حاشية الخلوتي على منتهى الإرادات
الْخَلْوَتي
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
حَاشِيَةُ الخَلوتي على مُنْتَهَى الإرَادَاتِ
حُقُوق الطَّبْع مَحْفُوظَة الطبعة الأولى 1432 هـ - 2011 م قَامَت بعمليات التنضيد الضوئي والإخراج الفني والطباعة دَار النَّوَادِر
[مقدمة التحقيق]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مقدمة وزارة الأوقاف والشؤن الإسلامية دولة قطر الحمدُ للَّهِ حمدًا يوافي نعمه، والصلاةُ والسلامُ على أشرفِ خلقه وخاتم رسله. وبعد: فإن علماء الإسلام قد خلَّفوا لنا تراثًا علميًّا ضخمًا، متعدد المناحي، وما يزال معظم هذا التراث مخطوطًا لم يرَ النور، ولم يتعرّف عليه الباحثون، رغم ما فيه من المعاني الدقيقة والأفكار العميقة التي تخدم واقعنا المعاصر، وتنير السبل لأمتنا في مجالات الفكر والتشريع والثقافة، ويقدِّر بعض الخبراء أن ما بقي مخطوطًا من تراث علماء الإسلام يربو على ثلاثة ملايين عنوان، تَقبعُ في زوايا المكتبات، وظلام الصناديق والأَقبية، حتى أن بعضها لم يفهرس فهرسةً دقيقةً فضلًا عن النشر. فكان من المهم في هذه المرحلة أن تتَّجه الجهود لتقويم هذا التراث واستجلاء ما ينفع الناس منه في عصرنا، ثم العمل على تحقيقه ونشره. وإن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة قطر -وقد وفقها اللَّه لأن تضرب بسهم في إحياء هذا التراث- لَتحمد اللَّه -سبحانه وتعالى- على أنَّ ما أصدرته من نفائس التراث قد نال الرضا والقبول من أهل العلم في مشارق الأرض ومغاربها. والمتابع لِحركة النشر العلمي لا يخفى عليه جهود دولة قطر في خدمة تراث الأمة منذ ما يزيد على ستة عقود، وقد جاء مشروع إحياء التراث الإسلامي الذي بدأته الوزارة منذ أربع سنوات امتدادًا لتلك الجهود، وسيرًا على تلك المحجَّة التي عُرفت
بها دولة قطر. ومنذ انطلاقة هذا المشروع المبارك يسَّر اللَّه -جل وعلا- للوزارة إخراج مجموعة من أمهات كتب العلم في فنون مختلفة تُطبع لأول مرة، ففي تفسير القرآن الكريم أصدرت الوزارة تفسير الإمام العُليمي "فتح الرحمن في تفسير القرآن"، وفي علم الرسم أصدرت كتاب "مرسوم المصحف" للإمام العُليمي، ونحن بصدد إصدارٍ جديد متمينر لـ "المحرر الوجيز" لابن عطية، مقابلًا على نسخ خطية عدة. وفي السُّنّة أصدرت الوزارة كتاب "التوضيح شرح الجامع الصحيح" لابن الملقن، و"حاشية مسند الإمام أحمد" للإمام السندي، وشرحين لموطأ مالك لكل من القنازعي والبوني، و"شرح مسند الشافعي" للإمام الرافعي، و"نخب الأفكار شرح معاني الآثار" للبدر العيني، إضافة إلى "صحيح ابن خزيمة" بتحقيقه الجديد المُتقن. ويخرج قريبًا بإذن اللَّه كل من "السنن الكبرى" للنسائي، و"صحيح ابن حبان" كما صنَّفه صاحبه على التقاسيم والأنواع. وهناك مشاريع أخرى يُعلن عنها في حينها. وفي الفقه أصدرت الوزارة: "نهاية المطلب في دراية المذهب" للإمام الجويني الذي حقَّقه وأتقن تحقيقه عضو لجنة إحياء التراث الإسلامي أ. د. عبد العظيم الديب -رحمه اللَّه تعالى- وكتاب "الأوسط" لابن المنذر، بمراجعة دقيقة للدكتور: عبد اللَّه الفقيه عضو اللجنة، وفي الطريق إصدارات أخرى مهمّة تمثِّل الفقه الإسلامي في عهوده الأولى. وفي السيرة النبوية أصدرت الوزارة الموسوعة الإسنادية "جامع الآثار" لابن ناصر الدين الدمشقي. وفي العقيدة والتوحيد أصدرت الوزارة كتابا نفيسًا لطيفًا هو "الاعتقاد" لابن العطار، تلميذ النووي رحمهما اللَّه.
ولم نغفل عن إصدار دراسات معاصرة متميزة من الرسائل العلمية وغيرها، فاخرجنا "القيمة الاقتصادية للزمن" و"نوازل الإنجاب" وفي الطريق -بإذن اللَّه تعالى- ما تقرُّ به العيون من دراسات معاصرة في القرآن والسنة، ونوازل الأمة. ويسرُّنا اليوم أن نقدِّم للمسلمين إصدارًا آخر، هذه المرة في الفقه الحنبلي، وهو "حاشية الخلوتي على كتاب منتهى الإرادات"، و"منتهى الإرادات" من أهم كتب المذهب لدى المتأخرين، وهذه الحاشية من أَنفَس حواشيه، وقد حُقِّقت في رسالتين علميتين رأى صاحباهما إخراجهما كما هما، ولم نمانع من ذلك لأهمية الكتاب. إدارة الشؤن الإسلامية * * *
المقدمة الأولي
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ المقدمة الأولي إن الحمد للَّه، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ باللَّه من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده اللَّه فلا مضل له، ومن يُضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102]. {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1]. {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70 - 71] (¬1). أما بعد: فإن أولى ما يتنافس فيه المتنافسون، وأحرى ما يتسابق في حلبة سباقه المتسابقون، ما كان فيه سعادة العبد في الدنيا والآخرة، ذلك العلم النافع والعمل الصالح، فمن رُزِقهما فقد فاز وغنم، ومن حُرِمهما فالخير كله حُرِم. وإن العلم الشرعي ومعرفة ما أنزل اللَّه على رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- من الأحكام بأدلتها، وما يترتب عليها من الثواب والعقاب من أفضل ما شُغِلت به الأوقات وصُرِفت إليه العزائم والهمم، فإنه بمعرفة ذلك يكون متعبدًا للَّه على بصيرة، نافعًا للعباد في عباداتهم ¬
ومعاملاتهم الدقيقة والجليلة. ومن رحمة اللَّه -تعالى- بعباده أن حفظ هذا الدين برجاله المخلصين، وهم العلماء العاملون، الذين كانوا أعلامًا يُهتدَى بهم، وأئمة يُقتدَى بهم، وأقطابًا تدور عليهم معارف الأمة، وأنوارًا تتجلى بهم غياهب الظلمة، آثارهم محمودة، وطريقتهم مأثورة، وذكرهم مرفوع، وسعيهم مشكور. ومن هؤلاء الأئمة الإمام أحمد بن حنبل -رحمه اللَّه-، فإنه ملأ الأرض علمًا وحديثًا، وعَلِمَ اللَّه -تعالى- حسن نِيَّته وقصده، فكُتِبَ كلامه وحُفِظ، وانتفعت به الأمة، وصار إمامًا وقدوة لأهل السنة. ثم جاء من بعده أتباعه، فجمعوا مسائله ورواياته، وقعَّدوا لها القواعد، وفَرَّعوا عليها المسائل، وأكثروا من التصنيف، والتأليف في ذلك، ولا سيما المتأخرون منهم، فإنهم سلكوا مسلك التصحيح والترجيح بين الروايات والأقوال، فحرروا المذهب ونقَّحوه، وبيَّنوا ما أُجمِل ووضحوه. ومن هؤلاء العلَّامة علاء الدين علي بن سليمان المرداوي في كتابه: "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف"، فهو تصحيح لما نقل عن الإمام أحمد في المسألة من روايات، وما نقل عن الأصحاب فيها من أقوال. ثم اختصره في كتابه: "التنقيح المشبع" صحح فيه ما أطلقه الموفق في: "المقنع" من الروايات، والأوجه، وقيَّد ما أخَل فيه من الشروط، أو ما فيه إطلاق، واستثنى من عمومه ما هو مستثنى على المذهب حتى خصائص النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فصار تصحيحًا لغالب كتب المذهب (¬1)، فبين في: "إنصافه"، و"تنقيحه" -رحمه اللَّه- الصحيح من الضعيف. ¬
ثم نحا نحوه مقلدًا له: العلامة موسى بن أحمد بن موسى الحجاوي في كتابه: "الإقناع لطالب الانتفاع"، فقد جرد فيه الصحيح من مذهب الإمام أحمد. ونحا نحوه أيضًا: العلَّامة محمد بن أحمد بن عبد العزيز الفتوحي الشهير بابن النجار في كتابه: "منتهى الإرادات في الجمع بين المقنع والتنقيح، وزيادات". ويعتبر هذان الكتابان -"الإقناع" و"المنتهى"- العمدة عند المتأخرين، ومدار الفتوى عليهما، إذ فيهما البغية المنشودة والضالة المفقودة. فإن اختلفا فالمرجع والمعتمد على ما في: "المنتهى"، لأنه أكثر تحريرًا وتصحيحًا من "الإقناع" وإن كان الإقناع أكثر وضوحًا ومسائل. ولما كان لكتاب: "المنتهى" هذه المنزلة عند المتأخرين من الأصحاب أَوْلوه عناية فائقة من جميع جوانبه؛ فتارة: بالحفظ، والتدريس، واعتماده في القضاء والفُتيا، وتارة: بالشرح والاستدلال. وتارة: بالتحشية، والتحرير، والتدقيق. وتارة: بالاختصار. وتارة: بالجمع بينه وبين "الإقناع". وممن خدم هذا الكتاب واهتم به -بالتحشية والتحرير- الشيخ محمد الخَلوتي -رحمه اللَّه- في: "حاشيته على المنتهى"، فحَلَّل وحرر كثيرًا من ألفاظ "المنتهى" ومسائله، واعتنى بالفروق الفقهية، وتصوير المسائل، وتلخيص الشروط. ولما أنهيت -بحمد اللَّه- مرحلة الماجستير، بحثت عن موضوع ليكون رسالة لنيل درجة الدكتوراه، فاستعنت باللَّه -تعالى، فهو خير معين-، فوقع اختياري على "حاشية المنتهَى" للخَلوتي -رحمه اللَّه-، القسم الأول (من أول الحاشية إلى آخر كتاب الوصايا).
* أسباب اختيار الموضوع
* أسباب اختيار الموضوع: 1 - الإسهام ولو بجهد المقِل لإحياء ما خلَّفه أسلافنا من تراث أَوْدَعوه ثمرات جهودهم مع ما أوتوا من التحقيق، والتمحيص. 2 - لمَّا كان الإمام أحمد -رحمه اللَّه- من أكثر الأئمة الأربعة إلمامًا بالحديث والأثر، وما كان عليه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه -رضي اللَّه عنهم-، وكانت كتب أتباعه معتبرة في هذه البلاد، ومعتمدة في التدريس في المساجد والكليات والمعاهد، أحببت أن يكون الكتاب الذي أحققه أحد الكتب الفقهية في مذهب الإمام أحمد -رحمه اللَّه-. 3 - شهرة كتاب: "المنتهى" ومنزلته الرفيعة عند المتأخرين وتقديمه على غيره في الفتوى والقضاء، ولا شك أن هذه الحاشية ستستمد هذه القوة من ذلك، إضافة إلى مكانتها المميزة بين شروح "المنتهى" وحواشيه. 4 - مكانة مصنف الحاشية بين علماء المذهب وشهرته، وتميزه بالتحرير والتحقيق والتدقيق. 5 - ما لهذه الحاشية من ميزات كالعناية بنقل الأقوال ونسبتها، وكثرة مصادرها، واشتمالها على فوائد وزيادات كثيرة في فنون متنوعة، وظهور شخصية مؤلفها، ووضوح رأيه -كما فصلته في موضعه-. 6 - أن تحقيق الحواشي لا يقل أهمية عن تحقيق الشروح: فالشرح وإن فاق الحاشية بتناوله جميع ألفاظ المتن بالشرح والتحليل، لكن الحاشية تفوق الشرح بأن المحشي يتناول من ألفاظ المتن ما يرى أن بحثه مهم، فتجد في الحواشي من العمق، والتحرير، والتدقيق، ما لا يكاد يوجد في الشروح. 7 - توفر النسخ الكافية لهذه الحاشية مما يعني خروج نَصها على النحو الذي أردت -إن شاء اللَّه تعالى-، وقد اعتمدت أربع نسخ خطية كما سيأتي.
* خطة البحث
* خطة البحث: وقد كانت خطة العمل في هذا التحقيق على النحو التالي: * أولًا- القسم الدراسي: وتحته ستة فصول: الفصل الأول: التعريف بمؤلف كتاب منتهى الإرادات. الفصل الثاني: التعريف بكتاب منتهى الإرادات - القسم الأول. الفصل الثالث: التعريف بكتاب منتهى الإرادات - القسم الثاني. الفصل الرابع: التعريف بمؤلف حاشية منتهى الإرادات. الفصل الخامس: التعريف بحاشية منتهى الإرادات - القسم الأول. الفصل السادس: التعريف بحاشية منتهى الإرادات - القسم الثاني. * ثانيًا- منهج تحقيق "حاشية الخلوتي على المنتهى": التزمت في تحقيق "حاشية الخلوتي على المنتهى" بالمنهج الموحد لتحقيق المخطوطات في قسم الفقه المقارن بالمعهد العالي للقضاء وذلك على النحو التالي: 1 - نسخ المخطوط حسب قواعد الإملاء، مع مراعاة علامات الترقيم المعروفة. 2 - مقارنة النسخ الخطية المتوفرة والتي قد ذكرتها عند كلامي عن النسخ. 3 - اختيار النسخة الأصل مراعيًا قواعد الاختيار. 4 - إثبات الفروق بين النسخ في الهامش. 5 - عَزْو الآيات القرآنية إلى مواضعها في الكتاب الكريم. 6 - تخريج الأحاديث والآثار من مصادرها الأصيلة، فإن كان الحديث في الصحيحين أو أحدهما اكتفيت بذلك، وإلا ذكرت من خَرَّجه من كتب السنن الأربعة، وغيرها من كتب الأحاديث المعتمدة.
7 - ذكر الأدلة التي يشير إليها المصنف إشارة دون ذكر. 8 - توثيق الروايات والنصوص التي يذكرها المؤلف من مصادرها الأصيلة. 9 - شرح الغريب من الألفاظ الواردة في الحاشية. 10 - توثيق ما يحتاج إلى توثيق من المقادير أو غيرها. 11 - التعريف بالبقع والأماكن من المصادر المعتمدة في ذلك. 12 - الترجمة للأعلام غير المشهورين الوارد ذكرهم في الكتاب. 13 - وضع فهارس كافية كشافات للنص المحقق، وهي: 1 - فهرس الآيات القرآنية. 2 - فهرس الأحاديث. 3 - فهرس الآثار. 4 - فهرس الأشعار. 5 - فهرس المصطلحات والكلمات الغريبة. 6 - فهرس الأماكن. 7 - قائمة المصادر والمراجع. 8 - فهرس الموضوعات. وبعد: فإن ما قدمته عمل بشري، يسري عليه الخطأ، ويكتنفه النقص والقصور، ويأبى اللَّه العصمة لكتاب غير كتابه، والمنصف من اغتفر قليل خطأ المرء في كثير صوابه. هذا واعترافًا بالفضل لأهله، أتقدم بالشكر الجزيل لكل من أعانني في هذه
الرسالة، وأحق هؤلاء بالشكر والاعتراف له بالفضل، بعد اللَّه -سبحانه وتعالى-، سماحة شيخنا ووالدنا العلامة محمد بن صالح العثيمين -رحمه اللَّه رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته-، فقد كان له الفضل في توجيهي إلى تحصيل العلم الشرعي، وأفادني من علمه وخُلُقِه الشيء الكثير، فجزاه اللَّه خير الجزاء، وغفر له، ورحمه. كما أتقدم بالشكر إلى صاحب الفضيلة الدكتور سليمان بن عبد اللَّه بن حمود أبا الخيل، وكيل جامعة الامام محمد بن سعود الإسلامية، والمشرف على الرسالة، لما قام به من نصح، وتوجيه، وإفادة، فجزاه اللَّه خيرًا. وأخيرًا: أشكر جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية على ما تقوم به من خدمات جليلة وعظيمة للإسلام والمسلمين، وأخص بالشكر القائمين على المعهد العالي للقضاء لما يسروا من الخدمات للعلم وطلابه. وفي الختام: أسال اللَّه -تعالى- أن يجعل عملي خالصًا لوجهه، نافعًا لعباده، إنه جواد كريم، والحمد للَّه رب العالمين، وصلى اللَّه وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وكتبه الدكتور سامي بن محمد بن عبد اللَّه الصقير * * *
المقدمة الثانية
المقدمة الثانية إن الحمد للَّه نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ باللَّه من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده اللَّه فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-. أما بعد: فإن من أشرف ما شُغلت به الأوقات، وأجل ما بُذلت فيه الجهود، وعُلقت به الهمم والعزائم؛ طلب العلم الشرعي؛ المستمد من كتاب اللَّه -جل وعلا-، وسنة رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، حفظًا، وتفقهًا، وتطبيقًا. ومن أول ذلك فقه الأحكام، الذي هو تفسير لتلك النصوص، وتنزيل لها على الوقائع والنوازل؛ لشدة حاجة الناس إليه في كل زمان ومكان، فهو الطريق لتصحيح العبادات التي يتقرب بها الناس إلى اللَّه -جلا وعلا-، لتكون مبنية على الحق، ومقامة على بصيرة، ولتصحيح معاملات الناس، وتجاراتهم وتبادلهم المنافع، ولتأمين المجتمع من شرور الفوضى، والحفاظ على دماء الناس وأعراضهم وأموالهم؛ بمعرفة حكم اللَّه وكيفية تطبيقه على المعتدين والمجرمين، وضبط قواعد القضاء والتحاكم والدعاوى والبينات في ذلك كله. لذا تعلقت أنفس العلماء وطلاب العلم بهذا الفن، واتجهت أنظارهم وهممهم إليه سلفًا وخلفًا، يدرسونه ويقررونه، استنباطًا من النصوص، ومقارنة يين المذاهب، وإقامة للمناظرات والمناقشات في ذلك؛ طلبًا للوصول إلى الحق فيه، فنشأ لذلك
علم الفقه، وكثرت فيه المصنفات؛ ما بين مختصرات ومطولات، ومتون وشروح لها وحواش عليها، وتبارى جهابذة هذا الفن من كل المذاهب في هذا الميدان، فتكونت فيه ثروة عريضة مشرفة، بقيت منارًا للأجيال اللاحقة، ولم يزل هذا المدُّ -بفضل اللَّه تعالى- مستمرًا في العطاء والتجدد. وكان من فضل اللَّه عليَّ أن تخصصت في هذا الفن في دراستي الجامعية وما بعدها، وقد تشرفت بالانتساب إلى هذه الجامعة المباركة، في المعهد العلمي، ثم كلية الشريعة، ثم المعهد العالي للقضاء في مرحلتَي الماجستير والدكتوراه. وقد أنهيت متطلبات الماجستير عام 1417 هـ، ولم أزل أتلفت عن موضوع يصلح لتسجيله أطروحة لنيل درجة الدكتوراه، حتى وجدت بغيتي -بحمد اللَّه- في حاشية العلامة محمد بن أحمد البهوتي الخَلوتي المصري المتوفى سنة ثمان وثمانين وألف بعد الهجرة، على منتهى الإرادات للعلامة محمد بن أحمد الفتوحي الشهير بابن النجار المتوفى سنة اثنتين وسبعين وتسعمئة. فسعدت بهذه الحاشية، وعزمت على تحقيقها بعد أن اطلعت عليها، وذلك لما يلي: 1 - شهرة المنتهى ومنزلته الرفيعة بين أهل المذهب، وتقديمه على غيره عند المتأخرين في الفتوى والقضاء، ولا شك أن هذه الحاشية ستستمد هذه القوة من ذلك إضافة إلى ما أطبق عليه الحنابلة من مكانتها المميزة بين شروح المنتهى وحواشيه. 2 - مكانة مصنف الحاشية بين علماء المذهب وشهرته وتميزه بالتحرير والتحقيق والتدقيق. 3 - ما لهذه الحاشية من ميزات كالعناية بنقل الأقوال ونسبتها، وكثرة مصادرها، واشتمالها على فوائد وزيادات كثيرة في فنون متنوعة، وظهور شخصية مؤلفها، ووضوح رأيه -كما فصلته في موضعه-.
4 - توفر النسخ الكافية لهذه الحاشية مما يعني خروجها نصًّا على أحسن صورة -إن شاء اللَّه تعالى- وقد اعتمدت أربع نسخ خطية -كما سيأتي-. 5 - استشهاد المصنف في الحاشية بأحاديث وآثار كثيرة مما يقوي الكتاب ويثري مادته. وقد كانت خطة العمل في هذه الأطروحة على النحو التالي: * أولًا- القسم الدراسي: وتحته ستة فصول: الفصل الأول: التعريف بمؤلف كتاب منتهى الإرادات. الفصل الثاني: التعريف بكتاب منتهى الإرادات - القسم الأول. الفصل الثالث: التعريف بكتاب منتهى الإرادات - القسم الثاني. الفصل الرابع: التعريف بمؤلف حاشية منتهى الإرادات. الفصل الخامس: التعريف بحاشية منتهى الإرادات - القسم الأول. الفصل السادس: التعريف بحاشية منتهى الإرادات - القسم الثاني. * ثانيًا- منهجي في تحقيق حاشية الخَلوتي على المنتهى: وقد التزمت فيه بالمنهج الموحد لتحقيق المخطوطات في قسم الفقه المقارن بالمعهد العالي للقضاء وذلك على النحو التالي: 1 - نسخ المخطوط حسب قواعد الإملاء مع مراعاة علامات الترقيم المعروفة. 2 - مقارنة النسخ الخطية المتوفرة والتي قد ذكرتها عند كلامي عن النسخ. 3 - اختيار النسخة الأصل مراعيًا قواعد الاختيار. 4 - إثبات الفروق بين النسخ في الهامش. 5 - عزو الآيات القرآنية إلى مواضعها في الكتاب الكريم.
6 - تخريج الأحاديث والآثار من المصادر الأصلية فإن كان الحديث في الصحيحَين أو أحدهما اكتفيت بذلك وإلا فألتزم ببيان درجته. 7 - ذكر الأدلة التي يشير إليها المصنف إشارة دون ذكر. 8 - توثيق الروايات والنصوص التي يذكرها المؤلف من مصادرها الأصلية. 9 - شرح الغريب من الألفاظ الواردة في الحاشية. 10 - توثيق ما يحتاج إلى توثيق من المقادير أو غيرها. 11 - التعريف بالبقع والأماكن من المصادر المعتمدة في ذلك. 12 - الترجمة للأعلام الوارد ذكرهم في الكتاب. 13 - وضع فهارس كافية كشافات للنص المحقق وهي: 1 - فهرس الآيات القرآنية. 2 - فهرس الأحاديث. 3 - فهرس الآثار. 4 - فهرس الأشعار. 5 - فهرس المصطلحات والكلمات الغريبة. 6 - فهرس الأماكن. 7 - قائمة المصادر والمراجع. 8 - فهرس الموضوعات. 14 - وقد كان مصطلحي في ذكر المصادر كما يلي: أ- إذا كانت المسألة نصًّا بتمامها في بعض المصادر، وبالمعنى أو ناقصة في الأخرى، ذكرت الأولى مباشرة ثم أذكر الأخرى مسبوقة بكلمة: (وانظر).
ب- إذا قلت: انظر المصادر السابقة أو: المصدر السابق في تحقيق كلام صاحب الحاشية فالمقصود آخر مصدر مذكور متعلق بالحاشية دون المنتهى، وكذلك إذا ذكرته في تحقيق المنتهى فالمقصود آخر مصدر مذكور متعلق بالمنتهى دون الحاشية. وقد ألجأني إلى ذلك ما استحسنته أخيرًا من دمج مصادر الكتابَين لئلا يكثر تقسيم الصفحة مما يبدد الفائدة، ويشتت ذهن القارئ. 15 - ميزت كل نص بنوع من الأقواس؛ فالآيات الكريمة بين قوسين هكذا {}، والأحاديث بين قوسين هكذا: " "، والنصوص المنقولة عن العلماء بين قوسين هكذا: ()، كما وضعت الكلمات الساقطة وأرقام لوحات وصفحات النسخ بين قوسَين هكذا: []. وبعد: فأحمد اللَّه -جل وعلا- أولًا وآخرًا على ما مَنَّ به من تيسير هذا العمل، ووفق لاتمامه، وأساله -سبحانه- أن يوفقني لاخلاص النية فيه، وأن يتقبله مني، وأن ينفع به، وييسرني للخير واليسرى إنه سميع مجيب. ثم أتقدم بخالص شكري وامتناني لهذه الجامعة العريقة جامعة الإمام محمد ابن سعود الإسلامية، التي احتضنتني في مراحل التعليم، ممثلة بمعالي مديرها ومسؤوليها في كافة قطاعاتها، واخص منها المعهد العالي للقضاء، الذي لم يزل نتاجه موفورًا ومشكورًا وظاهرًا في كل ميدان، وأسال اللَّه -تعالى- أن يرفع منارها، وأن يعلي شأنها، ويزيدها عزًّا وتمكينًا. والشكر موصول لكل من أسدى إليَّ معروفًا وأعانني على إتمام هذا العمل، وعلى رأسهم صاحب الفضيلة الدكتور سليمان بن عبد اللَّه بن حمود أبا الخيل وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية والمشرف على الرسالة، الذي غمرني بفضله وتوجيهه، ونصحه، ولا أجد من الكلام ما يوفي بما في النفس له، لكني أسال اللَّه
-تعالى- أن يتولى مثوبته. اللهم ارزقنا العلم النافع، والعمل الصالح، وزدنا علمًا وعملًا يا أرحم الراحمين، والحمد للَّه رب العالمين، وصلى اللَّه وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه. وكتبه الدكتور محمد بن عبد اللَّه بن صالح اللحيدان * * *
الفصل الأول التعريف بمؤلف كتاب منتهي الإرادات
الفصل الأول التعريف بمؤلف كتاب منتهي الإرادات (*) * المطلب الأول: اسمه، ونسبه، وكنيته: اسمه ونسبه: هو العلامة الفقيه الأصولي: محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن علي بن إبراهيم بن رُشَيد -بضم الراء مصغرًا- الفتوحي المصري الحنبلي، تقي الدين، أبو بكر، الشهير بابن النجار (¬1). كنيته: وأما أصل نسبة الفتوحي، فلعله نسب إلى باب "الفتوح" الذي هو جزء من قصبة القاهرة القديمة، والمعروف بناحية قسم الجمالية بجوار الحسينية، وبالقرب من مقبرة "باب نصر" المشهورة. ولا يبعد أن يكون أحد أجداده القدامى قد أكثر من الخروج للغزو والجهاد، واشتهر بفتح الأمصار والبلاد، فلُقب بـ "الفتوحي"، ثم نسب أولاده إليه. و"الفتوحي" بضم الفاء: جمع فتح والمراد به: افتتاح دار الحرب (¬2). * * * * المطلب الثاني: مولده، ونشأته، وحياته: مولده: ولد رحمه اللَّه سنة (898 هـ). ¬
وكان مكان ولادته: القاهرة، مصر (¬1). نشأته وحياته: نشأ تقي الدين الفتوحي -رحمه اللَّه تعالى- في بيت علم، وأدب، وصلاح، وزهد، إذ كان والده أحمد بن عبد العزيز، من كبار فقهاء الحنابلة، وقاضي قضاتهم بالديار المصرية، ومن علماء السنة والحديث والآثار (¬2). فتأثر -رحمه اللَّه- بهذا الجو العلمي، وبتلك الأسرة الصالحة، فلم تكن حياته حياة لهو وترف ولعب، بل كانت حياة جد، وطلب للعلم، وحرص على الاستفادة والاعتماد على النفس. فاتجه -رحمه اللَّه- إلى طلب العلم وتحصيله على يد والده وغيره من العلماء في عصره، فحفظ على يد والده "المقنع" وغيره من المتون في أنواع العلوم، ولازمه مع غيره من الطلاب (¬3) ليستفيد من غزير علمه، وتنوع معارفه، ويتربى على أخلاقه، فقد كان والده مع علو مكانته الاجتماعية والعلمية متواضعًا، زاهدًا، ورعًا، لا يحب التكلف. وقد أثر هذا البيت الصالح في خلقه وصفاته، فكان -رحمه اللَّه- على جانب كبير من حسن الخلق، وكريم الصفات، وسلامة الصدر. ويشهد لهذا زميله الشعراوي حين ترجم له فقال: "ومنهم سيدنا ومولانا الشيخ، الإمام، العلَّامة، تقي الدين، ولد شيخ الإسلام، الشيخ شهاب الدين الشهير بابن النجار، صحِبته أربعين سنة فما رأيت عليه شيئًا يشينه في دينه، بل نشأ في عفة، وصيانة، ودين، وعلم، وأدب وديانة. . .، وما سمعته قط يستغيب أحدًا ¬
المطلب الثالث: عقيدته
من أقرانه، ولا غيرهم، ولا حسد أحدًا على شيء من أمور الدنيا، ولا زاحم عليها وما رأيت أحدًا أحلى منطقًا، ولا كثر أدبًا مع جليسه منه، حتى يود أنه لا يفارقه ليلًا ولا نهارًا، وبالجملة: فأوصافه الجميلة تَجِل عن تصنيفي" (¬1). ولم يكن -رحمه اللَّه- من أهل الثراء والمال، ولا من الذين اشتغلوا بالفانية عن الباقية، بل كان على تقشف، وزهد، وتقلل من هذه الحياة الدنيا. قال زميله في الطلب الجزيري: "وكانت أيامه جميعًا اشتغالًا بالفُتيا، أو بالتدريس، أو بالتصنيف مع جلوسه في إيوان الحنابلة للقضاء، وفصل الأحكام وربما لُمْتُه في ذلك فيعتذر بفقرة، وكثرة العيلة" (¬2). هذه بعض صور من حياته، وجوانب من نشأته تبين ما كان عليه -رحمه اللَّه- من نشأة صالحة، وحب للعلم، والتحصيل، والإطلاع، وإفادة الناس، وعلو همة، وزهد، وروع، وتَقلُّل من هذه الفانية، وتعلق بالباقية. * * * * المطلب الثالث: عقيدته: لم يرد في كتب التراجم والأعلام التي وقفت عليها ما يوضح أو يشير إلى عقيدة ابن الفتوحي -رحمه اللَّه-. لكن يمكن معرفة جوانب من عقيدته من خلال بعض العقائد التي ذكرها في كتابه: "شرح الكوكب المنير". 1 - قوله في الإيمان: "وعن أحمد -رضي اللَّه عنه- في المعرفة الحاصلة في القلب -هل تقبل التزايد والنقص؟ - روايتان، والصحيح من مذهبنا ومذهب جمهور أهل السنة ¬
إمكان الزيادة في جميع ذلك" (¬1). فأثبت أن الإيمان يزيد وينقص، وهذا مذهب أهل السنة. وأثبت أن الإيمان: "عقد بالجنان، ونطق باللسان، وعمل بالأركان" (¬2). وقال أيضًا -رحمه اللَّه-: "ويجوز الاستثناء فيه؟ أيْ: في الإيمان، بأن تقول: أنا مؤمن -إن شاء اللَّه-، نص على ذلك الإمام أحمد، والإمام الشافعي، ومنع ذلك الإمام أبو حنيفة وأصحابه" (¬3). 2 - وأثبت أن مرتكب الكبيرة إن تاب منها غُفرت، وإلا فهو تحت المشيئة، وأنه لا يخلد في النار، ثم قال: "وخالف المعتزلة، فقالوا: بخلود أهل الكبائر في النار، ولو عملوا حسنات كثيرة، وهذا يصادم القرآن والأحاديث الصحيحة" (¬4). وقال أيضًا: "أجمعنا على أن القرآن كلام اللَّه، كما أخبر به، نحو قوله -تعالى-: {حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6] " (¬5) وقال -رحمه اللَّه- بعد أن ذكر خلاف السلف والخلف في إثبات الحرف والصوت في كلام اللَّه -عز وجل-، والرد على من قال بعدم الإثبات: "ورأينا هؤلاء الأئمة -أئمة الإسلام الذين اعتمد أهل الإسلام على أقوالهم، وعملوا بها، ودونوها، ودانوا اللَّه بها- صرحوا بأن اللَّه يتكلم بحرف وصوت لا يشبهان صوت مخلوق ولا حرفه بوجهٍ البتة، معتمدين على ما صح عندهم عن صاحب الشريعة المعصوم ¬
في أقواله، وأفعاله، الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، مع اعتقادهم -الجازمين به الذي لا يعتريه شك، ولا وهم، ولا خيال- نفي التشبيه، والتمثيل، والتعطيل، والتكييف، وأنهم قائلون في صفة الكلام، كما يقولون في سائر الصفات -للَّه تعالى- من النزول، والاستواء، والمجيء، والسمع، والبصر، واليد، والقدم، والوجه، والعين، وغيرها، كما قاله سلف الأمة مع إثباتهم لها {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ} [يونس: 32]، {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور: 40] " (¬1). 4 - وأثبت الصفات الفعلية: كالنزول، والاستواء، والمجيء، وغيرها (¬2)، والصفات الخبرية: كاليد، والقدم، والوجه، والعين، والذاتية: كالسمع، والبصر، وغيرها (¬3). وقال أيضًا -رحمه اللَّه-: "وهي؛ أيْ: مشيئة اللَّه -سبحانه وتعالى-، وإرادته ليستا بمعنى محبته ورضاه، وسخطه وبغضه (¬4)، فيحب ويرضى ما أمر به فقط، وخلق كل شيء بمشيئته -تعالى-، فيكون ما يشاء لمشيئته، وإن كان قد لا يحبه، وهذا مذهب السلف من أئمة الفقهاء من السلف والمحدثين" (¬5). ثم بين أنواع الإرادة فقال: "ثم اعلم أن إرادة اللَّه سبحانه وتعالى في كتابه نوعان: نوع بمعنى المشيئة لما خلق نحو قوله تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ في ¬
المطلب الرابع: مكانته العلمية
السَّمَاءِ} [الأنعام: 125]. ونوع بمعنى محبته ورضاه لما أمر به، وإن لم يخلقه، نحو قوله -تعالى-: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185] " (¬1). فتبين من النصوص السابقة التي نقلناها عن الفتوحي -رحمه اللَّه- أنه اعتقد فيها اعتقاد السلف، المبني على الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والتابعين لهم بإحسان، ويدل ذلك كثرة نقله لكلام شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم، عند تعرضه لمسائل العقيدة. ولكن يُؤخذ عليه أنه بعد أن أثبت: أن القرآن كلام اللَّه -تعالى- حرفُه ومعناه وأنه غير مخلوق، أنه قال: "وإنما أطلنا لأن غالب الناس في زماننا يزعمون أن القائل بأن اللَّه يتكلم بصوت وحرف قديمين غير متعاقبين، من فوق السماء بقدرته ومشيئته إذا شاء، وكيف شاء -كما قرر-، يكون كافرًا، فهذا أحمد والبخاري وغيرهم -ممن ذكرنا- صرحوا بذلك، وقد سمَّوا مخالِفه مبتدِعًا" (¬2). وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه اللَّه-: "أن اللَّه متكلم بحرف وصوت، وأن صفة الكلام قديمة النوع حادثة الآحاد، وبين بطلان من وصف الصوت والحرف بالقدم" (¬3). * * * * المطلب الرابع: مكانته العلمية: سبق أن الفتوحي -رحمه اللَّه- نشأ في بيت علم، وصلاح، إذ والده من علماء ¬
الحديث والفقه، فتأثر بوالده فنشأ محبًّا للعلم، حريصًا عليه، مشتغلًا بطلبه، فكان من ثمرة ذلك: أن "حفظ المقنع" وغيره من المتون في مختلف العلوم على والده، ولازم والده ملازمة تامة حفظًا، وقراءة، وبحثًا (¬1). كما أنه لم يقتصر على التفقه في مذهب الإمام أحمد -رحمه اللَّه-، بل أخذ عن أصحاب المذاهب الأخرى -كما ذكر ذلك الشعراوي عنه- فاتسعت بذلك دائرة مشايخه، وازداد بذلك عمقًا في الفقه، وكان له أثر في نبوغه وتفوقه (¬2). والمطلَّع على ما حرره من مختصرات، وما سطره من شروح، وما كتبه من مؤلفات، يجد أنه من الفقهاء المدققين، والأصوليين البارعين الملمين بعلم السنة والعربية. فكتابه: "منتهى الإرادات" جمع فيه بين "المقنع" و"التنقيح" وزاد عليهما بعض المسائل، فالجمع بين هذين الكتابين الكبيرين ليس هينًا، بل لابد من فهم تام لما يحتويان عليه من دقيق المسائل، وما يكتنفانه من إشارات وتنبيهات، ومن معرفة في علم العربية وأسالبيها البلاغية. كما أن زيادة المسائل التي -لا توجد فيهما- دليل على سعة اطلاع وتبحر في فقه المذهب. وأيضا شرحه: "الكتاب المنتهى"، وتحليل ألفاظه، وفك غموضه، والاستدلال للمذهب بالكتاب والسنة والآثار والإجماع والمعقول، وذكر الروايات المتعددة عن الإمام، والأقوال الأخرى عن الأصحاب يدل على إطلاع في العربية، وعلم الرواية والسنة، والتبحر في الفقه، ومعرفة بأقوال الأصحاب، وروايات الإمام. ¬
ولم يكن علمه ونبوغه -رحمه اللَّه- بالفقه فحسب، بل برز في أصول الفقه وتمكن فيه، ويدل على ذلك اختصاره لكتاب المرداوي "تحرير المنقول وتهذيب علم الأصول"، ثم شرحه شرحًا نفيسًا حوى قواعد علم الأصول ومسائله، ومعاقد فصوله بأسلوب سلس رصين، لا تعقيد فيه ولا غموض في الجملة، فالكتاب زاخر بالقواعد والفوائد الأصولية، والفروع الفقهية، والمسائل اللغوية والبلاغية، والعلوم المنطقية (¬1). ولا يخفى ما في ذلك من دلالة على تمكن مؤلفه في العلم، وعلو شأنه فيه، وبراعته في التصنيف، واطلاعه الواسع على أكثر الكتابات السابقة له في هذا الفن، واستفادته منها استفادة الناقد البصير (¬2). وقد ذكر زميله الجزيري أن له مصنفًا في علم الحديث، ولعله لا يقل عما كتبه في الفقه والأصول، وبذا أصبح فقيهًا محققا، وأصوليًّا مدققا، ومصنفًا بارعًا، انفرد بعد والده بالإفتاء والتدريس بالأقطار المصرية، وقُصد بالأسئلة من البلاد الشاسعة (¬3). ولهذا تنوعت عبارات العلماء والمترجمين له في الثناء عليه، وبيان ما كان عليه -رحمه اللَّه- من زهد، وصلاح، وتقلل من هذه الحياة الدنيا، وحب للعلم والتحصيل، وإفادة الناس. قال والده بعد أن قرئ عليه كتاب: "منتهى الإرادات" في تقريضه، والثناء على مؤلفه: ". . . فرأيت ألفاظه كالسحر الحلال ومعانيه مطابقة لمقتضى الحال، وتأملت ما فيه من الدرر والجواهر، فتذكرت حينئذ المثل السائر: كم ترك الأول ¬
للآخر، ووجدت مؤلفه قد أحسن ما صنع، وحرر ما قرر وجمع، فليتلق بالقبول، وليُرجَع إلى ما فيه من النقول، وظهر بذلك علو شأنه وتميزه على أقرانه، فلله دَرُّه من إمام همام، وعالم مُفْتنٍّ علام، قد جمع فأوعى، وسعى في تحصيل الفضائل، فلا خَيَّب اللَّه هذا المسعى، وجعلني وإياه من المخلصين في خدمته، الفائزين بمغفرته ورحمته، وختم لنا أجمعين بالحسنى، وبَوَّأ لنا من قربه المحل الأسنى، إنه على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير" (¬1). وقال زميله عبد الوهاب الشعراوي -رحمه اللَّه-: "صحبته أربعين سنة فما رأيت عليه شيئًا يشينه في دينه، بل نشأ في عفة، وصيانة، وعلم، وأدب، وديانة. . . وما سمعته قط يستغيب أحدًا من أقرانه ولا غيرهم، ولا حسد أحدًا على شيء من أمور الدنيا. . .، وما رأيت أحدًا أحلى منطقًا ولا كثر أدبًا مع جليسه منه، حتى يود أنه لا يفارقه ليلًا ولا نهارًا. . .، وبالجملة: فاوصافه الجميلة تَجِل عن تصنيفي، فأسأل اللَّه -تعالى- أن يزيده من فضله علمًا، وعملًا، وورعًا إلى أن يلقاه وهو عنه راضٍ آمين، اللهم آمين" (¬2). وقال زميله الجزيري: "وكانت أيامه جميعًا اشتغالًا بالفُتيا، أو التدريس، أو بالتصنيف، مع جلوسه في إيوان الحنابلة للقضاء وفصل الأحكام" (¬3). وقال أيضًا: "ثم بعد وفاة شيخنا شهاب الشويكي بالمدينة، وتلميذه الشيخ موسى الحجاوي بالشام، انفرد فيما أعلم في سائر أقطار الأرض، وقُصد بالأسئلة من البلاد الشاسعة كاليمن وغيره" (¬4). ¬
المطلب الخامس: مشايخه
وقال الشعراوي أيضًا: "وتبحر في العلوم حتى انتهت إليه الرئاسة في مذهبه، وأجمع الناس أنه إذا انتقل إلى رحمة اللَّه -تعالى- مات بذلك فقه الإمام أحمد في مصر، وسمعت هذا القول مرارًا من شيخنا الشيخ شهاب الدين الرملي" (¬1). وقال الشيخ منصور البهوتي في مقدمة شرح المنتهى (¬2): "أما بعد: فإن كتاب: "المنتهى" لعلَم الفضائل، وأوحد العلماء الأماثل، محمد تقي الدين ابن شيخ الإسلام أحمد شهاب الدين ابن النجار الفتوحي". * * * * المطلب الخامس: مشايخه: أخذ العلم -رحمه اللَّه- عن عالم مصر في وقته والده أحمد بن عبد العزيز الفتوحي، ولازمه ملازمه تامة. ونص من ترجم له على أخذه عن كبار علماء عصره، لكنهم لم يسمُّوا أحدًا من هؤلاء غير والده، فلعله في أثناء رحلته إلى الشام التي صنف فيها كتابه المشهور: "منتهى الإرادات" أخذ عن عالمها في وقته الشويكي (¬3)، شيخ موسى الحجاوي، وقد سبقه الشويكي في: "الجمع بين المقنع والتنقيح"، فلعله استفاد هذه الطريقة من شيخه. وأيضًا فقد نص من ترجم له على أنه أخذ عن أرباب المذاهب المختلفة، ¬
المطلب السادس: رحلاته
لكن لم يعينوا أحدًا منهم. فلعله أخذ عن عالم الشافعية بمصر فى وقته الشهاب الرملي، وقد أشار إلى ذلك زميله في الطلب الشعراوي، حيث قال في ترجمته للفتوحي: "وأجمع الناس على أنه إذا أنتقل إلى رحمة اللَّه -تعالى- مات بذلك فقه الإمام أحمد من مصر، وسمعت هذا القول مرارًا من الشيخ شهاب الدين الرملي" (¬1). * * * * المطلب السادس: رحلاته: أولًا- مجاورته بمكة: قال الجزيرى -رحمه اللَّه-: "وحج قبل بلوغه صحبة والدته، وجاور بمكة، ثم حج لقضاء الفرض عام (955 هـ)، على غاية من التقشف والتقلل من زينة الدنيا، وعاد مكبًّا على ما هو بصدده من الفُتيا، والتدريس لانفراده بذلك" (¬2). ثانيا- رحلته إلى الشام: لم يقتصر -رحمه اللَّه- على علماء بلده، بل رحل إلى الشام، وأقام بها مدة من الزمان، فألف في هذه المدة كتابه المشهور: "منتهي الإرادات" الذي حرر أحكامه على الراجح من المذهب، وعرضه على والده، بعد عودته من رحلته فأثنى عليه، وحاز ثقة والده فاستنابه في وظيفة القضاء حين غاب إلى مرج دابق (¬3). * * * ¬
المطلب السابع: مناصبه
* المطلب السابع: مناصبه: بعد وفاة والده شهاب الدين أحمد بن عبد العزيز الفتوحي، خلفه ابنه محمد في مناصبه العلمية والقضائية، فيما يلي: 1 - جلوسه في إيوان الحنابلة للقضاء وفصل الخصومات، ولم يقبل القضاء إلا بعد أن أشار عليه كثير من علماء عصره بوجوب قبولها وتعينها عليه، وبعد أن سأله الناس إياها وألَحُّوا عليه كي يقولها. 2 - خلف والده في الإفتاء، وتدريس الطلبة في الديار المصرية مع أن والده قبل وفاته قد استنابه في وظيفة أقضى القضاة، حينما توجه إلى: مرج دابق في بعض المهام (¬1). * * * * المطلب الثامن: تلاميذه: أخذ عن الفتوحي -رحمه اللَّه- العلم خلق كثير، وانتفع به جم غفير، وممن نص على أنهم أخذوا منه: 1 - الشيخ عبد الرحمن بن يوسف البهوتي (¬2). ¬
2 - الشيخ محمد بن أحمد المرداوي (¬1). 3 - الشيخ محمد بن عمر الحانوتي (¬2). 4 - الشيخ زامل بن سلطان الخطيب آل يزيدي (¬3). 5 - ولي الدين بن محمد بن أحمد الفتوحي (¬4): وهو أكبر أولاد تقي الدين، ولم أقف على نص على أنه أخذ من أبيه، لكن ورد ما يدل على هذا ويشير إليه، وهو ما ذكره عبد القادر الجزيري: أن تقي الدين وهو مريض سأل قاضي مصر أن يفوض لولده الكبير -المدعو ولي الدين- قضاء الصالحية، فأجابه إلى ذلك. ¬
المطلب التاسع: آثاره العلمية
فسؤال والده له منصب القضاء يدل على معرفة الوالد بفقه ابنه وعلمه وكفاءته، ولا يكون إلا إذا كان الابن أخذ عن أبيه، ولازمه في الطلب حتى طلب الوالد لابنه هذا المنصب الهام، وأيضًا قرب الابن من أبيه يؤيد أنه أخذ عن أبيه. 6 - موفق الدين بن محمد بن أحمد الفتوحي (¬1). * * * * المطلب التاسع: آثاره العلمية: صنف الفتوحي -رحمه اللَّه- مؤلفات في فنون مختلفة ومنها: 1 - "منتهى الإرادات في جمع المقنع مع التنقيح، وزيادات". 2 - "شرح منتهى الإرادات": شرحه شرحًا وافيًا بيَّن غوامضه وكشف دقائقه، وتظهر أهمية هذا الشرح من أهمية متنه، وما حازه هذا المتن من انتشار وقبول، لتحقيقه غاية المراد ووصوله إلى منتهى الإرادات، ولا يتصور أن يكون هناك إنسان أعرف بمراده من كلامه منه. وكتاب "شرح المنتهى" -مع احتوائه لمادة متنه وما لها من أهمية وقيمة علمية- فإنه يتضمن فوائد علمية تزيد من قيمته العلمية منها: أ- استدلاله للمذهب بالأدلة من الكتاب أو السنة، أو الإجماع، أو التعليل. ب- ذكره للروايات والأقوال في مذهب الإمام أحمد -رحمه اللَّه-. فيكون المطلع عليها مُلِمًّا بمذهب الإمام أحمد وما فيه من روايات وأقوال، ¬
المطلب العاشر: وفاته
عارفًا بالراجح منه. ج- توضيح ما يمكن أن يكون غامضًا من ألفاظ المتن وعباراته، وكشف النقاب عما استتر عن الخطاب من مراده ومدلولاته. د- إشارته في بعض المسائل إلى آراء المذاهب الأخري، فهو من كتب الخلاف في بعض المسائل. 3 - "مختصر التحرير": اختصره من كتاب: "تحرير المنقول وتهذيب علم الأصول" للمرداوي، قال الفتوحي (¬1): "إنما وقع اختياري على اختصار هذا الكتاب دون بقية كتب هذا الفن، لأنه جامع لأكثر أحكامه، حاوٍ لقواعده وضوابطه، وأقسامه، قد اجتهد مؤلفه في تحرير نقوله وتهذيب أصوله". 4 - "شرح الكوكب المنير": وهو شرح لـ"مختصر التحرير" المتقدم. 5 - ذكر عبد القادر الجزيري في ترجمته للفتوحي أن له مصنفًا في الحديث (¬2). * * * * المطلب العاشر: وفاته: توفي -رحمه اللَّه- يوم الجمعة الثامن عشر من شهر صفر سنة (972 هـ) (¬3)، وكانت وفاته أثر مرض من الزحير (¬4) الذي أصابه، واستمر معه خمسة عشر يومًا، فتأسف عامة الناس وأهل العلم على وفاته، وأكثروا من الترحم عليه، وخرج نعشه ¬
من المدرسة الصالحية يوم السبت التاسع عشر، وصلى عليه ولده موفق الدين بالجامع الأزهر، ودفن بتربة المجاورين (¬1). وقد رُثِيَ بأبيات هي: لما ثوى الشيخ الإمام دَفينا ... أضحى الوجود بأَسره محزونا فقد التقى الحنبلي وقد غدا ... بمصابه الإسلام يلطم عَينا وَاغْبرَّ وجه الحق عند وفاته ... والدين مصدوع يطيل غبونا وغدت ربوع الفقه وَهْي دوارس ... ومجالس التدريس تندب حينا يا قبره ما أنت إلا روضة ... حازت إمامًا زاكيًا وفنونا قد ضم هذا اللحد نورًا باهرًا ... وعلوم فقه حُررت وسكونا فسقى الإله عُهَاده صوب الرضا ... وأثابه عفوًا وعِلِّيِّينا (¬2) * * * ¬
الفصل الثاني التعريف بكتاب منتهى الإرادات
الفصل الثاني التعريف بكتاب منتهى الإرادات (*) القسم الأول * المطلب الأول: اسم الكتاب: اسمه: "منتهى الإرادات في جمع المقنع مع التنقيح، وزيادات". للأدلة الآتية: 1 - قول المؤلف في مقدمته (¬1): وسميته: "منتهى الإرادات في جمع المقنع مع التنقيح، وزيادات". 2 - أن هذه التسمية هي الواردة في شرح المؤلف لهذا الكتاب (¬2). 3 - أن جميع النسخ التي وقفت عليها، اعتمدتها في التحقيق، ورد هذا الاسم على غلافها. 4 - ورود هذا الاسم في الكتب التي اعتنت بهذا الكتاب، إما بالشرح (¬3)، أو التحشية (¬4)،. . . . . ¬
المطلب الثاني: نسبة الكتاب إلى مؤلفه
أو الجمع بينه وبين "الإقناع" (¬1). 5 - ورود هذا الاسم في الكتب التي ترجمت للمؤلف (¬2). 6 - ورود هذا الاسم في الكتب التي نقلت عن هذا الكتاب (¬3). * * * * المطلب الثاني: نسبة الكتاب إلى مؤلفه: لقد توفر لدينا -بحمد اللَّه- من الأدلة القاطعة، والبراهين الساطعة ما يؤكد نسبة كتاب: "المنتهى" إلى الشيخ محمد بن أحمد ابن النجار الفتوحي -رحمه اللَّه-. ومن الأدلة على هذا: 1 - إقرار الفتوحي نفسه بكتاب: "المنتهى"، ونسبته إليه، فلقد جاء في كتابه "شرح المنتهى" (¬4) ما نصه: "وقد كنت ألَّفت كتابًا جمعت فيه بين "المقنع" و"التنقيح المشبع" الذي هو تصحيح عليه، وزدت على مسائلهما ما ظهر لي أنه المحتاج إليه، لكنني لما بالغت في اختصار ألفاظه حتى صارت على وجوه عرائس معانية كالنقاب، فاحتاجت إلى شرح يبرزها لمن يريد إبرازها من الطلاب والخطاب، فتصديت لكتاب يشرحه شرحًا يبين حقائقه، ويوضح معانيه ودقائقه". ¬
* سبب تأليفه
2 - أن جميع نسخ الكتاب على اختلاف ناسخيها، وتباعد مواطن وجودها جاء اسم المؤلف فيها مصرحًا به، وأنه: محمد بن أحمد ابن النجار الفتوحي، مما لا يدع مجالًا للشك بأن ابن النجار هو صاحب كتاب: "المنتهى". 3 - ذِكْرُ فقهاء الحنابلة لكتاب: "المنتهى"، ونسبته للفتوحي، ونقلهم عنه، واقتباسهم منه. 4 - ذِكْرُ علماء التاريخ، والتراجم، والسِّيَر لكتاب: "المنتهى" ونسبته للفتوحي (¬1). كل هذه الأدلة وغيرها تجعلنا نجزم يقينًا أن كتاب: "المنتهى". * سبب تأليفه: وأما عن سبب تأليف "منتهى الإرادات"؛ فإن الفتوحي -رحمه اللَّه-؛ رأى أهمية كتاب: "التنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع" للمرداوي -رحمه اللَّه-؛ لكونه اعتنى بتفسير ما أبهم في: "المقنع"، وتصحيح ما أطلق، من الروايات والأوجه، وتقييد ما أطلق من الشروط، لكنه في الوقت ذاته لا يغني عن أصله وهو كتاب: "المقنع" للموفق ابن قدامة -رحمه اللَّه-؛ وذلك لكونه لم يتعرض لما قطع به في المقنع، أو صححه، أو قدمه، أو ذكر أنه المذهب. . .، لذا فلابد من الجمع بينهما. وقد نص الفتوحي -رحمه اللَّه- في مقدمة "المنتهى" على هذا السبب فقال: "وبعد: فـ "التنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع". . . قد كان المذهب محتاجًا إلى مثله، إلا أنه غير مستغنٍ عن أصله، فاستخرت اللَّه -تعالى- أن أجمع مسائلهما ¬
* مكان تأليفه
في واحد مع ضم ما تيسر عقله من الفوائد الشوارد. . . " (¬1). * مكان تأليفه: وأما عن مكان تأليفه: فقد ألفه الفتوحي في الشام أثناء رحلته إليها، حيث أقام هناك مدة من الزمان، وعاد إلى مصر وقد ألف "المنتهى" (¬2). * * * * المطلب الثالث: قيمته العلمية: تبدو أهمية كتاب: "المنتهى" أن مؤلفه الفتوحي جمع بين كتابين عظيمين لمؤلفين جليلين لهما الصدارة في تقرير المذهب. الكتاب الأول: "المقنع" (¬3) لشيخ المذهب الموفق ابن قدامة، وقد اجتهد مؤلفه -رحمه اللَّه- في جمعه وترتيبه، وإيجازة، وتقريبه، وسطًا بين القصير والطويل، وجامعًا كثر الأحكام عُرْية عن الدليل، أو التعليل. وقد أطلق مؤلفه في كثير من مسائله روايتين، ليتمرن الطالب على ترجيح الروايات فيتربى على الميل إلى الدليل. وقد نال هذا الكتاب اهتمامًا كبيرًا من علماء المذهب لقيمته العلمية، قال المرداوي (¬4): "إنه من أعظم الكتب نفعًا، وأكثرها جمعًا"، ولهذا أخذ العلماء في خدمته فشرحوه عدة شروح منها: ¬
1 - الشرح الكبير. 2 - المبدع. وخُدِم من جهة بيان الغريب، وتحليل الألفاظ في كتاب "المطلع على أبواب المقنع". ومن جهة بيان أدلة مسائله كما في: "كفاية المستقنع لأدلة المقنع". ومن جهة التصحيح، وبيان الراجح من الروايات وأقوال الأصحاب المختلفة في المذهب، كما في: "الإنصاف"، و"التنقيح المشبع". ومن جهة الاختصار كما في: "زاد المستقنع". كل هذه الجوانب وغيرها تدل على أهمية هذا الكتاب عند الأصحاب -رحمهم اللَّه-. الكتاب الثاني: "التنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع" الذي هو تصحيح لكتاب: "المقنع"، واختصار لكتاب: "الإنصاف"، وكتاب: "الإنصاف" أهميته عند المتأخرين من الحنابلة لا تخفى، فقد سلك فيه مؤلفه مسلكًا لم يسبق إليه أحد من علماء المذهب. وطريقته: أنه يذكر في المسألة أقوال الأصحاب، ثم يجعل المختار ما قاله الأكثر منهم، سالكًا في ذلك مسلك ابن قاضي عجلون في تصحيحه لمنهاج النووي (¬1)، فصار كتابه مغنيًا للمقلد عن سائر كتب المذهب، ثم اقتضب منه كتابه المسمى: "بالتنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع"، فصحح فيه الروايات المطلقة في: "المقنع"، وما أطلق فيه من الوجهين أو الأوجه، وقيد ما أخلَّ به من الشروط، وفسر ما أبهم فيه من حكم أو لفظ، واستثنى من عمومه ما هو مستثنى على المذهب حتى ¬
خصائص النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقيد ما يحتاج إليه القيد، ويحمل على بعض فروعه ما هو مرتبط بها. وكذا ما قطع به الموفق، أو قدَّمه، أو صححه وذكر أنه المذهب، والمشهور خلافه، فإنه أتى بمكانه بالصحيح من المذهب، مع الإشارة إلى نص الإمام أحمد -رحمه اللَّه- إن كان في المسألة، إلا أن ما قطع به الموفق، أو قدمه، أو صححه، أو ذكر أنه المذهب، أو كان مفهوم كلامه مخالفًا لمنطوقه، وكان موافقًا للصحيح من المذهب، فإنه لا يتعرض إليه في التنقيح (¬1). وزاد مسائل محررة مصححة، فصار كتابه تصحيحًا لغالب كتب المذهب (¬2). قال مؤلفه -رحمه اللَّه-: "فإذا انضم هذا التصحيح إلى بقية ما في الكتاب تحرر المذهب -إن شاء اللَّه تعالى-، وهو في الحقيقة تصحيح، وتنقيح، وتهذيب لكل ما فى معناه، بل وتصحيح لغالب ما في المطولات، ولا سيما في التتمات، وهذه طريقة لم أر أحدًا ممن يتكلم على التصحيح سلكها، وإنما يصححون الخلاف المطلق من الروايات، والأوجه، والاحتمالات فقط، ففاتهم شيء كثير جدًّا مع مَسِيس الحاجة إليه كثر مما فعلوه، واللَّه الموفق، وأمشي في ذلك كله على قول واحد، وهو الصحيح من المذهب أو ما اصطلحنا عليه في: "الإنصاف"، و"تصحيح الفروع" فيما إذا اختلف الترجيح" (¬3). هذا جانب من أهمية هذين الكتابين الجليلين، ومدى الارتباط الوثيق بينهما. فجاء كتاب: "منتهى الإرادات" ليحيط بهما، وليجمع شملهما في كتاب ¬
واحد، فحقق بذلك ما كان محتاجًا إليه في المذهب، ويسر أمرًا كان يتشوق إليه، فنال ما يستحقه من العناية والاهتمام، وحظي بالقبول والانتشار، فكان والده يقرؤه للطلاب ويثني عليه، واشتغل به عامة الحنابلة واقتصروا عليه، فقدموه فى الحفظ، والتدريس، والإفتاء، والقضاء، وكتبوا عليه عدة شروح، وحَوَاشٍ، وتعليقات. قال والد المصنف في تقريضه لكتاب المنتهى: "وبعد: فقد وقفت على مواضع من هذا الموَلَّف الفريد، والجمع الحسن المفيد، المُنبي عن نباهة مؤلفه بلا ترديد، فرأيت ألفاظه كالسحر الحلال، ومعانيه مطابقة لمقتضى الحال، وتأملت ما فيه من الدُّرَر والجواهر، فتذكرت حينئذ المثل السائر: كم ترك الأول للآخر، ووجدت مؤلفه قد أحسن ما صنع، وحرر ما قرر وجمع، فليُتَلَقَّ بالقبول، وليرجع إلى ما فيه من النقول. . . " (¬1). وقال الشيخ منصور في مقدمة شرحه للمنتهى (¬2): "أما بعد: فإن كتاب: "المنتهى" لعَلَم الفضائل، وأوحد العلماء الأماثل محمد تقي الدين، ابن شيخ الاسلام أحمد شهاب الدين ابن النجار الفتوحي. . .، كتاب وحيد في بابه، فريد في ترتيبه واستيعابه، سلك فيه منهجًا بديعًا، ورَضَعَه ببدائع الفوائد ترصيعًا، حتى عُدَّ ذلك الكتاب من المواهب، وسار في المشارق والمغارب". وقال ابن بدران (¬3): "واعلم أن لأصحابنا ثلاثة متون حازت اشتهارًا أيَّما اشتهار: أولها: "مختصر الخرقي" فإن شهرته عن المتقدمين سارت مشرقًا ومغربًا إلى ¬
المطلب الرابع: منهج المؤلف في كتابه
أن ألف الموفق كتابه: "المقنع"، فاشتهر عند علماء المذهب قريبًا من اشتهار "الخرقي" إلى عصر التسعمئة، حيث ألف القاضي علاء الدين المرداوي "التنقيح المشبع"، ثم جاء بعده تقي الدين محمد بن أحمد ابن النجار الشهير بالفتوحي، فجمع المقنع من التنقيح في كتاب سماه: "منتهى الإرادات في جمع المقنع مع التنقيح، وزيادات"، فعكف الناس عليه، وهجروا ما سواه من كتب المتقدمين". ومن مظاهر ذلك جعله أهم المصادر الفقهية التي يعتمد عليها القاضي في المملكة العربية السعودية؛ حيث جاء في قرار الهيئة القضائية - عدد (3) بتاريخ 7/ 1/ 1347 هـ، المقترن بالتصديق العالي بتاريخ (24/ 3/ 1347 هـ) فقرة (ب) - تحديد الكتب المعتمدة في القضاء في المملكة العربية السعودية، حيث اعتمد فيها كتابان هما: 1 - "شرح المنتهى" للفتوحي. 2 - "كشاف القناع شرح الإقناع" للبهوتي. وقد نص القرار على أن ذلك فيما اتفق عليه الكتابان، وأما ما اختلفا فيه فالعمل يكون بما في "المنتهى" (¬1). * * * * المطلب الرابع: منهج المؤلف في كتابه: كل مؤلف له منهج يسير عليه في كتابه، وقد يصرح به، قد لا يصرح ولكنه يعرف بالتتبع والاستقراء، وقد ذكر الفتوحي -رحمه اللَّه- طريقته في مقدمة كتابه، وتتلخص فيما يلي: ¬
1 - الجمع بين مسائل كتابَي: "المقنع" للموفق، و"التنقيح المشبع" -الذي هو تصحيح للمقنع- في كتاب واحد. 2 - زيادة بعض المسائل المهمة التي لم تكن في الكتابَين. 3 - حذف ما يستغنى عنه من عبارتَي الكتابَين، أو أحدهما، أو ذكر عبارة أخصر من عبارتيهما. 4 - حذف القول المرجوح، وما بُنِيَ عليه من الفروع. 5 - أنه لا يذكر في كتابه إلا ما قَدَّم، أو صَحَّح في التنقيح، ولو كان مقدَّمًا أو مصححًا في غيره إلا إذا كان غير المقدم، والمصحح في التنقيح، عليه العمل أو قال بعض الأصحاب: إنه المشهور، أو اختلف التصحيح بين المقدم وغيره، لكن لم يبلغ من صحح الثاني رتبة من صحح الأول في الكثرة أو التحقيق، فربما يشير إلى الثاني تصريحًا، أو تلويحًا. 6 - إذا لم يجد تصحيحًا لأحد القولين، فإنه يقول: قيل، وقيل، وهذا نادر. 7 - إذا كان القولان لواحد من الأصحاب، ولم تنقل المسألة عن غيره، فإنه يحكيها بقوله: "فيه احتمالان"، من غير ترجيح، لإطلاق قائلهما (¬1). وهذا المنهج الذي سلكه المؤلف، والطريقة التي سار عليها، وهي الجمع بين المقنع والتنقيح لم ينفرد الفتوحي بالسبق لها، بل سبقه إليها غيره من الأصحاب. فأول من سبق إليها المحقق أحمد بن عبد اللَّه بن أحمد العسكري (¬2). فقد ¬
المطلب الخامس: شروح الكتاب وحواشيه
صنف كتابًا جمع بينه وبين "المقنع" و"التنقيح"، ولكن المنية اخترمته قبل أن يكمله، وقد وصل فيه إلى باب الوصايا (¬1). ثم جاء تلميذه الشيخ أحمد بن محمد بن عمر الشويكي (¬2)، فألف كتابًا جمع فيه بين "المقنع" و"التنقيح"، وزاد عليهما بعض المسائل المهمة، وسماه: "التوضيح في الجمع بين المقنع والتنقيح". وقد قيل: إن كتاب: "التوضيح" هو أصله كتاب العسكري، فجاء تلميذه الشويكي فأكمله (¬3) بعده من كتاب: "الوصايا" (¬4). * * * * المطلب الخامس: شروح الكتاب وحواشيه: اعتنى علماء المذهب بهذا الكتاب، وخدموه خدمة جليلة بالشروح والحواشي. أ- فشروح الكتاب: 1 - " شرح المؤلف": شرح المؤلف كتابه: "المنتهى" شرحًا مفيدًا، كان أغلب استمداده فيه من ¬
كتاب "الفروع" (¬1)، فحلل كثيرًا من ألفاظه، وعضد ما اختاره في المتن من أنه المذهب بذكر نصوص الامام أحمد -رحمه اللَّه-، أيد الراجح من المذهب بذكر دليله من النقل أو العقل. وكان سبب تأليفه: أن الفتوحي لما رأى ما لاقاه "المنتهى" من القبول لدى الطلبة ورأى صعوبة ألفاظه للمبالغة في اختصارها، ألف هذا الشرح قال في مقدمته: "لكني لما بالغت في اختصار ألفاظه، صارت ألفاظه على وجه غير آيس معانيه كالنقاب، فاحتاجت إلى شرح يبرزها لمن يريد إبرازها من الطلاب والخطاب، فتصديت لكتاب أشرحه شرحًا يبين حقائقه، ويوضح معانيه ودقائقه راجيًا من اللَّه -تعالى- جزيل الثواب في يوم المرجع والمآب" (¬2). وكان ممن أشار عليه بذلك صاحبه الجزيرى صاحب "الدرر الفرائد"، قال في "الدرر": "ثم أشرت عليه بشرحه، فكتب عليه شرحًا مفيدًا في ثلاث مجلدات أحسن فيه ما شاء" (¬3). وقد طبع هذا الشرح بتحقيق معالي الدكتور عبد الملك بن عبد اللَّه بن دهيش. 2 - "شرح المنتهى" للبهوتي: وشرحه أيضًا العلامة منصور بن يونس البهوتي في ثلاث مجلدات، وقد جمع هذا الشرح من "شرح الفتوحي للمنتهى"، ومن شوحه نفسه على "الإقناع" (¬4). وهو مطبوع متداول. ¬
ب- الحواشي على الكتاب
3 - "شرح المنتهى" للعوفي: وشرحه أيضًا الشيخ إبراهيم العوفي (1030 - 1094 هـ) في عدة مجلدات (¬1). 4 - "شرح المنتهى" للشيخ سليمان بن علي بن مشرف (ت 1079 هـ): قيل: إنه لما اطلع على شرح الشيخ منصور، ووجده مطابقًا لما عنده أتلفه (¬2). وقيل: إنه هم بشرحه ولم يشرحه (¬3)، فاللَّه أعلم!. ب- الحواشي على الكتاب: تنقسم الحواشي على كتاب: "منتهى الإرادات" إلى قسمين: القسم الأول: حواشٍ على المتن فقط. القسم الثاني: حواشٍ على الشرح مع المتن. القسم الأول- الحواشي على المتن: 1 - حاشية الشيخ محمد الفارضي القاهري، شمس الدين، الشاعر المشهور (ت 981 هـ). ذكرها الخلوتي في "حاشيته"، ويرمز لها بـ "فارضي"، أو "ف"، أو "حواشي الفارضي". وذكرها أيضًا الشيخ عثمان في "حاشيته" (¬4). ¬
القسم الثاني- الحواشي على الشرح مع المتن
2 - حاشية الشيخ تاج الدين بن شهاب الدين بن علي البهوتي تلميذ الفتوحي (¬1). 3 - حاشية الشيح يوسف بن أحمد الفتوحي؛ ابن المصنف (¬2). 4 - حاشية الشيخ منصور البهوتي "إرشاد أولي النهي لدقائق المنتهى" (¬3). 5 - حاشية الشيخ عثمان بن أحمد الفتوحي، حفيد المصنف (ت 1064 هـ) (¬4). 6 - حاشية الشيح ياسين بن علي اللبدي (ت 1058 هـ) تقريبا (¬5). 7 - حاشية الشيخ محمد الخَلوتي، وهي هذا الكتاب المراد تحقيقه. 8 - حاشية الشيخ عثمان بن قائد النجدي (ت 1097 هـ) (¬6)، وقد طبعت بتحقيق معالي الدكتور عبد اللَّه التركي. 9 - حاشية الشيخ أحمد بن محمد بن عوض المرداوي (ت 1105 هـ) (¬7). القسم الثاني- الحواشي على الشرح مع المتن: 1 - حاشية الشيخ أحمد بن أحمد المقدسي، واسمها: "فتح مولى النهي لديباجة شرح المنتهى (¬8) ". ¬
2 - حاشية الشيخ عبد القادر الدنوشري (ت 1030 هـ) (¬1). 3 - حاشية الشيخ عبد الوهاب بن فيروز (ت 1205 هـ) (¬2). 4 - حاشية الشيخ غنام بن محمد بن غنام النجدي (ت 1240 هـ) (¬3). 5 - حاشية الشيخ عبد اللَّه بن عبد الرحمن أبابطين (1194 - 1182 هـ) (¬4). 6 - حاشية الشيخ سليمان بن إبراهيم الفداغي النجدي، من علماء القرن الثالث عشر، واسمها: "تذكرة الطالب لكشف المسائل الغرائب" (¬5). 7 - حاشية الشيخ محمد بن عبد اللَّه بن حميد النجدي ثم المكي (1236 - 1295 هـ)، وصل فيها إلى كتاب الوصايا (¬6). 8 - حاشية الشيخ عبد القادر بن بدران الدمشقي (ت 1346 هـ)، وصل فيها إلى باب السلم (¬7). 9 - حاشية الشيخ عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن جاسر النجدي التميمي (1313 - 1401 هـ)، تقع في مجلدين (¬8). 10 - وللشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي (1307 - 1376 هـ) حواشٍ على المنتهى وشرحه بهامش نسخته، وهي عبارة عن استدراكات واختيارات ¬
المطلب السادس: المآخذ على الكتاب
وتصحيحات، رأيتها بخطه. ولم يقتصر اهتمام علماء المذهب في خدمة هذا الكتاب بالشروح والحواشي والتعليق، بل تعدى ذلك إلى الجمع بينه وبين "الإقناع"، و"الاختصار". أما الجمع: فقد جمع بينهما الشيخ العلامة مرعي بن يوسف الكرمي (ت 1033 هـ) في كتابه: "غاية المنتهى في الجمع بين "الإقناع"، و"المنتهى". " (¬1). وأما الاختصار: فقد اختصر الشيخ مرعي أيضًا كتاب المنتهي بكتاب سماه: "دليل الطالب لنيل المطالب" (¬2). وكل هذه العناية السابقة لكتاب: "المنتهى" من الشرح، والتحشية، والتعليق، والجمع، والاختصار، تدل على اهتمام العلماء به، وأنه المعتمد والمرجع عند متأخري الحنابلة، وما ذاك إلا لما ظهر لهم من تحقيق مؤلفه، والمبالغة في تحريره، وبنائه على الراجح من المذهب المعول عليه في القضاء والإفتاء (¬3). * * * * المطلب السادس: المآخذ على الكتاب: كان من الصعب أن أدون هذا العنوان، وأسطر فيه ما يعدُّ مأخذًا على عالم جليل انفرد في عصره، وأصبح فريد دهره، وأجمع على علمه وفضله الأقران، وقد أوتي قلمًا بارعًا، وعلمًا واسعًا، فعُدَّ من الفقهاء المحققين، والأصوليين المدققين. لكن قَوَّى عزمي أنه من فعل البشر، وأن الخطأ، أو التقصير، أو السهو حاصل ¬
المطلب السابع: وصف النسخ المعتمدة في التحقيق
لا محالة إلا لمن عُصم، وشد من عضدي أن ما يراه إنسان عيبًا ومأخذًا، يراه آخر ميزة وحُسنًا؛ فاختلاف النظر حاصل بين البشر، وأيضًا فما أذكره من ملاحظات سبقني بذكرها علماء أجلاء، فقد استفدتها من شروح الكتاب وحواشيه، لذا كتبت ما بدا لي أثناء عملي في التحقيق أنه من الملاحظات، وهي كما يلي: 1 - أن المؤلف -رحمه اللَّه- عَقَّدَ عبارة الكتاب (¬1)، وبالغ في ذلك طلبًا للاختصار، حتى وصل إلى حد التكلف في بعض الأحيان، وأصبحت عبارة الكتاب أحيانًا صعبة لا تكاد تفهم إلا مع شرحها (¬2). 2 - أن المؤلف -رحمه اللَّه- فاته أحيانًا حسن اختيار العبارة، وتركيبها، وتأليفها، فتجده أحيانا يعبر بعبارة طويلة، وقد تكون غير واضحة، مع إمكان التعبير بعبارة أوضح وأسهل. 3 - أن المؤلف -رحمه اللَّه- فاته أحيانًا حسن ترتيب ألفاظ المتن، فتجده يُقَدِّم ما كان الأولى تأخيره، أو بالعكس. 4 - إيراد بعض البدع، والتساهل في مشروعيتها. * * * * المطلب السابع: وصف النسخ المعتمدة في التحقيق: اعتمدت في تحقيق متن "المنتهى" على نسخة بخط المؤلف -رحمه اللَّه- ويدل لذلك: 1 - أن في اللوحة الأولى ما نصه: "كتاب منتهى الإرادات في الجمع بين المقنع والتنقيح، وزيادات، بخط مؤلفه الإِمام العلَّامة، الحبر الفهامة محمد بن ¬
أحمد بن عبد العزيز الفتوحي الحنبلي -رحمه اللَّه- آمين". 2 - جاء في هامش هذه النسخة (ق 8/ ب) وقد شطب على بعض الكلمات أثناء المتن ما نصه: "الظاهر أن هذا الشطب ليس من المصنف". 3 - جاء في اللوحة الأخيرة ما نصه: "فرغ جامعه من تبييضه في سابع عشر شعبان المكرم (942 هـ)، وكتبه محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن علي الفتوحي الحنبلي -عفا اللَّه عنه وعن والديه وجميع المسلمين-". وهذه النسخة كاملة، وإليك وصفها: مكانها: المكتبة الأزهرية. رقم الحفظ: الرقم العام (5402)، والخاص (19)، فقه حنبلي. عدد اللوحات: (330) لوحة. عدد الأسطر: (17) سطرًا في اللوحة الواحدة، في كل سطر (10) كلمات. نوع الخط: معتاد، وقد ضبط بعض كلماتها بالشكل، ولم يذكر فيها تاريخ النَسْخ. وقد رمزت لها بـ "الأصل". ورمزت للنسخة المطبوعة بتحقيق الشيخ عبد الغني عبد الخالق بـ "م". * * *
الفصل الثالث التعريف بكتاب منتهى الإرادات
الفصل الثالث التعريف بكتاب منتهى الإرادات (*) القسم الثاني * المطلب الأول: اسم الكتاب: لا تختلف المصادر في تسمية كتاب المنتهى. وأن أسمه (منتهى الإرادات في جمع المقنع مع التنقيح وزيادات)؛ وذلك أن هذا هو الاسم الذي سماه به مؤلفه نصًّا فقد جاء في مقدمته قوله -رحمه اللَّه-: (وبعد: فالتنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع في الفقه على مذهب الإِمام المبجل أبي عبد اللَّه أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني، قد كان المذهب محتاجًا إِلى مثله؛ إِلا أنه غير مستغن عن أصله، فاستخرت اللَّه تعالى أن أجمع مسائلهما في واحد مع ضم ما تيسر عقله من الفوائد. . . وسميته: (منتهى الإِرادات في جمع المقنع مع التنقيح وزيادات) وأسأل اللَّه سبحانه وتعالى العصمة والنفع، به وأن يرحمني وسائر الأمة. . .) (¬1). وغالب استمداد الفتوحي في المنتهى من كتاب الفروع لابن مفلح -رحمه اللَّه- (¬2). * * * ¬
المطلب الثاني: نسبته إلى مؤلفه وسبب تأليفه
* المطلب الثاني: نسبته إلى مؤلفه وسبب تأليفه: ليس في نسبة منتهى الإرادات إلى العلامة ابن النجار الفتوحي أي شك بل صار الكتاب علمًا عليه -رحمه اللَّه- يُعَرَّف به؛ فيقال: الفتوحي صاحب المنتهى؛ تمييزًا له عن غيره من آل الفتوحي، ويقال في ترجمة والده شهاب الدين: والد صاحب المنتهى، وذلك مما أجمع عليه الحنابلة دون أي خلاف (¬1). وأما عن سبب تأليف منتهى الإرادات؛ فإن الفتوحي -رحمه اللَّه- رأى أهمية كتاب (التنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع) للعلاء المرداوي -رحمه اللَّه-؛ لكونه اعتنى بتفسير ما أبهم في المقنع، وتصحيح ما أطلق، من الروايات والأوجه، وتقييد ما أطلق من شروطه أو مستثنياته، لكنه في الوقت ذاته لا يغني عن أصله وهو كتاب المقنع للموفق ابن قدامة -رحمه اللَّه-؛ وذلك لكونه لم يتعرض لما قطع به في المقنع، أو صححه، أو قدَّمه، أو ذكر أنه المذهب؛ لذا فلا بد من الجمع بينهما، وقد نص الفتوحي -رحمه اللَّه- في مقدمة المنتهى على هذا السبب فقال: (وبعدُ: فالتنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع. . .، قد كان المذهب محتاجًا إلى مثله، إلا أنه غير مستغنٍ عن أصله، فاستخرت اللَّه -تعالى- أن أجمع مسائلهما في واحدٍ مع ضم ما تيسر عقله من الفوائد الشوارد. . .) (¬2). وأما عن مكان تأليفه: فقد ألفه الفتوحي في الشام أثناء رحلته إليها، حيث أقام هناك مدة من الزمان، وعاد إلى مصر وقد ألَّف المنتهى (¬3). ¬
المطلب الثالث: قيمته العلمية ومنزلته بين كتب المذهب
* المطلب الثالث: قيمته العلمية ومنزلته بين كتب المذهب: لكتاب (منتهى الإرادات) منزلة كبيرة في المذهب، فهو أحد المتون الثلاثة التي حازت الاشتهار لدى الحنابلة، بل هو أشهرها لدى المتأخرين، قال ابن بدران: (واعلم أن لأصحابنا ثلاثة متون حازت اشتهارًا أيما اشتهار؛ أولها: مختصر الخرقي؛ فإن شهرته عند المتقدمين سارت مشرقًا ومغربًا، إِلى أن ألَّف الموفق كتابه (المقنع) فاشتهر عند علماء المذهب قريبًا من اشتهار الخرقي، إلى عصر التسعمئة، حيث ألَّف علاء الدين المرداوي (التنقيح المشبع)، ثم جاء بعده تقي الدين أحمد ابن النجار الشهير بالفتوحي فجمع المقنع مع التنقيح في كتاب سماه (منتهى الإرادات في جمع المقنع مع التنقيح وزيادات)، فعكف الناس عليه، وهجروا ما سواه من كتب المتقدمين؛ كسلًا منهم، ونسيانًا لمقاصد علماء هذا المذهب) (¬1). وهذا يوضح مدى أهمية المنتهى لدى الحنابلة، ولا سيما أنه شامل لكتاب المقنع الذي وجد من العناية في المذهب شرحا واختصارًا ما لم يجده غيره. وهذه الأهمية للكتاب والعناية به بدأت بعد تأليفه مباشرة، حيث اشتغل به عامة طلحة الحنابلة في عصر مؤلفه. واقتصروا عليه، وقرئ على والده الشيخ شهاب الدين أيضًا بحضرته مراتٍ، مما دعا مؤلفه الفتوحي لشرحه بكتاب (معونة أولي النهي) (¬2). ولم يزل هذا القبول لكتاب المنتهى على قوته إلى عصرنا الحاضر حيث أن له بين الحنابلة منزلة خاصة جدًّا، ومن مظاهر ذلك جعله أهم المصادر الفقهية التي يعتمد عليها القاضي في المملكة العربية السعودية؛ جاء في قرار الهيئة القضائية ¬
المطلب الرابع: شروح كتاب منتهى الإرادات وحواشيه
عدد (3) بتاريخ 7/ 1/ 1347 هـ المقترن بالتصديق العالي بتاريخ 24/ 3/ 1347 هـ فقرة (ب) تحديد الكتب المعتمدة في القضاء في المملكة العربية السعودية، حيث اعتمد فيها كتابان هما: 1 - شرح المنتهى للفتوحي. 2 - كشاف القناع شرح الإقناع للبهوتي. وقد نصَّ القرار على أن ذلك فيما اتفق عليه الكتابان، وأما ما اختلفا فيه فالعمل يكون بما في المنتهى (¬1). * * * * المطلب الرابع: شروح كتاب منتهى الإرادات وحواشيه: من مظاهر العناية بكتاب منتهى الإرادات أن كثرت شروحه وحواشيه، فمن ذلك: 1 - شروح الفتوحي مؤلفه نفسه، واسمه (معونة أولي النهي شرح المنتهي). وكان سبب تأليفه أن الفتوحي لما رأى ما لاقاه المنتهى من القبول لدى الطلبة، ورأى صعوبة ألفاظه للمبالغة في اختصارها، ألَّف هذا الشرح في ثلاث مجلدات ضخام جاء في مقدمته: (لكني لما بالغت في اختصار ألفاظه -يقصد كتاب المنتهى- صارت ألفاظه على وجه غير أيسر، معانيه كالنقاب؛ أيْ: صعبة مغلقة، فاحتاجت إلى شرح يبرزها لمن يريد إبرازها من الطلاب والخطاب، فتصديت لكتاب أشرحه شرحًا يبين حقائقه ويوضح معانيه ودقائقه راجيًا من اللَّه -تعالى- جزيل الثواب في ¬
يوم المرجع والمآب) (¬1). وكان ممن أشار عليه بذلك صاحبه الجزيري صاحب الدرر الفرائد قال في الدرر: (ثم أشرف عليه بشرحه فكتب عليه شرحًا مفيدًا في ثلاث مجلدات أحسن فيه ما شاء. . .، ورسمته بعد وفاته بمنهل الإفادات) (¬2)، وهذا الاسم الذي ذكره الجزيري مخالف للاسم المشهور، فلعله لم يبلغه هذا الاسم، أو لعل الفتوحى لم يضع اسما محددًا لشرحه -واللَّه أعلم-، وقد طُبع (معونة أولي النهي) بدار خضر في بيروت عام (1416 هـ) بعناية الدكتور عبد الملك بن دهش. 2 - شرح العلَّامة منصور بن يونس البهوتي -شيخ الحنابلة في عصره المتوفي سنة (1051 هـ) - في ثلاث مجلدات، وهو من أشهر شروحه، جمعه من شرح الفتوحي (معونة أولي النهي)، ومن شرحه هو على الإقناع المسمى (كشاف القناع)، وهو شرح مشهور مطبوع. وقد ذكر ابن بدران في المدخل أنه؛ أي: ابن بدران، وضع حاشية على شرح البهوتي على المنتهى وصل فيها إلى باب السلم في مجلد ضخم، لكنه لما انتقل إلى دمشق لم يجد أحدًا يطلب العلم من الحنابلة، بل يندر وجود حنبلي بها، فقصرت همته عن إتمامها، وبقيت هذه الحاشية على ما هي عليه (¬3). 3 - حاشية العلَّامة منصور البهوتي على المنتهى. وهي حاشية نفيسة، موجودة في مكتبة عنيزة الوطنية، التابعة للجامع الكبير بعنيزة، ولديَّ صورة منها. 4 - حاشية الشيخ عثمان بن أحمد بن سعيد النجدي الحنبلي الشهير بابن قائد ¬
النجدي المتوفى سنة (1097 هـ). قال عنها ابن بدران: (إنها حاشية نافعة تميل إلى التحقيق والتدقيق) (¬1). ويوجد منها نسخة مصورة في جامعة أم القرى برقم (فقه حنبلي 33)، وقد طبعت مع كتاب المنتهى بعناية الدكتور عبد اللَّه التركي عام (1419 هـ). 5 - حاشية الشيخ عبد الوهاب بن محمد بن عبد اللَّه بن فيروز الأحسائي المتوفى سنة (1205 هـ). 6 - حاشية الشيخ عبد اللَّه بن عبد الرحمن أبا بطين المتوفى سنة (1282 هـ) في مجلد ضخم جرَّدها سبطه ابن مانع. 7 - ذكروا شرحًا لابن العماد الحنبلي صاحب الشذرات على المنتهى وأنه حرره تحريرًا أنيقًا (¬2). 8 - حاشية الشيخ محمد بن أحمد البهوتي الشهير بالخَلوتي المصري وهي كتابنا الذي نحن بصدد تحقيقه. 9 - واختصر الشيخ مرعي بن يوسف الحنبلي متن المنتهى في كتابه دليل الطالب، كما ذكر ذلك الشيخ ابن مانع -رحمه اللَّه-. 10 - أيضًا كتب الشيخ مرعي بن يوسف الحنبلي كتابه (غاية المنتهى)، والذي جمع فيه بين الإقناع للحجاوي والمنتهى. وغير ذلك من الشروح والحواشي. * * * ¬
الفصل الرابع التعريف بمؤلف حاشية منتهى الإرادات
الفصل الرابع التعريف بمؤلف حاشية منتهى الإرادات (*) * المطلب الأول: اسمه ونسبه: هو محمد بن أحمد بن علي البَهوتي، الشهير بالخَلوتي، المصري (¬1). فالبَهوتي: نسبة إلى بَهوت، قرية في صعيد مصر. والخَلوتي: نسبة إلى الخَلوة، وهي من المظاهر المنتشرة في مصر في ذلك الوقت بسبب ما غشي الأمة من باع التصوف، وضلالاتها، وأوهامها. وقد كان للحنابلة خَلوة خاصة بهم، فقد ذكر ابن حميد في "السحب الوابلة" (¬2) في ترجمة الفتوحي -صاحب "المنتهى"- ما نصه: ". . . وتصدى لنفع المسلمين بالمدرسة الصالحية. . .، مكان مسكنه بخَلوة الحنابلة". وقال في ترجمة عبد الرحمن بن عبد اللَّه البعلي (ت 1192 هـ): ". . . قرأ على الفاضل المسلك الشيخ محمد بن عيسى الكناني الخَلوتي شيئًا من النحو، وشرحه على منفرجة الغزولي. . .، وأخذ عليه طريقة السادة الخَلوتية، ولقنه الذكر. . . ". ومنفرجة الغزولي قصيدة مشهورة، تشتمل على توسلات بدعية أولها: ¬
المطلب الثاني: مولده، ونشأته، وحياته
اشتدي أزمة تنفرجي ... قد آذن لَيلك بالفرج (¬1) ولكن يبقى النظر هل الشيخ محمد الخَلوتي منسوب إلى هذه الطريقة اعتقادًا، أو هي مجرد نسبة إلى محلة حملت اسم هذه الطريقة لغلبة أهلها عليها؟ اللَّه أعلم بذلك!. * * * * المطلب الثاني: مولده، ونشأته، وحياته: مولده: ولد الشيخ محمد الخَلوتي في القاهرة بمصر، ولم تذكر المصادر التي ترجمت له تاريخ سنة ولادته. نشأته، وحياته: لا بد قبل الشروع في الكلام عن حياة المؤلف -رحمه اللَّه- أن ألقي الضوء على الفترة الزمنية التي عاشها من الناحية السياسية، والاجتماعية، لما لها من أثر بارز في مجريات حياة كل فرد؛ لأن الإنسان يتأثر بالبيئة التي يعيش فيها، وينطبع ذلك على سلوكه. وقد كان من أهم المظاهر السياسية والاجتماعية في الفترة التي عاشها الخَلوتي -رحمه اللَّه-، وهي ما بين عام (1000 هـ) إلى (1089 هـ) تقريبًا، ما يلي: 1 - كانت مصر تتبع العثمانيين، وكان السلطان العثماني في الآستانة يعين حاكما من قِبَله على مصر يكون مقَره عاصمتها القاهرة. وكان حكام مصر النواب عليها كُثر، حيث كان الوالي لا يبقى في ولايته كثيرًا؛ حيث مآله إلى العزل أو القتل إن لم يمت قبل ذلك. 2 - كانت تعطى للوالي صلاحيات مطلقة فيما يبدو، فإذا اقترن هذا بضعف ¬
الديانة لديه، وكونه غريبًا ليس من أهل البلد مع المطامع المادية، أنتج ما كان يحصل، من انشغال كثير من ولاة العثمانيين في مصر تلك الفترة بالنهب، والاختلاس بشتى السبل. 3 - غلبة العناية بالمظاهر والألقاب، كما هو دَيْدَن الأتراك (¬1). 4 - عمَّت تلك الفترة في مصر حالة من الفوضى وعدم الاستقرار، نتيجة سرعة تغير الولاة، بسبب قتلهم أو استبدالهم، وبسبب الثورات المتكررة من الجند، الذين كان لهم نفوذ، وفيهم نفور غير هادي. فمثلًا: في سنة (997 هـ) عصى الجنود الوالي أوريس باشا ونهبوا بيته، وذبحوا أحد أمرائه, وقتلوا قاضيين من القضاة، ثم عمدوا إلى الحوانيت فنهبوها؛ حتى إنهم قبضوا على أولاد الوالي رهنًا لما يريدون، فاستقال الوالي سنة (999 هـ)، وفي عام (1006 هـ) قامت ثورة عسكرية في سائر أرجاء مصر، لم يتمكن معها الوالي محمد باشا من حماية نفسه -فضلًا عن غيره- حيث حاصروه في القلعة حتى تمكنوا منه وقتلوه وعلقوا رأسه على باب زويلة، وأثخنوا في الناس قتلًا ونهبًا، وفي رمضان سنة (1009 هـ) سار العسكر مع قاضيهم إلى ديوان الحاكم التركي خضر باشا؛ بسبب عسفه لهم، وحاصروه حتى سلَّم بما يطلبون، وجاء بعده الوزير علي باشا السلحدار الذي كان سفَّاكًا للدماء، ووافق ذلك جوع عظيم، وخراب، ورعب في البلد، وفي سنة (1013 هـ) تمردت الجند على إبراهيم باشا، وقطعوا رأسه، وعلقوه على باب زويلة. وفي حدود سنة (1047 هـ) كان الوالي حسين باشا الذي جاء بعصابة من الدروز، فساموا المصريين الويل؛ من النهب، والظلم، حتى إنه أبطل الميراث، ¬
وجعل نفسه وارثًا لكل ميت. وخلفه محمد باشا الذي لم يكن يختلف عنه في النهب، وفي أوائل شعبان سنة (1052 هـ) ظهر وجاء شديد عامٌّ، كانت الوفيات فيه واحدًا من ثمانية، واستمر ستة أشهر، حتى صاروا يدفنون الموتى بلا صلاة، ومن سنة (1058 - 1061 هـ) تولى الوزير أحمد باشا على مصر، وكانت مدة اضطراب وقلاقل وغلاء، وعلى الأعم الأغلب كان الباشوات العثمانيون يأتون من تركيا ولا هَمَّ لهم في مصالح البلد وأهله، وتحول الأمر في الآخر من أيديهم إلى أيدي البكوات المماليك. ولم يكن الناس بمعزل عن هذا بالطبع، فكانت تمر بالبلد فترات من المجاعة، أو الأوبئة، أو الخوف، أو الغلاء، هم ضحيتها. 5 - حماية الدولة العثمانية في مصر بعض المظاهر الدينية المزعومة؛ من الأضرحة، والمحدثات في الدين من البدع، والشركيات باسم الدين، وكان الولاة في مصر يحرصون على ذلك في الغالب، ويعدُّونه من المناقب الدينية التي يتعبدون بها، ويطلبون الحظوة بها عند الناس وهذا -بلا شك- له تأثير كبير في فساد الاعتقاد، وشيوع البدع وقبولها لدى العامة حيث ينشأ الصغير ويكبر عليها. 6 - ضعف الصلة بين العلماء والولاة، وقلة أثر العلماء في الحياة السياسية، ويظهر هذا جليًا في تلك الحوادث والقلاقل التي لم يكن لهم فيها كلمة تذكر، بل شأنهم شأن العامة فيها (¬1). هذه هي الحالة السياسية والاجتماعية في الفترة التي عاش فيها المؤلف -رحمه اللَّه-. ¬
أما عن نشأته: فقد نشأ الشيخ محمد الخَلوتي -رحمه اللَّه تعالى- في بيت علم وأدب، إذ كان خاله الشيخ منصور بن يونس البَهوتي -رحمه اللَّه- من كبار أئمة المذهب، وشيخ الحنابلة إمامهم في مصر دون مدافع. فاتجه الشيخ محمد إلى طلب العلم على يد خاله الشيخ منصور البَهوتي، ولازمه ملازمة تامة، وحرص على الاستفادة منه، فقرأ عليه (المنتهى) و"الإقناع" وغيرها من كتب المذهب، وقيد كثيرًا من تحريرات الشيخ منصور أثناء قراءته عليه. ولما ألف الشيخ منصور "شرح المنتهى" قرأه عليه، فقد ذكر الشيخ محمد الخَلوتي -رحمه اللَّه- في "حاشيته على المنتهى": أن له درسَين على شيخه في هذا الكتاب، قال -رحمه اللَّه- في باب الحجر: "الثالث أن يلزم الحكم قسم ماله. . . إلخ، إلى هنا انتهت قراءة شيخنا، وأستاذنا، علَّامة زمانه، وفريد عصره وأوانه، خاتمة المحققين، وعمدة المدققين، من طنَّت حصاته في سائر الأقطار، واتفقت الكلمة على أنه لم يكتحل ولا يكتحل عين الزمان ثانية فيما مضى، وما يأتي من الأعصار، وهو أستاذي، وخالي، الراجي عفو ريه العلي، منصور بن يونس البَهوتي الحنبلي، وكانت قراءته تلك لشرحه على هذا الكتاب، فاتفق وقوفه على هذا يوم السبت رابع شهر ربيع الثاني من شهور سنة إحدى وخمسين بعد الألف، ثم انقطع يوم الأحد التالي، ومات يوم الجمعة العاشر من الشهر والسنة المذكورين، وكان وقوفه من الدرس الثاني على باب القذف. . .). ولم يقتصر الشيخ محمد الخَلوتي -رحمه اللَّه- على التفقه في مذهب الإمام أحمد -رحمه اللَّه- بل أخذ عن أصحاب المذاهب الأخرى، فقرأ على الشهاب الغنيمي الشافعي وأخذ عنه العلوم العقلية، وبه تخرج وانتفع، واختص بعده بالنور الشبراملسي الشافعي، ولازمه، فكان لا يفارفه في دروسه، وكان يجري بينهما في الدرس محاورات، ونكات دقيقة لا يعرفها من الحاضرين إلا من كان
المطلب الثالث: مكانته العلمية
من أكابر المحققين. وبعد وفاة خاله الشيخ منصور -رحمه اللَّه- جلس للإقراء، وتصدر للتدريس والإفتاء في مكانه، فانتفع به الناس خصوصًا الحنابلة (¬1). * * * * المطلب الثالث: مكانته العلمية: ذكرت سابقًا أن الشيخ محمد الخَلوتي -رحمه اللَّه- نشأ في محيط علمي، وأنه تأثر بهذا المحيط، خصوصًا خاله الشيخ المنصور البَهوتي. فكان من ثمرة هذا أن شرع في طلب العلم بهمة عالية ونشاط، فقرأ على خاله الشيخ منصور ولازمه ملازمة تامة، وقرأ على غيره من علماء المذاهب الأخرى كالشهاب الغنيمي الشافعي، والنور الشبراملسي الشافعي وغيرهما، فازداد بذلك علمًا وتنوعت معارفه، واتسعت بذلك دائرة مشايخه، وكان له أثر في نبوغه وتفوقه. والمُطالع لحاشيته على "المنتهى" يجد أنه فقيه لا يجارى، وأنه ذو باع واسع، وتبحر في مذهب الإِمام أحمد -رحمه اللَّه- وأنه -رحمه اللَّه-، دقيق في تقاسيمه وتصويره للمسائل، وتحقيقة في اختياراته. وكان -رحمه اللَّه- له باع طويل في النحو، واللغة، والأدب، فقد كتب هوامش جليلة على "شرح الألفية للأشموني" جردت في مجلد، وينقل عنها مُحَشُّو الأشموني كالصبان وغيره، ونظم كثيرًا من القواعد الفقهية وغيرها (¬2). وقد أثنى عليه العلماء غاية الثناء، ووصفوه بأنه: "العالم، العلم، إمام المعقول، ¬
المطلب الرابع: مشايخه
والمنقول، مخرج الفروع على الأصول، المفتي، المدرس، المحرر، المحقق، المدقق" (¬1). وقال ابن حميد في "السحب الوابلة" (¬2): "وكان -رحمه اللَّه- سديد البحث، مديد التقرير، كيد التحرير، بديع التدقيق، والتحقيق، أبدى غرائب الأبحاث، وحرر المنتهى قراءة وإقراء، واعتنى به أعتناء بليغًا. . . ". وقال أيضًا: "وكان يجري بينه وبين النور الشبراملسي الشافعي في الدرس محاورات ونكات دقيقة، لا يعرفها من الحاضرين إلا من كان من كابر المحققين، وكان الشبراملسي يجله ويثني عليه، ويعظمه، ويحترمه، ولا يخاطبه إلا بغاية التعظيم، لما هو عليه من الفضل. . . " (¬3). * * * * المطلب الرابع: مشايخه: أخذ العلم عن كثير من العلماء من الحنابلة وغيرهم. ومن أشهر شيوخه: 1 - خاله الشيخ العلامة منصور بن يونس بن صلاح الدين البَهوتي: شيخ الحنابلة وإمامهم في عصره، كان عالمًا، عاملًا، ورعًا، متبجِّرًا في العلوم، رحل الناس إليه من الآفاق لأخذ مذهب الإمام أحمد عنه، مؤيد المذهب ومحرره، وموطد قواعده ومقرره، والمعول عليه فيه، والمتكفل بإيضاح خافيه. من مؤلفاته: شرح الإقناع وسماه: "كشاف القناع عن متن الإقناع"، "شرح منتهى الإرادات"، "حاشية على الإقناع"، "حاشية على المنتهى"، "الروض المربع ¬
شرح زاد المستقنع"، وغيرها (¬1). 2 - الشيخ عبد الرحمن بن يوسف بن علي البَهوتي، أحد المعمرين: كان سنة (1040 هـ) موجودًا في الأحياء، عاش نحوًا من مئة وثلاثين سنة، تتلمذ على يد الفتوحي صاحب "المنتهى"، وأخذ الفقه عن علماء المذاهب الأربعة (¬2)، وقد أخذ عنه الخَلوتي الفقه (¬3). 3 - الشيخ أحمد بن محمد بن علي، شهاب الدين الغنيمي الأنصاري المصري (¬4) (964 - 1044 هـ): كان فقيهًا، نحويًا، له شروح وحواش في الأصول والعربية، ورسائل في الأدب والمنطق (¬5)، وقد أخذ عنه الخَلوتي العلوم العقلية، وبه تخرج وانتفع (¬6). 4 - الشيخ علي بن علي الشبراملسي، أبو الضياء، نور الدين الشافعي (997 - 1087 هـ): كان من فقهاء الشافعية، كف بصره في طفولته، تعلم وعلم، وصنف كتبًا منها: "حاشية على المواهب اللدنية للقسطلاني"، و"حاشية على نهاية المحتاج" (¬7)، لازمه الخَلوتي بعد وفاة الغنيمي، واختص به، وكان لا يفارقه في دروسه في العلوم النظرية، وكان يجري بينهما في الدرس محاورات ونكات دقيقة، ¬
المطلب الخامس: مناصبه العلمية ورحلاته
لا يعرفها من الحاضرين إلا من كان من أكابر المحققين، وكان الشبراملسى يجله، ويثني عليه، ويعظمه، ويحترمه، ولا يخاطبه إلا بغاية التعظيم، لما هو عليه من الفضل، ولكونه رفيقه في الطلب، ولم يزل ملازمًا له حتى مات رحمهما اللَّه تعالى (¬1). 5 - الشيخ إبراهيم بن إبراهيم بن حسن اللقاني المصري، المالكي، (ت 1041 هـ): كان عالمًا، فاضلًا، متصوفًا من كتبه: "جوهرة التوحيد" منظومة في العقائد، و"حاشية على مختصر خليل" (¬2)، ذكر الخَلوتي أنه من شيوخه في أول باب: الفدية، من كتاب: الحج. 6 - الشيخ علي بن محمد بن عبد الرحمن الأجهورى المصري، المالكي، نور الدين، أبو الإرشاد (697 - 1066 هـ): كان من فقهاء المالكية، ومن العلماء بالحديث. من كتبه: "النور الوهاج في الكلام على الإسراء والمعراج"، و"شرح رسالة أبي زيد في الفقه"، و"مواهب الجليل في شرح مختصر خليل" (¬3)، ذكر الخَلوتي أنه من شيوخه في كتاب: الجنائز، في فصل: غسل الميت. * * * * المطلب الخامس: مناصبه العلمية ورحلاته: سبق أن ذكرتُ أنَّ الشيخ محمد الخَلوتي -رحمه اللَّه- تولى التدريس والإفتاء، وذلك أنه بعد وفاة خاله العلَّامة الشيخ منصور البَهوتي- تصدر للتدريس والإفتاء مكانه، وجلس للإقراء، فانشغل بذلك وبالتأليف عن الولايات والمناصب. ولم أجد أحدًا ممن ترجم للخَلوتي -رحمه اللَّه- نص على أنه تولى ولاية، ¬
المطلب السادس: تلاميذه
أو شغل منصبًا، كما لم يذكروا له أي رحلة، بل نصوا على أنه ولد بمصر، ونشأ بها ولازم العلماء الذين كانوا فيها ممن تقدم ذكرهم (¬1). ولعل السبب في هذا -واللَّه أعلم- أن مصر في تلك الفترة كانت تزخر بالعلماء من جميع المذاهب والفنون، فلم يكن هناك ما يدعوه إلى الرحلة في طلب العلم. * * * * المطلب السادس: تلاميذه: أخذ عن الشيخ محمد الخَلوتي -رحمه اللَّه- خلق كثير، من أشهرهم: 1 - الشيخ عثمان بن أحمد بن سعيد بن عثمان بن قائد النجدي (ت 1097 هـ): كان فقيهًا، مدققًا، محققًا، متبحرًا في مذهب الإِمام أحمد، حسن التأليف. من مؤلفاته: "حاشية على المنتهى"، "هداية الراغب شرح عمدة الطالب"، "نجاة الخلف في اعتقاد السلف" (¬2). 2 - الشيخ عيسى بن محمود بن محمد بن كنان الصالحين الخَلوتي الحنبلي (ت 1042 - 1093 هـ): كان من صلحاء الزمان وفضلائه، ورعًا، عابدًا، زاهدًا في الدنيا، أخذ عن مشايخ أجلاء منهم النور الشبراملسي، والشيخ محمد الخلوتي (¬3). 3 - الشيخ أحمد بن محمد بن عوض المرداوي النابلسي المعروف بـ "ابن عوض"، (ت 1105 هـ): مَهَر في الفقه، وشارك في أنواع العلوم من القراءات، ¬
والنحو، والصرف، والمعاني، والبيان، وغير ذلك، رحل إلى القاهرة ولازم الشيخ محمد الخَلوتي ملازمة تامة، وقرأ عليه في الفقه قراءة خاصة وعامة إلى أن توفي، وهو الذي جرد "حاشية الشيخ عثمان على المنتهى". من مؤلفاته: "حاشية على دليل الطالب"، ورسالة "طرف الطرف في مسألة الصوت والحرف" (¬1). 4 - الشيخ محمد بن عبد الباقي بن عبد الباقي البعلي الدمشقي، المعروف بأبي المواهب، (1044 - 1126 هـ) من كبار متأخري الحنابلة في بلاد الشام، كان علَّامة، فقيهًا، محررًا، ورعا، زاهدًا، تقيًا، رحل إلى مصر سنة (1072 هـ) وأخذ عن جماعة منهم الشيخ محمد الخلوتي، ثم عاد إلى دمشق وجلس للتدريس، من مؤلفاته: "رسالة في قواعد القراءات"، وله بعض كتابة على صحيح البخاري (¬2). 5 - الشيخ إسماعيل الجنيني، أبو الفداء، عماد الدين: القاطن بنواحي جب جنين من بلدان فلسطين، رحل إلى مصر، وقرأ على فضلائها، فأخذ الفقه عن الشيخ محمد الخَلوتي، وقرأ عليه كتاب "منتهى الإرادات" مشاركًا لأبي المواهب وللشيخ إبراهيم الجنيني، مع مطالعة ما عليه من الحواشي والتحريرات، فصار له الفضل التام (¬3). 6 - الشيخ إبراهيم الجنيني، برهان الدين، أبو إسماعيل وأبو إسحاق: القاطن بنواحي جنين، رحل إلى مصر، وقرأ على فضلائها، فأخذ الفقه عن الشيخ محمد الخَلوتي مشاركًا لأبي المواهب وللشيخ إسماعيل الجنيني، كما سبق (¬4). ¬
المطلب السابع: آثاره العلمية
7 - الشيخ تاج الدين بن أحمد الشهير بالدهان المكي (¬1). * * * * المطلب السابع: آثاره العلمية: صنف الخَلوتي -رحمه اللَّه- في فروع شتى من العلم، فمن مؤلفاته: 1 - "حاشية على منتهى الإرادات"، وهي هذا الكتاب المراد تحقيقه، وسبق الكلام عليها. 2 - "حاشية على الإقناع وشرحه"، جردت بعد موته من نسخته، فبلغت اثني عشر كراسًا (¬2)، وقد قام بتجريدها الشيخ عبد الجليل بن أبي المواهب البعلي (1079 - 1079 هـ)، كما جاء ذلك في غلاف الحاشية (¬3)، ثم قام الشيخ محمد بن عبد اللَّه بن حميد (1236 - 1295 هـ) -صاحب "السحب الوابلة"-، بتجريدها مرة أخرى من نسخة المؤلف، ولكن بحذف ما هو مذكور في شرح نسخة منصور و"حاشيته على الإقناع"، حيث قال في مقدمة تجريده (¬4): "أما بعد: فهذه حواشٍ على الإقناع وشرحه، منقولة من نسخة المحقق، المدقق الشيخ محمد بن أحمد البَهوتي الشهير بالخَلوتي، تلميذ الشارح وابن اخته، أحببت تجريدها, ليعظم النفع بها إن شاء اللَّه -تعالى- واللَّه الموفق -سبحانه-، وحذفت منها ما هو مذكور في ¬
الشرح والحاشية، لكثرة وجودها، واشتغال كاتبه، إلا ما كان له عليه تعقب أو جواب، أو ما أبدل بعض ألفاظ الشرح بأحسن منها. . . "، وفرغ من تجريده هذا في يوم الخميس عشرين من ذي الحجة سنة (1291 هـ) (¬1). 3 - "بغية الناسك في أحكام المناسك" (¬2). 4 - "حاشية على شرح الألفية للأشموني"، جردت في مجلد، وينقل عنها محشُّو الأشموني كالصبان وغيره (¬3). 5 - نظم رسالة الوضع -للجرجاني (¬4) - وشرحها في المنطق سماه: "لذة السمع بنظم رسالة الوضع" (¬5). 6 - "التحفة الظرفية في السيرة النبوية" (¬6). 7 - "حاشية على شرح عصام الدين على السمرقندي في البلاغة" (¬7). 8 - نظم كثيرًا من القواعد الفقهية وغيرها (¬8). ¬
9 - حاشية على شرح زكريا الأنصاري لإيساغوجي في المنطق، جردها من هامش نسخة شيخه الشهاب أحمد الغنيمي، وقد سماها محررها الغنيمي: "كشف اللثام عن شرح شيخ الإِسلام على إيساغوجي" (¬1). 10 - "حاشية على شرح العقائد النسفية" للسغدي، جردها من خط شيخه الشهاب أحمد الغنيمي فرتبها (¬2)، وللخلوتي -رحمه اللَّه- شعر منه قوله: كأن الدهر في خفض الأعالي ... ورفعٍ للأسافلة اللئام فقيه عنده الأخبار صحَّت ... بتفضيل السجود على القيام (¬3) يشير إلى أن طول السجود أفضل من القيام، بناء على مذهب الحنابلة (¬4). وقوله: سمحت بعد قولها لفؤادي ... ذُبْ أسى يا فؤاده وتَفتَّتْ ونجا القلب من حبائل هجر ... نصبَتْها لصيده ثم حلَّتْ (¬5) * * * ¬
المطلب الثامن: وفاته
* المطلب الثامن: وفاته: توفي الشيخ محمد الخَلوتي -رحمه اللَّه- في القاهرة في ليلة الجمعة، تاسع ذي الحجة سنة (1088 هـ) (¬1). * * * ¬
الفصل الخامس التعريف بـ (حاشية منتهى الإرادات)
الفصل الخامس التعريف بـ (حاشية منتهى الإرادات) (*) القسم الأول * المطلب الأول: اسم "الحاشية" ونسبتها إلى الخَلوتي: أ - اسم "الحاشية" (¬1): لم يرد ما يدل على أن الخَلوتي -رحمه اللَّه- ذكر لـ "حاشيته" اسمًا معيَّنًا، إذ أن هذه "الحاشية" عبارة عن تحريرات وتقريرات، كتبها على نسخته على "المنتهى"، وبأوراق بداخل هذه النسخة، ولم يؤلفها ككتاب مستقل، وإنما جردها بعض تلاميذه بعد وفاته -رحمه اللَّه (¬2) -. وقد جاء كلام مجَرِّدها في أولها نصًّا حيث قال: "أما بعد: فهذه حواشٍ ¬
ب- نسبة "الحاشية" إلى الخلوتي
لشيخنا، الشيخ الإِمام، العالم العلَّامة، والحبر الفهامة، ذي الدين المتين، والورع واليقين، محمد بن أحمد بن علي البهوتي الحنبلي الشهير بالخَلوتي -أسكنه اللَّه بحبوحة جنته، وتغمده برضوانه ورحمته-، على كتاب "منتهى الإرادات في جمع المقنع مع التنقيح، وزيادات"، للإمام العلَّامة شيخ الإِسلام محمد تقي الدين، ابن قاضي القضاة أحمد شهاب الدين ابن النجار المصري الفتوحي الحنبلي -تغمدهما اللَّه تعالى برحمته، وأدام النفع بعلومهما-، أحببت تجريدها عنه في كتاب مستقل ليكثر النفع بها، واللَّه سبحانه المسؤول أن يوفقنا لكل فعل جميل، وهو حسبنا ونعم الوكيل". وقد اتفقت عبارات من ترجم للخَلوتي -رحمه اللَّه- على عدم ذكر اسم لهذه "الحاشية"، سوى كونها "حاشية على المنتهى" (¬1). ب- نسبة "الحاشية" إلى الخَلوتي: لقد تواترت الأدلة على ثبوت نسبة هذه "الحاشية" إلى الشيخ محمد الخَلوتي -رحمه اللَّه- ومن هذه الأدلة: 1 - أن اسمه قد كتب على جميع النسخ الخطية لهذه "الحاشية"، ونُسِبت إليه. 2 - أن من قام بتجريد هذه "الحاشية" من نسخة "المنتهى" قد نسبها إليه، فقد جاء في مقدمة "الحاشية": ". . .، هذه حواشي لشيخنا الشيخ. . .، محمد بن أحمد الخَلوتي". 3 - أن جميع من ترجم للخَلوتي -رحمه اللَّه- ذكر أن من مؤلفاته: "حاشية على منتهى الإرادات" (¬2). ¬
المطلب الثاني: قيمتها العلمية
4 - أن العلماء قد نقلوا في كتبهم عن "حاشية الخَلوتي" مع التصريح بذكر اسمه ونسبة "الحاشية" إليه (¬1). * * * * المطلب الثاني: قيمتها العلمية: تعتبر "حاشية الخَلوتي على المنتهى" مكمِّلة لما سبقها من الشروح؛ فإن الشرح؛ وإن فاق "الحاشية" بتناوله جميع ألفاظ المتن بالشرح والتحليل، لكن "الحاشية" تفوق الشرح بأن المحشي يتناول من ألفاظ المتن بها يرى أن بحثه مهم، ولهذا تجد في "حاشية الخَلوتي على المنتهى" من العمق، والتحرير، والتدقيق، ما لا يكاد يوجد في الشروح. وتظهر قيمة "حاشية الخَلوتي على المنتهى" بنقيله كثيرًا من عبارات شروح "المنتهى"، والاستدراك عليها، أو تقييد وتبيين ما أُطلق وأُجمل من تلك العبارات، وتحريرها، وتصويرها بأسهل عبارة، وأيضًا فإن في هذه "الحاشية" من النقولات ما لا يوجد في الشروح، ولا سيما ما ينقله عن الشيخ منصور البَهوتي أثناء قراءته عليه في الدرس. وقد أثنى علماء الحنابلة على هذه الحاشية، واعتمدوها مرجعًا في المذهب لما لها من قيمة علمية: قال ابن حميد في "السحب الوابلة" (¬2): ". . . حرر "المنتهى" قراءة وإقراء، واعتنى به اعتناء بليغًا. . . ". ¬
المطلب الثالث: منهج المؤلف في "حاشيته"
وقال ابن بشر في تاريخه "عنوان المجد" (¬1): "وأخبرني شيخنا الشيخ القاضي عثمان بن منصور الحنبلي الناصري -متع اللَّه به- قال: أخبرني بعض مشائخي عن أشياخهم، قالوا: كل ما وضعه متأخروا الحنابلة من الحواشي على أولئك المتون ليس عليه معوَّل، إلا ما وضعه الشيخ منصور؛ لأنه هو المحقق لذلك إلا "حاشية الخَلوتي"، لأن فيها فوائد جليلة". * * * * المطلب الثالث: منهج المؤلف في "حاشيته": لم يذكر الخَلوتي -رحمه اللَّه- في "حاشيته" المنهج الذي سار عليه؛ وذلك أنه -رحمه اللَّه- لم يؤلفها ككتاب مستقل، وإنما جردها بعض تلاميذه من نسخته بعد وفاته، ولكن من خلال قراءة "الحاشية" يتضح منهجه فيها، وهو كما يلي: 1 - المقارنة بين كتابَي: "الإقناع" و"المنتهى". 2 - حَل وشرح جملة من ألفاظ المتن. 3 - يصدر المسألة بذكر الكلمة أو العبارة التي يريد شرحها أو التعليق عليها من "المنتهى" قائلًا: "قوله:. . . " ثم يعلق عليها. 4 - كثيرًا ما يربط بين الأبواب والمسائل، فيذكر المناسبة بين الكتاب وما قبله، والباب وما قبله، والعلاقة بين المسألة ومسألة سابقة أو لاحقة. 5 - تحليل المسائل وتصويرها، وذكر الفروق الفقهية، وأقوال الأصحاب أحيانًا، مع ذكر ما يظهر له في المسألة، وما يختاره من تلك الأقوال. 6 - العناية بشرح الكلمات الغريبة التي يخفى معناها من مصادرها المعتمدة. ¬
المطلب الرابع: مصادر المؤلف في "حاشيته"
7 - إذا لم يجد مسألة، أو لم يترجح له فيها لشيء، أو لم يجد فيها نقلًا وما أشبه ذلك، فإنه يختمها بقوله: "فليحرَّر"، أو "فلينظَر"، أو "فتدبر" ونحو ذلك. 8 - كثيرًا ما ترد عبارة: "وبخطه"، أو "وكتب على قوله" "وهذا من تلميذه الذي جرَّد الحاشية، قاصدًا بذلك شيخه الخَلوتي"، وذلك حينما يجد ورقة أو تعليقًا بخطه على هذه العبارة أو المسألة. 9 - الغالب أنه إذا أطلق كلمة: "الشرح" أو "شرح"، فالمراد به شرح المصنف -رحمه اللَّه-، وقد يريد به أحيانًا شرح شيخه الشيخ منصور البَهوتي -رحمه اللَّه-، ويعرَف ذلك بالرجوع إلى عبارة الشرحين ومقارنتها مع عبارة "الحاشية". كما أنه إذا أطلق كلمة "حاشية" فالمراد: "حاشية المنتهى" للشيخ منصور، وقد يريد بها أحيانًا: "حاشية الإقناع" للشيخ منصور، ولكن هذا قليل. 10 - استعمل في "الحاشية" بعض الرموز كقوله: "المص" والمراد به المصنف، أو "م ص" والمراد به الشيخ منصور، أو "ح ف" والمراد "حواشي الفارضي على المنتهى"، ونحو ذلك مما بينت المراد به في محله -واللَّه أعلم-. * * * * المطلب الرابع: مصادر المؤلف في "حاشيته": لقد اعتمد الشيخ محمد الخَلوتي -رحمه اللَّه- في "حاشيته" على مصادر متنوعة في فنون العلم المختلفة، وإليك أهمها مرتبة حسب الترتيب الأبجدي: 1 - "الأحكام السلطانية" للقاضي أبي يعلى. 2 - "الآداب الشرعية" لابن مفلح. 3 - "ألفية ابن مالك". 4 - "أنوار التنزيل" للبيضاوي.
5 - "أهوال القبور" لابن رجب. 6 - "الاختيارات الفقهية". 7 - "الإرشاد" لابن أبي موسى. 8 - "الإفصاح" لابن هبيرة. 9 - "اقتضاء الصراط المستقيم". 10 - "الإقناع" للحجاوي. 11 - "الإنصاف". 12 - "التحبير" شرح التحرير. 13 - "تحرير ألفاظ التنبيه" للنووي. 14 - "تحفة الودود" لابن القيم. 15 - "التسهيل" لابن مالك. 16 - "تصحيح الفروع". 17 - "تفسير الجلالين". 18 - "التنقيح المشبع". 19 - "تهذيب الأسماء واللغات" للنووي. 20 - "التوضيح". 21 - "حاشية الإقناع" للحجاوي. 22 - "حاشية الإقناع" للشيخ منصور البهوتي. 23 - "حاشية التنقيح" للحجاوي. 24 - "حاشية العلقمي على الجامع الصغير".
25 - "حاشية الفروع" لابن قندس. 26 - "حاشية الفروع" لابن نصر اللَّه. 27 - "حاشية المنتهى" للشيخ منصور البَهوتي. 28 - "الحلية" لأبي نعيم. 29 - "حواشي الفارضي على المنتهى". 30 - "الرعاية" لابن حمدان. 31 - "روضة الطالبين" للنووي. 32 - "زاد المسير في علم التفسير" لابن الجوزي. 33 - "زاد المعاد". 34 - "الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي" للأزهري. 35 - "شرح البهجة" للشيخ زكريا الأنصاري. 36 - "شرح الروضة" للشيخ زكريا الأنصاري. 37 - "شرح العمدة" لشيخ الإِسلام ابن تيمية. 38 - "شرح الفروع" لابن نصر اللَّه. 39 - "شرح الكافية الشافية" لابن مالك. 40 - "شرح الكافية" لابن الحاجب. 41 - "الشرح الكبير" لابن أبي عمر. 42 - "شرح المقنع" للحارثي. 43 - "شرح المنتهى" للشيخ منصور البَهوتي. 44 - "شرح المنتهى" للفتوحي.
45 - "شرح المنهاج" لابن الحجر. 46 - "شرح المنهاج" للشيخ زكريا الأنصاري. 47 - "شرح صحيح مسلم" للأُبِّي. 48 - "شرح صحيح مسلم" للنووي. 49 - "شرح مختصر الخرقي" للزركشي. 50 - "شرح منظومة الآداب" للحجاوي. 51 - "الصحاح". 52 - "غاية المطلب" للجراعي. 53 - "غاية المنتهى". 54 - "غريب الحديث" لأبي عبيد القاسم بن سلام. 55 - "فتح الباري" لابن حجر. 56 - "الفروع". 57 - "الغنية" للشيخ عبد القادر الجيلاني. 58 - "القاموس المحيط". 59 - "القواعد" لابن رجب. 60 - "القواعد والفوائد الأصولية" لابن اللحام. 61 - "الكافي". 62 - "كشاف القناع". 63 - "الكشاف" للزمخشري. 64 - "لطائف المعارف".
65 - "المبدع" لبرهان الدين ابن مفلح. 66 - "مثير الغرام الساكن" لابن الجوزي. 67 - "الحاوي" لعبد الرحمن الضرير. 68 - "مختار الصحاح". 69 - "مختصر ابن تميم". 70 - "مختصر الخرقي". 71 - "مختصر المقنع" للحجاوي. 72 - "مختصر خليل". 73 - "مسائل الإمام أحمد" راوية ابنه صالح. 74 - "مسائل الإِمام أحمد" راوية ابن هانئ. 75 - "مسائل الإمام أحمد" رواية أبي داود. 76 - "المستوعب" للسامري. 77 - "المسلك المتقسط" للقاري. 78 - "مشارق الأنوار" للقاضي عياض. 79 - "المصباح المنير" للفيومي. 80 - "مطالع الأنوار" لابن قرقول. 81 - "المطلع". 82 - "معالم التنزيل" للبغوي. 83 - "معجم مقاييس اللغة" لابن فارس. 84 - "مغني اللبيب" لابن هشام.
المطلب الخامس: محاسن "الحاشية"، وميزاتها
85 - "مغني ذوي الأفهام" لابن عبد الهادي. 86 - "المغني". 87 - "المقنع". 88 - "الممتع شرح المقنع" لابن منجى. 89 - "نهاية المحتاج" للرملي. 90 - "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير. 91 - "هداية المسالك إلى المذاهب الأربعة في المناسك" لابن جماعة. 92 - "الهداية" لأبي الخطاب. 93 - "الوجيز". * * * * المطلب الخامس: محاسن "الحاشية"، وميزاتها: لقد أثنى علماء الحنابلة على "حاشية الخَلوتي"، وتسابقوا إلى اقتنائها، والاستفادة منها، واعتمادها مرجعًا في المذهب، لما لها من المحاسن، والمزايا، والقيمة العلمية العالية التي أُجمِل بعضًا منها في الآتي: 1 - المقارنة بين كتابيَ: "الإقناع" و"المنتهى"، وذلك من خلال: أ- بيان مواضع الاتفاق والاختلاف في المسائل بين الكتابَين. ب- إيضاح الفروق بين عبارة الكتابَين. ج- تقييد ما أُطلِق، وتبيين ما أُجمِل من عبارة "المنتهى" بما ورد مقيدًا ومبيَّنًا في عبارة "الإقناع".
وهذه ميزة بيِّنة، وفائدة علمية؛ لأن "الإقناع" و"المنتهى" هما العمدة عند المتأخرين، وعليهما مدار الفتوى. 2 - أن الخَلوتي نقل في حاشيته كثيرًا من تقريرات، وتحريرات الشيخ منصور البهوتي مما ليس موجودًا في كتبه. ونقل أيضًا في "حاشيته" تحريرات وتعليقات ممن سبقوه في الكتابة على "المنتهى"، وتتبعها إما بإقرارها والسكوت عنها، أو الاعتراض عليها ونقدها، وإيضاح الصواب من غيره. 3 - قسم كثيرًا من المسائل، وصورها، وفصَّل فيها، وأجمل كثيرًا من الشروط ولخصها، وهذا يفيد حصر العلوم، وتقريبها إلى الذهن، وسهولة حفظها لطالب العلم. 4 - نقل كثيرًا من المسائل، والتحريرات، والغرائب، والفوائد من علماء الحنابلة وغيرهم، وأودعها "حاشيته"، فجاءت نفيسة، فيها من العلوم، والفوائد، ما لا يكاد يوجد في كتاب. 5 - حَل كثيرًا من غوامض متن "المنتهى"، وشرح عباراته، وحلل ألفاظه، وذلك بالرجوع إلى المصادر المعتمدة في هذا الباب. 6 - كثرة مصادر "الحاشية"، وتنوعها، وتميزها، مما كان له أثر ظاهر في تميزها. 7 - عناية المؤلف -رحمه اللَّه- بذكر الفروق بين المسائل. 8 - الربط بين المسائل المتشابهة، وبيان أوجه بناء بعضها على بعض، ومواضع الاتفاق والاختلاف بينها.
المطلب السادس: المآخذ على الحاشية
9 - قوة المؤلف -رحمه اللَّه- العلمية، وسعة علومه، وتنوعها، مما جعل هذه "الحاشية" مميزة عن غيرها. * * * * المطلب السادس: المآخذ على الحاشية: كل عمل بشري فلا بد أن يكون فيه نقص، وعليه مآخذ، ويأبى اللَّه العصمة لكتاب غير كتابه، والمنصف من اغتفر قليل خطأ المرء في كثير صوابه. فمن المآخذ على الحاشية: 1 - تأثره بمذهب الأشاعرة حيث سلك مذهبهم في بعض مسائل العقيدة. 2 - إيراد الأحاديث والآثار الضعيفة من غير حكم عليها أو تعقيب. 3 - إيراد بعض القصص الضعيفة التي ينكرها الشرع والعقل من غير تعقيب عليها. 4 - تابع المحشي الماتن في إيراد بعض البدع، والتساهل في مشروعيتها، وعدم نقدها. 5 - إيراد الاحتمالات الكثيرة على العبارة من غير ترجيح لأحد هذه الاحتمالات، مما يضع القاري في حيرة. 6 - أغفل كثيرًا من ألفاظ المتن ومسائله، فلم يتعرض لها بالشرح والتعليق، مع حاجتها لذلك، وتناول ما هو أوضح منها. هذه أبرز المآخذ على الحاشية وأهمها، وهذا كله لا يقدح في كونها حاشية نفيسة، فيها من التحقيق، والتدقيق، والفوائد، والفرائد، ما يشهد به كل مطلع عليها.
المطلب السابع: النسخ المعتمدة في التحقيق
فرحم اللَّه -تعالى- مؤلفها، وغفر له، ونفع بها، إنه على كل شيء قدير. * * * * المطلب السابع: النسخ المعتمدة في التحقيق: اعتمدت في تضيق "حاشية الخَلوتي على المنتهى" على أربع نسخ مخطوطة وهي كالتالي: * النسخة الأولى - نسخة (أ): - مكانها: دار الكتب المصرية - القاهرة. - رقم الحفظ: (19937/ ب). - عدد لوحاتها: (405) لوحة، ويقع الجزء الذي حققته منها في (258) لوحة؛ أي: (516) صفحة. - عدد الأسطر: في الصفحة (23) سطرًا، في كل سطر (10) كلمات. - نوع الخط: معتاد. - ناسخها: عثمان بن علي النجدي. - تاريخ النسخ: فرغ الناسخ من كتابتها ضحى الاثنين الرابع من صفر عام (1118 هـ). * النسخة الثانية - نسخة (ب): - مكانها: المكتبة الأزهرية في القاهرة. - رقم الحفظ هناك: (47645). - عدد لوحاتها: (243) لوحة؛ أي: (486) صفحة، ويقع الجزء الذي حققته منها في: (131) لوحة؛ أي: (262) صفحة، وفيها سقط في مواضع.
- عدد الأسطر: في كل صفحة (25) سطرًا، في كل سطر (13) كلمة. - ناسخها: علي بن حسين بن حسين الجامولي الحنبلي. - تاريخ النسخ: فرغ ناسخها من كتابتها يوم الجمعة الثالث عشر من ذي الحجة سنة (1093). * النسخة الثالثة - نسخة (ج): - نسخة الشيخ صالح بن عبد اللَّه بن إبراهيم البسام، تلميذ الشيخ محمد بن عبد اللَّه بن حميد "صاحب السحب الوابلة". - مكانها: موجودة عند أحد طلبة العلم في منطقة القصيم. - عدد صفحاتها: (694) صفحة، ويقع الجزء الذي حققته منها في (457) صفحة، ويوجد فيها سقط في موضعين. - عدد الأسطر: في كل صفحة (25) سطرًا، في كل سطر (11) كلمة. - مقابلة، ومصححة، وفي هوامشها بعض التعليقات. - ناسخها: يوسف بن أحمد الحجاوي الحنبلي. - تاريخ النسخ: فرغ الناسخ من كتابتها يوم السبت السادس عشر من صفر عام (1121 هـ). * النسخة الرابعة - نسخة (د): - نسخة الشيخ عبد اللَّه بن دهيش. - مكانها: المكتبة السعودية في الرياض (بدار الإفتاء). - رقم التسجيل العام (24) والخاص (86). - عدد صفحاتها: (738) صفحة في جزأين، يقع الجزء الذي حققته منها في (460) صفحة.
- عدد الأسطر: في كل صفحة 22 سطرًا، في كل سطر (13) كلمة. - نوع الخط: معتاد. - ناسخها: عبد العليم سليمان الأندونيسي، نسخها بأجرة للشيخ عبد اللَّه بن عمر بن دهيش، وقد نقلها من نسخة للشيخ محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ، مكتوبة سنة (1259 هـ). - تاريخ النسخ: فرغ الناسخ من كتابتها يوم الأحد الحادي عشر من شوال سنة (1362 هـ). - وهناك نسخة خامسة استفدت منها في مواضع، وهي نسخة من متن المنتهى وعليها حواشي الخَلوتي، ووصفها كالتالي: - مكانها: جامعة الإمام محمد بن سعود الإِسلامية برقم (920/ خ). - عدد الوحات: (341) لوحة. - عدد الأسطر: 171) سطرًا. - نوع الخط: معتاد. ويوجد فيها سقط في أولها وآخرها وتنتهي بنهاية كتاب: الأطعمة. * * *
الفصل السادس التعريف بـ (حاشية منتهى الإرادات)
الفصل السادس التعريف بـ (حاشية منتهى الإرادات) (*) القسم الثاني * المطلب الأول: اسم الحاشية ونسبتها إلى الخَلوتي: الحاشية: الجانب أو الطرف، يقال حاشيتا الثوب؛ أي: طرفاه، والحاشية عبارة عن أطراف الكتاب ثم صارت عبارة عما يكتب فيها، وما يجرد منها فيدوَّن تدوينًا مستقلًا، ويقال له: التعليقة، والإمام الخَلوتي -رحمه اللَّه- لم يُسَمِّ حاشيته هذه على المنتهى باسم معين؛ لأنه كتبها كتحريرات على نسخته منه، ولم يؤلفها ككتاب مستقل، وإنما جردها تلاميذه بعد وفاته -رحمه اللَّه- من هامش نسخته من المنتهى (¬1). وقد جاء كلام مجرِّدها في أولها نصًّا حيث قال: (أما بعد: فهذه حواشي لشيخنا الشيخ الإمام العالم العلَّامة والحبر الفهامة، ذي الدين المتين، والورع واليقين، محمد بن أحمد بن علي البهوتي الحنبلي الشهير بالخَلوتي -أسكنه اللَّه بحبوية جنته، وتغمده برضوانه ورحمته- على كتاب منتهى الإرادات في جمع المقنع مع التنقيح وزيادات، للإمام العلَّامة شيخ الإِسلام محمد تقي الدين ابن قاضي القضاة ¬
المطلب الثاني: قيمتها العلمية
أحمد شهاب الدين ابن النجار المصري الفتوحي الحنبلي -تغمدهما اللَّه تعالى برحمته، وأدام النفع بعلومهما- أحببت تجريدها عنه في كتاب مستقل ليكثر النفع يها، واللَّه -سبحانه- المسؤول أن يوفقنا لكل فعل جميل، وهو حسبنا ونعم الوكيل) (¬1). وقد اتفقت عبارات المؤلفين في تراجم الحنابلة الذين ذكروا الخَلوتي وحاشيته على عدم ذكر اسم لها، سوى كونها حاشية على المنتهى (¬2)، ومنهم ابن حميد في كتابه (الدر المنضد). وكذلك فيما يتعلق بنسبتها إلى الخَلوتي -رحمه اللَّه تعالى-؛ قد اتفقت عباراتهم فيها. وجاء النص في مقدمتها على ذلك -كما نقلته آنفًا- مما ينفي أي شك في ذلك. * * * * المطلب الثاني: قيمتها العلمية: تستمد هذه الحاشية قيمتها العلمية من عدة أمور: 1 - قوة مؤلفها العلمية، وتنوع علومه، وشيوخه، وأثر ذلك ظاهر في الحاشية للمطلع عليها. 2 - تميز مصادرها؛ حيث من أهم ما اعتمد عليه المؤلف فيها شرح الفتوحي نفسه المسمى: معونة أولي النهي، وشرح البهوتي شيخ الخَلوتي، وحاشية البهوتي أيضًا، وهذان علمان جليلان من أعلام المذهب، قد اتفق الحنابلة على إمامتهما، ¬
المطلب الثالث: منهج المؤلف في حاشيته
ولا سيما وأحدهما مؤلف المنتهى نفسه، وهو أعلم بمؤلفه، فشرحه ألصق بكتابه من غيره. 3 - كثرة مصادرها وتنوعها -كما سأبينه في الفرع الرابع إن شاء اللَّه تعالى-. 4 - ما اشتهر من عناية مؤلفها الخَلوتي بكتاب منتهى الإرادات خصوصًا، قالوا في ترجمته: (وكان -رحمه اللَّه- سديد البحث، مديد التقرير، أكيد التحرير، بديع التدقيق والتحقيق، أبدى غرائب الأبحاث، وحرر المنتهى، قراءة وإِقراءً، واعتنى به اعتناء بليغًا) (¬1). ومن هنا كان لهذه الحاشية منزلة خاصة لدى الحنابلة، خاصة وأن مؤلفها ابن أخت العلَّامة منصور البهوتي، شيخ الحنابلة وإمامهم في مصر دون مدافع، ومن أكابر تلامذته، وقد جلس للإقراء مكانه بعد وفاته -رحمهما اللَّه تعالى ونفع بعلومهما-. * * * * المطلب الثالث: منهج المؤلف في حاشيته: أبرز ملامح منهج الخَلوتي في حاشيته على منتهى الإرادات ما يلي: 1 - لكونها حاشية فإنه لا يعلق على كامل نص المنتهى، بل ينتقى الكلمات التي يريد التعليق عليها مهملًا ذكر بقية النص، وهو المعمول به في الحواشي -كما هو معلوم-. 2 - يُصَدِّر المسألة بذكر الكلمة أو الكلمات التي يريد التعليق عليها من المنتهى قائلًا: [قوله. . .] ثم يعلق عليها مباشرة دون إشارة إلى انتهاء كلام صاحب ¬
المنتهى، وهذا قد يوقع في الوهم والخلط بين كلامهما أحيانًا، ما لم يكن المنتهى متوفرًا بيد القارئ. 3 - كثيرًا ما يربط بين الأبواب والمسائل. فيوضح المناسبة بين الكتاب وما قبله، والفصل وما قبله، وعلاقة مسألة بمسألة سابقة أو لاحقة في كتاب بعيد عنها. وهذه ميزة كبرى سأشير إليها في محاسن الحاشية وميزاتها، في الفرع الخامس -إن شاء اللَّه تعالى-. 4 - يعتني بتصحيح نص المنتهى وكثيرًا ما يلاحظ ملحوظات على عبارته ويصححها. 5 - يعتني بشرح الكلمات التي يخفى معناها من مصادرها الاصطلاحية واللغوية الأصلية بدقة، كالصحاح، ومختار الصحاح، والمطلع. . . وغيرها. مبينًا مبدأ النقل وآخره بقوله: [انتهى]. 6 - إذا لم يجد مسألة، أو لم تكن نتيجتها عنده قاطعة ختمها بقوله: [فليحرر] أو: [فتدبر] أو: [ولينظر]. . . أو غيرها. وهذا كثير في الحاشية. 7 - كثيرًا ما ينسب الأقوال إلى الفقهاء من الحنابلة ناقلًا هذه النسبة عن غيره دون الإشارة إليه، فيقول: قاله في المغني والشرح والقواعد. . .، وتكون العبارة كلها منقولة من الإنصاف. 8 - كثيرًا ما ترد عبارة: [وبخطه] أو: [قال الشيخ] وهذه فيما يبدو من تلميذ الخَلوتي الذي جرد حاشيته؛ قاصدًا بها شيخه الخَلوتي -رحمه اللَّه-. 9 - يذكر الأحاديث النبوية دون تخريج أو حكم عليها صحة وضعفًا -في الغالب-. 10 - يقصد بكلمة: [الشرح]: معونة أولي النهي للفتوحي مؤلف المنتهى،
المطلب الرابع: مصادر المؤلف في حاشيته
وإذا ختم العبارة بقوله: [شرح] فهو يعني: شرح شيخه العلامة منصور البهوتي هذا هو الغالب على ما بدا لي بالاستقراء، وإن كان في أحيان قليلة يطلق: [الشرح] على: الشرح الكبير على المقنع لابن أبي عمر المقدسي -رحمه اللَّه تعالى-. كما أنه يطلق كلمة: [حاشية] على: حاشية شيخه العلامة منصور البهوتي على المنتهى، وإذا أراد حاشيته على الإقناع قال: "حاشية الإقناع". إلا أنه في أحيان قليلة يطلق كلمة: [حاشية] ويقصد: حاشية شيخه منصور البهوتي على الإقناع. 11 - يسترسل في الشرح في أحيان كثيرة بذكر ما يتعلق بالمسألة من اللغويات أو المنطق أو غيره مما ينبئ عن سعة علومه. وعلى العموم فالسمة البارزة على حاشية الخَلوتي -رحمه اللَّه- على المنتهى هي التحقيق، والتدقيق، والشخصية العلمية الظاهرة. * * * * المطلب الرابع: مصادر المؤلف في حاشيته: لقد تميزت حاشية الخلوتي على المنتهى بكثرة المصادر ووفرتها، والنقل. عنها باسم الكتاب أو باسم المؤلف، وقد ينقل عن فقيه باسمه دون ذكر للمصدر فمن ذلك: 1 - "معونة أولي النهي" للعلَّامة الفتوحي (صاحب المنتهي). 2 - "شرح منتهى الإرادات" للعلَّامة منصور البهوتي. 3 - "حاشية منتهى الإرادات" للعلَّامة منصور البهوتي. 4 - "الإقناع" للعلَّامة موسى الحجاوي. 5 - "كشاف القناع" للعلَّامة منصور البهوتي. 6 - ابن حمدان.
7 - ابن عقيل. 8 - ابن نصر اللَّه. 9 - "الصحاح في اللغة" للجوهري. 10 - "التنقيح المشبع". 11 - "المطلع" للبعلي. 12 - "شرح الزركشي على مختصر الخرقي". 13 - "اختيارات شيخ الإِسلام". 14 - الشيخ تقي الدين ابن تيمية. 15 - "الفروع". 16 - "شرح الخلاصة" لابن عقيل. 17 - "مسائل الإِمام أحمد" رواية ابنه صالح. 18 - "تصحيح الفروع" للمرداوي. 19 - "الإنصاف". 20 - "رسالة ابن هشام" التي وضعها في لغة وعرفًا. 21 - "المقنع". 22 - الموفق ابن قدامة. 23 - "الشرح الكبير". 24 - "حاشية الإقناع" للبهوتي. 25 - ابن عبد البر. 26 - "مختار الصحاح".
27 - القاضي (أبو يعلى). 28 - الإِمام مالك. 29 - "حاشية الشيخ الفارضي". 30 - "المسودة". 31 - "مختصر الخرقي". 32 - "الأحكام السلطانية" للقاضي أبو يعلى. 33 - "حاشية الفروع" لابن نصر اللَّه. 34 - "حاشية المحرر" للشهاب الفتوحي. 35 - "الشافي" لأبي بكر الخلال. 36 - "شرح الكتاب" للزركشي. 37 - "شرح مختصر التحرير". 38 - بحث شيخنا أو قال شيخنا أو توقف شيخنا. 39 - "القواعد" لابن رجب. 40 - "المبدع". 41 - "شرح مختصر الروضة" لابن نصر اللَّه الكناني. 42 - "الناظم". 43 - "العدة". 44 - "مختصر الروضة وشرحه" للطوفي. 45 - "روض الآداب" للحجازي. 46 - "غاية المطلب" للجراعي.
47 - "الفنون" لابن عقيل. 48 - بعض الحنفية. 49 - تاج الدين البهوتي. 50 - "المحرر". 51 - "المجد". 52 - "المغني". 53 - أبو عبد اللَّه ابن تيمية، وهو عم شيخ الإسلام واسمه (محمد بن الخضر بن محمد بن الخضر بن علي بن تيمية). 54 - "شرح ابن منجى" (الممتع في شرح المقنع). 55 - "تفسير البيضاوي". 56 - "التبصرة". 57 - الأزهري. 58 - "حاشية الحجاوي". 59 - "قلائد المرجان". 60 - "الغنية". 61 - الآمدي. 62 - "الرعاية الكبرى". 63 - "الآداب". 64 - "الترغيب". 65 - "السر المصون" لابن الجوزي.
66 - "مغني ذوي الأفهام". 67 - "تحفة المودود". 68 - "تفسير الجلالَين". 69 - ابن البنا. 70 - "روض الآداب". 71 - "الروضة". 72 - "القواعد والفوائد الأصولية" لابن اللحام. 73 - "شرح بانت سعاد" لابن هشام. 74 - هشام بن معاذ النحوي الكوفي. 75 - ابن عربي. 76 - شيخنا علي الشبراملسي. 77 - "حواشي الغزي على المطول". 78 - "مغني اللبيب". 79 - أبو يعلى الصغير. 80 - الشيخ عيسى الشهاوي. 81 - الشيخ زكريا الشافعي. 82 - "التوضيح" للشويكي. 83 - "تفسير الزمخشري". 84 - "شرح الأربعين النووية" لابن حجر الهيتمي. 85 - "الديباجة".
86 - "المستوعب". 87 - "الهدي". 88 - "هامش التنقيح" للمظفري. 89 - "مسائل الإمام أحمد" برواية ابنه عبد اللَّه. 90 - الشيرازي. 91 - أبو الخطاب. 92 - "عيون المسائل". 93 - "حواشي ابن نصر اللَّه". 94 - "شرح الوجيز" للظهيري. 95 - "الانتصار". 96 - موسى الحجاوي (صاحب الإقناع). 97 - الشيخ مرعي بن يوسف المقدسي. 98 - "حاشية الحجاوي على التنقيح". 99 - صاحب نظم المفردات. 100 - "الذريعة" لابن العماد. 101 - "رسالة السبكي" الموضوعة في الكلام على قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "رفع القلم عن ثلاث". 102 - الشيخ أحمد الغنيمي. 103 - "متن الروضة" لابن المقوي الشافعي. 104 - "الكافي".
المطلب الخامس: محاسن الحاشية وميزاتها
105 - "الروضة". 106 - "شرح الشذور" لابن هشام. 107 - "شرح الآداب الشرعية" للحجاوي. 108 - "المنتخب". 109 - "الوجيز". 110 - "الكشاف" للزمخشري. 111 - "قول شرح المحرر". 112 - الشيخ تقي الدين السبكي. 113 - "ألفية ابن مالك في النحو". 114 - ابن الحارثي. 115 - "التلخيص". 116 - "المستوعب". 117 - القرافي المالكي. 118 - "الكافية" لابن الحاجب. 119 - "شرح الألفية" لابن الناظم. 120 - "النكت". 121 - "شرح الوجيز" للزركشي. * * * * المطلب الخامس: محاسن الحاشية وميزاتها: امتاز عمل الخلوتي -رحمه اللَّه- في حاشيته بميزات كثيرة يقلُّ أن توجد
المطلب السادس: الملحوظات على الحاشية
في الحواشي؛ حيث يغلب عادة على الحواشي النقل، وقلة التحقيق، لكن هذه الحاشية امتازت بمناقب ومحاسن كثيرة، فمن ذلك: 1 - عنايته بنقل الخلاف ونسبة الأقوال لأصحابها من فقهاء السلف ومن بعدهم، وكثرة مصادره، وتنوع النقل؛ حيث ينقل عن علماء من سائر المذاهب الفقهية، وفي فنون متعددة. 2 - إضافته زيادات كثيرة من مسائل جديدة، وفوائد فريدة. 3 - استقلال شخصيته، ووضوح رأيه الفقهي، يظهر هذا في عدة مظاهر. 4 - عنايته ببيان المناسبة بين الأبواب والمسائل؛ فيوضح العلاقة بين المسألة وما يشابهها، ويشير إلى نظائرها في أبواب الفقه. 5 - اهتمامه باللغة: ويظهر هذا في تعليقاته في النحو والإعراب، وفي عنايته بالتعريفات. 6 - شرحه للمصطلحات في الفنون المختلفة، وعنايته بها. 7 - ذكره للألغاز ومسائل المعاياة. 8 - وقوفه عند المسائل المتعلقة بالتوحيد في المنتهى، والتعليق عليها. * * * * المطلب السادس: الملحوظات على الحاشية: لا بد في عمل البشر من نقص، ويأبى اللَّه -تعالى- العصمة لكتاب غير كتابه، لكن الذي ينبغي اغتفار قليل خطأ المرء في كثير صوابه. فمن الملحوظات والمآخذ على حاشية الخَلوتي -رحمه اللَّه- على المنتهى ما يلي:
المطلب السابع: النسخ المعتمدة في التحقيق
1 - في العقيدة حيث يبدو تأثره بمذهب الأشعرية، وهو ينقل عن الأشاعرة والصوفية، ولا شك أن للبيئة التي عاش فيها تأثيرًا في ذلك، ومن ذلك نقله عن سعد الدين التفتازاني، وإمام الحرمَين، والسهروردي في آداب المريدين وغيرهم. 2 - تركه التعليق على مسائل كثيرة مكتفيًا بالاستفهام، أو طلب التحرير، أو طلب التفريق، أو النظر، ونحو ذلك. 3 - ركاكة في الأسلوب، وعدم وضوح فيه، لكنه نادر جدًّا. 4 - خطأ في العزو (فيما ظهر لي حيث أبحث عنه في الموضع المحال إِليه وفي مظانه غيره فلا أجده). 5 - نقله كثيرًا عن معونة أولي النهى للفتوحي، وشرح المنتهى للبهوتي، وحاشية البهوتي على المنتهى، دون أن يصرح بذلك، ولقد نبهت إلى كثير من ذلك في مواضعه بقولي: (بنصِّه). 6 - نسبته الأقوال بواسطة؛ حيث ينسب القول إلى مجموعة من الفقهاء مع كون العزو منقولًا بنصه من كتاب آخر، خاصة الإنصاف. ولقد نبهت إِليه في مواضعه. والخطب في هذا يسير؛ فإِن عادة الحنابلة جرت بهذا، خاصة مع كون الكتاب المنقول عنه ثقة ككتاب الإنصاف لمنقِّح المذهب علاء الدين المرداوي -رحمه اللَّه تعالى-. وهذا كله لا يقدح في كون هذه الحاشية حاشية نفيسة، وفيها من التحقيق والتدقيق، والفوائد الفرائد ما يشهد به كل مطلع عليها -رحم اللَّه مؤلفها ونفع بها-. * * * * المطلب السابع: النسخ المعتمدة في التحقيق: اعتمدت أربع نسخ مخطوطة من حاشية الخَلوتي على المنتهى، وهي كالتالي:
* النسخة الأول - نسخة (أ): - مكانها: دار الكتب المصرية - القاهرة. - رقم الحفظ: 19937. - عدد لوحاتها: 405 لوحات. ويقع الجزء الذي حققته منها في 146 لوحة؛ أي: 292 صفحة. - عدد الأسطر: في الصفحة ثلاثة وعشرون سطرًا، في كل سطر عشر كلمات. - خطها: خط معتاد. - ناسخها: عثمان بن علي النجدي. - تاريخ النسخ: فرغ الناسخ من كتابتها ضحى الاثنين الرابع من صفر عام (1118 هـ). * النسخة الثانية - نسخة (ب): - مكانها: المكتبة الأزهرية في القاهرة. - رقم الحفظ هناك: 47645. - عدد لوحاتها: 243 لوحة؛ أي: 486 صفحة، ويقع الجزء الذي حققتهُ منها في: 112 لوحة؛ أي: 224 صفحة، وفيها سقط في موضعَين. - عدد الأسطر: في كل صفحة 25 سطرًا، في كل سطر ثلاث عشرة كلمة. - ناسخها: علي بن حسين بن حسن الجامولي الحنبلي. - تاريخ النسخ: فرغ ناسخها من كتابتها يوم الجمعة الثالث عشر من ذي الحجة سنة (1093 هـ).
* النسخة الثالثة - نسخة (ج): - نسخة الشيخ صالح بن عبد اللَّه بن إبراهيم البسام تلميذ الشيخ محمد بن عبد اللَّه بن حميد -صاحب السحب الوابلة-. - مكانها: موجودة عند أحد طلبة العلم في منطقة القصيم. - عدد صفحاتها: 685 صفحة. ويقع الجزء الذي حققته منها في 265 صفحة. - عدد الأسطر: في كل صفحة 25 سطرًا، في كل سطر إحدى عشرة كلمة. - مقابلة، ومصححة، وفي هوامشها بعض التعليقات. - ناسخها: يوسف بن أحمد الحجاوي الحنبلي. - تاريخ النسخ: فرغ الناسخ من كتابتها يوم السبت السادس عشر من صفر عام (1121 هـ). * النسخة الرابعة - نسخة (د): - نسخة الشيخ عبد اللَّه بن دهيش. - مكانها: المكتبة السعودية في الرياض (بدار الإفتاء). - رقم التسجيل العام 24 والخاص 86. - عدد صفحاتها: 728 صفحة في جزأَين، يقع الجزء الذي حققته منها في 270 صفحة. - عدد الأسطر: في كل صفحة 22 سطرًا، في كل سطر ثلاث عشرة كلمة. - خطها: نسخ جيد. - ناسخها: عبد الحليم سليمان بمكة المكرمة، نسخها بأجرة للشيخ عبد اللَّه ابن عمر بن دهيش، وقد نقلها من نسخة للشيخ محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ, مكتوبة سنة 1259 هـ.
- تاريخ النسخ: فرغ الناسخ من كتابتها يوم الأحد في الحادي عشر من شوال سنة (1362 هـ). * * *
صفحة الغلاف من نسخة متن "المنتهى" (الأصل) (القسم الأول)
الصفحة الأولى من نسخة متن "المنتهى" (الأصل) (القسم الأول)
الصفحة الأخيرة من نسخة متن "المنتهى" (الأصل) (القسم الأول)
صفحة الغلاف من نسخة دار كتب المصرية "أ" (القسم الأول)
الصفحة الأولى من نسخة دار الكتب المصرية "أ" (القسم الأول)
الصفحة الأخيرة من نسخة دار الكتب المصرية "أ" (القسم الأول)
صفحة الغلاف من نسخة المكتبة الأزهرية "ب" (القسم الأول)
الصفحة الأولى من نسخة المكتبة الأزهرية "ب" (القسم الأول)
الصفحة الأخيرة من نسخة المكتبة الأزهرية "ب" (القسم الأول)
صفحة الغلاف من نسخة الشيخ صالح البسام "ج" (القسم الأول)
الصفحة الأولى من نسخة الشيخ صالح البسام "ج" (القسم الأول)
الصفحة الأخيرة من نسخة الشيخ صالح البسام "ج" (القسم الأول)
الصفحة الأولى من نسخة الشيخ عبد اللَّه بن دهيش "د" (القسم الأول)
الصفحة الأولى من الجزء الثاني من نسخة الشيخ عبد اللَّه بن دهيش "د" (القسم الأول)
الصفحة الأخيرة من الجزء الأول من نسخة الشيخ عبد اللَّه بن دهيش "د" (القسم الأول)
صفحة الغلاف من نسخة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية (القسم الأول)
الصفحة الأولى من نسخة جامعة الإِمام محمد بن سعود الإسلامية (القسم الأول)
الصفحة الأخيرة من نسخة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية (القسم الأول)
صورة لوحة الغلاف من النسخة "أ" (القسم الثاني)
صورة الصفحة الأخيرة من النسخة "أ" (القسم الثاني)
صورة لوحة الغلاف من النسخة "ب" (القسم الثاني)
صورة اللوحة الأخيرة من النسخة "ب" (القسم الثاني)
صورة بداية كتاب الفرائض من النسخة "ج" (القسم الثاني)
صورة الصفحة الأخيرة من النسخة "ج" (القسم الثاني)
صورة اللوحة الأولى من الجزء الثاني من النسخة "د" (القسم الثاني)
صورة اللوحة الأخيرة من النسخة "د" (القسم الثاني)
مقدمة المؤلف
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَبِهِ نَسْتَعِينُ, [وَهُوَ المُعِينُ] (¬1) . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحمد للَّه رب العالمين، وصلى اللَّه على سيدنا محمد، خاتم النبيين، وآله وصحبه أجمعين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين. أما بعد: فهذه حواشٍ لشيخنا الشيخ الإمام العالم العلَّامة والحبر الفهامة، ذي الدين المتين، والورع، واليقين، محمد بن أحمد بن علي البَهوتي الحنبلي -الشهير بالخلوتي- أسكنه اللَّه بحبوحة (¬2) جنته، وتغمده برضوانه ورحمته (¬3) -، على كتاب "منتهى الإرادات في جمع المقنع مع التنقيح، وزيادات"، للإمام العلَّامة شيخ الإسلام تقى الدين (¬4)، ابن قاضي القضاة أحمد (¬5) شهاب الدين ابن النجار المصري الفتوحي الحنبلي -تغمدهما (¬6) اللَّه برحمته، وأدام النفع بعلومهما (¬7) -، أحببت تجريدها عنه في كتاب ¬
أحمد اللَّه وحق لي أن أحمد اللَّه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مستقل؛ ليكثر النفع بها، واللَّه -سبحانه- المسؤول أن يوفقنا لكل فعل جميل، وهو حسبنا ونعم الوكيل. * قوله: (أحمد اللَّه) عدل إلى الجملة الفعلية؛ لقصد استمرار الفعل، وحدوثه وقتا بعد وقت، وحالًا غِبَّ حال، حسب ترادف النعم، وتجددها تاليًا إثر غابر، ولاحقًا خلف سابق، ونظيره قوله -تعالى-: {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} [البقرة: 15]، وللمناسبة بين القائل ومدلول قوله، وفيه رد الصدر على العجز، والجناس التام (¬1)، والإشارة إلى أن (¬2) المؤلف فيه وهو علم الفقه أحمد، وأنه في مذهب أحمد فتفطن!. * قوله: (وحق لي أن أحمد) يحتمل أن الواو للاعتراض التذييلي (¬3) الذي أبدعه الزمخشري (¬4) في قوله -تعالى-: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222]. ¬
وأصلي وأسلم على خير خلقه أحمد، وعلى آله، وصحبه، وتابعيهم على المذهب الأحمد. وبعد: فـ "التنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع" في الفقه على مذهب الإمام المبجل أبي عبد اللَّه أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني -رضي اللَّه تعالى عنه- قد كان المذهب محتاجًا إلى مثله إلا أنه غير مستغنٍ عن أصله. فاستخرت اللَّه -تعالى- أن أجمع مسائلها في واحد مع ضم ما تيسر عقله من الفوائد الشوارد، ولا أحذف منها إلا المستغنى عنه، والمرجوح، وما بني عليه. ولا أذكر قولًا غير ما قُدِّم، أو صُحِّح في "التنقيح" إلا إذا كان عليه العملُ، أو شُهِر، أو قَوِي الخلافُ، فربما أُشيرُ إليه. وحيث قلتُ: قيل، وقيل، ويندُر ذلك. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويحتمل أنها للحال، و"قد" مقدَّرَة، وهو أنسب؛ لأن الحال قيد في عاملها، فيكون حمده حينئذٍ واجبًا لأن مآله في قوله: (أحمد اللَّه) في حال حُقَّ لي فيها الحمد، وهي حال كوني مُنْعَمًا عليَّ، وتعليق الحكم بالمشتق يؤذن بالعِليَّة، فكأنه قال: أحمد اللَّه لإنعامه، وفي مقابلته، فتأمل!. * قوله: (فالتنقيح) اسم كتاب للشيخ علاء الدين علي المرداوي السعدي -رحمه اللَّه-. * قوله: (وحيث قلت: قيل وقيل. . . إلخ). نحو قوله في باب ركنَي
فلعدم الوقوف على تصحيح. . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ النكاح وشروطه (¬1): "وإن فَتَحَ وليٌّ تاء زوَّجتُك، فقيل: يصحُّ مطلقًا، وقيل: من جاهل وعاجز". وبخطه: قوله: (وحيث. . . إلخ) اسم شرط هنا على رأي الفرَّاء (¬2) في إجازته (¬3) المجازاة بها مجردة عن "ما" خلافًا للجمهور (¬4)، و"قلت" على هذا فعل الشرط. * وقوله: (فلعدم) مع تقدير مبتدأ؛ أي: فهو لعدم، أو فذلك لعدم، جواب الشرط، ولذلك قرن بالفاء. وأما على رأي غير الفراء فـ "حيث" ظرف مكان متعلقة بمتصيد من الكلام؛ أي: أقول ذلك وقت عدم الوقوف على تصحيحه، ذكر مثله الشيخ خالد (¬5) في إعراب ¬
وإن كان لواحد فلإطلاق احتمالية. وسميته: "منتهى الإرادات في جمع المقنع مع التنقيح، وزيادات"، وأسال اللَّه -سبحانه وتعالى- العصمة والنفع به، وأن يرحمني، وسائر الأمة. ـــــــــــــــــــــــــــــ الألفية (¬1)، عند قول المتن في باب الاستثناء: "وحيث جُرَّا، فهما حرفان. . . إلخ". * قوله: (وإن كانا لواحد)؛ أي: القولان بمعنى الاحتمالين، نحو قوله في كتاب النكاح (¬2): "وفي (¬3) تحريم خطبة من أذنت لوليها في تزويجها من معين احتمالان"، قال في شرحه (¬4): "أطلقها ابن حمدان (¬5) ". ¬
1 - كتاب الطهارة
1 - كِتَابُ الطَّهَارَةِ
(1) كِتَابُ الطَّهَارَةِ الطهارة: ارتفاع حدثٍ. . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الطهارة * قوله: (ارتفاع حدثٍ) إنما عبر في جانب الحدث بالارتفاع، وفي جانب الخبث بالزوال؛ لأن المراد بالحدث هنا الأمر المعنوي، والإزالة لا تكون إلا في جانب الأجرام غالبًا، فلما كان الخبث قد يكون جرمًا، ناسب التعبير معه (¬1) بالإزالة، ولما كان الحدث أمرًا معنويًّا ناسب التعبير فيه بما يناسبه، وأن ناسب غيره أيضًا، فتفطن!. وبخطه: عبارة بعض الحنفية: ثم الإضافة لامية، لا ميمية، ولا على معنى "في"؛ لأن المضاف إليه إن بايَن المضاف ولم يكن ظرفًا، أو كان أخص مطلقًا كيوم الأحد، وعلم الفقه، وشجر الأراك، كانت بمعنى اللام، وإن كان المباين ظرفًا كانت بمعنى "في"، وإن كان (¬2) أخص من وجه، فإن كان المضاف إليه أصلًا للمضاف، فالإضافة بمعنى "من"، وإلا فهي أيضًا بمعنى اللام. فإضافة خاتم إلى فضة بيانية، وإضافة فضة إلى خاتم بمعنى اللام، كما يقال: ¬
وما في معناه بماء طهور مباح، وزوال خبث. . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ خاتم فضتك خير من خاتم فضتي، وجوَّز بعضهم كونها بيانية. انتهى عمر بن نُجَيْم (¬1). * قوله: (وما في معناه) قال في شرحه (¬2): "أي: في معنى ارتفاع الحدث"، فأرجع الضمير إلى ارتفاع الحدث (¬3)، وهو مبني على أن قوله "وما" عطف على "ارتفاع". أما إذا عطف على "حدث" فيتعين إرجاعه إلى (¬4) الحدث؛ لئلا يؤول المعنى إلى قولنا: وارتفاع ما في معنى الارتفاع، وهو لا يخلو عن تهافت. * قوله: (وزوال خَبث) ولو لم يُبح. اعلم أن المنهي عنه أقسام: أحدها: أن يكون النهي (¬5) عنه لعينه، كالنهي عن الكفر والكذب. والثاني: أن يكون النهي (¬6) عنه لوصفه اللازم له، كالنهي عن صوم يوم (¬7) ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ العيد وأيام التشريق؛ يعني: في غير نسك الحج (¬1) -كما يأتي في الحج-. الثالث: أن يكون لأمر خارج غير لازم، كالبيع بعد نداء الجمعة، وكالوضوء بماء مغصوب، فإن النهي عنه لأمر خارج عنه، وهو الغصب، ينفك عنه بالإذن من صاحبه أو الملك ونحوه، فهذا الأخير الصحيح من المذهب أنه كالذي قبله في اقتضاء الفساد (¬2)، وعليه كثير من العلماء -كما تقدم-، وخالف الطوفي (¬3) واكثر في ذلك، فقالوا: لا يقتضي الفساد، وهو مذهب الشافعي (¬4) وغيره. قال الآمدي (¬5): لاخلاف في أنه لا يقتضي الفساد، إلا ما نقل عن مالك ¬
به ولو لم يُبِح، أو مع تراب طهور، أو نحوه، أو بنفسه، أو ارتفاع حكمهما بما يقوم مقامه. خلاف المعهود في كلامهم فيما إذا تقدم مقيَّد بقيد وتأخر ضمير، من أن الضمير إما أن يرجع إلى المقيَّد مع قيده أو للمقيَّد فقط. أقول: يمكن أن يرجع الضمير لنفس المقيَّد، واشتراط الطهورية إنما استفيد من نفي اشتراط الإباحة فقط، فتدبر!. ـــــــــــــــــــــــــــــ وأحمد، ولا فرقَ بين العبادات والمعاملات. وألزم القاضي (¬1) الشافعية ببطلان البيع بالتفرقة بين والدة وولدها. انتهى ملخصًا من كلام منتشر في شرح التحرير (¬2). * وقوله: (به)؛ أي: بالماء الطهور، قال شيخنا (¬3): وفيه إرجاع الضمير إلى الموصوف مع بعض صفاته دون بعض، وهو خلاف المعهود في كلامهم فيما إذا ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تقدم مقيد بقيد وتأخر ضمير من أن الضمير، إما أن يرجع إلى المقيد مع قيده أو للمقيد فقط. أقول: يمكن أن يرجع الضمير لنفس المقيد، واشتراط الطهورية: إنما أستفيد من نفي اشتراط الإباحة فقط، فتدبر!. * * *
1 - باب المياه
1 - باب المياه ثلاثة: طهور يرفع الحدث. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب المياه * قوله: (المياه ثلاثة)؛ أي: المياه وإن كثرت أنواعها، ترجع إلى ثلاثة، فليس من استعمال جمع الكثرة (¬1) في موضع جمع القلة، كما قد يتوهم، فتدبر!. * قوله: (يرفع الحدث) هذا من قبيل التصديق (¬2)، وكان حقه أن يسبق بالتصور (¬3)؛ لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، لكنه قدم هنا التصديق لكونه هو المقصود بالذات، ولا يقال: المقصود بالذات هو الصلاة؛ لأنَّا نقول: الشيء قد يكون له اعتباران، فباعتبار أحدهما يكون مقصودًا لذاته، وبالاعتبار الثاني ككونه شرطًا هنا يكون مقصودًا لغيره، فتدبر!. * وقوله: (يرفع) المقام يفيد الحصر؛ أيْ: لا يرفعه غيره. ¬
وهو: ما أوجب وضوءًا أو غُسلًا، إلا حدث رجل، وخنثى بقليل خلَت به مكلَّفة (¬1) ولو كافرة لطهارة كاملة عن حدث، كخلوة نكاح تعبدًا، ويزيل الخبث الطارئ، وهو الباقي على خلقته. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ما أوجب وضوءًا أو غُسلًا) أو هنا لمنع الخلو. * قوله: (إلا حدث رجل)؛ لا امرأة وصبي. * قوله: (خنثى)؛ أيْ: بالغ. * قوله: (مكلفة)؛ أيْ: امرأة لا خنثى، ولا صغيرة، ولا مجنونة. * قوله: (لطهارة) ليس متعلقًا بـ "خلَت" لإيهامه أنها إذا خلَت به يقصد ذلك، ولم يقع أنه مثلُ ما وقع به الفعل، وليس كذلك، ولعله متعلق بمحذوف تقديره: واستعملَته لطهارة. . . إلخ، أو: خلَت به مستعملة إياه لطهارة كاملة. . . إلخ، فتدبر!. * قوله: (تعبدًا) قال الأُبِّي (¬2) (¬3): "معنى كون الحكم تعبدًا، أنه لا يظهر لنا وجهه، لا أنه الذي لا وجه له؛ لأن لكل حكم وجهًا؛ لأن الأحكام مربوطة بالمصالح ودَرْء المفاسد، فما لم تظهر لنا مصلحته أو مفسدته، اصطلحوا على أن يسموه تعبدًا" انتهى. ¬
ولو تصاعد ثم قطر كبخار الحمامات، أو استهلك فيه يسير مستعمل، أو مائع طاهر ولو لعدم كفاية ولم يغيره. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو استهلك) عطف على قوله: "تصاعد"، وجملة "لو تصاعد" حال إما من النسبة في "طهور"، أو منه نفسه، على القول بجواز مجيء الحال من الخبر، لأنه وقع فيه خلاف، كما وقع في مجيء الحال من المبتدأ (¬1)، وعليهما فـ "لو" إشارة إلى الخلاف في كون ما ذكر طهورًا أو غير طهور، وأن المستهلك سلَبه الطهورية (¬2). وإن جعلت الجملة حالًا من الضمير في "يرفع" "ويزيل"، كانت "لو" إشارة إلى الخلاف في كونه يرفع الحدث أو لا، وفي كونه يزيل الخبث أو لا (¬3). لكن صرَّح في الإقناع (¬4) بأن الخلاف في جواز الطهارة منه وعدمه، وأن الطاهر يصير طهورًا باستهلاكه في الطهور أو باقٍ على ما كان عليه فما غُسل به لم تحصل طهارته لكونه غُسل بغير طهور. قال شيخنا (¬5): كما هو كلام المحققين من الأشياخ، لأن الخلاف في زوال طهورية الطهور وعدمه، كما فرضه في الرعايتين (¬6)، والفروع (¬7)، وتبعهم المص ¬
أو استعمل في طهارة لم تجب، أو غسل كافر، أو غسل به رأس بدلًا عن مسح، والمتغير بمحل تطهير وبما يأتي فيما كُره، وما لا يكرَه. وكُره منه: ماء زمزم في إزالة خبث، وبئر بمقبرة، وما اشتد حرُّه، أو برده، ومُسخَّن بنجاسة إن لم يُحتَج إليه، أو بمغصوب، ومتغير بما لا يخالطه من عود قماري (¬1)، أو قطع كافور أو دهن. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في شرح المنتهى (¬2)، ورده ابن قندس (¬3) (¬4) بِرَدٍّ حسن. * قوله: (أو غُسل كافر)؛ أيْ: ذكرًا وأنثى. * قوله: (ومُسخَّن بنجاسة)؛ أيْ: إن لم يعلم وصول شيء من أجزائها إليه، أما إن علم -وكان الماء يسيرًا- تنجس بمجرد الملاقاة، وإلا فبتغير أحد الأوصاف، وكلام شيخنا هنا في شرحه (¬5) أجمل فيه، اتكالًا على ما يأتي عن قريب. * قوله: (إن لم يُحتَج إليه) فإن احتيج إليه تعيَّن وزالت الكراهة؛ لأن الواجب لا يكون مكروهًا. ¬
أو بمخالط أصله الماء. لا بما شق صونه عنه كطحلب (¬1) وورق شجر، ومكث، وريح، ولا ماء البحر والحمام، ومسخن بشمس، أو بطاهر، ولا يباح غير بئر الناقة من ثمود. الثاني: طاهر؛ كماء ورد. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قلت: وكذا حكم كل مكروه احتيج إليه، كما يدل عليه كلامه في الاختيارات (¬2)، قاله في شرح الإقناع (¬3). أقول: وكذا كل حرام اضطُر إليه -كما يأتي في كتاب الأطعمة (¬4) -، ومنه تعلم أنه كان الأولى تأخير قوله "إن لم يُحتَج إليه" عن سائر أنواع ما يُكرَه. * قوله: (أصله الماء) كالملح (¬5) المائي. * قوله (¬6): (الثاني طاهر) كماء ورد. * فائدة: إذا قيل: زيد كعمرو، فالكاف للتنظير، وإذا قيل: الحيوان الناطق كزيد، قابل لصنعة العلم والكتابة، فالكاف للتمثيل. والحاصل: أن الكاف إن كان ما بعدها داخلًا فيما قبلها فهي للتمثيل، وإلا ¬
وطهور تغيّر كثير من لونه أو طعمه أو ريحه. في غير محل التطهير. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فللتنظير، وعلى هذا فقول المصنف: "كماء ورد" من الثمثيل إن حُمل الظاهر على الأعم من المستخرج وغيره، فتدبر!. ثم رأيت بعض من كتب على شرح الكافي لإيساغوجي حقق مثل ذلك، عند قوله: "لأن العدم كالعمى. . . إلخ" فارجع إليه (¬1). * قوله: (وطهور تغيَّر) فإن زال تغيره عادت طهوريته، فإن تغير بعضه فما لم يتغير طهور. * قوله: (تغيَّر كثير من لونه. . . إلخ)؛ أيْ: بطبخ أو غيره، فلو تغيرت صفة كاملة، أو الكثير من صفتين أو من الثلاثة أو الكل منهما، أو غلب المخالف على أجزاء الطهور كان ذلك بالأولى، ويبقى النظر في التغير اليسير من صفتين، أو من الثلاثة هل ينزل منزلة الكثير من صفه؟ اختار شيخنا التفصيل بما يفضي إلى التطويل (¬2). * قوله: (في غير محل التطهير) لعل مراده في غير محل تطهيره واجب، وهو أعضاء الوضوء والغسل، إذ غسل الطاهر من حيث ذاته (¬3) ليس طهارة شرعية؛ لأنها رفع الحدث، وإزالة الخبث. ¬
ولو بوضع ما يشق صونه عنه أو بخلط ما لا يشق غير تراب ولو قصدًا، وما مر، وقليل استعمل في رفع حدث. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال شيخنا (¬1): و (¬2) أيضًا فالماء المتغير بالطاهر حين غسله عن غير ما ذكر يصير طاهرًا، وإن لم ينفصل. يبقى النظر في الأرض التي لها تراب مستعمل إذا غمرت بالماء هل تصير طهورًا قياسًا على النجاسة، أو لا؟، كما يفهم من كلام شيخنا، فليحرر!. * قوله: (ولو بوضع. . . إلخ)؛ أيْ: آدمي قصدًا. انظر ما فائدة المغايرة بين المسألتين في قوله: (بوضع)، وقوله: (أو بخلط) المقتضية؛ لأن المسالة الأولى (¬3) لا يعتبر فيها الخلط، مع أن ابن قندس صرَّح باعتباره في حواشي المحرر (¬4) فقال: "وإن لم يكن الطحلب وورق الشجر الموضوعان قصدًا متفتتَين ولم يتحلل منهما شيء فهو قياس قطع الكافور" لكنه قال: "ولم أر من صرَّح بذلك" فتأمل!. * قوله: (أو بخلط)؛ أيْ: آدمي أو غيره، وكذا لو سقط بنفسه فكان الأولى اختلاط. * قوله: (وما مَرَّ)؛ أيْ: المجاور الغير المخالط، والمخالط الذي أصله الماء. * قوله: (وقليل استعمل. . . إلخ) قد ذكر في هذا القسم ما استعمل في رفع ¬
من عليه حدث أكبر بعد نية رفعه، ولا يصير ألا بانفصاله، أو إزالة خبث. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حدث، وما في معناه، ولم يذكر المستعمل في غسل الميت، مع أنه مما في معناه، وحكمه كذلك، فلم تركَه؟ وأجاب شيخنا: بأن المراد برفع الحدث ما يشمل الوضوء والغسل الواجبَين (¬1)، فأوردت عليه غسل الكتابية لوطئها من حليلها المسلم، فأقَّر الإيراد، وقال: يزاد هنا إلا ما تقدم من غسل الكتابية لحليلها المسملم (¬2)، تدبر!. وكان الأظهر وقليل استعمل لارتفاع حدث؛ لأن الوفع استعمال الماء في الأعضاء، فيصير في العبارة نوع ركاكة معنوية، لكنه مغتفر. * قوله: (ولا يصير مستعملًا إلا بانفصاله)؛ أيْ: انفصال أول جزء، وهل المراد به الجزء الذي ارتفع حدثه، أو المراد به (¬3) الجزء الأخير في الغمس؛ لأنه أول فى الانفصال؟ قولان أشار إليهما الشارح (¬4). وبخطه (¬5): ويحتمل عود الضمير على الماء. قال شيخنا (¬6): مقتضى القواعد أن الماء يُسلَب الطهورية بغمس بعضها مع النية والتسمية. * قوله: (أو إزالة خبث) عطف على قوله: (رفع حدث). ¬
وانفصل غير متغير مع زواله عن محل طهر، أو غسل به ذكره وأنثييه لخروج مذي دونه، أو غمس فيه كل يد مسلم. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مع زواله) لولا أنه وقع في مركزه لقيل: لا حاجة إليه مع قوله: (عن محل طهر)؛ لأنه لا يمكن الحكم بطهارة المحل، مع عدم زوال الخبث. * قوله: (أنثييه. . . إلخ) الظاهر ولو البعض منهما، إذ لا معنى لاعتبار الكلية هنا. وبخطه (¬1): وهل إذا توضأ، أو اغتسل، مع ترك غسلهما عمدًا، وصلى صلاته صحيحة، أم لا؟ قال شيخنا (¬2): ظاهر كلامهم أن الصلاة صحيحة، ولو ترك غسلهما عمدًا. * قوله: (دونه)؛ أيْ: دون المذي، وأما لو غسل به المذي نفسه، فإنه يصير نجسًا. * قوله: (أو غمس فيه. . . إلخ) ظاهره أنه يحكم بطهارته بمجرد الانغماس، وقد أناط بعضهم الحكم بالانفصال على وفق مسألة الجنب، وهو صاحب الحاوي (¬3) (¬4)، فليحرر!. ¬
مكلف قائم من نوم ليل ناقض لوضوء أو حصل في كلها ولو باتت مكتوفة أو بجراب ونحوه، قبل غسلها ثلاثًا، نواه بذلك أو لا، ويستعمل ذا -إن لم يوجد غيره- مع تيمم، وطهور منع منه لخلوة المرأة أولى، أو خُلِطَ بمستعملٍ لو خالفه صفة غَيَّره ولو بلغا قُلَّتين (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مكلف) اسم للبالغ العاقل. * قوله: (ناقض لوضوء)؛ أيْ: لو كان. * قوله: (ويستعمل ذا)؛ أيْ: الماء، الذي غمس فيه كل يد المسلم المكلف، القائم من نوم الليل الناقض للوضوء. * قوله: (مع تيمم)؛ أيْ: ثم يتيمم، والتيمم (¬2) بعد الاستعمال على سبيل الوجوب. * قوله: (وطهور منع منه لخلوة المرأة أولى)؛ يعني: أن القليل الذي منع الرجل منه، لخلوة المرأة، أولى منه؛ لأن ذاك منع تعبدًا، وأما هذا فلرفعه ما هو في معنى الحدث، تأمل!. [وبخطه: ظاهره أيضًا أنه مع التيمم] (¬3). * قوله: (أو خُلِطَ بمستعملٍ) كان الظاهر أو خُلِطَ به مستعمل؛ لأنه ليس الكلام ¬
الثالث: نجسٌ؛ وهو: ما تغير بنجاسة لا بمحل تطهير، وكذا قليل لاقاها ولو جاريًا، أو لم يدركها طرف. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فيما يرد على الطهور، فيسلب به الطهورية، بل في الماء الطهور إذا ورد (¬1) عليه ذلك؟ الثالث: نجسٌ. * قوله: (ولو جاريًا) أشار إلى خلاف أبي حنيفة، المفصل بين الجاري والراكد (¬2)، وهي رواية عن الإمام -ستأتي (¬3) -. * وقوله: (أو لم يدركها طرف) خلافًا لعيون المسائل (¬4). * قوله: (أو لم يدركها طرف) وأشار به أيضًا إلى ما رواه أبو الوقت (¬5) عن الإمام، من الرواية المفصلة على ما نقله في الفروع (¬6)، ونقله عن المص في شرحه (¬7)، وعبارته: "قال في الفروع: وحكى عنه أبو الوقت الدينورى: طهارة الملاقي لما لا يدركه (¬8) طرف، ذكره ابن الصيرفي" (¬9). . . . . . ¬
أو يَمض زمن تسري فيه كمائع وطاهر ولو كَثُرا. والوارد بمحل تطهير طهور. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ انتهى المقصود (¬1). وأما المسألة الثالثة فقال شيخنا (¬2): لم أر من خالف فيها من الأصحاب. * قوله: (والوارد. . . إلخ) عبارة التنقيح (¬3): "وفي محله طاهر". قال الحجاوي في حاشيته (¬4): "قوله: (وفي محله)؛ أيْ: محل التطهير، (طاهر)، أىْ: الماء الطهور إذا غُسلت به النجاسة وتغير بها في محل التطهير قبل انفصاله هل هو طهور أو نجس أو طاهر؟ فيه خلاف، قيل: إنه طهور". قال فى الفروع (¬5): ولا يؤثر تغيره في محل التطهير. قال فى الإنصاف (¬6): هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب. وقال الشيخ تقى الدين (¬7): "هو نجس، ويكون مخفِّفًا للنجاسة، وأما كونه طاهرًا غير مطهر، فلم نر من قاله غير المنقح، وليس له وجه، وإذا كان تغيره لا يؤثر، ¬
كما لم يتغير منه إن كَثُر، وعنه كل جرية من جار كمنفرد، فمتى امتدت نجاسة بجار فكل جرية نجاسة مفردة، والجرية. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فمن أين صار طاهرًا، وهو متغير بالنجاسة؟، ولو كان قيل ينجس، كقول الشيخ لكان أقرب، فعلى المذهب هو طهور، وجزم به شيخنا الشويكي، في كتابه التوضيح في الجمع بين المقنع والتنقيح (¬1)، والمقنع (¬2) جزم به في فصل الطاهر قبل هذا" انتهى كلام الحجاوي -رحمه اللَّه-. وبخطه (¬3): واحترز بالوارد عن المورود، كما لو وضع الماء أولًا في إناء، ثم الثوب أو نحوه فإنه ينجس بمجرد الملاقاة. * قوله: (كما لم. . . إلخ) ليس الغرض إثبات حكم لهذا؛ لأن حكمه عُلم مما سبق، بمفهوم الأولى (¬4)، بل الغرض منه قياس الوارد بمحل تطهير عليه، ولا يقال: إن ما كان بمحل التطهير، عُلم حكمه أيضًا من منطوق قوله: (لا بمحل تطهير)؛ لأن في هذا المحل تقييدًا له، بما إذا كان واردًا، ففيه فائدة زائدة على ما سبق. * قوله: (وعنه)؛ أيْ: وعن الإمام (¬5)، وهذا مقابل لقوله هناك (¬6): (ولو جاريًا). ¬
ما أحاط بالنجاسة سوى ما وراءها وأمامها. وإن لم يتغير الكثير لم ينجس إلا ببول آدمي أو عذرة رطبة أو يابسة ذابت عند أكثر المتقدمين والمتوسطين (¬1)، إلا أن تعظم مشقة نزحه كمصانع مكة (¬2). فما تنجس. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (سوى ما وراءها وأمامها)؛ لأن الذي وراءها لم (¬3) يصل إليها، والذي أمامها لم (¬4) تصل إليه. * قوله: (إلا ببول آدمي أو عذرة)؛ أيْ: فإنه ينجس بمجرد ملاقاتها (¬5)، ولو لم يتغير. * قوله: (إلا أن تعظم مشقة نزحه)؛ أيْ: فلا ينيجس إلا بالتغير. * قوله: (كمصانع مكة)، أيْ: فلا ينجس إلا بالتغير (¬6)، ولو كانت النجاسة بول آدمي أو عذرته. ¬
بما ذكر ولم يتغير، فتطهيره بإضافة ما يشق نزحه بحسب الإمكان عرفًا (¬1)، وإن تغير، فإن شق نزحه فبزوال تغيره بنفسه، أو بإضافة ما يشق نزحه، أو بنزح يبقى بعده ما يشق نزحه، وإن لم يشق، فبإضافة ما يشق نزحه مع زوال تغيره، وما تنجس بغيره ولم يتغير، فبإضافة كثير وإن تغير. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بما ذكر)، أيْ: ببول الآدمي أو عذرة رطبة أو يابسة ذابت. * قوله: (بحسب الإمكان عرف)؛ أيْ: وإن كانت الإضافة شيئًا فشيئًا، ولا ينجس المضاف بالمضاف إليه؛ لأنه وارد بمحل التطهير، فتفطن!، ولا تلتفت لما في المستوعب (¬2). * قوله: (أو بإضافة ما يشق. . . إلخ) علم منه أنه لا يكفي إضافة غير الماء كالشب (¬3)، والجير (¬4)، والتراب، ونحو ذلك. * قوله: (وما تنجس بغيره)؛ أيْ: بغير بول الآدمى أو عذرته على التفصيل المذكور. * قوله: (ولم يتغير)؛ أيْ: بأن كان دون القُلَّتين. * قوله: (فبإضافة كثير) وإن لم يشق نزحه. ¬
فإن كثر فبزوال تغيره بنفسه، أو بإضافة كثير، أو بنزح يبقى بعده كثير. والمنزوح طهور بشرطه، وإلا، أو كان كثيرًا مجتمعًا من متنجس يسير، فبإضافة كثير مع زوال تغيره، ولا يجب غسل جوانب بئر نزحت. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (والمنزوح طهور بشرطه) وشرطه: أن لا يكون متغيرًا، وأن يبلغ حدًّا يدفع به النجاسة عن نفسه، كذا قال الشارح (¬1). وقال في الإنصاف (¬2): "وشرطه أن لا يكون متغيرًا، وأن لا تكون عين النجاسة فيه"، فاشترط عدم التغير كالشارح، إلا أنه لم يشرط الكثرة. ويبقى الكلام في المنزوح به، ومقتضى القول بطهورية ما فيه الحكم بطهارته على كلام ابن قندس (¬3)، القائل بأن المراد بالمنزوح النزحة الأخيرة، التي دون القُلَّتين، ولم تضف إلى ما قبلها، فإن الدلو لو كان نجسًا، لتنجس الماء القليل بمجرد ملاقاته، وأما البكرة فيجب تطهيرها، وكذا الحبل، إلا رأسه إذا كان داخلًا في الدلو الذي حكم بطهارة ما فيه على ما فيه، فليحرر!، فإني لم أر فيها ثقلًا. * قوله: (وإلا)؛ أيْ: وإن لم يكن الماء الذي تغير بالنجاسة المذكورة كثيرًا. * قوله: (ولا يجب غسل جوانب بئر نزحت)؛ أيْ: يعفى عنه فقط، لا أنه محكوم بطهارته، فلو وضع فيها مائع، حكمنا بنجاسته للملاقاة، بخلاف الماء اليسير فلا ينجس؛ لأنه وارد بمحل التطهير، فإذا انفصل غير متغير فهو طاهر. ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * تنبيه (¬1): قال في الإنصاف (¬2): "لو كثر ماء طهور في إناء، لم يطهر الإناء معه على الصحيح من المذهب، فإن انفصل الماء منه، حسبت غسلة واحدة ثم كمل"، انتهى. وقال المص: فيما يأتي (¬3) "وخمرة انقلبت بنفسها أو بنقل لا لقصد تخليل ودُنُّها مثلها، كمحتفر لإناء طهر ماؤه"، [انتهى. وقال في شرحه قوله: " (كمحتفر. . . إلخ)] (¬4) المحتفر من الأرض، فيه ماء حكم بنجاسته بتغيره بها، ثم زال تغيره بنفسه، فإنه يحكم بطهارته وطهارة محله من الأرض تبعًا له، ويلحق بذلك ما بني (¬5) بالأرض كالصهاريج (¬6)، والبحيرات، لا إناء طهر ماؤه، فمان إناءه لا يطهر؛ لأن الأواني وإن كانت كبيرة، لا تطهر إلا بسبع غسلات"، انتهى (¬7). لكن سيأتي (¬8) أن الأجرنة (¬9)، والأحواض الكبار، أو المبنية ولو كانت صغارًا، ¬
والكثير: قُلَّتان فصاعدًا، واليسير ما دونهما. وهما خمس مئة رطل عراقي (¬1)، وأربع مئة وستة وأربعون وثلاثة أسباع رطل مصري وما وافقه، ومئة وسبعة وسبع رطل دمشقي وما وافقه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يكفي فيها المكاثرة بالماء، حتى تذهب عين النجاسة، أو ريحها كالأرض. وبخطه (¬2): والبئر يعُم الكبيرة، والصغيرة. * قوله: (قُلَّتان)؛ أيْ: مظروف قُلَّتين، أو يقال: إنه صار حقيقة عرفية في ذلك. * قوله: (مصري وما وافقه) مثل أوزان مكة والمدينة. * قوله: (دمشقي وما وافقه) كصيدة (¬3) وعكة (¬4) وصفد (¬5). ¬
وتسعة وثمانون وسبعا رطل حلبي وما وافقه، وثمانون وسبعان ونصف سبع رطل قدسي وما وافقه تقريبًا فلا يضر نقصر يسير. ومساحتهما مربعًا: ذراع وربع طولًا، وعرضًا، وعمقًا، بذراع اليد، ومدوَّرًا: ذراع طولًا، وذراعان. المنقح (¬1) والصواب: "ونصف (¬2) عمقًا، حررت ذلك فيسع كل قيراط (¬3) عشرة أرطال، وثلثَي رطل عراقي". ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (حلبي وما وافقه) كالبيروتي. * قوله: (قدسي وما وافقه) كالنابلسي والحمصي * قوله: (فلا يضر نقص يسير) كرطل عراقي أو رطلَين. * قوله: (حررت ذلك)؛ أيْ: المربع، وإن كان ظاهر كلام المنقح (¬4) أن اسم الإشارة راجع للمدور، لكنه لا يأتي فيه هذا التحرير. ولشيخنا الشيخ عبد الرحمن هنا (¬5) بهامش نسخته من التنقيح، كلام في تصحيح ¬
والعراقي: مئة وثمانية وعشورن وأربعة أسباع درهم، وتسعون مثقالًا، سبع القدسي وثمن سبعه، وسبع الحلبي وربع سبعه، وسبع الدمشقي ونصف سبعه، ونصف المصري وربعه وسبعه. وله استعمال ما لا ينجس إلا بالتغير، ولو مع قيام النجاسة (¬1) فيه وبينه وبينها قليل. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ترجيع الإشارة للمدور، فلا تغفل، فراجعه إن شئت (¬2). * وقوله: (وربعه وسبعه) والرطل البعلي تسع مئة درهم، والقدسي ثمان مئة درهم، والحلبي سبع مئة وعشرون درهمًا، والدمشقي ست مئة درهم، والمصري مئة وأربعة وأربعون درهمًا، وكل رطل اثنتا عشرة أوقية في كل البلدان، وأوقية العراق عشرة دراهم وخمسة أسباع دوهم، وأوقية المصري اثنا عشر درهمًا، وأوقية الدمشقي خمسون درهمًا، وأوقية الحلبي ستون درهمًا وثلثا درهم، [وأوقية القدسي ستة وستون وثلثا درهم] (¬3) وأوقية البعلي خمسة وسبعون درهمًا، شرح شيخنا (¬4). * قوله: (وله استعمال ما لا ينجس) وهو ما بلغ حدًّا يدفع به النجاسة عن نفسه. * قوله: (ولو مع قيام النجاسة فيه وبينه وبينها قليل) يصح أن يكون المجموع غاية، وعلى هذا فتكون الواو الثانية للحال، وأن يكون كل منهما غاية مستقلة؛ لأن كلًّا منهما فيه خلاف، وهذا أحسن من حيث المعنى، لكن يلزم عليه إدخال "لو" ¬
وما انتضح من قليل لسقوطها فيه نجس. ويعمل بيقين في كثرة ماء، وطهارته، ونجاسته، ولو مع سقوط عظم وروث، شك في نجاستهما. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على الظروف، إلا أن يقال: إنَّ "كان" مقدرة في المعطوف، والمعطوف عليه. بقي أنه كان الظاهر أن يقول: وله استعمال ما لا ينجس إلا بالتغير مع قيام النجاسة فيه، ولو كان بينه وبينها قليل، بإدخال "لو" في المعطوف دون المعطوف عليه؛ لأن حاصل معنى ما ذكره أن استعمال الماء الكثير المتغير بالنجاسة جائز، سواء كانت عين النجاسة فيه أم لا، مع أن جواز استعماله إذا لم تكن عين النجاسة فيه، معلوم فلا حاجة إلى تنصيص عليه، فتدبر!. وقد يجاب بأن في عبارة المتن شرطًا مقدرًا، والتقدير: وله. . . إلخ إذا وقعت فيه نجاسة. * قوله: (من قليل) "من": لابتداء المنشئية. * قوله: (لسقوطها فيه نجس)؛ لأن القليل المنتضح منه، ينجس بمجرد الملاقاة، والمنفصل بعض المتصل، بخلاف ما انتضح من كثير قبل تغيره. * قوله: (ويعمل بيقين في كثرة ماء)؛ أيْ: وقِلَّته. * قوله: (عظم وروث) الواو بمعنى أو. * قوله: (شك في نجاستهما) (¬1) لكنه يكره استعمال ما ظنت نجاسة احتياطًا. ¬
أو طاهر ونجس وتغير بأحدهما ولم يعلَم، وإن أخبره عدْل وعُيِّن السبب قبل. وإن اشتبه مباح طهور بمحرم، أو نجس لا يمكن تطهيره به (¬1)، ولا مباح طهور بيقين لم يُتَحرَّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو طاهر ونجس وتغير بأحدهما)؛ أيْ: اوتغير الماء الكثير بأحدهما، تغيرًا يسيرًا، أو عن مجاورة. * قوله: (وإن أخبره عدل)؛ أيْ: ظاهرًا [ولو مستورًا أو أعمى] (¬2)، ولا يشترط ذكوريته، ولا حريته، والمراد: أخبره بنجاسة، كما هو في كلام الشارح (¬3)، تبعًا للأصحاب (¬4). وقد يقال "أو طهارته"؛ يعني: كونه طاهرًا غير مطهر، إذ لا فرق بينهما. * قوله: (وإن اشتبه مباح طهور) لو قال: طهور مباح، لكان الوصف لغوًا؛ لأن الطهور الغير مباح، لا يجوز الإقدام على استعماله، ولا في إزالة الخبث، فلا يُتحَرَّ أيضًا. * قوله: (لم يُتَحَرَّ)؛ أيْ: ولم يستعمل واحدًا منهما، ولو أداه اجتهاده إلى أنه الطهور، أو المباح، ولا يصح وضوءه منه، ويعيد ما صلَّاه به، ولو تبين بعد أنه الطهور، أو المباح. حاشية (¬5). ¬
ولو زاد عدد الطهور المباح ويتيمم بلا إعدام، ولا يعيد الصلاة لو علمه بعد، ويلزم من علم النجس إعلام من أراد أن يستعمله، ويلزمه التحري لحاجة شرب وأكل لا غسل فمه. وبطاهر أمكن جعله طهورًا به أو لا يتوضأ مرة من ذا غُرفة ومن ذا غُرفة، ويصلي صلاة ويصح ذلك ولو مع طهور بيقين. وثياب طاهرة مباحة بنجسة أو محرمة ولا طاهر مباح بيقين، فإن علم عدد نجسة أو محرمة صلى في كل ثوب صلاة وزاد صلاة، وإلا فحتى يتيقن صحتها، وكذا أمكنة ضيقة. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وبطاهر)؛ أيْ: وإن اشتبه طهور بطاهر. .، إلخ. * قوله: (يتوضأ مرة من ذا غرفة ومن ذا غرفة) ويجوز، ويصح أن يتوضأ وضوءين كاملين، بنية واحدة مع قرب زمنيهما، وهذا غير القول الثاني (¬1)؛ لأنه عليه يتوضأ وضوءَين (¬2) بنيتَين، فتكون النية الثانية مشكوكًا، فيها هل هي بعد الرفع، أو لا. * قوله: (ولا طاهر مباح بيقين)؛ أيْ: ولا يمكن تطهير ما يصلي فيه. * قوله: (وإلا. . . إِلخ)؛ أيْ: وإلا يعلم عدد النجسة، أو المحرمة. * قوله: (وكذا أمكنة). * فائدة: قال في التصريح (¬3)،. . . . . . ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نقلًا عن ابن مالك (¬1) (¬2) في شرح شافية ابن الحاجب (¬3): "إن قولهم: أمكن في جمع مكان، فيه شذوذان: أحدهما: أنه مذكر وحق مثله أن يأتي على مثال أفعلة، والثاني: أنه شبه في الأصلي بالزائد فحذف، والزائد بالأصلي فأثبت، فقالوا: أمكن، والقياس في بناء مكان على أفعل، كونه بحذف الميم الزائدة، وإبقاء عين الكلمة"، انتهى. فانظر هل هذا المشذوذ الثاني يطرق كلام المص، أو هو خاص ببناء أفعل فقط، كما هو ظاهر العبارة، فتدبر!. * * * ¬
2 - باب الآنية: الأوعية
2 - باب الآنية: الأوعية، ويحرم اتخاذها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الآنية: الأوعية باب: يذكر فيه مسائل من أحكام الآنية، وثياب الكفار، وأجزاء الميتة. ووجه مناسبة ذكر أحكام الآنية عقب باب المياه: أن الماء لا يقوم إلا بآنية. ثم كتب المحشِّي ما نصه: قال السيد عيسى الصفوي (¬1)، فيما كتبه على حاشية السيد (¬2) على القطب (¬3): "وليس مرادهم بكون الباب في كذا الحصر، بل إنه ¬
واستعمالها من ذهب وفضة وعظم آدمي، وجلده، حتى الميل ونحوه، وعلى أنثى. ـــــــــــــــــــــــــــــ المقصود بالذات، أو المعظم، فلو ذُكِر غيره نادرًا، أو بالتبعية، أو استطرادًا لا يضر" انتهى المقصود (¬1). * قوله: (من ذهب وفضة. . . إلخ) الواو هنا بمعنى أو، وكان المناسب العطف بها، كما هو ظاهر. * قوله: (وعظم آدمي وجلده) وسكت عن شعره، ونبه الشيخ في آخر الباب من شرحه (¬2)، على أنه لا يجوز استعماله لحرمته. قال بعضهم (¬3): وتصحُّ الصلاة فيه لطهارته. قال شيخنا في شرح الإقناع (¬4): "لعل محله ما لم يكن ستره، فإنها لا تصحُّ فيه، كالحرير وأولى"، انتهى. * قوله: (حتى الميل) بكسر الميم وسكون الياء؛ أيْ: المرود الذي يكتحل به. ¬
وتصح طهارة (¬1) من إناء من ذلك، ومغصوب، أو ثمنه محرم، وفيه، وإليه ونحوه (¬2)، مموه (¬3)، ومطلي (¬4)، ومطعَّم (¬5)، ومكفَّت (¬6)، كمصمت. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو ثمنه محرم)؛ أيْ: المعين إن كان، أو ما نوى انتقاده منه محرمًا، وما عداهما معلوم بالأولى؛ لأن المعنى: وتصحُّ الطهارة مما ثمنه المعين. . . إلخ محرم، فيكون ما عداه معلومًا صحة الطهارة فيه، بالطريق الأولى. * قوله: (فيه وإليه)؛ أيْ: في الإناء المحرم الاستعمال، وإليه. قال صاحب الإقناع (¬7): "وبه". * قوله: (كمصمت) فى الصحاح (¬8): "المصمت من الخيل البهيم؛ أيْ: لون كان لا يخالط لونه لون آخر"، انتهى. فالمراد بالمصمت هنا: الذهب الخالص، أو الفضة الخالصة (¬9)، مجازًا مبنيًّا ¬
وكذا مضبب (¬1)، لا بيسيرة عرفًا من فضة لحاجة، وهي: أن يتعلق بها غرض غير زينة، ولو وجد غيرها، وتكره مباشرتها بلا حاجة، وكل طاهر من غير ذلك مباح، ولو ثمينًا. وما لم تعلم نجاسته من أنية كفار، ولو لم تحل ذبيحتهم، وثيابهم ولو وَلِيَت عوواتهم، وكذا من لابس النجاسة كثيرًا: طاهر مباح. ـــــــــــــــــــــــــــــ على مجاز، إذ هو من قبيل الانتقال من المقيد إلى المطلق، ثم الانتقال من المطلق إلى المقيد بقيد آخر، كما قالوه في المشفر (¬2). * قوله: (وما لم. . . إلخ) مبتدأ، و (طاهر) خبره. [ثم كتب ما نصه] (¬3): "قوله: (مباح) هذا يعارض ما سيأتي في الشرح (¬4) في ستر العورة، أن لُبسها مكروه، فلعله مشى في المحلَّين على روايتَين، إذ المسألة فيها ثلاث روايات (¬5)، ومنع شيخنا (¬6) أن يحمل المباح، هنا على ما قابل المحرم، واستند في المنع إلى كون المسألة فيها رواية بالكراهة". ¬
ويباح دبغ جلد نجس بموت، واستعماله بعده، ومنخل من شعر نجس في يابس، ولا يطهر به، ولا جلد غير مأكول بذكاة، ولبن، وإنفحة، وجلدتها، وعظم، وقرن، وظفر، وعصب، وحافر من ميتة نجس. لا صوف، وشعر. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويؤخذ من الشرح الكبير (¬1) جواب، وهو: أن من أثبت الكراهة، أراد بها خلاف الأولى، ومن نفاها أراد الكراهة الحقيقة، التي ورد فيها نهي خاص. * قوله: (ويباح دبغ جلد نجس بموت)؛ أيْ: وانفصال مما ينجس بالموت، فليس مراده إلا الاحتراز عما هو نجس في حال الحياة، ولو أبدل المضارع بالماضي، لكان أظهر فيما ذكرناه. * قوله: (ولا جلد غير مأكول بذكاة) زاد في غاية المطلب (¬2) "ولا مأكول بذكاة غير أهل"، انتهى. وقد يقال: هذا يعلم بالمفهوم، فإنه مقتضى تقييد المنفي بغير المأكول، أن جلد المأكول يطهر بالذكاة؛ أيْ: الشرعية، وهي أن تكون من أهل. * قوله: (وإنفحة) بكسر الهمزة، وتشديد الحاء، وقد تكسر الفاء: شيء يستخرج من بطن الجدي الراضع أصفر، فيعصر في صوفه، فيغلظ كالجبن، قاله في القاموس (¬3). * قوله: "لا صوف. . . إلخ" مقتضى استثنائه الصوف وما بعده مع تقييده بقوله: "من طاهر. . . إلخ" أن الصوف ونحوه من نجس في الحياة نجس، ومقتضى ¬
وريش، ووبر من طاهر في حياة، ولا باطن بيضة مأكول صلب قشرها. وما أبين من حي فكميتته. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عدم ذكره مع الأجزاء النجسة، أنه معفوٌ عنه، والواقع أنه نجس، فتدبر!. ويمكن أن يقال: إن الاقتصار على ما ذكره من الأجزاء لا يقاوم التقييد، إذ لا يلزم من الحكم على شيء، من غير ما يقتضي الحصر، عدم جريان الحكم المذكور في غير المذكور، خصوصًا مع (¬1) ما أسلفه من قوله: "ومنخل من شعر نجس" إذا قرئ بالوصف دون الإضافة، ومثل له شيخنا في شرحه (¬2) بشعر البغل، وأطلق، فعلم أنه حيث كان الشعر من حيوان نجس، أنه لا فرق بين كونه مأخوذًا منه في حال الحياة، أو بعد موته، خصوصًا، وقد قيد المص المستثنى، بكونه من طاهر في حياة (¬3). * قوله: (وريش) كان المناسب أن يؤخر الريش عن الوبر؛ لأن الريش إنما ثبت بالقياس على الصوف، وما بعده للآية الشريفة (¬4)، لكنهم كثيرًا ما يقدمون المقيس على المقيس عليه، اعتناء بشأنه. وبخطه: وأما أصول ذلك فنجسة؛ لأنها من أجزاء الميتة، شرح شيخنا (¬5). * قوله: (صلب قشرها) فإن لم يصلب قشرها فنجسة؛ لأنها جزء من الميتة، وأما كراهة علي (¬6). . . . . . ¬
وسن تخمير آنية، وإيكاء أسقية. ـــــــــــــــــــــــــــــ فتحمل على التنزيه، وكذا ابن عمر (¬1)، شرح شيخنا (¬2). * قوله: (وسن تخمير آنية)؛ أيْ: تغطيتها. * قوله: (وإيكاء أسقية)؛ أيْ: ربطها، جمع سقاء، وهو على ما في القاموس (¬3): جلد السخلة إذا أجذع يكون للماء واللبن، شرح شيخنا (¬4). * * * ¬
3 - باب الاستنجاء
3 - باب الاستنجاء: إزالة خارج من سبيل بماء، أو حجر، ونحوه. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الاستنجاء * قوله: (من سبيل) متعلق بكل من "خارج"، و"إزالة"، استعمالًا (¬1) لـ "من" في حقيقتها ومجازها؛ أيْ: إزالة خارج من سبيل عنه فلا اعتراض، بأن التعريف غير مانع؛ لأنه يدخل فيه ما لو أزال عن الأرض مثلًا خارجًا من سبيل. [ثم كتب ما نصه] (¬2): انظر: هل المراد بالسبيل خصوصه، أو المراد وما يلحق به في وجوب الغسل من الخارج، كالمنفتح عند انسداد أسفل المعدة أو فوقها؟ الذي يفهم من قول شيخنا في شرحه (¬3) "من سبيل أصلي" إخراج مثل ذلك، وأنه لا يسمى استنجاء، بل إزالة نجاسة. * قوله: (ونحوه)؛ أيْ: نحو الداخل، لا نحو الخلاء [فراجع هامثس الحاشية (¬4)] (¬5). ¬
يسن لداخل خلاء ونحوه قول: "بسم اللَّه" (¬1)، "أعوذ باللَّه من الخبث والخبائث" (¬2) (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [ويجوز عود الضمير على الخلاء، ويفسر نحوه بالحمام، فإن الشيخ العلقمي (¬4)، ¬
"الرجس النجس الشيطان الرجيم" (¬1)، وانتعاله، وتغطية رأسه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نص في حاشية الجامع الصغير (¬2)، نقلًا عن إحياء الغزالي (¬3) على أنه ينبغي أن يقال هذا الذكر عند دخول الحمام. وكان الشيخ العلَّامة عبد الرحمن (¬4) الحنبلي يفعله (¬5). وقول المحشِّي (¬6) في باب السواك عند قول المص (¬7): "وشأنه كله" ما استثنى كدخول الخلاء والحمام. . . إلخ يشير إلى نحو ذلك] (¬8). * قوله: (وتغطية رأسه) قيل: لخوف تعلق الرائحة بالشعر، فلا يزول، وقيل: لأن تغطية الرأس أجمع لمسام البدن، وأسرع لخروج الحدث أبي (¬9) ¬
وتقديم يسراه دخولًا، واعتماده عليها جالسًا، ويمناه خروجًا كخلع، وعكسه مسجد، وانتعال، وبفضاء بعد، واستتار، وطلب مكان رخو، ولصق ذكره بصلب، وكره رفع ثوبه قبل دنوه من أرض (¬1). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عن الغزالي (¬2) (¬3). * قوله: (وتقديم يسراه) عن أبي هريرة: "من بدأ برجله اليمنى إذا دخل الخلاء ابتلي بالفقر (¬4) " شرح شيخنا (¬5). * قوله: (واعتماده عليها جالسًا)؛ لأنه أسهل في خروج الخارج. * قوله: (وعكسه [مسجد)؛ أيْ ومنزل] (¬6). * قوله: (رخو) بتثليث الراء، والكسر أشهر (¬7). * قوله: (وكره رفع ثوبه قبل دنوه من أرض) المراد: بلا حاجة، كما ¬
وأن يصحب ما فيه اسم اللَّه -تعالى- بلا حاجة، لا دراهم ونحوها، لكن يجعل فص خاتم بباطن كف يمنى، واستقبالُ شمس وقمر ومهب ريح، ومسُّ فرجه واستجماره بيمينه بلا حاجة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذكره فى شرحه (¬1). * فقوله بعد: (بلا حاجة) راجع لكل من الصورتين. * قوله: (وأن يصحب ما فيه اسم اللَّه -تعالى- بلا حاجة) بأن لم يجد من يحفظه، وخاف ضياعه، وجزم بعضهم (¬2) بتحريمه بمصحف (¬3). قال في الإنصاف (¬4): لا شك في تحريمه قطعًا من غير حاجة، ولا يتوقف في هذا عاقل، شرح شيخنا (¬5). * قوله: (واستقبال شمس وقمر) لما فيهما من نور اللَّه -تعالى-، وروى أن معهما ملائكة، وأن أسماء اللَّه مكتوبة عليها (¬6)،. . . . . . ¬
كصغر حجر تعذر وضعه بين عقبيه أو إصبعيه فيأخذه بها ويمسح بشماله، وبولُه في شق وسرب (¬1)، وإناء بلا حاجة، ومستحم غير مقير، أو مبلط، وماء ركد، وقليل جارٍ، واستقبالُ قبلة بفضاء باستنجاء أو استجمار، وكلامٌ فيه مطلقًا. وحرم لبثه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شرح شيخنا (¬2). * قوله: (وقليل جارٍ)؛ أيْ: يكره، وظاهر (¬3) تعليلهم أنه يحرم (¬4)، وهو مقتضى القياس؛ لأنهم قالوا: إنه يفسده، وحيث كان يفسده فهو حرام؛ لأنه إضاعة مال، ولعلهم نظروا إلى إمكان تطهيره بالإضافة، فلم يحرموه، أو إلى أنه غير متمول في العادة، فلا يحرم. * قوله: (وكلام فيه مطلقًا)؛ أيْ: سواء كان في غيره مستحبًا، أوْ مباحًا، أو واجبًا، إلا ما استثني عن هذا الأخير. * قوله: (وحرم لبثه) بفتح اللام: مصدر، وبضمها: اسم مصدر (¬5). ¬
فوق حاجته، وتغوطُه بماء، وبولُه وتغوطُه بمورده، وطريق مسلوك، وظل نافع، وتحت شجرة عليها ثمر، وعلى ما نهي عن استجماره به لحرمته، وفي فضاء اسقبال قبلة، واستدبارها. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فوق حاجته)؛ أيْ: يحرم لبثه [زمانًا زائدًا على القدر المحتاج إليه؛ لأنه كشف عورة بلا حاجة، أو حرم لبثه] (¬1) على حاجته وهي الفضلة الخارجة؛ لأنه يدمي الكبد، ويورث الباسور، وأنه راعى الاحتمالَين فجمع بين العلتَين، وكأنه أراد من المتن كلًّا من المعنيَين، والمعنى (¬2) الأول صريح الكافي (¬3)، لكنه جعله مكروهًا فقط، وعبارته: "وتكره الإطالة كثر من الحاجة؛ لأنه يقال: إن ذلك يدمي الكبد ويتولد منه الباسور"، انتهى. * قوله: (وتغوطه بماء) يرد على إطلاقه تبعًا للتنقيح (¬4)، الماء الكثير جدًّا كالبحر، والأنهار الكبار، ويرد عليه أيضًا القليل الجاري في المطاهر (¬5) المعَدُّ لذلك؛ فإنه لا يحرم ولا يكره التغوط فيه، نبه عليه الحجاوي في حاشيته على التنقيح (¬6). * قوله: (لحرمته) كطعام، ومتصل بحيوان، وما فيه اسم اللَّه؛ لأنه أفحش من الاستجمار به، حاشية (¬7) وشارح (¬8). ¬
ويكفي انحرافه، وحائل، ولو كمؤخرة رحل (¬1) (¬2). ويسن -إذا فرغ- مَسْحُ ذكره من حلقة دبر إلى رأسه ثلاثًا، ونَتْره ثلاثًا، وبَدْء ذكر، وبِكْر بقُبل، وتخيُّر ثيِّب. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وسن إذا فرغ)، أيْ: من بوله. * وقوله: (مَسْحُ ذكره من حلقة دبره إلى رأسه)؛ أيْ: فيضع وسطى اليسرى لتحت الذكر، والإبهام فوقه، ويُمرَّهما. * قوله: (ونَتْره) عطف على "مسح"، فهو مسنون أيضًا، وفيه أنه يعاقب على تركه، وهو يقتضى كونه واجبًا، لا مسنونًا فقط، ففي (¬3) الصحيحَين عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرَّ على قبرَين، فقال: "إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستتر (¬4) من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة" ثم أخذ جريدة رطبة فشَقها نصفَين، ثم غرز على كل قبر (¬5) منهما واحدة؛ قالوا: لم فعلت ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا يا رسول اللَّه؟ قال: لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا (¬1). * تنبيه: قال ابن رجب (¬2) في أهوال يوم القيامة (¬3): "وقد ذكر بعضهم السر في تخصيص البول، والنميمة، والغيبة -يعني: المذكورة في بعض طرق الحديث- بعذاب القبر، وهو أن القبر أول منازل الآخرة، وفيه أنموذج ما يقع في يوم القيامة، من العقاب، والثواب (¬4)، والمعاصي التي يعاقب عليها يوم القيامة نوعان: حق للَّه -تعالى-، وحق لعباده، وأول ما يقضى يوم القيامة من حقوق اللَّه الصلاة، ومن حقوق العباد الدماء، وأما البرزخ فيقضى فيه من مقدمات هذَين الحقَّين ووسائلهما، فمقدمة الصلاة الطهارة من الحدث، والخبث، ومقدمة الدماء النميمة، والوقيعة في الأعراض، وهما أيسر أنواع الأذى، فيبدأ في البرزخ بالمحاسبة والعقاب عليهما"، انتهى. ¬
وتحول من يخشى تلوثًا، وقول خارجٍ: "غفرانك" (¬1)، "الحمد للَّه الذي أذهب عني الأذى وعافاني" (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ وكل هذا مما يقوي الإشكال فليحاول جوابه (¬3). * قوله: (وقول خارجٍ)؛ أيْ: فارغ من قضاء حاجته ولو في الفضاء. ¬
واستنجاء بحجر ثم ماء، فإن عكس كره، ويجزئه أحدهما، والماء أفضل كجمعهما، ولا يجزئ فيما تعدي موضع عادة إلا الماء كقُبُلَي خنثى مشكل، ومخرج غير فرج، وتنجسِ مخرج بغير خارج، أو استجمار بمنهي عنه. ـــــــــــــــــــــــــــــ [وبخطه: وكان نوح -عليه السلام- يقول: "الحمد للَّه الذي أذاقني لذته، وأبقى فِيَّ منفعته، وأذهب عني أذاه" (¬1)] (¬2). * قوله: (والماء أفضل كجمعهما)؛ أيْ: كما أن جمعهما أفضل، ولا يلزم من التساوي في مطلق الأفضلية، التساوي في المرتبة فيهما، وحينئذ سقط ما أسنده الحجاوي (¬3) إلى المنقح (¬4) -رحمه اللَّه- من السهو، ولا ينبغي له التجري على مقامه بمثل ذلك، وهو كقول بعضهم (¬5) في البخاري ومسلم: لولا البخاري ما راح مسلم ولا جاء. [ثم كتب ما نصه] (¬6): عبارة المحرر (¬7): "وأن لم تتعدَّه أجزأه الحجر، ¬
ولا يجب غسل نجاسة وجنابة بداخل فرج ثيب، ولا حشفة أقلف (¬1) غير مفتوق. ولا يصح استجمار إلا بطاهر، مباح، مُنَقٍّ: كحجر، وخشب، وخِرَق، وهو: أن يبقى أثر لا يزيله إلا الماء، وبماءً. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والماء أولى، وجمعهما أفضل"، انتهى. * قوله: (مباح. . . إلخ) في شرح شيخنا (¬2) ما نصه: " (مباح) فلا يصح بمحرم كمغصوب وذهب وفضة؛ لأنه رخصة فلا تستباح بمعصية، ولا يجزئ بعد ذلك إلا الماء. (منقِّ) اسم فاعل من أنقى، فلا يجزئ بأملس، من نحو زجاج، ولا بشيء رخو، أو نديٍّ لعدم حصول المقصود منه، ويجزئ الاستجمار بعده بمنقٍّ"، انتهى. ويطلب الفرق حينئذ، بين المباح، وغير المنقي حيث قالوا (¬3): إنه لا يجزئ بعد الأول إلا الماء، وأن الثاني يجزئ بعده الاستجمار بمنقٍّ، فليحرر. والفرق: أنه لا يبقى بعد غير المباح، إلا أثر لا يزيله إلا الماء، فلا فائدة في الاستجمار ثانيًا، بخلاف غير المنقي، فإنه يبقى بعده أثر يزيله غير الماء، فاكتفينا فيه بالاستجمار. [ثم كتب ما نصه] (¬4): على ما قوله "مباح" انظر الفرق بينه وبين الماء. * قوله: (وهو. . . إلخ)؛ أيْ: الإنقاء بحجر، ونحوه. * وقوله: (وبماء)؛ أيْ: والإنقاء بماء، لكن مع تقدير مضاف مع خشونة؛ ¬
خشونة المحل كما كان، وظنه كاف. وحرم بروث، وعظم، وطعام، ولو لبهيمة، وذي حرمة، ومتصل بحيوان. ولا يجزئ أقل من ثلاث مسحات تعُمُّ كل مسحة المحل، فإن لم ينَقِّ زاد، وسن قطعه على وتر، وبجب لكل خارج إلا الريح، والطاهر وغير الملوث، ولا يصح وضوء ولا تيمم قبله. ـــــــــــــــــــــــــــــ أيْ: والانقاء بماء، عود خشونة المحل. . . إلخ، أو أنه تعريف لنفس الاستنجاء والاستجمار لكن بالأثر، غير أنه يكون مكررًا مع ما قدمه أول الباب (¬1)، وقد يقال ذاك مشترك وهذا مفصول. [ثم كتب المحشِّي ما نصه] (¬2): لو قال عود المحل كما كان، لكان أوضح في جانب المرأة، والصغير، نبَّه على ذلك في المبدع (¬3)، وهو ظاهر. * * * ¬
4 - باب التسوك
4 - باب التسوك، وكونه عرضًا، بيساره. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب التسوك السواك، والمسواك: اسم للعود الذي يتسوك به، يذكر ويؤنث، وقيل: يذكر فقط، وجمع سواك: سُوُك ككتب، ويقال: سؤك بالهمز (¬1). قال الشيخ تقي الدين (¬2): "ويطلق السواك على الفعل"، انتهى. وعلى هذا يتمشى قول المص الآتي (¬3): "وسن بداءة بالأيمن في سواك. . . إلخ" فتدبر!. وبخطه: مشتق من التساوك، وهو التمايل والتردد؛ لأن السواك يردد في الفم، أو من ساك إذا دَلَّك (¬4). وهو في الشرع: استعمال عود في الأسنان لإذهاب التغير ونحوه. * قوله: (وكونه عرضًا)؛ أيْ: بالنسبة إلى الأسنان، وطولًا بالنسبة إلى الفم. ¬
على أسنان، ولثة، ولسان، بعُود رطب ينقِّي، ولا يجرح، ولا يضر، ولا يتفتت، ويكره بغيره. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (على أسنان ولَثة ولسان) فإن سقطت أسنانه، استاك على لَثته ولسانه، ذكره في الرعاية الكبرى، والإفادات، [قاله في الإنصاف (¬1)] (¬2). * قوله: (بعُود رطب)؛ أيْ: لَيِّن، فيشمل الأخضر، واليابس المندى، بل قال بعضهم (¬3): اليابس المندى أولى. * قوله: (ولا يجرح) كالقصب الفارسي. * (ولا يضر) كالرمان. * (ولا يتفتت) كالأراك الصعيدي، بأن يكون من أراك، أو عرجون، أو زيتون. وبخطه (¬4): قال ابن القيم في الطب النبوي (¬5): "الأراك أفضل ما استيك به"، وقال فيه: "أجود ما استعمل مبلولًا بماء الورد". * قوله: (ويكره بغيره)؛ أيْ: بغير الرطب، وبغير المنقي. وفي الحاشية (¬6): "أيْ: بغير العود المذكور، كاليابس غير المندى والذي لا ينقي، أو يجرح، أو يضر، أو يتفتت"، انتهى. ¬
مسنون مطلقًا، إلا لصائم بعد الزوال فيكره، ويباح قبله بعود رطب وبيابس يستحب، ولم يُصِب السنة من استاك بغير عود. ويتأكد عند صلاة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أقول: تقرر عندهم أن الضمير إذا عاد على مقيد، يصح اعتبار رجوعه إليه مع قيده وبدونه (¬1)، فكان مقتضى ذلك أن يقول: أيْ بغير العود، وبالعود الموصوف بضد ذلك، كاليابس غير المندى، والذي لا ينقي. . . إلخ، وكأنه سكت عن الأولى، لئلا يتكرر مع منطوق قول المص: "ولم يصب السنة. . . إلخ". * قوله: (مسنون) خبر "التسوك"، وما عطف عليه. * قوله: (مطلقًا)؛ أيْ: في جميع الأوقات، والأحوال. * قوله: (إلا الصائم بعد الزوال فيكره)؛ لأنه يزيل الخلوف، ويكره أيضًا للأرمد، كما ذكره ابن الجوزي (¬2). * قوله: (ويباح قبله)؛ أيْ: الزوال. * قوله: (وبيابس يستحب)؛ أيْ: يابس مندى، والفرق بينهما أن الرطب له أجزاء تتحلل، واليابس ليس له أجزاء تتحلل. * قوله: (ولم يصب السنة من استاك بغير عود) هذا تصريح بما فهم من قوله (بعود) إلا أن يقال لم يكتف بذلك، لقوة الخلاف في ذلك (¬3). ¬
وانتباه، وتغير رائحة فم، ووضوء، وقراءة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وانتباه)؛ أيْ: من النوم ليلًا، أو نهارًا، وشمل ذلك أيضًا الانتباه من الإغماء، ولعل مثله الانتباه من السكر. * قوله: (وتغير رائحة فم) شمل إطلاقه ما لو كان التغير بكل ذي رائحة كريهة بعد الزوال، وهو صائم ناسيًا، وبه صرح ابن قاسم العبادي الشافعي (¬1) في قطعته من شرح أبي شجاع (¬2) (¬3). * قوله: (ووضوء)؛ أيْ: عند المضمضة، كما في الوجيز (¬4)، وشرح الهداية للمجد وغيره (¬5). ¬
وكان واجبًا على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وكان واجبًا على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-) [أي عند كل صلاة] (¬2)، وكان واجبًا عليه قبل الوضوء لكل صلاة فأبدل بالسواك. وانظر هل الوجوب كان منوطًا بالصلاة مطلقًا، أو بصلاة الفرض فقط (¬3)؟ ¬
وسن بداءة بالأيمن في سواك، وطهور، وشأنه كله، وادِّهان غبًّا: يومًا ويومًا، واكتحال في كل عين ثلاثًا، ونظر في مرآة، وتطيب. ويجب ختان ذكر، وأنثى، وقُبُلَي خنثى عند بلوغ، ما لم يخَف على نفسه، ويباح إذًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وادهان) بأن يدهن بدنه، ولحيته، ورأسه. * قوله: (وتطيب): ويستحب للرجال بما يظهر ريحه، ويخفى لونه (¬1)، وعكسه النساء (¬2) إذا كانت في غير بيتها، وأما إذا كانت في ييتها، فإنها تتطيب بما شاءت. * قوله: (وقُبُلَي خنثى) أطلق في الخنثى تبعًا للتنقيح (¬3)، وكان ينبغي تقييده بالمشكل، فإن غير المشكل، لا يجب عليه إلا ختان أحد فرجيه، وقد قيده (¬4) بذلك في الإنصاف (¬5)، وحكاه عن الرعاية، ومجمع البحرين، قاله الحجاوي في حاشية التنقيح (¬6). * قوله: (ويباح إذا) انظر هل قيل بالحرمة في هذه الحالة، كما في قطع ¬
وزمنُ صِغر أفضل، وكُرِه في سابع، ومن ولادة إليه. وسُن استحداد، وحَفُّ شارب، وتقليم ظفر، ونَتْفُ إِبْط. ـــــــــــــــــــــــــــــ الباسور، وقد يفرق: بأن قطع الباسور للتداوي، وهو غير واجب، ولو ظن نفعه فهو جائز عند الأمن، وبالخوف انتفى المبيح فثبت الحظر، والختان واجب عند الأمن، وعند الخوف انتفى الوجوب، فثبتت الإباحة. [هذا ما ظهر فليحرر] (¬1). * قوله: (وزمنُ صِغر أفضل) هذا ينبغي أن يزاد على المواضع الثلاث، التي المسنون فيها أفضل من الواجب، وقد نظمها السيوطي (¬2) فقال (¬3): الفرض أفضل من تطوع عابد ... حتى ولو قد جاء منه بأكثر إلا التطهر قبل وقت وابتداء ... بالسلام (¬4) كذاك إبراء المعسر وزدت ما هنا في بيت فقلت: وكذا ختان المرء قبل بلوغه ... تمم به عقد الإمام المكثر ¬
وكُره حَلْق القفا لغير حجامة ونحوها، والقَزع: وهو حَلْق بعض الرأس وترك بعض، ونتف شيب، وتغييره بسواد، وثقب أذن صبي. ويحرم نَمْص، ووشر. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وكُره حَلْق القفا لغير حجامة ونحوها) قال المروذي (¬1): سألت أبا عبد اللَّه عن حَلْق القفا، قال: هو من فعل المجوس، ومن تشبه بقوم فهو منهم، وقال: لا بأس أن يحلق قفاه في الحجامة (¬2). * قوله: (ونتف شيب) انظر: لمَ لم يكن هذا من النمص فيحرم؟، إلا أن يحمل النمص على نتف الشعر كله. ويروى عن إبراهيم الخليل -على نيينا وعليه أفضل الصلاة والسلام- أنه رأى في لحيته شيبًا فقال: "يا رب ما هذا؟ قال: هذا هو الوقار" (¬3). * قوله: (وثقب أذن صبي)؛ أيْ: لا جارية. * قوله: (وبحرم نَمْص)؛ وهو نتف الشعر. * وقوله: (ووشر)؛ أيْ: بَرْد الأسنان. ¬
1 - فصل
ووشْم، ووصْل ولو بشعر بهيمة، أو بإذن زوج، وتصِح الصلاة مع طاهر. * * * 1 - فصل وسنن وضوء: استقبال قبلة، وسواك، وغسل يدي غير قائم من نوم ليل ناقض لوضوء، ويجب لذلك تعبدًا ثلاثًا بنية شرطت و (¬1) بتسمية، ويسقط غسلهما والتسمية سهوًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * وقوله: (ووشم)؛ أيْ: غرز الجلد بإبرة، وحشوه كحلًا. * وقوله: (ووصل)؛ أيْ: وصل شعر بشعر. (فصل) هو عبارة عن الحجز بين شيئين، ومنه فصل الربيع؛ لأنه يحجز بين الشتاء والصيف، وهو في كتب العلم حاجز بين أجناس المسائل، وأنواعها. * قوله: (وبتسمية)؛ أيْ: وجبت، وهذا حكمة إعادة الباء. * قوله: (ويسقط غسلهما والتسمية سهوًا)؛ أيْ: فليس غسلهما شرطا لصحة الصلاة، كما قاله ابن تميم (¬2) (¬3)،. . . . . . ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وتبعه الزركشي (¬1) (¬2)، ونقله الحجاوي (¬3) عن شرح العمدة (¬4)؛ لأنه لو كان شرطًا كما قاله هؤلاء، لم يسقط بالسهو، فتدبر!. لكن قد يتوقف في السقوط وصحة الوضوء مع قول الشيخ في الحاشية (¬5): "لو استعمل الماء ولم يدخل يده في الإناء لم يصح وضوءه وفسد الماء؛ لأن المعنى الذي فيهما غير معقول" فليحرر (¬6)!. ¬
وبداءة قبل غسل وجه بمضمضة، فاستنشاق بيمينه، واستنثار بيساره، ومبالغة فيهما لغير صائم، وفي بقية الأعضاء مطلقًا، ففي مضمضة إدارة الماء بجميع الفم، وفي استنشاق جذبَه بنفَس إلى أقصى أنف. والواجب الإدارة، وجذبه إلى باطن أنف، وله بلعه، لا جعل مضمضة أولًا وَجُورًا (¬1)، واستنشاق سعوطٍ (¬2)، وفي غيرهما دَلْك ما ينبو عنه الماء. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * وقوله: (والتسمية)؛ أيْ: في غسل اليدين بتكرر (¬3) ما سيأتي في الوضوء (¬4). * قوله: (سهوًا)؛ أيْ: أو جهلًا، على ما في شرح شيخنا (¬5). * قوله (مطلقًا)؛ أيْ: سواء كان صائمًا، أو غير صائم، وسواء في ذلك الوضوء والغسل. * قوله: (وفي غيرهما دَلْك ما ينبو عنه الماء) لعله ما لم يتحقق عدم (¬6) وصول الماء إليه، وإلا كان الدَّلْك واجبًا، لا مستحبًّا فقط؛ لأن ما لا (¬7) يتم الواجب إلا به فهو واجب. ¬
وتخليل لحية كئيفة بكَف من ماء يضعه من تحتها بأصابعه مشتبكة، أو من جانبيها ويعركها، وكذا عنفقة (¬1)، وشارب، وحاجبان، ولحية أنثى، وخنثى، ومسح الأذنين بعد رأس بماء جديد، وتخليل الأصابع، ومجاوزة محل فرض، وغسل ثانية، وثالثة، وكُرِه فوقها. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وتخليل لحية كثيفة) احترز بها عن اللحية الخفيفة، فإن غسل ظاهرها وباطنها واجب. * قوله: (وحاجبان) سمى حاجبَين (¬2)؛ لأنهما يحجبان عن العين شعاع الشمس (¬3). * قوله: (ومسح الأذنين) ولا يستحب تكرار مسح الرأس، والأذنين. * قوله: (ومجاوزة محل الفرض) قال في شرحه (¬4): "بالغسل" فانظر: لمَ لم يبقَ المتن على إطلاقه، ليتناول مسح الرأس. * * * ¬
5 - باب الوضوء
5 - باب الوضوء: استعمال ماء طهور في الأعضاء الأربعة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الوضوء بالضم: الفعل، وبالفتح: الماء الذي يتوضأ به، وقيل: بالفتح فيهما، وقيل: بالضم فيهما (¬1). وأصله من الوضاءة، وهي النظافة. وفي الشرع ما ذكره المصنف. وسُمي وضوءًا، لتنظيفه المتوضئ، وتحسينه. [وكتب أيضًا] (¬2): مشتق من الوضاءة، وهي الضياء والنور. * [قوله: (استعمال ماء)؛ أيْ: على سبيل الغسل، أو المسح. * قوله: (طهور) المناسب ماء طهور مباح، أو ماء فقط] (¬3). * قوله: (في الأعضاء الأربعة) وزاد بعضهم (¬4): أو ما يقوم مقامهما، وإنما ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اختص الغسل بهذه الأربعة، دون غيرها؛ لأنها أسرع ما يتحرك من البدن للمخالفة، فنبَّه بغسلها ظاهرًا، على طهارتها باطنًا، ورتب غسلها على ترتيب سرعة الحركة في المخالفة، فأمر بغسل الوجه، وفيه الفم والأنف، فابتدأ بالمضمضة؛ لأن اللسان أكثر الأعضاء، وأشدها حركة؛ لأن غيره قد يسلم منه، وهو كثير العطب، قليل السلامة غالبًا، ثم بالأنف ليتوب عما يشم به، ثم بالوجه ليتوب عم نظر، ثم باليدين ليتوب عن البطش، ثم خص الرأس بالمسح؛ لأنه مجاور (¬1) لمن تقع منه المخالفة، ثم بالأذن لأجل السماع، ثم بالرجل لأجل المشي، ثم أرشد بعد ذلك إلى تجديد الإيمان بالشهادتين، [انتهى (¬2). وكتب على هذه القولة ما نصه] (¬3): قوله: "بالمسح؛ لأنه مجاور (¬4) لمن تقع منه المخالفة"، يعني: وليس منها مخالفة، لتجردها عن الحواس، فهو من باب أخذ الجار، بجرم الجار، وكان تطهيره أخف، لوقوع المخالفة من جاره دونه، وهذا (¬5) بناء على مذهب أهل السنة، من عدم إثبات الحواس الباطنة، وأما بالنظر لقول الحكماء بإثباتها، وأن في الدماغ ثلاث طبقات إلى آخر ما هو مقرر في محله (¬6)، فيقال في تعليل مسحها: لاشتمالها على الحواس الباطنة، وكان الواجب ¬
على صفة مخصوصة، ويجب بحدث، ويحل جميع البدن كجنابة. ـــــــــــــــــــــــــــــ المسح دون الغسل؛ لأن جرم الحواس الباطنة أخف من جرم الحواس الظاهرة. * قوله: (على صفة مخصوصة) وهي المستكملة للفروض والشروط. * قوله: (ويجب بحدث) قال الحجاوي في حاشيته على التنقيح (¬1): "قوله: (ويجب بحدث) قد يفهم منه أنه إذا أحدث، يجب الوضوء قبل دخول وقت الصلاة، وهو مفهوم فاسد، ولو قال: وسبب وجوبه الحديث كما قال في القواعد لكان أجود"، وفيه أنه يجوز حمل الباء على السببية، فلا فرق بين العبارتين، ومع ذلك فلا يندفع الإشكال، إلا إن أريد أن الحديث جزء سبب. وبخطه: قوله: (ويجب بحدث) ذكره ابن عقيل (¬2)، وغيره (¬3)، وفي الانتصار (¬4): "بإرادة الصلاة بعده". ¬
وتجب التسمية، وتسقط سهوًا، كفي غسل. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال ابن الجوزي (¬1) (¬2): لا تجب الطهارة عن حدث ونجس قبل إرادة الصلاة بل يستحب، قال الشيخ تقي الدين (¬3): وهو لفظي، قال: في الفروع (¬4): ويتوجه قياس المذهب بدخول الوقت، ويتوجه مثله في غسل. * قوله: (وتجب التسمية)؛ أيْ: في كل من الوضوء، والغسل، والتيمم على ما صرح به في الشرح الكبير (¬5)، ونقله عنه شيخنا في حاشية الإقناع (¬6)، فتنبه له!. * قوله: (وتسقط سهوًا) يطلب الفرق بين ما هنا، وما في الصيد حيث قالوا: لا تسقط سهوًا، فليحرر!. ثم ظهر لي الفرق بعد برهة، وهو أنها معتبرة هناك، شرطًا للحل، والشرط لا يسقط سهوًا كما لا يسقط عمدًا، وهنا اعتبروها واجبة، لا فرضًا ولا شرطًا، والواجب يسقط بالسهو، فكل منهما جارٍ على القاعدة فيه. يحتاج إلى الفرق بين ما في الذكاة، وما في الصيد، فإنها شرط فيهما، ومع ¬
لكن إن ذكرها في بعضه ابتدأ، وتكفي إشارة أخرس ونحوه بها. ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك قالوا بسقوطها سهوًا (¬1) في الذكاة، فليحرر (¬2)!. وبخطه: وكذا إذا جهل أنه قال بوجوبها أحد، لا إن علم أنه قيل بوجوبها، ولكن جهل وجوبها عند مقلده، قال شيخنا في باب صفة الصلاة (¬3): "من ترك واجبًا، جاهلًا حكمه، بأن لم يخطر بباله قط أنَّ عالمًا قال بوجوبه، سقط لأنه ملحق بالناسي"، انتهى المراد. * قوله: (وتكفي إشارة أخرس ونحوه بها) كالمعتقل لسانه. وصفة ما يشير قال ابن نصر اللَّه (¬4) (¬5): "ويشير بالطرف أو بأصبعه أو رأسه". ¬
وفروضه: غسل الوجه ومنه فم وأنف، وغسل اليدين مع المرفقين، ومسح الرأس كله ومنه الأذنان، وغسل الرجلين مع الكعبين، وترتيب، وموالاة، ويسقطان مع غسل، وهي أن لا يؤخر غسل عضو حتى يجِف ما قبله بزمن معتدل، أو قدره من غيره، ويضر إن جَف لاشتغال بتحصيل ماء، أو إسراف، أو إزالة نجاسة، أو وسخ ونحوه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومنه فم وأنف)؛ أيْ: لدخولهما في حده. * قوله: (ترتيب وموالاة ويسقطان مع غسل)؛ [أيْ: جنابة ونحوها، قال شيخنا] (¬1): أيْ: مع غسل موجبه محقَّق، أما من قام من نومه فوجد بثويه بللًا، ولم يكن تقدم نومه سبب، وقلنا يجب عليه الغسل، وغسل ما أصابه، لو أدرج الوضوء في ذلك الغسل، لا يسقط الترتيب، ولا الموالاة. * قوله: (وهي أن لا يؤخر غسل عضو)؛ أيْ: أو مسح. * قوله: (ويضر إن جف لاشتغال بتحصيل ماء)؛ [أيْ: مطلقًا، ولو لطهارة. ويطلب الفرق بينه وبين] (¬2) اشتغاله بإزالة النجاسة، أو الوسخ إذا كان كل منهما للطهارة، فإن كلًّا منهما حينئذ شرط للطهارة، مع أنهم حكموا بالاغتفار في الأخيرَين، دون الأولَين. ويمكن الفرق: بأن تحصيل الماء مخاطب به قبل التلبس والشروع في الطهارة، بخلاف إزالة النجاسة والوسخ. * قوله: (ونحوه) كحَلِّ الجبيرة في غير أعضاء الطهارة. ¬
لغير طهارة، لا بسنة: كتخليل، وإسباغ، وإزالة شك، أو وسوسة. واشترط (¬1) لوضوء وكسل ولو مستحبَّين: نيةٌ، سوى غسل كتابية، ومسلمة ممتنعة، فتغسل قهرًا، ولا نية للعذر، ولا تصلي به، وينوى عن ميت ومجنونة غسلًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإسباغ) الإسباغ أن يبلغ الماء مواضعه من أعضاء الوضوء. * قوله: (ويشترط لوضوء وغسل) وكذا تيمم، على ما يأتي في بابه (¬2). * قوله: (ولو مستحبين) كتجديد الوضوء، وغسل الجمعة. * قوله: (ولا نية للعذر) وكذا لا تسمية، صرح به الحجاوي (¬3) في عشرة النساء، وفي الحاشية (¬4) كلام عن الإنصاف (¬5)، فراجعه (¬6). * قوله: (ومجنونة) وتصلي به، ولا تعيده إذا أفاقت على الصحيح من المذهب (¬7)، نبه عليه شيخنا في حاشية الإقناع (¬8). أقول: وهذا مستفاد من قول المصنف في السابقة "ولا تصلي به"، وسكوته ¬
وطهوريةُ ماء، وإباحتُه، وإزالةُ مانع وصولِه، وتمييزٌ، وكذا إسلامٌ، وعقلٌ لسوى من تقدم. ولوضوء: دخولُ وقت على من حدثه دائم لفرضه، وفراغ خروج خارج به. واستنجاء، أو استجمار. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عن ذلك هنا. * قوله: (ولوضوء) يعني وينفرد الوضوء عن الغسل بثلاث شروط وهي قوله: "دخول. . . إلخ". * قوله: (لفرضه) لا يصح تعلقه بشيء من المذكور، والظاهر تعلقه بمحذوف؛ أيْ: إذا أراد الوضوء لفرضه، ولو جعل متعلقًا بـ "وقت" على أنه صفة له (¬1)؛ أيْ: وقت كائن لفرضه؛ لأوهم أنه إذا أراد الوضوء لصلاة نفل، لا بد من دخول وقت (¬2) الفرض المستقبل، وليس كذلك. ويبقى النظر فيما إذا أراد صلاة الضحى مثلًا، هل يقال: لابد من دخول وقته، قياسًا على ما في التيمم (¬3). * قوله: (وفراغ خروج خارج) الأولى وفراغ موجب، ليشمل مثل (¬4) اللمس ¬
ولغسل الحيض، أو نفاس: فراغُهما. والنية: قصد رفع الحديث، أو استباحة ما تجب له الطهارة، وتتعين الثانية لمن حدثه دائم، وإن انتقضت طهارته بطروِّ غيره. وتسن عند أول مسنون وجد قبل واجب. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأكل لحم الجزور، ومثل ذلك يأتي في جانب الغسل، ولو قال: ولفراغ موجب كما ذكرناه، وذكره في الشروط المشتركة، لكان أحسن وأسلم، نبه عليه الحجاوي في حاشيته (¬1). * قوله: (أو استباحة. . . إلخ) أسقط صورة أخرى، صرح بها في الإقناع (¬2)، مع أن غالب الناس لا يصدر عنه إلا هي، وهي قصد الطهارة لما لا يباح إلا بها، كِنية الغسل، أو الوضوء، أو هما للصلاة، ولا يصح أن يراد من قول المص "أو استباحة ما تجب له الطهارة" الأعم من ذلك؛ لأن المص قد نبه بصنيعه، على أن المراد منه صورة خاصة، وصنيعه الدالُّ على ذلك هو قوله: "وتتعين الثانية لمن حدثه دائم". * قوله: (وجد) صفة لـ "أول مسنون"؛ أيْ: وتسن عند أول المسنونات، الموجود قبل الواجب، وذلك هو استقبال القبلة، فإنه يستحب أن يكون بعد النِّيَّة وقبل التسمية، وليس هو غسل اليدين، كما وقع في عبارة الحجاوي (¬3)، ويدل لذلك ¬
ونطق بها سرًّا، واستصحاب ذكرها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قول شيخنا في الحاشية (¬1)، في بحث التسمية، نقلًا عن المجد (¬2) في شرحه ما نصه: "ومحل كَمَالِها عقب النية، لتشمل كل فعل مفروض، أو مسنون، ومحل الإجزاء عند أول واجب"، انتهى. فإن استقبال القبلة ينبغي أن يكون بعد النية حتى يكون فيه الثواب، وأن يكون سابقًا على جميع أجزاء الطهارة، القولية، والفعلية؛ لأنه مستحب لجميعه. * قوله: (ونطق بها سرًّا)؛ أيْ: يسن، وقد شنع الغارة الحجاوي (¬3) على المنقح (¬4) في ذلك، بأنه لم يرد فيه حديث صحيح، ولا ضعيف عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- فكيف يدعي سنيته، بل هو بدعة، ولا ينبغي اعقاد البدعة سنة، وأنه من الافتراء عليه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأطال في ذلك، فراجعه (¬5). ¬
ويجزئ استصحاب حكمها. ويجب تقديمها على الواجب، ويضر كونه بزمن كثير، لا سبق لسانه بغير قصده، ولا إبطاله بعد فراغه، أو شَكَّ فيها بعده. فلو نوى ما تسن له الطهارة كقراءة، وذكر، وأذان، ونوم، ورفع شك، وغضب، وكلام محرم. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويجزئ استصحاب حكمها) بأن لا ينوي قطعها. وبخطه (¬1): وعبارة غاية المطلب (¬2): "ولا بد من استصحاب حكمها". * قوله: (ولا إبطاله. . . إلخ) كل من "إبطال" و"فراغ" و"شك" مصدر مضاف لفاعله، وهو أولى من تشتيت الضمير. * قوله: (كقراءة) يؤخذ من الحديث الذي استدل به الشارح (¬3) (¬4) لاستحباب الغسل من غسل الميت، وهو قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من غسل ميتًا فليغتسل ومن حمله فليتوضأ" (¬5). استحباب الوضوء من حمل الميت. ¬
وفعل منسك غير طواف، وجلوس بمسجد، وقيل: ودخوله، وحديث، وتدريس علم، وأكل، وزيارة قبره -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1)، أو التجديد إن سن. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله (غير طواف)؛ أيْ: لأن فعله واجب. * قوله: (وجلوس بمسجد) من هنا إلى قوله: "أو التجديد" ضعيف (¬2). * قوله: (إن سن)؛ أيْ: تحققت سنيته، بأن صلى بينهما. وبخطه: هل تقيد السنية (¬3) بكون الصلاة بينها فرضًا، أو المراد فرضًا كان أو نفلًا؟. ¬
بأن صلى بينهما ناسيًا حدثه ارتفع. لا إن نوى طهارة، أو وضوءًا وأطلق، أو جنب الغسل وحده، أو لمروره. ومن نوى مسنونًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال شيخنا (¬1): وعلى الثاني يلزم التسلسل في جانب النفل، وقد يقال: لا تسلسل في الخير، خصوصًا مع كونه تطوعًا، والمتطوع أمير نفسه. * قوله: (ناسيًا) انظر قوله "ناسيًا" هل هو حال من قوله فيما سبق "فلو نوى"، أو من قوله هنا "صلى"، أو من قوله "نوى المقدرة في قوله: "التجديد" فقط. وفي القصر على الثانية نظر، لعدم ما يفرق بين هذه الصورة، وجميع ما قبلها، وإن كان يقتضيه صنيع شيخنا في شرحه (¬2). * قوله: (لا إن نوى طهارة)؛ أيْ: وأطلق. * قوله: (أو وضوءًا وأطلق)؛ أيْ: لم يقل لنحو صلاة، أو قراءة، أو رفع حدثه. * قوله: (وحده)؛ أيْ: ودون الوضوء، قاله المص في شرحه (¬3). وبخطه: أيْ: دون بيان سببه، من نحو جنابة، أو تبرد (¬4)، قاله والد المص (¬5). * قوله: (ومن نوى غسلًا مسنونًا)؛ أيْ: إن كان ناسيًا للحدث، الذي أوجبه، ¬
أو واجبًا أجزأ عن الآخر، وإن نواهما حصلا، وإن تنوعت أحداث ولو متفرقة توجب غسلًا، أو وضوءًا، ونوى أحدها لا على أن لا يرتفع غيره، ارتفع سائرها. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ ذكره في الوجيز (¬1)، وهو مقتضى قولهم فيما سبق (¬2): "أو نوى التجديد ناسيًا حدثه"، خصوصًا وقد جعلوا تلك أصلًا لهذه، فقاسوها عليها، انتهى شرح الإقناع (¬3). * قوله: (أجزأ عن الآخر)؛ أيْ: سقط الطلب، لكن لا ثواب في غير المنوي منهما. * وقوله: (وإن نواهما حصلَا)؛ أيْ: حصل ثوابهما، مع سقوط الطلب، وهذا مستفاد من كلام شيخنا في شرحه (¬4) (¬5). * قوله: (وإن تنوعت أحداث ولو متفرقة)؛ أيْ: من نوع واحد، بدليل العطف بـ "أو". * وقوله: (لا على أن لا يرتفع غيره) أما إن نوى رفع حدث منها، على أن لا يرتفع غيره، فعلى ما نواه. انتهى شرح شيخنا (¬6)، لكن لا يصلى بهذه الطهارة، لبقاء غير ما قيد به من الأحداث. ¬
1 - فصل
1 - فصل وصفة الوضوء: أن ينوي، ثم يسمي، ويغسل كفيه ثلاثًا، ثم يتمضمض، ثم يستنشق ثلاثًا ثلاثًا، ومن غَرفة أفضل، ويصح أن يسميا فرضين. ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل في صفة الوضوء * قوله: (وصفة الوضوء) قال شيخنا: من إضافة العام إلى الخاص، كشجر أراك. * قوله: (ثم يسمي) ليس التراخي مطلقًا معتبرًا، إذ التراخي المطلق يصدق بما تفوت به الموالاة، وأما الترتيب الذي يقتضي الموالاة فهو معتبر، فهي هنا أولى من الفاء، ولذا عبر في جانب الغسل بالواو، إذ الموالاة ليست معتبرة هناك، وكذا الترتيب بين الأعضاء، لأن البدن كله بمنزلة عضو. * قوله: (ويصح أن يسمَّيَا فرضَين) لعله إنما قال: "ويصح. . . إلخ" ولم يقل ويسمَّيَان (¬1) فرضَين، مع أن الصحيح من المذهب أن الفرض والواجب بمعنى واحد (¬2)؛ لئلا يتوهم أن من الأصحاب من سماهما بذلك، قال شيخنا: ولم أر من صرح بذلك، فليراجع!. انظر هذا مع قول صاحب المبدع (¬3)، والمذهب (¬4)، أنهما يسمَّيَان فرضًا، ¬
ثم يغسل وجهه من منابت شعر الرأس المعتاد غالبًا إلى النازل من اللِّحيَين والذقن طولًا مع مسترسل اللحية ومن الأذن إلى الأذن عرضًا، فيدخل عذار، وهو: شعر نابت على عظم ناتئ يسامِت صِماخ الأذن (¬1). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقول الحجاوي في الإقناع (¬2): "ويسمَّيَان فرضَين"، انتهى. ولكن كلام المبدع أصرح؛ فإنه ناطق بأن التسمية مختلف فيها بين الأصحاب، وأن بعضهم سماهما بذلك، وهو المذهب (¬3)، وفي غاية المطلب (¬4) أيضًا حكاية الخلاف، فإنه قال: "وفي [تسميتهما فرضًا، وسقوطهما] (¬5) سهوًا روايتان (¬6) "، انتهى. اللهم إلا أن يقال: يحمل كلام شيخنا، على أن مراده: ولم أر خصوص من صرح بذلك؛ أيْ: لم يطلع على من عين القائل بالتسمية، فليراجع!. * قوله: (من منابت شعر الرأس المعتاد غالبًا) انظر ما فائدة ذكر "غالبًا" بعد "المعتاد"، ويمكن أن يكون المعنى المعتاد في أغلب الناس. * قوله: (مع مسترسل اللحية)؛ أيْ: فإنه يجب، وهذا مخالف لما في ¬
وعارض وهو: ما تحته إلى ذقن، لا صُدغ، وهو: ما فوق العذار يحاذي رأس الأذن وينزل عنه قليلًا، ولا تحذيف، وهو: الخارج إلى طرف الجبين في جانبي الوجه بين النزعة ومنتهى العذار، ولا النزعتان، وهما: ما انحسر عنه الشعر من جانبي الرأس. ولا يجزئ كسل ظاهر شعر إلا أن لا يصف البشرة، ويسن تخليله لا غسل داخل عين، ولا يجب من نجاسة، ولو أمن الضرر. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القواعد الفقهية لابن رجب (¬1)، فإنه قال (¬2): بعد الكلام على الأكبر: "وأما في الحديث الأصغر، فلا يجب غسل المسترسل منه على الصحيح" انتهى. وتعقبه ابن نصر اللَّه (¬3) فقال: "المعروف في المذهب وجوب غسل المسترسل من اللحية، وبعض الأصحاب، كصاحب المحرر (¬4) لم يحكِ خلافًا"، انتهى. ومن خطه: نقلت قوله: (ويسن تخليله) انظر ما فائدة هذا مع ما تقدم في سنن الوضوء، من قوله: "وتخليل اللحية الكثيفة"، وقد يقال إن ذكره هنا لكونه من تمام الصفة، وهناك في معرض بيان السنن. * قوله: (لا غسل داخل عين) أي: لا يسن، ومثله في الإقناع (¬5). * قوله: (ولا يجب من نجاسة ولو أمن الضرر). . . . . . ¬
ثم يديه مع مِرفقيه، وإصبعٍ زائدة، ويدٍ أصلها بمحل الفرض، أو بغيره ولم تتميز. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في الإنصاف (¬1): "بل يكره"، انتهى. وظاهره ولو تحقق الضرر، وانظر: هل لا نقول بالحرمة حينئذ قياسًا على ما قالوه في قطع الباسور (¬2)؟ وأجاب شيخنا: بأن قطع الباسور فيه إزالة جزء من البدن، بخلاف النجاسة التي بالعين. ومحصل هذا الجواب: أن سبب الضرر في جانب العين غير محقق، بخلاف قطع الباسور، فإن سبب الضرر فيه وهو القطع، متحقق. * قوله: (مع مرفقيه) بكسر الميم، وفتح الفاء (¬3)، وبالعكس (¬4) ومع ما عليها، أو على أحدهما، من شعر ظاهرًا أو باطنًا، وإن كثف، وإن طال وخرج عن الحد، كما اقتضاه كلامهم في نحو ذقن الأنثى، قاله ابن قاسم الشافعي (¬5). وسمى المرفق مرفقًا؛ لأن المتكئ يرتفق به، إذا أخذ براحته رأسه متكئًا على ذراعه (¬6). [وبخطه: قوله: (مع مرفقيه)] (¬7) عبر بـ "مع" تأسِّيًا بالمبيِّن عن اللَّه -تعالى-، ¬
وأظفار. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1)، قال أكثر (¬2): "إلى" في الآية بمعنى "مع" كقوله -تعالى-: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ} [النساء: 2]، {وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ} [البقرة: 14]، {وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ} [هود: 52]. قال بعضهم (¬3): وفيه نظر؛ لأن المشهور أن اليد حقيقة إلى المنكب، فيتعين أن تكون "إلى" للغاية، والغاية إذا كانت جزءًا من المغَيا دخلت، كقولك: قطعت أصابعه، من الخنصر إلى المسبحة، وبِعتك هذه الأشجار من هذه إلى هذه، أو أنها غاية للمتروك؛ أيْ: واتركوا منها إلى المرافق، فالمراد بالتحديد، في هذا إخراج ما وراء الحد، انتهى (¬4). * قوله: (وأظفار)؛ أيْ: وإن طالت، وما ظهر من ثقب، وشق، فيجب إزالة ما به من نحو، شمع بخلاف المستتر منه. ولو دخلت شوكة في اليد أو الرجل، فإن ظهر بعضها وجب قلعها، وغسل محلها، لأنه صار في حكم الظاهر، وقيده بعضهم (¬5) بما إذا كان بحيث لو قلع بقي محله مفتوحًا، بخلاف ما إذا كان يلتئم ¬
ولا يضر وسخ يسيرٌ تحت ظفر ونحوه يمنع وصول الماء -ومن خُلق بلا مرفق غسل إلى قدره في غالب الناس-، ثم يمسح جميع ظاهر رأسه من حد الوجه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عند قلعه، فلا يجب قلعها. وإن استتر جميعها فالقياس صحة الوضوء؛ لأنها صارت في حكم الباطن، دون الصلاة؛ لأنها تنجست بالدم، فتكون ملحقة بالوشم، ولا نظر لكونها حقيرة، وظاهرة، لأنهم لم يفرقوا في الوشم وغيره (¬1) بين الظاهر وغيره، ولا بين اليسير والكثير -وفيه نظر- بل الظاهر كما قال بعضهم (¬2): جريان التفصيل المذكور في العفو، عن قليل الدم وكثيره في ذلك، وإنما لم ينظروا في الوشم لذلك؛ لحصوله بفعله وعدوانه، لتحريم الوشم، بخلاف ما نحن فيه، وقضية عدم العفو إذا تعدى بإدخال الشوكة. * قوله: (ونحوه) كداخل أنف، وشعر. قال الشيخ تقي الدين (¬3): "وكذا كل وسخ يسير، في شيء من أجزاء البدن". وبخطه: قال ابن رجب (¬4): "استحب أحمد (¬5) أنه إذا حلق رأسه، أو قص أظفاره، أو شاربه بعد الوضوء أن يمسه بالماء، ولم يوجبه، وحكي وجوبه عن ¬
إلى ما يسمى قفا، والبياض فوق الأذنين منه، يُمِر يديه من مقدمة إلى قفاه، ثم يردهما، ثم يدخل سبابتيه في صِماخي أذنيه، وبمسح بإبهاميه ظاهرهما ويجزئ كيف مسح. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ابن جرير الطبري (¬1) (¬2)، وهو قول مجاهد (¬3)، وحماد (¬4)، ومن أوجبه ألحقه بخلع الخف بعد مسحه نقله عنه بعض من كتب على الفروع. * قوله: (يسمى قفا) وهو مؤخر العنق، على ما في الصحاح (¬5) وغيره (¬6). * قوله: (من مقدمة) وهو ما جرت العادة بكشفه. ¬
وبحائل، وغسل، أو إصابة ماء مع إمرار يده، ثم يغسل رجليه مع كعبيه وهما: العظمان الناتئان. والأقطع من مفصل مرفق وكعب يغسل طرف عضد وساق، ومن ودنهما ما بقي من محل فرض، وكذا تيمم. وسن لمن فرغ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (والأقطع من مفصل مرفق) عبارة الفروع (¬1): "والأقطع يغسل الباقي أصلًا، وكذا تبعًا في المنصوص" (¬2)، انتهى، وهو الموافق لما هنا. ويبقى النظر في وجه وجوب غسل ما كان يغسل تبعًا، وقد زالت التبعية، بقطع ما كان يُغسَل هذا الباقي تبعًا له. وقد يقال: وجوب غسله؛ نظرًا لكونه كان واجبًا في الجملة. * قوله: (وسن لمن فرغ) قال في الشرح (¬3): "من الوضوء"، وألحق به الغسل، على ما نقله صاحب الإقناع (¬4)، عن صاحب الفائق (¬5) (¬6). ¬
رفع بصره إلى السماء. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والحديث الذي ساقه الشارح (¬1) ظاهره الاختصاص بالوضوء، كما فعله المص، وهل التيمم على قياسهما (¬2). * قوله: (رفع بصره إلى السماء)؛ لأنها قبلة الداعي (¬3). ¬
وقول: "أشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله" (¬1). ويباح تنشيف ومعين، وسن كونه عن يسداره كإناء وضوء ضيق الرأس، وإلا فعن يمينه. ومن وضئ، أو غسل، أو يمم، بإذنه ونواه صح، لا إن أُكره فاعل. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويباح تنشيف) روى أبو نعيم (¬2) في الحلية (¬3) بسنده عن بركة الأزدي (¬4)،. . . . . . ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال: وضأتُ مكحولًا (¬1)، فأتيته بمنديل فأبى أن يمسح به، ومسح وجهه بطرف ثوبه، وقال: للوضوء بركة، وأنا أحب أن لا تعدو ثوبي. * * * ¬
6 - باب مسح الخفين
6 - باب مسح الخفين وما في معناهما رخصة، وأفضل من غسل، ويرفع الحديث، ولا يسن أن يلبس ليمسح، وكره لُبس مع مدافعة أحد الأخبثين. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب مسح (¬1) الخفين * قوله: (رخصة) الرخصة في اللغة: السهولة. وفي الاصطلاح: ما ثبت على خلاف دليل الشرع، لمعارض راجح، والمعارض الراجح هو فعله -صلى اللَّه عليه وسلم-، وفعل أصحابه من بعده. [وبخطه: الرخصة استباحة المحظور، مع وجود لسببه، ذكره في الرعاية (¬2)] (¬3). * قوله: (وكره لُبس مع مدافعة أحد الأخبثين) لعل التقييد بذلك أغلبي، والمراد أنه يكره اللُّبس في كل حالة تكره فيها الصلاة، كالجوع، والعطش، وهذا يؤخذ من تعليل الشارح (¬4) الكراهة في هذين، بكون الصلاة مكروهة معهما، وإن ¬
ويصح على خُف، "وجُرموق"؛ خف قصير، وجَوْرب (¬1) صفيق حتى لِزمن، وبرِجل قطعت أخراها من فوق فرضها، لا لمُحْرِم -لبسهما لحاجة-، وعلى عمامة، وجبائر. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كان فرَّق بين الصلاة والطهارة، كما ذكره في الشرح الكبير (¬2)، من أن الصلاة إنما كرهت مع ذلك، لذهاب الخشوع المطلوب فيها، ولا كذلك الطهارة. ونقل في الشرح (¬3) عن الشرح (¬4)، أنه كان الأولى أن لا تكره، وعلل ذلك بالفرق الذي نقلناه عنه. * قوله: (أو جرموق) فائدة: كل كلمة اجتمع فيها قاف وجيم، فهي من المعرب لا من العربي (¬5). * قوله: (لا لمُحْرِم. . . إلخ) وهذا خارج بقوله فيما سيأتي (¬6): "وإباحته مطلقًا"؛ لأن المُحْرِم لا يلبسهما، إلا عند عدم النعلين. * [قوله: (وعلى عمامة) عطف على قوله: (على خف)] (¬7). * قوله: (وجبائر)؛ أيْ: مشدودة على كسر، أو جرح، أو غيرهما. ¬
وخمر نساء مُدارةٍ تحت حلوقهن، لا قلانس، ولفائف، إلى حِل جبيرة، ولا يمسح في الكبرى غيرها، وهو عليها عزيمة، فيجوز بسفر المعصية، وغيرها من حدث بعد لُبسٍ يومًا وليلة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وخُمر نساء) الخمر: جمع خِمار، وهو الفوطة التي تغطي بها المرأة رأسها. * قوله: (لا قلانس) القلانس: جمع قلنسوة، وهي المحشوة من القطن، على هيئة ما تتخذه الصوفية، الآن كالتيجان وغيرها. * [قوله: (ولفائف) اللفائف جمع لفافة، خرقة تشد على الرجل] (¬1). * قوله: (إلى حل جبيرة)؛ أيْ: أو بُرئِها؛ لأن مسحها للضرورة، وما كان كذلك فيتقدر بقدرها، والضرورة تدعو إلى مسحها إلى حلها، بخلاف غيرها. * قوله: (وهو عليها عزيمة) العزيمة في اللغة: القصد المؤكد. وفي الاصطلاح: ما ثبت على وفق دليل الشرع، خال من معارض راجح (¬2). * قوله: (وغيرها)؛ أيْ: وغير الجبيرة. وعمومه يتناول العمامة، فيكون حكمها حكم الخف في التوقيت، وبه صرح في المغني (¬3) وعبارته: "والتوقيت في مسح العمامة، كالتوقيت في مسح الخف". * قوله: (من حدث بعد لُبس) قاله في الفروع (¬4) بعد ذكر نحو ذلك، فلو مضى من الحديث يوم وليلة، أو ثلاثة إن كان مسافرًا ولم يمسح، انقضت المدة، ¬
لمقِيم، وعاصٍ بسفر، وثلاثة بلياليهن لمن بسفر قَصْر لم يعص به، أو سافر بعد حدث قبل مسح. ومن شك في بقاء المدة لم يمسح، فإن مسح فبان بقاؤها صحَّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وما لم يحدث لا تحتسب المدة، فلو بقي بعد لُبسه يومًا على طهارة، ثم أحدث، استباح بعد الحديث المدة، انتهى شرح شيخنا (¬1). ومن مسح مسافرًا ثم أقام، أو أقل من مسح مقِيم ثم سافر، أو شك في ابتدائه لم يزد على مسح مقِيم. * قوله: (لمقِيم)؛ أيْ: عاص به، كالعبد إذا أمره سيده بالسفر، فأقام أولًا. * قوله: (وعاصٍ بسفره) دون عاصٍ فيه. * قوله: (أو أقل من مسح مقِيم) وأما أكثر من مسح مقِيم، وأقل من مسح مسافر، ولو اقتضاه المفهوم، فإنه لا يصح؛ لأنه لا وجه لمسحه أكثر من مسح مقِيم قبل نية السفر. * قوله: (صحَّ)؛ أيْ: وضوؤه، ولم يصلِّ به قبل أن يتبين له بقاؤها، فإن صلى (¬2)، أعاد، وما صلاه بعد التبين فصحيح، لا تلزمه (¬3) إعادته، كذا في شرحه (¬4). وبخطه: قوله: (صحَّ)؛ أيْ: المسح، وعلم منه أنه إذا لم يتبين بقاؤها بأن دام الشك، أو تبين عدم بقائها، لم يصحَّ، ولا يصلي به قبل أن يتبين له بقاؤها، فإن ¬
بشرط: تقدم كمال طهارة بماء، ولو مسح فيها على حائل، أو تيمم لجرح، أو كان حدثه دائمًا، ويكفي من خاف نزع جبيرة لم يتقدمها طهارة، تيممٌ، فلو عمَّت محله مسحها بالماء. وستر محل فرض، ولو بمخرَّق، أو مفتَّق، وبنضم بلُبسه، أو يبدو بعضه، لولا شَدُّه، أو شرجه، وثبوته بنفسه، أو بنعلين إلى خلعهما. ـــــــــــــــــــــــــــــ فعل أعاد مطلقًا، انتهى حاشية شيخنا (¬1). * قوله: (بشرطه) متعلق بقوله: (ويصح المسح على خف. . . إلخ)، [وهذا الشرط عام] (¬2). * قوله: (بماء)؛ أيْ: كلًّا، أو بعضًا. * قوله: (محله)؛ أيْ: محل التيمم، [بأن كانت في جميع الوجه واليدين. * وقوله: (مسحهما)؛ أيْ: الجبيرة بالماء؛ لأن كلًّا من التيمم] (¬3)، والمسح بدل على الغسل، فإذا تعذر أحدهما رجع إلى الآخر. * قوله: (وستر) عطف على قوله: (تقدم)، وهذا خاص بالخفَّين، بخلاف الأول، وهو ثاني الشروط. * قوله: (لولا شده)؛ أيْ: بالخيط ونحوه. * قوله: (أو شرجه)؛ أيْ: بالعرا، والإزار. * قوله: (وثبوته بنفسه) وهو ثالث الشروط. ¬
وإمكان مشي عرفًا بممسوح، وإباحته مطلقًا، وطهارة عينه ولو في ضرورة، وبتيمم معها لمستور. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإمكان مشي عرفًا) وهو رابعها. * قوله: (وإباحته مطلقًا)؛ أيْ: سواء كان هناك ضرورة تدعو إلى لبسه، أو لا، خلافًا لبعضهم (¬1). وبخطه أيضًا؛ أيْ: إباحة مطلقة، أيْ: غير مقيدة بحالة دون حالة، وهو خامسها. * قوله: (وطهارة عينه) وهو سادسها. * قوله: (ويتيمم)؛ أيْ: من لبس ساترًا نجسًا. [وبخطه: قوله: (ويتيمم معها)؛ أيْ: مع نجاسة الحائل، خفًّا، أو عمامة] (¬2). * قوله: (معها)؛ أيْ: مع الضرورة بنزعه. * وقوله: (لمستور)؛ أيْ: لرجلَين، أو رأس، فيتيمم بدلًا عن غسل الرجلَين، أو عن مسح الرأس، فإن كان ذلك الساتر طاهر العين وتنجس باطنه، صحَّ المسح عليه، ويستبيح به مس المصحف، لا صلاة إلا بغسل، أو عند الضرورة. شرح شيخنا (¬3). ¬
ويعيد ما صلى به. وأن لا يصف البشرة لصفائه، أو خفته، وأن لا يكون واسعًا يرى منه بعض محل الفرض، وأن لَبِس عليه آخر لا بعد حدث، ولو مع خرق أحدهما صح المسح، وإن نزع الممسوح لزم نزع ما تحته. وشرط في عمامة: كونها محنكة (¬1)، أو ذات ذؤابة (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويعيد ما صلَّى به)؛ أيْ: بذلك الخف النجس. * قوله: (وأن لا يصف البشرة) هذا سابع الشروط. * قوله: (وأن لا يكون واسعًا) وهو الثامن وهو آخرها. * قوله: (لا بعد حدث) أما بعد الحديث فلا يصح المسح؛ يعني: على الفوقاني، لفوات أحد الشروط، أعني: كون اللبس بعد تقدم كمال طهارة (¬3) بماء. * وقوله: (ولو مع خرق أحدهما)؛ يعني: سواء كان المخرق الفوقاني، أو التحتاني. ومفهومه أنهما لو كانا مخرقين، لا يصح المسح عليهما، وهو كذلك على الصحيح (¬4)، نظرا إلى أن كلًّا منهما لو انفرد، لم يكن كافيًا. كل ذلك يؤخذ من الشرح (¬5). * قوله: (وشرط في عمامة كونها محنكة) هذا شرط أول. ¬
وعلي ذكر. وستر غير ما العادة كشفه، ولا يجب مسحه معها، ويجب مسح أكثرها، وجميع جبيرة، فلو تعدى شدُّها محل الحاجة نزعها فإن خاف تيمم لزائد. ـــــــــــــــــــــــــــــ * وقوله: (وعلى ذكر) شرط ثان. * وقوله: (وستر غير ما العادة كشفه) شرط ثالث، وأسقط شرطًا رابعًا، وهو كونها مباحة، صرح به في الإقناع (¬1)، وكأن المص أسقطه هنا للعلم به من عموم قوله: "وإباحته مطلقًا". وبقي خامس، وهو كونها على طهارة كاملة، وسادس وهو طهارة عينها، وأسقطهما هنا (¬2) للعلم بهما مما ذكر في الشروط العامة، فتنبه. * قوله: (ولا يجب مسحه)؛ أيْ: ما جرت العادة بكشفه، لكنه مستحب. * قوله: (ويجب مسح أكثرها) الأولى: يجزئ؛ لأن مسح كلها واجب لولا الترخص، فكلامه يوهم أنه لو مسح على كلها، كان ما زاد على الأكثر سنة، ولهذا قال في غاية المطلب (¬3) ومثله في الفروع (¬4): "ويجزئ مسح أكثر العمامة". * قوله: (فلو تعدى شدُّها محل الحاجة نزعها) ظاهره أنه ينزع جميعها وجوبًا، وهو غير ظاهر، والظاهر أنه لا بلزمه إلا نزع ما زاد على قدر الحاجة، إلا أن يصور ذلك بما إذا كان الشد بجميعه في غير محل الحاجة، وهذا هو الظاهر ¬
ودواء -ولو قارًا- في شق وتضرر بقلعه كجبيرة، وأكثر أعلى خُف ونحوه. وسن بأصابع يده من أصابعه إلى ساقه، ولا يجزي أسفله، وعقبه، ولا يسن. وحكمه -بإصبع، أو حائل، وغسله- حكم رأس، وكره غسل، وتكرار مسح. ومتى ظهر بعض رأس. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ من شرحه (¬1) حيث قال: "كما لو شدها على ما لا كسر فيه"، انتهى. إلا أنه لا يلائم قول المتن "فإن خاف تيمم لزائد". وأقول: يمكن أن يصور، بما إذا لم يتمكن من نزع الزائد إلا بنزع (¬2) الكل، ولعل هذا هو الذي يتأتى في الجبيرة؛ يعني الشيء المجبور به، كالعظم ونحوه، لا ما يشد به؛ يعني تربط به الجبيرة، وإن أطلقت الجبيرة (¬3) على ذلك أيضًا. * قوله: (وغسله حكم رأس)؛ أيْ: حكم غسله في الإجزاء، إن أمرَّ يده، وعدمه إن لم يمرَّها، وأما كراهته فقد صرح بها في قوله بعده: "وكره غسل. . . إلخ" كما يؤخذ ذلك من حاشية شيخنا (¬4). * قوله: (ومتى ظهر) وهذا جوابه سيأتي، وهو قوله: "استأنف الطهارة"، ¬
وفحش، أو بعضر قدم إلى ساق خُف، أو انثقض بعض العمامة، أو انقطع دم مستحاضة ونحوها، أو انقضت المدة -ولو في صلاة-: استأنف الطهارة. ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا مقيد بما إذا مسح عليها. * قوله: (وفحش) مقتضى الإطلاق طال المؤمن، أو لم يطل. * قوله: (أو انتقض بعض العمامة) مقتضى ما ذكروه في مسألة من حلق رأسه بعد المسح حيث قالوا: إنه لا ينتقض وضوءه (¬1)، أنه لا ينتقض هنا بانتقاض بعض العمامة (¬2)، إلا أن يفرق بأن طهارة المسح على الحائل، ضعيفة بالنسبة للطهارة التي ليس فيها المسح على الحائل، أو يقال: إنه ثبت له هذا الحكم، إلحاقًا بالمقيس عليه؛ وهو الخف. * قوله: (استأنف) فاتت الموالاة، أو لم تفُت؛ لأن النقض مبني على كون المسح رافعًا للحدث، وأن الحديث لا يتبعض في النقض، فإذا زال الساتر، عاد الحديث إلى المستور، فيعود إلى الجميع وله بقية في الحاشية (¬3). ¬
وزوال جبيرة: كخف. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وزوال جبيرة كخف) لا يقال هذا مكرر مع قول المص السابق (¬1) "إلى حلها"؛ لأن المنظور إليه هناك بيان غاية جواز المسح، وهنا بيان نواقض الطهارة و (¬2) إن لزم من حلها ذلك. * * * ¬
7 - باب نواقض الوضوء
7 - باب نواقض الوضوء -وهي مفسدته- ثمانية: 1 - الخارج ولو نادرًا، أو طاهرًا، أو مقطَّرًا، أو محتشى وابتلَّ، أو منيًّا دَب، أو استدخل -لا دائمًا -. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب نواقض الوضوء * قوله: (نادرًا) كالريح من، القبل والدود، والحصا من الدبر، وإذا خرجت الحصاة من الدبر، حكم بنجاستها على الصحيح، قاله في الإنصاف (¬1). * قوله: (أو مقطَّرًا) أي: لو قطر في إحليله دهنًا، ثم خرج نقض الوضوء؛ لأنه لا يخلو من بلة نجسة تصحبه. قال في الفروع (¬2): "ولو صب دهنًا في أذنه، فوصل دماغه، ثم خرج منها لم ينتقض (¬3)، وكذا لو خرج من فمه في ظاهر كلامهم". * قوله: (أو محتش وابتلَّ) مفهومه: أنه لو خرج ناشفًا لم ينتقض وهو المذهب (¬4): ووجهه إنه ليس بين المثانة والجوف منفذ، ولم تصحبه ¬
من سبيل إلى ما يلحقه حكم التطهير، ولو بظهور مقعدة عُلِم بللها، لا يسير نجس من أحد فرجَي خنثى مشكل غير بول وغائط. ومتى استُد المخرج، وانفتح غيره، ولو أسفل المعدة لم يثبت له حكم المعتاد. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نجاسة (¬1). وظاهر كلامهم لا فرق بين كون طرفه خارجًا أم لا، وعلم من قوله (¬2): "ووجهه. . . إلخ" أنه لو احتشى في دبره، أنه ينتقض (¬3) مطلقًا؛ لأنه جوف، وسوى بينهما في الإقناع (¬4)، فقال بالنقض بخروج المتحشي فيهما (¬5) ابتلَّ أم لا. * قوله: (من سبيل) متعلق بقوله: "الخارج". * قوله: (علِم بللها)؛ أيْ: فإنه ينتقض (¬6)، وإن لم يعلم فلا. * قوله: (لا يسير نجس) يجوز أن تكون "لا" بمعنى "غير" ظهر إعرابها فيما بعدها، فيقرأ: ["يسير نجس" بالرفع، ويجوز أن تكون عاطفة على قوله: "نادرًا" فيقرأ قوله: "يسير نجس"] (¬7) بالنصب مع الإضافة، فتأمل!. * قوله: (لم يثبت حكم المعتاد)؛ أيْ: والأحكام ثابتة للأصلي، كما صرح ¬
فلا نقض بريح منه. الثاني: خروج بول أو غائط. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ به في الإقناع (¬1). * قوله: (فلا نقض بريح منه) قال شيخنا في باب الاستنجاء من شرحه (¬2): "ولا يجزئ في غير المعتاد [إلا الماء، ولو استد المعتاد] (¬3)؛ لأنه نادر، فلا تثبت له أحكام الفرج، ولمسه لا ينقض الوضوء، ولا يتعلق بالإيلاج فيه حكم الوطء، أشبه سائر البدن"، انتهى، وسكتوا عما إذا خرج منه المني دفقا بلذة على فرض وقوعه. وظاهر قول المص فيما سيأتي (¬4) (الثاني خروجه من مخرجه) أنه لا يعتد به أيضًا. ومقتضى قوله: (انتقال مني) وجوب الغسل والوضوء بالانتقال، ولا عبرة بخروجه من غير مخرجه؛ لأن ما أوجب غسلًا أوجب وضوءًا إلا الموت (¬5). ¬
من باقي البدن مطلقًا، أو نجاسة غيرهما كقيء، ولو بحالة فاحشة، في نفس كل أحد بحسبه، ولو بقطنة ونحوها، أو بمص علَق، لا بَعوض ونحوه. الثالث: زوال عقل، أو تغطيته حتى بنوم، إلا نوم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1)، واليسير عرفًا من جالس وقائم. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مطلقًا)؛ أيْ: فحش أو لا. * قوله: (حتى بنوم) حقيقة النوم: قيل: استرخاء البدن، وزوال الاستشعار، وخفاء كلام من عنده، فإن قيل: إذا قلتم إن النوم ليس بحدث، والناقض هو الخارج المصاحب له فالأصل عدمه، فلا يعارض بالشك، فالجواب: أن المعارض ظن لا شك، ويجوز الانتقال من الأصل إليه، كالشهادة فإنها ظن، وتنقل عن أصل البراءة، انتهى. حفيد صاحب الفروع (¬2). وأما النعاس فقال بعضهم (¬3): هو مقدمة النوم، وهو ريح لطيف يأتي من قبل الدماغ، يغطي على العين، ولا يصل إلى القلب، فإذا وصلت إلى القلب كانت نومًا، انتهى. فعلى هذا لا ينتقض الوضوء بالنعاس، ولو كان كثيرًا على كل حال. وقال بعضهم (¬4): النعاس هو أن يغشِّي الأجفان، والقلب يقظان يدرك الكلام، ¬
لا مع احتباء أو اتكاء، أو استناد. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإذا تم انغمار القوة الباصرة، فهو أول النوم. * لطيفة: قال عطاء الخراساني (¬1) لإبليس: كحل يكحل به الناس، فالنوم عند الذكر من كحل إبليس، رواه أبو نعيم في الحلية (¬2). * موعظة: قال خالد بن معدان (¬3): أدنى حالات المؤمن أن يكون نائمًا، وخير حالات الفاجر أن يكون نائمًا. رواه أبو نعيم في كتابه (¬4) من حواشي ابن مفلح (¬5) على الفروع. * قوله: (لا مع احتباء أو اتكاء أو استناد)؛ أيْ: فإنه ينقض مطلقًا، ¬
الرابع: مس فرج آدمي ولو دبرًا، أو ميتًا، متصل أصلي، ولو أشل، أو قلفة، أو قبلَي خنثى مشكل، أو لشهوة ما للامس مثله بيد ولو زائدة خلا ظفر، أو الذكر بفرج غيره، بلا حائل، لا محل بائن. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كنوم المضطجع. [وعلم منه أن المضطجع] (¬1)، والراكع، والساجد ينقض منهم مطلقًا. فالمسائل أربعون؛ لأنه إما مضطجع، أو راكع، أو ساجد، أو قائم، أو قاعد، فهذه خمسة، وكل منها إما محتب، أو متكئ أو مستند، أو لا، فهذه أربع، تضرب في الخمسة، بعشرين، وكل منها إما مع النوم الكثير، أو اليسير، وهاتان اثنتان، تضربان في العشرين، بأربعين، منها ما يستحيل وجوده، ومنها ما يبطل الطهارة، ومنها ما لا يبطلها (¬2)، فتنبه لذلك!. * قوله: (أو ميتًا) يجوز أن يكون نعتًا سببيًّا؛ أيْ: ميتًا صاحبه، أو يقال إن كل جزء تحله الحياة إذا مات صاحبه، اتصف بالموت حقيقة، فتدبر!. * قوله: (أو قلفة)؛ أيْ: لأنها من مسمى الذكر، وأما الفرج فهو اسم لمخرج الحدث، ومنه تعلم الفرق بين قلفة الذكر، وشفري فرج المرأة، حيث قالوا بالنقض في الأول، دون الثاني، وهذا الفرق مستفاد من الشرح (¬3). * قوله: (لشهوة) عبر باللام تبعًا للمقنع (¬4)، قال في المبدع (¬5): (وفي ¬
وشفري (¬1) امرأة دون مخرج. الخامس: لمس ذكر أو أنثى الآخر لشهوة بلا حائل، ولو بزائد لزائد، أو أشل، أو ميت، أو هرِم، أو مُحرِم. لا لشعر، وظفر، وسن، ومن دون سبع، ورجل لأمرد، ولا إن وجَد ممسوس فرجه أو ملموس شهوةً. السادس: غسل ميت، أو بعضه، لا إن يَمَّمَه. ـــــــــــــــــــــــــــــ الوجيز (¬2) (بشهوة) بالباء وهو أحسن، ليدل على المصاحبة والمقارنة"، انتهى. أقول: انظر لو جعلت اللام للوقت، لا للتعليل، هل تساوي باء المصاحبة في المعنى المراد منها؟. * قوله: (وشفري امرأة)؛ أيْ: ما لم يكن بشهوة. * قوله: (أو أشل)؛ أيْ: على فرض وجود شهوة تنشأ عن اللمس به، وإلا فالأشل، لا حرارة به تتحرك بسببها شهوة القلب في العادة. * قوله: (ومن دون سبع)؛ أيْ: ما لم يكن الممسوس منه الفرج، فإن مس فرج الآدمي ينقض مطلقًا، ولو ممن دون سبع، كما صرح به شيخنا في الحاشية (¬3). * قوله: (لا إن يممه) اقتصارًا على الوارد (¬4). ¬
1 - فصل
السابع: كل لحم إبل تعبدًا، فلا نقض ببيقية أجزائها، وشرب لبنها ومرق لحمها. الثامن: الردة، وكل ما أوجب غسلًا غير موت -كإسلام، وانتقال مَنِيٍّ، ونحوهما- أوجب وضوءًا، ولا نقض بإزالة شعر ونحوه. * * * 1 - فصل من شك في طهارة، أو حدث ولو في غير صلاة بنى على يقينه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ونحوه) كظفر، لأنه ليس بدلًا عما تحته، بخلاف الخف والعمامة الممسوح عليها. فصل * قول المص كغيره (بنى على يقينه) فيه نظر من وجهين: الأول: -وأشار إليه ابن نصر اللَّه (¬1) - أن تسمية ما هنا يقينًا بعد ورود الشك عليه، ليس على ما ينبغي. الثاني: أن الشك هو التردد بين أمرين، لا مزية لأحدهما على الآخر، مع أنهم جعلوا الأمر الآخر هنا وهو الطهارة مثلًا، متيقنًا. والجواب عن الأول: ما أشار إليه ابن نصر اللَّه في غضون كلامه، من (¬2) أن تسميته يقينًا باعتبار ما كان. ¬
وإن تيقنهما، وجهل أسبقهما، فإن جهل حاله قبلهما تطهر، وإلا فهو على ضدها، وإن علمها وتيقن فعلهما. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والجواب عن الثاني: أن المراد من الشك هنا معناه اللغوي، لا الأصولي (¬1). قال في القاموس (¬2): "الشك خلاف اليقين"، نقله شيخنا في حاشيته (¬3)، ثم قال بعده: "وهذا هو المراد عند الفقهاء" انتهى. وبخطه: اليقين ما أذعنت النفس للتصديق به، وقطعت به، وقطعت بأن قطعها به (¬4) صحيح (¬5). * قوله: (وإن تيقنهما)؛ أيْ: الحدث والطهارة؛ أيْ: كونه مرة محدثًا، ومرة متطهرًا، فهما بالمعنى الوصفي، لا الفعلي كما أشار إليه الشيخ (¬6) فلا تكرار مع ما سيأتي. * قوله: (فإن جهل حاله قبلهما تطهر)؛ أيْ: وجوبًا؛ لأن وجود يقين الطهارة انعدم بالشك، فلم يبق لها حالة متيقنة، ولا مظنونة، ولا مستصحبة، ولا بد من شيء من ذلك يرجع إليه، فأوجبنا عليه الطهارة. * قوله: (وإن علمها)؛ أيْ: حاله قبلهما. * قوله: (وتيقن فعلهما)؛ أيْ: الحدث والطهارة؛ أيْ: بالمعنى الفعلي؛ ¬
رفعًا لحدث ونقضًا لطهارة، أو عين وقتًا لا يسعهما، فهو على مثلها. فإن جهل حالهما وأسبقهما، أو تيقن حدثًا وفعل طهارة فقط فبضدها، وإن تيقن أن الطهارة عن حدث، ولم يدر الحدث عن طهارة أو لا، فمتطهر مطلقًا، وعكس هذه بعكسها. ولا وضوء. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أيْ: كونه فعل الطهارة والحدث. وبخطه: حاصل ما ذكره من المسائل عشرون، وأسقط ستة عشر، فمجموع ما في الباب ستة وثلاثون، والذي أسقطه ما كان مركبًا من المعنى الفعلي، والمعنى الوصفي، فليحرر (¬1)!. * قوله: (فهو على مثلها) إن قلت المثلية واضحة في غير ما إذا عين وقتًا لا يسعهما، أما فيها فهي عينها لا مثلها، لأنهم قالوا في هذه: إنه يلغيها للمحالية، ويرجع لحاله قبلهما. قلت: هو مبني على ما هو التحقيق عند أهل السنة من أن العرض لا يبقى زمانين (¬2). * قوله: (مطلقًا)؛ أيْ: سواء كان قبل ذلك محدثًا، أو متطهرًا لتيقنه رفع الحدث بالطهارة، وشكه في وجوده بعدها، وعكس المسألة يعلل بعكس هذه العلة (¬3). ¬
على سامعي صوت، أو شامِّي ريح من أحدهما لا بعينه، ولا إن مس واحد ذكَر خنثى وآخر فرجه، وإن أم أحدهما الآخر. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (سامعي صوت) تجوز قراءته بالإضافة، نحو: اشتريته بنصف وربع درهم، قال شيخنا: وربما تتعين قراءته كذلك. * قوله: (ولا إن مس واحد ذكر خنثى. . . إلخ)؛ أيْ: مشكل، لكن لو [كان ذكرًا وأنثى] (¬1)، ومس كل منهما ما يشبه آلته من الخنثى لشهوة، وجب عليهما الوضوء، كما تقدم (¬2)، نبَّه عليه شيخنا في الحاشية (¬3). ومثله أيضًا لو كانا خنثيين، ومس أحدهما ذكر الآخر، والآخر قبل الأول، وكان المس منهما لشهوة، فانه قد تقدم في كلام المحشِّي (¬4) أنه ينتقض (¬5) وضوء أحدهما لا بعينه. ومثله أيضًا في وجوب الغسل على أحدهما لا بعينه، ما (¬6) ذكروه في باب الغسل، فيما إذا أفاق نائم أو نحوه، فوجد في ثوبه بللًا، وتحقق أنه مني بأمارة، وكان ذلك الثوب ينام فيه غيره أيضًا، فإنه لا غسل على أحدهما بعينه. قال الشيخ في شرحه (¬7) عند ذكره للمسألة في باب الغسل: "لكن لا يأتم أحدهما بالآخر، ولا يصافه وحده، فإن أرادا ذلك اغتسلا". ¬
أو صَافَّه وحده أعادا، وإن أرادا ذلك توضآ. ويحرم بحدث صلاة، وطواف، ومَسُّ مصحف وبعضه حتى جلده وحواشيه بيد وغيرها بلا حائل. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وحده) عمومه يقتضي أنهما لو وقفا عن يمين الإمام وحدهما أنهما (¬1) يعيدان الصلاة، وليس كذلك، وقد يقال إن قوله: "وحده" أخرج مثل هذه الصورة؛ لأن الإمام صار مصافًّا لهما، فلم يصدق عليه أنه صافَّه وحده، فلم يوجد مقتضى الإعادة؛ لأنه لا يلزم من بطلان صلاة أحدهما حينئذ، فدية الآخر، فليحرر (¬2)!. * قوله: (وإن أرادا ذلك توضآ) بقي مسألة يجب عليهما (¬3) فيها الوضوء، غير مسألتَي الائتمام والمصافَّة، وهي ما إذا كانا من العدد المعتبر في الجمعة، فإنا لا نتحقق صحتها حينئذ إلا بتطهر كل منهما، قاله شيخنا في شرحه (¬4). * قوله: (ويحرم)؛ أيْ: مع القدرة على الطهارة بالماء أو التراب ولا يكفر. * وقوله: (بحدث)؛ أيْ: كبر، أو أصغر. * وقوله: (صلاة)؛ أيْ: إجماعًا (¬5). ¬
لا حمله بعُلاقة، وفي كيس وكم، وتصفحه به وبعود، ومَسُّ تفسير ومنسوخ تلاوته وصغير لوحًا فيه قرآن. ويحرم مَسُّ مصحف بعضو متنجس، وسفر به لدار حرب، وتوسده وكتب علم فيها قرآن، وكتبه بحيث يُهان. وكُرِه مد رجل إليه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا حمله بعلاقة) بكسر العين في المحسوسات على الصحيح من أقوال ثلاثة (¬1). * قوله: (وصغير لوحًا فيه قرآن)؛ أيْ: من المحل الخالي من الكتابة دون المكتوب. * قوله: (ويحرم مس مصحف)؛ أيْ: كلًّا، أو بعضًا (¬2)، ولعله مثله في السفر، والكتب بحيث يهان (¬3). * قوله: (وسفر به لدار حرب) انظر ما الحكم في السفر بكتب التفسير لدار الحرب، ولعله كذلك، فليحرر (¬4)!. * قوله: (وكره مد رجله إليه) الحرمة أشبه بالقياس من الكراهة (¬5). ¬
واستدباره، وتخطيه، وتحليته بذهب أو فضة. ويباح تطييبه، وتقبيله (¬1)، وكتابة آيتين فأقل إلى كفار (¬2) ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . * * * ¬
8 - باب الغسل
8 - بابٌ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الغسل قال في شرح مسلم (¬1): "الغسل إذا أريد به الماء فهو بالضم، فإن أريد به المصدر؛ أيْ: الفعل فيجوز ضم الغين وفتحها، لغتان مشهورتان، قال بعضهم (¬2): إن كان مصدرًا لغسلت فبالفتح، كضربت ضربًا، وإن كان بمعنى الاغتسال، فبالضم، كقولنا: غسل الجمعة مسنون، وغسل الجنابة واجب ونحوه". قال: أيْ: في شرح مسلم: "وأما ما ذكره بعض من صنف لحن الفقهاء، من أن قولهم غسل الجنابة والجمعة وشبهها بالضم لحن، فهو خطأ منه، بل الذي قالوه صواب، لما ذكرنا يعني على إحدى اللغتين"، انتهى كلامه في شرح مسلم. وقال بعضهم: الفتح أفصح عند اللغويين، والضم (¬3) أشهر عند الفقهاء، وبالكسر ما يغسل به من سِدر ونحوه (¬4). ولما كان الغسل من الجنابة معلومًا قبل الإسلام، وبقية من دين إبراهيم، ¬
الغسلُ: استعمالُ ماءٍ طَهُورٍ في جميعِ بدنِه على وجه مخصوص. وموجبُه سبعةٌ: انتقالُ مَنيٍّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وإسماعيل، كما بقي الحج والنكاح، لم يحتاجوا إلى تفسيره، بل خوطبوا بقوله -تعالى-: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6] وهي دليل الباب، ولذلك نذر أبو سفيان (¬1) أن لا يمس رأسه ماء من (¬2) جنابة، حتى يغزو رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬3). وأما الحدث الأصغر فلم يكن معروفًا عندهم، فلذلك بين أعضاءه، وكيفيته، والسبب الموجب له. والوضوء من خصائص هذه الأمة (¬4)، وقد نبَّه عليه صاحب الفروع (¬5) أول باب اجتناب النجاسة. * قوله: (طهور) المناسب للحد إسقاط طهور. * قوله: (مَني) سمي مَنيًا؛ لأنه يُمنى؛ أيْ يُراق (¬6). ¬
فلا يعادُ غُسلٌ له بخروجه بعده، ويثبتُ به حكمُ بلوغٍ، وفطرٍ وغيرِهما، وكذلك انتقالُ حيض. الثاني: خروجُه من مَخْرجِه ولو دمًا، وتعتبرُ لذةٌ في غيرِ نائمٍ ونحوِه، فلو جامعَ وأكْسَلَ (¬1) فاغتسلَ، ثم أنزل بلا لذةٍ لم يُعِد. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (خروجه)؛ أيْ: المني، وفيه عود الضمير على المضاف إليه على حد قوله -تعالى-: {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} [الجمعة: 5]، وفيها حكاية مشهورة عن الدماميني (¬2) مع بعضهم (¬3). * قوله: (من مخرجه) ظاهره ولو "فرض أنه" (¬4) خرج من غيره دفقًا بلذة، لا يجب الغسل، فليحرر (¬5)!. وهذا المفهوم صرح به شيخنا في الحاشية (¬6)، في آخر باب الحيض، نقلًا ¬
وإن أفاق نائم ونحوُه فوجد بللًا، فإن تحقق أنه مَنِيٌّ اغتسل فقط، وإلا ولا سببَ طَهَّر ما أصابه أيضًا، ومحلُّ ذلك في غير النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لأنه لا يحتلم (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ عن الفنون لابن عقيل، وقاس عليها خروج المشيمة من الفم، وقد يتوقف فيه، بأنه إذا كان معه لذة، فقواعد المذهب تقتضي وجوب الغسل بالانتقال، فليحرر!. * قوله: (طهر ما أصابه أيضًا)؛ أيْ: مع الغسل. قال شيخنا (¬2): وإذا أدرج الوضوء في هذا الغسل، لا يسقط الترتيب والموالاة؛ لأنه ليس واجبًا تحقيقًا، وتقدم التنبيه عليه. * قوله: (لأنه لا يحتلم) كان مقتضى الظاهر إسقاط هذه العلة؛ لأنه يوهم عدم المطالبة بالغسل فقط، وأنه مطالب (¬3) بتطهير ما أصابه، مع أن فضلاته طاهرته، إلا أن يجاب: بأنها وإن كانت طاهرة، لكنه يفعله للتشريع (¬4). ¬
الثالثُ: تغييبُ حشفتِه (¬1) الأصليةِ، أو قدرِها، بلا حائلٍ، في فرجٍ أصلي ولو دُبُرًا لميت، أو بهيمة، ممن يجامعُ مثلُه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو قدرها)، قال شرحه (¬2): "من مقطوعها". وقال في الإقناع (¬3): "إن فقدت". أقول: عبارة الشارح لا تعرض فيها لمن خلق بلا حشفة، لا تصريحًا، ولا تلويحًا، وعموم الفقدان الذي عبر به في الإقناع، يشمل ذلك. بقي أن كلًّا منهما ساكت عن الحكم فيما إذا كانت الحشفة، قدر الذكر المعتاد، أو أطول، هل يشترط تغييبها كلها؟ كما هو ظاهر كلامهما، وكما اقتضاه كلامهم من أن الموجب حقيقة هو التقاء الختانين، وعند تغييب بعضها فقط لا التقاء، أو يكفي تغييب قدر المعتاد من أوساط الناس، فلتحرر المسألة!. وبقي أيضًا أنه يخرج عن كلام كل من الشارح، والإقناع، ما إذا لف على حشفته حائلًا، ثم غيب قدرها أيضًا من الذكر، بل [كلام كل منهما] (¬4) يوهم عدم وجوب الغسل، وليس كذلك فتدبر، تجد المتن يؤخذ منه حكم ذلك، حيث قال "أو قدرها" ولم يقل من مقطوعها، ولا إن فقدت. * قوله: (ممن يجامِع مثله) تجوز قراءته اسم فاعل، واسم مفعول، كما ¬
ولو نائمًا، أو مجنونًا، أو لم يبلُغ فيلزم، إذا أراد ما يتوقف على غُسلٍ، أو وضوءٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يعلم بالوقوف على الشارح (¬1)، فإنه فسره بابن عشر، وبنت تسع، ويصح أن ينسب كل من الصيغتين إلى قابل الصيغة المحتملة (¬2) كهذه، كما اقتضاه كلام المحققين (¬3). * وقوله: (ولو نائمًا أو مجنونًا) غاية له، على (¬4) كونه اسم مفعول؛ لئلا يتكرر مع ما سيأتي في قوله "واستدخال. . . إلخ". * وقوله: (أو لم يبلغ) حال منه، باعتبار كل منهما. * قوله: (أو لم يبلغ)؛ أيْ: بقيد أن يكون ممن يجامع مثله. * قوله: (فيلزم) الضمير فيه راجع إلى الذي لم يبلغ فقط. وبخطه (¬5): ومعنى لزومه أن صحة ذلك متوقفة على أحدهما، لا أنه إذا تركه معاقب عليه، لعدم تكليفه على الأصح (¬6)، أما على القول بتكليفه فلا يحتاج إلى هذا التأويل. * قوله: (ما يتوقف على غسل أو وضوء) الأولى التعبير بقوله: ¬
لغير لبثٍ بمسجدٍ، أو مات ولو شهيدًا. أو استِدْخالُ ذكر أحدِ من ذُكِر كإتيانِه. الرابعُ: إسلامُ كافرٍ ولو مرتدًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ "ووضوء" مص (¬1). وقد يقال: لا حاجة إلى الواو؛ لأن المتوقف على الغسل متوقف على الوضوء أيضًا، وما توقف على الوضوء فقط، هو المشار إليه بقوله: "أو وضوء"، هامش، (مر) (¬2). ثم كتب على قوله: "لأن المتوقف على الغسل. . . إلخ" ما نصه: فيه (¬3) أن قراءة القرآن تتوقف على الغسل، ولا تتوقف على الوضوء. * قوله: (لغير لَبْث بمسجد)؛ أيْ: فإذا أراده كفاه الوضوء، ولا يلزمه الغسل، لأجل ذلك. * قوله: (واستدخال. . . إلخ) في الحاشية (¬4): "ولا يعاد غسل الميت لو استدخلت ذكره بعده ويعاد غسل الميتة المجامَعَة، والميت إذا أُتِيَ في دبره بعده"، انتهى. ويطلب الفرق بين المسألتين، وقد يفرق بينهما: بأن الذكر لو كان حيًّا، لكان الغسل واجبًا عليه بفعله، وهنا لم يوجد منه فعل، والأنثى لو كانت حية، لكان الغسل واجبًا عليها بفعل غيرها، وقد وجد، ومثلها المأتي في دبره. ¬
أو لم يُوجد في كفرِه ما يوجبُه، أو مميِّزًا، ووقت لزومه كما -مرَّ-. الخامسُ: خروجُ حيض. السادسُ: خروجُ دم نفاس، فلا يجبُ بولادة عَرَتْ عنه. السابعُ: الموتُ تعبدًا غير شهيدِ معركةٍ، ومقتولٍ ظلمًا. ويمنعُ من عليه غُسْلٌ من آيةٍ لا بعضِها، ولو كرَّرَ ما لم يتحيلْ على قراءة تحرم. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (كما مرَّ)؛ أيْ: إذا أراد ما يتوقف على غسل، أو وضوء. * قوله: (عَرَت) مقتضى اللغة: عَرِيَت بتخفيف الياء، مع الفتح، أو عَريَّة بالتشديد مع الفتح أيضًا، كما عبر به غيره، فإن أهل (¬1) اللغة (¬2) قد فرقوا بين عَرِيَ يَعْرا، وعَرَا يَعْرو، فالأول بمعنى خلا وتجرد، ومنه عَرِيَ الرجل من ثيابه، وعَرَا يَعْرو: بمعنى أتى ونزل، ومنه عَرَوت الرجل إذا ألممت به، وما هنا من الأول لا الثاني، فتدبر!. * قوله: (من آية) قدر في شرحه (¬3) "من قراءة"، وليس غرضه إباحة المس، بل إن هذا التقدير لضرورة المناسبة لقوله فيما يأتي: "ما لم يتحيل على قراءة تحرم" فإنه يفهم أن مسألة المتن مفروضة في القراءة فقط، وسكت عن المس، لعلمه بالأولى من الذي ذكره في جانب الحدث الأصغر. * قوله: (ما لم يتحيل على قراءة تحرم) مقتضاه أنه يحرم نذر صلاة في وقت ¬
"المنقِّحُ" (¬1): "ما لم تكن طويلةً". وله تَهَجِّيه، وتحريكُ شفتيه به إن لم يبيِّن الحروفَ، وقولُ ما وافق قرآنًا ولو لم يقصدْه، وذِكرٌ. ويجوزُ لجنب. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نهي، تحيُّلًا على إيقاع النفل في وقت النهي، وتعليل هذه بأنه تحيل على عبادة، وهو لا يضر، يعارضه ما هنا، فإن قراءة القرآن أيضًا عبادة ولم يغتفروها. * قوله: (طويلة) كآية الدين. * قوله: (ما وافق قرآنًا)؛ أيْ: من ذكر. * وقوله: (ذكر)؛ أيْ: لم يوافق قرآنًا، ليخالف ما قبله. * قوله: (ويجوز لجنب) الجنب لغة: البعيد، سمي بذلك؛ لأنه نهي عن قرب مواضع القُرَب (¬2)، وفي السنة مرفوعًا "لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب ولا صورة ولا جنب" (¬3). ¬
وحائضٍ ونُفَساءَ انقطع دمُهما دخولُ مسجد ولو بلا حاجة، لا لبثٌ به إلا بوضوءٍ، فإن تعذَّر واحتِيْجَ للبث جاز بلا تيممٍ، ويتيمم للَبث، لغُسلٍ فيه، ولا يُكره، ولا وضوء ما لم يؤذ بهما. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قيل: المراد به الذي ترك الاغتسال من الجنابة عادة، فيكون أكثر أوقاته جنبًا، وهذا يدل على قلة دينه، وخبث باطنه، والمراد بالملائكة غير الحفظة، وملائكة الموت (¬1). وقال ابن الجوزي في كشفه (¬2): "في تسمية الجنب جنبًا قولان: أحدهما: المجانبة"، انتهى. وفي الغنية (¬3) للشيخ عبد القادر الجيلي (¬4): "أن المراد بالجنب في الحديث الجنب من الحرام". * قوله: (جاز بلا تيمم) لكن التيمم أولى. ¬
1 - فصل
وتُكره إراقةُ مائهما به، وبما يُدَاسُ -ومصلَّى العيد لا الجنائزِ مسجدٌ-. ويمنعُ منه مجنونٌ، وسكرانُ، ومن عليه نجاسةٌ تتعدَّى، ويُكره تمكينُ صغيرٍ، ويحرُم تكسبٌ بصنعةٍ فيه. * * * 1 - فصل والأغسالُ المستحبةُ ستةَ عشر: آكدُها لصلاةٍ جمعة في يومها لذَكرٍ حضرها، ولو لم تجب عليه إن صلى، وعند مضيٍّ، وعن جماعٍ أفضل. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وبما يداس)؛ أيْ: تنزيهًا للماء؛ لأنه أثر عبادة. فصل * قوله: (والأغسال المستحبة ستة عشر) سكت عن عَدِّ الأغسال المفروضة، لما علم مما سبق أنها خمسة: الغسل للجنابة، والغسل لأجل الحيض، والغسل لأجل النفاس، والغسل للإسلام، عن كفر أصلي، أو ردة، وغسل الميت، فتدبر!. * قوله: (لصلاة الجمعة)؛ أيْ: فالغسل للصلاة، لا لليوم، فلو اغتسل بعدها لم تحصل الفضيلة. * وقوله: (في يومها) يحترز به عن الليل. * قوله: (لذَكر)؛ أيْ: لا امرأة، وظاهره ولا خنثى. * قوله: (حضرها)؛ أيْ: أراد حضورها. * قوله: (إن صلَّى) قيد للاستحباب؛ أيْ: أراد الصلاة. * قوله: (وعند مضي وعن جماع أفضل). . . . . .
