوْ يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ وَلَكِنَّهُ الرَّجُلُ يَصُومُ وَيَتَصَدَّقُ وَيُصَلِّي وَهُوَ يَخَافُ أَنْ لَا يُتَقَبَّلَ مِنْهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ أَيِ: التَّحَفُّظُ عَلَيْهِ بِالْخَوْفِ عَنْ رَدِّهِ وَتَرْكِ مَا يُؤَدِّي إِلَى بُطْلَانِهِ. قَوْلُهُ: (هُوَ الرَّجُلُ الَّذِي يَزْنِي) كَأَنَّهَا زَعَمَتْ أَنَّ الْخَوْفَ إِنَّمَا يُنَاسِبُ الْأَعْمَالَ الْقَبِيحَةَ دُونَ الصَّالِحَةِ فَتَحْمِلُ قَوْلَهُ: {يُؤْتُونَ مَا آتَوْا} [المؤمنون: 60] أَيْ: يُؤَدُّونَ مِنَ الْأَعْمَالِ الْقَبِيحَةِ مَا أَدَّوْا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، أَيْ: يَفْعَلُونَ بِمَا فَعَلُوا فِي أَيَّامِ الْجَاهِلِيَّةِ (وَلَكِنَّهُ الرَّجُلُ) فَالْمُرَادُ أَنَّهُمُ الَّذِينَ يُدِيمُونَ عَلَى الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الَّتِي فَعَلُوهَا أَوَّلَ إِسْلَامٍ وَالْحَالُ أَنَّهُمْ يَخَافُونَ الرَّدَّ.

4199 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ إِسْمَعِيلَ بْنِ عِمْرَانَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ رَبٍّ قَالَ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ يَقُولُ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّمَا الْأَعْمَالُ كَالْوِعَاءِ إِذَا طَابَ أَسْفَلُهُ طَابَ أَعْلَاهُ وَإِذَا فَسَدَ أَسْفَلُهُ فَسَدَ أَعْلَاهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذَا طَابَ أَسْفَلُهُ) كَأَنَّهُ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْخَوَاتِيمِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ

عُثْمَانُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ لَمْ أَرَ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ مُوثَقُونَ.

4200 - حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ عَنْ وَرْقَاءَ بْنِ عُمَرَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ذَكْوَانَ أَبُو الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا صَلَّى فِي الْعَلَانِيَةِ فَأَحْسَنَ وَصَلَّى فِي السِّرِّ فَأَحْسَنَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَذَا عَبْدِي حَقًّا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (هَذَا عَبْدِي حَقًّا) أَيْ: لِأَنَّهُ يُحْسِنُ الصَّلَاةَ إِخْلَاصًا لَا رِيَاءً، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ بَقِيَّةُ وَهُوَ مُدَلِّسٌ وَقَدْ عَنْعَنَهُ.

4201 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ وَإِسْمَعِيلُ بْنُ مُوسَى قَالَا حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَارِبُوا وَسَدِّدُوا فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ بِمُنْجِيهِ عَمَلُهُ قَالُوا وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَلَا أَنَا إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَارِبُوا) أَيِ: الْوَسَطَ (وَسَدِّدُوا) أَيِ: اسْتَقِيمُوا عَلَى الْوَسَطِ يُرِيدُ تَرْكَ الْإِفْرَاطِ فِي الْعَمَلِ؛ وَلِذَلِكَ عَلَّقَهُ بِقَوْلِهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ. . . إِلَخْ (إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ. . . إِلَخْ) مُقْتَضَى الِاسْتِثْنَاءِ أَنَّ الْعَمَلَ بِلَا رَحْمَةٍ مِنْهُ تَعَالَى لَا يُنْجِي وَمَعَ الرَّحْمَةِ يُنْجِي، وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ حَسَنٌ وَشَرِيكٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.

[باب الرياء والسمعة]

[باب الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ] 4202 - حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ الْعُثْمَانِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ فَمَنْ عَمِلَ لِي عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ غَيْرِي فَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ وَهُوَ لِلَّذِي أَشْرَكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَهُوَ لِلَّذِي أَشْرَكَ) هُوَ تَأْكِيدٌ لِلرَّدِّ، وَإِلَّا فَهُوَ عَمَلٌ بَاطِلٌ عَنِ الْأُصُولِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

4203 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَهَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَمَّالُ وَإِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيُّ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ زِيَادِ بْنِ مِينَاءَ عَنْ أَبِي سَعْدِ بْنِ أَبِي فَضَالَةَ الْأَنْصَارِيِّ وَكَانَ مِنْ الصَّحَابَةِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَمَعَ اللَّهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ نَادَى مُنَادٍ مَنْ كَانَ أَشْرَكَ فِي عَمَلٍ عَمِلَهُ لِلَّهِ فَلْيَطْلُبْ ثَوَابَهُ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ»

4204 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ رُبَيْحِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ «خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ فَقَالَ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ عِنْدِي مِنْ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ قَالَ قُلْنَا بَلَى فَقَالَ الشِّرْكُ الْخَفِيُّ أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ يُصَلِّي فَيُزَيِّنُ صَلَاتَهُ لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الشِّرْكُ الْخَفِيُّ) فَإِنَّهُ شِرْكٌ لَا يَظْهَرُ لِلنَّاسِ أَنَّهُ شِرْكٌ، بَلْ يَظْهَرُ لَهُمْ أَنَّهُ صَلَاحٌ، وَفِي

الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَكَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ وَرُبَيْحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُخْتَلَفٌ فِيهِمَا.

4205 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْعَسْقَلَانِيُّ حَدَّثَنَا رَوَّادُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ ذَكْوَانَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَتَخَوَّفُ عَلَى أُمَّتِي الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ أَمَا إِنِّي لَسْتُ أَقُولُ يَعْبُدُونَ شَمْسًا وَلَا قَمَرًا وَلَا وَثَنًا وَلَكِنْ أَعْمَالًا لِغَيْرِ اللَّهِ وَشَهْوَةً خَفِيَّةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَلَكِنْ أَعْمَالًا) أَيْ: يَعْمَلُونَ أَعْمَالًا (وَشَهْوَةً) أَيْ: وَيَشْتَهُونَ شَهْوَةً قَالَ السُّيُوطِيُّ: قَالَ عَبْدُ الْغَافِرِ الْفَاسِيُّ فِي مَجْمَعِ الْغَرَائِبِ، قِيلَ: هُوَ شَهْوَةُ النِّسَاءِ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: هُوَ عِنْدِي لَيْسَ بِمَخْصُوصٍ وَلَكِنَّهُ فِي كُلِّ الْمَعَاصِي عَصَاهَا وَيَصِيرُ عَلَيْهَا، وَقِيلَ: هُوَ أَنْ يَرَى جَارِيَةً حَسْنَاءَ وَذَكَرَ الْأَزْهَرِيُّ وَجْهًا آخَرَ لَطِيفًا وَهُوَ أَنْ تُنْصَبَ الشَّهْوَةُ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مَعَهُ كَأَنَّهُ قَالَ أَخْوَفُ مَا أَخَافُ وَهُوَ أَنْ تُنْصَبَ الشَّهْوَةُ كَأَنَّهُ الْخَشْيَةُ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ يُرِي النَّاسَ أَنَّهُ تَارِكٌ لِلْمَعَاصِي وَالشَّهْوَةِ وَيُخْفِي شَهْوَةً لِمَا فِي قَلْبِهِ فَإِذَا خَلَا بِنَفْسِهِ عَمِلَهَا فِي خُفْيَةٍ اهـ، وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيُّ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ: الرِّيَاءُ مَا كَانَ ظَاهِرًا وَالشَّهْوَةُ الْخَفِيَّةُ عَدَمُ اطِّلَاعِ النَّاسِ عَلَى الْعَمَلِ وَلَمْ يُحْكَ خِلَافُهُ. قُلْتُ: وَهُوَ تَفْسِيرٌ حَسَنٌ إِلَّا أَنَّهُ وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ تَفْسِيرُهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ وَنَوَادِرِ الْأُصُولِ وَالْمُسْتَدْرَكِ زِيَادَةٌ، قِيلَ: وَمَا الشَّهْوَةُ الْخَفِيَّةُ قَالَ يُصْبِحُ الْعَبْدُ صَائِمًا فَيَعْرِضُ لَهُ شَهْوَةٌ مِنْ شَهَوَاتِهِ فَيُوَافِقُهَا وَيَدَعُ صَوْمَهُ وَحَيْثُمَا وَرَدَ التَّفْسِيرِ فِي تَتِمَّةِ الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا يَعْدِلُ عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ اهـ كَلَامُ السُّيُوطِيِّ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ لَمْ أَرَ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ.

4206 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ الْمُخْتَارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ يُسَمِّعْ يُسَمِّعْ اللَّهُ بِهِ وَمَنْ يُرَاءِ يُرَاءِ اللَّهُ بِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ يُرَاءِ) أَيْ: يَقْصِدُ بِعَمَلِهِ أَنْ يَرَاهُ النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ الْعَمَلِ (يُرَاءِ اللَّهُ) أَيْ: يُجَازِيهِ عَلَى رِيَائِهِ فَسَمَّى الْجَزَاءَ بِاسْمِهِ (وَمَنْ يُسَمِّعْ) مِنْ أَسْمَعَ، أَوْ مِنَ التَّسْمِيعِ، وَالْمَعْنَى كَمَا تَقَدَّمَ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَكَذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي لَيْلَى وَالْحَدِيثُ مِنْ حَدِيثِ جُنْدَبٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ.

4207 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْحَقَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ جُنْدَبٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ يُرَاءِ يُرَاءِ اللَّهُ بِهِ وَمَنْ يُسَمِّعْ يُسَمِّعْ اللَّهُ بِهِ»

[باب الحسد]

[باب الْحَسَدِ] 4208 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي وَمُحَمَّدُ ابْنُ بِشْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ حِكْمَةً فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا حَسَدَ) قِيلَ: أُرِيدَ بِالْحَسَدِ الْغِبْطَةُ وَهُوَ أَنْ يُرِيدَ لِنَفْسِهِ مِثْلَ مَا فِيهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُرِيدَ الزَّوَالَ عَنْهُ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا تَنْبَغِي الْغِبْطَةُ فِي الْأُمُورِ الْخَسِيسَةِ، وَإِنَّمَا تَنْبَغِي فِي الْأُمُورِ الْجَلِيلَةِ الدَّقِيقَةِ كَالْجُودِ وَالْعِلْمِ مَعَ الْعَمَلِ، وَإِلَّا فَالْحَسَدُ غَيْرُ جَائِزٍ وَهُوَ أَنْ يُرِيدَ الزَّوَالَ عَنْ أَخِيهِ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ أَنَّهُ لَوْ جَازَ الْحَسَدُ لَجَازَ الْحَسَدُ فِي هَذَيْنَ.

4209 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يُنْفِقُهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ»

4210 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَمَّالُ وَأَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَر قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ عِيسَى بْنِ أَبِي عِيسَى الْحَنَّاطِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْحَسَدُ يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ وَالصَّلَاةُ نُورُ الْمُؤْمِنِ وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ مِنْ النَّارِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْحَسَدُ يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ. . . إِلَخْ) وَفِي الزَّوَائِدِ الْجُمْلَةُ الْأُولَى رَوَاهَا أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَإِسْنَادُ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِيهِ عِيسَى بْنُ أَبِي عِيسَى وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب البغي]

[باب الْبَغْيِ] 4211 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيُّ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ عُيَيْنَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَجْدَرُ) أَيْ: أَلْيَقُ وَأَحَقُّ وَأَوْلَى وَأَحْرَى (أَنْ يُعَجِّلَ) أَيْ: بِأَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ وَهُوَ مِنَ التَّعْجِيلِ (مِنَ الْبَغْيِ) أَيِ: الظُّلْمِ وَالْإِسَاءَةِ إِلَى الْمَخْلُوقَاتِ.

4212 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ مُوسَى عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْرَعُ الْخَيْرِ ثَوَابًا الْبِرُّ وَصِلَةُ الرَّحِمِ وَأَسْرَعُ الشَّرِّ عُقُوبَةً الْبَغْيُ وَقَطِيعَةُ الرَّحِمِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْبِرُّ) الْإِحْسَانُ إِلَى أَحَدٍ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ صَالِحُ بْنُ مُوسَى

الطَّلْحِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

4213 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ الْمَدَنِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي عَامِرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ حَسْبُ امْرِئٍ مِنْ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (حَسْبُ امْرِئٍ) أَيْ: يَكْفِيهِ فِي الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ مُسْلِمًا، أَيْ: لَوْ كَانَ الشَّرُّ مَطْلُوبًا لَكَفَى مِنْهُ هَذَا الْقَدْرُ وَفِيهِ تَعْظِيمٌ وَتَكْثِيرٌ لَهُ، وَقَوْلُهُ: أَنْ يَحْقِرَ كَيَضْرِبَ.

4214 - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَنْبَأَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ سِنَانِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا وَلَا يَبْغِي بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ (إنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا) فِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادُ حَسَنٌ لِاخْتِلَافٍ فِي اسْمِ سِنَانِ بْنِ سَعْدٍ، أَوْ سَعْدِ بْنِ شِنَانٍ.

[باب الورع والتقوى]

[باب الْوَرَعِ وَالتَّقْوَى] 4215 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا أَبُو عَقِيلٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ وَعَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ عَطِيَّةَ السَّعْدِيِّ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَبْلُغُ الْعَبْدُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْمُتَّقِينَ حَتَّى يَدَعَ مَا لَا بَأْسَ بِهِ حَذَرًا لِمَا بِهِ الْبَأْسُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَا لَا بَأْسَ بِهِ) كَمَا أَنَّ فِيهَا مَا بِهِ بَأْسٌ فَفِي تَرْكِ الْكَلَامِ قَدْ تَرَكَ مَا لَا بَأْسَ بِهِ خَوْفًا مِنَ الْوُقُوعِ فِيمَا فِيهِ بَأْسٌ، أَوْ حَتَّى لَا يَعْتَادُ عَلَى الْمُسْتَلَذَّاتِ مِنَ الْحَلَالِ خَوْفًا مِنْ إِفْضَاءِ ذَلِكَ إِلَى الْحَرَامِ إِذَا لَمْ يَتَيَسَّرِ الْحَلَالُ بِسَبَبِ غَلَبَةِ الْعَادَةِ.

4216 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ حَدَّثَنَا مُغِيثُ بْنُ سُمَيٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ «قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ قَالَ كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ صَدُوقِ اللِّسَانِ قَالُوا صَدُوقُ اللِّسَانِ نَعْرِفُهُ فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ قَالَ هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ لَا إِثْمَ فِيهِ وَلَا بَغْيَ وَلَا غِلَّ وَلَا حَسَدَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ) قَالَ السُّيُوطِيُّ: بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ مِنْ خَمَمْتُ الْبَيْتَ إِذَا كَنَسْتُهُ وَنَظَّفْتُهُ قَوْلُهُ: (وَلَا غِلَّ) بِالْكَسْرِ الْحِقْدُ، وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

4217 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي رَجَاءٍ عَنْ بُرْدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ كُنْ وَرِعًا تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ وَكُنْ قَنِعًا تَكُنْ أَشْكَرَ النَّاسِ وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا وَأَحْسِنْ جِوَارَ مَنْ جَاوَرَكَ تَكُنْ مُسْلِمًا وَأَقِلَّ الضَّحِكَ فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ) أَيْ: مِنْ أَعْبَدِهِمْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ بِتَرْكِ الْمَنْهِيَّاتِ أَهَمُّ مِنْهَا بِفِعْلِ الْمَأْمُورَاتِ (أَشْكَرَ النَّاسِ) فَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الشُّكْرِ الرِّضَا بِمَا تَيَسَّرَ (تَكُنْ مُؤْمِنًا) فَإِنَّ ذَاكَ مِنْ

مُرَاعَاةِ أُخُوَّةِ الْإِيمَانِ الْكَامِلِ حَتَّى كَانَ الْمَرْءُ لَا يَنْظُرُ إِلَى نَفْسِهِ وَلَا إِلَى غَيْرِهِ إِلَّا لِلْإِيمَانِ فَلِاشْتِرَاكِهِ يَنْظُرُ إِلَى أَهْلِهِ عَلَى السَّوِيَّةِ فَلَا يُرَجَّحُ النَّفْسَ عَلَى الْغَيْرِ (تَكُنْ مُسْلِمًا) فَإِنَّ الْأَخْذَ بِالْإِسْلَامِ يَقْتَضِي الْمُسَالَمَةَ، أَوِ الْمُسْلِمُ وَقَدْ جَاءَ «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ» وَأَعْظَمُ ذَلِكَ مُرَاعَاةُ الْجَارِ (وَأَقِلَّ) مِنَ الْإِقْلَالِ، وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادٌ حَسَنٌ وَأَبُو رَجَاءٍ اسْمُهُ مُحْرِزُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْجَزَرِيُّ.

4218 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ رُمْحٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ الْمَاضِي بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا عَقْلَ كَالتَّدْبِيرِ وَلَا وَرَعَ كَالْكَفِّ وَلَا حَسَبَ كَحُسْنِ الْخُلُقِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا عَقْلَ كَالتَّدْبِيرِ) أَيْ: لَا عَقْلَ كَعَقْلِ التَّدْبِيرِ، أَيْ: كَعَقْلٍ يُدَبِّرُ فِي عَوَاقِبِ الْأُمُورِ، وَفِي الْمَصَالِحِ مِنَ الْمَفَاسِدِ (كَالْكَفِّ) أَيْ: إِتْيَانِ الْمَأْمُورَاتِ مِنَ الْوَرَعِ كَالْكَفِّ عَنِ الْمَنْهِيَّاتِ لِتَكَافُؤِ الْأَمْرَيْنِ (وَلَا حَسَبَ) أَيْ: لَا شَرَفَ لِلنَّفْسِ مِثْلَ الشَّرَفِ الْحَاصِلِ بِحُسْنِ الْخُلُقِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمِصْرِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

4219 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْعَسْقَلَانِيُّ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَسَبُ الْمَالُ وَالْكَرَمُ التَّقْوَى» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْحَسَبُ الْمَالُ) أَيِ: الشَّرَفُ بَيْنَ أَهْلِ الدُّنْيَا الْمَالُ وَالْكَرَمُ بَيْنَ أَهْلِ الدِّينِ التَّقْوَى أَوِ الشَّرَفُ بَيْنَ النَّاسِ الْمَالُ وَالْكَرَمُ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ التَّقْوَى وَإِطْلَاقُ النَّاسِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْغَالِبَ هُمْ أَهْلُ الدُّنْيَا وَبِالْوَجْهَيْنِ يَنْدَفِعُ التَّنَافِي بَيْنَ الْحَدِيثِ وَبَيْنَ الْحَدِيثِ السَّابِقِ.

4220 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَا حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ كَهْمَسِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي السَّلِيلِ ضُرَيْبِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَأَعْرِفُ كَلِمَةً وَقَالَ عُثْمَانُ آيَةً لَوْ أَخَذَ النَّاسُ كُلُّهُمْ بِهَا لَكَفَتْهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَّةُ آيَةٍ قَالَ {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: 2] » ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَكَفَتْهُمْ) أَيْ: فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا) وَلَا شَكَّ فِي كِفَايَةِ الْعَمَلِ بِهَا فِي الْآخِرَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: 2] وَإِطْلَاقُهُ يَشْمَلُ الْمَخْرَجَ مِنْ مَضَايِقِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَكَذَا لَا شَكَّ فِي كِفَايَةِ الْعَمَلِ بِهَا فِي الدُّنْيَا لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ إِطْلَاقَ الْمَخْرَجِ يَشْمَلُهُمَا وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 3] وَكَذَا قَوْلُهُ {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 3] يَشْمَلُ كِفَايَةَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَفِي الزَّوَائِدِ

هَذَا الْحَدِيثُ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ غَيْرَ أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ وَأَبُو السَّلِيلِ لَمْ يُدْرِكْ أَبَا ذَرٍّ قَالَهُ فِي التَّهْذِيبِ.

[باب الثناء الحسن]

[باب الثَّنَاءِ الْحَسَنِ] 4221 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ الْجُمَحِيُّ عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ صَفْوَانَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ الثَّقَفِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّبَاوَةِ أَوْ الْبَنَاوَةِ قَالَ وَالنَّبَاوَةُ مِنْ الطَّائِفِ قَالَ يُوشِكُ أَنْ تَعْرِفُوا أَهْلَ الْجَنَّةِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ قَالُوا بِمَ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ بِالثَّنَاءِ الْحَسَنِ وَالثَّنَاءِ السَّيِّئِ أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَوِ الْبِنَاوَةِ) هُوَ مَعْرُوفٌ بِالطَّائِفِ قَالَهُ السُّيُوطِيُّ (تُوشِكُوا) عَلَى صِيغَةِ الْجَمْعِ وَحَذَفَ النُّونَ تَخْفِيفًا وَهُوَ كَثِيرٌ، وَفِي نُسْخَةِ الزَّوَائِدِ يُوشِكُ بِالْإِفْرَادِ (بِالثَّنَاءِ الْحَسَنِ) أَيْ: فَمَنْ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ ثَنَاءً جَمِيلًا فَهُوَ مِنْ أَصْحَابِ الْجَنَّةِ، قِيلَ: هُوَ مَخْصُوصٌ بِالصَّحَابَةِ، وَقِيلَ: مِمَّنْ كَانَ عَلَى صِفَتِهِمْ فِي الْإِيمَانِ، وَقِيلَ: هَذَا إِذَا كَانَ الثَّنَاءُ مُطَابِقًا لِأَفْعَالِهِ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ عَلَى عُمُومِهِ وَإِطْلَاقِهِ فَكُلُّ مُسْلِمٍ مَاتَ فَأَلْهَمَ اللَّهُ النَّاسَ أَوْ مُعْظَمَهُمُ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ سَوَاءً كَانَتْ أَفْعَالُهُ تَقْتَضِي ذَلِكَ أَمْ لَا إِذِ الْعُقُوبَةُ غَيْرُ وَاجِبَةٍ فَإِلْهَامُ اللَّهِ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ أَنَّهُ يَشَاءُ الْمَغْفِرَةَ لَهُ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَلَيْسَ لِزُهَيْرِ هَذَا عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ فِي بَقِيَّةِ الْكُتُبِ السِّتَّةِ.

4222 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ كُلْثُومٍ الْخُزَاعِيِّ قَالَ «أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ لِي أَنْ أَعْلَمَ إِذَا أَحْسَنْتُ أَنِّي قَدْ أَحْسَنْتُ وَإِذَا أَسَأْتُ أَنِّي قَدْ أَسَأْتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَالَ جِيرَانُكَ قَدْ أَحْسَنْتَ فَقَدْ أَحْسَنْتَ وَإِذَا قَالُوا إِنَّكَ قَدْ أَسَأْتَ فَقَدْ أَسَأْتَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذَا قَالَ جِيرَانُكَ) الَّذِينَ عَلِمُوا بِعَمَلِكَ، وَفِي الزَّوَائِدِ رِجَالُ إِسْنَادِ حَدِيثِ كُلْثُومٍ الْخُزَاعِيِّ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ مُرْسَلٌ وَكُلْثُومُ بْنُ عَلْقَمَةَ وَيُقَالُ لَهُ ابْنُ الْمُصْطَلِقِ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَحَادِيثُهُ مُرْسَلَةٌ لَا يَصِحُّ لَهُ صُحْبَةٌ وَكَذَا قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ وَرَدُّوا الصُّحْبَةَ لِأَبِيهِ.

4223 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قَالَ رَجُلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ لِي أَنْ أَعْلَمَ إِذَا أَحْسَنْتُ وَإِذَا أَسَأْتُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَمِعْتَ جِيرَانَكَ يَقُولُونَ أَنْ قَدْ أَحْسَنْتَ فَقَدْ أَحْسَنْتَ وَإِذَا سَمِعْتَهُمْ يَقُولُونَ قَدْ أَسَأْتَ فَقَدْ أَسَأْتَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِذَا سَمِعْتَ جِيرَانَكَ. . . إِلَخْ) فِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ

بْنِ مَسْعُودٍ هَذَا صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِهِ.

4224 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَزَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ قَالَا حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبُو هِلَالٍ حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ أَبِي ثُبَيْتٍ عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلُ الْجَنَّةِ مَنْ مَلَأَ اللَّهَ أُذُنَيْهِ مِنْ ثَنَاءِ النَّاسِ خَيْرًا وَهُوَ يَسْمَعُ وَأَهْلُ النَّارِ مَنْ مَلَأَ أُذُنَيْهِ مِنْ ثَنَاءِ النَّاسِ شَرًّا وَهُوَ يَسْمَعُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ مَلَأَ اللَّهُ أُذُنَيْهِ) أَيْ: فِي حَيَاتِهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَأَبُو الْجَوْزَاءَ هُوَ أُوَيْسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّبَعِيُّ وَأَبُو هِلَالٍ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ.