ثم لغسلِ ميتٍ، ثم لعيدٍ في يومها لحاضرها -إن صلى، ولو منفردًا-، ولكسوفٍ، واستسقاءٍ، ولجنونٍ، وإغماءً -لا احتلامَ فيهما-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عبارة الإقناع (¬1): "والأفضل عند مضيِّه إليها عن جماع" ويمكن توجيهه، بأن اجتماع الأمرين أفضل على الاطلاق، وعند مضيٍّ دون جماع أفضل من التبكير، وعن جماع ولو مع التبكير، أفضل من كونه لا عن جماع، والمص لم يتعرض للمرتبة التي في الإقناع، كما أن صاحب الإقناع لم يتعرض لما دونها، وهما المسألتان المذكورتان في المتن. * قوله: (ثم لغسل ميت) مسلم، أو كافر؛ أيْ: لحصوله، لا لإرادته. * قوله: (لحاضرها) ظاهره أنه لا يتقيد بالذكر، كغسل الجمعة، وعبر في الإقناع (¬2) "بحاضرها" في الموضعين، ثم أعقبه في الجمعة بقوله: "لا لامرأة" وأبقى الثاني على إطلاقه، فليحرر (¬3)!. * قوله: (ولو منفردًا) إن قيل: كيف تصح صلاته منفردًا ومن شرط العيد العدد؟ قيل: محل ذلك في الصلاة التي يسقط بها فرص الكفاية، لا مطلقًا. * قوله: (لا احتلام فيهما): أيْ: لا إنزال باحتلام، والمراد ما (¬4) لم يوجد فيهما موجب للغسل. ¬
ولاستحاضةٍ لكل صلاة، ولإحرامٍ حتى حائضٍ ونُفَساء، ولدخولِ مكة وحرمِها، ووقوفٍ بعرفة، وطوافِ زيارة، ووداعٍ، ومبيتٍ بمزدلفة، ورمي جمارٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه أيضًا: قوله: (لا احتلام فيهما) أولى منه عبارة الإقناع (¬1) (¬2) "بلا إنزال ومعه يجب"؛ لأن الإنزال أعم من أن يكون باحتلام أو غيره. وبخطه أيضًا: كلامهم يفهم أنه إذا وجد مقتض لوجوب الغسل، وتحقق أنه ليس هنا غسل آخر مستحب، قال شيخنا (¬3): ولعله مراد، فإنا لم نخاطبه بالغسل المستحب، إلا لاحتمال أن يكون قد حصل منه موجب، ولم يشعر به، وقد تقدم أنه إذا تطهر لرفع الشك ارتفع حدثه. * قوله: (ولاستحاضة) وهل على قياسة السلس الدائم أو يفرق؟ * قوله: (ولإحرام)؛ أيْ: إرادته. * قوله: (ولدخول مكة) قال: في المستوعب (¬4): "حتى الحائض"، وظاهره ولو كانت بالحرم، كالذي بمنى إذا أراد دخول مكة، فإنه يستحب له الغسل لذلك (¬5). ¬
2 - فصل
ويتيممُ للكلِّ لحاجةٍ، ولما يسنُّ له وضوءٌ لعذر. * * * 2 - فصل وصفةُ الكامل: أن ينويَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * فائدة: لا يسن الغسل لدخول طيبة، ولا للحجامة، والبلوغ، وكل اجتماع (¬1). * قوله: (ويتيمم للكل. . . إلخ) لو قال: ويتيمم للكل، ولما يسن له وضوء لعذر، لكان أخصر. بقي أنه قال في شرحه (¬2) عند شرح قوله "للكل"؛ "أيْ: لكل الأغسال المستحبة"، انتهى. وفيه نظر؛ لأن الأغسال المستحبة ليست هي المتيمَّم لها، بل المتيمَّم له ما طلب الغسل لأجله، من صلاة الجمعة، والعيد ونحوهما، ويمكن توجيهه بأن اللام بمعنى "من" التي هي للبدلية، على ما يجوزه الكوفي من نيابة بعض حروف الجر عن بعض (¬3)؛ أيْ: يتيمم بدل كل الأغسال المستحبة، وهو ظاهر لا غبار عليه، وكان أظهر منه أن يقول: أيْ: كل ما يستحب الغسل لأجله، كما أثبته شيخنا في شرحه (¬4). فصل ¬
ويسميَ، ويغسلُ يديه ثلاثًا، وما لوَّثَه، ثم يتوضأ كاملًا، ويرويَ رأسه ثلاثًا، ثم بقيةَ جسدِه ثلاثًا ويتيامنَ. ويدلِّكه، ويعيدَ غَسْلَ رجليه بمكانٍ آخرَ، ويَكْفِي الظَّن فِي الإسْبَاغِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويدلِّكه)؛ أيْ: على سبيل الاستحباب، لا على سبيل الوجوب خلافًا للمالكية (¬1)، والمراد دلْك ما لا ينبو عنه الماء، وأما دلْك ما ينبو عنه فهو واجب، كما تقدم (¬2) في باب التسوك في سنن الوضوء. وبخطه (¬3): ويتفقد غضاريف (¬4) أذنيه، وأصول شعره، وتحت حلقه وإبطيه، وعمق سرته، وبين إليتيه، وطي ركبتيه. * قوله: (ويعيد غسل رجليه بمكان آخر) قال بعض الحنفية (¬5): هذا إذا كان قدماه في مستنقع الماء، أما إن كانتا على لوح أو حجر فلا. وبخطه: وَزِيدَ أمران آخران: أحدهما: وهو في الإقناع (¬6)، أن يضرب بيده الأرض مرتين أو ثلاثًا بعد غسل ما لوَّثه. ثانيهما: وهو في كلام الشيخ الموفق (¬7)، أن يفرق شعر رأسه قبل أن يرويه، ¬
والمجزِئ: أن ينويَ، ويسمىَ، ويعمَّ بالماء بدنهَ حتى ما يظهرُ من فرجِ امرأة عند قعودٍ لحاجة، وباطنَ شَعْرٍ، ويُنْقضُ لحيضٍ، ويرتفعُ حدثٌ قبلَ زوالِ حكمِ خبث. وتُسنُّ موالاةٌ، فإن فاتتْ جدَّد لإتمامِه نيةً، وسِدْرٌ في غسل كافرٍ أسلم كإزالةِ شعره. وحائض طهرت. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ليصل الماء إلى أصوله بسهولة. * قوله: (عند قعود) وحشفة الأقلف المفتوقة، وما تحت الخاتم ونحوه فيحركه. * قوله: (وباطن شعر)؛ أيْ: كثيف، أو خفيف، من ذكر، أو أنثى؛ لأنه جزء من البدن، لا مشقة في غسله، فوجب كباقي البدن. شرح شيخنا (¬1). * قوله: (وينقض لحيض)؛ أيْ: ونفاس، فالاحتراز عن الجنابة فقط، لمشقة تكررها. * قوله: (ويرتفع حدث) أكبر، أو أصغر. * قوله: (جدد)؛ أيْ: وجوبًا. * قوله: (نية) أيْ: لا تسمية فيما يظهر، والفرق مع ظهوره في الحاشية (¬2)، فراجعه. * قوله: (وسِدْر) عطف على قوله "موالاة" عامل فيه "سن" التبعية. ¬
وأخذُها مسكًا، فإن لم تجد فطِيبًا، فإن لم تجد فطِينًا تجعلُه في فرجها في قطنةٍ، أو غيرِها بعد غُسلها. وتوضوءٌ بمُدٍّ (¬1)، وزِنَتُه: مئةٌ وأحد وسبعون وثلاثة أسباعِ درهم، وهي مئةٌ وعشرون مثقالًا، ورطل وثلث عراقي وما وافقه، ورطلٌ وسبُغٌ وثلثُ سبُعٍ مِصريٍّ وما وافقه، وثلاثُ أواقٍ (¬2) وثلاثةُ أسباع أوقيَّة بوزن دمشق وما وافقه. ـــــــــــــــــــــــــــــ * فائدة: قال في الإنصاف (¬3) في الثامنة؛ أيْ: من الفوائد: "لو كان الماء (¬4) كثيرًا، كره أن يغتسل فيه على الصحيح من المذهب. قال أحمد: لا يعجبه. وعنه: لا ينبغي، فلو خالف وفعل، ارتفع حدثه قبل انفصاله عنه على الصحيح من المذهب، قدمه في الرعايتين، وقيل: لا يرتفع قبل انفصاله"، انتهى المقصود. * قوله: (وأخذها مسكًا فإن لم تجد فطيبًا)؛ أيْ: لم تكن محرمة فيهما. * قوله: (ورطل وسبُعٌ وثلث سبُعٍ مِصريٍّ) لو قال بدله: ورطل وأوقيتان وسبُعَا أوقية، لكان أَبيْن، وأحسن، وأخصر، نبَّه عليه الحجاوي في حاشية التنقيح (¬5). ¬
وأوقيتان وستةُ أسباعٍ بالحلبيِّ وما وافقه، وأوقيَّتان وأربعةُ أسباع بالقدسيِّ وما وافقه. واغتسالٌ بصاع (¬1)، وزنتهُ: ست مئةٍ وخمسةٌ وثمانون وخمسةُ أسباع درهم وهي أربع مئة وثمانون مثقالًا وخمسة أرطال. وثلثٌ عراقيَّةٌ بالبُرِّ الرَّزِين، وأربعةُ وخمسةُ أسباع وثلثُ سُبع رطل مصري، ورطلٌ وسُبعٌ دِمَشْقِيٌّ، وإحدى عشرة أوقية وثلاثةُ أسباعٍ حلبيةٌ، وعشر أواقٍ وسُبعان قدسيةٌ. "المنقح" (¬2): "هذا ينفعك هنا، وفي الفطرةِ، والفديةِ، والكفارةِ وغيرها". وكُره عريانًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بالبُرِّ الرَّزِين)؛ أيْ: الذي موافق العدس في الوزن. * قوله: (وغيرها) كالنذر، فيما إذا نذر التصدرق بمُدٍّ، أو صاعٍ. * قوله: (وكُرِه عريانًا) خلافًا لما في الإقناع (¬3) وعبارته: "ويحرم أن يغتسل عريانًا بين الناس، فإن ستره إنسان بثوب، أو اغتسل عريانًا خاليًا، فلا بأس، والستر أفضل" انتهى. ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويؤخذ من المبدع (¬1) وغيره (¬2)، ومن كلام الشيخ تقي الدين (¬3) أيضًا الجمع بين كلاميهما، فإطلاق المص الكراهة، محمول على ما إذا كان يغتسل داخل الماء، أو خارجه، لكن في محل غير مستور، وكلام الإقناع محمول على ما إذا كان يغتسل في محل مستور، خارج الماء فإن للماء سكَّانًا، فتدبر!. وبخطه أيضًا فيما نقله عن الإقناع (¬4) في قوله "خاليًا"؛ أيْ: لم يكن داخل الماء، فان كان داخله كُرِه؛ لأن للماء سكَّانًا (¬5)، وحينئذٍ فيوافق المنتهى في الكراهة. وقيل: إنه رُؤي الإمام أحمد بعد موته فقيل له: ما فعل اللَّه بك؟ فقال: غفر لي وأدخلني الجنة، فقيل له: بماذا؟ قال: أصابتني جنابة في يوم بارد، فذهبت إلى الدجلة لأغتسل فرأيت الناس ينزلون عُرْيًا (¬6) فاستحييت، وتذكرت قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من كان يؤمن باللَّه واليوم الآخر فلا يدخل الحمام (¬7) إلا بمئزر" (¬8) فنزلت الماء بقميصي، ¬
وإسرافٌ، لا إسباغٌ دون ما ذكر. ومن نوى بغسل رفعَ الحدثين، أو الحدثَ وأطلق، أو أمرًا لا يباحُ إلا بوضوءٍ وغُسْلٍ أجزأ عنهما. وسُنَّ لكلٍّ من جنبٍ -ولو أنثى-، وحائضٍ، ونُفَساءَ -انقطع دمُهما-، غسلُ فرجهِ، ووضوءٌ لنوم وكُرِه تركُه له فقط، ولمعاودةِ وطءٍ، والغسلُ أفضلُ، ولأكلٍ وشربٍ، ولا يضرُّ نقضُه بعدُ. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ ثم وقفت على شاطئ الدجلة حتى نشف من الهواء (¬1). * قوله: (وإسرافٌ) هل هو مكروه فقط، ولو كان الماء موقوفًا؟ * قوله: (ولا يضرُّ نقضُه)؛ أيْ: نقض الوضوء، فلا تسن إعادته إن أحدث قبل أن يفعل ما توضأ لأجله، وعلى قياس ذلك الوضوء لأجل اللَّبْث بالمسجد للجنب، إذا انتقض، فإنه لا تجب إعادته، لأن المقصود التخفيف، وقد حصل، استظهره شيخ شيخنا وهو الشيخ محمد الشامي (¬2). ¬
3 - فصل
3 - فصل يُكره بناءُ الحمامِ، وبيعُه، وإجارتُه، والقراءةُ، والسلامُ فيه لا الذكُر. ودخولُه بسترة مع أمنِ الوقوعِ في محرم مباحٌ، وإن خِيفَ كُره، وإن عُلمَ أو دخلَته أنثى بلا عذرٍ حرُم. ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (والسلام فيه)؛ أيْ: من المبتدئ، كما في الآداب الشرعية (¬1) بخلاف الرد فإنه مباح على ما في شرحها للحجاوي (¬2). * قوله: (ودخوله) "دخوله" مبتدأ. * وقوله: (مباح) خبر، وعند الاضطرار إليه لغسل واجبٍ واجبٌ ولمسنونٍ مسنونٌ، منه أنه تعتريه الأحكام الخمسة. * * * ¬
9 - باب التيمم
9 - بابٌ التيمم استعمال تراب مخصوص لوجه ويدين، بدل طهارة ماء. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب التيمم * قوله: (لوجه ويدين) لو قال كما في الإقناع (¬1): "مسح وجه ويدين بتراب طهور على وجه مخصوص بدلًا عن طهارة الماء" لكان أخصر، وأَبْين، وأتم للتعريف، إذ لا يظهر معنى اللام هنا، إلا أن يسلك المذهب الكوفي (¬2) وتحمل (¬3) نائبه عن "في"، كما أشار إليه شيخنا في الحاشية (¬4)، ويمكن إبقاء اللام على معنى التعليل، مع اعتبار مضاف محذوف؛ أيْ: لطهارة وجه ويدين، والإضافة على معنى "في"؛ أيْ: في (¬5) وجه ويدين، وحَذْفُ المضاف متفق على جوازه (¬6). * قوله: (بدل طهارة) بمعنى تطهير، فصحَّ تذكير الضمير فيما يأتى، وقد يقال: الطهارة مصدر، فتأنيثه لفظي، لا معنوي، فلا يحتاج إلى تأويله بالمذكور، وأن الضمير عائد على المضاف، واكتسب التذكير من المضاف إليه، أو أن الضمير ¬
لكل ما يفعل به عند عجز عنه شرعًا، سوى نجاسة على غير بدن، ولَبْث بمسجد لحاجة. ـــــــــــــــــــــــــــــ عائد على الماء، لكن بتقدير المضاف؛ أيْ: بطهارته، وهذا الأخير سلكه شيخنا في الحاشية (¬1)، فليراجع! * قوله: (لكل ما يفعل به)؛ أيْ: بالماء؛ أيْ: بطهارة الماء، من صلاة، ومس مصحف، وطواف، وسجود تلاوة وشكر، وقراءة قرآن للجُنُب، وغشيان الحائض إذا انقطع دمها وغير ذلك. وكتب على هذه القولة ما نصه: قوله: (من صلاة. . . إلخ) الجَرُّ بيان لما في كلام المص. [وبخطه: لو أُنث الضمير في قوله: "به"، لكان أنسب، ويمكن أن يجاب] (¬2). * قوله: (سوى نجاسة. . . إلخ) فإن النجاسة التي على غير البدن لا يصح التيمم لها، واللبث في المسجد للجنب للحاجة، لا يجب التيمم له، كما يجب أصله، وهو طهارة الماء، فالاستثناء أولًا: من حيث الصحة، وثانيًا: من حيث مفارقة البدل للمبدل في الوجوب، أما الجواز، فلا خلاف فيه، بل هو أولى، وإنما وقع الخلاف (¬3) في الوجوب، فاوجبه الموفق في المغني (¬4)، وخولف فيه (¬5)، ¬
وهو عزيمةٌ، يجوزُ بسفر المعصية، وشروطُه ثلاثة: دخولُ وقتٍ لصلاة، ولو منذورةً بمعيَّن، فلا يصح لحاضرةٍ وعيدٍ، ما لم يدخل وقتهما، ولا لفائتة إلا إذا ذكرها وأرادَ فعلَها، ولا لكسوفٍ قبل وجودِه، ولا لاستسقاءٍ ما لم يجتمعوا، ولا لجِنازةٍ إلا إذا غُسِّل الميتُ، أو يُمِّم لعذرٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وممن نص على جوازه المجد في شرحه (¬1). وبخطه: قوله: (سوى. . . إلخ) هذا [مستثنى من قوله "طهارة ماء" على حذف مضاف؛ أيْ: سوى تطهير، أو مستثنى منقطع] (¬2). * قوله: (لصلاة) صفة لوقت، متعلق بمحذوف. * قوله: (بمعين)؛ أيْ: بزمن معين. * قوله: (فلا يصح لحاضرة) المراد بالحاضرة المفروضة المعينة، غير الفائتة، كالظهر، والعصر مثلًا، لا ما دخل وقتها الذي هو المعنى الحقيقي؛ لأنه لا يلائم قوله: "ما لم يدخل وقتهما". * قوله: (وأراد فعلها) على الصحيح من المذهب (¬3)، ومقابله يكفي ذكرها. * قوله: (ما لم يجتمعوا)؛ أيْ: إذا كان يريد الصلاة معهم، إذ ليست الجماعة شرطًا فيها، أما لو أراد الصلاة وحده، فإنه لا يتوقف على الاجتماع. * قوله: (أو يُمم لعذر) ويعايا بها فيقال؛ شخص لا يصح تيممه، ¬
ولا لنفلِ وقت نهي. الثاني: تعذُّرُ الماءِ لعدمِه ولو بحبسٍ، أو قطعِ عدو ماء بلدِه، أو عَجْزٍ عن تناولِه ولو بفمٍ لفقد آلةٍ، أو لمرض مع عدم موضِّئ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حتى يُيَمِّمَ غيره (¬1). * مسألة: لو يُمِّمَ الميت والمصلون، ثم قبل الدخول في الصلاة، وجد ما يكفيه فقط بطل تيممه، وهل يبطل تيممهم؛ لأنه يصدق عليه حينئذٍ أنه وجد قبل طهارة الميت؟ الظاهر: نعم، وعموم قوله: "إذا غسل الميت" يشمل ذلك. * قوله: (ولا لنفل وقت نهي)؛ أيْ: وقت نهي عنه، كما في الإقناع (¬2) فيصح التيمم لركعتَي الفجر قبل الصبح؛ لأنه ليس (¬3) وقت نهي عنهما، وإن كان ذلك الوقت وقت نهي، وكذا ركعتا الطواف في كل وقت نهي. * قوله: (ولو بحبس)؛ أيْ: للماء عن المتيمِّم، بوضعه في مكان لا يصل إليه، أو حُبس المتيمِّم، عن الخروج في طلب الماء. * قوله: (أو عجز) عطف على "عدمه". * قوله: (لفقد آلة)؛ أيْ: تعذر استعمال آلة يتناول بها الماء، كمقطوع اليدين، وكالصحيح يفقد ما يستقي به، من حبل، أو دلو، أو نحوهما، ولا فرق في ذلك بين كونه مقيمًا، أو مسافرًا، سفرًا طويلًا، أو قصيرًا. * قوله: (مع عدم موضِّئ)؛ أيْ: أو مُغسِّل. ¬
أو خوفِ فوت الوقت بانتظاره، أو خوفِه باستعماله بُطءَ بُرءٍ أو بقاءَ شَينٍ، أو ضررَ بدنِه من جرح، أو بردٍ شديد، أو فوتَ رُفْقَةٍ أو مالٍ، أو عطشَ نفسِه أو غيرِه من آدميٍّ، أو بهيمةٍ محترمَين، أو احتياجَه لعجن أو طبخ، أو لعدم بذلِه، إلا بزيادةٍ كثيرة عادةً على ثمن مثله في مكانِه، ولا إعادةَ في الكلِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بانتظاره)؛ أيْ: انتظار من يوضيه، وكذا لو عجز عن صب الماء على نفسه في الغسل، ولم يجد من يصبه عليه. * قوله: (بُطء بُرْءٍ) وهل يعتبر في ذلك قول طبيب عارف، أو بمجرد خوفه على نفسه يباح له ذلك (¬1)؟. وبخطه؛ أيْ: أو حدوث نزلة، قاله في الإنصاف (¬2). * قوله: (محترمَين) قال في غاية المطلب (¬3): "وفي وجوب حبس الماء لتوقع عطش غيره، كخوفه عطش نفسه وجهان: الأَوْلَى يستحب، وهما في خوفه عطش نفسه بعد دخول الوقت" (¬4). * قوله: (إلا بزيادة كثيرة) اعتبروا هنا الكثرة، دون الإجحاف بالماء، وفي باب الكفارة اعتبروا الإجحاف، دون الكثرة، إذ لا يلزم من الإجحاف الكثرة، فقد تجحف الزيادة اليسيرة بمالِ مُقلٍّ، ولا يجحف الكثير، بمالِ ذي ثروة، لكن ¬
ويلزمُ شراءُ ماءٍ، وحبلٍ، ودَلْو بثمنِ مِثْلٍ، أو زائدٍ -يسيرًا- فاضلٍ عن (¬1) حاجته. واستعارتُهما، وقبولُهما عارية، وماءٍ قرضًا وهبةً، وثمنه قرضًا، وله وفاءٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال شيخنا: مرادهم في الكفارة، كون الزيادة كثيرة تجحف بماله، وفَرَّقَ بين البابين نقلًا عنهم، بأنهم لم يعتبروا هنا الإجحاف لمشقة التكرر، بخلاف الكفارة فإنها قد لا تقع بالمرة. * وقوله فيما بعده: (أو زائدٍ -يسيرًا-) قال الحجاوي في حاشية التنقيح (¬2): "شرط الزيادة اليسيرة، أن لا تجحف بماله، كما ذكره ابن نصر اللَّه (¬3) في حواشيه على المحرر". * قوله: (فاضل عن حاجته)؛ أيْ: من مأكل، ومشرب، وملبس، ومركوب. * قوله: (قرضًا)؛ أيْ: إذا بذل له، أما استقراضه فلا يلزمه، وإن لم يخف الموت. ¬
ويجب بذلُه لعطشانَ، ويُيمَّمُ ربُّ ماءٍ مات لعطشِ رفيقه، ويغرَّمُ ثمنَه مكانَه وقتَ إتلافِه. ومن أمكنَه أن يتوضأ به ثم يجمعَه ويشربَه لم يلْزَمْه، ومن قدر على ماء بئرٍ بثوبٍ يبلُّه ثم يعصُره لزمه، ما لم تنقص قيمتُه أكثرَ من ثمن الماء، ولو خافَ فوتَ الوقت. ومن بعضُ بدنِه جريحٌ أو نحوُه، ولم يتضرر بمسحه بالماءِ وجبَ وأجزأَ، وإلا تَيمم له ولما يتضرر بغسله ممَّا قرُبَ، وإن عجز عن ضَبْطِه، وقدرَ أن يستنيبَ لزمه. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويجب بذله لعطشان)؛ أيْ: محترم. * قوله: (رفيقه)؛ أيْ: المحترم. * تنبيه: لنا ميت، عنده ماء، طهور، مباح، ولييس غيره محتاجًا إليه في شرب ولا غيره، ومع ذلك وجب تيممه؟؛ وهو الرجل إذا مات بين نساء لا يباح لهن غسله، أو الخنثى إذا مات ولم تحضره أمة، فإنه ييمم وجوبًا، -كما سيذكره المص في غسل الميت (¬1) -. * قوله: (ويغرَّم ثمنَه مكانَه وقتَ إتلافِه)؛ أيْ: الكائن مكانه، والكائن وقت إتلافِه، فكلاهما صفة لثمنه، والمراد به القيمة. * قوله: (لزمه) ظاهره ولو أدى إلى كشف العورة، ولعله غير مراد. * قوله: (ولو خافَ فوتَ الوقت)؛ لأنه قادر على استعماله، كما لو كانت الآلة المعتادة حاضرة عنده. ¬
ويلزم من جرحه ببعضِ أعضاء وضوئه -إذا توضأ-: ترتيبٌ، فيتيممُ له عند غسلِه لو كان صحيحًا، وموالاةٌ فيعيدُ غَسْلَ الصحيح عندَ كلِّ تيمم، وإن وجدَ -حتى المحدثُ-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ترتيبٌ فيتيممُ. . . إلخ) فلو كان الجرح في الوجه، بحيث لا يمكنه غسل شيء منه، تيمم أولًا، ثم أتم الوضوء، وإن كان في بعض وجهه، خُيِّر بين غسل الصحيح منه، ثم يتيمم للجرح منه، وبين التيمم، ثم يغسل صحيح وجهه، ويتم الوضوء، وإن كان الجرح في عضو آخر، لزمه غسل ما قبل، ثم كان فيه على ذكرنا، وإن كان في وجهه ويديه ورجليه، احتاج في كل عضو إلى تيمم في محل غسله ليحصل الترتيب، فلو غسل صحيح وجهه، ثم تيمم له وليديه تيممًا واحدًا، لم يجزئه؛ لأنه يؤدي إلى سقوط الفرض عن جزء من الوجه واليدين في حالة واحدة، بخلاف التيمم عن جملة الطهارة، فإن الحكم له دونها، أما هنا فإنه ناب عن البعض، فاعتبر فيه ما اعتبر فيما ينوب عنه من الترتيب. * وقوله: (وموالاة فيعيد غسل الصحيح)؛ أيْ: حيث فاتت الموالاة، فإن كان الجرح في رجله مثلًا وتيمم له عند غسلها، ثم بعد زمن تفوت في مثله الموالاة خرج الوقت، بطُل تيممه وبطُلت طهارته بالماء (¬1)، لفوات الموالاة، فيعيد غَسْل الصحيح، ثم يتيمم عقبه، قاله في شرحه (¬2). وعورض بمسألة خلع الخف. وأجيب، وكلاهما في الحاشية (¬3)، فليراجع!. ¬
ماء لا يكفي لطهارته استعملَه ثم تيمم، ومن عَدِم الماء لزمه إذا خُوطب بصلاةٍ طلبُه في رَحْلِه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومن عَدِم الماء. . . إلخ) إن قيل: ظاهره لزوم الطلب، سواء تحقق العدم أو ظُن، مع أن المذهب أنه إذا تحقق العدم، لا يلزمه طلب، كما يدل عليه قوله بعدُ: "ما لم يتحقق عدمه"، إذ لا فائدة في ذلك، فكان الظاهر أن يقول: ومن ظن عدَم الماء. . . إلخ. قلنا: ما ذكرته من الدليل، شاهد لصرف (¬1) العبارة عن هذا الإطلاق، وتخصيصه بمسألة الظن، وإلا لقال فيما يأتي: لأن تحقق عدمه منتفٍ. مص. وأجاب الشيخ مص بحمل قوله: "عَدِم الماء" على انعدامه من يده، وحمل قوله: "ما لم يتحقق عدمه" على تحقق العدم من ذلك المحل فلا إشكال. وبخطه أيضًا: عبارة الإقناع (¬2): "ومن عَدِم الماء، وظن وجوده، أو شك ولم يتحقق عدَمه، لزمه طلبه"، إلى أن قال: "ووقت الطلب بعد دخول الوقت"، انتهى، وهي (¬3) أحسن من عبارة المص، وكان عليه أن يزيد: وأراد الصلاة، إلا أن يجاب بما يأتي، أو يقال: إنه قبل الإرادة، واجب وجوبًا موسعًا، وبعدها تنجيزي. * قوله: (إذا خُوطب بصلاةٍ) لعله: وأراد فعلها، على حد ما تقدم في قوله: "ويجب بحدث". ¬
وما قُربَ عادةً ومن رفيقِه ما لم يتحقق عدَمه، ومن تيمم، ثم رأى ما يشكُ معه في الماء لا في صلاة، بطل تيممهُ. فإن دلَّه عليه، ثقةٌ، أو علمه قريبًا عرفًا، ولم يخف فوتَ وقتٍ -ولو للاختيار، أو رُفْقةٍ أو عدو، أو مال، أو على نفسِه، ولو فساقًا غير جبانٍ، أو مالِه- لزمه قصدُه، وإلا تيمم. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومن رفيقِه) قال في الشرح الكبير (¬1): "المراد الرفيق الذي يدل عليه؛ أيْ: لا يستحي من سؤاله". * قوله: (ومن تيمم)؛ أيْ: لعدَم الماء، لا مطلقًا. * قوله: (في الماء) متعلق بـ "يشك"، والمعنى: ثم رأى ما يشك في وجود الماء معه؛ أيْ: عند رؤيته. * قوله: (لا في صلاة) وهل هو قيد، أو مثله الطواف، قياسًا على ما يأتي؟ توقف فيه الشيخ منصور -رحمه اللَّه تعالى-. * قوله: (قريبًا) متعلق بكل من "دلَّه"، "وعَلِمَه"، لكن ليس حالًا، لأنه لا يجوز التنازع فيها. * قوله: (أو عدو)؛ أيْ: فَوت العدو الذي هو قاصد إدراكه، بأن كان غرضه الظفر بذلك العدو، ويخاف فَوته، وأما خوفه من العدو، فهو المشار إليه بقوله "أو على نفسِه. . . إلى آخره". * قوله: (لزمه) جواب (إن). * قوله: (وإلا تيمم). . . . . . ¬
ولا تيممَ لخوفِ فوتِ جنازةٍ، ولا وقتِ فرضٍ إلا هنا، وفيما إذا وصل مسافرٌ إلى ماء، وقد ضاقَ الوقتُ أو عَلِمَ أن النوبةَ (¬1) لا تصلُ إليه إلا بعده. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في شرحه (¬2): "أيْ: لم يلزمه قصده، بأن خاف شيئًا من هذه الأشياء". * قوله: (ولا يتيمم لخوف فَوت جنازة)؛ أيْ: مطلقًا. * قوله: (إلا هنا) قال في شرحه (¬3): "أيْ: في الصورة المتقدمة، وهي ما إذا كان الماء قريبًا، وخُشي إن قصده خروج الوقت قبل وصوله، والطهارة به". * قوله: (وفيما إذا وصل مسافر. . . إلخ) يقتضي أن ما قبله في غير المسافر، أو الأعم، وهو مخالف لما في كلام الأصحاب (¬4)، ولو قال كما في الإقناع (¬5): "ولا يصح التيمم خوف فَوت جنازة، ولا عيد، ولا مكتوبة، إلا إذا وصل مسافر إلى ماء وقد ضاق الوقت، أو علم. . . إلى آخره"، لكان أقعد، وأحسن، فتأمل! * قوله: (وقد ضاقَ الوقتُ. . . إلخ) قال في الحاشية (¬6): "وعلم منه أنه لو وصل إليه وأمكنه الصلاة به في الوقت، فأخَّر حتى خُشي الفوات، فكالحاضر؛ لأن قدرته تحققت فلا يبطل حكلمها بتأخيره، قاله المجد" (¬7)، انتهى. ¬
ومن ترك ما يلزمُه قبولُه، أو تحصيلُه من ماءٍ وغيرهِ، وتيمم، وصلى، أعاد. ومن خرج لحرْثٍ، أو صيْدٍ ونحوِه، حمله إن أمكنه، ويتيمم إن فاتتْ حاجتُه برجوعِه، ولا يعيد. ومن في الوقتِ أراقَه، أو مرَّ به وأمكنه الوضوءُ ويعلمُ أنه لا يجدُ غيرَه، أو باعَه، أو وهبه، حرُم ولم يصح العقدُ، ثم إن تيمم وصلى لم يُعِد. ـــــــــــــــــــــــــــــ أقول: انظر الفرق بين هذه المسألة، والمسألة الآتية في قوله: "ومن في الوقت أراقه، أو مَرَّ به وأمكنه الوضوء. . . إلخ"، فليحرر ذلك! وقد يفرق بينهما: بإمكان استعمال الماء الآن في هذه، دون ما يأتي من مسألتَي الإراقة، والمرور (¬1). * قوله: (أعاد) أي: وأثِمَ إن علم عدم صحة التيمم. * قوله: (أو باعه أو وهبه) أي: لغير محتاج للشرب، لوجوب بذله حينئذ. * قوله: (وصلى لم يعد) أي: ما لم يكن قادرًا على استرداده من المشتري، أو المتهب ولم يستخلصه منه، وليس للمشتري، ولا المتهب استعمال ذلك الماء، لأنه مقبوض بعقد فاسد، فهو كغصب، ولا تصح عبادته لو (¬2) استعمله في شرطها، ¬
ومن ضلَّ عن رحْلِه وبه الماءُ وقد طلَبه، أو عن موضعِ بئرٍ كان يعرفها، فتيمم، أجزأه، ولو بان بعدُ بقربه بئرٌ خفيةٌ لم يعرفها، لا إن نسيه، أو جهله بموضعٍ يمكنُه استعمالُه، وتيمم كمُصلٍّ عريانًا، ومكفرٍ بصوم ناسيًا للسترةِ، والرقبةِ. ويُتيمم لكلِّ حدثٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ما لم يكن جاهلًا بالحال، فإن خالف وأتلفه، لزمه بدله لا قيمته، لأن الماء مثلي، وقلنا بلزوم القيمة في مسألة الميت على خلاف القياس، فلا يقاس عليها، قاله شيخنا (¬1). * قوله: (أو عن موضع بئر كان يعرفها) ظاهره ولو كانت بقربه، وظاهره أيضًا ولو ظَاهِرَة في نفسها، لكن أعلامها غير ظاهرة، ومنه تعلم أن عدم الإعادة في المسألة الآتية (¬2) أوْلَوِيٌّ؛ لأنه إذا كان لا يلزمه الإعادة في مسألة سبق المعرفة، وظهور البئر وقربها، لكن ضل عنها ولو كانت قريبة منه، فبالأولى إذا كانت خفية، وكان لا يعرفها ثم بانت، ولذلك سوى بينهما في الإقناع (¬3) حيث قال: "فأما إن ضل عن رحله وفيه الماء، وقد طلبه، أو كانت أعلام البئر خفية، ولم يكن يعرفها، أو كان يعرفها وضل عنها (¬4)، فإن التيمم يجزئه، ولا إعادة عليه". * قوله: (ناسيًا) فقولهم: إن النسيان عذر، ليس على إطلاقه. ¬
ولنجاسةٍ (¬1) ببدنٍ لعدمِ ماءٍ أو ضررٍ، ولو من بردٍ حضرًا بعد تخفيفها ما أمكن لزومًا، ولا إعادة. وإن تعذر الماءُ والترابُ لعدمٍ، أو قروحٍ لا يستطيعُ معها مسَّ البشرةِ ونحوِها صلَّى الفرض فقط على حسب حالِه، ولا يزيدُ على ما يُجزِي، ولا يؤمُّ متطهرًا بأحدهما. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولنجاسة) أعاد الجار، إشارة لخلاف الأئمة الثلاثة (¬2). * قوله: (ونحوها)؛ أيْ: الفروج. * قوله: (صلَّى الفرض فقط) انظر قوله: "فقط" هل هو راجع لكل من "صلَّى"، و"الفرض" فلا يجوز له قراءة القرآن، ولا مس المصحف، ولا الطواف؟، أو راجع للفرض فحسب، كما هو صريح صنيع الشيخ في شرحه (¬3)، ويقال: إنه يباح له الطواف، ولو قلنا بلزوم التطهير له للعذر؟، والثاني مشكل جدًّا، مع أنه يمكن الفرق بين الصلاة والطواف بأن وقت الطواف، متسع بخلاف الصلاة. * قوله: (ولا يزيد) قال في شرحه (¬4) على ما في بعض النسخ "إن كان جُنبًا"، وتوقف شيخنا (¬5) في فائدة هذا القيد بالنسبة إلى غير القراءة. ¬
ولا إعادةً، وتبطلُ بحدث ونحوه فيها. وإن وجد ثَلْجًا، وتعذَّرَ تذويبُه مسح به أعضاءَه -لزومًا- وصلى، ولم يُعِد إن جرى بمسٍّ. الشرطُ الثالثُ: ترابٌ طهورٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ونحوه) كطُرُوِّ نجاسة غير معفو عنها. * قوله: (إن جرى بمسٍّ) مفهومه أنه إذا لم يجر بمسٍّ، تلزمه الإعادة، وفيه نظر؛ لأنه ليس أقوى من عادم الطهورين، مع أنه لا إعادة فيها، وقد يفرق بأن الواجب عليه إذا لم يجر بمسٍّ التيمم معه، فإذا ترك التيمم مع القدرة عليه لا يكون كفاقد الطهورين، بل هو واجد لأحدهما وقد تركه. * قوله: (الشرطُ الثالثُ ترابٌ. . . إلخ) جَعْلُهم الترابَ ذا الغبارِ شرطًا في صحة التيمم، يقتضي عدم صحة التيمم على نحو الثوب، أو الحصير إذا كان هناك غبار، مع أنه لم يعرف قائل به من الأصحاب، فكان الظاهر أن يجعلوا الشرط غبار التراب، لا التراب ذا الغبار، لفساده كما ترى. وقد يجاب بأن مراده الإشارة إلى خلاف من جَوَّز التيمم على كل ما صعد على وجه الأرض من جنسها (¬1). ثم كتب ما نصه: "وأيضًا هو عَرَّف التيمم بأنه: "استعمال تراب. . . إلخ" (¬2)، فجَعَل التراب جزءًا من التعريف، فيكون من ماهية المعرف، وما كان جزءًا من ¬
1 - فصل
مباحٌ غيرُ محترقٍ يعلق غُبارُه، فإن خالطه ذو غبارٍ غَيَّرَه، فكَماءٍ خالَطَه طاهرٌ. * * * 1 - فصل وفرائضُه: مسحُ وجهِه سوى ما تحت شعرٍ ولو خفيفًا وداخلِ فمٍ وأنفٍ، ويُكره. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الماهية، كيف لا (¬1) يصح جعله شرطًا لها، مع أن الشرط خارج، وهل هذا إلا تناقض! فلعل المراد طهورية تراب، وإباحته، وكونه ذا غبار، نظير ما سلكه في كل من الوضوء، والغسل. * قوله: (غير محترق)؛ أيْ: لم تمسه النار؛ لأن (¬2) الاحتراق هو الخروج عن حد الاستواء بزيادة النار، أو المكث فيها، ولا يشترط ذلك في عدم إجزاء التيمم به. * قوله: (فكَماءٍ خالَطَه طاهرٌ) قال شيخنا (¬3): "في صحة الاستعمال وعدمه لا في كونه يسمى طاهرًا أو طهورًا". فصل * قوله: (مسحُ وجهِه)؛ أيْ: جميع وجهه، بدليل الاستثناء؛ فإنه معيار العموم. * قوله: (وداخلِ فمٍ) عطف على المستثنى، لا على المستثنى منه، وإن توافقا ¬
ويديْه إلى كوعَيه، ولو أمرَّ المحلَ على ترابٍ، أو صمدَه لريحٍ، فعمَّه ومسحه به صح لا إن سفَتَه (¬1) فمسحه به، وإن تيمَّمَ ببعضِ يدِه (¬2)، أو بحائلٍ، أو يمَّمَه غيرُه: فكوضوء. وترتيبٌ. وموالاةٌ لحدث أصغرَ، وهي [هنا] بقدِرها في وضوء. ـــــــــــــــــــــــــــــ في الإعراب، لما تقدم (¬3) نقلًا عن "شرح الإقناع" (¬4) لشيخنا، من أن الواجب لا يكون مكروهًا، فقوله هنا: "ويكره" معين للمراد. * قوله: (ويديْه إلى كوعَيه) فإن بقي شيء في محل الفرض لم يصل إليه التراب أمرَّ يده عليه، إن لم يفصل راحته، فإن فصلها وقد بقي عليها غبار جاز أيضًا أن يمسحها أو ضرب ضربة أخرى. * قوله: (أو صمدَه) كَنَصَرَ. * قوله: (أو يممه غيره) هذه المسألة تقدمت (¬5) صريحًا في قوله "ومن وضئ أو غسل أو يمم بإذنه ونواه صحَّ، لا إن أُكرِه فاعلٌ" فَذِكْرُها هنا مجرد تتميم، فتدبر!. * قوله: (وترتيب وموالاة لحدث أصغر)؛ أيْ: ولو مع حدث أكبر، بخلاف الغسل فيما يظهر، وإذا نوى استباحة أمر يتوقف على وضوء وغسل وإزالة نجاسة أجزأه عن ذلك، وإذا نوى حدثًا وأطلق لم يجزئه عن شيء. ¬
وتعيينُ نيةِ استباحةِ ما يتيمم له: من حدثٍ أو نجاسةٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه: وهذا أولى من عبارة الإقناع (¬1) حيث قال: "وترتيب وموالاة لغير حدث أكبر"، فيفهم منه أنه يجب في النجاسة التي على البدن: الترتيب، والموالاة. * قوله: (وتتعين) في نسخة (وتعيين)، وعليها شرح شيخنا (¬2). * قوله: (من حدث) متعلق بقوله "يتيمم"، لا بيان لـ "ما"، ولا تفسير للضمير في قوله "له"، وجعله شيخنا (¬3) متعلقًا بقوله "استباحة". ويحتمل أن اللام في "له" مستعملة في حقيقتها ومجازها، وهو كونها بمعنى "من"، ويكون قوله "من. . . إلخ" بيان لـ "ما" باعتبار المجاز (¬4)، لا الحقيقة، ولم تحمل اللام على معنى "من" فقط للقصور. ويحتمل أن تكون "مِن" متعلقة باستباحة وهو ظاهر وهو الذي أثبته شيخنا في الحاشية (¬5). وبخطه أيضًا: لو أسقط البيان، لشمل التيمم لجرح بعض الأعضاء. * قوله: (أو نجاسة) "أو" هنا لمنع الخلو، فيجوز الجمع. وهل تجب التسمية في التيمم لها؟ قال الشارح في حاشيته على الإقناع (¬6): ¬
فلا يكفي أحدهما، ولا أحدُ الحدثين عن الآخرِ، وإن نواهما أو أحدَ أسبابِ أحدِهما أجزأ عن الجميع. ـــــــــــــــــــــــــــــ "وقياس النية التسمية"، لكن عبارة الشارح -يعني صاحب الشرح الكبير (¬1) - "التسمية واجبة في طهارة (¬2) الحدث كلها الغسل، والوضوء، والتيمم" فهذا ربما (¬3) يؤخذ منه أنها لا تجب في تيمم نجاسة، انتهى، فليراجع (¬4)!. * قوله: (عن الآخر) وهل إذا تيمم للحدثَين معًا يسقط الترتيب والموالاة؟ قال شيخنا (¬5): "لم أر من تعرض لذلك، وظاهر التعليل الذي اقتضاه التشبيه، أنهما لا يسقطان؛ لأنهم قالوا: إذا اندرج الأصغر في الأكبر سقط الترتيب، والموالاة كالعمرة في الحج، فيقتضي أنهما إنما سقطا لكون الغسل أكثر أفعالًا من الوضوء، وههنا فِعلاهما متساويان". وبخطه: وكذا لو كان التيمم عن جرح في عضو من أعضائه، فلا بد أن ينوي التيمم عن غسل ذلك العضو. * قوله: (أو أحدِ أسباب أحدِهما) لعله لا على أن لا يستبيح به غيره، على قياس ما سبق في الوضوء. * قوله: (أجزأ عن الجميع) جَعْلُه ذلك جوابًا؛ لـ"إن" التي من جملة شرطها ¬
ومن نوى شيئًا استباحه ومثلَه ودونَه، فأعلاه: فرضُ عين، فنذرٌ، فكفايةٌ، فنافلةٌ، فطوافُ نفلٍ، فمسُّ مصحفٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ما لو نوى أحد أسباب أحد الحدثَين، الصادق بأحد أسباب الأصغر مشكل، لاقتضائه إجزاء نية أحد أسباب الحدث الأصغر عن الأكبر، ولعل قوله "عن الجميع" كالمشترك المعنوي؛ أيْ: عن جميع الحدثَين في الأولى، وعن جميع الأسباب في الثانية. * قوله: (فنذرٌ) قال المجد في شرحه (¬1) "لو تيمم للحاضرة ثم نذر في الوقت صلاة لم يجز فعل المنذورة". * قوله: (فنافلةٌ) ظاهره أن الراتبة، وغيرها في مرتبة واحدة. * قوله: (فطواف. . . إلخ) لم يبين محل طواف الفرض، وكلامه في المبدع (¬2) يقتضي أن يكون بعد نافلة الصلاة، حيث قال: "ويباح الطواف بنية النافلة في الأشهر، كمس المصحف، قال الشيخ تقي الدين (¬3): ولو كان الطواف فرضًا، خلافًا لأبي المعالي (¬4) (¬5)، ولا تباح نافلةٌ بنية مس مصحف، وطواف في ¬
فقراءةٌ فلَبثٌ، وإن أطلقها لصلاةٍ، أو طوافٍ لم يفعل إلا نفلهما. وتسميةٌ فيه كوضوء. ويبطلُ حتى تيممُ جنبٍ -لقراءةٍ، ولَبثٍ-، وحائضٍ -لوَطء- بخروجِ الوقتِ كطواف وجنازةٍ ونافلةٍ، ونحوِها، ونجاسةٍ، ما لم يكن في صلاة جمعة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأشهر"، هذا كلام شيخنا في الحاشية (¬1)، ومقتضاه أنه إذا تيمم للطواف مطلقًا، لا يستبيح به صلاة ركعتَين. * قوله: (فلبث) وينبغي أن التيمم لوطء الحائض بعد اللبث، وهل النفساء مثله، أو بعده؟ وسَوَّى بينهما في الشرح (¬2). * قوله: (وتسمية فيه كوضوء) تجب في الذكر، وظاهره ولو لنجاسة ببدن، وتسقط بالسهو، فإن ذكرها في بعضه ابتداء. * قوله: (ونحوها) كسجود التلاوة والشكر. * قوله: (ما لم يكن في صلاة جمعةٍ)؛ لئلا يلزم عليه فوات الجمعة؛ لأنها لا تقضى، ولو كان المتيمم زائدًا عن العدد المعتبر وهل إذا فرغ من صلاتها يبطل أو لا؟ توقف فيه شيخنا، ثم استظهر البطلان (¬3). وهل إذا زالت الشمس وهو في صلاة العيد يبطل تيممه أو لا يبطل قياسًا على ما هنا؟ الظاهر أنه يبطل، ويفرق بينهما، بأن العيد يمكن إعادتها في الجملة، بخلاف ¬
أو ينوِ الجمعَ في وقت ثانيةٍ، فلا يبطل بخروج وقتِ الأولى، وبوجودِ ماءٍ, وزوالِ مبيحٍ، ومبطلِ ما تيمم له. وخلعِ ما يمسح إن تيمم وهو عليه، لا عن حيضٍ ونفاسٍ بحدثِ غيرهما. وإن وجد الماء في صلاةٍ، أو طوافٍ بطلًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الجمعة، وقد يقال: الجمعة لها بدل. * قوله: (في وقت ثانية) الظرف متعلق بالجمع لا بـ "ينو"، ومفهوم كلامه أنه لو نوى الجمع في وقت الأولى، ثم أخَّر الصلاة حتى خرج الوقت وهو في الصلاة، أو قبل الصلاة، أنه يبطل. * قوله: (ما تيمم له)؛ أيْ: عنه من وضوء، وغسل. * قوله: (وإن وجد الماء في صلاة. . . إلى آخره) ليس هذا (¬1) مناقضًا لقوله فيما سبق "لا في صلاة"؛ لأن تلك مفروضة في حالة رؤية ما يشك معه في وجود الماء، وقد يوجد، وهذه مفروضة في حالة وجود الماء تحقيقًا، وفرق بينهما. وبخطه أيضًا على قوله: (في صلاة) عمومه يشمل الجمعة، ولعله مراد، ويفرق بين ما هنا وبين (¬2) ما تقدم فيما إذا خرج الوقت وهو في الصلاة حيث استثنوا الجمعة (¬3)، وقد يؤخذ الفرق من تعليلهم، حيث قالوا هناك: لأنها لا تقضى، يعني وأما هنا فالوقت باقٍ، فيمكن تداركها بأن يتطهر، ويدرك الجماعة، ما لم يكن من العدد المعتبر، وإلا استأنفوا جميعًا، لبطلان صلاتهم ببطلان صلاته، فتدبر!. * قوله: (بطلَا)؛ أيْ: الصلاة، والطواف، فيتوضأ إن كان محدثًا، ويغتسل ¬
وإن انقضيا لم تجبْ إعادتُهما وفي قراءةٍ ووطءٍ ونحوِهما يجب التركُ، وُيغسَّل ميتٌ ولو صُلي عليه، وتعادُ. وسُنَّ لعالمٍ وراجٍ وجودَ الماء، أو مستوٍ عنده الأمران: تأخيرُ التيمم إلى آخر الوقت (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ إن كان جُنُبًا، ويستأنف. * قوله: (ووطء)؛ أيْ: وطء حائض تيممت ليعدم الماء، ثم وجد حالة الوطء. * قوله: (ونحوهما) كلبث بمسجد. * قوله: (تعاد)؛ أيْ: وجوبًا فيما يظهر، ولو كانت الأولى بوضوء، وهل إذا صُلِّي عليه بغير تكفين لعدمٍ، ثم وجد بعد ذلك ما يكفن به تعاد أم لا؟، توقف فيه شيخنا. * قوله: (وسُنَّ. . . إلى آخره) وعن أبي حنيفة، وأبي يوسف (¬2) في غير رواية الأصول: أن التأخير واجب (¬3)، وعن الإمام مالك: أن المندوب أن يتيمم في وسط الوقت (¬4). ¬
وصفتُه: أن ينويَ، ثم يسميَ، ويضربَ التراب بيديْه مُفرجتَي الأصابع ضربةً يمسح وجهَه بباطنِ أصابعه، وكفَّيْه براحتيْه. وإن بُذِلَ، أو نُذر، أو وُقف، أو وُصِّي بماء لأَوْلى جماعة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أن ينوي. . . إلخ)؛ أيْ: استباحة ما تيمم له، مع تعيين ما تيمم عنه. * قوله: (ضربة)؛ أيْ: واحدة، ولو كان التراب ناعمًا فوضع يديه من غير ضرب، فعلق بيديه أجزأه، واستحب القاضي، وغيره (¬1) ضربتَين (¬2)، واحدة لوجهه، وأخرى ليديه إلى مرفقيه. * قوله: (وكفَّيه)؛ أيْ: ظاهر كفَّيه، على ما في المحرر (¬3)، أما باطن الأصابع فقد سقط مسحُها عند مسح الوجه. ولابن عقيل هنا إشكال (¬4) حيث قالوا بوجوب الترتيب وسقوط مسح باطن الأصابع مع الوجه، وقد تكلفوا (¬5) للجواب (¬6) عنه بأنه قد وجد الترتيب في الجملة. وبخطه أيضًا: وفي الرعاية (¬7) "لو مسح وجهه بيمينه ويمينه بيساره أو عكس وخلل أصابعه فيهما صحَّ". ¬
قُدِّم غَسلُ طيبِ مُحْرِمٍ، فنجاسةِ ثوبٍ، فبقعةٍ، فبدنٍ، ثم ميتٌ، فحائضٌ، فجنبٌ، فمحدثٌ، إلا إن كفاه وحدهَ فيقدَّمُ على جنبٍ، ويقرعُ مع التساوى، وإن تطهَّر به غيرُ الأَوْلى أساء، وصحَّتْ، والثوبُ يصلي فيه، ثم يُكفَّنُ به. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (قُدِّم غَسلُ طيبِ مُحْرِمٍ) نقل شيخنا فى حاشيته (¬1) في باب الفدية عن الإنصاف (¬2) ما نصه: "وإن كان الماء لا يكفي الوضوء، وغُسْلَه، غسل به الطيب، وتيمم للحدث؛ لأن للوضوء بدلًا، ومحل هذا إذا لم يقدر على قطع الرائحة بغير الماء، فإن قدر على ذلك فعل، وتوضأ بالماء؛ لأن القصد قطعها"، انتهى. * قوله: (أساء وصحَّت)؛ أيْ: حرم، قال المص في مختصر التحرير (¬3) في فصل الحرام: "ويسمى محظورًا، وممنوعًا، ومزجورًا، ومعصية، وذنبًا، وقبيحًا، وسيئة، وفاحشة، وإثمًا، وحرجًا، وتحريجًا، وحجرًا، وعقوبة"، انتهى. وصرح به في غاية المطلب (¬4) حيث قال: "أجزأ مع الإثم"، انتهى. * قوله: (والثوب يصلي فيه ثم يكفن به) قال في الإنصاف (¬5): "لو اجتمع حي وميت لا ثوب لهما، وحضر وقت الصلاة، فبذل ثوب لأَوْلَاهُما به صلى فيه الحي، ثم كفن فيه الميت في وجه، وهو الصواب"، ثم قال: "لو احتاج حي لكفن ميت، لبرد ونحوه -زاد المجد وغيره: إن خشي التلف- فالصحيح من المذهب ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنه يقدم على الميت، قال في الفروع (¬1): ويقدم في الأصح من احتاج كفن ميت لبرد ونحوه، وقيل: لا يقدم، وقال ابن عقيل، وابن الجوزي: يصلي عليه عادم السترة في إحدى لفافتيه، قال في الفروع (¬2): والأشهر عريانًا، كلفافة واحدة يقدم الميت بها، ذكره في الكفن"، انتهى. * * * ¬
10 - باب إزالة النجاسة الحكمية
10 - باب إزالة النجاسة الحكمية يُشترَطُ لكلِّ متنجسٍ حتى أسفلِ خفٍّ وحذاءٍ، وذيلِ امرأة: سبعُ غسلاتٍ إن أنْقَت، وإلا فحتى ينقى بماء طهورٍ مع حتٍّ وقرصٍ لحاجة -إن لم يتضرر المحلُّ-، وعصرٍ مع إمكان فيما تشرَّب. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إزالة النجاسة الحكمية * قوله: (يشترط لكل متنجس)؛ أيْ: لتطهيره بمعنى طهارته. * قوله: (فحتى تنقَّى)؛ أيْ: فيزاد حتى تنقَّى. * قوله: (بماء) متعلق بـ "غسلات". * قوله: (طهور) ولو غير مباح، كما تقدم (¬1). * قوله: (وقَرص) القرص بالمهملة: الدَّلْك بأطراف الأصابع والأظفار، مع صب الماء عليه حتى يذهب أثره (¬2). * قوله: (وعصر) قيل: رفعُه أولى، لنكتة معنوية، وهي أن الحتَّ لا يشترط إلا بقدر الحاجة، ولو في واحدة من السبع، بخلاف العصر، فإنه معتبر مع كل واحدة مطلقًا، وقد يقال: إن المص أشار إلى هذا بتقييد الحتِّ والقرص بقوله: "لحاجة"، ¬
كلَّ مرةٍ خارجَ الماءِ، وإلا فغسلةٌ (¬1) يُبْنَى عليها، أو دقةً، وتقليبه، أو تثقيله. وكونُ إحداها في متنجسٍ بكلبٍ أو خنزيرٍ، أو متولِّدٍ من أحدهما بتراب طهورٍ يستوعبُ المحلَّ، إلا فيما يضرُّ فيكفي مسماه، ويُعْتبرُ مائعٌ يوصلُه إليه، والأُولى أَولى، ويقومُ أُشْنَانٌ (¬2) ونحوهُ مقامَه ويضرُّ بقاءُ طعمٍ، لا لونٍ، أو ريحٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقوله: "إن لم يتضرر المحل" والإطلاق في العصر حيث أخره عن ذلك القيد، ثم أعقبه بقوله: "كل مرة خارج الماء. . . إلخ". * قوله: (وكون أحدها في متنجس. . . إلخ) عمومه يشمل الأرض وما في حكمها، لكنه ليس مرادًا، كما يأتي (¬3). * قوله: (طهور)؛ أيْ: لا طاهر، لضعف قوته. * قوله: (مائعٌ)؛ أيْ: ماء طهور، لا كل مائع. * قوله: (ويقوم أُشنان ونحوه مقامه) يطلب الفرق بين الأُشنان ونحوه، وبين التراب الطاهر، مع أن الظاهر أن الطاهر أولى من غير التراب، وقد يقال: إن التراب الطاهر ضعفت قوته باستعماله في نحو التيمم، بخلاف الأُشنان ونحوه، فإنه باقٍ على صفته الأصلية، فتدبر!. ¬
أو هما عجزًا، وإن لم تزل النجاسةُ إلا بملحٍ أو نحوه مع الماءِ لم يَجِبْ، ويحرُمُ استعمالُ مطعومٍ في إزالتِها. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (عجزًا) ظاهر كلام الشارح (¬1) فيما سيأتي أن قوله: "عجزًا" هنا راجع لِلَّون، أو الريح (¬2) انفرادًا، واجتماعًا، وتبعه شيخنا في الحاشية (¬3). * قوله: (لم يجب) بل هو حسن، على ما في الإقناع (¬4). * قوله: (يغسل عدد ما بقي بعدها). قال شيخنا في الحاشية (¬5): "والظاهر أن ما تنجس بالغسلة السابعة؛ أيْ: إذا انفصلت متغيرة، أو غير متغيرة، لكن عن محل لم يحكم بطهارته، يغسل حتى ينقَّى بغير عدد، كالمحل الأول"، انتهى. قال في تعليله: "لأن المنفصل بعض المتصل". أقول: هذه العلة منقوضة بمسألة المجد التي نقلها في الحاشية (¬6)، وهي ما لو انفصل من نجاسة الأرض إلى ثوب، أو بدن فإن المجد قال: "إن وقع ذلك أوْجَبْنا غسله سبعًا، وإن لم يجب فيه ذلك، ما دام على المحل الأول" (¬7) (¬8)، ¬
ويُغْسلُ بخروجِ مذيٍ ذكرٌ وأنثيان: مرةً، وما أصابَه: سبعًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ ومنقوضة أيضًا بعكس مسألة المجد، وهو ما لو انفصل من نجاسة الثوب، أو البدن شيء بالأرض، فإنه يكفي فيه الغمر، ولا يعتبر له العدد، مع أنه لو دام على المحل الأول لاعتبر له السبع، فليحرر!. ويمكن أن يقال: المراد أن المتصل محكوم عليه بكونه نجسًا، والمنفصل بعضه، فيجب تطهيره، ولو أوجبنا فيه السبع، للزم وجوب أربع عشرة غسلة على التعيين في نجاسة واحدة، ولا نظير له، فوجب إلغاء اعتبار العدد، وغسله حتى تنقَّى، وليس المراد أن للمنفصل حكم المتصل من كل وجه، حتى ترد مسألة المجد وعكسها. * قوله: (ويغسل بخروج مَذي ذَكر وأُنثيان مرة) لا يقال هذا مكرر مع ما سبق (¬1) في الثاني من أقسام المياه؛ لأنه لم يذكر هناك عدد غسل الذكر والأنثيين، ولا ما أصابه المَذي، وصرح بهما (¬2) هنا، ففيه زيادة فائدة. وأيضًا ذكره هناك في معرض بيان حكم الماء، وهنا في بيان الغسل؛ لأن له شبهًا بإزالة النجاسة؛ لأن سببه خروج النجَس، وإن لم يكن إزالة نجاسة حقيقة. وأيضًا ذكره هناك لأجل غسل الذكر والأنثيين من خروج المَذي، وذكره هنا لبيان وجوب غسل ما أصابه المَذي؛ لأنه من أنواع النجاسة. وبخطه: وهل إذا ترك الغُسل وصلَّى صلاته صحيحة أم لا؟ قال شيخنا (¬3): "لم أر من تعرض له، والظاهر الصحة، ولو كان الترك عمدًا". ¬
ويجزئ في بولِ غلامٍ لم يأكل طعامًا لشهوةٍ: نضحُه؛ وهو: غمرُه بماءٍ, وفي صخْرٍ، وأجْرِنةٍ (¬1)، وأحواض. وأرضٍ تنجست بمائع ولو من كلبٍ وخنزير، مكاثرتُها بالماء حتى يذهبَ ليونُ نجاسةٍ وريحُها ما لم يعجز. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (في بول كلام) قال الحجاوي (¬2): "وقيئه كذلك، بل هو أخف (¬3) من بوله". * قوله: (وأجْرِنة وأحواض)؛ أيْ: كبار، أو مبنية مطلقًا. * قوله: (مكاثرتها بالماء) ولا تتوقف على تراب في المذكورات، كما صرح به والد المص في حواشي المحرر، نقلًا عن المبهج (¬4)، فعموم ما سلف ليس مرادًا. * قوله: (ما لم يعجز)؛ أيْ: عن إذهابها، أو إذهاب أحدهما، قاله في شرحه (¬5). وهذا يقتضي أن قوله في المتن فيما سبق (¬6): "عجزًا" راجع لكل من قوله: "لا لون، أو ريح، أو هما"، لا لخصوص قوله "هما"، وتبعه في ذلك شيخنا فى الحاشية (¬7) حيث قال فيما سبق قوله: "لا لون. . . إلخ"؛ أيْ: فيحكم بطهارة المحل على الصحيح من المذهب (¬8)، ولو بقي اللون، والريح عجزًا"، انتهى. ¬
ولو لم يَزُل فيهما. ولا يطهر دهنٌ، ولا أرضٌ اختلطتْ بنجاسةٍ ذاتِ أجزاءٍ، ولا باطنُ حبٍّ، وإناءٍ, وعجينٍ ولحمٍ تشرَّبها، ولا سكينٌ سُقِيَتْها بغسل، ولا صقيلٌ بمسح، ولا أرضٌ بشمس، وريحٍ، وجفافٍ، ولا نجاسةٌ بنار، فرمادُها نجسٌ، ولا باستحالةٍ فالمتولِّد منها: كدودِ جُرْحٍ، وصراصيرُ كُنْفٍ، نجسةٌ، إلا علقةً يُخلق منها طاهر، وخمرةً انقلبت. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولو لم يزل فيهما)؛ أيْ: في صورة الغلام، والصخر وما بعده. * قوله: (وإناء) يحتمل رفعه عطفًا على "دهن" على معنى: ولا يطهر إناء؛ أيْ: لا ظاهره، ولا باطنه، وهو الموافق لحكم السكين، ولما في المبدع (¬1) والإقناع (¬2)، وشرح شيخنا للمنتهى (¬3)، ويطلب الفرق بينه وبين الآجر. ويُحتمل جرُّه، كما فعل في شرحه (¬4)، حيث قدَّر "ولا باطن إناء"، ومفهومه أن ظاهره يطهر، فيطلب الفرق بينه وبين السكين إذا سُقيتها، تأمل!. * قوله: (ولا أرض بشمس. . . إلخ) مفهومه أن غير الأرض يطهر بذلك، وليس مرادًا (¬5)، وإنما أفردها بالنص؛ لأنها محل خلاف بيننا وبين الحنفية (¬6). * قوله: (وخمرة انقلبت) وكذا الماء إذا زال تغيره بنفسه، وسيشير إليه. ¬
بنفسها أو بنقلٍ لا لقصد تخليل، ودنُّها مثلها كمحتفَر، لا إناءٌ طَهُرَ ماؤه، ويُمنع غير خَلَّال من إمساكها لتتخلل، ثم إن تخللت، أو اتخذ عصيرًا ليتخمَّرَ فتخلل بنفسه: حلَّ. ومن بلع لوزًا أو نحوَه في قشره ثم قاءه أو نحوه: لم ينجس باطنُه كبيضٍ صُلقَ في خمر. وأيُّ نجاسة خفيت غسل حتى يتيقنَ غسلها، لا في صحراء ونحوِها ويصلِّي فيها بلا تحرٍّ. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا إناء طهر ماؤه) قال في الإنصاف (¬1): "لو طهر ماء كثير في إناء، لم يطهر الإناء معه على الصحيح من المذهب، فإن انفصل الماء عنه حسبت غسلة واحدة، ثم يكمل ولا يطهر الإناء بدون إراقته"، ولعل المراد من الإناء هنا ما لا يطهر بالغمر، من الأجرنة، والأحواض الكبار، أو المبنية، وإلا لعارض ما سبق (¬2). * قوله: (ثم إن تخللت)؛ أيْ: ثم إن أمسكها فتخللت بالإمساك. * قوله: (حَلَّ) ولا يقال بعدم الحل، عقوبة عليه لمخالفته، فالغرض من ذكر هذه المسألة مع ما سبق من قوله: "وخمرة انقلبت بنفسها" إفادة هذا الحكم فقط. * قوله: (وأي نجاسة. . . إلخ) المراد: أيْ: نجاسة أصابت جزءًا من بدن، ¬
1 - فصل
1 - فصل المسكرُ، وما لا يؤكلُ من الطير، والبهائم -ممَّا (¬1) فوقَ الهرِّ خِلقةً-، وميتةُ غير الآدمي، وسمكٍ، وجرادٍ، وغيرِ ما لا نفْس له سائلةٌ: العقربِ، لا الوزعِ، والحيةِ، والعَلقةُ -يخلقُ منها حيوان ولو آدميًّا، أو (¬2) طاهرًا-، والبيضةُ -تصير دمًا-، ولبنُ، ومنيُ غير آدمي، ومأكول وبيضُه، والقيءُ والوَديُ والمذْيُ والبول والغائطُ -ممِّا لا يؤكل-، أو آدمي -والنجسُ منا طاهرٌ منه -صلى اللَّه عليه وسلم- وسائرِ الأنبياء-، وماءُ قروح. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو ثوب، أو بقعة، ثم خفيت، بأن لم يبق ما يدل عليها من عين، أو لون، أو ريح، غسل من ذلك المحل الذي أصابت جزءًا منه، ما يتيقن به إصابة الغسل لها، فتدبر!. فصل * قوله: (المسكر) مبتدأ، خبره قوله في آخر الصفحة: "نَجُس". * قوله: (ولو آدميًّا) المراد سواء كان المتخلق منها آدميًا أو غيره من الطاهرات، وما أوهمته "لو" من شمول غيرهما ليس مرادًا، تنبَّه. * قوله: (ومَني غير آدمي ومأكول) أما مَني المأكول فطاهر، وكذا مَني الآدمي، ولو خرج عقب الاستجمار، كما صرح به في الإقناع (¬3)، قال في الإنصاف (¬4): "وهو الصحيح من المذهب". ¬
ودمُ غير عِرْق مأكول -ولو ظهرت حمرتُه-، وسمكٍ، وبقٍّ، وقملٍ، وبراغيثَ، وذبابٍ ونحوها، وشهيدٍ عليهِ. وقيحٌ، وصديدٌ: نجس. ويعفى في غيرِ مائع ومطعوم عن يسير لم ينقض من دمٍ ولو حيضًا ونفاسًا واستحاضةً، وقيحٍ وصديدٍ ولو من غير مصلٍّ، لا من حيوان نجس. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ودمٌ) بالرفع مع التنوين، عطف على المبتدأ، وخبره "نجس"، و"غيره" منصوب على الاستثناء، كما يؤخذ من حل الشارح (¬1). * قوله: (وبَقٍّ وقملٍ. . . إلخ) لم يفرقوا بين كون ذلك اختلط بأجنبي كعرق، وريق، وغيرها، فظاهره الطهارة مطلقًا، خلافًا لمن فصَّل (¬2)، فتأمل!. * قوله: (نجس) خبر عن قوله: "لمسكر". * قوله: (عن يسير) ولم يفرقوا بين كون ذلك اليسير من الدم، والقيح، والصديد خرج بنفسه، أو بفعل فاعل كعصر، فمقتضاه العفو مطلقًا. حرره (¬3) (¬4). * قوله: (ولو من غير مُصَلٍّ)؛ أيْ: ولو كان الذي أصاب المصَلِّي من دم، ونحوه من غيره. ¬
أو سبيلٍ، وعن أثر استجمار بمحله، وبسيرِ سلَس بول، ودخانِ نجاسة وغبارها وبخارِها، ما لم تظهر له صفة. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو سبيل) المراد مخرج البول، والغائط، فلا يرد ما تقدم من الحيض، والنفاس، ودم الاستحاضة، نبَّه عليه في الحاشية (¬1). * قوله: (وعن أثر استجمار بمحلِّه)؛ أيْ: بعد استيفاء العدد المعتبر، وعلم من التقييد بقوله: "بمحلِّه" أنه إذا تعدى محلَّه بعَرَق، أو غيره لا يعفى عنه، كذا في الحاشية (¬2)، مع أنه ذكر فيما قبل أخذًا من كلام الإنصاف (¬3)، أن الصحيح من المذهب أن مَني المستجمر طاهر، مع (¬4) أن (¬5) أثر الاستجمار قد تعدى بسبب المَني، والقول بطهارة المخرج، وعدم طهارة ما أصابه المَني من ثوب، أو بدن، تعسف ظاهر، فليحرر!. وقد يقال: إن مرادهم أنه معفو عنه، لا أنه طاهر حقيقة، فيكون بمنزلة طين الشارع إذا تحققت نجاسته، لا بمنزلة النجاسة بالعين، إذا تعدت إلى غيرها. أو يقال: إن مفهوم قوله: "بمحلِّه" فيه تفصيل، وهو أن يكون التعدي بسبب مَني أو غيره، والمفهوم إذا كان فيه تفصيل لا يعترض به. أو يقال: إن شموله للمَني ليس مرادًا، فهو بمنزلة المسثنى، والدالُّ على ذلك، ما تقرر فيه من الخلاف في طهارته، وعدمها. ¬
"ويسيرُ ماءٍ نجسٍ بما عُفِي عن يسيرِه" قاله (¬1) ابن حمدان (¬2) وأطلقه المنقح (¬3) عنه. ويُضمُّ متفرقٌ بثوبٍ لا أكثرَ، وعن نجاسةٍ بعينٍ، وحمل كثيرها في صلاةِ خوف، وعرقٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويسيرُ ماءٍ) بالمد، كما يؤخذ من عبارة ابن حمدان في رعايته (¬4)، حيث قال: "وعن يسير الماء النجس بما عفي عن يسيره من دم ونحوه"، انتهى. * قوله: (وأطلقه المنقح عنه) هذا اعتراض من المص على المنقح، حيث أطلق القول بالعفو عن يسير الماء النجس في التنقيح عن ابن حمدان، ولم يقيده بماء تنجس بما عفي عن يسيره، مع أنه ما ذكر ذلك إلا مقيدًا بما ذكر. * قوله: (وعرق)؛ أيْ: من حيوان طاهر، سواء كان ذلك الحيوان مأكولًا، أو لا، فدخل فيه الزباد، فإنه عرق سنَّور بري (¬5)، وقيل: لبن سنَّور بحري، وفي الإقناع (¬6): "أنه نجس؛ لأنه من حيوان بري غير مأكول، أكبر من الهر"، حاشية (¬7). وبخطه: (عَرَق) مبتدأ، وخبره "طاهر". ¬
وريقٌ من طاهرٍ والبلغمُ، ولو ازْرَقَّ، ورطوبةُ فرج آدميةٍ، وسائلُ من فمٍ وقتَ نومٍ، ودودُ قزٍّ، ومسكٌ وفأرتْه، وطينُ شارع ظُنَّتْ نجاستُه: طاهرٌ. ولا يُكره سؤرُ طاهرٍ غيرِ دجاجةٍ مخلَّاةٍ، ولو أكل هِرٌّ ونحوُه أو طفلٌ نجاسةً، ثم شربَ -ولو قبلَ أن يغيب- من ماءٍ يسيرٍ، أو وقع فيه هِرٌّ ونحوهُ -مما ينضم دُبُرُه (¬1) إذا وقع في مائعٍ- وخرج حيًّا: لم يؤثر، وكذا في جامدٍ؛ وهو: ما يمنعُ انتقالَها فيه، وإن ماتَ أو وقع ميتًا رَطْبًا في دقيق ونحوِه: أُلقِيَ وما حوله. وإن اخْتَلَطَ ولم ينضبط: حرُم. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (والبلغم ولو ازْرَقَّ) وسواء كان من الرأس، أو من (¬2) الصدر، أو من (¬3) المعدة، حاشية (¬4). * قوله: (وطين شارع ظُنت نجاسته) فإن تحققت عفي عن يسيره على الصحيح (¬5)، قيل: وعن كثيره، كما يؤخذ من إطلاق أبي المعالي العفو (¬6). قال شيخنا في الحاشية (¬7): "وهذا متوجه، وكذا قال الشافعية" (¬8)، انتهى. * * * ¬
11 - باب الحيض
11 - بابٌ الحيضُ: دمُ طبيعةٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الحيض لغة: السيلان، من قولهم: حاض الوادي، إذا سال، وحاضت الشجرة، إذا سال منها شبه الدم، وهو الصمغ الأحمر، واستحيضت المرأة: إذا (¬1) استمر بها الدم، فهي مستحاضة، وتحيضت: قعدت أيام حيضها عن الصلاة. ومن أسمائه: الطَّمَث، والضحك، والعراك، والإعصار، وهو مصدر حاضت المرأة حيضًا ومحيضًا، فهي حائض وحائضة إذا جرى دمها (¬2). * قوله: (دم طبيعة) وليس هو بدم فساد، بل خلقهُ اللَّه -تعالى- لحكمة غذاء الولد وتربيته؛ لأن المرأة إذا حملت انصرف الدم بإذن اللَّه -تعالى- إلى غذاء الولد، ولذلك لا تحيض الحامل، فإذا وضعت قلبه اللَّه -تعالى- بحكمته لبنًا يتغذى به، ولذلك قلَّ أن تحيض المرضع، فإذا خلت عنه بقي الدم لا مصرف له، فيستقر في مكان، ثم يخرج في الغالب من كل شهر ستة أيام، أو سبعة، وقد يزيد على ذلك، وقد ينقص، وقد يطول شهره ويقصر، بحسب ما ركبه اللَّه -سبحانه وتعالى- في الطباع (¬3). ¬
وجبلَّةٍ ترخيه الرَّحمُ، يعتاد أنثى إذا بلغت في أوقات معلومة وبمنع الغسل له، لا لجنابة، بل يسن والوضوءَ, ووجوب صلاةٍ، وفعلَها، وفعلَ طوافٍ، وصومٍ، ومسَّ مصحفٍ، وقراءةَ قرآنٍ، واللبثَ بمسجدٍ ولو بوضوءٍ, لا المرورَ -إن أمنت تلويثَه-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ترخيه الرحم) ومخرجه من قعر الرحم، بفتح الراء وكسر الحاء، وبكسر الراء مع سكون الحاء: بيت منبت الولد ووعائه (¬1). * قوله: (يعتاد أنثى) لعل المراد غير الذكر، فيتناول الخنثى الواضح. * قوله: (إذا بلغت) قد يوهم أن من دون البلوغ قد يعتريها الحيض، لكن لا على سبيل الاعتياد، وقد يقال: إنه لا يسمى حيضًا إلا إذا اعتيد، أخذًا مما يأتي (¬2). وقد يجاب بأن قوله: "إذا بلغت" ليس ظرفًا لـ "يعتاد"، بل لمحذوف؛ أيْ: ويعتريها إذا بلغت. * قوله: (ووجوب صلاة)؛ أيْ: التكليف بها والاستقرار في الذمة، فلا يلزمها قضاؤها، بل يكره؛ لأنه بدعة، قال في شرحه (¬3) نقلًا عن صاحب الفروع (¬4): "ولعل (¬5) المراد إلا ركعتَي الطواف". * قوله: (وفعلها)؛ أيْ: صحة فعلها. * قوله: (ولو بوضوء) يدل على صحة الوضوء، مع أن كلامه أولًا أن ¬
ووطئًا في فرج -إلا لمن به شَبَقٌ بشرطه-، وسنَّةَ طلاقٍ -ما لم تسأله خلعًا أو طلاقًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الوضوء غير (¬1) صحيح. قال ابن قندس (¬2): "فالذي يظهر أن هذا قول مخالف للذي في أول الباب (¬3)، ويحتمل أن يكون المراد بالأول ما إذا كان الدم خارجًا من الفرج، فإن خروجه يمنع صحة الوضوء كالبول، ويكون المراد بالثاني ما إذا كان الدم غير خارج، كما يصح بعد الانقطاع الذي معه طهر"، وهذا مخالف لما تقدم (¬4) صريحًا فى المتن في باب الغسل من أنه يجوز اللَّبْث في المسجد بعد الانقطاع مع الوضوء. وبخطه على قوله: (ولو بوضوء) ولو بصورة وضوء، وهذا أولى من جواب ابن قندس؛ لأنه يوهم أنه بعد الانقطاع لا يجوز لها اللَّبْث ولو بوضوء، وهو صريح في المخالفة, لما سبق في الغسل. * قوله: (شَبَقٌ. . . إلخ) وهو مرض يؤدي إلى قوة الشهوة، وشرطه أن لا تندفع شهوته بدون الوطء في الفرج، وأن يخاف تشقق أنثييه إن لم يطأ، وأن لا يجد مباحة دون الحائض، وأن لا يقدر على مهر حرة، ولا ثمن أمة. وهل يلزمه الإنكاح، أو التسري، ولو زاد على مهر أو ثمن المثل زيادة كثيرة، لكن لا تجحف بماله؟ قال شيخنا: الظاهر: نعم؛ لأن مقتضى كلامهم أن ما لا يتكرر، لا تكون ¬
على عوضٍ-، واعتدادًا بأشهر إلا لوفاةٍ. ويوجبُ: الغسلَ، والبلوغ، والاعتداد به إلا لوفاة. ـــــــــــــــــــــــــــــ تلك الزيادة فيه مانعة، فليتأمل وليحرر (¬1)!. * قوله: (على عوض) مفهومه أنها إذا سألته طلاقًا على غير عوض، أو كان السائل غيرها، ولو مع العوض أن الطلاق لا يباح حينئذٍ، وبذلك صرح شيخنا في شرحه (¬2). * قوله: (واعتداد بأشهر) زاد في الإقناع (¬3): "والاعتكاف، وابتداء العدة إذا طلقها في أثنائه"، انتهى، والأول لا يخلو كلام المص عنه، ولو لزومًا، وأما الثاني فإنما لم يذكره هنا، اعتمادًا على ما سيأتي في باب سنة الطلاق وبدعته (¬4). * قوله: (ويوجب) المراد بالوجوب أعم من الوجوب الشرعي والعادي، بدليل البلوغ. * قوله: (والاعتداد به)؛ أيْ: ويمنع الحيض؛ أيْ: كونها تحيض، لا نفس الحيض، ففي كلام شبه استخدام (¬5). زاد في الإقناع (¬6): "الحكم ببراءة الرحم، ¬
فرع
ونفاسٌ مثلُه -إلا في اعتداد وكونِه لا يوجب بلوغًا-، ولا يحتسبُ به في مُدةِ إيلاءٍ, ولا يباحُ قبل غُسْلٍ بانقطاع دمٍ غيرُ صومٍ وطلاق. * * * فرع ويجوزُ أن يستمتعَ من حائضٍ بدونِ فرجٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والكفارة"، وهذا مصرح به في كلام المص -فيما سيأتي (¬1) -، والآخر يفهم من كلامه أيضًا، لكن قال شيخنا: كون الحيض يوجب الكفارة ليس بظاهر؛ لأن الكفارة إنما تجب بالوطء فيه، لا به نفسه، والحكم ببراءة الرحم لا يخرج عن الاعتداد؛ لأنه ثمرته (¬2). * قوله: (غير صوم وطلاق) في هذا الحصر نظر، لأنه قيل: أنه يباح لها اللَّبْث بالمسجد بالوضوء (¬3). ويمكن أن يقال: إن الحصر بالنسبة للوطء فقط، وأن كلامه فيما يباح بمجرد الانقطاع، فلا يرد عليه اللَّبْث بالمسجد؛ لأنه لم يُبَح بمجرد الانقطاع، بل بالوضوء. قاله شيخنا في حاشيته (¬4)، أو يقال: إنه حصر إضافي؛ أيْ: دون وطء. فرع إذا أراد وطأها فادعت حيضًا وأمكن قُبل، نص عليه (¬5)، لأنها مؤتمنة، ونقل ¬
ويُسنُّ سترُه إذًا، فإن أولج -قبلَ انقطاعِه- من يجامعُ مثلُه ولو بحائل، فعليه كفارةٌ: دينار (¬1) أو نصفُه على التخيير، ولو مكرَهًا، أو ناسيًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأثرم (¬2)، وأبو داود (¬3) (¬4) فيمن اشترى أمة فأراد استبراءها، فادَّعت حيضًا أيطأ؟ قال: يعجبني أن يحتاط ويستظهر، حتى يرى دلائله، فربما كذبت، انتهى (¬5). * قوله: (دينار) زِنتَه مثقال خاليًا من الغش، ولو غير مضروب، ولا يجزئ إخراج القيمة إلا من الفضة. * قوله: (أو ناسيًا) لو قال: أو ناسي، أو قال (¬6): أو جاهلًا، لكان أوضح في المراد، ثم رأيت في بعض نسخ الشرح مثل الثاني. ¬
أو جاهلَ الحيضِ التحريمِ، وكذا هي إن طاوعتْه، وتُجْزِئ إلى واحد كنذرٍ مطلق، وتسقطُ بعجز. وأقلُّ سنِّ حيضٍ (¬1): تمامُ تسعِ سنينَ، وأكثرُه خمسون سنةً، والحاملُ لا تحيضُ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو جاهل الحيض والتحريم) ظاهره أنه لو كان جاهل أحدهما أنه لا تجب الكفارة، وليس كذلك، بل هو أولى بالحكم، وعبارة الإقناع (¬2) أولى من عبارة المص؛ لأنه قال: "جاهل الحيض، أو التحريم، أو هما"، فتدبر!. * قوله: (تمام تسع سنين)؛ أيْ: تسع سنين تمام؛ أيْ: تامة، فهو من إضافة الصفة للموصوف، فظاهرها ليس مرادًا. * قوله: (والحامل لا تحيض)؛ أيْ: فإن رأت دمًا فهو دم فساد، لا تترك له الصلاة ونحوها، ولا يمنع زوجها من وطئها، لكن يستحب أن تغتسل عند انقطاعه نص عليه (¬3). وكتب على قوله: "ولا يمنع زوجها من وطئها" ما نصه: أطلقه في الشرح (¬4)، وظاهره مطلقًا، أيْ: سواء كان به شَبَقٌ، أو لا، وفي الإقناع (¬5) خلاف ذلك، وعبارته: "ولا يمنع من وطئها إن خاف العَنَت"، انتهى. ¬
وأقلُه: يومٌ وليلةٌ، وأكثرُه: خمسةَ عشرَ يومًا، وغالبُه: ستٌّ أو سبعٌ، وأقلُّ طُهْرٍ بين حيضتين: ثلاثةَ عشرَ، وزَمَنُ حيضٍ: خُلُوصُ النقاء بأن لا تتغيرَ معه قطنةٌ احتشتْ بها، ولا يكره وطؤها زمنَه، وغالبُه: بقيةُ الشهر، ولا حدَّ لأكثرِه. ـــــــــــــــــــــــــــــ وأما المرضع فقلما تحيض، كما سبق (¬1). * قوله: (وأقلُّه)؛ أيْ: أقل مُدَّته؛ أيْ: أقل الزمن الذي يصلح أن يكون الدم الصادر فيه حيضًا. * قوله: (وزمن حيض)؛ أيْ: وأقل الطهر زمن حيض. . . إلخ. * قوله: (ولا يكره وطؤها زمنه)؛ أيْ: زمن طهرها في أثناء حيضها، بخلاف طهرها في أثناء النفاس، فيكره على ما يأتي (¬2)، وهذا مما فارق فيه النفاس الحيض. وبخطه على قوله: (ولا يكره وطؤها) وظاهر السكوت عن الكفارة أنها لا تلزم، وسيأتى (¬3). [وبخطه على قوله: (زمنه)؛ أيْ: قَلَّ، أو كثر، خلافًا للمغني (¬4) -وسيأتي (¬5) -] (¬6). * قوله: (ولا حدَّ لأكثرِه). . . . . . ¬
1 - فصل
1 - فصل والمبتدأةُ (¬1) بدم، أو صُفْرةٍ، أو كُدْرةٍ: تجلس بمجرد ما تراه أقلَّه، ثم تغتسلُ وتصلِّي. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال المجد في شرح الهداية (¬2): "يحدد أكثره عند الضرورة في حق من استبرأها السيد، ولا عادة لها، ولا تمييز بما دون الشهر، وهو بقيته بعد المقدَّر الذي تجلسه". فصل * قوله: (والمبتدأة بدم)؛ أيْ: في وقت يمكن أن تحيض فيه. * قوله: (تجلس)؛ أيْ: تدع الصلاة، والصيام. * قوله: (بمجرد ما تراه)؛ لأن دم الحيض جبلة وعادة، ودم الاستحاضة لعارض من مرض، ونحوه، والأصل عدمه. * قوله: (ثم تغتسل)؛ أيْ: بعد مضي الأقل، وإن كان مع سيلان الدم، ولا ينافيه قوله فيما سبق (¬3): "ويمنع الغسل له"؛ لأنَّا لم نتحقق كون الزائد على أقله حيضًا، بل يحتمل أن يكون استحاضة، وعلى هذا فيلزمها التحفظ، وعصب المحل بعد غسله، لأنَّا أدخلناها في أهل الأعذار، لكن لم أر من تعرض لوجوب ذلك عليها، وهذا؛ أيْ: القول بأنها تغتسل وإن كان الدم سائلًا، هو المذهب، ومن المفردات (¬4)، وقيل: لا تغتسل إلا بعد الانقطاع، وفاقًا للأئمة الثلاثة. ¬
فإن انقطعَ ولم يُجاوِز أكثرَه: اغتسلت أيضًا تفعلُه ثلاثًا، فإن لم يختلفْ صار عادةً، تنتقلُ إليه وتعيدُ صومَ فوضٍ (¬1)، ونحوَه فيه، لا إن أيِسَتُ قبل تكرارِه أو لم يَعد، ويحرم وطؤها قبل تكرارِه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (تفعله)؛ أيْ: تفعل هذا الفعل، وهو جلوسها يومًا وليلة، وغسلها عند آخرهما، وغسلها عند انقطاع الدم. * قوله: (صار عادة)؛ أيْ: مجموع الأيام التي لم تجاوز أكثره. * قوله: (تنتقل إليه)؛ أيْ: في الشهر الرابع. * قوله: (وتعيد صوم فرض)؛ أيْ: وأجب بالشرع، أو الإيجاب. * قوله: (ونحوه)؛ أيْ: تحو صوم الفرض، قال فى شرحه (¬2): "كالطواف والاعتكاف الواجبَين". * قوله: (ويحرم وطؤها)؛ أيْ: زمن الدم الزائد على اليوم والليلة، وظاهر سكوت المص عن حكم الكفارة عدم لزومها؛ لأنَّا لا نلزم بالشك, وقياس ما قالوه في الوطء نهار الثلاثين، إذا كان في ليلته (¬3) غَيْم لزوم الكفارة؛ لأنهم قالوا: تلزم الكفارة؛ لأنَّا لم نتحقق أنه ليس من رمضان وهنا مثله، إذا لم نتحقق أنه ليس بحيض، وعبارة المص فيما يأتي (¬4): "وتثبت أحكام صوم، من صلاة تراويح، ووجوب كفارة بوطء فيه، ونحوه ما لم يتحقق أنه من شعبان"، انتهى. ¬
ولا يُكره أن طهرتْ يومًا فأكثرَ. وإن جاوزه فمستحاضه: فما بعضُه ثخيْنٌ، أو أسودُ، أو مُنتِنٌ، وصلحَ حيضًا تجلسُه، ولو لم يتوالَ أو يتكرر. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (إن طهرت يومًا فأكثر) مفهومه أنها إن طهرت أقل من يوم يكره، وليس مرادًا، وإن كانت طريقة صاحب المغني (¬1)، فقد خالفه المص تبعًا للتنقيح (¬2) حيث قال فيما مَرَّ: "ولا يكره وطؤها زمنه"؛ أيْ: قَلَّ، أو كَثُر، كما مَرَّ. ثم أجاب الشيخ منصور -رحمه اللَّه- في شرحه (¬3) بجواب آخر وهو: "أن ما سلف في المعتادة، وما هنا في المبتدأة". * قوله: (وإن جاوزه)؛ أيْ: جاوز أكثره. * [قوله: (وصلح حيضًا) بأن بلغ أقله، ولم يجاوز أكثره] (¬4). * قوله: (ولو لم يتوال أو يتكرر. . . إلخ) مثال عدم التوال: لو رأت يومًا أسود، ثم ستة أحمر، ثم يومًا أسود، ثم ستة أحمر، ثم يومًا أسود، ثم أطبق الأحمر خمسة عشر يومًا، فإنها تضم أيام الأسود بعضها إلى بعض، فيكون حيضها ثلاثة أيام من كل شهر. ومثال عدم التكرار: [أن ترى في الشهر الأول عشرة أيام أسود، وفي الثاني تسعة، وفي الثالث ثمانية، فتجلس الأسود فقط من كل شهر. ¬
وإلا فأقلُّ الحيضِ من كلِّ شهرٍ حتى يتكررَ، فتجلسَ من أولِ وقتِ ابتدائِها أو أول كلِّ شهرٍ هلاليٍّ إن جهلتْه: ستًّا أو سبعًا بتَحرٍّ. وإن استُحيضتْ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ومن صور عدم التوالي وعدم التكرار] (¬1): أن ترى في الشهر الأول يومًا أسود، ثم ستة أحمر، ثم يومين أسود، ثم الباقي أحمر، وفي الشهر الثاني خمسة أحمر، ثم ثلاثة أسود، ثم الباقي أحمر، وفي الشهر الثالث يومين أسود، ثم يومين أحمر، فإنها تجلس الأسود حيث صلح حيضًا؛ لأن التمييز أمارة بنفسه فلم تحتج إلى غيره. قال في الفروع (¬2): "وتثبت العادة بالتمييز، كثبوتها بانقطاع الدم"، انتهى المراد منه. * قوله: (وإلا)؛ أيْ: وإن لم يكن بعضه ثخينًا، ولا أسود، ولا منتنًا، أو كان، ولكن لا يصلح أن يكون حيضًا. * قوله: (من كل شهر) المراد بالشهر هنا شهر المرأة؛ وهو ما يجتمع لها فيه حيض، وطُهر صحيحان -على ما يأتي (¬3) - لا الشهر الهلالي، بدليل المقابلة. * قوله: (وقت ابتدائها)؛ أيْ: أول الزمن الذي يطرقها الدم فيه إن علمت محلَّه بدليل المقابلة. * قوله: (إن جهلته)؛ أيْ: أول وقت ابتدائها. * قوله: (ستًّا) مفعول "تجلس". * قوله: (وإن استحيضت)؛ أيْ: جاوز الدم النازل عليها أكثر الحيض. ¬
من لها عادةٌ جلستْها، لا ما نقصتْه قبل -إن علمتْها-. وإلا عملت بتمييزٍ صالح، ولو تنقَّل أو لم يتكررْ، ولا تبطلُ دلالتُه بزيادة الدَّمَيْنِ على شهرٍ. ولا يُلْتَفَتُ لتمييزٍ إلا معَ استحاضةٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * وقوله: (جلَستها)؛ أيْ: جلست عادتها، ولو كان لها تمييز صالح، فتقدم العادة عليه؛ لأنها أقوى منه. * وقوله: (لا ما نقصته)؛ [أيْ: لا تجلس ما نقصته عن] (¬1) عادتها، ولو لم يتكرر النقص، فمن كانت عادتها عشرة، فرأت سبعة، ثم استحيضت في الشهر الآخر جلست السبعة، قاله في الحاشية (¬2). * قوله: (قبل)؛ أيْ: قبل الاستحاضة. * قوله: (وإلا عملت)؛ أيْ: وإن لم تعلم عادتها، بأن جهلت شهرها، ووقت حيضها، وعدد أيامها. * [قوله: (بتميز صالح) وهو أن يكون الدم بعضه ثخين، أو أسود، أو منتن، وبلغ أقلَّه، ولم يجاوز أكثره. * قوله: (دلالته)؛ أيْ: التمييز] (¬3). * قوله: (الدَمين)؛ أيْ: الدم الأحمر، والدم الذي معه أمارة الحيض، ¬
فإن عُدِم فمتحيِّرةٌ لا تفتقرُ استحاضتُها إلى تكرار، وتجلسُ ناسيةُ العددِ -فقط- غالبَ الحيض في موضعِ حيْضِها، فإن لم تَعلم إلا شهرَها -وهو: ما يجتمعُ فيه حيضٌ وطَهْرٌ صحيحان-: ففيه إن اتَّسع له. وإلا جلست الفاضلَ بعدَ أقلِّ الطهر. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو الأسود، أو الثخين، أو المنتن. * قوله: (فإن عدم)؛ أيْ: التمييز؛ أيْ: وعدم عادة، وكلامه يوهم أن المستحاضة تعمل بالتمييز دائمًا، فتدبر! ويمكن أن يمنع ذلك؛ لأنه لا يلزم من أنه لا يلتفت إليه إلا مع استحاضة، أنه لا يلتفت إليه معها دائمًا، حتى ولو وجد التمييز الصالح فتدبر!. * قوله: (وتجلس) الأولى حذف الواو؛ لأن ذلك ابتداء تقسيم لأحوالها وبيان لها. * قوله: (ناسية) بالنصب حال من الضمير في قوله: "تجلس". * قوله: (صحيحان) وأقلُّه أربعة عشر يومًا. * قوله: (إن أتسع له)؛ أيْ: لغالب الحيض، كعشرين فأكثر. * قوله: (وإلا)؛ أيْ: لم يتسع لغالب الحيض وأقلِّ الطُّهر، بأن كان أقل من تسعة عشر، كثمانية عشر مثلًا، فإنها تجلس الفاضل على (¬1) أقل الطُّهر، ففي هذه المسألة الفاضل؛ أيْ: الزائد على أقل الطُّهر خمسة أيام، فتجلسها فقط، ولا تجلس غالب الحيض؛ لأنه لو جلست ستًّا، أو سبعًا، كان الباقي من الثمانية عشر، اثني ¬
وتجلسُ العددَ به من ذكرتْه ونسيت الوقتَ، وغالبُ الحيض من نسيتْهُمَا من أولِ كلِّ مدةٍ عُلم الحيضُ فيها وضاعَ موضعُه كنصفِ الشهرِ الثانِي, وإن جهلتْ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عشر أو أحد عشر يومًا، وهي لا تصلح (¬1) طُهرًا؛ لأنها نقصت عن أقلِّه، وهو الثلاثة عشر. * قوله: (وتجلس العدد به)؛ أيْ: بالشهر؛ أيْ: شهرها. * قوله: (من ذكرته) الأولى: إن ذكرته. * قوله: (ونسيت الوقت) فإن كانت أيامها نصف الوقت فأقل، فليس لها حيض بيقين، وإن زادت على النصف، مثل أن تعلم أن حيضها ستة أيام من العشر الأول، ضُم الزائد، وهو يوم إلى مثله مما قبله، وهو يوم، فيكونان حيضًا بيقين، والأربعة أيام الباقية حيض مشكوك فيه. وإن قالت: حيضي سبعة أيام من العشر، فقد زادت يومين على نصف الوقت، فتضيفهما إلى يومين قبلهما، فيصير لها أربعة أيام حيضًا بيقين (¬2)، من أول الرابع إلى آخر السابع، ويبقى لها ثلاثة أيام مشكوك فيها، وإن شئت أسقطت الزائد عن أيامها من آخر المدة، ومثله من أولها. * قوله: (من نسيتهما)؛ أيْ: نسيت الوقت والعدد، والأولى أن قوله: "من أول كل مدة" متعلق بالصورتين. * قوله: (وإن جهلت)؛ أيْ: جهلت المدة التي وقع الحيض فيها. ¬
فمن أولِّ كلِّ هلاليٍّ كمبتدَأةٍ، ومتى ذكرتْ عادتَها رجعتْ إليها، وقضت الواجبَ زمنَها وزمنَ جلوسِها في غيرِها. وما تجلسُه ناسيةٌ من مشكوكٍ فيه: كحيضٍ يقينًا، وما زاد إلى أكثره: كطهرٍ متيقَّنٍ، وغيرهما استحاضة. وإن تغيرت عادةٌ مطلقًا فكَدم زائدٍ على أقلِّ حيض من مبتدأةٍ في إعادةِ صومٍ ونحوه. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (زمنها)؛ أيْ: العادة. * قوله: (وزمن جلوسها في غيرها) فلو كانت عادتها خمسة من آخر العشر الأول، فجلست سبعة من أوله، ثم ذكرت، لزمها قضاء ما تركت من الصلاة، والصيام المفروض في الخمسة الأولى (¬1)، وقضاء ما صامت من الفرض في الثلاثة الأيام الأخيرة؛ لأنها صامتها في زمن حيضها. * قوله: (وما تجلسه ناسيةً) بالنصب حال (¬2) وهو أولى من جعله فاعلًا، إذ الفاعل ضمير المتحيرة. * قوله: (وما زاد إلى أكثره) المعنى: وانتهت الزيادة إلى أكثره. * قوله: (مطلقًا)؛ أيْ: سواء كان يتقدم، أو تأخر، أو زيادة. * قوله: (ونحوه) كطواف، واعتكاف واجبين فعلته فيه، شرح (¬3). ¬
ومن انقطع دمُها ثم عادَ في عادتها: جلستْه، لا ما جاورها ولم (¬1) يزِدْ على أكثرِه حتى يتكرر، وصفرةٌ (¬2) وكدرةٌ (¬3) في أيامها: حيضٌ، لا بعدُ ولو تكرر. ومن ترى دمًا يبلُغُ مجموعُه أقلَّه ونقاءً متخللًا: فالدمُ حيضٌ، ومتى انقطع قبلَ بلوغِ الأقلِّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومن انقطع دمها. . . إلخ) عبارة شيخنا في شرحه (¬4): "ومن انقطع دمها في عادتها اغتسلت، وفعلت كالطاهرة، ثم إن عاد الدم في عادتها، جلسته وإن لم يتكرر؛ لأنه صادف عادتها أشبه ما لو لم ينقطع". * قوله: (في أيامها)؛ أيْ: أيام عادتها. * قوله: (ولو تكرر) لحديث أم عطية: "كنا لا نعد الصُّفرة والكدرة بعد (¬5) الطُّهر حيضًا" (¬6)، وظاهره ولو تكرر ولم يجاوز الأكثر، فالفارق بينهما النص. * قوله: (فالدم حيض) والنقاء المتخلل طهر، كما تقدم. ¬
وجب الغسلُ، فإن جاوزا (¬1) أكثره كمن ترى يومًا دمًا ويومًا نقاءً إلى ثمانيةَ عشرَ مثلًا: فمستحاضةٌ. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وجب الغسل)، قال شيخنا فى شرحه (¬2): "وجب الغسل إذًا لأن الأصل أنه (¬3) حيض، لا فساد"، انتهى. وذكر في الحاشية (¬4) -في أول الفصل، عند قول المص "تجلس بمجرد ما تراه أقله"- ما نصه: "وعلم منه أنه إن (¬5) انقطع قبل الأقل لم يجب له غسل، وقضت الصلاة"، انتهى، وبين العبارتين تعارض ظاهر، إلا أن يحمل ما هناك على خصوص المبتدأة، وما هنا على خصوص المعتادة. * قوله: (فإن جاوزا)؛ أيْ: الدم والنقاء. * قوله: (فمستحاضة)؛ أيْ: تُرد إلى عادتها إن كان لها عادةٌ، وإلا عملت بتمييز صالح إن كان، وإلا فمتحيرة، على ما تقدم (¬6) , وإن كانت مبتدأة ولا تمييز لها جلست أقل الحيض في ثلاثة أشهر، ثم تنتقل (¬7) إلى غالبه. قال في الشرح (¬8): "وهل تُلَفق لها السبعة من خمسة عشر يومًا، أو تجلس ¬
2 - فصل
2 - فصل يلزمُ كلَّ من حدثُه دائم: غسلُ المحل وتعصيبُه، لا إعادتُهما لكلِّ صلاة إن لم يُفْرِط، ويتوضأُ لوقتِ كلِّ صلاةٍ إن خرجَ شئ. وإن اعتِيْدَ انقطاعه زمنًا يتسعُ للفعلِ فيه (¬1): تعيَّن، وإن عَرَض هذا الانقطاعُ لمن عادتُه الاتصال: بطُل وضوؤه. ومن تمتنعُ قراءتُه، أو يلحقُه السَّلَسُ قائمًا صلى قاعدًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أربعة من سبعة؟ على وجهين" (¬2)، جزم في الكافي (¬3) بالثاني، حاشية (¬4). فصل * قوله: (إن لم يفرط) قيد للنفي، لا للمنفي؛ أيْ: فإن فرط لزمه إعادتهما لكل صلاة. * قوله: (إن خرج شيء) ولو في صلاة, ما لم تكن جمعة، بقياس الأولى على التيمم، حيث قالوا: "إنه لا يبطل فيها لعدم إمكان إعادتها (¬5) ". * قوله: (تعين)؛ أيْ: تعين إيقاع الصلاة فيه، ولعله ولو كان وقت ضرورة. * قوله: (بطل وضوءه)؛ لأنه خرج بذلك عن حكم عن حدثُه دائم. * قوله: (صلَّى قاعدًا)؛ لأن القيام له بدل وهو القعود، والقراءة لا بدل لها. ¬
ومن لم يلحقْه إلا راكعًا أو ساجدًا ركعَ وسجدَ. وحرُم وطءُ مستحاضةٍ من غير خوفِ عنَتٍ منه، أو منها. ولرجلٍ شربُ مباحٍ يمنعُ الجماعَ، ولأنثى شربُهُ لإلقاء نطفةٍ وحصولِ حيضٍ إلا قربَ رمضانَ لتُفطرَه، ولقطعِه لا فعلُ الأخيرِ بها بلا علمها. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ركع وسجد) ولا يكفيه الإيماء عنهما، ويعفى عن لحوق السلس حينئذ. * قوله: (من غير خوف عَنَت منه أو منها)؛ يعني: فيجوز لخوف العَنَت منه، أو منها، ولو كان واجد الطَّوْل لنكاح غيرها، والشَّبَق الشديد كخوف العَنَت، حاشية (¬1). * قوله: (يمنع الجماع) مع أنه يلزمه الوطء في كل ثلث سنة مرة، فكان مقتضاه التحريم لتأديته إلى عدم التمكن من أداء الواجب، وكأنهم لم ينظروا ذلك، لكون تأثير الدواء مظنونًا لا محققًا، فليحرر (¬2)!. * قوله: (ولقطعه)؛ أيْ: الحيض عطف على "لإلقاء نطفة". ¬
3 - فصل
3 - فصل النَّفاسُ: لا حدَّ لأقلِّه، وهو: دمٌ تُرْخيه الرحمُ مع ولادةٍ وقبلَها بيومين أو ثلاثةٍ بأمارة، وبعدها إلى تمامِ أربعين من ابتداء خروجِ بعَضِ الولدِ. وإن جاوزها وصادَفَ عادةَ حيضِها ولم يَزِدْ، أو زادَ وتكرر ولم يجاوِزْ أكثرَه: فحيضٌ، وإلا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (والنفاس لا حدَّ لأقلِّه) هذا مشكل، إذ أقلَّه لحظة، فكان الأولى (¬1) أن يقول: النفاس ليس بلازم، أو لا يلزم أو نحوه، إلا أن يقال إن المص لم ينف الأقل، وإنما نفى تحديده، وهو حصره بزمن معين. بقي أنه قال بعد ذلك: "وهو؛ أيْ: النفاس دم. . . إلى آخره"، وحيئنذٍ فلا بد من تقدير مضاف هنا؛ أيْ: لا حَدَّ لأقلِّ زمنه، وعبارة التنقيح (¬2): "دم النفاس. . . إلخ"، وكتب عليها الحجاوي (¬3) ما نصه: "لعله من باب إضافة الشيء إلى نفسه، كقولهم مسجد الجامع، فإن النفاس هو الدم الخارج بسبب الولادة، وكان يكفي أن يقال: وأكثر مدة النفاس، كما قال غيره"، انتهى، وكأن المص عدل عن عبارته قصدًا، فتدبر!. * قوله: (وتكرر)، أيْ: ثلاثًا. * قوله: (وإلا)؛ أيْ: إن جاوز أكثر الحيض، تكرر أو لا. ¬
أو لم يصادفْ عادةً: فاستحاضةٌ، ولا تدخلُ استحاضةٌ في مدة نفاسٍ، ويثبتُ حكمُه بوضْع ما يتبيَّنُ فيه خَلْقُ إنسان، والنقاءُ زمنَه: طهرٌ ويُكره وطؤها فيه. وإن عادَ الدمُ في الأربعين، أو لم تَرَه، ثم رأتْهُ فيها: فمشكوكٌ فيه تصومُ وتصلي وتقضِي الصومَ المفروضَ، ولا تُوطأ، وإن صارت نفساءَ بتعدِّيها: لم تَقْضِ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو لم يصادف عادة)؛ يعني: ولم يتكرر، أما إن لم يصادف عادة، ولم يجاوز أكثر الحيض، وتكرر فحيض، كما صرح به غير واحد (¬1)، مص (¬2). * قوله: (لم تقض)؛ يعني: "الصلاة المفروضة" (¬3)؛ يعني: فتعذر، وإن كان السمبب محرمًا، نظير ما سبق (¬4) في مسألة، وسيأتي لها نظائر أيضًا (¬5) ومن نظائره ما في الحاشية (¬6) في الباب الآتي بعد هذا، من أنه إذا ضرب نفسه فَجُنَّ، لم يجب عليه القضاء، فتدبر!. ¬
وفي وطء نفساءَ ما في وطءِ حائضٍ. ومن وضعت تَوأَميْن فأكثر فأوَّلُ نفاسٍ وأخرُه من الأول، فلو كان بينهما أربعون فلا نفاسَ للثاني. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وفي وطء نفساء ما في وطء حائض) لا يقال هذا تقدم (¬1) في ضمن قوله: "ونفاس مثله إلا في اعتداد. . إلخ"، لأنَّا نقول المص لم يتكلم على الكفارة في ذلك المحل، بل قال: "ويوجب الغسل، والبلوغ، والاعتداد به إلا لوفاة"، فلو سكت هنا عن الكفارة، لأوهم أنه لا تجب به كفارة. * * * ¬
2 - كتاب الصلاة
2 - كِتَابُ الصَّلاةِ
(2) كِتابُ الصَّلاةِ الصلاةُ: أقوالٌ وأفعالٌ معلومةٌ مفتتحةٌ بالتكبيرِ مختتمةٌ بالتسليم، وتجبُ الخمسُ على كلِّ مسلم مكلَّفٍ غيرِ حائضٍ ونفساءَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب * قوله: (أقوال وأفعال) هو كالجنس، لشموله للحج. * وقوله: (مفتتحة. . . إلخ) فصل مخرج له. * قوله: (وتجب الخمس على كل مسلم) مفهومه أنها لا تجب على كافر، لكن قال في الإنصاف (¬1): "إن الكافر لا يخلو: إما أن يكون أصليًّا أو مرتدًّا، فإن كان أصليًّا لم تجب عليه، بمعنى أنه إذا أسلم لم يقضها، وهو إجماع (¬2)، وأما وجوبها بمعنى أنه مخاطب بها، فالصحيح من المذهب أنهم مخاطبون بفروع الإسلام، وعليه الجمهور، وإن كان مرتدًّا فالصحيح من المذهب أنه يقضي ما تركه قبل رِدَّته، ولا يقضي ما فاته زمن رِدَّته"؛ انتهى ملخصًا من الإنصاف. ثم قال (¬3): "والخلاف المتقدم في الصلاة، جارٍ في الزكاة (¬4) , إن قلنا ببقاء ¬
ولو لم يبلغْه الشرعُ، أو نائمًا، أو مغطَّى عقلُه بإغماءٍ أو شُرْبِ دواءٍ أو مُحَرَّمٍ: فيقضي، حتى زمنَ جنونٍ طرأ متصلًا به، وبلزمُ إعلامُ نائمٍ بدخولِ وقتِها معَ ضيْقهِ، ولا تصحُّ من مجنونٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ملكه على ما يأتي، وكذا هو جارٍ في الصوم. وأما إعادة الحج إذا فعله قبل رِدَّته فالصحيح من المذهب أنه لا يلزمه إعادته (¬1)، [نص عليه] (¬2) "، إلى أن قال: "فعلى القول بلزوم الإعادة، قيل: لحبوط العمل، وقيل: كإيمانه، لا يبطل ويلزمه ثانيًا، والوجهان في كلام القاضي وغيره. قال الشيخ تقي الدين (¬3): اختار الأكثر أن الردة لا تحبط العمل إلا بالموت عليها، قال جماعة: تمشي الإحباط إنما ينصرف إلى الثواب، دون حقيقة العمل، لبقاء صحة صلاة من صلَّى خلفه، وحِلِّ ما كان ذبَحه، وعدم نقض تصرفه"، انتهى ملخصًا. * قوله: (ولو لم يبلغه الشرع)؛ أيْ: ما شرعه اللَّه من الأحكام، كمن أسلم بدار الحرب، أو نشأ ببادية بعيدة مسلمًا مع عدم من يتعلم منه، أما من لم تبلغه الدعوة فكافر -كما سيأتي في الديات (¬4) -. * قوله: (مع ضيقه) ظاهر الإطلاق، ولو لم يعلم أنه نام قبل الصلاة، وهل ¬
وإذا صلَّى أو أذن ولو في غيرِ وقتِه كافرٌ: يصحُّ إسلامُه حُكم به، ولا تصح صلاتهُ ظاهرًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هو كذلك (¬1)؟. * قوله: (يصح إسلامه) احترازًا (¬2) عمن دون التمييز، ولا يصح أن يقال: إنه احتراز عن نحو العيسوي (¬3)، وإلا لكان حق (¬4) العبارة أن يقال: يصح إسلامه بذلك، فتأمل!. * قوله: (ولا تصح صلاته ظاهرًا) قال في المغني (¬5): "قال أصحابنا يحكم بإسلام الكافر بالصلاة، سواء كان في دار الإسلام، أو دار الحرب، وسواء صلَّى جماعة، أو فرادى، فإن أقام بعد ذلك على الإسلام فلا كلام، وإن لم يقِم عليه فهو مرتد، تجري عليه أحكام المرقدين، وإن مات قبل ظهور ما ينافي الإسلام فهو مسلم، ترِثه ورثته المسلمون دون الكافر"، إلى أن قال: "وأما صلاته في نفسه فأمر بينه وبين اللَّه -تعالى-، فإن عُلم أنه كان قد أسلم، ثم توضأ وصلَّى بنية صحيحة فصلاته صحيحة، وإن لم يكن كذلك فعليه الإعادة؛ لأن الوضوء لا يصح من كافر، ¬
ولا يُعتدُّ بأذانِه، ولا تجبُ على صغيرٍ، وتصح من مميِّزٍ وهو: من بلغَ سبعًا، والثوابُ له، ويلزمُ الوليَّ أمره بها لسبعٍ، وتعليمُه إيَّاها والطهارةَ، كإصلاحِ مالِه، وكفِّه عن المفاسد، وضربُه على تركِها لعشر. وإن بلغ في مفروضةٍ، أو بعدها في وقتها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أما إذا لم تُعلم مثل الصلاة على حالة غير مشروعة، فيها غير مسلم ولا متطهر، فلا تصح منه". * قوله: (ولا يُعتدُّ بأذانه) بمعنى أنه لا يسقط به فرض الكفاية. * قوله: (ولا تجب على صغير) يحتمل أن يكون بيانًا (¬1) لبعض محترزات قوله "مكلف"، فيكون مشيًا على أن الصبي ليس بمكلف (¬2)، وهو أظهر قولين في الأصول (¬3)، ويحتمل أن يكون المراد أنه لا تجب على صغير، وإن قلنا بتكليف المميز، بناءً على القول الثاني، القائل بتكليفه نظرًا لفهمه الخطاب (¬4)؛ ولأن الشارع أمر بأمره بالصلاة، وهو تكليف، خصوصًا مع أمره بضربه، قال ابن نصر اللَّه الكناني في شرح (¬5) مختصر الروضة الأصولية (¬6): "لا يمتنع تكليفه مع انتفاء الوعيد كالندب بالنسبة إلى البالغ". ¬
لزمه إعادتُها مع تيمم لها، لا وضوء وإسلام (¬1). ولا يجوزُ لمن لزِمتْه تأخيرُها، أو بعضُها عن وقتِ الجواز ذاكرًا قادرًا على فعلها، إلا لمن له الجمعُ وينويه، أو لمشتغلٍ بشرطها الذي يحصِّلُه قريبًا، وله تأخيرُ فعِلها في الوقتِ مع العزمِ عليه، ما لم يَظُنَّ مانعًا: كموتٍ، وقتلٍ، وحيضٍ، أو يُعَرْ سُترةً أوَّلَه فقط، أو لا يبقى وضوء عادِم الماءَ سفرًا. . . إلى آخرِه، ولا يرجُو وجودَه، ومن له أن يؤخرَ تسقطُ بموتِه، ولم يأثم. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لزمه إِعادتها)، قال ابن نصر اللَّه (¬2): "يسأل هل المراد بالإعادة أصل الفعل، أو القضاء، أو الفعل ثانيًا"، انتهى. قال شيخنا: "ولعل المراد الأول وهو مجرد الإتيان"، انتهى. وقول ابن نصر اللَّه: "أو الفعل ثانيًا" لعله في الوقت، حتى يكون قسيمًا للأولَين. * قوله: (لا وضوء وإسلام)؛ أيْ: لا إعادة وضوء، وإسلام، فحذف المضاف، وأقام المضاف إليه مقامه، فارتفع ارتفاعه، وهو أولى من قراءته بالجر. * قوله: (ولا يجوز. . . إلخ) وهو كبيرة، كما صرح به صاحب الإقناع (¬3) في كتاب (¬4) الشهادات عند عدِّه الكبائر هناك. * قوله: (سفرًا) أغلبي، وإلا فالحضر كذلك، كما لو قطع عدو ماء بلده، ¬
ومن تركَها جحودًا ولو جهلًا وعُرِّفَ وأصرَّ: كفرَ، وكذا تهاونًا أو كسلًا إذا دعاه إمامٌ أو نائبُه (¬1) لفعلها وأبى، حتى تضايق وقتُ التي بعدَها، ويستتابان ثلاثةَ أيام، فإن تابا بفعلها، وإلا ضُرِبت عنقهما، وكذا تركُ ركنٍ، أو شرطٍ يعتقدُ وجوبَه. ـــــــــــــــــــــــــــــ أو حبس، أو نحوه مما تقدم. * قوله: (ومن تركها. . . إلخ) الترك ليس بقيد، بل هو جَرْيٌ على الغالب؛ لأن (¬2) من جحد شيئًا تركه، وإنما ذكره ليصح العطف في: "وكذا تهاونًا. . . إلخ". * * * ¬
1 - باب الأذان
1 - باب الأذانُ: إعلامٌ بدخولِ وقتِ الصلاةِ، أو قربه لفجر. والإقامةُ: إعلامٌ بالقيام إليها بذكرٍ مخصوصٍ فيهما. وهو أفضلُ منها ومن إمامة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الأذان * قوله: (وهو أفضلُ منها ومن إمامة) وهل الإمامة أفضل من الإقامة (¬1)، أو عكسه (¬2)؟ الأظهر الأول؛ إذ الإقامة مفضولة عن الأذان اتفاقًا (¬3)، والإمامة أفضل منه على قول (¬4). ثم رأيته قال في الاختيارات: "وهما أفضل من إمامة، وهو أصح الروايتَين عن أحمد، واختيار أكثر الأصحاب". ¬
وسُنَّ أذانٌ في يمنى (¬1) أذني مولود حين يولدُ، وإقامةٌ في اليسرى. وهما فرضُ كفايةٍ للخمس المؤداةِ والجمعةِ على الرجال الأحرار -إذ فرضُ الكفاية لا يلزمُ رقيقًا- حضرًا، ويسنَّان: لمنفرد، وسفرًا، ولمقضيَّة، ويكرهان لخناثَى، ونساءٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وسُنَّ أذانٌ. . . إلخ) ولا فرق في المؤذن بين أن يكون ذكرًا، أو أنثى. * قوله: (والجمعةٍ) نبَّه في المبدع (¬2) على أنه لا يحتاج إلى ذكر الجمعة بعد الخمس، لأنها من خمس يومها، انتهى وهو حسن. وأيضًا هو ظاهر اقتصار المص على الخمس في قوله فيما سبق (¬3): "وتجب الخمس. . . إلخ". * قوله: (إذ فرض الكفاية لا يلزم رقيقًا)؛ أيْ: ابتداء، وإن كان قيد يتعين عليه إذا لم يوجد غيره. * قوله: (حضرًا) انظر ما محله من الإعراب؟ ولعلّه حال من معنى (¬4) النسبة؛ أيْ: ثبت ذلك لهما حضرًا. * قوله: (ويسنَّان لمنفرد)؛ أيْ: ممن قلنا إنه فرض كفاية على جماعته. * قوله: (ويكرهان لخناثى ونساء)؛ أيْ: ولا يسقط بهما (¬5) فرض الكفاية، ¬
ولو بلا رفع صوت. ولا ينادى لجنازة وتراويحَ، بل لعيدٍ وكسوف واستسقاء: "الصلاةُ جامعة"، أو "الصلاة" وكُره بـ "حيَّ على الصلاة". ويقاتلُ أهلُ بلدٍ تركوهما، وتحرمُ الأجرةُ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كما يأتي (¬1) في قوله: "لا فاسق وخنثى وامرأة"، فتيقظ!. * قوله: (ولو بلا رفع صوت)؛ أيْ: سواء كان معه رفع صوت، أم لا، أما إن كان بلا رفع صوت فظاهر، وأما إن كان مع رفع صوت فإن لم يكن بحضرة أجنبي فواضح أيضًا، وإن كان بحضرته فقياس ما يأتي في النكاح أنه حرام، لا مكروه فقط (¬2). * قوله: (الصلاة جامعة) برفعهما ونصبهما، ورفع الأول ونصب الثاني، أو عكسه (¬3). * قوله: (تركوهما)؛ أيْ: مجموعهما، أو جميعها. * قوله: (وتحرم الأجرة)؛ أيْ: أخذًا ودفعًا، ولذلك لم يقل ويحرم أخذ الأجرة، ولعله ما لم يوجد من يقوم إلا بأجرة، فلا يحرم الدفع وإن حرم الأخذ، ¬
عليهما، فإن لم يوجد متطوعٌ، رَزَقَ الإمامُ من بيتِ المالِ من يقوم بهما، وشُرِط كونُه: مسلمًا. ذكرًا. عاقلًا، وبصيرٌ أولى. وسُنَّ كونُه: صيتًا، أمينًا، عالمًا بالوقت. ويقدَّمُ مع التَّشاح: الأفضلُ في ذلك، ثم في دينٍ وعقلٍ، ثم من يختاره أكثرُ الجيران، ثم يقرعُ، ويكفِي موذنٌ بلا حاجةٍ، ويزادُ بقدرِها، ويقيمُ من يكفي. ـــــــــــــــــــــــــــــ قياسًا على ما قالوه في الرشوة (¬1)، وكما قالوا بعكسه أيضًا في مساكن مكة (¬2). * وقوله: (عليهما)؛ أيْ: على مجموعهما، أو جميعهما. * قوله: (أمينًا)؛ أيْ: عدلًا ظاهرًا وباطنًا، وأما مجرد العدالة الظاهرة فهي شرط. * قوله: (عالمًا بالوقت) ويستحب أيضًا أن يكون حرًا: لا أنه شرط في صحته، فلو أذن العبد بإذن سيده صح منه وسقط به فرض الكفاية. * قوله: (الأفضل في ذلك)؛ أيْ: فيما (¬3) قلنا إنه سنة في الجملة، وهو كونه صيتًا، عالمًا بالوقت، لا فيما قبله أيضًا، بدليل قوله بعد ذلك: "ثم في دين وعقل" مع أن كونه عاقلًا من جملة ما سبق، وكذا الدين، لدخوله في ضمن ما أريد من الأمانة. ¬
وهو خمسَ عشرةَ كلمة بلا ترجيع، وهي إحدى عشرةَ بلا تثنيةِ، ويباحُ ترجيعُه (¬1)، وتثنيتُها. ويُسنُ أولَ الوقتِ، وترسُّلٌ فيه، وحَدْرُها (¬2)، والوقفُ على كلِّ جملةٍ، وقولُ: "الصلاةُ خيرٌ من النوم" (¬3) مرتين بعدَ حيعلةِ أذان الفجرِ، ويسمَّى: التَّثُويب، وكونُه قائمًا فيهما فيكرهان قاعدًا لغير مسافرٍ ومعذورٍ متطهرًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بلا تثنية)؛ أيْ: بلا تثنية لكل جملة وإن كان بعض جملها مثنى. * قوله: (متطهرًا)؛ أيْ: من نجاسة بدن، وثوب (¬4)، ومن الحدثَين على ما في الرعاية (¬5)، لكن بقية كلام المص تقتضي أن مراده التطهر من الحدثَين، وصرح به في الإقناع (¬6). ¬
فيُكره: أذانُ جنب، وإقامةُ محدثٍ، على علوٍّ رافعًا وجهَه، جاعلًا سبَّابتَيْه في أذنيه، مستقبلَ القبلةِ، يلتفتُ يمينًا لـ "حي على الصلاة"، وشمالًا لـ "حي على الفلاح"، ولا يزيلُ قدميه، وأن يتولاهما واحدٌ بمحلِّ واحدٍ ما لم يشقَّ، وأن يجلسَ بعد أذان ما يُسنُّ تعجيلُها جلسةً خفيفةً، ثم يقيمُ. ولا يصح: إلَّا مرتَّبًا. متواليًا عرفًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فيكره أذان جنب)؛ أيْ: لا محدث حدّثنا أصغر. * قوله: (وإقامة محدث)؛ أيْ: مطلقًا على ما في التنقيح (¬1)، ولذا عدل المص عن الإضمار. * قوله: (رافعًا وجهه)؛ أيْ: في كل من الأذان، والإقامة على ما في حاشية الإقناع (¬2). * قوله: (لحي على الصلاة) اللام للوقت، ويجوز أن يراد، ويلتفت لإرادة قوله: "حي على الصلاة". وكذا ما بعده، فتكون بقية على معنى التعليل. * قوله: (وأن يجلس) وتركه مكروه، وكلاهما من المفردات (¬3). * قوله: (ما يُسن تعجيلُها) وهو ما عدا العشاء. * قوله: (جلسة خفيفة)، وقيل: يجلس بقدر ركعتَين (¬4)، وجعل صاحب الإقناع (¬5) الجلوس الخفيف بقدر ركعتَين، فجعل القولين قولًا واحدًا، فتأمله!. ¬
فإن تكلَّم بمحرَّم أو سكت طويلًا بطل، وكُره يسيرُ غيره وسكوتٌ بلا حاجةٍ، منويًّا، من واحد، عدلٍ، في الوقتِ، وبصح لفجرٍ بعدَ نصفِ الليلِ، ويُكره في رمضان قبل فجرٍ ثان. ورفعُ الصوتِ ركنٌ ليُحصَّل السماعُ، ما لم يُؤَذَّن لحاضرٍ، ومَنْ جمعَ أو قضَى فوائتَ: أذَّن للأولى، وأقام للكلِّ، ويُجزِئُ أذانُ مميِّزٍ لا فاسق، وخنثًى، وامرأة. ويُكره ملحَّنًا، وملحونًا، ومن ذي لثغة فاحشة، وبطل أن أُحيل المعنى. وسُنَّ: لمؤذنٍ وسامِعه، ولو ثانيًا وثالثًا، ولمقيم وسامِعه، ولو في طوافٍ أو قراءةٍ، أو امرأة متابعةُ قولهِ سرًّا بمثله، لا مُصلٍّ ومتخلٍّ، ويقضيانه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (من واحد عدل) ولو ظاهرًا، فيصح من الفاسق المستور فسقه، قال في الشرح الكبير (¬1): "من غير خلاف علمناه". * قوله: (وأقام للكل) ومنه الأولى. * قوله: (لا فاسق)؛ أيْ: غير مستور. * قوله: (ويقضيانه) ظاهر قول الشارح (¬2): "أيْ يقضي المصلي إذا فرغ من صلاته، والمتخلي إذا خرج من الخلاء، ما فاته من إجابة المؤذن حين سماعه" أن يقضي الحيعلة بلفظ "لا حول ولا قوة إلا باللَّه"؛ لأنه هو الذي كان مطلوبًا منه ¬
إلا في الحيعلة، فيقولان: "لا حول ولا قوة إلا باللَّه" (¬1)، وفي التَّثْويب: "صدقتَ وبرِرْتَ" (¬2)، وفي لفظ الإقامة: "أقامها اللَّه وأدامها" (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لولا المانع، لا لفظ الحيعلة؛ وأنه لا يجيب إلا ما سمعه، فيتابع، ولا يقضي إذا سمع البعض فقط. * قوله: (إلا في الحيعلة) هذا مستثنى من قوله "بمثله". * قوله: (فيقولان)؛ أيْ: المؤذن، والسامع. * قوله: (وفي التثويب)؛ أيْ: وإلا في التثويب، فيقولان صدقت وبررت. شرح (¬4) (¬5). * قوله: (وبرِرْتَ) بكسر الراء الأولى، وسكون الثانية (¬6). ¬
ثم يصلي على النَّبِيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا فرَغ (¬1)، ويقول: "اللهمَّ ربَّ هذه الدَّعوة التامة، والصلاةِ القائمة، آتِ محمدًا الوسيلةَ والفضيلة، وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته" (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ثم يصلى على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-) قال في المبدع (¬3): "ولم يذكروا السلام معه، فظاهره أنه لا يكره بدونه، وقد ذكر النووي (¬4) (¬5) أنه يكره"، انتهى شرح الإقناع (¬6). أقول في كلام صاحب التنقيح في شرح التحرير (¬7): التصريح بأنه ليس بمكروه عندنا، وعبارته: "وأضفنا السلام إلى الصلاة، لنخرج من خلاف العلماء في كراهة إفراد الصلاة عن السلام؛ لأن بعض أهل العلم كره ذلك، لقوله -تعالى-: {صَلُّوا ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56] ولهذا قال النووي في شرح مسلم (¬1): يكره إفراد الصلاة عن التسليم، انتهى. وقال أيضًا (¬2): إن العلماء كرهوا ذلك، انتهى بمعناه (¬3)، وظاهره أنه متفق عليه"، ثم قال المنقح (¬4) بعد أن نقل عن بعض المتأخرين حمل الكراهة على محامل (¬5) متكلفة (¬6) ما نصه: "قلت: ما تقدم من ذلك كله قد ضُعف، وبعضه لا ينبغي نسبته إلى العلصاء الراسخين في العلم الذين تركوا السلام، بل تركه لذلك يدل على عدم الكراهة ظاهرًا، ويرشحه ما رواه مسلم وغيره أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من صلَّى عليَّ صلاة صلى اللَّه عليه بها عشرًا" (¬7)، وفي غير مسلم "سبعين" (¬8)، فظاهره الاقتصار ¬
ثم يدعو هنا، وعند إقامةٍ. ويحرمُ خروجهُ من مسجدٍ بعده (¬1) بلا عذرٍ، أو نيةِ رجوعٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ على الصلاة، وهذا أظهر". ثم نقل عن الحافظ أبن حجر (¬2) في شرح البخاري (¬3)، نقلًا (¬4) عن غيره ما يؤيد ذلك، فراجعه إن شئت. * قوله: (ثم يدعو هنا)؛ أيْ: عند فراغ الأذان. * وقوله: (وعند إقامة) لعل المراد به وعند فراغ إقامة؛ لأنه في حال الإقامة مشغول بالمتابعة. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: وعند صعود الخطيب المنبر، وبين الخطبتين، وعند نزول الغيث، وبعد العصر يوم الجمعة، فجملتها ستة (¬5). * * * ¬
2 - باب شروط الصلاة
2 - باب شروطُ الصلاةِ: ما يتوقفُ عليها صحتُها إن لم يكنْ عذرٌ، وليست منها، بل تجبُ لها قبلَها، "المنقح" (¬1): "إلا النية". وهي: إسلامٌ، وعقلٌ، وتمييزٌ، وطهارةٌ، ودخولُ وقت. وهو: لظهرٍ، وهي الأولى من الزوالِ، وهو: ابتداءُ طول الظلِّ بعد تناهِي قصرِه، لكن لا يقصرُ في بعض بلاد خُراسان لسيرِ الشمسِ ناحيةً عنها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب شروط الصلاة * قوله: (إلا النية) قال الحجاوي في حاشية التنقيح (¬2): "هو صحيح؛ لأنه لا يجب تقديمها على الصلاة، بل ولا يستحب، وإنما يستحب مقارنتها للتحريمة (¬3) ". * قوله: (وهي إسلام وعقل وتمييز) وقد أسقط في المقنع (¬4) هذه الثلاثة الأول؛ نظرًا إلى أنها شروط في النية، فهي شروط في الشرط، لا شروط ابتدائية. * قوله: (من الزوال) خبر مبتدأ محذوف، تقديره: ومبدؤه من الزوال. ¬
ويختلفُ بالشهرِ والبلد، فأقلُّه بإقليم الشام والعراق قدمٌ وثلثُ في نصف حزيران، ويتزايد إلى عشرة (¬1) وسدس في نصف كانون الأول، ويكونُ أقلَّ وأكثرَ في غير ذلك. وطولُ كلِّ إنسانٍ بقدمه: ستةٌ وثلثان تقريبًا، حتى يتساوى منتصبٌ وفيئُه سوى ظل الزوال. ـــــــــــــــــــــــــــــ * وقوله: (حتى يتساوى. . . إلخ) غاية لمحذوف، دلت عليه القرينة؛ أيْ: واستمراره، أو ويستمر حتى يتساوى. . . إلخ، والمحوج إلى هذا التكليف ما صرح به ابن هشام (¬2) في متن المغني (¬3) من أن "حتى" لا تقع بعد "من" التي لابتداء الغاية، قال: "لضعفها في الغاية، بخلاف "إلى"، فراجعه إن شئت. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: الزوال مَيل الشمس عن كبد السماء بالإجماع (¬4)، ويعرف ذلك بتحول الشمس عن خيط المساترة، وبزيادة ظل كل قائم بعد نهاية قصره، وبحدوث الظل بعد عدمه، وبمضي قدر نصف القوس متمكنًا بعد الشروق، فما في كلام المص تعريف بالعلامة. * قوله: (وفيئه) الواو للمعية، قاله تاج الدين (¬5)، والفيء الظل بعد الزوال. ¬
والأفضلُ: تعجيلُها إلا مع حرٍّ مطلقًا حتى ينكسر، وغيم (¬1) لمُصلٍّ جماعةً لقرب وقت العصرِ، فيُسنُّ غيرُ جمعةٍ فيهما، وتأخيرُها لمن لا عليه جمعة، أو يرمِي الجمراتِ حتى يُفْعَلا أفضلُ. ويليه: المختارُ للعصر، وهي الوسطى حتى يصيرَ ظلُّ كلِّ شيءٍ مثليْه سوى ظل الزوال. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (إلا مع حر مطلقًا)؛ أيْ: سواء صلَّاها آخر الوقت، أو أوله (¬2)، في جماعة، أو منفردًا، وسواء كان البلد حارًا، أو غيره، صلَّى في المسجد، أو بيته. * وقوله: (وغيم)؛ أيْ: مطلقًا سواء وجد مطر بالفعل، أو لا. * قوله: (غير جمعة فيهما)؛ أيْ: فلا تؤخر، بل تعجل مطلقًا. * قوله: (وهي الوسطى) قال في الإنصاف (¬3): "هذا هو المذهب، نص عليه الإمام أحمد (¬4)، وقطع به الأصحاب، ولا أعلم عنه ولا عنهم فيه (¬5) خلافًا"، ثم قال: "قلت: وذكر الحافظ شهاب الدين ابن حجر في شرح البخاري (¬6)، في تفسير سورة البقرة فيها عشرين قولًا غير التوقف، وذكر القائل بكل قول من الصحابة، ¬
ثم هو وقتُ ضرورةٍ إلى الغروب، وتعجيلبها مطلقًا أفضلُ. ويليه: للمغرب، وهي الوترُ، حتى يغيبَ الشفقُ الأحمر، والأفضلُ: تعجيلُها إلا ليلةَ جمع لمُحْرمٍ قصدها إن لم يُوافها وقتَ الغروب، وفي غيمٍ لمُصلٍّ جماعة، وفي جمع (¬1) إن كان أرفق. ويليه: المختارُ للعشاء إلى ثلثِ الليل، وصلاتُها آخرَ الثلث أفضلُ، ما لم يُؤخر المغرب. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرهم، ودليله، فأحببت أن أذكرها ملخصة، فنقول: صلاة العصر، المغرب، العشاء، الفجر، الظهر جميعها واحدة غير معينة، التوقف، الجمعة، الظهر في الأيام، والجمعة في غيرها، الصبح أو العشاء، الصبح أو الظهر، الصبح أو العصر على الترديد، وهو غير الذي قبله، صلاة الجماعة، صلاة الخوف، صلاة عيد (¬2) النحر، صلاة عيد الفطر، الوتر، صلاة الضحى، صلاة الليل". * قوله: (وتعجيلها مطلقًا)؛ أيْ: حرًّا (¬3)، أو غَيْمًا، أو غيرهما. * قوله: (وفي جمع)؛ أيْ: بين العشائَين جمع تأخير. * قوله: (إن كان)؛ أيْ: جمع التأخير. * قوله: (آخر الثلث)؛ أيْ: الأول. * قوله: (ما لم يؤخر المغرب) فإن أخرها؛ أيْ: قصد جمعها معها جمع تأخير، ففعلهما في أول وقت العشاء أفضل. ¬
ويُكره إن شقَّ ولو على بعضهم، والنومُ قبلَها، والحديثُ بعدها، إلا يسيرًا أو لشغلٍ، وأهلٍ. ثم هو وقتُ ضرورةٍ إلى طلوع الفجر الثانِي وهو: البياضُ المعترضُ بالمشرق، ولا ظلمة بعدَه، والأولُ: مُستطيل أزرقٌ له شعاعٌ، ثم يظلم. ويليه: للفجر إلى الشروقِ، وتعجيلُها مطلْقًا أفضلُ. وتأخيرُ الكلِّ مع أمنِ فوتٍ لمصلِّي كسوفٍ ومعذورٍ؛ كحاقنٍ وتائق، أفضلُ، ولو أمره به والدُه ليصليَ به أخَّر، فلا يُكره أن يؤمَّ أباه، ويجبُ لتعلُّم الفاتحة وذكرٍ واجب، وتحصلُ فضيلةُ التعجيلِ بالتأهب أولَ الوقت، ويقدَّر للصلاةِ أيامَ الدجال قدرُ المعتاد. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو لشغل وأهل)؛ أيْ: وضيف، وقد يراد بالشغل ما يشمله. * قوله: (مع أمن فَوت)؛ أيْ: فَوت (¬1) وقتها، ولو المختار فيما لها وقتان. * قوله: (ولو أمره به)؛ أيْ: التأخير، والمراد التأخير للصلاة التي يريد فعلها معه، فلو أمره بالتأخير لغير إرادة الصلاة معه لم يؤخر. * قوله: (أخَّر) ظاهره وجوبًا، لطاعة والده. * قوله: (فلا يكره. . . إلخ)؛ أيْ: يُعلَم من هذا: أنه لا يُكرَه أن يَؤُم أباه؛ أيْ: من حيث أنه لا تجب عليه طاعته إلا في غير المحرم والمكروه. ¬
1 - فصل
1 - فصل أداءُ حتى الجمعة يدركُ بتكبيرة إحرامٍ، ولو آخرَ وقتِ ثانيةٍ في جمعٍ، ومن جَهل الوقتَ، ولا تمكنُه مشاهدةٌ، ولا مخبرَ عن يقين: صلى إذا ظنَّ دخولَه، ويعيدُ إن أخطأ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (حتى الجمعة) وإنما أفرد الجمعة بالذكر؛ لئلا يتوهم أن أداءها كجماعتها، لا يدرك إلا بركعة، كما فعله صاحب الإنصاف (¬1) في هذا المحل. * قوله: (بتكبيرة إحرام)؛ أيْ: في وقتها الحقيقي أو الحكمي، بدليل الغاية التي يذكرها. * قوله: (ولو أخَّر وقت ثانية) قول المحشِّي (¬2) في تعليل أصل المسألة: "ومعنى إدراك الأداء هو بناء ما خرج منها عن الوقت على تحريمة الأداء في الوقت، ووقوعه موقعه في الصحة والإجزاء" يقتضي أن المراد أن الذي يحكم بكونه أداء في مسألة الجمع هي التي وقعت (¬3) تحريمتها في الوقت، فلو كان الذي أدركه في الوقت تحريمة الأولى كانت الثَّانية قضاء قطعًا؛ لأنه لا يتأتى فيها بناء، وأيضًا الجمع يصير الوقتين وقتًا واحدًا؛ أيْ: في الجملة، لا الصلاتين صلاة واحدة، وإلا لكفى فيهما نِيَّة واحدة، وعلى هذا مشى شيخنا في شرح الإقناع (¬4) حيث قال: "ولو كان الوقت الذي أدرك فيه تكبيرة الإحرام آخر وقت ثانية في جمع، وكبر فيه للإحرام، فتكون ¬
ويعيدُ أعمى عاجزٌ عدِم مقلَّدًا مطلقًا، ويعمل بأذانِ ثقةٍ عارف، وكذا إخبارُه بدخوله لا عن ظنٍّ. وإذا دخل وقتُ صلاةٍ بقدرِ تكبيرةٍ ثم طرأ مانعٌ: كجنون وحيضٍ: قُضيت، وإن طرأ تكليفٌ: كبلوغٍ، ونحوِه، وقد بقي بقدرها: قُضِيت مع مجموعةٍ إليها قبلها. ويجب قضاءُ فائتةٍ فأكثرَ مرتِّبًا، ولو كثرت، إلا أذا خشي فواتَ حاضرة، أو خروجَ وقتِ اختيار. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ التي أحرم بها أداء، كما لو لم تجمع"، انتهى. * قوله: "مطلقًا"؛ أيْ: أخطأ أو أصاب. * قوله: (بقدر تكبيرة)؛ أيْ: تكبيرة إحرام. * قوله: (كبلوغ)؛ أيْ: بإنزال أو سن، أما إن كان بحيض بأن حاضت في أثناء الوقت، ولم يتقدمه ما يحكم به ببلوغها فهل تقضي نظرًا لأنها صارت مكلفة؟، أو لا، نظرًا إلى أن الحيض يمنع وجوب الصلاة، فقد تعارض المانع والمقتضى فيقدم المانع؟، فلتحرر المسألة!، هذا حاصل ما كتبه تاج الدين -رحمه اللَّه تعالى- (¬1). * قوله: (ونحوه)؛ أيْ: نحو التكليف، كزوال مانع من حيض، وجنون ونحوهما، وهو مرفوع عطفا على "تكليف"، لا مجرور عطفًا على "بلوغ". * قوله: (مرتبًا) لعل "مرتبًا" حال من مجموع المتعاطفين، والمعنى يجب ¬
ولا يصح تنفلُه إذن، أو نسيه بين فوائتَ حالَ قضائِها، أو حاضرةٍ وفائتةٍ حتى فرغ، لا إن جهل وجوبَه، فورًا ما لم ينضرَّ في بدنِه، أو معيشةٍ يحتاجُها، أو يحضر لصلاةِ عيد، ولا يَصح نفلٌ مطلقٌ إِذًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قضاء أكثر من فائتة مرتبًا، وإلا فقضاء الفائتة الواحدة لا يتأتى فيها (¬1) ترتيب. * قوله: (لا إن جهِل وجوبه)؛ أيْ: وجوب الترتيب؛ لأن الجهل ليس بعذر. * قوله: (فورًا) متعلق بـ "يجب" تعلقًا معنويًا. * قوله: (ولا يَصح نفلٌ مطلقٌ إذًا) ليس هذا مكررًا مع قوله السابق "ولا يَصح تنفُّله إذًا"؛ لأن المراد هناك بـ "إذا" وقت (¬2) خشية فوات الوقت ولو المختار لحاضرة، والمراد بـ "إذًا" هنا وقت تأخير قضاء الفوائت لعذر من الأعذار المذكورة، حاشية (¬3) بالمعنى (¬4). بقي أن كلام المص اشتمل على فائدة لم ينبه عليها المحشي، وهو أنه أطلق في النفل في الأولى، وقيده بالمطلق في الثانية، فيفيد أنه يمتنع عليه في الأولى النفل مطلقًا؛ أيْ: سواء كان مقيدًا بتبعية الصلاة (¬5) أو غير مقيد، وأنه في الثانية إنما يمتنع عليه النفل المطلق دون المقيد، والفرق أنه في الأولى يلزم من تشاغله بفعل النافلة ولو الراتبة خروج وقت الصلاة المحاضرة، وقد منع من قضاء الفرض ¬
ويجوز التأخيرُ لغرضٍ صحيحٍ: كانتظارِ رُفْقةٍ، أو جماعةٍ لها. وإن ذكر فائتة إمامٌ أحرَمَ بحاضرة لم يضق وقتُها: قطعها، كغيره إذا ضاق عنها وعن المستأنفَةِ، وإلا أتمها نفلًا، ومن شكَّ فيما عليه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حينئذٍ، فمنعه من التنفل بالأولى، بخلاف مسألة طلب الفورية، فإنه لا يلزم من فعل النافلة خروج وقت، بل تشاغله بسنة عن فرض فيمتنع عليه النفل المطلق، بخلاف الراتبة فإنها اغتُفرت لتبعيتها للفرض (¬1)، حتى قيل إنها تجبر خلل الفرض يوم القيامة (¬2). وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: قال أبو الفتح ابن جني (¬3) (¬4): "أودّ أن تقطع يد من كتب "إذن" بالألف وغرضه من ذلك الحرص (¬5) على التفرقة بينها وبين "إذا" وإلا ففي رقمها مذهبان مقرران". * قوله: (ويجوز التأخير)؛ أيْ: لقضاء الفائتة. * قوله: (وعن المستأنفة)؛ أيْ: الفائتة والحاضرة، فالمراد جنس المستأنفة. * قوله: (وأتمها)؛ أيْ: غير الإمام. ¬
وتَيقَّن (¬1) سبْقَ الوجوبِ أبرأ ذمتَه يقينًا، وإلا فما تَيقَّن وجوبَه. فلو تركَ عشرَ سجداتٍ من صلاةِ شهر قضى عشرةَ أيام، ومن نسيَ صلاةً من يوم وجهلها: قضَى خمسًا، وظهرًا وعصرًا من يومين وجهل السابقةَ تحرَّى بأيِّهما يبدأ؟، فإن استويا فبما شاء. ولو شكَّ مأمومٌ هل صلى الإمامُ الظهرَ أو العصرَ؟. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإلا فمما تيقن)؛ أيْ: لم يتيقن سَبْق الوجوب. * قوله: (قضى عشرة أيام)؛ احتياطًا، لا عشر صلوات فقط، لعدم وجود ما يعيِّنها. وبخطه: ولو قدرت من العشر الأُوَل لسقط الترتيب بالنسيان. * قوله: (قضى خمسًا)؛ أيْ: خمس صلوات؛ لأنه الأحوَط، ومقتضى وجوب قضاء خمس في هذه وجوب قضاء صلاة شهر في التي قبلها؛ لاحتمال كونه ما تركه من العشر الأُوَل، ويكون صلاة العشرين التي بعدها باطلة لعدم الترتيب. وقد يقال: الترتيب سقط بالنسيان (¬2). * قوله: (فإن استويا) بأن تحرَّى فلم يظهر له شيء. ¬
اعتبر بالوقت، فإن أشكل فالأصلُ عدم الإعادة. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (اعتبر بالوقت)؛ أيْ: اختبر بأدلة الوقت. * * *
3 - باب ستر العورة
3 - باب سترُ العورة: وهي: سَوْأةُ الإنسان، وكلّ ما يَستحي منه حتى عن نفسه. من شروط الصلاة، ويجبُ حتى خارجَها، وخلوةً، وفي ظلمةٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ستر العورة * قوله: (وهي سَوْأة الإنسان. . . إلى آخره) فيه أن هذا التعريف لا يناسب إلا المعنى اللغوي، لا الاصطلاحي، وأما شرعًا: فهي ما يجب ستره في الصلاة، أو يحرم النظر إليه في الجملة، كما ذكره شيخنا في حاشيته (¬1). وقول الشارح (¬2): "وهي؛ أيْ: العورة في اصطلاح الفقهاء، فيه ما فيه، وتبعه عليه شيخنا في شرحه (¬3). * قوله: (حتى خارجَها) كالتفسير لقول المنقح (¬4): "مطلقًا". * قوله: (وفي ظلمةٍ) انظر ما الحكمة في الفصل بـ "في" ولم يقل وظلمة على قياس ما قبله. ¬
لا من أسفلَ: بما لا يصف البشرةَ، ولو بنبات، ونحوِه، ومتصلٍ به كيَدِه ولحيتِه، لا باريةٍ، وحصيرٍ، ونحوهما، ممَّا يضره، ولا حُفَيْرةٍ، وطينٍ وماءٍ كدرٍ (¬1) لعدم، ويباحُ كشفُها لتداوٍ، وتخلٍّ، ونحوهما، ولمباحٍ، ومباحةٍ. وعورةُ ذكرٍ، وخنثى بلغا عشرًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بما لا يصف البشرة) متعلق بـ "يجب" أو "ستر"، والأول أولى. * قوله: (ونحوه) كورق وليف. * قوله: (لا باريه) هي ما يصنع من القصب الفارسي على هيئة الحصير (¬2). * قوله: (لعلم) هذه العبارة أولى من عبارة الإقناع (¬3)، فإنه زاد هناك قوله: "ولا بما يصف البشرة" وأسقط قول المص "لعدم"، فكلامه يوهم أنه إذا لم يجد إلا ما يصف البشرة لا يلزمه، مع أنه بعض ستر. * قوله: (ونحوهما) كحلق عانة، وختان، ومعرفة بلوغ، وبكارة، وثيوبة، وعيب، وكل حالة جوَّزت الكشف جوزت النظر، واللمس. * قوله: (وعورة ذكر وخنثى. . . إلخ) أعلم (¬4) أن حاصل الأقسام أحدٌ (¬5) وتسعون؛ لأن الإنسان إما أن يكون ذكرًا، أو أنثى، أو خنثى، وكل منها إما أن يكون حرًّا، أو رقيقًا، أو مُبعَّضًا، أو مدبرًا، أو معلقًا عتقه بصفة، أو مكاتبًا فهذه ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ثمانية عشر، وكل واحد [من الثمانية عشر] (¬1)، إما أن يكون بالغًا، أو مراهقًا، أو بلغ تمام عشر، أو ما بين سبع وعشر، أو دون سبع، وهذه خمسة، فإذا ضربتها في الثمانية عشر: بلغت تسعين، فزد عليها احتمال كون الأنثى أم ولد، تبلغ إحدى وتسعين، وبعضها يخالف بعضًا (¬2) من جهة ما يسمى عورة، فعورة الذكر البالغ، والمراهق، ومن بلغ تمام عشر سواء كان حرًّا، أو عبدًا، أو مُبعَّضًا، أو مكاتبًا، أو مدبرًا، أو معلقًا عتقه بصفة ما بين سرة وركبة، وابن سبع إلى عشر من جميع ذلك الفرجان، ومن دون السبع منه (¬3) لا حكم لعورته، فهذه ثلاثون. والأنثى البالغة الحرة كلها عورة في الصلاة إلا وجهها وهذا واحد، والبالغة غير الحرة سواء كانت أمة، أو أم ولد، أو مُبعَّضة، أو مدبرة، أو مكاتبة، أو معلقًا عتقها بصفة كالرجل البالغ، وهذه ستة. والأنثى غير البالغة إن كانت حرة فإن كانت مميزة، أو تم لها عشر، أو راهقت فكالرجل أيضًا، [وهذه ثلاث، وإن كانت دون التمييز فلا حكم لعورتها، وهذا واحد. وإن كانت غير حرة فإن كانت مميزة، أو بلغت عشرًا، أو راهقت فكالرجل أيضًا سواء] (¬4) كانت أمة، أو مُبعَّضة، أو مكاتبة، أو مدبرة، أو معلقًا عتقها بصفة، وهذه خمسة عشر، وإن كانت دون التمييز فلا حكم لعورتها بالأنواع الخمسة، وهذه خمسة. ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والخنثى إن كان حرًّا فإن كان بالغًا فكالحرة البالغة، وإن كان غير بالغ فإن كان مميزًا، أو بلغ عشرًا أو راهق فكالرجل، وإن كان دون السبع فلا حكم لعورته، وهذه خمسة، وإن كان رقيقًا فإن كان بالغًا فكالرجل، وكذا إن بلغ عشرًا، أو راهق. وإن كان ما بين سبع عشر فعورته الفرجان، وإن كان دون ذلك فلا حكم لعورته سواء كان الخنثى الرقيق قنًّا صرفًا، أو مُبعَّضًا، أو مكاتبًا، أو مدبرًا، أو معلقًا عتقه بصفة، وهذه خمسة وعشرون، فهذا حكم الإحدى والتسعين صورة، فحافظ عليها فإني لم أرها (¬1) مجموعة لغيري، بل هو من مواهب الوَهاب، والاعتماد فيه على ما فهم من كلام المص هنا، وفي كتاب النكاح (¬2)، فليحرر (¬3)!. ¬
وأمةٍ، وأمِّ ولدٍ، ومبعَّضةٍ، وحرةٍ مميزةٍ، ومراهقةٍ: ما بين سرة وركبة، وابن سبعٍ إلى عشرٍ: الفرجان، والحرة البالغةُ كلُها عورةٌ في الصلاة إلا وجهها. وسُنَّ (¬1) صلاةُ رجل في ثوبين، ويكفي سترُ عورته في نفل، وشُرط في فرضٍ: سترُ جميعِ (¬2) أحد عاتقيه بلباسٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وأمة وأم ولد، ومُبعَّضة) ظاهر صنيعه أنه لا يشترط ستر أحد العاتقَين في الثلاثة، وكذا الخنثى إذا كان رقيقًا، وهو كذلك، وأما الخنثى الحر فأمره ظاهر؛ لأنه إن كان أنثى فكله عورة إلا الوجه، وإن كان ذكرًا عُومل معاملة الرجال في وجوب ستر أحد (¬3) العاتقَين. * قوله: (إلى عشر) فالعشر غير داخلة، وإلا لعارض ما قبله. * قوله: (وشرط في فرض. . . إلخ) انظر هل المراد ما يشمل النذر، والفرض الكفائي؟ أو المراد خصوص فرض العين الواجب بأصل الشرع؟ استظهر شيخنا في شرحه (¬4) دخول فرض الكفاية، والظاهر أن مثله -بل أولى- النذر (¬5). * وقوله: (أحد عاتقَيه)؛ أيْ: الرجل، ومثله الخنثى. وبخطه: ولعل اليمين أولى بذلك. ¬
ولو وصفَ البشرة، وتُسنُّ صلاة حرةٍ في درعٍ (¬1)، وخمارٍ، ومِلْحَفة (¬2)، وتُكره في نقابٍ، وبرقع، ويُجزِئُ سترُ عورتِها. وإذا انكشفَ -لا عمدًا في صلاة من عورةٍ- يسيرٌ: لا يفحُشُ عرفًا في النظرِ، ولو طويلًا، أو كثيرٌ في قصير: لم تبطل. ومن صلى في غَصْبٍ ولو بعضَه ثوبًا، أو بقعةً، أو ذهبٍ، أو فضةٍ، أو حريرٍ أو غالبُه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وذا انكشف. . . إلى آخره) الأقسام ثمانية، تبطل في خمسة منها، وتصحُّ في ثلاثة، كما يؤخذ من كلامه. * قوله: (ومن صلَّى في غصب) هو أو ثمنه المعيَّن، أو الذي نوى الانتقاد منه غصب، على ما يأتي في الغصب (¬3). * قوله: (ثوبًا) ولو كان عليه غيره، قاله في الإقناع (¬4)، ومقتضى كلامهم ولو لم يَلِ العورة؛ لأن بعضه يتبع بعضًا في البيع، صرح به شيخنا في شرحه (¬5). * قوله: (أو ذهب) الذهب له أسماء، جمعها ابن مالك (¬6) في قوله: ¬
حيث حرُمَ، أو حجَّ بغَصْب، عالمًا ذاكرًا: لم يصحَّ، وإن غيَّر هيئةَ مسجدٍ: فكغصبه، لا إن منعه غيرَه. ولا يبطُلها لبسُ عمامةٍ، وخاتَمٍ منهيٍّ عنهما، ونحوهما. ـــــــــــــــــــــــــــــ نَضْر نَضِير نُضَّار زبْرج سِيَرا ... ء زُخْرُفًا عَسْجَدٌ عِقْيانُ الذهب والتِّبرُ ما لم يُذَب وأشْركوا ذهبًا ... مع فضةٍ في نسيكٍ هكذا العَرَبُ * قوله: (حيث حَرُم)؛ أيْ: بأن كان المصلي ذكرًا، وكان اللبس لغير حاجة، حاشية. * قوله: (عالمًا ذاكرًا) حالان من "صلَّى" أو "حج" وحذف نظيره، وليس من التنازع في الحال؛ لأنه لا يجوز -عربيةً- على الأصح (¬1). * قوله: (وإن غير هيئة مسجد فكغَصْب)؛ أيْ: في كونه لا تصحُّ صلاته فيه، أما الغير فصلاته صحيحة، قال في الرعاية (¬2): "ومن غصب مسجدًا، وغيَّر هيئته فهو كغَصْب مكان غيره في صلاته فيه"، انتهى. قال شيخنا في حاشية الإقناع (¬3): "وعلم منه أن صلاة غيره فيه صحيحة، لأنه ليس بغاصب له، ومنه يؤخذ صحة الصلاة بمساجد حريم النهر، إذ المصلي فيها غير غاصب للبقعة، إذ له الصلاة فيها لو لم تُبْنَ، كما كان له أن يصلي في المسجد قبل أن يُغَيَّر، -واللَّه أعلم-". ¬
ويصح ممن حُبِسَ بغصبٍ، وكذا بنجسةٍ، ويومئ برطبةٍ غايةَ ما يمكنُه ويجلسُ على قدميه، ويصلي عريانًا مع غصْبٍ، وفي حرير لعدمٍ ولا إعادةَ، وفي نجس لعدمٍ ويعيدُ، ولا يصح نفلُ آبِقٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وتصحُّ ممن حُبِس) لعله ما لم يكن حُبسِ بحق؛ لأنه قادر (¬1) على استخلاص نفسه، وفعل العبادة على الوجه المشروع، وكذا لو (¬2) كان المحبوس هو الغاصب؛ لأنه قادر على رفع يد نفسه عنها واستئذان ربها في صلاته فيها. * قوله: (ويومِئ برطبةٍ غايةَ ما يمكنُه) ليس المراد هنا بالإيماء الإيماء المعهود الذي هو الإشارة بالطرف والرأس، وإنما المراد أنه يركع حقيقة ويسجد حقيقة، لكن بحيث يقابل الأرض ولا يمسها، والمعنى ويومئ إلى الأرض المتنجسة بنجاسة رطبة، والقرينة على ذلك قول المص "غاية ما يمكنه". * قوله: (ويصلِّي عريانًا مع غصْبٍ) والفرق: أنه لم تعهد إباحته بخلاف الحرير، فإنه أبيح للعذر، وللمرأة. * قوله: (وفي نجس لعدمٍ وبعيدُ)؛ أيْ: ولو كان حريرًا، ويُقدم حينئذٍ على غَصْب. * قوله: (ولا يصحُّ نفلُ آبِقٍ) وظاهر الإطلاق صلاة، أو صيامًا، أو حجًّا، وسيأتي في الحج (¬3) ما ينافيه، وحمله في الحاشية (¬4) على نفل الصلاة، بقرينة السياق وما يأتي في الحج. ¬
ومن لم يجد إِلا ما يسترُ عورتَه أو الفرجين أو أحدهما سترَه، والدبرُ أولى، إِلا إذا كفَتْ مَنكِبَه وعجزَه فقط فيسترُهما. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: انظر هل المؤجِّر نفسه إجارة خاصة مثله، أو يقال إن المؤجر يصح نفلُه مع الحرمة؟ وعليه فليتأمل الفرق!، وصريح ما في المستوعب (¬1) في باب الإجارة، وتبعه في الإقناع (¬2) في بابه صلاة التطوع أنه ليس له إلا فعل السنن الراتبة، كالعبد، والولد، وأنه يحرم منعهم من ذلك، وحينئذٍ فيكون ما عداها على المنع فيوافق فيه الآبق. * قوله: (إلا إذا كفَتْ مَنكِبه) انظر هذا الاستثناء أهو متصل أم منقطع؟ وعلى القول بالاتصال فما المستثنى منه ما هو؟ وظاهر كلام الشرح الكبير (¬3) أنه مستثنى من قوله: "ومن لم يجد إلا ما يستر عورته سترها"، [وفيه نوع بُعْد، وربما يتراءى منه التناقض، والأولى أن يكون مستثنى من قوله: "أو الفرجَين" (¬4). * قوله: (فقط) قال في شرحه (¬5): "دون دُبُره"، وفي المقنع (¬6): "ومن لم يجد إلا ما يستر عورته سترها"] (¬7)،. . . . . . ¬
ويصلي جالسًا. ويلزمُه تحصيلُ سترةٍ (¬1) بثمن مثلِها، فإن زاد فكَمَاء وضوء. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في المبدع (¬2): "وحمله ابن عقيل (¬3) على سترة تتسع إن تركها على كتفيه وسدلها من ورائه، تستر دبره، وقدم في الفروع (¬4) أنه إذا وجد ما يستر مَنكِبه وعَجُزه فقط ستر ذلك وصلَّى جالسًا، نص عليه (¬5)، وهو المذهب (¬6)؛ لأن ستر المنكِبَين الحديثُ فيه أصح"، انتهى. ومقتضى هذه العبارات كلها أن العجز غير الدبر، وأنه يمكن ستر العجز دون الدبر، كما هو صريح الشرح (¬7)، وهو بديهي المنع (¬8). * قوله: (ويصلي جالسًا)؛ أيْ: استحبابًا، قاله في الإقناع (¬9)، ويعلم من الآتية؛ لأنه إذا كان لا يجب الجلوس عند تمام الكشف، فأولى أن لا يجب عند بعض الستر. * قوله: (فإن زاد فكَمَاء وضوء)؛ أيْ: فإن كانت الزيادة يسيرة لزمه ¬
وقبولُها عاريةً لا هبةً، فإن عدِم صَلَّى جالسًا ندبًا، يوميء، ولا يتربعُ، بل ينضامُّ. وإن وجدها مصلٍّ قريبةً عرفًا ستر وبنى، وإلا ابتدأ، وكدا من عُتقتْ فيها، واحتاجتْ إليها، وتصلِّي العراةُ جماعةً، وإمامُهم وسطًا وجوبًا فيهما، كلُّ نوع جانبًا، فإن شقَّ صلَّى الفاضلُ، واستدبر مفضولٌ، ثم عُكس، ومن أعاره سترتَه وصلى عريانًا: لم تصحَّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وإلا فلا، حاشية (¬1). * قوله: (لا هبة)؛ لأن فيه عارًا (¬2) عليه. واختار الموفق (¬3) وجوب قبولها هبة أيضًا، وقال: "إن العار حاصل على كل حال، وإن العار اللاحق له بكشف العورة أقوى من اللاحق له بقبول الهبة". * قوله: (واحتاجت إليها) بأن لم تكن قد تشبهت بالحرائر في سترهن قبل دخولها في الصلاة. * قوله: (وإمامهم وسطًا) أقول: ينبغي أن يقال مثله إذا (¬4) صَلَّى مع الإمام واحدًا على يمينه من المصافَّة، مع تقدم يسير تتميز به رتبة الإمام عن المأموم. * قوله: (وصلَّى عريانًا لم تصحَّ)؛ أيْ: إن كان قادرًا على استردادها، كما ¬
1 - فصل
وتُسنُّ إذا صلَّى ويُصلِّي بها واحدٌ فآخرُ، ويقدَّمُ إمامٌ معَ ضيق الوقت، والمرأة أولى. * * * 1 - فصل كُره في صلاةٍ سَدْلٌ، وهو: طرحُ ثوب على كتفيه، ولا يرد طرفَه على الأخرى، واشتمالُ الصَّمَّاء. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تقدم في التيمم (¬1). * قوله: (ويصلي بها واحد فآخر)؛ أيْ: مع سعة الوقت، ولا تدفع حينئذٍ لمن يصلي بهم إمامًا؛ لأن كل واحد منهم متمكن من السترة (¬2) على وجه الإنفراد وقدم السترة (¬3) على الوجه المذكور على الجماعة؛ لأن الستر شرط، والجماعة واجبة، والشرط أقوى من الواجب. فصل * قوله: (على الأخرى)؛ أيْ: على الكتف الأخرى، وعبارة الإقناع (¬4): "وهو أن يطرح ثوبًا على كتفَيه، ولا يرد طرفَيه على الكتف الأخرى"، وكلا العبارتَين لا يخلو عن شيء؛ لأنه لم يسبق للأخرى [مقابل فكان الأولى] (¬5) أن يقال: وهو ¬
وهو أن يضْطَبِعَ بثوبٍ ليس عليه غيره، وتغطيةُ وجه، وتلثُّمٌ على فمٍ وأنف، ولفُّ كمٍّ بلا سبب، ومطلقًا تشبُّهٌ بكفار. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أن يطرح ثوبًا على كتفَيه ولا يرد أحد (¬1) طرفَيه على أحد الكتفَين، أو: ولا يرد أحد طرفَيه على الطرف الآخر. * قوله: (وهو أن يضْطَبعَ) والاضطباع: أن يجعل وسط الرداء تحت عاتقه الأيمن، وطرفَيه على عاتقه الأيسر. * قوله: (على فمٍ وأنف) الواو بمعنى "أو" كما يعلم من كلام الشارح (¬2) حيث صرح بأن حكم الفم ثابت بالنص، والأنف [بالقياس عليه، ويعلم من كلامه أن تغطية بعض الوجه غير الفم والأنف] (¬3) -الذي لا يمنع من التمكن من (¬4) السجود، ولا من النطق بالحروف- أنه لا يكره، ما لم يوجد فيه العلة الثالثة، وهي التشبه بالمجوس. * قوله: (بلا سبب) كشدة برد، أو خوف مماسَّة نجاسة به. * قوله: (ومطلقًا تشبه بكفار)؛ أيْ: في صلاة، أو غيرها، ومقضى نهيِه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن التشبه بالكفار وقوله: "من تشبه بقوم فهو منهم" (¬5) أن يكون ذلك ¬
وصَليبٌ في ثوب ونحوه، وشدُّ وسط بمشبه شد (¬1) زُنَّار (¬2) وأنثى مطلقًا. ومشيٌ بنعل واحدة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حرامًا، إلا أن يحمل ذلك على التشديد (¬3). * ثم إن قوله: (وصَليبٌ في ثوب. . . إلخ) من جملة التشبه بالكفار، فانظر ما الحكمة في الإطناب به؟، وقد يقال: حكمته التنبيه على مخالفة ما صوَّبه في الإنصاف (¬4) من الحرمة، وذكر أنه من رواية صالح عن الإمام (¬5) (¬6). * قوله: (وأنثى مطلقًا)؛ أيْ: يكره للمرأة شد وسطها مطلقًا؛ أيْ: ولو كان بما لا يشبه شد زنار. * قوله: (بنعل) ونصه: "ولو يسيرًا لإصلاح أخرى (¬7) "، وصرح به في الآداب ¬
ولُبْسُه معصفرًا (¬1) في غير إحرامٍ، ومزعفرًا (¬2)، وأحمرَ مُصمتًا، وطَيْلسانًا وهو المقوَّر، وجلدًا مختلفًا في نجاسته. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصغرى (¬3) والمراد بلا حاجة، كمانع قام بإحدى رجلَيه منع من إمكان اللِّبس بها. * قوله: (ولُبسه)؛ أيْ: الرجل، لا المرأة. حاشية (¬4). * قوله: (مُعصفَرًا) في غير إحرام، وأما فيه فلا يكره نصًّا (¬5). * قوله: (ومُزعفَرًا)؛ أيْ: في غير إحرام، وأما فيه فيحرم -كما سيأتي (¬6) -. * قوله: (وهو المقوَّر) أما المدور؛ أيْ: المدار تحت الحلق فسنة، على ما في الحاشية (¬7)، نقلًا عن السيوطي (¬8). * قوله: (وجِلدًا مختلَفًا في نجاسته)؛ أيْ: مع الحكم بطهارته، خروجًا من الخلاف (¬9)، ومع الحكم بنجاسته يحرم إلا ما (¬10) نجس بموته ودَبْغ، -كما سبق (¬11) -، ¬
وافتراشُه، لا إلباسُه دابته، وكونُ ثيابِه فوقَ نصف ساقه، أو تحت كعبه بلا حاجة، وللمرأة زيادةٌ إلى ذراع. وحرم أن يسبلَها بلا حاجةٍ خُيلاءَ في غير حربٍ، وحتى على أنثى لُبْسُ ما فيه صورة حيوان، وتعليقه، وستر جُدُرٍ به، وتصويره، لا افتراشه وجعله مخدًّا. وعلى غيرِ أنثى حتى كافرٍ لبسُ ما كُلُّه أو غالبُه حرير ولو بطانةً وافتراشهُ، لا تحت صفيقٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شرح شيخنا (¬1). * قوله: (وللمرأة زيادةٌ)؛ أيْ: على ذيل الرجل. * قوله: (وحَرُم أن يُسبِلَها بلا حاجة خُيَلاءَ) هو على تقدير حرف إضراب؛ أيْ: بل هو خيلاء، أو على تقدير حرف العطف وهو: "أو"، وإلا فعبارته تقتضي: أنه إذا كان خيلاء لحاجة لا يحرم، وهو مشكل، واعترض ذلك الحجاوي في حاشيته (¬2) وقال: "وهو فاسد"، وقد علمت الجواب عنه. * قوله: (ما فيه صورة حيوان)؛ أيْ: يعيش فيها. * قوله: (لا تحت صفيقٍ) قد يقال: إنه في هذه الحالة صار كالبطانة، وظاهر تقرير شيخنا (¬3) أن البطانة المحرمة هي المتصلة، فلا يرد هذا. وأيضًا فليس هذا استعمالًا له عادة،. . . . . . ¬
ويصلِّي عليه، واستنادٌ إليه، وتعليقُه، وكتابةُ مهرٍ فيه، وسترُ جُدُرٍ به، غير الكعبة المشرَّفة، بلا ضرورةٍ، ومنسوجٌ ومموَّهٌ بذهبٍ أو فضة، لا مستحيلٌ لونُه، ولم يحصل منه شيء، وحريرٌ ساوى ما نسُج معه ظُهورًا. وخزٌّ: وهو ما سُدِّي (¬1) بإبْريْسَم (¬2)، وأُلحمَ (¬3) بوبر أو صوفٍ ونحوه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بخلافه (¬4) في البطانة؛ ولأنها تتبعه في البيع، فتدبر!. * قوله: (ويصلِّي عليه)؛ أيْ: فإنه تصح الصلاة، لكن مع الكراهة، -كما سيصرح به في الباب بعده (¬5) -. * قوله: (بلا ضرورة) راجع إلى الأول، لا لقوله: "غير الكعبة". * قوله: (ولم يحصل منه شيء)؛ أيْ بعرضه على النار. * قوله: (وحريرٌ ساوى)؛ أيْ: لا يحرم حرير ساوى. . . إلخ. * قوله: (وخز هو ما سُدِّي. . . إلخ) وأما عكس هذا (¬6) وهو المسمى ¬
أو خالصٌ لمرض أو حِكَّةٍ أو حرب، ولو بلا حاجة، ولا الكل لحاجة. وحرُم تشبُّه رجلٍ بأنثى وعكسُه في لباسٍ وغيرِه، وإلباسُ صبيٍّ ما حَرُم على رجلٍ، فلا تصح صَلاتُه فيه. ـــــــــــــــــــــــــــــ بالملحَّم، وهو ما سُدِّي بصوف أو نحوه، وألْحِمَ بإِبْرِيَسم فحرام على ما في الاختيارات (¬1). * قوله: (أو خالصٌ) عطف على "ساوى" لا على مستحيل لبُعده، وإن سلكه في شرحه (¬2). * قوله: (ولا الكل لحاجة) كبطانة بيضة، ودِرع، ونحوه. * قوله: (فلا تصح صَلاتُه فيه)؛ أيْ: إن كان مِثْلُه مما لا تصحُّ صلاة الرجل فيه، فلا ترد العمامة، والخاتم المنهي عنهما، وإن تناولهما عموم كلامه. وبخطه -رحمه اللَّه-: قد يقال: إن صلاة الصبي في ذلك [صحيحة، لأنهم صرحوا بأن عمده خطأ (¬3)، وصرحوا أيضًا بأن الرجل إذا لَبسه جاهلًا فالصلاة صحيحة] (¬4)، ولا حرمة (¬5) (¬6). ¬
ويباحُ من حرير: كيسُ مصحفٍ، وأزرارٌ، وخياطةٌ به، وحشو جبابٍ (¬1)، وفرشٍ، وعلمُ ثوب وهو: طرازه، ولبنةُ جيب: وهو الزيق، والجيبُ: ما ينفتح (¬2) على نَحْرٍ أو طَوقٍ. ورقاعٌ (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (والجيبُ ما ينفتح على نَحْرٍ أو طَوقٍ) انظر هذا التفسير مع قول صاحب الإقناع (¬4): "والجيبُ هو الطَّوقُ الذي يخرج منه الرأس" فإن بينهما تدافعًا قطعًا. والذي في القاموس (¬5) يدل للإقناع، وعبارته: "وجيبُ القميص ونحوه بالفتح، طَوقه"، ودعوى أنهما إطلاقان، تصرُّفٌ في اللغة لا دليل عليه، فليراجع (¬6)!. ¬
وسجُفُ فراءٍ (¬1)، لا فوقَ أربعِ أصابع مضمومةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وسجُفُ فراءٍ) هو قيد وقع موقع الغالب، يعني: وكذا سجُفُ غيرها، هذا معنى كلام ابن نصر اللَّه (¬2). وفي الآداب الكبرى (¬3) لصاحب الفروع: "سجُفُ فراءٍ ونحوها" وعليه فلا حاجة إلى بحث ابن نصر اللَّه الذي في الشرح (¬4)، ونقلنا بعضه هنا. * * * ¬
4 - باب اجتناب النجاسة
4 - باب اجتنابُ النجاسةِ، وهي: عينٌ، أو صفةٌ منع الشرعُ منها، بلا ضرورةٍ، لا لأذى فيها طبعًا، ولا لحق اللَّه -تعالى- أو غَيرِه شرعًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب اجتناب النجاسة * قوله: (منها) فيه استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه، إذ المنع من عين النجاسة حقيقي، وأما المنع من تناول الصفة فهو على معنى المنع من تناول القائمة به، إذ الصفة نفسها لا يتأتى تناولها. * قوله: (شرعًا) انظر ما فائدة قوله "شرعًا" مع قوله في الأول: "منع الشرع. . . إلى آخره"، فتأمل! وقد يقال: إنه راجع لقوله "أو غيره" والمعنى: أو منع منها، لكن لا لِحَقِّ غيره الثابت (¬1) بالشرع، ويكون احترازًا عن الحق الصُّوري، الثابت للغير من غير جهة الشرع، بأن غصب إنسان من آخر شيئًا، فإن المغصوب منه ليس ممنوعًا من التصرف فيما بيد الغاصب، وإن كان واضعًا يده عليه؛ لأن هذا ليس من جهة الشرع بل من جهة الاستيلاء والقهر، وهو لا حرمة له، ولا يضر تسمية مثل هذا حقًّا؛ لأنا قد أشرنا إلى أنه حق صورة، أو بالنظر لاعتقاد الغاصب، أو على سبيل المشاكلة، ¬
حيث لم يُعْف عنها بدن مُصلٍّ، وثويه، وبقعتهما، وعدم حملها: شرطٌ للصلاة. ـــــــــــــــــــــــــــــ وهي (¬1) تسمية الشيء باسم غيره لوقوعه في صحبته، كما قالوه في حديث التبكير إلى الجمعة في قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: ["فكأنما أهدى دجاجة، فكأنما أهدى بيضة"] (¬2) بعد "فكأنما أهدى بُدْنَة"، و"فكأنما أهدى بقرة" (¬3)، مع أن كلًّا من الدجاجة، والبيضة لا يسمى هديًا، لكن سَوَّغ ذلك وقوعه في صحبة ما يصح أن يسمى هديًا (¬4) (¬5)، وهذا وإن كان تكلفًا ظاهرًا، لكنَّه أولى من التكرار، تدبر وعاود النظر فيه مرَّة أخرى، وانظر هل يصح أن يتسلط عليه حينئذٍ قوله: "منع الشرع"؟ * قوله: (بَدَن مُصَلٍّ) انظر ما محله من الإعراب؟، ولعلّه مفعول فيه، أو على التوسع بحذف الجار وهو "عن"؛ لأن الاجتناب معناه التباعد، فكأنه قال: تباعد النجاسة، بمعنى إبعادها عن بَدَن المصلي. . . إلخ، يُقَرِّب هذا قول صاحب الفروع (¬6) بدل ذلك: "طهارة بَدَن المصلي، وسترته، وبقعته. . . إلخ، شرط". * قوله: (وعدم حملها) عطف على "اجتناب". * قوله: (شرط للصلاة) خبر لاجتناب وما عطف عليه، لكن لا بد من ¬
فتصح من حاملٍ مستجمرًا، وحيوانًا طاهرًا، وممن مس ثوبُه ثوبًا، أو حائطًا نجسًا لم يستند إليه أو قابلها راكعًا أو ساجدًا ولم يلاقها، أو صَلَّى على طاهرٍ من متنجِّسٍ طَرَفُه، ولو تحرك بحركته من غير متعلِّق ينجرُّ به، أو سقطتْ عليه فزالت، أو أزالها سريعًا، لا إن عجز عن إزالتِها عنه، أو نسيَها، أو جهل عينَها أو حكمَها أو أنها كانت في الصلاة، ثم علم، أو حمل قارورةً، أو آجُرَّةً (¬1) باطنُها نجسٌ أو بيضةً فيها (¬2) فرخ ميت. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حذف أو تأويل. * قوله: (فتصح من حاملٍ مستجمِرًا)؛ أيْ: لأن نجاسته معفوٌّ عنها، والتعليل بأنها نجاسة في معدنها (¬3) لا يخفى ما فيه، وأيضًا فالمثال الثاني مثال لما علل به، ولا حاجة إلى حمل كلام المص -رحمه اللَّه تعالى- على الإطناب. * قوله: (وحيوانًا طاهرًا)؛ أيْ: غير مأكول؛ لأن ما في بطنه نجس، وأما المأكول فلا فائدة في ذكره؛ لأنه لا نجاسة ببطنه. * قوله: (أو نسيها)؛ لأنه ترك شرطًا للصلاة، وشروط الصلاة لا تسقط بالنسيان. * قوله: (ثم علم) راجع للمسائل الأربع. ¬
أو مَذِرَةً (¬1)، أو عنقودًا حباتُها مستحيلة خمرًا. وإن طيَّن نجسةً، أو بَسط عليها، أو على حيوان نجس، أو حريرٍ طاهرًا صفقيًا، أو غَسل وجه آجُرٍّ وصلى عليه، أو على بساطٍ باطنُه فقط نجسٌ، أو علوٍّ سلفُه غصبٌ، أو سريرٍ تحته نجسٌ: كُرهت وصحَّت. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو مَذِرَةً) هذا يدل على أن البيضة المَذِرَة نجسة، ونُقل في الإنصاف (¬2) عن بعضهم (¬3) أنها طاهرة، وصححه (¬4)، والمص تبع في ذلك التنقيح (¬5) لما (¬6) ذكر في خطبته (¬7). * قوله: (أو حرير) مُكَرَّر مع قوله في الباب قبله (¬8) "وافتراشه لا تحت صفيقٍ"، فتنبه!. وقد يقال: ذكَره مع ما يكره، لبيان الكراهة التي لم تعلم ممَّا سبق، إذ (¬9) لم يتعرض هناك إلا لنفي الحرمة. * قوله: (أو علوٍّ)؛ أيْ: مباح، بأن كان بناؤه (¬10) قبل الغصب، أو بعده، لكن ¬
وإن خِيط جرحٌ أو جُبر عظمٌ، بخيط، أو عظم نجس فصحَّ: لم تجب إزالتُه مع ضرر، ولا يتيمم له إن غطاه اللحم، ومتى وَجبت فمات: أُزِيل إلا مع المُثْلة. ولا يلزم شاربَ خمر قيءٌ، وإن أُعيدت سنٌّ، أو أُذُنٌ، أو نحوُهما، فثبتت: فطاهرةٌ. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ كان الباني هو مالك السفل بعد غصبه، أو كان كلٌّ لواحدٍ، وغصب السفل، وصلَّى في العلو بإذن رب العلو، بخلاف ما إذا غصب محلًّا وبنى عليه، ثم صَلَّى في العلو، فإن الهواء تابع للقرار. * قوله: (إن غطَّاه اللحم) قال بعضهم (¬1): ومثله الوشم. * قوله: (إلا مع المُثْلة) وهي البشاعة (¬2)، لكن يبقى النظر في قوله: "إلا مع المُثْلة" فإنه متى كان هناك مُثْلة تَبينَّا أنها لم تكن وجبت عليه في الحياة. وأجاب الشيخ منصور -رحمه اللَّه تعالى- بأنه لا يلزم من حصول المُثْلة للميت (¬3) حصولها للحي، وهو كذلك، فإن لحم الحي يتماسك، فلا يمثل به، إلا ما كان عن كثير معالجة بخلاف لحم الميت. * قوله: (فثبتت فطاهرةٌ) وكذا إن لم تثبت؛ لأن ما أُبِيْنَ من حي كميتته، وميتة ¬
1 - فصل
1 - فصل ولا تصح تعبدًا صلاةٌ في مقبرة، ولا يضرُّ قبران، ولا ما دفن بداره، وحمامٍ وما يتبعه في بيع، وحُشٍّ، وأعطانِ إبلٍ؛ وهي: ما تقيم فيها وتأوي إليها، ومَجْزَرةٍ، ومَزْبَلةٍ، وقارعةِ الطريق، وأسطحتِها، وسطحِ نهر، سوى صلاةِ جنازةٍ في مقبرة وجمعةٍ وعيدٍ وجنازةٍ ونحوِها بطريق لضرورة، وغَصْب، وعلى راحلةٍ بطَريق. ـــــــــــــــــــــــــــــ الآدمي طاهرة على الصحيح (¬1) الذي مشى عليه المص -فيما تقدم (¬2) -، وهذا حاصل ما في حاشية الحجاوي (¬3). فصل * قوله: (في مقبرة)؛ أيْ: أرض وقَع الإقبار فيها بالفعل، لا ما أعد لذلك ولم يحصل بالفعل على ما في الإقناع (¬4). * قوله: (ونحوها)؛ أيْ: ممَّا تكثر له الجماعات، كالكسوف، والاستسقاء. * قوله: (وغَصْب) ظاهره ولو لغير ضرورة. قال شيخنا (¬5): "بدليل السياق، وهو ظاهر كلام. . . . . . ¬
وتصح في الكلِّ لعذرٍ، وتُكره إليها بلا حائلٍ ولو كمُؤْخِرة رحل، لا فيما علا عن جادةِ المسافر يَمنةً ويَسرةً. ولو غُيرتْ بما يزيلُ اسمها كجعل حمام دارًا وصلى فيها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ابن مُنَجَّا (¬1) (¬2)، فإنه قال: نص أحمد (¬3) على صحة الجمعة في الموضع المغصوب؛ لأنه إذا صلَّى الإمام الجمعة في موضع مغصوب، وامتنع النَّاس من الصلاة معه فيه (¬4) فاتَتهم الجمعة، ولذلك صحَّت خلف الخوارج، والمبتدعة، وفي الطريق لدعاء الحاجة إليها، وكذا الأعياد والجنازة. انتهى خلافًا لما في الإقناع" (¬5)، قاله في الحاشية (¬6). * قوله: (وتصحُّ في الكل لعذر) صرح في المبدع (¬7) بأن خشية فوات الوقت ¬
صحَّت، وكمقبرةٍ مسجدٌ حدث بها. ولا يصح فرضٌ في الكعبة، ولا على ظهرِها إلا إذا وقف على منتهاها بحيث لم يبق وراءَه شيءٌ، أو خارجِها، وسجد فيها، وتصح نافلةً ومنذورةٌ (¬1) فيها وعليها، ما لم يسجد على منتهاها. ويُسنُّ نفلُه فيها وفي الحِجْرِ، وهو منها، وقدُره: ستةُ أذرع وشيءٌ ويصح التوجه إليه مطلقًا، والفرض فيه كداخلها، وتُكره بأرض الخسف. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ليست من الأعذار المبيحة للصلاة فيها. * قوله: (وكمقبرة مسجد حدث بها)؛ أيْ: فلا تصحُّ الصلاة فيه، كما لا تصحُّ الصلاة فيها، وأما عكسه فالصلاة صحيحة فيه مع الكراهة. * قوله: (وسجد فيها)؛ أيْ: أو عليها. * قوله: (ومنذورة فيها) قال في الاختيارات (¬2): "وإن نذر الصلاة في الكعبة جاز كما لو نذر الصلاة على الراحلة، وأما إن نذر الصلاة مطلقًا اعتبر فيها شروط الفريضة؛ لأن النذر المطلق يحذى به حذو الفرائض". * قوله: (ما لم يسجد على منتهاها) فإن صلاته لا تصحُّ ولو نفلًا؛ لأنه يصير عند السجود مستدبرًا لجميع أجزائها. * قوله: (مطلقًا) من مكي وغيره، قاله الحجاوي (¬3). ¬
لا (¬1) ببيعةٍ وكنيسةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا ببيعة وكنيسة)؛ أيْ: مطلقًا، سواء كان فيها صورة أم لا، وقيل: يكره إن كان فيها صورة (¬2). * * * ¬
5 - باب استقبال القبلة
5 - باب استقبال القبلة استقبالُ القبلة: شرطٌ للصلاة معَ القدرةِ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب استقبال القبلة السين ليست للطلب بل إما للتأكيد، أو أنه قصد كونها جزء من العلم، فلا دلالة لها عند العلمية على شيء كالزاي من زيد. * فائدة: صلَّى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالمدينة إلى بيت المقدس، قيل: سبعة عشر شهرًا (¬1)، وقيل: ثمانية عشر (¬2)، وقيل: ستة عشر (¬3)، وقيل لقرآن، وقيل لسنة، ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقاله (¬1) أكثر العلماء ولم يصرحوا بصَلاته قبل الهجرة، وسئل عنها ابن عقيل (¬2) فقال: الجواب ذكر ابن أبي خيثمة (¬3) (¬4) في تاريخه، أنه قيل: إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صلَّى إلى الكعبة قبل الهجرة (¬5)،. . . . . . ¬
إلا في نفلِ مسافرٍ ولو ماشيًا سفرًا مباحًا، ولو قصيرًا، لا راكبٍ تعاسيفَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وصلَّى إلى بيت المقدس بالمدينة (¬1). * قوله: (إلا في نفل مسافر) قال في الحاشية (¬2) بعد توضيح قول المص الآتي: "ويستقبل راكب، ويركع، ويسجد إن أمكن بلا مشقة، وإلا فإلى جهة سيره"، ما نصه: "تنبيه: قد ظهر لك أن استثناء نفلِ المسافر إنما هو إذا لم يمكنه الاستقبال بلا مشقة، فقوله في شرحه (¬3): بشرط تعذر الاستقبال عليه ليس مرادًا، بل المراد ما ذكر في المتن هنا؛ يعني: فالشرط التعسر المعبَّر عنه بوجود المشقة، لا التعذر. * قوله: (سفرًا مباحًا) المراد بالمباح ما قابل المحرم، والمكروه فقط، ويحمل المباح على حقيقته، وهو ما استوى طرفاه، ويعلم منه حكم المندوب، والواجب بالأولى. * قوله: (لا راكبٍ تعاسيفَ) وهو ركوب الفلاة وقطعها على غير صَوْب. ¬
لكن إن لم يُعْذر من عدلتْ به دابتُه، أو عدل (¬1) إلى غيرِها عن جهة سيره معَ علمِه، أو عُذِر وطال: بطُلت. وإن وقف لتعب دابتهِ، أو منتظرًا رُفْقَةً، أو لم يسِرْ لسيرِهم، أو نوى النزولَ ببلدٍ دخلَه، أو نزل في أثنائها: استقبل ويُتِمُّها. ويصح نذرُه الصلاة عليها، وإن ركب ماشٍ في نفل. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لكن إن لم يُعْذر من عدلتْ به دابتُه. . . إلخ)؛ أيْ: عن جهة سيره إلى جهة غير القبلة، [أما إذا عدلت عن جهة سيره إلى جهة القبلة] (¬2) فلا يضر، فقوله: "عن جهة سيره" قيد في المسألَتين -كما هو ظاهر-. وحاصل المسألة الأولى: أنه ترك العَوْد إلى القبلة مع القدرة، وحاصل الثانية أنه (¬3) استدبرها في أثناء الصلاة قصدًا، فتدبر!. * قوله: (أو لم يسِر لسيرهم)؛ يعني: بل (¬4) قصد التخلف عنهم لغرض. * قوله: (نذر الصلاة)؛ أيْ: منذورها أو التزامهها عليها، والثانية واضحة، والأولى قد (¬5) يتوقف فيها، وهي ما إذا نذر أن يصلِّي ركعتَين وأطلق، فمقتضى عموم العبارة أنها تصح على الراحلة، ولم أرَ فيها نقلًا من خارج، فليحرر النقل!. ثم رأيت ما نقلته سابقًا (¬6) في مسألة الكعبة. . . . . . ¬
1 - فصل
أتمَّه، وتبطل بركوب غيره وعلى ماشٍ إحرامٌ، وركوعٌ، وسجودٌ إليها، ويستقبلُ راكبٌ، ويركعُ ويسجدُ إن أمكن بلا مشقة، وإلا فإلى جهة سيره ويؤمئ، ويلزم قادرًا جعل سجوده أخفضَ، والطمأنينة. * * * 1 - فصل وفرضُ من قرب منها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عن صاحب الاختيارات (¬1)، ويؤخذ منه الصحة هنا، وعدم الصحة في الكعبة؛ لأنه قال: "إن النذر المطلق يذهب به مذهب الفرض"، والفرض لا يصحُّ في الكعبة، ويصحُّ على الراحلة إذا استوفت فروضها، وشرائطها، -كما يأتي (¬2) في صلاة أهل الأعذار-. * قوله: (وتبطل بركوب كيره)؛ أيْ: غير الماشي، كالواقف الغير الماشي، والجالس. * قوله: (وعلى ماشٍ إحرام وركوع وسجود إليها) قال في الإقناع (¬3) بعد هذا: "ويفعل الباقي إلى جهة سيره"، وظاهره بل صريحه أنه يتشهد التشهد الأخير أيضًا إلى جهة سيره ماشيًا، مع أنهم سيصرحون بأن (¬4) الجلوس له ركن (¬5)، فتأمل وحَرِّر!. فصل ¬
أو من مسجدِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إصابةُ العين ببدنه، ولا يضرُّ علوٌّ ولا نزولٌ، إلا إن تعذر بحائل أصليٍّ كجبل فيجتهد إلى عينها. ومن بَعُدَ وهو: من لم يقدر على المعاينةِ، ولا على من يخبرُه عن علم: إصابةُ الجهة بالاجتهاد، ويعفى عن انحرافٍ يسير. فإن أمكنه ذلك بخبر مكلَّفٍ عدلٍ ظاهرًا وباطنًا عن يقين، أو استدلالٌ بمحاريبَ علم أنها للمسلمين: لزمه العملُ به. ومنى اشتبهتْ سفرًا اجتهد في طلبِها بالدلائل، ويُستحب تعلُّمها مع أدلةِ الوقت، فإن دخل وخفيتْ عليه لزمَه، ويقلِّد لضيقه. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فيجتهد إلى عينها)؛ أيْ: في التوجه إلى عينها. * قوله: (وهو من لم يقدر. . . إلخ) هذا يشمل من كان قريبًا من الكعبة، وحال بينه وبينها نحو جبل، ولم يجد من يخبره بيقين عن العين، ومن كان محبوسًا بمحلٍّ تعذر عليه فيه استقبال العين، فيقتضي أنه ينتقل مجانًا إلى استقبال الجهة، وهو ينافي ما قبله من قوله: "إلا إن تعذر بحائل أصلي كجبل فيجتهد إلى عينها" وقد يقال: إن النص على الأُولى قرينة على عدم إرادة شمول ما هنا لها. * قوله: (فإن أمكنه ذلك)؛ أيْ: ما هو واجب عليه، كالعين في حق من قَرُب، والجهة في حق من بَعُد. حاشية (¬1) (¬2). * قوله: (عَدْل. . . إلخ)؛ أيْ: لا فاسق، لكن يصح التوجه إلى قبلة الفاسق ¬
وأثبتُها القطبُ، وهو: نجمٌ يكون وراءَ ظهرِ المصلِّي بالشام وما حاذاها، وخلفَ أُذنه اليمنى بالمشرِق، وعلى عاتِقه الأيسر بمصرَ وما والاه. والشمسُ، والقمرُ، ومنازلُهما وما يقترن بها ويقاربها، كلُّها تطلعُ من المشرق وتغرب بالمغرب (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ في بيته، فلو شك في حاله قُبِل قوله في الأصح (¬2)، وإن شك في إسلامه فلا. حاشية (¬3) (¬4). * قوله: (وأثبتها القطب. . . إلخ) ويشير إلى ضبط ذلك قول بعضهم (¬5): مَن وَاجَه القطْبَ بأرض اليَمَن ... وعكسُهُ الشامُ وخلفَ الأُذُن عراقٍ اليُمنى ويُسرى مِصر ... قد صَحَّحَ استقبالَه في العُمُر قوله: "عراق"؛ أيْ: وجَعْلَه بعراق خلف الأذن اليمنى، وبمصر خلف الأذن اليسر، فكل من "عراق" و"مصر" مجرور بالعطف على "أرض اليمن" مع تقدير متعلق مناسب، كـ "جَعْل" -كما أشرنا إليه-. * قوله: (والشمس والقمر)؛ أيْ: ومن أدلتها. * قوله: (ويقاربها كلها)؛ أيْ: كل ما ذكر، حتى القمر بوصف كونه قمرًا، ¬
والرياحُ، وأمهاتها أربع: الجنوبُ: ومهبُّها قبلةُ أهل الشام من مطلع سُهيل (¬1) إلى مطلع الشمس في الشتاء، وبالعراق إلى بطن كتف المصلي اليسرى مارةً إلى يمينه. والشَّمالُ: مقابلتُها ومهبُّها من القطب إلى معرب الشمس في الصيف. والصَّبَا: وتسمى القبول من يَسرة المصلي بالشام، لأنه من مطلع الشمس صيفًا إلى مطلع العَيُّوق، وبالعراق إلى خلف أذن المصلي اليسرى مارةً إلى يمينه. والدَّبُورُ: مقابِلتُها لأنها تهبُ بين القبلة والمغرب. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأما الهلال فيطلع من المغرب، وهو هلال إلى ثلاث -كما يأتي (¬2) -، وقد أشار إلى ذلك من قال (¬3): الغَربُ شيء نفيس ... ولي بهذا أدلة الشمس تسعى إليه ... ومنه تبدو الأهلة * قوله: (وتسمى القبول)؛ لأنها تقابل باب الكعبة. * قوله: (والدبور) سميت بذلك؛ لأن مهبها من دبر الكعبة، ولكل من هذه ¬
وبالعراق مستقبلةً شطرَ وجه المصلي الأيمن. ولا يتبع مجتهدٌ مجتهدًا خالفه، ولا يقتدي به إلا إن اتفقا، فإن بان لأحدهما الخطأُ انحرف وأتمَّ، ويتبعهُ من قلَّده، وينوي المؤتم منهما المفارقة، ويتبعُ وجوبًا جاهلٌ وأعمى الأوثقَ عنده، ويخيَّر مع تساوٍ كعامِّي في الفُتيا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الرياح صفات، وخواص، تميز بعضها عن بعض عند ذوي الخبرة بها. فالجنوب حارة رطبة، والشمال (¬1) باردة يابسة، وهي ريح أهل الجنة التي تهب عليهم، كما رواه مسلم (¬2)، والصبا حارة يابسة، والدبور باردة رطبة. * قوله: (ولا يتبع مجتهد مجتهدًا خالفه) ومثل ذلك المجتهد الواحد، لا يجوز له العمل باجتهاده الأول، لأن الثاني أبطله، ويُعلم ذلك مما يأتي (¬3) من (¬4) قوله: "ويجب تحرٍ لكل صلاة. . . إلخ". * قوله: (ويتبعه من قلده) لكن لو قلد شخص اثنين لم يرجع برجوع أحدهما؛ لأنه دخل فيها بظاهر، فلا يزول إلا بمثله، ذكره في المبدع (¬5)، ونقله عنه في الحاشية (¬6). ¬
وإن صلَّى بصير حضرًا فأخطأ، أو أعمى بلا دليل: أعادا. فإن لم يظهر لمجتهدٍ جهةٌ، أو لم يجد أعمى أو جاهلٌ من يقلده فتحرَّيا، أو أخطأ مجتهدٌ، أو قلد فأخطأ مقلده سفرًا فلا إعادة. وبجبُ تحرٍّ لكل صلاة، فإن تغير ولو فيها: عَمِل بالثاني وبنى، وإن ظنَّ الخطأ فقط: بطُلت، ومن أُخبر فيها بالخطأ يقينًا: لزم (¬1) قبولُه. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو أعمى بلا دليل)؛ أيْ: من (¬2) استخبار بصير (¬3)، أو استدلال بلمس محراب أو نحوه، مما يدله على القبلة. * وقوله: (أعادا)؛ أيْ: البصير المخطئ ولو اجتهد، والأعمى ولو لم يخطئ القبلة، لأن الحضر ليس بمحل اجتهاد، بقدرة من فيه على الاستدلال بالمحاريب ونحوها، ويوجود المخبر عن يقين غالبًا، فهو مفرط، وكذلك الأعمى؛ لأن فرضه التقليد، أو الاستدلال، وقد تركه مع القدرة، قاله شيخنا في شرحه (¬4). * قوله: (فقط)، أيْ: من غير أن يظهر له جهة صواب غيرها. * قوله: (ومن أخبر)؛ أيْ: من ثقة (¬5). * قوله: (لزم قبوله) وهل يستأنِف أو يبني؟ (¬6). ¬
6 - باب النية
6 - باب النيةُ: العزمُ على فعل الشيء. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب النية محلها القلب، والتلفظ ليس بشرط، إذ الغرض جعل العبادة للَّه -تعالى-، وذلك حاصل بالنية، لكن زاد ابن الجوزي (¬1) وغيره (¬2) أنه يستحب أن يلفظ بما نواه، وإن سبق لسانه إلى غير ما نواه لم يضر (¬3). وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: ولا يشترط في النية إضافة الفعل إلى اللَّه -تعالى-، بأن يقول: للَّه، أو فريضة للَّه ونحوه؛ لأن العبادات لا تكون إلا للَّه (¬4)، ¬
ويزادُ في عبادة: تقربًا إلى اللَّه -تعالى-. وهي شرطٌ لا يسقط بحال، ولا يمنعُ صحتها قصدُ تعليمها، أو خلاصٍ من خصم، أو إدمانِ سهر. والأفضلُ: أن تقارِنَ التكبيرَ، فإن تقدمته بيسير لا قبل وقت أداءٍ وراتبةٍ، ولم يرتدَّ أو يفسخْها: صحَّت. ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا عدد الركعات، بان يقول: أصلِّي الفجر ركعتين، أو الظهر أربعًا، لكن إن نوى مثلًا الظهر ثلاثًا أو خمسًا لم تصحَّ، ولا أن يضيف إلى نية الصلاة نية الاستقبال بأن يقول: أصلِّي كذا مستقبلًا. * قوله: (ويزاد في عبادة)؛ أيْ: في تعريف نية العبادة. * قوله: (ولا يمنع صحتها)؛ أيْ: صحة ما هي شرط له، كالصلاة هنا. وبخطه: قال في الفروع (¬1): "والمراد: لا يمنع الصحة بعد إتيانه بالنية المعتبرة، لا أنه لا ينقص ثوابه، ولهذا ذكره ابن الجوزي فيما ينقص الأجر، ومثله قصده مع نية الصوم هضم الطعام، أو قصده مع نية الحج رؤية البلاد النائية، ونحو ذلك"، انتهى. وقال ابن الجوزي (¬2) في الممتزج بشَوْب من الرياء وحظ النفس: "إن تساوى الباعثان فلا له ولا عليه، وإلا أُثِيب وأثِم بقدره"، انتهى. * قوله: (فإن تقدمتَه بيسير) ظاهره ولو فعل شيئًا من المبطلات، كالكلام، أو حمل النجاسة، أو العري لغير عذر، أو استدبار القبلة، أو غير ذلك مما يبطل ¬
ويجب استصحابُ حكمها: فتبطل بفسخ في الصلاةِ، وتردُّد فيه، وعزم عليه لا على محظور. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصلاة غير الثلاثة المذكورة، وهو كذلك؛ لأنهم صححوا -على ما سيأتي- نية الفرض من قاعد (¬1). قال في شرحه (¬2): هناك "ولو كان مستدبرًا". وقال في الإقناع (¬3): "صحَّت حتى ولو تكلم بعدها وقبل التكبير، وكذا لو أتى بها قاعدًا"؛ انتهى، وغاية الأمر أنه يفوِّت بذلك أفضلية المقارنة. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: المراد باليسير ما لا تفوت به الموالاة، كما تقدم (¬4) [في الغسل] (¬5). * قوله: (ويجب استصحاب حكمها)؛ أيْ: إلى آخر الصلاة، دون ذكرها، فلو ذهل عنها، أو عزبت عنه في أثناء الصلاة لم تبطل؛ لأن التحرز من هذا غير ممكن، وقياسًا على الصوم وغيره. * قوله: (وتردد فيه)؛ أيْ: في الفسخ في أثناء الصلاة؛ لأن استدامة النية شرط لصحتها، ومع التردد تبطل الاستدامة، وفي ذلك وجه (¬6)؛ لأنه دخل بنية متيقنة فلا تزول بالشك. * قوله: (وعزم عليه)؛ أيْ: على فسخها؛ [لأن النية عزم جازم، ومع العزم ¬
وبشكِّه هل نوى أو عيَّن؟ فعمل معه عملًا ثم ذكر. وشُرط مع نية الصلاة تعيينُ معينةٍ، لا قضاءٌ في فائتة، وأداءٌ في حاضرة، وفرضيَّةٌ في فرض، وتصح نيةُ فرض من قاعد، وقضاءٌ بنيَّة أداء وعكسُه، إذا بان خلافَ ظنِّه، لا إن علم. ـــــــــــــــــــــــــــــ على فسخها لا جزم، فلا نِية وفي ذلك وجه (¬1). وقيل: تبطل بالعزم على فسخها] (¬2) دون التردد فيه (¬3). * قوله: (هل نوى)؛ أيْ: أنَوَى (¬4) أم لم ينوِ. * قوله: (أو عين)؛ أيْ: هل عين ظهرًا، أو عصرًا، أو مغربًا، أو عشاءً؟، وظاهر السياق، وكلام الشارح (¬5) يقتضي أن الصلاة تبطل حتى في هذه الصورة. قال شيخنا: "وينبغي أن يقال في هذه الصورة ببطلان الفرضية، لا ببطلان الصلاة رأسًا". * قوله: (وشرط مع نِية الصلاة. . . إلى آخره) كان ينبغي تقديمه على قوله: "وبِشَكِّه هل نوى أو عيَّن". * قوله: (لا إن علم)؛ أيْ: لا إن تحقق في حال نِية القضاء بقاء الوقت، وفي حال نية الأداء خروجه، فإنها لا تصحُّ؛ لأنه متلاعب. ومحلُّه إذا كان قد قصد المعنى الاصطلاحي، أما إن قصد المعنى اللغوي فإن نيته صحيحة، لأن كلًّا منهما ¬
وإن أحرم بفرض في وقتِه المتسع ثم قلبه نفلًا: صح مطلقًا، وكُره لغير غرضٍ، وإن انتقل إلى آخرَ: بطُل فرضُه، وصار نفلًا، إن استمر ولم ينوِ الثاني من أوله بتكبيرة إحرام، فإن نواه: صح. ومن أتى بما يفسد الفرض فقط: انقلب نفلًا، وينقلب نفلًا ما بان عدمه كفائتة، فلم تكن. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يستعمل بمعنى الآخر لغةً، وإلى هذا يشير كلام المحشِّي (¬1). * قوله: (المتسع) فإن كان ضيقًا لزمه استئناف فرضه. * قوله: (صح مطلقًا)؛ أيْ: سواء صلَّى الأكثر منها كثلاث من ظهر، أو اثنتين من مغرب، أو لا، وسواء كان انتقاله لغرض صحيح، مثل أن يحرم منفردًا، ثم تقام الجماعة ويريد الصلاة جماعة، أو لم يكن له غرض صحيح، ووجه ذلك أن النفل يدخل في نية الفرض، أشبه ما لو أحرم بفرض فبان قبل وقته، وكما لو قلبه لغرض صحيح، وعنه: لا يصح أن يقلبه نفلًا لغير غرض صحيح (¬2)، فتبطل الصلاة بذلك؛ لأنه أبطل عمله لغير فائدة. * قوله: (بطل فرضه)؛ أيْ: الأول. * قوله: (ومن أتى بما يفسد الفرض. . . إلى آخره) كما لو ترك القيام لغير عذر أو ترك رجل ستر أحد عاتقَيه، أو صلَّى في الكعبة، أو اقتدى بمتنفِّل، أو بصبي مع اعتقاد جوازه، أو شرب شيئًا يسيرًا، أو نحو ذلك، وهذا الكلام يدل بظاهره على أن له الإتمام مطلقًا، ولعل محلَّه ما لم يكن إمامًا، أو يضِق الوقت، بناءً على ما ذكروه ¬
أو لم يدخل وقتُه، وإن علم: لم تنعقد. ـــــــــــــــــــــــــــــ فيمن أحرم بحاضرة، ثم تذكر أن عليه فائتة (¬1)، ويمكن أن يقال: إن قولهم بصحة الانقلاب (¬2) لا ينافي حرمة الإتمام في بعض الأحوال، وضيق الوقت أو كونه إمامًا إنما يقتضي كون القطع واجبًا، لا عدم صحة الانتقال، ولا ينافيه ما يأتي في قوله في الباب الآتي (¬3) في التكبير: "فإن أتى به أو ابتدأه أو أتمه غير قائم، صحَّت نفلًا إن اتسع الوقت"؛ لأن ذلك بعد انعقادها وهم يغتفرون في الثواني ما لا يغتفرونه في الأوائل (¬4). * قوله: (أو لم يدخل) عطف على "بأن" مع تقدير "ما" المفسرة في كلام الشارح (¬5) بفرض، والمعنى (¬6): وينقلب نفلًا فرض بان عَدَمَه كَفَائِتِه. . . إلخ، أو فرض لم يدخل وقته. ¬
1 - فصل
1 - فصل وتُشترط لجماعةٍ نيةُ كلٍّ حالَه، وإن نفلًا. فإن اعتقد كلٌّ أنه إمام الآخر أو مأمُومه، أو نوى إمامةَ من لا يصح أن يؤمَّه كأميٍّ قارئًا، أو شك في كونه إمامًا أو مأمومًا: لم تصح، فإن ائتم مقيمٌ بمثله إذا سلم إمامٌ مسافرٌ، أو من سُبق بمثلِه في قضاء ما فاتهما. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (لم تصحَّ)؛ أيْ: صلاة واحد منهما، وكذا إن عين إمامًا، أو مأمومًا فأخطأ لا إن ظن على الصحيح (¬1). قال بعض الأصحاب: "وإن عين جنازة فوجهان (¬2) "، قال في الحاشية (¬3). * قوله: (أو من سبق بمثله) انظر هل المراد المثلية في عدد الركعات، وظاهر كلامهم أنه غير معتبر، ولا يصح أن يحمل أيضًا على المثلية في مطلق السبق، لما سيأتي (¬4) للمصنف في مسألة الاستخلاف-، أن للإمام أن يستخلف من لم يدخل معه في الصلاة، حيث قال: "والأصح يبتدئ الفاتحة من لم يدخل معه" فإنه صريح في أن استخلافه صحيح، غير أن عليه البداءة، إلا أن يقال: إن قوله: "أو من سبق بمثله" مجرد ¬
في غيرِ جمعةٍ: صحَّ. ولا يصح أن يأتمَّ من لم ينوه أولًا، إلا إذا أحرم إمامًا لغيبة إمام الحي، ثم حضر وبنى على صلاةِ الأول، وصار الإمامُ مأمومًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تصوير (¬1)، لا تقييد للمسألة بصورة معينة، لا يصح الائتمام في غيرها (¬2). * قوله: (في غير جمعة صحَّ)؛ لأنه انتقال من جماعة إلى جماعة، واستثناء الجمعة قيل: لِعِلَّةِ اشتراط العدد لها، فيلزم لو ائتم تسيعة وثلاثون بآخر تصحُّ (¬3)، وقال القاضي (¬4): لأنها إذا أقيمت بمسجد لم تُقَم فيه مرة ثانية، وفي هذا نظر، فإنه (¬5) ليس في هذا إقامة ثانية، وإنما هو تكميل لها بجماعة، فغايته أنها فُعلت بجماعة، وهذا لا يضر كما لو صُليت الركعة الأولى منها (¬6) بستين، ثم فارقه عشرون وصُليت الثانية بأربعين. * قوله: (ولا يصح أن يأتمَّ. . . إلخ) وأما صورة السبق والقصر، فالمأموم نوى الائتمام في أول صلاته، وغايته تغير الإمام، وذلك غير مُضرٍّ، كما لو استخلف الإمام لعذر. * قوله: (لغيبة إمام الحي)؛ أيْ: أو بإذنه. ¬
ولا أن يؤم بلا عُذْرِ السبق والقصرِ، إلا إذا استخلفه إمام لحدوثِ مرضٍ أو خوفٍ أو حَصْرٍ عن قولٍ واجب، ويبنى على ترتيب الأول ولو مسبوقًا ويستخلِفُ من يسلمُ بهم، فإن لم يفعل فلهم السلامُ والانتظارُ، والأصحُّ يبتدئ الفاتحة من لم يدخل معه. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا أن يؤمَّ. . . إلخ)؛ أيْ: ولا يصح أن يؤمَّ من لم ينوه أولًا، ولا تصح صلاته كما يعلم من المبدع (¬1)، قاله في الحاشية (¬2). * قوله: (ويبني. . . إلخ)؛ أيْ: من قراءة، أو تكبير، أو تسميع، أو تحميد، أو تسبيح، أو تشهد، أو سلام لوجود العذر مع بقاء كل من الإمام ومن معه. وبخطه: قوله: (على ترتيب الأول)؛ أيْ: في القول والفعل، ويقابل الأصح الآتي كما يعلم من التنقيح (¬3). * قوله: (والأصح يبتدئ الفاتحة) فيقرأ سرًّا ما قرأه الإمام، ثم يجهر إن كانت جهرية ويبني على اليقين إن شك كم صلَّى الإمام، فإن سبَّح به المأموم رجع (¬4). وبخطه: ومن استخلف فيما لا يُعتَدَّ له به، اعتُدَّ به مأموم. وقال ابن حامد (¬5) (¬6): "إن استخلفه؛ يعني: من لم يدخل معه في الركوع أو فيما بعده قرأ لنفسه، وانتظره المأموم، ثم ركع ولحق المأموم". ¬
وتصحُّ نيةُ الإمامة (¬1) ظانًا حضورَ مأموم، لا شاكًا، وتبطلُ إن لم يحضر، أو حضرَ أو كان حاضرًا ولم يدخل معه، لا إن دخل ثم انصرف، وصح لعذرٍ يبيح تركَ الجماعة أن ينفردَ إمامٌ، ومأموم. ويقرأُ مأموم فارقَ في قيامٍ أو يكملُ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في الإقناع (¬2): "وهو مراد غيره ولا بد منه". * قوله: (إن لم يحضر)؛ أيْ: قبل رفعه من الركوع. * قوله: (لا إن دخل ثم انصرف) ويتمها الإمام منفردًا -على ما يأتي (¬3) -. * قوله: (وصحَّ لعذرٍ. . . إلخ) كتطويل إمام، ومرض، وغلبة نعاس أو شيء يفسد صلاته، أو خوف على أهل، أو مال، أو فَوت رفقة، أو خرج (¬4) من الصف مغلوبًا، ولم يجد من يقف معه. قال في الفصول (¬5): "وإن كان الإمام يتعجل ولا يتميز انفراده عنه بنوع تعجيل، لم يُجز انفراده، وإنما يملك الانفراد إذا استفاد به تعجيل لحوقه لحاجته". قال في الفروع (¬6): "ولم أجد خلافه، ويعايا بها"، فيقال: لنا مأموم قام (¬7) ¬
وبعدَها له الركوعُ في الحال، فإن ظن في صلاة سرٍّ أن إمامَه قرأ لم يقرأ، وفي ثانيةِ جمعةٍ يتمُّ جمعةً. وتبطلُ صلاةُ مأمومٍ ببطلانِ صلاةِ إمامه مطلقًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ به عذر يبيح الانفراد ولم تجوِّزه له، وقد يقال: إنه صار عند التحقيق لا عذر له، حيث كان الإمام يعجل، ولا يستفيد من صَلاته وحده تقصيرًا لزمن صلاته عن صلاة الإمام. وكتب -رحمه اللَّه تعالى- على قول الفصول "لم يجُز" ما نصه: أيْ: ولم يصحَّ، بدليل قول الشيخ في الشرح (¬1) "فإن لم يكن عذر بطُلت صَلاته"، انتهى، وقد تبين أنه لا عذر حينئذٍ، وإن كان مقتضى كلام صاحب الفصول الحرمة فقط. * قوله: (مطلقًا)؛ أيْ: سواء كان لعذر أو غيره، وقد تبع المص في هذا الإطلاق المنقح (¬2)، قال الحجاوي في حاشيته (¬3) بعد نقل ذلك عنه: "وقد ذكر في باب سجود السهو (¬4) فيما إذا سبَّحوا بالإمام فلم يرجع، أن صَلاته تبطل وصلاة من اتبعه عالمًا عامدًا وإن فارقه، أو كان جاهلًا أو ناسيًا لم تبطل، فتناقض كلامه، فما هنا مبني على رواية، وهي المذهب (¬5)، وما في سجود السهو مبني على رواية مرجوحة (¬6) "، انتهى ملخصًا. ¬
لا عكسُه، ويتمُّها منفردًا، ومن خرج من صلاة يظنُّ أنه أحدث فلم يكن: بطُلتْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا عكسه)؛ أيْ: لا تبطل صلاة الإمام ببطلان صلاة المأموم، ولو لم يكن معه غيره، قاله في الحاشية (¬1). وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: ما لم يكن من العدد المعتبر في الجمعة أو العيدين. * قوله: (بطُلت)، أيْ: بنفس الخروج؛ لأنه فسخ للنية. * * * ¬
7 - باب صفة الصلاة
7 - باب صفة الصلاة سُنَّ خروجٌ إليها بسكينةٍ ووقارٍ، وإذا دخل المسجد قال: "بسم اللَّه والسلام على رسول اللَّه، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب صفة الصلاة أيْ: كيفيتها. * قوله: (بسكينة)، أيْ: طمأنينة. * قوله: (ووقار)؛ أيْ: رزانة، وفي مختار الصحاح (¬1): "الوقار بالفتح: الحلم والرزانة"، وفيه أيضًا (¬2): "السكينة الوداع (¬3) والوقار"، انتهى. ولعل المراد بالوداع: الدَّعة والسكون، وهو قريب من الطمأنينة، وعلى كلام المختار يكون العطف في كلام المص من شبه العطف التفسيري. * قوله: (والسلام على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-) هذا الموضع مما يدل على عدم كراهة إفراد السلام عن الصلاة. وقال أيضًا -رحمه اللَّه تعالى- ما نصه: فالاقتصار على السلام هنا وعلى ¬
ويقولُه إذا خرج إلا أنه يقول: "أبواب فضلك" (¬1). وقيامُ إمامٍ فغيرِ مقيمٍ إليها، إذا قال المقيم: "قد قامت الصلاة". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصلاة في دعاء القنوت (¬2) دليل على كراهة إفراد أحدهما من الآخر، وهو المذهب، كما صرح به في المبدع (¬3)، وصرح به أيضًا المنقح في شرح خطبة التحرير (¬4). * قوله: (إلا أنه يقول أبواب فضلك) الفرق بين المحلَّين أن المساجد محل (¬5) تنزل الرحمة فيه، وخارج المساجد محل التعيُّش وطلب الرزق، وهو فضل من اللَّه وإحسان، فطلب في (¬6) كل مكان ما يليق به. * قوله: (قيام إمام)؛ أيْ: تهيُّؤه، حتى يشمل حركة العاجز عن القيام، قاله في المبدع (¬7). * قوله: (فغير مقيم)؛ أيْ: فمأموم غير مقيم. * قوله: (إذا قال المقيم قد قامت الصلاة)؛ أيْ: إذا قال "قد" من قوله "قد قامت الصلاة" كما هو مصرح به في عبارة غيره (¬8). ¬
إن رأى الإمام، وإلا فعند رؤيته. ثم يسوِّي إمامٌ الصفوفَ بمنكبٍ وكعبٍ، وسُنَّ تكميلُ أولٍ فأول، والمراصَّةُ، ويمنَةٌ، وأولٌ لرجالٍ أفضل. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (إن رأى الإمام) انظر هذا القيد وما فائدته بعد العطف بالفاء في قوله "فغير مقيم" المقتضية للترتيب والتعقيب، وأن قيام غير المقيم لا يكون إلا بعد قيام الإمام، وهذا لا يمكن إلا بعد رؤيته وتحقق أن الإمام قد تقدمه؟. وأقول: كون ما ذكر لا يكون إلا بعد رؤيته مُسَلَّم، وأما كونه لا يكون إلا بعد تحقق أن الإمام قد تقدمه فممنوع، فإنه يجوز (¬1) أن يرى الإمام، ولكن لا يسبقه في القيام، فنبَّه المص على أمرين: أن قيامه لا يكون إلا بعد رؤية الإمام وقيامه (¬2)، لا بعد رؤيته فقط، حتى يصدق بقيامه قَبْله. * قوله: (ثم يسوِّي الإمام. . . إلى آخره) بأن يلتفت عن يمينه فيقول: استووا رحمكم اللَّه (¬3)، وعن يساره كذلك، أو: اعتدلوا -رحمكم اللَّه-. * قوله: (وأول لرجالٍ أفضلُ) في الفروع (¬4): "وظاهر ما حكاه أحمد عن عبد الرزاق أن تقدمه أفضل، وفي وصية. . . . . . ¬
وهو: ما يقطعه المنبر، ثم يقول قائمًا مع قدرة لمكتوبة: "اللَّه أكبر" (¬1) مرتَّبًا متواليًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ ابن الجوزي لولده (¬2): اقصد وراء الإمام، ويتوجه احتمال أن بُعْد يمينه ليس أفضل من قرْب يساره، ولعله مرادهم". قال ابن نصر اللَّه (¬3): "وإنما قال يتوجه احتمال؛ لأن ظاهر كلامهم أن (¬4) الأبعد عن اليمين أفضل ممن على اليسار ولو كان أقرب، وهو أقوى عندي، لخصوصية جهة اليمين بمطلق الفضل، كما أن من وقف وراء الإمام أفضل، ولو كان في آخر الصف ممن هو على يمين الإمام ملتصقًا به"؛ انتهى. * قوله: (وهو: ما يقطعه المنبر) المراد: ما يلي الإمام ولو قطعه المنبر، وليس المراد بالصف الأول أول صف كامل يلي الإمام، كما يقوله المخالف (¬5)، وهذه نكتة تفسير المص له. * قوله: (لمكتوبة)؛ أيْ: مفروضة، يشمل الفرض الكفائي، والنذر، وظاهر كلامه الاختصاص بفرض العين فقط. * قوله: (اللَّه كبر) قال القاضي. . . . . . ¬
فإن أتى به، أو ابتدأه، أو أتمَّه غيرَ قائم: صحَّت نفلًا إن اتسع الوقتُ، وتنعقد إن مدَّ اللام، لا همزة اللَّه، أو أكبر أو قال: أكبار، أو الأكبر. ويلزمُ جاهلًا تعلمُها، فإن عجَز أو ضاق الوقتُ كبر بلغته، وإن عرف لغاتٍ فيها أفضلُ كبَّر به، وإلا فيخيَّر، وكذا كلُّ ذكر واجب، وإن علم البعضَ أتَى به، وإن تَرْجَم عن مستحب: بطُلت. ـــــــــــــــــــــــــــــ عياض (¬1) (¬2): "والحكمة في افتتاح الصلاة بهذا اللفظ استحضار المصلي عظَمة من تهيأ لخدمته، والوقوف بين يديه، ليمتلئ هيبة، فيخضع قلبه ويخشع، ولا يغيب". * قوله: (أو ابتدأه أو أتمَّه. . . إلخ) ينبغي أن يقيد بما إذا لم يكن إمامًا، لما سبق من لزوم القطع في مثلها إذا كان إمامًا، ولم ينبِّه عليه المحشي (¬3)، لعله لعلمه مما سبق. * قوله: (فيها أفضل) كالسرياني مع الفارسي، فإن السرياني أفضل. * قوله: (وإلا فيخير)؛ أيْ: وإن لم يكن إحداهما (¬4) أفضل كالتركي، والهندي. * قوله: (وإن ترجم عن مستحب) في الصحاح (¬5): "يقال ترجم كلامه: إذا ¬
ويُحرمُ أخرسُ ونحوُه بقلبه، وسُنَّ جهرُ إمامٍ بتكبير، وتسميعٍ، وتسليمة أولى، وقراءةٍ في جهرية بحيث يسمع من خلفه، وأدناه: سماعُ غيره، وإسرارُ غيره بتكبير وسلام، وفي القراءة تفصيل يأتي (¬1). وكُره جهر مأموم، إلا بتكبيرٍ وتحميدٍ وسلامٍ لحاجة: فيسن، وجَهَرُ كلِّ مصل في ركنٍ وواجب بقدر ما يُسمِعُ نفسه، ومعَ مانعٍ بحيث يحصلُ السماعُ مع عدمه: فرضٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فسره لسان آخر، ومنه الترجمان"، انتهى المراد، ومنه تعلم أن نطق الإنسان بلغة نفسه لا يقال له ترجمة، فكان حق العبارة حينئذٍ: وإن أتى بمستحب بلغته المغايرة للعربية بطُلت. . . إلخ. * قوله: (ونحوه) كالمقطوع لسانه، والعاجز عن النطق. * قوله: (وسُن جهر امام بتكبير)؛ أيْ: بكل تكبير. * قوله: (بتكبير)؛ أيْ: وتسميع. * قوله: (لحاجة) ككون الإمام لا يُسْمِع جميعهم، فيجهر (¬2) من سمعه ليسمع البقية. * قوله: (وجهر. . . إلخ) هو مبتدأ، خبره "فرض". * وقوله: (في ركن)؛ أيْ: مطلوب منه، فلا يجهر المأموم بالفاتحة. * وقوله: (فرض) (¬3)؛ أيْ: مطلوب، أعمُّ من أن يكون على جهة الفرضية، ¬
وسُنَّ رفعُ يديه أو إحداهما عجزًا مع ابتداء التكبير ممدودتَيْ الأصابعِ مضمومتَيها مستقبِلًا ببطونهما القبلةَ إلى حذو منكبيه إن لم يكن عذر، ويُنهيه معه، ويسقطُ بفراغِ التكبير، ثم وضعُ كفٍّ يمنى على كوع يسرى وجعلُهما تحت سرته، ونظرُه إلى موضع سجودِه، إلا في صلاة خوفٍ ونحوه لحاجة. ثم يستفتح فيقول: "سبحانك اللهم وبحمدك، وتباركَ اسمُك وتعالى جَدُّك، ولا إله غيرك" (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
ثم يستعيذُ، ثم يقرأ البسملة وهي آيةٌ فاصلةٌ بين كلِّ سورتين سوى براءةَ، فيُكْره ابتداؤُها بها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كما هو كذلك في الذكر المفروض، أو على جهة الوجوب، كما هو كذلك في الذكر الواجب. * قوله: (وهي. . . إلخ) هذا لا محل له هنا؛ لأنه لا يتصور إلا في غير بسملة الفاتحة، فلعل المراد من شأنها ذلك ونحوه. ثم رأيت في حاشية السمرقندي (¬1) على تفسير القاضي البيضاوي (¬2) (¬3) ما نصه: "وحصول الفائدة الأولى، يعني الفصل بالنسبة إلى سورة الفاتحة تظهر عند عود الخاتم إلى الصدر"، انتهى، يعني: عند وصل آخر القرآن بأوله، وآخره: قل أعوذ برب الناس، وأوله: الفاتحة. ¬
ولا يُسَنُّ جهرٌ بشيءٍ من ذلك، ثم الفاتحةَ وفيها إحدى عشرة تشديدةً، فإن ترك واحدة أو ترتيبَها أو قطَعها غيرُ مأموم بسُكوت طويل أو ذكرٍ أو دعاء أو قرآن كثير: لزمه استئنافها إن تعمَّد، وكان غيرَ مشروع. فإذا فرغ قال: آمين، وحرُم وبطُلت إن شدَّد ميمها، يجهر بها إمام ومأموم معًا، وغيرهما فيما يُجهر فيه، فإن تركه إمام أو أسره: أتى به مأموم جهرًا، ويلزم جاهلًا تعلُّمها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لزمه استئنافها) هذا واضح في غير ترك التشديدة، أما فيها فكان القياس أن يعيد تلك الكلمة التي ترك تشديدتها (¬1)، ما لم تفُت الموالاة، كذا بحثه شيخنا (¬2). ثم رأيت ذلك في شرح الفروع لابن نصر اللَّه (¬3)، وعبارته عند قول صاحب الفروع (¬4) (فلو ترك واحدة ابتدأ): "وهذا إذا فات محلُّها، وبعد عنه، بحيث يخل (¬5) بالموالاة، أما لو كان قريبًا منه، فأعاد الكلمة أجزأه ذلك؛ لأنه يكون بمثابة من نطق بها على غير الصواب، فيأتي بها على وجه الصواب"، انتهى ملخصًا، وفيها فوائد في هذا المحل فراجعها. * قوله: (يجهر بها إمام ومأموم معًا) هذا (¬6) هو السنة، وقوله -عليه السلام- ¬
فإن ضاق الوقت: لزمه قراءة قدرِها في الحروف والآيات، فإن لم يعرف إلا آية: كررَّها بقدرها، فإن لم يُحْسن قرآنًا حرُم ترجمته ولزم قولُ: "سبحان اللَّه، والحمد للَّه، ولا إله إلا اللَّه، واللَّه أكبر" (¬1) فإن عرف بعضه: كرره بقدره. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ "إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا" (¬2) معناه: إذا أراد، جمعًا بين الحديثين، بل وليوافق أول هذا الحديث آخره، وهو: "فإنه من وافق تأمينُه تأمين الإمام غفر له". * قوله: (قدرِها في الحروف) المراد بكونه يأتي (¬3) بقدرها في الحروف، والآيات أن لا ينقص عنهما، فلا تضر الزيادة لما يأتي من أنها لا تبطل بالتسبيح، ولا بالذكر. * قوله: (فإن لم يُحسِن قرآنا حَرُم ترجمته) ومن هنا يؤخذ أنه لا يجوز رواية القرآن [بالمعنى، للإخلال بنظمه المعجِز. * قوله: (ولزِم قول سبحان اللَّه. . . إلى آخره) في غاية المطلب (¬4) "وذكر ¬
وإلا وقف بقدر القراءة، ومن صلى وتلقَّف القراءة من غيره: صحَّت. ثم يقرأ سورة كاملة ندبًا من طوال المفصَّل في الفجر، وقِصاره في المغرب، وفي الباقي من أوساطه. ولا يُكره لعذر: كمرض وسفر ونحوهما، بأقصر من ذلك. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جماعة (¬1) ولا حول ولا قوة إلا باللَّه". * قوله: (وإلا وقف بقدر القراءة)، (¬2) قال في غاية المطلب (¬3): "وقال القاضي: يحرك لسانه في وقوفه"، انتهى، كإمرار الموسى في الحلق أو التقصير، خلافًا له (¬4)، وهو مطالب بالفرق، قاله تاج الدين البَهوتي (¬5). * قوله: (صحَّت)؛ أيْ: صلاته، وقد خلت جملة الجزاء من رابط يربطها بالشرط لفظًا، لكنه موجود تقديرًا، كما أشرنا إليه، فإن الضمير في "صحَّت" عائد على الصلاة المضافة إلى ضمير "من" وكأن ذلك الضمير مذكور، وهو كافٍ في مثل هذا المقام، كما صرح به بعضهم (¬6). * قوله: (وفي الباقي من أوساطه) ظاهره أن الظهر، والعصر على حد سواء، ¬
وإلا كره بقِصاره في فجر، لا بطِواله في مغرب. وأوله: "ق". ولا يُعتدُّ بالسورة قبل الفاتحة، وحَرمُ تنكيس الكلمات، وتبطل به، لا السورِ والآياتِ، ويُكره كَـ: بِكُلِّ القرآن في فرض، أو بالفاتحة فقط، لا تكرارُ سورةٍ، أو تفريقُها في ركعتين، ولا جمعُ سورٍ في ركعة ولو في فرض، ولا قراءةُ أواخرِ السُّورِ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويخالفه ما يأتي في حاشية شيخنا (¬1) في باب سجود السهو من (¬2) أنه سئل الإمام أحمد عن إمام صلَّى بقوم العصر، فظَن أنها الظهر، فطوَّل القراءة ثم ذكر، فقال: "يعيد ويعيدون (¬3) "، انتهى، فإنه صريح في طلب تطويل القراءة في الظهر عنها في العصر، فتدبر!. * قوله: (لا السور والآيات) ظاهر الاطلاق كراهة تنكيس السور، ولو كان بينهما أكثر من ثلاث سور. وعند أبي حنيفة: أن الكراهة مقيدة بما إذا لم تكن السورتين المنكستين ثلاث سور، بأن كانتا متواليتين، أو كان بينها أقل من ثلاث، كذا نقله بعض الحنفية عنهم (¬4). * وقوله: (والآيات) هذا مشكل، إذ الترتيب في الآيات أيضًا قد ثبت بالنص، وقد يقال: سلَّمنا ذلك، لكن العلة اختلال النظم المعجِز، وهو غير موجود في ¬
وأوساطِها، أو ملازمةُ سورة مع اعتقادِ جواز غيرها، ويجهرُ إمامٌ بقراءة في الصبح وأوَّلَتَيْ مغرب وعشاء، وكُره لمأموم، ونهارًا في نَفْل. ويُخيَّرُ منفردٌ، وقائمٌ لقضاءِ ما فاتَه، ويُسِر في قضاء صلاة جهر نهارًا، ويجهر بها ليلًا في جماعة، وفي نفل يراعي المصلحة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الآيات، فعلى كلام الشيخ تقي الدين من أنه أيضًا واجب (¬1)، أنه يحرم أيضًا تنكيس الآيات، ولكن لا تبطل به الصلاة، لعدم إخلاله بالنظم. * قوله: (وأوساطها) قال في الإقناع (¬2): "كأوائلها"، وإنما لم ينص عليه المص؛ لأنه ليس محلًا للخلاف. * قوله: (مع اعتقاد جواز غيرها) انظر إذا كان يعتقد جواز غيرها، ويوهم غيره عدم جوازه، هل يكره قياسًا على ما قالوه في الملازمة على صلاة الضحى (¬3)، وعلى صلاة صبح الجمعة بـ (السجدة والإنسان) (¬4)، وصلاة نفس الجمعة بـ (سبَّح والغاشية) (¬5)؟ * قوله: (ويجهر إمام بقراءة في الصبح. . . إلخ) وسكت عن الجمعة؛ لأنها ستأتي في بابها (¬6)، ومثله يقال في العيدين، والكسوف، والاستسقاء، والتراويح، والوتر. ¬
ولا تصح بقراءة تخرج عن مصحف عثمان. ثم يركعُ مكبرًا رافعًا يديْه مع ابتدائِه، فيضعُ يديْه مُفَرَّجَتيْ الأصابع على ركبتيه، ويمدُّ ظهره مستويًا، ويجعلُ رأسه حياله (¬1). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا تصح بقراءة تخرج عن مصحف عثمان) كقراءة ابن مسعود: "فصيام ثلاثة أيام متتابعات" (¬2) والمراد بخروجه عنه: أن لا يكون موجودًا فيه، ولو وافق العشرة، وبعدم (¬3) خروجه عنه: وجوده فيه، وصحة إسناده إلى صحابي، كما يؤخذ من كلام ابن نصر اللَّه (¬4). وظاهر هذا أنه لا بد من اجتماع الشروط الثلاثة المعتبرة عند القراء، وهو كذلك، والشروط الثلاثة مذكورة في طيبة ابن الجزري (¬5) (¬6) (¬7) ونصها: ¬
ويُجَافي مرفقيه عن جنبيه. والمجزئ: بحيث يمكن وسطًا مَسُّ ركبتيه بيديه، وقدرُه من غيرِه، ومن قاعدٍ: مقابلةُ وجهه ما وراء ركبتيه من أرض أدنى مقابلة، وتتمتُها الكمالُ، وينوِيْه أحدبُ لا يمكنُه. ويقولُ: "سبحانَ ربي العظيم" (¬1). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فكلُّ ما وافق وَجْهَ نَحْو ... وكان للرَّسْم احتمالًا يَحْوي وصحَّ إسنادًا هو القرآن ... فهذه الثلاثةُ الأركان وحيثما يختلُّ رُكن أُثبت ... شُذُوذُه لو أنه في السَّبعة * قوله: (والمجزئ بحيث)؛ أيْ: الإنحناء بحيث. . . إلخ، فقوله: "بحيث" متعلق بمحذوف، هو الخبر. وبخطه: جَوَّزَ بعضهم (¬2) كون "حيث" في قوله -تعالى-: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام: 124]، مفعولًا به، فيثبت بذلك تصرفها، فلا اعتراض على ¬
ثلاثًا (¬1)، وهو أدنى الكمال، وأعلاه لإمام عشرٌ (¬2)، ولمنفرد العرفُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المص في جرها بالباء، فليحرر (¬3)!. ¬
كذا: "سبحان ربي الأعلى" في سجود (¬1)، والكمالُ في: "رب اغفر لي" بين السجدتين (¬2) ثلاثٌ، في غير صلاة كسوف في الكلِّ، ثم يرفعُ رأسه معَ يديه قائلًا إمامٌ ومنفرد: "سمع اللَّه لمن حمده" (¬3) مرتبًا وجوبًا. ثم إن شاء وضعَ يمينَه على شماله أو أرْسلهُمَا، فإذا قام قال: "ربنَّا ولك الحمدُ مِلْءَ السماءَ، وملْءَ الأرضِ، وملْءَ ما شئتَ من شَيْءٍ بعد" (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (إمام) كان الظاهر النصب، على أن يكون حالًا من ضمير "قائلًا" ولعل رَفْعه إما على البدلية من ذلك الضمير، أو على أنه خبر لمبتدأ محذوف، والجملة حال منه. * قوله: (فإذا قام)؛ أيْ: استوى قائمًا. ¬
ويُحمِّدُ فقط مأمومٌ ويأتي به في رفْعه (¬1)، ثم يَخرُّ مكبرًا ولا يرفع يديه، فيضعُ ركبتيه، ثم يدَيْه، ثم جبهتَه وأنفَه، ويكونُ على أطراف أصابعه. والسجودُ على هذه الأعضاء بالمصلي ركنٌ معَ القَدْرةِ، لا مباشرتُها بشيء منها، وكُرِه تركُها بلا عذرٍ، ويُجْزئ بعض كلِّ عُضْوٍ، ومن عجز بالجبهة لم يلزمُه بغيرِها، ويُومِئُ ما يمْكِنُه. وسُنَّ: أن يجافيَ عَضُدَيْه عن جنبيْهِ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (على هذه الأعضاء)؛ أيْ،: السبعة. * قوله: (وكره تركها)؛ أيْ: ترك المباشرة، فيما قيل فيه بوجوب المباشرة، كالجبهة، والكَّفين على قول (¬2). * قوله: (ومن عجز بالجبهة)؛ أيْ: عن السجود بالجبهة. * قوله: (لم يلزمه بغيرها) مقتضى الحديث السابق، وهو قوله -عليه السلام-: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم" (¬3) أنه يلزمه السجود (¬4) على ما عداها من بقية السبعة. ¬
وبطنَه عن فخذيْهِ، وهما عن ساقيْهِ ما لم يؤذ جارَه (¬1)، وبضِعُ يديْهِ حذوَ منكبيْهِ مضمومتَي الأصابع وله أن يعتمدَ بمرفِقَيْهِ على فخذيْهِ إن طالَ، ويفرِّقَ ركبتيه وأصابعَ رجليه، ويوجهها إلى القبلة، ويقول: تسبيحة. ثم يرفعُ مكبّرًا، ويجلسُ مفترشًا على يُسْراه، وينصبُ يمناه، ويثني أصابِعها نحو القبلة، ويبسطُ يديه على فخذيه مضمومتيْ الأصابع، ثم يقولُ: "ربِّ اغفر لي" وتقدم، ثم يسجدُ كالأولى، ثم يرفعُ مكبرًا قائمًا على صدورِ قدميْهِ معتمدًا على ركبتيه، فإن شقَّ فبالأرض. ثم يأتي بمثلها إلا في تجديد نيةٍ، وتحريمةٍ، واستفتاحٍ، وتعوذٍ إن تعوذ في الأولى، ثم يجلسُ مفترشًا، ويضعُ يديه على فخذيه يقبضُ من يُمْناه الخُنْصُرَ والبُنْصرَ، ويحلِّقُ الإبهامَ مع الوسطى، وببسطُ أصابعَ يُسْراه مضمومةً إلى القبلةِ، ثم يتشهدُ سرًّا فيقول: "التحياتُ للَّه، والصلواتُ، والطيباتُ، السلامُ عليك أيها النبيُّ ورحمةُ اللَّه وبركاتُه، السلامُ علينا وعلى عباد اللَّه الصالحين. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ثم يرفع مكبِّرًا قائمًا)؛ أيْ: من السجدة الثانية، حال كونه مكبِّرًا قائمًا، هو صريح في أنه ليس بينهما جلسة استراحة، وهو المذهب -على ما يأتي (¬2) -. * قوله: (إلى القِبلة)؛ أيْ: موجهة إلى القبلة، فليس متعلقًا بمضمومة، -كما هو ظاهر-. ¬
أشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأشهد أن محمدًا عبدهُ ورسولُه" (¬1)، ويشيرُ بسبابِة اليُمْنى من غيرِ تحريكٍ في تشهده ودعائِه مطلقًا عند ذكر اللَّه -تعالى-. ثم ينهضُ في مغرب ورباعيةٍ مكبرًا، ولا يرْفعُ يديْه، ويصلِّي الباقي كذلك إلا أنه يُسِرُّ، ولا يزيدُ على الفاتحة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ودعائه مطلقًا)؛ أيْ: في الصلاة وغيرها. * قوله: (عند ذكر اللَّه) انظر هل المراد عند ذكر لفظ اللَّه، أو عند كل لفظ دل على اللَّه، حتى اللهم، والضمائر؟، فليراجع!. ثم رأيت ابن نصر اللَّه أفصح عن المسألة، وعبارته في شرحه على الفروع (¬2): "أيْ: عند ذكر لفظ اللَّه، ومقتضى ذلك أنه يشير بها في تشهده أربع مرات؛ لأن فيه ذكر اللَّه أربع مرات"، انتهى. * قوله: (ويصلِّي الباقي كذلك)؛ أيْ: كالركعة الثانية، لا كالركعتين الأوليين، كما فعله الشارح (¬3)؛ لأنه يحوج إلى استثناء ما تقدم، من تجديد النية، وما معها، إلا أن يراد يفعل في الباقي مثل ما فعله مشتركًا بين الأوليين، فلا يرد المختص بالأولى، وفيه من التكلف ما لا يخفى. * [قوله: (ولا يزيد. . . إلخ)؛ أيْ: لا يُسَن أن يزيد، لا أنه يكره، صرح ¬
ثم يجلسُ متَورِّكًا: يفرُشُ اليسرى، وينصبُ اليمنى، ويُخرِجُهما عن يمينِه، ويجعلُ أليتَيْه على الأرضِ. ثم يتشهدُ التشهُدَ الأول؛ ثم يقول: "اللهمَّ صلِّ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ كما صليتَ على آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد" (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ به شيخنا (¬2)] (¬3). * قوله: (كما صليت على آل إبراهيم) الذي اختاره ابن كمال باشا (¬4) (¬5) في حل الإشكال المشهور في المقام، من أن هذه العبارة في متعارفهم تقتضي أن تكون الصلاة عليه -صلى اللَّه عليه وسلم- أدوَن من الصلاة (¬6) على إبراهيم -عليه السلام-، إذ يجب أن يكون وجه الشبه في المشبه به أقوى منه في المشبه. حاصله: أن التشبيه في كون كل من الصلاتَين أفضل من الصلاة على السابقين، ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فتكون الصلاة على نبينا أفضل من الصلاة على السابقين عليه، ومنهم إبراهيم، كما أن الصلاة على إبراهيم أفضل من الصلاة على من سبقله من الأنبياء، فيلزم من التشبيه المذكور كون الصلاة على المصطفى أفضل من الصلاة على إبراهيم، هذا ما نقله عن غيره (¬1)، وقال إنه وجه وجيه رشيق، وتدقيق أنيق. ثم قال من عِنْدِيَاته ما حاصله: إنه لا يلزم مما ذكر تفضيل الصلاة على آله -صلى اللَّه عليه وسلم- على الصلاة على آل إبراهيم، مع أنهم أنبياء، فيلزم تفضيل آل محمد على الأنبياء، قياسًا على سابقه؛ لأن المراد تفضيل مجموع الصلاة على النبي وعلى الآل، على مجموع الصلاة على إبراهيم وعلى آله، على أنه يمكن أن يقال: تفضيل الشيء على الشيء قد يكون من بعض الوجوه دون بعض، كما حقق في موضعه، إذ معنى التفضيل: هو الزيادة على أن الصلاة على إبراهيم باعتبار هذه الوجوه أولى، لما يعضده من بعض الأحاديث، وقوة وجه الشبه في المشبه به حينئذٍ باعتبار الظهور والشهرة. فإن قلت: إذا كان قوة وجه الشبه في المشبه به لأجل الظهور فليكتف بذلك من أول الأمر، حتى لا يلزم كون الصلاة على إبراهيم وآله أفضل من الصلاة على النبي وآله من غير احتياج إلى هذا الوجه؟ قلت: الاحتياج إلى هذا الوجه ليعلم كون الصلاة على النبي وآله أفضل من الصلاة على إبراهيم وآله، إذ هذا المعنى لا يعلم من هذه العبارة إلا بهذا الوجه، كما لا يخفى على من له أدنى فطانة، انتهى (¬2). ¬
أو "كما صليت على إبراهيمَ وآلِ إبراهيم، وكما باركت على إبراهيمَ وآل إبراهيم" (¬1). والأولى أولى. ثم يقولُ ندبًا: "أعوذُ باللَّه من عذابِ جهنَم، ومن عذابِ القبرِ، ومن فتنةِ المحيَا والمماتِ، ومن فتنةِ المسيح الدَّجَّال" (¬2)، وإن دعا بما ورد في الكتابِ أو السنةِ، أو عن الصحابةِ أو السلفِ، أو بأمر الآخرة ولو لم يشبِه ما وردَ، أو لشخصٍ معينٍ بغير كاف الخطاب وتبطلُ به: فلا بأس، ما لم يشقَّ على مأموم، أو يخفْ سهوًا، وكذا في ركوعٍ وسجودٍ ونحوهما. ثم يقولُ عن يمينه، ثم عن يسارِه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله: (ثم عن يساره) الترتيب بينهما على وجه الاستحباب] (¬3). ¬
1 - فصل
"السلامُ عليكم ورحمةُ اللَّه" مرتَّبًا (¬1)، معرَّفًا وجوبًا. وسُنَّ التفاتُه عن يسارِه أكثرَ، وحذْفُ السلام وهو: أن لا يطوِّله ولا يمدَّه في الصلاة وعلى الناس، وجزْمُه: بأن يقفَ على آخرِ كلّ تسليمة، ونيتُه به الخروجَ من الصلاة، ولا يُجزِئ إن لم يقل: ورحمةُ اللَّه، والأولى: أن لا يزيدَ وبركاتُه. * * * 1 - فصل ثم يُسنُّ أن. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (عن يساره أكثر)؛ أيْ: كون الالتفات، عن اليسار أكثر سنة، وكذا أصل الالتفات على ما صرح به في الإقناع (¬2). فصل ¬
"يستغفرَ ثلاثًا -ويقول-: اللهمَّ أنت السلامُ، ومنك السلامُ، تباركْت يا ذا الجلالِ والإكرام" (¬1)، و"ثلاثًا وثلاثين: سبحان اللَّه، والحمدُ اللَّه، واللَّه أكبر" (¬2)، ويفرغُ من عدد الكلِّ معًا، ويعقُده والاستغفارَ بيده. ويدعو الإمام بعد كلِّ مكتوبة، ولا يكره أن يخصَّ نفسَه، وشُرِط: الإخلاص، واجتنابُ الحرام. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويعقده) قال المناوي (¬3) في الشرح الكبير (¬4) عند قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "واعقدن بالأنامل" (¬5) ما نصه: "أيْ: أعددْنَ مرات التسبيح بها، وهذا ظاهر في عقد كل أصبع ¬
2 - فصل
2 - فصل يُكره فيها الالتفاتُ بلا حاجةٍ كخوفٍ ونحوِه، وإن استدار بجمْلتِه، أو استدبَرها لا في الكعبة، أو شدَّةِ خوف، أو إذا تغيَّرَ اجتهادُه بطلت. ـــــــــــــــــــــــــــــ على حدة، لا ما يعتاده كثير من العد بعقد الأصابع". فصل * قوله: (ويكره فيها)؛ أيْ: في الصلاة مطلقًا، فرضًا كانت أو نفلًا. * قوله: (وإن استدار) ظاهره سواء كان عمدًا، أو سهوًا، أو جهلًا، قال شيخنا: "وهو كذلك؛ لأن الشروط لا تسقط بالسهو ولا الجهل". * قوله: (بجملته)؛ أيْ: لا بوجهه، أو به وبصدره، دون قدميه، حاشية (¬1). * قوله: (أو إذا تغير اجتهاده) قال في الإنصاف (¬2): "قد يقال هذه الجهة (¬3) بقيت قِبلته فما استدار عن القِبلة" انتهى. أقول: قوله: "هذه الجهة بقيت قِبلته" مسلم. وأما قوله: "فما استدار عن القِبلة"، فغير مسلم؛ لأنها قبلة باعتبار ما كان، ولذلك يبني على ما صلَّاه إليها، ولم تلزمه بالاستئناف كلما تغير اجتهاده، وأيضًا ¬
ورفعُ بصره لا في حال التجشِّي، وتغميضُه، وحملُ مُشْغل وافتراشُ ذراعيه ساجدًا، وإقعاؤُه: بأن يفرش قدميه، ويجلسَ على عقبيه، أو بينهما ناصبًا قدمَيه، وعَبَثٌ، وتخصُّرٌ، وتمطٍّ، وفتحُ فمِه، ووضْعُه فيه شيئًا لا في يدِه، واستقبالُ صورة، ووجهِ آدميٍّ، وما يُلهيه، ونارٍ مطلقًا، ومتحدِّثٍ، ونائمٍ، وكافرٍ، وتعليقُ شيءٍ في قبلتِه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فما قاله يأتي فيما إذا استدار داخل الكعبة فلمَ نص عليها؟. * قوله: (لا حال التجشي) أما رفع بصره حال التجشي فمطلوب، ولو في غير جماعة، وقيده في الإقناع (¬1) بما إذا كان في جماعة. * قوله: (ناصبًا قدميه) ظاهره أنه لا كراهة فيما إذا نصب قدميه وجلس على عقبيه، وهل هو كذلك (¬2)؟ * قوله: (ووجهِ آدميٍّ) ظاهره ولو كان في الكعبة فيما إذا تقابلا. * قوله: (ونارٍ مطلقًا)؛ أيْ: سواء كانت في مصباح أو غيره، نص عليه (¬3)؛ لأن فيه تشبهًا بالمجوس. * قوله: (ومتحدِّث) انظر ما النكتة في ذكر هذا مع قوله "وما يلهيه"؟، ¬
وحملُ فصٍّ أو ثوبٍ فيه صورةٌ، ومسُّ الحصا، وتسويةُ التراب بلا عذرٍ، وتروُّحٌ بمروحة، ونحوها بلا حاجةٍ، وفرقعةُ أصابعه، وتشبيكُها، ومسُّ لحيته، وعَقْصُ شعر (¬1)، وكفُّ ثوبِه، ونحوه، وأن يخصَّ جبهته بما يسجدُ عليه، ومسحُ أثر سجودِه، وتكرارُ الفاتحة، واستنادٌ بلا حاجةٍ، فإن سقط لو أُزِيَل لم تصحَّ، وابتداؤها فيما يمنعُ كمالَها كحرٍّ وبردٍ وجوعٍ وعطشٍ مفرطٍ، أو حاقنًا، أو حاقبًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقد يقال: ذكَرَه لينبِّه على أنه ليس بحرام، كما قد يتوهم من (¬2) أن فيه تشبهًا بعباد الوثن. * قوله: (وحملُ فصٍّ)؛ أيْ: لا على جهة اللِّبس، وإلا حَرُمَ. * قوله: (ومسُّ لحيته) انظر ما الحكمة في ذكر هذا بعد قوله "وعبث"؟ * قوله: (وتكرار الفاتحة) ما لم يكن لتوهم خلل في القراءة الأولى، ويأتي بها في الثانية على وجه تام. * قوله: (فإن سقط)؛ أيْ: بالفعل. * قوله: (فيما يمنع كمالها)؛ أيْ: ولو خشي فوات الجماعة. حاشية (¬3). * قوله: (أو حاقنًا) بالنون؛ أيْ: بالبول. * قوله: (أو حاقبًا) بالباء الموحدة؛ أيْ: بالغائط؛ أيْ: يكره ابتداؤها حاقبًا. . . إلى آخره، فهو من قبيل عطف الجمل، كما يؤخذ من حل الشارح (¬4). ¬
أو معَ ريحٍ محتبسة، أو نحوِه، أو تائقًا لطعام ونحوه، ما لم يضق الوقت: فتجبُ، ويحرُم اشتغالُه بغيرها. وسُنَّ تفرقتُه، ومراوحتُه بين قدميه، وتُكره كثرتُه، وحمدُه إذا عطس أو وجد ما يسرُّه، أو استرجاعُه إذا وجد ما يغمُّه، وسُنَّ ردُّ مارٍّ بين يديه ما لم يغلبه، أو يكن محتاجًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو مع ريح) ويقال له حازق. * قوله: (ونحوه) كجماع، وشراب، أو يحمل الطعام على ما يطعم فيشمل الشراب، على حد قوله -تعالى-: {وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ} [البقرة: 249]، وحينئذٍ [فيراد بقوله] (¬1) "ونحوه" خصوص الجماع. * قوله: (ما لم يضق الوقت)؛ أيْ: ولو المختار. * قوله: (فتجب)؛ أيْ: وإذا وجبت انتفت الكراهة، لما أسلفه المحشِّي في كتاب الطهارة (¬2). * قوله: (وحرم اشتغاله بغيرها)؛ أيْ: من طهارة ونحوها. * قوله: (وتكره كثرته) قال في شرحه (¬3): "أيْ: المراوحة"، والأولى أن تفسر بما ذكر، ليشمل التفريق أيضًا. * قوله: (وحمده)؛ أيْ: يكره؛ أيْ: بلفظه لا بقلبه. * قوله: (وسُنَّ. . . إلخ) وكان ينبغي تأخيره عن قول المص الآتي (¬4) ¬
أو بمكةَ، فإن أبى دفعه، فإن أصرَّ فله قتالُه، ولا يكررُه إن خاف فسادَها، ويضمنُه معه، ولحرم مرور بينه وبين سترته ولو بعيدةً، وإلا ففي ثلاثة أذرع فأقل. وله عدُّ آيٍ وتسبيح بأصابعه، وقولُ: "سبحانك فبلى" إذا قرأ: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} [القيامة: 40]، وقراءةٌ في المصحف، ونظرٌ فيه، وسؤال عند آية رحمة، وتعوذٌ عند آية عذاب ونحوُهما وردُّ السلام إشارة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ "والصلاة إلى سترة. . . إلخ". * قوله: (أو بمكة) قال صاحب المغني (¬1): "والحرم كمكة". * قوله: (فله قِتاله) فإن قتل في هذه الحالة فدمه هدر، قاله الشيخ تقي الدين (¬2). * قوله: (ويضمنه)؛ أيْ: بدِيَّته، كما في الشرحَين (¬3). * وقوله: (معه)؛ أيْ: مع التكرار حال خوف الفساد. * قوله: (ويحرم مرور)؛ أيْ: إن لم يكن لحاجة، كما علم مما مرَّ (¬4). * قوله: (وقراءة في مصحف)؛ أيْ: فيما إذا كانت نفلًا، كصلاة التراويح ¬
وقتلُ حية وعقربٍ وقملةٍ، ولبسُ ثوبٍ وعمامةٍ ما لم يطل وفتحٌ على إمامه إذا أُرْتِجَ عليه أو غلط، ويجب في الفاتحة كنسيان سجدة. وإذا نابه شيءٌ كاستئذان عليه، أو سهوِ إمامه: سبَّح رجل، ولا تبطل إن كثير، وصفَّقت امرأة ببطن كفها على ظهر الأخرى، وتبطلُ إن كَثُر، وكُره بنحنحةٍ، وصفير، وتصفيقُه، وتسبيحها، لا بقراءةٍ وتهليل وتكبير ونحوِه. ـــــــــــــــــــــــــــــ [على ما] (¬1) يؤخذ من الشرحَين (¬2) نقلًا عن الإمام (¬3). * قوله: (إذا أُرْتِج) بالبناء للمفعول وتخفيف الجيم؛ أيْ: أُغلق، مأخوذ من أرتجت الباب؛ أيْ: أغلقته، قاله في الصحاح (¬4). * قوله: (ويجب. . . إلخ) وإن عجز المصلي عن إتمام الفاتحة أتى بما قدر عليه، وسقط ما عجز عنه، ولا يعيدها، فإن كان إمامًا صحَّت صلاة الأمِّيِّ خلفه، والقارئ يفارقه، ويتم لنفسه، وله أن يستخلف من يتمُّ بهم، وكذا لو عجز في أثناء الصلاة عن ركن يمنع الائتمام به كالركوع فيستخلف، قاله في الحاشية (¬5). * قوله: (وتبطلُ إن كَثُر)؛ أيْ: وتوالى، على ما يأتي (¬6). * قوله: (وكُرِه بنحنحة) لعله ما لم يبِن حرفان، وإلا بطُلت؛ لأنه ¬
ومن غلبه تثاؤبٌ كظم ندبًا، وإلا وضع يده على فيه، وإن بدَرَه بُصاق أو مُخاط أو نُخامةٌ أزاله في ثوبه، ويباح بغير مسجدٍ عن يسارِه، وتحت قدمِه، وفي ثوب أولى، ويُكره يمنةً وأمامًا، ولزم حتى غيرَ باصق إزالتُه من مسجد، وسُنَّ تخليقُ محلِّه. وفي نفلٍ صلاتُه عليه -صلى اللَّه عليه وسلم- عند قراءته ذكره. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حينئذٍ لغير عذر. ثم رأيت شيخنا (¬1) ذكر أن ابن نصر اللَّه نقل عن الأصحاب حمل ما استدل به من فعل الإمام على ما إذا لم ينتظم حرفان (¬2)، فراجع ما يأتي (¬3) في سجود السهو. * قوله: (تثاؤب) في الصحاح (¬4): "الثوبا ممدود، تقول منه (¬5): تثاءبت على تفاعلت، ولا تقل: تثاوبت"؛ انتهى. * قوله: (وإلا)؛ أيْ: يتمكن من الكظم. * قوله: (وإن بَدَره) بمهملة (¬6)؛ أيْ: غلبه. * قوله: (وسُنَّ تخليقُ محلِّه)، أيْ: طليه بالخلوق، وهو نوع من الطيب، شرح شيخنا (¬7). ¬
والصلاةُ إلى سترةٍ مرتفعةٍ قريبَ ذراع فأقل. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه (¬1): قال الحجاوي في شرح الآداب الشرعية (¬2) في أحكام المساجد: "ويُسَن أن يصان كل مسجد عن وسخ، وقذر، وقذاة، ومخاط، وبصاق، فإن بدَرَه فيه أخذه بثوبه، ذكره في الرعاية. وفيها: [يُسَن أن] (¬3) يصان عن تقليم الأظفار، زاد ابن عقيل: وقص الشارب (¬4) ونتف الإبط (¬5). وقال في المستوعب (¬6): يستحب تنزيه المسجد عن القذاة، والبصقةُ في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها، فإن كانت على حائطه وجبت إزالتها، ويُسَن تخليقُ موضعها"، انتهى. ومن مجموع هذا الكلام تعلم أن غرضهم من الخطيئة غير الحرام، وأيضًا فقد ذكره في مختصر التحرير (¬7) الأصلي جملة أسماء للحرام، ولم يعد منها لفظ الخطيئة. * قوله: (قريبَ ذراعٍ فأقل) انظر ما فائدة قوله "فأقل" بعد قوله "قريب"، لكن في نسخة: "قدر" بدل "قريب" وهي ظاهرة، ويمكن توجيه الأولى: بأن القريب من الذراع صادق أيضًا بالأطول منه بيسير، فخَصَّص (¬8) المراد بقوله "فأقل"، لكن ¬
3 - فصل
وعرضُها أعجبُ إلى أحمد (¬1)، وقربه منها نحو ثلاثة أذرع من قدميه، وانحرافُه عنها يسيرًا، وإن تعذر غرزُ عصًا وضعَها، ويصح ولو بخيط أو ما اعتقده ستُرةً، فإن لم يجد خطَّ كالهلال، فإذا مرَّ من ورائها شيءٌ: لم يكره، وإن لم تكن فمرَّ بين يديه كلبٌ أسودٌ: بهيمٌ بطُلت، لا امرأةٌ، وحمارٌ، وشيطانٌ. وسترةُ الإمام سترةٌ لمن خلفه. * * * 3 - فصل أركانُها: ما كان فيها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في الإقناع (¬2) "تقارب طول ذراع فأكثر"، انتهى، وهو مخالف لما هنا. * قوله: (وإن لم تكن)؛ أيْ: توجد؛ أيْ: السترة، وكذا إن كانت موجودة، ومرَّ بينه وبينها -على ما في الحاشية (¬3) -، فالمتن لا مفهوم له. * قوله: (سترة لمن خلفَه)؛ أيْ: لمن هو مقتدٍ به، فيشمل من قدَّامه، كالأميين قدام القارئة في التراويح على القول به، وكمن هو بجانبَيه، قاله في الحاشية (¬4). فصل في أركان الصلاة وهي أربعة عشر. * قوله: (أركانها. . . إلخ). . . . . . ¬
ولا يسقط عمدًا ولا سهوًا، وهي: قيامُ قادرٍ في فرض سوى خائفٍ به، وعُريانٍ، ولمداواة وقِصَرِ سقف لعاجز عن خروج، وخلف إمام الحي العاجز بشرطه. وحدُّه: ما لم يصِرْ راكعًا، وتكبيرةُ الإحرام (¬1)، وقراءةُ الفاتحة، وركوعٌ، ورفعٌ منه إلا ما (¬2) بعد أول في كسوف، واعتدالٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إن لم يجعل قوله "ولا تسقط. . . إلخ" من (¬3) تمام التعريف لزم عليه الانتقاض بالواجبات، والمسنونات، وإن جعل حكمًا من أحكام المعرف لزم عليه الدور؛ لأنَّا لا نعرف أنها لا تسقط عمدًا. . . إلخ، إلا بعد معرفة أنها أركان، وقد يقال: هذا تعريف لفظي، فلا يعتبر فيه ذلك. * قوله: (سوى خائف به)؛ أيْ: بالقيام، كمن تحت حائط قصير يستره قاعدًا، لا قائمًا، ويخاف لصًّا، أو عدوًّا، فيصلِّي قاعدًا، ويسقط القيام عنه، ذكره في الحاشية (¬4). * قوله: (العاجز بشرطه) وهو أن يرجى زوال عِلَّته التي أبيح الجلوس لأجلها. * قوله: (واعتدال)؛ أيْ: إلا ما بعد أولٍ في كسوف، ولو أخر جملة الاستثناء، لكان أظهر. حاشية (¬5) (¬6). ¬
ولا تبطل إن طال، وسجودٌ، ورفعٌ منه، وجلوسٌ بين السجدتين، وطمأنينةٌ في فعل وهي: السكون وإن قل، وتشهدٌ أخير، وجلوسٌ له وللتسليمتين، والركن منه: "اللهم صلِّ على محمد" بعد ما يجزئ من الأول، والتسليمتان. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وطمأنينة) من نظم الشيخ الفارضي الحنبلي (¬1) ردًّا على جهلة الحنفية الذين لا يطمئنون في الصلاة: معاشَر الناسِ جمعًا حسبما رَسَمَت ... أهلُ الهدى والحِجا من كل من نَبُها ما حرَّم العَلَم النعمان في ملإٍ ... يومًا طمأنينة أصلًا ولا كَرِها وكونُها عنده ليست بواجبة ... لا يوجبُ التركَ فيما قَرَّرَ الفقها فيا مُصِرًّا على تَفْويتِها أبدًا ... عُدْ وانْتَبهِ رَحِم اللَّه الذي انْتَبَها فإن يكن في كتاب جاء أو أثر ... أو سنةٍ عن رسول اللَّه فَأْتِ بها * قوله: (والركن منه. . . إلخ) ليس الركن منه اللهم صلِّ على محمد، وحده، بل مع ما يجزئ من التشهد الأول، وأشار المص بقوله: "بعد ما يجزئ من الأول" إلى أنه لو قَدَّمه عليه، لم يجزِئه على الصحيح (¬2)، هذا حاصل الحاشية (¬3). * قوله: (والتسليمتان)؛ أيْ: إلا في صلاة جنازة، وسجود تلاوة، وشكر، وأما النفل فكالفرض على الصحيح (¬4)،. . . . . . ¬
4 - فصل
والترتيبُ. * * * 4 - فصل وواجباتُها: ما كان فيها، وتبطلُ بتركه عمدًا، ويسجد له سهوًا، وهي: تكبيرٌ لغير إحرامٍ، وركوعٍ مسبوق أدرك إمامه راكعًا، فركنٌ وسنةٌ، وتسميعٌ لإمام ومنفرد. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذكره في الحاشية (¬1). * قوله: (والترتيب) يؤخذ من قول الشارح (¬2) عند قول المص في الباب الآتي "وعمل متوالٍ، مستكثرٌ عادة من غير جنسها يبطلها عمده وسهوه وجهله"؛ "لما فيه من قطع الموالاة بين أركان الصلاة". أن الموالاة بين الأركان ركن، كالترتيب، ولكن على هذا ينبغي تفسير الموالاة هنا بما إذا لم يفصل بين الأركان بفاصل أجنبي، لا بالتعريف السابق في الطهارة وما أُلحق بها مما قِيس عليها. فصل في واجباتها وهي ثمانية. * وقوله: (فركن وسنة) هو نشر على ترتيب اللف (¬3)، كما صرح به غيره (¬4). فقوله: "ركن" راجع لإحرام، وقوله: "سنة" راجع لركوع مسبوق، لكن في ¬
وتحميدٌ، وتسبيحةٌ أولى في ركوعٍ وسجودٍ، وربِّ اغفر لي بين السجدتين للكل. ومحل ذلك بين انتقالٍ وانتهاء، فلو شرع فيه قبل، أو كمَّله بعد. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كون الثانية سنة نظر، ولأنه إنما يظهر على القول بأن تكبيرات الانتقال سنة (¬1)، والجواب: بأنه لما كان هنا شيئان من جنس واحد في محل واحد، أجزأ أحدهما عن الآخر. واعترضه ابن قندس (¬2): بأنهما ليسا في محل واحد، إذ محل تكبيرة الإحرام القيام، ومحل تكبيرة الركوع ما بين انتقال وانتهاء. " فائدة: لو نوى المسبوق بالتكبيرة أنها للإحرام والركوع، لم تنعقد، ذكره في الحاشية (¬3). * قوله: (للكل) متعلق بـ "تحميد" وما عطف عليه. * قوله: (ومحلُّ ذلك)؛ أيْ: ما يؤتى به للانتقال مما ذكر، وليست الإشارة لجميع ما ذكر، وإلا لأشكل بتحميد الإمام، فإنه إنما يؤتى به حال الانتصاب، وبتسبيح (¬4) الركوع والسجود، وسؤال المغفرة، وأشار إلى ذلك شيخنا في شرحه (¬5) وحاشيته (¬6) بقوله: "أيْ: محل ما تقدم من تكبير الانتقال، والتسميع. وكذا التحميد للمأموم". ¬
5 - فصل
لم يجزئه كتكميله واجِبَ قراءةٍ ركعًا، أو شروعه في تشهد قبل قعوده. ومنها: تشهُدّ أول، وجلوسٌ له على غير من قام إمامه سهوًا، والمجزئ منه: "التحيات للَّه، سلامٌ عليك أيها النَّبِيُّ ورحمة اللَّه، سلام علينا وعلى عباد اللَّه الصالحين أشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأن محمدًا رسول اللَّه"، ومن ترك شيئًا من ذلك عمدًا لشكٍّ في وجوبه: لم يسقط. * * * 5 - فصل وسننُها: ما كان فيها، ولا تبطل بتركه ولو عمدًا، ويباح السجودُ لسهوه وهي: استفتاحٌ، وتعوذٌ، وقراءةُ: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"، وقراءةُ سورة في فجر وجمعة، وعيد، وتطوع، وأوَّلتَيْ مغرب، ورباعية، وقولُ: آمين، وقولُ: "ملء السماء" بعد التحميد لغير مأموم، وما زاد على مرة في تسبيح وسؤالِ المغفرة، ودعاءٌ في تشهد أخير، وقنوتٌ في وتر. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لم يجزئه) قال شيخنا في الحاشية (¬1): "ويحتمل أن يعفى عنه للحرج، ومشقة السجود له كلما سها عنه، -نقله عن المجد في شرحه-" (¬2). فصل في سننها ¬
وسننُ الأفعال مع الهيئات خمس وأربعون، وسميت هيئةً لأنها صفة في غيرها فدخل جهرٌ وإخفاتٌ، وترتيلٌ وتَخْفِيفٌ، وإطالةٌ وتقصيرٌ، ويُسنُ خشوعٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويُسَن خشوع) وليس شرطًا، كما قيل به عندنا (¬1). * * * ¬
8 - باب سجود السهو
8 - باب سجودُ السهوِ يُشْرعُ لزيادةٍ ونقصٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب سجود السهو السهو على ما في المواقف (¬1): "زوال الصورة عن المدركة، مع بقائها في الحافظة. والنسيان: زوال الصورة عن كل من المدركة، والحافظة معًا، فيحتاج في حصولها حينئذٍ إلى سبب جديد". وقال الآمدي (¬2): "الذهول والغفلة، والنسيان، كل منها مضاد للعلم، وهي إما ألفاظ مترادفة أو قريبة من المترادف"، وله بقية بهامش الحاشية (¬3)، فراجعه!. ونقل شيخنا في شرحه (¬4) عن النهاية (¬5)، الفرق بين سها في الشيء وسها عنه، وأن (¬6) معنى الأول: تركه من غير علم، ومعنى الثاني: تركه مع العلم به، فراجعه!. ¬
لا عمدًا ولشكٍّ في الجملة، لا إذا كَثُر حتى صار كوسواسٍ: بنفل، وفرض، سوى جنازةٍ، وسجودِ تلاوةٍ، وشكرٍ، وسهوٍ فمتى زاد فعلًا من جنسها قيامًا أو قعودًا ولو قدْرَ جلسة الاستراحة أو ركوعًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولشك) أعاد الجار توكيدًا، و (¬1) للارتباط، لا لنكتة تعلق قوله "في الجملة" به فقط؛ لأنه متعلق بكل من الثلاثة، إذ هو كما لا يشرع للشك دائمًا، لا يشرع للزيادة دائمًا، ولا للنقص دائمًا. * قوله: (لا إذا كَثُر) فَيَلْهُو عنه، ولا يلتفت إليه. * قوله: (بنفل) متعلق بـ"يشرع". * قوله: (سوى جنازة)؛ أيْ: لخروجها به عن هيئتها، إذ هي صلاة لا سجود فيها، فتدبر!. * قوله: (وسجود تلاوة)؛ [لأن المصَغَّر لا يكبر] (¬2). * قوله: (وسهو) عللوه بأنه ربما أدى إلى التسلسل (¬3)، وفيه نظر؛ لأن توهم التسلسل ليس مفسدًا، إنما المفسد لزومه حقيقة، إلا أن يقال: من قواعدهم إقامة المَظِنة مقام المَئِنَّة. * قوله: (قيامًا) حال، وليس المراد بالقيام الانتصاب التام، بدليل أنه يسجد للسهو إذا نهض لثالثة ناسيًا التشهد الأول، ثم ذكر قبل أن يستتم قائمًا، ورجع، فتدبر!. * قوله: (ولو قدر جلسة الاستراحة) هذا تحديد بمجهول في المذهب؛ ¬
أو سجودًا، أو نوى القصر فأتمَّ سهوًا سجد له وعمدًا: بطُلت إلا في الإتمام، وإن قام لزائدةٍ: جلس متى ذكرَ، ولا يتشهدُ إن تشهَّد، وسجدَ، وسلمَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنَّا لا نقول بجلسة الاستراحة (¬1). * قوله: (سجد له)؛ أيْ: وجوبًا إلا في مسألة الإتمام فاستحبابًا، ذكره في الحاشية (¬2). * مسألة: إذا رفع رأسه من السجود فجلس للاستراحة، وكان موضع جلوسه للفصل أو التشهد، ثم ذكر أتى بذلك، ولا سجود عليه، ولو جلس للتشهد قبل السجود سجد لذلك، وإن جلس للفصل وظنَّه التشهد وطوَّله لم يجب السجود، انتهى قاله المبدع (¬3). * قوله: (إلا في الإتمام)؛ أيْ: فإنها لا تبطل بتعمد ذلك؛ لأنه رجع إلى الأصل، وصرح به صاحب الإقناع (¬4) في مسألة السهو، وبأن فرضه الركعتان. وهل إذا دخل معه مسبوق عالم بالحال يُعتَدُّ بهما؟ الظاهر لا؛ لأنه يصير حينئذٍ من اقتداء المفترض بالمتنفل. * قوله: (وإن قام لزائدة)؛ أيْ: في الفرض، وأما النفل فيعلم من التفصيل الآتي فيه (¬5) أنه لا يجب عليه الرجوع متى ذكر في بعض الصور؛ لأن من إفراد ذلك ¬
ومن نوى ركعتين، فقام إلى ثالثةٍ نهارًا، فالأفضلُ: أن يتمَّ أربعًا، ولا يسجد لسهو، وليلًا فكقيامه إلى ثالثة بفجر. ومن نبَّهه ثقتانِ فأكثرُ، ويلزمُهم تنبيهُه، لزمه الرجوعُ ولو ظنَّ خطأهما ما لم يتيقن صواب نفسه، أو يختلفْ عليه من ينبهُه، لا إلى فعل مأمَومين. ـــــــــــــــــــــــــــــ ما إذا قام لثالثة نهارًا، وسيأتي أن الأفضل أن يتم أربعًا، فتدبر!. * قوله: (نهارًا) ظرف لـ"نوى"، ولا يصحُّ جعله ظرفًا لـ"قام"، لصدقه بما إذا نوى آخر الليل ركعتَين لا يسع الوقت غيرهما، فقام إلى ثالثة حين طلع (¬1) الفجر، مع أنه يجب عليه القطع في هذه الصورة؛ لأنه يحرم ولا يصحُّ إيقاع النفل، أو بعضه وقت نهي، فتدبر!. * قوله: (ثقتان) الثقة: العدل الضابط، وظاهره سواء كانا رجلَين، أو امرأتَين، وهو كذلك، وأيضًا سواء شاركا في الصلاة أو لا. * قوله: (ويلزمهم تنبيهه) هذه جملة معترضة، لا حالية. * قوله: (لا إلى فعل مأمومَين)؛ أيْ: من غير تنبيه. وبخطه (¬2): أيْ: لا يلزم، وهل يجوز؟ (¬3). ¬
فإن أبَاه إمامٌ قام لزائدةٍ: بطُلت صلالُه كمتَّبِعه عالمًا ذكرًا، ولا يَعتَدُّ بها مسبوقٌ، ويسلِّمُ المفارِقُ، ولا تبطلُ إن أبى أن يرجعَ لجبرانِ نقص. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فإن أباه)؛ أيْ: الرجوع. * قوله: (كمتَّبِعه عالمًا ذاكرًا)؛ أيْ: لا إن كان قد فارقه، أو تبعه عالمًا ذاكرًا، أو ذاكرًا غير عالم. * قوله: (ولا يُعتَدُّ بها مسبوقٌ) في كلامه إجمال، والحاصل أن المسبوق تارة يتحقق كونها زائدة، وكون الإمام أبى أن يرجع للتنبيه، أو لا، فإن علم ذلك لم تنعقد صلاة ذلك المسبوق، وإن جهل الحال انعقدت صلاته، ولم يُعتَدَّ له بتلك الركعة إن علم الحال في أثناء الصلاة، وإن لم يعلم الحال أو إلا بعد انقضائها صحَّت صلاته، واعْتُدَّ له (¬1) بتلك الركعة (¬2). * قوله: (ويسلِّم المفارق)؛ أيْ: بعد تشهده عقب المفارقة إن كان قد أدركها معه تامة، أو بعد الإتيان بما سبق له. * قوله: (ولا تبطل إن أبى أن يرجع لجبرانِ نقص) قال في شرحه (¬3): "كما لو نهض قبل أن يتشهد التشهد الأول، فسبَّح به اثنان قبل أن يستتم قائمًا، فلم يرجع، فإن صلاته لا تبطل بذلك"، انتهى. وهو معارض لما يأتي (¬4) في شرح قوله في أثناء الفصل الآتي: "ما لم يكن ¬
وعملٌ متوالٍ مستكثرٌ عادةً من غير جنْسها يبطُلها عمدُه وسهوُه وجهلُه إن لم تكن ضرورةٌ كخوفٍ وهربٍ من عدو ونحوِه، وإشارةُ أخرس كفعله، وكُرِه يسيرٌ بلا حاجة، ولا يشرعُ له سجودٌ. ولا تبطلُ بعملِ قلبٍ، وإطالةِ نظرٍ إلى شيءٍ ولا بأكلٍ وشربٍ يسيرين عرفًا سهوًا أو جهلًا، ولا ببلعِ ما بين أسنانه بلا مضغ ولو لم يَجْرِ به ريق. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تشهدًا أخيرًا أو سلامًا فيأتي به ويسجد ويسلم" حيث قال: "والحاصل من ذلك أن المصلي متى مضى في موضع يلزمه الرجوع، أو رجع في موضع يلزمه المضي، عالمًا بتحريمه بطُلت صلاته، لترك الواجب عمدًا، كان فعله يعتقد جوازه لم تبطل؛ لأنه ترك غير متعمد أشبه ما لو مضى قبل ذلك المتروك، انتهى" (¬1). وقد قال قبل ذلك في المتن (¬2): "ومن نهض عن ترك تشهد أول مع جلوس له، أو دونه ناسيًا، لزم رجوعه"، فتدبر!. قال شيخنا (¬3): "إلا أن يُفَرَّق بحمل ما هناك على التذكر، وما قاله هنا مفروض في حال التنبيه، والتذكر أقوى". * قوله: (وإشارة أخرس كفعله) ولو كانت إشارة إلى قول. * قوله: (ولا يشرع له سجود)؛ أيْ: لذلك العمل مطلقًا كثيرًا، أو يسيرًا، عمدًا، أو سهوًا. * قوله: (ولو لم يَجْرِ به رِيق). . . . . . ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في شرحه (¬1): "وقال الحجاوي (¬2): وما لا يجري به رِيق، وهو ما له جُرم تبطل به"، انتهى. فقول المص: "ولو لم يَجْرِ به رِيق" الغرض منه: الرد على الحجاوي، والتنبيه على عدم البطلان، سواء جرى به الرِّيق لدقته، أو لم يَجْرِ به رِيق، لكونه ذا جُرم. ومن هنا تعلم أن ما اشتهر عن الحجاوي أنه اطلع على المنتهى، وجعله مسودة للإقناع وزاد عليه فيه ما فيه، نعم كل منهما قد اطلع على كتاب الآخر، بدليل هذه، وبدليل ما في حاشية الحجاوي على التنقيح (¬3) عند الكلام على قيام الليل في باب (¬4) صلاة التطوع، -كما سترى عبارته بالهامش (¬5) (¬6) -. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: عبارة الإقناع (¬7): "ولا بأس ببلع ما بقي في فِيه، أو بين أسنانه من بقايا الطعام بلا مضغ مما يجري به ريِقه وهو اليسير، وما لا يجري به رِيقه، بل يجري بنفسه، وهو ما له جُرم تبطُل به"، انتهى (¬8)، ففي الشرح (¬9) ¬
ولا نفلٌ بيسير شربٍ عمدًا، وبَلْعُ ذوُبِ سكر ونحوِه بفم كأكل. وسُنَّ سجودٌ لإتيانِه بقولٍ مشروع في غير موضعِه سهوًا كقراءته سورة في الأخيرتين، أو قاعدًا، أو ساجدًا، وتشهُّدُه قائمًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ اختصار لكلام الحجاوي. * قوله: (ولا نفل بيسير شربٍ عمدًا) مفهومه أنها تبطُل بيسير أكلٍ عمدًا، وهو الأشهر من الروايات (¬1)، وفي الإقناع (¬2) التسوية بينهما، وهي رواية عن الإمام -رحمه اللَّه تعالى-. * قوله: (وبلعٌ) هو مبتدأ خبره قوله: "كأكل". * قوله: (كقراءته سورة في الأخيرتَين) رأيت بخط تاج الدين البَهوتي (¬3) بهامش التوضيح (¬4) للشويكي على مثل هذه العبارة ما نصه: "فيه نظر، فإنها فيهما غير مكروهة، بل مباحة، بمعنى أن قراءتها فيهما (¬5) كخارجهما، لا كأولييَن (¬6)، فليست في غير محلِّها، بل ولا في محلِّها"، انتهى. وأقول: هذا النظر مدفوع؛ لأنه لم يَدَّعِ أحد أن الإتيان بالسورة في الأخيرتين مكروه، وإنما قالوا: إنه ذِكر مشروع أتي به في غير محلِّه؟ أيْ: في غير المحلِّ الذي شرع الإتيان به فيه، وهو الأوليان، وأما كونهما في الأخيرتَين مباحة، أو ¬
وإن سلَّم قبل إتمامها عمدًا: بطُلتْ، وسهوًا فإن ذكر قريبًا ولو خرج من المسجد أو شرع في أخرى وتقطعُ أتمَّها وسجد، وإلا، أو أحدَث، أو تكلَّمَ مطلقًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مكروهة، فلا يضرنا هنا، وإن كان الواقع أنها مباحة على المذهب (¬1) كما صرح به شيخنا في الحاشية (¬2) هناك. * قوله: (ولو خرج من المسجد) لعله ما لم يكثر الفعل، على قياس ما سبق (¬3)، أو يقال: إن قُرْبَ الزمن وقِلَّةَ الفعل متلازمان، لكن قد يُمنعَ هذا، فلينتبه له!. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: قال شيخنا في شرح الإقناع (¬4): "ولو انحرف عن القِبلة" وانظر لو استدبرها؟ * قوله: (وتُقطع) جملة معترضة، لا حالية. * قوله: (أو تكلم مطلقًا)؛ أيْ: سواء كان إمامًا، أو غيره، لمصلحتها، أو لا، فرضًا كانت أو نفلًا، عمدًا، أو سهوًا، أو جهلًا، طائعًا، أو مكرهًا، واجبًا عليه كتحذير ضرير وغافل عن مَهلكة، أو لا، واستشكل بحديث ذي اليدَين حين قال لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أقُصرت الصلاة أم نسيتَ يا رسول اللَّه؟، فقال -عليه السلام-: كل ذلك لم يكن" (¬5). ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأجيبَ: بأن ذلك كان قبل النهي عن التكلم في الصلاة (¬1)؛ أيْ: قبل أن ينزل قوله -تعالى-: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238]، وردَّه صاحب المحرر (¬2) وغيره (¬3) بأن تحريم الكلام (¬4) كان قبل الهجرة عند ابن حبان (¬5) (¬6) وغيره (¬7)، أو بعدها بيسير عند الخطابي (¬8) وغيره،. . . . . . ¬
1 - فصل
أو قَهْقهَ هنا، أو في صُلبها: بطُلت، لا إن نام فتكلمَ، أو سبق على لسانه حال قراءتِه وككلامٍ إن تَنَحْنح بلا حاجةٍ، أو نفخَ فبان حرفان، لا إن انتَحَبَ (¬1) خشيةً، أو غلبَه سُعالٌ أو عطاسٌ أو تثاؤبٌ ونحوُه. * * * 1 - فصل ومن ترك ركنًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعلى كِلا التقديرَين فحديث ذي اليدَين (¬2) كان بعد ذلك؛ لأنه في رواية أبي هريرة، وإسلامه عام خيبر سنة سبع من الهجرة النبوية -على صاحبها أفضل الصلاة والسلام-. * قوله: (أو قَهْقَهة هنا)؛ أيْ: بعد سلامه سهوًا. * قوله: (وككلام إن تنحنح بلا حاجة)؛ أيْ: فبان حرفان، لا إن كان لحاجة. * قوله: (أو نفخ فبان حرفان) ظاهره لا حرف ولو مُفْهِمًا، خلافًا للشافعي (¬3) (¬4). فصل ¬
غير تكبيرةِ الإحرام فذَكره بعد شروعه في قراءةِ ركعة أخرى: بطُلت التي تركه منها، فلو رجع عالمًا عمدًا: بطُلت صلاته. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (غير تكبيرة الإحرام) أما هي فتركها يستدعي عدم الانعقاد. * قوله: (فذَكَره بعد شروعه في قراءة) المراد بالقراءة الفاتحة. * قوله: (بطُلت)؛ أيْ: الركعة المتروك منها؛ أيْ: لغت، ولم يحتسب بها من عدد الركعات، وليس المراد بذلك (¬1) البطلان الحقيقي؛ لأن العبادة إذا حكم على بعضها بالبطلان، حكم على كلها به أيضًا. * قوله: (التي تركَه منها)؛ أيْ: وصارت التي تليها أُولاه، لكن لا يعيد الاستفتاح. * قوله: (فلو رجع عالمًا عامدًا: بطُلت صَلاته) عُلم منه أنه إذا رجع سهوًا، أو جهلًا أنها لا تبطل، لكن هل يُعتَدُّ بتلك الركعة التي عاد إلى جبرها، أو أن الرجوع مغتفر فقط، ولا يعتد بما فعله حال رجوعه، أو يفصَّل بين ما إذا كان الركن المتروك الفاتحة أو شيئًا مما بعدها، فإن كان الفاتحة ورجع لها وأتى بها وبما بعدها اعْتَدَّ بتلك الركعة؛ لأنه بمنزلة استئناف ركعة، وإن كان شيئًا مما (¬2) بعدها لا يُعتَدُّ بتلك الركعة؛ لأن البطلان سرى إلى ما قبل المتروك من تلك الركعة، فلا ينقلب صحيحًا بمجرد الإتيان بالمتروك؟، فلتحرر المسألة!. ثم رأيت في الشرح الكبير (¬3) أن الصلاة لا تبطل، لكنه لا يُعتَدُّ بتلك الركعة، ¬
وقبله إن لم يَعُدْ عمدًا: بطُلت، وسهوًا: بطُلت الركعةُ، وبعد السلام فكتركِ ركعةٍ ما لم تكن تشهدًا أخيرًا، أو سلامًا فيأتي به ويسجد للسهو ويسلم. ـــــــــــــــــــــــــــــ فراجع شرح شيخنا على الإقناع (¬1). * قوله: (وقَبله)؛ أيْ: قبل الشروع في القراءة، وظاهره سواء كان قبل أن يستتم قائمًا أو بعده، فتدبر!. * قوله: (ما لم تكن)؛ أيْ: المتروك، بقطع النظر عن قوله: "وبعد السلام"؛ لأنه يتأتى في جانب السلام، ولو قال بدل قوله: "ما لم يكن" ولو كان. . . إلخ، لكان أولى. * قوله: (ويسجد للسهو ويسلِّم) قال في شرحه (¬2): "ويسلِّم من سهوه" فمقتضاه أنه يسجد للسهو بعد السلام في الصورتَين، وهو منافٍ لما في الإقناع (¬3) أخيرًا، والمحرر (¬4) من أن سجود السهو لا يكون محلُّه بعد السلام إلا في مسألة: وهي ما إذا سلَّم عن نقص ركعة فأكثر، وأما كلام الإقناع فقد اضطرب هنا، فليحرر (¬5)!. ¬
وإن نسي من أربعِ ركعاتٍ أربع سجداتٍ وذكر وقد قرأ في خامسةٍ فهي أولاه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي المستوعب (¬1): "وكل السهو يوجب السجود قبل السلام بعد استيفاء التشهد إلا في موضعَين: أحدهما: إذا سلم من نقصان، فإنه يبني على ما مضى وإن تكلم، ويسجد للسهو بعد السلام، إمامًا كان، أو منفردًا، وقال ابن أبي موسى (¬2) (¬3): يبني على ما مضى ما لم يتكلم، وهذا محمول على الرواية التي تقول إن الكلام ناسيًا يبطل الصلاة (¬4). والثاني: إذا سها الإمام فبنى على غالب ظنه في إحدى (¬5) الروايتَين (¬6)، فإنه يسجد بعد السلام، بخلاف ما إذا بنى على اليقين على الرواية الأخرى (¬7)، فإنه ¬
وقبلَه يسجد سجدةً فتصحُّ ركعة ويأتي بثلاثٍ، وبعد السلام: بطُلت، وسجدتين أو ثلاثًا من ركعتين جهلهما: أتى بركعتين، وثلاثًا، أو أربعًا من ثلاث: أتى بثلاث، وخمسًا من أربع، أو ثلاث: أتى بسجدتين ثم بثلاث ركعات، أو بركعتين. ـــــــــــــــــــــــــــــ يسجد قبل السلام، وعنه: أن محلَّ جميع سجود (¬1) السهو قبل السلام (¬2)، وعنه: إن كان السهو من نقصان فالسجود له قبل السلام، وإن كان من زيادة فالسجود له بعد السلام (¬3) "، انتهى المقصود. * قوله: (وقَبله)؛ أيْ: قبل القراءة. وَذَكَّر الضمير؛ لأن القراءة مصدر، أو التقدير: وقد شرع في قراءة، فيكون عائدًا على الشروع. * قوله: (وبعد السلام: بطُلت) مقتضى نظائرها السابقة، واللاحقة أنه تلغو الأربع ركعات، وأن نِية الصلاة باقية، فلا يلزمه تجديدها ما لم يأت بمنافٍ، أو يُطِلِ الفصل، ويمكن عَوْد الضمير على الأربع، لا على الصلاة، فيوافق السابق، واللاحق. * قوله: (وخمسًا من أربع)؛ أيْ: وتَذكَّر قبل الشروع في قراءة الخامسة. * قوله: (أو ثلاث)؛ أيْ: وتَذكَّر قبل الشروع في قراءة الرابعة. * قوله: (أو بركعتَين) هذا واضح إذا كانت الصلاة ثلاثية، مع أن كلامه شامل لما إذا كانت الصلاة رباعية، وتذكر بعد (¬4) الفراغ من الركعة الثالثة أنه ترك خمس ¬
ومن الأولى سجدةً، ومن الثانية سجدتين، ومن الرابعة سجدةً: أتى بسجدة ثم ركعتَي (¬1). ومن ذكر ترْكَ ركنٍ وجهله أو محله: عملَ بأسوءَ التقديرين. وتشهدٌ قبلَ سجدتَي أخيرةٍ: زيادةٌ فعليةٌ، وقبل (¬2) سجدة ثانية: قوليَّةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ سجدات، وفي مثل هذه يلزمه الإتيان بسجدتَين، ثم بثلاث ركعات، كما إذا ترك خمسًا من أربع، فالأولى حمل كلامه على التوزيع، كما فعل المحشِّي (¬3). * قوله: (ومن ذَكر ترك ركن. . . إلخ) هذا بمنزلة قاعدة كلية تتضمن المتقدم، وغيره، فتدبر!. * قوله: (وتشهد قبل سجدتَي أخيرةٍ)؛ أيْ: مثلًا، ولو عبر بقوله: وجلوس قبل سجدتَي أخيرة، لكان أولى، لكن انظر هذا صحيح في الصورتَين أم لا؟. وأقول: حقُّ التعبير أن يقال: وتشهَّد قبل سجدة ثانية زيادةً قوليةً، وجلوس له قبل سجدتَي أخيرةٍ فعليةً. ويمكن حمل كلام المص عليه، بحمل التشهد للصورة الأولى على الجلوس له (¬4)، وجعله بمعناه الحقيقي بالنسبة للصورة الثانية، فيكون من استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه، أو من قبيل شبه الاستخدام. ¬
ومن نهض عن ترك تشهُّدٍ أول مع جلوسٍ له، أو دونَه ناسيًا لزم رجوعُه، وكُره إن استتمَّ قائمًا، وحرُم إن شرع في القراءةِ وبطُلت، لا إن نسيَ أو جهل، ويلزم المأمومَ متابعتُه. وكذا كلُّ واجب، فيرجع إلى تسبيحِ ركوعٍ وسجودٍ قبل اعتدال، لا بعده وعليه السجُودُ للكلِّ. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ وأشار شيخنا في الحاشية (¬1) إلى جواب آخر ومحصِّلُه: أن الحكم عليه بكونه (¬2) زيادةً فعليةً؛ لأن الجلوس له فعل في غير محلِّه فيبطل عمدُه، ويجب السجود لسهوه، فغلب على القول، والحكم عليه في الثانية بأنه زيادةٌ قوليةٌ، من حيث أن هذا جلوس في محلِّه، والصلاة لا تبطل بزيادة قول فيها من جنسها، فتدبر!. وعبارته في شرحه (¬3): "أي ومن نسي فجلس يتشهد قبل سجدتَي أخيرةٍ، فقد حصل منه زيادةٌ فعليةٌ يجب لها السجود، وهي جلوسه في غير محلِّ الجلوس"، انتهى، وهي أحسن من عبارته في المتن، وتصحيح له، فتنبَّه لمراده!. * قوله: (وكذا كل واجب) الأولى: وكذا باقي الواجبات، إذ "من" مدخول كل التشهد الأول، وهو مشبه به، فيلزم عليه تشبيه الشيء بنفسه، على أنه لو عبَّر بذلك لكان أيضًا مشكلًا، لشموله مثل تكبيرات الانتقال، وتسبيح الركوع، والسجود، ¬
2 - فصل
2 - فصل يبني على اليقين من شكَّ في ركنٍ أو عددِ ركعاتٍ، ولا يرجعُ واحدٌ إلى فعل إمامه، فإذا سلَّم إمامُه أتى بما شكَّ فيه، وسجدَ وسلَّمَ. ولو شكَّ من أدرك الإمام راكعًا بعد أن أحرم هل رفع الإمام رأسه قبل إدراكه راكعًا أم لا؟ لم يُعتدَّ بتلك الركعة، ويسجد لذلك، وإن شكَّ هل دخل معه في الأولى أو (¬1) الثانية؟ جعله في الثانية. ولا سجودَ لشكٍّ في واجب أو زيادة، إلا إذا شكَّ وقتَ فعلها، ومن سجد لشكٍّ، ثم تبين أنه لم يكن عليه سجودٌ: سجد لذلك: ومن شكَّ هل سجد لسهوه أو لا؟: سجد مرة. ـــــــــــــــــــــــــــــ مع أنه يفوت بفَوات محلِّه، ولا يرجِع له (¬2) بالمرة، -بدليل ما سيذكره-، فلا تتأتى الثلاثة أحوال المذكورة في التشهد الأول في كل واجب. فصل * قوله: (ولا يرجع واحدٌ. . . إلخ)؛ أيْ: مأموم ليس مع إمامه غيره؛ لأنه لا يرجع إلى تنبيه الواحد، وعُلِمَ منه أنه لو كان مع الإمام مأمومان فأكثر، وشك، يعني: وكان غيره من المأمومَين موافقًا لإمامه أنه يرجع إلى فعل إمامه، ذكره في الحاشية (¬3). * قوله: (سجد لذلك) وعلى هذا فقد سجد لسهو، وقد يقال هذا لا يعارض ¬
وليس على مأموم سجودُ سهو، إلا أن يسهو إمامه، فيسجدُ معه، ولو لم يُتمَّ ما عليه من تشهُّد ثم يُتمَّه، ولو مسبوقًا فيما لم يدركه، فلو قام بعد سلام إمامه: رجع فسجد معه، لا إن شرع في القراءة، وإن أدركه في آخر سجدتَي السهو: سجد معه، فإذا سلَّم أتى بالثانية ثم قضى صَلاته، وإن أدركه بعدهما وقبلَ السلام: لم يسجد. ويسجدُ إن سلَّم معه سهوًا، أو لسهوِه معه، وفيما انفرد به. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ما سبق (¬1)، إذ هذا للإتيان به سهوًا، لا للسهو فيه، والذي منعوه خشية التسلسل السجود للسهو فيه، فتأمل!. * قوله: (ولسهوه. . . إلخ) وحينئذٍ فيتصوَّر في المغرب ستُّ (¬2) تشهُّدات، بأن كان مسبوقًا، وقد أدرك الإمام في التشهد الأول، ثم تشهد معه التشهد الأخير، ثم كان سُهِيَ (¬3) على الإمام سهوًا يستدعي السجود بعد السلام، فإنه لا يفارقه عقب السلام الأول، بل يسجد معه ويتشهد، فإذا سلَّم إمامه من السهو، قام ليأتي بما فاته، فهذه ثلاثة مع الإمام، ثم يأتي بركعة ويتشهد التشهد الأول لصلاته، ثم يأتي بالأخيرة ويتشهد التشهد الأخير، وفرَضْنا أنه كان في حال قضائه ما فاته، سلَّم سهوًا قبل إتمامها، فإنه يسجد بعد السلام ويتشهد ويسلِّم، فهذه ثلاثة أخرى (¬4) فيما انفرد به، فتفطن!، وسيذكر ذلك المحشِّي (¬5) في باب صلاة الجماعة. ¬
3 - فصل
فإن لم يسجدُ: سجدَ مسبوقٌ إذا فرغ، وغيرُه بعد إياسه من سجوده. * * * 3 - فصل وسجودُ السهو لما يُبطِلُ عمده، وللحنٍ يُحيل المعنى سهوًا أو جهلًا: واجب، إلا إذا ترك منه ما محلُّه قبل السلام: فتبطلُ بتعمدِ تركه، ولا سجودَ لسهوه. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وغيره بعد إياسه من سجوده)؛ أيْ: يسجد غير المسبوق إذا أَيِس من سجود إمامه، ومحلُّ هذا إذا كان الإمام لا يرى وجوب سجود السهو، أو يراه وتركه سهوًا، أما إذا كان يراه (¬1) وتركه عمدًا، وكان محلُّه قبل السلام، بطُلت صَلاته، فتبطل صلاة المأموم (¬2) نبَّه عليه في الحاشية (¬3). فصل * قوله: (لِمَا)؛ أيْ: شيء؛ أيْ: زيادة، أو نقص ولو في المعنى. * قوله: (وللحن يحيل المعنى)؛ أيْ: فيما زاد على فرض القراءة، وهو داخل في قوله: "لما يبطل عمدُه" غير أنه خصَّه بالذكر، لقوة الخلاف فيه (¬4)، ويشبه هذا ما إذا سبق لسانه بتغير نظم القرآن، مما هو منه على وجه يحيل معناه، مثل أن يقرأ: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [البقرة: 277] ثم: {أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ¬
ولا تبطلُ بتعمدِ تركِ مشروع، ولا واجبٍ محلُّه بعدَ السلام. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 39] وقطع الشيخ مجد الدين بأنه لا يسجد لسهوه (¬1)، قال صاحب الفروع (¬2) في نكته على المحرر (¬3): "وفيه نظر؛ لأن عمدَه يبطل، فوجب السجود لسهوه كغيره، وقد قال بعضهم (¬4): هو (¬5) كالناسي، والناسي على قولنا تصحُّ صَلاته، ويسجد للسهو"، انتهى، ونقله ابن قندس (¬6). * قوله: (مشروعٍ)؛ أيْ: مسنون، كما هو بيِّن بنفسه، ويدل عليه من كلام المص عطف (¬7) الواجب عليه، وقد يمنع الدلالة بأن يقال: يحتمل أنه أراد بالمشروع ما يشمل الواجب والمسنون، لا المسنون فقط، ولا الواجب فقط، من باب استعمال المشترك في معنيَيه معًا، ولكن المراد ظاهر؛ لأنه إذا تعمد ترك الواجب، بطُلت صَلاته قطعًا. * قوله: (ولا واجبٍ محلُّه بعد السلام)؛ أيْ: محلُّ السجود له. ¬
وهو: ما أذا سلَّم قبلَ إتمامها، وكونُه قبل السلامِ أو بعدَه ندبٌ، وإن نسيَه قبلَه قضاه، ولو شرع في أخرى فإذا سلَّم، وإن طال فصلٌ عرفًا، أو أحدث، أو خرج من المسجد لم يقْضِه وصحَّت. ويكفي لجميع السهو سجدتان، ولو اختلف محلُّهما. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وهو ما إذا سلَّم قبلَ إتمامها)؛ أيْ: بشرط أن يكون المتروك ركعة تامة فأكثر، على ما ذكره في المحرر (¬1)، فراجعه! وهو ينافي ما سبق (¬2)، -كما تقدم التنبيه عليه-. * قوله: (وأن نسيَه قبلَه قضاه) فيه إن القضاء الإتيان بالشيء في غير موضعه، وقد أسلف أن كونه قبل السلام أو بعده ندب، فكلاهما موضع له، فلا يكون فعله في أحدهما قضاء، إلا أن يقال: إن القضاء من حيث الندبية، كما أشار إليه الشارح (¬3)، أو يقال: إنه لما عزم على الإتيان به قبل السلام فتركه سهوًا، صار الإتيان به بعد السلام بمنزلة القضاء. * قوله: (ولو شرَع في أخرى. . . إلخ)؛ أيْ: ولا يقطعها بخلاف السابقة. * قوله: (ويكفي لجميعِ السهو سجدتان) إلا إذا سها المسبوق فيما انفرد به وسُهِي على إمامه، فإنه يسجد معه، وإذا أتمَّ صَلاته، كما نطق به تصويرهم في المغرب ستُّ تشهُّدات (¬4). * قوله: (ولو اختلف محلهما) كان الظاهر ولو اختلف المحلُّ، لكنه ثَنَّى؛ ¬
ويُغلَّبُ ما قبلَ السلام، ومتى سجد بعدَه جلس فتشهَّد وجوبًا التشهُّد الأخير، ثم سلم، ولا يتورك في ثُنائيَّة، وهو ما يقال فيه وبعدَ رفعٍ كسجودٍ صُلْبٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنه أقل ما يظهر فيه التعدد، أو أن المراد: ولو اختلف محلُّ أفرادهما؛ لأنه يطلب (¬1) في كل محلٍّ سجدتان. * قوله: (وما يقال فيه وبعد رفع)؛ أيْ: وما يقال فيه، [وما يقال] (¬2) في ما بعد رفعٍ لتتِمَّ المقابلة. * * * ¬
9 - باب صلاة التطوع
9 - باب صلاةُ التطوع بعدَ جهادٍ، فتوابِعِه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب صلاة التطوع * قوله: (بعد جهاد) فيه أن الجهاد فرض كفاية، والكلام في التطوع، وكذا العلم تعلُّمه، وتعليمه فرض كفاية، فينبغي أن يُحمَلا على الجهاد، والتعلم والتعليم اللذين فَعَلَمها طائفة، بعد قيام من سقط بفعله فرض الكفاية، على القول بأنه يقع من الطائفة الثانية سُنة، كما يُعلم مما ذكروه في كتاب الجنائز (¬1)، وهو غير اختيار الشيخ تقي الدين (¬2)، وإن نقَل المنقح في شرح التحرير (¬3) عبارة الشيخ واقتصر عليها وعبارته: "قال الشيخ تقي الدين: إذا باشر قوم الجهاد وقد سقط الفرض، فهل يقع فرضًا أو نفلًا على وجهَين (¬4)؟، كالوجهَين في صلاة الجنازة (¬5)، إذا أعادها بعد أن صَلَّاها غيره، وانبنى على الوجهَين في فعلها بعد العصر، والفجر [مرة ثانية، والصحيح أن ذلك يقع فرضًا، وأنه يجوز فعلها بعد العصر] (¬6) والفجر، وإن كان ابتداء ¬
فعلمٍ -تعلُّمُه وتعليمُه- من حديث وفقه ونحوِهما: أفضلُ تطوع البدن. ونص (¬1): أن الطواف لغريبٍ أفضلُ منها بالمسجد الحرام. ـــــــــــــــــــــــــــــ الدخول فيه تطوعًا، كما في التطوع الذي يلزم بالشروع، على القول به، فإنه كان نفلًا ثم يصير إتمامه واجبًا"، انتهى. * قوله: (فَعِلم)؛ أيْ: مندوب. * قوله: (تعلُّمُه وتعليمُه) ظاهره أن التعلُّم والتعليم في مرتبة واحدة، مع أن التعليم نفعه متعدٍّ، ولعلهم نظروا إلى أن تعديَ نفع التعلُّم (¬2) أيضًا باعتبار الأول، وهو ظاهر قول أبي الدرداء (¬3): "العالم والمتعلم في الأجر سواء" (¬4)، وإن كان يمكن حمله على معنى أنهما سواء في ثبوت أصل الأجر، وإن اختلف. * قوله: (ونص أن الطواف لغريبٍ أفضلُ)؛ أيْ: إن لم ينو الإقامة بمكة. ¬
المنقحُ (¬1): "والوقوفُ بعرفة أفضلُ منه خلافًا لبعضهم". ثم ما تعدَّى نفعُه، ويتفاوت فصدقةٌ على قريب محتاج أفضلُ من عتق، وهو منها على أجنبي إلا زمن غلاء وحاجةٍ، ثم حجٌّ، فصومٌ. وأفضلُها: ما سُنَّ جماعة وآكدُها كسوفٌ، فاستسقاءٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (خلافًا لبعضهم) لعله صاحب الفروع (¬2). * قوله: (ثم ما تعدَّى نفعه)؛ أيْ: بقية ما تعدى نفعه، وإلا فما تقدم منه ما يتعدى نفعه كتعليم العلم. * قوله: (فصدقةٌ. . . إلى آخره) ظاهره، بل صريحة أن كلًّا من الصدقة والعتق أفضل من الحج، وفيه نظر (¬3). * قوله: (فضل من عتق)؛ أيْ: لأجنبي، كما قيده به (¬4) بعضهم (¬5)، وإلا فعِتق القريب صدقة أيضًا. * قوله: (وأفضلها ما سُنَّ جماعة)؛ أيْ: صلاة التطوع. ¬
فتراويحٌ، فوترٌ وليس بِوَاجِبٍ إلا على النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فوترٌ) كان الأشبه أن يكون الوتر آكد حتى من الكسوف، فإنه قد قيل بوجوبه (¬2)، وصلاة راتبة، وكان واجبًا عليه -عليه الصلاة والسلام- وقد قال -صلى اللَّه عليه وسلم- ما لفظه أو معناه: "قد زادكم اللَّه صلاة هي أحب إلي من حُمْر النَّعم" (¬3). ¬
ومن رواتبَ: سُنَّةُ فجرٍ، وسُنَّ تخفيفُها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومن رواتبَ. . . إلى آخره) لو قال: فرواتبَ، وآكدُها سنة فجر، فمغرب، لكان أظهر، لكنه لم يذكر ذلك خشية أن يتوهم دخول الرواتب في ما يُسَن جماعة، فتدبر!. * قوله: (وسُنَّ تخفيفها) هذا موضع من تسعة (¬1) مواضع يُسَن فيها تخفيف الركعتَين، والثاني: من دخل والإمام يخطب، قالوا: لم يجلس حتى يصلِّي ركعتَين خفيفتَين (¬2)، والثالث: عند افتتاح قيام الليل، وهذه ثلاثة في كلام المص، والرابع والخامس: ركعتا التحية، وركعتا الطواف على ما نقله القاضي أبو الحسين (¬3) في الطبقات (¬4) عن أبي حفص العكبري (¬5) -، ويؤخذ من كلام المص طلب التخفيف ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أيضًا في الركعتَين بعد أذان المغرب، والركعتَين بعد الوتر أن جعل قوله "جالسًا" راجعًا للكل، خلافًا لصنيع الإقناع (¬1)، فإنه صريح في إرجاع "جالسًا" للركعتين بعد الوتر، وعبارته: "ويُسَن لمن شاء ركعتان بعد أذان المغرب قبلها، وركعتان جالسًا بعد الوتر"، انتهى. وصنيع الإقناع هو الموافق للحديث المستدل به على ذلك (¬2)، كما ذكره شيخنا في شرحه (¬3) وعبارته: "قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه وقد سئل عن الركعتين بعد الوتر، فقال: أرجو إن فعله إنسان أن لا يُضَيَّق عليه، ولكن يكون وهو جالس، كما جاء في (¬4) الحديث، قلت: تفعله أنت؟، قال: لا ما أفعله؟ أيْ: لأنه لم يذكره أكثر الواصفين لتهجده -عليه السلام-". أقول: ويزاد على ذلك ما لو شرع في نفل ثم أقيمت الجماعة وهو يريد ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصلاة معهم، وأمِن الفوتَ، فإنه يتممها خفيفة، وما (¬1) إذا سمع مضاغات (¬2) صغير ليس عنده أحد، فتصير المواضع تسعة. [وقال -رحمه اللَّه تعالى- على قوله: "وسُنَّ تخفيفها" هذا موضع من تسعة مواضع] (¬3) يطلب فيها التخفيف، وقد جمعتها في قولي: من بعد حمد اللَّه بارئ النَّسَم ... معلم الإنسان خطًّا بالقلمْ ثم الصلاة والسلام سَرْمَدَا ... على نبي قد أتانا بالهدى محمد وآله وعِترتهْ ... الفائزين في غد بصحبتهْ فالعلم مطلقًا عظيم المنقَبهْ ... لا سيما الفقه رفيع المرتبه وقد رأيت الجُلَّ من أصحابنا ... في مذهب ابن حنبلٍ إمامنا نصُّوا على مواضع التخفيفِ ... في النفل قد جَلَّت عن التحريفِ تخفيفها من المصلي يُنْدَبُ ... وجملة التَعداد تِسعٌ تُحسبُ أوَّلها سنة فجر قد أتتْ ... وحال خطبة لجُمعة ثبتْ ثم افتتاحٌ لقيام الليلِ ... وركعتا الطواف قُل في قولِ ومثلُه تحية للمسجدْ ... كلاهما للعكبري أسندْ وركعتان بعد فعل الوترِ ... وفعل ذي من جالس فاستقرِ ¬
واضطجاعٌ بعدها على الأيمن. فمغربٍ، ثم سواء. ـــــــــــــــــــــــــــــ قالوا وركعتان قبل المغربِ ... إن قيل يُندبان فاعلم وادأبِ كذاك نفلُ من أُقيم الفرض ... وهو به وخاف أن ينفضَّ وتاسع عند مُضاغات الولدْ ... وهو الذي بذكره تمَّ العددْ قد قاله محمد بن أحمدا ... الحنبلي الراجي إِلهًا سَرْمَدًا (¬1) مستغفرًا مُحَمْدِلًا مصلِّيا ... مسلِّمًا على ختام الأنبياء المصطفى من أشرف الجراثم (¬2) ... وآله وصحبه الأكارمِ * قوله: (واضطجاع بعدها على الأيمن) حديث عائشة المستدل به (¬3)، وهو قولها: "إن كنتُ مستيقظة حدثَني وإلا اضطجعَ" (¬4) يدل على أنه يكفي في تحصيل ¬
ووقتُ وتر: ما بين صلاة العشاء، ولو معَ جمع تقديمٍ، وطلوعِ الفجر، وآخر الليل (¬1) لمن يثق بنفسه أفضل. وأقلُّه: ركعة، ولا يُكره بها، وأكثرُه: إحدى عشرة، يسلِّم من كلِّ ثنتين، ويوترُ بركعة، وإن أوترَ بتسع تشهَّدَ بعد ثامنةٍ، ثم تاسعة وسلَّم، وبسَبعٍ أو خَمْسٍ سرَدَهن. ـــــــــــــــــــــــــــــ السنة أحد الأمرين؛ إما الحديث، أو الاضطجاع. * قوله: (وآخر الليل) يجوز أن يكون مبتدأ من غير تقدير، وخبره: "أفضل"؛ أيْ: أفضل من أوله، ويجوز ما سلكه الشارح (¬2) وهو أن يُقَدر في جانب المبتدأ، ويجعل "آخر" ظرفًا، والتقدير: ووِترُ آخر ليل، وخبره "أفضل" والمعنى: أفضل من كونه أوله. * قوله: (وأكثره إحدى عشرة) وقيل: ثلاث عشرة (¬3). * قوله: (وبسَبْعٍ أو خَمْسٍ سرَدَهن) ظاهره أنه لم يرد في صورة الاقتصار على السبع إلا سردها، وظاهر منظومة الصرصري (¬4) (¬5) يخالفه، فإنه قال: ¬
وأدنى الكمال: ثلاثٌ بسلامَين، ويجوز بواحد (¬1) سردًا. ومن أدرك مع إمام ركعةً، فإن كان يسلِّم من كل ثنتين أجزأ وإلا قَضَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنْ شِئْتَ صَلِّ الوترَ سَبْعًا مُتَابعا ... وإنْ شِئْتَ أيضًا فَأْتِ بالسِّتِّ واقْعُدِ (¬2) * قوله: (ويجوز بواحد سردًا) مفهومه أنه لا يجوز بواحد كالمغرب، وهو ما مشى عليه القاضي (¬3)، وجزم بالبطلان فيه، وقيل: يجوز (¬4)، وهو ظاهر كلام المستوعب (¬5)، وتبعه في ذلك صاحب الإقناع (¬6). * قوله: (ومن أدرك مع إمام ركعة)؛ أيْ: من ثلاث. * قوله: (وإلا قضى. . . إلخ)؛ أيْ: ما لم يدركه، وإذا شك فيما نواه إمامه، ¬
يقرأُ في الأولى بـ"سبح" والثانية: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] والثالثة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1]. ويَقْنتُ بعد الركوع ندبًا، فلو كبَّر ورفع يديه، ثم قَنَت قبْله: جاز، فيرفعُ يديه إلى صدره يبسُطهما وبطونهما نحو السماء، ولو مأمومًا ويقولُ جهرًا: "اللهم إنا نستعينك ونستهديك. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هل هو ثلاث، أو خمس، أو سَبعْ، أو تسع، أو إحدى عشرة، فالأكمل أن يأتي بالأكثر. ويبقى النظر فيمن أدرك ركعة مع إمام صلَّى ثلاثا بسلام وتشهُّدَين كالمغرب، أو بواحد سردًا، هل يصح اقتصاره في النية على ركعة ويقضي (¬1)، أو لابد من نِية جملة ما صَلَّاه الإمام إن تحققه؟ قال شيخنا (¬2): "الظاهر أنه يتعين الثاني، حتى تتوافق نية الإمام والمأموم". أقول: ويصح الأول، والتوافق غير لازم، بدليل صحة نية الظهر ممن أدرك الإمام بعد ركوع الثانية من الجمعة، إلا أن يقال: إن هذا ثبت على خلاف القياس، فلا يقاس عليه، فلتحرر المسألة (¬3)!. * قوله: (جاز)؛ لأن أحاديثه كلها معلولة (¬4)، لكن يجوز العمل بالحديث ¬
ونستغفرك ونتوبُ إليك، ونؤمنُ بك ونتوكل عليك، ونثْنِي عليك الخير كلَّه، ونشكرك ولا نكفرك اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفِدُ (¬1)، نرجو رحمتك ونخشى عذابك، إن عذابك الجدَّ بالكفار مُلْحِق" (¬2). "اللهم اهدنا فيمن هديتَ، وعافنا فيمن عافيتَ، وتولنا فيمن توليتَ، وبارك لنا فيما أعطيتَ، وقنا شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، ولا يعزُّ من عاديتَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الضعيف في فضائل الأعمال، بشرط أن لا يشتد ضعفه، وأن لا ينوي سُنِّيته، وأن يعمل به لنفسه. * قوله: (الخير) انظر ما موقعه من الإعراب، ولعله صِلة بـ"نثني" بحذف الجار، والأصل: نثني عليك بالخير كله، ويكون هو المحمود به، وقد أشار إلى ذلك في الحاشية (¬3) بقوله: "أيْ: نصفك بالخير". ¬
تباركت ربنا وتعاليت" (¬1). "اللهم إنا نعوذُ برضاك من سخطك، وبعفوك من عقوبتك، وبك منك لا نحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك" (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وبك منك) قال الخطابي (¬3): "في هذا معنى لطيف، وذلك أنه سأل ¬
ثم يصلِّي على النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1)، ويؤمِّن مأمومٌ، ويفرد منفردٌ الضميرَ، ثم يمسح وجهه بيديه هنا وخارج الصلاة، ويرفعُ يديه إذا أراد السجود. ـــــــــــــــــــــــــــــ اللَّه -سبحانه وتعالى- أن يجيره برضاه من سخطه، وهذان ضدان ومتقابلان، وكذلك المعافاة والمؤاخذة بالعقوبة، ثم لما لجأ إلى ما لا ضد له، وهو اللَّه -سبحانه وتعالى- أظهرَ العجز والانقطاع، وفزع منه إليه، واستعاذ به منه". ويؤمِّن مأمومٌ، ويفرد منفردٌ الضميرَ، ثم يمسح وجهه بيديه هنا وخارج الصلاة، ويرفعُ يديه إذا أراد السجود. * قوله: (ويرفعُ يديه إذا أراد السجود) وإذا سلَّم قال: [سبحان الملك] (¬2) القدوس، ويرفع صوته في الثالثة (¬3)،. . . . . . ¬
وكُرِه قنوتٌ في غير وتر، إلا أن تنزل بالمسلمين نازلةٌ، فيُسنُّ لإمام الوقت خاصة فيما عدا الجمعة، ويجهر به في جهريَّة، ومن ائتَمَّ بقانت في فجر تابع، وأمَّن. ـــــــــــــــــــــــــــــ زاد ابن تميم (¬1) وغيره (¬2): "رب الملائكة والروح (¬3) ". * قوله: (فيُسَن لإمام الوقت خاصة) واختار جماعة ونائبه (¬4)، ولا تبطل صلاة من قَنَت لنازلة في كل صلاة غير من يُسَن له. وبخطه: قال في الفروع (¬5): "ويتوجه لا يقنُت لرفع الوباء في الأظهر؛ لأنه لم يثبت القنوت في طاعون عَمواس (¬6)، ولا في غيره؛. . . . . . ¬
والرواتبُ المؤكدةُ عشرٌ: ركعتان قبلَ الظهر، وركعتان بعدَها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبلَ الفجر، فيخيَّرُ فيما عداهما، وعدا وترٍ سفرًا. وسُنَّ قَضاءُ كلٍّ ووترٍ، إلا ما فات مع فرضه وكثر، فالأولى تركُه إلا سنَّةَ فجر. وسنَّةُ فجرٍ، وظهر الأوَّلةُ بعدهما قضاءٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ولأنه شهادة للأخبار (¬1)، فلا يُسأل رفعه"، انتهى. * قوله: (المؤكدة) صفة كاشفة، بدليل المقابلة الآتية. * قوله: (وركعتان قبل الفجر فيخيَّر) والنسخة الأصلية بعد قوله: "قبل الفجر": "وهما أفضلها فيخيَّر (¬2) " فلما رآه المص مكررًا مع قوله: "ومن رواتبَ سنةُ فجرٍ" حذفه، ولو غَيَّر الفاء أيضًا لكان أولى، لأنه لم يبقَ تفريع، أو أنها بمعنى الواو. * قوله: (وسنَّةُ فجرٍ وظهر. . . إلخ)؛ أيْ: فعل سنة الفجر، وسنة الظهر الأوَّلةُ تكون قضاء. * فائدة: يُكره تَرْك السنن الرواتب، ومتى داوم على تركها سقطت عدالته، قاله ابن تميم (¬3)، قال "القاضي": ويأثم، وذكر ابن عقيل في الفصول أن الإدمان على تَرْك السنن الرواتب غير جائز. ¬
والسننُ غيرُ الرواتب عشرون: أربعٌ قبل الظهر، وأربع بعدها، وأربع قبل العصر، وأربع بعد المغرب. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال في الفروع (¬1): "لا إثم بتَرْك سنة، على ما يأتي في العدالة (¬2) "، وقال عن كلام القاضي (¬3): "مراده إذا كان سببًا لتَرْك فرض"، قاله في الإنصاف (¬4). أقول: الأحسن في الجواب: أن القاضي إنما رتب الإثم على المداومة على التَّرْك، التي تستلزم الاستخفاف بالدين، لا على مجرد ترك السنة، وكذا ابن عقيل إنما جعل غير الجائز الإدمان على التَّرْك، لا نفس التَّرْك، فلا معارضة (¬5) بين ما هنا، وما يأتي في العدالة، الموافق لما تقرر في الأصول من أن المندوب ما يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه (¬6). ويجوز للزوجة، والأجير، والولد، والعبد فعل السنن الراتبة مع الفرض، ولا يجوز منعهم، قاله في الإقناع (¬7). * قوله: (والسنن غير الرواتب عشرون) قال جماعة (¬8): "يحافظَ عليهن"، ¬
وأربع بعد العشاء، ويُبَاح ثنتان بعد أذانِ المغرب، وبعد الوتر جالسًا، وفعلُ الكلِّ ببيت أفضل، وسُنّ فصلٌ بين فرض وسنته بقيامٍ، أو كلام. وتُجزئ سنَّةٌ عن تحيةِ مسجدٍ، ولا عكْسَ، وإن نوى بركعتين التحيَّة والسنة، أو الفرض حصلا. والتراويحُ: عشرون ركعةً برمضان. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ انتهى، وهل يُسَن أن يقضيها إذا فاتت كالرواتب؟ وجعل في الإقناع (¬1) منها أربعًا قبل الجمعة، وسكت عنها (¬2) المص هنا وهناك (¬3) فتصير على كلام الإقناع [أربعًا وعشرين] (¬4). * قوله: (وتُجزئ سنَّةٌ عن تحيةِ مسجدٍ) وذكر بعض الفقهاء (¬5): أن من دخل المسجد غير متوضئ سُنَّ له أن يقول: سبحان اللَّه، والحمد للَّه، ولا إله إلا اللَّه، واللَّه أكبر، ولا حول ولا قوة إلا باللَّه (¬6). * قوله: (حصلَا)؛ أيْ: التحية والفرض؛ لأن المقصود من التحية شَغل البقعة، وقد حصل بالفرض على وجه أكمل. * قوله: (والتراويحُ) سميت بذلك؛ لأنهم كانوا يصلون بتسليمتَين ويتروحون؛ ¬
جماعةً يسلِّم من كلِّ (¬1) ثنتين بنيةٍ أول كلِّ ركعتين، ويُستراح بين كلِّ أربعٍ، ولا بأس بزيادة، ووقتُها: بين سنة عِشاء ووتر، وبمسجد وأولِ الليل أفضلُ. ويوترُ بعدها في الجماعة، والأفضلُ لمن له تهجد أن يوترَ بعده، وإن أوتر ثم أراده لم ينقضْه، وصلى ولم يوتر، والتهجُد: ما بعدَ نومٍ، والناشئةُ ما بعدَ رَقْدةٍ. وكُره تطوع بينهما، لا طوافٌ، ولا تعقيب وهو: صلاته بعدَها وبعدَ وترٍ جماعةً. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ أيْ: يستريحون ساعة (¬2). * قوله: (جماعةً) هذه العبارة تقتضي أنه لا يصيب السنة من فعلها (¬3) منفردًا، فلو قال: وتسن جماعة، لشمَل، وعبارة الإقناع (¬4) "وفعلها جماعة أفضل". * قوله: (ويُستراح بين كلِّ أربعٍ) وكان أهل مكة يطوفون بين كل ترويحتَين أسبوعًا، ويصلون ركعتَي الطواف (¬5). * قوله: (ووقتُها: بين سنة عِشاء ووتر)؛ أيْ: الأفضل. * قوله: (والناشئةُ ما بعدَ رَقْدةٍ) ومن لم يرقُد فلا ناشئةَ له. ¬
1 - فصل
1 - فصل وصلاةُ الليل أفضلُ، ونصفُه الأخيرُ أفضلُ من الأول ومن الثلث الأوسط، والثلثُ بعد النصف أفضلُ مطلقًا، ويُسنُّ قيامُ الليل، وافتتاحهُ بركعتين خفيفتين، ونيتُه عند النوم، وكان واجبًا على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ولم ينُسخ، ووقتُه: من الغروب إلى طلوع الفجر. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (وصلاةُ الليل أفضلُ) من صلاة النهار، قال أحمد (¬1): "ليس بعد المكتوبة عندي أفضل من صلاة الليل". * قوله: (والثلث بعد النصف أفضل مطلقًا)؛ أيْ: سواء ضم إليه السدس السادس أم لا. * قوله: (ويُسَن قيام الليل) لما في الحديث: "عليكم بقيام الليل فإنه دَأْب الصالحين قبلكم، وهو قربة لكم إلى ربكم، ومكْفَرَة للسيئات، ومنهاة عن الإثم" (¬2). ويُسَن لمن قامه أن يقول: "اللهم لك الحمد، أنت نور السموات والأرض ¬
وتُكره مداومتُه، ولا يقومُه كلَّه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ومن فيهن، ولك الحمد، أنت قيوم (¬1) السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد، أنت الحق، ووعدُك الحق، وقولُك الحق، ولقاؤُك حق، والجنة حق، والنار حق، والساعة حق، والنبيون حق، ومحمد -صلى اللَّه عليه وسلم- حق، اللهم لك أسلَمْت، وبك آمَنْت، وعليك توكلْت، وإليك أنبت، وبك خاصَمْت، وإليك حاكَمْت، فاغفر لي ما قدَّمْت وما أخَّرْت، وما أسرَرْت، وما أعلَنْت، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك" (¬2). * قوله: (وتُكرَه مداومتُه) قال الحجاوي في حاشيته على التنقيح (¬3): "وقد فهم بعض المصنفين في زمننا من كلام المنقح (¬4) أنه يقوم غِبًّا، وعبارة الفروع (¬5) توهِم ذلك، وليس بوارد عن أحد"؛ انتهى. يعني: المكروه مداومة قيام كل الليل، لا مداومة قيام بعضه، كما فهم صاحب المنتهى؛ لأنه لم يقل به أحد، ويُرَدُّ: بأن كلامه في المبدع (¬6) تبعًا لجده صاحب الفروع يوافق كلام المص، حيث قال: "ويُكرَه مداوم قيام الليل". * قوله: (ولا يقومُه كلَّه)؛ أيْ: لا يستحب أن يقومَه كلَّه. ¬
إلا ليلةَ عيد (¬1). وصلاةُ ليلٍ ونهارٍ مَثْنَى مَثْنَى (¬2)، وإن تطوَّع نهارًا بأربع فلا بأس، وبتشهدين أولى، ويقرأ في كلِّ ركعة معَ الفاتحة سورةً، وإن زاد على أربعٍ نهارًا، أو ثنتين ليلًا ولو جاوز ثمانيًا بِسلامٍ واحِدٍ، صحَّ وكُره، ويصحُّ تطوُّعٌ بركعةٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وصلاةُ ليلٍ ونهارٍ مَثْنَى)؛ أيْ: كلٌّ منهما مَثْنَى؛ أيْ: ثِنتين ثِنتين، وكان الظاهر أن يُكَرِّرَ مَثْنَى، كما هو كذلك في بعض النسخ، لتظهر المطابقة. * قوله: (ولو جاوز ثمانيًا) فيه حذف من الأول، لدلالة الثاني، والأصل: وإن زاد على أربع نهارًا ولو جاوز ثمانيًا. . . إلخ. * قوله: (صحَّ وكُرِه) ولعل هذا في غير الوتر، والضحى. * قوله: (ويصحُّ تطوُّعٌ برَكعةٍ)؛ أيْ: لأنها أقل ما يطلق عليه اسم صلاة حقيقة، وإنما لم تجُزْ الركعة فيما لو نذر صلاة؛ لأن النذر المطلق يسلك به مسلك الفرض، وأقل الفرض ثِنتان، فحمل على ذلك كذلك، فتفطن!. ¬
ونحوها، ولا تصحَّ صلاةُ مضطَجع غير معذور. وأجرُ قاعد على نصفِ صلاةِ قائم إلا المعذورَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ انظر هذا مع ما يأتي (¬1) في الوجه السادس من صلاة الخوف، وهو أن يصلي بكل طائفة ركعة بلا قضاء، فإنه يقتضي أن أقل الفرض أيضًا ركعة، إلا أن يقال: إن (¬2) هذا على (¬3) خلاف القياس. وبخطه: قال في الإقناع (¬4): "ومن فاته تهجُّده قضاه قبل الظهر"، انتهى، لما روى أحمد ومسلم وأهل السنن عن عمر -رضي اللَّه عنه- مرفوعًا: "من نام عن حِزبه من الليل، أو عن شيء منه، فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر، كُتب له كأنما قرأه من الليل" (¬5)، انتهى حاشية الإقناع (¬6). وبخطه على قوله: (ويصحُّ تطوع بركعة)؛ أيْ: وكُره، قاله في الإقناع (¬7). * قوله: (ونحوها)؛ أيْ: من الأوتار (¬8). * قوله: (وأَجْر قاعدٍ. . . إلخ)؛ أيْ: أجر صلاة قاعد على نصف أجرِ ¬
وسُنَّ تربعُه بمحلِّ قيام وثنيُ رجلَيه بركوعٍ وسجود، وكثرتُهما أفضلُ من طول قيام. ـــــــــــــــــــــــــــــ صلاة قائم، ففي المتن صنعة الاحتباك (¬1) (¬2) على حد قوله -تعالى-: {فِئَةٌ تُقَاتِلُ} [آل عمران: 13] الآية. * قوله: (وثَنْي رجلَيه بركوعٍ وسجود) وهو مخير في الركوع، إن شاء من قيام، وإن شاء من قعود، للورود (¬3). * قوله: (وكثرتُهما أفضلُ من طول قيام)؛ أيْ: في غير ما ورد عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- تطويله على ما في الإقناع (¬4)، وعبارته: "وما ورد عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- تخفيفه أو تطويله فالأفضل اتباعه، وما عداه فكثرة الركوع والسجود فيه أفضل من طول القيام"؛ انتهى. وقد لَمَّحتُ بقولي: كأنَّ الدَّهْرَ في خَفْضِ الأَعَالي ... وفي رَفْع الأسافِلَةِ اللئَام فَقِيهٌ عِنْدَه الأَخْبَارُ صَحَّت ... بِتَفْضِيل السُّجودِ على القِيام وبخطه: قوله: (وكثرتهما أفضل) ظاهره أن المفضَّل على القيامِ الطويلِ الكثيرُ من الركوع والسجود معًا، ويبقى النظر في تكثير الركوع فقط، كما في الكسوف، هل هو أفضل من التطويل في القيام، أو التطويل في القيام أفضل؟، لكن قال ¬
وتُسنُّ صلاةُ الضحى غبًّا، وأقلُّها ركعتان، وأكثرُها ثمانٍ. ووقتُها: من خروجِ وقت النَّهي إلى قبيل الزوال، وأفضلُه إذا اشتدَّ الحر. وصلاةُ الاستخارة ولو في خير، ويبادر به بعدها. وصلاةُ الحاجة إلى اللَّه -تعالى-، أو آدمي وصلاةُ التوبة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شيخنا (¬1): "إنهم قالوا الأفضل في (¬2) سنة صلاة الكسوف أن يكون بركعة فقط مع طول القيام". * قوله: (غِبًّا) فتصلى في بعض الأيام دون بعض. * قوله: (وصلاةُ الاستخارة ولو في خير) كحج وعمرة، فيركع ركعَتَين، ثم يقول: "اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علَّام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني، ومعاشي، وعاقبة أمري -أو عاجل أمري وآجله- فيسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن اهذا الأمر شَرٌّ لي في ديني، ومعاشي، وعاقبة أمري -أو عاجل أمري وآجله- فاصرفه عني واصرفني عنه، واقْدِر لي الخير حيث كان، ثم رَضِّني به" (¬3)، ولا يكون وقت الاستخارة عازمًا على الأمر أو عدمه، فإنه خيانة في التوكل. ¬
وعقبَ الوضوء لكلٍّ ركعتان، لا صلاةُ التسبيح. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا صلاةُ التسبيح) لقول أحمد: "لا يعجبني"، قيل: لم؟ قال: "ليس فيها شيء يصحُّ"، ونفض يده كالمنكر، ولم يرها مستحبة (¬1). قال الموفق (¬2): "وإن فعلها إنسان فلا بأس، فإن النوافل والفضائل لا يشترط صحة الحديث فيها (¬3) ". وهي أربع ركعات، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة، ثم يقول: سبحان اللَّه، والحمد للَّه، ولا إله إلا اللَّه، واللَّه أكبر، خمس عشرة مرة، ثم يركع فيقولها في ركوعه عشرًا، ثم بعد رفعه عشرًا، ثم في السجدة الأولى عشرًا، وفي (¬4) ¬
2 - فصل
2 - فصل وسجودُ تلاوةٍ وشكرٍ كنافلة فيما يُعتَبرُ، وسُنَّ لتلاوة ويكررُه بتكرارها حتى في طواف مع قِصرِ فَصْلٍ، فيتيمم محدث بشرطِه ويسجُد مع قِصَره لقارئ ومستمعٍ، لا سامعٍ، ولا مصلٍّ، إلا متابعةً لإمامِه. ويُعتبر كونُ قارئ يصلُ إمامًا له، فلا يسجد إن لم يسجد، ولا قُدَّامهُ أو عن يساره مع خُلُوِّ يمينه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ما بين السجدتين عشرًا، ثم في الثانية عشرًا، ثم بعد الرفع منها عشرًا، ففي كل ركعة خمس وسبعون، إن استطاع في كل يوم مرة، وإلا ففي كل شهر مرة، وإلا ففي كل سنة مرة، وإلا ففي العمر مرة. فصل * قوله: (مع قصره) كان يُغْني عنه قوله سابقًا: "مع قصر فصل". * قوله: (ويعتبر)؛ أيْ: لاستحباب السجود من المستمع. * قوله: (ولا قُدَّامه أو عن يساره مع خُلُوِّ يمينه) وسكت عن الفَذِّ، وهو من كان خلف صف، وعمن كان خلف القارئ، ولم يتحول إلى جهة يمينه، فمفهوم ذلك الجواز، ولكن ظاهر تعليل الشارح (¬1) بقوله: "لعدم صحة الائتمام في هذه الحالة" عدم السجود أيضًا، لا يقال: الفَذُّ من ركع وسجد وحدَه خلف الصف، وهذه العبادة ليس فيها ركوع؛ لأنَّا نقول هذا لعله نظر للغالب، بدليل أن الصحيح ¬
ولا رجلٌ لتلاوة امرأةٍ، وخنثى، ويسجدُ لتلاوة أُميٍّ، وزَمِنٍ، وصبيٍّ. والسجداتُ أربعَ عشرة: في الحج اثنتان، يكبِّر إذا سجد، وإذا رفع، ويجلسُ ويسلِّمُ، ولا يتشهدُ، ويرفعُ يديه ولو في صلاة، وكُره جمعُ آياته، وحذُفها، وقراءةُ إمامٍ سجدةً بصلاة سرٍّ، وسجودُه لها، ويلزمُ المأمومَ متابعتُه في غيرها. وسجودٌ عن قيام أفضلُ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عدم صحة صلاة الفَذِّ في صلاة الجنازة (¬1)، مع أنه ليس فيها ركوع ولا سجود، فليحرر (¬2)!. * قوله: (وصبي)؛ أيْ: مميز، إذ غير المميز لا يصلح إمامًا في النفل. * قوله: (في الحج اثنتان)؛ أيْ: وفي الأعراف، والنحل، وسبحان، ومريم، والفرقان، والنمل، وألم تنزيل، وحم السجدة، والنجم، والانشقاق، والقلم، سجد سجدة، وسجدة صاد سجدة شكر. ومواضع السجدات: آخر الأعراف، وفي الرعد {بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} [الأعراف: 205]، وفي النحل {وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [النحل: 50]، وفي الإسراء {وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} [الإسراء: 109]، وفي مريم {خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} [مريم: 58]، وفي أول الحج {يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [الحج: 18]، وفي الثانية {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج: 77]، وفي الفرقان {وَزَادَهُمْ نُفُورًا} [الفرقان: 60]، وفي النمل {رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [النمل: 26]، ¬
والتسليمةُ الأولى رُكن، وتجزئ. وسُنَّ لشكرٍ عند تجدُّدِ نِعَم، واندفاعِ نِقَم مطلقًا، وإن سجد له في صلاةٍ: بطُلتْ، لا من جاهِلٍ وناسٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي ألم تنزيل {وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} [السجدة: 15]، في حم السجدة {وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ} [فصلت: 38]، وآخر النجم، وآخر الانشقاق، وآخر القلم. * قوله: (والتسليمةُ الأولى رُكن وتجزئ) انظر ما حكم الثانية؟، وفي الإقناع (¬1) أنه يسلِّم تسليمة واحدة عن يمينه، ولم يتعرض للثانية، ولعل حكمها الإباحة، كما في صلاة الجنازة، المُصَرَّح بحكمها فيها (¬2)، وهو ظاهر قول شيخنا في شرحه (¬3): "أشبهت صلاة الجنازة". * قوله: (عند تجدُّدِ نِعَم واندفاعِ نِقَم)؛ أيْ: ظاهرتَين. ويُسَن سجود الشكر أيضًا عن رؤية مبتلى في بدنه، أو دينه شكرًا للَّه -عز وجل- على سلامته. * قوله: (مطلقًا)؛ أيْ: سواء كانتا عامتَين، أو خاصتَين. * قوله: (بطُلت) لعله في غير سجدة صاد، لأنه (¬4) قيل بأنها سجدة تلاوة (¬5)، ثم رأيت الإقناع (¬6) صرح بالبطلان فيها أيضًا. ¬
3 - فصل
وصفتُه وأحكامُه كسجود تلاوة. * * * 3 - فصل تباح القراءةُ في الطريق، ومعَ حدثٍ أصغرَ، ونجاسة ثوبٍ وبدنٍ حتى فمٍ. وحفظُ القرآن فرضُ كفاية، ويتعيَّنُ ما يجبُ في صلاة. وتُسن القراءةُ في المصحف، والختمُ كلَّ أسبوع، ولا بأس به كلَّ ثلاث، وكُرِه فوقَ أربعين، ويكبرُ لآخر كلِّ سورةٍ من الضحى، ويجمعُ أهلَه. ويُسنُّ تعلُّمُ التأويلُ، ويجوزُ التفسيرُ بمقتضى اللغةِ لا بالرأي ويلزمُ الرجوع إلى تفسير صحابيٍّ، لا تابعيٍّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وصفتُه وأحكامُه كسجود تلاوة)؛ أيْ: في الشروط لا في الأركان. فصل * قوله: (ويلزم الرجوع إلى تفسير صحابيٍّ. . . إلخ) قال الإمام البغوي (¬1) (¬2) ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نقلًا عن شيخه (¬1) (¬2): "إن صرف الآية إلى معنى محتمل موافق لما قبلها وما بعدها، غير مخالف للكتاب والسنة، من طريق الاستنباط، قد رخَّص فيه لأهل العلم"، انتهى. وبه يُرَدُّ ما في الإحياء (¬3) للغزالي -رحمه اللَّه سبحانه- أو (¬4) يحمل على معنى يرجع إلى ذلك، فإنه قال: "إن الطامَّات، وهي صرف ألفاظ الشرع عن ظواهرها إلى أمور لم تسبق منها إلى الأفهام، كدَأْب الباطنية (¬5)، من قبيل البدعة المنهي عنها، ¬
وإذا قال الصحابي ما يخالفُ القياس: فهو توقيفٌ. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن الصرف عن مقتضى ظواهرها، بغير اعتصام فيه بالنقل عن الشارع، ومن غير ضرورة تدعو إليه من دليل عقلي حرام، مثال ذلك: قولهم في قوله -تعالى-: {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى} [النازعات: 17] مشيرين إلى القلب، وأنه الطاغي على كل واحد"، انتهى. أُخِذَ من تفسير الشيخ البهنسي (¬1) (¬2)، كذا رأيته بخط شيخنا العلَّامة أحمد الغنيمي (¬3). * قوله: (وإذا قال الصحابي ما يخالفُ القياس: فهو توقيفٌ) عبارة شرح التحرير (¬4): "قوله: وقوله فيما يخالف القياس يحمل على التوقيف ظاهرًا عند أحمد وأكثر أصحابه (¬5)، والشافعي (¬6)، والحنفية (¬7)، وابن الصباغ (¬8)،. . . . . . ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والرازي (¬1) (¬2)، وخالف أبو الخطاب (¬3) (¬4)، وابن عقيل وأكثر الشافعية (¬5)، قال السبكي (¬6):. . . . . . ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وتبعه ابنه التاج (¬1)، والشيخ صلاح الدين العلائي (¬2). إن الشافعي يقول: إنه يحمل على التوقف في الجديد. وقال السبكي أيضًا: إنه مذكور في الجديد والقديم، وذلك لأنه (¬3) يصير في حكم المرفوع. قال البرماوي (¬4): "وقد سبق أن الصحابي إذا قال ما لا يمكن أن يقوله عن اجتهاد، بل عن توقيف أنه يكون مرفوعًا، صرح به علماء الحديث ¬
4 - فصل
4 - فصل أوقاتُ النَّهي خمسةٌ: من طلوعِ الفجر الثاني إلى طلوع الشمس، ومن صلاةِ العصر ولو مجموعةً، وقتَ الظهر إلى الغروب، وتفعلُ سنة الظهر بعدها، ولو في جمع تأخير. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والأصول"، انتهى. قال أبو المعالي (¬1): "هو اختيار الشافعي؛ أعني: قوله فيما يخالف القياس إنه يحمل على التوقيف، قال أبو المعالي: وبَنَينا عليه مسائل، كتغليظ الدية بالحرمات (¬2) الثلاث" (¬3)، انتهى. فصل * قوله: (أوقات النهي خمسة) في عد أوقات النهي خمسة (¬4) نظر، إذ الظاهر أن من طلوع الفجر الثانى إلى ارتفاع الشمس قيد رمح وقت واحد، ومن صلاة العصر إلى تمام الغروب وقت واحد أيضًا؛ لأنه لم يتخلل وقت جواز، فتدبر!. ¬
وعند طلوعِها إلى ارتفاعها قِيدَ رُمْح، وقيامها حتى تزول، وغروبها حتى يتمَّ. ويجوزُ: فعلُ منذورةٍ، ونذُرها فيها، وقضاءُ فرائض. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لكن لما كان حكمها يختلف في الجملة؛ وذلك أن الوقت الأول تجوز ركعتا (¬1) الفجر فيه، بخلاف الوقت التالي له، فإنه لا يصح إيقاعهما فيه، وكذلك (¬2) صلاة العصر لا يصح إيقاعها وقت الغروب وقبل تمامه، ويصحُّ إيقاعها في الوقت الذي قَبله. * قوله: (ونذرها فيها) قال الموفق في تعليقه (¬3) على مسائل أجاب عنها: "مسألة: إذا نذر أن يصلي عُقَيب كل صلاة ركعتَين، فهل يكون هذا النذر منعقدًا في أوقات النهي بعد الفجر والعصر؟ فأجاب: بأنها لا تنعقد؛ لأنه نذْر محرم، كما لو نذرت أن تصلي في أيام حيضها، وفيه خلاف (¬4)، وهذا هو الصحيح"، انتهى (¬5). وعلى هذا فيشكل كلام المص، فتدبر!. * قوله: (واعادة جماعة أُقيمت وهو بالمسجد) ظاهره أن هذا في الأوقات الخمسة، وعبارة المحرر (¬6) صريحة في أنه بعد الفجر والعصر خاصة، وعبارته: "فأما ¬
وركعتَي طواف، ويحرُم إيقاعُ تطوُّعٍ، أو بعضه، بغير سنةِ فجرٍ قبلَها، في وقت من الخمسة حتى صلاةٍ على قبر، وغائب. ولا تنْعَقِدُ إن ابتدأه فيها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ما له سبب، كقضاء السنن الفائتة، وتحية المسجد، وسجدة التلاوة ونحوها فيجوز في هذه الأوقات، وعنه (¬1): لا يجوز إلا في ركعتَي الطواف، والمعادة مع إمام الحي إذا أُقيمت وهو في المسجد بعد الفجر والعصر خاصة"، إلا أن يقال: إن ما في المتن القول الثالث، بدليل أنه لم يقيد الإعادة بكونها مع إمام الحي، والأقوال الثلاثة تؤخذ من الشرح الكبير (¬2). * قوله: (أو بعضه) كان الأظهر ولو بعضه؛ لأن النفل يطلق على بعضه. * قوله: (ولا تنعقد إن ابتدأه فيها) وظاهره أنه لا يبطل تطوع ابتدأه (¬3) قَبله بدخوله، لكن يأثم لإتمامه، ذكره شيخنا في شرحه (¬4)، والتأثيم صريح الإقناع (¬5)، وقال ابن تميم (¬6)، وظاهر الخرقي (¬7) (¬8): "لا بأس بإتمامه". ¬
ولو جاهلًا حتى ما له سببٌ: كسجودِ تلاوة وصلاةِ كسوف، وقضاء راتبةٍ، وتحيةِ مسجدٍ، إلا حالَ خطبة جُمعة مطلقًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (حتى ما له سبب) تنبيه على مخالفة الشافعية (¬1). * قوله: (إلا حال خُطبة جمعة مطلقًا)؛ أيْ: سواء كان ذلك صيفًا أو شتاء، وسواء عُلم أن ذلك الوقت وقت نهي، أو جهلة، فإنها تجوز وتنعقد، لما روى أبو سعيد أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "نهى عن الصلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة" رواه أبو داود (¬2)، ولأن الناس لا ينتظرون الجمعة في هذا الوقت، وليس عليهم قطع النوافل. والرواية الثانية (¬3): أن كل ما له سبب -من جميع ما تقدم ذكره-، يجوز ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فعله في أوقات النهي، وفاقًا للشافعي (¬1) -رحمه اللَّه تعالى-. * * * ¬
10 - باب صلاة الجماعة
10 - باب صلاةُ الجماعة واجبةٌ للخمس المؤداة، على الرجالِ الأحرارِ القادرين، ولو سفرًا في شدة خوف، لا شرطٌ. فتصح من منفردٍ، ولا ينقصُ أجرُه معَ عذر. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب صلاة الجماعة * قوله: (الأحرار) وأما الأرقاء فلا تجب عليهم، وإن صحَّت إمامة البالغ منهم في غير الجمعة. * قوله: (لا شرطٌ) خلافًا لابن عقيل (¬1). * قوله: (ولا ينقصُ أجرُه مع عُذر) ظاهره أنها تنقص مع عدم العذر، والأحاديث ناطقة بذلك، منها قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفَذِّ بسبع وعشرين درجة" (¬2)،. . . . . . ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي رواية: "بخمس (¬1) وعشرين درجة" (¬2)، ولا منافاة، لأن القليل لا ينفي الكثير، أو أنه أخبر أولًا بالقليل، ثم أعلمه اللَّه بزيادة الفضل، فأخبر بها، أو أن ذلك يختلف باختلاف المصلِّين، والصلاة؛ أو أن الاختلاف بحسب قرب المسجد وبعده؛ أو أن الأولى في الصلاة الجهرية، والثانية في السرية؛ لأنها تنقص عن الجهرية بسماع قراءة الإمام والتأمين لتأمينه. ووجه كونها بسبع وعشرين: أن الجماعة ثلاثة، والحسنة بعشرة أمثالها، فقد حصل لكل واحد عشرة، فالجملة ثلاثون، لكل واحد رأس ماله، واحد، يبقى تسعة، تضرب في ثلاثة، بسبع وعشرين، وربُّنا يعطي لكلِّ إنسان ما للجماعة، فصار لكل سبعة وعشرون. وحكمة أن أقل الجماعة اثنان: أن ربَّنا -جل وعلا- يعطيهما بمَنِّه وكرمه ما يعطي الثلاثة، وقد أوضح ذلك غاية الإيضاح، مع زيادة حكمة لذلك، الجلال السيوطي في الأمالي، وأفرده في جزء سماه "معرفة الخصال الموصلة إلى الظِّلال" (¬3)، قاله الرملي الشافعي في شرح (¬4) المنهاج (¬5) (¬6). ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال في المبدع (¬1): "وقال ابن هبيرة (¬2): إنه نشأ من ضرب خمسة في مثلها، ويزاد على ذلك الوحدة والاجتماع"، انتهى. ولم يبين ما المراد من الخمسة المضروبة، ولا الخمسة المضروب فيها، على أن جَعْل (¬3) الوحدة والاجتماع، من فضل صلاة الجماعة على صلاة الفَذِّ. نظرٌ ظاهر. ثم رأيت عبارة ابن هبيرة (¬4) ونصها: "لما كانت صلاة الفَذِّ مفردة أشبهت العدد المفرد، فلما جمعت مع غيرها أشبهت ضرب العدد، وكانت خمسًا، فضربت في خمس، فصارت خمسًا وعشرين، وهي غاية ما يرتفع إليه ضرب الشيء في نفسه، وأُدخلت صلاة المنفرد، وصلاة الإمام مع المضاعفة في الحساب"، انتهى. ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقد أبدى الحَلِيمي الشافعي (¬1) (¬2) حكمة أخرى لتوجيه الروايتَين، وهي: "أن صلاة واحدة بالجماعة كالصلوات الخمس بدونها، فتضرب الخمسة الحاصلة بالصلاة الواحدة بجماعة في الخمس عدد الصلوات، فيحصل خمس وعشرين، وركعات الخمس سبع عشرة، ورواتبها المؤكدة عشر (¬3)، والمجموع سبعة وعشرون". قال ابن حجر الشافعي (¬4) في شرح المنهاج (¬5): "وحكمة السبع والعشرين أن فيها فوائد تزيد على صلاة الفذ بنحو ذلك، كما بينه في شرح العباب (¬6) "، انتهى. والذي بيَّنه في شرح العباب هو قوله: "ووجَّهَهما الحَلِيمي بتمييز الجماعة ¬
وتنعقدُ باثنين في غيرِ جمعةٍ وعيدٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بفضائل؛ لأن صلاة فيها كالصلوات الخمس بدونها، وهي سبع عشرة ركعة، ورواتبها عشر، وبفوائد تعود على المصلِّي، كأمَنة من السهو، وإظهار شعار الدين، وكثرة العمل، وانتظار الصلاة، والمشي إليها، والاجتماع بجماعة المسلمين، وتفقد أحوالهم، وإفشاء السلام بينهم، وسؤال بعضهم عن بعض، والحمل على إنشاء المساجد، وعمارة مُنهدِمها، ونصب مؤذن وإمام، وتشبيه صلاتهم بالجمعة، التي هي أكمل الصلوات، وإيقاع الصلاة أول الوقت غالبًا، وغيظ الكفار بمشاهدتهم اجتماع المسلمين، واهتمامهم بأمر دينهم، وتشبههم بالملائكة القائلين {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ} [الصافات: 165]، وبالمجاهدين الذين مدحهم اللَّه بقوله: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا} [الصف: 4]، والبعد عن التكبر عن اقتداء بعضهم ببعض، والإعانة (¬1) على البر بتعليم الجاهل، والدعاء للنفس والقوم (¬2)، وإظهار الاحتياط للغيرِ ليصلِّي معه، فيقوى به، والتشبه بالحج، وبالصوم، فإن المسلمين يحجُّون ويصومون معًا، فناسب أن يصلُّوا معًا، والتسبب في جهر الإمام الذي هو الزيادة في الخير، والاستدارة حول الكعبة، وكونها زينة للفرض، كما أنها زينة للحج، إذ هي من مناسكه، ونصرة حاضرة، حتى لو وقع خوف حرس (¬3) بعضهم بعضًا، وصلاة الانفراد خذلان ووحشة، قال فهذه سبعة وعشرون فائدة"، انتهى -واللَّه أعلم-. * قوله: (في غيرِ جمعةٍ وعِيد) راجع لكل من قوله: "لا شرط"، وقوله: ¬
ولو بأنثى أو عبدٍ، لا بصبيٍّ في فرض. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ "تنعقد باثنين" كذا قرره شيخنا (¬1)، وعبارة المص في الأول مشكلة، فإن الجمعة داخلة في الخمس المؤدَّاة على ما تقدم (¬2) عن (¬3) المبدع (¬4). وقد جعل الجماعة (¬5) للخمس واجبة، لا شرطًا، فينبغي أن يحمل الخمس في كلامه على الظهر وما معها، أو يجعل الاستثناء راجعًا لقوله "وتنعقد باثنين" كما سلكه الشيخ في شرحه (¬6)، فتدبر!. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى- على (¬7) قوله: (وعيد)؛ أيْ بالنظر لأول جماعة تقع، وإلا فتقدم (¬8)، وسيأتي (¬9) أنها تصح من المنفرد إذا فاتته مع الجماعة، فبالأولى أن تنعقد باثنين في هذه الحالة. * قوله: (لا بصبي في فرض)؛ أيْ: لا تنعقد الجماعة فرض بمأموم صبي، إذا كان الإمام بالغًا؛ لأن الصبي لا يصلح أن يكون إمامًا، وفي هذا التعليل نظر، لخروج مسائل كثيرة لا يتأتى فيها ذلك، منها الأنثى، والمتنفل، إلا أن الصبي ليس من أهل الوجوب، بخلاف من ذُكر. ¬
وتُسنُّ بمسجد، ولنساء منفرداتٍ، ويُكرَه لحسناءَ حضورُها مع رجال، ويباحُ لغيرها، ويسنُّ لأهل ثغرٍ (¬1) اجتماعٌ بمسجد واحد، والأفضلُ لغيرهم المسجد الذي لا تقام فيه إلا بحضورِه فالأقدمُ، فالأكثرُ جماعة، وأبعدُ أولى من أقرب. وحرُم أن يؤمَّ بمسجد له إمامٌ راتب. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويُكرَه لحسناءَ)؛ أيْ: ولو عجوزًا. * قوله: (مع رجال) ولو في حال الوعظ. * قوله: (لا تُقام فيه إلا بحضورِه)، قال الموفق (¬2)، والشارح (¬3)، وابن تميم (¬4)، وابن حمدان، وغيرهم (¬5): "وكذا إن كانت تقام فيه مع غيبته، إلا أن في صلاته في غيره كَسْر قلب إمامه، أو جماعته، فجَبْرُ قلوبهم أولى"، انظر إذا حصل هذا الأمر في أهل مسجدَين هل يقدَّم الأقرب؟. * قوله: (وأبعدُ أولى من أقرب)؛ أيْ: أبعد المسجدين القديمَين، أو الجديدَين، سواء اختلفا في كثرة الجمع وقِلَّته أو لا، أما لو كان أحدهما قديمًا والآخر جديدًا، فالقديم أولى ولو قريبًا. * قوله: (وحرم أن يؤمَّ بمسجد له إمامٌ راتبٌ)؛ أيْ: قبل صلاته، والإمام الراتب هو من ولَّاه الإمام أو نائبه. ¬
فلا تصحُّ إلا مع إذنه، أو تأخرِه وضيق الوقت، ويراسلُ إن تأخر عن وقتِه المعتاد، مع قُربٍ وعدمِ مشقة، وإن بَعُدَ، أو لم يظنَّ حضورُه، أو ظُنَّ ولا يكره ذلك صلُّوا، ومن صلى ثم أقيمت سُنَّ أن يعيد، وكذا إن جاء مسجد غيرَ وقتِ نهيٍ لغير قصدها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فلا تصحُّ إلا مع إذنه) عبارة الفروع (¬1): "وحيث حرم فظاهره لا يصحُّ"، فالمص تابع في هذا التفريع لصاحب الفروع، وفيه نظر، فإن الحرمة لا تستلزم عدم الصحة. * قوله: (وإن بَعُد) مقتضى التتميم أو شَقَّ. * قوله: (ولا يُكْرَهَ ذلك) هذا شرط في ظن الحضور. * قوله: (ثم أقيمت)؛ أيْ: وهو بالمسجد، وسواء كان الوقت غير وقت نهي، أو وقت نهي، لكن كان بالمسجد. * قوله: (وكذا إن جاء مسجدًا)؛ أيْ: ووجدها قائمة، أو أقيمت بعد استقراره به (¬2)، ومن أدرك مع الإمام من المعادة ركعتَين، فنص الإمام على أنه يقضي الركعَتَين المسبوق بهما (¬3). وقال الآمدي (¬4): "يسلِّم مع الأمام"، والظاهر أن نص الإمام ليس إلا على سبيل الاستحباب. ومن هذا الكلام تعلَم أنه لا يشترط في سُنِّية الإعادة أن يدرك المعادة مع ¬
إلا المغرب، والأُولى فرضُه. ولا تُكره إعادةُ جماعة في غير مسجدَي مكة والمدينة ولا فيهما لعذر، وكُره قصدُ مسجدٍ لها. ويَمنعُ شروعٌ في إقامة انعقادَ نافلة، ومن فيها، ولو خارجَ المسجد، يتمُّ إن أمن فَوت الجماعة. ومن كبَّر قبل تسليمة الإمام الأولى أدرك الجماعة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الإمام من أولها، كما يشترطه الشافعي (¬1). * قوله: (إلا المغرب) هذه مستثناة من الإعادة في المسألَتين؛ لأنها وتر، وقيل: إنه يعيدها، ثم يشفعها بركعة (¬2). * قوله: (في غير مسجدَي مكة والمدينة) وفيهما يكره، وعلله أحمد (¬3) بأنه أرغب في توفير الجماعة؛ لئلا يتوانى الناس في حضور الجماعة مع الإمام الأول. * قوله: (ويمنع شروع في إقامة. . . إلخ)؛ أيْ: إقامة صلاة يريد الصلاة مع إمامها، قاله شيخنا في شرحه (¬4)، نقلًا عن توجيه صاحب الفروع (¬5)؛ يعني: أنه قاله توجيهًا. ¬
ومَنْ أدرك الركوع دون الطمأنينة اطمأنَّ، ثم تابع وقد أدرك الركعة، وأجزأته تكبيرةُ الإحرام، وسُنَّ دخولُه معه كيف أدْركه، وينحطُّ بلا تكبير، ويقومُ مسبوقٌ به، وإن قام قبل سلام الثانية ولم يرجع: انقلبت نفلًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومن أدرك الركوع)؛ أيْ: المجزئ، ولا يشترط إدراك الكامل. * قوله: (وأجزأته تكبيرة الإحرام)؛ يعني: عن تكبيرة الانتقال، ولو أتى بها معها كانت سنة لا واجبة، على ما تقدم، وصرح به في الحاشية (¬1) هنا، وهو وارد على قولهم: "إن محلَّه بين انتقال وانتهاء (¬2) "، إلا أن يقال: لما كانت تكبيرة الإحرام أسبق، لوحظ حالها، واجتزئ بها. * قوله: (ويقوم مسبوق به) قال شيخنا (¬3): "وجوبًا"، وفيه نظر؛ لأن التكبير المطلوب منه قد سبق بعد قيامه من السجود، وهذا في غير محلِّه وإنما أُبيح له متابعة. * قوله: (انقلبت نفلًا) مبني على أن التسليمة الثانية ليست ركنًا في النفل، وهو المذهب (¬4)، كذا بهامش، وعلى قياسه أنه لو أدرك الصلاة من أولها ثم لما سلَّم الإمام التسليمة الأولى سلَّم معه، وخرج من الصلاة بلا تسليمة ثانية، أن صلاته تنقلب نفلًا؛ لأنه أتى بما يفسد الفرض فقط. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى- قال شيخنا (¬5): "لعله إذا كان الإمام ممن يقول ¬
وما أدرك آخرَها، وما يَقضي أولَها يستفتح لها، ويتعوَّذ، ويقرأ سورة، لكن لو أدرك ركعةً من رباعية أو مغربٍ تشهَّد عقب أخرى، ويتورك معه يكرر التشهُّد الأول حتى يسلم. ويتحمَّل عن مأموم: قراءةً، وسجودَ سهو. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بوجوب التسليمة الثانية، أما إن كان ممن يقول بسُنِّيتها فالظاهر لا". أقول: هذا الذي بحثه مذكور في الشارح (¬1)، نقلًا عن الإنصاف (¬2)، وعبارته: "لزمه العَوْد ليقوم بعد سلامه منها، إن قلنا بوجوبها، وأنه لا يجوز مفارقته بلا عذر"؛ انتهى. * قوله: (لكن لو أدرك. . . إلخ) هذا استدراك على قولهم: "وما أدرك. . . إلخ"؛ لأنه كانت يقتضي ذلك أنه يتشهد عقب ثِنتين، قالوا: لئلَّا يلزم ختم الرباعية بوتر، وختم الوتر شفعًا (¬3)، وفيه نظر، فإنه لو أدرك ثلاثًا من الرباعية، لزم ختمها وترًا، فتدبر!. وقد يجاب: بأن هذا لما لم يمكن غيره اغتفر، ويدل له قول الشارح (¬4) في بقية تعليل أصل المسألة "ولا ضرورة إلى ذلك". * قوله: (ويتحمل عن مأموم قراءة) انظر ما الحكمة في كونه يتحمل عنه (¬5) القراءة، مع أن قراءة الفاتحة ركن، ولا يتحمل عنه ما هو أخف من ذلك، كتكبير ¬
وتلاوةٍ، وسُترةٍ، ودعاءَ قنوت، وكذا تشهُّدُ أول إذا سبق بركعة. وسُنَّ أن يستفتحَ ويتعوذَ في جهرية. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الانتقال، والتسبيح؟ وأجاب شيخنا: "بأنه ورد أن المستمع شريك القارئ في الثواب، فتحَمَّل عنه القراءة، تحصيلًا له (¬1) للثواب" وهذا مشكل، فإنه يقتضي أن القراءة واجبة على المأموم فيما عدا (¬2) الركعتَين الأولتَين من الجهرية والصبح. وانظر هل الإمام يتحمل القراءة سواء قرأ، أو لم يقرأ، بأن كان حنفيًّا، والقراءة لا تجب عنده في الركعتَين الأوليَّتَين بعينهما، أو إنما يتحملها إذا كان يقرأ؟، ظاهر كلام الأصحاب وإطلاقهم الأول (¬3)، وهو ظاهر ما هنا أيضًا، من أن الإمام يتحمل عن المأموم سجود سهو، وتلاوة، فإن الإمام قد تحمل هنا لم يفعله، فمثله أن يتحمل ما لم يقرأه، فلتحرر المسألة، ولينتبه لها (¬4)!. * قوله: (وتلاوةٍ) قال الحجاوي في حاشيته (¬5): "أيْ: فيما إذا (¬6) قرأ الإمام آية سجدة في صلاة سِرٍّ، فإن المأموم يخيَّر بين متابعته في السجود، وتركه، فإذا لم يسجد معه والحالة هذه، فقد تحمل عنه الإمام سجود التلاوة، وقد حُمِلَ كلام ¬
ويقرأ الفاتحة وسورة حيث شرعت في سكتاته، وهى: قبل الفاتحة، وبعدها وتُسنُّ هنا بقدرها، وبعد فراغ القراءة، وفيما لا يجهر فيه، أو لا يسمعه لبُعد أو طَرَش إن لم يشغل من بجنبه. ومن ركع أو سجد ونحوه قبل إمامِه عمدًا حرُم، وعليه وعلى جاهلٍ وناسٍ ذكَر أن يرجع ليأتيَ به معه، فإن أبى عالمًا عمدًا حتى أدركه فيه: بطُلتْ، لا جاهلًا أو ناسيًا، ويعتدُّ به، والأولى: أن يشرَّع في أفعالها بعدَه، فإن وافقه كُره. وإن كبَّر لإحرام معه أو قبلَ إتمامِه: لم تنعقد، وإن سلَّم قبلَه عمدًا بلا عذر. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المنقح (¬1) على ما إذا قرأ المأموم خلف الإمام آية سجدة، فإنه لا يسجد، وفيه نظر، إذ الإمام لم يسجد حتى نقول تحمَّله، والذي يظهر أن يقال: إنه يتحمله، كما يتحمل سجود سهو المأموم، فيم إذا سُهِيَ على المأموم وحده وهو وراء الإمام: مع أن الإمام لم يسجد، وزاد في المستوعب (¬2) فيما يتحمله الإمام، قول: سمع اللَّه لمن حمِده"، انتهى. * قوله: (في سكتاته) تنازعه الثلاثة. * قوله: (حرُم)؛ أيْ: ولم تبطُل صَلاته، بدليل ما بعده. * قوله: (ليأتيَ به معه)؛ أيْ: عقِبه. * قوله: (وإن سلَّم قبله عمدًا. . . إلى آخره) ظاهره ولو قلنا بأن له مفارقته، ¬
أو سهوًا ولم يُعده بعده (¬1): بطُلت، ومعه يُكْره، ولا يضرُّ سبقٌ بقولٍ غيرهما، وإن سبق بركن بأن ركع ورَفع قبل ركوعه، أو بركنين بأن ركع ورَفع قبلَ ركوعه وهوى إلى السجود قبل رفعه عالمًا عمدًا: بطُلت، وجاهلًا أو ناسيًا: بطُلت الركعة إن لم يأت بذلك معه، لا بركن غير ركوع. ـــــــــــــــــــــــــــــ ولو بلا عذر، وليس كذلك، وقد يقال: إن الكلام مفروض في السلام قبله، بغير نِية مفارقة. * قوله: (وإن سبق)؛ أيْ: المأموم إمامه. * قوله: (ورَفع) فيه أن هذا مثال للسبق بركنَين (¬2)، لا بركن واحد، فإنه قد سُبق بالركوع، والطمأنينة فيه، ثم تلبُّس بالثالث هو الرفع منه، وكذا يقال إن ما بعده مثال للتخلف بثلاث، بل بأربع، وقد يقال: الغرض بيان الركن المستقل، والركنَين المستقلَّين. * قوله: (قبل ركوعه)؛ أيْ: ركوع إمامه. * قوله: (وهوى إلى السجود قبل رَفعه) المقصود بالتمثيل قوله: "ورَفع قبل ركوعه، وهوى إلى السجود قبل رفعه" لا قوله: "بأن ركع. . . إلخ"؛ لأن الركوع وحده مُضِر، فلا حاجة إلى ضم غيره إليه. أو يقال: إن القصد التمثيل بالسبق بركنَين، وإن كان في ضِمن أكثر. أو يقال: إن الواو في قوله: "وهوى" بمعنى "أو" فهما مثالان، لا مثال واحد. ¬
وإن تخلَف بركن بلا عذر فكسَبْق، ولعذر إن فعله ولحقه وإلا: لغت الركعة، وبركنين: بطُلت، ولعذرٍ كنومٍ وسهوٍ وزحامٍ إن لم يأت بما تركه مع أمن فَوت الآتية وإلا: لغت الركعة، والتي تليها عوضُها. ـــــــــــــــــــــــــــــ أو يقال: مبني على أن الرفع والاعتدال ركن واحد (¬1)، لكن هذا لا يناسب طريقة المص السابقة (¬2) في العَدِّ. أو يقال: -وهو الأظهر- إنه لما تلبس الإمام بالركوع، والمأموم بالسجود، صار السبق بالركنين اللذين بينهما، وهما الرفع من الركوع والاعتدال، وأما الطمأنينة فلما كانت تابعة لغيرها وإن كانت ركنًا لم (¬3) تعتبر ركنًا مستقلًا (¬4). * قوله: (وإن تخلَّف)؛ أيْ: المأموم عن إمامه. * قوله: (والتي تليها عوضُها) وعلى هذا فما يقضيه بعد سلام الإمام آخر صلاته لا أولها، كالمسبوق، قاله شيخنا (¬5). وانظر هل يخالفه ما يأتي في قوله: "وإن تخلف بركعة فأكثر تابع وقضى كمسبوق"؟ وقد يقال: لا مخالفة، إذ الغرض التشبيه في المتابعة فيما أدركه، والإتيان ¬
وإن زال عذر من أدرك ركوع الأولى وقد رفع إمامُه من ركوع الثانية: تابعه وتصحُّ له ركعةٌ ملفَّقةٌ تدرك بها الجمعة، وإن ظنَّ تحريم متابعته فسجد جهلًا: اعتدَّ به، فلو أدركه في ركوع الثانية: تبعه وتمَّت جمعتُه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بما فاته بعد سلام إمامه، من غير تعرض إلى أنه مثله أيضًا في كون (¬1) ما يقضيه أول صَلاته، فتدبر!. * قوله: (وإن زال عذر)؛ أيْ: من سهو، أو زحام، أو مرض، وينبغي أن لا يكون عذره النوم؛ لأنه ينقض الوضوء في هذه الحالة، لكن سيأتي (¬2) في المتن -في باب صلاة الجمعة- أنه قال: "وكذا -أيْ: وكالتخلف للزحام- لو تخلف لمرض، أو نوم، أو سهو ونحوه"، انتهى، وهو صريح في أنهم لم يعدُّوا مثل هذا ناقضًا، فتنبه!. * قوله: (فسجد جهلًا اعْتُدَّ به) لعل هذا في غير الجمعة؛ لأن الجمعة لا تدرك إلا بركعة وسجدتَيها مع الإمام، على ما في المبدع (¬3)، أو فيها، ويكون الاعتداد به على معنى أنه يكفيه لأن (¬4) يتم عليه ظهرًا، وتوقف شيخنا (¬5) في الوجه الأخير، قال: لأنهم قالوا: لا تصحُّ الظهر بنِية الجمعة (¬6)، إلا أن يقال: إِن محلَّ هذا ¬
وبعد رفعه منه: تبعه وقضى، وإن تخلَّف بركعة فأكثر لعذر تابع وقضى كمسبوق. وسُنَّ لإمام التخفيفُ مع الإتمام. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المنع، إذا دخل معه في محلٍّ يتحقق فيه عدم إدراكه فيه ركعة كاملة بسجدتيها، وهم يغتفرون في الثواني ما لا يغتفرونه (¬1) في الأوائل، وقد صححنا نيته في المبدأ، فلا نبطلها لهذا العارض، فحرر المقام بالنقل والتدبر التام!. وصرح الشيخ في الشرح (¬2) بأنه إذا سجد وحده وأدركه في التشهد أنه يدرك الجمعة، فليحرر!، وهو الموافق لما يأتي (¬3) في المتن -في باب الجمعة- حيث قال: "وإن جهله -أيْ: تحريم المتابعة- فسجد، ثم أدركه في التشهد، أتى بركعة بعد سلامه، وصحَّت جُمعته". * قوله: (وسن لإمام التخفيف) روى أبو نعيم في الحلية (¬4) أن الأعمش (¬5) خرج ذات يوم من منزله بسحَر، فَمَرَّ بمسجد بني أسد، وقد أقام المؤذن الصلاة، فدخل فصلَّى، فافتتح إمامهم البقرة في الأولى، ثم قرأ في الثانية آل عمران، فلما انصرف قال له الأعمش: أما تتقي اللَّه، أما سمعت حديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أمَّ ¬
وتُكره سرعةٌ تمنعُ مأمومًا فعلَ ما يُسن، ما لم يُؤثر مأمومٌ التطويلَ، وتطويلُ قراءة الأولى عن الثانية. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الناس فليخفِّف، فإن خلفه الكبير، والضعيف، وذا الحاجة" (¬1)، فقال: قال اللَّه عز وجل: {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة: 45]، فقال الأعمش: فأنا رسول الخاشعين إليك، إنك لثقيل. * قوله: (وتكره سرعة. . . إلخ) قال الحجاوي في حاشية التنقيح (¬2): "قال الشيخ تقي الدين (¬3): يلزم الإمام مراعاة المأموم إن تضرر بالصلاة أول الوقت أو آخره، ونحوه، وقال: ليس له أن يزيد على القدر المشروع. وقال: ينبغي له أن يفعل غالبًا ما كان يفعله -عليه الصلاة والسلام- غالبًا، ويزيد وينقص للمصلحة، كما كان -عليه الصلاة والسلام- يزيد وينقص أحيانًا"، انتهى. * قوله: (ما لم يُؤْثِر مأمومٌ التطويلَ) قال الحجاوي (¬4): "مفهومه أنه يطول إذا آثر مأموم التطويل، وهو مشروط بما إذا كان الجمع قليلًا، وأما إذا كان كثيرًا فلا يخلو عمن له عذر، هذا معنى كلام الرعاية" (¬5)، انتهى. * قوله: (وتطويلُ) عطف على "التخفيف"،. . . . . . ¬
1 - فصل
إلا في صلاة خوف في الوجه الثاني فالثانية أطول، أو بيسير كسبح والغاشية، وانتظارُ داخل إن لم يَشُقَّ على مأموم. ومن استأذنتُه امرأتُه، أو أمتُه إلى المسجد: كُرِه منعُها، وبيتُها خيرٌ لها، ولأبٍ، ثم وليَّ مَحْرمٍ منعُ موليَّتِه إن خَشِي فتنةً أو ضررًا، ومن الانفراد. * * * 1 - فصل الجنُّ مكلفون في الجملة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا على "سرعة" قاله الحجاوي (¬1). * قوله: (وبيتُها خيرٌ لها) قال في الفروع (¬2): "إطلاقه يشمل حتى من مسجده -صلى اللَّه عليه وسلم-". فصل * قوله: (الجن) قال أبو عمرو (¬3). . . . . . ¬
يدخلُ كافرهم النارَ، ومؤمنهم الجنةَ، وهم فيها كغيرهم على قدرِ ثوابهم، وتنعقدُ بهم الجماعةُ، وليس منهم رسولٌ، ويُقبل قولُهم أن ما بيدهم ملكُهم مع إسلامهم. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وابن عبد البر (¬1) (¬2): الجن منزلون على (¬3) مراتب، فإذا أرادوا ذكر الجن خاصة، قالوا: جِنِّي، فإن أرادوا أنه ممن يسكن مع الناس، قالوا: عامر، فإن كان ممن يعرض للصبيان، قالوا: أرواح، فإن خبث وتعرَّم، قالوا: شيطان، فإن زاد على ذلك، قالوا: مارِد، فإن قوي على نقل الصخور والأحجار وتَفَرْعن، قالوا: عِفريت، من الفلك للسيوطي (¬4). * قوله: (يدخل كافرهم النار)؛ أيْ: بالاتفاق (¬5)، ولذلك قدَّمه على الشقِّ الثاني. * قوله: (وتنعقد بهم الجماعة) دون الجمعة على الصحيح (¬6). * قوله: (ويقبل قولهم. . . إلى آخره)؛ أيْ: بيمين. ¬
وكافرُهم كالحربي، ويحرُمُ عليهم ظلمُ الآدميِّين، وظلمُ بعضهم بعضًا، وتحلُّ ذبيحتهم، وبولُهم، وقَيؤُهم طاهران. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وكافرهم كالحربي) فائدة: نقل الشيخ عبد الوهاب الشعراني (¬1) (¬2) في أوائل الجواهر واليواقيت، عن ابن العربي (¬3): أنه ليس في الجن كافر مشرك، وإنما الكافر منهم مِقرٌّ بالوحدانية، بخلاف الإنس، فإن كافرهم على قسمين: مشرك، وغير مشرك، كذا رأيته بخط شيخنا العلَّامة الغنيمي. * قوله: (وبولهم وقيؤهم طاهران)؛ أيْ: وكذا غائطهم؛ لأنه ليس لنا ما بوله وقيؤه طاهران، وغائطه نجس، وإنما نص عليهما (¬4) لمحلِّ الورود (¬5)، ثم رأيت فيما ¬
2 - فصل
2 - فصل الأولى بالإمامة: الأجودُ قراءةً الأفقه، ثم الأجودُ قراءةً الفقيه، ثم الأقرأ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ علَّقه الفارضي على متن صحيح البخاري (¬1) ما نصه: "ومن جعل بول الشيطان في الأذن حقيقة، استدل به على طهارة بول الجن وغائطهم، وهو مذهب أحمد (¬2)؛ لأنه لم يأمر (¬3) بغسل الأذن" (¬4)، انتهى. فصل في الإمامة * قوله: (ثم الأجودُ قراءةً الفقيه) بقي عليه أن يقول: ثم الجيد قراءة الأفقه، ¬
ثم الأكثرُ قرآنًا الأفقهُ، ثم الأكثر قرآنًا الفقيه، ثم قارئ أفقه ثم قارئ عالم فِقْه صلاته، ثم قارئ لا يعلمه، ثم أفقه وأعلمُ بأحكام الصلاة، ثم أسنُّ، ثم أشرفُ، وهو القرشيُّ فتقدَّم بنو هاشم، ثم قريش، ثم الأقدمُ هجرةً بنفسه، وسَبْقٌ بإسلام كهجرة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ثم الجيد قراءة الفقيه، فانظر لمَ حذفهما؟! * قوله: (ثم الأكثرُ قرآنًا الفقيه) كان مقتضى الظاهر: ثم الكثير (¬1) قرآنًا [الأفقه، ثم الكثير قرآنًا] (¬2) الفقيه. * قوله: (ثم أفقه. . . إلخ)؛ أيْ: غير قارئ، فيكون مقدمًا على أُميٍّ مثله لا يعلم. * قوله: (ثم قريش)؛ أيْ: بقية قريش، وبهذا سقط اعتراض الحجاوي (¬3) على المنقح (¬4). * قوله: (ثم الأقدمُ هجرةً بنفسه) إنما لم يراعِ الأخصرية، ويقدم الأقدم إسلامًا وهجرة بنفسه، لاقتضائه أن مسألة الإسلام منصوص عليها في كلامهم، وليس كذلك، بل هي بالقياس على الأقدم هجرة. * قوله: (وسَبْقٌ بإسلام كهجرة) إذا اجتمع اثنان؛ أحدهما أقدم هجرة من ¬
ثم الأتقى والأوْرَعُ، ثم يقرع، وصاحبُ البيت، وإمامُ المسجد ولو عبدًا أحقُّ، إلا من ذي سلطان فيهما، وسَيدٍ (¬1) ببيته. وحرٌّ أولى من عبد ومبعَّضٍ، وهو أولى من عبد. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الآخر، والثاني أسبق إسلامًا من الآخر، من المقدم منهما بالإمامة؟ والذي يؤخذ من كلامه في الشرح الكبير (¬2)، أن المتقدم في الهجرة أولى بالإمامة، سواء سبق في الإسلام، أو تأخر، أو ساوى غيره فيه، وعبارته: "ومعنى الأقدم هجرة: أن يهاجر إلينا اثنان من دار الحرب مسلمَين، فأسبقهما هجرة إلينا أولى"، ثم قال: "فإن لم يكن ذلك، وكانا من أولاد المهاجرين، فإن السابق هجرة مقدَّمٌ ولدُه، وكذلك إن لم تكن هجرة، بل كانا كافرين من أهل الذمة، فأسلما، فإنه يقدَّم أقدمهما إسلامًا؛ لأنه أسبق إلى الطاعة، وكذلك جاء في حديث أبي مسعود في رواية لأحمد ومسلم: "فأقدمهما سلمًا" (¬3)؛ يعني: إسلامًا"، انتهى. * قوله: (ثم الأتقى ثم الأوْرَعُ) كان الظاهر أن يقول: ثم الأزهد. * قوله: (وهو أولى من عبد) قال في الإقناع (¬4): "المكاتب أولى من العبد"؛ لأنه انعقد فيه سبب الحرية. وهل المبعض أولى من المكاتب لتلبُّسه بالحرية بالفعل، بخلاف المكاتب ¬
وحاضرٌ، وبصيرٌ، وحضريٌّ، ومتوضئ، ومستأجرٌ، ومعيرٌ، أولى من ضِدِّهم. وتُكره إمامةُ غيرِ الأولى بلا إذنه، غيرَ إمامِ مسجدٍ وصاحبِ بيت: فتحرُم، ولا تصحُّ إمامة فاسق مطلقًا، إلا في جمعة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فإنه وإن انعقد فيه السبب، لكن لسنا على يقين من حصول عِتقه بالفعل، لاحتمال تعجيزه، ومثله في ذلك المدَبر، والمعلَّق عِتقه بصفة لم توجد؟، فليحرر (¬1)!. * قوله: (وحضري) وهو من نشأ في المدن والقرى. * قوله: (أولى من ضِدَّهم) وهم المسافر، والأعمى، والبدوي، والمتيمم، والمستعير، والمؤجر. * قوله: (فتحرُم)؛ أيْ: إمامة غيره بلا إذنه. * قوله: (مطلقًا)؛ أيْ: فعلًا، أو اعتقادًا، وسواء علمِه قبل صَلاته، أو بعدها، فإن أخبره [بعد ذلك] (¬2) عدْل، أعاد صَلاته، ولكن يبقى النظر في الفرق بين هذه، وبين ما إذا أخبرهم الإمام أنه كان محدِثًا، إذ صرحوا بعدم الإعادة في هذه (¬3). ويمكن أن يقال: إن مسألة المحدِث جاءت على خلاف القياس نظرًا، لقصة عمر -رضي اللَّه عنه- (¬4)، فلا يقاس عليها غيرها. ¬
وعيد تعذَّرا خلف غيره، وإن خاف أذًى صلَّى خلفَه وأعاد، وإن وافقه في الأفعال منفردًا، أو في جماعة خلفه بإمام: لم يُعِد. وتصح خلفَ أعمى أصمَّ، وأقْلَف، وأَقطَع يدين، أو رجلين، أو إحداهما، أو أنف، وكثيرِ لحن لم يُحِل معنى (¬1)، والفأفاء: الذي يكرر الفاء والتمتام: الذي يكررُ التاء، ومن لا يفصح ببعضِ الحروف، أو يصرعُ مع الكراهة. لا خلفَ أخرس وكافر. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (صلَّى خلفَه وأعاد)؛ أيْ: في غير الجمعة، أو تحمل الإعادة على ما يشمل صَلاتها ظهرًا. * قوله: (منفردًا) لعله في غير الجمعة. * قوله: (بإمام)؛ أيْ: عدْل، ولعل هذا في غير الجمعة، حيث باشر الخطبة غير عدْل، على ما يأتي (¬2). * قوله: (أو أنف) ما لم يتغير بسبب ذلك شيء من الحروف. * قوله: (والتمتام) قياس الفَأفاء، أن يقال: التأتاء. * قوله: (ومن لا يفصح ببعض الحروف) كالقاف، والضاد، أعجميًّا كان أو عربيًّا. * قوله: (وكافر) قال في المغني (¬3): "مسألة: وإن صلَّى خلف مشرك، أو ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ امرأة، أو خنثى مشكِل، أعاد الصلاة، وجملته: أن الكافر لا تصحُّ الصلاة خلفَه بحال، سواء عُلِم بكفره بعد فراغه من الصلاة، أو قبل ذلك، وعلى من صلَّى وراءه الإعادة، وبهذا قال الشافعي (¬1) وأصحاب الرأي (¬2). وقال أبو ثور (¬3) والمزني (¬4) (¬5): لا إعادة على من صلَّى خلفه وهو لا يعلم؛ لأنه ائْتَمَّ بمن لا يعلم حاله، فأشبه ما لو ائْتَمَّ بمحدِث، ولنا أنه ائْتَمَّ بمن ليس [من أهل] (¬6) الصلاة، فلم تصحَّ صَلاته، كما لو ائْتَمَّ بمجنون، فأما المحدِث فيشترط أن لا يعلم حدث نفسه، والكافر يعلم حال نفسه"؛ انتهى. ومنه يؤخذ الجواب عن مسألة الفاسق، وعدم المعارضة بينها وبين مسألة المحدِث، إذ لا فرق، فتدبر!. ¬
وإن قال مجهولٌ بعدَ سلامِه هو كافرٌ وإنما صلى تهزيئًا: أعاد مأموم، وإن عُلم له حالان، أو إفاقةٌ وجنونٌ، وأمَّ فيهما ولم يَدْرِ في أيهما ائتمَّ، فإن علِم قبلها إسلامَه أو إفاقتَه وشكَّ في رِدتِه أو جنونه: لم يُعد. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (حالان)؛ أيْ: إسلام، وكفر. * قوله: (وأَمَّ فيهما)؛ أيْ: في مجموعهما، أو في (¬1) المسألتَين. * قوله: (فإن عَلِم)؛ أيْ: المأموم. * قوله: (إسلامَه)؛ أيْ: الإمام. * قوله: (لم يُعِد) قال في المغني (¬2): "إذا صلَّى خلف من يشك في إسلامه، أو كونه خنثى، فصَلاته صحيحة، ما لم يَبِن كفره، أو كونه خنثى مشكلًا (¬3)؛ لأن الظاهر من المصلِّين الإسلام، ولاسيما إذا كان إمامًا، والظاهر السلامة من كونه خنثى، ولاسيما من يؤم الرجال، فإن تبين بعد الصلاة أنه كان كافرًا، أو خنثى مشكلًا (¬4)، فعليه الاعادة، على ما بيَّنَّا. فإن كان الإمام ممن يسلِم تارة، ويرتد أخرى، لم يصل خلفه حتى يعلم على أي دين هو؟، فإن صلَّى خلفَه ولم يعلم ما هو عليه نَظَر، فإن كان قد علم قبل الصلاة إسلامه وشك في رِدته، فهو مسلم، وإن علم رِدته وشك في إسلامه، [لم تصحَّ صَلاته] (¬5)، فإن كان علم إسلامه فصلَّى خلفه، فقال بعد الصلاة: ما كنت ¬
ولا تصح إمامةُ من به حدثٌ مستمرٌ، أو عاجز عن ركوعٍ، أو سجود، أو قعود، ونحوه، أو شرطٍ إلا بمثله، وكذا عن قيامٍ إلا الراتب بمسجد المرجو زوال عِلَّته ويجلسون خلفه، وتصح قيامًا، وإن اعتلَّ أثناءها فجلس: أتموا قيامًا. وإن ترك إمامٌ ركنًا، أو شرطًا مختلَفًا فيه بلا تأويلٍ أو تقليدٍ، أو ركنًا أو شرطًا عنده وحدَه عالمًا: أعادا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أسلمت، أو ارتددت، لم تبطل الصلاة؛ لأن صَلاته كانت صحيحة حكمًا، فلا يقبل قول هذا في إبطالها؛ لأنه ممن لا يقبل قوله، وإن صلَّى خلف من علم ردته، فقال بعد الصلاة: قد كنت أسلمت، قُبل قوله؛ لأنه ممن يقبل قوله"، انتهى، فتدبر!. * قوله (¬1): (وإن صلى خلف من علم ردته. . . إلخ) فإن فيه توقفًا، إذ هو إنما دخل على يقين من فساد صلاته، فليحرر (¬2). * قوله: (أتموا قيامًا)؛ أيْ: وجوبًا. * قوله: (أو تقليدٍ) يؤخذ منه جوازه، لكن لا على وجه تتبع الرخص. * قوله: (عالمًا) مفهومه فيه تفصيل. حاشية (¬3). ¬
وعندَ مأمومٍ وحده: لم يعيدا، وإن اعتقده مأمومٌ عليه فبان خلافه: أعاد. وتصحُّ خلفَ من خالف في فَرْع لم يفسقْ به، ولا إنكارَ في مسائل الاجتهاد. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وعند مأموم وحدَه) قال الشيخ تقي الدين (¬1): "للإمام فعل ما هو محرم عند المأموم دونه، مما يسوغ فيه الاجتهاد، وصحَّت صَلاته خلفَه، وهو المشهور عن أحمد (¬2)، وهو مبني على أن العبرة عندنا بعقيدة الإمام (¬3) ". * قوله: (لم يعيدا) الأولى: لم يُعِد؛ لأن الخلاف إنما هو في المأموم، لا الإمام، إلا أن يقال: إنه أدرج الإمام؛ لئلا يتوهم بطلان صَلاته، بارتباطها بمن لا تصحُّ إمامته به. * قوله: (أعاد)؛ لأنه اعتقد بطلان صلاة إمامه، كذا عللوه (¬4). * قوله: (وتصح خلف من خالف في فَرْع لم يفسقْ به) كمن يرى النكاح بلا ولي أو شهود، بخلاف من خالف في أصل، كالرافضة، أو فسَق بالفرع المخالف فيه، كالذي يشرب من النبيذ ما لا يسكره، مع اعتقاد تحريمه، وإدمانه على ذلك. * قوله: (ولا إنكار في مسائل الاجتهاد) قال ابن الجوزي في السر المصون (¬5): "رأيت جماعة من المنتسبين إلى العلم يعملون عمل العوام، فإذا صلَّى الحنبلي في مسجد شافعي، ولم يجهر بالبسملة أو القُنوت، غضبت الشافعية، وإذا ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صلَّى شافعي في مسجد حنبلي، وجهر غضبت الحنابلة، وهذه مسألة اجتهادية والقضية (¬1) فيها مجرد هوى يمنع منه العلم. قال ابن عقيل: رأيت الناس لا يعصمهم من الظلم إلا العجز، ولا أقول العوام، بل العلماء، كانت أيدي الحنابلة مبسوطة في أيام ابن يوسف (¬2) (¬3)، فكانوا يستطيلون بالبغي على أصحاب الشافعي في الفروع، حتى منعوهم من الجهر بالبسملة، والقُنوت، وهي مسألة اجتهادية، فلما جاءت أيام النظام (¬4)، ومات ابن ¬
ولا تصح إمامةُ امرأةٍ وخنثى لرجال أو خَناثَى (¬1). إلا عند أكثر المتقدمين (¬2) إن كانا قارئَين والرجالُ أميون في تراويح فقط، ويقفان خلفَهم، ولا مميزٍ لبالغ في فرض. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يوسف، وزالت شوكة الحنابلة استطال عليهم أصحاب الشافعي استطالة السلاطين الظلمة (¬3)، فاستعدَوا بالسجن، وآذَوا العوام بالسعايات، والفقهاء بالنبذ بالتجسيم. قال: فتدبرت أمر الفريقين، فإذا بهم لم يعمل فيهم آداب العلم، وهل هذه إلا أفعال الأجناد، يَصُوْلُون في دولتهم، ويلزمون المساجد في بطالتهم"؛ انتهى. * قوله: (وخنثى لرجال أو خَناثَى) قال في المغني (¬4): "وأما الخنثى فلا يجوز أن يَؤُمَّ رجلًا؛ لأنه يحتمل أن يكون امرأة، ولا يَؤُمَّ خنثى مثله؛ لأنه يجوز أن يكون الإمام امرأة، والماموم رجلًا، ولا يجوز أن يَؤُمَّه امرأة، لاحتمال أن يكون رجلًا. قال القاضي: رأيت لأبي حفص البرمكي أن الخنثى لا تصحُّ صَلاته في جماعة؛ لأنه إن قام مع الرجال، احتمل أن يكون امرأة، وإن قام مع النساء، أو وحده، أو ائتَمَّ بامرأة، احتمل أن يكون رجلًا، وإن أمَّ الرجال احتمل أن يكون امرأة، وإن قام بين أيديهم احتمل أنه امرأة، ويصح أن تصحَّ صَلاته (¬5) في هذه الصورة، وفي صورة أخرى، وهو أن يقوم في صف الرجال مأمومًا، فإن المرأة إذا قامت ¬
ويصحُّ في نفلٍ، وفي فرضٍ بمثله، ولا إمامةُ محدِثٍ ولا نجسٍ يعلمُ ذلك. فإن جهل معَ مأموم حتى انقضت: صحَّت لمأموم وحدَه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في صف الرجال، لم تبطل صَلاتها ولا صلاة من يليها"، انتهى. * [قوله: (ويصح في نفل)؛ أيْ: وتراويح إذا لم يمكن قارئ غيره على ما في قواعد ابن اللحام (¬1). ثم كتب على هذه القولة ما نصه: هو داخل في عموم النفل] (¬2). * قوله: (ولا نجسٍ)؛ أيْ: نجسٍ ثوبه، أو بدنه، أو بقعته. * قوله: (فإن جهل) لا إن علم، سواء استمر علمه أو تعقَّبه نسيان، كما يؤخذ من عموم عبارتَي المغني (¬3) والشرح الكبير (¬4)، فليحرر (¬5)!. وعبارة المغني (¬6): "فأما المحدث فيشترط أن لا يعلم حدث نفسه". [وتقدم نقلها (¬7)] (¬8). ¬
إلا إن كانوا بجمعة، وهم بإمام أو بمأموم كذلك أربعون: فيعيد الكلُّ. ولا أميٍّ وهو: من لا يحسن الفاتحة، أو يُدْغمُ فيها ما لا يدغم. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا إن كانوا بجمعة. . . إلخ) (¬1) فيه أن الجمعة أولى بعدم الإعادة من بقِية الصلوات، على أنه لا يظهر الفرق بين ما هنا، وما سبق (¬2) في التيمم، من أنه يبطل بخروج الوقت، ما لم يكونوا في صلاة جمعة، وعللوه بقولهم: لئلا يلزم عليه فَوات الجمعة؛ لأنها لا تعاد جمعة (¬3)، فليحرر!. والجواب: أن قولهم في التعليل: لأنها لا تعاد، المراد منه عدم الإمكان لفوات بعض الشروط، وهو الوقت، والشروط هنا متوفرة، فالإعادة ممكنة، فتجب، فتدبر!. وبخطه: أيْ: أو عِيد. * قوله: (ولا أمي) وهو من لا يحسن الفاتحة. قال في المغني (¬4): "وإذا كان رجلان، لا يحسن واحد منهما الفاتحة، وأحدهما يحسن سبع آيات من غيرها، والآخر لا يحسن شيئًا من ذلك، فهما أُمِّيان، لكل واحد منهما (¬5) الائتمام بالآخر، والمستحب أن يؤُم الذي يحسن الآيات؛ لأنه أَقرَأ، وعلى هذا كل من لا يحسن الفاتحة يجوز أن يؤُم من لا يحسنها سواء استويا في الجهل، أو كانا متفاوتين فيه"، انتهى. ¬
أو يبدلُ حرفًا إلا ضادًا "المغضوب" و"الضالين" بظاء، أو يلحنُ فيها لحنًا يحيل المعنى عجزًا عن إصلاحه إلا بمثله، فإن تعمد، أو قدر على إصلاحه، أو زاد على فرض القراءة عاجزٌ عن إصلاحه عمدًا: لم تصح، وإن أحاله فيما زاد سهوًا أو جهلًا، أو لآفةٍ: صحَّت، ومن المحيل فتحُ همزة: "اهدنا". وكُرِه أن يؤم أجنبيةً فأكثرَ لا رجلَ فيهن، أو قومًا أكثرُهم يكرهه بحق، ولا بأسَ لإمامة ولد زنا، ولقيطٍ، ومنفيٍّ بلِعان، وخصيٍّ، وجنديٍّ، وأعرابيٍّ إذا سَلِمَ دينُهم وصلحوا لها، ولا أن يأتمَّ متوضئٌ بمتيمم (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (إلا ضاد المغضوب والضالين بظاء) [أما من يبدل ضاد المغضوب والضالين بظاء] (¬2) فلا تصح صلاته، قاله في المغني (¬3)، وقال فيمن قرأ ولا الضالين بالظاء: "لا تصحُّ، لأنه يحيل المعنى، يقال: ظل يفعل كذا إذا فعله نهارًا، فحكمه حكم الأَلْثغ"؛ انتهى، وهو مخالف لظاهر صنيع المتن (¬4)، فليحرر (¬5)!. * قوله: (ولا أن يأتمَّ متوضئٌ بمتيمم)؛ أيْ: لا بأس، إلا أنه خلاف ¬
ويصح ائتمامُ مؤدِّي صَلَاةٍ بقاضيها، وعكسُه، وقاضِيْها من يؤم بقاضِيْها من غيره، لا بمصلٍّ غيرَها، ولا (¬1) مفترضٍ بمتنفل، إلا إذا صلى بهم في خوف صلاتَين، ويصح عكسُها. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ الأولى -كما تقدم-. * قوله: (بقاضيها) دون أن يقول بقاضي أخرى، إشارة إلى أنه لا بد من الاتحاد (¬2)، كظهر، أو عصر مثله، وأشار إليه شيخنا في شرحه (¬3) بالمثال -وهو ظاهر على ما تقدم- وزاده (¬4) إيضاحًا (¬5) في المتن بقوله: "لا بمصلٍّ غيرها". * قوله: (ولا مفترضٍ بمتنفل) بقي (¬6) ما إذا صلَّى الحنبلي العيد خلف الشافعي، أو الفرض خلف شافعي مِعيد، فإنه يصدق عليه أنه ائْتَمَّ مفترض بمتنفل، فهل هذا مغتفَر أو مستثنى، أو غير صحيح، أو يفرق بالنقل الصريح بين فرض العين وفرض الكفاية؟ وفي شرح شيخنا (¬7): أنه يصح ذلك في مسألة العيد، "قال: فيما يظهر". ¬
3 - فصل
3 - فصل السنَّةُ وقوفُ إمامِ جماعةٍ متقدمًا، إلا العراةَ فوسطًا وجوبًا، وامرأةً أمَّتْ نساءً. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل في موقف الإمام من المأموم * قوله: (السنة وقُوف إمامِ جماعةٍ. . . إلخ) يوهم أن غير التقدم (¬1) خلاف السنة فقط، مع أنه صادق بأمرين، وهو: التساوي والتأخر، فأما التساوي فسيأتي (¬2) أنه واجب في بعض الصور، وأما التأخر فهو مبطل إلا فيما هو مستثنى، فالاعتماد في المفهوم على التفصيل، الآتي (¬3). * وقوله: (متقدمًا) حال، والقاعدة أنه إذا كان في الجملة قيد فهو مَصَبُّ الحكم، فالمحكوم عليه حينئذٍ بأنه (¬4) سنة كون الإمام متقدمًا، لا وقوفه متقدمًا، إذ الوقوف نفسه الذي هو القيام ركن في الفرض، كما سبق (¬5)، فتدبر!. * قوله: (إلا العراة فوسطًا) ما لم يكونوا عُمْيًا، أو في ظلمة، فلا يجب -كما تقدم (¬6) -. * قوله: (وامرأة) هذا العطف قد يدل على أن الاستثناء من المضاف، لا من المضاف إليه. ¬
فوسطًا ندبًا. وإن تقدمه مأمومٌ ولو بإحرامٍ: لم تصحَّ له، غيرَ قارئةٍ أمَّت رجالًا، أو خناثى أميين في تراويح، وفيما إذا تقابلا أو تدابرا داخل الكعبة، لا إن جعل ظهره إلى وجه إمامِه، وقيها إذا استدار الصفُّ حولها، والإمامُ عنها أبعد ممن هو في غير جهته. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه: أيْ: أو خنثى. * قوله: (فوسطًا ندبًا) بسكون السين، وفتحها لغة ضعيفة، عكس ما لا يصحُّ فيه لفظة "بَيْن" (¬1). * قوله: (لم تصحَّ له)؛ أيْ: للمأموم، ولا تبطل صلاة الإمام، فلو جاء غيره ووقف في موقفه المشروع صحَّت جماعة، ذكره في الحاشية (¬2). * قوله: (غيرَ قارئةٍ)؛ أيْ: امرأة، أو خنثى -على ما تقدم (¬3) -. * قوله: (في غير جهته) هو مراد الإقناع (¬4) من قوله "في الجهة المقابلة له"، وليس غرضه بالجهة المقابلة ما كان بإزائه فقط؛ لأن هذا لم يقل به أحد من الأصحاب، بل المراد بالجهة المقابلة؛ الجهات الثلاث الباقية، لأن القصد إنما هو الاحتراز عما إذا كانت جهتهما واحدة، والإمام أبعد عن القبلة، فإن المأموم يصير في حكم المتقدم على الإمام حينئذٍ. ¬
وفي شدة خوف إذا أمكنت متابعةً، والاعتبار بمؤخر قدم، وإن وقفَ جماعةٌ عن يمينه، أو بجانبيه: صحَّ. ويقف واحدٌ رجلٌ أو خنثى عن يمينه، ولا تصحُّ خلفه، ولا مع خُلوِّ يمينه عن يساره، وإن وقف يسارَه أحرم أو لا أدارَه من ورائِه، فإن جاء آخرُ فوقفا خلفَه، وإلا أدارهما خلفَه، فإن شق تقدم عنهما، وإن بطُلت صلاة أحد اثنين صفَّا تقدم الآخرُ إلى يمينه أو صفَّ، أو جاء آخرُ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: بخلاف ما إذا كان الإمام أبعد عنها ممن هو في جهته، فإن حكمه حكم ما إذا جعل ظهره لوجه الإمام، كما يدرَك بالطريق الهندسية. * قوله: (إن أمكنت) شرط لصحة الاقتداء. * قوله: (والاعتبار بمؤخر قدم)؛ أيْ: إذا صلَّى قائمًا، وإذا صلَّى جالسًا، فالاعتبار بالألية (¬1). حاشية (¬2) (¬3). * قوله: (عن يمينه) قال في المبدع (¬4): "ويندب تأخره عن الإمام قليلًا، ليتميز حال كل منهما". * قوله: (فوقفا خلفه وإلا أدارهما) على تقدير شرط وجوابه، والتقدير: فإن وقفا خلفه صحَّ، وإلا أدارهما. * قوله: (أو جاء آخر) ليس في العبارة ما يحسن عطفه عليه، ففي التركيب ¬
وإلا نوى المفارقة. وإن وقف الخناثى صفًّا: لم تصحَّ، وإن أمَّ رجلٌ أو خنثى امرأةً: فخلفَه، وإن وقفت بجانبه: فكرجل، وبصفٍّ رجال: لم تبطل صلاةُ من يليها وخلفَها، وصفٍّ تامٍّ من نساء لا يمنعُ اقتداءَ من خلفهن من رجال. ـــــــــــــــــــــــــــــ من التهافت ما لا يخفى، وقد أبعد في توجيهه في الشرح (¬1) حيث قال: "فإن أمكنه التقدم فتقدم، أو جاء آخر فوقف معه قبل أن يتقدم، استغُتي به عن التقدم"، انتهى. فجعله عطفًا على محذوف، مفرَّع على شرط محذوف مع جوابه، وفيه من البعد، وكثرة الحذف (¬2) ما لا يخفى، والأقرب أن المحذوف أداة الشرط وجوابه، والأصل: فإن تقدم الآخر إلى يمينه أو صف، وقوله: "أو جاء آخر" عطف على فعل الشرط وهو "تقدم" وجواب الشرط المحذوف، قولنا: صحَّت صَلاته. وقوله: "وإلا"؛ أيْ: لم يقع شيء من ذلك إلى آخر. * قوله: (لم تصحَّ)؛ أيْ: صلاة الخناثى. * قوله: (وإن أمَّ رجل أو خنثى امرأة فخلفه) وأما إذا أمَّ رجل خنثى، فعَن يمينه وجوبًا، على ما تقدم (¬3). * قوله: (بجانبه)؛ أيْ: الإمام، أعمَّ من أن يكون رجلًا، أو خنثى. * قوله: (فكَرجل)؛ أيْ: فتصحُّ إن كانت عن يمينه، ولا تصحُّ إن كانت عن يساره، مع خلو يمينه، ذكره في الحاشية (¬4). ¬
وسُنَّ: أن يُقدَّم من أنواع: أحرارٌ بالغون فعبيدٌ، الأفضلُ فالأفضلُ، فصبيانٌ، فنساءٌ كذلك، ومن جنائزَ إليه، وإلى قبلة في قبر حيث جاز: حرٌّ بالغٌ، فعبدٌ، فصبيٌّ، فخنثى، فامرأةٌ كذلك، ومن لم يقف معه إلا كافرٌ، أو امرأةٌ، أو خنثى. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فعَبيد)؛ أيْ: بالغون. * قوله: (فنساء كذلك) وسكت عن الخناثى، لما سبق (¬1) من أنهم إذا جُعلوا صفًّا، لم تصحُّ صَلاتهم. * قوله: (حيث جاز)؛ أيْ: حيث جاز دفن اثنين فاكثر في قبر، بأن كان ثم ضرورة، أو حاجة، قاله في الحاشية (¬2). * قوله: (فصبي)؛ أيْ: حُرٌّ، ثم صبي رقيق. * قوله: (ومن لم يقف معه. . . إلخ) "مَنْ" واقعة على مأموم؛ أيْ: وأيُّ مأموم لم يقف معه. . . إلى آخره، ففَذٌّ. وبخطه: قوله: (ومن لم يقف معه. . . إلخ): اعلم أن في المقام ثلاث صور: أن يعلم الذي وقف معه حدث نفسه، أو حدَث رفيقه، أو يعلم المفروض وقوفه أولًا حدَث من أتى إليه، ووقف معه، والحكم في الصور الثلاثة كما ذكر، ومقتضى القواعد النحوية صِحَّةُ ثِنتين، وبطلان الثالثة في التصوير، لوجوب إبراز الضمير فيها، على كل (¬3) من مذهب البصريين، والكوفيين (¬4)، إذ اللَّبس غير مأمون، فتفطن!. ¬
أو من يعلم حداثه أو نجاستَه، أو مجنونٌ، أو في فرض صبيٌّ (¬1) ففذٌّ. ومن وَجَد فُرْجةً، أو الصفَّ غير مرصوص وقف فيه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقد يقال: إنه اغتفر ذلك تبعًا، أو أن الحكم مقيد بما إذا كان المتحمِّل للضمير وصفًا، كما نبَّه عليه الشيخ الرَّضِيُّ (¬2) (¬3). * قوله: (أو في فرض صبي)؛ أيْ: عيني، أو كفائي، فيشمل صلاة الجنازة، وقد صرح شيخنا في الحاشية (¬4) في كتاب الجنائز: أنه لا يصحُّ فيها صلاة الفَذِّ، خلافًا لابن عقيل (¬5)، والقاضي في التعليق (¬6)، فتقييد المص بطلانَ الفَذِّ بما إذا صلَّى ركعة، بالنظر لأكثر أفراد الصلاة وأغلبها. * وقوله: (صبي) عطف على كافر، والتقدير: أو لم يقف معه إلا صبي [في فرض، فـ"فرض"] (¬7) مقدم من تأخير، لدفع (¬8) توهم تعلقه بكل المتعاطفات لو أُخِّر. * قوله: (ومن وَجد فُرْجةً) جوابه محذوف؛ أيْ: وقف فيها، هذا حاصل ¬
وإلا فعن يمينِ الإمام، فإن لم يمكنه فلَه أن ينبه بنحنحةٍ أو كلامٍ، أو إشارةٍ من يقومُ معه ويتبعُه، وكُره يجذبه. ومن صلَّى يسار إمامٍ مع خُلوِّ يمينه، أو فذًّا ولو امرأةً خلف امرأةٍ ركعةً: لم تصحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ما أشار إليه الشارح (¬1)، ويحتمل أن لا حذف، وأن معنى وقف فيه؛ أيْ: فيما ذكر من الفُرْجة، والصف. * قوله: (ويتبعه)؛ أيْ: وجوبًا، ولو كان في الصف الأول؛ قال شيخنا: "ولعله لا تفوت عليه فضيلة الصف الأول، لأنه إنما تركه لأمر واجب". * قوله: (مع خلو يمينه)؛ أيْ: ففَذٌّ حكمًا، بدليل ما في شرح شيخنا (¬2) من تقدير قوله: "ركعة لم تصحَّ". * وقوله: [(أو فذًّا)؛ أيْ:] (¬3) خلف الإمام أو الصف، والمعنى: أو فذًّا حقيقي. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: أيْ: ولو كان خلف الإمام صف، كما صرح به في الإقناع (¬4)، فانظره!. * قوله: (لم تصحَّ) قال المحشِّي (¬5): "أيْ: الصلاة"، انتهى. ¬
وإن ركع -فذًّا- لعذر ثم دخلَ الصفَ، أو وقف معه آخرُ قبلَ سجودِ الإمامِ: صحَّت. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ وعندي الأولى (¬1) أن يكون التقدير: أيْ: صلاة من صلَّى يسار إمام. . . إلخ؛ لأن الإطلاق يقتضي بطلان صلاة كل من الإمام والمأموم، مع أنه قد توقف في بطلان صلاة الإمام، كما (¬2) أثبتناه في القولة الثانية (¬3). وفي الحاشية (¬4) فيمن أحرم فذًّا ما يؤخذ منه حكم هذه أيضًا، فتدبر!. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى- على قوله: (لم تصحَّ)، استشكله شيخنا (¬5) بأنه لا تبطل صلاة من عن يساره، إلا بعد إتيانه بركعة تامة، فابتدأ الصلاة صحيح، وبطلان صلاة المأموم، لا يتقضي بطلان صلاة الإمام، فيُتمُّ صلاته منفردًا، وفيه أن المص لم يتعرض لصلاة الإمام، بل لصلاة من وقف عن (¬6) يسار الإمام، وذلك من صريح كلام الشارح (¬7)، وفي كلام شيخنا في الحاشية (¬8) ما يشير إليه. ¬
4 - فصل
4 - فصل يصح اقْتدَاءُ من يمكنُه ولو لم يكن بالمسجد إذا رأى الإمامَ أو مَنْ وراءه، ولو في بعضها، أو من شُبَّاك، أو كانا به ولو لم يره ولا مَن وراءَه إذا سمع التكبيرَ، لا إن كان المأمومُ وحدَه خارجه. ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل في الاقتداء * قوله: (يصحُّ اقتدَاءُ)؛ أيْ: ائتمام. * قوله: (من يمكنه الاقتداء)؛ أيْ: متابعة الإمام، ففيه شبه استخدام. * قوله: (لا إن كان المأمومُ وحدَه خارجه) فإن لا بد من رؤيته، أو رؤية من وراءه ولا يكفي سماع التكبير في هذه الحالة، ذكره في الحاشية (¬1). وأقول: الظاهر إسقاط قوله: "أو رؤية من وراءه"؛ لأنه إن لم تُصَوَّر المسألة بما إذا كان الإمام وحده داخل المسجد (¬2)، وجَميع المأمومِين خارجه، وإلا لتكررت مع الصورة التي ابتدأ بها، وبهامش الحاشية (¬3) الجواب عنه فراجعه!. والذي بهامش الحاشية هو قوله: "أيْ: إذا كان بعض المأمومِين بعيدًا، بحيث يحجبه عن رؤية الإمام البعض الذي هو أقرب منه، اكتفى ذلك البعض برؤية الذي يراه من المأمومِين"، فسقط الاعتراض على المحشِّي (¬4). وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: [قال شيخنا. . . . . . ¬
وإن كان بينهما نهرٌ تجري فيه السفنُ، أو طريقٌ ولم تتصل فيه الصفوفُ حيثُ صحَّت فيه، أو كان في غير شدَّة خوف بسفينةٍ وإمامه في أخرى: لم تصحَّ. وكُرِه علوُّ إمامٍ عن مأموم ما لم يكن كدرجةِ منبرٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في شرحه (¬1):] (¬2) "أيْ: خارج المسجد، الذي به إمامه؛ لأنه ليس معدًّا للاقتداء، وشمل كلامه ما إذا كان المأموم بمسجد آخر، غير الذي به الإمام، فلا بد من رؤية الإمام، أو من وراءه، ولا يكفي سماع التكبير"، انتهى. وبخطه: بقي مسألة رابعة، تقتضيها القسمة العقلية، وهي: ما إذا كان المأموم داخل المسجد، والإمام وحدَه خارجه، والحكم فيها: أنه لا بد من رؤية الإمام، كالتي قبلها، ولا يكفي سماع التكبير. * قوله: (وإن كان بينهما نهرٌ تجري فيه السفُن) جوابه "لم تصحَّ". * قوله: (ولم تتصل فيه الصفوف)؛ أيْ: لم تصحَّ. * قوله: (حيث صحَّت فيه) قَيْد في المنفي، أي فإن اتصلت صحَّت فيما يصح في الطريق كما في الجمعة، والعيدَين لضرورة. * قوله: (وإمامُه في أخرى)؛ أيْ: مقرونة بها على ما في الإقناع (¬3)، أما إذا كانتا مقرونتَين فهما كواحدة. * قوله: (وكُرِهَ علوُّ إمامٍ)؛ أيْ: وحدُه، بدليل حديث الباب (¬4). ¬
وتصحُّ ولو كان كثيرًا وهو ذراعٌ فأكثرُ، ولا بأس به لمأموم، ولا يقطع الصفَّ إلا عن يساره إذا بَعُد بقدر مَقام ثلاثة. وتُكره صلاتُه في طاق (¬1) القبلة إن مَنع مشاهدتَه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بقدر مَقام ثلاثة) صورتها أن يقف المأموم عن يمينه، ثم يأتي آخر فيقف عن يساره، لكن بينه وبين الإمام بقدر مقام ثلاثة، فإن من على يساره في هذه الحالة فَذٌّ؛ لأنه كان الواجب عليه مصافَّة الإمام، وحيث قلنا: إنه فَذٌّ، فحكمه حكم ما تقدم (¬2)، من أنه إن ركع وسجد وحده (¬3) على هذه الصفة، بطُلت صَلاته، وإن جاء ولو واحد ووقف في تلك الفُرْجة، صحَّت صَلاتهم، فتدبر!. وقال -رحمه اللَّه تعالى-: وعبارة ابن حامد (¬4). . . . . . ¬
وتطوعُه بعد مكتوبة موضعَها، ومكثُه كثيرًا مستقبلَ القبلة وليس ثمَّ نساءٌ، ووقوفُ مأمومين بين سَوَارٍ تقطعُ الصوفَ عرفًا بلا حاجة في الكلِّ، وينحرفُ إمام إلى مأموم جهةَ قصْدِه، وإلا فعن يمينه. واتخاذُ المحراب مباحٌ، وحرُم بناءُ مسجد يُراد به الضررُ لمسجد بقُربِه فيُهدم، وكُره حضورُ مسجدٍ وجماعةٍ لآكل بَصَلٍ أو فِجْلٍ ونحوِه حتى يذهبَ ريحُه. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ على ما في الإقناع (¬1) "بطُلت صَلاتهم"؛ أيْ: المنقطِعين، فعلى هذا فلا فرق في المنقطع بين أن يكون واحدًا أو متعددًا. * قوله: (وتطوعه بعد مكتوبة) ما لم يؤد انتقاله إلى تخطِّي الرقاب. * قوله: (واتخاذ المحراب مباح) وقيل: مستحَب (¬2). وعلم من الخلاف أن المراد المباح المصطلح. * قوله: (ونحوه) كأكل ثوم، وكرَّاث، وفي (¬3) معناه من له صنان، أو جذام، وهل مثله شارب الدخان (¬4)؟ ¬
5 - فصل
5 - فصل يعذر بترك جمعةٍ وجماعةٍ: مريضٌ، وخائفٌ حدوثَ مرض ليسا بالمسجد. وتلزمُ الجمعة من لم يتضَّرر بإتيانها راكبًا، أو محمولًا، أو تبرَّع أحد بِهِ، أو بقَوْدِ أعمى. ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (وتلزم الجمعة من لم يتضرر. . . إلخ)، قال في الشرح (¬1) في أثناء كلامه: "نقل المروذي في الجمعة يُكترى ويُركب (¬2)، وحمله القاضي (¬3) على ضعف عقِب المرض، فأما مع المرض فلا يلزمه، لبقاء العذر"، انتهى. وبذلك يندفع ما يتوهم في المتن من التناقض، حيث قدم أن المرض وخوفه عذر مبيح لترك الجمعة والجماعة، وأعقَبه بوجوب الحضور راكبًا أو محمولًا للجمعة، فتدبر!. * قوله: (أو تبرع) انظر ما محله من الإعراب؟، ولعله عطف على الجازم والمجزوم. * وفي قوله: (أو بقَوْد أعمى) فيه الربط بالظاهر بدل الضمير؛ دفعًا للَّبس. * قوله: (به)؛ أيْ: بركوبه أو حمله. * قوله: (أو بقَوْد أعمى)؛ أيْ: للجمعة، دون الجماعة لتكررها. ¬
ومن يدافعُ أحد الأخبثين، أو بحضرةِ طعام هو محتاج إليه وله الشبع، أو له ضائعٌ يرجوه، أو يخاف ضياعَ ماله، أو فواتَه، أو ضررًا فيه، أو في معيشة يحتاجها، أو مالٍ استُؤجِر لحفظه، ولو نظارةَ (¬1) بستان، أو موتَ قريبه أو رفيقه، أو تمريضَهما وليس من يقومُ مقامه، أو على نفسه من ضرر أو سلطان، أو ملازمةِ غريم ولا شيء معه، أو فواتَ رُفْقَة بسفر مباحٍ أنشأه أو استدامه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومن يدافع. . . إلخ)؛ أيْ: يُعذَر بترك جمعة، أو جماعة من يدافع. . . إلخ. * وقوله: (أحدَ الأخبثين)؛ أيْ: ونحوهما، على ما صرح به بعضهم (¬2)، قال في المبدع (¬3) (¬4) نقلًا عن أبي المعالي: "وكل ما أذهب الخشوع فهو عُذر"، انتهى بمعناه. * قوله: (أو بحضرة طعام. . . إلخ) ومثله تائق لجماع. * قوله: (أو تمريضهما) انظر ما محله من الإعراب؟، ولعله على حذف مضاف؛ أيْ: فَوات تمريضهما، معمول "يخاف" وجعله شيخنا (¬5) معمولًا لفعل محذوف، سادٍّ مَسَدَّ جزئَي كان المحذوفة مع اسمها، وأن الأصل: أو كان يتولى ¬
أو غلبة نعاس يخاف به فوتَها في الوقت أو معَ إمام، أو أذى بمطر ووحَل وثلجٍ وجليدٍ وريحٍ باردةٍ بليلةٍ مظلمةٍ، أو تطويلَ إمام، أو عليه قَوَدٌ يرجو العفو عنه، لا من عليه حدُّ، أو بطريقه أو المسجدِ منكر كدُعاء لبُغاة، وينكره بحسَبِه. ـــــــــــــــــــــــــــــ تمريضهما، وفيه بُعْد لا يخفى (¬1). * قوله: (لا من عليه حد)؛ أيْ: للَّه، أو لآدمي، ولو رجي العفو عنه، خلافًا لما في الإقناع (¬2)، وهو مبني على بحث لصاحب الفروع (¬3). * قوله: (كدُعاء لبُغاة) لعله ما لم يخَف على نفسه من ذلك. * * * ¬
11 - باب صلاة أهل الأعذار
11 - باب صلاة أهل الأعذار تلزمُ مكتوبةٌ المريضَ قائمًا ولو كَرَاكع، أو متعمدًا، أو مستندًا، بأجرةٍ يقدرُ عليها. فإن عجز أو شقَّ لضرر، أو زيادةِ مرض، أو بُطءِ بُرْءٍ، ونحوِه فقاعدًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب صلاة أهل الأعذار جمع عذر، كأقفال وقفل، وهو ما يرفع اللوم عن ما حقه أن يلام عليه، ذكره في المطلع (¬1)، والمراد ما يرفع اللوم عن فاعل فعل من حقه أن يلام عليه. * قوله: (قائمًا)؛ أيْ: صورة، إذ القيام الحقيقي لا يختص لزومه بالمريض، بل الذي يختص به هو مدخول (لو). * [قوله: (بأجرة) كان الطاهر: ولو بأجرة. ثم رأيته قدرها في الشرح (¬2)] (¬3). * قوله: (ونحوه)؛ أيْ: نحو ما ذكر، كما لو أوهنه (¬4) القيام. * قوله: (فقاعدًا)؛ أيْ: وجوبًا. ¬
متربِّعًا نَدْبًا، ويَثْنِي رجليه في ركوع وسجود كمتنفِّل. فإن عجز أو شقَّ ولو بتعدِّيه بضربِ ساقه فعلى جنبٍ، والأيمنُ أفضل، وتُكره على ظهره ورجلاه إلى القبلة مع قُدْرَةٍ (¬1) على جنبِه وإلا تعيَّن ويومئُ بركوع وبسجود (¬2) ويجعلُه أخفض. وإن سجد ما أمكنه على شيء. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (نَدْبًا) مرتبط بقوله: (متربعًا). * قوله: (ورجلاه إلى القبلة) هذا قيد معتبر في صحة الصلاة على هذه الحالة. أما لو استلقى على ظهره، ورجلاه إلى غير جهة القبلة فإنه يصير [مستدبر القبلة] (¬3)، فلا تنعقد صلاته، تأمل!. * قوله: (وإلا تَعيَّن) ولا يكون مكروهًا في هذه الحالة، لما صرحوا به في باب المياه (¬4)، من أن الاضطرار ينفي الكراهة، وأنها لا تجامع الوجوب، وينفي الحرمة، كما صرحوا به أيضًا في كتاب الأطعمة (¬5). * قوله: (وأن سجد ما أمكنه) "ما" مصدرية غير ظرفية؛ أيْ: إمكانه؛ أيْ: غاية إمكانه، هذا مراد الشارح (¬6). ¬
رُفِع: كُره وأجزأ، ولا بأس به على وِسادة ونحوِها، فإن عجِز أومأ بطَرْفه ناويًا مستحضرًا الفعلَ والقول إن عجز عنه بقلبه كأسير خائف، ولا تسقطُ. فإن قدر على قيَامٍ، أو قعود في أثنائِها انتقل إليه، فيقومُ، أو يقعد، وبركعُ بلا قراءة من قرأ، وإلا قرأ. وإن أبطأ متثاقلًا من أطاق القيام فعاد العجز. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (رفع)؛ أيْ: انفصل عن الأرض، ولم يكن عليها بدليل قوله بعد: (ولا بأس به على وسادة ونحوها). * قوله: (أومأ بطرفه)، قال في مختار الصحاح (¬1): "أوْمَاتُ إليه أشَرْتُ، ولا تَقُل أوْمَيْتُ، ووَمَأْتُ إليه، أمَا، وَمْأً إمْأً وَمأً، مثل وَضَعْتُ أضَعُ وَضْعًا، لغة فيه"، انتهى كلامه. وقال ابن قندس (¬2): "موضع الإيماء هو الرأس، والوجه، والطرف من ذلك، لأنهما من الرأس، بخلاف اليدين فإنهما ليسا من موضع الإيماء". * قوله: (إن عجز عنه) قيد في المعطوف. * قوله: (بقلبه) متعلق بـ (مستحضرًا). * قوله: (ولا تسقط)؛ أيْ: ما دام العقل ثابتًا. * قوله: (وإلا قرأ)؛ أيْ: ولم يكن قرأ الفاتحة كاملًا، بأن كان قد قرأ بعضها، أو لم يكن قرأ منها شيئًا، بدليل ما يأتي فى قول المص "لا من صح فأتمها في ارتفاع"؛ ¬
فإن كان بمحل قعود كتشهد: صحَّت، وإلا بطُلت صلاته وصلاة من خلفه ولو جهلوا. ويبنِي من عجز فيها، وتُجزئ الفاتحةُ إن أتمَّها في انحطاطه، لا من صح فأتمَّها في ارتفاعه. ومن قدر على قيام وقعود. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يعني: فإنه لا يبني على ما قرأه، [بل يستأنف] (¬1). * قوله: (فإن كان بمحلِّ قعود)؛ أيْ: الإبطاء متثاقلًا. * قوله: (ولو جهلوا) انظر الفرق بين هذه المسألة، التي تقدمت في سجود السهو (¬2)، فيما إذا قام الإمام لزائدة ونبهوه فلم يرجع، فإنهم قيدوا هناك بطلان صلاة متَّبِعه، بشرط أن يكون عالمًا ذاكرًا. وأجاب شيخنا (¬3): بأن اللازم من إلغاء ما فعله المتبع هناك جهلًا، أو نسيانًا، إلغاء الزيادة في الصلاة، ولا يلزم من إلغاء الزيادة في الصلاة بطلانها، بخلاف ما هنا، فإنه يلزم من إلغاء ما فعله المتبع جهلًا أو نسيانًا إلغاء ركن من أركان الصلاة، وهي لا تسقط جهلًا، ولا سهوًا، وأيضًا ما هنا على الأصل، وما هناك خولف فيه الأصل للنص، وما ثبت على خلاف القياس لا يقاس عليه. * قوله: (في ارتفاعه)؛ أيْ: نهوضه وانتقاله؛ لأنه ليس محل قراءة حتى للصحيح. ¬
دون ركوع وسجود أومأ بركوع قائمًا، وسجودٍ قاعدًا، ومن قدر أن يقومَ منفردًا ويجلس في جماعة: خُيِّر. ولمريض يطيقُ قيامًا الصلاةُ مستلقيًا لمداواةٍ بقولِ طبيبٍ مسلمٍ ثقةٍ، ويُفطرُ بقوله: إن الصوم ممَّا يمكِّن العلةَ. ولا تصح مكتوبةٌ في سفينة قاعدًا لقادر على قيام. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (خُيِّر) هذا الذي ذكره المص من التخيير، هو الصحيح من المذهب، وعليه الأكثر (¬1). وقال أبو المعالي (¬2): يصلي منفردًا قائمًا؛ لأن القيام ركن متفق على ركنيته، والجماعة وإن كانت واجبة لكنها ليست متفقًا على وجوبها، وتصح الصلاة بدونها مع القدرة عليها، حتى عند القائل بوجوبها، وهذا ما مشى عليه في الإقناع (¬3)، وصوبه في الإنصاف (¬4). أقول: وهو أظهر مما مشى عليه المص، وإن كان هو صحيح. * قوله: (لقادر على قيام)؛ أيْ: فيها أو خارجها، أما إن عجز عن القيام فيها والخروج منها فإنها تصح منه فيها جالسًا، ويلزمه الاستقبال، وأن يدور كلما دارت. وقيل: لا يلزمه أن يدور كالنقل فيها على الأصح (¬5). وتقام الجماعة في السفينة مع العجز عن القيام كمع القدرة. ¬
وتصح على راحلةٍ لتأذٍّ بوحْل ومطر ونحوِه، وانقطاعٍ عن رُفقة، أو خوف على نفسه من عدوٍّ ونحوِه، أو عجز عن ركوبه إن نزل، وعليه الاستقبالُ وما يقدر عليه، ولا تصح لمرض. ومن أتى بكلِّ فرض وشرط، وصلَّى عليها أو بسفينةٍ ونحوِها سائرةً أو واقفةً بلا عذر: صحَّت. ومن بماء وطين يومئ كمصلوب ومربوطٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لتأذٍّ بوحل) وإذا خافت المرأة النزول عن الراحلة على نفسها فلها الصلاة عليها، ولو من قعود عند العجز عن القيام، مص (¬1) (¬2). * قوله: (وما يقدر عليه) هو من عطف العام على الخاص؛ أيْ: عليه الاسقبال إن قدر عليه، وعليه أيضًا بقية الشروط، والأركان، والواجبات إن قدر عليها، وما لا يقدر عليه لا يكلف به، فالاستقبال ليس واجبًا إلا مع القدرة، ولو كان في غير الراحلة والسفينة. * قوله: (ولا تصح لمرض)؛ أيْ: لم يصحبه شيء مما تقدم، أما لو كان يعجز عن الركوب إذا نزل، فإن صلاة الصحيح صحيحة، فصلاة المريض صحيحة بالأولى، فتدبر!. * قوله: (ومن أتى بكل فرض وشرط)؛ أيْ: لمكتوبة، أو نافلة، ومراده به ما يشمل الواجب أيضًا. * قوله: (بلا عذر)؛ أيْ: ولو بلا عذر. * قوله: (ومن بماء وطين)؛ أيْ: لا يستطيع الخروج منه. ¬
1 - فصل
وبسجدُ غريقٌ على متنِ الماء، ويُعتبَرُ المقَرُّ لأعضاء السجود، فلو وضع جبهتَه على قطن منفوش ونحوه، أو صلَّى معلَّقًا ولا ضرورةَ: لم تصح. وتصح إن حاذى صدرُه رَوْزَنَةً (¬1) ونحوَها، وعلى حائلِ صوفٍ وغيره من حيوان، وعلى ما مَنع صلابةَ الأرض، وما تنبتُه. * * * 1 - فصل من نوى سفرًا مباحًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويعتبر المقر لأعضاء السجود) لما كان ربما يتوهم من مسألة من بماء وطين، والمصلوب، والمربوط، والغريق، أن الاستقرار ليس بشرط، دفع بذلك هذا التوهم، إشارة إلى أنه إنما كَفَى مثل ذلك للعذر، وإلا فالاستقرار حيث لا عذر شرط، فسقط ما قيل إن قوله: (ويعتبر. . . إلخ) لا محل له هنا (¬2). فصل في القصر * قوله: (من نوى سفرًا) لو قال: من ابتداء السفر، كما قاله في الفروع (¬3) وغيره (¬4)، لكان أجود؛ لأنه قد ينوي السفر، ولا يسافر. فإن قيل: قوله بعد ذلك: "فله القصر والفطر إذا جاوز بيوت قريته ¬
ولو نزهةً وفرجةً، أو هو أكثرُ قصدِه يبلغُ ستةَ عشرَ فرسخًا تقريبًا برًّا أو بحرًا؛ وهي: يومان قاصدان: أربعةُ بُرُد. والبريدُ: أربعةُ فراسخ، والفرسخُ: ثلاثة أميال هاشمية (¬1)، وبأميال بني أمية ميلان ونصف (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ العامرة" يدل عليه. قيل: لا بد فيه من إضمار، وهو أن يقال: فله القصر، إذا كان مسافرًا (¬3)، إلا فقد ينوي السفر، ويجاوز بيوت قريته من غير سفر، انتهى ملخصًا من حاشية الحجاوي على التنقيح (¬4). * قوله: (ولو نزهة). . . . . . ¬
والهاشميُّ: اثنا عشرَ ألفَ قدمٍ، ستةُ آلاف ذراع، والذراعُ: أربع وعشرون إصبعًا معترضة معتدلةً. كلُّ إصبع: ست حباتِ شعيرٍ بطونُ بعضِها إلى بعض، عرضُ كلِّ شعيرة: ستُ شعَراتِ بِرْذَون (¬1). أو تابَ فيه وقد بقيتْ، أو كُره كأسير، أو غُرِّب، أو شُرِّد لا هائمٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في القاموس (¬2): "استعمال النزهة في الخروج إلى البساتين والخضر والرياض، غلط قبيح"، انتهى. * قوله: (ذراع)؛ أيْ: بذراع اليد، أما بذراع الحديد فخمسة آلاف ومئتان وخمسون بنقص الثمن على ما حدد (¬3). * قوله: (لا هائم) مقتضى حل الشارح (¬4): رفع "هائم" على أنه خبر لمبتدأ محذوف مع الموصول، والأصل: لا من هو هائم. . . إلخ فتدبره!، فإن فيه حذف الموصول، وصدر الصلة، وإبقاء بعضها، وجعله شيخنا في شرحه (¬5) فاعلًا لفعل محذوف تقديره: ولا يقصر هائم. . . إلى آخره، وهو أسهل. ¬
وسائحٌ وتائه: فله قصرُ رُباعتَّةٍ، وفطرٌ، ولو قطعها في ساعة إذا فارق بيوتَ قريته العامرة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وسائح) ذكر القاضي البيضاوي (¬1) عند قوله -تعالى-: {السَّائِحُونَ} [التوبة: 112] "أن المراد الصائمون، لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "سياحة أمتي الصوم (¬2) " (¬3) شبه بها، لأنه يعوق عن الشهوات، أو لأنه رياضة نفسانية، يتوصل بها إلى الاطلاع على خفايا الملك والملكوت، أو السائحون للجهاد أو طلب العلم"، انتهى كلامه. * قوله: (إذا فارق)؛ أيْ: مع النية للسفر، كما نبه عليه الحجاوي (¬4). * قوله: (العامرة) سواء كانت داخل السور أو خارجه، وسواء وليتها (¬5) بيوت خاربة، أو البرية، لكن إن وليتها (¬6) بيوت خاربة، ثم بيوت عامرة فلا بد من مفارقته (¬7) البيوت العامرة، التي تلي الخاربة، وإن لم يلِ الخاربة بيوت عامرة، لكن لو جعل الخراب بيوتًا وبساتين يسكنه أهل في فصل من فصول، فقال أبو ¬
أو خيامَ قومِه، أو ما نُسبت إليه عرفًا سكانُ قصور وبساتين ونحوهم. إن لم ينو عَوْدًا، أو يَعُدْ قريبًا، فإن نواه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المعالي (¬1): "لا يقصر حتى يفارقها"، وقال أيضًا (¬2): "لو برزوا بمكان لقصد (¬3) الاجتماع، ثم بعد اجتماعهم ينشئون السفر من ذلك المكان، فلا يقصروا حتى يفارقوه". وقال في الفروع (¬4) بعده "وظاهر كلامهم يقصر، وهو متجه"، انتهى. * فائدة: لو قصر الصلاتين في السفر في وقت أولاهما، ثم قدم قبل دخول وقت الثانية، أجزأه على الصحيح من المذهب (¬5). وقيل: لا يجزئه (¬6). ومثله لو جمع بين الصلاتين في وقت أولاهما بتيمم، ثم دخل وقت الثانية، وهو واجد للماء. * قوله: (أو خيام قومه) في مختار الصحاح (¬7) "الخيمة بيت تبنيه العرب من عيدان الشجر، والجمع خيمات وخيم، مثل بدرات (¬8) وبدر، وخيم أيضًا بالمكان: أقام به، وتخيم بمكان كذا: أقام به". ¬
أو تجددتْ نيتُه لحاجةٍ بدت: فلا، حتى يَرْجِعَ ويفارق بشرطِه، أو تَنْثَنِي نيتُه ويسير، ولا يعيدُ من قصر ثم رجَع قبل استكمال المسافة. ويَقصُر من أسلم، أو بلغ، أو طهرت بسفر مُبيح، ولو بقيَ دون المسافة، وقِنٌّ، وزوجةٌ، وجنديٌّ تبعًا لسيد، وزجٌ، وأميرٌ في سفر ونيتِه، ولا يُكره إتمامٌ، والقصرُ أفضل. ومن مرَّ بوطنِه أو بلدٍ له به امرأةٌ، أو تزوَّج فيه، أو دخل وقتُ صلاة عليه حضرًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بشرطه) وهو أن لا ينوي العود. * قوله: (وقِنٌّ) فإذا كان لاثنين رجحت إقامة أحدهما، لأنها الأصل. * قوله: (تبعًا)؛ أيْ: تابعون، فهو مصدر سد مسدّ الفعل، فهو خبر، وجعله المص في الشرح (¬1) من قبيل حذف "يكون" وحدها، وهو غير مقيس. * قوله: (أو تزوج فيه)؛ أيْ: أو كان تزوج فيه، وظاهره ولو كان طلقها، وعبارته في الشرح (¬2) "وظاهره ولو بعد فراقها". ومعنى عبارة المتن على ما فهمه شيخنا آخرًا (¬3)، أنه إذا مر ببلد، فتزوج فيه، فإنه يلزمه الإتمام، ولو فارق الزوجة حتى يفارق ذلك البلد، وهو أظهر مما كان يقرره أولًا من أن المراد كان قد تزوج فيه، وفارقها قبل إحداث ذلك السفر. * [قوله: (أو دخل وقت صلاة عليه حضرًا) وكذا لو أخرها مسافر عمدًا حتى ¬
أو أوقَع بعضَها فيه، أو ذكرَ صلاةَ حضرٍ بسفر بعلامة أو عكسَه، أو ائتمَّ بمقيم أو بمن يشكُّ فيه، ويكفي علمُه بسفره بعلامة، أو شك إمامٌ في أثنائِها أنه نواه (¬1) عند إحرامِها، أو أعاد: فاسدة يلزمه إتمامُها، أو لم ينوه عند إحرامٍ، أو نواه ثم رَفضه، أو جهل أن إمامَه نواه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ خرج وقتها، أو ضاق عنها. قال في المحرر (¬2) وغيره (¬3): "لأنه تعلقت بذمته كالدين، والأصل الإتمام"] (¬4). * قوله: (أو أوقع بعضها فيه) في شرحه (¬5): "وهي مصورة بركب السفينة". * قوله: (أو بمن يشك فيه)؛ أيْ: ولو تبين له في أثناء الصلاة أنه مسافر. * قوله: (أو شك إمام) هذا ليس بقيد، ومثله المأموم والمنفرد. * قوله: (يلزمه إتمامها) الجملة صفة لـ "فاسدة"، ومثالها: ما إذا ائتم بمقيم، فأحدث فيها فأعادها، فإنه يلزمه إتمامها. أما لو شرع فيها جاهلًا حدثه كان له القصر، ذكره في الحاشية (¬6). * قوله: (أو جهل)؛ أيْ: شك، وليست مكررة مع قوله: "أو بمن يشك ¬
أو نوى إقامةً مطلقة، أو كثر من عشرين صلاة، أو لحاجة وظنَّ أن لا ينقضيَ قبلها، أو شكَّ في نيةِ المدة، أو عزم في صلاته على قطع الطريق ونحوِه، أو تاب منه فيها، أو أخَّرها بلا عذر حتى ضاق وقتُها عنها: لزمه أن يتمَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فيه"، لأنها محمولة على الشك في حال الإمام من سفر، أو إقامة، وهنا في الشك في نيته؛ أيْ: في (¬1) كونه نوى القصر أو الإتمام، فتدبر!. * قوله: (أو عزم في صلاته. . . إلخ) أولى منه عبارة الإقناع (¬2): "أو عزم في صلاته على ما يلزمه به الإتمام من الإقامة وسفر المعصية"؛ لأن مقتضى كلام المص، أن المعصية في السفر مؤثرة، وليس كذلك، ولعل المراد من قوله: "في صلاته": في وقت صلاته، ولو كان قبل تلبسه بها، فتدبر!. ويمكن إرجاع عبارة المص إلى ما في الإقناع ونحوه بتقدير: أو عزم في صلاته، على قلب نية سفره المباح، إلى السفر لقطع الطريق ونحوه، وحينئذٍ فلا إشكال. وبخطه: أيْ: على السفر لقطع الطريق، حتى يكون عاصيًا بالسفر، فلا يترخص. * قوله: (ونحوه) كالزنا وشرب الخمر؛ أيْ: على السفر لذلك. * قوله: (أو أخرها. . . إلى آخره) فيه أن هذا عصيان في السفر، وهو لا يمنع الترخص، لكن صرح المصنف في شرحه (¬3) بأن العلة في وجوب الإتمام في هذه، ¬
لا إن سلكَ أبعد طَرِيْقَين، أو ذكر صلاةَ سفرٍ في آخرَ، أو أقام لحاجةٍ بلا نيةِ إقامةٍ لا يدري متى تنقضي، أو حُبس ظلمًا أو بمرض أو مطر ونحوِه، لا بِأَسرٍ. ومن نوى بلدًا بعينِه يجهلُ مسافتَه، ثم علمها: قصرَ بعد علمِه، كجاهل بجوازِ القصر ابتداءً، ويقصر من علمها ثم نوى إن وجدَ غريمَه رجِع، أو نوى إقامةً ببلد دون مقصِدِه بينه وبين بلد نيته الأولى دون المسافة. ولا يترخصُ ملَّاحٌ معه أهلُه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القياس على السفر المحرَّم؛ يعنى: فخولف فيها الأصل، للقياس على ما ذكر، وإن لم تكن من أفراده، فتدبر!. * قوله: (في سفر آخر)؛ أيْ: أو في نفس ذلك السفر، وهو أوْلَوِيٌّ (¬1)، على ما في شرح المص (¬2). * قوله: (أو نوى إقامة)؛ أيْ: لا تمنع القصر. * قوله: (ولا يترخص ملاح. . . إلى آخره) ظاهر أنه لا بد من اجتماع الأمرين، فلو انتفى أحدهما لم يمنع الترخص، ولم يعتبر القاضي (¬3) فيه أن يكون معه أهله، وهو خلاف نصوصه؛ لأن السفر لم يحصل حقيقة إلا بمجموع الأمرين، قاله في المبدع (¬4). ¬
وليس له نيةُ إقامةٍ ببلد، ومثله مُكَّارٍ (¬1) وراعٍ، وفيْجٌ (بالجيم) -وهو: رسول السلطان- ونحوهم. ـــــــــــــــــــــــــــــ والملاح على ما في الصحاح (¬2): صاحب السفينة، وانظر هل المراد بصاحبها من هو مالكها، أو الذي يقال له: الرائس، أو كل من يتعاطى مصلحة مسيرها؟ قال شيخنا: الظاهر أن مراد الفقهاء الأخير، فليحرر (¬3)!. وبخطه: فإن كان له أهل وليسوا معه، فله الترخص. * قوله: (وليس. . . إلخ) مقتضاه أن الكافي في الترخص له عدم نية الإقامة ولو زمنًا معينًا، وفي الفروع (¬4): "ويعتبر للسفر المبيح كونه منقطعًا، فإن كان دائمًا، كملاح بأهله دهرَه لم يترخص"، فانظر بين العبارتين، وحرر المسألة!. وبخطه (¬5): فإن كان له أهل وليسوا معه، فله الترخص، وإن كان له نية إقامة ببلد فله القصر، ولو كان معه أهله. * قوله: (وفَيْجٌ) بفتح الفاء وسكون الياء المثناة تحت (¬6). * فائدة: قال ابن رجب في القاعدة الثالثة (¬7): "أما ما كان الأصل فرضيته ووجوبه، ثم سقط بعضه تخفيفًا، فإذا فعل الأصل وصف الكل بالوجوب على ¬
وإن نوى مسافرٌ القصرَ حيث لم يبح عالمًا: لم تنعقد، كما لو نواه مقيم. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ الصحيح، فمن ذلك إذا صلَّى المسافر أربعًا، فإن الكل فرض في حقه، و (¬1) عن أبي بكر (¬2) أن الركعَتين الأخيرتيَن نفْل، لا يصح اقتداء المفترض فيه فيهما، وهو متمش على أصله، وهو عدم اعتبار نية القصر، والمذهب الأول (¬3) "، انتهى. وقال في المبدع (¬4): "إذا انتقل مسافر من القصر إلى الإتمام جاز، وفرضه الأولتان، قاله ابن عقيل وغيره (¬5) "، انتهى. وفي الإقناع (¬6): "ولو نوى مسافر القصر، ثم أتم سهوًا، ففرضه الركعتان، والزيادة سهو، يسجد لها ندبًا"، انتهى، فلتحرر المسألة!. وما في الإقناع من أن فرضه الركعتان، ذكره في الإنصاف (¬7) في سجود السهو. ¬
2 - فصل
2 - فصل يباح جمعٌ بين ظهرٍ وعصر، وعِشاءَين بوقت إحداهما -وتركُه أفضلُ، غيرُ جَمْعَي عرفة ومزدلفة- بسفرِ قصرٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال في الإنصاف (¬1) هنا (¬2): "لو ذكر من قام إلى ثالثة سهوًا قطع، فلو نوى الإتمام أتم، وأتى له بركعَتين سوى ما سها به، فإنه يلغو، ولو كان من سها إمامًا لمسافر تابعه، إلا أن يعلم سهوًا تبطل صلاته بمتابعته، ويتخرج لا تبطل، ولو نوى القصر فأتم سهوًا، ففرضه الركعتان، والزيادة سهو يسجد لها على الصحيح من المذهب. ولو نوى القصر، ثم رفضه ونوى الإتمام جاز، قال ابن عقيل: وتكون الأولتان فرضًا، وإن فعل ذلك عمدًا مع بقاء نية القصر بطُلت صلاته في أحد الوجهَين، وأطلقهما في مختصر ابن تميم (¬3)، والفروع (¬4)، والرعاية الكبرى". فصل في الجمع * قوله: (ويباح جمع بين ظهر وعصر)؛ أيْ: بوقت إحداهما، ففيه الحذف من الأول، لدلالة الثاني، كما أشار إليه الشيخ في شرحه (¬5). * قوله: (بسفر قصر) الباء سببية. ¬
ولمريضٍ يلحقُه بتركه مشقةٌ، ومرضعٍ لمشقة كثرةِ نجاسة، ومستحاضةٍ ونحوِها، وعاجزٍ عن طهارة أو تيمم لكلِّ صلاة، أو معرفة وقتٍ كأعمى ونحوِه، ولعذرٍ أو شغلٍ يبيح تركَ جمعةٍ وجماعة. ويختص بالعِشاءَين: ثلجٌ، وبردٌ، وجليدٌ، ووحَلٌ (¬1)، وريحٌ شديدةٌ باردة، ومطرٌ يبُلُّ الثيابَ ويوجدُ معه مشقةٌ، ولو صلَّى ببيته، أو بمسجد طريقِه تحت ساباط (¬2) ونحوِه. والأفضلُ: فعلُ الأرفق من تأخير أو تقديم -سوى جمْعَي عرفةَ ومزدلفةَ إن عُدِم-، فإن استويا فتأخيرٌ أفضلُ -سوى جمعِ عرفةَ-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وعاجز عن طهارة)؛ أيْ: طهارة ماء، بدليل عطف التيمم عليه. * قوله: (بالعشائين) دخول الباء على المقصور عليه كما هنا عربي جيد، وإن كان الشائع (¬3) دخولها على المقصور (¬4)، كما في قوله -تعالى-: {يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ} [آل عمران: 74]. * قوله: (وَوَحَل) الوَحَلُ بتحريك الحاء، والتسكين لغة رديئة (¬5). * قوله: (إن عدم)؛ أيْ: الأرفق فيهما، فيقدم في عرفة، ويؤخر في مزدلفة، ولو كانا غير الأرفق في حقه، اتباعًا لفعله -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬6). ¬
ويشترطُ له: ترتيبٌ مطلقًا. ولجمعٍ بوقت أولى: نيتُه عند إحرامها، وأن لا يفرَّقَ بينهما إلا بقدر إقامةٍ ووضوء خفيف، فيبطل براتبة بينهما ووجودُ العذر عند افتتاحهما وسلام الأولى، واستمرارهُ في غير جمع مطر وَنَحْوِه إلى فراغ الثانية. ـــــــــــــــــــــــــــــ وحاصله: أن الأفضل في جمع عرفة التقديم، ولو فرض أن التأخير فيه أرفق، وأن التأخير في مزدلفة أفضل، وإن فرض أن التقديم فيه أرفق؛ اقتصارًا على الوارد. ولو أسقط قوله: (إن عدم)، أو زاد فقال: وإن عدم، لكان أظهر. وعبارة الإقناع (¬1): "وفعل الأرفق من تأخير، وتقديم أفضل بكل حال، سوى جمعَي عرفة، ومزدلفة، فيقدم في عرفة، ويؤخر في مزدلفة، فإن استويا. . . إلى آخره" فتدبر!. والمص تبع في ذكر ذلك عبارة المنقح (¬2)، وقد اعترضها الحجاوي في حاشيته (¬3)، فراجعها. * قوله: (ويشترط له)؛ أيْ: للجمع مطلقًا. * قوله: (ترتيب مطلقًا)؛ أيْ: سواء ذكره، أو نسيه، خلافًا لما في الإقناع (¬4). * قوله: (فيبطل براتبة بينهما) ولا يبطل بالكلام اليسير الذي لا يزيد على ما ذكر، من مقدار الإقامة، والوضوء الخفيف، ولو كان غير ذكر، ذكره في الحاشية (¬5). * قوله: (ووجود) بالرفع عطفًا على (نيته). ¬
فلو أحرم بالأولى لمطر ثم انقطع ولم يَعُد، فإن حصل وحَلٌ وإلا: بطُل. وإن انقطع سفرٌ بِأُولى: بطُل الجمع والقصر، فيتمُّها وتصح، وبثانيةٍ بطلا ويتمها نفْلا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فإن حصل وحَل)؛ أيْ: لم يبطل الجمع. * قوله: (وإلا)؛ أيْ: وإن لم يخلفه وحَل بطُل الجمع، ولو (¬1) خَلَفه (¬2) عذر غير الوحَل كالمرض، والفرق:، أن الوحَل ناشئ عن المطر، فكأنه لم ينقطع، بخلاف نحو (¬3) المرض، فإنه ليس ناشئًا عن ذات المطر، بل هو عذر مستقل، يعطى حكمه من حين حدوثه. * قوله: (وإن انقطع سفر بأولى) وعلى قياسه بالأَوْلَى إذا انقطع السفر، قبل الشروع في الأولى، فالأقسام أربعة، والقسم الرابع: ما إذا انقطع بعدهما، والحكم فيه أنه لا إعادة، كما صرح به شيخنا في الشرح (¬4) والحاشية (¬5). * قوله: (فيتمُّها)؛ أيْ: يأتي بها تامة؛ أيْ: غير مقصورة. * قوله: (وبثانية)؛ أيْ: بالصلاة الثانية المجموعة في وقت الأولى. * قوله: (بطلا)؛ أيْ: الجمع والقصر. * قوله: (ويتمُّها نفلًا) لأن وقتها لم يدخل حينئذٍ. ¬
ومرضٌ في جمع كسفر. ولجمعٍ بوقتِ ثانيةٍ: نيتُه بوقت أولى ما لم يضِق عن فعلها. وبقاءُ عذر إلى دخول وقت ثانية، لا غيرُ، فلو صلَّاهما خلف إمامَين أو من لم يَجمع، أو إحداهما منفردًا والأخرى جماعةً، أو بمأموم الأولى وبآخَرَ الثانيةَ، أو بمن لم يجمع: صح. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومرض في جمع كسفر)؛ يعني: أن الجمع لو كان لمرض فَعُوفِي في (¬1) أثناء الصلاة، فالحكم في ذلك حكم ما لو كان الجمع لسفر، وقَدِمَ في أثناء الصلاة، وقد تقدم (¬2) حكمه. وبخطه: وحينئذٍ فإن عوفي بالأولى، أتمَّها وصحت، وفي الثانية صحت نفْلًا، وبعدهما أجزأتا، شرح (¬3). * قوله: (ما لم يضِق)؛ أيْ: وقت الأولى. * قوله: (عن فعلهما)؛ أيْ: الأولى لفوات فائدة الجمع، وهو التخفيف بالمقارنة بين الصلَاتين. * قوله: (وبآخر الثانية) أو كان إمامًا في الأولى، ومأمومًا في الثانية، ولم يتعرض لذلك لوضوحه، وعكسه مثله، فتدبر!. * قوله: (أو بمن لم يجمع)؛ أيْ: بمأموم. ¬
3 - فصل
3 - فصل تصح صلاة الخوف بقتال مباح، ولو حضرًا مع خوف هجمِ العدوِّ. [وتصح في سفر] على ستة أوجه: الأول: إذا كان العدوُّ جهةَ القبلة يُرى. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل في صلاة الخوف * قوله: (بقتال مباح) كقتال كفار، وأهل بغي، ومحاربين؛ أيْ: لا محرم، كقتال أهل العدل؛ لأن الصلاة على غير الهيئة المعروفة رخصة، وهي لا تستباح بالمعصية، ذكره في الحاشية (¬1). * قوله: (مع خوف. . . إلى آخره) قيد في (حضرًا). * قوله: (في سفر) ظاهر حل المص في شرحه (¬2)، أن قوله: "في سفر" مرتبط بما بعده، فإنه قال: "وتصح صلاة الخوف على ستة أوجه في سفر"، وحينئذٍ فيكون ساكتًا عن بيان كيفية صلاته -صلى اللَّه عليه وسلم- لها حالة الحضر (¬3). * قوله: (الأول) هذا الوجه صلاته -صلى اللَّه عليه وسلم- بعسفان،. . . . . . ¬
ولم يُخف كَمينٌ صفَّهم الإمام صفَّين فأكثرَ وأحرم بالجميع، فإذا سجد سجد معه الصف المقدَّمُ، وحرس الآخر حتى يقومَ الإمام إلى الثانية فيسجدُ ويلحقه، ثم الأَوْلَى تأخُّرُ المقدَّم، وتقدُّمُ المؤَخَّر، ثم في الثانية يحرس الساجدُ معه أولًا، ثم يلحقه في التشهد فيسلمُ بجميعهم، ويجوزُ جعلُهم صفًّا وحرسُ بعضِه، لا حرسُ صفٍّ في الركعتين. ـــــــــــــــــــــــــــــ وبأرض بني سليم (¬1). شرح (¬2) (¬3). * قوله: (كمين) في القاموس (¬4): (الكمين: كأمير القوم، يكمنون في الحرب). * قوله: (وحرس الآخر) المناسب لقوله: "فأكثر" أن يقول: وحرس الباقي، إلا أن تجعل اللام في الآخر للجنس الصادق بالواحد، والمتعدد، أو المراد بالآخر: ما قابل المُقَدَّم. * قوله: (ويجوز جعلهم صفًّا) ليس هذا وجهًا مستقلًّا كما قد يتوهم، بل هو صفة من صفات الوجه الأول، لأن القصد من الوجه المذكور أن يتخلف بعض المأمومين عن الإمام، سواء كان المتخلف صفًّا أو أكثر، أو بعض صف، ¬
الثاني: إذا كان (¬1) بغير جهتِها، أو بها ولم يُر قسمهم طائفتَين تكفي كلُّ طائفة العدوَّ؛ طائفةٌ تحرس وهي مؤتمَّة به في كل صلاته تسجد معه لسهوِه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فتدبر، لئلا تخلط!. * قوله: (الثاني) هذا الوجه صلاته -صلى اللَّه عليه وسلم- بذات الرقاع (¬2). * قوله: (ولم ير)؛ أيْ: أو يرى وخيف كمين، على قياس ما تقدم. * قوله: (وهي مؤتمة به. . . إلخ) فيه نظر، فإن الواو فيه إما أن تكون للعطف على "تحرس" أو للحال، ويلزم إما أن تكون حارسة مع ائتمامها، أو في حالة اتئمامها، وهو ليس كذلك. وقد يقال: في الترديد نظر، لجواز أن تكون الواو للاستئناف، وعليه فلا بد من ملاحظة قول الشارح (¬3): "أي في حكم المؤتمة به". قال شيخنا في حاشيته (¬4) في بيان كونها في حكم المؤتمة: "لأنها حين تقوم لتأتي بالركعة الثانية، لا تنوي المفارقة، والمراد: بعد دخولها معه لا قبله، قال الحجاوي في الحاشية (¬5): ولو قيده بذلك، لزال ما يوهم خلافه"، انتهى. وبخطه: قوله: (وهي مؤتمة)؛ أيْ: من حين دخولها معه، لا من مبدأ صلاته، ¬
وطائفةٌ يصلِّي بها ركعة وهي مؤتمَّة فيها فقط تسجدُ لسهوه فيها إذا فرغتْ، فإذا استتمَّ قائمًا إلى الثانية: نوَت المفارقةَ وأتمَّت لنفسها، وسلَّمت، ومضَت تحرس، ويمطلُها مفارقتُه قبل قيامِه بلا عذر، وبطيلُ قراءتَه حتى تحضرَ الأُخرى فتصلي معه الثانيةَ، ويكررُ التشهدَ حتى تأتيَ بركعة وتتشهد فيسلمُ بها، وإن أحبَّ ذا الفعل مع رؤية العدوِّ: جاز، وإن انتظرها جالسًا بلا عذر. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كما قد يتوهم، أو المراد: من أول صلاته، ويكون معنى مؤتمة: في حكم المؤتمة، كما أشار إليه الشارح (¬1). * قوله: (ويطيل قراءته) هذا هو المستثنى فيما تقدم (¬2) من تطويل الركعة الأولى. * قوله: (فتصلي معه)؛ أيْ: فتحرم بالصلاة، وتصلي معه الثانية، وهذا مأخذ قيد الحجاوي (¬3)، أي: قوله في بيان قولهم وهي مؤتمة به؛ "أيْ: من حين دخولها معه لا قبله". * قوله: (وإن انتظرها)؛ أيْ: الطائفة الثانية، التي لم تكن أحرمت معه أولًا، ولو قدم هذه الجملة على الجمل (¬4) التي قبلها، لكان أحسن، إذ محلها عقب قوله: "ويطيل قراءته حتى تحضر الأخرى، فتصلي معه الثانية". ¬
وائتمت به معَ العلم: بطُلت. ويجوزُ أن تترك الحارسةُ الحراسةَ بلا إذنٍ وتصلي (¬1) لمددٍ تحققتْ غناءه، ولو خاطر أقلُّ ممن شرطنا وتعمدوا الصلاةَ على هذه الصفة: صحَّت. ويصلي المغربَ بطائفةٍ ركعتَين، وَبِالأُخْرَى (¬2) ركعةً، ولا تتشهد معه عقبها ويصح عكسُهما. والرباعيةُ التامة بكلِّ طائفة ركعتين. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مع العلم)؛ أيْ: مع العلم ببطلان صلاته، لإتيانه بجلوس في غير محله، من غير عذر. * قوله: (بطُلت)؛ أيْ: صلاة الإمام، فلا يصح الاقتداء (¬3) به حينئدٍ. وبخطه: الأولى لم تنعقد. * قوله: (ممن شرطنا)؛ أيْ: من كون كل طائفة تكفي العدو. * قوله: (ولا تتشهّد) بل تفارقه عقب الرفع من السجود. * قوله: (بكل طائفة ركعتَين)؛ أيْ: مع إتيان كل من الطائفتَين بركعتَين وحدها، بعد مفارقة الإمام، كما يعلم من بقية كلامه، فتكون الصلاة تامة في حق كل من الإمام والمأمومين، وهذا وجه الفرق بين ما هنا، وما يأتي (¬4) في الوجه الخامس. ¬
وتصح بطائفة ركعةً، وبأخرى ثلاثًا، وتفارقُه الأولى عند فراغِ التشهد وينتظرُ الثانية جالسًا يكرره، فإذا أتت قام، وتُتمُّ الأولى بالفاتحة فقط، والأخرى بسورة معها وإن فرَّقهم أربعًا وصلَّى بكل طائفة ركعةً: صحَّت صلاة الأُولَيَيْنِ، لا الإمامِ والأُخرَيَيْن. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وتصح بطائفة ركعةً وبأخرى ثلاثًا) هذه جملة معترضة. * قوله: (وتفارقُه الأولى)؛ أيْ: في المغرب، والرباعية إذا صلَّى بها ركعتين. * قوله: (وتتم الأولى)؛ أيْ: التي أدركت معه الأولتَين، لأن ما تأتي به تتميم، لا قضاء، كما أشار إليه بقوله (وتتم) دون: تقضي. * قوله: (والأخرى)؛ أيْ: وتتم الأخرى على جهة القضاء. * قوله: (بسورة) لأنها إنما أدركت معه الأخريَين، فما تأتي به قضاء لأول الصلاة، وحينئذٍ فالمراد: تتم على جهة القضاء، فيكون المص استعمله في حقيقته ومجازه معًا. * قوله: (وإن فرقهم) كان الأولى أن يمهد لذلك فيقول: ولا يجوز للإمام الزيادة على انتظارَين، فلو فرقهم أربعًا. . . إلخ. * قوله: (صحَّت صلاة الأوليَين)؛ أيْ: لعدم وجود (¬1) الانتظار الثالث الذي لم يرد نظيره، وهو السبب في بطلان صلاة الإمام والأخريَين. * قوله: (لا الإمام والأخريَين) أما الثالثة فلأنها (¬2) لم تفارقه إلا بعد قيامه ¬
إلا إن جهلوا البطلان. الثالث: أن يصليَ بطائفة ركعةً ثم تمضيَ، وبالأخرى ركعةً ثم تمضيَ، ويسلمَ وحدَه، ثم تأتيَ الأولى فتتمَّ صلاتَها بقراءةٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ للركعة الرابعة بنية انتظار الطائفة الرابعة، وهو انتظار ثالث، فتبطل به صلاة الثالثة، حيث بطُلت صلاته قبل مفارقتها، وأما الرابعة فلأنها لم تدخل معه إلا بعد الحكم ببطلان صلاته، فلم تنعقد صلاتهم حيث كانوا عالمين بالحال. وبخطه: قوله: (والأخريَين) كان الظاهر إعادة (لا)، فإن كلامه يوهم خلاف المراد، إذ العبارة صادقة بصحة صلاة أحد الشقَّين من الإمام والأخريَين. * قوله: (إلا ان جهلوا)؛ أيْ: جهل الإمام والطائفتان الأخريان (¬1) بطلان صلاة الإمام، فتصح صلاة الطائفتَين الأخريَين، كما لو جهل المأموم مع الإمام حدث الإمام، وأما صلاة الإمام فباطلة، علم أو جهل، هذا معنى كلامه في الإنصاف (¬2)، قاله في الحاشية (¬3). * قوله: (ثم تأتي) الظاهر أن الإتيان إلى مصلى الإمام ليس بشرط، ولا واجب، بل الواجب إتيان كل طائفة بما بقي من صلاتها، بدليل حديث الباب، وآخره: "ثم قضى هؤلاء ركعة وهؤلاء ركعة" (¬4) والحديث في الشرح (¬5)، فراجعه!. ¬
ثم الأخرى كذلك، وإن أتمتَّها الثانيةُ عقب مفارقتها ومضَت، ثم أتَت الأولى فأتمَّت كان أولى. الرابع: أن يصليَ بكلِّ طائفةٍ صلاةً ويسلمَ بها. الخامس: أن يصليَ الرُّباعيَّة الجائزَ قصرُها تامةً بكل طائفة ركعتَين بلا قضاء فتكونُ له تامةً ولهم مقصورةً. السادس: ومنعه اكثرُ أن يصليَ بكلِّ طائفةٍ ركعةً بلا قضاء، وتصح الجمعة في الخوف حضرًا بشرط: كونِ كلِّ طائفةٍ أربعين فأكثرَ، وأن يُحْرِمَ بمن حضرت الخطبةَ، ويسِرَّان القراءة في القضاء. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ثم أتت الأولى. . . إلخ)؛ أيْ: أو أتمت في مكانها، حيث كان محل الحراسة متسعًا لصلاتها وحراسة الطائفة الأخرى، بل هو أولى، لأنه يكون أقل عملًا. * قوله: (الرابع أن يصلي بكل طائفة. . . إلخ) ويكون في صلاة الثانية اقتداء مفترض بمتنفل، وتقدم (¬1) استثناؤها من عدم الصحة. * قوله: (بلا قضاء) علم منه أنهما يقضيان في الصفة المتقدمة في صفات الوجه الثاني، وإلا لكان هو هذا الوجه بعينه، وتقدم (¬2) التنبيه عليه. * قوله: (أن يصلي بكل طائفة ركعة)؛ أيْ: من الصلاة المقصورة، لا مما لا يقصر، كالصبح، والمغرب نبه عليه ابن قندس (¬3). ¬
ويُصلَّى استسقاءٌ ضرورةً كمكتوبة، وكسوفٌ، وعيدٌ آكدُ، وسُنَّ حملُ ما يدفعُ به عن نفسه ولا يُثقلُه كسيف وسكين، وكره ما منع إكمالها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويصلي استسقاء)؛ أيْ: لاستسقاء، كما قدره الشارح (¬1)، وإلا فالاستسقاء ليس صلاة (¬2)، بل طلب السقيا، كما سيأتي (¬3). * فائدة: بقي من الوجوه وجه سابع، هو: كيفية صلاته -عليه الصلاة والسلام- عام نجد، على ما أخرجه أحمد من حديث أبي هريرة (¬4)، وهو أن تقوم معه طائفة، وطائفة أخرى تجاه العدو، وظهرها إلى القبلة، ثم يحرم هو والطائفتان، ثم يصلي ركعة هو ومن معه، ثم يقوم إلى الثانية فيذهب من معه إلى وجه العدو، وتأتي ¬
4 - فصل
كمِغْفَر، أو ضَرَّ (¬1) غَيْرَه كرمحٍ متوسطٍ، أو أثْقَلَه (¬2) كجوشن (¬3)، وجاز لحاجة حملُ نجس ولا يُعيد. * * * 4 - فصل وإذا اشتدَّ خوف صلَّوا رجالًا ورُكبانًا للقبلة وغيرِها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأخرى فتركع وتسجد، [ثم يصلي بهم الركعة الثانية ويجلس، وتأتي التي تجاه العدو فتركع وتسجد] (¬4) ويسلم بالجميع، ذكره الشيخ في كل من الشرح (¬5)، والحاشية (¬6). * قوله: (كمِغْفر) على وزن منبر، وهو: درع من الزرد يلبس، تحت القلنسوة (¬7). * قوله: (كرمح متوسط) يجوز أن يقرأ بالإضافة؛ أيْ: كرمح شخص متوسط؛ أيْ: في وسط القوم، ويجوز أن يقرأ بالتنوين على حد {فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} [الحاقة: 21]؛ أيْ: متوسط صاحبه، وراضٍ صاحبها، فتدبر (¬8)!. فصل ¬
ولا يلزم افتتاحُها إليها، ولو أمكن يومِئون طاقاتِهم. وكذا حالةُ (¬1) هَرَبٍ من عدوٍّ هربًا مباحًا، أو سيلٍ، أو سبعٍ، أو نار، أو غريمٍ ظالم، أو خاف فوتَ عدوٍّ يطلبه، أو وقتَ وقوف بعرفةَ، أو على نفسه أو أهله أو ماله، أو ذَبَّه عن ذلك، أو عن نفسِ غيره. فإن كانت لسوادٍ ظنَّه عدوًّا أو دونَه مانعٌ: أعاد. لا إن بان يقصدُ غيرَه كمن خاف عدوًّا إن تخلَّف عن رفقته فصلَّاها، ثم بأن أمنُ الطريق، أو خاف بتركها كمينًا أو مكيدةً أو مكروهًا كهدم سور، أو طمِّ خندق، ومن خاف أو أمِنَ في صلاة انتقل وشى، ولا يزول خوفٌ إلا بانهزام الكل، وكفرضٍ تنفلٌ ولو منفردًا، ولمصلٍّ كرٌّ وفرٌّ لمصلحة ولا تبطلُ بِطوله. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وعن نفس غيره)؛ أيْ: أو عن مال غيره على الصحيح من المذهب، قاله في الإنصاف (¬2). * قوله: (أعاد) بخلاف ما لو تيمم لذلك، والفرق: ندوة صلاة الخوف، وكثرة البلوى بالأسفار، وانعدام الماء فيها. * قوله: (أو خاف بتركها. . . إلخ)؛ أيْ: وصلَّى صلاة خائف، فلا إعادة. * * * ¬
12 - باب صلاة الجمعة
12 - باب صلاةُ الجمعة أفضلُ من الظهر، ومستقلةٌ، فلا تنعقد بنية الظهر ممن لا تجب عليه كعبد ومسافر، ولا لمن قُلِّدها أن يَؤُم في الخمس، ولا تُجْمَع حيث أُبيح الجمعُ. وفرضُ الوقت. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب صلاة الجمعة * قوله: (أفضل من الظهر) لعل المراد: ظهر غير يومها، أو ظهر يومها لكن ممن لا تجب عليه، وهذا الثاني أظهر، فتدبر!. * قوله: (ممن لا تجب عليه) أما من تجب عليه فعدم الانعقاد فيه أولى. * قوله: (ولا لمن قلدها أن يؤم في الخمس) الأظهر منه: ولا لمن قلد الخمس أن يؤم فيها، لأنه هو الذي يتوهم. وبخطه: قال شيخنا (¬1) -رحمه اللَّه تعالى-: ومثل ذلك: العيدان، والكسوف، والاستسقاء. وهل مثل ذلك التراويح؟ لم أرَ فيه نقلًا، والظاهر أن التراويح تابعة للعشاء، فيستفيدها بتقليد الخمس، ولا يستفيد ولاية الخمس بتقليدها. ¬
فلو صلَّى الظهرَ أهلُ بلد مع بقاء وقت الجمعة: لم تصح. وتُتركُ فجرٌ فائتةٌ لخوف فَوت الجمعة، والظهرُ بدلٌ عنها إذا فاتت. وتجبُ على كلِّ: مسلمٍ، مكلَّف، ذكرٍ، حرٍّ، مستوطنٍ بناءً -ولو من قصب- أو قريةً خرابًا عزموا على إصلاحها والإقامةِ بها، أو قريبًا من الصحراء ولو تفرَّق. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فلو صلَّى. . . إلخ) مفهومه أنه لو صلى إنسان وحده قبل التجميع، أو فِرْقَة من أهل البلد كذلك أنه يصح، وليس كذلك كما يعلم مما يأتي (¬1)، فتنبه!. * قوله: (وتترك فجر فائتة) لو قال: وتؤخر فائتة، لكان أظهر في المراد، إذ ليس المراد أنها تترك رأسًا، بل تؤخر، وحينئذٍ فلا خصوصية للفجر (¬2)، فتدبر!. * قوله: (لخوف فَوت الجمعة)؛ أيْ: ولو كان الوقت متسعًا، لأنه لا يمكن إعادتها جمعة، ولا يرد أن لها بدلًا يرجع إليه وهو الظهر، لأنه لا يباح له تركها مع عدم العذر، إذ هو متمكن من فعلها، ولعل المراد بالفَوت أن لا يدرك منها ما تحصل به الجمعة، لا ما يشمل فَوت الركعة الأولى، وينبغي أن يزاد هذا على ما تقدم (¬3)، مما يسقط به الترتيب بين الفرائض، فاحفظه!. * قوله: (ولو تفرَّق)؛ أيْ: تفرقًا يسيرًا على ما في الإقناع (¬4) والمحرر (¬5). ¬
وشمله اسمٌ واحد إن بلغوا أربعين، أو لم يكن بينهم وبينَ موضعها أكثرُ من فرسخٍ تقريبًا: فتلزمُهم بغيرهم كمن بخيامٍ ونحوها. ولا تجب على مسافر فوقَ فرسخ، إلا في سفر لا قصْرَ معه، أو يقيمُ ما يمنعه (¬1) لشغل أو علم ونحوِه: فتلزمُه بغيره، ولا عبدٍ، ولا مبعَّض، ولا امرأة ولا خنثى، ومن حضرها منهم أجزأتْه ولم تنعقد به. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وشمله اسم واحد) المراد: اسم (¬2) بلدة واحدة، أو قرية واحدة، وعبارته توهم أنه لو شمله اسم إقليم واحد، وليس مراد أحد. * قوله: (ولا تجب على مسافر. . . إلخ) بيان للمحترزات، على عكس ترتيب اللف، لكنه لم يذكر محترز الإسلام، والتكليف. * قوله: (لا قصر معه)؛ أيْ: لِقصَرِه، أو لكونه سفر معصية. * قوله: (أو يقيم) لعله صفة أخرى لـ (سفر)، والعائد محذوف، أي: إلا في سفر لا قصر معه، أو: في سفر يقيم فيه ما يمنعه، كشغل، أو علم ونحوه، ويجوز أن يكون صفة لـ (مسافر) المقدر في جانب المستثنى، لأن التقدير: إلا (¬3) مسافرًا في سفر. . . إلخ، أو: إلا مسافرًا يقيم ما يمنعه. . . إلخ، والوجه الأول ظاهر حل الشارح (¬4). * قوله: (ما يمنعه)؛ أيْ: ما يمنع القصر، كأن كانت فوق أربعة أيام. ¬
ولم يجز أن يَؤمَّ ولا من لزمته بغيره فيها، والمريضُ ونحوه إذا حضرَها وجبت عليه وانعقدت به. ولا تصح الظهرُ ممن يلزمه حضورُ الجمعة قبلَ تجميعِ الإمام. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولم يجز أن يؤم. . . إلى آخره) ليس في كلامه ما يقتضي عدم الصحة، لكن كتب ابن مفلح بهامش الفروع (¬1) ما نصه: "كلامه يقتضي أن من لا تنعقد به الجمعة لا يصح إحرامه بها، إلا بعد إحرام أربعين من أهل الوجوب، وهو (¬2) واضح، لأنهم تبع لهم فلا يتقدمونهم"، انتهى. فإن سُلِّم هذا، فهو صريح في عدم صحة إمامتهم فيها، فليحرر!. ثم رأيت بعضهم (¬3) صرح بعدم صحة إمامتهم فيها، وكذا صرح بذلك شيخنا، في باب صلاة العيدَين من الحاشية (¬4)، حيث قال: "ولا يؤم فيها عبد، ولا مبَّعض، ولا مسافر كالجمعة". * قوله: (ونحوه) كخائف على نفسه، أو ماله، ومن له عذر، أو شغل يبيح ترك الجمعة، ذكره شيخنا في الشرح (¬5) (¬6). * قوله: (ممن يلزمه حضور الجمعة)؛ أيْ: بنفسه أو، غيره. * قوله: (قبل تجميع الإمام) المراد: مع بقاء ما يمكنه به إدراك جمعة، ¬
ولا مع شكِّه فيه، وتصح من معذورٍ ولو زال عذرُه قبلَه، إلا الصبيَّ إذا بلغ ولو بعده. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لو ذهب وحضر معهم، وليس قبل ابتداء التجميع، ولا قبل فراغه بالكلية، قرره شيخنا (¬1)، وتوقف في قول الشارح (¬2) في بيان معنى التجميع: "أيْ: قبل أن تقام الجمعة"، وعبارة الإقناع (¬3) "ومن صلَّى الظهر ممن يجب عليه حضور الجمعة قبل صلاة الإمام، أو قبل فراغها لم يصح"، انتهى. قال شيخنا في الشرح (¬4): "قوله: (أو قبل فراغها)؛ أيْ: فراغ ما تدرك به الجمعة"، وهو عين ما ذكره هنا، فتدبر!. وبخطه: ما لم يؤخرها الإمام تأخيرًا فاحشًا، وإلا جاز لهم الصلاة قبل تجميعه، جزم به المجد (¬5) -رحمه اللَّه تعالى- حاشية (¬6). * قوله: (وتصح)؛ أيْ: الظهر. * قوله: (قبله)؛ أيْ: قبل التجميع وبعد صلاة الظهر، أما لو كان قبل صلاة الظهر، فقد صار مخاطبًا بالجمعة حينئذٍ، فتدبر!. * قوله: (ولو بعده)؛ أيْ: بعد التجميع وبعد صلاة الظهر، فإنه يعيدها؛ لأن الأولى وقعت نفلًا. ¬
1 - فصل
وحضورُها لمعذور، ولمن اختلف في وجوبها عليه كعبدٍ أفضل، ونُدب تصدُّقٌ بدينار، أو نصفِه لتاركها بلا عذر، وحرُم سفرُ من تلزمُه (¬1) في يومها بعد الزوال حتى يصليَ إن لم يخف فَوت رُفْقَته، وكُره قبلَه إن لم يأت بها في طريقه فيهما. * * * 1 - فصل ولصحتها شروطٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لمعذور)؛ أيْ: يرجى زوال عذره، على ما في المبدع (¬2). * قوله: (من تلزمه)؛ أيْ: بنفسه، أو بغيره، ولعله أراد من يلزمه الحضور، ويكون احترز بذلك حتى عمن صلَّى العيد في يومها، وقلنا إنها سقطت عنه سقوط حضور، لا وجوب، فإن الظاهر أن سفره في يومها حينئذٍ، كسفره في غيره من بقية الأيام. * قوله: (وكره قبله) لعله ما لم يكن من العدد المعتبر، وكان يعلم أنه لا تكمل بغيره، فإنه يحرم. * قوله: (إن لم يأت بها في طريقه)؛ أيْ: إن لم يظن التمكن من الإتيان بها فيه. * قوله: (فيهما)؛ أيْ: مسألتَي الحرمة والكراهة. فصل في شروطها ¬
ليس منها إذنُ الإمام: أحدها: الوقتُ وهو من أولِ وقتِ العيد إلى آخر وقت الظهر، وتلزمُ بزوالٍ، وبعدَه أفضل. ولا تسقطُ بشك في خروجه، فإن تحقَّق قبلَ التحريمة صلَّوا ظهرًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ليس منها إذن الإمام) قصد به بيان المخالفة لمن اشترط ذلك، كأبي حنيفة (¬1). وبخطه: ويؤخذ من عدم ذكره في شووط الوجوب، أنه ليس من شروطه أيضًا، وإن قيل به على ما في غاية المطلب (¬2)، فراجعه إن شئت. * قوله: (أحدها الوقت) في غاية المطلب (¬3): "الثالث الوقت، فتجب بالزوال، لا وقت عيد على الأظهر، وعنه: يجوز وقت عيد، اختارها الأكثر وهي المذهب (¬4)، وعنه: بعد الزوال (¬5)، وقيل: تجوز بعد طلوع فجر وقبل طلوع شمس، فإن خرج الوقت قبلها صلَّوا ظهرًا، وإن كانوا فيها أتموا جمعة نصًا، وهو ظاهر المذهب" (¬6)، انتهى. والقول بأنها تجوز بعد طلوع الفجر، وقبل طلوع الشمس غريب. ¬
وإلا أتمُّوا جمعة. الثاني: استيطانُ أربعين ولو بالإمام من أهل وجوبها بقوية. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإلا أتموا جمعة)؛ أيْ: وإلا يتحقق الخروج قبل التحريمة، بأن (¬1) لم يتحقق شيء وهي مسألة الشك السابقة (¬2)، [وبأن يتحقق بعد التحريمة بقاء الوقت قبلها] (¬3)، وبأن تحقق بعد التحريمة خروج الوقت؛ أيْ: أن التحريمة وقعت في الوقت، ثم تحققوا خووجه بعدها، وبأن تحقق بعد التحريمة أنها كانت بعد خروجه. والحكم في المسألة الأولى وجوب الجمعة، وفي الثانية والثالثة وجوب إِتمامها، وفي الرابعة وجوب استئنافها ظهرًا، وجاز أن يتموا ما أحرموا به نفلًا، فتدبر!. * قوله: (الثاني استيطان أربعين) لا يقال إِن هذا مكرر مع ما تقدم (¬4)؛ لأن ذاك (¬5) في معرض ذكر شروط الوجوب، وهذا في معرض ذكر شروط الصحة، فتأمل!. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: قال ابن مفلح في حواشي الفروع (¬6) "لو اجتمع في السجن أربعون، هل يصلون جمعة، لأنهم في حكم المستوطنين، والصلاة في المسجد ليست شرطًا، والانفراد عن الجمع يجوز للحاجة؛ ويحتمل أن يصلوا ظهرًا لعدم الاستيطان، أشبه ما لو حبسوا بخيمة، أو صحراء في بعد عن المِصر. ¬
فلا تُتَمَّ من مكانين متقاربين، ولا يصح تجميعُ أهلِ كامل في ناقص، والأَوْلى مع تتمة العدد: تجميعُ كلِّ قوم. الثالثُ: حضورُهم ولو كان فيهم خرسٌ أو صمٌّ لا كلُّهم، فإن نقصوا قبلَ إتمامها: استأنفوا ظهرًا إن لم تمكن إعادتها، وإن بقي العددُ ولو ممن لم يسمع الخطبة ولحقوا بهم قبل نقصهم: أتمُّوا جمعةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ ثم رأيت عن السبكي من الشافعية (¬1) أنه قال: يصلون ظهرًا؛ لأنه لم يبلغنا أن أحدًا من السلف فعل ذلك، مع أنه كان في السجن أقوام من العلماء المتورعين، مع كثرة العدد، قال: ولأن المقصود إقامة الشعائر (¬2)، والسجن ليس محلًا لذلك، فهي غير جائزة، سواء ضاق البلد الذي فيه السجن أو اتسع، لكنهم يصلونها ظهرًا جماعة، بعد فراغ جمعة البلد"، انتهى. وقول السبكي في آخر عبارته: "بعد فراغ جمعة البلد، وهو عندنا على سبيل الأولوية، لا على سبيل الوجوب، إذ هم معذورون (¬3). * قوله: (من مكانيَن متقاربَين)؛ أيْ: لم يشملها اسم بلدة واحدة. * قوله: (الثالث حضورهم)؛ أيْ: الأربعين، لكل من الخطبة والصلاة. * قوله: (وإن بقي العدد ولو ممن لم يسمع الخطبة، ولحقوا بهم قبل نقصهم أتموا جمعة)، حاصل هذه العبارة: أنه إذا نقص (¬4) بعض الحاضرين بعد إحرام الإمام، وإحرامهم معه فبقي مع الإمام أربعون بعد الانفضاض، فإن الجمعة لا تبطل بذلك، ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فيتمها الإمام ومن معه جمعة لكن تحت ذلك صورتان: إحداهما (¬1): أن يبقى بعد الانفضاض والنقص مع الإمام أربعون قد حضروا الخطبة، بأن كانوا خمسين من أول الخطبة، ثم بعد الإحرام ذهب منهم عشرة فأقل، ولا إشكال في صحة الجمعة في هذه الصورة. وأما الصورة الثانية: وهي ما إذا بقي مع الإمام بعد النقص أربعون لم يحضر بعضهم الخطبة، بأن حضر الخطبة أربعون مثلًا، ويعدى فراغ الخطبة حضر عشرة، فأحرم بالجميع، ثم انفض عشرة ممن حضر الخطبة، ففي هذه الصورة خلاف (¬2)، الصحيح أنه يتم الإمام ومن معه جمعة، وهي المشار إليها بقوله (ولو ممن لم يسمع الخطبة. . . إلخ) وتقدير العبارة: (وإن بقي العدد)؛ أيْ: المعتبر، وهو أربعون بعد انفضاض بعض (¬3) الحاضرين الذين معه في الصلاة، ولو كان العدد الباقي معه (ممن لم يسمع الخطبة)؛ أيْ: من الذين لم يسمعوا الخطبة، وإنما أفرد ضمير "يسمع" مراعاة للفظ (مَن)، وقوله: (ولحقوا بهم قبل نقصهم) عطف على الصلة أو الصفة، أعني (لم يسمع)، لا على المنفي أعني: (يسمع)، وفيه مراعاة المعنى بعد مراعاة اللفظ، وهو عربي جيد (¬4)، يعني ولو كان الباقي معه جماعة لحقوه؛ أيْ: دخلوا معه قبل النقص، ولو لم (¬5) يسمعوا الخطبة، واللَّه أعلم بالصواب. ¬
وإن رأى الإمامُ وحدَه العددَ فنقص: لم يجز أن يؤمَّهم، ولزمه أن يستخلف أحدهم، وبالعكس لا تلزم واحدًا منهما. ولو أمره السلطانُ، أن لا يصليَ إلا بأربعين: لم تَجز بأقلَّ، ولا أن يستخلفَ بخلاف التكبيرِ الزائد، وبالعكس الولايةُ باطلة، ولو لم يَرَها قوم بوطنٍ مسكون. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لم يُجز بأقل)؛ أيْ: ولو اعتقد صحتها بدون ذلك، ذكره الشارح (¬1). ولو لم يَرَها قوم بوطنٍ مسكون فللمحتسِبِ أمرُهم برأيه بها. وبخطه: هذا كلام القاضي في الأحكام السلطانية (¬2)، ولعله يقول إن إذن الإمام معتبر، فراجعه (¬3)!. وانظر هل مثله لو أمره أن لا يجمع قبل الزوال؛ واستظهر شيخنا أنه مثله. * قوله: (ولا أن يستخلف)؛ أيْ: ليس لمن ولاه أن يصلي بأربعين أن يستخلف من يصلي بأقل، لقصر ولايته، ذكره في الحاشية (¬4). لكن يجب على غيره منهم الصلاة بنصب إمام غيره. * قوله: (بخلاف التكبير الزائد) يطلب الفرق،. . . . . . ¬
فللمحتسِبِ أمرُهم برأيه بها. ـــــــــــــــــــــــــــــ وبعضهم فرق بصورة المسألة (¬1). * قوله: (فللمحتسب. . . إلخ) وهل إذا أمرهم بالصلاة يصلونها جمعة، ثم يصلون ظهرًا، قياسًا على ما إذا خافوا أذى من إمام فاسق، حيث قالوا: يصلون خلفه ويعيدون (¬2)؟ ثم رأيته في الحاشية (¬3) قال (¬4) ما نصه: "والظاهر أنه إذا أمرهم بها لا يلزمهم فعلها، بل ولا يجوز لهم لفسادها، ففائدة الأمر إظهار وجوب الجمعة، لولا نقص العدد، ويحتمل أن يصلوها، ثم يعيدوا ظهرًا (¬5) للحاجة، كالصلاة خلف فاسق خاف منه أذى، واللَّه أعلم"؛ انتهى. ¬
ومن في وقتها أحرم وأدرك مع الإمام منها ركعةً: أتمَّ جمعةً، وإلا فظهرًا إن دخل وقتُه ونواه، وإلا فنفلًا. ومن أحرَم معه ثم زُحم لزمَه السجودُ على ظهرِ إنسانٍ أو رِجْلِه. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومن في وقتها. . . إلخ). * تنبيه: صرحوا بأن وقت الجمعة يدرك بتكبيرة إحرام (¬1)، وأن جماعتها لا تدرك إلا بركعة (¬2)، مع أن كلًّا من الوقت والجماعة شرط، فما الفرق بينهما (¬3)؟ * قوله: (وإلا فظهرًا) ينبغي أن يكون التقدير: فإنه يتم ظهرًا فيكون الجواب جملة اسمية، حتى يحسن الإتيان بالفاء، وإلا لم يحسن الإتيان بالفاء لو كان المُقَدَّر مجرد الفعل، إذ هو مما يصلح للشرطية. قال ابن مالك (¬4): واقْرُن بِفَا حَتْمًا جوابًا لو جُعِل ... شرطًا لإِن أو غيرها لم يَنْجَعِلْ ومنه: (وإلا فنفْلًا). * قوله: (وإلا فنفْلًا)؛ أيْ: وإن لم يدخل وقته فنفْلًا؛ أيْ: فإنه يتمها نفْلًا مع نية الجمعة، وحينئذٍ فليلغز به، ويقال (¬5): إنسان صلَّى ما لم ينوِ، ونوى ما لم يُصَلِّ. ¬
فإن لم يمكنه فإذا زال الزحامُ، إلا أن يخاف فوتَ الثانية فيتابعُه فيها وتصير أُولاه ويُتمُّها جمعةً، فإن لم يتابعه عالمًا تحريمَه: بطُلت، وإن جهله فسجد ثم أدركه في التشهد أتى بركعةٍ بعدَ سلامه، وصحَّت جُمعتُه، وكذا لو تخلَّف لمرضٍ (¬1) أو نوم أو سهو ونحوِه. الرابعُ: تقدُّمُ خطبتين بدلَ ركعتين، لا من الظهر من شرطهما: ـــــــــــــــــــــــــــــ وأقول: فيه نظر، لأنهم صرحوا بأن نية الفرض متضمنة لنية النفْل (¬2)، فلم يصدق عليه أنه صلَّى ما لم ينوه. * قوله: (تقدم خطبتَين) هو من قبيل إضافة الصفة للموصوف؛ أيْ: خطبتان متقدمتان، وهذا في معنى شرطَين، والمراد: أنه يشترط وجود خطبتَين، ويشترط أن يكونا متقدمتين على الصلاة، فتدبر!. * قوله: (لا من الظهر)؛ لأن الصحيح من المذهب أنها؛ أيْ: الجمعة صلاة مستقلة، لا بدل من الظهر (¬3)، وعليه فيشكل قولهم إنها إذا فاتت تصلَّى ظهرًا، إذ كان مقتضى هذا القول أنها إنما تعاد على هيئتها التي هي (¬4) عليها، كباقي الصلوات إذا أعيدت، فلتطلب حكمة التخصيص؟ وقد يقال: لا حكمة له سوى الورود، وأما الجواب بأن الجمعة لا تعاد (¬5) ¬
الوقتُ، وأن يصح أن يؤمَّ فيها، وحمدُ اللَّه -تعالى-، والصلاةُ على رسوله -عليه السلام-، وقراءةُ آية ولو جُنُبًا مع تحريمها، والوصيةُ بتقوى اللَّه -تعالى- في كلِّ خطبة، وموالاةُ جميعهما مع الصلاة، والنيةُ، والجهرُ بحيث يُسمِعُ العددَ المعتبر حيث لا مانع، وسائرُ شروط الجمعة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فمصادرة، فتدبر!. * قوله: (وحمد اللَّه تعالى)؛ أيْ: بلفظ الحمد للَّه. * قوله: (والصلاة على رسوله) (¬1) انظر هل يشترط أن يكون بلفظ اسمه، كما يقول الشافعية (¬2)؟ حرره (¬3)!. * قوله: (وسائر شروط الجمعة)؛ أيْ: باقي شروط الجمعة، ككون الأربعين ¬
للقدْرِ الواجبِ. لا الطهارتان، وسترُ العورة، وإزالةُ النجاسة، ولا أن يتولاهما واحد، ولا من يتولَّى الصلاةَ، ولا حضورُ متولِّي الصلاةِ الخطبةَ. ويبطلُها كلامٌ محرَّمٌ ولو يسيرًا، وهي بغير العربية كقراءة. ـــــــــــــــــــــــــــــ مستوطنين حين الخطبة، فلو كانوا بسفينة مسافرين فيها من قرية واحدة، وخطبهم أحدهم، ولم يَصِلوا القرية حتى فرغ الخطبتين لم تجزئا، ولزمه استئنافها، ذكره الشارح (¬1). * قوله: (للقدر الواجب) خبر مبتدأ محذوف؛ أيْ: وهذه الشروط للقدر (¬2). . . إلخ، نبه عليه الشارح (¬3). * قوله: (لا الطهارتان. . . إلخ)؛ أيْ: لا يشترط للخطبتَين. * قوله: (ولا أن يتوالاهما واحد) ويعايا بها، فيقال: عبادة بدنية محضة وصحَّت من اثنين (¬4). * قوله: (ولا حضور متولي الصلاة) ما لم يكن من العدد المعتبر، كما علم من قوله (وسائر شروط الجمعة)، إذ من جملة ذلك حضور الأربعين. * قوله: (وهي بغير العربية كقراءة) وتقدم أنه إن لم يحسن القراءة بالعربية ¬
وسُنَّ أن يخطبَ على مِنبر أو موضعٍ عالٍ عن يمين مستقبلِي القبلة، وإن وقف بالأرض فعن يسارِهم، وسلامُه إذا خرج، وإذا أقبل عليهم، وجلُوسه حتى يؤذَّن، وبينهما قليلًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حرم ترجمته عنها بغيرها، لكن قال ابن رجب في القاعدة العاشرة (¬1): "خطبة الجمعة لا تصح مع القدرة بغير العربية، على الصحيح (¬2)، وتصح مع العجز"، انتهى. قال في الإقناع (¬3): "غير القراءة، فإن عجز عنها وجب بدلها ذكر"، انتهى. واعلم أن كلام الإقناع هو الموافق لما أسلفه المص في صفة الصلاة (¬4)، وهو الذي أحال عليه هنا بقوله: (كقراءة)، فتدبر!. * قوله: (عن يمين مستقبلي القبلة) المراد بها: المحراب. * قوله: (وإن وقف بالأرض فعن يسارهم) ولعل هذا للورود (¬5)، وإلا فلا علة ظاهرة تقتضيه، مع أن مذهب الشافعية (¬6) أن السنة أن يكون على اليمين مطلقًا. ¬
فإن أبي أو خطبَ جالسًا فَصَلَ بسكتة، وأن يخطبَ قائمًا معتمدًا على سيف أو قوس أو عصا قاصدًا تلقاءَه، وقصَرُهصا، والثانيةُ أقصرُ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو خطب جالسًا)؛ أيْ: ولو كان لغير عذر، فعلم من هذا أن القيام ليس من شروط (¬1) الخطبتَين. ومذهب الشافعي (¬2) [أن القيام ركن مع القدرة] (¬3)، وهذا معلوم من قول المص: "وإن يخطب قائمًا"، حيث جعله سنة، لا شرطًا. * قوله: (معتمدًا على سيف. . . إلخ)؛ أيْ: يكون بإحدى يدَيه. قال في الفروع (¬4): "ويتوجه باليسرى، ويعتمد بالأخرى على حرف المنبر"، وَوَجْهُ ما بحثه صاحب الفروع: أن الأصل مشروعية الاعتماد على نحو السيف، الإشارة (¬5) إلى أن هذا الذين ظهر بالسيف، فلما تم أمره جعل السيف ممسوكًا على حالة تغاير إمساكه في حالة القتال. ثم رأيت في الهدي (¬6) لابن القيم ما نصه: "وكان -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا قام يخطب أخذ عصا فتوكأ عليها" (¬7) إلى أن قال: "وكان أحيانًا يتوكأ على قوس، ولم يُحفظ عنه أنه توكأ ¬
ورفعُ صوته حسَب طاقتِه، والدعاءُ للمسلمين، ويباح لمعيَّنٍ، وأن يخطب من صحيفة. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ على سيف، وكثير من الجهلة يظن أنه كان يمسك السيف على المنبر، إشارة إلى أن الدِّين إنما قام بالسيف، وهذا جهل قبيح من وجهين: أحدهما: أن المحفوظ إنما هو الاتكاء على العصا والقوس، والثاني: أن الدِّين إنما قام بالوحي، وأما السيف فلحق أهل العناد والشرك، ومدينة رسول اللَّه التي كانت خطبته فيها إنما فتحت بالقرآن، ولم تفتح بالسيف"، انتهى ملخصًا. * قوله: (حسَب طاقته) بفتح السين، ولا تُسَكَّن إلا في الضرورة على ما في الصحاح (¬1)، ومعناها: قَدْر الشيء وعَدَدُه، فاحفظه. * قوله: (ويياح لمعيَّنٍ)؛ لأنه ورد أن أبا موسى الأشعري دعا لعمر في خطبته (¬2). وكان مقتضى هذا أن يكون الدعاء للسلطان سنة حينئذٍ؛ لأنه فعل صحابي. قال شيخنا: "وهذا ليس بلازم، كما أن فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ليس بلازم أن يكون للتشريع، فقد يكون لبيان الجواز" (¬3). ¬
2 - فصل
2 - فصل والجمعة ركعتان، يُسنُّ أن يقرأ جهرًا في الأولى بـ "الجمعة"، والثانية بـ "المنافقين" بعد الفاتحةِ، وفي فجرها: "ألم" السجدةَ، وفي الثانية: "هل أتى" وتُكره مداومتُه عليهما. وتحرُم إقامتُها وعيدٍ في أكثرَ من موضع من البلد، إلا لحاجة: كضيق، وبُعد، وخوفِ فتنةٍ، ونحوِه (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (وتُكره مداومته عليهما)؛ أيْ: على السجدة، وهل أتى. * قوله: (وعيد) فيه العطف على الضمير المجرور بالاسم من غير إعادة الخافض، وهو رأي ابن مالك (¬2) تبعًا للكوفيين، خلافًا للبصريين، مع أن مذهب البصريين هو الأصح في المسألة (¬3). * قوله: (كضيق) قال في شرحه (¬4): (أيْ: ضيق مسجد البلد عن أهله)، انتهى. قال شيخنا في الحاشية (¬5): (قلت: الإطلاق في الأهل شامل لكل من تصح ¬
فإن فَعَلو فالصحيحةُ ما باشرها أو أذن فيها الإمام، فإن استوتا في إذن أو عدمِه فالسابقةُ بالإحرام، وإن وقعتا معًا فإن أمكن صلَّوا جمعة، وإلا فظهرًا، وإن جُهل كيف وقعتا صلَّوا ظهرًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ منه، وإن لم يصل، وإن لم تجب عليه، وحينئذٍ فالتعدد في مصر للحاجة"، انتهى. زاد بعض الشافعية (¬1): "وحيث جاز أصل التعدد، لا يتوقف على كونه بقدر الحاجة"، انتهى. وهي زيادة لا بد منها، وهي المقتضية لعدم إيجاب الظهر، لكنها مخالفة لقول الإقناع (¬2): "فإن حصل الغنى باثنين لم تجُز الثالثة"، انتهى. * قوله: (فالصحيحة ما باشرها الإمام)؛ أيْ: تولاها بنفسه. قال في شرحه (¬3) "ولو مسبوقة". * قوله: (أو أذن فيها)؛ أيْ: سواء قلنا: إنَّ إذن الإمام شرط للصحة، أو لم نقل به، وهو في الثاني مشكل، لا أنَّ (¬4) إذنه غير معتبر، وعلل الاعتبار شيخنا (¬5) بأن الإمام له الولاية، فُروعِيَ إذنه لأجل الترجيح فقط، وفيه نظر؛ لأنه لا ولاية له في إقامة الصلوات. * قوله: (فإن استويا في إذن أو عدمه. . . إلخ) بقي ما إذا باشر واحدة، وأذن في أخرى أيهما يحكم بصحته؟ * قوله: (وإلا فظهرًا) راجع ما كتبناه على نظيره (¬6). ¬
وإذا وقع عيدٌ يومها سقطت عمن حضره مع الإمام سقوطَ حضورٍ لا وجوبٍ كمريض إلا الإمامَ، فإن اجتمع معه العددُ المعتبرُ أقامها (¬1)، وإلا صلَّوا ظهرًا، وكذا عيدٌ بها فيعتبر العزم عليها ولو فُعلت قبلَ الزوال. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (عمن حضره)؛ أيْ: وصلاه. * قوله: (وكذا عيد بها) يعني: يسقط عيد بجمعة، وظاهر الاطلاق أنه يسقط عمن حضرها، ومن لم يحضرها، لكن في الشرح (¬2) ما يخالفه. وبخطه: بقي ما إذا صُلِّيت الجمعة قبل العيد، وعزم على صلاة العيد، هل يسقط عنه حضور الجمعة بمجرد ذلك؛ مقتضى قولهم عمن حضره وصلَّاه أنها لا تسقط بمجرد ذلك. * قوله: (ولو فعلت قبل الزوال) مقتضى مقابلته في الشرح (¬3) بقوله: "وقيل: لا يسقط حضور العيد بالعزم على حضور الجمعة، إلا إذا فعلت الجمعة قبل الزوال أن يقول: ولو فعلت بعد الزوال، مع أن المتن قطع النظر عن شرحه، كان يمكن جَعْلُ مُقَابِلِهِ قولَ ابن تميم (¬4) الذي مشى عليه في الإقناع (¬5)، وهو أنه لا يسقط العيد ¬
وأقلُّ السنةِ بعدها ركعتان، وأكثرُها ستٌّ. وسُنَّ قرأءةُ سورة الكهف في يومها، وكثرةُ دعاء وأفضلهُ بعد العصر. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بها، إلا إذا فعلت بعد الزوال، فليحرر!. وقال شيخنا (¬1): "هذا الكلام من أصله مخدوش، فإن المختلف فيه اعتبار العزم وعدم اعتباره، لا السقوط وعدمه، إذ كلام ابن تميم الذي مشى عليه في الإقناع هو أنه لا يعتبر العزم على الجمعة إلا إذا فعلت الجمعة، بعد الزوال"، فتدبر!. وما قاله شيخنا هو الصواب (¬2)، فحرر الشرح!. * قوله: (في يومها)؛ أيْ: أو ليلتها على ما في المبدع (¬3)، نقلًا عن أبي المعالي (¬4)، صاحب الوجيز (¬5) (¬6)، ذكره في الحاشية (¬7). ¬
وصلاة على النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وغسلٌ لها فيه وأفضلُه عند مضيِّه، وتنظفٌ، وتطيبٌ، ولبسُ أحسن ثيابه وهو البياضُ، وتبكيرٌ إليها ماشيًا (¬1) بعد فجر. ولا بأس بركوبه لعذرٍ وعَوْدٍ. ويجب سعيٌ بالنداء الثاني إلا بعيدَ منزل ففي وقت يدركها إذا علم حضورَ العدد. واشتغالٌ بذكرٍ وصلاة إلى خروج الإمام، فيحرمُ ابتداءُ غير تحية مسجد، ويخفف ما ابتدأه، ولو نوى أربعًا صلَّى ثنتين. وكُره لغير الإمام تخطِّي الرقاب، إلا إن رأى فرجة لا يصلُ إليها إلا به، وإيثارهُ بمكان أفضل، لا قبولُه، وليس لغيره سبقُه إليه، والعائدُ من قيامه لعارضٍ أحقُّ بمكانه. وحرُم أن يقيمَ غيره ولو عبدَه أو ولدَه إلا الصغير. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وأفضله عند مُضيِّه)؛ أيْ: وعن جماع، على ما سبق (¬2) في الغسل. * قوله: (ولو نوى أربعًا صلَّى ثنتين) العطف بالواو يقتضي أن الأول محمول على تخفيف الكيفية، والثاني على تخفيف الكم، ولو أراد من الأول الأعم لعطف بـ "حتى". * قوله: (وحرم أن يقيم غيره) ظاهر قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- فيما رواه مسلم عن جابر مرفوعًا: "لا يقيم أحدكم أخاه يوم الجمعة ثم يخالف إلى مقعده، ولكن ليقل افسحوا" (¬3) أن الحكم خاص بالجمعة، وظاهر ما رواه ابن عمر على ما في ¬
المنقح (¬1): "وقواعدُ المذهب تقتضي عدم الصحة". وإلا من بموضع يحفظُه لغيره بإذنه أو دونه. ورفعُ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ التلخيص (¬2) من أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى أن يقيم الرجل أخاه من مقعده ويجلس فيه، ولكن ليقل: افسحوا" (¬3)، وقال: متفق عليه، أن ذلك لا يختص بالجمعة، بل ولا بالصلاة مطلقًا. وظاهر ما علل به الشارح (¬4) بحث المنقح (¬5) من (¬6) أن من سبق إلى مكان يصير مستحقًّا للجلوس فيه بسبقه، فمن أقامه بغير حق يصير كالغاصب للمكان، والصلاة فيما غصب غير صحيحة، يقتضي أنه ليس خاصًّا بالجمعة، فليحرر (¬7)!. * قوله: (ورفع)؛ أيْ: وحرم رفع. . . إلخ. ¬
مصلَّى مفروش ما لم تحضر الصلاةُ، وكلامٌ والإمامُ يخطب وهو منه بحيثُ يسمع إلا له، أو لمن كلمه لمصلحة، ويجب لتحذير ضرير وغافلٍ عن هلكة وبئر ونحوِه، ويباحُ إذا سكنت بينهما، أو شرع في دعاءٍ. وله الصلاةُ على النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا سمعها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مصلى)؛ أيْ: ما يصلى عليه، وظاهره وكان فرشه لأجل الصلاة [عليه، ولعل هذا ليس يقيد، فلو كان لغير الصلاة] (¬1) حرم أيضًا؛ لأنه استحقه بالسبق، وهذا كله على القول بجوز الفرش، وقيل: لا يجوز؛ لأنه تحجير للمسجد (¬2) (¬3). * قوله: (ما لم تحضر الصلاة) فإن حضرت رفع؛ لأن المفروش لا حرمة له في نفسه، وليس له أن يتركه مفروشًا ويصلي عليه، فإن فعل فقال في الفروع (¬4) في باب ستر العورة: (ولو صلَّى في أرضه، أو مصلَّاه بلا غصب صح في الأصح"، انتهى. قاله في الحاشية (¬5). * قوله: (وله الصلاة على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. . . إلخ)؛ أيْ: ولو جهرًا، كما يدل عليه قوله: (وتسن سرًّا)، خلافًا لما يتوهم من عبارة الإقناع (¬6)، حيث حذف قول ¬
ويُسنُّ سرًّا كدعاءٍ، وتأمينٍ عليه، وحمدُه خفية إذا عطِس، وردُّ سلام، وتشميتُ عاطس، وإشارةُ أخْرسٍ إذا فُهمت ككلامٍ. ومن دخل والإمام يخطب بمسجد لم يجلس حتى يركعَ ركعتَين خفيفتَين. فتُسنُ تحيةٌ لمن دخله. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المنقح (¬1) (وتسن) تبعًا للإنصاف (¬2). * قوله: (كدعاء)؛ أيْ: كما أن له الصلاة عليه -عليه الصلاة والسلام-، فالتشبيه في الجواز لا السنية، كما يدل عليه مقابلة الشارح (¬3) له بقوله: "وعنه: لا يجوز ذلك" (¬4). * قوله: (ومن دخل والإمام يخطب)؛ أيْ: ولو في وقت نهي، ذكره الشارح (¬5). * قوله: (بمسجد) قال في شرحه (¬6): "وعلم من ذلك أنه لو أقيمت الجمعة في غير مسجد كدار وصحراء لم يصَلِّ شيئًا"، انتهى. وانظر هل من (¬7) ذلك المدارس التي لم توقف مسجدًا؟ * قوله: (فتُسَنُّ تحيته)؛ أيْ: فيؤخذ من ذلك سنية التحية متى دخل المسجد، ¬
بشرطه غيرَ خطيب دخلَه لها، وداخِله لصلاة عيدٍ، أو والإمامُ في مكتوبة، أو بعدَ شروع في إقامة، وقَيِّمِه لتكرارِ دخوله، وداخل المسجد الحرام. ويَنْتَظر فراغَ مؤذن لتحية، وإن جلسَ قام فأتى بها ما لم يَطل الفصل. ـــــــــــــــــــــــــــــ غير ما استثني. * قوله: (بشرطه) وهو أن يكون متطهرًا من الحدثَين، وأن يكون غير وقت نهي، في غير ما إذا دخله يوم الجمعة والإمام يخطب، وأن لا تقام الصلاة، وأن لا يسهو فيجلس طويلًا، بحيث يطول الفصل، وأن لا يكون قيم المسجد يتكرر منه الدخول لمصلحة، وأن لا يكون المسجد الحرام، وأن لا يكون حال الأذان، ويعلم بعض ذلك من المتن، فتدبر (¬1)!. * قوله: (أو بعد شروع في إقامة)؛ أيْ: وهو يريد الصلاة معه. * قوله: (وداخل المسجد الحرام) لأن تحيته الطواف (¬2). * قوله: (فراغ مؤذن) قال في الفروع (¬3): "لعل المراد غير أذان الجمعة، فإن سماع الخطبة أهم"، ذكره في الحاشية (¬4). * * * ¬
13 - باب صلاة العيدين
13 - باب صلاةُ العيدين فرضُ كفاية إذا اتفق أهلُ بلد على تركها قاتلَهم الإمام، وكُره أن ينصرَف من حضرها ويتركَها. ووقتُها كصلاة الضحى، فإن لم يُعلم بالعيد إلا بعدَه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب صلاة العيدَين * قوله: (فرض كفاية) انظر هل إذا كان الإمام ممن يقول بالسنية الصلاة باطلة لكونه مفترضًا خلف متنفل، أو الصلاة صحيحة؛ لأنه لا يلزم أن يعتبر في فرض الكفاية ما يعتبر في فرض العين؟ واستظهر شيخنا في باب صلاة الجماعة من شرحه (¬1) الصحة، وقوة كلامه يقتضي أنه لم ير فيها نقلًا، فليراجع!. * قوله: (إذا اتفق أهل بلد) الاتفاق ليس شرطًا للمقاتلة. * قوله: (وكره. . . إلخ) لعل هذا إذا كان من غير العدد المعتبر، أما إن كان منه فإنه يحرم عليه، كما صرح به شيخنا في شرحه (¬2). * قوله: (فإن لم يعلم بالعيد إلا بعده) وكذا لو أخروها لعذر، كفتنة، أو ¬
صلَّوا من الغد قضاءً، وكذا لو مضى أيام. وتُسنُّ بصحراءَ قريبةٍ عُرفًا إلا بمكةَ المشرفة فبالمسجد، وتقديمُ الأضحى بحيث يوافق من بمِنَى في (¬1) ذَبْحِهم. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لغير عذر، ذكره في الحاشية (¬2). * قوله: (صلوا من الغد قضاء. . . إلخ) انظر هذا مع ما تقدم (¬3) من أنه يجب قضاء فائتة فورًا؟ وقد يقال هذه خصصتها السنة (¬4)، أو يقال: المراد مضي أيام يعذر فيها بترك الفورية، فإنها تقضى، ردًّا على القائل بأنها سنة تفوت بفوات المحل (¬5)، بدليل ¬
وتأخيرُ الفطرِ، وأكلٌ فيه قبلَ الخروج تمراتٍ وترًا، وإمساكٌ في الأضحى حتى يصليَ ليأكلَ من أُضْحِيتِه إن ضحى، والأولى من كبدها، وإلا خُيِّر. ومن شَرطها: وقتٌ، واستيطانٌ، وعدد الجمعة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تصديره بقوله: (صلوا من الغد)؛ يعني: حيث لا عذر، فإن عمهم العذر المقتضي للتأخير أخروا، وقضوا، فتدبر!. والأحسن في الجواب أن يقال: إن معنى قولهم: "لم يعلم بالعيد"؛ أيْ: بيوم العيد إلا بعده، بأن لم يعلم به إلا بعد الغروب، صلوا من الغد؛ لأنه أتم في إظهار شعائر الإسلام من الليل، وكذا لو مضى أيام، يعني: ولم يتحققوا (¬1) فيها دخول العيد، ثم علموا، فإن كان علمهم في النهار صلوا من (¬2) حين علموا، وإلا صلوا من الغد قضاء، ويظهر حينئذٍ سر قوله "وكذا" ويرتفع الإشكالان جميعًا. * قوله: (تمرات وترًا) ظاهره أن الواحدة لا تكفي في حصول السنة. * قوله: (وإلا خُيِّر)؛ أيْ: إن لم يُضَحِّ. * قوله: (ماشيًا) قال أبو المعالي (¬3): "ما لم يكن البلد ثغرًا، فإنه يستحب الركوب، وحمل السلاح؛ لأنه أهيب". * قوله: (إلا المعتكف ففي ثياب اعتكافه) إمامًا كان أو مأمومًا. * قوله: (وتأخر إمام إلى الصلاة)؛ أيْ: إلى دخول وقتها. * قوله: (ومن شرطها وقت. . . إلخ)؛ أيْ: دخول وقت. ¬
لا إذنُ إمام (¬1)، ويبدأ بركعتين يكبر في الأولى بعد الاستفتاح وقبل التعوذِ ستًّا، وفي الثانية قبل القراءة خمسًا يرفعُ يديه معَ كلِّ تكبيرة، ويقول: "اللهُ كبرُ كبيرًا، والحمد للَّه كثيرًا، وسبحان اللَّه بكرة وأصيلًا، وصلَّى اللَّه على محمد النَّبِي وآله وسلم تسليمًا" (¬2)، وإن أحبَّ قال غيرَ ذلك، ولا يأتي بذكرٍ بعد التكبيرةِ الأخيرةِ فيهما، ثم يقرأُ جهرًا: "الفاتحة"، ثم: "سبِّح" في الأولى، ثم: "الغاشية" في الثانيةِ، فإذا سلَّم خطب خطبتَين. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه: ولعل المراد من شرط الصلاة التي يسقط بها فرض الكفاية، بدليل أن المنفرد تصح صلاته بعد صلاة الإمام، وبعد الوقت، تأمل (¬3)!. وفي حاشية الحجاوي على التنقيح (¬4) ما يفهم منه بعض هذا، فليراجع!. * قوله: (ويقول اللَّه أكبر كبيرًا)؛ أيْ: بين كل تكبيرتين اللَّه أكبر. . . إلخ لا كبيرًا. . . إلخ، هذ! ظاهر كلام الشارح (¬5). * قوله: (فإذا سلم. . . إلخ) الحكمة في تقديم خطبة الجمعة، وتأخير خطبة العيدين أن الخطبتَين في الجمعة بدل ركعتين، والمراد أولتَين، بدليل وجود السلام ¬
وأحكامُهما كخطبتَيْ جمعة حتى في الكلام إلا التكبير مع الخاطب. وسُنَّ أن يستفتحَ الأولى بتسع تكبيرات، والثانية بسبع نَسَقًا قائمًا يحثُّهم في خطبة الفطر على الصدقة، ويبيِّنُ لهم ما يخرِجون، ويرغِّبُهم بالأضحى في الأضحية ويبين لهم حكمها. والتكبيراتُ الزوائدُ، والذكرُ بينهما، والخطبتان: سنةُ. وكُره تنفلٌ، وقضاءُ فائتةٍ قبلَ الصلاة بموضعها، وبعدَها قبلَ مفارقتِه، وأن تُصلَّى بالجامعِ بغير مكة إلا لعذر. ـــــــــــــــــــــــــــــ في صلاتها، وحق البدل أن يكون في محل المبدل منه، بخلاف العيد فإن الخطبة فيه ليست بدلًا من شيء، بل القصد منها تعليم الأحكام المتعلقة بالعيدين. وأيضًا: خطبة الجمعة واجبة، فلو أخرت عن الصلاة لربما وقع انصراف المأمومين أو بعضهم قبل سماعها، وذلك يتضمن ترك واجب، وأما خطبة العيد فسنة، والانصراف قبل سماعها يتضمن ترك سنة، وفرق بينهما. وأيضًا: خطبة الجمعة شرط لصحة الصلاة، والشرط مقدم على المشروط. * قوله: (نسقًا)؛ أيْ: من غير فصل بذكر. * قوله: (ويرغبهم بالأضحى)؛ أيْ: بعيد الأضحى؛ أيْ: بخطبة عيد الأضحى. * قوله: (إلا لعذر) كمطر ونحوه، وإن كان العذر لبعضهم استحب للإمام أن يستخلف من يصلي بضَعَفة الناس في المسجد، نص عليه (¬1)، لفعل عليٍّ (¬2)، ¬
وسُنَّ لمن فاتته قضاؤُها في يومِها على صفتِها كمدركٍ في التشهد، وإن أدركه بعد التكبيرِ الزائد أو بعضِه أو ذَكره قبلَ الركوع لم يأت به، ويكبِّرُ مسبوقٌ ولو بنوم أو كفلة في قضاءٍ بمذهبه. وسُنَّ التكبير المطلقُ وإظهارُه وجهرُ غير أنثى به في ليلتَيْ العيدين، وفطر آكد، ومن خروج إليهما إلى فراغِ الخطبة، وفي كل عشر ذي الحِجة، وفي الأضحى عقبَ كلِّ فريضة جماعةً حتى الفائتة (¬1). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويخطب بهم ليكمل (¬2) حصول مقصدهم، وللمستخلف فعلها قبل الإمام ويعده، فأيهما سبق سقط به الفرض، وجازت الأضحية. ولا يؤم فيها عبد، ولا مبعض كالجمعة. * قوله: (في قضاء بمذهبه) مع أنه يلزم عليه صيرورتها على صفة لم يقل بها أحد، كما لو كان الإمام حنفيًّا، فإنه يلزم عليه أن يكبر في الأولى ستًّا وفي الثانية ثلاثًا. * قوله: (في جماعة)؛ أيْ: لا وحده. * قوله: (حتى الفائتة)؛ أيْ: إذا صلَّاها في جماعة، ذكره الشارح (¬3) ¬
في عامة. من صلاةِ فجرِ يوم عرفةَ إلى عصرِ آخر (¬1) أيام التشريق. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (إلى عصر)؛ أيْ: إلى بعد صلاة العصر، كما في عبارة بعضهم (¬2)، ولو عبر به لكان أولى. * قوله: (أيام التشريق) وهي حادي عشر ذي الحجة، وثاني عشرة (¬3)، وثالث عشرة (¬4)، سميت بذلك من تشريق اللحم، وهو تقديده، وقيل: من قولهم أشرق ثبير. [وقيل: لأن الهدي لا ينحر حتى تشرق الشمس. وقيل: هو التكبير عقب الصلوات] (¬5) (¬6)، وأنكره أبو عبيد (¬7) (¬8). قال في الصحاح (¬9): "ولحم تشرق؛ أيْ: لا دسم فيه، وتشريق اللحم تقديده، ومنه سميت أيام التشريق، وهي ثلاثة أيام بعد يوم النحر؛ لأن لحوم (¬10) الأضاحي ¬
إلا المحْرِم فمن صلاةِ ظهر يومِ النحر، ومسافرٌ ومميزٌ كمقيمٍ وبالغٍ، ويكبِّرُ الإمام مستقبلَ الناس. ومن نسيه قضاه مكانه، فإن قام أو ذهب على فجلس ما لم يُحْدِث، أو يخرج من المسجد، أو يطِلِ الفصل، ويكبِّرُ من نسيه إمامُه، ومسبوقٌ إذا قضى، ولا يُسنُّ عقبَ صلاةِ عيد. ـــــــــــــــــــــــــــــ تُشَرَّق (¬1) فيها؛ أيْ: تُشَرَّق (¬2) في الشمس، ويقال سميت بذلك [لقولهم أشرق ثبير كيما نغير، حكاه يعقوب (¬3)، وقال ابن العربي: سميت بذلك لأن الهدي لا ينحر حتى تشرق الشمس"] (¬4)، انتهى * قوله: (إلا المحرم فمن صلاة ظهر يوم النحر)؛ لأن التلبية تنقطع برمي جمرة العقبة، ووقته المسنون ضحى يوم العيد، فإن اجتمعت عليه تلبية وتكبير، بأن لم يرمِ جمرة العقبة حتى صلَّى الظهر يوم النحر، كبر ثم لبى، نص عليه (¬5)؛ لأن التكبير مشروع مثله في الصلاة، فكان أشبه بها، قاله في المبدع (¬6). * قوله: (فإن قام أو ذهب عاد فجلس) كان المناسب أن يقول: جلس أو عاد ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فجلس، وظاهره أنه إذا ذهب من مكانه لا يكفي إتيانه به متى ذكر، بل لا بد من العود إلى مكان صلاته. قال المَروذيُّ (¬1): سمعت أبا عبد اللَّه يقول: ينبغي أن يُسِر دعاءه لقوله -تعالى-: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110]، فإن هذا في الدعاء، وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: وكان يكره أن يرفعوا أصواتهم بالدعاء. وروى الخلال (¬2) (¬3) بإسناد صحيح عن قتادة (¬4) عن سعيد بن المسيب (¬5) قال (¬6): أحدث الناس الصوت عند الدعاء، وعن سعيد بن أبي عروبة (¬7) أن مجالد ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ابن سعيد (¬1) سمع قومًا يعجون في دعائهم، فمشى إليهم فقال: أيها القوم إنكم أصبتم فضلًا على من كان قبلكم، لقد ضللتم، قال: فجعلوا يتسللون رجلًا رجلًا حتى تركوا بغيتهم التي كانوا فيها. وروى أيضًا (¬2) بإسناده عن ابن شوذب (¬3)، عن أبي التياح (¬4) قال: قلت للحسن (¬5): إن رفع الصوت بالدعاء لبدعة، وإن مَدَّ الأيدي بالدعاء لبدعة، وإن اجتماع الرجال والنساء (¬6) لبدعة، رفع الأيدي فيه خلاف، وأحاديث ليس هذا موضعها. ¬
وصفتُه شَفْعًا: "اللَّهُ أكبرُ، اللَّهُ أكبرُ، لا إله إلا اللَّه، واللَّه أكبر، اللَّه أكبر، وللَّه الحمد" (¬1). ولا بأس بقولِه لغيرِه: "تقبَّل اللَّه منا ومنك" (¬2)، ولا بالتعريف عشية عرفة بالأمصار. ـــــــــــــــــــــــــــــ والفرق بين هذا التعريف المختلف فيه، وتلك التعريفات التي لم يختلف فيها: أن في تلك قصد بقعة بعينها للتعريف فيها، كقبر الصالح، أو كالمسجد الأقصى، وهذا تشبيه بعرفات، بخلاف مسجد المصر، فإنه قصد له بنوعه لا بعنيه، ونوع المساجد مما شرع قصده، فإن الآتي إلى المسجد ليس قصده مكانًا معينًا ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يتبدل اسمه وحكمه، وإنما الغرض بيت من بيوت اللَّه، بحيث لو حول ذلك المسجد لتحول حكمه، ولهذا لا تتعلق القلوب إلا بنوع المسجد، لا بخصوصه؛ وأطال قبل ذلك وبعده بما (¬1) ينبغي الوقوف عليه، فارجع عليه في كتابه المسمى باقتضاء الصراط المستقيم في مخالفة أصحاب الجحيم (¬2). * * * ¬
14 - باب صلاة الكسوف
14 - باب صلاةُ الكسوف: وهو ذهابُ ضوء أحدِ النيِّريْن أو بعضِه سنةٌ حتى سفرًا بلا خطبة. ووقتُها: من ابتدائِه إلى التجلي، ولا يقضي إن فاتت كاستسقاءٍ وتحية مسجد وسجودِ شُكرٍ. ولا يشترطُ لها ولا لاستسقاءً إذن الإمام، وفعلُها جماعةً بمسجد أفضلُ، وللصبيان حضورُها. وهي: ركعتان يقرأ في الأولى جهرًا ولو في كسوف الشمس: الفاتحةَ وسورةً طويلة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الكسوف والخسوف بمعنى واحد، وقيل: الكسوف للشمس، والخسوف للقمر، وقيل: الكسوف تغيرهما، والخسوف تغيبهما في السواد (¬1). يقال كسفت بفتح الكاف وضمها، وخسفت بضم الخاء وفتحها (¬2). * قوله: (وسورة طويلة) قال جماعة (¬3): "بسورة البقرة أو قدرها". ¬
ثم يركعُ طويلًا، ثم يرفعُ فيسمِّع ويحمِّدُ، ثم يقرأ الفاتحة وسورةً ويطيلُ وهو دون الأول، ثم يركع فيطيل وهو دون الأول، ثم يرفع، ثم يسجدُ سجدتين طويلتين، ثم يصلِّي الثانية كالأولى لكن دونَها في كل ما يفعلُ، ثم يتشهدُ، ويسلم. ولا تُعادُ إن فرغت قبل التجلِّي، بل يذكرُ ويدعو، وإن تجلَّى فيها أتمَّها خفيفةً، وقبلَها لم يصلِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ثم يركع طويلًا) قال جماعة (¬1): "بقدر مئة آية". * قوله: (سجدتَين طويلتَين) وهل يسبح فيهما بقدر ما يسبح في الركوع، أو أقل أو أكثر (¬2)؟ * قوله: (وقبلها)؛ أيْ: وإن تجلى قبلها؛ أيْ: قبل الصلاة لم يُصَلِّ. يؤخذ من شرحه (¬3) عند قوله: "ولا تقضى إن فاتت" وكذا من كلام شيخنا هنا (¬4)، أن هذا مكرر (¬5) مع ما تقدم (¬6)، مع (¬7) أنه كان يمكن حمل المسألة الأولى على معنى، أنه لو فعلها جماعة، وفاتت جماعة غيرهم، ثم حصل التجلي لا يسن في حق من فاتته القضاء. والثانية على معنى: أنه إذا ترك جميع الناس الصلاة حتى ¬
وإن غابت الشمس كاسفةً، أو طلع الفجر والقمرُ خاسفًا لم يصلِّ. وإن غابَ خاسفًا ليلًا صلَّى، ويَعملُ بالأصل: في وجودِه وبقائه وذهابه، ويدعو ويذكرُ وقتَ نهي ويُستحبُ عتقٌ في كسوفها. وإن أتى في كلِّ ركعةٍ بثلاثِ ركوعاتٍ أو أربعٍ أو خمسٍ فلا بأس، وما بعد الأول سنةٌ لا تدرك به الركعةُ، ويصحُّ فعلِّها كنافلة. ولا يُصلَّى لآيةٍ غيره كظلمةٍ نهارًا، وضياءً ليلًا، وريحٍ شديدة، وصواعقَ، إلا لزلزلةٍ دائمة. ومتى أجمع كسوفٌ وجنازةٌ قُدِّمتْ، فتقدَّمُ على ما يقدم عليه، ولو جمعةً أُمِن فَوتها ولم يشرعْ في خطبتِها، أو عيدًا، أو مكتوبةً وأُمِن الفَوتُ، أو وترًا ولو خِيفَ فَوتُه. ـــــــــــــــــــــــــــــ حصل التجلي، لا يستحب إيقاع الصلاة، وحينئذٍ فلا تكرار بين المسألتَين، فتدبر!. * قوله: (إلا الزلزلة) وهي رجفة الأرض وإضطرابها (¬1)، وعدم سكونها (¬2). * قوله: (قدمت)؛ أيْ: جنازة. * قوله: (فتقدم)؛ أيْ: صلاة الجنازة. * قوله: (على ما يقدم عليه)؛ أيْ: على ما يقدم عليه الكسوف من الصلوات. * قوله: (أو وترًا ولو خِيف فَوته) ولو كان كل منهما سنة، إلا أن الوتر يقضى إذا فات. ¬
وتُقدَّمُ جنازةٌ على عيدٍ وجمعةٍ أُمِن فوتُهما, وتراويحُ على كسوف إن تعذَّر فعلهما. وإن وقعَ بعرفةَ صلَّى، ثم دفع. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وتقدم على عيد وجمعة. . . إلخ) انظر ما فائدة هذا مع قوله: "فتقدم على ما يقدم عليه ولو جمعة أمن فَوتها. . . إلخ"؟ وفي الحاشية (¬1) جواب عن ذلك حاصله: أن ما تقدم فيما إذا اجتمع الكسوف والجنازة مع ما ذكر، وهذا فيما إذا انفردت مع المذكور، ولم يكتف بالمفهوم، قصدًا للتوضيح. * * * ¬
15 - باب صلاة الاستسقاء
15 - باب صلاة الاستسقاء وهو: الدعاءُ بطلب السُّقْيَا على صفة مخصوصة. وتُسنُّ حتى بسفرٍ إذا ضرَّ إجدابُ أرض، وقَحطُ مطر، أو غَورُ ماءِ عيون أو أنهار، ووقتُها وصفتُها في موضعها وأحكامُها كصلاة عيد. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب صلاة الاستسقاء * قوله: (بطلب السقيا) لعل الباء في (بطلب) للتصوير، والمعنى الاستسقاء دعاء متضمن طلب السقيا، فالسين فيه للطلب الذي هو الدعاء. وحاصله: أن الاستسقاء طلب السقيا، وذلك الطلب عبارة عن الدعاء المتضمن لذلك الطلب، ومع ذلك فلا يخلو المقام عن صعوبة، فليحرر (¬1). * قوله: (إجداب) بالمهملة: المحل (¬2). * قوله: (أو أنهار)؛ أيْ: أو ماء أنهار، فعلى هذا هو جمع نهر، بمعنى مجرى الماء، لا بمعنى الماء الجاري، لئلا يلزم إضافة الشيء لنفسه، والمراد بها في قوله -تعالى-: {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [البقرة: 25] المياه، أو أن الإسناد في ¬
وإذا أراد إمامٌ الخروجَ له وعظ الناس، وأمرهم بالتوبة والخروج من المظالم، وتركِ التشاحن، وبالصدقةِ، والصوم، ولا يلزمان بأمره، ويعدُهم يومًا يخرجون فيه، ويتنظَّف لها، ولا يتطيبُ، ويخرج مُتَواضعًا متخشِّعًا متذللًا متضرِّعا، ومعه أهلُ الدين والصلاح والشيوخ. وسُنَّ خروجُ صبيٍّ، مميِّز، وأُبيح خروجُ طفلٍ، وعجوزٍ، وبهيمةٍ، والتوسُّلُ بالصالحين (¬1)، ولا يمنعُ أهلُ الذمة منفردين، لا بيومٍ، وكُره إخراجُنَا لهم. فيصلِّي، ثم يخطبُ واحدةً يفتتحُها بالتكبير كخطبة العيد، ويكثرُ فيها الاستغفارَ، وقراءةَ آياتٍ فيها الأمرُ به، ويرفعُ يديه وظهورُهما نحو السماء فيدعو بدعاء النَّبِي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اللهم اسقنا غَيْثًا مُغِيثًا، هَنِيئًا، مَرِيئًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الآية مجازي، كجري النهر. * قوله: (خطبة العيد)؛ أيْ: الأولى، وحينئذٍ فيفتتحها بتسع نسقًا، كما قاله الشارح (¬2). * قوله: (اللهم اسقنا غيثًا مغيثًا) اسقنا بالقطع والوصل، والغيث المطر، والمغيث المنقذ من الشدة (¬3). * قوله: (هنيئًا مريئًا) والهنيء: الحاصل من غير مشقة، والمريء محمود العاقبة. ¬
غَدَقًا مجلِّلًا، سحًّا، عامًّا، طَبَقًا دائمًا، اللهم اسقنا الغيثَ ولا تجعلنا من القانطين، اللهم سُقْيَا رحمةٍ، لا سُقيا عذابٍ ولا بلاءٍ ولا هدمٍ ولا غرق، اللهم إن بالعباد والبلاد (¬1) من اللأْواء والجَهد والضَّنك ما لا نشكوه إلا إليك، اللهم أنبِتْ لنا الزرعَ، وأدِرَّ لنا الضَّرْعَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (غدَقًا) بفتح الدال المهملة وكسرها كثير الماء والخير (¬2). * قوله: (مجللًا) عام النفع. * قوله: (سحًّا)؛ أيْ: صبًا، وفرقوا بين سح يسح سحًّا، وساح يسيح، فالأول: بمعنى الصب من فوق إلى أسفل، والثاني: بمعنى السيلان على وجه الأرض (¬3). * قوله: (عامًّا طبقًا) شبه الترادف. * قوله: (دائمًا) مستمرًا إلى حصول الخصب، لا مطلقًا. * قوله: (ولا تجعلنا من القانطين)؛ أيْ: الآيسين. * قوله: (الَّلأواء) بالمد، أيْ: الشدة (¬4). * قوله: (والجهد) المشقة أو الطاقة. * قوله: (والضنك)؛ أيْ: الضيق. * قوله: (وأدرَّ لنا الضرع) هو لكل ذات ظلف أو خف بمنزلة الثدي للأنثى من غير البهائم (¬5). ¬
واسقنا من بركات السماء، وأنزلْ علينا من بركاتك، اللهم ارفع عنا الجَهْدَ والجوع والعُرْيَ، وكشف عنَّا من البلاء ما لا يكشفه غيرك، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارًا, فأرسل السماء علينا مدرارًا" (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مدرارًا)؛ أيْ: دائمًا إلى وقت الحاجة. ¬
ويكثرُ من الدعاء، ومن الصلاة على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ويؤمن مأموم. ويستقبلُ القبلةَ في أثناء الخطبة فيقولُ سرًّا: "اللهم إنك أمرتنا بدعائك، ووعدتنا إجابتَك، وقد دعوناك كما أمرتنا فاستجِبْ لنا كما وعدتنا" (¬1). ثم يحوِّلُ رداءَه فيجعلُ الأيمنَ على الأيسرِ، والأيسرَ على الأيمنِ، وكذا النَّاسُ، ويتركونه حتى ينزِعوه معَ ثيابهم. فإن سُقُوا وإلا عادوا ثانيًا وثالثًا، وإن سُقُوا قبلَ خروجهم. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
فإن تأهبوا خرجوا وصلَّوا (¬1) شكر اللَّه -تعالى-، وإلا يخرجوا وشكروا اللَّه -تعالى-، وسألوه المزيد من فضلِه. وسُنَّ وقوفٌ في أول المطر، وتوضُّؤٌ واغتسالٌ منه، وإخراجُ رَحْلِه وثيابه ليصيبها. وإن كَثُر حتى خِيْفَ سُنَّ قولُه (¬2): "اللهم حَوَالَيْنا ولا علينا، اللهم على الآكامِ والظِّرابِ، وبطونِ الأودية، ومنابتِ الشجر" (¬3)، {رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} الآية [البقرة: 286]. وسُنَّ قولُ: "مُطِرنا بفضل اللَّه ورحمته" (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (على الآكام)؛ أيْ: الأماكن المرتفعة من الأرض. * قوله: (والظراب)؛ أيْ: الروابي. * قوله: (وبطون الأودية)؛ أيْ: الأماكن المنخفضة من الأرض. * قوله: (ومنابت الشجر)؛ أيْ: محل أصولها؛ لأنه أنفع لها. ¬
ويحرم بِنَوْء (¬1) كذا، ويباحُ في نَوْء كذا، ولا بالتعريف عشية عرفة بالأمصار. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويحرم بنَوء كذا) لعل المراد: أنه يحرم أن يقال ذلك بقصد نسبة (¬2) الفعل إلى اللَّه بسبب النجم، وإلا فيمكن حمل الباء على الظرفية، بناءً على أن حروف الجر تتعاوض، كما هو المذهب الكوفي (¬3)، فيوافق معنى مطرنا في نوء كذا. وأما نسبة الفعل إلى النجم فكفر إجماعًا (¬4)، كما صرح به المص في شرحه (¬5)، فراجعه إن شئت. * قوله: (ولا بالتعريف عشية عرفة بالأمصار) قال الشيخ تقي الدين (¬6) بعد كلام طويل: "فأما قصد الرجل مسجد بلده يوم عرفة للدعاء والذكر، فهذا هو التعريف في الأمصار، الذي اختلف العلماء فيه، ففعله ابن عباس، وعمرو بن حريث (¬7) من الصحابة، وطائفة من البصريين، والمدنيين، ورخص فيه ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أحمد (¬1)، وإن كان مع ذلك لا يستحبه، هذا هو المشهور عنه (¬2)، وكرهه طائفة من الكوفيين، والمدنيين كإبراهيم النخعي (¬3) (¬4)، وأبي حنيفة، ومالك وغيرهم. ومن كرهه قال: هو من المباع، فيندرج في العموم لفظًا ومعنى. ومن رخص فيه قال: فعله ابن عباس (¬5) بالبصرة، حين كان خليفة عليها من جهة علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه-، ولم ينكر عليه، وما يفعل في عهد الخلفاء الراشدين من غير إنكار لا يكون بدعة، لكن ما يزاد على ذلك، من رفع الأصوات الرفع الشديد في المساجد بالدعاء، وأنواع من الخطب، والأشعار الباطلة مكروه في هذا اليوم وغيره. * * * ¬
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
حَاشِيَةُ الخَلوتي على مُنْتَهَى الإرَادَاتِ [2]
حُقُوق الطَّبْع مَحْفُوظَة الطبعة الأولى 1432 هـ - 2011 م قَامَت بعمليات التنضيد الضوئي والإخراج الفني والطباعة دَار النَّوَادِر
3 - كتاب الجنائز
3 - كِتَابُ الجَنَائِزِ
(3) كِتَابُ الجَنَائِزِ يُسنُّ الاستعدادُ للموتِ، والإكثارُ من ذكره، وعيادةُ مسلمٍ غيرِ مبتدِعٍ يجبُ هجرُهُ كرافِضيٍّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الجنائز * قوله: (يسن الاستعداد للموت)؛ أيْ: التأهب له، بالتوبة من المعاصي والخروج من المظالم، ذكره في الحاشية (¬1). * قوله: (غير مبتدع يجب هجره)؛ أيْ: فيحرم على ما في النوادر (¬2)، ومقتضى الحديث أن مثل عيادته في التحريم إشهاد جنازته، والسلام عليه. والحديث هو قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن مجوس هذه الأمة المكذبون بأقدار اللَّه -تعالى-، إن مرضوا فلا تعودوهم، وإن ماتوا فلا تشهدوهم، وإن لقيتموهم فلا تسلموا عليهم" (¬3)، رواه ابن ماجه عن جابر. ¬
أو يُسن كمتجاهرٍ بمعصية، غِبًّا (¬1) من أول المرض. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لكن قال المناوي في شرح الجامع الصغير (¬2): "إنه ضعيف واهٍ، بل قيل إنه موضوع". أقول: المص إنما مثل بالرافضي، فلا يضره ضعف أو وضع حديث القدرية، وإنما يضره ضعف الأحاديث الواردة في هجر الرافضة، فتدبر. * قوله: (أو يسن كمتجاهر بمعصية) فيكره. ¬
بكُرْةً وعَشيًّا، وفي رمضان ليلًا، وتذكيرهُ التوبةَ والوصيةَ، ويدعو بالعافية والصلاح، ولا يُطيل الجلوس. ولا بأسَ بوضعِ يده عليه، وإخبارِ مريض بما يجد بلا شكوى، وينبغي أن يُحْسنَ ظنه باللَّه -تعالى-. ويُكرهُ الأنينُ، وتمنِّي الموت، وقطعُ الباسور ومعَ خوفِ تلفٍ بقطعِة: يحرُمُ، وبتركه: يباح. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بكرة وعشيًا) بيان لمحل العيادة، لا تفسير للمراد من قوله "غبًا"، لأن المراد به الزيادة بعد مضى يوم أو يومين، فتكون في كل يومين، أو ثلاث مرة، أي وإذا أريد إيقاعها على هذه الصفة، يكون محل إيقاعها على هذه الصفة بكرة وعشيًا، فتدبر. * قوله: (بلا شكوى) قالوا وإذا قدم الحمد على الإخبار، خرج بذلك من الشكوى (¬1). * قوله: (وتمني الموت) أي لا الشهادة، وكذا لا يكره تمني الموت حال الفتنة، إذ قد ورد من دعائه -عليه السلام-: "وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين" (¬2). ¬
ولا يجبُ التداوي ولو ظُنَّ نفعُه، وتركُه أفضلُ، ويحرُم بمحرمٍ، ويباح كَتْبُ قرآنٍ وذكرٍ بإناء لحامل لعسر الولادة، ومريض، ويُسقَيانِه. وإذ نُزِل به: سُن تعاهُدٌ بَلُّ حلقِه بماءٍ أو شرابٍ، وتَنديَةُ شفتَيه بقطنة، وتَلقينُه: "لا إله إلا اللَّهُ" مرةً. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقوله أيضًا: "أحينا ما كانت الحياة خيرًا لنا، وتوفَّنا إذا (¬1) كانت الوفاة خيرًا لنا" (¬2). * قوله: (ولا يجب التداوي) وحينئذٍ فقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تداوَوا، ولا تتداوَوا بحرام" (¬3) أمر إرشاد. * قوله: (وتركه أفضل)؛ أيْ: توكلًا. * قوله: (ويحرم بمحرم)؛ أيْ: أكلًا، أو شربًا، أو غيرهما، كسماع الآلة. ¬
ولم يَزد على ثلاث إلا أن يتكلمَ فَيُعِيدُه برفق. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فيعيده برفق) بلا إلحاح، لئلا يتضجر، فيقع فيما لا ينبغي، وإنما استحب إعادتها لتكون آخر كلامه كما في الخبر (¬1). وما أحسن ما اتفق لأبي زرعة الرازي (¬2)، لما حضرته الوفاة كان عنده أبو حاتم (¬3)، ومحمد بن مسلم (¬4)، فاستحييا أن يلقناه، فتذاكرا حديث التلقين، فارتج عليهما، فبدأ أبو زرعة وهو في النزع، فذكر إسناده إلى أن قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من كان آخر كلامه لا إله إلا اللَّه" ثم خرجت روحه مع الهاء، قبل أن يقول: "دخل الجنة" (¬5) (¬6). ¬
وقراءةُ "الفاتحةِ" (¬1)، و"يس" عنده، وتوجيهُه إلى القبلة على جنبه الأيمنِ معَ سَعةِ المكانِ، وإلا فعلى ظهره. وينبغي أن يشتغلَ بنفسه، ويعتمدَ على اللَّه -تعالى- فيمن يُحبُّ، ويوصيَ للأرجح في نظره. فإذا ماتَ: سُن: تغميضُه ويُباح من مَحْرمٍ ذكرٍ أو أنثى، ويُكره من حائض وجنب أو أن يَقْرُباه، وقولُ: "بسم اللَّهِ، وعلى وفاةِ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
وشدُّ لَحْيَيْهِ، وتليينُ مفاصلِه، وخلعُ ثيابه، وسترُه بثوب، ووضعُ حديدةٍ أو نحوِها على بطنه، ووضعُه على سرير فُسلِه مُتوجِّها منحدِرًا نحو رجليه، وإسراعُ تجهيزه إن مات غيرَ فجأةٍ، وتفريق وصيتِه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (إن مات غير فجأة) [فإن مات فجأة] (¬1)، أو شك في موته انتظر به حتى يعلم موته. غريبة وقعت (¬2): "حكى ابن عسكر (¬3) (¬4) أن يعقوب الماجشون (¬5) جد عبد الملك صاحب مالك (¬6) مات، ووضع على السرير، واجتمع الناس للصلاة عليه، فوجد ¬
ويجبُ في قضاء ديْنه. ولا بأس أن يُنتظرَ به من يحضُره من وليِّه (¬1) أو غيره إن قَرُبَ، ولم يُخشَ عليه، أو يَشُقَّ على الحاضرين. وينتظرُ بمن مات فجأة، أو شُكَّ في موته حتى يعلمَ: بانخساف صُدغَيْه، وميلِ أنفه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الغاسل عِرْقًا تحت رجله يتحرك، فقال: أرى أن يؤخر غسله إلى غد، فلما أصبحوا، واجتمع الناس للصلاة عليه وغسل، وجده الغاسل كذلك، فصرف عنه الناس، ثم كذلك في الثالث، ثم إنه استوى جالسًا وقال: اسقوني سويقًا، فسقوه، وسألوه عن حاله فقال: عرج بروحي إلى السماء الدنيا، ففتح لها الباب، ثم كذلك إلى السماء السابعة، فقيل للملك الذي عرج بي: من معك؟ فقال: الماجشون، فقال: إنه بقي من عمره كذا وكذا شهرًا، وكذا وكذا يومًا، وكذا وكذا ساعة، قال ثم هبط: بي، فرأيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأبا بكر عن يمينه، وعمر عن يساره، وعمر بن عبد العزيز بين يديه، فقلت للملك الذي معي: إنه لقريب المنزلة من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: إنه عمل بالحق في زمن الجَور، وإنهما عملا بالحق في زمن الحق" حواشي ف (¬2) (¬3) (¬4). * قوله: (ويجب في قضاء دينه) أوصى به، أو لم يوص، للَّه، أو لآدمي. ¬
1 - فصل
ويُعلمُ موتُ غيرهما بذلك وبغيره كانفصالِ كفيه واسترخاءِ رجليه. ولا بأسَ بتقبيله، والنظرِ إليه، ولو بعد تكفينِه. * * * 1 - فصل وغُسلُه مرةً، أو يُيَمَّمُ لعذر فرضُ كفاية. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل في تغسيل ميت وغَسْلٌ وتكفينٌ صلاة وحملها ... ودفنٌ لميت من فروض الكفاية وغسل شهيد أثخَنوه (¬1) بمعركه ... ومقتولُ ظلمٍ لا لنحو جنابة وحيض فمكروه وقيل بحضرة ... وأبْق دمًا لا نحو سيف نجاسة وغسلُ سوى هذين واصغ لعدِّها ... فقد بلغت بضعًا (¬2) وعشرين فاثبت طعين ومبطون (¬3) غريق ومن شرق ... حريق وذو هدم وجنب (¬4) ولَقوة (¬5) وصابر في (¬6) الطاعون فاحفظ ومن سلل ... ومن قد تردَّى من جبال شهيقة لديغ ومجنون ومن في نفاسها ... ومن طلب الإشهاد مع صدق نية ومن في سبيل اللَّه أو دون دينه ... أو المال أو دَمِّ او أهل ظلامة ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فريسٌ لسبع مع أمين لأرضنا ... مرابطٍ او من خَرَّ عن ظهر دابة وأغربها من قد تُوفِي بغُربَة ... وأغْرَبُ منه من (¬1) توفي بعشقه (¬2) بشرط عفاف ثم كتم لحبه ... فهذا بفضل اللَّه جوزي بجنة وناظم عقد للآلي محمد ... سَمِيٌّ لمختار شفيع البرية هو الحنبلي ثم البَهوتي ابن أحمد ... مرجي لعفو ثم غفر خطية وللَّه حمدٌ ما تألق بارق ... وفاح لنا زهر بريح زكية وصلِّ وسلم بكرة وعشية ... على خير خلق اللَّه زين القيامة محمد المختار من نسل هاشم ... وآل وصحب كالنجوم المضيئة ثم رأيت شيخنا العلامة نور الدين علي الأجهوري، قد زاد على ذلك نحو ثمانية عشر ونظمها (¬3) فقال: إن الشهيد سوى من في الجهاد قضى ... نحو الثلاثين مبطون وذو غرق ومن يموت بطاعون كذلك من ... بالجمع ماتت وذو سلِّ (¬4) وذو شرق ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كذات جنب أو الحمى ملتدغ ... وميتِ سجنٍ بلا حقٍّ ومحترق كذا الغريب ومن للسبع مفترَس ... وميت العشق مع إعفافه العبق وميت حال ما للعلم ذا طلب ... أو دونِ أهلِ كمالٍ أو دم الريق ككل (¬1) ليلة القاري بلا كسل ... يس واللَّذْ يرابطُ جا كالفلق وراكب خرَّ عن مركوبه فبدا ... كأس الحمام (¬2) تراه في المنام سقي كذاك ميت على طهر تحل به الـ ... ــــصلاة هذا شهيد أيضًا استبق لمائد البحر أجر للشهيد كمن ... في غيره صبرت والتاجر الصدق ومن يقول دُعا ذا النون في مرض ... بعدِّ ميمم وغفرا أن يصح لقي ومن يلازم وترًا مع صلاة ضحى ... وصام في الشهر أيامًا فذق وَفِق كممسك سُنَّة الهادي إذا فسدت ... اتباعُهُ جاء ذا في أيسر الطرق وميت يوم سُؤْل أن يبارك في ... موت وما بعده أيضًا من النسق إن كرر القول كه أيضًا ومحتسب ... آذانه والمداري (¬3) ما بقي ففق ومن يصلي على خير الورى مئه ... أو صادق في سؤال للشهادة ق ومن لمصر من الإسلام ذو جلب ... لقوتنا واحفظ العلم الذي يفق كميت يوم عيد للمؤمنين كذا ... ببرد ثلج به غسل شهيد تقي ¬
وينتقلُ إلى ثوابِ فرضِ عينٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ومن قرأ بعد تثليث التعوذ من ... نهاية الحشر أيامًا صفي تق وقد أتى بسميع والعليم به ... وصفا لِم خلق الإنسان من علق فمن تَلاذا بصبح قال ذا لِمَسَا ... وعكسه إن تلاه مبتدأ الغسق مع أن يصلي مع ملائكة ... سبعون ألفًا بذا جاء الحديث فق * قوله: (وينتقل إلى ثواب فرض عين) هذه العبارة لا يرد عليها ما أورده الحجاوي (¬1) على قوله المنقح (¬2): (ويتعين مع جنابة أو حيض) ما نصه: "هذا كلام مشكل، لم أرَ له معنى صحيحًا، فإن الحائض والجنب إذا ماتا كغيرهما في الغسل، قاله في المغني (¬3) وغيره (¬4)، فإنه إذا كان الميت جنبًا، أو كانت حائضًا لم ينتقل الغسل عن فرض (¬5) الكفاية، فيصير فرض عين على الناس كلهم أن يغسلوا هذا الميت، فإن هذا من المحال. فإن قيل: المراد أنه واجب؟ قلنا: وغسل الميت الذي لم يلزمه غسل في الحياة واجب، وإن كان الوجوب باعتبار الميت، لأنه كان متعينًا عليه في حال حياته فغير صحيح، لأن الميت يسقط عنه التكليف من الغسل وغيره، وإنما غسله واجب على غيره، ولعل المنقح حصل له هذا الوهم من غسل الشهيد، فإنه يغسل إذا كان جنبًا، أو حائضًا، أو نفساء، وجوبًا يقوم به من يفعله، لا متعينًا على الناس كلهم ¬
معَ جنابةٍ، أو حيض، ويسقُطان به سوى شهيد معركة ومقتول ظلمًا ولو انثيين أو غير مكلفَين فيُكرَهُ. ويُغسلان معَ وجُوب غُسل عليهما قبل موت: بجنابةٍ، أو حيض، أو نفاس أو إسلام كغيرهما، وشرط: طَهورَّيةُ ماء وإباحتُه، وإسلامُ غاسلٍ -غيرِ نائب عن مسلم نواه، ولو جنبًا، أو حائضًا-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كما تقدم، فلفظه غير مستقيم في الشهيد، إن حمل عليه ولا في غيره" انتهى. ووجه عدم ورود ذلك على كلام المص هنا أنه أسند الانتقال إلى الثواب، لا إلى الفرض على معنى أنه يثاب عليه ثواب فرض العين مع بقائه على كونه فرض كفاية، كما أنه إذا لم يوجد من يقوم بغسله إلا واحد، فإنه يتعين عليه، بمعنى أنه يثاب عليه ثواب فرض العين. * قوله: (مع جنابة) المراد مع موجبه. * قوله: (أو حيض)؛ أيْ: أو نفاس. واعترض الحجاوي (¬1) على المنقح (¬2) في إسقاطه ذلك. * قوله: (فيكره) وفي الإقناع (¬3): يحرم. * قوله: (ولو جنبًا أو حائضًا)، قال في الإقناع (¬4): "بلا كراهة". أقول: ولا تعارض بين الحكم بعدم كراهة ذلك من الجنب والحائض، ¬
وعقلُه -ولو مميزًا-، والأفضلُ: ثقةٌ عارفٌ بأحكامِ الغَسل. والأولى به: وصيُّه العدلُ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والحكم بكراهة قربانهما للميت، لأن (¬1) المراد أن قربانهما مكروه، وأن ذات الغسل ليست مكروهة، م ص (¬2). وظهر لي فرق أحسن من ذلك: وهو أن كراهة القربان وقت النزع، لأذية (¬3) الملائكة التي تحضره لأخذ الروح، وقد قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه جنب" (¬4)، وفي رواية: "فيه حائض" (¬5)، وعدم كراهة الغسل لانتفاء العلة، إذ الملائكة تكون قد صعدت بروحه، بل ربما يكون قد مضى على ذلك زمن طويل، فتدبر (¬6)!. * قوله: (ولو مميزًا) لكن مع الكراهة على ما في الإقناع (¬7). * قوله: (والأولى به وصيه العدل) ويتجه ولو ظاهرًا وظاهره، ولو كان أنثى. ¬
فأبوه وإنْ علا، ثم الأقربُ فالأقربُ من عَصباتِه نسبًا، ثمَّ نعمةً، ثم ذوو أرحامه كميراث الأحرارُ في الجميع، ثم الأجانبُ. وبأنثى: وصيَّتُهَا، فأُمُّها وإنْ علَت، فبِنتُها وإنْ نزلت, ثم القُرْبىَ فالقربى كميراث، وعمةٌ وخالةٌ، أو بنتا أخٍ وأختٍ سواءٌ, وحكمُ تقديمهنَّ كرجال، وأجنبيٌّ وأجنبيةٌ أولى من زوجةٍ وزوجٍ، وزوجٌ وزوجةٌ أولى من سيدٍ وأمِّ ولد، ولسيدٍ غُسلُ أمتِه، وأمِّ ولدِه، ومكاتبتِه مطلقًا، ولها تغسيلُه إنْ شرط وطأها. وليس لآثم بقتل حق في غسل مقتول. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فأبوه) وهل الأب، كالوصي في كونه عدلًا، فيكون حذف من الثاني لدلالة الأول عليه (¬1)؟. * قوله: (وبأنثى وصيتها) ولو زوجها، والتأنيث نظرًا للغالب، وهل تشترط العدالة كما في الذكر (¬2)؟. * قوله: (وعمة. . . إلخ) وكأنهم نظروا إلى أن القوة التي في العمة لنسبتها إلى الأب عودلت بالشفقة التي نالتها من الأم. * قوله: (ومكاتبته مطلقًا)؛ أيْ: سواء شرط وطأها في عقد الكتابة أم لم يشرطه. * قوله: (وليس لآثم بقتل. . . إلخ) بخلاف من ليس بآثم، كالقاتل خطأ ¬
ولا لرجل غسل ابنة سبع، ولا امرأة غسل ابن سبع، ولهما غسل من دون ذلك. وإن مات رجل بين نساء لا يباح لهن غسله، أو عكسه، أو خنثى مشكل. لم تحضره أمة له يُمِّمَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ خلافًا لأبي المعالي (¬1)؛ لأنه قال "وليس للقاتل الذي لا يرث حق في غسل مقتول"؛ أي: سواء كان آثمًا بقتله أم لا، ومشى عليه في الإقناع (¬2). * قوله: (ولا لرجل غسل ابنة سبع)؛ أيْ: ليست بزوجة ولا أمة. * قوله: (ولا لامرأة غسل ابن سبع)؛ أيْ: ليس زوجًا، ولا سيدًا لها (¬3)، فتدبر!. * قوله: (ولهما غسل من دون ذلك) قال ابن المنذر (¬4): "إجماعًا". * قوله: (لا يباح لهن غسله) بأن لم يكن فيهن زوجته ولا أم ولده. * قوله: (أو عكسه) بأن لم يكن فيهم لا زوجها ولا سيدها. * قوله: (أو خنثى مشكل. . . إلخ)؛ أيْ: تم له سبع سنين. * قوله: (يمم) ويعايا بها فيقال: لنا ميت مع وجود الماء الطهور المباح المملوك له، وليس غيره محتاجًا إليه لشرب ولا غيره. ¬
وحرم دون حائل على غير محرم، ورجل أولى بخنثى. وتُسن بداءةٌ بمن يُخاف عليه، ثم بأبٍ، ثم بأقربَ، ثم أفضلَ، ثم أسنَّ، ثم قرعةٌ. ولا يُغسِّلُ مسلم كافرًا، ولا يُكفِّنُه، ولا يُصلِّي عليه، ولا يَتْبعُ جِنازته، بل يُوارى لعدمٍ، وكذا كلُّ صاحب بدعةٍ في مكفِّرة. وإذا أخذ في غُسله: سترَ عورتَه وجوبًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وحرم)؛ أيْ: أن ييممه واحد من الثلاثة. * قوله: (ورجل أولى بخنثى) فييممه الرجل، ولو كان ثمَّ نساء، لفضله عليهن بالذكورية. فإن قلت: كان الظاهر تقديم المرأة على الرجال، لأن لها أن تنظر منه إلى ما عدا ما بين سرته وركبته، سواء قُدِّر ذكرًا أو أنثى، بخلاف الرجل فإنه ليس له النظر إليه، لاحتمال كونه امرأة معاملة بالأغلظ. قلنا: هذا نَظَرَ لحاجة، وقد أجيز النظر عندها، كنظر الشاهد والمعامِل، وهذا أولى بالحكم، فتدبر!. * قوله: (ثم بأب)؛ أيْ: بأبي الغاسل. * قوله: (ستر عورته) قال في الحاشية (¬1): "قوله (ستر عورته)؛ أيْ: ما بين سرته وركبته"، انتهى. أقول: عمومه يشمل ما كان بين السبع والعشر، مع أنه تقدم (¬2) أن عورته ¬
وسُنَّ تجريده إلا النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1)، وسترُه عن العيون تحت ستر. وكُره حضورُ غير مُعين في غُسله، وتغطيةُ وجهه. ثم يَرفعُ رأس غير حامل إلى قُرب جلوسِه، ويَعصرُ بطنه برفق، ويكونُ ثَمَّ بَخُورٌ ويُكثرُ صبَّ الماء حينئذٍ، ثم يَلُفُّ على يده خِرقةً فيُنَجِّيه بها، ويجبُ غسلُ نجاسة به، وأن لا يَمسَّ عورة من بلغ سبعَ سنين، وسُن أن لا يمسَّ سائِره إلا بخرقة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الفرجان، فلعل المراد إلا هذا، وتَرَك استثناءه اعتمادًا على ما سبق. * قوله: (وكره حضور غير معين) قال القاضي (¬2): "إلا الولي، فله الدخول كيف شاء". * قوله: (بخور) بوزن رسول (¬3). * قوله: (ويجب غسل نجاسة به)؛ أيْ: بالميت، والباء للملابسة. ¬
ثم يَنوِي غُسلَه، ويسمِّي. وسُن أن يدخلَ إبهامَه وسبَّابتَه عليهما خرقةٌ مبلولة بماء بين شفتَيه فيمسحَ أسنانه، وفي منْخرَيه فَينظِفَهما، ثُم يُوضِّئُه، ولا يُدخل ماءً في أنفِه ولا فَمِه، ثم يضرب سدْرًا أو نحوه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويسمي)؛ أيْ: وجوبًا وحكمها كما تقدم (¬1). * قوله: (ويسن. . . إلخ) معنى استحباب ذلك: أن عليه الإمام والأصحاب، كما حكاه الزركشي (¬2) وغيره (¬3)، وأما كونه مسنونًا؛ أيْ: متلقى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ففيه نظر، ولم نرَ من قاله قبل المنقح (¬4) إلا صاحب الفروع (¬5)؛ لأنه من عادته أن يجعل المستحب والمستحسن مسنونًا، ولو لم يرد في السنة، كما قاله في النطق بالنية في الوضوء (¬6)، وتابعه المنقح (¬7)، قاله الحجاوي في حاشيته (¬8). وبخطه على قول المص: (ويسن. . . إلخ)؛ أيْ: بعد أن يغسل كفيه ثلاثًا، على ما في الإقناع (¬9). * قوله: (ثم يوضئه)؛ أيْ: وضوءه للصلاة، وهو مستحب، لقيام موجبه ¬
فيغسل برغوته رأسه ولحيته فقط، ثم يغسل شِقَّه الأيمن ثم الأيسر، ثم يُفيض الماء على جميع بدنه، ويثلِّث ذلك إلا الوضوء. يُمرُّ في كُل مرةٍ يَدَه على بطنه، فإن لم يَنْقَ بثلاثٍ زاد حتى يَنْقَى ولو جَاوز السبعَ، وكُره اقتصارٌ في غُسل على مرة إن لم يخرج شيءٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو زوال عقله، وظاهر كلام القاضي وابن الزاغواني (¬1) أنه واجب (¬2). قلت: هو أيضًا ظاهر كلام الشارح (¬3) فيما يأتي، حاشيته (¬4) (¬5). * قوله: (إلا الوضوء) فلا يُثَلِّثُه؛ أيْ: فلا يعيده بعد المرة الأولى؛ أيْ: فلا يوضئه غير وضوء واحد. * قوله: (ولو جاوز السبع) وهل يسن أن يكون وترًا كما في إزالة النجاسة؟ وقد يقال: إن قول المص الآتي (¬6): (ويسن قطع على وتر) عائد إليه أيضًا، فتدبر!. * قوله: (إن لم يخرج شيء)؛ يعني: فإن خرج شيء حرم الاقتصار، كما أشار إليه الشارح (¬7). ¬
ولا يجبُ الفعلُ فلو تُرك تحت ميزاب ونحوه، وحضَرَ مَنْ يصلحُ لغُسله ونوى ومضى زمنٌ يُمكنُ غُسلهُ فيه كفى. وسُن قطعٌ على وِتْرٍ، وجَعلُ كافورٍ وسِدْرٍ في الغَسلةِ الأخيرةِ، وخِضابُ شعره بحِنَّاء (¬1) وقصُّ شاربِ غيرِ مُحْرِمٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ونوى)؛ أيْ: وسمى، ذكره الشارح (¬2). * قوله: (ومضى زمن. . . إلخ) لو قال: وعَمَّه الماء، لكان أخصر، وأظهر، فتدبر!. * قوله: (وسن قطع على وتر)؛ أيْ: في جمع ما تقدم. * قوله: (وجعل كافور) إن لم يكن محرمًا، فإنه من الطيب، والإطلاق ثم التقييد يوهم خلاف المراد، وكأن المص قصد الجمع بين الحذف من الأول لدلالة الثاني، ثم من الثاني لدلالة الأول في تقليم الأظفار، إن جعل الضمير في "أظفاره" للميت، فمان جعل لغير المحرم لم يكن فيه حذف من الثاني، لدلالة الأول، فتأمل!، وسيأتي (¬3) في كلام المص ما يدل على ذلك حيث قال: "ومحرم ميت كحي. . . إلخ". * قوله: (في الغسلة الأخيرة)، قال شيخنا: ظاهر هذه العبارة غير مراد، بل المراد أن الغسلة الأخيرة يسن أن لا تخلو من (¬4) السدر، فلا ينافي استحباب كونه في غيرها، والعبارة توهم خلافه. ¬
وتقليمُ أظفاره إن طالا، وأخذُ شعر إبْطَيْه، وجعلُه معه كعضوٍ ساقط. وحَرُم حلقُ رأس، وأخذُ عانةٍ، كختن. وكُره ماءٌ حارٌ، وخلالٌ (¬1)، وأُشنانٌ إنْ لم يُحتج إليه، وتَسريحُ شعره. وسُنَّ أن يُظفَّر شعرُ أُنثَى ثلاثَة (¬2) قرون، وسدلُه وراءها، وتَنْشيفٌ. ثم إن خرجَ شيءٌ بعد سبعٍ حُشِيَ بقطن، فإن لم يَستمسك فبطينٍ حُرٍّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (تقليم أظفاره)؛ أيْ: أظفاره غير محرم. * قوله: (وجعله معه)؛ أيْ: جعل المأخوذ من شعره وأظفاره. وبخطه: أيْ: بعد إعادة غسله. * قوله: (كعضو ساقط)؛ أيْ: كما يجعل معه العضو الساقط. * قوله: (كختن) ظاهره ولو مات في حال وجوبه. * قوله: (وكره ماء حمار)؛ لأنه يؤذيه، وعلى قياسه حينئذٍ البارد الشديد البرودة؛ لأنه يؤذي الميت ما يؤذي الحي. * قوله: (وتسريح) عطف على (ماء حار) وعبارة الإقناع (¬3): (ولا يسرح شعره)، ويمكن حملها على ما هنا. * قوله: (حُشِي. . . إلخ). . . . . . ¬
ثم يُغسلُ المحلُّ، ويُوضَّأُ، وإن خرج بعد تكفينهِ لم يُعَد الغسلُ. ولا بأس بغسله في حمام، ولا بمخاطبة غاسل له حالَ غسله: بـ"انقلب يرحمك اللَّه" ونحوه. ـــــــــــــــــــــــــــــ [قال في الإنصاف] (¬1) (¬2): "قال ابن منجا في شرحه (¬3): لم يتعرض المص إلى أنه يلجم المحل بالقطن، فإن لم يمتنع حشاه، قال: وصرح به أبو الخطاب (¬4)، وصاحب النهاية فيها، يعني به أبا المعالي، وجزم به في المذهب والخلاصة"، من حاشية شيخنا (¬5). * قوله: (ثم يغسل المحل)؛ أيْ: وجوبًا. * قوله: (ويوضأ)؛ أيْ: وجوبًا، كالجنب إذا أحدث بعد الغسل. قال شيخنا (¬6): "وهذا واضح على القول بوجوب الوضوء، أما على القول باستحبابه (¬7) ففيه نظر، إذ ليس لنا مسنون إعادته واجبة". أقول: بل له نظير، وهو الحج المسنون إذا فسد، فإن قضاءه واجب (¬8). إلا أن يقال: إن هذا ثبت على خلاف القياس، فلا يقاس عليه. ¬
ومُحْرِمٌ ميتٌ كحي يُغَسلُ بماءٍ وسِدْرٍ، ولا يقرَّبُ طِيبًا، ولا يُلبسُ ذكرٌ المَخِيطَ، ولا يغطى رأسُه ولا وجهُ أنثى، ولا تُمنعُ معتدةٌ منْ طيب. وتُزال اللَّصوقُ للغُسل الواجب، وإن سقط منه شيء بقيت ومُسح عليها، ويُزال خاتَمٌ ونحوه ولو بِبَردِه، لا أنفٌ من ذهبٍ ويُحَطُّ ثمنُه إن لم يؤخذ من تركة، فإن عُدمت أخذ إذا بَليَ الميت. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا يقرب طيبًا. . . إلخ) قال في الإنصاف (¬1): "لكن لا يجب الفداء على الفاعل به (¬2) ما يوجب الفدية لو فعله حيًّا، على الصحيح من المذهب". * قوله: (ولا يغطى رأسه)؛ أيْ: الميت الذكر، بدليل ما بعده. * قوله: (ولا تمنع معتدة من طيب) لسقوط الإحداد بموتها، ولزوال علته، وهو رغبة الرجال فيها. * قوله: (وإن سقط منه شيء)؛ أيْ: خيف سقوط شيء. * قوله: (ومسح عليها) ظاهره ولو كانت على غير طهارة، فليحرر (¬3). * قوله: (لا أنف) لم يتعرض للسن، وهل هو كذلك، أو يفرق؟ ومقتضى التعليل في جانب الأنف بما فيه من المثلة، الفرق (¬4). * قوله: (من تركه) متعلق بـ (يُحَطُّ). ¬
ويجب بقاءُ دمِ شهيدٍ عليه إلا أن تُخالطَه نجاسةٌ فيُغْسَلا، ودفنُه في ثيابِهِ التي قُتلَ فيها بعد نَزْع لأْمَةِ حرب، ونحوِ فروٍ وخُفٍّ. وإن سقط من شَاهق أو دابةٍ لا بفعل العدوِّ، أو مات برفسةٍ، أو حَتْف أنفِهِ، أو وُجد ميتًا ولا أثرَ به. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ودفنه في ثيابه)، قال في الإقناع (¬1): "وظاهره ولو كانت حريرًا"، انتهى. وظاهره أيضًا أنه لا تحرم الزيادة عليها، وهو كالصريح في شرحه (¬2) في الجواب عن قصة حمزة (¬3) -رضي اللَّه عنه-، لكن قال في المبدع (¬4): "فعلى المذهب لا يزاد ولا ينقص، فيرد عليه ولو كان لابسًا الحرير، ولعله غير مراد، وذكر القاضي في تخريجه أنه لا بأس بهما"، انتهى، ذكره في الحاشية (¬5). * قوله: (ونحو فرو) انظر لو لم يكن عليه غير الفرو، هل ينزع ويكفن في غيره، أو يبقى؟. * قوله: (أو حتف أنفه)؛ أيْ: بلا سبب، تقول العرب: مات فلان حتف أنفه؟ أي على فراشه من غير حرق، أو غرق؛ لأنه يموت ونفسه تخرج من أنفه (¬6). ¬
أو عاد سهمُه عليه، أو حُمِل فأكل أو شرب، أو نام، أو بال، أو تكلم، أو عطِس، أو طال بقاؤه عُرفًا فكغيره. وسِقْطٌ لأربعةِ أشهرٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو عاد سهمه عليه) انظر ما إذا عاد عليه سهم أحد المسلمين، هل يكون كذلك، أو يكون من المقتول ظلمًا، فلا يغسل ولا يكفن؟ فليحرر. * قوله: (فأكل) هذا قيد في الأخير فقط، وما قبله كغيره تكلم، أو أكل، أو نحوه، أو لا، كذا، قرره شيخنا (¬1). * قوله: (فكغيره)؛ أيْ: يغسل، ويكفن، ويصلى عليه. * قوله: (وسِقْطٌ) بتثليث السين (¬2). * قوله: (لأربعة أشهر)؛ لأنها أوَانُ نفخ الروح فيه، كما نطقت به السنة (¬3)، وإن كان في الإقناع (¬4) اعتبار (¬5) مجاوزة الأربعة أشهر. وبخطه (¬6): وأناط الحكم غيرنا بالاستهلال، وأشار في الإقناع (¬7) إلى الخلاف ¬
كمولود حيًّا. ويحرُم سوء الظنِّ بمسلمٍ ظاهرِ العدالة، ويَجب على طبيب ونحوِه أن لا يحدِّثَ بعَيب، وعلى غاسل سترُ شر لا إظهارُ خير. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ بقوله "ولو لم يستهل". * قوله: (كمولود حيًّا)؛ أيْ: فيغسل، ويكفن، ويصلى عليه، ويدفن، ويستحب تسميته، نص عليه (¬1)، اختاره الخلال وغيره (¬2). قال في الإقناع (¬3): "ويستحب تسميته ولو وُلد قبل أربعة أشهر، وإن جهل أذكر أم أثنى، سمي بصالح لهما، كطلحة، وهبة اللَّه". * قوله: (وعلى غاسل ستر شر) عبارة المنقح (¬4): "ويجب على الغاسل ستر ما رآه، إن لم يمكن حسنًا، وقال جمع محققون (¬5): إلا على مشهور ببدعة، أو فجور ونحوه، فيسن إظهار شره، وستر خيره، وهو أظهر"، انتهى. واعترض هذا الحجاوي في حاشيته على التنقيح (¬6): بأنه لم يرد فيه سنة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ولم نرَ من قاله غيره"، انتهى. أقول: فيه توقف من وجهَين: الأول: أن قوله لم يرد فيه سنة. . . إلخ ممنوع، ¬
2 - فصل
2 - فصل وتكفينُه فرضُ كفايةٍ، ويجب لحَقِّ اللَّه -تعالى-، وحَقِّه ثوبٌ لا يصف البشرة يستر جميعَه من ملبوسِ مثله ما لم يوصِ بدونه، ويُكره أعلى، ومؤنة تجهيز بمعروف، ولا بأس بمسك فيه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إذ هي شهادة نفي والثاني: أن قوله: ولم نرَ من قاله غيره، ممنوع، إذ هو ناقل له عن غيره، حيث قال: "وقال جمع محققون. . . إلى آخره، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ. * قوله: (ثوب) فاعل "يجب". * قوله: (يستر جميعَه)؛ أيْ: جميع الميت، والمراد: إذا لم يكن محرمًا، كما مَرَّ (¬1)، فلو وصى بدونه لم يصح. * قوله: (من ملبوس مثله)؛ أيْ: في الجُمَع والأعياد، قاله في الإنصاف (¬2). * قوله: (ما لم يوصِ بدونه)؛ أيْ: بدون ملبوس مثله. * قوله: (ويكره أعلا)؛ أيْ: من ملبوس مثله، ولا تصح الوصية به. * قوله: (ومؤنة تجهيز) بالرفع، عطف على (ثوب). * قوله: (بمعروف)؛ أيْ: بقدر (¬3) العرف والحاجة، أما من أخرج فوق العادة، فأكثر الطيب والحوائج، وأعطى الحمالين، والحفارين زيادة على العادة، على طريق المروءة، لا بقدر الواجب فمتبرع، فإن كان من التركة فمن ¬
من رأس مالِه مقدَّمًا حتى على دينٍ برهنٍ، وأرْشِ جناية، ونحوهما. فإن عُدم فمِمَّن تلزمُه نفقته إلا الزوجَ، ثم من بيت المال إن كان مسلمًا، ثم على مسلمٍ عالمٍ به، وإن تبرع به بعضُ الورثة لم تَلزم بقيتَهم قبولُه، لكنْ ليس لهم سلبُه منه بعد دَفنه، ومن نُبِش وسُرق كفنُه كُفِّنَ من تركته. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نصيبه، قاله في الفصول (¬1). * قوله: (من رأس ماله) متعلق بـ (يجب). * قوله: (إلا الزوج)؛ أيْ: لا يلزمه مؤنة تجهيز امرأته، ولو لم يكن لها تركة، حتى ولو كان غنيًّا. * قوله: (ثم على مسلم عالم به). * تنبيه: سيأتي (¬2) في آخر (¬3) باب الموصى إليه ما نصه: "ومن مات ببرية ونحوها، ولا حاكم ولا وصي، فلمسلم أخذ تركته وبيع ما يراه وتجهيزه منها إن كانت، وإلا فمن عنده، ويرجع عليها، أو على من تلزمه نفقته إن نواه، أو استأذن حاكمًا"، انتهى. * قوله: (ومن نبش وسرق كفنه. . . إلخ) ولو بعد مدة، كان يمكن أن يَبْلَى مثل ذلك الكفن فيها، وهل إذا بلي الكفن وبقي الميت يكفن أيضًا من تركته، أو يفرق، وما الفرق؟. ¬
ثانيًا وثالثًا، ولو قُسمت ما لم تُصرف في دينٍ أو وصيةٍ. وإن أُكلَ ونحوُه وبقيَ كفنُه فما من ماله: فتركة، وما تُبرع به فَلِمتبرِّع، وما فَضلَ ممَّا جُبِيَ فلربِّه، فإن جُهل ففي كفنٍ آخرَ، فإن تعذَّر تُصدِّق به، ولا يُجْبَى كفنٌ لعدمٍ إن سُتِرَ بحشيش. وسُن تكفينُ رجلٍ في ثلاثِ لفائفَ بيض من قطنٍ، وكُره في أكثرَ، وتعميمُه. تُبْسطُ على بعضها واحدة فوق أخرى بعد تبخيرها، وتُجعل الظاهرة أحسنَها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ثانيًا وثالثًا) انظر هل هذا قيد؟. * قوله: (ولو قسمت) ولا تنقض القسمة، بل يؤخذ من كل وارث بنسبة حصته. * قوله: (ما لم تصرف في دين أو وصية) فلا يلزمهم تكفينه، ذكره في الحاشية (¬1). * قوله: (فما من ماله فتركةٌ. . . إلخ) كان على المص أن يقول هنا: وما من بيت المال فلبيت المال. . . إلخ. * قوله: (وما تبرع به فلمتبرع)؛ لأن تكفينه فيه ليس بتمليك، بل إباحة، بخلاف ما لو وهبه للورثة فكفنوه به ثم وجدوه فهو لهم. * قوله: (تصدق به)؛ يعني: عن أربابه، على ما يأتي في الغصب (¬2). ¬
والحَنُوطُ: وهو أخْلاط من طِيبٍ، فيما بينها. ثم يُوضعُ عليها مُستلقيًا، ويُحطُّ من قطن محنَّطٍ بين إليَتَيْه، وتُشدُّ فوقَه خِرقةٌ مشقوقةُ الطَرَف كالتُّبَانِ تجَمْعُ إليَتَيْه ومثانتَه، ويُجعلُ الباقي على منافذ وجهِهِ ومواضع سجودِهِ، وإنْ طُيِّب كلُّه فحسنٌ، وكُرِه داخلُ عينيه كبِورْسٍ وزعفوانٍ، وطَليُه بما يُمْسِكُه كصبِرٍ (¬1) ما لم يُنْقَل. ثم يُردُّ طرفُ العليا من الجانبِ الأيسرِ على شِقِّهِ الأيمن، ثم طرفُها الأيمنُ على الأيسر، ثم الثانيةُ، ثم الثالثةُ كذلك، ويُجعل أكثرُ الفاضلِ ممَّا عند رأسه، ثم يَعقدُها وتُحلُ في القبر. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بين أليتيه) الأجود عربية: ألييه (¬2). * قوله: (كالتُّبان) سراويل بلا أكمام. * قوله: (ومواضع سجوده) كجبهته، ويدَيه، وركبتيه، وأطراف قدَميه لشرفها، وكذا مغابنه كطي ركبتَيه، وتحت إبطَيه، وكذا سرته، ذكره في الحاشية (¬3). * قوله: (كبِوْرس وزعفران)؛ أيْ: كما يكره تطييبه مطلقًا بالبورس، والزعفران. * قوله: (وتحل. . . إلخ) قال أبو المعالي (¬4): "فإن نسي الملحِّد أن يحلها نبش، ولو كان بعد تسوية التراب قريبًا وحلت، لأن حلَّها سنةٌ". ¬
وكُره تخريقُها، لا تكفينُه في قميصٍ ومِئْزَرٍ ولفافةٍ، والجديدُ أفضل، وكُره رقيقٌ يحكي الهيئةَ، ومن شعرٍ وصوفٍ، ومزعفرٌ ومعصفرٌ، وحرم بجلد، وجاز في حريرٍ ومُذَهَّبٍ لضرورةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وكره. . . إلخ)؛ أيْ: لأنه إفساد لها. قال أبو الوفاء (¬1): "ولو خيف نبشه" قال في الفروع (¬2): "وهذا ظاهر كلام غيره، وجوَّزه أبو المعالي خوف نبشه". * قوله: (يحكي الهيئة)؛ أيْ: تقاطيع البدن، لكن لا يحكي بياض البشرة أو سوداها، فإن حكى ذلك لم يجُز، كما يدل عليه قوله أول الفصل (¬3): "ثوب لا يصف البشرة"، فتدبر!. * قوله: (لضرورة) وهو أن لا يوجد شيء غيره، ولعله ولو حشيشًا أو ورق شجر، كما هو ظاهر كلامهم، فليحرر (¬4)!. وظاهره أنه لا يجوز في الجلد ولو لضرورة، فليحرر (¬5)!. ¬
3 - فصل
ومتى لم يوجد ما يسترُ جميعَه ستر عورته ثم رأسُهُ، وجُعلَ على باقيه حشيشٌ أو ورقٌ. وسُنَّ تغطية نَعْشٍ، وكُره بغير أبيض. وسُن لأنثى وخنثى خمسةُ أثوابٍ بيضٍ من قطن: إزارٌ، وخمارٌ، وقميصٌ، ولفافتان. ولصبيٍّ ثوبٌ، ويُباحُ في ثلاثةٍ ما لم يرثْه غيرُ مكلفٍ، ولصغيرة قميصٌ، ولفافتان. * * * 3 - فصل والصلاةُ على من قلنا: "يُغسل" فرضُ كفايةٍ، وتَسقط بمكلفٍ، وتُسن جماعةً إلا على النَّبِي -صلى اللَّه عليه وسلم-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقياس جواز المُذَهَّب جواز المفضض بالأولى. * قوله: (ثم رأسه) انظر هل هذا ولو كان محرمًا، أو هو داخل في عموم ما سبق (¬1) في قوله في الفصل قبله "ولا يغطى رأسه"؟، الظاهر ذلك، فتدبر!. فصل في الصلاة عليه * قوله: (وتسقط)؛ أيْ: الصلاة، يعني فرضها، فهو على حذف المضاف، والتأنيث نظرًا للفظ. * قوله: (إلا على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. . . إلخ) في استثناء ذلك من مضمون جملة ¬
وأن لا تنقصَ الصفوفُ عن ثلاثة. والأولى بها وَصيةُ العدل، وتصحُّ بها لاثنين، فسيدٌ برقيقه، فالسلطانُ، فنائبُه الأمير، فالحاكمُ، فالأولى بِغُسل رجلٍ، فزوجٌ بعد ذوي الأرحام، ثم مع تساوٍ: الأولى بإمامة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المضارعية ما لا يخفى، ولو قال بدل الجملة الاستثنائية: لكن لم يصلِّ عليه -صلى اللَّه عليه وسلم- كذلك إلا فرادى، لكان أحسن، إذ المقصود حكاية حالٍ ماضية، لا إثبات حكم في حقه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإنه لا فائدة له الآن. * قوله: (والأولى بها وصية)؛ أيْ: بإمامتها، فهو على حذف المضاف. * قوله: (فنائبه الأمير فالحاكم) انظر ما الفرق بين ما هنا، وما في النكاح (¬1) من تقديم الحاكم على الأمير وقد قال القاضي (¬2) في تلك: القاضي أحب إلي في ذلك من الأمير؟. وأجاب شيخنا (¬3): "بأن ما هناك بمنزلة الحكم. والأمير لا دخل له فيه، وما هنا منظور فيه للقوة والبأس لقوله: "لا يؤمن الرجل في سلطانه" (¬4) والأمير أقوى سلطنة من الحاكم، فتأمل!. * قوله: (فزوج بعد ذوي الأرحام) ما لم يكن ابن عم، فإن كان كذلك فإنه ¬
ثم يقرعُ، ومن قَدَّمَهُ وليٌّ لا وصيٌّ بمنزلته. وتباحُ في مسجد إنْ أُمِنَ تلويثُه. وسُن قيامُ إِمامٍ ومنفردٍ عند صدرِ رجلٍ، ووسَطِ امرأةٍ، وبين ذلك من خنثى، وأن يلي إمامٌ من كلِّ نوع أفضلَ، فأسنُّ، فأسبقُ، ثم يقرعُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يقدم على ذوي الأرحام. * قوله: (عند صدر رجل ووسط امرأة) لعل مراده بالرجل ما يشمل البالغ وغيره، وبالمرأة كذلك، فإن خالف هذا الموقف بأن وقف لا عند الصدر والوسط، فإن كان مع بقاء المحاذاة كان عكس فيما ذكر، كان خلاف الأولى فقط، وإن كان بحيث لم يتحقق المحاذاة كان مكروهًا، ونص على الثانية في الإقناع (¬1) نقلًا عن الرعاية (¬2)، وببعض الهوامش في الثانية: "ما لم يفحش الانحراف، بحيث إذا رآه الرائي لا يفهم أنه يصلي على الميت، فإن كان كذلك لم تصح بالكلية"، انتهى، وهو حسن. * قوله: (وبين ذلك من خنثى) ومثله سِقْط جُهِلَ حاله. * قوله: (وأن يلي إمام) بالرفع فاعل (يلي). * وقوله: (من كل نوع) متعلق بـ (يلي). * وقوله: (أفضل) مفعول (يلي)، ووجهه أن ما يكون بين يدي الإمام هو الأفضل، إلى أن يكون ما يلي القبلة هو الأدنى، عكس ترتيب المأموميين، خلف الإمام؛ لأنه قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ليليني منكم ذووا الأحلام والنهى" (¬3)؛ يعني في حسن المأمومين ¬
وجمعهم بصلاة أفضلُ، فيُقدمُ من أوليائهم أولاهم بإمامةٍ ثم يُقرعُ، ولوَليِّ كلٍّ أن ينفرد بالصلاة عليه. ويُجعلُ وسَطُ أُنثى حِذاءَ صدر رجل، وخنثى بينهما، ويسوَّى بين رؤوس كل نوع، ثم يُكبِّرُ أربعًا يُحرِمُ بالأولى، ويتَعوذُ، ويسمِّي، ويقرأُ الفاتحةَ، ولا يَستفتحُ، وفي الثانية يصلِّي على النَّبِي -صلى اللَّه عليه وسلم-كفِي تشهدٍ، وبدعو في الثالثة بأحسنِ ما يَحضرهُ، وسُنَّ بما ورد، ومنه: "اللهمَّ اغفر لحيِّنَا وميِّتنَا، وشاهدِنا وغائبِنَا، وصغيرنا وكبيرنا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولو نصب المصنف "إمامًا" ورفع "أفضل" لكان مطابقًا للحديث لفظًا ومعنى، وإذا أخذ "يلي" من الوَلْي بمعنى القرب كان مطابقًا له معنى فقط، وهذا القدر كافٍ، فتأمل!. وعبارة الإقناع (¬1): "ويقدم إلى الإمام من كل نوع أفضلهم" وهي واضحة. * قوله: (ويسوي بين رؤوس كل نوع)؛ أيْ: أفراد كل نوع. * قوله: (ويقرأ الفاتحة)؛ يعني: سرًّا، بدليل ما سيأتي (¬2). * قوله: (كفي تشهد)؛ أيْ: أخير؛ أيْ: على الأكمل، وإلا فقد نقل الشيخ في الحاشية (¬3) عن الكافي (¬4) فيما سيأتي (¬5) أنه لا تتعين صيغة. ¬
وذكرنا وأنثانا، إنك تعلمُ مُنْقَلَبنا ومثوانا، وأنث على كل شيء قدير، اللهم من أحييتَه منا فأحيِه على الإسلام والسنة، ومن توفَّيتَه منا فتوفَّه عليهما" (¬1). "اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعفُ عنه، وكرِمْ نُزُلَه، وأَوسِع مَدْخَلَه، واغسِلْه بالماء والثلج والبرد، ونقِّه من الذنوب والخطايا كما ينقَّى الثوبُ الأبيضُ من الدنسِ، وأَبْدِلْه دارًا خيرًا من دارِه، وزوجا خيرًا من زوجه، وأَدْخِلْه الجنَّةَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (نزله) بضم الزاي، وقد تسكن قراءة (¬2). * قوله: (مَدخله) بفتح الميم، موضع الدخول، وبضمها الإدخال، ذكره الشارح (¬3)، لكن تقدم (¬4) مرارًا أن مَفْعَل كمذهب بالفتح يصلح للزمان والمكان، والمصدر، وحينئذٍ فيجوز أن يفسر المدخل بالفتح بالمصدر، يعني: الدخول، ¬
وأَعِذْه من عذاب القبر وعذاب النار" (¬1)، "وافسحْ له في قبره ونوِّرْ له فيه" (¬2). وإن كان صغيرًا، أو بَلَغ مجنونًا واستمرَ قال: "اللهم اجْعلْه ذُخرًا لوالديه، وفَرَطًا، وأَجرًا، وشَفيعًا مُجابًا، اللهمَّ ثَقِّلْ به موازينَهما، وأعظِمْ به أجورَهُما، وألحِقْه بصالحِ سلفِ المؤمنينَ، واجْعَلْه في كفالةِ إبراهيم، وقِهِ برحمتك عذابَ الجحيم" (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ لكن عُلِم أن الذي يتصف بالاتساع حقيقة هو المكان، وعلى هذا فلا بدَّ من تقدير مضاف مع المصدر؛ أيْ: محل دخوله، أو محل إدخاله. * قوله: (وفرطًا)؛ أيْ: سابقًا مهيئًا لمصالح أبَويه في الآخرة، لا فرق بين أن يموت في حياة أبَويه، أو بعد موتهما. ¬
وإن لم يَعلم إسلامَ والديه دعا لمواليه، ويُؤنِّث الضميرَ على أنثى، ويُشير بما يصلح لهما على خنثى، ويَقفُ بعد رابعةٍ قليلًا، ولا يدعو، ويسلمُ واحدة عن يمينه، ويجوزُ تِلْقاءَ وجهِهِ، وثانيةً، وسُنَّ وقوفُه حتى تُرفعَ. وواجبُها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويؤنث الضمير على أنثى) ظاهره أن دعاء الرجل كدعاء المرأة، من غير زيادة ولا نقص، والاختلاف إنما هو من جهة تذكير الضمير وتأنيثه، مع أنهم صرحوا على ما في الإقناع (¬1) بأنه لا يقول: أبدلها زوجًا خيرًا من زوجها. * قوله: (ويشير بما يصلح لهما على خنثى) ومثله سِقْط مجهول. * قوله: (وواجبها) مراده بالواجب الركن، وإنما عَنْوَن عنها بالواجب دون الركن، لأنه خولفت فيه القاعدة، من حيث إن المسبوق يخير بين القضاء وعدمه، فقد سقط الفرض عمدًا، مع أن القاعدة أنه لا يسقط عمدًا ولا سهوًا ولا جهلًا، ¬
قيامٌ في فرضها، وتكبيراتٌ، فإنْ تركَ غيرُ مسبوق تكبيرةً عمدًا: بَطَلت، وسهوًا: يكبِّرُها ما لم يَطل الفصلُ، فإنْ طال أو وُجد منافٍ استأنف، وقراءة الفاتحة على إمام ومنفرد وسُنَّ إسرارُها ولو ليلًا، والصلاةُ على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. وأدنى دعاءٍ للميت، والسلام. ـــــــــــــــــــــــــــــ كذا قرره شيخنا (¬1)، وفيه أن هذا الكلام يقتضي أن الواجب المصطلح عليه يسقط عمدًا وليس كذلك. * قوله: (في فرضها)؛ أيْ: الصلاة الأولى، فيما إذا صُلِّي عليه مرارًا، فإن الأولى هي الفرض. * قوله: (وتكبيرات) الأَوْلَى زيادة: أربع، أو: التكبيرات. * قوله: (وقراءة الفاتحة)؛ أيْ: على الإمام والمنفرد، على ما في الإقناع (¬2)؛ يعني: ويتحملها الإمام عن المأموم، كما صرح به شيخنا في شرح الإقناع (¬3). * قوله: (وأدنى دعاء للميت) "أل" هنا للحضور؛ أيْ: الخارجي إن كان بين يدي المصلي، أو الذهني إن كان غائبًا عن البلد بشرطه، وليست للجنس؛ لأنه لا يكفي الدعاء العام، بل لا بدَّ من أدنى دعاء خاص بذلك الميت، تدبر!. * قوله: (والسلام)؛ أيْ: في الجملة، وإلا فالثانية ليست ركنًا كما سبق، ولذلك قال في كل من التلخيص (¬4) والبلغة (¬5): "والسلام مرة واحدة". ¬
وشُرط لها معَ ما لمكتوبةٍ إلا الوقتَ: حضورُ الميت بين يديه، إلا على غائبٍ عن البلدِ، ولو دُونَ مسافةِ قَصْرٍ، أو في غير قِبلته، وعلى غريق ونحوه فيُصلَّى عليه إلى شهرٍ بالنِّيةِ، وإسلامُه. وتطهيرُه ولو بتراب لعذر، فإن تعذَّر صُلِّي عليه. ويُتابَعُ إمامٌ زاد على رابعة إلى سبع فقط. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه (¬1): ولم يقل والترتيب، إشارة إلى أنه ليس متفقًا على وجوبه، فراجع الإقناع (¬2)، وحاشية شيخنا عليه (¬3)، وحاشيته على المتن (¬4). * قوله: (ونحوه) كالأسير. وبخطه (¬5): لعل عطف الغريق ونحوه على الغائب من عطف الخاص على العام، ويحتاج لنكتة، فانظرها. * قوله: (إلى شهر)؛ أيْ: من موته، شرح شيخنا (¬6). * قوله: (وتطهيره. . . إلخ) ولم يذكر التكفين، مع أنه شرط كذلك، إلا أن يقال: لما كان ملازمًا للغسل عادة، اكتفى عن ذكره، بذكره، نبَّه عليه شيخنا في الحاشية (¬7). ¬
ما لم تُظنَّ بدعتُه، أو رفضُه، وينبغي أن يُسَبِّحَ به بعدها، ولا يدعو في متابعة بعد الرابعة، ولا تَبْطلُ بمجاوزةِ سبعٍ، وحرُم سلامٌ قبلَه، ويُخيَّرُ مسبوقٌ في قضاءٍ وسلامٍ معه. ولو كبر فجيءَ بأخرى فكبر (¬1)، ونواها لهما، وقد بقيَ من تكبيره أربعٌ، جاز فيقرأُ في خامسةٍ، ويُصلِّي في سادسة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ما لم تظن بدعته أو رفضه) يعني: فلا يتابع، بل ينتظر، ولا يحكم ببطلان الصلاة؛ لأنا لسنا على يقين من ذلك، وعطف "رفضه" على "بدعته" من عطف الخاص على العام. * قوله: (وحرم سلام قبله) ظاهره أنها لا تبطل بذلك، قال شيخنا (¬2): "وهو كذلك، وإنما سكت عنه لعلمه مما سبق، من أن الصلاة لا تبطل بالذكر" وينبغي أن تقيد الحرمة بما إذ لم ينووا المفارقة. * قوله: (وسلام معه عليه) فيعايا بها، ويقال: لنا صلاة صحَّت مع ترك بعض أركانها عمدًا مع القدرة على فعله. * قوله: (وقد بقي. . . إلخ)؛ أيْ: حال مجيئها، وقيل: يكرره لهما، فهو حال من (جيء)، لا من (كبر) كما توهمه العبارة. * قوله: (فيقرأ في خامسة) ولا يقرأ في رابعة تغليبًا لحال الميت الأول، لسبقه، فتصير الرابعة أخيرة للأول، وفي حكم الأولى للثاني، وهذا قول في المسألة (¬3) (¬4)، كما ¬
ويدعو في سابعة. ويَقضِي مسبوقٌ على صفتها، فإنْ خَشِي رفْعَها تَابعَ، وإنْ سلَّمَ ولم يقضِ صحَّت، ويحوزُ دخولُه بعد الرابعة، ويقضي الثلاث. ويُصلِّي على من قُبِر من فاتته قبلَه إلى شهر مِن دَفْنه، ولا تضرُّ زيادةٌ يسيرة، وتحرمُ بعدها، ويكون الميت كإمام. ـــــــــــــــــــــــــــــ نبَّه على الخلاف شيخنا في شرح الإقناع (¬1). * قوله: (ويدعو في سابعة)؛ أيْ: ويسلم عقب ذلك. * قوله: (تابع)؛ أيْ: جعل التكبير تابعًا لبعضه من غير فصل بقراءة، ولا صلاة، ولا دعاء، فتدبر. * قوله: (تابع)؛ أيْ: أتى بالتكبير نسقًا. * قوله: (صحَّت) هذا معلوم من قوله فيما سبق " ويخير. . . إلى آخره". * قوله: (ويقضي الثلاث)؛ أيْ: استحبابًا، إذ هو داخل في عموم المسبوق المخيَّر في القضاء وعدمه. * قوله: (من فاتته قبله) "من" فاعل. وقوله: "قبله"؛ أيْ: قبل الإقبار المعلوم من "قُبِرَ" والمراد به الدفن. * قوله: (ولا تضر زيادة يسيرة) قال القاضي (¬2): "كاليوم واليومين"، انتهى. * قوله: (وتحرم بعدها)؛ أيْ: ولا تصح، فإذا شك هل جاوز ذلك أو لا، ¬
وإنْ وُجدَ بعضُ ميتٍ تحقيقًا لم يصلَّ عليه غَيرُ شعرٍ وظفرٍ وسنًّ فككلِّه، ويُنوى بها ذلك البعضُ فقط، وكذا إن وُجِد الباقِي. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هل يُصَلِّي؟ ويؤخذ من حاشية شيخنا (¬1) أن (¬2) المحَرَّم العلم بالفراغ، لا مجرد الشك فيه. * قوله: (تحقيقًا)؛ أيْ: تحقق موته، فهو صفة، أو حال مؤكدة. * قوله: (لم يُصل عليه) صفة (ميت). * قوله: (فككُله) جواب (إن). * قوله: (فككُله) فيغسل، ويكفن، ويصلى عليه وجوبًا، إن لم يكن صُلِّي عليه. فإن كان قد صُلِّي عليه وجب الغسل والتكفين، واستحبت الصلاة. ويبقى النظر فيما إذا وجد بعض ميت، لكن كان انفصل منه في حال الحياة، فهل يغسل ذلك البعض ويكفن ويصلى عليه؟ استظهره شيخنا، وهو مفهوم من قول المص فيما يأتي: "ولا على بعض حَيٍّ في وقت لو وجدت فيه الجملة لم تغسل، ولم يصلِّ عليها"، فإن مفهومه أنه لو كان في وقت إذا وجدت فيه الجملة صلي عليها، أنه يصلى طى ذلك بعض، وهل تكون الصلاة عليه واجبة أو مستحبة؟. قال شيخنا (¬3): "فيه التفصيل السابق، وهو أنه إن صُلِّي على الجملة كانت مستحبة، وإن لم يصل عليها كانت واجبة، وكذا إن شك في كونه قد صُلِّي عليه". وما ذكره شيخنا من التفصيل، الأظهر خلافه، وهو الوجوب في الحالَين، لأنه لم يندرج في الجملة التي صُلِّي عليها، فليحرر!. ¬
ويُدفن بجنبِه. وتُكرَه إعادةُ الصلاة إلا إذا وُجد بعضُ ميت بشرطِه صُلِّي على جملتِه فتُسنُّ كصلاةِ من فاتته ولو جماعةً، أو من صُلِّي عليه بالنية إذا حضر، أو صُلِّي عليه بلا إذن الأَوْلَى بها مع حضورِه: فتعاد تبعًا، ولا تُوضع لصلاةٍ بعد حملِها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويدفن بجنبه)؛ أيْ: بجنب القبر. * قوله: (وتكره إعادة الصلاة)؛ أيْ: ممن صَلَّى أولًا. * قوله: (بشرطه) مرتبط بقوله: (بعض). * وقوله: (صلَّى على جملته) صفة "ميت"، ولكن وقع الفصل بين "بعض" وما هو مرتبط به بـ "ميت"، وسَهَّله كونه مضافًا إليه، وهو كالجزء من المضاف، فالفصل به كَلَا فصل، ووقع الفصل أيضًا بين "ميت" وصفته بقوله: (بشرطه)، وسَهَّله كون الفاصل جارًّا ومجرورًا، وهو يتسامح فيه ما لا يتسامح في غيره، وشرطه: أن يكون غير السن، والشعر، والظفر. * قوله: (على جملته)؛ أيْ: التي هو فيها. * قوله: (فتسن)؛ أيْ: الإعادة. * قوله: (بالنية)؛ أيْ: لغيبته. * قوله: (إذا حضر)؛ أيْ: بين أيديهم (¬1). * قوله: (تبعًا) أيْ: للأولى. * قوله: (ولا توضع) حمل الحجاوي النهي على الكراهة استظهارًا، ¬
ولا يُصلَّى على مأكول ببطن آكل، ومستحيلٍ بإحراقٍ، ونحوِهما، ولا على بعضٍ حيٍّ في وقتٍ لو وجدت فيه الجملةُ لم تغسلْ ولم يصلَّ عليها. ولا يُسن للإمام الأعظم وإمامِ كلِّ قرية -وهو واليها في القضاءِ- الصلاة على غالٍّ وقاتلٍ نفسَه عمدًا. وإن اختلَط، أو اشتبَه من يُصلَّى عليه بغيره صُلِّي على الجميع ينوي من يُصلِّي عليه، وغُسلوا وكفنوا، وإن أمكن عزلُهم وإلا دُفنوا معًا. وللمصلِّي قيراطٌ وهو: أمرٌ معلومٌ عند اللَّه -تعالى-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فراجع الإقناع (¬1). * قوله: (ولا يصلى على مأكول. . . إلى آخره) هل المراد لا تصح، بدليل المعطوف؟ نعم لفَوات شرط صحتها، وهو غسله وتكفينه. * قوله: (ونحوهما) كمَلَّاحَة (¬2) أو طرانة (¬3) أو مَصْبنة (¬4). * قوله: (وغسلوا وكفنوا كلهم)؛ لأن الصلاة على المسلمين واجبة، ولا طريق لها هنا إلا بالصلاة على جميعهم، ولا تصح الصلاة على الميت إلا بعد تغسليه، وتكفينه مع القدرة على ذلك، فوجب أن يغسلوا ويكفنوا كلهم، سواء كانوا بدار إسلام أو حرب، كثر المسلمون منهم أو قلُّوا. ¬
4 - فصل
وله بتمامِ دفنِها آخرُ بشرطِ أن لا يفارقَها من الصلاة حتى تدفن. * * * 4 - فصل وحملُها فرضُ كفاية، وسُنَّ تربيعٌ فيه: بأن يضعَ قائمةَ السرير اليُسرى المقدَّمةَ على كتفِه اليمنى، ثم ينتقلَ إلى المؤخرة، ثم اليمنى المقدَّمةَ على كتفه اليسرى، ثم ينتقلَ إلى المؤخَّرة. ولا يُكره حملٌ بين العمودين كلُّ واحد على عاتق، والجمعُ بينهما أولى، ولا بأعمدة للحاجة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وله بتمام دفنها آخرُ) حاصل كلام ابن عقيل (¬1) في تقرير معنى ذلك: أن للمصاب أجرًا على مصيبته، وأن ذلك الأجر لو نسب إليه ثواب المصلي على ذلك الميت، لكان مساويًا لقيراط من أربع وعشرين قيراطًا منه، وكذا القيراط الآخر، الذي له باستمرار كونه معها إلى تمام الدفن، فيتم له جزءان، يشبهان قيراطَين من أربعة وعشرين قيراطًا من أجر المصاب، وليس المراد أنهما ينقصان من أجر المصاب؛ لأن فضل اللَّه واسع. فصل في حمل الجنازة * قوله: (والجمع بينهما أولى) من التربيع والحمل بين العمودَين، قال أبو حفص (¬2): "يكره الازدحام عليه أيُّهم يحمله، وأنه يكره التربيع إذًا"، وكذا كره ¬
ولا على دابةٍ لغرض صحيح، ولا حملُ طفل على يديه. وسُن مع تعددٍ تقديمُ الأفضل أمامها في المسير، والإسراعُ بها دونَ الخبَبِ ما لم يُخَف عليه منه، وكونُ ماشٍ أمامَها، وراكبٍ ولو سفينةً خَلْفَها، وقربٌ منها الأفضل. وكُره ركوبٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الآجري وغيره (¬1) التربيع إذا ازدحموا. * قوله: (لغرض صحيح) كبعد القبر. قال في الفروع (¬2): "وظاهر كلامهم لا يجوز حملها على هيئة مزرية، أو هيئة يخاف منها سقوطها، ويتوجه احتمال وفاقًا للشافعي" (¬3). ويسن اتباع الجنائز، وهو حق له ولأهله، قال الشيخ تقي الدين (¬4): "ولو قُدِّرَ أنه لو انفرد لم يستحق هذا الحق، لمزاحم، أو لعدم استحقاقه، تبعه لأجل أهله إحسانًا إليهم، لتأَلُّفٍ، أو مكافأة أو غيره". * قوله: (دون الخبب) الخبب: خطو فسيح دون العَنَق. * قوله: (ما لم يخف عليه منه)؛ أيْ: من الإسراع. * قوله: (وراكب ولو سفينة خلفها)؛ أيْ: إن كان الميت مسلمًا، وإن كان الميت كافرًا ركب وتقدم، فلا يكون تابعًا لها. ¬
5 - فصل
لغير حاجةٍ وعَوْدٍ، وتقدُّمُها إلى موضع الصلاةِ، لا إلى المقبرة، وجلوسُ من يَتْبَعها حتى توضعَ بالأرض للدفن إلا لمن بَعُد، وقيامٌ لها إن جاءت أو مرَّت به وهو جالسٌ، ورفعُ الصوت معها ولو بقراءة، وأن تَتْبَعَها امرأة، وحرُم أن يتبعها مع منكَرٍ عاجزٌ عن إزالتِه، ويلزَم القادرَ. * * * 5 - فصل ودفنُه فرصُ كفاية، ويسقط تَكفينٌ وحملٌ بكافر، ويُقدَّم بتكفينٍ من يُقدَّم بغُسْلٍ، ونائبُه كهو، والأولى توليه بنفسه. وبدفنِ رجلٍ من يقدَّم بغسله، ثم بعدَ الأجانبِ محارمُه من النساء، فالأجنبيات. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لغير حاجة) كمرض، أو بعد قبر. فصل في دفن الميت * قوله: (ونائبه كهو)؛ أيْ: نائب من يُقَّدم، وعمومه يتناول الوصي، قال شيخنا (¬1): "ولعله غير مراد"، كما أسلفه في الصلاة عليه (¬2) من أن الوصي لا يستنيب، فينبغي أن يكون التقدير هنا: ونائب من له النيابة، وحينئذٍ فيخرج الوصي، فتدبر!. * قوله: (وبدفن الرجل. . . إلخ) المراد به ما قابل المرأة، فيشمل من دون البلوغ من نوعه، وهذا فسره شيخنا في الشرح (¬3) بقوله: "أيْ: ذكر". ¬
وبدفنِ امرأةٍ محارمُها الرجالُ، فزوجٌ، فأجانب، فمحارمُها النساء. ويقدَّمُ من رجالٍ خصيٌّ، فشيخٌ، فأفضلُ دينًا ومعرفة، ومن بَعُدَ عهدُه بجماعٍ أولى ممن قَرُب، وكُرِه عند طلوعِ الشمس، وقيامها، وغروبها. ولحدٌ (¬1)، وكونه ممَّا يلي القبلةَ ونصبُ لَبِنٍ عليه أفضلُ، وكُره شقٌّ بلا عذر، وإدخالُه خشبًا إلا لضرورةٍ، وما مسَّته نار، والدفن في تابوتٍ ولو امرأة. وسُنَّ: أن يُعمَّقَ قبرٌ ويوسعَ بلا حدًّ، ويكفِي ما يمنعُ السباع والرائحة، وأن يُسجَّى لأنثى وخنثى، وكُره لرجل إلا لعذر، وأن يُدْخَلَه ميت من عند رجليه إن كان أسهل. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وبدفن امرأة. . . إلى آخره) المراد بها: ما قابل الرجل، فيشمل من دون البلوغ من نوعها، والخنثى كالأنثى احتياطًا. * قوله: (ومن بعُد عهده بجماع أولى ممن قرُب) كالأعزب، والمزوج. * قوله: (ولحد) هو مبتدأ، وخبره قوله: (أفضل). * قوله: (وما مسَّته نار)؛ أيْ: ولو ضرورة، لتأخيره عن قوله: "إلا لضرورة". * قوله: (وأن يسجَّى)؛ أيْ: يغطى. * قوله: (إلا لعذر) كمطر. * قوله: (عند رجلَيه)؛ أيْ: القبر، والمراد برجلَي القبر: محل رجلي ¬
وإلا فمن حيث سهل، ثم سواء. ومَنْ (¬1) بسفينةٍ يلقى في البحر سَلًّا كإدخالِه القبرَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الميت منه (¬2). * قوله: (ثم سواء)؛ أيْ: إن استوت الكيفيتان في السهولة، فالأمران سواء، وقد يقال: إن الأول يترجح بالفعل به -صلى اللَّه عليه وسلم-، إلا أن يقال: إنه كان أسهل، لا مساويًا. * قوله: (يلقى في البحر سلًّا)؛ أيْ: بعد تغسيله، وتكفينه، والصلاة عليه، وتثقيله بشيء يستقر به في قرار البحر، نص عليه (¬3)، محل ذلك إن لم يكونوا قرب الساحل، فإن كانوا بقربه وأمكنهم دفنه وجب، انتهى، حاشية (¬4). ¬
وقولُ مُدْخِله: "بسم اللَّه، وعلى ملة رسول اللَّه" (¬1)، وأن يُلْحِدَه على شقه الأيمن، وتحت رأسه لَبِنة. وتُكره مخدةٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال ابن عقيل (¬2): "وليس لنا محل ناب فيه الماء عن التراب إلا هذا" (¬3). ¬
ومضرَّبةٌ (¬1)، وقطيفةٌ تحته، أو أن يُجعل فيه حديدٌ ولو أن الأرضَ رِخوةٌ، ويجبُ أن يُستقبلَ به القبلةُ. وسنَّ حَثْوُ التراب عليه ثلاثًا باليد ثم يُهال، وتلقينُه، والدعاءُ له بعد الدفن عند القبر، ورشُّه بماء، ورفعُه قدر شِبْر. وكُره فوقَه، وزيادةُ ترابِه، وتزويقُه، وتخليقُه (¬2)، ونحوهُ، وتجصيصُه، واتكاءٌ إليه، ومبيتٌ، وحديثٌ في أمرِ الدنيا، وتبسُّمٌ عنده وضحكٌ أشدُّ، وكتابةٌ، وجلوسٌ، ووطءٌ، وبناءٌ، ومشيٌ عليه بنعل، حتى بالتُّمُشْكِ -بضم التاء والميم، وسكون الشين- (¬3)، وسُنَّ خلعُه إلا خوفَ نجاسة، أو شوكٍ، ونحوِه. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومشى عليه بنعل) قال في الإقناع (¬4) في أثناء عبارته: "والوطء، قال بعضهم (¬5): إلا لحاجة"، ثم قال بعد ذلك بأسطر (¬6): "ويكره المشي بالنعل فيها ¬
ولا بأس بتطييِنه، وتعليمِه بحجر أو خشبة ونحوِهما وبلوحٍ، وتَسْنيمٌ (¬1) أفضلُ إلا بدار حرب إن تعذر نقلُه فتسويتُه وإخفاؤه، ويحرمُ إسراجُها، والتخلِّي، وجعلُ مسجدٍ عليها وبينَها. ـــــــــــــــــــــــــــــ حتى بالتُّمشك". فظاهره أن الوطء على القبر مكروه مطلقًا؛ أيْ: سواء كان بالنعل أو غيره، والمشي في المقبرة لا يكره إلا بالنعل، وعبارة المص وإن كان المراد منها ذلك، إلا أنها لا تعطيه. ثم رأيت شيخنا اعترضه في حاشيته (¬2) فقال: "قوله: (ومشى عليه بنعل)، الصواب: ومشي بين القبور بنعل، كما في المبدع (¬3)، والإقناع (¬4) وغيرهما (¬5)، إذ المشي عليه هو الوطء المتقدم، وهو مكروه مطلقًا بنعل أو لا"، انتهى. * قوله: (وبِلَوح) فصله بإعادة الجار، مع أنه من تعلقات ما قبله، للخلاف فيه (¬6). * قوله: (وتسنيم) هو مبتدأ، وخبره: (أفضل). * قوله: (ويحرم إسراجها) ظاهر قول الشارح (¬7) في تعليله (¬8): "لأن في ذلك تضييعًا للمال من غير فائدة، ومغالاة في تعظيم الأموات، يشبه تعظيم الأصنام"، ¬
ودفنٌ بصحراء أفضلُ سوى النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1)، واختار صاحباه الدفنَ عندهِ تشرفًا وتبركًا (¬2)، ولم يُزَدْ لأَن الخرق يتسع، والمكانُ ضيقٌ، وجاءت أخبارٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ انتهى، أنه إنما يحرم إذا لم يكن لحاجة من هو جالس عنده، بل كان يقصد تعظيم الميت، أو لم يكن عنده أحد ينتفع بالمصابيح أو (¬3) كان زائدًا على القدر المحتاج إليه في استصباح من عنده، وهو كذلك عن الشافعية (¬4). ¬
تدلُّ على دفنِهم كما وقع (¬1). ومَنْ وصى بدفنِه بدار، أو أرض في ملكه دُفِن مع المسلمين، ولا بأس بشرائِه موضعَ قبره، ويُوصِي بدفنِه فيه، ويصح بيعُ ما دُفن فيه من ملكه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (دفن مع المسلمين)؛ لأنه يضر بالورثة، قاله أحمد (¬2)؛ أيْ: بسبب تذكره كلما رأوا القبر. * قوله: (ولا بأس بشرائه موضع قبره)؛ أيْ: من مقبرة مملوكة، فلا ينافي ما سبق من أنه إذا أوصى بدفنه في داره أو أرض في ملكه أنه يدفن مع المسلمين. * قوله: (ويوصي بدفنه فيه) فعله عثمان، وعائشة (¬3). ¬
ما لم يُجعل مقبرةً، ويستحبُ جمعُ الأقارب، والبقاعُ الشريفة. ويدفن في مُسَبَّلَة ولو بقول بعض الورثة، ويقدَّم فيها بسبق، ثم قُزعةٍ، ويَحْرمُ الحفرُ فيها قبل الحاجةِ، ويحرُمُ دفنُ غيرِه عليه حتى يُظَنَّ أنه صار ترابًا، ومعَه إلا لضرورة أو حاجة، وسُنَّ حجزٌ بينهما بتراب، وأن يُقدَّمَ إلى القبلة من يقدَّمُ إلى الإمام. والمتعذرُ إخراجُه من بئر إلا متقطِّعًا ونحوَه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ما لم يُجْعل مقبرة) بأن يقول: جعلتها مقبرة. * قوله: (ويستحب جمع الأقارب) في المقبرة الواحدة؛ لأنه أسهل لزيارتهم، وأبعد لاندراس قبورهم، ويستحب أيضًا ما كثر فيه الصالحون لتناله بركتهم (¬1). * قوله: (ويحرم الحفر فيها)؛ أيْ: المُسَبَّلة. * قوله: (ويحرم دفن. . . إلخ) إنما أعاد العامل؛ لأنه لو أسقطه، لأوهم أنه إذا ظن أن المدفون صار ترابًا جاز الحفر في المقبرة (¬2) بغير حاجة؛ لأن "حتى" صارت غاية لكل من المعطوف، والمعطوف عليه، وليس كذلك، فتدبر!. * قوله: (حتى يظن أنه صار ترابًا) أيْ: فإن ظن أنه صار ترابًا جاز نبشه، وأما الدفن عليه فإن كان ظنه مطابقًا للواقع جاز وإلا فلا، وعبارته توهم خلاف ذلك، لكن ما قدرناه يؤخذ من الشرح (¬3) من موضع. * قوله: (ونحوه) كَمُمَثَّلٍ به. ¬
وثَمَّ حاجةٌ إليها أخرج، وإلا طُمَّتْ. ويحرمُ دفنٌ بمسجدٍ ونحوِه، وينبشُ، وفي ملكِ غيره ما لم يأذن، وله نقلُه، والأولى تركُه. ويباح نبشُ قبر حربيٍّ لمصلحةٍ، أو لمالٍ فيه، لا مسلمٍ مع بقاء رِمَّته، إلا لضرورة. وإن كُفن بغصْبٍ، أو بلَع مال غيره بلا إذنه، ويبقَى، وطلبَه ربُه، وتعذر غرمُه، أو وقع ولو بفعل ربِه في القبر مالَه قيمةٌ عرفًا نُبش وأُخذ، لا إن بلع مال نفسه ولم يَبْلَ إلا مع دين. ويجب نبشُ من دُفن بلا غسلٍ أمكن. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بمسجد ونحوه) كالمدرسة والرباط. * قوله: (لمصلحة) وهل من المصلحة ما لو (¬1) لم يوجد للمسلم محل يدفن إلا قبر الحربي أو لا؟. توقف فيه شيخنا (¬2)، ثم استظهر أنه ليس منها، لأنهم نصوا على حرمة دفن المسلم بمقبرة كفار وعكسه، ووجوب التمييز، وقد يقال: إنه لا يلزم من كونه قبر حربي، أن يكون بمقبرة كفار، فتدبر!. * قوله: (أو بلع مال غيره. . . إلخ) حاصل شروط هذه المسألة خمسة، تؤخذ من المتن صريحًا. * قوله: (بلا غسل أمكن)؛ أيْ: وقد أمكن تغسيله قبل دفنه، تداركًا لواجب ¬
أو صلاةٍ، أو كفنٍ، أو إلى غير القبلة. ويجوز لغرض صحيح كتحسينِ كفَنٍ، ونحوِه، ونقله لبقعة شريفة، ومجاورةِ صالح، إلا شهيدًا دُفِن بمصرعه، ودفنُه به سنةٌ فيردُّ إليه لو نقُل. وإن ماتت حامل حرُم شقُّ بطنها، وأخرج النساء من ترجى حياتُه، فإن تعذر لم تدفن حتى يموتَ، وإن خرج بعضُه حيًّا شُق للباقي، فلو مات قبله أُخرج، فإن تعذر غُسِّل ما خرج، ولا تيمم للباقي، وصُلِّي عليه معها بشرطِه، وإلا فعليها دونَه. ـــــــــــــــــــــــــــــ غسله، ذكره الشارح (¬1)، وحينئدٍ فليس المراد أمكن تغسيله الآن، فتدبر!. * قوله: (أو صلاة أو كفن) فيخرج ويغسل، وبكفن، ويصلي عليه، ولو كان قد صلى عليه، لعدم سقوط الفرض بالصلاة عليه عريانًا، أو من غيره غسل. * قوله: (ويجوز لغرض صحيح) وهل منه ما (¬2) لو دفن معه شيء من القرآن فينبش لأخذه أو لا؟. قال شيخنا: "الظاهر أن ينبش"، وكذا المصحف بالطريق الأولى، فليحرر!. * قوله: (حرم شق بطنها) مسلمة كانت أو ذمية. * قوله: (أخرج)؛ أيْ: ولا يشق بطنها، شارح (¬3). * قوله: (بشرطه) وهو أن يكون قد تم له أربعة أشهر، خرج بعضه أو لم يخرج. ¬
6 - فصل
وإن ماتت كافرةٌ حاملٌ بمسلم لم يصلَّ عليه، ودفنها مسلم مفردةً إن أمكن، وإلا فمعها على جنبِها الأيسر مستدبرةَ القبلة. * * * 6 - فصل ويُسنُّ لمصابٍ أن يسترجعَ فيقول: "إنَّا للَّه وإنا إليه راجعون. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (حامل بمسلم)؛ أيْ: ميت، وإلا فَتَقَدم. وعمومه يشمل الذمية إذا تعذر إخراج ما في بطنها، لا تدفن حتى يموت. فصل * قوله: (وإنا إليه راجعون) ذكر ابن الجوزي في قصصه المفردة (¬1)، أن آدم -عليه السلام- لما مات عزَّى جبريل ولده شيثًا، فقال شيث: إنا للَّه وإنا إليه راجعون، فقال جبريل: أحسنت يا هبة اللَّه، وُفقْتَ، ووُفِّق كل من قالها عند المصيبة، انتهى. لكن في الإتقان (¬2) أنه روى الطبراني مرفوعًا أن من خصائص هذه الأمة قول أحدهم عند المصاب: إنا للَّه وإنا إليه راجعون (¬3). قال شيخنا العلامة نور الدين على الشبراملسي: "إنه (¬4) يمكن التوفيق بينهما، ¬
اللهم آجِرنِي في مصيبتي وأخلف لي خيرًا منها" (¬1)، ويصبرَ، ولا يلزمُ الرضا بمرض، وفقر، وعاهة، ويحرُم بفعلِه المعصية. وكُره لمصاب تغييرُ حالِه من خلع رداء ونحوِه، وتعطيلُ معاشه لا بكاؤه، وجعلُ علامة عليه ليعرف فيُعزَّى، وهجرُه للزينة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بحمل حديث الطبراني على أن هذه الأمة اختصت بإنزال هذا القول، لا بمجرد قوله عند المصاب". * قوله: (ولا يلزم الرضا بمرض إلى. . . إلخ)؛ لأن هذا من المقضي، وهو لا يلزم الرضا به، بل بالقضاء، كما هو مقرر في علم العقائد (¬2)، وكذلك (¬3) لا يلزم بموت نحو ولده؛ لأن الصبر الذي هو أدنى مرتبة من الرضى مستحب فقط، لا لازم، فعدم لزوم الرضى أولى. وإنما خص هذه الثلاثة بالذكر لِيَرُدَّ على ابن عقيل، حيث ادعى اللزوم فيها (¬4). * قوله: (لا بكاؤه) المناسب للغة والحكم الشرعي أن يقول: بكاه بالقصر، لأن البكاء رفع الصوت، وهو الصراخ (¬5)، وسيأتي أنه حرام. * قوله: (وهجره للزينة)؛ أيْ: ولا هجره. ¬
وحسنِ الثياب ثلاثَة أيام. وحرُم ندبٌ، ونياحةٌ، وشقُّ ثوب، ولطمُ خدِّ، وصراخٌ، ونتفُ شعرٍ، ونشرُه ونحوُه. وتسنُّ تعزيةُ مسلم ولو صغيرًا، وتُكره لشابة أجنبية، إلى ثلاث. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وحرم ندب ونياحة) الندب تعدد محاسن الميت مع البكاء، قاله الجوهري (¬1). قال ابن قندس (¬2): "بلفظ النداء، إلا أنه يكون بالواو مكان الياء، وربما زيد فيه الألف والهاء نحو قولهم: وارجلاه"، انتهى. والنياحة قال القاضي عياض (¬3): "هي اجتماع النساء للبكاء على الميت متقابلات، والتناوح التقابل، ثم استعمل في صفة بكائهن بصوت ورنة وندبة" في المطلع (¬4). * قوله: (ونحوه) كتسويد الوجه، وخدشه. ذكر ابن الجوزي في قصصه المفردة (¬5) أن آدم -عليه السلام- لما مات مزَّقت حواء ثوبها، وصرخت، ولطمت وجهها، ودقت صدرها، فورثت ذلك بناتها، ولزمت قبر آدم أربعين يومًا، لا تطعم رقادًا. * قوله: (إلى ثلاث) قالوا: التعزية بعد ثلاث تجديد للمصيبة، والتهنئة بعد ¬
فيقالُ لمصابٍ بمسلم: "أعظمَ اللَّه أجرك، وأحسن عزاءك، أو غير ذلك وغفر لميتك" (¬1)، وبكافر: "أعظم اللَّه أجرك، وأحسن عزاك"، أو غير ذلك. وكُره تكرارُها، وجلوسٌ لها، لا بقرب دار الميت ليتبعَ الجنازة، أو ليخرجَ ولِيُّه فيعزيَه، ويردُّ مُعَزًّى: بـ "استجاب اللَّه دعاءك ورحمنا وإياك" (¬2). وسُنَّ أن يصلح لأهل الميت طعامٌ يبعث إليهم ثلاثًا، لا لمن يجتمع عندهم فيُكره كفعلهم ذلك للناس، وكذبح عند قبر، وأكل منه. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ ثلاث استخفاف بالود. * قوله: (وجلوس لها)؛ أيْ: جلوس المصاب لأجل أن يُعزَّى، ويطلب الفرق بين ذلك، وبين جعل علامة عليه ليعرف فيعزى؟. وقد يقال: إن بقية الكلام تقتضي أن الكلام في جلوس المُعَزِّي -بزنة اسم الفاعل-، لكن المحشِّي (¬3) جعله عامًّا فيهما، ونقل نص الإمام (¬4) في كراهة ذلك من المصاب، فالسؤال باقٍ. ¬
7 - فصل
7 - فصل سُنَّ لرجل زيارةُ قبر مسلم، وأن يقفَ زائرٌ أمامَه قريبًا منه، وتُباح لقبر كافر، وتكره لنساء، وإن علمن أنه يقع منهن محرَّمٌ حرمت، إلا لقبر النَّبِي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وصاحبيه -رضوان اللَّه تعالى عليهما-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (قريبًا منه) ويباح لمسُ القبر باليد. قال في الفروع (¬1): "أما التجمع للزيارة كما هو معتاد فبدعة، وقال ابن عقيل: أبرأ إلى اللَّه منه". * قوله: (وتباح لقبر كافر) وكذا يباح الوقوف عند قبره لزيارته، ولا يسلم عليه، بل يقول: أبشر بالنار (¬2). ¬
فتُسن (¬1)، ولا يمنع كافرٌ من زيارة قبر قريبه المسلم. وسُن لمن زار قبور المسلمين، أو مرَّ بها أن يقولَ: "السلام عليكم دارَ قوم مؤمنين" (¬2)، أو: "أهلَ الديار من المؤمنين، وإنا إن شاء اللَّه بكم للاحقون، وبرحم اللَّه المستقدمين منكم والمستأخرين، نسأل اللَّه لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم" (¬3)، "واغفر لنا ولهم" (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فتسن)؛ أيْ: للرجال والنساء. * قوله: (أو أهل الديار من المؤمنين) وقد دلَّ هذا على أن الديار تقع على المقابر، والأهل على ساكن المكان من حي وميت. * قوله: (وإنا إن شاء اللَّه بكم للاحقون) والإنشاء للتبرك، قاله بعض العلماء (¬5)، وفي البغوي (¬6): أنه يرجع إلى اللحوق، لا إلى الموت، وفي المشافي (¬7): أنه يرجع إلى البقاع. ¬
ويخيَّر فيه على حَيٍّ بين تعريف وتنكير، وهو سنةٌ، ومن جمعٍ سنةُ كفاية، وردُّه فرض كفاية. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومن جمع سنة كفاية) والأفضل أن يسلموا كلهم، ولا يجب إجماعًا (¬1). ويكره في الحمام، وعلى من يقاتل، أو يأكل، أو يصلي، أو يبول، أو يتغوط، أو يتلو، أو يذكر، أو يلبِّي، أو يتحدث، أو يخطب، أو يعِظ، أو يسمع لهم، ومن يكرر فقهًا، أو يدرس، أو يبحث فيه، أو يؤذن، أو يقيم، أو يستمتع بأهله، أو مشتغل (¬2) بالقضاء ونحوهم، وكذا أن يسلم على امرأة أجنبية، إلا أن تكون عجوزًا أو برزة، أو يخص بعض طائفة دون بقيتهم بالسلام (¬3). * قوله: (ورده فرض كفاية). رَدُّ السلام واجب إلا على ... مَنْ في الصلاة أو بأكل شُغِلا أو شربٍ أو قراءة أو أدعية ... أو ذِكر أو في خطبة أو تلبية أو في قضاء حاجة الإنسان ... أو في إقامة أو الأذان أو سَلَّم الطفل أو السكران ... أو شَابَّة يُخْشَى بها افتتان أو فاسق أو ناعس أو نائم ... أو حالة الجماع أو تحاكم أو كان في الحمام أو مجنونَا ... فهي اثنتان قبلها عشرونا ¬
كتشميتِ عاطسٍ حَمِد، وإجابته. ويسمعُ الميت الكلام، ويعرفُ زائره يوم الجمعة قبل طلوع الشمس ويتأذى بمنكر عندَه، وينتفعُ بالخير. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (حمد) أشار بعضهم (¬1) إلى فائدة حمده الواقع في الحديث (¬2) بقوله: من يستبق عاطسًا بالحمد (¬3) يأمن من ... شوص ولوص وعلوص كذا وردا فالداء في الضرس شوص ثم في أذن ... لوص وفي البطن علوص كذا وجدا أيْ: في اللغة. * قوله: (وإجابته) مقتضى التشبيه، وبه صرح الشارحان (¬4)، أن الإجابة من العاطس فرض كفاية، وفيه نظر، إذ المخاطب به واحد، وهو خصوص العاطس، ¬
وسُنَّ ما يخفف عنه ولو بجعلِ جريدة رطَبةٍ في القبر (¬1)، وذكرٍ، وقراءةٍ عنده. وكلُّ قُربْةٍ فعلها مسلم، وجعل ثوابَها لمسلم حَيٍّ أو ميت حصل له ولو جهله الجاعلُ، وإهداءُ القُرَبِ مستحبٌّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لا جملة من أفراد، فليس كردِّ السلام، فلتحرر المسألة (¬2)!. * قوله: (له)؛ أيْ: للمجعول له. * قوله: (مستحب) حتى له -عليه الصلاة والسلام-. * * * ¬
4 - كتاب الزكاة
4 - كِتَابُ الزَّكَاةِ
(4) كِتَابُ الزكاةُ: حقٌّ واجبٌ في مال خاصٍّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الزكاة قال في المطلع (¬1): "قال ابن قتيبة (¬2) (¬3): الزكاة من الزكاء، وهو النماء والزيادة، وسميت بذلك، لأنها تثمِّر المال وتنمِّيه، يقال: زكا الزرع: إذا بورك فيه. وقال الأزهري (¬4) (¬5): سميت زكاة لأنها تزكي الفقراء؛ أيْ: تنمِّيهم. قال: وقوله -تعالى-: {تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ} [التوبة: 103]؛ أيْ: تطهر المخرجين، وتزكي الفقراء"، انتهى. * قوله: (حق واجب)؛ أيْ: بأصل الشرع، فخرج عن التعريف النذر بمعين ¬
لطائفةٍ مخصوصة، بوقتٍ مخصوص. والمالُ الخاص: سائمةُ بهيمةِ الأنعام، وبقر الوحش وغنمه، والمتولِّدُ بين ذلك، وغيرُه، والخارجُ من الأرض، والنحلُ، والأثمانُ، وعروضُ التجارة. وشروطُها: وليس منها بلوغٌ، وعقلٌ. الإسلامُ، والحريةُ لا كمالُها، فتجب على مبعَّض بقدر ملكه، لا كافرٍ ولو مرتدًّا، ولا رقيق ولو مكاتبًا، ولا يملك رقيقٌ غيرُه ولو مُلِّك. ـــــــــــــــــــــــــــــ لمعينٍ، من مال معين، في وقت معين. كأن قال: إن قدم؛ أيْ: من السفر في وقت كذا، فلزيد من مالي الذي في الكيس الفلاني مقدار كذا، فإنه يصدق على ما جعله لزيد نذرًا، أنه حق واجب في مال خاص، في (¬1) وقت خاص، لطائفة مخصوصة، لأن الطائفة يوصف بها الواحد، فيقال: نفس طائفة، لكن وجوبه ليس بأصل الشرع، بل بالإيجاب. * قوله: (وشروطها) "شروطها" (¬2) مبتدأ، خبره "الإسلام" وما عطف عليه، بملاحظة العطف قبل الربط. * قوله: (ولو ملك) خلافًا للشافعي (¬3) القائل بأنه يَمْلِك إذا مُلِّك (¬4)، وهو قول عندنا أيضًا (¬5). ¬
وملكُ نصاب تقريبًا في أثمان وعروض، وتحديدًا في غيرهما، لغيرِ محجورٍ عليه لفلسٍ، ولو مغصوبًا، وبرجع بزكاته على غاصبٍ، أو ضالًّا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وملك)؛ أيْ: في غير الركاز، لأنه بالغنيمة أشْبَه، ولذلك وجب فيه الخمس. * قوله: (وتحديدًا في غيرهما)؛ أيْ: غير الأثمان والعروض، فلو نقص نصاب الحب أو الثمر يسيرًا لا يتداخل في الكيل، أو نصاب السائمة واحدة أو بعضها لم تجب. قال في الفروع (¬1): "ولا اعتبار بنقص يتداخل في الكيل في الأصح، جزم به الأئمة (¬2)، وقال صاحب التلخيص: إذا نقص ما لو وزع على الخمسة أوسق ظهر فيها سقطت الزكاة، وإلا فلا"، انتهى. * قوله: (لغير محجور عليه لفلس) هذا لا تظهر له فائدة إلا على القول بأن الدين ليس مانعًا من وجوب الزكاة، وإلا فسيأتي (¬3) أنه لا زكاة في مال من عليه دين ينقص النصاب، سواء كان محجورًا عليه لفلس أو غيره، فتدبر!. ثم رأيت الشيخ صرح في كل من الشرح (¬4) والحاشية (¬5) أن هذا يتمشى على كل من القولَين؛ أيْ: ولو قلنا إن الدين لا يمنع وجوبها، قال: "لأنه ممنوع من ¬
لا زمنَ مُلْكِ ملتقط، ويرجُع بها على ملتقط أخرجها منها. ـــــــــــــــــــــــــــــ التصرف في ماله حكمًا، ولا يحتمل المواساة، وتجب في مال المحجور عليه لسفه، أو صغر، أو جنون"، انتهى. * قوله: (لا زمن ملك ملتقط) قال في شرحه (¬1): "وهو ما بعد حول التعريف حكمًا، كالمال الموروث، فيصير كسائر أمواله، يستقبل به حولًا في الأصح (¬2) ويزكى، نص عليه، لوجوب الزكاة عليه بالدخول في ملكه من حين مُضِي حول التعريف"، انتهى. أقول: هذا ملك مراعى، لا تام، مع أنه يشترط تمام الملك -كما سيأتي (¬3) - في الشرط الرابع، وسيأتي الجواب هناك. * قوله: (ويرجع بها على ملتقطه أخرجها منها) قال في شرحه (¬4): "يعني أن الملتقط متى أخرج زكاة المال الذي التقطه (¬5) زمن وجوبها على رب المال وهو حول التعريف من عين (¬6) اللقطة، ثم أخذها رجع على الملتقط بما أخرج منها لتعدِّيه بالإخراج، لعدم إجزائه عن ربها، وإن أخرجها من غيرها، لم يرجع بشيء على ربها لم تقدم"، انتهى. أقول: هذا التقدير فيه إخراج للمتن عن ظاهره؛ لأن قوله: (لا زمن ملك ¬
أو غائبًا، لا إن شكَّ في بقائِه، أو مسروقًا، أو مدفونًا منسيًّا، أو موروثًا جهلَه أو عند مَنْ هو؟ ونحوَه، ويزكيه إذا قدر عليه، أو مرهونًا، ويخرجُها راهنٌ منه لا إذن إن تعذر غيره، ويأخذُ مُرْتَهِنٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ملتقط) يقتضي أن الكلام فيما بعد حول التعريف، كما أسلفه عند شرح هذه الجملة (¬1). * قوله: (لا إن شك في بقائه) انظر ما فائده هذا الاستثناء، مع أن المشكوك في بقائه أيضًا تجب عليه زكاته إذا عاد إلى ملكه. * قوله: (ونحوه)؛ أيْ: نحو ما ذكر، كالمال الموهوب قبل قبضه. * قوله: (ويزكيه إذا قدر عليه)؛ أيْ: لا يلزمه إخراجْ زكاة ما تقدم من الغائب، والمسروق، والمدفون المنسي، والموروث المجهول إلا إذا قدر عليه، ولا زكاة الموهوب (¬2) إلا إذا قبضه. [ومراده إذا قبضه] (¬3) كلًّا، أو بعضًا، فلا يشترط يقبض جميع النصاب لوجوب الزكاة، بل كلما وصل إليه منه شيءٍ زكَّاه، بدليل ما يأتي (¬4) في قوله: "ولو قبض دون نصاب. . . إلخ"، وإلا يلزم التعارض. * قوله: (إن تعذر غيره) فإن لم يتعذر غيره جاز الإخراج منه أيضًا، لكن بإذن مرتهن، وهذه هي التي في الإقناع (¬5)، فلا تخالف بين الكتابين. * قوله: (ويأخذ مرتهن. . . إلى آخره) حيث أخرجها راهن بلا إذنه. ¬
عوضَ زكاةٍ إن أيسر. أو دينًا -غير بهيمة الأنعام، أو ديةٍ واجبةٍ، أو دين سَلَمٍ ما لم يكن أثمانًا، أو لتجارة- ولو مجحودًا بلا بينة. وتسقط زكاته إن سقطَ قبل قبضِه بلا عوضٍ ولا إسقاط، وإلا فلا. فيُركَّى إذا قُبِض، أو أُبْرِئ منه لما مضى، ويجزئ إخراجُها قبل. ولو قبضَ دون نصابِ، أو كان بيدِه وباقيه دينٌ أو غصبٌ أو ضالٌّ زَكَّاه. وإن زكتْ صداقها كلَّه، ثم تنصف بطلاقِه رجع فيما بقي بكلِّ حقه، ولا تجزئُها زكاتُها منه بعد. ويزكي مشترٍ مبيعًا متعينًا، أو متميزًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو دَيْنًا) على مليء أو غيره. * قوله: (ولو مجحودًا بلا بينة)؛ لأنه لا أثر لجحده في سقوط الزكاة، ولا ضرر على المالك؛ لأنه لا يجب إخراج الزكاة إلا بعد قبضه. * قوله: (فيزكى إذا قبض أو أبرئ منه) لا حاجة إليه بعد قوله: (وإلا فلا)؛ لأن معناه: أن ما لا يسقط بعِوض أو إسقاط لا تسقط زكاته، ومعنى عدم السقوط: المطالبة بما مضى إذا قبض، أو أبرئ منه، إلا أن يقال: معنى الأولى أن الزكاة لا تسقط بل تتعلق بذمته. ومعنى الجملة الثانية المفرعة: أنه يجب عليه الإخراج بالفعل إذا حصل أحد هذَين الأمريَن، فتدبر!. * قوله: (ولا يجزئها زكاتها منه بعد)؛ أيْ: بعد طلاقها قبل الدخول، ولو
ولو لم يقبضه حتى انفسخ بعد الحول، وما عداهما بائعٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ حال الحول، لأنه مال مشترك، فلا يجوز لأحدهما التصرف فيه (¬1) قبل القسمة. * قوله: (حتى انفسخ بعد الحول) بتلف مطعوم قبل قبضه، أو خيار مجلس، أو شرط، أو عيب؛ لأن الفسخ رفع للعقد من حين فسخ، لا من أصله. وقال ابن حامد (¬2): "إذا دلَّس البائع العيب فرد عليه، فزكاته عليه"، انتهى. وللبائع إخراج زكاة مبيع فيه خيار منه، فيبطل البيع في قدره. * قوله: (وما عداهما. . . إلخ) قالوا: كالمشاع، والموصوف في الذمة (¬3). أقول: وهو مشكل؛ لأنه لا تتصور الزكاة فيهما. أما الأول: فلأنه خرج عن ملك البائع بالبيع، ولا تلزمه زكاة غير ملكه. وأما الثاني: فلأنه لا جود له حتى يزكي، إلا أن يصور بما إذا كان عنده مثل المبيع الموصوف، ثم سلَّمه للمشتري بعد الحول، على ما فيه. أقول: انظر هل يجوز أن يكون المراد من المشاع الذي تجب زكاته على البائع الجزء الذي لم يتصرف فيه، وهو ما عدا الجزء المبيع؟. لكن يعارضه قول الشارح (¬4): "وما عداهما من المبيعات"، وقوله (¬5): "يعني أن المبيع غير المتعين، كأربعين شاة موصوفة في الذمة، أو غير المتميز كنصف مشاعًا في زيرة من فضة وزنها أربع مئة درهم، يزكيه البائع"، انتهى. فإنه صريح في ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أن الكلام مفروض في الجزء المبيع. ثم رأيت في حواشي ابن مفلح (¬1) نقلًا عن شيخه ابن قندس (¬2) ما نصه: "قال شيخنا ابن قندس: المراد بغير المتعين ما في الذمة، مثل أربعين شاة موصوفة في الذمة، فإنها غير متعينة، بخلاف هذه (الأربعون أو أربعون) (¬3)، أو شاة موصوفة من هذا (¬4) القطيع، فإنها متعينة. وأما المتميزة فهي هذه الأربعون شاة، فكل متميزة متعينة، ألا ترى أن هذه الأربعين متميزة عن غيرها، وهي متعينة بخلاف الأربعين من هذا القطيع، فإنها متعينة غير متميزة، فليس كل متعينة متميزة. وإذا علم أن كل غير (¬5) معينة غير متميزة لزم من نفي غير المتعينة نفي غير المتميزة، فحينئذٍ قوله: "ولا متميزة" غير محتاج إليه، ويكتفى بقوله غير متعين، والمعنى: فأما مبيع في الذمة فيزكيه البائع"، انتهى. قال شيخنا (¬6): "وينبغي ملاحظة ما قررناه من أنه كان عنده أربعون شاة مساوية للموصوفة في الذمة، ومضى الحول عليها عند البائع، ثم سلمها للمشتري، ما لم يكن البائع عليه دين". ¬
وتمامُ الملك، ولو في موقوف على معيَّن من سائمة، وغلة أرض وشجرٍ، ويُخْرِج من غيرِ السائمة. فلا زكاةَ في دين كتابةٍ، وحصةِ مُضَارِب قبل قسمة، ولو مُلكت بالظهور، ويزكي ربُّ المال حصَّته كالأصل، وإذا أدَّاها من غيره فرأسُ المال باقٍ، ومنه تحتسبُ من أصل المال وقدر حصته من الربح. وليس لعاملٍ إخراجُ زكاةٍ تلزم ربَّ المال بلا إذنِه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وتمام الملك) قال في الفروع (¬1): "في الجملة"، انتهى. ومراده إدخال نحو الصداق من اللقطة، والموهوب قبل قبضه، وما أشبه ذلك. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: بأن يكون النصاب الذي بيده لم يتعلق به حق غيره، ويتصرف فيه على حسب اختياره، وفوائده حاصلة له، قاله أبو المعالي (¬2). * قوله: (فلا زكاة في دين كتابة) لنقص الملك فيه، لعدم استقراره. * قوله: (قبل قسمة) أو تنضيضه مع محاسبة. * قوله: (كالأصل) تبعًا له، فمن دفع لرجل ألفًا مضارية على أن الربح نصفَين فحال الحول وقد ربح ألفَين، زكى رب المال ألفَين. * قوله: (وقدر حصته من الربح) فينقص ربع عشر (رأس المال مع ربع عشر) (¬3) حصته من الربح. * قوله: (بلا إذنه) فيضمنها، ولا تجزئ لعدم النيابة. ¬
ويصح شرطُ كلٍّ منهما زكاةَ حصته من الربح على الآخر، لا زكاةَ رأسِ المال أو بعضه من الربح. وتجب إذا نذر الصدقةَ بنصاب أو بهذا النصابِ إذا حال الحولُ، ويبرأ من زكاة ونذر بقدر ما يُخْرِج منه بنِيَّته عنهما. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويصح شرط كل منهما. . . إلخ) فيه أن العامل لا زكاة عليه على الصحيح (¬1)، فلعل ما هنا على القول الثاني (¬2). * قوله: (لا زكاة رأس المال أو بعضه من الربح)؛ لأنه قد يحبط بالربح رأسًا، وظاهر كلام المص أن الفاسد الشرط فقط، ومقتضى القواعد فساد عقد المضاربة للجهالة. * قوله: (بنصاب)؛ أيْ: إذا حال الحول. * قوله: (إذا حال الحول) من تمام الصيغتَين، لا متعلق بـ "يجب". * قوله: (بنيته عنهما)؛ أيْ: عن النذر، والزكاة؛ لأن كلًّا منهما صدقة، كما لو نوى بالصلاة الراتبة والتحية، وفي التمثيل بالراتبة والتحية توقف؛ لأنه لا ملاءمة بين النفل والواجب، فكان الأولى التمثيل بغسل الجنابة والإسلام، إذا اغتسل لهما غسلًا واحدًا بنيتِهما؛ لأن في كل منهما تشريكًا بين واجبَين بالنية، بخلاف ما مثل به. وقد يقال: المنظور إليه في التمثيل جهة الإجزاء فقط، ولا يلزم في التشبيه المشابهة من كل وجه. ¬
لا في معيَّن نذَرَ أن يتصدق به، وموقوفٍ على غير معيَّن أو مسجدٍ، وغنيمةٍ مملوكة إلا من جنسٍ إن بلغت حصةُ كل واحد نصابًا، وإلا انبنى على الخُلطة. ولا في فَيْءٍ، وخمسٍ، ونقد موصَّى به في وجوه برٍّ، أو (¬1) يُشترى به وقف، ولو ربح، والربحُ كأصل. ولا في مالِ مَنْ عليه دينٌ يَنْقُص النصاب، ولو كفارةً ونحوَها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا في معين نذر أن يتصدق به) بأن قال: نذر علي للَّه -تعالى- أن أتصدق بهذا، أو قال: هو صدقة، ولم يقل فيهما إذا حال الحول، فلا زكاة لزوال ملكه أو نقصه. * قوله: (وموقوف)؛ أيْ: ولا زكاة في موقوف. . . إلخ. * قوله: (وإلا انبنى على الخلطة)؛ أيْ: وإن لم تبلغ حصة كل واحد نصابًا، بأن لم تبلغ حصة واحد منهما نصابًا، أو بلغت حصة واحد منهما نصابًا، ومعنى قوله: (انبنى على الخلطة) أنه يلاحظ ما يأتي (¬2) فيها، من أنهما لا تؤثر (¬3) في غير الماشية، ولا يلزم الخليط الإخراج قبل القبض. * قوله: (أو يُشترى به وقف) لعدم تعين مالكه. * قوله: (ولا في مال من عليه دين)؛ يعني: لا فرق في ذلك الدين بين أن يكون للَّه -تعالى-، أو لآدمي. ¬
أو زكاة غنم عن إبل، إلا ما بسبب ضمان، أو حصادٍ، أو جُذَاذٍ، أو دِيَاس ونحوه، ومتى بَرِئ ابتدأ حولًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه: ما لم يكن خليطًا، كما يأتي (¬1) في أواخر باب زكاة السائمة في قوله "ومن بينهما ثمانون شاة نصفَين، وعلى أحدهما دين. . . إلى آخره" فتنبه لها!. * قوله: (أو زكاة غنم عن إبل) إن صُوِّرت بما إذا كان عنده خمس من الإبل، وأربعون شاة من الغنم، وحول الإبل سابق على حول الغنم، بأن ملك الإبل في المحرَّم مثلًا، والغنم في صفر، فواضح أن نصاب الغنم ينقص بما وجب منه عن الإبل، سواء أخرج الشاة بالفعل أو لم يخرجها؛ لأنه دين ينقص النصاب. أما إذا كان الحولان متساويين بأن ملكهما في وقت واحد، فهل تجب شاة واحدة عنهما، أو عن الإبل، ويحكم بنقص نصاب الغنم فلا يجب فيه شيء، أو يجب عن كل شاة؟ حرر (¬2). وأما إذا كان حول الغنم سابقًا، فوجوب الشاتَين ظاهر. * قوله: (إلا ما بسبب ضمان)؛ أيْ: فلا يمنع؛ لأنه فرع أصل في لزوم الدين، فاختص المنع بأصله لترجحه، وفي منع الدين أكثر من قدره إجحاف بالفقراء، ولا قائل بتوزيعه على الجهتَين. فلو غصب ألفًا، ثم غصبه منه آخر واستهلكه، ولكل منهما ألف، فلا زكاة على الثاني، وأما الأول فيجب عليه؛ لأنه لو أدى الألف لرجع به على الثاني، ذكره الشارح (¬3). ¬
ويمنع أرْشُ جنايةِ عبدِ التجارة زكاةَ قيمته. ومن له عرضُ قُنْيَةٍ، يباعُ لو أفلس يَفِي بديِنه، جُعل في مقابلة ما معه ولا يزكيه، وكذا من بيده ألفٌ، وله على مَلِئ ألفٌ، وعليه ألفٌ. ولا يمنع الدينُ خمسَ الرِّكاز. ولأثمانٍ، وماشيةٍ، وعروضِ تجارة مضيُّ حولٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويمنع أرش جناية. . . إلخ) ظاهر الإطلاق، سواء كانت بإذن السيد، أو لا، لأنه لا يخرج عن كونه دينا مانعًا من الزكاة. * قوله: (ومن له عرض قنية. . . إلخ) وأما عرض التجارة فإنه يجعل الدين في مقابلته. * قوله: (يباع) بأن كان زائدًا على الحاجة. * قوله: (يفي بدينه)؛ أيْ: ومعه مال زكوي، غير ما يتحصل من عرض القنية، وكان الأولى التصريح بذلك في صدر المسألة بأن يقول: ومن معه مال زكوي وله عرض قنية. . . إلخ. * قوله: (جعل)؛ أيْ: الدين. * قوله: (ما معه) من المال الزكوي. * قوله: (ولا يزكيه)؛ أيْ: المال الزكوي. * قوله: (وكذا من بيده ألف. . . إلخ) فيجعل ما بيده في مقابلة ما عليه، فلا يزكيه ويزكي الدين إذا قبضه. * قوله: (ولا يمنع الدين خمس الركاز)؛ لأنه لا يُشترط له نصاب ولا حول.
ويُعفَى فيه عن نصف يوم، لكن يستقبلُ بصداقٍ، وأجرةٍ، وعوض خلعٍ معينين، ولو قبل قَبْضٍ من عقدٍ، وبمبهمٍ من ذلك من تعيينٍ. ويتْبع نِتاجُ السائمة وربحُ التجارةِ الأصلَ في حوله إن كان نصابًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويعفى فيه عن نصف يوم)، قال في تصحيح الفروع (¬1): "وهو الصحيح"، انتهى. وقيل: وعن يوم، وقيل: ويومَين، وفي الروضة: وأيام (¬2). * قوله: (من عقد) لثبوت الملك في عين ذلك بمجرد العقد، فينفذ فيه تصرف من وجب له. * قوله: (وبمبهم من ذلك)؛ أيْ: وبما يصح أن يُبْهَم من ذلك فـ "من" تبعيضية على صنيع الشارح (¬3)، واسم الإشارة حينئذٍ مستعمل في موضوعه، فإنه لكل ما ذكر، فتدبر!. وبخطه: قال في شرحه (¬4): "أيْ: من صداق وعوض خُلع"، انتهى. ولم يذكر الأجرة، لعله؛ لأنها لا تكون مبهمة، إلا أن يراد بالمبهم ما يشمل الموصوف. * قوله: (من تعيين) فلو وقع الصداق أو الخلع على أحد نصابَين من ذهب أو فضة أو سائمة في رجب مثلًا، فلم يعين إلا في المحرم، فهو أول الحول. * قوله: (إن كان نصابًا)؛ أيْ: الأصل. ¬
وإلا فحَولُ الجميع من حين كَمُل، وحولُ صغار من حينِ ملكٍ ككبار. ومتى نقَص، أو بِيع، أو أُبْدِلَ ما تجب في عينه بغير جنسه لا فرارًا منها انقطع حولُه، إلا في ذهب بفضة، وعكسِه، ويُخرج ممَّا معه، وفي أموال الصيارف. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وحول صغار)؛ أيْ: يمكن أن تسوم، لا إن كانت تتغذى باللبن، كما صرح به في الإنصاف (¬1). * قوله: (ومتى نقص) ما تجب في عينه أو جنسه بغير بيع، لئلا يتكرر. * قوله: (أو بيع)؛ أيْ: أو بعضه، ولو مع خيار. وبخطه: قوله: (أو بيع) كان الأولى أن يقول بدله: أو زال ملكه (¬2) عنه، ليدخل نحو الهبة، وجعله صداقًا، أو أجرة، أو عوض خُلع. * قوله: (أو ي علىأبدل) يغني عنه قوله: (بيع) إلا أن يحمل الأول على ما فيه إيجاب وقبول، والثان المعاطاة. * قوله: (ما تجب في عينه) بخلاف ما تجب في قيمته، كعروض التجارة، فإنه لا ينقطع الحول ببيعه، نعم لا تجب الزكاة بنقصه فقوله (ما تجب. . . إلخ) متعلق بـ (بيع) فقط. * قوله: (وعكسه) كفضة بذهب، فلا ينقطع؛ لأن كلًّا منهما يضم إلى الآخر في تكميل (¬3) النصاب. * قوله: (وفي أموال الصيارف)؛ أيْ: وإلا. . . إلى آخره. هذا لا يحتاج إلى ¬
لا بجنسِه فلو أبدلَه بأكثرَ زكَّاه إذا تمَّ حولُ الأول كنِتاج. وإن فرَّ منها (¬1) لم تسقط بإخراجٍ عن ملكه، ويزكِّي من جنس المبيع لذلك الحول، وإن ادعى عدمَه وثَمَّ قرينةٌ عُمِل بها، وإلا قُبل قولُه. ـــــــــــــــــــــــــــــ استثنائه، إلا على القول بأن إبدال الذهب بالفضة يقطع الحول (¬2). وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: هذا يغني عنه قوله: (إلا في ذهب بفضة وعكسه) وجعله الشيخ في شرحه على الإقناع (¬3) من قبيل عطف الخاص على العام، ولم يذكر نكتته (¬4). * قوله: (لا بجنسه) محترز قوله: (بغير جنسه) ولم يتعرض لمحترز الذي قبله وهو قوله: (في عينه) وكان عليه أن يتعرض، لكونه احترازًا عن عروض التجارة، التي تجب الزكاة في قيمتها. * قوله: (وإن فرَّ منها) محترز قوله: "لا فرارًا منها". * قوله: (بإخراج عن ملكه) ومقتضاه صحة البيع. * [قوله: (وإن ادعى عدمه)؛ أيْ: عدم الفرار. * قوله: (وثم قرينة)؛ أيْ: تكذبه] (¬5). * قوله: (وإلا قبل قوله)؛ أيْ: في أنه لم يفعل ذلك فرارًا منها. ¬
وإذا مَضَى وجبت في عينِ المال ففي نصابٍ لم يُزَكَّ حولين، أو أكثرَ زكاةٌ واحدة، إلا ما زكاتُه الغنمُ من الإبل فعليه لكل حول زكاةٌ، وما زاد على نصاب يُنقص من زكاته كلَّ حول بقدرِ نقصه بها. وتعلُّقها كأرش جناية، لا كدين برهن، أو بمال محجور عليه لفلس، ولا تعلُّق شركة، فله إخراجُها من غيره، والنماءُ بعد وجوبها له. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وجبت في عين المال)؛ أيْ: الذي لو أخرج من زكاته لأجزأت، بخلاف عروض التجارة، وما زكاته الغنم من الإبل، فإنها تجب في ذمة المزكِّي، لا في عين المال. * قوله: (فعليه لكل حول زكاة) ظاهره يشمل ما إذا كان خمسًا من الإبل، ولا مال له غيرها، مع أنه تقدم (¬1) أنه لا زكاة على من عليه دين ينقص النصاب، إلى أن قال: "أو زكاة غنم عن إبل"، فينبغي أن يمثل لما هنا بغير الخمس، كما أشار إليه شيخنا في كل من الشرح (¬2) والحاشية (¬3). * قوله: (لا كدين برهن. . . إلخ) أما كونه ليس كالأخيرين فواضح، وأما كونه ليس كالدين برهن (¬4) ففيه نظر، بل هو مثله، إذ له توفية الدين من الرهن، وله توفيته من غيره، وليس الدين متعلقًا بعين الرهن فلا يجوز توفيته من غيره حتى يقال إن تعلق الزكاة ليس مثله. وقد يقال: إنها ليست مثله من جهة أن الراهن ليس له أن يتصرف في الرهن ¬
إن أتلفه لزم (¬1) ما وجبَ فيه، لا قيمتُه. وله التصرفُ ببيع وغيره، ولا يرجع بائعٌ بعد لزوم بيعٍ في قدرها، إلا إن تعذَّر غيرُه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بعد لزومه إلا بإذن المرتهن، بخلاف رب المال، فإن له أن يتصرف في المال الزكوي بعد مضي الحول، وتتعلق الزكاة بذمته، ولا يتوقف ذلك على إذن من أهل الزكاة، وحينئذٍ فالمراد أنه ليس كتعلق الدين بالرهن من سائر الوجوه، وإن ساواه في بعضها، كما أن المراد أن تعلقها كأرش جناية في الجملة، لا من سائر الوجوه، إذ المال الزكوي إذا تلف بعد وجوب الزكاة فيه لا تسقط زكاته، والعبد الجاني إذا مات حتف أنفه، أو هرب قبل مطالبة سيده، أو بعده ولم يمنع منه، لا يتبع به السيد، وقد أشار إلى ذلك شيخنا في شرحه (¬2) في هذا المحل حيث قال: "ولا يعتبر لوجوبها أيضًا بقاء مال وجبت فيه، فلا تسقط بتلفه فرط أو لا؛ لأنها حق آدمي، أو مشتملة عليه، فأشبهت دين الآدمي؛ ولأن عليه مؤنة تسليمها إلى مستحقها فضمنها بتلفها بيده، كعارية وغصب، وبهذا فارقت العبد الجاني"، انتهى. * قوله: (وله التصرف ببيع وغيره) ظاهر عطفه على المفرع (¬3) أن الرهن لا يصح التصرف فيه ببيع ولا غيره مطلقًا، مع أنه ليس كذلك، فكان الظاهر أن يقول: بإذن أو غيره؛ لأن الرهن يصح التصرف فيه بالبيع أو غيره بالإذن، فتدبر!. * قوله: (إلا أن تعذر غيره)؛ أيْ: فإنه يرجع في قدرها، ولعله وجوبًا، واللام في كلام الشارح (¬4) للجواز، بمعنى عدم الامتناع الصادق بالوجوب (¬5). ¬
ولمشترٍ الخيار، ولا يُعتَبر إمكانُ أداء، ولا بقاءُ مال، إلا إذا تلف زرعٌ، أو ثمرٌ بجائحة قبل حصادٍ وجذَاذٍ. ومن مات وعليه زكاةٌ أُخذت من تركتِه، ومع دينٍ بلا رهن وضيق مال: يَتَحاصَّان. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولمشترٍ الخيار)؛ أيْ: بين الإمضاء والفسخ، كتفريق (¬1) الصفقة. * قوله: (ولا يعتبر إمكان أداء)؛ أيْ: في وجوبها، أما في لزوم الإخراج فإنه معتبر، فلو اقتصر على ما سبق (¬2) من قوله: "ويزكيه إذا قدر عليه"، لكان أحسن. * قوله: (ولا بقاء مال إلا إذا تلف) أو كان دينًا وسقط بغير عوض ولا إسقاط، كما تقدم (¬3). * قوله: (قبل حصاد. . . إلخ)؛ أيْ: أو بعده، لكن قبل وضع في جرين، أو بيدر، أو مسطاح -كما يأتي (¬4) -. * قوله: (أخدت من تركته) ولو لم يوصِ بها. * قوله: (يتحاصان) كان الظاهر تقديم الزكاة، لأنها متعلقة بعين المال، بخلاف الدين بلا رهن، فإنه مرسل في الذمة، فتعلقه بها، وما تعلق بعين المال، مقدم على ما تعلق بالذمة، فليحرر (¬5)!. ¬
وبه يقدَّم بعد نذر بمعيَّن، ثم أُضحيةٍ معيَّنة، وكذا لو أفلس حيٌّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ذكره شيخنا في شرحه (¬1). * قوله: (وبه يقدم)؛ أيْ: إذا كان الدين برهن قدم ربه بالرهن. * قوله: (بعد نذر. . . إلخ) متعلق بـ (يتحاصان). * قوله: (وكذا لو أفلس حيٌّ) وقد نذر الصدقة بشيء معين، وعين أضحية، وعليه زكاة ودين. * * * ¬
1 - باب زكاة السائمة
1 - باب زكاة السائمة ولا تجبُ إلا فيما لدَرٍّ، ونسلٍ، وتسمِين والسَّومُ: أن ترعى المباحَ أكثرَ الحولِ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب زكاة السائمة حرَّر معنى التاء في "السائمة" (¬1). * قوله: (لدَرٍّ ونسل وتسمين) الواو بمعنى "أو"، و"تسمين" زاده صاحب الفروع (¬2) أخذًا من كلامهم (¬3)، لأنهم احترزوا بقولهم بالدَّرِّ والنسل، عن (¬4) المتخذَة للعمل، أيْ: أكثر الحول. * قوله: (والسوم. . . إلخ)؛ أيْ: المراد هنا، وفي اللغة مطلق (¬5) الرعي (¬6). ¬
ولا تُشترط نِيَّتُه، فتجبُ في سائمة بنفسها، أو بفعلِ غاصبها، لا في مُعْتَلِفةٍ بنفسها، أو بفعلِ غاصب لها، أو لِعَلَفِها. وعدمُه مانعٌ، فيصح أن تعجَّل قبل الشروع فيه. وينقطع السوم شرعًا بقطعها عنه بقصدِ قطعِ الطريق بها ونحوِه كحَول التجارة بنية قُنْيَةِ عبيدها لذلك. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا تشترط نيته) وهذا يدل على تعبيره في الترجمة بالسائمة، دون المستامة. * قوله: (لها) أقحم الجار، رَومًا للاختصار في المعطوف، بناء على مذهب الجمهور (¬1)، فتنبَّه!. * قوله: (أو لعلفها) لم يتعرض لمحترز (¬2) قوله: (المباح). فكان ينبغي أن يقول: ولا في راعية لمملوك (¬3) بنفسها، أو بفعل غاصبها، أو غاصب لما ترعاه. * قوله: (بقصد قطع الطريق. . . إلخ) انظر هل وجبت عليه الزكاة في هذه الحالة، تغليظًا وعقوبة عليه؟ وقد يقال: إنه أشبه العاصي في السفر الذي لا (¬4) يمنع من الترخص. * قوله: (كحول)؛ أيْ: كانقطاع حول. . . إلخ. * قوله: (لذلك)؛ أيْ: لقطع الطريق، ولغير ذلك ينقطع بالطريق الأولى. ¬
أو ثيابِها الحرير للُبس محرم، لا بنِيَّتها لعمل قبله. ولا شيءَ في إبلٍ حتى تبلغَ خمسة ففيها شاةٌ بصفة غيرِ مَعيبة، وفي المَعيبة: صحيحةٌ تَنْقصُ قيمتُها بقدر نقص الإبل. ولا يجزيءُ بعيرٌ، ولا بقرةٌ، ولا نصفًا شاتين. ثم في كلِّ خمس شاةٌ إلى خمس وعشرين، فتجب بنتُ مخاض (¬1)، وهي: ما تم لها سنةٌ، فإن كانت عنده وهي أعلا من الواجب خُيِّر بين إخراجِها، وشراءِ ما بصفته. وإن كانت معيبةً، أو ليست في ماله فذكر. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا بنيتها)؛ أيْ: القنية. * قوله: (لعمل) كحمل، أو كري، أو حرث. * قوله: (قبله)؛ أيْ: قبل العمل بالفعل، فمجرد نيته لا تكون مؤثرة في قطع السوم، لضعفها. * قوله: (بنت مخاض) هو من قبيل الكنية. * قوله: (وشراء ما بصفته) ولا يجزئ ابن لبون في هذه الحالة؛ لأن عنده الواجب. * قوله: (فذكر) هذا من المواضع التي يجزي فيها الذكر (¬2). ¬
أو خنثى ولدُ لَبُونٍ (¬1) وهو: ما تم له سنتان، ولو نقصت قيمته عنها، أو حِقٌّ (¬2): ما تم له ثلاث سنين، أو جَذَعٌ (¬3): ما تم له أربع سنين، أو ثَنِيٌّ (¬4): ما تم له خمس سنين، وأولى بلا جُبران، أو بِنتُ لَبُون ويأخذه، ولو وُجد ابن لَبُون. وفي ست وثلاثين: بنتُ لَبُون، وفي ست وأربعين: حِقَّةٌ، وفي إحدى وستين: جَذَعةٌ، وتجزئ ثَنِيَّةٌ، وفوقَها بلا جبران، في ست وسبعين: ابنتا لبون، وفي إحدى وتسعين: حِقَّتان، وفي إحدى وعشرين ومئة: ثلاثُ بناتِ لبون. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وتجزئ ثنية) وهي ما دخلت في السنة السادسة. * قوله: (وفوقها) بأن دخل في السابعة، ويقال حينئذٍ للذكر: رباع، وللأنثى: رباعية، فإذا دخل في الثامنة فالذكر: سدس وسديس، لفظ الذكر والأنثى فيه (¬5) سواء فإذا دخل في التاسعة فهو: بازل، والأنثى أيضًا: بازل بغير هاء، فإذا دخل في العاشرة فهو مخلف، ثم ليس له اسم، لكن يقال: مخلف: عام، ومخلف عامين، وبازل عام، وبازل عامين، لطلوع بازلِه وهو نابه، ثم لا اسم له بعد ذلك، ¬
ويتعلقُ الوجوبُ حتى بالواحدة التي يتغير بها الفرض، ولا شيءَ فيما بين الفرضَين، ثم تستقرُّ في كل أربعين بنت لَبُون، وفي كل خمسين حِقَّةٌ. فإذا بلغت ما يتفقُ فيه الفرضان كمئتين، أو أربعمئةٍ خُيِّر بين الحِقَاقِ، وبين بناتِ اللَّبُون، ولصح كون الشِّطرِ من أحدى النوعين، والشِّطرِ من الآخَر، وإن كان أحدهما ناقصًا لا بُدَّ له من جُبران تعينَ الكاملُ. ومع عدمِهما، أو عيبِهما، أو عدمِ أو عيبِ كل سنٍّ وجب، له العدولُ إلى ما يليه من أسفلَ ويُخرجُ معه جُبْرانًا، أو إلى ما يليه من فوق ويأخذُ جبرانًا، فإن عَدِم ما يليه انتقل إلى ما بعده، فإن عَدِمه أيضًا انتقل إلى ثالث بشرط كون ذلك في ملكِه، وإلا تعين الأصل. والجُبرانُ: شاتان، أو عشرون درهمًا، ويجزئ في جبرانٍ، وثانٍ، وثالثٍ، النصفُ دراهمُ والنصفُ شياهٌ. ويتعين على وليِّ صغير ومجنونٍ إخراجُ أدْوَنِ (¬1) مجزئ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قاله في المطلع (¬2). * قوله: (ولي صغير. . . إلخ) لو عبَّر بمحجور عليه لكان أشمل. * قوله: (أدْوَنِ مجزئ)؛ أيْ: أقل مجزئ، فهو مضاف، لا موصوف بما بعده. ¬
1 - فصل
ولغيره دفعُ سنٍّ أعلى إن كان النصاب مَعيبًا، ولا مدخلَ لجبران في غيرِ إبل. * * * 1 - فصل وأقلُّ نصابِ بقر أهليَّة أو وحشيَّة ثلاثون، وفيها تَبيعٌ، أو تبِيعةٌ (¬1)، ولكل منهما سنةٌ، ويجزئ مسنٌّ. وفي أربعين مُسِنَّةٌ (¬2) ولها سنتان، وتُجزئ أنثى أعلا منها سنًّا، لا مُسِنٌّ، ولا تبيعان. وفي ستين تبيعان، ثم في كل ثلاثين تبَيعٌ، وفي كل أربعين مُسنَّةٌ، فإذا بلغت ما يتفق فيه الفرضان كمئة وعشرين فكإبل. ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه: فيه بناء اسم التفضيل من غير فعل، وهو شاذ (¬3). * قوله: (ولغيره)؛ أيْ: غير ولي الصغير والمجنون. فصل في زكاة البقر * قوله: (فكَإِبل)؛ أيْ: إن شاء أخرج ثلاث مسنات، وإن شاء أخرج أربع أتبعة، فالتثنية من جهة واحدة، لا من كل وجه، فتدبر. ¬
2 - فصل
ولا يجزئ ذكرٌ في زكاة إلا ههنا، وابن لبون وحِقٌّ وجَذَعٌ عند عدم بنت مَخَاض، وإذا كان النصاب من إبل أو بقر أو غنم كله ذكورًا. * * * 2 - فصل وأقل نصاب غنم أهليَّةٍ أو وحشيَّةٍ أربعون، وفيها شاةٌ. وفي إحدى وعشرين ومئةٍ: شاتان. وفي واحدة ومئتين ثلاثٌ إلى أربع مئة، ثم تَستقرُّ واحدةٌ عن كل مئة. ويؤخذ من مَعْز ثنيٌّ وله سنةٌ، ومن ضأن جَذعٌ وله ستةُ أشهر، ولا يؤخذ تَيْسٌ حيث يجزئ ذكر، إلا تيسَ ضِرابٍ لخيْرِه برضا ربه. ولا هَرِمةٌ ولا مَعِيْبَةٌ لا يضحَّى بها، إلا إن كان الكل كذلك. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (إلا هنا) وهو الموضع الثاني. * قوله: (وجذع عند عدم بنت مخاض)؛ أيْ: حسًّا أو شرعًا، حتى يشمل المعيبة، هذا أول المواضع، وقد سبق (¬1). * قوله: (وإذا كان النصاب. . . إلخ) هذا هو الموضع الثالث، وهو المتمم لمواضعه. فصل في زكاة الغنم * قوله: (إلا إذا كان الكل كذلك) ويفرق بينه وبين أول أنصباء الإبل. بأن ¬
ولا الرُّبا وهي: التي تربِّي ولدها، ولا حامل، ولا طَرُوقةُ الفحل، ولا كريمةٌ، ولا أكولةٌ إلا أن يشاء ربُّها. وتُؤخذ مريضةٌ من مِراض، وصغيرةٌ من صغار غنم، لا إبلٍ، وبقرٍ، فلا يجزئ فصلانٌ (¬1) وعجاجيلُ (¬2)، فيُقوَّمُ النصاب من الكبار، ويقوَّمُ فرضُه، ثم تُقوَّمُ الصغارُ، ويؤخذُ عنها كبيرةٌ بالقسط. وإن اجتمع صغارٌ وكبارٌ، وصحاحٌ ومعيباتٌ، وذكورٌ وإناثٌ، لم يُؤخذ إلا أُنثَى صحيحةٌ كبيرةٌ على قدر قيمةِ المالَيْن، إلا كبيرةً مع مئة وعشرين سَخْلةً فيخرجُها وسخلةً، وصحيحةً مع مئةٍ وعشرين معيبة: فيخرجُها ومعيبةً. فإن كان نوعين كبَخَاتِيٍّ (¬3) وعِرابٍ (¬4)، أو بقر وجواميسَ، أو ضأنٍ ومَعْزٍ، أو أهليةٍ ووحشية. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الزكاة وجبت هنا في عينه، فلا يكلف لشراء أعلى، وهناك وجبت في الذمة، فيتعين شراء صحيح تنقص قيمته بالنسبة. * قوله: (ولا الرُّبا) بضم الراء (¬5). ¬
3 - فصل
أخذت الفريضةُ من أحدهما على قدر قيمة المالَيْن. وفي كرامٍ ولئامٍ، أو سمانٍ ومَهازيلَ، الوسطُ بقدر قيمة المالَيْن. ومن أخرج عن النصاب من غير نوعه ما ليس في ماله جازَ إن لم تنقصُ قيمته عن الواجب. وبجزئ سنٌّ أعلا من فوض من جنسه، لا القيمةُ؛ فيجزئ بنتُ لَبُون عن بنت مَخَاض، وحِقَّةٌ عن بنت لبون، وجَذَعةٌ عن حِقَّةٍ، ولو كان عنده الواجبُ. * * * 3 - فصل وإذا اخْتلطَ اثنان. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أخدت الفريضة من أحدهما) الظاهر أو منها، حيث لا ضرر. فصل في الخلطة (¬1) * قوله: (وإذا اختلط) ما توهمه صيغة افتعل، من أنه لا بدَّ أن يكون المالان منفردين، ثم تقع بينهما الخلطة، ليس مردًّا، بدليل ما سيأتي (¬2) في قوله: "ومتى لم يثبت لأحدهما حكم الإنفراد بعض الحول، بأن ملكا نصابًا معًا زكَّيا زكاة خلطة"، وقوله: قبله (¬3) "ولا تعتبر نية الخلطة". ¬
فأكثرُ من أهلها في نصابِ ماشيةٍ لهم جميعَ الحول خُلطةَ أعيانٍ بكونه مشاعًا، أو أوصافٍ: بأن تميَّز ما لكلٍّ، واشتركا في: مُرَاح "بضم الميم" وهو: المبيت والمأوى. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (من أهلها) هو على حذف مضاف؛ أيْ: أهل وجوبها، وإلا فأهل الزكاة مستحقوها، لا من تجب عليهم؛ فتدبر!. وبخطه: خرج غير الأهل، كالكافر، والمكاتب. * قوله: (في نصاب ماشية. . . إلى آخره) وإن كان لذلك المال الذي تَمَّ النصاب المشترك فيه بقيَّة (¬1) لم يشتركا فيها، بأن لم يقع فيها خلطة بالكلية، أو وقعت لكن مع غير هذا الخليط، فإن الخلطة تُصَيِّر الجميع مالًا واحدًا، كما صرح به المحشِّي (¬2) في آخر الفصل، وبدليل المسألة الآتية (¬3) آخر الفصل، المذكورة بقوله: "ومن له ستون شاة. . . إلخ" وعلى هذا فينبغي أن يكون التقدير في جواب الشرط وهو قوله: "فكواحد": فمالهما ولو غير المشترَك فيه، إذا كان من جنس المشترك فيه كواحد. أو أوصافٍ: بأن تميَّز ما لكلِّ، واشتركا في: مُرَاح "بضم الميم" وهو: المبيت والمأوى. * قوله: (لهم) يرد عليه لو اختلط راعيان فأكثر، إلا أن يقال: الإضافة لأدنى ملابسة. * قوله: (بكونه مشاعًا)؛ أيْ: بين الخليطَين، أو الخلطاء، بأن يكون لكل ¬
ومَسرح وهو: ما تجتمع فيه لتذهبَ إلى المرعى. ومَحْلَب وهو: موضعُ الحلب. وفحلٍ: بأن لا يختصَّ بطرقٍ أحدُ المالَيْن. ومرعى وهو: موضعُ الرعي ووقتُه فكواحد. ولا تعتبر نيةُ الخُلطةِ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نصفه، أو ثلثه، أو سدسه، ونحوه، كما لو ورثوه، أو اشتروه شركة ويقي بحاله، قاله في الحاشية (¬1). * قوله: (بأن لا يختص. . . إلى آخره) محله إذا لم يختلف نوعهما، أما إذا اختلفا نوعًا كضأن، ومَعز، فلا يضر اختلافهما في الفحل في هذه الحالة. وقد يقال إن المضِر إنما هو تخصيص الفحل بفعل فاعل، أما لو اختص بغير تخصيص، أو كان الاختصاص طبيعيًا، بأن (¬2) كان من أحدى النوعَين كالضأن والماعز، فلا يضر، ولعل هذا هو الحامل للمص على ترك التقييد بعدم اختلاف النوع، وعلى هذا فينبغي أن يكون المراد من قوله: "بأن لا يختص" بأن لا يخص، فتأمل، وتمهل!. * قوله: (وهو موضع الرعي ووقته) فيكون من قبيل استعمال المشترك في معنييه، وهو سائغ عند جمهور العلماء (¬3)، قاله في الحاشية (¬4). ¬
ولا اتحادُ مَشْرَب، وراع. وإن بطُلت بفواتِ أهلية خليط ضمَّ من كان من أهل الزكاة مالَه، وزكَّاه إن بلغ نصابًا بكونه مشاعًا. ومتى لم يثبت لخليطَين حكمُ الانفرادِ بعض الحول بأن ملكا نصابًا معًا زكَّيَاه زكاةَ خُلطة. وإن ثبت لهما بأن خلطا في أثنائِه ثمانين شاةً زكَّيَا كمنفردَيْن، وفيما بعدَ الحول الأول زكاةَ خُلطة، فإن اتفق حولاهما فعليهما بالسوَّية شاةٌ عند تمامهما، وإن اختلفا فعلى كلٍّ نصفُ شاة عند تمام حوله، إلا إن أخرجَها الأول من المالِ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا اتحاد مشرب وراع) خلافًا لما في الإقناع (¬1) فيهما. * قوله: (وإن ثبت لهما)؛ أيْ: حكم الإنفراد بعض الحول، ولو قل ذكره الشارح (¬2). * قوله: (ثمانين شاة)؛ أيْ: فأكثر، لا إن خلطا، أقل بأن كان لكلٍّ أقل من أربعين، أو لأحدهما أقل منها، فإنه لا يثبت لكل منهما حكم الإنفراد، نعم يثبت لمن نصيبه أربعون فأكثر في الثانية. * قوله: (عند تمامهما) كان الأظهر: عند تمامه؛ لأنه حول واحد، ولعله من قبيل الحذف والإيصال والأصل: عند تمام حولهما، وقد (¬3) سلك ذلك ¬
فيلزمُ الثاني ثمانون جزءًا من مئةٍ وتسعة وخمسين جزءًا من شاةٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شيخنا في شرحه (¬1). * قوله: (فيلزم الثاني ثمانون جزءًا. . . إلخ) فقد زاد عليه بسبب (¬2) إخراج الأول الزكاة من المال جزء من مائة وتسعة وخمسين (¬3) جزءًا من شاة؛ لأن كل جزء من المال، يقابل جزء من المخرج، وقد بقي المال تسعة وسبعين ونصفًا، فيقابله تسعة وسبعون جزءًا، ونصف جزء من شاة، الواجب عليه نصفها وهو تسعة وثلاثون وثلاثة أرباع جزءًا، وقد أوجبنا عليه أربعين جزءًا من تسعة وسبعين جزءًا من شاة، بزيادة ربع جزء من تسعة وثلاثين جزءًا ونصف جزء من شاة، وذلك الربع بعد البسط أرباعًا يصير جزءًا من مئة وتسعة وخمسين جزءًا من شاة -كما ذكرنا-. ووجه زيادة ذلك الجزء عليه مبني على قاعدة أشار المص التي بعضها وهي: إنا ننظر عند تمام الحول لمجموع المالَين ونوجب فيه ما كان يجب فيه لو كان لواحد، ثم عند إرادة الإخراج نوزع المخرج على قدر المالَين، فحول الثاني تَمَّ على تسعة وسبعين شاة ونصف شاة، الواجب فيها شاة كاملة، موزعة على تسعة وسبعين جزءًا من شاة ونصف، وهي بعد البسط أنصافًا، مئة وتسعة وخمسون، لكن المالك الذي أخرج سابقًا، صار له في المال تسعة وثلاثون شاة ونصف شاة؛ لأنه قد أخرج من ماله نصف شاة، والمالك الذي لم يخرج له أربعون شاة كاملة، يقابلها ثمانون جزءًا من الشاة المُجَزَّأة، وهي تزيد على نصف الشاة، بجزء من مئة وستين جزءًا من شاة، فتدبر!. ¬
ثم كلَّما تَمَّ حول أحدهما لزمه من زكاةِ الجميع بقدر مالَه فيه. وإن ثبت لأحدهما وحدَه بأن ملكا نصابَين فخلطاهما، ثم باع أحدهما نصيبه أجنبيًا، فإذا تمَّ حولُ من لم يبعْ لزمه زكاةُ انفرادٍ: شاةٌ، وإذا تمَّ حولُ المشتري لزمه زكاةُ خُلطة نصفُ شاة إلا إن أخرج الأول الشاةَ من المال، فيلزمُ الثانيَ أربعون جزءًا من تسعةٍ وسبعين جزءًا من شاةٍ، ثم كلَّما تمَّ حول أحدهما لزمَه من زكاة الجميعِ بقدرِ ملكه فيه. ويثبتُ أيضًا حكمُ الانفراد لأحدهما بخلط من له دون نصاب بنصابٍ لآخرَ بعض الحول. ومَن بينهما ثمانون شاةً خُلطةً فباع أحدهما نصيبَه، أو دونَه بنصيب الآخر، أو دونَه، واستداما الخُلطة: لم ينقطع حولهما. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فخلطاهما) أو ملكاهما مختلطين، أو ملكاهما بالإشاعة، فالتعقيب في كلامه، ليس مرادًا، فتدبر!. * قوله: (ويثبت أيضًا حكم الانفراد لأحدهما. . . إلخ) فعلى مالك النصاب زكاته إذا تم حوله، وعلى خليطه إذا دار الحول على الخلطة زكاة خلطة. * قوله: (أو دونه)؛ أيْ: دون نصيبه، والمراد بعضه. * قوله: (بنصيب الآخر أو دونه)؛ أيْ: بعضه. * قوله: (واستداما الخلطة) فإن أفرادها، ثم تبايعاها، ثم خلطاها، فإن طال زمن الانفراد بطُل حكم الخلطة، وكذا إن لم يطل على الصحيح من المذهب (¬1)، وإن ¬
وعليهما زكاةُ الخُلطةِ. ومن ملك نصابًا دونَ حول، ثم باع نصفَه مُشاعًا، أو أعلَم على بعض وباعَه مختلطًا، أو مفردًا، ثم اختلطا: انقطع الحولُ. ومن ملك نصابَين ثم باعَ أحدهما مُشاعًا قبيلَ الحول ثبت له حكمُ الانفراد، وعليه إذا تمَّ حولُه زكاةُ منفردٍ، وعلى مشترٍ إذا تمَّ حولُه زكاةُ خَلِيْطٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أفردا بعض النصاب، وتبايعا، وكان الباقي على الخلطة نصابًا بقي حكم الخلطة فيه، وجعل منقطعًا في المبيع، وضُم مال الرجل المختلط إلى ماله المنفرد، وإن بقي دون نصاب انقطعت الخلطة؛ لأنها لا تؤثر فيما دون النصاب، وعلى مشتر إذا تم حوله زكاة خليط؛ لأنه لم يثبت له حكم الانفراد أصلًا. * قوله: (وباعه مختلطًا. . . إلخ) والمراد بغير جنسه، وإلا فلا ينقطع كما تقدم (¬1). * قوله: (وعلى مشتر إذا تم حوله زكاة خليط). * فائدة: "لو ملك أحد الخليطَين في نصاب فأكثر حصة الآخر منه بشراء، أو إرث (¬2)، أو غيرهما واستدام الخلطة، فهي مثل مسألة أبي بكر وابن حامد في المعنى، لا في الصورة (¬3)؛ لأن هناك كان خليط نفسه، فصار خليط أجنبي، وهنا بالعكس، فعلى قول أبي بكر لا زكاة حتى يتم حول المالَين من حين ملكيهما، إلا ¬
ومَن مَلَكَ نِصَابًا، ثُمَّ آخرَ لا يتَغَيرُ بِه الغَرَضُ -كأربعينَ شاةً في المحرَّم، ثمَّ أرْبعين في صفرٍ- فعليه زكاةُ الأولِ فقط إذا تمَّ حولُه. وإن تغيَّر بِه -كمئةٍ- زكَّاه إذا تَمَّ حولُه، وقدرُها، بأن ينظرَ إلى زكاةِ لجميعِ فيسقط منها ما وجبَ في الأولِ، وبجبُ الباقي في الثاني وهو شاةٌ. وإن تغيَّرَ به، ولم يبلغ نصابًا -كثلاثين بقرةً في المحرَّم، وعشرٍ في صفَر- ففي العشر إذا تمَّ حولها ربعُ مُسِنَّةٍ. وإن لم يغيره، ولم يبلغ نصابًا -كخمسٍ- فلا شيءَ فيها. ـــــــــــــــــــــــــــــ أن يكون أحدهما نصابًا فيزكيه زكاة انفراد، وعلى قول ابن حامد يزكي ملكه الأول، لتمام حوله زكاة خلطة"، انتهى. قاله في الإنصاف (¬1). ومراده بمسألة أبي بكر وابن حامد ما ذكره المص بقوله: "ومن ملك نصابًا دون حول" وقول أبي بكر هو المذهب (¬2). * قوله: (زَكَّاهُ)؛ أيْ: زكي ما تغير به الفرض، وهو المائة هنا، يعني بعد زكاة الأربعين. * قوله: (ففي العشر إذا تم حولها ربع مسنة)؛ أيْ: وفي الثلاثين تبيع، أو تبيعة، وكأنه سكت عنه للعلم به، نبه عليه الشارح (¬3). * قوله: (فلا شيء فيها)؛ أيْ: الخمس لأنها وقص. ¬
4 - فصل
ومن له ستون شاةً كلُّ عشرين منها معَ عشرين لآخرَ فعلى الجميع شاةٌ نصفُها على صاحب الستين، ونصفُها على خُلَطائه، وإن كانت كل عشر منها مع عشر لآخرَ فعليه شاةٌ، ولا شيءَ على خُلَطائه. * * * 4 - فصل ولا أثرَ لتفرق مالٍ لواحد غير سائمةِ بمحلَّيْن بينهما مسافةُ قَصْرٍ فلكل ما في محل منها حكمٌ بنفسه. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فعلى الجميع شاة. . . إلخ)؛ لأن الخلطة صيَّرته كمالٍ واحدٍ. وبخطه: محل تأثير الخلطة في هذه المسألة إذا وجدت شروط الخلطة المتقدمة أول الفصل (¬1)، فلا تُعَارض ما سبق، ومحله أيضًا إذا لم يكن بين المحال مسافة قصر، أما إذا كان بينهما مسافة قصر فأكثر، فلا تأثير أيضًا، وعلى هذ فلا تعارض ما يأتي أيضًا، فسقط ما قيل إن هنه المسألة مخالفة لما سبق، ولما يأتي، وقد نبَّه المحشِّي (¬2) على بعض ذلك، وترك بعضه للعلم به. * قوله: (فعليه شاة)؛ لأنه لا أثر لخلطة فيما دون نصاب. * قوله: (ولا شيء على خلطائه)؛ لأنه لم يبلغ شيء مما بأيديهم نصابًا. فصل * قوله: (غير سائمة بمحلين. . . إلخ) لعله ما لم يكن فعل ذلك بقصد الفرار ¬
فعلى من له بمحالَّ متباعدةٍ أربعون شاةً في كل محلٍّ شياهٌ بعددها، ولا شيءَ على من لم يجتمع له نصابٌ في (¬1) واحد منها غيرِ خليط. فإذا كان له ستون شاة في كلِّ محل عشرون خُلطةً بعشرين لآخرَ: لزم ربَّ الستين شاةٌ لا ونصف، وكلَّ خليط نصف شاة، ولا تؤثِّرُ الخُلطة في غير سائمة. ولساعٍ أخذٌ من مال أيِّ الخليطَيْن شاء، مع حاجةٍ وعدمِها، ولو (¬2) بعدَ قسمة في خُلطةِ أعيان مع بقاء النصيبَيْن. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ من الزكاة، فتدبر!. * قوله: (فعلى من له بمحال. . . إلخ) خبر مقدم، وقوله: (شياه) مبتدأ مؤخر. * قوله: (في كل محل عشرون)؛ أيْ: من محال متباعدة. * قوله: (ولا تؤثر الخلطة في غير سائمة) هذا كالتأكيد لما عُلم من الإضافة في قوله في أول الفصل الأول (¬3): (في نصاب ماشية)، إذا المراد بها خصوص السائمة؛ لأنها هي التي تجب فيها الزكاة. * قوله: (مع حاجة) بأن لا تكون الفريضة موجودة، إلا في مال أحدهما. * قوله: (في خلطة أعيان) لا في خلطة أوصاف، ولعله ما لم يكن المفروض ¬
وقد وجبت الزكاة. ومن لا زكاةَ عليه كذميٍّ لا أثرَ لخُلْطتِه في جواز الأخذ. ويرجع مأخوذ منه على خليطه بقيمة القسط الذي قابَلَ مالَه من المخرَج يوم الأخذ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يوجد إلا في مال أحدهما، فيجوز للحاجة كما سبق (¬1). * قوله: (وقد وجبت الزكاة)؛ أيْ: والحال أن كلًّا (¬2) من أخْذ الساعي، والقسمة بعد الوجوب. * قوله: (كذمي)؛ أيْ: ومكاتب، ومدين دينه مستغرق، وهذا محترز قوله أول الفصل (¬3) الذي قبل هذا: "أهلها". * قوله: (في جواز الأخذ) التقييد بقوله: (في جواز الأخذ)؛ يعني (¬4): من ماله، يقتضي أن لها تأثيرًا من غير تلك الجهة (¬5)، فتُصَيِّر المالَين كمال واحد، وتؤثر التخفيف أو التغليظ على شريك الثاني، مع أنه يعارضه ما صرح به أول الفصل (¬6) من قوله: "إذا اختلط اثنان فكثر من أهلها". * قوله: (ويرجع مأخوذ منه) قيل: الأنسب هنا الفاء (¬7)؛ لأنه مفرع على ¬
فيرجعُ ربُّ خمسةَ عشر بعيرًا من خمسةٍ وثلاثين على ربِّ عشرين بقيمة أربعةِ أسباع بنت مخاض، وبالعكس بثلاثة أسباعها. ومَن بينهما ثمانون شاةً نصفَين، وعلى أحدهما دينٌ بقيمة عشرين منها، فعليهما شاةٌ على المدين ثلثُها، وعلى الآخر ثلثاها. ويقبل قولُ مرجوعٍ عليه في قيمةٍ بيمينه إن عُدمت بينة، واحتُمِل صدقُه، ويرجع بقسطٍ زائدٍ أخذه ساعٍ بقول بعضِ العلماء. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ما قبله من عدم تأثير الخلطة في جواز الأخذ من مال من لم يكن من أهلها (¬1). [وفيه نظر؛ لأن هذا فيما إذا كان كل من الخليطَين من أهلها] (¬2)، فلا يصح تفريعه عليه. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: قوله: (ويرجع) مرتبط بقوله "ولساع. . . إلخ" لا بمسألة، الذمي كما أفهمه حل الشارح (¬3). * قوله: (بقول بعض العلماء) قال في شرحه (¬4): وفاقًا، كما لو أخذ صحيحة عن مراض، أو كبيرة عن صغار، أو قيمة الواجب؛ لأن الساعي نائب الإمام فعله كفعله. قال المجد (¬5): فلا ينقض كما في الحاكم. ¬
لا ظلمًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الموفق (¬1): ما أداه أجتهاده إليه وجب دفعه، وصار بمنزلة الواجب. واقتصر غيره (¬2) على أن فعل الساعي في محل الاجتهاد سائغ نافذ، فترتب عليه الرجوع لمسوغاته. قال ابن تميم (¬3): إن أخذ الساعي فوق الواجب بتأويل، أو أخذ القيمة أجزأت في الأظهر، ورجع عليه (¬4) بذلك. قال في الفروع (¬5): "وإطلاق الأصحاب يقتضي الإجزاء، ولو اعتقد المأخوذ منه عدمه"، انتهى بحروفه. وظاهر هذا كله أنه لا رجوع على الساعي مطلقًا، سواء كانت باقية بيده، أو دفعها للفقراء، حيث كان ما أخذه عن أجتهاد، أو تأويل سائغ، بخلاف المسألة الآتية (¬6) فيما إذا تلف النصاب الذي تعجل زكاته. * قوله: (لا ظلمًا)؛ أيْ: فلا يرجع على خليطه بما أخذه الساعي ظلمًا، من غير تأويل، كأخذه عن ستة وثلاثين بعيرًا جذعة، أو عن أربعين شاة مختلطة شاتين، فيرجع على خليطه بالنسبة من قيمة (¬7) بنت لبون، أو من شاة فقط؛ لأن الزيادة ظلم، ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فلا يرجع بها إلا على من ظلمه، أو تسبب في ظلمه، ذكره في الحاشية (¬1). وظاهر هذا التعليل أن له الرجوع على الساعي ما دامت في يده، لأنه ظلمه، بل هي أولى بالرجوع من مسألة تلف النصاب الذي تعجل زكاته، فليحرر. * * * ¬
2 - باب زكاة الخارج من الأرض والنحل
2 - باب زكاة الخارج من الأرض والنحل تجبُ في كلِّ مكيل مدَّخر من حَبٍّ، ولو للبقول كالرَّشادِ، والفجل، أو لما لا يؤكل كأُشنان، وقطنٍ ونحوِهما. أو من الأَبَازير كالكُسْفَرة (¬1)، والكمُّون، وبزر الرَّياحين، والقِثَّاء ونحوهما. أو غير حَبٍّ كصَعْتَرٍ، وأُشنان، وسُمَّاق (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب زكاة الخارج من الأرض والنحل * قوله: (ونحوهما) كالكتان (¬3) والنيل (¬4). * قوله: (والقثاء ونحوهما) كبرز الخيار، والبطيخ. * قوله: (وأشنان) يؤخذ من مجموع الأمرَين أن الأشنان تجب الزكاة ¬
أو ورق شجر يُقصد: كسِدْرٍ، وخِطْميٍّ، وآسٍ. أو تمرٍ: كتمر، وزبيب، ولَوْز، وفسْتُق، وبندق، لا عُنَّاب، وزيتون، وجَوْز، وتين، وتوت، وبقية الفواكه، وطَلْع فحَّال، وقصبٍ، وخُضَر، وبُقول، ووَرْسٍ، ونيلٍ، وحِنَّاء. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فيه، وفي حَبه. * قوله: (أو ورق شجر يقصد) قال الحجهاوي في حاشية التنقيح (¬1) بعد حكاية كلام المنقح (¬2) ما نصه: "وقال في الفصول (¬3): فأما الأوراق المنتفع بها كالسدر والخطمى، والآس، فلا زكاة فيها، رواية واحدة (¬4)، كما (¬5) ذكره شيخنا أبو يعلى؛ ولأن ثمر النبق لا تجب فيه الزكاة فأولى أن لا تجب في ورقه، انتهى. وجزم به في المغني (¬6) والشرح (¬7)، وزادا: ولا في الأشنان، والصعتر، وجزم به في الحاوي الكبير" (¬8)، انتهى. * قوله: (وطلع) عطف على (عناب). * قوله: (وخضر) جمع أخضر. ¬
وفُوَّةٍ (¬1)، وبَقَّمٍ (¬2)، وزهر: كعُصفُر، وزعفرانَ، ونحوِ ذلك. بشرطَين: أن يبلغ نصابًا، وقدره بعد تصفية حَبٍّ، وجفافِ ثمر وورق: خمسة أَوْسُق (¬3)، وهي: ثلاثُ مئة صاع. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بشرطين)؛ أيْ: منضمَّين إلى ما سبق (¬4) من الإسلام، والحرية، وما يأتي (¬5) من اشتداد الحَب، أو بُدوِّ صلاح الثمرة، فتكون خمسة، وسيأتي أيضًا التنبيه على ذلك عند قوله: "ووقت وجوب. . . إلخ"، وإذا أضيف إلى ذلك اشتراط كونه مما يُكال ويُدَّخر، زادت على الخمسة. * قوله: (وقدره) مبتدأ، وخبره: (خمسة أوسق) جمع وسق، بفتح الواو وكسرها (¬6). * قوله: (وهي ثلاث مئة صاع) وهي مئة وخمسون ربعًا مصريًّا، عنها سبعة وثلاثون وَيْبَة (¬7)، عنها ستة أرادب وربع أردب (¬8). ¬
وبالرّطل العراقي: ألفٌ وست مئة، وبالمصري: ألفٌ وأربعُ مئة وثمانيةٌ وعشرون رطلًا وأربعةُ أسباع، وبالدِّمَشقيِّ: ثلاثُ مئة واثنان وأربعون رطلًا وستةُ أسباع، وبالحلبي: مئتان وخمسة وثمانون رطلًا وخمسةُ أسباع، وبالقدسي: مئتان وسبعةٌ وخمسون رطلًا وسبع رطل. والأرُزُّ والعَلْسُ (¬1) يدخران في قشرهما، فنصابُهما معه ببلد خُبِرا فوجدا يخرج منهما مُصَفَّى النصفُ: مِثْلَا ذلك. والوَسْقُ، والصاعُ، والمدُّ مكاييلُ نقلتْ إلى الوزن لتحفظ وتنقل. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (والعَلَس) بفتح العين، مع فتح اللام وسكونها، وهو نوع من الحنطة (¬2). * قوله: (نقلت إلى الوزن) النقل على ما في الصحاح (¬3): "تحويل الشيء من موضع إلى موضع" فلا بدَّ من تجريد. * قوله: (نقلت) عن بعض معناه؛ أيْ: حولت إلى الوزن؛ أيْ: جعلت موازين بعد أن كانت مكاييل. * قوله: (وتنقل) فهو مستعمل في معناه الحقيقي، وهو حكاية الخبر، فهو معنى ثانٍ للفظ النقل. ¬
والمكيلُ منه: ثقيلٌ كأرُزٍّ، ومتوسطٌ كبُرٍّ، وخفيفٌ كشعيرٍ، والاعتبارُ بمتوسطٍ فيجبُ في خفيفٍ قاربَ هذا الوزنَ وإن لم يبلغْه، فمن اتخذ ما يسعُ صاعًا من جيدِ البرِّ عرَف به ما بلغ حدَّ الوجوب من غيره. وتُضمُّ أنواعُ الجنس من زرع العام الواحد، وثمرته، ولو ممَّا يحمل في السنة حَملَين إلى بعضٍ، لا جنسٌ إلى آخرَ. الثاني: ملكُه وقتَ وجوبها، فلا تجب في مكتسَب لُقَّاط، وأجرةِ حصَّاد، ولا فيما لا يُملك إلا بأخذ كبُطْم (¬1)، وزَعبْل، ولا يُشترط فعلُ الزرع، فيزكِّي نصابًا حصل من حَبٍّ له سقط بملكه، أو مباحة. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا جنس إلى آخر) كان من تمام المحترز: ولا زرع أو ثمرة عام إلى زرع أو ثمرة عام آخر. * قوله: (وزعبل) وهو شعير الجبل. * قوله: (بملكه أو مباحة) وكذا إن كانت مملوكة للغير، وكان لا على وجه الغصب، كأن حمل السيل حبًّا لأرض غيره، أو على وجه الغصب ولم يتملكه رب الأرض على ما يأتي (¬2)، فما يوهمه كلامه من التقييد ليس مرادًا، وفي الشرح (¬3) ما يشير إلى بعضه. ¬
1 - فصل
1 - فصل ويجبُ فيما يشرب بلا كُلفةٍ كبِعروقه، وغيث، وسَيْح، ولو بإجراء ماء حُفَيْرةٍ شراه: العشر، ولا يؤثِّر مُؤْنَةُ حفرِ نهر، وتحويلِ ماء. وبها كدَوَالي (¬1)، ونَوَاضحَ (¬2)، وترقيةٍ بغرف ونحوها: نصفُه، وفيما يشربُ بهما نصفَين: ثلاثةُ أرباعِه. ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (كبعروقه) قدره الشارح (¬3) بقوله: "كالذي يشرب بعروقه"، على أنه مثال لـ "ما" ويلزمه حذف الموصول، مع جزء (¬4) الصلة وبقاء بعضها، ولو جعله مثالًا لعدم الكلفة، وقدَّره بقوله: كالشرب بعروقه، لسلم من ذلك، وليناسب المثال للمقابل الذي ذكره بقوله: "كدوالي"، فإنه مثال للكلفة، والتقدير: كالشرب بدوالي، فتدبر!. وبخطه: ويقال له: بعل من غير نسبة على ما في الصحاح (¬5). * قوله: (وسَيْح) ذكروا في باب الاستسقاء (¬6) عن أهل اللغة (¬7) أنه يقال ساح الماء يسيح سيحًا، إذا جرى على وجه الأرض، وسح يسح سيحًا إذا صُب من فوق ¬
فإن تفاوتا فالحكمُ لأكثرهما نفعًا ونموًّا، فإن جُهل فالعشرُ، ويُصدَّقُ مالكٌ فيما سَقَى به. ووقتُ وجوب في حَبٍّ إذا اشتدَّ، وفي ثمرة إذا بدا صلاحُها، فلو باع الحبَّ أو الثمرة، أو تلفا بتعدِّيه بعدُ لم تسقط، ويصح اشتراطُ الإخراجِ على مشترٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى أسفل، ولذلك فسر الشارح (¬1) ما هنا بقوله: (أىْ: ماءٍ جارٍ على وجه الأرض كنهر، وعين"، فجعله من الأول، فتأمل!. * قوله: (فإن جهل فالعشر) وليس هذا من الإيجاب بالشك، لأن الشك إنما هو في عين الموجب، والوجوب محقق. * قوله: (ووقت وجوب. . . إلخ) هذا بمنزلة مُضِي الحول، فيما يشترط فيه ذلك، فيكون شرطًا آخر، وشضم إلى ذلك الإسلام والحرية، فتكون الشروط خمسة، لا اثنين فقط، كما يوهمه كلامه قبل (¬2)، وتقدم التنبيه عليه هناك، فتدبر!. * قوله: (وفي ثمرة إذا بدا صلاحها) كان عليه أن يقول: وفي غيرهما عند أوان أخذه (¬3) عادة، ليشمل مثل الصعتر، وورق الشجر، فتدبر!. * قوله: (فلو باع الحب) ليس البيع قيدًا، بل المراد مطلق الإزالة عن ملكه ببيع أو غيره. * قوله: (لم تسقط) هو في معنى قول الحجاوي في حاشيته (¬4): "فزكاته ¬
وقبلُ: فلا زكاة إلا إن قصد الفرار منها. وتُقبلُ دعوَى عدمِه والتلفِ بلا يمين، ولو اتُّهم، إلا أن يدعيَه بظاهر فيكلَّفُ البينة عليه ثم يصدَّقُ فيما تلف. ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه، لا على المشتري والموهوب له". * قوله: (وقبل فلا زكاة)؛ أيْ: وإن تلفا بتعديه قبل اشتداد الحَب، وبُدُوِّ صلاح الثمرة، فلا زكاة، وجَعْله راجعًا (¬1) إلى كل من البيع، والتلف كما صنع المحشِّي (¬2)، مبني على صحة بيع الحَب قبل اشتداده، والثمرة قبل بُدُوِّ صلاحها، وهو خلاف الصحيح من المذهب (¬3) الآتي (¬4) في كلام المص في باب بيع الأصول والثمار. * قوله: (إلا إن قصد الفرار منها) وهل إذا باعها قبل الوجوب فرارًا، وقلنا تجب على البائع عقوبة عليه، تجب على المشتري أيضًا، فيكون زكاتان في عين واحدة، ويصير مخالفًا للقواعد؟. قال الشيخ مرعي (¬5) بحثًا منه: "ولعلها لا تجب على البائع، إلا إذا باعها لمن لا تجب عليه"، تأمل!. * قوله: (عدمه)؛ أيْ: عدم الفرار. * قوله: (ولو اتهم)؛ أيْ: ما لم تقم قرينة على الفرار،. . . . . . ¬
ولا تستقرُّ إلا بجعل في جَريِنٍ (¬1)، أو بَيْدَرٍ، أو مسْطاح، ونحوهما. ويلزم إخراج حبٍّ مُصَفَّى، وثمرٍ يابسًا وعند الأكثر (¬2)، ولو اُحْتيج إلى قطع ما بَدا صلاحه قبل كمالِه لضعفِ أصلٍ، أو خوفِ عطش، أو تحسين بقيَّة، أو وَجَبَ لكون رُطَبِه لا يتمر، أو عِنَبِه لا يُزَبَّبُ، ويُعتبر نصابُه يابسًا. ويحرمُ القطعُ مع حضور سَاعٍ بلا إذنه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كما سبق (¬3) في أول كتاب الزكاة، فينبغي أن تفسر التهمة هنا (¬4) بما لا ينافي عدم قيام القرينة، كعدم العدالة (¬5) ونحوه. * قوله: (أو وجب لكون رطبه لا يتمر) هل المراد الوجوب الشرعي، أو العادي، أو الأعم (¬6)؟. * قوله: (ويحرم القطع. . . إلخ) هذا ليس بظاهر، إلا على القول بأن تعلقها بمال كتعلق شركة، لا كتعلق الجناية (¬7) برقبة العبد الجاني، مع أن الثاني هو ¬
وشراءُ زكاتِه، أو صدقته، ولا يصح. وسُنَّ بعثُ خارصٍ لثمرةِ نخل وكَرْم بدا صلاحها، ويكفي واحدٌ، ويتعبر كونُه مسلمًا، أمينًا لا يتَّهم، خبيرًا. وأجرتُه على ربِّ المال. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهب (¬1) كما سلف (¬2). * قوله: (ويكفي واحد)؛ لأنه ينفذ ما اجتهد فيه كحاكم، وقائف. وبخطه: أيْ: وأن يكون ذكرًا على ما استظهره ابن نصر اللَّه (¬3)، أخذًا من تشبيههم له بالحاكم والقائف (¬4)، وإن كان جعله من قبيل الخبر الذي يكفي فيه واحد يقتضي أنه لا يشترط فيه الذكورية، كالإخبار بهلال رمضان، وظاهر بحثه أنه لم يطلع فيه على نص، فليحرر!. * قوله: (لا يتهم) بأن لا يكون من عمودَي نسبه، فلا يكون أمًّا لمخروص له ولا ابنًا. * قوله: (وأجرته على رب المال) قال في شرحه (¬5): "وقيل من بيت المال (¬6) "، انتهى. ¬
وإلا فعليه ما يفعله خارص ليعرفَ ما يجب قبل تصرُّفه. وله الخَراص كيف شاء، وبجب خرصُ متنوَّع، وتزكيتُه كلُّ نوع على حدة (¬1) ولو شقَّا. ـــــــــــــــــــــــــــــ [قال شيخنا (¬2): "ويتوجه من نصيب عامل على الزكاة"، انتهى] (¬3). أقول: وهذا موافق لما يأتي في شرحه (¬4) في باب أهل الزكاة، حيث جعل الخارص من أفراد العامل، فتدبر!. * قوله: (وله الخوص كيف شاء) إن شاء واحدة واحدة، وإن شاء الجميع دفعة واحدة. * قوله: (ويجب خرص متنوع وتزكيته كل نوع على حدته). قال في الفروع (¬5): "ويؤخذ الواجب من الزرع والثمرة بحسبه، جيدًا أو رديئًا، منه أو من غيره، ولا يجوز إخراج الرديء عن الجيد، ولا إلزامه بإخراج الجيد عن الرديء، ويؤخذ من كل نوع حصته، لعدم المشقة؟ لأنه لا حاجة إلى التشقيص (¬6) "، انتهى كلامه، وكذا في المبدع (¬7). ¬
ويجب تركُه لرب المال الثلثَ أو الربعَ، فيجتهد بحسب المصلحة، فإن أبي فلربِّ المال أكلُ قدر ذلك من ثمر، ومن حَبِّ العادةِ وما يحتاجه، ولا يُحتسب عليه، ويكمَّل به النصابُ إن لم يأكله، وتؤخذ زكاةُ ما سواه بالقسط، ولا يُهدي. ويزكِّي ما تركه خارصٌ من الواجب، وما زاد على قوله عندَ جفافٍ، لا على قوله إن نقص. ـــــــــــــــــــــــــــــ ومنه تعلم ما في كلام بعض المتأخرين (¬1) حيث قال: "وظاهر ما يأتي في النقد أنه يجوز هنا إخراج الرديء عن الجيد"، فإن فيه القياس مع النص. ثم رأيت في المبدع (¬2) في باب زكاة السائمة ما نصه: "فلو جبر الواجب بشيء من صفته وأخرج الرديء عن الجيد، وزاد قدر ما بينهما من الفضل، لم يُجز؛ لأن القصد من غير الأثمان النفع بعينها، فيفوت بعض المقصود، ومن الأثمان القيمة. وقال المجد (¬3): قياس المذهب جوازه في الماشية، وغيرها"، انتهى. فتبين أن ما استظهره ذلك البعض قول المجد. * قوله: (الثلث أو الربع)؛ أيْ: مما يخرص، ومنه تعلم أن قوله: (من ثمر) متعلق بـ (أكل)، أو (قدر)، لا بـ (ترك)، وإلا لأوهم صحة عطف قوله: (ومن حب العادة) عليه، وهو ليس بصحيح، لأنه يترك له من الحب شيئًا، بل له الأكل كما جرت العادة به. * قوله: (لا على قوله إن نقص)؛ أيْ: لا يلزم المالك أن يزكي على قول ¬
2 - فصل
وما تلف عنبًا أو رُطبًا بفعل مالك أو تفريطِه ضَمِن زكاتَه بخَرصه زبيبًا أو تمرًا، ولا يُخْرَصُ غير نخلٍ وكَرْمٍ. * * * 2 - فصل والزكاةُ على مستعير، ومستأجر، دونَ مالك. ومتى حصد غالب أرضَ زرعه زكَّاه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخارص إن نقص المخروص عنه؛ لأنه لا زكاة عليه فيما ليس في ملكه، ذكره في الحاشية (¬1). * قوله: (ضمن زكاته بخرصه)؛ أيْ: بمثل ما يؤول إليه في الخرص. * قوله: (ولا يخرص غير نخل وكرم) هذا كالتأكيد لما علم من قوله (¬2): "الثمرة نخل وكرم". فصل * قوله: (والزكاة. . . إلخ) عشرًا، أو نصفه، أو ثلاثة أرباعه، فهي أولى من قول الإقناع (¬3): "والعشر"، لقصورها، وإن كان يمكن تأويل عبارته (¬4) بحمل العشر على الواجب في الزكاة، أعم من أن يكون عشرًا حقيقة، أو دونه على طريق إطلاق الخاص وإرادة العام على سبيل المجاز المرسل. ¬
ويزكِّيه ربها إن تملَّكه قبلُ. ويجتمعُ عُشر وخَرَاج في خراجيَّة، وهي: ما فُتحت عَنْوةً ولم تقسَّم، وما جلا عنها أهلها خوفًا منَّا، وما صُولِحوا على أنها لنا ونقرُّها معهم بالخراج. والعُشرية: ما أسلم أهلها عليها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (إن تملكه قبل)؛ أيْ: قبل الحصاد، سواء تملكه قبل الاشتداد بلا خلاف، أو بعده على الصحيح من المذهب (¬1). * قوله: (في خراجية)؛ أيْ: في أرض خراجية، فالخراج في رقبتها، والعشر في غلتها؛ (ولأن سبب الخراج التمكن من الانتفاع، وسبب العشر وجود المال فجاز اجتماعهما، شارح) (¬2) (¬3). لكن لا زكاة عليه في قدر الخراج، إذا لم يكن له مال آخر يقابله، فإن كان في غلة الأرض ما لا عشر فيه كالثمار التي لا عشر فيها، والخضروات، وفيها زرع فيه زكاة، جعل ما لا زكاة فيه [في مقابلة الخراج وزكَّى ما فيه الزكاة، إذا كان ما لا زكاة فيه] (¬4) وافيًا بالخراج، وإن لم يكن له غلة إلا ما تجب فيه الزكاة، أدى الخراج من غلتها، وزكَّى ما بقي"، حاشية (¬5). ¬
كالمدينة ونحوها، وما اختَطَّه المسلمون كالبصرة ونحوها، وما صُولِحَ أهلها على أنها لهم بخراج يُضرب عليهم كاليمن، وما فُتح عُنوة وقسِّم كنصف خيبر، وما أَقْطَعه الخلفاء الراشدون من السَّواد إقطاعَ تمليك. ولأهل الذمة شرؤاهما، ولا تصير به العُشريَّة خراجيةً. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (كالمدينة ونحوها) كجواثي من قرى البحرين (¬1). * قوله: (كالبصرة نحوها) كمدينة واسط. * قوله: (من السواد)؛ أيْ: أرض العراق. * قوله: (ولأهل الذمة شراؤهما)؛ أيْ: الأرض الخراجة، والعشرية، لكن يكره للمسلم بيعهما (¬2) لهم، وكذا الإجارة والإعارة (¬3)؛ لأنه يؤدي إلى إسقاط عشر الخارج منهما (¬4)، والمراد من شراء الخراجية قبولها بما عليها من الخراج، وليس بيعًا حقيقيًا، لأنه يصح بيعها على المذهب (¬5) -كما يأتي (¬6) أول كتاب البيع، إلا إذا باعها الإمام لمصلحة، أو غيره، وحكم به من يراه- كما يأتي (¬7) أيضًا-. * قوله: (ولا تصير به العشرية خراجية)؛ أيْ: بشراء أهل الذمة. ¬
3 - فصل
ولا عُشرَ عليهم. * * * 3 - فصل وفي العسل العُشْرُ سواءٌ أخذه من مَوَات أو مملوكةٍ، ونصابُه: مئةٌ وستون رطلًا عراقيًّا (¬1). ولا زكاةَ فيما ينزل من السماء على الشجر كالمنِّ (¬2)، والتُّرنْجَبِيْل (¬3) والشيرخشك (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا عشر) أي لا زكاة عليهم؛ أيْ: على أهل الذمة؛ لأن العشر زكاة وقربة، وهم ليسوا أهلًا لها. فصل في زكاة العسل * قوله: (عراقية) وبالمصري مئة واثنان وأربعون، وستة أسباع، وبالقدسي خمسة وعشرون، وخمسة أسباع، وبالحلبي ثمانية وعشرون، وأربعة أسباع. وبالدمشقي أربعة وثلاثون، وسبعان، وبالبعلي اثنان وعشرون، وستة أسباع (¬5). ¬
4 - فصل
ونحوهما كاللَّاذَن وهو: طَلٌّ وندى ينزل على نبت تأكله المِعْزَى فتتعلق تلك الرطوبةُ بها فتؤخذ. وتضمين أموال العُشر والخراجِ بقدر معلوم باطلٌ. * * * 4 - فصل وفي المعدن وهو: كلُّ متولد في الأرض. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (كاللَّاذن) في القاموس (¬1): "اللَّاذن رطوبة تتعلق بشعر المعزى ولحاها، إذا رعَت نباتًا يعرف بقلسوس، أو قستوس، وما علق بشعرها جيد، وما علق بأظلافها رديء، مسخن، ملين، مدر، يفتح أفواه العروق، نافع للنزول، والسعال، ووجع الأذن"، انتهى. وفي النسخة التي رأيتها، وهي نسخة قديمة مصححة ضبط بالقلم بالذال المعجمة، فلتراجع كتب اللغة. * قوله: (باطل) علله في الأحكام السلطانية (¬2) وغيرها (¬3): "بأن ضمانها بقدر معلوم يقتضي الاقتصار عليه في تملك ما زاد، وغُرم ما نقص، فهذا منافٍ لموضوع العمالة، وحكم الأمانة" حاشية (¬4). فصل في زكاة المعدن ¬
لا من جنسها، ولا نبات كذهب وفضة، وجوهر، وبَلُّور (¬1)، وعقيق (¬2)، وصُفْر، ورصاص، وحديد، وكحلى، وزِرْنيخ (¬3)، ومَغْرة (¬4)، وكبريت، وزِفت، ومِلح، وزِئبِق، وقار، ونَفْط، ونحو ذلك إذا استخرج: ربعُ العشر من عين نقد، وقيمةِ غيره. بشرط: بلوغهما نصابًا بعد سبك وتصفية. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (من عين نقد) ظاهره وجوب الإخراج من عين نقد المستخرج، وليس مرادًا، وإن كان شيخنا في شرحه (¬5) تبع ذلك الظاهر؛ لأنه قد تقدم (¬6) أن تعلق الزكاة كتعلق الجناية برقية العبد الجاني، إلا أن يقال "من" في قول المص (من عين نقد) بمعنى "في"؛ أيْ: أنها واجبة في عين نقد، ولا يلزم من وجوبها في عينه، لزوم (¬7) الإخراج من عينه، والمراد بالنقد ما قابل القيمة، بدليل عطفه عليه، فتدبر (¬8)!. * قوله: (وقيمة غيره)؛ أيْ: غير النقد. ¬
ولا يحتسب بمؤنتهما ولا مؤنةِ استخراج. وكونِ مُخْرجٍ من أهل الوجوب. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا يحتسسب بمؤنتها)؛ أيْ: في تكميل النصاب على الصحيح من المذهب (¬1). * قوله: (ولا مؤنة استخراج) قال في شرحه (¬2): "إلا أن يكون دينًا"، وظاهر إطلاقه مشكل، والمراد ما لم يكن استدانة قبل الإخراج، لا حال الإخراج -كما تقدم (¬3) في نظيره-. * قوله: (وكون مخرج من أهل الوجوب)، قال الحجاوي في حاشيته على التنقيح (¬4): "فخرج الكافر، والمكاتب، والمدين دينًا يستغرق النصاب، أو ينقصه، فإنه لا زكاة عليهم في المعدن ولا غيره إلا نصارى بني تغلب فعليهم زكاتان"، انتهى. وقوله: "في المعدن ولا غيره" عمومه يشمل الرِّكاز، مع أنهم قالوا: إنه لا يمنع الدين خمس الرِّكاز (¬5)، إلا أن يقال: كلامه مفروض فيما يعتبر فيه النصاب، والركاز لا يعتبر فيه نصاب، بدليل قول المص كغيره: "وفيه ولو قليلًا. . . إلخ". والحاصل: أنه يشترط في واجد المعدن لوجوب الزكاة أن يكون حرًّا، مسلمًا، غير مدين دينًا يستغرق النصاب، أو ينقصه، ولا يشترط شيء من ذلك ¬
ولو في دَفَعات لم يُهمِل العملَ بينها بلا عذر، أو بعد زواله ثلاثةَ أيام، ويستقرُّ الوجوب بإحرازه فما باعه ترابًا زَكَّاهُ، كتراب صاغة. والجامدُ المُخْرَج من مملوكةٍ لربها، لكن لا تلزمه زكاتُه حتى يَصلَ إلى يده. ولا تتكرر زكاة معشَّرات، ولا معدنٍ غيرِ نقد، ولا يضمُّ جنسٌ إلى آخرَ في تكميل نصاب غيره، وبضم ما تعددت معادنه، واتَّحد جنسه. ـــــــــــــــــــــــــــــ في واجد الرِّكاز. أما حكم المدين فقد علم مما سبق (¬1) في قوله: "ولا يمنع الدين خمس الرِّكاز". وأما حكم الرقيق والكافر فقد علما من قوله الآتي (¬2) في فصله: "أو مكاتبًا أو مستأمنًا"؛ أيْ: ملتزمًا لأحكامنا، فعاود المقام، وحرره مرة أخرى. * قوله: (لم يهمل العمل بينهما. . . إلخ) لعله ما لم يكن حيلة على الفرار. * قوله: (كتراب صاغة) وتراب الصاغة هو: تقطيع الذهب والفضة. * قوله: (حتى يصل إلى يده) وبعد وصوله إلى يده، يطالب بالإخراج فورًا، ما لم يخف على نفسه أو ماله، ومثله يقال في الرِّكاز، كما يؤخذ ذلك القيد من كلام المص في أول باب إخراج الزكاة (¬3). * قوله: (ولا تتكرر زكاة معشرات)؛ أيْ: لا تجب مرة ثانية بعد المرة التي أخرجه في عامها. ¬
5 - فصل
ولا زكاةَ في مِسك وزَبَاد، ولا مُخْرَج من بحر كسمك، ولؤلؤ ومَرْجَان وعَنْبر ونحوه. * * * 5 - فصل الركازُ: الكنزُ من دِفْن الجاهلية، أو من تقدَّم من كفار في الجملة، عليه أو على بعضه علامةُ كفر فقط. وفيه ولو (¬1) قليلًا، أو عَرْضًا الخمس يصرف مَصرِف الفيء المطلق للمصالح كلها. وباقيه لواجدِه، ولو أجيرًا لا لطلبِه، أو مكاتَبًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل في الرِّكاز * قوله: (في الجملة) متعلق بـ (دفن)؛ أيْ: اعتبار الدفن في تعريفه، بالنظر إلى جملة الأفراد وأكثرها، لا بالنظر إلى جميعها، لما يأتي (¬2) من قوله: "أو ظاهرًا بطريق. . . إلخ". * قوله: (أو عرضًا) المراد هنا بالعرض ما قابل النقد. * قوله: (للمصالح كلها) بدل، أو عطف بيان. * قوله: (وباقيه لواجده)؛ أيْ: الباقي بعد الخمس من الرِّكاز، إن كان قد أخرج الخمس من عينه، أو الباقي بعد ما يقابله، إن كان قد أخرجه من غيره، إذ قد ¬
أو مستأمَنًا بدارنا، مدفونًا بمَوَات، أو شارع، أو أرض منتقلةٍ إليه، أو لا يُعلم مالكُها، أو عُلم ولم يدَّعِه. ومتى ادَّعاه، أو من انتقلت عنه بلا بينةٍ، ولا وصف، حَلَف وأخذه. أو ظاهرًا بطريق غيرِ مسلوكٍ، أو خربةٍ بدار إسلام، أو عهد، أو حربٍ، وقدَر عليه وحدَه، أو بجماعةٍ لا مَنَعَة لهم. وما خلا من علامةٍ، أو كان على شيءٍ منه علامةُ المسلمين. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صرح الحجاوي في حاشية التنقيح (¬1)، بأنه يجوز لواجده الإخراج من غيره على الصحيح من المذهب (¬2)؛ أيْ: من أن تعلق الزكاة بالمال الزكوي، كتعلق الجناية برقبة الجاني. * قوله: (أو ظاهرًا) عطف على "مدفونًا"، وهذا التعميم يقتضي أن الركاز يشمل ما كان مدفونًا، وغير مدفون، وهذا ينافي تعريفه بأنه الكنز من دفن الجاهلية، إلا أن يقال إنه من قبيل {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 3]، وفيه أنه مجاز في التعريف، وليس مشهورًا، ولا (¬3) عليه قرينة، والحدود تصان عن مثل ذلك المجاز (¬4)، فتدبر!. وقد يقال: إن المص قد أشار بقوله: "في الجملة" المتعلق بـ (دفن) إلى ذلك؛ أيْ: الذي أكثر فيه أن يكون مدفونًا، وما هنا على هذا تصريح بالمفهوم، فتدبر. * قوله: (أو كان على شيء منه علامة المسلمين)؛ أيْ: سواء كان على الباقي ¬
فلُقَطَةٌ. وواجدُها في مملوكة أحقُّ من مالك، وربُّها أحقُّ بركاز ولُقَطَة من واجد متعدٍّ بدخوله. وإذا تداعيا دَفِيْنةً بدارٍ مؤجرُها ومستأجرُها، فلواصفِها بيمينه. ـــــــــــــــــــــــــــــ علامة كفر، أو لا علامة عليه بالكلية. وسواء كان ما عليه علامة الإسلام، عليه علامة كفر أيضًا أو لا، كما علم من قوله فيما تقدم (¬1): "علامة كفر فقط". * قوله: (مؤجرها ومستأجرها) وكذا معِيرها، ومستعِيرها. * * * ¬
3 - باب زكاة الأثمان
3 - باب زكاةُ الأثمانِ وهي: الذهبُ والفضةُ: ربعُ عشرهما وأقلُّ نصابِ ذهبٍ عشرون مثقالًا (¬1)، وهي ثمانيَةٌ وعشرون درهمًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب زكاة الأثمان * قوله: (زكاة. . . إلخ) (زكاة) مبتدأ، و (الأثمان): مضاف إليه. * وقوله: (وهي الذهب والفضة) جملة معترضة للتفسير. * وقوله: (ربع عشرهما) خبر، وثَنَّى باعتبار المعنى. * قوله: (الأثمان) جمع ثمن، وكأنه نظر فيه إلى الغالب، وإلا فالمذهب على ما يأتي (¬2) أن الثمن هو ما دخلت عليه باء البدلية، سواء كان نقدًا أو عرضًا، ولو أبدل الأثمان بالنقدَين، لكان أظهر، وترجم له في المقنع (¬3) بباب زكاة الذهب والفضة. * قوله: (وأقل نصاب ذهب. . . إلخ) لو قال: وأقل ما تجب فيه ¬
وأربعةُ أسباع درهم إسلاميٍّ. وخمسةٌ وعشرون وسبعا دينار، وتُسعُه بالذي زنتُه درهم وثمن على التحديد، والمثقالُ: درهمٌ وثلاثةُ أسباع درهم. وبالدَّوَانق (¬1): ثمانيةٌ، وأربعةُ أسباع. وبالشعير المتوسطِ: ثنتان وسبعون حبةً. والدراهمُ: نصفُ مثقالٍ وخمسُه وستةُ دوانق، وهي: خمسون وخُمسَا حبة. والدانقُ: ثمان حبات وخُمسان. وأقلُّ نصاب فضة: مئتا درهم (¬2). وتردُّ الدراهم الخُرَسانيَّةُ وهي دانقٌ أو نحوُه، واليمنيَّة وهي: دانقان ونصف، والطَّبَريَّة وهي: أربعة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الزكاة. . . إلخ، لكان أظهر؛ لأن النصاب منهما ليس له أقل وأكثر، والمراد: أنه لا تجب الزكاة في أقل من ذلك، كما هو منطوق حديثه عمرو بن شعيب المستدل به (¬3). ¬
والبَغْليَّةُ: وتسمى السوادء وهي: ثمانيةٌ إِلى الدرهم الإسلامي. ويُزكَّى مغشوشٌ بلغ خالصُه نصابًا، فإن شك فيه سبَكه، أو استظهر فأخرج ما يجزيه بيقين. ويُزكَّى غِشٌّ بلغ بضمٍّ نصابًا، أو بدونه كخمس مئة درهم فيها ذهبٌ ثلاث مئة وفضة مئتان، وإن شك من أيِّهما الثلاث مئة؟ أستظهر فجعلها ذهبًا. وإن زادت قيمةُ مغشوش بصنعة الغِشِّ وفيه نصابٌ أخرَج ربعَ عشره كحليِّ الكراء إِذا زادت قيمتُه بصناعته. ويعرف غِشُّه بوضع ذهبٍ خالصٍ وزنَه بماء في إِناء أسفلُه كأعلاه، ثم فضةٍ وزنَه -وهو أضخم- ثم مغشوشٍ، ويُعلمُ عند كلٍّ علوُّ الماء، فإن تنصفت بينهما علامةُ مغشوشٍ فنصفُه ذهب ونصفه فضةٌ، ومع زيادةٍ أو نقص بحسابه. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (والبغلية) منسوبة إلى ملك يسمى رأس البغل (¬1). * قوله: (خالص ورنه)؛ أيْ: وزن المغشوش. * قوله: (ثم فضة وزنه)؛ أيْ: وزن المغشوش. ¬
1 - فصل
1 - فصل ويُخرج عن جيدٍ صحيحٍ، ورديءٍ من نوعِه، ومن كلِّ نوعٍ بحصتِه، والأفضلُ من الأعلى. ويجزي رديءٌ عن أعلا، ومكسَّرٌ عن صحيح، ومغشوشٌ عن جيد، وسُوْدٌ عن بيض مع الفضل، وقليلٌ القيمة عن كثيرها معَ الوزن. ويُضمُّ أحدُ النقدين إلى الآخر بالأجزاء في تكميل النصاب، ويُخرَج عنه، وجيدُ كلِّ جنس ومضروبه إلى رديئه وتِبْرِه، وقيمةُ عَرْض التجارة إلى أحد ذلك وجميعه. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (بالأجزاء)؛ أيْ: لا بالقيمة، فعشرة مثاقيل ذهبًا: نصف نصاب، ومئة درهم فضة: نصف نصاب، فيُضَمَّان فيكمل النصاب. * قوله: (ويخرج عنه)؛ أيْ: يخرج أحد النقدَين عن الآخر بالقيمة؛ لأن المقصود منهما الثمنية، والتوسل إلى المقاصد، ولا يجزئ إخراج الفلوس، حاشية (¬1). * قوله: (إلى أحد ذلك وجميعه)؛ أيْ: إلى الذهب، أو الفضة، أو اليهما معًا. ¬
2 - فصل
2 - فصل ولا زكاةَ في حليٍّ مباح معدٍّ لاستعمال، أو إعارة، ولو لمن يحرُم عليه غيرَ فارٍّ. وتجب في محرَّم ومعدٍّ لكراء، أو نفقة إذا بلغ نصابًا وزنًا إلا المباحَ للتجارة ولو نقدًا: فقيمةً، ويقوَّمُ بنقدٍ آخرَ إن كان أحظَّ للفقراء. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (ولو نقدًا)؛ أيْ: ولو كان الحلي المباح المعَدُّ للتجارة [نقدًا، ويجوز أن يكون للقيد فقط، كما هو أحد الجائزَين في نظيره (¬1)، أيْ ولو كان المعد للتجارة نقدًا] (¬2)، سواء كان حليًّا مباحًا، أو غير حلي، وحينئذٍ فيعلم منه حكم النقد غير الحلي، إذا كان معدًّا للتجارة، وأنه كحكم الحلي المباح المعَدِّ للتجارة، في أن المعتبر بلوغه النصاب قيمةً لا وزنًا، فلا حاجة إلى التكلف في الترجمة الآتية (¬3)، من حمل العروض على الأعم من الأثمان؛ لأن فيه ارتكاب المجاز مع إمكان الحقيقة، وأيضًا لا ضرورة إلى تعين (¬4) إلحاقه بالباب الآتي؛ لأنه كما له نوع تعلق بذلك، له نوع تعلق بهذا، وأكَّدَ ذِكْرُه هنا ذكرَه مع نظيره، وهو الحلي المباح المعد للتجارة، فتدبر!. * قوله: (فقيمة)؛ أيْ: فإذا بلغ نصابًا قيمة. * قوله: (ويقوم بنقد آخر)؛ أيْ: وجوبًا. ¬
3 - فصل
أو نَقَص عن نصابه. ويعتبر مباحُ صناعةٍ، بلغ نصابًا وزنًا، في إخراج بقيمة. ويحرُم أن يُحلَّى مسجدٌ، أو محرابٌ، أو يُموَّه سَقْف أو حائطٌ بنقد، وتجب إزالته وزكاتُه، إلا إذا استُهلك، فلم يجتمع منه شيء فيهما. * * * 3 - فصل ويُباح لذكرٍ من فضة خاتَمٌ، وبخنِصَرِ يسارٍ أفضلُ، ويجعل فصَّه ممَّا يلي كفَّه، وكُره بسَبَّابة ووسطى، ولا بأس بجعله أكثرَ من مثقال، ما لم يخرج عن العادة. وقبيعةُ سيْفٍ، وحِليةُ مِنْطَقةٍ (¬1)، وجَوْشَنٍ (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فيهما)؛ أيْ: في الإزالة، ووجوب الزكاة، وهو متعلق بمحذوف معلوم من الاستثناء؛ أيْ: استثني ذلك فيهما. فصل * قوله: (ما لم يخرج عن العادة) ولا بتعدده (¬3) أيضًا، حيث لم يخرج عن العادة، وهو الأظهر الذي انحط عليه كلامه في الإنصاف (¬4) آخرًا، فتدبر. * قوله: (وقبيعة سيف) وهي ما على طرف القبضة. ¬
وخُوذَةٍ (¬1)، وخفٍّ ورانٍ وهي: شيء يلبس تحت الخف، وحمائلَ، لا ركابٍ، ولجامٍ، ودواةٍ، ونحو ذلك. ومن ذهب: قبيعةُ سيف، وما دعت إليه ضرورةٌ كأنف، وشدِّ سِنٍّ. ولنساء منهما: ما جرت عادتهن بلُبسه، ولو زاد على ألف مثقال. ولرجل وامرأة تحلٍّ بجوهر، ونحوه. وكره تختُّمُهما بحديد، وصُفر، ونحاس، ورصاص، ويستحبُ بعَقِيق. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . * * * ¬
4 - باب زكاة العروض
4 - باب زكاة العروض والعَرْضُ: ما يعدُّ لبيع وشراء لأجل ربح. وإنَّما تجب في قيمة بلغت نصابًا، لِمَا مُلِك بفعل، ولو بلا عوض. أو منفعةً، أو استردادًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب زكاة العروض * قوله: (وإنما تجب في قيمة)؛ أيْ: لا في نفسها. * قوله: (لما ملك بفعل) بالبيع، أو النكاح والخُلع، فلو دخلت في ملكه بغيو فعل كإرث، ولقطة عند تمام حول تعريفها لم تصِر للتجارة، ولو نواها لها، فلا زكاة فيها، ولو مضى عليها أحوال، إلا أن يعتاض عنها بنية التجارة، فيصير ما يعتاضه لها. * قوله: (ولو بلا عوض)؛ أيْ: ولو كان الملك بلا عوض، كقبول الهبة، والوصية، وتملك المباح. * قوله: (أو منفعة) كمن يستأجر خانات، وحوانيت ليربح فيها، شارح (¬1). * قوله: (أو استردادًا)؛ أيْ: لمبيع، كفسخ بخيار، أو إقالة، شارح (¬2). ¬
بِنية التجارة، أو استصحابِ حكمها فيما تعوَّض عن عَرْضها، ولا تُجزِئ من العروض. ومن عنده عَرْضٌ لتجارة فنواه لقُنية، ثم لتجارة لم يصِر لها، غيرُ حليٍّ لُبس. ويُقوَّم بالأحظ للمساكين من ذهبٍ أو فضةٍ، لا بما اشتُرِيتْ به. وتُقوَّم المغنيةُ ساذَجةً، والخَصيُّ بصفته. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بنية التجارة) متعلق بـ"ملك" فلو ملكها بفعله بغير نية التجارة، ثم نواها للتجارة لم تصِر لها؛ لأن ما لا تتعلق به الزكاة من أصله، لا يصير محلًا لها بمجرد النية، كالمعلوفة إذا نوى سومها. * [قوله: (فنواه للقنية)؛ أيْ: صار لها] (¬1). * قوله: (ثم لتجارة)؛ أيْ: ثم إن (¬2) نواه لتجارة لم يصر لها. * قوله: (وتقوم بالأحظ)؛ أيْ: وجوبًا. * قوله: (للمساكين) المراد بهم: أهل الزكاة، ولو عبر به كما عبر به في الإقناع (¬3)، لكان أولى. * قوله: (وتقوم المغنية)؛ أيْ: المحرَّم غناؤها، أو المكروه. * قوله: (ساذجة) بفتح الذال المعجمة؛ أيْ: خالية عن صفاتها (¬4)، ومثلها ¬
ولا عبرةَ بقيمة آنية ذهب وفضة. وإن اشترى عَرْضًا بنصابٍ من أثمان أو عُروضٍ، أو نصابَ سائمة لقُنية بمثله لتجارة بَنَى على حوله، لا إن اشترى عَرْضًا بنصاب من أثمان أو عروض، أو نصاب سائمة لقنية بمثله لتجارة بنى على حوله، لا إن اشترى عرضًا بنصاب سائمة، أو باعه به. ـــــــــــــــــــــــــــــ الزامرة، والضاربة بآلة لهوِ؛ لأن الصفة المحرَّمة لا قيمة لها. قال أيضًا: الذي يخلص من كلام السيوطي (¬1) أن في هذه اللفظة الفتح والكسر، والإعجام والإهمال، وإن كان الإعجام والفتح أكثر، وأشهر. * قوله: (أو نصاب سائمة لقنية بمثلة لتجارة بني على حوله) [يعارضه ما سيأتي (¬2) من أنه لو ملك سائمة لتجارة] (¬3) نصف حول، ثم قطع نية التجارة استأنفه للسوم. وعلله في شرحه (¬4): "بأن حول السوم لا ينبني (¬5) على حول التجارة"، والمسألة مفروضة في الفروع (¬6)، والتنقيح (¬7)، وغيرهما (¬8) في عكس الصورة التي ذكرها. ¬
وعن مَلك نصابَ سائمة لتجارة، أو أرضًا فزُرِعَتْ، أو نخلًا فأثمر، فعليه زكاةُ تجارة فقط، إلا أن لا تبلغ قيمتُه نصابًا، فيزكَّى لغيرها. ومن مَلك سائمةً لتجارة نصفَ حول، ثم قطع نيَّة التجارة استأنفه للسَّوم. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في الفروع (¬1): "وإن اشتراه -أىْ: العرض- بنصاب سائمة، أو باعه به لم يبن وفاقًا (¬2)، لاختلافهما في النصاب، والواجب، إلا أن يشتري نصاب (¬3) سائمة للتجارة بمثله للقنية في الأصح، وجزم به جماعة؛ لأن السوم سبب للزكاة، قدم عليه زكاة التجارة لقوته، فبزوال المعارض يثبت حكم السوم لظهوره"، انتهى. ويمكن أن يجعل (اشترى) في كلام المص بمعنى باع، فيساوي ما سيأتي (¬4)، ويوافق كلام الفروع والتنقيح (¬5) وغيرهما (¬6). * قوله: (فزرعت) ببذر التجارة على ما في الإقناع (¬7)، وظاهر كلام المص الإطلاق، وفيه شيء. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: فرق في الإقناع (¬8) تبعًا للمبدع (¬9) بين ما إذا زرعت ¬
وإن اشترى صبَّاغٌ ما يُصيغ به ويبقى أَثَرُه كزعفران، ونِيلٍ، وعُصْغُر، ونحوه فهو عَرْض تجارة يقوم عند حوله، لا ما يشتريه قَصَّارٌ من قِلْيٍ (¬1)، ونُورَةٍ (¬2)، وصابونٍ، ونحوه. وأمَّا آنية عَرْض التجارة، وآلةُ دابتها فإن أريد بيعها معهما فمالُ تجارةٍ، وإلا فلا. ومن اشترى شِقْصًا لتجارة بألف، فصار عند الحول بألفَين زكَّاهما، وأخذَه الشفيعُ بألفٍ، وينعكسُ الحكمُ بعكسها. وإذ أذن كلٌّ من شريكين، أو غيرِهما لصاحبه في إخراج زكاته ضَمِن كلُّ واحدٍ نصيبَ صاحبه إن أخرَجا معًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ببذر التجارة، وما إذا زرعت ببذر القنية، وهو أوجه. * قوله: (ضمن كل واحد نصيب صاحبه) إن أخرجا معًا، سواء علم بذلك أم لا؛ لأن كل واحد منهما انعزل حكمًا عن (¬3) الوكالة بإخراج الموكل زكاة نفسه؛ لأنه لم يبق عليه زكاة، ويقبل قول الموكل إنه أخرج قبل دفع وكيله إلى الساعي، وقول من دفع زكاة ماله إليه، ثم ادعى أنه كان أخرجها، وتؤخذ من الساعي إن كانت بيده، وإلا فلا، حاشية (¬4). ¬
أو جهل سابقٌ، وإلا ضَمِن الثانِي ولو لم يَعلم، إلا إن أدَّى دينًا بعد أداء موكِّله ولم يَعلم. ولمن عليه زكاةٌ الصدقةُ تطوعًا قبلَ إخراجِها. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو جهل سابق) أو علم السبق، ثم نسي. * قوله: (لا إن أدى دينًا بعد أداء موكله. . . إلخ)؛ يعني: فإنه لا يضمن له شيئًا، لعدم الفوات، فإن له الرجوع على القابض [كما لو كان القابض] (¬1) للزكاة الساعي وهي بيده، فيرجع بها عليه، ولا ضمان حاشية (¬2). * قوله: (ولمن عليه زكاة الصدقة تطوعًا قبل إخراجها)؛ أيْ: سواء كان (¬3) ذلك قبل مُضِي الحول أو بعده؛ لأنه إن كان قبل مُضِيه لم يكن عليه واجب، وإن كان بعده لم يؤثر حينئذٍ نقص النصاب، لسبق الوجوب. * * * ¬
5 - باب زكاة الفطر
5 - باب زكاة الفِطْر: صدقةٌ واجبة بالفطر من رمضان، وتسمَّى: فرضًا. ومَصْرِفُها كزكاة. ولا يمنع وجوبَها دَينٌ إلا مع طلب. وتجبُ على كلِّ مسلم تلزمُه مؤنةُ نفسه ولو مكاتبًا، فضلَ عن قوته، ومن تلزمُه مؤنتُه يومَ العيد وليلتَه، بعد حاجتهما لمسكن، وخادم ودابة، وثيابِ بِذْلَةٍ، ونحوه، وكتبٍ يحتاجها لنظر وحفظٍ: صَاعٌ، وإن فضلَ دونَه أخرَج ويكملُه من تلزمُه لو عَدِم. وتلزمُه عمن يَمُونه من مسلمٍ حتى زوجةِ عبدِه الحرة، ومالكٍ نَفْعَ قِنٍّ فقط، ومريضٍ لا يحتاج نفقة، ومتبرِّعٍ بمؤنته رمضانَ، وآبِق، ونحوِه لا إن شَكَّ في حياته. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب زكاة الفطر * قوله: (ولو مكاتبًا) لعله ما لم تحل النجوم ويطالبه السيد، أما لو كان كذلك فيصير كالمدين المطالَب. * قوله: (صاع) فاعل "فصل" ويرشد إليه قوله: (وإن فضل دونه). * قوله: (فقط)؛ أيْ: دون رقبته. * قوله: (ونحوه) كغائب، ومرهون، ومغصوب، ومحبوس؛ لأنه مالك
فإن لم يجد لجميعهم بدأ بنفسِه، فزوجتِه، فرقيقِه، فأمِّه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لهم، وقياسًا على نفقتهم. وبخطه (¬1): لكن صرح في المبدع (¬2) بأنه لا يطالب بالإخراج عنه، إلا إذا وصل إلى يده، قال: "وزاد بعضهم (¬3)، أو علم محله" نقله عنه شيخنا في شرح الإقناع (¬4). * قوله: (بدأ بنفسه) لعموم حديث "ابدأ بنفسك" (¬5). * قوله: (فزوجتِه) لتقدم نفقتها على سائر النفقات؛ ولوجوبها مع اليسار والإعسار؛ ولأنها على سبيل المعاوضة. * قوله: (فرقيقِه) وقدمت على نفقة الأقارب؛ لوجوبها مع الإعسار بخلاف نفقتهم، لأنها صلة، فلا تجب إلا مع اليسار. * قوله: (فأُمِّه)؛ لأنها مقدمة في البر على الأب، بدليل حديث الأعرابي المشهور (¬6). ¬
فأبيه، فولدِه، فأقربَ في ميراث، ويقرعُ مع استواء. وتُسنُّ عن جنين، ولا تجبُ لمن نفقتُه في بيت المال، أو لا مالكَ له معيَّنٌ كعبد الغنيمة، ولا على مستأجرٍ أجير، أو ظِئْر بطعامهما، ولا عن زوجةٍ ناشزٍ، أو لا تجب نفقتُها لصغر ونحوِه، أو أمةٍ تسلَّمها ليلًا فقط. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فأبيه) لحديث: "أنت ومالك لأبيك" (¬1). * قوله: (فولدِه) لقربه بالنسبة إلى بقية الأقارب. * قوله: (ولا تجب لمن نفقته في بيت المال) كلقيط، وليس ما يأخذه نفقة حقيقة، بل هو إيصال مال لمستحقه. * قوله: (كعبد الغنيمة)؛ أيْ: قبل القسمة، وكذا عبد الفيء، * قوله: (ولا عن زوجة ناشز) ولو حاملًا؛ لأن النفقة للحمل لا لها بسببه على الصحيح (¬2). وهو لا تجب فطرته، بل تستحب -كما سبق-. * قوله: (لصغر)؛ أيْ: عن تسع. * قوله: (ونحوه) كحبسها وغيبتها لحاجتها، ولو بإذنه؛ لأنها كالأجنبية. * قوله: (أو أمة تسلمها ليلًا فقط) ويعايا بها فيقال: لنا شخص نفقته واجبة على شخص، وفطرته واجبة على آخر. ¬
وهَي على سيدها، كما لو عجَز زوجٌ تجب عليه عنها. وفطرةُ مبعَّض، وقِنٍّ مشترَك، ومن له أكثرُ من وارث، أو ملحَق بأكثر من واحدٍ تُقسَّطُ، ومن عجز منهم لم يلزم الآخرَ، سوى قسطِه كشريكِ ذميٍّ. ولمن لزمت غيرَه فطرتُه طلبُه بإخراجِها، وأن يخرجَها عن نفسه، وتجزئ بلا إذنِ من تلزمُه؛ لأنه متحمِّل، ومن أخرج عمن لا تلزمه فطرتُه بإذنه أجزأ. ولا تجب إلا بدخولِ ليلةِ الفطر فمتى وُجِد قبل الغروبِ موتٌ، ونحوُه، أو أسلمَ، أو مَلك رقيقًا أو زوجةً. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (كما لو عجز زوج تجب عليه)؛ أيْ: فطرة زوجتهِ الأمة. * قوله: (عنها)؛ أيْ: عن فطرتها. * قوله: (وفطرة مبعَّض) ولو مع مهايأة (¬1). * قوله: (لم يلزم الآخر)؛ أيْ: منهم، وكان الأحسن إبدال لفظ الآخر بشريكه، حتى تشتمل جملة الجواب على ضمير يربطها بالشرط، وليكون أشمل. * قوله: (ونحوه) كطلاق، أو عتق، أو بيع، أو هبة. * قوله: (أو ملك رقيقًا أو زوجة) هو من قبيل: علفتُها تبنًا وماءً باردًا، فيكون بمعنى جاز، وسلك الشارح (¬2) أحد الجائزَين فيه، وهو تقدير عامل مناسب، فقال: ¬
أو وُلد له بعده فلا فطرة. والأفضلُ: إخراجُها يوم العيد قبل صلاته، أو قدرِها، ويأثم مؤخِّرُها عنه، وتُقضَى، وتُكرَه في باقِية، لا في اليومين قبله، ولا تجزئ قبلَهما. ـــــــــــــــــــــــــــــ "أو تزوج زوجة". وفي المطلع (¬1) الإشارة إلى وجه ثالث، وهو جعل العامل بمعناه الحقيقي، مسلطًا على المعطوف، لكن مع تقدير مضاف، والأصل، أو ملك بضع زوجة. وأقول: المناسب لمقتضى المذهب [أن من] (¬2) المعقود عليه في النكاح منفعة البضع (¬3)، أنه على تقدير مضافَين، وأن الأصل: أو ملك منفعة بضع زوجة، وأنه حُذِفَ المضافان حذفًا دفعيًّا، أو تدريجيًّا على الخلاف في مثله. * قوله: (أو ولد له بعده) قال في الحاشية (¬4): "فإن كان قبله وجبت" انتهى. أقول: بشرط أن يكون ما وجد قبله ولادة تامة، فلو خرج بعضه قبل الغروب ولم تخرج بقيته إلا بعده لم تجب. * قوله: (أو قدرها) لمن (¬5) لم يُصَلِّها لعذر أو غيره. ¬
1 - فصل
ومن عليه فطرةُ غيرِه أخرجها مع فطرتِه مكانَ نفسِه. * * * 1 - فصل والواجب: صاع برٍّ، أو مِثْلُ مكيله من تَمْرٍ، أو زبيبٍ، أو شعيرٍ، أو أقِطٍّ، أو صاع مجموع من ذلك، ويحتاط في ثقيلٍ، ليَسقطَ الفرض بيقين. وبجزئ دقيقُ برٍّ، وشعيرٍ، وسويقهما وهو: ما يحمَّصُ، ثم يُطْحَن، بوزن حبِّه، ولو بلا نخلٍ، كبلا تنقية. لا خبزٌ، ومعيبٌ: كمسوَّسٍ، ومبلولٍ، وقديمٍ تغيَّر طعمه، ونحوِه، ومختلِطٌ بكثير ممَّا لا يجزئ، ويزاد إن قلَّ بقدره. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مكان نفسه)؛ أيْ: في المحل الذي المُخْرِجُ فيه، كما لو وجب عليه زكاة قريب، وهو في مكان غير الذي هو فيه، فيخرجها مع زكاته في مكانه. فصل * قوله: (والواجب صاع بُرٍّ). زَكاةُ رؤوسِ الناس في يوم فِطْرِهم ... إذا تمَّ شهرُ الصوم صاعٌ من البُرِّ وفي ثَغْرِكَ المَعْسُولِ للبائسِ الذي ... يرومُ زكاة الحُسْنِ صاعٌ من الدُّرِّ (¬1) * قوله: (أو مثل مكيله) كان الظاهر أنه يكفي في العبارة: صاع بُر أو تمر. . . إلى آخره، فانظر ما الحكمة في هذه الزيادة؟. ¬
ويخرجُ (¬1) معَ عدم ذلك ما يقوم مَقامه، من حبٍّ، وثمر مكيلٍ يُقْتَات. والأفضلُ: تَمْرٌ، فزبيبٌ، فبرٌّ، فأنفعُ، فشعيرٌ (¬2)، فدقيقُهما، فسويقُهما، فأقِطُّ، وأن لا يُنْقَضَ مُعْطًى عن مُدِّ بُرٍّ، أو نصفِ صاع من غيره. ويجوزُ إعطاءُ واحدٍ ما على جماعة، وعكسُه. ولإمام ونائبِه ردُّ زكاةٍ وفطرةٍ إلى ما أُخذِتا منه، وكذا فقيرٌ لزمتاه، المُنَقِّح (¬3): "ما لم تكن حيلة". ـــــــــــــــــــــــــــــ وقد يقال: الحكمة فيها التنبيه على أن المعتبر في غير البر الكيل دون الوزن، لأن صاع الشعير كيلًا لا يصل إلى وزن صاع البر -كما تقدم (¬4) -. * قوله: (ولإمام ونائبه ردُّ زكاةٍ وفطرةٍ. . . إلخ) وكذا خمس الرِّكاز على ما في حاشية الحجاوي على التنقيح (¬5)، وعبارته: "ويجوز للإمام ردُّ خمس الرِّكاز أو بعضه بعد قبضه لواجده، وتركه له قبل قبضه كالخراج؛ لأنه فيء"، انتهى. * * * ¬
6 - باب إخراج الزكاة
6 - باب إخراج الزكاة واجب فورًا كنذرٍ مطلق وكفارة، إن أمكن، ولم يخَف رجوع ساع، أو على نفسه، أو ماله، ونحوه. وله تأخيرُها لأشدِّ حاجةٍ، وقريبٍ، وجارٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إخراج الزكاة * قوله: (كنذر مطلق) ومثله نذر مؤقت دخل وقته، إلا أنه ليس من محل الخلاف (¬1). * قوله: (ونحوه) كمعيشة يحتاجها. * قوله: (وله تأخيرها لأشد حاجة)؛ أيْ: لغيبة من هو أشد حاجة إلى أن يحضر فيدفعها له، أطلق بعضهم ذلك (¬2)، وقيده بعضهم بما إذا كان الزمن يسيرًا (¬3)، و (¬4) من قيَّده بالزمن اليسير منهم من أطلق فيه، ومنهم من قيَّده بنحو اليوم واليومين، وظاهر إطلاق التنقيح (¬5) أن الأول هو المذهب. ¬
ولحاجته إليها إلى ميسرته، ولتعذُّر إخراجها من المال لغَيْبَةٍ وغيرِها إلى قدرتِه، ولو قدَر أن يخرجها من غيره، ولإمامٍ، وساع تأخيرها عند ربها لمصلحة كقحط، ونحوه. ومن جَحد وجوبها عالمًا، أو جاهلًا، وعُرِّف فعلم، وأصرَّ، فقد ارتدَّ ولو أخرجها، وتؤخذ. ومن منعها بخلًا، أو تهاونًا أُخذت وعزَّر من عَلِمَ تحريم ذلك إمامٌ عادل أو عاملٌ. فإن غيَّب أو كتمَ مالَه، أو قاتل دونها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وعزر من علم تحريم ذلك إمام عادل) "مَن" مفعول "عزَّر" و"إمام" فاعل. * قوله: (أو عامل) عللوا تقييد الإمام بكونه عادلًا، بأنه لو كان فاسقًا كان ذلك عذرًا في عدم دفعها إليه (¬1). وهل يؤخذ من هذه العلة اشتراط العدالة هنا في العامل أيضًا؟ أو يفرق، ولا يقال العامل لا يكون إلا عدلًا، لأنا نقول: لم يذكر ذلك المص في الشروط الآتية (¬2) في باب أهل الزكاة، وقد يقال: اشتراط الأمانة يتضمن اشتراط العدالة المرادة هنا، وهو وضع الزكاة في مواضعها؛ لأنه إن لم يفعل ذلك كان خيانة، وهي ضد الأمانة، فالإطلاق هنا فيه اعتماد على ما يأتي. ¬
وأمكن أخذُها ولو (¬1) بقتالِه وجبَ قتالُه على إمامٍ وَضَعَها مواضعها، أُخِذت فقط، ولا يكفرُ بقتاله للإمام. وإلا استُتِيب ثلاثة أيام، فإن أخرج، وإلا قتل حدًّا، وأخذت من تركته. ومن ادعى أداءها، أو بقاءَ الحول، أو نقْصَ النصاب، أو زوالَ ملكه، أو تجدُّدَه قريبًا، أو أن ما بيده لغيره، أو أنه مفرَدٌ، أو مختلِطٌ، ونحوه، أو أقرَّ بقدر زكاته ولم يذكر قدر ماله صُدِّق بلا يمين. ـــــــــــــــــــــــــــــ ثم رأيت شيخنا صرح بالاشتراط في شرحه (¬2) في هذا المحل، فراجعه!. * قوله: (وضعها مواضعها) بيان للمراد من قوله في التي قبلها "عادل" أيْ (¬3): فيها وإن كان فاسقًا في غيرها على ما في الإقناع (¬4)، وحاشية التنقيح (¬5)، فتدبر!. * قوله: (أو تجدُدَه قريبًا)؛ أيْ: [أنه لم يمض من الحول إلا القليل. ومسألة دعوى بقاء الحول معناها أنه] (¬6) مضى من الحول أكثره، وبقي منه بقية، فهي غيرها في التصوير، وإن كان عموم الأولى يشملها. * قوله: (ونحوه) كدعوى علف ماشية نصف الحول مثلًا. ¬
وتلزمُ عن صغير ومجنون وليَّهما. وسُنَّ إظهارُها، وتفرقةُ ربها بنفسِه بشرطِ أمانتِه، وقولُه عند دفعها: "اللهم اجعلها مَغْنَمًا، ولا تجعلها مَغْرَمًا" (¬1). وقولُ آخذ: "آجرك اللَّه فيما أعطيتَ، وبارك لك فيما أبقيت، وجعله له طهورًا" (¬2)، وله دفعها إلى الساعي. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويلزم عن صغير ومجنون)؛ أيْ: بالإخراج. * قوله: (وليهما) نائب فاعل "يلزم" على ظاهر حَلِّ (¬3) كل من الشرَحين (¬4). وعبارة شيخنا: "ويُلزم بإخراج عن مال صغير، ومجنون، وليُّهما فيه نصًّا. . . إلخ". ¬
1 - فصل
1 - فصل ويشترط لإخراجها نيةٌ من مكلَّف إلا أن تؤخذ قهرًا، أو يغيب، أو يتعذَّرَ وصولٌ إلى مالك بحبس، ونحوِه، فيأخذها الساعي، ويجزئ باطنًا في الأخيرة فقط. والأَوْلى: قرنهُا بدفع، وله تقديمُها بيسير كصلاة، فينوي الزكاةَ، أو الصدقة الواجبة، أو صدقة المال، أو الفطر. ولا يجزئ إن نوى صدقة مطلقةً، ولو تصدَّق بجميع ماله. ولا تجبُ نيةُ فرضٍ، ولا تعيينُ مزكًّى عنه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (نية من مكلف) قال الحجاوي في حاشيته على التنقيح (¬1): "وسكت عن غير المكلف، لأنه لا عبرة بنيته، فينوي عنه وليُّه"، انتهى. أقول: يمكن حمل المكلف على الأعم من رب المال، أو وليِّ ربه، فلم يكن المنقح (¬2) قد أغفله، وكذا يقال هنا، فتدبر!. * قوله: (فقط) قَيْدٌ في لفظ الأخيرة، لا في (باطنًا)؛ لأنها تجزئ في الثلاث ظاهرًا، وتزيد الأخيرة بأنها تجزئ فيها باطنًا أيضًا، كما يؤخذ ذلك من الحاشية (¬3)، فتدبر!. ¬
فلو نوى عن مالِه الغائب وإن كان تالفًا، فعن الحاضرِ أجزأ عنه إن كان الغائبُ تالفًا. وإن أدَّى قدر زكاةِ أحدهما جعلها لأيِّهما شاء كتعيينه ابتداءً، وإن لم يعيِّن أجزأ عن أحدهما. ولو نوى عن الغائب فبان تالفًا لم يُصرف إلى غيره، وإن نوى عن الغائب إن كان سالمًا، أو نوى وإلا فنفلٌ أجزأ. وإن نوى عن الغائب إن كان سالمًا، وإلا فأرجِعُ، فله الرجوعُ إن بانَ تالفًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أجزأ عنه)؛ أيْ: الحاضر. * قوله: (ولو نوى عن الغائب فبان تالفًا لم يصرف إلى غيره) وهذه غير المسألة السابقة (¬1)؛ لأنه جزم بالنية هنا عن الغائب، وهناك أتى بها (¬2) مترددة بينهما، فجاز هناك جعلها عن الحاضر، ولم يُجز هنا فلا تعارض. * قوله: (فله الرجوع إن بان تالفًا) ظاهره مطلقًا، سواء كانت بيد الساعي أو صرفها إلى أهلها، انتهى م ص (¬3). أقول: هذا ينافيه ما سيأتي (¬4) من قوله: "ولا رجوع إلا فيما بيد ساعٍ عند تلف" ¬
2 - فصل
وإن وكَّل فيه مسلمًا ثقةً أجزأت نيةُ موكِّل مع قرب إخراج، وإلا نوى وكيلٌ أيضًا. ومن عَلم أهلية آخذٍ كُره أن يُعلمَه، ومع عدم عادته بأخذها لم يجزئه إلا أن يُعلمَه. * * * 2 - فصل والأفضلُ جعلُ زكاة كلِّ مال في فقراء بلده ما لم تَتَشقَّص زكاةُ سائمة ففي (¬1) بلدٍ واحد. ـــــــــــــــــــــــــــــ فَلعَلَّه يقيد ما هنا بما يأتي. * قوله: (وإلا نوى)؛ أيْ: وإن لم يقرب زمن الإخراج من زمن التوكيل. * قوله: (ومن علم أهلية آخذ. . . إلخ)؛ أيْ: ظن، قاله في الإقناع (¬2)؛ أيْ: ولم يعلم هل عادته الأخذ أو عدمه. * قوله: (ومع عدم عادته)؛ أيْ: علم عدم عادته. فصل * قوله: (في فقراء بلده)؛ أيْ: المال ولو تفرَّق. ¬
ويحرُمُ مطلقًا نقلُها إلى بلد تُقصر إليه الصلاةُ، وتجزئ، لا دونَه، لا نذرٌ، وكفارةٌ، ووصيةٌ مطلَقة، ومُؤْنةُ نقل، ودفعٍ عليه ككيل، ووزن. ومسافرٌ بالمال يفرقها ببلدٍ أكثرُ إقامته به فيه. ويجب على الإمام. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويحرم مطلقًا)؛ أيْ: سواء كان نقلها لقريب أو أشد حاجة، أو لا، وعبارته توهم أن معنى الإطلاق تشقصت أو لا؛ لأن الإطلاق إما أن يكون في مقابلة تقييد سابق أو لاحق، مع أن صورة التشقيص مستثناة من هذه أيضًا، فلو أخر قوله: (ما لم تتشقص) عن المسألتَين لكان أوضح وأحسن. * قوله: (ولا نذر)؛ أيْ: مطلق. * قوله: (ووفية مطلقة) كالوصية على الفقراء مثلًا ويحترز به عن الوصية المقيدة بفقراء مكان معين، فإنه لا يجوز نقلها إلى غيرهم، نص عليه (¬1)، كما نقله الزركشي (¬2) قاله الحجاوي (¬3). * قوله: (فرقها بأقرب بلد) البلد (¬4) ليس بقيد؛ أيْ: بأقرب موضع. * قوله: (أكثر إقامته به فيه) الضمير الأول للمسافر، والثاني للمال، والثالث للبلد، والمراد أكثر إقامة المال به؛ لأن إقامة الشخص لا اعتداد بها. ¬
بعثُ السُّعاة قربَ الوجوب لقبض زكاةِ الظاهر. وسُنَّ له: وسْمُ ما حصل من إبلٍ، وبَقَرٍ في أفخاذها، وغنم في آذانها فعلى زكاةٍ: "للَّه" أو "زكاةٍ"، وعلى جزية: "صَغَارٍ" أو "جِزْية". * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لقبض زكاة الظاهر) "ويجعل حول الماشية المحرَّم؛ لأنه أول السنة، ويستحب أن يعدها عليهم على الماء، أو في أفنيتهم، وإن وجد ما لا يحل حوله، فإن عجل ربه زكاته وإلا وكَّل ثقة يقبضها (¬1)، ويصرفها في مصرفها، وله جعل ذلك إلى رب المال إن كان ثقة، وإذا قبض الساعي الزكاة فرَّقها (¬2) في مكانها وما قاربه، وإن فضل منه شيء حمله، وللساعي بيع مال الزكاة ماشية وغيرها لحاجة أو مصلحة، وصرفها في الأحظِّ للفقراء أو حاجتهم، حتى في إجازة مسكن، فإن باع لغير ذلك، فذكر القاضي (¬3) لا يصح ويضمن، وقيل: يصح (¬4) وإن أخر الساعي قسمة زكاة عنده بلا عذر كاجتماع الفقراء أو الزكوات ضمن لتفريطه وحرم، وكذا إذا طالب أهل غنيمة بقسمتها، وكذا إذا أخَّر وكيل في تفريق مال، انتهى حاشية (¬5) (¬6). ¬
3 - فصل
3 - فصل ويُجزِئ تعجيلها لحولَين فقط إذا كَمُل النصاب، لا عما يستفيده، أو (¬1) معدنٍ، أو ركازٍ، أو ثمرة قبلَ حصولٍ أو طلوعِ طَلْعٍ، أو حِصْرِم. وإن تمَّ الحولُ والنصابُ ناقصٌ قدرَ ما عجَّله: صح. فلو عجَّل عن مئتي شاةٍ فنتجت عند الحول سَخْلةً: لزمته ثالثةُ. ولو عجَّل عن ثلاث مئة درهم خمسة منها، ثم حال الحول لزمه أيضًا درهمان ونصف. ولو عجَّل عن ألف خمسة وعشرين منها، ثم رَبِحت خمسةً وعشرين: لزمه زكاتُها. ويصح عن أربعين: شاةٌ، لا منها لحولَين، ولا للثاني فقط، وينقطعُ الحول. ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (لزمته ثالثة)؛ أيْ: غير السخلة؛ لأنها لا تجزئ إلا إذا كان النصاب كله سخالًا -كما سبق (¬2) -. * قوله: (لزمه زكاتها)؛ أيْ: الخمسة والعشرون، وهي خمسة أثمان درهم. * قوله: (لا منها لحولَين. . . إلخ) ومن عجَّل عن خمسة عشر بعيرًا أو ¬
وإن مات قابضُ معجَّلة المستحقُّ، أو ارتدَّ، أو استغنى قبل الحول: أجزأت، لا إن دفعها إلى من يعلم غناه فافتقر. وإن مات معجِّلٌ، أو ارتد، أو تلف النصاب، أو نقص، فقد بان المخرَج غيرَ زكاة، ولا رجوع إلا فيما بيد ساعٍ عند تلف. ـــــــــــــــــــــــــــــ نتاجها بنت مخاض، فالأشهَر أنها لا تجزئ إذا نتجت مثلها (¬1)، وله استرجاع المعجَّلة، ولو عجَّل مسنة عن ثلاثين بقرة وعن نتاجها فنتجت عشرًا، فالأشهَر لا تجزئه عن الجميع (¬2)، بل عن الثلاثين، وليس له استرجاعها، ويخرج للعشر ربع مسنة، ولو عجَّل عن أربعين شاة ثم أبدلها بمثلها، أو نتجت أربعين سخلة ثم ماتت الأُمات، أجزأ المعجَّل عن البدل (¬3) أو السخال؛ لأنها تجزئ مع بقاء الأمات عن الكل، فعن أحدهما أولى، ولو كان معه ألف فعجَّل خمسين، وقال: إن ربحت ألفًا قبل الحول فهي عنهما، وإلا كانت للحول الثاني جاز. * قوله: (لا إن دفعها إلى من يعلم كناه فافتقر)؛ لأن العبرة بحال الدفع، وهو عنده لم يكن من أهلها. * قوله: (إلا فيما بيد ساعٍ عند تلف)؛ أيْ: في صورة ما إذا تلف النصاب، ولو تعمد المالك إتلاف النصاب أو بعضه بعد التعجيل غير قاصد الفرار من الزكاة، فحكمه حكم ما لو تلف بغير فعله في الرجوع وعدمه في الأصح (¬4)، كما لو سأل ¬
ومن عجَّل عن ألف يظنُّها له فبانت خمس مئة: أجزأ عن عامَين. ومن عجل عن أحد نصابَيْه ولو من جنس فتلف لم يَصرفْه إلى الآخر. ولمن أخذ الساعي منه زيادةً أن يعتدَّ بها (¬1) من قابِله. ـــــــــــــــــــــــــــــ الفقراء الساعي قبضها، أو قبضها الساعي لحاجة صغارهم، وكما بَعْد الوجوب، ولو استسلف (¬2) الساعي الزكاة فتلفت في يده من غير تفريط لهم يضمنها وكانت من ضمان الفقراء سواء سأله الفقراء ذلك أو رب المال أو لم يسأله أحد. قال في الفروع (¬3): "ومتى رجع أخذها بزيادتها، لا المنفصلة، لحدوثها في ملك الفقير، كنظائره"، انتهى. * قوله: (ومن عجَّل عن أحد نصابَيه)؛ أيْ: الغائبَين، أو الحاضرَين، فهي غير السابقة في الفصل السابق (¬4)، فلا تكرار. * قوله: (ولمن أخذ الساعي منه زيادة أن يعتدَّ بها من قابِله) انظر هل له ذلك مطلقًا؛ أيْ: سواء كان الأخذ ظلمًا، أو بتأويل سائغ، وحرره (¬5)، فإن شيخنا ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لم يتعرض له في حاشيته (¬1)، ولا في شرحه (¬2)، بل تعرض فيهما لمسالة أخرى، وهي أنه يحتسب ما أهداه للعامل من الزكاة في قول (¬3)، وقيد ذلك بأن كان المالك قد نوى التعجيل، كما أنه قيد في مسألة المتن أيضًا، وتعرض في الشرح (¬4) أيضًا، إلى أنه إذا ظُلم في عُشْرِه واحتسبه من الزكاة وقت الأخذ أجزأه. * * * ¬
7 - باب أهل الزكاة
7 - باب أهل الزكاة ثمانيةٌ: فقيرٌ: من لم يجد نصف كفايته. ومسكينٌ: من يجدُ نصفها، أو أكثرها، ويعطيان تمام كفايتهما مع عائلتهما سنةً، حتى ولو كان احتياجهما بإتلاف ما لَهما في المعاصي، ومن مَلَكَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب أهل الزكاة * قوله: (فقير) وكذا بقية الثمانية، أتى به مفردًا منكرًا، إشارة إلى أن المراد بالألف واللام في الآية الجنس، وأن العدد ليس مرادًا. * قوله: (من لم يجد نصف كفايته) صادق بأن لم يجد شيئًا بالكلية، أو يجد دون النصف، ومنه تعلم أن قوله: "ويعطيان تمام كفايتهما" صادق بمعينين مرادَين؛ أيْ: كفايتهما التامة، وليس المراد أنهما يعطيان مقدار كفايتهما [التامة، وليس المراد أنهما يعطيان مقدار كفايتهما] (¬1) من غير تكميل على ما بأيديهما. * قوله: (ولو كان احتياجها بإتلاف ما لَهما في المعاصي) هذا من المواضع التي يصير فيها الشخص من أهل الأعذار، ولو كان عذره بسبب جنايته على نفسه، ¬
ولو من أثمانٍ ما لا يَقُوم بكفايته، فليس بغنيٍّ. وإن تفرَّغَ قادر على التكسب للعلم، لا للعبادة، وتعذَّر الجمعُ أُعطي. ـــــــــــــــــــــــــــــ وتقدم له نظيران في باب التيمم (¬1)، ونظائر أُخر نُبِّه عليها في مواضعها (¬2)، فارجع إليها!. * قوله: (ما لا يقوم بكفايته) "لا" نافية لا جزء كلمة، لفساده معنى، فتدبر!. * قوله: (فليس بغني) "قال الإمام (¬3): إذا كان له عقار أو ضيعة يستغلها عشرة آلاف فأكثر لا تَقيِّمه، يعني لا تكفيه، يأخذ من الزكاة" حاشية (¬4). * قوله: (للعلم)؛ أيْ: الشرعي بآلته. * قوله: (وتعذر الجمع أعطي) وعلم منه أنه إذا كان يكتسب ولو قوت يوم بيوم أنه لا يعطى، كما هو ظاهر الحديث "وأعلموهم أنه لا حق فيها لغني ولا لقوي معتمل" (¬5). ¬