4225 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قُلْتُ لَهُ الرَّجُلُ يَعْمَلُ الْعَمَلَ لِلَّهِ فَيُحِبُّهُ النَّاسُ عَلَيْهِ قَالَ ذَلِكَ عَاجِلُ بُشْرَى الْمُؤْمِنِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَيُحِبُّهُ النَّاسُ عَلَيْهِ) أَيْ: لِأَجْلِهِ.

4226 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سِنَانٍ أَبُو سِنَانٍ الشَّيْبَانِيُّ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَعْمَلُ الْعَمَلَ فَيُطَّلَعُ عَلَيْهِ فَيُعْجِبُنِي قَالَ لَكَ أَجْرَانِ أَجْرُ السِّرِّ وَأَجْرُ الْعَلَانِيَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَيُطَّلَعُ عَلَيْهِ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ (فَيُعْجِبُنِي) ذَلِكَ رَجَاءَ أَنْ يَرْغَبَ أَحَدٌ فِيهِ (وَأَجْرُ الْعَلَانِيَةِ) إِذِ الْعَلَانِيَةُ اتِّبَاعُ النَّاسِ لَهَا أَجْرٌ.

[باب النية]

[باب النِّيَّةِ] 4227 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَا أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ فَقَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ) أُفْرِدَتِ النِّيَّةُ لِكَوْنِهَا مَصْدَرًا وَقَدْ تَكَلَّمَ الْعُلَمَاءُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي أَوْرَاقٍ وَذَكَرُوا لَهُ مَعَانِي، وَإِنَّمَا الَّذِي عِنْدِي فِي مَعْنَاهُ هُوَ أَنَّ الْأَعْمَالَ، أَيِ: الْأَفْعَالَ الِاخْتِيَارِيَّةَ لَا تُوجَدُ وَلَا تَتَحَقَّقُ إِلَّا بِالنِّيَّةِ وَلَيْسَ لِلْفَاعِلِ مِنْ فِعْلِهِ إِلَّا مَا نَوَى، أَيْ: نِيَّتُهُ عَلَى أَنَّ مَا صَدْرِيَّةٌ، أَيِ: الَّذِي يَرْجِعُ إِلَيْهِ مِنْ عَمَلِهِ نَفْعًا، أَوْ ضَرَرًا هِيَ النِّيَّةُ فَإِنَّ الْعَمَلَ يُحْسَبُ بِحَسْبِهَا خَيْرًا وَشَرًّا، أَوْ يَجْزِي الْمَرْءَ بِحَسْبِهَا عَلَى الْعَمَلِ ثَوَابًا وَعِقَابًا وَإِذَا تَقَرَّرَ الْمُقَدِّمَتَانِ تَرَتَّبَ عَلَيْهِمَا قَوْلُهُ: (فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ. . . إِلَخْ) أَيْ: مَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ أَيْ قَصْدًا وَنِيَّةً فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ أَجْرًا وَثَوَابًا وَقَدْ أَوْضَحْتُ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى فِي بَعْضِ التَّعْلِيقَاتِ، وَلَعَلَّ

الْمُتَأَمِّلَ فِي مَبَانِي الْأَلْفَاظِ وَنَظْمِهَا يَشْهَدُ بِأَنَّ هَذَا الْمَعْنَى هُوَ مَعْنَى هَذِهِ الْكَلِمَاتِ.

4228 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ أَبِي كَبْشَةَ الْأَنْمَارِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثَلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَمَثَلِ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا وَعِلْمًا فَهُوَ يَعْمَلُ بِعِلْمِهِ فِي مَالِهِ يُنْفِقُهُ فِي حَقِّهِ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ عِلْمًا وَلَمْ يُؤْتِهِ مَالًا فَهُوَ يَقُولُ لَوْ كَانَ لِي مِثْلُ هَذَا عَمِلْتُ فِيهِ مِثْلَ الَّذِي يَعْمَلُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُمَا فِي الْأَجْرِ سَوَاءٌ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا وَلَمْ يُؤْتِهِ عِلْمًا فَهُوَ يَخْبِطُ فِي مَالِهِ يُنْفِقُهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ وَرَجُلٌ لَمْ يُؤْتِهِ اللَّهُ عِلْمًا وَلَا مَالًا فَهُوَ يَقُولُ لَوْ كَانَ لِي مِثْلُ هَذَا عَمِلْتُ فِيهِ مِثْلَ الَّذِي يَعْمَلُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُمَا فِي الْوِزْرِ سَوَاءٌ» حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ الْمَرْوَزِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ بْنِ سَمُرَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ مُفَضَّلٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (هُوَ يَقُولُ) أَيْ: فِي نَفْسِهِ، وَهَذَا الْقَوْلُ يَرْجِعُ إِلَى النِّيَّةِ، وَالْمُرَادُ يُؤْجَرُ عَلَى نِيَّةِ الْخَيْرِ فَهُوَ فِي أَصْلِ الْأَجْرِ أَيْضًا مُسَاوٍ لِلْمُنْفِقِ، وَإِنْ كَانَ لِلْمُنْفِقِ زِيَادَةٌ فَإِنَّ مَنْ نَوَى حَسَنَةً يُكْتَبُ لَهُ وَاحِدَةٌ وَإِذَا فَعَلَهَا فَعَشْرَةٌ كَمَا جَاءَ قَوْلُهُ: (فَهُوَ يَخْبِطُ فِي مَالِهِ) كَيَضْرِبُ، أَيْ: يَجْرِي فِيهِ مِنْ غَيْرِ هُدًى وَيَعْرِفُهُ فِي الْبَاطِلِ فَهُوَ يَقُولُ أَيْ بِاللِّسَانِ لِفِعْلِهِ وَإِظْهَارًا لِعَدَمِ تَقْلِيدِهِ بِهِ إِذْ لَا وِزْرَ بِدُونِ الْعَمَلِ وَلَا يُؤَاخَذُ الْمَرْءُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ كَمَا هُوَ الْمَعْلُومُ فِي الْأَحَادِيثِ (فَهُمَا فِي الْوِزْرِ) أَيْ فِي أَصْلِهِ، أَيْ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا صَاحِبُ إِثْمٍ سَوَاءٌ.

4229 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا يُبْعَثُ النَّاسُ عَلَى نِيَّاتِهِمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنَّمَا تُبْعَثُ النَّاسُ عَلَى نِيَّاتِهِمْ) وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ لَيْثُ بْنُ سُلَيْمٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَيَشْهَدُ لَهُ حَدِيثُ جَابِرٍ وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

4230 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَنْبَأَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ أَنْبَأَنَا شَرِيكٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى نِيَّاتِهِمْ»

[باب الأمل والأجل]

[باب الْأَمَلِ وَالْأَجَلِ] 4231 - حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِي يَعْلَى عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ خَطَّ خَطًّا مُرَبَّعًا وَخَطًّا وَسَطَ الْخَطِّ الْمُرَبَّعِ وَخُطُوطًا إِلَى جَانِبِ الْخَطِّ الَّذِي وَسَطَ الْخَطِّ الْمُرَبَّعِ وَخَطًّا خَارِجًا مِنْ الْخَطِّ الْمُرَبَّعِ فَقَالَ أَتَدْرُونَ مَا هَذَا قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ هَذَا الْإِنْسَانُ الْخَطُّ الْأَوْسَطُ وَهَذِهِ الْخُطُوطُ إِلَى جَنْبِهِ الْأَعْرَاضُ تَنْهَشُهُ أَوْ تَنْهَسُهُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا أَصَابَهُ هَذَا وَالْخَطُّ الْمُرَبَّعُ الْأَجَلُ الْمُحِيطُ وَالْخَطُّ الْخَارِجُ الْأَمَلُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْأَعْرَاضُ) أَيِ: الْأُمُورُ الَّتِي تَعْرِضُهُ مِنَ الْأَمْرَاضِ وَالْأَحْوَالِ الْمُتَغَيِّرَةِ وَالْآفَاتِ (تَنْهَشُهُ، أَوْ تَنْهَسُهُ) أَحَدُهُمَا بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالثَّانِي بِالْمُهْمَلَةِ وَمَعْنَاهُمَا قَرِيبٌ، بَلْ وَاحِدٌ وَهُوَ الْأَخْذُ بِالْأَسْنَانِ وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْحَدِيثِ التَّعَجُّبُ مِنْ حَالِ الْإِنْسَانِ وَأَنَّهُ لَا يَفُوتُ الْأَجَلَ لِكَوْنِهِ مُحِيطًا بِهِ مِنَ الْجَوَانِبِ كُلِّهَا وَأَنَّهُ مَعْرُوضٌ لِلْإِعْرَاضِ قَبْلَ ذَلِكَ وَمَعَ ذَلِكَ يُؤَمِّلُ أَمَلًا قَدْ جَاوَزَ أَجَلَهُ.

4232 - حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ أَنْبَأَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا ابْنُ آدَمَ وَهَذَا أَجَلُهُ عِنْدَ قَفَاهُ وَبَسَطَ يَدَهُ أَمَامَهُ ثُمَّ قَالَ وَثَمَّ أَمَلُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَمَامَهُ) أَيْ: قُدَّامَ الْقَفَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَجَلَهُ لَقَرِيبٌ وَأَنَّ أَمَلَهُ لَطَوِيلٌ.

4233 - حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَلْبُ الشَّيْخِ شَابٌّ فِي حُبِّ اثْنَتَيْنِ فِي حُبِّ الْحَيَاةِ وَكَثْرَةِ الْمَالِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (شَابَ) أَيْ: حَرِيصٌ قَوِيٌّ فِي حُبِّهِمَا (فِي حُبِّ الْحَيَاةِ) هَذَا يَعُمُّ غَالِبَ الشُّيُوخِ؛ لِأَنَّ الصَّالِحَ مِنْهُمْ قَدْ جَرَّبَ نَفْعَ الْحَيَاةِ فِي الْآخِرَةِ فَهُوَ يُرِيدُهَا لِذَلِكَ وَغَيْرُهُ لَا يُرِيدُ فِرَاقَ الدُّنْيَا بَعْدَ أَنِ اسْتَأْنَسَ بِهَا مُدَّةً مَدِيدَةً (وَكَثْرَةِ الْمَالِ) هَذَا لِغَيْرِ الزَّاهِدِينَ فَإِنَّ الشَّيْخَ مِنْهُمْ مُجَرِّبٌ مَنَافِعَ الْمَالِ فِي أَوْقَاتِ الْحَاجَةِ، وَأَيْضًا يَصِيرُ فِي مَعْرِضِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى الْخِدْمَةِ وَلَا تَتَيَسَّرُ فِي الْعَادَةِ إِلَّا بِالْمَالِ فَلِذَلِكَ يُحِبُّهُ حُبًّا شَدِيدًا، وَفِي الزَّوَائِدِ طَرِيقُ ابْنِ مَاجَهْ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

4234 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ الضَّرِيرُ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَهْرَمُ ابْنُ آدَمَ وَيَشِبُّ مِنْهُ اثْنَتَانِ الْحِرْصُ عَلَى الْمَالِ وَالْحِرْصُ عَلَى الْعُمُرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَهْرَمُ) كَيَفْرَحُ بِفَتْحَتَيْنِ وَهُوَ أَقْصَى الْكِبَرِ (وَيَشِبُّ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ.

4235 - حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ الْعُثْمَانِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَيْنِ مِنْ مَالٍ لَأَحَبَّ أَنْ يَكُونَ مَعَهُمَا ثَالِثٌ وَلَا يَمْلَأُ نَفْسَهُ إِلَّا التُّرَابُ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَأَحَبَّ أَنْ يَكُونَ مَعَهُمَا ثَالِثٌ) أَيْ أَنَّ حِرْصَهُ لَا يَنْقَطِعُ إِلَى حَدٍّ مِنَ الْمَالِ، وَإِنَّمَا يَقْطَعُهُ الْمَوْتُ إِلَّا مَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَفِي

الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ طَرِيقِ ابْنِ مَاجَهْ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

4236 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَعْمَارُ أُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى السَّبْعِينَ وَأَقَلُّهُمْ مَنْ يَجُوزُ ذَلِكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَعْمَارُ أُمَّتِي) أَيْ: أَعْمَارُ الْمُعَمِّرِ مِنْهُمْ غَالِبًا.

[باب المداومة على العمل]

[باب الْمُدَاوَمَةِ عَلَى الْعَمَلِ] 4237 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ «وَالَّذِي ذَهَبَ بِنَفْسِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مَاتَ حَتَّى كَانَ أَكْثَرُ صَلَاتِهِ وَهُوَ جَالِسٌ وَكَانَ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَيْهِ الْعَمَلُ الصَّالِحُ الَّذِي يَدُومُ عَلَيْهِ الْعَبْدُ وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا) أَيْ: قَلِيلًا.

4238 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَتْ عِنْدِي امْرَأَةٌ فَدَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَنْ هَذِهِ قُلْتُ فُلَانَةُ لَا تَنَامُ تَذْكُرُ مِنْ صَلَاتِهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَهْ عَلَيْكُمْ بِمَا تُطِيقُونَ فَوَاللَّهِ لَا يَمَلُّ اللَّهُ حَتَّى تَمَلُّوا قَالَتْ وَكَانَ أَحَبَّ الدِّينَ إِلَيْهِ الَّذِي يَدُومُ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَهْ) أَيِ: اسْكُتِي عَنْ مَدْحِهَا (بِمَا تُطِيقُونَ) أَيْ: مَا تُطِيقُونَهُ عَلَى الدَّوَامِ وَالثَّبَاتِ لَا مَا تَفْعَلُونَهُ أَحْيَانًا وَتَتْرُكُونَهُ أَحْيَانًا فَلَا يَرِدُ أَنَّ مَا فَوْقَ الطَّاقَةِ لَا يَحْصُلُ وَلَا يَتَأَتَّى مِنَ الْعَبْدِ فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي النَّهْيِ عَنْهُ (لَا يَمَلُّ اللَّهُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ، أَيْ: لَا يَقْطَعُ الْإِقْبَالَ بِالْإِحْسَانِ عَنْكُمْ (حَتَّى تَمَلُّوا) فِي عِبَادَتِهِ (أَحَبَّ الدِّينِ) أَيْ أَحَبَّ أَعْمَالِهِ.

4239 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ حَنْظَلَةَ الْكَاتِبِ التَّمِيمِيِّ الْأُسَيِّدِيِّ قَالَ «كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْنَا الْجَنَّةَ وَالنَّارَ حَتَّى كَأَنَّا رَأْيَ الْعَيْنِ فَقُمْتُ إِلَى أَهْلِي وَوَلَدِي فَضَحِكْتُ وَلَعِبْتُ قَالَ فَذَكَرْتُ الَّذِي كُنَّا فِيهِ فَخَرَجْتُ فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ نَافَقْتُ نَافَقْتُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّا لَنَفْعَلُهُ فَذَهَبَ حَنْظَلَةُ فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا حَنْظَلَةُ لَوْ كُنْتُمْ كَمَا تَكُونُونَ عِنْدِي لَصَافَحَتْكُمْ الْمَلَائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ أَوْ عَلَى طُرُقِكُمْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (نَافَقْتُ) أَيْ: تَغَيَّرَ حَالِي بِحَيْثُ لَا يَنْبَغِي الْغَفْلَةُ عَنْهُمَا لِمَنْ آمَنَ بِهِمَا فَالْغَفْلَةُ عَنْهُمَا تُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْإِنْكَارِ الْبَاطِنِيِّ لِوُجُودِهَا، وَبِالْجُمْلَةِ فَقَدِ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ وُجُودُ الْإِيمَانِ بِهِمَا فِي قَلْبِهِ بِلَا شَكٍّ وَعَدَّهُ نِفَاقًا وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّ الشَّكَّ فِي الْإِيمَانِ لَيْسَ بِمُكَفِّرٍ، وَإِنَّمَا الشَّكُّ فِي الْمُؤْمِنِ بِهِ هُوَ الْمُكَفِّرُ قَوْلُهُ: (لَوْ كُنْتُمْ كَمَا تَكُونُونَ) نَبَّهَهُمْ عَلَى أَنَّ الْحُضُورَ لَا يَدُومُ عَادَةً وَعَدَمَهُ لَا يَضُرُّ فِي وُجُودِ الْإِيمَانِ فِي الْقَلْبِ وَالْغَفْلَةُ

إِنَّمَا تُنَافِي الْحُضُورَ فَلَا يَلْزَمُ مِنْهَا عَدَمُ الْإِيمَانِ (سَاعَةً) يَكُونُ الْحُضُورُ لِيَنْتَظِمَ بِهِ أَمْرُ الدِّينِ وَسَاعَةً تَكُونُ الْغَفْلَةُ لِيَنْتَظِمَ بِهَا أَمْرُ الدِّينِ وَالْمَعَاشِ، وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا رَحْمَةٌ عَلَى الْعِبَادِ.

4240 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عُثْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجُ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اكْلَفُوا مِنْ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ خَيْرَ الْعَمَلِ أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (اكْلَفُوا) بِفَتْحِ اللَّامِ مِنْ كَلِفَ بِكَسْرِ اللَّامِ، أَيْ: تَحَمَّلُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ الْمُدَاوَمَةَ وَالثَّبَاتَ عَلَيْهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

4241 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ عِيسَى بْنِ جَارِيَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَجُلٍ يُصَلِّي عَلَى صَخْرَةٍ فَأَتَى نَاحِيَةَ مَكَّةَ فَمَكَثَ مَلِيًّا ثُمَّ انْصَرَفَ فَوَجَدَ الرَّجُلَ يُصَلِّي عَلَى حَالِهِ فَقَامَ فَجَمَعَ يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِالْقَصْدِ ثَلَاثًا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَلِيًّا) أَيْ: زَمَانًا طَوِيلًا (بِالْقَصْدِ) هُوَ الْوَسَطُ الْمُعْتَدِلُ الَّذِي لَا يَمِيلُ إِلَى أَحَدِ طَرَفَيِ التَّفْرِيطِ وَالْإِفْرَاطِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَيَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَبَاقِي رِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ذكر الذنوب]

[باب ذِكْرِ الذُّنُوبِ] 4242 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَأَبِي عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنُؤَاخَذُ بِمَا كُنَّا نَعْمَلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَحْسَنَ فِي الْإِسْلَامِ لَمْ يُؤَاخَذْ بِمَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَمَنْ أَسَاءَ أُخِذَ بِالْأَوَّلِ وَالْآخِرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ أَحْسَنَ فِي الْإِسْلَامِ) أَيْ: أَتَى بِالْإِسْلَامِ مَعَ التَّصْدِيقِ فِي الْقَلْبِ لَمْ يُؤَاخَذْ؛ لِأَنَّ الْإِيمَانَ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ مِنَ الْخَطَايَا (وَمَنْ أَسَاءَ) فِي الْإِسْلَامِ بِأَنْ أَتَى بِهِ مِنْ غَيْرِ مُوَاطَأَةِ الْقَلْبِ، وَهَذَا هُوَ إِسْلَامُ الْمُنَافِقِ، وَهَذَا لَا يَمْنَعُ الْمُؤَاخَذَةَ بِمَا سَبَقَ، بَلْ يَسْتَحِقُّ صَاحِبُهُ أَشَدَّ الْعِقَابِ قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} [النساء: 145]

4243 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ بَانَكَ سَمِعْتُ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ يَقُولُ حَدَّثَنِي عَوْفُ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا عَائِشَةُ إِيَّاكِ وَمُحَقَّرَاتِ الْأَعْمَالِ فَإِنَّ لَهَا مِنْ اللَّهِ طَالِبًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَمُحَقَّرَاتُ الْأَعْمَالِ) أَيْ: مَا لَا يُبَالِي الْمَرْءُ بِهَا مِنَ الذُّنُوبِ (طَالِبًا) أَيْ: مُكَلَّفًا فَعَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ

يَطْلُبَهَا فَيَكْتُبَهَا فَهِيَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى عَظِيمَةٌ حَيْثُ خَصَّ لِأَجْلِهَا مَلَكًا، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

4244 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَعِيلَ وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ عَنْ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا أَذْنَبَ كَانَتْ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فِي قَلْبِهِ فَإِنْ تَابَ وَنَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ صُقِلَ قَلْبُهُ فَإِنْ زَادَ زَادَتْ فَذَلِكَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين: 14] » ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (صُقِلَ قَلْبُهُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنْ صَقَلَهُ جَلَّاهُ مِنْ بَابِ نَصَرَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ وَضَمِيرُهُ رَاجِعٌ لِلتَّائِبِ (فَذَلِكَ الرَّانُ) هَكَذَا فِي الْأُصُولِ بِالْأَلِفِ وَالْمَشْهُورُ الرَّيْنُ بِالْيَاءِ كَالدَّيْنِ (كَلَّا بَلْ رَانَ) أَيْ غَلَبَ، وَقَالَ الْحَسَنُ: هُوَ الذَّنْبُ عَلَى الذَّنْبِ حَتَّى يَسْوَدَّ الْقَلْبُ كَذَا فِي الصِّحَاحِ.

4245 - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ الرَّمْلِيُّ حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ بْنِ خَدِيجٍ الْمَعَافِرِيُّ عَنْ أَرْطَاةَ بْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِي عَامِرٍ الْأَلْهَانِيِّ عَنْ ثَوْبَانَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا قَالَ ثَوْبَانُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ قَالَ أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (جَلِّهِمْ لَنَا) بِالْجِيمِ مِنَ التَّجْلِيَةِ، أَيِ: اكْشِفْ مَالَهُمْ لَنَا (مِنْ جِلْدَتِكُمْ) بِكَسْرِ الْجِيمِ، أَيْ: مِنْ جِنْسِكُمْ (وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ) أَيْ: يَأْخُذُونَ مِنْ عِبَادَةِ اللَّيْلِ نَصِيبًا، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَأَبُو عَامِرٍ الْأَلْهَانِيُّ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ غَابِرٍ.

4246 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْحَقَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ أَبِيهِ وَعَمِّهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَكْثَرُ مَا يُدْخِلُ الْجَنَّةَ قَالَ التَّقْوَى وَحُسْنُ الْخُلُقِ وَسُئِلَ مَا أَكْثَرُ مَا يُدْخِلُ النَّارَ قَالَ الْأَجْوَفَانِ الْفَمُ وَالْفَرْجُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَا أَكْثَرُ مَا يُدْخِلُ الْجَنَّةَ) مِنَ الْإِدْخَالِ.

[باب ذكر التوبة]

[باب ذِكْرِ التَّوْبَةِ] 4247 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ أَحَدِكُمْ مِنْهُ بِضَالَّتِهِ إِذَا وَجَدَهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ أَحَدِكُمْ) أَيْ أَنَّهُ يُحِبُّ تَوْبَةَ أَحَدِكُمْ وَيَرْضَى بِهَا فَوْقَ مَا يُحِبُّ أَحَدُكُمْ ضَالَّتَهُ وَيَرْضَى بِهَا وَالْمَقْصُودُ الْحَثُّ عَلَى التَّوْبَةِ

لِكَوْنِهَا مَحْبُوبَةً مَرْضِيَّةً عِنْدَهُ تَعَالَى.

4248 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ الْمَدِينِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَوْ أَخْطَأْتُمْ حَتَّى تَبْلُغَ خَطَايَاكُمْ السَّمَاءَ ثُمَّ تُبْتُمْ لَتَابَ عَلَيْكُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَتَابَ عَلَيْكُمْ) يُرِيدُ أَنَّ كَثْرَةَ الذُّنُوبِ لَا تَمْنَعُ عَنِ التَّوْبَةِ هَذَا إِسْنَادٌ حَسَنٌ وَيَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ.

4249 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ فُضَيْلِ بْنِ مَرْزُوقٍ عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ رَجُلٍ أَضَلَّ رَاحِلَتَهُ بِفَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ فَالْتَمَسَهَا حَتَّى إِذَا أَعْيَى تَسَجَّى بِثَوْبِهِ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ سَمِعَ وَجْبَةَ الرَّاحِلَةِ حَيْثُ فَقَدَهَا فَكَشَفَ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ فَإِذَا هُوَ بِرَاحِلَتِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَلَّهُ) بِفَتْحِ اللَّامِ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ أَفْرَحُ (بِفَلَاةٍ) بِفَتْحِ الْفَاءِ، أَيْ: بِمَفَازَةٍ (أَعِيَا) أَيْ جَعَلَهُ الِالْتِمَاسُ عَاجِزًا (تَسَجَّى) ، أَيْ: تَغَطَّى بِثَوْبِهِ لِيَمُوتَ مَكَانَهُ (وَجْبَةُ الرَّاحِلَةِ) صَوْتُ وَقْعِ قَدَمِهَا عَلَى الْأَرْضِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ وَسُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ وَهُمَا ضَعِيفَانِ وَأَصْلُ الْحَدِيثِ أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأَنَسٍ.