وعاملٌ عليها: كجابٍ، وحافظ، وكاتبٍ، وقاسم. وشُرِطَ: كونُه: مكلَّفًا، مسلمًا، أمينًا، كافيًا، من غير ذوي القربى، ولو قِنًّا أو غنيًّا. ويُعطى قدرَ أجرته منها، إلا إن تلفت بيدِه بلا تفريط فمن بيت المال، وإن عَمِل عليها (¬1) إمام. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (كافيًا) لعل هذا الشرط متضمن لكونه عالمًا بفرائض الصدقة، فلا يكون المص أغفله، ولا يشترط كونه فقيها على ما في الشرح (¬2). * قوله: (من غير ذوي القربى) وهم بنو هاشم. * قوله: (ولو قنًّا)؛ أيْ: لغير ذوي القربى. وبخطه: ظاهره ولو لأقاربه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ويعارضه أن مولى القوم منهم (¬3)، وأنها عائدة إلى سيده، إذا القن لا يملك، ولو مُلِّك؛ ولأنه سيأتي (¬4) صريحًا أن موالي بني هاشم لا يجزئ الدفع إليهم، فترك المص التقييد اعتمادًا على ما يأتي، وصرح به شيخنا هنا في الشرح (¬5)، حيث قال: "من غير ذوي القربى، وهم بنو هاشم ومثلهم مواليهم"؛ انتهى المراد. ¬
أو نائبُه، لم يأخذ شيئًا. وتُقبل شهادةُ مالك على عامل بوضْعها في غير موضعها، ويصدَّق في دفعها إليه بلا يمين، ويحلف عامل ويَبْرَأُ، وإن ثبت ولو بشهادة بعضٍ لبعض بلا تخاصم غَرِم، ويُصدق عاملٌ في دفعٍ لفقير، وفقيرٌ في عَدمه. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو نائبه. . . إلخ) لعل المراد بنائب الإمام هنا خصوص الأمير أو القاضي، بدليل التعليل بأن له في بيت المال ما يكفيه، وإلا فالعامل المستحق نائب عن الإمام إجماعًا، فالعموم ليس مرادًا. * تتمة: قال في الفروع (¬1): "ومن وكَّل من يفرق زكاته لم يأخذ من سهم العامل شيئًا"، انتهى؛ لما عَلِمت من أن العمالة حق الإمام، يستنيب فيها من يختاره. * قوله: (وتقبل شهادة مالك. . . إلخ) المراد بالمالك جنسه، فلا يقال: إن الواحد فقط لا تكفي شهادته هنا، أو المراد الواحد، ويكون ساكتًا عن كونه يقضي بها، أو لا، وهو معلوم من بابه، من (¬2) أنه لا يقضي في مثل ذلك بواحد فقط، بل لا بد من رجلَين، أو رجل وامرأتَين، أو رجل ويمين، ويترتب على قبولها أن الفقير لا يرجع عليه بقدر زكاته. * قوله: (ويُصَدَّقُ في دفعها إليه)؛ أيْ: العامل. * قوله: (ولو بشهادة بعض لبعض)؛ أيْ: من أرباب الأموال. * قوله: (ويصدق عامل في دفع لفقير) يعني فتبرَأ ذمته بذلك. * قوله: (وفقير في عدمه) ظاهره بلا يمين، يعني فله أخذ من زكاة أخرى. ¬
ويجوزُ كون حاملها، وراعيها، ممن مُنِعها. ومؤلَّف: السيدُ المطاع في عشيرته، ممن يُرجَى إسلامه، أو يخشى شرُّه، أو يرجى بعطيته قوةُ إيمانه، أو إسلامُ نظيره، أو جبايتُها ممن لا يعطيها، أو دفعٌ عن المسلمين. ويُعطى ما يحصلُ به التأليفُ، ويُقْبَل قولُيه في ضعف إسلامه، لا إنه مطاع إلا ببينة، ومكاتَبٌ ولو قبل حلولِ نجمٍ. ويُجزئ أن يُشترى منها رقبةٌ لا تَعْتِقُ عليه فيُعتقَها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه: وفائدته فيما إذا تداعيا معًا بِرأت ذمة كل واحد منهما. * قوله: (ويجوز كون حاملها وراعيها ممن منعها)؛ أيْ: منع الزكاة، كذوي القربى، والكفار؛ لأن ما يأخذه أجرة لعمله، لا لعمالته. * قوله: (ومؤلَّف. . . إلخ) أقسامه ستة. * قوله: (المطاع في عشيرته) لعله ولو كان امرأة. * قوله: (أو يخشى شرُّه) لعله ولو مسلمًا، خلافًا لما في الإقناع (¬1)، وعمومه يشمل الخوارج وغيرهم كالعرب. * قوله: (أو إسلام نظيره) أو كان ذا شرف في قومه، ولم يكن مطاعًا فيهم لكن يرجى بعطيته إسلام قومه، وهذا القسم لم يذكره المص -رحمه اللَّه تعالى-، فالأقسام سبعة. * قوله: (ويجزئ أن يشتري. . . إلخ)؛ أيْ: من عليه الزكاة. * قوله: (لا تعتق عليه) ظاهره مطلقًا، سواء كان برحم، أو تعليق، أو شهادة، ¬
وأن يَفديَ بها أسيرًا مسلمًا، لا أن يُعتق قِنَّه أو مكاتَبَه عنها، وما أعتَقَ ساعٍ منها فولاؤه للمسلمين. وغارمٌ: تدين لإصلاح ذاتِ بَيْنٍ، أو تحمَّل إتلافًا، أو نَهْيًا عن غيره، ولو غنيًّا ولم يدفع من ماله، أو لم يَحلَّ، أو ضمانًا وأعسر. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والظاهر أن هذا ليس بمراد، وأن المراد برحم فقط. ثم رأيت المص في شرحه (¬1) قيد بقوله: "برحم ولا تعليق" وهو (¬2) مشكل، وشيخنا في شرحه (¬3) تبع الشارح في ذلك. ثم كتب على قوله: (أو شهادة) ما نصه: بأن شهد على سيدٍ عبدٌ أنه أعتقه، ورُدَّت شهادته، ثم اشتراه فإنه يعتق عليه، مؤاخذة له باعترافه بعتقه. * قوله: (وأن يفدي بها أسيرًا مسلمًا) قال في الفروع (¬4): "وقال أبو المعالي وكذا لو دفع إلى فقير مسلم غَرَّمه السلطان مالًا ليدفع جَوره"، انتهى. * قوله: (وغارم) أقسامه سبعة. * قوله: (أو تحمَّل إتلافًا)؛ أيْ: لأجل ذلك، كما هو (¬5) مقتضى الإقناع (¬6). * قوله: (أو لم يَحِلَّ)؛ أيْ: أجَل الدين. * قوله: (وأعسرا)؛ أيْ: الضامن والمضمون، فيجوز الدفع إليهما، وعلم ¬
أو تديَّنَ لشراء نفسه من كفار، أو لنفسه في مباح، أو محرَّم، وتاب، وأعسر، ويُعْطَى وفاءَ دينِه كمكاتبٍ، ولا يُقضى منها دينٌ على ميت. ـــــــــــــــــــــــــــــ منه أنهما لو كانا موسرَين أو أحدهما لم يُجز الدفع إليهما، ولا إلى أحدهما، وهذه الأخيرة مشكلة، إذ يعارضه ما سيأتي من قوله: "أو لنفسه في مباح أو محرم، وتاب وأعسر" إلا أن يقال إن الدين لزم الضامن بسبب الضمان، فلا يدفع إليه إلا إذا أعسرا معًا، أما الدفع إلى المضمون فيجزئ إذا كان هو فقط معسرًا فالتى في المتن مسألة الدفع إلى الضامن فقط، بدليل قول الشارح (¬1) عند قوله: "أو ضمانًا"؛ "يعني أو كان الدين لزمه بطريق الضمان"، انتهى. ولكن هذا الحمل لا يوافق ظاهر قول الإقناع (¬2): "ومن تحمَّل لضمان أو كفالة عن غيره مالًا فحكمه حكم من غرم لنفسه، فإن كان الأصيل والحميل معسرَين جاز الدفع إلى كل منهما، وإن كانا موسرَين أو أحدهما لم يُجز". انتهى، أيْ: لم يجز الدفع إليهما، ولا إلى أحدهما، قاله شيخنا في شرحه (¬3). وقيل: إنه يجوز الدفع إلى كل منهما، حيث كان المضمون معسرًا، حكاه في الفروع (¬4). * قوله: (أو محرَّم وتاب) هذا أيضًا من المواضع التي يعذر فيها، مع أن العذر كان بسبب جنايته (¬5). * قوله: (ولا يقضى منها دين على ميت) لعدم أهليته بقبضها، فلم يوجد ¬
السابع: غازٍ بلا ديوان، أو لا يكفيه، فيعطى ما يحتاجه لغزوه، ويجزئ لحجِّ فرض فقيرٍ وعمرتِه، لا أن يشتري منها فرسًا يحبسها، أو عقارًا يقِفُه على الغزاة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الشرط، وهو تمليك المعطى -كما يأتي (¬1) - سواء كان استدانه لمصلحته أو لإصلاح ذات بين، حاشية (¬2). * قوله: (السابع غازٍ) إنما لم يَجْرِ المص على (¬3) نسق واحد في حذف العدد، لأنه كان يوهم قوله: "وغازٍ" لو قاله العطف على "ميت" من آخر السادس، فيوقع في غير المراد، وأتبع الثامن للسابع. * [قوله: (ما يحتاج) فيه حذف العائد، وسهله كونه منصوبًا، فإنه ورد حذفه بكثرة (¬4)] (¬5). * قوله: (ويجزئ لحج فرض فقير) هَلْ الفرضُ شامل للنذر أو لا؛ لعدم اصطلاحهم على ذلك؟ ويقَرِّب الثاني الجري على القول: بأن النذر يسلك به مسلك النفل، وإن كان ضعيفًا (¬6). ويبقى النظر في حجة القضاء عن الحجة الفاسدة، هل هي ملحقة بالفرض الأصلي؟ الظاهر: نعم. * قوله: (أو عقارًا يقفه على الغزاة). . . . . . ¬
ولا غزوه على فرس منها. وللإمام شراءُ فرس بزكاة رجل، ودفعُها إليه يغزو عليها، وإن لم يغزُ ردَّها. الثامن: ابنُ السبيل: المنقطعُ بغير بلدِه في سفر مباح، أو محرَّمٍ وتاب، لا مكروهٍ، ونزهةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أو كتب علم يقِفها على من يشتغل بالعلم. * قوله: (ولا غزوُهُ على فرس منها)؛ أيْ: لا يجزئ من وجبت عليه زكاة غَزْوُه على فرس من زكاة نفسه، لأنه ليس مصرفًا لها، كما أنه لا يجزئ أن يقضي (¬1) منها دينه. * قوله: (يغزو عليها)؛ لأنه برئ بدفعها للإمهام، وتقدم (¬2) أن للإمام ردَّ زكاة، وفطرة إلى من أخذتا منه، شارح (¬3). * قوله: (لا مكروه) كالسفر لزيارة القبور على القول به (¬4)، وكالسفر لفعل مكروه كأكل بصل، وثوم ونحوه. * قوله: (ونزهة) فيه ما سلف (¬5) عن صاحب القاموس (¬6) (¬7)، مِن أن استعمال ¬
كان سقط ما على غارمٍ، أو مكاتَبٍ، أو فضل معهما، أو معَ غازٍ، أو ابنِ سبيل شيءٌ بعد حاجته ردَّ الكلَّ، أو ما فضل، وغير هؤلاء يتصرَّف في فاضل بما شاء. ولو استدان مكاتب ما عَتَق به، وبيده منها بقدرِه، فله صرفه فيه. وتُجزيه وكفارةٌ، ونحوهما لصغير لم يأكل الطعامَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ النزهة في الخروج إلى الخضر والبساتين لَحْن، تنبَّه!. * قوله: (ولو وجد مقرضًا) ظاهره ولو كان قادرًا على الوفاء، وهو مصرح به (¬1)، قال شيخنا: "ويعطى أيضًا ولو وجد متبرعًا بالطريق الأولى؛ لأنه عليه في ذلك مِنَّة". * قوله: (وبيده منها)؛ أيْ: من الزكاة. * قوله: (بقدره)؛ أيْ: بقدر ما استدانه. * قوله: (فله صرفه)؛ أيْ: صرف ما بيده مما قبضه من الزكاة. * قوله: (فيه)؛ أيْ: فيما استدانه، فيوفي به الدين، ولا يلزمه رده لربه ولا للإمام. * قوله: (ونحوهما) كنذر، ووصية مطلقتَين. ¬
ويَقبَلُ ويقبضُ له وليُّه، ولمن بعضُه حرٌّ بنسبته، ويُشترط تمليكُ المعطَى. وللإمام قضاءُ ينٍ عن حيٍّ، والأولى له ولمالك دفعُها إلى سيدِ مكاتَب لردِّه ما قَبَض إن رقَّ لعجز، لا ما قبض مكاتَب. ولمالك دفعُها إلى غريمِ مَدينٍ بتوكيله، ويصح ولو لم يقبضها، وبدونه. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويقبل ويقبض له وليُّه) وفي رواية عن الإمام (¬1) أنه إذا عدم الولي فإنه يقبل ويقبض له من يليه؛ لأن حفظه عن (¬2) الضياع والهلاك أولى من مراعاة الولاية. * قوله: (وللإمام قضاء دين عن حي) من زكاة بلا إذنه، لولايته عليه في إيفائه، ولهذا يجبره عليه إذا امتنع، شارح (¬3). * قوله: (لردِّه ما قبض)؛ أيْ: لإمكان مطالبته بردِّ ما قبض من الزكاة عن مال الكتابة. * قوله: (لعجز) عن وفاء كتابته؛ لأنه لم يحصل العتق الذي لأجله كان الأخذ. * قوله: (لا ما قبض مكاتب)؛ أيْ: لا يردُّ سيد مكاتب ما قبض مكاتب من زكاة ودفعه لسيده، ثم عجز أو مات ونحوه، ولو كان باقيًا بيده؛ لأنه يكون للسيد. * قوله: (وبدونه)؛ أيْ: وبدون توكيل المدين نصًّا؛ لأنه دفع الزكاة في ¬
1 - فصل
1 - فصل من أُبيِح له أخذُ شيء أُبيح له سؤالُه، ولا بأس بمسألة شرب الماء. وإعطاءُ السؤال مع صدقهم فرضُ كفاية. ويجب أخذُ (¬1) مالٍ طيبٍ أتى بلا مسألةٍ، ولا استشرافِ نفس. ومن سأل واجبًا مدعيًا كتابةً، أو غُرمًا، أو أنه ابن سبيل، أو فقرًا وعُرف بغنى لم يُقْبَل إلا ببينة، وهي في الأخيرة ثلاثة رجال. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قضاء دين المدين، أشبه ما لو دفعها إليه فقضى بها دينه، شارح (¬2). فصل * قوله: (ويجب. . . إلى آخره) هذا أحد قولَين في المسألة (¬3)، والقول الثاني أنه مستحب، لا واجب، ومشَوا عليه في الهبة (¬4)، ولعله هو الصحيح، بدليل أنهم مشَوا عليه في أبواب أُخر كالتيمم (¬5)، والحج (¬6)، حيث قالوا: إنه إذا بُذل له مال هبة يشتري به ماء وكذا السترة، أو ليحج منه، لا يلزمه قبوله لما يلحقه بسبب ذلك من المِنة، وابن حجر الهيتمي الشافعي في كتابه المسمى بـ"الإنافة في فضل الصدقة ¬
وأن صدَّق مكاتبًا سيدُه، أو غارمًا غريمُه قُبِلَ وأُعْطِي، ويقلَّد من ادعى عيالًا أو فقرًا ولم يُعْرف بغنى، وكذا جَلْدٌ ادعى عدم مكسب بعد إعلامه أنه لاحظَّ فيها لغنيٍّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والضيافة" ردَّ جميع الأحاديث الدالة على وجوب القبول إلى الندب (¬1). وبخطه: لقوله -عليه الصلاة والسلام- لعمر (¬2): "إذا أُعطيت شيئًا من غير أن تسأل فكُلْ وتصدق" متفق عليه (¬3)، وفي الباب أحاديث صحيحة كثيرة. * قوله: (وإن صدق مكاتبًا سيده) ولا معنى للتواطؤ في هذه المسألة؛ لأن السيد يؤاخذ بإقراره، [وقد يقال: إن مؤاخذته بإقراره] (¬4) لا تقتضي عدم جواز تعجيزه بعد. * قوله: (أو غارمًا غريمه) مع أنه يحتمل التواطؤ، وهي شبهة القول الثاني (¬5). * قوله: (ويقلَّد. . . إلخ)؛ أيْ: يصدق. * قوله: (وكذا جَلْد)؛ أيْ: قوي. * قوله: (بعد إعلامه)؛ أن: وجوبًا في ظاهر كلامهم، قاله في الإقناع (¬6). ¬
ولا قوي مكتسب. ويحرُم أخذٌ بدعوى غنىٍّ فقرًا ولو من صدقةِ تطوع. وسُنَّ تعميمُ الأصناف بلا تفضيل إن وُجدت حيث وجب الإخراج، وتفرقتُها في أقاربه الذين لا تلزمه مُؤْنتُهم على قدر حاجتهم. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مكتسب) تفسير للمعتمل، الواقع في بعض طرق الحديث (¬1). * قوله: (ويحرم أخذ بدعوى غني فقرًا) الدعوى ليست بقيد، بل لو دُفع له شيء من الزكاة مع الإعلام بأنه منها، حرم عليه الأخذ؛ لأنه يجب عليه الإعلام [بحاله إذا جهل -كما تقدم (¬2) -. ويجب عليه الردُّ في هذه الحالة] (¬3). * قوله: (بلا تفضيل) مخالف لما أسلفه في باب أهل الزكاة من إعطاء كل بقدر استحقاقه، فلعل ما هنا على قول أبي الخطاب (¬4)، من أنه يعطى كل صنف الثمن بلا تفضيل، إلا أن يحمل قوله هنا "بلا تفضيل" على معنى من غير زيادة على ما يستحقه، وهو بعيد، بل وفيه منع، يظهر بالتأمل. وقد يقال: بلا تفضيل بين أفرادها، ولعله ناظر إلى أنه ينبغي إعطاء ثلاثة من كل صنف، فإذا فعل ذلك وأعطى ثلاثة من الفقراء مثلًا لا يُفضِّل بل يسوي بين الثلاثة، وهكذا، وفيه نظر أيضًا؛ لأنه قد يكون أحدهم ذا عيال، فيفضَّل لأجل عياله؛ لأنه من تمام كفايته، فحرر المقام!. ¬
ومن فيه سببان أخذ بهما، ولا يجوز أن يُعْطَى بأحدهما لا بعينه، وإن أُعطي بهما وعُيِّن لكلِّ سبب قدرٌ وإلا كان بينهما نصفَين. ويُجزِئ اقتصارٌ على إنسان، ولو غريمَه، أو مكاتبَه ما لم يكن حيلة. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقد أشار شيخنا (¬1) إلى ذلك كله بقوله: "وتقدم أول الباب، ما ظاهره خلاف ذلك، وقد يتكلف الجمع بينهما"، انتهى. * قوله: (ومن فيه سببان. . . إلخ) مراده بالمثنى مطلق الكثرة، فيشمل الثلاثة، وما يمكن أن يجتمع على حد: {ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ} [الملك: 4] الآية. * قوله: (ولا يجوز أن يعطى بأحدهما لا بعينه) في الإطلاق نظر إذ هذا لا يضر في الفقر مع العمل والتأليف، ولا في المسكنة مع أحدهما. * قوله: (على إنسان) لم يقل على واحد؛ [لعمومه في غير العقلاء، مع أنه قد تقدم (¬2) أنه يشترط تمليك المعطَى. * قوله: (ما لم يكن حيلة)] (¬3) هذا كلام الإمام (¬4)، قال القاضي (¬5): مراد الإمام بالحيلة: أن يعطيه الزكاة على شرط أن يردها عليه من دينه، فلا يجزئه، لأن من شرطها التمليك الصحيح. وقال الموفق (¬6): تحصَّل من كلام أحمد أنه إذا قصد بالدفع إحياء ماله لم ¬
2 - فصل
ومن أعتق عبدًا لتجارةٍ، قيمتُه نصاب، بعد الحول قبل إخراج ما فيه، فله دفعُه إليه، ما لم يقم به مانع. * * * 2 - فصل ولا تُجزِئ إلى كافر غيرِ مؤلَّفٍ، ولا كاملِ رقٍّ غير عاملٍ ومكاتبٍ، ولا زوجةٍ، وفقيرٍ ومسكينٍ مستغنِيَيْنَ (¬1) بنفقةٍ واجبةٍ، ولا عمودَي نسبِه إلا أن يكونوا عمَّالًا، أو مؤلَّفيِن، أو غُزاةً، أو غارمين لذات بَيْنٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يُجز، لأنها للَّه، فلا يصرفها إلى نفعه، حاشية (¬2). * قوله: (ومن أعتق عبدًا لتجارةٍ قيمتُه نصاب) لعل المراد وحده، أو مع غيره، فهو مجرد مثال. * قوله: (فله دفعه)؛ أيْ: ما فيه، يعني قدر الزكاة. * قوله: (إليه)؛ أيْ: العبد العتيق. * قوله: (ما لم يقم به مانع) من كفر، أو قدرة على التكسب، وعلى قياس هذه المسألة جواز دفع زكاة الفطر إلى من أعتقه بعد الغروب، ويعايا بها، فتدبر!. فصل * قوله: (ولا زوجة) ولو كانت ناشزًا وصغيرة، والمراد زوجة لرب المال ¬
ولا زوجٍ، ولا سائرِ من تلزمُه نفقتُه ما لم يكن عاملًا، أو غازيًا أو مؤلَّفًا، أو مكاتبًا، أو ابنَ سبيل، أو غارمًا لإصلاح ذاتِ بَيْنٍ. ولا بني هاشم وهم: سلالتُه، فدخل آلُ عباس، وعلي، وجعفر، وعقيل، والحارث بن عبد المطلب، وأبي لهب ما لم يكونوا غواةً، أو مؤلَّفةً، أو غارمين لإصلاح ذات بَيْنٍ، وكذا موالِيْهم، لا موالي موالِيْهم. ـــــــــــــــــــــــــــــ على ما شرح عليه المصنف (¬1)؛ لأن نسخة المتن منه "مستغنييَن" بصيغة التثنية على أنه راجع إلى الفقير والمسكين فقط، وعليه فينبغي أن يحمل قوله فيما يأتي: "ولا زوج" على الذكر خاصة، كما فعل الشارح (¬2) أيضًا. وأما على ما في غالب نسخ المتن المجرد -فيما رأيت-، فيتعين حمل الزوجة على زوجة لغير رب المال، وحينئذٍ فيقيد بما إذا لم تكن ناشزًا وصغيرة، بدليل قوله: "مستغنين" (¬3) بصيغة الجمع؛ لأنها صفة للثلاثة، وعليه فينبغي حمل قوله: "ولا زوج" على الأعم من الذكر والأنثى، وأن المراد زوج، أو زوجة لرب المال. * قوله: (ولا زوج)؛ أيْ: لربة (¬4) المال، لعودها إليها بالإنفاق عليها، هذا إن حمل على خصوص الذكر، فتدبر!. * قوله: (ولا بني هاشم)؛ أيْ: وبنات، وأشار إلى ذلك بتفسيره بالسلالة. ¬
ولكلٍّ أخذُ صدقةِ تطوُّعٍ، وسُنَّ تعففُ غنيٍّ عنها، وعدمُ تعرضه لها، ووصيةٍ لفقراءَ، إلا النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومن نذرٍ، لا كفارة. وتُجزِئ إلى ذوي أرحامِه، ولو ورثوا، وبني المُطَّلب، ومن تبرَّع بنفقته بضمِّه إلى عياله، أو تعذرت نفقتُه من زوج، أو قريب بغيبةٍ، أو امتناع أو غيرهما. وإن دَفَعها لغيرِ مستحقِّها لجهلٍ، ثم عَلم لم يُجزئه، إلا الغنيَّ إذا ظنَّه فقيرًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه (¬1): وكذا لو ألحق باثنين، أحدهما من هؤلاء؛ لأنه يرث كلًّا منهما لو ماتا، ويرثه كل منهما لو مات. * قوله: (ووصية لفقراء) عطف على (صدقة) لكن بتقدير "من". * قوله: (وتجزئ إلى ذوي أرحامه)؛ أيْ: من غير عمودَي نسبه -كما مرَّ- حاشية (¬2). ولا تعارض بين ما هنا، وما في الإقناع (¬3) حيث قال: "لا يجزئ دفعها إلى ذوي أرحامه منهم)؛ أيْ: من عمودي نسبه. * قوله: (وبني المطلب) عطف على (ذوي أرحامه). * قوله: (ومن تبرع بنفقته)؛ أيْ: يجزئه دفعها إلى من. . . إلخ. * قوله: (إذا ظنه فقيرًا)؛ أيْ: فإنها تجزئ؛ لأن الغنى مما يخفى، ولذلك ¬
3 - فصل
3 - فصل وتُسنُ صدقةُ تطوع بفاضلٍ عن كفاية دائمة بمَتْجَر، أو غَلَّةٍ، أو صنعة، عنه وعمن يَمُونُه كلَّ وقت. وسرًّا بطيبِ نفس في صحةٍ، ورمضانَ، ووقتِ حاجة، وكلِّ زمان ومكان فاضل: كالعشر، والحرمَين، وعلى جَارٍ، وذي رحم؛ لا سيما مع عداوة، وهي عليهم صلةٌ: أفضلُ. ومن تصدَّق بما ينقُص مؤنةً تلزمُه، أو أضرَّ بنفسه، هو غريمِه، أو كفيله أثم. ـــــــــــــــــــــــــــــ اكُتفي فيه يقول الآخذ، لكن يحرم عليه أكلها، ويجب عليه (¬1) ردها -كما تقدم (¬2) بالهامش-. فصل * قوله: (وسرًّا) خبر (كون) محذوف مع اسمه، وخبره مِنْ حَيْثُ الابتدائية قوله الآتي: (أفضل)، والتقدير: وكونها سرًّا. . . إلخ أفضل. * قوله: (كالعشر)؛ أيْ: الأول من ذي الحجة، وهي الأيام المعلومات. * قوله: (وهي عليهم صلة) مقتضى حل الشارح (¬3)، وتبعه عليه شيخنا في شرحه (¬4): أن (هي) مبتدأ و (عليهم) حال من النسبة الكلامية، والخبر محذوف تقديره: ¬
ومن أرادها بمالِه كلِّه، وله عائلةٌ لهم كفايةٌ، أو يكفيهم بمكسبِه، أو وحدَه، ويعلمُ من نفسه حُسنَ التوكل والصبر عن المسألة، فله ذلك وإلا حَرُم. وكُره لمن لا صبرَ له، أو عادةً على الضيِّق، أن ينقص نفسه عن الكفاية التامة. ـــــــــــــــــــــــــــــ صدقة، و (صلة) عطف عليه، وفيه حذف المعطوف عليه، مع حرف العطف وإبقاء المعطوف (¬1). * قوله: (أو وحده) عطف على جملة الحال المقرونة بالواو؛ أعني "وله عائلة"، والمعنى: ومن أراد ذلك في حال كونه له عائلة، أو في حال كونه منفردًا. قال شيخنا (¬2): "والأظهر أنه خبر لكان المحذوفة مع اسمها، والتقدير: أو كان وحده". أقول: يلزم تخريجه على ما هو قليل في بابه، مع إمكان عدم ارتكابه من غير لزوم كلفة. * قوله: (وكره) تلخص مما تقدم: أن الصدقة تعتريها الأحكام الخمسة، كذا قرره شيخنا. وأقول: هذا مبني على أن المراد يقول المص: "فله ذلك" الإباحة المستوية الطرفَين، التي لا ثواب ولا عقاب في فعلها وتركها، وليس كذلك، بل المراد بها ¬
ومن ميَّز شيئًا للصدقة، أو وكَّل فيه، ثم بدا سُنَّ إمضاؤه، لا إبدالَ ما أعطَى سائلًا فسخِطَه، والمنُّ بالصدقةِ كبيرةٌ، ويبطُلُ الثوابُ به. ـــــــــــــــــــــــــــــ ما قابل المحرم، فتصْدُق بالمندوب، بدليل المقابلة، وأيضًا فلا يسع أحدًا القول بأن الصدقة بجميع ماله على الوجه المذكور لا ثواب فيها، فتدبر!. * قوله: (والمَنُّ بالصدقة كبيرة)، وكذا غيرها، لكنه راعى ظاهر الآية {لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى} [البقرة: 264]. * * *
5 - كتاب الصيام
5 - كِتَابُ الصِّيَامِ
(5) كِتَابُ الصِّيَامِ الصيامُ: إمساكٌ بنيةٍ عن أشياءَ مخصوصةٍ، في زمن معيَّنٍ، من شخصٍ مخصوص. وصومُ رمضانَ فرضٌ، يجبُ برؤية هلالِه، فإن لم يُرَ معَ صحوِ ليلة الثلاثين من شعبان. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الصيام * قوله: (وصوم رمضان فرض. . . إلخ) قال ابن حجر الهيتمي الشافعي: "وقد صح عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كما علم من الأحاديث الكثيرة أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- نطق بلفظ رمضان من غير شهر في نحو: "إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة" (¬1)، ونحوه، مما مر فدل على عدم الكراهة مطلقًا"، انتهى. قال ابن قاسم العبادي: "لا يقل لا دلالة في تلك الأخبار لعدم الكراهة؛ لأن استعمال الشارع لا يقاس عليه غيره، كما ذكروه فى مواضع؛ لأنا نقول: إنما يصح ذلك لو ثبت نهي عن ذلك، فكان حينئذٍ تثبت الكراهة في حقنا، ولا يرد عليها استعمال الشارع لما ذكر، لكن لم يثبت نهي عن ذلك، والأصل فيما استعمله ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الشارع جواز مثله في حقنا"؛ إنتهى من كتاب الصوم للهيتمي، وحاشيته لتلميذه العبادي (¬1). وبخطه: عن أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه- قال: "بينما رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- جالس مع أصحابه إذ أتاه نفر من اليهود وسألوه عن مسائل منها أن قالوا: لم فرض اللَّه عليك وعلى أمتك صوم ثلاثين يومًا؟ قال: لأن أبانا آدم أكل من تلك الشجرة المنهية فأخرج إلى الدنيا، فبقيت تلك الأكلة في بطنه شهرًا، فابتلى اللَّه -تعالى- ذريته من هذه الأمة بصوم ذلك العدد من الأيام، فقالوا: صدقت يا محمد" (¬2)، كذا رأيته بخط شيخنا العلامة أحمد بن محمد الغنيمي الأنصاري. * فائدة: يستحب ترائي الهلال احتياطًا للصيام (¬3)، قاله في المبدع (¬4)، ويستحب لمن رآه أن يقول: "اللَّه أكبر، اللهم أهِلَّه علينا بالأمن والإيمان (¬5)، والسلامة والإسلام، والتوفيق لما تحب وترضى، ربي وربك اللَّه"، لما روى ابن عمر أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا رأى الهلال يقول ذلك (¬6). ¬
لم يصوموا. وإن حال دون مَطْلَعِه غيمٌ، أو قَتَرٌ، أو غيرُهما، وجب صيامُه حكمًا ظنيًّا احتياطيًّا بنيةِ رمضانَ، ويجزئ إن ظهرَ منه. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لم يصوموا)؛ أيْ: كره لا أنه حرام. * قوله: (أو قترة)؛ أيْ: غبرة. * قوله: (أو غيرهما) كدخان. * قوله: (وجب صيامه حكمًا ظنيًّا. . . إلخ) هذا قول عمر (¬1) وابنه (¬2)، وعمرو بن العاص (¬3)، وأبي هريرة (¬4)،. . . . . . ¬
وتثبتُ أحكامُ صومٍ من صلاةِ تراويحَ، ووجوبِ كفارةٍ بوطءً فيه، ونحوِه، ما لم يُتَحقَّق أنه من شعبانَ، لا بقيَّةُ الأحكام. وكذا حكمُ شهرٍ نُذرَ صومُه، أو اعتكافُه في وجوب الشروع إذا غُمَّ هلالُه. والهلالُ المَرْئِيُ نهارًا، ولو قبل الزوالِ للمقبلة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأنس (¬1)، ومعاوية (¬2)، وعائشة (¬3)، وأسماء (¬4) ابنتي أبي بكر -رضي اللَّه تعالى عنهم أجمعين-. * قوله: (ونحوه)؛ أيْ: نحو ما ذكر، كوجوب الإمساك على من لم ينوِ صومه، أو كل فيه جاهلًا بالحكم، ثم علم. * قوله: (لا بقية الأحكام) كطلاق وعتق معلقين عليه. * قوله: (وكذا حكم شهر نذر صومه)؛ أيْ: شهر معين بدليل (إذا غُمَّ هلاله)، أما لو نذر صوم شهر وأطلق فإنه يلزمه ثلاثون يوما تامة. * قوله: (للمقبلة) عبارة شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي عند قول ¬
وإذا ثبتت رؤيته ببلدٍ لزم الصومُ جميعَ الناس. ـــــــــــــــــــــــــــــ متن البهجة "والمراد بالنهار للمستقبلة": "والمراد بما ذكر دفع ما قيل إن رؤيته يوم الثلاثين يكون لليلة الماضية، وأما رؤيته يوم التاسع والعشرين فلم يقل أحد إنها للماضية، لئلا يلزم أن يكون الشهر ثمانية وعشرين (¬1). وعبارته في المنهج وشرحه (¬2): "ولا أثر لرؤيته نهارًا، فلو رُؤي فيه يوم الثلاثين، ولو قبل الزوال لم يفطر، إن كان في ثلاثين رمضان، ولا يمسك إن كان في ثلاثين شعبان". . . إلخ ما ذكر. قال شيخنا (¬3): "ولعل هذا مراد أصحابنا بدليل ما ذكروه في باب تعليق الطلاق بالشروط (¬4) (¬5) فيمن قال لزوجته: إن رأيت الهلال فأنت طالق، حيث قالوا: إن رأته وقد غربت الشمس طلقت، فإن تقييد الرؤية بكونها بعد الغروب يدل على أنه لا أثر لرؤيتها له نهارًا" فتدبر!. * قوله: (لزم الصوم جميع الناس) لنص الإمام (¬6) على أن المطلع في الدنيا واحد، خلافًا لمن قال باختلافه، كالشافعي (¬7)، لكن إذا كان بين البلَدين مسافة قصر فأكثر. ¬
وإن ثبتت نهارًا أمسكوا وقضَوا كمن أسلم، أو عَقَلَ، أو طهرتْ من حيض أو نِفاس، أو تعمدَ مقيمٌ، أو طاهرٌ الفطرَ، فسافر، أو حاضتْ، أو قدمَ مسافرٌ، أو بَرئ مريضٌ مفطرَين، أو بلَغَ صغيرٌ في أثنائِه ما لم يبلُغْ صائمًا، بسنٍّ أو احتلامٍ، وقد نوى من الليلِ، فيتمُ ويجزئ كنذرِ إتمام نفل. وإن علم مسافرٌ أنه يقدُمُ غدًا لزمه الصومُ، لا صغيرٌ علم أنه يبلغ غدًا لعدمٍ. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو تعمد مقيم) حرر العطف، ولعل (مقيم) خبر لمبتدأ محذوف، والجملة حال من الفاعل، وهو المستتر في "تعمد" لكن هذا لا يتأتى في بقية المعاطيف، فلو نصب "مقيمًا" وما عطف عليه لكان أظهر. * قوله: (ما لم يبلغ صائمًا بسن أو احتلام) بخلاف ما إذا بلغ بنبات عائشة فإنه يحتمل أن يكون التكليف، سابقًا على ذلك بالسن، فوجب قضاء ذلك اليوم، ولم يكتف بإتمامه صائمًا، بخلاف ما إذا بلغ صائمًا بالسن أو الاحتلام، فإن التكليف قطعًا لم يتحقق إلا من حين الحكم بهما، وهو متلبس بالصوم فكفاه ذلك الجزء، لأنه هو الواجب تحقيقًا، ولم يلزمه قضاء ذلك اليوم. * قوله: (وقد نوى من الليل)؛ أيْ: من بلغ باحتلام أو سن. * قوله: (ويجزئ. . . إلخ)؛ أيْ: ويجزئه إتمام ذلك اليوم، لأنه فعل ما وجب عليه (¬1) مستوفيًا لشرطه. ¬
1 - فصل
1 - فصل ويُقْبلُ فيه وحدَه خبرُ مكلفٍ عدلٍ، ولو عبدًا، أو أنثى، أو بدون لفظِ الشهادة، ولا يختصر بحاكم، وتثبتُ بقيةُ الأحكامِ. ولو صاموا ثمانية وعشرين ثم رأوه قضَوا يوما فقط، وبشهادة اثنين: ثلاثين، ولم يَروْه أفطروا، لا بواحدٍ، ولا لغيمٍ. فلو غُمَّ لشعبانَ ورمضانَ وجب تقديرُ رجبٍ وشعبانَ ناقصَين، فلا يفطروا قبل اثنين وثلاثين بلا رؤيةٍ، وكذا الزيادةُ لو غُمَّ لرمضانَ وشوالٍ، وأكملنا شعبان ورمضان وكانا ناقصَين. ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (عدل) ظاهرًا وباطنًا على ما في الحاشية (¬1). * قوله: (ولم يروه أفطروا) وعند مالك لا فطر (¬2)، ويكذب الشاهدان حيث كان صحوًا، وعبارة مختصرهم (¬3): "وإن لم يُر (¬4) صحوًا بعد الثلاثين كُذِّبا"، انتهى. * قوله: (وكذا الزيادة. . . إلخ) حاصل هذه الصورة وإن كانت عبارة المص لا تفي بمراده، أنه حصل ليلة الثلاثين من شعبان غَيم، فقدرنا نقصه، وأوجبنا الصوم على المذهب وصمنا، ولم نر الهلال لشوال إلا بعد صوم أحد وثلاثين، ثم ¬
. . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شهد بما يدل على نقص شعبان ورمضان، فإنه يتبين أنا قد صمنا يومَين زائدَين، فتدبر!. كذا قرره شيخنا، وأشار إليه في الحاشية (¬1) حيث قال: "قوله: (وكذا الزيادة)؛ أيْ: زيادة يومَين على الصوم الواجب"، انتهى. أقول: هذا لا يترتب عليه ثمرة بعد وقوعه، ولا يوافق قول المتن: (وأكملنا شعبان ورمضان وكانا ناقصَين)، فالأولى حمل المتن على غير ذلك، وهو أنه قد غُم هلال رمضان فأكملنا شعبان، ثم غُم هلال شوال فأكملنا رمضان، ثم تبين أنهما كانا ناقصَين، وأنا قد أفطرنا أول يوم من (¬2) رمضان، وهو الذي كنا أكملنا به شعبان، فلم نصُم من رمضان إلا ثمانية وعشرين يومًا، واليومان الأخيران تبين أنهما من شوال فلم يجزِءا عن اليوم الذي أفطرناه منه. وهل يجب قضاؤه؟ أو يقال: إن الأخير منهما قد أجزأ عن أول الشهر؛ لأنه نوى به صوم الفرض، وإن لم ينوِ كونه قضاء؛ لأنه يصح بنية الأداء كعكسه، قياسًا على ما صرحوا به في الصلاة (¬3)، وإنما لم نقل بأن الأول من اليومَين هو المحتمل؛ لأن (¬4) يُجتزأ به؛ لأنه تبين أنه يوم عيد، فصومه لم يصادف محلًّا، ولا يصح كونه أداء ولا قضاء، فتدبر، وحرره! فإني لم أرَ من تنبه له (¬5). ¬
ومن رآه وحدَه لشوالٍ لم يفطرْ، ولرمضان ورُدَّتْ شهادته لزمه الصومُ، وجميعُ أحكامِ الشهرِ من طلاقٍ وعتق وغيرهما معلَّقٌ به. وإن اشتَبهتْ الأشهرُ على مَنْ أُسرَ، أو طُمرَ (¬1)، أو بمفازةٍ، ونحوِه تَحرَّى وصام، ويُجْزِئُه إن شك هل وقع قبله أو بعده؟ كما لو وافقه، أو ما بعده، لا إن وافق القابل، فلا يجزِئ عن واحدٍ منهما. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقد يقال: إن ما سلكه شيخنا (¬2) تبعًا للمص في شرحه (¬3) أخذ بالأحوط من صوم يوم الثلاثين من شعبان مع الغيم، كما هو قاعدة المذهب، غير أنه لا يوافق قول المص: (وأكملنا شعبان). * قوله: (وردَّت شهادته لزمه الصوم) ولزومه عند عدم ردِّها بالأولى. * قوله: (فلا يجزئ عن واحد منهما) قال في الحاشية (¬4): "لاعتبار نية التعيين"، انتهى. وفيه أنه يصح القضاء بنية الأداء وعكسه (¬5)، وعليه ومقتضاه أنه [كان يجزئ صومه عن الماضي] (¬6)، وإن كان بنية الأداء، وكأنهم لم يقولوا بذلك، لما تقرر من أن رمضان ظرف لا يسع غيره، فلا يصح فيه إيقاع قضاء ولا نفل (¬7). ¬
ويقضي ما وافق عيدًا، أو أيام تشريق. ولو صام شعبانَ ثلاث سنين متواليةً، ثم علمَ، قضى ما فات مرتِّبًا شهرًا على إثر شهر. ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي شرح المص (¬1) ما حاصله: "هذا إن اعتبرنا نية التعيين، فإن لم نعتبرها صح عن الثاني، ولزمه قضاء الأول"، انتهى. * قوله: (ويقضي ما وافق عيدًا أو أيام تشريق)؛ أيْ: من اشتبهت عليه الأشهر. وبخطه (¬2): ظاهره ولو قلنا بصحة صومها للمتمتع. * قوله: (ولو صام شعبان)؛ أيْ: من اشتبهت عليه الأشهر. * قوله: (مرتبًا شهرًا على إثر شهر)؛ أيْ: مرتبًا (¬3) القضاء، وترتيبه بأن يكون ثلاثين بعد ثلاثين، ولو كانت الأيام والشهور غير متعاقبة، فيصوم ثلاثين، ولو غير متوالية، ويجعلها عن رمضان الأول، وكذا الثاني، والثالث، هكذا ينبغي أن يقرر المحل، وهو أحسن من حمله على وجوب التوالي في الأيام والشهور، ثم جعله مخالفًا لما يأتي (¬4) في باب (¬5) حكم القضاء، فتدبر!. واعلم أن هذا أيضًا مبني على اعتبار نية التعيين (¬6)، أما إذا لم نعتبرها وقلنا ¬
ويجب على كل مسلم قادر مكلف، لكنْ على وليِّ صغيرٍ مطيق أمرُه به، وضربُه عليه ليعتادَه. ومن عجزَ عنه لكبرٍ، أو مرضٍ لا يُرْجى بُرؤه أفطر، وعليه لا معَ عذرٍ معتادٍ كسفر عن كلّ يوم لمسكينٍ ما يجزي في كفارة. ومن أيسَ، ثم قَدِرَ على قضاءٍ فكمعضوبٍ (¬1) أُحِجَّ عنه، ثم عُوفيَ. وسُنَّ فطرٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بأنه (¬2) يصح القضاء بنية الأداء كعكسة، فإنه يجزئ شعبان الثانية عن رمضان الأولى، وشعبان الثالثة عن رمضان الثانية، ويلزمه صوم شهر فقط عن رمضان الثالثة، فتدبر!. * قوله: (أفطر وعليه. . . إلخ) ولا يسقط هذا الإطعام بالعجز، فليس ككفارة الوطء. * قوله: (وما يجزئ في كفارة) من مدِّ بُرٍّ، أو نصف صاع من غيره. * قوله: (فكمعضوب. . . إلخ) وسيأتي (¬3) أن المعضوب الذي يُحج عنه إذا عوفي بعد إحرام نائبه تبين إجزاؤه، ولا يلزمه قضاء، فعلى قياسه هنا أن القضاء بعد تمام الشهر غير لازم، ومفهومه أنه لو عوفي في أثناء الشهر لزمه صوم باقيه، لا قضاء ما فاته؛ لأنه كان مع قيام العذر. ¬
وكُرِه صومٌ بسفرِ قَصْرٍ، ولو بلا مشقة، فلو سافر ليفطر حَرُمَا، ولخوفِ مرضٍ بعطش، أو غيره، وخوفِ مريضٍ وحادثٍ به في يومه ضررًا بزيادتِه أو طولِه بقولِ ثقة. وجاز وطءٌ لمن به مرضٌ ينتفعُ به فيه، أو شَبَقٌ ولم تندَفِعْ شهوتُه بدونه، ويَخافُ تَشَقُّق أُنْثَيَيْهِ، ولا كفارةَ، ويقضي ما لم يتَعذر لشَبَق فيُطْعِم، ككبِير. ومتى لم يُمكنه إلا بإفسادِ صومِ موطؤةٍ جاز ضرورةً، فصائمةٌ أولى من حائض، وتَتَعيَّن من لم تَبْلُغ. وإن نوى حاضرٌ صومَ يومٍ، وسافر في أثنائِه فله الفطرُ إذا خرج، والأفضلُ عدمُه. وكُره صومُ حاملٍ ومرضعٍ خافتا على أنفسهِما. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وكره صوم بسفر قصر) انظر لِمَ لَمْ يقولوا به في إتمام الصلاة؟، وقد يفرق بورود النهي عن الصوم بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ليس من البر الصوم في السفر" (¬1)، بخلاف إتمام الصلاة، فإنه لم يرد عنه نهي، وأدنى مراتب النهي الكراهة (¬2). ¬
2 - فصل
أو الولدِ، ويقضيان لفطر ويلزمُ من يَمُونُ الولدَ إنْ خيفَ عليه فقط، إطعامُ مسكين لكلِّ يوم ما يجزئ في كفارة، ويُجْزئ إلى واحد جملةً، ومتى قَبِل رضيعٌ ثديَ غيرِهَا، وقَدَر أن يُسْتأجر له لم تفطر. وظِئْرٌ (¬1) كأمٍّ، فلو تغير لبنُها بصومها، أو نقص فلمستأجرٍ الفسخُ، وتُجبرُ على فطرٍ إن تأذَّى الرضيع. ويَجبُ الفطرُ على من احتاجه لإنقاذ معصوم من مَهلكةٍ كغرق ونحوه وليس لمن أُبيح له فِطْرٌ برمضان صومُ غيرِه فيه. * * * 2 - فصل وشُرط لكل يومٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويلزم)؛ أيْ: فورًا، قاله في الإقناع (¬2). * قوله: (فقط)؛ أيْ: دونها وحدها أو معه. * قوله: (إطعام مسكين. . . إلخ) ولا يسقط هذا الإطعام أيضًا بالعجز، حاشية (¬3). فصل * قوله: (وشرط لكل يوم)؛ لأن كل يوم عبادة مفردة، لأنه لا يفسد صوم ¬
واجبٍ نيةٌ معينةٌ من الليل، ولو أتى بعدها ليلًا بمنافٍ، لا نية الفرضيَّة. ـــــــــــــــــــــــــــــ يوم بفساد صوم يوم آخر، وكالقضاء، قاله في الشرح (¬1). "وعنه: يجزئ في أول رمضان نية واحدة لكله (¬2)، فعليها لو أفطر يومًا بعذر أو غيره لم يصح صيام الباقي بتلك النية، جزم به في المستوعب (¬3) وغيره (¬4)، وقيل: يصح مع بقاء التتابع (¬5)، وعلى المذهب لا بد أن تكون النية من الليل. . . إلخ"، وكلامه يوهم أنه لا يشترط على القول بأنه يكفي للشهر نية واحدة في أوله، أن تكون من الليل، وليس كذلك، فليتدبر، وليحرر. وبخطه: قوله: (لكل يوم)؛ أيْ: من حيث صومه، أو لصوم كل يوم، وإنما اقتصر الشارح (¬6) على الثاني، لأنه بديهي، فتدبر!. * قوله: (واجب)؛ أيْ: صومه أو من حيث صومه. * قوله: (معينة) يجوز أن يقرأ بصيغة اسم الفاعل، وهو ظاهر تقدير الشارح (¬7) الظرف؛ أعني: له، وصريح قول المص فيما يأتي: (أو عن واجب عينه بنيته)، ويجوز أن يقرأ بصيغة اسم المفعول، ووصف النية بكونها معينة باعتبار تعيين متعلقها، أو أن المراد متعَين (¬8) متعلقها على حد ما تقرر {فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} [الحاقة: 21]، ¬
ولو نوى إن كان غدًا من رمضان ففرضِي، وإلا فنفلٌ، أو عن واجبٍ عينه بنيته لم يجزِئْه، إلا إن قال ليلةَ الثلاثين من رمضان وإلا فأنا مفطرٌ، وإذا نوى خارج رمضان قضاءًا ونفلًا، أو نذرًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا واضح لِمعَانِي علم المعاني. * قوله: (إن كان غدًا) صوابه إسقاط ألف (غد)؛ لأنه لا يصح النصب على الظرفية هنا لفساده معنى، أو أنه استعمله استعمال المقصور كفتى، بإثبات الألف من غير تنوين، تدبر (¬1)!. * قوله: (لم يجزئه) قال في الشرح (¬2): "عن رمضان، ولا عن ذلك الواجب الذي عينه؛ لأنه لم يجزم بالنية لواحد منهما"، انتهى. وظاهره أنه يقع نفلًا، وهو مقتضى ما عللوا به صحة النفل في المسألة الآتية، ولكن قياس ما تقدم (¬3) في الزكاة في مسألة من له مال (¬4) غائب، ونوى بإخراج الزكاة إن كان مالي الغائب سالمًا فهذا زكاة عنه، وإلا فهو عن مالي الحاضر، من أنه يجزئه عن الحاضر، إذا بأن الغائب تالفًا، أنه هنا (¬5) يجزئه عن الواجب، فيطلب الفرق بين البابَين، ويحرر!. ¬
أو كفارةَ ظهار فنفلٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقد يفرق باعتبار التعيين هنا، وعدم اعتباره هناك (¬1) (¬2). * قوله: (ظهار) الأظهر إسقاط (ظهار). * قوله: (فنفل) لعدم الجزم بالنية في واحد منهما، فتبقى نية أصل الصوم هكذا في الفروع (¬3) والتنقيح (¬4)، وسيأتي (¬5) أن من عليه قضاء رمضان لا يصح تطوعه بالصوم قبله. ويمكن أن يجاب عما هنا بأنه لم يمحض النية ابتداء للنفل، فهو بمنزلة التابع، فاغتفر، وبهذا يحصل الجمع بين كلام الأصحاب، خلافًا للإقناع (¬6)، انتهى من حاشية شيخنا (¬7). بقي في الجواب شيء، وهو أن إطلاق صحة النفل ينافي التفصيل المتقدم (¬8) في كتاب الصلاة بين ضيق الوقت عن النفل والفرض، وعدم ضيقه، وقد يفرق بين ¬
ومن قال: أنا صائمٌ غدًا -إن شاء اللَّه-، فإن قصد بالمشيئة الشكَّ أو التردُدَّ في العزم أو القصد: فسدت نيتُه، وإلا فلا. ومن خطر بقلبِه ليلًا أنه صائمٌ غدًا فقد نوى، وكذا الأكلُ والشربُ بنيةِ الصوم. ولا يصحُ ممن جُنَّ، أو أُغمِيَ عليه جميع النهار، ويصحُ ممن أفاق جزءًا منه، أو نام جميعه، ويقضي مُغْمًى عليه فقط. ـــــــــــــــــــــــــــــ البابين بأنا إنما حكمنا ببطلان نفل الصلاة مع ضيق الوقت؛ لأنه يمكن إيقاع صاحبة الوقت فيه، وأما هنا فلا يمكن إيقاع الفرض فيما بقي من النهار؛ لأنه يشترط التبييت لكل صوم واجب قضاءً أو نذرًا، أو كفارة، أو غيرها، هذا ما ظهر، فتدبر!. * قوله: (أو التردد) ظاهره المغايرة، والعطف التفسيري خاص بالواو على ما في مغني اللبيب (¬1)، وكذا يقال في قوله: (أو القصد)، فالأولى التعبير بالواو، كما في الإقناع (¬2). * [قوله: (الشرب بنية الصوم) الباء للبدلية، لا للمصاحبة] (¬3). * [قوله: (ويصح ممن أفاق جزءًا منه أو نام جميعه)؛ أيْ: إذا كان قد بَيَّتَ النية فيهما، وإن أوهم حِل الشارح (¬4) غير المراد، حيث قيد بذلك في الأولى دون الثانية، فتدبر!. * قوله: (فقط)؛ أيْ: دون مجنون، وينبغي أن يقيد ذلك بما إذا لم يتصل ¬
ومن نوى الإفطار فكمن لم ينوِ، ويصحُ أن ينويه نفلًا بغيرِ رمضان. ومن قَطعَ نيةَ نذرٍ، أو كفارةٍ، أو قضاء، ثم نوى نفلًا: صح، وإن قلبَ نيةَ نذرٍ، أو قضاءٍ إلى نفل: صح، وكُره لغير غرض. ويصح صومُ نفلٍ بنية من النهار، ولو بعدَ الزوالِ، ويحكمُ بالصومِ الشرعي المثاب عليه من وقتها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جنونه بمحرم، كما في الصلاة (¬1). * قوله: (بغير رمضان) لأن رمضان ظرف لا يسع غيره، بخلاف النذر، والكفارة، والقضاء، وقد أشار إلى ذلك بقوله: (ومن قطع. . . إلخ). * قوله: (وإن قلب نية نذر. . . إلخ) فيه إشكال الحجاوي (¬2)، وجواب شيخنا عنه (¬3)، والتعقب عليه، فليحرر، لكن الإشكال هنا أقوى من الجواب. ¬
فيصحُ تطوع من طهرتْ، أو أسلمَ في يوم لم يَأْتيَا فيه بمُفْسِدٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله: (وأسلم في يوم) من غير رمضان على ما تقدم] (¬1). * * * ¬
1 - باب ما يفسد الصوم ويوجب الكفارة
1 - باب ما يفسد الصوم ويوجب الكفارة من أكل أو شرب، أو اسْتَعَط (¬1)، أو احتَقَنَ، أو داوى الجائفةَ (¬2) فوَصَل إلى جوفِه، أو اكتحلَ بما عَلم وصولَه إلى حلقه من كحل، أو صَبِرٍ (¬3)، أو قَطُورٍ، أو ذَرْورٍ (¬4)، أو إثمدٍ كثيرٍ، أو يسيرٍ مطيَّب، أو أَدْخَلَ إلى جوفِه شيئًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ما يفسد الصوم ويوجب الكفارة في الترجمة اختصار، أشار إليه في الحاشية (¬5)، والأصل باب ما يفسد الصوم فقط، وما يفسده ويوجب الكفارة، ولو قال: باب ما يفسد الصوم، وأسقط قوله: (وبوجب الكفارة)، لكان أخصر، وأشمل، فتأمل!. * قول: (أو أدخل إلى جوفه) ما في الحاشية (¬6) يقتضي كون الفعل مبنيًّا للمجهول، حتى يشمل فعل غيره. ¬
مطلقًا، أو وَجَدَ طعمَ علك مضغه بحلقِه، أو وصل إلى فمه نُخامةٌ مطلقًا، ويحرمُ بَلْعها، أو قيْءٌ أو نحوُه. أو تنجس ريقُه فابتلع شيئًا من ذلك. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مطلقًا)؛ أيْ: سواء كان يغذي ويماع أو لا، كالحصاة وقطع الحديد، ومن أي موضع كان، ولو من فعل غيره بإذنه، حاشية (¬1). * قوله: (أو وصل إلى فمه نخامة)؛ أيْ: وابتلعها. * قوله: (مطلقًا)؛ أيْ: سواء كانت من دماغه، أو حلقه، أو صدره. * قوله: (ويحرم بلعها)؛ أيْ: لاستقذارها، فعلى هذا يكون (¬2) كل مستقذر يحرم بلعه، هكذا كنا نفهم. ثم رأيت في الفروع (¬3) أن القول بالحرمة مُفَرَّغ على القول بكونها مفسدة، فعلى هذا لا يحرم بلعها إلا على الصائم الذي يحرم عليه قطع صومه، وحينئذ فيقيد ذلك بصوم الفرض؛ لأنه هو الذي يحرم قطعه على المذهب (¬4). * قوله: (أو نحوه) كقلس، بسكون اللام، قال (¬5) في القاموس (¬6): "القلس ما خرج من الحلق ملء الفم أو دونه، وليس بقيء، فإن عاد فقيء". * قوله: (فابتلع شيئًا من ذلك). . . . . . ¬
أو داوى المَأْمُومَة (¬1)، أو قَطَر في أُذُنِه ما وصل إلى دماغه، أو استقاءَ فقاء، أو كرَّر النظر فأمنى، أو استمنى، أو قبَّل، أو لَمَس، أو باشَر دون فرجٍ فأمنى أو مَذَّى، أو حُجم، أو احْتَجَم وظهر دمٌ عمدًا ذكرًا لصومه، ولو جَهل التحريمَ فسد، كردةٍ مطلقًا، وموتٍ، ويُطْعَمُ من تركتِه في نذرٍ، وكفارةٍ. لا ناسيًا ومُكْرهًا، ولو بِوَجُور (¬2) مُغْمًى عليه معالجةً، ولا بِفَصْدٍ، وشَرْطٍ، ولا إن طار إلى حلقه ذبابٌ أو غُبارٌ، أو قطر (¬3) في قُبُل. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في المبدع (¬4): "فَزعٌ: إذا تنجس فمه بدم أو قيء أو نحوه فبلعه أفطر، نصّ عليه (¬5)، وإن قَلَّ، لإمكان التحرز منه، ولأن الفم في حكم الظاهر، فيقتضي حصول الفطر بكل ما يصل إليه، لكن عفي عن الريق للمشقة، وإن بصقه وبقي في فمه فابتلع ريقه فإن كان معه جزء من النجس أفطر به، وإلا فلا"، انتهى، فتأمل!. * قوله: (أو كرر النظر فأمنى) لا إن أمنى بنظرة واحدة، على ما في الإقناع (¬6). وبخطه: لا إن أمذى. * قوله: (كردة مطلقًا)؛ أيْ: سواء عاد إلى الإسلام في ذلك اليوم أو لا. * قوله: (ولو بوجورٍ)؛. . . . . . ¬
ولو لأنثى غير ذكر أصلي، أو فكَّر فأنزل، أو احتلم، هو ذَرَعَه القَيْءُ، أو أصبح وفي فيه طعامٌ فَلفَظَه، أو لَطَخ باطنَ قدمِه بشيء فوجد طعمَه بحلقه، أو تمضْمَضَ، أو استنشق ولو فوقَ ثلاث، أو بالغ، أو لنجاسة ونحوها. وكُره عبثًا، أو سَرَفًا، أو لحرٍّ، أو عطشٍ كَغوْصِه في ماء، لا لغُسلٍ مشروعٍ، أو تَبرُّدٍ، فدخل حلقَه، أو أكلَ ونحوه، شاكًّا في طلوعِ فجرٍ، أو ظانًّا غروب شمسٍ لم يفطر. ـــــــــــــــــــــــــــــ أيْ: ولو كان (¬1) الإكراه بوجور. . . إلخ. * قوله: (أو النجاسة) الظرف متعلق بـ (تمضمض) أو (استنشق) بتقدير المعطوف عليه؛ أيْ: لوضوء، أو لنجاسة أو متعلق بمحذوف نظير المذكور، والتقدير: أو تمضمض، أو استنشق لنجاسة، ولا بد من ملاحظة ما قدرناه في الوجه الأول، وهو قولنا: لوضوء، فتدبر (¬2)!. * قوله: (أو تبرد) انظر هذا مع قوله أولًا: (أو لحر)؛ يعني: فإنه يكره، وما الفرق مَعْنًى (¬3) بين ما إذا تمضمض أو استنشق لحر، وبين غوصه للتبرد؟. ولعل الفارق بينهما، أن المضمضة والاستنشاق مظنة وصول شيء إلى الحلق أو الجوف، بخلاف الغوص، فإنه قد لا يصل منه شيء، فليحرر (¬4). ¬
1 - فصل
وإن بان أنه طلعَ، أو لم تغرب، أو أكَلَ، ونحوَه، شاكًّا في غروب ودام شكُّه، أو يعتقدُه نهارًا فبان ليلًا، ولم يُجدِّد نيةً لواجب، أو ليلًا فبانَ نهارًا، أوأ كل ناسيًا فظنَّ أنه قد أفطرَ، فأكلَ عمدًا قضى. * * * 1 - فصل ومن جامع في نهار رمضانَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإن بان أنه طلع أو لم تغرب)؛ أيْ: قضى. * [قوله: (ودام شكه)؛ أيْ: قضى] (¬1). * قوله: (أو يعتقده نهارًا فبان ليلًا. . . إلخ) العلة في هذه أن الأكل والشرب ليلًا لمن يعتقده نهارًا، أكل أو شرب بنية الفطر، وهو فطر بالفعل، وقطع لنية الصوم، فإذا لم يجدد النية وطلع الفجر لم يصح صومه لأنه صدق عليه أنه لم يبيت النية، إذا السابقة انقطعت حقيقة، وهذا فيما إذا كان الصوم فرضًا، كما نبه عليه المص بقوله: "ولم يجدد نية (¬2) لواجب". فتدبر!. فصل في جماع الصائم وما يتعلق به لما أنهى الكلام على ما يوجب القضاء فقط، أخذ يتكلم على ما يوجب القضاء والكفارة. * قوله: (ومن جامع في نهار رمضان) كان الأولى أن يقول: حضرًا، بدليل ¬
ولو في يومٍ لزمه إمساكُه، أو رأى الهلال ليلتَه ورُدَّتْ شهادتُه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ما يأتي (¬1) في قوله (ولا فيه سفرًا) وكأنه تركه هنا اعتمادًا على الآتي. * قوله: (ولو في يوم لزمه إمساكه) لعله بعد لزومه، بدليل تعليل المص في شرحه (¬2) بقوله: "لأنه يحرم عليه تعاطي ما ينافي الصوم"، انتهى. وهو لا يحرم عليه تعاطي المنافي إلا بعد الثبوت، إذ صوم يوم الثلاثين من غير مستند شرعي من خبر عدل، أو حيلولة غيم ونحوه أما مكروه، أو حرام، ولعل المراد أيضًا خروج من به شبق يخاف منه تشقق أنثييه، ولم تندفع شهوته بدون الجماع، إذ قد تقدم (¬3) صريحًا أنه لا كفارة عليه، بل تقدم (¬4) أنه لا يلزمه (¬5) القضاء أيضًا إذا خاف عود العارض في زمن القضاء، وأنه يطعم. وتلخص من كلامه في البابين أن من جامع في نهار رمضان مطلقًا سواء كان ثبوته على العموم، أو على خصوص المجامع، وسواء كان الثبوت لجميع النهار أو في أثنائه، وكان الجماع بعد لزوم الإمساك، وكان لغير عذر. وبخطه: -رحمه اللَّه تعالى-: على قول المص: "لزمه إمساكه"؛ يعني: إن كان نوى من أول النهار، أو لم يكن نوى من أول النهار، بأن (¬6) أمسك في أثنائه كالحائض إذا طهرت، والكافر إذا أسلم، والمجنون إذا عقل ونحوه. ¬
أو مكرهًا، أو ناسيًا بذكرٍ أصليٍّ في فرج أصليٍّ، ولو لميتةٍ، أو بهيمةٍ، أو أنزل مَجْبُوبٌ بمُساحَقةٍ، أو امرأةٌ فعليه القضاءُ والكفارةُ. لا سليمٌ دون فرجٍ ولو عمدًا، أو بغير أصليٍ في أصليٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو مكرهًا) فيه أنهم قد جعلوا فعل المكره كلا فعل في غالب الأبواب (¬1)، فكان مقتضى ذلك عدم لزوم الكفارة، إلا أنهم نظروا إلى أن الإيلاج لا يكون إلا عن انتشار، والانتشار يدل على الرغبة، فلم يدم الإكراه. * قوله: (أو أنزل مجبوب) كان الظاهر نصبه؛ لأن الفاعل ضمير مستتر عائد على "من" فلعله خبر لمبتدأ محذوف، والجملة في موضع نصب على الحال. * قوله: (فعليه القضاء والكفارة) خلافًا لما في الإقناع (¬2) في الأخيرتَين، حيث قال بأن عليه القضاء فقط، تبعًا للمغني (¬3) والإنصاف (¬4)، والمص تبع التنقيح (¬5). ¬
وعكسِه إلا القضاء إن أمنى، أو مَذَّى. والنزع جماعٌ، وامرأةٌ طاوعتْ غيرَ جاهلةٍ أو ناسيةٍ كرجل. ومن جامع في يومٍ، ثُمَّ في آخرَ، ولم يكفرْ لزمتْه ثانيةٌ كمن أعاده في يومِه بعد أن كفَّر. ولا تسقط إن حاضت المرأةُ، أو نفستْ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (إلا القضاء) لو قال بدله كما في الإقناع (¬1) "فلا كفارة" لكان أظهر، لسلامته من حذف المستثنى منه، وإبقاء المستثنى فقط، والكلام في جوازه، فليحرر!. * قوله: (لزمته ثانية) مقتضى القول بتداخل الكفارات إذا كانتْ من جنس واحد (¬2) عدم لزوم الثانية هنا، إذا لم يكفر للأول، لكنه مقيس على الظهار من نساء متعددات، حيث قالوا فيه بتعدد الكفارة تنزيلًا لاختلاف النسوة منزلة اختلاف الجنس (¬3). * [قوله: (بعد أن كفر)؛ أيْ: بعد أن أخرج كل الكفارة، فأما إذا أخرج بعضها فإن البعض الباقي يتداخل كما بحثه شيخنا وأثبته في شرحه (¬4)] (¬5). * قوله: (ولا تسقط إن حاضت. . . إلخ)؛ لأن سببها متقدم على سبب إباحة الفطر في ذلك كله. ¬
أو مرضَ، أو جنَّ، أو سافر بعدُ في يومه. ولا كفارةَ بغير الجماع، والإنزالِ بالمساحقةِ نهارَ رمضانَ، ولا فيه سفَرًا، ولو من صائم، وهي عتقُ رقبةٍ، فإن لم يجد فصيامُ شهرينِ متتابعين، فلو قَدَر عليها، لا بعد شروعٍ فيه لزِمَتْه، فإن لم يستطع فإطعامُ ستين مسكينًا، فإن لم يجدْ سَقطَتْ بخلاف كفارةِ حجِّ، وظهارٍ، ويمينٍ، ونحوِها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو مرضا)؛ أيْ: الواطئ والموطوءة. * قوله: (ولا فيه سفرًا)؛ أيْ: ولا فيه أيضًا لمن به مرض ينتفع به فيه، أو شبق ولم تندفع شهوته دونه، ويخاف تشقق أنثييه، وإنما تركه اعتمادًا على ما أسلفه (¬1) في الباب قبله، فتنبَّه!. * قوله: (فلو قدر عليها لا بعد شروع فيه لزمته) هذا مخالف لما يأتي (¬2) في الظهار من أن المعتبر في الكفارات وقت الوجوب، فكان مقتضاه أنه إذا كان وقت الجماع غير قادر على الرقبة لا يلزمه إلا الصوم ولو وجد الرقبة بعد ذلك وقبل الشروع، وليناسب ما يأتي (¬3) في باب الفدية من قوله: "ولا يلزم من قدر على هدي بعد وجوب صوم انتقال عنه شرع فيه أو لا". وبخطه: قوله: (لا بعد شروع) انظر هل مثل عدم الشروع ما لو انقطع التتابع ووجب الاستئناف؟ واستظهر شيخنا (¬4) أنه مثله. ¬
ويسقط الجميعُ بتكفيرِ غيرِه عنه بإذنه، وله إنْ مُلِّكها إخراجها عن نفسه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وله إن مُلِّكها) بالبناء للمفعول، كما هو مقتضى كلام الإنصاف (¬1)، وعبارته: "لو ملكه ما يكفر به، وقلنا له أخذه هناك (¬2)، فله هنا أكله، وإلا أخرجه عن نفسه، وهذا الصحيح من المذهب"، انتهى. بقي أن شيخنا في حاشيته الإقناع (¬3) حكى عن الإنصاف (¬4) ما نصه: "حكم أكله من الكفارات بتكفير غيره عنه، حكم كفارة رمضان [على الصحيح من المذهب، وعنه: جواز آكله مخصوص بكفارة رمضان] (¬5)، اختاره أبو بكر"، انتهى. ويؤخذ من مجموع العبارتَين في مسألة ما إذا ملك الكفارة أنه قد اختلف في جواز أكله لها وعدمه، وفي مسألة ما إذا كفر الغير عنه، أنه اختلف في كون جواز الأكل عامًا في سائر الكفارات، أو خاص بما هنا، وهل الخلاف في المسألة الأولى يجري في الثانية، والخلاف في الثانية يجري في الأولى؟ فلتحرر المسألة (¬6)، ¬
وأكلُها إن كان أهلًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ وليراجع الإنصاف. * قوله: (إن كان أهلًا) قال في المبدع (¬1): "وأطلق ابن أبي موسى (¬2) هل يجوز له أكلها، أم كان خاصًّا بالأعرابي؟ على روايتين (¬3)، ويتوجه (¬4) أنه -عليه السلام- رخص للأعرابي لحاجته (¬5)، ولم يكن كفارة"، انتهى، فتأمل!. * * * ¬
2 - باب ما يكره ويستحب في الصوم وحكم القضاء
2 - باب ما يكره ويستحب في الصوم وحكم القضاء كُره لصائمٍ أن يجمعَ ريقَه فيبلَعه. ويفطرُ بغُبارٍ قصدًا، وريقٍ أخرجه إلى بين شفتيه، لا ما قلَّ على درهم أو حصاةٍ أو خيطٍ ونحوِه إذا عاد إلى فمه، كما على لسانه إذا أخرجه. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ما يكره ويستحب في الصوم وحكم القضاء كان الظاهر: باب ما يجب، ويحرم ويكره، ويباح، ويستحب في الصوم. . . إلخ بدليل ما يأتي (¬1) في قوله: "ويجب كذا"، "ويحرم كذا" إلا أن يقال ترجم لشيء وزاد عليه. * قوله: (وحكم القضاء) فيه أن الذي سيذكر حكم تتابع القضاء وهو الاستحباب، لا حكم القضاء نفسه، فكلامه الآتي (¬2) لا يطابق الترجمة، إلا أن يقال إنه قد تعرض له في الجملة بقوله "إلا إذا بقي من شعبان قدر ما عليه فيجب"، وإن كان مقتضى السياق، أن الضمير في "يجب" للتتابع. * قوله: (لا ما قلَّ على درهم)؛ أيْ: لا يفطر ببلع ما على الدرهم والحصاة والخيط، إذا كان قليلًا، كما أنه لا يفطر ببلع ما على اللسان قلَّ، أو كثر. * قوله: (كما على لسانه)؛ أيْ: ولو كثر؛ لأنه لم يفارق محله، فليس التشبيه ¬
وحَرُم مضغُ عِلْكٍ يتحلَّلُ مطلقًا. وكُره ما لا يتحلل، وذوقُ طعامٍ، وتركُ بقيةٍ بين أسنانِه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ من كل وجه. * قوله: (مطلقًا) بلع ريقه أو لا. * قوله: (وذوق طعام) ذكره جماعة وأطلقوا (¬1)، وقال المجد (¬2): لا بأس به للحاجة، نص عليه (¬3)، واختاره ابن عقيل (¬4). قال في شرحه (¬5): "فعلى الكراهة إن وجد طعمه في حلقه أفطر، لإطلاقهم الكراهة"، انتهى. وتقدم أن العلك كذلك. قال شيخنا: يشكل عليه أنهم قالوا إن المبالغة في المضمضة والاستنشاق للصائم مكروهة، وقالوا: لو دخل إلى حلقه في هذه الحالة شيء من الماء غير قصد لا يفطر به (¬6)، فما الفرق؟. أقول: قد يفرق بينهما بأن أصل المضمضة والاستنشاق مشروع للصائم وغيره، والمبالغة فيهما أيضًا مشروعة في الجملة، بخلاف ما ذكر، فإنه ليس مشروعًا في حال من الأحوال، فاغتفر وجود الطعم فيهما، دون ما ذكر (¬7) هنا، وهو من ¬
1 - فصل
وشمُّ ما لا يُؤمنُ أن يَجذِبَه نَفَسٌ لحلق كسحيق مِسكٍ، وكافورٍ، ودهنٍ ونحوِه، وقُبلةٌ، ودواعِي وطءً لمن تُحرِّك شهوتَه. وتحرم إن ظنَّ إنزالًا. ويجبُ اجتنابُ كذبٍ، وغيبةٍ، ونميمةٍ، وشتمٍ، وفُحْشٍ، ونحوِه وفي رمضانَ، ومكانٍ فاضلٍ آكدُ. * * * 1 - فصل وسُنَّ له كثرةُ قراءةٍ، وذكرٍ، وصدقةٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخطرات، فاحفظه!. * قوله: (وشَمُّ ما لا يؤمن أن يجذبه)؛ أيْ: جرمه: لا رائحته فقط، بدليل المثال، ومفهومه أن شَمَّ ما يأمن معه ذلك كالورد ونحوه لا يكره، بل يباح مع ما صرح به المص بإباحته (¬1) وبه تتم الأحكام الخمسة، وعند الشافعية أن ذلك مكروه كالنظر إليه كما صرح به في متن الروضة (¬2). * قوله: (وقبلة) وقيل: إنها تُفَطِّر الصائم (¬3). * قوله: (وغِيبة) وقيل: إنها تُفطِّر الصائم (¬4). فصل فيما يستحب في الصوم ¬
وكفُّ لسانه عما يُكره، وقولُه جهرًا إن شُتِمَ: "إني صائم" (¬1)، وتَعجيلُ فطرٍ إذا تُحقِّق غروبٌ. ويباحُ إن غلبَ على ظنِّه. وكُره جماعٌ معَ شكٍّ في طلوع فجرٍ ثانٍ، لا سُحورٌ. ويُسنُّ، كتأخيره إن لم يخشه، وتحصلُ فضيلتُه بِشربٍ، وكمالُها بأكلٍ، وفطرٌ على رُطَبٍ، فإن عُدم فتمرٌ، فإنْ عُدم فماءٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وكف لسانه عما يكره)؛ أيْ: يكره في الشرع. * قوله: (وقوله جهرًا) قيل: يقول لنفسه مطلقًا؛ يعني: سواء كان الصوم فرضًا أو نفلًا زجرًا لها عن الحمل على المكافأة (¬2)، وقيل: يقوله لمن شتمه مطلقًا (¬3)، وقيل: إن كان في رمضان، يقوله جهرًا لأمن الرياء، وإن كان في غيره ولو فرضًا غير رمضان يقوله لنفسه زجرًا لها (¬4). * قوله: (إن لم يخشه)؛ أيْ: طلوع فجر ثان. * قوله: (على رطب فإن عدم فتمر) نَبَّه بعضهم على أن حكمة ذلك التفاؤل بأكل الحلوى (¬5). . . . . . ¬
وقولُه عندَه: "اللهم لك صمتُ، وعلى رزقك أفطرتُ، سبحانك وبحمدك، اللهم تقبَّل مني إنك أنت السميعُ العليمُ" (¬1). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ التي لم تمسها النار (¬2)، وهذه العلة تقتضي حصول السنة بالفطر على الزبيب ونحوه، وأنه مقدم على الماء، لكن هذه علة بعد الوقوع، فلا تعارض النص. وقال أيضًا: فطورُ التمر سُنه ... رسولُ اللَّهِ سَنه ينال الأجر عبد ... يُحَلِّي منهُ سِنَّة (¬3) * قوله: (عنده)؛ أيْ: بعد استعمال المفطر (¬4)، ليحصل تمام التطابق بينه وبين قوله: (وعلى رزقك أفطرت) ويؤيده ما في حواشي ابن نصر اللَّه على الفروع (¬5)، ¬
2 - فصل
2 - فصل سُنَّ فورًا تتابعُ قضاءَ رمضانَ، إلا إذا بقي من شعبانَ قدرُ ما عليه فيجب. ومن فاته رمضانُ قضى عددَ أيامِه، ويقدَّم على نذرٍ لا يُخافُ فوتُه. ـــــــــــــــــــــــــــــ وعبارته عند الكلام على قول ابن عباس: "كان يقول ذلك إذا أفطر"، "وهذا يقتضي أن الدعاء بعد الفطر لا قبله". وقول المص "عند فطره" يحتملهما، وكذلك (¬1) قوله -عليه الصلاة والسلام-: "للصائم عند فطره دعوة لا ترد" (¬2). فصل في حكم القضاء * قوله: (ويقدم على نذر)؛ أيْ: وجوبًا. * قوله: (لا يخاف فَوته) فإن خيف قدم النذر، لأنه إن قدَّم القضاء في هذه الحالة صار النذر أيضًا قضاء، ويزيد على ذلك أنه يلزمه أيضًا الكفارة، تأمل!. [وقال أيضًا -رحمه اللَّه تعالى- على قول المص: "فَوته" هل إذا نذر صوم العشر الأخير من شعبان، وعليه عشرة أيام قضاء، يقدم القضاء أو النذر؟ وهل هو داخل في مفهوم قول المص: "لا يخاف فوته" فإنه في هذه الحالة يخاف فَوته، ¬
وحرُم تطوعٌ قبلَه، ولا يصح. وتأخيرُه إلى آخرَ بلا عذرٍ، فإن أخر قضى، وأطعم ويجزِئ قبلَه، مسكينًا لكل يوم ما يجزي في كفارةٍ وجوبًا، ولعذرٍ قَضى فقط، ولا شيءَ عليه إن مات، ولغيرِه فمات قبلُ، أو بعدَ أن أدركه رمضانُ فأكثرُ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويصير كل منهما قضاء وفي النذر إذا أخرَّه كفارة، كما أن في قضاء رمضان إذا أخرَّه كفارة، إلا أن كفارة القضاء، أخف من كفارة النذر؛ لأن كفارة القضاء إطعام مسكين، وكفارة النذر كفارة يمين فليحرر (¬1)] (¬2)!. * قوله: (وحرم تطوع قبله)؛ أيْ: قضاء رمضان. * قوله: (بلا عذر) وأما تأخيره لعذر، فإنه لا يحرم. * قوله: (فإن أخر قضى)؛ أيْ: لغير عذر. * قوله: (ويجزئ قبله)؛ أيْ: يجزئ تقديم الإطعام (¬3) على القضاء، وكان الأولى: ويجزئ بعده أو معه، إذ (¬4) كونه قبله هو الأفضل، كما صرح به المجد (¬5)، فتدبر!. ¬
أُطعم عنه لكل يومٍ مسكينٌ فقط. ومن مات وعليه نذرُ صومٍ في الذمة، أو حجٍّ أو صلاة، أو طواف، أو اعتكافٍ لم يَفْعلْ منه شيئًا، مع إمكانِ غيرِ حجٍّ سُنَّ لوليِّه فعلُه، ويجوز لغيره بإذنه ودونَه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه: قال في الفروع (¬1): "وإن أخرَّه؛ أيْ: -القضاء- بعد رمضان ثانٍ فأكثر لم يلزمه لكل سنة فدية، لأنها إنما لزمته لتأخيره عن وقته" حاشية (¬2). * قوله: (فقط)؛ أيْ؛ دون أن يصام عنه أيضًا، لأن الصوم الواجب بأصل الشرع لا تدخله النيابة. * قوله: (لم يفعل منه شيئًا)؛ يعني: وكان قبل موته لم يفعل منه شيئًا. وبخطه: مفهومه أنه إن كان قد فعل منه شيئًا أنه لا يسن لوليه ذلك، ولعل هذا قيد في فعل الجميع، وأما إن كان فعل بعضه، فإنه يسن لوليه فعل الباقي، فحرره!؛ فإني لم أرَ من تعرض لبيان محترز هذا القيد. لا يقال سيأتي في المتن أن من مات وقد فعل بعض واجب معين سقط الباقي. فيقتضي عدم فعل الباقي عنه، لأنا نقول: هذه (¬3) المسألة التي نحن فيها مقيدة بالموت بعد الإمكان من فعل الكل، وإذا مات في أثنائه تبين عدم التمكن من الكل. * قوله: (غير حج)؛ أيْ: أما الحج فلا يعتبر له الإمكان، لدخول النيابة فيه ¬
ويجزئ هومُ جماعةٍ في يوم واحد، وإن خلَّف مالًا وجب، فيفعلُه وليُه، يدفعُ لمن يَفعل عنه. ويَدفعُ في صوم عن كل يومٍ طعامَ مسكينٍ في كفارة. ولا يُقْضى معينٌ مات قبلَه، وفي أثنائِه يسقط البافي، وإنْ لم يصُمْه لعذر فكالأول. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حال الحياة في الجملة. * قوله: (ويجزئ صوم جماعة. . . إلخ) عبارة شيخنا في شرح الإقناع (¬1): "أيْ: لو كان على ميت صوم عشرة أيام، فصام عنه عشرة رجال في يوم واحد أجزأ عنه؛ لأن المقصود يحصل به، مع نجاز إبراء ذمته، ونقل عنه أبو طالب (¬2) (¬3) يصوم واحد، وحمله المجد (¬4) على صومٍ شرْطُه التتابع، وتعليل القاضي (¬5) بأنه كالحجة المنذورة، يدل على ذلك". * قوله: (مات قبله)؛ لأنه لم يكن قد خوطب بفعله. * قوله: (وإن لم يصُمه لعذر فكالأول)؛ يعني: في أنه إذا لم يخلف تركه، ¬
ومن مات وعليه صومٌ من كفارةٍ، أو متعةٍ أُطعِمَ عنه. ـــــــــــــــــــــــــــــ سن لوليه فعله، وإن خلف، وجب عليه. وفي الحاشية (¬1): "قوله (فكالأول)؛ أيْ: فكما لو كان في الذمة، فيصام عنه؛ لأن المرض ونحوه لا ينافي ثبوته في الذمة"، انتهى. * قوله: (أطعم عنه)؛ أيْ: وجوبًا فقط، من غير قضاء، كرمضان الواجب بأصل الشرع. * * * ¬
3 - باب صوم التطوع
3 - باب صوم التطوع وأفضلُه يوم ويوم. وسُن ثلاثةٌ من كل شهرٍ، وأيامُ البيضِ أفضلُ، وهي ثلاثَ عشرةَ، وأربعَ عشرةَ، وخمسَ عشرةَ، والاثنينُ والخميسُ، وستةٌ من شوالٍ، والأولى تتابعُها، وعقبَ العيد، وصائمُها مع رمضانَ كأنما صام الدهرَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب صوم التطوع * قوله: (وأفضله يوم ويوم)؛ أيْ: أفضل الصوم صوم يوم، وفطر يوم. * وقوله: (ويوم) جَزَّأ الخبر، ولا يلزم عليه الإخبار بالنقيض؛ لأن الخبر هو المعنى المتصيد من مجموعهما، على حد: الرمان حلو حامض؛ أيْ: مُز، والتقدير هنا: أفضل الصوم صوم يوم بين يومين، أو: صوم يوم متعقب لفطر يوم، وهذا وجه وجيه لا غبار عليه، وهو من خطرَات الدرس، فحافظ عليه. * قوله: (وصائمها مع رمضان كأنما صام الدهر) (¬1)؛ لأن الحسنة بعشر أمثالها، فصوم ستة (¬2) وثلاثين يومًا، بمنزلة صوم ثلاث مئة وستين يومًا. ¬
وصومُ المحرَّم، وآكدُه العاشرُ، وهو كفارةُ سنةٍ، ثم التاسعُ، وعشرُ ذي الحِجة، وآكدُه يوم عرفة، وهو كفارةُ سنتين، ولا يُسنُّ لمن بها إلا لمتمتِّعٍ وقارنٍ عَادِما الهَدْي، ثم التَّرويةُ. وكره إفرادُ رجبٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعورض: بأن كون الحسنة بعشرة أمثالها لا يتقيد برمضان وتابعه، وأشار ابن رجب في لطائفه (¬1) إلى الجواب بأن المراد من قوله -عليه الصلاة والسلام-: (فكأنما صام الدهر) يعني: فرضًا. أقول: هذا أيضًا يتأتى (¬2) فيما إذا نذر صوم شهر ثم صامه، واتبعه بسِت من الشهر الذي بعده، فالسؤال (¬3) عن حكمة التخصيص باقٍ، فتدبر!. ويمكن أن يجاب: بأن النص على شيء لا يستدعي نفي ما عداه مما شاركه في العلة، وإنما اقتصر على رمضان من بين (¬4) أفراد الصوم الواجب؛ لأنه هو الواجب بأصل الشرع، فتأمل. * قوله: (وكره إفراد رجب) قال الإمام أحمد (¬5): "من كان يصوم السنة صامه، وإلا فلا يصومه متواليًا، بل يفطر فيه، ولا يشبهه برمضان"، انتهى. وقال بعضهم (¬6): "الكراهة تنتفي بشهر آخر ولو لم يله"، انتهى. ¬
والجمعةِ، والسبتِ بصوم، وصومُ يوم الشك وهو: الثلاثون من شعبان إذا لم يكن حين الترائِي علةٌ، إلا أن يوافق عادةً، أو يصلَه بصيام قبلَه، أو قضاءًا، أو نذرًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ يعني: غير رمضان، كما هو ظاهر؛ لأن التشبيه صار غير خاص به. * قوله: (والجمعة والسبت) فإن جمع بينهما، انتفت الكراهة، كما يدل لذلك الحديث الذي ساقه في الشرح (¬1)، وهو قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يصومَنَّ أحدكم يوم الجمعة، إلا أن يصوم يومًا قبله، أو يومًا بعده" "متفق عليه" (¬2). * فائدة: يكره صوم يوم الأحد على انفراده، صرح به ابن يونس المالكي (¬3) في مختصر التنبيه (¬4)، وقال: "يقال إنه داخل في عموم قول المص: أو يوم يفردونه بتعظيم" فتدبر!. * قوله: (أو يصِله بصيام قبله) يؤخذ منه، أنه لا يكره الصيام بعد انتصاف ¬
والنَّيْروزِ (¬1)، والمِهْرجَانِ (¬2)، وكلِّ عيد لكفار، أو يومٍ يُفردونه بتعظيمٍ، وتقدُّمُ رمضانَ بيومٍ أو يومين، ووصالٌ إلا من النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬3)، لا إلى السحرِ، وتركُه أولى. ولا يصحُ صومُ أيامِ التشريق. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شعبان، خلافًا لمن قاله به (¬4). * قوله: (وتَرْكه أولى) قد يقال بل تركه أفضل، لاقتضائه إلى تأخير الفطر (¬5). ¬
1 - فصل
إلا عن دم متعةٍ أو قرانٍ، ولا يومُ عيد مطلقًا، ويحرُم. * * * 1 - فصل ومن دخل في تطوعٍ غيرِ حجٍّ أو عمرةٍ، لم يجب إتمامُه، ويُسنُّ، وإن فسد فلا قضاءَ. ويجب إتمامُ فرضٍ مطلقًا، ولو موسَّعًا كصلاةٍ، وقضاءِ رمضانَ، ونذرٍ مطلَق، وكفارةٍ، وإن بطل فلا مزيدَ، ولا كفارةَ. ويجب قطعٌ كردِّ (¬1) معصوم عن مَهْلَكة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا يوم عيد مطلقًا) سواء كان عيد فطر، أو أضحى، تطوعًا أو واجبًا. فصل * قوله: (لم يجب إتمامه ويسن) ويكره القطع بلا حاجة ذكره الناظم (¬2)، شارح (¬3). * قوله: (ويجب إتمام فرض مطلقًا) عينيًّا، أو كفائيًّا، بأصل الشرع، أو بالإيجاب. * قوله: (ويجب قطع. . . إلخ)؛ أيْ: للفرض، بدليل قوله: "وقلبه نفلًا". ¬
2 - فصل
وإنقاذِ غريق، ونحوه، وإذا دعاه النَّبِي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وله قطعُه لهربِ غريمٍ، وقلبُه نفلًا. * * * 2 - فصل أفضلُ الأيام: الجمعةُ، والليالي: ليلةُ القدر، وتطلبُ في العشرِ الأخير من رمضان. وأوتاره آكدُ، وأرجاها سابعتُه. ـــــــــــــــــــــــــــــ وانظر ما فائدة ذكره هنا مع قوله فيما سبق (¬1): "ويجب الفطر على من احتاجه لإنقاذ معصوم من مهلكة كغرق ونحوه"؟ إلا أن يقال إنه من باب ذكر العام بعد الخاص، فتدبر!. * قوله: (ونحوه) كالذي تحت هدم، ومن سقط في نار، أو وطِئت عليه بهيمة. فصل * قوله: (أفضل الأيام الجمعة) وأفضل الشهور شهر رمضان والعشر من ذي الحجة، أفضل من سائر الأعشار حتى العشر الأخير من رمضان، شرح (¬2) (¬3). ¬
وسن كون من دعائه فيها: "اللهم إنك عفوٌّ تحب العفوَ، فاعفُ عنِّي" (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . * * * ¬
6 - كتاب الاعتكاف
6 - كِتَابُ الاعْتِكَافِ
(6) كِتَابُ الاعتكافُ: لزومُ مسلمٍ، لا غُسلَ عليه، عاقلٍ، ولو مميزًا مسجدًا، ولو ساعةً، لطاعةٍ على صفةٍ مخصوصةٍ، ولا يبطلُ بإغماء. وسُنَّ كلَّ وقت، وفي رمضان آكدُ، وآكدُه عشرُه الأخير. ويجبُ بنذر، وإن عُلِّق أو غيرُه بشرطٍ تقيَّد به. ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الاعتكاف * قوله: (لا غسل عليه) هذا يقتضي أنه لا يصح من فاقد الطهورَين؛ لأن عليه الغسل قطعًا، فليحرر (¬1)!. وقد يقال: المراد مع إمكان الاستباحة عنه بالماء أو التراب؛ لأنه ليس أعلى رتبة من الصلاة، فلا يرِد فاقد الطهورَين. * قوله: (ولو ساعة)؛ أيْ: أدنى زمن يُعَدّ به لابثًا، إن مشينا على ما في الفروع (¬2). * قوله: (وإن عُلِّق)؛ أيْ: نذر الاعتكاف. * قوله: (أو غيره) عطف على الضمير المرفوع المتصل، من غير فاصل. ¬
ويصحُ بلا صومٍ، لا بلا نيةٍ، ويجبُ أن يُعيَّنَ نذرٌ بها. ومن نوى خروجَه منه بطل. ومن نذر أن يعتكفَ صائمًا، أو بصومٍ، أو يصومَ معتكفًا، أو باعتكافٍ، أو يعتكفَ مصلِّيًا، أو يصليَ معتكفًا لزمَه الجمعُ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويصح بلا صوم) قال بعضهم (¬1): هذا علم من قوله: (ولو ساعة)، وقد ينازع فيه، بأنه لا يلزم أن يتقدر بقدره، بل يجوز أن يكون زمن (¬2) الصوم أوسع. * قوله: (بطُل) كان الظاهر لأجل الربط أن يقول بطل اعتكافه. وقد يقال: إن الضمير عائد على الاعتكاف المضاف إلى ضمير "من" وهو كافٍ. * قوله: (أو يعتكف مصليًّا) أو بصلاة. * قوله: (أو يصلِّي معتكفًا) أو باعتكاف. * قوله: (لزمه الجمع) قالوا: يجزئه [في نذر الصلاة ركعتين على الصحيح (¬3)، وقيل: يجزئه] (¬4) ركعة (¬5)، قياسًا على أقل الوتر، فإذا نذر أن يصلِّي معتكفًا عشرة أيام مثلًا، هل يكفيه أن يصلِّي ركعتَين في يوم منها، قياسًا على ما قالوه من أنه لا يلزمه ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ استيعاب جميع اليوم بالصلاة (¬1)، أو لا بدَّ من ركعتين في كل يوم؟. وإذا قلنا يكفيه صلاة ركعتَين في يوم منها، هل مثله إذا نذر أن يصوم معتكفًا عشرة أيام مثلًا، في أنه يكفيه صيام يوم منها، أو لا بدَّ من صيام العشرة؟ الأظهر الثاني، فليحرر!. ثم رأيت في شرح الروض (¬2) لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي (¬3) ما نصه: (ولو نذر اعتكاف أيام مصليًا، لزمه لكل يوم ركعتان، واستشكله الأصل، بأن ظاهر اللفظ يقتضي الاستيعاب، فإن تركنا الظاهر فلم أعتبر تكرير القدر الواجب من الصلاة كل يوم، وهلا اكتفى به مرة في جميع المدة، ويجاب: بأنه ترك الظاهر في الاستيعاب دون التكرير، ليسلك بالنذر مسلكَ واجبِ الشرع إذ الصلاة المفروضة لا تستوعب الأيام، ويتكرر كل يوم)، انتهى المراد منه (¬4). وقد يؤخذ منه حكم مسألة ما إذا نذر اعتكاف عشرة أيام صائمًا، من أنه يلزمه صوم الجميع، للزوم كل من الاستيعاب والتكرير فيه شرعًا، فليحرر!. ¬
كنذرِ صلاةٍ بسورةٍ معيَّنة. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (كنذر صلاة بسورة معينة)؛ أيْ: في اللزوم، وهل له أن ينتقل إلى أعلى منها، فلو نذر الصلاة بـ"تبَّت" مثلًا، هل له الصلاة بسورة الإخلاص، قياسًا على ما صنعوه في المساجد (¬1) أو لا بدَّ من الإتيان بما عينه، لأن المساجد خرجت عن (¬2) الأصل بموجب النص، وهو قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاث" (¬3) فلا يقاس عليها؟ فليحرر!. وأيضًا: هو لو نذر صوم شهر، أو اعتكاف شهر معين، من غير الأشهر الحرم لا يكفيه صوم شهر منها، مع أنه قد انتقل إلى ما هو أعلى مما عينه. والذي اعتمده شيخنا أنه إذا عين سورة تعينت، ولا ينتقل إلى أعلى منها، بخلاف ما إذا نذر الصلاة في مسجد غير الثلاثة (¬4)، فإنه له الانتقال إلى الأعلى. والفرق: أنه عهد بأصل الشرع تعيين (¬5) القراءة في الجملة كالفاتحة، لقوله -عليه السلام-: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" (¬6) بخلاف المساجد، ¬
1 - فصل
ولا يجوزُ لزوجةٍ وقنٍّ اعتكافٌ بلا إذن زوجٍ وسيد، ولهما تحليلهُما مما شرعا فيه بلا إذنٍ، أو به وهو تطوعٌ. ولمكاتبٍ اعتكافٌ بلا إذنٍ، وحجٌّ ما لم يَحِلْ نَجمٌ. ومبعَّضٌ كقنٍّ، إلا معَ مُهايأَةٍ في نوبته فكحُرٍّ. * * * 1 - فصل ولا يصحُ ممن تلزمُه الجماعةُ، إلا مسجدٍ تقامُ فيه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن اللَّه لم يوجب الصلاة بمسجد معين، لقوله -عليه السلام-: "جعلت لي الأرض كلها مسجدًا وطهورًا" وتعيين الأشهر كتعيين السور؛ لأنه قد عهد تعيينها أيضًا بأصل الشرع في الجملة (¬1). * قوله: (ولا يجوز لزوجة وقِنٍّ. . . إلخ)؛ أيْ: مع الصحة، بدليل قوله (ولهما تحليلهما)، وبه صرح في الإقناع (¬2). فصل * قوله: (ولا يصح ممن تلزمه الجماعة إلا بمسجد) استدل على ذلك ¬
ولو من معتكفِين إن أتى عليه فعلُ صلاةٍ، وإلا صح بكل مسجدٍ، كمن أنثى. ومنه ظهرُه، ورحبته المحوطة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بقوله -تعالى-: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] (¬1)، وفيه تأمل!، إلا أن يضم إليها أمر خارجي، وهو أنه يحرم الوطء في الاعتكاف، فلو كان الاعتكاف يصح في المسجد وغيره لقيل: ولا تباشروهن وأنتم عاكفون، قاله شيخنا (¬2). * قوله: (وإلا صح)؛ أيْ: وإن لم يكن ممن تلزمه الجماعة، أو كان كذلك لكن لم يأت عليه وقت فعل صلاة. * قوله: (المحوطة) هل المراد مطلقًا، أو المحوطة بحيطانه؟ وهل يعتبر أن يكون بابها منه أو أنها لا تسمى رحبة إلا إذا كان بابها منه (¬3)؟. وفي مختار الصحاح (¬4): (ورحبة المسجد ساحته). وفي الشرح (¬5): "قال القاضي: إن كان عليها حائط وباب، كرحبة جامع المهدي (¬6) بالرصافة، فهي كالمسجد؛ لأنها معه وتابعة له، وإن لم تكن محوطة ¬
ومنارتُه التي هي فيه أو بابُها به، وما زِيدَ حتى في الثوابِ في المسجدِ الحرام، وعند جمعٍ: ومسجد المدينة أيضًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ كرحبة جامع المنصور (¬1)، لم يثبت لها حكم المسجد"، انتهى. * قوله: (ومنارته. . . إلخ) في مختار الصحاح (¬2): "والمنار علم الطريق، والمنارة التي يؤذن عليها، والمنارة أيضًا التي يوضع عليها السراج وهي مَفْعلة من الاستنارة، بفتح الميم، والجمع: المناور بالواو؛ لأنه من النور، ومن قال منائر وهَمَزَ فقد شبه الأصلي بالزائد، كما قالوا مصائب وأصليه (¬3) مَصَاوب"، انتهى. * قوله: (وما زِيد. . . إلى آخره)؛ أيْ: ومن المسجد مطلقًا ما زِيد فيه، فيثبت له جميع أحكامه حتى حكم المضاعفة في الثواب في المسجد الحرام. . . إلخ. * قوله: (وعند جمع) منهم الشيخ تقي الدين (¬4)، وابن رجب، وحكي عن السلف،. . . . . . ¬
والأفضلُ لرجلٍ تخللَ اعتكافَه جمعةٌ جامعٌ، ويتعيَّن إن عُيِّن بنذر، ولمن لا جمعةَ عليه أن يعتكفَ بغيرِه، ويَبطلُ بخُروجِه إليها إن لم يشترطْه. ومن عيَّن مسجدًا غير الثلاثة لم يَتعيَّن، وأفضلُها: الحرامُ، فمسجدُ المدينةِ، فالأقصىَ، فمن نذر اعتكافًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ خلافًا لابن الجوزي وابن عقيل (¬1)، حاشية (¬2). * قوله: (تخلل اعتكافه. . . إلخ) المحل للمضارع، كما هو ظاهر. * قوله: (ولمن لا جمعة عليه أن يعتكف بغيره)؛ أيْ: بغير مسجد تقام فيه الجمعة، فلا ينافي ما سبق (¬3) من قوله: (ولا يصح ممن تلزمه الجماعة إلا بمسجد تقام فيه). يبقى النظر في الاحتياج إلى ذلك مع قوله أول الفصل: (ولا يصح ممن تلزمه الجماعة إلا بمسجد تقام فيه) فإنه علم منه أن من تلزمه الجماعة للجمعة أو غيرها له اعتكاف بمسجد تقام فيه الجماعة، سواء كان تقام فيه الجمعة، أو لا، لكن لما فاته التنبيه بتلك العبارة على الأفضل استدركه بقوله: (والأفضل لمن تخلل اعتكافه جمعة جامع). * قوله: (ويبطل بخروجه)؛ أيْ: بخروج من لا جمعة عليه. * قوله: (وأفضلها) إن جعل الضمير راجعًا لمطلق المساجد، لزم عليه تشتيت ¬
2 - فصل
أو صلاة في أحدِها لم يجزئْه غيرُه، إلا أفضلَ منه. ومن نذر زمنًا معينًا شرع (¬1) قبلَ دخولِه، وتأخَّرَ حتى ينقضيَ ولو أطلق، ومن نذر عددًا فله تَفريقُه ما لم ينوِ تتابعًا، ولا تدخلُ ليلةُ يومِ نذرٍ، كيومِ ليلة، ومن نذرَ يومًا لم يَجُر تفريقُه بساعاتٍ من أيام، ومن نذرَ شهرًا مطلقًا تابَع، ومن نذرَ يومَين، أو ليلتَين فأكثرَ متتابعة لزمه ما بين ذلك من ليلٍ أو نهار. * * * 2 - فصلٌ يحرُم خروجُ من لزمه تتابعٌ مختارًا ذكرًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الضمير في قوله: "ومن نذر اعتكافًا أو صلاة في أحدها. . . إلخ"، وإن جعل راجعًا للثلاثة (¬2) كان قوله: (فالأقصى) غير محتاج إليه، بل هو مخِلٌّ بالمعنى على ذلك، لكن تشتيت الضمير أخف من المحذور الثاني، فليحرر!. * قوله: (إلا أفضل منه)؛ أيْ: إن وجد. * قوله: (ومن ندر شهرًا مطلقًا)؛ أيْ: غير مقيد بشهر بعينه، كشعبان أو رمضان، وأما إذا نذر ثلاثين يومًا فهي داخلة في عموم قوله: (ومن نذر عددًا فله تفريقه. . . إلخ). * قوله: (تابع)؛ أيْ: وجوبًا. فصل ¬
إلا لما لا بُدَّ منه، كإتيانه بمأكَلٍ ومشرَب لعدم، وقيْءٍ بغتةً، وغَسل متنجس يحتاجه، وكبولٍ وغائطٍ، وطهارةٍ واجبة. وله المشيُ على عادتِه، وقصدُ بيتِه إن لم يجدْ مكانًا يليقُ به بلا ضررٍ ومِنَّةٍ، وغَسلُ يده بمسجد في إناءٍ من وَسَخٍ، وزَفرٍ، ونحوِهما، لا بولٌ، وفصدٌ، وحجامةٌ بإناء فيه أو في هوائِه، وكجمعةٍ وشهادةٍ لزمتاه، وكمريضٍ وجِنَازةٍ تعيَّن خروجُه إليهما. وله شرطُ الخروج إلى ما لا يلزمُه منهنَّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (إلا لما لا بد منه) يعني: فإنه لا يحرم، بل ربما تعين، فليس المراد من نفي الحرمة ثبوت الأعم من الإباحة والكراهة، تدبر!. وبخطه أيضًا -رحمه اللَّه تعالى- قوله: (إلا لما لا بد منه)؛ يعني: فإنه لا يحرم، ولا يبطل. قال في الشرح (¬1): "وإلا لم يصح اعتكاف لأحد؛ لأنه لا يسلم من ذلك". * قوله: (وكبَول) انظر ما فائدة الفصل بالجار في قوله (كبول وغائط)؟ وقد يقال: إنه للتنبيه على أنه معطوف على (إتيان) لا على (متنجس)؛ لأنه يصير لا فائدة له، لدخوله في عموم المتنجس، فتدبر!. * قوله: (ونحوهما) كقيام من نوم (¬2) ليل. * قوله: (وكجمعة) بأن كان ارتكب غير الأفضل، واعتكف بغير جامع، وتخلل اعتكافه جمعة، فله خروج لها، وهذا يعين أن الضمير في قول المصنف ¬
ومن كَلِّ قُرْبة لم تتعين، أو ما له منه بُدٌّ وليس بقربه كعَشاءٍ، ومبيتٍ بمنزله، لا الخروج إلى التجارةِ أو التكسُّبِ بالصنعةِ في المسجدِ، ونحوِهما. وسُنَّ أن لا يبكرَ لجُمعَةٍ، ولا يُطيلَ المُقَامَ بعدها. وكما لا بُدَّ منه: تَعيُّنُ نفيرٍ، وإطفاءَ الحريق، وإنقاذِ غريق، ونحوِه، ومرضٌ شديد، وخوفٌ من فتنة على نفسه أو حرمتِه أو مالِه، ونحوِه وحاجةٌ لفصدٍ أو حجامةٍ، وعِدَّةُ وفاة. وتتَحيضُ بخباء (¬1) في رَحَبته، إن كانتْ وأمكن بلا ضررٍ، وإلا ببيتِها، وكحيضٍ نفاسٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ السابق (¬2): "ويبطل بخروجه" راجع إلى من لا جمعة عليه. * قوله: (وليس بقربة كعشاء)؛ أيْ: لم يَنْوِ به التقوِّي على الطاعة، وإلا صار قربة، فتدبر!. * قوله: (ونحوهما) كالخروج لما يشاء. * قوله: (ونحوه) كرد أعمى عن بئر أو حية. * قوله: (ونحوه) كنهب بمحلته. * قوله: (وتتحيض بخباء في رحبته)؛ أيْ: غير المحوطة، كما في الإقناع (¬3) ¬
ويجبُ في واجب رجوعٌ بزوال عذرٍ، فإن أُخِّر عن وقت إمكانه فكما لو خرج لما له منه بُدٌّ. ولا يضر تطاولٌ معتادٌ وهو: حاجةُ الإنسان، وطهارةُ الحدثِ، والطعام والشرابُ، والجُمعةُ، ويَضر في غيرِ معتادٍ كنفير ونحوِه. ففي نذرٍ متتابعٍ غيرِ مُعينٍ يُخيَّرُ: بينَ بناءٍ وقضاءٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والرعاية (¬1)، فإطلاق المصنف اعتمادًا منه على ما أسلفه (¬2) من أن (¬3) الرحبة المحوطة من المسجد، فلا اعتراض عليه. وبخطه: صريح (¬4) ما نقل عن الإمام (¬5) أن لها أن تتحيض ببيتها، وإن أمكن تحيضها برحبته الغير المحوطة، وأن العدول إلى الرحبة إنما هو على سبيل الاستحباب. * قوله: (فكما لو خرج لما له منه بد)؛ يعني: أنه يبطل اعتكافه به. * قوله: (يُخَيَّر) التخيير إنما هو بين البناء والاستئناف، وأما قوله: "وقضى" فهو تتميم لحالة البناء، وليس طرفًا مستقلًّا. * قوله: (بنى)؛ أيْ: على ما مضى قبل الخروج. * قوله: (وقضى)؛ أيْ: لما فاته بسبب الخروج؛ أيْ: إتيانه به، إذ ليس هذا قضاء حقيقة، لأنه لا يتأتى فوات المحل في غير المعين. ¬
3 - فصل
معَ كفارةِ يمين، أو استئنافٍ، وفي مُعيَّن يَقضي، ويكفِّرُ. وفي أيامٍ مطلقةٍ تُتَمَّمُ بلا كفارة، لكنه لا يَبْنِي على بعضِ ذلك اليومِ. * * * 3 - فصلٌ وإنْ خرجَ لما لا بُدَّ (¬1) منه، فباعَ أو اشترى، أو سألَ عن مريضٍ، أو غيره، ولم يُعَرِّجْ، أو يقف لذلك. أو دخلَ مسجدًا يُتِمُّ اعتكافُه فيه أقربَ إلى محلِّ حاجته من الأولِ جاز. وإن كان أبعدَ، أو خرجَ إليه ابتداءً أو تلاصقا ومشى في انتقالِه خارجًا عنهما بلا عذرٍ، أو أُخْرِجَ لاستيفاء حقٍّ عليه وأمكنَه الخروجَ منه، أو سَكِرَ، أو ارتدَّ، أو خرج كلُّه لما له منه بُدٌّ ولو قلَّ: بطل. ويستأنفُ متتابعًا بشرطٍ أو نيةٍ، إن كان عامدًا مختارًا، أو مكرهًا بحق ولا كفارةَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مع كفارة يمين) لفوات التتابع. * قوله: (وفي معين يقضي ويكفِّر)؛ أيْ: كفارة يمين، لفوات المحل. فصل * قوله: (أو مكرهًا بحق) عمومه يتناول السكر، مع أنه لا يتأتى الإكراه عليه ¬
ويستأنفُ معيَّنًا قُيِّدَ بتتابعٍ أو لا، ويكفِّر، ويكونُ قضاءُ كل واستئنافُه على صفةِ أدائِه فيما يمكن. ويفسدُ إن وطئ ولو ناسيًا في فرجٍ، أو أَنزل بمباشرةٍ دونَه، ويكفِّر لإفساد نَذْرِه، لا لوطْئِه. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ بحق، فلعل المراد فيما يمكن ذلك فيه منها. * قوله: (ويستأنف معينًا) كشهر المحرم، لدلالة التعيين على إرادة التتابع. * قوله: (ويكون قضاء كل)؛ أيْ: من المتتابع، وغير المتتابع، المعين، وغير المعين. * قوله: (على صفة أدائه) فيما يمكن، وهل يتعين القضاء في نظير المحل الفائت، كالعشر الأخير من رمضان، فيقضي عشرة في رمضان آخر، أو لا يتعين؟ واقتصر شيخنا في شرحه (¬1) في البيان تبعًا للمص على قوله: "فإن شرط في الأول صومًا، أو عينه في أحد المساجد الثلاثة ونحوه كان قضاؤه، أو استئنافه كذلك" (¬2). * قوله: (لا لوطئه) ولو كان التكفير لأجل الوطء نفسه لا للنذر، للزمت الكفارة به، ولو كان الاعتكاف غير منذور. ¬
4 - فصل
4 - فصلٌ يُسنُّ تشاغلُه بالقُرَب، واجتنابُ ما لا يعنيه، لا إقراءُ قرآنٍ، وعلمٍ، ومناظرةٌ فيه، ويُكرهُ الصمتُ إلى الليلِ، وإنْ نذرَه لم يفِ به، وبحرمُ جعل القرآنِ بدلًا من الكلام. وينبغي لمن قصدَ المسجدَ أن ينويَ الاعتكافَ مدةَ لبثِه. ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (واجتناب ما لا يعنيه)؛ يعني: ما لا يهمه. * قوله: (لا إقراء قرآن)؛ أيْ: لا يسن له ذلك. * قوله: (مدة لبثه)؛ أيْ: فيه. * * *
7 - كتاب الحج
7 - كِتَابُ الحَجِّ
(7) كِتَابُ الحجُّ: فرض كفاية كلَّ عام. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الحج قال المصنف في شرحه (¬1): "فرض في سنة تسع من الهجرة في قول الأكثر، وقيل: سنة عشر، وقيل: سِت، وقيل: خمس" (¬2)، انتهى المراد منه. * قوله: (فرض كفاية) هذا يقتضي أن ليس من أفراد الحج ما هو ندب، مع أن كلامهم طافح به كذا قد استشكله صاحب الفروع في الآداب (¬3)، وأنه ليس منه ما هو فرض عين. ويمكن الجواب عن الثاني: بأن المراد فرض كفاية على من ليس عليه حجة الإسلام. وعن (¬4) الأول: بأن المحكوم عليه بكونه فرض كفاية كل عام، هو إحياء البيت بالطواف على طائفة من الناس، هكذا أجاب به بعض الشافعية، وهو حسن. وأجيب عن الأول أيضًا: بأن المراد بقولهم نفل أو تطوع، أنه زائد على فرض ¬
وهو قصد مكة لعمل مخصوص، في زمن مخصوص. والعُمْرةُ: زيارةُ البيت (¬1) على وجه مخصوص. ويَجِبَان في العُمُرِ مرةً بشروطٍ: وهي: إسلامٌ، وعقلٌ، وبلوغٌ، وكمال حُرِّية. ويجزيان من أسلمَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ العين، فلا ينافي أنه فرض كفاية، وليس المراد به ما قابل الواجب مطلقًا (¬2). لكن يعارض هذا الجواب أن ألفاظ الشارع إنما تحمل على الحقائق الشرعية، والشارع سماه تطوعًا، والتطوع في الشرع هو المقابل للواجب بقسمَيه (¬3)، بدليل ما يأتي (¬4) في كلام المص، حيث أطلق التطوع على حج من لم يُعْتَق، أو لم يبلغ قبل الإحرام، مع أنه لا يصح أن يكون بمعنى ما زاد على الفرض؛ لأنه لم يوجَد فرض بالمرة. * قوله: (وهو قصْد مكة) لو قال: قصْد أماكن مخصوصة لعمل مخصوص، لكان أشمل. * قوله: (وهي إسلام وعقل) هما شرطان للوجوب والصحة، والبلوغ وكمال الحرية شرطان للوجوب والإجزاء، دون الصحة، وأما الاستطاعة فشرط للوجوب فقط. * قوله: (ويجزيان من أسلم)؛. . . . . . ¬
أو أفاقَ ثم أحرمَ، أو بلغَ أو عُتِقَ محرمًا (¬1)، قبل دفعٍ من عرفة، أو بعدَه إن عاد فوقفَ في وقته، أو قبلَ طوافِ عُمْرة كمن أَحرم إذن. وإنَّما يُعتد بإحرام ووقفٍ موجودينٍ إذن، وإن ما قبله تطوُّعٌ لم ينقلبْ فرضًا، وقال جماعة: ينعقدُ إِحرامه موقوفًا، فإذا تغير حالُه تبيَّن فرضيِّتُه. ولا يُجزئ معَ سعي قنٍّ وصغيرٍ بعدَ طواف القدوم، قبلَ وقوف، ولو أعاده بعدُ. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ يعني: مع ملاحظة توفر (¬2) بقية الشروط الأربعة، كما نبّه عليه الشارح (¬3) -رحمه اللَّه تعالى-، وكذا يقال في بقية المذكورات. * قوله: (قبل دفع من عرفة. . . إلخ) يتنازعه معنى (¬4) كل من المسألتَين. * قوله: (موجودَين)؛ أيْ: إذا بلغ، وعُتِق. * قوله: (وقال جماعة) منهم المجد، وصاحب الخلاف، والانتصار (¬5). * قوله: (ولا يجزئ)؛ أيْ: حج من بلغ، أو عُتِق، محرمًا قبل دفع من عرفة، أو بعده إذا عاد ووقف. وبخطه: أيْ: عن حجة الإسلام. ¬
1 - فصل
1 - فصلٌ ويَصحان من صغيرٍ، ويحرمُ وليٌّ في مالٍ عمن لم يُمَيز، لو محرمًا، أو لم يَحجَّ، ومميزٌ بإذنِه عن نفسه. ويفعلُ وليٌّ ما يُعجزُهما. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (ويحرم ولي في مال) وهو الأب، أو وصيه، أو الحاكم، وأما الولي في النكاح كالعم، وابن العم، والأخ، وابن الأخ فإنه لا ينعقد إحرامه بهم، وهل إذا عدم الولي في المال يقوم من يكفله (¬1) مقامه، كما قالوه في قبول الزكاة له (¬2)، وكما هو ظاهر قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "نعم ولكِ أجر" (¬3)، حيث لم يستفصل فيسأل هل له أب حاضر مثلًا؟. * قوله: (عمن لم يميز) لا من يميز، وبه صرح في الإقناع (¬4)، بل يُحرم عن نفسه بإذنه، كما صرح به المص بعد. * قوله: (ويفعل ولي)؛ أيْ: بنفسه، أو بنائبه، بدليل كلام الشارح (¬5) فيما بعد. * قوله: (ما يعجزهما)؛ أيْ: المميز وغير المميز. ¬
لكن لا يبدأ في رمي إلا بنفسِه، ولا يُعتدُّ برمي حلال. ويُطافُ به لعجز راكبًا أو محمولًا، وتعتبرُ نيةُ طائفٍ به، وكونُه يصح أن يعقد له الاحرامَ، لا كونُه طاف عن نفيسِه، ولا مُحْرمًا. وكفارةُ حجٍّ، وما زاد على نفقةِ الحَظَر من مالِ وليه إن أنشأَ السفرَ به تمرينًا على الطاعةِ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لكن لا يبدأ في رمي إلا بنفسه)؛ أيْ: فيما إذا كان حج فرض، كما قيد به في شرحه (¬1). * قوله: (ولا يعتد برمي حلال)؛ لأن رميه عن نفسه لا يجزئه، فالولي يكون من باب أولى (¬2). * قوله: (وتعتبر نِيّة طائف به) لعله في غير المميز على قياس الإحرام. وعلى قياسه أيضًا أنه إذا كان مميزًا يأتي به لنفسه بنِيته بإذن وليه. * قوله: (وكونه)؛ أيْ: الطائف. * قوله: (يصح أن يعقد له الإحرام) بأن يكون ذلك الطائف وليًّا له، أو نائبًا عن الولي. * قوله: (لا كونه طاف عن نفسه ولا محرمًا) جعلًا للحامل له بمنزلة المركوب. ¬
وإلا فلا. وعَمْدُ صغيرٍ ومجنونٍ خطأٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإلا فلا)؛ أيْ: وإن لم يكن أنشأ السفر تمرينًا له على الطاعة، فلا يكون من مال وليه، بل يكون من ماله (¬1) نفسه في هذه الحالة، والمراد: أن النفقة تكون في مال الصغير نفسه، كما يقتضيه حل الشارح (¬2)، يعني وأما الكفارة ففي مال الولي مطلقًا، فليحرر!. ثم رأيت في المبدع (¬3) ما يخالفه وعبارته: "ونفقة الحج، وكفاراته في مال وليه، وعنه: في مال الصبي (¬4)، ومحل الخلاف فيما زاد على نفقة الحضر في قول الأكثر، خلافًا للقاضي (¬5)، فإنه أوجبها على الصغير مطلقًا. . . " إلى أن قال: "وقدم في الفروع (¬6) أن النفقة على الولي، وفي الكفارة روايتان، والمؤلِّف سوَّى بينهما كغيره، ويختص الخلاف بما فعله الصبي، ويلزم البالغ كفارته مع خطأ أو نسيان. قال المجد (¬7): أو فعله الولي لمصلحة كتغطية رأسه لبرد. . . إلخ"، انتهى، فلا وجه لتخصيص الشارح النفقة بالذكر. * قوله: (ومجنون)؛ أيْ: طرأ جنونه بعد إحرامه، وإلا فسيأتي (¬8) أن الإحرام ¬
لا يجبُ فيه إلا ما يجبُ في خطأ مكلفٍ أو نسيانِه، وإن وجبَ في كفارة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا ينعقد مع الجنون ولا الإغماء ولا السكر. * قوله: (وإن وجب في كفارة. . . إلخ) هذه العبارة تبع المص فيها ظاهر كلام الفروع (¬1)، وهو مخالف لظاهر عبارة التنقيح (¬2)، وعبارته: (وإن وجب في بهارة صوم صام ولي)، وتبعه في الإقناع (¬3) في التعيير، وكلًّا من (¬4) العبارتَين مشكل: أما الأولى: فلما فيها من التناقض بحسب الظاهر؛ لأن صدرها يقتضي أن الكفارة استقرت على الولي، وقوله: (عنه) يقتضي (¬5) أنها وجبت على موليه. وأما الثانية: فلأن إطلاقها يقتضي أنه متى وجب في الكفارة صوم سواء كانت وجبت على الولي، أو الصغير لزم الولي الصوم، فيقتضي أن ما وجب من الصوم بأصل الشرع تدخله النيابة. فإن قلت: أيُّ العبارتين أولى؟. قلت: ما هنا (¬6)، ويجاب عن التناقض اللازم عليها: بأن قوله: "صام عنه" ليس لكون الكفارة استقرت على الصبي، بل لكون الوجوب جاء من جهته، لكون أصل الفعل عنه، أو بأن الضمير في "عنه" راجع للواجب، لا للصغير، وإن كان خلاف ¬
2 - فصل
على وليٍّ صومٌ صامَ عنه. ووطْؤُه كبالغٍ ناسيًا يَمضِي في فاسدِه، ويقضِيْهِ إذا بلغَ. * * * 2 - فصلٌ ويصحان من قِنٍّ، ويلزمانه بنذره، ولا يحرِم ولا زوجةٌ بنفلٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ظاهر حلِّ شيخنا في شرحه (¬1)، وعبارة المبدع (¬2): "فإذا وجبت على الولي ودخل فيها الصوم، فصومها عن نفسه"؛ انتهى، وهي معينة للمراد من عبارة المص -رحمه اللَّه تعالى-. وبخطه: لو أسقط لفظ (عنه) لكان أظهر في المراد. وبخطه: قوله: (على ولي) هكذا قيد به بعض الأصحاب (¬3)، وأطلق بعض (¬4)، وليس في كلامهم ما (¬5) يعطي أنهما قولان. * قوله: (ووطؤه كبالغ ناسيًا) فإن كان قبل التحلل الأول أفسده، وإلا فلا. فصل * قوله: (ولا زوجة) فيه ما تقدم (¬6) من العطف على الضمير المرفوع المستتر، ¬
إلا بإذن سيدٍ وزوجٍ. فإن عقدَاه فلهُما تحليلُهما، ويكونان كمحْصَرٍ، ويأثَمُ من لم يمتثل، لا معَ إذْنٍ، ويصحُ رجوعٌ فيه قبل إحرامٍ، ولا بنذرٍ أُذِنَ فيه لهما، أو لم يَأذَن فيه لهما. ولا يمنعهما من حج فرض كملتْ شروطُه، فلو لم تَكمُل وأحرمتْ به بلا إذنِه لم يَملكْ تحليلَها. ومن أحرمتْ بواجبٍ، فحلف زوجها ولو بالطلاقِ الثلاثِ لا تحجُّ العامَ لم يَجُزْ أن تحلَّ. وإن أفسد قِنٌّ حجَّه بوطءٍ مضى وقضى، ويصحُ القضاءُ في رِقِّهِ، وليس لسيدِه منعُه إن شرعَ فيما أفسدَه بإذنه. ـــــــــــــــــــــــــــــ من غير فصل بضمير منفصل، [لكن وقع الفصل] (¬1) بـ (لا) وهو كافٍ (¬2). * قوله: (ولا بنذر) عطف على (لا مع إذن). * قوله: (لم يُجز أن تحل) ووقع عليه الطلاق، وتصير في هذه الحالة بلا محرم، إن لم يكن معها غيره، ممن يصلح أن يكون محرَمًا لها. * قوله: (ويصح القضاء في رِقه)؛ لأنه ليس واجبًا بأصل الشرع. * قوله: (بإذنه) ليس تعلقًا بـ: (شرع) بل صلة، أو صفة لـ "ما". بدليل قول الشارح (¬3): "لأن إذنه فيه، إذن في موجبه، ومنه قضاء ما أفسده على الفور". ¬
وإن عَتَق، أو بلغ الحرُّ في الحجةِ الفاسدةِ في حالٍ يجزئُه عن حجةِ الفرضِ لو كانت صحيحةً، مضى وأجزأته حجةُ القضاء عن حجةِ الإسلامِ والقضاءِ. وقنٌّ في جنايتِه كحرٍّ معسرٍ، وإن تحلل بحصر، أو حلله سيدُه لم يتحلل قبل الصوم، ولا يُمنع منه، وإن ماتَ ولم يصمْ فلسيدِه أن يطعمَ عنه، وإن أفسدَ حجَه صام، وكذا إن تمتع أو قرن. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (في حال يجزئه) بأن كان ذلك قبل الدفع من عرفة، أو بعده وعاد ووقف، ولم يكن (¬1) سعى بعد طواف القدوم. * وقوله: (كحُرٍّ معسِر)؛ أيْ: بالتكفير بالصوم. * قوله: (ولا يمنع)؛ أيْ: القِنُّ. * قوله: (منه)؛ أيْ: من الصوم كقضاء رمضان. * قوله: (فلسيده) ظاهر أنه مباح، وقدم في كتاب الصيام (¬2)، ما يقتضي أنه مسنون حيث قال: "ومن مات وعليه نذر صوم في الذمة. . . إلخ سن لوليه فعله" فتأمل!. إلا أن يقال مراده بقوله: (فلسيده. . . إلخ) أنه لا يمتنع من ذلك، فلا ينافي سنيته، تدبر. * قوله: (وإن أفسد حجه صام)؛ أيْ: بدل البدنة. * قوله: (وكذا إن تمتع أو قرن)؛ أيْ: فإنه يصوم عن الدم، وكذا إن أفسد عمرته. ¬
ومُشتري المحرِم كبائِعه في تحلقاله وعدمِه، وله الفسخُ إن لم يَعلمْ، ولم يملك تحليلَه. ولكلٍّ من أبَويْ بالغٍ منعُه من إحرامٍ بنفل كجهاد، ولا يحلِّلانه، ولا غريمٌ مدينًا. وليس لوليِّ سفيهٍ مبذرٍ منعه من حجِّ الفرضِ (¬1)، ولا تحليلُه، وتُدفعُ نفقتُه إلى ثقةٍ ينفقُ عليه في الطريق، ويُحلَّلُ بصومٍ إذا أحرمَ بنفلٍ إن زادت نفقتُه على نفقةِ الإقامة، ولم يَكتسبْها. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (في تحليله) يعني: إن كان بغير إذن. * قوله: (وعدمه) يعني: إن كان أحرم بإذن. * قوله: (ولم يملك تحليله) يعني: إن كان إحرامه بإذن البائع. * قوله: (ولا يحللانه)؛ أيْ: إن أحرم ولو بنفل؛ لأن نفل الحج والعمرة يجب بالشروع فيه. * قوله: (ويحلل بصوم)؛ أيْ: كحر معسر. * قوله: (ولم يكتسبها)؛ أيْ: السفيه في سفره، فإن كانت بقدر نفقة الحضر، أو زادت، وكان يكتسب الزائد، لم يحلل؛ لأنه لا ضرر عليه في ماله، شرح (¬2) (¬3). ¬
3 - فصل
3 - فصلٌ الخامسُ: الاستطاعة، ولا تبطلُ بجنونٍ. وهي: ملكُ زادٍ يحتاجُه ووعائِه، ولا يلزمُه حملُه إن وُجد بالمنازل، وملكُ راحلةٍ بآلةٍ يصلُحانِ لمثلِه في مسافة قصر (¬1)، لا في دونها إلا لعاجزٍ، ولا يلزمه حَبْوًا ولو أمكنه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل الخامس: الاستطاعة. * قوله: (ولا تبطل بجنون) ولو مطبقًا، ولا ردة ويحج عنها، وكذا الموت -على ما يأتي (¬2) -. * قوله: (ولا يلزمه حمله إن وجد بالمنازل) بثمن مثله، أو زائدًا يسيرًا كماء وضوء على الأصح (¬3). وقال أبو الخطاب (¬4): أو كثيرًا (¬5) لا يجحف بماله، وفرَّق بين الوضوء والحج، بأن الحج التزام فيه المشاق. أقول: ولا يلزم أن يتكرر، بخلاف الوضوء. * قوله: (لا في دونها) في إدخال (في) على (دون) نظر، فإنها من الظروف ¬
أو ما يقدر به على تحصيل ذلك، فاضلًا عما يحتاجُه من كتبٍ ومَسكنٍ وخادمٍ وما لا بُدَّ منه، لكن إنْ فضل عنه وأمكنَ بيعُه وشراءُ ما يكفِيه ويَفضلُ ما يحجُّ به لزمَه. وقضاءِ دينٍ، ومؤنتِه، ومؤنةِ عيالِه على الدوامِ من عَقارٍ، أو بضاعةٍ أو صناعةٍ ونحوِها، ولا يصيرُ مستطيعًا ببذلٍ له. ومنها سَعةُ وقتٍ، وأمنُ طريق يمكنُ سُلُوكُه، ولو بحرًا، أو غيرَ معتادٍ، بلا خِفارةٍ، يوجد فيه الماءُ والعلفُ على المعتادِ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الغير المتصرفة، التي لا تخرج عن النصب على الظرفية، إلا إلى الجر بـ (من). ثم رأيته في الصحاح (¬1) قال إنها تستعمل بمعنى أقرب، وعبارته: "ويقال: هو دون ذلك؛ أيْ: أقرب منه" فأوقعها خبرًا، وجعل هذا المعنى مقابلًا لاستعمالها ظرفًا، وهنا يمكن، بل الأقرب أن تكون بمعنى أقرب، فلا اعتراض على المص. وأيضًا: فقد قرئ {وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ} [الجن: 11] بالرفع (¬2) على كونها مبتدأ، وهو أولى في الاستدلال. * قوله: (ونحوها) كعطاء من الديوان. * قوله: (ولا يصير مستطيعًا ببذل) ولو من أبيه أو ابنه. * قوله: (بلا خفارة) ولو يسيرًا (¬3) خلافًا لما في الإقناع (¬4). ¬
ودليلٌ لجاهلٍ، وقائدٌ لأعمَى، ويَلزمُهما أجرةُ مِثْلِهِما. فمن كَمُلَ له ذلك وجبَ السعيُ عليه فورًا. والعاجزُ لكبرٍ، أو مرضٍ لا يرجى بُزؤُه، أو ثقَلٍ لا يُقْدَرُ معه ركوبٌ إلا بمشقةٍ شديدةٍ، أو لكونِه نِضْوَ الخِلقةِ لا يَقدِرُ ثُبُوتًا على راحلةٍ إلا بمشقةٍ غيرِ محتملَةٍ يلزمُه أن يقيمَ من يحج ويعتمرُ عنه فورًا من بلِده. وأجزأ عمن عُوفِيَ، لا قبلَ إحرامِ نائبِه، ويسقطان عمن لم يجد نائبًا. ومن لزمه فَتُوُفِّيَ، ولو قبلَ التمكن. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويلزمهما)؛ أيْ: الجاهل والأعمى أجرة مثل الدليل، والقائد. * قوله: (نِضو الخلقة)؛ أيْ: نحيفها. * قوله: (ولو قبل التمكن) عبارة شيخنا في حاشيته (¬1): "قوله: (ولو قبل التمكن) كأسير، ومحبوس ظلمًا، ومريض يرجى برؤه، ومعتدة ونحو ذلك، وكان قد وجد الزاد والراحلة وآلتهما في حال اتساع الوقت لحجه -كما مر آنفًا-، بناءً على الصحيح من أن اتساع الوقت شرط للوجوب (¬2). أما على قول الأكثر (¬3) من أنه شرط للزوم الأداء، فإنه يستناب عنه، حيث كان قد وجد الزاد والراحلة بآلتهما على كل حال"، انتهى. ¬
أُخْرج عنه من جميع مالِه حجةٌ وعمرةٌ من حيث وجبا، ويجوزُ من أقربِ وطَنَيْه، ومن خارجِ بلدِه إلى دونِ مسافةِ قصر. ويسقطُ بحج أجنبيٍّ عنه، لا عن حيٍّ بلا إذنِه، ويقعُ عن نفسِه، ولو نفلًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ واعلم أن كلام المتن هنا (¬1) ظاهر في البناء على قول الأكثر من أن اتساع الوقت شرط للزوم الأداء، فإن قوله: (ولو قبل التمكن) معناه فيما يظهر، ولو ضاق الوقت فلم يتمكن من السعي. وأما حمل شيخنا (¬2) له على من لم يتمكن لمانع كالحبس ونحوه مع اتساع الوقت فتكلف غير ظاهر، دعاه إليه حمل كلام المص -هنا وفيما سلف- على وتيرة واحدة، من المشي على الصحيح من القولين في المسألة. * قوله: (أخرج عنه) ولو لم يوص به. * قوله: (من جميع ماله)؛ يعني: لا من الثلث فقط. * قوله: (إلى دون مسافة قصر) وأما فوق مسافة القصر (¬3) فلا تجزئ، لأنه عليه السعي من بلده، فترك المأمور به. * قوله: (ويسقط بحج أجنبي عنه) وله الرجرع بما أنفق، على ما في الإقناع (¬4) قبيل صوم التطوع، وعبارته: "ويجوز أن يحج عنه حجة الإسلام ولو بغير إذن وليه، وله الرجوع على التركة بما أنفق". ¬
ومن ضاق مالُه، أو لزمه دين أُخِذَ لحجٍّ بحصته، وحُج به من حيثُ بلغ. وإن مات أو نائبُه بطريقِه، حُج عنه من حيثُ مات فيما بقيَ مسافةً، وفعلًا وقولًا، وإن صُدَّ فعل ما بقيَ. وإن وَصَّى بنفلٍ وأطلق جاز من ميقاتِه، ما لم تَمنع قرينةٌ. ولا يصحُ ممن لم يحج عن نفسه حجٌّ عن غيرِه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بطريقه)؛ أيْ: بطريق الحج. * قوله: (فيما بقي)؛ أيْ: حيث اتسع الوقت لأدائه قبل موته -على ما مَرَّ (¬1) -. * قوله: (وأطلق)؛ يعني: لم ينص على أنه يستناب عنه من بلده، أو من غيرها. * قوله: (جاز من ميقاته)؛ أيْ: ميقات بلد الموصي، شرح (¬2) (¬3). * قوله: (حج عن غيره)؛ أيْ: عن (¬4) فرض غيره، ولا عن نذره، كذا في الشرح (¬5) ولعل إعادة الجار لأجل الربط، وإلا فـ (نذره) عطف على المضاف المقدر المجرور بـ (عن) المذكورة، والعامل في المعطوف، هو العامل في المعطوف عليه. ¬
ولا نذرِه، ولا نافلتِه، فإن فعلَ انصرف إلى حجةِ الإسلام. ولو أحرمَ بنذرٍ أو نفلٍ مَنْ عليه حجةُ الإسلامِ وقعَ عنها، والنائبُ كالمنوبِ عنه. ويصحُ أن يُحجَّ عنْ معضوبٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله: (ولا نذر)؛ أيْ: نذر غيره] (¬1). * قوله: (ولا نافلته)؛ أيْ: نافلة غيره. * قوله: (انصرف إلى حجة الإسلام) وكذا لو كان عليه قضاء، أو نذر لا يصح أن يحج عن غيره، شرح (¬2). * قوله: (وقع عنها)؛ أيْ: عن حجة الإسلام في جميع ما تقدم، ولا عبرة بالتعيين. * قوله: (ويصح أن يحج عن معضوب)، قال ابن جماعة (¬3) في منسكه (¬4): "هو بعين مهملة وضاد معجمة، من العضب وهو القطع؛ لأنه قطع عن كمال ¬
ومَيتٍ، واحدٌ في فرضِه، وآخرُ في نذرِه في عامٍ، وأيُّهما أحرم أولًا فعن حجةِ الإسلام، ثم الأخرى عن نذرِه، ولو لم ينوِه. وأن يجعلَ قارنٌ الحجَ عن شخصٍ والعمرةَ عن آخرَ بإذنِهِمَا، وأن يستنيبَ قادرٌ، وغيرُه في نفلِ حجٍّ وبعضِه، والنائبُ أمينٌ فيما أُعطْيَه ليحجَّ منه، ويَضمنُ ما زاد على نفقةٍ المعروف أو طريقٍ أقربَ بلا ضررٍ، ويردُّ ما فضلَ، ويُحْسَبُ له نفقةُ رجوعِه وخادمِه إن لم يَخدم نفسَه مثله، ويرجعُ بما استدانه لعذرٍ، وبما أَنفقَ عن نفسِه بنيةِ رجوعٍ، وما لزمَ نائبًا بمخالفتِه فمِنْه. ـــــــــــــــــــــــــــــ الحركة والتصرف. ويقال بالصاد المهملة، كأنه ضرب على عصبه (¬1)، فانقطعت أعضاؤه"، انتهى. بخط ع ن. * قوله: (ولو لم ينوه)؛ أيْ: الثاني عن النذر؛ لأن الحج يعفى فيه عن التعيين ابتداءً، لانعقاده مبهمًا، ثم يعين، والعمرة في ذلك كالحج، شرح (¬2). * قوله: (والنائب أمين)؛ أيْ: في حج فرضًا كان أو نفلًا. * قوله: (ويحسب له نفقة رجوعه)؛ أيْ: بعد أداء النسك، إلا أن يتخذها دارًا ولو ساعة فلا، لسقوطها فلم تعد اتفاقًا؛ شرح (¬3) (¬4). * قوله: (فمنه)؛ أيْ: من النائب، أيْ: ماله. ¬
4 - فصل
4 - فصلٌ وشُرط لوجوبٍ على أُنثى مَحْرمٌ، وفي أيِّ موضعٍ اعتُبِرَ فلمن لعورتها حكمٌ، وهي: بنتُ تسع سنين فأكثرَ. وهو: زوجها، أو ذكرٌ مسلمٌ، مكلفٌ، ولو عبدًا، تحرمُ عليه أبدًا لحرمتها بسببٍ مباحٍ سوى نساءِ النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو بنسبٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (وشرط لوجوب على أنثى محرم) هذا من قسم الاستطاعة، لا شرط سادس، ويدل لذلك قول الإمام: "المحرم من السبيل" (¬1). * قوله: (أو ذكر. . . إلخ) فالخنثى المشكل ليس محرَمًا. * قوله: (ولو عبدًا)؛ أيْ: ولو كان رقيقًا للغير، وأما عبدها فليس محرَمًا لها، على ما في الإقناع (¬2)، وعلله شيخنا (¬3) "بأنها (¬4) لا تحرم عليه أبدًا، وبأنه لا يؤتمن عليها" قال شيخنا (¬5): "وكذا زوج أختها ونحوه". * قوله: (لحرمتها) احتراز (¬6) من الملاعنة، فإن حرمتها تغليظًا عليه. * قوله: (بسبب مباح) كالرضاع والمصاهرة. * قوله: (سوى نساء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-)؛ فإنهن أمهات المؤمنين في التحريم، ¬
ونفقتُه عليها فَيُشترطُ لها ملكُ زادٍ وراحلةٍ لهما، ولا يلزمه معَ بذلِها ذلك سفرٌ معها، وتكون كمن لا مَحْرَم لها، ومن أيستْ منه استنابتْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ دون المحرمية. * قوله: (ونفقته عليها)؛ أيْ: المحرم زوجًا أو غيره، لكن الذي يلزمها في جانب الزوج ما زاد على نفقة الحضر فيما يظهر، فليراجع ذلك (¬1). * قوله: (ومن أيست منه استنابت) حمله ولده الموفق (¬2) على من وجدت المحرَم أولًا، ثم عدمته، وليس مبنيًّا على القول بأن المحرَم شرط للزوم الأداء (¬3)، فإن المص قد مشى سابقًا (¬4) على الصحيح، من أنه شرط للوجوب، لا للزوم (¬5) الأداء، وبيَّن في شرحه (¬6) أن مما ينبني على هذا القول أن من لم تجد محرَمًا لا يلزمها الحج بنفسها ولا بنائبها وعبارته هنا بدون هذا الحمل ظاهرة في القول الضعيف، وعبارة شيخنا في حاشيته (¬7) لا تخلو عن تعقيد. ¬
وإن حجت دونه حرُم وأجزأ، وإن مات بالطريق مضتْ في حَجْها، ولم تَصِرْ مُحْصَرةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه: على قوله: (ومن أيست. . . إلخ)؛ أيْ: بأن وجد وفرَّطت في التأخير حتى فُقد. * قوله: (وإن مات بالطريق مضَت في حجها ولم تصِر مُحصَرة) ومحل ذلك ما لم يكن الزوج، وسيأتي (¬1) في كتاب العدد تفصيل، وعبارته: "ومن سافرت بإذنه، أو معه لنقلةٍ إلى بلد فمات قبل مفارقة البنيان، أو لغير النقلة ولو لحج ولم تحرم قبل مسافة قصر، اعتدت بمنزله وبعدهما تُخيَّر، وإن أحرمت ولو قبل موته وأمكن الجمع عادت، وإلا قُدِّم حج مع بُعد، وإلا فالعدة وتتحلل لفَوته بعمرة"، انتهى. * * * ¬
1 - باب المواقيت
1 - بابٌ المواقيتُ: مواضعُ وأزمنةٌ معيَّنة، لعبادةٍ مخصوصة. فميقاتُ أهلِ المدينة: ذو الحُلَيْفَةِ (¬1). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب المواقيت عبارة البيضاوي (¬2): (المواقيت: جمع ميقات، من الوقت، والفرق بينه وبين المدة والزمان أن المدة المطلقة امتداد حركة الفلك من مبداها (¬3) إلى منتهاها، والزمان مدة مقسومة، والوقت الزمان المفروض لأمر)، انتهى. وعلى هذا فالمدة أعمها، والزمان أخص منه، والوقت أخص منهما. * قوله: (مواضع وأزمنة) ليس هو من قبيل استعمال المشترك [في معنييه، ¬
والشامِ ومصرَ والمغربِ: الجُحْفَةُ (¬1)، واليمنِ يَلَمْلَم (¬2)، ونجدِ الحجازِ واليمنِ والطائفِ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بل من قبيل جمع ألفاظ المشترك] (¬3) كما نبه عليه بعض الأفاضل (¬4)، فلا تغفل!. وجمع بعضهم (¬5) أسماء المواقيت، وأسماء أهلها في قوله: ¬
قَرنٌ (¬1)، والمشرقُ: ذاتُ عِرق (¬2). وهذه لأهلِها ولمَنْ مرَّ عليها، ومن منزلُه دونَها فمنه لحجٍّ وعمرةٍ. ويُحْرِمُ من بمكةَ لحجٍّ منها، ويصحُ من الحلِ ولا دمَ عليه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عرقُ العراق يلملمُ اليَمَن ... وذو الحُليفة يُحرمُ المدني والشام جحفة إن مررت بها ... ولأهل نجدٍ قرنُ فاسْتبن * قوله: (ومن منزله دونها فمنه لحج وعمرة)؛ أيْ: مِن منزله، والمراد من بلده. ¬
ولعمرةٍ من الحل، ويصحُ من مكة وعليه دمٌ ويجزئُه، ومن لم يمرَّ بميقات أحرمَ إذا علم أنه حاذى أقربَه مِنْه. وسُنَّ أن يحتاطَ، فإن تساويا قُرْبًا فمن أبعدِهِمَا من مكةَ، فإن لم يُحاذِ ميقاتًا أحرم عن مكةَ بمرحلتين (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فمن أبعدهما)؛ أيْ: أحرم من أبعدهما، وفيه نظر، فإن الفرض أنه بينهما ولا يلزم الرجوع لا (¬2) إلى الأبعد، ولا إلى الأقرب فكيف يتصور هذا. وقال بعضهم (¬3) قوله: (فمن أبعدهما)؛ يعني: اعتبارًا؛ أيْ: بأن يعتبر أن إحرامه من الأبعد، وهذا لا فائدة فيه، فالأولى الجواب: بأن المراد أنهما تساويا بالنسبة لمحاذاة المحرم، لكن أحدهما أبعد من الآخر في الإيصال إلى مكة، بأن كان أحدهما مستويًا أو سهلًا، والآخر منحنيًا أو وعرًا. ويدل لذلك عبارة شيخ الإسلام الشافعي في شرح الروض (¬4) حيث قال "ولو حاذى ميقاتَين أحرم من أقربهما إليه، وإن كان الآخر أبعد إلى مكة، إذ لو كان أمامه ميقات فإنه ميقاته، وإن حاذى ميقاتًا أبعد، فكذا ما هو بقربه فإن استويا في القرب إليه فأبعدهما من مكة يحرم منه، وإن حاذى الأقرب إليها أو لا، كإن كان الأبعد منحرفًا أو وعرًا. فإن قيل: فإذا استويا في القرب إليه فكلاهما ميقاته؟. ¬
1 - فصل
1 - فصلٌ ولا يحلُّ لمكلفٍ، حرٍّ، مسلمٍ، أراد مكةَ، أو الحرمَ، أو نُسُكًا: تجاوُزُ ميقاتٍ بلا إحرامٍ، إلا لقتالٍ مباحٍ، أو خوفٍ، أو حاجةٍ تتكررُ كحطَّابٍ ونحوِه، ومكيٍّ يتردد لقريته بالحِل. ثم إن بدا له، أو لمن لم يُرِدْ الحرمَ أن يحرمَ، أو لزِمَ من تجاوزَ الميقاتَ كافرًا، أو غَيرَ مكلفٍ، أو رقيقًا، أو تجاوَزَها غيرَ قاصدٍ مكةَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قلنا: لا، بل ميقاته الأبعد إلى مكة، وتظهر فائدته فيما لو جاوزهما مريدًا للنسك، ولم يعرف موضع المحاذاة، ثم رجع إلى الأبعد أو إلى مثل مسافته سقط عنه الدّم، لا إن رجع إلى الآخر، فإن استويا في القرب إليها وإليه أحرم من محاذاتهما إن لم يحاذ أحدهما قبل الآخر، وإلا فمن محاذاة الأول، ولا ينتظر محاذاة الآخر، كما أنه ليس للمارِّ على ذي الحليفة أن يؤخر إحرامه إلى الجحفة". فصل * قوله: (كحطاب)؛ أيْ: كحاجة حطاب، وكان الأظهر كاحتطاب. * قوله: (أو لزم من تجاوز الميقات كافرًا أو غير مكلف أو رقيقًا) بأن أسلم كافر، وكلف غير مكلف، وعُتق رقيق بعد مجاوزة الميقات، فإنه يحرم من موضعه. وبخطه: على قوله: (كافرًا) حال. * [قول: (أو تجاوزها)؛ أيْ: المواقيت] (¬1). ¬
ثم بَدا له قصدُها فمن موضعِه ولا دمَ عليه. وأُبِيْحَ للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابِه دخولُ مكةَ محلِّين ساعةً وهي من طلوع الشمس إلى صلاة العصر، لا قَطْعَ شجرٍ. ومن جاوزها يريدُ نسكًا، أو كان فرضَه، ولو جاهلًا أو نَاسيًا، لزمه أن يرجعَ فيحرمَ منه إن لم يخَفْ فوتَ حجٍّ أو غيرَه، ويلزمُه إن أحرمَ من موضعِه دمٌ ولا يسقطُ إن أفسدَه، أو رجع. وكُره إحرامٌ قبل ميقاتٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا دم عليه)؛ لأنه لم يكن أهلًا لوجوب الإحرام حين مجاوزة الميقات. * [قوله: (ساعة)؛ أيْ: تلك الساعة] (¬1). * قوله: (لا قطع شجر) فلم يبح له، ولا لأحد من أصحابه ولا غيرهم. * قوله: (يريد نسكًا)؛ أيْ: غير فرض. * قوله: (أو كان فرضه) يعني: بأن لم يكن حج الإسلام أو اعتمر عمرته. * قوله: (ولو جاهلًا)؛ أيْ: الوجوب، أو كونه ميقاتًا. * قوله: (إن لم يخف فَوت حج أو غيره)؛ أيْ: غير فوات الحج، كأن خاف على نفسه أو ماله من لص أو غيره. * قوله: (إن أحرم من موضعه)؛ أيْ: لعذر أو لا. * قوله: (أو رجع)؛ أيْ: إلى الميقات. * قوله: (وكره إحرام قبل ميقات)؛ أيْ: بحج أو عمرة. ¬
وبحجٍّ قبل أشهرِه، وهي: شوالٌ، وذو القعدةِ، وعشرٌ من ذي الحجة، ويَنعقدُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وبحج قبل أشهره)؛ يعني: وكره (¬1) الإحرام بالحج قبل أشهره. * قوله: (وهي)؛ أيْ: أشهر الحج، والجمع يقع على اثنين وبعض آخر. قال القاضي (¬2) والموفق (¬3): "العرب تغلّب التأنيث في العدد على التذكير، دون العكس، لسبق الليالي". * قوله: (وعشر من ذي الحجة) ومن عشر ذي الحجة يوم النحر. * قوله: (وينعقد) وبعضهم يقول: إنه لا ينعقد (¬4). * * * ¬
2 - باب الإحرام
2 - بابٌ الإحرامُ: نيةُ النسك. وسُنَّ لمريدِه: غُسلٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الإحرام الإحرام: هو لغة الدخول في الحرام، يقال: أحرم إذا دخل في الحرام. وأربع إذا دخل في الربيع (¬1)، وعلى هذا فلا [تظهر المناسبة] (¬2) بين المنقول عنه والمنقول إليه، ولو قالوا (¬3): إن الإحرام اصطلاحًا هو: الدخول في النسك بنية، لظهرت المناسبة جدًا. ثم رأيت الشارح (¬4) عرَّف الإحرام لغة بأنه: "نية الدخول في التحريم"، ثم نقل نظيره عن ابن فارس (¬5) وعليه فالمناسبة أيضًا ظاهرة. * قوله: (وسن لمريده غسل) ولو حائضًا أو نفساء، لكن الحائض والنفساء إن رجتا الطهر قبل فوات الميقات، فلهما أن تؤخرا الغسل والإحرام حتى ينقطع الدم. ¬
أو تيممٌ لعدمٍ -ولا يضرُّ حدثُه بين غُسل وإحرام-، وتنظفٌ، وتطيبٌ في بدنه وكُره في ثوبِه، ولُبسُ إزارٍ ورداءٍ أبيضَين نظيفَين ونعلَين، بعد تجردِ ذكرٍ عن مخيط، وإحرامُه عقبَ صلاةِ فرضٍ أو (¬1) ركعتَين نفلًا ولا يركعْهُما وقت نهي ولا من عدم الماء والتراب، وأن يعيِّن نُسُكًا ويلْفِظَ به، وأن يشترط فيقول: "اللَّهمَّ إنِّي أريد النُّسك الفلاني فيسِّره لي. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو تيمم لعدم)؛ أيْ: حسًّا أو شرعًا، ولو قال: لعذر لكان أظهر. * قوله: (أبيضَين نظيفَين) ولا فرق بين أن يكونا جديدَين، أو غسيلَين. * قوله: (أو ركعتَين نفلًا) لو قال: أو نفل، لكان أحسن، لأن هذا لا يتقيد بالركعتين، ولا يقال إنما قال ذلك لئلا يتوهم اجتزاؤه في تحصيل السنة بركعة؛ لأنها ممَّا صدق النفل به (¬2)، مع أنها صلاة مكروهة؛ لأنا نقول كون النفل بركعة مكروهًا لا يضر فيما هنا. فإن قيل: الصلاة المكروهة لا تحصل السنة المطلوبة؟. قيل: إن سلم ذلك، فيلزمه فيما إذا صَلَّى ركعتَين تائقًا أو حاقنًا، مع أنه لم يقيد الركعتين بكونهما لا كراهة فيهما، فتدبر، وحرر!. * قوله: (ولا من عدم الماء والتراب)؛ أيْ: لا يركعهما من عدم الماء والتراب، للاستغناء عنهما. * قوله: (وأن يشترط) ويستفيد بهذا الشرط، أنه متى حبس بمرض أو ضل الطريق حل ولا شيء عليه. ¬
وتَقبَّلْه مني وإن حبسني حابسٌ" "فمَحِلِّي حيث حبستني" (¬1). ولو شَرَطَ أن يحلَّ متى شاء، أو إن أفسده لم يقْضِه: لم يصح. وبنعقدُ حالَ جماعٍ، ويبطلُ وبخرجُ منه بردةٍ، لا بجنونٍ، وإغماءٍ، وسُكرٍ، كموتٍ، ولا ينعقدُ مع وجودِ أحدِها. ويُخيَّرُ بين تَمتعٍ وهو أفضلُها، فإفرادٌ، فقِرانٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في المستوعب (¬2) وغيره (¬3): "إلا أن يكون معه هدي، فيلزمه نحوه، ولو قال: فلي أن أحل خُيِّر" حاشية (¬4). * قوله: (فمَحلِّي حيث حبستني)؛ أيْ: مكان إحلالي، بفتح الحاء وكسرها، فالفتح مقيس، والكسر سماع، يقال: حلَّ بالمكان يَحُلَّ بضم حاء المضارع، وحل من إحرامه، وأحل منه، كذا في المطلع (¬5). * قوله: (لم يصح)؛ أيْ: الشرط، والإحرام صحيح. * قوله: (ولا ينعقد مع وجود أحدها)؛ أيْ: الجنون، والاغماء، أو السكر. * قوله: (أفضلها) فيه عود الضمير على ما تقدم بعضه وتأخر بعضه، إذ ¬
والتمتُّع: أن يحرم بعمرة في أشهر الحج، ثم به في عامه مطلقًا بعد فراغه منها. والإفرادُ: أن يحرمَ بحجٍّ، ثُمَّ بعمرةٍ بعد فراغِه منه. والقِرانُ: أن يحرمَ بهما معًا، أو بها ثم يُدخلَه عليها قبل شروعٍ في طوافِها. ويصحُ ممن معه هديٌ ولو بعد سعيها، ومن أحرم به، ثم أدخلها عليه لم يصحَّ إحرامُه بها. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ الضمير راجع إلى الأنساك الثلاثة، التي هي التمتع، والإفراد، والقران، وانظر هل مثله جائز عربية؟ وقد يقال: إن المصحح للإضمار عِلم المرجع، لا سبق ذكره، ولا ذكره (¬1). * قوله: (مطلقًا) سواء كان إحرام من مكة، أو مما يقاربها، أو بعد عنها. * قوله: (ولو بعد سعيها) ظاهر سياق المتن أنه يكون قارنًا، وصرح بذلك في شرحه (¬2) هنا حيث قال: "ويصير قارنًا بناء على المذهب (¬3) " انتهى. ولكن صرح في شرحه (¬4) فيما يأتي بأنه يكون متمتعًا، وهو مخالف لذلك. ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعبارة شيخنا في الحاشية (¬1) عند قول المص في الفصل الآتي (¬2) "وإلا صار قارنًا" بعد تقدير المتن: "ومحل هذا إذا لم يدخله عليها بعد سعيها، لكونه ساق الهدي، فإن كان كذلك فهو متمتع هذا كلامه في شرحه (¬3). وفي الإنصاف (¬4): "يصير قارنًا، ولم يحكِ خلافًا، وتبعه في الإقناع (¬5) " انتهى، ويمكن التوفيق بين كلام المص هنا، وفي شرحه بأن غرضه هنا بيان صحة الإحرام بالحج على هذا الوجه المخصوص، لا بيان صفة من صفات القرآن، بدليل مقابلته بالصفة الغير الصحيحة، وغرضه في الشرح بيان أنه في هذه الحالة يسمى متمتعًا لا قارنًا، تنبيهًا على مخالفة ما في الإنصاف، وإن مشى عليه في الإقناع، وذكر المص في شرحه هنا أنه المذهب، فيكون ذلك اختيارًا له، وهذا تقرير (¬6) لكلامهم، فليحرر (¬7)!. ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
1 - فصل
1 - فصلٌ ويجبُ على متمتعٍ، وقارنٍ دمُ نُسُكٍ، بشرطٍ: أن لا يكونا من حاضرِي المسجدِ الحرامِ، وهم: أهلُ الحرمِ، ومن منه دونَ مسافةِ قصر. فلو استوطنَ أفُقيٌّ مكةَ فحاضرٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (ويجب على متمتع وقارن دم نسك) وجوب دم التمتع نصًّا وإجماعًا (¬1) لقوله -تعالى-: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196]، وأما في القارن فبالقياس؛ لوجود العلة وهي: الترفه. وبخطه: على قوله: (دم نسك)؛ أيْ: لا جبران. * قوله: (ومن مِنْه دون مسافة قصر) وأما من له منزلان قريب وبعيد فإنه لا يلزمه شيء؛ لأن بعض أهله من حاضريه، فلم يوجد الشرط، حاشية (¬2). * قوله: (أفقي) نسبة للأفق، بضم الهمزة والفاء فيهما، والأفق الناحية من السماء أو الأرض، وحكى بعضهم أَفَقي بفتحتين (¬3). ¬
ومن دخلها ولو ناويًا لإقامةٍ، أو مكيًّا استوطن بلدًا بعيدًا متمتعًا، أو قارنًا، لزمه دمٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال ابن خطيب الدهشة (¬1) (¬2): "ولا يقال آفاقي، إذ لا ينسب إلى الجمع، بل إلى الواحد"؛ أيْ: لا ينسب إلى الجمع، باقيًا على لفظه، وإلا فينسب إليه بعد رَدِّه إلى الواحد. قال ابن مالك في ألفيته (¬3): والوَاحِدَ اذكُرْ ناسِبًا لِلجَمْعِ ... إنْ لَمْ يُشَابهْ واحِدًا بالوضْع والمراد: أن الجمع إن كان له مفرد قياسي رُدَّ إليه، والأنسب إلى الجمع نفسه، كعناديدي: نسبة إلى عناديد (¬4) (¬5). * قوله: (لإقامة) اللام مزيدة (¬6) للتقوية؛ لأن اسم الفاعل عمله بطريق الحمل على الفعل، فهو ضعيف بالنسبة له. ¬
ويشترط في دمِ متمتعٍ وحدَه: أن يحرمَ بالعمرةِ في أشهرِ الحجِ، وأن يحجَّ من عامه، وأن لا يسافر بينهما مسافةَ قَصْرٍ، فإن فعل فأحرم، فلا دمَ، وأن يحلَّ منها قبل إحرامه به، وإلا صار قارنًا. وأن يحرم بها من ميقاتٍ، أو مسافةِ قصر فأكثر من مكةَ، وأن ينويَ التمتُّعَ في ابتدائِها، أو أثنائِها. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أن يُحرِم بالعمرة في أشهر الحج) فإن أحرم بها في غير أشهر الحج لم يكن متمتعًا، ولا يلزمه دم، سواء وقعت أفعالها في أشهر الحج، أو في غيرها، نص عليه (¬1)، كذا في شرحه (¬2). وقال في الإقناع (¬3): "وإن أحرم الآفاقي بعمرة في غير أشهر الحج ثم أقام بمكة واعتمر من التنعيم في أشهر الحج، وحج من عامه، فمتمتعٌ نصًّا، وعليه دم"، انتهى. وما في الإقناع مبني على ما اختاره الموفق (¬4)، من عدم اشتراط الإحرام بها من الميقات. * قوله: (فإن فعل)؛ أيْ: سافر. * قوله: (فلا دم عليه) لعدم الترفُّه. * قوله: (وإلا صار قارنًا) ولزمه الدم للقران. ¬
ولا يعتبرُ وقوعُهما عن واحدٍ، ولا هذه الشروطُ في كونِه متمتِّعًا، ويلزمُ الدمُ بطلوعِ فجرِ يومِ النحر، ولا يسقطُ دمُ تمتُّعٍ، وقرانٍ بفسادِ نُسكِهما، أو فواتِه. وإذا قضى القارنُ قارنًا لزِمَه دمان، ومفرِدًا لم يلْزمه شيءٌ، ويُحرمُ من الأَبْعَدِ بعمرة إذا فرغ، وإذا قضى متمتعًا أحرمَ به من الأبعدِ إذا فرغ منها. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا يعتبر وقوعهما عن واحد)؛ أيْ: لا يعتبر ذلك في وجوب الدم، وما تقدم أول الباب (¬1) في معرض الصحة، فلا تكرار. * قوله: (ولا هذه الشروط. . . إلخ) قال الشارح (¬2): "فمتى اختل شرط من تلك الشروط لم يكن متمتعًا، إلا الشرط السادس". * قوله: (أو فواته)؛ أيْ: الحج. * قوله: (وإذا قضى القارن قارنًا)؛ أيْ: ما فاته. * قوله: (لزمه وإن) دم لقرانه الأول، ودم لقرانه الثاني. * قوله: (ومفردًا لم يلزمه شيء) لقرانه الأول؛ لأنه أتى بنسك أفضل، وقيل: يلزمه دم؛ لأن القضاء كالأداء (¬3). قال في الفروع (¬4): "وهو ممنوع". ¬
وسُنَّ لمفردٍ وقارنٍ فسخُ نيتِهما بحج وينويان لإحرامهما ذلك عمرة مفردة، فإذا حلَّا أحرما به ليصيرا متمتعَين ما لم يَسُوقا هَدْيًا، أو يقفا بعرفةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أقول: الأظهر القول باللزوم؛ لأنه لا وجه لسقوط ما وجب. ثم رأيت شيخنا (¬1) نقل ذلك عن بعض الأصحاب، وأن صاحب الفروع (¬2) استدرك عليه بالمنع، ولم يتعقبه شيخنا، وحينئذٍ فينبغي أن يقيد قولهم لا يسقط بفواته، بقولنا ما لم يقضه على صفة أعلى، وإلا سقط، فتدبر!، وهو حاصل ما في الحاشية (¬3) أيضًا. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: سكت عما إذا قضى القارن متمتعًا، فهل يلزمه دمان دم لقرانه في الأول، ودم لتمتعه في الثاني، أو لا يلزمه إلا دم لتمتعه؛ لأنه انتقل إلى صفة أعلى، قياسًا على ما ذكروه (¬4)، أو لا يلزمه شيء حتى للقضاء متمتعًا؛ لأنه لم يترفَّه فيه بترك السفر، إذ يلزمه بعد فراغ العمرة أن يحرم بالحج من أبعد الميقاتَين؟ اختار شيخنا في الحاشية (¬5) هذا الأخير، فليحرر (¬6)!. * قوله: (وينويان بإحرامهما ذلك عمرة مفردة) فمن كان قد طاف وسعى، قصر وحلَّ، وإلا طاف وسعى، وقصر وحل من إحرامه. ¬
وإن ساقه مُتمتِّعٌ لم يكن له أن يُحِلَّ، فيحرمُ بحج إذا طاف وسعى لعمرته قبل تحليلٍ بحلق، فإذا ذبحه يوم النحر حلَّ منهما معًا. والمتمتعة إن حاضت قبل طوافِ العمرة فخشيتْ أو غيرُها فواتَ الحج أحرمت به، وصارت قارنةً. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (قبل تحليل بحلق)؛ أيْ: أو تقصير. * قوله: (حلَّ منهما معًا) قال في شرحه (¬1): "لا يقال إنه صار قارنًا بإدخاله الحج على العمرة؛ لأن ذلك يباح له التحلل من عمرته قبل إدخال الحج على العمرة، وهذا مضطر من إدخال الحج على عمرته، لعدم جواز تحلله منها بسَوق هديه فافترقا". وفي الإقناع (¬2) تبعًا للإنصاف (¬3) أنه يصير قارنًا، ولم يحْكِ في الإنصاف خلافًا في صيرورته قارنًا، فانظر ما قاله الشارح هل هو اختيار أو قول؟. ثم رأيت ما قاله قبل ذلك (¬4) عند قول المتن عقب تعريف القران (¬5): "ويصح ممن معه هدي ولو بعد سعيها" ما نصه: "ويصير قارنًا بناء على المذهب". * قوله: (أحرمت به)؛ أيْ: وجوبًا؛ لأن الحج واجب فورًا، ولا طريق له إلا ذلك، فتعين!. ومنه تعلم أن الخشية المذكورة شرط لوجوب إدخال الحج على العمرة، ¬
2 - فصل
ولم تقض طوافَ القدوم. ويجبُ على قارنٍ وقَف قبل طوافٍ وسعيٍ دمُ قرانٍ، وتسقطُ العمرة. * * * 2 - فصلٌ ومن أحرم مطلقًا صحَّ وصرفه لما شاء، وما عمل قبلُ فلغوٌ. وبما، أو بمثل ما أحرم فلانٌ وعَلم انعقد بمثله، فإن تبيَّن إطلاقُه فللثاني صرفُه إلى ما شاء. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا لأجل الجواز، لما علمت من أنه يجوز بدون ذلك، حاشية (¬1). * قوله: (ولم تقض طواف القدوم) لفوات محله كالتحية. * قوله: (وتسقط العمرة)؛ أيْ: تندرج في أفعال الحج، خلافًا للحنفية (¬2). فصل * قوله: (ومن أحرم مطلقًا) بأن لم يقيد بنسك من الأنساك. * قوله: (وصرفه)؛ أيْ: وجوبًا، وإلا يكون متلاعبًا. * قوله: (لما شاء)؛ أيْ: من الأنساك، وصرفه بالنية، لا باللفظ، والمراد: أنه لا يتوقف الصرف المذكور على لفظ. * قوله: (أو بمثل ما أحرم فلان. . . إلخ) قال في الفروع (¬3): "ويعمل بما ¬
وإن جَهل إحرامه فله جعله عمرة. ولو شَك هل أحرم الأول؟ فكما لو لم يُحرِم، فينعقدُ مطلقًا. ولو كان إحرام الأول فاسدًا فكنذرِه عبادةً فاسدة. ويصح أحرمت يومًا، أو بنصف نُسُكٍ، ونحوِهما. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أخبره فلان، لا بما وقع في نفسه"، انتهى كلامه. وظاهره سواء كان فلان عدلًا، أو فاسقًا. * قوله: (وإن جهل إحرامه)؛ أيْ: ما أحرم به فلان على ما في الحاشية (¬1)، وأما جهل أصل الإحرام فهو المراد بقوله: "ولو شك هل أحرم الأول. . . إلخ"، فلو حمل عليه، لكان تكرارًا. * قوله: (فله جعله عمرة)؛ لأنها اليقين، وله جعله حجًّا وقرانًا. * قوله: (فينعقد مطلقًا) وله صرفه لما شاء. * قوله: (ولو كان إحرام الأول فاسدًا) بأن كان في حال الجنون أو السكر، أو الإغماء، أو وطئ في أثنائه. * قوله: (فكنذره عبادة فاسدة) قال في شرحه (¬2): (فينعقد بمثل ما أحرم به فلان من الأنساك، إلا أنه يكون على الوجه المشروع). * قوله: (ونحوهما) كأحْرَمت نصف يوم، أو بثلث نسك؛ لأنه إذا أحرم زمنًا لم يصِر حلالًا فيما بعده، حتى يؤدي نسكه، ولو رفض إحرامه، وإذا دخل في نسك لزمه إتمامه، فيقع إحرامه مطلقًا ويصرفه لما شاء، شرح شيخنا (¬3). ¬
لا إن أحرم زيدٌ فأنا محرم، ومن أحرمَ بحجتَين، أو عمرتيَن انعقدَ بإحداهما. وبنسكٍ، أو نذر ونسيه قبلَ طواف، صرفه إلى عمرة، ويجوز إلى غيرها. فإلى قرانٍ، أو إفرادٍ يصح حجًّا فقط ولا دمَ، وإلى تمتع فكفسخ حجٍّ إلى عُمْرة يلزمُه دمُ متعةٍ، ويجزئُه عنهما. وبعدَه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا إن أحرم زيد) المراد: لا إن قال: إن أحرم زيد. . . إلخ، لعدم الجزم، حيث علَّقه. * قوله: (أو ندر) لعل قوله: (أو نذر) عطف على مقدر؛ أيْ: فرض، أو نفل، أو نذر. * قوله: (صرفه إلى عمرة)؛ أيْ: استحبابًا؛ أيْ: مفردة من غير انضمام إلى شيء من الأنساك. * قوله: (يصح حجًّا فقط) وجهه فيما إذا صرفه إلى قران، أن من المحتمل أن يكون المنسي حجًّا مفردًا، وليس له إدخال العمر (على الحج، فصحة العمرة مشكوك فيها، فلا تسقط بالشك. * قوله: (فكفسخ حج إلى عمرة)؛ يعني: وهو صحيحٌ، حيث لم يسُق هديًا، أو يقف بعرفة. * قوله: (ويجزئه)؛ أيْ: صرفه إلى التمتع. * قوله: (عنهما)؛ أيْ: عن الحج والعمرة. * قوله: (وبعده)؛ أيْ: الطواف.
ولا هَدْيَ معه يتعيَّنُ إليها. فإن حلق مع بقاء وقت الوقوف يُحرِمُ بحجٍّ ويُتِمُّه، وعليه للحلق دمٌ إن تَبَيَّن أنه كان حاجًّا، وإلا فدمُ متعةٍ. ومع مخالفتِهِ إلى حجٍّ، أو قرانٍ يتحلَّلُ بفعلِ حجٍّ، ولم يجزِئْه عن واحد منهما، ولا دمَ، ولا قضاءَ. ومن معه هديٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (يتعين)؛ أيْ: صرفه. * قوله: (إن تبيّن أنه كان حاجًّا) مفردًا أو قارنًا، لحلقه قبل محله. قال شيخنا في شرحه (¬1): "قلت: لكن إن فسخ نِية الحج إلى العمرة قبل حلقه، فلا دم عليه"، انتهى. * قوله: (وإلا فدم متعة)؛ لأنه تبين (¬2) أنه كان مفردًا أو قارنًا. * قوله: (ومع مخالفته)؛ أيْ: ما وجب عليه من صرفه إلى العمرة بعد الطواف، بل صرفه إلى حج أو قران. . . إلخ، فتدبر!. * قوله: (ولم يجزئه عن واحد منهما) للشك؛ لأنه يحتمل أن يكون المنسي عمرة، فلا يصح إدخال الحج عليها بعد طوافها، ويحتمل أن يكون حجًّا فلا يصح إدخالها عليه. * قوله: (ولا دم ولا قضاء) للشك في سببهما، ما لم يكن حجة الإسلام، فإنها تستمر بقية في ذمته. ¬
صرفه إلى الحج وأجزَأ. وإن أحرمَ عن اثنَين، أو أحدِهما لا بعينه وقع عن نفسه، ومن أهلَّ لعامَين حجَّ من عامِه، واعتمر من قابلٍ. ومن أخذ من اثنَين حجتَين ليحجَّ عنهما في عامٍ (¬1) أُدِّب. ومن استنابَه اثنان بعامٍ في نُسك، فأحرَم عن أحدهما بعينه، ولم يَنْسَه: صحَّ، ولم يصحَّ إحرامُه للآخر بعدَه. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (صرفه إلى الحج)؛ أيْ: وجوبًا. * قوله: (وأجزأ)؛ أيْ: عن حجة الإسلام. * قوله: (وقع عن نفسه) دونهما؛ لأنه لا يمكن وقوعه عنهما، ولا مرجح لأحدهما، وإن أحرم عن نفسه وغيره عن نفسه. * قوله: (ومن أخذ من اثنين حجتَين ليحج عنهما في عام أدب) وتأديبه دون التعزير. وبخطه: قال في الإنصاف (¬2): "قلت: قد قيل إنه يمكن فعل حجتَين في عام واحد، بأن يقف بعرفة، ثم يطوف للزيارة بعد نصف ليلة النحر بيسير؛ لأجل دخول وقت طواف الزيارة"؛ [لأنه سيأتي (¬3) أن وقته يدخل بمُضِي نصف ليلة النحر لمن وقف، وأنه يتوقف على حصول الوقوف قبله، فصح ما ذكر] (¬4): "ثم يدرك ¬
3 - فصل
وإن نسيَه وتعذَّر علمُه، فإن فرَّط أعاد الحج عنهما، وإن فرَّط موصًى إليه غرم ذلك، وإلا فمن تركةِ موصِيَيْهِ. * * * 3 - فصلٌ وسُّنَّ منْ عَقْبِ إحرامِه تَلبيةٌ، حتى عن أخرس، ومريضٍ، كتلبيةِ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الوقوف بعرفة ثانيًا قبل طلوع فجر يوم النحر" انتهى. * قوله: (فإن فرط)؛ أيْ: كان تَعذُّرُ عِلْمِه من تفريطه، بأن كان يمكنه كتابتة، أو ما يتميز به ولم يفعل. * قوله: (أعاد الحج عنهما)؛ أيْ: عن كل واحد حجة. * قوله: (وإن فرط موصى إليه) بأن لم يسمِّه للنائب. * قوله: (وإلا فمن تركة موصيَيه) قال في الإقناع (¬1): "إن كان النائب غير مستأجر، وإلا لزماه"، انتهى، وهو (¬2) مبني على جواز الاستئجار للحج (¬3). فصل * قوله: (حتى عن أخرس ومريض) قال بعضهم (¬4): وجنون وإغماء، زاد ¬
"لبيك اللَّهمَّ لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمدَ والنعمةَ لكَ والملك، لا شريكَ لك" (¬1). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بعضهم (¬2): ونوم. * قوله: (لبيك) لفظ "لبيك" مثنى، وليس مثنى حقيقة؛ لأنه لا واحد له من لفظه، ولم يقصد به إلا التكثير، مأخوذٌ من ألَبَّ بالمكان؛ إذا لزمه، فكأنه قال: أنا مقيم على طاعتك وأمرك، غير خارج عنه. وكُرِّرَت لإرادة إقامة بعد إقامة، كما قالوا: حنانيَك؛ أيْ: رحمة بعد رحمة، أو: مع رحمة (¬3). * قوله: (إن الحمد) بكسر الهمزة نصًّا (¬4)، لإفادة العموم، ويجوز الفتح على تقدير اللام؛ أيْ: لبيك؛ لأن الحمد لك. قال ثعلب (¬5) (¬6): "من كسر فقد عَمَّ، ومن قال بالفتح فقد خصَّ". ¬
وذكرُ نسكِه فيها، وبَدْءُ قارنٍ بذكر العُمْرة، وإكثارُ تلبية. وتتأكدُ إذا على نَشَزًا، أو هَبَطَ واديًا، أو صَلَّى مكتوبةً، أو أقبل ليلٌ، أو نهارٌ، أو التقتَ الرفاقُ، أو سَمع ملبِّيًا، أو أتى محظورًا ناسيًا، أو ركبَ، أو نزل، أو رأى البيت. وجهر ذكرٍ بها (¬1) في غير مساجدِ الحِلِّ وأمصارِه، وطواف القدوم، والسعيُ بعده، وتُشْرع بالعربية لقادرٍ، وإلا فبلغتِه. ودعاءٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وذكر نسكه)؛ أيْ: وسن ذكر نسكه فيها، كذا قدر الشارح (¬2). وفي المستوعب (¬3): "ويجوز أن يذكر ما أحرم به في تلبيته، ولا يستحب"، انتهى. وظاهر كلام المص الاستحباب، فانظر هل ما في المستوعب ضعيف (¬4). * قوله: (وطواف القدوم)؛ أيْ: وفي غير طواف القدوم. * قوله: (وتشرع بالعربية) المراد: أنها لا تجزئ بغير العربية ممن يحسنها. * قوله: (ودعاء) فيسأل اللَّه الجنة، ويستعيذ به من النَّار، ويسأله ما أحب. ¬
وصلاةٌ على النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بعدها (¬1)، لا تكرارُها في حالة واحدةٍ. وكُرِه لأنثى جهرٌ بأكثرِ ما تسمعُ رفيقتُها، لا لحلالِ تلبية. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا تكرارها في حالة واحدة). وقال الموفق (¬2) الشارح (¬3): "كرارها ثلاثًا في دبر الصلاة أحسن". * قوله: (وكره لأنثى) مخافة الفتنة بها. * قوله: (لا لحلال)؛ أيْ: لا يكره. * * * ¬
3 - باب محظورات الإحرام
3 - بابٌ محظوراتُ الإحرامِ تَسعٌ: إزالةُ شَعرٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب محظورات الإحرام أيْ: ما يمتنع على المحرم فعله بسبب إحرامه. * قوله: (تسع) كان مقتضى الظاهر تسعة، وكأنه نظر إلى ما ذكره صاحب المطلع (¬1) (¬2) من أن المحظورات [جمع محظورة، وعبارته: "محظورات جمع محظورة، وهي صفة لموصوف محذوف؛ أيْ: باب الخَصَلات المحظورات] (¬3)، أو الفعلات المحظورات؛ أيْ: الممنوع فِعلهن في الإحرام"، انتهى. * قوله: (إزالة شعر) من أي محل من بدنه بحلق أو غيره، من رأس أو غيره. ¬
ولو من أنفٍ، وتَقْليمُ ظفر يد، أو رِجْلٍ، بلا عذر، كما لو خرج بعيْنه شعرٌ، أَو كُسِر ظفرُه فأزالهما، أو زالا مع غيرِهِما، فلا يفدي لإزالتهما، إلا إن حصلَ الأذى بغيرهما كقُرُحٍ ونحوِه. ومن طُيِّبَ، أو حُلِق رَأسُه بإذنه، أو سكت ولم ينهَهُ أو بيدِه كَرْهًا فعليه الفِدْيَةُ، ومُكرهًا بيد غَيرِه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولو من أنف) بلا عذر. * قوله: (وتقليم ظفر)؛ أيْ: إزالته، ولو جعله معطوفًا على "شعر"، لأوهم أنهما واحد. * قوله: (كما لو خرج بعينه) مثال للمنفي. * قوله: (فأزالهما) ولا فدية؛ لأنه [أزاله لأذاه] (¬1)، فهو كقتل الصائل. * قوله: (ونحوه) كقمل، وصداع، وشدة حر، فيفدي كما لو احتاج إلى أكل صيد. * قوله: (ومن طُيِّب أو حُلق رأسه)؛ أيْ: مثلًا. * قوله: (أو بيده كَرْهًا) هذا راجع إلى الحلق فقط، بدليل القاعدة التي ستأتي (¬2) في كلامه من أن ما كان من قبيل الاتلاف لا فرق فيه بين العمد والإكراه، وقد فرضه الشارح (¬3) في خصوص مسألة الحلق، وإن كان ظاهر عبارة المتن العموم، نبَّه عليه في الحاشية (¬4). ¬
أو نائمًا فعلى حالق، ولا فديةٌ بحلْق مُحْرِمٍ، أو تطييبِه حلالًا. ويباحُ غسلُ شعرِه بسدرٍ ونحوِه، وتجبُ الفديةُ لما عُلم أنه بان يمشطٍ، أو تخليلٍ. وهي في كلِّ فردٍ، أو بعضِه من دونِ ثلاث من شَعْرٍ أو ظفرٍ: إطعامُ مسكين، وتُستحب معَ شك. الثالثُ: تغطيةُ الرأسِ فمتى غطَّاه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فعلى حالق) قال في الفروع (¬1): "ومن طيب غيره، وفي كلام بعضهم: أو ألبسه فكالحلق". وبخطه: ولو قال: فعلى فاعل، لكان أولى (¬2)، ليشمل من طيب غيره أيضًا، وليساوي عبارة الفروع أيضًا. * قوله: (ويباح غسل شعره) في حَمَّام وغيره. * قوله: (ونحوه) كخطمي. * قوله: (أو تخليل) عطف التخليل على المشط، ممَّا يُصوِّب كونه مصدرًا لاسم آلة، وليس متعينًا. * قوله: (أو بعضه)؛ أيْ: ولو تعدد بعض الفراد. * قوله: (تغطية الرأس) ومنه الأذنان. ¬
ولو بقرطاسٍ به دواءٌ أو لا، أو بطِينٍ، أو نُورَةٍ، أو حِناءٍ، أو عصبَه، ولو بسَيرٍ، أو استظلَّ في مَحْمِلٍ (¬1)، ونحوه، أو بثوب ونحوِه، راكبًا أو لا: حرُم بلا عذرٍ وفدى. لا إن حمل عليه، أو نصب حِيَالَه شيئًا، أو استظلَّ بخيمةٍ، أو شجرةٍ، أو بيتٍ، أو غطَّى وَجْهَه. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو بطين) عطف على "بقرطاس". وانظر ما الحكمة في إعادة الجار؟، وكأنما الفرض توهم أن يكون المراد: أن الممنوع والمحظور في تغطيته بالطين أنه مقيد بكونه في قرطاس، مع أنه ليس مرادًا، فتدبر!. * قوله: (ونحوه) كمِحَفَّة (¬2)، وفاقًا للمالكية (¬3). * قوله: (وفَدى) ولو بعذر. * قوله: (لا إن حمل عليه)؛ أيْ: شيئًا، كطبق، ومكتل. * قوله: (أو نصب حياله)؛ أيْ: بإزائه وقبالته. * قوله: (أو شجرة) أو نزل ووضع عليها ثوبًا فاستظل به. * قوله: (أو غطى وجهه) ما لم يكن بمخيط، فإنه يكون من جهة لبس المخيط. ¬
الرابعُ: لبُسُ المخيطِ والخفَّينِ، إلا أن لا يجد إزارًا فلْيلبسْ سراويلَ، أو نعلَين فلْيلبسْ خفَّين أو نحوَهما كرانٍ (¬1)، ويَحرمُ قطعُهما حتى يجدَ إزارًا أو نعلَين ولا فديةَ. ولا يَعقد عليه رداء ولا غيرَه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (الرابع لُبس المخيط) في بدنه أو بعضه، وقليل اللبس وكثيره سواء. والمراد بالمخيط: ما على قدره إجماعًا (¬2)، ولو درعا منسوجًا، أو لبدًا معقودًا، أو غير ذلك. قال القاضي وغيره (¬3): "ولو كان غير معتاد، كجورب في كف، أو خف [في رأس] (¬4). وبخطه: المراد بالمخيط: ما عمل على قدر عضو. * قوله: (حتى يجد إزارًا) غاية للبس. * قوله: (أو نعلَين) كان الظاهر العطف بالواو؛ لأن اللف والنشر لا يظهر في عطف، أحد طرفَي النشر على الآخر بـ "أو". فليراجع!، بل "أو" موهمة (¬5) خلاف الغرض. * قوله: (ولا غيره) ولا بشوكة، أو إبرة، أو خيط، ولا يزره ولا يغرز أطرافه، ¬
إلا إزارَه، ومنْطَقةً (¬1) وهمْيَانًا (¬2) فيهما نفقةٌ، مع حاجةٍ لعقد، ويتقلَّدُ بسيف لحاجة، ويحملُ جِرابَه، وقِربَة الماء في عنقه، لا صدرِه، وله أن يتَّزرَ ويلتحفَ بقميصٍ، ويرتدي به، وبرداءٍ موصَّلٍ. وإن طرح على كتفَيه قَبَاءً (¬3) فدى. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن فعل أثم وفدى. * قوله: (وهميانًا)؛ أيْ: نوارًا ونحوه. * قوله: (مع حاجة لعقد) مفهومه أنه لا يجوز لغير الحاجة، وجوزه الشيخ تقي الدين مطلقًا (¬4). وبخطه: فإن لم يحتج لعقد، بأن أدخل السيور بعضها في بعض، أو لم يكن في المنطقة نفقة، ولو كان لبسها لحاجة أو وجع فدى. * قوله: (لا صدره) معناه لا يدخل حبلها في صدره. * قوله: (ويرتدي به)؛ أيْ: بالقميص، فيجعله مكان الرداء؛ لأن ذلك ليس يلبس للمخيط المصنوع لمثله. * قوله: (مُوصَّل)؛ أيْ: قِطَعًا. * قوله: (وإن طرح على كتفَيه قباءً فدى) وكان على هيئة للبسه. ¬
وإن غطى خنثى مشكلٌ وجهَه ورأسَه، أو وجهَه ولَبِسَ مخيطًا فدى، لا إن لَبِسَه، أو غطى وجهه وجسدَه بلا لُبسٍ. الخامس: الطِّيبُ، فمتى طيَّب محرم ثوبَه، أو بدنه، أو استَعملَ في أكلٍ، أو شُربٍ، أو ادِّهانٍ، أو اكتحالٍ، أو استِعاطٍ أو احتِقانٍ طيبًا يَظهرُ طعمُه أو رَيحُه، أو قصد شمَّ دهنٍ مطيبٍ، أو مسلمٌ، أو كافورٍ، أو عنبرٍ، أو زعفرانَ، أو وَرْس، أو بَخُورِ عُوْدٍ ونحوِه. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فدى)؛ أيْ: الخنثى، لأنه إن كان أنثى فقد غطى وجهه، [وإن كان] (¬1) ذكرًا فقد لبس مخيطًا. * قوله: (بلا لبس)؛ أيْ: من غير لبس المخيط. * قوله: (أو قصد شم دهن مطيب)؛ أيْ: ووجد رائحة الطيب في الكل. * قوله: (أو ورس) نبت أصفر يكون باليمن، تتخذ منه الحمرة للوجه، قاله الجوهري (¬2) (¬3). وفي القاموس (¬4): "الورس نبات كالسمسم، ليس إلا باليمن، يزرع فيبقى في الأرض عشرين سنة، نافعٌ للكَلَف طلاءً، وللبهق شربًا". ¬
أو ما يُنبتُه آدميٌّ لطيبٍ ويتخذُ منه: كوَردٍ، وبنفسَجٍ (¬1)، ومنثورٍ (¬2)، وليْنوفَر (¬3)، وياسمين، ونحوِه، وشَمَّه، أو مسَّ ما يعلَقُ به كماءِ وردٍ حرُم، وفدى. لا إن شمَّ بلا قصدٍ، أو مسَّ ما لا يعلَق، أو شمَّ ولو قصدًا فواكِهَ، أو عودًا، أو نباتَ صحراءَ كشيْحٍ ونحوِه. أو ما ينبته آدميٌّ لا بقصد طيب كحِناء. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وبنفسج) بفتح الموحدة والنون والسين، معرب (¬4). * قوله: (ونحوه) كالبان (¬5) والزنبق (¬6). * قوله: (لا إن شم بلا قصد) كالجالس عند العطار لحاجة، وداخل السوق، أو الكعبة للتبرك، ومن يشتري طيبًا لنفسه، أو للتجارة ولا يمسه، وله توليه وحمله ولو ظهر ريحه؛ لأنه لم يقصد الطيب. * قوله: (ونحوه) كخزامى (¬7). ¬
وعُصْفُرٍ، وقرنفُلٍ، ودار صينيٍّ ونحوها، أو لقصدِه، ولا يتخذُ منه كريحان فارسيٍ وهو: الحَبَق، ونَمَامٍ، وبَرَم وهو: ثمر العِضَاةِ (¬1) كأم غَيْلان (¬2) ونحوِها ونَرْجس، ومَرْزَجُوش (¬3) ونحوِها، أو ادَّهن بغيرِ مُطيَّب ولو في رأسِه، وبدنِه. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وعصفر) قال في القاموس (¬4): "نبت يهري اللحم الغليظ وبَزْرُه القُرطُم". * قوله: (وقرنفل) ثمرة شجرة بسفالة الهند. * قوله: (ودار صيني) من أنواعه القرفة. * قوله: (ونحوها) كالزَّرْنب (¬5). * قوله: (كريحان. . . إلخ) والريحان عند العرب هو الآس (¬6). * قوله: (وبَرَم) بفتح الباء والراء. مطلع (¬7). * قوله: (ونحوها) كنسرين (¬8). ¬
السادسُ: قتلُ صيدِ البرِّ واصطيادُه وهو: الوحشيُ المأكولُ، والمتولدُ منه، ومن غَيرِه، والاعتبارُ بأصلِه فحمامٌ وبطٌّ: وحشي. فمن أتلفَه، أو تلفَ بيدِه، أو بعضُه بمباشرةٍ، أو سببٍ ولو بجناية دابةٍ متصرفٍ فيها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (واصطياده) ولو لم يقتله أو يجرحه. * قوله: (والمثولد منه ومن غيره) كالسمع ولد الضبع من الذئب. * قوله: (والاعتبار بأصله)؛ أيْ: صيد البر، لا بالحالة (¬1) التي هو عليها حين الاصطياد، ولو استأنس، ولو توحش الأهلي من البقر لم يحرم قتله للأكل ولا جزاء. قال أحمد في بقرة صارت وحشية: "لا شيء فيها؛ لأن الأصل فيها الإنسية" (¬2). * قوله: (فحمام وبط وحشي) اعتبارًا بأصلهما، ولو استأنسا. * قوله: (أو بعضه) يصح رفعه عطفًا على الضمير في "تلف"، ونصبه عطفًا على الضمير المنصوب في "أتلفه". وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: قوله: (أو بعضه) هو منصوب، أو مرفوع على سبيل التنازع لـ "أتلف"، و"تلف". * قوله: (بجناية دابة متصرف فيها) الأولى تنوين "دابة" وقراءة "متصرف" بالرفع على تقدير: المحرم متصرف فيها؛ لأنه أعم من جهة شموله لما كانت الدابة للمتصرف فيها أو لا، بخلاف ما إذا قرئ بالإضافة. ¬
أو إشارةٍ لمريدٍ صيدَه، أو دلالتِه إن لم يَرَه، أو إعانتِه ولو بمناولتِه آلته ويَحْرمُ ذلك لا دلالةٌ على طيبٍ ولباسٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه: كالقائد، والسائق، والراكب (¬1)، فيضمن ما أتلفه بيدها أو فمها، لا ما نَفَحَت برجلها، وإن انفلتت فأتلفت صيدًا لم يضمنه كالآدمي، إقناع (¬2). * قوله: (لمريد صيده)؛ أيْ: أعم من أن يكون مريدًا لصيد، محرمًا أو حلالًا. وهذا حكمة قول المص فيما يأتي: "إلا أن يقتله محرم"؛ أيْ: إلا أن يقتله من أراد الصيد وهو محرم، فبينهما، فإن كان مريد الصيد حلالًا، فالجزاء على الدالِّ المحرم. * قوله: (أو دلالته إن لم يره) لا إن دلَّه أو أشار إليه بعد أن رآه، أو وُجِدَ من المحرم عند رؤية الصيد ضحك أو استشراف، ففطن له غيره، وكذا لو أعاره آلة لغير الصيد فاستعملها فيه. * قوله: (ولو بمناولته آلته) أو إعارته الآلة كرمح وسكين بالقول كأعرتك، سواء كان معه ما يقتل به أو لا، أو أمره باصطياده. قال القاضي وغيره (¬3): "أو يدفعه إليه فرسًا على أخذ الصيد إلا به". * قوله: (ويحرم ذلك)؛ أيْ: ما تقدم من الإشارة، والإعانة (¬4)، والدلالة؛ لأن ذلك إعانة على محرم. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: أيْ: القتل، والاصطياد، والإتلاف، والمباشرة، ¬
فعليه الجزاءُ، إلا (¬1) أن يقتله مُحْرِمٌ فبينهما. ولو دلَّ ونحوه حلالٌ ضمنه محرِم وحده، كشركةِ غَيرِه معه. ولو دلَّ حلالٌ حلالًا على سعيد بالحرم، فكدلالةِ محرِم محرِمًا. وإن نصبَ شبكةً. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والسبب، والإشارة، والدلالة، والإعانة، وجميع ما تقدم. * قوله: (فعليه الجزاء) جواب قوله: "فمن أتلفه". * قوله: (إلا أن يقتله محرم)؛ أيْ: بسبب دلالة المحرم. * قوله: (فبينهما)؛ أيْ: بينه وبين الدالِّ، لاشتراكهما في التحريم. * قوله: (ونحوه) بأن أعانه، وهو عطف على المعنى (¬2)، وإلا فشرط صحة عطف الاسم على الفعل وعكسه: أن يكون يشبه الفعل فـ "نحو" هنا عطف على مصدر متصيد من معنى "دلَّ". * قوله: (وحده) دون حلال، ولا حرمة أيضًا، كما في الإقناع (¬3). * قوله: (كشركة غيره معه) وإن سبق حلال أو سبع إلى سعيد فجرحه، ثم قتله المحرم فعليه جزاؤه مجروحًا، وإن جرحه محرم، ثم قتله حلال فعلى المحرم أرش جراحة فقط، ولو جرحه محرم، ثم قتله محرم فعلى الأول أرش جراحة، وعلى الثاني تتمة الجزاء. * قوله: (فكدلالة محرم محرمًا) فبينهما الجزاء. ¬
ونحوَها ثم أحرَم، أو أحرَم ثم حفر بئرًا بحق لم يَضمن ما حصل بسببِه إلا إن تحيَّل. وحرم كلُه من ذلك كلِّه، وكذا ما ذُبح أو صِيْدَ لأجلِه، ويلزمُه بأكلِه الجزاءُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ونحوها) كَفَخٍّ. * قوله: (أو أحرم ثم حفر) وأولى منه إذا حفرها ثم أحرم. * قوله: (بحق) كما لو حفرها في داره، أو للمسلمين في طريق واسع، أما إذا حفرها بغير حق، فإنه يضمن ما تلف بسببها مطلقًا، كما يأتي (¬1) في الغصب. * قوله: (من ذلك كله) وهو ما صاده، أو دلَّ، أو أعان، أو أشار إليه، أو كان له أثر في ذبحه. * قوله: (وكذا ما ذبح أو صيد لأجله)؛ أيْ: يحرم أكله. * قوله (¬2): (ويلزمه بكله الجزاء)؛ أيْ: جزاء ما ذبح أو صِيد لأجله، كذا في شرحه (¬3). وظاهره أنه يلزمه جزاء كلُّه وإن أكل (¬4) بعضه فقط. وفي الإقناع (¬5): "وعليه الجزاء إن أكله، وإن كل بعضه ضمنه بمثله من اللحم، لضمان أصله بمثله من النعم، ولا مشقة فيه، لجواز عدوله إلى عِدله من طعام ¬
وما حرُم عليه لدلالةٍ، أو إعانةٍ، أو صِيْدَ له لا يحرمُ على محرِم غَيرِه كحلال. وإن نقلَ بيضَ صيدٍ ففسدَ، أو أتلف غيرَ مذَرٍ وما فيه فَرْخٌ ميتٌ إلا من بيضِ النعام لأن لقشرهِ قيمةً، أو حلبَ صيدًا ضمنه بقيمتِه مكانَه. ـــــــــــــــــــــــــــــ أو صوم"، انتهى. وإلى هذا أشار شيخنا في شرحه (¬1) بقوله: (الجزاء)؛ أيْ: جزاء ما أكله مما ذبح، أو صِيد له، فتدبر!. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: والجزاء بقسطه، فإن أكله كله فعليه الجزاء كله (¬2)، وإن أكل بعضه فعليه الجزاء بقدر ما أكل. م ن (¬3) (¬4). وبخطه: وإن ذبح المحرم صيدًا، ثم أكله ضمنه لقتله، لا لأكله؛ لأنه مضمون بالجزاء، فلم يتكرر؛ ولأنه ميتة وهي لا تضمن. * قوله: (ففسد)؛ أيْ: بسبب النقل. * قوله: (أو أتلف غير مذر)؛ أيْ: فاسد. * قوله: (إلا من بيض النعام) استثناء من المفهوم كأنه قيل أما المذر وما فيه فرخ ميت، فلا يضمنه، إلا إن كان من بيض النعام؛ لأن لقشره قيمة. * قوله: (أو حلب صيدًا) فلو مات ابن الصيد بحلب فإنه يضمنه. ¬
ولا يملكُ صيدًا ابتداءً بغير إرث، فلو قبضه هبةً، أو رهنًا، أو بشراءٍ لزمَه ردُّه، وعليه إن تلف قبله الجزاءُ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا يملك صيدًا ابتداءً بغير إرث) وما في حكم الإرث، كما يعلم من كتاب الصداق، وعبارة الإقناع (¬1) هناك: "فلو أصدقها صيدًا، ثم طلق قبل دخول وهو محرم، دخل في يده ضرورة فله إمساكه"، انتهى. وقال قبل ذلك (¬2): "كالإرث" فلعل الحصر هنا بالنظر لقوله: "ابتداء"، فتدبر!. * قوله: (هبة) منصوب على الحال، أو التمييز، أو بنزع الخافض و"رهنًا" معطوف عليه ففيه ما فيه، ويبقى النظر في حكمة الإتيان بالجار في الأخير دون الأولَين؟. ولعل الحكمة أن كلًّا من الهبة، والرهن يطلق على العقد وعلى العين، فيصح نصبهما (¬3) على الحالية من الهاء. [وأما الشراء فهو اسم للعقد لا غير، فلا يصح نصبه على الحالية من الهاء] (¬4)، فجرَّه بالباء، ولو جُرَّت الثلاثة بناءً (¬5) على أنها بمعنى العقود لصح، فتدبر!. * قوله: (وعليه إن تلف قبله الجزاء) في الصور الثلاثة في قبضه هبة أو رهنًا، أو شراء. ¬
معَ قيمتِه في هبةٍ وشراء. وإن أمسكَه مُحْرِمًا، أو حلالًا بالحرم، فذبحه ولو بعد حِلِّه، أو إخراجه من الحرم ضمِنَه، وكان ما ذبح لغيرِ حاجةٍ أكله ميتةً. وإن ذبح مُحِلٌّ صيدَ حرم فكالمحرم، وإن كسر المحرِمُ بيضَ صيدٍ حلَّ لمحِلٍّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مع قيمته في هبة وشراء)؛ أيْ: لا في رهن؛ لأن القاعدة عندهم أن ما لا ضمان في صحيحه، لا ضمان في فاسده وعكسه بعكسه (¬1). وبخطه: قوله: (في هبة وشراء) لكن في المستوعب (¬2) ما نصه: "وإن لم يرده (¬3) فتلف في يده أو أتلفه فعليه جزاؤه، وعليه أيضًا قيمته للبائع، لا ثمنه الذي باعه به، ولا شيء عليه للواهب"، انتهى. ومثله في الرِّعاية (¬4)، وكلاهما مخالف للمتن في مسألة الهبة. * قوله: (محرمًا) حال من فاعل "أمسكه". * قوله: (فكالمحرم) قال في الحاشية (¬5): "أيْ: فيكون ميتة"، انتهى. أقول: انظر النكتة في ذكر المسألة مع اندراجها في قوله: "وإن أمسكه محرمًا أو حلالًا بالحرم. . . إلخ"، وحرره!. * قوله: (حلَّ لمحل)؛ أيْ: لا محرم غيره، ويطلب الفرق بينه وبين ما صِيد ¬
ومَنْ أحرم وبملكه صيدٌ لم يزل ولا يدُه الحكمية، ولا يضمنه معها، ومن غصبه لزمه ردُّه. ومن أدخلَه الحرمَ، أو أحرم وهو بيده المشَاهَدة لزمه إزالتُها بإرساله وملْكُه باقٍ فيردُّه آخذه ويضمنُه قاتله، فإن لم يتمكن وتلف لم يَضْمَنْه، ولا ضمانَ على مرسلِه من يده قهرًا. ومنْ قتل صيدًا صائلًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا لأجله حيث أباحوا اكله له (¬1)؟. * قوله: (ولا يده الحكمية) المراد باليد الحكمية أن يكون الصيد لا يشاهده المحرم كبيته، ونائبه الغائب عنه. * قوله: (ولا يضمنه معها)؛ أيْ: مع يده الحكمية؛ لأنه (¬2) لا يلزمه إزالتها عنه. * قوله: (وهو بيده المشاهدة) كخيمته، أو رحله القريبين منه، أو في قفص، أو حبل هما معه. حاشية (¬3). * قوله: (ولا ضمان على مرسله من يده قهرًا)؛ لأن الإرسال واجب في هذه الحالة. * قوله: (ومن قتل صيدًا صائلًا) عليه، أو على غيره. ¬
دفعًا عن نفسه، أو بتخليصِه من سَبُع، أو شبكة ليطلقَه، أو قطعَ منه عضوًا متآكلًا، لم يحلَّ، ولم يضمنه، ولو أخذه ليداويَه فوديعةٌ. ولا تأثيرَ لحرمٍ وإحرامٍ في تحريم إنسيٍّ، ولا في محرَّم الأكلِ، إلا المتولِّدَ. ويحرُم بإحرام قتلُ قَمْلٍ وصِئْبانِه، ولو برميه، ولا جزاءَ فيه، لا براغيثَ، وقراد، ونحوِهما. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (دفعًا عن نفسه) أولى منه عمن صال عليه. وبخطه: أيْ؛ لم يحلَّ، ولم يضمنه؛ لأنه التحق بالمؤذيات كالكلب العقور. وبخطه: أو ماله، ومثله عن غيره، لكن الذي في كلامهم ما في المتن (¬1). * قوله: (لم يحلَّ ولم يضمنه)؛ لأنه لمداومة الحيوان، أشبه مداومة الولي محجوره، وليس بمعتمد (¬2) قتله، فلا تتناوله الآية. * قوله: (ولا في محرَّم الأكل)؛ أيْ: من الوحشي (¬3). * قوله: (إلا المتولد)؛ أيْ: بين أهلي ووحشي، أو بين مأكول وغيره كسَمْعٍ. فيحرم قتله في الإحرام والحرم، تغليبًا للحظر، ويفدى، شرح شيخنا (¬4). * قوله: (ويحرم بإحرام قتل قمل وصئبانه ولو برميه) [مفهومه أنه لا يحرم ¬
ويُسنُّ مطلقًا قتلُ كلِّ مؤذٍ غير آدمي. ـــــــــــــــــــــــــــــ قتل. القمل وصئبانه ولو برميه] (¬1) في غير الإحرام، لكن في مغني ذوي (¬2) الأفهام (¬3): "أنه يكره رميه حيًّا". وأما إلقاؤه ميتًا فقال في الإقناع (¬4) إنه يحرم، وعبارته في أحكام المساجد من باب الإعتكاف: "ويباح قتل القمل، والبراغيث فيه إن أخرجه وإلا حرم إلقاؤه فيه"، انتهى. ولعله مبني على القول الضعيف بأن جلده نجس (¬5)، ومراعاة الخلاف لا تجب، جل تستحب في بعض مواضع، على أنه قد نص في [موضع أخر (¬6)] (¬7) على جواز دفنه مقتولًا في المسجد، ولو كان نجسًا لم يجُز دفنه في المسجد؛ لأن أعماقه في حكمه، فلتحرر المسألة مرَّة أخرى. * قوله: (مطلقًا)؛ أيْ: مع وجود أذى وبدونه، وفي الحل والحرم، شرح (¬8). * قوله: (غير آدمي) انظر حكم الزاني المحصن، والمعيان الذي يقتل بعينه، وشاهد الزور الذي يترتب على شهادته قتل معصوم. ¬
ويباحُ لا بالحرم صيدُ ما يعيش في الماءِ، ولو عاش في برٍّ أيضًا كسُلَحْفاة، وسَرطان، وطيرُ الماء بَرِّيٌّ. ويُضمنُ جرادٌ بقيمتِه، ولو بمشي على مفترِش بطريق، وكذا بَيْضُ طير أُتلِف لحاجةِ مشيٍ. ولِمحرمٍ احتاج إلى فعلِ محظور فعلُه ويَفدِي، وكذا لو اضطُّرَّ كمن بالحرم إلى ذبح صيد، وهو ميتةٌ في حق غيره، فلا يباح إلا لمن يباح له أكلُها. السابع: عقدُ النِّكاحِ، إلا في حقِّ النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1)، ولا فديةَ فيه. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقد يقال: المراد أنه يسن قتل كل مؤدٍّ أذى لا يوجب القتل، وما ذكر يوجب القتل، فتدبر!. وأيضًا يستثنى من سنية قتل المؤذي غير الآدمي الكلب العقور، فإنه يجب قتله كما صرحوا به في غير هذا المحل (¬2)، فتدبر!. * قوله: (ولمحرم احتاج إلى فعل محظور فعله ويفدي) هل هو عام حتى في الوطء أو لا؟ قال شيخنا: الظاهر لا؛ لأن الكلام في المحظور الغير مفسد، تأمل!. * قوله: (إلا في حق النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-)؛ أيْ: لنفسه، لقضية ميمونة، وهذا الاستثناء ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تقييد من المنقح (¬1) لرواية أنه تزوجها محرمًا، والقضية فيها روايتان في الصحيحَين، رواية تقتضي أنه عقد عليها محرمًا، وهي رواية ابن عباس (¬2). وقال بعضهم: إنها وهْم (¬3)، وقيل: خطأ (¬4)، وقيل: إنه كان صغيرًا إذن (¬5)، ورواية تقتضي أنه عقد عليها وهما حلالان (¬6)، وهي رواية أبي رافع (¬7)، قال: "وكنت الرسول بينهما (¬8) "،. . . . . . ¬
وتُعتَبرُ حالتُه، فلو وكِّلَ حلالًا صح عقدُه بعد حِلِّ موكِّله. ولو قال: عقَد قبل إحرامِي قُبِل، وكذا إن عُكس لكن يلزمه نصفُ المهر. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ومن ذلك تعلم ما في الترجيح ودعوى الخصوصية (¬1)، وفي الشرح (¬2) ما ينبغي مراجعته، والنظر فيه. * قوله: (وتعتبر حالته)؛ أيْ: العقد، لا التوكيل حلالًا. * قوله: (حلالًا) حال من فاعل "وكل". * قوله: (فأحرم)؛ أيْ: الموكِّل. * [قوله: (حال إحرامه)؛ أيْ: الموكِّل] (¬3). * قوله: (ولو قال: عقد قبل إحرامي قبل)؛ أيْ: وقالت الزوجة: بل في حالة الإحرام، لكن لو طلق في هذه الحالة، ولم يكن أقبضها نصف الصداق ليس لها المطالبة به؛ لأنها معترفة بعدم لزومه، لاعترافها ببطلان العقد، وأما إن كان أقبضها إياه فليس له الرجوع به عليها؛ لأنه معترف بصحة العقد. [وبخطه: أيْ: وقالت الزوجة: بل في حالة الإحرام] (¬4). * قوله: (لكن يلزمه نصف المهر)؛ أيْ: في مسألة العكس. ¬
ويصح معَ جهلهما وقوعَه. وتزوجتُ وقد حللتِ، وقالت: بل محرمةٌ صُدِّق، وتُصَدَّق هي في نظيرتِها في العِدَّة. ومتى أحرم الإمامُ الأعظمُ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه (¬1): وهل يلزمه تطليقها، أو يقال: إن حكم الحاكم بالفرقة يقوم مقام الطلاق؟ توقف فيه شيخنا، ثم استظهر اللزوم قياسًا على مسألة في الوكالة. ثم كتب على [هذه القولة] (¬2) ما نصه: لكن يشهد للأولى ما قالوه في الوكالة (¬3)، فيما إذا وكله أن يتزوج له من امرأة، ففعل ثم أنكر الوكالة من أصلها من أنه يلزمه الطلاق، بل هذه آكد. * قوله: (ويصح مع جهلهما وقوعه)؛ أيْ: هل هو قبل الإحرام، أو بعده. * قوله: (بل محرمة) حال، أو خبر محذوف. * قوله: (صدق) لدعواه صحة العقد. * قوله: (تصدق هي في نظيرتها في العدة) بأن قال الزوج: تزوجتك بعد انقضاء عدتك، وقالت: بل قبل، ولم تمكنه من نفسها، وإنما قبل قولها في هذه؛ لأنها مؤتمنة على نفسها. ومنه تعلم أن قولهم: القول قول مُدَّعٍ صحة العقد (¬4)، ليس على إطلاقه. ¬
أو نائبُه امتنعتْ مباشرتُه له، لا نوابُه بالولاية العامَّة. وتُكره خِطبةُ محرِم، كخُطبةِ عقدِه، وحضورِه، وشهادتِه فيه، لا رجعتُه، وشراءُ أمةٍ لوطء. الثامنُ: وطءٌ يوجبُ الغُسلَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (امتنعت مباشرته له)؛ أيْ: للعقد سواء كان لنفسه، أو بالولاية العامة، أو الخاصة. * قوله: (وتكره خطبة محرم)؛ أيْ: شخص محرم، ليوافق ما في الرِّعاية (¬1) وغيرها (¬2) لشموله الذكر والأنثى. * فقوله: (خطبة محرم) مصدر مضاف لفاعله، ومفعوله معًا. وفي تفسير القاضي (¬3) ما يقتضي جواز ذلك، حيث قال في تفسير قوله -تعالى-: {وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ} [الأنبياء: 78]: "أيْ: الحاكمين، والمتحاكمين"، انتهى. فأنت تراه فسر الضمير بالفاعل والمفعول معًا. * قوله: (وشهادته فيه)؛ أيْ: شهادة المحرم عقدًا من مُحِلِّين، لا من محرمين؛ لأن شهادته من محرم أو غير حرام، لكونه فاسدًا وشهادة العقد الفاسد حرام. * قوله: (وطء يوجب الغسل) وهو تغييب الحشفة الأصلية ممن يجامع مثله في الفرج الأصلي، قبلًا كان أو دبرًا، من آدمي أو غيره، والجاهل والناسي، ¬
وهو: يُفسد النسكَ قبلَ تحللٍ أول، وعليهِما المضيُّ في فاسده. ويَقضِي فورًا إن كان مكلَّفًا، وإلا فبعد حجةِ الإسلام فورًا، من حيث أحرم أوَّلًا إن كان قبل ميقات، وإلا فمنه، ومن أفسد القضاءَ قضى الواجبَ، لا القضاء ونفقةُ قضاء مطاوعةٍ عليها، ومكرَهةٍ على مُكرِه. ـــــــــــــــــــــــــــــ والمكره كضدهم، فتدبر!. وبخطه: انظر: هل لهذا مفهوم، فلو وطئ بحائل لا يكون مفسدًا للنسك إلا إن أنزل؟ وهل يفرق بين هذه العبارة، وتعبير الإنصاف (¬1) بالجماع (¬2)؟. * قوله: (وهو يفسد النسك قبل تحلل أول) والتحلل الأول يحصل باثنين من ثلاثة: وهي الطواف، والحلق والرمي. * قوله: (وعليهما المضي في فاسده)؛ أيْ: الواطئ، والموطوءة. * قوله: (ويقضي فورًا)؛ أيْ: من أفسد. * قوله: (إن كان مكلفا)؛ أيْ: من أفسد. * قوله: (من حيث أحرم) ابتداءً لغاية الاحرام؛ أيْ: ويحرم من حيث ... إلخ. * قوله: (ومكرهةً على مُكْرِه) انظر لو استدخلت ذكر نائم هل يلزمها نفقة قضائه؟ قال شيخنا في شرحه (¬3): "وهو قياسه". ¬
وسُن تفرُّقُهما في قضاء من موضع وطءٍ، فلا يركبُ معها في محْمِل، ولا ينزل معها في فسطاط ونحوه إلى أن يُحِلَّا. وبعدَه لا يُفْسدُ وعليه شاةً، والمضيُّ للحلِّ فيُحرِم ليطوفَ محرمًا. وعمرةٌ كحجٍّ، فيُفسدها قبلَ تمامِ سعيٍ، لا بعدَه وقبلَ حَلْق، وعليه شاةٍ، ولا فديةَ على مُكْرَهةٍ. التاسعُ: المباشرةُ دونَ الفرجِ لشهوةٍ، ولا يُفسد النسك. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (في فسطاط) الفسطاط: هو البيت من الشعر. * قوله: (ونحوه) كخيمة. * قوله: (ليطوف محرمًا) ظاهره أنه لو كان طاف قبل، أنه لا إحرام عليه (¬1)؛ لأنه جعل علة الإحرام الطواف محرمًا، ولم يبق في هذه الحالة عليه طواف، فراجع شرح الإقناع (¬2). * قوله: (ولا تفسد النسك) ولو أنزل، لكن يلزمه حالة الإنزال فدية، على التفصيل الآتي (¬3) في الباب بعده، فتدبر!. ¬
1 - فصل
1 - فصل والمرأة: إحرامُها في وجهِها، فتَسْدُلُ لحاجةٍ، ويحرُم تغطيتُه، ولا يمكنها تغطيةُ جميع رأسِها إلا بجزءٍ منه، ولا كشفُ جميعه إلا بجزءٍ من الرأس، فسترُ الرأس كلِّه أولى لكونه عورةً، ولا يختص ستره بإحرام. ويحرم عليها ما يحرم على رجلٍ غيرَ لبَاسٍ وتظليل مَحْمِل. ويُباحُ لها خَلْخالٌ ونحوُه من حُليٍّ. ويُسنُّ لها خَضابٌ عند إحرام، وكره بعدَه، فإن شدَّت يديها بخرقةٍ فَدَت. ويحرمُ عليهِما لُبسُ قُفَّازين. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (ويحرم عليها ما يحرم على رجل) من إزالة شعر، وتقليم ظفر، وطيب، وقتل صيد، واصطياده، ووطء (¬1)، ومباشرة، حاشية (¬2). * قوله: (غير لباس وتظليل محمل)؛ أيْ: وتغطية رأس، فهو خاص أريد به عام. * قوله: (ويسن لها خضاب)؛ أيْ: بحناء. * قوله: (فإن شدت يديها بخرقة فدت) لسترها لهما بما يختص بهما، أشبه ¬
وهما: شيء يعملُ لليدين كما يعمل للبُزاةِ، ويفديان بلبسهِما. وكُره لهما إكتحالٌ لإثمدٍ ونحوِه لزينة، لا لغيرِها. ولهما لُبْسُ مُعَصفَرٍ وكحليٍّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القفازين، وكشد الرجل شيئًا على جسده شرح (¬1). وبخطه: لا إن لفَّتهما بخرقة من غير شد، لبعد الشبه بالقفازين المحرَّم لبسهما عليها. * قوله: (ولهما لُبس معصفر)؛ لأن المعصفر ليس طيبًا. وفي الإقناع (¬2): "إلا أنه يكره للرجل لُبس المعصف". قال شيخنا فيما كتبه عليه (¬3): "قوله: (إلا أنه يكوه للرجل لُبس المعصفر)؛ لأنه سبق أنه يكره في غير الإحرام، ففيه أولى. هكذا في الإنصاف (¬4)، وسبق في ستر العورة (¬5): أنه لا يكره في الإحرام، كما في المبدع (¬6)، والتنقيح (¬7) وغيرهما (¬8)، و (¬9) ذكروه نصًّا (¬10) "، انتهى. ¬
وقطعُ رائحةٍ كريهةٍ بغيرِ طيبٍ، واتجارٌ، وعملُ صنْعةٍ ما لم يشغلا عن واجبٍ أو مستحبٍّ، ونظرٌ في مرآة لحاجةٍ كإزالة شعْرٍ بعين وكُرِه لزينة، وله لُبْسُ خاتَم. ويجتنبان الرَّفَثَ والفُسوقَ والجدالَ، وتُسن قلةُ كلامِهِما إلا فيما ينفع. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ما لم يشغلا عن واجب أو مستحب) فإن شغلا عن واجب حرُما، أو عن مستحب كُرها، إن لم نقل بتوقفها على ورود نهي خاص، وإلا كان خلاف الأولى. * قوله: (ويجتنبان الرفث)؛ أيْ: الجماع. * قوله: (والفسوق)؛ أيْ: السباب. * قوله: (والجدال)؛ أيْ: المِراء، وهو المخاصمة والمحاجة وطلب القهر (¬1) بالغلبة. * * * ¬
4 - باب الفدية
4 - بابٌ الفديةُ: ما يجبُ بسبب نُسكٍ أو حرمٍ، وهي ثلاثةُ أضرُبٍ: ضربٌ على التخيير، وهو نوعان: نوعٌ يُخيَّر فيه بين ذبح شاةٍ، أو صيامِ ثلاثةِ أيامٍ، أو إطعامِ ستةِ مساكينَ لكلِّ مسكينٍ مُدُّ بُرٍّ أو نصفُ صاعِ تمرٍ أو شعير. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الفدية قال شيخنا في شرحه (¬1): "وهي مصدر فدى يفدي فداء وشرعًا: ما يجب. . . إلخ"، وهي أحسن من عبارته في الحاشية (¬2)، فتدبر!. * قوله: (ما يجب بسبب نسك) كدم المتعة، والقران. * قوله: (أو حرم) كقتل الصيد، وقطع الحشيش، أو النبات (¬3)، أو الشجر، والمراد بالحرم حرم مكة، بدليل ما سيأتي (¬4). * قوله: (مد بر أو نصف صاع تمر أو شعير) ظاهره التخصيص بهذه الأنواع ¬
وهي فدية لُبسٍ، وطيبٍ وتغطية رأس، وإزالةِ أكثرَ من شعْرتَين أو ظَفْرَين. الثاني: جزاءُ الصَّيدِ يُخيَّرُ فيه بين مثلٍ، أو تقويمِه بمحلِّ التلفِ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثلاثة، لكن زاد في الشرح (¬1) والإقناع (¬2): "الزبيب". وتركا الأقط، والظاهر أنه يجزئ أيضًا، إذ لا فرق بين هذا، وبين الفطرة والكفارة. م ص (¬3) (¬4). أقول: انظر قوله فيما بعده بأسطر في جزاء الصيد: "يشتري بها طعامًا يجزئ في فطره، كواجب في فدية أذى. . . إلخ"، أيكون صريحًا في ذلك، أم مقويًا، أم لا؟ تأمل!. * قوله: (أو ظفرَين) في الظفر خمس لغات (¬5)، كسر الظاء مع سكون الفاء، أو الإتباع وضم الظاء مع سكون الفاء، أو الإتباع، والخامسة: أظفور كأطفور. والأطفور: إناء من خشب غير مرتفع الجوانب وهو ما تسميه العامة طوفري (¬6)، قاله شيخنا إبراهيم اللقاني (¬7). * قوله: (أو تقويمه)؛ أيْ: المثل على الصحيح (¬8). * قوله: (بمحل التلف)؛ أيْ: لا محل الإخراج. ¬
وبقُربِه بدراهمَ يشترِي بها طعامًا يجزئ في فِطرةٍ، كواجب في فديةِ أذى وكفارةٍ، فيُطعِم كلَّ مسكين مُدَّ بُرٍّ أو نصف صاع من غيرِه، أو يصومُ عن طعامِ كلِّ مسكين يومًا، وإن بقي دونَه صام يومًا، وبخير فيما لا مثلَ له. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وبقربه) الواو بمعنى "أو". * قوله: (بدراهم) ليس بقيد. * قوله: (يشتري. . . إلخ) الشراء ليس بواجب. قال في الإقناع (¬1): "وإن أحب أخرج من طعام يملكه بقدر القيمة". وبخطه (¬2): ولا تصدق بها. * قوله: (كواجب في فدية أذى وكفارة) وهو النوع الأول المتقدم (¬3). * قوله: (أو يصوم. . . إلخ) ولا يجب تتابعه (¬4) هنا. * قوله: (وإن بقي دونه صام يومًا) انظر هل المراد مع إخراج ذلك الجزاء، أو ولو لم يخرجه؟. وظاهر كلام الإقناع (¬5) بل تصريحه أن الكلام مفروض فيما إذا صام بقدر عدمد الأمداد، وبقي من الطعام المعدل بالأيام أقل من يوم، فإنه يصوم عنه يومًا كاملًا، ولا يجمع بين الصوم والإطعام. ¬
بين إطعامٍ، وصيامٍ. الضربُ الثاني: مرتَّبًا، وهو ثلاثةُ أنواع: أحدُها: دمُ المتعةِ والقِران، فيجبُ هديٌ، فإن عدمه، أو ثمنه، ولو وجد من يقرضُه صامَ ثلاثةَ أيام، والأفضلُ: كونُ آخرِها يومَ عرفة، وله تقديمُها في إحرام العمرة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بين إطعام)؛ أيْ: يساوي قيمته. * قوله: (وصيام) عما يساوي ذلك الطعام الذي يعدل قيمته. * قوله: (مرتبًا) انظر ما موقع "مرتبًا" من الإعراب؟ ولعله خبر لـ"كان" المحذوفة؛ أيْ: يكون مرتبًا (¬1)، أو حال من المبتدأ، سادًّا مسد الخبر، أو على نزع الخافض، بدليل مُقَابِلِه؛ أيْ: على التخيير، إن لم يكن سماعيًّا، فتدبر!، وقد يمنع الأخير. * قوله: (فإن عدمه)؛ أيْ: الهدي، بمعنى أنه عُدِمَ من (¬2) البلد وما قرب منها. * قوله: (ولو وجد من يقرضه) ولا يلزمه القبول لو وجد من يهبه. * قوله: (والأفضل كون آخرها يوم عرفة) وإذا أيسر بعد صيامها (¬3)، يلزمه هدي؟ الظاهر أنه يلزمه؛ لأنه تبين أنه كان موسرًا وقت الوجوب إذ وقت الوجوب ¬
ووقتُ وجوبها كهدي. وسبعةٌ إذا رجع إلى أهلِه، وإن صامَها قبلُ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إنما يدخل بفجر يوم النحر -كما تقدم-. ثم رأيت في المسألة خلافًا (¬1)، فقال ابن الزاغوني في الإقناع: "يلزمه"، ولعل علته ما تقدم، وقال ابن رجب (¬2): "إطلاق كثير يخالفه"؛ أيْ: كلام ابن الزاغوني، يعني: فاختيار ابن رجب أنه لا يلزمه؛ [لأنه يلزم] (¬3)، عليه الجمع بين البدل والمبدل منه، فليحرر (¬4). وقد نقل شيخنا [في حاشية الإقناع (¬5)] (¬6)، عبارة ابن رجب في القواعد في القاعدة الخامسة. * قوله: (ووقت وجوبها كهدي)؛ أيْ: بطلوع فجر يوم النحر. * قوله: (وسبعة إذا رجع إلى أهله)؛ أيْ: إذا فرغ من أفعال الحج، والأفضل أنه لا يصوم إلا إذا رجع إلى وطنه. * قوله: (وإن صامها قبل)؛ أيْ: قبل الرجوع إلى أهله. ¬
بعدَ إحرامٍ بحجٍّ أجزأ، لكن لا تصح أيامَ منى. ومن لم يصم الثلاثةَ أيامَ مِنًى صام بعد (¬1) عشرةً، وعليه دمٌ مطلقًا، وكذا إن أخَّرَ الهديَ عن أيامِ النحر بلا عذرٍ. ولا يجبُ تتابعٌ ولا تفريقٌ في الثلاثةِ ولا السبعةِ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بعد إحرام بحج أجزأ)؛ أيْ: بعد فراغه من الحج، وبعد مُضِي أيام منى -كما يأتي في قوله: "لكن لا يصح. . . إلخ"- كما يعلم من التعليل (¬2)، ومن تفسير قوله تعالى: {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة: 196] بإذا فرغتم من أعمال الحج (¬3)، فتنبه!. * قوله: (لكن لا يصح أيام منى)؛ لبقاء بعض أعمال الحج. * قوله: (ومن لم يصم الثلاثة. . . إلخ) صريح في أن مراده بالتي لا يصح صومها أيام منى السبعة، لا الثلاثة، ولئلا يخالف ما مر في الصوم (¬4). * قوله: (وعليه دم مطلقًا)؛ أيْ: سواء كان التأخير لعذر، أو لا، بخلاف الهدي إذا أخره لعذر، ولعل الفرق اتساع وقتها فيندر استغراق العذر له، بخلاف أيام النحر، حاشية (¬5). * قوله: (بلا عذر) مفهومه أنه لو كان التأخير لعذر لا شيء عليه، ويكون ¬
ولا بين الثلاثةِ والسبعةِ إذا قَضَى. ولا يلزمُ من قَدَر على هديٍ بعدَ وجوبِ صومٍ انتقالٌ عنه شرَعَ فيه أو لا. الثاني: المُحْصِر: يلزمهُ هديٌ، فإن لم يجدْ صام عشرةَ أيام ثم حلَّ. الثالثُ: فديةُ الوطءِ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الفرق بينها (¬1)، والتي قبلها أن زمن الصوم متسع، بخلاف زمن الهدي. * قوله: (إذا قضى) التقييد به جرى على الغالب، وإلا فلو صام أيام منى عن الثلاثة صح، وكان أداء، ولا يجب بينها وبين السبعة حينئذٍ تتابع ولا تفريق. ومما تقرر تعلم أن (¬2) قوله: "إذا قضى" راجع للثلاثة فقط، إذ السبعة لا محل لها معين حتى تقضي (¬3) بفواته. * قوله: (بعد وجوب صوم) [ظاهره أنه لو صام قبل وجوبه، ثم قدر على الهدي زمن وجوب صوم] (¬4)؛ وهو يوم النحر، أنه يلزمه الهدي، وهو ما مشى عليه ابن الزاغوني (¬5). * قوله: (شرع فيه أو لا)؛ أيْ: شرع في الصوم، أو لم يشرع فيه، قال في تصحيح الفروع (¬6): "فعلى هذا لو قدر على الشراء بثمن في الذمة لم يلزمه ذلك، ¬
ويجبُ به في حجٍّ قبل التحلُّلِ الأول بُدنةٌ، فإن لم يجدها صامَ عشرةَ أيامٍ ثلاثةً فيه وسبعةً إذا رجِع، وفي عمرةٍ شاةٌ. والمرأةُ كالرجل. ـــــــــــــــــــــــــــــ بخلاف كفارة الظهار وغيرها، قاله في القواعد" (¬1)، انتهى. قال شيخنا: "قلت: لم يظهر لي وجه التفريع، ولا الفرق بين ما هنا وكفارة الظهار وغيرها، إذ الصحيح أن الاعتبار في الكفارات بوقت وجوبها (¬2)، وهو موافق لما ذكر هنا، فأين الفرق"، انتهى من الحاشية (¬3). * قوله: (ويجب في حج قبل التحلل الأول بدنة) وبعده شاة -على ما تقدم (¬4) -. فإن لم يجدها هل يصوم عشرة أيام لذلك، أو تستقر في ذمته حتى يجدها؟، وهل هي كفدية الوطء في الترتيب، أو كفدية الأذى؟ الذي اختاره شيخنا م ص (¬5) الأول (¬6) (¬7). * قوله: (وفي عمرة شاة) وإذا لم يجدها هل يصوم عشرة أيام كذلك؟ وهل هي فدية تخيير إلحاقًا لها بفدية الأذى، أو فدية ترتيب إلحاقًا لها بفدية الوطء؟ توقف فيه شيخنا، ثم استظهر أنه يصوم كذلك،. . . . . . ¬
الضربُ الثالثُ: دمٌ وجبَ لفواتٍ، أو تركِ واجبٍ، أو مباشرةٍ دون فرج. فما أوجَب بُدنةً كما لو باشرَ دونَ فرج، أو كرَّر النظرَ، أو قبَّلَ، أو لَمَس لشهوةٍ فأنزل. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأنها كفدية الوطء (¬1) (¬2). * قوله: (الضرب الثالث. . . إلخ) في كون هذا النوع مباينًا لقسيمَيه (¬3) نظر، بل هو مجموع منهما، لا أنه يجمع جزئيات تجمع ترتيبًا وتخييرًا ولا مترددة بينهما، نعم المباشرة فيها ذلك، فلعله جعله مستقلًّا بالنسبة لها. * قوله: (كما لو باشر دون فرج)؛ أيْ: في وقت لو وطئ فيه لزمه بدنة، بأن كان قبل التحلل الأول. * قوله: (أو لمس لشهوة فأنزل) انظر ما الحكمة في تعبيره هنا بالإنزال، ¬
1 - فصل
أو استمنى فأمْنَى فحكمُها كبُدنةِ وطءٍ. وما أوجبَ شاةً كما لو مذَّى بذلك، أو باشرَ ولم يُنْزِل، أو أمنى بنظرةٍ، فكفديةِ أذى، وخطأ في الكلِّ كعمدٍ، وأنثى مع شهوةٍ كرجل. وما وجبَ لفواتٍ، أو تركِ واجبٍ فكمتعةٍ. ولا شيءَ على من فكَّر فأنزلَ. * * * 1 - فصلٌ ومن كرَّر محظورًا من جنسٍ غيرِ قتلِ صيدٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وفيما بعده بـ "أمنى"، وإن كان الظاهر إسقاط قوله: "فأنزل" وتسليط قوله: "فأمنى" على جميع ما قبله. وقد يقال: لم يفعل كذلك لئلا يتوهم أن قوله: "فأمنى" قيد في "استمنى" فقط [و] (¬1) أن ما قبله مطلق أنزل به أو لا. * قوله: (فحكمها كبدنة وطء)؛ أيْ: حكم البدنة الواجبة فيه، فالرابط ملاحظ، وإن لم يذكر. * قوله: (فكفدية أذى)؛ أيْ: في التخيير. * قوله: (فكمتعة)؛ أيْ: في أنه يصوم عشرة أيام إن عدم. فصل ¬
بأن حلقَ، أو قلَّم، أو لبِسَ، أو تطيَّبَ، أو وَطيء، وأعاده قبل التكفير فواحدةٌ، وإلا لزمه أخرى، ومن أجناسٍ فلكلِّ جنسٍ فِداءٌ، وفي الصُّيود، ولو قُتلتْ معا جزاءٌ بعدَدِها. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله " (أو لبس)؛ أيْ: ثوبًا في بدنه، أو رأسه، أو خفًّا، فهو موافق لما نبَّه عليه في الإنصاف (¬1) من أن الثلاثة من جنس. * قوله: (قبل التكفير) متعلق بـ "كرر". * قوله: (بأن. . . إلخ) جمل معترضة بينهما للتفسير، وهذا أولى من تعلقه بـ "أعاد" -كما هو بديهي- إذ قوله "وأعاده" من تتمة تصوير التكرير، فقوله: "بأن حلق" وما معه معترض بين المتَعَلِّق والتَّعَلُّق، وليس مانعًا من التَّعَلُّق؛ لأنه من مُتَعَلَّقَاته، وأيضًا هذا (¬2) من شأن الاعتراض على ما هو المشهور فيه، فتدبر فيه!. * قوله: (فواحدة) قال الزركشي (¬3) وغيره (¬4): "إذا لبس، وغطى رأسه، ولبس الخف ففدية واحدة؛ لأن الجميع من جنس واحد". قاله في الإنصاف (¬5). * قوله: (فلكل جنس فداء)؛ أيْ: لم تتكرر أفراده، أو تكررت وكان قبل التكفير، وهذا الحمل متعين ليوافق ما صدر به. * قوله: (بعددها) ولو كانت من جنس واحد. ¬
ويكفرُ من حلقَ، أو قلَّم، أو وطِي "أو قتلَ صيدًا، ناسيًا أو جاهلًا أو مُكرهًا، لا من لَبِسَ أو تَطيَّبَ أو غَطَّى رأسَه في حالٍ من ذلك، ومتى زالَ عُذْرُه أزالَه في الحال. ومن لم يجدْ ماءً لغسلِ طيبٍ مسحَه، أو حكَّه بترابٍ، أو نحوِه حسبَ الإمكانِ، وله غسله بيدِه، وبمائع، فإن أخَّره بلا عذرٍ: فدى. ويَفدي من رفض إحرامَه ثم فعل محظورًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو وطيء) أو باشر دون الفرج، وسكت عنه لعلمه مما تقدم (¬1)، ولم يذكر عقد النكاح في شيء من القسمين، إعلامًا بأنه لا فدية فيه مطلقًا -كما تقدم (¬2) -. * قوله: (ومتى زال عذره) الجهل، والإكراه، والنسيان. * قوله: (وله كسله بيده)؛ أيْ: بحائل؛ لأن هذا من قبيل الترك. * قوله: (فإن أخره بلا عذر فدى)؛ أيْ: غسل الطيب. * قوله: (ويفدي من رفض إحرامه. . . إلخ)؛ أيْ: لفعل المحظور، وهل يفدي لنفس الرفض أو لا؟ ظاهر كلام جماعة لا فداء (¬3)، وفي الترغيب وغيره: أنه يلزمه دم (¬4)، وقدمه في الفروع (¬5)، وعلى هذا القول فالأقرب أن فديته كفدية ¬
ومن تطيَّبَ قبلَ إحرامِه في بدنِه فله استدامتُه فيه، لا لُبس مطيَّب بعده، فإن فعلَ، أو استدامَ لُبْس مَخيطٍ أحرم فيه ولو لحظة فوقَ المعتادِ من خلعه: فدى، ولا يَشُقه. وإن لبِسَ، أو افترشَ ما كان مطيَّبًا وانقطع ريحُه، ويفوحُ برشِّ ماءٍ، ولو تحت حائلٍ غيرِ ثيابِه لا يمنعُ ريحَه ومباشرتَه: فدى. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ المحظور الذي رفض إحرامه [لأجل فعله، فلو رفضه لأجل] (¬1) الوطء، ثم وطيء لزمه كفارتا وطء، إحداهما للوطى بالفعل، والثانية لرفض الاحرام لأجله. بقي ما إذا رفض إحرامه ولم يفعل محظورًا، هل هي من محل الخلاف؟ وإذا كانت من محله فما يلزمه على القول باللزوم؟ ولعله كالدم المطلق، فيلزمه ما يجزئ في أضحية، وهو ظاهر قول الترغيب: "يلزمه دم (¬2) ". * قوله: (ولو لحظة فوق المعتاد) أشار بذلك إلى خلاف أبي حنيفة، حيث قيد اللزوم بما إذا كان اللبس (¬3) أو تغطية الرأس يومًا كاملًا، أو ليلة كاملة، كما صرح به علي القاري (¬4). . . . . . ¬
2 - فصل
2 - فصلٌ وكلُّ هديٍ أو إطعامٍ يتعلق بحرمٍ أو إحرامٍ كجزاءِ صيدٍ، وما وجبَ لتركِ واجبٍ أو فواتٍ، أو بفعل محظورٍ في حَرَمٍ، وهديِ تمتعٍ وقرانٍ ومنذورٍ ونحوِها يلزمُه ذبحُه في الحرمِ وتفرقة لحمه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في شرح المنسك (¬1)، ونقله ابن جماعة عنهم (¬2). فصل * قوله: (كل هدي) مبتدأ. * قوله: (يتعلق)؛ أيْ: ما ذكر من الهدي والإطعام صفة لـ "هدي"، أو "إطعام"، والعطف بـ "أو" يجوز معه إفراد الضمير وتثنيته. * قوله: (كجزاء صيد) جملة معترضة للتمثيل، وكذا ما عطف عليه، وخبر المبتدأ محذوف تقديره: فهو لمساكين الحرم. * قوله: (يلزم. . . إلخ) جملة مستأنفة لبيان (¬3) كيفية الفعل، كل ذلك يؤخذ من حلِّ الشارح (¬4)، فإنه قَدَّر خبرًا للمبتدأ، وقَدَّر مع قوله: "يلزم. . . إلخ" قوله: "وكل ما قلنا إنه يجب للمساكين فإنه يلزم ذبحه بالحرم". وقد يقال: إن ما قدره الشارح لمجرد الربط، وأن قوله: "يلزم. . . إلخ" هو الخبر، وشيخنا (¬5) وافقه في البعض،. . . . . . ¬
أو إطلاقُه لمساكينه. وهم: المقيمُ به، والمجتازُ من حاج وغيره ممن له أخذُ زكاةٍ لحاجة. والأفضلُ: نحو ما بحجٍّ بمنى، وبعمرةٍ بالمروة، وإن سلمه لهم فَنحَروه أجزأ وإلا استردَّه ونحرَه فإن أبى أو عجز ضمنه، والعاجزُ عن إيصاله إلى الحرم ينحرُه حيثُ قدر، ويفرقُه بمَنْحَرِه. وتجزئ فديةُ أذى، ولُبْسٍ، وطيب، ونحوِها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [وخالفه في البعض] (¬1). * قوله: (أو إطلاقه)؛ أيْ: مذبوحًا حتى لا يتكرر مع قوله: "وإن سلمه لهم. . . إلخ". * قوله: (لمساكينه) ظاهر تعبيره بالجمع أنه لا يجزئ دفعه إلا إلى أقل الجمع، وقياس الفطرة أنه يجزئ إلى واحد. قال شيخنا: "لكن إلحاقه بالكفارة أشبه، فلينتبه! ". * قوله: (لحاجة) قيَّد بقوله: "لحاجة" احترازًا عن المُؤَلِّف والغني. * قوله: (والأفضل نحر ما بحج بمنى وما بعمرة بالمروة) خروجًا من خلاف الإمام مالك، فإنه يوجب ذلك (¬2). * قوله: (وإلا استرده ونحره)؛ أيْ: إن لم ينحروه. ¬
وما وجب بفعل محظور خارجَ الحرم به، ولو لغير عذر، وحيثُ وُجد. ودمُ إحصارٍ حيث أُحْصِر، وصومٌ، وحلقٌ بكلِّ مكان، والدمُ المطلقُ كأضحية جذْع ضأن، أو ثَنيُّ معز، أو سبع بُدنة، أو بقرة فإن ذبح إحداهما فأفضلُ، وتَجبُ كلُّها. وتجزئ عن بُدنة وجبت، ولو في صيد، بقرةٌ، كعكسه. وعن سبع شياهٍ بُدنةٌ، أو بقرةٌ مطلقًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (به)؛ أيْ: بالحرم. * قوله: (وحيث وجد)؛ أيْ: المحظور؛ أيْ: فُعِل. * قوله: (وصوم وحلق)؛ أيْ: يجزئ صوم وحلق. . . إلخ. * قوله: (وعن سبع شياه بدنة أو بقرة)؛ أيْ: كعكسه على ما في الحاشية (¬1). * قوله: (مطلقًا)؛ أيْ: وجدت الشاة أو عدمت، كان ذلك في جزاء الصيد أو في غيره. * * * ¬
5 - باب جزاء الصيد
5 - بابٌ جزاءُ الصيد: ما يُستَحقُّ بدلُه من مثلِه، ومقاربِه، وشِبهِه. ويجتمع ضمانٌ وجزاء في مملوك، وهو ضربان: ماله مِثْلٌ من النَّعَم فيجب فيه، وهو نوعان: أحدهما: قضت فيه لصحابة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب جزاء الصيد * قوله: (من مثله ومقاربه وشبهه) الظاهر أن العطف تفسيري، كما يدل عليه قول الجلال (¬1) في تفسير قوله -تعالى-: {مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: 95]: "أيْ: شبهه في الخلق"، انتهى. وأما في المطالع (¬2): "من أن اتحاد الاثنين في الجنس مجانسة، وفي النوع مماثلة، وفي الكيف مشابهة، وفي الكم مساواة، وفي الإضافة مناسبة، وفي الخاصة مشاكلة، وفي الأطراف مطابقة، وفي وضع الأجزاء موازاة، وأنه لا اسم لسائر الأعراض، وأن الغير يقال لمقابل هو هو، وأنه كالجنس لمقابلات هذه". فلعله، اصطلاح للحكماء، فتدبر!. ¬
ومنه في النَّعامة بُدنةٌ، وفي حمار الوحش، وبقرة، وأَيِّلٍ (¬1)، وثَيْتَل، ووعل: بقرةٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومنه)؛ أيْ: من النوع الذي قضت فيه الصحابة، وليس في كلامه ما يعطي أن الصحابة قضت في جميع جزئيات ذلك النوع، فلا ينافي أن الضبع لم يقضِ فيه إلا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬2) ما لم يكن وقع منهم قضاء فيه، بعد قضائه -صلى اللَّه عليه وسلم- فيصدق عليه حينئذٍ أنه قضت فيه الصحابة يعني أيضًا. * قوله: (وثيتل) قال الجوهري (¬3): "الثيتل: الوعل المسن". * قوله: (ووعل) بفتح الواو مع فتح العين وكسرها وسكونها: هو تيس الجبل. قاله في القاموس (¬4). وفي صحاح الجوهري (¬5): "الوعل: هو الأروى"، روي عن ابن عمر أنه قال: ¬
وفي الضبع: كبشٌ (¬1)، وفي غزال: شاةٌ. وفي وَبْرٍ، وضبٌ: جدْيٌ (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ "في الأروى بقرة" (¬3). * قوله: (وفي الضبع كبش) وفي المقنع (¬4): "أو شاة". * قوله: (وفي وبر) وهو دويبة كحلاء، دون السَّنُّوْر، لا ذنب لها، والوبر مقيس على الضب، ولا ضرورة في إدراجه فيما قضت فيه الصحابة؛ لأن قياس ¬
وفي يربوع: جَفْرةٌ (¬1) لها أربعةُ أشهر، وفي أرنب: عَنَاقٌ (¬2) (¬3)، وفي حمام وهو: كل ما عبَّ، وهدَرَ (¬4): شاةٌ. النوع الثاني: ما لم تقضِ فيه، ويُرجع فيه إلى قول عدلَين خبيرَين. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهب مذهب، ويصح أن يعزي لصاحبه على الصحيح عندهم (¬5). * قوله: (لها أربعة أشهر) صفة كاشفة. * قوله: (ويرجع فيه إلى قول عدلَين خبيرَين) عن محمد بن سيرين (¬6) ¬
ويجوزُ، كون القاتل أحدَهما، أو هما. ابن عقيل (¬1): "خطأ" أو لحاجةٍ، أو "جاهلًا تحريمه". ـــــــــــــــــــــــــــــ أن رجلًا جاء إلى عمر بن الخطاب فقال: إني أجريت أنا وصاحب لي فرسَين نستبق إلى ثغرة ثنية، فأصبنا ظبيا ونحن محرمان فماذا ترى؟ فقال عمر -رضي اللَّه عنه- لرجل إلى جنبه، تعال حتى نحكم أنا وأنت، قال: فحكمنا عليه بعنز، فولّى الرجل وهو يقول: هذا أمير المؤمنين لا يستطيع أن يحكم في ظبي حتى دعا رجلًا فحكم معه، فسمع عمر -رضي اللَّه عنه- قول الرجل، فدعاه فسأله: هل تقرأ سورة المائدة؟ قال: لا، فقال: هل تعرف هذا الرجل الذي حكم معي؟ فقال: لا، فقال: لو أخبرتني أنك تقرأ سورة المائدة لأوجعتك ضربًا، ثم قال: إن اللَّه عز وجل يقول في كتابه العزيز: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: 95]. وهذا عبد الرحمن بن عوف، رواه مالك في الموطأ (¬2)، انتهى زركشي (¬3). * قوله: (أو هما) فيه استعارة ضمير الرفع، مكان ضمير النصب. * قوله: (أو لحاجة) هذه ليست من كلام ابن عقيل، بل قاسها بعضهم عليه، كما يعلم من الإنصاف (¬4)،. . . . . . ¬
المنقح (¬1): "وهو قوي، ولعله مرادهم، لأن قتل العمد ينافي العدالةَ". ويُضْمَن صغيرٌ، وكبيرٌ، وصحيحٌ، ومعيبٌ، وماخضٌ بمثلِه. ويجوزُ فِداءُ أعورَ من عينٍ، وأعرجَ من قائمةٍ بأعورَ، وأعرجَ من أُخْرَى. وذكرٌ بأنثى، وعكسُه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وصرح به أيضًا في الإقناع (¬2)، فيعترض على المص بإدخالها في كلام ابن عقيل، إلا أن يُخرَّج على مذهب من يرى أن المقيس على مذهب الشخص مذهب له، وهو الصحيح عندهم (¬3)، فتدبر!. * قوله: (لأن قتل العمد ينافي العدالة) فيه نظر، فإن ذلك ليس بكبيرة م ص (¬4). وفي هذا التنظير نظر. وبخطه: انظر (¬5) ما إذا تابا هل يصح منهما بعد ذلك أم لا؟. الظاهر لا مانع من ذلك: بدليل قوله -تعالى-: {عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ} [المائدة: 95] ومشى عليه شيخنا في شرحه (¬6). * قوله: (وماخِض)؛ أيْ: حامل من صيد. ¬
1 - فصل
لا أعورَ بأعرجَ، ونحو ذلك. الضربُ الثاني: ما لا مِثْلَ له، وهو باقي الطيرِ، وفيه ولو أكبرَ من الحمام: قيمتُه مكانَه. * * * 1 - فصل وإن أتلفَ جُزءًا من صَيْدٍ، فانْدَمَل (¬1)، وهو ممتنعٌ، وله مِثْلٌ: ضمن بمثله من مثله لحمًا، وإلا فبنقصِه من قيمتِه. وإن جنى على حامل، فألقتْ ميْتًا: ضَمن نقصَها فقط كما لو جرحَها. وما أُمْسِك. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (وهو ممتنع) يمكنه الجري أو الطيران. وبخطه: محترزه يأتي في كلامه (¬2). * قوله: (وله)؛ أيْ: لذلك الصيد، وضمير "ضمن" عائد على الجزء، وكذا البارز في "بمثله"، وضمير "من مثله" عائد على "مثل" من قوله: "وله مثل"، ففيه تشتيت الضمائر، و (¬3) كأنه اعتمد على ظهور المراد، فتدبر!. وبخطه: على قوله: (من مثله)؛ أيْ: مثل الصيد المتلف جزؤه. * قوله: (ضمن نقصها)؛ لأن الحمل زيادة في البهائم. * قوله: (وما أمسك. . . إلخ) على جعله مبنيًا للفاعل، فيه حذف العائد في ¬
فتلفَ فرخُه، أو نُفِّر فتَلفَ، أو نقَص حالَ نُفُرِه ضمن وإن جرحَه غيرَ مُوْحٍ، فغابَ ولم يعلمْ خبرَه، أو وجدَه ميتًا ولم يَعلمْ موتَه بجنايتِه: قُوِّم صحيحًا وجَريحًا غيرَ مُنْدَمِل، ثم يُخْرِج بقسطِه من مثلِه. وإن وقع في ماءٍ، أو تَردَّى فمات: ضمنه. وفيما اندَمَل غيرَ ممتنعٍ، أو جُرح مُوحِيا: جزاءُ جميعِه. وإن نَتَف ريشَه، أو شعرَه، أو وبرَه فعاد: فلا شيء عليه، وإن صار غير ممتنع فكجرح. وكلما قتلَ صيدًا حُكِمَ عليه. ـــــــــــــــــــــــــــــ المحال (¬1) الثلاث؛ أعني: "أمسك"، و"نفر" و"ضمن" وهو جائز؛ لأنه منصوب. * قوله: (فتلف)؛ أيْ: حال نفوره. * قوله: (ثم يخرج بقسطه)؛ أيْ: ثم يخرج من مثله لحمًا يساوي ذلك اللحم، القسط الذي نقص من الثمن. * قوله: (وإن صار غير ممتنع)؛ أيْ: الصيد الذي نتف ريشه، أو شعره، أو وبره. * قوله: (فكجرح)؛ يعني: فجزاء جميعه. * قوله: (وكلما قتل صيدًا حكم عليه)؛ أيْ: بلزوم الجزاء، ولا يتداخل كما سبق (¬2). ¬
وعلى جماعةٍ اشتركوا في قتلِ صيدٍ: جزاءٌ واحدٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه: هذا يغني عنه قوله فيما سبق (¬1) في الفدية: "وفي الصيود ولو قتلت معًا جزاء بعددها". * قوله: (وعلى جماعة اشتركوا. . . إلخ) بخلاف ما إذا اشتركوا في قتل آدمي (¬2). * * * ¬
6 - باب صيد الحرمين، ونباتهما
6 - بابُ صيدِ الحرمين، ونباتِهما وحُكمُ صيدِ حَرَمِ مكة: حكمُ صيدِ الإحرام، حتى في تملكِه، إلا أنَّه يحرمُ صيدُ بحْريِّه، ولا جزاءَ فيه. وإن قتلَ مُحِلٌّ من الحِلِّ صيدًا في الحرم كلّه أو جزؤه -لا غيرُ قوائمه قائمًا- بسهم، أو كلبٍ، أو قتلَه على غُصنٍ في الحرم، ولو أن أصلَه بالحِلِّ، أو أمسكه بالحِلِّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب صيد الحرمَين ونباتهما * قوله: (حكم صيد الإحرام) فيحرم حتى على المُحِلِّ إجماعًا (¬1)، وفيه الجزاء نصًّا وفاقًا (¬2). * قوله: (كله أو جزؤه) "كل" مبتدأ، خبره في الجار والمجرور قبله، وقوله: "أو جزؤه" عطف على المبتدأ، والجملة في موضع نصب صفة "صيدًا". * قوله: (لا غير قوائمه قائمًا)؛ أيْ: لا إن كان البعض الذي بالحرم غير قوائم الصيد حال قيامه، كرأسه أو ذنبه؛ لأنه إن كانت قوائمه الأربع بالحل وهو قائم، ¬
فهلكَ فَرْخُه أو ولدُه بالحرمِ: ضمنَه. وإن قتله في الحِلِّ مُحِل بالحرمِ، ولو على غصنٍ أصلُه بالحرم، بسهم، أو كلب، أو أمسكه بالحرمِ، فهلك فَرْخُه، أو ولدُه بالحِلِّ، أو أرسل كلبَه من الحِلِّ على صيد به فقتله، أو غيرَه بالحرم، أو فُعلَ ذلك بسهمه؛ بان شَطَحَ فقتلَ في الحرمِ، أو أدخل كلبُه، أو سهمُه الحرمَ، ثم خرجَ فقتل، أو جرحَه فمات في الحرمِ: لم يَضْمَن. كما لو جرحَه، ثم أحرم، ثمَّ مات (¬1). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لم تكن من صيد الحرم، كالشجرة إذا كان أصلها بالحل وأغصانها في هواء الحرم. حاشية (¬2) (¬3). * قوله: (ضمنه)؛ أيْ: المقتول من الصيد، والهالك من الفرخ أو الولد. * قوله: (أو فعل ذلك بسهمه)؛ أيْ: فعل المذكور، وهو الإرسال من الحِل على صيد بالحِل بسهمه، فالباء ليست زائدة في الفاعل. * قوله: (أو دخل سهمه)؛ أيْ: سهم مُحِلٍّ رمى صيدًا في الحِل. * قوله: (ثم خرج فقتل)؛ أيْ: صيدًا، سواء كان المقصود بالإرسال أو غيره، -على ما تقدم (¬4) -، وهذا حكمة حذف المعمول. * قوله: (ثم أحرم ثم مات). . . . . . ¬
1 - فصل
ولا يحلُ ما وُجد سببُ موتِه بالحرمِ. * * * 1 - فصلٌ ويحرمُ قَلعُ شجرِه، وحشيشِه، حتى الشَّوكِ، ولو ضَرَّ، والسواكِ، ونحوِه، والورقِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أما لو رماه و (¬1) أحرم قبل الإصابة، فإنه يضمنه اعتبارًا بحالة الإصابة. * قوله: (ولا يحل ما وجد سبب موته بالحرم) كالمسألة المتقدمة (¬2) في قوله: "أو أرسل كلبه من الحِل على صيد بالحِل فقتله أو غيره في الحرم، أو فعل ذلك بسهمه. . . إلخ"؛ لأن سبب القتل وهو نهش الكلب، أو إصابة السهم حصل بالحرم، وهو دَفْعٌ لما عساه أن يتوهم من حِلِّ كُلِّ ما كان غير مضمون، مع أنه ليس على إطلاقه، بل ما كان منه سبب موته بالحرم لا يحل، كما أن جميع ما كان مضمونًا لا يحل فتدبر!. وبخطه: لأنه ميتة، كالذي وجد سببه في الإحرام. فصل في حكم نبات الحرم * قوله: (ويحرم قلع شجره)؛ أيْ: شجر الحرم الذي لم يزرعه آدمي إجماعًا (¬3). ¬
إلا اليابسَ، والإذْخَر، والكَمأةَ، والفَقْعَ، والثمرةَ، وما زرعه آدميٌّ حتى من الشجرِ. ويُباح رعيُ حشيشِه، وانتفاعٌ بما زال، أو انكسرَ منه بغير فعلِ آدمي، ولو لم يَبِن. وتُضمن شجرةٌ صغيرةٌ عرفًا بشاةٍ، وما فوقها ببقرةٍ، ويَخيَّر بين ذلك، وبينَ تقويمه ويفعلُ بقيمتِه كجزاءِ صيد (¬1). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (إلا اليابس)؛ أيْ: من الشجر، والحشيش. * قوله: (والإذخر) قال في القاموس (¬2): "نبت طيب الريح". * قوله: (الكماة والفقع والثمرة)؛ لأنها لا أصل لها، فيكون استثناؤها (¬3) شبه المنقطع. * قوله: (وبباح رعي حشيشه) لا الاحتشاش للبهائم. * قوله: (ولو لم يبن)؛ لأنه قد تلف بكسره، لا أن ينتفع بما يقلعه كالصيد يذبحه المحرم. * قوله: (وما فوقها ببقرة) روي عن ابن عباس (¬4). ¬
وحشيشٌ، وورقٌ بقيمتِه، وغُصْنٌ بما نقص. فإن استُخْلِفَ شيءٌ منها سقطَ ضمانُه، كردٍّ شجرة فنَبَتَتْ، ويَضْمَنُ نَقْصَها. ولو غرسها في الحِلِّ، وتعذَّر ردُّها، أو يَبِستْ: ضمنها، فلو قَلَعها غيرُه ضمنها وحدَه. ويَضمن منفِّر صيدًا قُتل بالحِلِّ، وكذا مخرجُه إن لم يردَّه، فلو فداه، ثم وَلد لم يَضمن ولدَه. ويُضمن غصنٌ في هواء الحِلِّ، أصلُه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وغصن بما نقص) كأعضاء الحيوان. * قوله: (فلو قلعها غيره ضمنها)؛ أيْ: قلع الشجرة التي نقلت من الحرم إلى الحِل؛ لأنه الذي أتلفها. * قوله: (ويضمن منفر صيدًا قتل بالحِل) دون قاتله بالحِل، لتفويت المنفر حرمته بإخراجه إلى الحِل. * قوله: (فلو فداه ثم ولد لم يضمن ولده) لعله ما لم تكن حاملًا قبل الإخراج. ¬
أو بعض أصله بالحرم، لا ما بهواء الحرم، وأصلُه بالحِلِّ. وكُره إخراجُ ترابِ الحرم، وحجارته إلى الحِلِّ، لا ماءُ زمزمَ، ولا وضعُ الحصى بالمساجد، ويحرم إخراجُ ترابها، وطيبِها (¬1). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا ما بهواء الحرم وأصله بالحِل)؛ لأن الغصن تابع لأصله. يَرِدُ عليه ما تقدم (¬2) فيما إذا قتل صيدًا على غصن بالحرم وأصله بالحِل، فتدبر!. وقد يفرق: بأن الصيد لما كان معتمدًا على الغصن الذي هو بالحرم، جعل كأنه أصله، وهواؤه تابع لقراره هو، وأما الغصن نفسه فهو تابع لأصله، لا لقراره، فتدبر!. * قوله: (لا ماء زمزم)؛ لأنه يستخلف كالثمرة. * قوله: (ويحرم إخراج ترابها وطيبها) في الحِل والحرم، للتبرك وغيره؛ لأنه انتفاع بالموقوف في غير جهته، ولهذا قال أحمد (¬3): "فإن أراد أن يستشفي بطيب الكعبة، لم يأخذ منه شيئًا، ويلزق عليه طيبًا من عنده ثم يأخذه (¬4) ". ¬
2 - فصل
2 - فصلٌ وحدُّ حرمِ مكةَ من طريق المدينة: ثلاثةُ أميال عند بيوت السُّقيا (¬1). ومن اليمن. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل في تحديد حرم مكة حَدُّ حرم مكة من الجهات في هذه الأبيات: ولِلحَرمِ التحديدُ من أرض طَيْبَة ... ثلاثةُ أميالٍ لمن رَام اتْقَانَه وسبعةُ أميال عراقٌ وطائف ... وجدةُ عَشْرٌ ثم تِسْعٌ جِعِرَّانَه (¬2) ¬
سبعةٌ عند أضَاةِ لِبْنٍ (¬1). ومن العراق: كذلك على ثنية خَلٍّ (¬2)؛ جبل بالمَقْطَع (¬3). ومن الطائف، وبطن نَمِرَةَ: كذلكَ عند طرف عرفة (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (عند أضاة لبن) "أضاة" على وزن قناة. و"لبن" بكسر اللام ¬
ومن الجِعْرانة (¬1): تسعةٌ في شعب عبد اللَّه بن خالد (¬2)، ومن جُدَّةَ: عشرةٌ عند منقطع الأعشاش (¬3). ومن بطن عُرَنةَ: أحد عشرَ، وحكم "وجٍّ" -وادٍ بالطائف (¬4) - كغيره من الحِلِّ. وتُستحبُ المجاورةُ بمكة، وهي أفضلُ من المدينةِ. وتُضاعف الحسنةُ، والسيئةُ بمكان وزمان فاضل. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
3 - فصل
3 - فصلٌ ويحرمُ صيدُ حرم المدينة، وشجرُه، وحشيشُه، إلا لحاجةِ المساند، والحرث، والرَّحل، والعَلَف، ونحوِها. ومن أدخلها صيدًا فله إمساكُه، وذبحُه، ولا جزاءَ فيما حرُم من ذلك. وحرمُها: بريدٌ في بريد، بين "ثَوْر": جبل صغير إلى الحمرة بتدوير خلفَ أُحُدٍ من جهة الشمال، و"عَيْرٍ": جبلٍ مشهور بها، وذلك ما بَيْنَ لابَتَيها (¬1). وجعل بها النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حولَ المدينة: اثني عشر ميلًا حِمى (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ وسكون الموحدة (¬3). * * * ¬
7 - باب دخول مكة
7 - بابُ دخولِ مكة يُسنُ نهارًا، من أعلاها، من ثنيَّةِ كَدَاءٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب دخول مكة أيْ: أحكام دخولها. * قوله: (من ثنية كَدا) في القاموس (¬1): "وكَدا كسماء اسم عرفات، أو جبل بأعلى مكة، ودخل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- منه (¬2)، وكسُمَى: جبل (¬3) بأسفلها، وخرج منه، وجبل آخر بقرب عرفة، وكقُرى: جبل مسفلة مكة، على طريق اليمن، وكَدى منقوصة كفتى ثنية الطائف، وغلط المتأخرون في هذا التفصيل، واختلفوا فيه على أكثر من ¬
وخروجٌ من أسفلِها، من ثنيةِ كُدى، ودخولُ المسجد (¬1) من باب بني شَيْبَةَ. فإذا رأى البيت رفعَ يديه وقال: "اللهمَّ أنت السلامُ، ومنك السلام، حينا ربِّنا بالسلام" (¬2)، "اللهم زِد هذا البيتَ تعظيمًا، وتشريفًا، وتكريمًا، ومهابةً، وبِرًّا، وزد من عظَّمه وشرَّفَه ممن حجَّه واعتمره تعظيمًا، وتشريفًا، ومهابةً، وبِرًّا" (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ ثلاثين (¬4) قولًا" انتهى. * قوله: (وخروج من أسفلها من ثنية كُدى). . . . . . ¬
"الحمد للَّه ربِّ العالمين كثيرًا كما هو أهلُه، وكما ينبغي لكرم وجهِه، وعزِّ جلالِه، والحمدُ للَّه الذي بلغني بيتَه، ورآني لذلك أهلًا، والحمد للَّه على كلِّ حالٍ. اللهمَّ إنك دعوتَ إلى حجِّ بيتِك الحرامِ، وقد جئتكُ لذلك، اللهمَّ تقبل مني، واعفُ عني، وأصلِحْ لي شأني كله، لا إله إلا أنت" (¬1). يرفع بذلك صوته، ثم يطوف متمتّعٌ للعمرة، ومفردٌ وقارنٌ للقدوم، وهو: الورود. ويَضْطَبع غيرُ حاملِ معذورٍ في كلِّ أُسبوعه، ويبتدئُه من الحجرِ الأسود. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كهُدى (¬2) لا كرضى، ولا كفتى. خلافًا للغالطين في ذلك (¬3). * قوله: (ومفرد وقارن للقدوم) وهو سنة -كما يأتي (¬4) -. * قوله: (ويضطبع غير حامل معذور) قال في الشرح (¬5) على سبيل التقييد وبيان المراد: "وبحمله بردائه"، انتهى. والظاهر أن الاستثناء للمشقة، فليس ما قاله الشارح قيدًا. ¬
فيُحاذِيه، أو بعضَه بكلِّ بدنِه، ويستلمُه بيدِه اليُمْنَى، ويقبلُه، ويسجدُ عليه، فإن شقَّ لم يزاحم، واستلَمَه بيدِه وقبَّلها، فإن شق عليه فبشيءٍ وقبَّلَه، فإن شقَّ أشار إليه بيدِه، أو بشيءٍ ولا يقبِّله، واستقبلَه بوجهِه، وقال: "بسم اللَّهِ، واللَّهُ أكبر" (¬1) "اللهم إيمانًا بك. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والأظهر في بيان مراد الشارح: أنه أشار إلى أن التركيب توصيفي، لا إضافي، وأن قوله: "بحمله" متعلق بـ "معذور"، وأن قوله: "بردائه" متعلق بـ"يضطبع". * قوله: (فيحاذيه أو بعضه بكل بدنه) فيه أن محاذاته أو بعضه بكل البدن غير ممكنة، فلعل المراد محاذاة جهته، والمراد: أنه لا يبتدئ الطواف بحيث يكون بعض أجزاء بدنه قد تجاوز موضعه، بل لا بد أن يبتدئ إما قبله ليمر بكل بدنه عليه، أو يبتدئ من محاذاته كذلك، أو بعد جزء منه، لكن بحيث يكون كل بدنه محاذيًا للجزء الباقي، والعبارة تضيق عن أداء (¬2) المعنى المراد. * قوله: (واستلمه بيده)؛ أيْ: اليمنى -كما سبق أنها المستلم بها-. * قوله: (ولا يقبله)؛ أيْ: ولا يسن أن يقبل ما أشار به، من يده أو شيء من غير مَسٍّ. * قوله: (اللهم إيمانًا بك) مفعول له؛ أيْ: فعلت ذلك إيمانًا بك؛ أيْ: ¬
وتصديقًا بكتابك، ووفاءً بعهدك، واتباعًا لسُنَّةِ نبيك محمدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم-" (¬1). ثم يجعلُ البيت عن يسارِه، ويَرْمُل ماشٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لأجل إيماني أنك حق فعلت ذلك، كذا في المطلع (¬2). * قوله: (أيْ: لأجل. . . إلخ) أراد به التنبيه على إرادة الحصر، وعلى أنه مفعول له. * قوله: (وتصديقًا بكتابك) روي عن علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- أنه قال لما أخذ اللَّه عز وجل الميثاق على الذرية، كتب كتابا وألقمه الحجر، فهو يشهد للمؤمن بالوفاء، وعلى الكافر بالجحود (¬3). ذكره الحافظ أبو الفرج (¬4)، انتهى، مطلع (¬5). وحينئذٍ فالمراد من كتابه -تعالى- هنا غير القرآن، فتدبر!. * قوله: (ثم يجعل البيت عن يساره). . . . . . ¬
غيرُ حاملِ معذورٍ، ونساءٍ، ومُحْرِمٍ من مكةَ، أو قُربِها، فيسرعُ المشيَ، ويُقَاربُ الخُطى في ثلاثةِ أشواطٍ، ثم يمْشِي أربعةً، ولا يُقْضَى فيها رمل، والرَّمَلُ أولى من الدنوِّ من البيتِ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في الفروع (¬1): "قال شيخنا (¬2): لكون الحركة الدورية تعتمد فيها اليمنى على اليسرى، فلما كان (الإكرام في ذلك للخارج جعل لليمنى)، انتهى، فانظر ما المراد من ذلك، كذا كان" (¬3) توقف فيه شيخنا. وأقول: ظهر لي مراده، وذلك لأنه لما كان في الحركة الدورية الأحاطية اعتماد اليمين على اليسار -كما ذكر-، كانت اليمين أصلًا في الحركة، واليسار كالآلة لها، ففاتها الشرف الحاصل بنسبة الحركة التعبدية إليها أصالة، فجُبرَت بالقرب من البيت، ولو جعل البيت عن اليمين لحازت اليمين الشرفَين، شرف نسبة الحركة إليها، وشرف القرب من البيت، فكان يحصل لليسار انكسار، فقصد العدل بين الشقَّين، وخُصَّ كل منهما بنوع شرف، هكذا ظهر لي، فتدبر!. * قوله: (ومحرم. . . إلخ) كان ينبغي استثناء هذا فيما سبق (¬4)، وأما النساء فلا وجه؛ لاستثنائهن هناك؛ لأنهن لا يحرمن في إزال ورداء، بل ذلك في حق الرجال خاصة. * قوله: (والرمل أولى. . . إلخ)؛ لأنه فضيلة تتعلق [بذات العبادة وهي ¬
والتأخيرُ له، أو للدنوِّ أولى، وكُلَّمَا حاذى الحجرَ، والركنَ اليمانيَّ استلمهُمَا، أو أشارَ إليهما، لا الشاميَّ وهو: أولُ ركنٍ يمرُّ به، ولا الغربيَّ وهو: ما يليه، ويقول كلما حاذى الحجرَ: "اللَّه كبرُ" (¬1)، وبين (¬2) اليماني وبينه: "ربَّنَا آتنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرةِ حسنةً. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الطواف، والدنو فضيلة تتعلق] (¬3) بمكانها، وما يتعلق بذاتها المحافظة عليه أولى من المحافظة على ما يتعلق بمكانها، أو زمانها. * قوله: (والتأخير له أو للدنو أولى)؛ أيْ: أولى من المبادرة للطواف بلا رمل، أو مع البعد عن البيت. * قوله: (وكلما حاذى الحجر والركن اليماني استلمهما) إنما قدم [الحجر على] (¬4) الركن اليماني لشرفه، وإلا فالواقع أنه يمر بالركن اليماني قبل وصوله للحجر الأسود، أو يقال: الواو لا تقتضي ترتيبًا، [ولا تعقيبًا] (¬5). * قوله: (ويقول كلما حاذى الحجر الأسود: اللَّه كبر)، أيْ: فقط، على ما في الإقناع (¬6). * قوله: (في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة) في حسنة الدنيا سبعة أقوال (¬7): ¬
وقِنا عذابَ النار" (¬1)، وفي بقية طوافِه: "اللهمَّ اجعلْه حجًّا مبرورًا، وسعْيًا مشكورًا، وذَنْبًا مغفورًا، ربِّ اغْفِر وارْحَم، واهْدِني السبيلَ الأقْوَمَ، وتجاوَزْ عما تعلم، وأنت الأعز الأكرم" (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ أحدها: أنها المرأة الصالحة، قاله علي -رضي اللَّه عنه-. الثاني: أنها العبادة، وهو مروي عن الحسن. والثالث: أنها العلم، والعبادة، ويروى عن الحسن أيضًا. والرابع: المال، قاله أبو وائل وغيره. ¬
ويذكرُ، ويدعو بما أحبَّ وتُسنُّ القراءةُ فيه. ولا يُسَنُّ رَملٌ ولا اضطباعٌ في غير هذا الطوف. ومن طاف راكبًا، أو محمولًا لم يُجزئه إلا لعذر، ولا يُجزئ عن حامله إلا إن نوى وحده. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والخامس: العافية، قاله قتادة. والسادس: الرزق الواسع، قاله مقاتل. والسابع: النعمة. وفي حسنة الآخرة ثلاثة أقوال (¬1): أحدها: أنها الحور العين، قاله علي -رضي اللَّه عنه-. والثاني: الجنة، قاله الحسن وغيره. والثالث: العفو والمعافاة، انتهى، مطلع (¬2). * قوله: (وتسن القراءة فيه) قال الشيخ تقي الدين (¬3): "لا الجهر بها"، وقال أيضًا (¬4): "جنس القراءة أفضل من الطواف". * قوله: (ومن طاف راكبًا أو محمولًا لم يجزئه إلا لعذر) يعلم من هذا أن من شرط كل من الطواف والسعي المشي مع القدرة. * قوله: (ولا يجزئ عن حامله)؛ لأن القصد هنا الفعل، وهو واحد فلا ¬
أو نويا جميعًا عنه، وسعيٌ راكبًا كطواف. وإن طاف على سطح المسجدِ، أو قصدَ في طوافِه غريمًا وقصدَ معه طوافًا بنيةٍ حقيقيةٍ، لا حكميَّةٍ توجه الإجزاءُ. قاله في الفروع (¬1). ويُجزئ في المسجدِ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يقع عن شخصَين، ووقوعه عن المحمول أولى؛ لأنه لم ينو طوافه إلا لنفسه، والحامل لم يخلص قصده للطواف لنفسه. * قوله: (أو نويا جميعا عنه)؛ أيْ: عن الحامل. * قوله: (وسعي) مبتدأ خبره "كطواف". وبخطه: وذكر الموفق (¬2) إجزاء السعي راكبًا لغير عذر. * قوله: (ويجزئ في المسجد. . . إلخ) بعشر شروط، أولها: أن يكون في المسجد، وبقية العشر تؤخذ من أضداد المذكورات، التي قد أشرنا عليها، فتنبه لها!. [ثم كتب على هذه القولة ما نصه: قوله: (التي قد أشرنا عليها)؛ أيْ: وضعنا عليها علامة، وهي: أن لا يكون منكسًا، أو على جدار الحجر، أو ناقصًا، أو بلا نية، أو عريانًا، أو محدثًا، أو نجسًا، أو بلا موالاة، ولكن هذه ثمانية أشياء فتكون (¬3) مع الأول تسعة، وبقي أن يكون الابتداء من الحجر الأسود، كما ذكره المص في أول (¬4). . . . . . ¬
من وراءِ حائل، لا خارجَه، أو مُنَكِّسًا، ونحوَه، أو على جدار الحِجْر، أو شَاذَرْوان الكعبة، أو ناقصًا ولو يسيرًا، أو بلا نيَّةٍ، أو عريانًا، أو محدِثًا، أو نجسًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كيفية الطواف، فتدبر!] (¬1). ويزاد على ذلك ثلاثة شروط: أحدها: أن يكون ماشيًا إلا لعذر، [كما يعلم من قوله فيما سبق (¬2): "ومن طاف راكبًا أو محمولًا لم يجزئه إلا لعذر] (¬3) "، والثاني والثالث: الإسلام والعقل، على ما في الإقناع (¬4)، فتدبر!. * قوله: (من وراء حائل) كالقبة ونحوها. * قوله: (أو منكسًا) بأن جعل البيت عن يمينه. * قوله: (ونحوه) كما لو طاف القهقرى. * قوله: (أو شاذروان الكعبة) الشاذروان بفتح الذال المعجمة، وهو الذي ترك خارجًا عن عرض الجدار، مرتفعًا عن الأرض قدر ثلثي ذراع، ولو مس الجدار بيده في موازاة الشاذروان صح، إقناع (¬5). * قوله: (أو نجسًا) ويسن فعل المناسك كلها على طهارة، ويلزم الناس انتظار الحائض لأجل الحيض فقط -إن أمكن-. ¬
وفيما لا يَحِلُّ لِمحْرمٍ لُبْسهُ يصح، ويَفْدِي، وَيبتدِئ لحدثٍ فيه، وقطعٍ طويل. وإن كان يسيرًا، أو أُقيمت صلاةٌ، أو حضرتْ جنازة صلَّى، وبَنَى من الحَجَرِ، فلا يُعتدُّ ببعض شوْطٍ قُطع فيه. فإذا تَمَّ تنفَّلَ بركعتَين، والأفضلُ: كونهمَا خلفَ المَقام، وبـ "الكافرون" و"الإخلاص" بعدَ الفاتحة، وتُجزئ مكتوبةٌ عنهما. ويُسنُّ عَودُهُ إلى الحَجَر فيستلمُه، والإكثارُ من الطواف كلَّ وقت. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وبفدي)؛ أيْ: للبسه إياه، لطوافه (¬1) فيه. * قوله: (ويبتدئ لحدث) بعمد، أو سبق. * قوله: (فإذا تم تنفل بركعتَين) أشار إلى أنهما نفل، خلافًا لمن قال بوجوبهما (¬2). * قوله: (والأفضل كونهما خلف المقام) قال في الفروع (¬3): "ولا يشرع تقبيل المقام ومسحه إجماعًا، فسائر المقامات أولى، [ذكره شيخنا] (¬4) " (¬5). * قوله: (وبالكافرون) منع ظهور الجَرِّ الحكايةُ. ¬
وله جمعُ أسابيعَ بركعتَين لكلِّ أسبوعٍ منها، وتأخيرُ سعيه عن طوافِه بطوافٍ وغيرِه. وإن فَرَغ متمتعٌ، ثم عَلِمَ أحد طوافَيْه بلا طهارةٍ، وجهله لزمَه الأشدُّ، وهو جعلُه للعمْرة، فلا يُحِلُّ بحلْق، وعليه به دمٌ، وبصيرُ قارنًا، ويُجزِئُه الطوافُ للحجِّ عن النُّسكَين، ويُعيدُ السعيَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وله جمع أسابيع بركعتَين لكل أسبوع) فلا تعتبر الموالاة بين الطواف، والصلاة، بخلاف التكبير في أيام التشريق، وسجدة التلاوة، فإنه يكره؛ لأنه يؤدي إلى فواته، ذكره القاضي وغيره (¬1). * قوله: (وتأخير سعيه عن طوافه) لعدم وجوب الموالاة. * قوله: (لزمه الأشد) لتبرأ ذمته منه (¬2) بيقين. * قوله: (ويصير قارنًا)؛ لأنه أدخل الحج على العمرة. * قوله: (ويعيد السعي)؛ لأنه كان قد وقع بعد طواف غير (¬3) معتدٍّ به (¬4). ¬
وإن جُعِلَ من الحج فيلزمُه طوافُه، وسعيُه، ودمٌ. وإن كان وَطِيء بعد حِلِّه من عمرتِه لم يصحَّا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطة: مقتضى القواعد إعادة الطواف والسعي، ليبرأ من العهدة بيقين، لاحتمال كونه طواف الحج، لكن ما قاله المص هو صريح كلامهم (¬1)، أشار إليه شيخنا في شرحه (¬2). * قوله: (فيلزمه طوافه وسعيه ودم) لم يذكره في إلانصاف، ولا في الإقناع، ووجه اللزوم: أنه دم تمتع، كذا ذكره شيخنا (¬3)، [وليس لأجل الحلق، فما في شرحه (¬4) فيه نظر، كما نبَّه عليه شيخنا] (¬5) في الحاشية (¬6)، وبسط الكلام على ذلك، فراجعه!. * قوله: (لم يصحَّا) حيث فرضنا أن طواف العمرة كان بلا طهارة؛ لأنه أدخل حجًّا على عمرة فاسدة، فلم يصح ويلغو ما فعله من أفعال الحج. ¬
1 - فصل
وتحللَ بطوافه الذي نواه لحجِّه من عمرتِه الفاسدةِ، ولزمَه دمٌ لحلْقه، ودمٌ لوطْئِه في عمرتِه. * * * 1 - فصلٌ ثُمَّ يخرجُ للسعي من باب الصَّفا، فيَرقَى الصَّفا ليرى البيتَ، ويكبِّرُ ثلاثًا، ويقول ثلاثًا: "الحمدُ للَّه على ما هدانا، لا إله إلا اللَّه وحدَه لا شريك له، له الملكُ، وله الحمدُ، يُحيي ويُميتُ، وهو حيٌ لا يموتُ، بيدِه الخيرُ وهو على كلِّ شيء قديرٌ، لا إله إلا اللَّه وحدَه لا شريكَ له، صدقَ وعدَه، ونصر عبدَه، وهزمَ الأحزاب وحدَه" (¬1)، ويدعو بما أحبَّ، ولا يلبِّي. ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (وهزم الأحزاب وحده) هم الذين تحزبوا عليه -عليه السلام- يوم الخندق، وهم قريش، وغطفان، واليهود (¬2). * قوله: (ويدعو بما أحب) روي عن ابن عمر كان يدعو فيقول: "اللهم ¬
ثم ينزلُ فيمشي حتى يَبْقَى بينَه وبين العَلَم نحوُ ستةِ أذرع، فيسعى ماشٍ سعيًا شديدًا إلى العلم الآخرِ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اعصمني بدينك، وطواعيتك، وطواعية رسولك، اللهم جنبني حدودك، اللهم اجعلني ممن يحبك، ويحب ملائكتك، وأنبياءك، ورسلك، وعبادك الصالحين، اللهم يسر لي اليسرى، وجنبني العسرى، واغفر لي في الأولى والأخرى، واجعلني من أئمة المتقين (¬1)، واجعلني من ورثة جنة النعيم، واغفر في خطيئتي يوم الدين، اللهم إنك قلت: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60]، وإنك لا تخلف الميعاد، اللهم إذ هديتني للإسلام فلا تنزعني منه، ولا تنزعه مني حتى تتوفاني على الإسلام، اللهم لا تقدمني للعذاب، ولا تؤخرني لسوء الفتنة" (¬2). قال أحمد (¬3): "ويدعو بدعاء ابن عمر"؛ يعني: وهو هذا المتقدم (¬4). * قوله: (وبين العلَم) وهو المِيل الأخضر في ركن المسجد. * قوله: (إلى العلَم الآخر). . . . . . ¬
ثم يمشي حتى يَرقى المَرْوةَ، فيقولُ كما قال على الصَّفا، ويجب استيعابُ ما بينَهما، فيُلصِقُ عَقِبَه بأصلهما. ثم ينزلُ فيمشي في موضعِ مشيه، ويَسْعَى في موضع سعيه إلى الصفا يفعلُه سبعًا ذهابُه سَعْيةٌ، ورجوعه سَعْيَةٌ، فإن بدأ بالمروةِ لم يُحتسب بذلك الشرط. ويُشترط: نيتُه، ومُوالاتُه، وكونُه بعد طواف، ولو مسنونًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو (¬1) المِيل الأخضر بفناء المسجد، حذاء دار العباس. * قوله: (فيمشي في موضع مشيه ويسعى في موضع سعيه) يبدأ بالصفا، ويختم بالمروة. * قوله: (وكونه بعد طواف)؛ أيْ: طواف نسك، كما نبه عليه الحجاوي في حاشية. التنقيح (¬2)، مع أنه لم يتنبَّه له في الإقناع (¬3) فأطلق، فتدبر!. * قوله: (ولو مسنونًا) وهو طواف القدوم؛ لأنه يصدق عليه أنه مسنون، ¬
وتسن: موالاته بينهما، وطهارة، وسترة، لا اضطباع، والمرأة لا ترقى، ولا تسعى سعيًا شديدًا. وتُسن مبادرةُ معتمِر بذلك، وتقصيرُه ليحلقَ للحج، ويتحلَّل متمتِّعٌ لم يَسُقْ هديًا ولو لَبَّد رأسه. ويقطع التَّلبية متمتعٌ، ومعتمرٌ إذا شرعَ في الطوافِ، ولا بأسَ بها في طوافِ القدومِ سرًّا. ـــــــــــــــــــــــــــــ وطواف نسك. وإن سعى المفرد أو القارن بعد طواف القدوم لم يلزمهما سعي بعد ذلك. * قوله: (ويتحلل متمتع لم يسُق هديًا ولو لبَّد رأسه) أما المعتمر غير المتمتع فإنه يحلُّ، سواء كان معه هدي أو لا، في أشهر الحج أو غيرها. * قوله: (ولا بأس بها في طواف القدوم سرًّا) قال في الفروع (¬1): "والسعي بعد طواف القدوم يتوجه أن حكمه كذلك" -[أيْ: لا بأس بالتلبية فيه سرًّا] (¬2)، "وهو مراد أصحابنا؛ لأنه تبع له". * * * ¬
8 - باب صفة الحج
8 - بابُ صفةِ الحج يُسنُّ لمحلٍّ بمكةَ وقُربِها، ومتمتِّع حلَّ: إحرامٌ بحجٍّ في ثامن ذي الحجة، وهو يومُ التَّروية، إلا من لم يجدْ هديًا وصام ففي سابِعه، بعدَ فعلِ ما يفعلُه في إحرامِه من الميقات، وطوافٍ، وصلاةِ ركعتين، ولا يطوفُ بعدَه لوداعِه. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب صفة الحج * قوله: (ومتمتع)؛ أيْ: لم يكن ساق هديًا. * قوله: (بعد فعل ما يفعله في إحرامه من الميقات) من الغسل، والتطيب في بدنه، والتجرد من المخيط. * قوله: (وطواف) يصح رفعه عطفًا على "إحرام" وجره عطفًا على محل "ما" أو على "فعل"، وهذا الأخير هو الذي حلَّ عليه (¬1) الشارح (¬2). * قوله: (ولا يطوف بعده لوداعه)؛ أيْ: لا يسن له ذلك، فلو طافه، وسعى بعده لم يجزئه عن السعي الواجب، لما سلف (¬3) من أنه لا يكون إلا بعد طواف مشروع، وقد تبين أن هذا الطواف غير مشروع. ¬
والأفضلُ: من تحتِ المِيْزابِ، وجازَ وصح من خارج الحرمِ. ثم يخرجُ إلى مِنًى قبلَ الزوالِ فيصلِّي بها الظهرَ مع الإمامِ، ثم إلى الفجرِ، فإذا طلعت الشمس سار فأقام بِنَمِرَةَ إلى الزوال. فيخطبُ بها الإمام، أو نائبُه خطبةً قصيرةً مفتتحةً بالتكبير، يعلمهم فيها الوقوفَ، ووقتَه، والدفعَ منه، والمبيتَ بِمزْدلفةَ، ثم يجمعُ من يجوزُ له حتى المنفردُ بين الظهرِ، والعصرِ، ويُعجِّل، ثم يأتي عَرفة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فيصلي بها الظهر) ولا دم عليه. * قوله: (ثم إلى الفجر) لو قال: ثم إلى طلوع الشمس، لكان أظهر. * قوله: (فإذا طلعت الشمس)؛ يعني: من اليوم التاسع، وهو يوم عرفة. * قوله: (ثم يجمع من يجوز له) وهو المسافر سفر قصر، على ما سبق (¬1) في باب صلاة أهل الأعذار (¬2)، حيث قال: "ومن نوى إقامة بمكة فوق أربعة أيام، أو كان مكيًّا فلا يجمع بعرفة ومزدلفة؛ لأنه ليس بمسافر سفر قصر"، انتهى المقصود. * قوله: (حتى المنفرد) إشارة إلى خلاف أبي حنيفة، القائل: بأنه لا يجمع إلا مع الإمام أو نائبه (¬3). * قوله: (ويعجل)؛ أيْ: يجمع جمع تقديم. * قوله: (ثم يأتي عرفة) ظاهره أن المحل الذي كان فيه ليس من عرفة، مع ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنه منها، ولعل المراد: ثم يأتي محل الوقوف من عرفة، تأمل! (¬1). وبخطه: في الصحاح (¬2): "عرفات اسم في لفظ الجمع، قال الفراء: ولا واحد له بصِحَّةٍ، وقولُ الناس نزلنا عرفة، شِبهُ مولد، فليس بعربي محض، انتهى. لكن اعترض على الفراء بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الحج عرفة" (¬3)، وهو أفصح الفصحاء". ¬
وكلُّها موقفٌ إلا بطن عُرنَة، وهي: من الجبلِ المشرفِ على عُرنَة، إلى الجبالِ المقابلةِ له، إلى ما يلي حوائطَ بني عامر (¬1). وسُنَّ وقوفُه راكبًا، بخلافِ سائرِ المنَاسك، مستقبِل القبلةِ عند الصخراتِ وجبلِ الرحمة، ولا يُشرع صعودُه، ويرفعُ يديه، ويكثرُ الدعاء، ومن قولِ: "لا إله إلا اللَّه وحدَه لا شريكَ له، له الملكُ، وله الحمدُ، يحيي ويميتُ، وهو حيٌ لا يموت، بيده الخيرُ، وهو على كلِّ شيء قدير" (¬2). "اللهمَّ اجعل في قَلْبِي نورًا، وفي بَصَرى نورًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وكلها موقف. . . إلخ) جملة معترضة بين الضمير ومرجعه. ¬
وفي سَمْعي نورًا، ويَسِّرْ لي أمْرِي" (¬1). ووقتُه من فجرِ يومِ عرفةَ، إلى فجرِ يومِ النَّحر، فمن حصلَ لا معَ سُكْرٍ، أو إغماء فيه بعرفةَ، لحظةً (¬2)، وهو أهل، ولو مارًّا، أو نائمًا، أو جاهلًا أنها عرفةٌ: صح حجه. وعكسُه إحرامٌ، وطوافٌ، وسعيٌ، ومن وقف بها نهارًا، ودفَعَ قبلَ الغروب ولم يَعدْ، أو عاد قبله. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو إغماء فيه)؛ أيْ: في وقت الوقوف. * قوله: (وهو أهل) بأن كان مسلمًا، عاقلًا، مُحرِمًا بالحج، وزاد في شرحه (¬3): "مكلَّفًا حرًّا" وهو غير محتاج إليه، إذ ليس ذلك شرطًا للصحة، بل لإجزائه عن حجة الإسلام، نبه عليه شيخنا في الحاشية (¬4). * قوله: (وعكسه إحرام وطواف وسعي) المراد: ويخالفه في الحكم ما ذُكِرَ فلا يصير من حصل بالميقات مُحرِمًا بلا نية؛ لأن الإحرام هو النية -كما سبق (¬5) -، ¬
1 - فصل
ولم يَقعْ وهو بها، فعليه دمٌ، بخلافِ واقفٍ ليلًا فقط. * * * 1 - فصلٌ ثم يدفعُ بعدَ الغروبِ إلى مزدلفة، وهي: ما بين المَأزِمَيْن، ووادي مُحسِّر، بسَكينةٍ، مستغفرًا، يسرع في الفُرْجَة. فإذا بلغها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وكذا الطواف والسعي لا يصحان بلا نية، وتقدم (¬1)، شرح (¬2). * قوله: (فعليه دم)؛ لتركه واجبًا، وهو الوقوف في جزء من أجزاء الليل. * قوله: (فقط)؛ أيْ: فإنه لا دم عليه بعدم وقوفه جزءًا من النهار، لأنه ليس بواجب. فصل * قوله: (وهي ما بين المأْزِمَين) تثنية مأزم، وهما جبلان بين عرفة ومزدلفة، وأصل المأزم: المضيق بين الجبلَين (¬3)، وقال النووي (¬4): "الطريق بين الجبلَين"، ويمكن الجمع بينهما بأن المراد: الطريق المضيق بينهما. * قوله: (بسكينة)؛ أيْ: ووقار. * قوله: (فإذا بلغها)؛ أيْ: مزدلفة. ¬
جمعَ العشاءَين بها قبل حَطِّ رحلِه، وإن صلَّى المغربَ بالطريق تركَ السُّنَّةَ وأجزأة، ومن فاتته الصلاةُ مع الإمامِ بعرفةَ، أو مزدلفةَ جمع وحدَه، ثم يَبيت بها، وله الدفعُ قبلَ الإمامِ، وبعدَ نصفِ الليل. وفيه قَبْلَهُ -على غيرِ رُعَاةٍ وسُقَاةٍ- دمٌ ما لم يَعدْ إليها قبلَ الفجرِ، كمن لم يأتها إلا في النصفِ الثانِي. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (جمع العشائين بها)؛ أيْ: من يجوز له الجمع جمع تأخير. * قوله: (ومن فاتته الصلاة مع الإمام بعرفة أو مزدلفة جمع وحده)، مقتضى المفهوم: أنه لو أراد الصلاة قبل الإمام أنه لا يجمع، ولعله غير مراد، والمراد ومن لم يصلِّ مع الإمام جمع وحده، سواء كان ذلك قبل صلاة الإمام أو بعده، ولم يتعرض في شرحه (¬1) للمحترز. وبخطه: على قوله: (جمع وحده) انظر هل هذا يغني عنه قوله فيما سبق (¬2): "حتى المنفرد"؟، وقد يقال: إنما أعاده للتنبيه على مخالفة القائل: بأنه لا يجمع إلا إذا جمع الإمام، وأن يكون معه، وهو مذهب أبي حنيفة (¬3)، فعلى هذا المراد بكونه منفردًا: أن لا يكون مع الإمام الأعظم، ولو كان في جماعة، والمراد بالمنفرد فيما سبق: المنفرد حقيقة، فهما متغايران حينئذٍ، فتدبر!. * قوله: (وفيه)؛ أيْ: الدفع، خبر "دم"، قُدِّم عليه. * قوله: (وسقاة)؛ أيْ: أهل سقاية العباس خاصة، وهم سقاة زمزم على ¬
ومن أصبح بها صلَّى الصبحَ بغَلَسٍ (¬1)، ثم أتى المَشْعَرَ الحرام، فَرقِيَ عليه، أو وقفَ عندَه، وحمدَ اللَّه -تعالى-، وهلَّل، وكبَّر (¬2). ودعا فقال: "اللهمَّ كما وفَّقْتَنا فيه، وأريْتَنا إياه، فوفِّقنا لذكرك كما هديتَنا، واغفِر لنا، وارحمنَا كما وعَدْتَنا بقولِك -وقولُك الحقُّ-: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ} إلى {غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 198 - 199] (¬3). فإذا أسفر جدًّا سار بسَكينةٍ، فإذا بلَغ مُحَسِّرًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ما في المطلع (¬4)، فراجعه!. * قوله: (محسِّرًا) وهو بضم الميم، وفتح الحاء المهملة، وكسر السين المهملة المشددة، وادٍ معروف عن يسار مزدلفة سمي به؛ لأن ليل أصحاب الفيل حَسَّر فيه؛ أيْ: أعْيَا (¬5) (¬6)، وكل أهل مكة يسمونه وادي النار، فيل: لأن شخصًا اصطاد فيه ¬
أسرع رَميةَ حجرٍ، ويأخذ حصى الجمار سبعين: أكبرَ من الحِمِّص، ودُون البندقِ، كحَصَى الخَذْف، من حيثُ شاء، وكُرِه من الحرمِ، ومن الحَشِّ، وتكسيرُه. ولا يُسنُّ غسله، وتُجزِئ حصاةٌ نجسةٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فنزلت نار من السماء فحرقته (¬1). وأول محسِّر من القرن المشرف من الجبل الذي على يسار المذاهب إلى منى. * قوله: (وكره من الحرم) فيه نظر، إلا أن يراد به المسجد، كذا أجاب به عن صاحب الفروع (¬2). قال في المنقح في تصحيحه (¬3): "ويتوقف في ذلك أيضًا؛ لأنهم نصُّوا على أن إخراج تراب المسجد وطيبه حرام". ولم يظهر فرق بين ترابه وحصبائه (¬4)، إلا أن يقال: مرادهم بالتراب المحرم ¬
وفي خاتَم إن قصدها، وغيرُ معهودةٍ: كمنْ مِسَنٍّ، وبِرَامٍ ونحوِهما. لا صغيرةٌ جدًّا أو كبيرةٌ، أو ما رُميَ بها، أو غير الحصى كجوهرٍ وذهبٍ ونحوهما، فإذا وصل مِنًى وهي: ما بين وادي مُحَسِّرٍ، وجَمْرةِ العقبة، بدأ بها، فرماها بسبع. ويُشترطُ: الرمي، فلا يُجزِئ الوضعُ، وكونُه واحدةً بعدَ واحدةٍ، فلو رمى دَفعةً فواحدةٌ، ويؤدَّبُ. وعلمُ الحصولِ بالمرْمَى، فلو وقعتْ خارجَه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إخراجه ما كان من أجزائه، ويالحصباء (¬1) الغير المحرم إخراجه ما لم يكن من أجزائه، وهذا الفرق مشكل بالطيب. وقد يفرق بين الطيب وبين الحصى والتراب بالمالية وعدمها. * قوله: (وعلم الحصول بالمرمى) نقل شيخنا (¬2) عن ابن جماعة أنه قال في مناسكه (¬3): "إنه لم ير من نبّه على المراد من المرمى من أهل مذهبه، ولا من غيرهم، ولكن يؤخذ مما نص عليه الحنابلة من أنه لو رمى حصاة فوقعت خارجه، ثم تدحرجت فيه أجزأته، أن المراد منه مجتمع الحصى، لا الشاخص المرتفع فيه". أقول: انظر هذا مع قول النووي في تحرير التنبيه (¬4) ما نصه: "قال الشافعي -رحمه اللَّه تعالى-: الجمرة مجتمع الحصى لا ما سال، فمن رمى في المجتمع أجزأه، ومن رمى في المسائل فلا" انتهى، فهذا صريح فيما استنبطه. ¬
ثم تدحرجتْ فيه، أو على ثوب إنسانٍ، ثم صارت فيه، ولو بنَفْضِ غيره أجزأته. ووقتُه من نصفِ الليل، ونُدِبَ: بعدَ الشروقِ، فإن غربتْ فمن غدٍ بعدَ الزوالِ، وأن يُكَبِّرَ مع كلِّ حصاةٍ (¬1)، ويقول: "اللهمَّ اجعله حجًّا مبرورًا، وذنبًا مغفورًا، وسعيًا مشكورًا" (¬2)، ويَسْتبطنَ الواديَ، ويستقبلَ القبلةَ، ويرميَ على جانبهِ الأيمنِ، ويَرفعَ يمناه حتى يُرى بياضُ إبْطِهِ، ولا يقفَ. وله رميُها من فوقها، وبقطع التلبيةَ بأولِ الرمي، ثم ينحر هديًا معه، ثم يحلق، وسُنَّ: استقبالُه، وبداءةٌ بشقه الأيمن. أو يُقصِّر من جميعِ شَعرِه، لا من كلِّ شعرة بعينها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ثم صارت فيه) يؤخذ من العطف بـ "ثم" أنه لا تشترط الفورية. * قوله: (ولو بنفض غيره أجزأته) نص عليه (¬3)، وقال ابن عقيل (¬4): لا تجزئه؛ لأن حصولها في المرمى بفعل الثاني، قال في الفروع (¬5): وهو أظهر، قال في ¬
والمرأةُ تقصِّرُ كذلك أنْمُلَةً فأقلَّ كعبدٍ، ولا يحلقُ إلا بإذن سيده. وسُنَّ أخذُ ظُفر، وشارب، ونحوِه، ولا يُشارِط الحلاقَ على أجرة، وسُنَّ إمرارُ الموسَى على مَن عَدِمه، ثم قد حَلَّ له كلُّ شيءٍ إلا النساء. والحلق والتقصيرُ نسكٌ، في تركِهما دمٌ، لا إن أخرهما عن أيامِ منًى، أو قدّم الحلقَ على الرمي، أو على النحرِ، أو نحوَ، أو طافَ قبلَ رميه، ولو عالمًا. ويحصل التحلُّل الأول باثنين: من رمي، وحلق، وطواف. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الإنصاف (¬1): قلت: وهو الصواب. إقناع (¬2). * قوله: (ولا يحلق إلا بإذن سيده) قال الزركشي (¬3): "لأن الشعر ملك للسيد، ويزيد في قيمته، ولم يتعين زواله، فلم يكن له ذلك كغير حال الإحرام، نعم إن أذن له سيده جاز، إذ الحق له"، انتهى بحروفه. * قوله: (إلا النساء)؛ أيْ: فلا يبحنَ له وطء، ولا مباشرة، ولا عقدًا، حاشية (¬4). * قوله: (والحلق والتقصير نسك) الواو بمعنى "أو". * قوله: (في تركهما)؛ أيْ: في ترك جميعهما لا مجموعهما؛ لأنه لو حلق ولم يقصر، أو عكسه لا شيء عليه؛ لأنه فعل الواجب. ¬
والثاني بما بقي معَ سعيٍ. ثم يخطبُ الإمام بمنًى يومَ النحر خطبةً يفتتحها بالتكبير، يعلِّمهم فيها: النحرَ، والإفاضةَ، والرميَ. ثمُ يفيض إلى مكةَ، فيطوفُ مفردٌ، وقارنٌ، لم يدخلاها قبلُ، للقدوم بِرَمل، ومتمتعٌ بلا رمَل، ثم للزيارة، وهي الإفاضة، ويعيِّنه بالنية، وهو ركنٌ لا يتمُّ حجٌّ إلا به. ووقتُه من نصفِ ليلةِ النحر لمن وقفَ، وإلا فبعدَ الوقوف، ويومَ النحر أفضلُ، وإن أخَّره عن أيام منًى جازَ، ولا شيء فيه كالسعي. ثم يسعى متمتع. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه (¬1): وعلم من كونهما نسكًا، أنه لا بد من نيتهما كنية الطواف، نبه عليه شيخنا في كل من الشرح (¬2)، والحاشية (¬3). * قوله: (والثاني بما بقي مع سعي) فعلى هذا التحلل الأول باثنين من ثلاث، والثاني باثنين من أربع. * قوله: (لمن وقف) وتقدم بالهامش (¬4) كلام صاحب الإنصاف (¬5) -نقلًا عن غيره-: أنه يمكن إدراك حجتَين في عام واحد. ¬
ومن لم يسعَ مع طوافِ القدوم. ثم يشربُ من ماءِ زمزمَ لما أحبَّ، ويتضلَّع (¬1)، ويرشُّ على بدنِه، وثوبِه، ويقول: "بسم اللَّه اللهمَّ اجعلْه لنا علمًا نافعًا، ورزقًا واسعًا، وريًّا، وشِبَعًا، وشفاءً من كلِّ داء، واغسل به قلبي، واملأه من خشيتِك" (¬2). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومن لم يسْعَ مع طواف القدوم)؛ أيْ: من مفرد أو قارن؛ لأنه لا يطلب تكراره على ما سبق (¬3). * قوله: (وريًّا) بفتح الراء وكسرها (¬4). ¬
2 - فصل
2 - فصلٌ ثم يرجعُ، فيصلِّي ظهرَ يومِ النحرِ بمنى، ويبيتُ بها ثلاثَ ليال. ويَرمِي الجمراتِ بها أيام التشريق، كلَّ جمرةٍ بسبعِ حصياتٍ، ولا يُجزِئ رميُ غير سُقاة ورُعاة إلا نهارًا بعدَ الزوالِ، وسُنَّ قبل الصلاة. يبدأُ بالأولى: أبعدَهنَّ من مكةَ، وتَلِي مسجد الخَيْف، فيجعلُها عن يسارِه، ثم يتقدَّم قليلًا، فيقفُ يدعو، ويطيل، ثم الوسطى، فيجعلُها عن يمينِه، ويقفُ عندها، فيدعو، ثم جَمْرةِ العقبة، ويجعلُها عن يمينه، ويَسْتَبْطن الواديَ، ولا يقفُ عندها، ويستقبلُ القبلةَ في الكلِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (ثم يرجع)؛ أيْ: مَنْ أفاض إلى مكة، يرجع إلى منى. * قوله: (وسن قبل الصلاة)؛ أيْ: صلاة الظهر، لكن لا يصح إلا بعد الزوال. * قوله: (وتلي مسجد الخيف) [المراد: ليس بينها وبين مسجد الخيف] (¬1) جمرة، وإلا فهي بعيدة عن مسجد الخيف، فتدبر!. * قوله: (ويجعلها عن يمينه) وعلم ذلك من قوله فيما سبق (¬2): "ويرمي على جانبه الأيمن"، لكن ذكره لتتميم تفصيل الحكم في الجمار الثلاث. * قوله: (ولا يقف عندها)؛ أيْ: لا يستحب، لا أنه لا يجوز. ¬
وترتيبها شرطٌ، كالعددِ، فإن أخلَّ بحصاةٍ من الأولى لم يصح رمي الثانية، فإن جَهل من أيِّها تُرِكتْ بنى على اليقين. وإن أخَّر رمي يوم، ولو يوم النحر إلى غدِه، أو أكثرَ، أو الكلَّ إلى آخر أيامِ التشريق أجزأ أداءً، ويجبُ ترتيبه بالنية، وفي تأخيره عنها دمٌ كتركِ مبيتِ ليلةٍ بمنى، وفي تَرْكِ حَصَاةٍ ما في شعرةٍ، وفي حَصاتَين ما في شَعْرتَين. ولا مبيتَ على سقاة ورُعاة، فإن غربتْ وهم بها لزم الرعاةَ فقط المبيت. ويَخطبُ الإمام ثانِي أيامَ التشريق خطبةً يعلِّمُهم حكمَ التعجيل، والتأخيرِ، وتوديعَهم. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وترتيبها شرط كالعدد) والظاهر أنه لا تشترط الموالاة، مص (¬1) (¬2). أقول: ويدل عليه قوله: "وإن جهل من أيِّها تركت بنى على اليقين"؛ أيْ: فيجعلها من الأولى، فيذهب إليها فيرميها بحصاة واحدة فقط، ثم يعيد رمي ما بعدها، فإنه لو كانت الموالاة معتبرة، لأعاد رمي الأولى كاملًا لطول الزمن. * قوله: (وفي ترك حصاة. . . إلخ)؛ أيْ: بشرط أن يكون من الأخيرة، وأن يكون سائر ما قبلها من الجمرات وقع تامًّا، وأن تكون أيام التشريق قد مضت، فإنه لو كان المتروك من غير الأخيرة، لم يصح رمي ما بعد الجمرة التي ترك منها، ولو كان ما قبل المتروك منها لم يصح رميه، ولم يصح رمي ما بعده بالمرة، ولو كان ¬
ولغير الإمام المقيم للمناسكِ التعجلُ فيه، فإن غربتْ وهو بها لزمه المبيتُ، والرميُ من الغد. ويَسقطُ رميُ اليومِ الثالثِ عن متعجلٍ، ويدفنُ حصاه، ولا يضرُّ رجوعُه. فإذا أتى مكةَ لم يخرجْ حتى يُودِّعَ البيتَ بالطواف إذا فرغ من جميعِ أمورِه وسُنَّ بعدَه تقبيلُ الحجر، وركعتان، فإن وَدَّعَ ثم اشتغل بغير شدِّ رَحْلٍ ونحوِه، أو أقام أعاده. ومن أخَّرَ طوافَ الزيارة، ونصه (¬1)، أو القدوم، فطافه عند الخروج أجزأه، فإن خرج قبل الوداع رجع، ويحرمُ بعمرة إن بَعُدَ، فإن شقَّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المتروك من الأخيرة ولم تمض جميع أيام التشريق وجب عليه أن يعيد، ولم يجزئه الإطعام، لبقاء وقت الرمي -كما تقدم جميع ذلك-، فافهم تسلم!. * قوله: (وهو بها)؛ أيْ: من يريد التعجيل. * قوله: (وركعتان) وهما ركعتا الطواف. * قوله: (طواف الزيارة) وهو طواف الإفاضة -كما تقدم (¬2) -. * قوله: (ويحرم بعمرة إن بعد) في شرح شيخنا على الإقناع (¬3) ما نصه: "ويلزم الناس في الأصح (¬4). . . . . . ¬
أو بَعُدَ مسافةَ قصر فعليه دم. ولا وداعَ على حائض ونفساء، إلا أن تطهرَ قبل مفارقة البنيان. ثم يقفُ في المُلْتَزم: بين الركن والباب ملصقًا به جميعه، ويقول: "اللهمَّ هذا بيتُك، وأنا عبدُك، وابن عبدِك. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ -وجزم به ابن شهاب (¬1) (¬2) - انتظار الحائض لأجل الحيض فقط إن أمكن"، انتهى المراد، وذكر حاصله في الحاشية (¬3) في الباب قبله. أقول: وعلى هذا فينبغي أن يزاد على ما سلف (¬4) باب الحيض مما يتميز به النفاس عن الحيض حيث قال: "ونفاس مثله إلا كذا وكذا". * قوله: (فعليه دم)؛ أيْ: رجع أولًا على الصحيح من المذهب -كما صرح به في الإنصاف (¬5) - حاشية (¬6). * قوله: (إلا أن تطهر)؛ أيْ: كل واحدة منهما، والأولى: تطهرا، إلا أن تكون الواو بمعنى "أو" وفي بعض النسخ بالألف. ¬
وابن أمتِك، حملتني على ما سخرتَ لي من خلقك، وسيَّرتني في بلادك حتى بلَّغتني بنعمتك إلى بيتك، وأعشي على أداء نُسُكي، فإن كنت رضيت عني فازدد عني رضا، وإلا فَمُنَّ (¬1) الآن قبلَ أن تنأى عن بيتِك دارِي، وهذا أوانُ انصرافي إن أذنتَ لي، غير مستبدلٍ بك، ولا ببيتك، ولا راغبٍ عنك، ولا عن بيتِك، اللهمَّ فأصحِبْنِي العافيةَ في بدني، والصحةَ في جسمي، والعصمةَ في ديني، وأحسنْ مُنقلبي، وارزقني طاعتَك ما أبقيتني، واجمعْ لي بين خيري الدنيا والآخرة إنك على كلِّ شيء قدير" (¬2)، ويدعو بما أحبَّ، ويصلِّي على النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. ويأتي الحَطيمَ أيضًا، وهو تحت المِيْزَاب. ثم يشربُ من زمزم، ويستلمُ الحجر، وبقبلُه، وتدعو حائضٌ، ونفساء من بابِ المسجد. وسُنَّ دخولُه البيتَ بلا خفٍّ، ونَعْلٍ، وسلاحٍ، وزيارةُ قبرِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وسن دخوله البيت). . . . . . ¬
وقبر صاحبيهِ -رضي اللَّه تعالى عنهما- فيسلمُ عليه مستقبلًا له، ثم يستقبلُ القبلةَ، ويجعلُ الحجرةَ عن يسارِه، ويدعُو (¬1)، ويَحرمُ الطوافُ بها، ويكرهُ التمسحُ (¬2)، ورفعُ الصوت عندها (¬3). وإذا توجَّه هلَّل، ثم قال: "آيِبُون، تائِبُون، عابدون، لربنا حامدون. صدق اللَّه وعده، ونصرَ عبدَه، وهزَم الأحزاب وحده" (¬4). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ قال ابن جماعة (¬5): "فإن لزم عليه أذية نفسه، أو غيره، أو كشف عورة بسبب الزحام -كما هو مشاهد في عصرنا هذا-: حرم". * قوله: (آيبون) من الإياب وهو: الرجوع. ¬
3 - فصل
3 - فصل ومن أراد العمرة، وهو بالحرم، خرج فأحرم من الحِلِّ، والأفضلُ: من التنعيم، فالجِعْرانةِ، فالحُدَيْبِيَة (¬1)، فما بعد، وحَرُم من الحرمِ، وينعقدُ، وعليه دمٌ، ثم يطوف، ويسعى، ولا يحلُّ حتى يحلق، أو يقصِّرَ. ولا بأس بها في السنة مرارًا، وفي غير أشهر الحج أفضلُ، وكُرِه إكثارٌ منها، وهو برمضان أفضلُ. ولا يُكره إحرامٌ بها يومَ عرفةَ، والنحرِ، وأيامَ التشريق. وتجزئ عمرةُ القارن، ومن التنعيم: عن عمرة الإسلام. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل في صفة العمرة * قوله: (وهو بالحرم) مكيًّا أو غيره. * قوله: (فالجعرانة) بكسر الجيم وسكون العين وتخفيف الراء، وأما بكسر العين وتشديد الراء فلغة ضعيفة، وقال الشافعي: هو خطأ (¬2). * قوله: (وهو برمضان أفضل) لما في حديث ابن عباس "العمرة برمضان ¬
4 - فصل
4 - فصلٌ أركانُ الحج: الوقوفُ بعرفة، وطوافُ الزيارة، فلو تركه رجعَ معتمرًا، والإحرامُ، والسعيُ. وواجباتُه: الإحرامُ من الميقاتِ، ووقوفُ من وقفَ نهارًا إلى الغروبِ، والمبيتُ بمزدلفةَ إلى بعد نصفِ الليل إن وافاها قبله، والمبيتُ بمنى، والرميُ، وترتيبه، والحلاقُ، أو التقصير، وطوافُ الوداع، وهو الصَّدر. ـــــــــــــــــــــــــــــ تعدل حجة" (¬1) متفق عليه. فصل في ذكر عدد الأركان والواجبات لكل من الحج والعمرة * قوله: (فلو تركه رجع معتمرًا) ظاهره سواء قرب أو لم يقرب، وتعليل الشارح (¬2) فيما سبق يخالفه، وعلى كل حال ففيه إدخال العمرة على الحج، وهو لا يصح على الصحيح من المذهب (¬3)، قاله ابن نصر اللَّه (¬4). * قوله: (وطواف الوداع وهو الصدر) خلافًا للرعاية (¬5) والزركشي (¬6)، فإنهما ¬
وأركانُ العمرة: إحرامٌ، وطوافٌ، وسعيٌ. وواجبُها: حلق، أو تقصير. ومن ترك الإحرام لم ينعقد نسكه، ومن ترك ركنا غيره، أو نيته لم يتم نسكه إلا به. ومن تَرَك واجبًا فعليه دمٌ، فإن عدمه فكصومِ متعةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ جعلا الصدر طواف الإفاضة، ومشى عليه في الإقناع (¬1) -فيما تقدم-. * قوله: (وواجبها حلق أو تقصير) ولها واجب ثان تركه المص، وهو الإحرام بها من الحِل، بدليل ما قدمه (¬2) من أنه إذا تركه حرم عليه، ولزمه دم، ونبه على ذلك الحجاوي في حاشيته (¬3). * قوله: (أو نِيته)؛ أيْ: أو نِية ذلك الركن؛ أيْ: إن كانت تعتبر له نية، وإلا فتقدم (¬4) أن الوقوف لا تعتبر له نِية. * قوله: (لم يتم نسكه إلا به)؛ أيْ: بذلك المتروك هو أو نِيته، بأن يأتي به مع نِيته. * قوله: (فكصوم متعة) في أنه يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجَع إلى أهله، على الوجه المتقدم (¬5) في باب الفدية. ¬
والمسنونُ: كالمبيتِ بمنى ليلةَ عرفةَ، وطوافِ القدوم، والرَّمَل، والاضطباع، ونحوِ ذلك لا شيءَ في تركه. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (والمسنون) مبتدأ، خبره قوله: "لا شيء في تركه". * * *
9 - باب الفوات والإحصار
9 - بابُ الفواتِ والإحصار الفواتُ: سبق لا يُدْركُ. والإحصارُ: الحبسُ. من طلع عليه فجرُ يوم النحر، ولم يقف بعرفةَ لعذرِ حَصْرٍ، أو غيرِه، أو لا، فاته الحج، وانقلب إحرامُه إن لم يَخْتَرِ البقاءَ عليه ليحجَّ من قابل عمرةً، ولا تُجزئ عن عمرةِ الإسلام، كمنذورة. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الفوات والإحصار * قوله: (الفوات. . . إلخ)؛ أيْ: لغة، واصطلاحًا -كما يؤخذ من عبارة المطلع (¬1) -. * قوله: (ولم يقف بعرفة)؛ أيْ: لم يكن وقف في وقته المعتبر له، والمراد: من طلع عليه فجر يوم النحر، ولم يتصف بكونه قد وقف به، تدبر!. * قوله: (من قابل) جَوَّز شيخنا العلامة أحمد الغنيمي الصرف وعدمه، وشُبْهَةُ منع الصرف الوصف والعدل؛ لأنه معدول عن القابل، كما يدل عليه كلام الشارح (¬2). * قوله: (كمنذورة)؛ يعني: كما لا تجزئ عن عمرة منذورة، وهو واضح، ¬
ويلزمُه قضاءُ حتى النفلِ. وعلى من لم يشترط أوَّلًا: قضاءُ حتى النفلِ، وهديٌ من الفواتِ يُؤخَّر إلى القضاء، فإن عدمه زمنَ الوجوب، صار كمتمتع. وإن وقف الكلُّ، أو إلا يسيرًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو: كما لا تجزئ المنذورة عن عمرة الإسلام. ويتصور انعقاد نِية المنذورة قبل أداء فرضه بأن كان رقيقًا، ونذرها وشرع فيها زمن رِقه، وعُتق بعد مُضِي زمن الوقوف، فإنها لا تجزئه عن عمرة الفرض، وهذا المعنى بعيد؛ لأن الكلام ليس مفروضًا في خصوص الرقيق حتى يقصر الحكم عليه، فتدبر!. * قوله: (فإن عدمه)؛ أيْ: الهدي. * قوله: (زمن الوجوب) وهو طلوع فجر يوم النحر -كما تقدم (¬1) -. * قوله: (صام كمتمتع)؛ أيْ: في العام الذي أراد القضاء فيه، وأجزأه الصوم، ولو أيسر عند إرادة الصوم -لما تقدم (¬2) - من أن الاعتبار فيه وفي الكفارات بوقت الوجوب، على الصحيح من المذهب (¬3). * قوله: (أو إلا يسيرًا) في هذه خلاف (¬4)، وعبارة بعضهم (¬5): "وإن وقف ¬
الثامنَ أو العاشرَ خطأً أجزأهم. ومن مُنع البيتَ، ولو بعد الوقوفِ، أو في عمرةٍ، ذبحَ هديًا بنيةِ التحلُّل وجوبًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ البعض خطأ فاته الحج" حرَّره! (¬1). * قوله: (أجزأهم) وهل على قياسه إجزاء أضحية من ضحى في اليوم التاسع في الأولى، والثالث عشر في الثانية؟، أو نقول بتبعيض الأحكام؟ يحتاج إلى تحرير!. * قوله: (ومن منع البيت) والمراد به جميع الحرم لما يأتي (¬2). * قوله: (ذبح هديًا بنِية التحلل) حَرَّر هذا المحل مع قضية عثمان عام الحديبية، حيث تمكن من البيت ولم يطف قبله -صلى اللَّه عليه وسلم-، مع أنه دخل محرمًا (¬3) (¬4). ¬
فإن لم يجدْ صام عشرةَ أيامٍ بالنية، وحلَّ، ولا إطعامَ فيه. ولو نوى التحللَ قبلَ أحدِهما لم يحلَّ، ولزمه دمٌ لتحلله، ولكلِّ محظور بعدَه. ويباحُ تحلُلّ لحاجةِ قتالٍ، أو بذلِ مالٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (صام عشرة أيام بالنِّية)؛ أيْ: بنِية التحلل. * قوله: (وحل) ظاهره من غير حلق أو تقصير، وهو أحد قولَين في المسألة (¬1). * قوله: (ويلزمه دم لتحلله) قال في شرحه (¬2): "في الأصح". وقال في الإنصاف (¬3): "هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب، وقدمه في الفروع (¬4)، وقيل: لا يلزمه دم لذلك، جزم به في المغني (¬5)، والشرح (¬6) "، انتهى. ¬
لا يسيرٍ لمسلم، ولا قضاءَ على من تحلَّل قبل فوتِ الحج. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقد مرَّ (¬1) أنه لو رفض إحرامه لا شيء عليه لرفضه، خلافًا لبعضهم (¬2)، فليراجع بتأمل!، قاله شيخنا في الحاشية (¬3). * قوله: (لا يسير لمسلم) ظاهر ما في الإقناع (¬4) يخالفه، فإنه لم يقيد البدل بكونه لمسلم، بل أطلق. * قوله: (قبل فوات الحج) قال شيخنا (¬5): "مفهوم تقييده بقوله: (تحلل قبل فوات الحج) أنه لو تحلل بعده عليه القضاء، ولم أجد هذا القيد في الفروع، ولا الإنصاف، ولا التنقيح، ولا غيرها، بل أطلقوا أنه لا قضاء على المحصر (¬6). فإن قيل: يؤخذ هذا القيد من كلامهم أولًا حيث قالوا: من طلع عليه فجر يوم النحر، ولم يقف بعرفة لعذر حَصْر، أو غيره، أو لا فاته الحج. وقالوا بعده: عليه القضاء (¬7). قلت: لا يلزم ذلك، إذ التعميم قد يكون بالنسبة إلى فوات الحج فقط، كما يرشد إليه السياق"، انتهى من الحاشية (¬8). ثم ضرب عليه، وأثبت ما نصه: "وصَحَّح ابن رزين في شرحه: لا قضاء فيما ¬
ومثلُه من جُنَّ، أو أُغْمِيَ عليه. ومن حُصر عن طوافِ الإفاضةِ فقط لم يتحلَّل حتى يطوف. ومن حُصر عن واجبٍ لم يتحلل، وعليه دمٌ، وحجُّه صحيح. ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا أحصر بعد، وذكره في الإنصاف" (¬1). * تتمة: الصغير، والبالغ في وجوب القضاء سواء، لكن لا يصح قضاء الصغير إلا بعد بلوغه، والحج الصحيح والفاسد في ذلك سواء، فإن حلَّ (¬2)، ثم زال الحصر وفي الوقت سعة فله أن يقضي في ذلك العام. قال الموفق (¬3) والشارح (¬4) وجماعة (¬5): وليس يتصور القضاء في العام الذي أفسد حجه فيه غير هذه المسألة، حاشية (¬6). * قوله: (ومثله من جُنَّ أو أغمي عليه) قال في شرحه (¬7): "أيْ: في عدم وجوب القضاء"، وفيه تأمل!. قال شيخنا (¬8): "ولو قال في الأحكام السابقة كما قال في الإنصاف (¬9)، لكن أظهر". ¬
ومن صُدَّ عن عرفة في حجٍّ تحلَّلَ بعمرةٍ مجانًا. ومن أُحصِرَ بمرض، أو ذهاب نفقةٍ، أو ضلَّ الطريقَ بقي محرمًا حتى يقدرَ على البيتِ، فإن فاتَه الحجُّ تحلل بعمرةٍ، ولا ينحر هديًا معه إلا بالحرمِ. ومن شَرط في ابتداءَ إحرامه: "أن مَحِلِّي حيث حَبَسْتَني"، فله التحلُّل مجانًا في الجميع. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . * * *
10 - باب الهدي، والأضاحي
10 - بابُ الهدي، والأضاحي الهديُ: ما يُهدَى للحرمِ من نعمٍ، وغيرِها. والأُضْحيةُ: ما يُذبحُ من إبلٍ، وبقر، وغنم أهليةٍ أيامَ النَّحْرِ بسبب العيد تقربًا إلى اللَّه -تعالى-، ولا تُجزِئ من غيرِهِنَّ. والأفضلُ: إبلٌ، فبقرٌ، فغنمٌ، إن أخرجَ كاملًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الهدي والأضاحي؛ أيْ: والعقيقة * قوله: (ما يهدى للحرم. . . إلخ) هو مأخوذ من الهدية، وعلى هذا فلا وجه لتسمية (¬1) مثل دم التمتع والقران هديًا، فيشكل -مثل ما سيأتي (¬2) من قولهم-: وإن لزمه هدي واجب؛ لأنه لا ينطبق عليه معنى الهدية المتعارف، [ولا معنى الهدي بهذا المعنى الذي في المتن] (¬3)، إلا أن يدعى أن هذا الإطلاق مجازي، وحينئذٍ يُسْأل عن بيان وجه العلاقة فيه. * قوله: (ما يذبح)؛ أيْ: يذكى، تعبيرًا عن العام بالخاص. * قوله: (والأفضل إبل فبقر فغنم)؛ أيْ: إذا قوبل الجنس بالجنس فهو كذلك، ¬
ومن كلِّ جنسٍ أسمنُ، فأغْلَى ثمنًا، فأشْهبْ -وهو: الأملَحُ، وهو: الأبيضُ أو ما بياضُه أكثرُ من سوادِه- فأصفرُ، فأسودُ. ومن ثَنِيِّ مَعزٍ: جَذع ضَأنٍ، ومن سُبعِ بدنةٍ، أو بقرةٍ: شاةٌ. ومن سبع شياه ومن المغالاةِ تعددٌ في جِنْسٍ. وذكرٌ كأنثى. ولا يُجزئ: دونَ جَذَعِ ضأن: ماله ستةُ أشهر، وثَنيُ معزٍ: ماله سنةٌ، وثَنيُ بقرٍ: ماله سنتان، وثَنيُ إبلٍ: ماله خمسُ سنين. وتُجزئ شاةٌ عن واحدٍ، وأهل بيتِه، وعيالِه. وبُدنة، أو بقرة عن سبعةٍ، ويُعتبَر ذبحُها عنهم، وسواءٌ أرادوا قُربةً، أو بعضهم (¬1)، وبعضُهم لحمًا، أو كان بعضُهم ذِمِّيًّا. ويُجْزِئ فيهم جَمَّاءُ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وإلا فسيأتي أن سَبعَ شياه أفضل من البَدَنة والبقرة، والأمر فيه سهل. * قوله: (والمغالاة تعدد في جنس)؛ أيْ: والأفضل من المغالاة تَعَدُدٌ في جنس، فـ "من" تفضيلية، متعلقة بـ "الأفضل"، لا تبعيضية، كما يشير إلى ذلك حلُّ الشارح (¬2)، فتدبر!. * قوله: (جمَّاء) وهي التي خلقت بلا قرن. ¬
وبتْرَاءُ، وخصِيٌّ ومرضوضُ الخصيتَين، وما خُلقَ بلا أُذُنٍ، أو ذهب نصفُ أليتِهِ. لا بينةُ العَوَر: بأن انخسفت عينُها، ولا قائمةُ العينين مع ذهابِ إبصارها، ولا عجفاءُ لا تُنْقي، وهي: الهزيلةُ التي لا مخَّ فيها. ولا عرجاءُ: لا تُطيق مشيًا مع صحيحة، ولا بينةُ المرض. ولا جِدَّاءُ وهي: الجَدباء، وهي: ما شابَ، ونشِفَ ضَرعُها. ولا هَتْماء: وهي التي ذهبتْ ثناياها من أصلِها. ولا عَصماء: ما انكسر غلافُ قَرْنِها. ولا خَصِيٌّ مجبوبٌ. ولا عضْباءُ: ما ذهب كثرُ أُذُنِها، أو قَرْنِها. وتكره معيبتُهما بِخَرقٍ، أو شقٍّ، أو قطعِ نصفٍ فأقلَّ من الثلث. وسُنَّ نحرُ الإبلِ قائمةً، معقولةً يدُها اليُسرى: بأن يطعنَها في الوَهْدَةِ (¬1) بين أصل العُنُق، والصَّدر. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وبتراء) وهي التي لا ذنب لها سواء خلقت بلا ذنب أو قطع ذنبها، والصمعاء بالصاد المهملة والعين المهملة، وهي صغيرة الأذن (¬2). * قوله: (لا تنقى) "تنقى" بضم التاء وكسر القاف، من أنقت الإبل إذا سمنت ¬
وذبحُ بَقَرٍ، وغنم على جنبِها الأيسرِ، موجهةً إلى لقبلة. ويُسمِّي حين يُحرِّك بالفعل، ويُكبِّر (¬1)، ويقول: "اللهم هذا منك، ولك" (¬2). ولا بأس بقوله: "اللهم تقبلْ من فلان"، ويذبحُ واجبًا قبل نفل. وسُنَّ إسلامُ ذابحٍ، وتولِّيه بنفسه أفضلُ، ويحضر إن وكَّلَ. وتُعتبرُ نيتُه إذن إلا مع التعيين، لا تسميةُ المضحِّي عنه. ـــــــــــــــــــــــــــــ وصار فيها نقي، وهو مخ العظم، وشحم العين من السمن. مبدع (¬3). * قوله: (ويذبح واجبًا قبل نفل)؛ أيْ: استحبابا قياسًا على الصدقة. * قوله: (ويعتبر نِيته إذن)؛ أيْ: حين التوكيل. ¬
ووقتُ ذبح أُضْحيةٍ، وهديِ نذرٍ، أو تطوُعٍ، ومتعةٍ، وقرانٍ من بعد أسبق صلاةِ العيدِ بالبلد، أو قدرِها لمن لم يصلِّ -وإن فاتت بالزوال ذبح-، إلى آخر ثاني التشريق، وفي أولِها فما يليه أفضلُ. ويُجْزِئ في ليلتِهما، فإن فات الوقتُ قضَى الواجبَ كالأداء، وسقط التطوُّعُ. ووقتُ ذبح واجبٍ بفعل محظور من حينه، كان فعلَه لعذْرٍ فله ذبحُه قبلَه، وكذا ما وجبَ لتركِ واجبٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو قدرها لمن لم يصل) شمل كلامه من لم يصل لعذر قام به، أو بالقوم، لتخلف بعض شروطها، أو كونهم صلَّوا الجمعة قبل الزوال واجتزوا بها عن صلاة العيد، كما هو المذهب فيها وفي عكسها (¬1)، فتدبر!. * قوله: (ويجزئ في ليلتيهما) قال في الإقناع (¬2): "مع الكراهة". وبخطه: الأَوْلَى في مثله إفراد المضاف، لئلا يلزم عليه اجتماع تثنيتَين، وهو مستثقل في لسان العرب (¬3). * قوله: (وإن فعله)؛ أيْ: أراد فعل المحظور. . . إلخ. * قوله: (وكذا ما وجب لترك واجب)؛ أيْ: ووقت ما وجب لترك واجب من حين تركه، كما أشار إليه الشارح (¬4)، فراجعه!. ¬
1 - فصل
1 - فصلٌ ويتعَيَّنُ هديٌ بهذا هديٌ، أو تقليدِه (¬1)، أو إشعارِه، بنيِّتِه. وأضحيةٌ: بهذه أضحيةٌ، أو للَّهِ، ونحوِه، فيهما، لا بنيتِه حالَ الشراءِ، ولا بِسَوقِه مع نيتِه كإخراجِه مالًا للصدقة به. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (ويتعين هدي: بهذا هدي) اعترضه ابن نصر اللَّه في حواشي المحرر (¬2): "بأن الهدي منه واجب وتطوع، وليس في هذا اللفظ ما يقتضي الوجوب إذ يجوز أن يريد هذا هدي (¬3) تطوعت به، أو تطوع به، ولو كانت هذه الصيغة للوجوب لم يكن لهدي التطوع صيغة، وللزم أنه إذا قال هذا المال صدقة أنه يلزمه، كما لو قال: للَّه علي التصدق به"، انتهى. قال شيخنا (¬4): "ويجاب: بأن هذه الصيغة للإنشاء، والتطوع لا يحتاج لإنشاء"، انتهى. أقول: هذا الجواب فيه تسليم أن هذه الصيغة نص في الوجوب، ولِمَ لا يجوز أن يكون المراد بقولهم يتعيَّن: يتميز، بدليل أنهم عطفوا على الهدي الأضحية، مع أنها سنة عندنا، لا واجبة -كما سيأتي (¬5) -. ¬
وما تعين جاز نقَلُ الملكِ فيه، وشراءُ خيرٍ منه، لا بيعُه في دَيْن ولو بعدَ موت. وإن عُيِّن معلومٌ عيبة تعيَّنَ، وكذا عما في ذمتِه، ولا يُجزئُه، ويَملكُ ردَّ ما علم عيبَه بعدَ تعيينِه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ومعنى الكلام: أنه يتميز الهدي عن غيره، والأضحية عن غيرها بقوله: هذا هدي، أو: هذه أضحية، من الصيغ القولية، أو بالإشعار ونحوه من القرائن الفعلية، ولو كان المراد بقولهم يتعين: يجب، كما فهم ابن نصر اللَّه، لاقتضى إيجاب الأضحية، إلا أن يلْتَزم أن الأضحية في الأصل سنة، وأنها بمجرد قوله: هذه أضحية تفسير واجبة، وفيه نظر!. * قوله: (وما تعين جاز نقل الملك فيه وشراء خير منه) بخلاف المنذور عتقه نذر تبرر، فإنهم نصُّوا على عدم جواز بيعه (¬1). وظاهره ولو بقصد (¬2) شراء خير منه، وقد يفرق بأن الحق في العتق للعتيق، فإذا أبدل فاته الغرض، والحق في الهدي والأضحية للفقراء، وإبداله منه أروَج لهم؛ لأنه يحصل معه الغرض وزيادة. * قوله: (وإن عين معلوم عيبه تعين) وأجزأ. * قوله: (ولا يجزئه)؛ أيْ: المعيب الذي عينه عما في الذمة؛ لأنه لم يتعين في هذا، فليس راجعًا للصورتَين، بدليل الفصل بقوله: "وكذا". * قوله: (ويملك رَدَّ ما علم عيبه بعد تعيينه) قال شيخنا في الحاشية (¬3): ¬
وإن أخذَ الأرْشَ فكفاضلٍ من قيمته، ولو بانتْ معيَّنة مُستحقة لزمه بدلُها. ويركبُ لحاجةٍ فقط بلا ضررٍ، ويَضْمنُ النقص. وإن وَلَدت ذُبح معها إن أمكن حملُه، أو سوقُه، وإلا فكهديٍ عُطِبَ، ولا يشربُ من لبنِها إلا ما فضلَ عنه، ويجُزُّ صوفَها، ونحوَه لمصلحةٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ "والظاهر أنه يلزمه أن يشتري بثمنه بدله، كالأرَش لو أخذه"، انتهى. * قوله: (وإن أخذ الأرَش فكفاضل من قيمته) لو قال: وإن أخذ الأرَش اشترى به شاة أو سُبع بَدَنة كفاضل عن قيمة، لكان أحسن، وأخصر؛ لأنه كان يكتفى به عن ذكر المسألة الآتية (¬1)، ولا يكون فيه إحالة على مجهول. * قوله: (ولو بانت معينة مستحقة لزمه بدلها) ينبغي أن تقيد المسألة بالمعين (¬2) عما في ذمة، أما المعين ابتداء فالظاهر أنه إذا بان مستحقًّا لا يلزمه بدله، كما لو قال عن عبد غيره: هذا حُر، وعن مال غيره: هذا صدقة، لكن كلامهم ليس فيه هذا القيد (¬3). * قوله: (وإلا فكهدي عطب) لو قال: وإلا ذبحه في موضعه كهدي عطب، لكان أحسن من جهة أن في كلامه إحالة على مجهول، وكان يكتفى به عن ذكر المسألة الآتية (¬4)، تأمل!. * قوله: (لمصلحة)؛ أيْ: لها. ¬
ويتصدقُ به، وله إعطاءُ الجازرِ منها هديةً، وصدقةً، لا بأجرته. ويتصدقُ، أو ينتفعُ بجلدِها، وجُلِّها (¬1)، ويحرمُ بيعُ شيءٍ منها، أو منهما. وإن سُرق مذبوحٌ من أضحية، أو هدي معينٍ ابتداءً، أو عن واجبٍ في ذمة، ولو بنذرٍ، فلا شيءَ فيه، وإن لم يُعيَّن ضُمِنَ. وإن ذبحها ذابحٌ في وقتِها بلا إذنٍ، فإن نواها عن نفسِه معَ علمِه أنها أضحيةُ الغير، أو فرَّق لحمَها لم تُجْزئ، وضَمن ما بين القيمتين إن لم يفرِّق لحمَها، وقيمتَها إن فرَّقه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويتصدق به)؛ أيْ: ندبًا. * قوله: (لا بأجرته) بسبب، أو عَنْ أو "مِن"، بدلية أو بعضية. * قوله: (وإن سرق) بغير تفريط. * قوله: (وإن لم يعين ضمن) الظاهر أن في تسمية مثل هذا اللزوم ضمانًا تجوزًا، إذ الضمان التزام من يصح تبرعه أو نحوه ما على آخر -على ما سيأتي (¬2) - فتدبر!. * قوله: (أو فرق) "أو" هذه عاطفة لمحذوف، وذلك المحذوف معطوف على قوله: "مع علمه"، والتقدير: فإن نواها عن نفسه مع علمه، أو لم يعلم وفرَّق لحمها. . . إلخ، ويكون قد حذف مع ذلك المحذوف حرف عطف أيضًا. ويجوز أن يكون المحذوف بعد قوله: "فرق لحمها"، والتقدير: أو فرق ¬
وإلا أجزأتْ، ولا ضمانَ. وإن ضحى اثنان كلٌّ بأضحية الآخرِ غلطًا: كفتهُما، ولا ضمانَ، وإن بقي اللحمُ تَرادَّاه. وإن أتلفها أجنبيٌّ، أو صاحبُها ضمنَها بقيمتِها يومَ تلفٍ، تُصْرفُ في مثلِها، بخلافِ قِنٍّ تعيَّن لعتْق. ولو مرضتْ فخاف عليها فذبحها فعليه بدلُها، ولو تركها فماتتْ فلا. ـــــــــــــــــــــــــــــ لحمها مع عدم علمه، وهذا أسهل (¬1) وأقل حذفًا من الأول، فتأمل!. * قوله: (وإلا أجزأت)؛ أيْ: كان لم ينوها عن نفسه، بل نواها عن ربها أو أطلق، أو نواها عن نفسه ولم يفرق لحمها مع عدم علمه أنها أضحية الغير أجزأت عن ربها. * قوله: (كفتهما) كان الظاهر: كفتاهما، لكنه فرَّ من اجتماع تثنيتَين في لفظ واحد. * قوله: (ضمنها) فيه الجمع بين الحقيقة والمجاز. * قوله: (بخلاف قِنٍّ تعين) فلا يلزمه صرف قيمته في مثله. * قوله: (فعليه بدلها) يطلب الفرق بينها وبين الهدي إذا عطب، وكأن الفرق: أن الإتلاف هاهنا بفعله، بخلاف ما إذا عطب الهدي، وفي كلام الشارح (¬2) إشارة إليه. * قوله: (ولو تركها فماتت فلا)؛ لأن الموت ليس من صنعه، ولعله ما لم ¬
وإن فضلَ عن شراء المثْلِ شيءٌ اشترى به شاةً، أو سُبع بُدنةٍ أو بقرةٍ، فإن لم يَبلغ تصدَّق به، أو بلحمٍ يُشترى به كأَرْش جنايةٍ عليه. وإن عُطِب (¬1) بطريقٍ هديٌ واجبٌ، أو تطوعٌ بنيةٍ دامت، ذَبحَه موْضِعَه. وسُنَّ غَمْسُ نعلِه في دمه، وضربُ صفحتِه بها ليأخذَه الفقراءُ، وحَرُم أكلُه وخاصَّتِه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يحصل منه سبب ظاهري، كترك سقيها، أو علفها. وقد يقال: لا يحتاج إلى ذلك القيد؛ لأن تعليق الهحكم بالمشتق يؤذن بالعلية، والمعنى: وإن ماتت بسبب المرض؛ أيْ: لا بسبب غيره، كترك السقي، أو العلف مما هو فعله، ويدل على إرادة ذلك مقابلة المص له فيما يأتي (¬2) بقوله: "وإن تلف أو عاب بفعله. . . إلخ"، فتدبر!. * قوله: (وإن فضل عن شراء المثل. . . إلخ) هذا ما أحال عليه فيما سبق (¬3). * قوله: (كأرَش جناية عليه)؛ أيْ: الهدي. * قوله: (ذبحَه موضعَه) هذا ما أحال عليه فيما سبق (¬4)، فتنبه!. * قوله: (وخاصته) فيه العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار، وهو جائز عند ابن مالك تبعًا للكوفيين،. . . . . . ¬
منه. وإن تَلِف، أو عاب بفعلِه، أو تفريطه لزمه بدلُه كأضحية. وإلا أجزأ ذبحُ ما تعيَّبَ من واجبٍ بالتَّعيين، كتعيينه معيبًا فبَرِئَ. وإن وجبَ قبل تعيينٍ كفديةٍ ومنذورٍ في الذمة فلا، وعليه نظيرُه، ولو زاد عما في الذمة، وكذا لو سُرِق، أو ضَلَّ، ونحوه. ـــــــــــــــــــــــــــــ ومذهب البصريين امتناعه (¬1)، قال في الخلاصة (¬2): وعَوْدُ خَافض لَدَى عَطْفِ على ... ضَميرِ خَفْضٍ لازمًا قَدْ جُعِلَا ولِيْس عِنْدي لازمًا إذْ قَدْ أتى ... في النَّظمِ والنَّثْرِ الصَّحيحِ مُثْبَتَا * قوله: (منه)؛ أيْ: من الهدي العاطب ولو تطوعًا، بخلاف ما يأتي (¬3) من أنه له الأكل من هدي التطوع، فإنه محمول على غير العاطب، فتدبر!. * قوله: (فلا)؛ أيْ: فلا يجزئه؛ لأنه لم يتعين ما في الذمة فيه. * قوله: (وعليه نظيره ولو زاد عما في الذمة) كما لو كان في ذمته شاة، فعيَّن عنها بقرة، ثم تلفت أو تعيبت تلك البقرة فعليه نظيرتها، ولا يكفيه نظير الشاة التي في ذمته، هذا معنى ما في الشرح (¬4). ¬
2 - فصل
وليس له استرجاعُ عاطبٍ، ومعيب، وضالٍّ وُجِدَ، ونحوِه. * * * 2 - فصلٌ ويجبُ هديٌ بنذر، ومنه: إن لبستُ ثوبًا من غزلك، فهو هديٌ. فلَبِسَه، ونحوُه. وسُنَّ سوقُ حيوانٍ من الحلِّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وليس له استرجاع عاطب)؛ أيْ: إبقاؤه على ملكه، ولا التصرف فيه، بل يتعين للفقراء، وإن ذبح بدله. * قوله: (ونحوه) كمغصوب قدر عليه. فصل * قوله: (يجب هدي بنذر) هذا مما يُرَشَّح أن (¬1) المراد من التعيين في قولهم: يتعين هدي بهذا هدي التمييز، لا الوجوب، كما تقدم الجواب به عن بحث ابن نصر اللَّه (¬2). * قوله: (فلبسه)؛ أيْ: بعد ملكه له، شرح (¬3). * قوله: (ونحوه)؛ أيْ: من النذور المعلقة على شرط إذا وجد، شرح (¬4). والمعنى حينئذٍ: ونحو ما لبست ثوبًا من غزلك. . . إلخ. ¬
وأن يقِفَه بعرفةَ، وإشعارُ بُدْنٍ وبقرٍ: بشقّ صفحةِ اليُمنى من سنَام، أو مَحَلِّه، حتى يسيلَ الدم. وتقليدُهما مع غَنمٍ النَّعلَ، وآذانَ القِربِ والعُرَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وأن يقفه) مقتضى الظاهر يُوقفَه، مَن أوْقفَ؛ لأن وَقَفَ بهذا المعنى لازم، بخلاف وَقَّفَ بمعنى حَبَّس وسَبَّل، فإنه متعدٍّ، وأفصح من أوقف (¬1). * قوله: (وإشعار بدن. . . إلخ)؛ أيْ: إذا وصل إلى الميقات، إن كان ساقها وهو مسافر بها، وإن أرسلها مع غيره فمن بلده، حاشية (¬2). * قوله: (أو محله)؛ أيْ: محل السنام من البقرة، أو الإبل التي لا سنام لها، فظاهر كلامه كغيره أنه لا يشعر غير السنام. وقال في الكافي (¬3): "يجوز إشعار غير السنام وذكره في الفصول عن أحمد" (¬4)، حاشية (¬5). والظاهر أن ما له سنامان من الإبل، كالبخاتي يكفي الإشعار في واحد منهما؛ لأن المقصود العلامة وقد حصلت. * قوله: (وتقليدهما) ما مرَّ يستدعي أن المحل: "لا". * قوله: (وآذان القرب) لعل الواو فيه، وفيما بعده بمعنى "أو"، وبها ¬
وإن نذَر هديًا وأطلق، فأقلُّ مُجْزئ: شاةٌ، أو سُبْعٌ من بُدْنةٍ أو بقرة، وإن ذبحَ إحداهما عنه كانت كلُّها واجبةً. وإن نذر بُدْنَة أجْزَأتْه بقرةٌ إن أطلق، وإلا لزمه ما نواه، ومعيَّنًا أجزأه، ولو صغيرًا، ومعيْبًا، أو غيرَ حيوانٍ، وعليه إيصالُه وثمنِ غيرِ منقولٍ لفقراء الحرم، وكذا إن نذَرَ سوقَ أُضْحيةٍ إلى مكة، أو قال: للَّه عليَّ أن أذبحَ بها. وإن عيَّن شيئًا لغيرِ الحرم، ولا معصيةَ فيه، تعيَّن ذبحًا، وتفريقًا لفقرائِه. ـــــــــــــــــــــــــــــ عبر في الإقناع (¬1). * قوله: (ومعينًا أجزأه) لا إن عين المعيب عما في الذمة، فإنه لا يجزئه كما سبق (¬2). ويلزمه ذبحه وتحصيل صحيح غيره، كما ذكروه أيضًا (¬3). * قوله: (وثمن غير منقول) كعقار، وينبغي أن يكون على قياس غير المنقول صيد البر الوحشي، إذا نذره، فإنه لو نقله لوجب عليه إطلاقه عند بلوغ الحرم -كما تقدم (¬4) -، فيبيعه حينئذٍ، ويوصل ثمنه لفقراء الحرم، كما نبَّه عليه في الحاشية (¬5). ¬
3 - فصل
وسُنَّ أكلُه، وتفرقته من هدي تطوُّعٍ كأضحيةٍ، ولا يأكلُ من واجبٍ، ولو بنذر، أو تعيينٍ، غير دم متعةٍ، وقران. * * * 3 - فصلٌ التضحية سنةٌ مؤكدةٌ: عن مسلمٍ، تامِّ المُلكِ، أو مكاتَبٍ بإذنٍ، وعن ميتٍ أفضلُ، ويعملُ بها كعَن حيٍّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا يأكل من واجب)؛ أيْ: من هدي واجب، أما الأضحية فسيأتي (¬1) أنه يسن الأكل منها والتفرقة، ولو كانت واجبة. * قوله: (غير دم متعة وقران) فله الأكل منهما للورود (¬2). فصل في الأضحية * قوله: (التضحية) بفتح التاء المشددة: ذبح الأضحية (¬3). * قوله: (تام الملك) تام الملك هو الحُرُّ، والمبعَّض بقدر جزئه الحُرِّ. * قوله: (وعن ميت أفضل) انظر ما المراد من هذه المسألة، وما معنى الأفضلية؟. ¬
وتجبُ بنذرٍ، وكانت واجبةً على النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1)، وذبحُها وعقيقةٍ أفضلُ من صَدَقة بثمنِها. وسُنَّ أن يأكلَ منها، ويهدي ويتصدقَ أثلاثًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولعل المراد أن قصد الميت بها أفضل من قصد الحي؛ لأن الميت أحوج منه إلى التقرب عنه، لعدم تمكنه من تحصيل القربة بنفسه، بخلاف الحي فكانت عنه أفضل، وهو المراد من قول المص في شرحه (¬2): "لعجزه واحتياجه إلى الثواب"، فتدبر!. * قوله: (وذبحها وعقيقة أفضل من صدقة بثمنها) وكذا هدي، والاقتصار على ما ذكر تبعًا للنص (¬3)، ابن نصر اللَّه (¬4). وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: على قوله: (وعقيقة) فيه الجَرْيُ على مذهب الكوفيين، ويونس (¬5)، والأخفش (¬6) من جواز العطف على الضمير المجرور دون ¬
حتى من واجبةٍ، ولكافرٍ من تطوع، لا ممَّا ليتيمٍ، ومكاتَبٍ في إهداءٍ، وصدقة. ويجوزُ قولُ مضحٍّ: من شاء اقتطع. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إعادة الجار، اسمًا كان أو حرفًا، وهو اختيار الشلوبين (¬1)، وابن مالك (¬2)، ولذلك قال في الخلاصة (¬3): وليسَ عِنْدِي لازمًا إذْ قَدْ أتى ... في النَّظمِ والنَّثرِ الصَّحيحُ مُثْبَتَا وجمهور البصريين على لزومه، وتقدم (¬4). * قوله: (ويجوز قول مُضَحٍّ من شاء اقتطع) ما لم يؤد ذلك إلى إيذاء بعضهم بعضًا، فإنه حينئذٍ يصير محرمًا فيما يظهر. ¬
وأكلُ أكثرٍ، لا كلِّها، ويضمنُ أقلَّ ما يقعُ عليه الاسمُ بمثلِه لحمًا، وما ملك أكلَه فله هديتُه، وإلا ضَمِنَه بمثلِه، كبيعِه، وإتلافِه، ويضمنُه أجنبيٌّ بقيمتِه. وإن منع الفقراء حتى أنتن ضمن نقصه إن انتفعَ به. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أكثرٍ) بالتنوين، وأصله: أكثر أضحيته (¬1)، فحذف المضاف إليه، وأتى بتنوين العوض ككل، وبعض، بناء على أن تنوينها للعوض، لا للتمكين، ولا يجوز على المشهور جره من غير تنوين انتظارًا للمحذوف (¬2) لعدم وجود شرطه (¬3)، قال ابن مالك في الخلاصة (¬4): ويُحْذَفُ الثّاني فَيَبْقَى الأول ... كَحَالِهِ إذا بهِ يَتَّصل بِشرْطِ عَطْفٍ وإضَافَة إلى ... مِثلِ الذي لَهُ أضيفَ أولا * قوله: (ويضمن أقل. . . إلخ) إن أكلها كلها. * قوله: (وما ملك كله. . . إلخ) كأكثرها. * قوله: (ويضمنه أجنبي بقيمته) وقال بعض الأصحاب: "بمثله" (¬5)، وهو واضح دون ما هنا، إذ اللحم مِثليٌّ لا متقوم. ¬
وإلا فقيمتَه، ونُسِخَ تحريمُ الإدخار. ومن فرَّق نذرًا بلا إذنٍ لم يَضْمَن. ويُعْتبَر تمليك فقير، فلا يكفي إطعامُه. ومن ماتَ بعد ذبحِها قام وارثُه مقَامَه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والشيخ في شرحه (¬1) جعل الضمير في "يضمنه" عائدًا على الهدي والأضحية، لا على اللحم، ثم قال: "وأما اللحم إذا تلف بعد الذبح فينبغي ضمانه بالمثل؛ لأنه مِثليٌّ"، انتهى. * قوله: (وإلا فقيمته) القياس أيضًا ضمانه بالمثل، لكن كلام الإنصاف (¬2) صريح في أن التعبير بالقيمة هو الموجود في كلام المقنع (¬3) تبعًا للأصحاب (¬4)، وعبارته بعد نقله: "ويتوجه أن يضمن بمثله"، انتهى. حكاه عنه شيخنا في شرحه (¬5)، وقال بعده في الحاشية (¬6): "قلت: وهو مقتضى القواعد"، انتهى. * قوله: (ومن فرق نذرًا بلا إذن لم يضمن) سواء كان أضحية أو هديًا واجبًا (¬7)، بسبب حرم، أو إحرام وفرقه ذلك الغير على فقراء الحرم، فتدبر!. ¬
4 - فصل
ويفعلُ ما شاءَ بما ذُبح قبلَ وقتِه. وإذا دخل العشرُ حرُم على من يُضحِّي عنه: أخذُ شيءٍ من شعره، أو ظُفرِه، أو بشرتِه إلى الذبح. المنقح (¬1): "ولو بواحدةٍ لمن يُضَحّي بأكثر". وسُنَّ حَلقٌ بعده. * * * 4 - فصلٌ والعقيقةُ: سنةٌ في حقِّ أبٍ، ولو معسرًا، ويقترض. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويفعل ما شاء بما ذبح قبل وقته)؛ أيْ: ولا يكفيه، وعليه بدله إن كان واجبًا. * قوله: (وإذا دخل العشر)؛ أيْ: من ذي الحجة. * قوله: (ولو بواحدة)؛ أيْ: بأضحية واحدة. فصل في العقيقة * قوله: (والعقيقة) اسم للذبيحة، وقيل: اسم للطعام الذي يصنع ويدعى إليه من أجل المولود (¬2). حاشية (¬3). * قوله: (ويقترض)؛ أيْ: استحبابًا. ¬
فعن الغلامِ شاتان متقاربتان سنًّا وشبهًا، فإن عَدِم فواحدةٌ، وعن الجارية شاةٌ، ولا تُجزِئ بَدَنةٌ، أو بقر إلا كاملةً، تذبحُ في سابعة. ويُحْلقُ فيه رَأسُ ذكرٍ، ويتصدَّقُ بوزنه وَرِقًا، وكُرِه لَطخُة من دمها، ويُسمَّى فيه، وحَرُم بمعبدٍ لغير اللَّه كعبدِ الكعبة، وبما يُوازي أسماءَ اللَّه -تعالى-، وما لا يليقُ إلا به، وكُرِه: بحَربٍ، ويسارٍ، ونحوِهما، لا بأسماء الأنبياء، والملائكة، وأحبُها: عبدُ اللَّه، وعبدُ الرحمن. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وما يوازي أسماء اللَّه -سبحانه وتعالى-) كاللَّه، والرحمن. * قوله: (وما لا يليق إلا به) كملك الملوك، وسلطان السلاطين، وشاهٍ شاه، وكذا ملك الأملاك. * قوله: (ونحوهما) كرباح، ونجيح، للنهي عن ذلك (¬1)؛ ولأنه ربما كان طريقًا للتشاؤم. * قوله: (لا بأسماء الأنبياء) وأما التكني بكنية النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- هل يكره، أو أنه لا يكره إلا لمن اسمه محمد فقط؟ فيه روايات (¬2)، إحداهن لا يكره، قال في تصحيح الفروع (¬3): "قلت: وهو الصواب بعد موته -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد وقع فعل ذلك من الأعيان، ¬
فإن فاتَ ففي أربعةَ عشرَ، فإن فات ففي إحدى (¬1) وعشرين، ولا تُعتَبرُ الأسابيعُ بعد ذلك. ويَنزعُها أعضاءً ولا يكسرُ عظمَها، وطبخُها أفضلُ، ويكونُ منه بحُلْوٍ. وحكمُها كأضحية، لكن يُباع جلدٌ، ورأسٌ، وسواقطُ، ويُتَصدَّقُ بثمنه، وإن اتفق وقتُ عقيقةٍ، وأضحيةٍ، فعقَّ، أو ضحَّى أجزأ عن الأخرى. ـــــــــــــــــــــــــــــ ورضَاهُم به يدل على الإباحة"، وقال في الهدي (¬2): "الصواب أن التكنِّي بكنيته ممنوع، والمنع في حياته أشد، والجمع بينهما ممنوع"، انتهى، فظاهره التحريم، حاشية (¬3). * قوله: (فإن فات)؛ أيْ: الذبح في السابع. شرح (¬4). * قوله: (وحكمها كأضحية) حتى في الأكل، والهدية، والصدقة. * قوله: (أجزأ عن الأخرى) مقتضى قاعدة: أنه لا ثواب في غير مَنْوِي أن الثواب عنهما لا يحصل إلا بنيتهما، وإن سقط طلب غير المَنْوِي بفعل المَنْوِي منهما (¬5). ¬
ولا تُسنُّ فَرَعةٌ: نحَرُ أول ولد الناقة، ولا العَتِيرةُ: ذبيحةُ رجبٍ، ولا يُكْرَهان. ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه: قال ابن نصر اللَّه (¬1): "ويتوجه عليه لو ولد له أولاد في يوم واحد تجزئه عقيقة واحدة بالطريق الأولى" حاشية (¬2). * * * ¬
8 - كتاب الجهاد
8 - كِتَابُ الجِهَادِ
(8) كِتَابُ الجِهَادِ الجهادُ: قتالُ الكفار، وهو فرضُ كفاية. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الجهاد الجهاد: مصدر جاهد جهادًا ومجاهدة، وجاهد: فَاعَل، من جهد إذا بالغ في قتل عدوه وغيره. ويقال: جهده المرض وأجهده: إذا بلغ به المشقة، وجهدت الفرس وأجهته: استخرجت جهده، نقلها أبو عثمان (¬1). والجَهد بالفتح: المشقة، وبالضم: الطاقة (¬2)، وقيل: يقال بالضم والفتح في كل واحد منهما، فمادة (ج هـ د) حيث وجدتَ ففيه معنى المبالغة، مطلع (¬3). ثم ذكر معناه الشرعي بما يوافق كلام المص، غير أنه زاد خاصة بعد قوله: (قتال كفار)، فتدبر!. ¬
وسُنَّ بتأكُّد مع قيام من يكفي به. ولا يجبُ إلا على ذكر، مسلم، حرٍّ مكلَّفٍ صحيحٍ، ولو أعشى، أو أعورَ، ولا يُمْنعَ الأعمى، واجدٍ بملكٍ، أو بذلِ إمام ما يكفيه، وأهلَه في غَيْبته، ومع مسافة قصر ما يحمله. وسُنَّ تشييع غازٍ، لا تلقِّيه. وأقلُّ ما يفعلُ معَ قُدرة كل عام مرةً، إلا أن تدعو حاجةٌ إلى تأخيره. ومن حَضَره، أو حُصِر، أو بلده، أو احْتيج إليه، أو استَنْفَره من له استنفاره تعيَّن على من لا عذرَ له، ولو عبدًا. ولا يَنْفِرُ في خُطبةِ الجمعةِ، ولا بعدَ الإقامة، ولو نُودِيَ بالصلاة والنَّفير، والعدوُّ بعيدٌ، صَلَّى ثم نفرَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وسن بتأكد. . . إلخ) هذا مبني على أحد قولَين في الأصول من أن فرض الكفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين، وكان منهم تطوعًا لو قاموا به بعد من قام به أولًا، وقيل: إنه لا يقع إلا واجبًا، فليراجع (¬1)!. * قوله: (تعين على من لا عذر له) في هذا التركيب نظر، ولو قال: تعين عليه حيث لا عذر، أو: إن لم يكن عذر أو نحو ذلك، لكان حسنًا، ويمكن أن يقال: إن الرابط ما في (مَنْ) مِن معنى العموم. * قوله: (ولا بعد الإقامة)؛ أيْ: لصلاة، وظاهره الإطلاق، خلافًا لصريح الإقناع (¬2). ¬
ومع قُرْبِه يَنْفِر ويُصلِي راكبًا أفضلُ، ولا يُنَفَّرُ لآبق. ولو نودي: الصلاةُ جامعةٌ لحادثةٍ يُشَاوَرُ فيها لم يتأخر أحدٌ بلا عذر. ومُنِعَ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من نزع لأمَةِ الحربِ إذا لبسها حتى يلقى العدوَّ (¬1)، ومن الرمزِ بالعين (¬2)، والإشارة بها، والشعر (¬3)، والخطِّ (¬4)، وتعلُّمِهما. وأفضلُ متطوّع به: الجهادُ، وغزوُ البحرِ أفضل، وتُكفِّرُ الشهادةُ غيرَ الدَّين. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وتكفِّر الشهادة غير الدين) قال الآجري (¬5) (¬6): "هذا فيمن تهاون ¬
ويُغْزَى مع كل بَرٍّ (¬1) وفاجرٍ يحفظان المسلمين، لا معَ مُخَذِّلٍ ونحوه، ويُقدَّمُ أقواهما. ـــــــــــــــــــــــــــــ بقضائه، أما من استدان دينًا، وأنفقه في غير سرَف ولا تبذير، ثم لم يمكنه قضاؤه، فإن اللَّه يقضيه عنه مات أو قتل. وقال الشيخ تقي الدين (¬2): وغير مظالم العباد، كقتل (¬3)، وظلم، وزكاة، وحج أخَّرهما، وقال: من اعتقد أن الحج يسقط ما عليه من الصلاة والزكاة فإنه يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، ولا يسقط حق الآدمي من دم، أو مال، أو عرض بالحج إجماعًا (¬4)، قاله في الفروع (¬5) "، حاشية (¬6). ثم كتب على قوله في [هذه المقولة] (¬7): (إجماعًا) ما نصه: لكن في الحديث ¬
وجهادُ المجاورِ متعيِّنٌ إلا لحاجةٍ، ومعَ تساوٍ جهادُ أهلِ الكتاب أفضلُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ما يقتضي إسقاطها، وقد تكلم الحافظ ابن حجر على ذلك الحديث من جهة مرتبته وتعدد طرقه، حيث سئل عن ذلك، وأفرده بالتأليف (¬1). وبخطه -رحمه اللَّه-: أما شهادة البحر فإنها تكفر حتى دين، كما هو صريح الحديث المذكور (¬2) في شرح شيخنا (¬3) وغيره (¬4). * قوله: (وجهاد المجاور متعين)؛ أيْ: جهاد القريب من المسلمين متعين من جهاد البعيد عنهم. * قوله: (ومع تساوٍ)؛ أيْ: في القرب والبعد. * قوله: (جهاد أهل الكتاب أفضل)؛ أيْ: من جهاد (¬5) قتال أهل الحرب؛ لأن قتالهم لمحض العداوة، بخلاف أهل الكتاب فإنهم يقاتلون عن دين، حاصل الشرح (¬6). ¬
وسُنَّ رِبَاطٌ، وهو: لزومُ ثَغْرٍ لجهادٍ، ولو ساعةً، وتمامُه: أربعون يومًا، وأفضلُه بأشدِّ خوف، وهو أفضلُ من مُقامٍ بمكةَ، والصلاةُ بها أفضلُ. وكُرِه نقلُ أهله إلى مَخْوف، وإلا فلا كأهل الثَّغْر. وعلى عاجزٍ عن إظهارِ دينهِ بمَحلٍّ يغلب فيه حكمُ الكفر، أو بدعٍ مُضلةٍ: الهجرةُ إن قدرَ، ولو في عِدَّة بلا راحلةِ، ومَحْرمٍ، وسُنَّت لقادرٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وسُن رباط)؛ أيْ: مع قيام من يكفي، وإلا فهو فرض كفاية كالجهاد، ولذلك اختلف في الأفضل منهما (¬1). * قوله: (وتمامه)؛ أيْ: تمام الرباط. * قوله: (وهو أفضل من مقام بمكة)؛ أيْ: ومن الصلاة بها. * قوله: (والصلاة بها أفضل)؛ أيْ: من الصلاة بالرباط، وأما نفس الرباط فهو أفضل منهما أيضًا، فتأمل!. * قوله: (وإلا فلا)؛ أيْ: وإن لم يكن مخوفًا فلا يكره نقل أهله إليه، كما أنه لا يكره إقامة أهل الثغر بأهلهم فيه، ولو كان مخوفًا؛ لأنه لا بد لهم من السكنى بهم، شرح (¬2). * قوله: (ولو في عدة)؛ أيْ: ولو كانت المرأة معتدة. * قوله: (بلا راحلة ومحرم)؛ أيْ: ولو بلا راحلة، ولا محرم بخلاف الحج. * قوله: (وسُنَّت لقادر)؛ أيْ: على إظهار دينه. ¬
ولا يتطوعُ به مدينُ آدميٍّ لا وفاءَ له، إلا مع إذنٍ، أو رَهْنٍ يُحرِزُ، أو كفيلٍ مَليء. ولا مَنْ أحدُ أبويْهِ حرٌّ مسلمٌ، إلا بإذنه، لا جدٍّ وجدَّةٍ، ولا في سفرٍ واجب. ولا يحلُّ للمسلمين فرارٌ من مثْلَيْهم، ولو واحدًا من اثنين، أو مع ظنِّ تلفٍ، إلا مُتحرِّفين لقتال، أو مُتَحيِّزين إلى فئة، وإن بعدت، وإن زادوا فلهم الفرارُ، وهو معَ ظن تلفٍ أولى. وسُنَّ الثباتُ مع عدمِ ظن التلف، والقتال معَ ظنِّه فيهما أولى من الفرارِ، والأسرِ. وإن وقع في مَرْكَبِهم نارٌ فعلوا ما يرون السلامةَ فيه من مُقامٍ، ووقوعٍ في الماء، فإن شكُّوا، أو تيقَّنوا التلفَ فيهما، أو ظنوا السلامةَ فيهما ظنًّا متساويًا خُيِّروا. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا يتطوع به مدين آدمي) سواء كان الدين حالًّا، أو مؤجَّلًا على ما يأتي (¬1) في الحجر، وذكره المحشِّي هنا (¬2). * قوله: (لا جدَّ وجدَّة)؛ أيْ: لا يعتبر إذنهما، عُدِمَ الأبوان، أو وُجِدَا. * قوله: (ولا في سفر لواجب)؛ أيْ: ولا يعتبر إذن الأبوَين في سفر لأمر واجب، من حج، أو علم، أو جهاد. ¬
1 - فصل
1 - فصلٌ يجوزُ تَبْييتُ كفار، ولو قُتِلَ بلا قَصْدٍ من يَحْرمُ قتلُه، ورَمْيهُم بِمْنجَنِيق، ونارٍ، وقطعُ سابِلةٍ (¬1) وماء، وفتحه لِيغْرقَهم، وهدمُ عامِرِهم، وأخذُ شُهْدٍ (¬2) بحيثُ لا يترَكُ للنَّحلِ شيءٌ, لا حرقُه، أو تغريقُه، أو عقرُ دابةٍ، ولو لغيرِ قتالٍ، إلا لحاجةِ أكلٍ، ولا إتلافُ شَجَرٍ، أو زرعٍ يضرُّ بنا، ولا قتلُ صبيٍّ، وأنثى، وخنثى، وراهبٍ، وشيخٍ فانٍ، وزَمِنٍ، وأعمى لا رأيَ لهم، ولم يقاتلوا، أو يُحرِّضوا. وإن تترِّس بهم رُمُوا بقصد المقاتَلة، وبمسلم لا، إلا أن خِيفَ علينا، وتُقْصدُ الكفار. ويجبُ إتلافُ كتبِهم المبدَّلةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (يجوز تبييت كفار)؛ أيْ: كَبْسُهم ليلًا على غرة، وغفلة. * قوله: (من يحرم قتله) كصبي، وامرأة -كما يأتي (¬3) -. * قوله: (وبمسلم لا)؛ أيْ: لم (¬4) يرموا. * قوله: (ويجب إتلاف كتبهم المبدلة) عَبَّر به تبعًا للبلغة (¬5) وقال في الإقناع (¬6): ¬
وكُره نقلُ رأسٍ، ورميُه بمَنْجَنِيْق بلا مصلحةٍ، وحَرُم أخذُ مالٍ لندفعَه إليهم. ومن أسرَ أسيرًا، وقدَر أن يأتيَ به الإمامَ بضرْبٍ أو غيره، وليس بمريض حرُم قتلُه قبلَه، وأسيرٍ غيرِه، ولا شيء عليه إلا أن يكون مملوكًا. ويخيَّرُ إمامٌ في أسيرٍ حرٍّ مقاتلٍ: بين قتلٍ، ورِقٍّ، ومَنٍّ، وفداءٍ بمسلم وبمال، ويجبُ اختيارُ الأصلح، فإن تردَّد نظرُه، فقتلٌ أولى. ومن فيه نفعٌ -ولا يُقتل- كأعمى، وامرأةٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ (يجوز)، وعبر به تبعًا للرعاية (¬1)، ولعل الخلاف لفظي، وأن من عبَّر بالجواز مراده به عدم الحرمة. * قوله: (لندفعه)؛ أيْ: الرأس. * وقوله: (إليهم)؛ أيْ: الكفار. * قوله: (وأسير غيره) بالجر عطف على (قتل) بتقدير مضاف؛ أيْ: وقتل أسير غيره، ثم حُذِفَ المضاف، وأقيم المضاف إليه مُقَامه، وليس من العطف على الضمير دون إعادة الجار. * قوله: (ويخير الإمام في أسير حُرٍّ) وأما القنُّ فغنيمة -كما سيأتي في كلامه-. * قوله: (وامرأة)؛ أيْ: غير مزوجة -كما يأتي (¬2) - في قوله: (ولم تُسترقَّ زوجة). ¬
وصبيٍّ، ومجنونٍ، ونحوِهم: رقيقٌ بسبيٍّ، وعلى قاتِلهم غرمُ الثمن غنيمةً، والعقوبةُ. والقِنُّ غنيمةٌ، ويقتل لمصلحة، ويجوز استرقاق من لا تُقْبلُ منه جِزْيةٌ، أو عليه ولاءٌ لمسلمٍ، ولا يُبطِلُ استرقاقٌ حقًّا لمسلم. ويتعيَّن رِقٌ بإسلامٍ عندَ الأكثر (¬1)، وعنه (¬2): يخيَّرُ بين رقٍّ، ومَنٍّ، وفداء. المنقح (¬3): "وهو مذهب"، فيجوز الفداء ليتخلصَ من الرِّقِّ. ويحرم ردُّه إلى الكفار. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وصبي) بخلاف الولد البالغ -كما يأتي (¬4) -. * قوله: (ويجوز استرقاق من لا تقبل منه جزية) كنصارى العرب، ويهودهم، ومجوسهم من بني تغلب وغيرهم -كما يأتي (¬5) -. * قوله: (ولا يُبطل استرقاق حقًّا لمسلم) لعله ولا ذمي، وصرح به شيخنا في شرحه (¬6)، وعليه فهو حصر إضافي؛ أيْ: لا حربي. * قوله: (فيجوز الفداء)؛ يعني: والمنُّ، وإن أوهم كلامه أنه لا يجوز إلا (¬7) ¬
2 - فصل
وإن بذلوا الجزية قُبِلتْ جوازًا، ولم تُسْتَرقَّ زوجةٌ، وولدٌ بالغ، ومن أسلمَ قبلَ أسرهِ، ولو لخوف: فكأصليٍّ. * * * 2 - فصلٌ والمسبيُّ غيرُ بالغ منفردًا، أو مع أحدِ أبويه: مسلمٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الفداء، ووجه جوازهما: أنهما إذا جازا حال الكفر ففي حال الإسلام أولى (¬1)، انتهى بمعناه في الحاشية (¬2). * قوله: (ولم تُسترقَّ زوجة) أي: من الأسرى، لعله ما لم تكن قد سُبيت مع زوجها، إذ سيأتي (¬3) أن للإمام استرقاقهما في هذه الحالة، وهو المشار إليه بقوله الآتي: (ولو استُرِقَّا). وبخطه (¬4) قوله: (ولم تُسترق زوجة. . . إلخ) يؤخذ منه تقييد (امرأة) -فيما سبق (¬5) - بكونها غير مزوجة. فصل * قوله: (والمسبي غير بالغ) من كفار ولو مميزًا. * قوله: (مسلم) إن كان سابيه مسلمًا، بدليل ما بعده. ¬
ومعها على دينهما، ومسْبيٌّ ذمِّيٌّ يَتْبعه. وإن أسلم أو ماتَ، أو عُدِمَ أحدُ أبويْ غيرِ بالغ بدارنا، أو اشتبه ولدُ مسلم بولدِ كافرٍ، أو بلغ مجنونًا: فمسلمٌ. وإن بلغ عاقلًا ممسكًا عن إسلام وكُفر: قُتل قاتلُه. وينفسخُ نكاحُ زوجة حربيٍّ بسبيٍ، لا معه ولو استُرِقَّا، وتحلُّ لسابِيها. ولا يَصحُّ بيعُ مُستْرَقٍّ منهم لكافرٍ، ولا مُفاداتُه بمال، ويجوز بمسلم. ولا يفرَّق بين ذوَي رحمٍ محْرَمٍ، إلا بعتق، أو افتداءِ أسيرٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومسبي ذمي يتبعه)؛ أيْ: السابي في دينه؛ أيْ: حيث يتبع المسلم قياسًا عليه. * قوله: (أو عدم أحد أبوَي غير بالغ بدارنا) كولد الزنا. * قوله: (أو بلغ مجنونًا)؛ أيْ: من عدم أحد أبوَيه، أو مات، أو أسلم، فتدبر!. * قوله: (قتل قاتله)؛ لأنه مسلم حكمًا. * قوله: (وينفسخ نكاح زوجة حربي بسبي)؛ يعني: وإن لم تُسترقَّ، ليوافق ما سبق (¬1). * قوله: (وتحل)؛ أيْ: مسبية وحدها. * قوله: (لسابيها)؛ أيْ: بعد استبرائها. ¬
أو بيع فيما إذا ملك أختَين ونحوَهما. ومن اشترى منهم عددًا في عقد يظنُّ أن بينهم أخوَّةً أو نحوَها، فتبيَّن عدمُها رُدَّ إلى المقْسم الفضلُ الذي فيه بالتفرُّق. وإذا حَصَرَ إمامٌ حصنًا لزمَه الأصلح: من مُصَابرتِه، وموادَعَتِه (¬1) بمال، وهُدْنةٍ بشرطها، ويجبان إن سألوهما وثَمَّ مصلحةٌ، وإن قالوا: ارحلوا عنَّا، وإلا قَتلْنَا أسراكُم فليرحلوا. ويُحرِز من أسلم منهم دمَه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو بيع)؛ أيْ: وما في معناه، كالهبة، وجاز هنا البيع للحاجة. * قوله: (رد إلى المقسم)؛ أيْ: جوازًا، إن كان المبيع باقيًا وله الفسخ، ووجوبًا إن كان تالفًا، وفي الحاشية (¬2) تلميح باعتراض ساقط، فتدبره!. وبخطه: المَقْسمُ يطلق على الأمر المشترك الذي يراد تقسيمه، فيجوز أن يكون المراد هنا (¬3)، ويطلق المفعل على الزمان، والمكان، والمصدر، ويصح إرادة الوسط، ويستعمل بمعنى اسم المفعول، ويجوز إرادته هنا أيضًا، فتدبر!. * قوله: (بشرطها)؛ أيْ: حيث جاز تأخير الجهاد، وأن يكون لك مدة معلومة. * قوله: (ويجبان)؛ أيْ: الموادعة (¬4) بمال أو دونه، وهو الذي عبر به ¬
ومالَه حيث كان، ولو منفعةَ إجارةٍ، وأولادَه الصغار وحَمْلَ امرأتِه، لا هي، ولا ينفسخُ نكاحُه بِرِقِّها. وإن نزلوا على حكم مسلمٍ، حرٍّ، مكلفٍ، عدلٍ، مجتهدٍ في الجهاد، ولو أعمى، أو متعددًا: جاز، ويلزمُه الحكم بالأحظِّ لنا، ويلزمُ حتى بِمَنٍّ. وليس للإمام قتلُ من حَكم برِقِّه، ولا رقُّ من حَكم بقتله، ولا رقُّ، ولا قتلُ من حكم بفدائِه. ـــــــــــــــــــــــــــــ المص بالهدنة، فليس بين المتن والشرح (¬1) تخالف، والمحشِّي (¬2) تبع الشارح في العبارة، ولو راعيا المتن لقالا: أيْ: الموادعة بمال، والهدنة بغيره، كما عبر به شيخنا في شرحه (¬3). * قوله: (وماله وأولاده الصغار) لعل المراد أنه يحرز ذلك من أسلم قبل الحكم بقتله أو سبيه، وإلا فسيأتي (¬4) أنه إذا أسلم بعد الحكم بقتله أنه (¬5) لا يحرز إلا دمه، إلا أن يحمل ما هنا على ما إذا كان قبل الحكم بالسبي، فلا يعارض ما يأتي. * قوله: (ولا ينفسخ نكاحه)؛ أيْ: الزوج المسلم برِقِّها؛ أيْ: الزوجة؛ لأن منفعة النكاح لا تجري مجرى الأموال، بدليل عدم ضمانها باليد، وعدم أخذ العوض عنها، انتهى. شرح (¬6). ¬
وله المنُّ على الثلاثة مطلقًا، وقبولُ فداءٍ ممن حكم بقتلِه، أو رِقِّه. وإن سألوا أن يُنزلهَم على حكمِ اللَّه -تعالى- لزمه أن ينزلَهم، ويخيَّرُ كأسرى. ولو كان به من لا جزيةَ عليه، فبَذَلها لعقدِ الذِّمةِ: عُقدت مجانًا، وحرُم رِقُّه. ولو خرج عبد إلينا بأمانٍ، أو نزل من حصنٍ، فهو حرٌّ، ولو جاءنا مُسلمًا، وأسر سيدَه، أو غيرَه فهو حرٌّ، والكلُّ له. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وله المنُّ مطلقًا)؛ أيْ: سواء كان ذلك الذي نزلوا على حكمه، حكم بالقتل أو الرقِّ، أو المنِّ أو الفداء. * قوله: (فقط)؛ أيْ: دون ماله وذريته؛ لأنهم صاروا للمسلمين بمجرد الحكم (¬1) بقتله، حاشية (¬2). * قوله: (ولو كان به)؛ أيْ: بذلك الحصن المتقدم (¬3) في قوله: (وإذا حصر الإمام حصنًا). * قوله: (من لا جزية عليه) كامرأة وخنثى. * قوله: (عقدت مجانًا) من (¬4) غير مال. * قوله: (والكل له) وإذا مات السيد الأسير في هذه الحالة ورثه عبده السابي ¬
وإن قام بدار حربٍ فرقيقٌ. ولو جاء مولاه مسلمًا بعده لم يُردَّ إليه، ولو جاء قبله مسلمًا، ثم جاء هو مسلمًا فهو له. وليس لِقِنٍّ غنيمةٌ، فلو هرب إلى العدو، ثم جاء بمالٍ، فهو لسيده، والمالُ لنا. ـــــــــــــــــــــــــــــ له بالولاء، وهو مما يلغز به، فيقال: قد يرث العبدُ سيدَه بالولاء. * قوله: (ولو جاء)؛ أيْ: المولى. * وقوله: (قبله)؛ أيْ: العبد. * قوله: (ثم جاء هو)؛ أيْ: العبد. * قوله: (فهو)؛ أيْ: القنُّ لسيده. * * *
1 - باب ما يلزم الإمام والجيش
1 - باب ما يَلزم الإمامَ والجيشَ يلزمُ كلَّ أحدٍ إخلاصُ النيةِ للَّه -تعالى- في الطاعات، وأن يَجْتَهدَ في ذلك. وعلى الإمام عند المسيرِ: تعاهُدُ الرجالِ، والخيلِ، ومنعُ من لا يصلُحُ لحرب، ومُخَذِّلٍ، ومُرْجِفٍ، ومكاتِبٍ بأخبارنا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ما يلزم الإمام والجيش أيْ ما يلزمهما على سبيل الاختصاص أو الاشتراك بينهما، أو بين غيرهما، بدليل أول مسألة، فتأمل (¬1)!. * قوله: (وعلى الإمام عند المسير) وفي دار الحرب. وبخطه: لعل المراد عند إرادته، كذا قرره شيخنا، والأولى عند ابتدائه؛ لأنه أقوى في الاختيار وإفراز من لا يصلح. * قوله: (تعاهد الرجال والخيل) يدل على أن في قوله: (من لا يصلح) تغليبًا للعقلاء على غيرهم. * قوله: (ومخذل) مُفَنِّد مُزَهِّد في الحرب. * قوله: (ومرجف)؛ أيْ: مُخَوِّف. ¬
ومعروفٍ بنفاق، أو زندقة، ورامٍ بيننا بفتنٍ، وصبيٍّ، ونساءٍ، إلا عجوزًا لسقيٍ، ونحوه. وتحرُم استعانةٌ بكافر إلا لضرورةٍ، وبأهلِ الأهواء في شيءٍ من أمورِ المسلمين، وإعانتُهم إلا خوفًا. ويسيرُ برفق إلا لأمر يحدث، ويُعِدُّ لهم الزادَ، ويحدثهم بأسباب النَّصر، ويُعرِّف عليهم العُرَفاء (¬1)، ويَعقِدُ لهم الألْوِيَةَ، وهي: العصابة تُعقد على قَناةٍ ونحوِها، والراياتِ وهي: أعلامٌ مربعةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وَصبي) ولو مميزًا. * قوله: (ونحوه) كمعالجة (¬2) الجرحى والمرضى. * قوله: (إلا لضرورة) ككونه حسن الرأي، لكن بشرط أن يكون مأمونًا. * قوله: (إلا خوفًا) ظاهره ولو كان عدوهم في هذه الحالة مسلمًا، وهو مشكل، فلتحرر المسألة (¬3)!. * قوله: (ويسير برفق) بحيث يقدر عليه الضعيف، ولا يشق في بطئه على القوي. * قوله: (وهي أعلام مربعة) قال في المطلع (¬4): "قال صاحب المطالع (¬5) ¬
ويجعلُ لكلِّ طائفةٍ شعارًا يتداعَون به عنده الحرب. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيره (¬1): اللواء راية لا يحملها إلا صاحب جيش العرب، أو صاحب دعوة الجيش، والناس له تبع، وأما الرايات: فجمع راية، قال الجوهري (¬2) وغيره (¬3): الراية العلم، وقيل: الراية اللواء، فيكون على هذا مترادفًا"، انتهى، فتدبر كلام المص هل يمكن تطبيقه على هذا؟!. * قوله: (شعارًا يتداعون به) كأمِتْ أمِتْ (¬4)، وكَهُم لا ينصرون (¬5). ¬
ويتخيَّرُ المنازلَ، ويحفظ مكامِنَهَا، ويتعرَّف حال العدو، ويبعث العيون، ويمنعُ جيشَه من مُحَرَّمٍ، وتشاغلٍ بتجارة، ويَعِدُ الصابر بأجرٍ ونَفْلٍ، ويُشاوِرُ ذا رأي، ويَصُفُّهم ويجعل في كلِّ جنبة كُفئًا، ولا يميلُ معَ قريبه، وذي مذهبه. ويجوزُ أن يجعلَ معلومًا، ويجوز من مالِ الكفار مجهولًا، لمن يعملُ ما فيه غَناءٌ, أو يدل على طريق. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (يبعث العيون) جمع عين، وهو: الربيئة (¬1) (¬2). * قوله: (أو يدل. . . إلخ)؛ أيْ: وإن لم يكن فيه عناء ومشقة، هذا إن كان عناء بالمهملة، ويجوز أن يكون بالغين المعجمة بمعنى النفع، كما فسره به المحشِّي (¬3)، فيكون من ذِكر الخاص بعد العام. قال في الصحاح (¬4) في فصل الغين المعجمة من باب المعتل: "والغناء بالفتح النفعُ (¬5) وبالكسر: من السماع، والغنى مكسورًا مقصورًا: اليسار"، انتهى. ¬
أو قلْعةٍ، أو ماءٍ ونحوِه، بشرط: أن لا يجاوزَ ثلث الغنيمة بعد الخُمُسِ، وأن يُعطيَ ذلك بلا شرط. ولو جَعل له جاريةً منهم فماتتْ فلا شيء له، وإن أسلمتْ وهي أمةٌ أخذها كحُرَّةٍ أسلمتْ بعد فتحٍ، وإن فُتِحتْ صُلحًا، ولم يشترِطُوها، وأبَوْها وأبَى القيمةَ: فُسِخ. ولأمير في بِداءةٍ أن ينفلَ الربعَ فأقلَّ بعدَ الخُمُسِ، وفي رَجْعَةٍ الثلثَ فأقلَّ بعدَه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو قلعة) القلعة بفتح اللام وسكونها: الحصن. مطلع (¬1). * قوله: (بشرط أن لا يجاوز ثلث الغنيمة بعد الخمس) ظاهره وإن اقتضت المصلحة ذلك، مع أنه يلزمه أن يجتهد في فعل ما هو الأصلح للمسلمين. * قوله: (ولو جعل له جارية منهم) مثل أن يقول: بنت فلان، على ما في الإقناع (¬2)، وحينئذٍ فالمراد معينة، تدبر!. * قوله: (فماتت فلا شيء له)؛ أيْ: قبل الفتح أو بعده، أو لم يفتح أو فتح ولم يوجد شيء، سوَّى بين ذلك كله في الإقناع (¬3)، وكلام المص يحتمل بعضه. * قوله: (إلا أن يكون كافرًا فقيمتها) لامتناع تسليمها إليه في حال كفره وإسلامها. * قوله: (فسخ)؛ أيْ: الصلح. * قوله: (بعده)؛ أيْ: بعد الخمس. ¬
1 - فصل
وذلك إذا دخل بَعَثَ سريَّةً تُغير، وإذا رجع بَعث أخرى، فما أتتْ به أخرج خمُسه، وأعطى السريَّة ما وجب لها بجعلِه، وقسم الباقيَ في الكل. * * * 1 - فصلٌ ويلزمُ الجيشَ: الصبرُ، والنُّصحُ، والطاعةُ، فلو أمرهم بالصلاة جماعةً وقتَ لقاء العدو فأبَوا عصَوا. وحرُم بلا إذنه حَدَث كتعلُّفٍ، واحتطابٍ، ونحوِهما، وتعجيلٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وأعطى السرِية ما وجب لها) قال ابن نصر اللَّه (¬1): "يُسأل عن كيفية قسم ذلك فيها، هل هو على طريق القسم بين الغانمين، للراجل سهم وللفارس ثلاثة، أو أقسامًا متساوية"، حاشية (¬2). * قوله: (وقسم الباقي في الكل)؛ أيْ: في السرِية وغيرها. فصل * قوله: (عصَوا) ولو خوف الإغارة. * قوله: (وحرم بلا إذنه حدث)؛ أيْ: إحداث أمر. * قوله: (ونحوهما) كخروج من العسكر. * قوله: (وتعجيل)؛ أيْ: بالمسير قبله. ¬
ولا ينبغي أن يأذنَ بموضع عَلِمَه مخوفًا، وكذا بِرازٌ. فلو طلبَه كافرٌ سُنَّ لمن يعلمُ أنه كفؤُه بِرازُه بإذن الأمير، فإن شرط، أو كانت العادة أن لا يقاتِله غيرُ خصمه: لزم، فإن انهزم المسلمُ، أو أُثْخِن فلكلِّ مسلم الدفعُ والرميُ، وإن قتلَه، أو أثْخَنَه فله سلَبُه. وكذا من غرَّر بنفسه، ولو عبدًا بإذن سيده، أو امرأةً، أو كافرًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا ينبغي أن يأذن. . . إلخ) بمعنى لا يجوز؛ لأنه خيانة لهم. * قوله: (وكذا بِراز) بكسر الباء، وأما فتحها فهو اسم للفضاء الواسع (¬1). والفرق بين البراز والانغماس في العدو، حيث جاز بلا إذنه: أن الإنسان قد يبرز لمن لا يطيقه، فيعرض نفسه للهلاك، فتنكسر قلوب المسلمين، وأما الانغماس في الكفار فإنما جاز بلا إذن؛ لأنه يطلب الشهادة، ولا يترقب منه ظفر ولا مقاومة، بخلاف المبارز، فإنه تتعلق به قلوب الجيش، ويترقبون ظفره. حاصل الشرح (¬2). * قوله: (وأثخنه) الإثخان: هو الجرح الموحي. * قوله: (فله سلَبه)؛ أيْ: غير مخموس. * قوله: (وكذا من غرر بنفسه)؛ أيْ: وقتل في هذه الحالة قتيلًا، فله سلَبه، وإنما نصوا عليها، لئلا يتوهم أنه يُحرم السلَب عقوبة عليه في نظير عدم الاستئذان. * قوله: (ولو عبدًا)؛ أيْ: ولو كان المسلم القاتل للكافر المبارز له عبدًا. . . إلخ، فهو راجع لصدر المسألة، لا لمسألة التغرير. ¬
أو صبيًّا بإذن، لا مُخذِّلًا، ومُرْجِفًا، وكلَّ عاصٍ حالَ الحرب (¬1)، فقَتل، أو أثخن كافرًا مُمْتَنعًا، لا مشتغلًا بأكل ونحوه، ومنهزمًا، ولو شرط لغيره، وكذا لو قطعَ أربعتَه. وإن قطعَ يدَه ورجلَه وقتلَه آخرُ، أو أسرَه فقتله الإمامُ، أو قتله اثنان فأكثرُ: فغنيمةٌ. والسَّلَبُ: ما عليه من ثيابٍ، وحليٍّ، وسلاحٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو صبيًّا بإذن)؛ أيْ: من إمام أو نائبه. * قوله: (ممتنعًا)؛ أيْ: متيقظًا، بحيث يمكنه الدفع عن نفسه بدليل ما بعده. * قوله: (ومنهزمًا)؛ أيْ: مع الكفار في حال انهزامهم كلهم. أما لو كانت الحرب قائمة فانهزم واحد منهم متحيزًا فقتله إنسان فله سلَبه، حاشية (¬2). * قوله: (ولو شرط لغيره) متعلق بالنسبة في قوله: (فله سلَبه). * قوله: (وكذا لو قطع أربعته) فإنه له سلَبه، ولو قتله غيره؛ لأنه كفى (¬3) المسلمين شرَّه. * قوله: (فغنيمة)؛ لعدم الانفراد بقتله في المسائل الثلاث. ¬
2 - فصل
ودابتُه التي قاتل عليها، وما عليها. فأمَّا نفقتُه، ورحَلُه، وخيمتُه، وجنِيبُه (¬1)، فغنيمةٌ. ويُكره التلثُّمُ في القتالِ، وعلى أنفِه، لا لُبسُ علامة كريش نَعام. * * * 2 - فصلٌ ويحرمُ غزوٌ بلا إذن الأمير، إلا أن يَفْجَأَهم عدوٌّ يخافون كلَبَه. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ودابته التي قاتل عليها) سواء قتل وهو عليها أو لا. * قوله: (ورحله) قال في المطلع (¬2): (الرحل هنا (¬3): الأثاث)؛ انتهى، فعطف الخيمة عليه من عطف الخاص على العام؛ لأن الخيمة على ما قاله في المطلع مسكنه من الرحل. فصل * قوله: (إلا أن يفجأهم عدو)؛ أيْ: يطلع عليهم بغتة. * قوله: (يخافون كلبه)؛ أيْ: شرَّه وأذاه، وكذا إن عرض لهم فرصة يخافون فوتها بالاستئذان على ما في الإقناع (¬4) وغيره (¬5)، حاشية (¬6). ¬
فإن دخل قومٌ، أو واحدٌ، ولو عبدًا دارَ حرب بلا إذن فغنيمتُهم فَيءٌ. ومن أخذ من دار حربٍ ركازًا، أو مباحًا له قيمةٌ فغنيمةٌ، وطعامًا، ولو سكَّرًا، ونحوَه، أو علفًا، ولو بلا إذن وحاجةٍ: فله كلُه، وإطعامُ سبيٍ اشتراه، ونحوِه، وعلفُ دابته، ولو لتجارِة، لا لصيد، ويرُدُّ فاضلًا، ولو يسيرًا، وثمنَ ما باع. ويجوز القتالُ بسلاح من الغنيمة، ويردُّه، لا على فرسٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (من دار حرب)؛ يعني: من الجيش، أو مع الجيش. * قوله: (لا لصيد) يطلب الفرق بين الدابة المعدَّة للتجارة، والمعدَّة للصيد، حيث أبيح أخذ العلف للأولى دون الثانية، مع أنه قد أسلف (¬1) أنه يلزم الإمام أن يمنعهم من التشاغل بالتجارة التي تمنع التفرغ للجهاد. إلا أن يقال: إن دابة التجارة قد تكون من جنس ما يقاتل عليه، كالخيل، فربما آل نفعها إلى من يشتريها من المقاتلة، بخلاف ما يصاد عليه كجارح وفهد، وربما يشير إلى هذا الفرق تعليل الشارح (¬2) لقول المص (لا لصيد) بقوله: (لعدم الحاجة إليها) فتدبر!. * قوله: (ويرد فاضلًا) من طعام، وعلف؛ أيْ: زائدًا عن حاجته المذكورة. * قوله: (ويجوز القتال بسلاح من الغنيمة) سواء كان محتاجًا إليه أم لا، ويحتاج إلى الفرق بين السيف والفرس، مع أن كلًّا منهما تعلق به بعد جمعه حق ¬