4250 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ) إِطْلَاقُ الذَّنْبِ يَشْمَلُ الذُّنُوبَ كُلَّهَا فَيَدُلُّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ التَّوْبَةَ مَقْبُولَةٌ مِنْ أَيِّ ذَنْبٍ كَانَ، وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّوْبَةَ إِذَا صَحَّتْ بِشَرَائِطِهَا فَهِيَ مَقْبُولَةٌ (كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الذَّنْبَ يُرْفَعُ مِنْ صَحَائِفِ أَعْمَالِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ التَّشْبِيهُ فِي عَدَمِ الْعِقَابِ فَقَطْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ، ثُمَّ الْحَدِيثُ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الزَّوَائِدِ فِي زَوَائِدِهِ، وَقَالَ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ، ثُمَّ ضَرَبَ عَلَى مَا قَالَ وَأَبْقَى الْحَدِيثَ عَلَى الْحَالِ، وَفِي الْمَقَاصِدِ الْحَسَنَةِ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ رَفَعَهُ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، بَلْ حَسَّنَهُ شَيْخُنَا يَعْنِي لِشَوَاهِدِهِ، وَإِلَّا فَأَبُو عُبَيْدَةَ جَزَمَ غَيْرُ وَاحِدٍ بِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ.

4251 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَسْعَدَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (خَطَّاءٌ) بِالتَّشْدِيدِ، أَيْ: كَثِيرُ الْخَطَأِ، وَالْمُرَادُ بِالْخَطَأِ الْمَعْصِيَةُ عَمْدًا، أَوْ مُطْلَقًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ الْخَطَأُ الْمُقَابِلُ لِلصَّوَابِ دُونَ الْعَمْدِ (التَّوَّابُونَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ} [البقرة: 222] أَيْ: دُونَ الْمُصِرِّينَ فَإِنَّ الْإِصْرَارَ عَلَى الصَّغِيرَةِ يَجْعَلُهَا كَبِيرَةً فَكَيْفَ عَلَى الْكَبِيرَةِ.

4252 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ ابْنِ مَعْقِلٍ قَالَ دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى عَبْدِ اللَّهِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّدَمُ تَوْبَةٌ فَقَالَ لَهُ أَبِي أَنْتَ سَمِعْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ النَّدَمُ تَوْبَةٌ قَالَ نَعَمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (النَّدَمُ) أَيْ: عَلَى الْمَعْصِيَةِ، أَيْ: لِكَوْنِهَا مَعْصِيَةً، وَإِلَّا فَإِذَا نَدِمَ عَلَيْهَا مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى كَمَا إِذَا نَدِمَ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ مِنْ جِهَةِ صَرْفِ الْمَالِ عَلَيْهِ فَلَيْسَ مِنَ التَّوْبَةِ فِي شَيْءٍ.

4253 - حَدَّثَنَا رَاشِدُ بْنُ سَعِيدٍ الرَّمْلِيُّ أَنْبَأَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ ثَوْبَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (تَوْبَةٌ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ مُعْظَمُهَا وَمُسْتَلْزِمٌ لِبَقِيَّةِ أَجْزَائِهَا عَادَةً فَإِنَّ النَّادِمَ يَنْقَلِعُ مِنَ الذَّنْبِ فِي الْحَالِ عَادَةً وَيَعْزِمُ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ إِلَيْهِ فِي الِاسْتِقْبَالِ وَبِهَذَا الْقَدْرِ تَتِمُّ التَّوْبَةُ إِلَّا فِي الْفَرَائِضِ الَّتِي يَجِبُ قَضَاؤُهَا فَتَحْتَاجُ التَّوْبَةَ فِيهَا إِلَى الْقَضَاءِ، وَإِلَّا فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ فَتَحْتَاجُ فِيهَا إِلَى الِاسْتِحْلَالِ، أَيِ: الرَّدِّ وَالنَّدَمِ يَعْنِي عَلَى كُلِّ ذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى، وَفِي الزَّوَائِدِ. قُلْتُ: وَقَعَ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَهُ الْمُنْذِرِيُّ، وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: أَيْ كَمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ قَوْلُهُ: (مَا لَمْ يُغَرْغِرْ) أَيْ: مَا لَمْ تَبْلُغْ رُوحُهُ حُلْقُومَهُ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْقَيْءِ يَتَغَرْغَرُ بِهِ الْمَرِيضُ، وَالْغَرْغَرَةُ أَنْ يُجْعَلَ الْمَشْرُوبُ فِي الْفَمِ وَيُرَدُّ إِلَى أَصْلِ الْحَلْقِ فَلَا يَبْلُغُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمَقْصُودُ مَا لَمْ يُعَايِنْ أَحْوَالَ الْآخِرَةِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ وَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَهُوَ مُدَلِّسٌ وَقَدْ عَنْعَنَهُ وَكَذَلِكَ مَكْحُولٌ الدِّمَشْقِيُّ اهـ. قُلْتُ: لَكِنْ مِنْ شَوَاهِدِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ} [النساء: 18]

4254 - حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَبِيبٍ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ سَمِعْتُ أَبِي حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ «أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ أَنَّهُ أَصَابَ مِنْ امْرَأَةٍ قُبْلَةً فَجَعَلَ يَسْأَلُ عَنْ كَفَّارَتِهَا فَلَمْ يَقُلْ لَهُ شَيْئًا فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَأَقِمْ الصَّلَاةَ طَرَفَيْ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود: 114] فَقَالَ الرَّجُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِي هَذِهِ فَقَالَ هِيَ لِمَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ أُمَّتِي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مِنَ امْرَأَةٍ) أَيْ: أَجْنَبِيَّةٍ (هِيَ لِمَنْ عَمِلَ بِهَا) أَيْ: بِهَذِهِ الْآيَةِ فَإِنَّهُ أَتَى بِالْحَسَنَةِ بَعْدَ السَّيِّئَةِ وَإِطْلَاقُ الْآيَةِ يَشْمَلُ الْكَبَائِرَ إِلَّا أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ فِي الصَّغَائِرِ.

4255 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَإِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ قَالَ قَالَ الزُّهْرِيُّ أَلَا أُحَدِّثُكَ بِحَدِيثَيْنِ عَجِيبَيْنِ أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَسْرَفَ رَجُلٌ عَلَى نَفْسِهِ فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ أَوْصَى بَنِيهِ فَقَالَ إِذَا أَنَا مِتُّ فَأَحْرِقُونِي ثُمَّ اسْحَقُونِي ثُمَّ ذَرُّونِي فِي الرِّيحِ فِي الْبَحْرِ فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ عَلَيَّ رَبِّي لَيُعَذِّبُنِي عَذَابًا مَا عَذَّبَهُ أَحَدًا قَالَ فَفَعَلُوا بِهِ ذَلِكَ فَقَالَ لِلْأَرْضِ أَدِّي مَا أَخَذْتِ فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ فَقَالَ لَهُ مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ قَالَ خَشْيَتُكَ أَوْ مَخَافَتُكَ يَا رَبِّ فَغَفَرَ لَهُ لِذَلِكَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ثُمَّ اسْحَقُونِي) أَيْ: دُقُّونِي وَاطْحَنُونِي (ثُمَّ ذَرُّونِي) مِنْ ذَرَاهُ، أَيْ: أَطَارَهُ فِي الرِّيحِ فِي الْبَحْرِ الْأَجْزَاءَ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ هُنَاكَ سَبِيلٌ إِلَى جَمْعِهَا فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ رَأَى أَنَّ جَمْعَهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مُسْتَحِيلًا وَالْقُدْرَةُ لَا تَتَعَلَّقُ بِالْمُسْتَحِيلِ فَلِذَلِكَ قَالَ «فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ عَلَيَّ رَبِّي» فَلَا يَلْزَمُ أَنَّهُ نَفَى الْقُدْرَةَ فَصَارَ بِذَلِكَ كَافِرًا فَكَيْفَ يَغْفِرُ لَهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مَا نَفَى الْقُدْرَةَ عَلَى مُمْكِنٍ، وَإِنَّمَا فَرَضَ غَيْرَ الْمُسْتَحِيلِ مُسْتَحِيلًا فِيمَا لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ إِنَّهُ مُمْكِنٌ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ وَالْكُفْرُ هُوَ الْأَوَّلُ لَا الثَّانِي وَيُحْتَمَلُ أَنَّ شِدَّةَ الْخَوْفِ طَيَّرَتْ عَقْلَهُ فَلَا الْتَفَتَ إِلَى مَا يَقُولُ وَمَا يَفْعَلُ وَأَنَّهُ هَلْ يَنْفَعُهُ أَمْ لَا كَمَا هُوَ الْمُشَاهَدُ فِي الْوَاقِعِ فِي مَهْلَكَةٍ فَإِنَّهُ قَدْ يَتَمَسَّكُ بِأَدْنَى شَيْءٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَعَلَّهُ يَنْفَعُهُ إِذْ هُوَ فِيمَا قَالَ وَفَعَلَ فِي حُكْمِ الْمَجْنُونِ، وَأَجَابَ بَعْضٌ بِأَنَّ هَذَا رَجُلٌ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ، وَهَذَا بَعِيدٌ، وَقَالَ السُّيُوطِيُّ: مَعْنَى «لَئِنْ قَدَرَ عَلَيَّ رَبِّي،» أَيْ: ضَيَّقَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} [الأنبياء: 87] أَيْ: نُضَيِّقَ اهـ، وَهَذَا مَعْنًى غَيْرُ مُنَاسِبٍ لِلسَّوْقِ أَصْلًا (أَدِّ) أَمْرٌ مِنَ الْأَدَاءِ.

4256 - قَالَ الزُّهْرِيُّ وَحَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ دَخَلَتْ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا فَلَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَلَا هِيَ أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ حَتَّى مَاتَتْ» قَالَ الزُّهْرِيُّ لِئَلَّا يَتَّكِلَ رَجُلٌ وَلَا يَيْئَسَ رَجُلٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي هِرَّةٍ) أَيْ: لِأَجْلِهَا (مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ) مُثَلَّثَةٌ حَشَرَاتُ الْأَرْضِ كَالْعَصَافِيرِ وَنَحْوِهَا كَذَا فِي الْقَامُوسِ، وَقَالَ السُّيُوطِيُّ: بِمُعْجَمَاتٍ، أَيْ: هَوَامُّهَا وَحَشَرَاتُهَا.

4257 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مُوسَى بْنِ الْمُسَيَّبِ الثَّقَفِيِّ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ مُذْنِبٌ إِلَّا مَنْ عَافَيْتُ فَسَلُونِي الْمَغْفِرَةَ فَأَغْفِرَ لَكُمْ وَمَنْ عَلِمَ مِنْكُمْ أَنِّي ذُو قُدْرَةٍ عَلَى الْمَغْفِرَةِ فَاسْتَغْفَرَنِي بِقُدْرَتِي غَفَرْتُ لَهُ وَكُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُ فَسَلُونِي الْهُدَى أَهْدِكُمْ وَكُلُّكُمْ فَقِيرٌ إِلَّا مَنْ أَغْنَيْتُ فَسَلُونِي أَرْزُقْكُمْ وَلَوْ أَنَّ حَيَّكُمْ وَمَيِّتَكُمْ وَأَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَرَطْبَكُمْ وَيَابِسَكُمْ اجْتَمَعُوا فَكَانُوا عَلَى قَلْبِ أَتْقَى عَبْدٍ مِنْ عِبَادِي لَمْ يَزِدْ فِي مُلْكِي جَنَاحُ بَعُوضَةٍ وَلَوْ اجْتَمَعُوا فَكَانُوا عَلَى قَلْبِ أَشْقَى عَبْدٍ مِنْ عِبَادِي لَمْ يَنْقُصْ مِنْ مُلْكِي جَنَاحُ بَعُوضَةٍ وَلَوْ أَنَّ حَيَّكُمْ وَمَيِّتَكُمْ وَأَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَرَطْبَكُمْ وَيَابِسَكُمْ اجْتَمَعُوا فَسَأَلَ كُلُّ سَائِلٍ مِنْهُمْ مَا بَلَغَتْ أُمْنِيَّتُهُ مَا نَقَصَ مِنْ مُلْكِي إِلَّا كَمَا لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ مَرَّ بِشَفَةِ الْبَحْرِ فَغَمَسَ فِيهَا إِبْرَةً ثُمَّ نَزَعَهَا ذَلِكَ بِأَنِّي جَوَادٌ مَاجِدٌ عَطَائِي كَلَامٌ إِذَا أَرَدْتُ شَيْئًا فَإِنَّمَا أَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَكُلُّكُمْ ضَالٌّ) أَيْ: عَارٍ مِنَ الْهِدَايَةِ

لَيْسَ لَهُ هِدَايَةٌ مِنْ ذَاتِهِ، بَلْ هِيَ مِنْ عِنَايَةِ رَبِّهِ وَلُطْفِهِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي حَدِيثَ «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ» بِمَعْنَى أَنَّهُ يُولَدُ خَالِيًا عَنْ دَوَاعِي الضَّلَالَةِ وَفِيهِ أَنَّ الْعَبْدَ مُحْتَاجٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي كُلِّ شَيْءٍ وَأَنَّ أَحَدًا لَا يُغْنِي أَحَدًا شَيْئًا مِنْ دُونِهِ فَحَقُّهُ أَنْ يُتَبَتَّلَ إِلَيْهِ بِشَرَاشِرِهِ قَوْلُهُ: (بِأَنِّي جَوَادٌ) بَيَانٌ لِسَبَبِ مَا تَقَدَّمَ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ عَطَاؤُهُ الْكَلَامَ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِي خَزَائِنِهِ النُّقْصَانُ.

[باب ذكر الموت والاستعداد له]

[باب ذِكْرِ الْمَوْتِ وَالِاسْتِعْدَادِ لَهُ] 4258 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ يَعْنِي الْمَوْتَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (هَاذِمُ اللَّذَّاتِ) قَالَ السُّيُوطِيُّ: بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ: قَاطِعُهَا. قُلْتُ: وَيُحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، وَالْمُرَادُ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ الْمَوْتُ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ لَذَّاتِ الدُّنْيَا قَطْعًا، ثُمَّ إِنْ كَانَ الْمَيِّتُ مِنَ الْأَخْيَارِ تَكُونُ لَهُ وَصْلَةٌ إِلَى لَذَّاتِ الْآخِرَةِ أَيْضًا.

4259 - حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ فَرْوَةَ بْنِ قَيْسٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ «كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَفْضَلُ قَالَ أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا قَالَ فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَكْيَسُ قَالَ أَكْثَرُهُمْ لِلْمَوْتِ ذِكْرًا وَأَحْسَنُهُمْ لِمَا بَعْدَهُ اسْتِعْدَادًا أُولَئِكَ الْأَكْيَاسُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا) بِضَمَّتَيْنِ، أَيِ: الَّذِينَ يُحْسِنُونَ مُعَامَلَتَهُمْ مَعَ اللَّهِ وَمَعَ النَّاسِ فَيَكُونُ أَفْضَلَ، وَفِي الزَّوَائِدِ فَرْوَةُ بْنُ قَيْسٍ مَجْهُولٌ وَكَذَا الرَّاوِي عَنْهُ وَخَبَرُهُ بَاطِلٌ قَالَهُ الذَّهَبِيُّ فِي طَبَقَاتِ التَّهْذِيبِ.

4260 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ أَبِي يَعْلَى شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا ثُمَّ تَمَنَّى عَلَى اللَّهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ دَانَ نَفْسَهُ) أَيْ: أَذَلَّهَا وَاسْتَعْبَدَهَا، وَقِيلَ: حَاسَبَهَا (مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا) أَيْ: جَعَلَ نَفْسَهُ تَابِعَةً لِهَوَاهَا يُعْطِيهَا كُلَّمَا تَهْوَى وَتَشْتَهِي (ثُمَّ تَمَنَّى عَلَى اللَّهِ) بِأَنَّهُ كَرِيمٌ غَفُورٌ رَحِيمٌ غَنِيٌّ عَنْهُ وَعَنْ عَمَلِهِ فَلَا يُعَاقِبُهُ، بَلْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَيُعْطِيهِ مَا يَشْتَهِي.

4261 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ حَدَّثَنَا سَيَّارٌ حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى شَابٍّ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ فَقَالَ كَيْفَ تَجِدُكَ قَالَ أَرْجُو اللَّهَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَخَافُ ذُنُوبِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبِ عَبْدٍ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْطِنِ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ مَا يَرْجُو وَآمَنَهُ مِمَّا يَخَافُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبِ عَبْدٍ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي وُجُودُ الْأَمْرَيْنِ عَلَى الدَّوَامِ حَتَّى فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَغْلِبَ الرَّجَاءُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى مِنَ الْخَوْفِ شَيْءٌ.

4262 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمَيِّتُ تَحْضُرُهُ الْمَلَائِكَةُ فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ صَالِحًا قَالُوا اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الطَّيِّبِ اخْرُجِي حَمِيدَةً وَأَبْشِرِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ فَلَا يَزَالُ يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى تَخْرُجَ ثُمَّ يُعْرَجُ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ فَيُفْتَحُ لَهَا فَيُقَالُ مَنْ هَذَا فَيَقُولُونَ فُلَانٌ فَيُقَالُ مَرْحَبًا بِالنَّفْسِ الطَّيِّبَةِ كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الطَّيِّبِ ادْخُلِي حَمِيدَةً وَأَبْشِرِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ فَلَا يَزَالُ يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى يُنْتَهَى بِهَا إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي فِيهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ السُّوءُ قَالَ اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الْخَبِيثِ اخْرُجِي ذَمِيمَةً وَأَبْشِرِي بِحَمِيمٍ وَغَسَّاقٍ وَآخَرَ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ فَلَا يَزَالُ يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى تَخْرُجَ ثُمَّ يُعْرَجُ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ فَلَا يُفْتَحُ لَهَا فَيُقَالُ مَنْ هَذَا فَيُقَالُ فُلَانٌ فَيُقَالُ لَا مَرْحَبًا بِالنَّفْسِ الْخَبِيثَةِ كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الْخَبِيثِ ارْجِعِي ذَمِيمَةً فَإِنَّهَا لَا تُفْتَحُ لَكِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ فَيُرْسَلُ بِهَا مِنْ السَّمَاءِ ثُمَّ تَصِيرُ إِلَى الْقَبْرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (اخْرُجِي) الْخِطَابُ لِلنَّفْسِ فَيَسْتَقِيمُ هَذَا الْخِطَابُ مَعَ عُمُومِ الْمُؤْمِنِ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى (بِرَوْحٍ) بِفَتْحِ الرَّاءِ، أَيْ: رَحْمَةٍ (وَرَيْحَانٍ) أَيْ: طِيبٍ (فِيهَا اللَّهُ) أَيْ: فِيهَا يَظْهَرُ وَيُلْقِي حُكْمَهُ (وَآخَرَ) أَيْ: بِآخَرَ، وَأَزْوَاجٌ بَدَلٌ مِنْهُ، أَيْ: وَبِأَوْصَافِهِ وَمِنْ شَكْلِهِ جَارٌّ وَمَجْرُورٌ وَقَعَ حَالًا مِنْ أَزْوَاجٍ وَبِأَصْنَافٍ كَائِنَةٍ مِنْ جِنْسِ الْمَذْكُورِ مِنَ الْحَمِيمِ وَالْغَسَّاقِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (فَيُسْتَفْتَحُ لَهَا) أَيْ: يُطْلَبُ لَهَا أَنْ يُفْتَحَ لَهَا السَّمَاءُ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

4263 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ ثَابِتٍ الْجَحْدَرِيُّ وَعُمَرُ بْنُ شَبَّةَ بْنِ عَبِيدَةَ قَالَا حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ أَخْبَرَنِي إِسْمَعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا كَانَ أَجَلُ أَحَدِكُمْ بِأَرْضٍ أَوْثَبَتْهُ إِلَيْهَا الْحَاجَةُ فَإِذَا بَلَغَ أَقْصَى أَثَرِهِ قَبَضَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فَتَقُولُ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَبِّ هَذَا مَا اسْتَوْدَعْتَنِي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَقْصَى أَثَرِهِ) أَيْ: غَايَةُ مَا قُدِّرَ لَهُ مِنَ الْأَثَرِ،

وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

4264 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ أَبُو سَلَمَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَرَاهِيَةُ لِقَاءِ اللَّهِ فِي كَرَاهِيَةِ لِقَاءِ الْمَوْتِ فَكُلُّنَا يَكْرَهُ الْمَوْتَ قَالَ لَا إِنَّمَا ذَاكَ عِنْدَ مَوْتِهِ إِذَا بُشِّرَ بِرَحْمَةِ اللَّهِ وَمَغْفِرَتِهِ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ فَأَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ وَإِذَا بُشِّرَ بِعَذَابِ اللَّهِ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ وَكَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ) بِإِرَادَةِ الْخَيْرِ لَهُ عِنْدَ اللِّقَاءِ، قِيلَ: الشَّرْطُ لَيْسَ سَبَبًا لِلْجَزَاءِ، بَلِ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ أُجِيبَ بِأَنَّ الْمَعْنَى فَلْيَفْرَحْ، أَوْ فَأَخْبِرْهُ بِأَنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ لِقَاءَهُ.

4265 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَتَمَنَّى أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مُتَمَنِّيًا الْمَوْتَ فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتْ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتْ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَا يَتَمَنَّى) هَكَذَا فِي أَصْلِنَا بِلَفْظِ النَّفْيِ بِمَعْنَى النَّهْيِ كَمَا فِي النُّسَخِ (لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ) أَيْ: فِي نَفْسِهِ، أَوْ مَالِهِ بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَ فِي الدِّينِ فَلَا يُكْرَهُ التَّمَنِّي لِذَلِكَ (فَلْيَقُلْ) أَيْ: فَلَا يَتَمَنَّى صَرِيحًا، بَلْ يَعْدِلُ عَنْهُ إِلَى التَّعْلِيقِ بِوُجُودِ الْخَيْرِ فِيهِ (أَحْيِنِي) مِنَ الْإِحْيَاءِ، أَيْ: أَبْقِنِي عَلَى الْحَيَاةِ قَالَ الْعِرَاقِيُّ لَمَّا كَانَتِ الْحَيَاةُ حَاصِلَةً وَهُوَ مُتَّصِفٌ بِهَا حَسَنُ الْإِتْيَانِ بِهَا، أَيْ مَا دَامَتِ الْحَيَاةُ مُتَّصِفَةً بِهَذَا الْوَصْفِ وَلَمَّا كَانَتِ الْوَفَاةُ مَعْدُومَةً فِي حَالِ التَّمَنِّي لَمْ يَحْسُنْ أَنْ يَقُولَ مَا كَانَتْ، بَلْ أَتَى بِإِذَا الشَّرْطِيَّةِ فَقَالَ إِذَا كَانَتْ، أَيْ: إِذَا آلَ الْحَالُ إِلَى أَنْ تَكُونَ الْوَفَاةُ بِهَذَا الْوَصْفِ.

[باب ذكر القبر والبلى]

[باب ذِكْرِ الْقَبْرِ وَالْبِلَى] 4266 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الْإِنْسَانِ إِلَّا يَبْلَى إِلَّا عَظْمًا وَاحِدًا وَهُوَ عَجْبُ الذَّنَبِ وَمِنْهُ يُرَكَّبُ الْخَلْقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الْإِنْسَانِ) الْقَضِيَّةُ جُزْئِيَّةٌ بِالنَّظَرِ إِلَى أَفْرَادِ الْإِنْسَانِ ضَرُورَةَ، إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ (إِلَّا عَظْمًا وَاحِدًا) هَكَذَا فِي النُّسَخِ، وَالظَّاهِرُ النَّصْبُ لِكَوْنِهِ اسْتِثْنَاءً مِنَ الْإِثْبَاتِ، أَيْ: يَبْلَى مِنَ الْإِنْسَانِ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا عَظْمًا وَاحِدًا، فَالظَّاهِرُ أَنْ يُقْرَأَ بِالنَّصْبِ وَلَا عِبْرَةَ بِالْخَطِّ فِي قِرَاءَةِ الْحَدِيثِ حَالَةَ النَّصْبِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ (وَهُوَ عَجْبُ الذَّنَبِ) بِفَتْحِ مُهْمَلَةٍ وَسُكُونِ جِيمٍ أَصْلُ الذَّنَبِ فَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَبْقَى، قِيلَ: هُوَ عَظْمٌ لَطِيفٌ هُوَ أَوَّلِ مَا يُخْلَقُ مِنَ الْآدَمِيِّ وَيَبْقَى مِنْهُ لِيُعَادَ تَرْكِيبُ الْخَلْقِ عَلَيْهِ وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا رَوَى ابْنُ أَبِي

الدُّنْيَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ «قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُوَ قَالَ مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ» وَقَالَ الْمَظْهَرِيُّ: أَرَادَ بَقَاءَهُ لَا أَنَّهُ يَبْلَى أَصْلًا لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَحْسُوسِ، وَقِيلَ: أَمْرُ الْعَجْبِ عَجِيبٌ فَإِنَّهُ آخِرُ مَا يَخْلُقُ وَأَوَّلُ مَا يُخْلَقُ الْأَوَّلُ بِفَتْحِ الْيَاءِ، أَيْ: يَصِيرُ خَلْقًا وَالثَّانِي بِضَمِّهَا وَمِنْهُ يُرَكَّبُ الْخَلْقُ أَيْ أَنَّهُ تَعَالَى يُبْقِيهِ إِلَى أَنْ يُرَكَّبَ الْخَلْقُ مِنْهُ تَارَةً أُخْرَى وَعَلَى مَا قَالَهُ الْمَظْهَرِيُّ أَنَّهُ يُبْقِيهِ أَوَّلًا لِيَخْلُقَ مِنْهُ تَارَةً أُخْرَى.

4267 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَقَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَحِيرٍ عَنْ هَانِئٍ مَوْلَى عُثْمَانَ قَالَ «كَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ إِذَا وَقَفَ عَلَى قَبْرٍ يَبْكِي حَتَّى يَبُلَّ لِحْيَتَهُ فَقِيلَ لَهُ تَذْكُرُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ وَلَا تَبْكِي وَتَبْكِي مِنْ هَذَا قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الْقَبْرَ أَوَّلُ مَنَازِلِ الْآخِرَةِ فَإِنْ نَجَا مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَيْسَرُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَنْجُ مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَشَدُّ مِنْهُ قَالَ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا رَأَيْتُ مَنْظَرًا قَطُّ إِلَّا وَالْقَبْرُ أَفْظَعُ مِنْهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَوَّلُ مَنَازِلِ الْآخِرَةِ) أَيْ: فَهُوَ أَقْرَبُ شَيْءٍ إِلَى الْإِنْسَانِ، وَأَيْضًا شِدَّتُهُ إِمَارَةٌ لِلشَّدَائِدِ كُلِّهَا (مَنْظَرًا قَطُّ) أَيْ: فِي الدُّنْيَا (أَفْظَعُ) أَيْ: أَشَدُّ وَأَشْنَعُ وَحَيْثُ خَصَّنَا بِمَنْظَرِ الدُّنْيَا انْدَفَعَ مَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ هَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ: فَمَا بَعْدَهُ أَشَدُّ مِنْهُ عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ الْجَوَابُ إِذَا عُمِّمَ بِأَنَّهُ أَفْظَعُ مِنْ جِهَةِ الْوَحْشَةِ وَالْوِحْدَةِ وَغَيْرُهُ أَشَدُّ عَذَابًا مِنْهُ فَلَا إِشْكَالَ.

4268 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الْمَيِّتَ يَصِيرُ إِلَى الْقَبْرِ فَيُجْلَسُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فِي قَبْرِهِ غَيْرَ فَزِعٍ وَلَا مَشْعُوفٍ ثُمَّ يُقَالُ لَهُ فِيمَ كُنْتَ فَيَقُولُ كُنْتُ فِي الْإِسْلَامِ فَيُقَالُ لَهُ مَا هَذَا الرَّجُلُ فَيَقُولُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَصَدَّقْنَاهُ فَيُقَالُ لَهُ هَلْ رَأَيْتَ اللَّهَ فَيَقُولُ مَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَرَى اللَّهَ فَيُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ قِبَلَ النَّارِ فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَيُقَالُ لَهُ انْظُرْ إِلَى مَا وَقَاكَ اللَّهُ ثُمَّ يُفْرَجُ لَهُ قِبَلَ الْجَنَّةِ فَيَنْظُرُ إِلَى زَهْرَتِهَا وَمَا فِيهَا فَيُقَالُ لَهُ هَذَا مَقْعَدُكَ وَيُقَالُ لَهُ عَلَى الْيَقِينِ كُنْتَ وَعَلَيْهِ مُتَّ وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَيُجْلَسُ الرَّجُلُ السُّوءُ فِي قَبْرِهِ فَزِعًا مَشْعُوفًا فَيُقَالُ لَهُ فِيمَ كُنْتَ فَيَقُولُ لَا أَدْرِي فَيُقَالُ لَهُ مَا هَذَا الرَّجُلُ فَيَقُولُ سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ قَوْلًا فَقُلْتُهُ فَيُفْرَجُ لَهُ قِبَلَ الْجَنَّةِ فَيَنْظُرُ إِلَى زَهْرَتِهَا وَمَا فِيهَا فَيُقَالُ لَهُ انْظُرْ إِلَى مَا صَرَفَ اللَّهُ عَنْكَ ثُمَّ يُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ قِبَلَ النَّارِ فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَيُقَالُ لَهُ هَذَا مَقْعَدُكَ عَلَى الشَّكِّ كُنْتَ وَعَلَيْهِ مُتَّ وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَيُجْلَسُ الرَّجُلُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنْ أَجْلَسَ، أَوْ عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ مِنْ جَلَسَ (وَلَا مَشْعُوفٍ) قَالَ السُّيُوطِيُّ: الشَّعَفُ بِشِينٍ مُعْجَمَةٍ وَعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ شِدَّةُ الْفَزَعِ حَتَّى يَذْهَبَ بِالْقَلْبِ (فِيمَ) أَيْ: فِي أَيْ دِينٍ (مَا هَذَا الرَّجُلُ) أَيِ: الرَّجُلُ الْمَشْهُورُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْحُضُورُ وَتَرْكُ مَا يُشْعِرُ بِالتَّعْظِيمِ لِئَلَّا يَصِيرَ تَلْقِينًا وَهُوَ لَا يُنَاسِبُ مَوْضِعَ الِاخْتِبَارِ (يُحَطِّمُ) يُكَسِّرُ (بَعْضُهَا بَعْضًا) مِنْ شِدَّةِ الْمُزَاحَمَةِ قَوْلُهُ: (عَلَى الْيَقِينِ كُنْتَ وَعَلَيْهِ. . . إِلَخْ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ كَانَ عَلَى الْيَقِينِ فِي الدُّنْيَا يَمُوتُ عَلَيْهِ عَادَةً وَكَذَا فِي جَانِبِ الشَّكِّ (إِنْ شَاءَ اللَّهُ) لِلتَّبَرُّكِ لَا لِلشَّكِّ

(سَمِعْتُ النَّاسَ. . . إِلَخْ) يُرِيدُ أَنَّهُ كَانَ مُقَلِّدًا فِي دِينِهِ لِلنَّاسِ وَلَمْ يَكُنْ مُنْفَرِدًا عَنْهُمْ بِمَذْهَبٍ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ حَقًّا كَانَ مَا عَلَيْهِ أَوْ بَاطِلًا (عَلَى الشَّكِّ) أَيْ: خِلَافَ الْيَقِينِ اللَّائِقِ بِالْإِنْسَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.

4269 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} [إبراهيم: 27] قَالَ نَزَلَتْ فِي عَذَابِ الْقَبْرِ يُقَالُ لَهُ مَنْ رَبُّكَ فَيَقُولُ رَبِّيَ اللَّهُ وَنَبِيِّي مُحَمَّدٌ فَذَلِكَ قَوْلُهُ {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم: 27] » ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي عَذَابِ الْقَبْرِ) أَيْ: فِي السُّؤَالِ فِي الْقَبْرِ وَلَمَّا كَانَ السُّؤَالُ يَكُونُ سَبَبًا لِلْعَذَابِ فِي الْجُمْلَةِ وَلَوْ فِي حَقِّ بَعْضٍ عَبَّرَ عَنْهُ بِاسْمِ الْعَذَابِ فَالْمُرَادُ بِالتَّثْبِيتِ فِي الْآخِرَةِ هُوَ تَثْبِيتُ الْمُؤْمِنِ فِي الْقَبْرِ عِنْدَ سُؤَالِ الْمَلَكَيْنِ إِيَّاهُ.

4270 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ عُرِضَ عَلَى مَقْعَدِهِ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ يُقَالُ هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى تُبْعَثَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عُرِضَ عَلَى مَقْعَدِهِ) هُوَ مِنْ بَابِ الْقَلْبِ وَالْأَصْلُ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ كَمَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ وَمِثْلُهُ فِي الْقَلْبِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا} [غافر: 46] وَاللَّهُ أَعْلَمُ (فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ) أَيْ: فَيَعْرِضُ عَلَيْهِ مِنْ مَقَاعِدِ الْجَنَّةِ، أَوْ فَمَقْعَدُهُ مِنْ مَقَاعِدِ الْجَنَّةِ (يُقَالُ هَذَا مَقْعَدُكَ) يُحْتَمَلُ أَنَّ الْإِشَارَةَ إِلَى الْقَبْرِ، أَيِ: الْقَبْرُ مَقْعَدُكَ إِلَى أَنْ يَبْعَثَكَ اللَّهُ إِلَى الْمَقْعَدِ الْمَعْرُوضِ، أَوْ إِلَى مَقْعَدِكَ الْمَعْرُوضِ وَحَتَّى غَايَةٍ لِلْعَرْضِ، أَيْ: يُعْرَضُ عَلَيْكَ إِلَى الْبَعْثِ، ثُمَّ بَعْدَ الْبَعْثِ تَخْلُدُ، ثُمَّ هَذَا الْقَوْلُ يَعُمُّ أَهْلَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَالْمُرَادُ يُقَالُ لِكُلِّ أَحَدٍ هَذَا الْكَلَامُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالْمَرَامِ.

4271 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ أَنْبَأَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ يُحَدِّثُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّمَا نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ طَائِرٌ يَعْلُقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى جَسَدِهِ يَوْمَ يُبْعَثُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنَّمَا نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ) هِيَ بِفَتْحَتَيْنِ الرُّوحُ، وَالْمُرَادُ رُوحُ الْمُؤْمِنَ الشَّهِيدِ كَمَا جَاءَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْحَدِيثِ (طَائِرٌ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الرُّوحَ يَتَشَكَّلُ وَيَتَمَثَّلُ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى

طَائِرًا كَتَمَثُّلِ الْمَلَكِ بَشَرًا وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الرُّوحَ يَدْخُلُ فِي بَدَنِ طَائِرٍ كَمَا فِي رِوَايَاتٍ قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةِ أَبِي دَاوُدَ: إِذَا فَسَّرْنَا الْحَدِيثَ بِأَنَّ الرُّوحَ يَتَشَكَّلُ طَيْرًا فَالْأَشْبَهُ أَنَّ ذَلِكَ فِي الْقُدْرَةِ عَلَى الطَّيَرَانِ فَقَطْ لَا فِي صُورَةِ الْخِلْقَةِ؛ لِأَنَّ شَكْلَ الْإِنْسَانِ أَفْضَلُ الْأَشْكَالِ اهـ. قُلْتُ: هَذَا إِذَا كَانَ الرُّوحُ الْإِنْسَانِيُّ لَهُ شَكْلٌ فِي نَفْسِهِ وَيَكُونُ عَلَى شَكْلِ الْإِنْسَانِ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ فِي نَفْسِهِ لَا شَكْلَ لَهُ، بَلْ يَكُونُ مُجَرَّدًا، أَوْ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَتَشَكَّلَ ذَلِكَ الْمُجَرَّدُ لِحِكْمَةٍ مَا فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَتَشَكَّلَ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ عَلَى شَكْلِ الطَّائِرِ، وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي فَقَدْ أَوْرَدَ الشَّيْخُ عَلَمُ الدِّينِ الْقَرَافِيُّ أَنَّهُ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَحْصُلَ لِلطَّيْرِ الْحَيَاةُ بِتِلْكَ الْأَرْوَاحِ أَوَّلًا وَالْأَوَّلُ عَيْنُ مَا تَقُولُهُ التَّنَاسُخِيَّةُ وَالثَّانِي مُجَرَّدُ حَبْسٍ لِلْأَرْوَاحِ وَتَسَجُّنٍ، وَأَجَابَ السُّبْكِيُّ بِاخْتِيَارِ الثَّانِي وَمَنَعَ كَوْنَهُ حَبْسًا وَتَسَجُّنًا لِجَوَازِ أَنْ يُقَدِّرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي تَلْكَ الْأَجْوَافِ مِنَ السُّرُورِ وَالنَّعِيمِ مَا تَجِدُهُ فِي الْفَضَاءِ الْوَاسِعِ اهـ. وَلِهَذَا الْكَلَامِ بَسْطٌ ذَكَرْتُهُ فِي حَاشِيَةِ أَبِي دَاوُدَ قَوْلُهُ: (يَعْلُقُ) بِضَمِّ اللَّامِ وَبِالتَّخْفِيفِ.

4272 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ حَفْصٍ الْأُبُلِّيُّ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا دَخَلَ الْمَيِّتُ الْقَبْرَ مُثِّلَتْ الشَّمْسُ عِنْدَ غُرُوبِهَا فَيَجْلِسُ يَمْسَحُ عَيْنَيْهِ وَيَقُولُ دَعُونِي أُصَلِّي» ـــــــــــــــــــــــــــــ (مُثِّلَتْ) بِالتَّشْدِيدِ، أَيْ: صُوِّرَتْ أَصْلُ جَوَابًا بِاللَّامِ فَحَذَفَ الْيَاءَ إِلَّا أَنْ تُجْعَلَ الْيَاءُ لِلْإِشْبَاعِ، أَوْ يُعْتَذَرُ بِإِعْطَاءِ الْمُعْتَلِّ حُكْمَ الصَّحِيحِ، وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادُهُ حَسَنٌ إِنْ كَانَ أَبُو سُفْيَانَ وَاسْمُهُ طَلْحَةُ بْنُ نَافِعٍ سَمِعَ مِنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو إِسْمَاعِيلَ بْنُ حَفْصٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.

[باب ذكر البعث]

[باب ذِكْرِ الْبَعْثِ] 4273 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ صَاحِبَيْ الصُّورِ بِأَيْدِيهِمَا أَوْ فِي أَيْدِيهِمَا قَرْنَانِ يُلَاحِظَانِ النَّظَرَ مَتَى يُؤْمَرَانِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنَّ صَاحِبَيِ الصُّورِ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّفْخَتَيْنِ تَكُونَانِ فِي قَرْنَيْنِ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا مَلَكٌ،

وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ «كَيْفَ أَنَّهُ وَصَاحِبُ الْقَرْنِ قَدِ الْتَقَمَ الْقَرْنَ وَاسْتَمَعَ الْإِذْنَ حَتَّى يُؤْمَرَ بِالنَّفْخِ فَيَنْفُخُ،» وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ وَعَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ.

4274 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ بِسُوقِ الْمَدِينَةِ وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ فَرَفَعَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ يَدَهُ فَلَطَمَهُ قَالَ تَقُولُ هَذَا وَفِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ} [الزمر: 68] فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ فَلَا أَدْرِي أَرَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلِي أَوْ كَانَ مِمَّنْ اسْتَثْنَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمَنْ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى فَقَدْ كَذَبَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ رَفَعَ) أَيْ: مِمَّنْ عَلِمَ صَعْقَهُمْ جَزْمًا فَلَا يُنَافِي احْتِمَالَ كَوْنِ مُوسَى أَوَّلَ مَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ صُعِقَ (أَوْ كَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ) أَيْ: فَلَمْ يُصْعَقْ، أَيْ: فَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَلَهُ فَضْلٌ جُزْئِيٌّ عَلَى الْبَشَرِ فَلَا يَنْبَغِي الْمُخَاصَمَةُ مَعَ مَنْ يَقُولُ مِثْلَ قَوْلِ الْيَهُودِيِّ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَصْحِيحُهُ بِحَمْلِهِ عَلَى الْفَضْلِ الْجُزْئِيِّ، وَبِالْجُمْلَةِ فَقَدْ أَرَادَ الْمَنْعَ عَنِ الْبَحْثِ عَنْ أَمْثَالِ هَذِهِ الْمَبَاحِثِ لِئَلَّا يُفْضِي ذَلِكَ إِلَى الْإِفْرَاطِ وَالتَّفْرِيطِ فِي شَأْنِ الْأَنْبِيَاءِ وَأَكَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (وَمَنْ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى) بِوَزْنِ حَتَّى اسْمٌ لِأَبِي يُونُسَ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، أَيْ مَنْ قَالَ ذَلِكَ افْتِخَارًا، وَاعْتِقَادُ الْجَوَازِ الِافْتِخَارُ لَهُ فَقَدْ كَذَبَ إِذِ الِافْتِخَارُ لَا يَجُوزُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، فَإِنْ قُلْتُ: كَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُوسَى مُسْتَثْنًى مِنَ النَّفْخَةِ الْأُولَى، أَوْ لِمَ يَكُونُ مُسْتَثْنًى مَعَ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ قَبْلَهَا وَالنَّفْخَةُ الْأُولَى إِنَّمَا تُدْرِكُ الْأَحْيَاءَ حِينَئِذٍ. قُلْتُ: إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ أَحْيَاءٌ فَيُمْكِنُ أَنْ تُدْرِكَهُمْ هَذِهِ النَّفْخَةُ وَلِهَذَا الْكَلَامُ تَفْصِيلٌ ذَكَرْتُهُ فِي حَاشِيَةِ الصَّحِيحَيْنِ، وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

4275 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ يَأْخُذُ الْجَبَّارُ سَمَاوَاتِهِ وَأَرَضِيهِ بِيَدِهِ وَقَبَضَ يَدَهُ فَجَعَلَ يَقْبِضُهَا وَيَبْسُطُهَا ثُمَّ يَقُولُ أَنَا الْجَبَّارُ أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ الْجَبَّارُونَ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ قَالَ وَيَتَمَايَلُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى الْمِنْبَرِ يَتَحَرَّكُ مِنْ أَسْفَلِ شَيْءٍ مِنْهُ حَتَّى إِنِّي لَأَقُولُ أَسَاقِطٌ هُوَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَأْخُذُ الْجَبَّارُ. . . إِلَخْ) هَذَا الْحَدِيثُ كَالتَّفْسِيرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67] وَالْمَقْصُودُ بَيَانُ غَايَةِ عَظَمَتِهِ تَعَالَى وَحَقَارَةِ الْأَفْعَالِ الْعِظَامِ الَّتِي تَتَحَيَّرُ فِيهَا الْأَوْهَامُ بِالْإِضَافَةِ لِكَمَالِ قُدْرَتِهِ تَعَالَى، وَهَذَا الْمَقْصُودُ حَاصِلٌ بِهَذَا الْكَلَامِ وَإِنْ

لَمْ تُعْرَفْ كَيْفِيَّةُ الْقَبْضِ وَحَقِيقَةُ الْيَدِ فَالْبَحْثُ عَنْهَا خَارِجٌ عَلَى الْقَدْرِ الْمَقْصُودِ إِفْهَامُهُ فَلَا يَنْبَغِي.

4276 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ حَاتِمِ بْنِ أَبِي صَغِيرَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ الْقَاسِمِ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ حُفَاةً عُرَاةً قُلْتُ وَالنِّسَاءُ قَالَ وَالنِّسَاءُ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا يُسْتَحْيَا قَالَ يَا عَائِشَةُ الْأَمْرُ أَهَمُّ مِنْ أَنْ يَنْظُرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْأَمْرُ أَهَمُّ) أَيْ: أَشَدُّ فَكُلٌّ مَشْغُولٌ بِأَمْرِهِ وَلَا يَدْرِي عَنْ حَالِ أَخِيهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} [عبس: 37] فَلَا أَحَدَ يَلْتَفِتُ إِلَى عَوْرَةِ آخَرَ.

4277 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَلِيِّ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْرَضُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَلَاثَ عَرَضَاتٍ فَأَمَّا عَرْضَتَانِ فَجِدَالٌ وَمَعَاذِيرُ وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَعِنْدَ ذَلِكَ تَطِيرُ الصُّحُفُ فِي الْأَيْدِي فَآخِذٌ بِيَمِينِهِ وَآخِذٌ بِشِمَالِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَآخِذٌ بِيَمِينِهِ) عَلَى صِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ فَيَغْتَمُّ الْحَسَنُ فَمِنْهُمْ آخِذٌ بِيَمِينِهِ وَآخِذٌ بِشِمَالِهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ رِجَالُ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ وَالْحَسَنُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي مُوسَى قَالَهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَأَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو زُرْعَةَ وَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَالَ لَا يَصِحُّ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْحَسَنَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

4278 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ وَأَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين: 6] قَالَ يَقُومُ أَحَدُهُمْ فِي رَشْحِهِ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي رَشَحِهِ) هُوَ بِفَتْحَتَيْنِ الْعَرَقُ كَذَا فِي الْمَجْمَعِ، وَقِيلَ: مُقْتَضَى كُتُبِ اللُّغَةِ سُكُونُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ شَيْئًا فَشَيْئًا.

4279 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ دَاوُدَ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ} [إبراهيم: 48] فَأَيْنَ تَكُونُ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ قَالَ عَلَى الصِّرَاطِ»

4280 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ بْنِ الْعُتْوَارِيِّ أَحَدِ بَنِي لَيْثٍ قَالَ وَكَانَ فِي حَجْرِ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُهُ يَعْنِي أَبَا سَعِيدٍ يَقُولُ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يُوضَعُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ جَهَنَّمَ عَلَى حَسَكٍ كَحَسَكِ السَّعْدَانِ ثُمَّ يَسْتَجِيزُ النَّاسُ فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ وَمَخْدُوجٌ بِهِ ثُمَّ نَاجٍ وَمُحْتَبَسٌ بِهِ وَمَنْكُوسٌ فِيهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَلَى حَسَكٍ) بِفَتْحَتَيْنِ قَالَ السُّيُوطِيُّ: حَسَكَةٌ وَهِيَ شَوْكَةٌ صُلْبَةٌ (وَالسَّعْدَانُ) نَبْتٌ يَنْبُتُ ذُو شَوْكَةٍ (مُسَلَّمٌ) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ الْمَفْتُوحَةِ، أَيْ: مَحْفُوظٌ (وَمَجْدُوحٌ بِهِ) أَيِ: الَّذِي قَشَرَ جِلْدُهُ بِهِ (وَمُحْتَبَسٌ) بِفَتْحِ الْبَاءِ (وَمَنْكُوسٌ)

أَيْ مَقْلُوبٌ بِأَنْ صَارَ رَأْسُهُ أَسْفَلَ.

4281 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أُمِّ مُبَشِّرٍ عَنْ حَفْصَةَ قَالَتْ «قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَأَرْجُو أَلَّا يَدْخُلَ النَّارَ أَحَدٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا وَالْحُدَيْبِيَةَ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَيْسَ قَدْ قَالَ اللَّهُ {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا} [مريم: 71] قَالَ أَلَمْ تَسْمَعِيهِ يَقُولُ {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} [مريم: 72] » ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (قَالَ أَلُمْ تَسْمَعِيهِ يَقُولُ. . . إِلَخْ) فَالْوُرُودُ غَيْرُ الدُّخُولِ وَأَهْلُ الْجَنَّةِ لَا دُخُولَ لَهُمْ، أَوِ الْمُرَادُ أَنَّ الدُّخُولَ إِنَّمَا يَضُرُّ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ نَجَاةٌ مِنَ الْعَذَابِ ابْتِدَاءً، وَإِلَّا فَهُوَ كَلَا دُخُولَ، وَفِي الزَّوَائِدِ حَدِيثُ حَفْصَةَ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِنْ كَانَ أَبُو سُفْيَانَ سَمِعَ مِنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ.

[باب صفة أمة محمد صلى الله عليه وسلم]

[باب صِفَةِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] 4282 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرِدُونَ عَلَيَّ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ الْوُضُوءِ سِيمَاءُ أُمَّتِي لَيْسَ لِأَحَدٍ غَيْرِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (غُرًّا) أَيْ: بِيضًا (مُحَجَّلِينَ) أَيْ بِيضَ الْأَطْرَافِ مِنَ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ (مِنَ الْوُضُوءِ) أَيْ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ، أَوْ لِأَجْلِ الْوُضُوءِ (سِيمَاءُ أُمَّتِي) يُرِيدُ أَنَّ هَذَا مَخْصُوصٌ بِأُمَّتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالسِّيمَا بِالْقَصْرِ وَالْمَدِّ الْعَلَامَةُ.

4283 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قُبَّةٍ فَقَالَ أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ قُلْنَا بَلَى قَالَ أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ قُلْنَا نَعَمْ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَذَلِكَ أَنَّ الْجَنَّةَ لَا يَدْخُلُهَا إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ وَمَا أَنْتُمْ فِي أَهْلِ الشِّرْكِ إِلَّا كَالشَّعَرَةِ الْبَيْضَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الْأَسْوَدِ أَوْ كَالشَّعَرَةِ السَّوْدَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الْأَحْمَرِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَمَا أَنْتُمْ فِي أَهْلِ الشِّرْكِ) أَيْ: مِنَ الْأُمَمِ السَّابِقِينَ، أَيْ: فَأَكْثَرُ تِلْكَ الْأُمَمِ أَهْلُ الشِّرْكِ فَلِذَلِكَ قَلَّ مُؤْمِنُهُمْ حَتَّى غَلَبَ مُؤْمِنُو هَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى مُؤْمِنِي تِلْكَ الْأُمَمِ كُلِّهَا.