ولا لُبسُ ثَوْبٍ منها، ولا أخذ شيء مطلقًا مما أُحرِزَ، ولا التضحيةُ بشيءٍ فيه الخُمُس، وله لحاجة دَهْنُ بدنِه، ودابته، وشُربُ شراب. ومن أخذ ما يستعينُ به في غزاة معينةٍ، فالفاضلُ له، وإلا ففي الغزو. ـــــــــــــــــــــــــــــ جميع الغانمين، إلا أن يقال: إنه يغلب على الظن بقاء عين السيف وإمكان ردِّه، بخلاف الفرس، وكذا الثوب، فتدبر!. * قوله: (مطلقًا)؛ أيْ: سواء كان طعامًا، أو غيره، وسواء كان في دار الإسلام، أو في دار الحرب. * قوله: (ولا التضحية بشيء فيه الخمس)؛ أيْ: إبلًا كان، أو بقرًا، أو غنمًا. * قوله: (وشرب شراب)؛ أيْ: مباح شربه، كجُلَّاب (¬1)، وسَكَنْجِبين (¬2)، والمراد: لحاجة، إلحاقًا لذلك كله بالطعام. * قوله: (فالفاضل له)؛ لأنه أُعطيَه على سبيل المعاونة والنفقة، لا على سبيل الإجارة، كما لو أوصى أن يَحج عنه فلان بألف. * قوله: (وإلا ففي الغزو)؛ أيْ: وإن لم يكن أخذه في غزاة معينة، فالفاضل يصرف الغزو؛ لأنه أعطاه الجميع ليصرفه في جهة قربة، فلزمه إنفاقه فيها، كوصيته أن يحج عنه بألف، ولا يترك لأهله شيئًا مما أُعطيه ليستعين به في الغزو، حتى يصير إلى رأس معزاة، فيبعث إلى عياله منه (¬3)، شرح شيخنا (¬4). ¬
وإن أخذ دابةً غيرَ عاريةٍ، وحبيسٍ لغَزْوِه عليها ملَكها به، ومثلُها سلاحٌ وغيرُه. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ملكها به)؛ أيْ: بالغزو لا قبله. * قوله: (ومثلها سلاح وغيره)؛ أيْ: فإنه يملك بالغزو به، لا قبله. * * *
2 - باب قسمة الغنيمة
2 - باب قسمة الغنيمة وهي ما أُخذ من مالِ حربيٍّ قهرًا بقتال، وما أُلحِقَ به. ويملكُ أهلُ حربٍ ما لَنا بقهر، ولو اعتقدوا تحريمَه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قسمة الغنيمة * قوله: (وما ألحق به)؛ أيْ: بما أخذ بقتال، كالمأخوذ فداء، وما أهداه أهل الحرب لأمير الجيش أو بعض قواده (¬1) بدار الحرب، وما أخذ من مباح دار الحرب بقوة الجيش، حاشية (¬2) -ويأتي غالبه في آخر الباب (¬3) في المتن-. * قوله: (ويملك أهل الحرب ما لنا بقهر) حتى العبد المسلم -كما صرح به في القواعد (¬4) - فلا ينفذ [عتق مسلم في رقيق] (¬5) استولوا عليه، ولا زكاة فيما استولوا عليه، وإذا ملك المسلم أختَين فوطئ إحداهما، فاستولوا عليها جاز له وطء الثانية، حاشية (¬6) باختصار. ¬
حتى ما شَرَد، أو أَبَق، أو أَلقَتْه ريحٌ إليهم، وأمَّ الولد، لا وقفًا. ويعملُ بوسْمٍ على حبيسٍ، كقول مَأسُورٍ: هو ملكُ فلان، ولا حرًّا، ولو ذميًّا، ويلزمُ فِداؤُه، ولا فداءَ بخَيْلٍ، وسلاحٍ، ومكاتَبٍ، وأمِّ ولد. وينفسخُ به نكاحُ أمةٍ، لا حرَّةٍ، وإن أخذناها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا وقفًا) يطلب الفرق بينه وبين أم الولد إذ العلة -وهي عدم البيع- موجودة فيه (¬1) أيضًا، بل الوقف قد عهد بيعه فيما إذا تعطلت منافعه وقصد إصلاحه ببيع بعضه. فالرواية الثانية المصرحة بأنهم لا يملكونها (¬2) -التي صححها ابن عقيل، وقال في الإنصاف (¬3): "إنها الصواب"- أظهر، فتدبر (¬4)!. * قوله: (كقول مأسور هو ملك فلان) قال الإمام (¬5): "ومثله لو أسِرَت مركب كفار، وقال بعض النَّواتِيَّة (¬6) عن شيء فيها هذا ملك فلان، فإنه يقبل"، وظاهره ولو كان القائل واحدًا. * قوله: (وينفسخ به نكاح أمة)؛ أيْ: بالاستيلاء. * قوله: (لا حرة) لعدم الملك فيها. * قوله: (وإن أخذنَاها)؛ أيْ: الحرة منهم. ¬
أو أمَّ ولد، رُدَّت لزوج، وسيد، ويلزمُ سيدًا أخْذُها، وبعدَ قسمةٍ بثمنِها، وولدُهما منهم كولدِ رنا، وإن أبى الإسلامَ ضُرِبَ، وحُبس حتى يُسلمَ. ولمشترٍ أسيرًا رجوعٌ بثمنِه بنيتِه. وإن أخِذَ منهم مالُ مسلم. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويلزم سيدًا أخذها)؛ أيْ: أم ولده؛ لأن تركها عندهم يستلزم الإصرار على محرم، وهو استحلال فرجها لمن لا تحل له. * قوله: (وبعد قسمة بثمنها) مفهومه أنه قَبْل قسمة (¬1) يأخذها مجانًا. * قوله: (وولدهما منهم كولد زنا)؛ أيْ: ولد الحرة، وأم الولد، أما في جانب الحرة فواضح؛ لأنه لا ملك ولا شبهة ملك. وأما في جانب أم الولد فلا يظهر حتى على القول بأنهم لا يملكونها, الذي هو قول ابن عقيل (¬2)؛ لأنه من مُلْك مختلف فيه، فهو شبهة، هذا حاصل ما في شرح شيخنا (¬3). * قوله: (وإن أبى الإسلام)؛ أيْ: ولدهما؛ أيْ: إن كانتا مسلمتَين, وعبارة الفروع (¬4): "وترد مسلمة وولدها. . . إلخ". وبخطه: أيْ: في حال يعقله. * قوله: (ولمشتر أسيرًا)؛ أيْ: من كفار. * قوله: (رجوع بثمنه بنيته)؛ أيْ: على الأسير. ¬
أو معاهدٍ مجانًا، فلربِّه أخذُه مجانًا، وبشراءٍ، أو بعدَ قسمةٍ بثمنِه، ولو باعه، أو وهَبه، أو وقفه آخذه، أو من انتقل إليه: لزم، ولربِّه أخذه كما سبق من آخرِ مشترٍ، ومتَّهِبٍ. وتُملك غنيمةٌ باستيلاء بدار حرب، كعتق. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مجانًا)؛ أيْ: بلا عوض. * قوله: (فلربه أخذه مجانًا) إن عُرف ربه. * قوله: (أو بعد قسمة بثمنه)؛ أيْ: ولم يعلم ربه قبل القسمة، أما إن كان قد علم فلا أثر للقسمة. * قوله: (كما سبق)؛ أيْ: إما مجانًا، أو بثمنه بالنظر للأخذ من الكفار، لا من آخر مشترٍ، ومتهب، فعلى هذا لو أخذ من الكفار بعوض، ثم وهبه آخذه لآخر، ثم جاء ربه، فله أخذه لكن بعوضه وعكسها بعكسها، أشار إليه شيخنا في شرحه (¬1). * [قوله: (من آخر مشتم ومتهب)؛ أيْ: لا من معتق، وواقف، وعلى قياسه المستولد، ذكره شيخنا في شرحه (¬2)] (¬3). * قوله: (كعتق) ليس هذا تمثيلًا لأفراد الملك، بل ذكر نظيرَين للحكم، والمعنى: يحصل الملك بالاستيلاء، كما أنه يحصل عتق عبد الحربي وإبانة زوجته باللحوق بنا مُسْلِمَين، فتدبر!. ¬
عبد حربيٍّ، وإبانةِ زوجة أسلما، ولحقا بنا. ويجوز قسمتها فيها، وبيعُها، فلو كلب عليها العدوُّ بمكانها من مشترٍ فمن ماله. وشراءُ الأمير لنفسه منها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (عَبْدِ حربي) بالإضافة. * قوله: (وإبانة زوجة)؛ أيْ: زوجة الحربي إذا أسلمت، ولحقت بنا ينفسخ نكاحها بذلك، والمذهب: أنه لا ينفسخ، كما ذكره المص في نكاح الكفار (¬1) حيث قال: "ومن هاجر إلينا بذمة مؤبدة، أو مسلمًا، أو مسلمة والآخر بدار الحرب لم ينفسخ نكاحه"، انتهى. * قوله: (وتجوز قسمتها)؛ أيْ: الغنيمة. * وقوله: (فيها)؛ أيْ: دار الحرب. * قوله: (من مشترٍ) أما إن غلب عليها من الغانمين فيجري فيه التفصيل الآتي (¬2) في البيع، من الفرق بين ما يحتاج لحقِّ توفية وغيره، هذا ما يظهر، واللَّه أعلم. * قوله: (فمن ماله) هذا بيان لقول الأصحاب (¬3): (فمن ضمان مشترٍ) فتأمل!. * قوله: (لنفسه) الظاهر أنه لا مفهوم له؛ لأن العلة في المنع المحاباة، وهي موجودة. ¬
إن وكَّل منْ جُهل أنه وكيله: صَحَّ، وإلا حرُم. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإلا حرم) الأَولى لم يصح؛ ليقابل قوله: (صحَّ)؛ ولأن قوله (حرم) يصدق بالصحة، وهو مخالف لظاهر (¬1) ما استدل به الإمام (¬2) من قضية عمر وابنه في قضية جلُولا (¬3) (¬4). وأيضًا لا وجه للحرمة؛ لأن غاية ما يتلمح له من العلة أنه مظنة المحاباة، وهذا [مقتض للكراهة] (¬5) فقط، بدليل ما ذكروه في بيع القاضي وشرائه (¬6). وظاهر كلامه في المغني (¬7) أن المسألة مفروضة فيما إذا كان الشراء ¬
1 - فصل
1 - فصلٌ وتُضم غنيمةُ سرايا الجيشِ إلى غنيمته. ويَبْدأ في قَسْم: بدفع سَلَب، ثم بأجرةِ جمعٍ، وحملٍ، وحفظٍ، وجُعْلِ مَنْ دل على مصلحة، ثم يُخَمِّس الباقي. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قبل القسمة؛ لأنه قال في التعليل: (ولأنه هو البائع أو وكيله، فكأنه شرى من نفسه لنفسه)، انتهى. وحينئذ فلا يتأتى تفصيل المتن من جهل (¬1) الوكيل وعلمه؛ لأنه لا يتأتى منه جهل وكيل نفسه. وقد يقال: هذا مما يشبه الاحتباك، حيث ذكر في الأول الصحة ولم يذكر الجواز، استغناءً لذكر مقابله [وذكر في الثاني الحرمة ولم يذكر عدم الصحة استغناء بذكر مقابله] (¬2) أولًا، والأصل: صحَّ ولم يحرم، وإلا حرم ولم يصح، فتدبر!. فصل * قوله: (وتضم غنيمة. . . إلخ)؛ أيْ: إذا بعث الإمام السرية من دار الحرب، أما إذا أنفذ من بلد الإسلام جيشَين، أو سريَّتَين انفردت كل واحدة بما غنمته لانفرادها بالغزو، حاشية (¬3). * قوله: (إلى غنيمته)؛ أيْ: الجيش. * قوله: (وجعل من دل على مصلحة)؛ أيْ: فيما إذا وعده به ابتداءً، بخلاف ¬
ثم خُمُسَه على خمسة أسهم: سهمٌ للَّه -تعالى-، ولرسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: مَصْرَفه كالفيْءِ، وكان قد خُصَّ من المغنم بالصَّفِي (¬1)، وهو: ما يختاره قبل قسمة كجارية، وثوب، وسيف. وسهمٌ لذوي القُرْبى، وهم: بنو هاشمٍ، وبنو المطَّلبِ، حيث كانوا للذكرِ مثل حظِّ الأُنْثَيين غنيُّهم وفقيرُهم فيه سواء. ـــــــــــــــــــــــــــــ النفل (¬2) الآتي (¬3)، فلا تعارض بين المسألتَين. * قوله: (وكان قد خص. . . إلخ) كان الأولى ذكره قبل الكلام على القسمة؛ لأنه لا دخل له في السهام. * قوله: (وهم بنو هاشم وبنو المطلب) وحينئذٍ ففرق بين ما هنا وما تقدم (¬4) في الزكاة. ¬
وسهمٌ لفقراء اليتامى، وهم: من لا أبَ له، ولم يبلُغ. وسهمٌ للمساكين. وسهمٌ لأبناء السبيل. فيعطَون كزكاة بشرط: إسلام الكلِّ، وَيعمُّ من بجميع البلاد حسبَ الطاقةِ. فإن لم تأخذ بنو هاشم، وبنو المطلب، رُدَّ في كُراعٍ (¬1) وسلاح. ومن فيه سببان فأكثرُ أخذ بهما، ثم بنَفَلٍ، وهو: الزائدُ على السهمِ لمصلحةٍ، ورَضْخ: لمميزٍ، وقنٍّ وخنثى. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وهم من لا أب له)؛ أيْ: من مات أبوه، فليس شموله لولد الزنا مرادًا، ولا للقيط (¬2) أيضًا. * قوله: (رد في كُرَاع)؛ أيْ: ما يقاتل عليه. وبخطه: أيْ: خيل. * قوله: (وسلاح)؛ أيْ: ما يقاتل به (¬3). * قوله: (ومن فيه سببان فأكثر أخذ بهما) قد يقيال إن عموم قوله: (كزكاة) شامل لذلك، لكنه نص عليه لقصد الإيضاح. * قوله: (ورضخ)؛ أيْ: وبرضخ على ما في الشرح (¬4)، فهو اسم لا فعل، فتدبر!. ¬
وامرأةٍ على ما يراه، إِلا أنه لا يبلُغ به لراجِلٍ سهمَ الرَّاجِلِ، ولا لفارسٍ سهمَ الفارسِ، ولمبعَّضٍ بالحساب من رَضْحٍ، وإسهامٍ. وإن غزا قنٌّ على فرس سيده رَضَخ له، وقَسَمَ لها إِن لم يكن معَ سيده فرسان، ثم يقسمُ الباقيَ بين من شهد الوقعَة لقصدِ قتالٍ، أو بُعِثَ في سَريَّة، أو لمصلحةٍ كرسولٍ، ودليلٍ، وجَاسوسٍ، ومن خَلَّفه الأمير ببلادِ العدوِّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه: وهو العطاء من الغنيمة، دون السهم لمن لا سهم له. * قوله: (على ما يراه) ظاهر حل الشارح (¬1) أن قوله: (على ما يراه) راجع للرضخ لا للنفل أيضًا، وحينئذٍ فيأتي سؤال أبن نصر اللَّه (¬2) عن كيفية قسم النفل. ويجوز أن يجعل قوله: (على ما يراه) راجعًا لكل من النفل، والرضخ، وحينئذٍ فلا يتأتى السؤال عنه؛ لأنه قد صار مَوْكُولًا (¬3) إلى رأيه واجتهاده، ولعله مراد. * قوله: (وقَسَمَ لها) ولو كان أخذها بغير إذن سيده؛ لأنها لا تزيد على كونها مغصوبة، وسيأتي (¬4) أنه يقسم للفرس ولو كان مغصوبًا، وإطلاقه يشمل ما إذا كان الغاصب رقيقًا، فتدبر!. * قوله: (إن لم يكن مع سيده فرسان)؛ لأنه إذا كان لسيده فرسان غيرها فإنه لا يسهَم لها؛ لأنه لا يسهم لأكثر من فرسَين -كما سيأتي (¬5) -. ¬
وغزا ولم يمرَّ به، فرجع ولو معَ مَنْع غريمٍ، أو أبٍ. لا من لا يمكنُه قتالٌ، ولا دابةٍ لا يمكن عليها لمرض، ولا مُخذِّلٍ، ومُرجِفٍ، ونحوِهما، ولو ترك ذلك وقاتَلَ. ولا يُرضخُ له، ولا لمن نهاه الأميرُ أن يحضرَ، وكافرٍ لم يستأذنْه، وعبدٍ لم يأذن سيده، وطفلٍ، ومجنونٍ، ومَنْ فرَّ من اثنين. للرَّاجِل، ولو كافرًا: سهمٌ، وللفارسِ على فرسٍ عربيٍّ؛ ويسمَّى العتيقَ: ثلاثةٌ، وعلى فرس هَجينٍ؛ وهو: ما أبوه فقط عربيٌّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولم يمرَّ به)، أيْ: الأمير. * قوله: (ونحوهما) كَرَام بيننا بفتن. * قوله: (ولو ترك ذلك)، أيْ: التخذيل والإرجاف. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: أيْ: وَصْفَه (¬1) الذي حرم من (¬2) العطاء لأجله؛ لأنه ممنوع من الدخول مع الجيش في حال مقتضى الاستحقاق، فلم يكن من أهله في حال ملك الغنيمة. * قوله: (وللفارس) لم يقل وللراكب؛ لأنه لا يطلق حقيقة إلا على راكب الإبل، على ما صرح به أهل اللغة (¬3)، فليراجع!، مع أنه لا يسهم لغير الخيل، وراكبها يخص باسم الفارس، تدبر!. * قوله: (ثلاثة) سهم له، وسهمان لفرسه. ¬
2 - فصل
أو مُقْرِفٍ؛ عكسِ الهجين، أو بِرْذَوْنٍ وهو ما أبواه نَبَطيَّان: سهمان، وإن غزا اثنان على فرسهما، فلا بأس، وسهمُه لهما. وسهمُ مغصوبٍ لمالِكه، ومعارٍ، ومستأجَرٍ، وحبيسٍ لراكبِه، ويُعْطَى نفقةَ الحبيس، ولا يسهمُ لأكثرَ من فرسَين، ولا شيء لغير الخيل. * * * 2 - فصل ومن أسقط حقَّه، ولو مفلسًا، لا سفيهًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (سهمان) سهم له، وسهم لفرسه. * قوله: (وسهمه لهما)؛ أيْ: على قدر ملكيهما فيه، وهذا مفرد مضاف فيعمُّ؛ أيْ سهماه إن كان عربيًّا وسهمه إن كان هجينًا (¬1) أو مقرفًا (¬2) أو برذونًا (¬3)، فتأمل!. * قوله: (وسهم مغصوب لمالكه) ولو كان الغاصب له رقيق مالكه أو غيره. * قوله: (ويعطى نفقة الحبيس)؛ أيْ: من سهمه. فصل * قوله: (ولو مفلسًا لا سفيهًا) يطلب الفرق بين المفلس والسفيه؟. وقد يفرق: بأن المفلس إنما يمنع من التصرف في أعيان ماله، وماله هنا ¬
فللباقِي، وإن أسقط الكلُّ ففيءٌ. وإذا لحق مَدَدٌ، أو أسيرٌ، أو صار الفارسُ راجلًا، أو عكسُه، أو أسلم، أو بلغ أو عُتقَ، أو مات، أو انصرف، أو أُسِرَ قبل تَقَضِّي الحربِ: جُعِلوا كمن كان فيها كلِّها كذلك، ولا قِسْمَ لمن مات، أو انصرف، أو أسِر قبل ذلك. ويحرمُ قولُ الإمام: من أخذ شيئًا فهو له. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ليس معينًا؛ لأنه قبل القسمة، فهو شائع، وأما السفيه فممنوع من التصرف في ماله حالًا ومآلًا، وفي الأعيان والذمم. * قوله: (فللباقي) انظر (¬1) الفرق بين الغنيمة والتركة، حيث قالوا: إن الوارث إذا أسقط حقه من التركة لا يسقط، مع أن الملك فيهما قهري، والاشتراك فيهما (¬2) اشتراك تزاحم بدليل وقوع العول في التركة، وأن المقاتل إذا مات بعد تقَضِّي الحرب يكون سهمه لوارثه -كما يأتي (¬3) -. * قوله: (وإن أسقط الكل)؛ أيْ: حقوقهم. * قوله: (قبل ذلك)؛ أيْ: تقضِّي الحرب؛ لأنهم لم يحضروها وقت انتقال الغنيمة إلى ملك الغانمين. * قوله: (ويحرم قول الإمام من أخذ شيئًا فله) بخلاف قوله: "من قتل قتيلًا فله سلَبه"، ولا يملك القاتل غير السلَب ويستحقه ولو شرطه لغيره -كما سبق (¬4) -؛ ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لأن في ذلك تحريضًا على قتل العدو، بخلاف، [هذا فقد يترتب عليه النهب، وأخذ من لا يستحق] (¬1) وحرمان من يستحق، فإنه لعموم قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من قتل كافرًا فله سلَبه"، رواه جماعة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- منهم أنس، وسمرة بن جندب وغيرهما (¬2) ولا يُخمَّس السلَب، لما روي أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- قضى بالسلَب للقاتل ولم يخمسه، رواه أبو داود (¬3)، ¬
ولا يستحقُّه إلا فيما تعذَّر حملُه، وتُرِك فلم يُشترَ. ويُكسرُ الصليبُ، ويُقتلُ الخنزيرُ، ويُصبُّ الخمرُ، ولا يُكسر الإناء. ولا تصحُ الإجارة للجهاد، فيُسهَمَ له كأجيرِ الخدمة. ومن مات بعد تقضِّي الحربِ، فسهمُه لوارثه ومن وَطِيءَ جاريةً منها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا بشرط أن يكون القاتل من أهل الجهاد -كما تقدم (¬1) في كلام المص-. * قوله: (وإلا حرم)؛ أيْ: قول من أخذ شيئًا فهو له، شرح (¬2). * قوله: (ويصح تفضيل بعض الغانمين) الأولى: يجوز. * قوله: (ويخص الأمام بكلْب)؛ أيْ: يجوز اقتناؤه، ككلب الصيد، والحراسة. * قوله: (فيسهم له)؛ أيْ: كما يسهم لغيره، حيث شهد الوقعة. * وقوله: (كأجير الخدمة)؛ أيْ: كما يسهم لأجير الخدمة إذا شهد الوقعة كذلك، يسهم (¬3) للراجل، وللفارس ثلاثة، ويأخذ أجرة خدمته أيضًا. ¬
وله فيها حقٌّ، أو لولدِه: أُدِّبَ، ولم يُبلَغ به الحدُّ، وعليه مهرُها، إلا أن تلد منه فقيمتُها، وتصير أمَّ ولده، وولدُه حرٌّ. وإن أعتق قِنًّا، أو كان يعتقُ عليه، عُتِقَ قَدْرُ حقِّه، والباقِي كعتقِه شِقْصًا. والغالُّ: وهو: من كتم ما غَنِمَ، أو بعضَه، لا يُحْرَمُ سهمُه، ويجب حرقُ رحْلِه كلِّه وقتَ غُلولِه ما لم يخرج عن ملكِه، إذا كان: حيًّا، حرًّا، مكلَّفًا، ملتزمًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وله فيها حق أو لولده) بأن كان هو، أو ولده من الغانمين. * قوله: (أُدِّب) سيأتي (¬1) أنه يؤدَّب بمئة إلا سوطًا. * قوله: (وعليه مهرها) يُضَم للغنيمة ولا يملكها. * قوله: (إلا أن تلد منه فقيمتها)؛ أيْ: ويملكها. * قوله: (وولده حُرٌّ) لملكه إياها حين العلوق، فينعقد الولد حرًّا. * قوله: (أو كان يعتق عليه) كأبيه، وعمه، وخاله. * قوله: (ويجب حرق رحله) هذه المسألة من المفردات (¬2)، وهي مشكلة على القواعد؛ لأن فيه إضاعة مال قصدًا، وهو حرام، قالوا: حتى حبة البُرِّ يحرم إلقاؤها في البحر؛ لأن فيه إضاعة مال (¬3)؟. ¬
ولو أنثى، وذميًّا، إلا سلاحًا، ومصحفًا، وحيوانًا بآلتِه ونفقتِه، وكُتبَ علمٍ، وثيابَه التي عليه، وما لا تأكلُه النار فله، ويعزَّرُ، ولا يُنْفَى، ويؤخذ ما غلَّ للمغنم، فإن تاب بعد قسم، أُعطِيَ الأمام خُمسَه، وتُصدِّق ببقيَّتِه. وما أُخِذ من فديةٍ، أو أُهدِي للأمير، أو بعضِ قوادِه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجوابه على ما في شرح المص (¬1)، وتبعه عليه شيخنا في شرحه (¬2): أن حرمة إضاعة المال مشروطة بما إذا كان لغير مصلحة، أما إن كان لمصلحة فلا بأس به، بدليل جواز إلقاء المتاع (¬3) في البحر إذا خيف الغرق، فتدبر!. * قوله: (إلا سلاحًا ومصحفًا. . . إلخ) فلو لم يكن معه إلا شيء من ذلك، فالظاهر سقوط التحريق. * قوله: (أُعطي)؛ أيْ: الغالُّ التائب. * قوله: (خمسه)؛ أيْ: خمس ما كان قد غلَّه. * قوله: (وتصدِّق)، أيْ: الغالُّ. * قوله: (ببقيته)؛ أيْ: عن مستحقيها، وهم المجاهدون، لقصة الرجل الذي غلَّ في غزوة، وكان أميرها عبد الرحمن بن خالد (¬4) من جانب معاوية (¬5)، ¬
أو الغانمين بدار حرب فغنيمةٌ، وبدارنِا فلِمُهْدَى له. ـــــــــــــــــــــــــــــ وهي في الشرح (¬1). * * * ¬
3 - باب الأرضون المغنومة
3 - بابٌ الأرَضُون المغنومةُ ثلاثٌ: عَنْوةٌ، وهي: ما أجُلوا عنها، ويُخيَّر إمام بين قَسمِها كمنقولٍ، ووقفِها للمسلمين بلفظ يحصل به، وبَضْرِب عليها خراجًا يُؤخذ ممن هي بيده من مسلم، وذميٍّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الأرضون المغنومة * قوله: (المغنومة) فيه نظر، فإن القسم الثاني والثالث لا ينطبق عليهما تعريف الغنيمة السابق (¬1)، بل هما من أقسام الفيء -كما سيظهر من بابه أيضًا (¬2) - كذا قاله شيخنا، وأشار شيخنا في كل من الحاشية (¬3) والشرح (¬4) إلى الجواب: بأن مراده هنا بالمغنوم ما أخذ من أيدي الكفار لا بقيد القهر، والقتال، لا المغنوم بالمعنى السابق. * قوله: (عنوة)؛ أيْ: ما أخذ عنوة، أو يدعى غلبة الاسمية على الوصفية. * قوله: (ويضرب عليها خراجًا) يكون أجرة لها في كل عام. ¬
الثانية: ما جَلَوا عنها خوفًا منا، وحكمُها كالأولى. الثالثة: المصالَحُ عليها، فما صولحوا على أنها لنا، فكالعَنْوة، وعلى أنها لهم ولنا الخَراجُ عنها فهو كجزية إن أسلموا، أو انتقلت إلى مسلمٍ سقط، ويُقَرُّون فيها بلا جزيةٍ، بخلاف ما قبلُ، وعلى إمام فعلُ الأصلح، ويُرجع في خراجٍ، وجزيةٍ إلى تقديره. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وحكمها كالأولى) من التخيير المذكور، ولا تصير وقفًا بمجرد الاستيلاء (¬1)، خلافًا للإقناع (¬2). * قوله: (الثالثة المصالح عليها) وهي قسمان، كما (¬3) يؤخذ من تمام التفريع. * قوله: (ويقرون فيها بلا جزية)؛ أيْ: زائدة على خراج الأرض، أو المراد إذا اتخذوها مساكن فقط. * قوله: (بخلاف ما قبل)؛ أيْ: الأقسام الثلاثة التي قبل، فإنهم لا يقرون فيها إلا بجزية، والمراد على ما في الإقناع (¬4) لا يقرون فيها سنة كاملة إلا بجزية، ومقتضاه أن المؤَمِّنِين (¬5) إذا مكثوا دون السنة لا تؤخذ منهم الجزية، فإن أرادوا الإقامة فوق ذلك ضربت عليهم الجزية. * قوله: (ويرجع في خراج وجرية إلى تقديره)؛ أيْ: إلى تقدير الإمام؛ يعني: ¬
ووضع عمر -رضي اللَّه تعالى عنه- على كلِّ جَرِيب درهمًا، وقفيزًا (¬1). وهو: ثمانية أرطال، قيل: بالمكي، وقيل: بالعراقي وهو نصف المكي. والجَرِيبُ (¬2): عشرُ قَصبَاتٍ في مثلِها. القصبَةُ (¬3): ستةُ أذرعٍ بذراع وسطٍ، وقبضةٌ (¬4)، وإبهامٌ قائمةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أن الإمام إذا غنم أرضًا وقدَّر عليها خراجًا، أو قدَّر على أهلها جزية فإنه يرجع من بعده إلى تقديره، ولا يغيره إمام يخلفه، ما لم يتغير السبب المقتضي إلى ما كان قُدِّر، فإن لمن بعده مراعاة السبب المتجدد وتغيير ذلك التقدير، لتغير السبب، هذا ما يفهم من كلام المص، وهو الموافق لكلام القاضي في الأحكام السلطانية (¬5)، خلافًا لمن فهم من هذه العبارة غير ذلك (¬6). * قوله: (وقبضة وإبهام قائمة)؛ أيْ: مع قبضة وإبهام منضمَّين إلى ذراع ¬
والخراجُ على أرض لها ماء تُسْقَى به، ولو لم تزْرع، لا على مَا لَا ينالُه ماءٌ، ولو أمكن زرعُه، وإحياؤُه، ولم يَفْعَل، وما لم ينبُت أو يَنلْه إلا عامًا بعد عام. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الوسط في كل مرة من المرات الست. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: قوله: (وقبضه. . . إلخ) يُجَرُّ عطف على (ذراع)، ولو قال: ستة أذرع، كل ذراع منها ذراع، وقبضة وإبهام بذراع وسط، لكان أرفع للإبهام. * قوله: (ولو أمكن زرعه) في الإقناع (¬1) ما يخالفه. * قوله: (وإحياؤه ولم يفعل) قال في شرحه (¬2): "لأن الخراج أجرة الأرض، وما لا منفعة فيه لا أجرة له، وعنه: يجب فيه الخراج إذا كان على صفة يمكن إحياؤه ليحييه من هو في يده، أو ترفع يده عنه فيحييه غيره وينتفع (¬3) به"، انتهى. وأقول: سيأتي (¬4) في إحياء الموات أنه لا خراج على ما أحياه مسلم من موات ما فتح عنوة، فانظر هل بينهما تعارض؟ أو يفرق بينهما؟ وشيخنا قرر في شرحه (¬5) المعارضة، وأقرها. * قوله: (وما لم ينبت) الأولى: وما لا ينبت؛ لأن الغرض الحكم على المستقبل، ¬
فنصف خَراجه في كلِّ عام، وهو على المالك، وكالدين يُحبس به المُوسِر، ويُنظَر المُعسِر. ومن عجز عن عمارة أرضه أُجبِر على إجارتها، أو رفع يده عنها، ويجوز أن يُرش العامل، ويُهدى له لدَفْع ظلم، لا ليَدَاع خَراجًا. والهدية: الدَّفع ابتداءً، والرشوة: بعد الطلب، وأخذهما حرام. ولا خَراج على مساكن مطلقًا، ولا مزارعِ مكة، والحرم كهِي. ـــــــــــــــــــــــــــــ لا على ما انقضى ومضى، وهذا إنما تعطيه (لا) دون (لم)، ولا يقال: إن المراد أن ما لم ينبت فيما مضى حكمه كذلك (¬1) أيضًا في المستقبل؛ لأن ما لا ينبت الآن الغالب أنه لا ينبت في المستقبل؛ لأن فيه قياس الغائب على المشاهد. * قوله: (وأخذهما حرام)؛ أيْ: أخذ كل من الهدية، والرشوة حرام مطلقًا، سواء كان الدفع جائزًا أو لا. أما الثاني فظاهر، وأما الأول: فلأن دفع الظلم عن المسلمين واجب عليه بأصل الشرع، وما كان كذلك لا يجوز أخذ العوض عليه. * قوله: (مطلقًا) أي: سواء كانت مما فتح عنوة: أو جلا عنها أهلها، أو غير ذلك، وإنما كان أحمد يؤدي الخراج عن داره؛ لأن بغداد كانت مزارع وقت فتحها، هكذا في حاشية شيخنا (¬2)، وفي شرحه (¬3): "وأداء أحمد الخراج (¬4) ¬
وليس لأحدٍ البناءُ، والانفراد به فيهما. ولا تفرقةُ خراجٍ عليه بنفسِه. ومصرفُه كفيْءٍ. وإن رأى الإمام المصلحةَ في إسقاطه عمن له وضعُه فيه: جاز. ولا يحتسب بما ظلم في خراجه من عُشْرٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عن داره تورُّع"، انتهى. * قوله: (ومصرفه كفيءٍ)؛ أيْ: كغيره من بقية الفيء، إذ هو من الفيء أيضًا، أو يقال: الفيء خاص بما أخذ من مال [كافر بحق بلا قتال] (¬1)، فيكون التشبيه على حقيقته، إلا أن يقال: إن التقييد بقوله: (كافر) -فيما يأتي (¬2) - أغلبي. * * * ¬
4 - باب الفيء
4 - بابٌ الفَيْءُ: ما أُخِذ من مالِ كافرٍ بحقٍّ، بلا قتال، كجزية، وخراجٍ، وعُشْرِ تجارةٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الفيء لا يظهر تسميته فيئًا؛ لأن مال الكفار لم يكن للمسلمين أولًا، ثم رجع إليهم؛ لأن الفيء من فاء الظل إذا رجع. ثم رأيت في المطلع (¬1) ما نصه: (الفيء في الأصل مصدر فاء يفيء فيئًا وفيئة وفيوءًا، إذا رجع، ثم أطلق على الحاصل من الجهات المذكورة؛ لأنه راجع منها، كأنه في الأصل كان (¬2) لهم فرجع إليهم)؛ انتهى. * قوله: (ما أخذ من مال كافر)؛ أيْ: غالبًا، ليدخل ما أخذ خراجًا من مسلم، إذا سميناه فيئًا حقيقة. * قوله: (بحق) خرج بقوله: (بحق) (¬3) ما أخذ من كافر ظلمًا، كمالِ مستأمن. * قوله: (بلا قتال) خرج الغنيمة. * قوله: (وعُشر تجارة) فيما إذا اتَّجر الحربي إلينا. ¬
ونصفِه، وما تُرِك فزَعًا، أو عن ميت ولا وارثَ. ومَصْرَفُهُ، وخُمسِ خُمسٍ الغنيمة: المصالحُ، ويُبدأ بالأهمِّ، فالأهمِّ: من سدِّ ثغر. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ونصفه) فيما إذا اتَّجر الذمي. * قوله: (وما ترك فزعًا)؛ أيْ: ما تركه الكفار من مالهم للمسلمين. * قوله: (أو عن ميت)؛ أيْ: منهم على ما في الإقناع (¬1). فقول شيخنا في شرحه (¬2): "عن ميت مسلم أو كافر" فيه نظر؛ لأن بيت المال ليس وارثًا، وإنما يحفظ الأموال الضائعة -كما يأتي (¬3) -، وما في الإقناع هو الموافق لما سيذكره المص في الباب بعده (¬4)، فتنبه له!. * قوله: (المصالح)؛ أيْ: التي يعم نفعها، فلا يختص بالمقاتلة، خلافًا للقاضي (¬5). * قوله: (من سد ثغر) المراد بسده: أن يجعل فيه (¬6) من يردُّ العدو إذا أقبل، وانظر هل يطلق لغة على مثل هذا؟، وقد يقال: هو موافق للغة؛ لأنه يقال استد (¬7) ساعده؛ أيْ: قوي على الرمي (¬8)، ومنه قوله: ¬
وكفايةِ أهلِه، وحاجةِ من يدفعُ عن المسلمين، ثم الأهمِّ فالأهمِّ: من سدِّ بَثْق. ولا يخمَّسُ. ويُقْسمُ فاضلٌ بين أحرارِ المسلمين: غنيِّهم، وفقيرِهم. وكَرْي نهر، وعملِ قنطرة، ورَزقِ قضاة، وغير ذلك. ـــــــــــــــــــــــــــــ أعَلِّمه الرمايَةَ كُلَّ يَوم ... فلما استدَّ (¬1) ساعده رماني (¬2) وتَقَوِّي (¬3) الثغر إنما يكون بما ذكر، فلا توقف. * قوله: (وكفاية أهله)؛ أيْ: بالخيل، والسلاح، وآلة الحرب، والمؤنة. * قوله: (من سدِّ بَثْق) بالباء الموحدة والثاء المثلثة: وهو المكان المنفتح في جانب النهر (¬4) وسده بالحرف (¬5) (¬6). * قوله: (غنيهم وفقيرهم) فلا يختص بالمقاتلة. * قوله: (وكَرْي نهر)؛ أيْ: تنظيف. * قوله: (وغير ذلك) كعمارة المساجد، وإصلاح الطرق، وأرزاق الأئمة والمؤذنين والفقهاء، وكل ما يعود نفعه على المسلمين، حاشية (¬7). ¬
وتُسنُّ بداءةٌ بأولاد المهاجرين: الأقربِ، فالأقربِ من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقريشٌ قيل: بنو النَّضْر بن كِنَانَةَ، وقيل: بنو فِهْر بن مالك بن النضر، ثم بأولاد الأنصار. فإن استوى اثنان، فأسبقُ إسلامًا، فأسَنُّ، فأقدمُ هجرةً وسابقةً، ويفضَّل بينهم بسابقة ونحوها. ولا يجبُ عطاءٌ إلا لبالغٍ، عاقلٍ، حرٍّ، بصير، صحيح، يطيق القتال، ويُخرج من المقاتلة بمرض لا يرجى زوالُه كزَمَانة، ونحوِها. وبيتُ المال ملكٌ للمسلمين يضمنه متلفُه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وقيل بنو فهر بن مالك بن النضر). قال الحافظ ابن (¬1) حجر (¬2): "قريش هم ولد النضر من كنانة على الصحيح، وقيل: ولد فهر بن مالك، وهو قول الأكثر". * قوله: (وسابقة) لعله من عطف أحد المترادفَين على الآخر. وقال أيضًا: إن حمل على (¬3) أن المعنى: على سابقة إسلامه، كان مرادفًا لقوله: (فأسبق إسلامًا)، وإن حمل على أن المعنى وسابقة بهجرة، كان مرادفًا لقوله: (فأقدمهم هجرة). * قوله: (ويفضل بينهم بسابقة) في الصحاح (¬4): (وله سابقة في الأمر إذا سبق ¬
ويحرم أخذٌ منه بلا إذن إمام، ومن مات بعد حلول العطاء دُفع لورثته حقُّه. ولامرأة جنديٍّ يموت، وصغارِ أولاده: كفايتُهم، فإذا بلغ ذكرهم، أهلًا لقتال، فُرِض له إن طلب، وإلا تُرِك كالمرأة والبنات إذا تزوجن (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ الناس إليه)، انتهى. فقول الشارح (¬2): (في إسلام) لعله اقتصار على المراد. * قوله: (دفع)؛ أيْ: الإمام أو نائبه. * * * ¬
5 - باب الأمان
5 - بابٌ الأمانُ: ضدُّ الخوفِ، ويحرمُ به قتلٌ، ورِقٌّ، وأَسرٌ. وشُرِط كونه من: مسلم، عاقلٍ، مختارٍ، غير سكرانَ، ولو كان قِنًّا، أو أنثى، أو مميزًا، أو أسيرًا -ولو لأسير-، وعدمُ ضررٍ (¬1)، وأن لا يزيدَ على عشر سنين. ويصح مُنَجَّزًا، ومعلَّقًا من إمامٍ لجميعِ المشركين، ومن أميرٍ لأهل بلدةٍ جُعِل لإزائِهم، ومن كلِّ أحدٍ لقافلةٍ وحِصْنٍ صغيرَين عرفًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الأمان * قوله: (وأن لا يزيد على عشر سنين)؛ لأنهم ربما تغلبوا بالذرية، وهي إنما يظهر بأسها بعد العشر. وبخطه: فإن زاد هل يبطل في الزائد، أو يبطل من أصله؟ توقف فيه شيخنا (¬2)، لكن قياس ما يأتي (¬3) في الهدنة أنه يبطل في الزائد فقط، فليحرر (¬4)!. ¬
بقولٍ: كسلامٍ، وأنت، أو بعضُك، أو يدُك، ونحوُها آمن، وكَلَا بَأْس عليك، وأجَرْتُك، وقِفْ، وأَلْق سلاحك، وقُمْ، ولا تَذْهَل، ومَتَرْس. وكشرائِه، وبإشارةٍ تدل كإمرار يدِه، أو بعضِها عليه، وبإشارة بسبابتِه إلى السماء، وَيَسرِي إلى من معه من أهلٍ، ومالٍ، إلا أن يُخصَّصَ، ويجبُ ردُّ معتقدٍ غيرَ الأمانِ أمانًا إلى مأمنه. ويُقبلُ من عدل: "إني أمَّنته"، وإن أدَّعاه أسير فقول منكرٍ، ومن أسلم أو أُعطِي أمانًا ليفتح حصنًا ففتحَه، واشتبه حرُم قتلُهم ورِقُّهم. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مترس) بفتح الميم والتاء المثناة فوق وسكون الراء، وبفتحها إن سكنت التاء وبالسين المهملة، معناه: لا تخف، بالفارسية. وفي المطلع (¬1) بعد أن ذكر الضبطَين ما نصه: "وقد روي حديث عمر في البخاري بهما (¬2)، وهما وجهان مشهوران، وهي أعجمية، قالوا معناها: لا تخف، أو: لا بأس عليك"، انتهى. * قوله: (واشتبه) بأن ادعى كل واحد من أنه هو الذي أعطى الأمان، أو الذي أسلم، حرم قتلهم ورقهم، لكن في مسألة دعوى الإسلام تستمر الحرمة إلى أن يتبين المسلم من غيره، وفي مسألة إعطاء (¬3) الأمان إلى أن يشهد عدلان مِنَّا، ¬
ويتوجَّه مثلُه: لو نُسِيَ، أو اشتَبه من لزمه قَوَدٌ. وإن اشتَبَه ما أُخِذ من كافرٍ بما أُخِذ من مسلمٍ، فينبغي الكفُّ، ولا جزيةَ مدةَ أمانٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بأن من أعطى الأمان هو هذا بعينه؛ لأنهم قاسوا ما هنا على مسألة اشتباه الميتة بالمذكاة أو أخته بأجنبيات (¬1)، وهي؛ أيْ: الحرمة، مغياة بِتَبَيُّن الحال في المقيس عليه، فيكون المقيس مثله، فليحرر (¬2)!. * قوله: (ويتوجه) هذا قول صاحب الفروع (¬3). * قوله: (من لزمه قود) كان الظاهر: من لم يلزمه قود، حتى يظهر التشبيه، فتدبر فيه!. وقد يقال إنه خولف الظاهر لنكته، وهي: أن الأصل أن يشتبه الأقل بالأكثر، ومن لا قود عليه أكثر ممن عليه القود. * قوله: (فينبغي الكف) مقتضى ما في الوليمة الكراهة (¬4)، وأنها تزيد وتضعف بحسب قلة الحرام وكثرته، فراجعه إن شئت!. وحينئذٍ فيحتمل أن يكون (ينبغي) بمعنى يطلب، وهو صادق بالاستحباب، فيوافق ما في الوليمة. * قوله: (ولا جزية مدة أمان) ظاهره ولو جاوزت سنة، وهو مخالف لما ¬
ويُعْقَدُ لرسولٍ، ومستأمِنٍ، ومن جاءنا بلا أمانٍ، وادَّعى أنه رسولٌ، أو تاجِرٌ، وصدَّقتْه عَادَةٌ قُبِلَ، وإلا، أو كان جاسوسًا فكأسير. ومن جاءت به ريحٌ، أو ضلَّ الطريقَ، أو أَبَق، أو شَرَد إلينا فلآخذِه. ويبطلُ أمانٌ برِدٍّ، وبخيانةٍ. وإن أَوْدعَ، أو أَقْرَضَ مستأمنٌ مسلمًا مالًا، أو تَرَكه، ثم عاد لدار حرب، أو انتُقَضَ عهدُ ذميٍّ بقي أمانُ مالِه، ويُبْعثُ إن طلبَه، وإن مات فلوارِثه، فإن عُدِم فَفَيْءٌ، وإن استُرِقَّ وُقِفَ، فإن عُتِق أخَذه، وإن ماتَ قِنًّا ففَيْءٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تقدم (¬1) عن الإقناع (¬2) إلا أن يحمل (¬3) ما في الإقناع على معنى أنهم لا يقرون أكثر من سنة بلا جزية، وإذا لم تضرب عليهم جزية فيما زاد على السنة حرم علينا ذلك، وأمانهم باقٍ، ولا تؤخذ منهم جزية؛ لأنها لا تؤخذ قهرًا، فتدبر!. * قوله: (ومستأمِن) بكسر الميم؛ أيْ: طالب الأمان. * قوله: (بقي أمان ماله) هذا في الذمي جرى على ضعيف (¬4) وسيأتي (¬5) أن المذهب خلافه. * قوله: (فإن عدم ففيء) هذا هو الموافق لتقييد صاحب الإقناع (¬6) الميت ¬
وإن أُسِر مسلمٌ فأُطْلِق بشرطِ: أن يقيمَ عندَهم مدةً، أو أبدًا، أو أن يأتيَ ويرجعَ، أو يبعثَ مالًا، وإن عجز عاد إليهم: لزم الوفاءُ. إلا المرأةَ فلا تَرْجعُ، وبلا شرط، أو كونَه رقيقًا فإن أمَّنوه فله الهربُ فقط، وإلا فيَقتلُ، ويَسرقُ أيضًا. ولو جاء عِلْجٌ (¬1) بأسير على أن يُفَادَى بنفسه، فلم يَجدْ لم يُردَّ، ويفدِيه المسلمون إن لم يُفدَ من بيتِ المال. ولو جاءنا حربيٌّ بامان، ومعه مسلمةٌ لم تُردَّ معه (¬2)، ويُرَضَّى، ويُردُّ الرجل. ـــــــــــــــــــــــــــــ فيما سبق (¬3) بكونه منهم؛ أيْ: من الكفار، وهو غير موافق لما ذكره شيخنا في شرحه (¬4)، حيث جعله شاملًا للمسلم والكافر -وتقدم التنبيه عليه بالهامش (¬5) -. * * * ¬
6 - باب الهدنة
6 - باب الهُدْنةُ: عقدُ إمامٍ، أو نائِبه على ترك القتال مدةً معلومةً لازمة، وتُسمَّى: مهادنَةً، وموادعةً، ومعاهَدةً، ومسالمَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الهدنة الهدنة لغة: الدَّعة والسكون، شرعًا: ما أشار إليه المص. * قوله: (لازمة) خبر ثانٍ لـ (الهدنة)، ويجوز كونه خبرًا لمبتدأ محذوف؛ أيْ: وهي لازمة، ومشى شيخنا في شرحه (¬1) على الثاني. ويمكن وجه الثالث: وهو أن يكون قوله: (عقد إمام) خبر مبتدأ محذوف، والجملة معترضة بين المبتدأ والخبر للتفسير. وقوله: (لازمة) هو خبر (الهدنة). ووجه رابع: وهو أن يكون قوله (لازمة) خبر مبتدأ محذوف؛ أيْ: وهي لازمة والجملة في محل نصب على الحال. * قوله: (وتسمى مهادنة. . . إلخ) ورأيت (¬2) بخط قاضي القضاة شهاب الدين ابن النجار ما نصه: "ومواذنة يعني: بالواو والنون، زيادة على ما في المطلع (¬3)، الذي هو عَيْن ما هنا، ولعله بالذال المعجمة من الإذن". ¬
ومتى زال من عقدَها لزم الثانِيَ الوفاءُ، ولا تصحُّ إلا حيث جاز تأخيرُ الجهادِ، فمتى رآها مصلحةً، ولو بمال منَّا، ضرورةً، مدةً معلومةً: جاز، وإن طالت، فإن زاد على الحاجةِ بطُلت الزيادةُ، وإن أُطْلِقَت. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومتى زال من عقدها) بموت أو عزل. * قوله: (لزم الثاني الوفاء)؛ أيْ: بما فعل الأول؛ لأنه عقده باجتهاده، فلم يجز نقضه باجتهاد غيره، كما لا يَنْقُضُ [حاكم، حُكْمَ غيرِه] (¬1) باجتهاده، شرح (¬2). * قوله: (ولا تصح إلا حيث جاز تأخير الجهاد) لنحو ضعف المسلمين أو مانع بالطريق. * قوله: (مدة معلومة) انظر ما فائدة قوله: (مدة معلومة) وما محله من الإعراب؟ م ص (¬3)، ثم قرر أنه ظرف لقوله: (مصلحة) وبين به أنه ليس كلما دعت الحاجة إليها عقدها وقدَّر مدتها بحسب رأيه، بل بقدر المصلحة والضرورة. * قوله: (جاز) انظر هل المراد به استواء الطرفَين؟ أو المراد أنه لا يمتنع فلا ينافي وجوبه، ضرورة أنه يجب على الإمام فعل ما دعت الضرورة والمصلحة إليه، بدليل وجوب عقد الذمة؟. * قوله: (فإن زاد على الحاجة بطلت) انظر هل يشمل ذلك ما لو قدر مدة بقدر الحاجة، ثم حدث ما يقتضي عدم الاحتياج إلى بعضها، هل تبطل في ذلك أو لا؟؛ لأن العبرة بحالة العقد ولا عبرة بما حدث؟. * قوله: (وإن أطلقت)؛ أيْ: الهدنة أو المدة. ¬
أو عُلِّقت بمشيئةٍ: لم تصحَّ. ومتى جاؤوا في فاسدةٍ معتقدِين الأمان ردُّوا آمنين. وإن شَرَط فيها، أو في عقدِ ذمةٍ شرطًا فاسدًا: كردِّ امرأةٍ، أو صداقِها، أو صبيٍّ، أو سلاح، أو إدخالِهم الحرَمَ: بطُل دونَ عَقْدٍ. وجاز شرطُ ردِّ رجل جاء مسلمًا للحاجة، وأمرُه سرًّا بقتالِهم، والفرارِ، ولا يمنعُهم أخْذَه، ولا يُجْبِره عليه، ولو هرب منهم قِنٌّ فأسلم: لم يردَّ، وهو حرٌّ. ويؤخذون بجنايتهم على مسلم من مالٍ، وقَودٍ، وحدٍّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (شرط) بالبناء للفاعل، وهو واضح، ويصح كونه مبنيًّا للمفعول و (فيها) نائب الفاعل، وليس مبنيًّا على وجه ضعيف؛ لأنه لا يضعف ذلك إلا إذا كان هناك مفعول به (¬1). * وقوله: (شرط) مفعول مطلق على كل حال. * قوله: (أو صبي)؛ أيْ: يعقل الإسلام على ما قيده (¬2) به بعض الأصحاب (¬3). * قوله: (ولا يجبره)؛ أيْ: من أسلم منهم. * وقوله: (عليه)؛ أيْ: على العود إلى الكفار. * قوله: (وحدٍّ) لا بنحو الزنا؛ لأنهم لم يلتزموا ذلك، ما لم يكن بمسلمة، ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهل مثله اللواط بمسلم؟ تدبر!، وبه صرح البلقيني الشافعي (¬1) مقيسًا له على الزنا، وعبارته: "وقياس الزنا بمسلمة اللواط بمسلم"، انتهى. نقله عنه شيخ الإسلام في شرح الروض (¬2). وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: على قوله: (وحدٍّ) انظر هذا مع قوله -فيما سيأتي (¬3) - في كتاب الحدود: "ولا يجب إلا على مكلف، ملتزم، عالم بالتحريم" فأفهم أن الحربي، والمستأمن، والمعاهد لا يقام عليهم حدٌّ، إلا أن يحمل ما هنا على حدود الآدمي، وما هناك على حدود اللَّه -تعالى-، لكن هذا الحمل ينافيه قول الشارح (¬4) "كقذف وسرقة"، فإنهم صرحوا بأن حدَّ السرقة حق اللَّه -تعالى (¬5) -. ومن هنا أيضًا (¬6) تعلم ما في عبارة الإقناع (¬7) من التعارض، فإنه قال أولًا: "ويضمنون ما أتلفوه لمسلم ويحدُّون لقذفه ويقادون لقتله ويقطعون بسرقة ماله" ¬
ويجوز قتلُ رهائِنِهم إن قَتَلُوا رهائِنَنا. وعلى الإمام حمايتُهم إلا من أهلِ الحرْبِ، وإن سباهم كافرٌ، ولو منهم: لم يصح لنا شراؤهم، وإن سَبَى بعضُهم وَلَدَ بعضٍ وباعَه، أو وَلَدَ نفسِه، أو أهلِيه: صحَّ كحربيٍّ، لا ذميٍّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ثم قال عقبه: "ولا يحدون لحقِّ اللَّه -تعالى-"، إلا أن يُحمل كلامه الأخير على حق اللَّه -تعالى- المحض، كشرب الخمر، فليحرر!. * قوله: (وعلى الإمام حمايتهم)؛ أيْ: من المسلمين، وأهل الذمة؛ لأنهم تحت قبضته. * قوله: (ولو منهم) المناسب للغاية، ولو من غيرهم، ويمكن أن يكون المعنى: ولو كان ذلك الكافر سَبَاهم مِنْ سَابٍ هو منهم. * قوله: (لم يصح لنا شراؤهم)؛ لأنهم في عهدنا، وليس علينا استنقاذهم، لكون السابي لهم ليس في قبضتنا. * قوله: (وباعه) أو وهبه. * قوله: (أو ولد نفسه) أشار الشارح (¬1) إلى أنه عطف على الضمير المنصوب في "باعه"، ولا يصح عطفه على "ولد بعض"؛ لأنه يقتضي تسمية استيلائه على ولد نفسه سبيًا، وفيه نظر ظاهر. * قوله: (أو أهليه) كزوجته وبنته. * قوله: (لا ذمي) فلا يصح لنا شراء ولده ولا أهله منه حاشية (¬2). ¬
وإن خِيْفَ نقضُ عهدِهم نُبِذ إليهم، بخلاف ذمة، ويجبُ إعلامهم قبل الإغارة. وينتقضُ عهدُ نساءٍ، وذريِّةٍ تبعًا. وإن نقضَها بعضهم فأنكر الباقون بقول، أو فعل ظاهرًا، أو كاتبونا أُقِرُّوا بتسليم من نقَض، أو تمييزِهِ عنهم. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (نبذ إليهم) ظاهره كظاهر الآية (¬1) الوجوب وفي الإقناع (¬2) التصريح بأنه على سبيل الجواز، ومشى عليه شيخنا في شرح المنتهى (¬3) وحينئدٍ فالأمر في الآية للإرشاد، لا للوجوب (¬4). * قوله: (بخلاف ذمة) فليس له نبذها إذا خيف خيانة أهلها، وعلَّته في الشرح (¬5). * قوله: (ظاهرًا)؛ أيْ: إنكارًا ظاهرًا، فهو نعت مصدر محذوف. * قوله: (أقروا بتسليم من نقض. . . إلخ) يحتمل أن يكون المعنى: أُخِذوا، وحُمِلوا على الإقرار بتسليم من نقض، وتكون الباء صلة (أقروا). ويحتمل أن يكون المعنى: أقروا على عهدهم؛ أيْ: أقر من لم ينقض على ¬
فإن أَبَوْهما قادرين انتقضَ عهدُ الكلِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عهده مع تسليم من نقض أو تمييزه، فتكون الباء بمعنى "مع"، والأول أقرب، فتدبر!، ومشى شيخنا في شرحه (¬1) على الثاني. * قوله: (فإن أبَوهما قادرين انتقض عهد الكل) قال في الإقناع (¬2): (فإن امتنع من التمييز لم ينقض عهده)، انتهى -وهو مخالف لما هنا- فليحرر (¬3)!. * * * ¬
7 - باب عقد الذمة
7 - باب عقد الذمة . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب عقد الذمة الذمة لغة: العهد، والضمان، والأمان، من أذمه يُذِمَّه: إذا جعل له عهدًا (¬1). ومعنى عقد الذمة: إقرار بعض الكفار على كفرهم ببذل الجزية، والتزام أحكام الملة. والجزية: الوظيفة المأخوذة من الكافر (¬2) لإقامته بدار الإسلام [لكل عام] (¬3)، قاله الزركشي (¬4). وقال في الأحكام السلطانية (¬5): "مشتقة من الجزاء، إما جزاء على كفرهم [لأخذها منهم صغارًا، أو جزاء على أماننا لهم] (¬6) لأخذها منهم رفقًا"، انتهى من الحاشية (¬7). ¬
ويجب إذا اجتمعت شروطُه، ما لم تُخَفْ غائلتُهم، ولا يصح إلا من إمامٍ، أو نائبِه. وصفتُه: أقررتُكم بجزيةٍ، واستسلام، أو يبذلون ذلك، فيقولُ: أقررتُكم عليه، أو نحوهما. والجزيةُ: مالٌ يؤخدُ منهم على وجه الصَّغارِ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والوجه الثاني في عبارة الأحكام السلطانية (¬1)، هو الأظهر، وهو الذي مشى عليه العلامة ابن حجر في شرح المنهاج الشافعي (¬2)، وكلام المص قريب من كلام الزركشي. * قوله: (ويجب)؛ أيْ: عقد الذمة. * قوله: (إذا اجتمعت شروطه) هي بذل الجزية، والتزام أحكام الملة، حاشية (¬3). فالمراد بالجمع ما فوق الواحد، وفي الشرح (¬4): "أيْ: بذل الجزية والتزام أحكامنا من كتابي، أو من له شبهة كتاب"، انتهى. فإن جعل قوله: "من كتابي. . . إلخ" شرطًا آخر، فالجمع على حقيقته، فتدبر!. * قوله: (أو نحوهما) على أن تقيموا بدارنا بجزية. * قوله: (على وجه الصغار)؛ أيْ: الذلة والامتهان. ¬
كلَّ عامٍ بدلًا عن قتلِهم، وإقامِتهم بدارنا، ولا تعقد إلا لأهل الكتاب اليهود، والنصارى، ومن يدينُ بالتوراةِ: كالسامِرَة (¬1)، أو الإنجيل: كالفِرنجْ، والصابِئِين (¬2)، أو من له شبهةُ كتابٍ: كالمجوس، وإذا اختار كافرٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (كالفرنج) قال في المطلع (¬3): "وأما الفرنج فهم الروم، ويقال لهم: بنو الأصفر، ولم أر أحدًا نص على هذه اللفظة، والأشبه أنها لفظة مُولدة، ولعل ذلك نسبة إلى فَرَنْجة بفتح أوله وثانيه وسكون ثالثه، وهي جزيرة من جزائر البحر، والنسبة إليها فرنجي، ثم حذفت الياء كزنجي (¬4) وزنج"، انتهى (¬5). * قوله: (كالمجوس) فإنه يُرْوى أنه كان لهم كتاب ورُفِعَ (¬6)، فذلك شبهة لهم أوجبت حقن دمائهم بأخذ الجزية أمنهم، ولحديث أخذه -عليه الصلاة والسلام- ¬
لا تُعْقد له دِينًا من هؤلاء: أُقرَّ، وعقدت له. ونصارى العربِ، ويهودُهم، ومَجُوسُهم من بني تَغْلِب (¬1)، وغيرُهم، لا جزيةَ عليهم ولو بذلوها، ويؤخذُ عوضَها زكاتان من أموالِهم ممَّا فيه زكاةٌ حتى ممن (¬2) لا تلزمُه جزيةٌ، ومصرفُها كجزية. ـــــــــــــــــــــــــــــ الجزية] (¬3) من مجوس هجر رواه البخاري (¬4)، شرح (¬5). * قوله: (لا تعقد له) صفة لـ (كافر). وبخطه: بأن كان ممن ذكر في قوله الآتي: (ونصارى العرب. . . إلخ). * قوله: (دينًا) مفعول (اختار). * قوله: (ممن لا تلزمه جزية) [قال في الحاشية (¬6)] (¬7): "كالصبيان، والنساء، والمجانين، فتؤخذ من أموالهم"، انتهى، إذ الزكاة تجب في أموال هؤلاء، ولكن ¬
ولا جزيةَ على صبيٍّ، وامرأةٍ -ولو بذلتها لدخول دارنا- وتُمَكَّن مجانًا، ومجنونٍ، وقنٍّ، وزمِنٍ، وأعمَى، وشيخٍ فانٍ، وراهبٍ بصوْمَعَةٍ، ويؤخذُ ما زادَ على بُلْغَتِه، وخنثى -فإن بان رجلًا أخِذ للمستقبل فقط- ولا على فقيرٍ غير مُعْتَمِلٍ يعجز عنها، والغني منهم من عدَّه الناس غنيًّا. وتجب على مُعْتَق، ولو لمسلم، ومبعَّضٍ بحسابِه، ومن صار أهلًا بأثناءَ حولٍ أُخِذَ منه بقسْطِه بالعقد الأول، ويُلَفَّقُ من إفاقة مجنونٍ حولٌ ثم يؤخذ. ومتى بذلوا ما عليهم لزمَ قبولُه، ودَفْعُ من قصدَهم بأذى إن لم يكونوا بدارِ حَرْبٍ، وحرُمَ قتلُهم، وأخذُ مالِهم. ومن أسلم بعد الحولِ سقطتْ عنه، لا إن مات، أو جُنَّ، ونحوُه، فتؤخذُ من تركةِ ميت، ومالِ حيٍّ، وفي أثنائه تسقط. ـــــــــــــــــــــــــــــ لا تلزمهم جزية -كما سيأتي-. * قوله: (وراهب بصومعة) مفهومه أنه إذا كان يخالط الناس للبيع والشراء أنها تؤخذ منه كغيره، وهو كذلك، وبه صرح الشيخ تقي الدين (¬1)، م ص (¬2) (¬3). * قوله: (سقطت) ترغيبًا له في الإسلام. * قوله: (ونحوه) كما لو عمي بعد الحول. * قوله: (وفي أثنائه)؛ أيْ: بيان مات أو جُنَّ في أثناء الحول. ¬
وتؤخذ عند انقضاءِ كلِّ سنة، فإن انقضتْ سنونَ استُوفيت كلُّها. ويمتهنون عندَ أخذِها، ويطالُ قيامُهم، وتُجرُّ أيديهِم، ولا يقبلُ إرسالُها، ولا يتداخلُ الصَّغَارُ. ولا يصحُّ تعجيلُها، ولا يقتضيه الإطلاق. ويصحُّ شَرْطُ أن يَشْرِطَ عليهم ضيافةَ مع يمرُّ بهم من المسلمين ودوابِهم، وأن يَكتَفِيَ بها عن الجزية، ويُعتبر بيانُ قَدْرِها، وأيامِها، وعدد من يضافُ، ولا تجبُ بلا شرط. وإذا تولى إمامٌ فعرف (¬1) ما عليهم، أو قامت به بينةٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (دوابهم)؛ أيْ: وعلف دوابهم أو يُضَمَّن، قوله: (ضيافة) بإطعام (¬2)، وعليه يسهل الأمر، والوجه الأول سلكه الشيخ في شرحه (¬3) تبعًا لما مشى عليه ابن مالك في ألفيته (¬4). * قوله: (وإذا تولى إمام. . . إلخ) هذا منافٍ لما تقدم (¬5) من أن المرجع في الخراج، والجزية إلى اجتهاد الحاكم. وأجاب عنه شيخنا (¬6): بأن ذلك محمول على ما إذا تغير السبب، وما هنا ¬
أو ظهرَ أقرَّهم عليه، وإلا رجع إلى قولهم إن ساغ، وله تحليفُهم مع تهمةٍ، فإن بان نقصٌ أخذه. وإذا عقدَها كتب أسماءَهم، وأسماءَ آبائِهم، وحُلَاهُمْ (¬1)، ودينَهم، وجعل لكلِّ طائفةٍ عريفًا يكشف حالَ من تغيَّر حاله، أو نقض العهدَ، أو خرق شيئًا من الأحكام. ـــــــــــــــــــــــــــــ على ما إذا لم يتغير، أخذًا من أن تقدير الحاكم أجرة المثل أو النفقة ونحوها حكم لا يغيره حاكم آخر، إلا عند تغير السبب -كما سيصرح به (¬2) المص في المفوضة (¬3) -. * قوله: (إن ساغ)؛ أيْ: إن صلح ما ادعوه جزية؛ لأنهم غارمون فقُبِلَ قولهم. * قوله: (فإن بان نقص) بالصاد المهملة؛ أيْ: أنهم أخبروه بنقص عما كانوا يدفعونه لمن قبله، شرح (¬4). * قوله: (أخذه) ولعله وإن بان زائدًا ردَّه. * قوله: (وجعل لكل طائفة عريفًا)؛ أيْ: مسلم على ما في الإقناع (¬5). * * * ¬
8 - باب
8 - بابٌ على الإمام أخذُهُم بحكم الإسلام في نفسٍ، ومالٍ، وعِرْضٍ، وإقامة حدٍّ فيما يحرِّمونه كزنا، لا ما يحلُّونه كخمرٍ. ويلزمهم التمييزُ عنَّا: بقبورِهم وبحُلاهم: بحَذْفِ مُقَدَّم رؤوسِهم، لا كعادةِ الأشراف. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب أيْ: في جملة من أحكام أهل الذمة، ولو عبَّر بفصل لكان أولى. * قوله: (على الإمام أخذهم بحكم الإسلام)؛ أيْ: الاستعداء عليهم، والاقتصاص منهم. * قوله: (وإقامة حدٍّ فيما يحرمونه كزنا) فمن قتل، أو قطع طرفًا، أو تعدى على مال، أو قذف، أو سبَّ مسلمًا، أو ذميًّا أخذ بذلك، وكذا لو سرق أقيم عليه حدُّه بشرطه؛ لأنهم التزموا حكم الإسلام، وهذه أحكامه، شرح الشيخ (¬1). * قوله: (لا ما يحلُّونه كخمر) لكن يمنعون من التجاهر به كما يأتي (¬2). * قوله: (ويلزمهم التمييز عنا بقبورهم) يحتمل أمرَين أحدهما: تمييز قبورهم بعلامة توضع عليها، كصليب ونحوه مما يعين كونها قبور كفار. ¬
وأن لا يَفْرِقُوا شعورهم، وبكُناهم، وألقابِهم، فيمنعون -نحوَ أبي القاسم، وعزِّ الدين-، وبركوبِهم عرضًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والثاني: تمييزها بإفرازها بمحل غير محل مقابرنا، والمحشِّي (¬1) حمله على الثاني، لما (¬2) سيصرح به (¬3) من أنهم ممنوعون من إظهار صليب. * قوله: (وأن لا يفرقوا شعورهم) بل يكون جَمة؛ لأن التفريق من سنة المسلمين. * قوله: (فيمنعون نحو أبي القاسم)؛ أيْ: من جميع الكنى والألقاب المختصة بالمسلمين، لا مطلقًا؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لأسقف نجران (¬4): "أسلم يا أبا الحارث" (¬5)، وقال عمر لنصراني: "يا أبا حسان أسلم تسلم" (¬6)، شرح (¬7). * قوله: (وبركوبهم عرضًا) رجلاه إلى (¬8) جانب، وظهره إلى جانب. ¬
بإكَافٍ (¬1) على غيرِ خيل، وبلباسٍ عسليٍّ ليهود، وأَدْكَن وهو: الفَاخِتيُّ لنصارى، وشدُّ خِرفي بقَلانِسهم، وعمائِمهم، وزُنَّارٍ فوقَ ثيابِ نصرانيٍّ، وتحت ثياب نصرانية، ويُغايرُ نساءُ كلٍّ بين لَوْنيْ خُف. ولدخول حمامنا جُلْجُلٌ (¬2)، أو خاتَمُ رصاص، ونحوِه برقابِهم. ويحرم قيامٌ لهم، ولمبتدعٍ يجب هجره، وتصديرُهم، وبداءتُهم بسلام، وبكيف أصبحتَ، أو أمسيتَ، أو أنتَ، أو حالك؟، وتهنئتُهم، وتعزيتُهم، وعيادتُهم، وشهادةُ أعيادهم، لا بيعُنا لهم فيها. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وهو الفاختي) الفاختي: لون يضرب لسواد. * قوله: (ويغاير نساء كلٍّ بين لونيَ خف) ولا يمنعون فاخر الثياب، ولا العمائم، ولا الطليسان، لحصول التمييز بالغِيَار (¬3) والزُّنَّار، شرح (¬4). * قوله: (أو رصاص)؛ أيْ: لا من ذهب أو فضة. * قوله: (ونحوه)؛ أيْ: نحو الرصاص، كحديد أو نحو ما ذكره كطوق. * قوله: (يجب هجره) كرافضي. * قوله: (لا بيعنا لهم فيها) لعل المراد: بَيْعُ ما لم يعهد الشرب عليه، أو ¬
ومن سلَّم على ذميٍّ ثم علمَه سُنَّ قولُه: رُدَّ عليَّ سلامي. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ به، حتى لا ينافي قوله الآتي (¬1) في أول كتاب البيع، إنه: "لا يصح بيع عنب لمتخذه خمرًا، ولا مأكولٍ ومشروب ومشموم، وقدح لمن يشرب عليه أو به مكسرًا". * قوله: (ومن سَلَّم على ذمي)؛ أيْ: يجهل حاله. * قوله: (سُنَّ قوله رُدَّ عليَّ سلامي) قال في الروض الشافعي وشرحه (¬2): "وإن بان من سلم عليه ذميًّا فليقل له: استرجعت سلامي، تحقيرًا له، كذا في أصل الروضة (¬3)، والذي في الرافعي (¬4) (¬5) والأذكار (¬6) [وغيرهما: فيستحب أن يقول له: رُدَّ علي سلامي. قال في الأذكار (¬7):] (¬8) والغرض من ذلك أن يوحشه، ويظهر له أن ليس بينهما ألفة، وروي أن (¬9) ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- سلَّم على رجل فقيل له: إنه يهودي، فتبعه وقال له: رُدَّ علي سلامي، انتهى، وبذلك عُلم أن كلًّا من الصيغتَين كافٍ، ¬
وإن سلَّم ذميٌّ لزم ردُّه فيقال: وعليكم، وإن شمَّتَه كافرٌ أجابه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ انتهى؛ أيْ: صيغة رُدَّ علي سلامي، أو استرجعت سلامي. وعُلم منه أيضًا أنه ليس مطلوبًا من الذمي صيغة تفيد أنه ردَّ عليه سلامه، بل الغرض ما ذكره من إظهار الوحشة، وعدم الألفة بينهما، لكن ما رواه أصحابنا (¬1) عن ابن عمر أنه مرَّ على رجل فسلَّم عليه فقيل: إنه كافر، فقال: (رُدَّ علي ما سلمت عليك)، فردَّ عليه فقال: "أكثر اللَّه مالك، وولدك"، ثم التفت إلى أصحابه فقال: "أكثر للجزية" (¬2) يدل على طلب صيغة من الكافر، إلا أن يقال: إن (¬3) هذا بحسب ما اتفق، لا على وجه اللزوم. * قوله: (وإن سلم ذمي)؛ أيْ: على مسلم. * قوله: (فيقال وعليكم) بالواو، ويجوز بلا واو، لكن بها أولى. * قوله: (وإن شمته كافر أجابه) انظر هل هي واجبة كردِّ السلام، أو مستحبة، ¬
1 - فصل
وتُكره مصافحتُه. * * * 1 - فصلٌ ويمنعون من حمل سلاحٍ، وثِقافٍ (¬1)، ورميٍ، ونحوها، وتعليةِ بناء فقط على مسلم، ولو رضي، ويجب نقضُه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو مباحة (¬2)؟ وما الفرق حينئذٍ بين ردِّ السلام والإجابة في التشميت؟. * قوله: (وتكره مصافحته) وتشميته، والتعرض لما يوجب المودة بينهما. وإذا كتب لهم كتابًا بدأه بقوله: السلام على من اتبع الهدى. فصل * قوله: (ونحوها) كلعب برمج، ودبوس (¬3). * قوله: (فقط)؛ أيْ: لا المساواة على الصحيح (¬4). * قوله: (على مسلم)؛ أيْ: مجاور لهم، وإن لم يلاصق، شرح (¬5). * قوله: (ويجب نقضه)؛ أيْ: نقض ما علاه؛ لأنه هو المتعدي به، وبه ¬
ويضمن ما تلف به قبله، لا إن ملكوه من مسلم، ولا يُعاد عاليًا (¬1)، لو انهدم، ولا أن بنى دارًا عندهم دون بنائهم. ومن إحداث كنائس، وبِيَعٍ (¬2)، ومجتمعٍ لصلاة، وصومعةٍ لراهب، إلا أن شُرط فيما فُتح صلحًا على أنه لنا. ومن بناء ما استُهدِم، أو هُدِم ظلمًا منها، ولو كلَّها كزيادتها، لا رَمِّ شَعَثها. ومن إظهار منكرٍ، وعيدٍ، وصليب، وأكل وشرب برمضانَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صرَّح شيخنا في شرحه (¬3). * قوله: (ويضمن ما تلف به)؛ أيْ: البناء، ولو كان البناء مشتركًا بين مسلم وذمي، شرح (¬4). * قوله: (قبله)؛ أيْ: النقض. * قوله: (ولا إن بنى)؛ أيْ: المسلم. * قوله: (عندهم)؛ أيْ: الكفار. * قوله: (كزيادتها)؛ أيْ: علوًّا واتساعًا، فلا تعلى، ولا توسع، فتدبر!. * قوله: (وشرب برمضان) وكذا يمنعون من إظهار بيع مأكول في نهار رمضان، كشواء، ذكره القاضي (¬5). ¬
وخمر، وخنزير، فإن فعلوا أتلفناهما، ورفعِ صوت على ميت، وقراءةِ قرآن، وضرب ناقوس، وجهرٍ بكتابهم، وإن صولحوا في بلادهم على جزية، أو خَراج لم يمنعوا شيئًا من ذلك. ويمنعون دخولَ حرم مكةَ، ولو بذلوا مالًا، وما استُوفَى من الدخول مُلك ما يُقابله من المالِ، لا المدينة. حتى غيرُ مكلَّف، ورسولُهم، ويُخرج إليه، ويُعزَّر من دخل، لا جهلًا، ويُخرَج، ولو ميتًا، ويُنبش إن دُفن به ما لم يَبْلَ. ومن إقامة بالحجاز كالمدينة، واليمامةِ، وخَيْبَر، واليَنْبُع وفَدَك، ومخالِيفِها، ولا يدخلونها إلا بإذن الإمام. ولا يقيمون لتجارةٍ بموضع واحد أكثر من ثلاثة أيام. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وخمر)؛ لأنه يؤذينا. * قوله: (ويمنعون دخول حرم مكة) قال في الأحكام السلطانية (¬1): "وإن أراد مشرك دخول الحرم ليُسْلِمَ فيه، منع منه حتى يُسْلِمَ قبل دخوله"، انتهى. * قوله: (لا جهلًا) وأما الجاهل فإنه ينهى ويهدد على ما في الإقناع (¬2). * قوله: (وفَدك) بفتح الفاء والدال المهملة، قرية بينها وبين المدينة يومان (¬3). * قوله: (ومخاليفها)؛ أيْ: قراها المجتمعة كالرستاق (¬4)، واحدها مخلاف. ¬
ويوكِّلون في مؤجل، ويُجْبر من لهم عليه حَالٌّ على وفائه، فإن تعذر جازت إقامتُهم له، ومن مرض لم يخرج حتى يبرأ، وإن مات دفن به. وليس لكافرٍ دخولُ مسجد، ولو أذن مسلم، ويجوز استئجارُه لبنائِه. والذميُّ، ولو أنثى صغيرةً، أو تَغْلِبيًا، إن اتجر إلى غير بلده، ثم عاد، ولم يؤخذ منه الواجبُ فيما سافر إليه من بلادنا، فعليه نصفُ العُشر ممَّا معه، ويمنعه دَينٌ كزكاة إن ثبت ببينة، ويصدَّق أن جارية معه أهلُه، أو بنتُة، ونحوهما، ويؤخذ ممَّا مع حربيٍّ اتجر إلينا العشرُ، لا من أقلَّ من عشرة دنانير. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (إن اتَّجر إلى غير بلده) ولو كان دار الحرب. * قوله: (فيما سافر إليه من بلادنا) فعلم منه أنه لو أخذ منه شيء في دار الحرب، لا يكون مانعًا من أخذنا منه ثانيًا. * قوله: (إن ثبت ببيِّنة) انظر لِم لمْ يكف الاشتهار والاستفاضة -كما صرح به الشيخ تقي الدين (¬1) - فيما إذا زنا بمسلمة، من أنه لا يعتبر أداء الشهادة على الوجه المعتبر في المسلم، بل يكفي استفاضة ذلك واشتهاره (¬2) عنه. * قوله: (ويصدق أن جارية معه أهله)؛ أيْ: بغير بيِّنة -على ما يؤخذ من كلام الشارح (¬3) -. ¬
معهما، ولا أكثرُ من مرة كلَّ عام، ولا يعشَّر ثمن خمر، وخنزير. وعلى الإمام حفظُهم، ومنعُ من يؤذيهم، وفكُّ أسراهم بعد فكِّ أسرانا. وإن تحاكموا إلينا، أو مستأمنان باتِّفاقهما، أو استَعْدَى ذميٌّ على آخر فلنا الحكمُ والتركُ، ويحرم إحضار يهوديٍّ في سبَتْهِ، وتحريمُه باقٍ، فيستثنى من عمل في إجارة. ويجب بين مسلم وذميٍّ، ويلزمهم حكمُنا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (معهما)؛ أيْ: الحربي، والذمي. * قوله: (ولا أكثر من مرة كل عام) انظر لو اتَّجر في العام أكثر من مرة هل العبرة بالتجرة الأولى، أو الأخيرة، أو المتوسطة، أو نضم الجميع ونأخذ العشر مرة واحدة؟. ثم رأيت في حاشية شيخنا (¬1) ما نصه: "يعني: لا يؤخذ العشر (¬2) أكثر من مرة كل عام، كالجزية، والزكاة إلا أن يكون معه أكثر من المال الأول، فنأخذ من الزيادة؛ لأنها لم تعشر"، انتهى. * قوله: (ولا يعشر ثمن خمر وخنزير)؛ لأنهما ليسا بمال. * قوله: (وتحريمه باقٍ) انظر هذا مع قولهم: إن شرع محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- نسخ سائر الشرائع؟. وانظر أيضًا مع ذلك قولهم: يحرم إطعام اليهود من الشحوم المحرمة عليهم ¬
2 - فصل
ولا يُفسخ بيع فاسد تقابضاه، ولو أسلموا، أو لم يحكم به حاكمهم. ويمنعون من شراء مصحف، وحديثٍ، وفقه. * * * 2 - فصلٌ وإن تهوَّدَ نصرانيٌّ، أو تنصَّرَ يهوديٌّ لم يقرَّ، فإن أبي ما كان عليه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لبقاء تحريمها (¬1)، ونحو ذلك من العبارات التي ظاهرها أو صريحها بقاء بعض شرائعهم من غير نسخ بالنسبة إليهم، فليحرر، وليتدبر!. وجوابه: أن معنى النسخ: أن الجملة، نسخت الجملة لا أن كل جزء من جزئيات شريعته -صلى اللَّه عليه وسلم- نسخ جزءًا من جزئيات كل شريعة من شرائع غيره -عليه السلام-، و (¬2) كذا أجاب شيخنا العلامة منصور (¬3). * قوله: (ولا يفسخ بيع فاسد تقابضاه) فإن لم يتقابضاه فُسِخَ، حكم به حاكمهم أو لا، لفساده، وعدم تمامه، وحكم حاكمهم (¬4) به وجوده كعدمه، وكذا سائر عقودهم ومقاسماتهم، شرح (¬5). فصل * قوله: (فإن أبى ما كان عليه. . . إلخ) ظاهره قبوله منه، مع أنه كذَّب به لما انتقل عنه. ¬
والإسلامَ هُدِّدَ، وحُبس، وضُرب. وإن انتقلا، أو مجوسيٌّ إلى غير دينِ أهلِ الكتابِ لم يُقبل منه، إلا الإسلامَ، فإن أباه قُتِل بعد استتابتِه. وإن انتقل غيرُ كتابيٍّ إلى دين أهل الكتاب، أو تمجَّس وثنيٌّ أُقِرَّ، وإن تزندق ذميٌّ لم يقتل، وإن كذَّب نصراني بموسى. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الشيخ تقي الدين (¬1): "اتفقوا على التسوية بين اليهود، والنصارى، لتقابلهما، وتعارضهما"، وفي تصحيح الفروع (¬2): "قلت: الصواب أن دين النصرانية أفضل من دين اليهودية الآن"، من الحاشية (¬3). * قوله: (لم يقبل منه إلا الإسلام) قياس الأَوْلَى بالأَوْلَى (¬4): أنه كان يقبل منه دينه الذي كان عليه، والعلة التي عللوا بها المسألة الأولى وهي أنه كان يقرُّ عليه، أولًا (¬5) موجودة هنا أيضًا، وربما يؤخذ من الشرح (¬6) جوابه، بأنه بمجرد انتقاله إلى دين لا يقرُّ عليه صار كالمرتد، فلا يقبل منه إلا الإسلام. * قوله: (وإن تزندق ذمي لم يقتل) لأجل الجزية نصًّا، وكذا في الإقناع (¬7)، ¬
خرج من دينه ولم يقرَّ، لا يهودي بعيسى. وينتقضُ عهدُ، من أبى بذل جزية، أو الصَّغارَ، أو التزامَ حكمِنا، أو قاتلنا، أو لَحِقَ بدار حرب مقيمًا، أو زنى بمسلمة، أو أصابَها باسم نكاح (¬1)، أو قطعَ طريقًا، أو تجسَّس، أو آوى جاسوسًا، أو ذكر اللَّه -تعالى-، أو كتابَه، أو دينَه، أو رسولَه بسوء، ونحوِه، أو تعدَّى على مسلم بقتل، أو فتنةٍ عن دينه، لا بقذْفِه، وإيذائِه بسحر في تصرُّفِه، ولا إن أَظْهر منكرًا، أو رفع صوتَه بكتابِه، ولا عهدُ نسائِه، وأولادِه. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال شيخنا: "وهو في غاية الإشكال". * قوله: (خرج عن دينه)؛ أيْ: النصرانية، لتكذيبه نبِيَّه (¬2) عيسى في (¬3) قوله: {مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ} [الصف: 6]، شرح (¬4). * قوله: (لا يهودي بعيسى)؛ لأنه ليس فيه تكذيب لنبيه موسى -عليهما السلام-، شرح (¬5). * قوله: (أو أصابها باسم نكاح) انظر لو أصابها [باسم مُلْك يمين] (¬6)؟. * قوله: (ونحوه) كتكذيب المؤذن عند سماعه. ¬
ويخيَّرُ الإمام فيه، ولو قال: تبتُ كأسيرٍ، ومالُه فيءٌ، ويحرم قتلُه إن أسلم. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويخير الإمام فيه ولو قال تُبت كأسير)؛ أيْ: كما يخير في الأسير؛ أيْ: بين (¬1) الأمور الأربعة: من القتل، والمنِّ، والرقِّ، والفداء؛ لأنه كافر لا أمان له، قَدِرنا عليه في دارنا بغير عقد، ولا عهد، ولا شبهة شيء من ذلك، أشبه اللص الحربي، شرح (¬2). * قوله: (وماله فيء)؛ أيْ: في الأصح (¬3). وقيل: يكون لورثته (¬4)، حاصل الحاشية (¬5). قاله في الإنصاف (¬6)، وذكره المص في شرحه (¬7)؛ لأن المال لا حرمة له في نفسه، بل هو تابع لمالكه حقيقة، وقد انتقض عهد المالك في نفسه، فكذا في ماله، وقال أبو بكر: (ماله لورثته) (¬8)، ومشى عليه المص في باب الأمان (¬9)، ونبهنا عليه هناك. * قوله: (ويحرم قتله إن أسلم)؛ أيْ: لنقضه العهد، ما لم يكن نقصه بما ¬
ولو كان سبَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكذا رقُّه، لا إن رقَّ قبلُ. ومن جاءنا بأمان فحصل له ذريةٌ، ثم نقض العهد، فكذميٍّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يوجب القتل، كما لو زنا بمسلمة فإنه يقتل حاشية (¬1). * قوله: (ولو كان سبَّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-)؛ أيْ: بغير القذف، وإلا قتل -كما يأتي في بابه (¬2) -. * قوله: (فكذمي)؛ أيْ: ينتقض عهده دون ذريته. * * * ¬
9 - كتاب البيع
9 - كِتَابُ البَيْع
(9) كِتَابُ البيع: مبادلة عين مالية، أو منفعة مباحة مطلقًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب البيع * قوله: (مبادلة عين مالية. . . إلخ) قال الحجاوي (¬1) في حدِّه: (وهو مبادلة مال ولو في الذمة، أو منفعة مباحة كممر الدار بمثل أحدهما على التأبيد، غير ربا وقرض). قال بعضهم (¬2): "وهو أحسن من هذا من حيث قلة اللفظ، وزيادة المعنى، فإنه قد استغنى عن (عين مالية) بـ (مال) وعن (للملك) بـ (على التأبيد)، إذ لا يبدل شيء بشيء (¬3) على التأبيد إلا للملك، أما العواري التي احترز عنها به فلا تراد على التأبيد؛ لأنها مردودة. وشمل حدُّه تسع صور، وهذا ستًّا فقط، واستغنى عن مطلقًا بالمثال"، انتهى. وقد اشتمل كل من الحدَّين على العلل الأربع -كما هو ظاهر بديهة-. وبخطه: والعين المالية: ما يباح نفعها، واقتناؤها مطلقًا -كما سيأتي (¬4) -. ¬
بإحداهما أو بمال للذمة للمِلك على التأبيد، غير ربًا وقرض. وينعقد -لا هزلًا ولا تلجئة وأمانة؛ وهو: إظهاره لدفع ظالم ولا يراد باطنًا- بإيجابٍ: كـ "بعتك أو ملَّكتك أو ولَّيتكه أو أشركتك أو وهبتُكه" ونحوه؛ وقبولٍ: كـ "ابتعتُ أو قبلت أو تملَّكتُه أو اشتريته أو أخذته" ونحوه. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا هزلًا ولا تلجئة)؛ أيْ: للتبايع. * قوله: (وأمانة)؛ أيْ: بالنسبة للمشتري. * قوله: (بإيجاب وقبول)؛ أيْ: ما لم يتولَّ طرفَي عقد، فإنه ينعقد بمجرد الإيجاب. وقال أيضًا: لعل الباء هنا للسببية الآلية؛ يعني: أن الإيجاب والقبول سبب آلي بالانعقاد، وليس المراد مجرد السبب؛ لأنه لا يلزم من كونهما سببًا للانعقاد أن يكون الانعقاد بهما. * قوله: (ونحوه) كأعطيتكه. * قوله: (وقبول) الواو بمعنى المصاحبة، لا لمجرد العطف. وبخطه (¬1): ويشترط أن يكون القبول على وفق الإيجاب في القدر، والنقد، وصفته والحلول، والأجل، فلو قال: بعتك بألف صحيحة، فقال: اشتريت بألف مكسرة ونحوه لم يصح، ولو قال: بعتك بكذا، فقال: أنا آخذه بذلك، لم يصح فإن قال: أخذته بذلك، أو منك: صحَّ، إقناع (¬2). ¬
وصح تقدُّم قبول بلفظ أمرٍ أو ماضٍ مجرد عن استفهام ونحوه، وتراخي أحدهما، والبيِّعان بالمجلس لم يتشاغلا بما يقطعه عُرفًا. وبمعاطاةٍ: كـ "أعطني بهذا خبزًا" فيعطيه ما يُرضيه، أو يُساومه سلعةً بثمن، فيقول: خذها، أو هي لك، أو أعطيتُكَها، أو خذ هذه بدرهم، فيأخذها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وتراخي) عطف على قوله: (تقدم) فهو فاعل (صح)، لا مبتدأ، لعدم وجود الخبر، إلا أن يقدِّر ما يدل عليه، كصحيح بعد قوله: (عرفًا). يبقى النظر في أن كلًّا من التقدم، والتراخي لا يتصف بالصحة؛ لأنه لا يتصف بها كضدها إلا العقود، فلعل التقدير: وصحَّ عقد تقدم فيه قبول. . . إلخ، ووقع فيه تراخي أحدهما؛ أيْ: الإيجاب والقبول. . . إلخ، فتدبر!، أو الصحة بمعنى الجواز. * قوله: (والبيعان) لعل المراد: والآتي بهما، وهما البيعان بالمجلس، حتى يظهر بذلك صاحب الحال، وهو الإيجاب والقبول. * قوله: (لم يتشاغلا) هذا جَرْيٌ على ما تقرر، من أنه إذا كانت الجملة الحالية مصدَّرة بمضارع منفي بـ (لم) فالأكثر إفراد الضمير؛ أيْ: إفراده عن الواو، والاستغناء عنه بالواو (¬1)، كقوله (¬2) -تعالى-: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} [آل عمران: 174]. وبخطه: وهذا من قبيل الحال المتداخلة. ¬
أو كيف تبيع الخبز؟ فيقول: كذا بدرهم، فيقول: خذه أو اتَّزِنْه، أو وضع ثمنه عادةً، وأخذه عقبه، ونحوه مما يدل على بيع وشراء. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو كيف تبيع) عطف على (يساومه)؛ أيْ: أو يقال للبائع: كيف تبيع. . . إلخ. * قوله: (فيقول خذه) ليس (¬1) الضمير للبائع، وإلا لكان الظاهر حينئذٍ إسقاط (فيقول)؛ لأن ما قبله محكي عن البائع أيضًا، فكان يكفيه أن يقول كذا بدرهم خذه، أو اتزانه، [بل الضمير في (يقول) للمشتري، والضمير وهو الهاء في (خذه أو اتزانه)] (¬2) عائد على الدرهم، لا على المبيع. * قوله: (أو وضع ثمنه) قال في شرحه (¬3) تبعًا للمبدع (¬4): "ولو كان البائع غائبًا"، انتهى. وعلى هذا فلو ضاع الثمن في هذه الحالة فهو من ضمان البائع (¬5) لكن يشكل على ذلك ما سيأتي في باب تعليق الطلاق بالشروط (¬6)، أنه لو قال لزوجته: إن أعطيتني كذا فأنت طالق، أنها لا تطلق إلا إذا وضعته بين يديه، مع تمكنه من أخذه، ¬
1 - فصل
1 - فصلٌ وشروطه سبعة: الرضا، إلا من مُكرَه بحق. الثاني: الرُشد، إلا في يسير، وإذا أذن لمميز وسفيه وليٌّ -ويحرم بلا مصلحة-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولم يجعلوا وضعه ولو غائبًا معاطاة. وقد يفرق بين البابَين: بأنه لا يُبطل العصمةَ المحققةَ إلا أمرٌ محقق، بخلاف البيع فإنه مما يتسامح فيه غالبًا. فصل * قوله: (وشروطه سبعة) ليس منها الإشهاد عليه، بل هو مستحب كما -صرح به شيخنا في شرحه (¬1) - قبيل فصل التسعير. * قوله: (الثاني الرشد) المراد بالرشد هنا: جواز التصرف، كما أشار إليه الشيخ في الشرح (¬2)، ولو عبَّر به -كما فعله غيره (¬3) - لكان أولى، إلا أنه تجوَّز عن الشيء بصفة جزئه، إذ جائز التصرف هو الحرُّ، البالغ، الرشيد، واتَّكل على القرينة التي في كلامه، وهو قوله: (إلا إذا أذِن. . . إلخ)، فإن توقف المميز على الإذن مقتضٍ لكون البلوغ شرطًا. * وقوله: (وإذا أذن لمميز وسفيه ولي. . . إلخ) إن جعل قوله: (لمميز) ¬
أو لقن سيدٌ. الثالث: كون المبيع مالًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ متعلقًا بـ (ولي)، و (لقنٍّ) متعلقًا بـ (سيد) كان من قبيل العطف على معمولَي عاملَين مختلفَين، وفيه سبعة أقوال (¬1)؛ أحدها: الجواز مطلقًا، ثانيها: المنع مطلقًا، ثالثها: إن كان أحدهما جارًّا ومجرورًا، كفي الدار زيد والحجرة عمرو: جاز، وإلا امتنع، وهو مذهب ابن الحاجب، وما هنا من هذا القبيل، فهو جائز على القولَين، وهذه الأقوال الثلاثة أشهر السبعة. وإن جعل الجار والمجرور متعلقًا بالفعل، كان من قبيل العطف على معمولَي عامل واحد، فتدبر!. * قوله: (أو لقنٍّ سيد) يقتضي اشتراط الحرية، فتأمل!. * قوله: (الثالث كون المبيع مالًا) فيه أنه جعل الشرط جزء المشروط، إذ تقدم (¬2) أن البيع مبادلة عين مالية، فدخل هذا كله في التعريف، فلا حاجة حينئذٍ إلى هذا الشرط. فإن قيل: إن قوله في التعريف: "مالية" من قبيل الاشتراط الزائد على أجزاء التعريف؟. قلنا: يلزم عليه فساد، وهو إدخال الشروط في التعاريف، إلا أن يقال إن ما هنا رسم (¬3)، وهو يغتفر فيه ما لا يغتفر في الحدِّ، فتدبر!. ¬
وهو ما يباح نفعه مطلقًا، واقتناؤه بلا حاجة، كبغل وحمار، وطير لقصد صوته. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه: لو قال: كون معقود عليه. . . إلخ، لشمل المثمن والثمن، أو يقال: مراده بالمبيع ما يشملهما، بدليل أن كلًّا من البيع، والشراء يطلق على كل منهما، فتدبر!. وكذا في قوله في الرابع: "أن يكون مملوكًا له"، إذ هذا الشرط معتبر في كل من الثمن والمثمن. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: انظر هل هذا شامل للمنفعة، أو فيه قصور [لعدم شمولها] (¬1)؟، وظاهر صنيعه في التعريف الثاني؛ لأنه قابله بها (¬2) فيه. * قوله: (وهو ما يباح نفعه)؛ أيْ: الانتفاع به، أعم من أن يكون عينًا أو منفعة، والمنفعة غير الانتفاع. وعلى هذا التأويل فلا يكون المص كغيره ساكتًا (¬3) عن التعريف للمنفعة، بل أراد من المال ما يشملها، وهو المنتفع به، عينًا كان أو منفعة، كما أشار إليه شيخنا في شرح الإقناع (¬4)، وعبارته: "وظاهر كلامه هنا كغيره أن النفع لا يصح بيعه، مع أنه ذكر في حدِّ البيع صحته، فكان ينبغي أن يقال هنا كون ¬
ودود قزٍّ وبزره، ونحل منفرد أو مع كوَّارته، وفيها إذا شوهد داخلًا إليها، لا كُوَّارة بما فيها من عسل ونحل، وكهرٍّ وفيل، وما يصاد عليه كبومة شباشا -أو به كديدان، وسباع بهائم وطير يصلح لصيد وولدها وفرخها وبيضها- إلا الكلب. وكقرد لحفظ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مبيع مالًا، أو نفعًا مباحًا مطلقًا، أو يعرف المال بما يعم الأعيان والمنافع"، انتهى (¬1). * قوله: (وبزره) بفتح الباء وكسرها مطلع (¬2). * قوله: (ونحل منفرد)؛ أيْ: يمكن أخذه، اعتبارًا بالشرط الخامس تدبر!، وبه صرح في الإقناع (¬3) هنا، وفي الخامس (¬4). * قوله: (ومع كوَّارته) جمع كُوارة بضم الكاف، والكوارة: الخلية، وقيل: الكوارة من الطين، والخلية من الخشب، مطلع (¬5). * قوله: (كبومة شباشا) وهو طائر يربط، وتخيط عيناه. * قوله: (كديدان) دود يجعل في السنارة. * قوله: (إلا الكلب) انظر هل هذا الاستثناء محتاج إليه؟ إذ تقدم إخراجه في الحد، فتدبر. ¬
وعلق (¬1) لمص دم، ولبن آدمية -ويكره- وقنٍّ مرتد ومريض، وجانٍ وقاتل في محاربة، لا منذور عتقُه نذر تبرُّر، ولا ميتة ولو طاهرة -إلا سمكًا وجرادًا ونحوهما- ولا سرجين (¬2) نجس، ولا دهن نجس أو متنجس، ويجوز أن يُستصبح بمتنجس في غير (¬3) مسجد. وحرم بيع مصحف. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويكره)؛ أيْ: بيع لبن الآدمية. * قوله: (نذر تبرر) هدا تقييد لكلام الأصحاب من عند ابن نصر اللَّه (¬4). * قوله: (ولو طاهرة) كميتة آدمي (¬5). * قوله: (ونحوهما) كبقية حيوانات البحر. * قوله: (ولا سرجين نجس) لعله أو متنجس، أو يقال: إن قوله: (أو متنجس) راجع له أيضًا، فلتحرر المسألة!، إذ لا فرق بين الدهن والسرجين (¬6). * قوله: (ويجوز أن يستصبح بمتنجس)؛ يعني: من غير أن يمس -كما قيد ¬
ولا يصح لكافر، وإن ملكه بإرث أو غيره ألزم بإزالة يده عنه، ولا يُكره شراؤه استنقاذًا، وإبداله لمسلم، ويجوز نسخه بأجرة. ـــــــــــــــــــــــــــــ به في الإقناع (¬1) - لئلا يلزم عليه التضمخ بالنجاسة. * قوله: (ولا يصح لكافر) الذي يفهم مما قطع به في الإنصاف (¬2) ومشى عليه في الإقناع (¬3)، أنه لا يصح بيعه مطلقًا. * قوله: (وإن ملكه بإرث) قد يصور بما إذا كان مسلم متزوجًا بكتابية أبواها كتابيان، ومات عنها وورثته وفي تركته مصحف، فإنها تملكه بذلك (¬4). * وقوله: (ونحوه) كاستيلاء الكافر (¬5) الحربي على ملك المسلم إذا كان فيه مصحف. * قوله: (أو غيره) كما لو باعه فردَّ عليه بعيب أو نحوه، وما إذا استولى على مال المسلم قهرًا. * قوله: (ألزم)؛ أيْ: الكافر. * قوله: (وإبداله لمسلم)؛ أيْ: بمصحف آخر. * قوله: (ويجوز نسخه)؛ أيْ: المصحف حتى من المحدث، والكافر من ¬
ويصح شراء كتب الزندقة ونحوها ليتلفها، لا خمر ليُريقها. الرابع: أن يكون مملوكًا له حتى الأسير، أو مأذونًا فيه وقت عقد. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ غير حمل، ولا مَسٍّ. * قوله: (لا خمر ليريقها) وفُرِّقَ بينهما: بأن في الكتب مالية الورق، والثاني لا مالية فيه (¬1)، ونُقِضَ هذا الفرق بآلة اللهو، فإن فيها مالية الخشب، ولا يصح شراؤها لإتلافها (¬2)، فلعل الفرق، تعدي ضرر (¬3) كتب الزندقة بخلاف الخمر، فتدبر!. * قوله: (حتى الأسير)؛ أيْ: فإنه يصح أن يبيع ملكه، خلافًا لبعضهم (¬4)، وأشار إلى ذلك الخلاف بـ (حتى) التي هي غاية للضمير في (له) الواقع على البائع، وهذا الشرط معتبر في الثمن أيضًا، فيجاب بما سبق (¬5)، تأمل!. أو يجعل اسم (يكون) ضميرًا عائدًا على المعقود عليه، المفهوم من البيع، وكأن المحشِّي (¬6) أشار إلى ذلك بجعل الضمير في (له) عائدًا على العاقد. * قوله: (أو مأذونًا له فيه)؛ أيْ: البيع المستفاد من المبيع، الذي هو مرجع ضمير (يكون) قبل تأويله بالمعقود عليه، فتدبر!. * قوله: (وقت عقد) أعم من أن يكون بإيجاب وقبول، أو بمعاطاة (¬7)، ¬
ولو ظنَّا عدمهما. فلا يصح تصرف فضولي ولو أجيز بعد، إلا إن اشترى في ذمته ونوى لشخص لم يسمِّه، ثم إن أجازه من اشترى له ملكه (¬1) من حين اشترى، وإلا وقع لمشترٍ ولزمه. ولا بيع ما لا يملكه، إلا موصوفًا لم يعيَّن إذا قبض أو ثمنه بمجلس عقد، لا بلفظ سلف أو سلَم، والموصوف المعين -كـ "بعتك عبدي فلانًا" ويستقصي صفته-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فهو أولى مما عبر به في الإقناع (¬2)، فراجع!. والظاهر أنه من الحذف من الأول لدلالة الثاني؛ أيْ: أن يكون مملوكًا له وقت عقد، أو مأذونًا له وقت عقد. * قوله: (ولو ظنّا)؛ أيْ: البائع بالملك، والبائع بالإذن. * قوله: (عدمهما)؛ أيْ: عدم الملك والإذن. * قوله: (إلا إن اشترى في ذمته) سواء كان الثمن من ماله، أو من مال الغير. * قوله: (ونوى لشخص لم يسمه) لا إن سماه. * قوله: (ولا بيع ما لا يملكه)؛ أيْ: ولا يصح بيع ما لا يملكه. . . إلخ. * قوله: (أو ثمنه) ظاهره كلًّا أو بعضًا، ويصح فيما يقابله دون ما زاد. * قوله: (لا بلفظ سلم)؛ أيْ: لا يصح؛ لأن السلم لا بد فيه من أجل معلوم. * قوله: (كبعتك عبدي) معترضة للتمثيل. ¬
يجوز التفرق قبل قبض، كحاضر، وينفسخ عقيد عليه بردِّه لفقد صفة، وتلف قبل قبض. ولا أرض موقوفة مما فُتح عنوة (¬1) ولم يُقسم -كمصر والشام وكذا العراق غير الحيرة وأُلَّيس وبانِقْيا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (قبل قبض)؛ أيْ: قبضه، فالتنوين عوض عن الضمير، وهو الرابط. وبخطه: فيه أن الجملة المخبر بها لا بد فيها من رابط يربطها بالمبتدأ، وقد خلت هنا من رابط، إلا أن يبنى على القول بأنه إذا وجد الرابط في إحدى (¬2) الجملتَين المتعاطفتَين كفى، ولو لم يكن لعطف بالفاء، فتأمل (¬3)!. * قوله: (ولا أرض) بالجر عطف على "ما" من قوله: "ولا بيع ما لا يملكه". * قوله: (وكذا العراق) وسمي عراقًا لاستواء أرضه. * قوله: (غير الحيرة) [بكسر الحاء المهملة] (¬4)، والنسبة إليها حيريٌّ، وحاريٌّ على غير قياس، قرية قرب المدينة (¬5). * قوله: (وأُلَّيس) مدينة بالجزيرة (¬6). * قوله: (وبانقيا) ناحية بالنجف دون الكوفة، شرح الإقناع (¬7). ¬
وأرض بني صَلوبا (¬1) - إلا المساكن، وإذا باعها الإمام لمصلحة، أو غيره وحكم به من يرى صحته، وتصح إجارتها، لا بيع ولا إجارة رباع مكة والحرم -وهي المنازل- لفتحها عنوة. ولا ماء عِدٍّ (¬2) كعين ونقع بئر، ولا ما في معدن جارٍ، كقار وملح ونفط، ولا نابت من كلإٍ وشوك ونحو ذلك، ما لم يَحُزْه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (إلا المساكن) موجودة حال الفتح، أو حدثت (¬3) بعده، وآلتها منها أو من غيرها كبيع غرس يحدث. * قوله: (وإذا باعها الإمام) عطف على مدخول (إلا). * قوله: (وحكم به من يرى صحته) كأبي حنيفة (¬4). * قوله: (وهي المنازل)؛ أيْ: الرباع. * قوله: (لفتحها عنوة) مع عدم قسمها وضرب الخراج عليها، وأما مجرد الفتح عنوة فليس كافيًا في العلة. * قوله: (ولا في معدن جار) بخلاف الجامد. * قوله: (ونفط) النفط هو البارود. * قوله: (ونحو ذلك) كطير عشش في أرضه، وصيد دخل إليها، وسمك ¬
فلا يدخل في بيع أرض، ومشتريها أحق به، ومن أخذه ملكه، ويحرم دخول لأجل ذلك بغير إذن رب الأرض إن حُوطت، وإلا جاز بلا ضرر، وحرُم منع مستأذن إن لم يحصل (¬1) ضرر. وطُلولٍ (¬2) تُجنى منها النحل ككلإٍ وأولى، ونحل رب الأرض أحق به. الخامس: القدرة على تسليمه، فلا يصح بيع آبق وشارد، ولو لقادر على تحصيلهما، ولا سمكٍ بماء إلا مرئيًّا بمحوز يسهل أخذه منه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نضب عنه ماؤها، حاشية (¬3). * قوله: (وطلول تجنى منها النحل)؛ أيْ: تشرب منها، وهي على شجر أو زرع مملوك. * قوله: (ونحل رب الأرض أحق. به)؛ أيْ: أحق بالطلول، وفي إسناد الأحقية إلى النحل ما لا يخفى، إلا أن يقال: إنه من قبيل الاختصاص لا الملك الحقيقي، أو العبارة مقلوبة، والأصل: ورب الأرض أحق به لنحلة، أو هو من باب {عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} [الحاقة: 21]؛ أيْ: راضٍ صاحبها. * قوله: (إلا مرئيًّا بمحوز)؛ أيْ: بماء محوز. * قوله: (يسهل أخذه) مقتضاه أنه لو كان مرئيًّا بماء لكن يصعب أخذه أنه ¬
ولا طائرٍ يصعب أخذه، إلا بمغلق ولو طال زمنه، ولا مغصوبٍ إلا لغاصبه أو قادر على أخذه، وله الفسخ إن عجز. السادس: معرفة مبيع برؤية متعاقدين مقارنة لجميعه أو بعض يدل على بقيته، كأحد وجهَي ثوب غير منقوش. ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يصح بيعه، ويطلب الفرق بينه وبين الطائر إذا صعب أخذه ولكن كان بمغلق. ولعل الفرق: أن لنوع السمك قوة الغوص في الطين بحيث يتعذر أخذه، فاعتبرت السهولة فيه بخلاف الطائر، فإنه ليس له تلك القوة، بل له قوة الطيران، وخرق طبقات الجو، وكونه بمغلق منعه من ذلك. * قوله: (إلا لغاصبه)؛ أيْ: الذي لم يقصد بغصبه الاستيلاء عليه حتى يبيعه له ربه، فإنه لا يصح بيعه له -كما سيصرح به المص في آخر الفصل (¬1) بقوله: "ومن استولى على ملك غيره. . . إلخ"-. * قوله: (وله الفسخ. . . إلخ) يحتمل أمرَين: أن يكون عاجزًا من حين العقد، وأن يكون العجز طرأ بعد، قال شيخنا (¬2): لعل المراد الثاني. * قوله: (مقارنة) صفة لـ (رؤية) فهو مجرور، ويصح أن يقرأ بالرفع صفة لـ (معرفة)، وهذا يناسب ما سيفرِعه من قوله: (فلا يصح. . . إلخ). * وقوله: (مقارنة)؛ أيْ: للعقد، وأما قوله: (لجميعه) فمتعلق بـ (رؤية)، واللام مقوية؛ لأن العامل هنا ضعيف؛ لأنه مصدر، وهو فرع الفعل في العمل. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: المراد بالمقارنة أعم من المقارنة الحقيقية، ¬
فلا يصح إن سبقت العقد بزمن يتغير فيه ولو شكًّا، ولا (¬1) إن قال: "بعتك هذا البغل" فبان فرسًا ونحوه. وكرؤيته معرفته بلمس أو شم أو ذوق، أو وصف ما يصح سلَم فيه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والمتقدم بزمن لا يتغير فيه المبيع، بدليل أنه فرع عليه -فيما يأتي- قوله: (فلا يصح إن سبقت العقد بزمن. . . إلخ)، وإلا لكان المفرع عدم الصحة، إذا سبقت العقد مطلقًا. * قوله: (فلا يصح إن سبقت العقد)؛ أيْ: الرؤية أو المعرفة التي سببها الرؤية، فما فعله الشارح (¬2) ليس متعينًا. * قوله: (بزمن يتغير فيه)؛ أيْ: يمكن أن يتغير فيه، وليس مراده التغير بالفعل، بدليل قوله: (ولو شكًّا). * قوله: (ولا إن قال بعتك هذا البغل) ولم يكتف بالإشارة، لأن الشرط المعرفة، لا مجرد التعيين، وقد تبين أن لا معرفة، وهذا بخلاف ما قالوه في النكاح (¬3) من أنه إذا قال له: زوجتك مولِّيتي هذه فاطمة، فبان اسمها عائشة، فإنهم صرحوا هناك بالصحة؛ لأن الشرط في النكاح مجرد تعيين الزوجَين، لا المعرفة، ولكن يطلب الفرق بين البابَين، حيث جعلوا الشرط هنا المعرفة، وهناك مجرد التعيين؟، وفرق شيخنا بينهما: بأن عقد البيع عقد معارضة فطلبوا فيه التحري باشتراط ما هو أقوى وهو المعرفة، بخلاف عقد النكاح، وفيه أنهم صرحوا بأن الفروج يحتاط لها ¬
بما يكفي فيه، فيصح بيع أعمى وشراؤه كتوكيله، ثم إن وُجد ما وُصف أو تقدمت رؤيته متغيرًا فلمشترٍ الفسخ -ويحلف إن اختلفا- ولا يسْقط إلا بما يدل على الرضا من سوم ونحوه، لا بركوب دابة بطريق ردٍّ، وإن سقط حقه من الردِّ فلا أرش. ـــــــــــــــــــــــــــــ أقوى من الاحتياط لغيرها (¬1). * قوله: (بما يكفي فيه) في الحاشية (¬2): "وعلم منه اختصاص المبيع بالوصف بما يصح السلم فيه"، انتهى، وفيه نظر ظاهر، تدبر!، والشيخ تبع في ذلك المص في شرحه (¬3). * قوله: (فيصح بيع أعمى) مصدر مضاف لفاعله. * قوله: (كتوكيله)؛ أيْ: مطلقًا فيما يصح منه، وما لا يصح. * قوله: (فلمشترٍ الفسخ) آثر الربط بالاسم الظاهر دون الضمير حيث لم يقل فله الفسخ، إشارة إلى أن الحكم ليس مختصًّا بالأعمى، ولو أتى بالضمير لتوهم عوده لخصوص الأعمى. * قوله: (ويحلف)؛ أيْ: المشتري. * قوله: (ولا يسقط)؛ أيْ: هذا الخيار، وهذا الخيار يسمى خيار الخلف في الصفة (¬4). ¬
ولا يصح بيع حمل ببطن، ولبن بضرع، ونوًى بتمر، وصوف على ظهر -إلا تبعًا- ولا عسْب (¬1) فحل، ولا مسك في فأر، ولا لفت (¬2) ونحوه قبل قلع، ولا ثوب مطوي. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا يصح بيع حمل ببطن) لنهيه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن بيع الملاقيح (¬3). * قوله: (إلا تبعًا) بأن باعه الأصل وسكت عن الفرع، فإنه يدخل تبعًا، ولا يصح تصويره بأن يقول له: بعتك هذه الشاة بحملها؛ لأنهم نصُّوا على أن البيع في مثل هذه الصورة لا يصح (¬4)؛ لأنه قد جمع بين معلوم ومجهول يتعذر علمه، والأصحاب وإن نصوا على البطلان في بعض هذه الصور على الوجه المذكور، فقياس كلامهم أن جميع هذه المسائل كذلك (¬5). * قوله: (ولا مسك في فأر) كبيع اللؤلؤ في الصدف. * قوله: (ونحوه)؛ أيْ: مما المقصود فيه مستتر كلًّا، أو بعضًا، كالفجل. ¬
أو نُسِج بعضه على أن يُنسج بقيته، ولا عطاء قبل قبضه، ولا رقعة به، ولا معدن وحجارته، وسلفٌ فيه. ولا ملامسةٍ، كـ "بعتك ثوبي هذا على أنك متى لمسته، أو إن لمسته. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو نسج بعضه) على أن ينسج بقيته، للجهالة. * قوله: (ولا عطاءٍ قبل قبضه)؛ لأنه مغيب، فهو من (¬1) الغرر. * قوله: (ولا رقعة به)؛ لأن المقصود ما في ضمنها، لا هي. * قوله: (ولا معدن)؛ أيْ: جارٍ على ما في المستوعب (¬2)؛ لأنه (¬3) الذي يظهر فيه علة المنع وهي الجهالة. وفي الحاشية (¬4): "والمراد معدن مجهول، أو لا يملكه، وقد [تقدم (¬5) أنه يصح بيع المعدن الجامد إذا كان في مملوكة له] (¬6)، وتقدم أيضًا في زكاة المعدن أنه يصح بيع ترابه وتراب الصاغة، وذكرنا وجهه هناك" (¬7)، انتهى. * قوله: (وسلف فيه)؛ أيْ: لا يصح سلف في المعدن للغرر. * قوله: (ولا ملامسة) الأصل: ولا بيع ملامسة. ¬
أو أيُّ ثوب لمسته، فعليك بكذا". ولا منابذةٍ كـ "متى أو إن نبذت هذا، أو أيُّ ثوب نبذته، فلك بكذا". ولا بيع الحصاة، كـ "ارمها، فعلى أيِّ ثوب وقعت فلك بكذا"، أو "بعتك من هذه الأوض قدر ما تبلغ هذه الحصاة -إذا رميتها- بكذا". ولا بيع ما لم يعيَّن، كعَبْدٍ من عبيد، وشاةٍ من قطيع، وشجرة من بستان، ولو تساوت قيمتهم. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو أي ثوب. . . إلخ) معطوف على مدخول الكاف، لا أنه (¬1) من أفراده -كما هو ظاهر-. * قوله: (ولا منابذة) من النبذ، وهو: الطرح والرمي. * قوله: (إذا رميتها بكذا)؛ لأنه لا يدري إلى أي محل تنتهي، ففيه غرر (¬2) وجهالة، شرح (¬3). * قوله: (وشاة من قطيع) في الصحاح (¬4): "القطيع الطائفة من البقر أو الغنم"، انتهى، ولم يخصه بعدد معين منهما. وقال في المطلع (¬5): "القطيع الطائفة من الغنم والبقر،. . . . . . ¬
ولا الجميع إلا غير معين، ولا شيء بعشرة دراهم ونحوها إلا ما يساوي درهمًا، ويصح إلا بقدر درهم. وبصح بيع ما شوهد من حيوان وثياب. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال ابن سيده (¬1) (¬2): الغالب عليه أنه من العشرة إلى الأربعين، وقيل: ما بين خمسة عشر إلى خمسة وعشرين، وجمعه أقطاع، وأقطعة، وقطعان، وقطاع (¬3)، وأقاطيع، قال سيبويه (¬4): هو مما جمع على غير واحدة، كحديث وأحاديث"، انتهى. * قوله: (إلا غير معيَّن)؛ لأن استثناء (¬5) المجهول من المعلوم يصير الباقي مجهولًا. * قوله: (ويصح إلا بقدر درهم)؛ لأنه يؤول إلى استثناء عشر المبيع، وهو معلوم، فتدبر!. ¬
وإن جهلا عدده، وحامل بحُرٍّ، وما مأكوله في جوفه، وباقلَّا وجوز ولوز ونحوه في قشريه، وحب مشتدٌّ في سنبله، ويدخل الساتر تبعًا. وقفيز من (¬1) الصُّبرة (¬2) إن تساوت أجزاؤها وزادت عليه، ورطل من دَنٍّ (¬3) أو من زُبرة حديد ونحوه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وحامل بحرٍّ) بأن اشتراط الزوج حريته، بخلاف ما لو كان الحمل ملكًا للغير كالموصي به، حيث صرح الشارح (¬4) فيها بعدم الصحة. وقد يفرق: بأن الحرَّ ليس محلًّا للبيع، بخلاف الرقيق، فكأنه مستثنى لفظًا، شيخنا منصور (¬5). * قوله: (ويدخل الساتر تبعًا) ولو استثنى القشر، أو التبن لم يصح البيع. * قوله: (وزادت عليه)؛ أيْ: على القفيز مقتضاه أنها لو لم تزد عليه، بأن كانت قفيزًا فقط، أنه لا يصح، وصرح به (¬6). وفيه أنه كان يجوز حمل "من" على البيان دون التبعيض، وأيضًا: فلا يتأتى التبعيض فيما إذا تلف ما عدا قدر المبيع، مع أنهم صرحوا فيها بالصحة كما يأتي ¬
وبتلف ما عدا قدر مبيع يتعين، ولو فرَّق قفزانًا وباع واحدًا مبهمًا -مع تساوي أجزائها-: صحَّ. وصُبرة جزافًا مع جهلهما أو علمهما -ومع علم بائع وحده- يحرم ويصح، ولمشترٍ الردُّ، وكذا (¬1) علم مشترٍ وحده، ولبائع الفسخ، وصُبرة عُلم قُفزانها إلا قفيزًا. لا ثمرة شجرة إلا صاعًا، ولا نصف داره الذي يليه، ولا جريب (¬2) من أرض أو ذراع من ثوب مبهمًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في المتن صريحًا (¬3)، فليحرر!، إلا أن يقال: إن التبعيض هنا صحيح بالنظر إلى حاله قبل التلف، فتدبر!. * قوله: (وباع واحدًا مبهمًا)؛ أيْ: مثلًا. * قوله: (لا ثمرة شجرة إلا صاعًا) لجهالة آصعها، فيؤدي إلى جهالة ما يبقى بعد الصاع (¬4). * قوله: (ولا نصف داره الذي يليه)؛ لأنه لا يعلم إلى أين ينتهي قياس المنَصَّف، فيؤدي إلى الجهالة، حاشية (¬5). ¬
إلا إن علما ذَرعهما، ويكون مشاعًا، ويصح معينًا بابتداء وانتهاء معًا، ثم إن نقص ثوب بقطع وتشاحَّا، كانا شريكَين، وكذا خشبة بسقف، وفصٌّ بخاتم. ولا يصح استثناء حمل مبيع أو شحمه، أو رطل لحم أو شحم -إلا رأس مأكول، وجلده، وأطرافه- ولا يصح استثناء ما لا يصح بيعه مفردًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه: عبر في الإقناع (¬1) بـ "التي"، وفيه (¬2) نظر واضح؛ لأنه جارٍ على النصف لا على الدار، وهو لا يناسب تعليل الإمام (¬3)، وأيضًا صرَّحوا بأنه لو باعه نصف داره التي تليه على الشيوع صحَّ (¬4)، وبه صرح شيخنا في شرحه (¬5). وقد يقال في تصحيح عبارة الإقناع: إن لفظ "نصف" اكتسب التأنيث من المضاف إليه، وهو "دار"، فصحَّ وصفه بـ"التي". * قوله: (ثم إن نقص. . . إلخ)؛ أيْ: فرض نقصة بسبب ذلك لو وقع، فتدبر!. * قوله: (إلا رأس مأكول) بالنصب والرفع؛ لأنه استثناء مفرغ، ويجوز جره على (¬6) حذف المضاف؛ أيْ: إلا استثناء رأس. . . إلخ. * قوله: (مفردًا)؛ أيْ: مع اتصاله بأصله، أما مفردًا فيصح في هذا ¬
إلا في هذه- ولو أبى مشترٍ ذبحه ولم يُشترط لم يُجبر، ويلزمه قيمة ذلك تقريبًا، وله الفسخ بعيب يختص المستثنى. السابع: معرفتهما لثمنٍ حال عقد، ولو بمشاهدة، وكذا أجرة. فيصحَّان بوزن صنجة (¬1)، وملء كَيل مجهولَين، وبصُبْرة، وبنفقة عبده شهرًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي غيره، فتدبر!. * قوله: (ولم يشترط. . . إلخ)؛ أيْ: واستثنى ولم يشترط، وأما إذا لم يستثن، ولم يشترط فلا يلزمه دفع قيمة ذلك. وبخطه: فإن اشترط بائع على مشترٍ ذبحه لزمه ذبحه، ودفع المستثنى لبائع؛ لأنه دخل على ذلك فالتسليم مستحق عليه، فإن باع مشترٍ (¬2) ما استثناه صحَّ، كبيع الثمرة لمالك الأصل، شرح (¬3). * قوله: (وله الفسخ)؛ أيْ: المشتري. * قوله: (مجهولَين)؛ أيْ: مجهولَين في العرف، معلومَين بينهما. وبخطه: انظر هل يصح ذلك في المثمن؟. * قوله: (وبنفقة عبده) أو نفسه، أو زوجته، أو ولده. * قوله: (شهرًا) أو سنة، أو يومًا ونحوه، ومثل هذا مسقط للأخذ بالشفعة ¬
ويرجع (¬1) مع تعذر معرفة ثمن، في فسخ، بقيمة مبيع. ولو أسرَّا ثمنًا بلا عقد، ثم عقداه بآخر، فالثمن الأول. ولو عقدا سرًّا بثمن، ثم علانية بأكثر -فكنكاح، والأصح قول المنقِّح (¬2): "الأظهر: أن الثمن هو الثاني إن كان في مدة خيار، وإلا فالأول"، انتهى. ولا يصح برقم، ولا بما باع به زيد- إلا إن علماهما، ولا بألف درهم ذهبًا وفضة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا لم يكن حيلة. * قوله: (فكنكاح)؛ أيْ: أخذ بالزائد مطلقًا. * قوله: (والأصح قول المنقِّح. . . إلخ) تصحيح من المص. * قوله: (ولا يصح برقم) الرقم كالختم لفظًا ومعنى صحاح (¬3). * قوله: (إلا إن علماهما)؛ أيْ: الرقم، وما باع به زيد، والرقم هو: الكتابة على العين المعينة. * قوله: (ولا بألف درهم ذهبًا وفضة) للجهالة، قد يقال: هذا لا جهالة فيه؛ لأنه يؤول الأمر في هذه المسألة إلى أن البيع وقع بألف درهم، واشترط أن ينقده من جنسَي الذهب والفضة، إذ الدرهم هو المقدار المعلوم من الفضة، كما يومئ إليه قول المص الآتي: "ولا بدينار أو درهم مطلق. . . إلخ"، إلا أن يقال: ¬
ولا بثمن معلوم ورطل خمر، [ولا بما ينقطع به السعر] (¬1)، ولا كما يبيع الناس، ولا بدينار أو درهم مطلق وثم نقود متساوية رواجًا، فإن لم يكن إلا واحد أو غلب أحدها: صحَّ، وصُرف إليه. ولا بعشرة صحاحًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إنه استعمله في المقدار من الذهب أيضًا، وليس هذا بمتعارف بدليل ما يأتي (¬2) من عدم صحة البيع في قوله: "بعتك (¬3) هذا بدينار إلا درهمًا، أو بمئة درهم إلا دينارًا"؛ لأنهم فسَّروا نحو هذا بما المستثنى فيه من غير جنس المستثنى منه، فليحرر (¬4)!. * قوله: (ولا بثمن معلوم ورطل خمر) انظر هَلَّا كان هذا من تفريق الصفقة؟، قد يقال بالفرق بين الثمن والمثمن، [وهو أن البيع يتعدد بتعدد المثمن، فيأتي تفريق الصفقة فيه، بخلاف الثمن] (¬5)؛ فإن البيع لا يتعدد بتعدده، وقد أشار الشيخ في الحاشية (¬6) إلى هذا الفرق -فيما يأتي (¬7) في تفريق الصفقة- فتنبه له!. * قوله: (ولا كما يبيع الناس) ما لم يكن وقع تسعير من الحاكم على سعر معين يعلمان قدره، وكان الناس لا يمكنهم مخالفته، تدبر!. ¬
أو إحدى عشرة مكسَّرة (¬1)، ولا بعشرة نقدًا أو عشرين نسيئة -إلا إن تفرَّقا فيهما على أحدهما. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو إحدى عشرة مكسرة) كان الظاهر أحد عشر، كما هو في بعض نسخ الإقناع (¬2)؛ لأن ما زاد على العشرة من العدد يوافق تمييزه في التذكير والتأنيث، والتمييز هنا مذكر، وهو الدرهم أو الدينار، ولا يقال إنهم قالوا: إذا حذف المعدود جاز التذكير والتأنيث- كما قاله النووي (¬3) -؛ لأنا نقول هو مخصوص بما كان من جنس الليالي والأيام، كما صرح به السبكي (¬4) فيما كتبه على قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "رفع القلم عن ثلاث" الحديث (¬5). ¬
ولا بدينار إلا درهمًا، ولا بمئة درهم إلا دينارًا، أو إلا قفيز (¬1) بر أو نحوه، ولا بمئة على أن أرهن بها وبالمئة التي لك هذا. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو نحوه) مما الاستنثاء (¬2) فيه من غير جنس المستثنى منه، للجهالة. وفيه أنهم اغتفروا الجهالة التي تزول بالحساب، كما سيأتي التصريح به على جهة القاعدة الكلية في السادس من أنواع الخيار (¬3). وقد تضمنت هذه المسألة التصريح بأن الدرهم خاص بما كان من نوع الفضة، ¬
ويصح بيع الصُّبرة أو الثوب أو القطيع كل قفيز أو ذراع أو شاة بدرهم، وما بوعاء مع وعائه موارنة كل رطل بكذا مطلقًا، ودونه مع الاحتساب بزنته على مشترٍ إن علما مبلغ كل منهما، وجزافًا مع ظرفه أو دونه، أو كل رطل بكذا على أن يسقط منه وزن الظرف. ومن اشترى زيتًا أو نحوه في ظرف فوجد فيه رُبًّا (¬1) صحَّ في الباقي بقسطه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأن الدينار خاص بما كان من نوع الذهب، وهو مخالف لما تضمنته المسألة السابقة (¬2)، فتدبر!. * قوله: (ولا من صبرة أو ثوب. . . إلخ) الفرق بين هذه والتي بعدها، حيث صح البيع في الثانية دون الأولى: أن المبيع في الأولى هو الجزء الذي اقتضته "من" التبعيضية، وعدد قفزان المدلول عليه بـ "كل" مجهول، والمبيع في الثانية الصبرة المشاهدة، ويعلم مقدارها بالكيل، ومثل الصبرة الثوب والقطيع، وجهالة المثمن تؤدي إلى جهالة الثمن، وعلمه يؤدي إلى علمها. * قوله: (وما بوعاء. . . إلخ)؛ أيْ: يصح بيعه. * قوله: (مطلقًا)؛ أيْ: سواء علما زنة كل منهما، أو لم يعلما. * قوله: (أو دونه)؛ أيْ: الظرف. * قوله: (مع الاحتساب بزنته)؛ أيْ: الظرف. ¬
2 - فصل في تفريق الصفقة
وله الخيار، ولم يلزمه بدل الرُّب. * * * 2 - فصل في تفريق الصفقة وهي أن يجمع بين ما يصح بيعه وما لا يصح. من باع معلومًا ومجهولًا -لم يتعذر علمه-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولم يلزمه بدل الرُّب) وإن تراضيا على أخذ بدله من جنس المبيع جاز، حاشية (¬1) (¬2). فصل في تفريق الصفقة * قوله: (وهي أن يجمع. . . إلخ) الأَوْلَى: "وهو" كما في الإقناع (¬3)؛ لأن هذا تعريف لتفريق الصفقة، لا للصفقة، ولا يقال إنه أنَّثَ الضمير؛ لأن المضاف اكتسب التأنيث من المضاف إليه؛ لأن شرطه منتفٍ (¬4)، ومع ذلك فلا يخلو التعريف عن إشكال؛ لأنه من تعريف الشيء بضده. وقد يجاب عنهما معًا: بأن تفريق (¬5) الصفقة من قبيل إضافة الصفة للموصوف؛ ¬
صحَّ في المعلوم بقسطه، لا إن تعذر ولم يبين ثمن المعلوم، ومن باع جميع ما يملك بعضه، صحَّ في ملكه بقسطه، ولمشترٍ الخيار إن لم يعلم، والأرش إن أمسك فيما ينقصه تفريق. وإن باع قِنَّه مع قِنِّ غيره بلا إذنه، أو مع حُرًّ، أو خلًّا مع خمر، صحَّ في قِنِّه وفي خلٍّ بقسطه، ويقدَّر خمر خلًّا، ولمشترٍ الخيار. وإن باع عبده وعبد غيره بإذنه، أو عبدَيه لاثنين، أو اشترى عبدَين من اثنين. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أيْ: الصفقة المفرقة، و"أن يجمع" في تأويل مصدر، أريد به المبني للمفعول، والتقدير: والصفقة المفرقة هي مجموع ما يصح بيعه وما لا يصح؛ أيْ: الهيئة الاجتماعية من ذلك، فتدبر!. * قوله: (لا إن تعذر ولم يبيِّن ثمن المعلوم)؛ يعني: فإنه لا يصح البيع ولا في المعلوم؛ لأنه صار مجهول الثمن بانضمامه إلى المجهول. * قوله: (فيما يُنقصه تفريق) كزوجَي خف، ومصراعَي باب. * قوله: (وإن باع قنَّه. . . إلخ)؛ أيْ: مثلًا. * قوله: (وبقدر خمر خلًّا) وكذلك الحرُّ في التقدير، وإنما اقتصر على التنبيه على تقدير الخمر خلًّا، أشارة إلى الخلاف فيه (¬1)، والردِّ على القائل بتقويمه عند أهل الذمة الذين يرون صحة بيعه (¬2)، حكاه في المبدع (¬3). ¬
3 - فصل
أو وكيلهما بثمن واحد: صحَّ، وقُسِّط على قيمتيهما، وكبيع إجارة. وإن جُمع بين بيع وإجارة أو صرف أو خلع أو نكاح بعوض واحد: صحَّا وقسِّط عليهما، وبين بيع وكتابة: بطُل وصحَّت، ومتى اعتُبر قبض لأحدهما لم يبطُل الآخر بتأخُّره. * * * 3 - فصلٌ ولا يصح بيع ولا شراء. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو وكيلهما)؛ أيْ: أو عبدَين أحدهما من مالكه، والآخر من وكيل مالكه. * قوله: (بطُل)؛ أيْ: البيع. * قوله: (وصحَّت)؛ أيْ: الكتابة بقسطها. فصل في موانع صحة البيع * قوله: (ولا يصح بيع. . . إلخ) في الإقناع (¬1): "ويحرم ولا يصح"، والمص اقتصر على ذكر عدم الصحة؛ لأنه خفي، وذلك لأنه إنما جاء من جَرَّاء أن النهي يقتضي الفساد، أما التحريم فالآية صريحة فيه (¬2)، فلم يحتج للتنبيه عليه. وقد يتوقف في كون النهي هنا اقتضى الفساد مع القاعدة المقررة عندهم من ¬
ممن تلزمه جُمعة بعد ندائها الذي عند المنبر، المنقِّح (¬1): "أو قبله لمن منزله بعيد، بحيث إنه يدركها"، انتهى، إلا من حاجة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أن النهي إن عاد إلى الذات اقتضى الفساد، وإن عاد إلى أمر خارج اقتضى التحريم (¬2)، والذي يظهر أن النهي هنا من الثاني، لا الأول، بدليل التعليل بالتشاغل، فتأمل، وتمهل!. ويَرِد مثل هذا الإشكال على قولهم: لا تصح الصلاة في مقبرة ونحوها من مواضع النهي، مع أن النهي عائد إلى شرط العبادة، لا إلى ذاتها (¬3)، فلعل القاعدة أغلبية، والذي سهل ذلك قولهم هناك تعبدًا، بخلافه (¬4) هنا، فليحرر!. * قوله: (ممن تلزمه جمعة) انظر لو وكَّل البائع والمشتري من لا تلزمه الجمعة، هل يحرم ولا يصح أيضًا؛ لأن حقوق العقد متعلقة بالموكل؟ أو يصح ولا يحرم؛ لأن العلة وهي التشاغل عن الجمعة منتفية، والشيء يدور مع علته وجودًا وعدمًا (¬5)؟. * قوله: (بعد ندائها) قال في الإقناع (¬6): "بعد الشروع". ¬
كمضطر إلى طعام أو شراب يُباع، وعُريان وجد سترة وكفن ومؤونة تجهيز لميت خيف فساده بتأخر، ووجود أبيه ونحوه يباع مع من لو تركه لذهب، ومركوب لعاجز، أو ضرير عَدِمَ قائدًا ونحوه، وكذا لو تضايق وقت مكتوبة، ويصح إمضاء بيع خيار وبقية العقود، وتحرم مساومة ومناداة. ولا يصح بيع عنب أو عصير لمتخذه خمرًا، ولا سلاح ونحوه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه: أيْ: بعد الحصول، ولا يتوقف عدم الصحة على العلم به. * قوله: (وعريان وجد سترة) أو ماء للطهارة. إقناع (¬1). * قوله: (ونحوه)؛ أيْ: ممن (¬2) يعتق عليه، كأمه، وأخيه. * قوله: (مع من لو تركه لذهب) هو قيد في الأخيرة فقط. * قوله: (وكذا لو تضايق وقت مكتوبة)؛ أيْ: ولو الاختياري (¬3). * قوله: (وتحرم مساومة) وكذا يحرم التشاغل بالصناعات كلها في ذلك الوقت، شرح (¬4). * قوله: (أو عصير لمتخذه خمرًا) ولو لذمي، إقناع (¬5). * قوله: (ونحوه) كالدرع، والترس. ¬
-في فتنة، أو لأهل حرب، أو قطاع طريق- ممن علم ذلك ولو بقرائن، ولا مأكول ومشروب ومشموم وقدح لمن يشرب عليه أو به مسكرًا، وجوزٍ وبيض ونحوهما لقمار، وفلام وأمة لمن عُرف بوطء دُبر أو غناء، ولو اتُّهم بغلامه، فدبَّره أو لا -وهو فاجر معلن- أحيل بينهما، كمجوسي تُسلم أخته ويُخاف أن يأتيها. ولا قِنٍّ مسلم لكافر لا يعتق عليه؛ وإن أسلم في يده أُجبر على إزالة ملكه ولا تكفي كتابته، ولا بيعه بخيار. وبيع على بيع مسلم كقوله لمشترٍ شيئًا بعشرة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو غناء)؛ أيْ: محرم الغناء، بالمد: الصوت، وبالقصر: ضد الفقر. * قوله: (كمجوسي تسلم أخته)؛ أيْ: مثلًا. * قوله: (ولا قنٍّ مسلم)؛ أيْ: أو جرت عليه سهام المسلمين، على ما تقدم (¬1). * قوله: (ولا تكفي كتابته)؛ لأن له تعجيزه؛ ولأنه قِنٌّ ما بقي عليه درهم. * قوله: (وبيع. . . إلخ) "بيع" مبتدأ، وسوغ الابتداء به وصفه بقوله: "على بيع مسلم". * قوله: (كقوله لمشترٍ. . . إلخ) انظر هذا التصوير، فإنه مشكل إذ قوله: "أعطيك مثله بتسعة" وكذا قوله: "عندي فيه عشرة"، ليس بيعًا، ولا شراء، فلعل ¬
"أعطيك مثله بتسعة، وشراء عليه كقوله لبائع شيئًا بتسعة: "عندي فيه عشرة" زمن الخيارين، وسوم على سومه مع الرضا صريحًا -محرم لا بعد رَدٍّ-، ولا بذل بأكثر مما اشترى، ويصح العقد على السوم فقط، وكذا إجارة. ـــــــــــــــــــــــــــــ المراد مع ما ينضم إلى (¬1) ذلك، ليتم به عقد البيع من القبول في الأولى، والإيجاب في الثانية. وقد يقال: لا حاجة إلى ذلك؛ لأن ما ذكر يرجع إلى معنى المعاطاة، وهي كافية، ويصدق عليها البيع والشراء، خصوصًا مع قوله هناك: "ونحوه" مما يدل على بيع وشراء. * قوله: (زمن الخيارَين)؛ أيْ: خيار المجلس، وخيار الشرط. * قوله: (ولا بذل بأكثر مما اشترى) بأن يقول بائع لمشترٍ شيئًا بتسعة: أعطيك مثله بعشرة. وبخطه على قوله: (ولا بذل. . . إلخ) هذا ظاهره الجواز، ولو كانت السلعة المبذولة أنفس من السلعة التي اشتريت، لكن في الشرح لشيخنا (¬2) ما يقتضي تقييد (¬3) ذلك بالمثلية. * قوله: (وكذا إجارة)؛ أيْ: وإجارة كالبيع، والشراء، والسوم (¬4)، فإيجارها كإيجاب البيع، واستئجارها كالقبول، والسوم فيها كالسوم فيه، فيصح في ¬
وإن حضر بادٍ لبيع سلعته بسعر يومها وجهله، وقصده حاضر عارف به -وبالناس إليها حاجة- حرُمت مباشرته البيع له، وبطل رضُوا أو لا، فإن فُقد شيء مما ذُكر: صح، كشرائه له، ويخبر مستخبرًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأخير، دون الأولَين. * قوله: (وإن حضر بادٍ) المراد مسافر لكنه قصد موافقة لفظ الخبر (¬1). * قوله: (وقصده حاضر. . . إلخ) ليكون سمسارًا. * قوله: (وبطُل)؛ أيْ: لم ينعقد. * قوله: (فإن فُقد شيء مما ذكر) من الشروط المذكورة وهي خمسة -كما يؤخذ من بيان المحشِّي (¬2) - تبعًا لشرح المص (¬3) [لمحترزاتها. وإن كان يمكن جعلها أكثر من خمسة، كما صنعه شيخنا في شرحه (¬4)] (¬5) حيث أوصلها إلى سبعة. * قوله: (صحَّ) كان المناسب أن يزيد: ولم يحرم، دفعًا للإيهام. * قوله: (ويُخْبِر مستخبرًا)؛ أيْ: وجوبًا. ¬
عن سعر جهله، ومن خاف ضَيعة ماله، أو أخذه ظلمًا؛ صح بيعه له. ومن استولى على ملك غيره بلا حق، أو جحده أو منعه حتى يبيعه إياه، ففعل: لم يصح. ومن أودع شهادة فقال: "اشهدوا أني أبيعه أو أتبرع به خوفًا وتَقَيَّة" عُمِلَ به. ومن قال لآخر: "اشترني من زيد فإني عبده". ففعل، فبان حرًّا، فإن أخذ شيئًا غرمه، وإلا لم تلزمه العُهدة حضر البائع أو غاب -كـ "اشتر منه عبده هذا"- وأُدِّبَ هو وبائع، وتُحدُّ (¬1) مُقِرَّة وُطئت، ولا مهر، ويُلحق الولد. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (صحَّ بيعه له)؛ أيْ: إذا أريد إمضاؤه باطنًا، حتى لا يعارض ما سبق (¬2). * قوله: (عمل به)؛ أيْ: بما أودعه من الشهادة. * قوله: (فإن أخذ)؛ أيْ: القائل. * قوله: (وأدِّب هو)؛ أيْ: القائل في الصورتَين، والمراد: عُزِّر. * قوله: (وتُحدُّ مُقِرَّة وطئت)؛ أيْ: حرَّة مُقِرَّةُ بكونها أمة، إذا قالت: اشترني من زيد فإني أمته، لزناها مع العلم. * قوله: (ولا مهر)؛ لأنها مطاوعة. * قوله: (ويلحق الولد) لوجود الشبهة باعتقاد كونها صارت ملكه بالشراء، ¬
ومن باع شيئًا بثمن نسيئةً، أو لم يُقبض حرُم، وبطل شراؤه له من مشتريه بنقد من جنس الأول أقلَّ منه ولو نسيئة، وكذا العقد الأول، حيث كان وسيلة إلى الثاني، إلا إن تغيرت صفته، وتسمى "مسألة العينة"؛ لأن مشتري السلعة إلى أجل يأخذ بدلها عينًا؛ أىْ نقدًا حاضرًا، وعكسها مثلها، وإن اشتراه أبوه أو ابنه أو غلامه ونحوه صح. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وكذا لو زَوجها مشترٍ ممن يجهل الحال فوطئها، فإنه يلحق به الولد للشبهة. * قوله: (بنقد) متعلق بـ "شراؤه". * قوله: (إلى أجل) هذا ليس بقيد -كما علم مما تقدم في قوله: "أو لم يقبض"-. * قوله: (يأخذ بدلها عينًا) هذا يقتضي أن تسمى مسألة العين، فلعل علة التسمية محذوفة، والمراد: لأن مشتري السلعة يأخذ ثمنها عينًا، يعتان به؛ أيْ: يستعين به على دفع ما قام به من الاحتياج. * قوله: (وعكسها مثلها)؛ أيْ: عكس مسألة المعينة في التصوير، مثلها في الحكم. وصورة عكسها: أن يبيع الشيء بنقد حاضر، ثم يشتريه من مشتريه أو وكيله بأكثر من الثمن الأول من جنسه إلى أجل، فيحرم ولا يصح، وكذا العقد الأول، حيث كان وسيلة إلى الثاني، حاشية (¬1). * قوله: (أو غلامه)؛ أيْ: تابعه الذي يأتمر بأمره، فيعمُّ التابع، والرقيق. * قوله: (ونحوه) كزوجته (¬2)، ومكاتبه. ¬
4 - فصل
ما لم يكن حيلة، وإن باع ما يجري فيه الرِّبا نسيئة، ثم اشترى منه بثمه -قبل قبضه- من جنسه، أو ما لا يجوز بيعه به نسيئة -لم يصح حسمًا لمادة النسيئة. * * * 4 - فصلٌ يحرم التسعير. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ما يجري فيه الربا) من مكيل، أو موزون. * قوله: (نسيئة) أو بثمن لم يقبض. * قوله: (ثم اشترى منه)؛ أيْ: من المشتري. * قوله: (من جنسه)؛ أيْ: المبيع كأن باع قفيزًا من برٍّ بدرهم، ثم اشترى منه بالدرهم برُّا بكَيل أو جزافًا، وإنما لم يصح؛ لأنه يؤدي إلى بيع المكيل بالمكيل، أو الموزون بالموزون نسيئة، وحرم أيضًا. * قوله: (أو ما لا يجوز بيعه به) بأن اشترى منه به شعيرًا، أو أرزًّا، أو نحوه مما تجري فيه علة الربا. * قوله: (حسمًا لمادة ربا النسيئة) ومفهومه أنه لو اشترى منه بدراهم، وسلمها إليه، ثم أخذها منه وفاء عما عليه، أو لم يسلمها إليه وتقاصَّا: جاز، شرح (¬1)، ولعله ما لم يكن ذلك حيلة فصل ¬
ويُكره الشراء به، وإن هُدد من خالفه حرُم وبطل، وحرُم "بع كالناس" واحتكار (¬1) في قوت آدمي، ويصح شراء محتكر، ويجبر على بيعه كما يبيع الناس، فإن أبي، وخيف التلف -فرَّقه الإمام، ويردون بدله، وكذا سلاح لحاجة، ولا يكره ادخار قوت أهله ودوابه. ومن ضمن مكانًا -ليبيع (¬2) ويشتري فيه وحده- كُره الشراء منه بلا حاجة، كمن مضطر ونحوه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويكره الشراء به) لعله عند عدم الحاجة إليه -كما ذكر في الفصل الآتي-. * قوله: (ويردُّون بدله)؛ أيْ: مثله إن كان مثليًّا، وقيمته إن كان متقومًا. * قوله: (ولا يكره ادخار قوت أهله ودوابه) قال في الرعاية الكبرى (¬3): "ومن جلب شيئًا، أو استغله من ملكه، أو مما استأجره، أو اشتراه من بلد كبير كبغداد، والبصرة، ومصر ونحوها، فله حبسه حتى يغلو، وليس محتكرًا، نص عليه، وَتْركُ ادخاره لذلك أولى"، انتهى. قال في تصحيح الفروع (¬4): "إن أراد بفعل ذلك وتأخيره مجرد الكسب كره، وإن أراد للتكسب، ونفع الناس عند الحاجة إليه لم يكره -واللَّه أعلم-"، انتهى. * قوله: (كمن مضطر)؛ أيْ: كما يكره الشراء من مضطر ونحوه، كالمحتاج ¬
وجالس على طريق، ويحرم عليه أخذ زيادة بلا حق. ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى نقد، ولعل المراد إذا كان يشتريه بدون ثمن مثله، ثم رأيت شيخنا نقل ذلك عن (¬1) المنتخب (¬2). * * * ¬
1 - باب الشروط في البيع
1 - باب الشروط في البيع و"الشرط" فيه وشبهه إلزام أحد المتعاقدَين الآخر، بسبب العقد، ما له فيه منفعة، وتُعتبر مقارنته للعقد، وصحيحه أنواع: ما يقتضيه بيع كتقابض، وحلول ثمن، وتصرُّف كل فيما يصير إليه، ورده بعيب قديم، ولا أثر له. الثاني: من مصلحته، كتأجيل ثمن أو بعضه، أو رهن أو ضمين به. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الشروط في البيع * قوله: (وتعتبر مقارنته) إن حملت المقارنة على الأعم من الحقيقة، والحكمية -كما تقدم في رؤية المبيع (¬1) - كان موافقًا لما بحثه صاحب الفروع (¬2) من أنه يتوجه أنه كنكاح؛ يعني: فيكفي ما إذا اتفقا عليه قبله بيسير، وهو الأظهر، فتدبر!. * قوله: (ولا أثر له)؛ أيْ: لأنه يقتضيه العقد، وإن لم يذكر. * قوله: (الثاني من مصلحته)؛ أيْ: المشترط له. * قوله: (أو ضمين به) قال الشيخ في الشرح (¬3): "أي الثمن" والمراد كلًّا أو ¬
معينيَن، أو صفة في مبيع، كالعبد كاتبًا أو فحلًا أو خصيًّا أو صانعًا أو مسلمًا، والأمة بكرًا أو تحيض أو حائلًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بعضًا، ولم يرجعه للمتعاطفَين بـ "أو" من الثمن وبعضه لئلا يلزم عليه تخريج كلام المص على غير الأفصح، إذ الأفصح في الضمير العائد على المتعاطفَين بـ "أو" المطابقة (¬1) كما في قوله -تعالى-: {إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا} [النساء: 135]، فتدبر!. * قوله: (معينَين)؛ أيْ: الرهن، والضمين. * قوله: (كالعبد كاتبًا) لعل التقدير: كشرط كون العبد كاتبًا، فيكون "كاتبًا" خَبرُ الكون (¬2) المحذوف، ولا يكفي تقدير: كشرط العبد، من غير تقدير الكون، لئلا يلزم عليه عمل المصدر محذوفًا. فإن قيل: هذا أيضًا لازم على تقدير المضاف الثاني؟ قلت: لا؛ لأن محل الكلام في عمله الخاص، وهذا عمل من جهة النقصية [لا من جهة المصدرية] (¬3)، تدبر!. * قوله: (أو فحلًا) قال شيخنا (¬4): "كان ينبغي أن يكون هذا مما يقتضيه البيع، إذ لو تبيّن خلافه لكان له الفسخ، وإن لم يشترطه فلا أثر لشرطه، ولذلك لم يذكره في المقنع (¬5) وغيره" (¬6). ¬
والدابة هِمْلاجة أو لبُونًا أو حاملًا، والفهد أو البازي صيودًا، والأرض خراجها كذا، والطائر مصوّتًا أو يبيض أو يجيء من مسافة معلومة -لا أن يوقظه للصلاة-، ويلزم، فإن وُفِّي به وإلا فله الفسخ أو أرش فقد الصفة، وإن تعذّر رَدٌّ تعين أرش. وإن أخبر بائع بصفة، فصَدَّقَه بلا شرط، أو شرط الأمة؛ ثيبًا أو كافرة أو هُما أو سَبِطَةً (¬1) أو حاملًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (هملاجة) بكسر الهاء؛ أيْ: تمشي الهملجة، وهي: مشية سهلة في سرعة (¬2). * قوله: (أو لبونًا)؛ أيْ: ذات لبن. * قوله: (لا أن يوقظه للصلاة) لتعذر الوفاء به. * قوله: (أو أرش فقد الصفة) انظر ما هو؟ وظاهر قوله في المبدع (¬3): "إلحاقًا له بالعيب"، أنه كأرش العيب، وسيأتي بيانه (¬4)، وهو الذي اعتمده شيخنا (¬5) تبعًا لشرح المص (¬6). * قوله: (أو كافرة) وكذا [إذا شرط] (¬7) العبد كافرًا فبان مسلمًا، خلافًا ¬
فبانت أعلا أو جعدة (¬1) أو حائلًا: فلا خيار. الثالث: شرط بائع نفعًا غير وطء ودواعيه، معلومًا في مبيع، كسُكنى الدار شهرًا، وحُملان البعير إلى معين. ـــــــــــــــــــــــــــــ لما في الفروع (¬2)، حاشية (¬3)، وظاهر ما في الحاشية أن الصحيح من المذهب خلاف ما هو ظاهر الفروع (¬4). * قوله: (فبانت أعلا) يؤخذ من صنيع الشارح (¬5) أنه لو أخر قوله: "فبانت أعلا" عن قوله: "حائلًا" لكان أولى؛ لأن كونها جعدة أعلى من كونها سبطة، وكذا (كونها حائلًا أعلى من كونها حاملًا) (¬6)، فراجع كلامه وتدبره!. * قوله: (وحملان البعير) لحديث جابر (¬7)، وهي قضية عين، فليس البعير ¬
ولبائع إِجارة وإعارة ما اسْتَثْنَى، وله على مشترٍ -إِن تعذَّر انتفاعه بسببه أجرة مثله. وكذا شَرْطُ مشترٍ نفع بائع في مبيع -كحمل حطب أو تكسيره، وخياطة ثوب أو تفصيله، أو جَزِّ رطبة (¬1) ونحوه -بشرط علمه-، وهو كأجير، فإن مات. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شرطًا، غايته أنه محل النص -كما يؤخذ من حل الشارح (¬2) -. * قوله: (ولبائع إجارة واعارة ما استثنى) الموافق للإطلاق في قوله: "شرط بائع نفعًا" حيث شمل اشتراطه لنفسه ولغيره أن يقول هنا: ولمن استثنى النفع من أجله إجارة، وإعارة ما استثنى، من غير تخصيص بالبائع. وقد يقال: إن المستثنى لأجله غير البائع، كالمستعير لا يملك إلا الانتفاع فليس له إجارة، ولا إعارة، فليحرر (¬3)!. * قوله: (فإن مات)؛ أيْ: البائع. وبخطه: هذه الفاء تسمى فاء التفسير (¬4)، فما بعدها متضمن لبيان الحكم الذي حصلت المشابهة فيه. ¬
أو تلف أو استُحق فلمشترٍ عوض ذلك، وإن تراضيا على أخذه بلا عذر: جاز. ويُبْطِلُه جمع بين شرطَين -ولو صحيحَين-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو تلف)؛ أيْ: المبيع. * قوله: (أو استحق)؛ أيْ: النفع. * قوله: (فلمشترٍ عوض ذلك) كما لو استأجر أجيرًا خاصًّا فمات. * قوله: (بلا عذر)؛ أيْ: ولو بلا عذر، نبه عليه الشارح (¬1). * قوله: (ويبطله جمع بين شرطَين) ظاهر كلام الأصحاب قاطبة فيما رأيت أن المراد جمع بين شرطَين من أحد العاقدَين (¬2). وأما إذا اشترط كل منهما شرطًا (¬3) فلا تأثير، وتوقف شيخنا في صحة ذلك، نظرًا لظاهر الخبر (¬4)،. . . . . . ¬
ما لم يكونا من مقتضاه أو مصلحته. ويصح تعليق فسخ، غيرِ خلع، بشرط، كـ "بعتُك على أن تنقدني الثمن إلى كذا، أو على أن ترهننيه بثمنه؛ وإلا فلا بيع بيننا". ـــــــــــــــــــــــــــــ فعلى هذا لو بيع ثوب بثوب (¬1)، وشرط لكل منهما على صاحبه تفصيل الآيل إليه، أو خياطته لم يصح، فليحرر!. * قوله: (ما لم يكونا من مقتضاه) كاشتراط حلول الثمن، وتصرف كل فيما (¬2) يصير إليه. * قوله: (أو مصلحته) كاشتراط رهن، وضمين معينَين بالثمن، والظاهر أن مثله ما إذا كان أحدهما من مقتضاه، والآخر من مصلحته، ولم ينبه عليه الشيخ في الحاشية (¬3)، ولا في الشرح (¬4)، لظهوره. * قوله: (غير خلع) وأما الخلع فلا يصح تعليقه، لشبهه بعقود المعاوضة، ¬
1 - فصل
وينفسخ إن لم يفعل. * * * 1 - فصل وفاسده أنواع: مبطل: كشرط بيع آخر. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لاشتراط العوض فيه، حاشية (¬1). * قوله: (وينفسخ إن لم يفعل) قال في الحاشية (¬2): "لكن لا ينفسخ إذا فات شرطه إلا بفسخه"، انتهى. وانظر هل هذا خاص بالمسألة التي نقلها عن ابن قندس (¬3)؟، أو هو (¬4) عام فيها وفي مسألة المتن؟. فصل * قوله: (مبطل) لعل المراد هنا بالمبطل المفسد، وبهذا يحصل الفرق بينه وبين القسم الثالث، وإن كان في كلام الشارح (¬5). . . . . . ¬
أو سلف، أو فرض، أو إجارة، أو شركة، أو صرف الثمن أو غيره، وهو بيعتان في بيعة، المنهي عنه. الثاني: ما يصح معه البيع، كشرط ينافي مقتضاه، كأن لا يخسر أو متى نَفِقَ وإلا ردَّه، أو لا يقفه أو يبيعه أو يهبه أو يعتقه، أو إن أعتقه فلبائع ولاؤه. ـــــــــــــــــــــــــــــ ما يوهم تساويهما، فليحرر (¬1)!. * قوله: (أو سلف) المراد بالسلف: المسلم، بدليل عطف القرض عليه. * قوله: (وهو بيعتان)؛ أيْ: ما تضمنه البيع مع الشرط المذكور، وبهذا التأويل يظهر وجه إفراد الضمير في "عنه". * قوله: (فلبائع ولاؤه) لقصة بريرة (¬2). ¬
أو أن يفعل ذلك، إلا شرط العتق، ويجبَر إن أباه، فإن أصرَّ أعتقه (¬1) حكم، وكذا شرط رهن فاسد ونحوه، كخيار أو أجل مجهولَين، أو تأخير تسليمه بلا انتفاع، أو إن باعه فهو أحق به بالثمن، أو أن الأمة لا تحمل، ولمن فات غرضه الفسخ أو أرش نقص ثمن. أو استرجاع زيادة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو أن يفعل ذلك)؛ أيْ: أو شرط عليه أن يفعل شيئًا من ذلك؛ أيْ: الوقف وما عطف عليه، فإنه لا يلزمه فعله، إلا شرط (¬2) العتق، فإنه يلزمه بدليل قوله: "ويجبر إن أباه. . . إلخ"، فتدبر!. * قوله: (ويجبر)؛ أيْ: على عتق المبيع. * قوله: (بلا انتفاع) لعله ولا مصلحة له في ذلك. * قوله: (ولمن فات غرضه الفسخ)؛ أيْ: لفساد الشرط، سواء كان عالمًا بكونه فاسدًا أو جاهلًا (¬3) الحكم على ما في شرحه (¬4)، والحاشية (¬5). * قوله: (أو استرجاع زيادة)؛ أيْ: في الثمن. ¬
بسبب إلغاء. ومن قال لغريمه: "بعني هذا على أن أقضيك منه" فباعه: صحَّ البيع، لا الشرط. وإن قال رب الحق: "اقضنيه على أن أبيعك كذا بكذا" فقضاه: صحَّ دون البيع. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بسبب إلغاء)؛ أيْ: للشرط. * قوله: (دون البيع)؛ أيْ: دون شرط البيع، أو دون: البيع المشروط، فإنه يرجع إلى كون البيع معلقًا على شرط، والبيع المعلق لا يصح (¬1)، واقتصر على الثاني شيخنا في شرحه (¬2) والأول أظهر؛ لأن المعلق في هذه الصورة هو القضاء لا البيع، بل ما سلكه الشارح (¬3) يقتضي فساد البيع في الصورة الأولى؛ لأنها هي التي [تضمنت تعليق] (¬4) البيع على شرط، فليحرر (¬5)!. ¬
وإن قال: "اقضني أجودَ ممَّا لِي على أن أبيعك كذا"، ففعلا: فباطلان. الثالث: ما لا ينعقد معه بيع، كـ "بعتُك أو اشتريت -إن جئتني، أو رضي زيد- بكذا". ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فباطِلان)؛ أيْ: البيع، والقضاء، ويرُدُّ الأجودَ قابضُه، ويطالب بمثل دينه؛ لأن المدين لم يرض بدفع الأجود إلا طمعًا في حصول البيع له، ولم يحصل لبطلان البيع لما تقدم، شرح (¬1). [أيْ: في قول المص: "وهو بيعتان في بيعة. . . إلخ"] (¬2) [لا في قول الشارح (¬3): "لأنه بيع معلق. . . إلخ" فتدبر!] (¬4). * قوله: (الثالث ما لا ينعقد معه بيع) ظاهر قوله هنا: "ما لا ينعقد معه بيع" وقوله في الأول: "مبطل" أن البيع ينعقد هناك، ثم يطرأ عليه البطلان، بخلاف ما هنا، وفيه نظر؛ لأن الشرط يعتبر فيه المقارنة، وابتداء وجود الشيء لا يمكن أن يقارن ابتداء وجود مفسدة. فإن أجيب: بأن المراد أن الصيغة لما صدرت انعقد البيع، ثم لما أتى بصيغة الاشتراط (¬5) بطُل، ضرورة أنه لا يمكن هنا إلا المقارنة العرفية. ¬
ويصح "بعتُ وقبلت إن شاء اللَّه" وبيع العُربون وإجارته -وهو دفع بعض ثمن أو أجرة-، ويقول: "إن أخذته أو جئت بالباقي، وإلا فهو لك"، لا "إن جاء لمرتهن بحقه في محله، وإلا فالرهن له"، وما دُفع في عربون فلبائع ولمؤجر إن لم يتم. ومن قال: "إن بعتك فأنت حُرٌّ" فباعه -عتق، ولم ينتقل ملك. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قيل: هذا أيضًا مُتَأَتٍّ هناك، فلم قلتم بالتفرقة؟، وأيضًا: فقد يوجد الشرط قبل انعقاد البيع، كأن يؤتى به (¬1) بين الإيجاب والقبول، فتدبر!. * قوله: (إن شاء اللَّه) قاصدًا التبرك لا التردد، قاله شيخنا (¬2). * قوله: (ويقول إن أخذته. . . إلخ) يؤخذ من قوله في شرحه (¬3): "وقيل وعيَّن وقتًا" الصحيح من المذهب أنه لا يعتبر تعيين (¬4) وقت (¬5) وفي ذلك عسر؛ لأنه لا غاية للانتظار. * قوله: (لا إن جاء لمرتهن)؛ أيْ: لا إن شرط أنه إن جاء لمرتهن. . . إلخ. * قوله: (عتق ولم ينتقل ملك)؛ يعني: للمشتري، فيعتق على البائع في حال انتقال الملك؛ لأنه يترتب على الإيجاب والقبول انتقال الملك ونفوذ العتق ويتدافعان، فينفذ العتق، لقوته وسرايته، ولا فرق في ذلك بين أن ينفرد البائع ¬
2 - فصل
وإلا، وقال آخر: "إن اشتريته فهو حُرٌّ" فاشتراه -عتق. ومن شرط البراءة من كل عيب أو عيب كذا إن كان -لم يبرأ، وإن سماه أو أبرأه بعد العقد برئ. * * * 2 - فصل ومن باع ما يُذرع على أنه عشرة، فبان أكثر: صحَّ، ولكل الفسخ ما لم يُعْطِ الزائدَ مجانًا. وإن بان أقل صحَّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بقول ذلك؛ يعني: كما في مسألة المتن الأولى (¬1)، أو ينضم إليه قول المشتري قبل العقد: إن اشتريته فهو حرٌّ؛ يعني: كما في المسألة (¬2) الثانية، حاشية (¬3). * قوله: (وإلا)؛ أيْ: وإن لم يقل البائع شيئًا. * قوله: (عتق)؛ أيْ: على مشتر. * قوله: (إن كان)؛ أيْ: إن وجد. * قوله: (لم يبرأ) جواب الشرط وهو "مَنْ". * قوله: (برئ) لإسقاطه بعد ثبوته له، كالشفعة، شرح (¬4). فصل ¬
والنقص على بائع، ويخيّر إن أخذه مشترٍ بقسطه، لا إن أخذه بجميعه، ولم يفسخ. وبصح في صُبرة ونحوها، ولا خيار لمشترٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (والنقص على بائع) قال شيخنا في شرح الإقناع (¬1): "ولمشترٍ الفسخ، لنقص المبيع (¬2)، و (¬3) لفوات غرضه". * قوله: (ويخير)؛ أيْ: إنْ أخَذه مشترِ بقسطه خير البائع بين الفسخ والامضاء، لا إن رضي المشتري بأخذه بجميع الثمن، فإنه لا يخير البائع بين الفسخ والإمضاء، بل يتعين عليه الإمضاء؛ لأن المشتري فعل ما هو أحظ للبائع، فلا مقتضي لفسخه. * قوله: (ونحوها) مما (¬4) لا ينقضه تفريق، كزبرة حديد، ودنِّ عسل. * قوله: (ولا خيار لمشترٍ)؛ أيْ: ولا لبائع، كما في شرح شيخنا للإقناع (¬5). * * * ¬
2 - باب الخيار
2 - باب " الخيار" اسم مصدر "اختار"، وهو طلب خير الأمرين، وأقسامه ثمانية: خيار المجلس: ويثبت في بيع غير كتابة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الخيار * قوله: (اسم مصدر اختار) لا يتعين ذلك، بل يجوز أن يكون مصدرًا لـ "اختار" (¬1)، لكن يكون محذوف الزوائد، كما قالوه في صلاة وسلامًا (¬2). * قوله: (وهو طلب خير الأمرين) وهما هنا: فسخ البيع، وإمضاؤه. * قوله: (وأقسامه)؛ أيْ: باعتبار أسبابه. * قوله: (ثمانية)؛ أيْ: بحسب الاستقراء. * قوله: (غير كتابة) استثناء الكتابة من البيع لا يظهر اتصاله إلا على القول الضعيف، من أن المكاتب يملك نفسه بالكتابة (¬3)، إذ قد تقدم (¬4) أن البيع مبادلة ¬
وتولي طرفَي عقد، وشراء من يعتق عليه، المنقِّح (¬1): "أو يعترف بحريته قبل الشراء". وكبيع صلح وقسمة وهبة بمعناه، وإجارة، وما قبضه شرط لصحته، كصرف، وسلَم، وربوي بجنسه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عين مالية للملك على التأبيد، تقرير م ص. وقد يقال: إن التعريف بالنظر للكثير الأغلب، فلا يضر عدم تناوله للكتابة، وإن كانت منه بدليل أنهم صرحوا في مواضع كثيرة بأن الكتابة نوع منه (¬2). * قوله: (وشراء من يعتق عليه) لقرابة أو تعليق. * قوله: (أو يعترف بحريته) ويقع العتق، ولا يرتفع، لتشوُّف الشارع له، ويطالب بقيمته. * قوله: (وكبيع صلح)؛ أيْ: بمعناه، كالصلح على إقرار. * قوله: (وقسمة) التراضي فيما إذا خير أحدهما الآخر ولم يتفرقا، كما يؤخذ من كلامه في بابها (¬3). * قوله: (وهبة بمعناه) وهي التي على عوض. * قوله: (وما قبضه شرط لصحته. . . إلخ) إنما نص على هذه مع أنها من البيع، لئلا (¬4) يتوهم أنه لا يثبت فيها خيار المجلس، كما لا يثبت فيها خيار الشرط، مص. * قوله: (وربوي بجنسه) قال شيخنا (¬5): الأولى: بربوي يشاركه في العلة، ¬
لا في مساقاة، ومزارعة، وحوالة، وسَبْق، ونحوها. ويبقى إلى أن يتفرقا عرفًا بأبدانهما ومع إكراه، أو فزع من مخوف، أو إلجاء بسيل، أو حمل -إلى أن يتفرقا من مجلس زال فيه الإكراه (¬1)، إلا أن يتبايعا على أن لا خيار، أو يسقطاه بعده، وإن أسقطه أحدهما، أو قال لصاحبه: "اختر"، بقي خيار صاحبه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ سواء كان من جنسه أو لا، أو يقال: المراد بجنسه ما يشاركه (¬2) في علته. * قوله: (لا في مساقاة. . . إلخ) لا فائدة لهذا النفي إلا على القول الضعيف، القائل بأنهما عقدان لازمان (¬3)، ومثله المسابقة (¬4)، فتدبر!. * قوله: (ونحوها) كوقف، وضمان، ورهن. * قوله: (إلى أن يتفرقا) اختيارًا بعد اجتماعهما بعد زوال الحامل على التفرق، وإن كانت عبارته لا تؤدي ذلك، فليحرر!. وأيضًا: في الإقناع (¬5) ما يقتضي أنه خيارهما إلا إذا كان كل منهما مكرهًا على التفرق، فإذا كان (¬6) المُكرَه أحدهما فقط بقي خياره، وسقط خيار رفيقه، وهو (¬7) ظاهر قول شيخنا في شرحه (¬8): "وإن أكره أحدهما ونحوه بقي خياره إلى ذلك، ¬
وتحرم الفرقة خشية الاستقالة. وبنقطع خيار بموت أحدهما، لا جنونه، وهو على خياره إذا أفاق، ولا يثبت لوليه. الثاني: أن يشترطاه في العقد، أو زمن الخيارَين. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وبطُل خيار صاحبه"، انتهى. * قوله: (وتحرم الفرقة خشية الاستقالة) وينبغي أن يحمل ما ورد عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- من أنه كان يمشي خطوات ليلزم البيع (¬1) على إلزام نفسه البيع، حتى لا تراوده بالردِّ، لا على منع من غيره من الاستقالة، والشارح (¬2) حمله على أنه لم يبلغه الخبر، والأول أولى، فتدبر!. * قوله: (وينقطع)؛ أيْ: يبطل خيارهما. * قوله: (وهو)؛ أيْ: من جُنَّ منهما على خيار إذا أفاق، فظاهره ولو كان قنًّا فيما أذن له فيه. واستظهر شيخنا أن سيد القنِّ المأذون له في التجارة بمنزلة الموكَّل، فكان كان حاضر العقد ثبت الخيار له، وإن لم يكن حاضرًا (¬3) فالخيار للقنِّ إذا أفاق. واستظهر أيضًا أن الصَّغير بمنزلة المكلف، فيثبت الخيار لا لوليه (¬4) ولا ينتظر به بلوغه؛ لأنه عاقل، فيثبت الخيار له فيما يصح تصرفه فيه. * قوله: (ولا يثبت لوليه) لعله ما لم يكن مطبقًا. * قوله: (أو زمن الخيارَين) خيار المجلس، وخيار الشرط. ¬
إلى أمد معلوم، فيصح ولو فيما يفسد قبله، ويباع ويحفظ ثمنه إليه، لا في عقد حيلة، ليربح في فرض، فيحرم ولا خيار، ولا يحل تصرفهما، المنقِّح (¬1): "فلا يصح البيع" ويثبت في بيع، وصلح. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويحفظ ثمنه إليه)؛ أيْ: إلى ذلك الأمد، فإن تم ولم يختر أحدهما الفسخ فالثمن المحفوظ للمشتري، ولو كان أنقص مما دفع من الثمن، ولا يرجع بالخسران، ولو كان بسبب اشتراط صاحبه تلك المدة التي وقع البيع لأجلها خوف الفساد، وإن اختار أحدهما الفسخ دفع الثمن المحفوظ إلى البائع ولو كان أكثر من ثمن مثل المبيع أو أقل، ولا يرجع الآخر حينئذٍ بخسران، ولو كان صاحبه هو المفوت عليه أيضًا. * قوله: (ليربح في قرض)؛ أيْ: في ثمن نزل منزلة قرض بسبب الخيار. * قوله: (المنقح فلا يصح البيع)؛ أيْ: في (¬2) مسألة التحليل، وأما حكم البيع في زمن الخيار فسيأتي (¬3) مع ما فيه من التفصيل. * قوله: (ويثبت في بيع. . . إلخ) لم يستثن الكتابة، وتولِّي طرفَي العقد وشراء من يعتق عليه -كما صنع فيما سبق (¬4) - فهل يؤخذ بدلالة المفهوم أنه يثبت فيها خيار الشرط؟ أو يؤخذ بدلالة الأولى أنه لا يثبت فيها؟ وهذا هو الظاهر في الكتابة من قوله في بابها (¬5): "والكتابة عقد لازم لا يثبت فيها خيار"، انتهى، و"خيار" ¬
وقسمة بمعناه، وإجارة في ذمة أو مدة لا تلي العقد، لا فيما قبضه شرط لصحته. وابتداء أمدٍ من عقد، ويسقط بأول الغاية، فإلى صلاة بدخول وقتها، كالغد، وإن شرطاه يومًا، صحَّ في اليوم الأول فقط، ويصح شرطه لهما ولو وكيلَين كـ: مُوكِّليهما. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في كلامه نكرة في سياق النفي، فيعم كل نوع. وأيضًا: ظاهر إسقاطه الهبة أنه (¬1) لا يثبت فيها خيار الشرط، وليس كذلك -كما هو مصرح به (¬2) - فتدبر!. * قوله: (وقسمة بمعناه) وكذا الهبة التي بمعناه، كما ذكره الشارح (¬3) وكان الأولى ذكرها، لئلا يتوهم خلاف المراد. * قوله: (أو مدة لا تلي العقد)؛ أيْ: بخلاف ما إذا أجره لمدة تلى العقد، فإنه لا يثبت فيها خيار الشرط، لما في ذلك من تفويت المنفعة على المستأجر، مع لزوم الأجرة بمجرد العقد. * قوله: (لا فيما قبضه شرط لصحته) كالصرف، والسلم، والربويات، فلا يثبت خيار الشرط فيها؛ لأن موضوع هذه الأمور على أن لا يبقى بين العاقدَين عُلْقَة بعد التفرق، بدليل اشتراط القبض، حاشية (¬4). * قوله: (وابتداء أمَدِه من عقد)؛ أيْ: كانا اشترطاه في العقد -كما بينه في ¬
وإن لم يأمراهما به، وفي معين من مبيعَين بعقد -ومتى فُسِخَ فيه رجع بقسطه من الثمن-، ومتفاوتًا، ولأحدهما، ولغيرها ولو المبيع -ويكون توكيلًا له فيه- لا له دونهما. ولا يفتقر فسخ من يملكه إلى حضور صاحبه، ولا رضاه، وإن مضي زمنه ولم يفسخ: لزم، وينتقل ملك بعقد، ولو فسخاه بعد. فيعتق ما يعتق على مشترٍ، وتلزمه فطرة مبيع. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شرحه (¬1) -، ولو قال: وابتداء أمَدِه من حين اشتراط، لكان أشمل، فتأمل وتمهل!. * قوله: (ومتفاوتًا) عطف على محل "لهما". * قوله: (ولو المبيع) كما لو تبايعا قنًّا، وشرطا الخيار له. * قوله: (لا له دونهما)؛ أيْ: لا يصح شرط الخيار لغير المتعاقدَين دونهما؛ لأن الخيار شرع لتحصيل الحظ لكل واحد منهما، فلا يكون لمن لاحظ له فيه، حاشية (¬2). * قوله: (ولا رضاه) ولا إلى رد الثمن على الصحيح من المذهب (¬3)، إقناع (¬4). * قوله: (فيعتق ما يعتق) ينبغي أن يقال ببطلان الخيار حينئذٍ؛ لأنه بمنزلة التلف المصرح فيه بالبطلان، [على أنه تقدم (¬5) أنه لا يصح شرط الخيار من المشتري ¬
وكسبه ونماؤه المنفصل له، وما أوْلَدَ فأمُّ ولد، وولده حُرٌّ. وعلى بائع بوطءٍ: المهرُ، ومع علم تحريمه، وزوال ملكه، وأن البيع لا ينفسخ بوطئه: الحدُّ، وولده قِنٌّ، والحمل وقت عقد مبيع، لا نماء، فترد الأمات بعيب بقسطها. ـــــــــــــــــــــــــــــ في مثل هذه] (¬1). * قوله: (ونماؤه المنفصل له)؛ أيْ: للمشتري، أما النماء المتصل فتابع للمبيع في الفسخ، حاشية (¬2). * قوله: (وما أولد) المراد: أحبل. وبخطه: الولادة ليست بشرط، بل يكفي في ذلك مجرد العلوق. * قوله: (فتُردُّ الأمَّات. . . إلخ) ظاهر هذه العبارة أن هذا مفرع على أن الحمل ليس نماء، وإنما هو المبيع، وفيه نظرٌ؛ فإن محل الخلاف بين الأصحاب إنما هو في كون الحمل له حكم أو لا (¬3)، فتعلم من هذا أن قوله: "فتُردُّ" مفرع على محذوف، مدلول عليه بقوله: "مبيع"، [والأصل: والحمل] (¬4) وقت عقد مبيع لا نماء ولا حكم له، بل هو بمنزلة الجزء فتُردُّ الأمَّات. . . إلخ، هذا ما يفهم من كلام ابن رجب في القاعدة الرابعة والثمانين (¬5). وقد بيَّن الخلاف في المسألة وصَحَّحَ خلاف ما مشى عليه المص -كما ¬
ويحرم تصرفهما -مع خيارهما- في ثمن معين ومثمن، وينفذ عتق مشترٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أوضحه الشيخ في كل من شرحه (¬1)، وحاشيته (¬2) -. قال في الشرح (¬3) بعد توضيح ذلك، وأن صاحب الإقناع (¬4) مشى على ما صححه ابن رجب ما نصه: "قلت: فإن كانت أمة رُدَّت هي وولدها لتحريم التَّفريق على القولَين"، انتهى. وأقول: هذا لمجرد الفائدة، لا لقصد التنكيت على المص في إطلاقه؛ لأن المص عبر بالأمَّات وهي على الصحيح عند أهل اللغة إنما تستعمل في البهائم (¬5)، وأنه يقال في الآدميين أمهات -كما صرحوا به عند الكلام على أمهات الأولاد (¬6) -، وإنما ترك المص التنبيه على ما ذكره الشارح (¬7) اعتمادًا على ما ذكره في خيار العيب (¬8) بقوله: "ولا يرد نماءً منفصلًا إلا لعذر كولد أمة. . . إلخ"، فإن العذر فيه حرمة التفرقة بين ذي (¬9) الرحم المحرَّم -واللَّه أعلم-. * قوله: (مع خيارهما)؛ أيْ: مع شرط الخيار لهما. ¬
لا غيرُ عتق مع خيار الآخر، إلا معه أو بإذنه، ولا يتصرف بائع مطلقًا إلا بتوكيل مشترٍ، وليس فسخًا. وتصرف مشترٍ بوقف وبيع وهبة، ولمس لشهوة ونحوه، وسومه -إمضاء وإسقاط لخياره- لا لتجربة كاستخدام، ولا إن قَبَّلَتْه المبيعةُ ولم يمنعها. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (إلا معه)؛ أيْ: مع البائع الآخر، كأن أجَّره المشتري للبائع. * قوله: (مطلقًا)؛ أيْ: سواء كان الخيار له وحده، أو لهما. * قوله: (وليس فسخًا)؛ أيْ وليس (¬1) تصرَّف بائع جعل الخيار له. * قوله: (أو لمس) قال شيخنا: "الأولى حذف الهمزة، أو (¬2) "أو" بمعنى الواو؛ لأن اللمس ليس من التصرف". وأقول: هو معطوف عليه بالرفع، فلا يلزم ما ذكره شيخنا، أو يحمل التصرف على ما يشمل اللمس. * قوله: (ونحوه) كقبلة. * قوله: (لا لتجربة) كركوب الدابة لينظر سيرها. * قوله: (كاستخدام) قال في الإقناع (¬3): "وإن استخدام المشتري المبيع، ولو لغير استعلام لم يبطل خياره". ¬
ويبطل خيارهما مطلقًا بتلف مبيع بعد قبض، وإتلاف مشترٍ إياه مطلقًا. وإن باع عبدًا بأمة فمات العبد، ووجد بها عيبًا -فله ردُّها، ويرجع بقيمة العبد. ويورَث خيار الشرط إن طالب قبل موته، ولا يُشترط ذلك في إرث خيار غيره. ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه أيضًا (¬1): هذا تنظير، لا تمثيل. * قوله: (مطلقًا)؛ أيْ: سواء كان خيار المجلس أو شرط. * قوله: (مطلقًا)؛ أيْ: سواء قبض أو لم يقبض، وسواء اشترى بكيل أو غيره. * قوله: (وإن باع عبدًا بأمة فمات العبد) لا تعلق له بما قبله. * قوله: (بقيمة العبد)؛ أيْ: الميت. * قوله: (ويورث. . . إلخ) هذا أحد حقوق ثلاثة لا تورث إلا بعد طلب المورث لها، والحقُّ الثاني: الشفعة، والثالث: حد القذف. * قوله: (في إرثِ خيارِ غيره) مفهومه أن ما عدا خيار الشرط يورث مطلقًا، لكن يعارضه ما سبق (¬2) في خيار المجلس أنه ينقطع بموت أحدهما. وبخطه أيضًا -رحمه اللَّه تعالى- على قوله: (خيار غيره) كخيار العيب، والتدليس، وأما خيار الآخر فلا يبطل بموت غيره. ¬
الثالث: خيار غُبْنٍ يخرج عن عادة، وبثبت لرُكبان تُلقوا -ولو بلا قصد- إذا باعوا أو اشتروا، وغبنوا. ولمُسترسل غُبن، وهو: من جهل القيمة، ولا يحسن يماكس من بائع ومشترٍ. وفي نجش بأن يزايده من لا يريد شراء، ولو بلا مواطأة، ومنه "أعطيت كذا" وهو كاذب، ولا أرش مع إمساك، ومن قال عند العقد: "لا خِلَابَة" فله الخيار إذا خُلِبَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويثبت لركبان)؛ أيْ: قادمين ولو مشاة، فهو جمع رَكْب لا جمع راكب، كما (¬1) في الحاشية (¬2). * قوله: (ولمسترسل)؛ أيْ: معتمد على صدق غيره، لسلامة سريرته، فينقاد له انقياد الدابة لقائدها. * قوله: (وهو كاذب) وإذا يحرم على البائع أن يسومه كثيرًا ليبذل قريبًا منه -ذكره الشيخ تقي الدين (¬3) -. * قوله: (لا خلابة) بكسر الخاء المعجمة؛ أيْ: لا خديعة، ومنه قولهم: إذا لم تغلب (¬4) فأخلب (¬5). * قوله: (فله الخيار إذا خلب)؛. . . . . . ¬
والغُبن محرم، وخياره كعيب في عدم فوريّة، ولا يمنع الفسخ تعيُّبه -وعلى مشترٍ الأرش- ولا تلفُه، وعليه قيمته، وللإمام جعل علامة تنفي الغُبن عمن يُغبن كثيرًا. وكبيع إجارة -لا نكاح- فإن فَسَخَ في أثنائها، رجع بالقسط من أجرة المثل، لا من المسمى. ـــــــــــــــــــــــــــــ أيْ: ولو (¬1) لم يكن من الصور المتقدمة -كما هو ظاهر كلامهم (¬2) - وإلا لم يكن لقوله المذكور تأثير. * قوله: (في عدم فورية)؛ أيْ: لا في ثبوت أرش، لما علم مما قبله، فتدبر!. * قوله: (وعلى مشترٍ الأرش) للعيب الحادث عنده. * قوله: (وعليه قيمته) ظاهره (¬3) سواء كان مثليًّا أو متقومًا، ونظير ما يأتي (¬4) في السابع من أنه إذا تلف المبيع تحالفًا وغرم المشتري قيمته، سواء كان مثليًا أو متقومًا وحكوا هناك قولًا آخر أنه يضمن بمثله إن كان مثليًّا، وبقيمته إن كان متقومًا (¬5)، فليحرر!. * قوله: (فإن فسخ)؛ أيْ: المؤجر. * قوله: (لا من المسمى) وإن فسخ المستأجر رجع بقسطه من المسمى، ¬
الرابع: خيار التدليس (¬1) بما يزيد به الثمن، كتصرية اللبن في الضرع، وتحمير وجه، وتسويد شعر وتجعيده، وجمع ماء الرحى وإرساله عند عرض، ويحرم ككتم عيب. ويثبت لمشترٍ خيار الرد، ولو حصل بلا قصد، ومتى علم التصرية، خُيّر ثلاثة أيام -مسند علم- بين إمساك بلا أرش، ورد مع صاع تمر سليم، إن حلبها، ولو زاد عليها قيمة، وكذا لو ردت بغيرها، فإن عدم. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا من أجرة المثل، كذا في شرح الإقناع (¬2). * قوله: (كعنصرية اللبن)؛ أيْ: جمعه. * قوله: (في الضرع)؛ أيْ: ضرع بهيمة الأنعام -كذا في شرحه (¬3) -، وانظر هذا مع قوله فيما سيأتي (¬4): "وله ردُّ مصراة من غير بهيمة الأنعام" فإنه يقتضي العموم. وقد يجاب: بأنه إنما قيد بذلك، نظرًا لأن ما ذكر من الأحكام خاص ببهيمة الأنعام. * قوله: (إن حلبها) فالتمر بدل اللبن المحلوب، وعليه فقد ضمن الشيء بما ليس مثله ولا قيمته، وبه يُعايا. * قوله: (فإن عدم)؛ أيْ: التمر. ¬
فقيمته موضع عقد، ويقبل رد اللبن بحاله بدل التمر، وغيرها على التراخي، كمعيب، وإن صار لبنُها عادة سقط الرد، كعيب زال، ومزوَّجة بانت. وإن كان بغير مصراة لبن كثير فحلبه، ثم ردها بعيب رده، أو مثله إن عُدم، وله رد مصراة من غير بهيمة الأنعام مجانًا، المنقِّح (¬1): "بل بقيمة ما تلف من اللبن". الخامس: خيار العيب وما بمعناه، وهو نقص مبيع. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بدل التمر) وعلى هذا فيصير الشيء بدلًا عن بدله، ونظيره قيام الماء مقام التُّراب فيمن مات والسفينة باللجة وألقي في البحر سلًّا (¬2). * قوله: (لبن كثير) لا إن كان يسيرًا. * قوله: (ردَّها بعيب) ليس بقيد. * قوله: (ردَّه)؛ أيْ: إن بقي. * قوله: (إن عدم) أو تغير، كما لو رَوَّبه، أو جنبه. * قوله: (المنقح بل بقيمة) انظر لم اعتبر القيمة ولم يعتبر المثل مع أنه القياس؟. وهل المراد ولو وجد المثل، أو أنه أناط الحكم بالقيمة دون المثل؛ لأن اللبن الكثير مظنة التعذر من غير بهيمة الأنعام. * قوله: (وهو نقص مبيع)؛ أيْ: مَا به نَقْصُ مبيع، إذ النقص (¬3) مصدر، ¬
أو قيمته عادة، كمرض، وبخر (¬1)، وحول (¬2)، وخرس (¬3)، وكلف (¬4)، وطرش (¬5)، وقرع (¬6)، وتحريم عام كمجوسية، وعفَل (¬7)، وقرن (¬8)، وفتْق (¬9)، ورتق (¬10)، واستحاضة، وجنون، وسعال، وبحة، وحمل أمة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إلا أن يجعل اسمًا لما به النقص عرفًا، فتدبر!. وبخطه أيضًا (¬11) على قوله: (مبيع) وإن لم تنقص قيمته. * قوله: (أو قيمته) وإن لم ينقص هو. * قوله: (وقرعٍ) وإن لم تكن له ريح مُنْكَرة. * قوله: (وتحريم عام) لا خاص به، كرضاع. * قوله: (وحمل أمة) لا بهيمة؛ لأن الحمل فيها زيادة، ما لم ينقص اللحم، ¬
وذهاب جارحة أو سنٍّ من كبير، وزيادتها، وزنا من بلغ عشرًا، وشربه مسكرًا، وسرقته، وإباقه، وبوله في فراشه، وحمق كبير -وهو ارتكابه الخطأ على بصيرة، وفزعه شديدًا، وكونه أعسر لا يعمل بيمينه عملها المعتاد، وعدم ختان ذكر، وعثرة مركوب، وكدمه (¬1)، ورفسه، وحرنه (¬2)، وكونه شموسًا (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على ما في الرعاية (¬4). * قوله: (وذهاب جارحة) بفتح الذال. * قوله: (وزيادتها) لو قال: وزيادتهما بضمير التثنية، لكان أشمل، كما يؤخذ من صنيع الشارح (¬5). * قوله: (من بلغ) عبدًا كان أو أمة. * قوله: (في فراشه) إن كان ابن عشر فأكثر. * قوله: (لا يعمل بيمينه. . . إلخ) وأما من يعمل بشماله عمل بيمينه المعتاد فإنه يسمى أعسر يسر. * قوله: (وعَدَمِ ختان ذكر) للخوف عليه وقال الموفق (¬6): "وليس من بلد الكفر". ¬
أو بعينه ظَفرة، وطول مدة نقل ما في دار عُرفًا -ولا أجرة لمدة نقل اتصل عادة، وتثبت اليد، وتُسوَّى الحفر-، وبقٍّ ونحوه غير معتاد بها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ظَفرة) مثال ما في معنى العيب. وبخطه أيضًا -رحمه اللَّه تعالى-: في مختار الصحاح (¬1): "الظَّفَرة بفتحتين: الجلدة التي تغشى العين، ويقال لها: ظَفْرٌ أيضًا، بوزن قُفْل، وقد ظَفِرت عينه: من باب طَرِبَ". * قوله: (ما في دار) من أسباب البائع. * قوله: (ولا أجرة)؛ أيْ: للمشتري. * قوله: (اتصل عادة)؛ لأن مثله لا يعد في العرف احتباسًا، ولا انتفاعًا بالعين بعد لزوم التسليم. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى- على قوله: (عادة) حيث لم يفسخ المشتري. * قوله: (وتثبت اليد) للمشتري عليها فيدخل في ضمانه بالعقد، ما لم يمنعه البائع منها. * قوله: (وتسوى الحفر) الحادثة فيها بفعل البائع، بأن كان بها دفين فأخرجه، فكان عليه ردَّها إلى الحالة التي كانت عليها حين رآها. * قوله: (ونحوه) قال الشيخ تقي الدين (¬2): "والجار السوء عيب". * قوله: (معتاد بها) كما لو اشترى قرية، فوجد بها حية عظيمة منقصة للثمن. ¬
وكونها تنزلها الجند، وثوب غير جديد ما لم يَبِن أثر استعماله، وماءٍ استعمل في رفع حدث ولو اشتري لشرب. لا معرفة عناء، وثيوبة، وعدم حيض، وفسق باعتقاد أو فعل، وتغفيل. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وكونها ينزلها الجند) أو الجن، بأن (¬1) صارت منزلًا (¬2) لهم. * قوله: (وثوب غير جديد) المراد: وعدم ذات ثوب اشتراه على أنه جديد، وإلا فنفس الثوب ليس عيبًا، فتدبر!. * قوله: (وماء استعمل في رفع حدث) لعله أو ما في معناه، وكذا ما فضل من ماء خلت به المكلفة ونحوه. * قوله: (لا معرفة عناء)؛ أيْ: لا إن وجدها مغنية؛ لأن ذلك ليس عيبًا في ذاته، ولا ينقص به ثمن المبيع. وبخطه أيضًا -رحمه اللَّه تعالى- على قوله: (غناء) ما لم (¬3) يشترط عدمه. * قوله: (وعدم حيض) قال في الفروع (¬4): "ويتوجه مثله عقيم". * قوله: (وفسق باعتقاد أو فعل) هذا ينافي ما تقدم (¬5) في قوله: "وزنا من بلغ عشرًا، وشربه مسكرًا، وسرقته، وإباقه" فالأَولى ما في الإقناع (¬6) حيث خَصَّصَ الفسق هنا بالاعتقاد، فقال: "وليس الفسق من جهة الاعتقاد والتغفيل عيبًا"، والشيخ ¬
وعُجمة، وقرابة، وصُداع وحُمى يسيرَين، وسقوط آيات يسيرة بمصحف ونحوه. ويخيّر مشترٍ في معيب قبل عقد أو قبض ما يضمنه بائع قبله، كثير على شجر ونحوه، وما أبيع بكيل أو وزن أو عدٍّ أو ذرع -إذا جهله ثم بان. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في شرحه (¬1) لما رأى كلام المص هنا مناقضًا لما أسلفه، احتاج إلى استثناء ما سلف بقوله: "غير زنا، وشربه مسكرًا ونحوه مما سبق"، انتهى. * قوله: (وعجمة)؛ أيْ: ولا كونه تمتامًا، أو فأفاءً، أو أرث، أو ألتغ (¬2). * قوله: (بمصحف) ونحوه ككتب علم. * قوله: (قبل عقد أو قبض) متعلق بـ "معيب" لا بـ "يخير" فتدبر!. * قوله: (بائع قبله)؛ أيْ: قبل (¬3) القبض. * قوله: (ونحوه) كالموصوف المعين، وما تقدمت رؤيته العقد بزمن لا يتغير فيه. * قوله: (أو ذرع)؛ لأن تعيب المبيع كتلف جزء منه. * قوله: (إذا جهله)؛ أيْ: جهل مشترٍ العيب حتى عَقَدَ. * وقوله: (ثم بان)؛ أيْ: بعد العقد. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى- على قوله: (إذا جهله) ظرف لـ "يخير" فإن عَلِمَه حال عقد لم يخير. * قوله: (ثم بان)؛ أيْ: العيب، لا إن علم؛ لأنه دخل على بصيرة. ¬
بَيْن رَدٍّ- ومؤونته عليه، ويأخذ ما دفع أو أبرأ أو وهب من ثمنه -وبين إمساك من أرش- وهو قسط ما بين قيمته صحيحًا ومعيبًا من ثمنه -ما لم يفضِ إلى ربا، كشراء حلي فضة بزنته دارهم، أو قفيزٍ مما يجري فيه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومؤنته عليه)؛ أيْ: على المشتري؛ لأن بالرد انتقل ملك المبيع عنه إلى بائع، فتعلق بالمشتري حق التوفية. * قوله: (ما دُفع) بالبناء للمجهول؛ أي دفعه المشتري أو غيره، وكذا "أبرئ أو وهب"؛ أيْ: أبرأه البائع منه، أو وهبه له من ثمنه، كلًّا أو بعضًا. * قوله: (من ثمنه) سواء الكل أو البعض. * قوله: (مع أرش)؛ لأن المتابعين تراضيا على أن العوض في مقابلة المعوض، فكل جزء (¬1) من العوض يقابله جزء من المعوض، ومع العيب فات جزء منه، فله الرجوع ببدله وهو الأرش، ويجوز أن يسقط المشتري خيار الردِّ بعوض يبذله البائع له، على حسب ما يتفقان عليه، وليس من الأرش في شيء، بل هو (¬2) بالصلح أشبه. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى- على قوله: (مع أرش) رضي البائع أو لا. * قوله: (من ثمنه) فلو اشترى شيئًا بخمسة أو خمسة عشر، واطَّلع به على عيب، فقوَّم صحيحًا بعشرة، ومعيبًا بثمانية، فالنقص خُمُسٌ، فيرجع بخُمُس الثمن؛ لأن المبيع مضمون على المشتري بثمنه، فبفوات جزء منه يسقط عنه ضمان ما يقابله من الثمن؛ ولأنه لو ضمن النقص لأدى إلى اجتماع الثمن والمثمن فيما إذا اشترى شيئًا بنصف قيمته، واطَّلع به على عيب ينقص به عليه النصف، ولا سبيل إلى ذلك. ¬
ربا بمثله، ويجده معيبًا، فيردُّ أو يمسك مجانًا. وإن تعيَّب أيضًا عنده فسخه حكم، ورد بائع الثمن، وطالب بقيمة المبيع؛ لأن العيب لا يُهمل بلا رضًا، ولا أخذِ أرش. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ربا بمثله)؛ أيْ: جنسًا، وقدرًا. * قوله: (أو يمسك مجانًا) بلا أرش، لئلا يجيء ربا الفضل. * قوله: (عنده فسخه حاكم)؛ لأنه إن فسخه البائع فالحق عليه؛ لأنه باع معيبًا، وإن فسخه المشتري فكذلك؛ لأنه تعيب عنده، فحيث تعذر الفسخ من المتبايعَين فسخه الحاكم، هكذا علله في حواشي التنقيح (¬1). قال شيخنا (¬2): "فإن قلت: تعيب المبيع عند المشتري لا يمنع من الفسخ، بل يفسخ ويردُّه مع أرش العيب، ولا محذور في ذلك؛ لأنه مع فسخ (¬3) البيع لا ريا؟ قلت: المبيع بالفسخ يعود إلى ملك البائع بالثمن، فالفسخ معاوضة أيضًا، فالمحذور باقٍ، فليتأمل! "، انتهى. أقول: في هذا (¬4) الجواب نظر؛ لأن الفسخ رفع للعقد، لا عقد معاوضة، فلا يسمى ما ترتب عليه من ردِّ كل من الثمن والمثمن إلى من هو له معاوضة، فالإشكال باقٍ والمحذور مُنتفٍ. * قوله: (أخذ الأرش) فكان رضي المشتري بإمساكه بالعيب الأول ¬
وإن لم يعلم عيبه حتى تلف عنده، ولم يرض بعيبه- فسخ العقد وردُّ بدله واسترجع الثمن. وكسب مبيع لمشترٍ، ولا يردُّ نماءً منفصلًا إلا لعذر، كولد أمة، وله قيمته، وله رد ثيب وطِئها مجانًا، وإن وطئ بكرًا، أو تعيَّب، أو نسي صنعة عنده -فله الأرش أو يرده (¬1) مع أرش نقصه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مجانًا فلا فسخ. * قوله: (وإن لم يعلم عيبه)؛ أيْ: عيب ما يفضي أخذ الأرش فيه إلى الربا. * قوله: (وكسب مبيع لمشترٍ)؛ لأن المبيع لو هلك (¬2) كان من ضمانه (¬3). * قوله: (ولا يردُّ نماء)؛ أيْ: لا يلزمه ردُّه، ولا أنه لا يجوز له، إذ هو من كسبه. * قوله: (إلا لعذر) وهو هنا التفرقة بين ذي الرحم المحرم. * قوله: (مجانًا)؛ لأنه لا نقص به. * قوله: (أو ردَّه مع أرش نقصه) الحادث عنده، والأرش هنا ما بين قيمته بالعيب، وقيمته بالعيب الحادث مع العيب الأول، فتقوم الأمة مثلًا بكرًا بعيبها، ثم ثيبًا معيبة، ويردُّ معها ما نقصته من القيمة؛ لأنه بفسخ العقد يصير مضمونًا عليه بقيمته بخلاف أرش العيب الذي يأخذه المشتري، قاله في المغني (¬4)، وقضى به ¬
ولا يرجع به إن زال. وإن دلَّس بائع فلا أرش، وذهب عليه إن تلف أو أبق. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عثمان -رضي اللَّه عنه- (¬1)، وعليه اعتماد الإمام (¬2). * قوله: (ولا يرجع به إن زال) ولو سريعًا بخلاف ما يأخذه المشتري بسبب الأرش. * قوله: (وإن دلس) انظر هل هذا يغني عنه قوله في خيار التدليس (¬3): "وإن صار لبنها عادة، سقط الردُّ، كعيب زال ومزوَّجة بانت"، وقد يقال: ما هنا في العيب الحادث عند المشترين وما هناك من العيب القديم. * قوله: (فلا أرش)؛ أيْ: بسبب عيب مأذون فيه شرعًا كوطء البكر، بخلاف غيره، كقطع عضو المبيع جناية، فإن تدليس البائع لا يمنعه من أخذ أرش ذلك، شرح (¬4) (¬5). * قوله: (وذهب)؛ أيْ: مبيع. * قوله: (إن تلفا)؛ أيْ: بغير فعل المشتري، كما لو مات. ¬
وإلا فتلِفَ أو عَتَق، أو لم يعلم عيبه حتى صبغ أو نسج أو وهب أو باعه أو بعضه: معين أرش، ويُقبل قوله في قيمته، لكن لو ردَّ عليه فله أرشه أو ردُّه، وإن باعه لبائعه فله ردُّه، ثم للبائع الثاني ردُّه عليه، وفائدته: اختلاف الثمنَين. وإن كسر ما مأكوله في جوفه، فوجده فاسدًا، وليس لمكسوره قيمة -كبيض الدجاج- رجع بثمنه، وإن كان له قيمة -كبيض النعام، وجوز الهند- خيِّر بين أرشه وبين ردِّه مع أرش كسره وأخذ ثمنه، وبتعين أرش مع كسر لا تبقى معه قيمة. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإلا)؛ أيْ: وإن (¬1) لم يدلس بائع. * قوله: (أو بعضه) ومثله ما إذا أكله المشتري. * قوله: (ويقبل قوله في قيمته)؛ أيْ: إذا لم يعرف قيمته، أما عرفت فإنه يرجع إليها أو إلى مثلها -كما يذكر في موضعه-. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى- على قوله: (وبقبل قوله) هل المراد على ما يأتي في بقيته (¬2)؟ أو يفرق بين المسألتَين وما الفرق حينئذٍ؟ فتنبه!. * قوله: (رجع بثمنه)؛ أيْ: كله، لتبين فساد العقد من أصله، لوقوعه على ما لا نفع فيه، فهو (¬3) كبيع الحشرات، وإن كان بعضه سليمًا وبعضه فاسدًا رجع ¬
وخيار عيب متراخ لا يسقط إلا إن وجد دليل رضاه، كتصرفه واستعماله لغير تجربة، فيسقط أرش كردٍّ. ولا يفتقر رد إلى حضور بائع ولا رضاه ولا قضاء، ولمشتر مع غيره معيبًا، أو بشرط خيار -إذا رضي الآخر- الفسخ في نصيبه، كشراء واحد من اثنَين. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالقسط، حاشية (¬1) (¬2). * قوله: (وخيار عيب متراخٍ) انظر هل هذا يغني عنه قوله في القسم الرابع (¬3) في المصراة وغيرها: (على التراخي كعيب، أو يقال: إنما أتى به هنا ليرتب عليه قوله: "لا يسقط إلا إن. . . إلخ". * قوله: (فيسقط أرش)؛ أيْ: ما لم يتعيب عند المشتري -على ما سبق (¬4) -. * قوله: (ولا رضاه) بخلاف الإقالة، فإنها تفتقر إلى كل منهما -كما نبه عليه شيخنا في حاشيته (¬5) في آخر فصل الإقالة-. لا يقال: قد صرح المص هناك (¬6) بأن الإقالة فسخ، وصرح هنا بأن الفسخ لا يفتقر إلى ما ذكر؛ لأنَّا نقول: كلامه في كل محل بالنظر إلى نوع خاص، فكلامه هنا بالنظر إلى الفسخ للعيب، لا بالنظر المطلق الفسخ حتى يندرج فيه نوع الإقالة، وكلامه هناك (¬7) بالنظر إلى خصوص الإقالة إلى مطلق الفسخ، ولا يلزم من ثبوت ¬
لا إذا ورث، وللحاضر من مشتريَين نقد نصف ثمنه وقبض نصفه، وإن نقده كله لم يقبض إلا نصفه، ورجع على الغائب، ولو قال: "بعتُكما"، فقال أحدهما: "قبلتُ": جاز. ومن اشترى معيبَين أو معيبًا في وعاءَين صفقة لم يملك ردَّ أحدهما بقسطه، إلا إن تلف الآخر، ويقبل قوله بيمينه في قيمته. ـــــــــــــــــــــــــــــ حكم لخاص ثبوته سائر أفراد الجنس، فتدبر!. * قوله: (لا إذا ورث) فإنه يسقط الحق في الردِّ، لما يلزم عليه من التشقيص إذا ردَّ أحدهما ولم يردَّ الآخر، لكن لا يسقط الحق في الأرش، فلمن لم يرض المطالبة بحصته من الأرش. * قوله: (وقبض نصفه) إن كان مما يجب قسمه -كما نبه عليه ابن نصر اللَّه (¬1) -. * قوله: (ورجع على الغائب)؛ أيْ: إن نوى الرجوع [على الغائب] (¬2)، على ما يأتي (¬3) في الفرض، فتدبر!. * قوله: (فقال أحدهما قبلت: جاز)؛ أيْ: صحَّ في نصف المبيع بنصف الثمن. * قوله: (ومن اشترى معيبَين أو معيبًا) انظر ما الفرق بين ما هنا، وما سلف (¬4) في خيار الشرط عند قوله: "وفي معين من مبيعَين بعقد. . . إلخ". ¬
1 - فصل
ومع عيب أحدهما فقاله ردُّه بقسطه، لا إن نقص بتفريق -كمصراعَي باب، وزوجَي خف- أو حرُم، كأخوَين ونحوهما، ومثله جانٍ له ولد يباعان وقيمة الولد لمولاه، والمبيع -بعد فسخ- أمانة بيد مشترٍ. * * * 1 - فصل وإن اختلفا، عند من حدث العيب؟ مع الاحتمال -ولا بينة-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقد يقال: إن هناك في معرض أن له شرط الخيار في أحدهما، وما هنا في معرض أنه ليس له الفسخ في أحدهما، وفي ذلك نظر؛ لأنه يترتب على صحة شرط الخيار في أحدهما أنه له الفسخ فيه، كما منعه المص هناك، فتدبر!. * قوله: (بيد مشترٍ) ما لم يتعيب عنده قبل فسخ (¬1) للعيب القديم، فإنه يصير مضمونًا عليه -كما صرح به المحشِّي (¬2) فيما سبق (¬3) -. فصل * قوله: (عند من حدث)؛ أيْ: حصل. * قوله: (مع الاحتمال) احترز به عما إذا لم يحتمل أن يكون إلا من أحدهما، كما إذا وجد أصبعه مقطوعًا مندملًا بعد مضي زمن لا يمكن فيه الاندمال عادة، وادعى المشتري قِدَمه، والبائع حدوثه، فإنه يقبل قول المشتري بلا يمين في ¬
فقول مشترٍ بيمينه على البتِّ (¬1) إن لم يخرج عن يده، وإن لم يحتمل إلا قول أحدهما قبل بلا يمين. ويقبل قول بائع "إن المبيع ليس المردود" -إلا في خيار شرط. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هذه الحالة -كما يأتي الإشارة إليه في كلام المصنف -رحمه اللَّه- في بيان المحترز (¬2) -. * قوله: (فقول مشترٍ بيمينه) انظر لو أقاما بينتَين هل تقدم بينة البائع أو يتعارضان ويتساقطان؟ وببعض الهوامش (¬3) أنه تقبل بينة البائع؛ لأنها تثبت الخبر وبينة المشتري تنفيه. * قوله: (على البَتِّ) متعلق بـ "يمينه". * قوله: (عن يده)؛ أيْ: ويغيب عنها -كما قيد به ابن نصر اللَّه (¬4) -. * وقوله: (إن لم يخرج عن يده) قيد في قوله: "فقول مشترِ" فقط، فتأمل!. * قوله: (ويقبل قول بائع أن المبيع. . . إلخ)؛ أيْ: المعين، فلا يعارض ما يأتي من أن القول لقول القابض في الثابت في الذمة. * قوله: (إلا في خيار شرط. . . إلخ)؛ أيْ: إلا إذا جاء المشتري بسلعة اشتراها بشرط الخيار له، ليردَّها على البائع بمقتضى الفسخ المشروط له، وأنكر ¬
فقول مشترٍ-، وقول مشترٍ في عين ثمن معين بعقد، وقابض في ثابت في ذمة -من ثمن مبيع، وقرض وسلم ونحوه- إن لم يخرج عن يده. ومن باع قنًّا تلزمه عقوبة -من قصاص أو غيره- ممن يعلم ذلك، فلا شيء له. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ البائع أنها سلعته، فقول مشتر بيمينه نصًّا (¬1)، لأنهما هنا اتفقا على استحقاق الفسخ؛ يعني: بخلاف التي قبلها -كذا قرره المص في شرحه (¬2)، فراجعه! -. * قوله: (فقول مشترٍ) قال شيخنا (¬3): "لعله إلا في خيار شرط، فقول بائع قياسًا على ما قبلها". * قوله: (وقول مشترٍ)؛ أيْ: ويقبل قوله في أنه ليس هو المردود. وبخطه: لعله إلا في خيار شرط فقول بائع قياسًا على ما قبلها (¬4). * قوله: (ونحوه) كأجرة، وقيمة متلفٍ، ودية، وصداق. * قوله: (عن يده) لعله ويغيب عنها -كما قيد به ابن نصر اللَّه (¬5) فيما قبلها (¬6) -. * قوله: (ومن باع قنًّا)؛ أيْ: من (¬7) فيه شائبة رقٍّ. ¬
وإن علم بعد البيع خُيِّر بين ردٍّ وأرش، وبعد قتل يتعين أرش، وبعد قطع فكما لو عاب عنده. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (يتعين أرش) وهو هنا ما بيَّن قيمته ليس عليه عقوبة، وبيَّن قيمته وعليه العقوبة، قاله في شرحه (¬1). ومحله ما لم يكن البائع دلَّس، فإن كان فلا أرش -كما تقدم (¬2) -؛ يعني: بل يذهب عليه كاملًا، ويطالب بتمام ما تأداه من الثمن، فتدبر!. * قوله: (وبعد قطع. . . إلخ) قال شيخنا في حاشية الإقناع (¬3) ما نصه: "قوله: (وإن قطع فكما لو علي عنده)؛ أيْ: عند المشتري؛ لأن استحقاق القطع دون حقيقته، قاله الموفق (¬4)، والشارح (¬5) وفي الإنصاف (¬6) قلت: الذي يظهر أن ذلك ليس بحدوث عيب عند المشتري؛ لأنه مستحق قبل البيع، غايته أنه استوفى ما كان مستحقًّا، فلا يسقط ذلك حق المشتري من الردِّ"، انتهى. ومقتضى كلام الإنصاف أنه على كلام الموفق، والشارح يسقط حق المشتري من الردِّ، وحينئذ فانظر ما معنى التشبيه في الكتابَين؛ أعني: المنتهى والإقناع (¬7)؟ وما معنى التعليل المنقول عن الموفق والشارح، وحرره (¬8)!. ¬
وإن لزمه مال -والبائع معسر- قُدِّم حق مجني عليه، ولمشترٍ الخيار، وإن كان موسرًا تعلق أرش بذمته ولا خيار. السادس: خيار في البيع بتخبير الثمن، ويثبت في صور: في توليه، كـ "ولَّيتكه، أو بعتكه برأس ماله، أو بما اشتريته، أو برقمه". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإن لزمه)؛ أيْ: القنُّ المبيع، تعلق برقبته. * قوله: (ولمشترٍ الخيار) قال في شرحه (¬1): "ومتى اختار الإمساك والجناية مستوعبة لرقبة المبيع، وأخذ بها رجع المشتري بالثمن كله؛ لأنه أرش مثل ذلك جميع الثمن"، انتهى؛ يعني: وإن كانت غير مستوعبة أخذ بقدر نسبتها للقيمة من الثمن. * قوله: (بتخبير الثمن) متعلق بـ "البيع"، لا به وبخيار على التنازع، لعدم ظهور المعنى عليه؛ لأن الخيار ليس لمجرد التخبير كما يوهمه تعلق الجار والمجرور به. * قوله: (أو بما اشتريته)؛ أيْ: به، وحذف العائد هنا جائز؛ لأنه جُرَّ بما جُرَّ به الموصول. ¬
ويعلمانه (¬1) وشركة، وهي بيع بعضه بقسطه، كـ "أشركتك في ثلثه أو ربعه" ونحوهما، و"أشركتك" ينصرف إلى نصفه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويعلمانه)؛ أيْ: الثمن، أو الرقم. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: أيْ: وهما يعلمانه، فالجملة حال، والمبتدأ مقدر على حَدِّ: قمت وأصكُّ وجهه (¬2). * قوله: (ينصرف إلى نصفه) انظر هذا مع ما قرره (¬3) في الإقرار من أنه لو أقر بأن فلانًا (¬4) شريكه في كذا، كان مجملًا يرجع (¬5) في تفسيره إلى المفسِّر، ولم يحملوه على النصف ابتداء؟. وقد يفرق بين البابَين: بأنه لما كان الجزء المأخوذ من المقرِّ بغير عوض، رُجِع في تفسيره إليه، لئلا يلزم الإجحاف عليه، والمأخوذ هنا بعوضه، فلا فوت فحملت الشركة فيه على الأصل فيها. ¬
فإن قاله لآخر عالمًا بشركة الأول، فله نصف نصيبه، وإلا أخذ نصيبه كله، وإن قال: "أشركاني" فأشركاه معًا، أخذ ثلثه. ومن أشرك آخر في قفيز أو نحوه -قبض بعضه- أخذ نصف المقبوض، وإن باعه من كله جزءًا يساوي ما قبض انصرف إلى المقبوض. ومرابحة، وهي بيعه بثمنه وربح معلوم، وإن قال: ". . . على أن أربح في كل عشرة درهما": كُره. ومواضعة، وهي بيع بخسران، وكره فيها ما كره في مرابحة، فما ثمنه مئة، وباعه به ووضيعة درهم من كلٍّ عشرة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أخذ نصف المقبوض)؛ لأنه لا يصح التصرف في مثله إلا بعد قبضه، وكأن الشركة لم تقع إلا فيما قبض دون ما لم يقبض. * قوله: (وهي بيعه) انظر هل المراد كلًّا أو بعضًا فتجامع الشركة، أو كلًّا فقط، فتكون مباينة (¬1)، وكذا يقال في المواضعة؟. * قوله: (كره)؛ لأنه صار يشبه بيع العشرة بأحد عشر، لا منه حقيقة، وإلا لحرم، ويرشد إلى ذلك قول شيخنا في الحاشية (¬2): "وكأنه بيع دراهم بدراهم". * قوله: (ووضيعة) الواو واو المعية، وما بعدها إما منصوب على أنه مفعول معه، وهو مضاف، ودرهم إليه، أو الواو للحال و (وضيعة) مرفوع على أنه مبتدأ، و (درهم) مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف، والجملة: خبر "وضيعة"، أو الواو للعطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار، فيكون "وضيعة" مجرورًا، ¬
وقع بتسعين، ولكل أو عن كل عشرة، يقع بتسعين وعشرة أجزاء من أحد عشر جزءًا من درهم، ولا تضر الجهالة حينئذ لزوالها بالحساب. ويعتبر للأربعة علمهما برأس المال، والمذهب: أنه متى بان أقل أو مؤجلًا حُط الزائد -ويُحط قسطه في مرابحة، وينقصه في مواضعة- وأُجِّل في مؤجل، ولا خيار. ـــــــــــــــــــــــــــــ و"درهم" مجرورًا بالإضافة، إليه لكن هذا الوجه فيه ضعف في العربية، والذي قبله فيه نظر لعدم ظهور المسوغ للابتداء (¬1) بالنكرة، إلا أن يجعل من باب: ثَمرَة خيرُ من جرادةٍ (¬2). * قوله: (وقع بتسعين) لأن الحطَّ من كل عشرة. * قوله: (من أحد عشر جزء من درهم) وجهه أن الحط يكون من غير العشرة، فيكون الحط من كل أحد عشر درهمًا درهمًا (¬3)، فيسقط من تسعة وتسعين تسعة، ومن الدرهم الباقي جزءًا من أحد عشر جزء، فيبقى ما ذكر. * قوله: (علمهما برأس المال والمذهب. . . إلخ) عبارة الشارح (¬4) (¬5): "هكذا ذكر الشيخ في المقنع (¬6) من (¬7) كون الخيار يثبت في بيع الشركة، والتولية، ¬
ولا تقبل دعوى بائع غلطًا، بلا بينة، فلو ادعى علم مشترٍ لم يحلف، وإن باع (¬1) بدون ثمنها عالمًا لزمه. وإن اشتراه ممن تُردُّ شهادته له، أو ممن حاباه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والمرابحة، والمواضعة، وهو رواية والمذهب. . . إلخ" فمنه تعلم أن قوله: "والمذهب. . . إلخ" معطوف على محذوف للعلم به من المذكور، وحاصل القول الثاني أنه لا خيار (¬2)، فتدبر!. أو أنه مقابل لقوله أولًا: "ويثبت في تولية. . . إلخ" ويكون حاصل القول الثاني: والمذهب أنه لا يثبت، لكن يدل للوجه الأول قول المص فيما بعد: "ولا خيار"، حيث لم يقل: ولا يثبت الخيار، وكلام شيخنا في شرحه (¬3) ناظر إلى الثاني. * قوله: (لم يحلف المشتري) خلافًا للموفق (¬4)، والشارح (¬5)، وأتباعهما (¬6). * قوله: (وإن باع)؛ أيْ: سلعة. * قوله: (أو ممن حاباه)؛ أيْ: من شخص حاباه المشتري؛ أيْ: اشتراه منه بأكثر من ثمنه محاباة له، لا مِن (¬7) شخص حابا المشتري، فقد جرت الصلة على ¬
أو لرغبة تخصه، أو موسم ذهب، أو باع بعضه بقسطه، وليس من المتماثلات المتساوية -كزيت ونحوه- لزمه أن يبين، فإن كتم خُيِّر مشترٍ بين ردٍّ وإمساك. وما يزاد في ثمن أو مثمن أو أجل أو خيار، أو يُحط زمن الخيارَين: يلحق به، لا بعد لزومه، ولا إن جنى ففدى، وهبة مشترٍ لوكيل باعه كزيادة، ومثله عكسه. وإن أخذ أرشًا لعيب أو جناية، أخبر به لا بأخذ نماء. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ غير من هي له، فكان الواجب إبراز الضمير؛ أيْ: ممن حاباه هو؛ أيْ: المشتري، ولعل اللبس هنا مأمون، فمشى على المذهب الكوفي (¬1)، لكن صرح الرضى بأن الخلاف في الوصف، لا في الفعل، ولا فيما هو أعم، فليراجع (¬2)!. * قوله: (تخصه) كأمةٍ لرضاع ولده. * قوله: (يلحق به)؛ أيْ: بالعقد. * قوله: (كزيادة) أقول: ولعل منه ما يدفعه مستأجر لمن يؤجره أو غيره مما يسمونه حلوانًا، فتدبر!. * قوله: (أخبر به) قال في الشرح الكبير (¬3): "ونصُّ الإمام (¬4) في ذلك محمول ¬
واستخدام، ووطء ما لم ينقصه. وإن اشترى ثوبًا بعشرة، وعمل فيه أو غيره -ولو بأجرة- ما يساوي عشرة، أخبر به، ولا يجوز "تحصُّل بعشرين"، ومثله أجرة مكانه وكيله ووزنه، وإن باعه بخمسة عشر، ثم اشتراه بعشرة -أخبر به أو حَطَّ الربح من الثمن الثاني، وأخبر بما بقي، فلو لم يبق شيء أخبر بالحال، ولو اشتراه بخمسة عشر، ثم باعه بعشرة، ثم اشتراه بأي ثمن كان بَيَّنَه. وما باعه اثنان مرابحة، فثمنه بحسب ملكيتها، لا على رأس مالَيهما (¬1). السابع: خيار لاختلاف المتبايعَين. إذا اختلفا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على الاستحباب، فيجوز أن يقول اشتريته بعشرة". * قوله: (ما لم ينقصة) كوطء بكر. * قوله: (مالَيهما) عبارة الإقناع (¬2): "ولو اشترى نصف شيء بعشرة، واشترى غيره باقيه بعشرين، ثم باعه مرابحة، أو مواضعة، أو توليته صفقة واحدة، فالثمن لهما بالتساوي كمساومة"، انتهى، وهو موافق لما هنا، لكن عبارته أوضح في المراد؛ لأن العقد وقع على عين السلعة من غير نظر إلى كيفية الشراء الأول، ولا إلى تفاوت الثمنَين. * قوله: (المتبايعَين)؛ أيْ: أو ورثتهما، بدليل ما بعده. ¬
أو ورثتهما في قدر ثمن -ولا بينة، أو لهما- حلف بائع "ما بعتُه بكذا، أو (¬1) إنما بعته بكذا" ثم مشتر "ما اشتريتُه بكذا، أو (¬2) إنما اشتريته بكذا"، ثم إن رضي أحدهما بقول الآخر، أو نكل وحلف الآخر -أُقرَّ، وإلا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو ورثتهما) كان عليه أن يقول: أو أحدهما وورثة الآخر مص (¬3). وكذا وليهما، أو ولي أحدهما مع الآخر أو ورثته [أو وليه] (¬4)، وكذا يقال في الوكيل أيضًا، فالصور ستة عشر. * قوله: (وفي قدر ثمن)؛ أيْ: مع الاتفاق على أن العقد متَّحد، أما إذا احتمل التعدد فلا تعارض. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى- على قوله: (ثمن) إن قلت: يعتبر في الجملة الشرطية مطابقة طرفَيها في العموم والخصوص، وهنا الشرط أعم من الجواب، فكان الظاهر أن يقول: حلف بائع أو ورثته. . . إلخ. قلت: لما كان في حكم الورثة تفصيل، وهو أنه تارة تحلف على البتِّ كمورثها إن شاهدت العقد، وتارة على نفي العلم إن لم تشاهد، أسقط حديث الورثة، تدبر!. * قوله: (وإنما اشتريته بكذا) فيجمع كل منهما في يمينه بين النفي والإثبات، ورثتهما على هذه الصفة إذا شاهدا العقد، وإلا فعلى نفي العلم. * قوله: (وحلف الآخر أقرَّ)؛ أيْ: العقد. * قوله: (وإلَّا) قال في شرحه (¬5): "أيْ: وإن لم يرض أحدهما بقول الآخر ¬
فلكلٍّ الفسخ وينفسخ ظاهرًا وباطنًا. المنقِّح (¬1): "فإن نَكَلَا صَرَفهما كما لو نكل من تردُّ عليه اليمين". وكذا إجارة، فإذا تحالفا، وفُسخت بعد فراغ مدة، فأجرة مثل، وفي أثنائها بالقسط. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بعد التحالف"، انتهى. وعموم النفي وإن كان شاملًا لصورة نكول كل منهما، لكن يعارضه أن هذا النوع مقيد بكونه بعد التحالف، فليس كلام المنقح (¬2) مقابلًا لما شمله عموم النفي؛ لأنه ليس مرادًا. * قوله: (فلكل) ظاهره بل صريحه أنه لا ينفسخ العقد بمجرد التحالف، ويطلب الفرق بين البيع واللعان، حيث قالوا فيه: إنه ينفسخ النكاح بمجرد التلاعن، ولا يتوقف على صيغة (¬3) (¬4). * قوله: (الفسخ) ولهما بعد ذلك التراضي على شيء. * قوله: (من تردُّ عليه اليمين)؛ أيْ: على القول بردِّها. ¬
ويحلف بائع فقط بعد قبض ثمن وفسخ عقد. وإن تلف مبيع تحالفا، وغرم مشترٍ قيمته، ويُقبل قوله فيها، وفي قدره، وفي صفته -وإن تعيَّب ضُمَّ أرشه إليه-، وكذا كل غارم، لا وصفه بعيب. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويحلف بائع فقط) وهل يحلف على نفي القبض، بأن يقول: ما قبضت منه غير هذا؟، أو يحلف على نفي الاستحقاق، بأن يقول: لا يستحق على غير هذا؟، أو لا يكفي الحلف على نفي القبض لاحتمال صدقه، وأنه أُبرئ من بعض الثمن، أو وهبَ له؟ وتقدم (¬1) أنه عند الفاسخ يرجع المشتري بما وهبه أو أُبرئ منه. * قوله: (وغرم مشتر قيمته)؛ أيْ: سواء كان مثليًّا أو متقومًا. وقيل: إن كان مثليًّا ضمنه بمثله، وهو قول صاحب التلخيص (¬2). وبخطه: على قوله: (قيمته)؛ أيْ: يوم عقد، كما استظهره شيخنا في حاشية الإقناع (¬3)، وهو مخالف لظاهر قول المص هنا: "وإن تعيب. . . إلخ"، فتدبر!. * قوله: (وإن تعيب. . . إلخ) هذا يعطي أن المنظور إليه حال الفسخ، لا حال العقد، فتدبر!، فإن في الإعطاء نظرًا، بل الظاهر ما قاله صاحب المستوعب (¬4) (¬5) ¬
2 - فصل
وأن ثبت قُبِل قوله في تقدمه. الثامن: خيار يثبت للخلف في الصفة، ولتغير ما تقدمت رؤيته، وتقدم. * * * 2 - فصل وإن اختلفا في صفة ثمن أخذ نقد البلد. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فيما قبلها، من أن المعتبر قيمته حال العقد، فليحرر!. ثم رأيت مثل ذلك في المناهي المنقولة عن المص على شرحه (¬1). * قوله: (قبل قوله)؛ أيْ: بيمينه، على قياس ما تقدم (¬2) في خيار العيب. * قوله: (للخلف في الصفة) صادق بأربع صور: إما بأن اتفقا على اشتراط صفة وتخلفت، أو يدعي المشتري اشتراط صفة ويخالفه البائع في ذلك، بأن يقول: وقع البيع بغير شرط بالكلية، أو بشرط عدم تلك الصفة، أو بشرط غيرها. * قوله: (وتقدم)؛ أيْ: في السادس من شروط البيع (¬3). فصل * قوله: (في صفة ثمن) فإن اختلفا في عين الثمن أو جنسه، فكالاختلاف في ¬
ثم غالبه رواجًا، فإن استوت فالوسط، وفي شرط صحيح أو فاسد، أو أجل أو رهن، قدرهما أو ضمين، فقول منكره كمفسده، وفي قدر مبيع أو عينه فقول بائع. وإن تشاحَّا في أيهما يُسَلِّمُ قبل -والثمن عين- نُصب عدل يقبض منهما، ويسلِّم المبيع ثم الثمن، وإن كان دينًا أُجْبِر بائع ثم مشترٍ إن كان الثمن حالًّا بالمجلس. ـــــــــــــــــــــــــــــ قدره، فيتحالفان ويفسخ العقد، حاشية (¬1). * قوله: (ثم غالبه) لعله ما لم يكن المبيع لا يباع إلا بنقد معين، كالبُن حيث لا يباع إلا بالريال (¬2)، فإنه يُتبع ولا يرجع إلى نقد البلد. * قوله: (فالوسط) هذا إنما يتأتى إذا كان فيها أكثر من نقدَين، فلو كانا نقدَين واستويا فهل يتحالفان، أو يؤخذ الأقل منهما؟. وإن أقاما بينتَين قدمت بينة المدعي، وقيل: يتساقطان (¬3)، قاله في المبدع (¬4). * قوله: (أو أُجِّل)؛ أيْ: في غير السلم، كما هو ظاهر في البديهة؛ لأنه لا يكون إلا مؤجَّلًا. * قوله: (والثمن عين)؛ أيْ: معين بالعقد. * قوله: (ويسلم المبيع ثم الثمن) فإن أقام كل واحد منهما بينة، ثبت ¬
وإن كان دون مسافة قصر حُجر على مشترٍ في ماله كله حتى يسلمه. وإن غيَّبه ببعيد أو كان به، أو ظهر عسره، فلبائع الفسخ، كمفلس، وكذا مؤجِّر بنقد حالٍّ، وإن أحضر بعض الثمن أخذ ما يقابله إن نقص بتشقيص. ولا يملك بائع مطالبة بثمن بذمة، ولا أحدهما قَبْضَ معين -زمن خيار شرط- بغير إذن صريح ممن الخيار له. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ العقدان؛ لأنهما لا يتنافيان. * قوله: (وإن كان دون مسافة قصر. . . إلخ) علم منه أنه ليس للبائع حبس المبيع على ثمنه، [فتنبَّه لما بعدها!. * قوله: (وإن أحضر بعضه) هذا مبني على أدن للبائع حبس المبيع على ثمنه] (¬1)، والمذهب خلافه (¬2). * قوله: (خيار شرط) وهل خيار المجلس كذلك أو يفرق؟، وبالأول صرح شيخنا في شرحه على الإقناع (¬3)، تبعًا له (¬4). ¬
3 - فصل
3 - فصل وما اشترى بكيل أو وزن، أو عدٍّ، أو ذرع: مُلِك، ولزم بعقد. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (وما اشترى بكيل. . . إلخ) هذه العبارة بظاهرها تشمل ما إذا اشترى غير المكيل بالكيل، وغير الموزون بالوزن، وغير المعدود بالعد، وغير المذروع بالذرع، مع أن الحكم ليس كذلك على الإطلاق، بل ما لم يؤدِّ إلى الربا، لما تقرر من أن الجهل بالتساوي، كالعلم بالتفاضل، بل صرح المحشِّي (¬1) في الفصل الآتي، بأنه لو اشترى جوزًا أو نحوه بعدد معلوم، فعدَّ ألفًا مثلًا في وعاء، فكانت مليئة، ثم اكتال بذلك الوعاء بهذا الحساب لم يكن قبضًا، فتدبر!. * قوله: (ولزم)؛ أيْ: البيع فيه، كذا [قال الشارح (¬2)] (¬3)، وفيه أن المتصف باللزوم هو العقد، ولا معنى لكون العقد لزم بعقد، إلا أن يقال: المراد بالعقد اللازم ما ترتب على الإيجاب والقبول، وهو انتقال الملك، وفي قوله: "بعقد" نفس الإيجاب والقبول. أو يجعل الضمير في: "لزم" للملك المفهوم من: "مُلك"، ومعنى لزوم (¬4) الملك بالعقد: أنه متسبب عنه. أو يجعل قوله: "بعقد" متعلقًا بقوله: "ملك" فيكون مقدمًا من تأخير، ويجعل الضمير في قوله: "لزم" للعقد، لأنه مقدم رتبة، وإن كان متأخرًا لفظًا. ¬
ولم يصح بيعه ولو لبائعه، ولا الاعتياض عنه، ولا إجارته، ولا هبته ولو بلا عوض، ولا رهنه ولو قبض ثمنه، ولا حوالة عليه قبل قبضه. ويصح جزافًا (¬1) إن علما قدره. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقول الشارح (¬2): "أيْ: البيع" فيه إشارة إلى أن (¬3) الضمير في "ملك" راجع إلى "ما"، وكذا في "لزم"، لكن على أنه من الحذف والإيصال -كما أشار إليه الشارح (¬4) -. * قوله: (ولا حوالة عليه) زاد في الإقناع (¬5): "ولا حوالة به" واستشكل كل منهما، بأن الحوالة لا تكون إلا في الديون، والموصوف لا يكون دينًا (¬6)، إلا أن يراد الحوالة صورة، كما أشار إليه الشيخ في شرحه (¬7). * قوله: (ويصح)؛ أيْ: قبض ما اشترى بكيل ونحوه جزافًا، إن علما كيله ونحوه. * قوله: (جزافًا) هذا يخالف ما يأتي (¬8) في السلم، إلا أن يخص ما فيه به، أو تكون المسألة فيها قولان، ومشى هنا على أحدهما، وهناك على الآخر، وهو ¬
وعتقُه، وجعلُه مهرًا، وخلع عليه، ووصية به. وينفسخ العقد فيما تلف بآفة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مقتضى كلام الإنصاف (¬1) والفروع (¬2)، فراجعهما إن شئت!. * قوله: (وعتقه)؛ أيْ: يصح، هذه المسألة مدرجة هنا لبيان الحكم فيها (¬3)، وليس مما نحن فيه، وهو ما اشترى بكيل، أو وزن، أو عدٍّ، أو ذرع، وأشار الشارح (¬4) (¬5) إلى ذلك عند قول المصنف -فيما سيأتي (¬6) -: "وما عدا ذلك" بقوله: "كالعبد والدار". وقد يقال: إن نوع العبد يصح بيعه بالعدِّ، كعشرة أعبد خماسية مثلًا. وأما قول الشارح (¬7): "كالعبد" فمراده: كالعبد الواحد، الذي لا يحتمل التعدد، فتدبر!. * قوله: (وجعله مهرًا)؛ أيْ: كلًّا أو بعضًا، بدليل ما بعده. * قوله: (فيما تلف بآفة) كان الظاهر فيما تلف منه معه. م ص (¬8) (¬9)، وقد ¬
ويخيَّر مشترٍ إن بقي شيء كما لو تعيَّب بلا فعل، ولا أرش، وبإتلاف مشترٍ أو تعيُّبه، لا خيار، وبفعل بائع أو أجنبي، يخيَّر مشترٍ بين فسخ وإمضاء، وطلب بمثل مِثليّ أو قيمة متقوِّم -مع تلف- وبنقص مع تعيُّب. ـــــــــــــــــــــــــــــ يقال: إن صنيع المص أولى؛ لأن قوله: "منه" يوهم التبعيض، فيقتضي (¬1) أن الحكم مخصوص بما إذا كان التالف البعض، وليس كذلك بل الأمر كذلك فيما إذا كان التالف الكل، ويكون قوله: "ويخير مشترٍ إن بقي شيء" بيانًا لحكم خاص بفرد مما شمله العام الأول. * قوله: (بلا فعل) قدر الشارح (¬2) (¬3): "وإن تلف، أو تعيب بفعل بائع". * قوله: (ولا أرش) انظر هذا مع ما سبق (¬4) في قوله: "ويخير مشترٍ في معيب قبل عقد، أو قبض ما يضمنه بائع قبله. . . إلخ" ويمكن أن يكون قوله: "ولا أرش" راجعًا (¬5) إلى قوله: "ويخير مشترٍ إن بقي شيء" وعليه فلا تعارض، فتأمل. لكن في الشرح (¬6)، تبعًا للشرح الكبير (¬7) ما يصرح بمخالفة المتن من أن قوله: "ولا أرش" راجع لمسألة المتعيب، فلعل ما هنا قول، وما هناك قول مقابل له، أو ما هناك مخصوص بما هنا، مع أن قوله: "ولا أرش" ليس في التنقيح (¬8) ¬
والتالف من مال بائع، فلو أُبِيْعَ أو أخِذَ بشفعة ما اشترى بكيل ونحوه، ثم تلف الثمن قبل قبضه، انفسخ العقد الأول فقط، وغَرم المشتري الأول للبائع قيمة المبيع، وأخذ من الشفيع مثل الطعام. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في هذا المحل (¬1). * قوله: (والتالف. . . إلخ) قال ابن نصر اللَّه في حواشي المحرر (¬2) ما حاصله: "لو بذله البائع للمشتري، فامتنع من قبضه حتى تلف كان من ضمان المشتري، وكذا إذا تلفت العين المؤجرة بعد عرضها على المستأجر؛ لأن المنافع تلفت باختياره، صرح به في الكافي (¬3)، في باب الإجازة"، حاشية (¬4). * قوله: (فلو أبيع) هذا تفريع على قاعدتَين مقررتَين لم يُذكرا، إحداهما: أن حكم الثمن حكم المثمن، والثانية: أن الفسخ رفع للعقد من حين الفسخ، لا من أصله، فكان المحل للواو (¬5). * قوله: (ما اشترى بمكيل)؛ أيْ: ما كان ثمنه مكيلًا. * قوله: (وأخذ)؛ أيْ: المشتري. ¬
ولو خلُط بما لا يتميز لم ينفسمغ، وهما شريكان، ولمشترٍ الخيار. وما عدا ذلك يصح التصرف فيه قبل قبضه -إلا المبيع بصفة، أو رؤية متقدمة- ومن ضمان مشترٍ، إلا إن منعه بائع، أو كان ثمرًا على شجر، أو بصفة، أو برؤية متقدمة، فمن بائع. وما لا يصح. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولو خلط)؛ أيْ: المبيع. * قوله: (ولمشترٍ الخيار) لعيب الشركة. * قوله: (وما علا ذلك)؛ أيْ: ما اشترى بكيل، أو وزن، أو عدٍّ، أو فرع. * قوله: (إلا المبيع بصفة)؛ يعني: ولو معيبًا (¬1). * قوله: (ومن ضمان مشترٍ) عطف على قوله: "يصح التصرف. . . إلخ". * قوله: (أو بصفة)؛ أيْ: كان مبيعًا بصفة. * قوله: (وما لا يصح) قال شيخنا (¬2): "ولو قال: وما هو من ضمان بائع ينفسخ العقد بتلفه قبل قبضه، ليشمل الثمر على الشجر، لكان أولى، إلا أن يقال: لما كانت ستأتي في بابها (¬3) لم يحتج إلى ذلك، تأمل!. أو يقال: الكلام فيما إذا (¬4) تلف قبل القبض، وهذا ينفسخ عقده بتلفه ولو بعد قبضه قبل جذه -كما سيأتي في بابه-"، ثم أثبته في الحاشية (¬5). ¬
تصرف مشترٍ فيه ينفسخ العقد بتلفه قبل قبضه، وثمن ليس في ذمة كمثمن، وما في الذمة له أخذ بدله لاستقراره. وحكم كل عوض ملك بعقد ينفسخ بهلاكه قبل قبضه -كأجرة معينة، وعوض في صلح بمعنى بيع، ونحوهما- حكم عوض في بيع في جواز التصرف ومنعه. وكذا ما لا ينفسخ بهلاكه قبل قبضه، كعوض عتق وخلع ومهر، ومصالح به عن دم عمد، وأرش جناية، وقيمة متلف ونحوه، لكن يجب بتلفه مثله. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (تصرف مشترٍ فيه)؛ أيْ: من المبيع بصفة، أو رؤية متقدمة، وليس المراد مما اشترى بكيل ونحوه، لتقدم الحكم فيه (¬1) في قوله: "وينفسخ العقد فيما تلف بآفة. . . إلخ". * قوله: (له أخذ بدله) فيه نظر؛ لأن ما في الذمة لم يتعين في التالف حتى يصح كون المأخوذ بدله، فتدبر!. * قوله: (وحكم) مبتدأ. * قوله: (ينفسخ) صفة "عقد". * قوله: (حكم عوض) خبر. * قوله: (لكن يجب) في الحاشية (¬2): "والاستدراك بـ "لكن" إنما يرجع ¬
أو قيمته، ولو تعين ملكه في موروث أو وصية أو غنيمة فله التصرف فيه قبل قبضه، وكذا وديعة، ومال شركة، وعارية. وما قبضه شرط لصحة عقده -كصرف وسلم- لا يصح تصرفه فيه قبل قبضه، ولا يصح تصرف في مقبوض بعقد فاسد، ويضمن هو وزيادته كمغصوب. ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى عدم الفسخ، لا إلى الواجب بالتلف (¬1) "، انتهى. وأقول: الأظهر أن "لكن" هنا استئنافية كالواو، لا (¬2) للاستدراك، إذ الاستدراك بمعنى تعقيب الكلام برفع ما يتوهم ثبوته أو نفيه لا يتأتى هنا؛ لأن كونه لا يفسخ هو موضوع المسألة حيث قال: "وكذا ما لا ينفسخ بهلاكه" فكيف يتوهم منه أنه ينفسخ العقد بهلاكه، وكذا ما يجب بالتلف لا يتوهم مما سبق، حتى يتأتى الاستدراك عليه، فعليك بتحرير المقام!. * قوله: (أو قيمته) هي للتنويع لا للتخبير. * قوله: (كصرف)؛ أيْ: ككل من العوض، والمعوض في صرف. * وقوله: (وسلم)؛ أيْ: رأس مال سلم. * قوله: (ولا يصح. . . إلخ) سيأتي في كتاب الطلاق (¬3) أن العتق في الشراء الفاسد كالطلاق في النكاح الفاسد، فيقع ويكون مستثنى مما هنا. * قوله: (كمغصوب) فيلزمه أجرة مثل منفعته مدة مقامه بيده، ويردُّ معه ¬
4 - فصل
4 - فصل ويحصل قبض ما بيع بكيل أو وزن أو عدٍّ أو ذرع بذلك، بشرط حضور مستحق أو نائبه، ووعاؤه كيده، وتكره زلزلة الكيل. ويصح قبض متعين بغير. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ زيادته المنفصلة، وأرش ما نقص عنده، وعليه بدل ما تلف منه، أو من زيادته الحادثة، ذكره في الحاشية (¬1) مع تقييد للمسألة بكلام ابن نصر اللَّه (¬2)، فراجعه إن شئت!. فصل * قوله: (بذلك)؛ أيْ: المذكور، وهو من قبيل مقابلة الجمع بالجمع المقتضية لانقسام الآحاد بالآحاد. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى- على قوله: (بذلك) وإن لم ينقل. * قوله: (زلزلة الكيل) نص على ذلك الإمام (¬3)، ومقتضى الآية الحرمة (¬4)، ويمكن حمل الآية على ما يتضمن أخذ زيادة لا تسمح بها النفوس عادة، وحمل كلام الإمام على ما إذا اقتضت الزلزلة زيادة ما يتسامح به عادة، فتدبر!. ¬
رضا بائع، ووكيل من نفسه لنفسه -إلا ما كان من غير جنس ماله- واستنابة من عليه الحق للمستحق، ومتى وجده قابض زائدًا ما لا يتغابن به أعلمه. وإن قبضه ثقة بقول باذل: "إنه قدر حقه" ولم يحضر كيله أو وزنه قُبل قوله في نقصه. وإن صدَّقه في قدره برئ مين عهدته، ولا يتصرف فيه لفساد القبض. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (رضى بائع ووكيل) وقبل قبض ثمنه. * قوله: (أعلمه)؛ أيْ: وجوبًا، لا يجب عليه ردُّه إلا بطلبه، بخلاف ما يتغابن به، فإنه لا يجب عليه كل من الإعلام والردِّ. * قوله: (ثقة)؛ أيْ: وثوقًا. * قوله: (قُبِلَ قوله) حيث لا بينة؛ لأنه منكر، فكان القول قوله بيمينه، وهذا لا يحتاج إليه إلا إذا تلف أو بعضه، وإلا اعتبر بالكيل. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى- على قوله: (قبل قوله)؛ أيْ: بيمنه بعد اختباره له. * قوله: (في نقصه)؛ أيْ: ولم (¬1) يكن صدقه بدليل، وقوله عقبه: "وإن صدقه برئ من عهدته"، قال في شرحه (¬2) عقب قوله من: "عهدته" "فلا يقبل من قابض بعد تصديقه دعوى نقص (¬3) ". * قوله: (لفساد القبض) لعدم حضور المستحق أو وكيله أو وعائه. ¬
ولو أذن لغريمه في الصدقة بدينه عنه، أو صرفه لم يصح ولم يبرأ، ومن قال ولو لغريمه: "تصدق عني بكذا" ولم يقل: "من ديني" صحَّ، وكان اقتراضًا، لكن يسقط من دين غريم بقدره بالمقاصَّة. وإتلاف مشترٍ ومتَّهب بإذن واهب قبض لا غصبه، وغصب بائع. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لم يصح) الإذن. * قوله: (ولم يبرأ)؛ لأنه توكيل في تصرف فيما لا يملكه؛ لأنه لا يملك شيئًا مما في يد غريمه، حتى يقبضه (¬1). * قوله: (اقتراضًا)؛ يعني: وتوكيلًا في الصدقة به. * قوله: (بالمقاصَّة) إن وجد شرطها. * قوله: (وإتلاف مشترٍ)؛ أيْ: قبض، وهذا كالتصريح بما فهم من قوله فيما سبق (¬2): "وبإتلاف مشترٍ، أو تعييبه لا خيار"، فتدبر!. * قوله: (لا غصبه) هذا يناقض قوله فيما سبق (¬3): "ويصح قبض متعين بغير رضى بائع"، إلا أن يحمل هذا على ما يحتاج لحق توفية، وذاك على ما لا يحتاج. وهذا الجواب مبني على ظاهر تعميم الشارح (¬4) (¬5) في قوله: "لا غصبه" حيث رجَّعَ الضمير إلى كل من المبيع، والموهوب. ¬
ثمنًا، أو أخذه بلا إذن ليس قبضًا إلا مع المقاصَّة. وأجرة كيَّال وورَّان وعدَّاد وذرَّاع ونقَّاد ونحوهم على باذل، ونَقْلٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال شيخنا (¬1): "والأظهر أن قوله: "لا غصبه" راجع للموهوب فقط، بدليل قول الشارح (¬2) (¬3): وإتلاف مشترٍ المبيع مطلقًا؛ ولأن القبض شرط في ملك الموهوب دون المبيع، ففي كلام الشارح (¬4) عند التحقيق نوع تناقض، حيث سوَّى في جانب المشتري ظاهرًا بين أن يكون لإذن أو لا، وعمم في ضمير "غصبه" وجعله شاملًا للمبيع والموهوب". * قوله: (ثمنًا)؛ أيْ: غير معين. * قوله: (على باذل) لذلك؛ لأنه تعلق به حق التوفية. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى- على قوله: (باذل) قال في الإقناع (¬5): "والمراد قبل قبض البائع له؛ لأن عليه تسليم الثمن صحيحًا، أما بعد قبضه فعلى البائع؛ لأنه ملكه بقبضه، فعليه أن يبين أنه معيب ليردَّه"، انتهى. قال في الحاشية (¬6): "وهذا معنى كلام ابن نصر اللَّه" (¬7). ¬
على مشترٍ، ولا يضمن ناقد حاذق أمين خطأ، وفي صبرة وما ينقل بنقله، وما يتناول بتناوله، وغيره بتخلية. لكن يعتبر في قبض مشاع ينقل إذن شريكه، فلو أباه وكَّل فيه، فإن أبي نصَّب حاكم من يقبض. ولو سلَّمه بلا إذنه فالبائع غاصب، وقرار الضمان على مشترٍ إن علم، وإلا فعلى بائع. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (على مشترٍ) كان المناسب: على آخذٍ. * قوله: (أمينٌ خطأً) متبرعًا، أو بأجرة. * قوله: (وفي صبرة)؛ أيْ: بيعت جزافًا، فلا يعارض ما سبق (¬1). * قوله: (بتخلية)؛ أيْ: مع عدم المانع، وهو مراد من أطلق، إنصاف (¬2). * قوله: (يعتبر في قبض)؛ أيْ: لجواز (¬3) القبض، لا لصحته، كما صرح به ابن نصر اللَّه في حواشيه (¬4). * قوله: (فلو أباه)؛ أيْ: الإذن في القبض. * قوله: (وكِّل فيه)؛ أيْ: وكَّله مشترٍ في قبضه، شرح (¬5). ¬
5 - فصل
5 - فصل والإقالة فسخ، تصح قبل قبض، وبعد نداء جمعة، ومن مُضَارِب وشريك ولو بلا إذن، ومفلس بعد حجر -لمصلحة، وبلا شروط بيع، وبلفظ صلح وبيع، وما يدل على معاطاة، ولا خيار فيها، ولا شفعة، ولا يحنث بها من حلف: لا يبيع، ومؤونة ردٍّ على بائع. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا يقتضي كون "وكِّل" مبنيًا لما لم يسم فاعله. فصل * قوله: (والإقالة فسخ) وتستحب عند ندم الآخر، كالخيار. * قوله: (قبل قبض) ولو في سلم، وما أبيع بكيل أو نحوه. * قوله: (وشريك) لا وكيل. * قوله: (ومفلِس) وتكون معاطاة. * قوله: (وما يدل على معاطاة) هذا لا يظهر إلا على القول بأن البيع لا ينعقد بالمعاطاة (¬1)، إلا أن يحمل قوله: "وبيع" على لفظه، كما حمله عليه شيخنا في شرحه (¬2)، فتدبر!. أو جعله من عطف الخاص على العام، وذكرها لمحل الخلافط فيها، فتدبر!. * قوله: (ولا يبيع) ولا يَبَرُّ بها من حلف لَيَبيعَنَّ. * قوله: (على بائع)؛ لأنه رضي ببقاء المبيع فحت يد المشتري أمانة فلم يلزمه مؤنة ردِّه، كمودع، وفارق الردِّ بالعيب؛ لأنه يعتبر مردودًا. ¬
ولا تصح مع تلف مثمن، وموت عاقد، ولا بزيادة على ثمن أو نقصه، أو بغير جنسه، و"الفسخ" رفع عقد من حين فسخ. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وموت عاقد) ولا غيبة أحد المتعاقدَين، فلو قال لصاحبه: أقلني، فأقاله وهو غائب، لم يصح لاعتبار رضاه، والغائب حاله مجهول. * قوله: (من حين فسخ)؛ يعني: لا من أصله، قال في الإقناع (¬1): "وفي إجارة غبن فيها من أصله -كما تقدم-" في خيار الغبن؛ لأنهم أوجبوا بالفسخ أجرة المثل، قال شيخنا (¬2): "ويمكن أن يجاب: بأن ذلك لاستدراك الظلامة، لا لكون الفسخ رفعًا لها من أصلها". * * * ¬
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
حَاشِيَةُ الخَلوتي على مُنْتَهَى الإرَادَاتِ [3]
حُقُوق الطَّبْع مَحْفُوظَة الطبعة الأولى 1432 هـ - 2011 م قَامَت بعمليات التنضيد الضوئي والإخراج الفني والطباعة دَار النَّوَادِر
3 - باب الربا والصرف
تَابِع كِتَاب البِيْع 3 - باب الربا والصرف الربا: تفاضل في أشياء، ونَساءٌ (¬1) في أشياء، مختص بأشياء وردَ الشرع بتحريمها. فيحرم ربا فضل في كل مكيل أو موزون بجنسه وإن قلَّ، كتمرة بتمرة، لا في ماء، ولا فيما لا يوزن عرفًا لصناعته من غير ذهب أو فضة، كمعمول من نحاس وحديد وقطن ونحو ذلك. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الربا والصرف * قوله: (بتحريمها)؛ أيْ: بتحريم الربا (¬2) فيها، أما ذواتها فليست محرمة. * قوله: (فيحرم في كل. . . إلخ) هو كالتفسير قوله: "تفاضل في أشياء"، كما أن قوله في أول الفصل الآتي (¬3): "ويحرم ربا النسيئة بين ما اتفقا في علة الربا"؛ يعني: الكيل والوزن كالتفسير لقوله: "ونساء في أشياء"، فتدبر!. * قوله: (لا في ماء) لإباحته، وعدم تموُّله عادة، وإن كان مكيلًا. * قوله: (ونحو ذلك) ككتان. ¬
ولا في فلوس عددًا ولو نافقة. ويصح بيع صبرة بجنسها إن علما كيلَهما وتساويهما. أو لا وتبايعهما مثلًا بمثل، فكِيلتا فكانتا سواء، وحبٍّ جيد بخفيف. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فلوس)؛ لأنها من قسم العروض دون النقود. * قوله: (صبرة بجنسها) مفهومه أنها لو بيعت بغير جنسها أن صحة البيع لا تتوقف على ظهور تساويهما، لكن إذا تبين أن إحديهما (¬1) أزيد من الأخرى (¬2)، فإن رضي صاحب الزيادة بدفعها إلى الآخر، أو صاحب الناقصة بها مع نقصها، أقر العقد، وإلا فسخ، ولا يؤخذ عن الزائد من غير الجنس، لئلا يكون من باب مُد عجوة ودرهم الممتنع -على ما سيأتي (¬3) -. * وقوله: (أو لا)؛ أيْ: لم يعلما ذلك لكن كِيلتا بعد التبايع فكانتا سواء. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: ومثله كومة من الموزونات بمثلها، إذا وزنتا فبانتا سواء. * قوله: (فكانتا سواء) مفهومه أنهما لو كِيلتا فوجدت إحداهما (¬4) أزيد من الأخرى لم يصح البيع حاشية (¬5). * قوله: (وحبٍّ) كان مقتضى الظاهر: وحبٍّ رَزين بخفيف، لا جيد بمسوس. . . إلخ. ¬
لا بمسوس، ولا مكيل بجنسه وزنًا، ولا موزون بجنسه كيلًا، إلا إذا عُلم مساواته في معياره الشرعي. ويصح إذا اختلف الجنس كيلًا، ووزنًا، وجزافًا، وبيع لحم بمثله من جنسه إذا نزع عظمه، وبحيوان من غير جنسه، كبغير مأكول، وعسل بمثله إذا صُفِّي، وفرْعٍ معه غيره لمصلحته أو منفردًا بنوعه، كجبن بجبن، وسمن بسمن متماثلًا وبغيره، كزبد بمخيض ولو متفاضلًا، إلا مثل زبد بسمن لاستخراجه منه، لا معه ما ليس لمصلحته. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا بمسوس)؛ أيْ: لا يصح. * قوله: (ويصح) شَرْطُه في الصفحة الآتية (¬1). * قوله: (من جنسه) بعده في بعض النسخ: رطبًا ويابسًا، وشرح عليه الشارحان (¬2). * قوله: (من غير جنسه) فإن كان من جنسه لم يصح، وهو المذهب، وعليه الأصحاب (¬3). * قوله: (زبد بسمن) فلا يصح. * قوله: (لا ما معه) ككشك بجبن، أو بهريسة (¬4). ¬
ككشك (¬1) بنوعه، ولا بفرع غيره ولا فرع أصله كأقط بلبن، ولا نوع مسته النار بنوعه الذي لم تمسه. والجنس ما شمل أنواعًا، كالذهب والفضة، والبر والشعير، والتمر والملح وفروعها أجناس، كالأدقة، والأخباز، والأدهان، واللحم واللبن أجناس باختلاف أصولهما، والشحم والمخ والالية، والقلب والطحال والرِّئة، والكلية والكبد والكارع أجناس. ويصح بيع دقيق ربوي بدقيقه إذا استويا نعومةً ومطبوخه بمطبوخه وخبزه بخبزه إذا استويا نشافًا أو رطوبة، وعصيره بعصيره ورطبه برطبه، ويابسه بيابسه، ومنزوع نواه بمثله، لا مع نواه بما مع نواه، ولا منزوع نواه بما نواه فيه، ولا حب بدقيقه أو سويقه، ولا دقيق حب بسويقه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ككشك) فيه أنه لا يمكن كشكًا إلا بانضمام القمح إلى اللبن، كما أنه لا يمكن جعله جبنًا إلا بانضمام (¬2) الإنفحة إليه، فَلِمَ جُعِل هذا مما ليس لمصلحته، وذاك مما هو لمصلحته؟. ويمكن الفرق بينهما: بأن ضم البر إلى اللبن ليس علة في بقاء أحدهما على حاله، ولا في وجوده بخلاف ضم الملح إلى السمن، والإنفحة (¬3) إلى الجبن، وأما تسمية هذا كشكًا فإنما نشأت عن الهيئة الاجتماعية، ولو أبقي أحدهما منفردًا عن الآخر لم يفسد. ¬
ولا خبز بحبه أو دقيقه أو سويقه، ولا نيئه بمطبوخه، ولا أصله بعصيره، ولا خالصه أو مشوبه بمشوبه، ولا رطبه بيابسه. ولا المحاقلة؛ وهي بيع الحب المشتد في سنبله بجنسه، ويصح بغير جنسه، ولا المزابنة؛ وهي بيع الرطب على النخل بالتمر، إلا في العرايا (¬1)؛ وهي بيعه خرصًا بمثل ما يؤول إليه -إذا جف- كيلًا، فيما دون خمسة أَوْسق، لمحتاج لرطب. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا المحاقلة) مأخوذ من الحقل، وهو الزرع إذا تشعب. * قوله: (ولا المزابنه) هي الدفع بشدة. * قوله: (بمثل ما يؤول اليه) ظاهره أن هذا الحكم خاص بالرطب الذي يعتبر تمرًا، فما لا يعتبر تمرًا لا يصح فيه ذلك، وهل هو كذلك؟، حرر (¬2). * قوله: (لمحتاج لرطب) ظاهره أنه لا يعتبر حاجة البائع، فلو احتاج إلى التمر ولا ثمن معه إلا الرطب لا يصح. وقال أبو بكر (¬3) والمجد (¬4) بجوازه بطريق الأولى؛ لأنه إذا جاز مخالفة الأصل لحاجة التفكه، فلحاجة القوت أولى. ¬
ولا ثمن معه، بشرط الحلول وتقابضهما بمجلس العقد، ففي نخل بتخلية، وفي تمر بكيل، فلو سلم أحدهما ثم مشيا فسلم الآخر صحَّ، ولا تصح في بقية الثمار، ولا زيادة مشترٍ ولو من عدد في صفقات. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا ثمن) المراد: ولا نقد، وبه عبر صاحب الإقناع (¬1)، ومشى عليه شيخنا في شرحه (¬2). * قوله: (بشرط الحلول وتقابضهما بمجلس العقد) وهما شرطان أيضًا فيما بيع بجنسه، لكن مع التماثل، كما يدل على اعتباره كلامه -فيما تقدم (¬3) وما يأتي (¬4) - وصرح في المستوعب (¬5) باشتراط التعيين أيضًا، فينضم إلى هذه الشروط الثلاثة. قال المص في شرحه (¬6): هو يعني كلام المستوعب: "مراد من أطلق". قال شيخنا في الحاشية (¬7): "لكن في الباب ما ينافيه". * قوله: (فسلم الآخر صحَّ) لحصول القبض قبل التفرق عرفًا (¬8). * [قوله: (ولا زيادة مشترٍ)؛ أيْ: على ما سبق (¬9) في قوله: "فيما دون خمسة ¬
ويصح بيع نوعَي جنس أو نوع بنوعَيه أو نوعه، كدينار قراضةٍ، وهي قطع ذهب أو فضة، وصحيح بصحيحَين أو قراضتَين، أو صحيح بصحيح، وحنطة حمراء وسمراء ببيضاء، وتمر معقلي (¬1) وبرني (¬2) بإبراهيمي (¬3)، ونوى بتمر فيه نوى، ولبن بذات لبن، وصوف بما عليه صوف، ودرهم فيه نحاس بنحاس أو بمساويه في غش، وذات لبن أو صوف بمثلها، وتراب معدن وصاغة بغير جنسه، وما مُوِّهَ بنقد -من دار ونحوها- بجنسه، ونخل عليه ثَمَرٌ بمثله وبتمر (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ أوسُق"] (¬5)، فالمراد: ولا يصح زيادة مشترٍ على القدر المأذون فيه، وهو ما دون خمسة أوسُق، ولو كانت هذه الزيادة من عدد صفقات؛ أيْ: بيعات متعددة. * قوله: (بجنسه)؛ أيْ: جنس النقد المموه به. * قوله: (وبتمر) قال المص في شرحه (¬6): "لأن ما يجري فيه الربا مما تقدم غير مقصود بالبيع، فوجوده كعدمه"، انتهى. وهل يدخل تبعًا، أو يكون لبائعه؟. . . . . . ¬
لا ربوي بجنسه ومعهما أو أحدهما من غير جنسهما، كمُدِّ عجوة (¬1) ودرهم بمثلهما، أو بمدين أو بدرهمَين إلا أن يكون يسيرًا لا يقصد، كخبز فيه ملح بمثله وبملح، ويصح "أعطني بنصف هذا الدرهم نصفًا، وبالآخر (¬2) فلوسًا أو حاجة" أو "أعطني به نصفًا وفلوسًا، ونحوه، وقوله لصائغ صغ لي خاتمًا وزنه درهم وأعطيك مثل زنته، وأجرتك درهمًا". وللصائغ أخذ الدرهمَين أحدهما في مقابلة الخاتم، والثاني أجرة له. ومَرجع كيل: عُرف المدينة، ووزن: عرف مكة على عهد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وما لا عُرف له هناك يعتبر في موضعه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جزم بعضهم بالثاني (¬3) (¬4). * قوله: (وبالآخر فلوسًا) لعله بشرط أن يعلم أن الغش الذي في نصف الدرهم الذي يأخذه، مساوٍ للذي في نصف ما يعطيه للصراف، وإلا فالجهل بالتساوي، منزل منزلة العلم بالتفاضل. * قوله: (مثل زنته) لعل المراد بزنته ما عدا الغش الذي فيه -كما هو ظاهر-. * قوله: (الخاتم)؛ أيْ: فضته (¬5). ¬
1 - فصل
فإن اختلف اعتبر الغالب، فإن لم يكن ردَّ إلى أقرب ما يشبهه بالحجاز، وكل مائع مكيل. * * * 1 - فصل ويحرم ربا النسيئة بين ما اتفقا في علة ربا الفضل، كمُدِّ برٍّ بمثله أو شعير، وكقزٍّ بخبز، فيُشترط حلول وقبض بالمجلس، لا إن كان أحدهما نقدًا، إلا في صرفه بفلوس نافقة. ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (في علة ربا الفضل) وهي الكيل والوزن. * قوله: (بالمجلس) قال شيخنا: "ولا يقال: يلزم من الحلول القبض (¬1)، لانتقاضه بنحو ما إذا باعه طلوع الشمس، بشرط تأجيله إلى الظهر ولم يتفرقا من المجلس، وأقبضه فيه، فتأمل! ". أقول: النقض ليس واردًا على محل الدعوى، إذ المدعى أنه يلزم من الحلول القبض وتقدير النقض عكسه، وهو أنه لا يلزم من القبض بالمجلس الحلول، ومثل هذا لا يتأتى إلا في اللازم المساوي. * قوله: (في صرفه)؛ أيْ: النقد. * قوله: (نافقة) إلحاقًا لها بالنقد، خلافًا لجمع (¬2) (¬3)،. . . . . . ¬
ويحل نسَاء في مكيل بموزون، وفيما لا يدخله ربا فضل، كثياب وحيوان وتِبْن. ولا يصح بيع كالئ (¬1) بكالئ؛ وهو دين بدين، ولا بمؤجَّل لمن هو عليه، أو جعله رأس مال سلم، ولا تصارف المدينَين بجنسَين في ذمتهما (¬2) ونحوه، ويصح إن أحضر أحدهما (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وتبعهم في الإقناع (¬4)، وهو الموافق لما أسلفه المص أول الباب (¬5)، حيث قال: "ولا في فلوس عددًا ولو نافقة". * قوله: (في مكيل بموزون) كمُدِّ بُرٍّ برطل سكر. * قوله: (وهو دين بدين) تفسير لبيع الكالئ بالكالئ على حذف المضاف؛ أيْ: بيع دين بدين، ولا يصح جعله تفسيرًا للكالئ لئلا يضيع قول المص "بكالئ". * قوله: (ولا بمؤجل)؛ أيْ: ولا يبيع دين بمؤجل. . . إلخ. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى- على قوله: (بمؤجل)؛ أيْ: ولا يبيعه لغير من هو عليه مطلقًا؛ أيْ: بمؤجل أو غيره؛ يعني: فقول المص: "لمن هو عليه" لا محترز له. * قوله: (أحدهما)؛ لأنه خرج عن كونه بيع دين بدين،. . . . . . ¬
[أو كان أمانة] (¬1). من وكَّل غريمه في بيع يسلعته وأخذ دينه من ثمنها، فباع بغير جنسى ما عليه لم يصح أخذه. ومن عليه دينار، فبعث إلى غريمه دينارًا وتتمته دراهم، أو أرسل إلى من له عليه دراهم، فقال للرسول: "خذ حقك منه دنانير". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى كونه بيع دين بعين. * قوله: (أو كان أمانة)؛ أيْ: والآخر مستقر في الذمة، وأن يكون ذلك بسعره (¬2) في (¬3) يوم المصارفة -على ما يأتي (¬4) آخر الباب-. * قوله: (لم يصح أخذه)؛ لأنه أذن له في أخذ الدين، لا في الاعتياض، وانظر لم لا يكون الإذن في القبض إذنًا فيه وفي ضمنه إذنٌ في الاعتياض، تدبر!. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى- على قوله: (أخْذُه)؛ يعني: ناقصًا في الوزن. * قوله: (إلى غريمه) صاحب الدينار. * قوله: (أو أرسل)؛ أيْ: أو أرسل من عليه دنانير للرسول الذي أرسله إلى من له عليه دراهم، وقال ذلك المرسل في حال إرساله: إذا وصلت (¬5) إلى من أرْسِلُكَ إليه، فخذ منه قدر حقك دنانير صحاحًا نظير مالك، فقال المرسل إليه للرسول: خذ مني دراهم صحاحًا في نظير ما لك من الدنانير، لم يجُز؛ لأنه لم يوكِّله في الصرف. ¬
2 - فصل
فقال الذي أرسل إليه "خذ صحاحًا بالدنانير": لم يجُز. * * * 2 - فصل والصرف بيع نقد بنقد، ويبطل كسلم بتفرقٍ يُبطل خيار المجلس، قبل تقابض، وإن تأخر في بعض بطلا فيه فقط. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فقال)؛ أيْ: المرسل اسم فاعل. * قوله: (خذ صحاحًا)؛ أيْ: دراهم صحاحًا. * قوله: (لم يجُز)؛ لأنه لم يوكِّله في الصرف الثاني، الذي هو صرف الدنانير بالدراهم، وإنما وكَّله في الصرف الأول حال الإرسال، وهو صرف الدراهم بالدنانير. فصل * قوله: (بتفرق يبطل) بأن يكون تفرقًا بالأبدان عرفًا. * قوله: (قبل تقابض)؛ أيْ: من الجانبَين في صرف، ومن جانب واحد في السلم إذ المعتبر فيه قبض رأس ماله، وأما المسلم فيه [فمن شرطه] (¬1) التأجيل، فالتفاعل مستعمل في حقيقته ومجازه معًا، وهو جائز عندنا (¬2). * قوله: (بطُلا)؛ أيْ: الصرف والسلم. * قوله: (فيه)؛ أيْ: في البعض الذي تأخر قبضه. * قوله: (فقط) والاعتياض عن أحد (¬3) العوضَين وسقوطه عن ذمة أحدهما ¬
ويصح التوكيل في قبض في صرف ونحوه ما دام موكِّله بالمجلس. ولا يبطل بتَخَايُرٍ فيه، وإن تصارفا على عينَين من جنسَين، ولو بوزن متقدم أو خبر (¬1) صاحبه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يقوم مقام القبض، كما يدل عليه كلام الأصحاب (¬2)، مال إليه ابن قندس (¬3)، ونقل ما يؤيده من كلامهم، وقطع به في الإقناع (¬4)، حاشية (¬5). * قوله: (بالمجلس)؛ يعني: سواء استمر الوكيل بالمجلس، أو فارقه بعد أن وكَّل، ثم عاد وقبض؛ لأنه كالآلة للموكِّل، لصدور العقد منه. أما لو وكَّل (¬6) في العقد كان المعتبر حال الوكيل دون الموكِّل، حاشية (¬7). * قوله: (بتخاير فيه)؛ أيْ: وإن ظنا أن شرط الخيار فاسد (¬8)، إذ لا تنافي بين بطلان الشرط وصحة العقد -كما علم مما سبق (¬9) -. * قوله: (على عينَين)؛ أيْ: معيَّنَين. * قوله: (أو خَبَرِ صاحبه) المراد: ولو كان طريقُ العلمِ بوزنهِ المشاهدة، أو الأخبار، لكن عبارته لا تفي بمراده، مع ما فيها من حذف العائد. ¬
وظهر غصب أو عيب في جميعه -ولو يسيرًا من غير جنسه- بطل العقد، وإن ظهر في بعضه بطل فيه فقط. وإن كان من جنسه فلآخذه الخيار، فإن ردَّه بطل، وإن أمسك فله أرشه بالمجلس، لا من جنس السليم، وكذا بعده. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (من غير جنسه)؛ أيْ: إن كان من غير جنسه، فليس "مِن" مدخول الغاية. * قوله: (بطُل العقد)؛ أيْ: لإفضائه (¬1) إلى بيع ما لم يسمَّ في العقد، ولابن نصر اللَّه هنا كلام (¬2) نقله شيخنا في الحاشية (¬3) معقبًا له بالتورك عليه، وفيه شيء يظهر بالتأمل. * قوله: (بطُل فيه)؛ أيْ: في البعض الموصوف بكونه مغصوبًا، أو معيبًا (¬4). * قوله: (لا من جنس السليم) ويجوز من جنس المعيب، لحصول التقابض في المجلس، بخلافه في الثانية، حيث اشترط أن يكون من غير جنسهما للزوم التصرف قبل القبض. * قوله: (بعده)؛ أيْ: المجلس. ¬
إن جعل من غير جنسهما، وكذا سائر أموال الربا إذا بيعت بغير جنسها مما القبض شرط فيه، فبرٌّ بشعير وُجد بأحدهما عيب، فأرش بدرهم أو نحوه مما لا يشاركه في العلة جاز. وإن تصارفا على جنسَين في الذمة إذا تقابضا قبل الافتراق -والعيب من جنسه- فالعقد صحيح، فقبل تفرُّق له إبداله أو أرشه، وبعده. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (إن جعل)؛ أيْ: الأرش. * قوله: (من غير جنسهما)؛ أيْ: النقدَين. * قوله: (فبرٌّ) هو مبتدأ. * قوله (بشعير) متعلق بمحذوف على أنه صفة [لـ "برٍّ"] (¬1) فساغ الابتداء به؛ أيْ: فبرٌّ بيع بشعير. * وقوله: (جاز) جواب لشرط محذوف، والجملة خبر المبتدأ، والتقدير: إذا وجد بأحدهما عيب، فأرش. . . إلخ جاز، فتدبر!. * قوله: (في الذمة) كدينار بندقي (¬2) بعشرة دراهم فضة. * قوله: (له إبداله) بخلاف ما قبلها حيث صرح المحشي (¬3) فيها بأنه ليس له طلب بدله، والفرق أنه في الأولى وقع العقد على معين، وهنا على ما في الذمة، -كما يؤخذ من تعليل المحشِّي-، وهو ظاهر. * قوله: (وبعده)؛ أيْ: التفرق. ¬
له إمساكه مع أرش، وأخذ بدله بمجلس ردٍّ، فإن تفرقا قبله بطل. وإن لم يكن من جنسه، وتفرقا قبل ردٍّ وأخذِ بدلٍ بطل. وإن عُيِّن أحدهما دون الآخر، فلكلٍّ حكم نفسه. والعقد على عينَين ربويَّين من جنس كمن جنسَين. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مع أرش)؛ أيْ: من غير جنس السليم، على قياس السابقة. * قوله: (قبلِه)؛ أيْ: قبل أخذ البدل، لا الأرش. * قوله: (بطُل)؛ أيْ: عقد الصرف. * قوله: (فتفرقا) لو أتى بالواو لكان أحسن؛ لأنه لا معنى للتفريع هنا، لكن قال شيخنا: "إنها رابطة للجواب، داخلة على شرط مقدر قبل قوله: "تفرقا"، وقوله فيما بعد: "بطل" جواب لذلك الشرط المقدر، وهو وجوابه جواب للشرط المذكور (¬1) ". * قوله: (بطُل)؛ أيْ: عقد الصرف. * قوله: (على عينَين) لا يقال قَيدَ بـ "عينَين" ليتأتى (¬2) على كلام صاحب المستوعب (¬3) من أنه لابد من التعيين، خصوصًا وقد قال في شرحه (¬4) -فيما تقدم (¬5) -: ¬
إلا أنه لا يصح أخذُ أرش مطلقًا. وإن تلف عوض قبض في صرف، ثم عُلم عيبه وقد تفرقا فُسخ ورُدَّ الموجود، وتبقى قيمة المعيب في ذمة من تلف بيده، فيُرَدُّ مثلها أو عوضها إن اتفقا عليه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ "وهو مراد من أطلق. . . إلخ"؛ لأنا نقول: سيأتي (¬1) في أواخر الفصل الذي بعد هذا من قوله: "وفي الذمة وقد تقابضا وافترقا، فالزائد بيد قابض مشاع". * قوله: (إلا أنه)؛ أيْ: الشأن والحال. * وقوله: (لا يصح) في مسألة العقد على عينَين من جنس. * قوله: (مطلقًا)؛ أيْ: سواء كان من جنس السلم أو غيره، وسواء كان ثمنًا أو مثمنًا، وسواء كان قبل التصرف أو بعده؛ لأنه إن كان من الجنس أدى إلى التفاضل، وإن كان من غيره أدى إلى مسألة مُدِّ عجوة. * قوله: (قبض في صرف)؛ أيْ: فيما إذا كان العوضان من جنس واحد، حتى لا يعارض ما تقدم (¬2) في خيار العيب، من أنه يؤخذ الأرش ولا فسخ، فراجع الحاشية (¬3)!. * قوله: (ثم علم عيبه) بأن أخبره ثقة كان شاهده قبل تلف. * [قوله: (فسخ)؛ أيْ: فسخه الحاكم] (¬4). * قوله: (مثلها)؛ أيْ: مثل القيمة. ¬
3 - فصل
ويصح أخذ أرشه ما لم يتفرقا إن كان العوضان من جنسَين. * * * 3 - فصلٌ ولكلٍّ الشراء من الآخر من جنس ما صرف، بلا مواطأة. وصارف فضة بدينار أعطى أكثر ليأخذ قدر حقه منه، ففعل: جاز، ولو بعد تفرق، والزائد أمانة، وخمسة دراهم بنصف دينار فأعطى دينارًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أخذ أرشه) لا من جنس السليم -كما تقدم (¬1) -. * قوله: (من جنسَين) أما إن كانا من جنس واحد فلا، لئلا يفضي إلى التفاضل أو إلى مسألة مُد عجوة ودرهم -كما سبق (¬2) -. قال شيخنا في شرحه (¬3): "ويصح أخذه بعد التفرق (¬4) من غير جنس النقدَين". فصل * قوله: (أعطى أكثر. . . إلخ)؛ أيْ: أعطى دراهم أكثر من قدر حقه، فالآتية عكسها. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى- على قوله: (أعطى. . . إلى آخره) حرر هذه العبارة ¬
صحَّ، وله مصارفته بعد بالباقي. ولو اقترض الخمسة، وصارفه بها عن الباقي، أو دينارًا بعشرة فأعطاه خمسة، ثم اقترضها ودفعها عن الباقي صحَّ بلا حيلة، وهي التوسل إلى محرم بما ظاهره الإباحة، والحيل كلها غير جائزة في شيء من الدِّين. ومن عليه دينار فقضاه دراهم متفرقة، كل نقدة بحسابها منه: صح، وإلا فلا، ومن له على آخر عشرة وزنًا فوفَّاها عددًا، فوُجدت وزنًا أحدَ عشر فالزائد مشاع مضمون، ولمالكه التصرف فيه. ـــــــــــــــــــــــــــــ من جهة التركيب العربي، ويمكن أن يكون على تقدير شرط؛ أيْ: إن أعطى أكثر ليأخذ قدر حقه ففعل، ويكون قوله: "جاز" جواب الشرط، وجملة الشرط وجوابه خبر المبتدأ، وكذا يقال فيما بعده، إلا أنه يشكل أو يجعل جملة "أعطى. . . إلخ" صفة لـ "صارف" وقوله: "ففعل. . . إلخ" على تقدير شرط؛ أيْ: فإن فعل جاز، والوجه الأول هو الذي سلكه الشيخ في شرحه (¬1). * قوله: (صحَّ) حرر أيضًا هذه العبارة (¬2). * قوله: (بالباقي)؛ لأنه أمانة بيده. * قوله: (وهي)؛ أيْ: الحيلة مطلقًا، وأما هنا فهي التوسل إلى التفرق قبل قبض تمام العوض فيما التقابض شرط فيه. * قوله: (وإلا فلا)؛ لأنه بيع دين بدين. * قوله: (ولمالكه التصرف فيه) لمن هو في يده وغيره، من غير توقف على ¬
ومن باع دينارًا بدينار لإخبار صاحبه بوزنه، وتقابضا وافترقا، فوجده ناقصًا بطل العقد وزائدًا، والعقد على عينَيهما بطل أيضًا، وفي الذمة -وقد تقابضا وافترقا- فالزائد بيد قابضٍ مشاع مضمون. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إذن من هو بيده. * قوله: (بطُل)؛ لأنه بيع ذهب بذهب متفاضلًا. * قوله: (بطُل أيضًا) انظر ما الفرق بين ما إذا وجده ناقصًا، وما إذا وجده زائدًا، حيث اعتبر الإطلاق في الأول، والتفصيل بين ما إذا كانا معينَين أو في الذمة في الثاني؟. ثم رأيته في الحاشية (¬1) قال ما نصه: "تنبيه: مقتضى كلامه فيما إذا وجده ناقصًا، أنه لا فرق بين المعيَّن وما في الذمة، ونقله في المغني (¬2) عن ابن عقيل صريحًا، ومقتضى ما يأتي أنه يصح فيما إذا كان في الذمة بقدر الناقص"، انتهى. * [قوله: (وفي الذمة) قال شيخنا (¬3): "هذا يعارض ما تقدم (¬4) من قوله في شرحه (¬5): "لا بد من التعيين -كما صرح به صاحب المستوعب (¬6) - وهو مراد من أطلق"، انتهى] (¬7). ¬
وله دفع عوضه من جنسه وغيره، ولكلٍّ فسخ العقد، ويجوز الصرف والمعاملة بمغشوش -ولو بغير جنسه- لمن يعرفه. ويحرم كسر السِّكة (¬1) الجائزة بين المسلمين، إلا أن يختلف في شيء منها، هل هو رديء أو جيد؟، والكيمياء (¬2) غشٌّ، فتحرم. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (من جنسه وغيره)؛ لأنه ابتداء معاوضة، لا تتميم للعقد الأول، فليس كمسألة أخذ الأرش. * قوله: (فسخ العقد) مقتضى كلام في شرحه (¬3) أنه لا يتوقف الفسخ على حاكم، فليحرر (¬4)!. * قوله: (الجائزة) انظر ما أراده بالجائزة، وما احترز بذلك عنه (¬5). * قوله: (والكيمياء غش فتحرم) زاد في الإقناع (¬6): "ولو ثبتت على الروباص" (¬7). ¬
4 - فصل
4 - فصل ويتميز ثمن عن مثمن بباء البدلية، ولو أن أحدهما نقد، ويصح اقتضاء نقد من آخر إن حضر أحدهما، أو كان أمانة والآخر مستقر في الذمة بسعر يومه، ولا يُشترط حلوله، ومن اشترى شيئًا بنصف دينار لزمه شق، ثم إن اشترى آخر بنصف آخر لزمه شقٌّ أيضًا، ويجوز إعطاؤه عنهما صحيحًا، لكن إن شرط ذلك في العقد الثاني أبطله، وقبل لزوم الأول يُبطلهما. وتتعين دراهم ودنانير بتعين في جميع عقود المعاوضات، وتُملك به، فلا يصح إبدالهما. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (ويصح اقتضاء نقد) هذه المسألة تقدمت (¬1) قبيل فصل الصرف بأسطر، تدبر! غير أن بعض شروطها المذكورة هنا لم تتقدم. * قوله: (بسعر يومه)؛ أيْ: يوم الاقتضاء. * قوله: (أبطله) لتضمنه اشتراط زيادة ثمن العقد الأول، حاشية (¬2). * قوله: (يبطلهما) أما الثاني فللعلة السابقة، وأما الأول فلوجود ما يفسده وهو ما تضمنه الشرط المذكور من زيادة ثمن العقد الثاني فأفسده (¬3) قبل لزومه. ¬
ويصح تصرفه فيها، المنقِّح: "إن لم يحتج إلى وزن أو عدٍّ"، فإن تلفت فمن ضمانه. ويُبطل غير نكاح وخلع وعتق، وصلح عن دم عمد، بكونها مغصوبة، أو معيبة من غير جنسها، وفي بعض هو كذلك فقط. ومن جنسهما يُخيَّر بين فسخ أو إمساك بلا أرش، إن تعاقدا على مثلَين، وإلا فله أخذه، لا بعد المجلس، إلا إن كان من غير الجنس. ويحرم الربا بدار حرب ولو بين مسلم وحربي، لا بين سيد ورقيقه ولو مدبَّرًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فمن ضمانه)؛ أيْ: ضمان باذلها، وهذا مُفَرَّع على كلام المنقِّح (¬1)، وكان الأظهر تأخير حكاية كلام المنفح عن قوله: "فإن تلفت. . . إلخ" ليكون كلام المنقِّح تقييدًا (¬2) للأمرَين. * قوله: (فله أخذه)؛ أيْ: من غير جنس السليم -على ما سبق (¬3) -. * قوله: (إن كان من غير الجنس) هذا مشروط بأن لا يكون مما يشركه في علة الربا -كما صرح به شيخنا في شرحه (¬4) -. * قوله: (لا بين سيد ورقيقه)؛ أيْ: لا يحرم الربا في أيِّ مكان بين سيد. . . إلخ. ¬
أو أمَّ ولد، أو مكاتبًا في مال كتابة. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو أم ولد)؛ لأن المال الذي بيديهما كلَّه للسيد. * قوله: (في مال كتابة)؛ أيْ: فقط، دون غير مالها، فلا يجوز الربا فيه. * * *
4 - باب بيع الأصول والثمار
4 - باب بيع الأصول والثمار الأصول: أرض ودُور وبساتين ونحوها، والثمار: أعم مما يؤكل. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب بيع الأصول والثمار * قوله: (ونحوها) كالمعاصر، والطواحين. * قوله: (والثمار أعم مما يؤكل)؛ يعني: أن المراد بالثمار هنا ما هو [أعم من] (¬1) الثمار المأكولة، والثمار الغير المأكولة، وليس (¬2) خاصًّا بما يؤكل منها. ومن هذا التقرير تعلم ما في حاشية الحجاوي على التنقيح (¬3) وعبارته: "قوله: "والثمار أعم مما يؤكل"؛ أيْ: الثمار تعم الثمار المأكولة وغير المأكولة، ولفظة مما يؤكل أخص، وهذا غير صحيح، بل ما يؤكل يشمل الثمار وغيرها مما يؤكل، والثمارُ لا تتناول غير الثمار من المأكولات، فلو عكس كان له وجه، ولا أدري ما الذي اضطره إلى هذه الكلمة الغريبة، قال في القاموس (¬4): "الثمر محركة حمل الشجر"، انتهى. ¬
ومن باع أو وهب أو رهن أو وقف أو أقرَّ أو وصَّى بدار، تناول أرضها -بمعدنها الجامد- وبناءها، وفناءها إن كان، ومتصلًا بها لمصلحتها -كسلاليم ورفوف مسمَّرة، وأبواب، ورحًى منصوبة، وخوابي (¬1) مدفونة- وما فيها من شجر وعرش، لا كنز وحجر مدفونيَن. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه (¬2) قوله: (مما يؤكل) فيشمل القرظ (¬3). * قوله: (أو أوصى) انظر هل مثل هذا يعد من باب التنازع، فإنه قد اقتضى كل من العوامل السابقة العمل فيه، غير أنه يتعدى بعضها إليه بلا واسطة، وبعضها بالواسطة، لكن المص في شرحه (¬4) قدَّر لما يتعدى بنفسه مفعولًا مستقلًا، وجعل المذكور معمولًا لـ"أقر"، و"أوصى" وتبعه على ذلك شيخنا في شرحه (¬5). * قوله: (تَنَاول) فعل به "باع. . . إلخ". * قوله: (أرضها) حيث لا مانع، كما لو كانت الأرض موقوفة كسواد العراق ونحوه، قاله في شرحه (¬6). * قوله: (لا كنز وحجر) قال شيخنا: "كان الظاهر نصب كنز، وحجر، ومنفصل بالعطف على مدخول "تناول" -كما يشهد له المعنى-"، انتهى. ¬
ولا منفصل كحبل ودلو وبكرة وقفل وفرش ومفتاح، وحجر رحًى فوقاني، ولا معدن جار، وماء نبع، وبأرضٍ أو بستانٍ، دخل غراس وبناء ولو لم يقل: بحقوقها، لا ما فيها من زرع لا يُحصد إلا مرة، كبُرٍّ وشعير وقطنيات ونحوها، وفجل وثوم ونحوه، ويبقى لبائع إلى أول وقت أخذه بلا أجرة ما لم يشترطه مشترٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أقول: انظر هل جرُّه بالعطف على قوله قُبَيْلَه: "شجر" مفسد للمعنى، أو المعنى عليه أيضًا صحيح؟، ثم رأيته في الحاشية (¬1) اقتصر عليه، ولم يعرج فيها على ما كان يقرره، وكذا في الشرح (¬2). * قوله: (وبأرض)؛ أيْ: من أقرَّ، أو أوصى بأرض، وكذا من باع، أو وقف، أو وهب، أو رهن. * قوله: (ويبقى لبائع) الأشمل: لدافع. * قوله: (وقت أخده)؛ أيْ: أخْذِ دافع، بائعًا كان أو غيره. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-[على قوله] (¬3): (وقت أخذه)؛ أيْ: وقته المعتاد، لا وقت أخذه بالفعل، وإن تأخر عن الوقت العادي. * قوله: (ما لم يشترطه)؛ أيْ: كون الزرع له، كذا في شرحه (¬4). وانظر هل يصح رجوعه للأجرة؛ أيْ: ما لم يشترط المشتري كون البقاء بأجرة؟ والظاهر صحته. ¬
وإن كان يُجزُّ مرة بعد أخرى كرطبة وبُقول، أو تتكرر ثمرته كقثاء وباذنجان، فأصول لمشترٍ وجَزَّةٌ ظاهرة، ولقطة أولى لبائع، وعليه قطعها في الحال ما لم يشترط (¬1) مشترٍ، وقصب سكر كزرع، وفارسي كثمرة، وعروقه لمشترٍ. وبذر بقي أصله كشجر، وإلا فكزرع. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وبُقول) كنعنع (¬2)، وهندباء (¬3). * قوله: (ولقطة أولى)؛ أيْ: دخول ذلك في البيع. * قوله: (كزرع) فيبقى لبائع إلى أوَان أخذه. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى- على قوله: (كزرع) لعله ما لم يكن يخلفه غيره، كالذي يسمى خِلْفَة (¬4)، فإنه كالفارسي، والثمرة لا كالزرع. * قوله: (كثمرة)؛ أيْ: أصوله لمشترٍ، وما ظهر منه لبائع ويقطعه في الحال. * قوله: (وبذر يبقى أصله كشجر)؛ يعني: حكم النوى، ويذر الرطبة (¬5) ونحوها حكم الشجر، علقت عروقه أو لا، وهذا مقيد بما إذا أريد به البقاء والدوام. أما إذا لم يرَد به ذلك، بل أريد نقله إلى موضع آخر ويسمى الشتل، أو كان ¬
ولمشترٍ جهِله الخيار بين فسخ وإمضاء مجانًا، ويسقط إن حوله بائع مبادرًا بزمن يسير، أو وهبه ما هو من حقه، وكذا مشتر نخلًا ظن طلعها لم يؤبَّر، فبان مؤبَّرًا، لكن لا يسقط بقطع. ـــــــــــــــــــــــــــــ أصله لا يبقى في الأرض، فحكمه حكم الزرع، حجاوي (¬1). * قوله: (مجانًا)؛ أيْ: من غير أرش. * قوله: (ويسقط)؛ أيْ: خيار مشترٍ. * قوله: (ما هو من حقه) المراد: بما من حقه البذر. * قوله: (مؤبَّرًا) المراد: بَانَ طلعه مشققًا؛ لأن الحكم منوط بالتشقق، لا بالتأبير، بدليل ما يأتي أول الفصل الآتي (¬2)، وإن كان ظاهر الحديث (¬3) خلافه، وكذا صريح ما في المطلع (¬4)، وعبارته: "وفسر المص؛ يعني: صاحب المقنع (¬5)، التأبير بالتشقق؛ لأنه لا يكون حتى يتشقق الطلع، وهو وعاء العنقود، ولما كان الحبهم متعلقًا بالظهور بالتشقق بغير خلاف، فسِّر التأبير به، فإنه لو تشقق طلعه ولم يؤبر، كانت الثمرة للبائع"، انتهى، وهو موافق لما سيذكره المص (¬6)، فتنبه له!. * قوله: (لا يسقط)؛ أيْ: الخيار. * قوله: (بقطع)؛ أيْ: للطلع. ¬
1 - فصل
ويثبت لمشترٍ ظن دخول زرع أو ثمرة لبائع، كما لو جهل وجودهما، والقول قوله في جهل ذلك إن جهله مثله. ولا تدخل مزارع قرية بلا نص أو قرينة، وشجر بين بنيانها، وأصول بقولها كما تقدم. * * * 1 - فصل ومن باع أو رهن أو وهب نخلًا تشقق طلعه (¬1). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لمشترٍ)؛ أيْ: يثبت الخيار لمشترٍ أرضًا، أو شجرًا ظن دخول ما في الأرض من زرع قلنا إنه للبائع، وما على الشجر من ثمر كذلك فتبين خلاف ظنه، وأنهما لم يدخلا في بيعهما، وحينئذ فقوله: "لبائع" في موقع الحال؛ أيْ: في حال كونهما لبائع، وليس متعلقًا بـ "دخول". * قوله: (أو قرينة) كمساومة على الجميع، وبذل ثمن لا يصلح إلا فيها وفي أرضها. * قوله: (كما تقدم)؛ أيْ: في بيع الأرض، من أنه يدخل تبعًا (¬2). فصل ¬
-ولو لم يؤبَّر (¬1) - أو طَلْعُ فُحَّال (¬2) (¬3)، أو صالح به، أو جعله أجرة أو صداقًا أو عوض خلع فثمر. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو طلع فحال) الأظهر أنه خبر "كان" المحذوفة مع اسمها، وهو كثير في مثل هذا المقام (¬4)، والتقدير: أو كان الطلع طلع فحال، و"أو" عاطفة على مدخول "لو"، وتقدير الشارح (¬5): "أو باع نخلًا به طلع فحال" لا يخلو عن تكلف، مع ما فيه من كثرة المحذوفات. ويحتمل أن يكون "طلعه" مبتدأ، قُدم عليه خبره الفعلي عند من يراه (¬6)، وهو جملة "تشقق" وقوله: "أو طلع فحال" عطف على ذلك الخبر، والأصل: من باع نخلًا طلعه تشقق، أو: طلعه طلع فحال، فيكون "طلع فحال" مرفوعًا، لا منصوبًا، فتدبر!. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى- على قوله: (طِلع) بكسر الطاء على ما في حاشية الحجاوي على إقناعه (¬7)، وهو مخالف لما اشتهر من أنه بفتحها (¬8). * قوله: (أو صالح)؛ أيْ: صلحًا في معنى البيع أو لا. ¬
لم يشترطه أو بعضه المعلوم آخذ لمُعط، متروكًا إلى جذاذ، ما لم تجر عادة بأخذه بُسرًا أو يكن خيرًا من رطبه -إن لم يشترط قطعه- ولم (¬1) يتضرر النخل ببقائه، فإن تضررت قُطع، بخلاف وقف ووصية، فإن الثمرة تدخل فيهما، كفسخ لعيب، ومقايلة في بيع، ورجوع أب في هبة. وكذا ما بدا من عنب وتين وتوت ورمَّان وجوز. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ووصية) انظر الحكم في مسألة الإقرار بالأصل، وفي كلام بعضهم أنه مثلهما اتجاهًا (¬2). * قوله: (ورجوع أب في هبة) إما أن يكون هذا مبنيًّا على أن (¬3) الزيادة المتصلة لا تمنع الأب من الرجوع في الهبة (¬4)، أو يحمل التشقق فيها على تشقق لا تحصل به الزيادة، كما إذا كانت النخل ذات طلع حين الهبة، وتشققت بعد، فرجع الأب بعد تشققها، أشار إليه شيخنا في الحاشية (¬5). * قوله: (وكذا ما بدا من عنب) قال في المغني (¬6): "وجملة ذلك أن الشجر ¬
أو ظهر من نَوره (¬1)، كمشمش وتفاح وسفرجل ولوز، أو خرج من أكمامه كورد قطن، وما قبلُ لآخذ كورق، وكزرع قطن يُحصد كل عام. ويقبل قول مُعط في بُدوٍّ، ويصح شرط بائع ما لمشترٍ، أو جزءًا منه معلومًا، وإن ظهر أو تشقق بعض ثمرة أو طلع -ولو من نوع- فلبائع، وغيره لمشترٍ، إلا في شجرة فالكل لبائع، ولكلٍّ السقي لمصلحة ولو تضرر الآخر. ـــــــــــــــــــــــــــــ على خمسة أضرب؛ أحدها: ما يكون ثمره في أكمامه ثم تتفتح الأكمام فيظهر، كالنخل الذي وردت السنة فيه، ومن هذا الضرب القطن، وما يقصد نَوره كالورد، والياسمين، والنرجس، والبنفسج، الثاني: ما تظهر ثمرته بارزة ولا قشر عليها ولا نوَر، كالتين، والتوت، والجميز (¬2)، والثالث: ما يظهر في قشره ثم يبقى فيه إلى حين الأكل كالرمان، والموز، الرابع: ما يظهر في قشرين كالجوز، واللوز، الخامس: ما يظهر نَوره، ثم يتناثر فتظهر الثمرة كالتفاح، والإجاص (¬3)، والمشمش والخوخ"، ثم قال: "والعنب بمنزلة ما له نور؛ لأنه يبدو في قطوفه شيء صغار كحب الدخن، ثم يتفتح ويتناثر، كتناثر النَّور، فيكون من هنا القسم -واللَّه أعلم-"، انتهى ملخصًا، فتأمل ما قاله المص في جانب العنب!. * قوله: (إلا في شجرة)؛ أيْ: تشقق بعض طلعها، وبعضه لم يتشقق. * وقوله: (فالكل)؛ أيْ: كل طلعها المتشقق وغيره. ¬
ومن اشترى شجرة ولم يشترط قطعها أبقاها في أرض بائع، ولا يغرس مكانها لو بادت، وله الدخول لمصالحها. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أبقاها. . . إلخ) مقتضى ما سبق من (¬1) أن لكل منهما السقي (¬2) لمصلحة ولو تضرر الآخر، أن المشتري لا يملك منع البائع من الزرع بجانبها، ولو أضرَّ بها؛ لأنه لا يمنع من الانتفاع بملكه ولو أضر بغيره. * قوله: (لو بادت) والظاهر أنه يُفَصَّلُ فيما إذا قطعت، بين (¬3) ما إذا قطعت بفعل المشتري، أو البائع، أو أجنبي، وأنه إن كان بفعل المشتري لا يغرس مكانها؛ لأنه فوَّت على نفسه ويغرس في الأُخْرَيين، فليحرر!. ونُقِل عنه (¬4) أيضًا -رحمه اللَّه تعالى- على قوله: "بادت" بأن انكسرت أو احترقت ونحوه، ونبت شيء من عروقها، فإنه يكون لصاحبها، ويبقى إلى أن يبيد، ذكره الشيخ م ص. وانظر لو حدث معها أولاد صغار بجانبها، ثم بادت هي هل تبقى الأولاد، أو للبائع المطالبة بقلع (¬5) ذلك، أو أجرة مثله (¬6)؟. ¬
2 - فصل
2 - فصل ولا يصح بيع ثمرة قبل بدوِّ صلاحها، ولا زرع قبل اشتداد حبه -لغير مالك الأصل أو الأرض، ولا يلزمهما قَطْعٌ شُرِط- إلا معهما، أو بشرط القطع في الحال إن انتُفع بهما، وليسا مشاعَين، وكذا رطبةٌ وبقول، ولا قثاء ونحوه إلا لَقْطَةً لَقْطَة أو مع أصله. وحصاد ولُقاط وجُذاذ على مشترٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (لغير مالك الأصل أو الأرض) انظر هل يدخل في ذلك لو كان مستأجرًا للأرض، ثم أعارها لمن زرعها، ثم باع المستعير زرعه للمعير هل يدخل في عموم ذلك (¬1)، إذ المعير للأرض يعني لمنفعتها، أو المراد خصوص مالك الرقبة (¬2)؟. * قوله: (إلا معهما)؛ أيْ: مع الأصل، أو الأرض. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى- على قوله: (إلا) مستثنى من عدم الصحة، والمعنى: لا يصح بيع الثمرة بالصفة المذكورة إلا مع الشجر، ولا بيع الزرع قبل اشتداد حبه إلا مع الأرض، ما لم يكن البيع لمالك الأصل والأرض. ¬
وإن ترك ما شُرط قطعه بطل البيع بزيادته، ويُعفى عن يسيرها عُرفًا، وكذا لو رُطبًا عرية فأتمرت. وإن حدث مع ثمرة انتقل ملك أصلها ثمرةٌ أخرى، أو اختلطت مشتراةٌ بغيرها، ولم تتميز، فإن عُلم قدرها فالآخذ شريك به، وإلا اصطلحا، ولا يبطل البيع، كتأخير قطع خشب مع شرطه، ويشتركان في زيادته. ومتى بدا صلاح ثمر، أو اشتد حب جاز بيعه مطلقًا، وبشرط التبقية، ولمشترٍ بيعه قبل جذه وقطعه، وتبقيته. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بطُل البيع) هذه رواية (¬1)، وعلى أخرى أنه لا يبطل (¬2)، والأول أشبه بالقواعد -كما نبه عليه المص في شرحه (¬3) -. * قوله: (مع ثمرة) صفة ثمرة. * قوله: (ولا يبطل البيع) بخلاف ما قبل (¬4)، والفرق أن ذلك يتخذ حيلة على بيع الثمرة، قبل بدوِّ صلاحها، أو الرطب بالتمر (¬5) بخلاف هذا، الحاشية (¬6). * قوله: (مطلقًا)؛ أيْ: من غير شرط القطع أو التبقية. * قوله: (وبشرط التبقية)؛ أيْ: وبشرط القطع، وإنما تركه اكتفاء بقوله ¬
وعلى بائع سقيه، ولو تضرر أصل، ويجبر إن أبى. وما تلف سوى يسير لا ينضبط بجائحة، وهي ما لا صُنع لآدمي فيها، ولو بعد قبض فعلى بائع، ما لم تبع مع أصلها، أو يُؤَخّر أخذها عن عادته، وإن تعيَّبت بها خُيِّر بين إمضاء وأرش، أو رد وأخذ ثمن كاملًا، وبصُنع آدمي خُيِّر بين فسخ أو إمضاء ومطالبة متلِف. وأصل ما يتكرر حمله من قثاء ونحوه كشجر، وثمرته كثمر في جائحة وغيرها. وصلاح بعض ثمرة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ السابق: "أو بشرط القطع في الحال". * قوله: (ولو بعد قبض) ويعايا بها فيقال: مبيع قَبَضَه المشتري، ومع ذلك هو مضمون على البائع. * قوله: (فعلى بائع)؛ لأن مؤنته عليه، فكان من ضمانه. * قوله: (وإن تعيَّبت بها)؛ أيْ: بالجائحة (¬1)؛ يعني: قبل أوان جذاذها (¬2). * قوله: (أو إمضاء) "أو" بمعنى الواو، ضرورة أن "بين" لا تقع إلا بين متعدد، وكذا "خيِّر" يستدعي متعددًا، وكأنه اختار التعبير بـ"أو"، لدفع توهم أن قوله: "ومطالبة متلف" مما يتخير فيه، مع أنه من تعلقاث قوله: "أو إمضاء"، فليس أمرًا ثالثًا. * قوله: (ونحوه) كباذنجان، وخيار، ودُباء. ¬
شجرة صلاح لجميع نوعها الذي بالبستان، والصلاح فيما يظهر فمًا واحدًا كبلح وعنب طِيب أكله، وظهور نضجه، وفيما يظهر فمًا بعد فم كقثاء، أن يؤكل عادةً، وفي حب أن يشتد أو يبيض. ويشمل بيع دابة عذارًا ومِقْوَدًا ونعلًا، وقنٍّ لباسًا معتادًا، ولا يأخذ مشترٍ ما لجمال، ومالًا معه، أو بعض ذلك إلا بشرط، ثم إن قُصد اشترط له شروط البيع، وإلا فلا. ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله: (صلاح)؛ أيْ: بمنزلته] (¬1). * قوله: (ويشمل بيع دابة) هذا قد ذكر على سبيل الاستطراد، لمناسبته (¬2) لما يدخل في بيع الأصول تبعًا، فتدبر!. * قوله: (وقنٍّ) فيه العطف على معمولي عاملَين مختلفَين، وقد قيل بجوازه كما قد قيل بمنعه، وتفصيل ابن الحاجب يقتضي أن ما هنا ممتنع (¬3)، فتدبر!. * قوله: (ثم إن قصد)؛ أيْ: المال الذي معه -كما يؤخذ من تقرير المحشِّي (¬4) -. * قوله: (شروط البيع) كالعلم به، وأن لا يكون بينه وبين الثمن ربا. * * * ¬
5 - باب السلم
5 - باب السَّلَم: عقد على موصوفٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب السلم قال الأزهري (¬1): "السلم، والسلف واحد يقال: سلم وأسلم، وسلف أسلف، بمعنى واحد، هذا قول جميع أهل اللغة، إلا أنه يكون قرضًا أيضًا، مطلع (¬2). * قوله: (عقد على موصوف. . . إلخ) سيأتي في الإجارة (¬3) ما يقتضي أنه يكون في المنافع، كما يكون في الأعيان، حيث قال في: "فصل: والإجارة ضربان. . . إلخ" ما نصه: "وإن جرت بلفظ سلم اعتبر قبض أجرة بمجلس وتأجيل نفع"، ونبه عليه المحشِّي (¬4) هناك، فانظر هل يمكن تأويل عبارة المص هنا بما يمكن أن يشمل المنافع، بأن يحمل الموصوف في الذمة على الأعم من أن يكون عينًا أو منفعة؟ والظاهر أنه لا مانع منه حيث سلم الحكم المذكور، وأشار إلى ذلك الشارحان (¬5) هنا حيث قدَّر المص "عقد على شيء"، وقدَّر شيخنا "عقد على ما يصح بيعه". والشيء، وما يصح بيعه كلاهما أعم من العين والمنفعة. ¬
في ذمة، مؤجلٍ بثمن مقبوض بمجلس العقد. ويصح بلفظه ولفظ "سَلَفٍ وبيع". وهو نوع منه بشروط: أحدها: انضباط صفاته، كموزون ولو شحمًا ولحمًا نيئًا، ولو مع عظمه إن عُيِّن محل يقطع منه، ومكيل ومذروع ومعدود من حيوان ولو آدميًّا. لا في أمة وولدها أو حامل. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو يقال: إن ما كان صريحًا في بابٍ جاز أن يكون كناية في غيره، فيجوز أن يكون المذكور في باب الإجارة على جهة الكناية فيها، لا أنه من السلم المصطلح عليه، فلا حاجة إلى هذا التكلف. * قوله: (في ذمة) والذمة: وصف يصير به المكلف أهلًا للإلزام والاستلزام. * قوله: (ويصح بلفظه ولفظ سلف)؛ أيْ: بلفظ مشتق منهما. * قوله: (انضباط صفاته) المراد: انضباطه بصفاته، فلعل ما ذكره اكتفاء باللازم عن الملزوم، أو بالملزوم عن اللازم، بدليل قوله -فيما يأتي-: "ولا فيما لا ينضبط" حيث لم يقل: ولا فيما لا تنضبط صفاته، فتدبر!. [وبخطه -رحمه اللَّه- على قوله: (انضباط) شرط فيما بعد "لو" الثانية] (¬1). * قوله: (ومذروع) من ثياب، وخيوط. * قوله: (لا في أمة) قال شيخنا: "وعلى قياسه دابة وولدها". * [قوله: (وولدها) مثلًا، لعزة الصفات التي تضبطها] (¬2). ¬
ولا في فواكه وبُقول وجلود ورؤوس وأكارع وبيض ونحوها، وأواني مختلفة رؤوسًا وأوساطًا كقماقم (¬1)، ولا فيما لا ينضبط كجوهر، ومغشوش أثمان أو يجمع أخلاطًا غير متميزة، كمعاجين وندٍّ وغالية (¬2) وقسيٍّ (¬3) ونحوها. ويصح فيما فيه لمصلحته شيء غير مقصود كجبن وخبز، وخلِّ تمر، وسكنجبين (¬4) ونحوها، وفيما يجمع أخلاطًا متميزة كثوب من نوعَين، ونُشَّاب (¬5) ونَبْل مريَّشَين، وخِفاف ورماح ونحوها، وفي أثمان ويكون رأس المال غيرها، وفي فلوس ويكون رأس مالها عرضًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (كجبن) في القاموس (¬6): جُبن كقفل. * قوله: (عرضًا) لا نقدًا، ولا فلوسًا؛ لأنه قد صار لها شبه بالنقدَين في الجملة، وهذا مبني على أنها ملحقة بالنقدَين لا بالعروض، وهو أحد وجهَين فيه (¬7)، والمص اضطرب كلامه فيها (¬8). ¬
وفي عرض بعرض -لا إن جرى بينهما ربًا فيهما- وإن جاءه بعينه عند محله لزم قبوله. الثاني: ذكرُ ما يختلف به ثمنه غالبًا، كنوع وما يميز مختلفه، وقدر حبٍّ، ولون -إن اختلف- وبلده، وحداثته، وجودَته أو ضدهما. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بينهما)؛ أيْ: بين المسلَم فيه ورأس ماله. * وقوله: (فيهما)؛ أيْ: في مسألتَي إسلام عرض في فلوس، وعرض في عرض، فلو أسلم في فلوس وزنها نحاسًا أو حديدًا، أو في تمرٍ برًّا ونحوه لم يصح؛ لأنه يؤدي إلى بيع موزون بموزون، أو مكيل بمكيل نسيئة وهو ربا، شرح (¬1). * قوله: (وإن جاءه بعينه. . . إلخ) ما لم يكن حيلة على محرم، كأن يكون المعقود عليه أمة، بأن أعطاه جارية سنها عشر سنين، على جارية سنها إحدى عشرة سنة، ومكثت عنده سنة يطؤها ثم جاء له بها عند حلوله. بقي في هذه المسألة شيء ينبغي (¬2) التنبه (¬3) له، وهو أن السلم نوع من البيع، والبيع: مبادلة عين أو منفعة أو مال في الذمة، بعين أو منفعة أو مال في الذمة، وهذه المسألة لا مبادلة فيها، فلا ينطبق عليها التعريف، فلعل المبادلة تقديرية بتقدير اختلاف المعقود عليه باختلاف حالتيه. ¬
وسن حيوان، وذكرًا، وسمينًا، ومعلوفًا، وكبيرًا أو ضدها، وصيد أُحْبُولةٍ أو كلب أو صقر، وطول رقيق بشبر، وكحلاء أو دعجاء، وبكارة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو يقال: إن (¬1) الثمن هنا عين مالية، والمثمن مال في الذمة، لا خصوص ما دفعه له، لكن لما انطبقت الصفات المشروطة فيما في الذمة على المثمن، صحَّ دفعه عنه، لا أنه هو المعقود عليه ابتداء، وهذا الجواب أحسن من الجواب الأول. * قوله: (وسنِّ حيوان وذكرًا) لعل التقدير: وكونه ذكرًا. . . إلخ، على حذف "كان" مع اسمها، وإن كان قليلًا، لأنه إنما يكثر بعد "أن" و"لو"، وهو أولى من تقدير المص في شرحه (¬2)، وتبعه عليه شيخنا في شرحه (¬3) ما لفظه: "وذِكْر ما يميز مختلفه فيقول ذكرًا وسمينًا. . . إلخ". والأولوية من وجهَين؛ أحدهما: كثرة المحذوف، والثاني: أن حكاية المفرد بالقول شاذة، ما لم يكن ذلك المفرد فيه معنى الجملة، كقلت شعرًا (¬4). وقد يقال: إن ما صنعه المص حَلُّ معنى، لا حلُّ إعراب، فلا ينافي ما ذُكر. * قوله: (أو دَعْجَاء) الدَّعَج: بفتحتين شدة سواد العين مع سعتها، وعين دعجاء بالمد، وبابه طرب كذا في مختار الصحاح (¬5) وفيه أيضًا (¬6) ما حاصله: أن الكَحَل ¬
أو ثيوبة ونحوها، ونوع طير ولونه وكبره. ولا يصح شرطه أجودَ أو أردأ، وله أخذ دون ما وصف وغير نوعه من جنسه، ويلزمه أخذ أجودَ منه من نوعه، ويجوز ردُّ معيب، وأخذ أرشه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بفتحتَين: سواد يعلو الأجفان. * قوله: (ونحوها) كسمن، وهزال، كذا في الشرح (¬1). * قوله: (ولا يصح شرطه أجود)؛ لأن أفعل التفضيل لا ينضبط. * قوله: (وله أخذ دون) ولا يلزمه ذلك -كما صرح به في الإقناع (¬2) مع شرحه (¬3) -. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى- على قوله: (دون)؛ لأن الحق له، وقد رضي بدونه شرح المص (¬4). ومفهومهما أنه إذا لم يرض له الردُّ، ولكن ليس له الإمساك مع أرش نقص رداءة -كما صرح به في قوله فيما يأتي: "ولا نقص رداءة"-. * قوله: (وأخذ أرشه) عطف على مقدر؛ أيْ: وإمساكه، وأخذ أرشه، أشار إليه الشارح (¬5) (¬6)، وهو ظاهر. ¬
وعوض زيادة قدر لا جودة، ولا نقص رداءة. الثالث: قدر كيل في مكيل، ووزن في موزون، وذرع في مذروع، متعارف فيهن، فلا يصح في مكيل ورنًا، ولا موزون كيلًا، ولا شرط صنجة أو مكيال أو ذراع لا عُرف له، وإن عيَّن فردًا مما له عرف صحَّ العقد دون التعيين. الرابع: ذكر أجل معلوم له وقع في الثمن عادة كشهر ونحوه، ويصح في جنسَين إلى أجل إن بُيِّن ثمن كل جنس، وفي جنس إلى أجلَين إن بُيِّن قسط كل أجل وثمنه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا جودة)؛ أيْ: لا عوض زيادة جودة. * قوله: (قدر كيل)؛ أيْ: ذكر قدر كيل. . . إلخ. * قوله: (متعارف)؛ أيْ: متعارف معياره فيهن. * قوله: (لا عرف له) وإن كان معلومًا لهما، وعليه فيطلب الفرق بينه وبين البيع؟، وقد يقال: إن السلم أضيق. واستظهر في المبدع (¬1) الصحة حملًا له على مطلق البيع. * قوله: (مما له عرف) بأن قال: رطل فلان، أو مكياله، أو ذراعه، وهي معروفة عند العامة، صحَّ العقد دون التعيين؛ لأنه التزام ما لا يلزم، انتهى. شرح (¬2) وظاهره ولو كان ما عينه أوفر من غيره، وفيه نظر. * قوله: (ذِكر أجَل) الشرط التأجيل، لا ذكر الأجل. ¬
وأن يُسلم في شيء يأخذه كل يوم جزءًا معلومًا مطلقًا. ومن أسلم أو باع أو أجَّر أو شرط الخيار مطلقًا أو لمجهول، كحصاد وجذاذ ونحوهما، أو عيد أو ربيع أو جمادى، أو النفر لم يصح غير البيع. وإن قالا: "محلُّه رجب، أو إليه، أو فيه" ونحوه صحَّ، وحلَّ بأوله، و"إلى أوله، أو آخره" يحلُّ بأول جزء منهما. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مطلقًا)؛ أيْ: سواء بين ثمن كل جزء أو لا، وسواء كان المسلم فيه لحمًا، أو خبزًا، أو غيرهما، ومتى قبض البعض وتعذر القبض (¬1) في الباقي رجع بقسطه من الثمن، ولا يجعل للمقبوض فضلًا على الباقي؛ لأنه مبيع واحد متماثل الأجزاء، فيقسَّط الثمن على أجزائه بالسوية، حاشية (¬2). * قوله: (مطلقًا)؛ أيْ: غير موقَّت بأجل معلوم. * قوله: (ونحوهما) كنزول المطر، أو قدوم زيد. * قوله: (أو عيد) لإبهامه في أي العيدَين أراد، الفطر أو الأضحى. * قوله: (أو ربيع) لأبهامه في أي الشهرَين أراد، الأول أو الثاني. * قوله: (غير البيع) أما البيع فيصح حالًّا، ويلغو الشرط؛ لأن الأصل فيه الحلول بخلاف كل من السلم والإجارة، فإن الأصل فيهما التأجيل، فصحَّ وبطُلا. * قوله: (وحل بأوله) هذا مشكل في قوله "فيه" لاقتضاء "في" الظرفية، ¬
ولا يصح "يؤديه فيه"، ويصح لشهر وعيد روميَّين إن عُرفا، ويُقبل قول مَدين في قدره ومضيِّه ومكان تسليم. ومن أُتِيَ بما لَهُ من سلم وغيره قبل محله، ولا ضرر في قبضه لزمه، فإن أبى قال له حكم: إما أن تقبض أو تُبرئ، فإن أباهما قبضه له. ومن أراد قضاء دين عن غيره، فأبى ربه أو أعسر بنفقة زوجته، فبذلها أجنبي، فأبت لم يُجبرا، وملكت الفسخ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ويحتمل أنهم إنما قالوا ذلك؛ لأن الظرفية تحتمل الأوائل، و"إلى" (¬1) الأواخر والأواسط، فرجعوا إلى الأول، ولم يلتفتوا إلى ما عدا ذلك. وحينئذٍ يبقى النظر في الحكمة في صحة ذلك هنا، وعدم صحته فيما يأتي في قوله: "ولا يصح يؤديه فيه"، مع أن العلة فيهما واحدة، فتدبر!. * قوله: (في قدره)؛ أيْ: الأجل. * قوله: (ومضيِّه)؛ أيْ: في عدم مضيِّه. * قوله: (ولا ضرر في قبضه) من خوف عليه، أو مؤنة حفظه، وعلم منه: أنه لو كان عليه ضرر في ذلك، لكونه مما يتغير كالأطعمة، أو قديمة دون حديثة كالحبوب، أو حيوانًا يخشى تلفه، أو يحتاج إلى مؤنة، أو الزمن مخوفًا يخشى نهبه لم يلزمه قبضه قبل محله، حاشية (¬2). * قوله: (لم يجبرا)؛ أيْ: رب الدين والزوجة. ¬
الخامس: غلبة مُسلَم فيه في محله، ويصح إن عيَّن ناحية تبعد فيها آفة، لا قرية صغيرة أو بستانًا، ولا من غنم زيد، أو نتاج فحله، أو في مثل في هذا الثوب ونحوه. وإن أسلم إلى محلٍّ يوجد فيه عامًا فانقطع، وتحقق بقاؤه لزمه تحصيله، وإن تعذر أو بعضه خُيِّر بين صبر أو فسخ فيما تعذر، ويرجع برأس ماله أو عوضه. السادس: قبض رأس ماله قبل تفرق، وكقبض ما بيده أمانة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وتحقق بقاؤه) في العبارة طيٌّ، والأصل: وإن أسلم إلى محل يوجد فيه عامًا فانقطع، فتارة يتحقق وجوده ويتعسر تحصيله، وتارة ينعدم ويتعذر تحصيله، فإن لم ينعدم بل تعسر تحصيله وتحقق بقاؤه. . . إلخ. * قوله: (فيما تعذر)؛ أيْ: في القدر المتعذر، كلًّا أو بعضًا. * وقوله: (ويرجع برأس ماله. . . إلخ)؛ أيْ: فيما إذا كان المتعذر الكل، وأما إذا كان المتعذر البعض فإنه يرجع بقسطه من رأس المال، وفي كلام شيخنا في شرحه (¬1) إشارة إليه. * قوله: (برأس ماله) إن كان رأس ماله موجودًا. * وقوله: (أو عوضه)؛ أيْ: إن عدم رأس ماله. * قوله: (قبل تفرق) ولا يشترط أن يكون عينًا؛ أيْ: معينًا، بل ولو كان على موصوف في الذمة، ثم قبض قبل التفرق. ¬
أو غصب، لا ما في ذمته، وتُشترط معرفة قدره وصفته، فلا تكفي مشاهدته. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو غصب. . . إلخ) انظر هل يجوز أن يقرأ: غُصِبَ على صيغة المبني للمفعول؟. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى- على قوله: (غصب) تأمل هذه العبارة من جهة العربية، فإن الظاهر أنه كان الأولى أن يقول: أو غصبًا. ويمكن أن يقال: إن "أمانة" مرفوع بتقدير مبتدأ، أو على أنه مبتدأ، و"بيده" خبر، والجملة صلة الموصول ويصح أن تكون "ما" (¬1) نكرة موصوفة بمعنى شيء، وقوله: "أمانة" صفة له، فتدبر!. وانظر هل يصح أن يُقرأ "وكقبض ما" بالإضافة، وقوله: "أمانة" بالجر عطف أو بدل من "ما"، وتكون الكاف لإدخال قبض نحو الأمانة والغصب؟ الظاهر: لا؛ لأن غرض المص تشبيه ذلك بالقبض، لا أنه قبض حقيقة. وكل هذه الأوجه لا تخلو من تكلف، والأقرب أن يكون "ما" مبتدأ، و"كقبض" خبر، و"بيده" صلة "ما" (¬2)، وقوله: "أمانة أو غصب" بدل من "ما" ومعطوف عليه، وكأن هذا الوجه هو الذي أراده الشارح (¬3)، فتنبه!. * قوله: (لا ما في ذمته)؛ أيْ: لا جعل ما في ذمته رأس مال سلم؛ لأن المسلَم فيه دين، فإذا كان رأس ماله دينًا كان بيع دين بدين. ¬
1 - فصل
ولا يصح بما لا ينضبط كجوهر ونحوه، ويُرد إن وُجد، وإلا فقيمته، فإن اختُلف فيها فقول مُسْلَمٍ إليه، فإن تعذر فقيمة مُسْلَم فيه مؤجلة. السابع: أن يُسلم في ذمة فلا يصح في عين، كشجرة نابتة ونحوها. * * * 1 - فصلٌ ولا يُشترط ذكر مكان الوفاء إن لم يُعقد ببرِّيَّة أو سفينة ونحوهما، ويجب مكان عقد، وشرطُه فيه مؤكد. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا يصح بما لا ينضبط. . . إلخ) ليس هذا (¬1) مكررًا مع ما أسلفه (¬2) في أول الشروط؛ لأن ذاك فيما يتعلق بالمسلم فيه، وهذا فيما يتعلق برأس مال السلم. * قوله: (مؤجلة)؛ أيْ: تعتبر في حال ما يصلها بالأجل الذي عيناه للمسلم فيه، لما تقدم من أن الأجل يختلف به الثمن قلة وكثرة، فتدبر!. فصل * قوله: (ونحوهما) كدار حرب، ورأس جبل غير (¬3) مسكون. * قوله: (ويجب)؛ أيْ: الوفاء. ¬
وإن دُفع في غيره لا مع أجرة حمله إليه صحَّ، كشرطه فيه. ولا يصح أخذ رهن أو كفيل بمُسلَم فيه، ولا اعتياض عنه، ولا بيعه أو رأس ماله بعد فسح وقبل قبض -ولو لمن عليه-، ولا حوالة به ولا عليه. وتصح هبةُ كل دين لمدين فقط. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا يصح أحد رهن أو كفيل بمسلم فيه. . . إلخ) رويت كراهته عن علي، وابن عباس، وابن عمر -رضي اللَّه عنهم- (¬1)؛ ولأن الرهن إنما يجوز بشيء يمكن استيفاؤه من ثمن الرهن، والضمان يقيم ما في ذمة الضامن مقام ما في ذمة المضمون عنه، فيكون في حكم العوض والبدل عنه، وكلاهما لا يجوز للخبر، وردَّه الموفق (¬2)، انتهى شرح شيخنا (¬3)، والظاهر مع الموفق. * قوله: (وقبل قبض)؛ أيْ: لرأس ماله. * قوله: (ولا عليه)؛ لأنه لم يدخل في ضمانه، أشبه المكيل قبل قبضه، وأيضًا: فرأس مال السلم بعد فسخه، وقبل قبضه مضبُون على المسلَم إليه بعقد السلم، أشبه المسلَم فيه. * قوله: (لمدين فقط) المراد: لا غيره، وليس تأكيدًا للأفراد. ¬
وبيع مستقر من ثمن وقرض، ومهر بعد دخول، وأجرة استُوفي نَفْعُها، وأرش جناية، وقيمة متلَف ونحوه لمدين، بشرط قبض عوضه قبل تفرق إن بيع بما لا يباع به نسيئة، أو بموصوف في ذمة لا لغيره، ولا غير مستقر كدين كتابة ونحوه. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وبيع)؛ أيْ: بسعر يومه -كما (¬1) أسلفه (¬2) -، والإطلاق ليس مرادًا (¬3). * قوله: (ومهر بعد دخول) ظاهره أن الاعتياض عنه قبل الدخول لا يصح، لعدم استقراره، مع أن عمل (¬4) غالب الناس عليه. * قوله: (ونحوه)؛ أيْ: من الديون المستقرة، كعوض الخلع. * قوله: (لا لغيره)؛ أيْ: غير من هو عليه، لانتفاء بعض شروط البيع. * [قوله: (غير مستقر) يحتمل الاستخدام ولا يتعين] (¬5). * قوله: (ونحوه) كالجعل قبل العمل، والمهر قبل الدخول، والأجرة قبل استيفاء النفع. ¬
وتصح إقالة في سلم وبعضه بدون قبض رأس ماله أو عوضه -إن تعذر- في مجلسها، وبفسخ يجب رد ما أخذ، وإلا فمثله ثم قيمته، فإن أخذ بدله ثمنًا -وهو ثمن- فصرف، وفي غيره يجوز تفرق قبل قبض. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وتصح إقالة. . . إلخ) يؤخذ منه أن الإقالة تصح في بعض المبيع بقسطه من الثمن، وهذه المسألة لم تتقدم في بابها، فحافظ عليها. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: أيْ: لا تتوقف صحة الإقالة على استرداد رأس مال السلم أو عوضه بمجلس الإقالة، فلا يبطلها التفرق قبل استرداده، وقيل: يبطلها (¬1). * قوله: (أو عوضه) نفي لذلك المقدر؛ أيْ: وإلا يكن موجودًا. * قوله: (وإن تعذر) شرط فيما قبله. * وقوله: (في مجلسها) متعلق بـ"قبض"؛ يعني: أو عوضه. * قوله: (ما أخذ)؛ أيْ: إن كان موجودًا. * قوله: (وإلا فمثله) إن كان مثليًّا. * قوله: (ثم قيمته)؛ أيْ: ثم (¬2) إن لم يكن مثليًّا، أو كان مثليًّا لكن تعذر المثل، فالواجب ردُّ قيمته، والعبارة لا تخلو عن حزازة وقلاقة. * قوله: (وفي غيره)؛ أيْ: غير ما ذكر، بأن لم يكن أخذ بدله ثمنًا، وهو ثمن بل كان أحدهما عرضًا. * قوله: (قبل قبض)؛ أيْ: ما لم يشاركه في العلة، فإن شاركه فلابد من القبض ¬
ومن له سلم وعليه سلم من جنسه فقال لغريمه: "اقبض سلمي لنفسك"، لم يصح لنفسه ولا للآمر، وصحَّ ". . . لي، ثم لك"، و"أنا أقبضه لنفسي، وخذه بالكيل الذي تشاهد"، أو "احضر اكتيَالي منه، لأقبضه لك". صح قبضه لنفسه. وإن تركه بمكياله وأقبضه لغريمه صحَّ لهما. ـــــــــــــــــــــــــــــ قبل التفرق، لئلا يفضي إلى ربا النسيئة. * قوله: (لم يصح لنفسه)؛ لأنه حوالة، وتقدم (¬1) أن الحوالة لا تصح به ولا عليه. * قوله: (ولا للآمر)؛ لأنه لم يوكله في قبضه، فلم يقع له. * قوله: (صحَّ قبضه لنفسه)؛ أيْ: ولم يصح لغريمه، وهذا وارد على قولهم: "ويصح في صبرة جزافًا إن علما قدرها" (¬2)، إلا أن يفرق بين البيع والسلم، بأن السلم: لما كان أضيق ضيق فيه (¬3). وبخطه -رحمه اللَّه تعالى- على قوله: (لنفسه)؛ أيْ: ولم يكن قبضًا للمقول ¬
ويُقبل قول قابض جزافًا في قدره، لكن لا يتصرف في قدر حقه قبل اعتباره، لا قابض بكيل أو وزن دعوى غلط ونحوه. وما قبضه من دين مشترك بإرث أو إتلاف أو عقد أو ضريبة سبب استحقاقها واحد، فشريكه مُخيَّر بين أخذ من غريم أو قابض، ولو بعد تأجيل الطالب لحقه، ما لم يستأذنه أو يتلف، فيتعين غريم. ومن استحق على كريمه مثل ما له عليعه قدرًا وصفة حالَّين أو مؤجلَين أجلًا واحدًا تساقطا أو بقدر الأقل. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ له، بمعنى أن لا يتصرف فيه قبل اعتباره، وإلا [فذمة الدافع] (¬1) برئت بدفعه. * قوله: (قبل اعتباره) هذا تصريح بما فهم من قوله: "جزافًا". * قوله: (لا قابض) قيد أغلبي. * قوله: (ونحوه) كسهو. * قوله: (أو ضريبة. . . إلى آخره) المراد بالضريبة: نحو الوظائف، كذا نقل شيخنا عن شيخه (¬2)، ثم قال: والأظهر أن يمثل بالوقف (¬3) على عدد مخصوص (¬4). * قوله: (أجلًا واحدًا) ولم يشترطوا فيهما أن يكونا مستقرَّين، وهو ظاهر ما ذكروه في كتاب الصداق (¬5)،. . . . . . ¬
لا إذا كانا أو أحدهما دين سلم، أو تعلق به حق، ومتى نوى مديون وفاءً بدفع برئ، وإلا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وما يأتي أيضًا في باب الحوالة (¬1). * قوله: (دين سلم)؛ لأنه اعتياض عنه ولا يصح؛ ولأنه تصرف في دين السلم قبل قبضه، وتقدم (¬2) أن كلاهما غير صحيح. * قوله: (أو تعلق به حق) بأن أبيع الرهن لتوفية دين من مدين غير المرتهن، أو باع المفلس بعض ماله لبعض غرمائه بثمن في الذمة من جنس دينه، فلا مقاصَّة، لتعلق حق المرتهن أو الغرماء بذلك الثمن. * قوله: (مديون) لغة تميمية. * قوله: (وإلا)؛ أيْ: وإن لم ينو وفاء، بل نوى التبرع فمتبرع، أما إذا غفل عن نية الوفاء ولم ينو تبرعًا، فإنه يحصل به الوفاء، كما قرروه (¬3) في الأصول (¬4)، ونبه عليه شيخنا هنا (¬5) في حاشية الإقناع (¬6) وعبارته: "قوله: "وإلا فمتبرع"؛ أيْ: وإن لم (¬7) ينو غريم وفاء ما عليه من الدين فهو متبرع، والدين باقٍ عليه، هكذا في ¬
فمتبرع، وتكفي نية حكم وفَّاه قهرًا من مديون. ـــــــــــــــــــــــــــــ الإنصاف (¬1) وغيره (¬2). وقال في مختصر التحرير (¬3) وغيره (¬4)؛ ومن الواجب ما لا يثاب على فعله كنفقة، ورَدِّ وديعة وغصب ونحوه كعارية ودين إذا فعل ذلك مع غفلة، لعدم النية المترتب عليها الثواب، انتهى. فيحمل ما هنا على ما إذا نوى التبرع، لا على ما إذا غفل عن النية، ولا على ما هو الأعم منهما جمعًا بين الكلامَين". * قوله: (وَفَّاه قهرًا) ليس بقيد. * * * ¬
6 - باب القرض
6 - باب القرض: دفع مال إرفاقًا لمن ينتفع به، ويردُّ بدله. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب القرض قال في المطلع (¬1): "القرض: مصدر قرض الشيء يقرِضه بكسر الراء: إذا قطعه، والقرض أيضًا اسم مصدر بمعنى الإقراض. وقال الجوهري (¬2): القرض: ما يقطعه (¬3) من المال ليقضاه. والقرض بالكسر: لغة هذيل، حكاه الكسائي (¬4)، وقال الواقدي (¬5): القرض ¬
من (¬1) المرافق المندوب إليها، ونوع من اليسلف، فإن قال مُعطٍ: "ملَّكتُك"، ولا قرينة على ردِّ بدل، فقول آخذ بيمينه: "إنه هبة". وشُرط علم قدره، ووصفه، وكون مُقْرِضٍ يصح تبرعه، ومن شأنه أن يصادف ذمة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اسم لكل ما يلتمس منه الجزاء، يقال: أقرض فلان فلانًا إذا أعطاه ما يتجازاه منه، والاسم منه القرض، وهو ما أعطيته لتكافئ عليه، هذا إجماع أهل اللغة". * قوله: (من المرافق) جمع مَرْفِق بفتح الميم مع كسر الفاء وفتحها ما ارتفقت (¬2) به وانتفعت، مطلع (¬3). * قوله: (وشرط علم قَدْره)؛ أيْ: القرض بمعنى المال المدفوع، فيحتمل الاستخدام. * قوله: (ومن شأنه) قال بعض الأصحاب (¬4): "أيْ: من شرطه". واعتُرِضَ هذا بالاقتراض على مثل جهة الوقف (¬5). ¬
ويصح في كل عين يصح بيعها إلا بني آدم. ويتم بقبول، ويُملك ويلزم بقبض، فلا يملك مقرض استرجاعه إلا إن حُجر على مقترض لفلس، وله طلب بدله. ـــــــــــــــــــــــــــــ وانظر لم ارتكبوا هذا مع تفسير أهل اللغة لما من شأنه كذا: بما العادة (¬1) فيه، أو: ما يمكن ذلك فيه. * قوله: (في كل عين)؛ أيْ: لا منفعة، خلافًا للشيخ تقي الدين (¬2)، وبالأول صرح صاحب الانتصار (¬3)، وعليه أكثر الأصحاب (¬4). * قوله: (إلا بني آدم) قالوا: لما فيه من البذلة، والامتهان (¬5)، قال شيخنا: "المصحف على هذا أولى في ذلك". * قوله: (ويتم بقبول) فلو قال له: أقرضتك هذه المئة دينار، فقال: قبلت، تم العقد ولم يلزم، فلو تلفت فهي من ضمان المقرض؛ لأنها أمانة بيده. * قوله: (ويملك ويلزم بقبض) قال في شرحه (¬6): "كهبة". قال شيخنا (¬7): "هذا لا يظهر إلا على قول ضعيف في الهبة، من أنها تملك ¬
وإن شَرَطَ ردَّه بعينه لم يصح، ويجب قبول مِثْليٍّ رُدَّ، ما لم يتعيَّب، أو يكن فلوسًا، أو مكسرة، فيحرِّمها السلطان، فله قيمته وقت قرض من غير جنسه، إن جرى فيه ربا فضل، وكذا ثمن لم يُقبض، أو طلب ثمن بردِّ مبيع. ويجب ردُّ مثل فلوس غلَت أو رخصت أو كسدت، ومثل مكيل أو موزون، فإن أعوَز (¬1) فقيمته يوم إعوازه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالقبض (¬2)، [والصحيح الذي مشى عليه في بابها أنها تملك بالعقد وتلزم بالقبض] (¬3) "، أقول: يمكن حمل كلامه على ما هو الصحيح بجعل التشبيه في جانب اللزوم فقط، فتدبر!. * قوله: (أو مُكَسَّرَة)؛ أيْ: مثلًا، فيشمل الدراهم المقصوصة وغيرها. * قوله: (من غير جنسه. . . إلخ)؛ أيْ: وتكون القيمة من غير جنسه إن جرى في أخذها من جنسه ربا فضل، كما لو اقترض حلي فضة قيمته أكثر من وزنه، فيعطى قيمته من الذهب. * قوله: (وكذا ثمن لم يقبض) أعم من أن يكون معينًا أو في الذمة، فهو أولى من تقييد بعض الأصحاب (¬4) الثمن بما إذا كان معينًا. * قوله: (بردِّ مبيع) لفسخ، أو تقايُل. * قوله: (أو كسدت) لا إن حرمت -كما سبق-. ¬
وقيمة غيرهما، فجوهر ونحوه يوم قبض، وغيره يوم قرض، ويُردُّ مثل كيل مكيل دُفع وزنًا. ويجوز قرض ماء كيلًا، ولسقي مقدرًا بأنبوبة أو نحوها، وزمن من نَوْبَة غيره ليردَّ عليه مثله من نوبته، وخبز وحمير عددًا، وردُّه عددًا بلا قصد زيادة. ويثبت البدل حالًّا ولو مع تأجيله، وكذا كل حالٍّ أو حَلَّ. ويجوز شرط رهن فيه وضمين، لا تأجيل، أو نقص في وفاء أو جرِّ نفع، كأن يُسكنه داره، أو يقضيه خيرًا منه أو ببلد آخر. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (غيرهما)، أيْ: غير المكيل والموزون. * قوله: (ونحوه) ككتب العلم مما تختلف قيمته في الزمن اليسير من شرحه (¬1). وقال ابن نصر اللَّه (¬2): "وككتب العلم ونحوه مما لا يصح السلم فيه"، م ص. * قوله: (ويجوز شرط رهن فيه وضمين) قال شيخنا: "ينبغي أن يقيد الرهن بما إذا كان معينًا -كما تقدم في باب الشروط في البيع-" (¬3). * قوله: (لا تأجيل)؛ أيْ: لا يلزم الشرط، وليس المراد لا يجوز، صرح به المجد في شرح الهداية (¬4). ¬
وإن فعله بلا شرط، أو أهدى له بعد الوفاء، أو قضى خيرًا منه بلا مواطأة، أو عُلمت زيادته لِشُهْرَةِ سخائه: جاز؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- استسلف بكرًا، فردَّ خيرًا منه، وقال: "خيركم أحسنكم قضاءً". وإن فعل قبل الوفاء، ولم ينوِ احتسابه من دينه أو مكأفاته لم يَجُز إلا إن جرت عادة بينهما به قبل قرض، وكذا كل غريم. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإن فعله)؛ أيْ: فعل ما يحرم اشتراطه، بأن أسكنه داره، أو قضاه ببلد آخر. * قوله: (استسلف بكرًا) البكر: الفتى من الإبل، مختار (¬1). * قوله: (فردَّ خيرًا منه)؛ أيْ: رباعية، الرباعية كثمانية: السن التي بين الثنية والناب (¬2). * قوله: (أحسنكم قضاء) وهذا الحديث متفق عليه من حديث أبي رافع (¬3). * قوله: (وأن فعل) مقترض ذلك. ¬
فإن استضافه حسب له ما أكل. ومن طولب ببدل قرض أو كصب ببلد آخر لزمه، إلا ما لحمله مؤنة، وقيمته ببلد القرض أنقص، فلا يلزمه إلا قيمته بها، ولو بذله المقترض أو الغاصب -ولا مؤنة لحمله- لزم قبوله مع أمن البلد والطريق. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فإن استضافه) لو قدم هذه المسألة على قوله: "وكذا كل غريم"، لكان أولى؛ لأن الحال فيها كذلك. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: قال في الفروع (¬1): "وظاهر كلامه أن المقرض في الدعوات كغيره"، انتهى. قال شيخنا: "وظاهره أيضًا ما لم تكن الضيافة واجبة" (¬2). * قوله: (أو غصب) أو ثمن في ذمة. * قوله: (ببلد القرض)؛ أيْ: أو الغصب. * قوله: (قيمته بها)؛ أيْ: بلد القرض بمعنى البقعة. * قوله: (لزم قبوله مع أمن البلد) هذا معنى قوله في السلم (¬3): "ولا ضرر في قبضه". * * * ¬
7 - باب الرهن
7 - باب الرَّهْن: توثقة دين بعين يمكن أخذه أو بعضِه منها أو ثمنها، والمرهون: عين معلومة جُعلت وثيقة بحق. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الرهن * قوله: (توثقة دين) يؤخذ من شرح شيخنا (¬1) أن (¬2) المراد بالدين ما يشمل العين المضمونة، كالعواري، والمقبوض على وجه السوم، وهذا أخذه من قول المص الآتي (¬3) في الشرط السادس: "وكونه بدين واجبة، أو مآله إليه، فيصح بعين مضمونة. . . إلخ". * قوله: (أو بعضه منها) إن كانت من جنس الدين. * [قوله: (أو ثمنها) إن كانت من غير جنس الدين] (¬4). وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: "أو" هنا للتنويع، لا للشك والترديد. * قوله: (والمرهون) مقتضى كلامه تبعًا للتنقيح (¬5)، أن المرهون لا يطلق ¬
يمكن استيفاؤه أو بعضِه منها أو ثمنها. وتصح زيادة رهن -لا دينه- ورهن ما يصح بيعه، لو نقدًا، أو مؤجرًا، أو معارًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه اسم الرهن، وهو مخالف لما في المقنع (¬1)، وأقره عليه في المطلع (¬2)، وهو الموافق لآية {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283] (¬3)، إذ الرُّهُن جمع رَهن بمعنى مرهون، بدليل قوله: {مَقْبُوضَةٌ} فليحرر (¬4)!. * قوله: (ويصح زيادة رهن)؛ لأنه توثقة. * قوله: (لا دينه) فلو رهن شيئًا على مئة، ثم اقترض منه مئة أخرى، وجعل ذلك الشيء رهنًا عليها أيضًا لم يصح؛ لأنه رهن للمرهون، والمشغول لا يشغل. * قوله: (ما يصح بيعه) فيه أن المنافع يصح بيعها مع أنه لا يصح رهنها، لما تقدم (¬5) من اشتراط كونه عينًا، وأشار شيخنا إلى [أن "ما" عام] (¬6) أريد به خاص، والمراد الأعيان خاصة، فراجع الشرح (¬7)!. * قوله: (أو معارًا) عند رب الدين أو غيره. ¬
ويسقط ضمان العارية، أو مبيعًا غير مكيل وموزون ومعدود ومذروع قبل قبضه، ولو على ثمنه، أو مشاعًا، وإن لم يرض شريك ومُرتهن بكونه بيد أحدهما أو غيرهما، جعله ححم بيد أمين أمانة أو بأجرة، أو آجره، أو مكاتبًا، ويمكَّن من كسب، فإن عجز فهو وكسبه رهن، وإن عتق فما أدى بعد عقد الرهن رهن. أو يُسرع فساده بمؤجل، ويباع، ويُجعل ثمنه رهنًا، أو قنًّا مسلما لكافر إذا شُرط كونه بيد مسلم عدل، وكُتب حديث. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويسقط ضمان العارية) لانتقالها للأمانة، ما لم يستعملها، فإن استعملها بعد الارتهان [بإذن أو] (¬1) بغير إذن صارت مضمونة عليه، أشار إليه شيخنا في شرحه (¬2). * قوله: (قبل قبضه) ومثله ما بيع بصفة، أو رؤية متقدمة. * قوله: (وإن. . . إلخ) شرط جوابه "جعله. . . إلخ". * قوله: (فهو وكسبه رهن)؛ أيْ: مجموعهما رهن. * قوله: (ويباع)؛ أيْ: يبيعه المرتهن بإذن الراهن، أو الحاكم إن لم يأذن لحفظه بالبيع. * قوله: (لكافر) بأن ثبت لكافر على مسلم دين، وأراد المسلم المدين أن يرهن ذلك القنَّ المسلم المملوك له على دين ذلك الكافر، فإنه يصح إذا شرط أن يكون القنُّ تحت يد مسلم عدل. ¬
وتفسير، لا مصحفًا. وما لا يصح بيعه لا يصح رهنه، سوى ثمرة قبل بدوِّ صلاحها، وزرع أخضر بلا شرط قطع، وقنٍّ دون ولده ونحوه، ويباعان، ويختص المرتهن بما يخص المرهون من ثمنها، ولا يصح دون إيجاب وقبول أو ما يدل عليهما. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وتفسير)؛ أيْ: كما يصح رهن كتب الحديث والتفسير على دين الكافر، إذا شرط كونها تحت يد مسلم عدل، قال شيخنا في الشرح (¬1): "لأمن المفسدة". * قوله: (لا مصحفًا) ولو قلنا يصح بيعه؛ لأنه وسيلة إلى بيعه المحرم. * قوله: (بلا شرط) قيد بذلك؛ لأن هذه من الحالة التي لا يصح بيعه فيها، مع صحة الرهن؛ أيْ: أو ملكه للانتفاع به بإعارة. * قوله: (ويباعان)؛ أيْ: القنُّ وولده. * قوله: (ولا يصح) قال المص في شرحه (¬2): "ولا يصح (¬3) عقد الرهن"، انتهى. وكلامه محتمل لأمرَين، الأول: أن يكون إشارة لتقدير مضاف مع بقاء الرهن على حقيقته، فيكون من مجاز الحذف. ¬
1 - فصل
1 - فصلٌ وشُرط: تنجيزه، وكونه مع حق أو بعده، وممن يصح بيعه. وملكه ولو لمنافعه بإجارة أو إعارة لإذن مؤجِّر ومعير، ويملكان الرجوع قبل إقباضه، لا في إجارة لرهن قبل مدتها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثاني: أن يكون إشارة إلى كون الضمير في "يصح" الراجع للرهن مستعملًا في معنى العقد مجازًا، فيكون من التجوز في المفرد، ويكون من قبيل الاستخدام. فصل * قوله: (وممن يصح بيعه)؛ أيْ: وتبرعه حتى يخرج المكاتب، فإنه وإن صحَّ بيعه لا يصح تبرعه، لكن ينبغي أن يدخل ولي اليتيم، فإنه لا يصح تبرعه مع أنه يصح رهنه للمصلحة، وهو بهذه الزيادة خارج. فانظر عبارة [تكون مخرجة للمكاتب، ومدخلة لولي اليتيم، فإن عبارة المص غير مانعة، وعبارة] (¬1) الإقناع (¬2) المزيد فيها: "وتبرعه" غير جامعة. * قوله: (ولو لمنافعه) جمع منفعة، والمراد بها هنا: ما يعم الانتفاع. * قوله: (ويملكان)؛ أيْ: المؤجر، والمعير. * قوله: (قبل إقباضه)؛ أيْ: الرهن؛ لأنه لا يلزم إلا بالقبض. * قوله: (لا في إجارة)؛ أيْ: لا يملك مؤجر الرجوع في إجارة عين، بأن كان المستأجر استأجرها لأجل أن يرهنها؛ لأن الإجارة عقد لازم. * قوله: (لرهن) اللام في الرهن للتعليل، لا للتقوية. ¬
ولمعير طلب راهن بفكه مطلقًا. وإن بيع رجع بمثل مثلي، وبالأكثر من قيمة متقوم أو ما بِيع به، والمنصوص: ". . . بقيمته"، وإن تلف. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولمعير. . . إلخ)؛ يعني: إذا استعار عينًا ورهنها، فللمعير وهو مالك العين مطالبة المستعير الراهن بفك الرهن مطلقًا؛ لأن العارية لا تلزم. * [قوله: (مطلقًا) سواء كان الدين حالًّا أو مؤجلًا، في محل الحق أو قبل محله؛ لأن العارية لا تلزم] (¬1). * قوله: (وإن بيع)؛ أيْ: رهن مؤجر أو معار في وفاء دين. * قوله: (رجع)؛ أيْ: رجع مؤجر أو معير على راهن. * قوله: (مثلي)؛ لأنه فوته على ربه، أشبه ما لو أتلفه. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: لعله يوم بيعه. * قوله: (والمنصوص. . . إلخ) يقتضي أن الأول ليس بمنصوص، وليس كذلك غايته أن هذا هو الصحيح (¬2). * قوله: (وإن تلف) عطف على قوله: "وإن بيع"؛ أيْ: إن تلف الرهن المعار أو المؤجر ضمن المعار. قال شيخنا في شرحه (¬3): "أيْ: ضمن الراهن الرهن المعار"؛ لأن العواري مضمونة وإن لم يتعد أو يفرط، وهو مساوٍ لقول الإقناع (¬4): "ضمن المستعير"؛ ¬
ضمن المعار لا المؤجَّر. وكونه معلومًا جنسه وقدره، وصفته، وبدين واجب أو مآله إليه، فيصح بعين مضمونة، ومقبوض بعقد فاسد، ونفع إجارة في ذمة، لا بدية على عاقلة، وجُعْلٍ قبل حول وعمل، ويصح بعدهما. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنه هو الراهن. وقد عدَّ الشيخ مرعي (¬1) هذه المسألة من المسائل التي لا تضمن العارية فيها، وهو مخالف لظاهر الكتابَين إلا أن يحمل كلامه على سقوط العارية بالنسبة للمرتهن، لا للراهن، فليحرر (¬2)!. * قوله: (ضمن)؛ أيْ: ضمن الراهن الرهن المعار. * قوله: (أو مآله إليه) أعم من أن يكون في الأول دينًا غير واجب، كالثمن زمن الخيارَين إذا كان في الذمة، أو ليس بدين كالعواري. * قوله: (فيصح بعين. . . إلخ) الباء سببية، والمراد عليها. * قوله: (مضمونة ومقبوضة) كان الأولى إبدال الواو بالكاف، إلا أن يقال إنه من عطف الخاص على العام. * قوله: (بعقد فاسد) العقد الفاسد هو الذي اختل فيه شرط من شروط البيع. ¬
2 - فصل
ولا بدين كتابة، وعُهدة مبيع، وعوض غير ثابت في ذمة، كثمن وأجرة معيَّنَين، وإجارة منافع معينة، كدار ونحوها، أو دابة لحمل معيَّن إلى مكان معلوم. ويحرم -ولا يصح- رهن مال يتيم لفاسق، ومثله مكاتب ومأذون له، وإن رهن ذمي عند مسلم خمرًا بيد ذمي لم يصح، فإن باعها الوكيل حلَّ، فيقبضه أو يُبرئ. * * * 2 - فصل ولا يلزم -إلا في حق راهن- بقبض، كقبض مبيع. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإجارة منافع) مضاف لمعينة؛ أيْ: منافع عين معينة. * قوله: (مال ليتيم)؛ أيْ: مثل اليتيم. * قوله: (باعها الوكيل) المراد بالوكيل هنا: الذي الخمر تحت يده، فهو وكيل صورة كما أشار إليه شيخنا في شرحه (¬1). * وقوله: (حلَّ)؛ أيْ: حلَّ لرب الدين أخذ دينه من ثمنها؛ لأنه يقرُّ عليه لو أسلم. فصل * قوله: (بقبض) المعنى: ولا يكون لزومه في حقه إلا بقبض. * قوله: (كقبض مبيع) فإن كان مكيلًا ونحوه اعتبر قبضه بمعياره الشرعي، ¬
ولو ممن اتففا عليه، ويُعتبر فيه إذن وليِّ أمر لمن جُنَّ ونحوه، وليس لورثة إقباضه وثَمَّ غريم لم يأذن، ولراهن الرجوع قبله، ولو أذن فيه، ويبطل إذنه بنحو إغماء وخرس، وإن رهنه ما بيده. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وإن كان غير ذلك اعتبر فيه التخلية على ما سبق (¬1) في قوله: "فصل: ويحصل قبض ما بيع بكيل. . . إلخ". * قوله: (ولو ممن اتفقا عليه)؛ أيْ: ولو ممن اتفقا على أن يكون الرهن تحت يده، ما لم يكن عبد الراهن أو أم ولده، فإنه كهو؛ لأنه في نفس الأمر لم يخرج عن يد الراهن إذ قبض هؤلاء كلا قبض، فتدبر!. وفي الإقناع (¬2): "لكن تصح استنابة مكاتبه وعبده المأذون له في التجارة"، انتهى، وتوقف شيخنا في الثاني. * قوله: (ولي أمر) لعل المراد به الحاكم؛ لأن من جُنَّ بعد البلوغ لا ينظر في ماله إلا الحاكم، حاشية (¬3). * قوله: (ونحوه) كمن حصل له برسام. * قوله: (وخرس) لعل المراد خرس ليس معه إشارة مفهومة، ولا كتابة معلومة، وهو مقتضى قول الشارح (¬4) (¬5): "وإن خرس وكانت له كتابة معلومة أو إشارة مفهومة فكمتكلم، وإلا لم يجُز القبض"، انتهى،. . . . . . ¬
-ولو غصبًا- لزم، وصار أمانة. واستدامة قبض شرط للزوم، فيُزيله أخذ راهن لإذن مرتهن -ولو نيابة له- وتخمُّر عصير، ويعود بردِّه وتخلُّل بحكم العقد السابق. وإن آجره أو أعاره لمرتهن. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ومثله في الإقناع (¬1). * قوله: (ولو غصبًا) المراد: رهنه ما بيده ملكًا للراهن، سواء كان غصبًا أو أمانة، كما يدل عليه جعله "غصبًا" غاية، وإنما نص على الغصب؛ لأجل قوله: "أمانة"؛ أيْ: صار الغصب، [وصار؛ أيْ:] (¬2) بسبب الرهن أمانة، وأما الوديعة ونحوها فهي أمانة من الأصل، لا أنها كانت غير أمانة، ثم صارت أمانة بسبب الرهن، فتدبر!. * قوله: (ولو نيابة) وله طلب الاستيثاق بغير تلك العين إن كانا شرطا الرهن في صلب البيع. وبخطه (¬3) على قوله: (ولو نيابة له)؛ أيْ: ولو كان أخذ الراهن بطريق النيابة عن المرتهن، كأخذه على جهة الإيداع. * قوله: (وتخلل)؛ أيْ: مع بقائه تحت يده. * قوله: (وإن آجره)؛ أيْ: الراهن الرهن. * قوله: (أو أعاره) أو زوَّجَه راهن. ¬
أو غيره بإذنه، فلزومه باقٍ، وإن وهبه ونحوه بإذنه صحَّ، وبطل الرهن، وإن باعه بإذنه -والدين حالٌ- أخذ من ثمنه. وإن شُرط في مؤجَّل رهن ثمنه مكانة فُعل، وإلا بطل. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله: (أو غيره)؛ أيْ: المرتهن] (¬1). * قوله: (بإذنه)؛ أيْ: المرتهن. * قوله: (ونحوه) بان وقفه ونحوه مما ينقل الملك، ما عدا البيع. * قوله: (من ثمنه) الاقتصار على ذلك لا لنكتة، بل يؤخذ كله أيضًا إن كان لا يزيد على الدين بأن ساواه أو نقص. أقول: انظر هل يجوز أن تكون "من" هنا ابتدائية لا تبعيضية؛ أيْ: أخذ أخْذًا (¬2) مبتدأ من ثمنه، فيصدق بالمسائل الثلاث (¬3)، وهي (¬4) ما إذا كان الثمن أكثر، أو أقل، أو مساويًا؛ لأنه يصدق على الأخذ فيها أنه أخذ مبتدأ من الثمن؛ أيْ: متعلق به ويرجع كل لما يليق به. * قوله: (رهن ثمنه)؛ أيْ: الرهن المأذون في بيعه. * قوله: (وإلا بطل)؛ أيْ: الرهن، خلافًا لقول الإقناع (¬5): "بطُل البيع". وكأنه سبق قلم. ¬
وشرط تعجيله لاغٍ، وله الرجوع فيما أذن فيه قبل وقوعه. وينفذ عتقه بلا إذن، ويحرم، فإن نجَّزه أو أقرَّ به فكذَّبه، أو أحبل الأمة بلا إذن مرتهن في وطء، أو ضربه بلا إذنه فتلف -ويصدق بيمينه، ووارثه في عدمه- فعلى موسر ومعسر أيسر قيمته رهنًا. وإن ادَّعى راهن أن الولد منه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وشرط تعجيله)؛ أيْ: الدين المؤجل. * قوله: (وله الرجوع فيما أذن) المراد: أن له الرجوع في الإذن فيما أذن فيه. * قوله: (ويحرم) ويعايا بها فيقال: مالك رقبة كلها، ويحرم عليه عتقها. * قوله: (فإن نجَّزه) مثله ما إذا علقه على صفة فوجدت، أما إذا لم توجد فلا؛ لأنه لا يترتب الحكم الآتي على مجرد التعليق (¬1). * قوله: (أو أحبل) هو أولى من قول الإقناع (¬2): "أولد"؛ لأن الحكم منوط بالإحبال، لا بالإيلاد. * قوله: (ويصدق. . . إلخ) جملة معترضة بين الشرط وجوابه. * قوله: (فعلى موسر) جواب الشرط. * قوله: (قيمته رهنًا) ومن هنا يؤخذ أن الورثة لو أعتقوا رقبة من التركة قبل وفاء دين الميت، أنه يلزمهم قيمتها تكون تركة مقامها، بل مسألة الدين أولى بالحكم من مسألة الرهن؛ لأن التعلق فيها أقوى. * قوله: (أن الولد منه)؛ أيْ: الراهن، بأن كان ابن عشر فأكثر. ¬
وأمكن، وأقرَّ مرتهن لإذنه، وبوطئه وأنها ولدته قُبِل، وإلا فلا، وإن لم تحْبَل فأرش بكر فقط. ولراهن غرس ما على مؤجَّل، وانتفاع بإذن مرتهن. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وأمكن) بأن أتت به لستة أشهر فأكثر من حين ملكه لها، ووطئه إياها. * قوله: (بإذنه)؛ أيْ: لإذنه في الوطء. * قوله: (وبوطئه)؛ أيْ: وبأنه وطئها؛ لأنه لا يلزم من الإذن في الشيء وقوعه، ولا الاعتراف بوقوعه. * قوله: (وإلا فلا)؛ أيْ: وإن لم يكن كون الولده من راهن، بأن ولدته لدون ستة أشهر من وطئه وعاش، أو أنكر مرتهن الإذن، أو قال: أذنت ولم يطأ، أو أذنت ووطئ, لكنه ليس ولدها، بل استعارته. * قوله: (ولراهن غرس ما على مؤجَّل)؛ أيْ: غرس أرض مرهونة على مؤجَّل، وعلى قياسه أيضًا البناء، وأولى منهما الزرع إن كان يحصد قبل الآخر. * فائدة: قال في الكافي (¬1): "ولو ارتهن أرضًا، فنبت فيها شيء دخل في الرهن، لأنه من نمائها، سواء نبت بنفسه أو بفعل الراهن" شرح الإقناع (¬2). وأقول: هذه داخلة في قول المتن: "ونماؤه رهن"؛ لأن ما نبت فيها من جملة النماء. * قوله: (بإذن مرتهن) ظاهره رجوعه للمؤجل أيضًا،. . . . . . ¬
ووطء بشرط أو إذن، وسقي شجر، وتلقيح، وإنزاء فحل مرهونة، ومداواة، وفصد ونحوه، والرهن بحاله. لا ختان غير ما على مؤجَّل يبرأ قبل أجله، وقطع سِلعة (¬1) خطرة، ونماؤه ولو صوفًا ولبنًا، وكسبه، ومهره، وأرش جناية عليه رهن، وإن أسقط مرتهن أرشًا، أو أبرأ منه سقط حقه منه دون حق راهن، ومؤنته وأجرة مخزنه وردُّه من إباقه على مالكه، ككفنه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وظاهر تعليل الشارح (¬2) (¬3) أنه بلا إذن. * قوله: (وسقي شجر) ولو بلا إذن. * قوله: (وقطع سلعة)؛ أيْ: ليس له ذلك. * قوله: (ونماؤه) مبتدأ. * قوله: (وأرش جناية) وكذا أرش بكارة، وكذا ما نبت فيها من غرس بإذن. * قوله: (رهن) خبر. * قوله: (ومؤنته) مبتدأ. * قوله: (على مالكه) خبر. * قوله: (ككفنه)؛ أيْ: إن مات. ¬
3 - فصل
فإن تعذر بِيع بقدر حاجة، أو كله إن خيف استغراقه. * * * 3 - فصلٌ والرهن أمانة ولو قبل عقد، كبعد وفاء، ويدخل في ضمانه بتعدٍّ أو تفريط، ولا يبطل. ولا يسقط بتلفه شيء من حقه، كلدفع عين ليبيعها ويستوفى حقه من ثمنها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فإن تعذر)؛ أيْ: مؤنته وما عطف عليها. * قوله: (أو كله) بالرفع عطف على محل (¬1) الجار والمجرور؛ لأنه في محل رفع للنيابة عن الفاعل، والمعنى بيع منه مقدار الحاجة، أو بيع كله إن خيف استغراقه. فصل * قوله: (كبَعْدَ. . . إلخ) فيه أن "بعد" (¬2) من الظروف الغير المتصرفة [التي لا تخرج عن النصب على الظرفية إلا إلى الجر بـ "مِنْ" خاصة، فلعله استعملها استعمال الأسماء المتصرفة] (¬3) على ضرب من التجوُّز. * قوله: (ولا يبطل. . . إلخ)؛ أيْ: لا يبطل الرهن بدخوله في ضمانه؛ لأن العقد جمع أمانة واستيثاقًا، فإذا بطُل أحدهما بقي الآخر. * وأما قوله: (ولا يسقط) مرتبط بما بعده، فهو استئناف كلام. ¬
وكحبس عين مؤجرة بعد فسخ، على الأجرة فيتلفان، وإن تلف بعضه فباقيه رهن بجميع الحق، وإن ادعى تلفه بحادث. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه -رحمه اللَّه تعالى- على قوله: (ولا يبطل) راجع لما قبله, وقوله: "ولا يسقط" لما بعده. * قوله: (على الأجرة)؛ أيْ: المعجلة. * قوله: (فيتلفان)؛ أيْ: العينان، كان الظاهر حذف النون من "يتلفان"؛ لأنه عطف على المصدر، فـ "أن" مقدرة معه على حدِّ: لَلُبْسُ عَبَاءَةٍ وَتَقَرَّ عَيْني (¬1) إلا أن يدعي أنه على (¬2) لغة إلغاء الناصب (¬3)؛ لأن المذكور قد يُلْغَى كقوله: أنْ تَقْرَأان عَلَى أسْمَاءَ وَيْحَكُما ... مِنِّي السَّلَامَ وَأنْ لا تُشْعِرَا أحَدَا (¬4) فالمقدر كما هنا من باب أولى، لكن يبقى الكلام في هذا هل هو قياسي أو سماعي (¬5). ¬
وقامت بيِّنة بظاهر، أو لم يعين سببًا حُلِّف. وإن ادّعى راهن تلفه بعد قبض في بيع شُرط فيه، قُبِل قول مرتهن: "إنه قبله"، ولا ينفك بعضه حتى يُقضى الدين كله. ومن قضى أو أسقط بعض دين -وببعضه رهن أو كفيل- وقع عما نواه، فإن أطلق صرفه إلى أيهما شاء، وإن رهنه عند اثنين فوفّى أحدهما، أو رهناه شيئًا فوفَّاه أحدهما انفك في نصيبه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بظاهر) وأما الخفي فيقبل قوله فيه بيمينه. * قوله: (راهن) وهو المشتري. * [قوله: (في بيع شرط) صفة "بيع". * قوله: (فيه)؛ أيْ: الرهن] (¬1). * قوله: (قبل قول مرتهن) وهو البائع. * قوله: (إنه)؛ أيْ: التلف. * قوله: (قبله)؛ أيْ: القبض. * قوله: (عند اثنين)؛ أيْ: على دينيَن لهما، كما يؤخذ من تصوير المحشِّي (¬2)، فراجعه!. * قوله: (انفك في نصيبه) هذا لا يعارض قوله السابق "ولا ينفك بعضه ¬
4 - فصل
ومن أبى وفاء حالٍّ -وقد أذن في بيع رهن، ولم يرجع- بيع، ووُفِّي، وإلا أُجبر على بيع أو وفاء، فإن أبى حُبس أو عُزِّر، فإن أصرَّ باعه الحاكم ووفَّى. * * * 4 - فصلٌ ويصح جعل رهن بيد عدل، وإن شُرِط بيد أكثر لم ينفرد واحد. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حتى يقضي الدين كله"؛ لأن ذاك (¬1) في عقد واحد، وهذا في أكثر من عقد، بدليل قول المحشِّي (¬2) في تعليله: "لأن عقد الواحد مع اثنين بمنزلة عقدين كعكسه"، انتهى. * قوله: (وإلا أجبر. . . إلخ)؛ أيْ: لم يأذن، أو أذن ثم رجع. فصل * قوله: (بيد عدل) قال شيخنا (¬3): "ظاهر كلامهم أن العدالة ولو ظاهرة ليست شرطًا، فالأولى (¬4) بيد من اتفقا عليه، كما عبر به الإقناع" (¬5). ويمكن أن يحمل العدل على معنى من اعتدلت فيه إرادتهما؛ أيْ: اتفقت عليه، فيرجع إليه، لكنه خلاف المتعارف من مثل هذه العبارة. ¬
بحفظه، ولا يُنقل عن يد من شُرِط -مع بقاء حاله- إلا باتفاق راهن ومرتهن، ولا يملك ردَّه إلى أحدهما، فإن فعل وفات، ضمن حق الآخر، ويضمنه مرتهن بغصبه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: إنه ينافي حمل كلام المص على هذا قوله فيما بعد: "وإن حدث له فسق. . . إلخ"، فإنه ربما اقتضى اعتبار العدالة؟. قلت: ليس الأمر كذلك، بل المراد أنهما لو اتفقا على أن يكون الرهن تحت يد زيد، وكان زيد في الواقع عدلًا، فطرأ عليه ما ينافي حالته التي كان عليها حين اتفاقهما على كونه تحت يده، كفسقه بعد عدالته أنه يجعله الحاكم تحت يد أمين غيره، وهذا لا إشعار له باشتراط العدالة في كل فرد ممن يريدان جعله تحت يده. * قوله: (بحفظه) فلو كانا اثنين وأسقط أحدهما حقه من الحفظ للآخر، ثم تلف لم يضمن من هو تحت يده سوى نصفه؛ لأن التلف ترتب على أمر مأذون فيه، وأمر غير مأذون فيه، فتنصَّف الحال، كما قالوه فيما يأتي في الجنايات (¬1)، من أنه لو جرحه مرتدًّا ثم مسلمًا، وسرى الجرحان لم يضمن إلا نصف الدية، أو جرحه قودًا ثم تعديا وسرى الجرحان لم يضمن أيضًا إلا النصف. * قوله: (ولا يملك)؛ أيْ: العدل. * قوله: (ردَّه)؛ أيْ: الرهن. * [قوله: (إلى أحدهما)؛ أيْ: الراهن والمرتهن. * قوله: (بغصبه)؛ أيْ: بغصب المرتهن الرهن من العدل. ¬
ويزول بردِّه، لا من سفر ممن بيده، ولا بزوال تعدِّيه. وإن حدث له فسق أو نحوه، أو تعادى مع أحدهما، أو مات أو مرتهن -ولم يرض راهن بكونه بيد ورثة أو وصِيٍّ- جعله حاكم بيد أمين، وإن أذنا له أو راهن لمرتهن في بيع -وعُين نقد- تعيَّن، وإلا بيع بنقد البلد، فإن تعدد فبأغلب. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بردِّه)؛ أيْ: الرهن] (¬1). * قوله: (لا من سفر)؛ أيْ: لا يزول الضمان بردِّه من سفر غير مأذون فيه، فلو تلف بعد رجوعه من السفر المتعدي به كان ضمانه باقيًا ويطلب الفرق؟. وفرق شيخنا في شرح الإقناع (¬2): "بأن ائتمانه زال بالسفر، فلا يعود بالعود من السفر مع بقائه بيده، بخلاف الغصب فإن غصبه قد زال بردِّه إلى العدل". * قوله: (بزوال تعدِّيه) لزوال الائتمان بأصل التعدي. * قوله: (ولم يرض راهن)؛ أيْ: للمذكورَين من العدل، والمرتهن، ويقال مثله في وصي، فلو أخره عنه لكان أولى. * قوله: (أو راهن) عمومه يشمل من كان مستعيرًا أو مستأجرًا للعين المرهونة، مع أن الظاهر أنه لا يصح الإذن منه في هذه الحالة؛ لأنه لا يصح البيع منه، فلا يصح الإذن فيه. ¬
فإن لم يكن فبجنس الدين، فإن لم يكن فبما يراه أصلح، فإن تردد عيَّنه ححم، وتلفُه بيد عدل من ضمان راهن. وإن استُحق رهن بيع رجع مشترٍ أُعلِم على راهن، وإلا فعلى بائع، وإن قضى مرتهنًا في غيبة راهن فأنكر -ولا بيِّنة- ضمن، ولا يُصدَّق عليهما، فيحلف مرتهن وبرجع، فإن رجع على العدل، لم يرجع على أحد، وإن رجع على راهن رجع على العدل. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا يقال: إن إذن مالك العين في رهنها إذن في باقي التصرفات كالبيع ونحوه؛ لأنه بعيد جدًّا، ولا دليل عليه، فكان الأولى للمص أن يقول: أو مالك بدل قوله: "أو راهن. . . إلخ". * قوله: (فبجنس الدين)؛ أيْ: بمثله وصفته. * قوله: (وتلفه)؛ أيْ: ثمن الرهن. * قوله: (وإن استحق)؛ أيْ: تبين استحقاقه لغير (¬1) راهن بعد بيعه. * قوله: (مشترٍ أعلم)؛ أيْ: أعلمه العدل أنه وكيل في البيع. * قوله: (وإلا)؛ أيْ: وإلا يعلم المشتري. * قوله: (ويرجع)؛ أيْ: مرتهن (¬2) إن شاء على العدل، وإن شاء على الراهن. * [قوله: (رجع)؛. . . . . . ¬
وكذا وكيل. ويصح شرط كل ما يقتضيه العقد، كبيع مرتهن وعدل لرهن ونحو ذلك، وينعزلان. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أيْ: الراهن (¬1)] (¬2). * قوله: (وكذا وكيل) في قضاء دين عن موكله إذا قضاه مع غيبة المدين ولم يشهد، فإنه يضمن، ولرب الدين الرجوع على أيهما شاء، فتدبر!. فإن رجع على الوكيل لم يرجع على أحد، وإن رجع على الموكل رجع على الوكيل. * قوله: (وينعزلان) أثبت النون مع أنه معطوف على اسم خالص، وهو يقتضي النصب بـ "أن" مضمرة؛ لأن ذلك جائز لا واجب (¬3)، فقد قرأ نافع (¬4): {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا} [الشورى: 51] برفع "يرسل". والباقون بالنصب (¬5)، ويجوز أن تكون الواو استئنافية لا عاطفة، وهو أظهر. ¬
5 - فصل
بعزله، لا ما لا يقتضيه، أو ينافيه، ككون منافعه له، أو أن لا يقبضه، أو لا يبيعه عند حُلول، أو من ضمان مرتهن، ولا يفسد العقد. * * * 5 - فصل وإن اختلفا في أنه عصير أو خمر في عقد شُرط فيه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله: (بعزله)؛ أيْ: الراهن] (¬1). * قوله: (لا ما لا يقتضيه العقد أو ينافيه) قال في شرحه (¬2): "فالأول: ككون منافعه له؛ لأن الرهن ملك للراهن، فلا تكون منافعه لغيره" إلى أن قال: "والثاني: كشرط توفيته، أو كونه يومًا لازمًا ويومًا جائزًا، أو لا يباع إلا بثمن يرضاه الراهن"، انتهى ملخصًا. ومنه تعلم أن المراد بما يقتضيه العقد ما يقابل هذين، وليس المراد منه المعنى السابق (¬3) في الشروط في البيع (¬4)، مما كان مؤكدًا للعقد، بحيث لو سكت عن اشتراطه كان ذلك له. * [قوله: (أو ينافيه) ككون منافعه تكون تحت يد العدل أو المرتهن] (¬5). فصل ¬
أو ردِّ رهن أو في عينه أو قدره، أو دين به أو قبضه -وليس بيد مرتهن- فقول راهن. و"أرسلتُ زيدًا ليرهنه بعشرين، وقبضها" وصدَّقه، قُبل قول الراهن ". . . بعشرة". وإن أقرَّ -بعد لزومه- بوطء. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو ردِّ رهن) جملة حالية مقيدة لما قبلها فقط. * قوله: (أو قبضه)؛ أيْ: قبض الرهن وليس الرهن بيد مرتهن، هكذا رجَّع الضمائر في الشرح (¬1). * قوله: (وصدقه)؛ أيْ: صدق زيد المرتهن. * قوله: (قبل قول الراهن)؛ أيْ: بيمينه. * قوله: (بعشرة)؛ أيْ: قبل قوله أنه ما أرسله ليرهنه إلا على عشرة، وأنه ما قبض من زيد إلا العشرة، ويرجع المرتهن على زيد بالعشرة الأخرى؛ لأنه معترف بقبضها، إلا أن يقيم بينة على أخذ الراهن لها. * [قوله: (وإن أقرَّ)؛ أيْ: راهن] (¬2). * قوله: (لزومه بوطء)؛ أيْ: بأنه كان قد وطئها؛ يعني: وأن الأمة قد (¬3) حملت حتى إذا ولدت تكون أم ولد له، فيبطل رهنها. ¬
أو أن الرهن جنى أو باعه أو كصبه، قُبل على نفسه، لا على مرتهن أنكره. ولمرتهن ركوب مرهون وحلبه واسترضاع أمه بقدر نفقته، متحرِّيًا للعدل، ولا يُنهكه بلا إذن راهن، ولو حاضرًا ولم يمتنع، ويبيع فضل لبن بإذن، وإلا فحاكم، ويرجع بفضل نفقة على راهن. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (جنى)؛ أيْ: كان قد جنى. * قوله: (أو غصبه)؛ أيْ: كان قد غصبه قبل رهنه. * قوله: (ركوب)؛ أيْ: بلا إذن راهن. * قوله: (وحلبه)؛ أيْ: بلا إذن راهن. * قوله: (استرضاع)؛ أيْ: بلا إذن راهن، وهو مقيس على الحلب. * قوله: (بلا إذن راهن) متعلق بـ "ركوب" وما بعده فقط؛ أيْ: لا بـ "ينهكه". * قوله: (ويبيع) الباء الأولى للبدلية، والثانية للملابسة، فلا يلزم عليه تعلق حرفَين بمعنى واحد، بعامل واحد المحوج إلى تكلف الزمخشري (¬1) في قوله -تعالى-: {كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا} [البقرة: 25]، وأنه من تقييد المقيد على حدِّ: أكلت من بستانك من ثمرة، فاحفظه!. * [قوله: (فضل لبن بإذن)؛ أيْ: بإذن راهن] (¬2). ¬
وأن ينتفع به بإذن راهن مجانًا -ولو بمحاباة- ما لم يكن الدين قرضًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مجانًا)؛ أيْ: أو (¬1) من غير عوض. * وقوله: (ولو بمحاباة)؛ أيْ: بعوض ولو بمحاباة، وكأن العبارة مقلوبة والأصل: ولو بمحاباة أو مجانًا، ولو عبر كذلك لكان أظهر في المراد، إذ لا فائدة لقوله: "ولو بمحاباة" بعد "مجانًا"، بل لا يصح؛ لأنه يوهم أنه غاية له، مع أنه يُبَاينُه -كما علمت-. * قوله: (ما لم يكن الدين قرضًا) فإن كان الدين قرضًا حرم؛ لأنه صدق عليه أنه قرض جرَّ نفعًا. ومقتضى هذا (¬2) التفرقة (¬3) بين القرض وباقي الديون في حرمة جرِّ النفع، وهو مخالف لما أسلفه (¬4) في باب القرض من التعميم. لكن في المستوعب (¬5) أن في المسألة روايتَين (¬6)، فيكون المص ماشيًا في كلٍّ على رواية. وبخطه أيضًا -رحمه اللَّه تعالى-: يؤخذ مما في المبدع (¬7)، وما هنا أن قوله: "ما لم يكن الدين قرضًا" شرط في المسألتَين؛ أعني: هذه المسألة،. . . . . . ¬
6 - فصل
ويصير مضمونًا بالانتفاع. وإن أنفق عليه -ليرجع- بلا إذن راهن، وأمكن فمتبرع، وإن تعذر رجع بالأقل مما أنفق أو نفقة مثله، ولو لم يستأذن حكمًا أو يُشهد، ومعارٌ، ومؤجَّر، ومودَع كرهن، وإن عمَّر الرهن رجع بآلته، لا بما يحفظ به مالية الدار، إلا بإذن. * * * 6 - فصل وإن جنى رهن تعلق الأرش برقبته. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ومسألة (¬1) الركوب، والحلب، والاسترضاع. * قوله: (ويصير مضمونًا)؛ أيْ: الرهن، ووجه ضمانه أنه غير مأذون في ذلك الانتفاع لتحريمه شرعًا، ومقتضى كلامه أن الحكم ليس خاصًّا بالأخيرة، وهي ما إذا كان الدين (¬2) قرضًا، بل بكل محلٍّ (¬3) وجد فيه الانتفاع المأذون فيه؛ لأنه صار بالانتفاع عارية، وهي مضمونة. * [قوله: (وأمكن) إذن راهن] (¬4). * قوله: (مالية الدار) كثمن ماء، ورماد، وطين، وجص، وأجرة مُعَمِّرِينَ. فصل ¬
فإن استغرقه خُيِّر سيده بين فدائه بالأقل منه ومن قيمته -والرهن بحاله- أو بيعه في الجناية، أو تسليمه لوليِّها، فيملكه، ويبطُل فيهما، وإلا بِيع منه بقدره، وباقيه رهن، فإن تعذر فكله. وإن فداه مرتهن لم يرجع. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (والرهن بحاله)؛ أيْ: في البيع، والتسليم. * قوله: (أو تسليمه) لولي الجناية. * قوله: (ويبطل)؛ أيْ: الرهن. * قوله: (وإلا)؛ أيْ: وإن لم تستغرقه الجناية. * قوله: (وإن فداه مرتهن لم يرجع)؛ لأن الفداء ليس واجبًا عينًا (¬1) عليه، بل هو مخير بينه وبين بيعه، فلم يقم عن غيره بواجب عينًا، كذا قرره شيخنا وفيه أنه يقتضي أن الفداء لو كان واجبًا عينًا، وفداه المرتهن أنه يرجع، سواء كان بنية الرجوع أم لا، مع أن من أدى عن غيره دينًا واجبًا لا يرجع إلا بشرط نية الرجوع، وهو مقتضى قوله قبل الفصل (¬2): "وإن أنفق عليه ليرجع بلا إذن راهن. . . إلخ", وقوله هنا: "لم يرجع إلا إن نوى وأذن راهن. . . إلخ"، ثم رجع عن ذلك التقدير إلى ما أثبته في الشرح (¬3) حيث قال: "وإن فداه؛ أيْ: الرهن، مرتهن لم يرجع على راهن إلا إن نوى المرتهن الرجوع، وأذن له راهن في فدائه؛ لأنه إن (¬4) لم ينو رجوعًا فمتبرع، ¬
إلا إن نوى وأذن راهن، ولم يجُز شرط كونه رهنًا بفدائه مع دينه الأول، وإن جُني عليه فالخصم سيدُه، فإن أخَّر الطلب لغيبة أو غيرها فالمرتهن. ولسيد أن يقتص إن أذن مرتهن أو أعطاه ما يكون رهنًا، فإن اقتَصَّ بدونهما. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وإن نواه ولم يأذن راهن فمتآمر (¬1) عليه؛ لأنه لا يتعين عليه فداؤه"، لكن ما قرره شيخنا هو الموافق لما في الإقناع (¬2) وشرحه (¬3)، وعبارته: (وإن فداه)؛ أيْ: الجاني (مرتهن بإذن راهن غير متبرع) بفدائه (رجع به)؛ أيْ: بفدائه لأدائه بإذن مالكه، كما لو قضى عنه دينه بإذنه، (وإلا) بأن لم يكن بإذن مالك (لم يرجع ولو نوى الرجوع، حتى ولو تعذر استئذانه؛ لأن مالكه (¬4) لم يجب عليه الافتداء هنا) بخلاف النفقة عليه، وكذا لا يرجع إذا كان بإذن المالك ونوى التبرع"، انتهى المقصود. * قوله: (وأذن راهن)؛ أيْ: مع إمكان استئذانه على قياس ما سبق، لكن في الإقناع (¬5) ما يخالفه فإنه قال: "وإلا لم يرجع حتى ولو تعذر استئذانه" (¬6)، فتدبر!. * قوله: (مع دينه الأول) لما تقدم (¬7) من أنه لا تجوز زيادة دينه. * قوله: (بدونهما)؛ أيْ: الإذن والإعطاء. ¬
في نفس أو دونها، أو عفا على مال، فعليه قيمة أقلهما، تُجعل مكانه، والمنصوص (¬1): "أن عليه قيمة الرهن أو أرشه"، وكذا لو جنى على سيده فاقتصَّ هو أو وارثه. وإن عفا عن المال صحَّ، لا في حق مرتهن، فإذا انفكَّ بأداء أو إبراء ردَّ ما أخذ من جانٍ، وإن استوفى من الأرش رجع جانٍ على راهن. وإن وطئ مرتهن مرهونة -ولا شبهة- حُدَّ، ورُقَّ ولدُه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أقلهما)؛ أيْ: الجاني والمجني عليه (¬2). * قوله: (فاقتص هو)؛ أيْ: إن كانت الجناية على الطرف. * وقوله: (أو وارثه) إن: كانت الجناية على النفس ومات. * [قوله: (عن المال) الواجب بسبب الجناية] (¬3). * قوله: (لا في حق مرتهن) فللمرتهن أخذ الأرش من الجاني، ويستمر تحت يده إلى أن ينفك الرهن. * [قوله: (أو إبراءٍ ردَّ)؛ أيْ: المرتهن (¬4). * قوله: (من جانٍ) بتلفه لسقوط التعلق به] (¬5). * قوله: (ولا بشبهة ملك)؛ أيْ: ولا زوجية. ¬
ولزمه المهر، وإن أذن راهن فلا مهر، وكذا لا حدَّ إن ادَّعى جهل تحريمه ومثله يجهله، وولده حرٌّ، ولا فداء. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولزمه المهر) ويندرج فيه أرش البكارة إن كانت بكرًا ولو طاوعته؛ لأن مطاوعتها لا تسقط حق السيد. * * *
8 - باب الضمان