4284 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَأَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجِيءُ النَّبِيُّ وَمَعَهُ الرَّجُلَانِ وَيَجِيءُ النَّبِيُّ وَمَعَهُ الثَّلَاثَةُ وَأَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ وَأَقَلُّ فَيُقَالُ لَهُ هَلْ بَلَّغْتَ قَوْمَكَ فَيَقُولُ نَعَمْ فَيُدْعَى قَوْمُهُ فَيُقَالُ هَلْ بَلَّغَكُمْ فَيَقُولُونَ لَا فَيُقَالُ مَنْ يَشْهَدُ لَكَ فَيَقُولُ مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ فَتُدْعَى أُمَّةُ مُحَمَّدٍ فَيُقَالُ هَلْ بَلَّغَ هَذَا فَيَقُولُونَ نَعَمْ فَيَقُولُ وَمَا عِلْمُكُمْ بِذَلِكَ فَيَقُولُونَ أَخْبَرَنَا نَبِيُّنَا بِذَلِكَ أَنَّ الرُّسُلَ قَدْ بَلَّغُوا فَصَدَّقْنَاهُ قَالَ فَذَلِكُمْ قَوْلُهُ تَعَالَى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143] » ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَمَعَهُ الرَّجُلَانِ) وَهُوَ الَّذِي آمَنَ مِنْ أُمَّتِهِ (فَيَقُولُ أَخْبَرَنَا نَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. . . إِلَخْ) الْمَقْصُودُ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ

إِظْهَارُ فَضْلِهِمْ بَيْنَ الْأُمَمِ، وَإِلَّا فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا كَيْفَ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَوَرَدَ أَنَّ عِلْمَ الْحَاكِمِ إِنْ كَفَى فَلَا حَاجَةَ إِلَى هَذِهِ الشَّهَادَةِ، وَإِلَّا فَكَيْفَ صَحَّتْ شَهَادَتُهُمْ مَعَ انْتِهَائِهَا إِلَى عِلْمِهِ تَعَالَى فَلْيُتَأَمَّلْ.

4285 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ رِفَاعَةَ الْجُهَنِيِّ قَالَ «صَدَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَا مِنْ عَبْدٍ يُؤْمِنُ ثُمَّ يُسَدِّدُ إِلَّا سُلِكَ بِهِ فِي الْجَنَّةِ وَأَرْجُو أَلَّا يَدْخُلُوهَا حَتَّى تَبَوَّءُوا أَنْتُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ ذَرَارِيِّكُمْ مَسَاكِنَ فِي الْجَنَّةِ وَلَقَدْ وَعَدَنِي رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (صَدَرْنَا) أَيْ: رَجَعْنَا مِنْ غَزْوٍ، أَوْ سَفَرٍ (إِلَّا سُلِكَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ، أَيْ: أُدْخِلَ (أَنْ لَا يَدْخُلُوهَا) أَيْ: مُؤْمِنُو سَائِرِ الْأُمَمِ الْجَنَّةَ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ قَالَ فِيهِ صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِيُّ ضَعِيفٌ فِي الْأَوْزَاعِيِّ وَعَامَّةُ أَحَادِيثِهِ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ مَقْلُوبَةٌ، لَكِنْ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ وَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ عَنْ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ.

4286 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الْأَلْهَانِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ يَقُولُ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَعَدَنِي رَبِّي سُبْحَانَهُ أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ أَلْفًا لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ وَلَا عَذَابَ مَعَ كُلِّ أَلْفٍ سَبْعُونَ أَلْفًا وَثَلَاثُ حَثَيَاتٍ مِنْ حَثَيَاتِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَثَلَاثُ حَثَيَاتٍ) يَحْتَمِلُ الرَّفْعَ عَطْفٌ عَلَى " سَبْعُونَ " وَالنَّصْبَ عَلَى أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى سَبْعِينَ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ لَفْظًا وَأَبْلَغُ مَعْنًى فَلَعَلَّهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْمُرَادُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَالَ السُّيُوطِيُّ: قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ كِنَايَةٌ عَنِ الْمُبَالَغَةِ عَنِ الْكَثْرَةِ، وَإِلَّا فَلَا كَفَّ وَلَا حَثَى جَلَّ عَنْ ذَلِكَ وَعَزَّ اهـ. قُلْتُ: وَقَدْ جَاءَ {وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67] فَهَذِهِ مِثْلُ ذَلِكَ الْحَدِيثِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ تَقْتَضِي أَنَّ حَثْيَةً وَاحِدَةً تَكْفِي لِتَمَامِ الْأُمَّةِ فَلَعَلَّ فِي تَعَدُّدِ الْحَثَيَاتِ تَشْرِيفًا لِلْأُمَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالْحِكْمَةِ.

4287 - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النَّحَّاسِ الرَّمْلِيُّ وَأَيُّوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّقِّيُّ قَالَا حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ ابْنِ شَوْذَبٍ عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُكْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَبْعِينَ أُمَّةً نَحْنُ آخِرُهَا وَخَيْرُهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (نُكْمِلُ) أَيْ: نَحْنُ، مِنَ الْإِكْمَالِ أَوْ

التَّكْمِيلِ.

4288 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ خِدَاشٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّكُمْ وَفَّيْتُمْ سَبْعِينَ أُمَّةً أَنْتُمْ خَيْرُهَا وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللَّهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَفَّيْتُمْ) بِالتَّشْدِيدِ، أَيْ: أَتْمَمْتُمْ وَكَمَّلْتُمْ.

4289 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَقَ الْجَوْهَرِيُّ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ حَفْصٍ الْأَصْبَهَانِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَهْلُ الْجَنَّةِ عِشْرُونَ وَمِائَةُ صَفٍّ ثَمَانُونَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَأَرْبَعُونَ مِنْ سَائِرِ الْأُمَمِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ثَمَانُونَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ) هِيَ الثُّلُثَانِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَالثُّلُثُ مِنْ سَائِرِ الْأُمَمِ.

4290 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ إِيَاسٍ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نَحْنُ آخِرُ الْأُمَمِ وَأَوَّلُ مَنْ يُحَاسَبُ يُقَالُ أَيْنَ الْأُمَّةُ الْأُمِّيَّةُ وَنَبِيُّهَا فَنَحْنُ الْآخِرُونَ الْأَوَّلُونَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (آخِرُ الْأُمَمِ) أَيْ: وُجُودًا (الْأَوَّلُونَ) فِي الْحِسَابِ وَدُخُولِ الْجَنَّةِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَأَبُو سَلَمَةَ هُوَ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبَصْرِيُّ التَّبُوذَكِيُّ.

4291 - حَدَّثَنَا جُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ أَبِي الْمُسَاوِرِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَمَعَ اللَّهُ الْخَلَائِقَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أُذِنَ لِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ فِي السُّجُودِ فَيَسْجُدُونَ لَهُ طَوِيلًا ثُمَّ يُقَالُ ارْفَعُوا رُءُوسَكُمْ قَدْ جَعَلْنَا عِدَّتَكُمْ فِدَاءَكُمْ مِنْ النَّارِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ارْفَعُوا رُءُوسَكُمْ فَقَدْ جَعَلْنَا عُدَّتَكُمْ فِدَاءَكُمْ. . . إِلَخْ) لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ بِمُجَرَّدِ أَنَّهُمْ فِدَاءُ هَذِهِ الْأُمَّةِ، بَلْ إِنَّهُمْ يَدْخُلُونَهَا لِاسْتِحْقَاقِهِمْ لِذَلِكَ وَيُكْتَفَى بِدُخُولِهِمْ عَنْ دُخُولِ الْأُمَّةِ فَصَارُوا فِدَاءً وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَفِي الزَّوَائِدِ رَوَى مُسْلِمٌ مَعْنَاهُ وَأَتَمَّ سَوْقَ الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ بِإِسْنَادٍ أَصَحَّ مِنْ هَذَا وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ أَعَلَّهُ الْبُخَارِيُّ.

4292 - حَدَّثَنَا جُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ مَرْحُومَةٌ عَذَابُهَا بِأَيْدِيهَا فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ دُفِعَ إِلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ رَجُلٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَيُقَالُ هَذَا فِدَاؤُكَ مِنْ النَّارِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَدَاكَ مِنَ النَّارِ) أَيْ أَنَّهُ تَعَالَى يُعْطِي مَنْزِلَتَكَ فِي النَّارِ إِيَّاهُ وَيُعْطِي مَنْزِلَتَهُ فِي الْجَنَّةِ إِيَّاكَ وَقَدْ جَاءَ أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ بَنِي آدَمَ مَنْزِلَيْنِ، وَفِي الزَّوَائِدِ لَهُ شَاهِدٌ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ فِي حَدِيثِ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ وَقَدْ أَعَلَّهُ الْبُخَارِيُّ كَمَا تَقَدَّمَ.

[باب ما يرجى من رحمة الله يوم القيامة]

[باب مَا يُرْجَى مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ] 4293 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ لِلَّهِ مِائَةَ رَحْمَةٍ قَسَمَ مِنْهَا رَحْمَةً بَيْنَ جَمِيعِ الْخَلَائِقِ فَبِهَا يَتَرَاحَمُونَ وَبِهَا يَتَعَاطَفُونَ وَبِهَا تَعْطِفُ الْوَحْشُ عَلَى أَوْلَادِهَا وَأَخَّرَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ رَحْمَةً يَرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِيهَا يَتَرَاحَمُونَ) أَيِ: الْخَلَائِقُ كُلُّهَا فَانْظُرْ إِلَى عِظَمِ رَحْمَةِ اللَّهِ فِي الْآخِرَةِ بِالنَّظَرِ فِي

رَحْمَةِ الْأُمِّ عَلَى وَلَدِهَا، وَفِي أَنَّ أَيَّ قَدْرٍ فِي الرَّحْمَةِ الْوَاحِدَةِ جَاءَ فِي نَصِيبِهَا فَسُبْحَانَهُ مَا أَعْظَمَ شَأْنَهُ (يَرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ) أَيِ: الْمُؤْمِنِينَ.

4294 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَأَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ مِائَةَ رَحْمَةٍ فَجَعَلَ فِي الْأَرْضِ مِنْهَا رَحْمَةً فَبِهَا تَعْطِفُ الْوَالِدَةُ عَلَى وَلَدِهَا وَالْبَهَائِمُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ وَالطَّيْرُ وَأَخَّرَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَكْمَلَهَا اللَّهُ بِهَذِهِ الرَّحْمَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَكْمَلَهَا اللَّهُ بِهَذِهِ الرَّحْمَةِ) وَفِي الزَّوَائِدِ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

4295 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا خَلَقَ الْخَلْقَ كَتَبَ بِيَدِهِ عَلَى نَفْسِهِ إِنَّ رَحْمَتِي تَغْلِبُ غَضَبِي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كَتَبَ بِيَدِهِ. . . إِلَخْ) أَيْ: مُوجِبًا إِيَّاهُ عَلَى نَفْسِهِ بِمُقْتَضَى وَعْدِهِ (إِنَّ رَحْمَتِي تَغْلِبُ غَضَبِي) أَيْ: إِذَا كَانَ الْمَحَلُّ قَابِلًا لِلْأَمْرَيْنِ مُسْتَحِقًّا لَهُمَا مِنْ وَجْهٍ فَالْغَالِبُ هُوَ الْمُعَامَلَةُ بِالرَّحْمَةِ لَا بِالْغَضَبِ، وَعَلَى هَذَا لَا يَرِدُ الْإِشْكَالُ بِكَثْرَةِ أَهْلِ النَّارِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَقَالَ السُّيُوطِيُّ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ إِشَارَةٌ إِلَى سَعَةِ الرَّحْمَةِ وَشُمُولِهَا الْخَلْقَ كَمَا يُقَالُ غَلَبَ عَلَى فُلَانٍ الْكَرَمُ إِذَا كَانَ هُوَ أَكْثَرُ خِصَالِهِ، وَإِلَّا فَرَحْمَةُ اللَّهِ وَغَضَبُهُ لَا يُوصَفُ بِغَلَبَةِ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، وَإِنَّمَا هُوَ سَبِيلُ الْمَجَازِ لِلْمُبَالَغَةِ.

4296 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ «مَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا عَلَى حِمَارٍ فَقَالَ يَا مُعَاذُ هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ وَمَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَحَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَحَقُّ الْعِبَادِ) أَيْ: بِمُقْتَضَى وَعْدِهِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ تَخَلُّفُهُ.

4297 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَعْيَنَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ يَحْيَى الشَّيْبَانِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ غَزَوَاتِهِ فَمَرَّ بِقَوْمٍ فَقَالَ مَنْ الْقَوْمُ فَقَالُوا نَحْنُ الْمُسْلِمُونَ وَامْرَأَةٌ تَحْصِبُ تَنُّورَهَا وَمَعَهَا ابْنٌ لَهَا فَإِذَا ارْتَفَعَ وَهَجُ التَّنُّورِ تَنَحَّتْ بِهِ فَأَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ قَالَتْ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَرْحَمِ الرَّاحِمِينَ قَالَ بَلَى قَالَتْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَرْحَمَ بِعِبَادِهِ مِنْ الْأُمِّ بِوَلَدِهَا قَالَ بَلَى قَالَتْ فَإِنَّ الْأُمَّ لَا تُلْقِي وَلَدَهَا فِي النَّارِ فَأَكَبَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْكِي ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيْهَا فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ مِنْ عِبَادِهِ إِلَّا الْمَارِدَ الْمُتَمَرِّدَ الَّذِي يَتَمَرَّدُ عَلَى اللَّهِ وَأَبَى أَنْ يَقُولَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَامْرَأَةٌ تَحْصِبُ) كَتَضْرِبُ، أَيْ: تَرْمِي فِيهِ مَا يُوقِدُ النَّارَ بِهِ فِيهِ (وَهَجُ التَّنُّورِ)

هُوَ بِفَتْحَتَيْنِ حَرُّ النَّارِ (لَا تُلْقِي وَلَدَهَا فِي النَّارِ) أَيْ: فَكَيْفَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ يُلْقِي بَعْضَ الْعَبِيدِ فِيهَا وَإِنْ كَانُوا كَفَرَةً (فَأَكَبَّ) مِنْ كَبَّهُ فَأَكَبَّ أَيْ قَلَبَهُ وَصَرَعَهُ (لَا يُعَذِّبْ) أَيْ: عَلَى الدَّوَامِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُدْخِلُ النَّارَ إِلَّا هَؤُلَاءِ إِذِ الْكَلَامُ فِي إِدْخَالِ النَّارِ لَا فِي الْخُلُودِ وَالدَّوَامِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَبِالْجُمْلَةِ فَالْمَعْصِيَةُ تَعْظُمُ وَتَزِيدُ قُبْحًا وَشَنَاعَةً بِقَدْرِ حَقَارَةِ الْمَعَاصِي وَعَظَمَةِ الْمُعْصَى بِهَا وَكَثْرَةِ إِحْسَانِهِ إِلَى الْعَاصِي فَيَعْظُمُ جَزَاؤُهَا بِذَلِكَ فَبِالنَّظَرِ إِلَى حَالَةِ الْعَبْدِ الْعَاصِي وَأَنَّهُ خُلِقَ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ وَأَيُّ شَيْءٍ مِقْدَارُهُ وَإِلَى عَظَمَةِ خَالِقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي قَامَتِ السَّمَاوَاتُ بِأَمْرِهِ وَإِلَى كَثْرَةِ نِعَمِهِ وَإِحْسَانِهِ تَعْظُمُ أَدْنَى الْمَعَاصِي حَتَّى تُجَاوِزُ الْجِبَالَ وَالْبِحَارَ وَتَصِيرُ حَقِيقَةً بِأَنْ يُجْعَلَ جَزَاؤُهَا الْخُلُودُ فِي النَّارِ لَوْلَا رَحْمَةُ الْكَرِيمِ الْعَفُوِّ الْغَفُورِ الرَّحِيمِ فَكَيْفَ هَذِهِ الْمَعْصِيَةُ الْمُتَضَمِّنَةُ لِتَشْبِيهِهِ بِالْأَحْجَارِ الَّتِي هِيَ أَرْذَلُ الْخَلْقِ فَتَعَالَى سُبْحَانَهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا وَحَقَائِقُ هَذِهِ الْأُمُورِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا عَلَّامُ الْغُيُوبِ، ثُمَّ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَقْتَضِي أَنَّ جَاحِدَ النُّبُوَّةِ قَدْ أَبَى عَنْ كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ عَلَى وَجْهِهَا وَهُوَ الْمُرَادُ هَاهُنَا، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ يَحْيَى مُتَّفَقٌ عَلَى تَضْعِيفِهِ اهـ. قُلْتُ: أَصْلُ الْحَدِيثِ لَيْسَ مِنَ الزَّوَائِدِ.

4298 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ هَاشِمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَدْخُلُ النَّارَ إِلَّا شَقِيٌّ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ الشَّقِيُّ قَالَ مَنْ لَمْ يَعْمَلْ لِلَّهِ بِطَاعَةٍ وَلَمْ يَتْرُكْ لَهُ مَعْصِيَةً» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَنْ لَمْ يَعْمَلْ بِطَاعَةِ اللَّهِ) أَيْ: مَا عَمِلَ عَمَلًا مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ طَاعَةٌ فَمَا أَطَاعَهُ قَطُّ (وَلَمْ يَتْرُكْ لَهُ مَعْصِيَةً) أَيْ: مَا تَرَكَ عَمَلًا مِنْ حَيْثُ كَوْنِهِ مَعْصِيَةً لَهُ فَمَا تَرَكَ مَعْصِيَةً قَطُّ، بَلْ هُوَ مُدِيمٌ فِي جَمِيعِ الْمَعَاصِي حُكْمًا إِذْ مَا تَرَكَ شَيْئًا مِنْهَا لِكَوْنِهِ مَعْصِيَةً وَإِنَّ الَّذِي تَرَكَهُ فَإِنَّمَا تَرَكَهُ بِسَبَبٍ آخَرَ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي

إِسْنَادِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

4299 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَخُو حَزْمٍ الْقُطَعِيِّ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ أَوْ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ {هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} [المدثر: 56] فَقَالَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَا أَهْلٌ أَنْ أُتَّقَى فَلَا يُجْعَلْ مَعِي إِلَهٌ آخَرُ فَمَنْ اتَّقَى أَنْ يَجْعَلَ مَعِي إِلَهًا آخَرَ فَأَنَا أَهْلٌ أَنْ أَغْفِرَ لَهُ» قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْقَطَّانُ حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي حَزْمٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ {هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} [المدثر: 56] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رَبُّكُمْ أَنَا أَهْلٌ أَنْ أُتَّقَى فَلَا يُشْرَكَ بِي غَيْرِي وَأَنَا أَهْلٌ لِمَنْ اتَّقَى أَنْ يُشْرِكَ بِي أَنْ أَغْفِرَ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنَا أَهْلٌ أَنْ أُتَّقَى) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنَ اتَّقَى (أَنْ يَجْعَلَ مَعِي إِلَهًا) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ، فَمَنِ اتَّقَى أَنْ لَا يُشْرِكَ مَعِي إِلَهًا فَكَلِمَةُ " لَا " زَائِدَةٌ.

4300 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنِي عَامِرُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَاحُ بِرَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ فَيُنْشَرُ لَهُ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ سِجِلًّا كُلُّ سِجِلٍّ مَدَّ الْبَصَرِ ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَلْ تُنْكِرُ مِنْ هَذَا شَيْئًا فَيَقُولُ لَا يَا رَبِّ فَيَقُولُ أَظَلَمَتْكَ كَتَبَتِي الْحَافِظُونَ ثُمَّ يَقُولُ أَلَكَ عَنْ ذَلِكَ حَسَنَةٌ فَيُهَابُ الرَّجُلُ فَيَقُولُ لَا فَيَقُولُ بَلَى إِنَّ لَكَ عِنْدَنَا حَسَنَاتٍ وَإِنَّهُ لَا ظُلْمَ عَلَيْكَ الْيَوْمَ فَتُخْرَجُ لَهُ بِطَاقَةٌ فِيهَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ قَالَ فَيَقُولُ يَا رَبِّ مَا هَذِهِ الْبِطَاقَةُ مَعَ هَذِهِ السِّجِلَّاتِ فَيَقُولُ إِنَّكَ لَا تُظْلَمُ فَتُوضَعُ السِّجِلَّاتُ فِي كِفَّةٍ وَالْبِطَاقَةُ فِي كِفَّةٍ فَطَاشَتْ السِّجِلَّاتُ وَثَقُلَتْ الْبِطَاقَةُ» قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْبِطَاقَةُ الرُّقْعَةُ وَأَهْلُ مِصْرَ يَقُولُونَ لِلرُّقْعَةِ بِطَاقَةً ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يُصَاحُ) أَيْ: يُنَادَى (سِجِلًّا) بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيدِ هُوَ الْكِتَابُ الْكَبِيرُ (فَيَهَابُ الرَّجُلُ) أَيْ: يُوقَعُ فِي هَيْبَةٍ (فَيَقُولُ) مِنْ كَمَالِ الْهَيْبَةِ (لَا) أَيْ لَيْسَ حَسَنَةً (حَسَنَاتٍ) كَأَنَّ الْجَمْعَ بِاعْتِبَارِ الْحَسَنَةِ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا (بِطَاقَةٌ) أَيْ: رُقْعَةٌ صَغِيرَةٌ وَالْبَاءُ زَائِدَةٌ وَهِيَ كَلِمَةٌ كَثِيرَةُ الِاسْتِعْمَالِ بِمُضَرٍ (أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ السُّيُوطِيُّ: قَالَ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ: لَيْسَتْ هَذِهِ شَهَادَةَ التَّوْحِيدِ، لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْمِيزَانِ أَنْ يُوضَعَ فِي كِفَّتِهِ شَيْءٌ، وَفِي الْأُخْرَى ضِدُّهُ فَتُوضَعُ الْحَسَنَاتُ فِي كِفَّةٍ وَالسَّيِّئَاتُ فِي كِفَّةٍ فَهَذَا غَيْرُ مُسْتَحِيلٍ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَأْتِي بِهِمَا جَمِيعًا وَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَأْتِي بِالْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ جَمِيعًا عَبْدٌ وَاحِدٌ يُوضَعُ الْإِيمَانُ فِي كِفَّةٍ وَالْكُفْرُ فِي كِفَّةٍ فَكَذَلِكَ اسْتَحَالَ أَنْ تُوضَعَ شَهَادَةَ التَّوْحِيدِ فِي الْمِيزَانِ، وَأَمَّا بَعْدَمَا آمَنَ الْعَبْدُ فَإِنَّ النُّطْقَ مِنْهُ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ حَسَنَةٌ تُوضَعُ فِي الْمِيزَانِ سَائِرُ الْحَسَنَاتِ اهـ. قُلْتُ: شَهَادَةُ التَّوْحِيدِ وَالْإِيمَانُ حَسَنَةٌ أَيْضًا فَإِنْ قَالَ لَيْسَ لَهُمَا مَا يُضَادُّهُمَا شَخْصًا، وَإِنْ كَانَ مَا يُضَادُّهُمَا نَوْعًا وَهِيَ السَّيِّئَةُ الْمُقَابِلَةُ لِلْحَسَنَةِ فَيُرَادُ أَنَّ النُّطْقَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ بَعْدَ الْإِيمَانِ لَيْسَ لَهُ مَا يُضَادُّ شَخْصَهُ أَيْضًا

وَمَنْ لَمْ يَتْرُكِ الصَّلَاةَ قَطُّ فَفِعْلُ الصَّلَاةِ مِنْهُ حَسَنَةٌ لَا يُقَابِلُهَا مِنَ السَّيِّئَاتِ مَا يُضَادُّهَا شَخْصًا فَلْيُتَأَمَّلْ (فَطَاشَتْ) أَيْ: رُفِعَتْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب ذكر الحوض]

[باب ذِكْرِ الْحَوْضِ] 4301 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا حَدَّثَنَا عَطِيَّةُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ لِي حَوْضًا مَا بَيْنَ الْكَعْبَةِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ أَبْيَضَ مِثْلَ اللَّبَنِ آنِيَتُهُ عَدَدُ النُّجُومِ وَإِنِّي لَأَكْثَرُ الْأَنْبِيَاءِ تَبَعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَا بَيْنَ الْكَعْبَةِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ) أَيْ: مِقْدَارُ مَا بَيْنَ الْكَعْبَةِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَقَدْ جَاءَ فِي تَحْدِيدِ الْحَوْضِ حُدُودٌ مُخْتَلِفَةٌ وَوَجْهُ التَّوْفِيقِ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى بَيَانِ تَطْوِيلِ الْمَسَافَةِ لَا تَحْدِيدِهَا، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

4302 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ سَعْدِ بْنِ طَارِقٍ عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ حَوْضِي لَأَبْعَدُ مِنْ أَيْلَةَ إِلَى عَدَنَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَآنِيَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ النُّجُومِ وَلَهُوَ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنْ اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنْ الْعَسَلِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَذُودُ عَنْهُ الرِّجَالَ كَمَا يَذُودُ الرَّجُلُ الْإِبِلَ الْغَرِيبَةَ عَنْ حَوْضِهِ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَعْرِفُنَا قَالَ نَعَمْ تَرِدُونَ عَلَيَّ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ أَثَرِ الْوُضُوءِ لَيْسَتْ لِأَحَدٍ غَيْرِكُمْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مِنْ أَيْلَةَ إِلَى عَدَنٍ) أَيْلَةُ مَدِينَةٌ مِنْ بِلَادِ الشَّامِ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ وَعَدَنٌ مَعْرُوفٌ، وَقَوْلُهُ: إِنِّي لَأَذُودُ عَنْهُ الرِّجَالَ، أَيْ: مِنَ الْأُمَمِ الْآخَرِينَ، أَيْ: أَطْرُدُهُمْ حَتَّى لَا يُزَاحِمُوا أُمَّتِي، أَوْ لِأَنَّهُمْ لَا يَسْتَحِقُّونَ ذَلِكَ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنْ يُمَيَّزُوا مِنْ غَيْرِهِمْ فَلِذَلِكَ قَالُوا أَتَعْرِفُنَا.