8 - باب الضمان: التزام من يصح تبرعه، أو مفلس، أو قنٌّ، أو مكاتب -بإذن سيدهما-، ويؤخذ مما بيد مكاتب، وما ضمنه قنٌّ من سيده ما وجب على آخر مع بقائه، أو يجب غير جزية فيهما بلفظ: ". . . ضمين. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الضمان * قوله: (من) فاعل بقوله: "التزام". * قوله: (أو مفلس) يجوز فيه الجر والرفع باعتبار مراعاة لفظ "من" ومحلها، وكذا قوله: "أو قنٍّ أو مكاتب". * قوله: (بإذن سيدهما) يشمل الواحد والمتعدد؛ لأنه مفرد مضاف لمعرفة، [فيشمل العبارة المشترك] (¬1). * قوله: (ما وجب) مفعول لقوله: "التزام". * قوله: (مع بقائه) ليس غرضه من ذلك إخراج ما وجب، ثم سقط بابراء أو غيره قبل الضمان؛ لأن وجوبه في الماضي صادق ببقائه إلى الآن، وعدم بقائه، بل غرضه من ذلك بيان أن الضمان لا يسقط الحق عمن هو عليه. * قوله: (بلفظ ضمين)؛ أيْ: أنا ضمين، وكذا الباقي. ¬
وكفيل، وقبيل، وحميل، وصبير، وزعيم"، و"ضمنتُ دينك أو تحمَّلته" ونحوه، وبإشارة مفهومة من أخرس. ولربِّ الحق مطالبة أيهما شاء، ومعًا في الحياة والموت، فإن أحال أو أحيل، أو زال عقد برئ ضامن وكفيل، وبطل رهن لا إن وُرِّث، لكن لو أحال رب دين على اثنين. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وبإشارة) عطف علي "بلفظ ضمين". * قوله: (ولرب الحق) تصريح بما علم من قوله: "مع بقائه". * قوله: (ومعًا) انظر المعطوف عليه؟ وأشار شيخنا في شرحه (¬1) إلى أن المعطوف محذوف، وأن "معًا" حال منه، والمعطوف عليه "مطالبة أيهما" والتقدير: ومطالبتهما معًا. * قوله: (فإن) الفاء إما للتفريع على مقدر متعلق بما سبق؛ أيْ: له مطالبة أيهما شاء، ما دام الحق ثابتًا فإن أحال. . . إلخ، أو للاستئناف على ضعف كما صرح به ابن قاسم العبادي الشافعي في حواشي مختصر المعاني (¬2)، فراجعه إن شئت. * قوله: (أحال)؛ أيْ: رب الحق. * [قوله: (أو أحيل) الحوالة في الأولى واقعة ممن له الدين، وفى الثانية ممن عليه الدين] (¬3). * قوله: (لكن) استدرك من مسألة الحوالة (¬4). ¬
وكلٌّ ضامن الآخر، ثالثًا ليقبض من أيهما شاء صحَّ، وإن أُبرئ أحدهما من الكل بقي ما على الآخر أصالة، وإن برئ مديون، برئ ضامنه، ولا عكس. ولو لحق ضامن بدار حرب مرتدًّا أو أصليًّا لم يبرأ. وإن قال رب دين لضامن: "برئت إليَّ من الدين"، فقد أقرَّ بقبضه، لا: "أبرأتُك"، أو "برئت منه"، و"وهبتُكه" تمليك له. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وكل ضامن) الواو للحال، لكن هو من قبيل مجيء الحال من النكرة، ولو أسقط الواو وأتى بالعائد وأوقع الجملة صفة لـ "اثنين" فقال: كل منهما ضامن الآخر (¬1)، لكان أظهر في المراد. * قوله: (مديون) لغة تميم، والأفصح: مدين، وهي (¬2) لغة الحجاز (¬3). * قوله: (فقد أقرَّ بقبضه) وحينئذٍ فيسوغ للضامن المطالبة على المدين بمثل الدين الذي أبرئ منه، بدليل قول الشارح (¬4) في التعليل: "لأن قوله: برئت إليَّ إخبار بفعل الضامن، والبراءة لا تكون لمن عليه الحق إلا بالأداء". * قوله: (لا أبرأتك)؛ أيْ: لا يكون إقرارًا بالقبض، فيرجع إلى البراءة من صفة الضمان فقط، ولرب الحق مطالبة المضمون. * قوله: (تمليك له) ويؤخذ من هنا أنه يصح هبة الدين لمن هو عليه أصالة أو ضمانًا. ¬
فيرجع على مضمون، ولو ضمن ذمي لذمي عن ذمي خمرًا، فأسلم مضمون له أو عنه برئ، كضامنه، وإن أسلم ضامن برئ وحده. ويُعتبر رضا ضامن، لا من ضُمن أو ضُمن له، ولا أن يعرفهما ضامن، ولا العلم بالحق ولا وجوبه إن آل إليهما. فيصح: "ضَمِنتُ لزيد ما على بكر"، أو ". . . ما يُداينُه"، وله إبطاله قبل وجوبه. ومنه: "ضمان السوق"؛ وهو أن يضمن ما يلزم التاجر من دين، وما يقبضه من عين مضمونة. ويصح ضمان ما صحَّ أخذ رهن به، ودين ضامن وميت. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا وجوبه) عطف على قوله: "لا العلم بالحق"؛ أيْ (¬1): ولا يعتبر وجوبه، ولكن هذا مكرر مع قوله في التعريف (¬2): "ما وجب على آخر أو يجب. . . إلخ" هذا إن قرئ بالرفع -كما قرره شيخنا-. وأقول: انظر ما المانع من قراءته بالجر عطفًا على الحق، والمعنى (¬3): لا يعتبر العلم بالحق، ولا العلم بوجوبه، وكأن المانع منه قول المص: "إن آل إليهما" كما هو ظاهر، وكان يمكن الاعتذار عنه بأنه ثَنَّى نظرًا لتعدد المضاف إليه، فتدبر!. * قوله: (وميت) ولو لم يخلف وفاء. ¬
-ولا تبرأ ذمته قبل قضاء-، ومفلس مجنون، ونقص صنجة أو كيل -ويرجع بقوله مع يمينه-، وعُهدة مبيع عن بائع لمشترٍ، بأن يضمن عنه الثمن إن استُحقَّ المبيع أو رُدَّ بعيب، أو أرشه، وعن مشترٍ لبائع، بأن يضمن الثمن الواجب قبل تسليمه، أو إن ظهر به عيب، أو استُحقَّ. ولو بنى مشترٍ، فهدمه مستحق فالأنقاض لمشترٍ، ويرجع بقيمة تالف على بائع، ويدخل في ضمان العهدة. وعين مضمونة كغصب وعارية ومقبوض على وجه سوم وولده -في بيع أو إجارة- إن ساومه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويرجع بقيمة تالف)؛ أيْ: إن كان المشتري غير عالم بالغصب، أما إن كان عالمًا فلا رجوع؛ لأنه وضع بغير حق. * وقوله: (على بائع)؛ أيْ: إن كان عالمًا بالغصب، أما إن كان غير عالم، كأَن ورثه عن أبيه وهو لا يعلم فلا رجوع، إذ لا تغرير، وهذا الثاني في كلام الشيخ التقي في موضع (¬1)، فتدبر!. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: لو قال مؤنة تالف، لكان أوضح، ولشمل قيمة تالف، وأجرة تالف، فتدبر!. * قوله: (وولده)؛ أيْ: ولد المقبوض على وجه السوم كهو في صحة ضمانه. * قوله: (أو إجارة) هو مشكل في جانب الإجارة؛ لأن العين المؤجرة غير مضمونة بعد العقد، فقبله بالأولى (¬2)؟. ¬
وقطع ثمنه، أو ساومه فقط، ليُريه أهله إن رضوه وإلا ردَّه، لا إن أخذه لذلك بلا مساومة ولا قطع ثمن ولا بعض لم يُقَدَّر من دين، ولا دين كتابة، ولا أمانة، كوديعة ونحوها، إلا أن يضمن التعدي فيها. ومن باع بشرط دَركِه إلا من زيد. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجوابه: أن المراد بالعين في قوله: "وعين. . . إلخ" المعين، فشمل المنفعة، وهي في الإجارة مضمونة، أو العين مستعملة في حقيقتها ومجازها، وهو المنفعة، والوجه الأول من عموم المجاز، وهو أولى للاتفاق عليه (¬1)، أو يحمل الضمان في العين على ضمان التعدي فيها، فتدبر!. * قوله: (وقطع ثمنه)؛ أيْ: أو أجرته. * قوله: (لا إن أخذه)؛ أيْ: لا ضمان إن. . . إلخ. * قوله: (لذلك)؛ أيْ: ليريه أهله. * قوله: (ولا بعض لم يُقَدَّر)؛ أيْ: بنصف مثلًا. * قوله: (ولا دين كتابة)؛ لأنه لا يلزم أن يؤول إلى الوجوب. * قوله: (إلا أن يضمن التعدي فيها) قال شيخنا (¬2): "فعلى هذا لا يصح ضمان الدلالين فيما يُعطَونه ليبيعوه؛ لأنه أمانة بيدهم، إلا أن يضمن تعديهم فيه أو هربهم به". * قوله: (إلا من زيد)؛ أيْ: لم يصح البيع؛ لأنه يقتضي ثبوت الحق فيه لزيد. ¬
1 - فصل
ثم ضمن دَركَه منه أيضًا لم يعُد صحيحًا. وإن شُرط خيارٌ في ضمان أو كفالة فسدا، ويصح: "ألق متاعك في البحر، وعليَّ ضمانه". * * * 1 - فصلٌ وإن قضاه ضامن أو أحال به -ولم ينو رجوعًا- لم يرجع، وإن نواه رجع على مضمون عنه -ولو لم يأذن في ضمان ولا قضاء- بالأقل مما قضى. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لم يعد صحيحًا)؛ أيْ: البيع. * قوله: (فسدا)؛ أيْ: لم يصحَّا. * قوله: (وعليَّ ضمانه) ومثل هذه المسألة: أعتق عبدك أو أعطه لزيد وعليَّ ثمنه، لا: بعه وعلي ثمنه، من غير أن يقول: لزيد مثلًا، والفرق: الإتلاف وعدمه، إذ مسألة البيع لا إتلاف فيها؛ لأنه يرجع بثمنه على المشتري. فصل * قوله: (وإن قضاه)؛ أيْ: الدين، أو رب الدين، ولا يتعين عوده على الدين كما تُوهمه عبارة الشارح (¬1)، ونكتة اقتصار الشارح موافقته للضمير في "أحال به"؛ لأنه عائد على الدين، لا غير. * قوله: (وإن نواه)؛ أيْ: الرجوع. ¬
ولو قيمة عرض عوَّضه به، أو قدر الدين، وكذا كفيل، وكل مؤدٍّ عن غيره دينًا واجبًا، لا زكاة ونحوها، لكن يرجع ضامن الضامن عليه، وهو على الأصيل. وإن أنكر مَقْضِيٌّ القضاء وحلف لم يرجع على مدين. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (عوضه به)؛ أيْ: بالدين. * قوله: (أو قدر الدين) عطف على مدخول "من" التفضيلية. * قوله: (ونحوها)؛ أيْ: نحو الزكاة مما يتوقف الاجزاء فيه على نية، كالكفارة فإنها لا تجزئ بغير نية ممن هي، حاشية (¬1). * قوله: (عليه)؛ أيْ: الضامن. * قوله: (وهو على الأصيل)؛ أيْ: بعد أن يؤديه هو. وهذه المسألة هي التي أخذ منها ابن نصر اللَّه حكم مسألة الحوالة (¬2)، وهو ما لو أحال رب الدين بدينه على الضامن، فإن الضامن لا يرجع على المضمون عنه إلا إذا أدى الدين، وقد كنت نظمت مسألة ابن نصر اللَّه هذه بما نصه: إذا أحَالَ ربُّ دينٍ واحدَا ... بديِنه من ضَامِنٍ فقدْ غَدَا من قَدْ ضَمِنْ لا يملكُ المطالبَهْ ... إلا إذا أدَّى الديون الواجبَه كذا ابنُ نصرِ اللَّهِ قد أفْتَى به ... نَجَّاهُ ربُّ العرشِ مِنْ عقابِه * قوله: (وأنكر مقضي القضاء)؛ أيْ: أنكر رب الدين الأخذ من ضامن أو نحوه. ¬
ولو صدَّقه، إلا إن ثبت أو حضره، أو أشهد ومات أو غاب شهوده وصدَّقه، وإن اعترف وأنكر مضمون عنه لم يُسمع إنكاره. ومن أرسل آخر إلى من له عنده مال لأخذ دينار فأخذ أكثر ضمنه مرسِل، ورجع به على رسوله. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولو صدَّقه)؛ لأن عدم الرجوع لتفريط الضامن ونحوه بعدم الإشهاد، فلا فرق بين تصديقه وتكذيبه، شرح (¬1). * قوله: (شهوده) تنازع فيه "مات" و"غاب". * قوله: (لم يسمع إنكاره) لاعتراف رب الحق بأن الذي كان له صار للضامن، فوجب قبول قوله؛ لأنه إقرار على نفسه، شرح (¬2). * قوله: (ضمنه مرسل)؛ أيْ: مرسل الرسول، [بدليل ما بعده، والأظهر أن المراد: مرسل الدراهم، لا مرسل الرسول] (¬3)، كما هو الموافق لنص الإمام (¬4)، وبه صرح في الإقناع (¬5) في باب الوكالة تبعًا للمستوعب (¬6)، خلافًا لظاهر المتن والشرح (¬7)، وليوافق المسألة السابقة في باب الرهن (¬8) في قول المص: "وأرسلت ¬
ويصح ضمان الحالِّ مؤجلًا، وإن ضمن المؤجل حالًّا، لم يلزمه قبل أجله، وإن عجَّله لم يرجع حتى يحلَّ، ولا يحل بموت مضمون عنه، ولا ضامن، ومن ضمن أو كفل، ثم قال: "لم يكن عليه حق" صُدِّق خصمه بيمينه. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ زيدًا ليرهنه بعشرين، وقبضها، وصدقة زيد قُبلَ قول الراهن بعشرة". وفي شرح شيخنا (¬1): " (ضمنه مرسل)؛ لأنه المسَلِّطُ للرسول، ورجع مرسل به؛ أيْ: بالمأخوذ على رسوله؛ لتعديه بأخذه، وفي الإقناع (¬2) وغيره (¬3): يضمنه باعث"، انتهى كلامه، فتدبره!. * قوله: (حتى يحل)؛ أيْ: إن لم يأمره المضمون عنه بتعجيله، حاشية (¬4). * قوله: (ولا ضامن) محله في هذه [إن وثق الورثة على ما في شرح (¬5)، وأما مسألة موت المدين فالتوثقة موجودة] (¬6) بوجود الضامن. * قوله: (لم يكن عليه)؛ أيْ: على من ضمنته أو كفلته. * قوله: (صدق خصمه)؛ أيْ: في أنه مدين. ¬
2 - فصل في الكفالة
2 - فصل في الكفالة وهي التزام رشيد إحضار من عليه حق مالي إلى ربه، وتنعقد بما ينعقد به ضمان، وإن ضمن معرفته أخذ به. ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل في الكفالة * قوله: (وهي التزام رشيد) والمراد به جائز التصرف، وهو البالغ العاقل المصلح لماله. * قوله: (من عليه حق مالي) ظاهر كلامه أن الكفالة لا تتعلق إلا بمن عليه حق بالفعل، أما من سيتعلق به حق في المستقبل فلا تصح كفالته الآن، وحينئذٍ فيطلب الفرق بين الضمان والكفالة. وقد يقال: لا فرق، ومراده الحق حالًا أو مآلًا، لا حالًا فقط. أو المراد من عليه حق مالي في حالة الإحضار، ولو تأخر ثبوته وترتبه بذمته عن حالة الالتزام، فتوافق الضمان. * قوله: (أخذ به)، أيْ: بإحضاره، لا غرم ما عليه، فإن هذا لا يلزمه ابتداءً، كما يدل عليه بقية عبارة الإمام (¬1) -المختلف في معناها، وهي: "فإن عجز غرم ما عليه" (¬2)، وليس المراد أخذ بمعرفته -كما يدل عليه ما ذكر أيضًا-؛ لأن المعرفة بمعنى التعريف، لا يتأتى العجز عنها، وفي عبارة الإقناع (¬3). . . . . . ¬
وتصح ببدن من عنده عين مضمونة، أو عليه دين لا حدٍّ أو قصاص، ولا بزوجة وشاهد، ولا إلى أجل أو بشخص مجهولَين ولو في ضمان. وإن كفَل بجزء شائع أو عضو، أو بشخص على أنه إن جاء به وإلا فهو كفيل بآخر أو ضامن ما عليه، أو "إذا قدم الحاج فأنا كفيل بزيد شهرًا" صحَّ، ويبرأ إن لم يطالبه فيه. ـــــــــــــــــــــــــــــ ما يحتاج إلى تحرير (¬1). * قوله: (لا حدٍّ) للَّه أو لآدمي. * قوله: (أو قصاص) في النفس، أو في (¬2) الطرف. * قوله: (ولا بزوجة وشاهد) قال في شرحه (¬3): "لأن الذي عليهما أداؤه لا يمكن استيفاؤه من الكفيل"، انتهى. والمراد بما عليهما أداؤه تأدية الشهادة في الشاهد، وتسليم النفس للزوج، وحقوق الزوجية في حق الزوجة، أما كفالتهما في حق مالي فهما كغيرهما في ذلك، خلافًا لمن توهم من المتن غير ذلك (¬4). ¬
وإن قال: "أبرئ الكفيل وأنا كفيل" فسد الشرط، فيفسد العقد، ويُعتبر رضا كفيل لا مكفول به. ومتى سلَّمه بمحلِّ عقد -وقد حلَّ الأجل. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فسد الشرط)؛ أيْ: قوله: "أبرئ الكفيل"؛ لأنه في معنى أبرأت الكفيل. * وقوله: (فيفسد العقد)؛ أيْ: قوله: "وأنا كفيل"؛ وفيه نظر؛ لأن غايته على ما أفهمه كلامه أنه عقد وشرط من مصلحته، وهو لا يقتضي فسادًا، وفي قول الشارح (¬1) في التعليل: "لأنه وعد وهو لا يلزم الوفاء به" نظر؛ لأن هذا لا يقتضي الفساد، وهذا مما ينبغي أن يتنبه له. وقال شيخنا (¬2): "الظاهر أن الفساد لكونه أشبه بيعتَين في بيعة المنهي عنهما، فيفسدان لذلك". وفيه أن ذلك الشبه لازم في كل عقد وشرط، ولو من مقتضاه أو مصلحته وهو مما لم يقل به أحد. بقي أنه لو أجابه لِمَا سأله، وأبرأ الكفيل، ثم امتنع السائل من الكفالة هل يبرأ المبرأ؟ أم لا، لأن رب الدين إنما أبرأه اعتمادًا على صدق السائل. قال شيخنا: "رأيت ببعض الهوامش نقلًا عن الفارضي أنه لا يبرأ" (¬3). * قوله: (لا مكفول به)؛ أيْ: ولا مكفول له شرح (¬4). * قوله: (وقد حل الأجل)؛ أيْ: أجل الكفالة. ¬
أو لا- ولا ضرر في قبضه، وليس ثَم يد حائلة ظالمة، أو سلَّم نفسه، أو مات. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو لا)؛ أيْ: أو لم يحل الأجل. * قوله: (ولا ضرر) راجع لقوله: "وقد حل الأجل أو لا"، لا لقوله: "أوْ لا" فقط، بدليل صنيعه في الإنصاف (¬1)، وكذا قوله: "وليس ثم. . . إلخ"، إذ هو من أفراد الضرر (¬2) -كما في الإنصاف (¬3) أيضًا- فتأمل!. والذي يؤخذ من المستوعب (¬4) [أنه راجع لقوله: "أوْ لا"، ومثله في المبدع (¬5) وعبارة المستوعب] (¬6): "وإذا تكفل برجل إلى أجل، فسلمه إلى المكفول له قبل الأجل، ولا ضرر على المكفول له في ذلك، مثل أن يسلمه إليه في مِصْرٍ فيه سلطان، وفيه شهود صاحب الحق، سواء كان المصر الذي كفل فيه أو غيره جاز وبرئ الكفيل"، انتهى، وهذا هو الذي مشى عليه شيخنا (¬7). * قوله: (أو سلم نفسه)؛ أيْ: سواء كانت الكفالة حَالَّةً أو لا على ما في المستوعب (¬8). * قوله: (أو مات)؛ أيْ: مكفول. ¬
أو تلفت العين بفعل اللَّه -تعالى- قبل طلب برئ كفيل، لا إن مات هو أو مكفول له. وإن تعذر إحضاره مع بقائه أو غاب -ومضى زمن يمكن ردُّه فيه، أو عيَّنه لإحضاره- ضمن ما عليه، لا إذا شرط البراءة منه، وإن ثبت موته قبل غرمه استردَّه، والسجَّان كالكفيل. وإذا طالب كفيل مكفولًا به أن يحضر معه، أو ضامن مضمونًا بتخليصه لزمه إن كفل أو ضمن -بإذنه-، وطولب، ويكفي في الأولى أحدهما. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو تلفت العين) قال في شرحه (¬1): "أيْ: التي ضمن التعدي فيها"، والذي في تصحيح الفروع (¬2) والإنصاف (¬3): أن المراد بها العين المضمونة، وكذا في الهداية (¬4). * قوله: (لا إن مات هو)؛ أيْ: الكفيل. * قوله: (لا إذا شرط البراءة منه)؛ أيْ: فإنه لا يلزمه ما عليه. * قوله: (والسجان كالكفيل) فيضمن مطلقًا فرَّط أو لم يفرط، قاله الشيخ تقي الدين (¬5). ¬
ومن كفله اثنان، فسلَّمه أحدهما لم يبرأ الآخر، وإن سلَّم نفسه برِئا، وإن كفل كلَّ واحد منهما آخر، فأحضر المكفول به برئ هو ومن تكفَّل به فقط، ومن كفل لاثنين، فأبرأه أحدهما لم يبرأ من الآخر، وإن كفل الكفيل آخر، والآخر آخر، برئ كلٌّ ببراءة من قبله، ولا عكس، كضمان. ولو ضمن اثنان واحدًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال ابن نصر اللَّه (¬1): هو كالوكيل بجعل، فلا يضمن إلا إذا فرط قال شيخنا: وهذا أقرب إلى القواعد. * قوله: (وإن سلم نفسه برئا)؛ أيْ: لأن المقصود التسليم وقد حصل، ومنه يشكل ما في المسألة الأولى من أنه إذا سلمه أحدهما لم يبرأ الآخر، إذ التسليم قد حصل فيها أيضًا. بقي ما إذا سلمه غيرهما هل يبرأان قياسًا على الثانية أو لا يبرأان قياسًا على الأولى؟ والأظهر في التعليل ما في شرح المص (¬2) حيث قال: "وإن سلم نفسه برئا، لأن المكفول لهما أصل، فيبرأان ببراءته"، انتهى، ولم يُعَرِّج على ما ذكر، من أن المقصود التسليم، فتدبر!. * قوله: (فأحضر)؛ أيْ: أحد الآخرين. * قوله: (المكفول به)؛ أيْ: مكفول المكفول. * قوله: (ولو ضمن اثنان. . . إلخ) هذه من قبيل التتمة للباب، فهي متعلقة ¬
وقال كلٌّ: "ضمنتُ لك الدين"، فضمان اشتراك في انفراد، فله طلبُ كل بالدين كله، وإن قالا: "ضُمِّنَّا لك بالدين" فبينهما بالحصص. ـــــــــــــــــــــــــــــ بنفس الضمان، لا بنفس الكفالة، فكأن فَصْلَ الكفالة قد انقضى، ومما أشرنا إليه عُلِمَ سقوط الاعتراض على المص بأن حق هذه المسألة أن تذكر قبل فصل الكفالة. * قوله: (فضمان اشتراك)؛ أيْ: في الالتزام بالدين. * وقوله: (في انفراد) بأن يطالب كل منهما بجميع الدين على انفراده، شرح (¬1). وقد أشار إلى ذلك المص بقوله: "فله طلب كل. . . إلخ". * قوله: (فبينهما بالحصص)؛ أيْ: على كل واحد نصفه. * * * ¬
9 - باب الحوالة
9 - باب الحوالة: عقد إرفاق، وهي: انتقال مال من ذمة إلى ذمة، بلفظها أو معناها الخاص. وشرطٌ: رضا مُحيل، والمقاصَّة (¬1)، وعلم المال، واستقراره، فلا تصح على مال سلَم. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الحوالة * قوله: (بلفظها) كأَحَلْتك. * قوله: (أو معناها الخاص) وهو أَتبعتك بتقديم التاء المثناة فوق. * قوله: (والمقاصَّة)؛ أيْ: صحتها. * قوله: (وعلم المال)؛ أيْ: المحال به، أو عليه. * وقوله: (واستقراره)؛ أيْ: المال المحال عليه، لا الأعم بدليل قول المص الآتي: "لا استقرار محال به" فذكر المال بمعنًى، وأعاد عليه الضمير بمعنى آخر، فهو من قبيل الاستخدام، وفي الشرح (¬2) ما يلوح إلى ذلك، فراجعه!. * قوله: (فلا تصح على مال سلم) يصح تفريعه على قوله: "والمقاصَّة". ¬
أو رأسه بعد فسخ، أو صداق قبل دخول، أو مال كتابة، ويصح إن أحال سيده، أو زوج امرأته لا يجزئه، ولا أن يُحيل ولد على أبيه. وكونه يصح السلم فيه من مثلِيٍّ وغيره، كمعدود ومذروع، لا استقرار محال به، ولا رضا محال عليه، ولا محتال إن أحيل على مليء. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعلى قوله أيضًا: "واستقراره". وأما قوله: "أو رأس مال سلم" فيتعين تفريعه على "المقاصَّة"، ولو ذكره بجنبه للزم عليه تكرار قوله: "فلا يصح على مال سلم"، لما علمت أنه يصح تفريعه على الشيئَين. وأما قوله: "أو صداق" فيتعين تفريعه على قوله: "واستقراره"، فتأمل!. * قوله: (ولا أن يحيل ولد على أبيه) هو مفرع على قوله: "واستقراره"؛ لأنه وإن كان مستقرًّا إلا أن الولد لما لم يملك المطالبة به صار كغير المستقر، فعلى هذا يشترط في الاستقرار أن يكون استقرارًا تامًا بحيث يملك المطالبة به. * قوله: (وكونه يصح السلم فيه) هذا الشرط غير محتاج إليه مع تعريف الحوالة بأنها انتقال مال (¬1) من (¬2) ذمة إلى ذمة، إذ الجواهر ونحوها إنما يثبت في الذمة ابتداء قيمتها، ومعلوم أن ما صحَّ أن يثبت في الذمة صحَّ السلم فيه، وما لا فلا. * قوله: (كمعدود ومذروع) قال بعضهم (¬3): إن قلنا إن الواجب في القرض ردُّ مثله أما إذا قلنا الواجب ردُّ القيمة، فلا تصح الحوالة في المعدود والمذروع؛ ¬
ويُجبر على اتباعه ولو ميتًا، ويبرأ محيل بمجردها، ولو أفلس محال عليه أو جحد أو مات. والمليء: القادر بماله وقوله وبدنه فقط، فعند الزركشي: "ماله؛ القدرة على الوفاء, وقوله؛ أن لا يكون مماطلًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنه لم يثبت في الذمة. * قوله: (ولو ميتًا)؛ أيْ: إن خلَّف وفاء. * قوله: (أو جحد. . . إلخ) قال في الإقناع (¬1): "وكذا الجحود صرح به في الفروع (¬2) وغيره" (¬3) ولعل المراد إذا كان المحتال يعلم الدين، أو صدَّق المحيل عليه، أو ثبت ببينة ثم ماتت ونحوه، أما إن ظنه (¬4) عليه فجحد ولم يمكن إثباته فله الرجوع عليه، انتهى، حاشية (¬5). * قوله: (وقوله) زاد في الإقناع (¬6): "وفعله، وتمكنه من الأداء"، والظاهر أنه لا يخرج عما هنا. * قوله: (فقط) احتراز عما زاده بعض الأصحاب (¬7) على هذا، وهو: فعله. * قوله: (فعند الزركشي. . . إلخ) الزركشي استظهر ولم يجزم به، خلافًا ¬
وبدنه؛ إمكان حضوره إلى مجلس الحكم"، فلا يلزم أن يحتال على والده. وإن ظنه مليئًا أو جهله فبان مفلسًا رجع، لا إن رضي ولم يشترط الملاءة، ومتى صحَّت. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لما يفهم من المتن (¬1). وبخطه: وعند الشيخ [صفي] (¬2) الدين (¬3) (¬4): قوله؛ أيْ: إقراره بالدين، وبدنه، أن لا يكون ميتًا، واتفقا على تفسير المال بما ذكر. * قوله: (لا إن رضي)؛ أيْ: بالحوالة على من ظنه أو جهله مليئًا، لتفريطه بعدم اشتراطه الملاءة في الصورتَين، هذا ما في الشرحَين (¬5)، وقد يتوقف في مسألة ¬
فَرَضيَا بخير منه أو بدونه (¬1) أو تعجيله أو تأجيله أو عوضه جاز. وإذا بطل بيع -وقد أحيل بائع أو أحال بالثمن-: بطُلت، لا إن فُسخ على أي وجه كان. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الظن، فإنه ما رضي بالحوالة عليه إلا ظنًّا (¬2) أنه مليء، ورأى أن اشتراط الملاءة في حقه تحصيل للحاصل، وأما مسألة الجهل فالأمر فيها ظاهر. * قوله: (فرضيَا) الفاء داخلة على شرط مقدر، والجملة جواب "متى" والتقدير: ومتى صحت فإن رضيا. . . إلخ جاز، وقد تقدم نظير ذلك (¬3). * قوله: (أو تأجيله) لا يقال هذا يشكل على ما سبق من أن الحالَّ لا يؤجل؛ لأن المجد في شرح الهداية (¬4) صرح بأن معنى قولهم: لا يؤجل الحالُّ: لا يلزم أن يؤجل، لا أنه حرام أو لا يصح، ويلوح لذلك المعنى قول المص فيما سبق (¬5): "وإن ضمن المؤجل حالًّا لم يلزمه قبل أجله"، فتدبر!. * قوله: (جاز)؛ أيْ: ما تراضيا عليه؛ لأن الحق لهما، لكن إن جرى بين العوضَين ربا النسيئة اعتبر التقابض قبل التفرقة، حاشية (¬6). * قوله: (وإذا بطُل بيع) بأن بأن المبيع حرًّا أو مستحقًّا. * قوله: (لا إن فسخ) على أيِّ وجه كان؛ أيْ: بتقايل، أو عيب، أو غيرهما. ¬
وإن لم يَقْبِض، وكذا نكاح فسخ ونحوه، ولبائع أن يُحيل المشتري على من أحاله عليه في الأولى، ولمشترٍ أن يُحيل محالًا عليه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإن لم يقبض)؛ أيْ: سواء قبض المحتال الثمن من المشتري أو لم يقبضه، أما إذا قبضه منه فظاهر، وأما إذا لم يقبضه فوجهه أن البيع لم يرتفع من أصله فلم يسقط الثمن. قال شيخنا (¬1): "ولمشترٍ الرجوع بالعوض على بائع فيهما؛ لأنه لما ردَّ المعوض استحق الرجوع بالعوض، وقد تعذر الرجوع في عينه للزوم الحوالة فوجب في بدله"، انتهى. * قوله: (ونحوه)؛ أيْ: نحو النكاح، كالإجارة، أو نحو الفسخ كما لو طلقها قبل الدخول وقد أحالها بالصداق. * قوله: (ولبائع)؛ أيْ: ونحوه. * قوله: (أن يحيل المشتري)؛ أيْ: ونحوه. * قوله: (في الأولى) وهي التي أحيل فيها البائع، وموضوع المسألة فيما إذا فسخ البيع؛ لأن تحتها صورتَين، وهما ما إذا أحيل بائع، وما إذا أحال بائع، وليس المراد بالأولى مسألة البطلان، ومنه تعلم أن المراد من الثانية ما إذا أحال (¬2) بائع على مشترٍ (¬3) بالثمن من مسألتَي الفسخ. * [قوله: (عليه)؛ أيْ: على المشتري] (¬4). ¬
على بائع في الثانية، وإن اتفقا على: "أحَلْتُك"، أو "أحَلْتُك بديني"، وادعى أحدهما إرادة الوكالة صُدِّق، وعلى "أحَلْتُك بدينك"، فقول مدير الحوالة. وإن قال زيد لعمرو: "أحَلْتَني بديني على بكر" واختلفا هل جرى بينهما لفظ الحوالة أو غيره؟ صُدِّق عمرو، فلا يقبض زيد من بكر. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (في الثانية) وهي التي أحال فيها بالثمن من مسألتَي الفسخ السابقتَين. * قوله: (وإن اتفقا)؛ أيْ: المدين ورب الدين. * قوله: (صُدِّق)؛ لأن الأصل بقاء الحق على كل من المحيل والمحال عليه، ومدعي الحوالة يدعي نقله، ومدعي الوكالة ينكره، والقول قول المنكر، كذا في شرحه (¬1). وأقول: الإرادة وصف للمتكلم، وهو رب الدين، فكان الظاهر أن القول قوله؛ لأنه لا يعلم إلا من جهته، إذ مقتضى كلامه أنه لو قال رب الدين: أردت الحوالة، وقال المدين: ما أردت إلا الوكالة، أن القول قول المدين؛ لأنه يدعي الوكالة مع أنه في غاية الإشكال. * قوله: (فقول مدعي الحوالة)؛ لأن الحوالة بدينه (¬2) لا تحتمل الوكالة. * قوله: (أو غيره) كالوكالة. * قوله: (فلا يقبض زيد من بكر)؛ لأنه عزل نفسه بإنكار الوكالة. ¬
وما قبضه -وهو قائم- لعمرو أخذُه، والتالف من عمرو (¬1). ولو قال عمرو: "أحَلْتُك"، وقال زيد: "وكَّلْتني" صُدِّق، والحوالة على ماله في الديوان (¬2) إذن في الاستيفاء. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وما قبضه)؛ أيْ: زيد من بكر. * قوله: (وهو قائم)؛ أيْ: باقٍ لم يتلف. * قوله: (لعمرو أخذه)؛ أيْ: من زيد؛ لأنه وكيله فيه. * قوله: (والتالف من عمرو)؛ أيْ: والتالف بيد زيد مضمون على عمرو. وبخطه: أيْ: من مال عمرو؛ لدعواه أنه وكيله. * قوله: (والحوالة على ماله في الديوان إذن في الاستيفاء) ومثله حوالة ناظر الوقف بعض المستحقين على من عنده شيء من ريع الوقف كأجرة، وخراج، فإنه إذن في الاستيفاء، إذ القبض، والصرف وظيفة الناظر -على ما يأتي (¬3) -، فله بعد كتابة الوصول مطالبة الناظر بجميع ما أذن فيه أو ببعضه إن كان قد قبض منه شيئًا، وليس ذلك مانعًا من رجوعه على الناظر. وقد سئلت عن ذلك وأجبت بما هذا حاصله، والسؤال هو ما صورته: هذا سؤالٌ واردٌ عن مسأله ... في مِصْرِنا وغيرِها مستعمله عن حُكْمِها في شرعنا الشريف ... من صحةٍ أو ضدِها المعروف ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أجِبْ جوابًا ناظمًا أو ناثِرا ... ما شِئْتَهُ تَأتِي به مُحَررا في ناظرِ الوقفِ أو المستأجِر ... لِرَزْقِهِ مُوقُوفَة من مُؤْجِر إذا هما لمستَحِقٍّ طَلَبا ... مَعْلُومه به وصولا كَتَبا أو أجْرَة لرَزْقِه أحاله ... على فلانٍ هل ترى حَوَاله فلا رجوعَ بعده ولا طَلَب ... أم لا حَوَالةً لما فيها وَجَب من صِيْغَةٍ ومن شروط تُعْتَبَر ... لِفَقْدِها هل الرجوعُ مُعْتَبر ولا التفات للوصول قد لَغَا ... أفِدْ جَوابًا مُسْكِتًا لمن لَغَا وجوابه ما صورته: حمدًا لمن قد خَصَّ أربابَ النُهَى ... بمَنْطِقٍ عَذْبِ البيانِ قد زَهَا فَأفْصَحوا عن غَامِضَاتٍ أشْكَلت ... بدُرٍّ ألفاظٍ لها قد أشْكَلت ثُمَّ الصلاةُ مع سلامٍ تَابع ... على النَّبِي وآلِهِ والتابعِ وبعدُ فالنظمُ كثيرًا (¬1) يَعْسُر ... على أناسٍ فُضَلا وَلْيعذروا لأنه من جُمْلَةِ القَرَائِح ... قَطْعًا وليسَ بالقياسِ الواضح ولستُ أدري النظمَ بل كُلِّفْت ذا ... مُوَافِقًا للأصلِ فَادْرِ المأخذا وذاكَ أن شيخَ أهلِ العصر ... المقْتَفَى في سِرها والجهر أعني أبا العزِّ (¬2) الإمامَ الماهِرا ... من قَلْبُه غدا بصيرًا ظَاهرا ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ومَنْ غَدَا لكلِّ عِلْمٍ يَدري ... أبْدَى سُؤَالًا مثلَ عَقْدِ الدُّرِّ عن ناظرِ الأوقافِ والمستأجِر ... إذا أحَالا أو هُما بالأَجْر قد كَتبا ما بالوصولِ يُعرف ... إذنًا لمن عليهِمُ أن يَصْرِفُوا يكون ذا حوالةً شرعيه ... تَمْنَعُه الرجوعَ بالكليه أمْ لا لِفَقْدِ شرطها المعتبر ... فقلتُ في جوابهِ في الأثر قد صَرَّحَ النُقَّادُ من أصحابنا ... ومَنْ نَهَار فَضْلِهم أضَحَى بنَا بأن ذاكَ مِنْ قَبِيلِ الإِذْن ... في القبضِ لا حَوَالة خُذْ عَنِّي (¬1) لأنها حوالةٌ على جِهَه ... لا ذمةٌ والثاني شَرْطه اتجه وحيَثُما يَخْتَلُّ شَرطٌ بَطُلت ... وانْقَلَبَتْ إذْنًا فقط كما ثَبَت ¬
وإحالة من لا دين عليه على من دينه عليه وكالة، ومن لا دين عليه على مثله، وكالة في اقتراض، وكذا مدين على بريء فلا يُصَارِفُه. ـــــــــــــــــــــــــــــ نَصَّ عليه صاحبُ الإقناعِ (¬1) ... فَاقْنَعْ به نَاهِيْكَ مِن إقْنَاع فحيثُ لم يَصِلْ لما وجِّه لَه ... فحَقُّه باقٍ ولا مَحِيْدَ له ويلزم الناظِرَ والمستَأْجرا ... أن يَرْجِعَا ويَطْلُبَا ما قُدِّرا من أجْرَةٍ أو غيرِها ويَدْفَعَا ... للمُسْتَحِقِّ مالَهُ أو يَرْجِعَا بقدر ما يَخُصُّه (¬2) مما وَصَل ... إلى شَرِيكٍ قابضٍ فاعْلَم تُجَل فَخُذْ جَوابَ عاجزِ قد اعْتَذَر ... ولا تَقُلْ قابَل دُرِّي بالمَدَر ناظِمُهُ محمدُ بنُ أحمد ... الحنبلي الراجي ثوابَ الأَحَد الحامدُ المسَلِّمُ المصلي ... على النبي وصحبِهِ والأَهْل والتابعينَ في الوَرَى لحِزْبِه ... الفائزين في غَدٍ بِقرْبِه ما طَلَعتْ شَمْسُ النهار أبْرُجَا ... أو طلعَ البدرُ المنيرُ في الدُّجَا * * * ¬
10 - باب الصلح
10 - باب الصلح: التوفيق والسلم، ويكون بين المسلمين وأهل حرب، وبين أهل عدل وبغي، وبين زوجَين خيف شقاق بينهما أو خافت إعراضه، وبين متخاصمَين في غير مال. وهو فيه معاقدة يتوصل بها إلى موافقة بين مختلفَين، وهو قسمان: على إقرار، وهو نوعان: نوع على جنس الحق، مثل أن يقرَّ له بدين أو عين. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الصلح قال في المطلع (¬1): "الصلح: اسم مصدر صالحه مصالحة وصِلاحًا بكسر الصاد، قال الجوهري (¬2): يذكر ويؤنث"، انتهى. * قوله: (التوفيق والسَّلْم) قال في القاموس (¬3): "الصلح بالضم السَّلْم" ومنه تعلم ما في عبارة المص، فإما أن يكون عطف "السَّلْم" على "التوفيق" من قبيل عطف المسبب على السبب، أو من عطف التفسير بتأويل "التوفيق" بالتوفق. ¬
فيضعَ أو يهب البعض، ويأخذ الباقي. فيصح لا بلفظ الصلح، أو بشرط أو يُعطيه الباقي، أو يمنعه حقه دونه، ولا ممن لا يصح تبرعه، كمكاتب، ومأذون له وولي -إلا إن أنكر ولا بيِّنة-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فيضع)؛ أيْ: المقَر له عن المقِر. * قوله: (أو يهب)؛ أيْ: المقَر له للمقِر. * قوله: (فيصح)؛ لأن الإنسان لا يمنع من إسقاط بعض حقه أو هبته. * قوله: (لا بلفظ الصلح. . . إلخ) ومعنى كونه لا يصح بلفظ الصلح أو بالشرط المذكور: أن رب الحق له المطالبة بجميع الحق بعد وقوع ذلك، ولا يلزم الصلح في حقه. * قوله: (إلا إن أنكر ولا بينة) فيصح؛ لأن استيفاء البعض عند (¬1) العجز أولى من ترك الكل، ومثله ناظر الوقف، وصرح به ابن تيمية في شرحه على المحرر، قاله في المبدع (¬2). وبخطه -رحمه اللَّه تعالى- قوله: (إلا إن أنكر) قال الشارح (¬3): "أيْ: من عليه الحق"، وظاهره في كل من المسائل الثلاث، وظاهر كلام المحشِّي (¬4) آخرًا أنه راجع لمسألة الولي فقط، مع أن العلة تقتضي العموم في الثلاث، وقول المص ¬
ويصح عما ادَّعى على موليه وبه بينة. ولا يصح عن مؤجل ببعضه حالًّا، إلا في كتابةٍ، وإن وضع بعضَ حالٍّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في شرحه (¬1): "وهؤلاء لا يملكونه إلا إن أنكر من عليه الحق" [صريح في العموم] (¬2) أيضًا، فتدبر!. وبخطه قوله: (إلا إن أنكر) إن جعل قوله: "ولا ممن لا يصح تبرعه" بمعنى: ولا يصح الصلح مطلقًا على إقرار، أو على إنكار فواضح كونه استثناء متصلًا، إلا أنه يخالف السياق، وإن جُعل قاصرًا على هذا القسم (¬3) الذي هو على إقرار فهو استثناء منقطع، فتدبر!. وبخطه على قول المص: (ولا بينة) انظر ما حكم هذه من الإعراب؛ والذي يظهر أن الواو للحال، وأن "لا" نافية للجنس، و"بينة" اسمها والخبر محذوف؛ أيْ: له، أو موجودة، والجملة في محل نصب على الحال. * قوله: (ويصح عما ادعى على موليه وبه بينة) قال شيخنا: "ومثله المكاتب والمأذون له". قال: "وينبغي أن يقيد ذلك بما سيأتي (¬4)؛ أيْ: حيث لم يعلما ظلم أنفسهما، وإلا حرم". * قوله: (ولا يصح عن مؤجل ببعضه حالًّا)؛ لأن المَحْطُوطَ يصير في مقابلة ¬
وأجَّل باقيه صحَّ الوضع لا التأجيل. ولا يصح عن حق كَدِية خطإٍ، أو قيمة متلَف غيرِ مثلِيٍّ بأكثرَ من حقه، من جنسه، ويصح عن متلَف مثلِيٍّ بأكثر من قيمته. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ التأجيل، وكل من الحلول والتأجيل لا يصح الاعتياض عنه، كذا قالوا (¬1)، وانظر هذا مع قولهم في بعض التعاليل؛ لأن الأجل له قسط من الثمن (¬2)، وعلله شيخنا في كل من شرحَيه (¬3) بأن المؤجل لا يحل بحلول أجله، وبأنه وَعْدٌ، وهو لا يلزم الوفاء به، وهو ظاهر، فتدبر!. ويؤخذ من شرح المص (¬4) علة ثالثة، وهو بيع ثلاثين مؤجلة بعشرين حالَّة مثلًا وهو ربا، تدبر!. * قوله: (صحَّ الوضع) إذ لا مانع؛ لأنه ليس في مقابلة تأجيل. وبخطه قوله: (صحَّ) لعل المراد ولزم؛ لأنه تقدم أن المراد بكون الحالِّ لا يؤجل لا يلزم تأجيله على الصحيح. * قوله: (لا التأجيل)؛ أيْ: فإنه لا يصح؛ أيْ: لا يلزم -على ما تقدم-. * قوله: (بأكثر من حقه من جنسه)؛ لأن القيمة والدية (¬5) تثبت في الذمة ¬
وبعَرْض قيمته أكثر فيهما. ولو صالحه عن بيت أقرَّ به على بعضه، أو سكناه مدة، أو بناء غرفة له فوقه، أو ادَّعى رِقَّ مكلف أو زوجية مكلفة، فأقرَّ له بعوض منه لم يصح وإن بذلا مالًا صلحًا عن دعواه، أو لِمُبِينها ليُقرَّ ببينونتها صحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بقدره (¬1)، فلم يُجز أن يصالح عنها بأكثر منهما من جنسهما كالثابت عن قرض. وبخطه: وأما بأقل فيصح؛ لأنه يرجع إلى إسقاط بعض حقه، وهو جائز، ولا ربا فيه، تدبر!. * قوله: (فيهما)؛ أيْ: المسألتَين؛ أيْ: مسألتَي الحق والمثلي؛ لأنه لا ربا بين العوض والمعوض، حاشية (¬2). * قوله: (أو سكناه مدة) ولو معلومة. * قوله: (بعوض منه)؛ أيْ: من المدعي. * قوله: (أو لِمُبِيْنها)؛ أيْ: بحسب دعواها، وإن لم يكن أبانها بالفعل لكن [يبقى النظر فيما إذا كان أبانها بالفعل] (¬3) في (¬4) وجه صحته، مع أنه داخل في عموم قوله: "ولا أن يمنعه حقه دونه". وبخطه: التقدير: أو بذلت هي مالًا لِمُبِيْنها، فكأنه حذف جزء المعطوف، وأبقى جزءه الآخر مع الحرف، ولكن صرح أهل العربية بأنه خاص بالعطف (¬5) ¬
و: "أقرَّ لي بديني وأعطيك أو خذ منه مئة" ففعل: لزمه، ولم يصح الصلح. النوع الثاني: على غير جنسه ويصح بلفظ الصلح. فبنقد عن نقد: صرف، وبعَرْض أو عنه بنقد أو عرض: بيع، وبمنفعة -كسُكنى وخدمة معينَين-: إجارة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالواو (¬1)، وهنا العطف بـ "أو"، فليحرر!. * قوله: (لزمه)؛ أيْ: المقِرَّ ما أقر به جميعه؛ لأنه لا عذر لمن أقر. * قوله: (ولم يصح الصلح) فلم يُبح (¬2) له العوض المجعول. * قوله: (ويصح بلفظ الصلح) ما لم يكن غير جائز التصرف، أو يمنعه حقه دونه -على قياس ما سبق-. * قوله: (فبنقد. . . إلخ) حاصل ما ذكره ست عشرة صورة؛ لأن المصالح به أو عنه إما عين، أو دين، أو عرض، أو منفعة، وأربعة في مثلها تبلغ بالضرب ستة عشر، وإن نُظر إلى كون المصالَح به تارة يكون من الجنس، وتارة يكون من غيره، وتارة يكون أكثر من المصالَح عليه، وتارة يكون أقل تزيد على ذلك، ويؤخذ حكم الكل من المتن منطوقًا ومفهومًا، صحة وفسادًا، تدبر!. * قوله: (صرف) فيشترط فيه التقابض في المجلس. * قوله: (وخدمة معينَين) بالاضافة. * قوله: (إجارة) انظر ما وجه هذه التفرقة،. . . . . . ¬
وعن دين يصح بغير جنسه مطلقًا -لا بجنسه بأقل أو أكثر على سبيل المعاوضة- وبشيء في الذمة، يحرم التفرق قبل القبض. ولو صالح الورثةُ من وُصِّيَ له بخدمة أو سكنى أو حمل أمة بدراهم مسمّاة: جاز، لا بيعًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ مع ما تقدم (¬1) من أن البيع له صور منها بيع المنافع بمثلها أو بغيرها، كما هو صريح قوله: "مبادلة عين مالية أو منفعة مباحة بأحدَيهما"، فتدبر!. * قوله: (مطلقًا) أقل أو أكثر، بدليل ما بعده؛ لأن الإطلاق يكون في مقابلة تفصيل سابق أو لاحق، وما هنا من النوع الثاني. * قوله: (بخدمة)؛ أيْ: معينة. * قوله: (جاز) قدر الشارح (¬2): "جاز ذلك صلحًا لا بيعًا". أقول: هذا التقدير يُورث في اللفظ ركاكة لا تخفى؛ لأنه يؤول إلى قولنا [جاز الصلح صلحًا لا بيعًا، إلا أن يرجع اسم الإشارة إلى المعاوضة المفهومة من صالحه، والتقدير: جاز التعويض صلحًا لا بيعًا] (¬3)، وقوله: "صلحًا" لا بد منه لصحة العطف. * قوله: (لا بيعًا) أما في الحمل فواضح، وأما في الخدمة والسكنى فقال شيخنا (¬4): "لم يظهر الحكمة في ذلك فيهما"، ثم قال بعد مدة: "ثم ظهر لي أنه يمكن أن تكون العلة في ذلك الجهالة؛ لأنه لا تعلم المدة التي ينتهيان إليها والوقت ¬
ومن صالح عن عيب في معيبه بشيء رجع به إن بأن عدمه أو زال سريعًا، وترجع امرأة صالحت عنه بتزوبجها بأرشه. وبصح الصلح عما تعذر علمه -من دين أو عين- بمعلوم: نقد ونسيئة، فإن لم يتعذر فكبراءة من مجهول. ـــــــــــــــــــــــــــــ فبطلان البيع ظاهر؛ لأن البيع لا يكون إلا على التأبيد -كما تقدم في صدر الكتاب-" (¬1). * قوله: (وترجع امرأة. . . إلى آخره) يعني: إذا باعت امرأة عينًا، ثم ادعى البائع أنها معيبة واختار الأرش، فصالحته على ذلك الأرش بتزوجها إياه، فتزوجها على ذلك، ثم تبين أن العيب المطالب بأرشه لم يكن، رجعت بمثل أرش ذلك العيب المدعى به؛ لأنه صار صداقًا لها، ولا ترجع بمهر المثل؛ لأنه قد سمي لها مهرًا (¬2) وهو مقدار أرش العيب المدعى به. * قوله: (بتزويجها) متعلق بـ "صالحت"؛ أيْ: تزويجًا شرعيًّا مستوفيًا لشرائطه. * قوله: (بأرشه) متعلق بـ "ترجع". * قوله: (نقد)؛ أيْ: ما قابل النسيئة. * قوله: (ونسيئة) الواو مستعملة في حقيقتها وهو الجمع، ومجازها وهو معنى "أو"؛ لأنه يصح بنقد فقط، ونسيئة فقط، وبهما معا. * قوله: (فكبراءة من مجهول) فيصح على المشهور فيه (¬3). ¬
القسم الثاني: على إنكار، بأن يدعي عينًا أو دينًا، فينكر أو يسكت -وهو يجهله- ثم يصالحه على نقد أو نسيئة: فيصح، ويكون إبراء في حقه لا شفعة فيه، ولا يستحق لِعيب شيئًا، وبيعًا في حق مدَّعٍ له ردُّه بعيب، وفسخ الصلح، ويثبت في مشفوع الشفعة إلا إذا صالح ببعض عين مدَّعى بها، فهو فيه كالمنكر، ومن علم بكذب نفسه فالصلح باطل في حقه، وما أخذه فحرام، ومن قال: "صالحني عن الملك الذي تدَّعيه" لم يكن مقرًّا به. وإن صالح أجنبي عن منكرٍ لِدَين أو عين لإذنه أو دونه: صحَّ، ولو لم يقل إنه وكله، ولا يرجع دون إذنه. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وهو)؛ أيْ: المدعى عليه. * قوله: (على نقد أو نسيئة) ولم ينظروا إلى ما يلزم عليه من بيع الدين بالدين، نظر القطع النزاع، كما عللوا به في غيرها (¬1). * قوله: (ويكون إبراء في حقه)؛ أيْ: المدعى عليه. * قوله: (ولا يستحق لعيب شيئًا)؛ أيْ: المدعى عليه. * قوله: (كالمنكر) فيكون إبراء بالنسبة لكل واحد منهما. * قوله: (ولا يرجع دون إذنه) ظاهره أن مجرد إذنه مسوغ للرجوع، مع أنه لا يرجع إلا مع نية الرجوع، قياسًا على ما هو أقوى منه، وهو ما إذا أدى عنه دينًا ثابتًا، لكن ذاك لا يتوقف على كونه بإذنه، فتدبر!. ¬
1 - فصل
وإن صالح لنفسه ليكون الطلب له، وقده أنكر المدعى، أو أقرَّ والمدَّعَى دين، أو هو عين وعلم عجزه عن استنقاذِها لم يصح، وإن ظن القدرة أو عدمها ثم تبينت صحَّ، ثم إن عَجَزَ خُيِّر بين فسخ وإمضاء. * * * 1 - فصل ويصح صلح مع إقرار وإنكار عن فَوَد وسكنى وعيب بفوقِ دية. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (والمدعى به دين أو عين) يؤخذ من العبارة مفهومًا ومنطوقًا ثمان صور، يصح في صورة منفي، ويبطل في الباقي، فتدبر!. * قوله: (لم يصح) أما كونه لا يصح إذا كان المدعى به دينًا فلما يلزم عليه من بيع الدين لغير من هو عليه، وأما فيما إذا كان المدعى به عينا عاجزًا عن استنقاذها فلما يلزم عليه من بيع الغصب لمن هو غير قادر على استنقاذه، وكلاهما غير صحيح. فصل في الصلح [على غير مال] (¬1) * قوله: (عن قود. . . إلخ) وإنما جاز الصلح عن هذه المذكورات لقطع الخصومة، وإن لم يجز بيعها، أشار إلى ذلك في شرح المحرر (¬2). * قوله: (بفوق دية) يتوقف فيه عربية، وفي شرحه (¬3) ما يقتضي أنه أخرجها ¬
وبما يثبت مهرًا حالًّا ومؤجَّلًا، لا بعوض عن خيار أو شفعة أو حدِّ قذف، وتسقط جميعها، ولا سارقًا أو شاربًا ليُطلقه، أو شاهدًا ليكتم شهادته. ومن صالح عن دار أو نحوها فبان العوض مُسْتَحقًا رجع بها مع إقرار، وبالدعوى، وفي الرعاية. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عن الظرفية واستعملها بمعنى الزائد؛ لأنه قال في حِلِّها: "أيْ: بما يزيد على قدرها". * قوله: (لا بعوض) عطف على قوله: "مع إقرار"؛ أيْ: يصح صلح. . . إلخ لا صلح (¬1) بعوض، أو: لا أن يصالح بعوض، والأول مناسب للمعطوف عليه، والثاني مناسب لقوله: "ولا سارقًا"؛ لأنه على تقدير: ولا أن يصالح سارقًا. . . إلخ. * قوله: (عن خيار. . . إلخ)؛ لأن هذه الأمور لم تشرع لاستفادة مال. * قوله: (ولا سارقًا) مقتضى الظاهر أن المصَالِح على زنة اسم الفاعل هو الذي يدفع العوض، والمصالَح على زنة المفعول هو الذي يأخذه، وعلى هذا فالسارق، أو الشارب هو المصالح، فينبغي أن يكون تقدير العبارة: ولا أن يصالح إنسان حالة كونه سارقًا، أو شاربًا من أمسكه ليطلقه. فقوله: "سارقًا" ليس هو المفعول، بل حال من الفاعل، والمفعول محذوف، وكذا قوله: "شاهدًا ليكتم شهادته"، فتدبر!. * قوله: (رجع بها)؛ أيْ: الدار. * قوله: (وبالدعوى) الباء بمعنى "إلى". * قوله: (وفي الرعاية. . . إلخ) قال في شرحه (¬2) ما حاصله: "إنما ذكرت ¬
"أو قيمة المستحق"، مع إنكار، وعن قَوَد بقيمة عوض، وإن علماه فبالدية. ويحرم أن يُجري في أرض غيره أو سطحه ماءً بلا إذنه، ويصح صلحه على ذلك بعوض. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كلام صاحب الرعاية لأنبِّه على أنه مما تفرد به، ولم يتابع عليه" (¬1). أقول: هذا وارد على قوله في الديباجة (¬2): "ولا أذكر قولًا غير ما قدم أو صَحَّح في التنقيح إلا إذا كان عليه العمل، أو شُهِر أو قوي الخلاف". * قوله: (أو قيمة المستحق)؛ أيْ: العوض المصالح به الذي تبين أنه مستحق. وبخطه: مقتضى العطف بـ "أو" أن صاحب الرعاية قائل بجواز الرجوع بأحد الأمرَين، مع أن مقتضى شرحه (¬3) أنه قائل بالرجوع بالقيمة فقط، لا بأحد الأمرَين على التخيير، فتدبر!. * قوله: (وعن قود) في نفس أو دونها. * قوله: (بقيمة عوض) مراده بالقيمة: ما يشمل المثل. * قوله: (وإن علماه)؛ أيْ: كون العوض مستحقًّا. * قوله: (فبالدية) ظاهره في الإقرار والإنكار. * قوله: (ويحرم أن يجري في أرض غيره. . . إلخ) المالك لرقبتها أو منفعتها، لكن قوله: "وإلا فبيع" لا يتأتى إلا من مالك الرقبة. ¬
فمع بقاء ملكه إجارة، وإلا فبيع، ويُعتبر علم قدر الماء بساقيته، وماء مطر برؤية ما يزول عنه، أو مساحته وتقدير ما يَجْرِي فيه الماء، لا عمقه ولا مدته للحاجة كنكاح. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فمع بقاء ملكه إجارة وإلا فبيع) ظاهره أنه إن نص على بقاء الملك كان إجارة، وإلا كان بيعًا، ولو في حالة الإطلاق. * قوله: (ويعتبر علم قدر الماء. . . إلخ) قال في شرحه (¬1): "إذا وقع إجارة"؛ يعني: لأنه إذا وقع بيعًا فلا يعتبر ذلك؛ لأنه صار ملكًا له يتصرف فيه كيف شاء، تدبر!. * قوله: (بساقيته) المراد بالساقية هنا: الأنبوبة، لا القناة، وإن كان هو المتعارف؛ لأن القناة هي المصالح عليه هنا -كما يستفاد ذلك من شرح شيخنا (¬2) -، حيث قال: "الذي يخرج فيها الماء إلى المحل الذي يجري (¬3) فيه". * قوله: (لا عمقه) ولو في إجارة، خلافًا للإقناع (¬4) حيث فَصَّل وفرَّق بين ماء المطر وغيره. * قوله: (ولا مدته) خلافًا للإقناع (¬5). ¬
ولمستأجِر ومستعير الصلحُ على ساقية محفورة، لا على إجراء ماء مطر على سطح أو أرض، وموقوفة كمؤجَّرة، وإن صالحه على سقي أرضه من نهره أو عينه مدةً ولو معيَّنة حرُم. ويصح شراء ممر في دار، وموضعٍ بحائط يُفتح بابًا، وبُقْعةٍ تُحفر بئرًا، وعلوِ بيتٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولمستأجر ومستعير الصلح. . . إلخ) في شرح الإقناع (¬1): "مسألةُ الإجارةِ ظاهرة، وأما العارية ففيه انظر؛ لأن المستعير لا يملكه عينًا ولا منفعة، وإنما أبيح له حق الانتفاع فقط، فكيف يصالح على ما لا يملك"، فليحرر، وليتدبر!. * قوله: (على ساقية محفورة) المراد بالساقية هنا: القناة (¬2). * قوله: (على سطح) يصح تعلُّقُه (¬3) بـ "إجراء" وجعله وصفًا لـ "ماء مطر"؛ أيْ: ماء مطر مستقِرٍّ على سطح أو أرض، وفي شرحه (¬4): "أو ماء سطح على أرض" والظاهر أنه لا وجه لهذا الحل، فتأمل!. * قوله: (وموقوفة كمؤجرة) ظاهره سواء كانت موقوفة على المصالح أو غيره. * قوله: (لم يصح) لعدم ملك الماء. * قوله: (وعُلوِ بيت) ما لم يكن موقوفًا، فإن كان لم يجُز بيع عُلوِه ولا إجارته؛ ¬
-ولو لم يُبْنَ إذا وُصف ليبني أو يضع عليه بنيانًا أو خشبًا موصوفين-، ومع زواله له الرجوع بمدته، وإعادتُه مطلقًا، والصلح على عدمها كعلى زواله، وفعلُه صلحًا أبدًا أو إجارة مدة معينة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنه لا يجوز أن يبنى على الموقوف ما يضره اتفاقًا (¬1)، وكذا ما لا يضره على المشهور (¬2)، قاله في المبدع (¬3)، وهو مشكل في الإجارة، فليحرر!. * قوله: (له الرجوع بمدته)؛ أيْ: بأجرة مدة زواله. * قوله: (وإعادته)؛ أيْ: وله إعادته. * قوله: (مطلقًا)؛ أيْ: سواء زال بسقوطه، أو سقوط ما تحته، أو لهدمه إياه، أو غير ذلك؛ لأنه استحق إبقاءه بعوض، شرح (¬4). قال شيخنا في شرح الإقناع (¬5): "قوله: "أو لهدمه إياه" مشكل على ما يأتي في الإجارة" (¬6). * قوله: (على عدمها)؛ أيْ: عدم الإعادة. ¬
2 - فصل في حكم الجوار
وإذا مضت بقي وله أجرة المثل. * * * 2 - فصل في حكم الجوار إذا حصل في هوائه أو أرضه غصنُ شجرِ غيره أو عرقه لزمه إزالته، وضمن ما تلف به بعد طلب، فإن أبي فله قطعه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإذا مضت بقي) عملًا بمقتضى العادة؛ لأنها توضع للبقاء نُقل عن ابن عقيل في الفنون (¬1). * قوله: (وله أجرة المثل) وكذا حكم الحُكُورَة (¬2). فصل في حكم الجوار * قوله: (لزمه إزالته)؛ أيْ: لزم ذلك الغير الذي هو رب الشجر، وكان حق العبارة: إذا حصل غصن شجرة، أو عرقه في هواء غيره أو أرضه لزمه إزالته، فتدبر!. * قوله: (فله قطعه) انظر الخلاف في كون رب الشجرة يجبر على القطع أو لا (¬3)، مع قولهم بأن رب الأرض أو الهواء له القطع (¬4)، وهل قطعه حتى بغير إذنه لا يكون إجبارًا له؟ ظاهر ما في الحاشية (¬5). . . . . . ¬
لا صلحُه، ولا من مالَ حائطُه أو زلقَ خشبة إلى ملك غيره عن ذلك بعوض، وإن اتفقا أن الثمرة له أو بينهما: جاز، ولم يلزم. ـــــــــــــــــــــــــــــ والشرح (¬1) تبعًا للإقناع (¬2) وغيره (¬3) أنه لا يكون إجبارًا؛ لأن صاحب الإقناع جمع بين نفي الإجبار، وبين أن لصاحب الأرض أو الهواء قطع الأغصان، وهو ظاهر فيما ذكرناه، وعبارته: "وإن حصل في هوائه أو هواء جدار له فيه شركة أغصان شجر غيره فطالبه بإزالتها لزمه، فإن أبي لم يُجبر؛ لأنه ليس من فعله، ويضمن ربها ما تلف بها بعد المطالبة، ولمن حصلت في هوائه إزالتها بلا حكم حاكم. . . إلخ"، لكن مقتضى صنيع الشارح (¬4) في كتاب العارية وتبعه شيخنا على ذلك في شرحه (¬5) أن رب الأغصان يُجبر على إزالتها من ملك غيره وعبارته عند قول المص: "وإن حمل؛ أيْ: سيل، أرضًا بغرسها إلى أخرى فنبت كما كان فهو لمالكها ويُجبر على إزالتها، أشبه أغصان شجره إذا حصلت في ملك جاره"، انتهى. فالتشبيه صريح في أنه يُجبر على إزالة الأغصان من ملك غيره، فليحرر!. * قوله: (لا يصلحه)؛ لأنه صلح على استدامة الضرر، لا على ما يحصل به رفق، وهو منافٍ لقاعدة الصلح، وأصل مشروعيته. * قوله: (وإن اتفقا أن الثمرة له أو بينهما جاز) وهل إذا رجع رب الثمرة فيها ولم يعط رب الأرض أو الهواء شيئًا يلزمه أجرة المثل أو لا؟. ¬
وحرم إخراج دكان (¬1) ودكة بنافذ فيضمن ما تلف به، وكذا جناح (¬2) وساباط (¬3) وميزاب، إلا بإذن إمام أو نائبه بلا ضرر، بأن يمكن عبور مَحْمَل، ويحرم ذلك في ملك غيره أو هوائه، أو درب غير نافذ، أو فتح باب في ظهر دار فيه لاستطراق إلا بإذن مالكه أو أهله. ويجوز لغير استطراق وفي نافذ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ توقف فيه (¬4) شيخنا، وقال: "الذي يظهر أنه يلزمه أجرة المثل؛ لأنه لم يرض به مجانًا"، انتهى، وفيه تأمل، وفي الإقناع (¬5): "فإن اتفقا على أن ما نبت من عروقها لمصاحب الأرض أو جزء معلومًا منه فكالصلح على الثموة، فإن مضت مدة، ثم أبي صاحب الشجرة دفع نباتها إلى صاحب الأرض فعليه أجرة المثل"، انتهى. فانظر هل كلامه صريح فيما استظهره شيخنا، أو يفرق؟ وصريح شرحه (¬6) أنه لا فرق. * قوله: (وحرم إخراج دكان) كرمان. * قوله: (ودكة) كنملة. * قوله: (ويجوز لغير استطراق) كَلضَؤءِ، أو هواء، أو ظل؛ لأنه لا ضرر على أهل الدرب في ذلك. ¬
وصلح عن ذلك بعوض، ونقل باب في غير نافذ إلى أوله بلا ضرر كمقابلة باب غيره ونحوه، لا إلى داخل إن لم يأذن من فوقه، ويكون إعارة. ومن خَرَقَ بين دارَين له متلاصقتين بابًا هما في دربَين مشتركَين، واستطرق إلى كل من الأخرى جاز. وحرم أن يُحدث بملكه ما يضرُّ بجاره، كحمام وكنيف ورحًى وتنُّور، وله منعه إن فعل كابتداء إحيائه، وكدَقِّ وسقي يتعدى بخلاف طبخ وخَبْز فيه. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (كمقابلة. . . إلخ) بيان لما يحصل به الضرر. * قوله: (ويكون إعارة)؛ أيْ: لازمة على ما في شرحه (¬1) بحثًا (¬2)، وجزم به في الإقناع (¬3). * قوله: (بخلاف طبغ وخبز فيه) وله أيضًا تعلية بنائه ولو أفضى إلى سد ¬
ومن له حق ماء يجري على سطح جاره، لم يَجُز لجاره تعلية سطحه ليمنع الماء، أو ليكثر ضرره. ويحرم تصرف في جدار جار أو مشترك بفتح روزنة (¬1) أو طاق (¬2) أو ضرب وتدٍ ونحوه إلا لإذن، وكذا وضع خشب إلا أن لا يمكن تسقيف إلا به بلا ضرر، ويُجبر إن أبي، وجدارُ مسجدٍ كدار. وله أن يستند ويُسند قماشه، وجلوسه في ظله، ونظره في ضوء سراج غيره. وإن طلب شريكٌ في حائط أو سقفٍ انهدمَ شريْكَه ببناء معه أجبر، كنقض عند خوف سقوط، فإن أبي أخذ حاكم من ماله، أو باع عَرْضَه وأنفق، فإن تعذر اقترض عليه. وإن بناه بإذن شريك أو حاكم. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الفضاء عن جاره، قاله الشيخ تقي الدين (¬3)، حاشية (¬4). * قوله: (أجبر) لِحَق شريكه، وإن قلنا إنه لا يجب على الإنسان بناء ملكه. * قوله: (أو حاكم)؛ أيْ: إذن حاكم. ¬
[أو ليرجع شركةً رجع، ولنفسه بآلته شركةٌ وبغيرها فله، وله نقضه، لا إن دفع شريكه نصف قيمته]، وكذا إن احتاج لعمارة نهر أو بئر أو دولاب (¬1) أو ناعورةٌ (¬2) أو قناة مشتركة. ولا يُمنع شريك من عمارة، فإن فعل فالماء على الشركة. وإن بنيا ما بينهما نصفَين -والنفقة كذلك- على أن لأحدهما أكثر، وأن كلًّا منهما يُحمِّله ما احتاج لم يصح، ولو وَصَفا الحِمل. وإن عجز قوم عن عمارة قناتهم أو نحوها، فأعطوها لمن يَعْمُرها، ويكون له منها جزء معلوم: صحَّ. ومن له علوٌ أو طبقة ثالثة، لم يشارك في في بناء انهدم تحته. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بآلته)؛ أيْ: آلة المنهدم. * قوله: (فشركة) ويرجع على شريكه بمؤنة التأليف إن نوى الرجوع. * قوله: (وبغيرها)؛ أيْ: غير آلته. * قوله: (فله)؛ أيْ: الباني. * قوله: (وله. . . إلخ)؛ أيْ: الباني. * قوله: (لم يصح) لما فيه من الإجحاف بشريكه المنافي لمقتضى الشركة على الوجه المذكور. ¬
وأجبر عليه مالكه، ويلزم الأعلى سترة تمنع مشارفة الأسفل، فإن استويا اشتركا، ومن هدم بناءً له فيه جزءٌ إن خيف سقوطه فلا شيء عليه، وإلا لزمته إعادته. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإلا لزمته إعادته) راجع الإقناع (¬1) في آخر باب الإجارة فإن فيه ما يخالف هذا الإطلاق الشامل للوقف وغيره. * * * ¬
10 - كتاب الحجر
10 - كِتَابُ الحَجْرِ
(10) كِتَابُ الحجْر: منع مالك من تصرفه في ماله. والفلَس: منع حكم من عليه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الحجر بفتح الحاء وكسرها (¬1). * قوله: (منع مالك) مصدر من المبني للمفعول، بعد حذف فاعله وإقامة المفعول مقامه، ثم إضافته إليه، فلم يضف المصدر إلى المفعول مع وجود الفاعل المنصوص على ضعفه عربية، والعلة في حذف الفاعل إرادة العموم لشموله الشرع والحاكم. * قوله: (في ماله)؛ أيْ: الموجود، احترازًا (¬2) عن الأخذ في الذمة، ولا يصح أن يُحمل على ما قابل الدين؛ لأنه لا تجوز براءته منه، ولا الحوالة به، ولا نحو ذلك، فليتنبه له!، وأولى من هذه العبارة عبارة المحور (¬3) حيث قال: "ولا يصح تصرفه بعد الحجر إلا في ذمته"، انتهى. والحادث أيضًا كالموجود، فلا يصح أن يجعل احترازًا عنه، فليتدبر!. ¬
دين حالٌّ يعجز عنه، من تصرفه في ماله الموجود مدة الحجْر. والمفلِس: من لا مال له، ولا ما يدفع به حاجته، وعند الفقهاء: من دينه أكثر من ماله. والحجْر على ضربَين: لحق الغير: كعلى مفلِس وراهن ومريض. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (دين حالٌّ) أو قد حَلَّ. * قوله: (مدة الحجر)؛ أيْ: مدة كونه محجورًا عليه، إذ الحجر ليس مدة تضرب. * قوله: (والمفلس. . . إلخ)؛ أيْ: لغة. * قوله: (من لا مال له) يحمل المال على النقد حتى يغاير ما بعده، أو الإبل، أو (¬1) يراد بما يدفع به حاجته الصناعة، أو يحمل المال على الحاضر من نقد وغيره، وما يدفع به حاجته على الدين الذي يمكن استخلاصه ممن هو عليه، أو على الأعم من المال، فيكون على هذا الأخير من عطف العام على الخاص. * قوله: (ولا ما يدفع به حاجته) عطف على "مال"، فتدبر!. * قوله: (وراهن) حيث لزم الرهن، شرح (¬2). * قوله: (ومريض)؛ أيْ: مرض الموت المخوف، فيما زاد على الثلث من ماله (¬3) لحق الورثة. ¬
وقنًّ ومكاتَب ومرتد، ومشترٍ بعد طلب شفيع أو تسليمه المبيع -وماله بالبلد أو قريب منه-. الثاني: لحظ نفسه: كعلى صغير ومجنون وسفيه، ولا يُطالَب، ولا يُحجر بدين لم يحل. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وقنٌّ ومكاتب)؛ أيْ: لحق السيد. * قوله: (وقنٌّ) فيه نظر، فإنه لم يدخل في تعريف المص للحجر بقوله: "منع مالك. . . إلخ" إذ هو ليس مالكًا، ولو مُلِّك على الصحيح (¬1)، وإنما هو داخل في تعريف غيره (¬2) حيث قال: "منع إنسان"، فلو عبر به لكان أولى، إلا أن يفسر الملك في كلامه بما يشمل الاختصاص. ولا يرد على من عرَّف بهذا التعريف خروجه أيضًا بقوله: "في ماله"؛ لأن الإضافة لأدنى ملابسة، والمراد بماله ما في يده، ومن هذا يَخِفُّ (¬3) الاعتراض على المؤلف في مسألة الشفيع (¬4). * قوله: (ومرتد)؛ أيْ: لحق المسلمين؛ لأن ماله فيء فربما تصرف فيه ففوته عليهم. * قوله: (ومشترٍ بعد طلب شفيع) قال شيخنا (¬5): "هذا لا ينطبق عليه حدُّ ¬
ولغريمِ من أراد سفرًا سوى جهادٍ متعين، ولو غير مخوف. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحجر إلا على القول الضعيف في الأخذ بالشفعة (¬1)، وأما على المذهب (¬2) من أنه يملكه (¬3) الشفيع بمجرد الطلب فليس شيء مما نحن فيه؛ لأنه ليس باقيًا على ملكه حتى يقال إنه ممنوع من التصرف فيه للحجر عليه"، تأمل. * قوله: (ولغريم. . . إلخ) مثله ضامنه؛ لأن له طلب كل منهما. * قوله: (سفرًا)؛ أيْ: طويلًا قاله الموفق (¬4)، وابن أخيه (¬5). قال في الإنصاف (¬6): "ولعله أولى"، لكن يخالفه ما في التنقيح (¬7) من الإطلاق، خصوصًا على قاعدته التي ذكرها في أول التنقيح (¬8)، تأمل. * قوله: (سوى جهاد متعين)؛ أيْ: على المدين: كالسفر في جهاد غير متعين، وأمر مخوف؛ لأن ذلك تعريضًا لفوات النفس، فلا يؤمن من فوات الحق، شرح (¬9). ¬
أو لا يَحِلُّ قبل مدته -وليس بدينه رهن يُحْرِز، أو كفيل مليء- منعُه حتى يُوثقَه بأحدها، لا تحليلُه إن أحرم. ويجب وفاءُ حالٌّ فورًا على قادر بطلب ربه، فلا يترخص من سافر قبله، ويُمهل بقدر ذلك، ويحتاط إن خيف هروبه بملازمته. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه: وعلم منه أنه لو تعين عليه الحج أن له منعه، ويفرق بينه وبين الجهاد، بأن الجهاد نفعه عام، بخلاف الحج. * قوله: (أو لا يحل)؛ أيْ: أو كان أجل الدين لا يحل قبل انقضاء مدة السفر. * قوله: (وليس بدينه رهن يحرز)؛ أيْ: يستوفى منه جميع الدين. * قوله: (ويجب وفاء حالٍّ فورًا)؛ أيْ: أو ما قد حلَّ. * قوله: (بطلب ربه) أو مضى وقت عين له، على ما في الإقناع (¬1). * قوله: (قبله)؛ أيْ: قبل الوفاء. * قوله: (ويمهل بقدر ذلك)؛ أيْ: ما يتمكن به من الوفاء. قال ابن نصر اللَّه (¬2): واسم الإشارة هنا راجع لغير مذكور، فلينظر فيه، انتهى. والأصل: بقدر ما يتمكن فيه من الوفاء، إلا أنه معلوم من السياق، قاله شيخنا في الحاشية (¬3). وأقول: يمكن أن يكون المراد: ويمهل بقدر وفاء؛ أيْ: مدته، فيكون عائدًا ¬
أو كفيل، أو ترسيم (¬1)، وكذا لو طلب تمكينه منه محبوس، أو يوكِّل فيه، [وإن مَطلَه حتى شكاه وجب على حاكمٍ أمرُه بوفائه بطلب غريمه ولم يُحجر عليه، وما غرم بسببه فعلى مُماطِل] (¬2). وإن تغيب مضمون، فغرم ضامنٌ بسببه، أو شخصٌ لكذبٍ عليه عند ولي الأمر. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على مذكور هو الوفاء، غايته أنه بتقدير مضاف، وحذف المضاف أكثر من أن يذكر، فتدبر!. * قوله: (أو كفيل)؛ أيْ: مليء؛ لأنه لا فائدة في الكفيل المعسر شرح (¬3) بلفظ (¬4): "والمراد مليء. . . إلخ" (¬5). * قوله: (أو يوَكِّل فيه)؛ أيْ: في الوفاء؛ يعني: لو توكل إنسان في أداء الحق، وطلب المهلة بقدر ما يحضره فإنه يمهل، كما يمهل الموكل، حاشية (¬6). * قوله: (وإن تغيب مضمون)؛ التغيب ليس بقيد. * قوله: (فغرم ضامن)؛ أيْ: غرمًا على الوجه المعتاد، كما قيد به في الاختيارات (¬7). ¬
رجع به على مضمون وكاذب. وإن أهمل شريك بناء حائط بستان اتفقا عليه، فما تلف من ثمرته بسبب ذلك ضمن حصة شريكه منه. ولو أُحضر مدَّعى به ولم تثبت لمدَّعٍ لزمه مئونة إحضاره وردِّه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (رجع به على مضمون وكاذب) قاله الشيخ تقي الدين (¬1)، قال في شرحه (¬2): "ولعل المراد إن ضمنه بإذنه، وإلا فلا فعل له في ذلك ولا سبب"؛ انتهى. * قوله: (وإن أهمل شريك) هذه المسألة كان الأنسب ذكرها في الفصل الذي قبل هذا الباب (¬3)، وإن كان لها (¬4) هنا نوع مناسبة بمسائل التسبُّب. * قوله: (اتفقا عليه)؛ أيْ: البناء. * قوله: (من ثمرته) هل هو قيد خارج مخرج الغالب، أو احتراز عن ما تلف من الشجر؟. * قوله: (ضمن)؛ أيْ: مهمل. * قوله: (حصة شريكه)؛ أيْ: إن كان بنى بقدر (¬5) حصته، وإن أهملا البناء فلا ضمان على كل منهما. ¬
فإن أبي حبَسه، وليس له إخراجه حتى يتبين أمره، وتجب تخليته إن بان معسرًا- أو يبرئه أو يوفيه، فإن أبي عزّره، ويُكَرَّر، ولا يزاد كل يوم على أكثر التعزير، فإن أصرَّ باع ماله وقضاه. وتحرم مطالبة ذي عسرة بما عجز عنه، وملازمته، والحجر عليه، فإن ادعاها ودينه عن عوض كثمن وقرض، أو عُرِفَ له مالٌ سابق والغالب بقاؤه، أو عن غير عوض وأقرَّ أنه مليء حُبس، إلا أن يُقيم بيِّنة به. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فإن أبي حبسه)؛ أيْ: فإن أمره وأبى حبسه الحاكم. * قوله: (أو يبرئه)؛ أيْ: من الدين أو الحبس. * قوله: (أكثر التعزير) قال في الفروع (¬1): "إن قيل يتقدر" نقله في شرحه (¬2)، وهو في الإقناع (¬3) من غير عزو. * قوله: (وتحرم مطالبة ذي عسرة) فضده وهو الإنظار واجب، وإبراؤه سنة، وهو أفضل من الإنظار، ومن هنا يظهر عَدُّ إبراء المعسر مما فيه السنة أفضل من الفرض في الأبيات المشهورة، التي نقلناها سابقًا (¬4) مع ما زدناه من الختان. * قوله: (إلا أن يقيم بينة به)؛ أيْ: بالعسرة بمعنى الإعسار، وقال في ¬
ويُعتبر فيها أن تَخْبُرَ باطن حاله، ولا يحلف معها، أو يدعي تلفًا ونحوه، ويُقيم بيِّنة به، ويحلف معها -ويكفي في الحالتين أن تشهد بالتلف أو الإعسار-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الشرح (¬1): "بما ادعاه من العسرة". * قوله: (باطن حاله)؛ لأن هذا من الأمور الباطنة التي لا يطلع عليها في الغالب إلا المخالط له. فإن قيل: هذه شهادة على نفي فلم تسمع كالشهادة على أنه لا دين له؛ فالجواب: أن الشهادة على النفي لا تردُّ مطلقًا، فإنه لو شهدت بينة أن هذا وارث هذا الميت، لا وراث له سواه قبلت؛ ولأن هذه وإن كانت تتضمن النفي فهي تثبت حالة تظهر، وتقف عليها المشاهدة (¬2)، بخلاف ما إذا شهدت أنه لا حق له، فإن هذا مما لا يقف عليه ولا يشهد به حالة يتوصل بها إلى معرفته بخلاف مسألتنا، شرح (¬3). * قوله: (ونحوه) كنفاذ ماله في النفقة أو غيرها. * قوله: (ويحلف معها)؛ أيْ: أنه لا مال له غير التالف، فاليمين على غير ما شهدت به البينة، فحصل الفرق بين دعوى الاعسار ودعوى التلف، من طلب اليمين مع بينة الثاني دون الأول، فتأمل. * قوله: (أن تشهد بالتلف أو الإعسار)؛ يعني: لا بهما معًا -خلافًا للرعاية (¬4) في مسألة التلف- فإن فيها: "أن تشهد بالتلف والإعسار معًا". ¬
وتُسمع قبل حبس كَبَعْدَه -أو يسأل سؤال مدَّع ويصدقه- فلا. وإن أنكر وأقام بيِّنة بقدرته، أو حلف بحسب جوابه حُبس، وإلا حَلَفَ مدين وخُلِّي، وليس على محبوس قبول ما يبذله غريمه مما عليه منَّة فيه، وحرم إنكار معسر وحَلِفُه ولو تأول. وإن سأل غرماءُ من له مال لا يفي بدينه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وتُسمع)؛ أيْ: البينة بالتلف أو الإعسار. * قوله: (أو يسأل سؤال مدعٍ)؛ أيْ: أو يسأل الحاكم المدعى عليه ابتداءً عن سبب الامتناع من الوفاء، فيجيب بالعسرة، ويصدق المدعَى عليه في جوابه بالعسرة فلا يحبس أيضًا، ولا يتوقف حينئذٍ على بينة تشهد بها. * قوله: (فلا)؛ أيْ: فلا يحبس. * قوله: (وإن أنكر)؛ أيْ: المدعي عسرته. * قوله: (وأقام بينة)؛ أيْ: لأجل أن لا يحلف. * قوله: (أو حلف بحسب جوابه)؛ أيْ: حلف المدعي بحسب جواب نفسه على طبقه. * قوله: (حبس)؛ أيْ: المدعى عليه. * قوله: (وإلا. . . إلخ)؛ أيْ: وإن لم يكن دينه عن عوض، ولم يعرف له مال سابق ولم يقرَّ أنه مليء، ولم يحلف مدع طُلِبَ (¬1) يمينه أنه لا يعلم عسرته حلف مدين أنه معسر وخُلِّي. * قوله: (وحلَّفه)؛ أيْ: أن لا حق له قبله. ¬
1 - فصل
أو بعضهم الحكمَ الحجْرَ عليه: لزمه إجابتهم، وسُنَّ إظهارُ حجْر سفه وفلَس والإشهاد عليه. * * * 1 - فصل ويتعلق بحجْره أحكام: أحدها: تعلق حق غرمائه بماله. فلا يصح أن يقرَّ به عليهم. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل في أحكام الحجر المترتبة عليه وهي أربعة. * قوله: (بماله) أثبت له مالًا بالنظر إلى تعريفه عندى الفقهاء -كما سبق (¬1) -. * قوله: (فلا يصح أن يقر. . . إلخ)؛ أيْ: فلا يصح إقراره بماله بحيث يسري عليهم، وأما الإقرار في نفسه، فصحيح على ما يأتي بعده بأسطر، ويتبع به بعد فك الحجر عنه -على ما يأتي أيضًا-، وعبر في الإقناع (¬2) بـ "عليه"؛ أيْ: على ماله بدل "عليهم"، والمراد: لا يلزم في حق غرمائه إقراره بماله، ويؤخذ ذلك من قول صاحب الإقناع (¬3): "وإن توجهت على المفلس يمين فنكل عنها، فَقُضِيَ عليه فكإقراره، يلزم في حقه دون الغرماء". ¬
أو يتصرف فيه بغير تدبير، ولا أن يبيعه لغرمائه أو لبعضهم بكل الدين، ويُكفِّر هو وسفيه بصوم، إلا إن فُك حجْره وقدره قبل تكفيره. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو يتصرف فيه)؛ أيْ: تصرفًا مستأنفًا، أما التصرف في ذمته فلا يمنع منه، ولا يلزم عليه مزاحمة الغرماء، لأنه يُطَالَب به بعد فك الحجر عنه ولو حلَّ قبله -على ما سيأتي (¬1) في كلام المص-. * قوله: (بغير تدبير) أو وصية على ما في المستوعب (¬2)، وكأن المصنف لم يطلع على كلام المستوعب فيها، فأبداها بحثًا منه بطريق القياس على التدبير (¬3)، بجامع أن التأثير بزوال الحجر عنه بالموت. * قوله: (ولا أن يبيعه لغرمائه أو لبعضهم) لاحتمال أن يظهر غريم سواهم غائب أو لم يأذن. واعلم أن قوله: "أو لبعضهم" لا فائدة له؛ لأنه إذا كان لا يصح بيعه للكل فعدم صحته للبعض بالأولى. * قوله: (إلا إن فك حجره. . . إلخ)؛ أيْ: حجر المذكور، وهو السفيه، والمفلس. وبخطه: أيْ: إلا إن فك حجره فلا يتعين الصوم، بل يجوز أن يكفر بالعتق، وليس المراد إلا إن فك حجره وقدر فيتعين التكفير بالعتق؛ لأن العبرة في الكفارات بوقت الوجوب (¬4). وظاهر كلام المص المشي على المرجوح، من أن المعتبر ¬
وإن تصرف في ذمته -بشراء أو إقرار ونحوهما-: صحَّ، وتُبع به بعد فكِّة. وإن جنى شارك مجني عليه الغرماء، وقُدم من جنى عليه قنَّه به. الثاني: إن وجد عين. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقت الأداء، لا وقت الوجوب (¬1). وقد تكلف في الشرح (¬2) في تمشيته على الصحيح، فقال: "إلا إن فك حجره وقدر على المال قبل تكفيره، فإنه يصير كموسر"؛ أيْ: كمن أيسر قبل تكفيره في الحكم، وهو أنه لا يلزمه عتق، لكنه يجزيه "لم يحجر عليه قبل ذلك"، انتهى، وتكلفه ظاهر. * قوله: (وإن جنى. . . إلخ)؛ أيْ: بعد الحجر أو قبله -كما يأتي (¬3) في الثالث-. * قوله: (وقدم من جنى عليه قنُّه به) ما لم تكن الجناية بإذن السيد أو أمره، وإلا كانت متعلقة بذمة السيد، وقد نبَّه عليه الشارح (¬4) عند الكلام على الثالث من الأحكام. * قوله: (إن) هي شأنية، اسمها ضمير شأن مفسَّر بالجملة بعدها المركبة من الشرط وجوابه، على حدِّ قوله: إنَّ مَنْ يَدْخُلِ الكَنِيسَة يَومًا ... يَلْقَ فيها جَآذِرًا وظِبَاءَ (¬5) ¬
ما باعه أو أقرضه أو أعطاه رأس مال سلم، أو أجَّره ولو نفسه ولم يمض من مدتها شيء، ونحو ذلك -ولو بعد حجْره جاهلًا به- فهو أحق بها، ولو قال المفلِس: "أنا أبيعها وأعطيك ثمنها"، أو بذله غريم، أو خرجت وعادت لملكه، وقُرع -إن باعها ثم اشتراها- بين البائعَين. ـــــــــــــــــــــــــــــ وليست اسمها؛ لأنها شرطية، فراجع مغني اللبيب (¬1) لابن هشام في النحو. * قوله: (باعه أو أقرضه. . . إلخ) إما أن يكون المفعول الثاني لهذه الأفعال كلها محذوفًا، أو هي مُنزَّلة منزلة المتعدي لواحد، تدبر!. * قوله: (أجره) الأولى عطفه على "وجد"، وعطفه على "باعه" لا يخلو عن ركاكة؛ لأنه عليه يصير نظم الكلام: من وجد عين ما أجره ولو نفسه فهو أحق به، ولا يظهر تعلق الوجدان من نفسه لنفسه. * قوله: (ولم يمض من مدتها شيء)؛ أيْ: زمن له أجرة؛ لأنه لا يمكن التحرز عن مضي جزء منها بحال، شرح (¬2)، وهو واضح فيما إذا كانت المدة والية العقد، أما إذا كانت لا تلي العقد، ثم حجر عليه قبل وجودها، فإنه يتصور عدم مضي شيء منها، وحينئدٍ فلا يحتاج كلامهم إلى التأويل المذكور، فتدبر!. * قوله: (ولو. . . إلخ) غائية. * قوله: (أو بذله غريم)؛ أيْ: بَذَل الثمن غريم لرب السلعة، أما لو بَذَلَ غريمٌ الثمنَ للمفلس، ثم بذله المفلس لرب السلعة، فإنه يلزم رب السلعة قبوله؛ لأنه هو الذي كان قد وجب له بمقتضى المعاقدة مع الفلس. ¬
وشُرط: كون مفلِس (¬1) حيًّا إلى أخذها، وبقاء كل عوضها في ذمته. وكون كلها في ملكه، إلا إذا جمع العقد عددًا، فيأخذ مع تعذر بعضه ما بقي، والسلعة بحالها، لم توطأ بكر، ولم يُجرح قنٌّ، ولم تُخلط بغير متميز، ولم تتغير صفتها بما يزيل اسمها، كنسج غزل، وخَبْز دقيق، وجعل دُهن صابونًا، ولم يتعلق بها حق، كشفعة وجناية ورهن. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وكون كلها في ملكه) قال في شرحه (¬2): "لأنه مع تلف بعضها، أو وقفه، أو بيعه وبقائه على ملك مشتريه، أو هبته وبقائه على ملك الموهوب له لم يدرك متاعه، وإنما أدرك بعضه؛ ولأنه إذا أدرك كله حصل له بأخذه فصل الخصومة وانقطاع ما بينهما من المعاملة بخلاف ما إذا وجد بعضه"، انتهى. وببعض الهوامش استظهار الرجوع في البعض الباقي، وكأنه قاس ذلك على ما قالوه فيما إذا جمع العقد عددًا (¬3) [فإنه يأخذ ما أمكن أخذه منها، وهو قياس مع الفارق؛ لأنه فيما إذا جمع العقد عددًا] (¬4) صار كل فرد عينا مستقلة، ويصدق على كل فرد منها أنه عين ما باعه؛ لأن العقد يتعدد بتعدد مبيع -كما سبق (¬5) -. * قوله: (ولم يخلط. . . إلخ) لعله ما لم يكونا لواحد، فإن الخلط هنا لا يمنع لكن يردُّ عليه مسألة الثوب والصبغ إذا كانا لواحد. ¬
وإن أسقطه ربه، فكما لو لم يتعلق، ولم تزد زيادة متصلة، كسمن، وتعلم صنعة، وتجدد حمل، لا إن ولدت. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإن أسقطه. . . إلخ)؛ أيْ: أسقط أخذ هؤلاء الثلاثة؛ أعني: الشفيع، والمجني عليه، والمرتهن. * قوله: (وتجدد حمل)؛ أيْ: في بهيمة؛ لأنه في الأمة (¬1) نقص. * قوله: (لا إن ولدت) روى حنبل (¬2) عن الإمام (¬3) أن ولد الأمة ونتاج الدابة للبائع، وحمل ذلك في المغني (¬4) على أنه باعهما في حال حملهما، فيكونان؛ أيْ: الولد والنتاج مبيعَين، ولهذا خص هذَين بالذكر دون بقية النماء، ومن هنا تعلم أن معنى قول المص: "لا إن ولدت"؛ أيْ: من حمل سابق على البيع، لا متجدد، بدليل قوله فيما يأتي (¬5): "ولا زيادة منفصلة". أو أن الضمير في "ولدت" عائد على البهيمة، لا على الأمة، بدليل أن كلامه فيما يكون الحمل فيه زيادة، وأما الحمل في الإماء فهو نقص -كما سبق (¬6) -، وحكم الأمة سيأتي (¬7) في كلامه، أو المعنى لا يكون الحمل مانعًا إن ولدت، وهذا هو الذي ¬
ويصح رجوعه بقول -ولو متراخيًا- بلا حكم، وهو فسخ، لا يحتاج إلى معرفة، ولا قدرة على تسليم. فلو رجع فيمن أبق صحَّ وصار له، فإن قدر أخذه وإن تلف فمن ماله، وإن بان تلفه حين رجع بطُل استرجاعه، وإن رجع في شيء اشتبه بغيره قُدم تعيين مفيس. ومن رجع فيما ثمنه مؤجَّل، أو في صيد وهو محرِم، لم يأخذه قبل حلوله، ولا حال إحرامه. ـــــــــــــــــــــــــــــ سلكه شيخنا في شرحه (¬1). وبخطه: قال شيخنا في شرحه (¬2): "لا يمنع الحمل الرجوع إن ولدت البهيمة"، انتهى؛ أيْ: لأنه زال الماح، وهو الحمل المتجدد، وأعقبه نماء منفصل، وهو غير مانع من الرجوع. * قوله: (ويصح رجوعه بقول) المراد: أنه لا يصح إلا به. * قوله: (بطُل)؛ أيْ: تبين أنه لم يصادف محلًّا، لا أنه كان صحيحًا ثم بطُل. وبخطه: ويضرب له (¬3) بالثمن مع الغرماء، شرح (¬4) (¬5). * قوله: (ومن رجع)؛ أيْ: أراد الرجوع، أو بالقول فقط. ¬
ولا يمنعه نقص كهُزال، ونسيان صنعة، ولا صبغُ ثوب أو قصره، ما لم ينقص بهما، ولا زيادة منفصلة -وهي لبائع، وظَهَّرَ في التنقيح (¬1) رواية كونها لمفلِس- ولا غرس أرض، أو بناء فيها. فإن رجع قبل قلع. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا يمنعه)؛ أيْ: الرجوع. * قوله: (ولا صبغ)؛ أيْ: ولو كان الصبغ لصاحب الثوب على ما في الحاشية (¬2). * قوله: (ما لم ينقص بهما) بل ولو نقص على ما في المغني (¬3)، [قال: "لأن هذا نقص صفة، فلا تمنع الرجوع، كنسيان صنعة، وهزال العبد". * قوله: (وظهَّر في التنقيح رواية كونها لمفلِس)، قال في المغني (¬4)] (¬5): "وهو الصحيح"، وقال في الشرح الكبير (¬6): "إنه الأصح إن شاء اللَّه"، وهذا مبني على حمل المغني (¬7) لرواية الإمام التي نقلها حنبل على ما سلف (¬8) من كون الولد والنتاج من حمل سابق. ¬
واختاره كريم ضمن نقصًا حصل به ويسوِّي حفرًا. ولمفلس مع الفرماء القلع، ومشاركة آخذ بالنقص، فإن أبَوه فلآخذ القلع وضمان نقصه، أو أخذ كرس، أو بناء بقيمته، فإن أباهما أيضًا سقط. وإن مات بائع مدينًا فمشترٍ أحق بمبيعه ولو قبل قبضه. الثالث: أن يلزم الحاكمَ قسم ماله الذي من جنس الدين، وبيع ما ليس من جنسه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ضمن نقصًا)؛ أيْ: الغريم. * قوله: (ويشاركهم آخذ)؛ أيْ: طالب لأرضه. * قوله: (بالنقص)؛ أيْ: نقص الأرض. * قوله: (وضمان نقصه)؛ أيْ: وعليه ضمان. . . إلخ. * قوله: (الثالث أن يلزم الحاكم. . . إلخ) إلى هنا قد انتهت قراءة شيخنا وأستاذنا، علَّامة زمانه، وفريد عصره وأوانه، خاتمة المحققين، وعمدة المدققين، من طنت حصاته في سائر الأقطار، واتفقت الكلمة على أنه لما يكتحل ولا يكتحل عين الزمان ثانية فيما مضى وما يأتي من الأعصار، وهو أستاذي، وخالي، الراجي عفو ربه العلي، منصور بن يونس البهوتي الحنبلي، وكانت قراءته تلك (¬1) لشرحه على هذا الكتاب، واتفق وقوفه على ذلك يوم السبت رابع شهر ربيع الثاني من شهور سنة إحدى وخمسين بعد الألف، ثم انقطع يوم الأحد التالي له، ومات يوم الجمعة ¬
-في سوقه أو غيره- بثمن مثله المستقر في وقته أو أكثر وقسمه فورًا. وسُن إحضاره مع غرمائه، وبيع كل شيء في سوقه، وأن يُبدأ بأقله بقاء، وأكثره كُلفة. ـــــــــــــــــــــــــــــ العاشر من الشهر والسنة المذكورَين، وكان وقوفه من الدرس الثاني (¬1) على باب القذف، وكان مولده فيما أخبرني به سنة ألف، فكان عمره إحدى وخمسين، كسنة وفاته، تجاوز اللَّه عن سيئاته، ورفعه من الفردوس أعلى درجاته، آمين. * قوله: (في وقته)؛ أيْ: في وقت البيع. * قوله: (أو أكثر) أما إن باعه بانقص فقال شيخنا (¬2): "مقتضى القواعد صحة البيع وضمان النقص"، فليراجع (¬3)!. * قوله: (فورًا) متعلق بالمسألتَين. * قوله: (مع غرمائه)؛ أيْ: يجمع بينهما في مطلق الإحضار، لا من مبدأ الإحضار، إذ ليس ذلك شرطًا. * قوله: (وأن يبدأ بأقله بقاءً وأكثره كلفة) إن أمكن الجمع بين بيعهما في آن واحد، فواضح، وإن لم يكن فيهما (¬4) فأيهما يقدم؟، والظاهر أن الأول هو المقدم، ولعل تعبير المص -وإن لم يكن (¬5) يدل على ترتيب- ناظر إلى ذلك، ¬
ويجب ترك ما يحتاجه من مسكن وخادم لمثله، ما لم يكونا عينَ مال غريم، ويُشترى أو يُترك له بدلهما، ويُبدل أعلى بصالح، وما يتَّجر به، أو آلة مُحترف، ويجب له ولعياله أدنى نفقة مثلهم، من مأكل ومشرب وكُسوة، وتجهيز ميت من ماله حتى يُقسم. وأجرة منادٍ ونحوه -لم يتبرع- من المال. وإن عيّنا مناديًا غيرَ ثقة، ردَّه حاكم، بخلاف بيع مرهون. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حيث قدم ذكره وهو ظاهر؛ لأن ما يسرع فساده لو أخر لَفات الانتفاع به، بخلاف الأكثر كلفة، فإنه لا يلزم على تأخيره فساد. * قوله: (لمثله)؛ أيْ: صالحَين لمثله. * قوله: (ما لم يكونا عين مال غريم) وتقدم حكمه (¬1). * قوله: (من المال) ويؤخذ من هذا أن الدلالة على البائع، ولعله ما لم يكن شرط -كما ذكروا ذلك في محله (¬2) -. * قوله: (بخلاف بيع مرهون) فإن الحاكم لا يرد من عيَّناه لبيع الرهن. قال شيخنا في الحاشية (¬3): "والفرق: أن للحاكم النظر والاجتهاد في مال المفلس؛ لأنه ربما ظهر غريم (¬4) غير من حضر، بخلاف مسألة الراهن فإن الحق منحصر في الحاضر". ¬
فإن اختلف تعيينُهما، ضمنها إن تبرعا، وإلا قَدَّم من شاء، وبَدأ بمن جنى عليه قنُّ المفلِس، فيُعطى الأقل من ثمنه أو الأرش، ثم بمن عنده رهن فيُخص بثمنه، فإن بقي دين حاصَصَ الغرماء، وإن فضُل عنه رُدَّ على المال، ثم بمن له عين مال، استأجر عينًا من مفلِس فيأخذها، وإن بطُلت في أثناء المدة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فإن اختلف تعيينهما)؛ أيْ: الثقتَين. * قوله: (وإلا قدِّم من شاء) قال في شرحه (¬1): "أيْ: وإن لم يتبرعا، والمراد: ولا واحد منهما قَدَّم الحاكم من شاء منهما، وظاهر ما تقدم أنه لو تطوع أحدهما دون الآخر قُدِّم؛ لأنه أوفر، وصرح به في المغني" (¬2)، انتهى كلامه -رحمه اللَّه-. * قوله: (ويبدأ بمن جنى عليه. . . إلخ)؛ أيْ: أو على قنِّه، فإن اجتمعا وزع المال عليهما إذا اختار المال، فإن كانت إحداهما بإذن السيد أو أمره قدمت التي ليست بإذنه ولا أمره؛ لأنها متعلقة برقبة القنِّ، وتلك بذمة السيد، فتدبر!. * قوله: (فيعطي. . . إلخ)؛ أيْ: المجني عليه أو وليه، فيشمل ما إذا كانت الجناية من القنِّ على القنِّ، فلا حاجة إلى التعقب على المص به. * وقوله: (الأقل)؛ أيْ: ما لم تكن الجناية بإذن السيد أو أمره، فإنه يعطى الأرش كله، ولا يحاصُّه أحد؛ لأنها متعلقة بذمة السيد، لا برقبة العبد الجاني. * قوله: (وإن بطُلت)؛ أيْ: لسبب (¬3)، كتلف العين المؤجرة. ¬
ضُرب له بما بقي، ثم يَقْسِم الباقي على قدر ديون من بقي، ولا يلزمهم بيان أن لا غريم سواهم، ثم إن ظهر رب حالٍّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ضرب له)؛ أيْ: للمستأجر. * قوله: (بما بقي)؛ أيْ: من الأجرة المعجلة. * قوله: (ولا يلزمهم بيان أن لا غريم سواهم)؛ يعني: بخلاف من أثبت أنه وارث، لأن ما ياخذه الواحد من الغرماء لا يحتمل أن يكون زائدًا عن (¬1) حقه، بخلاف الوارث الخاص، قاله في شرحه (¬2)، ونقله شيخنا في حاشيته (¬3)، وفيه توقف، فإن الغرماء عند المحاصَّة صار ما يأخذونه هو حقهم، ويُقْطَع النظر عن البقية، ويحرم عليهم أخذ زيادة على ما يستحقونه حال المحاصَّة (¬4)، ولو فاتت المزاحمة انتفت هذه الحرمة، وحل له أخذ كمال حقه الأصلي، كالوارث، فإن الابن إذا كان معه مثله استحق نصف المال، وإن عدم نظيره استحق الكل، فالأولى الاقتصار على أحد توجيهَي التلخيص (¬5)، وهو أن الوارث يستفيض أمره ولا يخفى غالبًا، فلا يعسر بيانه، ولا إنكار وجوده، بخلاف الدين فإن أمره يخفى غالبًا، وفرق ظاهر بين ما يظهر غالبًا، وما يخفى غالبًا، تدبر!. * قوله: (ثم إن ظهر رب حالٍّ) أما لو تجدد بأن كان قد حفر المفلِس بئرًا تعديًا، ثم وقع فيها إنسان فمات بعد القسمة، فإنه لا يرجع بسببه في تلك الحالة؛ ¬
رجع على كل غريم بقسطه، ولم تُنقض. ومن دينه مؤجَّل لا يحل ولا يوقف له، ولا يرجع على الغرماء إذا حلَّ. ويُشارك من حلَّ دينُه قبل قسمة في الكل. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنه ليس أولى من رب الدين المؤجل إذا حل بعد القسمة، حيث صرحوا فيه بعدم الر جوع (¬1). * قوله: (رجع على كل غريم بقسطة) ظاهره ولو كانوا قد تصرفوا فيه، وهو خلاف ما قالوه فيمن قبض الدين المشترك، من أنه يرجع (¬2) عليه بالقسط ما دام بيده، فإن تصرف فيه تعين الرجوع على المدين (¬3)، ويطلب الفرق بين المسألتَين؟ وقد يفرق: بأن القبض هنا باطل، فما (¬4) قبضه مضمون عليه، تصرف فيه أو لا، وهناك القبض صحيح فلا ضمان لو تلف بيده، فراجع شرح شيخنا للإقناع (¬5)!. وأيضًا: المفلِس لم يبق بيده شيء يمكن الأخذ منه، [فلا فائدة في الرجوع عليه] (¬6) بخلاف المدين، فالرجوع عليه له فائدة، فتدبر!. * قوله: (في الكل)؛ أيْ: في كل مال المفلِس. ¬
وفي أثنائها فيما بقي، ويُضرب له بكل دينه ولغيره ببقيته، ويُشارك مجني عليه قبل حجْره وبعده. ولا يحل مؤجَّل بجنون ولا موت إن وَثَّقَ ورثته أو أجنبي الأقل من الدين أو التركة، ويختص بها رب حالٍّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فيما بقي)؛ أيْ: من مال المفلِس، دون ما قسم. * قوله: (ولغيره)؛ أيْ: ويضرب لغيره، وهو مطف على قوله: "له". وبخطه: وهو من أخذ شيئا قبل حلول الأجل. * قوله: (ويشارك مجني عليه. . . إلخ) هذه المسألة تقدمت في آخر الحكم الأول (¬1)، فانظر ما الحكمة في إعادتها؟ ويمكن أن تكون الحكمة ما فيها من بيان أنه لا فرق بين كون الجناية قبل الحجر أو بعده، وما تقدم ظاهر فيما إذا كانت الجناية بعده. * قوله: (ولا يحل مؤجَّل. . . إلخ) عبارة بعض الأصحاب (¬2): "ولا يحل مؤجَّل بحجر ولا موت"، انتهى، وإنما عبر المص بالجنون دون الحجر، لئلا يلزم عليه التكرار في كلامه حيث قال فيما تقدم (¬3): "ومن دينه مؤجَّل لا يحل"، فإن هذا الكلام في المفلِس، وبقي الحكم في المجنون فنص عليه هنا، فساوى كلامه كلام غيره. * قوله: (ويختص بها)؛ أيْ: بالتركة. ¬
فإن تعذر تَوَثُّقٌ أو لم يكن وارث حلَّ. وليس لضامن مطالبة رب حق بقبضه من تركة مضمون عنه، أو يبرئه، ولا يمنع دين انتقالها إلى ورثة. ويلزم إجبار مفلِس محترف على إيجار نفسه فيما يليق به لبقية دينه، كوقف وأم ولد يستغني عنهما، مع الحجْر عليه لقضائها، لا امرأة على نكاح، ولا من لزمه حج أو كفارة. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فإن تعذر توثق) المراد فإن لم يوثق، وليس الحكم منوطًا بالتعذر، بل بعدم التوثق، سواء كان للتعذر أم لا. * قوله: (أو يبرئه) بالنصب عطف على الفعل المنسبك مع "أن" بالمصدر في قوله: "بقبضه"؛ أيْ: بأن يقبضه أو يبرئه، وأشار شيخنا في شرحه (¬1) إلى ذلك بتقدير "أن". * قوله: (على إيجار نفسه) عبارة الإقناع (¬2): "على الكسب وإيجار نفسه"، ولعل الواو بمعنى "أو"؛ أيْ: أو على إيجار نفسه، أو العطف تفسيري، تفسير مراد، فلا يُجبر على إيجار نفسه عينًا، بل المدار على الكسب، فكان الأظهر الاقتصار على الكسب. * قوله: (كوقف وأم ولد)؛ أيْ: كما يلزم إيجار وقف وأم ولد. * قوله: (ولا من لزمه حج أو كفارة) عبارة الشارح (¬3): "ولا يُجبر من لزمه ¬
ويحرم على قبول هبة وصدقة ووصية، وتزويج أم ولد، وخلع، وردِّ مبيع وإمضائه، وأخذ دية عن قوة ونحوه. وينفك حجْره بوفاء، ولصح الحكم بفكه مع بقاء بعض، فلو طلبوا إعادته لما بقي لم يُجبهم، وإن ادَّان فحُجر عليه تَشَارَك غرماء الحجر الأولَ والثاني. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حج أو كفارة؛ يعني: أن من وجب عليه حج أو كفارة وهو غير مفلس، وله حرفة يمكنه (¬1) أن يحصل منها ما يحج به حجة الفرض وما يخرجه عن كفارته لم يجبر على إيجار نفسه ليحج حجة الفرض، أو يخرج ما لزمه من كفارة؛ لأن ماله لا يباع في ذلك، ولا تجري فيه المنافع مجرى الأعيان"، انتهى. قال شيخنا: والظاهر أن المراد لا يلزمه لو أجر نفسه؛ يعني: أن من كان يعرف من نفسه أنه لو احترف لاستطاع حجة الفرض؛ أيْ: حجة الإسلام لا يلزمه أن يحترف، ولا يلزمه أيضًا الاحتراف ليتمكن من التكفير بالعتق، وليس المراد أنه كان استطاع أولًا ثم تهاون حتى أعسر؛ لأنه يجب عليه حينئذٍ أن يفعل ما يتمكن به من أداء ما استقر في ذمته ويباع ماله في ذلك، وتجرى هنا المنافع مجرى الأعيان. * قوله: (ويحرم)؛ أيْ: الإجبار. * قوله: (وتزويج أم ولد) قال في شرحه (¬2): "وظاهره ولو لم يكن يطؤها، لما فيه من تحريمها عليه بالنكاح وتعلق حق الزوج بها". * قوله: (بوفاء)؛ أيْ: لكل الدين. ¬
2 - فصل
ومن فُلِّس ثم ادَّان لم يُحبس، وإن أبى مفلِس أو وارث الحلفَ مع شاهد له بحق فليس لغرماءٍ الحلف. الرابع: انقطاع الطلب عنه، فمن أقرضه أو باعه شيئًا لم يملك طلبه حتى ينفك حجْره. * * * 2 - فصل ومن دفع ماله بعقدٍ أو لا إلى محجور عليه، لحظ نفسه رجع في باقٍ، وما تلف فعلى مالكه، عَلِم بحجْره أو لا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لم يحبس) لعله ما لم يظهر له مال ويمتنع من الوفاء منه. * قوله: (فمن أقرضه. . . إلخ)؛ أيْ: بعد ضرب الحجْر عليه -كما هو موضوع المسألة-. * قوله: (لم يملك طلبه)؛ أيْ: بثمنه أو بدله، وأما إذا وجده بعينه فله طلبه إن جهل الحجْر عليه، وإلا فلا -كما تقدم (¬1) في أوائل الكلام على الحكم الثاني-. فصل * قوله: (لحظ نفسه) وهو الصغير والسفيه والمجنون -كما تقدم (¬2) -. * قوله: (وما تلف فعلى مالكه) فلو كان الدافع له مثله، قال شيخنا: "لم أر من صرح به، ويحتمل الضمان؛ لأن هذا الدفع لا أثر له فكأنه لم يدفعه"، انتهى ¬
وتُضمن جناية وإتلاف ما لم يُدفع إليه. ومن أعطاه مالًا ضمنه حتى يأخذه وليُّه، لا إن أخذه ليحفظه، كآخذ مغصوبًا ليحفظه لربه، ولم يفرِّط. ومن بلغ رشيدًا أو مجنونًا ثم عقل ورشَد انفكَّ الحجْر عنه بلا حكم، وأُعْطِيَ ماله لا قبل ذلك بحال. ـــــــــــــــــــــــــــــ كلامه في الحاشية (¬1)، لكن انظر هل نقول بالضمان سواء تلف بتعدٍّ أو تفريط أو لا، أو أن ذلك منوط بالتعدي أو التفريط؟، والظاهر الأول. * قوله: (ويضمن جناية)؛ أيْ: في نفس أو طرف. * قوله: (ومن أعطاه)؛ أيْ: من أعطاه المحجور عليه مالًا فالمحجور عليه فاعل الإعطاء -كما هي قاعدة باب "أعطى" (¬2) -، وعموم "مَن" يتناول (¬3) ما إذا كان المعطِي مثل المعطَى؛ أيْ: محجورًا عليه لحظ نفسه، فتدبر!. * قوله: (كآخدٍ مغصوبًا. . . إلخ) بشرط أن لا يحبسه عنده إلا بقدر ما يتمكن من دفعه، فإن زاد وتلف ضمن، قياسًا على من أطارت الريح إلى داره ثوبًا ونحوه من أنه يجب عليه الردُّ فورًا (¬4)، ولعل في قول المص: "ولم يفرط" إشارة إلى ذلك. * قوله: (ثم عقل ورشد) وعليها ففي العبارة لف ونشر غير مرتب، فتدبر!. ¬
وبلوغ ذكر بإمناء، أو تمام خمس عشرة سنة، أو نبات شعر خَشِنٍ حول قُبله، وأنثى بذلك، وبحيض، وحملها دليل إنزالها، وقَدْرُه أقلُّ مدة الحمل، وإن طُلقت زمن إمكان بلوغ وولدت لأربعَ سنين أُلحق بمطلِّق، وحُكم ببلوغها من قبل الطلاق، وخنثى بسنٍّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بإمناء)؛ أيْ: عن (¬1) احتلام، أو جماع أو غير ذلك. * قوله: (وأثنى بذلك) عبارة المحرر (¬2): "ويحصل البلوغ بإنزال المني، أو نبات شعر العانة الخشن، أو تتمة خمس عشرة سنة، وتزيد الجارية بالحيض"، انتهى. وتبعه في (¬3) الإقناع (¬4) في العبارة، وهو تعبير حسن، وفي قول المص "بذلك" نوع توقف. وبخطه: أيْ: يكفي فيها أحد ما ذكر لا أن المراد بجميع ذلك، ولذلك كانت عبارة المحرر التي تبعها في الإقناع أظهر. * قوله: (وقدره)؛ أيْ: قدر الزمن الذي يحكم بأنها بالغة فيه. * قوله: (أقل مدة الحمل) المراد أقل مدة يمكن أن تحمل قبل مضيها وهو ستة أشهر، هو قدر الزمن الذي يحكم بأنها بالغة فيه، فإذا وضعت حكم ببلوغها في اللحظة النايفة على الستة أشهر الماضية من وطئها ونحوه. ¬
أو نبات حول قُبليه، أو إمناء من أحد فرجيه، أو حيض من قُبل، أو هما من مخرج. والرُشْد: إصلاح المال، ولا يُعطَى ماله حتى يُختبر -ومحلُّه قبل بلوغ- بلائق به. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (حول قبليه) لا حول أحدِهما فقط -كما صرح به القاضي (¬1) وابن عقيل (¬2) -. * قوله: (أو هما من مخرج) قال في شرحه (¬3): "وهو في الأخيرة باقٍ على إشكاله" وفي إشكاله إشكال لما (¬4) سيأتي (¬5) في المتن، وهو تابع في ذلك لصاحب الإنصاف (¬6) حيث قال "وإن خرج المني والحيض من مخرج فمشكل بلا نزاع"، هذا لفظه أو معناه، فراجعه (¬7)!. ¬
ويؤنسَ رشده فولدُ تاجر بأن يتكرر بيعه وشراؤه، فلا يُغبن غالبًا غبنًا فاحشًا، وولد رئيس وكاتب باستيفاء على وكيله، وأنثى باشتراء قطن واستجادتِه، ودفعه وأجرتِه للغزَّالات، واستيفاء عليهن، وأن يحفظ كلٌّ ما في يده عن صرفه فيما لا فائدة فيه أو حرام كقمار وغناء وشراء محرم، ومن نُوزع في رشده فشهد به عدلان ثبت، وإلا فادعى عِلْمَ وليِّه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [وبخطه: كالثقبة التي لا تشبه آلتهما] (¬1). * قوله: (ويؤنسَ رشده)؛ أيْ: يُبْصَر، قال البيضاوي (¬2) في تفسير قوله -تعالى-: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} [النساء: 6]؛ "أيْ: أبصرتم"، انتهى. * قوله: (فولد تاجر)؛ أيْ: فإيناس الرشد في ولد تاجر، وكذا تأويل ما بعده. * قوله: (بأن يتكرر) التكرار صادق بمرتَين، لكنه ليس مرادًا، والمراد أن (¬3) يقع ذلك منه مرات كثيرة، ويرشدك إلى ذلك قول المص: "فلا يغبن غالبًا"؛ لأن المرتَين لا يتأتى فيهما غالب وغير غالب، فتدبر!. * قوله: (فيما لا فائدة فيه. . . إلخ)؛ أيْ: عن شيء لا فائدة فيه، لكن مما ليس بحرام حتى يحسن العطف بـ"أو" ويُمَثل ذلك بشراء مركوب لا يتمكن من ركوبه أو لا يركبه أصلًا، وشراء ملبوس لا يلبسه، وأما قول المص: "كقمار. . . إلخ"، فتمثيل للحرام. ¬
3 - فصل
حَلَفَ، ومن تبرَّع في حجْره فثبت كونه مكلَّفًا رشيدًا: نفذ. * * * 3 - فصل وولاية مملوك لسيده ولو غير عدل، وصغير وبالغٍ مجنونٍ لأبٍ بالغ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (حلف)؛ أيْ: الولي وإذا نكل الولي هل يقضى عليه بالنكول؟، ظاهر ما يأتي (¬1) في الأيمان من أنه لا يقضى بالنكول إلا في المال أو ما يقصد به المال أنه لا يقضى عليه هنا بالنكول، وبه صرح شيخنا في شرحه (¬2)، ولو جعلوه مما يقصد به المال لاكتفوا برجل وامرأتَين، أو رجل ويمين، مع أنهم اعتبروا العدلَين. * قوله: (في حجره)؛ أيْ: المضروب لحظ نفسه إذ الكلام فيه. فصل * قوله: (وبالغ مجنون)؛ أيْ: وسفيه كذلك. * قوله: (لأب بالغ) احترز به عما (¬3) لو كان الأب غير بالغ -كما يأتي (¬4) في النسب-، فيمن ألحق به الولد وهو ابن عشر. لكن يبقى النظر فيمن تكون له الولاية على ذلك الولد، هل لولي أبيه، أو ¬
رشيد، ثم لوصيِّه ولو بجعل وثَمَّ متبرع، أو كافرًا على كافر، ثُمَّ حكم، وتكفي العدالة ظاهرًا، فإن عُدم فأمين يقوم مقامه. ـــــــــــــــــــــــــــــ لأبي أبيه وإن كان جدًّا لتبعيته (¬1) لأبيه أو الحاكم؟ فحرره!. ثم رأيت الإقناع (¬2) في باب الهبة صرح بما يؤخذ منه القول بالثالث، وعبارته في الباب المذكور: "وإن كان الأب غير مأمون، أو مجنونًا، أو لا وصي له، قبل له الحاكم" فلينتبه (¬3)!. * قوله: (رشيد)؛ أيْ: عدلٍ -ولو ظاهرًا-، عاقل، حرٍّ إلا فيما إذا كان للمكاتب ولد غير حرٍّ، فإنه تثبت الولاية له عليه إذا كان تابعًا له في الكتابة. ويشترط في الحاكم ما يشترط في الأب على ما في الإنصاف (¬4). * قوله: (أو كافرًا) عطف على محل "بجعل". وبخطه: والمراد أن يكون عدلًا في دينه على ما في الإقناع (¬5). * قوله: (يقوم مقامه)؛ أيْ: مقام الحاكم، اختاره الشيخ تقي الدين (¬6)، وقال في حاكم عاجز: كالعدم (¬7)، نقل ابن الحكم (¬8) فيمن عنده مال فطالبه الورثة ¬
وحرُم تصرف ولي صغير ومجنون إلا بما فيه حظ، فإن تبرع، أو حابى، أو زاد على نفقتهما أو من تلزمهما مؤونته بالمعروف ضَمِنَ، وتُدفع إن أفسدها يومًا بيوم، فإن أفسدها أطعمه معاينة، وإن أفسد كسوته ستر عورته فقط في بيت إن لم يمكن تحيُّل ولو بتهديد. ـــــــــــــــــــــــــــــ فيخاف من أمره ترى أن يخبر الحاكم ويدفعه إليه؟ قال: أما حكامنا اليوم هؤلاء فلا أرى أن يتقدم إلى أحد منهم، ولا يدفع إليه شيئا، والولاية بالنسب لا تقف على إذن الغير -ذكره المجد في شرح الهداية عن القاضي، واقتصر عليه-. وعلم مما تقدم أن الجد والأم وباقي العصبات ليس لهم ولاية، وعنه: للجد ولاية (¬1)، فعليها يقدم على الحاكم وعلى الوصي، وذكر القاضي: أن للأم ولاية (¬2)، وقيل: وسائر العصبة (¬3) (¬4)، شرح (¬5). * قوله: (ومجنون) وكذا سفيه، لم يأت (¬6) في قوله: "وتصرُّف وليه كولي صغير ومجنون". * قوله: (ضمن)؛ أيْ: كل ما تبرع به، أو حابا، وما زاد على النفقة. * قوله: (ستر عورته فقط في بيت)؛ أيْ: سترها بلباس إن كان لعورته حكم، ¬
ولا يصح أن يبيع أو يشتري أو يرتهن من مالهما لنفسه، غيرُ أب. وله ولغيره مكاتبة قنِّهما وعتقه على مال، وتزويجه لمصلحة، وإذنه في تجارة، وسفر بمالهما مع أمن، ومضاربته به، ولمحجور ربحه كله. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وليس المراد الاكتفاء بجعله في البيت عما يستر العورة -كما يؤخذ ذلك من شرح شيخنا على الإقناع (¬1) -. * قوله: (غير أب)؛ لأن له التملك. * قوله: (وسفرٌ بمالهما)؛ أيْ: في غير بحر على ما في الإقناع (¬2)، وما في المتن أظهر حيث أمن. * قوله: (ولمحجور ربحه كله) وعلى هذا فتسمية ذلك مضاربة مجاز، والمراد بها الاتجار (¬3)، كما أشار إليه الشيخ في كل من الشرح (¬4) والحاشية (¬5) -كما هو ظاهر-. والظاهر أن مراده من قوله: "له. . . إلخ" أنه لا يمتنع عليه (¬6) شيء من ذلك، فلا ينافي استحبابه المصرح به في كلام غيره (¬7)، فتدبر!. ¬
ودفعه مضاربة بجزء من ربحه، وبيعه نساءً، وقرضه ولو بلا رهن لمصلحة، وإن أمكنه فالأَوْلى أخذه، وإن تركه فضاع المال لم يضمنه، وهِبته بعوَض ورهنه لثقة لحاجة، وإيداعه وشراء عقار، وبناؤه بما جرت عادةُ أهلِ بلدة لمصلحة، وشراء أضحية لموسر، ومداواته، وترك صبي بمكتب بأجرة، وشراء لُعَب -غير مصورة- لصغيرة من مالها، وبيع عقارهما لمصلحة ولو بلا ضرورة، أو زيادة على ثمن مثله. ويجب قبول وصية لهما بمن يعتق عليهما، إن لم تلزم نفقته لإعسار أو غيره، وإلا حرم. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وقرضه)؛ أيْ: دفعه قرضًا؛ أيْ: إقراضه، وكان الأولى التعبير به. * قوله: (لمصلحته) أما بيعه بنقد حاضر فلا يتقيد بالمصلحة، إلا إن كان المبيع (¬1) عقارًا. * قوله: (وإن أمكنه)؛ أيْ: أمكن الولي أخذ رهن. * قوله: (وشراء أضحية لموسِر) حمل في المغني (¬2) النص (¬3) على ما إذا كان يعقلها. * قوله: (أو غيره) كعدم قدرته على التكسب. * قوله: (وإلا حرم) انظر هل ذلك مع الصحة أو عدمها؟ فليحرر!، واستظهر ¬
4 - فصل
وإن لم يمكنه تخليص حقهما إلا برفع مدين لوالٍ يظلمه رفعه، كما لو لم يمكن رَدُّ مغصوب إلا بكلفة عظيمة. * * * 4 - فصل ومن فُكَّ حجْره فسَفُهَ أُعيدَ، ولا ينظر في ماله إلا حاكم كمن جُنَّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شيخنا الصحة. * قوله: (حقهما)؛ أيْ: الصغير والمجنون. فصل * قوله: (ومن فُك حجْره)؛ أيْ: بعد بلوغه ورشده. * قوله: (أعيد)؛ أيْ: أعيد حجْره، وكان الظاهر ذكر ذلك؛ لأن في عبارته خلو جملة الخبر عن ضمير يعود على المبتدأ وهو "مَن" فتنبه!. انظر هل يصح أن يكون الضمير عائدًا على "مَن" ويكون المعنى أعيد إلى الحجر، فيكون جاريًا على القاعدة من غير خلل في المعنى. * قوله: (كمن جُنَّ) الظاهر أن التشبيه من حيث إنه لا ينظر في ماله إلا حاكم، لا من حيث إن الحجر عليه يتوقف على حكم حاكم، لكن عبارة الإقناع (¬1) نصها: "وإن فك عنه الحجر فعاوده السفه أو جُنَّ أعيد الحجر عليه" إلى إن قال: "ولا يحجر عليهما ولا ينظر في مالهما إلا الحاكم (¬2) ". ¬
ولا ينفك إلا بحكمه. ويصح تزوُّجه بلا إذن وليِّه لحاجة -لا عتقه- وتزويجه بلا إذنه لحاجة، وإجبارُه لمصلحة كسفيهة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا ينفك إلا بحكمه) قال شيخنا (¬1): "أيْ: لا ينفك الحجر عمن سفِه أو جُنَّ بعد البلوغ والرشد إلا بحكم حاكم؛ لأنه حجر ثبت بحكمه فلا ينفك إلا بحكمه". أقول: قول الإقناع (¬2): "ولا ينفك عنهما" ينبغي أن يبحث عن مستنده (¬3) في جانب المجنون، وأما تعليل شيخنا له بأنه ثبت بحكمه فلا ينفك إلا بحكمه، إنما يصح بعد تسليم أن الحجر عليه يتوقف على حكم حاكم، على أن المبدع (¬4) خص هذه العلة بحجْر السفه والفلَس، وعبارته: "ولا ينفك عنه؛ أيْ: عن السفيه إلا بحكمه على الصحيح (¬5)؛ لأنه حجر ثبت بحكمه فلم يزل إلا بحكمه كالمفلس"، انتهى. * قوله: (بلا إذن وليه لحاجة) كالمتعة أو الخدمة. * قوله: (وتزويجه) عطف على "تزوجه". * وقوله: (وإجباره لمصلحة) يدل على أن ما قبلها مقيد بحال السكوت، والثانية بما إذا أبى المحجور عليه. ¬
وإن أذن لم يلزم تعيين المرأة، ويتقيَّد بمهر المثل، وتلزم وليًّا زيادةٌ زُوِّجَ بها، لا زيادة إذن فيها، وإن عضله استقل، فلو علمه يُطَلِّق اشترى له أمة، ويستقل بما لا يتعلق بالمال مقصوده. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا زيادة إذن فيها) مقتضى تعليل الشارح (¬1) بقوله: "لأن السفيه لما باشر العقد لزمته" أن الزيادة لازمة للسفيه. قال شيخنا: ومقتضى حكاية الإنصاف (¬2) وغيره (¬3) الخلاف في كونها في هذه الحالة لازمة للولي أو لا، وعدم حكاية خلاف في كونها لازمة للسفيه أو غير لازمة له (¬4)، أنها لا تلزم السفيه اتفاقًا، وعليه فلا تلزم الزيادة أحدًا في صورة الإذن على الصحيح من المذهب (¬5)، وصرَّح بحاصله في الحاشية (¬6) أيضًا (¬7). * قوله: (وإن عضله) التقييد بالعضل لا مفهوم له، ولو قال بعد قوله فيما سبق (¬8): ويصح تزوجه بلا إذن وليه لحاجة وكذا لو عضله، لكان أظهر وأقعد في السبك. * قوله: (مقصوده)؛ أيْ: المقصود منه، فالضمير راجع لـ"ما" (¬9) لكن على ¬
5 - فصل
وإن أقرَّ بحدٍّ أو نسب أو طلاق أو قصاص أُخذ به في الحال -ولا يجب مالٌ عُفي عليه- وبمال فبعد فكِّه. وتصرُّف وليِّه كوليِّ صغير ومجنون. * * * 5 - فصل ولوليٍّ -غيرِ حاكم وأمينه- الأكل لحاجة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ما سمعته من التأويل، فتدبر!. * قوله: (أو قصاص) في نفس أو طرف. * قوله: (في الحال)؛ أيْ: مع توفر شروطه، والمراد أن إقامته لا تتوقف على فك الحجْر عنه، لا أن المراد أنه يؤخذ بحد القذف بمجرد الإقرار وإن لم يطالب به، وبحدِّ الزنا ولو لم يقرَّ أربعًا. * قوله: (ولا يجب. . . إلخ)؛ أيْ: ابتداء، لكن يطالب به بعد فك الحجْر عنه، وصرح به شيخنا في الحاشية (¬1) تبعا لمفهوم الإقناع (¬2)، وقياسًا على المسألة التي بعدها، ولو قال: وإن أقرَّ بمال، أو عفي عليه فبعد فكِّه، لكان أصوب، فتدبر!. * قوله: (كولي صغير ومجنون)؛ أيْ: فيتقيد بما فيه حظ ومصلحة، وهذه حكمة إسقاط المص (¬3) السفيه فيما سبق، فتدبر!. فصل ¬
من مال مولِّيه الأقلَّ من أجرة مثله وكفايته، ولا يلزمه عوضُه بيساره، ومع عدمها ما فرضه له ححم، ولناظرِ وقف -ولو لم يحتج- أكل بمعروف. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (الأقل) معمول للمصدر المعرف بـ "أل" وإعماله قليل عربية (¬1)، على حدِّ: عجبت من الرِّزق المسيء إلهه (¬2). * قوله: (ولناظر وقف. . . إلخ)؛ أيْ: إذا لم يشرط له الواقف شيئًا، وإلا لم يتجاوزه، حاشية (¬3). وبخطه: انظر ما المراد بالمعروف هنا، فإن ظاهره أنه (¬4) ولو زاد على كفايته أو أجرة مثله، ويطلب الفرق حينئذٍ بينه وبين ولي اليتيم حيث قالوا: لا يأكل إلا الأقل من كفايته وأجرة مثله؟، والظاهر أنه مثله، فتدبر (¬5)!. ثم (¬6) رأيت بخط العلامة أحمد بن قاسم العبادي الشافعي ما نصه: "فائدة: أربعة أشياء لا يسأل عنها لمَ كانت كذا، الحدود، والإجماع، والاعتقادات، والعادات، لكنها تعارض بالدليل، فيمكن إقامة الدليل على معارضتها" (¬7). ¬
وممن فُكَّ حجْره فادعى على وليِّه تعديًا أو مُوْجِبَ ضمان ونحوه، أو الولي وجودَ ضرورة أو غبطة أو تلف أو قدر نفقة أو كسوة فقول ولي، ما لم تخالفه عادة وعُرف، ويحلف غيرُ حاكم لا في دفع مالٍ بعد رشد أو عقل، إلا أن يكون متبرعًا، ولا في قدر زمن إنفاق. وليس لزوج رشيدةٍ حجْر عليها في تبرع زائد على ثلث مالها، ولا لحاكم حجْر على مقتّر على نفسه وعياله. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ونحوه)؛ أيْ: نحو ما ذكر، كعدم مصلحة في بيع عقار، حاشية (¬1). * قوله: (أو الولي)؛ أيْ: أو ادعى الولي. . . إلخ. * قوله: (فقول ولي)؛ أيْ: بيمينه -على ما يأتي قريبًا (¬2) -. * قوله: (ويحلف غير حاكم) لعله وغير الأب (¬3). وبخطه: وانظر الحكم في أمينه هل هو مثله أو كيفية الأولياء؟. * قوله: (لا في دفع مال بعد رشد أو عقل)؛ أيْ: إلا ببينة. * قوله: (إلا أن يكون متبرعًا)؛ أيْ: لم يكن وليًّا بجعل. * قوله: (ولا في قدر زمن إنفاق)؛ أيْ: إلا ببينة. ¬
6 - فصل
6 - فصل لوليِّ مميِّز وسيده أن يأذن له أن يتَّجر، وكذا أن يدعي ويُقيم بيِّنة، وتحليفٌ ونحوه. ويتقيَّد فكٌّ بقدرٍ ونوع عُيِّنا، كوكيل ووصيٍّ في نوع وتزويج بمعيَّن، وبيع عين ماله، والعقد الأول، وهو في بيع نسيئة وغيره كمضَارَب، ولا يصح أو يؤجِّر نفسه -ولا يتوكَّل- ولو لم يُقَيَّد عليه. وإن وُكِّل. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (لولي مميز)؛ أيْ: حرٍّ. * وقوله: (وسيده)؛ أيْ: سيد مميز رقيق. وبخطه: فالضمير راجع للقيد دون مقيده، وانظر هل مثله يعد من الاستخدام، أو من الجمع والتفريق؟، وحرره (¬1)!. * قوله: (أن يأذن له أن يتَّجر)؛ أيْ: في أن يتَّجر. . . إلخ، فصحَّ عطف "بيع" عليه وحذف الجار هنا مقيس لا سماعي (¬2). * قوله: (كمضارب)؛ أيْ: فله ذلك وليس كالوكيل في ذلك. * قوله: (ولا يصح أن يؤجر نفسه ولا يتوكل)؛ أيْ: إلا بإذن في ذلك. * قوله: (وإن وكِّل)؛ أيْ: العبد المأذون له في التجارة، والمميز، وعبارة ¬
فكوكيل، ومتى عزل سيد قنَّه انعزل وكيله، كوكيل ومضارب لا كصبي ومكاتب، ومرتهن أذن لراهن في بيع. ويصح أن يشتري من يعتق على مالكه لرحمٍ أو قول، أو زوجًا له، لا من مالكه، ولا أن يبيعه. ـــــــــــــــــــــــــــــ التنقيح (¬1): "وإن وكِّلا" بألف التثنية (¬2). * قوله: (فكوكيل)؛ أيْ: فإن كان توكيله فيما يعجزه أو ما لا يتولاه بنفسه صحَّ، ولا تصح في غيره إلا بإذن. * قوله: (ومتى عزل سيد. . . إلخ) المراد بعزله منعه من التجارة. * قوله: (لا كصبي ومكاتب ومرتهن)؛ يعني: فلا ينعزلون بعزل أصلهم لكن يصيرون ممنوعين من التصرف إلى أن يزول المانع، فيجوز منهم التصرف من غير توقف على تجديد وكالة، ولو قلنا بعزلهم لتوقف صحة التصرف منهم على تجديد الوكالة، فتدبر!، شرح شيخنا للإقناع (¬3). * قوله: (ويصح أن يشتري. . . إلخ)؛ أيْ: القنُّ المأذون له في مطلق الشراء. * قوله: (على مالكه)؛ أيْ: مالك القنِّ المذكور. * قوله: (أو زوجا له)؛ أيْ: للمالك. * قوله: (لا من مالكه)؛ يعني: أنه لا يصح أن يشتري العبد من سيده شيئًا ¬
ومن رآه سيدُه أو وليُّه يتَّجر فلم ينهَه لم يصرْ مأذونًا له، ويتعلق دين مأذون له بذمة سيد، ودين غيره برقبته -وإن أُعتق لزم سيده- ومحله إن تلف، وإلا أُخذ حيث أمكن. ومتى اشتراه رب دين -تعلق برقبته- تَحَوَّل إلى ثمنه، وبذمته، فملكه مطلقًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا أن يبيعه شيئًا لئلا يلزم عليه الجمع بين العوض والمعوض إذ العبد وما ملكت يده لسيده، أو الاعتياض من (¬1) نفسه لنفسه، أو ثبوت مطالبة الرقيق لسيده، وكلٌّ منهما ممتنع. * قوله: (ولم يصِر مأذونًا له)؛ لأن السكوت ليس إقرارًا دائمًا. * قوله: (وإن أعتق)؛ أيْ: أعتقه سيده. * قوله: (لزم)؛ أيْ: الدين. * قوله: (ومحله إن تلف)؛ أيْ: ما استدانه. * قوله: (تعلق برقبته) صفة "دين". * قوله: (تحول إلى ثمنه) جواب "متى". * قوله: (وبذمته) عطف على "برقبته" لكن مع ملاحظة العامل الأول وهو "اشترى"؛ لأنه لا يناسب الإطلاق في قوله: "فملكه مطلقًا" بل يلاحظ له عامل خاص، وعبارة الشارح (¬2): "وإن كان الدين متعلقا بذمته. . . إلخ"، فتدبر!. * قوله: (مطلقًا) أيْ: بشراء، أو هبة، أو إرث، ووصية. ¬
أو من تعلق برقبته بلا عوض سقط، ويصح إقرار مأذون -ولو صغيرًا- في قدر ما أُذن فيه. وإن حُجر عليه وبيده مال ثم أذن له فأقر به صحَّ. ويبطل إذن بحجر على سيده وموته وجنونه المطبق، لا بإباق، وأسر، وتدبير، وإيلاد، وكتابة، وحرية، وحبس. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه: أيْ: بعوض أو دونه؛ لأنه في مقابلة قوله الآتي: "بلا عوض". * قوله: (أو من تعلق برقبته) عطف على "رب دين" لكن بتقدير عامل خاص؛ أيْ: أو ملكه، ولا تسلط عليه "اشتراه"؛ لأنه لا يناسب قوله: "بلا عوض" كما أشار إليه الشارح (¬1)، فتدبر!. * قوله: (بلا عوض) كالهبة والإرث. * قوله: (المطبق) بفتح الباء لا بكسرها (¬2) على ما نقله الشيخ عبد اللَّه الدنوشري (¬3) ناظمًا له حيث قال: وقُلْ جنونٌ مُطْلَق بفتح با ... وكسرُه غَلَّط فيه الأدباء * قوله: (وحبس) ظاهره سواء كان الحبس للعبدى أو السيد، وهو يقتضي أن ¬
بدين وغصب. وتصح معاملة قنٍّ لم يثبت كونه مأذونًا له، لا تبرع مأذونٍ له بدراهم وكسوة ونحوهما، وله هديةُ مأكول، وإعارة دابة، وعمل دعوة ونحوه بلا إسراف، ولغيرِ مأذون أن يتصدق من قُوته بما لا يُضر به، كرغيف ونحوه. ولزوجة وكلِّ متصرف في بيت الصدقةُ منه بلا إذن صاحبه بنحو ذلك، إلا أن يمنع أو يضطرب عُرفٌ، أو يكون بخيلًا، ويُشَك في رضاه فيهما فيحرم، كزوجة أطعمت بفرض ولم تعلم رضاه. ومن وجد بما اشترى من قنٍّ عيبًا، فقال: "أنا غير مأذون لي" لم يُقبل ولو صَدَّقَه سيدٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ العبد يحبس على دين السيد، وفي بعض الهوامش وحبسٌ للعبد بعد عتقه، فتدبر!. [وبخطه: أيْ: لمأذون له] (¬1). * قوله: (وغصب)؛ أيْ: لمأذون له. * قوله: (كزوجة أُطْعِمَتْ بفرض)؛ أيْ: فيحرم عليها الصدقة، بما (¬2) يتعلق بزوجها إلا مما هو مفروض لها؛ لأنها ملكته، حاشية (¬3). * * * ¬
1 - باب الوكالة
1 - باب الوكالة: استنابة جائز التصرف مثله فيما تدخله النيابة. وتصح مؤقتة، ومعلَّقة، وبكل قول دلَّ على إذن، وقبول بكل قول أو فعل دل عليه، ولو متراخيًا، وكذا كل عقد جائز. وشُرط تعيين وكيل لا علمه بها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الوكالة * قوله: (استنابة جائز التصرف مثله) إما أن يكون تعريفًا لغالب أفراده، أو المرادُ بجائز التصرف الثاني: جائزُ التصرف ولو في خصوص ما وُكِّل فيه، حاشية (¬1). وعمومه يشمل المكاتب، لكن صرح في المغني (¬2) بأنه ليس للمكاتب أن يتوكل لغيره بغير جعل، إلا بإذن سيده؛ لأن منافعه كأعيان ماله، وليس له بذل عين ماله بغير عوض، حاشية (¬3) في موضع آخر. * قوله: (فيما تدخله النيابة) فيه إحالة على مجهول تستدعي عدم فائدة التعريف، لكن لما كان ذلك معلوما عندهم، لم تضرَّ جهالته لإمكان علمه. ¬
وله التصرف بخبر من ظن صدقه، ويضمن، ولو شهد بها اثنان ثم قال أحدهما: "عزَله" ولم يُحْكَم بها لم يثبت، وإن حُكم أو قاله غيرهما. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويضمن) ظاهر ما نقله الشارح (¬1) عن الأزجي (¬2) (¬3)، وعبارته: "قال الأزجي: إذا كان تصرفه بناء على هذا الخبر فهل يضمن؟، فيه وجهان ذكرهما القاضي في الخلاف، بناءً على صحة الوكالة وعدمها"، انتهى، أن الذي يضمن هو الوكيل لا المخبر (¬4)، ولعله بناءً على تقديم المباشر على المتسبب، والقواعد تقتضي أن الوكيل يرجع على من غرَّه بخبره (¬5). * قوله: (ولم يحكم بها) الواو للحال وليست من جملة المحكي، بدليل العطف الآتي، فتدبر!. * قوله: (لم تثبت)؛ أيْ: الوكالة. * [قوله: (أو قاله غيرهما)؛ أيْ: واحد غيرهما، ومفهوم ذلك أنهما لو قالا عزله أو قاله اثنان غيرهما] (¬6)،. . . . . . ¬
لم يقدح، وإن أبى قبولَها فكعزله نفسَه. ولا يصح توكيل في شيء إلا ممن يصح تصرفه فيه، سوى أعمى ونحوه عالمًا فيما يحتاج لرؤية. ومثله تَوَكُّل، فلا يصح أن يُوجب نكاحًا من لا يصح منه لمولِّيته، ولا يقبله من لا يصح منه لنفسه، سوى نكاح أخته ونحوها لأجنبي، وحُرٍّ واجدِ الطَّول نكاح أمة لمن تباح له، وغني في قبض زكاة لفقير، وطلاق امرأة نفسها وغيرها بوكالة. ـــــــــــــــــــــــــــــ [أو قاله] (¬1) أنه ينعزل ولو بعد حكم الحاكم، وهو كذلك؛ لأن الشهادة قد تمَّت به كما تمَّت بالتوكيل، ولا يكون ذلك من شاهدَي التوكيل رجوعًا لإمكان الجمع بين الشهادتَين، إذ العزل المشهود به ثانيًا يستدعي سبق توكيل، ومنه تعلم أن "غير" في كلام المص المراد به واحد، ولا يصح حمله على الأعم من الواحد والمتعدد لما علمت، فتدبر!. * قوله: (لم يقدح)؛ أيْ: لم يضرَّ ذلك في الحكم. * قوله: (قبولها)؛ أيْ: الوكالة. * قوله: (ونحوه) كالغائب عن البلد. * قوله: (سوى نكاح أخته ونحوها. . . إلخ) ومثله قبول نكاح امرأة ممن تحته نهاية عدده، وامرأة لا يصح الجمع بينها وبين زوجته، كأختها. * قوله: (وحرٍّ واجدِ الطَّوْلِ)؛ أيْ: وغير خائف العنَت. * قوله: (وغني. . . إلخ) ومثله هاشمي. ¬
ولا تصح في بيع ما سيملكه، أو طلاق من يتزوجها. ومن قال لوكيل غائب: "احلف أن لك مطالبتي، أو أنه ما عزَلك" لم يُسمع إلا أن يَدعي علمه بذلك فيحلف. ولو قال عن ثابت. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله (¬1): (ولا تصح في بيع ما سيملكه أو طلاق من يتزوجها)؛ لأن ذلك لا يملكه الموكل حين التوكيل ذكره الأزجي (¬2) واقتصر عليه في الفروع (¬3)، وإن قال: إن تزوجت هذه فقد وكَّلتك في طلاقها، وإن اشتريت هذا العبد فقد وكَّلتك في عتقه صحَّ إن قلنا: يصح تعليقهما على ملكهما، وإلا فلا، وقيل: بلى قاله في الفروع (¬4)، انتهى ما في شرحه (¬5)، ومقتضاه أن الوكالة المعلقة لا تصح إلا حيث تصح الوكالة المنجَّزة على الصحيح (¬6)، والفرق بين عتق ما سيملكه وطلاق من سيتزوجها: أن العتق قَربة ويتشوف إليه الشارع بخلاف الطلاق. * قوله: (إلا أن يدعي علمه)؛ أيْ: علم الوكيل. * قوله: (بذلك)؛ أيْ: بالعزل. * قوله: (فيحلف)؛ أيْ: الوكيل. ¬
1 - فصل
"موكلُك أخذ حقه" لم يُقبل، ولا يؤخر ليحلف موكِّل. * * * 1 - فصل وتصح في كل حق آدمي من عقد، وفسخ، وطلاق، ورجعة، وتملُّك مباح، وصلح. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لم يقبل)؛ أيْ: إلا ببينة، شرح (¬1). فصل * قوله: (وتصح في كلِّ حق آدمي)، أيْ: سواء كان متعلقًا بالمال كالبيع والإجارة، أو جاريًا مجرى ما يتعلق به كالنكاح. * قوله: (ورَجْعَةِ) انظر هل يصح توكيل المرأة في رجعة نفسها؟، الظاهر الصحة؛ لأنه لا يتوقف على صيغة منه، كما يأتى في بابه (¬2) (¬3). ¬
وإقرار -وليس توكيله فيه بإقرار- وعتق، وإبراء، ولو لأنفسهما إن عُيِّنا. لا في ظهار، ولعان، ويمين، ونذر، وإيلاء، وقسامة، وقسم لزوجات، وشهادة، والتقاط، واغتنام، وجزية، ومعصية، ورضاع. وتصح في بيع ماله كله أو ما شاء منه، والمطالبةِ بحقوقه، والإبراء منها كلها أو ما شاء منها. لا في فاسد، أو كل قليل وكثير، ولا: "اشتر ما شئت، أو عبدًا بما شئت"، حتى يُبَيَّنَ نوعٌ وقدرُ ثمن. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإقرار) بأن قال له: وكَّلتك في الإقرار عني، وأما قوله: أقرَّ عني، فليس وكالة فيه. * قوله: (إن عُيِّنا) كأن قال له: أعتق نفسك، أو أبرئ نفسك، بخلاف أعتق عبدي، أو أبرئ غرمائي، فإنه لا يدخل في عموم الغرماء، ولا العبيد. * قوله: (لا في ظهار)؛ لأنه قول زور، فهو شبيه بالمعاصي. * قوله: (حتى يبين نوع وقدر ثمن) لكن سيأتي (¬1) في الشركة أنه لو قال ¬
ووكيله في خلع بمحرَّم كهو، فلو خالع بمباح صحَّ بقيمته. ـــــــــــــــــــــــــــــ ما اشتريت من شيء فهو بيننا يصح نصًّا، وهو توكيل في شراء كل شيء فيطلب الفرق بين ما في البابَين (¬1). * قوله: (كهو)؛ أيْ: فيلغو. * قوله: (صحَّ بقيمته) وفي هذا مخالفة للموكَّل من جهة أنه إنما أذن له في المخالعة على محرم، وفيه إشكال أيضًا من حيث إن العقد وقع على عين المباح، لا على قيمته، لكن قال في تصحيح الفروع (¬2): "وقال؛ يعني: ابن رجب في القاعدة الخامسة والأربعين (¬3)، وظاهر كلام كثير من الأصحاب أن المخالفة من الوكيل تقتضي فساد الوكالة لا بطلانها، فيفسد العقد ويصير متصرفًا بمجرد الإذن"، انتهى ما قاله في تصحيح الفروع، ولعل ما هنا من هذا القبيل، ويرشح ذلك قول الشارح (¬4): "وإن خالعها على مباح صحَّ الخلع وفسد العوض، وله قيمته لا هو"، انتهى ما ذكره مستندًا إلى الفروع (¬5) والرعاية (¬6). ¬
وتصح في كل حق للَّه -تعالى- تدخله نيابة، من إثبات حدٍّ واستيفائه، وعبادة، كتفوقة صدقة ونذر وزكاة -وتصح بقوله: "أخرج زكاة مالي من مالك"- وكفارة، وفعل حج وعمرة، وتدخل ركعتا طواف تبعًا، لا بدنيَّة محضة، كصلاة وصوم وطهارة من حدث، ونحوه، ويصح استيفاء بحضرة موكِّل وغيبته، حتى في قوَد وحد قذف. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وعبادة)؛ أيْ: غير بدنية محضة -كما يؤخذ مما سيأتي قريبًا- وكما علم في قوله أولًا: "تدخله نيابة"، فتدبر!. * قوله: (وتدخل ركعتا طواف تبعًا) ظاهره وصوم ثلاثة أيام بل العشرة. * قوله: (كصلاة وصوم)؛ أيْ: مقصودَين بالذات لا بالتبع، فلا يردُّ ركعتا الطواف وصوم التمتع، فإنه يصح تبعًا، لكن لم أر من صرح بالصوم، وهو قياس الصلاة، فليحرر (¬1)!. * قوله: (ونحوه) يجوز أن يكون المراد نحو الطهارة من (¬2) حدث، كالطهارة المستحبة. ¬
ولوكيل توكيل فيما يُعجزه -لكثرته- ولو في جميعه، وما لا يتولى مثلَه بنفسه، لا فيما يتولى مثلَه بنفسه إلا بإذن، ويتعين أمين إلا مع تعيين موكِّل، وكذا وصيٌّ يُوكِّل، وحاكم يستنيب، و"وكِّل عنك" وكيلُ وكيله، فله عزله، و". . . عني"، أو يُطْلِق وكيلٌ موكلَه كـ"أوصِ إلى من يكون وصيًّا لي". ولا يوصي وكيل مطلقًا، ولا يعقد مع فقير أو قاطع طريق، أو ينفرد من عدد، أو يبيع نساءً أو بمنفعة أو عرض -إلا بإذن- أو بغير نقد البلد، أو غالبه إن جمع نقودًا، أو الأصلح إن تساوت. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا فيما يتولى مثله بنفسه) كان مقتضى الظاهر لا فيما لا يعجزه (¬1) ولا فيما يتولى مثله إلا بإذن (¬2)، فانظر ما الحكيمة في السكوت عن مفهوم الأولى مع أن الأمر فيه ظاهر، وأن المفهومَين سواء. * قوله: (ويتعين أمين)؛ أيْ: على الوكيل إذا وكَّل في حال يجوز فيه التوكيل أن (¬3) يوكِّل أمينًا، إلا أن يعين الموكِّل شخصًا فيتعين، ولو كان غير أمين؛ لأنه رضيَه (¬4). * قوله: (مطلقًا)؛ أيْ: سواء قلنا له أن يوكِّل أو لا، وسواء كان أذن له في الوكالة أو لا. ¬
2 - فصل
[إلا إن عيَّنه موكِّل] (¬1). وإن وكَّل عبد غيره -ولو في شراء نفسه من سيده- صحَّ إن أذن، وإلا فلا فيما لا يملكه العبد. * * * 2 - فصل والوكالة، والشركة، والمضاربة، والمساقاة، والمزارعة، والوديعة، والجعالة: عقود جائزة من الطرفين، لكل فسخُها، وتبطل بموت وجنون، وحجر لسفه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فيما لا يملكه العبد) كعقود المعاوضات، وإيجاب النكاح وقبوله، أما ما يملكه كالصدقه بالرغيف ونحوه، والطلاق، والرجعة فيصح مع عدم الإذن، حاشية (¬2). فصل * قوله: (وتبطل بموت)؛ أيْ: تلك المذكورات، لا كل عقد جائز؛ لأن من جملة العقود الجائزة ما لا يبطل بالموت والجنون بأن يكون مآله إلى الوجوب كالرهن، والهبة. * قوله: (وحجْر لسفه)؛ أيْ: تبطل وكالة بحجْر لسفه على وكيل أو موكَّل، فليس الضمير في العامل المقدر مع المعطوف عائدًا على ما عاد إليه ضمير المذكور، ¬
حيث اعتُبر رشد. وتبطل وكالة بسُكر -يُفسَّق به- فيما ينافيه كإيجاب نكاح ونحوه، وبفلَس موكل فيما حُجر عليه فيه، وبردَّته، وبتدبيره أو كتابته قنًّا وُكِّل في عتقه -لا بسُكناه أو بيعه فاسدًا ما وكِّل في بيعه- وبوطئه، وبدلالة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كما أشار إليه شيخنا في شرحه (¬1)، وطرده في بقية المعاطيف. * قوله: (حيث اعتبر رشد) كالتصرف المالي، بخلاف ما إذا وكَّل في نحو طلاق، ورجعة، أو احتطاب، أو استقاء ماء، فإنه لا يبطل بالسفه، شرح (¬2). * قوله: (يفسق به) احتراز عن السكر المكره عليه. * قوله: (ونحوه) كاستيفاء حدٍّ وثبوته. * قوله: (وبوطئه) انظر هل مثله وطء أمة وكل في عتقها، أو لا يكون مبطلًا للوكالة لتشوف الشارع للعتق؟ حرر!. لكن يؤيد الأول ما سبق من أنه لو دَبَّر قِنًّا وُكل في عتقه أو كاتبه: بطُلت الوكالة. وقد يفرق بأن الكتابة والتدبير مآلهما إلى العتق بخلاف الوطء؛ لأنها قد لا تحمل منه وقد يتوقف في التدبير بأنه قد لا يخرج من (¬3) الثلث، وفي الكتابة بأن للسيد تعجيزه، وقد يجاب: بأن القليل النادر الوقوع لا يناط الحكم به. ¬
رجوع أحدهما وبإقرار على موكله بقبض ما وُكِّل فيه، وبتلف العين. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا قُبلته) ومثله مباشرة دون الفرج على ما في المغني (¬1)، وهو أحد قولين فيهما (¬2)، وعلى الثاني مشى في الإقناع (¬3). * قوله: (فيما ينافيها) كارتداد وكيل في إيجاب نكاح. * [قوله: (وبتلف العين) لعله جميعها. وبخطه] (¬4): قوله: (وبتلف العين) بقي أنه لو أتلف العين متلف وأُخِذَ بدلها عينُ أخرى فهل للوكيل بيعها بالإذن الأول؟ أطلق في الفروع (¬5) الخلاف في ذلك، وهو نظير ما لو جنى على الرهن وأُخذت قيمته، حَلَّ للمرتهن أو العدل المأذون له بيعه (¬6)، نقل في المغني (¬7) والشرح (¬8) عن القاضي أنه قال: قياس المذهب أن له بيعه واقتصر عليه، وقطع به ابن رزين (¬9) (¬10)،. . . . . . ¬
ودفع عوض لم يؤمر به، وإنفاقِ ما أُمر به، ولو نوى اقتراضه وعزل عوضه، لا بتعَدٍّ، ويضمن، ثم إن تصرَّف كما أُمر برئ بقبضه العوض، ولا بإغماء، وعتق وكيل وبيعه وإباقه وطلاق وكيلةٍ وجحود وكالة. وينعزل بموت موكِّل وعزله، ولو لم يبلغه، كشريك ومضارب، لا مودعَ، ولا يُقبل بلا بيِّنة. ويُقبل: "أنه أخرج زكاته قبل دفع وكيله للساعي"، وتؤخذ إن بقيت بيده، وإقرارُ وكيل بعيب فيما باعه، وإن رُدَّ بنُكوله رُدَّ على موكل. ـــــــــــــــــــــــــــــ ومشى عليه في الإقناع (¬1) هناك، فتدبر!. * قوله: (ودفع عوض لم يؤمر به)؛ أيْ: لو دفع له دينارَين وقال: اشتر بهذه شاة، وبهذا ثوبًا، أيْ: مثلًا، فتلف دينار أحدهما، فاشتراه بدينار الآخر لم يصح للمخالفة، وقاله ابن رجب في القاعدة الخامسة والأربعين (¬2). * قوله: (برئ بقبضه العوض) المراد: برئ بتسليمه العين، قبض العوض أو لا؛ لأن من وكل في بيع شيء لم يكن بسبب ذلك وكيلًا في قبض عوضه -على ما يأتي (¬3) -. * قوله: (وجحود وكلالة) من وكيل أو موكل. * قوله: (وإن رُدَّ)؛ أيْ: المبيع. * قوله: (رُدَّ على موكِّل)؛ أيْ: بناء على أن القول قول البائع، كما أشار ¬
وعُزل في دَورَّية، وهي: "وكَّلتُك، وكلما عزلتُك فقد وكَّلتُك" بـ"عزلتُك، وكلَّما وكلتُك فقد عزلتُك"، وهو فسخ معلَّق بشرط. ومن قيل له: "اشتر كذا بيننا"، فقال: "نعم" ثم قالها لآخر، فقد عزل نفسه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إليه شيخنا في شرحه (¬1)؛ يعني: وهو ضعيف (¬2)، والصحيح (¬3)، أن القول قول المشتري في ذلك -كما سبق (¬4) -. * قوله: (وعزل) مبتدأ خبره قوله: "بعزلتك. . . إلخ". * قوله: (ومن قيل له. . . إلخ) ينبغي أن يقدر لـ "من" جواب، ويجعل المذكور جوابًا لـ "إن" مقدرة، ليظهر المعنى، والتقدير: ومن قيل له: اشتر كذا بيننا، فقال: نعم، صار وكيلًا عنه، ثم إن قال: نعم لسائل آخر، فقد عزل نفسه من الوكالة عن الأول، وأثبت بنعم الثانية الوكالة عن الثاني، فإذا اشتراه كان بينه وبين السائل الثاني، ولا شيء للأول: * قوله: (ثم قالها)؛ أيْ: قال: نعم لشخص آخر قال له مثل الذي قاله له (¬5) الأول. ¬
3 - فصل
وتكون له وللثاني، وما بيده بعد عزلٍ (¬1) أمانة. * * * 3 - فصل وحقوق العقد متعلقة بموكِّل، فلا يَعْتِقُ من يعتق على وكيل، وينتقل ملك لموكل. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وما بيده بعد عزله أمانة) وهل يلزمه الردُّ فورًا، فلو تلفت بعد التمكن من الردِّ يضمن؟ حرر (¬2)!. فصل * قوله: (فلا يعتق. . . إلخ)، وقوله: (وينتقل. . . إلخ) قال شيخنا: لو قدم وأخر لكان أظهر، وقد يقال: إن صنيع المص أدق؛ لأنه لدفع توهم أن يسبق ¬
ويطالب بثمن، ويمرأ منه بإبراء بائج وكيلًا لم يعلم بائع أنه وكيل، ويردُّ بعيب، ويضمن العهدة ونحوه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ العتق لتشوف الشارع إليه. * قوله: (ويطالب بثمن)؛ أيْ: موكِّل، مفهومه أن الوكيل لا يطالب مطلقًا، سواء كان الثمن معينًا (¬1) أو في الذمة، وفي المستوعب (¬2) والمبدع (¬3) أنه يطالب إن كان الثمن في الذمة، وأما إن كان معينًا فالمطالب الموكِّل، فليحرر!. * قوله: (ويبرأ منه. . . إلخ) بعد هذه المسألة بأسطر في شرح شيخنا (¬4) ما نصه: "وإن اشترى وكيل بثمن في ذمته ثبت في ذمة الموكِّل أصلًا، وفي ذمة الوكيل تبعًا كالضامن، وللبائع مطالبة من شاء منهما، وإن أبرأ الموكِّل برئ الوكيل لا عكسه"، انتهى، فانظر هل بين المسألتَين تَنَافٍ، أو ما في الشرح محمول على العلم بالوكالة؟ فليحرر المقام!. وبخطه: أيْ: من الطلب؛ لأنه مقيس على الضامن. * قوله: (ويردُّ بعيب) ظاهره أن الوكيل ليس له الردُّ به، مع أنه سيأتي (¬5) التصريح بأن له الردَّ في مسائل متعددة في أثناء هذا الفصل، فتدبر!. * قوله: (ويضمن العهدة)؛ أيْ: دون وكيل، لكن إن أعلمه بالوكالة -كما ¬
ويختص بخيار مجلس لم يحضره موكِّل. ولا يصح بيع وكيل لنفسه، ولا شراؤه منها لموكِّله إلا إن أذن، فيصح تَولي طرفَي عقد فيهما، كأب الصغير، وتوكيله في بيعه، وآخر في شرائه، ومثله نكاح ودعوى. وولده ووالده ومكاتبه ونحوهم كنفسه، وكذا حاكم وأمينه، ووصي وناظر وقف، ومضارِب. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تقدم (¬1) في الرهن-. * قوله: (ويختص. . . إلخ)؛ أيْ: الوكيل. * قوله: (لم يحضره موكِّل)؛ أيْ: لم يحضر به، فالضمير للمجلس على أنه من الحذف والإيصال، أو هو من قبيل: {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} [الجمعة: 5]؛ أيْ: عود الضمير على المضاف إليه. * قوله: (ولا يصح بيع وكيل لنفسه)؛ أيْ: لا للأعيان ولا للمنافع، فيدخل الإجارة. * قوله: (وولده)؛ أيْ: وإن نزل. * قوله: (ووالده)؛ أيْ: وإن علا. * قوله: (ومكاتبه) سيدًا أو عبدًا. * قوله: (ونحوهم) ممن لا تقبل شهادته لهم كزوجته، وولد بنته، وأبي ¬
المنقِّح (¬1): "وشريك عنان ووُجوه". وإن باع وكيل أو مضارِب بزائد على مقدَّر أو ثمن مثل -ولو من غير جنس ما أُمرا به-: صحَّ، وكذا إن باعا بأنقص أو اشتريا بأزيد، ويضمنان في شراء الزائد، وفي بيعٍ كلَّ النقص عن مقدر، وما لا يُتغابن بمثله عادةً عن ثمن مثلٍ، ولا يضمن قنٌّ لسيده ولا صغير لنفسه. وإن زيد على ثمن مثل قبل بيع. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أمه، شرح (¬2)، وفي الحاشية (¬3): "وجده لأبيه أو أمه"، انتهى. وبخطه: وعلم منه ومما يأتي في باب موانع الشهادة (¬4) أنه يصح لعتيقه، لأن شهادته له مقبولة، فتدبر!. * قوله: (وشريك عنان ووجوه) قال شيخنا (¬5): وكذا أمين بيت المال، فلا يصح أن يشتري منه لنفسه. * قوله: (الزائد) لو قال كل الزائد على مقدر -كما صنعه في النقص- لكان أظهر. * قوله: (وما لا يتغابن بمثله. . . إلخ)؛ أيْ: ويضمنان في بيع إن لم يقدر لهما ثمن كل ما لا يتغابن بمثله عادة كعشرين من مئة، بخلاف ما يتغابن به كالدرهم ¬
لم يُجز به، وفي مدة خيار لم يلزم: فُسخ. و: "بِعْه بدرهم" فباع به وبعرض أو بدينار: صحَّ، وكذا: ". . . بألف نساءً"، فباع به حالًّا -ولو مع ضرر- ما لم ينْهه. ـــــــــــــــــــــــــــــ من عشرة؛ لعسر (¬1) التحرز عنه، وحيث نقص ما لا يتغابن به ضمنا جميع ما نقص عن ثمن مثله؛ لأنه مفرط بتركه الاحتياط. . . إلخ، شرح (¬2). * قوله: (لم يجُز به)؛ أيْ: بثمن المثل فقط. * قوله: (فباع به وبعرض أو بدينار: صحَّ) لا حاجة إلى ذكر هذه المسألة بعد قوله فيما تقدم (¬3): "وإن باع وكيل، أو مضارب بزائد على مقدر أو ثمن مثل ولو من غير جنس ما أُمِرَا به: صحَّ" م ص (¬4)، إلا أن يكون ما تقدم قاعدة كلية، وهذا تمثيل لبعض أفرادها، تأمل!. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: قوله: (أو بدينار صحَّ) قال شيخنا في شرحه (¬5) معلِّلًا له: "لأنه باع بمأذون فيه عرفًا، فإن من رضي بدرهم رضي مكانه بدينار"، انتهى، وتقدم قبله بأسطر نقلًا عن المغني (¬6) ما نصه: "وإن قال بعه بمئة درهم فباعه بمئة دينار، أو تسعين درهمًا وعشرة دنانير ونحوه، أو بمئة ثوب، أو بثمانين درهمًا وعشرين ثوبًا لم يصح ذكره القاضي للمخالفة، ويحتمل أن يصح فيما إذا جعل ¬
و: "بِعْه. . . " (¬1) فباع بعضه دون ثمن كلِّه: لم يصح، ما لم يبِعْ باقيه، أو يكن عبيدًا أو صبُرة ونحوها فيصح، ما لم يقل: ". . . صفقة" كشراء. و: "بِعْه بألف في سوق كذا" فباعه به في آخر: صح، ما لم ينْهَه، أو يكن له فيه غرض. و: "اشتَرِه بكذا" فاشتراه به مؤجَّلًا، أو: ". . . شاةً بدينار"، فاشترى شاتين تساويه إحداهما، أو شاةً تساويه بأقلَّ: صحَّ، وإلا فلا. ـــــــــــــــــــــــــــــ مكان الدراهم أو بعضها دنانير؛ لأنه مأذون فيه عرفًا؛ لأن من رضي بدرهم رضي مكانه بدينار ذكره في المغني"، انتهى. ومنه تعلم أن ما ذكره صاحب المغني احتمالًا هو الصحيح من المذهب (¬2) الموافق لما هنا، دون القول الذي صَدَّر به صاحب المغني. * قوله: (لم يصح)؛ أيْ: لم يجزم بصحته، ما لم يبع باقيه، فالبيع الأول موقوف، لا أنه غير صحيح قطعا كما يوهمه كلامه؛ لأن هذا الإيهام مدفوع بقوله: "ما لم يبع باقيه"؛ لأن الفاسد لا ينقلب صحيحًا. * قوله: (ما لم يبع باقيه) انظر هل المراد بيعا لازمًا، أو المراد مطلقًا فلا يضر ردُّ الباقي بعيب أو تقايل ونحوه في صحة الأول؟. * قوله: (بكذا)؛ أيْ: بثمن قُدِّر له، بأن قال له: اشتره بدينار، وأما المسألة ¬
و: "اشترِ عبدًا" لم يصح شراء اثنين معًا، ويصح شراء واحد ممن أُمِرَ بهما. وليس له شراء معيب، فإن علم لزمه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الآتية (¬1) في قوله: "واشترِ بعين هذا" فهي غير هذه؛ لأن الثمن هنا مقدر فقط، وليس معينًا، وأما في الآتية فمعين، والفرق ظاهر. * قوله: (لم يصح شراء اثنين معًا) انظر الفرق بين الشياه، والعبيد، وقد يقال: إنما صحَّ في الشياه للورود (¬2). * قوله: (ويصح شراء واحد ممن أمر بهما) لعله ما لم يشتره بكل الثمن المعين لشرائهما، ولعله ما لم يقل صفقة -على قياس ما سبق (¬3) -. * قوله: (وليس له شراء معيب) وهل له شراء من يعتق (¬4) على موكِّل؟ مقتضى ما يأتي (¬5) في المضاربة أنه لا يجوز، وأنه إن فعله صحَّ، وعتق، وضمن ثمنه (¬6). ¬
ما لم يرضه موكله، وإن جهل فله ردُّه، فإن ادعى بائع رضا موكِّله -وهو غائب- حَلَفَ أنه لا يعلم، وردَّه، ثم إن حضر فصدَّق بائعًا لم يصح الردُّ، وهو باقٍ لموكِّل، وإن أسقط وكيلٌ خيارَه، ولم يرض موكِّله فله ردُّه. وإن أنكر بائع أن الشراء وقع لموكِّل حلف، ولزم الوكيل، ولا يردُّ ما عيَّنه له موكِّل بعيب وجده قبل إعلامه. و: "اشتر بعين هذا" فاشترى في ذمته، لم يلزم موكِّلًا، وعكسه يصح ويلزمه، وإن أطلق: جازا. و: "بِعْه لزيد" فباعه لغيره. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (حلف)؛ أيْ: البائع، ولعله يحلف على نفي العلم، لا على البَتِّ؛ لأن المعتبر في ذلك (¬1) النية، وهي لا يطلع عليها، ثم رأيته صرح في شرحه (¬2) بنحوه. * قوله: (ولا يردُّ ما عينه) خلافًا للإقناع (¬3) تبعًا للإنصاف (¬4)، وتصحيح الفروع (¬5)، والمص تابع للتنقيح (¬6). * قوله: (لم يلزم موكِّلًا)، أيْ: مع صحته للوكيل. * قوله: (ويلزمه)؛ أيْ: الموكِّل. * قوله: (فباعه) لغيره وَحْدَه أو معه. ¬
لم يصح. ومن وُكِّل في بيع شيء ملَك تسليمه، لا قبض ثمنه مطلقًا، فإن تعذر لم يلزمه، كحاكم وأمينه، المنقِّح (¬1): "ما لم يُفضِ إلى ربا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لم يصح) محله ما لم يعلم أنه لا غرض له إلا في تحصيل الثمن، سواء كان من زيد أو غيره. موفق (¬2). * قوله: (ومن وكَّل في بيع شيء. . . إلخ) عمومه يتناول الحاكم وأمينه، وبه صرح في الإنصاف (¬3). * قوله: (مطلقًا)؛ أيْ: سواء دلَّت قرينة الحال على القبض، كأمره بالبيع في سوق غائب عن الموكل أو لا؛ لأنه قد يوكِّل في البيع من لا يأتمنه على قبض الثمن، شرح (¬4)، وقال: "وهذا أحد ثلاثة أقوال" (¬5). * قوله: (كحاكم وأمينه) يبيعان شيئًا على غائب أو صغير أو نحوهما، ويتعذر قبض الثمن من مشتريه بهربه أو نحوه. * قوله: (المنقِّح: ما لم يفض إلى ربا. . . إلخ)؛ لئلا يلزم عليه التفرق قبل ¬
فإن أفضى ولم يحضُر موكِّله ملك قبضه"، وكذا الشراء، وإن أخر تسليمَ ثمنِه بلا عذر ضمنه. وليس لوكيل في بيع تقليبٌ على مشترٍ، إلا بحضرة موكِّل، وإلا ضمن، ولا بيعه ببلد آخر فيضمن، ويصح، ومع مؤنة نقل لا. ومن أُمر بدفع شيء إلى معين ليصنعه، فدفع ونسيه، لم يضمن، وإن أطلق مالك، فدفعه إلى من لا يعرف عينه، ولا اسمه، ولا دكانه ضمن. ـــــــــــــــــــــــــــــ القبض الذي هو شرط للصحة فيه، فتدبر!. * قوله: (وليس لوكيل في بيع تقليبه على مشترٍ)؛ أيْ: تقليبًا يغيب به عن الوكيل، كما قيد به ابن قندس (¬1)، أما تقليبه في الحضرة فلا يمتنع عليه ذلك، تأمل!. * قوله: (فيضمن)؛ أيْ: تلفه. * قوله: (ويصح)؛ أيْ: بيعه له. * قوله: (ومع مؤنة نقل لا)؛ أيْ: لا يصح، قال في شرحه (¬2): "قلت: ولعل وجه ذلك أن فيه دلالة على رجوعه عن التوكيل؛ لأن مثل ذلك لا يفعله بغير إذن صريح إلا المتصرف لنفسه". * قوله: (ونسيه)؛ أيْ: الوكيل، ولعله والموكِّل أيضًا، وإلا لذكره. * قوله: (فدفعه إلى من لا يعرف عينه ولا اسمه ولا دكانه) بقي ما إذا دفعه ¬
ومن وُكِّل في قبض درهم أو دينار، لم يُصارف، وإن أخذ رهنًا أساء، ولم يضمنه. ومن وكِّل -ولو مودَعًا- في قضاء دين، فقضاه ولم يُشهد، وأنكر غريم ضمن ما ليس بحضرة موكِّل، بخلاف إيداع، كان قال: "أشهدتُ وماتوا"، أو: "أذنت فيه بلا بيِّنة"، أو: "قضيت بحضرتك" حلف موكِّل. ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى من يعرفه (¬1) حالة الدفع ثم نسيه هل يضمن؟. * قوله: (ومن وُكِّل في قبض درهم. . . إلخ) هذه المسألة تقدمت في باب الربا والصرف (¬2). * قوله: (ولم يضمنه)؛ أيْ: الرهن إذا تلف، لأنه مقبوض بعقد فاسد، وما لا ضمان في صحيحه من العقود لا ضمان في فاسده. * قوله: (ومن وُكِّل ولو مودعًا. . . إلخ) هذه المسألة تقدمت في باب الضمان (¬3). * قوله: (بخلاف إبداع)؛ لأن المودع أمين يقبل قوله في الردِّ والتلف، فلا فائدة للموكِّل في الاستيثاق، أما إن أنكر الوديع دفع الوكيل الوديعة إليه فقول وكيل بيمينه؛ لأنهما اختلفا في تصرفه وفيما وكَّل فيه فكان القول قوله، شرح (¬4). * قوله: (حلف موكِّل) لدفع احتمال صدق الوكيل، وقضى له؛ لأن الأصل معه. ¬
4 - فصل
ومن وُكِّل في قبض كان وكيلًا في خصومة، لا عكسُه، ويَحْتَمِلُ في "أجب خصمي عني" كخصومة وبطلانها. و: "اقبض حقي اليوم" لم يملكه غدًا، و: "مِنْ فلان" ملكه من وكيله، لا من وارثه، وإن قال: ". . . الذي قِبَلَه" ملكه من وارثه. 4 - فصل والوكيل أمين. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومن وُكِّل في قبض)؛ أيْ: لِعَين، أو دين. * قوله: (ويحتمل. . . إلخ) هذان احتمالان أطلقهما صاحب الفروع (¬1)، وليس من عند المص -رحمه اللَّه تعالى-. والحاصل: أنه إذا قال له: أجب خصمي فهل هي وكالة في الخصومة، أو تكون وكالة باطلة؟ احتمالان. قال في تصحيح الفروع (¬2): "الصواب: الرجوع في ذلك إلى القرائن، فإن دلَّت القرينة على شيء كَانَ، وإلا فهو إلى الخصومة أقرب". * قوله: (ملكه من وارثه) المراد: حتى من وارثه. فصل فيما يقبل قول الوكيل فيه ¬
لا يضمن ما تلف بيده بلا تفريط، ويصدَّق بيمينه في تلف ونَفْي تفريط، ويُقبل إقراره في كل ما وُكِّل فيه، ولو نكاحًا. وإن اختلفا في ردِّ عين أو ثمنها فقول وكيل، لا بجُعل. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويقبل إقراره. . . إلخ) في الحاشية (¬1) هنا مسألة يُسأل عنها كثيرًا. * قوله: (ولو نكاحًا)؛ أيْ: ولو كان الموَكَّلُ فيه نكاحًا؛ لأنه يملك التصرف فيه، فقبل قوله فيه، كما يقبل قول ولي المجبرة في النكاح. وقال القاضي (¬2): "لا يقبل قوله في النكاح؛ لأن الشهادة شرط فيه، فلا تتعذر البينة عليه بخلاف سائر العقود"، انتهى (¬3)، وما قاله القاضي أظهر (¬4). * قوله: (لا بجعل)، لأنه قبض العين لحظ نفسه. ¬
ولا إلى ورثة موكِّل، أو إلى غير من ائتمنه ولو بإذنه، ولا ورثة وكيل في دفع لموكِّل، ولا أجير مشترك ومستأجر. ودعوى الكل تلفًا بحادث ظاهر، لا يُقبل إلا ببيِّنة تشهد بالحادث، ويُقبل قوله فيه. و: "أذنتَ في في البيع نساءً"، أو: ". . . بغير نقد البلد" أو اختلفا في صفة الإذن. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولو بإذنه) ما لم يقم الوكيل بينة على الدفع له. * قوله: (ولا ورثة وكيل في دفع لموكِّل)؛ لأنه لم يأتمنهم. * قوله: (ولا أجير مشترك) قَيَّد بالمشترك تبعًا للمغني (¬1)، والمستوعب (¬2)، وأطلق الأجير في الإقناع (¬3). قال شيخنا: وما في الإقناع أظهر، لأن القاعدة: أن من قبض العين لحظ نفسه لا يقبل قوله في (¬4) الردِّ إلا ببينة، وكل من المشترك والخاص قبض العين لحظ نفسه فلا يقبل قوله إلا ببينة (¬5). * قوله: (بحادث ظاهر) قال في شرحه (¬6): "كحريق ونهب". ¬
فقول وكيل، كمضارب. و: "وكَّلتني أن أتزوَّج لك فلانة، ففعلتُ" وصدَّقتِ الوكيل، وأنكر موكِّل، فقوله بلا يمين، ثم إن تزوجها، وإلا لزمه تطليقها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فقول وكيل) مقتضى ما أسلفه (¬1) في قوله: "وإن قال أشهدت فماتوا. . . إلخ" أنه يحلف الموكِّل هنا، ويقضى له؛ لأن الأصل معه، فتدبر!. * قوله: (وأنكر موكِّل)؛ أيْ: الوكالة. * قوله: (فقوله بلا يمين) نص عليه (¬2)؛ لأن الوكيل يدعي حقًّا لغيره ومقتضاه أنه يستحلف إذا ادَّعته المرأة، صرح به في المغني (¬3)، والكافي (¬4)، والشرح (¬5)، والوجيز (¬6)، ويأتي؛ لأنها تدعي الصداق في ذمته، فإذا حلف لم يلزمه شيء شرح الإقناع (¬7). * قوله: (وإلا لزمه تطليقها) وإذا صدقت الوكيل واعترفت بالإصابة لزمها الاعتداد إذا طلقها، ومراد المص وغيره (¬8) من قوله: "لزمه تطليقها" أنه يُلْزم (¬9) بتطليقها ليكون العقد الذي يراد صدوره متحقق الصحة، وأما هو في نفس الأمر ¬
ولا يلزم وكيلًا شيء. ويصح التوكيل بلا جُعل، وبمعلوم أيامًا معلومة، أو يُعطيه من الألف شيئًا معلومًا، لا من كل ثوب كذا، لم يصفه، ولم يقدِّر ثمنه. وإن عيَّن الثياب المعيَّنة في بيع أو شراء من معين صحَّ، كـ: "بِع ثوبي بكذا، فما زاد فلك"، ويستحقه قبل تسليم ثمنه، إلا إن اشترطه. ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا كان يعلم صدق نفسه فلا يلزمه التطليق؛ لأنه متحقق انتفاء مقتضيه. * قوله: (ولا يلزم وكيلًا شيء) ما لم يكن ضمن، فإن كان ضمن فينه يلزمه نصف المسمى. * قوله: (لا من كل ثوب كذا. . . إلخ) لجهالة المسمى، وكذا لو سمى له جعلًا مجهولًا، ويصح تصرفه بعموم الإذن له، وله أجر مثله شرح (¬1). * قوله: (من معين) هذا قيد كما يؤخذ من الشرح (¬2)، ومفهومه أنه إذا أطلق، واشترى له ما جَاعَلَه عليه لا يستحق الجعل، وفيه نظر ظاهر، وقد يقال: إنه لا يستحق الجعل المعين، لكن له أجرة مثله كالإجارة الفاسدة، وفي شرح الإقناع (¬3) إشارة إليه. * قوله: (كبِع ثوبي فما زاد فلك) روي ذلك عن ابن عباس (¬4). ¬
ومن عليه حق، فادَّعى إنسان أنه وكيل ربه في قبضه، أو وصيُّه، أو أحيل به، فصدَّقه، لم يلزمه دفع إليه، وإن كذبه لم يُستحلف، وإن دفعه، وأنكر صاحبه ذلك حلف، ورجع على دافع إن كان دينًا، ودافع على مدَّع مع بقائه أو تعدِّيه في تلف، ومع حوالة مطلقًا. وإن كان عينًا كوديعة ونحوها ووجدها، أخذها، وإلا ضمَّن أيَّهما شاء، ولا يرجع بها على غير متلِف أو مفرِّط، ومع عدم تصديقه يرجع مطلقًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لم يلزمه دفع إليه)؛ لأن عليه ضررًا بذلك؛ لأنه لا يبرأ بالدفع إليه، لاحتمال أن يأتي رب الحق ويطالبه به بعد دفعه لمن ذكر. * قوله: (حلف ورجع. . . إلخ) لا يحتاج إلى حلف في الوصية؛ لأن وجوده تكذيب لأصل الوصاية. * قوله: (مع بقائه)؛ أيْ: ما دفعه. * قوله: (ومع حوالة مطلقًا)؛ أيْ: سواء بقي بيده أو تلف، وسواء كان التلف بتعدٍّ، أو تفريط أو لا، وسواء كان المقبوض دينًا، أو عينًا؛ لأنه قبض العين لحظ نفسه. * قوله: (ولا يرجع)؛ أيْ: المضَمَّن. * قوله: (بها)؛ أيْ: العين. * قوله: (يرجع مطلقًا)؛ أيْ: سواء بقي المدفوع بيد المدفوع إليه أو تلف، ¬
وإن ادَّعى موته وأنه وارثه لزمه دفعه مع تصديق، وحلفه مع إنكار. ومن قُبل قوله في ردٍّ وطلب منه: لزمه، ولا يؤخره ليُشهد، وكذا مستعير ونحوه لا حجة عليه، وإلا أخِّر كدين بحُجة، ولا يلزمه دفعها، بل الإشهاد بأخذه كحُجة ما باعه. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في المغني (¬1): "إلا أن يكون الدافع دفعها للوكيل من غير تصديقه فيما ادعاه من الوكالة، فإن ضَمِنَ رجع على الوكيل لكونه لم يقرَّ بوكالته، ولا يثبت ببينة، وإن ضَمِنَ الوكيل لم يرجع عليه وإن صَدَّقه، لكن إن كان الوكيل تعدى فيها أو فرط استقرَّ الضمان عليه، فإن ضَمِنَ لم يرجع على أحد وإن ضمن الدافع رجع عليه؛ لأنه وإن كان يقرُّ أنه قبضه قبضًا صحيحًا لكن لزمه الضمان بتفريطه وتعدِّيه، فالدافع يقول ظلمني المالك بالرجوع عليَّ، وله على الوكيل حق يعترف به الوكيل، فيأخذه فيستوفي حقه منه، انتهى، شرح (¬2). * قوله: (وحلَّفه)؛ يعني: على عدم العلم. * قوله: (ومن قبل قوله. . . إلخ) كالذي قبض العين لا (¬3) لحظ نفسه. * قوله: (وإلا) بأن كان عليه حجة. * قوله: (ولا يلزمه دفعها)؛ أيْ: دفع الحجة بمعنى الوثيقة المكتوب فيها الحق. * * * ¬
11 - كتاب الشركة
11 - كِتَابُ الشَّرِكَةِ
(11) كِتَابُ الشركة قسمان: اجتماع في استحقاق. الثاني: في تصرف. وتكره مع كافر، لا كتابي لا يلي التصرف، وهو أضرب: شركة عِنان: وهي أن يُحضِر كلٌّ من عدد جائز التصرف من ماله نقدًا مضروبًا معلومًا -ولو مغشوشًا قليلًا، أو من جنسَين، أو متفاوتًا، أو شائعًا بين الشركاء، إن عَلِمَ كلٌّ قدر مالِه- ليعمل فيه كلٌّ على أن له من الربح بنسبة مالِه، أو جزءًا مشاعًا معلومًا، أو يقال: "بيننا" فيستوون فيه، أو البعض على أن يكون له أكثرُ من ربح ماله. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الشركة * قوله: (من ماله) لعل الإضافة هنا مستعملة في الأعم من الحقيقة والمجاز، والمراد: من ماله نفسه، أو: من مال يباح له التصرف فيه كمال مولِّيه، فتدبر!. * قوله: (إن علم كل قدر ماله)؛ أيْ: قَدْر مالِ كلٍّ، على ما في الإنصاف (¬1). * قوله: (أو البعض)؛ أيْ: أو ليعمل البعض. ¬
وتكون عنانًا ومضاربة، ولا تصح بقدره؛ لأنه إبضاع، ولا بدونه. وتنعقد بما يدل على الرضا، ويُغني لفظ "الشركة" عن إذن صريح بالتصرف، ويُنفَّذ من كلٍّ -بحكم المِلك- في نصيبه، والوكالة في نصيب شريكه. ولا يُشترط خلْطٌ؛ لأن مورد العقد العمل، وبإعلام الربح يُعلم، والربح نتيجته، والمال تبع، فما تلف قبل خلط فمن الجميع، لصحة قسم بلفظ، كخرص ثمر. ولا تصح إن لم يُذكر الربح، أو شُرط لبعضهم جزءٌ مجهول، أو دراهم معلومة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا تصح بقدره)؛ أيْ: لا يصح أن يعمل فيه البعض على أن له من الربح بنسبة ماله فقط، قال: (لأنه إبضاع). * قوله: (لأنه إبضاع) الإبضاع على ما يأتي (¬1) في كلام المص، هو أن يدفع من مال الشركة إلى من يتَّجر فيه، ويكون الربح كله للدافع وشريكه. * قوله: (فما تلف) مفرع على قوله: (ولا يشترط خلط). * قوله: (جزء مجهول) كحظ أو نصيب. * قوله: (أو دراهم معلومة)؛ أي: أو جزء معلوم إلا دراهم معلومة، كثلث الربح، أو ربعه إلا عشرة دراهم، ومثله جزء معلوم مع دراهم معلومة، والعلة فيهما ظاهرة، فتدبر!، وستأتي هذه في كلام المحشِّي (¬2) في المضاربة. ¬
وربح عين معيَّنة، أو مجهولة، وكذا مساقاة ومزارعة. وما يشتريه البعض بعد عقدها فللجميع، وما أبرأ من مالها، أو أقرَّ به قبل الفرقة من دين أو عين فمن نصيبه، وإن أقرَّ بمتعلق بها فمن الجميع، والوضيعة بقدر مال كلٍّ. ومن قال: "عزلت شريكي" صحَّ تصرف المعزول في قدر نصيبه، ولو قال: "فسخت الشركة" انعزلا. ويقبل قول رب اليد: "إن ما بيده له" وقول منكر للقسمة. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومن قال: عزلت شريكي. . . إلخ) كان حق العبارة أن يقال: ومن قال: عزلت شريكي، صحَّ تصرفه في كل المال، وتصرف المعزول في قدر نصيبه؛ لأن ما ذكره لا يصلح (¬1) أن يكون خبرًا لـ (من) لعدم الربط. * قوله: (انعزلا) عبارة الإقناع (¬2): "فإن عزل أحدهما صاحبه انعزل المعزول، ولم يكن له أن يتصرف إلا في قدر نصيبه، وللعازل التصرف في الجميع، هذا إذا نض المال وإن كان عرضًا لم ينعزل، وله التصرف بالبيع دون المعاوضة بسلعة (¬3) أخرى، ودون التصرف بغير ما ينض به المال"، انتهى، وهذا ضعيف (¬4)، والصحيح ما في المتن (¬5) -كما يدل له كلام الفروع (¬6) - وعبارته: "وإن عزل أحدهما الآخر ¬
ولا تصح -ولا مضاربة- بِنُقْرَة التي لم تُضرب، ولا بمغشوشة كثيرًا وفلوس، ولو نافقتَين. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ تصرف المعزول في قدر نصيبه، ولو قال: فسخت الشركة انعزلا، وعنه: إن كان المال عرضًا لم ينعزل كل منها حتى ينض، والمذهب الأول، لأنها وكالة، والربح يدخل ضمنًا، وحق المضارب أصلي"، انتهى، فأنت تراه حكم بأن ما وقع في المتن هو المذهب دون الثاني. * قوله: (التي لم تضرب) صفة لموصوف محذوف، وذلك الموصوف خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير: وهي الفضة التي لم تضرب، أشار إليه شيخنا (¬1) تبعًا للشارح (¬2)، والحامل لهما على ذلك عدم صحة وقوع المعرفة وهي التي صفة للنكرة، وهي (نقرة)، فتدبر!. والفضة تسمى نقرة (¬3)، وهذا التأويل يقتضي أنه خاص بما كان من الفضة، لكن تفسير المختار (¬4) للنقرة بالسبيكة يقتضي العموم، وكذا في القاموس (¬5)، فالوجهُ الأولُ، فتأمل!. * قوله: (ولو نافقتين) ولم يُلْحِقوا الفلوس هنا بالنقدَين. ¬
1 - فصل
1 - فصل ولكلٍّ أن يبيع (¬1) ويشتري، ويأخذ ويعطي، ويطالب ويخاصم، ويحيل ويحتال، ويردَّ بعيب للحظ -ولو رضي شريكه- ويقرَّ به، ويُقايل، ويؤجِّر ويستأجر، ويبيع نساء، ويفعل كل ما فيه حظ، كحبس غريم، ولو أبى الآخر، ويودع لحاجة، ويرهن ويرتهن عندها، ويسافر مع أمن. ومتى لم يعلم أو وليُّ يتيم خوفه، أو فلس مشترٍ لم يضمن. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (ويأخد ويعطي)؛ أيْ: ثمنًا ومثمنًا. * قوله: (ويطالب)؛ أيْ: بالدين. * قوله: (ويردُّ بعيب للحظ) فيما وَلِيَه، أو وَلِيَه صاحبه. * قوله: (ويقر به)؛ أيْ: بالعيب. * قوله: (ويقايل)؛ لأن الحظ قد يكون فيها. * قوله: (ويبيع نساء) كذا في الإقناع (¬2) أيضًا مع تصريحهما في باب الوكالة (¬3) بأن الوكيل في البيع ليس له أن يبيع نساء عند الإطلاق. قال في شرحه (¬4): "والفرق بين البابَين: أن المفصود من الشركة الربح، والأجل يقابله جزء من الثمن، فكان أكثر ربحًا، كما أن له أن يشتري معيبًا وليس للوكيل ذلك". ¬
بخلاف شرائه خمرًا جاهلًا. وإن علم عقوبة سلطان ببلد بأخذ مال، فسافر فأخذه ضمن. لا أن يكاتب قِنًّا أو يزوِّجه أو يُعتقه بمال. ولا أن يهب أو يُقرض أو يحابي، أو يضارب أو يشارك بالمال، أو يخلطه بغيره، أو يأخذ به سُفتجةً -بأن يدفع من مالها إلى إنسان، ويأخذ منه كتابًا إلى وكيله ببلد آخر ليستوفي منه أو يعطيها بأن يشتري عرضًا، ويعطي بثمنه كتابًا إلى وكيله ببلد آخر، ليستوفي منه. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بخلاف شرائه خمرًا جاهلًا)؛ لأن الخمر لا يخفى غالبًا. * قوله: (بأخذ مال) هذه الباء تسمى باء التصوير (¬1). * قوله: (لا أن يكاتب قنًّا أو يزوجه أو يعتقه)؛ لأن مثل هذه الأمور ليس من التجارة التي هي المقصود من الشركة. * قوله: (أو يقرض) مقتضى الإطلاق ولو برهن. * قوله: (أو يشارك بالمال)؛ لإثباته في المال حقوقًا، واستحقاق (¬2) ربحه لغيره، شرح (¬3). * [قوله: (ليستوفي منه)؛ لأن في ذلك خطرًا لم يؤذن (¬4) له فيه، شرح (¬5)] (¬6). ¬
ولا أن يُبضع، وهو أن يدفع من مالها إلى من يتَّجر فيه، ويكون الربح كله للدافع وشريكه، ولا أن يستدين عليها بأن يشتري بأكثر من المال، أو بثمن ليس معه من جنسه إلا في النقدَين، إلا بإذن في الكل، ولو قيل: "اعمل برأيك". ورأى مصلحة جاز الكل، وما استدان دون إذن فعليه، وربحه له. وإن أخر حقه من دين جاز، وله مشاركة شريكه فيما يقبضه مما لم يؤخَّر، وإن تقاسما دينًا في ذمة أو أكثر: لم يصح. وعلى كلٍّ تولِّي ما جرت عادة بتولية من نشر ثوب وطيِّه، وختم، وإحراز، فإن فعله بأجرة فعليه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويكون الربح كله للدافع وشريكه) لما فيه من الغرر. * قوله: (بأكثر من المال)؛ لأن يدخل فيها أكثر مما رضي الشريك بالشركة فيه، أشبه ضم شيء إليها من ماله، شرح (¬1). * قوله: (إلا في النقدَين)؛ أيْ: فيصح فيهما لجريان العادة بذلك فيهما، وصورته أن يشتري بفضة ومعه ذهب أو بالعكس. * قوله: (وربحه له) والوضيعة كلها عليه (¬2). * قوله: (فأكثر)؛ أيْ: كذمتَين. * قوله: (فإن فعله بأجرة فعليه)؛ أيْ: استناب من فعله بأجرة، فأجرته ¬
2 - فصل
وما جرت (¬1) بأن يستنيب فيه فله أن يستأجر -حتى شريكه- لفعله، إذا كان مما لا يستحق أجرته إلا بعمل، كنقل طعام ونحوه، وليس له فعله ليأخذ أجرته. وبذل خفارة (¬2) وعُشر على المال، وكذا لمحَارِب ونحوه. * * * 2 - فصل والاشتراط فيها نوعان: ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه، وعبارة الإقناع (¬3) أظهر. * قوله: (فله أن يستأجر)؛ أيْ: من مال الشركة على ما في الشرح (¬4). * قوله: (مما لا يستحق أجرته) في هذه العبارة قلاقة، والمراد إذا كان مما لا يتأتى فعله إلا بأجرة. * قوله: (وبذله خفارة) (بذل) مبتدأ خبره (على المال) ولابد من تأويل. * قوله: (ونحوه) كقاطع (¬5) الطريق. فصل ¬
صحيح: كأن لا يتَّجر إلا في نوع كذا أو بلد بعينه، أو لا يبيع إلا بنقد بكذا أو من فلان، أو لا يسافر بالمال. وفاسد، وهو قسمان: مفسد لها، وهو ما يعود بجهالة الربح. وغيرُ مفسد، كضمان المال، أو أن عليه من الوضعية أكثر من قدر ماله، أو أن يوليه ما يختار من السلع، هو يرتفق بها أو لا يفسخ الشركة مدة كذا. وإذا فسدت قُسم ربح شركة عنان ووجوه على قدر المالَين، وأجر ما تقبلاه في شركة أبدان بالسوية. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو من فلان) ظاهره عدم صحة بيعه لغير المعين وإن مات، قال شيخنا (¬1) وكان القياس أن يعد هذا من الشروط الفاسدة (¬2). أقول: انظر هل على قياسه لو عيَّن له نقدًا فحرمه السلطان، أو بلدًا فتعذر سلوك طريقها، أو نوعًا فامتنع جلبه؟ فتدبر!. * قوله: (وهو ما يعود بجهالة الربح) كجزء مجهول، أو دراهم ولو كانت معينة. * قوله: (كضمان المال)؛ أيْ: إن تلف بلا تعدٍّ ولا تفريط، وأما إذا اشترطه إن تعدى أو فرط فلا يقال إن هذا الشرط فاسد، وفي شرح شيخنا (¬3) إشارة إليه، ¬
ووزِّعت وضيعة على قدر مال كل، ورجع كلٌّ من شريكَين في عنان ووجوه وأبدان باجرة نصف عمله، ومن ثلاثة بأجرة ثلثَي عمله. ومن تعدَّى ضمن، وربحُ مالٍ لربه. وعقد فاسد في كل أمانة وتبرع، كمضاربة وشركة ووكالة ووديعة ورهن وهبة وصدقة ونحوها كصحيح في ضمان وعدمه. وكلُّ لازم يجب الضمان في صحيحه يجب في فاسده، كبيع وإجارة ونكاح ونحوها. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ وقد أخذه من قول المص [فيما يأتي: (ومن تعدى ضمن) وما صرح به شيخنا ذكره المص] (¬1) في شرحه (¬2) أيضًا. * قوله: (ورجع كل من شريكَين. . . إلخ) فإن تساويا تقاصَّا، وإن تفاضلا رجع ذو الفضل بنصفه. * قوله: (وربح مال لربه)؛ أيْ: في الشركة الفاسدة. * قوله: (ونحوها) كالوقف، والهدية. * قوله: (وكل لازم. . . إلخ)؛ أيْ: وجائز على ما في شرح شيخنا على الإقناع (¬3). * قوله: (ونحوها) كقرض، وعارية. ¬
3 - فصل
3 - فصل الثاني: المضاربة، وهي دفع مال -أو ما في معناه- معين معلوم قدره لمن يتَّجر فيه بجزء معلوم من ربحه له، أو لقنِّه، أو لأجنبي. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل في المضاربة * قوله: (الثاني المضاربة) هذه التسمية لأهل العراق (¬1). * قوله: (دفع مال)؛ أيْ: نقد، بدليل ما سبق (¬2) في شركة العنان حيث قال: "ولا تصح ولا مضاربة بنقرة -التي لم تضرب- ولا بمغشوشةِ كثيرًا وفلوس ولو نافقَتين"؛ لأنه إذا لم يصح بالفلوس الملحقة بالنقد في بعض الأحوال فبقية العروض من باب أولى، فيتعين أن يكون ضمير (معناه) عائدًا على المضاف دون المضاف إليه. * قوله: (أو ما في معناه)؛ أيْ: معنى الدفع كضارب بمالي تحت يدك وديعة، أو غصبًا، وقد أشار إلى ذلك فيما سيأتي (¬3) بقوله: (وتصح بوديعة وغصب عند زيد أو عندك). * [قوله: (معين) فلا تصح بأحد كيسَين ولو تساوى فيهما أو علماه] (¬4). * قوله: (له)؛ أيْ: مجعول (¬5) ذلك الجزء له. . . إلخ. ¬
مع عمل منه، وتسمّى "قِرَاضًا" و"معامَلة". وهي أمانة، ووكالة، فإن ربح فشركة، وإن فسدت فإجارة، وإن تعدَّى فغصب. ولا يُعتبر قَبْضُ رأس المال، ولا القول، فتكفي مباشرته. وتصح من مريض ولو سَمَّى لعامله أكثر من أجر مثله، ويُقدَّم به على الغرماء. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مع عمل منه)؛ أيْ: من الأجنبي، وفي تسميته حينئذ أجنبيًّا نظر؛ إذ المتبادر أن المراد بالأجنبي ما عدا رب المال والعامل، وقد صار عاملًا، إلا أن يلاحظ له ما يقتضي كونه أجنبيًّا، ككونه لم يعقد معه ابتداءً. * قوله: (وتسمى قراضًا)؛ أيْ: عند أهل الحجاز (¬1). * قوله: (وإن فسدت فإجارة. . . إلخ) قال في الهدي (¬2): "والمضارب أمين وأجير ووكيل وشريك، فأمين إذا قبض المال، ووكيل إذا تصرف فيه، وأجير فيما يباشره من العمل بنفسه، وشريك إذا ظهر فيه الربح"، انتهى، فظاهر كلام الهدي أن هذه متحدة (¬3) بالذات، مختلفة بالاعتبار، وظاهر كلام المص بل صريحه الاختلاف ذاتًا أيضًا؛ فإنه خص تسميته بالأجير بالإجارة الفاسدة، فتدبر!. * قوله: (ولا القول)؛ أيْ: فلا يعتبر القبول بالقول. * قوله: (ولو سمي) وَصْلِيَّة. * قوله: (أكثر من أَجْرِ مثله)؛ يعني: ولا يقال حينئذ إن ما زاد على أجرة مثله من التبرعات الممنوع منها المريض المذكور إن لم يتحملها الثلث. ¬
و: "اتَّجر به وكلُّ ربحه لي" إبضاع، لا حق للعامل فيه، و: ". . . وكلّه لك" قرض، لا حق لربه فيه، و: ". . . بيننا" يستويان فيه. و: "خُذه مضاربة ولك -أو ولي- ربحه" لم يصح، و: ". . . لي -أو ولك- ثلثه" يصح، وباقيه للآخر، كان أتى معه بربع عشر الباقي ونحوه: صحَّ. وإن اختلفا فيها أو في مساقاة أو مزارعة، لِمَن المشروط؟ فلعامل، ومضاربة فيما لعامل أن يفعله أو لا، وما يلزمه، وفي شروط كشركة عنان. وإن قيل: "اعمل برأيك"، وهو مضارب بالنصف، فدفعه لآخر بالربع عمل به، وملَك الزراعة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولك أو ولي ربحه لم يصح) ولا أجر للعامل في الثانية، وله أجر عمله في الأولى؛ لأنه لم يدخل على أنه متبرع. وبخطه: ولا أجر له في الثانية، وحينئذٍ فيفوق بين الفاسدة من أصلها، وما طرأ عليها الفساد، من أن الأُولى لا أجر فيها للعامل، وفي الثانية له أجر مثله -كما يؤخذ من الشرح (¬1) -. * قوله: (عمل به)؛ أيْ: وكان الربح بينهما على ما شرطا، بخلاف ما إذا قال له ادفع هذا المال مضاربة لزيد ودفعه، فلا شيء له؛ لأنه صار بمنزلة الوكيل، والفرق بين الصورتَين أنه لما قبض المال في الصورة الأولى مضاربة ودفعه إلى الآخر حصل منه عمل بخلاف الثانية. ¬
لا التبرع ونحوه إلا بإذن، كان فسدت فلعامل أجر مثله، ولو خسر، وإن ربح فلمالك. وتصح مؤقتة، و: ". . . إذا مضى كذا فلا تشتر، أو فهو قرض". . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ونحوه) قال في شرحه (¬1): "كقرض مال المضاربة، ومكاتبة رقيقها، وعتقه بمال وتزويجه"، انتهى. أقول: انظر هذا مع قوله -فيما سبق (¬2) في شركة العنان-: (لا أن يكاتب قنًّا، أو يزوجه، أو يعتقه بمال، ولا أن يهب أو يقرض)، وقوله بعده بيسير: (ولو قيل اعمل برأيك ورأى مصلحة جاز الكل)، وقوله هنا: (ومضاربة فيما لعامل أن يفعله أو لا، وما يلزمه، وفي شروط كشركة عنان) إلا أن يراد بقوله هناك: (جاز الكل) (¬3) المجموعي لا الجميعي، والمراد جاز ما يتعلق بالتجارة، كما قيد به في الإقناع (¬4)، وبدليل صنيع الشارح (¬5) هذا (¬6). * قوله: (وإذا مضى كذا فلا تشتر أو فهو قرض) كلام متضمن لشرطيتَين، الأولى جوابها محذوف تقديره: لم يشتر، والثانية جوابها مذكور لكنه متضمن لشرطيتَين: الأولى أقوله: "فإذا مضى وهو نقد كان قرضًا"، والثانية قوله:] (¬7) إذا مضى وهو متاع وباعه كان ثمنه قرضًا. ¬
فإذا مضى -وهو متاع- فلا بأس إذا باعه كان قرضًا. ومعلَّقة، كـ: "إذا قدم زيد فضارب بهذا، أو اقبض ديني وضارب به"، لا: "ضارب بديني عليك. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والحاصل أن كلامه اشتمل تصريحًا وتلويحًا على أربع شرطيات، جواب الأولى (¬1) محذوف، وجواب الثانية مذكور، لكنه متضمن لشرطيتين: الأولى جوابها محذوف، والثانية جوابها مذكور. وافهم قوله: "فلا بأس إذا باعها. . . إلخ" أنه يجوز له البيع ولا يمتنع عليه، وقد علمت ما في العبارة من التكلف، فالأولى قول الإقناع (¬2): "ويصح تأقيتها، كان يقول: ضاربتك بهذه الدراهم سنة، فإذا مضت السنة فلا تبع ولا تشتر. ولو قال: متى حل الأجل فهو قرض، فمضى وهو ناض صار قرضًا، وإن مضى وهو متاع فإذا باعه صار قرضًا"، انتهى. وبخطه على قوله: (فلا بأس) هذا لا يظهر كونه جوابًا إلا عن [قوله: "إذا مضى كذا فهو قرض" ولا يظهر كونه جوابًا عن قوله:] (¬3) (إذا مضى كذا فلا تشتر)، فلابد من تقديرٍ معه، كونه لم يملك الشراء، فتدبر!، وعبارة الإقناع (¬4): "ويصح تأقيتها كان يقول: ضاريتك بهذه الدراهم سنة، فإذا مضت السنة فلا تبع ولا تشتر، ولو قال: متى مضى الأجل فهو قرض فمضى وهو ناض صار قرضًا، وإن مضى وهو متاع فإذا (¬5) باعه صار قرضًا"، انتهى. ¬
4 - فصل
أو على زيد فاقبضه"، وتصح: ". . . بوديعة وغصب عند زيد أو عندك"، ويزول الضمان كبثمن عَرض. ومن عمِل مع مالك -والربح بينهما-: صحَّ مضاربة، ومساقاة، ومزارعة، كان شرط فيهن عملَ مالكٍ أو غلامِه معه: صحَّ، كبهيمته. * * * 4 - فصل وليس لعامل شراء من يعتق على رب المال، فإن فعل صحَّ وعتق، وضمن ثمنه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فاقبضه)؛ لأن اعتبار تأخر العقد عن القبض اقتضى عدم ما يعقد عليه حينه. * قوله: (والربح بينهما) حَالٌّ. فصل * قوله: (وليس لعامل شراء من يعتق على رب المال) قال (¬1) في المبدع (¬2): "بغير إذنه؛ لأن فيه ضررًا، ولاحظَّ للتجارة فيه، إذ هي معقودة (¬3) للربح حقيقة أو مظنة، وهما منتفيان هنا"، انتهى. ويؤخذ منه أن الوكيل له ذلك؛ لأنه لم يدخل على قصد تنمية المال وقصد ¬
وإن لم يعلم. وإن اشترى ولو بعض زوج أو زوجة -لمن له في المال ملك-: صحَّ، وانفسخ نكاحه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ التجارة فيه، فليحرر!، وليراجع ما كتبناه هناك (¬1). * قوله: (وإن لم يعلم) يحتمل أن يكون المراد: وإن لم يعلم الحكم من العتق عليه، وأن يكون المراد: وإن لم يعلم أنه ذو رحم له، فليحرر!، وعلى الأول مشى الشارح (¬2)، وعبارته: "وإن لم يعلم أنه يعتق على رب المال؛ لأن مال المضاربة تلف بسببه، ولا فرق في الإتلاف الموجب للضمان بين العلم والجهل"، انتهى، ومثله في المبدع (¬3)، فراجعه!. * قوله: (وانفسخ نكاحه)؛ أيْ: نكاح من له في المال ملك، ويتنصف المهر فيما إذا كان المشتري زوجته ولم يدخل بها، ويرجع على العامل بنصفه الذي تقرر عليه؛ لأنه السبب فيه، ولا شيء على العامل فيما إذا اشترى زوج ربة المال بما فوَّته من مهر ونفقة، انتهى، حاشية الشيخ (¬4). وأما إذا كان قد دخل بزوجته، ثم اشتراها العامل فإن الصداق يتقرر جميعه بالدخول، فقد فوته على نفسه، فلا يرجع على العامل بشيء، هذا ما ظهر فليحرر! (¬5). ¬
وإن اشترى من يعتق على عامل، وظهر ربح، عتق، وإلا فلا، وليس له الشراء من مالها إن ظهر ربح، ويحرم أن يُضارب لآخر إن ضرَّ الأول، فإن فعل ردَّ ما خصَّه في شركة الأول. ولا يصح لرب المال الشراء منه لنفسه، وإن اشترى شريك نصيب شريكه صحَّ، كان اشترى الجميع صحَّ في نصيب من باعه فقط. ولا نفقة لعامل إلا بشرط، فإن شُرطت مطلقةً واختلفا فله نفقة مثله عُرفًا من طعام وكسوة، ولو لقيه ببلد أذن في سفره إليه، وقد نَضَّ (¬1)، فأخذه فلا نفقة لرجوعه. وإن تعدد رب المال فهي على قدر مالِ كلٍّ، إلا أن يشرطها بعضًا من ماله عالمًا بالحال. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإن اشترى)؛ أيْ: العامل. * قوله: (من يعتق عليه)؛ أيْ: على نفسه. * قوله: (وليس له)؛ أيْ: العامل. * قوله: (الشراء من مالها)؛ أيْ: لنفسه. * قوله: (ولا نفقة لعامل)؛ أيْ: لا حضرًا ولا سفرًا. * قوله: (وقد نض)؛ أيْ: المال. * قوله: (فهي. . . إلخ)؛ أيْ: نفقة العامل. ¬
وله التسَري بإذن، فإن اشترى أمة ملكها، وصار ثمنها قرضًا، ولا يطأ ربهُ أمةً، ولو عُدم الربح. ولا ربح لعامل حتى يستوفى رأس المال، فإن ربح في إحدى سلعتَين أو سفرتَين، وخسر في الأخرى، أو تعيَّبت، أو نزل السعر، أو تلف بعضٌ بعد عمل، فالوضيعة من ربح باقيه، قبل قَسْمِه ناضًّا، أو تنضيضه مع محاسبته. وتنفسخ فيما تلف قبل عمل، فإن تلف الكل ثم اشترى للمضاربة شيئًا فكفضولي. وإن تلف بعد شرائه في ذمته وقبل نقد ثمن، أو مع ما شراه فالمضاربة بحالها، ويُطَالبان بالثمن، ويرجع به عامل. وإن أتلفه ثم نقد الثمن من مال نفسه بلا إذن لم يرجع رب المال عليه بشيء. وإن قُتل قِنُّهَا فلرب المال العفو على مال، ويكون كبدل المبيع. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فكفضولي)؛ أيْ: فالسلعة له وثمنها عليه، سواء علم بالتلف قبل ذلك أم لا، إلا أن يجيز رب المال شراءه، حاشية (¬1). * قوله: (ويرجع به عامل)؛ أيْ: إن كان قد نوى الرجوع. * قوله: (لم يرجع رب المال عليه بشيء) قال في شرحه (¬2): "والمضاربة بحالها"، تدبر!. ¬
والزيادة على قيمته ربح، ومع ربح القوَدُ إليهما. وبملك عامل حصته من ربح بظهوره قبل قسمة، كمالك، لا الأخذ منه إلا لإذن، وتحرم قسمته والعقد باقٍ إلا باتفاقهما، وإن أبى مالك البيع أُجبر إن كان (¬1) ربح، ومنه مهر، وثمرة، وأجرة، وأرش، ونتاج. وإتلاف مالك كقسمة، فيغرم حصة عامل كأجنبي. وحيث فُسخت والمال عرض أو دراهم وكان دنانير، أو عكسه، فرضي ربهُ بأخذه، قوَّمَه ودفع حصته، وملكه إن لم يكن حيلةً على قطع ربح عامل -كشرائه خزًّا في الصيف ليربح في الشتاء ونحوه، فيبقى حقه في ربحه، وإن لم يرضَ فعلى عامل بيعه وقبض ثمنه، كتَقَاضيه لو كان دينًا. ولا يخلط رأس مال قبضه في وقتَين، وإن أذن له قبل تصرفه في الأول أو بعده وقد نَضَّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (على قيمته) كان الأولى أن يقول: على ثمنه بدل (قيمته)، تأمل!، ويرشد إلى ذلك قول شيخنا (¬2) عند تفسير قوله: (كبدل المبيع)؛ "أيْ: ثمنه". * قوله: (وإن أبى مالك البيع)؛ أيْ: بعد فسخ المضاربة. * قوله: (وإتلاف مالك) مبتدأ خبره (كقسمة). * قوله: (ونحوه) كرجاء دخول موسم، أو قَفْل. * قوله: (وقد نض. . . إلخ) حال. ¬
أو قضى برأس المال دينه، ثم اتَّجر بوجهه، وأعطى ربه حصته من الربح متبرعًا بها جاز. وإن مات عاملٌ أو مودعَ أو وصيٌّ، وجُهل بقاء ما بيدهم فدين في التركة. وإن أراد المالك تقرير وارث (¬1) فمُضارَبةٌ مبتدأة، ولا يبيع عرضًا بلا إذن، فيبيعه حاكم. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (جاز) ما لم يكن حيلة على قرض يجرُّ نفعًا. * قوله: (وإن مات عامل أو مودع. . . إلخ) انظر هل ناظر الوقف كذلك؟ والذي أفتى به شيخنا أنه مثله، أقول: وكذا الوكيل، وكل متصرف عن غيره، ثم أثبت ذلك في كل من الشرحَين (¬2). * قوله: (تقرير وارث)؛ أيْ: وارث عامل. * [قوله: (فمضاربة مبتدأة) وعلى قياس ذلك شريك العنان، خلافًا لما في الإقناع (¬3) والمبدع (¬4). * قوله: (ولا يبيع)؛ أيْ: وارث العامل] (¬5). ¬
5 - فصل
ويقسم الربح، ووارث المالك كهو، فيتقرَّر ما لمُضارب، ولا يشتري، وهو في بيع، واقتضاء دين كفسخ والمالك حي، وإن أراد المضاربة، والمال عرضٌ فمضاربةٌ مبتدأة. * * * 5 - فصل والعامل أمين، يُصدَّق بيمينه في قدر رأس مال، وربح وعدمه، وهلاك وخسران، وما يَذْكُرُ أنه اشتراه لنفسه أو لها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا يشتري)؛ أيْ: العامل شيئًا من مال المضاربة بعد موت رب المال إلا بإذن ورثته، ويكون وكيلًا عنهم؛ لأن المضاربة قد بطُلت بالموت. حاشية (¬1). * قوله: (وإن أراد)؛ أيْ: وارث رب المال. * قوله: (فمضاربة مبتدأة)؛ أيْ: فلا تصح؛ لأنه يشترط أن يكون المال نقدًا. فصل * قوله: (وهلاك) وفي كون الهلاك من غير تعدٍّ لا تفريط، فيقبل قوله في نفي ذلك كالوكيل، م ص (¬2)، وهو على قياس ما سبق (¬3) فيما إذا ادعى الهلاك بأمر ظاهر أو خفي، وقد صرح به هنا أيضًا شيخنا في شرح الإقناع (¬4). ¬
ولو في عنان ووجوه، وما يُدعى عليه من خيانة. ولو أقرَّ بربح، ثم ادَّعى تلفًا أو خسارةً قُبل، لا غلطًا أو كذبًا أو نسيانًا، أو اقتراضا تُمِّم به رأس المال بعد إقراره به لربه. ويُقبل قول مالك في ردِّه وصفة خروجه عن يده، فلو أقاما بيِّنتيَن قُدمت بيِّنة عامل. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولو في عنان ووجوه)؛ لأن الخلاف هنا في نية المشتري وهو أعلم بها. * قوله: (وما يدعى عليه)؛ أيْ: يقبل قوله في نفي ما. . . إلخ. * قوله: (أو كذبًا) فعلم منه أنه لا تقبل دعواه الكذب في إقراره -خلافًا لأبي حنيفة (¬1) -. * قوله: (ويقبل قول مالك في ردِّه)؛ أيْ: يقبل قول مالك في مسألة دعوى العامل الردَّ، ودعوى المالك عدمه، فتدبر!. * قوله: (وصفة خروجه)؛ أيْ: يقبل قول مالك في صفة خروج المال (¬2) من يده إلى يد العامل هل كان قرضًا، أو قراضًا، بأن قال رب المال كان قراضًا فلي جزء من الربح (¬3)، وقال العامل: كان قرضًا فليس لك إلا رأس المال، قال في الشرح (¬4): "فالقول قول المالك؛ لأن الأصل بقاء ملكه عليه، فإذا حلف قسم الربح بينهما"، انتهى. ¬
وبعد ربح في قَدرِ ما شُرط لعامل، ويصح دفع عبدٍ أو دابة لمن يعمل به، بجزء من أجرته. وخياطة ثوب، ونسج غزل، وحصاد زرع، ورضاع قنٍّ، واستيفاء مال، ونحوه بجزء مشاع منه، وبيع ونحوه لمتاع، وغزو بدابة بجزء من ربحه أو سهمها. ودفع دابة أو نحل ونحوهما لمن يقوم بهما مدة معلومة بجزء منهما -والنماء ملك لهما- لا بجزء من نماء. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي المغني (¬1): "حلف كل منهما على إنكار ما ادعاه خصمه، وكان له أجر عمله لا غير". * قوله: (وبعد ربح)؛ أيْ: ويقبل قول مالك بعد ظهور ربح. . . إلى آخره. * قوله: (ونحوه) كبناء دار، ونجر خشب أبوابًا، ومنه المسألة المتقدمة (¬2) في الصلح وهي مسألة القناة، التي نص عليها المص بقوله: "وإن عجز قوم عن عمارة قناتهم، فأعطوها لمن يعمرها، ويكون له منها جزء معلوم: صحَّ". * قوله: (أو سهمها) مفرد مضاف، فيشمل ما إذا كان اثنين إذا كانت عربية. * قوله: (لا بجزء من نماء) يطلب الفرق بين ما إذا دفع الدابة لمن يغزو عليها بجزء من سهمها، وما إذا دفعها لمن يقوم بها بجزء من نمائها، حيث قالوا بالصحة في الأولى دون الثانية، والفرق: أن ما يظهر في الأولى من الغنم من كسبه ونتيجة عمله، بخلاف ما يظهر في الثانية من دَرٍّ ونسل، وصوف، فإنه لا عمل له فيه، ¬
6 - فصل
كدرٍّ ونسل وصوف وعسل ونحوه. * * * 6 - فصل الثالث: شركة الوجوه، وهي أن يشتركا في ربح ما يشتريان في ذممهما بجاههما. ولا يُشترط ذكر جنس، ولا قدر، ولا وقت، فلو قال: "كلُّ ما اشتريت من شيء فبيننا": صحَّ، وكلٌّ وكيل الآخر، وكفيله بالثمن. وملك وربح كما شرطا، والوضيعة على قدر الملك. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا من كسبه -كذا يؤخذ من شرح شيخنا (¬1) -. * قوله: (ونحوه) كمسك، وزَبَاد (¬2). فصل في شركة الوُجُوه * قوله: (كما شرطا)؛ أيْ: من تساوٍ أو تفاضل. * قوله: (والوضيعة. . . إلخ) لو قال والوضيعة وتصرفهما كشريكَي عنان، لكان أخصر، وأوضح. ¬
7 - فصل
وتصرفهما كشريكَي عِنَان. * * * 7 - فصل الرابع: شركة الأبدان، وهي أن يشتركا فيما يتملَّكان بأبدانهما من مباح كاحتشاش واصطياد وتلصُّص على دار الحرب ونحوه، ويتقبَّلان في ذممهما من عمل. ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل في شركة الأبدان * قوله: (ونحوه) كسِلْب من يقتلانه بدار الحرب، شرح (¬1). * قوله: (ويتقبلان في ذممهما. . . إلخ) الواو هنا للتنويع فقوله: (يتقبلان) قسيم (يتملكان) وأشار المحشِّي (¬2) إلى ذلك حيث أتى بـ "أو" في محلها، وليس بضروري، لما صرح به ابن مالك (¬3) من أن استعمال الواو في التقسيم أجود من استعمال "أو" فيه، فتنبه (¬4)!. ¬
ويُطَالَبَان بما يتقبله أحدهما، وبلزمهما عمله، ولكل طلب أجرة، وتلفها -بلا تفريط- بيد أحدهما، وإقراره بما في يده -عليهما- والحاصل كما شرطا، ولا يُشترط اتفاق صنعة، ولا معرفتها، فيلزمُ غيرَ عارف إقامةُ عارف مُقَامه. وإن مرض أحدهما، أو ترك العمل لعذر، أو لا، فالكسب بينهما، ويلزم من عُذِر بطلب شريكه أن يُقيم مقامه. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وتلفها بلا تفريط بيد أحدهما)؛ أيْ: عليهما. * قوله: (وإقراره)؛ أيْ: أحدهما. * قوله: (كما شرطا)؛ أيْ: في صلب العقد من تساوٍ أو تفاضل. * قوله: (مُقامه) بضم الميم قياسًا، ويجوز الفتح على ما في القاموس (¬1)، وأما المجرد نحو قام زيد مقام عمرو فبالفتح لا غير (¬2). * قوله: (بطلب شريكه) قيد في (يلزم). * قوله: (أن يقيم مقامه) فاعل (يلزم). ¬
ويصح أن يحملا على دابتَيهما ما يتقبلانه في ذممهما، لا أن يشتركا في أجرة عين الدابتَين أو أنفسهما إجارة خاصة، ولكلٍّ أجرة دابته ونفسه. وتصح شركة اثنَين؛ لأحدهما آلة قِصَارة، وللآخر بيت يعملان فيه بها، لا ثلاثة: لواحد دابة، ولآخر رواية، وثالث يعمل، أو أربعة: لواحد دابة، ولآخر رحًى، ولثالث دكان، ورابع يعمل. وللعامل أجرة ما تقبله، وعليه أجرة آلة رفقته، ومن استأجر منهم ما ذُكر للطحن صحَّ، والأجرة بقدر القيمة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولكل أجرة دابته) كأن الواو متجوزًا بها عن معنى "بل" الإضرابية؛ أيْ: بل لكل. . . إلخ كما استعملت "أو" في ذلك (¬1) وحمل عليه بعض المفسرين (¬2) قوله -تعالى-: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} [الصافات: 147]؛ أيْ بل يزيدون، فاحفظه!. * قوله: (ورابع يعمل)؛ لأن ذلك ليس شركة، ولا مضاربة، ولا إجارة. * قوله: (وعليه أجرة آلة رفقته)؛ لأنه استعملهم على عوض ولم يسلم لهم، فلهم أجرة مثلهم، والمراد أن عليه أجرة ما يتعلق برفقته من آلة، أو غيرها ففيه تغليب. * قوله: (ومن استأجر منهم)؛ أيْ: صفقة واحدة، بدليل قوله: (والأجرة بقدر القيمة) أما لو استأجر ما ذكر بعقود بعددها اختص كلٌّ بما سُمي له من الأجرة. * قوله: (والأجرة بقدر القيمة)؛ أيْ: قيمة النفع، وهي أجرة المثل ولو عبَّر بذلك لكان أظهر. ¬
وإن تقبَّلوا في ذممهم: صحَّ، والأجرة أرباعًا، وبرجع كلٌّ على رُفقته لتفاوت العمل بثلاثة أرباع أجر المثل. و: "أجِّر عبدي أو دابتي والأجرة بيننا"، فله أجرة مثله، ولا تصح شركة دلَّالين. وموجَب العقد المطلق التساوي في عمل وأجر. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لتفاوت العمل) اللام للتوقيت، نظيرها في قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صوموا لرؤيته" (¬1). * قوله: (فله أجرة مثله)؛ لأنه لم يتم له ما جوعل عليه. * قوله: (ولا تصح شركة دلالين) قال الشيخ تقي الدين (¬2): "هذا في الدلالة التي فيها عقد كما دل عليه التعليل، فأما مجرد النداء، والعرض، وإحضار الزبون فلا خلاف في جواز الاشتراك فيه"، انتهى (¬3). ومراده من التعليل قوله في تعليل عدم الصحة؛ "لأن الشركة الشرعية لا تخرج عن الوكالة والضمان، ولا وكالة هنا ولا ضمان" على ما بينه في الإقناع (¬4)، فارجع إليه!. * قوله: (وموجب العقد المطلق التساوي. . . إلخ) هذا خاص بشركة ¬
8 - فصل
ولذي زيادة عمل -لم يتبرع- طلبُها، ويصح جمع بين شركة عنان، وأبدان، ووجوه، ومضاربة. * * * 8 - فصل الخامس: شركة المُفاوضة، وهي قسمان: صحيح، وهو تفويض كلٍّ إلى صاحبه شراء وبيعًا في الذمة، ومضاربة، وتوكيلًا، ومسافرة بالمال، وارتهانًا، وضمانَ ما يرى من الأعمال، أو يشتركان في كل ما ثبت لهما وعليهما، إن لم يُدخلا كسبًا نادرًا أو غرامة. وفاسدٌ، وهو أن يُدخلا كسبًا نادرًا، كوجْدان لقطة أو ركاز، أو ما يحصل من ميراث، أو ما يلزم أحدهما من ضمان غصب. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأبدان -كما هو ظاهر-، وإلا فمقتضاه أن الإجارة مطلقًا صحيحة مع أنه لابد في شركة الوجوه مع ذلك من تعيين الربح، فليراجع (¬1)!. فصل في شركة المفاوضة * قوله: (الخامس. . . إلخ) هذا القسم يجامع الأنواع الأربعة، بمعنى أنه لا يخرج عنها، ففي جعله نوعا خامسًا مقابلًا لها نظر، وجوابه: أن المركب من الشيء وغيره، غَيْرٌ في نفسه. * قوله: (من ضمان) بيان للضمير في (يلزم) وهو فاعل. ¬
أو أرش جناية ونحو ذلك. ولكلٍّ ما يستفيده، وربح ماله، وأجرة عمله، ويختص بضمان ما غصبه أو جناه أو ضمنه عن الغير. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ونحو ذلك) كضمان عارية، ولزوم مهر بوطء. * قوله: (ولكل ما يستفيده)؛ أيْ: من الشريكَين في الفاسدة. * * *
1 - باب المساقاة
1 - باب المُساقاة: دفع شجر مغروس معلوم، له ثمر مأكول، لمن يعمل عليه بجزء مشاع معلوم من ثمره. والمناصَبة والمُغارسَة: دفعه بلا غرس مع أرض، لمن يغرسه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب المساقاة * قوله: (دفع شجر) من نخل، وكرم، وزيتون، ورمان، وجوز وغير ذلك ولو بعلًا (¬1)، فلا يصح على ما لا ساق له. * قوله: (معلوم)؛ أيْ: لكل من المالك والعامل، برؤية أو صفة لا يختلف معها، كالمبيع، فلو ساقاه على أحد هذين الحائطَين لم تصح. * قوله: (من ثمره) المراد من ثمره (¬2) زمن عمله، فلا يصح جعله من ثمرة عام متقدم أو متأخر، ولو من نفس ذلك الشجر، تدبر!، وإلى هذا أشار الشارح (¬3) بقوله: "النامي بعمله" (¬4). * قوله: (والمغارسة دفعه بلا غرس)؛ أيْ: دفع الشجر المعلوم الذي له ¬
ويعمل عليه حتى يُثمر، بجزءٍ مشاع معلوم منه أو من ثمره أو منهما. والمزارعة: دفع أرض وحبٍّ لمن يزرعه ولقوم عليه، أو مزروع ليعمل عليه بجزء مشاع معلوم من المتحصَّل. ويُعتبر كون عاقدِ كلٍّ نافذ التصرف، وتصح مساقاة بلفظها، ومعاملة، ومُفالحة، و: "اعمل بستاني هذا" ونحوه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ثمر مأكول، ومثله ما يتولد منه الشجر، كالنوى، وإن كان كلامهم يأباه (¬1). * قوله: (أو منهما)؛ أيْ: الشجر وثمره. * قوله: (والمزارعة دفع أرض وحب. . . إلخ) انظر لو جمع بين ما يصحان فيه وغيره هل نقول بتفريق الصفة، أو أن الغير يدخل تبعًا؟ كلاهما محتمل، فليحرر (¬2)!. * قوله: (ومعاملة) فيه العطف على الضمير المجرور دون إعادة الجار، وجَوَّزه الكوفيون (¬3)، وتبعهم ابن مالك (¬4). ¬
ومع مزارعة بلفظ إجارة؛ وعلى ثمرة وزرع موجودَين يُنَمَّيان بعمل. وتصح إجارة أرض بجزء مشاع معلوم مما يخرج منها، فإن لم تُزرع نُظر إلى معدَّل المغَلِّ، فيجب القسط المسمَّى، وبطعام معلوم من جنس الخارج أو غيره. ولو عملا في شجر بينهما نصفَين، وشرطا التفاضل في ثمره: صحَّ، بخلاف مساقاة أحدهما الآخر بنصفه، أو كلِّه، وله أجرته إن شرط الكل له. ويصح توقيت مساقاة، ولا يُشترط، ومتى انفسخت -وقد ظهر ثمر-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومع مزارعة بلفظ إجارة) المعية ليست قيدًا في صحتها بلفظ الإجارة، فكان الظاهر أن يقول: وتصح هي ومزارعة بلفظ إجارة، فتدبر!، وقد أشار إلى ذلك شيخنا في شرحه (¬1). * قوله: (ينميان بعمل) هذا هو الذي أوجب تكرار ما قبله مع قوله ففيما سبق: (والمزارعة دفع أرض وحب لمن يزرعه) إلى أن قال: (أو مزارع ليعمل عليه. . . إلخ). * قوله: (فإن لم تزرع)؛ أيْ: لم يحصل حب أعم من أن يكون لم تزرع، أو زرعت ولم تنبت. * قوله: (وله أجرته إن شرط الكل له)؛ لأنه دخل على عوض لم يسلم له ولا شيء له في مسألة النصف؛ لأنه كان له بمقتضى الملك فدخل على أنه متبرع. ¬
فبينهما على ما شرطا وعلى عامل تمام العمل، المنقِّح (¬1): "فيؤخذ منه دوام العمل على العامل في المناصَبة -ولو فُسخت- إلى أن تبيد، والواقع كذلك". ولا شيء لعامل فَسخَ أو هرب قبل ظهور، وله -إن مات أو فسخَ رب المال- أجر عمله. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فبينهما)؛ أيْ: فما ظهر فبينهما، قاله في شرحه (¬2)، وعلى هذا فلا شيء له فيما يظهر بعد انفساخها، وسيصرح به في قوله: "ولا شيء لعامل فسخ أو هرب قبل ظهور" وهو يخالف ما تقدم (¬3) في بيع الأصول والثمار حيث قال فيه: "وإن ظهر، أو تشقق بعض ثمرةٍ أو طلع ولو من نوعٍ فلبائع، وغيرُه لمشترٍ إلا في شجرة فالكل لبائع"، انتهى. * قوله: (وله)؛ أيْ: للعامل. * قوله: (إن مات)؛ أيْ: العامل على ما يؤخذ منع غضون (¬4) كلام الشارح (¬5)، وهو صريح كلام التنقيح (¬6) المصدر به، قال شيخنا (¬7): "ويصح إرجاع الضمير لرب المال، وتُعْلَم مسألة العامل بالقياس عليها، وجعله مستعملًا في الأعم منهما، وهو أولى". ¬
1 - فصل
وإن بان الشجر مُسْتَحقًا فله أجر (¬1) مثله. * * * 1 - فصل وعلى عامل ما فيه نُموٌّ أو صلاح لثمر وزرع من سقي، وطريقه، وتشميس، وإصلاح محله، وحرث، وآلته، وبقره، وزِبار، وتلقيح، وقطع حشيش مضِر، وتفريق زبل وسباخ، ونقل ثمر ونحوه لجرين، وحصاد، ودياس، ولقاط، وتصفية، وتجفيف، وحفظ إلى قسمة. وعلى رب أصل حفظه -كسدِّ حائط، وإجراء نهر، وحفر بئر-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فله أجر مثله)؛ أيْ: على الغاصب؛ لأنه غيره واستعمله، ويأخذه ربه مع ثمرته، ولا أجر عليه للعامل؛ لأنه لم يأذن له في العمل وله بقية في الحاشية (¬2). فصل * قوله: (وبقره) يجوز أن يكون من عطف الخاص على العام، ومن عطف المغاير. * قوله: (وزبار) الزِّبار تقليم الأغصان الرديئة وبعض الأغصان الجيدة، قال الحجاوي (¬3): "ولعلها كلمة مولدة" (¬4). ¬
ودولابٌ وما يُديره، وشراء ماء وما يُلقَّح به، وتحصيل زبل وسباخ. وعليهما -بقدر حصتَيهما- جُذاذ، ويصح شرطيه على عامل، لا على أحدهما ما على الآخر أو بعضه، ويفسد العقد به، ويُتّبع في الكلفة السلطانية العُرف، ما لم يكن شرط، وكُره حصاد وجُذاذ ليلًا. وعاملٌ كمضارب فيما يُقبل أو يُردُّ قوله فيه، ومُبطل، وجزءٍ مشروط، فإن خان فمُشرفٌ يمنعه، فإن تعذر فعامل مكانه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ودولاب. . . إلخ)؛ أيْ: عليه دولاب؛ أي ثمنه. * قوله: (وعليهما بقدر حصتيهما جذاذ)؛ أيْ: على رب المال والعامل؛ لأنه إنما يكون بعد تمام الثمرة وانقضاء المعاملة، بخلاف الحصاد واللقاط، قاله في الحاشية (¬1). وهذا الفرق الذي ذكروه لا يظهر بين الجذاذ وتصفية الحب، إذ هو أيضًا إنما يكون بعد تمام الحب وانقضاء المعاملة، وأقر ذلك شيخنا (¬2)، وهو الموافق للقول الثاني من أنه على العامل وحده (¬3). * قوله: (ويصح شرطه على عامل) مقتضاه عدم صحة شرطه على رب الأصل. * قوله: (لا على أحدهما ما على الآخر أو بعضه) لعله في غير الجذاذ حتى لا يتناقض. * قوله: (وجزء مشروط)؛ أيْ: وعامل كمضارب فيما إذا اختلفا في الجزء ¬
2 - فصل
وأجرتهما منه، وإن اتُّهم حلف. ولمالك قبل فراغ ضَمُّ أمين بأجرة من نفسه، وإن لم يقع به نفع لعدم بطشه أُقيم مُقامه أو ضُمَّ إليه. * * * 2 - فصل وشُرط علمُ بذر وقدره، وكونه من رب الأرض، ولو عاملًا وبقر العمل من الآخر. ولا يصح كون بذر من عامل أو منهما. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المشروط ما مقداره، وتقدم (¬1) في المضاربة أن القول قول المالك، فيكون على قياسه هنا القول قول رب الأصل دون العامل. * قوله: (وأجرتهما منه)؛ أيْ: من ذلك الخائن. * قوله: (أقيم مقامه أو ضم إليه) هذان الأمران على الترتيب، لا على التخيير على ما في الإقناع (¬2)، وعبارته: "فإن عجز عن العمل لضعفه مع أمانته ضم إليه قوى، ولا تنزع يده، فإن عجز بالكلية أقام مقامه من يعمل، والأجرة عليه في الموضعَين". فصل في المزارعة * قوله: (وشرط علم بذر وقدره)؛ لأنها معاقدة، فلا تصح على مجهول كالإجارة. ¬
ولا من أحدهما والأرض لهما، أو الأرض والعمل من واحد والبذر من الآخر، أو البذر من ثالث، أو البقر من رابع، أو الأرض والبذر والبقر من واحد والماء من آخر. وإن شرط لعامل نصفَ هذا النوع وربعَ الآخر، وجُهل قدرهما، أو إن سقَى سيحًا أو زرع شعيرًا فالربع، وبكُلفة أو حِنطة النصف، أو: ". . . لك الخُمسان إن لزمتْك خَسارة، وإلا فالربع"، أو أن يأخذ رب الأرض مثل بذره، ويقتسما الباقي. أو: "ساقَيتُك هذا البستان بالنصف، على أن أساقيك الآخر بالربع" فسدتا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (والماء من آخر) ظاهره ولو كان الماء بكلفة، وكانت كلفته تفوق على قيمة ما ذكر، وفيه نظر! (¬1). * قوله: (أو زرع شعيرًا. . . إلخ) ومن الصور الفاسدة أيضًا لو قال: ما زرعت من شعير فلي ربعه، وما زرعت من حنطة فلي نصفه، وما زرعت من باقلاء فلي ثلثه؛ لأن ما يزرعه مجهول القدر، قاله في شرحه (¬2). * قوله: (ويقتسما الباقي) فلا تصح؛ لأن الأرض قد لا يخرج منها إلا قدر البذر. * قوله: (فسدتا)؛ أيْ: المساقاة والمزارعة، لأنه في معنى بيعتَين في بيعة. ¬
كما لو شرط (¬1) لأحدهما قُفْزانًا، أو دراهم معلومة، أو زرع ناحية معينة، والزرع أو الثمر لربه، وعليه الأجرة. ومن زارع شريكه في نصيبه بفضل عن حصته: صح، ومن زراع أو أجَّر أرضًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي الحاشية (¬2): "أيْ المساقاتان" وهو يوهم أن الفساد مختص بالمسألة الأخيرة، فالأولى (¬3) ما في الشرح (¬4) من إرجاع الضمير للمساقاة والمزارعة في المسائل المذكورة. * فائدة: لا يجوز أن يشترط على الفلاح شيء مأكول ولا غيره، من دجاج وغيره الذي يسمونه خدمة، ولا أخذه (¬5) بشرط ولا غيره، إقناع (¬6). * قوله: (صحَّ) كما صح في المساقاة. * فائدة: ما سقط من حب فنبت عامًا آخر فلرب الأرض نصًّا (¬7)، وكذا نص فيمن باع قصيلًا (¬8) فحصد وبقي يسير فصار سنبلًا فلرب الأرض (¬9). واللقاط مباح، ¬
وساقاه على شجر بها: صحَّ، ما لم تكن حيلة، ومعها إن جمعهما في عقد فتفريق صفقة، ولمستأجر فسخ الإجارة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في الرعاية (¬1): "ويحرم منعه"، نقل المروذي (¬2): "إنما هو بمنزلة المباح". * قوله: (وساقاه على شجر بها صحَّ)؛ لأنهما عقدان يجوز إفراد كل منهما عن الآخر فجاز اجتماعهما، سواء قلَّ بياض الأرض أو أكثر، نص عليه (¬3) ومتى لم يكن في الأرض إلا شجرات يسيرة لم يجُز اشتراط ثمرتها للعامل في المزارعة. * قوله: (ما لم يكن حيلة)؛ أيْ: على شراء الثمرة قبل وجودها، أو بدوِّ صلاحها. * قوله: (ومعها)؛ أيْ: الحيلة. * قوله: (فتفريق صفقة) فتصح في الإجارة، وتبطل في المساقاة، ولمستأجر الفسخ بتبعض الصفقة في حقه، وإذا رضي بإمضاء عقد الإجارة هل يلزمه كل الأجرة التي ذكرت، أو أجر المثل لفوات جلِّ مقصوده (¬4)؟. ¬
وإلا فسدت المساقاة، المنقِّح (¬1)، "قياس المذهب بطلان عقد الحيلة مطلقًا". ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإلا فسدت المساقاة)؛ أيْ: وليس له فسخ الإجارة، ولعل هذا هو فائدة التفصيل لكونه جمع بينهما في عقد أو لا، وإلا فالمساقاة فاسدة مطلقًا. * قوله: (مطلقًا)؛ أيْ: سواء جمع بينهما في عقد أو لا كما قاله في تصحيح الفروع (¬2)، خلافًا لصنيع الشارح (¬3) حيث قال: "سواء كان فيه إبطال حق للَّه -تعالى-، أو لآدمي"، انتهى، وخلافًا للحجاوي (¬4) حيث قال: "في المساقاة وغيرها"، انتهى. وبخطه (¬5): وكان شيخنا العلامة عبد الرحمن البَهوتي يخالف المنقِّح ويفتي بكلام الأصحاب. * * * ¬
2 - باب الإجارة
2 - باب الإجارة: عقد على منفعة مباحة معلومة، مدة معلومة، من عين معينة أو موصوفة في الذمة، أو عمل معلوم بعوض معلوم، والانتفاع تابع. ويُستثنى من شرط المدة صورة تقدمت في الصلح، وما فعله عمر -رضي اللَّه تعالى عنه- فيما فُتح عنوة ولم يُقسم. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الإجارة * قوله: (من عين معينة) (مِن) هنا لبيان المنشأ، وليست للتبعيض، ولا أطلق البيان. * قوله: (بعوض معلوم) متعلق بـ (عقد) فهو شرط في الضربَين. * قوله: (تقدمت في الصلح) وهي الصلح على إجراء الماء على سطح أو في أرض غيره، وكذا مسألة وضع الخشب على جدار غيره المذكورة في الصلح أيضًا (¬1)، فتنبه!، وذكرها المص في هذا الباب أيضًا مع مسألة ثالثة، وهي إجارة دار تجعل مسجدًا، وسيأتي حكمها آخر الباب (¬2). * قوله: (وما فعله عمر -رضي اللَّه تعالى عنه-. . . إلخ) حيث وقف الأرض ¬
وهي المساقاة والمزارعة والعرايا والشفعة والكتابة، ونحوها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على المسلمين، وأقرَّها في أيدي أربابها بالخراج الذي ضربه أجرة لها في كل عام، ولم يقدر مدتها (¬1) لعموم المصلحة فيها، وفيه نظر!؛ لأنه لا حاجة لاستثنائه؛ لأنه لما ضرب الخراج أجرة لها في كل عام فقد جعل كل سنة بكذا، وهذا كافٍ في تقدير المدة -كما يأتي (¬2) -. حاشية (¬3). أقول: قد يفرق بين ما يأتي، و (¬4) بين ما فعله عمر -رضي اللَّه عنه- بأن ما فعله عمر مراد به التأبيد، وليس لحاكم آخر فسخه ما لم يتغير السبب، وما يأتي وهي المسألة المسماة بالمُشَاهَرَة (¬5) صرحوا بأن العقد الحقيقي إنما هو على اليوم الأول، أو الشهر الأول، أو السنة الأولى، وما عدا ذلك لا يكون إلا على شبه المعاطاة، وأن لكل منهما فسخ الإجارة بعد انقضاء أول يوم أو شهر أو سنة، بل ولا يقال إن هذا فسخ حقيقي؛ لأنه لا عقد حينئذٍ، كما صرح به في المغني (¬6)، والشرح (¬7) قالا: "حتى إنه لو ترك ذلك كان ذلك كالفسخ"، ثم ظهر ذلك لشيخنا، فضرب بالقلم على التنظير وعلَّته. * قوله: (ونحوها) كالسلم. ¬
1 - فصل
من الرُّخص المستَقِرِّ حكمُها على خلاف القياس، والأَصَحُّ: لا. وتنعقد بلفظ إجارة وكراء وما بمعناهما، وبلفظ بيع إن لم يُضف إلى العين. * * * 1 - فصل وشروطها ثلاثة: معرفة منفعة، إما بعرف كسُكنى دارٍ شهرًا، وخدمة آدمي سنة، أو وصف كحمل زُبرة حديد وزنها كذا إلى محل كذا، أو بناء حائط؛ يَذْكُرُ طوله وعرضه وسمْكه وآلته، وأرض معيَّنة لزرع أو غرس أو بناء معلوم، أو لزرع أو غرس ما شاء، أو لزرع وغرس ما شاء، أو لزرع أو لغرس. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (والأصح لا)؛ أيْ: أنها ليست على خلاف القياس، وهذا تصحيح من صاحب الفروع (¬1). فصل * قوله: (وأرض) عطف على (حمل). * قوله: (لزرع أو غرس. . . إلخ) حاصل ما ذكره أربعة عشر صورة (¬2). * قوله: (أو لزرع وغرس ما شاء) انظر ما الحكمة في إسقاط البناء من مسألتَي ¬
ويسكت أو يطلق وتصلح للجميع. ولركوب معرفة راكب برؤية أو صفة، وذكر جنس مركوب كمبيع، وما يُركب به من سَرجْ وغيره، وكيفية سيره من هِمْلَاج وغيره، لا ذكوريته أو أنوثيَّته، أو نوعه. ولحملِ ما يتضرر كخَزَف ونحوه معرفة حامله، ومعرفته لمحمول برؤية أو صفة، وذكر جنسه وقدره، ولحرث معرفة أرض. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ الإطلاق، مع أن الحكم فيه أيضًا كذلك كما هو صريح شرحه (¬1). * قوله: (وتصلح للجميع) قَيْد في مسألة الإطلاق، وعبارته توهم أنه لو أجرها للزرع، أو الغرس، أو البناء، أو للاثنين، أو الثلاثة وكانت لا تصلح لما هي مؤجرة له أن الإجارة صحيحة، وليس كذلك كما يعلم من قوله فيما يأتي (¬2): "واشتمالها على النفع، فلا تصح في زمنه لحمل، ولا سبخة لزَرع". * قوله: (ولركوب معرفة راكب)؛ أيْ: وذكر الموضع المركوب إليه. * قوله: (لا ذكوريته. . . إلخ)؛ أيْ: المركوب، وأما الراكب فيشترط معرفته (¬3) برؤية أو صفة -كما تقدم-. * قوله: (كخزف) قال الحجاوي في حاشيته (¬4): "الخزف: الآنية المصنوعة ¬
2 - فصل
2 - فصل الثاني: معرفة أجرة، فما بذمة كثمن، وما عُيِّن كمبيع. ويصح استئجار دار بسُكنى أخرى وخدمة وتزويج من معيَّن، وحُلي بأجرة من جنسه، وأجير ومرضعة بطعامها وكسوتهما، وهما. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ من (¬1) الطين والصلصال قبل حرقها"، انتهى، فانظر هل هذا تفسير مراد هنا، أو هو مرادهم أيضًا في مثل كتاب النفقات (¬2)، أو أن له إطلاقَين؟ تدبر!. فصل * قوله: (وحلي بأجرة من جنسه) أيْ: مع الكراهة على ما في الإقناع (¬3). * قوله: (وهما) قال في شرحه (¬4): "أيْ: المرضعة، وولي المرتضع، أو الأجير [والمستأجر"، انتهى. قال شيخنا (¬5): "الأولى إرجاع الضمير إلى المرضعة والأجير] (¬6)؛ لأنهما هنا اللذان يصح تشبيههما بالزوجة". أقول: يمكن حمل كلام الشارح على ما أراده شيخنا، بأن تجعل الواو في ¬
في تنازع كزوجة. وسُنَّ -عند فطام- لموسر استرضع أمةً إعتاقها، وحرة إعطاؤها عبدًا أو أمة، والعقد على الحضانة، واللبن تبع، والأصح: اللبن (¬1)، وإن أُطلقت. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كلامه بمعنى "مع" و"أو" بمعنى الواو، ويكون [ذِكْرُ "ما"] (¬2) بعد الواو التي بمعنى "مع" لبيانِ ثاني المتنازعَين فقط، ولا دخل له في بيان مرجع الضمير فافهم. * قوله: (كزوجة) فلهما نفقة مثلهما، وكسوة مثلهما. * قوله: (وسن عند فطام لموسر. . . إلخ) فظاهر هذا الكلام أن هذا الأمر في المتبرعة برضاعها، وبه صرَّح الشيخ تقي الدين (¬3) -رحمه اللَّه تعالى-. * قوله: (والأصح اللبن) تصحيح من صاحب التنقيح (¬4)، يلزمه أنه يخرج عن موضوع الإجارة إذ هي هنا على عين، لا على منفعة وإن جعل المعقود عليه الرِّي أشكل بأن المنفعة المعقود عليها لا يمكن أن تستوفى دون أجزاء العين، فاختل الشرط، فليحرر!. وبخطه: -رحمه اللَّه تعالى-: كلام صاحب التنقيح من أن المعقود عليه اللبن مشكل بخروجه عن موضوع الإجارة، إذ هي عقد على منفعة، واللبن عين، فاعتبروا يا أولي الأبصار!. وجوابه: الإجارة إما أن تكون على منفعته أو على عين ليستوفي منفعتها، ¬
أو خُصِّص رضاع لم يشمل الآخر، وإن وقع العقد على رضاع، أو مع حضانة انفسخ بانقطاع اللبن. وشُرط: -معرفة مرتضع، وأمد رضاع، ومكانه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا من قبيل الثاني، فالمعقود عليه اللبن ليستوفى نفعه الحاصل به، وهو غذاء الولد وتربيته، لا يقال: قد شرطوا أن تستوفى دون الأجزاء؛ لأنَّا نقول: نعم شرطوا ذلك واستثنوا هذه المسألة -كما يأتي ذلك صريحًا (¬1) - فتدبر!. * قوله: (أو خصص رضاع لم يشمل الآخر) بأن قال استأجرتك للرضاع خاصة، أو فقط أو نحو ذلك، قال شيخنا (¬2): "وهذا لا خلاف فيه، إنما الخلاف فيما إذا أطلق، فكان الأولى إسقاط خصص"، فتدبر!، لكن المص مفهومًا موافق لصريح الإقناع (¬3). وبخطه: مفهومه أنه إذا أطلق الرضاع شمل الحضانة، قال شيخنا (¬4): "وهو مشكل، لكن هو موافق لصريح الإقناع" (¬5)، فليحرر!. * قوله: (وإن وقع العقد على رضاع أو مع حضانة) انظر لِمَ لمْ يجعلوه في الثانية من تفريق الصفقة، فيصح في الحضانة ويبطل في الرضاع؟ وكان هذا ناظر إلى أن الأصح أن المعقود عليه اللبن لا الحضانة (¬6). ¬
لا استئجار دابة بعلفها، أو من يسلخها بجلدها، أو يرعاها بجزء من نمائها، ولا طحن كُرٍّ بقفيز منه. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا طحن كُرٍّ) بضم الكاف مكيال بالعراق، قيل: أربعون أردبًا، وقيل: ستون قفيزًا (¬1). * قوله: (بقفيز منه) قال شيخنا (¬2): هذا مشكل مع ما تقدم (¬3) آخر المضاربة من قوله: "وتصح خياطة ثوب ونسج غزل وحصاد زرع ورضاع قنٍّ واستيفاء مال ونحوه بجزء مشاع منه" مع أن العلة فيه متأتية هنا، ثم قال بعد مدة، وظهر لي أن لا إشكال؛ لأن الموضوع فيهما يختلف، لأن ما تقدم مشروط فيه جزء مشاع منه، وهاهنا بقفيز منه، فتأمل!. وأشار ابن قندس (¬4) إلى الفرق بينهما: بأن الباقي بعد الجزء معلوم، وبعد القفيز ليس بمعلوم، كما حملوا حديث الدارقطني: أنه -عليه الصلاة والسلام- "نهى عن عسب الفحل وعن قفيز الطحان" (¬5) على قفيز من المطحون، فلا يُدْرَى ¬
ومن أعطى صانعًا ما يصنعه، أو استعمل حمالًا أو نحوه فله أجر مثله، ولو لم تجرِ عادته بأخذ، وكذا ركوب سفينة، ودخول حمام، وما يأخذ حَمَّامِيٌّ فأجرة محل وسطل ومئزر، والماء تبع. و: "إن خطْتَه اليوم أو روميًّا فبدرهم، وغدًا أو فارسيًا فبنصفه"، أو: "إن زرعتها بُرًّا فبخمسة، وذُرة فبعشرة" ونحوه: لم يصح. و"إن رددت الدابة اليوم فبخمسة، وغدًا فبعشرة"، أو عيَّنا زمنًا وأجرة، و: "ما زاد فلكل يوم كذا": صحَّ، لا لمدة غزَاته. فلو عُيِّن لكل يوم أو شهر شيء، أو اكتراه كلَّ دلو بتمرة، أو على حمل زُبرة إلى محل كذا على أنها عشرة أرطال، وإن زادت فلكل رطل درهم: صحَّ، ولكلٍّ الفسخُ أوَّل كل يوم أو شهر في الحال. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ الباقي بعده (¬1)، فتدبر قوله: (والماء تبع)! وصرَّح الشيخ في شرحه (¬2) في الباب قبله بأن الماء لا يباع، وظاهره ولو قلنا إنه يملك بالحَوْز، فتدبر!. * قوله: (وإن رَدَدْت الدابة)؛ أيْ: التي استؤجرت للركوب. ¬
3 - فصل
3 - فصل الثالث: كون نفعٍ مباحًا بلا ضرورة، مقصودًا متقوَّمًا، يُستوفى دون الأجزاء، مقدورًا عليه لمستأجر، ككتاب لنظر وقراءة ونقل، لا مصْحَف. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (كون نفع مباحًا) في الشرح (¬1) ما نصه: "إباحة مطلقة لا تختص بحال دون حال، ولأجل ذلك قلت: (بلا ضرورة) كإناء الفضة ونحوه يباح الانتفاع به إذا اضطر إليه لعدم غيره"، انتهى، ومفهومه، بل صريحه أنه لا يصح استئجار أواني الذهب والفضة، ويطلب الفرق بين هذه المسألة، وما صرحوا به من جواز إجارة ثياب الحرير (¬2)، وقد يفرق بينهما، فتدبر!، فراجع ما كتبناه بهامش الحاشية! (¬3). * قوله: (مقصودًا متقوَّمًا) انظر هل للجمع بين هاتَين اللفظتَين حكمة، إذ لا حاجة إلى الثاني مع الأول فيما يظهر، فتدبر!. * قوله: (لا مصحف)؛ أيْ: لا يجوز، وهو لا ينافي الصحة قياسًا على بيعه ¬
وكدار تُجعل مسجدًا أو تُسكن، وحائط لحمل خشب، وحيوان لصيد وحراسة، سوى كلب وخنزير، وكشجر لنشر أو جلوس بظلِّه، وبقر لحمل وركوب، وغنم لدياس زرع، وبيت في دار ولو أهمل استطراقه، وآدمي لقود، وعنبر لشمٍّ -لا ما يُسرع فساده كرياحين- ونقد لِتَحَلٍّ ووزن فقط، وكذا مكيل وموزون وفلوس ليُعاير عليه، فلا تصح إن أُطلقت. ولا على زنًا أو زَمْرٍ أو غناء، أو نزو فحل، أو دار لتُجعل كنيسة أو بيت نار، أو لبيعْ الخمر، أو حمل ميتة ونحوها -لأكلها لغير مضطر-، أو خمر لشربها، ولا أجرة له، ويصح لإلقاء وإراقة، ولا على طير لسماعه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لمسلم، فإنه يصح مع الحرمة (¬1)، وفي شرح شيخنا على الإقناع (¬2) ما يقتضي عدم الصحة تعظيمًا له، قال: وإن صححنا بيعه، وذكروا مثله في الرهن (¬3). * قوله: (وكدار. . . إلخ)؛ أيْ: فإنه يصح إجارتها لفعل ما ذكر. * قوله: (أو جلوس بظله) هذا يعني جواز إجارة العين المباح نفعها للمستأجر فإن له الجلوس في ظل حائط غيره ونحوها. * قوله: (فلا يصح إن أطلقت)؛ أيْ: الإجارة في النقد وما عطف عليه، لا لما بعد (كذا) فقط، كما يوهمه كلام المص، فتدبر!. ¬
وتصح لصيد (¬1)، ولا على تفاحة لشمٍّ، أو شمع لتجمُّل أو شَعْلٍ، أو طعام لأكل، أو حيوان -لأخذ لبنه- غير ظِئْر. ويدخل نقع بئر، وحبر ناسخ، وخيوط خيَّاط، وكُحل كحَّال، ومرهم طبيب، وصبغ صبَّاغ ونحوه تبعًا، فلو غار ماء (¬2) دار مؤجرة فلا فسخ. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وتصح لصيد) مكرر مع قوله فيما سبق (وحيوان لصيد) إلا أن يراد بالحيوان هناك غير الطير، فتدبر!. * قوله: (ولا على تفاحة لشم)؛ لأن منفعة الشم منها غير مقصودة فليس مكررًا مع قوله: (كرياحين)؛ لأن العلة مختلفة. * قوله: (فلا فسخ)؛ أيْ: فلا انفساخ بذلك، لكن يملك الفسخ به فلا يعارض ما ذكره صاحب الإقناع (¬3) في فصل والإجارة عقد لازم، من أن له الفسخ بذلك من (¬4) عين هذه المسألة، نبَّه عليه شيخنا في الحاشية (¬5)، هناك (¬6). ¬
4 - فصل
ولا في مشاع مفردًا لغير شريكه، ولا في عين لعدد وهي لواحد، إلا في قول المنقِّح (¬1): "وهو أظهر، وعليه العمل". ولا في امرأة ذات زوج بلا إذنه -ولا يُقبل قولها أنها متزوجة، أو مؤجَّرَة قبل نكاح، ولا على دابة ليركبها مؤجِّر. * * * 4 - فصل والإجارة ضربان: ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لغير شريكه)؛ أيْ: في كل الباقي، كما عبر به بعضهم كصاحب الرعاية الكبرى (¬2). * قوله: (إلا في قول. . . إلخ) الاستثناء راجع لكل من المسألتَين، لكن القول المذكور بعد (إلا) رواية في إجارة المشاع (¬3)، وَوَجْهٌ في إجارة العين لعدد (¬4)، على ما في الحاشية (¬5). * قوله: (ولا يقبل قولها أنها متزوجة)؛ أيْ: لأجل ابطال حق المستأجر. * قوله: (أو مؤجرة قبل نكاح)؛ أيْ: لأجل إبطال حق الزوج. فصل ¬
على عين، وشُرط استقصاء صفات سلم في موصوفة بذمة، وإن جرت بلفظ سلَم، اعتُبر قبض أجرة بمجلس، وتأجيل نفع. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (على عين)؛ أيْ: على منفعة عين، وإلا فقد تقدم (¬1) أن الإجارة عقد على منفعة أو على عمل، وأشار إلى ذلك شيخنا في حاشيته (¬2) فتدبر!، وانظر هل يمكن حمل العين هنا (¬3) على المعيَّن؛ أيْ: على منفعة معينة، لعين معينة أيضًا، أو موصوفة في الذمة، وكون المنفعة معينة لا ينافي كون العين التي يراد استيفاء نفعها موصوفة في الذمة ويدل له قول شيخنا (¬4) فيما يأتي (¬5). * قوله: (على منفعة بذمة) هي نوعان: أحدهما: أن تكون في محل معيَّن، والثاني: أن تكون في موصوف، كاستأجرتك على أن تحمل هذه الغِرَارة (¬6) أو غِرَارة قدرها كذا و (¬7) كذا، وصفتها كذا إلى محل كذا. * قوله: (اعتبر قبض أجرة بمجلس) وهذا يدل على أن المسلم يكون في المنافع كما يكون في غيرها (¬8). ¬
وفي معيَّنة: صحة بيعٍ سوى وقف، وأم ولد، وحرٍّ وحرَّة، ويصرِف بصرَه، ويكره أصله لخدمته، ويصح استئجار زوجته لرضاع ولده -ولو منها- وحضانته، وذمي مسلمًا، لا لخدمته. ومعرفتُها، وقدرةٌ على تسليمها كمبيع، واشتمالها على النفع، فلا تصح في زمنة لحمل، ولا سبخة لزرع. وكونُ مؤجِّر يملكه، أو مأذونًا له فيه، فتصح من مستأجر لغير حرٍّ، لمن يقوم مقامه، ولو لم يقبضها حتى لمؤجِّرها، ولو بزيادة ما لم تكن حيلة، كعينة. ومن مستعير بإذن مُعير في مدة يعيِّنها، وتصير أمانة، والأجرة لربها. وفي وقف من ناظره، فإن مات مُسْتَحِقٌّ آجرَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (سوى وقف. . . إلخ)؛ أيْ: وجلد أضحية. * قوله: (وحضانته)؛ أيْ: ولده ولو منها، ولو قَدَّمه على الغاية لكان أظهر. * قوله: (لغير حرٍّ) كبير أو صغير كما تعطيه مخالفته التنقيح (¬1)، حيث أسقط قيد كبير. * قوله: (يعينها)؛ أيْ: المستعير، على ما في المبدع (¬2). * قوله: (وتصير أمانة)؛ أيْ: العين المؤجرة، شرح (¬3). * قوله: (فإن مات مستحق. . . إلخ) المسائل أربع فتنبه لها!، لكن الرابعة ¬
وهو ناظر بشرط لم تنفسخ، ويكون الوقف عليه لم تنفسخ في وجه (¬1) المنقِّح (¬2): "وهو أشهر، وعليه العمل"، وكذا مؤجِّر إقطاعَه ثم يُقطَعه غيره. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تحتها صورتان؛ لأن الناظر الخاص الأجنبي المراد به من لم يكن من أهل الوقف، وهو أعم من أن يكون جعل له الواقف النظر، أو يكون مولى من قبل الحاكم. وبخطه: أيْ: لكل الوقف أو بعضه. * قوله: (وهو ناظر بشرط لم تنفسخ)؛ أيْ: في أصح القولَين (¬3)، وعلم الخلاف في هذه من قوله في الثالثة: "لم تنفسخ بموته ولا عزله قولًا واحدًا"، لكن ظاهر قول شيخنا في شرحه (¬4): "كالأجنبي" أنها لا تنفسخ وجهًا واحدًا، فليحرر!، وكذا قوله (¬5) في شرح الإقناع (¬6) عقب قوله في المسألة الثانية: "حيث قلنا تنفسخ" ما نصه: "كالمسألة الأولى" فإن ظاهره إرجاع الحيثية دون الثانية، وإن كان يمكن حمل كلامه فيه على النظير. ثم رأيت في حواشي ابن قندس على الفروع (¬7) ما نصه: "تنبيه: إذا أجَّر الوقف من له ولاية الإجارة، ثم مات في أثناء المدة ففيها صور، الأولى: أن يكون من استحق النظر لكونه حاكمًا، أو كان له النظر بشرط الواقف فقط، فهذا لا تبطل ¬
فعلى هذا يأخذ المنتقل إليه حصته من أجرة قبضها مؤجَّرةً من تركته. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الإجارة بموته، ذكره الشيخ (¬1) وغيره (¬2)، الثانية: من استحق النظر لكونه موقوفًا عليه، ولم يشرط الواقف ناظرًا بناءً على أصلنا أن الموقوف عليه يكون له النظر على المرجح إذا لم يشرط الواقف ناظرًا، فهذا فيه خلاف مشهور هل تبطل بموته أو لا، واختلف الترجيح (¬3)، الثالثة: إذا كان مستحقًا للوقف ولم يجعل للوقف ناظر غيره بل جعل الواقف النظر له، أو تكلم بكلام يدل على ذلك، فهذا له النظر بكل من الاستحقاق والشرط، فهل يجعل كمن شرط له النظر وليس مستحقًا فلا تبطل بموته كما هو ظاهر كلامهم (¬4)، وأفتى به بعض أصحابنا (¬5)؟ أو يجعل كمن استحق النظر بأصل الاستحقاق فقط كما (¬6) هو مقتضى كلام ابن حمدان (¬7)، وقال أبو العباس (¬8): وهو أشبه، فعلى هذا يكون فيه الخلاف الذي فيمن استحق النظر بالاستحقاق فقط"، انتهى، وهو صريح في أن المسألة المذكورة فيها الخلاف أيضًا، فتدبر!. * قوله: (المنتقل إليه)؛ أيْ: الوقف أو الاقطاع. * قوله: (من تركته)؛ أيْ: إن مات. ¬
أو منه، وإن لم تُقبض فمن مستأجر. وعلى مقابله يرجع مستأجر على ورثة قابض أو عليه. وإن آجر الناظر العام لعدم الخاص، أو الخاص وهو أجنبي لم تنفسخ بموته ولا عزله، قولًا واحدًا. وإن آجر سيد رقيقه، أو وليٌّ يتيمًا أو مالَه، ثم عتق المأجور، أو بلغ ورشد، أو مات المؤجِّر، أو عُزل: لم تنفسخ، إلا إن عُلِمَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو منه) إن كان حيًّا، ولعل هذه في مسألة الإقطاع (¬1). * قوله: (فمن مستأجر)؛ يعني: إن كان حيًّا أو من تركته إن مات. * قوله: (وعلى مقابله. . . إلخ) هو المذهب (¬2)، وقدمه في التنقيح (¬3). * قوله: (لعدم الخاص) إنما قيد به ليوافق ما يأتي في الوقف (¬4) من أنه لا نظر لحاكم مع ناظر خاص، نعم له الإعتراض عليه إن فعل ما لا يسوغ، وله ضم أمين مع تفريطه أو تهمته على ما يأتي في بابه، فتنبه!. * قوله: (أو الخاص وهو أجنبي) سواء كان عينه الواقف أو أقامه الحاكم، فتحتها صورتان. * قوله: (إلا إن علم)؛ أيْ: قبل العقد. ¬
5 - فصل
بلوغه أو عتقه في المدة. * * * 5 - فصل ولإجارة العين صورتان: إلى أمد، وشُرط علمُه، وأن لا يُظنَّ عدمها فيه وإن طال، لا أن تلي العقد، فتصح لسنة خمس في سنة أربع، ولو مؤجرة أو مرهونة أو مشغولة وقت عقد إن قُدر على تسليم عند وجوبه، فلا تصح -في مشغولة بغرس أو بناء ونحوهما- للغير. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بلوغه)؛ أيْ: مع رشده. * قوله: (في المدة)؛ أيْ: فتنفسخ بالبلوغ والعتق حينئذٍ، ولا نقول بأن العقد غير صحيح من أصله -كما دل عليه كلام شيخنا في الشرح (¬1) -. فصل * قوله: (ولإجارة العين)؛ أيْ: المعقود على منفعتها، معينة كانت أو موصوفة. * قوله: (وشرط علمه)؛ أيْ: الأمد. * قوله: (أو مشغولة)؛ أيْ: بغير الغرس والبناء ونحوهما، بدليل ما بعده، ولابن نصر اللَّه هنا بحث (¬2) نقله عنه شيخنا في الحاشية (¬3)، وهو أنه تصح إجارة العين ¬
ولا شهرًا أو سنة ويُطلق. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المؤجرة مدة من جملتها بعض مدة المستأجر الأول، ويكون من تفريق الصفقة، فتصح فيما بعد مدة الأول، وتفسد فيما بقي من مدته، فعلى هذا لا يشترط لصحته عقد الإجارة على الإجارة أن تكون المدة الثانية تلي الأولى، بل (¬1) ولو كان بعضها من الأولى، إلا أن (¬2) ابتداء استحقاق الثاني مما يلي مدة الأول. * قوله: (ولا شهرًا أو سنة ويطلق) خلافًا للمغني (¬3) حيث قال: "يصح، ويكون ابتداء المدة من الآن، ويدل له قصة شعيب مع موسى -عليهما السلام (¬4) -". ¬
ولا من وكيل مطلق- مدة طويلة بل العرف كسنتَين ونحوهما. وتصح في آدمي لرعي ونحوه مدة معلومة، ويسمى: "الأجير الخاص"؛ لتقدير زمن يستحق المستأجر نفعه في جميعه، سوى فعل الخمس. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهل إذا كانت مشغولة بإجارة للغير يكون ابتداء الإجارة الثانية مما يلي مدة الأول عند صاحب المغني؟؛ لأن قوله: "ويكون ابتداؤها. . . إلخ" واضح فيما إذا كانت غير مؤجرة، فليحرر!. * قوله: (ولا من وكيل مطلق)؛ أيْ: أطلق له في عقد الإجارة، فهو من قبيل النعت السببي، ولو قرئ بزنة المفعول لأوهم أن المراد من وُكِّل وكالة مفوضة، وأن هذا الحكم خاص به، وليس كذلك. * قوله: (لتقدير زمن. . . إلخ) كان الظاهر في التعليل لاختصاص المستأجر بنفعه تلك المدة، إلا أن يقال: إن المراد أنه سمى خاصًّا لتخصيص الزمن فيه بالتقدير، ومنه يعلم أن الأجير الخاص هو من قُدِّر نفعه بالزمن، ويقابله الأجير المشترك وسيأتي (¬1) في كلام المص ما يؤخذ منه أنه من قُدِّر نفعه بالعمل، فتدبر!. * قوله: (سوى فعل الخمس) قال المجد (¬2): "ظاهر النص أنه يمنع من حضور الجماعة إلا بإذن أو شرط"، أقول: ولعل هذا هو السر في إفراد الجمعة مع أنها من خمس يومها. وبخطه: أقول: وعلى قياس الخمس صلاة الجنازة إذا تعين عليه حضورها. ¬
بسننها في أوقاتها، وصلاة جمعة وعيد، ولا يستنيب. ومن استأجر سنة في أثناء شهر استوفاها بالأهلة، وكَمَّلَ على ما بقي ثلاثين يومًا، وكذا كل ما يُعتبر بالأشهر، كعدة وصيام كفارة ونحوهما. الثانية: لعمل معلوم، كلدابة لركوب لمحل معين -وله ركوب لمثله في جادة مماثلة- أو بقر لحرث أو دياس لمعيَّن، أو آدمي ليدلَّ على طريق، أو رحى لطحن شيء معلوم، وشُرط عِلم عمل وضبطه بما لا يختلف. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بسننها)؛ أيْ: المؤكدات على ما في المستوعب (¬1)، وهو ظاهر كلام الإقناع (¬2) في باب صلاة التطوع. * قوله: (ونحوهما) كصيام نذر. * قوله: (كدابة)؛ أيْ: معيَّنة أو موصوفة. * قوله: (أو رحى لطحن شيء معلوم) قال المجد في شرح الهداية (¬3): "وإن كان المُكْرَى عقارًا أو نحوه مما ينقل كالأواني وسائر الجمادات لم يكن المعقود عليه معلومًا إلا بالمدة؛ لأنه لا عمل له بخلاف الحيوان كالدابة والعبد، فإنه يتقدر (¬4) نفعه بعمله إذا كان له محل، كما يتقدر بالمدة، فيقول: استأجرتك ¬
6 - فصل
6 - فصل الضرب الثاني: على منفعة بذمة، وشُرط: ضبطُها بما لا يختلف كخياطة ثوب، وبناء دار، وحمل لمحل معيَّن. وكونُ أجير فيها جائز التصرف، ويسمَّى: "المشترك" لتقدير نفعه بالعمل، وأن لا يُجْمَعَ بين تقدير مدة وعمل، كيخيطه في يوم، ويلزمه الشروع عقب العقد. ـــــــــــــــــــــــــــــ لخياطة هذا الثوب، أو استأجرت هذه الدابة لأركبها إلى بلد كذا، هذا قول أصحابنا (¬1)، وفيه نظر، فإن من الأعيان ما يتقدر نفعه بالعمل به، كقوله: استأجرت هذا المعيار لأزن به مئة رطل، أو هذا الصاع لأكيل به ألف وُسق، وتستقر الأجرة بتسلمها مدة المثل لذلك (¬2)، ولا أجد فرقًا بينهما، وقد قال ابن عقيل: إذا استأجر بئرًا ليستقي (¬3) منها الماء مدة معلومة صحَّ، وهذا موافق لما قلته"، انتهى. قال شيخنا (¬4): وأقول ومما يقوي الإعتراض مسألتنا التي نحن فيها، وهي قول المص: (أو رحى لطحن شيء معلوم). فصل * قوله: (ويلزمه الشروع عقب العقد) قال في الفروع (¬5): "قال شيخنا (¬6): ¬
وكونُ عمل لا يختص فاعله أن يكون من أهل القربة -لكونه مسلمًا- كأذان وإقامة وإمامة وتعليم قرآن وفقه، وحديث، ونيابة في الحج وقضاء. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن أخر ما يلزمه (¬1) فتلفت العين بسببه ضمن"، انتهى. * قوله: (وكون عمل لا يختص فاعله أن يكون من أهل القربة) ولا يقع إلا قربة لفاعله كالحج؛ أيْ: النيابة عليه، والأذان ونحوهما كالإقامة، وإمامة صلاة، وتعليم القرآن. قال في الرعاية (¬2): "والقضاء، وعنه: يصح (¬3) كأخذه بلا شرط، نص عليه (¬4)، لكن أحمد منع في الإمامة بلا شرط أيضًا"، وقال في الرعاية (¬5) "ويكره أخذ الأجرة على الإمامة بالنَّاس، وعنه: يحرم" (¬6)، انتهى. وقيل: يصح للحاجة، ذكره الشيخ تقي الدين واختاره (¬7)، وقال: "لا يصح الاستئجار على القراءة وإهدائها إلى الميت؛ لأنه لم ينقل عن أحد من الأئمة الإذن في ذلك، وقد قال العلماء: إن القارئ إذا قرأ لأجل المال فلا ثواب له، فأي شيء يهدي إلى (¬8) الميت؟ وإنما يصل إلى الميت العمل الصالح، والاستئجار على ¬
ولا يقع إلا قربة لفاعله، ويحرم أخذ أجرة عليه، لا جعالة على ذلك أو على رُقية، كبلا شرط، ولا رَزْق. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مجرد التلاوة لم يقل به أحد من الأئمة، وإنما تنازعوا في (¬1) الاستئجار على التعليم، والمستحب أن يأخذ الحاج عن (¬2) غيره ليحج، لا أن يحج ليأخذ، فمن أبرأ ذمة الميت أو رؤية المشاعر يأخذ ليحج، ومثله كل رزق أخذ على عمل صالح، يفرق بين من يقصد الدين فقط والدنيا وسيلة وعكسه، فالأشبه أن عكسه ليس له في الآخرة من خلاق". قال: "ومن حج عن غيره ليستفضل ما يوفي دينه الأفضل تركه، لم يفعله السلف"، ويتوجه فعله لحاجة، قاله صاحب الفروع (¬3)، ونصره بأدلة، ونقل ابن هانئ (¬4) (¬5) فيمن عليه دين وليس له ما يحج أيحج عن غيره ليقضي دينه؟ قال: "نعم" انتهى ملخصًا. إنصاف (¬6). * قوله: (ولا رزق. . . إلخ) يحتمل فتح الراء وكسرها (¬7)، فعلى الفتح يكون ¬
7 - فصل
على متعدٍّ نفعه كقضاء، لا قاصر كصوم وصلاة خلفه ونحوهما. وصحَّ استئجار لحَجْم كفصد، وكُره لحرٍّ كل أجرته ومأخوذ بلا شرط عليه، ويُطعمه رقيقًا وبهائم. * * * 7 - فصل ولمستأجر استيفاء نفع بمثله، ولو اشترطا بنفسه، فتُعتبر مماثلة راكب، في طول وقصر وغيره، لا في معرفة ركوب، ومثله شرط زرع بُرٍّ فقط، ولا يضمنها مستعير بتلف. ـــــــــــــــــــــــــــــ المعنى: ولا يحرم على الإمام أن يعطي الرزق على فاعل ذلك، وعلى (¬1) الكسر يكون المعنى: ولا يحرم على (¬2) فاعل ذلك أن يأخذ الرزق من بيت المال، لكن المناسب لقوله: (لا جعالة) الفتح، فتأمل!. فصل * قوله: (فتعتبر مماثلة راكب)؛ أيْ: ولو ظنًّا. * قوله: (وغيره) كسمن، وهزال. * قوله: (لا في معرفة ركوب)؛ لأن الخطب يسير. * قوله: (ولا يضمنها مستعير) وتكون مستثناة من ضمان العارية. وقد يقال: لا حاجة إلى الاستثناء؛ لأن عدم الضمان هنا من حيث كونه نائب ¬
وجاز استيفاء بمثل ضرره، لا أكثر أو مخالف، فلزرع بُرٍّ له زرع شعير ونحوه، لا دخن ونحوه، ولا غرس أو بناء، ولأحدهما لا يملك الآخر، ولغرس له الزرع. ودارٌ لسكنى لا يعمل فيها حدادة ولا قصارة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المستأجر، ونائب المستأجر بمنزلته، وأشار إلى ذلك شيخنا في الحاشية (¬1) حيث قال معللًا لعدم الضمان: "لأنه نائب المستأجر، فَيَدُه كيَده". * قوله: (فلزرع بُرٍّ) لعل التقدير فمستأجر أرض لزرع بُرٍّ. . . إلخ، وحينئذٍ فقوله: (ودار) بالجر عطف على "أرض" المحذوف مع عامله، والتقدير: ومستأجر دار لسكنى لا يعمل فيها حدادة. . . إلخ، فتدبر!. * قوله: (ونحوه) كقطن. * قوله: (ولغرس له الزرع) علم من اقتصاره على الغرس أنه لو استأجرها للبناء ليس له الزرع، وصرح به في الحاشية (¬2)، وعلله بأنه ليس من جنسه. * قوله: (ودار لسكنى لا يعمل فيها حدادة) (دار) مبتدأ، وقوله: (لسكنى) متعلق (¬3) بمحذوف؛ أيْ: استؤجرت، والجملة صفة (دار)، وقوله: (لا يعمل. . . إلخ) في موضع الخبر، وفي شرح شيخنا (¬4) ما يقتضي أن الخبر محذوف، تقديره: لمستأجرها أن يسكن، ويسكن من يقوم مقامه في الضرر، وقوله: (ولا يعمل) عطف ¬
ولا يسكنها دابة، ولا يجعلها مخزنًا لطعام. ودابة لركوب أو حمل لا يملك الآخر، ولحمل حديد أو قطن، لا يملك حمل الآخر، فإن فعل أو سلك طريقًا أشقَّ، فالمسمى مع تفاوتهما في أجرة المثل. ولحمولة قدر فزاد، أو إلى موضع فجاوزه فالمسمى، ولزائد أجرة مثله، وإن تلفت فقيمتها كلُّها، ولو أنها بيد صاحبها، لا إن تلفت بيد صاحبها -وليس للمستأجر عليها شيء بسبب غير حاصل من الزيادة، وإن اختلفا في صفة الانتفاع فقول مؤجِّر. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ على الخبر بتقدير حرف العطف؛ أيْ: لا يعمل. . . إلخ، وفيه تكلف زائد، فتدبر!. * قوله: (ودابة. . . إلخ)؛ أيْ: ومستأجر دابة فحذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه، فارتفع ارتفاعه، وهو أولى مما سلكه شيخنا في شرحه (¬1)، فراجعه!. * قوله: (وإن تلفت)؛ أيْ: بسبب ذلك. * قوله: (بسبب) متعلق بـ (تلفت). وبخطه: كافتراس سبع، أو جرح إنسان غير المستأجر، أو سقوط في حفرة من غير تعدٍّ منه. * قوله: (فقول مؤجر)؛ أيْ: بيمينه. ¬
8 - فصل
8 - فصل وعلى مؤجَّر كل ما جرت به عادة أو عرف من آلة كزمام (¬1) مركوب، ورحله، وحزامه، أو فعل كقود وسوق وشدٍّ (¬2) ورفع وحطٍّ، ولزوم دابة لنزول لحاجة وواجب، وتبريك بعير لشيخ وامرأة ومريض. وما يُتمكن به من نفع، كترميم دار بإصلاح منكسر، وإقامة مائل، وعمل باب، وتطيين سطح، وتنظيفه من ثلج ونحوه، ولا يُجبر على تجديد. ولو شَرط عليه مدة تعطيلها، أو أن يأخذ بقدرها بعد، أو العمارة، أو جعلها أجرة لم يصح، لكن لو عقر بهذا الشرط أو بإذنه رجع بما قال مُكرٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (وواجب) قال صاحب المبدع (¬3): "وفرض الكفاية كفرض العين". * قوله: (ونحوه) كإصلاح بركة لماء في الدار، وأحواض حمام. * قوله: (رجع بما قال مُكْرٍ)؛ أيْ: فيما إذا اختلفا في قدر ما صرف؛ لأن المُكْري منكر للزائد، فيكون القول قوله بيمينه. ¬
9 - فصل
وعلى مُكترٍ محمل، ومظلة، ووطاء فوق الرجل، وحملُ قرانٍ بين المحملَين، ودليل، وبكرة، وحبل ودلو. وتفريغ بالُوعةٍ وكنيف ودار من قمامة وزبل ونحوه، إن حصل بفعله، وعلى مُكرٍ تسليمها فارغة، وتسليم مفتاح، وهو أمانة بيد مستأجر. * * * 9 - فصل والإجارة عقد لازم، فإن لم يسكن مستأجر، أو تحوَّل في أثناء المدة فعليه الأجرة، وإن حوَّله مالك، أو امتنع. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وعلى مُكْترٍ. . . إلخ) اعترضه الحجاوي (¬1) بأنه لا يلزم الإنسان شيء لنفسه و (على) للوجوب، فكان الأولى تحويل العبارة إلى ما يؤدي المعنى المراد، مِنْ أن هذا ليس واجبًا على المُكْري، بل يكون من المكتري لنفسه، كأن يقول: ولا يلزم مكرٍ لمكترٍ محمل. . . إلخ. فصل * قوله: (فعليه الأجرة) سكن المؤجر، أو سَكَّن أو لا، لكن عليه -إذا سَكَنَ أو سَكَّن (¬2) بعد التسليم ويد المستأجر عليها- أجرة المثل يدفعها للمستأجر نظير المنفعة، حاشية (¬3)، معنى. * قوله: (أو امتنع)؛ أيْ: مؤجر دابة. ¬
من تسليم الدابة في أثناء المدة أو المسافة، أو الأجير من تكميل العمل، فلا أجرة، وإن شردت مؤجَّرة، أو تعذر باقي استيفاء النفع بغير فعل أحدهما، فالأجرة بقدر ما استوفى. وإن هرب أجير أو مؤجِّر عَيْنٍ بها، أو شردت قبل استيفاء بعض النفع، حتى انقضت، انفسخت، فلو كانت على عمل استؤجر من ماله من يعمله. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * مسألة: لو اكترى الدابة وتركها في إصطبله فماتت فهدر، وإن سقط عليها ضمنها، انتهى. مبدع (¬1). وهذا شبيه بما قالوه فيمن غصب صغيرًا حرًّا من أنه إن مات حتف أنفه فلا شيء عليه، أو بشيء يختص المكان كالحية، والوباء ضمنه (¬2)، وهو مشكل في ثاني شقَّي كل من المسألتَين، فليحرر! (¬3). * قوله: (استؤجر من ماله)؛ أيْ: يومًا بيوم. وبخطه: ينبغي أن يقيد بما يفهم، مما (¬4) سيأتي (¬5) في (¬6) قوله: (وإن اختلف فيه القصد. . . إلخ) فليحرر! (¬7). ¬
فإن تعذر خُيّر مستأجر (¬1) بين فسخ وصبر، وإن هرب أو مات جمّال أو نحوه، وترك بهائمه -وله مال- أنفق عليها منه حاكم، وإلا فأنفق عليها مُكترٍ بإذن حاكم، أو نية رجوع -رجع، فإذا انقضت المدة باعها حاكم ووفَّاه، وحفظ باقي ثمنها لمالكها. وتنفسخ الإجارة بتلف معقود عليه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإلا)؛ أيْ: يكن له مال. * قوله: (فأنفق)؛ أيْ: فإن أنفق. . . إلخ. * قوله: (رجع) جواب الشرط المقدر، وتقدمت المسألة في الرهن (¬2). * قوله: (وتنفسخ الإجارة بتلف معقود عليه)؛ أيْ: على منفعته، فهو من قبيل (¬3) الحذف والإيصال، إذ المعقود عليه المنفعة لا العين التالفة. وقال الشارح (¬4) في تصحيح العبارة: "وتنفسخ الإجارة بتلف محل معقود عليه"، فيكون مجازًا بالحذف أيضًا، ويجوز أيضًا أن يكون مجازًا مرسلًا من قبيل وصف الشيء بوصف محله. ¬
وفي المدة -وقد مضى ما له أجر- فيما بقي، وانقلاع ضرس اكتُري لقعله، أو مدة معلومة لبُرئه ونحوه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويحتمل أن يكون أطلق التلف وأراد به عدم إمكان الاستيفاء، فيكون مجازًا (¬1) مرسلًا أيضًا من قبيل إطلاق السبب وإرادة المسبب، لكن من حيث هو تدبر!. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى- قوله: (بتلف معقود عليه) أطلق في التلف، فشمل ما إذا كان بفعل آدمي كقتله العبد المؤجر، أو لا بفعل أحد كموته حتف أنفه، وإذا كان بفعل آدمي فلا فرق أن يكون القاتل للعبد المؤجر المستأجر أو غيره، ويضمن ما أتلف [ويملك الفسخ] (¬2)، كالمرأة إذا قطعت ذكر زوجها فإنَّها تضمنه، وتملك فسخ النكاح. شرح (¬3). * قوله: (وفي المدة. . . إلخ) في العبارة حذف لأداة شرط مع (¬4) شرطه وجوابه، وإبقاء ما يدل عليهما، والتقدير: وإن تلف معقود عليه في المدة، وقد مضى ما له أجر انفسخت الإجارة فيما بقي. * قوله: (أو مدة. . . إلخ) عطف على (اكترى) بتقدير نظيره مع المعطوف، والمعنى: وتنفسخ الإجارة بانقلاع ضرس اكترى مدة معلومة لبرئه، فتدبر!. * قوله: (ونحوه)؛ أيْ: وتنفسخ الإجارة بنحو ما ذكر، كمن استؤجر ليقتص من آخر، أو يحده فمات، أو ليداويه فبرئ أو مات. ¬
وموت مرتضع، لا راكب اكتُري له، ولا مُكرٍ أو مُكترٍ، أو عذر لأحدهما بأن يكتري فتضيع نفقته، أو يحترق متاعه. وإن اكترى أرضًا أو دارًا فانقطع ماؤها أو انهدمت، انفسخت فيما بقي، ويُخيَّر مُكترٍ فيما انهدم بعضه، فإن أمسك فبالقسط من الأجرة. ومن استأجر أرضًا بلا ماء، أو أطلق مع علمه بحالها: صحَّ، لا إن ظن إمكان تحصيله، وإن علم أو ظن وجوده بأمطار أو زيادة: صحَّ. ولو زرع فغرق أو تلف، أو لم ينبُت فلا خيار. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وموت مرتضع) وكذا إن ماتت مرضعة، شرح (¬1). قال المجد (¬2): وكذا بامتناعه من الإرضاع، انتهى، وهو موافق لتعليلهم الفسخ بتعذر الاستيفاء (¬3). * قوله: (بأن يكتري)؛ أيْ: جملًا ليحج عليه، فالمفعول محذوف. * قوله: (ويُخير مُكْترٍ فيما. . . إلخ)؛ أيْ: في مؤجر، بدليل تذكير الضمير. * قوله: (ومن استأجر أرضًا بلا ماء)؛ أيْ: قال ذلك. * قوله: (أو أطلق)؛ أيْ: لم يقل بلا ماء. * فائدة: قال الشيخ تقي الدين (¬4): "وما لم يرو من الأرض فلا أجرة له اتفاقًا، وإن قال في الإجارة مقيلًا ومراحًا أو أطلق؛ لأنه لا يرد عليه عقد كالبرية"، انتهى. ¬
وعليه الأجرة، وإن تعذر زرع لغرق، أو قلَّ الماء قبل زرعها أو بعده، أو عابت بغرق يعيب به الزرع فله الخيار. وإن استأجرها سنة فزرعها، فلم تنبت إلا في السنة الثانية، فعليه الأجرة مدة احتباسها، وليس لربها قلعه قبل إدراكه. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو عابت) ظاهر هذا أن "عاب" يستعمل بمعنى تعيَّب. ثم رأيت في مختصر الصحاح (¬1) ما نصه: "وعاب المتاعُ وبابه بَاعَ، وعَيْبةً وعابًا أيضًا صار ذا عيب، وعَابَه غيرُه تتَعدى وَيلزَم، فهو مَعِيبٌ ومَعْيُوبٌ أيضًا على الأصل" انتهى المراد منه. * قوله: (بغرق يعيب به الزرع)؛ أيْ: يهلك بعضه، وأما إذا كانت غارقة بالماء ولا يمكن زرعها قبل انحساره -وهو تارة ينحسر وتارة لا ينحسر- فإنه لا تصح إجارتها لا في الحال ولا في المآل، أما الحال فللتعذر بالفعل، وأما المآل فإنا لسنا على يقين من انحساره وإمكان زرعها؛ ولأنه قد لا يزول، هذا حاصل ما في الشرحَين (¬2)، فتدبر!. * قوله: (فعليه الأجرة مدة احتباسها) لكن في السنة الأولى المسمى، وفي الباقي أجرة المثل، خلافًا لما يوهمه ظاهر المتن، ولعل هذا ما لم يكن من عادتها ذلك ويعلمه المؤجر وكتمه عن المستأجر قياسًا على ما ذكروه في كتم البائع العيب عن المشتري أو تدليسه عليه (¬3). * قوله: (قبل إدراكه)؛ أيْ: أوان حصاده. ¬
وإن غُصبت مؤجَّرة معينة لعمل، خُيِّر بين فسخٍ وصبر إلى أن يُقدر عليها، ولمدة خُيِّر بين فسخ وإمضاءَ مطالبةِ غاصب بأجرة مِثْل متراخيًا ولو بعد فراغها، فإن فسخ فعليه أجرة ما مضى، وإن رُدَّت في أثنائها قبل فسخ استوفى ما بقي، وخُير فيما مضى، وله بدل موصوفة بذمة، فإن تعذر فله الفسخ. وإن كان الغاصب المؤجِّر فلا أجرة له مطلقًا، وحدوث خوف عامٍّ كغصب. ومن استؤجر لعمل في الذمة، ولم تشترط مباشرته، فمرض أقيم عوضه والأجرة عليه، وإن اختلف فيه القصد، كنسخ ونحوه، أو وقعت على عينه، أو شُرطت مباشرته، فلا، ولمستأجر الفسخ. وإن ظهر أو حدث بمؤجَّرة عيب. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مطلقًا)؛ أيْ: سواء كانت الإجارة على عمل أو إلى أمد، وسواء كانت على عين معينة أو موصوفة بذمة، وسواء غصبها قبل المدة أو في أثنائها. فيه في الأخيرة نظر (¬1)، يعلم مما أسلفه المحشِّي (¬2) عن الإنصاف (¬3) نقلًا عن صاحب الرعاية (¬4). ¬
-وهو ما يظهر به تفاوت الأجرة- فلمستأجر الفسخ إِن لم يَزُل بلا ضرر يلحقه، والإمضاء مجانًا. ويصح بيع مؤجَّرة، ولمشترٍ لم يعلم فسخ وإمضاء مجانًا، والأجرة له. ولا تنفسخ ببيع ولا هبة -ولو لمستأجر- ولا بوقف، ولا بانتقال بإرث أو وصية، أو نكاح أو خلع، أو طلاق أو صلح ونحوه. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وهو ما يظهر به تفاوت الأجرة) بأن تكون الأجرة معه أقل منها مع عدمه. * قوله: (والأجرة له)؛ أيْ: للمشتري، تبع فيه التنقيح (¬1)، والأولى ما في المغني (¬2)، وهو الذي يلوح من كلام الإقناع (¬3) أنها للبائع، فتدبر!. * قوله: (ولا تنفسخ ببيع)؛ يعني: ولو استأجر، فيجتمع للبائع عليه حينئذٍ الثمن والأجرة، وهو فائدة عدم الانفساخ، وبه صرح في الإقناع (¬4). * قوله: (أو نكاح) بأن يجعل العين المؤجرة صداقًا أو عوضًا في خلع أو طلاق أو صلح أو جعالة، فلا تبطل بشيء من تلك الانتقالات، والظاهر أن هؤلاء المنتقل إليهم إن علموا بالحال قبل الجعل فلا مطالبة لهم بشيء، وإلا كان لهم الطلب ببدله في النكاح، والخلع، والطلاق، وفسخ الصلح، فليحرر! (¬5). * قوله: (ونحوه) كجعالة. ¬
10 - فصل
10 - فصل ولا ضمان على أجير خاصٍّ -وهو من استؤجِر مدة، سلَّم نفسه أو لا- فيما يتلف بيده، إلا أن يتعمَّد أو يفرط. ولا حجَّام أو ختَّان أو بيطار أو طبيب، خاصًّا أو مشتركًا حاذقًا لم تجنِ يده، وأذن فيه مكلف أو ولي، ولا راعٍ لم يتعدَّ أو يفرِّط بنوم أو غيبتها عنه ونحوه. وإن ادَّعى موتًا ولو لم يُحضر جِلْدًا، أو ادعى مُكترٍ أن المكترى أبق أو مرض أو شرد أو مات في المدة أو بعدها قُبل بيمينه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (سلم نفسه)؛ أيْ: بأن كان يعمل في بيت المستأجر. * وقوله: (أو لا)؛ أيْ: أو لم يسلم نفسه؛ أيْ: بأن كان يعمل في بيت نفسه، حاشية (¬1). * قوله: (ولا راع. . . إلخ) لعله [خاصًا أو مشتركًا] (¬2). * قوله: (أو غيبتها)؛ أيْ: الماشية المؤذن بها راع، فتدبر!. * قوله: (ونحوه) كما لو ضربها ضربًا مفرطًا، أو في غير موضعه. ¬
كدعوى حاملٍ تلفَ محمول، وله أجرة حمله. وإن عقد على معيَّنة تعيَّنت، فلا تُبدَّل، ويبطل العقد فيما تلف، وعلى موصوف فلا بد من ذكر نوعه وكبَره أو صغره، وعدده، ولا يلزمه رعيُ سخَالها. وإن عمل لغير مستأجِره فأضرَّه، فله قيمة ما فوَّته. ويضمن المشترك ما تلف بفعله من تخريق، وغلط في تفصيل، وبزلقة وسقوط عن دابة، وبخطائه ولو يدفعه إلى غير ربه، وغَرِم قابض قطَعَه أو لَبِسَه جهلًا أرش قطعه، وأجرة لبسه، ورجع بهما على دافع، لا ما تلف بحرزِه أو غير فعلة، إن لم يتعمد، ولا أجرة له مطلقًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وله أجرة حمله) سيأتي أنه إذا تلف الثوب ونحوه قبل تمام العمل أو بعده وقبل أن يسلمه أن الأجير لا يستحق أجرة، إلا أن يفرق بين ما إذا كان العمل صناعة أو غيرها وهو تحكم، أو يفرق بالفرق الآتي (¬1)، فتنبه له!. * قوله: (ولا يلزمه رعي سخالها)؛ أيْ: سخال العين التي استؤجر لرعيها، سواء كانت معينة أو موصوفة. * قوله: (وغرم قابض)؛ أيْ: من الأجير. * قوله: (على دافع) وهو الأجير. * قوله: (ولا أجرة له) قال في شرحه (¬2): "فيه عمل فيه (¬3)؛ أيْ: سواء ¬
وله حبس معمول على أجرته إن أفلس ربه، وإلا فتلف أو أتلفه بعد عمله أو حمله. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عمل فيه في بيت ربه أو غيره؛ لأنه لم يسلم عمله إلى المستأجر؛ لأن عمله في عين المعمول فلا يمكن تسليمه إلا بتسليم المعمول، فلم (¬1) يستحق عوضه كالمبيع من الطَّعام إذا تلف في يد البائع"، انتهى. وأقول: انظر (¬2) هذا مع ما سيأتي (¬3) من أن الأجرة تستقر بفراغ عمل ما بيد مستأجر، وأن التسليم لا يترتب عليه إلا الاستحقاق، وظاهر عبارة التنقيح (¬4) -في المحل الآتي- موافقة المتن فيما يأتي، فليحرر! (¬5). وبخطه: -رحمه اللَّه تعالى-: لا معارضة بين ما هنا وما سبق (¬6) من قوله (وله أجرة حمله)؛ لأنه محمول على ما إذا لم يكن التلف من جهة الأجير، وما هنا على ما إذا أتلفه أو أتلف بسببه كحبس للمعمول في غير حال فلس ربه. * قوله: (إن أفلس) انظر هل يقال مثله فيما إذا حبس العين المبيعة على ثمنها؟ والظاهر لا؛ لأن المشتري إذا أفلس جاز للبائع الفسخ، فلا يفوت عليه شيء، فالحكم (¬7) هناك مطلق. ¬
خير مالك بين تضمينه إياه غير معمول أو محمول ولا أجرة له، أو معمولًا ومحمولًا وله الأجرة. وإذا جذب الدابة مستأجر أو مُعَلِّمها السير لتقف، أو ضرباها كعادة لم يضمن ما تلف به. وإن استأجر مشترك خاصًّا فَلِكلٍّ حكم نفسه، وإن استعان ولم يعمل، فله الأجرة لضمانه، لا لتسليم العمل. و: "أذنتَ في تفصيله قباءً" قال: "بل قميصًا"، فقول الخياط، وله أجر مثله. و: "إن كان يَكْفني ففصّله"، فقال: "يكفيك". ففصَّله فلم يكفِه، ضمنه كما لو قال: "اقطعه قباءً"، فقطعه قميصًا، لا إن قال: "يكفيك"، فقال: "اقطعه". * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وله الأجرة) وأعلم أن الأجرة التي يأخذها هنا إنما هي في نظير بعض ما غرمه حيث قوم عليه معمولًا، والعمل منه، فكأنه لم يأخذ شيئًا. * قوله: (فقال اقطعه) مع أن الظاهر أن الشرط مقدر، وأن التقدير: اقطعه إن كان يكفيني، لا أن (اقطعه) منقطع عما قبله لفظًا ومعنى (¬1)، فليحرر (¬2)!. ¬
11 - فصل
11 - فصل وتجب أجرة -في إجارة عين أو ذمة- بعقد، وتُستحق كاملة بتسليم عين أو بذلها، وتستقر بفراغ عمل ما بيد مستأجر، وبدفع غيره معمولًا، وبانتهاء المدة، وببذل تسليم عين لعمل في الذمة إذا مضت مدة يمكن الاستيفاء فيها، ويصح شرط تعجيلها وتأخيرها، ولا تجب ببذل في فاسدة، فإن تسلَّم فأجرة المثل وإن لم ينتفع. وإذا انقضت إجارة أرض -وبها غراس، أو بناء لم يُشترط قلعُه، أو شُرط بقاؤُه- خُير مالكها بين أخذه بقيمته، أو تركه بأجرته، أو قلعه وضمان نقصه، ما لم يقلعه مالكه، ولم يكن البناء مسجدًا أو نحوَه، فلا يُهدم، وتلزم الأجرة إلى زواله، ولا يعاد بغير رضا رب الأرض. ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (بتسليم عين) معينة أو موصوفة في الذمة. * قوله: (وتستقر. . . إلخ) ويثبت به الاستحقاق بالأولى، فلذلك لم ينص عليه كما نص عليه في التنقيح (¬1)، فعبارة المص أحسن وأخصر. * قوله: (وبدفع غيره)؛ أيْ: غير ما بيد مستأجر. * قوله: (أو قلعه) مراده به ما يعم الهدم، بدليل سابقه ولاحقه، فتدبر!. * قوله: (ولم يكن البناء. . . إلخ) عطف على (لم يقلعه). * قوله: (أو نحوه) كالقناطر. ¬
وفي الفائق (¬1): "قلتُ: لو كانت الأرض وقفًا لم يُتملَّك إلا بشرط واقف، أو رضا مستحق". المنقِّح (¬2): "بل إذا حصل به نفع كان له ذلك". والقلع على مستأجر، وكذا تسوية حُفر إن إِختاره، وإن شُرط قلعه لزمه، وليس عليه تسوية حُفر، ولا إصلاح أرض إلا بشرط، ولا على رب الأرض غرامة نقص. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وفي الفائق)؛ أيْ: لابن عبد الهادي (¬3). * قوله: (المنقِّح بل إذا حصل به نفع كان له ذلك) وحينئذٍ فيكون هذا واردًا على قوله في الإقناع (¬4) إن غير قام الملك لا يتملك، وعبارة شيخنا في شرحه (¬5) له "ولا يتملك؛ أيْ: الغراس أو البناء بعد انقضاء مدة الإجارة، غير قام الملك كالموقوف عليه والمستأجر والموصى له بالمنفعة لقصور ملكه، ولذلك لا يأخذ بالشفعة، هذا تخريج لابن رجب (¬6). وفي الفائق (¬7): لو كانت الأرض وقفًا لم يتملك إلا بشرط واقفه، أو رضى مستحق، وقال في التنقيح (¬8): بل إذا حصل به نفع كان له ذلك، انتهى. ¬
وإن بقي زرع بلا تفريط مستأجر، لزم (¬1) تركه بأجرته، وبتفريطه فللمالك ذلك، وأخذه بقيمته ما لم يَخْتر مستأجر قلعه وتفريغها في الحال. واكتراء مدةً لزرع يكمُل فيها إن شُرط قلعه بعدها: صحَّ، وإلا فلا. ومتى انقضت رفع يده، ولم يلزمه ردٌّ ولا مؤونته كمُودعَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويأتي (¬2) في الوقف أن الموقوف عليه له تملك زرع الغاصب بالنفقة (¬3)، ومقتضى كلامه أنه لا فرق، ولذلك جوز ابن رجب أيضًا للمستأجر أن يتملك الزرع؛ أيْ: زرع الغاصب، بنفقته، إذ هو مالك المنفعة وخرج أيضًا على ذلك ما إذا غصبت الأرض الموصى بمنافعها أو المستأجرة وزرع فيها فهل يتملك الزرع مالك الرقبة أو مالك المنفعة، ذكره في القاعدة التاسعة والسبعين (¬4). وقال في كتابه المسمى بأحكام الخراج (¬5): فيما إذا خرج من بيده الأرض الخراجية منها: وله غراس أو بناء فيها فهل يقال للإمام أن يتملكه للمسلمين من مال الفيء إذا رآه أصلح كما يتملك ناظر الوقف ما غرس فيها أو بُني بالقيمة بعد انقضاء المدة؟ ولا يبعد جوازه بل أولى من ناظر الوقف للاختلاف في ملك الموقوف عليهم الرقبة الوقف، وأما المسلمون فإنه يملكون رقبة الأرض العنوة، فظاهره جوازه للناظر مطلقًا إذا رآه مصلحة"، انتهى. * قوله: (وإن بقي زرع. . . إلخ) هذه مسألة تقدمت في فصل "والإجارة ¬
ولمشترِط عدمَ سفر بمؤجَّرة الفسخُ به، ومن وجبت عليه دراهم بعقد، فأعطى عنها دنانير ثم انفسخ رجع بالدراهم. ـــــــــــــــــــــــــــــ عقد لازم" (¬1)، فتدبر!، ولعله إنما أعادها لزيادة التفصيل في حكمها، فتدبر!. * * * ¬
3 - باب السبق
3 - باب السَّبَقُ (¬1): المُجاراة بين حيوان ونحوه، والمُناضلة: المُسابقة بالرمي. وتجوز في سفن ومزاريق (¬2) وطيور وغيرها، وعلى الأقدام، وكلِّ الحيوانات، لا بِعوض، إلا في خيل وإبل وسهام بشروط خمسة: أحدها: تعيين المركوبَين والرُماة برؤية، كانا اثنيَن أو جماعتَين، لا الراكبَين، ولا القوسَين. الثاني: اتحاد المركوبَيْن أو القوسَيْن بالنوع، فلا تصح بين عربي وهجين. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب المسابقة * قوله: (لا الراكبين)؛ لأن المقصود معرفة عَدْو الفرس. * قوله: (ولا القوسين)؛ لأن الغرض معرفة حذق الرامي، شرح (¬3) * قوله: (وهجين) وهو ما أبوه فقط عربي -كما تقدم (¬4) -. ¬
ولا قوس عربية وفارسية. الثالث: تحديد المسافة والغاية، ومَدى رمي بما جرت به العادة. الرابع: علم عوض وإباحته، وهو تمليك بشرط سَبْقِهِ. الخامس: الخروج عن شبه قمار، بأن لا يُخرِج جميعهم، فإن كان من الإمام أو غيره، أو من أحدهما على أن من سبق أخذه: جاز، فإن جاءا معًا فلا شيء لهما، وإن سبق مُخرِجٌ أحرزه ولم يأخذ من صاحبه شيئًا، وإن سبق الآخر أحرز سبق صاحبه. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا قوس عربية) هي قوس النبل. * قوله: (وفارسية) وهي قوس النشاب. * قوله: (بما جرت به العادة) وهو ثلاثمئة ذراع فأقل. * قوله: (وهو تمليك)؛ أيْ: التعويض المعلوم من قوله (عوض) تأمل هذا إن كان الضمير راجعًا للعوض، ويجوز أن يكون راجعًا للإباحة، ولا يضر عدم المطابقة (¬1)؛ لأنها مصدر إشارة إلى المراد منها صفة الفاعل؛ أيْ: كونه إباحة له؛ أيْ: ملكه إياه، فتدبر!. * قوله: (قمار) بكسر القاف. * قوله: (فإن كان)؛ أيْ: الإخراج المعلوم من (يخرج). * قوله: (أحرز) مشاكلة (¬2). ¬
وإن أخرجا معًا لم يجُز إلا بمحلِّل لا يُخرِج شيئًا، ولا يجوز أكثر من واحد يُكافئ مركوبه مركوبَيْهما، أو رميُه رميَهما، فإن سبقاه أحرزا سَبْقَيْهما ولم يأخذا منه شيئًا، وإن سبق هو أو أحدهما أحرز السبقَين، وإن سبقا معًا فَسَبْقُ مسبوق بينهما. وإن قال غيرهما: "من سبق أو صَلَّى فله عشرة" لم يصح مع اثنَين، وإن زاد أو قال: ". . . من صلَّى فله خمسة"، وكذا على الترتيب للأقرب لسابق: صحَّ. وخيل الحلْبة (¬1) مرتَّبة (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أكثر) بالنصب خبر لـ "كان" المحذوفة. * وقوله: (من واحد) العلة التي ذكروها لذلك، وهي الاكتفاء في دفع الحاجة بواحد لا تقتضي المنع من الزيادة. * قوله: (وإن سبقا)؛ أيْ: بين المحلل وأحد المتسابقَين. * قوله: (بينهما)؛ أيْ: بين المحلل والسابق من المتسابقَين. * قوله: (أو صَلَّى)؛ أيْ: جاء ثانيًا. * قوله: (وخيل الحلبة) وقد نظمها الخرقي -رحمه اللَّه- فقال: ¬
"مُجَلٍّ" فـ "مُصلٍّ" فـ "تالٍ" فـ "بَارع" فـ "مرتاح" فـ "خطيٌّ" فـ "عاطف" فـ "مُؤَمَّل" فـ "لَطيم" فـ "سُكَيت" فـ "فِسْكِل". ويصح عقد -لا شرط- في: "إن سبقتني فلك كذا، ولا أرمي أبدًا أو شهرًا"، أو: "أن السابق يُطعم السَّبَقَ أصحابه أو بعضهم أو غيرهم". * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ وأسماء خيل السبق إن رُمْتَ عَدَّها ... مجلي مصلي والمسلي وتاليه ومرتاح عاطفهم وخطى مؤمل ... لطيم سكَّيت نقل فراهم احكيه * قوله: (ويصح عقد لا شرط. . . إلخ) فقوله: (ولا أرمي. . . إلخ) هو الشرط الفاسد، وقوله: (إن سبقتني فلك كذا) هو العقد الصحيح. ¬
1 - فصل
1 - فصل والمسابقة جعالة، لا يؤخذ بعوضها رهن ولا كفيل، ولكلٍّ فسخها ما لم يظهر الفضل لصاحبه فيمتنع عليه. ويبطل بموت أحدهما أو أحد المركوبَين، لا أحد الركبَيْن، أو تلف إحدى القوسَيْن. وسبق في خيل متماثلتَي العنُق برأس، وفي مختلفيهما وإبل بكتف، ويحرم أن يُجْنِب أحدهما مع فرسه أو وراءه فرسًا يحرِّضه على العدْو، وأن يصيح به في وقت سباقه، لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا جَلَب ولا جَنَبَ (¬1). . . ". * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (أو تلف إحدى القوسَين) لما تقدم (¬2) من أنه لا اعتبار بتعيين الراكبَين ولا القوسَين، وأنهما ليسا معقودًا عليهما. * قوله: (وفي مختلفيهما)؛ أيْ: العنقَين. * قوله: (لا جَلَبَ ولا جَنَبَ) تتمته (¬3) "في الرهان". ¬
2 - فصل
2 - فصل وشُرطَ لمُناضَلةٍ كونُها على من يُحسِن الرميَ، ويبطل فيمن لا يُحسنها من أحد الحزبَين، ويُخرج مثله من الآخر، ولهم الفسخ إن أحبُّوا. وإن تعاقدوا ليقتسموا بعد العقد حزبَيْن برضاهم -لا بقرعة-: صحَّ، ويجعل لكل حزب رئيس، فيختار أحدهما واحدًا ثم الآخر آخر حتى يفرغا، وإن تشاحَّا فيمن يبدأ بالخيرة اقترعا، ولا يجوز جعل رئيس الحزبَيْن واحدًا، ولا الخِيَرة في تمييزهما إليه. الثاني: معرفة عدد الرمي والإصابة. ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (لا بقرعة)؛ لأن القرعة قد تقع على الحذاق في أحد الحزبَين وعلى الكودان (¬1) (¬2) جمع كودن، والمراد به البليد في الحزب الآخر، فيبطل مقصود النضال؛ ولأنها إنما تخرج المبهمات، والعقد لا يتم حتى يتميز كل حزب، شرح (¬3). * قوله: (ولا يجوز جعل رئيس الحزبَين واحدًا)؛ لأنه لا يضره حينئذٍ (¬4) سبق أي الحزبَين فيفوت غرض المناضلة، شرح (¬5). ¬
الثالث: تبيين كونه مفاضلة كـ: "أيُّنا فضل صاحبه بخمس إصابات من عشرين رمْية فقد سبق"، أو مُبادرةً كـ: "أيُّنا سبق إلى خمس إصابات من عشرين رمْية فقد سبق"، ولا يلزم إن سبق إلى خمس إليها واحد إتمام الرمي، أو محاطَّة بأن يُحطَّ ما تساويا فيه من إصابة من رمي معلوم، مع تساويهما في الرميَات، فأيهما فضل بإصابة معلومة فقد سبق. وإن أطلقا الإصابة، أو قالا: "خَوَاصِلُ (¬1) " تناولها على أي صفة كانت، وإن قالا: "خَواسِقُ" أو "خَوازِق" بالزاي، أو "مُقَرْطس"؛ ما خرق الغرض وثبت فيه، أو "خَوَارِق" بالراء، أو "مَوَارِق"؛ ما خرقه ولم يثبت، أو "خواصر"؛ ما وقع في أحد جانبَيه، أو "خَوَارِم" ما خرم جانبه، أو "حَوَابي"؛ ما وقع بين يديه ثم وثب إليه، أو شرطا إصابة موضع منه -كدائرته- تقيَّدت به، ولا يصح شرط إصابة نادرة، ولا تناضلهما على أن السبق لأبعدهما رميًا. الرابع: معرفة قدره طولًا وعرضًا، وسمكًا وارتفاعًا، وإن تشاحَّا في الابتداء أقرع، وإذا بدأ في وجه بدأ الآخر بالثاني، وسُن جعل غرضَين إذا بدأ أحدهما بغرض بدأ الآخر بالثاني. وإن أطارته الريح فوقع السهم موضعه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وما خرق الأرض. . . إلخ) تفسير لخواسق وما عطف عليه. ¬
-وشرطهم خواسق أو نحوها- لم يُحتسب له به ولا عليه، وإن عرض عارض من كسر قوس، أو قطع وَتَرٍ، أو ريح شديدة لم يُحتسب بالسهم، وإن عرض مطر أو ظلمة جاز تأخيره، وكُره مدح أحدهما أو المصيب، وعَيْبُ المخطئ لما فيه من كسر قلب صاحبه. ومن قال: "ارمِ عشرة أسهم، فإن كان صوابُك أكثرَ من خطئِك فلك درهم"، أو: ". . . فلك بكل سهم أصبت به درهم"، أو: "ارمِ هذا السهم، فإن أصبت به فلك درهم": صحَّ، ولزمه بذلك، لا إن قال: ". . . وإن أخطات فعليك درهم". ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وشرطهم خواسق) الواو للحال فـ (شرطهم) مبتدأ و (خواسق) خبره، والجملة في محل نصب على الحال. * * *
12 - كتاب العارية
12 - كِتَابُ العَارِيةِ
(12) كِتَابُ العارية: العين المأخوذة للانتفاع بها بلا عوض. والإعارة: إباحة نفعها بلا عوض، وتُستحب، وتنعقد بكل قول أو فعل يدل عليها. وشُرط: كون عين منتفعًا بها مع بقائها، وكون مُعير أهلًا للتبرع شرعًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب العارية بتخفيف الياء وتشديدها، مشتقة من عار الشيء إذا ذهب وجاء، ومنه قيل للبطال عيار، لتردده في بطالته، وقيل: من العُرْي بضم العين وسكون الراء الذي هو التجرد، لتجرده عن العوض، وقيل: من التعاور وهو التناوب لجعل المالك للمستعير نوبة في الانتفاع. ويقال: عاره، وأعاره، مثل طاعه وأطاعه (¬1). * قوله: (للانتفاع بها) مطلقًا أو زمنًا مقدرًا. * قوله: (وتنعقد. . . إلخ)؛ أيْ: يتم العقد فيها. * قوله: (وكون معير أهلًا للتبرع) فلا تصح من صغير ومجنون وسفيه ومفلس ¬
ومُستعير أهلًا للتبرع له، وصحَّ في مؤقَتة شَرْطُ عوضٍ معلوم، وتصير إجارة. وإعارة نقد ونحوه لا لما يُستعمل فيه -مع بقائه- قرض، وكون نفع مباحًا لو لم يصح الاعتياض عنه ككلب لصيد. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقنٍّ وولي، ويستثنى من ذلك مسألة تقدمت في الزكاة، وهي إعارة حلي الصغير خوفًا من أكل الصدقة لها (¬1)، فتدبر!. * قوله: (ومستعير أهلًا للتبرع له) بأن يصح منه قبول تلك العين لو وهبت له. وبخطه: خرج بذلك الصغير، والقنُّ إذا قبل العارية لنفسه دون سيده ووليه ومحله عند عدم الإذن. * قوله: (وإعارة. . . إلخ)؛ أيْ: دفعه بلفظ العارية ينعقد قرضًا، و (إعارة) مبتدأ، خبره (قرض). * قوله: (ونحوه) كالمكيلات، والموزونات. * قوله: (قرض) وأما استعارته فيما يستعمل فيه مع بقائه كالوزن، والتحلي فعارية صحيحة. * قوله: (وكون نفع مباحًا)؛ أيْ: شرعًا للمستعير فلا يعار قن مسلم لخدمة كافر، وأمة لمن يطؤها، قاله في شرحه (¬2)، ويؤخذ من تقييده بقوله: "لخدمة" أنه لو أعار القن المسلم للكافر لغير الخدمة أنه تصح العارية فيه، قال شيخنا: "وهو مشكل على عموم الشرط، أعني: كون نفع العين مباحًا، لكن ظاهر تقييد ¬
وفحل لضراب، وتجب إعارة مصحف لمحتاج لقراءة إذا عَدِمَ غَيرهَ، وتُكره إعارة أمة جميلة لذكر غير مَحْرمَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحارثي (¬1) (¬2) لكلام المقنع (¬3) صحة استعارته لغير الخدمة". * قوله: (وتكره إعارة أمة جميلة) لا شوهاء، ولا كبيرة لا تشتهى. * قوله: (لذكر) لا لامرأة. * قوله: (غير محرم) مطلقًا خلا بها ونظر إليها أو لا، ومتى وطئها كان زانيًا، وعليه الحد إن علم بالتحريم، ولسيدها المهر، سواء طاوعته أو أكرهها، وإن كان جاهلًا فلا حد، ويلحقه النسب، قال المجد (¬4): قاله أصحابنا (¬5)، "وعندي أن مدعي الجهل لا يقبل منه إلا إذا كان مثله يجهله، فإن الجهل بذلك نادر". ¬
واستعارة أصله لخدمته. وصحَّ رجوع معير ولو قبل أمد عيَّنه، لا في حال يستضر به مستعير، فمن أعار سفينة لحمل، أو أرضًا لدفن ميت أو زرع، لم يرجع حتى ترسَى أو يَبْلى. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (واستعارة أصله) كأبيه، وأمه، وجده، وجدته، وإن علَو!. * قوله: (لخدمته)؛ لأنه يكره أن يستخدم أصله، فكرهت استعارته لذلك ويكره استئجاره أيضًا لذلك. قال شيخنا: "وعلى قياسه أنه يكره إذا استأجره للخدمة أن يعيره لذلك لوجود العلة". * قوله: (ولو قبل أمد عيَّنه)؛ لأن المنافع المستقبلة لم تحصل في يد المستعير، فلم يملكها بالإعارة، كما لو لم تحصل العين في يده. * قوله: (أو يبلى) قال المجد (¬1): "بأن يصير رميمًا، ولم يبق شيء من العظام في الموضع المستعار"، انتهى. وقيل: ويصير رميمًا (¬2)، وقيل: بل يخرج عظامه ويأخذ أرضه (¬3)، كذا حكاية الخلاف في شرحه (¬4)، وهو يوهم أنه فَرْقٌ بين الرميم والبالي، وفي تفسير الجلالَين (¬5) عند قوله -تعالى-: {قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} [يس: 78] "أيْ: بالية"، ¬
أو يُحصد، إلا أن يكون يُحصد قصيلًا، وكذا حائط لحمل خشب لتسقيف أو سُترة، قبل أن يسقُط، فإن سقط لهدم أو غيره لم يُعَد إلا بإذنه، أو عند الضرورة، إن لم يتضرر الحائط. ومن أُعير أرضًا لغرس أو بناء. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويوافقه ما في الصحاح (¬1)، وعلى هذا فمن قال حتى يبلى، ومن قال حتى يصير رميمًا أراد (¬2) معنى واحدًا، والخلاف في اللفظ فقط، ويوافق هذا قول المجد: حتى يبلى: بأن يصير رميمًا ولم يبق من العظام شيء في الموضع المستعار، ويصح حينئذٍ المقابلة في القول الآخر، وهو أنه يخرج العظام ويأخذ أرضه، فتدبر!. * قوله: (أو يحصد)؛ أيْ: الزرع عند أوانه، والأولى: يشتد. * قوله: (إلا أن يكون يحصد قصيلًا)؛ أيْ: إلا أن يكون الزرع يحصد في العادة قبل أوانه. * قوله: (قبل أن يسقط)؛ أيْ: الخشب؛ لأن ذلك يراد للبقاء ولما فيه من الضرر على المستعير. * قوله: (لم يعد) ولو أعيدت بآلتها لعدم لزوم العارية. * قوله: (إلا بإذنه) قال ابن نصر اللَّه (¬3): "إن كان قد طالبه قبل السقوط، بإزالته، وإلا لم تتوقف الإعادة على إذن جديد". * قوله: (أو عند الضرورة) بأن لا يمكن التسقيف إلا به. ¬
وشُرط قلعه بوقت أو رجوع لزم عنده، لا تسويتها بلا شرط، وإلا فلمعير أخذه بقيمته، أو قلعه ويضمن نقصه، ومتى اختار (¬1) مستعير سوَّاها. فإن أباهما معير والمستعير من أجرة وقلع بِيْعَت أرض بما فيها إن رضيا أو أحدهما، ويُجبر الآخر، ودُفع لرب الأرض قيمتها فارغة، والباقي للآخر. ولكلٍّ بيع ما لَهُ منفردًا، ويكون مشترٍ كبائع. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لزم عنده)؛ أيْ: عند الوقت الذي ذكره وعند رجوع المعير، وظاهره ولو لم يأمره المعير بالقلع، وليس على صاحب الأرض ضمان نقصه؛ لأن المستعير دخل في العارية راضيًا بالتزام الضرر الداخل عليه. * قوله: (وإلا)؛ أيْ: وإن لم يشترط على المستعير قلعه لم يلزمه قلعه، ولم يجبر عليه؛ لأن غرسه أو بناءه إنما حصل بإذن رب الأرض، وعليه ضرر بنقص القيمة. قال المجد في شرحه (¬2): "ومتى أمكن القلع من غير نقص أجبر عليه المستعير". * قوله: (فلمعير أخذه بقيمته) ولو مع دفع المستعير قيمة الأرض؛ لأنها أصل، وما فيها (¬3) تابع. * قوله: (والمستعير) هو فاعل لفعل محذوف؛ أيْ: وامتنع المستعير، وليس معطوفًا على (معير)؛ لأن "أبى" يتعدى بنفسه. * قوله: (منفردًا) من صاحبه وغيره. ¬
وإن أبياه ترك بحاله، ولمعير الانتفاع بأرضه على وجه لا يضر بما فيها، ولمستعير الدخول لسقي وإصلاح وأخذ ثمر، لا لتفرُّج ونحوه. ولا أجرة منذ رجع إلا في الزرع، وإن غرس أو بنى بعد رجوع، أو أمدها في مؤقتة فغاصب، والمشتري والمستأجر بعقد فاسد كمستعير. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإن أبياه)؛ أيْ: البيع. * قوله: (ترك بحاله)؛ أيْ: حتى يتفقا؛ لأن الحق لهما لا يعدوهما. * قوله: (ولمعير الانتفاع بأرضه)؛ لأنه يملك عينها ومنفعتها. * قوله: (على وجه لا يضر بما فيها)؛ لاحتراميه حيث وضع بإذن ربها. * قوله: (ولمستعير. . . إلخ)؛ أيْ: ومشترٍ منه كذلك. * قوله: (لا لتفرج) لعله إن (¬1) كانت محوطة، فإن كانت غير محوطة كان في الدخول كغيره، بل أولى، فليحرر! (¬2). * قوله: (ولا أجرة منذ رجع)؛ أيْ: حين رجع إلى حين زوال ضرر المستعير حيث كان الرجوع يضر به، ولا إذا أعار لغراس أو بناء إلى حين تملكه بقيمته أو قلعه وضمان نقصه أو بقائه (¬3) إذا أبى المعير ذلك إلى أن يتفقا. * قوله: (والمستأجر. . . إلخ) فيه أنه قد تقدم (¬4) في الإجارة أنه إذا تسلم ¬
ومن حمل سَيْلٌ إلى أرضه بَذْرَ غيرِه فلربه مبقىًّ إلى حصاد بأجرة مثله، وحمله لغرسٍ أو نوًى ونحوه إلى أرض غيره، فينبت كغرس مشترٍ شِقصًا يأخذه شفيع. وإن حمل أرضًا بغرسها إلى أخرى، فنَبَتَ كما كان فلمالكها، ويُجبر على إزالتها، وما تُرك لرب الأرض سقط طلبُه بسببه. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ العين في الإجارة الفاسدة وجبت أجرة المثل، فكيف يشبه هنا (¬1) بالمستعير؟ إلا أن يقال غرضه التشبيه من حيث كون غرسه وبنائه محترمًا لتضمن عقد المالك معه إذنًا، لا في عدم وجوب الأجرة، ومع ذلك تشبيهه بالمستأجر بعقد صحيح أولى من تشبيهه بالمستعير، ولذلك قال في المبدع (¬2): "القابض بعقد فاسد من المالك إذا غرس أو بنى، فللمالك تملكه بالقيمة كغرس المستعير، ولا يقلع إلا مضمونًا، لاستناده إلى الإذن، ذكره القاضي (¬3) وابن عقيل" (¬4). * قوله: (فلربه) فيه خلو جملة الجواب من ضمير يربطها بالشرط، فلابد من تكلف تقدير شيء، كأن يجعل التقدير: فليس له قلعه بل يكون لربه. . . إلخ. * قوله: (وحمله) هو مبتدأ، خبره (كغرس مشترٍ). * قوله: (ويجبر. . . إلى آخره)؛ أيْ: رب الأرض المحمولة. ويطلب الفرق ¬
1 - فصل
1 - فصل ومستعير -في استيفاء نفع- كمستأجر، إلا أنه لا يُعير ولا يؤجِّر إلا بإذن، فإن خالف، فتلفت عند الثاني ضمَّن أيهما شاء، والقرار على الثاني إن علم، وإلا ضمِن العين في عارية، ويستقر ضمان المنفعة على الأول. ـــــــــــــــــــــــــــــ بين هذا وما سلف (¬1) في الصلح من أن من حصلت أغصان شجره بأرض غيره أو هوائه أنه لا يجبر على إزالته، ولمن حصل ذلك بهوائه أو أرضه لَيُّهُ؟، فتدبر!. قال شيخنا في شرحه على الإقناع (¬2): "ولم يظهر لي فرق بينهما، إلا ما يمكن أن يقال من أن فيما هنا تعطيل للأرض المنتقل إليها، ومنع من الانتفاع بها، وفي ميل الغصن ونحوه مما ذكر هناك لم يحصل تعطيل ليلمنفعة ولا منع من الانتفاع بالممال إليه"، انتهى المقصود منه، وهو ظاهر، لكن مقتضى قول شيخنا في شرحه (¬3) تبعًا لشرح المص (¬4): "ويجبر رب أرض محمولة على إزالتها أشبه أغصان شجره إذا حصلت في ملك جاره"، انتهى، يقتضي أنهما قائلان بأنه يجبر على الإزالة في مسألة الأغصان أيضًا وأنه (¬5) لا فرق بينهما، وفيه نظر!. فصل * قوله: (ويستقر ضمان المنفعة على الأول) وسكت عن حكم الضمان في ¬
والعواري المقبوضة غيرَ وقف -ككتب علم ونحوها، تلفت بلا تفريط- مضمونة، بخلاف حيوان موصَى بنفعه، بقيمة متقومة يوم تلف، ومِثْلِ مثليَّة، ويلغو شرط عدم ضمانها كشرط ضمان أمانة. ولو أركب دابته منقطعًا للَّه -تعالى-، فتلفت تحته لم يضمن، كرديف ربها ورائض ووكيل، ومن قال: "لا أركب إلا بأجرة"، فقال: "ما آخذ أجرة"، أو استعمل المودعَ الوديعة بإذن ربها، فعارية. ـــــــــــــــــــــــــــــ الإجارة، وهي على العكس مما في العارية، فيضمن الثاني المنفعة ويستقر ضمان العين على الأول. * قوله: (والعواري) مبتدأ، والخبر قوله: (مضمونة). * قوله: (غير وقف)؛ أيْ: على غير معيَّن، كما هو مقتضى تعليلهم لذلك بأن الاستحقاق فيه لغير معيَّن (¬1). * قوله: (ونحوها) كالدروع الموقوفة على الغزاة. * قوله: (تلفت) لعل الجملة حال بإضمار "قد"، أو "إذا" الظرفية، أو صفة لـ (كتب علم). * قوله: (فتلفت تحته لم يضمن) يؤخذ منه أنها إذا تلفت تحته في حال كونها عارية أنه يضمنها، ويعلم من هذا أن أخْذ ابن نصر اللَّه (¬2) عدم الضمان في هذه المسألة من قولهم: إذا تلفت العين المعارة بالاستعمال لا ضمان فيها (¬3) غير واضح؛ لأن هذا تلف في الاستعمال لا به، فليتأمل فإنه محل تحقيق!. ¬
ولا يَضمن ولد عاربة سُلِّم معها، ولا زيادة عنده كمؤجَّرة بلا تعدٍّ، ولا هي أو جزؤها باستعمال بمعروف، ويُقبل قول مستعير بيمينه "إنه لم يتعدَّ"، وعليه مؤونة ردِّها كمغصوب، لا مؤونتها عنده. ويبرأ بردِّ الدابة وغيرها إلى من جرت عادته به على يده، كسائس (¬1)، وخازن، وزوجة، ووكيل عام في قبض حقوقه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا هي. . . إلخ)؛ أيْ: العين المعارة، وانظر هل يصح أن يقال دابة أو غيرها، فإذا جرحت الدابة بالاستعمال المأذون فيه لا ضمان؟ ظاهر الإطلاق ذلك، لكن نص الحارثي (¬2) على خلافه في الدابة، وظاهر قول ابن نصر اللَّه في حواشي الفروع (¬3): "فعلى هذا لو ماتت بالانتفاع المعروف فلا ضمان"، انتهى، أن الكلام في الأعم من الدابة وغيرها. * قوله: (وعليه مؤونة ردِّها) يؤخذ من نص الإمام (¬4) في مسألة الوديعة على ما في شرح شيخنا للإقناع (¬5) الفرق بين العارية والمؤجرة، من كون المؤجرة لا يلزمه ردُّها، والمعارة يلزمه ردُّها، بأنه لما كان النفع في العارية مختصًّا بالمستعير ألزم بالردِّ، ولما كان النفع في الإجارة مشتركًا بين المؤجر والمستأجر من حيث أخذ المؤجر العوض في مقابلة المنفعة لم يلزم فيها الردُّ. ¬
2 - فصل
لا بردِّها إلى إصطبله أو غلامه، ومن سلَّم لشريكه الدابة، فتلفت بلا تفريط أو تعدٍّ لم يضمن. * * * 2 - فصل وإن اختلفا فقال: "آجَرتُك"، قال: "بل أعرتَني" قَبْلَ مضيِّ مدة لها أجرة، فقول قابض، وبعدها فقول مالك فيما مضى، وله أجرة المثل. وكذا لو ادَّعى أنه زرع عارية، وقال ربها: ". . . إجارة"، و: "أعرتَني"، أو: "آجرتَني"، قال: " (¬1). . . غصبتني"، أو "أعرتُك"، قال: "بل آجرتني". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (إصطبله) بقطع الهمزة. * قوله: (ومن سلم لشريكه الدابة. . . إلخ)؛ أيْ: أمانة لا ليستعملها ليتمشى على المذهب (¬2) كما يعلم مما يأتي (¬3)، والمص تبع الشيخ ابن تيمية في الإطلاق (¬4). فصل * قوله: (وكذا لو ادعى. . . إلخ)؛ أيْ: من أن القول قول المالك، وحينئذٍ فالتشبيه راجع للأخيرة، وهي قوله: (وبعدها. . . إلخ). ¬
والبهيمة تالفة، أو اختلفا في ردِّها، فقول مالك، وكذا: "أعرتني" أو: "آجرتني"، فقال: ". . . غصبتني". في الأجرة ورفع اليد. و: "أعرتُك"، فقال: "أودعتَني"، فقول مالك، وله قيمة تالفة، وكذا في عكسها، وله أجرة ما انتفع بها. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (والبهيمة. . . إلخ)؛ أيْ: مثلًا. * قوله: (وكذا أعرتني أو آجرتني)؛ أيْ: والبهيمة قائمة لم تتلف، وهذا هو الفارق بين الصورتَين. * قوله: (وله قيمة تالفة) الأوْلَى: وعلى قابض ضمان تالفة. * قوله: (وكذا في عكسها) بأن يقول من هي بيده: أعرتني، ويقول المالك: أودعتك فقوله. حاشية (¬1). * * * ¬
13 - كتاب الغصب
13 - كِتابُ الغَصْبِ
(13) كِتَابُ الغصب: استيلاء فير حربي عُرفًا على حق غيره قهرًا بغير حق. ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الغصب الغصب لغة: أخذ الشيء ظلمًا، قاله الجوهري (¬1) وابن سيدة (¬2)، يقال: غصب الشيء يغصبه بكسر الصاد غصبًا، واغتصبه اغتصابًا، والشيء غصب ومغصوب، انتهى، ويقال: غصبه الشيء، وغصبه منه وعليه. مطلع (¬3). وبخطه: وهو محرم إجماعًا (¬4)، ولا يشترط لتحقق الغصب نقل العين، فلو ركب دابة واقفة لإنسان وليس هو عندها صار غاصبًا بمجرد ذلك. * قوله: (استيلاء غير حربي) خرج به استيلاء الحربي؛ يعني: على المسلم، أما استيلاء بعضهم على مال بعض فهو غصب أيضًا، فليس احترازًا عنه، ويبقى استيلاء الحربي على مال الذمي، أو المعاهد، أو المستأمن هل يسمى غصبًا (¬5)؟. ¬
ويُضمن عقار وأمُّ ولد وقنٌّ بغصب، لكن لا تثبت يد على بُضع فيصح تزويجها، ولا يُضمن نفعه. وإن غُصب خمر مسلم، ضُمن ما تخلَّل بيده، لا ما تخلَّل مما جُمع بعد إراقة، وتُردُّ خمر ذمي مستترة، كخمر خلَّال، وكلبُ يُقتنى، لا قيمتهما مع تلف. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويضمن عقار) بفتح العين، وهو الضيعة والنخل والأرض، قاله أبو السعادات (¬1)، ونقله شيخ الإسلام زكريا الشافعي في شرح البهجة (¬2) عن أئمة اللغة (¬3). * قوله: (وقنٌّ) المراد به من فيه شائبة رق، سواء كان قنًّا صرفًا، أو مكاتبًا، أو مدبَّرًا، أو مبعَّضًا، أو معلقًا عتقه بصفة، لكن الضمان في المبعَّض إنما هو بقدر جزئه الرقيق. * قوله: (ولا يضمن نفعه) فلا يغرم المهر ولو حبسها عن النكاح حتى فات بالكبر. * قوله: (لا ما تخلل مما جمع بعد إراقة) لزوال اليد بالإراقة. * قوله: (لا قيمتهما مع تلف)؛ لأنه ليس لهما عوض شرعي ولو كان المتلف ذميًّا. ¬
ولا جلد ميتةٍ غُصب؛ لأنه لا يطهر بدبغ. ولا يُضمن حرٌّ باستيلاء عليه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لأنه لا يطهر بدبغ) قال الحارثي (¬1): "هذا إذا قلنا إنه لا يباح استعماله بعد الدبغ في اليابسات، أما إذا قلنا به كما هو المذهب (¬2) فإنه يجب الردُّ"، انتهى. وهكذا قال في تصحيح الفروع (¬3) إنه الصحيح، وإن صحح في الإنصاف (¬4) ما في المتن، ولا ينبغي عطف قوله: (ولا جلد) على الضمير في قوله: (لا قيمتها)؛ لأنه لابد من إعادة الخافض عند العطف على الضمير المجرور على الصحيح عند النحاة، خلافًا لابن مالك (¬5)، والكوفيين (¬6). * قوله: (ولا يُضمن حرٌّ باستيلاء عليه) سواء كان كبيرًا أو صغيرًا حيث لم يمنعه الطعام والشراب حتى مات، أما إذا لم يمت فإنه يلزم بإحضاره لأهله على ما صرح به في الإقناع (¬7) فيما (¬8) مرَّ (¬9). ¬
1 - فصل
ويُضمن ثياب صغير وحليَّه، لا دابة عليها مالكها الكبير ومتاعه، وإن استعمله كرهًا أو حبسه مدة فعليه أجرته، لا إن منع ولو قنًّا العمل من غير حبس، ولا يُضمن ربح فات بحبس مال تجارة. * * * 1 - فصل وعلى غاصب ردُّ مغصوب. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وتضمن ثياب صغير وحليه)؛ أيْ: الذي عليه ولو (¬1) لم ينزعها عنه. * قوله: (لا دابة عليها مالكها الكبير ومتاعه)؛ لأن ذلك في يد مالكه، وظاهره سواء قدر على الامتناع أو لم يقدر، لكن تعليلهم في (¬2) مسألة الصغير بأنه لا ممانعة (¬3) منه أن المراد كبير قادر على الامتناع، وإلا فغير القادر على الامتناع وجوده كعدمه، وعلى هذا فالاستيلاء على السفن التي فيها أربابها، ولا قدرة لهم على الامتناع من المستولي عليهم، لضعف شوكتهم بالنسبة للمستوليين يسمى غصبًا، وتضمن فيه السفن بما فيها، وأجرة أربابها، لكن توقف شيخنا في الإفتاء بذلك لعدم التصريح به في كلامهم فليبحث عن (¬4) المسألة. * قوله: (فعليه أجرته)؛ لأن منافع الحر متقومة بدليل صحة إجارتها فتضمن كمنافع القنِّ. فصل ¬
قَدِرَ عليه، ولو بأضعاف قيمته، لكونه بُني عليه، أو بُعِّد، أو خُلِط بمتميز ونحوه. وإن قال رب مُبَعَّد: "دعه، وأعطني أجرة ردِّه إلى بلد غصبه": لم يجب. وإن سمَّر بالمسامير بابًا قلعها، وردَّها. وإن زرع الأرض فليس لربِّها -بعد حصد- إلا الأجرة، ويُخيَّر قبله بين تركه إليه بأجرته، أو تملُّكه بنفقته، وهي مثل البذر، وعوض لواحقه. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (قدر عليه) المراد: إن كان باقيًا وليس احترازًا عن حالة العجز. * قوله: (ولو بأضعاف قيمته. . . إلخ) بأن يكون حجرًا أو خشبًا بني عليه وقيمته درهم، وهدم البناء وإعادته يحوج إلى صرف أضعاف قيمة ذلك الحجر. * قوله: (أو خلط بمتميز) كقمح بشعير. * قوله: (ونحوه) كحيوان أفلته بمكان يعسر أخذه. * قوله: (لم يُجَبْ)؛ أيْ: لم تلزم إجابته، لا أنه تمتنع عليه إجابته. وبخطه: أيْ: لم تلزم إجابته إلى ذلك؛ لأنها معاوضة، فلم يجبر عليها، وكذا لو طلب من الغاصب حمل المغصوب إلى مكان آخر في غير طريق الردِّ، فإن طلب منه ردَّه إلى بعض الطريق لزمه. * قوله: (إليه)؛ أيْ: الحصاد. * قوله: (وعوض لواحقه) من سقي، وحرث، وغيرهما، قال أحمد (¬1): إنما أذهب إلى هذا الحكم استحسانًا على خلاف القياس؛ أيْ: استحسانًا للعمل بحديث رافع بن خديج، وهو قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من زرع في أرض قومٍ بغير إذنهم فليس ¬
وإن غرس أو بنى فيها أُخِذَ بقلع غرسه أو بنائه، وتسويتها، وأرش نقصها، وأجرتها حتى ولو كان أحد الشريكَين. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ له من الزرع شيء، وله نفقته" (¬1)، رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن، قال في شرحه (¬2): "وقيمة الشيء لا تسمى نفقة له"، انتهى. فليس المراد من الاستحسان ما ذكره الأصوليون في جملة الأدلة عند الإمام أبي حنيفة (¬3). * قوله: (أخذ. . . إلخ)؛ أيْ: ألزم. * قوله: (وأجرتها)؛ أيْ: مدة الاستيلاء عليها. ¬
أو لم يغصبها لكن فعله بغير إذن، ولا يملك أخذه بقيمته، وأن وُهب لمالكها لم يُجبر على قبوله، ورَطبة ونحوها كزوع، لا غرس. ومتى كانت آلات البناء من مغصوب فأجرتها مبنيَّة، ولا يملك هدمها، وإلا فأجرتها، فلو آجرهما فالأجرة بقدر قيمتها، ومن غصب أرضًا وغراسًا منقولًا من واحد، فغريمه فيها لم يملك قلعه، وعليه -إن فعل أو طلبه ربهما لغرض صحيح- تسويتها ونقصها، ونقص غراس. وإن غصب خشبًا فرقَّع به سفينة قُلع، ويمهل مع خوف حتى تُرسَى، فإن تعذر فلمالك أخذ قيمته، وعليه أجرته إليه ونقصه، وإن غصب ما خاط به جُرح محترم. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو لم يغصبها)؛ أيْ: يستولي عليها. * قوله: (ولا يملك)؛. أيْ: رب الأرض. * قوله: (أخذه بقيمته)؛ أيْ: الغرس أو البناء. * قوله: (ورطبة) وهو ما يجز مرة بعد أخرى. * قوله: (ونحوها) مما يتكرر حمله كقثاء، وبامياء، وباذنجان. * قوله: (ولا يملك هدمها)؛ أيْ: إن أبرئ من ضمان ما يتلف بها قياسًا على مسألة البئر الآتية (¬1). * قوله: (بقدر قيمتها)؛ أيْ: أجرة مثلهما. * قوله: (وعليه أجرته إليه)؛ أيْ: إلى أداء قيمته، وفي الشرح (¬2): "إلى وقت ¬
وخيف بقلعه ضرر آدمي أو تلف غيره فقيمته، وإن حلَّ لغاصب أمر بذبحه، ويردُّه كبَعْدَ موت غير آدمي. ومن غصب جوهرة فابتلعتها بهيمة، فكذلك. ولو ابتلعت شاةُ شخصٍ جوهرة آخر غير مغصوبة، ولا تخرج إلا بذبحها -وهو أقلُّ ضرر- ذُبحت، وعلى رب الجوهرة ما نقص به. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قلعه"، وهو ضعيف، مع أنه مشى على الصحيح فيما يأتي (¬1)، وأشار إلى ضعف هذا بقيل عند قوله في المتن (¬2): (وما صحت إجارته). وبخطه: على قوله: (وعليه أجرته. . . إلخ)؛ أيْ: لأجل الحيلولة، وإذا تمكن بعد ذلك من (¬3) أخذه فله أخذه وردُّ القيمة. إقناع (¬4). * قوله: (ويردُّه) ولو كان في ذبحه نقص لقيمته. * قوله: (كبَعْدَ موت)؛ أيْ: كما يردُّ الخيط بعد. . . إلخ. * قوله: (فكذلك)؛ أيْ: فكما لو غصب خيطًا فخاط به جرح بهيمة -على ما تقدم-. * قوله: (وعلى رب الجوهرة) ومقتضاه فرط أو لم يفرط؛ لأن العلة فيه أنه لتخليص [ماله -كما ذكروه (¬5) -. * قوله: (ما نقص به)؛ أيْ: بالذبح؛ لأنه لتخليص ماله] (¬6). ¬
وإن لم يفرِّط رب الشاة بكون يده عليها. وإن حصل رأسها بإناء، ولم تخرج إلا بذبحها أو كسره -ولم يُفَرِّطا- كُسر، وعلى مالكها أرشه، ومع تفريطه تُذبح بلا ضمان، ومع تفريط ربِّه يُكسر بلا أرش، ويتعيَّن في غير مأكولة كسره. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولم يخرج)؛ أيْ: الرأس وهو مذكر (¬1). وبخطه: قوله: (ولم يخرج. . . إلخ) لعله ما لم تكن صناعته محرمة، فإنه يتعين كسره ابتداء. * قوله: (كسر) ظاهره ولو كان الإناء أكثر قيمة من الشاة، وهو مخالف لكلام الموفق (¬2)، لكنه في الإطلاق موافق لكلام الأكثرين وابن عقيل (¬3)، فراجع الإقناع (¬4) وشرحه (¬5). * قوله: (ومع تفريطه)؛ أيْ: رب الشاة. * قوله: (ومع تفريط ربه)؛ أيْ: الإناء. * قوله: (بلا أرش) ومع عدم التفريط منهما الضمان على صاحب البهيمة إن كسر الإناء، وإن ذبحت البهيمة فالضمان على صاحب القدر، شرح الإقناع (¬6). * قوله: (ويتعين في غير مأكولةٍ كسره) وكذا فيما صناعته محرمة -على ¬
ويحرم تركُ الحَالِ على ما هو عليه. ولو حصل مال شخص في دار آخر، وتعذر إخراجه دون نقض: وجب، وعلى ربه ضمانه إن لم يفرِّط صاحب الدار. ومتى غصب دينارًا، فحصل في محبْرَة آخر أو نحوها، وعسر إخراجه، فإن زاد ضرر الكسر عليه فعلى الغاصب بدله، وإلا تعيَّن الكسر وعليه ضمانه. وإن حصل بلا غصب ولا فعل أحد كُسرت، وعلى ربه أرشها إلا أن يمتنع. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ما ترجيناه-، فحرره! (¬1). * قوله: (وجب)؛ أيْ: النقص. * قوله: (وعلى ربه ضمانه)؛ أيْ: النقص. * قوله: (ومن غصب دينارًا. . . إلخ) هذه المسألة ثبت على خلاف القياس (¬2)، فلا يطلب الفرق بينها وبين مسألة الإناء ورأس الشاة. * قوله: (أو نحوها) من الأواني الضيقة الرأس. * قوله: (فعلى الغاصب بدله) ما لم تكن صناعتها محرمة، فإنه يتعين الكسر ابتداء. * قوله: (وعليه)؛ أيْ: الغاصب. * قوله: (ضمانه)؛ أيْ: الكسر. * قوله: (إلا أن يمتنع)؛ أيْ: رب الدينار. ¬
2 - فصل
منه لكونها ثمينة، [وبفعل مالكها تُكْسَر مجانًا] (¬1)، وبفعل رب الدينار يُخيَّر بين تركه وكسرها، وعليه قيمتها، ويلزمه قبول مثله إن بذله ربها. * * * 2 - فصل ويلزم ردُّ مغصوب -زاد- بزيادته المتصلة، كقِصَارة وسمن وتعلم صنعة، والمنفصلة كولد وكسب. ولو غصب قنًّا أو شبكة أو شَرَكًا فأمسك، أو جارحًا أو فرسًا فصاد به أو عليه أو غَنِم فلمالكه، لا أجرته زمن ذلك. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (منه)؛ أيْ: من الكسر. * قوله: (يُخيَّر بين تركه)؛ أيْ: حتى تكسر. فصل * قوله: (ويلزم. . . إلخ)؛ أيْ: من بيده الغصب، غاصبًا أو غيره، فحذف المفعول إيذانًا بالعموم، فَقَصْر الشارح (¬2) له علي الغاصب نظرًا للغالب. * قوله: (كولد) من بهيمة أو أمة إذا كان الواطئ عالمًا بالحال، وإلا فالولد حرٌّ، ويفديه أبوه بقيمته يوم ولادته. * قوله: (أو جارحًا أو فرسًا) أو سهمًا على ما في المغني (¬3)، وفي الإقناع (¬4) أو قوسًا. ¬
وإن أزال اسمه كنسج غزل، وطحن حبٍّ أو طبخه، ونجْر خشب، وضرب حديد وفضة ونحوهما، وجعل طين لَبِنًا أو فخَّارًا -ردَّه وأرشه إن نقص، ولا شيء له، وللمالك إجباره على ردِّ ما أمكن ردُّه إلى حالته. ومن حفر في مغصوبة بئرًا، أو شقَّ نهرًا، ووضع التراب بها فله طَمُّها لغرض صحيح، ولو أبرئ مما يتلف بها، وتصح البراءة منه، وإن أراده مالك أُلزم به. ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه: عمومه يتناول الكلب، وفيه وجهان (¬1)، أحدهما: وهو ما ذهب إليه صاحب التلخيص أن الصيد يكون للغاصب لا للمالك، وهو بعيد عن القواعد، والذي يقتضيه كلام المص السابق (¬2) من أنه يجب ردُّ الكلب الذي يقتنى أنه يردُّ بزيادته المتصلة والمنفصلة كالصيد. * قوله: (ولا شيء له)؛ أيْ: إن زاد. * قوله: (ما أمكن ردُّه) احترز به عما ما لا يمكن، كالأبواب والفخار. * قوله: (ووضع التراب بها)؛ أيْ: بالمغصوبة؛ أيْ: أو بغيرها من ملكه أو ملك غيره. * قوله: (فله)؛ أيْ: من حفر. * قوله: (وإن أراده)؛ أيْ: الطمَّ لغرض صحيح، قاله في الإقناع (¬3). * قوله: (ألزم)؛ أيْ: الغاصب. ¬
3 - فصل
وإن غصب حبًّا فزرعه، أو بيضًا فصار فراخًا، أو نوًى أو أغصانًا فصار شجرًا ردَّه، ولا شيء له. * * * 3 - فصل ويَضمن نقصَ مغصوب ولو رائحة مسك ونحوه، أو بنبات لِحية عبد، وإن خصاه، أو زال ما تجب فيه دية من حرٍّ، ردَّه وقيمته. وإن قُطع ما فيه مقدَّر دون ذلك. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فزرعه) المراد وصار زرعًا. * قوله: (فصار فراخًا) المراد فَرَقَّدَه، ففي العبارة صنعة الاحتباك. * قوله: (فصار شجرًا) لعله ما لم يكن الغراس في أرض المغصوب منه النوى أو الأغصان على قياس ما سلف (¬1)، فتنبه!. * قوله: (رده) ما ذكر من النوى والأغصان. فصل * قوله: (ويضمن نقص. . . إلخ) ولو بما فيه حكومة. * قوله: (ونحوه) كعنبر. * قوله: (وقيمته)؛ أيْ: قيمة العبد كاملة؛ لأن دية القنِّ قيمته. * قوله: (ما فيه مقدَّر) من دية مقطوع أو حكومة. * قوله: (دون ذلك)؛ أيْ: دون ما زاد على (¬2) أرش الجناية. ¬
فأكثر الأمرَين، ويرجع غاصب غرم على جانٍ بأرش جناية فقط، ولا يردُّ مالك (¬1) أرش معيب أَخَذه معه بزواله. ولا يضمن نقص سعر، كهُزال زاد به، ويضمن زيادته. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فأكثر الأمرين) وهما أرش نقص المقطوع وديته، ومثله في الحاشية (¬2). * قوله: (أخذه معه. . . إلخ) المراد من المعية هنا الاشتراك في الأخذ، فيصدق بغير الحقيقة، والمسائل ثلاث، وحكمها مذكور في شرح شيخنا (¬3)، وفي الحاشية (¬4) التعرض (¬5) لمسألتَين، وسكت عن الثالثة. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: مفهومه أنه لو أخذ الأرش وحده، ثم زال العيب قبل ردِّ المعيب أنه يرجع به الغاصب؛ لأن الأرش لا يستقر إلا بردِّ المعيب. * قوله: (كهزال زاد به) لو قال: كهزال لم ينقص به لكان أولى؛ لأنه يقتضي أنه إذا لم يزد به يضمنه حتى في جانب المساواة، مع أنه لا يتصور الضمان فيه، فتدبر!، شرح الإقناع (¬6). * قوله: (ويضمن ريادته)؛ أيْ: زادت عند الغاصب ثم تلفت قبل الردِّ، كما لو سمن، ثم هزل قبل ردِّه، أو تعلم صنعة ثم نسيها قبل الردِّ. ¬
لا مرضًا برئ منه في يده، ولا إن عاد مثلها من جنسها، ولا إن نقص فزاد مثله من جنسه، ولو صنعة بدل صنعة نسيَها. وإن نقص غيرَ مستقرٍّ كحنطة ابتلت وعَفِنت، خُيِّر بين مثلها، أو تركها حتى يستقر فسادها، ويأخذها وأرش نقصها. وعلى غاصب جناية مغصوب وإتلافه -ولو على ربه أو ماله- بالأقل من أرش أو قيمته. وهي على غاصب هَدْر (¬1)، وكذا على ماله، إلا في قوَد، فيُقتل بعبد غاصب. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا مرضًا) هذه ذكر حكمها كالعبث؛ لأنه لا يذهب إلى وهم أحد أنه لو غصب مريضًا فبرئ عنده أنه يلزمه أرش لذلك، إلا أن يقال مراده لا يضمن مرضًا حدث عنده، ثم برئ منه في يده (¬2). * قوله: (أو ماله)؛ أيْ: أو نفسه؛ أيْ: نفس المغصوب، ولعله لم يذكره لدخوله في قوله أول الفصل (ويضمن نقص مغصوب) إذ هو شامل لما إذا كان النقص بسبب جناية نفسه على نفسه، أو طرفه. * قوله: (بالأقل)؛ أيْ: مضمونة بالأقل. . . إلخ. * قوله: (وهي. . . إلخ)؛ أيْ: الجناية، والمراد بها ما هو أعم من الإتلاف، فيكون من قبيل الاستخدام. * قوله: (وكذا على ماله)؛ أيْ: مال الغاصب. * قوله: (فيقتل بعبد فاصب) وبالغاصب نفسه؛ لأن العلة المذكورة وهي ¬
4 - فصل
ويرجع عليه بقيمته، وزوائد مغصوب إذا تَلِفَت أو نَقَصت أو جَنَتْ كَهْوَ. * * * 4 - فصل وإن خَلَط ما لا يتميز كزيت ونقد بمثلهما، لزمه مثله منه، وبدونه أو خير منه، أو غير جنسه على وجه لا يتميز، فشريكان بقدر قيمتَيهما، كاختلاط من غير غصب، وحَرُمَ تصرف غاصب في قدر مَالَه فيه. ولو اختلط درهم بدرهمَين لآخر، ولا تمييز، فتلف اثنان فما بقي. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أن القود حق تعلق بالمغصوب لا بالغاصب يقتضي ذلك بالأولى، وإنما اقتصر على العبد؛ لأن كلامه في المال، وإذا قتل العبد في هذه الحالة رجع بقيمته على تركة الغاصب. * قوله: (ويرجع عليه بقيمته) وموجب القيمة الغصب؛ لأنه يصير كأنه تلف في يده، فتجب قيمته، وهو ظاهر. فصل * قوله: (وإن خلط ما لا يتميز)؛ أيْ: بمثله. * وقوله: (وبدونه) عطف على ذلك المقدر. وبخطه: وأما ما يتميز فقد تقدم بيان حكمه في أول الفصل الذي بعد الباب (¬1)، فراجعه!. ¬
فبينهما نصفَين، وإن غصب ثوبًا فصبغه، أو سويقًا فَلَتَّه (¬1) بزيت، فنقصت قيمتهما أو قيمة أحدهما ضمن النقص، وإن لم تنقص ولم تزد، أو زادت قيمتهما فشريكان بقدر مالَيهما، وإن زادت قيمة أحدهما فلصاحبه، فإن طلب أحدهما قلع الصُّبْغِ لم يُجَب، ولو ضمن النقص، ويلزم المالك قبول صبغ وتَزْوِبق دار ونحوه، وُهب له، لا مسامير سُمِّر بها المغصوب، وإن غصب صبغًا فصبغ به ثوبًا، أو زيتًا فلتَّ به سويقًا، فشريكان بقدر حقَّيهما، ويضمن النقص، وإن غصب ثوبًا وصُبْغًا فصبغه به، ردَّه وأرش نقصه، ولا شيء له إن زاد. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فبينهما نصفَين) وقيل: أثلاثًا (¬2)، وقيل: يقرع (¬3)، انظر الحاشية (¬4). * قوله: (لا مسامير. . . إلخ)؛ لأنها أعيان متميزة، فلا يجبر على قبولها كغيرها من الأعيان للمِنة. شرح (¬5). * قوله: (وإن غصب ثوبًا وصبغًا)؛ أيْ: من واحد على ما في الشرح (¬6) لضرورة ما بعده، وأما إذا كان كل واحد منهما لواحد فهما شريكان، وبيَّن ذلك في الشرح (¬7)، فارجع إليه!. ¬
5 - فصل
5 - فصل ويجب بوطء غاصب عالمًا تحريمه حَدٌّ، ومهر ولو مطاوعة، وأرش بكارة، ونقص بولادة، والولد ملك لربها، ويضمنه سِقْطًا -لا ميتًا بلا جناية- بعُشر قيمة أمِّه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (ويجب بوطء غاصب)؛ أيْ: كل غاصب، فالنكرة هنا قد عَمَّت، فصح مجيء الحال منها. * قوله: (عالمًا تحريمه) لا يتوقف على العلم بالتحريم شيء مما ذكره سوى الحدِّ ورقيَّة الولد، فتدبر!. * قوله: (ويضمنه سِقْطًا)؛ أيْ: إن نزل حيًّا قبل تمامه. * قوله: (لا ميتًا) قيد في (سقطًا)، وكذا قوله (بلا جناية)، والمعنى: ويضمنه سقطًا غير ميت بلا جناية، وأما إن كان بجناية فإنه يضمنه مطلقًا سواء نزل حيًّا أو ميتًا. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: قوله: (لا ميتًا بلا جناية)؛ أيْ: فلا يضمنه ولو بعد تمامه، وإن ولدته تامًّا حيًّا ثم مات ضمنه بقيمته، جزم به في المغني (¬1) والشرح (¬2). وإن ولدته ميتًا بجناية ضَمَّنَه المالك من شاء من جانٍ وغاصب، فالمسائل أربع، وإن نظرت إلى كونه إما قبل التمام أو بعده صارت ست صور. وإن نظرت ¬
وقراره معها على الجاني، وكذا ولد بهيمة. والولد من جاهل حُرٍّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى كونها إذا ولدته حيًّا تارة يكون لوقت يعيش مثله فيه، وتارة لا زادت (¬1). * قوله: (وقراره. . . إلخ)؛ أيْ: قرار الضمان مع الجناية على الجاني إذا كان غير الغاصب. * قوله: (وكذا ولد بهيمة)؛ أيْ: من حيث الضمان، لا المضمون به، إذ ذاك مضمون بعشر قيمة أمِّه، وذا مضمون بما نقص أمِّه، ويدل على ذلك قوله في شرحه (¬2): "وكذا؛ أيْ: وكولد الأمة المغصوبة في حكم الضمان ولد بهيمة" إن جعلت الإضافة في حكم الضمان بيانية. وقيل: إنه يضمن أيضًا بعشر قيمة أمِّه (¬3) فيكون التشبيه تامًّا، وبعضهم (¬4) توهم أن غرض المص التشبيه التام فقال بعد نقله له: "ويتجه أنه يضمن بما نقص أمه" فصرف المتن عن الصحيح الذي مشى عليه المص فيما سيأتي (¬5) في الجنايات، وجعله بحثًا، مع أنهم قد نقلوه هنا أيضًا عن نص الامام (¬6) على ما في المبدع (¬7). * قوله: (والولد من جاهل) ولو أنه الغاصب. * قوله: (حرٍّ) كان عليه أن يقول ولا حدَّ عليه؛ لأن كلًّا من الحد ورق ¬
ويُفدَى بانفصاله حيًّا بقيمته يوم وَضْعِه. ويرجع مُعتاض -غرم- على غاصب، بنقص ولادة، ومنفعة فائتة بإباق أو نحوه، ومهر، وأجرة نفع، وثمر، وكسب، وقيمة ولد، وغاصب على معتاض بقيمة، وأرشِ بكارة. وفي إجارة يرجع مستأجر -غَرِمَ- بقيمة عين، وغاصب عليه بقيمة منفعة، ويستَرِدُّ مشترٍ ومستأجر -لم يُقرَّا بالملك له-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الولد يتوقف على العلم بالتحريم. * قوله: (بقيمته يوم وضعه) ظاهره ولو لوقت لا يعيش لمثله فيه، مع أنه في هذه الحالة لا قيمة له. * قوله: (ويرجع معتاض)؛ أيْ: متملك للعين بعوض كبيع، وهبة على عوض. * قوله: (بقيمة) سواء كانت مثل الثمن أو لا. * قوله: (لم يُقَرَّا بالملك) الذي سيأتي في الدعاوي (¬1) أنهما يستردان ولو أقرَّا له بالملك، لكن المفهوم لا يعارض المنطوق فالمعتبر ما هناك (¬2). وقال شيخ شيخنا م ح (¬3) (¬4): "إن ما هناك من الإقرار بالملك لأجل تصحيح الدعوى فقط، لا على أنه قيد في الاسترداد"، لكن ينافي جواب شيخ شيخنا كون ¬
ما دفعاه من المسمّى، ولو علما الحال. وفي تملُّك بلا عوض، وعقد أمانة مع جهل، يرجع متملِّك وأمين بقيمة عين ومنفعة، ولا يرجع غاصب بشيء. وفي عارية -مع جهل مستعير- يرجع بقييمة منفعة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المسألة فيها قولان للأصحاب (¬1) مشى ابن رجب (¬2) على أحدهما (¬3). * قوله: (من المسمى) ثمنًا في الأولى، وأجرة في الثانية. * قوله: (وفي تملك. . . إلخ) للعين أو للمنفعة، أما الأول فأفراده كثيرة (¬4)، وأما الثاني فكما لو أوصى بمنافع العين فإنه دخل على أن العين غير مضمونة عليه، وأن المنفعة مملوكة له. * قوله: (مع جهل) هذا قيد في الكل. * قوله: (وفي عارية. . . إلخ)؛ أيْ: إن لم تكن تلفت فيما استعيرت له. ¬
وغاصب بقيمة عين، ومع علمه لا يرجع بشيء، ويرجع غاصب بهما. وفي غصب يرجع الغاصب الأول بما غَرِم، ولا يرجع الثاني عليه بشيء. وفي مضاربة ونحوها يرجع عامل بقيمة عين وأجر عمل، وغاصب بما قبض عامل لنفسه من ربح، وثمر في مساقاة بقسمته معه. وفي نكاح يرجع زوج بقيمتها وقيمة ولد اشتَرَط حريته أو مات، وغاصب بمهر مثل. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا يرجع الثاني عليه بشيء) لكن إذا لم يغصبها الثاني عقب الأول لا يطالبه الأول إلا بقيمة منفعتها مدة إقامتها عنده. شرح (¬1). * قوله: (ونحوها) كشركة العنان، والمساقاة، والمزارعة. * قوله: (بما قبض عامل لنفسه. . . إلخ) كان على قياس ما سبق حقه أن يقول: ومع علمه لا يرجع بشيء، إلا أن هذا معلوم، والأصل حذفه من الجميع، فتدبر!. وبخطه: على قوله: (يرجع زوج)؛ أيْ: غير عالم بالحال، وإن كان عالمًا لا يرجع بشيء وعليه أيضًا أرش البكارة، ونقص الولادة، ويحدُّ؛ لأنه صار زانيًا. * قوله: (وقيمة ولد اشترط حريته) وكذا إذا غرَّ بها فإنه يرجع بقيمة الولد؛ لأنه حرٌّ، وكذا إذا جهل الحكم أو الحال -كما تقدم أول الفصل (¬2) - في قول المص: (والولد من جاهل حرٍّ ويفدى)، فتدبر!. ¬
ويَرُدُّ ما أخذ من مسمَّى. وفي إصداق وخلع أو نحوه عليه، وإيفاء دين يرجع قابض بقيمة منفعة، وغاصب بقيمة عين، والدين بِحَاله، وفي إتلاف بإذن غاصب القرار عليه، وإن علم متلف فعليه. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويردُّ. . . إلخ)؛ أيْ: الغاصب، لعله ما لم يعترف الزوج له بالملك على قياس ما سبق (¬1) في المشتري والمستأجر، فتدبر!. * قوله: (أو نحوه) كطلاق، وعتق. * قوله: (عليه)؛ أيْ: على المغصوب، سواء وقع العقد على عينه، أو على شيء في الذمة موصوف بصفته ثم دفعه عما في الذمة. * قوله: (وفي إتلاف. . . إلخ)؛ أيْ: مباح على ما قيد به صاحب التلخيص (¬2) (¬3)، حاشية (¬4). ¬
وإن كان المنتَقَلُ إليه -في هذه الصور- هو المالك فلا شيء له لما يستقر عليه لو كان أجنبيًّا، وما سواه فعلى غاصب. وإن أطعمه لغير مالكه، وعلم بغصبه، استقر ضمانه عليه، وإلا فعلى غاصب، ولو لم يقل: إنه طعامه، ولمالكه أو قنِّه أو دابته، أو أخذه بقرض أو شراء أو هبة أو صدقة، أو إباحة له، أو استرهنه، أو استودعه، أو استأجره، أو استؤجر على قِصَارته أو خياطته ونحوهما -ولم يعلم- لم يبرأ غاصب، وإن أُعيره برئ، كصدور ما تقدم من مالك لغاصب، وكما لو زوجه المغصوبة. ومن اشترى أرضًا فغرس أو بنى فيها فخرجت مستَحَقَّةٌ، وقُلع غرسه أو بناؤه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولو لم يقل)؛ أيْ: الغاصب للآكل. * قوله: (ونحوهما)؛ أيْ: القصارة والخياطة. * قوله: (لم يبرأ)؛ أيْ: براءة تامة، ليوافق نص الإمام في مسألة القرض والشراء (¬1)، والمراد لم يبرأ من المنفعة فيهما، وفي مسألة الإجارة لم يبرأ من العين، ومثلها العارية (¬2). * قوله: (وإن أعيره برئ)؛ أيْ: من العين لا المنفعة. * قوله: (وكما لو زوجه. . . إلخ)؛ أيْ: زوَّج مالك الأمة المغصوبة لغاصبها. ¬
رجع على بائع بما غرمه، ومن أُخذ منه -بحجة مطلقة- ما اشتراه رَدَّ بائعه ما قبضه. ومن اشترى قنًّا فأعتقه، فادعى شخص أن البائع غصبه منه، فصدَّقه أحدهما، لم يُقبل على الآخر، وإن صدَّقاه مع المبيع لم يَبْطل عتقه، ويستقر الضمان على معتقه. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (رجع على بائع)؛ أيْ: غارٍّ كما نص عليه ابن نصر اللَّه (¬1)، وقوَّاه واستظهره، فتدبر!، والأصل للشيخ تقي الدين (¬2)، ونقله عنه صاحب الفروع (¬3). * قوله: (بما غرمه) من ثمن، ومؤن، وأرش نقص بقلع. شرح (¬4). * قوله: (بحجة مطلقة)؛ أيْ: غير مؤرخة، بأن أقيمت بينة شهدت للمدعي بملكه المطلق، بأن لم تقل ملكله من وقت كذا. شرح شيخنا (¬5). * قوله: (ومن اشترى قنًّا فأعتقه. . . إلخ) وهل على قياس عتق القنِّ وقف العقار أو يفرَّق؟. * قوله: (فصدقه أحدهما)؛ أيْ: البائع أو المشتري. * قوله: (ويستقر الضمان)؛ أيْ: ضمان الثمن، وقيل: ضمان القيمة (¬6). ¬
6 - فصل
6 - فصل وإن أُتلف أو تلف مغصوب ضُمن مثلي، وهو كل مكيل أو موزون لا صناعة فيه مباحة، يصح السلم فيه -بمثله، فإن أَعْوَز فقيمته مثله يوم إعوازِه، فإن قَدِرَ على المثل- لا بعد أخذها: وجب. وغيره بقيمته يوم تلفه في بلد غصبه من نَقْدِه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كذا في شرحه (¬1)، ومقتضى القواعد القول الثاني، وإن حكاه الشارح بقيل (¬2). فصل * قوله: (لا صناعة فيه مباحة) وأما ذو الصناعة المباحة فقد صيَّرته الصناعة من المتقومات، فيضمن بالقيمة لا المثل. * قوله: (فإن أعوز)؛ أيْ: تعذر على ما في المطلع (¬3)، إما لعدمٍ، أو بعدٍ، أو غلاءٍ على ما في الإقناع (¬4). وهو معتبر (¬5) بالبلد وما حوله على ما في المبدع (¬6). * قوله: (لا بعد أخذها)؛ أيْ: القيمة. * قوله: (يوم تلفه)؛ أيْ: وقت تلفه. * قوله: (من نقده)؛ أيْ: بالبلد. ¬
فإن تعدَّد فمن غالبه، وكذا متلف بلا غصب، ومقبوض بعقد فاسد، وما أُجري مُجراه مما لم يدخل في ملكه، فلو دخل بأن أخذ معلومًا بكيل أو وزن، أو حوائج من بَقَّال ونحوه في أيام، ثم يحاسبه، فإنه يعطيه بسعر يوم أخذه. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فإن تعدَّد)؛ أيْ: نقد البلد. * قوله: (فمن غالبه)؛ أيْ: رواجًا. * قوله: (بعقد فاسد) بشرط أن يكون الضمان يجري في صحيحة إذ ما (¬1) لا ضمان في صحيحة لا ضمان في فاسدة. * قوله: (وما أُجري مجراه)؛ أيْ: ما أجري مجرى المقبوض بعقد فاسد كالمقبوض على وجه السوم، أو على وجه المعاطاة التي لم يعين فيها الثمن اعتمادًا على العرف، وعلى هذا فلا إشكال في قوله الآتي: (فلو دخل بأن أخذ. . . إلخ) وسننبِّه عليه. * قوله: (فلو دخل. . . إلخ) انظر وجه دخوله في ملكه مع أنه على كلامه إما بعقد فاسد، أو ما جرى مجراه، وإن حمل على المقبوض بعقد صحيح أو ما أجري مجراه خرجنا عن موضوع المسألة، ولم يصح الاحتراز عنه بقوله: (مما لم يدخل في ملكه)، فتدبر!. فالأولى ما صنعه بعضهم (¬2)، حيث جعل ذلك مسألة مستقلة غير متعلقة بما قبلها، وقد يقال: إن المعاطاة يشترط فيها تعيين الثمن فلما لم يعين هنا اعتمادًا على العرف صار جاريًا مجرى العقد الفاسد، وقد دخل المبيع بسببه في الملك ¬
ويُقَوَّم مُصاغ مباح من ذهب أو فضة، وتِبْرٌ تخالف قيمته وزنه بغير جنسه، ومنهما بأيِّهما شاء، ويُعطى بقيمته عرضًا، ويُضمن محرم صناعة بوزنه من جنسه. وفي تلف بعض مغصوب، فتنقص قيمة باقيه كزَوجَي خُفٍّ تلف أحدهما رُدَّ باقٍ، وقيمة تالف، وأرش نقص، وفي قنٍّ يَأبِق ونحوه قيمته، ويملكها مالكه، لا غاصب مغصوبًا بدفعها، فمتى قدر ردَّه وأخذها أو بدلها إن تلف. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لتنزيل العرف منزلة التعيين فصار الاستثناء متصلًا لكونه مقبوضًا بما هو جارٍ مجرى العقد الفاسد، وعلى هذا فينبغي التعميم في قوله: (وما أجري مجراه) بحيث يشمل المقبوض على وجه السوم والمقبوض على وجه (¬1) المعاطاة التي لم يعين فيها الثمن اعتمادًا على العرف (¬2). * قوله: (ومنهما. . . إلخ)؛ أيْ: ومصوغ مصنوع منهما معًا. * قوله: (ويعطى بقيمته عرضًا) دفعًا للربا. * قوله: (وفي تلف. . . إلخ)؛ أيْ: ويلزم. * قوله: (وفي قنٍّ)؛ أيْ: يلزم. * قوله: (ونحوه) كدابة تشرد، أو كشرود الدابة. * قوله: (فمتى قدر)؛ أيْ: على الردِّ. * قوله: (وأخذها) قال الأصحاب (¬3): "بزوائدها المتصلة من سمن ونحوه ¬
وفي عصير تَخَمَّر مثله، ومتى انقلب خلًّا ردَّه وأرش نقصه، كما لو نقص بلا تخمُّر، واسترجع البدل. وما صحَّت إجارته. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ دون المنفصلة" قال في الإنصاف (¬1): "بلا نزاع". قال المجد (¬2): "وعندي أن هذا لا يتصور؛ لأن الشجر أو الحيوان لا يكون أبدًا نفس القيمة الواجبة، بل هو بدل عنها، وإذا رجع المغصوب ردَّ القيمة لا بدلها ولا ثمراته (¬3) كمن باع سلعة بدراهم، [ثم أخذ عنها ذهبًا أو سلعة، ثم ردَّ المبيع بالعيب فإنه يرجع بدراهم] (¬4) لا بدلها"، انتهى، قال المص في شرحه (¬5): "وهو كما قال". قال شيخنا في شرح الإقناع (¬6): "قلت: فيه شيء لا من باع بدراهم قد استقرت بذمته فيتأتى التعويض، وهنا لم تثبت القيمة بذمته". قال في التلخيص (¬7): "ولا يجبر المالك على أخذها، ولا يصح الإبراء منها، ولا يتعلق الحق بالبدل، فلا ينتقل إلى الذمة وإنما يثبت جواز الأخذ دفعًا للضرر فتوقف على خيرته". * قوله: (وما صحت إجارته) لعل المراد: وما غصب مما تصح إجارته ¬
من مغصوب ومقبوض بعقد فاسد، فعلى غاصب وقابض أَجْرُ مثله، مدة مقامه بيده، ومع عجز عن رَدٍّ إلى أداء قيمته، ومع تلف فإليه، ويُقبل قوله في وقته، وإلا، كغنم وشجر وطير ونحوها مما لا منافع لها يُستحق بها عوض، ويلزم في قِنٍّ ذي صنائع أجرة أعلاها فقط. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ شرعًا لو لم يكن مغصوبًا، كرقيق، وعقار (¬1) ودواب، ويعلم ذلك من مقابلته بقوله: "مما لا منافع له يُستحق بها عوض". * قوله: (من مغصوب) (من) تبعيضية لا بيانية (¬2). * قوله: (ويقبل قوله)؛ أيْ: الغاصب بيمينه؛ لأنه غارم. * قوله: (في وقته)؛ أيْ: التلف. * قوله: (وإلا. . . إلخ)؛ أيْ: وإن لم تصح إجارته. * قوله: (مما لا منافع لها يُستحق بها عوض)؛ يعني: بالنظر إلى الغالب فلا يردُّ صحة استئجار الغنم للدياس والشجر لنشر الثياب لندرة ذلك، ذكره في شرحه (¬3)، ومثله إجارة طير لصيد عليه كصقر، وبَازٍ على ما سلف في المتن. ¬
7 - فصل
7 - فصل وحرم تصرف غاصب في مغصوب بما ليس له حكم من صحة وفساد، كإتلاف، واستعمال، كلبس ونحوه، وكذا بماله حكم كعبادة وعقد، ولا يصحان. وإن اتَّجر بعين مغصوب أو ثمنه، فالربح وما اشتراه ولو في ذمته بنية نَقْدِه ثم نقدَه لمالك. وإن اختلفا في قيمة مغصوب أو قدره، أو حدوث عيبه، أو صناعة فيه، أو ملكِ ثوب أو سَرْجٍ عليه، فقول غاصب، وفي ردِّه، أو عيب فيه فقول مالك. ومن بيده غُصوب أو رُهون أو أمانات، لا يعرف أربابها فسلمها إلى حكم -ويلزمه قبولها- برئ من عهدتها، وله الصدقة بها عنهم بشرط ضمانها، كلُقطة، ويسقط عنه إثم الغصب، وليس له التوسع بشيء منها، وإن فقيرًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (ونحوه) كاستخدام. * قوله: (فقول غاصب)؛ أيْ: بيمينه؛ لأنه منكر. * قوله: (فقول مالك)؛ لأن الأصل عدم الردِّ، وكذا الأصل السلامة من العيب. * قوله: (ويلزمه قبولها) الواو للاعتراض.