4303 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُهَاجِرٍ حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ سَالِمٍ الدِّمَشْقِيُّ نُبِّئْتُ عَنْ أَبِي سَلَّامٍ الْحَبَشِيِّ قَالَ «بَعَثَ إِلَيَّ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَأَتَيْتُهُ عَلَى بَرِيدٍ فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَيْهِ قَالَ لَقَدْ شَقَقْنَا عَلَيْكَ يَا أَبَا سَلَّامٍ فِي مَرْكَبِكَ قَالَ أَجَلْ وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ الْمَشَقَّةَ عَلَيْكَ وَلَكِنْ حَدِيثٌ بَلَغَنِي أَنَّكَ تُحَدِّثُ بِهِ عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَوْضِ فَأَحْبَبْتُ أَنْ تُشَافِهَنِي بِهِ قَالَ فَقُلْتُ حَدَّثَنِي ثَوْبَانُ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ حَوْضِي مَا بَيْنَ عَدَنَ إِلَى أَيْلَةَ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنْ اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنْ الْعَسَلِ أَكَاوِيبُهُ كَعَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ مَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَدًا وَأَوَّلُ مَنْ يَرِدُهُ عَلَيَّ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ الدُّنْسُ ثِيَابًا وَالشُّعْثُ رُءُوسًا الَّذِينَ لَا يَنْكِحُونَ الْمُنَعَّمَاتِ وَلَا يُفْتَحُ لَهُمْ السُّدَدُ» قَالَ فَبَكَى عُمَرُ حَتَّى اخْضَلَّتْ لِحْيَتُهُ ثُمَّ قَالَ لَكِنِّي قَدْ نَكَحْتُ الْمُنَعَّمَاتِ وَفُتِحَتْ لِي السُّدَدُ لَا جَرَمَ أَنِّي لَا أَغْسِلُ ثَوْبِي الَّذِي عَلَى جَسَدِي حَتَّى يَتَّسِخَ وَلَا أَدْهُنُ رَأْسِي حَتَّى يَشْعَثَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي سَلَّامٍ) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ (الْجُشْنِيُّ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ قَوْلُهُ: (فَأَتَيْتُهُ عَلَيَّ بَرِيدٌ) عَلَيَّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ، أَيْ: عَلَى مَرْكَبِي (بَرِيدٌ) أَيْ: حَمَلْتُ بَرِيدَهُ عَلَى مَرْكَبِي، أَوْ مَعِي بَرِيدٌ، وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ فَحَمَلْتُ عَلَى الْبَرِيدِ

(أَكَاوِيبُهُ) جَمْعُ أَكْوَابٍ جَمْعُ كُوبٍ وَهُوَ كُوزٌ لَا عُرْوَةَ لَهُ (الدُّنْسُ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ وَكَذَا الشُّعْثُ (وَلَا يُفْتَحُ لَهُمُ السُّدُدُ) أَيِ: الْأَبْوَابُ (حَتَّى اخْضَلَّتْ) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ، أَيِ: ابْتَلَّتْ وَزْنًا وَمَعْنًى.

4304 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَيْنَ نَاحِيَتَيْ حَوْضِي كَمَا بَيْنَ صَنْعَاءَ وَالْمَدِينَةِ أَوْ كَمَا بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَعُمَانَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَا بَيْنَ نَاحِيَتَيْ حَوْضِي) تَثْنِيَةُ النَّاحِيَةِ بِمَعْنَى الطَّرَفِ مُضَافَةٌ إِلَى الْحَوْضِ (وَعَمَّانَ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ مَدِينَةٌ قَدِيمَةٌ بِالشَّامِ.

4305 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ «قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرَى فِيهِ أَبَارِيقُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كَعَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يَرَى فِيهِ) أَيْ: فِي حَوَالَيْهِ وَعِنْدَهُ.

4306 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَتَى الْمَقْبَرَةَ فَسَلَّمَ عَلَى الْمَقْبَرَةِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بِكُمْ لَاحِقُونَ ثُمَّ قَالَ لَوَدِدْنَا أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَلَسْنَا إِخْوَانَكَ قَالَ أَنْتُمْ أَصْحَابِي وَإِخْوَانِي الَّذِينَ يَأْتُونَ مِنْ بَعْدِي وَأَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ لَمْ يَأْتِ مِنْ أُمَّتِكَ قَالَ أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ أَلَمْ يَكُنْ يَعْرِفُهَا قَالُوا بَلَى قَالَ فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ أَثَرِ الْوُضُوءِ قَالَ أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ ثُمَّ قَالَ لَيُذَادَنَّ رِجَالٌ عَنْ حَوْضِي كَمَا يُذَادُ الْبَعِيرُ الضَّالُّ فَأُنَادِيهِمْ أَلَا هَلُمُّوا فَيُقَالُ إِنَّهُمْ قَدْ بَدَّلُوا بَعْدَكَ وَلَمْ يَزَالُوا يَرْجِعُونَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ فَأَقُولُ أَلَا سُحْقًا سُحْقًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَتَى الْمَقْبَرَةَ) بِتَثْلِيثِ الْبَاءِ (دَارَ قَوْمٍ) بِالنَّصْبِ عَلَى الِاخْتِصَاصِ، أَوِ النِّدَاءِ، أَوْ بِالْجَرِّ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ ضَمِيرِ عَلَيْكُمْ، وَالْمُرَادُ أَهْلُ الدَّارِ تَجَوُّزًا، أَوْ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ (إِنْ شَاءَ اللَّهُ) قَالَهُ تَبَرُّكًا وَعَمَلًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ} [الكهف: 23] الْآيَةَ وَلِأَنَّ الْمُرَادَ الرِّفْقُ فِي تِلْكَ الْمَقْبَرَةِ، أَوِ الْمَوْتُ عَلَى الْإِيمَانِ وَهُوَ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَى قَيْدِ الْمَشِيئَةِ بِالنَّظَرِ إِلَى الْجَمِيعِ (وَدِدْنَا) قَالَ الطِّيبِيُّ فَإِنْ قُلْتَ: فَأَيُّ اتِّصَالٍ لِهَذَا الْمُرَادِ بِذِكْرِ أَصْحَابِ الْقُبُورِ. قُلْتُ: عِنْدَ تَصَوُّرِ السَّابِقِينَ يُتَصَوَّرُ اللَّاحِقُونَ، أَوْ كُشِفَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَالَمُ الْأَرْوَاحِ فَشَاهَدَ أَرْوَاحَ الْجَمِيعِ السَّابِقِينَ مِنْهُمْ وَاللَّاحِقِينَ (قَدْ رَأَيْنَا) أَيْ: فِي الدُّنْيَا (أَنْتُمْ أَصْحَابِي) لَيْسَ نَفْيًا لِأُخُوَّتِهِمْ وَلَكِنْ ذَكَرَهُ مَزِيَّةً لَهُمْ بِالصُّحْبَةِ عَلَى الْأُخُوَّةِ فَهُمْ أُخْوَةٌ وَصَحَابَةٌ وَاللَّاحِقُونَ أُخْوَةٌ فَحَسْبُ قَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10] (وَإِخْوَانِي)

أَيِ: الْمُرَادُ بِإِخْوَانِي، أَوِ الَّذِينَ لَهُمْ أُخُوَّةٌ فَقَطْ (وَأَنَا فَرَطَكُمْ) بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ أَتَقَدَّمُكُمْ (عَلَى الْحَوْضِ) أُهَيِّئُ لَكُمْ مَا تَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ وَالْخِطَابُ لِلْحَاضِرِينَ وَمَنْ بَعُدَ تَغْلِيبًا (كَيْفَ تَعْرِفُ) أَيْ: يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمْ فَهِمُوا مِنْ تَمَنِّي الرُّؤْيَةِ وَتَسْمِيَتِهِمْ بِاسْمِ الْأُخُوَّةِ دُونَ الصُّحْبَةِ لَا يَرَاهُمْ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّمَا يَتَمَنَّى عَادَةً مَا لَمْ يُمْكِنْ حُصُولُهُ وَلَوْ حَصَلَ اللِّقَاءُ فِي الدُّنْيَا لَكَانُوا أَصْحَابَهُ وَفَهِمُوا مِنْ قَوْلِهِ: أَنَا فَرَطُكُمْ بِعُمُومِ الْخِطَابِ أَنَّهُ يَعْرِفُهُمْ فِي الْآخِرَةِ فَسَأَلُوا عَنْ كَيْفِيَّةِ ذَلِكَ (أَرَأَيْتَ) أَيْ أَخْبِرْنِي وَالْخِطَابُ مَعَ كُلِّ مَنْ يَصْلُحُ لَهُ مِنَ الْحَاضِرِينَ، أَوِ الرَّائِينَ (دُهْمٌ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ وَكَذَا بُهْمٌ الْمُرَادُ بِهِمَا السُّودُ وَالثَّانِي تَأْكِيدٌ لِلْأَوَّلِ (فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا. . . إِلَخْ) أَيْ: وَسَائِرُ النَّاسِ لَيْسُوا كَذَلِكَ إِمَّا لِاخْتِصَاصِ الْوُضُوءِ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ بَيْنَ الْأُمَمِ، وَحَدِيثُ «هَذَا وُضُوئِي وَوُضُوءُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي» إِنْ صَحَّ لَا يَدُلُّ عَلَى وُجُودِ الْوُضُوءِ فِي سَائِرِ الْأُمَمِ، بَلْ فِي الْأَنْبِيَاءِ، أَوْ لِاخْتِصَاصِ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ (لَيُذَادُنَّ) بِالنُّونِ الثَّقِيلَةِ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنَ الذَّوْدِ وَهُوَ الطَّرْدُ (أَلَا سُحْقًا) أَيْ: بُعْدًا.

[باب ذكر الشفاعة]

[باب ذِكْرِ الشَّفَاعَةِ] 4307 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ فَتَعَجَّلَ كُلُّ نَبِيٍّ دَعْوَتَهُ وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي فَهِيَ نَائِلَةٌ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ) أَيْ: فِي حَقِّ الْأُمَّةِ عُمُومًا فِي هَلَاكِهِمْ، أَوْ نَجَاتِهِمْ (مُسْتَجَابَةٌ) أَيْ: قَطْعًا لِلدَّعْوَةِ بِاسْتِجَابَتِهِ، وَأَمَّا بَاقِي دَعَوَاتِهِمْ فِي حَقِّ الْأُمَمِ فَهِيَ فِي حَيِّزِ الْمَشِيئَةِ، نَعَمْ، الْغَالِبُ الِاسْتِجَابَةُ قَوْلُهُ: (اخْتَبَأْتُ) بِهَمْزَةٍ، أَيِ: ادَّخَرْتُهَا (مَنْ مَاتَ) مِثْلَ أَصْحَابِ الْكَبَائِرِ وَقَدْ جَاءَ شُمُولُ الشَّفَاعَةِ لَهُمْ جَمِيعًا صَرِيحًا فَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ وَيَرَى

أَنَّ الشَّفَاعَةَ لِرَفْعِ الدَّرَجَاتِ وَغَيْرِهِ وَلَا شَفَاعَةَ لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ بَلْ هُمْ مُخَلَّدُونَ فِي النَّارِ.

4308 - حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى وَأَبُو إِسْحَقَ الْهَرَوِيُّ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَاتِمٍ قَالَا حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ وَأَنَا أَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ وَلَا فَخْرَ وَلِوَاءُ الْحَمْدِ بِيَدِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ) قَالَ ذَلِكَ إِمَّا لِأَنَّهُ أُوحِيَ إِلَيْهِ أَنْ يَقُولَ لِيُعَرِّفَ الْأُمَّةَ أَوْ لِأَنَّهُ قَصَدَ بِهِ التَّحَدُّثَ بِالنِّعْمَةِ فَلَا يُنَافِي حَدِيثَ «لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ أَنَا خَيْرٌ» أَيْ: أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَاكَ افْتِخَارٌ وَنَحْوُهُ وَقَدْ نَفَى تَوَهُّمَ الِافْتِخَارِ بِقَوْلِهِ وَلَا فَخْرَ مَعْنَاهُ، أَيْ: لَا يَنْبَغِي الِافْتِخَارُ وَلَا فَخْرَ مِنِّي بِذَا الْقَوْلِ وَالْفَخْرُ التَّعْظِيمُ وَالْمُبَاهَاةُ، أَيْ: هَذِهِ النِّعْمَةُ كَرَامَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى مَا بَلَغْتُهَا بِقُوَّتِي حَتَّى أَفْتَخِرَ بِهَا قَوْلُهُ: (وَلِوَاءُ الْحَمْدِ بِيَدِي) قِيلَ: اللِّوَاءُ الرَّايَةُ وَلَا يُمْسِكُهَا إِلَّا صَاحِبُ الْجَيْشِ يُرِيدُ بِهِ انْفِرَادَهُ بِالْحَمْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشُهْرَتَهُ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ وَالْعَرَبُ تَضَعُ اللِّوَاءَ مَوْضِعَ الشُّهْرَةِ فَاللِّوَاءُ مَجَازٌ عَنِ الشُّهْرَةِ وَالِانْفِرَادِ، وَقِيلَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِحَمْدِهِ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَقِيقَةً يُسَمَّى الْحَمْدُ، وَعَلَى هَذَا قَوْلُ مَنْ قَالَ لَا مَقَامَ مِنْ مَقَامَاتِ الصَّالِحِينَ أَعْلَى وَأَرْفَعَ مِنْ مَقَامِ الْحَمْدِ وَدُونَهُ تَنْتَهِي سَائِرُ الْمَقَامَاتِ، وَلَمَّا كَانَ نَبِيُّنَا سَيِّدَ الْمُرْسَلِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ وَأَحْمَدَ الْخَلَائِقِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ أُعْطِيَ لِوَاءَ الْحَمْدِ لِيَأْوِيَ إِلَى لِوَائِهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «آدَمُ وَمَنْ دُونَهُ تَحْتَ لِوَائِي» وَلِهَذَا الْمَعْنَى افْتُتِحَ كِتَابُهُ الْعَزِيزُ الْمُنَزَّلُ إِلَيْهِ بِالْحَمْدِ وَاشْتُقَّ اسْمُهُ مِنَ الْحَمْدِ فَقَالَ مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ وَأُقِيمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ وَيُفْتَحُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ مِنَ الْمَحَامِدِ مَا لَمْ يُفْتَحْ عَلَى أَحَدٍ قَبْلَهُ وَلَا يُفْتَحُ عَلَى أَحَدٍ بَعْدَهُ وَأَمَدَّ أُمَّتَهُ بِبَرَكَتِهِ مِنَ الْفَضْلِ الَّذِي أَتَاهُ فَنَعَتَ أُمَّتَهُ فِي الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ قَبْلَهُ بِهَذَا النَّعْتِ فَقَالَ أُمَّتُهُ الْحَامِدُونَ يَحْمَدُونَ اللَّهَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ أُولَى وَأُخْرَى قَوْلُهُ: (وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ) هَذَا لَا يُنَافِي مَا جَاءَ فِي مُوسَى أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنَ الصَّعْقِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

4309 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَبِيبٍ قَالَا حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا أَهْلُ النَّارِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهَا فَلَا يَمُوتُونَ فِيهَا وَلَا يَحْيَوْنَ وَلَكِنْ نَاسٌ أَصَابَتْهُمْ نَارٌ بِذُنُوبِهِمْ أَوْ بِخَطَايَاهُمْ فَأَمَاتَتْهُمْ إِمَاتَةً حَتَّى إِذَا كَانُوا فَحْمًا أُذِنَ لَهُمْ فِي الشَّفَاعَةِ فَجِيءَ بِهِمْ ضَبَائِرَ ضَبَائِرَ فَبُثُّوا عَلَى أَنْهَارِ الْجَنَّةِ فَقِيلَ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ أَفِيضُوا عَلَيْهِمْ فَيَنْبُتُونَ نَبَاتَ الْحِبَّةِ تَكُونُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ قَالَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ كَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ فِي الْبَادِيَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (هُمْ أَهْلُهَا) أَيِ: الَّذِي جَاءَ الْقُرْآنُ بِخُلُودِهِمْ فِيهَا فَأَمَاتَتْهُمْ إِمَاتَةً قَدْ صَحَّ هَذَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَيْضًا، وَعَلَى هَذَا، فَمَنْ يَدْخُلِ النَّارَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَا يُعَذَّبُ إِلَّا لَحْظَةً فَلِلَّهِ

الْحَمْدُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: (ضَبَائِرُ. . . إِلَخْ) هُمُ الْجَمَاعَاتُ الْمُتَفَرِّقَةُ وَأَحَدُهَا ضُبَارَةٌ (فَبُثُّوا) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنَ الْبَثِّ، أَيْ: نُشِرُوا (أَفِيضُوا) أَيْ: صُبُّوا عَلَيْهِمْ مِنْ مَاءِ الْأَنْهَارِ (الْحِبَّةُ) بِكَسْرِ الْحَاءِ بِزُورِ الْبُقُولِ وَحِبُّ الرَّيَاحِينِ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ، أَيْ: فِيمَا يَحْمِلُهُ السَّيْلُ وَيَجِيءُ بِهِ مِنْ طِينٍ وَغَيْرِهِ فَإِذَا أُلْقِيَتْ فِيهِ حِبَّةٌ وَاسْتَقَرَّتْ عَلَى وَسَطِ مَجْرَى السَّيْلِ فَإِنَّهَا تَنْبُتُ فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَشَبَّهَ بِهَا سُرْعَةَ عَوْدِ أَبْدَانِهِمْ وَأَجْسَامِهِمْ إِلَيْهِمْ بَعْدَ إِحْرَاقِ النَّارِ لَهَا قَدْ كَانَ بِالْبَادِيَةِ حَيْثُ عَرَفَ أَحْوَالَ السُّيُولِ.

4310 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي) أَيْ: هُمُ الْمُحْتَاجُونَ إِلَيْهَا أَشَدَّ الْحَاجَةِ وَالْمُنْتَفِعُونَ بِهَا أَزْيَدَ الِانْتِفَاعِ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ شَفَاعَتِي الَّتِي تُنْجِي الْهَالِكِينَ مُخْتَصَّةٌ بِأَهْلِ الْكَبَائِرِ. قُلْتُ: وَبِالْجُمْلَةِ فَالشَّفَاعَةُ تَعُمُّ أَهْلَ الْكَبَائِرِ وَغَيْرَهُمْ حَتَّى لِأَهْلِ الطَّاعَةِ فِي رَفْعِ الدَّرَجَاتِ.

4311 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَدْرٍ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ خَيْثَمَةَ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُيِّرْتُ بَيْنَ الشَّفَاعَةِ وَبَيْنَ أَنْ يَدْخُلَ نِصْفُ أُمَّتِي الْجَنَّةَ فَاخْتَرْتُ الشَّفَاعَةَ لِأَنَّهَا أَعَمُّ وَأَكْفَى أَتُرَوْنَهَا لِلْمُتَّقِينَ لَا وَلَكِنَّهَا لِلْمُذْنِبِينَ الْخَطَّائِينَ الْمُتَلَوِّثِينَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (بَيْنَ الشَّفَاعَةِ) أَيْ: لِلْعُصَاةِ (نِصْفُ أُمَّتِي) أَيِ: الْعُصَاةُ مِنْهُمْ (أَعَمُّ وَأَكْفَى) أَيْ: أَكْثَرُ عُمُومًا وَشُمُولًا وَأَكْثَرُ كِفَايَةً (أَتَرَوْنَهَا) أَيْ: تِلْكَ الشَّفَاعَةُ الَّتِي خُيِّرْتُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ دُخُولِ نِصْفِ الْأُمَّةِ الْجَنَّةَ لَيْسَتْ هِيَ لِلْمُتَّقِينَ، وَإِنَّمَا هِيَ لِلْمُذْنِبِينَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَتَرَوْنَ الشَّفَاعَةَ مَخْصُوصَةً لِلْمُتَّقِينَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا هِيَ شَامِلَةٌ لِلْمُذْنِبِينَ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

4312 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَجْتَمِعُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُلْهَمُونَ أَوْ يَهُمُّونَ شَكَّ سَعِيدٌ فَيَقُولُونَ لَوْ تَشَفَّعْنَا إِلَى رَبِّنَا فَأَرَاحَنَا مِنْ مَكَانِنَا فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ أَنْتَ آدَمُ أَبُو النَّاسِ خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ وَأَسْجَدَ لَكَ مَلَائِكَتَهُ فَاشْفَعْ لَنَا عِنْدَ رَبِّكَ يُرِحْنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ وَيَذْكُرُ وَيَشْكُو إِلَيْهِمْ ذَنْبَهُ الَّذِي أَصَابَ فَيَسْتَحْيِي مِنْ ذَلِكَ وَلَكِنْ ائْتُوا نُوحًا فَإِنَّهُ أَوَّلُ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ وَيَذْكُرُ سُؤَالَهُ رَبَّهُ مَا لَيْسَ لَهُ بِهِ عِلْمٌ وَيَسْتَحْيِي مِنْ ذَلِكَ وَلَكِنْ ائْتُوا خَلِيلَ الرَّحْمَنِ إِبْرَاهِيمَ فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ وَلَكِنْ ائْتُوا مُوسَى عَبْدًا كَلَّمَهُ اللَّهُ وَأَعْطَاهُ التَّوْرَاةَ فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ وَيَذْكُرُ قَتْلَهُ النَّفْسَ بِغَيْرِ النَّفْسِ وَلَكِنْ ائْتُوا عِيسَى عَبْدَ اللَّهِ وَرَسُولَهُ وَكَلِمَةَ اللَّهِ وَرُوحَهُ فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ وَلَكِنْ ائْتُوا مُحَمَّدًا عَبْدًا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ قَالَ فَيَأْتُونِي فَأَنْطَلِقُ قَالَ فَذَكَرَ هَذَا الْحَرْفَ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ فَأَمْشِي بَيْنَ السِّمَاطَيْنِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ ثُمَّ عَادَ إِلَى حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فَيُؤْذَنُ لِي فَإِذَا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ سَاجِدًا فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي ثُمَّ يُقَالُ ارْفَعْ يَا مُحَمَّدُ وَقُلْ تُسْمَعْ وَسَلْ تُعْطَهْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَحْمَدُهُ بِتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا فَيُدْخِلُهُمْ الْجَنَّةَ ثُمَّ أَعُودُ الثَّانِيَةَ فَإِذَا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ سَاجِدًا فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي ثُمَّ يُقَالُ لِي ارْفَعْ مُحَمَّدُ قُلْ تُسْمَعْ وَسَلْ تُعْطَهْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَحْمَدُهُ بِتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا فَيُدْخِلُهُمْ الْجَنَّةَ ثُمَّ أَعُودُ الثَّالِثَةَ فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّي وَقَعْتُ سَاجِدًا فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي ثُمَّ يُقَالُ ارْفَعْ مُحَمَّدُ قُلْ تُسْمَعْ وَسَلْ تُعْطَهْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَحْمَدُهُ بِتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا فَيُدْخِلُهُمْ الْجَنَّةَ ثُمَّ أَعُودُ الرَّابِعَةَ فَأَقُولُ يَا رَبِّ مَا بَقِيَ إِلَّا مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يُلْهَمُونَ. . . إِلَخْ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنَ الْإِلْهَامِ (أَوْ يَهُمُّونَ) عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ مِنَ الْهَمِّ، أَيْ: يَهْتَمُّونَ بِالْأَمْرِ، وَقِيلَ: عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنْ أَهَمَّنِي الْأَمْرُ إِذَا أَقْلَقَنِي لَوْ تَشَفَّعْنَا، أَيْ: لَوِ اتَّخَذْنَا شَفِيعًا لَنَا إِلَيْهِ لَسْتُ هُنَاكُمْ، أَيْ: فِي مَقَامِ الشَّفَاعَةِ قَالَ الشَّيْخُ مُحَيِّي الدِّينِ الْحِكْمَةُ فِي أَنَّ اللَّهَ أَلْهَمَهُمْ سُؤَالَ

آدَمَ وَمَنْ بَعْدَهُ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ - ابْتِدَاءً وَلَمْ يُلْهِمْهُمْ سُؤَالَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ - إِظْهَارًا لِفَضِيلَةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُمْ لَوْ سَأَلُوا غَيْرَهُ، ثُمَّ انْتَهَوْا إِلَيْهِ فَقَدْ عُلِمَ أَنَّ هَذَا الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْإِقْدَامِ عَلَيْهِ غَيْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ فَإِنَّهُ أَوَّلُ رَسُولٍ، قِيلَ: الْمُرَادُ أَوَّلُ مَنْ أُرْسِلَ إِلَى دَعْوَةِ الْكَفَّارِ إِلَى الْإِيمَانِ وَكَانَ مَنْ قَبْلَهُ مِنْ آدَمَ وَشِيثَ وَإِدْرِيسَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ لَمْ يَكُنْ أُرْسِلُوا لِذَلِكَ، وَإِنَّمَا أُرْسِلُوا لِتَعْلِيمِ الْمُؤْمِنِينَ الشَّرَائِعَ إِذْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَافِرٌ قَوْلُهُ: (عَبْدٌ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ) أَيْ: لَا يَقْدَمُ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ الْعَظِيمِ إِلَّا مَنْ كَانَ مَغْفُورًا لَهُ عَلَى تَقْدِيرِ تَحَقُّقِ الذَّنْبِ مِنْهُ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَخَائِفٌ عَلَى نَفْسِهِ فَكَيْفَ يَشْفَعُ لِغَيْرِهِ فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ الَّذِي ظَهَرَ فِيهِ آثَارُ الْغَضَبِ وَالْقَهْرِ قَوْلُهُ: (بَيْنَ السِّمَاطَيْنِ) السِّمَاطُ بِكَسْرِ السِّينِ هُوَ الصَّفُّ مِنَ النَّاسِ، عَلَى رَبِّي، أَيْ: عَلَى أَنْ أَدْخُلَ فِي مَحَلِّ رُؤْيَتِهِ، أَوْ مَحَلِّ الشَّفَاعَةِ عِنْدَهُ (ثُمَّ أَشْفَعُ) عُمُومًا فِي أَهْلِ الْمَوْقِفِ، ثُمَّ خُصُوصًا فِيمَنْ يَسْتَحِقُّ النَّارَ، أَوْ دُخُولَهَا (فَيَحُدَّ لِي حَدًّا) فِيهِمْ فَفِي الْكَلَامِ اخْتِصَارٌ

قَوْلُهُ: (إِلَّا مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ) يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِحَبْسِ الْقُرْآنِ مَا يَعُمُّ وُرُودَ الْخُلُودِ فِيهِ، أَوْ وُرُودَ عَدَمِ قَبُولِ شَفَاعَةِ غَيْرِ اللَّهِ فِيهِ، أَوْ فِي السُّنَّةِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ الْقُرْآنَ قَدْ جَاءَ بِوُجُوبِ التَّصْدِيقِ بِالسُّنَّةِ فَمَا وَرَدَتْ بِهِ السُّنَّةُ بِمَنْزِلَةِ مَا وَرَدَ بِهِ الْقُرْآنُ فَإِذَا جَاءَ فِي السُّنَّةِ أَنَّ قَوْمًا لَا يَقْبَلُ اللَّهُ فِيهِمْ شَفَاعَةَ أَحَدٍ، بَلْ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى إِخْرَاجَهُمْ مِنَ النَّارِ بِمُجَرَّدِ فَضْلِهِ فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ أُولَئِكَ دَاخِلُونَ فِيمَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ جَاءَ بِوُجُوبِ التَّصْدِيقِ بِالسُّنَّةِ وَقَدْ وَرَدَتِ السُّنَّةُ بِأَنَّهُمْ لَا يَخْرُجُونَ بِشَفَاعَةِ أَحَدٍ فَهُمْ مَحْبُوسُونَ نَظَرًا إِلَى الشَّفَاعَةِ.

4312 - قَالَ يَقُولُ قَتَادَةُ عَلَى أَثَرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَحَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ شَعِيرَةٍ مِنْ خَيْرٍ وَيَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ بُرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ وَيَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مِنْ خَيْرٍ) قَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ مِنْ إِيمَانٍ، أَيْ: لَا يَقُولُ بِمُجَرَّدِ النِّفَاقِ، بَلْ رَجُلٌ فِي قَلْبِهِ شَيْءٌ مِنْ إِيمَانٍ وَالتَّصْدِيقِ أَيْضًا.

4313 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَرْوَانَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلَّاقِ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْفَعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَلَاثَةٌ الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الْعُلَمَاءُ ثُمَّ الشُّهَدَاءُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (ثُمَّ الْعُلَمَاءُ ثُمَّ الشُّهَدَاءُ) فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى فَضْلِ الْعُلَمَاءِ عَلَى الشُّهَدَاءِ، لَكِنَّ الْحَدِيثَ ضَعِيفٌ فَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَلَّاقُ بْنُ مُسْلِمٍ.

4314 - حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ الطُّفَيْلِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ كُنْتُ إِمَامَ النَّبِيِّينَ وَخَطِيبَهُمْ وَصَاحِبَ شَفَاعَتِهِمْ غَيْرَ فَخْرٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِمَامُ النَّبِيِّينَ. . . إِلَخْ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِهَا لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ: (وَخَطِيبُهُمْ وَصَاحِبُ شَفَاعَتِهِمْ) إِمَّا لِأَنَّ شَفَاعَتَهُ لِأَهْلِ الْمَوْقِفِ تَعُمُّ الْكُلَّ وَهُمْ مِنْهُمْ، أَوْ لِأَنَّهُ إِذَا شَفَعَ لِأَهْلِ الْمَوْقِفِ فَقَدْ شَفَعَ لِأُمَمِهِمْ وَالشَّفَاعَةُ لِأُمَمِهِمْ حَقُّهَا أَنْ تَكُونَ لَهُمْ فَقَدْ أَتَى بِمَا هُوَ شَفَاعَتُهُمْ أَوْ لِأَنَّ النَّاسَ حِينَ تَوَجَّهُوا إِلَيْهِمْ كَانَ اللَّائِقُ بِهِمْ أَنْ يَشْفَعُوا لَهُمْ فَإِذَا أَتَى هُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالشَّفَاعَةِ فَقَدْ أَتَى بِشَفَاعَتِهِمْ فَلْيُتَأَمَّلْ.

4315 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ ذَكْوَانَ عَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَيَخْرُجَنَّ قَوْمٌ مِنْ النَّارِ بِشَفَاعَتِي يُسَمَّوْنَ الْجَهَنَّمِيِّينَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يُسَمُّونَ الْجَهَنَّمِيُّونَ) قِيلَ: لَيْسَ التَّسْمِيَةُ

بِهِ تَنْقِيعًا لَهُمْ، بَلِ اسْتِذْكَارًا لِمَا كَانُوا فِيهِ لِيَزْدَادُوا فَرَحًا عَلَى فَرَحٍ لِكَوْنِهِمْ عُتَقَاءَ اللَّهِ وَالْوَاوُ لِكَوْنِهِمْ بِمَنْزِلَةِ الْعِلْمِ، أَوْ عَلَى حِكَايَةٍ عَنْ لَفْظِ يَقُولُ النَّاسُ فَإِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ بِالرَّفْعِ، أَيْ: هُمْ جَهَنَّمِيُّونَ وَرُوِيَ الْجَهَنَّمِيِّينَ بِالْيَاءِ كَمَا هُوَ الْأَصْلُ.

4316 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْجَدْعَاءِ «أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ بِشَفَاعَةِ رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَكْثَرُ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ سِوَاكَ قَالَ سِوَايَ قُلْتُ أَنْتَ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَنَا سَمِعْتُهُ»

4317 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ قَالَ سَمِعْتُ سُلَيْمَ بْنَ عَامِرٍ يَقُولُ سَمِعْتُ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيَّ يَقُولُ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَدْرُونَ مَا خَيَّرَنِي رَبِّيَ اللَّيْلَةَ قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ فَإِنَّهُ خَيَّرَنِي بَيْنَ أَنْ يَدْخُلَ نِصْفُ أُمَّتِي الْجَنَّةَ وَبَيْنَ الشَّفَاعَةِ فَاخْتَرْتُ الشَّفَاعَةَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ أَهْلِهَا قَالَ هِيَ لِكُلِّ مُسْلِمٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَتَدْرُونَ) مِثْلُ هَذَا السُّؤَالِ لِلتَّشْوِيقِ إِلَى الْجَوَابِ حَتَّى يَتَوَجَّهُوا إِلَيْهِ بِكُلِّيَّتِهِمْ (هِيَ لِكُلِّ مُسْلِمٍ) أَيْ: فَاثْبُتُوا عَلَى الْإِسْلَامِ عَلَى الدَّوَامِ حَتَّى تَنَالُوهَا، وَالْمُرَادُ بِالْإِسْلَامِ هُوَ هَذَا الدِّينُ بَلِ الْإِيمَانُ لَا مُجَرَّدُ إِظْهَارِ الْأَرْكَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب صفة النار]

[باب صِفَةِ النَّارِ] 4318 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي وَيَعْلَى قَالَا حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ نُفَيْعٍ أَبِي دَاوُدَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ نَارَكُمْ هَذِهِ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ وَلَوْلَا أَنَّهَا أُطْفِئَتْ بِالْمَاءِ مَرَّتَيْنِ مَا انْتَفَعْتُمْ بِهَا وَإِنَّهَا لَتَدْعُو اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ لَا يُعِيدَهَا فِيهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنَّ نَارَكُمْ هَذِهِ) أَيْ: نَارُ الدُّنْيَا بَعْدَ أَنْ خَرَجَتْ مِنْ جَهَنَّمَ أُطْفِئَتْ، أَيْ: أُزِيلَ شِدَّةُ حَرِّهَا (مَا انْتَفَعْتُمْ بِهَا) أَيْ: مَا أَمْكَنَ لِأَحَدٍ أَنْ يَقْرَبَهَا لِيَتَمَكَّنَ مِنَ الِانْتِفَاعِ بِهَا (أَنْ لَا يُعِيدَهَا) أَيِ الْحَرَارَةَ الْمُزَالَةَ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ شِدَّةَ الْحَرَارَةِ مِمَّا يُؤْذِي النَّارَ نَفْسَهَا وَيُؤَيِّدُهُ الْحَدِيثُ الْآتِي، وَفِي الزَّوَائِدِ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ كَمَا رَوَاهُ الْمُصَنِّفُ، وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَبَعْضُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.

4319 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْتَكَتْ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَقَالَتْ يَا رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا فَجَعَلَ لَهَا نَفَسَيْنِ نَفَسٌ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٌ فِي الصَّيْفِ فَشِدَّةُ مَا تَجِدُونَ مِنْ الْبَرْدِ مِنْ زَمْهَرِيرِهَا وَشِدَّةُ مَا تَجِدُونَ مِنْ الْحَرِّ مِنْ سَمُومِهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (اشْتَكَتِ النَّارُ) مَنِ اعْتَقَدَ أَنَّهُ تَعَالَى عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ لَا يُسْتَبْعَدُ ذَلِكَ مِنَ النَّارِ مَعَ أَنَّهَا عِنْدَ الْحَسِّ جَمَادٌ (أَكَلَ) أَيْ: مِنْ شِدَّةِ الْمُزَاحَمَةِ الْحَاصِلَةِ مِنَ الْكَثْرَةِ صَارَ كَأنَّ الْبَعْضَ

يَغْلِبُ عَلَى الْبَعْضِ (نَفَسَيْنِ) بِفَتْحَتَيْنِ (نَفَسٌ) هَكَذَا فِي النُّسَخِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا إِذْ لَا عِبْرَةَ بِخَطِّ الْمَنْصُوبِ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ، أَوْ مَرْفُوعًا وَوَجْهُ الرَّفْعِ غَيْرُ خَفِيٍّ مِنْ زَمْهَرِيرِهَا، أَيْ: مِنْ أَثَرِ طَبَقَتِهَا الْبَارِدَةِ.

4320 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أُوقِدَتْ النَّارُ أَلْفَ سَنَةٍ فَابْيَضَّتْ ثُمَّ أُوقِدَتْ أَلْفَ سَنَةٍ فَاحْمَرَّتْ ثُمَّ أُوقِدَتْ أَلْفَ سَنَةٍ فَاسْوَدَّتْ فَهِيَ سَوْدَاءُ كَاللَّيْلِ الْمُظْلِمِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَهِيَ سَوْدَاءُ كَاللَّيْلِ الْمُظْلِمِ) فَاجْتَمَعَ فِيهَا الشَّرُّ مِنَ الْوُجُوهِ كُلِّهَا.

4321 - حَدَّثَنَا الْخَلِيلُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْحَرَّانِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤْتَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ الْكُفَّارِ فَيُقَالُ اغْمِسُوهُ فِي النَّارِ غَمْسَةً فَيُغْمَسُ فِيهَا ثُمَّ يُقَالُ لَهُ أَيْ فُلَانُ هَلْ أَصَابَكَ نَعِيمٌ قَطُّ فَيَقُولُ لَا مَا أَصَابَنِي نَعِيمٌ قَطُّ وَيُؤْتَى بِأَشَدِّ الْمُؤْمِنِينَ ضُرًّا وَبَلَاءً فَيُقَالُ اغْمِسُوهُ غَمْسَةً فِي الْجَنَّةِ فَيُغْمَسُ فِيهَا غَمْسَةً فَيُقَالُ لَهُ أَيْ فُلَانُ هَلْ أَصَابَكَ ضُرٌّ قَطُّ أَوْ بَلَاءٌ فَيَقُولُ مَا أَصَابَنِي قَطُّ ضُرٌّ وَلَا بَلَاءٌ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (اغْمِسُوهُ غَمْسَةً فِي الْجَنَّةِ) أَيْ: أَدْخِلُوهُ فِيهَا سَاعَةً قَدْرَ مَا يُغْمَسُ فِي الْمَاءِ وَنَحْوِهِ فَإِطْلَاقُ الْغَمْسِ هَاهُنَا بِالْمُشَاكَلَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ الْغَمْسُ فِي أَنْهَارِ الْجَنَّةِ.

4322 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ الْمُخْتَارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الْكَافِرَ لَيَعْظُمُ حَتَّى إِنَّ ضِرْسَهُ لَأَعْظَمُ مِنْ أُحُدٍ وَفَضِيلَةُ جَسَدِهِ عَلَى ضِرْسِهِ كَفَضِيلَةِ جَسَدِ أَحَدِكُمْ عَلَى ضِرْسِهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَضِيلَةُ جَسَدِهِ) أَيْ: زِيَادَةُ الْحِسِّيَّةِ وَالْمَعْنَوِيَّةِ فِي الْخَيْرِ، ثُمَّ، قِيلَ: هُوَ مِنْ قَبِيلِ الِانْتِفَاخِ لَا الزِّيَادَةِ مِنْ خَارِجٍ لِئَلَّا يَلْزَمَ تَعْذِيبَ الْأَجْزَاءِ الْغَيْرِ الْعَاصِيَةِ وَقَدْ يُقَالُ هُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَحْفَظَ غَيْرَ الْعَاصِي مِنَ الْأَجْزَاءِ عَنِ الْعَذَابِ مَعَ وُجُودِ الزِّيَادَاتِ تَقَبُّحًا فِي السُّورَةِ وَتَشْدِيدًا فِي الْعَذَابِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَجْعَلَ الْأَجْزَاءَ الزَّائِدَةَ طَرِيقًا لِوُصُولِ الْعَذَابِ أَيِ الْأَصْلِيَّةِ مِنْ عَدَمِ الْوُصُولِ إِلَى الزَّائِدَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَفِي الزَّوَائِدِ عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ وَالرَّاوِي عَنْهُ ضَعِيفَانِ وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ وَالتِّرْمِذِيُّ بَعْضَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي

هُرَيْرَةَ.

4323 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ قَالَ «كُنْتُ عِنْدَ أَبِي بُرْدَةَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَدَخَلَ عَلَيْنَا الْحَارِثُ بْنُ أُقَيْشٍ فَحَدَّثَنَا الْحَارِثُ لَيْلَتَئِذٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِشَفَاعَتِهِ أَكْثَرُ مِنْ مُضَرَ وَإِنَّ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَعْظُمُ لِلنَّارِ حَتَّى يَكُونَ أَحَدَ زَوَايَاهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِنَّ مِنْ أُمَّتِي) تُحْمَلُ الْأُمَّةُ أَوَّلًا عَلَى أُمَّةِ الْإِجَابَةِ وَثَانِيًا عَلَى أُمَّةِ الدَّعْوَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُحْمَلَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ عَلَى أُمَّةِ الدَّعْوَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَعُمُّ أُمَّةَ الْإِجَابَةِ دُونَ الْعَكْسِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُقَيْشٍ النَّخَعِيُّ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَقَالَ أَحْسَبُهُ الَّذِي رَوَى عَنْهُ أَبُو إِسْحَاقَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ غَيْرُ دَاوُدَ بْنِ هِنْدٍ وَلَيْسَ إِسْنَادُهُ بِالصَّافِي.

4324 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرْسَلُ الْبُكَاءُ عَلَى أَهْلِ النَّارِ فَيَبْكُونَ حَتَّى يَنْقَطِعَ الدُّمُوعُ ثُمَّ يَبْكُونَ الدَّمَ حَتَّى يَصِيرَ فِي وُجُوهِهِمْ كَهَيْئَةِ الْأُخْدُودِ لَوْ أُرْسِلَتْ فِيهَا السُّفُنُ لَجَرَتْ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كَهَيْئَةِ الْأُخْدُودِ لَوْ أُرْسِلَتْ. . . إِلَخْ) أَيْ: لِعَظَمَتِهِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ يَزِيدُ بْنُ أَبَانَ الرَّقَاشِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

4325 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102] وَلَوْ أَنَّ قَطْرَةً مِنْ الزَّقُّومِ قَطَرَتْ فِي الْأَرْضِ لَأَفْسَدَتْ عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا مَعِيشَتَهُمْ فَكَيْفَ بِمَنْ لَيْسَ لَهُ طَعَامٌ غَيْرُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَنَّ قَطْرَةً) قَالَهُ فِي بَيَانِ لُزُومِ الثَّبَاتِ عَلَى الْإِسْلَامِ (قَطَرَتْ) عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ أَوِ الْمَفْعُولِ؛ لِأَنَّهُ يَجِيءُ لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا.

4326 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَادَةَ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَأْكُلُ النَّارُ ابْنَ آدَمَ إِلَّا أَثَرَ السُّجُودِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (إِلَّا أَثَرَ السُّجُودِ) أَيِ: الْمَوْضِعَ الَّذِي فِيهِ السُّجُودُ.

4327 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤْتَى بِالْمَوْتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُوقَفُ عَلَى الصِّرَاطِ فَيُقَالُ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ فَيَطَّلِعُونَ خَائِفِينَ وَجِلِينَ أَنْ يُخْرَجُوا مِنْ مَكَانِهِمْ الَّذِي هُمْ فِيهِ ثُمَّ يُقَالُ يَا أَهْلَ النَّارِ فَيَطَّلِعُونَ مُسْتَبْشِرِينَ فَرِحِينَ أَنْ يُخْرَجُوا مِنْ مَكَانِهِمْ الَّذِي هُمْ فِيهِ فَيُقَالُ هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا قَالُوا نَعَمْ هَذَا الْمَوْتُ قَالَ فَيُؤْمَرُ بِهِ فَيُذْبَحُ عَلَى الصِّرَاطِ ثُمَّ يُقَالُ لِلْفَرِيقَيْنِ كِلَاهُمَا خُلُودٌ فِيمَا تَجِدُونَ لَا مَوْتَ فِيهَا أَبَدًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (يُؤْتَى بِالْمَوْتِ) قِيلَ: هُوَ شَيْءٌ يَخْلُقُ اللَّهُ تَعَالَى عِنْدَ ذَبْحِهِ عِلْمًا ضَرُورِيًّا فِي قُلُوبِهِمْ أَنَّهُ لَا مَوْتَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَوْ شَاءَ لَخَلَقَ الْعِلْمَ مِنْ غَيْرِ ذَبْحٍ أَيْضًا، لَكِنْ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ، وَإِلَّا فَالْمَوْتُ

عَلَى تَقْدِيرِ فَرْضِ تَجَسُّمِهِ وَذَبْحِهِ لَا يُوجِبُ ذَبْحَهُ الْعِلْمَ بِعَدَمِ الْمَوْتِ بَعْدَ ذَلِكَ لِإِمْكَانِ خَلْقِ مِثْلِهِ، أَوْ إِعَادَتِهِ كَمَا أَعَادَ الْمَوْتَى الْمَذْبُوحِينَ مِنْهُمْ وَغَيْرَهُمْ، وَفِي الزَّوَائِدِ هَذَا إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ بَعْضَهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَلَهُ شَاهِدٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[باب صفة الجنة]

[باب صِفَةِ الْجَنَّةِ] 4328 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْدَدْتُ لِعِبَادِيَ الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ» قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَمِنْ بَلْهَ مَا قَدْ أَطْلَعَكُمْ اللَّهُ عَلَيْهِ اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 17] قَالَ وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقْرَؤُهَا مِنْ قُرَّاتِ أَعْيُنٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ أَخَرَّهَا لِيَكُونَ خَتْمُ الْكِتَابِ بِهَا تَفَاؤُلًا بِحُسْنِ الْخَاتِمَةِ رَزَقَنَا اللَّهُ تَعَالَى إِيَّاهَا بِفَضْلِهِ وَمَنِّهِ آمِينَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ. قَوْلُهُ: (مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ. . . إِلَخْ) أَيْ: مَا لَمْ يُبْصِرْ ذَاتَهُ عَيْنٌ وَلَا سَمِعَتْ وَصْفَهُ أُذُنٌ وَلَا خَطَرَ مَاهِيَّتُهُ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ الصُّورَةَ الْحَسَنَةَ وَبِالثَّانِيَةِ الْأَصْوَاتَ الطَّيِّبَةَ وَبِالثَّالِثِ الْخَوَاطِرَ الْمُفْرِحَةَ كَذَا قِيلَ. قُلْتُ: وَعَلَى هَذَا، فَالظَّاهِرُ تَكْرَارُهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَا ذِكْرُهَا مَرَّةً كَمَا فِي الْحَدِيثِ (وَمِنْ بَلْهَ مَا قَدْ أَطْلَعَكُمُ اللَّهُ عَلَيْهِ) قِيلَ: هُوَ بِمُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَسُكُونِ لَامٍ وَفَتْحِ هَاءٍ بِمَعْنَى دَعْ، أَيْ: دَعْ مَا أُطْلِعْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ نَعِيمِ الْجَنَّةِ وَعَرَفْتُمُوهَا مِنْ لَذَّاتِهَا فَالَّذِي لَمْ يُطْلِعُكُمْ عَلَيْهِ أَعْظَمِ، وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى لَا وَجْهَ لِكَلِمَةِ مِنْ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: اتَّفَقَ النَّسْخُ عَلَى رِوَايَةِ مِنْ بَلْهَ وَالصَّوَابُ إِسْقَاطُ كَلِمَةِ مِنْ، وَقِيلَ: بِمَعْنَى غَيْرِ وَسِوَى فَالْمَعْنَى أَنَّ ذَلِكَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ مِمَّا ذُكِرَ فِي الْقُرْآنِ، بَلْ مِنْ سِوَى مَا ذُكِرَ فِيهِ.

4329 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَشِبْرٌ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْ الْأَرْضِ وَمَا عَلَيْهَا الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (لَشِبْرٌ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا) يَكْفِي فِي ذَلِكَ أَنَّ ذَاكَ بَاقٍ وَهَذِهِ فَانِيَةٌ فَأَيُّ نِسْبَةٍ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ ذَاكَ هُوَ الْخَيْرُ الْخَالِصُ، وَأَمَّا هَذِهِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ شَرًّا خَالِصًا فَلَا شَكَّ فِي غَلَبَةِ الشَّرِّ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ وَعَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ وَهُمَا ضَعِيفَانِ.

4330 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ مَنْظُورٍ حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْضِعُ سَوْطٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (مَوْضِعُ سَوْطٍ) أَيْ: أَدْنَى مَكَانٍ وَأَقَلُّهُ، وَخَصَّ

السَّوْطَ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِإِلْقَاءِ الرَّاكِبِ سَوْطَهُ فِي مَوْضِعٍ يُرِيدُ النُّزُولَ فِيهِ أَوَّلًا لِئَلَّا يَسْبِقَ إِلَيْهِ غَيْرُهُ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ زَكَرِيَّا وَهُوَ ضَعِيفٌ.