ومن لم يقدر على مباح لم يأكل من حرام ما له غُنْية عنه كَحَلْوَاءَ ونحوها. ولو نوى جحْد ما بيده من ذلك، أو حقٍّ عليه في حياة ربه، فثوابه له، وإلا فلورثته، ولو ندم وردَّ ما غصبه على الورثة، برئ من إثمه، لا من إثم الغصب، ولو رَدَّه ورثة غاصب، فلمغصوب منه مطالبته في الآخرة. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (كحلواء ونحوها)؛ يعني: ويأكل منه ما لا غنى له عنه على عادته، ذكره في النوادر (¬1). * قوله: (فثوابه له)؛ أيْ: لربه. * قوله: (برئ من إثمه)؛ أيْ: المغصوب. * قوله: (لا من إثم الغصب) ولا يزول ذلك إلا بالتوبة. شرح (¬2)، تدبر ما المراد بالتوبة (¬3)؟!. ¬
8 - فصل
8 - فصل ومن أتلف -ولو سهوًا- مالًا محترمًا لغيره بلا إذنه -ومثلُه يضمنه- ضمنه، وإن كُره فمُكرِهُه، ولو على إتلاف مال نفسه، لا غيرَ محترم كصائل، ورقيق حال قطعِه الطريق، ومال حربيٍّ ونحوهم. وإن فتح قفصًا عن طائر، أو حلَّ قيد قنٍّ أو أسير، أو دفع لأحدهما مِبْرَدًا فبردَه، أو حلَّ فرسًا أو سفينة، ففات. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (مالًا) احترازًا عن الكلب. * قوله: (محترمًا) احترز به عن آلات اللهو وعن حلي الرجل فيما يظهر، تدبر (¬1)!. * قوله: (ومثله يضمنه) احترز به عن إتلاف أهيل العدل ما لأهل (¬2) البغي أو عكسه، وإتلاف المسلمين ما لأهل (¬3) الحرب وعكسه. * قوله: (أو حل قيد قنٍّ. . . إلخ) انظر لو حل قيد مجنون فجنى، على من الضمان؟. ¬
أو عُقِرَ شيء من ذلك، أو أتلف شيئًا، أو وكاءٍ (¬1) زِقٍّ (¬2) مائع أو جامد فأذابته الشمس، أو بقي بعد حلِّه فألقته ريح فاندفق، ضمنه، لا دافع مفتاح للص، ولا حابس مالك دواب فتتلف. ولو بقي الطائر أو الفرس حتى نفَّرهما آخر ضمن المنفِّر. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لكن مقتضى ما يأتي في باب الجنايات (¬3) أن الضمان على المجنون إذا تعمد. * قوله: (لا دافع مفتاح. . . إلخ) انظر الفرق بينه وبين الدالِّ، حيث قالوا: إنه يضمن ما أتلف بسبب إغرائه ودلالته -كما سيأتي قريبًا- ويمكن أن يؤخذ (¬4) الجمع بينهما مما قاله ابن حمدان (¬5) في مسألة مرسل الصغير إذا جُني عليه بطريقه حيث قيد قول الأصحاب بتضمين المرسل (¬6) بما إذا لم يمكن تضمين الجاني، فيكون المراد هنا أنه لا يضمن دافع المفتاح للص حيث أمكن تضمين اللص، ومعنى ما يأتي أنه يضمن الدال والمغري حيث لم يمكن تضمين المباشر؛ لأن حق العباد لا يضيع هدرًا، بل يرجع به إما على المباشر، أو المتسبب إن تعذر (¬7). ¬
ومن ربط أو أوْقَفَ دابة بطريق ولو واسعًا، أو ترك بها طينًا أو خشبة أو عمودًا أو حجرًا أو كيس دراهم، أو أسند خشبة إلى حائط ضَمِن ما تلف بذلك، ويضمن مُغْرٍ ما أخذه ظالم بإغرائه ودَلالته. ومن اقتنى كلبًا عقورًا، أو لا يُقتنى أو أسودَ بَهيمًا، أو أسدًا، أو نمِرًا، أو ذئبًا، أو هرًّا تأكل الطيور وتقلب القدور عادة، مع علمه، أو نحوها من السباع المتوحشة، المنقح (¬1): "وعلى قياس ذلك الكبش المعلَّم النِّطَاح"، فعقر أو خرَّق ثوب من دخل لإذنه، أو نَفَحَت دابة بضيّق، من ضربها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بإغرائه ودلالته) لعل الواو بمعنى "أو" فلا يشترط للتضمين الإغراء والدلالة، والمص تبع لفظ فتوى الزريراني (¬2) الواقعة في جواب سؤال عمَّن جمع بينهما (¬3). ¬
ضمنه، ويجوز قتل هرٍّ بأكل لحم ونحوه. ومن أجَّج نارًا بملكه أو سَقَاه، فتعدّى إلى ملك غيره، لا بِطُرْيان ريح فأتلفه ضمنه إن أفرط أو فرَّط. ومن حَفَر أو حَفَر قنُّه بأمره بئرًا لنفسه في فنائه ضمن ما تلف به، وكذا حرٌّ علم الحال. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ضمنه)؛ أيْ: موقفها. * قوله: (ومن أجَّج نارًا بملكه) فإن كان قد أجَّجها بمكان غصبه ضمن، سواء أفْرَط أو فرَّط أو لا، على ما في الرعاية (¬1). * قوله: (أو سقاه)؛ أيْ: ملكه، لكن فيه شبه استخدام. * قوله: (فأتلفه)؛ أيْ: أتلف منا ذكر من التأجيح والسقي ملك غيره. * قوله: (أو قنِّه) فيه العطف على الضمير من غير فصل وهو قليل ضعيف (¬2). * قوله: (علم الحال)؛ أيْ: علم أنها ليست ملكه، وإنما هو أحق بها فقط، وهو مبني على أن الفناء ليس ملكًا لرب الدار، وتقدم أن الشارح (¬3) حكى في ذلك ¬
لا في موات لتملُّكٍ (¬1) أو ارتفاق، أو انتفاع عامٍّ، أو في سابلة واسعة، أو بنى فيها مسجدًا أو خانًا ونحوهما لنفع المسلمين بلا ضرر، ولو بلا إذن إمام، كبناء جسر ووضع حجر بطين ليطأ عليه الناس. ومن أمر حرًّا بحفرها في ملك غيره -بأجرة أو لا- ضمن ما تلف بها حافر علِم، وإلا فآمرٌ، كأمره ببناء، وحُلِّفا إن أنكرا العلم، ويضمن سلطان آمرٌ وحده. ـــــــــــــــــــــــــــــ خلافًا فراجعه في باب بيع الأصول والثمار. * قوله: (أو بنى فيها. . . إلخ) عطف على الفعل المقدَّر العاملِ في: (لتملك) أو التقدير: لا إن حفرها لتملكن أو بنى فيها. . . إلخ. * قوله: (ونحوهما) كسقاية. * قوله: (ومن أمر حرًّا) لعل المراد: مكلفًا ليوافق ما يأتي في الجنايات (¬2). * قوله: (وحلفا)؛ أيْ: حلف الحافر والباني، ومقتضى قول الشارحَين (¬3): لأن الأصل عدم علمهما أن الضمان حينئذٍ على الآمر. * قوله: (ويضمن سلطان)؛ أيْ: ذو القوة والبأس. * قوله: (وحده) لعدم إمكان مخالفته، أشبه ما لو أكره على ذلك، قاله في شرحه (¬4)،. . . . . . ¬
ومن بسط في مسجده حصيرًا أو باريَّة أو بساطًا، أو علَّق أو أوقد فيه قنديلًا، أو نصب فيه بابًا أو عُمُدًا أو رَفًّا لنفع الناس، أو سَقَفَه، أو بنى جدارًا ونحوه، أو جلس أو اضطجع أو قام فيه أو في طريق واسع، فعثر به حيوان لم يضمن ما تلف به. ـــــــــــــــــــــــــــــ لكن يأتي في الجنايات (¬1) في الآمر بالقتل أن الضمان على الفاعل إن علم ظلامة المقتول ما لم يكرهه الإمام فيحتاج للفرق، وقد يفرق بأن القتل يشدد فيه بخلاف غيره، حاشية (¬2). * قوله: (أو بساطًا) إن نُظر لمقتضى اللغة من أن البساط ما يبسط مطلقًا على ما في الصحاح (¬3)، كان من قبيل عطف العام على الخاص، وإن نُظر للعرف من اختصاصه بنوع مخصوص كان العطف مغايرًا، فتدبر!. * قوله: (أو جلس أو اضطجع. . . إلخ)؛ أيْ: على وجه لا يحرم، فإن كان على وجه محرم كجلوس الحائض في المسجد، أو كجلوس (¬4) يضر بالمارة في الطريق ضمن ما تلف به، ذكره في شرحه (¬5)، وخالف فيه الحارثي في مسألة الحيض والجنابة (¬6). ¬
وإن أخرج جناحًا أو ميزابًا ونحوه إلى طريق نافذ أو غيره بلا إذن أهله -فسقط، فأتلف شيئًا، ضمنه ولو بعد بيع، وقد طولب بنقضه لحصوله بفعله، ما لم يأذن فيه إمام أو نائبه، ولا ضرر، وإن مال حائطه إلى غير ملكه، وكمَيْلٍ شقُّه عرضًا لا طولًا- وأبى هدمه حتى أتلف شيئًا لم يضمنه. ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه -رحمه اللَّه-: انظر هذا مع ما صرحوا به في باب صلاة الجمعة (¬1) من الفرق بين ما إذا أقام غيره من موضعه ليصلي فيه، وما إذا وسَّع لغيره في طريقه ليمر به فمرَّ غير الموسع له، بجواز هذا دون ذلك، وعللوه: بأن الطريق ليس له فيها سوى حق المرور، بخلاف المسجد فإنه أحق به ما دام فيه، فإنه يؤخذ من الفرق أنه ليس له الجلوس ونحوه في الطريق، إلا أن يقال: إن المنطوق لا يعارضه المفهوم، أو يقيد ما هناك بالطريق الضيق، ليوافق ما ذكروه في باب الديات (¬2)، وهنا مقيد بالطريق الواسع. ويؤخذ من الحاشية (¬3) الجواب: بأن المراد هنا الجلوس على وجه لا يضر، وأن الجلوس المضر بالمارة محرم، فيضمن ما تلف به كما أن جلوس الحائض بالمسجد محرم فتضمن ما تلف به، فتدبر!. * قوله: (لم يضمنة) لعدم تعديه ببنائه ولم يسقط بفعله، وقيل: يضمن إذا طولب بهدمه مثلًا وامتنع حتى حصل الإتلاف، وكان قد أشهد عليه بالطلب (¬4)، قال شيخنا: "وهو أظهر". ¬
9 - فصل
9 - فصل ولا يضمن رب غير ضَارِيَة وجوارح وشبهها ما أتلفته، ولو صيدًا بالحرم. ويضمن راكب وسائق وقائد قادر على التصرف فيها، جناية يَدِها وفمها وولدها ووطئها برجلها، لا ما نَفَحت (¬1) بها -ما لم يكْبحَهْا زيادة على العادة، أو يضرب وجهها، ولا جناية ذنبَها، ويضمن مع سبب كنخس (¬2) وتنفير- فاعله. ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (غير ضارية)؛ أيْ: معتادة بالإتلاف. * قوله: (ما أتلفته) يؤخذ من كلام المص أنه لا ضمان إلا في ضارية أو في غيرها بالصفة السابقة (¬3)؛ أيْ: إذا كانت تحت يد متصرف فيها، وأنه لا فرق بين الغاصب وغيره. ونقل عن ابن عقيل ضمانه مطلقًا (¬4). * قوله: (وولدها) انظر هل هو مثلها في الضمان، أو الضمان فيه مطلقًا، فيدخل ما نفحه برجله، وما أتلفه بذنبه؟ فليحرر!، واستظهر شيخنا الأول (¬5). * قوله: (ويضمن مع سبب كنخس وتنفير فاعله) سواء كان هو الراكب، ¬
وإن تعدد راكب ضمن الأول أو من خلْفَه إن انفرد بتدبيرها، لصغر الأول أو مرضه ونحوهما، وإن اشتركا في تدبيرها، أو لم يكن إلا سائق وقائد اشتركا في الضمان، ويُشارك راكبُ معهما أو مع أحدهما، وإبل وبغال مُقْطَرة (¬1) كواحدة على قائدها الضمان، ويُشاركه سائق في أولها في جميعها، وفي آخرها في الأخير فقط، وفيما بينهما فيما باشر سَوْقَه وما بعده (¬2)، وإن انفرد ركب على أول قطار ضمن جناية الجميع، ويضمن ربها ومستعير ومستأجر ومودَع ما أفسدت من زرع وشجر وغيرهما ليلًا إن فرَّط، لا نهارًا إلا غاصبها. ومن ادعى أن بهائم فلان رَعَت زرعه ليلًا -ولا غيرها-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو السائق (¬3)، أو القائد أو غيرهم، فتدبر!. * قوله: (فيما باشر سوقه) أو كان راكبًا له. * قوله: (وما بعده) وهو ما كان وراءه ومتأخرًا عنه في السير دون ما كان أمامه ومتقدمًا عليه في السير؛ لأنه ليس بسائق له ولا تام لما يسوقه، فانفرد القائد بضمانه. * قوله: (لا نهارًا)؛ أيْ: إن لم تكن تحت يد من هو متصرف فيها وإلا ضمن. * قوله: (ولا غيرها) يجوز في "غير" النصب والرفع، فالنصب على أنها ¬
ووُجد أثرها به قُضي له، ومن طرد دابة من مزرعته، لم يضمن ما أفسدته، إلا أن يُدخلها مزرعة غيره، فإن اتصلت المزارع صبرَ ليرجع على ربها. ولو قدر أن يُخرجها -وله مُنْصرَفُ غير المزارع- فتركها فهدر، كحطب على دابة خرق ثوب بصير عاقل يجد منحرفًا، وكذا لو كان مستدبرًا، فصاح به مُنَبِّهًا له، وإلا ضمن. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ اسم "لا" والخبر محذوف؛ أيْ: ولا غيرها موجود، والرفع على أنها الخبر، والاسم محذوف؛ أيْ: ولا موجود غيرها، وتركيب "لا" مع "غير"، جائز خلافًا لابن هشام في بعض تآليفه (¬1) (¬2) وهو محجوج بما أثبته هو وغيره من الوارد عن العرب في شعرهم (¬3) ومنه قوله: جَوابًا به تَنْجو اعْتَمِدْ فوَربَّنا ... لَعَنْ عَمَلٍ أسْلَفْتَ لا غَيْرُ تُسْأَلُ (¬4) * قوله: (لم يضمن ما أفسدته) ظاهره ولو مع نخس أو تنفير. * قوله: (إلا أن يدخلها مزرعة غيره) ظاهره ولو كانت مزرعة ربها. ¬
10 - فصل
10 - فصل وإن اصطدمت سفينتان فَغَرِقَتا ضمن كلٌّ سفينة الآخر وما فيها إن فرَّط، ولو تعمداه فشريكان في إتلافهما، وما فيهما، فإن قتل غالبًا فالقوَد، وإلا فشِبْهُ عمد. وإن كانت إحداهما واقفة ضَمِنَها قَيِّم السائرة إن فرَّط، وإن كانت إحداهما مُنحدرة ضمن قَيِّمُها المُصعِدة، إلا أن يُغْلَب عن ضبطها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (وإن اصطدمت سفينتان) سواء كانتا واقفتَين، أو مصعدتَين، أو منحدرتَين. * قوله: (إن فرط)؛ أيْ: في ردَّها أو تكميل آلتها من الرجال، والحبال، وهو قيد في كل من المتعاطفَين. * قوله: (فإن قتل غالبًا. . . إلخ)؛ أيْ: فإن كان اصطدامها مما يقتل غالبًا. * قوله: (إلا أن يغلب)؛ أيْ: قيم المنحدرة، وسكت عن قيم المصعدة، فظاهره أنه لا ضمان عليه فرط أو لم يفرط، وبه صرح الحارثي (¬1) تبعًا للكافي (¬2) ونسب الإطلاق للإمام (¬3) والأصحاب (¬4)، وفي المغني (¬5): "إن أمكنه الانحراف (¬6) ¬
ويُقبل قول مَلَّاح فيه، ولو خرقها عمدًا أو شبهه أو خطأ عُمل بذلك، والمشْرِفَةُ على الغرق يجب إلقاء ما يُظن به نجاة غيرَ الدواب، إلا أن تُلجئ الضرورة إلى إلقائها. ومن قتل صائلًا عليه ولو آدميًا دفْعًا عن نفسه، أو خنزيرًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولم ينحرف ضمن"، حاشية (¬1). * قوله: (في حق نفسه مع عمد)؛ أيْ: إذا مات أحد القيمَين المتعمدَين الصدم دون الآخر، بسبب تصادم السفينتَين لم يهدر فعل الميت في حق نفسه، بل يعتد به، فإن كان حرًّا فليس لورثته إلا نصف ديته، وإن كان قنًّا فليس لمالكه إلا نصف قيمته؛ لأنه شارك في قتل نفسه، ومفهومه أنه يسقط مع الخطأ فيجب على عاقلة كل منهما دية كاملة لورثة الآخر، حاشية (¬2). وبخطه: ومع خطأ أو شبه عمد يسقط، وبه صرح في الحاشية (¬3). * قوله: (ومن قتل صائلًا عليه)؛ أيْ: لا يندفع دون القتل. * قوله: (دفعًا عن نفسه) انظر هذا التقييد مع ما سيأتي في باب حد قطاع الطريق (¬4) حيث قال: "ومن أريدت نفسه، أو حرمته، أو ماله ولو قلَّ، أو لم يكافِ المريد فله دفعه بأسهل ما يظن اندفاعه به، فإن لم يندفع إلا بقتل أبيح ولا شيء عليه، وإن قتل كان شهيدًا" إلى أن قال: "وكذا في غير فتنة عن نفسه ونفس غيره، لا عن ماله"؛ أيْ: مال غيره. ¬
أو أتلف -ولو مع صغير- مزمارًا أو طُنبورًا أو عودًا أو طبلًا أو دُفًّا بصُنُوج (¬1) أو حلَق أو نرْدًا أو شطرنجًا أو صليبًا، أو كسر إناء فضة أو ذهب، أو فيه خمر مأمور بإراقتها -قَدر على إراهتها بدونه، أو لا- أو حُليَّا محرَّمًا على ذكر لم يستعمله يصلح للنساء، أو آلة سحر أو تَعْزِيم أو تنجيم، أو صورَ خَيَالٍ، أو أوثانًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مأمور بإراقتها) وهي ما عدا خمر الخلال وخمر الذمي المستترة. * قوله: (لم يستعمله يصلح للنساء) هذه عبارة الفروع (¬2)، وهي لا تعطي المراد، ولعل في العبارة سقطًا، والأصل ولم يصلح للنساء، ويكون احترز بذلك عن مثل السرج، واللجم، والركب، حرِّر! (¬3). وقد يقال في تصحيح العبارة إن (يستعمله) بمعنى يتخذه (¬4)، وجملة (يصلح) حال من الهاء في (يستعمله)، والمعنى: لم يتخذه صالحًا للنساء بأن اتخذه غير صالح للنساء، كالركب (¬5)، واللجم ومفهومه أنه إذا اتخذه صالحًا لهن أن فيه الضمان؛ لأنه قد يكون للتجارة. ¬
أو كتب مبتدعة مُضلَّة أو كفر، أو حرق مخزن خمر، أو كتابًا فيه أحاديث رديئة- لم يضمنه. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فيه أحاديث رديئة)؛ أيْ: موضوعة. * * *
1 - باب الشفعة
1 - باب الشُّفْعَة: استحقاق الشريك انتزاعَ شقص شريكه، ممن انتقل إليه بعوض مالي إن كان مثله أو دونه، ولا تَسْقُط باحتيال، ويحرم، وشروطها خمسة: كونه مبيعًا، فلا تجب في قِسْمة ولا هبة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الشفعة * قوله: (إن كان مثله)؛ أيْ: مثل شريك البائع في الإسلام والكفر. * قوله: (أو دونه)؛ أيْ: إن كان المنتقل إليه دونه في الإسلام أو الكفر، لا إن كان أعلا منه، فلا شفعة لكافر على مسلم. * قوله: (كونه مبيعًا)؛ أيْ: أو ما في معناه حتى يشمل الموهوب على عوض، والمصالح عليه المالي، فتدبر!. ولا تثبت في شقص مؤجر، وإن كانت إجارة المشاع لغير الشريك لا تصح، إلا أنه لا يسمى انتزاعًا، ولا أخذًا بالشفعة، وإلا لاقتضى صحة العقد، وقد قلنا إنها لا تصح يعني على الصحيح -كما سبق (¬1) -. * قوله: (ولا هبة)؛ أيْ: على غير عوض. ¬
وفيما عوضه غير مال، كصداق، وعوض خُلْع وصلح عن قوَد، ولا ما أُخذ أجرة، أو ثمنًا في سلَم، أو عوضًا في كتابة. الثاني: كونه مشاعًا من عقار ينقسم إجبارًا، فلا شفعة لجارٍ في مقسوم محدود، ولا في طريق مشْتَرَك لا ينفذ ببيع دار فيه، ولو كان نصيب مشترٍ منها أكثر من حاجته، فإن كان لها بابٌ آخر، أو أمكن فتح باب لها إلى شارع وجبت، وكذا دِهْلِيْزٌ (¬1) وصَحْنٌ مشتركان. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (كصداق وعوض خلع)؛ أيْ: أو طلاق، أو عتق، صورة العتق أن يقول البائع للمشتري: أعتق عبدك عني وخذ هذا الشقص. * قوله: (ولا ما أخذ أجرة. . . إلخ) استبعد الحارثي (¬2) ذلك في الأجرة، والجعالة، ورأس مال السلم؛ لأن الإجارة والسلم من البيع، والجعالة كالإجارة، وقال: "الصحيح على أصلنا جريان الشفعة قولًا واحدًا"، حاشية (¬3)؛ يعني: فيما ذكر من الإجارة، والجعالة، والسلم. * قوله: (لا ينفذ)؛ أيْ: غير نافذ. * قوله: (ببيع دار فيه)؛ أيْ: ببيعه نفسه. * قوله: (فإن كان لها باب آخر) قال الشارح (¬4): (إلى شارع)، أقول: هذا ليس بقيد. ¬
ولا فيما لا تجب قسمته، كحمام صغير، وبئر وطرُقٍ وعرَاصٍ ضيقة، وما ليس بعقار كشجر، وبناء مفرد، وحيوان وجوهر وسيف، ونحوها، ويؤخذ غراس وبناء تبعًا لأرض، لا ثمر و (¬1) زرع. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا فيما لا تجب قسمته. . . إلخ) فيه أنه (¬2) إنما وجبت الشفعة فيما يمكن قسمته لدفع ضرر المشاركة، وضررها فيما لا يمكن قَسْمه أقوى، وكان الظاهر وجوبها فيما لا يقسم بالأولى، وأجاب الشارح (¬3) عن هذا بما لا يقاومه. * قوله: (كحمام صغير وبئر. . . إلخ)؛ أيْ: إذا كانت هذه الأشياء منفردات. * تنبيه: الاشتراك في البئر لا يستوجب الأخذ بالشفعة في الأراضي التي تسقى منها حيث كانت غير مشتركة، فإذا كان يين اثنين مثلًا اشتراك في بئر، ولكل منهما أرض مختصة تسقى من تلك البئر، فإذا أراد أحدهما بيع أرضه فليس للآخر الأخذ بالشفعة؛ لأنه لا اشتراك بينهما في الأرض، وإن اشتركا في الشرب. * قوله: (لا ثمر)؛ أيْ: بعد تشقق، بدليل قوله في الفصل الآتي (¬4): (وإن أدركه شفيع وقد اشتغل بزرع مشترٍ، أو ظهر ثمر، أو أَبَّر طلع ونحوه فله، ويبقى لحصاد وجذاذ ونحوه بلا أجرة). ¬
الثالث: طلبُها سَاعةَ يعلم، فإن أخره لشدة جوع أو عطش حتى يأكل أو يشرب أو لطهارة، أو إغلاق باب، أو ليخرج من حمام، أو ليقضي حاجته، أو ليؤذِّن ويُقيم، أو ليشهد الصلاة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (الثالث. . . إلخ) قال الحارثي (¬1): "في جعل هذا شرطًا إشكال، وهو أن المطالبة بالحق فرع ثبوت ذلك الحق، ورتبة الشرط مقدمة على المشروط، فكيف يقال بتقديم المطالبة على ما هو أصل له؟ هذا خُلف، أو نقول اشتراط المطالبة يوجب توقف الثبوت عليها، ولا شك في توقف المطالبة على الثبوت، فيكون دورًا، والصحيح أنه شرط لاستدامة الشفعة لا لأصل ثبوت الشفعة، ولهذا قالوا: فإن أخره سقطت شفعته" (¬2). * قوله: (فإن أخره) مفرع على محذوف؛ أيْ: لا لعذر فإن. . . إلخ، فالأولى صنيع الإقناع (¬3)، فتدبر!. * قوله: (أو عطش)؛ أيْ: مطلقًا. * قوله: (أو ليشهد الصلاة) انظر هل المراد بالصلاة خصوص فرض العين بدليل قوله الآتي "بسننها"، أو كل صلاة طلبت الجماعة لها ولو فرض كفاية أو سنة؟. وانظر أيضًا هل حضور الجمعة لمن سقط عنه حضورها بفعله (¬4) العيد في يومها يكون عذرًا؟ ويبقى النظر أيضًا في عكسه، فليحرر! (¬5). ¬
في جماعة يخاف فوتها ونحوه، أو مَن علم ليلًا حتى يصبح -مع غيبة مشترٍ- أو (¬1) صلاة وسننها ولو مع حضوره، أو جهلًا بأن التأخير مسقط -ومثله بجهله- أو إن أشهد بطلبه غائب، أو محبوس -لم تسقط، وتسقط بسيره في طَلَبها (¬2) بلا إشهاد، لا إن أخَّر طلبه بعده. ولفظه: "أنا طالب، أو مُطَالِب، أو آخذ بالشفعة، أو قائم عليها"، ونحوه مما يفيد محاولة الأخذ، ويُملك به، فيصح تصرفه، ويورَث. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (في جماعة) ولو كان ممن لا تجب عليه الجماعة فيما يظهر. * قوله: (ونحوه) يدخل في ذلك ما إذا كان محجورًا عليه حالة البيع، فإنها لا تسقط إذا أخر الطلب إلى أن صار أهلًا -كما سينبه عليه المص (¬3) -. * قوله: (مع غيبة مشترٍ)؛ أيْ: في جميع هذه الصور. * قوله: (بعده)؛ أيْ: بعد الإشهاد. * قوله: (ويملك به)؛ أيْ: بالطلب. * قوله: (ويورث)؛ أيْ: الشقص على الصحيح من المذهب (¬4). ¬
ولا تُشترط رؤيته لأخذه. وإن لم يجد من يُشهده، أو أخَّرهما عجزًا، كمريض ومحبوس ظلمًا، أو لإظهار زيادة ثمن، أو نقص مبيع، أو هبة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا تشترط رؤيته لأخذه) خلافًا لما في الإقناع (¬1)، وعبارته: "والأخذ بالشفعة نوع بيع لكن لا خيار فيه، ولهذا اعتبر له العلم بالشقص (¬2) وبالثمن، فلا تصح مع جهالتهما"، انتهى. قال شيخنا في حاشيته (¬3): "هذا ما جزم به في المبدع (¬4)، ونقله في الإنصاف (¬5) عن الموفق (¬6) وغيره (¬7)، لكنه خالف في التنقيح (¬8)، وتبعه في المنتهى". ثم كتب على عبارة الإقناع ما نصه: وما فيه ظاهر؛ لأن الشقص في معنى البيع، والرؤية للمبيع شرط فيه (¬9). * قوله: (أو أخرهما عجزًا)؛ أيْ: الطلب والإشهاد عليه. ¬
أو أن المشتري غيره، أو لتكذيب مُخْبرٍ لا يُقبل، فعلى شفعته. وتسقط إن كذَّب مقبولًا، أو قال لمشترٍ: "بِعنيه"، أو "أكْرِنيه"، أو "صالحْني"، أو "اشتريت رخيصًا" ونحوه، لا إن عمل دلَّالًا بينهما -وهو السفير- أو توكَّل لأحدهما، أو جعل له الخيار -فاختار إمضاءه- أو رضي به، أو ضمن ثمنه، أو سلَّم عليه أو دَعَا له بعده ونحوه، أو أسقطها قبل مبيع، ومن ترك شُفعة مولِّيه، ولو لعدم حظٍّ، فله إذا صار أهلًا الأخذ بها. الرابع: أخذ جميع المبيع، فإن طلب بعضه مع بقاء الكل سقطت. وإن تلف بعضه أخذ باقيه بحصته من ثمنه، فلو اشترى دارًا بألف تساوي ألفَين، فباع بابها أو هدمها، فبقيت بألف أخذها بخمسمئة. وهي بين شفعاء على قدر أملاكهم، ومع ترك البعض لم يكن للباقي أن يأخذ إلا الكل أو يترك، وكذا إن غاب. ولا يؤخر بعض ثمنه ليحضر غائب. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو أن المشتري غيره) يجوز كونه على صيغة اسم الفاعل، وهو الظاهر، وكونه على صيغة اسم المفعول؛ أيْ: أن المعقود عليه غير الشقص الذي ثبتت فيه الشفعة، وهو صحيح أيضًا. * قوله: (لا يقبل)؛ أيْ: لم يستجمع شروط الشهادة كالمرأة، والفاسق (¬1). * قوله: (فلو اشترى دارًا بألف)؛ أيْ: بعضها ليكون المبيع شقصًا. ¬
فإن أصرَّ فلا شفعة، والغائب على حقه، ولا يطالبه بما أخذه من غلَّته. ولو كان المشتري شريكًا أخذ بحصته، فإن عفا ليُلزم به غيره لم يلزمه. ولشفيع فيما بيع على عقدَين الأخذ بهما و (¬1) بأحدهما، ويُشاركه مشترٍ إذا أخذ بالثاني فقط. وإن اشترى اثنان حق واحد، أو واحد حق اثنين، أو شقصَين من عقارَين صفقة، فللشفيع أخذ حق أحدهما، وأحد الشقصَين، وأخذ شقص بيع مع ما لا شفعة فيه بحصته يُقسم الثمن على قيمتهما. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فإن أصرَّ)؛ أيْ: على تأخير بعض الثمن. * قوله: (أخذ بحصته)؛ أيْ: استقر له من الشقص المبيع بقدر حصته، فلا يؤخذ منه بالشفعة، هذا حاصل جواب الحارثي (¬2)، فتدبر!. * قوله: (فإن عفى. . . إلخ)؛ أيْ: فإن عفى المشتري، وأراد فسخ العقد فيما اشتراه؛ لأجل أن يلزم غيره من الشركاء بالأخذ لم يصح العفو، ولم يلزم، وتستقر حصته عليه، وللشريك الآخر الأخذ بقدر حصته فقط، وليس في ذلك تشقيص كما يتوهم من كلامه؛ لأنه لم يتعرض لعدم صحة العفو، ولا لكون عقد المشتري الأول من الشريكَين باقيًا بحاله. * قوله: (فللشفيع أخذ حق أحدهما وأحد الشقصَين)؛ يعني: كما أن له أخذ حقَّيهما، وأخذ كل من الشقصَين، ولا يكون ما ذكره تشقيصًا؛ لأن البيع ¬
1 - فصل
الخامس: سبْق ملك شفيع للرقبة، فيثبت لمكاتب، لا لأحد اثنَين اشتريا دارًا صفقة على الآخر، ولو مع ادعاءِ كلَّ السبق، وتحالفا، أو تعارضت بيِّنتاهما. ولا بملكٍ غيرِ تامٍّ -كشركة وقف- أو المنفعة، كمبيع شقص من دار موصًى بنفعها له. * * * 1 - فصل وتصرف مشترٍ -بعد طلب- باطل. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يتعدد بتعدد البائع، وتعدد المشتري، وتعدد المبيع. * قوله: (فيثبت. . . إلخ) لا يظهر تفريعه على ما قبله إلا بكلفة، أو سبق ملك ممن ينسب له الملك ولو غير تام الحرية. * قوله: (كشركة وقف) ولو على معيَّن، شرح (¬1). فصل * قوله: (وتصرف مشترٍ بعد طلب باطل)؛ يعني: ولو بشيء مما لا تجب فيه شفعة ابتداءً وعمومه يشمل الهبة قبل قبضها، ولعله ليس مانعًا حتى يقبض الموهوب له، فلو طلب بين الهبة وقبولها لم يكن ذلك مانعًا من الأخذ بالشفعة، ومثله ما إذا مات الموصَى له بالعين قبل موت الموصِي، فليحرر! (¬2). ¬
وقبله بوقف أو هبة أو صدقه، أو بما لا تجب به شفعة ابتداءً، كجعله مهرًا، أو عوضًا في خُلع، أو صلحًا عن دم عمد، يُسقطها، لا برهن أو إجارة، وينفسخان بأخذه. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وَقَبْلَهُ بِوقْفٍ) وظاهره ولو قصد التحيل على عدم الأخذ بالشفعة، قياسًا على ما قالوه فيمن وقف ماله خوفًا من بيعه في قضاء ديونه، فإن في ذلك تحيلًا على محرم وصححوه (¬1)، بل هذا أولى بالصحة من ذاك. [قد يمنع هذا القياس بأن الديون متعلقة بالذمة لا بالمال، فلم يمنع من صحة الوقف، بخلاف الشفعة فإنها متعلقة بعين الشقص] (¬2). وبخطه: قوله: (بوقف. . . إلخ) اعلم أن ما ذكره من الوقف، والهبة، والصدقة مما لا تجب فيه الشفعة ابتداءً، فعطفه عليها من شبه عطف العام على الخاص، ولو قال بعد صدقة أو نحوه: مما لا تجب به شفعة ابتداءً، أو قدَّم ما أخره (¬3)، بأن قال: وقبله بما لا تجب به شفعة ابتداءً كوقف. . . إلخ لكان أظهر، فتدبر!. * قوله: (أو عوضًا في خلع)؛ أيْ: أو طلاق -على ما تقدم (¬4) -. * قوله: (يسقطها) ظاهره ولو حيلة. * قوله: (وينفسخان)؛ أيْ: الرهن والإجارة بأخذ الشفيع؛ لأنه يستند إلى حال الشراء، ولسبق حقه، حاشية (¬5). ¬
وإن باع أخذ شفيع بثمن أي البيعَين شاء، ودرجع من أخذ الشقص (¬1) ببيع قبل بيعه على بائعه بما أعطاه. ولا تسقط بفسخ لتحالف، ويؤخذ بما حلف عليه بائع، ولا إقالة، أو عيب في شقص، وفي ثمنه المعين -قبل أخذه بها- يُسقطها، لا بعده. ولبائع إلزام مشترٍ بقيمة شقصه، ويتراجع مشترٍ وشفيع بما بين قيمة وثمن، فيرجع دافعُ الأكثر بالفضل. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإن باع. . . إلخ)؛ أيْ: مشترٍ قبل طلب شفيع -كما هو موضوع المسألة-. * قوله: (قبل بيعه)؛ أيْ: قبل تصرفه (¬2) فيه ببيع. * قوله: (ولا تسقط بفسخ لتحالف) بالحاء المهملة؛ أيْ: فيما إذا تحالفا عند اختلافهما في قدر ثمن، بدليل قوله بعده: (ويؤخذ بما حلف عليه بائع. . . إلخ). * قوله: (ولا بإقالة)؛ أيْ: ما لم يكن قد عفا عن الأخذ بالشفعة وقت العقد الذي وقعت الإقالة فيه، فإن كان قد أسقط حقه تبين أنه بعد الإقالة كان لا حق له في الأخذ بها سواء قلنا إن الإقالة بيع أو فسخ، أما إذا لم يكن قد عفا وهو الذي أراده المص، فإن الإقالة لا تمنع من الأخذ بها سواء قلنا إن الإقالة فسخ أو بيع، فإن كانت فسخًا فحقه في الطلب باقٍ، وإن كانت بيعًا فله الطالب بها حالها. * قوله: (وفي ثمنه المعيَّن) متعلق بمحذوف، والتقدير: وفسخ لعيب في ثمنه. . . إلخ، وقوله: (يسقطها) خبر عن ذلك المقدر. ¬
ولا يرجع شفيع على مشترٍ بأرش عيب في ثمن عفا عنه بائع. وإن أدركه شفيع -وقد اشتغل بزرع مشترٍ، أو ظهر ثمر، أو أُبِّر طلْع ونحوه- فله، ويبقى لحصاد، وجذاذ ونحوه بلا أجرة. وإن قاسم مشترٍ شفيعًا أو وكيله لإظهاره زيادة ثمن ونحوه، ثم غَرس، أو بنى لم تسقط ولربهما أخذهما ولو مع ضرر، ولا يَضْمَن نقصًا بقلْعٍ، فإن أبى فللشفيع أخذه بقيمته حين تقويمه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (عفا عنه بائع)؛ أيْ: بعد لزوم بيع كما صرح به شيخنا في شرحه (¬1) ليوافق ما يأتي في الباب (¬2)، وما أسلف في البيع (¬3). وبخطه: لعله على قياس ما سبق ما لم يكن زمن الخيارَين، [لأنه قد سلف (¬4) أن ما يزاد في ثمن، أو مثمن، أو يحط زمن الخيارَين] (¬5) ملحق بالعقد، تدبر!. * قوله: (وإن أدركه)؛ أيْ: الشقص. * قوله: (فله)؛ أيْ: لمشترٍ. * قوله: (ونحوه) كلقاط. * قوله: (ولربهما أخذهما)؛ يعني: المشتري. * قوله: (أخذه بقيمته)؛ أيْ: ما ذكر من الغراس والبناء. ¬
أو قلعه ويضمن نقصة من قيمته، فإن أبى فلا شفعة، وإن حفر بئرًا أخذها، ولزمه أجرة مثلها. وإن باع شفيع شقصه قبل علمه فعلى شفعته، ويثبت لمشترٍ في ذلك، وتبطل بموت شفيع، لا بعد طلبه، أو إشهاد به حيث اعتُبر، وتكون لورثته كلِّهم بقدر إرثهم، فإن عُدموا فللإمام الأخذ بها. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فلا شفعة)؛ أيْ: سقطت شفعته. * قوله: (وإن حفر)؛ أيْ: مشترٍ. * قوله: (أخذها)؛ أيْ: شفيع. * قوله: (ولزمه أجرة مثلها) وكذا قيمة البناء إن طواها. * قوله: (حيث اعتبر) كأن كان مريضًا أو غائبًا عن البلد. * قوله: (فللإمام الأخذ بها) ظاهر تعبيره بلام الجواز أن له العفو أيضًا، وليس كذلك، بل هو واجب (¬1)؛ لأنه انتقل إليه قهرًا. * وقوله: (الأخذ بها)؛ أي بالشفعة، هذا بالنظر لظاهر كونه نائب الميت المطالب، فأخذ الإمام الآن للشقص؛ لأن الملك انتقل للشفيع بمجرد الطلب، فالمأخوذ عنه نفس الشقص، لا استحقاق الأخذ، فلعله في مقابلة قولٍ بالمنع، فليراجع! (¬2). ¬
2 - فصل
2 - فصل ويملك الشقص شفيع مليء بقدر ثمنه المعلوم، ويدفع مثل مثلي، وقيمة متقوّم، فإن تعذر مثل مثلي فقيمته، أو معرفة قيمة المتقوم، فقيمة شقص. وإن جُهل الثمن -ولا حيلة- سقطت، فإن اتَّهمه حَلَّه ومعها فقيمة شقص، وإن عجز ولو عن بعض ثمنه -بعد إنظاره ثلاثًا- فلمشترٍ الفسخ، ولو أتى برهن أو ضامن. ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (ويملك الشقص)؛ أيْ: بالأخذ بالشفعة. * قوله: (بقدر ثمنه المعلوم)؛ أيْ: فيما إذا لم يبعه المشتري، وإلا فتقدم (¬1) أن له الأخذ في هذه بأي البيعتَين (¬2) شاء. * قوله: (فقيمة) لعله يوم إعوازه، على نظير ما سلف في القرض. * قوله: (وإن عجز)؛ أيْ: شفيع. * قوله: (فلمشترٍ الفسخ)؛ أيْ: ملك الفسخ وليس المراد أن للمشتري ¬
ومن بَقِيَ بذمته حتى فُلِّس خُيِّر مشترٍ بين فسخ أو ضرب مع الغرماء (¬1). ومؤجل حلَّ كحالٍّ، وإلا فإلى أجله إن كان مليئًا، أو كفله مليء، ويُعتدُّ بما زِيْدَ أو حُطَّ زمن خيار. ويُصدَّق مشترٍ بيمينه في قدر ثمن -ولو قيمة عَرْض- وجهل به. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مطالبة الشفيع بالفسخ على ما يؤخذ من شرح الإقناع (¬2). وبخطه: هذا صريح في أن طلب الشفيع للأخذ بالشفعة منزل منزلة العقد، فيحتاج إلى فسخ، لا يقال الفسخ متجوز فيه؛ لأنَّا نقول في كلام الشارح (¬3) ما هو مصرح بأنه مستعمل في معناه الحقيقي، بل حكى في المسألة خلافًا فيما سبق عند قول المص (¬4) "ويصح تصرفه. . . إلخ " فراجعه! (¬5) * قوله: (ومن) هو مبتدأ، أو شرط. * وقوله: (خيَّر) خَبَر (¬6)، أو جواب، وخلت الجملة الواقعة جوابًا أو خبرًا من رابط، ولعل الألف واللام في (الغرماء) عوض عن المضاف إليه، أو التعريف اللامي قائم مقام التعريف الإضافي، وجعل شيخنا في شرحه (¬7) "من" بمعنى "متى"، فرجَّح كونها شرطية على كونها موصولة. * قوله: (أو كفله مليء)؛ أيْ: أو أتى برهن يُحْرِز. ¬
وأنه غرس أو بنى -إلا مع بيِّنة شفيع، وتُقدَّم على بيِّنة مشترٍ. وإن قال: "اشتريته بألف"، وأثبته بائع بأكثر، فللشفيع أخذُه بألف، فإن قال: "غلطتُ"، أو "نسيتُ"، أو "كذبتُ": لم يُقبل. وإن ادَّعى شفيع شراءه بألف فقال: "بل اتَّهَبْتُه"، أو "ورثتُه": حُلِّف، فإن نكل، أو قامت لشفيع بيِّنة، أو أنكر وأقرَّ بائع وجبت، ويبقى الثمن حتى في الأخيرة إن أقرَّ بائع بقبضه في ذمة شفيع، حتى يَدَّعيه مشترٍ، وإلا أخذ الشقص من بائع ودفع إليه الثمن. ولو ادَّعى شريك على حاضر بيده نصيب شريكه الغائب، أنه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وتقدم على بينة مشترٍ) قال شيخنا في شرحه (¬1) (¬2): "ولا تقبل شهادة بائع لأحدهما؛ لأنه متهم"، انتهى. * قوله: (فإن قال: غلطت أو نسيت) وهل مثله إذا قال علمت أن الشفعة تسقط بعدم الطلب بعد العلم لكن نسيت أن أطلب، فليحرر!. * قوله: (وجبت)؛ أيْ: ثبتت. * قوله: (حتى يدعيه مشترٍ) ولا يكون إنكاره للبيع مسقطًا لحقه، لئلا يلزم أخذ الشفيع الشقص من غير عوض. * قوله: (وإلا)؛ أيْ: وإن لم يكن بائع أقرَّ في الأخيرة بقبض الثمن، شرح (¬3). * قوله: (أنه)؛ أيْ: المدعى عليه الحاضر. ¬
3 - فصل
اشتراه منه، وأنه يستحقه بالشفعة، فصدَّقه، أخذه، وكذا لو ادَّعى: "أنك بعتَ نصيب الغائب بإذنه"، فقال: "نعم"، فإذا قَدِمَ فأنكر حَلَفَ، ويستقر الضمان على الشفيع. * * * 3 - فصل وتجب الشفعة فيما ادَّعى شراءه لموليه، لا مع خيار. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (اشتراه)؛ أيْ: النصيب. * قوله: (منه)؛ أيْ: من الشريك الغائب. * قوله: (وأنه)؛ أيْ: المدعي. * قوله: (يستحقه)؛ أيْ: النصيب. * قوله: (أخده)؛ أيْ: بحصته على ما سبق (¬1) من أنها بقدر الملك، وليس المراد أخذه كاملًا، إلا أن يكون المدعى عليه غير شريك لهما. * قوله: (إنك بعت) بكسر همزة "إن"؛ لأنه أريد من الجملة لفظها، فتكون "إن" في الابتداء تقديرًا، تدبر!. * قوله: (حلف)؛ أيْ: المنكر الذي كان غائبًا وأنكر الإذن. فصل * قوله: (لا مع خيار. . . إلخ) مسألة: لا شفعة (¬2) في خيار مجلس أو شرط قبل انقضائه، سواء كان الخيار لهما أو لأحدهما. ¬
قبل انقضائه، وعُهدة شفيع على مشترٍ، إلا إذا أنكر، وأُخِذَ من بائع، فعليه كعهدة مشترٍ، فإن أبى مشترٍ قبض مبيع أجبره حاكم. وإن ورث اثنان شقصًا فباع أحدهما نصيبه فالشفعة بين الثاني وشريك مورِّثه، ولا شفعة لكافر على مسلم، ولا لمضارِب على رب المال إن ظهر ربح، وإلا وجبت ولا له على مضارب. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وعهدة شفيع. . . إلى قوله: أجبره حاكم) جعله في الإقناع (¬1) من تعلقات السابقة في الفصل قبله (¬2)، وهي قوله: (وإن ادعى شفيع شراءه بألف. . . إلخ)، وعبارته: "ومتى ادعى البائع أو المشتري الثمن دفع إليه؛ لأنه لأحدهما، وإن ادعياه جميعًا، فأقرَّ المشتري بالبيع وأنكر البائع القبض فهو للمشتري، وعهدة الشفيع على المشتري، وعهدة المشتري على البائع، إلا إذا أقرَّ البائع وحده بالبيع فالعهدة عليه، والمراد بالعهدة رجوع من انتقل الملك إليه. . . إلخ". * قوله: (ولا مضارب. . . إلخ)؛ يعني: إذا اشترى المضارب من مال المضاربة شقصًا من عقار له فيه شرك وكان الثمن دون قيمته فليس له الأخذ بالشفعة؛ لأنه قد ظهر ربح يفوت بأخذه بالشفعة، فليس من التصرف بما فيه حظ للمضاربة، وإن اشتراه بمثل القيمة أو أزيد كان له الأخذ؛ لأنه ربح حينئذٍ يفوت بأخذه حتى يكون تصرفًا بغير الأحظ للمضاربة. * قوله: (ولا له)؛ أيْ: لا يثبت لرب المال على المضارب فيما اشتراه من مال المضاربة شفعة؛ لأن الشراء له حقيقة إذ المضارب كالوكيل عنه، وحقوق العقد متعلقة بالموكل والإنسان لا يثبت له على نفسه شيء؛ ولأنه ملك رب المال ¬
ولا لمضارب فيما باعه من مالها، وله فيه ملك، وله الشفعة فيما بيع شركة لمال المضاربة إن كان حظ، فإن أبى أخذ بها رب المال. ـــــــــــــــــــــــــــــ والمضاربة من العقود الجائزة، فيفسخ فيه متى شاء. * قوله: (ولا لمضارب فيما باعه. . . إلخ)؛ لأنه متهم في هذه الحالة، إذ يحتمل أن يكون ما قصد بيعه إلا توصلًا لأخذه بالشفعة. * قوله: (إن كان. . . إلخ)؛ أيْ: وجد. * * *
2 - باب الوديعة
2 - باب الوَدِيعة: المال المدفوع إلى من يحفظه بلا عوض، والإيداع: توكيل في حفظه تبرعًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الوديعة * قوله: (المال المدفوع إلى من يحفظه) قال شيخنا (¬1): لو أخذها بنية عدم الحفظ ابتداءً ثم تلفت ولو بلا تفريط فإنه يضمن، كاللقطة إذا أخذها بنية عدم التعريف ثم تلفت، أما إن أخذ الوديعة بنية الحفظ، ثم نوى جحدها فتلفت من غير تعدٍّ ولا تفريط فإنه لا يضمن بخلاف اللقطة إذا أخذها بنية التعريف ثم نوى عدمه فتلفت ولو بلا تفريط فإنه يضمن، قال: والفرق بينهما أن في الوديعة حصل من رب المال فعل وهو الدفع، بخلاف اللقطة، أقول: هو فَرْقٌ بصورة المسألة، فليحرر!. ثم رأيت الشيخ في الحاشية (¬2) في باب اللقطة قال ما نصه: "تتمة: لو أخذها؛ أيْ: اللقطة بنية الأمانة ثم بدا له قصد الخيانة ففي التلخيص يحتمل وجهَين (¬3)؛ أحدهما: لا يضمن كما لو أودعه، قال الحارثي (¬4): وهو اختيار المص؛ يعني: ¬
والاستيداع: توكُّل في حفظه كذلك بغير تصرف. وتُعتبر لها أركان وكالة، وهي أمانة لا تُضمن بلا تعدٍّ ولا تفريط، ولو تلفت من بين ماله، ويلزمه حفظها في حرز مثلها عُرفًا كحرز سرقة، فإن عينه ربها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الموفق (¬1)، وهو الصحيح"، انتهى، واقتصر على ذلك هناك (¬2) ولم يتعرض له هنا في الحاشية (¬3) ولا في الشرح (¬4)، فدل على أنه رجع عن ذلك الفرق. * قوله: (والاستيداع. . . إلخ) تأمل معنى السين هنا، إذ لا تصلح للزيادة ولا للطلب، اللهم إلا أن يقال: إنها بمعنى الدخول في التوكل كقولهم: استصبح زيد، بمعنى دخل في الصباح، وعليه فيُشكِل تعريف المص، إلا أن يحمل على معنى دخول في التوكل. * قوله: (ويعتبر لها)؛ أيْ: الوديعة، قال شيخنا (¬5): "بمعنى العقد"، وحينئذٍ فقيه استخدام. * قوله: (وهي أمانة)؛ أيْ: الوديعة بمعنى العين. * قوله: (من بين ماله)؛ أيْ: أجزائه. * قوله: (فإن عيَّنه ربها. . . إلخ)، وفي الإقناع (¬6): "ومتى أودعه وأطلق، ¬
فأحرزها بدونه ضَمِنَ ولو ردَّها إلى المعيَّن، وبمثله أو فوقه، ولو لغير حاجة لا يضمن. وإن نهاه عن إخراجها، فأخرجها لِغشْيَان شيء الغالب منه الهلاك، لم يضمن إن وضعها في حرز مثلها أو فوقه، فإن تعذَّر فأحرزها في دونه لم يضمن، وإن تركها إذَنْ، أو أخرجها لغير خوف، فتلفت ضمن. فإن قال: "لا تخرجها وإن خفتَ عليها"، فحصل خوف، وأخرجها أو لا: لم يضمن. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فتركها في جيبه، أو يده، أو شدها في كمه أو عضده، أو ترك في كمه ثقيلًا بلا شد، أو تركها في وسطه وأحرز عليها سراويله لم يضمن"، انتهى. قال شيخنا في شرحه (¬1): "وفي الفصول إن تركها في رأسه، أو غرزها في عمامته، أو تحت قلنسوته احتمل أنه حرز" (¬2). * قوله: (ولو ردَّها) وَصْلِيَّة. * قوله: (لم يضمن)؛ لأنه محسن. * قوله: (فتلفت ضمن)؛ أيْ: مع الحرمة فيهما. شرح (¬3)، وفيه إشارة إلى أن قول المص: (ويحرم) راجع للكل. * قوله: (وأخرجها أو لا لم يضمن)؛ لأنه إن تركها فهو ممتثل أمر صاحبها لنهيه عن إخراجها مع الخوف، كما لو أمر بإتلافها، وإن أخرجها فقد زاده خيرًا ¬
وإن لم يُعْلِف بهيمة حتى ماتت، ضمنها لا إن نهاه مالك، ويحرم، وإن أمر به: لزمه، و: "اترُكها في جيبك" فتركها في يده أو في كمِّه، أو: ". . . في كمِّك" فتركها في يده، أو عكسه، أو أخذها بسوقه، وأمر بحفظها في بيته، فتركها إلى حين مضيِّه، فتلفت، أو قال: "احفظها في هذا البيت، ولا تُدْخِلْهُ أحدًا" فخالف. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وحفظًا، كما لو قال له: أتلفها، فلم يتلفها حتى تلفت، وإن أخرجها بلا خوف فتلفت ضمن -كما تقدم-، شرح (¬1). * قوله: (حتى ماتت)؛ أيْ: من ذلك، إما لتحققه، أو لمضي مدة قال أهل الخبرة إنها لا تعيش في مثلها غالبًا بلا علف، حققه المجد (¬2). * قوله: (لزمه)؛ أيْ: من حيث المطالبة به شرعًا، لا من حيث الامتثال لأمره، فالأولى ما في الإقناع (¬3) من اللزوم أمَرَه به، أو لم يأمره. * قوله: (في جيبك) لعل مرادهم بالجيب هنا ما يفتح على نحر أو طوق، لا ما يفتح على الفخذ (¬4)، فإذا أمره بوضعها في الأول، أو أطلق فوضعها في الثاني فإنه يضمن؛ لأنه ليس حرزًا، إذ هو عرضة للطَّرَّار. * قوله: (إلى حين مُضيِّه) قَيَّد به؛ لأنه الغالب، ولييس التقييد مرادًا، والمراد: زمنًا يمكن أخذها فيه ولو يسيرًا، هذا معنى كلام المجد (¬5). ¬
فتلفت بحرق أو نحوه، أو سرقة، ولو من غير داخل: ضمن، لا إن قال: "اتركها في كُمِّك أو (¬1) يدك" فتركها في جيبه، أو ألقاها عند هجوم ناهب ونحوه إخفاءً لها، وإن قال مودِعُ خَاتمٍ: "اجعله في البنصر"، فجعله في الخنصر: ضمن، لا عكسه، إلا إن انكسر لغلظها. وإن دفعها إلى من يحفظ مالَه عادةً كزوجته وعبده ونحوهما -أو لعذر، إلى أجنبي أو حكم- لم يضمن، وإلا ضمن، ولمالك مطالبة الأجنبي أيضًا، وعليه القرار إن عَلِم. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ضمن للمخالفة)؛ ولأن الداخل ربما شاهدها في دخوله وعلم موضعها وطريق الوصول إليها فسرقها، أو دلَّ (¬2) عليها، شرح (¬3). * قوله: (فتركها في جيبه)؛ أيْ: بالمعنى المتقدم وهو ما يفتح (¬4) على نحر أو طوق، لا على فخذ، فتدبر!. * قوله: (ونحوهما) كخزانة. * قوله: (أو لعذر) كحضور الموت. * قوله: (لم يضمن)؛ لأنه لم يحصل منه تعدٍّ ولا تفريط. * قوله: (وإلا ضمن)؛ أيْ: وإن لم يكن عذر. * قوله: (وعليه القرار)؛ أيْ: قرار الضمان. ¬
وإن دَلَّ لصًّا ضمنا، وعلى اللص القرار. ومن أراد سفرًا، أو خاف عليها عنده -ردَّها إلى مالكها، أو من يحفظ ماله عادة، أو وكيله في قبضها إن كان، ولا يسافر بها. وإن لم يخفْ عليها، أو كان أحفظ لها، المنقِّح (¬1): "والمذهب: بلى والحالة هذه، ونصَّ عليه (¬2) مع حضوره"، انتهى. فإن لم يجده ولا وكيله حملها معه إن كان أحفظ، ولم ينهه، وإلا دفعها لحاكم. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ضمنا)؛ أيْ: اللص والوديع من حيث كونه وديعًا مفرطًا، لا من حيث كونه دالًّا، فلا ينافي ما أسلفناه في مسألة دفع المفتاح إلى اللص من الجمع بينهما وبين مسألة الدلالة والإغراء بما يؤخذ من كلام ابن حمدان في مسألة إرسال الصغير، فراجعه! (¬3). وبخطه: وعبارة الإقناع (¬4): (ضمنها) وهي مشكلة، إلا أن يراد كل منهما. * قوله: (وإن لم) وَصْلِيَّة. * قوله: (ونص)؛ أيْ: الإمام. * قوله: (عليه)؛ أيْ: على أن له السفر بها مع حضور ربها. * قوله: (وإلا دفعها لحاكم) لعله ما لم يكن جائرًا. ¬
فإن تعذر فَلِثِقَة كمن حضره الموت، أو دفعها وأعلم ساكنًا ثقة، فإن لم يُعلمه ضمنها. ولا يضمن مسافر أُودعَ فسافر بها، فتلفت بالسفر وإن تعدى فركبها لا لسقيها، أو لبسها لا لخوف من عُثٍّ ونحوه. ويضمن إن لم ينشُرها، أو أخرج الدراهم ليُنْفِقَها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (كمن حضره الموت) وتقدمت الإشارة إليه (¬1) في قوله: (أو لعذر) حيث فسره الشارح (¬2) بذلك، فغرضه القياس عليه، لا الإخبار بحكمه لئلا يتكرر. * قوله: (وأعلم ساكنًا. . . إلخ)؛ أيْ: بالمكان المدفونة فيه. * قوله: (ضمنها)؛ لأنه قد يموت ولا يعلم صاحبها مكانها فتضيع عليه. * قوله: (فسافر)؛ أيْ: أتم سفره. * قوله: (فتلفت بالسفر)؛ لأن إيداعه في هذه الحالة يقتضي الإذن بالسفر بها. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: لعل الباء مستعملة في الأعم، السببية والظرفية ليشمل إذا تلفت فيه، أو بسببه فيما إذا طالت مدته، وكانت الوديعة مما يسرع فساده. * قوله: (لا لسقيها. . . إلخ) المراد: لمصلحتها. * قوله: (لا لخوف من عُث) جمع عُثة بضم العين دويبة تلحس الصوف (¬3). * قوله: (ويضمن. . . إلخ) اعتراض بين الشرط وهو (إن تعدى) وجوابه ¬
أو ينظر إليها- ثم ردَّها، أو كسر ختمها، أو حلَّ كيسها، أو جحدها ثم أقرَّ بها، أو خَلَطها لا بمتميز. ولو في أخذ عينيَن بطلت فيه، ووجب ردُّها فورًا، ولا تعود وديعة بغير عقد متجدد، وصَحَّ: "كلَّما خُنتَ ثم عدتَ إلى الأمانة فأنت أمين". وإن أخذ درهمًا ثُمَّ ردَّه أو بدَله متميزًا، أو أذن في أخذه فردَّ بدَله بلا إذنه، فضاع الكلُّ ضمنه وحده، ما لم تكن مختومة أو مشدودة، أو البدل غيرَ متميز، فيضمن الجميع. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو قوله: (بطُلت). * قوله: (بطُلت)؛ أيْ: فيما تعدى فيه، كأحد كيسَين؛ أيْ: دون ما لم يتعد فيه. * قوله: (ضمنه)؛ أيْ: الدرهم المأخوذ. * قوله: (وحده) لتعلق الضمان بالأخذ، فلا يضمن غير ما أخذه، كما لو تلف المأخوذ في يده قبل رده، شرح (¬1) (¬2). * قوله: (فيضمن الجميع) لهتكه الحرز في الأوليَين، ولخلطه الوديعة (¬3) بما لا تتميز منه في الثالثة، شرح (¬4) (¬5). ¬
1 - فصل
ويضمن بخرق كيس من فوق شَدٍّ أرشه فقط، ومن تحته أرشه وما فيه. ومن أَودعه صغيرٌ وديعة لم يبرأ إلا بردِّها لوليِّه، ويضمنها إن تلفت، ما لم يكن مأذونًا له، أو يخَفْ هلاكها معه كضائع وموجود في مَهْلَكة فلا، وما أُودِع أو أُعير لصغير أو مجنون أو سفيه أو قنٍّ، لم يُضمن بتلف ولو بتفريط، ويُضمَن ما أتلف مكلف غير حرٍّ في رقبته. * * * 1 - فصل والمودَع أمين، يُصدق بيمينه في ردٍّ -ولو على يد قنِّه أو زوجته أو خازنه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فقط)؛ أيْ: دون ما فيه؛ لأنه لم يهتك حرزه. * قوله: (ما لم يكن)؛ أيْ: الصغير. * قوله: (أو يخف)؛ أيْ: قابضها من الصغير، ففيه تشتيت الضمير. * قوله: (فلا)؛ أيْ: فلا ضمان؛ لأن أخذ الضائع وإحرازه، وتخليص المال مما يخاف عليه الهلاك منه أحظ لمالكه. * قوله: (أو قنٍّ)؛ أيْ: غير مكلف بدليل ما بعده. * قوله: (ولو بتفريط)، لأن المالك هو المسلط لهؤلاء على ماله؛ لأنهم ليسوا أهلًا للضمان. * قوله: (في رقبته)؛ لأن إتلافه من جنايته. فصل * قوله: (ولو على يد قنِّه)؛ أيْ: قنِّ مدعي الردِّ.
أو بعد موت ربها- إليه، وفي قوله: "أذنتَ لي في دفعها إلى فلان وفعلتُ"، وتَلَفٍ لا بسبب ظاهر -كحريق ونحوه- إلا مع بيِّنة تشهد بوجوده، وعدمِ خيانة وتفريط. وإن ادَّعى ردَّها إلى حكم أو ورثة مالك، أو ردًّا بعد مُطله بلا عذر، أو منعه، أو ورثة رَدًّا -ولو لمالك- لم يُقبل إلا ببيِّنة. وإن قال: "لم يُودِعني"، ثم أقرَّ أو ثبت ببيِّنة، فادَّعى ردًّا أو تلفًا سابقَين لجحوده -لم يُقبل ولو ببيِّنة، ويُقبلان بها بعده، وإن قال: "مالك عندي شيء" قُبِلَا، لا وقوعهما بعد إنكاره. وإن تلفت عند وارث قبل إمكان ردٍّ لم يضمنها، وإلا ضَمِنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (إلا مع بينة تشهد بوجوده) ويحلف معها أنها ضاعت به. * قوله: (لم يقبل ولو ببينة) فلا تسمع لتكذيبه لها بجحوده. * قوله: (ويقبلان)؛ أيْ: دعوى الردِّ ودعوى التلف. * قوله: (بها)؛ أيْ: بالبينة. * قوله: (بعده)؛ أيْ: بعد الجحود إن كان قد جدَّد العقد؛ لأنه قد تقدم (¬1) أنها لا تعود وديعة بعد ما ينافي الأمانة إلا بعقد متجدد، فتنبه له (¬2)!. * قوله: (لا وقوعهما)؛ أيْ: الردِّ والتلف. * قوله: (بعد إنكاره) لاستقرار الضمان بالجحود فيشبه الغاصب. ¬
ومن أخَّر ردَّها أو مالًا أُمر بدفعه بعد طلب -بلا عذر- ضَمِن، ويُمهل -لأكل ونوم وهضم طعام، ونحوه- بَقَدْرِه. ويعمل بخط مورِّثه -على كيس ونحوه-: "هذا وديعة أو لفلان"، وبدين عليه أو له على فلان، ويَحْلِفُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو مالًا) عطف على "ردَّ" أو على محل الهاء من (ردَّها)؛ لأن لها محلَّين: الجر بالإضافة، والنصب على المفعولية بالمصدر، لكن الأول أقرب من حيث المعنى. * قوله: (ونحوه) كصلاة، وطهارة. * قوله: (على كيس ونحوه) قال شيخنا: من نحو ذلك إذا وجد خطه على كتاب، هذا وقف ونحوه، ويفرق بينه وبين ما ذكروه في غير هذا الموضع من أنه لابد مع الخط من قرينة كوضعه بخزانة الوقف (¬1)، بأن ذلك فيما إذا كان الخط غير خط مورثه، ولم يكن تحقق جريان ملك مورثه عليه، وما هنا فيما اجتمع فيه الأمران، فتدبر!. * قوله: (أو له على فلان)؛ أيْ: يعمل بخط مورثه بدين له على فلان. * وقوله: (ويحلف)؛ يعني: إذا أقام شاهدًا، أو ردَّ عليه اليمين من المدعى عليه، أو أقرَّ المدعى عليه بمجهول والمكتوب معلوم على قول في الأخيرتَين (¬2)، وأصل المسألة مشروط بأن يعلم من مورثه الصدق والأمانة، وأنه لا يكتب إلا حقًّا، حاشية (¬3). ¬
وإن ادعاها اثنان، فأُقرَّ لأحدهما فله بيمينه، ويحلف للآخر، ولهما: فلهما ويحلف لكل منهما، وإن قال: "لا أعرف صاحبها"، وصدَّقاه أو سكتا، فلا يمين، وإن كذَّباه حلف يمينًا واحدة أنه لا يعلمه، ويُقرَع بينهما في الحالتَين فمن قَرَع حَلف وأخذها. وإن أوْدَعاه مَكيلًا أو موزونًا ينقسم، فطلب أحدهما نصيبه لغيبة شريكه، أو امتناعه سُلِّم إليه، ولمودِع ومضَارِب ومرتَهِنٍ ومستأجِرٍ -إن غصبت العين- المطالبةُ بها. ولا يضمن مودع كرِهَ على دفعها لغير ربها. وإن طلب يمينه -ولم يجد بُدًّا- حَلَفَ متأوِّلًا، فإن لم يحلف حتى أخذت ضمنها، ويأثم إن لم يَتَأوَّل -وهو دونَ إثم إقراره بها- ويُكَفِّر. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويحلف للآخر)؛ أيْ: على نفي العلم، مبدع (¬1). * قوله: (ويحلف لكل منهما)؛ أيْ: على النصف، فإن نكل أخذ منه البدل واقتسماه، حاشية (¬2). * قوله: (ينقسم) بأن لا يكون المكيل من جنسَين مختلفَين واختلطا (¬3) على وجه لا يمكن فيه التمييز، ولم يكن الموزون قد دخلته صناعة مباحة. * قوله: (ولمودع ومضارب. . . إلخ) قال شيخنا (¬4): "ومستعير بالطريق الأولى، حرر! ". ¬
3 - باب إحياء الموات
3 - باب إحياء الموات وهي: الأرض المنفكَّة عن الاختصاصات ومُلْكِ معصوم، فيُملك بإحياء كل ما لم يجرِ عليه ملك لأحد، ولم يوجد فيه أثر عِمَارة. وإن ملكه من له حرمة أو شُكَّ فيه، فإن وُجد أو أحدٌ من ورثته لم يُملك بإحياء. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب إحياء الموات * قوله: (ما لم يجر عليه ملك)؛ أيْ: حقيقي أو اختصاص ليطابق الأول، فتأمل!. * قوله: (لأحد) المناسب للأول إبدال (أحد) بمعصوم. * قوله: (ولم يوجد فيه أثر عمارة) هذا ليس بقيد بناءً على القول الذي تبع فيه التنقيح (¬1)، وسينبه عليه المحشي (¬2). * قوله: (من له حرمة)؛ أيْ: معصوم بدليل مقابلته بالحربي. * قوله: (فإن وجد)؛ أيْ: المالك. ¬
وكذا إن جُهل، وإن عُلم ولم يُعْقِب أقطعه الإمام. وإن مُلِكَ بإحياء، ثم تُرك حتى دَثَر وعَادَ مواتًا، لم يُملك بإحياء إن كان لمعصوم، وإن عُلم ملكه لمعين غير معصوم، فإن أحياه بدار حرب وانْدَرَسَ كان كموات أصلي. وإن تُرُدِّد في جريان الملك عليه، أو كان به أثر ملك غيرِ جاهلي كالخِرَب التي ذهبت أنهارها، واندرست آثارها، ولم يُعلم لها مالك، أو جاهلي قديم أو قريب، مُلك بإحياء. ومن أحيا -ولو بلا إذن الإمام، أو ذميًّا- مواتًا سوى موات الحرم وعرفات، وما أحياه مسلم من أرض كفار صُولحوا على أنها لهم، ولنا الخراج عنها -وما قَرُب من العامر، وتعلَّق بمصالحه- كُطُرقِه وفنائه ومسيل مائه، ومرعاه ومحتطبه، وحريمه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (كالخرب) بكسر الخاء وفتح الراء جمع خربة بفتح وكسر (¬1). * قوله: (أو جاهلي قديم) كديار عاد وثمود، كذا في الإنصاف (¬2)، وأما كلام الإقناع (¬3) هنا ففيه ما فيه، فإنه فرق بين ديار عاد وثمود نقلًا عن الحارثي (¬4) بما هو ليس بلازم، تدبر!. ¬
ونحو ذلك- مَلَكَه بما فيه من معدن جامد باطن (¬1)، كذهب وفضة وحديد، وظاهر: كجصٍّ وكُحْل، وعلى ذمي خراج ما أحيا من مَوات عنوة. ويُملك بإحياء وبُقطع ما قرُب من الساحل -مما إذا حَصَل فيه الماء صار ملحًا- أو من العامر ولم يتعلق بمصالحه، لا معادنُ منفردة، ولا يُملك ما نضب ماؤه، وإن ظهر فيما أحيا عينُ ماء، أو معدن جارٍ كنِفْطٍ وقَارٍ، أو كلأ أو شجر -فهو أحق به، ولا يملكه. وما فَضَل -من مائه- عن حاجته وحاجة عياله وماشيته. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ملكه بما فيه)؛ أيْ: وعليه الخراج إذا كان ذميًّا، وكان من موات عنوة كما يعلم من قوله الآتي (وعلى ذمي. . . إلخ). * قوله: (وظاهر. . . إلخ) هو ما يتوصل إلى ما فيه بغير مؤنة. * قوله: (وعلى ذمي خراج ما أحيا) وهل للذمي بيعها حينئذٍ؟ وإذا قلنا بصحة البيع وباعها لمسلم فهل يستمر الخراج عليها (¬2)؟. * قوله: (ولا يملك ما نضب ماؤه) خلافًا للإقناع (¬3). * قوله: (كنفط) بفتح النون وكسرها (¬4). * قوله: (فهو أحق به) لسبقه إليه. ¬
1 - فصل
وزرعه يجب بذله لبهائم غيره وزرعه، ما لم يجده مباحًا، أو يتضرر به، أو يؤذه بدخوله، أو له فيه ماء السماء وبخاف عطشًا -فلا بأس أن يمنعه. ومن حفر بئرًا بموات للسَابِلَة فحافر كغيره في سقي زرع وشُرب، ومع ضيق يُسقى آدمي فحيوان فزَرْع، وارتفاقًا كالسفارة -لشربهم ودوابهم، فهم أحق بمائها ما أقاموا، وعليهم بذل فاضل لشارب فقط، وبعد رحيلهم تكون سابلة للمسلمين، فإن عادوا كانوا أحق بها، وتملُّكًا: فملكٌ لحافر. * * * 1 - فصل وإحياء أرض بحَوْز: بحائط منيع، أو أجراء ماء لا تُزرع إلا به، أو منع ماء لا تُزرع معه، أو حفر بئر، أو غرس شجر فيها. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (يجب بذله لبهائم غيره وزرعه) ولا يلزمه حبل ولا دلو؛ لأنهما يتلفان بالاستعمال. * قوله: (ومع ضيق)؛ أيْ: تزاحم وعدم كفاية الماء (¬1) للكل. فصل * قوله: (بحائط منيع) سواء أرادها للبناء أو للزرع، أو حظيرة للغنم أو الخشب أو غير ذلك. * قوله: (أو حَفْر بئر)؛ أيْ: ووصل إلى مائها بدليل ما يأتي في محترزه ¬
وبحفر بئر، يملك حريمها، وهو من كل جانب -في قَدِيْمَة- خمسون ذراعًا، وفي غيرها: خمسة وعشرون. وحريم عين وقناة: خمسمئة ذراع، ونهر من جانبَيه: ما يُحتاج إليه لطرح كِرَايَته، وطريق شَاوِيَّة ونحوهما، وشجر: قدر مدِّ أغصانها، وأرض تُزرع: ما يُحتاج لسقيها، وربط دوابها، وطَرْحِ سَبَخها ونحوه، ودار من موات حولها: مطرحُ تراب وكُناسة وثلج وماء ميزاب، وممر لباب، ولا حريم لدار محفوفة بملك، ويتصرف كل منهم بحسب (¬1) عادة، وإن وقع في الطريق نزاع وقت الإحياء فلها سبعة أذرع، ولا تُغيَّر بعد وضعها. ومن تحجَّر مواتًا -بأن أدار حوله أحجارًا-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ من قول المص: (أو حفر بئرًا لم يصل ماءها. . . إلخ). * قوله: (في قديمة) وهي التي يسمونها عاديَّة بتشديد الياء نسبة إلى عاد ولم يُرد عادًا بعينها، لكن لما كانت عاد في الزمن الأول وكان لها آثار في الأرض نسب إليها كل قديم (¬2). * قوله: (لطرح كرايته)؛ أيْ: ما ينزح منه. * قوله: (وطريق شاوية)؛ أيْ: قيمة. * قوله: (ونحوهما) كمطرح ترابه. * قوله: (ونحوه) من مرافق زراعها (¬3) ومصرف مائها عند الاستغناء عنه. ¬
أو حفر بئرًا لم يصل ماءها، أو سقى شجرًا مباحًا وأصلحه ولم يُركِّبه ونحوه، أو أقطعه -لم يملكه، وهو أحق به و (¬1) وارثه ومن ينقُله إليه، وكذا من نزل عن أرض خراجيَّة بيده لغيره، أو عن وظيفة لأهل، أو آثر شخصًا بمكانه في الجمعة وليس له بيعه. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو سَقى شجرًا) بالسين المهملة والقاف، ووهي عبارة التنقيح (¬2) وتبعه عليها المص بدليل غالب النسخ والأولى "شفي" بالشين المعجمة والفاء، وهو قطع الأغصان الكبيرة لتخلفها الأغصان الصغيرة ليسهل تركيبها (¬3). * قوله: (ولم يُركِّبه)؛ أيْ: يطعمه. * قوله: (ونحوه) بأن حرث الأرض أو خندق حولها. * قوله: (أو أقطعه)؛ أيْ: أعطاه له الإمام. * قوله: (وليس له بيعه)؛ أيْ: ليس لمن قلنا إنه أحق بشيء من ذلك السابق بيعه؛ لأنه لا يملكه كحق الشفعة قبل الأخذ، وكمن سبق إلى مباح، لكن النزول عنه بعوض (¬4) لا على وجه البيع جائز -كما ذكره ابن نصر اللَّه (¬5) - قياسًا على الخلع. ¬
فإن طالت المدة عرفًا، ولم يتم إحياؤه، وحصل متشوِّفٌ لإحيائه قيل له: إما أن تُحْييه أو تتركه، فإن طلب المهلة لعذر أُمهل ما يراه حاكم من نحو شهر أو ثلاثة، ولا يُملك بإحياءِ غيرِه فيها، وكذا لا يُقرَّر غير منزول له، ولا لغير المؤْثِرِ أن يسبق. وللإمام إقطاع جلوس بطريق واسعة، ورَحَبة مسجد غير مَحوْطَة ما لم يُضيِّق على الناس، ولا يملكه مُقطع بل يكون أحق به، ما لم يَعُدِ الإمام في إقطاعه. وإن لم يُقْطع فالسابق أحق ما لم ينقل قُمَاشَه عنها، فإن أطاله أزبل، وله أن يستظل بما لا يضرُّ ككساء، وإن سبق اثنان فأكثر إليه، أو إلى خَانٍ مسبل، أو رباط أو مدرسة أو خَانِكَاه (¬1) -ولم يتوقف فيها- إلى تنزيل ناظر أُقرِع، والسابق إلى معدن أحق بما يناله. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (عرفًا) كنحو ثلاث سنين، إقناع (¬2). * قوله: (ولا يملك)؛ أيْ: ذلك المتحجر الذي أمهل بتحجره لإتمام إحيائه المدة المذكورة. * قوله: (فيها)؛ أيْ: في هذه المدة. * قوله: (فإن أطاله)؛ أيْ: الجلوس بلا إقطاع. ¬
2 - فصل
ولا يُمنع إذا طال مُقَامه، وإن سبق عدد، وضاق المحل عن الأخذ جملة أُقرع، والسابق إلى مباح كصيد وعنبر وحطب وثمر ومَنْبُوْذٍ رغبة عنه أحق به، ويُقسم بين عدد بالسوية. وللإمام -لا غيره- إقطاع غير موات، تمليكًا وانتفاعًا للمصلحة، وحِمَى موات لرعي دواب المسلمين -التي يقوم بجمعها- ما لم يُضيِّق، وله نقض ما حماه أو غيره من الأئمة، لا ما حماه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا يملك بإحياء ولو لم يُحتج إليه. * * * 2 - فصل ولمن في أعلى ماء غير مملوك كالأمطار، والأنهُر الصغار، أن يسقي ويحبسه حتى يصل إلى كَعْبِه، ثم يُرسله إلى من يليه، ثم هو كذلك مرتبًا إن فضل شيء، وإلا فلا شيء للباقي. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا ما حماه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-) كالمشار إليه في باب صيد الحرمَين ونباتهما (¬1) من قوله: "وجعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حول المدينة اثني عشر ميلًا حمى". فصل * قوله: (وإلا فلا شيء للباقي) لقصة عبد اللَّه بن الزبير مع الأعرابي (¬2). ¬
فإن كان لأرض أحدهم أعلى وأسفل سَقَى كلًّا على حِدَتِه، ولو استوى اثنان فأكثر في قرب قُسم على قدر الأرض إن أمكن، وإلا أُقرِع، فإن لم يفضل عن واحد سقىَ القارع بقدر حقه. وإن أراد إنسان إحياء أرض بسقيها منه، لم يُمنع ما لم يُضِرَّ بأهل الأرض الشاربة منه، ولا يسقي قبلهم. ولو أحيا سابق في أسفله، ثم آخَرُ فوقه، ثم ثالث فوق ثانٍ، سقى المُحْيي أولًا، ثم ثانٍ، ثم ثالث. وإن حُفِرَ نهر صغير، وسيق ماؤه من نهر كبير، مُلِكَ وهو بين جماعة على حسب عمل ونفقة، فإن لم يكفهم، وتراضَوا على قسمته: جاز، وإلا قَسَّمَهُ حاكم على قدر ملكهم، فما حصل لأحدهم في ساقيته تصرف فيه بما أحبَّ، والمشترك ليس لأحدهم أن يتصرف فيه بذلك. ومن سَبَق إلى قناة لا مالك لها فسَبَق آخر إلى بعض أفواهها من فوق أو أسفل، فلكل ما سبق إليه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ملك)؛ أيْ: ماؤه. * قوله: (بذلك)؛ أيْ: بما أحب. ¬
ولمالك أرض مَنْعُه من الدخول بها، ولو كانت رسومها في أرضه، ولا يملك تضييق مجرى قناة في أرضه خوف لص. ومن سُدَّ له ماءٌ لجَاهِهِ فلغيره السقي منه لحاجة، ما لم يكن تركه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (منعه)؛ أيْ: صاحب القناة. * قوله: (ولو كانت رسومها في أرضه)؛ أيْ القناة. * قوله: (ومن سُدَّ له ماءٌ لجاهه)؛ أيْ: حجره ومنعه عن غيره لأجل أن يسقى به أرضه. * قوله: (فلغيره السقي منه لحاجة)؛ أيْ: لحاجة السقي لمساواته له في الاستحقاق إذا سده بطريق التعدي والتجوه فقط. * وقوله: (ما لم يكن تركه. . . إلخ) قيد فيما قبله من أنه يجوز للمحتاج السقي منه، وحاصله أنه متى علم أن ترك السقي يؤدي إلى ردِّ (¬1) الحابس الماء إلى من كان قد حبسه عنه، وأن سقي هذا المحتاج يؤدي إلى استدامته (¬2) الحبس للماء وعدم ردِّه لم يجُز لذلك المحتاج الإسراع بالسقي منه؛ لأن سقيه يصير سببًا في ظلم غيره، وهو من سُدَّ عنه الماء، هذا حاصل ما في الشرح (¬3) وإن كانت العبارة لا تخلو عن غموض، وهذا معنى ما نقل عن الإمام (¬4) حيث سأله إنسان بلفظ: من سُدَّ له الماء لجاهه أفأسقي منه إذا لم يكن تَرْكِي له يردُّه على من سُدَّ عنه؟ فأجازه ¬
يَرُدُّه على من سُدَّ عنه. ـــــــــــــــــــــــــــــ بقدر حاجتي، انتهى. ومفهومه أنه إذا كان السقي منه يؤدي إلى عناد ذلك المتجوه وعدم ردِّه للماء أنه لا يجوز لذلك الشريك أن يسقي منه؛ لأن نفعه يؤدي إلى ضرر غيره، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح. * * *
4 - باب الجعالة
4 - باب الجعالة: جَعْل معلوم -لا من مال مُحَارِب، فيصح مجهولًا- لمن يعمل له عملًا ولو مجهولًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الجعالة * قوله: (فيصح مجهولًا)؛ أيْ: من مال محارب؛ أيْ: حربي، وليس المراد به قاطع الطريق كما هو المتعارف، غير أن المصنف تبع التنقيح (¬1) في التعبير به، حاشية (¬2). * قوله: (لمن يعمل له عملًا) انظر هذا القيد مع جعلهم من جملة صور الجعالة الصحيحة على ما في الإقناع (¬3) مَن ردَّ لقطة فلان فله كذا، وقد يقال إنه لا يلزم من ضمان العوض تسميتها جعالة، والإقناع ليس فيه إلا التصريح بالضمان. وفي الحاشية (¬4) ما يقتضي أن قوله: (له) قيد على الصحيح من المذهب (¬5) ومحترزه شيئان؛ أحدهما: متفق على عدم صحته وهو ما إذا كان العمل للفاعل نفسه، كمن ردَّ لقطة نفسه أو خاط قميص نفسه أو ركب دابة نفسه فله كذا، والثاني: ¬
أو مدةً ولو مجهولة، كـ: "من ردَّ لُقطتي"، أو: "بنى لي هذا الحائط"، أو: "أقرضني زَيدٌ (¬1) بجاهه ألفًا"، أو: "أذَّن بهذا المسجد شهرًا فله كذا"، أو: "من فعله من مديني، فهو برئ من كذا". فمن بلغه قبل فعلِه استحقه به، وفي أثنائه فحصة تمامه إن أتمَّه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ما إذا كان العمل (¬2) لأجنبي منها كمن ردَّ لقطة فلان، فهذا قيل بأنه ينعقد جعالة ومقتضاه أنه لا يكون جعالة على التصحيح من المذهب وإن قلنا بأنه يضمن ما التزمه من الجعل (¬3). * قوله: (بجاهه ألفًا) الضمير عائد على (من) والمعنى: من كان جاهه سببًا في إقراض زيد لي ألفًا فله كذا. * قوله: (أو أذن بهذا المسجد شهرًا) يؤخذ منه أن الجعالة تكون على (¬4) عمل يختص فاعله أن يكون من أهل القربة، فيضم ذلك إلى ما ذكروه مما تفارق فيه الإجارة الجعالة (¬5). ¬
بنية الجُعل، وبعده لم يستحقه وحَرُم أخذه. و: "من ردَّ عبدي فله كذا" -وهو أقلُّ من دينار أو اثني عشر درهمًا، اللذين قدَّرهما الشارع (¬1) - فقيل: يصح، وله بردِّه الجُعل فقط، وقيل: ". . . ما قدَّر الشارع". ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وهو أقل من دينار. . . إلخ) فإن كان الجعل هو الأكثر استحقه قولًا واحدًا (¬2) وصرح به في الإقناع (¬3). * قوله: (فقيل تصح)؛ أيْ: التسمية. * قوله: (وقيل. . . إلخ) معناه: وقيل: لا تصح التسمية ويرجع إلى ما قدره الشارع وقطع به في الإقناع (¬4)، والعقد على القولَين، صحيح (¬5). ¬
ويستحق من ردَّ من دون معينة القسط، ومن أبعد المسمى فقط، ومن ردَّ أحد آبقَين نصفه. وبعد شروع (¬1) عامل إن فسخ جاعل فعليه أجرة عمله، وإن فسخ عامل فلا شيء له، ويصح الجمع بين تقدير مدة وعمل. وإن اختلفا في أصل جُعْل، فقول من ينفيه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فعليه أجرة عمله) هل المراد سواء علم العامل بالفسخ أم لا؛ لأن الجاعل غرَّه؟ أو يقال: ما لم يعلم، قياسًا على ما قالوه من بطلان تصرفات الوكيل الواقعة بين الفسخ والعلم به (¬2)؟. والظاهر أنه: إن علم بالفسخ في أثناء العمل أنه ليس له من الجعل إلا بقسطه، وإن لم يعلم إلا بعد تمام العمل استحقه كاملًا، فليحرر! (¬3). * قوله: (فلا شيء له)؛ أيْ: في غير مسألة ردِّ العبد، وإلا ففيها ما قدره الشارع. * قوله: (فقول من ينفيه)؛ أيْ: سواء كان هو الجاعل أو العامل، أما الجاعل فظاهر، وأما العامل فيظهر تصويره على القول الثاني من استحقاق ما قدره الشارع (¬4)، فإذا قال الجاعل: جعلت لك درهمَين في ردِّ عبدي، فقال: لم تجعل لي شيئًا، ¬
وفي قدره أو مسافة فقول جاعِل. وإن عمل ولو المعَدَّ لأخذ أجرة لغيره عملًا بلا إذن أو جُعل، فلا شيء له، إلا في تخليص متاع غيره، ولو قنًّا من بحر أو فَلَاة فأجر مثله، وردُّ آبقٍ من قنٍّ ومدبَّر وأم ولد -إن لم يكن الإمام- فما قدَّر الشارع، ما لم يمت سيد مُدَبَّر أو أم ولد قبل وصول فيعتقا، ولا شيء له، أو يهرب، ويأخذ ما أنفق عليه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فأسْتَحِق ما قدره الشارع، القول قول العامل، ويستحق ما قدره الشارع، وهو الدينار أو الاثنا عشر درهمًا، فتدبر!. * قوله: (فقول جاعل)؛ لأنه غارم، والقول قوله بيمينه. * قوله: (بلا إذن) متعلق بمدخول (لو) وهو (المُعَدَّ) لا بـ (عمل) -كما يدل له ما في الإقناع (¬1) -. * قوله: (ما لم يمت سيد مدبَّر. . . إلخ)؛ أيْ: وخرج من الثلث. والمعلق عتقه بصفة إذا وجدت كالمدبَّر فيما يظهر، والمكاتب إذا أدى أولى بالحكم من أم الولد، فليراجع!. * قوله: (فيعتقا) منصوب بـ "أن" مضمرة بعد فاء السببية في سياق النفي على حد قوله -تعالى-: {لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا} [فاطر: 36] ولذا أسقط النون. * قوله: (ويأخذ ما أنفق عليه)؛ أيْ: في كل من (¬2) المسائل الذي يستحق فيها ¬
أو على دابة في قَوت، ولو هرب أو لم يستأذن مالكًا مع قدرة، ويؤخذان من تركة ميت، ما لم ينوِ التبرع. وله ذبحُ مأكول خيف موته، ولا يضمن ما نقصه، ومن وجد آبقًا أخذه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الجعل والتي لا يستحقه فيها، ففي مسألة ردِّه إلى سيده يستحق النفقة عليه مع ما قدره الشارع، وفي مسألة ما إذا مات السيد أو القنُّ، أو هرب قبل التسليم يستحق الرجوع بما أنفقه عليه دون جعل. * قوله: (في قوت)؛ أيْ: لا في قصٍّ أو دهن مثلًا. * قوله: (أو لم يستأذن مالكًا)؛ أيْ: في الإنفاق عليه. * قوله: (من تركة ميت) ظاهره سواء نوى الرجوع أو أطلق، وفي مسألة الإطلاق مخالفة للقواعد، ولعل وجهه أنه لما كان في هذا العمل إنقاذ من هلكة رغب الفاعل بالجعل بخلاف غيره -كذا قال شيخنا (¬1) - لكن هذا غير ظاهر بما سلف في الوديعة (¬2) من أنه إذا ترك علف دابة حتى ماتت ضمنها، وذكر هناك في شرحه (¬3) أنه مع لزوم ذلك عليه شرعًا لا يرجع بما أنفقه على علفها إلا (¬4) بنية الرجوع، مع أن فيه أيضًا إنقاذًا (¬5) من هلكة، فالحق تقييد المتن هناك بما إذا كان قد نوى الرجوع وجَعْل المسألة جارية على القواعد. * قوله: (ومن وجد آبقًا أخذه) المراد لا يحرم عليه ذلك، لا أنه يجب بدليل ¬
وهو أمانة، ومن ادَّعاه فصدَّقه الآبق أخذه، ولنائب إمام بيعه لمصلحة، فلو قال: "كنتُ أعتقته" عُمل به. ـــــــــــــــــــــــــــــ ما يأتي في الباب بعده (¬1). * قوله: (فصدقه الآبق)؛ أيْ: الكبير. * * * ¬
5 - باب اللقطة
5 - باب " اللُّقَطة ": مال أو مختص ضائع -أو في معناه- لغير حربي، ومن أُخِذ متاعه، وتُرك بدله فكلُقطة، ويأخذ حقه منه بعد تعريفه، وهي ثلاثة أقسام: ما لا تتبعه همة أوساط الناس، كسوط وشِسْع. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب اللقطة * قوله: (أو مختص) قال شيخنا في شرحه (¬1): "كخمر خلال" ولم يفسره بكلب الصيد أو الحراسة؛ لأن المص على ما يأتي (¬2) ماشٍ على تحريم التقاطه وعدم ضمانه إن تلف بيد آخذه. * قوله: (فكلقطة)؛ يعني: وليس لقطة حقيقية، وإلا كان يملك بالتعريف، ولا يصح حمل قولهم: ويأخذ قدر حقه منه بعد تعريفه (¬3)، على ما إذا عرف ربه؛ لأنه كان يلزمه دفعه حينئذٍ بتمامه ويطالب بمتاعه أو بدله. * قوله: (وشِسع) بتقديم المعجمة أحد سيرَي النعل الذي يجعل بين الأصابع (¬4). ¬
ورغيف، فيُملك بأخذ، ولا يلزمه تعريفه، ولا بدله إن وَجَد رَبَّه، وكذا لو لقي كَنَّاس ومن في معناه قطعًا صغارًا متفرقة، ولو كثُرت، ومن ترك دابة بمهلكة أو فلاة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وكذا لو لقي كناس ومن في معناه قطعًا صفارًا متفرقة ولو كثرت) هذا كلام ابن عقيل، وعبارة التذكرة له (¬1): "ما يحصل للكناس والنخال والمقشع من القطع الصغار التي لا يجب تعريف آحادها (¬2) إذا اجتمع منها ما يصير مجموعه مالًا لم يجب تعريفه وأبيح له، كما نقول فيمن لقط النوى، وقشور الرمان، ومكسور الزجاج والسرجين، فاجتمع منه ما تتوق النفس إليه لم يجب تعريفه؛ لأن آحاده لا تتوق النفس إليها كذلك هؤلاء يلتقطون ما لا تتوق النفس إليه، والظاهر أنه ليس بمال لواحد، وإنما هو مال جماعة كل واحد منهم لا تتوق نفسه إلى قطعته". [انظر لو دلَّت قرينة على أن الكل لواحد، بأن كانت حبات مسبحة ليس لآحاد قيمة، والمجموع تتوق نفسه إليه، فهل يجب التعريف؟ الظاهر نعم] (¬3). قال: "وذاكرت بهذا شيخنا أبا محمد التميمي (¬4) فوافقني فيه، وذكر أنه قياس المذهب"، انتهى، وذكر قبل ذلك في التذكرة ما نصه: "والدانق ونحوه لا يجب ¬
لانقطاعها، أو عجزِه عن علفها، ملكها آخذها، وكذا ما يُلقى خوف غرق. الثاني: الضَّوال التي تمتنع من صغار السباع: كإبل وبقر وخيل وبغال وحُمُر، وظباء، وطير، وفهد ونحوها. فغير الآبق يحرم التقاطه، ولا يُملك بتعريف، ولإمام ونائبه أخذه ليحفظه لربه، ولا يلزمه تعريفه، ولا يؤخذ منه بوصف. ويجوز التقاط صُيود متوحشة لو تُركت رجعت إلى الصحراء، بشرط عجز ربها، ولا يملكها بالتعريف، لا أحجار طواحين. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تعريفه أيضًا"، انتهى، قال في المستوعب (¬1) بعد نقله: "وظاهر كلامه أنه عنى به دانقًا من ذهب"، انتهى. أقول: كلام صاحب المستوعب يوهم أن هذا الحمل له، وفي المبدع (¬2) ما نصه: "وحمله في التلخيص؛ أيْ: لابن عقيل، على دانق الذهب نظرًا لعرف العراق" (¬3). * قوله: (لانقطاعها)؛ أيْ: لا إن تركها ليرجع إليها. * قوله: (وحُمُر) خلافًا للموفق في الحمر، فإنه ألحقها بالشياه في عدم قوة الامتناع (¬4). * قوله: (ولإمام ونائبه أخذه)؛ أيْ: لا على أنه لقطة بدليل ما بعده، فتدبر!. ¬
وقُدور ضخمة، وأخشاب كبيرة، وما حرُم التقاطه ضمنه آخذه، إن تلف أو نقص، كغاصب، لا كلبًا، ومن كتمه فتلفه فقيمتة مرتَين، ويزول ضمانه بدفعه إلى الإمام أو نائبه أو ردِّه إلى مكانه بأمره. الثالث: ما عداهما من ثمن ومتاع، وغنم وفُصْلَان، وعَجَاجيلَ وأفلاء (¬1)، وقنٍّ صغير. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا كلبًا)؛ أيْ: لا يضمن كلبًا، فالكلب يحرم التقاطه، وصرح به في شرحه (¬2) تبعًا للتنقيح (¬3). * قوله: (ومن كتمه. . . إلخ)؛ أيْ: ما يحرم التقاطه، وإنما تكررت القيمة لتكرر التعدي؛ لأنه تعدى أولًا بالتقاط ما لا يجوز التقاطه (¬4)، وثانيًا بكتمه وهي من المفردات (¬5). * قوله: (من ثمن)؛ أيْ: نقد. * قوله: (ومتاع) كفرش، وثياب. * قوله: (وفصلان) بضم الفاء وكسرها ولد الناقة إذا فصل عنها (¬6). * قوله: (وعجاجيل) جمع عجل ولد البقرة. * قوله: (وأفلاء) جمع فلو، وهو الجحش والمهر إذا فطما أو بلغا سنة. ¬
ونحو ذلك، فيحرم على من لا يأمن نفسه عليها أخذها، ويضمنها به، ولم يملكها ولو عرَّفها. وإن أمن نفسه، وقوي على تعريفها فله أخذها، والأفضل تركها ولو بمَضْيعة، ومن أخذها ثم ردَّها إلى موضعها، أو فرَّط ضمنها إلا أن يأمره إمام أو نائبه بردِّها. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ونحو ذلك) كخشبة صغيرة. * قوله: (ويضمنها به)؛ أيْ: بأخذها سواء تلفت بتفريطه أو لا. * قوله: (ولم يملكها) ولو عرفها لتحريم السبب. * قوله: (فله أخذها) ولو أخذها بنية الأمانة ثم طرأ قصد الخيانة ففي التلخيص يحتمل وجهَين (¬1)؛ أحدهما: لا يضمن كما لا يضمن لو كان أودعه. قال الحارثي (¬2): "وهذا اختيار المص؛ أيْ: الموفق (¬3)، وهو الصحيح"، انتهى. * قوله: (ولو بمَضِيْعَة) بكسر الضاد المعجمة على ما في المطلع (¬4) وأصلها مَضْيعة على وزن مَفْعِلة من الضياع. ¬
1 - فصل
1 - فصل وما أُبيح التقاطه، ولم يُملك به ثلاث أضرب: حيوان: فيلزمُه فعل الأصلح من أكله بقيمته، أو بيعه وحفظ ثمنه، أو حفظه وينفق عليه من ماله، وله الرجوع بنيَّته، فإن استوت الثلاثة خُيِّر. الثاني: ما يُخشى فساده، فيلزمه فعل الأحظ من بيعه، أو أكله بقيمته، أو تجفيف ما يُجفَّف، فإن استوت خُيِّر. الثالث: باقي المال، ويلزمه حفظ الجميع، وتعريفه فورًا نهارًا أول كل يومٍ أسبوعًا، ثم عادة حولًا من التقاط بأن يُنَادِي: "من ضاع منه شيء أو نفقة؟ " في الأسواق. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (ولم يملك به)؛ أيْ: بالالتقاط وهو القسم الثاني. * قوله: (حيوان) كالفصيل والشاة والدجاجة. * قوله: (أو بيعه وحفظ ثمنه) ولو لم يلزمه الإمام بذلك. * قوله: (الثالث باقي المال)؛ أيْ: فيلزمه إبقاؤه بحاله. * قوله: (ويلزمه حفظ الجميع)؛ أيْ: جميع الأقسام الثلاثة التي أبيح التقاطها من حيوان وغيره، والمراد بحفظ الجميع حينئذٍ الأعم من حفظ عينها أو قيمتها (¬1) أو ثمنها. ¬
وأبواب المساجد أوقات الصلاة، وكُره داخلها، وأجرة منادٍ على ملتقط، ويُنتفع بمباح من كلاب، ولا يُعرَّف. وإن أخَّره الحول أو بعضه لغير عذر أثم، ولم يملكها به بعدُ، كالتقاط بنيَّة تملُّك، أو لم يُرِد تعريفًا، وليس خوفه أن يأخذها سلطان جائر، أو يطالبه بأكثر عذرًا في ترك تعريفها حتى يملكها دونه. ومن عرَّفها حولًا فلم تُعْرَف دخلت في ملكه حكمًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أوقات الصلوات) إن قلت: هذا يعارض قوله أولًا: "أو لكل يوم"؟ قلت: لا معارضة، فإن ذاك بالنسبة للأسبوع الأول، وهذا بالنسبة لما بعده. * قوله: (وينتفع بمباح)؛ أيْ: بمباح نفعه، وإن كان محرم الالتقاط وهذا هو الموافق لقول المص فيما سبق (¬1): (وما حرم التقاطه ضمنه آخذه إن تلف) إلى أن قال (لا كلبًا)، وبهذا التأويل يكون المص ماشيًا في المحلَّين على قول واحد، وهو أولى من حمل كلامه هنا على معنى وينتفع بمباح الالتقاط، وجعله ماشيًا هنا على كلام القاضي القائل بأن الكلب مباح الالتقاط (¬2)، فتدبر!. * قوله: (كالتقاط بنية تملك)؛ أيْ: من غير تعريف أو بعده، لكن على نية أنه إن جاء ربها لا يدفعها إليه. * قوله: (أو لم يرد تعريفًا) في هذا العطف من الحزازة ما لا يخفى، ويمكن أن يتكلف له بأن فاعل المصدر الذي كان مضافًا إليه محذوف. وقوله: (بنية تملك) متعلق به، وقوله: (أو لم يرد) عطف عليه، والتقدير: كالتقاط ملتقط بنية تملك، أو ملتقط لم يرد تعريفًا، فتدبر تجد!. ¬
ولو عرضًا، أو لُقَطة الحرم، أو لم يختر، أو أخَّره لعذر، أو ضاعت فعرَّفها الثاني، مع علمه بالأول، ولم يُعْلِمْه، أو أعلمه وقصد بتعريفها لنفسه. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو لقطة الحرم)؛ أيْ: حرم مكة، وأشار إلى خلاف الشافعية (¬1). * قوله: (وقصد بتعريفها لنفسه)؛ أيْ: فإن الثاني يملكها -كما هو سياق المتن- وقيل: لا يملكها هكذا في تصحيح الفروع (¬2)، وعلى هذا الثاني فيكون الأول أحق بها فترجع له، وهل تدخل في ملكه أو لا؟ على القولَين فيما إذا أخر التعريف لعذر (¬3)، والذي مشى عليه المص أنها تدخل في ملكه، ومنه تعلم قول الشارح (¬4) هنا: "فإنها تدخل في ملك الأول" وما في هذا الخلاف الذي حكاه، حرره! (¬5). ¬
2 - فصل
2 - فصل ويحرم تصرفه فيها حتى يعرف وعاءها وهو كيسها ونحوه، ووِكَاءها وهو ما شُدَّ به، وعِفاصَها، وهو صفة الشدِّ، وقدرها، وجنسها، وصفتها، وسُن ذلك عند وِجْدانها، وإشهاد عدلَين عليها لا على صفتها، وكذا لقيط. ومتى وصفها طالبها لزم دفعها بنمائها، ومع رِقٍّ ملتقِط، وإنكار سيده، فلابد من بيِّنة، والمنفصل بعد حول تعريفها لواجدها، وإن تلفت أو نقصت قبله، ولم يفرط لم يضمنها، وبعده يضمنها مطلقًا، وتُعتبر القيمة يوم عُرف ربها. وإن وصفها ثانٍ قبل دفعها للأول أُقرع، ودُفعت إلى قارع بيمينه، وبعده لا شيء للثاني. ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (فلابد من بينة)؛ أيْ: تشهد بأنه التقطها ونحوه؛ لأن إقرار القنِّ بالمال لا يصح، شرح (¬1). * قوله: (قبله)؛ أيْ: قبل حول التعريف، والمراد قبل تمامه. * قوله: (مطلقًا)؛ أيْ: فرط أو لم يفرط، تعدى أو لم يتعدَّ. * قوله: (أقرع)؛ أيْ: حيث لا بينة لأحدهما، أو كان لكل منهما بينة وتساقطا كما يعلم مما بعده. ¬
وإن أقام آخر بيِّنة أنها له أخذها مِن واصف، فإن تلفت لم يضمن ملتقِط. ولو أدركها ربُّها بعد الحول مبيعة أو موهوبة فليس له إلا البدل، ويُفسخ زمان خيار، وتُرد كبَعْدَ عودها بفسخ أو غيره، أو رهنها، ومئونة الردِّ على ربها. ولو قال مالكها بعد تلفها: "أخذتَها لتذهب بها"، وقال الملتقط: ". . . لأعرِّفها"، فقوله بيمينه. ووارث -فيما تقدم- كمورِّثه. ومن استيقظ فوجد في ثوبه مالًا -لا يدري من صَرَّه- فهو له. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإن أقام بينة. . . إلخ)؛ أيْ: ولو (¬1) لم يصفها؛ لأن البينة أقوى من الوصف كما يعلم من كلامه في شرحه (¬2). * قوله: (فليس له إلا البدل)؛ أيْ: المثل أو القيمة. * قوله: (ويفسخ زمان خيار)؛ أيْ: لبائع أو لهما على ما في الإقناع (¬3)، وتبعه عليه شيخنا في شرحه (¬4)؛ يعني: لا إن كان الخيار للمشتري وحده. * قوله: (فقوله بيمينه)؛ أيْ: الملتقط. * قوله: (ووارث. . . إلخ)؛ أيْ: وارث ملتقط أو ربها. * قوله: (ومن استيقظ) قالوا: من نوم أو إغماء (¬5)، وانظر هل مثله ¬
ولا يبرأ من أخذ من نائم شيئًا إلا بتسليمه له، ومن وجد في حيوان نقدًا أو دُرَّة (¬1) فلُقطة لواجده، وإن وجد دُرَّة غير مثقوبة في سمكة فلصيَّاد، ومن ادَّعى ما بيد لصٍّ أو ناهب أو قاطع طريق، ووصفه فهو له. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ الجنون أو يفرِّق؟. ثم قال شيخنا بعد برهة قلت: ومثله جنون (¬2). * قوله: (إلا بتسليمه له)؛ أيْ: أو للحاكم على ما الإقناع (¬3)، وفيه شيء؛ لأن الحاكم لا تصرف له في مال النائم، فليحرر! (¬4). * قوله: (وإن وجد درة غير مثقوبة) وعلم منه أنه لو وجدها مثقوبة، أو وجد بها نقدًا فإنه لقطة لواجده، وهو مما شمله عموم الأول. * قوله: (فهو له) وعلى قياس ما سبق (¬5) أنه لو وصفها ثانٍ (¬6) اقترعا فمن قرع أخذه، وإن أقام آخر بينة أخذها (¬7)؛ لأنها أقوى من الوصف. ¬
3 - فصل
3 - فصل ولا فرق بين ملتقِط غني وفقير، ومسلم وكافر، وعدل وفاسق يأمن نفسه عليها، وإن وجدها صغير أو سفيه أو مجنون قام وليُّه بتعريفها، فإن تلفت بيد أحدهم، وفرِّط ضمن، كإتلافه، وإن كان بتفريط الولي فعليه فإن لم تُعْرف فلواجدها. والرقيق لسيده أخذها، وتركها معه إن كان عدلًا يتولى تعريفها، وإن لم يأمن سيده لزمه سترها عنه، ومتى تلفت بإتلافه أو تفريطه ففي رقبته. ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (ضمن)؛ أيْ: ملتقط فتكون في ماله. * قوله: (فعليه)؛ أيْ: الولي، ومن جملة تفريطه ما إذا أبقاها بأيديهم ولم ينتزعها (¬1) منهم على ما في الإقناع (¬2). * قوله: (والرقيق لسيده) يؤخذ من حل الشارح (¬3) أن (الرقيق) مبتدأ خبره محذوف؛ أيْ: يصح التقاطه. * وقوله: (لسيده. . . إلخ) بتقدير العاطف؛ أيْ: ولسيده أخذها، والضمير عائد على معلوم من المقام؛ أيْ: اللقطة، وعلم أنه يصح منه الالتقاط. ¬
ومكاتب كحُر ومبعَّض فبينه وبين سيده، وكذا كلُّ نادر من كسب كهبة وهدية ووصية ونحوها ولو أن بينهما مُهايأة. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومبعَّض) لعل التقدير: وما التقطه مبعَّض فبَيْنَه. . . إلخ، ليكون للفاء هنا محل، وقدره كذلك شيخنا في شرحه (¬1). * * * ¬
6 - باب اللقيط
6 - باب اللَّقِيْط: طفل لا يُعرف نسبه ولا رِقُّه، نبُذَ أو ضل، إلى سنِّ التمييز، وعند الأكثر: إلى البلوغ. والتقاطه فرض كفاية، ويُنفق عليه مما معه، وإلا فمن بيت المال، فإن تعذر اقترض عليه حاكم. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب اللقيط * قوله: (طفل. . . إلخ) لم يزد في التعريف التقط مثلًا لتكون التسمية ظاهرة، فلعله حينئذٍ من مجاز الأول، وعلى هذا فإرجاع الضمير إليه في قوله: (والتقاطه. . . إلخ) ظاهر، ولو زاد ما ذكر، ثم أرجع الضمير فيما ذكر إليه لاحتيج إلى ارتكاب الاستخدام. * قوله: (إلى سن التمييز)؛ أيْ: فقط على الصحيح من المذهب، قاله في الإنصاف (¬1) وقدمه التنقيح (¬2). * قوله: (وينفق عليه مما معه) ولو بلا إذن حاكم. * قوله: (اقترض عليه حاكم)؛ أيْ: على بيت المال، وظاهره ولو مع وجود متبرع؛ لأنه أمكن الإنفاق عليه دون مِنَّة تلحقه في المستقبل. ¬
فإن تعذر فعلى من علم حاله، ولا يرجع فهي فرض كفاية. ويُحكم لإسلامه وحرِّيته إلا أن يوجد في بلد أهل حرب، ولا مسلم فيه، أو فيه مسلم كتاجر وأسير فكافر رقيق. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فهي)؛ أيْ: النفقة على من علم به، شرح (¬1). وبخطه: التفريع على ما قبله يحتاج إلى معونة، بأن يجعل من قبيل عطف العلة على معلولها، والمعنى: ولا يرجع المنفق العالم به؛ لأنها واجبة عليه على الكفاية. * قوله: (كتاجر وأسير)؛ أيْ: لم يبلغا حد الكثرة كما يعلم من المقابلة وليس المراد الوحدة. * قوله: (فكافر رقيق) وإنما لم (¬2) يحكم بإسلامه؛ لأن الظاهر كفره تبعًا لأبويه. وعمومه يتناول ما إذا كان الملتقط له مسلمًا (¬3)، وفيه نظر؛ لأن تبعية أبويه انقطعت كما تنقطع بالسبي، وكلامه في المغني (¬4) يدل عليه، وكلام ابن نصر اللَّه (¬5) المذكور في الحاشية (¬6) صريح في الموافقة على احتمال كونه كافرًا، والمناقشة في ¬
وإن كثُر المسلمون فمسلم، أو في بلد إسلام كلُّ أهله ذمة فكافر، وإن كان بها مسلم يمكن كونه منه فمسلم، وإن لم يبلغ من قلنا بكفره تبعًا للدار حتى صارت دار إسلام فمسلم. وما وُجد معه من فراش تحته وثياب، أو مال في جيبه أو تحت فراشه، أو مدفونًا تحته طريًّا، أو مطروحًا قريبًا منه، أو حيوان مشدود بثيابه فله. ـــــــــــــــــــــــــــــ كونه رقيقًا، واقتضاء اختيار كونه حرًّا، فراجعه!. * قوله: (يمكن كونه منه)؛ أيْ: إلحاقه به كابن عشر فما فوق، وبنت تسع فما فوق. * قوله: (وإن لم يبلغ من قلنا بكفره تبعًا للدار) وهو من وجد بدار حرب لا مسلم به، أو به مسلم كتاجر وأسير، حاشية (¬1)؛ يعني: سواء أمكن كونه منهما أو لا، تغليبًا للدار، بخلاف ما إذا كانت دار إسلام وأهلها أهل ذمة، وبالبلد تاجر مسلم أو أسير مسلم يمكن كونه منه، فإنه يحكم بإسلامه تبعًا للدار -كما نص عليه المص-. * قوله: (أو حيوان) نائب فعل محذوف، تقديره: أو وجد معه حيوان. . . إلخ والقرينة سَبْقُ نظيره. ¬
والأولى بحضانته واجدُه إن كان أمينًا عدلًا ولو ظاهرًا حرًّا مكلفًا رشيدًا، وله حفظ مالِه، والإنفاق عليه منه وقبول هبة ووصية له بغير حكم حاكم، ويصح التقاط قنٍّ لم يوجد غيره وذمي لذمي. ويُقرُّ بيد مَنْ بالبادية مُقيمًا في حِلَّة، أو يريد نقله إلى الحضر، لا بدويًّا ينتقل في المواضع. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (حرًّا)؛ أيْ: تام الحرية، فخرج القنُّ، والمدبَّر، والمعلق عتقه بصفة، وأم الولد، والمكاتب، والمبعَّض -كما ذكر في الحاشية (¬1) - معللًا للجميع، فراجعه!. * قوله: (ويصح)؛ أيْ: يجوز بمعنى يجب وجوب عين، ولو عبَّر بـ "يجب" لكان أولى، وبه عبَّر في المغني (¬2)، وإنما قلت إن التعبير (¬3) بـ "يجب" أولى فقط لإمكان حمل الصحة على الجواز المقابل للامتناع، وَمِمَّا صَدقاته الوجوب فبالتأويل يساوي عبارة المغني، لكن ما لا يحوج إلى التأويل أولى من خلافه. * قوله: (التقاط قنٍّ) مصدر مضاف لفاعله. * قوله: (مقيمًا) حال من (قنٍّ) وإن كان مضافًا إليه؛ لأنه كالجزء، إذ يجوز حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، وجعل الباء بمعنى "مع"، والتقدير: ويقرُّ مع من بالبادية حالة كونه مقيمًا. * قوله: (في حلة)؛ أيْ: بيوت مجتمعة للاستيطان بها. * وقوله: (لا بدويًّا) عطف عليه، وهو أولى من تخريجه على كونه خبرًا ¬
أو من وجده في الحضر فأراد نقله إلى البادية، أو مع فسقه أو رقه أو كفره (¬1)، واللقيط مسلم. وإن التقطه في الحضر من يريد النُّقْلَة إلى بلد آخر أو قرية، أو من حِلَّة إلى حِلَّة، لم يُقرَّ بيده، ما لم يكن المحل الذي كان به وبيئًا، كغَوْرِ بَيْسَانَ ونحوه، ويقدَّم موسر ومقيم. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لـ "كان" المحذوفة مع اسمها -كما صنع الشارح (¬2) -؛ لأنه قليل مع غير "إن" و"لو" (¬3)، فتدبر!. * قوله: (واللقيط مسلم) الواو للحال، وهي مقيدة للأخيرة (¬4) فقط. * قوله: (وبيئًا)؛ أيْ: مشهورًا بالوباء. * قوله: (كغور بيسان) بكسر الباء الموحدة في أوله بعدها مثناة تحتية سِاكنة بعدها سين مهملة، والباقي معروف موضع بالشام (¬5). * قوله: (ونحوه) كالجحفة من الحجاز. * قوله: (ويقدم موسر ومقيم. . . إلخ) ومثله كريم وبخيل، قاله في المغني (¬6). ¬
-من ملتَقِطَيْن- على ضدهما، فإن استويا أُقرِع. وإن اختلفا في الملتقط منهما قُدِّم من له بيِّنة فإن عَدِماها قُدِّم ذو اليد بيمينه، فإن كان بيديهما أُقرِع، فمن قَرَع سُلِّم إليه مع يمينه. وإن لم يكن لهما يد، فوصفه أحدهما بعلامة مستورة في جسده قُدِّم، وإن وصفاه أُقرِع، وإلا سلمه الحاكم إلى من يَرَى منهما أو من غيرهما، ومن أسقط حقه سقط. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإن وصفاه أُقرعِ) بقي ما لو وصفه أحدهما وأقام الآخر بينة هل يقدَّم ذو البينة قياسًا على ما سلف في اللقطة (¬1)، أو يقدَّم الواصف بدلالة الوصف على سبق وضع اليد وتقدم العهد؟ يحرر!. * قوله: (أو من غيرهما) فيه نظر؛ لأن الحق منحصر فيهما، غايته أنه لأحدهما مبهمًا، فكيف يقدم عليهما غيرها، وقد يقال إنه لما لم يكن لواحد منهما بينة ولا يد، ولا حصل من أحدهما وصف سقط حقهما، ويقرُّه الحاكم بيد من شاء؛ لأنه وليُّ من لا ولي له، وإقراره بيد أحدهما في هذه الحالة من جهة اختيار الحاكم له، لا من جهة كونه ملتقطًا أو مدعيًا ذلك. * قوله: (سقط)؛ أيْ: حقه، وانظر هل مثل هذا يكفي في الربط، وهو أن يكون في جملة الجواب أو الخبر ضمير عائد إلى مركب فيه ضمير عائد على اسم الشرط أو المبتدأ (¬2)؟. ¬
1 - فصل
1 - فصل وميراثه ودِيته -إن قُتل- لبيت المال، ويُخيَّر الإمام في عمد بين أخذها والقصاص، وإن قُطِع طرَفه عمدًا انتُظر بلوغه ورشده إلا أن يكون فقيرًا، فيلزم الإمامَ العفوُ على ما يُنفق عليه. وإن ادَّعى جانٍ عليه أو قاذفُه رِقَّه، وكذَّبه لقيط بالغ فقوله، وإن ادعى أجنبي رقَّه -وهو بيده- صُدِّق بيمينه، ويثبت نسبه مع رقِّه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (أخذها)؛ أيْ: الدية. * قوله: (فقوله) وظاهره ولو بلا يمين؛ لأنه محكوم بحريته، فقوله موافق للظاهر، تدبر!. * قوله: (أجنبي)؛ أيْ: غير واجده. * قوله: (وهو بيده صُدّق بيمينه) محله كما يؤخذ من كلام ابن نصر اللَّه (¬1) إن كان طفلًا أو مجنونًا، أما إن (¬2) كان مميزًا عاقلًا وقال: إني حرٌّ فلابد من بينة، وأولى إذا كان بالغًا، فتنبه!، حاشية (¬3) باختصار. * قوله: (ويثبت نسبه مع رقه)؛ يعني: فيما إذا ادعى آخر أنه ولده؛ لأنه لا تنافي بين كونه ولده ورقيقا لغيره، وقيده في الترغيب (¬4) بما إذا لم يكن المدعى ¬
وإلا فشهدت له بيِّنة بيد، وحَلَف أنه ملكه، أو بملك، أو أن أمَته ولدته في ملكه، حُكم له به، وإن ادّعاه ملتقط لم يُقبل إلا ببيِّنة. وإن أقرَّ به لقيط بالغ يُقبل، وبكفر -وقد نطق لإسلام، وهو يعقله- أو مسلم حُكمًا، فمرتد. وإن أقرَّ به من يمكن كونه منه ولو أنثى ذات زوج أو نسب معروف أُلحق، ولو ميتًا به، لا زوج مُقِرَّة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنه ولد امرأة حرة، فإن كان امرأة حرة (¬1) ثبت نسبه وحريته؛ يعني: ويبطل الحكم برقِّه للأول (¬2)، وينبغي تقييد كلام الترغيب بما إذا كانت المرأة حرة الأصل، أما لو كانت أمة وعتقت بعد بلوغها فيجوز أن تكون ولدته في حال رقِّها، ما لم يعلم تاريخ العتق والولادة، وأن العتق مقدم عليها، فتدبر!. * قوله: (أو بملك)؛ أيْ: أو شهدت له بينة بملك، فهو عطف على (بيد). * قوله: (لم يقبل)؛ أيْ: ولو صدقه المقرُّ له؛ لأنه يبطل حقًّا للَّه -تعالى- في الحرية. * قوله: (أو مسلم) خبر مبتدأ محذوف، والجملة حال، معطوفة على جملة (وقد نطق بإسلام)، والتقدير: وإن أقر بكفر وقد نطق بإسلام، أو وهو مسلم حكمًا فمرتد، فتدبر!. * قوله: (حكمًا) تبعا للدار. * قوله: (فمرتد) لكفره بعد إسلامه. * قوله: (لا زوج مقرة)؛ لأنه لم يولد على فراشه. ¬
ولا يتبع في رقٍّ، ولا كافرًا في دينه إلا أن يُقيم بيِّنة أنه وُلد على فراشه. وإن ادَّعاه اثنان فأكثر معًا، قُدِّم من له بيِّنة، فإن تساووا فيها أو في عدمها عُرض مع مدعٍ أو أقاربه -إن مات- على القافة، فإن ألحقته بواحد أو اثنَين لَحِقَ، فيرث كلًّا منهما إرث ولد، ويرثانه إرْثَ أبٍ، وإن وُصِّي له قَبِلا، وإن خلف أحدهما فله إرث أبٍ كامل، ونسبه ثابت من الميت. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا يتبع. . . إلخ)؛ أيْ: رقيقه. * قوله: (ولا كافرًا) عطف على مفعول (يتبع) المحذوف؛ أيْ: ولا يتبع رقيقه في رق ولا كافرًا. . . إلخ. * قوله: (اثنان)؛ أيْ: ذكران، بدليل قوله الآتي: (ويرثانه إرث أبٍ كامل). بقي ما إذا ادعاه رجل وامرأة، بأن ادعى الرجل أنه ولده من زوجة ماتت أو غائبة عن بلد التداعي، وادعت المرأة أنه ولدها من زوجها المتوفى أو الغائب عن بلد التداعي، وأقام كل بينة بما ادعاه، فهل الحكم كذلك أو يلحق نسبه بهما من غير توقف على عرض على القافة أولًا، ولا (¬1) يكون نسبه ضائعًا؟ وهي واقعة حال عرضت ولم أُفْتَ فيها بشيء. * قوله: (فإن تساووا. . . إلخ) بأن كانتا بينة داخل، أو بينة خارج، أو كان القدر المعتبر شرعًا من الفئتَين عدلًا، ولا عبرة بالتساوي في القلة والكثرة، فتدبر!. * قوله: (فإن ألحقته بواحد أو اثنَين لحق). * تنبيه: إذا ألحقته القافة باثنَين، وكان لكل من هذين الاثنين بنت وللقيط ¬
ولأمَّي أبويه -مع أم أمّ- نصف سدس، ولها نصفه، وكذا لو ألحقته بأكثر. وإن لم توجد قافة أو نَفَتْه، أو أشكل، أو اختلف قائفان، أو اثنان وثلاثة، ضاع نسبه، ويؤخذ باثنَين خالفهما ثالث، كبيطارَين وطبيبَين في عيب، ولو رجع عن دعواه من ألحقته به القافة لم يُقبل، ومع عَدَمِ إلحاقها بواحد من اثنين فرجع أحدهما يُلحَق بالآخر. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أم، جاز لواحد أجنبي عنهما أن يجمع بين بنتَي هذين الشخصَين وأم اللقيط؛ لأن كلًّا منهن أجنبي من الأخريَين، ويعايا فيقال: شخص تزوج بأم شخص وأختَيه معًا، وأقِرَّ النكاح مع إسلام الجميع، وفي ذلك قلت ملغِزًا: يا فقيهًا حوى الفضائل طرا ... وتسامى على الأنام بعلمه أفتنا في شخص تزوج أختَيـ ... ـن لشخص مع البناء بأمه وأجازوا عقوده دون ريب ... أو ملام في الشرع أرشد لفهمه * قوله: (أو نفته) وتقدم أن هذا وأمثاله لا ينافي قولهم: القافة يقبل قولها في الإثبات دون النفي (¬1)، لما أنه محمول على ما إذا كان الفراش موجودًا، لكن مع الإبهام، وما هنا ونظائره محمول على ما إذا لم يكن هناك فراش أصلًا، فتدبر!. * قوله: (خالفهما ثالث) ظاهره ولو كان أعرف منهما، وهو بعيد. * قوله: الم يقبل)؛ أيْ: رجوعه. * قوله: (يلحق بالآخر) هذا يقوي الإشكال السابق (¬2) عند قول المص: ¬
ويكفي قائف واحد، وهو كحاكم، فيكفي مجرَّد خبره، وشُرِطَ كونه ذكرًا عدلًا حرًّا مجربًا في الإصابة. وكذا إن وطئ اثنان امرأة بشبهة، أو أمَتَهما في طهر. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ (سلمه الحاكم إلى من يرى منهما أو من غيرهما)؛ لأنه حيث كان لا ينحصر فيهما، فكيف يلزم من إسقاط أحدهما حقه ثبوت الحق للآخر، فليحرر!. وقد يقال: إن موضوع المسألة مختلف؛ لأن ذاك في دعوى الالتقاط، وهذا في دعوى النسب. * قوله: (وشرط كونه ذكرًا عدلًا. . . إلخ) قال في المبدع (¬1): "ولا يقبل قول القائف إلا أن يكون ذكرًا عدلًا مجربًا في الإصابة، كذا في المحرر (¬2) والوجيز (¬3)؛ لأن قوله حكم، فاعتبرت له هذه الشروط". وظاهره أنه لا تعتبر الحرية وهي وجه (¬4)، واعتبرها في الشرح (¬5) وغيره (¬6)، ولا الإسلام، وفي المستوعب (¬7): "لم أجد أحدًا من أصحابنا اشترط إسلام القائف، وعندي أنه لا يشترط". وبخطه: أيْ: مسلمًا، كما يؤخذ من قول المستوعب (¬8): "يشترط فيه شروط ¬
أو أجنبي بشبهة -زوجة أو سريَّة لآخر- وأتت بولد يمكن كونه منهما، وليس لزوج -ألحق به- اللعان لنفيه. ـــــــــــــــــــــــــــــ من تقبل شهادته"، ومِنْ جَعْلِهم له بمنزلة إمَّا (¬1) حاكم أو شاهد (¬2). * قوله: (أو أجنبي)؛ أيْ: ووطء أجنبي. . . إلخ. * قوله: (وليس لزوج أُلحق به اللعان لنفيه)؛ لأنه لم يوجد شرط اللعان، وهو سبق القذف. * * * ¬
14 - كتاب الوقف
14 - كِتَابُ الوَقْفِ
(14) كِتَابُ الوقف: تحبيس مالك مطلق التصرف ماله المنتفع به، مع بقاء عينه، بقطع تصرفه وغيره في رقبته، يُصرف ريعه إلى جهة برٍّ، تقرُّبًا إلى اللَّه -تعالى-. ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الوقف * قوله: (بقطع تصرفه. . . إلخ) الباء متعلقة بـ (تحبيس) على أنها تصوير له، وهذا باعتبار الأصل الغالب، وإلا فسيأتي (¬1) أنه يجوز التصرف في الوقف لعارض كتعطل منافعه. * قوله: (يصرف. . . إلخ) الجملة إما حال من (ماله) ولا يضر الفصل بما ذكر بينهما؛ لأنه من تعلقات (¬2) صاحبه، وإما مستأنفة استئنافًا بيانيًّا جوابًا عن (¬3) سؤال، كأنه قيل: ما يُصنع بريع المال بعد تحبيسه؟ فأجاب بقوله "يصرف. . . إلخ". * قوله: (تقربًا إلى اللَّه -تعالى-)؛ أيْ: الأصل فيه ذلك، وقد لا يلاحظ، وبهذا تنحل شبهته في شرحه (¬4) فراجعها!. ¬
ويحصل بفعل مع دالٍّ عليه عُرفًا، كأن يبني بنيانًا على هيئة مسجد ويأذن إذنًا عامًّا في الصلاة فيه، حتى لو كان سفل بيته أو علوَّه أو وسطه، ويستطرق، أو بيتًا لقضاء حاجة أو تطهر ويُشَرِّعه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو أنه قَيْد (¬1) في الوقف المثاب عليه، فلا ينافي صحته إذا تجرد عن هذا القصد، وإن كان لا ثواب فيه، كأن نوى بوقفه عدم بيع الورثة له، أو عدم بيعه في دينه إذا أفلس على قياس ما سلف في الصلاة، حيث قالوا: ولا يمنع صحَّتا قصد تعليمها أو خلاص من خصم ونحوه، مع عَدِّهِم ذلك من ممحصات الثواب أو منقصاتها. أو يقال: إن قوله: (تقربًا إلى اللَّه -تعالى-) ليس من تعلقات (تحبيس) بل هو من تعلقات (جهة برٍّ)، والتقدير: على جهة برٍّ جعلت تقربًا إلى اللَّه -تعالى-، ويكون هذا قيدًا (¬2) في الشرط الثاني، والمعنى بعيد، واللفظ في غاية التكلف. وبخطه: علم منه اعتبار النية، إذ لا ثواب في غير منوي، وسيأتي (¬3) أن الناظر الأجنبي إذا غرس أو بنى في الوقف ولم يشهد على كونه محترمًا له كان للوقف، فقد حصل الوقف بالفعل المجرد عن النية والقرينة. * قوله: (مع دال)؛ أيْ: شيء قولًا كالإذن، أو فعلًا كالتشريع. * قوله: (حتى لو كان سفل بيته. . . إلخ) مقتضى صنيع الفروع (¬4) أنه لو جعل سطح بيته مسجدًا انتفع بسفله وجهًا واحدًا، وأنه إذا جعل سفله مسجدًا ¬
أو يجعل أرضه مقبرة ويأذن إذنًا عامًّا في الدفن فيها. ويقول وصريحه: "وقفتُ" و"حَبَّستُ" و"سبَّلتُ". وكنايته: "تصدقتُ" و"حرَّمتُ" و"أبَّدتُ"، ولا يصح بها إلا بنية، أو قرْنها بأحد الألفاظ الخمسة، كـ: "تصدقت صدقة موقوفة، أو محبَّسة، أو مسبَّلة، أو محرمة، أو مؤبدة" أو بحكم الوقف، كـ: "لا تباع"، أو "لا توهب". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ انتفع (¬1) بسطحه في الأصح (¬2)؛ لأنه قدم جواز الانتفاع به، ثم قابله برواية مُهَنَّا (¬3) التي تتضمن المنع منه. * قوله: (ولا يصح بها. . . إلخ)؛ أيْ: في الكناية. * قوله: (أو قرنها بأحد الألفاظ الخمسة) وهي الصرائح الثلاث، والكنايتان الباقيتان بعد المأتي بها. * قوله: (أو محرمة أو مؤيدة) هذا صريح في أنه إذا قرن كناية بكناية كان بمنزلة الصريح، وكأنه خاص بهذا الباب، فإنهم لم يعتبروا في مثل الطلاق بالكناية إلا النية أو القرينة (¬4)، فظاهره أنه لو قال لها: الحقي بأهلك، وحبلك على غاربك، ¬
أو "لا تورث"، أو "على قبيلة أو طائفة كذا". فلو قال: "تصدقتُ بداري على زيد"، ثم قال: "أردتُ الوقف" وأنكر زيد لم تكن وقفًا. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا نية ولا قرينة، ثم قال: لم أرد طلاقًا، أنه يقبل منه، ويطلب الفرق بين البابَين، فليحرر؟!، وقد يفرق: بتشوف الشارع إليه. * قوله: (لم تكن وقفًا)؛ أيْ: ظاهرًا، فهذه العبارة بهذا التقدير تساوي تعبير الأصحاب، فلم يقبل قوله (¬1)، وتوجيه المسألة: أن زيدًا يدعي ما اللفظ صريح فيه، والواقف (¬2) يدعي ما هو كناية فيه، فقدمت دعوى زيد. نعم إن كان الواقف قد نوى الوقف كان وقفًا باطنًا وحصل له ثواب الوقف. ومما قررناه تعلم الفرق بين تصدقت وغيرها من بقية الكنايات التي ليست صريحة في باب آخر، فلو قال حرمت هذه الدار على زيد، وقال: أردت الوقف، وأنكر زيد، لم يلتفت إلى إنكاره، وتكون وقفًا. وبخطه: قال في الإنصاف (¬3): "ويعايا بها" ووجه المعاياة أن المنوي بالكناية يرجع في تعيينه إلى المتكلم، وقد خولفت هذه القاعدة حيث قدم تعيين غيره عليه (¬4)، فتدبر!. ¬
1 - فصل
1 - فصل وشروطه أربعة: مصادفتُه عينًا يصح بيعها ويُنتفع بها عُرفًا -كإجارة- مع بقائها، أو مشاعًا منها، منقولة، كحيوان، وأثاث، وسلاح، وحُلِيٍّ على لبس وعارية أو لا كعقار. لا ذمةً كدار وعبد، أو مبهمًا كأحد هذين. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (مصادفته عينًا) خرج بالعين المنفعة، فلا يصح وقفها، ويطلب الفرق بين الوقف والوصية؟ وقد يفرق: بأن الوصية جارية مجرى الإرث بخلاف الوقف، وخرج بالعين أيضًا ما في الذمة. * قوله: (لا ذمة. . . إلخ) قال في شرحه (¬1): "هذا بيان لمحترز قوله (مصادفته عينًا)، فإنه لو قال: وقفت على زيد دارًا أو عبدًا ولم يعين ذلك أو وقفت على أحد هذَين العبدَين، أو الدارَين أو نحو ذلك لم يصح؛ لأنه نقل ملك على وجه الصدقة، فلم يصح في غير معين كالهبة"، انتهى. وظاهره بل صريحه أن قوله: (كدار وعبد) تمثيل لما في الذمة، وفيه أنه لم يتقدم ولا يأتي في باب من الأبواب استعمال ما في الذمة في غير الدين غير هذا، ولو جعلت الكاف في قوله: (كدار) للتنظير والمعنى: لا يصح وقف ما في الذمة، كما لا يصح وقف المبهم كدار مبهمة أو عبد مبهم أو أحد هذَين، وجعل قوله: ¬
أو ما (¬1) لا يصح بيعه كأم ولد، وكلب، ومرهون، أو لا يُنتفع به مع بقائه كمطعوم ومشموم، وأثمان كقنديل من فقد على مسجد ونحوه، إلا تبعًا كفرس بلجام وسَرج مُفَضَّضَين. الثاني: كونهُ على برٍّ، كالمسحين والمساجد والقناطر والأقارب. ويصح من ذمي على مسلم معين وعكسه ولو أجنبيًّا، ويستمر له إذا أسلم، ويلغو شرطه ما دام كذلك. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ (أو مبهمًا) من باب ذكر العام بعد الخاص، لا من عطف العام على الخاص لكان أمسَّ (¬2) بالقواعد. * قوله: (كأم ولد)؛ أيْ: في المشهور (¬3)، وإلا فقد جوَّز بعضهم بيعها في ست مسائل -كما نبه عليه الشويكي في توضيحه (¬4) -. * قوله: (ويصح من ذمي) لعل مراده هنا بالذمي غير المسلم، ولو معاهدًا أو مستأمنًا أو وثنيًّا أو حربيًا لملكهم. * قوله: (على مسلم معيَّن) إنما قيد بمعيَّن ليصح له قوله: (وعكسه) وإلا ¬
لا على كنائس، أو بيوت نار، أو بِيَعٍ ونحوها ولو من ذمي -بل على المارِّ بها من مسلم وذمي- ولا على كتب التوراة والإنجيل، أو حربيٍّ هو مرتد، ولا -عند الأكثر- على نفسه (¬1)، وينصرف إلى من بعده في الحال، وعنه: يصح (¬2)، المنقِّح (¬3): "اختاره جماعة، وعليه العمل، وهو أظهر". ـــــــــــــــــــــــــــــ فالوقف على مسلم صحيح مطلقًا معيَّنًا (¬4) أو غير معيَّن. * قوله: (لا على كنائس) يطلب الفرق بين ذلك والوقف على الذمي المعيَّن ولو كان أجنبيًّا؟. وقد يفرق: بأن الذمي المعيَّن يرجى إسلامه ويصح تملكه والصدقة عليه. * قوله: (أو حربي) معينًا أو غير معيَّن. * قوله: (وينصرف إلى من بعده في الحال) ويكون من صور الوقف المنقطع الأول، وهذا واضح إن قال: وقفته على نفسي ثم على أولادي مثلًا، وأما إن قال: على نفسي وسكت، فالظاهر أنه باطل على قول الأكثر وملكه بحاله، ويورث عنه -كما في شرح شيخنا (¬5) -. بقي ما إذا قال: وقفته على أرشد أولاد أبي، أو أعلمهم، أو أكبرهم، وكان الوصف لا ينطبق إلا عليه، فهل يكون باطلًا لما فيه من التحيل على صورة باطلة، أو يكون صحيحًا؛ لأنه ليس فيه تحيل على محرم؟. ¬
وإن وقَف على غيره، واستثنى غلَّتها (¬1) أو بعضها له أو لولده، أو الأكل، أو الانتفاع لأهله، أو يُطعم صديقه -مدة حياته أو مدة معيَّنة: صحَّ. فلو مات في أثنائها فلورثته وتصح إجارتها، ومن وقف على الفقراء فافتقر تناول منه. ولو وقف مسجدًا، أو مقبرة، أو بئرًا، أو مدرسة للفقهاء أو بعضهم، أو رباطًا للصوفية مما يَعُمُّ فهو كغيره. ـــــــــــــــــــــــــــــ استظهر شيخنا الصحة، فراجع، ويُقرِّب ما استظهره شيخنا ما يأتي (¬2) من أنه لو وقف على الفقراء فافتقر جاز له التناول منه لدخوله في عموم الوصف، فتدبر!. * قوله: (أو الانتفاع لأهله) أو نفسه على ما في شرحه (¬3). * قوله: (فلو مات)؛ أيْ: الواقف المستثني مدة معينة. * قوله: (فلورثته)؛ أيْ: الموقوف عليهم وغيرهم؛ لأنها تنتقل إلى الورثة ملكًا طِلْقًا لا وقفًا. * قوله: (وتصح إجارتها) قال شيخنا (¬4): "وظاهره ولو لم يقل في صيغة الاستثناء ولي السكن (¬5) والإسكان، وظاهره أيضًا أن صحة الإجارة لا تتوقف على إذن الناظر". * قوله: (مما يعم) بيان لمعطوف حذف مع عاطفه؛ أيْ: ونحوه مما ¬
الثالث: كونه على معيَّن يملك ثابتًا، فلا يصح على مجهول، كرجل ومسجد، أو مبهم كأحد هذَين، أو لا يملك كقنٍّ وأم ولد وملك وبهيمة، وحمل أصالة كـ: "على من سيُولد لي أو لفلان"، بل تبعًا كـ: "على أولادي أو أولاد فلان"، وفيهم حمل، فيستحق بوضع، وكلُّ حمل من أهل وقف من ثمر وزرع ما يستحقُّه مشترٍ وكذا من قَدِمَ إلى موقوف عليه فيه، أو خرج منه إلى مثله، إلا أن يُشترط. . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يعم. . . إلخ، فتدبر!. * قوله: (ومَلَكَ) زاد غيره (¬1): "وجني"، وفيه نظر؛ لأن الجني يملك على ما تقدم في المتن صريحًا في فصل أحكام الجن (¬2). * قوله: (وحمل أصالة)؛ أيْ: غير تبع بدليل ما يأتي. وبخطه (¬3): يحتاج إلى الفرق بين الوقف والوصية، حيث جوَّزوا الوصية للحمل أصالة إذا علم وجوده حينها بأن تضعه حيًّا لأقل من أربع سنين إن لم يكن فراشًا، أو من ستة أشهر من حينها، فليحرر ذلك. وقد يجاب بنظير ما سبق، من أن الوصية تجري مجرى الإرث. ¬
2 - فصل
لكل زمن قَدْرٌ معيَّن، فيكون له بقسطه، أو يُملك لا ثابتًا، كمكاتب. الرابع: أن يقف ناجزًا، فلا يصح تعليقه إلا بموته، ويلزم من حينه، ويكون من ثلثه. وشَرْطُ بيعه أو هبته متى شاء، أو خيار فيه، أو توقيته، أو تحويله مبطل. * * * 2 - فصل ولا يُشترط للزومه إخراجه عن يده. . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويلزم من حينه)؛ أيْ: الوقف المعلق بالموت من حين صدوره منه، لا من حين الموت فقط، ويحتاج إلى الفرق بينه وبين التدبير والوصية. قال الحارثي (¬1): "والفرق عسر جدًّا". * قوله: (أو تحويله)؛ أيْ: تحويل الوقف كقوله: وقفت داري على جهة كذا، على أن أحولها من هذه الجهة، أو عن الوقفية بأن أرجع فيها متى شئت، حاشية (¬2). * قوله: (مبطل)؛ أيْ: للوقف، لا للشرط فقط (¬3). فصل * قوله: (ولا يشترط للزومه إخراجه عن يده) خلافًا لمالك (¬4). ¬
ولا -فيما على معيَّن- قبوله، ولا يبطل بردِّه. ويتعين مصرف الوقف إلى الجهة المعينة، فلو سبَّل ماء للشرب لم يجُز الوضوء به. ومنقطع الابتداء يُصرف في الحال إلى من بعده، ومنقطع الوسط إلى من بعده، والآخر بعد من يجوز الوقف عليه، وما وقفه وسكت إلى ورثته نسبًا على قدر إرثهم وقفًا، ويقع الحَجْب بينهم كإرث فإن عُدموا فللفقراء والمسكين، ونصه (¬1): ". . . في مصالح المسلمين". ومتى انقطعت الجهة -والواقف حي- رجع إليه وقفًا. . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لم يجُز الوضوء به)؛ يعني: ولا الغسل، ولا إزالة النجاسة، وكذا حُصُر المسجد وبسطه لا يجوز إخراجها لمنتظر الجنازة، حاشية (¬2)، وعلم منه بالأولى عدم جواز إخراجها للولائم ونحوها. * قوله: (وما وقفه) عطف على المضاف المقدر قبل لفظ (الآخر)؛ أيْ: ويصرف منقطع الآخر وما وقفه. . . إلخ، والعامل فيهما (يُصرف). * قوله: (إلى ورثته) يتعلق بكل من المسألتَين؛ أيْ: ومنقطع الآخر يصرف بعد من يجوز الوقف عليه إلى ورثته، وما وقفه وسكت يصرف إلى ورثته. * قوله: (نسبًا)؛ أيْ: لا ولاءً، ولا نكاحًا، حاشية (¬3). ¬
ويُعمل في صحيح وسط فقط بالاعتبارَين، ويملكه موقوف عليه، فيَنْظُرَ فيه هو أو وليه، ويُتملَّك زرع غاصب، ويلزمه أرش خطئه وفطرته وزكاته، ويُقطع سارقه. ولا يتزوج موقوفة عليه، ولا يطؤها، وله تزويجها إن لم يُشرَط لغيره، وأخذ مهرها ولو لوطء شبهة، وولدها من شبهة حرٌّ، وعلى واطئ قيمته، تُصرف في مثله، ومن زَوْجٍ أو زنًا وقف. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بالاعتبارَين) بأن يلغى ما عدا الوسط، ويجعل كأنه جعل وقفه على ما عدا الطرفَين فيصرف إلى غيرهما، فلو وقف على عبده ثم على زيد ثم على الكنائس صرف ابتداءً لزيد، ثم للمساكين بعده. * قوله: (ويملكه) لكن ملكًا غير تام -كما تقدم مرارًا (¬1) -. * قوله: (موقوف عليه)؛ أيْ: إذا كان معينًا، قاله شيخنا في شرحه (¬2). * قوله: (وزكاته)؛ أيْ: إن كان مالًا زكويًّا، كإبل وبقر وغنم سائمة، ويخرج من غيره -كما تقدم (¬3) -، شرح (¬4). * قوله: (إن لم يشرط)؛ أيْ: الواقف. * قوله: (لغيره)؛ أيْ: مباشرة العقد. * قوله: (ومن زوج)؛ أيْ: ما لم يكن الزوج قد غرَّ بها، فإن ولدها يكون ¬
ولا حدَّ ولا مهر بوطئه، وولده حرٌّ، وعليه قيمته، تُصرف في مثله، وتعتق بموته، وتجب قيمتها في تركته، يُشترى بها وبقيمة وجبت بتلفها أو بعضها مثلها، أو شِقْص يصير وقفًا بالشراء. ولا يصح عتق موقوف، وإن قُطع فله القود، وإن عفا فأرشه في مثله، وإن قُتل ولو عمدًا فقيمته، ولا يصح عفو عنها، وقوَدًا بطل الوقف لا إن قُطع. ويتلقَّاه كل بطن عن واقفه. . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حرًّا، والذي يظهر أن ولده يكون وقفا في حال الاشتراط؛ لأنه لا يشترط إلا على الواقف، وهو لا يملك الاعتاق. * قوله: (وتعتق بموته)؛ أيْ: الأمة التي وطئها الموقوف عليه وأتت منه بولد. * قوله: (ويتلقاه كل بطن عن واقفه) مقتضى قوله: (ويتلقاه كل بطن عن واقفه)؛ يعني: لا عمَّن هو أعلا منه نقض القسمة فيما إذا وقف على أولاده زيد وعمرو وبكر، ثم على أولادهم، ثم قال (¬1): على أنَّ من مات منهم وترك ولدًا انتقل نصيبه له، وإن لم يترك ولدًا انتقل نصيبه لمن في درجته، ومات زيد عن ولد، وعمرو عن غير ولد، وبكر عن ولد، وقلنا: ينتقل نصيب زيد لولده ونصيب عمرو لأخيه الباقي وهو بكر، ونصيب بكر لولده، وهو ثلثا الوقف، إذ حيث كان التلقي عن الواقف، فلا وجه للتفضيل، ويزداد الأمر إشكالًا فيما إذا كان المتخلف [في هذه المسألة] (¬2) عن بكر الذي مات آخرًا بنتًا، وكان قد قال في شرطه: على أن للذكر ¬
فإذا امتنع البطن الأول من اليمين مع شاهد لثبوت الوقف فلِمن بعدهم الحلف، وأرش جناية وقف على غير معيَّن خطأً في كسبه. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ مثل حظ الأنثيين، فإنها لو أخذت ثلثا الوقف، وابن عمها ثلثه، لكان مخالفًا للشرط والحكم المذكورَين، فحرر المقام!، فإن المحشِّي (¬1) فيما يأتي لم ينقل نقض القسمة إلا عن الخصاف (¬2) من الحنفية (¬3) وابن السبكي من الشافعية (¬4)، ونقل عن ابن نصر اللَّه (¬5) أن عدم النقض هو الصواب، وأنه ردَّ كلام المخالفين المذكورين. * قوله: (فإذا امتنع البطن الأول)؛ أيْ: حال استحقاقهم، شرح (¬6). * قوله: (فلمن بعدهم)؛ أيْ: ممن يؤول إليه الوقف إذن، شارح (¬7). * قوله: (في كسبه)؛ أيْ: كسب العبد الموقوف الجاني خطأ، كذا في ¬
3 - فصل
3 - فصل ويُرجع إلى شرط واقف، ومثله استثناء، ومُخَصَّص من صفة، وعطف بيان، وتوكيد، وبدلٍ ونحوه، وجارٍّ، نحو: "على أنه" و"بشرط أنه" ونحوه، فلو تعقَّب جُملًا عاد إلى الكل، وفي عدم إيجاره، أو قدر مدته. ـــــــــــــــــــــــــــــ شرحه (¬1)، ومنه تعلم أن قوله: (أرش جناية) مبتدأ، وقوله: (خطأ) (¬2) إما حال أو مفعول مطلق، وهو أظهر، والخبر قوله: (في كسبه). فصل * قوله: (ونحوه) كتقدم الخبر، بأن قال: وقفت داري على أولادي، والساكن منهم عند حاجته بلا أجرة فلان، شرح (¬3). * قوله: (عاد إلى الكل) قال الشيخ تقي الدين (¬4): "وعموم كلامهم لا فرق بين العطف بواو أو فاء أو ثم"، حاشية (¬5). * قوله: (أو قدر مدته)؛ أيْ: لا يجوز للناظر أن يخالف شرط الواقف، فإن خالف وفعل فالإجارة فيما زاد على شرطه باطلة، إلا إذا تعطل، وإن لم يمكن الإيجار إلا بها جاز له إجارتها زائدة على شرط الواقف، إذا كانت المصلحة لجهة الوقف. ¬
وفي قسمته، وتقديم بعض أهله كـ: "على زيد وعمرو وبكر" -ويُبدأ بالدفع إلى زيد-، أو "على طائفة كذا"، ويُبدأ الأصلح ونحوه، وتأخيرٍ، عكسه، وترتيبٍ؛ كجعل استحقاق بطن مرتبًا على آخر، فـ: "التقديم" بقاء الاستحقاق للمؤَخَّر، على صفة: أنه له ما فضل وإلا سقط، و"الترتيب": عدمه مع وجود المقدَّم. وفي إخراج من شاء من أهل الوقف أو بصفة، وإدخال من شاء منهم، أو بصفة، لا إدخال من شاء من غيرهم، كشرطه تغيير شرط، وفي ناظره، وإنفاق عليه، وسائر أحواله كـ: "أن لا ينزل فيه فاسق، ولا شرير. . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قصد بذلك منفعة الوقف، وبه أفتى ابن رزين من أصحابنا (¬1)، ونقل عن أصحاب الشافعي -رحمه اللَّه تعالى- نحو ذلك (¬2) -واللَّه أعلم- كذا بهامش المستوعب، فليحرر! (¬3). * قوله: (وفي قسمته)؛ أيْ: من كونه متفاضلًا أو غير متفاضل، كقوله: للذكر مثل حظ الأنثيَين، أو بالسوية. * قوله: (وغيره)؛ أيْ: نظر غيره لحاكم. ¬
ولا مُتَجَوِّه ونحوه". وإن خصّص مقبرة أو رباطًا أو مدرسة أو إمامتها بأهل مذهب، أو بلد، أو قبيلة -تخصَّصت-، لا المصلين بها ولا الإمامة بذي مذهب مخالف لظاهر السنة، ولو جُهل شرطه عُمل بعادة جارية، ثم عُرف، ثم التساوي. فإن لم يَشْرِط ناظرًا فلموقوف عليه المحصور كلٍّ على حصته، وغيره -كعلى مسجد ونحوه- لحاكم. ومن أطلق النظر للححم شمل أيّ حاكم كان، سواءٌ أكان مذهبه مذهب حاكم البلد زمن الواقف، أم لا. ولو فوَّضه حاكم لم يجُز لآخر نقضُه. . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ونحوه) كعلى المساكين. * قوله: (لم يجُز لآخر نقضه)؛ أيْ: بأن كان المفوض إليه له النظر دون الحاكم، وعليه فلا معارضة بين هذا وما يأتي (¬1) في قوله: (ولناظر بأصالة كموقوف عليه وحاكم نصب وعزل. . . إلى آخره) قاله شيخنا (¬2)، فليحرر!. قال شيخنا (¬3): "أو يحمل التفويض على جعل النظر لغيره على وجه الاستقلال بالنظر والنصب على معنى الجعل لغيره على وجه التصرف عنه، لا على وجه الاستقلال، وحينئذٍ فلا تنافي بين ما في المحلَّين". ¬
4 - فصل
ولو ولَّى كلٌّ منهما شخصًا، قَدَّم ولي الأمر أحقهما. * * * 4 - فصل وشرط في ناظر: إسلام، وتكليف، وكفاية لتصرف. . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (كل منهما)؛ أيْ: الحاكمَين. * قوله: (قدم ولي الأمر) وهو السلطان. فصل * قوله: (وشرط في ناظر إسلام)؛ أيْ: إن كان الموقوف عليه مسلمًا أو جهة للمسلمين، كما نص عليه الشمس الفارضي (¬1)، وسبقه إلى ذلك ابن عبد الهادي (¬2) (¬3) أخذًا مما نصوا عليه في الوصية (¬4)، ويؤخذ من كلام المصنف في شرحه (¬5) أنه ¬
وخبرة به، وقوة عليه، ويُضم لضعيف قوي أمين. وفي أجنبي -ولايته من حاكم أو ناظر- عدالة، فإن فسق عُزل، ومن واقف -وهو فاسق. . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مقتضى كلام المغني (¬1). * قوله: (وخبرة به وقوة عليه) انظر هل المراد من الكفاية ما يعمهما فيكون من قبيل عطف المفصل على المجمل، أو المراد بالكفاية ما يغاير كلًّا منهما؟ وينبغي تحريره. وقد يفرق بحمل الكفاية في التصرف على ما إذا كان يمكنه ضبط أشتات الوقف وحده من غير معيَّن، فقد يكون الوقف متسع الإيراد والمصرف بحيث لا يكفي فيه الواحد، وإن كان قويًّا في نفسه خبيرًا بما هو مولَّى عليه، والخبرة العلم، وهي مغايرة لما ذكرناه قطعًا، والقوة إما بمعنى الشوكة والسلطنة، وإما بمعنى قوة البنية (¬2)، إذ من لا شوكة له يتمكن بها على استخلاص الريع لصرفه في مصارفه لا يصلح للنظر، وكذا الضعيف القوي العاجز عما ذكر، وهذا أيضًا بمعنيَيه مغاير لكل من سابقَيه (¬3). * قوله: (ولايته من حاكم) صفة لـ (أجنبي). * قوله: (عدالة) بالرفع نائب فاعل (شُرِطَ) باعتبار العطف. * وقوله: (من واقف) عطف على قوله: (وفي أجنبي). * وقوله: (وهو فاسق) الجملة حال معترض بها، كما جوزه ابن هشام في ¬
أو فَسَق- يُضم إليه أمين. وإن كان لموقوف عليه -بجعله له، أو لكونه أحق بعدم غيره- فهو أحق مطلقًا، ولو شرطه واقف لغيره لم يصح عزله بلا شرط، وإن شرطه لنفسه، ثم جعله لغيره، أو أسنده أو فوَّضه إليه، فله عزله. ولناظر بأصالة كموقوف عليه وحاكم. . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بعض تعاليقه على الألفية (¬1). * وقوله: (أو فسق) عطف على الحال، فهو حال بإضمار "قد". * وقوله: (يضم إليه أمين) في موضع نائب فاعل (شُرِط)، وفي كلامه العطف على معمولَي عاملَين مختلفَين وإيقاع نائب الفاعل جملة والثاني لا يجوز (¬2)، والأول مختلف فيه (¬3). وبخطه (¬4): على قوله: (يضم إليه أمين) مقتضى الظاهر: ضم أمين؛ لأن نائب الفاعل لا يكون جملة. * قوله: (ولو شرطه واقف لغيره)؛ أيْ: لغير نفس الواقف. * قوله: (فله عزله)؛ لأنه وكيله في هذه الحالة. * قوله: (كموقوف عليه)؛ أيْ: فيما إذا كان وقفًا على معيَّن. * قوله: (وحاكم)؛ أيْ: فيما إذا كان الوقف على غير معيَّن، أو على جهة. ¬
نصب وعزل لا ناظرٍ بشرط، ولا يوصي به بلا شرط، ولو أُسند لاثنَين لم يصح تصرف أحدهما بلا شرط، وإن شرط لكلٍّ منهما. . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (نَصب وعزل) قال ابن نصر اللَّه في حواشي الفروع (¬1): "أيْ: نصب وكيل عنه وعزله"، انتهى. * قوله: (لا ناظر بشرط)؛ يعني: فليس له نصب ولا عزل. قال شيخنا (¬2): ولعل المراد أنه ليس له النصب إلا فيما يعجزه، أو لا يتمكن من تولية بنفسه -كما تقدم (¬3) -. بقي ما إذا أسقط حقه من النظر بالمرة لغيره، فهل له ذلك، أو لا؟؛ لأنه إدخال في الوقف لغير أهله فلم يملكه، ويكون حقه باقيًا، وإذا أصرَّ في هذه الحالة على عدم التصرف انتقل إلى من يليه كما لو عزل نفسه، فإن لم يكن من يليه أقام الحاكم مقامه، كما لو مات. قال شيخنا في الثاني: "هذا ما ظهر لي، ولم أره مسطورًا، وقد عمَّت البلوى بهذه المسألة"، انتهى، راجع شرح شيخنا على الإقناع (¬4). * قوله: (ولو أسند لاثنيَن. . . إلخ)؛ أيْ: جعل النظر لهما على جهة الاجتماع على جميع الوقف. أما إن كانا موقوفًا عليهما معينَين وجعله لهما نظرًا واستحقاقًا كان لكل منهما أن ينفرد بالتصرف في مقدار حصته، فليس هذا مخالفًا لما سبق، فتدبر!. ¬
5 - فصل
أو التصرف لواحد واليد لآخر، أو عمارته لواحد وتحصيل ريعه لآخر: صحَّ، ولا نظر لحاكم مع ناظر خاص، لكن له النظر العام، فيعترض عليه إن فعل ما لا يسوغ، وله ضم أمين مع تفريطه أو تهمته ليحصل المقصود، ولا اعتراض لأهل الوقف على أمين، ولهم المطالبة بانفساخ كتاب الوقف. وللناظر الاستدانة عليه -بلا إذن حكم- لمصلحة كشرائه للوقف نسيئة، أو بنقد لم يُعيِّنه، وعليه نصب مستوفٍ للعمال المتفرقين إن احتيج إليه، أو لم تَتِمَّ مصلحة إلا به. * * * 5 - فصل ووظيفته حفظ وقف وعمارته، وإيجاره، وزرعه، ومخاصمة فيه، وتحصيل ريعه من أجرة أو زرع أو ثمر، والاجتهاد في تَنْمِيَتِه، وصرفه في جهاته من عمارة وإصلاح إعطاء مستحِق ونحوه، وله وضع يده عليه، والتقرير في وظائفه. . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (صحَّ)؛ أيْ: الشرط المذكور. فصل * قوله: (والتقرير في وظائفه) قال ابن نصر اللَّه (¬1): "هذا يشمل بإطلاقه الناظر بشرط الواقف، والناظر بالأصالة كالحاكم والمستحق"، انتهى. ¬
ومن قُرِّر على وفق الشرع حَرُمَ صرفه بلا موجب شرعي، ولو أجّره بأنقص: صحَّ وضمن النقص. ـــــــــــــــــــــــــــــ أقول: وظاهر الإطلاق أيضًا سواء نص الواقف على أن (¬1) التقرير، له أو لا بل يستفيده بمقتضى النظارة. وبخطه: لكن لا يقرر نفسه في شيء من وظائفه، وكذا لا يجوز مع كونه ناظرًا أن يكون شاهد الوقف ولا مباشرًا فيه ولا أن يتصرف بغير مسوغ شرعي، أفتى بكل ذلك ابن المص (¬2)، ووافقه من حنفية عصره النور المقدسي (¬3) (¬4)، ومن شافعيته الشمس الرملي (¬5). * قوله: (بلا موجب شرعي) بكسر الجيم؛ أيْ: مقتضٍ، والفتح ليس مناسبًا هنا، إذ هو بمعنى الأثر المترتب على الشيء. * قوله: (وضمن النقص)؛ أيْ: الفاحش الذي لا يتغابن به عادة، كما صرح به في الإقناع (¬6) وتبعه عليه شيخنا في شرحه لهذا الكتاب (¬7)، أما ما يتغابن؛ أيْ: ¬
المنقِّح (¬1): "أو غرس أو بنى فيما هو وقف عليه وحده، فهو له محترم، وإن كان شريكًا، أو له النظر فقط، فغير محترم، ويتوجه إن أشهد، وإلا فللوقف". ويُنْفقُ على ذي روح مما عيَّن واقف. . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يتسامح فيه عادة فإنه غير مضمون عليه. * قوله: (أو غرس) صوابه "لو" وعبارة التنقيح (¬2): "قلت: لو غرس أو بنى فيما هو وقف عليه وحده فهو له محترم". * قوله: (ويتوجه) هذا بحث لصاحب الفروع (¬3)، وكذا (يتوجه) الآتي أدرجه المنقِّح (¬4) في كلامه من غير عزو فأوهم أنه له. * وقوله: (وإلا فللوقف) يؤخذ منه أن الوقف يحصل بمجرد الفعل من غير نية، فتدبر!. * قوله: (أجنبي) المراد بالأجنبي غير المستحق والناظر. * قوله: (بنيته) هذا آخر كلام المنقِّح (¬5). وبخطه: لعل الباء للمصاحبة، أيْ: مع النية، فتكون الوقفية حصلت بالفعل مع النية. * قوله: (في عين) لعل المراد عين لا تحتاج إلى نفقة. ¬
فإن لم يعيِّن فمن غلَّته، فإن لم يكن فعلى موقوف عليه معيَّن، فإن تعذر بيع، وصُرف ثمنه في مثله يكون وقفًا لمحل الضرورة، فإن أمكن إيجاره -كعبد، أو فرس- أُوجِرَ بقدر نفقته، ونفقة ما على غير معين -كالفقراء ونحوهم- من بيت المال، فإن تعذر بِيْعَ كما تقدم. وإن كان عقارًا لم تجب عمارته بلا شرط. . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (تكون وقفًا)؛ أيْ: بمجرد الشراء، وهل يقال: الأحوط وقفه أخذًا من قول المصنف الآتي آخر الباب (¬1): (وبمجرد شراء البدل يصير وقفًا، كالبدل أضحية ورهن أتلف والاحتياط وقفه)، انتهى. * قوله: (لمحل الضرورة)؛ أيْ: لدعاء الضرورة إلى ذلك، ومحله ما لم يمكن (¬2) إيجاره والصرف من أجرته عليه، كما نبه عليه المصنف بقوله: (فإن أمكن إيجاره. . . إلخ). * قوله: (لم تجب عمارته) الأظهر في هذه المسألة كلام الشيخ تقي الدين -رحمه اللَّه تعالى (¬3) -. والأظهر أيضًا أن محل الخلاف في غير المساجد والمدارس، أما هذه فتجب عمارتها مطلقًا شرطها الواقف أو لم يشرطها (¬4). ¬
6 - فصل
فإن شرطها عُمل به مطلقًا، ومع إطلاقها تُقدَّم على أرباب الوظائف، المنقِّح (¬1) "ما لم يُفض إلى تعطيل مصالحه، فيُجمع بينهما حسب الإمكان". ولو احتاج خَانٌ مسبل، أو دار موقوفة لسُكنى حاجٍّ أو غزاة ونحوهم -إلى مَرَمَّة- أُوجرَ منه بقدر ذلك. وتسجيل كتاب الوقف من الوقف. * * * 6 - فصل وإن وُقف على عدد معين ثم المسكين، فمات بعضهم رُدَّ نصيبه على من بقي، فلو مات الكل فللمساكين، وإن لم يُذكر له مآل فمن مات منهم صُرف نصيبه إلى الباقي، ثم إن ماتوا جميعًا صُرف مَصْرِف المنقطع. وعلى ولده أو ولد غيره ثم المساكين -دخل الموجودون فقط. . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مطلقًا)؛ أيْ: على حسب ما شرط (¬2)، وهذا الإطلاق ليس في مقابلة تقييد سابق، ولا لاحق مع أن القاعدة فيه ذلك، فتدبر!. فصل * قوله: (صرف مصرف المنقطع)؛ أيْ: لورثة الواقف نسبًا على قدر إرثهم، فإن عدموا فللمساكين. ¬
الذكور والإناث بالسوية، وولد البنين وُجدوا حالة الوقف أو لا، كوصية، ويستحقونه مُرَتَّبًا كـ: "بطن بعد بطن"، ولا يدخل ولد البنات، وعلى عقبه، أو نَسْلِه، أو ولد ولده، أو ذريته -لم يدخل ولد بناتٍ إلا بقرينة، كـ: "من مات فنصيبه لولده" ونحوه. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (الذكور والإناث بالسوية)؛ أيْ: الذكر والأنثى في ذلك سواء قال في الإقناع (¬1): "والمستحب أن يقسم الوقف على أولاده للذكر مثل حظ (¬2) الأنثى، واختار الموفق (¬3) مثل حظ الأنثيَين" وذكر أيضًا ما تنبغي مراجعته، فانظره، وذكره المصنف كونه مستحبًا في باب الهبة (¬4) حيث قال: (وسُن أن لا يزاد على أنثى في وقف)، انتهى (¬5). * قوله: (وولد البنين)؛ أيْ: ودخل. . . إلخ. * قوله: (وجدوا. . . إلخ)؛ أيْ: أولاد البنين لا نفس البنين، ويدل على ذلك شيئان: الأول: أنه قال: (كوصية)، وقال في شرحه (¬6) عند ذلك: "كوصية لولد فلان ولم يوجد لفلان ولد إلا بعد الوصية وقبل موت الموصي، أما إذا لم يوجد له ولد إلا بعد موت الموصي فالوصية باطلة بغير خلاف، لعدم الموصى له عند موت ¬
وعلى أولاده، ثم أولادهم، فترتيب جملة على مثلها، لا يستحق البطن الثاني شيئًا قبل انقراض الأول، فلو قال: "من مات عن ولد فنصيبه لولده" استحق كل ولد بعد أبيه نصيبه الأصلي والعائد. وبالواو للاشتراك، و: "على أن نصيب من مات عن غير ولد، لمن في درجته"، والوقف مرتب، فهو لأهل البطن الذي هو منهم من أهل الوقف، وكذا إن كان مشتركًا بين البطون، فإن لم يوجد في درجته أحد فكما لو لم يُذكر الشرط، فيشترك الجميع في مسألة الاشتراك، ويختص الأعلى به. . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الموصي"، انتهى، ولو كان غرضه إرجاع الضمير للمضاف إليه لا للمضاف لقال: كوصية لولد زيد ولم يوجد زيد إلا بعد موت الموصي. . . إلخ. الثاني: قوله بعد ذلك: (ويستحقونه مرتبًا) فإنه لا يتأتى الترتيب في جانب الأولاد الذين (¬1) لم تدخل آباؤهم؛ لأنه أسلف أنه لا يدخل من أولاد الصلب إلا الموجود فقط دون الحادث. * قوله: (وعلى أولاده ثم أولادهم. . . إلخ) كأن (¬2) قال: بـ (ثم) فصحَّ أن يعطف عليه ما يأتي من قوله: (وبالواو للاشتراك) فهو معطوف على محذوف والقرينة عليه حسية. * قوله: (فلو قال. . . إلخ) هذا ليس تمثيلًا لما قبله. * قوله: (في مسألة الاشتراك) وهو ما إذا كان العطف بالواو. ¬
في مسألة الترتيب. وإن كان على البطن الأول -على أن نصيب من مات منهم عن غير ولد، لمن في درجته- فكذلك. فيستوي في ذلك كله إخوته، وبنو عمه، وبنو بني عمِّ أبيه، ونحوهم، إلا أن يقول: فيقدم الأقرب فالأقرب. . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (في مسألة الترتيب) وهو (¬1) ما إذا كان العطف بـ "ثم". * قوله: (فكذلك) هي عبارة التنقيح (¬2)، ولعل الإشارة بذلك إلى ما تقدم في الترتيب، فيكون لأهل البطن الذي هو منهم من أهل الوقف. فلو كان البطن الأول ثلاثة، فمات أحدهم عن ابن، ثم الثاني عن ابنَين، ثم أحدهما عن أخيه وابن عمه الميت وابن لعمه الحي، فنصيبه لأخيه وابن عمه الميت، ولا شيء لابن عمه الحي، ولا لأبيه منه، حاشية (¬3). * قوله: (ونحوهم) كبني بني عم أبي (¬4) أبيه؛ لأنهم في درجته في القرب إلى الجد الذي يجمعهم، والإطلاق يقتضي التسوية، شرح (¬5). * قوله: (إلا أن يقول يقدم الأقرب فالأقرب)؛ أيْ: في الدرجة لا في قوة العصبية، بدليل قوله: (إلى المتوفى) فلا يقدم الأخ الشقيق على الأخ للأب فقط، ¬
إلى المتوفَّى" ونحوه، فيختص بالأقرب. وليس من الدرجة من هو أعلى أو أنزل. والحادث من أهل الدرجة -بعد موت الآيل نصيبه إليهم-. . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لكن هذا يخالف ما يأتي في الوصية (¬1)، إلا أن يفرق بأن الوقف يتلقى من قبل الواقف، فشمل جميع أولاده وإن اختلفت أمهاتهم، بخلاف الوصية فإن المرجع فيها إلى القوة العصبية لكونهم ليسوا أولاده، وأيضًا كثيرًا ما يذهب بها مذاهب الإرث. * قوله: (فيختص بالأقرب)؛ أيْ: من أهل الوقف. * قوله: (والحادث. . . إلخ) قال شيخنا (¬2): "لعل المراد بالحادث من تجدد استحقاقه لوجود أو زوال مانع، فيشمل من كان موجودًا حالة الموت، لكن كان محجوبًا بغيره، ويتجه أو كان دينه مباينًا لدين الواقف حالة الوقف، ثم زال الحاجب أو المانع بعده". و"ال" في (الحادث) للجنس أو موصولة بمعنى الذي حدث، وعلى كل فيصدق بالواحد والمتعدد، فصلح قوله: (كالموجودين). وبخطه: -رحمه اللَّه تعالى-: هذا كان ينبغي تأخيره عن قوله الآتي (¬3): "ويصح على ولده ومن يولد له"؛ لأن تعلقه موقوف على العلم بصحة ذلك التعميم. ¬
كالموجودين حينه، فشاركهم، وعلى هذا لو حدث من هو أعلى من الموجودين، وشُرط استحقاق الأعلى فالأعلى أخذه منهم. و: "على ولدي فلان وفلان، وعلى ولد ولدي" -وله ثلاثة بنين- كان على المسَمَّيَين وأولادهما وأولاد الثالث دونه، و: "على زيد، وإذا انقرض أولاده فعلى المساكين"، كان بعد موت زيد لأولاده. . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (حينه)؛ أيْ: حين الموت. * قوله: (أخده منهم) فلو وقف على أولاده ومن سيولد له ثم على أولادهم أبدًا، فمات أولاده وانتقل لأولادهم، ثم حدث له ولو انتزعه من أولاد إخوته واختص به لعلو درجته عنهم (¬1)، حاشية (¬2). * قوله: (وعلى ولدي)؛ أيْ: بلفظ الإفراد. * قوله: (فلان وفلان) بالرفع وجوبًا نص عليه ابن مالك في التسهيل (¬3) وابن هشام في الجامع (¬4) من أن البدل إذا لم يوف [وجب الرفع على القطع] (¬5). * قوله: (دونه) بقي ما لو قال في هذه المسألة على أن من مات عن غير ولد فنصيبه لأقرب الناس إليه، ومات ابن الثالث عن أبيه، فهل يستحق الوقف، أو لا حملًا على أن المراد أقرب الناس إليه من أهل الوقف، بدليل المسألة السابقة جمعًا بين أول كلام الواقف وآخره؟. ¬
ثم بعدهم للمسكين (¬1)، و: "على أولادي، ثم أولادهم الذكور والإناث، ثم أولادهم الذكور من ولد الظهر فقط، ثم نسلهم وعَقِبِهم، ثم الفقراء، على أن من مات منهم وترك ولدًا -وإن سَفَل- فنصيبه له"، فمات أحد الطبقة الأولى، وترك بنتًا، ثم ماتت عن ولد، فله ما استحقته قبل موتها، ولو قال: "ومن مات عن غير ولد -وإن سفل- فنصيبه لإخوته، ثم نسلهم وعقبِهم"، عمَّ من لم يُعْقِب، ومن أعْقَب ثم انقطع عقِبه. ـــــــــــــــــــــــــــــ وبقي أيضًا لو قال في هذه المسألة على أن من مات عن غير ولو انتقل نصيبه لمن في درجته وذوي (¬2) طبقته، ومات واحد من المسميَين فهل يختص بنصيبه أخُوه المشارك له في الوقف، أو يدخل معه أخُوه الذي ليس من أهل الوقف؟ الظاهر الأول، بدليل قول المصنف السابق: (وعلى أن نصيب من مات عن غير ولد لمن في درجته والوقف مرتب فهو لأهل البطن الذي هو منهم من أهل الوقف) فيكون قوله: (من أهل الوقف) ملاحظًا في كلام الواقف وإن لم يصرح به، كما نبهنا عليه بهامش شرح شيخنا (¬3). * قوله: (فله ما استحقه. . . إلخ) قاله الشيخ تقي الدين (¬4). قال في الفروع (¬5): "فيه نظر، فإن الواقف اشترط في أهل الطبقة الثالثة أن يكونوا من أولاد الظهور فقط، وابن البنت من أولاد البطون فالحكم باستحقاقه ¬
ويصح على ولده ومن يولَد له، وعلى بنيه، أو بني فلان -فالذكور وإن كانوا قبيلة، دخل نساؤهم، دون أولادهن من غيرهم، وعلى عِتْرته (¬1) أو عشيرته كعلى (¬2) قبيلته، وعلى قرابته، أو قرابة زيد فللذكر والأنثى من أولاده، وأولاد أبيه وجدِّه وجدِّ أبيه، وعلى أهل بيته، أو قومه، أو نسائه، أو آله، أو أهله، كعلى قرابته، وعلى ذوي رحمه، فلكل قرابة له من جهة الآباء والأمهات والأولاد، و: على الأيامَى، أو العُزَّاب، فلِمن لا زوج له، من رجل وامرأة، و: الأرامل: النساء اللاتي فارقهن أزواجهن، وبِكر، وثيِّب، وعانس، وأُخُوَّة، وعُمُومة، لذكر وأثنى. ـــــــــــــــــــــــــــــ مخالف لصريح شرط الواقف". قال شيخنا (¬3): "ويمكن الجواب بأن هذه قضية عين، وأن البنت كانت متزوجة بابن عمها، فأتت منه بولد، فذلك الولد يستحق نصيب أمه بعموم قول الواقف: على أن من مات منهم وترك ولدًا وإن سفل فنصيبه له، إذ "من" تشمل الذكور والإناث، ولم يخرجه اشتراط كون أهل الطبقة الثالثة من ولد الظهر (¬4)؛ لأنه من ولد الظهر، إذ هو ابن ابن ابن وإن كان مع ذلك ابن بنت ابن، وحينئذٍ فيوافق كلام ¬
وإن وقف أو وصَّى لأهل قريته، أو قرابته، أو إخوته ونحوهم لم يدخل من يخالف دينه إلا بقرينة، وعلى مواليه -وله من فوقٍ، ومن أسفلَ- تناول جميعهم، ومتى عُدم مواليه فلعصبتهم، ومن لم يكن له مولى فلِمَوالي عصبته. وعلى جماعةٍ يمكن حصرهم وجب تعميمهم والتسوية بينهم، كما لو أقرَّ لهم، ولو أمكن ابتداءً. . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صاحب الفروع؛ لأنه إنما أراد بيان الحكم العام، لا النادر". * قوله: (إلا بقرينة) كأن يكونوا (¬1) كلهم مخالفين لدينه، فيدخلون لئلا يؤدي إلى رفع اللفظ بالكلية، حاشية (¬2). * قوله: (تناول جميعهم) هل المراد ولو كان فيهم أهل ذمة، أو كانوا أهل ذمة إلا واحدًا، أو يجري في هذه الخلاف في نظيرتها؟. * قوله: (فلعصبتهم)؛ أيْ: المتعصبين بأنفسهم، كما هو ظاهر الإطلاق. * قوله: (ومن لم يكن له)؛ أيْ: حالة الوقف، أما لو كانوا وانقرضوا فلا شيء لموالي عصبته في الوقف؛ لأن الاسم يتناول غيرهم، حاشية (¬3). * قوله: (يمكن حصرهم) كبنيه وإخوته (¬4)، حاشية (¬5). ¬
ثم تعذَّر كوقف عليٍّ -رضي اللَّه تعالى عنه (¬1) - عُمِّم من أمكن (¬2)، وسُوِّي بينهم، وإلا جاز التفضيل والاقتصار على واحد، إن كان ابتداؤه كذلك. وعلى الفقراء أو المسكين يتناول الآخر، ولا يُدفع إلى واحد أكثر مما يُدفع إليه من زكاة إن كان على صنف من أصنافها، ومن وُجد فيه صفات استحق بها. وما يأخذ الفقهاء منه كرَزْقٍ من بيت المال لا كجُعل ولا كأجرة. . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (كذلك)؛ أيْ: يتعذر فيه التعميم كالوقف على المساكين. * قوله: (ومن وجد فيه صفات استحق بها) كفقير هو ابن سبيل. * قوله: (كرزق من بيت المال)؛ أيْ: فالغرض منها المعونة على دفع الحاجة، وليس كالجعل فنقول بتحريمه على الفعل الغير المتعدي نفعه كالذكر مثلًا، ولا كالإجارة فنقول بتحريمه على الفعل الذي يختص فاعله بكونه (¬3) من أهل القربة؛ أيْ: أن يكون مسلمًا. * قوله: (لا كجعل ولا كأجرة) إشارة إلى ردِّ القولَين (¬4)، واختيار الأول وهو ¬
وعلى القرَّاء فللحفَّاظ، وعلى أهل الحديث، فلِمن عَرَفه. . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ما اختاره في التنقيح (¬1)، وصاحب الفروع (¬2)، والشيخ تقي الدين (¬3). قال المصنف في الشرح (¬4): "وعلى الأقوال الثلاثة حيث كان الاستحقاق بشرط فلابد من وجوده -واللَّه أعلم-"، انتهى. قال شيخنا (¬5) بعد نقله: "وهذا في الأوقاف الحقيقية، وأما الأوقاف التي من بيت المال كأوقاف السلاطين فيجوز لمن له الأخذ من بيت المال التناول منها وإن لم يباشر الشروط، كما أفتى به المصنف بالموافقة لبعض المعاصرين له كالشيخ الرملي الشافعي وغيره، والحادثة المفتى فيها كانت متعلقة بجامع طولون (¬6) (¬7)، وقد أوضحته في شرح الإقناع (¬8) ". * قوله: (فلمن عرفه) ولو بحفظ أربعين حديثًا. ¬
7 - فصل
وعلى العلماء فلِحَمَلة الشرع، وعلى سُبُل الخير فلِمن أخذ من زكاة لحاجة، ويشمل جمع مذكر سالم وضميره الأنثى، لا عكسه، ولجماعة أو لجمع من الأقرب إليه فثلاثة، ويُتَمَّم مما بعد الدرجة الأولى، ويشمل أهل الدرجة وإن كثُروا، ووصيَّة كوقف لكنها أعم. * * * 7 - فصل والوقف عقدٌ لازم. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لحاجة) كفقير ومسكين وابن سبيل. * قوله: (ويشمل جمع. . . إلخ)؛ أيْ: على سبيل التغليب كالمسلمين والمساكين. * قوله: (ولجماعة أو لجمع. . . إلخ) بأن قال: وقفت هذا أو أوصيت به لجماعة أو لجمع من أقرب الناس إليَّ، فإن كان له ثلاثة أولاد أو أكثر انصرف إليهم، وإن كان له ولدان وأولاد أولاد تمت الثلاثة من أولاد الأولاد بالقرعة، وأعطيت ريع (¬1) الوقف؛ لأن الثلاثة أقل الجمع في أكثر الاستعمال. * قوله: (لكنها أعم) فتصح حيث لا يصح الوقف، كعلى حربي، ومرتد، وحمل يتحقق وجوده حالة الوصية -كما يأتي (¬2) -. فصل ¬
لا يُفسخ بإقالة ولا غيرها، ولا يُباع إلا أن تتعطل منافعه المقصودة بخَرَاب، ولم يوجد ما يُعمَّر به، أو غيره -ولو مسجدًا بضيق على أهله أو خراب مَحَلَّته، أو حبيسًا لا يصلح لغزو- فيُباع ولو شُرط عدم بيعه، وشرطه فاسد، ويُصرف ثمنه في مثله أو بعض مثله. ويصح بيع بعضه -لإصلاح باقيه- إن اتَّحد الواقف والجهة، إن كان عينَين أو عينًا ولم تنقص القيمة. . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولم يوجد)؛ أيْ: في ريع الوقف. * قوله: (فيباع)؛ أيْ: وجوبًا، وقيل: لا يباع (¬1). قال بعضهم (¬2): وهو جمود على اللفظ، فتدبر!. * قوله: (ويصح بيع بعضه. . . إلخ) قال الحارثي (¬3): "إلا المسجد". وبخطه (¬4): لعله ما لم يمكن إجارة ذلك البعض لإصلاح باقيه، كما يؤخذ مما أسلفه المصنف (¬5) في مسألة الخان المسبل على الحاج أو الغزاة إذا احتاج إلى مرَمَّة، حيث قال: إنه يؤجر منه بقدر ذلك بل هذا أولى، ويؤخذ أيضًا من تعليل شيخنا (¬6) لصحة الإجارة فوق المدة التي شرطها الواقف إذا دعت الضرورة إلى ذلك حيث قال: "إذ هي؛ أيْ: الإجارة، أولى من بيعه"، انتهى، وهو قوي. ¬
وإلا بِيع الكل، ولا يعمَّر وقف من آخر، وأفتى عُبادة بجواز عمارة وقف من ريع آخر، على جهته، المنقِّح (¬1): "وعليه العمل"، ويجوز نقض منارة مسجد وجعلها في حائطه، لتحصينه، واختصار آنية، وإنفاق الفضل على الإصلاح، ويبيعه حاكم إن كان على سُبُل الخيرات، وإلا فناظر خاص، والأحوط إذن حاكم له. وبمجرَّد شراء البدل يصير وقفًا، كبدل أضحية ورهن أُتلف، والاحتياط وقفُه، وفَضْلُ غلَّة موقوف على معيَّن -استحقاقه مُقَدَّر- يتعيَّن إرْصَادُه. ومن وقف على ثغْر، فاختلَّ صُرف في ثغر مثله، وعلى قياسه مسجد ورباط ونحوهما، ونصَّ فيمن وقف على قنطرة فانحرف الماء. . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وأفتى عُبَادة) من أئمة أصحابنا (¬2). * قوله: (لتحصينه) من الكلاب وغيرها. * قوله: (والأحوط. . . إلخ) انظر هذا مع قوله فيما سبق "ولا نظر لحاكم مع ناظر خاص" ويؤخذ من كلام شيخنا الجواب بأنه يتضمن النظر في مال الغائب، وهو لا ينظر فيه إلا الحاكم، فإنه قال في شرحه (¬3): "لأنه يتضمن البيع على من سينتقل إليهم بعد الموجودين الآن، أشبه البيع على الغائب"، انتهى. * قوله: (يتعين إرصاده)؛ أيْ: حفظه وإبقاؤه. ¬
"يُرصَد لعله يرجع (¬1) "، وما فضل عن حاجته -من حُصُر وزيت ومُغَلٍّ وأنقاض وآلة وثمنها- يجوز صرفه في مثله، وإلى فقير. ويحرم حفر بئر، وغرس شجرة بمسجد، فإن فُعل طُمَّت وقُلعت، فإن لم تُقلع فثمرها لمساكينه، وإن غُرست قبل بنائه، ووُقِفت معه فإن عُيِّن مصرفها عُمل به، وإلا فكمنقطع. ويجوز رفع مسجد أراد أكثر أهله ذلك، وجعل سُفلِه سقاية وحوانيت، لا نقله مع إمكان عمارته دون الأولى، ولا تحليته بذهب أو فضة. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويحرم حفر بئر) ولو لمصلحة عامة. * قوله: (لا نقله. . . إلخ) ظاهره ولو كان بقرية أهلها غير محتاجين إليه، وقال ابن رجب (¬2) ما نصه: "ويجوز في أظهر الروايتَين عن أحمد (¬3) أن يباع ذلك المسجد ويُعَمَّر بثمنه مسجد (¬4) آخر في قرية أخرى إذا لم يحتج إليه في القرية الأولى، والوقف على قوم بعينهم أحق بجواز نقله إلى مدينتهم من المسجد". وبخطه: قال الحارثي (¬5): "وما عدا المسجد من الأوقاف يباع بعضه لإصلاح ما بقي"، انتهى، وهو مخالف لما استظهره ابن رجب (¬6). * * * ¬
1 - باب الهبة
1 - باب الهِبَة: تمليكُ جائز التصرف مالًا معلومًا أو مجهولًا تعذر علمه، موجودًا مقدورًا على تسليمه، غير واجب -في الحياة- بلا عوض، بما يُعدُّ هبة عُرفًا. فمن قصد بإعطاء ثواب الآخرة فقط فصدقةٌ. . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الهبة * قوله: (تمليك جائز التصرف) هو مصدر مضاف لفاعله، ولا تعرض فيه للموهوب له، ولا يجوز أن يكون من قبيل إضافته إلى فاعله ومفعوله معًا كما جوَّزه القاضي البيضاوي (¬1) في نظيره، وهو قوله -تعالى-: {وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ} [الأنبياء: 78]، حيث قال: "أيْ: الحاكمين والمتحاكمين"، وإلا كان مقتضيًا لعدم صحتها للصغير والمجنون وليس كذلك -كما سيأتي (¬2) -. * قوله: (غير واجب) هو من قبيل النعت السببي؛ أيْ: غير واجب بذله إذ الأحكام إنما تتعلق بفعل المكلف دون الذوات والأموال أنفسها. * قوله: (عرفًا) كإرسال الهدية، ودفع درهم لفقير. * قوله: (فمن قصد. . . إلخ) لعله من قبيل عطف المفصل على المجمل؛ ¬
وإكرامًا (¬1) أو تودُّدًا ونحوه فهديَّة، وإلا فهبة وعطية ونِحلة، ويعُمُّ جميعها لفظ العطية، وقد يراد بعطية: الهبة في مرض الموت. . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لأن التفريع غير ظاهر والاستئناف بالفاء (¬2) قليل، والمجمل المعطوف عليه محذوف تقديره، والتمليك المذكور أقسام، فإن قصد المملك. . . إلخ. * قوله: (ويعم جميعها لفظ العطية) إن أراد أن للعطية إطلاقات ثلاثة، إطلاق عام، وهو هذا، وإطلاق خاص، وهو ما سبق، وإطلاق أخص، وهو ما سيأتي (¬3) فواضح، وإلا ففي عبارته ركاكة لا تخفى، ويدل لكونها تطلق إطلاقًا عامًّا عبارة المغني (¬4) ولفظها بعد حكاية كلام الخرقي: "وجملة ذلك أن الهبة، والصدقة، والعطية، والهدية معانيها متقارية، وكلها تمليك في الحياة بغير عوض، واسم العطية شامل لجميعها"، انتهى. لكن في كلام صاحب المطلع (¬5) ما يقتضي عدم إرادة هذا الإطلاق لهم وعبارته: "قال الإمام أبو زكريا يحيى النووي (¬6) فيما أجاز لنا روايته عنه، الهبة، والهدية، وصدقة التطوع أنواع من البرِّ متقاربة يجمعها تمليك عين بلا عوض، فإن تمحض طلب التقريب إلى اللَّه تعالى بإعطاء محتاج فصدقة، وإن حملت إلى مكان المهدي إليه إعظامًا له وإكرامًا وتوددًا فهدية، وإلا فهبة، وأما العطية فقال ¬
ومن أَهدى ليُهدى له أكثر فلا بأس به لغير النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ووعاء هديَّة كَهْي مع عُرف، وكُره ردُّ هبة وإن قلَّت، ويُكافئ أو يدعو، إلا إذا علم أنه أهدى حياءً فيجب الردُّ. وإن شُرط فيها عوض معلوم صارت بيعًا، وأن شُرط ثواب مجهول: لم يصح، وإن اختلفا في شرط عوض فقول منكر. . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الجوهري (¬1): الشيء المعطى، والجمع عطايا والعطية هنا الهبة في مرض الموت"، انتهى. والذي يؤخذ من صدر (¬2) عبارة المصنف أن بين الصدقة والهبة تباينًا كليًا، وإن كانت الهدية أعم ما صدقا، وأن بين الهدية وسابقَيها تباينًا كليًا أيضًا، وأن الهبة والعطية مترادفان فتكون العطية مباينة لما تباينه الهبة، فكيف يحكم بعد ذلك بأن لفظ العطية يعم جميعها. * قوله: (لغير النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-) الأظهر في المعنى المراد أن يقال: في غير النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬3). * قوله: (مع عرف) فإن لم يكن عرف ردَّه. * قوله: (لم تصح) وحكمها حينئذٍ حكم البيع الفاسد. * قوله: (فقول منكر) قال شيخنا (¬4): في غضون كلام له: "لأن الهبة المطلقة ¬
وفي: "وهبتني ما بيدي"، فقال: "بل بعتُكَه" ولا بيِّنة يحلف كلٌّ على ما أنكر، ولا هبة ولا بيع. وتصح وتُملك بعقد -فيصح تصرف قبل قبض- وبمعاطاة بفعل فتجهيز بنته بجهاز إلى بيت زوجٍ تمليك. وهي -في تراخي قَبولٍ، وتقدمه وغيرهما- كبيع، وقبول هنا وفي وصية بقول وفعل دالٍّ على الرضا، وقبضهما كمبيع. . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا تقتضي عوضًا، سواء كانت لمثله أو دونه أو أعلى منه". * قوله: (وتصح وتملك بعقد) وقيل: بقبض (¬1)، وهو الأقوى في النظر وقال في الشرح الكبير (¬2): "إنه المذهب"، والثالث: أنه موقوف على القبض (¬3)، وعلى القول الذي مشى عليه المصنف إذا باعها الموهوب له قبل القبض ثم رجع الواهب لا يملك استرجاع العين من مشتريها، بل يرجع ببدلها أو قيمتها، ولا يرجع بنمائها؛ لأنه تجدد على ملك غيره، وعلى القولَين الأخيرَين يتبين أن التصرف باطل فيرجع بالعين مع نمائها المتصل والمنفصل، فتدبر!. * قوله: (هنا وفي وصية. . . إلخ) وكذا البيع على ما سبق (¬4)، فالتقييد لا وجه له. ¬
ولا يصح إلا بإذن واهبٍ، وله الرجوع قبله، وتبطل (¬1) بموت أحدهما، وإن مات واهب فوارثه مقامه في إذنٍ ورجوع، وتلزم بقبض، كبعقد فيما بيد متَّهب، ولا يُحتاج لمضي زمن يتأتى قبضه فيه، وتبطل بموت متَّهب قبل قبض، فلو أنفذها واهب مع رسوله ثم مات (¬2) أو موهوب له قبل وصولها بطُلت، لا إن كانت مع رسول موهوب له. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه: انظر هل في مسألة الجهاز قبول بقول أو فعل، تدبر! (¬3). * قوله: (ولا يصح)؛ أيْ: القبض. * قوله: (وله الرجوع)؛ أيْ: في الإذن. * قوله: (قبله)؛ أيْ: القبض. * قوله: (ويبطل)؛ أيْ: إذن الواهب في قبض الهبة. * قوله: (فوارثه مقامه في إذن)؛ أيْ: بقبض الهبة. * قوله: (ورجوع)؛ أيْ: عن قبض الهبة. * قوله: (وتلزم بقبض)؛ أيْ: الهبة فليس لواهب بعد ذلك رجوع فيها. * قوله: (بطُلت) لعدم تمام العقد إذ لم يوجد قبول. ¬
ولا تصح لحمل، ويَقْبل ويَقْبِض لصغير ومجنون وليٌّ، فإن وهب وكَّل من يَقْبل ويَقْبِض هو، ولا يحتاج أب وهب موليه لصغر إلى توكيل. ومن أبرأ من دينه أو وهبه لمدينه، أو أحلَّه منه، أو أسقطه عنه، أو تركه أو ملَّكه له، أو تصدَّق به عليه، أو عفا عنه: صحَّ لو قبل حلوله، أو اعتقد عدمه، لا إن علَّقه، و: "إن متُّ فأنت في حلٍّ" وصية. ويبرأ ولو رَدَّ أو جهل، لا إن علمه مدين فقط وكتمه خوفًا من أنه إن علمه (¬1) لم يُبرئه. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا تصح لحمل) بخلاف الوصية فإنها ملحقة بالميراث. * قوله: (هو)؛ أيْ: الولي للصغير أو المجنون فقوله: (هو) ضمير منفصل مؤكد للضمير المستتر في (وهب) العائد على الولي، والمفعول محذوف، والمعنى: فإن وهب ولي الصغير والمجنون لهما شيئًا. * قوله: (ويقبض هو) استئنافية، لا عاطفة. * قوله: (إلى توكيل)؛ لأنه يتولى طرفَي العقد بنفسه. * قوله: (أو اعتقد عدمه) لعله ما لم يكن المدين عالمًا بذلك ولم يعلمه به، وإلا لم يصح، كما يأتي في قوله: (لا إن علمه مدين فقط)، فليحرر!. * قوله: (وإن متُّ) بضم التاء، وأما بالفتح فلا يصح؛ لأنه تعليق للبراءة. * قوله: (ولو رُدَّ)؛ أيْ: رد المدين الإبراء (¬2). ¬
ولا يصح مع إبهام المحل، كـ: "أبرأت أحد غريمَيَّ. . . "، أو: ". . . من أحَدِ دينيَّ". وما صح بيعه صحَّت هبته واستثناء نفعه فيها زمنًا معينًا. ويعتبر لقبض مشاعٍ إذن شريك، وتكون حصته وديعة، وإن أُذن له في التصرف مجانًا فكعارية، وبأجرة فكمؤجَّر، لا مجهول لم يتعذر علمه ولا هبة ما في ذمة مدين لغيره. . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا يصح مع إبهام المحل) تبع فيه التنقيح (¬1)، ومشى في الإقناع (¬2) على أنه يصح ويطالب بالبيان. وبخطه (¬3): قال بعضهم (¬4): إذا قصد بذلك الإنشاء، أما إذا قصد الإخبار فإنه يصح مع إبهام المحل اعتمادًا على ما تقدم من البيان، كذا بخط تاج الدين على الإقناع (¬5). * قوله: (ويعتبر لقبض مشاع)؛ أيْ: ينقل. * قوله: (في التصرف)؛ أيْ: الانتفاع. * قوله: (فكعارية)؛ أيْ: حكمها حكم العارية من الضمان إذا تلفت في غير ما استعيرت له. ¬
ولا ما لا يُقدر على تسليمه، ولا تعليقها، ولا اشتراط ما يُنافيها، كأن لا يبيعها أو يهبها ونحوهما، وتصح هي. ولا مؤقَّتة إلا في العُمْرَى، كـ: "أعمَرتُك أو أرقَبْتُك هذه الدار، أو الفرس، أو الأمة" ونصه: "لا يطأ"، وحُمِلَ على الورع (¬1)، أو: "جعلتُها لك عمرَك أو حياتك، أو عمرَى، أو رُقبَى، أو ما بقيت"، أو: "أو أعطيتُكها. . ." فتصح، وتكون لمُعمَر ولورثته بعده إن كانوا، كتصريحه، وإلا فلبيت المال. وإن شرط رجوعها بلفظ "إرقَاب" أو غيره لمُعمَر عند موته، أو إليه إن مات قبله، أو إلى غيره. . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو يهبها) بخلاف شرط العتق؛ لأنه قصد قربة، وقد يعارض بشرط الوقف فإنه لا يلزم مع أن فيه أيضًا قصد قربة. * قوله: (ونحوهما) كأن يهب له ثوبًا بشرط أن لا يلبسه. * قوله: (إلا في العمرى) كان المناسب للتمثيل أن يقول: إلا في العمرى والرقبى، فتدبر!. * قوله: (أو أرقبتك) فيكون له ولورثته من بعده -كما يأتي قريبًا-. * قوله: (وإلا فلبيت المال) المناسب لقاعدة المذهب: وإلا ففي بيت المال (¬2). فتدبر!. ¬
1 - فصل
وهى "الرُّقْبَى"، أو (¬1) رجوعها مطلقًا إليه، أو إلى ورثته، أو آخرهما موتًا، لغا الشرط، وصحَّت لمُعمِر وورثته كالأول، و: "منَحتُكه. . ."، و: "سُكناه وغلَّته وخدمتُه لك. . ." عارية. * * * 1 - فصل ويجب تعديل. . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو إلى ورثته)؛ أيْ: الواهب الذي هو المعمِر أو المرقِب. * قوله: (وسكناه) عطف على "منحتك" لا على الضمير المتصل؛ لأن المعنى عليه ليس بقوي، إذ الأول في الحيوان والثاني في العقار. * وقوله: (لك) متعلق بالمعاطيف الثلاثة، ومعنى كونها عارية أن له الرجوع متى شاء؛ لأن المنافع إنما تستوفى شيئًا فشيئا، ولا تصح إعارتها -كما يؤخذ من الشرحَين (¬2). * قوله: (عارية) خبر (منحتكه) وما عطف عليه. فصل * قوله: (ويجب. . . إلخ) الأصل في الهبة الاستحباب، وعلم هنا أنها قد تجب للتعديل، وقد تُحَرَّم للتفضيل، وتباح مع التخصيص بإذن الباقي، وهل ¬
بين من يرث بقرابة -من ولد وغيره- في هبة غير تافه، بكونها بقدر إرثهم، إلا في نفقة فتجب الكفاية، وله التخصيص بإذن الباقي، فإن خَصَّ أو فَضَّل بلا إذن رجع أو أعطى حتى يستووا. فإن مات قبله، وليست بمرض موته، ثبتت لآخذ، وتحرم الشهادة على تخصيص أو تفضيل، تحمُّلًا وأداءً إن عَلم، وكذا كل عقد فاسد عنده. وتباحُ قسمة مالِه بين وارثه، ويُعطى حادث حصته وجوبًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ تكون مكروهة فتعتريها الأحكام الخمسة؟ فليحرر (¬1). * قوله: (بين من يرث بقرابة) أخرج من يرث بالولاء والزوجية فإنه لا يجب. * قوله: (رجع) إن جاز، بأن كانت لولده أو لغيره، وقَبل قبض. * قوله: (قبله)؛ أيْ: قبل الإعطاء والتسوية. * قوله: (وليست بمرض موته) فإن كانت بمرض موته المخوف وقفت على إجازة الورثة. * قوله: (ويعطى حادث حصته وجوبًا) انظر ما الفرق بين هذا والوقف فيما إذا قال: هذا وقف على أولادي، ثم حدث غير الموجودين، حيث قالوا لا يستحق في الوقف شيئًا، وما الحكمة في اعتبار التعديل في ذا دون ذاك (¬2)؟. ¬
وسُن أن لا يزاد ولو ذكر على أنثى في وقف، ويصح وقف ثلثه في مرضه على بعضهم، لا وقف مريض -ولو على أجنبي- بزائد على الثلث، المنقِّح (¬1): "ولو حيلة كعلى نفسه ثم عليه". ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويصح وقف ثلثه في مرضه على بعضهم) انظر ما الفرق بين الوقف والهبة في ذلك (¬2)؟. * قوله: (لا وقف مريض)؛ أيْ: لا ينفذ، أو لا يحكم بصحته من حينه بل يقف على إجازة الورثة، وليس المراد: أنه لا يصح رأسًا، فتدبر!. * قوله: (بزائد) الباء زائدة للتقوية؛ لأن العامل هنا وهو المصدر ضعيف والباء تزاد للتقوية، كاللام كما صرح به الكافيجي (¬3) في أوائل حواشي المتوسط (¬4) وغيره، وصرح به غيره أيضًا (¬5). * قوله: (كعلى نفسه)؛ أيْ: بناء على صحة الوقف على النفس. ¬
ولا رجوع واهب بعد قبض، ويحرم إلا من وهبت زوجها بمسألته ثم ضَرَّها بطلاق أو غيره، والأب ولو تعلق بما وهب حق كفَلَس. . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا رجوع واهب. . . إلخ) لما كان الرجوع ملحقًا بالفسوخ وهي تتصف بالصحة والفساد صحَّ وصفه هنا بالفساد، فتدبر!. * قوله: (والأب) الظاهر أن المراد به الجنس فيصدق بالمتعدد، وفي كلام بعضهم (¬1) ما يخالفه، وينبغي تقييده بالأب التقريب؛ أيْ: دون الجد، بدليل المسألة الآتية (¬2)، وهي أن من موانع الرجوع ما إذا وهبه الوالد لولده، فإن الجد في هذه الحالة لا يملك الرجوع فيما بيد ابن ابنه. وقد يقال: إن المنع من جهة كون الجد ليس هو الواهب لولد الولد (¬3)، فلا دليل فيها، فليحرر!. لكن الشيخ صرح في شرح الفصل الآتي (¬4) بأن المراد الأب التقريب، لا الجد، ولا الأم تبعًا للإقناع (¬5)، كما ذكرناه في القولة الأخرى (¬6)، فتدبر!. * قوله: (كفلس)؛ أيْ: ولم يحجر عليه، كما نص عليه الحارثي (¬7) حيث ¬
أو رغبة كتزويج، إلا إذا وهبه سُرِّيةً للإعفاف -ولو استغنى- أو إذا أسقط حقه منه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صرح بأنه إذا حجر عليه لفلس ليس هو محل الخلاف (¬1)، ومشى عليه في الإقناع (¬2)، وظاهر كلام المصنف كالمقنع (¬3) الإطلاق. * قوله: (كتزويج) بأن زوج الولد الموهوب رغبة فيما بيده من المال الموهوب له، لعموم الخبر (¬4)، والرجوع في الصدقة كالهبة، حاشية (¬5). * قوله: (إلا إذا وهبه سرية للإعفاف) الظاهر اعتباره حال الهبة، فلو وهبها له للخدمة، ثم احتاج إليها للإعفاف فتسرَّى، ليم يمتنع عليه الرجوع ما لم يستولدها. * قوله: (أو إذا أسقط حقه)؛ أيْ: أو إلا إذا. . . إلخ. * قوله: (منه)؛ أيْ: من الرجوع. ¬
ولا يمنعه نقص، أو زيادة منفصلة -وهي للولد- إلا إذا حملت الأمة وولدت، فيُمنع في الأم. وتمنعه المتصلة -ويُصَدَّق أب في عدمها- ورهنُه إلا أن ينفكَّ، وهبة الولد لولده إلا أن يرجع هو، وبيعُه إلا أن يرجع إليه بفسخ أو فلَس مشترٍ، لا إن دبَّره أو كاتبه، ويملكه مكاتبًا، ولا يصح رجوع إلا بقول. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (في عدمها)؛ أيْ: الزيادة المتصلة. * قوله: (ورهنه)؛ أيْ: الموهوب. * قوله: (وهبة الولد لولده) ظاهره ولو لم يقبضها الولد الثاني، والذي ينبغي حمل ذلك على هبة لازمة، بأن يكون ولد الولد قد قبضها. وبخطه: لو ادعى اثنان مولودًا، فوهباه أو أحدهما فلا رجوع لانتفاء ثبوت الدعوى وإن ثبت اللحاق بأحدهما ثبت الرجوع حينئذٍ، وبقي ما إذا ألحق بهما، فليحرر (¬1)!. * قوله: (إلا أن يرجع هو)؛ أيْ: الواهب الثاني. * قوله: (ولا يصح رجوع إلا بقول)؛ لأنه من قبيل الفسوخ فاعتبر فيه القول بخلاف التملك الآتي (¬2). ¬
2 - فصل
2 - فصل ولأَبٍ حرٍّ تملُّك ما شاء من مال ولده، ما لم يضره. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (ولأب حرٍّ) انظر هل المراد ولو بعضه، أو المراد به كامل الحرية؟. وانظر أيضًا هل يشترط أن يكون جائز التصرف فلو كان محجورًا عليه لسفه أو جنون أو كان غير بالغ لم يكن له ذلك (¬1)؟. وانظر أيضًا هل المراد به الأب (¬2) الأقرب كما قلناه فيمن له الرجوع في الهبة أخذًا مما سلف (¬3)، أو المراد الأب وإن علا، فيشمل الجد، وحينئذٍ فيطلب الفرق بين المقامَين؟. ثم رأيت شيخنا (¬4) صرح هنا بأن المراد الأب الحقيقي الأقرب، فلا يدخل الأم ولا الجد، وبه صرح أيضًا في الإقناع (¬5). * قوله: (ما لم يضره) بأن يتعلق به حاجة الابن، كآلة حرفة يتكسب بها، ورأس مال يَتَّجر به، ولا فرق يين كون الأب محتاجًا أو لا، ولا كون الولد صغيرًا أو كبيرًا، ذكرًا أو أنثى، ساخطًا أو راضيًا، ولا كون الأخذ بعلمه أو غير علمه، قاله ¬
إلا سُرِّيَّته -ولو لم تكن أم ولد- أو ليُعطيه لولد آخر، أو بمرض موت أحدهما. ويحصل بقبض مع قول أو نية، فلا يصح تصرُّفه قبله ولو عتقًا. ولا يملك إبراء نفسه، ولا غريم ولده، ولا قبضه منه؛ لأن الولد لا يملكه إلا بقبضه، ولو أقرَّ الأب بقبضه، وأنكر الولد. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شيخنا في الحاشية (¬1). * قوله: (إلا سريته)؛ أيْ: [التي وطئها الولد] (¬2) فإنه لا يتملكها ولو لم يضر الولد، وحينئذٍ اتضح الاستثناء. * قوله: (أو ليعطيه) عطف على المعنى. * قوله: (لأن الولد لا يملكه (¬3) إلا بقبضه) ولذلك سيأتي في الأيمان (¬4) أنه لو حلف أنه لا ملك له لم يحنث بدين، بخلاف ما لو حلف أنه لا مال له فإنه يحنث به أيضًا، وتقدم أيضًا في أول كتاب الزكاة (¬5) ما يؤخذ منه ما يوافق ذلك. * قوله: (وأنكر الولد)؛ أيْ: أو أقرَّ على ما انحط عليه كلام شيخنا (¬6)، وذكر ¬
رجع على غريمه، والغريم على الأب. وإن أولد جارية ولده صارت له أمَّ ولد، وولده حرٌّ لا تلزمه قيمته، ولا مهر، ولا حدٌّ، ويُعزَّر، وعليه قيمتُها، ولا ينتقل الملك فيها إن كان الابن قد وطئها، ولو لم يستولدها، فلا تصير أم ولد للأب، ومن استولد أمةَ أحدِ أبوَيه لم تصِر أم ولد له، وولده قنٌّ، وإن علم التحريم حُدَّ. وليس لولدٍ ولا ورثته مطالبة أب بدين، أو قيمة متلَف، أو أرش جناية، ولا غير ذلك مما للابن عليه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنه إنما ذكر ذلك القيد تبعًا لصاحب الفروع (¬1)، ووجهه أن إقراره بقبض أبيه لا يتضمن إذن أبيه في قبضه، فهو قبض فاسد خالٍ عن مسوغ شرعي. * قوله: (ولا حد ويعزر) قال في شرحه (¬2): "أشبه ما لو وطئ جارية مشتركة بينه وبين غيره"، انتهى. ومقتضى التشبيه بواطئ (¬3) الأمة المشتركة أنه يعزر بمئة إلا سوطًا، فليحرر! (¬4). * قوله: (وولده قنٌّ) ولم يعتق على الأب مع أنه من ذوي الرحم المحرم؛ لأنه من زنا، وسيأتي (¬5) أن الأب والابن من زنا كأجنبيَّين، فتدبر!. ¬
إلا بنفقته الواجبة، وبعين مالٍ له بيده، ويثبت له في ذمته الدين ونحوه، وإن وَجد عين ماله الذي أقرضه أو باعه ونحوه بعد موته، فله أخذه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (إلا بنفقته الواجبة وبعين مال له) فله المطالبة بهذَين، وأما الدين وإن ثبت في ذمته لكن ليس له المطالبة به، كما يؤخذ مما أسلفه في الحوالة (¬1) في بيان الملاءة بالبدن، ويترتب على ثبوته في الذمة وإن لم يملك المطالبة به تحريم المماطلة به إن كان موسرًا، وأنه يؤخذ من رأس التركة إذا مات الأب، وأنه لو أوصى بقضائه لا يكون من تبرعات المريض. وبخطه: على قول المصنف: (إلا بنفقته الواجبة)؛ أيْ: فإن له المطالبة بها، بل وحبسه عليها على ما في الوجيز (¬2)، حكاه عنه الحجاوي (¬3) في الإقناع (¬4)، وجزم به في مختصر المقنع (¬5). * قوله: (ونحوه) كقيمة متلف. * قوله: (فله أخذه) ظاهره سواء كان البيع حالًّا أو مؤجلًا، وعلى الثاني ¬
3 - فصل
إن لم يكن انتقد ثمنه، ولا يسقط دينه -الذي عليه- بموته، بل جنايتُه، وما قضاه في مرضه -أو وصَّى بقضائه- فمن رأس ماله. * * * 3 - فصل وعطية مريض غير مرض الموت -ولو مخوفًا أو غير مخوف، كصداع ووجع ضرس ونحوهما، ولو صار مخوفًا ومات به- كصحيح. ـــــــــــــــــــــــــــــ حلَّ الأجل أو لا، وسواء كان وثقه أم لا وسواء مات الأب مفلسًا أم لا، وهي مشكلة على القواعد. فصل * قوله: (وعطيته) مبتدأ خبره (كصحيح). * وقوله: (كوصية) خبر للمبتدأ المقدر بعد العاطف في قوله: (وفي مرض موته المخوف)؛ أيْ: وعطية مريض. . . إلخ، فهو من العطف على معمولَي عاملَين مختلفَين إن جرينا على المشهور من أن العامل في المبتدأ الابتداء وفي الخبر المبتدأ (¬1). * قوله: (أو غير مخوف) عطف على قوله: (غير مرض الموت) وليس عطفًا على قوله: (مخوفًا)؛ لأنه يقبح الجمع بين طرفَي المغيَّا. * قوله: (كصحيح) فيصح في جميع ماله. ¬
وفي مرض موته المخوف -كالبِرْسَام (¬1)، وذات الجَنْب، والرُّعاف الدائم، والقيام المتدارِك (¬2)، والفالج (¬3) في ابتداء، والسِّل في انتهاء، وما قال عدلان من أهل الطب: إنه مخوف- كوصية، ولو عِتْقًا، أو محاباة، لا كتابة أو وصية بها بمحاباة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وذات الجنب) هي قروح بباطن الجنب. * قوله: (والقيام المتدارِك) ومثله إسهال معه دم. * قوله: (عدلان)؛ أيْ: مسلمان على ما في الإقناع (¬4). * قوله: (كوصية)؛ أيْ: فلا تنفذ لوارث مطلقًا، ولا لأجنبي بزائد على الثلث إلا بالإجازة فيهما. * قوله: (لا كتابة أو وصية بها بمحاباة) مقتضاه أن كلًّا من الكتابة والمحاباة بها تعتبر من رأس المال، ونبَّه في شرحه (¬5) على أنه تابع في ذلك للمنقِّح في التنقيح (¬6)، والإنصاف (¬7)، وهو مخالف لما في الفروع (¬8)، والمحرر (¬9) من أن الكتابة تعتبر من ¬
وإطلاقها بقيمته، والمُمتدة كالسِّل، والجُذام، والفالج في دوامه -إن صار صاحبها صاحب فراش فَمَخُوفة، وإلا فلا. وكمريض مرض الموت المخوف من بين الصفَّينِ وقت حرب، وكل من الطائفتَين مكافئ، أو من المقهورة، ومن باللُّجة عند الهيجان أو وقع الطاعون ببلده، أو قُدِّم لقتل، أو حُبس له. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رأس المال والمحاباة مطلقًا تعتبر من الثلث، وقال في شرحه (¬1): "إنه لم يقف على كلام الحارثي (¬2) ليعرف هل هو (¬3) وافق المنقِّح أو صاحب الفروع". قال شيخنا (¬4): "وقد وقفت على كلام الحارثي، فرأيته موافقًا لكلام صاحب الفروع من غير حكاية خلاف في المسألة، مع أن من شأنه استقصاء الخلاف". * قوله: (وإطلاقها بقيمته) قال في الإنصاف (¬5): "وإطلاقها يقتضي أن تكون بقيمته"، انتهى؛ يعني: لو أوصى بكتابته وأطلق، بأن يقل عليَّ كذا فالعدل كما في شرحه (¬6) أن يحمل على الكتابة بقيمته. ¬
وأسير عند من عادته القتل، وجريح مُوحيًا مع ثبات عقله، وحامل عند مخاض مع ألم حتى تنجو، وكَمَيت مَن ذُبح، أو أُبينت حشوتُه، ولو عَلَّق صحيحٌ عتق قنِّه، فوُجد في مرضه، فمن ثلثه. وتُقدَّم عطية اجتمعت مع وصية، وضاق الثلث عنهما مع عدم الإجازة. وإن عجز عن التبرعات المنُجَّزة بُدئ بالأول فالأول، فإن وقعت دفعة قُسم بين الجميع بالحصص، ولا يُقَدَّم عتق، وأما معاوضته بثمن المثل فتصح من رأس المال، ولو مع وارث، وإن حابى وارثه بطُلت في قدرها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (عند مخاض)؛ أيْ: طَلْق. * قوله: (وكميت. . . إلخ)؛ أيْ: من جهة عدم نفوذ العطايا والتبرعات لا مطلقًا، فلو مات بعض ورثته ورثه في هذه الحالة، فلا منافاة بين ما في كلام الأصحاب لهذا (¬1)، وقول الموفق (¬2): "لو مات له ابن في هذه الحالة"، فيما لو أبينت حشوته؛ لأنه هو الذي كلام الموفق فيه، "ورثه"، فتدبر فإنه واضح!. * قوله: (وإن عجز)؛ أيْ: الثلث؛ أيْ: ضاق. * قوله: (في قدرها)؛ أيْ: قدر المحاباة. ¬
وصحَّت في غيره بقسطه، وله الفسخ لِتبَعُّض الصفقة في حقه، لا إن كان له شفيع وأخذه، ولو حابى أجنبيًّا، وشفيعه وارث -أخذ بها إن لم تكن حيلة؛ لأن المحاباة لغيره، وإن أجر نفسه، وحابى المستأجر، صحَّ مجانًا. ويُعتبر ثلثه عند موت، فلو عتق (¬1) ما لا يملك غيره، ثم ملك ما. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وشفيعة وارث) مبتدأ وخبره، والجملة معترضة أو حال. * قوله: (إن لم يكن حيلة) فإن كان ذلك حيلة بطل في قدر المحاباة فقط -على ما تقدم (¬2) -. * قوله: (وإن أجر نفسه)؛ أيْ: لا عبده كما يظهر من العلة، من أنه إنما يمنع من التصرف في ماله والعبد مال. * قوله: (مجانًا)؛ أيْ: من غير ردِّ المستأجر من المدة أو العمل. * قوله: (فلو عتق. . . إلخ) فيه استعمال "عتق" متعديًا ومنه: يا رب أعضاء السجود أعتقتها (¬3) ... . . . . . . . . . . . . . * قوله: (ثم ملك ما)؛ أيْ: مالًا. ¬
4 - فصل
يخرج من ثلثه- تبينَّا عتقه كُلَّه، وإن لزمه دين يستغرقه لم يعتق منه شيء. * * * 4 - فصل تُفارق العطية الوصية في أربعة: أن يُبدأ بالأول فالأول منها، والوصية يسوَّى بين متقدمها ومتأخرها. الثاني: أنه لا يصح الرجوع في العطية بخلاف الوصية. الثالث: أنه يُعتبر قبول عطية عندها، والوصية بخلافه. الرابع: أن الملك يثبت في عطية من حينها مُرَاعًى. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * وقوله: (يخرج من ثلثه) صفة لـ "ما"، والمراد أنه ملك مالًا إذا انضم إليه قيمة المعتق يكون نسبة القيمة إليه ثلثًا، والعبارة عسرة. فصل * قوله: (بين متقدمها ومتأخرها)؛ لأنها تبرع بعد الموت فوجد دفعة واحدة. * قوله: (أنه لا يصح الرجوع في العطية) للزومها بالقبض. * قوله: (بخلاف الوصية)؛ يعني: لأنها (¬1) إنما تلزم بموت الموصي. * قوله: (والوصية بخلافه)؛ لأنها تبرع بعد الموت، فلا حكم لقبولها ولا ردِّها قبله. شرح (¬2). ¬
فإذا خرجت من ثلثه عند موت تبينَّا أنه كان ثابتًا. فلو أعتق أو وهب قنًّا في مرضه، فكَسَب، ثم مات سيده، فخرج من الثلث -فكَسْبُ معتق له، وموهوب لموهوب له، وإن خَرَج بعضه فلهما من كسبه بقدره. فلو أعتق قنًّا لا مال له سواه، فكسب مثل قيمته قبل موت سيده، فقد عتق منه شيء، وله من كسبه شيء، وللورثة شيئان، فصار وكسبه نصفَين يعتق منه نصفه، وله نصف كسبه، وللورثة نصفهما. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فقد عتق منه شيء) قال في شرحه (¬1): "فللمعتوق من كسبه بقدر ما أعتق منه من حين أعتقه (¬2)، وباقيه لسيده، فيزداد بذلك مال السيد، وتزداد الحرية لذلك، ويزداد حقه من كسبه، فينقص به حق السيد من الكسب، وينقص بذلك قدر العتق منه، فيستخرج ذلك بالجبر، فيقال: قد عتق منه شيء. . . إلخ"، انتهى. وغرضه من ذلك بيان الدور؛ لأن الجبر إنما يحتاج إليه في المسائل الدورية التي يلزم فيها من ثبوت الشيء عدمه. * قوله: (وله نصف كسبه. . . إلخ) توضيح طريقة المصنف في هذه المسألة: أن تجعل للمعتق شيئًا من نفسه وشيئًا من كسبه، وللورثة شيئان هما ضعف ما عتق، فيصير المجموع أربعة أشياء، تنسب شيئَيه لذلك المجموع تجدهما نصفًا، فيعتق نصفه، وله نصف كسبه، وهذه غير طريقة الجبريين (¬3). ¬
وإن كسب مِثْلَي قيمته صار له شيئان، وعتق منه شيء، وللورثة شيئان فيعتق ثلاثة أخماسه، وله ثلاثة أخماس كسبه، والباقي للورثة، وإن كسب نصف قيمته فقد عتق منه شيء، وله نصف شيء من كسبه، وللورثة شيئان، فيعتق ثلاثة أسباعه، وله ثلاثة أسباع كسبه، والباقي للورثة. ـــــــــــــــــــــــــــــ وأما طريقة الجبريين (¬1)، فهي أقرب تناولًا من هذه، فلو كانت (¬2) قيمته مثلًا مئة وكسب مثل قيمته مئة، فله من نفسه شيء ومن كسبه شيء، صار للورثة مائتان إلا شيئَين تعدل (¬3) شيئَين هما ضعف ما عتق، أجبر المئتَين بشيئَين، وزد نظيرهما على الجانب الثاني، فيصير مائتان من العدد، تعدل أربعة أشياء، اقسم المئتَين على أربعة أشياء يخرج الشيء الواحد خمسين، وعلى طريقة المصنف انسب الشيئَين إلى الأربعة أشياء تجدهما نصفًا، فيعتق نصفه وله نصف كسبه وهو خمسون. * قوله: (والباقي للورثة) وبالطريق الجادة بين الجبريين تقول: عتق منه شيء، وله من كسبه شيئان، صار على فرض أن قيمته مئة للورثة ثلاثمائة إلا شيئَين، وهما ضعف ما عتق تعدل ثلاثة أشياء، اجبر الثلاثمئة بشيئَين وزدهما على الجانب الثاني، يصير ثلاثمئة، تعدل خمسة أشياء، اقسم على الأشياء يخرج الشيء ستين، فله مئة وثمانون، وللورثة ما بقي، وهذا معنى قول المصنف: "فله ثلاثة أخماسه وثلاثة أخماس كسبه"؛ لأن خُمُسَه بمعنى خمس قيمته عشرون، وخمس كسبه أربعون، والمجموع ما ذكرنا، تدبر!. * قوله: (وله ثلاثة أسباع كسبه والباقي للورثة) فلو أردت معرفتها بطريقة ¬
وفي هبة لموهوب له بقدر ما عتق، وبقدره من كسبه. وإن أعتق أمةً، ثم وطئها -ومهرُ مثلها نصف قيمتها- فكما لو كسِبتْه، يعتق ثلاثة أسباعها. ولو وهبها لمريض آخر لا مال له، فوهبها الثاني للأول -صحَّت هبة الأول في شيء، وعاد إليه بالثانية ثلثُه، بقي لورثة الآخر ثلثا شيء، وللأول شيئان، فلهم ثلاثة أرباعها، ولورثة الثاني رُبعها. ـــــــــــــــــــــــــــــ الجبريين، وفرضت قيمته مئة، وكسبه خمسين كان له شيء ونصف شيء، صار للورثة مئة وخمسون إلا شيئًا ونصف شيء، تعدل شيئَين هما ضعف ما عتق، فأجبر بأن تكمل المئة والخمسين بشيء ونصفه، وتزيد نظير ذلك على الشيئَين، تصير المئة مئة وخمسون تعدل ثلاثة أشياء ونصف شيء، فاقسم العدد يخرج الشيء اثنين وأربعين وستة أسباع. * قوله: (وفي هبة لموهوب له)؛ أيْ: يكون لموهوب له بقدر ما أعتق منه في مسألة العتق. * وقوله: (وبقدره من كسبه)؛ أيْ: وبقدر ما يكون لموهوب له من كسبه، شرح (¬1). * قوله: (وللأول شيئان فلهم ثلاثة أرباعها. . . إلخ) وبطريقة أهل الجبر يقال: استقر الأمر على أن الموهوب ثلثا شيء، فإن جعلت قيمتها مئة صار لورثة الأول مئة إلا ثلثا شيء، تعدل شيئَين وهما ضعف ما وهب، اجبر تصير المسألة مائة تعدل شيئَين وثلثَي شيء، اقسم على الأشياء يخرج الشيء سبعة وثلاثين ونصفًا، ¬
وإن باع قفيزًا لا يملك غيره يساوي ثلاثين، بقفيز يساوي عشرة -ولم تُجزْ الورثة- فأَسْقِطْ قيمة الرديء من قيمة الجيد، ثم انسب الثلث إلى الباقي -وهو عشرة من عشرين- تجده نصفها، فيصح في نصف الجيد بنصف الرديء، ويبطُل فيما بقي، لئلا يُفضي إلى ربا الفضل، فلو لم يُفض كعبد يساوي ثلاثين بعبد يساوي عشرة صحَّ بيع ثلثه بالعشرة، والثلثان كالهبة للمبتاع نصفُهما، لا إن كان وارثًا. وإن قال من سَلَّفه عشرة في كُرِّ حِنطة -وقيمته عند الإقالة ثلاثون. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ثلثاه (¬1) وهما خمسة وعشرون لورثة الثاني، وما بقي لورثة الأول، ويصدق على الخمسة وعشرين أنها ربع المئة قيمة الأمة، وعلى الخمسة والسبعين الباقية أنها ثلاثة أرباعها، فما قاله المص -رحمه اللَّه تعالى- صحيح، تدبر!. * قوله: (عشرة) بيان لقوله: "الثلث". * وقوله: (من عشرين) بيان لقوله: "إلى الباقي". * قوله: (لئلا يفضي إلى ربا الفضل)؛ لأنَّا لو صححناه على قياس التي لا يدخلها ربا الفضل الآتية (¬2) لقلنا: صحَّ بيع ثلث الجيد بتمام الرديء، إذ قيمة ثلث الجيد تساوي تمام قيمة الرديء، فيؤدي إلى بيع ثلث قفيز جيد بقفيز رديء، وهو مؤدٍّ إلى ربا الفضل -كما ذكر-. * قوله: (لا إن كان وارثًا) لعله ولم تجُز بقية الورثة. ¬
صحَّت في نصفه بخمسة. وإن أصدق امرأة عشرة، لا مال له غيرها، وصداق مثلها خمسة -فماتت، ثم مات- فلها بالصداق خمسة، وشيء بالمحاباة، رجع إليه نصفه بموتها، صار له (¬1) سبعة ونصف إلا نصف شيء، يعدل شيئَين، اجبُرْها بنصف شيء، وقابِل، يخرج الشيء ثلاثة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (صحَّت في نصفه بخمسة) وكان كبيع قفيز جيد يساوي ثلاثين بقفيز رديء يساوي عشرة، وتقدم أن العمل فيها أن تسقط قيمة الرديء من قيمة الجيد، وتنسب الثلث الذي يصح تصرفه فيه إلى الباقي من قيمة الجيد بعد إسقاط قيمة الرديء منه، فاسقط هنا رأس مال السلم وهو عشرة من قيمة الكُرَّ (¬2) وهو ثلاثون يبقى عشرون، انسب إليها الثلث وهو عشرة يكن نصفًا، فتصح الإقالة في نصف الكُرِّ بنصف رأس مال السلم وهو خمسة -كما ذكر-. * قوله: (فماتت ثم مات) الظاهر أنه لا حكمة في كون في موته إلا مجرد الإعلام بأنها ماتت قبله. * قوله: (وقابل) بزيادة نصف الشيء (¬3) الذي جبرت به على الجانب الثاني، يصير سبعة ونصف من العدد، يعدل شيئَين ونصف شيء، اقسم سبعة ونصفًا على ¬
فلورثته ستة، ولورثتها أربعة. وإن مات قبلها، وَرِثَتْه، وسقطت المحاباة. ومن وهب زوجته كل ماله في مرضه. فماتت قبله، فلورثته أربعة أخماسه، ولورثتها خمسه. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ اثنين ونصف يخرج ما قاله المص، إذ (¬1) الحاصل من قسمة بسط المقسوم وهو خمسة عشر، على بسط المقسوم عليه وهو خمسة، ثلاثة -كما قاله المص-. * قوله: (سقطت المحاباة)؛ أيْ: بطُلت إلا أن يجيزها الورثة. * قوله: (ولورثتها خمسه) وطريقه أن تقول: صحَّت الهبة في شيء وعاد إليه نصفه بالإرث، يبقى لورثته المال كله إلا نصف شيء، يعدل ذلك شيئَين، فإذا جبرت وقابلت صارت المسألة: مال يعدل شيئَين ونصف شيء، فاضرب في المخرج، واقسم على البسط بأن تضرب الاثنين ونصف في اثنين بخمسة، وتضرب المال وهو واحد في اثنين باثنين، وتقسم اثنين على خمسة يخرج خمسان وهو الشيء؛ لأن المراد من المال هنا نوع من العدد، لا المال المصطلح عليه عند الجبريين (¬2)، وهو ما قام من ضرب الشيء في نفسه، وذلك الشيء الخارج بالقسمة هو ما صحَّت فيه الهبة، والباقي بعدهما ثلاثة أخماس، رجع إليه بالإرث منها نصف ما كان بيدها وهو خمس، فيجتمع له أربعة أخماس تؤول لورثته، ولورثتها الخمس الباقي. ¬
5 - فصل
5 - فصل ولو أقرَّ في مرضه أنه أعتق ابن عمه أو نحوه في صحته، أو ملك من يعتق عليه بهبة أو وصية -عتق من رأس ماله، ووَرِث. فلو اشترى ابنَه ونحوه بمئة، ويساوي ألفًا، فقَدْرُ المحاباة من رأس ماله، والثَّمنُ -وثَمَنُ كل من يعتق عليه- من ثلثه، ويرِث. فلو اشترى أباه بكل ماله، وترك ابنًا، عتق ثلث الأب على الميت، وله ولاؤه، وورث بثلثه الحرِّ من نفسه، ثلث سدس باقيها المرقوق، ولا ولاء على هذا الجزء. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (فلو اشترى. . . إلخ) الفاء للاستئناف وإن كان قليلًا، أو للتفريع على الهبة؛ لأن المحاباة في معناها. * قوله: (من رأس ماله)؛ أيْ: البائع. * قوله: (من ثلثه)؛ أيْ: من ثلث تركة المشتري. * قوله: (ثلث سدس) ولو عبر عنه بنصف تسع كان أولى، قاله شيخنا. أقول: في كون ذلك أولى بالنسبة للمقام نظر يعلم من الشرح (¬1)، نعم هو أولى من حيث الصناعة الحسابية، لكن لو عبر به لفات المقصود من التعبير بالثلث، فراجع!. ¬
وبقية الثلثيَن يعتق على الابن، وله ولاؤها. ولو كان الثمن تسعة دنانير، وقيمته ستة، تَحَاصَّا، فكان ثلث الثلث للبائع محاباة، وثلثاه للأب عتقًا، يعتق به ثلث رقبته، وَيرُدُّ البائع دينارَين، ويكون ثلثا الأب مع الدينارَين ميراثًا. وإن عتق على وارثه صحَّ، وعتق عليه. وإن دبَّر ابن عمه ونحوَه عتق، ولم يرث. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وبقية الثلثَين)؛ أيْ: ما بقي منهما بعد إخراج الحصة الموروثة وهي ثلث سدسهما، فتدبر!. * قوله: (وله ولاؤها)؛ أيْ: ولاء الحصة الباقية من الثلثَين بعد إخراج ثلث سدسهما. * قوله: (ميراثًا) يرثه الابن مع الأب بثلثه الحرِّ. وقول الشارح (¬1): "يرثه الابن" إن كان مراده على وجه الاختصاص لا وجه له، فتدبر! (¬2). * قوله: (وإن عتق على وارثه) هو بمعنى المضارع وهو عطف على "يعتق" السابق في قوله: "أو ملك من يعتق عليه"؛ أيْ: أو ملك من يعتق على وارثه، بأن اشترى أخا ابن عمه الوارث له صحَّ الشراء، وعتق بعد موته على الوارث. * قوله: (عتق ولم يرث) قال في شرحه (¬3): "وقيل: يرث (¬4)، ووجه المذهب، ¬
و: "أنت حرٌّ آخر حياتي" عَتق، وورِث، بخلاف من علَّق عتقه بموت قريبه، وليس عتقه وصية له. ولو أعتق أمةً وتزوجها في مرضه، ورثته، وتعتق إن خرجت من الثلث، ويصح النكاح، وإلا عتق قدرُه وبطُل النكاح. ولو أعتقها وقيمتها مئة، ثم تزوجها وأصدقها مئتَين لا مال له سواهما، وهما مهر مثلها، ثم مات صحَّ العتق، ولم تستحق الصداق، لئلا يُفضي إلى بطلان عتقها، ثم يبطل صداقها. ـــــــــــــــــــــــــــــ أن الإرث قارن الحرية ولم يسبقها فلم يكن أهلًا للإرث". * قوله: (قريبه) الضمير عائد على "من" الواقع على "قنٍّ". * قوله: (وليس عتقه وصية)؛ أيْ: ليس عتق من قال له سيده: أنت حرٌّ آخر حياتي وصية حتى يكون من الوصية لوارث، فيتوقف على إجازة الورثة. * قوله: (ولو أعتق أمته)؛ أيْ: المريض. * قوله: (ويصح النكاح) وهل يحرم أو لا؟ صرح صاحب الفروع (¬1) بتحريمه، وهو لا ينافي كلام المص؛ لأن الصحة لا تستلزم عدم التحريم، وتقدم له نظائر (¬2). * قوله: (ولم تستحق الصداق) ويعايا بها فيقال: امرأة صحَّ نكاحها، ومات زوجها ولم تستحق صداقًا ولم يكن قد وجد منها ما يسقطه. * قوله: (لئلا يفضي. . . إلخ) وجهه أنها إن استحقت الصداق لم يبق له ¬
ولو تبرّع بثلثه، ثم اشترى أباه ونحوه من الثلثيَن، صحَّ الشراء، ولا عتق، فإذا مات عتق على وارث إن كان ممن يعتق عليه، ولا إرث؛ لأنه لم يَعتق في حياته. ـــــــــــــــــــــــــــــ سوى قيمة الأمة المقدر بقاؤها، فلا ينفذ العتق في كلها، وإن بطُل في البعض بطُل النكاح فيبطل الصداق، شرح (¬1). * قوله: (ولا عتق) ويعايا بها، فيقال: شخص اشترى ذا رحم محرم له، وصحَّ الشراء ولم يعتق عليه، فتدبر! (¬2). * قوله: (إن كان ممن يعتق عليه) بأن كان ابنًا للميت مثلًا. * * * ¬
15 - كتاب الوصية
15 - كِتَابُ الوَصِيَّةِ
(15) كِتَابُ الوصيَّة: الأمر بالتصرف بعد الموت، وبمال، التبرع به بعد الموت، ولا يُعتبر فيها القُربة. وتصح مطلقة ومقيَّدة، من مكلف لم يُعَاين الموت ولو كافرًا أو فاسقًا أو أخرس، لا مُعْتَقلًا لسانه بإشارة، أو سفيهًا بمال لا على ولده، ولا سكران أو مبَرْسمًا، ومن مميِّز، لا طفل، بلفظ، وبخطٍّ ثابت بإقرار ورثة أو بيِّنة، لا إن ختمها وأشهد عليها، ولم يتحقق أنها بخطه. ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الوصية * قوله: (لم يعاين الموت)؛ أيْ: ملك الموت. * قوله: (أو سفيهًا) عطف على قوله: "كافرًا". * قوله: (لا على ولده)؛ أيْ: لا إن كان المال الذي أوصى به السفيه على ولده فإنه لا يصح؛ لأنه لا يملك التصرف عليه، فعدم ملكه للوصية أولى. * قوله: (ومن مميز)؛ أيْ: يعقلها، وهو عطف على قوله: "من مكلف" فالمكلف هناك ليس للاحتراز عن سائر أفراد من عداه، فتدبر!. * قوله: (وبخط ثابت. . . إلخ) مقتضى تنزيلهم المعتقل لسانه منزلة الناطق
وتُسن لمن ترك خيرًا -وهو المال الكثير عُرفًا- بِخُمُسِه لقريب فقير، وإلا فلمسكين وعالم دين، ونحوهم، وتُكره لفقير له ورثة، المنقِّح (¬1): "إلا مع غِنَى الورثة"، وتصح ممن لا وارث له بجميع ماله. فلو ورثه زوج أو زوجة، وردَّها بالكل بطُلت في قدر فرضه من ثلثَيه، فيأخذ وصيٌّ الثلث، ثم ذو الفرض فرضه من ثلثيَه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا الأخرس (¬2)، أنه يصح منه بالكتابة بهذه الشروط المذكورة. * قوله: (لقريب)؛ أيْ: غير وارث. * قوله: (ونحوهم) كغَاز. * قوله: (وتصح. . . إلخ) وعبر في الإقناع (¬3) بـ "تجوز" بدل "تصح"؛ يعني: وتباح (¬4)، وعلى هذا فتعتريها الأحكام الخمسة (¬5). * قوله: (فلو ورثه زوج أو زوجة)؛ أيْ: أجنبيان، أما إذا كانا ممن يرث بتعصيب أو رحم فهم كباقي الورثة، فتدبر!. ¬
ثم تُتمَّمُ منهما، ولو وصَّى أحدهما للآخر فله كله إرثًا ووصية، ويجب على من عليه حق بلا بيِّنة ذِكْرُه. وتحرم ممن يرثه غير زوج أو زوجة بزائد على الثلث لأجنبي، ولوارث بشيء، وتصح، وتَقِفُ على إجازة الورثة. ولو وصَّى لكل وارث بمعيَّن بقدر إرثه، أوبوقف ثلثه على بعضهم: صحَّ مطلقًا، وكذا وَقْفُ زائدٍ أُجِيز، ولو كان الوارث واحدًا. ومن لم يفِ ثلثُه بوصاياه، أُدخِل النقص على كل بقدر وصيته وإن عِتْقًا، وإن أجازها ورثة بلفظ إجازة أو إمضاء أو تنفيذ: لزمت. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ثم تتمَّم منهما) الأَوْلَى: ثم يعطى أيضًا ما بقي بعد أخذ فرض الزوجية، فتدبر!، فعبارة الإقناع (¬1) هنا أوضح. * قوله: (مطلقًا) سواء كان ذلك في الصحة أو المرض، أجازه بقية الورثة أو لم يجيزوه. * قوله: (بقدر وصيته) كمسائل العول الآتية (¬2)، فلو وصى لواحد بثلث ماله ولآخر بمئة، ولثالث بعبد قيمته خمسون، وبثلاثين لفداء أسير، وبعشرين لعمارة مسجد، وكان ثلث ماله مئة، وبلغ مجموع الوصايا ثلاثمئة، نسبت منها الثلث فهو ثلثها، فيعطى كل واحد ثلث وصيته، شرح (¬3). * قوله: (بلفظ إجازة)؛ أيْ: مشتق من ذلك. ¬
وهي تنفيذ لا يثبت لها أحكام هبة، فلا يرجع أبي أجاز، ولا يحنث بها من حلف، لا يهب، وولاء عتق مُجَازٌ لِمُوصٍ تختص به عصَبته. وتلزم بغير قبول وقبض -ولو من سفيه ومُفلس- ومع كونه وقفًا على مجيزه، ومع جهالة المجاز، ويُزَاحِم بمجاوز لثلثه الذي لم يُجاوزه، لقصده تفضيله، كجعله الزائد لثالث. لكن لو أجاز مريض فمن ثلثه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وهي)؛ أيْ: الإجازة. * قوله: (وتلزم. . . إلخ)؛ أيْ: الإجازة. * قوله: (ومع كونه وقفًا على مجيزه)؛ يعني: ولو كانت ابتداءً عطية كان وقفًا على النفس، وهو غير صحيح على الصحيح (¬1). * قوله: (ويزاحم بمجاوز. . . إلخ)؛ أيْ: بقدر مجاوز. * قوله: (كجعله الزائد لثالث) بأن أوصى لزيد وعمرو بثلث ماله، ولبكر بسدس ماله، فإن هذا السدس زائد على الثلث، وقد جُعل لثالث، وأما التمثيل الذي في الشرح (¬2) فهو للمسألة الأولى فقط. * قوله: (فمن ثلثه) خلافًا لأبي الخطاب (¬3)، وتبعه في الإقناع (¬4) وهو الأنسب (¬5) ¬
كمُحاباة صحيح في بيع خيار له ثم مرض زمنه، وإذنٍ في قبضه هبة، لا خدمته، والاعتبار بكون من وُصَّى أو وُهب له وارثًا أو لا عند الموت، وبإجازة أو ردٍّ بعده. ومن أجاز مُشاعًا ثم قال: "إنما أجزت لأنني ظننته قليلًا" قُبل بيمينه، فيرجع بما زاد على ظنه إلا أن يكون المال ظاهرًا لا يخفى، أو تقوم بيِّنة بعلمه قدره، وإن كان عينًا أو مبلغًا ملعلومًا، وقال: "ظننتُ الباقي كثيرًا" لم يُقبل. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ بالقواعد لما تقدم (¬1) من أن الإجازة تنفيذ لا ابتداء عطية، فتدبر!. * قوله: (لا خدمته) بأن أجر نفسه للخدمة بمحاباة مدة بشرط الخيار له، ثم مرض واختار الإمضاء، فالمحاباة من رأس ماله؛ لأن تركه الفسخ إذن ليس بترك مال، حاشية (¬2). * قوله: (بعلمه قدره)؛ أيْ: الموصى به. * وقوله: (وإن كان عينًا)؛ أيْ: معينًا؛ لأنه في مقابلة مشاعًا. * قوله: (لم يقبل)؛ أيْ: لأنه مفرط، فكان يمكنه أن يختبر المال جميعه قبل الإجازة. ¬
1 - فصل
1 - فصل وما وُصيَ به لغير محصور، أو مسجد ونحوه -لم يُشترط قبوله، وإلا اشتُرط، ومحلُّه بعد الموت، ويثبت ملك موصَى له من حينه، فلا يصح تصرف (¬1) قبله، وما حدث -من نماء منفصل- فللورثة، ويَتْبَعُ متصل. وإن كانت بأمة فأحبلها وارث قبله صارت أم ولده، وولده حرٌّ، لا يلزمه سوى قيمتها للمُوصَى له كما لو أتلفها. وإن وَصَّى له بزوجته فأحبلها، وولدت قبله لم تصِر أم ولد. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (من حينه)؛ أيْ: من حين القبول بعد الموت. * قوله: (له) ليست في النسخة التي شرح عليها المص (¬2) ولا شيخنا (¬3). * قوله: (بزوجته)؛ أيْ: بزوجة الموصى له، بأن كان متزوجًا بأمة الموصي فأوصى له بها، ويعتبر أن يكون قد وجد فيه حال التزويج شرط نكاح الإماء، إذ الفرض أن الزوج حرٌّ، ضرورة أن الوصية لا تصح لرقيق، حتى إنها إذا وقعت كانت لسيده. * قوله: (وولدت) هذا ليس بقيد إنما القيد الإحبال، وعلى هذا فينبغي أن ¬
وولده رقيق، وبأبيه، فمات قبل قبوله، فقَبل ابنه، عتق موصًى به حينئذ، ولم يرث. وعلى وارث ضمان عين حاضرة يتمكن من قبضها بمجرد موت مورِّثه، لا سقي ثمرة موصى بها، وإن مات موصًى له قبل موصٍ بطُلت. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يكون "قبله" قيدًا في "إحبالها" لا في "ولدت" -كما أشار إليه الشيخ في شرحه (¬1) -. * قوله: (وولده رقيق)؛ أيْ: إن لم يكن هناك شرط أو غرور. * قوله: (عتق موصى به حينئذٍ) ويؤخذ من قوله: "حينئذٍ" أن ولاءه لابن الابن؛ لأنه عتق عليه لا على أبيه؛ لأن الملك إنما يثبت بالقبول، وهو إنما حصل من ابن الابن، لا من الابن الميت، فتدبر!. * قوله: (وعلى وارث. . . إلخ) معنى ذلك -وإن كانت العبارة لا تؤديه-: إن ما يتلف من التركة التي هي عين حاضرة يتمكن الورثة من قبضها، فهو عليهم، ولا ينقص به ثلث أوصى به. قال أحمد في رواية ابن منصور (¬2) (¬3) في رجل ترك مئتي دينار وعبدًا قيمته مئة، وأوصى لرجل بالعبد، فسرقت الدنانير بعد موت الرجل: وجب دفع العبد للموصى له وذهبت دنانير الورثة، تدبر!. ¬
لا إن كانت بقضاء دينه، وإن ردَّها بعد موته، فإن كان بعد قبوله لم يصح الردُّ مطلقًا، وإلا بطُلت، وإن امتنع من قبول وردِّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا إن كانت بقضاء دينه) هذا كالمستثنى من أنه إذا مات الموصى له قبل موت الموصي بطُلت الوصية، وتصويرها حينئذٍ أن زيدًا أوصى بقضاء ديون عمرو، فمات عمرو قبل زيد لم تبطل الوصية، لبقاء شغل ذمة عمرو بالدين، وقضاؤه عنه بعد موته أولى من قضائه عنه في حال حياته، لإمكان أن يتجدد له مال فيتمكن من قضائه منه، فتدبر!. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى- يَرِدُ عليه أن هذه وصية لمعيَّن، ولم يوجد بعد موت الموصي قبول من الموصى له، ولا ممن يقوم مقامه كوارثه. والجواب: أن هذه مستثناة من القاعدة المذكورة، كما أنها مستثناة من القاعدة التي قبلها في المتن (¬1)، وهي أنه إذا مات الموصى له قبل موت الموصي بطُلت الوصية. وصورة هذه المسألة: أن زيدًا أوصى أن يقضى الدين الذي على عمرو لبكر، فمات بكر وهو الموصى له بقضاء دينه الذي على عمرو قبل موت الموصي، فإن الوصية لا تبطل بموته، للعلة التي ذكروها من بقاء اشتغال الذمة حتى يؤدى الدين (¬2)، فتدبر!. * قوله: (مطلقًا)؛ أيْ: سواء قبضها أو لم يقبضها، وسواء كانت مكيلًا أو موزونًا أو غيرهما. ¬
2 - فصل
حُكم عليه بالردِّ، وسقط حقه، وإن مات بعده، وقبلَ ردٍّ وقبول قام وارثه مقامه. * * * 2 - فصل وإن قال موصٍ: "رجعتُ في وصيتي"، أو "أبطلتها" ونحوه: بطُلت. وإن قال في موصًى به: "هذا لورثتي"، أو "ما وصَّيت به لزيد فلعمرو" فرجوع. وإن وصَّى به لآخر، ولم يقل ذلك، فبينهما. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (حكم عليه بالردِّ)؛ أيْ: لعدم القبول. * قوله: (وسقط حقه)؛ أيْ: من الطلب، إذ الملك لم يثبت؛ لأنه لم يوجد قبول. * قوله: (وإن مات)؛ أيْ: موصى له. * قوله: (بعده)؛ أيْ: الموصي. فصل * قوله: (ولم يقل ذلك)؛ أيْ: لم يقل ما وصيت لزيد فهو لفلان. وبخطه: وليس الإقرار كالوصية في ذلك التفصيل كله؛ لأن إقراره بالعين لثانٍ بعد إقراره بها لواحد لا يصح، فتدبر! (¬1). ¬
ومن مات منهما قبل مُوْصٍ، أو رَدَّ بعد موته، كان الكل للآخر؛ لأنه اشتراك تزاحم. وإن باعه أو وهبه أو رهنه، أو أوجبه في بيع أو هبة -ولم يَقْبل فيهما- أو عرَضه لهما، أو وصَّى ببيعه أو عتقِه (¬1)، أو حرَّمه عليه، أو كاتبه، أو دبَّره، أو خلطه بما لا يتميز ولو صُبرة بغيرها، أو أزال اسمه، فطحن الحنطة، أو خبز الدقيق، أو جعل الخبز فتيتًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ووجهه أن حق المقرِّ له يثبت بمجرد الإقرار، فيكون إقراره بها لثانٍ بعد ذلك إقرارًا (¬2) لغيره بمال الغير، بخلاف الوصية فإنه لا يثبت ملك الموصى (¬3) له إلا بالقبول بعد الموت، ولم يوجدا بعد، فتدبر!. * قوله: (للآخر) لعل قوله: "للآخر" قائم مقام قوله: "لرفيقه"، فتكون جملة الخبر قد اشتملت على ضمير يربطها بالمبتدأ تقديرًا (¬4)، فتدبر!. * قوله: (أوجبه)؛ أيْ: أتى بالإيجاب في البيع أو الهبة، وفي كلامه ترتيب على جهة التدلي؛ لأنه قدم البيع والهبة التامَّي العقد، ثم ثنَّى بما فيه إيجابهما دون قبول، ثم ثَلَّثَ بما ليس فيه إيجاب ولا قبول، بل مجرد تعريض للبيع أو الهبة من غير وقوع أصلًا. * قوله: (أو عرضه لهما)؛ أيْ: للبيع والهبة. ¬
أو نسج الغزل، أو عمل الثوب قميصًا، أو ضرب النُّقْرَة دراهم، أو ذبح الشاة، أو بنى، أو غرس، أو نجَّر الخشبة بابًا، أو أعاد دارًا انهدمت، أو جعلها حمامًا أو نحوه، فرجوع. لا إن جحدها، أو آجر، أو زوَّج، أو زرع، أو وَطئ ولم تحمل، أو لبس أو سكن موصًى به، أو أوصى بثلث ماله فتلف، أو باعه ثم ملك مالًا، أو بقفيز من صُبرة فخلطها ولو بخير منها. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو بنى أو غرس) عبارة الشرح (¬1): "أو بنى الحجر أو الآجُرَّ فصار حائطًا، أو دارًا، أو غرس نوى موصى به فصار شجرًا. . . إلخ" وهذا ظاهر؛ لأنه جعله في عداد ما أزال التصرف اسمه، وأما حمله على أن المراد البناء أو الغرس في الأرض الموصى بها التي في كلام غيره فبعيد، فتدبر! (¬2). * قوله: (ولو بخير منها)؛ أيْ: من جنسها كما قيد به ابن (¬3) نصر اللَّه (¬4)، قال: "لأنه إذا خلطها بغير جنسها لم تتميز فيكون رجوعًا"، انتهى. قال شيخنا (¬5) بعد نقله: "قلت كلام الأصحاب كالصريح في خلافه" (¬6). ¬
وزيادة موصٍ في دار للورثة، لا المنهدم، وإن وصَّى لزيد، ثم قال: "إن قَدِم عمرو فله" فقدم بعد موت موصٍ فلزيد؟ ويُخْرِجُ وصيٌّ فوارث فحاكم الواجب -ومنه وصية بعتق في كفارة تخيير- من رأس المال، ولو لم يُوصِ، فإن وصَّى معه بتبرُّع اعتُبر الثلث من الباقي. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وزيادة) "زيادة" مبتدأ، خبره "للورثة". * قوله: (لا المنهدم)؛ أيْ: الذي أعاده موصٍ، [فإنه لا يكون للورثة بل لموصى له] (¬1). * قوله: (فقدم بعد موت موصٍ)؛ أيْ: وبعد قبول زيد، لما تقدم (¬2) من أنه إنما يثبت الملك بالقبول بعد الموت، ويؤخذ ذلك من شرح شيخنا على الإقناع (¬3). * قوله: (ويخرج وصي)؛ أيْ: موصى إليه في المال. * قوله: (الواجب)؛ أيْ: على ميت من دين للَّه أو لآدمي. * قوله: (من الباقي)؛ أيْ: بعد أداء الواجب. ¬
وإن قال: "أخرجوا الواجب من ثلثَي" بُدئ به، فما فضل منه فلصاحب التبرع، وإلا بطُلت. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بَدأ به) كذا بخط المص "بدأ" بالألف مع البناء للفاعل، فالضمير لأحد المعاطيف بالفاء في قوله: "ويخرج وصي فوارث فحاكم" ولكن في شرحه (¬1) مرسومة بالياء، وضبطها الشارح بقوله: "بالبناء للمفعول" فيكون هناك نسختان. * * * ¬
1 - باب الموصى له
1 - باب الموصى له تصح الوصية لكل من يصح تمليكه من مسلم، وكافر معيَّن ولو مرتدًّا أو حربيًّا، ولمكاتبه، ومكاتب وارثه كأجنبي. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الموصى له * قوله: (وكافر معيَّن) قال في المبدع (¬1): "يستثنى [من الوصية] لكافر ما إذا أوصى له بمصحف أو عبد مسلم أو سلاح أو حدِّ قذف فإنه لا يصح"، انتهى. أقول: لا اعتراض على المص بعدم استثنائه ذلك هنا؛ لأن مراده تعميم الموصى له لا بيان الموصى به. * قوله: (ولمكاتبه. . . إلخ) قال في شرحه (¬2) في تقدير هذه العبارة: "وتصح وصية الإنسان لمكاتبه، ومكاتب وارثه، كما تصح لمكاتب أجنبي من الموصي؛ لأن مكاتب الإنسان معه في المعاملات كالأجنبي فكذا في الوصية"، انتهى، وظاهر هذا الحلِّ أن قوله: "ومكاتب" بالجر عطفًا على "مكاتبه". قال شيخنا: "وتجوز قراءته بالرفع على الابتداء، أو الخبر "كأجنبي" قال: "بل هو أولى في المقام؛ لأن الغرض بيان أن مكاتب الوارث كالأجنبي، لا أن مكاتب الوارث كمكاتب الأجنبي". ¬
ولأم ولده كوصيته أن ثلث قريته وقف عليها ما دامت على ولدها، وإن شَرَط عدم تزويجها، ففعلت، وأخذت الوصية، ثم تزوجت رَدَّتْ ما أخذت، ولِمُدبَّره فإن ضاق ثلثه عنه وعن وصيته بُدئ بعتقه، ولِقنِّه بمشاع، كثلثه، وبنفسه ورقبته، ويعتق بقبوله إن خرج من ثلثه، وإلا فبقدره. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (عليها)؛ أيْ: أم ولده. * قوله: (ردت ما أخذًت) هذا يقتضي أن شرط العزوبية لازم، وتقدم في الوقف عن صاحب الإنصاف (¬1) أن الصحيح من المذهب عدم لزومه؛ لأنه ليس من البرِّ، لكن سيأتي في الحضانة (¬2) نقلًا عن صاحب الفروع (¬3) ناقلًا له عن القاضي ما يوافق ما هنا من لزوم الشرط. * قوله: (ولقنِّه بمشاع)؛ أيْ: يشمل رقبته (¬4)، أو جزءًا منها، فكأنه رجع إلى الوصية بعتقه أو عتق جزء منه، أو بمال بعد الحكم بعتقه إذا احتمل الثلث لهما. * قوله: (ويعتق)؛ أيْ: كلُّه، الجزءُ بالمباشرة، والباقي بالسراية، بدليل ¬
وإن كانت به، وفضل شيء أخذه لا بمعيَّن، ولا لِقنِّ غيره، ولا لحمل إلا إذا عُلم وجوده حينها، بأن تضعه حيًّا لأقلَّ من أربع سنين -إن لم تكن فراشًا- أو من ستة أشهر حينها، وكذا لو وصَّى به. و: "إن كان في بطنِكِ ذكر فله كذا، وإن كان أنثى فكذا" فكانا، فلهما ما شرَطَ، ولو كان قال: "إن كان ما في بطنك. . . " فلا. ـــــــــــــــــــــــــــــ المقابلة بقوله: "وإلا فبقدره" وستأتي هذه المسألة أيضًا في العتق (¬1)، فيكون الحكم في الوصية والعتق واحدًا، من أنه إن وصَّى لقنِّه بجزء مشاع من ماله، أو أعتق جزءًا مشاعًا منه، وكان ثلث المال يحتمل كله، عتق كله؛ لأن الثلث قابل للتبرع بكله، فتدبر!. * قوله: (وإن كانت به)؛ أيْ: بالثلث. * قوله: (لا بمعين)؛ أيْ: لا تصح الوصية لقنِّه بشيء معيَّن غير رقبته، حاشية (¬2). * قوله: (ولا لقن غيره) خلافًا لما في الإقناع (¬3). * قوله: (إلا إذا علم وجوده حينها) أشار بـ "إذا" التي هي ظرف لما يستقبل من الزمان؛ أيْ: أن المعتبر العلم في المستقبل وبيَّن سبب العلم في المستقبل بقوله: "بأن تضعه حيًّا لأقل من أربع سنين. . . إلخ"؛ فتدبر!. * قوله: (فلهما ما شرط) فإن كان خنثى فله ما شرط للأنثى حتى يتبين ¬
و"طفل"؛ من لم يميز، و"صبي" و"غلام" و"يافع" و"يتيم"؛ من لم يبلغ، ولا يشمل اليتيم ولد زنًا، و"مراهق"؛ من قاربه، و"شاب" و"فتى"؛ منه إلى ثلاثين، و"كَهْلٌ"؛ منها إلى خمسين، و"شيخ"؛ منها إلى سبعين، ثم "هرِم". وإن قتل وصيٌّ موصِيًا بطُلت، لا إن جَرحَه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أمره -كما في الحاشية (¬1) -. * قوله: (وطفل لم يميز)؛ أيْ: من الإنسان والدواب -على ما في شرح الإقناع (¬2) نقلًا عن البدر المنير (¬3) - ولكن يفسر على هذا بالصغير من الإنسان والدواب، أو بما ذكره المص ويحمل قوله: "من لم يميز" على ما كان المحل فيه قابلًا للتمييز، كالإنسان، أو غير قابل كالدواب. * قوله: (ويتيم: من لم يبلغ)؛ أيْ: مع موت قبل البلوغ، ففي كلامه إطلاق في محل التقييد. * قوله: (وإن قتل وصي موصيًا. . . إلخ) قال ابن نصر اللَّه (¬4): "أيْ: قتلًا مضمونًا على الأصح" (¬5). * قوله: (لا إن جرحه) لعله غير مُوحٍ. ¬
ثم أوصى له فمات من الجرح، وكذا فِعْلُ مُدبَّر بسيده. وتصح لصنف من أصناف الزكاة، ولجميعها ويُعطى كل واحد قدر ما يُعطى من زكاة، ولكتب قرآن وعلم، ولمسجد، ويُصرف في مصلحته، ولفرس حبيس يُنفق عليه، فإن مات ردَّ موصًى به أو باقيه للورثة، كوصيته (¬1) بعتق عبد زيد فتعذر، أو بشراء عبدٍ بألف أو عبد زيد بها -ليَعْتِقَ عنه- فاشتروه، أو عبدًا يساويها بدونها. وإن وصَّى في أبواب البِر، صُرف في القُرَب، ويُبدأ بالغزو، ولو قال: "ضعْ ثلثي حيث أراك اللَّه". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ثم أوصى)؛ أيْ: المجروح. * قوله: (له)؛ أيْ: لجارحه. * قوله: (ويعطى كل واحد قدر ما يعطى من زكاة) لا وجه لإعطاء العامل في الزكاة من الوصية، إذ لا داعي إليه منه، إلا أن تنزل منزلة الوصية لأجنبي، فالأظهر القول بأن الموصى به يقسم عليهم على ثمانية أسهم، من غير تفضيل لصنف على غيره. * قوله: (صرف في القرب) وهل برُّ الكافر المعيَّن يسمى قربة، فيجوز الدفع إليه مما خص بذلك؟. الذي يظهر من كلامهم حيث قالوا: ولا يعتبر فيها القربة، معلِّلين لذلك بقولهم لصحتها لمرتد وحربي بدار حرب (¬2)، أنه لا يسمى قربة. ¬
فله صرفه في أي جهة من جهات القُرَب، والأفضل صرفه إلى فقراء أقاربه، فمحارمه من الرضاع، فجيرانه. وإن وصَّى أن يُحَجّ عنه بألف، صُرف من الثلث -إن كان تطوعًا- في حجة بعد أخرى، راكبًا أو راجلًا، يُدفع إلى كلٍّ قدر ما يحُجُّ به حتى ينفذ، فلو لم يكف الألف أو البقية حُجَّ به من حيث يبلغ، ولا يصح حج وصيٍّ بإخراجها، ولا وارث. وإن قال: ". . . حجةً بألف" دُفع الكل إلى من يحجّ، فإن عيَّنه فأبي الحج بطُلت في حقه، ويُحجُّ عنه بأقل ما يمكن من نفقة أو أجرة، والبقية للورثة في فرض ونفل. وإن لم يمتنع أُعْطِي الألف. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (إن كان تطوعًا) فإن كان فرضًا اعتبر من رأس المال. * قوله: (في حجة بعد أخرى) وفي الإقناع (¬1) "لم يحج عنه إلا حجة واحدة"، قال شيخنا في شرحه (¬2): "وهو مشكل على ما سبق". * قوله: (ولا يصح حج وصي. . . إلخ)؛ أيْ: موصى إليه بإخراجها. * قوله: (بطُلت في حقه)؛ أيْ: لا مطلقًا. * قوله: (أو أجرة) مبني على القول بالصحة للإجارة للحج، والمذهب ¬
وحُسب الفاضل عن نفقة مثل في فرض، والألف في نفل من الثلث. ولو وصَّى بعتق نسَمة بألف، فأعتقوا نسَمة بخمس مئة لزمهم عتق أخرى بخمس مئة، وإن قال: ". . . أربعة بكذا" جاز الفضل بينهم، ما لم يسمِّ ثمنًا معلومًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ غيره (¬1). وقد يقال: إنه لا يتعين تمشيته على الضعيف، بل المراد أنه يدفع إليه الأقل من نفقة مثله وأجرة مثله لو استؤجر لمثل هذه الأعمال، ولا يلزم من ذلك القول بصحة الإجارة، بل لا تعرض فيها لنفي ولا إثبات، أو المراد من نفقة أو أجرة مركوب. * قوله: (لزمهم عتق أخرى بخمس مئة) ظاهره أن العتق وقع عن الموصي، وأن ذمتهم قد برئت من الخمس مئة التي دفعوها في ثمنه، ويطلب الفرق بين ما هنا وما إذا وكله في شراء نسمة بألف، فاشترى نسمة بخمس مئة، أو نسمتَين بألف، من أنه لا يصح الشراء حيث سماه في البيع، ومعلوم أنه إذا لم ينعقد البيع لا يصح العتق؛ لأنه مترتب عليه، فليحرر!. وقد يفرق بين الوكالة والعتق: بأنه قد يراد الشراء للدوام، بل هو الأصل فيه، فله غرض في نفاسه المثمن، والقصد من (¬2) العتق البرُّ وهو حاصل على كل حال، بل التعدد فيه أفضل. بقي أنه يطلب الفرق أيضًا بين ما هنا وقوله قبيله بيسير: "أو بشراء عبد بألف، أو عبد زيد بها ليعتق عنه، فاشتروه أو عبدًا يساويها دونها" حيث قال هناك إن ¬
ولو وصَّى بعتق عبد زيد ووصية، فأعتقه سيده، أخذ العبد الوصية، ولو وصَّى بعتق عبد بألف اشترى بثلثه إن لم يخرج، ولو وصَّى بشراء فرس للغزو بمعيَّن، وبمئة نفقة له، فاشتُريَ بأقل منه فباقيه نفقة، لا إرث. وإن وصَّى لأهل سِكَّته. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الباقي للورثة، وهنا أنه يلزمهم [عتق أخرى بالباقي؟ إلا أن يقال: كلامه هنا مقيد بما هناك؛ أيْ: أنه يلزمهم] (¬1). ذلك ما لم تكن الرقبة الأولى تساوي الألف (¬2)، فليحرر! (¬3). * قوله: (فاشتُريَ بأقل منه)؛ أيْ: من ذلك المعيَّن. * قوله: (فباقيه نفقة لا إرث)؛ لأنه أخرج الألف والمئة في وجه واحد وهو الفرس، فهما مال واحد، بعضه للثمن وبعضه للنفقة، وتقدير الثمن لتحصيل صفة، فإذا وجدت فقد حصل الغرض فيخرج الثمن من المال، وما بقي للنفقة، بخلاف ما لو وصَّى بعتق عبد بألف، فاشتروا ما يساويه بثمان مئة، فالباقي للورثة، فإنه لا مصروف بخلاف مسألتنا، شرح (¬4). * قوله: (وإن وصَّى لأهل سِكَّته) بكسر السين. ¬
فلأهل زُقَاقِه حال الوصية، ولجيرانه تناول أربعين دارًا من كل جانب، ولأقرب قرابته، أو لأقرب الناس إليه، أو أقربهم رحمًا -وله أبٌ وابن، أو جدٌّ وأخ- فهما سواء، وأخ من أبي، وأخ من أم -إن دخل في القرابة- سواء، وولد الأبوَين أحق منهما، والإناث كالذكور فيها. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فلأهل زُقاقه) بضم الزاي. * قوله: (حال الوصية) سيأتي في الموصى إليه (¬1) أنه تعتبر الصفات فيه حين الوصية والموت، لا حين الوصية فقط، ويطلب الفرق بينهما (¬2)؟. * قوله: (إن دخل في القرابة)؛ أيْ: قلنا بدخوله، لكن المذهب أن لا يدخل في القرابة (¬3)، شرح (¬4). ¬
1 - فصل
1 - فصل ولا تصح لكنيسة أو بيت نارٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل * قوله: (ولا تصح لكنيسة أو بيت نار) قال في الإقناع (¬1): "لو وصى ببناء بيت لتسكنه المجتازة من أهل الذمة أو الحرب: صحَّ" بعد تصريحه بما صرح به المص، من أنها لا تصح لكنيسة، ولا بيت (¬2) نار، ولعله يفرق بين ما يقصد به عبادتهم، وما يقصد به مجرد السكن والإيواء، وانظر هل يخالف اشتراطهم التعيين في الكافر الموصى له (¬3)؟. ¬
أو كتب التوراة والإنجيل، أو مَلَك، أو ميت، وإن وصَّى لمن يعلم موته أو لا، وحيٍّ، فللحي النصف، ولا يصح تمليك بهيمة، وتصح لفرس زيد ولو لم يقبله، ويصرفه في علفه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو مَلَك أو ميت)؛ لأنهما لا يملكان. * قوله: (فللحي النصف) مراعاة لجانب الميت؛ لأنه عُهِدَ ملكه في بعض الصور، كما إذا نصب أحبولة قبل موته، ووقع فيها صيد بعده -على ما يأتي في باب الموصى به (¬1) -، فتدبر!. وفي الحاشية (¬2): "ولعل الفرق بين ما هنا وما إذا أوصى لزيد وحائط، أو لزيد ومَلَك على ما يأتي أن الميت من أهل المُلك في الجملة بخلاف الحائط والملك"، انتهى. وبخطه: ليست هذه المسألة معارضة لما سلف (¬3) من أنه أوصى لاثنَين، ومات واحد منهما قبل موصٍ، أو ردَّ بعد موته كان الكل للآخر؛ لأن الوصية في المسألة المتقدمة انعقدت في الكل، وتعذر أحد المحلَّين المعينَين لها فصرفت للآخر، وهنا لم تنعقد إلا في النصف وهو المجعول للحي، فصرف له ذلك فقط. * قوله: (ويصرفه في علفه) فاعل "يصرف" إما الوصي أو الحاكم على ما في ¬
فإن مات فالباقي للورثة. وإن وصَّى بثلثه لوارث وأجنبي فردَّ الورثة -فللأجنبي السدس، وبثلثَيه، فردَّ الورثة نصفها- وهو ما جاوز الثلث -فالثلث بينهما، ولو ردُّوا نصيب وارث، أو أجازوا للأجنبي- فله الثلث، كإجازتهم للوارث. وله ولملَكٍ أو حائط بالثلث، فله الجميع. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كلام الحارثي (¬1)؛ يعني: لا المالك، ولا الوارث، أما المالك؛ فلأنه ليست الوصية له، وأما الوارث؛ فلأنه قد يتهم، فتدبر!. * قوله: (فإن مات فالباقي للورثة) بقي ما لو أبيع هل يقال: إنه كموته، أو يفصل بين أن يكون نظر الموصى برَّ زيد أو لا، فإن كان القصد برَّه لم يصرف شيء، وإن كان القصد برَّ الفرس صرف عليه عند المشتري؟. * قوله: (فردَّ الورثة فللأجنبي السدس) كان الأولى أن يقول بدل قوله: "فردَّ الورثة فللأجنبي السدس" فللأجنبي السدس مطلقًا؛ لأنه لا محترز لتقييد إعطائه السدس بردِّ الورثة وصية الوارث. * قوله: (فردَّ الورثة نصفها)؛ أيْ: نصف الثلثَين من غير تعيين لنصيب واحد، وهذا هو المراد بقوله: "وهو ما جاوز الثلث". * قوله: (نصيب وارث)؛ أيْ: فقط. * قوله: (أو أجازوا للأجنبي)؛ أيْ: فقط. ¬
وله وللَّه أو الرسول، فنصفان، وما للَّه أو للرسول في المصالح العامة، وبمالِه لا بنيه وأجنبي، فردَّاها، فله التُّسع، وبثلثه لزيد وللفقراء والمساكين، فله تُسع ولا يستحق معهم بالفقر والمسكنة. ولو وصَّى بشيء لزيد، وبشيء للفقراء أو جيرانه -وزيد منهم- لم يُشاركهم. ولو وصَّى بثلثه لأَحَدِ هذَين، أو قال: "لجاري أو قريبي فلان" -باسم مشترك- لم يصح. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فله التسع) وقال أبو الخطاب (¬1): له الثلث كاملًا. قال المص في شرحه (¬2): "وهو أقيَس" ووجهه أنهما لا يملكان الردَّ إلا فيما زاد على الثلث، وأما الثلث فيستحقه كاملًا، وفي المسألة قول ثالث أن له السدس (¬3)، نقله في شرحه (¬4). * قوله: (ولا يستحق معهم بالفقر والمسكنة)؛ لأنه ذكَرَه بعنوان يختص به، وهو العَلَم الشخصي، فمنعه من مشاركة مَنْ أخَصَّ (¬5) بوصفٍ عامٍّ كالفقر أو المسكنة أو نحو ذلك، هذا حاصل فرق ابن نصر اللَّه (¬6)، وهو حسن. * قوله: (لم يصح)؛ يعني: إذا لم يكن قرينة، فإن كان ثَمَّ قرينة أو غيرها ¬
فلو قال: "غانم حرٌّ بعد موتي، وله مئتا درهم" -وله عَبْدَان بهذا الاسم- عتَق أحدهما بقرعة، ولا شيء له من الدراهم، ويصح "أعطُوا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تدل على أنه أراد معنيًا، وأشكل علينا معرفته فهنا تصح الوصية بغير تردد، ويخرج المستحق منهما بقرعة في قياس المذهب، قاله ابن رجب في القاعدة الخامسة بعد المئة (¬1)، حاشية (¬2). * قوله: (فلو قال. . . إلخ) التفريع على ما قبله من جهة عدم صحة الوصية له بالدراهم. * قوله: (ولا شيء له من الدراهم) الأولى: ولا شيء لهما من الدراهم؛ لأن كلامه يوهم أنه يجوز إخراج واحد منهما بقرعة ليعتق، وإعطاء المئتين لكن تخرج له القرعة، وليس كذلك -كما هو صريح كلامهم (¬3) - وكأنه اعتمد على ما أسلفه من عدم صحة الوصية للقنِّ (¬4). وبخطه: لأن الوصية بها لغير معيَّن، فلم تصح نصًّا (¬5)، شرح (¬6) (¬7). وأما العتق فلتشوف الشارع إليه، فمُيِّز محله بالقرعة. * قوله: (ويصح أعطوا. . . إلخ)؛ لأنها حينئذٍ تمليك لا وصية، شرح (¬8). ¬
ثلثَي أحدهما" وللورثة الخيَرَة. ولو وصَّى ببيع عبده لزيد أو لعمرو أو لأحدهما، صحَّ لا مطلقًا، ولو وصَّى له بخدمة عبده سنة ثم هو حرٌّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه: انظر الفرق بين ما هنا وما سيأتي في النكاح (¬1) فيما إذا قال له: زَوِّج، أو اقبل من أحد وكيليَّ، من أنه لا يصح تزويجه ولا قبوله من أحدهما، فليحرر!. وقد يفرق: بأنه قيل هناك بعدم الصحة للاحتياط في الفروج، وصحَّ (¬2) هنا؛ لأن القصد البرَّ (¬3). * قوله: (لا مطلقًا)؛ أيْ: لا إن أوصى ببيع العبد مطلقًا من غير أن يعين مشتريًا، فإن الوصية لا تصح لعدم بيان مستحقها، والوصية ببيع شيء لمن يعينه الموصي أو وصيه في ذلك فيها غرض مقصود، وهو إما الإرفاق بالعبد بإيصاله إلى من هو معروف بحسن الملكة وإعتاق الرقاب، وإما الإرفاق بالمشتري لمعنى يحصل له من العبد، حاشية (¬4). * قوله: (بخدمة عبده)؛ أيْ: بأن يخدمه عبده. ¬
فوهبه الخدمة أو ردَّ عتق منجَّزًا. ومن وصَّى بعتق عبد بعينه، أو وَقفه لم يقع حتى ينجِّزه وارثه، فإن أبي فحاكم، وكسبه -بين موت وتنجيز- إرث. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (عتق منجَّزا)؛ أيْ: حين الهبة أو الردِّ؛ لأن ذلك لا يكون معتبرًا إلا بعد موت الموصي -على ما تقدم- فلا حاجة إلى تقييده بذلك. وبخطه: وفي الإقناع (¬1): "لم يعتق إلا بعد مضي السنة". * وقوله: (حتى ينجِّزه وارثه)؛ أيْ: حيث لا وصي في المال. * * * ¬
2 - باب الموصى به
2 - باب الموصى به يُعتبر إمكانه، فلا تصح بمُدبَّر، واختصاصه: فلا تصح بمال غيره، ولو ملكه بعد، وتصح بإناء ذهب و (¬1) فضة، وبما يعجز عن تسليمه، كآبق، وشارد، وطير بهواء، وحمل ببطن، ولبن بضرع. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الموصى به * قوله: (فلا تصح بمدبَّر) لعله ما لم يقتل سيده، فإن قتله بطل تدبيره وصحَّت الوصية به، -بدليل ما سبق (¬2) -. * قوله: (واختصاصه)؛ أيْ: لا يشترط فيه أن يكون مما تجري فيه حقيقة الملك، بل يكفي مجرد الاختصاص، فتصح بجلد الميتة المدبوغ ونحوه، وحينئذٍ فـ "يعتبر" مستعمل في حقيقته ومجازه. * قوله: (فلا تصح بمال غيره) انظر هل يقال محله ما لم يعلقه على ملكه له؟ والظاهر نعم؛ لأن الوصية من العقود الجائزة التي يصح تعليقها، ويرشح صحة ذلك قوله: "وبمئة لا يملكها"؛ لأنه في معنى إن حصلت في ملكي. * قوله: (ولبن بضرع) ناقش فيه الحارثي (¬3): بأن هذا من صور المجهول، ¬
وبمعدوم، كبما تحمل (¬1) أمتُه أو شجرته أبدًا أو مدة معيَّنة، وبمئة لا يملكها، فإن حصل شيء، أو قدر على المئة أو شيء منه عند موت، فله، إلا حَمْل الأمة، فقيمته، وإلا بطُلت. وبغير مال، ككلب مباح النفع، وهو كلب صيدٍ وماشية وزرع وجِرْوٍ لما يباح اقتناؤه له، غيرُ أسودَ بهيم، فإن لم يكن له كلب تصح، وزيت متنجس لغير مسجد -وله ثلثهما - ولو كثر المال- إن لم تُجزْ الورثة، لا بما لا نفع فيه، كخمر وميتة ونحوهما. ـــــــــــــــــــــــــــــ لا من صور ما يعجز عن تسليمه، فتدبر!. * قوله: (فقيمته)؛ أيْ: وقت ولادته إن سبقها القبول، وإلا فالمعتبر قيمته وقت القبول، هذا قياس ما سبق (¬2)، قال شيخنا (¬3): "ولم يصرحوا به هنا فيما رأيت". * قوله: (وله ثلثهما)؛ أيْ: ثلث الكلاب المباحة والزيت المتنجِّس. * قوله: (ولو كثر المال) بحيث يحتملها ثلثه. * قوله: (لا بما لا نفع فيه) كخمر ولو لخلَّال، ولذمي ولو مستترة. وبخطه: يشهد لجعل الخمر لا نفع فيه قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- ما لفظه أو معناه: "إن اللَّه إذا ¬
وتصح بمُبهم، كثوب، ويُعطى ما يقع عليه الاسم، فإن اختلف بالعُرف والحقيقة غُلِّبت فـ: شاة وبعير وثور -لذكر وأنثى مطلقًا-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حرم شيئًا سلب نفعه" (¬1)، ويبقى النظر في الجمع بينه، وقوله -تعالى-: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} [البقرة: 219] (¬2)، فتدبر!. * قوله: (غلبت)؛ أيْ: الحقيقة. * قوله: (وبعير) بفتح الباء وكسرها (¬3). * قوله: (مطلقًا)؛ أيْ: سواء أثبت التاء في العدد كوصيت بثلاثة أو حذفها كثلاث، ثم بين المعدود بقوله من إبلي أو بقري أو غنمي ونحو ذلك؛ لأن اسم الجنس يُذكَّر ويؤنث، وقد يلحظ في التذكير معنى الجمع، وفي التأنيث معنى ¬
وحصان وجمل وحمار وبغل وعبد -لذكر-، وحِجر وأتان وناقة وبقرة -لأنثى-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الجماعة (¬1)، شرح (¬2). * قوله: (وحصان) بكسر الحاء (¬3). * قوله: (وعبد لذكر) الذي في الصحاح (¬4) أن العبد خلاف الحرِّ، وهذا يقتضي شموله للذكر والأنثى، فانظر ما هنا هو قول ثانٍ في اللغة، أو هو اصطلاح للفقهاء، مع أنه مخالف لقوله فيما سيأتي في كتاب العتق (¬5) حيث قال: "فصل: وكل مملوك أو عبد لي، أو مماليكي أو رقيقي حرٌّ يعتق مُدَبَّروه، ومكاتبوه، وأمهات أولاده. . . إلخ"، فكيف يحكم عليه هنا بأنه خاص بالذكر، وهناك بأنه شامل لأمهات الأولاد (¬6)، فليحرر؟!. ثم رأيت المص في شرحه (¬7) هنا صرح بأن فيه قولًا آخر، وهو شموله للذكر والأنثى (¬8)، وحينئذٍ فيكون ما هنا على قول، وما في العتق على مقابله. * قوله: (وبقرة لأنثى) قد صرحوا في غير هذا المحل. . . . . . ¬
وفرس ورقيق -لهما-، والدابة: اسم لذكر وأنثى من خيل وبغال وحمير. وبغير معيَّن كعبد من عبيده، ويعطيه الورثة ما شاؤوا منهم، فإن ماتوا إلا واحدًا تعينت فيه، وإن قُتلوا فله قيمة أحدهم على قاتل، وإن لم يكن له عبد، ولم يملكه قبل موته، لم تصح. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كالزكاة (¬1) بأن التاء في بقرة للوحدة، لا للتأنيث فتطلق على الذكر والأنثى، فليحرر (¬2)!. * قوله: (والدابة. . . إلخ) عبارة الزركشي (¬3) عند قول الخرقي في باب جزاء الصيد: (وإن كان المقتول دابة): "يحترز به عما إذا كان طائرًا -كما سيأتي-" فأطلق الدابة على ما في البرِّ من الحيوان وهو (¬4) غريب، إذ الدابة في الأصل لكل ما دَبَّ، ثم في العرف للخيل والبغال والحمير، وكأنه -رحمه اللَّه- نظر إلى قوله -سبحانه-: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} [الأنعام: 38] الآية، انتهى. * قوله: (فله قيمة أحدهم) والخيرة في ذلك للورثة، شرح (¬5). ¬
وإن ملك واحدًا أو كان له تعين. وإن قال: "أعطوه عبدًا من مالي، أو مئة من أحد كِيْسَيَّ"، ولا عبد له، أو لم يوجد فيهما شيء -اشتُري له ذلك. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (تعيَّن) ويلغو قوله: "من عبيدي". * قوله: (اشتري له ذلك) كان الظاهر أن يزيد في العبارة: وأعطى المئة، بقي أنه يطلب الفرق بين ما إذا أوصى له بعبد من عبيده، ولم يكن له عبيد بالمرة، وما إذا أوصى بمئة من أحد كيسَيه، ولم يوجد في الكيسَين شيء، حيث أبطلوا الوصية في الأولى، وصححوها في الثانية (¬1)؟. ثم رأيت في كلام الحارثي (¬2) ما نصه: "وقد يفرق بينهما: بأن القدر (¬3) الفائت في صورة المئة صفة محل الوصية، لا أصل المحل، فإن كيسًا يؤخذ منه مئة موجود ملكًا، فأمكن تعلق الوصية به، والفائت في سورة العبد أصل المحل، لانعدام العبيد بالكلية، فالتعلق متعذر"، انتهى. وفي حاشية شيخنا (¬4) فرق غير هذا عن ابن نصر اللَّه (¬5)، لكن كلام الحارثي هذا أدق من كلام ابن نصر اللَّه. ¬
وبقوس -وله أقواس لرمي وبُندق وندف- فله قوس النُّشَّاب؛ لأنها أظهرها، إلا مع صرف قرينة إلى غيرها, ولا يدخل وتَرُها، وبكلب أو طبل -وثم مباح- انصرف إليه، وإلا لم تصح. ولو وصَّى بدفن كتب العلم، لم تُدفن، ولا يدخل فيها -إن وصَّى بها لشخص- كتبُ الكلام، ومن وصَّى بإحراق ثلث ماله صحَّ، وصُرف في تَجْمِيرِ الكعبة، وتنوير المساجد، وفي التراب: يُصرف في تكفين الموتى، وفي الماء: يُصرف في عمل سُفن للجهاد، وتصح بمصحف ليُقرأ فيه، ويُوضع بمسجد أو موضع حريز، وتنفُذ وصيته فيما عَلِم من ماله وما لم يعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وندف)؛ أيْ: ندف قطن. * قوله: (أو طبل) الطبل المباح طبل الحرب، قال الحارثي (¬1): "وطبل الصيد وطبل الحجيج لنزول أو ارتحال"، شرح (¬2). * قوله: (كُتب الكلام)؛ لأنه ليس من العلم، شرح (¬3). وبخطه: يعني: إذا كانت مشحونة بالتدقيقات (¬4) الفلسفية. * قوله: (يصرف في عمل سفن للجهاد)، قال ابن نصر اللَّه (¬5): "وفي الهواء ¬
فإن وصَّى بثلثه فاستحدث مالًا ولو بنصيب أُحبُولةٍ قبل موته، فيقع فيها صيد بعده -دخل تحت ثلثه في الوصية، ويُقضى منه دينه، وإن قُتل فأُخِذَت ديته فميراث يُدخل في وصية، ويُقضى منها دينه، وتُحسب على الورثة- إن (¬1) وصَّى بمعيَّن بقدر نصفها. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ يتوجه أن يقال يعمل به باذهنج (¬2) لمسجد ينتفع بهوائه المصلون"، حاشية (¬3)، وقال بعضهم (¬4): "ويعمل به سهام يرمي بها في سبيل اللَّه". * قوله: (فيقع) يجوز الرفع على الاستئناف، وهو قليل من جهتَين، والنصب وهو الأكثر؛ لأنه عطف على اسم خالص من التأويل بـ "أن" والفعل (¬5). * قوله: (إن وصَّى بمعيَّن بقدر نصفها) بأن كان قد وصَّى لزيد بعبد قيمته خمسمئة دينار، وكان لا يملك غيره، فلما قتل وأخذت ديته وهي ألف دينار خرج ذلك العبد من الثلث؛ لأن الاعتبار بثلثه حالة الموت، وقد صار العبدُ ثلُثًا حالته ¬
1 - فصل
1 - فصل وتصح بمنفعة مفردة، كـ: بمنافع أمَته أبدًا أو مدة معينة، ويُعتبر خروج جميعها من الثلث. وللورثة -ولو أن الوصية أبدًا- عتقها لا عن كفارة، وبيعُها، وكتابتها ويبقى انتفاع وصي بحاله -وولاية تزويجها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ احتسابًا بديته على الورثة؛ لأن العبد صار يساوي مثل نصفها لا أنه (¬1) نصفها، فتدبر!. فصل (¬2) * قوله: (أو مدة معينة) كشهر أو سنة. * قوله: (ويعتبر خروج جميعها)؛ أيْ: جمع العين الموصى بمنفعتها، وقال في الحاشية (¬3): "أيْ: جميع الأمة". * قوله: (وللورثة) خبر مقدم. * وقوله: (عتقها) مبتدأ مؤخر. * قوله: (وولاية تزويجها) فيه نظر، فإنه كان الظاهر أن تكون ولاية التزويج لمالك المنفعة؛ لأنه المعقود عليه في النكاح، دون الرقبة ويستأذن مالك الرقبة، عكس ما ذكروه (¬4)، ولذا كان المهر لمالك المنفعة، لا لمالك الرقبة -كما صرح به ¬
بإذن مالك النفع، والمهر له، وولدها من شبهة حرٌّ، وللورثة قيمته عند وضع على واطئ، وقيمتها إن قُتلت، وتبطل الوصية، وإن جَنَتْ سلَّمها وارث، أو فداها مسلوبة، وعليه -إن قتلها- قيمة المنفعة للوصِيِّ، وللوصي استخدامها حضرًا وسفرًا، واجارتها، وإعارتها، وكذا ورثتُه بعده، وليس له -ولا لوارث- وطؤها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شيخنا في الحاشية (¬1) والشرح (¬2) - وإن كانت عبارة المتن قد (¬3) توهم خلاف ذلك. * قوله: (وولدها من شبهة حرٌّ) كسائر الإماء إذا وطئن بشبهة. * قوله: (وقيمتها)؛ أيْ: للورثة؛ لأنها في مقابلة الرقبة المتلفة، والإتلاف قد صادفها وهم مالكوها، وإن دخلت المنفعة ضمنًا، فيكون لمستحق الرقبة دون مستحق المنفعة، حاصل شرح الإقناع (¬4). * قوله: (مسلوبة)؛ أيْ: مسلوبة المنفعة. * قوله: (وعليه)؛ أيْ: الوارث. * قوله: (إن قتلها)؛ أيْ: الوارث. * قوله: (للوصي)؛ أيْ: الموصى له. وبخطه: أيْ: كان حقه باقيًا، بأن كان قد أوصى له بمنفعتها أبدًا أو مدة لم تنقض. ¬
ولا حَدَّ به على واحد منهما، وما تَلِدُه حرٌّ، وتصير -إن كان الواطئ مالك الرقبة- أم ولد، وولدها من زوج أو زنًا له، ونفقتها على مالك نفعها. وإن وصَّى لإنسان برقبتها, ولآخر بمنفعتها: صحَّ، وصاحب الرقبة كالوارث فيما ذكرنا، ومن وصِّي له بمكاتب صحَّ، وكان كما لو اشتراه. وتصح بمال الكتابة، وبنَجْمٍ منها، فلو وصَّى بأوسطها، أو قال: "ضعُوه" -والنجوم شَفْعٌ- صُرف للشفع المتوسط. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا حد به) وهل يعزر؛ لأنها مشتركة (¬1)؟. * قوله: (وولدها من زوج) لعله ما لم يكن شرط أو غرر. * قوله: (له)؛ أيْ: لمالك الرقبة. * قوله: (ونفقتها) ويتجه: وفطرتها. * قوله: (صحَّ) المراد صحَّ الإيصاء له، حتى يكون هناك ضمير يعود إلى "من" الموصولة أو الشرطية، وليس هذا من قبيل حذف الفاعل، بل الفاعل ضمير مستتر عائد على المصدر المفهوم من "وَصَّى". * قوله: (وبنجم منها) الأولى: وببعضها. * قوله: (والنجوم شفع صرف للشفع. . . إلخ) هذا واضح إذا كان الشفع له وسط، أما إذا كان لا وسط له كالاثنيَن فهل تبطل الوصية لفوات المحل، أو لا تبطل نظرًا لما حققه الحارثي (¬2) في نظيره من أن الفائت هنا الصفة لا المحل، إذ النجوم ¬
كالثاني والثالث من أربعة، والثالث والرابع من ستة، وإن قال: "ضعوا نجمًا" فما شاء وارث، وإن قال: ". . . أكثر ما عليه، ومثل نصفه" وُضع فوقه نصفه، وفوق ربعه. ـــــــــــــــــــــــــــــ موجودة والفائت كون النجم متوسطًا، فليحرر؟!. وبخطه: يؤخذ من أن الشفع له وسط، ومنه تعلم ضعف مأخذ بعض المفسرين (¬1) من قوله -تعالى-: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] أن الصلوات خمس؛ لأن أقل الجمع ثلاثة، والأصل في العطف المغايرة، وإذا جمع المعطوف للمعطوف عليه لا يكون أوسط، فتحمل الصلوات على كونها أربعًا، وإذا ضم إليها الوسطى كانت خمسًا، وهو ضعيف أيضًا من جهات أخر (¬2). * قوله: (وإن قال أكثر ما عليه ومثل نصفه)؛ أيْ: جمع في وصية (¬3) بين هاتَين العبارتَين، فيوضع عنه مجموعهما وهو ما فوق النصف مع مثل نصف ذلك الأكثر المفسر بما فوق النصف فصارت الوصية بثلاثة أرباع النجوم وشيء. * قوله: (وفوق ربعه)؛ أيْ: وفوق نصف نصفه، وهو ما فوق ربع كل ما عليه، فإذا كان الكل مئة كان أكثرها إحدى وخمسين، ومثل نصف أكثر خمسة وعشرين ونصفًا، وأكثر من نصف النصف أكثر من الربع؛ لأن الربع هنا خمسة وعشرون فقط. ¬
2 - فصل
و: ". . . ما شاء" فالكل، و: ". . . ما شاء من مالِها" فما شاء منه، لا كله. وتصح برقبته لشخص، ولآخر بما عليه، فإن أدى عتقَ، وإن عجز بطُلت فيما عليه. وإن وصَّى بكفارة إيمان، فأقلُّه ثلاثة. * * * 2 - فصل وتبطل وصية بمعين بتلفه، وإن تلف المالُ كله غيرَه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فالكل)؛ أيْ: إن شاء ذلك، وخرج من الثلث، قيده بذلك في الحاشية (¬1)، وهو واضح. * قوله: (لا كله) انظر هذا مع أنه يحتمل أن تكون "من" للبيان، نبَّه عليه الحارثي (¬2)، تدبر!. * قوله: (فيما عليه)؛ يعني: لا بنفسه، وتبقى الوصية برقبته صحيحة. * قوله: (فأقله ثلاثة) حملًا لكلامه على اختلاف الموجب، وهذا أولى من جعل المراد خصوص الأيمان باللَّه، وأنه مخرج على القول بعدم التداخل. فصل * قوله: (غيره)؛ أيْ: إلا الموصى به. ¬
-بعد موت موصٍ- فلموصًى له، وإن لم يأخذه حتى غلا أو نما قُوِّم حين موت، لا أخذٍ. وإن لم يكن لموصٍ سواه إلا دين أو غائب، فلموصًى له ثلث موصًى به، وكلَّما اقتضى أو حضر شيء ملَك من موصًى به قدر ثلثه حتى يتمَّ، وكذا حكم مدبَّر. ومن وصِّي له بثلث عبد فاستُحق ثلثاه، فله الباقي، وبثلث ثلاثة أعبد فاستُحق اثنان أو ماتا، فله ثلث الباقي وبعبد قيمته مئة ولآخر بثلث ماله -ومِلْكُه غيره مئتان- فأجاز الورثة فلموصى له بالثلث ثلث المئتين وربع العبد، ولموصى له به ثلاثة أرباعه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بعد موت موصى)؛ أيْ: وبعد قبول. * قوله: (وإن لم يأخذه)؛ أيْ: يقبله. * قوله: (لا أخذ)؛ أيْ: حين قبول. * قوله: (فله ثلث الباقي)؛ لأنه في معنى الوصية بثلث كل واحد منهما، وحيث عدم اثنان تعيَّن ثلث الباقي، وليس في معنى الوصية بثلث المجموع حتى يكون له كل الباقي. * قوله: (ثلث المئتين وربع العبد) أما إن له ثلث المئتين؛ فلأنه لا مشارك له في الوصية فيها، وأما إن له ربع العبد دون ثلثه فللمشاركة فيه، ووجه استحقاقه الربع فيه دون الثلث على ما يأتي، أنه يرجع الأمر إلى أنه أوصى للأول بكل العبد، وللثاني بثلثه، والشيء وثلثه إذا بسطا من جنس الكسر صارا أربعة، وهو مجموع الوصيتَين، فيقسم العبد على أربعة، فمن أوصى له بالعبد يأخذ ثلاثة أرباعه، ولا شيء
وإن ردُّوا فلموصى له بالثلث سدس المئتين وسدس العبد، ولموصى له به نصفه. وبالنصف -مكان الثلث- وأجازوا، فله مئة وثلث العبد، ولموصى له به ثلثاه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ له من المئتَين؛ لأنه لم يوص له بشيء منها. ومن أوصى له بثلث المال يأخذ ربع العبد مع ثلث المئتَين، والباقي للورثة. * قوله: (فلموصى له بالثلث سدس المئتَين وسدس العبد) وَجْهُهُ: أنه يرجع حاصل الوصية إلى أنه أوصى لكل بثلث ماله، فهما متساويان في القدر الموصى به، فلما وقع الردُّ فيما عدا الثلث اشتركا فيه، فيكون لكل واحد نصف الثلث وهو سدس، فمن أوصي له بثلث المال يأخذ سدس جميع المال، [وذلك سدس المئتين وسدس العبد] (¬1). ومن أوصى له بالعبد يأخذ سدس جميع المال، لكن يحاسب به من خصوص العبد؛ لأن وصيته خاصة به، وسدس جميع المال خمسون، يساويها نصف قيمة العبد وهو خمسون، فيأخذ نصف العبد كما ذكره. * قوله: (فله مئة وثلث العبد) أما إن له مئة، فلأنه موصى له بنصف المال، والمئة نصف المئتَين، ولا مزاحم له فيهما. وأما إن له ثلث العبد دون نصفه فللمزاحمة؛ لأنه قد أوصى لغيره بكله، وله بنصفه، والشيء ونصفه ثلاثة أنصاف، فيقسم العبد على ثلاثة عدد تلك السهام، فلمن أوصى له بكله ثلثاه، ولمن أوصى له بالنصف ثلثه، كما إذا أوصى ¬
وإن ردُّوا فلصاحب النصف خُمس المئتين وخُمس العبد، ولصاحبه خُمساه. والطريق فيهما أن تَنْسِب الثلث، وهو مئة إلى وصيتهما -وهو في الأولى: مائتان، وفي الثانية: مائتان وخمسون-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لإنسان بكل ماله ولآخر بنصفه الآتية في الباب بعده (¬1). * قوله: (فلصاحب النصف خمس المئتَين، وخمس العبد ولصاحبه خمساه) وجه ذلك: أنه عند الرد تؤخذ سهامهما من المخرج الجامع للوصيتَين؛ وهو ستة، مخرج النصف والثلث، وذلك خمسة، يقسم عليها ثلث جميع المال، وهو مئة، يخرج لكل منهم عشرون. فلصاحب العبد أربعون، وهي خمسًا المئة التي هي ثلث المال قيمة العبد، ولصاحب النصف ستون، كل عشرين منها خمس المئة التي هي ثلث المال، فمنها عشرون خمس قيمة العبد، وأربعون خمسًا المئتَين. وبطريق النسبة التي ذكرها المص: اجمع الوصيتَين في هذه المسألة، وهما قيمة العبد ونصف المال يكن ذلك مئتَين وخمسين، فانسب ثلث جميع المال وهو مئة إلى ذلك المجموع يكن خُمُسَين، فأعط كل واحد إذا حصل الردَّ خمسَي وصيته، فأعط الموصى له بالعبد خمسَيه، وأعط الموصى له بنصف المال خمسَي النصف، فالنصف مئة وخمسون، وخمساه ستون، لكن تكون موزعة أثلاثًا، ثلثها وهو عشرون من العبد وهي خُمُس قيمتيه، وثلثاها وهو أربعون من المئتَين، وهي خمسها -كما ذكره المص- وعلى هذا قياس المسألة السابقة -كما نبَّه عليه المص-. ¬
ويُعطى كل واحد من وصيته مثل تلك النسبة. ولو وصَّى لشخص بثلث ماله، ولآخر بمئة، ولثالث بتمام الثلث على المئة -فلم يزِد عنها- بطُلت وصية صاحب التَّمَام، والثلث -مع الردِّ- بين الآخرين على قدر وصيتهما. وإن زاد عنها فأجاز الورثة، نُفذتْ على ما قال، وإن ردُّوا فلكل نصف وصيته. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فلم يزد)؛ أيْ: الثلث عنها. * قوله: (عنها)؛ أيْ: عن المئة، بأن كان ماله مئة وخمسين، فمع الإجازة يأخذ الموصى له بالثلث خَمْسِين، والموصى له بالمئة يأخذها, ولم يبق شيء تصير به المئة تمام الثلث؛ لأنه لم يبق شيء أصلًا؛ ولأن المئة وحدها أكثر من الثلث. * قوله: (على قدر وصيتهما) فإن كان الثلث مئة قسم بينهما نصفَين، كأنه وصَّى لكل منهما بمئة، وإن كان خمسين فكأنه وصى بمئة وخمسين، فيقسم الثلث بينهما أثلاثًا، وإن كان أربعين قسم بينهما أسباعًا، لموصى له بالمئة خمسة أسباعه، ولموصى له بالثلث سبعاه، شرح (¬1). * قوله: (وإن زاد عنها) كأن كان (¬2) المال ستمئة، فعلى الإجازة يأخذ الموصى له بالثلث مئتين، والموصى له (¬3) بالمئة مئة، والموصى له بالتمام مئة، والباقي للورثة. * قوله: (فلمنصف وصيته)؛ لأن وصيته المئة، وتمام الثلث مثل الثلث، وقد أوصى مع ذلك بالثلث، فكأنه أوصى بالثلثَين، فيُرَدَّان إلى الثلث لردِّ الورثة ¬
ولو وصَّى لشخص بعبد ولآخر بتمام الثلث عليه -فمات العبد قبل الموصى- قُوِّمت التركة بدونه، ثم أُلقيت قيمته (¬1) من ثلثها، فما بقي فهو لوصية التمام. ـــــــــــــــــــــــــــــ الزائد عليه، فيدخل النقص على كل واحد منهم بالنصف بقدر وصيته، فإذا كان جميع ماله ست مئة، فمن وصى له بالثلث يأخذ مئة، ومن وصى له بالمئة يأخذ خمسين، ومن وصى له بالتمام يأخذ خمسين؛ لأن الذي يحصل بالتمام مئة، ومجموع الحصص الثلاث مئتان، وهي ثلث جميع المال، فتدبر!. * قوله: (فهو لوصية التمام) فلو قُوِّمت التركة بثلاث مئة، وكانت قيمة العبد خمسين، أسقِطها من مئة يكن الباقي خمسين، تُعْطَى لصاحب التمام، ولا شيء لمن وصى له بالعبد، لبطلان الوصية في حقه، ولم ينبه المص على ذلك هنا لعلمه (¬2) مما سبق في قوله أول الفصل (¬3): "وتبطل وصية بمعيَّن بتلفه"، فتدبر!. * * * ¬
3 - باب الوصية بالأنصباء والأجزاء
3 - باب الوصية بالأنصباء والأجزاء من وصِّي له بمثل نصيب وارث معيَّن، فله مثله مضمومًا إلى المسألة، فبمثل نصيب ابنه -وله ابنان- فثلث وثلاثة: فربع، فإن كان معهم بنت: فتسعان، وبنصيب ابنه: فله مثل نصيبه، وبمثل نصيب ولده -وله ابن وبنت-: فله مثل نصيب البنت، وبضعف نصيب ابنه: فمثلاه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الوصية بالأنصباء والأجزاء * قوله: (فمثلاه)؛ أيْ: مثل نصيب الابن لقوله -تعالى-: {إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ} [الإسراء: 75] وقوله -تعالى-: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ} [الروم: 39]. قال الأزهري (¬1): الضعف المثل فما فوقه، ولا ينافيه إطلاق الضعفَين على المثلَين لما روى ابن الأنباري (¬2) عن هشام بن معاوية النحوي (¬3)، قال: العرب تتكلم ¬
وبضعفيه: فثلاثة أمثاله، وبثلاثة أضعافه: فأربعة أمثاله، وهَلُمَّ جرًّا. وبمثل نصيب أحد ورثته -ولم يسمِّه-: فله مثل ما لأقلِّهم، فمع ابن وأربع زوجات، تصح من اثنيَن وثلاثين، لكل زوجة سهم، وللوصي سهم يزاد، فتصير من ثلاثة وثلاثين. وبمثل نصيب وارث لو كان، فله مثل مَا لَه لو كانت الوصية وهو موجود. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالضعف مثنى فتقول: إن أعطيتني درهمًا ذلك ضعفاه؛ أيْ: مثلاه، وإفراده لا بأس به، إلا أن التثنية أحسن (¬1)، شرح (¬2). * قوله: (فله مثل ما لأقلهم)؛ لأنه المتيقن وإن احتمل خلافه. * قوله: (فله مثل ما له. . . إلخ) طريق ذلك: أن تصحح مسألة عدم الوارث، ثم مسألة وجوده، وتضرب إحديهما في الأخرى، وتقسم المرتفع من الضرب على مسألة وجوده، فما خرج بالقسمة أضفه إلى ما ارتفع من الضرب، فيكون الموصى به، واقسم المرتفع بين الورثة، فإذا كانوا أربعة بنين ووصَّى بمثل نصيب ابن خامس لو كان، فمسألة عدم الوارث من أربعة، ومسألة وجوده من خمسة، فاضربهما يحصل عشرون، فهذا قسمتها على مسألة وجود الوارث خرج أربعة، فأضفها إلى العشرين (¬3)، ¬
فلو كانوا أربعة بنين فللموصى له سُدس، ولو كانوا ثلاثة فخُمس. ولو كانوا أربعة، فأوصى بمثل نصيب [خامس لو كان إلا مثل نصيب ابن سادس] (¬1)، فقد أولى له بالخمس إلا السدس بعد الوصية، فيكون له سهم يُزاد على ثلاثين، وتصح من اثنَين وستين، له منها سهمان، ولكل ابن خمسة عشر. ولو كانوا خمسة، ووصَّى بمثل نصيب أحدهم، إلا مثل نصيب ابن سادس لو كان (¬2)، فلموصى له سهم يُزاد على اثنين وأربعين (¬3) (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ ثم ادفعها للموصى له، واقسم العشرين بين البنين الأربعة (¬5)، حاشية (¬6). * قوله: (فللموصى له سدس)؛ لأنَّا نقدر أن الأولاد خمسة، وإذا ضم هو إليهم صاروا ستة، فله سدس، وكذا قياس التي تليها. * قوله: (فيكون له سهم يزاد على ثلاثين) قائمة من ضرب خمسة مخرج الخمس في ستة مخرج السدس. * قوله (¬7): (وتصح من اثنَين وستين) قائمة من ضرب اثنين مخرج النصف ¬
1 - فصل في الوصية بالأجزاء
1 - فصل في الوصية بالأجزاء من وصِّي له بجزء أو حظٍّ أو نصيب أو قسط أو شيء، فللورثة أن يُعطوه ما شاؤوا مِن مُتَمَوَّل، وبسهم من ماله، فله سدس. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الذي انكسرت عليه الثلاثون عند قسمها على الأولاد الأربعة. فصل في الوصية بالأجزاء * قوله: (فله سدس) قضى به النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1) وابن مسعود (¬2)؛ ولأنه في كلام العرب لا ينصرف إلا إليه، كما قاله الناس بن معاوية (¬3) (¬4)؛ ولأنه أقل سهم مفروض يرثه ذو قرابة (¬5)،. . . . . . ¬
بمنزلة سدس مفروض إن لم تكمُل فروض المسألة، أو كان الورثة عصبة وإن كمُلت أعيلت به، وإن عالت أُعيل معها. وبجزء معلوم -كثلث أو ربع- تأخذه من مخرجه، فتدفعه إليه، وتقسم الباقي على مسألة الورثة، إلا أن يزيد على الثلث، ولم يجُز: فتَفْرِض له الثلث، وتقسم الثلثَين عليها. وبجزأَين أَو أكثر: تأخذها من مخرجها، وتقسم الباقي على المسألة، فإن زادت على الثلث، ورَدَّ الورثة: جعلت السهام الحاصلة للأوصياء ثلث المال، ودفعت الثلثَين إلى الورثة. ـــــــــــــــــــــــــــــ شرح شيخنا (¬1). * قوله: (إن لم تكمل فروض المسألة) كما لو أوصى بسهم من ماله وترك أمًّا وبنتَين فهي ستة وترجع بالردِّ إلى خمسة، ويزاد عليها سهم للموصى فتصير من ستة، لكل من الأم والموصى له سهم، وللبنتَين أربعة. * قوله: (وإن كملت أُعيلت به) كما لو خَلَّف أبوَين وابنتَين (¬2)، فهي من ستة، وتعول بالسهم الموصى به إلى سبعة. * قوله: (وإن عالت أُعيل معها) كما لو أوصى لشخص بسهم وخلَّف أمًّا وأختَين شقيقتَين وأختَين لأم، فهي من ستة، وتعول لسبعة ثم بالسهم الموصى به إلى ثمانية. ¬
فلو وصَّى لرجل بثلثه (¬1)، ولآخر بربعه -وخلَّف ابنيَن- أخذ الثلث والربع من مخرجيهما (¬2)، سبعة من اثني عشر، وبقي خمسة للابنيَن إن أجازا، وإن ردّا جعلت السبعة ثلث المال: فتكون من إحدى وعشرين. وإن أجازا لأحدهما، أو أجاز أحدهما لهما، أو كل واحد لواحد: فاضرب وِفْقَ مسألة الإجازة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وبقي خمسة للابنَين إن أجازا) غير منقسمة عليهما فتضرب اثنَين في اثنَي عشر، تبلغ أربعة وعشرين، ومنها تصح، لصاحب الثلث ثمانية، ولصاحب الربع ستة، ولكل ابن خمسة. * قوله: (فتكون من إحدى وعشرين)؛ لأن كل عدد يكون ثلثه سبعة يكون بالضرورة إحدى وعشرين، بزيادة مثلَي ذلك الثلث عليه؛ ولأن مسألة الردِّ أبدًا من ثلاثة مخرج الثلث، سهم للموصى لهم يقسم على سهامهم، وسهمان للورثة يقسمان على مسألتهم، وسيأتي إيضاح العمل في باب تصحيح المسائل (¬3)، فللوصيتَين سهم على سبعة، فتضربها في أصل مسألة الردِّ ثلاثة، يخرج أحد وعشرون -كما ذكر-. * قوله: (فاضرب. . . إلخ) فيه طَيٌّ، والتقدير: فأعمل مسألة الإجارة ومسألة الردِّ، وانظر بينهما بالنسب الأربع، وحَصِّل أقل عدد ينقسم عليهما، ففي المثال مسألة الإجارة من أربعة وعشرين، ومسألة الرد من أحد وعشرين، وبينهما ¬
وهو ثمانية، في مسألة الردِّ، تكن مئة وثمانية وستين، للذي أُجِيزَ له سهمه من مسألة الإجازة مضروب في وَفْقِ مسألة الردِّ، وللذي رُدَّ عليه سهمُه من مسألة الردِّ في وفق مسألة الإجازة، والباقي للورثة، وللذي أجاز لهما نصيبه من مسألة الإجازة في وفق مسألة الردِّ، وللآخر سهمه من مسألة الردِّ في وفق مسألة الإجازة، والباقي بين الوصيَّين على سبعة. وإن زادت على المال عَمِلْتَ فيها عَمَلك في مسائل العول. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ توافق بالثلث، فاضرب. . . إلخ، شرح (¬1). * قوله: (وهو ثمانية) ثلث الأربعة والعشرين. * قوله: (في مسألة الردِّ) وهي الأحد والعشرون السابقة. * قوله: (مضروب في وفق مسألة الردِّ) فإن كانا أجازا لصاحب الثلث وحده فله من الإجازة ثمانية، وفي وفق مسألة الردِّ، وهو (¬2) سبعة يحصل له ستة وخمسون، ولصاحب الربع نصيبه من مسألة الردِّ ثلاثة، في وفق مسألة الإجازة بأربعة (¬3) وعشرين، ويبقى ثمانية وثمانون بين الابنَين، لكل منهما أربعة وأربعون، وإن كانا أجازا لصاحب الربع وحده فله من الإجازة ستة في سبعة باثنَين وأربعين، شرح (¬4). * قوله: (وللآخر سهمه)؛ أيْ: الابن الرادُّ للوصيتَين. * قوله: (عملت فيها عملك في مسائل العول) بأن تجعل وصاياهم كالفروض ¬
فبنصف وثلث وربع وسدس أخذتها من اثني عشر، وعالت إلى خمسة عشر، فيُقسم المال كذلك إن أُجيزَ لهم، أو الثلث إن رُدَّ عليهم. ولزيد بجميع ماله، ولآخر بنصفه، فالمال بينهما على ثلاثة إن أُجِيزَ لهما، والثلث على ثلاثة مع الردِّ، وإن أُجيزَ لصاحب المال وحده، فلصاحب النصف التسع، والباقي لصاحب المال، وإن أُجيزَ لصاحب النصف وحده فله النصف، ولصاحب المال تسعان، وإن أجاز أحدهما لهما. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ للورثة إذا زادت على المال (¬1). * قوله: (وثلث وربع وسدس)؛ أيْ: وخلف ابنَين بدليل ما يأتي. * قوله: (فيقسم المال كذلك)؛ أيْ: على خمسة عشر. * قوله: (أو الثلث)؛ أيْ: على خمسة عشر. * قوله: (فلصاحب النصف التسع) وهو ثلث الثلث؛ لأن وصيته ثلث مجموع الوصيتَين فله ثلث الثلث وهو تسع -كما ذكر-. * قوله: (فله النصف)؛ لأنه لا مزاحم له فيه. * قوله: (ولصاحب المال تسعان)؛ لأن له ثلثَي الثلث -وهما ما ذكر-. * قوله: (وإن جاز أحدهما)؛ أيْ: أحد الابنَين. * قوله: (لهما)؛ أيْ: للوصيَّين. ¬
فسهمُه بينهما على ثلاثة، وإن أجاز لصاحب المال وحده دَفَع إليه كلَّ ما في يده، وإن أجاز لصاحب النصف وحده دَفَع إليه نصف ما في يده، ونصف سدسه. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (على ثلاثة) بسط المال ونصفه. * قوله: (دفع إليه كل ما في يده)، وهو اثنا (¬1) عشر نصف الباقي بعد ثلث الوصية؛ لأن تصحيحها من ستة وثلاثين؛ وذلك لأن مسألة الردِّ من تسعة لأنك إذا أخذت الثلث من مخرجه، وأردت قسمته على ثلاثة مجموع الوصيتَين [لا ينقسم، فتضرب الثلاثة مخرج الثلث، في ثلاثة مجموع الوصيتَين] (¬2) تبلغ تسعة، لصاحب النصف منها سهم، فلو أجاز له الابنان كان له تمام النصف، وهو ثلاثة ونصف؛ لأنها إذا انضمت إلى الواحد الذي بيده صارت أربعة ونصفًا، وهي (¬3) نصف التسعة، وإن أجاز له أحدهما لزمه نصف الثلاثة ونصف، وهو واحد ونصف وربع، وذلك الربع ربع من تسع، فانكسرت على مخرج ربع التسع، وهو ستة وثلاثون قائمة من ضرب أربعة في تسعة، للذي لم يجُز اثنا عشر، وهي نصف الباقي بعد إخراج الثلث، وللمجيز ما بقي من الاثنَي عشر بعد نصفها ونصف سدسها، ومجموعهما سبعة، يبقى له خمسة، ولصاحب النصف أحد عشر أربعة من اثنَي عشر الوصية وهي ثلثها، وسبعة من حصة المجيز له، ولصاحب المال ثمانية فقط، وهي ثلثا اثنَي عشر الوصية. * قوله: (ونصف سدسه)؛ أيْ: ونصف سدس ما في يده، والذي في يده ¬
2 - فصل في الجمع بين الوصية بالأجزاء والأنصباء
2 - فصل في الجمع بين الوصية بالأجزاء والأنصباء إذا خلَّف ابنين، ووصَّى لرجل بثلث ماله، ولآخر بمثل نصيب ابن: فلصاحب النصيب ثلث المال عندي الإجازة، وعندى الردِّ يُقسم الثلث بينهما نصفَين. وإن وَصَّى لرجل بمثل نصيب أحدهما, ولآخر بثلث باقي المال: فلصاحب النصيب ثلث المال، وللآخر ثلث الباقي: تسعان. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اثنا عشر، ونصفها ستة، ونصف سدسها واحد، ومجموعهما سبعة، فإذا دفع إليه ذلك متضمنًا إلى ما بيده، وهو أربعة تسع الستة والثلاثين التي صحَّت المسألة منها، صار مجموع ما بيده أحد عشر من أصل ستة وثلاثين، كما ذكره شيخنا في كل من شرحه (¬1) وحاشيته (¬2)، فراجعهما!. فصل في الجمع بين الوصية بالأجزاء والأنصباء * قوله: (فلصاحب النصيب ثلث المال)؛ أيْ: عند الإجازة، وعند الردِّ يقسم الثلث بينهما نصفَين وتصح من ستة (¬3). وإن وصَّى لرجل بمثل نصيب أحدهما, ولآخر بثلث باقي المال فلصاحب النصيب ثلث المال. * قوله: (وللآخر ثلث الباقي تسعان) وتصح من تسعة مخرج الثلث، وثلث الباقي. ¬
مع الإجازة، ومع الردِّ الثلث على خمسة، والباقي للورثة. وإن كانت وصية الثاني بثلث ما يبقى من النصف: فلصاحب النصيب ثلث المال، وللآخر ثلث ما يبقى من النصف -وهو ثلث السدس- والباقي للورثة، وتصح من ستة وثلاثين، لصاحب النصيب اثنا عشر، وللآخر سهمان، ولكل ابن أحد عشر إن أجازا لهما، ومع الردِّ الثلث على سبعة. وإن خلَّف أربعة بنين، ووصَّى لزيد بثلث ماله إلا مثل نصيب أحدهم، فأَعْطِ زيدًا وابنًا الثلث، وللثلاثة (¬1) الثلثيَن، لكلِّ ابن تُسعان، ولزيد تُسع. وإن وصَّى لزيد بمثل نصيب أحدهم إلا سدس جميع المال. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (على خمسة) وتصح من خمسة عشر. * قوله: (وهو ثلث السدس)؛ لأن الباقي من النصف بعد إخراج الثلث واحد ونصف، وثلثه (¬2) نصف، وذلك النصف يصح أن يعبر عنه بثلث سدس، إذ سدس التسعة واحد ونصف، والنصف ثلثها، ويصح أن يعير عنه بنصف سدس (¬3) وهو أولى، لكن المص راعى لفظ الوصية. * وقوله: (وإن وصى لزيد بمثل نصيب أحدهم. . . إلخ) هذه المسألة مركبة من ثلاثة أنواع: ¬
ولعمرو بثلث باقي الثلث بعد النصيب. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأول: الوصية بمثل نصيب شخص (¬1) معيَّن من الورثة. الثاني: استثناء جزء معيَّن من النصيب الموصى به. الثالث: الوصية بجزء الباقي من جزء معيَّن من التركة بعد إسقاط الموصى به أولًا منه. والعمل فيها مركب من ثلاثة أعمال الثلاثة أنواع: الأول: وهو المشار إليه بقوله: "خلَّف أربعة بنين، وأوصى لزيد بمثل نصيب أحدهم" وطريقه: أن تزيد على عدد البنين واحدًا، فما حصل فمنه تصح المسألة، والقدر المزيد هو الوصية، فهنا عدد البنين أربعة، فزد عليه واحدًا، يكن الحاصل خمسة، ومنها صحَّت المسألة أولًا. والثاني: وهو المشار إليه بقوله: "إلا سدس جميع المال". وطريقه: أن تضرب المجتمع من التصحيح الأول في مخرج الكسر المستثنى، سدسًا كان كما هنا أو غيره، فما حصل فمنه تصح المسألة، ثم زد على مخرج الكسر بسطه، واضرب المجتمع في السهم المقلد على مسألة الورثة، يحصل مقدار النصيب المُشَبَّه به، فأسقِط من النصيب مقدار الكسر المستثنى من جملة المسألة، يحصل مقدار الوصية، ادفعه للموصى له، واقسم كل باقي السهام على الورثة. ففي المثال المذكور: اضرب المجتمع وهو خمسة في مخرج السدس تصح من ثلاثين، ثم زد على مخرج السدس بسطه وهو واحد، يكن المجتمع سبعة هي النصيب ومقدار ما لكل ابن، فأسقط منه سدس الثلاثين وهو خمسة، يبقى اثنان هما القدر الموصى به لزيد، والباقي وهو ثمانية وعشرون على الأربعة بنين، لكل ابن سبعة لو لم تكن الوصية الثانية لعمرو موجودة. ¬
صحَّت من أربعة وثمانين، لكل ابن تسعة عشر، ولزيد خمسة، ولعمرو ثلاثة. ـــــــــــــــــــــــــــــ والثالث: وهو المشار إليه بقوله: "ولعمرو بثلث باقي الثلث بعد النصيب". وطريقه: أن نفرض النصيب واحدًا، والباقي بعده ثلاثة (¬1) ليكون له ثلث صحيح، ومجموعهما ثلث المال، فيكون المال كله اثنَي عشر، ثلاثة أنصباء وتسعة أسهم، لزيد نصيب، ولعمرو سهم، يفضل من الثلث سهمان، ويفضل من جملة المال نصيبان وثمانية أسهم للبنين الأربعة، فالنصيبان لابنَين منهم، وينحصر نصيب الابنَين الباقيَين في الأسهم الثمانية الباقية، فيكون لكل ابن أربعة، وتكون الأربعة الخارجة بالقسمة هي مقدار النصيب، ويجب تساوي الأنصباء، فيكون لكل ابن من الأولاد الأربعة أربعة، ويتبين حينئذٍ أن ثلث المال سبعة، يأخذ منها زيد مقدار النصيب أربعة، وعمرو ثلث الباقي بعد النصيب واحد، ويبقى من السبعة [اثنان تنضم إلى ثلثَي المال، وهما أربعة عشر، ضرورة أن ثلث المال سبعة] (¬2)، فيصير المجتمع ستة عشر، تقسم على أربعة الأولاد، لكل ابن أربعة وصحَّت من أحد (¬3) وعشرين، وهي كامل المال. * قوله: (صحَّت من أربع وثمانين) قال في الشرحَين (¬4) والحاشية (¬5): "طريق ¬
وإن خلَّف أمًّا وبنتًا وأختًا، وأوصَى بمثل نصيب الأم وسُبع ما بقي، ولآخر بمثل نصيب الأخت وربع ما بقي، ولآخر بمثل نصيب البنت وثلث ما بقي: فمسألة الورثة من ستة، للموصَى له بمثل البنت ثلاثة وثلث ما بقي من الستة: سهم، وللموصَى له بمثل نصيب الأخت سهمان وربع ما بقي: سهم، وللموصَى له بمثل نصيب الأم سهم وسبُع ما بقي: خمسة أسباع سهم. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك: أن تضرب مخرج الثلث في عداد البنين، يبلغ اثنَي عشر، لكل ابن ثلاثة، ويزاد لزيد ثلاثة، استثن منها اثنين، سدس جميع المال، وزدهما على الاثنَي عشر، تبلغ أربعة عشر، ثم اضربها في ستة ليخرج الكسر صحيحًا، فتبلغ أربعة وثمانين"، انتهى. ولعل في العبارة سقطًا، إذ ما يزاد على الاثنَى عشر مجموع وصيتَي زيد وعمرو, لا الباقي من الربع بعد وصية زيد -كما هو ظاهر بديهة-. * قوله: (وأوصى. . . إلخ)؛ أيْ: لواحد، بدليل قوله: "ولآخر" وهو أولى من تقدير الشارح (¬1): "لزيد". * قوله: (بمثل نصيب الأخت)؛ لأنها تأخذ البياقي بعد نصيب الأم والبنت تعصيبًا، إذ الأخت عصبة [مع البنت] (¬2) -كما يأتي (¬3) -. ¬
فيكون مجموع الموصَى به ثمانية أسهم وخمسة أسباع، تُضاف إلى مسألة الورثة، تكون أربعة عشر سهمًا وخمسة أسباع، تضرب في سبعة -ليَخْرُجَ الكسر صحيحًا- تكون مئة وثلاثة. فمن له شيء من أربعة عشر وخمسة أسباع، مضروب في سبعة، فللبنت أحد وعشرون، وللأخت أربعة عشر، وللأم سبعة، وللموصَى له بمثل نصيب البنت وثلث ما بقي ثمانية وعشرون، وللموصَى له بمثل نصيب الأخت وربع ما بقي أحد وعشرون، وللموصَى له بمثل نصيب الأم وسُبع ما بقي اثنا عشر، وهكذا كل ما ورد (¬1) من هذا الباب. وإن خَلَّف ثلاثة بنين، ووصَّى بمثل نصيب أحدهم إلا ربع المال -فَخُذْ المخرَج؛ أربعة، وزِدْ رُبعه، تكن خمسة، فهو نصيب كل ابن، وزِدْ على عدد البنين واحدًا واضربه في المخرَج تكن ستة عشر، أعطِ الموصى له نصيبًا -وهو خمسة-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فخذ المخرج)؛ أيْ: مخرج الربع المستثنى. وبخطه: مقتضى القاعدة السابقة (¬2) أن يقال: إنه أوصى له بالثلث إلا الربع، فخذ مخرج الربع المستثنى، واضربه في عدد الأولاد، يكن اثنَي عشر، خذ ثلثها أربعة، واستثن منها الربع ثلاثة، يبقى واحد هو السهم الموصى به، فزده على الاثنَي عشر، يكن المجتمع ثلاثة عشر، للموصى له سهم، ولكل ابن أربعة. ¬
واسَتثْن منه ربع المال: أربعة، يبقى له سهم، ولكل ابن خمسة. و. . . إلا ربع الباقي بعد النصيب، فزدْ على عدد البنين سهمًا وربعًا واضربه في المخرج، يكن سبعة عشر، له سهمان، ولكل ابن خمسة. و. . . إلا ربع الباقي بعد الوصية، فاجعل المخرج ثلاثة، وزد واحدًا، تكن أربعة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فزد على عدد البنين) على قياس ما فعلناه في التي قبلها، تأخذ مخرج الجزء المستثنى الذي هو الربع وهو أربعة، وتضربه في عدد البنين، يبلغ اثنَي عشر، نصيب كل واحد منها أربعة، فهذا أسقطت منها نصيبًا، كان الباقي ثمانية، ربعها اثنان، استثنها من الأربعة التي هي النصيب، يبقى اثنان هما الموصى به، زدهما على الاثنَي عشر، تبلغ أربعة عشر، أعط له سهمَين، ولكل ابن أربعة. * قوله: (سهمًا وربعًا) قال شيخنا في شرحه (¬1): "ليكون للباقي بعد النصيب من المبلغ الحاصل بعد الضرب ربع صحيح"، انتهى، فتدبر!. * قوله: (سهمان)؛ لأن النصيب خمسة؛ لأنه دائمًا مخرج الجزء المستثنى مع زيادة واحد، فيبقى من السبعة عشر بعد إسقاط الخمسة اثنا عشر، فهذا سقط منها ربعها ثلاثة، بقي من النصيب سهمان، فهما للموصى له، شرح (¬2). * قوله: (فاجعل. . . إلخ) مقتضى الظاهر أن العمل فيها كالتي قبلبها، حتى في القسمة، وأن التخالف في اللفظ دون الحكم، فتدبر!. ¬
فهو النصيب، وزد على سهام البنين سهمًا وثلثًا، واضربه في ثلاثة، يكن ثلاثة عشر، له سهم، ولكل ابن أربعة. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . * * *
4 - باب الموصى إليه
4 - باب الموصى إليه تصح إلى مسلم مكلَّف رشيد عدل -ولو مستورًا، أو عاجزًا، ويُضم أمين، أو أم ولد أو قنًّا, ولو لموصٍ، ويَقْبَل بإذن سيد- من مسلم، وكافر ليست تركته خمرًا أو خنزيرًا ونحوهما، ومن كافر إلى عدل في دينه. وتُعتبر الصفات حين موت ووصية، وإن حَدَثَ عجز لضعف أو علة، أو كثرة عمل ونحوه وجب ضم أمين. ويصح لمُنتظَرٍ كـ: "إذا بلغ أو حضر" ونحوه، أو: "إن مات الوصيُّ فزيد وصيٌّ"، أو: "زيد وصيٌّ سنةً ثم عمرو"، وإن قال الإِمام: "الخليفة بعدي فلان، فإن مات في حياتي أو تغيَّر حاله ففلان" صحَّ، وكذا في ثالث ورابع، لا للثاني. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الموصى إليه * قوله: (ونحوه) كإذا أفاق فلان المجنون. * قوله: (لا للثاني)؛ أيْ: لا تصح الولاية للثاني إن قال: الإِمام وليُّ عهدي، فإن وَلِي ثم مات، [ففلان ولي عهدي بعده، فَوَلي الأول ثم مات] (¬1)، فإن الثاني ¬
إن قال: "فلان وليُّ عهدي، فإن ولِيَ ثم مات ففلان بعده". وإن علّق وليُّ الأمر ولاية حكم أو وظيفة بشرط شغُورها أو غيره -فلم يوجد حتى قام غيره مقامه- صار الاختيار له. ومن وصَّى زيدًا ثم عمرًا: اشتركا، إلا أن يُخرج زيدًا، ولا ينفرد غير مفرد، ولا يُوِصى وصيٌّ إلا أن يجعل إليه. وإن مات أحد اثنيَن، أو تغير حاله، أو هما: أقيم مُقَامه أو مقامهما، وإن جعل لكل أن ينفرد اكتُفي بواحد. ومن عاد إلى حاله. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يستفيد الولاية بهذه الوصية؛ لأن الإِمام الموصِي ينقطع نظره بموته، وينتقل الحكم إلى من بعده، ويبقى العهد إليه لا إلى من سبقه وأوصى له، وفي التي قبلها جعل العهد إلى غيره عند موته وتغير صفاته، في الحالة التي لم يثبت للمعهود إليه فيها إمامة. * قوله: (بشرط شغورها)؛ أيْ: تعطلها. * قوله: (صار الاختيار له)؛ أيْ: لولي الأمر الثاني. * قوله: (ومن وصَّى زيدًا)؛ أيْ: جعله وصيًّا. * قوله: (إلا أن يجعل إليه) الاستثناء متعلق بكل من المسألتَين. * قوله: (أو تغير حاله)؛ أيْ: تغيرًا يخرجه عن أهلية الوصاية، فلا يعارض مسألة العجز والضعف. * قوله: (أو هما)؛ يعني: ماتا أو تغير حالهما، وفيه استعمال ضمير الرفع في موضع ضمير الرفع والجر معًا، فتدبر!.