4331 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْجَنَّةُ مِائَةُ دَرَجَةٍ كُلُّ دَرَجَةٍ مِنْهَا مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَإِنَّ أَعْلَاهَا الْفِرْدَوْسُ وَإِنَّ أَوْسَطَهَا الْفِرْدَوْسُ وَإِنَّ الْعَرْشَ عَلَى الْفِرْدَوْسِ مِنْهَا تُفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ فَإِذَا مَا سَأَلْتُمْ اللَّهَ فَسَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (كُلُّ دَرَجَةٍ مِنْهَا) أَيْ: مِقْدَارُ عُلُوِّ كُلِّ دَرَجَةٍ مِنْهَا فَفِي الْكَلَامِ مُضَافَانِ مُقَدَّرَانِ وَيُحْتَمَلُ عَلَى بُعْدِ أَنَّ الْمُرَادَ سَعَةُ كُلِّ دَرَجَةٍ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ وَاحِدٍ (وَأَوْسَطُهَا) أَيْ وَأَفْضَلُهَا وَخَيْرُهَا وَأَنَّ الْعَرْشَ عَلَى الْفِرْدَوْسِ، أَيْ: هُوَ السَّطْحُ لِلْفِرْدَوْسِ، قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةِ التِّرْمِذِيِّ: قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي كِتَابِهِ نُكَتٌ شَتَّى وَفَرَائِدُ حِسَانٍ: أَنْزَهُ الْمَوْجُودَاتِ وَأَظْهَرُهَا وَأَنْوَرُهَا وَأَشْرَفُهَا وَأَعْلَاهَا ذَاتًا وَقَدْرًا وَأَوْسَطُهَا عَرْشُ الرَّحْمَنِ جَلَّ جَلَالُهُ، وَكُلَّمَا كَانَ أَقْرَبَ إِلَى الْعَرْشِ كَانَ أَنْوَرَ وَأَظْهَرَ وَأَشْرَفَ مِمَّا بَعُدَ عَنْهُ وَلِهَذَا كَانَتْ جَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ أَعْلَى الْجِنَانِ وَأَشْرَفَهَا وَأَنْوَرَهَا وَأَجَلَّهَا لِقُرْبِهَا مِنَ الْعَرْشِ إِذْ هُوَ سَقْفُهَا وَكُلَّمَا بَعُدَ عَنْهُ كَانَ أَظْلَمَ وَأَضْيَقَ وَلِهَذَا كَانَ أَسْفَلُ سَافِلِينَ شَرَّ الْأَمْكِنَةِ وَأَضْيَقَهَا وَأَبْعَدَهَا مِنْ كُلِّ خَيْرٍ.

4332 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عُثْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُهَاجِرٍ الْأَنْصَارِيُّ حَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ الْمَعَافِرِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ لِأَصْحَابِهِ أَلَا مُشَمِّرٌ لِلْجَنَّةِ فَإِنَّ الْجَنَّةَ لَا خَطَرَ لَهَا هِيَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ نُورٌ يَتَلَأْلَأُ وَرَيْحَانَةٌ تَهْتَزُّ وَقَصْرٌ مَشِيدٌ وَنَهَرٌ مُطَّرِدٌ وَفَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ نَضِيجَةٌ وَزَوْجَةٌ حَسْنَاءُ جَمِيلَةٌ وَحُلَلٌ كَثِيرَةٌ فِي مَقَامٍ أَبَدًا فِي حَبْرَةٍ وَنَضْرَةٍ فِي دُورٍ عَالِيَةٍ سَلِيمَةٍ بَهِيَّةٍ قَالُوا نَحْنُ الْمُشَمِّرُونَ لَهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ قُولُوا إِنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ ذَكَرَ الْجِهَادَ وَحَضَّ عَلَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (أَلَا مُشَمِّرٌ لِلْجَنَّةِ) مِنَ التَّشْمِيرِ، أَيْ: أَلَا فِيكُمْ سَاعٍ لَهَا غَايَةَ السَّعْيِ طَالِبٌ لَهَا عَنْ صِدْقِ رَغْبَةٍ وَوُفُورِ نِعْمَةٍ (لَا خَطَرَ لَهَا) قَالَ السُّيُوطِيُّ: أَيْ لَا مِثْلَ لَهَا وَلَا يُقَالُ إِلَّا فِي الشَّيْءِ الَّذِي لَهُ قَدْرٌ وَمَزِيَّةٌ اهـ، وَعَلَى هَذَا هُوَ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ وَطَاءٍ مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَتَيْنِ مِنْ قَوْلِهِمْ هَذَا خَطَرٌ لِهَذَا، أَيْ: مِثْلٌ لَهُ فِي الْقَدْرِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَظَاءٍ مُعْجَمَةٍ سَاكِنَةٍ، أَيْ: لَا مَنْعَ لَهَا مِنْ أَنْ تُطْلَبَ، أَيْ: أَنَّهَا مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي يُمْكِنُ طَلَبُهَا وَحُصُولُهَا وَهِيَ مِنَ الْخَيْرِ بِمَكَانٍ فَكَيْفَ الْغَفْلَةُ عَنْهَا (تَهْتَزُّ) تَتَحَرَّكُ بِهُبُوبِ الرِّيَاحِ عَلَيْهَا (مُطَّرِدٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الطَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ، أَيْ: جَارٍ عَلَيْهَا مِنْ أَطْرَدَ الشَّيْءَ، أَيْ: تَبِعَ بَعْضُهُ بَعْضًا وَجَرَى قَوْلُهُ: (فِي مَقَامٍ أَبَدًا)

بِفَتْحَتَيْنِ بِلَا مَدٍّ بِمَعْنَى الدَّائِمِ (فِي حَبْرَةٍ) بِفَتْحِ حَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَسُكُونِ مُوَحَّدَةٍ، أَيْ: نِعْمَةٍ وَسَعَةِ عَيْشٍ (وَنَضْرَةٍ) هِيَ حُسْنُ الْوَجْهِ (قُولُوا إِنْ شَاءَ اللَّهُ) إِذِ الْمَدَارُ عَلَى الْخَتْمِ عَلَى ذَلِكَ، أَوْ نَبَّهَهُمْ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ التَّشْمِيرَ لَهَا يَحْتَاجُ إِلَى زِيَادَةِ اجْتِهَادٍ عَنْ ذَلِكَ وَلِهَذَا ضَمَّ إِلَيْهِ حَدِيثَ الْجِهَادِ فَهُوَ كَقَوْلِهِ {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: 214] الْآيَةَ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ وَالضَّحَّاكُ الْمُعَافِرِيُّ الدِّمَشْقِيُّ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي طَبَقَاتِ التَّهْذِيبِ: مَجْهُولٌ وَسُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى الْأُمَوِيُّ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ.

4333 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى ضَوْءِ أَشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ إِضَاءَةً لَا يَبُولُونَ وَلَا يَتَغَوَّطُونَ وَلَا يَمْتَخِطُونَ وَلَا يَتْفُلُونَ أَمْشَاطُهُمْ الذَّهَبُ وَرَشْحُهُمْ الْمِسْكُ وَمَجَامِرُهُمْ الْأَلُوَّةُ أَزْوَاجُهُمْ الْحُورُ الْعِينُ أَخْلَاقُهُمْ عَلَى خُلُقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ عَلَى صُورَةِ أَبِيهِمْ آدَمَ سِتُّونَ ذِرَاعًا» حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ فُضَيْلٍ عَنْ عُمَارَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (دُرِّيٌّ) أَيْ: مُضِيءٌ شَدِيدُ الْإِنَارَةِ فَقَوْلُهُ إِضَاءَةٌ مَصْدَرٌ لَهُ مَعْنًى (أَمْشَاطُهُمْ) قِيلَ: الْإِمْشَاطُ لَا يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ لِتَلْبِيدِ الشَّعْرِ وَوَسَخِهَا، بَلْ لِزِيَادَةِ تَزَيُّنٍ وَرَفَاهِيَةٍ كَذَا التَّبْخِيرُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ لِدَفْعِ النَّتْنِ وَخُبْثِ الرَّائِحَةِ، بَلْ يَكُونُ لِزِيَادَةِ التَّطَيُّبِ وَالتَّنَعُّمِ فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ إِلَى الِامْتِشَاطِ وَالتَّبَخُّرِ لِعَدَمِ تَلْبِيدِ شَعْرِهِمْ وَلَا وَسَخَ فِيهَا وَرِيحُهُمْ أَطْيَبُ مِنَ الْمِسْكِ وَرَشْحُهُمْ ضُبِطَ فِي مَجْمَعِ الْبِحَارِ عَنِ الْكَرْمَانِيِّ بِفَتْحَتَيْنِ أَيِ الْعَرَقُ، وَقِيلَ: الْمُصَحَّحُ فِي النُّسَخِ الْمَعْلُومُ مِنْ كُتُبِ اللُّغَةِ أَنَّهَا بِفَتْحٍ وَسُكُونٍ، وَالْمُرَادُ أَنَّ عَرَقَهُمْ كَالْمِسْكِ فِي طِيبِ الرَّائِحَةِ (وَمَجَامِرُهُمْ) جَمْعُ مِجْمَرٍ بِالْكَسْرِ وَهُوَ الَّذِي يُوضَعُ فِيهِ النَّارُ لِلْبَخُورِ وَبِالضَّمِّ هُوَ الَّذِي يُتَبَخَّرُ بِهِ (الْأَلُوَّةُ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَضَمُّهَا وَضَمُّ اللَّامِ وَتَشْدِيدُ الْوَاوِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَحُكِيَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَتَخْفِيفِ الْوَاوِ عُودٌ يُتَبَخَّرُ بِهِ (عَلَى خُلُقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ) رُوِيَ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ، وَهَذَا أَنْسَبُ بِقَوْلِهِ «عَلَى صُورَةِ أَبِيهِمْ» وَبِضَمِّهَا، وَهَذَا أَنْسَبُ بِقَوْلِهِ أَخْلَاقُهُمْ وَقَدْ رُجِّحَ الْوَجْهُ الثَّانِي بِأَنْ يُجْعَلَ قَوْلُهُ: عَلَى صُورَةِ أَبِيهِمْ كَلَامًا مُسْتَأْنَفًا وَلَا يُجْعَلُ بَدَلًا مِنْ قَوْلِهِ: عَلَى خَلْقِ رَجُلٍ، أَيْ: هُمْ عَلَى صُورَةِ أَبِيهِمْ قُلْتُ: وَهَذَا أَيْضًا أَبْلَغُ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيَانِ الْخَلْقِ وَالْخُلُقِ جَمِيعًا وَالْأَوَّلُ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ: أَخْلَاقَهُمْ أَصْلًا عَلَى

أَنَّ رِوَايَةَ ابْنِ مَاجَهْ عَنِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ قَدْ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ كَانَ يُرْوَى بِضَمِّهَا.

4334 - حَدَّثَنَا وَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ وَعَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالُوا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَوْثَرُ نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ حَافَّتَاهُ مِنْ ذَهَبٍ مَجْرَاهُ عَلَى الْيَاقُوتِ وَالدُّرِّ تُرْبَتُهُ أَطْيَبُ مِنْ الْمِسْكِ وَمَاؤُهُ أَحْلَى مِنْ الْعَسَلِ وَأَشَدُّ بَيَاضًا مِنْ الثَّلْجِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْكَوْثَرُ) أَيِ: الْمَذْكُورُ بِقَوْلِهِ {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر: 1] وَقِيلَ: هَذَا تَفْسِيرٌ بِالْمِثَالِ، وَإِلَّا فَالْكَوْثَرُ مُبَالَغَةٌ فِي الْكَثْرَةِ، وَالْمُرَادُ الْخَيْرُ الْبَالِغُ غَايَتَهُ.

4335 - حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الضَّرِيرُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ سَنَةٍ لَا يَقْطَعُهَا وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ - وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ} [الواقعة: 30 - 31] » ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي ظِلِّهَا) أَمَّا بِنَاؤُهُ عَلَى أَنَّ النُّورِ فِي الْجَنَّةِ يَكُونُ مِنْ جَانِبِ السَّطْحِ الَّذِي هُوَ الْعَرْشُ فَحِينَئِذٍ يَظْهَرُ فِيهَا الظِّلُّ لِلْأَجْسَامِ الْكَثِيفَةِ، وَإِمَّا الْمُرَادُ بِهِ مَكَانُ الظِّلِّ لَوْ فُرِضَ هُنَاكَ ظِلٌّ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْجَنَّةَ مُضِيئَةٌ بِنَفْسِهَا فَلَا يُمْكِنُ الظِّلُّ فِيهَا.

4336 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ حَبِيبِ بْنِ أَبِي الْعِشْرِينَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنِي حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ «أَنَّهُ لَقِيَ أَبَا هُرَيْرَةَ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ فِي سُوقِ الْجَنَّةِ قَالَ سَعِيدٌ أَوَ فِيهَا سُوقٌ قَالَ نَعَمْ أَخْبَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ إِذَا دَخَلُوهَا نَزَلُوا فِيهَا بِفَضْلِ أَعْمَالِهِمْ فَيُؤْذَنُ لَهُمْ فِي مِقْدَارِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا فَيَزُورُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَيُبْرِزُ لَهُمْ عَرْشَهُ وَيَتَبَدَّى لَهُمْ فِي رَوْضَةٍ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ فَتُوضَعُ لَهُمْ مَنَابِرُ مِنْ نُورٍ وَمَنَابِرُ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَمَنَابِرُ مِنْ يَاقُوتٍ وَمَنَابِرُ مِنْ زَبَرْجَدٍ وَمَنَابِرُ مِنْ ذَهَبٍ وَمَنَابِرُ مِنْ فِضَّةٍ وَيَجْلِسُ أَدْنَاهُمْ وَمَا فِيهِمْ دَنِيءٌ عَلَى كُثْبَانِ الْمِسْكِ وَالْكَافُورِ مَا يُرَوْنَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَرَاسِيِّ بِأَفْضَلَ مِنْهُمْ مَجْلِسًا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا قَالَ نَعَمْ هَلْ تَتَمَارَوْنَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ قُلْنَا لَا قَالَ كَذَلِكَ لَا تَتَمَارَوْنَ فِي رُؤْيَةِ رَبِّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا يَبْقَى فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ أَحَدٌ إِلَّا حَاضَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مُحَاضَرَةً حَتَّى إِنَّهُ يَقُولُ لِلرَّجُلِ مِنْكُمْ أَلَا تَذْكُرُ يَا فُلَانُ يَوْمَ عَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا يُذَكِّرُهُ بَعْضَ غَدَرَاتِهِ فِي الدُّنْيَا فَيَقُولُ يَا رَبِّ أَفَلَمْ تَغْفِرْ لِي فَيَقُولُ بَلَى فَبِسَعَةِ مَغْفِرَتِي بَلَغْتَ مَنْزِلَتَكَ هَذِهِ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ غَشِيَتْهُمْ سَحَابَةٌ مِنْ فَوْقِهِمْ فَأَمْطَرَتْ عَلَيْهِمْ طِيبًا لَمْ يَجِدُوا مِثْلَ رِيحِهِ شَيْئًا قَطُّ ثُمَّ يَقُولُ قُومُوا إِلَى مَا أَعْدَدْتُ لَكُمْ مِنْ الْكَرَامَةِ فَخُذُوا مَا اشْتَهَيْتُمْ قَالَ فَنَأْتِي سُوقًا قَدْ حُفَّتْ بِهِ الْمَلَائِكَةُ فِيهِ مَا لَمْ تَنْظُرْ الْعُيُونُ إِلَى مِثْلِهِ وَلَمْ تَسْمَعْ الْآذَانُ وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى الْقُلُوبِ قَالَ فَيُحْمَلُ لَنَا مَا اشْتَهَيْنَا لَيْسَ يُبَاعُ فِيهِ شَيْءٌ وَلَا يُشْتَرَى وَفِي ذَلِكَ السُّوقِ يَلْقَى أَهْلُ الْجَنَّةِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَيُقْبِلُ الرَّجُلُ ذُو الْمَنْزِلَةِ الْمُرْتَفِعَةِ فَيَلْقَى مَنْ هُوَ دُونَهُ وَمَا فِيهِمْ دَنِيءٌ فَيَرُوعُهُ مَا يَرَى عَلَيْهِ مِنْ اللِّبَاسِ فَمَا يَنْقَضِي آخِرُ حَدِيثِهِ حَتَّى يَتَمَثَّلَ لَهُ عَلَيْهِ أَحْسَنُ مِنْهُ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَحْزَنَ فِيهَا قَالَ ثُمَّ نَنْصَرِفُ إِلَى مَنَازِلِنَا فَتَلْقَانَا أَزْوَاجُنَا فَيَقُلْنَ مَرْحَبًا وَأَهْلًا لَقَدْ جِئْتَ وَإِنَّ بِكَ مِنْ الْجَمَالِ وَالطِّيبِ أَفْضَلَ مِمَّا فَارَقْتَنَا عَلَيْهِ فَنَقُولُ إِنَّا جَالَسْنَا الْيَوْمَ رَبَّنَا الْجَبَّارَ عَزَّ وَجَلَّ وَيَحِقُّنَا أَنْ نَنْقَلِبَ بِمِثْلِ مَا انْقَلَبْنَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فِي سُوقِ الْجَنَّةِ) قِيلَ: هُوَ مَجْمَعٌ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ يَجْتَمِعُونَ فِيهَا فِي كُلِّ مِقْدَارِ جُمْعَةٍ، أَيْ: أُسْبُوعٍ وَلَيْسَ هُنَاكَ أُسْبُوعٌ حَقِيقَةً لِفَقْدِ الشَّمْسِ وَالنَّهَارِ وَاللَّيْلِ (وَيَبْرُزُ) مِنْ أَبْرَزَ إِذَا ظَهَرَ (وَيَتَبَدَّى) أَيْ: يَظْهَرُ هُوَ تَعَالَى لَهُمْ قَوْلُهُ: (أَدْنَاهُمْ) أَيْ: أَقَلُّهُمْ مَنْزِلَةً وَدَرَجَةً فِي الْجَنَّةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى غَيْرِهِ (دَنِيءٌ) خَسِيسٌ

(إِلَّا حَاضَرَهُ اللَّهُ مُحَاضَرَةً) الْكَلِمَتَانِ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، وَالْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ كَشْفُ الْحِجَابِ وَالْمُقَارَبَةُ مَعَ الْبُعْدِ مِنْ غَيْرِ حِجَابٍ وَلَا تُرْجُمَانَ (غَدَرَاتِهِ) بِفَتْحَتَيْنِ جَمْعُ غَدْرَةٍ هُوَ تَرْكُ الْوَفَاءِ، وَالْمُرَادُ بِهَا الْمَعَاصِي مَا لَمْ تَنْظُرِ الْعُيُونُ إِلَى مِثْلِهِ، قِيلَ: بَدَلٌ مِمَّا أَعْدَدْتُ، أَوْ خَبَرٌ مَحْذُوفٌ أَيْ هُوَ، أَيْ: ذَلِكَ الْمُعَدُّ لَكُمْ (فَيَرُوعُهُ) أَيْ: يُعْجِبُهُ (أَنْ يَحْزَنَ) مِنْ حَزِنَ كَفَرِحَ.

4337 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ الْأَزْرَقُ أَبُو مَرْوَانَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ أَحَدٍ يُدْخِلُهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ إِلَّا زَوَّجَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً ثِنْتَيْنِ مِنْ الْحُورِ الْعِينِ وَسَبْعِينَ مِنْ مِيرَاثِهِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ مَا مِنْهُنَّ وَاحِدَةٌ إِلَّا وَلَهَا قُبُلٌ شَهِيٌّ وَلَهُ ذَكَرٌ لَا يَنْثَنِي» قَالَ هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ مِنْ مِيرَاثِهِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَعْنِي رِجَالًا دَخَلُوا النَّارَ فَوَرِثَ أَهْلُ الْجَنَّةِ نِسَاءَهُمْ كَمَا وُرِثَتْ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (وَلَهُ ذَكَرٌ لَا يَنْثَنِي) كِنَايَةٌ عَنْ وُفُورِ قُوَّةِ الْقِيَامِ، وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ وَخَالِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي مَالِكٍ وَثَّقَهُ الْعِجْلِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ الْمِصْرِيُّ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ الْجَارُودَ السَّاجِيُّ وَالْعُقَيْلِيُّ وَغَيْرُهُمْ.

4338 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ عَامِرٍ الْأَحْوَلِ عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُؤْمِنُ إِذَا اشْتَهَى الْوَلَدَ فِي الْجَنَّةِ كَانَ حَمْلُهُ وَوَضْعُهُ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا يَشْتَهِي» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (الْمُؤْمِنُ إِذَا اشْتَهَى الْوَلَدَ فِي الْجَنَّةِ) هَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، ثُمَّ قَالَ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي الْجَنَّةِ جِمَاعٌ وَلَا يَكُونُ وَلَدٌ وَهَكَذَا يُرْوَى عَنْ طَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَقَالَ مُحَمَّدُ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إِذَا اشْتَهَى الْمُؤْمِنُ الْوَلَدَ فِي الْجَنَّةِ» هَذَا إِذَا اشْتَهَى وَلَكِنْ لَا يَشْتَهِي قَالَ مُحَمَّدُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَا يَكُونُ لَهُمْ فِيهَا وَلَدٌ» اهـ. وَحَاصِلُ التَّأْوِيلِ الَّذِي نَقَلَهُ عَنْ إِسْحَاقَ أَنَّ قَوْلَهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إِذَا اشْتَهَى الْمُؤْمِنُ» عَلَى الْفَرْضِ وَالتَّقْدِيرِ فَكَلِمَةُ إِذَا وُضِعَتْ مَوْضِعَ لَوِ الْمُفِيدَةِ لِلْفَرْضِ.

4339 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَأَعْلَمُ آخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنْهَا وَآخِرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولًا الْجَنَّةَ رَجُلٌ يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ حَبْوًا فَيُقَالُ لَهُ اذْهَبْ فَادْخُلْ الْجَنَّةَ فَيَأْتِيهَا فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهَا مَلْأَى فَيَرْجِعُ فَيَقُولُ يَا رَبِّ وَجَدْتُهَا مَلْأَى فَيَقُولُ اللَّهُ اذْهَبْ فَادْخُلْ الْجَنَّةَ فَيَأْتِيهَا فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهَا مَلْأَى فَيَرْجِعُ فَيَقُولُ يَا رَبِّ وَجَدْتُهَا مَلْأَى فَيَقُولُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ اذْهَبْ فَادْخُلْ الْجَنَّةَ فَيَأْتِيهَا فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهَا مَلْأَى فَيَرْجِعُ فَيَقُولُ يَا رَبِّ إِنَّهَا مَلْأَى فَيَقُولُ اللَّهُ اذْهَبْ فَادْخُلْ الْجَنَّةَ فَإِنَّ لَكَ مِثْلَ الدُّنْيَا وَعَشَرَةَ أَمْثَالِهَا أَوْ إِنَّ لَكَ مِثْلَ عَشَرَةِ أَمْثَالِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ أَتَسْخَرُ بِي أَوْ أَتَضْحَكُ بِي وَأَنْتَ الْمَلِكُ قَالَ فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ فَكَانَ يُقَالُ هَذَا أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلًا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُهُ: (فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهَا. . . إِلَخْ) كَأَنَّهُ تَعَالَى يُخْفِي عَلَيْهِ مَنْزِلَهُ، فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ كَثْرَةِ الْأَهْلِ أَنَّهُ مَا بَقِيَ فِيهَا مَنْزِلٌ فَيَقُولُ أَتَسْخَرُ بِي كَأَنَّهُ اسْتَبْعَدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ رَأَى أَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لَذَلِكَ وَأَنَّ الْجَنَّةَ مَا بَقِيَ قِيهَا أَدْنَى مَنْزِلٍ فَضْلًا عَنْ هَذَا الْمِقْدَارِ مِنَ الْفَرَاغِ، قِيلَ: هَذَا الْكَلَامُ صَادِرٌ عَنْهُ وَهُوَ غَيْرُ ضَابِطٍ لِمَا قَالَ مِنَ السُّرُورِ بِبُلُوغِ مَا لَمْ يَخْطُرْ بِبَالِهِ فَلَمْ يَضْبِطْ لِسَانَهُ فَرَحًا وَجَرَى عَلَى عَادَتِهِ فِي الدُّنْيَا مِنْ مُخَالَطَةِ الْمَخْلُوقِ قَوْلُهُ: (ضَحِكَ) قِيلَ: إِنَّمَا ضَحِكَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتِعْجَابًا وَسُرُورًا بِمَا رَأَى مِنْ كَمَالِ رَحْمَتِهِ تَعَالَى وَلُطْفِهِ عَلَى عَبْدِهِ الْمُذْنِبِ وَكَمَالِ الرِّضَا عَنْهُ. قَوْلُهُ: (قَالَتِ الْجَنَّةُ. . . إِلَخْ

فِيهِ حَثٌّ عَلَى كَثْرَةِ سُؤَالِ الْجَنَّةِ وَالتَّعَوُّذِ مِنَ النَّارِ قَوْلُهُ: (فَذَلِكَ أَيْ: مَا ذُكِرَ مِنْ رُؤْيَةِ أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنَازِلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، هُوَ مِصْدَاقُ قَوْلِهِ: {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ} [المؤمنون: 10] فَسَمَّاهُمُ الْوَارِثِينَ، وَهُمُ الْآخِذُونَ مَا تَرَكَهُ الْآخَرُونَ. اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا نَصِيبَنَا مِنْ هَذِهِ الْوِرَاثَةِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تُتِمُّ الصَّالِحَاتُ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

4340 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَأَلَ الْجَنَّةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَتْ الْجَنَّةُ اللَّهُمَّ أَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ وَمَنْ اسْتَجَارَ مِنْ النَّارِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَتْ النَّارُ اللَّهُمَّ أَجِرْهُ مِنْ النَّارِ»

§1/1