-من عدالة أو غيرها- عاد إلى عمله، وصحَّ قبول وصيٍّ وعزله نفسه حياة موصٍ، وبعد موته، ولموصٍ عزله متى شاء. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (عاد إلى عمله) لم يقل: أُعيد، وقال -فيما تقدم-: "أُقيم مقامه"، وذلك دليل على أن المقام في حاله تغير الحال نائب لا أصلي، وعلى أنه إذا عاد إلى حاله عاد إلى عمله من غير توقف على تولية الحاكم له، وفي الإقناع (¬1) أنه لا يعود إليه إلا بعقد جديد. * وقوله: (حياة موصٍ) منصوب على التوسع والتشبيه بالظرف، بدليل تقدير المصنف في شرحه (¬2) لفظة "في". ويجوز أن يكون على حذف مضاف، والأصل: مدة حياة موصٍ، والأول أولى، ولا ينبغي أن يُخَرَّج على النصب بنزع الخافض؛ لأنه مقصور على السماع (¬3). * قوله: (وبعد موته) تقدم في الموصى له أن المعتبر القبول بعد الموت لا قبله (¬4)، ويطلب الفرق بين الموصى له، والموصى إليه، فليحرر!، كذا بحثه ¬
1 - فصل
1 - فصل ولا تصح إلا في معلوم يَمْلِكُ فعله، كإمام بخلافة، وكقضاء دين، وتفريق وصية، وردِّ أمانة وغصب، ونَظَرٍ في أمرِ غير مكلَّف، وحدِّ قذفه يستوفيه لنفسه، لا لموصَى له، لا باستيفاء دين مع رشد وارثه. ومن وُصِّيَ في شيء لم يصِر وصيًّا في غيره، ومن وُصِّي بتفرقة ثلثه أو قضاء دين، فأبى الورثة أو جحدوا، وتعذَّر ثبوته -قَضَى الدين باطنًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شيخنا (¬1)، [ثم رأى] (¬2) في كلام ابن نصر اللَّه (¬3) ما يقوِّيه. فصل * وقوله: (قضى الدين باطنًا) قيده بعضهم (¬4) بما إذا لم يَخَفْ تَبعَةً. ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه: روى هشام بن عمار (¬1)، عن صدقة بن خالد (¬2)، عن يزيد بن جابر (¬3)، عن عطاء الخراساني، قال: حدثتني ابنة ثابت بن قيس بن شماس (¬4)، أن ثابتًا قتل يوم اليمامة وعليه درع له نفيسة، فمرَّ رجل من المسلمين، فأخذها، فبينا رجل من المسلمين نائم إذ أتاه ثابت في منامه، فقال له: إني أوصيك وصية، فإياك أن تقول هذا حلم فتُضَيِّعها، إني لما قتلت أمس مَرَّ بي رجل من المسلمين فأخذ درعي، ومنزله في أقصى الناس وعند خِبائه فرس يستن (¬5) في طوله، وقد أكفأ على الدرع برمة، وفوق البرمة رَحْلٌ، فأت خالدًا فمره (¬6) أن يبعث إليَّ درعي فيأخذها، فإذا قدمت المدينة على خليفة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ يعني: أبا بكر الصديق -رضي اللَّه عنه- فقل له: إن عليَّ من الدين كذا وكذا، وفلان من رقيقي عتيق (¬7)، فأتى الرجل خالدًا فأخبره، ¬
وأخرج بقية الثلث مما في يده، وإن فرَّقه ثم ظهر دينٌ يستغرقه، أو جُهل موصى له، فتصدق هو أو حاكم به، ثم ثَبَتَ: لم يضمن، ويَبْرَأ مدين باطنًا بقضاء دين يعلمه على الميت. ولمدين دفع دين -موصًى به لمعيَّن- إليه، وإلى الوصيِّ، وإن لم يوصِ به، ولا بقبضه عينًا فإلى وارث ووصيٍّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فبعث إلى الدرع فأُتِي بها، وحَدَّث أبا بكر برؤياه فأجاز وصيته، قال: ولا نعلم أحدًا أُجيزت وصيته بعد موته غير ثابت -رضي اللَّه عنه- (¬1). قلت: ومثل هذه الرؤيا الصادقة تورث ظنًّا قويًّا، من إخبار رجل أو رجلَين، فيجوز للوصي وغيره الاعتماد عليها في الباطن، كما إذا علم الوصيُّ بدين على الموصِي غير ثابت في الظاهر، فإن له قضاءه، وإذا رأى الإِمام إنفاذ ذلك ظاهرًا كان فيه اقتداء بالصديق -رضي اللَّه عنه-، قاله ابن رجب في كتابه المسمى بـ "أهوال القبور وأحوال أهلها إلى النشور (¬2) ". * قوله: (وأخرج بقية الثلث)؛ أيْ: ثلث المال كله، لا ثلث ما في يده فقط، إذ هذا القول الثاني جعله الشارح (¬3) مقابلًا لما في المتن، وحكاه بـ "قيل" (¬4). * قوله: (وإلى الولي) الواو بمعنى "أو". ¬
وإن صرف أجنبي الموصَى به لمعيَّن في جهته: لم يضمنه، وإن وصَّى بإعطاء مدَّع -عَيَّنه- دينًا بيمينه، نقَدَه من رأس ماله. ومن أُوصي إليه بحفر بئر بطريق مكة، أو في السبيل، فقال: "لا أقْدِر" فقال الموصي: "افعل ما ترى"، لم تُحفر بدار قوم لا بئرَ لهم. وإن وصَّى ببناء مسجد فلم يجد عَرَصة -لم يجُز ضراء عَرَصَة يزيدها في مسجد، و: "ضَع ثُلُثِي حيث شئت، أو أعطه أو تصدق به على من شئت" لم يجُز له أخذه، ولا دفعه إلى أقاربه الوارثين -ولو كانوا فقراء- ولا إلى ورثة الموصِي. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أجنبي)؛ أيْ: من ليس بوارث ولا وصي. * قوله: (لم يضمنه) انظر هل مفهومه صحيح، وهو أنه لو صرف الأجنبي الموصى به لغير معيَّن كالفقراء في جهته أنه يضمنه، أو المراد الاحتراز عما إذا صرف الأجنبي الموصى به لمعين في غير جهته؟ والأظهر الثاني، وحمل المعيَّن في كلام المتن على الأعم من الشخص والجهة، بدليل قول المصنف: "في جهته"، إذ الفرد المعيَّن لا يسمى جهة، ولكن شيخنا قد (¬1) اممتظهر في شرحه (¬2) الأول، فليحرر!. * قوله: (فلم يجد عَرْصَة)؛ أيْ: محلًّا قابلًا لجعله مسجدًا. * قوله: (يزيدها في مسجد)؛ أيْ: صغير. * قوله: (إلي أقاربه)؛ أيْ: الوصي. ¬
وإن دعت حاجة لبيع بعض عقار لقضاء دين، أو حاجة صغار- وفي بيع بعضه ضرر، باع على كبار أبَوا أو غابوا, ولو اختُصُّوا بميراث. ومن مات ببرِّية ونحوها -ولا حاكم، ولا وصيَّ- فلمسلم أخذ تركته، وبيع ما يَراه، ويُجهزه منها إن كانت، وإلا فمن عنده، ويَرْجِع عليها، أو على من تلزمه نفقتُه إن نواه أو استأذن حاكمًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (على كبار)؛ أيْ: وعلى صغار بالأولى؛ لأن الحاجة لهم. * قوله: (بميراث) المراد: ولو (¬1) لم يكن معهم صغار وارثون، بأن كان الورثة كلهم كبارًا وأوصى بقضاء دين أو وصية تخرج من ثلثه، واحتيج في ذلك لبيع بعض عقاره، وفي تشقيصه ضرر، والورثة كلهم كبار، وأبَوا بيعه أو غابوا، فللموصى إليه بيع العقار كله؛ لأنه يملك بيع التركة فملك بيع جميعها، كما لو كانوا صغارًا والدين مستغرقًا، وكالعين المرهونة، شرح (¬2). * قوله: (ولا حاكم)؛ أيْ: أهلًا لذلك، وأما من لا أهلية فيه فوجوده وعدمه سواء. * قوله: (إن كانت)؛ أيْ: حاضرة. * قوله: (أو على من تلزمه نفقته) الأَوْلَى: كفنه -على ما في الإقناع (¬3) - إذ النفقة تلزم الزوج، ولا يُرْجَعُ عليه بذلك. * * * ¬
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
حَاشِيَةُ الخَلوتي على مُنْتَهَى الإرَادَاتِ [4]
حُقُوق الطَّبْع مَحْفُوظَة الطبعة الأولى 1432 هـ - 2011 م قَامَت بعمليات التنضيد الضوئي والإخراج الفني والطباعة دَار النَّوَادِر
16 - كتاب الفرائض
16 - كِتَابُ الفَرَائِض
(16) كِتَابُ الفرائض: العلم بقسمة المواريث (¬1) والفريضة: نصيب مقدرٌ شرعًا لمستحقه (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الفرائض * [قوله] (¬3): (العلم بقسمة المواريث) ويسمى القائم بهذا العلم [والعارف به] (¬4) فارضًا وفريضًا وفَرْضيًّا (¬5). * قوله: (والفريضة) [فعيلة] (¬6) بمعنى مفعولة، ولحقتها التاء لنقلها عن المصدر كما في الحفيرة (¬7). ¬
وأسباب إرثٍ 1، 2, 3: رحمٌ، ونكاحٌ، وولاءُ عتقٍ (¬1). وكانت تركة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صدقةً لم تورث (¬2). والمجمع على توريثهم من الذكور عشرة: [الابن] (¬3)، وابنه وإن نزل، والأب وأبوه وإن علا، والأخ من كل جهة، وابن الأخ إلا من الأم، والعم وابنه كذلك، والزوج، ومولى النِّعمة (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (رحم)؛ أيْ: قرابة. * قوله: (لَمْ تُوْرَثُ) كسائر الأنبياء (¬5). * قوله: (ومَوْلى النعمة)؛ أيْ: المعْتِقُ وعصبته المتعصبون بأنفسهم (¬6). ¬
ومن الإناث سبع: البنت، وبنت الابن، والأم، والجدة، والأخت، والزوجة، ومولاةُ النِّعمة (¬1). والوُرَّاثُ ثلاثة: ذو فرض، وعصبة، وذو رحم (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (والوُرَّاثُ ثلاثة. . . إلخ) ومتى اجتمع المجتمع على إرثهم من الرجال [ورث] (¬3) الأب والابن والزوج، ومن النساء [خمس] (¬4): البنت، وبنت الابن، والأم والزوجة، والأخت الشقيقة [وممكن الجمع منهما ورث منهما أيضًا خمسة] (¬5) الأبوان، والولدان، وأحد الزوجَين (¬6). * * * ¬
1 - باب ذوي الفروض
1 - باب ذوي الفروض وهم عشرة: الزوجان، والأبوان، والجد، والجدة، والبنت، وبنت الابن، والأخت. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ذوي الفروض أيْ: [الأنصباء] (¬1) المقدرة، ولو في بعض الأحوال كالأب والجد (¬2). * قوله: (الزوجان)؛ أيْ: على البدلية. * قوله: (والأبوان) مجتمعَين أو متفرقَين. * [قوله] (¬3): (والأخت)؛ أيْ: من الأبوَين أو من الأب، وتسمى الأخوة والأخوات من الأبوَين: بني الأعيان؛ لأنهم من عين واحدة، وللأب فقط: بني العَلات جمع عَلة بفتح العين المهملة وهي الضَّرة، فكأنه قيل: بنو الضرات، [وللأم] (¬4) فقط: بنو الأخياف بالخاء المعجمة والياء المثناة تحت، والأخياف: الأخلاط، فهم من أخلاط؛ لأنهم ليسوا من رجل واحد (¬5). ¬
1 - فصل
وولد الأم (¬1). فلزوجٍ: ربعٌ مع ولد أو ولد ابن، ونصفٌ مع عدمهما. ولزوجةٍ فأكثر: ثمنٌ مع ولد أو ولد ابن وربعٌ مع عدمهما (¬2)، ويرث أب وجد مع ذكورية ولد أو ولد ابنٍ [بالفرض] (¬3): سدسًا وبفرض وتعصيب مع أنوثيتهِمَا، ويكونان عصبة مع عدمهما (¬4). * * * 1 - فصل والجد مع الأخوة والأخوات من الأبوين أو الأب كأخ بينهم، ما لم يكن الثلث أحظّ، فيأخذه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وولد الأم) ذكرًا كان أو أنثى. فصل (¬5) * قوله: (فيأخذه)؛ أيْ: والباقي للإخوة للذكر مثل حظِّ الأختين. ¬
وله مع ذي فرض بعده الأحظُّ من مقاسمة كأخ، أو ثلث الباقي، أو سدس جميع المال (¬1). فزوجةٌ وجدٌّ وأختٌ: من أربعةٍ وتسمى: مربعة الجماعة (¬2). فإن لم يبق غير السدس أخذه وسقط ولد الأبوين أو الأب (¬3). إلا في الأكدرية وهي: زوجٌ وأمٌّ وأختٌ وجدٌّ: للزوجِ نصف، وللأم ثلث، وللجد سدس، وللأخت نصف. ثم يقسم نصيب الأخت والجد أربعة من تسعة بينهما على ثلاثة فتصح من سبعة وعشرين: للزوج تسعة، وللأم ستة، وللجد ثمانية، وللأخت أربعة (¬4)، ولا عول في مسائل الجد، ولا فرض لأخت معه ابتداءً في غيرها (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بعده)؛ أيْ: الفرض. * قوله: (من أربعة) والمقاسمة خيرٌ له في الباقي بعد فرض الزوجة (¬6). * قوله: (وتسمى مربعة الجماعة)؛ أيْ: الصحابة أو العلماء؛ لاجتماعهم ¬
وإن لم يكن زوج فللأم ثلث، وما بقي فبين جدٍّ وأخت على ثلاثة. وتصح من تسعة، وتسمى الخرقاء؛ لكثرة أقوال الصحابة فيها (¬1)، والمسبعة، والمسدسة، والمخمسة، والمربعة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على كونها من أربعة، وإن اختلفوا في كيفية القسمة (¬2). * قوله: [(والمسبعة)] (¬3) تسمى المسبعة؛ لأن فيها سبعة أقوال (¬4). * (والمسدسة) لرجوع الأقوال لستة؛ لأن الخامس فيها في التحقيق هو عين [الرابع] (¬5). * (والمخمسة)؛ لاختلاف خمسة من الصحابة فيها (¬6). * [(والمربعة)] (¬7)؛. . . . . . ¬
والمثلثة (¬1)، والعثمانية والشعبية والحجاجية (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنها إحدى مربعات ابن مسعود (¬3). * (والمثلثة)؛ لقسم عثمان لها من ثلاثة. * (والعثمانية) [لذلك] (¬4). * (والشعبية والحجاجية)؛ لأن الحجاج (¬5). . . . . . ¬
وولد الأب كولد الأبوَين في مقاسمة الجد إذا انفردوا، فإذا اجتمعوا عادَّ ولدُ الأبوَين الجدَّ بولد الأب ثم أخذ قسمه، وتأخذ أنثى لأبوَين تمام فرضها، والبقية لولد الأب، ولا يتفق هذا في مسألةٍ فيها فرض غير السدس (¬1). فجد وأخت لأبوَين. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ امتحن الشعبي (¬2) بها فأصاب في الجواب فعفا عنه (¬3). * قوله: (ثم أخذ)؛ أيْ: الأخ من الأبوَين قوله: (قسيمه)؛ أيْ: قسم الأخ من الأب كجد وأخ لأبوَين وأخ لأب، هذا إذا احتاج إلى المعادَّة (¬4) كهذه المسألة وإلا فلا معادَّة، كجد وأخوَين لأبوَين وأخ أو أكثر لأب (¬5). ¬
وأخت لأب من أربعة: له سهمان، ولكل أخت سهم، ثم تأخذ التي لأبوَين ما سمي للتي لأب (¬1)، وإن كان معهم أخ لأب فللجد ثلث، وللأخت لأبوَين نصف، يبقى لهما سدس على ثلاثة فتصح من ثمانية عشر (¬2)، ومعهم أم: لها سدس وللجد ثلث الباقي، وللتي لأبوَين نصف والباقي لهما، وتصح من أربعة وخمسين وتسمى: مختصرة زيد (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (من أربعة) عدد الرؤوس الجد برأسَين والأختان برأسَين (¬4). * [قوله] (¬5): (ما سمي للتي للأب) فترجع المسألة بالاختصار بعد العمل إلى اثنين، للجد النصف وللأخت لأبوَين النصف (¬6). * قوله: (والباقي لهما) وهو سهم من ثمانية عشر لهما؛ أيْ: للأخ والأخت، ويباين الثلاثة فاضربها في ثمانية عشر تبلغ أربعة وخمسين (¬7) كما ذكر -فتدبر!. * قوله: (وتسمى مختصرة زيد)؛ أيْ: [في] (¬8) حالة المقاسمة، لا في حالة ¬
ومعهم أخ آخر: من تسعين وتسمى: تسعينية زيد (¬1)، وجد وأخت لأبوَين وأخ لأب تسمى: عَشْرِيَّة زيد (¬2). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ ثلث الباقي؛ إذْ هي على ذلك من أربعة وخمسين تصحيحًا لا اختصارًا، فكلام المصنف لا يخلو عن إبهام -كما يعلم بالوقوف على كلام شيخنا في شرحه (¬3) -. ¬
2 - فصل
2 - فصل وللأم أربعة أحوال: 1 - 2: فمع ولد أو ولد ابن أو اثنين من الإخوة والأخوات. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل (¬1) * قوله: (وللأم أربعة أحوال) ثلاثة يختلف ميراثها باختلافها، وأما الرابع فإنما يظهر أثره على المذهب في عصبتها (¬2) بدليل قول المصنف [فيما] (¬3) يأتي: (وترث أمه وذو فرض فرضه منه. . . إلخ) (¬4). ¬
كاملَي الحرية لها سدسٌ، ومع عدمهم ثلثٌ (¬1). 3 - وفي أبوين وزوج أو زوجة: لها ثلث الباقي بعد فرضهما (¬2). 4 - والرابع: إذا لم يكن لولدها أب لكونه ولد زنا، أو ادعته وألحق بها، أو منفيًّا بلِعان -فإنه ينقطع تعصيبه ممن نفاه ونحوه، فلا يرثه ولا أحد من عصبته- ولو بأخوة من أب: إذا ولدت توأمَين (¬3). وترث أمه وذو فرض منه فرضه، وعصبته بعد ذكور ولده -وإن نزل- عصبة أمِّه (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (والرابع. . . إلخ) قال شيخنا في شرحه: "هذا الرابع على المذهب لا يظهر مخالفته إلا في تأثيره في عصبتها، لا في اختلاف فرضها" (¬5). * قوله: (وذو فرض فرضه منه) (¬6) فتكون الأم ذات فرض لا عصبة، وقيل: هي عصبة، وعليه فقد عهد لنا من النساء عصبة غير المعتقة فيعايا (¬7) بها. ¬
في إرث (¬1). فأم وخال: له الباقي (¬2) ومعهما أخ لأم له السدس فرضًا والباقي تعصيبًا دون الخال (¬3). ويرث أخوه لأمه مع بنتِه لا أخته لأمِّه (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (في إرث) لا في عقد وتزويج ونحوهما (¬5). * قوله: (له السدس فرضًا والباقي تعصيبًا) ويعايا بها فيقال: لنا أخ من أم ورث بالفرض والتعصيب معًا، فتدبر!. * قوله: (دون الخال)؛ لأن الأخ من الأم ابنها [والخال] (¬6) أخوها. * [قوله] (¬7): ([ويرث] (¬8) أخوه لأمه مع بنته) (¬9) ظاهره: ولو كان معها أخوها، وهو كذلك، وبه صرح شيخنا في شرحه (¬10)؛ وعلله بأن المراد بعصبته العصبة ¬
وإن مات ابنُ ابنِ ملاعِنةٍ وخلَّف أمه وجدته أم أبيه: فالكل لأمه فرضًا وردًّا (¬1). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ بالنفس، ونسبه لكل من [ابن] (¬2) قندس (¬3) وابن نصر اللَّه (¬4)، فراجع الحاشية (¬5)! وبخطه: ويعايا بها فيقال: ورث الأخ من الأم مع البنت. * قوله: (فالكل لأمه. . . إلخ)؛ لأنه لا عصبة معها والجدة محجوبة بالأم (¬6). ¬
3 - فصل
3 - فصل ولجدة أو أكثر مع تحاذٍ: سدس، وتحجب القربى البعدى مطلقًا لا أبٌ أو أبوه أمه، ولا يرث أكثر من ثلاث: أم الأم وأم الأب وأم أبي الأب وإن علَون أمومة (¬1)؛ فلا ميراث لأم أبي أم، ولا لأم أبي جدٍّ بأنفسهما. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل (¬2) * قوله: [(مطلقًا)] (¬3)؛ أيْ: سواءً كانتا من جهة أو من جهتَين، وسواء كانت القربى من جهة الأم والبعدى من جهة الأب أو بالعكس (¬4). * قوله: (بأنفسهما)؛ يعني: وأما بالتنزيل فيرثن على ما يأتي في توريث ¬
والمتحاذيات: أمُّ أمِّ أمٍّ، وأمُّ أمِّ أبٍ، وأمُّ أبي أبٍ (¬1). ولذات قرابَتين مع ذات قرابة ثلثا السدس، وللأخرى ثلثه (¬2). فلو تزوج بنت عمته فجدتُه: أمُّ أمِّ أمِّ ولدِهما، وأمُّ أبي أبيه، وبنتَ خالته فجدتُه: أمُّ أمِّ أمٍّ وأمُّ أمِّ أبٍ (¬3)، ولا يمكن أن ترث جدة لجهة مع ذات ثلاث (¬4). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ ذوي الأرحام (¬5). * قوله: (ولا يمكن أن ترث جدة بجهة مع ذات ثلاث)؛ لأنا لا نورث أكثر من ثلاث جدات (¬6)، وذات الجهات الثلاث بمنزلة ثلاث جدات [فيكون] (¬7) الأخرى كأنها رابعة، فتدبر!. ¬
4 - فصل
4 - فصل ولبنتِ صلبٍ النصفُ، ثم هو لبنت ابن وإن نزل، ثم أخت لأبوَين، ثم لأب منفردات لم يُعَصَّبْن، ولاثنتين من الجميع فأكثر لم يُعَصَّبْن: الثلثان. ولبنت ابن فأكثر مع بنت صلب: السدس مع عدم معصِّب، وتعول المسألة به، وكذا بنتُ ابنِ ابنٍ مع بنت ابن، وعلى هذا. وكذا أخت فأكثر لأب مع أختٍ لأبوَبن. فإن أخذ الثلثيَن بنات صلب أو بنات ابن أو هما سقط مَن دونهن: إن لم يُعصِّبهن ذكر بإزائهنِ أو أنزل من بني الابن، وله مِثْلا ما لأنثى ولا يعصِّبُ ذاتَ فرضٍ أعلى ولا من هي أنزل (¬1). وكذا أخوات لأب مع أخوات لأبوَين إلا أنه لا يُعصِّبهن إلا أخوهن، وله مِثْلا ما لأنثى. ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل (¬2) * قوله: (من الجميع)؛ أيْ: المجموع. * قوله: (فأكثر) راجع لقوله: (لاثنتَين)، لا لقوله: (من الجميع)؛ لعدم وجوده. ¬
5 - فصل في الحجب
وأخدث فأكثر مع بنت أو بنت ابن فأكثرَ عصبة: يرثن ما فَضَل كالإخوة، ولواحد ولو أنثى من ولد الأم: سدس. ولاثنَين فأكثر: ثلث بالسوية (¬1). * * * 5 - فصل في الحجب يسقط كلُّ جد بأب، وجدٌّ وابنٌ أبعدُ بأقرب، وكلُّ جدةٍ بأمٍّ، وولد الأبوَين بثلاثة: الابن وابنه والأب. وولد الأب بالثلاثة وبالأخ من الأبوَين. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل في الحجب وهو لغة: المنع (¬2)، واصطلاحًا: منع [من] (¬3) قام به سبب الإرث من أوفر [نصيبه] (¬4) أو من الإرث بالكلية، ويسمى الأول حجب نقصان، والثاني حجب حرمان (¬5). ¬
وابنُهُمَا بِجَد (¬1). وولد الأم بأربعة: بالولد وولد الابن وإن نزل، والأب والجد وإن علا (¬2)، ومن لا يرث لا يَحجب (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وابنُهُمَا بِجَدِّ)؛ أيْ: [وابن] (¬4) الأخ لأبوَين وابن الأخ لأب، والمراد أنهما يسقطان بالجد. * * * ¬
2 - باب العصبة
2 - باب العصبة وهو: من يرث بلا تقدير (¬1). ولا يرث أبعد بتعصيب مع أقرب، وأقرب العصبة: ابن فابنه وإن نزل، فأب وأبوه وإن علا، وتقدم حكمه مع إخوة، فأخ لأبوَين، فلأب، فابن أخ لأبوَين، فلأب وإن نزلا، [ويسقط البعيد. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب العصبة (¬2) * قوله: (ويسقط. . . إلخ) انظر ما فائدة ذكره بعد قوله في الأول: (ولا يرث ¬
بالقريب] (¬1) فأعمام، فأبناؤهم كذلك، فأعمامُ أبٍ، فأبناؤهم كذلك، فأعمامُ جد فأبناؤهم كذلك لا يرث بنو أب أعلى مع بني أب أقرب منه (¬2). فمن نكح امرأةً وأبوه ابنتَها، فابن الأب عم، وابن الابن خال، فيرثه مع عم له خاله دون عمه (¬3). ولو خلَّف الأب فيها أخًا وابن ابنه وهو أخو زوجته ورثه دون [أخيه] (¬4)، وأَوْلى ولد كلِّ أبٍ أقربهم إليه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أبعد بتعصيب [مع] (¬5) أقرب)، فليتدبر!. وأجاب عنه شيخنا في شرحه (¬6) بأن المراد من الثاني شيء خاص وهو أنه يسقط البعيد من [بني] (¬7) الإخوة بالقريب منهم، وعليه فلا تكرار، وفي بعض النسخ إسقاط قوله: ويسقط البعيد بالقريب. * قوله: ([فيرثه] (¬8) مع عم له خاله)؛ لأنه ابن أخ وهو مقدم على العم (¬9). ¬
حتى في أخت لأب وابن أخ مع بنت، فإن استووا فمَن لأبوَين (¬1). فإن عدم العصبة من النسب ورث المولى المعتِق (¬2) -ولو أنثى- (¬3)، ثم عصبته الأقرب فالأقرب كنسب، ثم مولاه كذلك، ثم الردُّ، ثم الرحم (¬4)، ومتى كانت العصبة عمًّا أو ابنه أو ابن أخ انفرد دون أخواته بالميراث، ومتى كان أحد بني عمٍّ زوجًا أو أخًا لأم أخد فرضه وشارك الباقين (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (حتى في أخت لأب)؛ [أي] (¬6): لا لأم وليس احترازًا [حتى] (¬7) عن الشقيقة. * قوله: (ومتى كان العصبة عمًّا أو ابنه. . . إلخ) ومفهومه: أنه لو كان العاصب ابنًا أو ابن [ابنٍ] (¬8) أو أخًا شقيقًا أو أخًا لأب ورث معهم أخواتهم للذكر مثل حظ الأنثيَين، وهو كذلك، وبه صرح في الإقناع (¬9) ولا خامس لهم، وقد علم ذلك من ¬
وتسقط أُخُوَّةٌ لأم بما يسقطها، فبنت وابنا عم أحدهما أخ لأم: للبنت النصفُ وما بقي بينهما نصفَين (¬1). وتستقل عصبة انفردت بالمال (¬2)، ويُبدأ بذي فرض اجتمع معه، فإن لم يبق شيء: سقط؛ كزوج وأم وإخوة لأم وإخوة لأب أو لأبوَين أو أخوات لأب أو لأبوَين معهن أخوهن: للزوج نصف وللأم سدس، وللإخوة من الأم ثلث، وسقط سائرهم (¬3)، وتسمى مع ولد الأبوَين: المشرَّكة والحِمارية (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ قول المصنف: "ولبنت صلب النصف ثم [هو] (¬5) لبنت ابن وإن نزل أبوها، ثم لأخت لأبوَين ثم لأب منفردات لم يُعَصَّبْن" (¬6). * قوله: (أُخُوَّةٌ) بضم الهمزة والخاء وتشديد الواو (¬7). * قوله: (وسقط سائرهم) فيه تغليب. ¬
ولو كان مكانهم أخوات لأبوَين أو لأب عالت إلى عشرة، وتسمى ذات الفروخ، والشُّرَيحية (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مكانهم)؛ أيْ: مكان الإخوة لأبوَين أو الإخوة لأب أخوات لأبوَين أو لأب. * قوله: (ذات الفروخ) (بالخاء المعجمة سميت بذلك لكثرة عولها شبهوا أصلها بالأم وعولها [بفروخها] (¬2)، وليس في الفرائض ما يعول [بثلثيه] (¬3) إلا أصل ستة في هذه وشبهها)، حاشية (¬4). * قوله: [(والشريحية)] (¬5) (بالشين المعجمة والحاء المهملة، وسميت بذلك لوقوعها في زمن القاضي شريح (¬6). . . . . . ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وحكمه فيها). حاشية (¬1). * * * ¬
3 - باب أصول المسائل
3 - بابُ أصولِ المسائل وهي سبعةٌ: أربعةٌ لا تَعُول؛ وهي: ما فيها فرضٌ أو فرضانِ من نوع. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب أصول المسائل أصل المسألة مخرج فرضها أو فروضها (¬1). * قوله: (وهي سبعة) نظرًا إلى ما هو الراجح من أن ثمانية عشرة وستة وثلاثين تصحيح لا تأصيل؛ خلافًا لبعض محققي المتأخرين من الشافعية (¬2). ¬
1 - فنصفان: كزوجٍ وأخت لأبوَين أو لأب وتُسمَّيان: "اليتيمَتَيْنِ"، أو نصفٌ والبقيةُ -كزوجٍ وأب- من اثنَين. 2 - وثلثانِ أو ثلثٌ والبقيةُ، أو هما: من ثلاثة. 3 - وربعٌ والبقيةُ، أو مع نصف: من أربعة. 4 - وثمنٌ والبقيةُ، أو مع نصف: من ثمانية (¬1). وثلاثة تعُول؛ وهي: ما فرضُها نوعان فأكثرُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو هما)؛ أيْ: الثلثان والثلث. * قوله: (وربع والبقية) كزوج وابن (¬2). * قوله: (أو مع نصف) كزوج وبنت وعم (¬3) (¬4). * [قوله] (¬5): [(وثمن والبقية) كزوجة وابن (¬6). * قوله: (أو مع نصف) كزوجة وبنت وعم] (¬7) (¬8). * قوله: (وثلاثة تعول. . . إلخ)؛ أيْ: يتأتى فيها العول لا أنه يجب أن تعول بدليل قوله بعد: (وتصح بلا عول). ¬
5 - فنصفٌ مع ثلثَيْنِ، أو ثلثٍ أو سدسٍ: من ستة. وتصح بلا عَوْلٍ: كزوجٍ وأمٍّ وأخَوين لأم، وتُسمَّى: "مسألة الإلزام" [و"المناقضة"] (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وتسمى مسألة الإلزام والمناقضة)؛ (لأن ابن عباس (¬2) لا يحجب الأم عن الثلث إلى السدس إلا بثلاثة من الإخوة أو الأخوات، ولا يرى العول ويرد النقص (¬3) مع ازدحام ذوي الفروض على من يصير عصبة في بعض الأحوال [بتعصيب] (¬4) ذكرٍ لهن، كالبنات (¬5) والأخوات ليغير أم، فألزم بهذه المسألة، فإن أعطى الأم الثلث لكون الإخوة أقل من ثلاثة وأعطى ولديها الثلث عالت المسألة وهو لا يراه، وإن أعطاها (¬6) سدسًا فقد ناقض مذهبه في حجبها بأقل من ثلاثة إخوة، ¬
وتعول إلى سبعة: كزوجٍ، وأختٍ لأبوَين أو لأب، وجدةٍ. وإلى ثمانية: كزوج، وأمٍّ وأختٍ لأبوَين أو لأب، وتُسمَّى: "المباهَلَةَ". وإلى تسعة: كزوجٍ، وولدَيْ أمٍّ، وأختَيْن، وتُسمَّى: "الغَرَّاء" و"المرْوانِيَّةَ" وإلى عشرة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وإن أعطاها ثلثًا وأدخل النقص على ولديها فقد ناقض مذهبه في إدخال النقص على من لا يصير عصبة بحال) (¬1)، شرح (¬2). * قوله: (وتسمى المباهلة) سميت بالمباهلة لقول ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- فيها: من شاء باهلتُه) (¬3) والمباهلة يعني في اللغة الملاعنة (¬4)؛ لقوله -تعالى-: {ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} [آل عمران: 61]. * قوله: (وتسمى الغراء والمروانية)؛ لأنها حدثت بعد المباهلة فاشتهر العول ¬
وهي: "ذاتُ الفُروخِ"، ولا تَعُول إلى أكثر (¬1). 6 - وربعٌ مع ثلثَين، أو ثلثٍ، أو سدسٍ من اثنيْ عشرَ. وتصح بلا عَوْلٍ: كزوجةٍ، وأم، وأخ لأم، وعم، وتَعُول على الأفراد إلى ثلاثةَ عشرَ: كزوجٍ، وبنتيْن، وأم، وإلى خمسة عشرَ: كزوجٍ، وبنتَين، وأبوَين، وإلى سبعة عشرَ: كثلاثِ زوجات، وجدَّتَيْن وأربع أخوات لأم، وثمانِ أخوات لأبوَين. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بها، وكانت في زمن مروان (¬2) (¬3). * قوله: (وهي ذات الفروخ) وهي زوج وأم وإخوة لأم وأختان شقيقتان (¬4) أو لأب، وتقدمت في كلام المصنف (¬5). ¬
وتُسمَّى: "أمَّ الأرامِلِ" (¬1)، ولا تَعُول إلى أكثرَ. 7 - وثمنٌ مع سدسٍ، أو ثلثَيْن، أو معهما من أربعة وعشرينَ، وتصح بلا عَوْلٍ: كزوجةٍ، وبنتَين، وأم، واثنَى عشرَ أخًا، وأختٍ وتُسمَّى: "الدِّيناريَّة" و"الرِّكابيَّةَ". ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وتسمى أم الأرامل) وتسمى أيضًا الدينارية الصغرى (¬2). * قوله: (وأختٍ) عطف على مدخول الكاف، ولو قدمه على اثني (¬3) لذهب إيهام عطفه على أخا؛ لأنه (¬4) منصوب لا مجرور، فتدبر!. * قوله: (وتسمى الدينارية)؛ أيْ: الكبرى (¬5)، وأما الصغرى فهي أم الأرامل (¬6). ¬
1 - فصل في الرد
وتَعُول إلى سبعة وعشرين: كزوجةٍ، وبنتَين، وأبوَين، ولا تعُول إلى أكَثرَ. وتُسمَّى: "البخيلةَ" لقلةِ عَوْلِها. و"المِنْبريَّةَ": لأن عليًّا -رضي اللَّه عنه- سُئل عنها على المنبر، فقال: "صار ثُمنُها تُسعًا" (¬1). * * * 1 - فصلٌ في الردِّ إن لَم يَستَغرق الفرضُ المالَ -ولا عصبَةَ- رُدَّ فاضلٌ على كلِّ ذي فرضٍ بقدرِه، إلا زوجًا وزوجةً، فإن رُدَّ على واحد: أخَذ الكلَّ، ويأخذ جماعةٌ من جنس -كبناتٍ- بالسَّويَّة. ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل [في الرد] (¬2) وهو زيادة (¬3) في الأنصبة ونقص في السهام عكس العول (¬4). ¬
وإن اختَلف جنسُهم: فخُذْ عددَ سهامهم من أصلِ ستة (¬1)، فإن انكسَر شيءٌ: صحَّحتَ، وضربتَ في مسألتهم، لا في الستة، فجدةٌ وأخٌ لأم: من اثنَين، وأمٌّ وأخٌ لأم: من ثلاثة، وأمٌّ وبنتٌ: من أربعة، وأمٌّ وبنتان: من خمسة، ولا تَزِيد عليها، لأنها لو زادت سدسًا آخرَ لكَمُل. ومعَ زوج أو زوجةٍ: يُقسَم ما بعدَ فرضِه على مسألة الردِّ، كوصيَّةٍ مع إِرث (¬2)، فإن انقَسم: كزوجةٍ وأم وأخوَين لأم. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فإن انقسم) (¬3)؛ أيْ: ما بقي بعد فرض الزوجية [كما في المسألة المذكورة فإن الباقي بعد فرض الزوجية (¬4)] (¬5) ومسألة الرد [من ثلاثة] (¬6) عدد سهامهم من أصل ستة، وثلاثة على مثلها منقسمة (¬7). ¬
وإلا: ضربتَ مسألةَ الردِّ في مسألةِ الزوج، فما بَلَغَ انتقلتَ إليه. فزوجٌ وجدةٌ وأخٌ لأم: تضرب مسألة الردِّ -وهي: اثنان- في مسألة الزوج، وهي: اثنان، فتصحُّ من أربعة. ومكان زوج زوجة: تَضربُ مسألةَ الردِّ في مسألتها، تكونُ ثمانية. ومكانَ الجدةِ أختٌ لأبوَين: تكون ستةَ عشر، ومع الزوجة بنت وبنت ابن: تكون اثنين وثلاثين. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (في مسألة الزوج) (¬1) الأولى الزوجية. * قوله: (ومكان الجدة أخت)؛ أيْ: والزوجة بحالها. * قوله: (تكون ستة عشر)؛ لأن مسألة الزوجية من أربعة، وسهام الأخت للأبوَين والأخ للأم من أصل ستة أربعة والباقي من مسألة الزوجة (¬2) بعد فرضها ثلاثة تباين مسألتهم، فاضرب أربعة في أربعة تبلغ ستة [عشر] (¬3) -كما ذكر- (¬4). * قوله: (اثنين وثلاثين) بيانه أن مسألة الزوجة (¬5) من ثمانية والفاضل منها بعد فرضها سبعة تباين مسألة الرد، وهي الأربعة، مجموع النصف ¬
ومعَهن جدةٌ: تصح من أربعين، وتُصحَّح مع كسرٍ -كما يأتي (¬1) -. وإن شئت: صحِّحْ مسألة الردِّ، ثم زِدْ عليها لفرضِ الزوجيَّةِ -للنصف مِثْلًا، وللربع ثلاثًا، وللثمن سُبعًا- وابسُط من مَخْرَج كسرٍ: ليزولَ (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ والسدس من أصل ستة والحاصل من ضرب الأربعة في الثمانية ما ذكر (¬3). * قوله: (تصح من أربعين) قائمة من ضرب خمسة وهي مجموع سهام من عدا الزوجة من أصل ستة المباينة للسبعة الباقية من الثمانية بعد فرض الزوجة في أصل المسألة، وهي ثمانية (¬4). * قوله: (مِثْلًا)؛ أيْ (¬5): مثل مسألة الرد. * * * ¬
4 - باب تصحيح المسائل
4 - بابُ تصحيح المسائل إذا انكسر سهمُ فريق عليه ضربتَ عددَهُ: إن بايَنَ سهامَه، أو وَفْقَه لها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب تصحيح المسائل (¬1) التصحيح: تحصيل (¬2) أقل عدد يتأتى منه نصيب كل وارث من غير كسر (¬3). * قوله: (إن باين سهامه) كبنت وعمَّين: للبنت النصف واحد يفضل واحد على العمَّين يباين عددهما، فاضرب عددهما وهو اثنان في اثنين أصل المسألة تصح من أربعة، للبنت سهمان ولكل عم سهم. * قوله: (أو وفقه) (¬4) ولا ينظر بينهما بغير التباين والتوافق. ¬
-إن وافقها بنصفٍ أو ثلثٍ، أو نحوهما- في المسألة، وعَوْلها: إن عالتْ ويَصيرُ لواحدهم ما كان لجماعتِهم، أو وَفقُه (¬1). وعلى فريقَين فأكثر: ضربت أحد المتماثلَين. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله:] (¬2) (إن وافقها بنصف) (¬3) كأم وستة أعمام للأم الثلث، واحد من أصل ثلاثة يبقى اثنان على ستة لا تنقسم وتوافق، فرُدَّ الستة إلى نصفها ثلاثة، واضربها في الثلاثة أصل المسألة (¬4) وصار الوفق (¬5) جزء السهم من له شيء من أصل المسألة يأخذه مضروبًا فيها (¬6). * قوله: (أو ثلث) كزوجة وبنت وستة أعمام أصلها ثمانية للزوجة الثمن سهم وللبنت النصف أربعة وللأعمام ثلاثة، توافق رؤوسهم بالثلث فترجع الستة إلى ثلثها اثنَين، فاضربهما في الثمانية تصح من ستة عشر والاثنان جزء السهم من له شيء من الثمانية أخذه مضروبًا فيهما (¬7). * قوله: (وعلى فريقَين فأكثر)؛ أيْ: نظرت بإحدى (¬8) النسب الأربع. * قوله: (ضربت أحد المتماثلَين) كأخوَين لأم وأربعة أعمام، أصلها ثلاثة ¬
أو أكثر المتناسبَين: بأن كان الأقل جزءٌ للأكثر -كنصفه ونحوه- أو وفقهما. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [أسهم] (¬1) سهم للأخوَين يباينهما وسهمان للأعمام يوافقان عددهم بالنصف، ونصفه اثنان يماثلان عدد الأخوة، فجزء سهمها اثنان لتماثل المحفوظين وتصح من ستة (¬2). * قوله: (أو أكثر المتناسبين) كأم وخمسة إخوة لأم وعشرة أعمام (¬3)، فكل فريق من الإخوة والأعمام تباينه سهامه، وعدد الإخوة داخل في العشرة عدد الأعمام؛ فالعشرة جزء سهم اضربها في أصلها تصح من ستين اقسمها يحصل للأم عشرة ولكل أخ أربعة ولكل عم ثلاثة. * قوله: (أو وفقهما) كجدة وخمس عشرة أختًا لأم وعشرة إخوة [لأب] (¬4)، للجدة سهم وكل فريق من الإخوة (¬5) والأخوات يباينه سهامه، والفريقان متوافقان بالخمس، فاضرب أحدهما في خُمس الآخر يحصل ثلاثون هو جزء سهمها، اضربه في أصل المسألة وهو ستة تبلغ مئة وثمانين وهو تصحيحها (¬6) (¬7). ¬
أو بعض المتباين في بعضه إلى آخره، أو وَفْقَ المتوافِقَين: كأربعة وستة وعشرة (¬1)، تقِفُ أيُّها شئت (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو بعض المتباينين في بعضه) (¬3) كأخوَين لأم وثلاثة أعمام أصلها ثلاثة، سهم للأخوَين يباينهما، وسهمان للأعمام يباينان عددهم، وعدد الإخوة والأعمام متباينان فاضرب الاثنين في الثلاثة يحصل جزء سهمها ستة، اضربه في أصلها تصح من ثمانية عشر (¬4). * قوله: (أو وفق المتوافقَين. . . إلخ)؛ أيْ: أو ضربت وفق أحد المتوافقَين من الأعداد في كامل الآخر، والحاصل في وفق الآخر إن وافق -كأربعة، وستة، وعشرة- بأن مات مثلًا عن أربع زوجات وثمان وأربعين (¬5) أختًا لغير أم (¬6)، وعشرة أعمام، فأصل المسألة من اثني عشر (¬7) ربعها للزوجات ثلاثة تباينهن، وثلثاها للأخوات توافقهن بالثمن، فردها إلى ثمنها ستة ويبقى للأعمام سهم يباينهم، والمثبتات الثلاث متوافقة فتوقف (¬8) أيها شئت، كما ذكره المصنف -رحمه اللَّه- (¬9). ¬
ويُسمَى: "الموقوفَ المطلقَ" في كل الآخر، ثم وفْقَهما فيما بقيَ (¬1). وإن كان أحدُهما يوافق الآخرَين، وهما متباينانِ -كستةٍ وأربعةٍ وتسعةٍ- فتَقِفُ الستةَ فقط، ويُسمَّى: "الموقوفَ المقيَّدَ". وأجزاك ضربُ أحد المتباينَين في كل الآخر، فما بلغ يسمى: "جزء السهم"، يضرب في المسألة وعولها إن عالت، فما بلغ فمنه تصح (¬2). فإذا قسمتَ، فَمن له شيءٌ من أصل المسألة: مضروبٌ في عدد جزءِ السهم فما بَلَغ فللواحد، أو على الجماعة (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وأجزأك ضرب (¬4) أحد المتباينين في كل الآخر) كأربع زوجات وتسع أخوات لغير أم وستة أعمام (¬5). ¬
ومتى تَبايَن أعدادُ الرؤوس والسهامُ: كأربع زوجات، وثلاثِ جداتٍ، وخمسِ أخوات لأم، سُميت: "صَمَّاءَ". ولا تتَمشَّى على قواعدنا "مسألة: الامتحان" -وهي: أربع زوجات، وخمسُ جدات، وسبعُ بنات، وتسعُ أخوات لأبوين أو لأب (¬1) -؛ لأنَّا لا نوُرِّثُ أكثرَ من ثلاث جدات (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (سميت صَمَّاء) (¬3) وأصل المسألة من اثني عشر للزوجات الربع ثلاثة على أربع تباينها (¬4)، وللجدات السدس، اثنان على ثلاثة تباينها (¬5)، وللأخوات لأم الثلث أربعة على خمس (¬6) تباينها، فاضرب ثلاثة في أربعة باثني عشر والحاصل في خمسة بستين فهي جزء السهم، فاضربها في اثني عشر تصح من سبعمئة وعشرين (¬7). * قوله: (ولا تتمشى على قواعدنا مسألة الامتحان) وتصح عند القائلين بها ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ من ثلاثين ألفًا ومئتين وأربعين، وجزء سهمها ألف ومئتان وستون، فتضرب في أصلها أربعة وعشرين يحصل ما ذكر (¬1)، وسميت بذلك لأ [نه] (¬2) يمتحن الطلبةَ بها بعضُهم، [يقال] (¬3): هلك هالك وخلف أربعة أصناف [من الورثة] (¬4)، وليس صنف منهم يبلغ عدده عشرة، ومع ذلك صحت من أكثر من ثلاثين ألفًا (¬5) (¬6). * * * ¬
5 - باب المناسخات
5 - بابٌ " المُناسَخَاتُ ": أن يموتَ ورثةُ ميتٍ أو بعضُهم قبلَ قَسْم تَرِكتِه (¬1)، ولها ثلاثُ صورٍ: 1 - أن تكونَ ورثةُ الثاني يَرِثونه كالأول، كعصبَةٍ لهما (¬2)، فيُقسَمُ بين من بقيَ (¬3)، ولا يُلتَفتُ إلى الأول (¬4). 2 - الثانيةُ: أن لا ترثَ ورثةُ كلِّ ميت غيرَه، كإخْوةٍ خلف كلٌّ بَنِيه، فاجعلْ مسائلهم كعددٍ انكسرتْ عليه سهامُه، وصحِّح كما ذُكر (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ باب المناسخات (¬6) ¬
3 - الثالثةُ: ما عداهما، فصحِّح الأولى، واقسِمْ سهمَ الميت الثاني على مسألته، فإن انقسَم: صحَّتا من الأولى، كرجلٍ خلَّف زوجته وبنتًا وأخًا، ثم ماتت البنت عن زوجٍ وبنت وعمها. فلها أربعةٌ، ومسألتُها من أربعة، فصحَّتا من ثمانية (¬1). وإلا: فإن وافقتْ سهامُه مسألته، ضربتَ وَفْقَ مسألته في الأولى، ثم من له شيءٌ من الأولى: مضروبٌ في وفْقِ الثانية، ومن له شيءٌ من الثانية مضروب في وَفقِ سهام الثاني، مثل أن تكون الزوجةُ أُمًّا للبنت الميتةِ، فتصيرُ مسألتُها من اثنَيْ عشر، توافِقُ سهامَها بالربع. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ما عداهما)؛ أيْ: ما عدا الصورتَين السابقتيَن، بأن كان بعضهم يرث بعضًا كالأول، وبعضهم لا يرثونه كالثاني. * قوله: (واقسم. . . إلخ)؛ أيْ: اعرضه عليها لتنظر: هل ينقسم (¬2)؟ "فإن انقسم فعلت ما يأتي وإلا فإن. . . إلخ" (¬3)، وليس المراد اقسمه بالفعل؛ لأنه لا يلائم التفصيل (¬4) الذي بعده -كما أشار إليه شيخنا-، فتنبه له! (¬5). ¬
تضرب ربعَها ثلاثةً في الأولى: تكن أربعة وعشرين (¬1). وإلا (¬2): ضربتَ الثانيةَ في الأولى، ثم من له -من الأولى- شيءٌ: أخذه مضروبًا في الثانية، ومن له من الثانية: مضروبًا في سهام الميت الثاني؛ كان تُخلِّف البنتُ بنتَين، فإن مسألتَها تَعُول إلى ثلاثةَ عشرَ، تضربُها في الأولى: تكن مائةً وأربعةً (¬3). وإن مات ثالثٌ فأكثرُ: جمعتَ سهامَه من الأولتَين فأكثرَ، وعملت كثان مع أول (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (كثانٍ مع أول) فتعمل له مسألة وتعرض سهامه مما قبلها [عليها] (¬5) فإما أن (¬6) تنقسم (¬7) أو يوافق، أو يباين (¬8)، فإن انقسم لم يحتج لضرب (¬9)، وإلا ضربت ¬
واختصار المناسخات أن توافق سهامَ الورثة بعد التصحيح بجزء: كنصف وخمس وجزء من عددٍ أصم كأحد عشر، فتُردُّ المسائل إلى [ذلك] (¬1) الجزء وسهام كل وارث إليه (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ وفقها في الجامعة [قبلها، وإن باينت سهامه مسألته ضربت مسألته في الجامعة] (¬3)، فما بلغ فمنه تصح وتقسم -كما تقدم- وهكذا تفعل في ميت بعد آخر حتى تنتهي (¬4). قال شيخنا في شرحه: (والاستعانة على هذا بالشباك الذي وضعه ابن الهائم (¬5) معينة جدًّا)، انتهى (¬6). * قوله: (إليه)؛ أيْ: إلى الجزء الذي به الموافقة؛ لأنه أسهل في العمل. مثاله: رجل [مات] (¬7) عن زوجةٍ وابن وبنت منها ثم ماتت البنت عن أمها وأخيها ¬
وإذا ماتت بنت من بنتَين وأبوَين -قبل القسمة- سُئل عن الميت الأولِ، فإن كان رجلًا: فالأبُ جد في الثانية، ويصحَّان من أربعة وخمسين، وإلا فأبو أم. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تصح الأولى من أربعة وعشرين، للزوجة ثلاثة، وللابن أربعة عشر وللبنت سبعة، ومسألتها من ثلاثة، تباين السبعة فاضرب الثانية في الأول يحصل اثنان وسبعون، للزوجة من الأولى ثلاثة في ثلاثة بتسعة، ولها من الثانية واحد في سبعة بسبعة يكون لها ستة عشر، وللابن من الأولى (¬1) أربعة [عشر] (¬2) في ثلاثة باثنين وأربعين، ومن الثانية اثنان في سبعة بأربعة عشر يجتمع له ستة وخمسون، وبين سهام الابن والزوجة موافقة بالأثمان، فرُدَّ الجامعة إلى ثمنها تسعة وسهام الأم إلى ثمنها اثنين وسهام الابن إلى ثمنها سبعة، ومثل هذا يسمى بـ "الاختصار بعد العمل". * [قوله] (¬3): (ويصحان من أربعة وخمسين)؛ لأن الأولى من ستة (¬4)، وسهام البنت منها اثنان، ومسألتها من ثمانية عشر (¬5)، توافقها بالنصف فاضرب تسعة في ستة يحصل ما ذكر (¬6) (¬7). ¬
ويصحَّان من اثنيْ عشرَ، وتُسمَّى "المأمونيَّةَ" (¬1) (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويصحان من اثني عشر)؛ (لأن الثانية إذًا من أربعة؛ لأنها أخت شقيقة وجدة فيردُّ الباقي عليهما (¬3)، وتوافق (¬4) سهام الميتة بالنصف، فتضرب اثنَين في الأولى، وهي ستة تبلغ ذلك، للأب من الأولى (¬5) واحد في اثنَين باثنَين، ولا شيء له من الثانية، وللأم من المسألتَين ثلاثة وللبنت منهما (¬6) سبعة (¬7)، وإن كانت أختًا لأم صحت المسألتان (¬8) من ستة (¬9)؛ لأن الثانية من اثنَين للرد (¬10)، وسهامها من الأولى اثنان منقسمة عليهما)، شرح شيخنا (¬11). وبخطه: أيْ: إن كانت الأخت شقيقة، أما إن كانت لأم (¬12) فيصحان من ستة؛ فكان على المصنف التنبيه على ذلك كما نبه على أن الحال يختلف بما إذا كان الميت الأول ذكرًا أو أنثى. ¬
6 - باب قسم التركات
6 - بابُ قَسْم التَّرِكاتِ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب قسم التركات (¬1) ¬
1 - إذا أمكن نسبةُ سهم كلِّ وارث من المسألة، بجزءٍ: فله من التَّركة، بنسبتِه. 2 - وإن قسمتَ التَّرِكةَ على المسألة، أو وَفْقَها (¬1) على وفق المسألة، وضربتَ الخارج في سهم كل وارث: خرج حقُّه (¬2). 3 - وإن عكست، فقسَمتَ المسألة على التركة، وقسمتَ على ما خرَج نصيبَ كل وارث، بعد بسطِه من جنسِ الخارج: خرج حقُّه. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (إذا أمكن نسبة [سهم] (¬3) كل وارث. . . إلخ) كبنت وعمَّين وفرضنا أن التركة أربعون دينارًا، فالمسألة من اثنين وتصح من أربعة -كما تقدم-، فانسب حصة البنت للأربعة (¬4) تكن (¬5) نصفًا، وخذ لها (¬6) بتلك النسبة نصف التركة؛ أعني: الأربعين تكن عشرين (¬7)، وخذ لكل عم ربعها وهو عشرة، وكذا ينزَّل على ذلك بقية الطرق الآتية. ¬
4 - وإن قسَمتَ المسألة على نصيب كل وارث، ثم التركةَ على خارج القسمة: خرج حقُّه (¬1). 5 - وإن ضربتَ سهَامَه في التركة، وقسمتَها على المسألة: خرج نصيبُه (¬2). وإن شئتَ: قسمت التركةَ في المناسخات على المسألةِ الأولى، ثم نصيبَ الثاني على مسألته، وكذا الثالثُ (¬3). وإن قسمتَ على قراريطَ: فاجعل عددها كتَركةٍ معلومة، واعمَل على ما ذكر (¬4). وتُجمَع تركةٌ هي جزءٌ من عَقار -كثلث وربع ونحوهما-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فاجعل عددها)؛ (أيْ: عدد القراريط (¬5) وهي عدد مخرجه، ومخرجه في عرف أهل مصر والشام وأكثر البلاد أربعة وعشرون، فاجعلها كأنها التركة واقسم على ما سبق، وأي عدد أردت قيراطه (¬6) فاقسمه على أربعة وعشرين فالخارج قيراطه)، شرح (¬7). ¬
من قراريطِ الدِّينار، ويُقسَم كما ذُكر (¬1). أو تُؤخَذ من مَخْرَجها، وتُقسَم على المسألة (¬2). فإن لم تنقسم: وافقتَ بينها وبين المسألةِ، وضربتَ المسألةَ أو وفقها في مَخْرَج سهام العَقار، ثم مَن له شيءٌ من المسألة: مضروبٌ في السهام الموروثة من العَقَار، أو وَفْقِها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وتقسم كما ذكر) (ففي زوج وأم وأخت لغير أم والتركة ثلث وربع من عقار (¬3)، فإذا جمعتهما (¬4) من قراريط الدينار كانا (¬5) أربعة عشر قيراطًا، تقسمها على ما سبق كأنها دنانير، فبطريق النسبة للزوج ثلاثة من ثمانية [هي] (¬6) ربعها وثمنها، فخذ له ربع الأربعة عشر وثمنها وهو خمسة قراريط وربع قيراط وللأخت مثله وللأم اثنان من ثمانية هما ربعها فلها ربع الأربعة عشر، وهو ثلاثة قراريط ونصف قيراط)، شرح (¬7). * [قوله] (¬8): (فإن لم تنقسم. . . إلخ) (¬9)؛ (يعني: وإن انقسمت على المسألة فاقسمها بلا ضرب، كزوج وأم وثلاث أخوات مفترقات والتركة ربع دار وخمسها فالمسألة ¬
فما كان: فانسبْه من المبلغ، فما خرَج: فنصيبُه (¬1)، وإن قال بعض الورثة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ من تسعة بالعول (¬2)، للزوج منها ثلاثة وللشقيقة مثلها، ولكل واحدة من الباقيات سهم، ومخرج سهام العقار عشرون ربعها وخمسها تسعة وهي القدر الموروث، وهي منقسمة على المسألة، فللزوج عشر الدار ونصف عشرها وللشقيقة مثله، ولكل واحدة من الباقيات نصف عشر الدار)، شرح (¬3). * قوله: (فما خرج فنصيبه) (مثال (¬4) التباين: زوج وأم وأخت لغيرها والتركة ثلث دار وربعها المسألة من ثمانية، وبسط (¬5) الثلث والربع من اثني عشر مخرجهما سبعة، تباين الثمانية، فاضرب الثمانية في اثني عشر التي هي المخرج يحصل ستة وتسعون، للزوج من المسألة [ثلاثة] (¬6) فاضربها في سبعة بأحد وعشرين (¬7)، فانسبها إلى الستة والتسعين تكن (¬8) ثمنًا، وثلاثة أرباع ثمن، وللأخت مثله وللأم اثنان من المسألة في سبعة بأربعة عشر، وهي ثمن الستة والتسعين (¬9) وسدس (¬10) ¬
"لا حاجةَ لي بالميراث" اقتسَمه بقيَّةُ الورثة، ويُوقفُ سهمُه (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ ثمنها، فلها من الدار ثمنها وسدس ثمنها. ومثال الموافقة: زوج وأبوان وابنتان، والتركة ربع دار وخمسها فالمسألة من خمسة عشر -كما تقدم-، ومخرج الربع والخمس عشرون وبسطها (¬2) منه (¬3) تسعة، وهي السهام الموروثة وتوافق المسألة بالثلث، فردَّ المسألة إلى ثلثها خمسة واضربه في المخرج وهو عشرون تكن مئة، وتمم العمل على ما سبق، فللزوج من المسألة ثلاثة في ثلاثة وفق سهام العقار تبلغ تسعة، انسبها إلى المئة تكن تسعة أعشار [عشر] (¬4) الدار، ولكل من الأبوَين سهمان في ثلاثة بستة، وانسبها [للمئة] (¬5)، فله ثلاثة أخماس عشر الدار، ولكل بنت أربعة في ثلاثة باثني عشر فلها عشر الدار وخمس عشرها)، شرح (¬6). * قوله: (اقتسمه) (¬7)؛ أيْ: الميراث لا ميراثه؛ بدليل قوله: (ويوقف (¬8) سهمه) ومعنى اقتسامهم له أنهم يأخذون سهامهم (¬9) المختصة بهم. * * * ¬
7 - باب ذوي الأرحام
7 - باب ذوي الأرحام . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ذوي الأرحام (¬1) ¬
وهم كل قرابة ليس بذي فرض ولا بعصبة (¬1)، وأصنافهم أحد عشر: ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وهم كل قرابة)؛ أيْ: ذي قرابة فهو [على] (¬2) حذف [مضاف] (¬3)، أو استعمل القرابة بمعنى القريب إطلاقًا للصفة وإرادة الموصوف؛ بدليل قوله: (ليس بذي فرض. . . إلخ). وبخطه (¬4): هذا رسم لا حد، فلا يضر ذكر لفظ كل التي للعدد فيه أو تعريف لفظي لا حقيقي، أو يقال: هي لبيان الاطراد فلا يضر الإتيان بها في الحد -كم نبه عليه بعض المحققين-. ¬
1 - 2 - البنات لصلب أو لابن وولد الأخوات. 3 - 4 - وبناتُ الإخوةِ، وبناتُ الأعمام. 5 - 6 - وولدُ ولدِ الأم، والعمُّ لأم. 7 - 8 - 9 - والعمَّاتُ، والأخوالُ والخالاتُ، وأبو الأمِّ. 10 - وكلُّ جدةٍ أدلَت بأبٍ بين أُمين، أو أعلى من الجد. 11 - ومَن أدلَى بهم (¬1). ويُورَّثون بتنزيلهم منزلةَ من أَدْلَوا به، فولدُ بنتٍ لصلب أو لابنٍ، وأختٍ: كأمِّ كلٍّ، وبنتُ أخٍ وعمٍّ، وولدُ ولدِ أم: كآبائهم، وأخوالٌ وخالاتٌ، وأبو أمٍّ: كأمِّ، وعمَّاتٌ وعمٌّ، من أم: كأب، وأبو أمِّ أبٍ، وأبو أُمِّ أُمٍّ، وأخَواهما، وأُختاهما، وأمُّ أبي (¬2) جدٍّ: بمنزلتهم. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو لابن)؛ أيْ: أو ولد (¬3) بنات ابن. * قوله: (والأخوال والخالات) الأخوال والخالات صنف واحد. * قوله: (ومن أدلى بهم) هذا هو الصنف الحادي عشر والضمير في "بهم" عائد على الأصناف العشرة المتقدمة عليه كعمة العمة وخالة الخالة وعم العم لأم وأخيه وعمه لأبيه وأبي أبي الأم وعمه وخاله ونحوهم (¬4). ¬
ثم تجعل نصيبَ كلِّ وارث لمن أدْلَى به (¬1)، فإن أَدلَى جماعةٌ بوارث، واستوتْ منزلتُهم منه: فنصيبُه لهم: ذكرٌ كأنثى (¬2)، فبنت أخت وابن وبنت لأخرى، للأولى النصف وللأخرى وأخيها النصفُ بالسَّويَّةِ (¬3). وإن اختلفتْ: جعلتَه كالميت. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فنصيبه لهم. . . [إلخ]) (¬4)؛ لأنهم يرثون بالرحم المجرد فاستوى ذكرهم وأنثاهم كولد الأم (¬5). * قوله: (وابن وبنت)؛ أيْ: ابن وبنت كلاهما لأخت أخرى. * قوله: (للأولى النصف) وهو إرث أمها فرضًا وردًّا (¬6). * قوله: (وللأخرى وأخيها النصف) وهو إرث أمها فرضًا وردًّا (¬7). * قوله: (بالسَّوُّية) لما تقدم (¬8) من أن ذوي الأرحام ذَكَرَهُمْ وأُنْثَاهُمْ سواءٌ. * قوله: (جعلته)؛ أيْ: من أدلَوا به. ¬
وقسمتَ نصيبهُ بينهم على ذلك، كثلاثِ خالاتٍ مُفْتَرِقاتٍ، وثلاثِ عمات كذلك: فالثلثُ بين الخالاتِ على خمسة، والثلثانِ بين العمَّاتِ كذلك، فاجْتَزئ بإحداهما، واضربْها في ثلاثة: تكن خمسةَ عشرَ. للخالةِ من قِبَلِ الأبِ والأمِّ ثلاثةٌ، ومن قِبَلِ الأبِ سهمٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فالثلث. . . إلخ) في كلامه طَي، والأصل: فكأن الميت أولًا مات عن أبوَين، للأم الثلث، وللأب الثلثان. ثم كأن الأم ماتت عن ثلاث أخوات [متفرقات] (¬1) [فالثلث بينهن على خمسة؛ أيْ: فرضًا وردًّا، وكأن الأب مات عن ثلاث أخوات مفترقات (¬2) فالثلث (¬3) بينهن] (¬4) [على خمسة؛ أيْ: فرضًا وردًّا، وكأن الأب مات عن ثلاث أخوات] (¬5) [مفترقات، فالثلث بينهن] (¬6) (¬7) أخماسًا كذلك، والخمستان متماثلان، فاجتز (¬8). . . إلخ. * قوله: (فاجتزأ بإحداهما) (¬9)؛ أيْ: أحد الخمستَين للتماثل. * قوله: (في ثلاثة) أصل مسألة من أدلوا به؛ أعني: الأبوَين. ¬
ومن قِبَلِ الأمِّ سهمٌ، وللعمةِ من قِبَلِ الأبِ والأمِّ ستةٌ، ومن قِبَلِ الأبِ سهمانِ، ومن قِبَلِ الأمِّ سهمان (¬1). وإن خلَّف ثلاثةَ أخوالٍ مُفتَرِقين: فلِذي الأمِّ السدُس، والباقي لِذِي الأبَوَين، ويُسقطُهم أبو الأمِّ. وإن خلَّف ثلاثَ بناتِ عُمومةٍ مُفترقِين: فالكلُّ لبنتِ ذي الأبويْن (¬2). وإن أدلى. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (والباقي لدي الأبوَين) (¬3) ولا شيء لذي الأب فقد؛ لأنه كالأخ (¬4) لأب وهو يحجب بالشقيق (¬5). * قوله: (ويسقطهم أبو الأم)؛ أيْ: يسقط الأخوال، كما يسقط الأب الإخوة. * قوله: (فالكل لبنت ذوي الأبوَين). قال الشارح: (نصًّا لقيام كل منهن مقام أبيها)، انتهى (¬6). فكأنه مات عن عم شقيق، وعم لأب، وعم لأم، والشقيق مقدم (¬7). ¬
جماعةٌ بجماعةٍ: جُعل كأن المدْلَى بهم أحياءٌ، وأُعطيَ نصيبُ كلِّ وارث لمن أدلىَ به (¬1)، وإن أسقط بعضهم بعضًا عمل به (¬2)، ويَسقط بعيدٌ من وارث بأقرب إلا إن اختلفت الجهة فينزل بعيد حتى يلحق بوارث سقط به أقرب أو لا، كبنت بنتِ بنتٍ، وبنت أخ لأم. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (جماعة)؛ أيْ: من ذوي الأرحام. * قوله: (بجماعة)؛ أيْ: من ذوي الفروض أو العصبات. * قوله: (لمن أدلى به)؛ (أيْ: من ذوي الأرحام كأنهم وُرَّاثُه، كثلاث بنات أخت شقيقة وثلاث بنات أخت لأب وثلاث بنات أخت لأم وثلاث بنات عم لأبوَين، أو لأب، فنزِّلْهم منزلة أصولهم -كما تقدم-، واقسم المال بين المدلى بهم، للشقيقة النصف، وللأخت للأب السدس تكملة الثلثَين، وللأخت لأم السدس، وللعم الباقي ثم أعط نصيب كل وارث لورثته، فتصح من ثمانية عشر، لبنات الشقيقة تسعة لكل واحدة ثلاثة ولكل صنف من الباقيات ثلاثة لكل واحدة سهم)، شرح (¬3). * قوله: (وإن أسقط بعضهم بعضًا) كالعم لأبوَين في المسألة السابقة. * قوله: (بأقرب) أفعل التفضيل على بابه؛ لأن البعيد قريب في نفس الأمر، فرجع المعنى إلى أنه يسقط القريب بأقرب منه، فلا اعتراض بأنه لو قال: ويسقط (¬4) بعيد بقريب لكان أظهر، تدبر!. ¬
الكل لبنت بنت البنت، وخالة أب وأم أبي أمٍّ، الكل للثانية (¬1). والجهات ثلاثٌ: أُبُوَّةٌ، وأُمومةٌ، وبُنُوَّةٌ (¬2)، فتسقُط بنتُ بنتِ أخ، ببنتِ عمةٍ، ويَرِث مُدْلٍ بقرابتَيْن، بهما (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (الكل لبنت بنت البنت)؛ لأن الأخ من الأم يسقط (¬4) بالبنات وبنات الابن (¬5). * قوله: (الكل للثانية) لإدلائها بالأم، وإدلاء الأولى بأم الأب؛ لأنها أختها وهي [جدة] (¬6)، والجدة تسقط (¬7) بالأم، فتدبر!. * قوله: (فتسقط بنت. . . إلخ) لتنزيل الأولى منزلة الأخ وتنزيل الثانية منزلة الأب، وهو يسقط الإخوة. * قوله: (بهما) كابن بنت بنت هو ابن ابن بنت أخرى مع بنت بنت بنت أخرى، لها الثلث وله الثلثان (¬8). ¬
ولزوج أو زوجةٍ مع ذي رَحِمٍ، فرضُه بلا حَجْبٍ ولا عَوْلٍ. والباقي لهم كانفرادِهم (¬1)، فلبنتِ بنتٍ، وبنتِ أختٍ أو أخٍ لا لأمٍّ -بعد فَرضِ الزوجيَّةِ- الباقي بالسوَّيةِ (¬2)، ولا يَعُول هنا إلا أصلُ ستةٍ إلى سبعة، كخالةٍ، وستِّ بناتٍ: ستِّ أخواتٍ مُفْتَرقاتٍ وكأبي أمٍّ، وبنتِ أخ لأم، وثلاثِ بناتٍ: ثلاثِ أخواتٍ مفترقاتٍ (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (الباقي بالسوية)؛ لأنه يجعل الباقي بعد فرض الزوجية بمنزلة كل التركة، وكأنه بعد التنزيل في المسألة بنت وأخت أو بنت وأخ شقيق أو لأب، البنت لها النصف، وللأخت أو الأخ الباقي، وهو النصف الثاني من الباقي، فيكون ما بعد فرض الزوجية بينهما بالسوية. * قوله: (كخالة)؛ أيْ: فللخالة السدس (¬4)، ولبنات الأخوات لأم الثلث (¬5)، ولبنات الأخوات لأبوَين الثلثان (¬6)، فقد عالت إلى سبعة، وأما بنات الأخوات لأب فلا شيء لهن لاستغراق بنات الأخوات لأبوَين الثلثَين. * قوله: (وكأبي أم. . . إلخ) (فأبو الأم له السدس، ولبنت الأخ لأم وبنت الأخت للأم الثلث، سهمان لكل واحدة سهم، ولبنت الأخت لأبوَين النصف، ولبنت ¬
ومالُ من لا وارث له: لبيت المال، وليس وارثًا، وإنما يَحفظُ المالَ الضائعَ وغيرَه، فهو جهةٌ ومصلحةٌ (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ الأخت من الأب السدس تكملة الثلثَين فقد عالت المسألة بسدسها) (¬2)، حاشية (¬3). * قوله: ([ومال] (¬4) من لا وارث له. . . إلخ) كان ينبغي تأخير هذه المسألة إلى آخر باب الولاء؛ لأنه من جملة أسباب الإرث المجمع عليها. * * * ¬
8 - باب ميراث الحمل
8 - بابُ ميراثِ الحَمْلِ من مات عن حَمل يرثه، فطلب بقيَّةُ ورثتِه القسمةَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ميراث الحمل (¬1) * قوله: (عن حمل)؛ [أيْ] (¬2): منه أو من غيره، كحمل زوجة أبيه أو ابنه (¬3). * قوله: (يرثه) احتراز عن حمل لا يرثه، كما لو كان من زوجته الأمة أو كان ¬
وُقف له الأكثرُ من إرث ذكرَين أو أنثيَين، ودُفع لمن لا يَحجُبه إرثُه، ولمن يَحجُبُه حَجْب نقصان أقل ميراثه، ولا يُدْفَعُ لمن يسقطه شيء (¬1)، فإذا ولد أخذ نصيبه ورُدَّ ما بقي لمستحقه (¬2)، ويرث ويورث إن استهل صارخًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الميت كافرًا ومات (¬3) بدارنا، وحكمنا بإسلام الحمل تبعًا للدار فإنه لا يرثه (¬4). وكذا لو مات عن زوجة أبيه وهي حامل وكان هناك من يحجب الإخوة، فتدبر!. * قوله: (وقف له الأكثر من إرث ذكرَين أو أنثيَين) ففي مثل زوجة وابن وحمل يوقف له إرث ذكرَين، وفي مثل زوجة وأبوَين يوقف له إرث اثنتَين؛ لأنه الأكثر. * قوله: (ويرث ويورث إن استهل صارخًا) اعلم أنه قد اختلف في أنه هل يثبت له الملك بمجرد موت مورثه وجزم به في الإقناع (¬5)، كما يدل عليه نصه في النفقة على أنه من نصيبه ويتبين ذلك بخروجه حيًّا (¬6)، أم لا يثبت له الملك ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حتى ينفصل حيًّا، كما يدل عليه نصه في كافر مات عن حمل أمته بدارنا (¬1). وفيه خلاف بين الأصحاب، وهو الظاهر من قول المصنف: (ويرث. . . إلخ). وبخطه -رحمه اللَّه تعالى- قوله: (إن استهل (¬2) صارخًا. . . إلخ) لم يقدروا له مدة، فظاهر الإطلاق أنه لا فرق بين أن يكون لستة أشهر، أو أقل، أو أكثر. وظاهر وجوب الغرة فقط على من جنى على حامل فألقت جنينها لدون ستة أشهر، ولو استهل صارخًا (¬3) لعدم الاعتبار بتلك الحياة أنه لا بد أن يكون لستة فأكثر (¬4)، حرر!. ¬
أو عطس، أو تنفَّس، أو ارتضَعَ، أو وُجِد منه ما يَدُلُّ على حياة: كحركةٍ طويلة ونحوِها، وإن ظهر بعضُه فاستَهَلَّ، ثم انفصل ميتًا: فكما لو لم يَستَهلَّ (¬1)، وإن اختلَف ميراث توأمَين. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو عطس) بفتح الطاء [في الماضي] (¬2) وكسرها في المضارع أو ضمها (¬3). * قوله: (طويلة) لا يسيرة (¬4). * قوله: (ونحوها) كسعال (¬5). * قوله: (فكما لو لم يستهل)؛ أيْ: فكما لو خرج ميتًا؛ يعني: فلا يرث. * قوله: (وإن اختلف ميراث توأمَين) (¬6) بأن كانا من غير ولد الأم وغير المعتق؛ ¬
واستَهَلَّ أحدُهما، وأَشْكَلَ: أُخرِجَ بقُرعةٍ (¬1). ولو مات كافر عن حَمْل منه: لم يَرِثْه، وكذا مِن كافرٍ غيرِه: كأن يُخلِّفَ أمَّه حاملًا من غير أبيه، فتُسلِمَ قبل وضعه (¬2). ويَرِثُ صغير حُكِمَ بإسلامه، بموتِ أحدِ أبَوَيْه، منه (¬3). ومن خلَّف أمًّا مزوَّجةً. . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أيْ: ومن غير ذوي الأرحام في حال إرثهم (¬4). * قوله: (فتسلم قبل وضعه)؛ أيْ: ولا يرث للحكم بإسلامه قبل الوضع، وعلى مقتضى القول بأنه يرث بالموت أنه يرث هنا أيضًا لتأخر الإسلام عنه، كذا في شرح شيخنا على الإقناع (¬5). * قوله: (منه)؛ (أيْ: ممن مات، وإنما ورثه مع اختلاف الدين لسبق الإرث المنعَ المترتب على اختلاف الدين، وبهذا يفرق بين الحمل والصغير، فتدبر!)، حاشية (¬6). * قوله: (مزوجة)؛ أيْ: بغير أبيه. ¬
وورثةً لا تَحجُب ولدَها: لم تُوطَأُ حتى تُستَبْرأ، ليُعلمَ: أحاملٌ أو لا؟ (¬1)، فإن وُطئتْ ولم تُستَبْرأ، فأتتْ به بعد نصف سنةٍ من وطءٍ: لم يَرِثْه (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا تحجب ولدها)؛ (أيْ: ولد الأم بأن لم يخلف ولدًا ولا ولد ابن ولا أبًا ولا جدًّا)، شرح (¬3). * قوله: (لم توطأ حتى تستبرأ) ظاهره أن الاستبراء هنا واجب (¬4)، ويعايا بها فيقال: امرأة مزوجة بنكاح صحيح وهي غير حائض ولا مظاهر منها ولا مالك لأختها، ومع ذلك يحرم على زوجها وطؤها، ولعل المراد بالاستبراء هنا (¬5) مضي مدة يتبين فيها كونها حاملًا أم لا كما يدل على ذلك قوله ليعلم أحامل (¬6) أوْ لا (¬7). وبخطه: (وكذا حرة تحت عبد وطئها وله أخ [حر] (¬8)، فمات أخوه الحر فيمنع أخوه من وطء زوجته حتى يتبين أهي حامل أم لا؛ ليرث الحمل من عمه)، شرح (¬9). * قوله: (لم يرثه)؛ (أيْ: الميت؛ لاحتمال حدوثه بعد موته (¬10)، وإن أتت به ¬
والقائلةُ: "إن ألدْ ذكرًا لم يَرِث ولم أَرِث (¬1)، وإلا وَرِثنا" (¬2) (¬3)، وهي: أمةٌ حامل من زوج حرٍّ قال سيدها: "إن لم يكن حَمْلُكِ ذكرًا، فأنتِ هو حُرَّانِ" (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ لدون نصف سنة من موته ورثه، وكذا إن كف عن وطئها وأتت (¬5) به لأربع سنين فأقل؛ لأن الظاهر أنها كانت حاملًا به حال الموت)، [شرح] (¬6) (¬7). * قوله: (والقائلة: إن ألدْ ذكرًا لم يرث. . . إلخ) وعكس هذه المسألة مَن كانت حاملًا من ابن عمها (¬8) ومات [ثم مات] (¬9) جدها عن بنتَين وعنها، فإنها القائلة: (إن ولدتُ ذكرًا ورثنا لا أنثى) (¬10). * قوله: (قال سيدها)؛ أيْ: قبل موت (¬11) زوجها أبي الحمل. * قوله: (حران) فإن كان حملها أنثى فأكثر تبين عتقهما من قبل موت الزوج والد الحمل، فيرثان منه. ¬
ومن خلَّفت زوجًا، وأمًّا، وإخوةً لأم، وامرأةَ أبٍ حاملًا: فهي القائلةُ: "إن ألِدْ أنثى ورثتْ، لا ذكرًا" (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وامرأة أب) سواء كانت الأم أو غيرها (¬2) على المذهب [من] (¬3) أن الأخ الشقيق يسقط في المشركة (¬4)، وإنما عمم ليمكن تصويرها على المذاهب الأربعة؛ لكن صدر عبارة المصنف يأباه؛ لأنه صرح بالأم أولًا، ثم عطف عليها امرأة الأب. * * * ¬
9 - باب ميراث المفقود
9 - بابُ ميراثِ المفقودِ من انقطع خبرُه لغَيْبةٍ ظاهرُها السلامةُ: كأسْرٍ، وتجارةٍ وسياحةٍ: انتُظر به تَتِمَّة تسعين سنةً منذ وُلد (¬1). فإن فُقد ابنُ تسعينَ: اجتهد الحاكم (¬2). وإن كان الظاهرُ من فقدِه الهلاكَ: كمَنْ بين أهله، أو في مَهْلَكةٍ: كدَرْبِ الحجاز، أو بين الصَّفَّين حالَ الحرب، أو غرِقتْ سفينتُه ونجا قوم وغَرِق قوم. . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ميراث المفقود (¬3) * قوله: (من انقطع) مبتدأ خبره قوله: (انتظر به). * قوله: (أو غرقت سفينته)؛ أيْ: التي كان فيها. ¬
انتُظر به تَتمَّةُ أربع سنينَ منذُ فُقد، ثم يُقسَم مالة (¬1) ويُزكى قبلَه، لما مضَى (¬2)، وإن قَدِم بعد قَسمٍ: أخَذ ما وجده بعينِه، ورجَع على من أخذ الباقي (¬3)، فإن مات مورِّثُه زمن التربُّصِ: أخذ كلُّ وارث اليقينَ، ووُقف الباقي. فاعمل مسألةَ حياتِه ثم موتِه، ثم اضربْ إحداهما أو وَفْقَها في الأخرى، واجْتَزئ بإحداهما: إن ثماثَلَتا، وبأكثرِهما: إن تناسَبَتا، ويأخذُ وارثٌ منهما -لا ساقطٌ في إحداهما- اليقين (¬4). فإن قَدِم أخذ نصيبه، وإلا فحُكمُه كبقيةِ مالِه (¬5)، فيُقضَى منه دينُه في مدةِ تربُّصِه، ولباقي الورثةِ الصلحُ على ما زاد عن نصيبه، فيقتسمونه (¬6): كأخ مفقودٍ في "الأكدرَّية". . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (في الأكدرية) وهي زوج وأم وأخت لغير أم وجد (¬7)؛ ¬
مسألةُ الحياةِ والموت من أربعة وخمسين: للزوج ثمانيةَ عشر، وللأم تسعةٌ، وللجد من مسألة الحياة تسعةٌ، وللأخت منها ثلاثة. . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [أيْ] (¬1): ويزاد على ذلك قولنا: وأخ مفقود، وذلك كأن تموت أخت المفقود زمن انتظاره عمن ذكر. * قوله: (من أربعة وخمسين)؛ (لأن مسألة [الموت] (¬2) من سبعة وعشرين، ومسألة الحياة من ثمانية عشر، وبينهما موافقة [بالتُّسع] (¬3)، فاضرب تسع أحدهما (¬4) في كامل الأخرى يحصل ما ذكر) حاشية (¬5). * قوله: (وللجد من مسألة الحياة تسعة)؛ لأن سدس المال أحظُّ له، وهو ثلاث من ثمانية عشر مضروبة في ثلاثة وفق السبعة والعشرين، ويصدُق ¬
وللمفقود ستةٌ يبقَى تسعةٌ (¬1)، وعلى كلِّ الموقوف: إن حجَب أحدًا ولم يرثْ، أو كان أخًا لأب، عصَّب أخته مع زوج وأخت لأبوَين (¬2)، وإن بان ميتًا ولم يتحقق أنه قبل موت مورثه فالموقوف لورثة الميت الأول (¬3)، ومفقودان فأكثر كخناثى في تنزيل (¬4). ومن أشكَل نسبُه. . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليها أنها سدس الأربعة والخمسين -كما أفاده الشارح- (¬5). * قوله: (كخناثى في تنزيل)؛ أيْ: لا من كل وجه؛ إذْ لا تتعدد (¬6) الأحوال هنا بتعدد المفقود كتعددها (¬7) عند تعدد الخناثى، وإن تعددت الأحوال في الجملة -كما يعلم من الشارح (¬8) نقلًا عن صاحب المغني (¬9) -. * قوله: (ومن أشكل نسبه. . . إلخ)؛ (يعني من عدد محصور [إذا] (¬10) رجي ¬
فكمفقودٍ (¬1)، ومن قال [عن] (¬2) ابنَي أمَتَيْه: "أحدُهما ابني"، ثبت نسبُ أحدهما: فيُعيِّنُه، فإن مات: فوارثُه، فإن تعذَّر: أُرِيَ القافةَ. فإن تعذَّر: عتق أحدُهما -إن كان رقيقيه- بقُرعة، ولا يُقْرع في نسبٍ، ولا يرثُ، ولا يوقف، ويُصرف نصيبُ ابن لبيت المال (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ انكشافه فيوقف [له] (¬4) نصيبه إذا مات أحد واطئي أمة؛ لأنه قد يلحق به، أما إذا لم يكن كذلك بأن لم ينحصر الواطئ أو عرض على القافة وأشكل ونحوه لم يوقف (¬5) شيء)، حاشية (¬6). * قوله: (ولا يرث)؛ أيْ: من عتق بقرعة من الاثنَين (¬7). * قوله: (ولا يوقف له [شيء]) (¬8)؛ لأنه لا يرجى انكشاف حاله لتعذر الأسباب المزيلة لإشكاله (¬9). * قوله: (ويصرف نصيب ابن) وهو أحد الابنَين الذي ثبت نسبه ولم يعلم. * * * ¬
10 - باب ميراث الخنثى
10 - بابُ ميراثِ الخُنْثَى وهو: من له شكلُ ذكرِ رجلٍ وفرجِ امرأةٍ (¬1)، ويُعتبرُ ببولِه فسَبْقِه من أحدهما. وإن خرج منهما معًا: اعتُبر أكثرُهما. . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ميراث الخنثى (¬2) * قوله: (اعْتُبِرَ أكثرهما) قال ابن حمدان (¬3): (قدرًا وعددًا) (¬4)، وكثرة العدد مشكلة في هذه الحالة ضرورة المعية، إلا أن تجعل (معًا) بمعنى جميعًا أو يكون ابتداء ¬
فإن استَويَا: فمُشكِلٌ (¬1). فإن رُجِيَ كشفُه لصغرٍ: أُعطيَ ومن معه اليقينَ، ووُقف الباقي. . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخروج معًا لكنه يتقطع (¬2) على دفعات، ويكون [دفعات] (¬3) أحدهما أكثر، تدبر!. وبخطه (¬4) -رحمه اللَّه تعالى-: يؤخذ من صنيعه هنا وآخرَ الباب: أن من له ثقبة ولا تشبه الذكر ولا الفرج ليس مشكلًا حقيقة بل شبيهًا به. * قوله: (فإن (¬5) استويا فمشكل) صادق بما إذا وجدت فيه سائر العلامات التي تقتضي الذكورية وسائر العلامات التي تقتضي الأنوثية وتقاومت بحيث لا يحكم أحد النوعَين بغلبة (¬6) على الآخر، وأنه يكون مشكلًا بل هو الحقيق (¬7) بالتسمية، ومنه تعلم ما في قول ابن نصر اللَّه: (لو ظهرت فيه علامة ذكورية وعلامة أنوثية لم أر فيه نصًّا، وينبغي أن ينظر فإن تساوت العلامتان فمشكل. وإن كانت علامة أحد الصنفيَن أكثر عمل بها)، انتهى (¬8). وتعلم منه أيضًا [ما] (¬9) في قول شيخنا (¬10) بعد نقل كلام ابن نصر اللَّه: قلت: ¬
لتظهرَ ذكوريَّتُه بنباتِ لحيته أو إمناءٍ من ذكره، أو أُنوثيَّتُه بحيضٍ أو تَفَلُّكِ ثديٍ أو سقوطِه أو إمناء من فرج (¬1). فإن مات أو بَلَغ بلا أمارة: أخَذ نصفَ إرثه بكونه ذكرًا فقط: كولدِ أخي الميت أو عمه أو أنثى فقط. . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولعل ظهور العلامتَين غير ممكن؛ إذ يلزم من وجود العلامة وجود المعلَّم، ولا يمكن [أن يكون] (¬2) ذكرًا وأنثى (¬3) -واللَّه أعلم-. * قوله: (أو تفلك)؛ أيْ: استدارته كالفلك (¬4). * [قوله] (¬5): [(كولد أخي الميت أو عمه) فإذا مات شخص عن ولدَي أخ لغير أم أحدهما ذكر والآخر خنثى، أخذ الخنثى ربع المال؛ لأنه لو كان ذكرًا أخذ نصفه فيكون له نصف النصف، وتصح من أربعة، للخنثى واحد وللذكر ثلاثة] (¬6) (¬7). ¬
كولد أب مع زوج وأخت لأبوَين (¬1)، وإن ورث بهما متساويًا كولد أم فله السدس مطلقًا أو معتقٌ: فعصبة مطلقًا (¬2). وإن وَرِث بهما متفاضِلًا: عملتَ المسألة على أنه ذكرٌ، ثم على أنه أنثى، ثم تضربُ إحداهما أو وَفْقَها في الأخرى، وتَجْتَزِئ بإحداهما: إن تماثَلَتا، أو بأكثرِهما: إن تناسَبَتا، وتضربُها في اثنَين، ثم من له شيءٌ -من إحدى المسألتَين- مضروبٌ في الأخرى: إن تبايَنتا، أو وَفْقِها: إن توافَقتا، أو تَجمعُ مالَه منهما: إن تماثَلتَا (¬3)؛ أو من له شيءٌ من أقلِّ العددَين مضروبٌ في نسبةِ أقلِّ المسألتَين إلى الأخرى. . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (كولد أب. . . إلخ)؛ إذ لو كان أنثى أخذ السدس وعالت المسألة، وإن كان ذكرًا سقط لاستغراق المال فيعطى نصف السدس، وتصح من ثمانية وعشرين، للخنثى سهمان ولكل من الزوج والأخت ثلاثة [عشر] (¬4) (¬5). * قوله: (مطلقًا)؛ أيْ: سواء ظهرت ذكوريته أو أنوثيته أو بقي على إشكاله. * قوله: (في اثنَين) عدد حالتَي الخنثى. * قوله: (أو من له شيء. . . إلخ) بيان للعمل في حال (¬6) التداخل بين المسألتَين فهو تتميم للأحوال، لا بيان طريقة أخرى في العمل؛ بدليل قوله الآتي: ¬
ثم يضافُ إلى مالَه من أكثرهما: إن تناسَبتَا (¬1). وإن نسَبتَ نصفَ ميراثَيه إلى جملةِ التَرِكة، ثم بَسطتَ الكسورَ التي تجتمع معك من مَخْرجٍ يَجمَعُها: صحَّت منه المسألةُ (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ (إن تناسبتا)، ولذلك (¬3) قدره الشارح [بقوله] (¬4): (أو)؛ أيْ: وإن تناسبت المسألتان فمن له شيء. . . إلخ (¬5). * قوله: (ثم يضاف إلى ماله من أكثرهما إن تناسبتا)، (ويسمى هذا مذهب المنزلين، ففي ابن وبنت وولد خنثى مسألة الذكورية من خمسة والأنوثية من أربعة، اضرب إحداهما في الأخرى للتباين تكن عشرين، ثم في اثنين تبلغ أربعين، للبنت سهم في خمسة وسهم (¬6) في أربعة يحصل لها تسعة، وللذكر سهمان في خمسة وسهمان في أربعة يجتمع له ثمانية عشر، وللخنثى سهمان في أربعة وسهم في خمسة تكن ثلاثة عشر)، شرح (¬7). * قوله: (ميراثَيه) (¬8)؛ أيْ: ميراثَي (¬9) كل وارث من مسألتَي الذكورة والأنوثة إن ورث بهما من غير ضرب. ¬
وإن كانا خنثيَين أو أكثرَ: نزلتَهم بعدد أحوالهم، فما بَلَغ من ضربِ المسائلِ: تضربهُ في عدد أحوالهم، وتجمعُ ما حصَل لهم في الأحوال كلِّها: مما صحَّت منه قبل الضرب في عدد الأحوال (¬1). هذا: إن كانوا من جهة، وإن كانوا من جهات جمعت ما لكل واحد في الأحوال وقسمته على عددها، فما خرج فنصيبه (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (هذا إن كانوا من جهة) كابن وولدَين خنثيَين (¬3). * قوله: (من جهات. . . إلخ) كابنٍ خنثى وابن أخ خنثى وعم (¬4). ¬
وإن صالَح مُشكِلٌ من معه على ما وُفِق له، صحَّ: إن صحَّ تبرُّعُه (¬1)، وكمشكلٍ: من لا ذكرَ له ولا فرجَ، ولا فيه علامةُ ذكرٍ أو أنثى (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه: ظاهره (¬3) أن هذا العمل لا يصح في الحالة التي قبلها وليس كذلك، بل كل من العملَين يصح في كل من الحالَين (¬4). * قوله: (إن صح تبرعه) بأن بلغ ورشد (¬5). * قوله: (وكمشكل من لا ذكر له ولا فرج. . . إلخ) هذا صريح في أن من [له] (¬6) ثقبة لا تشبه آلة الرجل ولا فرج المرأة شبيه بالخنثى المشكل وليس هو حقيقة. * * * ¬
11 - باب ميراث الغرقى ومن عمي موتهم
11 - بابُ ميراثِ الغرقَى ومَن عَمِيَ موتُهم إذا عُلم موتُ متوارِثَينِ معًا: فلا إرث (¬1)، وإن جُهل أسبقُ، أو عُلم ثم نُسِيَ أو جهلوا عَيْنَهُ، فإن لم يدَّعِ ورثةُ كلٍّ سبْقَ الآخرِ: وَرِث كلُّ ميت صاحبَه من تِلادِ مالِه دون ما ورثه من الميت معه، فيُقدَّرُ أحدهما مات أوَّلًا، ويُوَرَّثُ الآخرُ منه، ثم يقسم ما ورثه على الأحياء: من ورثته، ثم يُصنعَ بالثاني كذلك (¬2). ففي أخوين: أحدُهما مولى زيدٍ والآخرُ مولى عمروٍ. . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ميراث الغرقى ومن عَمِيَ موتهم (¬3) * قوله: (أو جهلوا عينه) انظر ما المراد منها بعد قوله: (وإن جهل أسبق) إلا أن يحمل قوله: (جهل أسبق) على جهل السبق والثالثة على علمه وجهل السابق (¬4). ¬
يصيرُ مالُ كلِّ واحد لمولى الآخرِ (¬1). وفي زوجٍ وزوجةٍ وابنهما -خلَّف امرأةً أخرى وأمًّا، وخلْفت ابنًا من غيره وأبًا- مسألة الزوج من ثمانية وأربعين لزوجتِه الميتة ثلاثةٌ، للأب سدسٌ، ولابنها الحيِّ ما بَقيَ. تُردُّ مسألتُها إلى وَفْقِ سهامها بالثلث: اثنين، ولابنه أربعة وثلاثونَ، لأمِّ أبيه سدسٌ، ولأخيه لأمه سدسٌ، وما بقيَ لعصبَتِه فهي من ستة توافقُ سهامَه بالنصف، فاضرِبْ ثلاثةً في وَفق مسألة الأم: اثنين. . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله] (¬2): (من ثمانية وأربعين)؛ لأن أصلها من أربعة وعشرين ثمنها (¬3) ثلاثة على عدد الزوجات اثنيَن لا ينقسم ويباين، فاضرب الاثنين في الأربعة والعشرين تبلغ ثمانية وأربعين -كما ذكر-. * قوله: (للأب سدس)؛ أيْ: لأبي الزوجة (¬4) من ذلك سدس. * قوله: (ترد مسألتها) وهي ستة مخرج السدس. * قوله: (إلى وفق (¬5) سهامها) وهي ثلاثة. * قوله: (ولابنه أربعة وثلاثون) وهي الباقي بعد فرض الزوجتين والأم من ثمانية وأربعين (¬6). ¬
ثم في المسألة الأولى -ثمانيةٌ وأربعون- تكن مئتين [و] (¬1) ثمانية وثمانين. ومنها تصح (¬2). ومسألة الزوجة من أربعة وعشرين، فمسألة الزوج منها من اثني عشرَ، ومسألةُ الابن منها من ستة، دخل وَفقُ مسألة الزوج -اثنان-. . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ثمانية وثمانين) (¬3) انظر ما المسوغ لحذف العاطف. * قوله: (من أربعة وعشرين)؛ أيْ: تصحيحًا، وأصلها من اثني عشر للزوج الربع ثلاثة، وللأب السدس اثنان، وللابنين ما بقي وهو سبعة (¬4)، لا تنقسم عليهما، فاضرب اثنَين في اثني عشر تبلغ أربعة وعشرين، ومنها تصح -كما ذكر-. * قوله: (فمسألة الزوج منها)؛ أيْ: من تركة زوجته أو من حصته التي ورثها من زوجته. * قوله: (من اثني عشر)؛ أيْ: بالنظر للمتخلف عنه حيًّا وهو زوجته الحية وأمه، والعاصب إن كان، ففيها ربع وثلث وما بقي وذلك من اثني عشر (¬5). * قوله: (ومسألة الابن منها)؛ أيْ: من تركة أمه أو من حصته التي ورثها عن أمه. * قوله: (من ستة)؛ لموته عن أخيه لأمه وجدته أم أبيه (¬6). ¬
في مسألته. فاضرِبْ ستة في أربعة وعشرينَ: تكن مئةٌ وأربعةٌ وأربعون (¬1). ومسألة الابن من ثلاثة: فمسألة أمه من ستة، ولا موافقةَ. ومسألة أبيه من اثني عشرَ، فاجْتَزِئ بضربِ وَفقِ سهامِه -ستةٌ- في ثلاثة: تكن ثمانية عشر (¬2)، وإن ادَّعَوْهُ -ولا بيِّنة، أو تعارضتا- تحالَفا، ولم يَتوارثَا (¬3). ففي امرأةٍ وابنِها ماتا، فقال زوجها: "ماتت فوَرِثناها، ثم مات ابني فورِثتُه"، وقال أخوها: "مات ابنُها فورِثَتْه، ثم ماتت فورثناها": حلَف كلٌّ على إبطال دعوى صاحبه. وكان مخلَّفُ الابنِ لأبيه. . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (في مسألته)؛ أيْ: الابن وهي ستة. * قوله: (ومسألة الابن من ثلاثة)؛ لموته عن أبوَين لأمه الثلث ولأبيه الباقي تعصيبًا (¬4). * قوله: (فمسألة أمه من ستة)؛ لموتها عن أبيها وابنها الحي (¬5). * قوله: (ومسألة أبيه من اثني عشر)؛ لموته عن زوجته الحية وأمه. ¬
ومخلَّفُ المرأةِ لأخيها وزوجِها نصفَين (¬1). ولو عيَّن ورثةُ كلٍّ موتَ أحدهما، وشكُّوا؛ هل مات الآخرُ قبله أو بعده؟: ورِثَ مَن شُكَّ في موته من الآخر (¬2). ولو مات متوارِثان عند الزَوال أو نحوه: أحدُهما بالمَشرق، والآخرُ بالمغرب: وَرِثَ مَن به مِن الذي بالمشرق؛ لموتِه قبله، بناءً على اختلافِ الزوال (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ورث من شك في موته من الآخر)؛ إذ الأصل بقاؤه (¬4) ولعل هذا وارد على اشتراط تحقق حياة الوارث. * قوله: (أو نحوه) كالشروق أو الغروب أو طلوع الفجر من يوم واحد. * قوله: (بالمشرق) كالسِّند. * قوله: (والآخر بالمغرب) [كفاس] (¬5). * قوله: (ورث من به)؛ أيْ: المغرب. * قوله: (بناء على اختلاف الزوال)؛ لأنه يكون بالمشرق قبل أن يكون بالمغرب، ولعل المراد ظهوره، وإلا فقد نص الإمام على أن الزوال في الدنيا واحد، فراجع شرح شيخنا على الإقناع! (¬6). ¬
12 - باب ميراث أهل الملل
12 - بابُ ميراثِ أهلِ المِلَلِ لا يرثُ مبايِنٌ في دِينٍ إلا بالوَلاءِ (¬1)، وإذا أسلم كافرٌ قبل [قسم] (¬2) ميراث مورِّثِه المسلم (¬3) -ولو مرتدًّا- (¬4) بتوبةٍ، أو زوجةً في عدَّةٍ، لا زوجًا (¬5). . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ميراث أهل الملل (¬6) * قوله: (لا زوجًا) (لانقطاع عِلَق الزوجية عنه بموتها بخلافها، وكذا لا ترث هي منه إن أسلمت بعد عدتها)، شرح (¬7). ¬
ولا من عَتَق بعد موت أبيه أو نحوِه قبل القَسمِ (¬1). ويَرثُ الكفارُ بعضُهم بعضًا -ولو أن أحدهما ذِمِّيٌّ والآخرَ حربيٌّ، أو مستأمِن والآخرَ ذميٌّ أو حربيٌّ- إن اتفَقَتْ أديانُهم (¬2). وهم مِللٌ. . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا من عتق بعد موت أبيه) فلو عتق مع موته صار من قبيل اقتران الحكم بموجبه - (¬3) وفيه كلام طويل الذيل قليل النيل فراجعه- وصريح الإقناع (¬4) أنه لا يرث (¬5). * قوله: (أو مستأمن)؛ أيْ: أو أن أحدهما مستأمن. ¬
شتَّى: لا يَتوارثون مع اختلافها (¬1)، ولا بنكاحٍ: لا يُقَرُّون عليه لو أسلموا (¬2). ومُخَلَّفُ مكفَّرٍ ببدعةٍ: كجَهْمِيٍّ ونحوه إذا لم يتبْ، ومرتدٍّ، وزِنديقٍ -وهو: المنافق-: فَيْءٌ. ولا يَرِثون أحدًا (¬3). ويَرِثُ مَجُوسيٌّ ونحوُه -أسلَمَ، أو حاكَمَ إلينا- بجميع قراباته (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (شتى)؛ أيْ: متفرقة (¬5). * قوله: (لا يقرون (¬6) عليه) صفة لنكاح. * قوله: (وَمُخَلف) مبتدأ خبره قول المصنف في [قوله] (¬7): (ونحوه) كالمجسم والمشبه (¬8). ¬
فلو خلف أمًّا -وهي: أختُه من أبيه- وعمًّا: وَرِثتْ الثلثَ بكونها أمًّا والنصفَ بكونها أختًا، والباقي للعم، فإن كان معها أخت أخرى، لم ترثْ بكونها أمًّا إلا السدسَ؛ لأنها انْحجَبتْ بنفسها وبالأخرى (¬1). ولو أَوْلَدَ بنتَه بنتًا بتزويجٍ، فخلفهما وعمًّا: فلهما الثلثانِ، والبقيَّةُ لعمِّه، فإن ماتت الكبرى بعده، فالمالُ للصغرى؛ لأنها بنتٌ وأختٌ. فإن ماتت قبل الكبرى. . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وهي أخته من أبيه) بأن يكون أبوه تزوج بنته فأولدها هذا الميت. * قوله: (وبالأخرى) الباء بمعنى "مع" ضرورة أنها إنما تحجب بالعدد من الإخوة أو الأخوات. * قوله: (فلهما الثلثان والبقية لعمه) ولا إرث للكبرى (¬2) بالزوجية؛ لأنهما لا يقران عليها لو أسلما أو أحدهما (¬3)، وقد أشار إلى ذلك المصنف بقوله أولًا: "ولا بنكاح (¬4) لا يقرون عليه لو أسلموا". * قوله: (فالمال)؛ أيْ: ما لها بدليل التعليل. * [قوله: (للصغرى)] (¬5)؛ أيْ: فرضًا وتعصيبًا؛. . . . . . . ¬
فلها ثلثٌ ونصفٌ، والبقيَّة للعم. ثم لو تزوَّج الصغرى، فولدت بنتًا، وخلَّف معهن عمًّا فلبناتِه الثلثانِ وما بقيَ له، ولو ماتت بعده بنتُه الكُبرى: فللوسطَى النصفُ، وما بَقيَ لها وللصغرى، فتصحُّ من أربعة. ولو ماتت بعدَه الوسطى، فالكبرى: أمٌّ وأختٌ لأب، والصغرى: بنتٌ وأختٌ لأب؛ فللأمِّ السدسُ، وللبنتِ النصفُ. وما بقيَ: لهما بالتعصيب، فلو ماتت الصغرى بعدها، فأمُّ أمِّها: أختٌ لأب. فلها الثلثانِ. . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إذ الأخت مع البنت (¬1) عصبة (¬2). * قوله: (فلها ثلث)؛ لأنها أم. * وقوله: (ونصف)؛ لأنها أخت. * قوله: (وما بقي له)؛ أيْ: للعم تعصيبًا. * قوله: (فللوسطى النصف) من تركتها؛ لأنها بنتها. * قوله: (وما بقي لها وللصغرى) سوية بكونهما أختَين مع بنت. * قوله: (وما بقي لهما بالتعصيب) (¬3) لأنهما أختان مع بنت، فتصح من ستة للكبرى اثنان وللصغرى أربعة. * قوله: (فلها الثلثان) (¬4) السدس بكونها جدة والنصف بكونها أختا لأب، ¬
وما بقيَ للعم. ولو مات بعدُ بنتُه الصغرى: فللوسطى -بأنها أمٌّ- سدسٌ، ولهما ثلثان: بأنهما أختانِ لأب. وما بقيَ للعم. ولا ترثُ الكبرى؛ لأنها جدةٌ مع أم (¬1). وكذا لو أوْلَدَ مسلمٌ ذاتَ مَحْرَمٍ أو غيرَها، بشُبهةٍ ويثبُتُ النسبُ (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ ومجموعهما ثلثان (¬3). * قوله: (ويثبت النسب)؛ أيْ: للشبهة (¬4). * * * ¬
13 - باب ميراث المطلقة
13 - بابُ ميراثِ المُطَلَّقةِ ويثبُت لهما في عدَّةِ رجعيَّةٍ، ولها فقط مع تُهمتِه بفصدِ حرمانها: بأن أبانهَا في مرض موته المخُوفِ ابتداء أو سألته أقلَّ من ثلاثٍ، فطلقها ثلاثًا، أو علَّقه على ما لا بُدَّ لها منه شرعًا: كصلاةٍ ونحوها، أو عقلًا: كأكل ونحوه، أو على مرضه، أو فعل له: فَفَعَله فيه، أو على تركِه: فمات قبل فعله، أو إبانة أمة أو ذمِّية (¬1) على إسلام أو عتقٍ، أو عَلِم أن سيدَها. . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ميراث المطلقة (¬2) * قوله: (أقل من ثلاث) لعله ما لم تكن (¬3) سألته أقل من ثلاث على عوض، أو كان قبل الدخول، فإنه حينئذ لا فرق بين الثلاث والواحدة في البينونة (¬4) فلا تهمة حينئذ. ¬
علَّق عتْقَها بغَدٍ، فأبانهَا اليومَ (¬1)، أو أقَرَّ أنه أبَانَها في صحته (¬2)، أو وَكَّل فيها من يُبِينُها متى شاء: فأبانَها في مرضه (¬3)، أو قذَفها في صحته، ولاعَنها في مرضه (¬4). أو وَطئَ عاقلًا حَماتَه به ولو لم يمتْ أو يصحَّ منه، بل لُسِع. . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لسع) قال في الصحاح: "لسعته العقرب والحية تلسعه لسعًا" (¬5)، وقال في فصل اللام مع الذال المعجمة من باب العين المهملة: "لذعته النار لذعًا أحرقته ولذعه بلسانه"؛ أيْ: أوجعه بكلامه. يقال: "نعوذ (¬6) باللَّه من لواذعه" (¬7)، ولم يذكر مادة الإهمال فيهما. وقال في فصل اللام مع الدال المهملة من باب الغين المعجمة: (لدغته (¬8) العقرب تَلْدغُهُ لَدْغًا وَتَلْدَاغًا فهو مَلْدُوغٌ ولَدِيْغٌ ويقال: لَدَغَه بكلمة؛ أيْ: نزَعه بها) (¬9)، انتهى، ولم يذكر مادة الإعجام فيهما راجع [ق]! (¬10). ¬
أو أُكل، ولو قبلَ الدخول، أو انقضتْ عدَّتُها؛ ما لم تتزوَّج، أو ترتَدَّ ولو أسلمتْ بعد (¬1). وله فقط: إن فعلت بمرض موتها المخُوفِ ما يَفسخُ نكاحها ما دامت معتدَّة: إن اتُّهمت، وإلا: سقط، كفسخٍ معتقةٍ تحت عبدٍ فعتَق ثم ماتت (¬2). ويقطعُه بينهما إبانتُها في غير مرض الموت المخُوفِ، أو فيه بلا تُهمةٍ: بأن سألتْه الخُلعَ أو الثلاثَ أو الطلاقَ: فثلثه. . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو أُكِلَ)؛ أيْ: أكله سبع ونحوه (¬3) (¬4). * قوله: (وله) عطف على قوله أول الباب (لهما) (¬5) من قوله: (ويثبت لهما)؛ أيْ: ويثبت الإرث له فقط. * قوله: (ما دامت معتدة) خلافًا لما في الإقناع (¬6) من عدم التقييد وقال: إنه أصوب مما في التنقيح (¬7)، [والمصنف تبع ما في التنقيح] (¬8) (¬9)، فتدبر!. ¬
أو علَّقها على فعل لها منه بُدٌّ: ففعلتْه عالمةً به (¬1)، أو في صحتِه على غير فعله، فوُجِد في مرضه (¬2)، أو كانت لا تَرِثُ؛ كأمةٍ وذمِّيةٍ، ولو عتقتْ وأسلمتْ (¬3). ومن أكرَهَ -وهو عاقل وارثٌ، ولو نَقَص إرثُه أو انقَطع- امرأةَ أبيه أو جدِّه، في مرضه، على ما يفسخ نكاحَها: لم يقطعْ إرثَها (¬4). . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو علقها)؛ أيْ: الإبانة. * قوله: (فوجد في مرضه) كأن علَّقه على قدوم زيد فقدِم في مرضه، ولعله ما لم يوجد تواطؤ على ذلك، فتدبر!. * قوله: (امرأة) مفعول (¬5) أكره. * قوله: (على ما يفسخ نكاحها) كوطئها (¬6). ¬
إلا أن يكون له امرأةٌ ترثهُ سواها (¬1)، أو لم يُتَّهمْ فيه حالَ الإكراه (¬2). وترثُ من تزوَّجها مريضٌ مُضارَّةً لنقصِ إرثِ غيرها (¬3) ومَن جحَد إبانةَ امرأةٍ ادَّعتْها، لم ترثْه: إن دامت على قولها إلى موته (¬4)، ومَن قتلها في مرضه، ثم مات: لم ترثْه (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (إلا أن يكون [له] (¬6) امرأة. . . إلخ) ظاهره ولو قصد بذلك إضرار زوجة أبيه وعود تمام الإرث لأمه، وهو مشكل (¬7). * قوله: (إن دامت على قولها)؛ [أيْ] (¬8): إلى موته، فإن أكذبت نفسها قبل موته ورثته؛ لاتفاقهما على بقاء النكاح (¬9). * قوله: (ثم مات لم يرثه) (¬10)؛ لأنَّا لم نتحقق حياتها. . . . . . . ¬
ومن خلَّف زوجاتٍ: نكاحُ بعضهم فاسدٌ أو منقطعٌ قطعًا يمنع الإرثَ؛ وجُهل من يرثُ: أُخرج بقُرعةٍ (¬1). وإن طلق متَّهَمٌ أربعًا، وانقضت عدَّتُهنَّ، وتزوَّج أربعًا سواهن ورِث الثماني: ما لم تتزوَّج المطلقات (¬2). فلو كُنَّ واحدةً، وتزوَّج أربعًا سواها: ورِث الخمسُ على السواء (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ بعده (¬4) بل تحققنا عدم حياتها؛ إذ المقتول ميت بأجله -كما هو مذهب أهل السنة والجماعة (¬5) -. * قوله: (أو منقطع. . . إلخ) بطلاق بائن في الصحة ونحوه. * قوله: (فلو كن)؛ أيْ: كان بدلهن، فهو من الحذف والإيصال لصحة الأخبار. ¬
14 - باب الإقرار بمشارك في الإرث
14 - بابُ الإقرار بمُشاركٍ في الإرثِ إذا أقَرَّ كلُّ الورثة وهم مكلَّفون. . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الإقرار بمشارك في الميراث (¬1) (أيْ: من بعض الورثة)، حاشية (¬2). وبخطه (¬3): لعل المراد: في صفة الميراث، والمعنى:. . . . . . . ¬
-ولو أنهم بنتٌ، أو ليسُوا أهلًا للشهادة- بمشاركٍ، أو مسقطٍ: كأخٍ أقرَّ بابن للميت ولو من أمته -فصدَّق، أو كان صغيرًا أو مجنونًا- ثبت نسبُه: إن كان مجهولًا، ولو مع منكِرٍ لا يرثُ لمانعٍ، وإرثُه: إن لم يَقُم به مانع (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ بمن (¬2) يرث أعم من أن يرث مع (¬3) من أقرَّ به أو يسقطه بأن أقرَّ الأخ بابنٍ للميت (¬4) على ما يأتي (¬5)، وهو أولى من أن يقال أنه ترجم لشيء وزاد عليه (¬6). * قوله: (ولو أنهم بنت) حَرَّر (¬7) هذا الحمل، وَأَوَّلَهُ (¬8) شيخنا بأن التقدير: ولو أن المنحصر فيه الإرث بنت (¬9). * قوله: (فصدق)؛ أيْ: المُقَرُّ به المكلف المقِرَّ. * قوله: ([إن] (¬10) لم يقم به مانع) من نحو رق أو قتل. ¬
ويُعتبر إقرارُ زوج ومولى إن وَرِثا (¬1). وإن لم تكن إلا زوجةٌ أو زوجٌ، فأقَرَّ بولد للميت من غيره، فصدَّقه نائبُ إمام: ثبت نسبُه (¬2). وإن أقَرَّ به بعضُ الورثة، فشهد عدلانِ منهم أو مِن غيرهم: أنه ولدُ الميت، أو أقَرَّ بهِ، أو وُلد على فراشه: ثبت نسبُه وإرُثه (¬3)، وإلا: ثبت نسبُه من مُقِرٍّ وارثٍ فقط (¬4). فلو كان المُقَرُّ به أخًا للمُقِرِّ، ومات عنه، أو عنه وعن بني عمٍّ: ورِثه المُقَرُّ به. وعنه وعن أخٍ منكِرٍ: فإرثُه بينهما (¬5). ويثبت نسبُه -تبعًا- من ولدِ مُقِرٍّ، منكِرٍ له. . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (إن ورثا)؛ لأنهما من جملة الورثة. * قوله: (أو أقر به)؛ أيْ: أو كان الميت أقرَّ به أو بأنه (ولد على فراشه). * قوله: (وإلا ثبت. . . إلخ)؛ أيْ: وإن لم يشهد به عدلان مع إقرار بعض الورثة به. * قوله: (فقط)؛ أيْ: دون الميت وبقية الورثة، وسيأتي أنه إذا لم يثبت نسبه من الميت أيضًا في هذه الحالة أنه يرث الفاضل بيد المقر. * قوله: (منكر) صفة للمضاف ولو ولد. ¬
فتثبُتُ العمومة (¬1). وإن صدَّق بعضُ الورثة -إذا بَلَغَ وعَقَلَ- ثبت نسبُه (¬2)، فلو مات -وله وارثٌ غير المُقِرِّ- اعتُبر تصديقُه، وإلا: فلا (¬3)، ومتى لم يَثبُتْ نسبُه، فإذا أقرَّ أحدُ ابنَيْه بأخٍ: فله ثلثُ ما بيده، وبأختٍ: فخُمسُه (¬4)، وابنُ ابنٍ بابنٍ: فكلُّ ما بيده (¬5) (¬6). ومن خلَّف أخًا من أبٍ وأخًا من أمٍّ، فأقرَّا بأخ لأبوَين: ثبت نسبُه. . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإن صدق بعض الورثة) (¬7)؛ أيْ: وكان غير مكلف حين الإقرار. * قوله: (فلو مات)؛ أيْ: المقَرُّ به. * قوله: (وإلا فلا)؛ أيْ: وإن لم يصدقه وارث فلا يرث منه. * قوله: (ومتى لم يثبت نسبه)؛ أيْ: من الميت بل ثبت من المقِرِّ الوارث فقط -كما هو صدر المسألة-. ¬
وأخَذ ما بيدِ ذي الأب (¬1)، وإن أقرَّ به الأخُ للأب وحدَه: أخَذ ما بيده، ولم يثبُت نسبُه (¬2)، وإن أقرَّ به الأخُ من الأم وحدَه: أو بأخٍ سواه: فلا شيءَ له (¬3). والعملُ: بضربِ مسألة الإقرار في مسألة الإنكار، وتُراعَى الموافقةُ، ويدفع لمقِرٍّ سهمُه من مسألةِ الإقرارِ في الإنكارِ، ولمنكِرٍ سهمُه من مسألةِ الإنكار في الإقرار، ولمقَرٍّ به ما فضَل (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أخذ)؛ أيْ: المقَرُّ به. * [قوله: (بأخ)؛ أيْ: لهما؛ أيْ: بابن ثالث. * قوله: (وأخذ ما بيد ذي الأب) دون ما بيد ذي الأم؛ لأنه لا يسقط بالشقيق؛ إذ هو صاحب فرض (¬5). * قوله: (ولم يثبت نسبه)؛ لأنه لم يقِرَّ به كل الورثة ولا شهد به عدلان (¬6). * قوله: (فلا شيء له)؛ (أيْ: المقَرِّ به] (¬7)؛ لأنه لا فضل بيده، بخلاف ما لو أقر بأخوَين لأم فإنه يدفع إليهما ثلث ما بيده لإقراره بأنه لا يستحق إلى التسع، فيبقى بيده نصف التسع وهو ثلث السدس الذين بيده)، شرح (¬8). ¬
فلو أقَرَّ أحدُ ابنيَن بأخوَين، فصدَّقه أخوه في أحدهما: ثبت نسبُه، فصاروا ثلاثة، تُضربُ مسألةُ الإقرار في الإنكار، تكون اثنَيْ عشرَ: للمنكر سهمٌ من الإنكار في الإقرار: أربعةٌ، وللمقِرِّ سهمٌ منَ الإقرارِ في الأنكار: ثلاثة، وللمُتَّفَقِ عليه -إن صدَّق المقِرَّ- مثل سهمه، و -إن أنكره- مثل سهم المنكر، ولمختَلَفٍ فيه ما فضلَ، وهو: سهمانِ حالَ التصديق وسهمٌ حال الإنكار (¬1). ومن خلَّف ابنًا، فأقَرَّ بأخوَين بكلام متصلٍ: ثبت نسبُهما. . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بأخوَين)؛ أيْ بابنيَن آخرَين فهما أخوان للمُقِرِّ لا للميت؛ إذ لا إرث لهما حينئذ ولو صدقه أخوه. * قوله: (تكون اثنَي عشر)؛ أيْ: الجامعة (¬2). * قوله: (إن صدق المقِر) بأن كان مكلفًا -على ما سبق-. * قوله: (مثل سهمه)؛ أيْ: مثل سهم المقِر وهو ثلاثة من اثني عشر (¬3). * قوله: (مثل سهم المنكر) وهو أربعة من اثني عشر (¬4). * قوله: (فأقر بأخوَين)؛ أيْ: له. * قوله: (بكلام متصل)؛ أيْ: بكلام تتضمنه جملة واحدة أو جملًا متعاطفة ¬
ولو اختلَفا (¬1) وبأحدهما بعد الآخر، ثبت نسبُهما: إن كانا توأمَين وإلا: لم يثبُت نسبُ الثاني حتى يُصدِّق الأولُ، وله نصفُ ما بيد المقِرِّ، وللثاني ثلثُ ما بقيَ (¬2). وإن أقر بعض ورثة بزوجة للميت فلها ما فَضَل بيده عن حصته (¬3) , فلو مات المنكر فأقر ابنه بها. . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالواو أو الفاء (¬4) أو "ثم"؛ كـ "هذان أخواي أو هذا أخي [وهذا أخي] (¬5) أو فهذا أو ثم هذا (¬6) أخي" -نبه عليه ابن نصر اللَّه (¬7) -. * قوله: (حتى يصدق الأول) لصيرورته من الورثة (¬8)، وقد اعتبر إقرار جميع الورثة. * قوله: (وله)؛ أيْ: الأول. * قوله: (وللثاني ثلث ما بقي)؛ (لأنه الفضل؛ لأنه يقول: نحن ثلاثة أولاد وإن كذب الثاني بالأول وصدق الأول بالثاني ثبت نسب الثلاثة)، شرح (¬9). ¬
كمل إرثها (¬1)، وإن مات قبل إنكاره ثبت إرثها (¬2). وإن قال مكلف: "مات أبي، وأنتَ أخي"، أو: "مات أبونا، ونحن أبناؤه"، فقال: "هو أبي، ولستَ أخي": لم يُقبلْ إنكارُه (¬3). . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (كمل إرثها) لاعترافه بظلم أبيه لها بإنكاره (¬4). * قوله: (وإن مات)؛ أيْ: الابن الآخر قبل إنكاره؛ أيْ: وقبل إقراره (¬5) أيضًا (¬6). * قوله: (ثبت إرثها) ولو أنكرها ورثة هذا الابن الميت؛ لأنه لا منكر لها من ورثة زوجها (¬7)، ويؤخذ منه أن الشرط عدم الإنكار مع أن صريح ما تقدم أن الشرط إقرار الورثة لا عدم إنكارهم فقط، فليحرر!. * قوله: (لم يقبل إنكاره)؛ لأن القائل أولًا نَسَبَ الميت إليه بأنه أبوه وأقرَّ بمشاركة المقَرَّ له في ميراثه بالأُخوة، فلما أنكر أُخوته لم يثبت إقراره به وبقيت دعواه أنه أبوه دونه غير مقبولة؛ كما لو ادعى ذلك (¬8) قبل الإقرار (¬9). ¬
1 - فصل
و: "مات أبوك، وأنا أخوك" قال: ". . . لست أخي" -فالكلُّ للمُقَرِّ به (¬1)، و: "ماتت زوجتي، وأنت أخوها" قال: "لستَ بزوجها"- قُبِل إنكارُه (¬2). * * * 1 - فصل إذا أُقِرَّ في مسألةِ عَوْلٍ بمن يُزيلُه؛ كزوج وأختَين أقَرَّت إحداهما بأخ، فاضرِبْ مسألةَ الإقرار. . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (قبل إنكاره)؛ لأن الزوجية من شرطها الإشهاد، ويمكن إقامة البينة عليها (¬3)، فلا تقبل فيها الدعوى المجردة (¬4)، وعلم منه أن الزوج (¬5) إذا أقام بينة على الزوجية ثبتت (¬6). فصل (¬7) * قوله: (فاضرب مسألة الإقرار) ثمانية؛ لأن أصل المسألة من اثنَين، للزوج ¬
في الإنكار ستةً وخمسينَ، واعملْ على ما ذُكر: للزوجِ أربعةٌ وعشرونَ، وللمنكرةِ ستَة عشرَ، وللمُقِرَّةِ سبعةٌ، وللأخ تسعةٌ (¬1). . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واحد ويبقى واحد على عدد رؤوس الأخ والأختَين، وهي أربعة لا تنقسم وتباين؛ فاضرب الأربعة في الاثنَين أصل المسألة تبلغ (¬2) ثمانية (¬3). * قوله: (في مسألة الإنكار) سبعة (¬4). * قوله: (ستة وخمسين) [فيه] (¬5) حذف جواب الشرط وهو العامل في ستة (¬6). * قوله: (للزوج أربعة وعشرون) قائمة من ضرب ثلاثة من مسألة الإنكار في ثمانية مسألة (¬7) الإقرار. * قوله: (وللمنكرة ستة عشر) قائمة من ضرب ما لها من مسألة الإنكار وهو اثنان في مسألة الإقرار وهي ثمانية. * قوله: (وللمقِرة سبعة) قائمة من ضرب ما لها من مسألة الإقرار وهو واحد في مسألة الإنكار وهي سبعة. * قوله: (وللأخ تسعة) وهي الباقي. ¬
فإن صدَّقها الزوج: فهو يَدَّعي أربعة، والأخُ يدَّعي أربعةَ عشرَ، فاقسم التسعة على مُدَّعاهما: للزوج سهمان، وللأخ سبعةٌ (¬1). فإن كان معهم أختان لأم. . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فهو يدعي أربعة) تتمة النصف؛ لأن بيده أربعة وعشرين ونصف الستة والخمسين ثمانية وعشرون (¬2). * قوله: (والأخ يدعي أربعة عشر)؛ أيْ: يدعي أن تكون حصته أربعة عشر؛ لأن الباقي بعد ما يدعيه الزوج ثمانية وعشرون وهي إذا قسمت على أخ وأختَينْ يكون للأخ نصفها وهو أربعة عشر (¬3)، وكان مقتضى الظاهر أن يقول: والأخُ يدعي خمسة (¬4). * قوله: (على مدعاهما) بأن تجمع مدعاهما يكن ثمانية عشر وتنسب مدعي كل واحد منهما لذلك المجموع، وتأخذ بنسبته من التسيعة، فالأربعة تسعا الثمانية عشر، فيعطى الزوج تسعا التسعة وهو اثنان (¬5) والأربعة [عشر] (¬6) [سبعة] (¬7) أتساع الثمانية عشر، فيعطى الأخ سبعة أتساع (¬8) التسعة وهو سبعة -كما ذكر (¬9) -. ¬
ضربتَ وَفْقَ مسألةِ الإقرار، في مسألة الإنكار: اثنَيْن وسبعينَ. للزوج ثلاثة من الإنكار في وَفقِ الإقرار: أربعةً وعشرينَ، ولولدَيْ الأمِّ ستةَ عشرَ، وللمنكرَةِ مثله، وللمقِرَّةِ ثلاثةٌ، يبقَى معها ثلاثةَ عشرَ. . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ضربت وفق مسألة الإقرار) وهو ثمانية (¬1). * قوله: (في مسألة الإنكار) تسعة (¬2). * قوله: (اثنين وسبعين) فيه ما سبق (¬3). * قوله: (أربعة وعشرين) فيه أيضًا ما سبق. * قوله: (ولولدَي الأم ستة عشر) قائمة من ضرب ما لهما من مسألة الإنكار وهو اثنان في وفق مسألة الإقرار وهو ثمانية. * قوله: (وللمقِرة ثلاثة)؛ لأن لها سهما من الإقرار مضروب في ثلاثة وفق مسألة الإنكار. * قوله: (يبقى (¬4) معها ثلاثة عشر)؛ أيْ: زائدًا على الثلاثة؛ لأنها كانت تستحق لولا (¬5) الإقرار ستة عشر كأختها فصارت به تستحق ثلاثة، فيصير معها زائدًا على استحقاقها ثلاثة عشر. ¬
للأخ منها ستةٌ، يبقى (¬1) سبعةٌ لا يدَّعيها أحدٌ، ففي هذه المسألةِ وشِبْهِها تُقَرُّ بيد من أقَرَّ (¬2). فإن صدَّق الزوجُ: فهو يدَّعي اثنيْ عشرَ، والأخُ يدَّعي ستةً، يكونان ثمانيةَ عشرَ، فاضربها في المسألة؛ لأن الثلاثةَ عشرَ لا تنقسمُ عليها، ولا توافقُها، ثم من له شيءٌ من اثنين وسبعينَ: مضروبٌ في ثمانية عشرَ، ومن له شيءٌ من ثمانيةَ عشرَ: مضروبٌ في ثلاثة عشرَ، وعلى هذا، يُعمَلُ كلُّ ما وَرَدَ (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (للأخ منها ستة) مثلَي ما لأخته. * قوله: (فهو يدعي اثني عشر) (¬4) مضافة إلى الأربعة والعشرين ليكمل له تمام نصف الاثنَين وسبعين (¬5). * قوله: (مضروب) انظر ما إعراب مضروب في الموضعَين (¬6). * * * ¬
15 - باب ميراث القاتل
15 - بابُ ميراث القاتِل لا يَرثُ مكلف أو غيرُه -انفرَد أو شارَك في قتل مورِّثه (¬1)، ولو بسبب- إن لزمه قوَدٌ. . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ميراث القاتل مقتضى الترجمة أن ميراث القاتل تختلف أنواعه وأن المصنف بيَّنَهَا مع أنه ليس كذلك، وإنما [المراد] (¬2) بيان (¬3) من يرث من القاتلين ومن لا يرث منهم (¬4). * قوله: (ولو بسبب) (¬5) (كحفر بئر أو نصب سكين أو وضع حجر أو رش (¬6) ماء أو إخراج نحو جناح بطريق أو جناية مضمونة من بهيمة)، شرح (¬7). * قوله: (إن لزمه قود) كالقتل عمدًا عدوانًا (¬8) (¬9). ¬
أو دِيَةٌ، أو كفَّارةٌ (¬1). فلا ترثُ -من شربتْ دواءً فأسقَطتْ- من الغُرَّةِ شيئًا (¬2)، ولا من سقَى ولدَه ونحوَه دواءً (¬3)، أو أدَّبَه (¬4)، أو فصدَه، أو بَط سِلعتَه لحاجتِه فمات (¬5). وما لا يُضمَن بشيءٍ من هذا: كالقتل قِصاصًا أو حَدًّا أو دَفعًا عن نفسه، والعادلُ الباغيَ. . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو دية) وإن لم يجب معها كفارة كقتل الوالد ولده (¬6) عمدًا فيضمنه بالدية ولا كفارة؛ لأنه عمد ولا قصاص (¬7)؛ لأنه لا يقتل (¬8) الأصل بفرع. * قوله: (أو كفارة)؛ أيْ: وإن لم يوجب دية كبعض أقسام الخطأ. * قوله: (ولا من سقى ولده. . . إلخ) اعترض هذا الموفق (¬9) بأن هذا قتل غير ¬
وعكسُه: فلا يمنعُ الإرثَ (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ مضمون بقصاص ولا دية ولا كفارة على ما يأتي في الجنايات فكان مقتضاه عدم المنع من الإرث (¬2) وصوب في الإقناع (¬3) كلام (¬4) الموفق [وهو الموافق] (¬5) لقاعدة المذهب. * * * ¬
16 - باب ميراث المعتق بعضه
16 - بابُ ميراث المُعتَقِ بعضُه لا يَرثُ رقيقٌ -ولو مُدَبَّرًا، أو مكاتَبًا، أو أمَّ ولدٍ- ولا يُورَثُ (¬1)، ويرثُ مبعَّض (¬2) ويورَثُ، ويَحجُب بقدرِ جزئه الحُرِّ. وكسبُه وإرثُه به، لورثتِه (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ميراث المعتق بعضه (¬4) * قوله: (ويرث مبعض ويورث ويحجب بقدر جزئه [الحر] (¬5). . . [إلخ]) (¬6) هذا قول علي وابن مسعود رضي اللَّه عنهما (¬7). ¬
فابنٌ نصفُه حرٌّ، وأمٌّ وعم حُرَّانِ: فله نصفُ مالَهُ لو كان حُرًّا، وهو: ربع وسدس، وللأم ربعٌ، والباقي للعم (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فله نصف مالَه) وهو خمسة أسداس ونصفها سدسان ونصف سدس وهو مساوٍ لقول المصنف: (ربع [و] (¬2) سدس)؛ لأن مخرج نصف السدس اثنا عشر وسدسها ونصف سدسها خمسة؛ كما أن ربعها وسدسها خمسة، فتدبر!. * قوله: (وللأم ربع) وهو نصف مجموع ما لَها في الحالَين وهما الثلث والسدس، ونصفهما سدس ونصف سدس، وذلك ثلاثة من اثني عشر، وهي ربع -كما ذكر-. وبخطه: قف على أن الأم ترث غير الثلث والسدس في غير إحدي الغراوَين (¬3). * قوله: (والباقي للعم) وهو أربعة وهي ثلث (¬4). ¬
وكذا إن لم يَنقُص ذو فرضٍ بعصبَةٍ: كجدةٍ وعمٍّ، مع ابن نصفُه حُرٌّ: فله نصفُ الباقي بعد إرث الجدة (¬1). ولو كان معه من يُسقطه بحرِّيَّتِه التامة: كأختٍ وعمٍّ حُرَّانِ: فله نصفٌ، وللأختِ نصفُ ما بقيَ فرضًا، وللعمِّ ما بقيَ (¬2). وبنتٌ وأمٌّ نصفُهما حُرٌّ، وأبٌ حُرٌّ: للبنت نصفُ ما لَها لو كانت حُرةً، وهو: ربع، وللأم مع حرِّيَّتِها ورِقِّ البنتِ: ثلثٌ، والسدُسُ مع حرِّيَّةِ البنتِ، فقد حجبتْها. . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فله نصف الباقي بعد إرث الجدة) وهو ربع وسدس (¬3) (¬4). * قوله: (حُران)؛ أيْ: هما حُران، [والأولى (حرين) كما في نسخة] (¬5). * قوله: (فله نصف)؛ أيْ: نصف المال؛ لأنه نصف ما كان يستحقه لو كان كامل الحرية. * قوله: (وللأخت نصف ما بقي فرضًا) وهو ربع ويعايا بها فيقال أخت ورثت الربع فقط فرضًا (¬6). * قوله: (فقد حجبتها)؛ أيْ: الأم. ¬
حريتُها عن السدس، فبنصفِها (¬1) تحجُبُها عن نصفه يبقَى لها الربعُ لو كانت حُرة؛ فلها بنصف حريتِها نصفُه -وهو: ثمن- والباقي للأب (¬2)، وإن شئت نزلتَهم أحوالًا، كتنزيل الخَناثى (¬3). وإذا كان عصبَتانِ نصفُ كلٍّ حُرٌّ: حجَب أحدهما الآخرَ. . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله] (¬4): (حريتها)؛ أيْ: البنت. قوله: (عن السدس)؛ أيْ: عن نصف الثلث وهو سدس. * قوله: (فبنصفها)؛ أيْ: الحرية. * قوله: (تحجبها عن نصفه)؛ أيْ: السدس (¬5). * قوله: (يبقى لها الربع) الذي هو مجموع السدس ونصف السدس الباقي من السدس (¬6) الثاني الذي وقع الحجب عن نصفه (¬7). * قوله: (والباقي للأب)؛ أيْ: بعد ربع البنت وثمن الأم وهو نصفٌ وثمن (¬8). * قوله: (حجب أحدهما الآخر)؛ أيْ: سواء حجب أحدهما الآخر ¬
كابنٍ وابنِ ابنٍ، أو لا: كأخوَين وابنَين: لم تُكمَّل الحريةُ فيهما (¬1)، ولهما مع عم ونحوه: ثلاثةُ أرباع المال، بالخطاب (¬2) والأحوالِ. ولابنٍ وبنتٍ نصفُهُما حرٌّ مع عم: خمسةُ أثمانِ المال، على ثلاثة (¬3). . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وسيأتي مقابله. * قوله: (ولهما)؛ أيْ: أخوَي الميت أو ابنَيه (¬4). * قوله: (والأحوال) الواو بمعنى أو (¬5). ¬
ومعَ أم: فلها السدس (¬1)، وللابن خمسةٌ وعشرون من أصلِ اثنَين وسبعينَ، وللبنت أربعةَ عشر (¬2)، وللأم مع ابنيَن سدسٌ، ولزوجةٍ ثمنٌ (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فلها السدس)؛ أيْ: بناء على تكميل الحرية، والصواب الذي أسلفه المصنف أنها لا تكمل. وبخطه -رحمه اللَّه [تعالى] (¬4) - تبع (¬5) في ذلك التنقيح (¬6)، وفيه نظر ظاهر والصواب ما في الإقناع (¬7): من أن لها (¬8) سدس وربع وسدس؛ لأن لها خمسة عشر من اثنَين وسبعين (¬9). * قوله: (ولزوجة ثمن)؛ لأنهما لو كانا رقيقَين كان لها ربع يحجبها (¬10) كل منهما بنصف حريته عن نصف الثمن (¬11)، وخالف فيه في الإقناع أيضًا (¬12). ¬
وابنان نصفُ أحدهما حرٌّ: المال بينهما أرباعًا، تنزيلًا لهما، وخطابًا بأحوالهما (¬1). وإن هايَأ مبعَّضٌ سيدَه، أو قاسَمه في حياته: فكلُّ تَرِكتِه لورثته (¬2). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وخطابًا) الواو بمعنى أو. * [قوله: (بأحوالهما)؛ (لأن مسألة الحرية من اثنَين والرق من واحد، فاضرب الاثنَين في عدد الحالَين تصح من أربعة] (¬3)، لكامل الحرية المال في حال ونصفه في حال، فاقسم ستة على اثنَين يخرج له ثلاثة وللمبعض النصف في حال، فله ربع)، شرح (¬4). * قوله: (فكل تركته لورثته)؛ أيْ: المبعض؛ لأنه لم يبق لسيده معه حق، وإذا اشترى المبعض من ماله الخاص به رقيقًا وأعتقه فولاؤه له، ويرثه وحده حيث يرث ذو الولاء، كذلك أشار إليه ابن نصر اللَّه (¬5). ¬
1 - فصل
1 - فصلٌ ويُرَدُّ على ذي فرضٍ وعصبَةٍ: إن لم يُصبْهُ بقدرِ حريتِه من نفسه (¬1)، لكن: أيُّهما استكمَل بردٍّ، أزيدَ من قدرِ حريته من نفسه: مُنع من الزيادة، ورُدَّ على غيره: إن أمكن. وإلا فلِبيت المال (¬2). فلبنتٍ -نصفُها حرٌّ- نصفٌ بفرضٍ وردٍّ (¬3)، ولابنٍ مكانَها: النصفُ بعصوبةٍ، والباقي لبيت المال (¬4). ولابنَيْنِ نصفُهما [حرٌّ] (¬5) -إن لم نورثهما المال-. . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصلٌ (¬6) * قوله: (النصف بعصوبة) ولا تَرِدُ عليه العلة (¬7) الآتية وهي لزوم أن يأخذ (¬8) أكثر مِنْ نِصْفِ المال: مَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ، فتدبر! * قوله: (إن لم نورثهما)؛ أيْ: إن لم (¬9) نقل بأن الحرية لا تكمل فيهما (¬10) ¬
البقيةُ مع عدم عصبَةٍ (¬1). ولبنتٍ وجدَّةٍ نصفُهما حرٌّ: المالُ نصفان بفوضٍ وردٍّ، ولا يُردُّ هنا على قدر فرضَيْهما؛ لئلا يأخذَ مَنْ نصفُه حرٌّ فوق نصف التَّركة. ومعَ حرية ثلاثةِ أرباعهما: المالُ بينهما أرباعًا بقدرِ فرضَيْهما؛ لفقد الزيادة الممتنعة. . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ -وهو الصحيح الذي مشى عليه فيما تقدم-. * قوله: (البقية) (وهي ربع ردًّا)، شرح (¬2). * قوله: (مع عدم عصبة) (¬3)؛ أيْ: غيرهما. * قوله: (نصفان) حال، ولعله [على] (¬4) لغةِ (¬5) مَنْ يلزم المثنى الألف، أو هو خبر مبتدأ محذوفٍ والجملة [حال] (¬6)، والتقدير: وهو نصفان، فتدبر!. * قوله: (ثلاثة أرباعهما)؛ أيْ: البنت والجدة (¬7). * قوله: (لفقد الزيادة الممتنعة)؛ (لأن البنت لم تزد على ثلاثة أرباع وهي بقدر حريتها)، شرح (¬8). ¬
ومع حريةِ ثلثِهما: الثلثانِ بالسوَّية، والباقي لبيت المال (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (والباقي لبيت المال) ولا يردُّ عليهما لئلا يأخذ مَنْ ثلثه حُرٌّ أكثر من ثلث التركة (¬2). * * * ¬
17 - باب الولاء
17 - بابُ الولاءِ الوَلَاءُ: ثبوتُ حكم شرعيٍّ بعتقٍ أو تعاطِي سببه (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الولاء (¬2) * قوله: (ثبوت حكم شرير. . . إلخ) المشهور في تعريفه أنه: عصوبة سببها نعمة المعتق على رقيق (¬3)، وحينئذ فقول المصنف: "ثبوت حكم" من إضافة الصفة للموصوف، والمراد بالحكم العصوبة التي صرح بها غيره، والتقدير: حكم شرعي ثابت بعتق أو تعاطي سببه، وعبارة المصنف أقرب إلى التصحيح من عبارة الإقناع (¬4)، وهي قوله: (ومعنى الولاء: إذا أعتق نسمة صار لها عصبة في جميع أحكام التعصيب عند عدم العصبة من النسب. . . إلخ) ونسبه للزركشي (¬5) ¬
فمن أعتَق رقيقًا، أو بعضَه فسَرَى إلى الباقي، أو عَتَق عليه برَحِمٍ أو عِوضٍ، أو كتابةٍ أو تدبير أو إيلاد أو وصيةٍ: فله عليه الوَلاءُ، وعلى أولاده: من زوجةٍ عتيقة، أو سُرِّيةٍ (¬1). وعلى مَنْ له أوْ لَهم -وإن سَفَلوا- ولاؤه (¬2)، حتى لو أعتَقه سائبةً كـ: "أعتقتُك سائِبَةً"، أو: ". . . لا وَلاءَ لي عليك". . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وصاحب المطلع (¬3). * قوله: (أو عوض)؛ (أي: عقد معاوضة كجعل عتقه في مقابلة خدمته شهرًا أو سنة، أو شري العبد نفسه من سيده)، حاشية (¬4). * قوله: (من زوجة عتيقة. . . إلخ)؛ يعني: لا من حرة الأصل، فلا ولاء عليه ¬
أو في زكاتِه أو نذرِه أو كفارتِه (¬1). إلا إذا أعتَق مكاتَبٌ رقيقًا أو كاتبه، فأدَّى: فللسيدِ (¬2). ولا يصح دون إذنه. ولا يَنتقل: إن باع المأذون. . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لأحدٍ (¬3) ولا [من] (¬4) مملوكة الغير، فهو تبع لأمه (¬5) حيث لا غرر (¬6) ولا اشتراط. * قوله: (أو في زكاته) قال المصنف في باب أهل الزكاة: (ويجزئ أن يشترى [منها] (¬7) رقبة لا تعتق عليه فيعتقها)، انتهى المقصود (¬8). * قوله: (ولا ينتقل. . . إلخ)؛ يعني (¬9): إذا أذن السيد لمكاتبه (¬10) في ¬
فعَتَق عند مشتريه (¬1). ويَرِث ذو وَلاءٍ به عند عدم نسيبٍ وارثٍ، ثم عصبَتُه بعده، الأقرب فالأقربُ (¬2). ومن لم يَمَسَّه رقُّ، وأحدُ أبَوْيه عَتِقٌ والآخرُ حرُّ الأصل (¬3). . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عتق عبده (¬4) فأعتقه ثم باع السيد مكاتبه المأذون له في العتق فعتق عند المشتري، فإن ولاء من أعتقه المكاتب لسيده الأول ولا ينتقل بسبب الشراء للمشتري (¬5)؛ لقول الإمام: من أذِن لعبده في عتق عبد فأعتقه ثم باعه فولاؤه لمولاه الأول. رواه عنه ابن منصور (¬6). * قوله: (وارث)؛ أيْ: مستغرق. ¬
أو مجهولُ النَّسب: فلا ولاءَ عليه (¬1). ومن أعتَق رقيقَه عن حيٍّ بأمره: فوَلاؤه لمعتَقٍ عنه (¬2)، ودونِه، أو عن ميت: فلمعتِقٍ، إلا من أعتقه وارثٌ عن ميت له تَرِكةٌ -في واجب عليه-: فللميت، وإن لم يتعيَّن العتقُ أطعَم أو كسا، ويصح عتقُه (¬3). وإن تبرَّع بعتقه عنه -ولا تَركةَ- أجزَأ، كإطعام وكسوةٍ (¬4). . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فلا ولاء عليه)؛ (لأن الأم لو كانت حرة الأصل تبعها ولدها لو كان أبوه رقيقًا في انتفاء الرق والولاء، ففي انتفاء الولاء وحده أولى، وإن كان الوالد حر الأصل (¬5) فالولد يتبعه؛ إن (¬6) لو كان عليه ولاء بحيث يصير الولاء عليه لمولى أبيه فَلأَن يتبعه (¬7) في سقوط الولاء عنه أولى، ومجهول النسب محكوم بحريته أشبه معروف النسب؛ لأن الأصل في الآدميين الحرية وعدم الولاء، فلا يترك في حق الولد بالوهم كما لا يترك في حق الأب)، شرح (¬8). ¬
وإن تبرَّع بهما أو بعتقٍ أجنبيٌّ: أجزأ، ولمتبرِّعٍ الولاء (¬1). و: "أعتِق عبدَك عني"، أو: ". . . عني مجانًا"، أو: "وثمنُه عليَّ" فلا [يجب] (¬2) عليه أن يُجيبَه، وإن فعل -ولو بعد فراقه- عتق والولاء لمعتَق عنه ويلزمه ثمنه بالتزامه، ويجزئه عن واجب. . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فلا عليه أن يجيبه)؛ أيْ: فلا يجب (¬3) أو فلا لوم، واقتصر الشارح على التقدير الأول (¬4). * قوله: (والولاء لمعتق عنه) هذا داخل في قوله: (ومن أعتق رقيقه عن حي بأمره فولاؤه لمعتق عنه). * قوله: (ويلزمه ثمنه. . . إلخ) لعل المراد قيمته حال العتق (¬5). * قوله: (ويجزئه عن واجب) لعله إن قصده، وصرح به شيخنا في شرح الإقناع (¬6). ¬
ما لم تكن قرينةٌ (¬1). و: "أعتِقْه وعليَّ ثمنُه"، أو زاد: ". . . عنك. . . "، ففعل: عَتَق، ولزم قائلًا ثمنُه. ووَلاؤه لمعتِقٍ. ويُجزئُه عن واجب (¬2). ولو قال: "اقتُله على كذا"، فلَغْو (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ما لم يكن قريبه)؛ أيْ: ويعتق عليه بالقرابة، وإنما لم يتأت (¬4) ذلك لعدم تأتي (¬5) الإعتاق؛ لأن عتقه يقع عقب التمليك من غير توقف على صيغة (¬6). * قوله: (ولزم قائلًا ثمنه) لعل المراد به قيمته حالة العتق -كما تقدم في نظيره-. * قوله: (ويجزئه عن واجب) لعله إذا قصده -كما سبق (¬7) -، ومع ذلك ففيه توقف؛ لأنه سيأتي في الكفارات أنه إذا أعتق في مقابلة عوض لا يجزئه عن واجب، فتدبر!. ¬
1 - فصل
وإن قال كافر: "أعتِقْ عبدك المسلمَ عني، وعليَّ ثمنُه" ففعل: صح. ووَلاؤه للكافر، ويَرِثُ به (¬1)، وكذا كلُّ ما بايَنَ دِينَ معتِقِه (¬2). * * * 1 - فصل ولا يرث نساءٌ به إلا من أعتَقْن أو أعتقَ من أعتَقْن، أو كاتَبْنَ أو كاتَب من كاتَبْن، وأولادهم ومن جرُّوا ولاءه (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وكذا كل من باين دين معتقه) وتقدم في أول باب ميراث أهل الملل (¬4). فصل (¬5) * قوله: (أو أعتق من أعتقن) المراد عتيق (¬6) من باشرن (¬7) عتقه، وفي العبارة صعوبة. ¬
ومن نكحت عَتيقها، فهي القائلة: "إن أَلِد أنثى فلي النصف، وذكرًا فالثمنُ، وإن لم أَلِد فالجميع" (¬1). ولا يرث به ذو فرضٍ، غيرَ أب أو جدٍّ مع ابن: سدسًا، وجدٍّ مع إخوة: ثلثًا. . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومن نكحت عتيقها)؛ [أيْ] (¬2): وحملت منه ثم مات (¬3). * قوله: (فلي النصف) الثمن بالزوجية، وباقي النصف بالولاء (¬4). * قوله: (فالثمن) بالزوجية والباقي للولد (¬5). * قوله: (فالجميع) الربع بالزوجية والباقي بالولاء (¬6). * قوله: (سدسًا) معمول لفعل محذوف دل عليه المذكور، والتقدير: فإن كلًّا (¬7) منهما يرث سدسًا -كما أشار إليه المصنف في شرحه (¬8) -. * قوله: (وجد مع اخوة ثلثًا)؛ أيْ: إن لم يكن معهم ذو فرض (¬9)، [فإن كان، معهم ذو فرض] (¬10) كان له الأحظ من ثلث الباقي، أو سدس ¬
-إن كان أحظ له (¬1) -. ويرثُ عصبةُ ملاعِنةٍ عتيقَ ابنها (¬2). ولا يباع ولاء، ولا يوهب، ولا يوقف، ولا يوصى به، ولا يورث، وإنما يرث به أقرب عصبة السيد إليه يوم موتِ عتيقه، وهو المراد بـ: "الكُبْر" (¬3). . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جميع المال -كما سبق (¬4) -. * [قوله: (إن كان أحظ له) بأن زادوا على مثلَيه (¬5)، وإلا -قاسمهم كما سبق-] (¬6). * قوله: (ويرث عصبةُ ملاعنةٍ عتيقَ ابنها)؛ لأن عصبة ابن الملاعنة عصبة أمه (¬7). * قوله: (وهو المراد بالكُبْر) بضم الكاف وسكون الباء الموحدة في رواية ¬
فلو مات سيد عن ابنَين: ثم أحدهُما عن ابن، ثم مات عتيقه فإرثُه لابن سيده (¬1)، وإن ماتا قبل العتيق، وخلَّف أحدهما ابنًا والآخر أكثر، ثم مات العتيق: فإرثه على عددهم كالنَّسب (¬2). ولو اشترى أخ وأخت (¬3) أباهما، فملك قِنًّا فأعتقه، ثم مات، ثم العتيقُ. . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عمرو بن شعيب (¬4) من قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ميراث الولاء للكُبْرِ من الذكور" (¬5). * قوله: (كالنسب) لا كوقف، فلا يقال: إن كل طائفة تأخذ ما كان يأخذه أبوها لو كان موجودًا. * قوله: (ثم مات)؛ أيْ: الأب. ¬
ورثه الابنُ بالنسب، دون أخته بالوَلاء (¬1) (¬2)، ولو مات الابن ثم العتيق: وَرِثَتْ منه بقدر عتقها من الأب، والباقي بينها وبين معتق أمِّها. . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ورثه الابن بالنسب)؛ أيْ: بسبب كونه عصبةَ المعتق من النسب، وعصبة النسب مقدمة على عصبة الولاء، فيختص بالإرث دون أخته؛ لأنها عصبة ولاء فقط (¬3)، وعبارة المصنف توهم أن الولد عصبة من النسب بالنسبة للعتيق (¬4) مع أنه أجنبي منه، فتدبر!. * قوله: (ورثت بقدر عتقها من الأب) ما لم يكن للأب عصبة من النسب غير الابن الذي مات (¬5) -وهو ظاهر-. * قوله: (والباقي بينها وبين معتق أمها) انظر ما وجهُهُ. قال بعضهم: وكان وجهه -واللَّه أعلم- أنه إذا كانت أم الابن والبنت معتقه وأبوهما رقيقًا ثبت الولاء عليهما لمعتق أمهما، فلما اشتريا أباهما وعتق عليهما انجرَّ لكل واحد منهما من ولاء الآخر بقدر ما عتق عليه من الأب، وباقي ولاء ¬
-إن كانت عتيقة (¬1) -. ومن خلَّفت ابنًا وعصبةً، ولها عتيقٌ فولاؤه وإرثهُ لابنها، إن لم يحجبه نسيب، وعَقْلُه عليه وعلى عصبتها (¬2). . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كل منهما لمولى الأم، فلو كانا مثلًا اشتريا أباهما نصفَين انجرَّ للابن نصف (¬3) ولاء أخته ونصف ولائها الباقي لمولى الأم، وانجرَّ (¬4) للبنت أيضًا نصف ولاء أخيها ونصفه الباقي لمولى الأم، فلما مات الأب والابن ثم عتيق الأب، ولم يبق إلا البنت ومعتق الأم -كان نصف ولاء عتيق الأب للبنت لعتقها لنصف الأب المعتق ونصفه الباقي للابن لعتقه للنصف الآخر، ونصف الابن هذا بين البنت ومولى [الأم] نصفَين؛ لأن ولاء الابن بينهما كذلك لانجرار نصف ولائه إليه -كما تقدم-. * قوله: (إن (¬5) كانت عتيقة) فإن لم تكن الأم عتيقة كان الباقي لبيت المال. * قوله: (وإرثه) من عطف المسبَّب على السبب. * قوله: (إن لم يحجبه نسيب)؛ أيْ: للعتيق لمقدمه على عصبة الولاء (¬6). ¬
2 - فصل في جر الولاء ودوره
فإن باد بنوها فلعصبتها دون عصبتهم (¬1) * * * 2 - فصل في جرِّ الولاء ودَوره من باشر عتقًا، أو عَتَق عليه: لم يَزُلْ ولاؤه بحالٍ. . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (دون عصبتهم)؛ (أيْ: عصبة بنيها؛ لأن الولاء لا يورث) (¬2)، شرح (¬3). فصل في جر الولاء (¬4) ودوره (¬5) ¬
فأمَّا إن تزوَّج عبدٌ معتقَةً: فولاءُ ما تَلِدُ لمولَى أُمِّه، فإن أعتق الأبَ سيدُه: جَرَّ ولاءَ ولدِه، ولا يعود لمولَى الأم بحالٍ (¬1). . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (إن تزوج [عبدٌ] (¬2) معتقةً)؛ (أيْ: لغير سيده)، [شرح] (¬3) (¬4). * قوله: (لمولى أمه)؛ أيْ: زوجة العبد (¬5). * قوله: (فإن أعتق الأبَ سيدُه) المعبر عنه بالعبد. * قوله: (جرَّ ولاء ولده) (من مولى أمه؛ لأن الانتساب للأب فكذا الولاء)، شرح (¬6). * قوله: (ولا يعود لمولى الأم بحال) إلا إذا نفي (¬7) باللعان (¬8) (¬9). ¬
ولا يُقبل قولُ سيدِ مكاتَبٍ ميتٍ: "أنه أدى وعَتَق"، ليَجُرَّ الولاءَ (¬1)، وإن عتَق جدٌّ -ولو قبل أب- لم يَجُرَّه (¬2). ولو ملك ولدهما أباه: عَتَق. . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مكاتب ميت. . . إلخ)؛ أيْ: له أولاد من زوجة عتيقة (¬3). وبخطه (¬4): والظاهر أن بقية ماله لورثته، فإن كانوا كبارًا وصدقوا السيد دفع إليهم وإلا حفظ في بيت المال حتى يكلفوا ويصدقوا، ولا يدفع للسيد؛ لأنه لا يدعيه. * قوله: (وإن عتق جد)؛ أيْ: جد أولاد (¬5) العتيقة (¬6). * قوله: (قبل أبٍ)؛ أيْ: قبل عتق أب. * وقوله: (لم يجره)؛ أيْ: ولاء أولاد ولده من مولى أمهم نصًّا (¬7)؛ لأن الأصل بقاء الولاء لمستحقه، خولف في الأب للورود والجد لا يساويه؛ لأنه يدلي بغير كالأخ، فقياسه عليه قياس مع الفارق (¬8). * قوله: (ولدهما)؛ أيْ: العبد والعتيقة. ¬
وله ولاؤه ووَلاء إخوتِه. ويبقى ولاءُ نفسه لمولى أمِّه، كما لا يَرِثُ نفسَه (¬1). فلو أعتق هذا الابنُ عبدًا، ثم أعتق العَتيق أبا معتِقِه: ثبت له ولاؤه، وجَرَّ ولاءَ معتِقِه: فصار كلٌّ مولى الآخرِ (¬2). ومثله: لو أعتق حربيٌّ عبدًا كافرًا، فسَبَى سيدَه فأعتقه (¬3)، فلو سَبَى المسلمون العتَيقَ الأول، فرُقَّ ثم أعتق: فولاؤه لمعتِقه ثانيًا (¬4)، ولا يَنجَرُّ إلى الأخير ما للأول قبلَ رقِّه ثانيًا: من ولاءِ ولدٍ وعتيقٍ (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (إخوته)؛ أيْ: إخوة نفسه. * قوله: (فلو أعتق هذا الابن عبدًا)؛ أيْ: مع بقاء رق (¬6) أبيه. * قوله: (أبا معتقة)؛ أيْ: بعد أن انتقل ملكه إليه. * قوله: (فصار كل. . . إلخ)؛ أيْ: من الولد المعتق للعتيق ومعتق أبي معتقه. * قوله: (ولا ينجرُّ. . . إلخ)؛ لأنه أثر للعتق (¬7) الأول فيبقى على ما كان (¬8). ¬
وإذا اشتَرى ابنُ وبنتُ معتَقةٍ أباهما نصفَيْن: عَتَق، وولاؤه لهما، وجَرَّ كلٌّ نصفَ ولاءِ صاحبه، ويبقى نصفُه لمولى أمِّه (¬1). فإن مات الأب: وَرِثاه أثلاثًا بالنسب، وإن ماتت البنت بعده: وَرثها أخوها به، فإذا مات: فلمَولَى أمِّه نصفٌ، ولَموَالِي أخته نصفٌ؛ وهم: الأخ ومولى الأم، فيأخذُ مولى أمه نصفَه، ثم يأخذ الربع الباقي، وهو: "الجزء الدائرُ"؛ لأنه خرج من الأخ وعاد إليه (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإذا اشترى. . . إلخ) هذا شروع في دور الولاء. * قوله: (ويبقى نصفه لمولى أمه)؛ لأنه لا يجر ولاء نفسه كما لا يرث نفسه (¬3). * قوله: (بعده)؛ أيْ: بعد أبيها. * قوله: (ورثها أخوها)؛ أيْ: إن لم يوجد لها وارث أقرب منه كابنها. * قوله: (فيأخذ مولى أمه نصفه)؛ أيْ: نصف النصف وهو ربع، لأن ولاء الأخت بين الأخ ومولى الأم نصفَين. * * * ¬
17 - كتاب العتق
17 - كِتَابُ العِتْقِ
(17) كِتَابُ العِتْقِ وهو: تَحْريرُ الرَّقبةِ، وتخليصها من الرِّقِّ (¬1)، ومن أعظمِ القُرَبِ (¬2). . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب العتق (¬3) وهو لغةً الخلوص، ومنه عتاق الخيل وعتاق الطير؛ أيْ: خالصها، وسمي البيت الحرام عتيقًا لخلوصه من أيدي الجبابرة؛ يعني: من أن تجري عليه سلطنتهم لا أنه كان في أيديهم ثم خلص (¬4). ¬
وأفضلُها: أنفَسُها عند أهلها، وأغلاها ثمنًا (¬1)، وذكَرٌ وتعدُّدٌ أفضلُ (¬2). وسُنَّ عتقُ وكتابةُ من له كسبٌ. وكُرِها: إِن كان لا قوةَ له ولا كسْبَ، أو يُخافُ منه زنًا أو فسادٌ (¬3). وإن عُلم أو ظُنَّ ذلك منه: حرُم، وصحَّ (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وأفضلها)؛ أيْ: أفضل الرقاب للعتق. * قوله: (وأغلاها (¬5) ثمنًا)؛ أيْ: قيمة؛ إذ قد تكون قيمته توازي أضعاف ثمنه. * قوله: (وكرها)؛ أيْ: العتق والكتابة. * قوله: (حرم) ويباح إن لم يقصد ثواب الآخرة؛ لأنه لا ثواب في غير منوي إجماعًا، ويجب بنذر وعن كفارة فتعتريه الأحكام الخمسة (¬6). ¬
ويحصُل بقولٍ، وصريحُه: لفظُ "عتق" و"حُرِّيَّة" كيف صُرِّفا، غيرَ أمرٍ ومضارعٍ واسمِ فاعل (¬1)، ويقَعُ من هازلٍ، لا نائمٍ ونحوه (¬2)، ولا إن نَوَى بالحرية عفَّتَه وكرمَ خُلقه (¬3). و: "أنت حرٌّ في هذا الزمن"، أو: ". . . البلدِ": يَعتِقُ مطلقًا (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وصريحه لفظ عتق وحرية)؛ أيْ: مشتق منهما. * قوله: (واسم فاعل)؛ أيْ: [على] (¬5) وزن مُفعِل بخلاف ما كان على وزن فاعل، فإنه يعتق به على قياس ما يأتي في الطلاق -كما أشار إليه شيخنا في شرحه (¬6) -. * قوله: (ونحوه) كمغمًى عليه ومجنون ومبرسم (¬7). * قوله: (مطلقًا)؛ أيْ: غير مقيد بما قيده به من زمن أو بلد. ¬
وكنايتُه مع نِيَّته: "خلَّيْتُكَ"، و"أطلَقْتُكَ"، و"الحَق بأهلك"، و"اذهبْ حيثُ شئتَ" (¬1)، و"لا سبيل أو سلطانَ أو مِلكَ أو رِقَّ أو خدمةَ لي عليكَ"، و"فككتُ رقبتَكَ"، و"وهَبتُكَ للَّه"، و"رفعتُ يدي عنكَ إلى اللَّه"، و"أنتَ للَّه، أو مولايَ، أو سائِبةٌ"، و"ملَّكتُكَ نفسَك" (¬2)، وللأمَةِ: "أنتِ طالقٌ أو حرامٌ" (¬3)، ولِمَن يمكن كونُه أباه: "أنتَ أبي"، أو ابنُه: "أنتَ ابني"، ولو كان له نسب معروف (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وكنايته مع نيته) لم يقل أو قرينة وهو قياس ما في الطلاق (¬5)، فيطلب الفرق بين البابَين، وفي شرح شيخنا (¬6): (قلت: أو قرينة). وبخطه (¬7) -رحمه اللَّه تعالى-: قوله: (وكنايته مع نيته) لو قال: وكنايته، وسرد ما ذكره وأعقبه بقوله: ويقع بذلك مع نيته وأسقط "ما" هنا -لكان أحسن في السبك. * قوله: (ولمن يمكن. . . إلخ) ظاهر السياق أن هذا من الكنايات المتوقفة ¬
لا إن لم يمكن: لكبر، أو صغر، ونحوه -ولم يَنو به عتْقَه- كـ: "أعتقتُكَ -أو أنت حرٌّ- من ألف سنةٍ" (¬1)، وكـ: "أنتِ بنتي" لعبده، و"أنتَ ابني" لأمته (¬2)، وبملكٍ لذي رَحِم محرَّمٍ بنسب (¬3)، ولو حَمْلًا (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ على النية ويأباه قوله بعده: (لا إن لم يمكن لكبر أو صغر (¬5) ونحوه) ولم ينو به عتقه؛ فإنه نصٌّ في أن الأول محمول على الأعم، قرر ذلك شيخنا -رحمه اللَّه [تعالى] (¬6) - وربما يشير إلى ذلك قوله في الشرح: ومما يحصل به العتق قول سيد. . . إلخ، ومنه تعلم أيضًا أن قوله "لمن" متعلق بمبتدأ محذوف مع خبره (¬7)، فتدبر!. * قوله: (ونحوه) ككونه مقطوع الذكر والخصيتَين من قبل البلوغ (¬8). * قوله: (وكانت بتتي لعبده) التمثيل به [لما] (¬9) لا يمكن؛ نظرًا للظاهر وإلا ¬
وأبٌ وابنٌ من زنًا، كأجنبيَّيْن (¬1)، ويَعتِقُ حملٌ -لم يُستثنَ- بعتقِ أمه (¬2)، ولو لم يَملكْه (¬3)، إن كان موسِرًا ويَضمن قيمتَه لمالكه. ويصح عتقُه دونَها (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ فيجوز أن يقصد أنتَ منسوب إلى بنتي على وجه البنوة لها أو الأخوة (¬5)، خصوصًا إن قلنا: إن الاستحالة من قرائن المجاز. * قوله: (وأب. . . إلخ) ليس بقيد (¬6)؛ إذْ لا يُخَص ذو الرحم المحرم هنا بعمودَي النسب، وإنما يناسب هذا التخصيص من قال بالتخصيص، فتدبر!. * قوله: (ويضمن (¬7) قيمته لمالكه) يوم ولادته حيًّا؛ لأنه لا قيمة له حملًا، ولا يمكن تقويمه كذلك ويصير كالمستثنى من أن الاعتبار بالقيمة يوم التلف (¬8). * قوله: (ويصح عتقه)؛ أيْ: دون بيعه (¬9). ¬
ومن مَلَك بغير إرثٍ جزءًا ممن يَعتِقُ عليه -وهو مُوسِر بقيمة باقية، فاضلة كفِطرةٍ، يومَ مِلكِه- عَتَق كلُّه، وعلمه ما يُقابِل جزءَ شريكه من قيمهِ كلِّه. وإلا: عَتَق ما يُقابِل ما هو موسرٌ به (¬1)، وبإرثٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومن ملك. . . إلخ) ولو صغيرًا كما يؤخذ من كتاب الحجر (¬2)، بخلاف العتق بالمباشرة؛ فإنه لا يصح إلا من جائز التصرف كما يؤخذ من الكفارات (¬3)، وأما العتق بالتمثيل (¬4)، فلا يشترط فيه ذلك -كما يعطيه إطلاق المصنف كغيره-. * قوله: (فاضلةَ) حال. * قوله: (يوم ملكه) متعلق بـ (موسر). * قوله: (وإلا)؛ أيْ: صمان لم يكن موسرًا بقيمة حصة شريكه. * قوله: (ولإرث) محترز قوله: (بغير إرث). ¬
لم يَعتِق إلا ما مَلَك ولو موسرًا (¬1). ومَن مَثَّل -ولو بلا قصدٍ- برقيقِه فجَدَع أنفَه أو أُذنَه، ونحوَهما، أو خرَق أو حرَق عضوًا منه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لم يعتق إلا (¬2) ما ملك) (¬3) (لأنه لم يتسبب إلى إعتاقه (¬4)؛ لحصول ملكه دون فعله وقصده)، شرح (¬5). * قوله: (ومن مثّل. . . إلخ)؛ أيْ: فعل به فعلًا صار مُثْلَةً بسببه، وظاهر ذلك ولو كان المالك صغيرًا (¬6). وبخطه: هو أو وكيله -كما بحثه شيخنا-. * قوله: (برقيقه) لو مكاتبًا (¬7)، [وانظر لو كان المالك مكاتبًا] (¬8) هل هو كالحر الكبير أو كالصغير والسفيه؛ استظهر شيخنا الثاني. * قوله: (أو خرق)؛ أيْ: خرقًا تحصل به المثلة بخلاف ما لو خرق أذنه ¬
عَتَق (¬1)، وله وَلاؤه (¬2)، وكذا لو استكْرَهَه على الفاحشة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لوضع قُرط (¬3) [فيها] (¬4)، يبقى النظر فيما لو أراد خرق أذنه لذلك فثلمت (¬5) فصار مثلة؛ فإن مقتضى ما هنا (¬6) أنه يعتق عليه بذلك حيث قال (¬7): "ولو بلا بقصد" (¬8). * قوله: (وكذا لو استكرهه على الفاحشة) قاله الشيخ تقي الدين -رحمه اللَّه- (¬9). ¬
1 - فصل
أو وَطِئَ مباحةً -لا يوطأُ مثُلها لصغر- فأفضاها (¬1)، ولا عتْقَ بخَدْشٍ، وضربٍ، ولعن (¬2)، ومالُ معتَق بغير أداءٍ عند عتقٍ لسيد (¬3). * * * 1 - فصل ومن أعتَق جزءًا مُشاعًا: كنصفٍ ونحوه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو وطئ مباحة)؛ أيْ: أمة (¬4). فصل (¬5) ¬
أو معيَّنًا غيرَ شعرٍ وظُفرٍ وسِنٍّ ونحوه -من رقيق- عَتَق كلُّه (¬1). ومن أعتَق كلَّ مشترَكٍ ولو أمَّ ولد، أو مدبَّرًا، أو مكاتبًا أو مسلمًا: والمعتِقُ كافرٌ، أو نصيبَه وهو يومَ عتقِهِ مُوسِرٌ -كما تقدَّم- بقيمةِ باقيه: عَتَق كلُّه (¬2) ولو مع رهنِ شِقْصِ الشريك (¬3)، وعليه قيمتُه مكانَه (¬4)، ويُضمنُ شِقْصٌ (¬5) من مكاتَب، من قيدمته مكاتبًا (¬6). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو نصييه) وكذا بعض (¬7) نصيبه، وكذا أيضًا كل نصيبه ويعض نصيب شريكه (¬8)، فالغرض المثال لا التخصيص. * قوله: (مكانه)؛ أيْ: تجعل رهنًا مكانه. * قوله: (من قيمته)؛ (أيْ: بالحصة من قيمته) -كذا في شرح شيخنا (¬9) -. ¬
وإلا: فما قابَلَ ما هو موسِرٌ به (¬1)، والمعسِرُ يعتِق حقُّه فقط، ويبقى حقُّ شريكه (¬2). ومن له نصفُ قِنٍّ ولآخر ثلثُه، ولثالثٍ سدسُه، فأعتَق مُوسِران منهم حقهما معًا: تساوَيَا في ضمانِ الباقي، ووَلائه (¬3). و: أعتَقتُ نصيبَ شريكي: لغوٌ، كقوله لقِنِّ غيره: "أنت حرٌّ من مالي، أو فيه"، فلا يعتِق (¬4) ولو رضي سيدُه (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإلا)؛ أيْ: وإن لم يكن موسرًا بقيمة (¬6) باقيه. * قوله: (لغو)؛ أيْ: ما لم يكن هناك إذن أو توكيل في ذلك (¬7). * قوله: (ولو رضي سيده)؛ لأنه حينئذٍ في تصرفات الفضولي وهي غير صحيحة إلا ما استثني في البيع (¬8). ¬
و: "أعتَقتُ النصيبَ" يَنصرفُ إلى ملكه، ثم يَسْرِي (¬1). ولو وكَّل شريكٌ شريكَه، فأعتَق نصفَه، ولا نيةَ: انصرفَ إلى نصيبه، وأيُّهما سَرَى عليه: لم يَضمنْه (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (واعتقت النصيب ينصرف إلى ملكه) وكأن التعريف اللامي قائم مقام التعريف الإضافي؛ أيْ: نصيبي، فتدبر!. * قوله: (انصرف إلى نصيبه)؛ أيْ: المعتق دون موكِّله. * قوله: (لم يضمنه) عدم الضمان واضح فيما إذا لم ينو نصيب شريكه؛ [لأنه يقع على نصيب نفسه بالمباشرة وعلى نصيب شريكه] (¬3) المأذون في عتقه بالسراية (¬4). وأما إذا نوى نصيب شريكه وسرى (¬5) إلى نصيبه فمقتضى القواعد الضمان على الشريك الموكِّل؛ لأن فعل الوكيل كفعل الموكل، فكأن العتق ما وقع إلا من الشريك فيضمن ما سرى العتق إليه بسببه (¬6) (¬7). ¬
وإن ادَّعى كلٌّ من موسِرَين: "أن شريكَه أعَتَق نصيبَه"، عَتَق المشترَكُ؛ لاعترافِ كلٍّ بحريتهِ -وصار مدَّعيًا على شريكه بنصيبه من قيمته-، ويحلفُ كلٌّ للسِّراية. ووَلاؤه لبيت المال (¬1)، ما لم يعترف أحدُهما بعتق: فيثبُتُ له، ويَضمنُ حقَّ شريكه (¬2)، وَيعتِق حقُّ معسِرٍ فقط، مع يُسْرةِ الآخر (¬3)، ومع عُسْرتهما: لا يَعتِق منه شيءٌ (¬4). وإن كانا عدلَيْن فشَهِدا، فَمن حلَف معه المشتَرك. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ما لم يعترف أحدهما بعتق)؛ أيْ: لكله أو لجزئه. * قوله: (ويعتق حق معسر)؛ أيْ: ادعى أن شريكه الموسر أنه أعتق نصيبه فسرى إلى نصيب الشريك المعسر (¬5) ووجه [العتق] (¬6) اعتراف المعسر بعتق نصيبه ودعواه على الشريك لا تقبل (¬7)، فتدبر!. ¬
عَتَق نصيب صاحبه (¬1)، وأيُّهما ملك من نصيب شريكه المعسِرِ شيئًا: عَثَق، ولم يَسْر إلى نصيبه (¬2). ومن قال لشريكه الموسر: "إن أعتقتَ نصيبَك فنصيبي حرٌّ" فأعتَقَه: عَتَق البافي بالسِّرَاية مضمونًا (¬3)، وإن كان معسِرًا: عَتَق على كلٌّ نصيبُه (¬4)، و: "إن أعتقت نصيبَك فنصيبي حرٌّ مع نصيبك". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (عتق)؛ أيْ: [عليه] (¬5) ما ملكه فمرجع الضمير فيه ضمير يربط الشرط بالجزاء وهل يكتفي (¬6) بمثله؟ وتقدم له نظائر في كلامه. وبخطه (¬7): (ولا ولاء له عليه؛ لأنه لا يدعيه وإنما عتق عليه بسبب دعواه)، شرح (¬8). * قوله: (عتق الباقي بالسراية) لسبقها فمنعت عتق الشريك المعلق (¬9)، وولاؤه كله للموسر (¬10). ¬
ففَعَل: عَتَق عليهما مطلقًا (¬1). ومن قال لأمتِه: "إن صلَّيت مكشوفةَ الرأس فأنتِ حرةٌ قبلَه". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مطلقًا)؛ (أيْ: سواء كانا (¬2) موسرَين أو معسرَين أو أحدهما (¬3) موسر والآخر معسر، ولا ضمان على المعتق لوجود العتق منهما معًا؛ كما لو وكَّل أحد الشريكَين الآخر فأعتقه عنهما بلفظ واحد. وإن قال: إن أعتقت نصيبك فنصيبي حرٌّ قبل إعتاقك فأعتق مقول له نصيبه وقع عتقهما معًا، فلا ضمان)، شرح (¬4). * قوله: (ومن قال لأمته: إن صليت) المراد صلاة صحيحة شرعًا (¬5) لما يأتي في الأيمان وليتأتى أيضًا كونها من المسائل السريجية (¬6). ¬
فصلَّت كلذلك: عتَقتْ (¬1). و: "إن أقرَرْتُ بكَ لزيد فأنت حُرٌّ قبلَه"، فأقرَّ به له: صحَّ إقرارُه فقط (¬2)، و: "إن أقررتُ بك لزيد فانت حُرٌّ ساعة إقراري" -فَفَعل- لم يصحَّا (¬3). ويصح شراء شاهدين مَنْ رُدَّت شهادتهما بعتقه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (عَتقَت) وفيه ما في نظائره من المسائل السُّرَيْجية المذكورة في الطلاق من التوجيهات الأربعة ومنها إلغاء قوله: قبله. * قوله: (فقط)؛ أيْ: دون العتق؛ لأنه تصرف في ملك الغير دون إذنه فلم يصح (¬4). * قوله: (لم يصحا) مقتضى القواعد صحة العتق لتشوف الشارع إليه ويغرم لزيد قيمته. * قوله: (مَن) مفعول شرى. ¬
ويعتق كانتقاله لهما بغير شراء (¬1)، ومتى رجع بائع: ردَّ ما أخذَ واختص بإرثه (¬2)، ويُوقَفُ: إن رجَع الكلُّ حتى يَصطلحوا (¬3)، وإن لم يَرجع أحدٌ: فلبيت المال (¬4). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويعتق)؛ أيْ: عليهما ولا ولاء لهما عليه (¬5). * قوله: (بغير شراءٍ) كهبة أو إرث. * قوله: (واختص لإرثه) (¬6)؛ لأن ولاءه له (¬7). * قوله: (ويوقف)؛ أيْ: الإرث. * قوله: (إن رجع الكل)؛ أيْ: الشاهدان عن شهادتهما بالعتق والبائع عن إنكاره العتق بأن اعترف به فصار يدعي العتق والشاهدان ينكرانه، فحصل التخالف بين الشاهدَين والبائع، فيوقف الإرث إلى أن يصطلحوا (¬8). ¬
2 - فصل
2 - فصل ويصح تعليقُ عتقٍ بصفة: كـ: "إن أعطيتني ألفًا فأنت حُرٌّ" ولا يملك (¬1) إبطاله ما دام مِلكُه (¬2)، ولا يَعتِق لإبراء، وما فضَل عنه فلسيدٍ (¬3). وله أن يطأ، ويَقِفَ، ويَنقُلَ ملكَ من علَّق عتقهَ قبلها (¬4)، وإن عاد مِلكُه -ولو بعد وجودها حالَ زواله-: عادت (¬5)، ويبطلُ بموته، فقولهُ: "إن دخلتَ الدار. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل (¬6) * قوله: (ولا يعتق بإبراء)؛ (لأنه لا حق له في ذمته حتى يبرئه منه، ولا يبطل التعليق بذلك)، شرح (¬7). * قوله: (وما فضل عنه)؛ أيْ: عن الألف. * قوله: (قبلها)؛ أيْ: الصفة. * قوله: (ويبطل)؛ أيْ: التعليق. ¬
بعد موتي فأنت حُرٌّ": لغوٌّ (¬1). ويصح: "أنت حُرٌّ بعد موتي بشهر" (¬2)، فلا يملكُ وارثٌ بيعَه قبله كموصًى بعتقه قبله، أو لمعيَّن قبلَ قبولِه (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فلا يملك وارث بيعه قبله)؛ يعني: ولا بعده كما هو ظاهر، فليس للاحتراز. وبخطه (¬4): انظر لو نجز الوارث عتقه قبل مضي الشهر هل يكون ثواب العتق للورثة أو للموصى أو لكلٍّ ثوابُ ما صدر منه والثاني أقرب، وانظر أيضًا لو أوصى بعتقه بعد موته بشهر وأطلق في العتق وكان عليه كفارة هل يصح إعتاقه عنها أو لا بد من عتق غيره فيها والموصى بعتقه يقع [عتقه] (¬5) [عتق] (¬6) تبرر (¬7)، والظاهر أنه إذا أوصى بعتقه بقيد التبرع والتبرر وكان عليه كفارة أنه لا يكفي إعتاقه عنها. ¬
وكسبُه -بعد الموت وقبل انقضاء الشهر- للورثة (¬1). وكذا: "اخدم زيدًا سنة بعد موتي، ثم أنت حُرٌّ" (¬2)، فلو أبرأه زيدٌ من الخدمة: عَتَق في الحال (¬3) وإن جعلها لكنيسةٍ -وهما كافرانِ- فأسلم العبدُ قبلها: عَتَق مجانًا (¬4). و: "إن خدمت ابني حتى يستغني فأنت حُرٌّ"، فخدمه حتى كبر واستغنى عن رضاعٍ: عتق (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وكسبه بعد الموت)؛ أيْ: موت السيد. * قوله: (وإن جعلها)؛ أيْ: الخدمة. * قوله: (قبلها)؛ أيْ: قبل الخدمة؛ يعني: وبعد موت السيد. * قوله: (عتق مجانًا) انظر لو بدلت الكنيسة مسجدًا (¬6) أو غيره هل يعتق مجانًا؛ لأن العلة انتفت، وهل يلزمه خدمة المسجد أو لا لانتفاء (¬7) العلة، الظاهر في الثانية الثاني (¬8)، ويبقى النظر في الأولى والظاهر فيها الأول (¬9). ¬
و: إن فعلت كذا فأنت حُرٌّ بعد موتي، ففَعله في حياة سيده: صار مدبَّرًا (¬1). ويصح -لا من رقيق- تعليق عتقِ [قن] (¬2) غيره بملكه (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ففعله في حياة سيده) قيد بالحياة؛ لأن التعليق يبطل بموت السيد قبل وجود المعلق (¬4)، ولأن من شرط التعليق سبق الشرط للجزاء، والجزاء يوجد حال الموت فلا بد من وجود الشرط قبله (¬5)، فتدبر!. * قوله: (لا من رقيق) وهل مثله غير الرشيد؟ (¬6). ¬
نحو: "إن ملكتُ فلانًا، أو كل مملوك أملكه، فهو حرٌّ". لا بغيره، نحو: "إن كلمتُ عبد زيد فهو حرٌّ": فلا يعتِقُ -إِن مَلكَه ثم كلمه-، و: "أوَّلُ أو آخِرُ قِنٍّ أملكه، أو يطلعُ من رقيقي، حرٌّ" فلم يَملك، أو يطلُعْ إلا واحدٌ: عَتَق (¬1)، ولو مَلك اثنيَن معًا: أوَّلًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو كل مملوك أملكه فهو حرٌّ) (فإذا ملكه عتق لإضافته العتق إلى حال (¬2) يملك عتقه فيه أشبه ما لو كان التعليق وهو في ملكه، بخلاف: إن تزوجت فلانة فهي طالق؛ لأن العتق مقصود من الملك والنكاح لا يقصد به الطلاق، وفرق أحمد (¬3) بأن الطلاق ليس للَّه -تعالى- ولا فيه قربة إليه بخلاف العتق)، شرح (¬4). * قوله: (لا بغبره)؛ أيْ: غير الملك. * قوله: (فلم يملك أو يطلع إلا واحد عتق)؛ لأنه ليس من شرط الأول أن يكون له ثان، ولا من شرط الآخِر أن يكون قبله أول، ولذلك من أسمائه -تعالى-: الأول؛ أيْ: الذي ليس قبله شيء، والآخر؛ أيْ: الذي [ليس] (¬5) بعده شيء (¬6). ¬
أو آخرًا، أو قال لأمتِه: "أول ولدٍ تَلِدِينَه حرٌّ"، فولدتْ حيَّين معًا: عَتَق واحدٌ بقرعة (¬1)، و: "آخرُ ولدٍ تَلِدينهَ حرٌّ"، فولدت حيًّا ثم ميتًا: لم يَعتِق الأول (¬2)، وإن ولدتْ ميتًا ثم حيًّا: عَتَق الثاني، وإن ولدت توأمَين، فأشكَل الآخِرُ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فأشكل الآخِر) هذا ظاهر فيما إذا أَوْلَدَ امرأتَين (¬3) ولم يعلم المتأخر أو علم ثم نسي، أما إذا ولدتهما معًا وكانا حيَّين أو أحدهما فقط حي، فهل يخرج أحدهما أيضًا بقرعة نظرًا إلى تشوف الشارع للعتق أو لا يقع العتق فلا يقرع، فليحرر!. ومقتضى ما قبله من قوله: (أول ولد تلدينه (¬4) حُرُّ) فولدت حيَّين معًا أنه يخرج هنا أيضًا أحدهما بقرعة. ¬
أخرج بقُرعة (¬1)، و: "أولُ ولدٍ تَلدِينَه، أو إن ولدتِ ولدًا، فهو حُرٌّ"، فولدتْ ميتًا ثم حيًّا: لم يَعْتِق الحيُّ (¬2). و: "أولُ أمةٍ أو امرأةٍ لي تطلع، حُرةٌ أو طالقٌ"، فطلَع الكلُّ أو اثنتان معًا: عَتَق وطلق واحدةٌ بقُرعة (¬3). و: "آخِرُ قِنٌّ أملكه حُرٌّ"، فملك عبيدًا، ثم مات: فآخِرُهم حُرٌّ من حينِ شِراهُ، وكسبُه له (¬4)، ويحرُم وطءُ أمةٍ حتى يملكَ غيرَها (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لم يعتق الحي)؛ لأن الصفة إنما وجدت في الميت وليس محل العتق (¬6)، فانحلت اليمين [به] (¬7). * قوله: (وكسبه له)؛ أيْ: للقن؛ لأنَّا تبينَّا عتقه سابقًا على الكسب (¬8). * قوله: (ويحرم وطء أمة حتى يملك غيرها) لاحتمال ألا يملك بعدها قنًّا فتكون حرة [من] (¬9) حين شرائها (¬10)، فيكون وطؤه في حرة أجنبية (¬11). ¬
وتتْبَع معتَقةً ولدٌ كانت حاملًا به حالَ عتقِها، أو حالَ تعليقِه (¬1)، لا ما حملته ووضعته بينهما (¬2). و: "أنت حُرٌّ وعليك ألفٌ"، يَعتِقُ بلا شيءٍ (¬3)، و: ". . . على ألفٍ (¬4) "، أو: "بألف"، أو: "على أن تُعطيَني ألفًا (¬5) "، أو: "بعتُكَ نفسك بألف" لا يَعتِقُ حتى يَقبل (¬6)، و: ". . . على أن تخدُمَني سنةً"، يَعتِقُ بلا قبول (¬7). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (حال عتقها)؛ أيْ: حال وجود الصفة المعلق [عليها] (¬8) العتق، وما تقدم أول الباب في الحمل الموجود حال العتق المنجَّز؛ فليس مكررًا. * قوله: (يعتق بلا قبولٍ) (¬9)؛ لأنه في معنى العتق واستثناء ¬
وتلزمه الخدمة، وكذا لو استثنَى خدمتَه مدةَ حياته، أو نفْعَه مدةً معلومة، وللسيد بيعُها من العبد وغيره، وإن مات في أثنائها: رجع الورثة عليه بقيمة ما بقيَ من الخدمة (¬1). ولو باعه نفسَه بمالٍ في يده: صحَّ، وعَتَق، وله ولاؤه (¬2). و: "جعلت عتقَك إليك أو خَيَّرتُك"، ونَوَى تفويضَه إليه، فأعتَق نفسَه في المجلس: عَتَق (¬3). و: "اشترِني من سيدي بهذا المالِ، واعتقْني". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخدمة (¬4) (¬5)، ولذا أعقبه المصنف بمسألة الاستثناء الصريح تقريبًا [للحكم] (¬6). * قوله: (وللسيد بيعها)؛ أيْ: إجارتها لا بيعها حقيقة (¬7)، ولا حاجة إلى هذا الحمل -على ما في حاشية شيخنا (¬8) -؛ إذ تقدم أن بيع المنافع صحيح، فتدبر!. * قوله: (بقيمة ما بقي من الخدمة)؛ أيْ: إن كانت لمدة معينة حتى يعلم ما يقابل بقيمتها، فتدبر!. * قوله: (فأعتق نفسه في المجلس عتق) وإلا فلا. ¬
3 - فصل
فاشتراه بعينِه: لم يصحَّا. وإلا: عَتَق، ولزم مشتريَه المسمَّى (¬1). * * * 3 - فصل و: "كلُّ مملوك أو عبدٍ لي، أو مماليكي أو رقيق حُرٌّ": يعتِقُ مدبَّروه ومكاتبوه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في الفروع (¬2): (ويتوجه كطلاق). * قوله: (لم يصحا)؛ أيْ: لا الشراء ولا العتق؛ لأن الشراء وقع بمال الغير بغير إذنه، والعتق فرعه (¬3). * قوله: (وإلا عتق)؛ أيْ: وإن لم [يكن] (¬4) الشراء وقع بعينه بأن وقع بغيره (¬5) أو وقع الشراء في الذمة ثم نقده. فصل (¬6) * قوله: (لي) متعلق بكل من المتعاطفَين. ¬
وأمهاتُ أولاده، وشِقْصٌ يملكه، وعبيدُ عبدِه التاجر (¬1). و: "عبدي حُرٌّ، أو أمتي حُرةٌ، أو زوجتي طالقٌ"، ولم يَنو معيَّنًا: عَتَق أو طَلَق الكلُّ؛ لأنه مفرد مضافٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وأمهات أولاده) انظره مع، أسلفه في باب الموصى به من أن العبد خاصٌّ بالذَّكَر، وقد نبهنا عليه هناك، [فارجع إليه إن شئت (¬2)] (¬3). وحمله شيخنا في شرح الإقناع (¬4) على التغليب. * قوله: (وعبيد (¬5) عبده التاجر) ولو كان (¬6) عليه دين يستغرقهم؛ لأنهم ملكه ولفظه شامل لهم (¬7). * قوله: (ولم ينو معينًا) المراد ولم ينو شيئًا، [وأما] (¬8) إذا نوى غير معين فإنه يخرج بالقرعة، ولذلك فسر الشارح كلام المصنف بقوله: (بأن أطلق) (¬9)، فتدبر!. * قوله: (مضاف)؛ أيْ: لمعرفة إذ ذلك شرط (¬10) لذلك. ¬
فيَعُمُّ (¬1). و: "أحدُ عبدَيَّ أو عبيدي، أو بعضُهم حُرٌّ" ولم يَنوِه، أو عيَّنه ونسيَه، أو أدَّى أحدُ مكاتَبِيه وجُهل، ومات بعضهم أو السيدُ أوْ لَا: أقرَع أو وارثُه، فمن خرج: فحُرٌّ من حين العتق (¬2). ومتى بانَ لناسٍ أو جاهلٍ، أن عتيقَه أخطأتْه القُرعةُ: عَتَق وبطل عتقُ المُخرَج إذا لم يُحكم بالقرعة (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أوْ لَا)؛ أيْ: لم يمت أحد. * قوله: (أقرع)؛ أيْ: السيد. * قوله: (فحُرٌّ من حين العتق) خرج من الثلث أو لا حيث كان في الصحة، وإن كان في مرض الموت المخوف، وما ألحق به فإنه يعتق أيضًا إن احتمله ثلثه، وإلا عتق منه بقدر ما يحتمله -على ما يأتي (¬4) -. * قوله: (إذا لم يحكم (¬5) بالقرعة) (¬6). . . . . . ¬
و: "اعتقتُ هذا، لا بل هذا": عَتَقا، وكذا إقرار وارثٍ (¬1)، وإن أعتَق أحدَهما بشرط، فمات أحدُهما أو باعه قبله: عَتَق الباقي، كقوله له ولأجنبي أو بهيمة: "أحدهما حُرٌّ" فيعتق وحده، وكذا الطلاق (¬2). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ [لعل] (¬3) مراده من الحكم (¬4) بها ما يعم ما إذا كانت من القاضي أو بأمره؛ إذ سيأتي أنها إذا كانت كذلك تكون (¬5) حكمًا -وقد أشار إلى ذلك شيخنا في شرحه هناك (¬6) (¬7) -. * قوله: (وكذا إقرار وارث)؛ أيْ: بأن مورثه أعتق هذا لا بل هذا، فيعتقان عليه. * قوله: (عتق الباقي) ظاهره ولو لم يوجد الشرط المعلق عليه وليس مرادًا، والمراد: بعد وجود الشرط -كما صرح به في شرحه (¬8) -. * قوله: (وكذا الطلاق)؛ (يعني إذا قال لزوجتَيه: إحداكما (¬9) طالق غدًا ¬
4 - فصل
4 - فصل ومن أعتَق في مرضه جزءًا من مختصٍّ به أو مشتركٍ، أو دبَّره، ومات -وثلثُه يحتملُه كله-: عَتَق (¬1)، ولشريك في مشترَك، ما يقابل حصته. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مثلًا فماتت إحداهما أو بانت قبله أو قال لزوجته وأجنبية أو بهيمة: إحداكما (¬2) طالق)، شرح (¬3). فصل (¬4) * قوله: (ومن أعتق في مرضه)؛ أيْ: مرض موته المخوف وما ألحق [به] (¬5). * قوله: (وثلثه يحتمله كله) راجع للجميع لا للأخير فقط. وبخطه (¬6): وظاهره: ولو كان نصيب شريكه مدبرًا، وهو مساوٍ ولما يأتي في آخر التدبير (¬7)، فتدبر!. ¬
من قيمته (¬1)، فلو مات قبل سيده: عَتَق بقدر ثلثه (¬2). ومن أعتق في مرضه ستةً قيمتهم سواءٌ، وثلثُه يحتملهم، ثم ظهر دَينٌ يستغرقُهم -بِيعُوا فيه- (¬3)، وإن استَغرق بعضَهم: بِيعَ بقدرِه ما لم يَلتزِم وارثُه بقضائه، فيهما (¬4)، وإن لم يُعلم له مالٌ غيرُهم عَتَق ثلثُهم (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فلو مات قبل سيده عتق بقدر ثلثه) ظاهره حتى من المدبر، وفيه نظر ظاهر، ولذلك حول شيخنا العبارة وجعل مرجع الضمير أمرًا خاصًّا، فقال: (فلو مات؛ أيْ: الرقيق الذي أعتق سيده جزءًا منه في مرضه)، انتهى، ولم يجعله شاملًا للذي دبر جزءًا منه في مرضه (¬6). * قوله: (وثلثه يحتملهم)؛ أيْ: ظاهرًا، وقبل ظهور الدين المستغرق، فلا تناقض بين أول كلامه وآخره -أشار إليه شيخنا في شرحه (¬7) -. * قوله: (فيهما)؛ أيْ: فيما إذا كان الدين يستغرقهم، وفيما إذا كان يستغرق بعضهم. ¬
فإن ظهر له مالٌ يخرجُون من ثلثه: عَتَق من أُرقَّ منهم (¬1)، وإلا جزَأناهم ثلاثة كل اثنيَن جزءًا وأقرعنا بينهم بسهم حريةٍ وسهمَي رِقٍّ، فمن خرَج له سهمُ الحريةِ: عَتَق، ورَقَّ الباقون (¬2)، وإن كانوا ثمانيةً: فمن شاء أقرَع بينهم بسهمَي حريةٍ (¬3) وخمسةِ رقٍّ، وسهمٌ لمن ثلثاه حُرٌّ، وإن شاء جزَّأهم أربعةً، وأقرع بسهم حريةٍ وثلاثةِ رقٍّ، ثم أعادها لإخراجِ مَن ثلثاه حُرٌّ. وكيف أقرَع جاز (¬4). وإن أعتَق عبدَين قيمةُ أحدِهما: مئتان، والآخر: ثلاثُمئةٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (عتق من أُرِقَّ)؛ أيْ: تبين عتقه من حين عتق الميت له، وكسبه له وتصرف الوارث إن وقع كان باطلًا. * قوله: (وإلا)؛ أيْ: [وإن] (¬5) لم يظهر له مال ولا دين خلافًا لما يوهمه كلام الشارح (¬6). * قوله: (وخمسةُ رقٍّ) حرر إعراب هذه العبارة وكيفية النطق برِقٍّ هل هو مرفوع أو مجرور وما وجه كل وهل هو. على الإضافة، أو لفظ خمسة منون (¬7). ¬
جمعتَ الخمسمَئةِ، فجعلتَها الثلثَ، ثم أقرَعتَ (¬1). فإن وقعتْ على الذي قيمتُه مئتانِ، ضربتَها في ثلاثة: تكن ستَمئةٍ، ثم نسبتَ منه الخمسمئة، فيَعتِق خمسةُ أسداسه (¬2)، وإن وقعت على الآخر: عَتَق خمسةُ أتساعه (¬3)، وكلُّ ما يأتي من هذا، فسبيلُه: أن يُضربَ في ثلاثة، ليخرجَ بلا كسر (¬4). وإن أعتَق مُبْهَمًا من ثلاثة، فمات أحدهم في حياته: أقرَع بينه وبين الحيَّين، فإن وقعتْ عليه: رِقًّا، وعلى أحدِهما: عَتَق إذا خرَج من الثلث (¬5). وإن أعتق الثلاثةَ في مرضه: فمات أحدهم في حياته (¬6)، أو وَصَّى بعتقِهم: فمات أحدهم بعده. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله] (¬7): (فمات أحدهم بعده)؛ أيْ: [بعد] (¬8) مَنْ أعتق (¬9). ¬
وقبل عتقهم؛ أو دبَّرهم أو بعضَهم ووَصَّى بعتق الباقين: فمات أحدهم: أقرَع بينهم وبين الحيَّين (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وقبل عتقهم)؛ أيْ: عتق الورثة لهم. * قوله: (فمات أحدهم) لعل المراد: بعده -كما هو ظاهر-؛ لأن كلًّا من الوصية والتدبير يبطل بالموت قبل السيد -كما تقدم (¬2) -، ويأتي أيضًا. * * * ¬
1 - باب التدبير
1 - بابٌ التدبير: تعليقُ العتقِ بالموت، فلا تصحُّ وصيةٌ به، ويُعتبرُ كونُه ممن تصح وصيتهُ، من ثلثه (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ باب التدبير (¬2) * قوله: (ممن تصح وصيته)؛ (يعني: لا يشترط فيه أن يكون من جائز التصرف، بل يصح من المحجور عليه لفلس أو سفه أو صغر إن كان مميزًا يعقله)، حاشية (¬3). * قوله: (من ثلثه) متعلق بمحذوف معطوف على: كونه؛ أيْ: ويعتبر خروجه من ثلثه -أشار إليه شيخنا (¬4) -. ¬
وإن قالا لعبدهما: "إن مِتْنا فأنت حُرٌّ"، فمات أحدهما: عَتَق نصيبُه، وباقيه بموت الآخر (¬1). وصريحهُ: لفظُ "عتقٍ" و"حُريَّةٍ" معلقَين بموته، ولفظ "تدبيرٍ"، وما تصرَّف منها غيرَ أمرٍ ومضارع واسم فاعل (¬2). وتكون كناياتُ عتقٍ منجَّز، لتدبير: إن عُلقتْ بالموت (¬3)، ويصح مطلقًا كـ "أنت مدبَّرٌ". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (عتق نصيبه)؛ أيْ: إذا كان ثلثه لا يحتمل غيره على ما سبق، وليس هذا مقام بيان ذلك، وإنما الغرض هنا التعرض لبيان أن عتق نصيب الميت أولًا لا يتوقف على موت الشريك الآخر، وأنه من باب مقابلة الجملة بالجملة المقتضية لانقسام الآحاد على الآحاد، فتدبر!، راجع شرح شيخنا! (¬4). * قوله: (وما تصرف منها) ظاهره أن قوله: (لفظ عتق وحرية ولفظ تدبير) لا يحتاج إلى تأويله بلفظ مشتق (¬5) من عتق وحرية؛ وتدبير لئلا يلغو. * قوله: (وما تصرف منها) (¬6) وأنه ينعقد بالمصادر نفسها، والظاهر أنه ليس كذلك، وحينئذ فلا تخلو العبارة عن تهافت. * قوله: (لتدبير)؛ أيْ: كنايات لتدبير. ¬
ومقيَّدًا كـ: "إن مِتُّ في عامي أو مرضي هذا، فأنت مدبَّرٌ" (¬1)، ومعلَّقًا كـ: "إذا قَدِم زيد فأنت مدبَّرٌ"، ومؤقتًا كـ: "أنت مدبَّرٌ اليومَ، أو سنة". و: "إن -أو متى، أو إذا- شئتَ فأنت مدبَّرٌ"، فشاءَ في حياة سيده: صار مدبَّرًا، وإلا: فلا (¬2)، وليس بوصيةٍ: فلا يبطلُ لإبطالٍ ورجوعٍ (¬3)، ويصح وقفُ مدبَّرٍ وهبتُه وبيعُه، ولو أمةً أو في غير دَينٍ (¬4)، ومتى عادَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله] (¬5): (كـ: أنتَ مدبَّرٌ اليوم أو سنة) قال الشارح: (فتكون (¬6) تلك المدة إن مات سيده فيها عتق وإلا فلا) (¬7)، انتهى. ¬
عادَ التدبيرُ (¬1)، وإن جَنَى: بِيعَ، وإن فُدِيَ: بقيَ تدبيرُه، وإن بِيعَ بعضهُ: فباقيه مدبَّرٌ (¬2)، وإن مات قبل بيعه، عَتَق: إن وَفَّى ثلثه بها (¬3)، وما ولدتْ مدبَّرةٌ بعده: بمنزلتها، ويكونُ مدبَّرًا بنفسه (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإن مات)؛ أيْ: سيد المدبر. * قوله: (إن وفى ثلثه)؛ أيْ: ثلث مال السيد. * قوله: (بها)؛ أيْ: الجناية؛ أيْ: إرشها. * قوله: (بعده) (¬5)؛ أيْ: التدبير. * قوله: (بمنزلتها) سواء كانت حاملًا به حال التدبير أو الموت أو حملت به بينهما، [وكذا أم الولد المكاتبة والموقوفة هي منه] (¬6)؛ بخلاف المعلق (¬7) عتقها بغير الموت والموصى بها، فإن ما ولدتاه لا يكون بمنزلتهما إلا إذا كانتا حاملتَين به وقت التعليق أو العتق أو الإيصاء، وينبغي الفحص عن الفرق بين البابَين وفرق شيخنا بأن التدبير آكد منهما، فراجع الحاشية! (¬8). * قوله: (ويكون مدبرًا بنفسه)؛ (أيْ: لا بطريق التبعية، وعلى هذا فلو ماتت ¬
فلو قالت: "وَلَدتُ بعده"، وأنكر سيدُها: فقوله، وإن لم يَفِ الثلثُ بمدبَّرةٍ وولدِها: أُقرِع (¬1). وله وطؤها وإن لم يشترطه، ووطءُ بنتِها: إن لم يكن وطِئَ أُمَّها (¬2)، ويبطل تدبيرُها بإيلادِها (¬3). وولدُ مدبَّرٍ من أمةِ نفسِه كهو. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أمه أو زال ملك سيده عنها لم يبطل تدبير ولدها (¬4)، بل يعتق (¬5) بموت السيد؛ كما لو كانت أمه باقية على التدبير)، حاشية (¬6). * قوله: (بإيلادها)؛ (أيْ: ولادتها من سيدها ما تصير به أم ولد؛ لأن مقتضى التدبير العتق من الثلث، والاستيلاد [العتق من رأس المال ولو لم يملك غيرها أو مدينًا، فالاستيلاد] (¬7) أقوى فيبطل به الأضعف)، انتهى، شرح (¬8). * قوله: (وولد مدبر من أمة نفسه كهو) بناء (¬9) على أن العبد له أن يتسرى وهو خلاف الصحيح الآتي في النفقات وعبارة المصنف هناك: ولا يتسرى ¬
ومِنْ غيرها كأمِّه، ومن كاتَب مدبَّرَه أو أمَّ ولده، أو دبَّر مكاتَبَه: صحَّ، وعَتَق بأداءٍ (¬1). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عبد مطلقًا ويصح على مرجوح بإذن سيدٍ، المنقح (¬2): "وهو أظهر، ونص عليه في رواية الجماعة واختاره كثير من المحققين"، انتهى (¬3). * قوله: (كأمِّهِ) حرية ورقًّا. * قوله: (أو دبر مكاتبه صحَّ) لم يقل: أو أم ولده؛ لأنه لا فائدة في تدبير أم الولد؛ لأن كلًّا من الإيلاد والتدبير مقتضٍ (¬4) للعتق بالموت؛ مع أن الإيلاد أقوى من التدبير والضعيفُ لا يدخل على (¬5) القوي، ويرشد لذلك ¬
فإن مات سيده قبله وثلثه يحتمل ما عليه عتق كله. وإلا فبقدر ما يحتمله، وسقط عنه بقدر ما عَتَق، وهو على كتابته فيما بقيَ، وكسبُه إن عَتَق، أو بقدر عتقِه -لا لبسُه- لسيده (¬1). ومن دبَّر شِقْصًا: لم يَسْر إلى نصيب شريكه، فإن أعتقه شريكُه: سَرى إلى المدبَّر مضمونًا (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله (¬3) السابق: (ويبطل تدبيرها بإيلادها) فتدبر!. * قوله: (قبله)؛ أيْ: قبل الأداء. * قوله: (أو بقدر عتقه) لعله عطفٌ على محذوف (¬4) وكسبه بأسره أو بقدر عتقه لسيده، فتدبر!. * قوله: (لا لِبْسُه)؛ أيْ: المعتاد، [أما غير المعتاد] (¬5) فلسيده. * [قوله] (¬6): (لم يسر)؛ أيْ: التدبير نفسه أما العتق المترتب عليه فيسري إلى نصيب شريكه إذا مات السيد واحتمله ثلثه -كما سبق (¬7) (¬8) -. ¬
ولو أَسلمَ مدبَّرٌ أو قِنٌّ أو مكاتَبٌ، لكافر: أُلزِمَ بإزالةِ مِلكه، فإن أبى: بِيعَ عليه (¬1)، ومن أنكر التدبيرَ، فشهد به عدلانِ، أو عدلٌ وامرأتانِ، أو حلَف معه المدبَّرُ: حُكم به (¬2)، ويبطُل بقتلِ مدبَّرٍ سيدَه (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولو أسلم مدبر أو قن أو مكاتب. . . إلخ) بخلاف أم الولد (¬4). * قوله: (ويبطل بقتلٍ)؛ أيْ: مضمون بقصاص أو دية أو كفارة على ما سبق في الوصية (¬5) والإرث (¬6). ¬
2 - باب الكتابة
2 - بابُ الكتابة الكتابةُ: بيعُ سيدٍ رقيقَه نفسَه بمالٍ -في ذمته- مباحٍ، معلومٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الكتابة (¬1) * قوله: (بيع سيد رقيقه. . . إلخ) يشمل (¬2) الذكر والأنثى. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: في الصحاح: (بِعْتُ الشيءَ: شَرَيْتُهُ، أَبِيْعُهُ بَيْعًا ومَبِيْعًا وهو شاذ، وقياسه مَبَاعًا، وبِعْتُهُ أيضًا: اشْتَريتُهُ، وهو من الأضداد)، انتهى (¬3). فظاهره أنه لا يتعدى بنفسه إلا إلى مفعول واحد، وعلى هذا فينبغي أن يكون أصل الترتيب قبل السبك والإضافة أن يبيع (¬4) رقيقٌ نفسه لسيده ثم أُوِّل (أن) والفعل بمصدر وأضيف إلى المفعول الثاني بعد حذف الحرف تخفيفًا، ويلزمه إضافة المصدر إلى مفعوله مع وجود الفاعل، وقد قيل بأنه (¬5) خاص بالضرورة ¬
يصح السَّلم فيه منجم نجمَين فصاعدًا يُعلم قسط كل نجَم ومدتُه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وألحق خلافه؛ فقد سُمع: (عجبت من شرب العسل زيد) -كما ذكره ابن عقيل في شرح الخلاصة (¬1) -فراجعه!. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: قوله (رقيقه) في الصحاح: الرقيق المملوك وفيه أيضًا المملوك العبد، وفيه العبد خلاف الحُرِّ، وفيه أيضًا القن: العبد إذا ملك هو وأبواه؛ انتهى (¬2). * قوله: (منجم نجمَين)؛ أيْ: مؤقت. * قوله: (قسط كل نجم) القسط كناية عن المقدار المعين من مال الكتابة (¬3) والنجم الوقت (¬4)، وعلى هذا فإضافة القسط إلى النجم مثلها في: مكر الليل، وصوم النهار. * وقوله: (ومدته)؛ أيْ: تحديده وبيان مقداره، والمعنى: يعلم مقدار ¬
أو منفعةٍ على أجلَين (¬1)، ولا يُشترط أجلٌ: له وقعٌ في القدرة على الكسب فيه (¬2)، وتصح على خدمة مفردةٍ، أو معها مالٌ: إن كان مؤجَّلًا ولو إلى أثنائها (¬3). ويُسن لمن عُلم فيه خيرٌ، وهو: الكَسْبُ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القسط المأخوذ في كل نجم وبيان قدر (¬4) الزمن الذي جعل أجلًا لحلول كل قسط، فتدبر!. * قوله: (أو منفعة) عطف على قوله: ([مال]) (¬5). * [قوله] (¬6): (على أجلَين)؛ (أيْ: فأكثر)، شرح (¬7). * قوله: (ولا يشترط. . . إلخ) خلافًا للإقناع (¬8). ¬
والأمانةُ (¬1)، وتُكرهُ لمن لا كسب له (¬2)، وتصح لمبعَّضٍ، ومميِّزٍ، لا منه -إلا بإذنِ وليِّه- (¬3)، ولا من غير جائز التصرُّف، أو بغير قول (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله (وتكره (¬5) لمن لا كسب له) وتحرم إن علم أو ظن منه الفساد -كما قدمه المصنف [في أول العتق -وكذا] (¬6) إذا ضيف لُحوقه بدار الحرب (¬7)، ولعلها تجب إذا نذرها وتباح إذا لم يقصد ثواب الآخرة؛ لأنه لا ثواب في غير منوي إجماعًا -كما سبق (¬8) - وعلى هذا فتعتريها الأحكام الخمسة (¬9). * قوله: (أو بغير (¬10) قول) انظر هل المراد ولو كتابةً، أو يقال: أنها (¬11) تنعقد ¬
وتنعقد بـ: "كاتبتُك على كذا" مع قبوله، وإن لم يقل: "فإذا أدَّيتَ فإنت حُرٌّ" (¬1)، ومتى أدَّى ما عليه، فقبضَه سيدٌ أو وليُّه؛ أو أبرأه سيدُه أو وارثٌ موسِرٌ من حقِّه: عَتَق، وما فضَل بيده: فله (¬2)، وتنفسخ بموته قبل أدائه، وما بيده: لسيده (¬3). ولا بأسَ أن يُعَجِّلَها (¬4)، وَيضَعَ عنه بعضَها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالكتابة قياسًا على العتق؛ لأن الكتابة وسيلة إليه والوسائل لها حكم المقاصد، وقياسًا أيضًا على الإقرار والطلاق، فليحرر!. * قوله: (وتنفسخ بموته)؛ أيْ: بموت المكاتب، ولا ينافي ما يأتي من أنها عقد لازم، والعقودُ اللازمة لا تنفسخ بموت أحد المتعاقدَين؛ لأن الحكم بالانفساخ ليس بموت أحد المتعاقدَين بل لتلف العين المعقود عليها (¬5)؛ ألا ترى أن الإجارة عقد لازم من الطرفَين وتنفسخ بتلف العين المؤجرة أو موتها (¬6)، فتدبر!. * قوله: (ولا بأس أن يعجلها. . . إلخ) ضمير (معجل) (¬7) للمكاتب و (يضع) للسيد، ففيه تشتيت للضمير اعتمادًا على القرينة وهو لا يضر. ¬
ويَلزم سيدًا أخذُ معجَّلةٍ بلا ضررٍ، فإن أبى: جعلها إمامٌ في بيت المال، وحَكم بعتقه (¬1). ومتى بانَ بعوضٍ -دفَعَه- عيبٌ: فله أرشُه، أو عوضُه بردِّه. ولم يَرتفع عتقُه (¬2)، ولو أخذ سيدُه حقه ظاهرًا، ثم قال: "هو حُرٌّ"، ثم بانَ مستحَقًّا: لم يَعتِق (¬3). وإن ادَّعى تحريمَه: قُبِل ببيِّنةٍ (¬4)، وإلا: حلَف العبدُ، ثم يجبُ أخذُه -وَيعتِق به-، ثم يلزمُه ردُّه إلى من أضافَه إليه، وإن نَكَل: حلف سيدُه (¬5). وله قبضُ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإن ادعى)؛ أيْ: السيد. * قوله: (تحريمه)؛ أي بسب كونه سرقة أو غصبًا. * قوله: (حلف سيده)؛ أيْ: [على] (¬6) البتِّ؛ لأنه حلف على فعل غيرِه في إثبات -كما يأتي في اليمين (¬7) في الدعاوى (¬8) -. ¬
ما لَا يفي بدَينِه ودَينِ الكتابة، من دين له على مكاتَبه، وتعجيزُه لا قبلَ أخذِ ذلك من جهةِ الدِّين (¬1)، والاعتبارُ: بقصد سيدٍ، وفائدتُه: يمينُه عند النزاع (¬2). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (والاعتبار بقصد سيد) مقتضى ما ذكروه في الرهن والضمان من أن [من] (¬3) كان عليه دينان أحدهما برهن ثم أدى قدر أحدهما فإنْ نواه عن الدين الموثق انفك الرهن، وإن نواه عن الثاني لم ينفك الرهن، وإن لم ينوِ شيئًا حال الأداء فله صرفه إلى أيهما شاء بعد ذلك أن الاعتبار بقصد المكاتب لا بقصد السيد وقد تبع المصنف -فيما ذكره هنا- صاحب الفروع (¬4)، وانتقد عليه المنقح في تصحيحه (¬5) بما ذكرناه، فليحرر!. ويمكن الفرق بين البابَين بأن الخيرة في مسألة الدين للمدين؛ لأنه مطلق التصرف، فالاعتبار بنيته ولا كذلك المكاتب؛ لأنه ليس مطلق التصرف بل محجور عليه في بعض التصرفات لحق السيد، فالخيرة للسيد حينئذ، فالاعتبار بنيته -هذا ما ظهر لشيخنا (¬6) -. ¬
1 - فصل
1 - فصل ويملك كسبَه ونفعَه وكلَّ تصرف يُصلح ماله؛ كبيعٍ وشراءٍ وإجارةٍ واستئجار واستدانةٍ وتتعلق بذمته: يُتْبَع بها بعد عتقٍ (¬1). وسفرُه كغريم. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل (¬2) * قوله: (ويملك كسبه)؛ أيْ: المكاتب. * قوله: (وتتعلق بذمته)؛ أيْ: لا بذمة سيده خلافًا لما توهمه عبارة الإقناع (¬3) حيث قال: (وإن عجز تعلقت بذمة سيده) وتصحيحها أنها في حيز النفي (¬4)، وأن التقدير: (ولا تتعلق بذمة سيده إن عجز) ففيها أيضًا تقديم وتأخير (¬5). * قوله: (كغريم)؛ أيْ: في الجواز وعدمه لا في التوثق؛ لأنه لا يتأتى في دين الكتابة (¬6). ¬
وله أخذُ صدقة وبلزم شرط تركهما، كالعقد فيملك تعجيزَه، لا شرط نوع تجارة (¬1). ويُنفق على نفسه ورقيقهِ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وله أخد صدقة)؛ أيْ: واجبة أو مستحبة -كما في شرحه (¬2) -، وانظر هل ولو كان قرشيًّا؟ وفيه أنهم لم يستثنوه مع ما استثنوه في باب أهل الزكاة حيث قال المصنف هناك (¬3): "ما لم يكونوا عمالًا أو غزاة أو غارمين أو مؤلفة" ولم يقل: أو في الرقاب، فليحرر ولعلهم تركوا استثناءه (¬4) لندرته لا لمخالفة (¬5) حكم. * قوله: (ويلزم شرط تركهما)؛ أيْ: السفر وأخذ الصدقة واجبةً (¬6) [كانت] (¬7) أو مستحبة. * قوله: (كالعقد)؛ أيْ: كما يلزم عقد الكتابة. * قوله: (وينفق على نفسه) وزوجته -كما صرح به شيخنا في [شرحه] (¬8) (¬9) -. ¬
وولدِه التابع له كمِن أمتِه (¬1)، فإن لم يفسخ سيدُه كتابتَه؛ لعجزه: لزمتْه النفقةُ (¬2). وليس للمكاتَب النفقةُ على ولدِه من أمةٍ لغير سيده، ويَتْبَعُه من أمة سيده بشرطه، ونفقتُه من مكاتَبةٍ -ولو لسيده- على أمِّه. وله أن يَقتصَّ لنفسه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (كمِنْ أمته)؛ (أيْ: لا مِنْ زوجته) (¬3)، شرح (¬4). * قوله: (لزمته)؛ أيْ: السيد. * قوله: (من أمة سيده) (¬5)؛ أيْ: لا من أمة غيره؛ لأنه ملك لذلك الغير فلا يملك سيد المكاتب كتابته حتى يحكم بتبعيته لأبيه في الكتابة إذا اشترط المكاتب ذلك على سيد نفسه، فتدبر!. * قوله: (بشرطه)؛ أيْ: اشتراطه على سيده. * قوله: (ونفقته)؛ أيْ: ولد المكاتب. * قوله: (على أمِّه)؛ لأنه تابع لها وكسبه لها (¬6). ¬
من جانٍ على طَرَفه (¬1)، لا من بعض رقيقه الجاني على بعضه (¬2)، ولا أن يُكفِّرَ بمال (¬3)، أو يسافرَ لجهادٍ، أو يتزوَّجَ أو يَتَسرَّى، أو يتبرَّع، أو يُقرِضَ، أو يُحابي (¬4)، أو يَرهنَ، أو يُضارب (¬5)، أو يبيعَ نَساءً ولو برهنٍ، أو يَهَبَ ولو بعوضٍ، أو يزوجَ رقيقَه، أو يحُدَّه، أو يُعتقَة ولو بمال، أو يكاتبه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (على طَرَفه)؛ أيْ: على ما دون نفسه، فليس المراد خصوص الطرف. * قوله: (ولو برهن) وكذا قوله: (ولو بِعِوَض) ظاهره ولو كان الرهن أو العوض مما يفي بالقيمة كلها، وفيه توقف، وفيه أيضًا أن الهبة على عوض في معنى البيع وتقدم أن له البيع والشراء، فليحرر!. ¬
إلا بإذن سيده (¬1)، والولاء للسيد (¬2). وله تملُّكُ رحمهِ المحرَّم بهبةٍ ووصية (¬3)، وشراؤهم وفداؤهم ولو أضَرَّ ذلك بمالِه (¬4)، وله كسبُهم، ولا يبيعُهم (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (إلا بإذن سيده)؛ لأن حق سيده لم ينقطع عنه (¬6). * قوله: (وله تملك رحمه المحرم)؛ أيْ: ذوي رحمه؛ بدليل عود الضمير عليه جمعًا في (شراؤهم) (¬7) و (فداؤهم) (¬8)، وأنه (¬9) من قبيل المفرد المضاف لمعرفة فيعم. * قوله: (ولا يبيعهم)؛ لأن ملكه ليس بتام (¬10). ¬
فإن عجز: رَقُّوا معه، وإن أَدَّى: عَتَقُوا معه، وكذا ولدُه من أمتهِ (¬1)، وإن أُعتِقَ: صاروا أرقَّاءَ للسيد (¬2). وله شراء من يَعتِقُ على سيده، وإن عجز: عَتَق (¬3). وولدُ مكاتَبةٍ -وضَعتْه بعدها- يَتْبَعُها في عتقٍ بأداء أو إبراءٍ (¬4)، لا بإعتاقها، ولا إن ماتت (¬5)، وولدُ بنتِها كولدِها, لا ولدُ ابنها (¬6). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وكذا ولده) لو قال: وكذا ولده التابم له: كان أولى وأشمل، فتدبر!. * قوله: (وإن أُعْتِقَ)؛ أيْ: بغير أداء. * قوله: (وإن عجز)؛ أيْ: المكاتب. * قوله: (عتق)؛ أيْ: ذو رحم السيد على السيد؛ لأنه مملوك [المملوك] (¬7). * قوله: (بعدها)؛ أيْ: الكتابة. * قوله: (كولدها) فيعتق (إذا عتقت بأداء أو إبراء تبعًا لأمه)، شرح (¬8). * قوله: (لا ولد (¬9) ابنها)؛ (أيْ: من غير أمته؛ لأن ولده تابع لأمه ¬
وإن اشترى مكاتَبٌ زوجتَه: انفسخ نكاحها (¬1)، وإن استَولَدَ أمتَه: صارت أمَّ ولدٍ له (¬2). وعلى سيده -بجنايته عليه- أرْشُها، وبحبسِه مدةً أرفقُ الأمرَين به: من إنظارِه مثلَها، أو أجرةٍ مِثلِه (¬3). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ دون أبيه)، شرح (¬4). * قوله: (وإن اشترى مكاتب زوجته)؛ أيْ: كلها أو بعضها وكذا هي إذا اشترته أو بعضه. وإنما لم يحقق المسألة هنا اعتمادًا على ما يأتي في بابه من أنه إذا ملك أحد الزوجَين الآخر أو بعضه انفسخ النكاح. * قوله: (وعلى سيده بجناية (¬5) عليه أرشها) لعله ما لم تكن الجناية تمثيلًا؛ فإن كانت على وجه المُثْلَةِ عتق عليه، ولا يلزمه أرش؛ لأنه يأخذ ماله كله، فلا فائدة في اللزوم (¬6). * قوله: (أرفق الأمرَين به)؛ أيْ: بالمكاتب. ¬
2 - فصل
2 - فصل ويصح شرط وطءِ مكاتبته، لا بنتٍ لها (¬1)، فإن وطِئَها بلا شرط، أو بنتَها التي في ملكه، أو أمتَها: فلها المهرُ ولو مطاوِعةً (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل (¬3) * قوله: (ويصح شرط وطء مكاتبته) قال في الاختيارات: (ويتوجه أن إذنها كشرطها) (¬4)؛ لأنه لا يباح بالشرط ما لا يباح بالإذن. * قوله: (ولو مطاوعة) هذا واضح (¬5) في بنتها وأَمَتِها من حيث إن المهر ليس حقًّا للموطوءة، فمطاوعتها لا يسقط حق الغير بخلاف المكاتبة نفسها؛ فإن المهر حق لها فهي كالحرة. وسيأتي أن الحرة إذا كانت مطاوعة لا مهر لها؛ لأنها فوتته على نفسها، فتدبر الفرق بين الحرة والمكاتبة!، وقد يفرق بما فرق به شيخنا في مسألة المدين والمكاتب بأن الحرة مطْلقة التصرف بخلاف المكاتبة (¬6)، وأيضًا هو ¬
ومتى تكرَّرَ -وكان قد أدَّى لِما قبله-: لزمه آخَرُ، وإلا: فلا (¬1)، وعليه قيمة أمتِها إن أولَدَها لابنتِها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بسبيل [مِنْ] (¬2) يُعجِّزها (¬3)، فتعود إلى [الرق] (¬4) ويعود الحق في المهر للسيد. * قوله: (ومتى تكرر)؛ أيْ: الوطء، يعني مع تكرر الشبهة، فلا ينافي ما تقدم من أن المهر يتعدد بتعدد الشبهة دون الوطء، وعلى هذا فينبغي أن يقيد ما تقدم من التعدد بما إذا كان قد أدى، فليحرر وليتدبر!. وقال شيخنا بعد برهة: أنه إذا كان قد أدى ينزَّل تعدد وطئه (¬5) منزلة تعدد الشبهة (¬6)، وفيه تأمل!. وفي الجواب الأول نظر ظاهر (¬7)؛ لأن الشبهة هنا واحدة بالذات لا يمكن تعددها، وهي كونها مملوكة بخلاف السابق. * قوله: (لابنتها)؛ (أيْ: لا يلزمه قيمة بنتها إن أولدها؛ لأن المكاتبة كانت (¬8) ¬
ولا قيمة ولده من أمة مكاتَبِهِ أو مكاتَبَتِه (¬1)، ويؤدب إن علِمَ التحريم (¬2)، وتصير إن ولدت: أمَ ولدٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ممنوعة من التصرف فيها قبل استيلادها، فلم يفت عليها شيء باستيلادها بخلاف أمتها)، شرح (¬3). * قوله: (أو مكاتبته) قدَّر الشارح (¬4) تسليط المضاف عليه؛ [نظرًا إلى أنه معطوف على مكاتبه (¬5)، وجعل التقدير: أو من أمةِ مكاتبته، وعليه] (¬6) فيكون المتن ساكتًا عن حكم ولد المكاتبة نفسها مع أن حكمه كذلك. ولو جعل المكاتب في قوله: (من أمة مكاتبه) [شاملًا (¬7) للذكر والأنثى وجعل قوله: (أو مكاتبته) عطفًا على (أمة مكاتبه)] (¬8)؛ أيْ: على نفس المضاف لكنان المتن ناطقًا بالمسائل الثلاث. * قوله: (ويؤدَّب) لعله باجتهاد الحاكم. * قوله: (إن علم التحريم) لعل (إن) في [معنى] (¬9) (مَنْ) كما حمله الشارح على ذلك في مواضع، وحينئذ فيكون المراد يُؤَدَّبُ من علم التحريم من كل ¬
ثم إن أدَّتْ: عتقتْ، وإن مات وعليها شيءٌ: سقط وعَتَقتْ، وما بيدها لورثته، ولو لم تعجز (¬1)، وكذا لو أعتَق سيد مكاتبه (¬2)، وعِتقُه فسخٌ للكتابة، ولو في غير كفارةٍ (¬3). ومن كاتَبها شريكان، ثم وَطِئَاها: فلها على كلِّ واحد مهرٌ (¬4)، وإن ولَدتْ من أحدهما. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ من الواطئ والموطوءة فيساوى كلام الإقناع (¬5)، فتدبر!. * قوله: (وما بيدها لورثته) كما لو أعتقها قبل موته. * قوله: (وعتقه. . . إلخ)؛ أيْ: عتق السيد للمكاتب أو المكاتبة. * قوله: (ولو في غير كفارة) مقتضاه أنه يصح عتقه في الكفارة وهو كذلك ¬
صارتْ أمَّ ولدِه، ولو لم تعجِر، ويغرَمُ لشريكه قيمةَ حصتِه (¬1)، ونظيرَها من ولدِها (¬2)، وإن أُلحِقَ بهما، أمَّ ولدهما: يَعتِقُ نصفُها بموت أحدهما وباقيها بموت الآخر (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ حيث لم يؤد شيئًا (¬4). * قوله: (يعتق نصفها)؛ أيْ: فقط، وظاهره أنه لا سراية لو كان موسرًا، ويطلب الفرق بينه وبين ما إذا دبر قنًّا ثم مات أحدهما الموسر حيث صرحوا فيها بأنه يعتق كاملًا بالملك والسراية، فتدبر!. وقال شيخنا بعد برهة في الفرق بينهما (إن الظاهر من كلامهم أن السراية لا تتصور إلا حيث يتصور نقل (¬5) الملك وأمُّ الولد لا يتصور نقل (¬6) الملك فيها فلا تتصور السراية فيها بخلاف المدبر) (¬7)، فليحرر!. * قوله: (وباقيها بموت الآخر) لعله: أو الأداء إليه قبل موته ¬
3 - فصل
3 - فصل ويصح نقلُ الملكِ في المكاتَب (¬1)، ولمشترٍ جَهِلها: الردُّ أو الأرشُ، وهو كبائع: في عتقٍ بأداء -وله الولاءُ- وعَوْدِه قِنًّا بعجزٍ (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل (¬3) * قوله: (ويصح نقل الملك في المكاتب) انظر لِمَ (¬4) صححوا نقل الملك فيه مطلقًا، ولم يصححوا عتقه في الكفارة الواجبة إلا إذا لم يؤد شيئًا، قال شيخنا: ويمكن أن يقال إنه إذا كان قد أدى شيئًا ثم أراد عتقه في الكفارة الواجبة فإنه عتقٌ لرقبة غير كاملة؛ لأنا نقدر أنه كان عتق منه جزء [في] (¬5) مقابلة ما أداه، بخلاف ما إذا أريد بيعه فإنه لا يتوهم أنه يعارضه إلا تشوف الشارع إليه، وذلك لم يفت ببيعه (¬6)؛ لأنه متى أدى بقية ما عليه عتق -واللَّه أعلم (¬7) -. * قوله: (وَعَوْدِه)؛ أيْ: إعادته إذِ العود صفة المكاتب التي هي أثر الإعادة ¬
فلو اشتَرى كلٌّ: من مكاتَبَي شخصٍ أو اثنَين الآخَرَ: صحَّ شراءُ الأول وحده، فإن جهل أسبقهما: بطلا (¬1). وإن أُسِرَ، فاشتُرِيَ، فأَحَبَّ سيدُه أخْذَه بما اشتُريَ به، وإلا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ التي هي صفة السيد، ففي كلامه تجوُّز. * قوله: (صحَّ شراء الأول)؛ (لأن للمكاتب شراء العبيد فصحَّ شراؤه للمكاتب كشرائه للقِنِّ، وبطل شراء الثاني؛ لأنه لا يصح أن يملك (¬2) العبد سيده؛ لإفضائه إلى تناقض الأحكام)، شرح (¬3). * قوله: (بطلا) انظر هل يتوقف [ذلك] (¬4) على حكم حكم؟. ظَاهِرُ تَشْبيهِهِ (¬5) بالعقدَين على أختَين مع جهل السابق منهما أن البُطْلان لا يتوقف على حكم حاكم، فليحرر!. * قوله: (فأحبَّ سيده أخذه بما اشتُريَ به)؛ أيْ: كان له ذلك وكتابته (¬6) بحالها -كما يظهر من بقية كلامه-. * قوله: (وإلا)؛ أيْ: وإن لم (¬7) يحب (¬8) ذلك. ¬
فأدَّى لمشتريه ما بقي من كتابته: عَتَق ووَلاؤه له (¬1)، ولا يُحتسَبُ عليه بمدةِ الأسر: فلا يعجَّزُ حتى يمضيَ -بعد الأجل- مثلُها (¬2). وعلى مكاتَبٍ جنَى على سيده أو أجنبيٍّ، فدِاءُ نفسِه بقيمته فقط: مقدَّمًا على كتابةٍ (¬3)، فإن أدَّى مبادِرًا -وليس محجورًا عليه- عَتَق واستَقرَّ الفِداءُ (¬4)، وإن قتله سيدُه: لزمه، وكذا إن أعتقه. ويسقُط: إن كانت على سيده (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فأدى)؛ أيْ: فإن أدى بدليل قوله: (عتق). * [قوله] (¬6): (ولا يحتسب (¬7) عليه بمدة الأسر) وهل المرض كالأسر فلا يحتسب (¬8) عليه مدته، أو تحتسب عليه نظيرَ ما صنعوه في المولى؟. * قوله: (لزمه)؛ أيْ: أقل الأمرَين من قيمته أو أرش الجناية. * [قوله: (ويسقط)؛ أيْ: الأرش. * قوله: (إن كانت على سيده)؛ أيْ: الجناية] (¬9). ¬
وإن عجَز -وهي على سيده-: فله تعجيزُه، وإن كانت على غيره ففَداهُ، وإلا: بِيعَ فيها قِنًّا (¬1)، ويجبُ فِداءُ جنايته مطلقًا بالأقلِّ من قيمتهِ أو أرْشِها (¬2). وإن عجَز عن ديونِ معاملةٍ لزمتْه، تعلقتْ بذمتِه (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وهي)؛ أيْ: الجناية. * قوله: (على غيره)؛ أيْ: غير السيد. * قوله: (مطلقًا)؛ أيْ: سواء كانت على سيده أو أجنبي، وسواء أتلفه السيد أو لم يتلفه أعتقه أو لم يعتقه، وسواء بادر وأدى أَوْ لا، تدبر!. * قوله: (تعلقت (¬4) بذمته)؛ أيْ: بذمة المكاتب، وظاهره (¬5): سواء استمر مكاتب أو عجَّزه سيده. ¬
فيقدِّمُها محجورًا عليه؛ لعدِم تعلُّقِها برقبته، فلهذا إن لم يكن بيده مالٌ: فليس لغريمه تعجيزُه. بخلاف أرْشٍ ودينِ كتابةٍ (¬1)، ويشتركُ ربُّ دينٍ وأرْشٍ بعد موته (¬2). ولغير المحجورِ عليه، تقديمُ أيِّ دَيْنٍ شاء (¬3). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي الإقناع خلافه ظاهرًا (¬4) وتأولها (¬5) الشارح على أنها في سياق النفي، وعبارته: (وإن عجز المكاتب عن ديون المعاملة تعلقت بذمة سيده، [معطوف على النفي بـ "لا" (¬6)؛ أيْ: ولا يقال: إن عجز تعلقت بذمة سيده] (¬7)؛ لئلا يناقض ما ذكره (¬8) أولًا من أنها تتعلق بذمته، فيتبع بها بعد العتق، ويخالف كلام الأصحاب ونص الإمام) إلى آخر ما ذكروه، فراجعه (¬9)!. ¬
4 - فصل
4 - فصل والكتابةُ عَقدٌ لازم: لا يدخلها خيارٌ، ولا يملك أحدُهما فسخها (¬1)، ولا يصح تعليقُها على شرط مستقبَلٍ، ولا تنفسخ بموتِ سيدٍ ولا جنونِه، ولا حجر عليه (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصلٌ (¬3) * قوله: (لا يدخلها خيار) هو نكرة في سياق النفي فيعم الأقسام المتأتية هنا، وهي (¬4) خيار المجلس والشرط والغبن وتخيير الثمن، دون خيار العيب والتدليس؛ لأنها لا تتأتى هنا فلا يحتاج إلى نفيها (¬5). * قوله: (ولا يملك. . . إلخ) هذا كله مفرع على لزوم الكتابة، فكان الأولى الإتيان بالفاء (¬6)، وكلامه يوهم أنه (¬7) عطف على قوله: (لا يدخلها خيار) مع أن الظاهر أن ذلك من باب تعدد الخبر. * قوله: (ولا حجر عليه)؛ [أيْ] (¬8): لسفه أو فلس. ¬
ويَعتِق بأداءً إِلى من يقوم مَقامَه، أو وارثِه (¬1). وإن حَلَّ نجَمٌ، فلم يؤدِّه: فلسيدهِ الفسخُ بلا حُكمٍ (¬2)، ويلزَمُ إنظارُه ثلاثًا: لبيع عَرْضٍ، ولمالٍ غائب دونَ مسافة قصرٍ يرجو قدومَه، ولِدَينٍ حالٌ على ملِيءٍ، أو مَودَعٍ (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو وارثه) هذا مغنٍ عنه قوله: (من يقوم مقامه) لعمومه، ويمكن جعل الضمير في (وارثه) عائدًا على (مَن) لكنه يشمل بعموم الأول وارث الوصي؛ لأن الوصي شمله (من يقوم مقامه) مع أنه لا يعتق بالأداء إلى وارث الوصي (¬4)، ويمكن تصحيح هذا الوجه بكون (¬5) المعنى في الجملة، فتدبر!. * قوله: (ويلزم إنظاره. . . إلخ) ظاهره: سواء طلب الإنظار (¬6) أَوْ لَا مع أنه يقتضي أنه ليس له الفسخ قبل مضي الثلاثة أيام، فوفق بينه وبين ما قبله بالتحرير التام. ونقل شيخنا (¬7) أن المصنف قيد (¬8) ذلك في شرحه (¬9) بقوله: (إن استنظره). ¬
ولمكاتَبٍ قادرٍ على كسبٍ، تعجيزُ نفسِه، إن لم يَملك وفاءً (¬1)، لا فسْخُها (¬2)، فإن ملكه: أجبر على أدائه، ثم عَتَق (¬3). فإن مات قبله: انفسخت (¬4)، ويصح فسخُها باتفاقهما (¬5). ولو زوَّج امرأة ترثه من مكاتَبه، وصحَّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا فسخها) لا حاجة إليه بعد قوله: (ولا يملك أحدهما فسخها). * قوله: (ملكه) (¬6)؛ أيْ: الوفاء. * قوله: (انفسخت) هذا مكرر مع قوله (وتنفسخ بموته قبل أدائه) (¬7). * قوله: (وصحَّ)؛ أيْ: وقلنا بصحة ذلك العقد, بأن (¬8) قلنا: إن الكفاءة (¬9) ليست شرطًا للصحة أو قلنا لكن حَكَمَ (¬10) به حاكمٌ يراه (¬11)، فتدبر!. ¬
ثم مات: انفسخ النكاح (¬1)، وكذا لو وَرِث زوجتَه المكاتبَةَ، أو غيرها (¬2). ويلزم أن يؤدِّيَ إلى مَنْ أدَّى كتابتَه، رُبعَها (¬3)، ولا يلزُمه قبولُ بدلِه من غير الجنس (¬4)، فلو وَضَع بقدر؛ أو عجَّله: جاز، ولسيدٍ الفسخُ بعجزٍ عن رُبعها (¬5). وللمكاتب أن يصالحَ سيدَه عما في ذمته، بغير جنسِه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويلزم أن يؤدِّيَ إلى مَنْ أدى كتابته (¬6) ربعها) الكتابة بمعنى المال. ¬
لا مؤجَّلًا، ومن أُبرئَ من كتابته: عَتَق، وإن أَبْرئَ من بعضها: فهو على الكتابة فيما بقي (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه: تشكيك (¬2) لو نقل الملك فيه وقد بقي عليه الربع فأقل، ثم أداه إلى المشتري، فهل يلزم المشتري [أن يؤدي] (¬3) إلى المكاتب كل ما أدى إليه؛ لأنه ربع كتابته، أو ربع ما بيده؛ لأنه ظاهر قوله -تعالى-: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ (¬4) الَّذِي آتَاكُمْ} (¬5) الذي هو دليل الإمام في المسألة؟، فليحرر وليتدبر!. * قوله: (لا مؤجلًا)؛ [أيْ] (¬6): لا إن كان مؤجلًا، فهو خبر لـ (كان) المحذوفة مع اسمها، وهو من غير الكثير في المسألة؛ لأن الكثير مقيد بما إذا كان مع "أن" أو "لو". * قوله: (ومن أُبرئَ من كتابته عتق) هذا قد علم من قوله فيما سبق: (وولد مكاتبة ولدته بعدها يتبعها في عتق بأدء أو إبراء) (¬7)، ومن قوله قبل (¬8) ذلك: (ومتى ¬
5 - فصل
5 - فصل وتصح كتابةُ عددٍ بعوضٍ، ويقسَّطُ على القِيم يومَ العقدِ ويكون كلٌّ مكاتَبًا بقدرِ حصته: يَعتِقُ بأدائها، ويَعجِزُ بعجزٍ عنها وحده (¬1). وإن أدَّوا، واختَلفوا في قدر ما أَدَّى كلُّ واحدٍ: فقولُ مدَّع أداءَ الواجب (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ أدى ما عليه وقبضه سيدٌ أو وليه أو أبرأه سيدٌ أو وارثٌ موسرٌ من حقه عتق. . . إلخ) (¬3). فصلٌ (¬4) * قوله: (ويسقط (¬5) على القِيَم) لا على عدد الرؤس. * قوله: (يعتق بأدائها)؛ [أيْ] (¬6): أو إبراء (¬7) منها على ما سبق (¬8) (¬9). * قوله: (فقول مدع أداء الواجب) لعل المراد بيمينه (¬10). ¬
ويصح أن يكاتِب بعضَ عبْدِه، فإذا أدَّى: عَتَق كلُّه (¬1) وشِقْصًا من مشترَك، بغير إذن شريكه (¬2). ويَملكُ من كسبِه بقدرِه (¬3). فإذا أدَّى ما كُوتِبَ عليه وللآخر (¬4) ما يقابل حصتَه: عَتَق -إن [كان] (¬5) مَنْ كاتبَه موسِرًا- وعليه قيمةُ حصة شريكه (¬6). وإن أعتقه الشويك قبل أدائه: عَتَق عليه كلُّه -إن كان موسِرًا-، وعليه قيمةُ ما للشريك. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (عتق كله) بالأداء أو السراية. * قوله: (ويملك)؛ أيْ: المكاتب بعضه؛ أيْ: في المسألتَين. * قوله: (وللآخر)؛ أيْ: وأدى للشريك الآخر. . . إلخ. * قوله: (وعليه قيمة حصة شريكه) فيُقَوَّمُ رقيقًا لا مكاتبًا؛ إذْ حصة الشريك التي فوتها كانت في الرق بخلاف الصورة الآتية، فتدبر!، والأظهر أن المسألتَين على حد سواء في التقويم، وأنه يُقَوَّمُ بالصفة التي هو عليها من كون بعضه رقيقًا، وبعضه مكاتبًا؛ لأنها صفته (¬7) وقت التلف، ولا يُقَوَّمُ رقيقًا صرفًا ولا مكاتبًا صرفًا. * قوله: (وعليه قيمة ما للشريك) الذي تقدم في كلام المصنف، وهو ما نص ¬
مكاتَبًا (¬1)، ولهما كتابة عبدهما على تساوٍ، وتفاضُلٍ، ولا يؤدِّي إليهما إلا على قدر ملكَيهما (¬2)، فإن كاتباه منفردَين، فوَفَّى أحدَهما، أو أبرأه: عَتَق نصيبُه خاصةً إن كان معسِرًا، وإلا: كلُّه (¬3). وإن كاتباه كتابةً واحدةً، فوَفَّى أحدهما بغير إذنِ الآخر. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه الإمام أن عليه (¬4) قسط حصة الشريك من قيمة كله (¬5)، والذي (¬6) ذكره (¬7) هنا قول ضعيف ويمكن أن يراد به ما تقدم لكن بتكلف (¬8)، فتأمل!. * قوله: (ولا يؤدي إليهما إلا على قدر مِلْكَيْهِما) ما لم يؤد إلى أحدهما بقدر نصيبه بإذن الآخر كما يأتي. ولو جعل المسألة واحدة وفصَّل فيها بين أن يكون الكتابة في عقد أو عقدَين، وبين أن تكون التأدية لأحدهما بإذن الآخر وبغير إذنه لكان أحسن، وكلامه يوهم أنهما مسألتان مختلفتان (¬9) في الموضوع (¬10) وليس كذلك. ¬
لم يَعتِق منه شيءٌ (¬1). وإن كان بإذنه: عَتَق نصيبُه، وسَرَى إلى باقيه -إن كان موسِرًا- وضَمِن نصيب شريكه (¬2)، بقيمتِه مكاتَبًا (¬3). وإن كاتب ثلاثةٌ عبدًا، فادَّعى الأداءَ إلههم، فأنكره أحدُهم: شارَكهما فيما أقَرَّا بقبضه. ونصُّه: "تقبلُ شهادتُهما عليه" (¬4)، ومَن قبِل كتابةً عن نَفسه وغائبٍ: صحَّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ونصه تقبل شهادتهما (¬5) عليه) [ويلزم عليه] (¬6) تبعيض الشهادة؛ لأنها تضمنت رفع ضرر عنهما بعدم مشاركتهما فيما قبضاه -كما صرح به في الإنصاف هنا (¬7) - مع أنه سيأتي أنها إذا اشتملت على ما يقبل وما يرد ردت في الكل، فتدبر!. ¬
كتدبير (¬1)، فإن أجازَ الغائبُ، وإلا: لزمه الكلُّ (¬2). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (كتدبير) فيه أن التدبير لا يتوقف [على] (¬3) القبول [على] (¬4) الصحيح. وبخطه: انظر لو قَبِلَ عن نفسه (¬5) فقط تصح الكتابة له بالقسط أو الكل أو تبطل؟ فليحرر ذلك!. * قوله: (لزمه الكل) فيه نظر، ويطلب الفرق يينه وبين البيع. والمصنف مشى على [قول] (¬6) أبي الخطاب (¬7)، والذي استظهره في الفروع (¬8) أنه كفضولي؛ يعني: فيصح في الحاضر بقسط (¬9) قيمته من القدر المكاتب عليه، ولا يصح في الغائب ¬
6 - فصل
6 - فصل وإن اختَلفا في كتابةٍ: فقولُ منكِرٍ (¬1)، -وفي قدرِ عوضها، أو جنسِه، أو أجلِها (¬2)، أو وفاءَ مالِها: فقولُ سيد (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ ويكون من تَفريق الصفقة. راجع شرح شيخنا (¬4)!. فصلٌ (¬5) * قوله: (فقول سيد) هي مشكلة في الأخيرة؛ لأن المكاتب غارم، فكان مقتضى القواعد أن يكون القول قوله فيها بيمينه (¬6). ¬
وإن قال: "قبَضتُها إن شاء اللَّه، أو زيد" عَتَق، ولم يؤثَرْ ولو في مرضه (¬1). ويثبُتُ الأداءُ ويَعتِقَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (إن شاء اللَّه) هذا مشكل على ما سيأتي في الإقرار (¬2) من أنه لا يصح تعليق الإقرار بشرط مقدم أو مؤخَّر (¬3) حتى المشيئة، وقد مثلوا بها هناك، إلا أن يقال إنما (¬4) صحَّ هنا لتشوف الشارع للعتق، أو يقال إن التعليق مع الماضي لاغٍ لمنافاته له (¬5)، وحيث (¬6) لغى الشرط ثبت الأصل ابتداءً، وهو قوله: (قبضتها) ونحوه، وهذا الجواب أحسن مما قبله. وقد يقال أيضًا: إنما صحَّ حملًا للمشيئة على التبرك دون التعليق، فتدبر!. ¬
7 - فصل
بشاهدٍ مع امرأتَين أو يمينٍ (¬1). * * * 7 - فصل والفاسدةُ: -كعلى خمرٍ، أو خنزير، أو مجهول- يُغلبُ فيها حكم الصفة: في أنه إذا أدَّى عَتَق، لا إن أُبْرِئ (¬2)، ويَتْبَعُ ولدٌ -لا كسبٌ- فيها (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بشاهد) متعلق بيثبت. فصلٌ (¬4) * قوله: (والفاسدة. . . إلخ) تقدم أن الفاسد ما قال بعض الأئمة بصحته، وانظر هل قال أحد بصحة مثل ذلك أو مراده بالفاسد الباطل؟ فلتراجع المذهب! (¬5). * قوله: (يُغَلبُ فيها حكم الصفة) استشكله في القواعد الأصولية على الأصحاب بما إذا كاتبه على مال حالٍّ حيث قالوا هناك بعدم الصحة وهنا بالصحة، ¬
ولكلٍّ فسخها (¬1)، وتنفسِخُ بموتِ سيدٍ وجنونِه، وحَجْرٍ عليه لسفهٍ (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ مع أنه كان ذاك أولى بالحكم -فيما يظهر (¬3) -. وأجاب شيخنا بأن الشبه الصوري تام ههنا من العقد، والتنجيم بخلافه (¬4) هناك لفوات التنجيم، كأن (¬5) مقتضى ذلك أنها إذا عُلِّقت على صفة لا يملك أحد فسخها، فتدبر!. * قوله: (وتنفسخ بموت سبد) كما تنفسخ بموت المكاتب، وإنما لم ينص عليه؛ لأن غرضه التفرقة بين الصحيحة والفاسدة إذ الصحيحة لا تبطل بموت السيد، وأما المكاتب فيبطلان بموته. * * * ¬
3 - باب أحكام أم الولد
3 - باب أحكام أمِّ الولد وهي شرعًا: مَن وَلَدتْ ما فيه صورة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب أحكام أم الولد (¬1) إن جعلت الصحة والفساد من قبيل خطاب التكليف فالمراد بالأحكام: التكليفية، [وإن جعلا من قبيل خطاب الوضع فالمراد بالأحكام] (¬2) هنا: الأعم من خطاب الوضع وخطاب التكليف، أقول لا حاجة إلى هذا كله فإنه يصح الحمل على خطاب التكليف -كما يعلم مما يأتي (¬3) -، فتدبر!. * قوله: (شرعًا) فيه أن [كل] (¬4) قوم إنما يتكلمون باعتبار مصطلحاتهم، ¬
-ولو خَفِيَّةً، من مالكٍ- ولو بعضَها أو مكاتَبًا، ولو محرَّمةً عليه، أو أبى مالكُها: إِن لم يكن الابنُ وطِئها (¬1). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فما النكتة في زيادة (¬2) قوله: (شرعًا)؟ يبقى النظر في إعرابه، فجعله ابن هشام (¬3) منصوبًا بنزع الخافض أو حالًا باعتبار مضاف ورَدَّ كونه تمييزًا، فراجع ذلك في رسالته التي وضعها في: "لغة وعرفًا وفلانٌ لا يملك درهمًا فضلًا عن دينار" ففيها كلام نفيس. * قوله: (ولو بعضها)؛ أيْ: بعض من ولدت أو بعض الصورة فيصح رجوعه لكل منهما، ويشهد لذلك ما في الإنصاف (¬4) -فراجعه إن شئت-، ويومئ إليه أيضًا جعل المصنف محترز ما فيه (¬5) صورة ما لا تخطيط فيه، فتدبر!. * قوله: (ولو محرمة عليه) كالمجوسية. ¬
وتَعتِق بموته وإن لم يَملكَ غيرَها (¬1). وإن وضَعتْ جسمًا لا تخطيط فيه (¬2) -كالمضْغةِ، ونحوها- لم تَصِرْ به أمَّ ولد (¬3)، وإن أصابها في ملك غيره، لا بزنًا، ثم مَلكها حاملًا: عَتَق الحملُ، ولم تصرْ أمَّ ولد (¬4)، ومن ملَك حاملًا، فوطِئَها: حرُم بيعُ الولد. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا بزنًا) فتدخل الشبهة فيما إذا أصابها (¬5) حال اشتباهها بزوجته الأمة التي لم يُعَرَّ بها ولم يشترط حرية أولادها؛ لأنه تقدم أن الأب والابن من زنى كأجنبيَّين (¬6) (¬7). * قوله: (حرم بيع الولد)؛ أيْ: ولم يصح، كما هو ظاهر التعليل بأن الماء ¬
ويُعتِقُه (¬1). ويصح قوله لأمتِه: "يدُكِ أمُّ ولدِي"، أو لابنِها: "يدُكَ ابنِي" (¬2)، وأحكامُ أمِّ ولد، كأمةٍ: في إجارةٍ واستخدامٍ ووطءٍ، وسائرِ أمورها (¬3)، إلا في تدبير (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يزيد الولد؛ لاقتضائه أن فيه أجزاءَ حرة فيعطي ذلك أن النهي عائد إلى الذات، وهو يقتضي الفساد (¬5). * قوله: (ويعتقه)؛ أيْ: وجوبًا. * [قوله] (¬6): (أو لابنها: يدك ابني) ويكون إقرارًا (¬7) بالولد ولا تصير به أُمَّ ولد، كما يعلم ذلك من الإقرار (¬8) من أنها لا تصير أم ولد إلا إذا قال له: هذا ابني ولدته أمه في ملكي، أو قامت قرينة على ذلك (¬9). ¬
أو ما يَنقل الملكَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو ما ينقل الملك) بخلاف المدبرة فإنه يصح نقل الملك فيها حتى في غير الدَّين (¬1)، قال شيخنا: (لأن التدبير أضعف من الكتابة) (¬2). أقول: الأولى أن يقال: لأنه (¬3) ورد بيع المدبر (¬4) والنهي عن بيع الولد (¬5). ¬
كبيعٍ غيرِ كتابةٍ، ووصيةٍ ووقفٍ، أو يُرادُ له: كرهنٍ (¬1)، وولدُها من غير سيدها، بعدَ إيلادها، كهي (¬2) إلا أنه لا يَعتِقُ بإعتاقِها، أو موتِها قبل سيدها (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وكهبة) أعاد الجارَّ لئلا يتوهم عطفه على: "كتابة". * قوله: (كهي)؛ أيْ: في عدم صحة التصرف فيه وفي أنه يعتق بموت السيد، وفي قوله: "كهي" إقامة ضمير الرفع مقام ضمير الجر (¬4)، ويتسمح فيه، وفيه أيضًا جر الكاف للضمير، وهو قليل أو شاذ وعليه قول الشاعر: وأم أو عال (¬5) لها أو أقربا (¬6) ¬
وإن مات سيدُها -وهي حاملٌ- فنفقتها لمدةِ حملِها من مال حملها وإلا: فعلى وارِثه (¬1)، وكلما جَنَتْ أمُّ ولد: فَداها سيدُها بالأقلِّ من الأرْشِ أو قيمتِها يومَ الفِداء (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه: وليس تابعًا محضًا. بحيث إنه إذا ماتت أمه قبل موت السيد يعود إلى الرق، بل هو بمنزلة ولد المدبرة الذي قلنا إنه مدبر بنفسه (¬3). * قوله: (وهي حامل)؛ أيْ: منه كما ينبغي. * قوله: ([من] (¬4) مال (¬5) حملها) هذا مبني على أن الحمل يرث بمجرد الحمل والاستهلال شرط، والصحيح أنه لا يرث إلا بالاستهلال؛ أيْ: من حينه (¬6)، فتدبر!. ¬
ولو اجتمعت أُرُوشٌ قبل إعطاء شيء منها: تعلَّق الجميعُ برقبتها، ولم يكن على السيد إلا الأقلُّ من أرْشِ الجميع أو قيمتِها (¬1)، فإن لم تَفِ بأربابِ الجناياتِ: تَحَاصُّوا بقدرِ حقوقهم، وإن قتلتْ سيدَها عمدًا، فلوليِّه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: انظر لو وضعته ميتًا (¬2) هل يرجع عليها بما أنفق لتبين (¬3) أنه (¬4) لا مال له؟. الظاهر الرجوع سواء قلنا يرث بالاستهلال على أنه شرط، أو أنه لا يرث إلا من حينه، وأما ما أنفقه الوارث من ماله فالظاهر [أنه] (¬5) لا رجوع فيه؛ لأن موته لم يخرجه عن كونه حملًا، فلتحرر المسألة!. * [قوله] (¬6): (فلوليه) قد تجوَّزَ بالولي عن الوارث حتى يوافق ما يأتي في القصاص من أن الحق لجميع الورثة حتى الزوجَين، وأنه لا يستوفى إلا باتفاقهم على ذلك (¬7)، تدبر!. ¬
-إن لم يَرِثْ ولدٌ لها شيئًا من دمِه (¬1) -: القِصاصُ (¬2). فإن عَفا على مال، أو كان القتلُ خطأ لزمها الأقلُّ من قيمتِها أو دِيَتِه (¬3). وتَعتِقُ في الموضعَين (¬4)، ولا حَدَّ بقَذْفِ أمِّ ولد (¬5). وإن أسلَمتْ أمُّ ولدِ كافرٍ: مُنِع من غِشْيائها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بقي أن في غالب النسخ (إن لم يرث ولدٌ لها) بزيادة اللام، وفيه: (إن لم (¬6) يرث ولدها) بأن كان مميزًا وأتى بكلمة كفر. * قوله: (وتعتق (¬7) في الموضعَين) (¬8) هذا وارد على قولهم: من تعجل بشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه، فافهم تعلم!. وقال شيخنا: إنه غير وارد؛ لأن ذلك فيما إذا كان الحق للمتعجل. وأما العتق فالحق فيه للَّه، بخلاف الإرث، والتدبير لا يقاوم الإيلاد في القوة، ¬
وحِيلَ بينه وبينها، وأُجبِرَ على نفقتها: إن عُدم كسبُها (¬1). فإن أسلَم: حلتْ له. وإن مات كافرًا: عَتَقتْ (¬2). وإن وَطئَ أحدُ اثنَين أمتَهما: أُدِّب، ويلزمه لشريكه -من مهرها - بقدر حصته (¬3)، فلو ولدت: صارت أمَّ ولدِه، وولدُه حُرٌّ، وتستقِرُّ في ذمته. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فلا يلزم أن يعطى سائر أحكامه، فلا يرد على التعليل المذكور (¬4). * قوله: (عتقت) (كسائر أمهات الأولاد، ولعموم (¬5) الأخبار)، شرح (¬6). * قوله: (أدب)؛ [أيْ] (¬7): بمئة إلا سوطًا على ما يأتي في باب التعزير (¬8)، ¬
-ولو معسرًا- قيمةُ نصيبِ شريكه (¬1)، لا من مهرٍ وولدٍ، كما لو أتلفها، فإن أَوْلَدَها الثاني بعدُ: فعليه مهرُها، وولدُهُ رقيق (¬2)، وإن جَهِل إيلادَ شريكِه، أو أنها صارت أمَّ ولدِه: فولدُه حُرٌّ، وعليه فِداؤه يومَ الولادةِ (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: بمئة كاملة (¬4)، واستدل للأول بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تبلغوا بالتأديب حدًّا من حدود اللَّه -تعالى-" (¬5). * قوله: (وولده رقيق) تبعًا لأمه؛ لأنه لا ملك له فيها (¬6). * * * ¬
18 - كتاب النكاح
18 - كِتَابُ النِّكَاحِ
(18) كِتَابُ النِّكَاحِ وهو حقيقةٌ: في عقدِ التزويج، مجازٌ: في الوطء (¬1)، والأشهرُ: مشترَكٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب النكاح (¬2) * قوله: (والأشهر مشترك) (¬3)، وقيل: متواطئ (¬4) على ما في التنقيح (¬5) ¬
والمعقودُ عليه: المنفعة (¬1). وسُنَّ لذي شهوةٍ لا يخاف زنًى، واشتغاله به أفضلُ من التخلِّي لنوافل العبادة (¬2)، ويباح لمن لا شهوةَ له (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (واشتغاله به أفضل من التخلي لنوافل العبادة)؛ لاشتماله (¬4) على تحصين فرجه وزوجته وحفظها والقيام بها وإيجاد النسل وتكثير الأمة وتحقيق مباهاة النبي (¬5) -صلى اللَّه عليه وسلم-، وغير ذلك من المصالح الراجح أحدها على نفل العبادة (¬6). * قوله: (ويباح لمن لا شهوة [له]) (¬7) أصلًا كعِنِّين (¬8)، أو كانت له وذهبت ¬
ويجب على من يخاف زنًا -ولو ظنًّا- من وجل وامرأة (¬1)، ويقدَّم -حينئذ- على حجٍّ واجب (¬2)،. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لعارض من مرضٍ، أو كبر؛ لأن العلة التي يجب لها النكاح أو يستحب وهي خوف الزنا أو وجود الشهوة غير موجودة فيه؛ ولأن المقصود من النكاح الولد، وتكثير النسل، وذلك فيمن لا شهوة له غير موجود (¬3)، ولا ينصرف إليه الخطاب (¬4). * قوله: (ويجب على من يخاف زنًا) الأولى (¬5): مواقعة المحظور كما في المقنع (¬6). وبخطه: أيْ: وعلى من نذره. * قوله: (ومن رجل وامرأة) بيان لـ: "من" المذكورة في الموضعَين، وظاهر كلام أحمد أنه لا فرق بين القادر على الإنفاق وغيره (¬7)، واحتجَّ بأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان ¬
ولا يُكتفى بمرة، بل يكونُ في مجموع العمر (¬1)، ويجوز بدار حرب. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يصبح وما عنده شيء ويمسي وما عنده شيء (¬2). ويوافقه ما نقله عنه صالح (¬3) قال: (يقترض ويتزوج) (¬4). وقال في شرح المقنع (¬5): (وهذا في حق من يمكنه التزويج، فأما من لا يمكنه فقد قال -تعالى-: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: 33]) (¬6)، انتهى. * قوله: (ولا يكتفى بمرة)؛ أيْ: ولا بمجرد العقد (¬7). * قوله: (ويجوز بدار حرب)؛ أيْ: بمسلمةٍ لا منهم. ¬
لضرورةٍ، لغير أسيرٍ، وَيعزِل (¬1)، ويُجزئ تَسَرٍّ عنه (¬2)، وسُنَّ تخيُّرُ ذات الدِّين، الوَلودِ البِكر، الحَسيِبةِ، الأجنبيةِ. ولا يَسألُ عن دِينها حتى يَحمَدَ جمالها (¬3). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لضرورة) فإن لم تكن ضرورة لم يتزوج ولو مسلمة. * قوله: (وسن له تخير ذات الدين. . . [إلخ]) (¬4) ويسن له أيضًا أن يختار الجميلة؛ لأنه أمكنُ لنفسه، وأغضض لبصره، وأكمل لمودته، ولذلك شرع النظر قبل النكاح (¬5)، ولا يسن الزيادة على واحدة؛ لأنه تعريض للمحرم، وقد قال ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ -تعالى-: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} [النساء: 129] (¬1)، إذا حصل بها الإعفاف، وأراد أحمد أن يتزوج أو يتسرى فقال: يكون لهما لحم، يريد كونهما سمينتَين (¬2)، كما قال ابن عبد البر (¬3): كان يقال: لو قيل للشحم (¬4): أين تذهب لقال: أُقوم الأعوج، وكان يقال: من تزوج [امرأة] (¬5) فليستجدْ (¬6) شعرها؛ فإن الشعر وجه، فتخيروا أحد الوجهَين (¬7)، وكان يُقال: النساء لُعب، فينبغي ¬
1 - فصل
1 - فصل ولمن أراد خطبة امرأة وغلب على ظَنِّه إجابته. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أن يتخير ما يليق بمقصوده (¬1)، وينبغي أن يمنع زوجته من مخالطة النساء؛ فإنهن يفسدنها عليه، وألا يدخل بيته خصيًّا ولا مراهقًا (¬2)، ولا يأذن لها في الخروج، وأحسن النساء التركيات، وأصلحهن الجلب التي لم تعرف (¬3) أحدًا، وأحسن ما تكون المرأة بنت أربع عشرة سنة (¬4) إلى العشرين، ويتم نُشُوء المرأة إلى الثلاثين ثم تقف إلى الأربعين، ثم تنزل، ولا يصلح مك النساء من طال لبثها مع رجل، وإياك والاستكثار (¬5) من النساء، فإنه سبب الهم (¬6). فصل (¬7) ¬
نظرُ ما يظهر غالبًا كوجه ورقبةٍ ويدٍ وقدم (¬1)، ويكررُه، ويتأمل المحاسنَ بلا إذنٍ إن أمِن، الشهوة، من غير خلوة (¬2). ولرجل وامرأة نظرُ ذلك ورأس وساقٍ من أمة مُستامةٍ، وذاتِ مَحْرَم (¬3)؛ وهي: من تحرُم [عليه] (¬4) أبدًا بنسب، أو سببٍ مباح لحرمتها إلا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: ([من] (¬5) أمةٍ مستامةٍ) (¬6) أراد شراءها (¬7) لا مطلقًا (¬8). * قوله: (لحرمتها) أخرج (¬9) الملاعنة (¬10). ¬
نساءَ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: فلا (¬1). ولعبدٍ -لا مبعَّضٍ أو مشترَكٍ- نظرُ ذلك من مولاته (¬2). وكذا غيرُ أُولي الإرْبةِ: كعِنِّينٍ وكبير، ونحوهما (¬3)، وَينظرُ ممن لا تُشتَهى: كعجوزٍ وبَرْزَةٍ وقبيحةٍ، ونحوهِن وأمةٍ غير مُستامةٍ، التي غير عورةِ صلاة (¬4)، ويحرُم نظرُ خَصِيٍّ ومَجْبوبٍ وممسوحٍ إلى أجنبيةٍ (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو مشترك) هو من زياداته على التنقيح، وإنما أسقطه المنقح هنا؛ لأنه قصد إدخاله في قوله الآتي (¬6): (ومن لا يملك إلا بعضًا كمن لا حق له)، ولم ينبه عليه شيخنا. * قوله: (وينظر. . . إلخ)؛ أيْ: ينظر الرجل. * قوله: (وأمة [غير] (¬7) مستامة) تَبِعَ في ذكرها التنقيح (¬8)، وهي ساقطة من ¬
ولشاهدٍ ومُعامَل نظرُ وجهِ مشهودٍ عليها ومن تعامله، وكفَّيها لحاجة (¬1). ولطبيب (¬2)، ومن يَلِي خدمةَ مريض -ولو أنثى- في وضوء واستنجاءٍ، نظرٌ ومسٌّ دعت إليه حاجة، وكذا لو حلق عانَة مَنْ لا يُحسِنه (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ المقنع (¬4)، وتبعه (¬5) في الإقناع (¬6)، وهو الصواب، والمرأة تنظر من المرأة إلى ما عدا ما بين السرة والركبة -كما يأتي (¬7) -. * قوله: (وكفَّيها لحاجة) ظاهر كلام كل من المصنف وصاحب الإقناع (¬8) أن قوله: (وكفَّيها) راجع لكل من الشاهد والمعامل، ومقتضى نص الإمام أن نظر الكفَّين مع الوجه خاص بالمعامل، وأن الشاهد ليس له أن ينظر إلا [إلى] (¬9) الوجه، ¬
ولامرأةٍ مع امرأة ولو كافرٌ مع مسلمة، ولرجل مع رجل ولو أمرَدَ، نظرُ غير عورةٍ، وهي -هنا- من امرأة: ما بيْنَ سُرَّةٍ ورُكبةٍ (¬1). ولامرأةٍ نظرٌ من رجل إلى غير عورة (¬2). ومميِّزٌ -لا شهوة له- مع امرأةٍ، كامرأةٍ وذو الشهوة معها، وبنتُ تسع مع رجل كمَحْرَمٍ (¬3). وخُنثى مشكلٌ، في نظرٍ إليه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نبه عليه شيخنا في شرحه (¬4)، وحاشية الإقناع (¬5)، وهو ظاهر صنيعه في شرحه على المنتهى (¬6)، وهو يخالف ما في حاشيته (¬7). * قوله: (وهي هنا)؛ أيْ: في باب النظر بخلاف الصلاة. ¬
كامرأةٍ (¬1)، المنقِّحُ: (ونظرهُ إلى رجل كنظرِ امرأةٍ إليه، وإلى امرأةٍ كنظر رجلٍ إليها) (¬2). ولرجل نظرٌ لغلام لغير شهوة، ويحرمُ نظرٌ لها، أو مع خوف ثورانِها إلى أحدٍ ممن ذكرنا (¬3). ولمسٌ كنظر، بل أولى (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (كنظر امرأة إليه) هذا البحث لا يظهر له فائدة إلا على القول الثاني، وهو أن المرأة ليس لها أن تنظر من الرجل إلى شيء، وأما على المذهب (¬5) من أن للمرأة أن تنظر من الرجل إلى غير عورة، وأن الخنثى كالمرأة في جواز نظر ذلك، فهذا لا تغليظ فيه عليه. * قوله: (كنظر رجلٍ إليها)؛ يعني: فيكون على التفصيل السابق من كونها ذات محرم له، أو لا. * قوله: (ولمس كنظر)؛ أيْ: في التحريم (¬6)، فكل محل حرم فيه النظر حرم فيه اللمس بالأولى، لا في الجواز؛ بدليل ما نقله في الحاشية عن الفروع (¬7): (وليس ¬
وصوتُ الأجنبية ليس بعورةٍ؛ ويحرمُ تلذُذٌ بسماعه -ولو بقراءةٍ- وخلوةُ غير مَحْرَمٍ (¬1)، على الجميع مطلقًا (¬2)، كرجلٍ مع عدد من نساءٍ، وعكسه (¬3). ولكلٍّ -من الزوجَين- نظرُ جميع بدن الآخر ولمسُه بلا كراهةٍ، حتى فرجها (¬4)، كبنتٍ دونَ سبع. وكره النظر إليه حالَ الطمْثِ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كلُّ ما أبيح نظره لمقتضى شرير يباح لمسه؛ لأن الأصل المنع في النظر واللمس، فأُبيح النظر بالأدلة المتقدمة، فيبقى ما عداه على الأصل، إلا ما نصَّ على جواز لمسه)، انتهى. * قوله: (حتى فرجها) الأولى: (حتى الفرج) (¬5). * قوله: (حال الطمث)؛ أيْ: الحيض، وقيل: [و] (¬6) حال الجماع (¬7). ¬
2 - فصل
وتقبيلهُ بعدَ الجماع، لا قبلَه (¬1). وكذا سيدٌ مع أمته المباحةِ له (¬2)، وينظرُ من مزوَّجةٍ، ومسلمٌ من أمته الوَثَنِيَّة والمجوسيةِ -إلى غير عورة- ومن لا يملكُ إلا بعضها (¬3) كمن لا حق له (¬4)، وحرم تزيُّنٌ لِمَحْرَمٍ غيرِ زوج وسيد (¬5). * * * 2 - فصل يحرُمُ تصريحٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومن لا يملك إلا بعضًا كمن لا حق له) عمومه يشمل عكس المسألة (¬6): وهي ما إذا كانت المرأة تملك بعض عبد -وهو الذي عبّر عنه المصنف فيما سبق بـ: (المشترك) -، ومنه تعلم أن وجه إسقاط المنقح له هناك خوف تكرره هنا، لا أنه أغفله. فصلٌ (¬7) * قوله: (يحرم تصريح) التصريح لغة. . . . . . ¬
وهو (¬1): ما لا يَحتملُ غيرَ النكاح، بخطبةِ معتدَّةٍ، إلا لزوج تحلُّ له (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على ما في مختارالصحاح (¬3): (ضد التعريض، ويُقال: صرَّح بما في (¬4) نفسه تصريحًا؛ أيْ: أظهره)، وعلى هذا فقول المصنف: (وهو ما لا يحتمل [غير النكاح) المراد به هنا: أو أن الأصل يحرم تصريح وهو في ما لا يحتمل] (¬5) غيره، ثم حذف الظرف توسعًا، فلم يبق للضمير مرجع فأناب عنه الظاهر، بقي أن قوله: (وهو ما لا يحتمل غير النكاح) لا يخلو عن تسامح وهو إطلاق المصدر وإرادة اسم المفعول. * قوله: (بخطبَة معتدة) لم يقل مطلقة؛ لأن العدة [قد] (¬6) تلزم من غير طلاق، [و] (¬7) كالمزني بها، والموطوءة بشبهة، وشمل قوله: (معتدة) من كانت معتدة لوفاة أو طلاق بائن، فتدَّبر!. * قوله: (إلا لزوج تحل له) كالمطلقة دون الثلاث والمبانة بفسخ، وخرج المزني بها والموطوءة بشبهة؛ فإن الزوج فيهما (¬8) كالأجنبي. ¬
وتعريضٌ بخطبةِ رجعيةٍ، ويجوز في عدة وفاة، وبائنٍ ولو بغير ثلاثٍ (¬1)، وفسخ لعُنَّةٍ وعيبٍ (¬2)، وهي -في جوابٍ- كهو: فيما يَحِلُّ ويحرمُ (¬3). و"التعريضُ": "إني في مثلكِ راغبٌ"، و"لا تفوتيني بنفسك"، وتُجيبُه: "ما يُرغَبُ عنكَ". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وتعريض) فالتصريح بطريق الأولى. * قوله (¬4): (بخطبة رجعية) لم يقل على قياس ما قبله: إلا لزوج (¬5) تحل له؛ [لأن الخطبة (¬6) من مقدمات (¬7) العقد، وحلُّ الرجعية المعتدة لمطلقها لا يتوقف] (¬8) على عقد فلا يتصور منه خطبة حقيقية، فتدبر!. * قوله: (ويجوز)؛ أيْ: التعريض دون التصريح. ¬
و"إن قُضي شيءٌ كان"، ونحوهما (¬1). وتحرُم خِطبةٌ على خِطبةِ مسلمٍ أُجيبَ ولو تعريضًا، إن عَلِم (¬2) وإلا (¬3)، أو تَرك أو أذن أو سَكت عنه: جاز (¬4). وفي تحريم خِطبةِ من أذنت لوليها في تزويجها من معيَّن. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (على خطبة)؛ أيْ صريحة على ما في الاختيارات (¬5) وتبعه عليه في الإقناع (¬6)، غير أن بينهما مخالفة من جهة أُخرى؛ فإن صاحب الاختيارات قال: في العدة أو بعدها، وصاحب الإقناع قال: في العدة. ¬
احتمالان (¬1). والتعويلُ -في ردٍّ وإجابةٍ- على وليٍّ يجبرُ، وإلا: فعليها (¬2). ويصح عقدٌ مع خِطبةٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (احتمالان) للقاضي أبي يعلى (¬3)، واستظهر المصنف منهما التحريم (¬4). * قوله: (ولي مجبر) (¬5) وهو الأب، ووصيه في النكاح. * قوله: (وإلا)؛ أيْ: إن لم تكن مجبرة. * قوله: (ويصح عقد مع خطبةٍ). . . . . . ¬
حرُمت (¬1). ويُسن مساءَ يومِ الجمعة، وأن يَخطُبَ قبله بخُطبةِ ابن مسعود، وهي: "إن الحمد للَّه، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ باللَّه من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهد اللَّه فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأشهد أن محمدًا عبدهُ ورسولهُ" (¬2)، ويجزئ أن يتشهد ويصلي على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬3)، وأن يقال لمتزوج: "بارَك اللَّه لكما وعليكما، وجمَع بينكما في خيرٍ وعافية! " (¬4)، فإذا زُفتْ إليه، قال. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فلا تكون (¬5) الخطبة المتقدمة [منزلة] (¬6) عقد حتى لا يصح العقد معها، ¬
"اللهم إني أسالك خَيرَها وخيرَ ما جَبَلْتَها عليه، وأعوذ بك من شرِّها وشرِّ ما جَبَلتَها عليه! " (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ خلافًا للإمام مالك -رحمه اللَّه- (¬2). * * * ¬
1 - باب ركني النكاح وشروطه
1 - بابُ رُكْنَي النكاحِ وشُروطِه رُكناهُ: 1 - "إيجاب" بلفظ: "إنكاح" أو "تَزْويجٍ" (¬1)، ولمن يملكُها أو بعضَها: "أعتقتُكِ وجعلتُ عِتْقَكِ صداقَكِ"، ونحوِه (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ركنَي النكاح وشروطه (¬3) * قوله: (النكاح) هو هنا بمعنى العقد (¬4). * قوله: (بلفظ إنكاح أو تزويج)؛ (أيْ: بلفظ مشتق منهما، أما هما فلا ينعقد بهما النكاح). حاشية -نقلًا عن ابن نصر اللَّه (¬5) -. * قوله: (ولمن يملكها. . . إلخ) مقدم من تأخير، والأصل: بلفظ إنكاح أو ¬
وإن فَتح وليٌّ تاءَ "زوَجتَك"، فقيل: يصح مطلقًا، وقيل: من. . . جاهلٍ وعاجزٍ (¬1)، ويصح: "زُوِّجتَ" بضم الزايِ وفتح التاء (¬2). 2 - و"قبولٌ" بلفظ: "قبِلتُ أو رضيتُ هذا النكَاحَ" (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تزويج، أو أعتقتك. . . إلخ لمن يملكها أو بعضها، وعطفُ الفعلِ على اسمٍ فيه معنى الفعل جائزٌ عربيةً، أو أنه بتقدير القول -كما قدره الشارح (¬4)، وتبعه عليه شيخنا في شرحه (¬5) -، والتقدير: ويقول (¬6) سيد (¬7): أعتقتك:. . . إلخ، أو أنه أُريد بأعتقتك، لفظه، وقُدِّم الظرف ليؤذن باختصاص تلك الصيغة بغير حرة الأصل، وأكد ذلك بتغاير العاطف، هكذا يجب أن [يفهم] (¬8) المقام. * قوله: (فقيل: يصح مطلقًا، وقيل: من جاهل وعاجز) (¬9) استظهر في شرحه الثاني (¬10)، وقطع به في الإقناع (¬11). ¬
أو: "قبلتُ" (¬1)، أو: "رضيت" فقط، أو: "تزوجتُها"، ويصحَّانِ من هازلٍ وتَلجئةٍ (¬2)، وبما يؤدِّي معناهما الخاصَّ بكل لسان من عاجز، ولا يلزمه تعلُّمٌ (¬3)، لا بكتابة وإشارةٍ مفهومة، إلا من أخرسَ (¬4). وإن قيل لمزوِّجٍ: "أزوَّجتَ؟ "، فقال: "نعمْ"، ولمتزوِّج: "أقبلتَ؟ " فقال: "نعمْ". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويصحان من هازلٍ وتلجئة) إتيانه الشيء ظاهرًا لا باطنًا بخلاف البيع فيهما. * قوله: (من عاجز)؛ (يعني: فلا ينعقد بغيرها (¬5) ممن يحسنها خلافًا للشيخ تقي الدين) (¬6)، حاشية (¬7). * قوله: (لا بكتابة)؛ أيْ: لا يصحَّان. . . إلخ. ¬
صحَّ (¬1)، لا إن تقدَّم قبولٌ (¬2)، وإن تراخَى حتى تفرَّقا، أو تشاغَلا بما يقطعه عُرفًا: بطُل الإيجابُ (¬3). ومن أَوْجَبَ -ولو في غير نكاح- ثم جُنَّ أو أُغميَ عليه قبل قبول: بطُل. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (صحَّ)؛ لأن (نعم) في (¬4) جواب الصريح صريح (¬5). * قوله: (لا إن تقدم قبول)؛ أيْ: ولم يعد القبول (¬6) قبل التفرق. * قوله: (وإن تراخى)؛ أيْ: القبول عن الإيجاب. * قوله: (بطل)؛ أيْ: ولو لم يحصل تفرق ولا تشاغل بما سلف. وبخطه: انظر لو فسق الولي قبل القبول، أو حضر الأقرب قبله؛ يعني: وقد كان أوجب النكاحَ الأبعدُ هل يبطل الإيجاب -كما هنا-؟. ¬
1 - فصل
كموتِه (¬1)، لا إن نام (¬2). وكان للنبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يتزوجَ بلفظٍ: "الهبة" (¬3). * * * 1 - فصل وشروطُه خمسةٌ: ـــــــــــــــــــــــــــــ الظاهر (¬4): أن الحكم كذلك وأنه لا بُدَّ من استمرار الشروط المعتبرة في الولي إلى أن يتم العقد، فليراجع!. * قوله: (لا إن نام) قال الشيخ الفارضي (¬5) في حاشيته: (المراد نوم يسير لا ينقض الوضوء قاله الشيخ)، انتهى، فانظر ما مراده، ولعله الشيخ تقي الدين (¬6). فصلٌ (¬7) ¬
1 - تعيينُ الزوجَين، فلا يصحُّ: "زوَّجتُك بنتي"، وله غيرُها حتى يميِّزَها (¬1)، وإلا: فيصحُّ، ولو سمَّاها بغير اسمها (¬2)، وإن سمَّاها باسمها ولم يَقلْ: "بنتِي" (¬3)، أو قال من له عائشةُ وفاطمةُ: "زوَّجتك بنتِي عائشةَ، فقبلَ -ونَوَيا فاطمةَ-: لم يصح (¬4)، كمن سُمِّيَ له في العقد غيرُ مخطوبته، فَقبِلَ: يظنُّها إيَّاها (¬5). وكذا: "زوَّجتك حَمْلَ هذه المرأةِ" (¬6). 2 - الثاني: رضا زوجٍ مكلف ولو رقيقًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ونويا)؛ [أيْ] (¬7): أو أحدهما. * قوله: (وكذا: زوجتُكَ حَمْلَ هذه المرأة)؛ أيْ: [أو] (¬8): زوجتُ موليتي لحمل امرأتك؛ أيْ: فإنه لا يصح، وهو يدل على اشتراط وجود الزوجَين في الأعيان، ولم ينبه المصنف عليه، وكأنه اعتمد على فهمه من اشتراط التعيين؛ فإنه لا يتأتى اعتبار التعيين إلا فيما يتحقق فيه المشافهة، ولا يتحقق ذلك إلا في الأعيان ¬
وزوجةٍ حُرَّةٍ عاقلةٍ ثيِّب: تَمَّ لها تَسعُ سنين (¬1). ويُجبرُ أب ثيِّبًا دون ذلك (¬2)، وبكرًا ولو مكلفة (¬3)، ويُسنُّ استئذانُها مع أمها (¬4). ويؤخَذُ بتعيينِ بنتِ تسعٍ فأكثرَ كُفُؤًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الظاهرة للعيان (¬5)، فتدبر!. * قوله: (ويسن استئذانها مع أمها) كأن (¬6) المراد إرسال الاستئذان؛ أيْ: طلب الإذن مع أمها -كما هو المفهوم من كلامهم-، ويحتمل أن يراد: واستئذان أمها أيضًا، وكلاهما صريح قول صاحب الإقناع (¬7): (ويسن استئذان بكر بالغة هي وأمها بنفسه، أو بنسوة ثقات ينظرن (¬8) ما في نفسها وأمُّها بذلك أولى)، انتهى، وأما استئذانهما معًا؛ يعني: في وقتٍ واحدٍ، فليس معتبرًا، وإن كان هو ¬
ولا بتعيين أبٍ (¬1)، ومجنونةً ولو بلا شهوةٍ، أو ثَيِّبًا أو بالغة (¬2) -ويزوِّجها مع شهوتها كلُّ وليٍّ (¬3) - وابنًا صغيرًا، وبالغًا مجنونًا ولو بلا شهوةٍ (¬4). ويزوجُهما مع عدمِ أب وصيُّه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المتبادر من المعية. * قوله: (لا بتعيين أب)؛ أيْ: مع تعيينها كفؤًا. * [قوله] (¬5): (أو ثيبًا أو بالغة) عطف على مدخول لو (¬6). * قوله: (كل ولي)؛ أيْ: الأقرب فالأقرب من عصباتها -كما سيأتي في التفصيل (¬7) -، فارضي. * قوله: (ويزوجهما)؛ أيْ: الصغير والمجنون البالغ. * قوله: (وصيه) فيه أو مطلقًا على قولَين، فانظر الصحيح، وسيأتي ما يرشح الأول في قوله: (ووصي ولي أب أو غيره في نكاح بمنزلته. . . . . . ¬
فإن عُدِم -وثَمَّ حاجةٌ- فحاكمٌ (¬1)، ويصح قبول مميِّز لنكاحه، بإذنِ وليِّه (¬2)، ولكلِّ وليٍّ تزويجُ بنتِ تسع. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا نص [له] (¬3) عليه) (¬4). * [قوله: (فإن عدم وثم حاجة فحاكم) النسخة الأصلية: ويزوجهما (¬5) لحاجة مع عدم أب وصيُّه، فإن عدم] (¬6) فحاكم، وهي أولى من هذه النسخة، وحشَّى عليها الفارضي (¬7) -رحمه اللَّه-. * قوله: (ويصح قبول مميزٍ. . . إلخ) قال الفارضي في حاشيته: (والذي يظهر أن الأولى أن يعقد له وليه للخروج من الخلاف). * قوله: (ولكل ولي)؛ أيْ: من أب (¬8) ووصيه وياقي العصبات على ترتيبها الآتي تزويج بنت تسع فأكثر بإذنها، فحيث وُجد منها الإذن لواحدٍ منهم جاز له تزويجها، وإن كان تزويج الأب أو الوصي لها لا يتوقف على الإذن -كما علم مما مر-. ¬
فأكثرَ بإذنها -وهو معتَبرٌ- لا مَن دونهَا بحال (¬1). وإذن ثيِّبٍ بوطءٍ في قبُلٍ -ولو زنَا، أو مع عَوْدِ بكارةِ- الكلامُ، وبكر -ولو وطئتْ في دُبُرٍ- الصُّماتُ، ولو ضحكتْ أو بكتْ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا من دونها بحال) (¬2)؛ أيْ: ليس لكل الأولياء تزويج مَن دون تسع بحال بل هو لبعضهم وهو الأب ووصيه -كما علم مما مر-، فعبارة المتن والشرح (¬3) لا غبار عليها خلافًا لمن وقف (¬4). * قوله: (بإذنها) سواء كانت بكرًا أو ثيبًا [حيث] (¬5) كان الأب ووصيه مفقودَين -كما هو موضوع المسألة-. * قوله: (وهو معتبر)؛ (أيْ: إِذْنُ بنت تسع فأكثر، [معتبر] (¬6)، فيشترط عند ثيوبتها (¬7) وفيما إذا كان الولي غير الأب أو وصيه، ويسن فيما إذا كانت بكرًا والولي الأب أو وصيه)، حاشية (¬8). ¬
ونطقُها أبلغُ (¬1)، ويُعتبرُ في استئذان: تسميةُ الزوج على وجه تقع المعرفة به (¬2)، ومن زالت بكارتُها بغير وطءٍ: فكبكرٍ (¬3). ويُجبرُ سيد عبدًا صغيرًا أو مجنونًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ومنه تعلم أن الاعتبار بمعنى الطلب شرعًا أعم من أن يكون [على] (¬4) جهة الاشتراط أو على جهة الاستحباب أو أن قوله: (معتبر) (¬5) بمعنى مقبول (¬6)، [وهذا التفسير موافق صنيع الإقناع (¬7) حيث جعله صفة للإذن، فقال: (ولها إذن صحيح معتبر نصًا)] (¬8)؛ أيْ (¬9): لا أنه (¬10) غير ملتفت، وكونه مقبولًا صادق أيضًا بأن يكون على وجه الوجوب أو الاستحباب، فتدبر!. ¬
وأمةً مطلقًا (¬1). لا مكاتبًا أو مكاتَبةً (¬2). ويُعتبرُ في معتَقٍ بعضُها: إذنُها وإذنُ معتقها ومالكِ البقيةِ، كالمشتركَين (¬3)، ويقول كلٌّ: "زوَّجتُكها" (¬4). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مطلقًا)؛ أيْ: سواء كانت كبيرة أو صغيرة (¬5) قِنًّا أو أم ولد مباحة [له] (¬6) أو محرمة عليه [كأمه] (¬7) وأخته من رضاع. * قوله: (ويقول كل: زوجتكها). قال ابن نصر اللَّه: (وهل يفتقر إلى اتحاد زمن الإيجاب منهما [أو يجوز ترتيبهما] (¬8)، فيه نظر)، انتهى. والأظهر جواز ترتيبهما (¬9) بشرط إيجاب الثاني قبل التفرق من الأول وقبل ¬
2 - فصل
2 - فصل 3 - الثالثُ: الوليُّ (¬1)، إلا على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬2) فلا يصحُّ إنكاحُها لنفسها أو غيرها (¬3)، فيزوجُ أمةً لمحجورٍ عليها وليُّها في مالها (¬4)، ولغيرها من يزوِّج سيدتها بشرط إذنها نطقًا (¬5)، ولو بكرًا (¬6). ـــــــــــــــــــــــــــــ التشاغل بما يقطع الإيجاب [الأول] (¬7) عرفًا (¬8)، فليحرر!. فصل (¬9) * قوله: (بشرط إذنها)؛ أيْ: إذن سيدتها، فالضمير راجع لأقرب مذكور، ¬
ولا إذنَ لمولاةِ معتقةٍ (¬1)؛ ويزوِّجها بإذنها أقربُ عَصَبتها (¬2)، ويُجبرُها من يُجبرُ مَولاتَها (¬3). والأحق بإنكاح حرةٍ: أبوها، فأبوه وإن علا، فابنُها فابنُه وإن نزل، فأخٌ لأبوين، فلأبٍ، فابنُ أخٍ لأبوين، فلأب وإن سفلا، فعمٌّ لأبَوبن، فلأب. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا للمحدث عنه، وهو الأمة -كما هو ظاهر-. * قوله: (ولا إذن لمولاة معتَقَة)؛ أيْ: في تزويجها على الأصح لملكها نفسها بالعتق والمولاة (¬4) ليست من أهل الولاية (¬5) بل المعتبر إذنها هي إن كانت من أهل الإذن وإلا زوَّجها وليها المجبر من غير استئذان -كما يعلم من بقية كلامه-، فتدبَّر!. * قوله: (ويزوجها)؛ أيْ: المعتَقة (¬6). * قوله: (بإذنها)؛ أيْ: المعتِقة. * قوله: (ويجبرها من يجبر مولاتها)؛ أيْ: إن لم يكن لها عصبة من النسب ¬
ثم بَنُوهما كذلك، ثم أقربُ عصبةٍ نسيبٌ، كالإرث، ثم المولى المنعِمُ، ثم عصبَتُه: الأقربُ فالأقربُ، ثم للسلطان، وهو الإمامُ أو نائبهُ (¬1)، ولو من بُغاةٍ: إذا استولوا على بلد (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ واعلم أن كلام المصنف ظاهر في أنها تجبر مطلقًا، كبيرة أو صغيرة وهو خلاف ما صرح به الزركشي، وخالفه في الإنصاف (¬3)، والمصنف في شرحه يميل إلى كلام الإنصاف؛ فإنه مثل بقوله (¬4): (فلو كانت المعتقة صغيرة لم يتم لها تسع سنين وكان لمولاتها أب كان له جبر معتقة بنته على النكاح)، فيحمل كلامه هنا على ما في شرحه. * قوله: (أو نائبه) (قال الإمام أحمد: القاضي أحب إليَّ في هذا من الأمير) (¬5). ¬
فإن عُدِم الكلُّ: زوَّجها ذو سلطانٍ في مكانها، كعَضْلٍ، فإن تعذر: وكَّلت (¬1). ووليُّ أمةٍ -ولو آبقة- سيدُها، ولو فاسقًا أو مكاتبًا (¬2). وشرط في وليٍّ: 1، 2، 3 - ذكورَّةٌ، وعقلٌ (¬3)، وبلوغٌ (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله] (¬5): (أو مكاتبًا) وأذن [له] (¬6) سيده في تزويج إمائه)، شرح (¬7) * قوله: (وشرط في ولي. . . إلخ) وقد نظمتُهَا فقلتُ: ¬
4 - وحريةٌ، إلا مكاتبًا يزوِّج أمتَه (¬1). 5 - واتفاقُ دينٍ، إلا أُمَّ ولد لكافر أسلمت (¬2)، وأمةً كافرةً لمسلم، والسلطانَ (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ أتتك شروط للولي مهمة ... وعدتها سبع فخذها على الولا بلوغ وعقل ثم رشد عدالة ... ذكورية حريمة أمرها انجلا وعد اتفاق الدين وهو تمامها ... فكن حافظًا للعلم ترقَ وتنبلا ومن بعضها استثني مسائل قد أتت ... على غير ما قالوا (¬4) فكن متأملا ¬
6 - وعدالةٌ ولو ظاهرةٌ (¬1)، إلا في سلطان وسيد (¬2). 7 - ورُشدٌ، وهو: معرفة الكُفؤِ ومصالح النكاح (¬3)، فإن كان الأقربُ طفلًا، أو كافرًا، أو فاسقًا، أو عبدًا (¬4)، أو عَضَلَ (¬5): بأن منعها كفُؤًا رضيَتْه، ورَغب بما صحَّ مهرًا، ويُفسَّقُ به: إن تكرَّر (¬6). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وناظم عقد الدر يدعى محمدًا ... ويرجو من الرحمن قربًا بلا قِلا * قوله: (بما صحَّ (¬7) مهرًا) ولو كان دون مهر المثل. * قوله: (ويفسق به إن تكرر) الظاهر أن هذا مبني على القول بالفسق بتكرر ¬
أو غاب غَيبةً منقطعةً (¬1). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصغيرة، والملائم لما سيأتي أن يقول: ويفسق إن أدمن عليه (¬2)، وفي المسألة قول ثالث: أنه يفسق إن تكررت منه ثلاثًا (¬3)، وهو الذي بنى عليه (¬4) ابن عقيل (¬5) كلامه هنا، فإنه قال: ولا يقال: إنه بالعضل صار فاسقًا؛ لأن العضل لا يعلم أنه كبيرة حتى يتكرر [فإن تكرر] (¬6) ذلك منه بأن خطبها كفؤٌ فمنع، وآخرُ فمنع، [وآخر فمنع] (¬7) صار ذلك كبيرة يمنع الولاية؛ لأجل الإضرار ولأجل الفسق، نقله الشيخ ¬
وهي: ما لا تُقطَع إلا بكُلفةٍ ومشقة (¬1)، أو جُهل مكانُه، أو تعذرتْ مراجعتُه بأسرٍ أو حبسِ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ التقي في المسودة (¬2). * قوله: (وهي ما لا تقطع إلا بكلفةٍ ومشقةٍ) نصَّ عليه (¬3). وقال الخرقي (¬4): (ما لا يصل إليه الكتاب، أو يصل ولا يجيب عنه) (¬5). ¬
زوَّج حرةً أبعدُ، وأمةً حاكمٌ (¬1). وإن زوَّج حاكمٌ، أو أبعدُ بلا عذر للأقرب: لم يصحَّ (¬2). فلو كان الأقرب لا يُعلم أنه عصبةٌ أو أنه صار أو عاد أهلًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال القاضي: (بما لا تقطعه (¬3) القافلة في السنة إلا مرة، ويحتمل أنه يكتفى (¬4) بمسافة القصر) (¬5). * قوله: (زَوَّجَ حرةً أبعدُ) المراد بالأبعد من يلي هذا الذي تعذرت مراجعته، فأفعل التفضيل هنا مستعمل في أصل الفعل؛ كقولهم: العسل أحلى من الخل، أي: العسل فيه حلاوة والخل لا حلاوة فيه. * قوله: (وأمةً حاكمٌ) انظر هل هذا يعارض ما يأتي في النفقات (¬6) من أنه إنما يزوجها من يلي ماله، أو يحمل ما هنا على فقدان ما سوى الحاكم، تدبر. * قوله: (وإن زوج (¬7) حاكم) أي: بلا عذر للولي. ¬
بعد مُنافٍ، ثم عُلم: أو أستَلحق بنتَ ملاعنةٍ أبٌ بعد عقدٍ: لم يُعَدْ (¬1). ويَلي كتابيٌّ نكاحَ مَوليَّتِه الكتابيةِ حتى من مسلم (¬2)، ويُباشرُه (¬3)، ويُشترط فيه شروط المسلم (¬4). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بعد مناف) أي: من فسقٍ أو جنون، أو غيره. * قوله: (لم يُعَدْ) أي: العقد. * قوله: (ويلي كتابي. . . إلخ). قال في الإنصاف: (هذا المذهب الذي عليه الأصحاب ولم يفرقوا بين الاتحاد [بينهما] (¬5) في الدين وغيره) انتهى (¬6). قال شيخنا (¬7): (قوله: (ولم يفرقوا) محل تأمل؛ فإن قولهم إنه يشترط فيه ¬
3 - فصل
3 - فصل ووكيلُ كلِّ وليٍّ يقوم مقامَه غائبًا وحاضرًا (¬1)؛ وله أن يوكِّلَ قبل إذنها ودونه (¬2). ويثبُت لوكيل مالَهُ من إجبار وغيره. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [شروط] (¬3) المسلم يؤخذ منه ذلك؛ فإن من جملة الشروط (¬4) في المسلم اتفاقهما في الدين). فصل (¬5) * قوله: (غائبًا وحاضرًا) وسواء كان الولي (¬6) مجبرًا أو غير مجبر؛ لأنه عقد معاوضة، فجاز التوكيل فيه، كالبيع، وقياسًا على توكيل الزوج (¬7). * قوله: (ولى)؛ أيْ: وللولي إن (¬8) لم يكن مجبرًا. * قوله: (من إجبار وغيره)؛ لأنه نائبه فيثبت [له] (¬9) [ما يثبت] (¬10) للمنوب ¬
لكنْ: لا بد من إذن غير مجبرَةٍ لوكيل، فلا يكفي إذنُها لوليِّها بتزويج أو توكيلٍ فيه، بلا مراجعة وكيل لها، وإذنِها له بعد توكيله (¬1). فلو وكَّل وليٌّ، ثم أذنتْ لوكيله: صحَّ، ولو لم تأذن للوليِّ (¬2)، ويُشترط في وكيلِ وليٍّ ما يُشترط فيه (¬3)، ويصح توكيلُ فاسقٍ ونحوه في قبول (¬4)، ويصح توكيلُه مطلقًا كـ: "زوِّجْ من شئتَ" (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عنه، وكذلك الحكم في السلطان والحاكم يأذن لغيره في التزويج. * قوله: (لها)؛ أيْ: لغير المجبرة. * قوله: (ونحوه) كالكتابي إذا كانت المرأة كتابية (¬6) (¬7). * قوله: (مطلقًا)؛ أيْ: غير مقيد. ¬
ولَا يملكُ به أن يزوِّجَها من نفسه (¬1)، ومقيَّدًا كـ: "زوِّجْ زيدًا" (¬2). وإن قال: "زوِّجْ، أو اقبل من وكيلِه زيدٍ، أو أحدِ وكِيلَيْه" فزوَّج، أو قَبِل من وكيلهِ عمرو: لم يصح (¬3). ويُشترط قولُ وليٍّ أو وكيلِه لوكيلِ زوجٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا يملك به أن يزوجها من نفسه)، وهل الولي كذلك؛ [أيْ] (¬4): ليس له أن يزوجها من نفسه، أو لا؟. صاحب الإقناع (¬5) على أنه كذلك، وهو مخالف لما في الإنصاف (¬6)، فراجع شرح الشيخ عليه! (¬7). * قوله: (من وكيله عمرو) وكذا إذا زوج من زيد في مسألة الإطلاق؛ أعني: [ما] (¬8) إذا قال له: زوج أو اقبل من أحد وكيليه المشار إليها هنا بقوله: (أو أحد وكيليه)، والعلة مختلفة؛ لأنها في الأولى المخالفة والثانية الإبهام في أصل التوكيل، وفيه أنه تقدم أنه يصح في مسألة الإطلاق، فما الفرق بينهما، فليحرر!. ¬
"زوَّجتُ فلانةَ فلانًا، أو لفلانٍ" أو: "زوَّجتُ موكِّلَك فلانًا فلانةَ"، وقولُ وكيلِ زوجٍ: "قبلتُه لموكِّلي فلانٍ، أو لفلانٍ" (¬1)، ووصيُّ ولي أب -أو غيره- في نكاح بمنزلته: إذا نص له عليه (¬2)، فيجبر من يجبره من ذكر وأنثى (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (زوجتُ فلانة)؛ أيْ: بنت فلان ونحوه من التعريف. * قوله: (قبلته لموكلي. . . إلخ)؛ أيْ: لا قبلته فقط، من غير تصريح بذلك، وهذا بخلاف سائر العقود، فيطلب الفرق بينها (¬4) وبينه بتدبر وتحقيق، قال شيخنا (¬5): ولعله للاحتياط للفروج، ثم ظهر لي ما هو أوضح من ذلك، وهو أن الإشهاد المشترط في النكاح لا يتأتى إلا على ما تسمعه الشهود، وتتحمله والقصد لا يقع الإشهاد عليه، وبقية العقود لا يشترط فيها الإشهاد، فتدبر!. * قوله: (ووصيٌّ) مبتدأ [خبره] (¬6) [قوله] (¬7): (بمنزلته). ¬
4 - فصل
ولا خيار ببلوغ (¬1). * * * 4 - فصل وإن استوَى وليَّانِ فأكثرُ، في درجة: صحَّ التزويجُ من كل واحد، والأوْلى: تقديمُ أفضل فأَسَنَّ (¬2). وإن تشاحُّوا: أُقرِع (¬3). فإن سَبق غيرُ من قَرَع، فزوَّج، وقد أذنتُ لهم: صح. وإلا: تعيَّن من أذنتْ له (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ "فصلٌ" (¬5) * قوله: (صحَّ) وهل يحرم (¬6) قياسًا على ما إذا أخذ الماء غير الأولى به أو يكره قياسًا على ما إذا سبق إلى الإمامة غير الأفضل والأولى؟! (¬7). ¬
صبيان زوَّج وليَّانِ لاثنَين، وجُهل السبْقُ مطلقًا (¬1)، أو عُلم سابقٌ ثم نُسي (¬2)، أو عُلم السبْقُ وجُهل السابقُ: فسَخَهما حاكمٌ (¬3)، وإن عُلم وقوعُهما معًا: بطُلا (¬4). ولها -في غير هذه- نصفُ المهر بقرعة (¬5)، وإن ماتت: فلأحدِهما نصفُ ميراثها بقرعةٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مطلقًا)؛ أيْ: بأن لم يعلم، أوقعا معًا أو مرتبًا، تأمل!. * قوله: (بطلا)؛ أيْ: تبين أنهما باطلان من أصلهما. * قوله: (وإن ماتت)؛ أيْ: قبل الفسخ (¬6). * قوله: (فلأحدهما نصف ميراثها) لو قال: فلأحدهما إرثه منها، لكان ¬
بلا يمينٍ (¬1). وإن مات الزوجان، فإن كانت أقرَّت بسبْقٍ لأحدهما: فلا إرثَ لها من الآخر، وهي تدَّعِي ميراثَها ممن أقرَّتْ له، فإن كان ادَّعى ذلك أيضًا: دُفع إِليها، وإلا: فلا -إن أنكر ورثتُه (¬2) -، وإن لم تكن أقرَّتْ بسبق: ورثتْ من أحدهما بقرعة (¬3). ومن زوَّج عبده الصغير بأمتِه أو ابنَه ببنت أخيه (¬4)؛ أو وصِيٌّ في النكاح صغيرًا بصغيرةٍ تحت حِجْرِه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شاملًا لما إذا كانت ذات ولد منه، أو من غيره، فلا يكون له حينئذٍ نصف ميراثها، بل ربعه -كما هو ظاهر-، فتدبر!، أشار إليه شيخنا في شرحه (¬5). * قوله: (وإلا)؛ أيْ: وإن لم يكن ادَّعى ذلك قبل موته. * قوله: (فلا)؛ أيْ: فلا تأخذ شيئًا. * قوله: (أو وصي) في جعل هذه الجملة معطوفة على ما قبله انظر ظاهر ¬
ونحوه: صحَّ أن يتولى طرَفَي العقدِ (¬1). وكذا وليُّ [عاقلة] تَحِل له: كابنِ عم، ومولَىً، وحكم: إذا أذنتْ له (¬2)، أو وكَّل زوجٌ وليًّا، أو عَكسُه، أو وكَّلا واحدًا، ونحوَه (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ من حيث العربية، ولو قال: وكذا وصي في نكاح إذا زوج صغيرًا بصغيرة تحت حجره، لكان أسلم، فتدبر!. * قوله: (ونحوه) كما لو زوَّج عبده بابنته، هذا على أن الكفاءة (¬4) ليست شرطًا للصحة بل للزوم. * قوله: (إذا أدِنَتْ له)؛ أيْ: ما يستفيد به أن يتزوجها من نفسه، ليوافق كلًّا من كلام صاحب الإقناع (¬5)، وصاحب الإنصاف (¬6)، وإطلاقه ظاهر في موافقة الإنصاف من أن له أن يتزوجها في مسألة الإذن المطلق. ¬
5 - فصل
ويكفي: "زوَّجتُ فلانًا فلانةَ"، أو: "تزوجتُها"، إن كان هو الزوج أو وكيله (¬1)، إلا بنت عمه وعتيقتَه المجنونتَين: فَيُشترطُ وليٌّ غيرُه أو حاكمٌ (¬2). * * * 5 - فصل ومن قال لأمتِه التي يحلُّ له نكاحُها إذًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويكفي زوَّجتُ فلانًا)؛ أيْ: ابن فلان. . . إلخ. * قوله: [فلانة)؛ أيْ: بنت فلان. . . إلخ. فصلٌ (¬3) * قوله: (التي يحل له نكاحها) احترازًا عن المجوسية، والوثنية، والمعتدة، والزائدة على الأربع، ولتدخل الكتابية التي أبواها كتابيان (¬4). * قوله: (أذن) (¬5)؛ أيْ: في وقت قوله لها ذلك. ¬
لو كانت حرةً من قِنٍّ، أو مدبَّرةٍ، أو مكاتبةٍ، أو معلَّقٍ عتقُها بصفةٍ، أو أمِّ ولده: "أعتقُتكِ وجعلتُ عتقَكِ صداقَكِ، أو جعلت عتقَ أمتي صداقَها، أو صداقَ أمتي عتْقَها"، أو: "قد أعتقتُها [وجعلتُ عتقَها صداقَها"، أو: "أعتقتُها] على أن عتقها صداقُها"، أو: "أعتقتك على أن أتزوجك، أو: وعتقي أو وعتقك صداقُك": صحَّ (¬1)، وإن لم يقل: "وتزوَّجتُكِ"، أو: "تزوجتُها" (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لو كانت حُرة)؛ لأنه لا يصح له نكاح أمته (¬3)، وهذا أمر معلوم، ولذا أسقط هذا القيد صاحب الإقناع (¬4). وقال شيخنا في شرح الإقناع: (قولهم: لو كانت حُرة لدفع اعتبار عدم الطول، وخوف العنت المعتبر في نكاح الأمة مع ما تقدم) (¬5)، انتهى، وأقول: تأمل هذا الكلام فإني لم أفهمه. * قوله: (وإن لم يقل: "وتزوجتك"، أو "تزوجتها") (¬6) ويصح جعل شيء ¬
إن كان الكلام متصلًا بحضرةِ شاهدَين (¬1)، ويصحُّ جعلُ صداقِ مَنْ بعضُها حرٌّ عِتقَ البعضِ الآخر (¬2). ومن طُلِّقتْ قبل الدخول: رَجَع عليها بنصف قيمة ما أعتق (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [آخر] (¬4) مع عتقها صداقًا لها كدراهم ونحوها، نصَّ عليه الشيخ تقي الدين (¬5)، وأفتى به شيخنا (¬6). * وقوله: ([إن كان متصلًا]) (¬7)؛ أيْ: حكمًا، فلا يضر قطعه لنحو تنفس، أو سعال أو عطاس، فإن سكت ما يمكنه الكلام فيه، أو تكلم بأجنبي عتقت ولم يصح النكاح. بعضه في (¬8) الحاشية (¬9). * قوله: (ويصح جعل صداق من بعضها حُرٌّ عتق البعض الآخر)؛ (أيْ: بالشرط السابق وهو إذنها وإذن من له الولاء على البعض الآخر -كما تقدم-)، حاشية (¬10). * قوله: (رجع عليها بنصف قيمة ما أعتق)؛ (أيْ: كلًّا ¬
وتُجبَرُ على الاسْتِسْعاء غيرُ مَليئة (¬1). ومن أعتقها بسؤالها على أن تنكِحَه، أو قال: "أعتقتُكِ على أن تنكحيني" فقط، ورضيتْ: صحَّ. ثم إن نكحته، وإلا: فعليها قيمةُ ما أعتَق (¬2). وإن قال: "زوَّجتُك لزيد وجعلتُ عتقَكِ صداقَك" ونحوَه، أو: "أعتقتُكِ وزوَّجتُك له على ألف"، وقبِل فيهما: صحَّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو بعضًا)، حاشية (¬3). * قوله: (وإلا فعليها قيمة ما أعتق)؛ أيْ: وإن لم تتزوجه فعليها قيمة ما أعتق، قال في الاختيارات: (سواء كان الامتناع منها أو منه، وهذا فيه نظر إذا كان الامتناع منه) هكذا في حاشية شيخنا على الإقناع (¬4)، ونقل في شرحه (¬5) مثل ما في (¬6) الاختيارات عن (¬7) الشرح الكبير -وفيه النظر-، وإن لم يتعقبه. * قوله: (وقبل فيهما)؛ أيْ: ما لم يكن مجبرًا له كعبده ومولاه الصغيرَين، ¬
6 - فصل
كـ: "أعتقتُكِ وأكْريتُكِ منه سنةً بألف" (¬1). * * * 6 - فصل 4 - الرابعُ: الشهادةُ (¬2)، إلا على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬3). فلا ينعقدُ إلا بشهادةِ ذكرَيْنِ: بالغَين عاقلَين (¬4)، متكلِّمَين سميعَين. مسلمَين (¬5)، ولو أن الزوجةَ ذمَّيةٌ (¬6). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن كان كذلك [لم] (¬7) يتوقف (¬8) الصحة على الرضى؛ لأنه لا اعتبار لرضاهما، وأيضًا ما لم يكن قد وكَّله في قبول النكاح. "فصلٌ" (¬9) ¬
عدلَين ولو ظاهرًا (¬1). فلا يُنقَصُ لو بانا فاسقَين (¬2)، غيرَ متَّهمَين لرَحِمٍ (¬3)، ولو أنهما ضرَيران (¬4)، أو عدوَّا الزوجَين أو أحدهما أو الوليِّ (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (غير متهَمَين لرحم)؛ (أيْ: غير (¬6) عمودَي نسب، ولو عبَّر به لكان أولى، والمراد غير عمودَي نسب الزوجَين أو الولي، قاله ابن نصر اللَّه في حاشية الفروع)، [حاشيته] (¬7). * قوله: (أو أحدهما. . . إلخ)؛ أيْ: أو كان الشاهدان عدوَّين للزوجَين أو ¬
ولا يُبطلُه تَواصٍ بكتمانه (¬1). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لأحد الزوجَين أو للولي؛ لأنها شهادة تجرُّ نفعًا للمشهود عليه، وفيها حق للَّه -تعالى-. * قوله: (ولا يبطله تواصٍ (¬2) بكتمانه) ينظر ما الفرق بين ما هنا وما في الرجعة على الرواية الثانية (¬3) أن من شرطها الإشهاد حيث فرع المصنف عليها هناك أنها تبطل إن أوصى الشهود بكتمانها وعبارته: (وليس من شرطها الإشهاد، وعنه بلى فتبطل إن أوصى الشهود [بكتمانها]) (¬4)، ويمكن الفرق بأن الرجعة يمكن تلافيها ما دامت الزوجة معتدة، فلا ضرر في بطلانها بالكتمان، بخلاف تلافي النكاح فإنه يتوقف على حضور الولي، ورضاه، وإذنها حيث اعتبر، ومهر، وقد يتعذر جمعه. قال الشهاب الفتوحي -في حاشية المحرر في الكلام على التواصي بكتمان النكاح- ما نصه: (وأما الكتمان فذكره الأصحاب مسألة مفردة، وقد اختلفت الرواية في ذلك، فعنه يستحب أن يضرب فيه بالدف؛ كيما يعلم الناس، وظاهره أن الإعلان مستحب وكتمانه لا يبطل، وهذا هو المذهب. وروى (¬5) عنه. . . . . . ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المروذي (¬1): إذا تزوج بولي وشاهدَين في سرٍّ فلا حتى يعلنه، ويضرب عليه بالدف. قال أبو بكر في الشافي: من شروط النكاح الإظهار -فإذا دخله الكتمان فسد، وكذا الرجعة. قال: لأن أحمد قال في رواية أبي طالب (¬2): إذا طلَّق زوجته وراجعها (¬3) واستكتم الشهود حتى انقضت العدة فرق بينهما، ولا رجعة له عليها. قال: فنصَّ على بطلان الرجعة بالكتمان فأولى أن يبطل النكاح انتهى. ¬
ولا تشترط الشهادةُ بخلوها من الموانع، أو إذنِها (¬1)، والاحتياطُ: الإشهاد، وإن ادَّعى زوجٌ إذنها، وأنكرت: صُدقتْ قبلَ دخول، لا بعده (¬2). 5 - الخامسُ (¬3): كفاءة زوج. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قاله (¬4) الزركشي في شرح الكتاب (¬5).انتهى كلام الشهاب، ومنه تعلم أن القائل ببطلان (¬6) الرجعة بالكتمان قائل ببطلان النكاح به، وحينئذ فلا يطلب الفرق. * قوله: (ولا تشترط الشهادة بخلوها من الموانع) أي: حيث لم يعلم لها سابقةُ تزوجٍ وإلا اشترط. [قيده] (¬7) بذلك ابن نصر اللَّه (¬8)، ويحمل على هذا ما يأتي في الشهادات من أنه إذا شهد بعقد اعتبر ذكر شروطه، وعدُّوا من شروط النكاح هناك الشهادة بخلوها من الموانع (¬9)، [فتدبر] (¬10). ¬
على روايةٍ (¬1)، فتكونُ حقًّا للَّه -تعالى- ولها ولأوليائها كلهم (¬2)، فلو رضيتْ مع أوليائها بغير كُفؤٍ: لم يصح (¬3)، ولو زالت بعد عقد: فلها -فقط- الفسخُ (¬4). وعلى أخرى: أنها شرطٌ للُزوم. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (على رواية) من قاعدة صاحب الفروع (¬5) إذا قال: كذا على رواية يكون المقدم خلافها، وقد اصطلح على ذلك المصنف في شرحه لمختصر التحرير، ولم يصطلح هنا على ذلك لكنه وقع ذلك موافقة. * قوله: (فلها)؛ أيْ: بحكم الحكم؛ لأنه من الفسوخ المختلف فيها، وهكذا حكمها. * قوله: (فقط)؛ أيْ: دون أوليائها. * قوله: (وعلى أُخرى. . . إلخ) وهي الصحيحة من المذهب (¬6). ¬
لا للصحة (¬1)، فيصحُّ (¬2)، ولمن لم يرض: من امرأةٍ وعصَبةٍ، -حتى من يَحدُثُ-: الفسخُ. فيَفسخُ أخٌ مع رضا أبٍ (¬3). وهو على التَّراخي، فلا يسقُط إلا بإسقاط عصَبةٍ، أو بما يدُلُّ على رضاها: من قول وفعلٍ (¬4). والكفاءةُ: 1 - دِين، فلا تُزوَّجُ عفيفة بفاجر (¬5). 2 - ومَنْصِبٌ، وهو: النَّسب. فلا تُزوَّج عربيةً بعجمي (¬6). 3 - وحُرّيَّةٌ، فلا تُزوَّجُ حرةٌ بعبد (¬7). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله] (¬8): (وهو على التراخي)؛ أيْ: الفسخ. * قوله: (فلا تزوج) ظاهر العبارة أن التفريع على الرواية الأولى (¬9)، ويمكن حملها على كل منهما، والتقدير: فلا يصح أو لا يلزم. ¬
ويصح: إن عَتَقَ مع قبوله (¬1). 4 - وصناعةٌ غيرُ زرِيَّةٍ، فلا تُزوَّجُ بنتُ بَزَازٍ (¬2) بحَجَّام، ولا بنت تانئٍ (¬3) صاحبِ عَقار بحائكٍ (¬4) (¬5). 5 - ويَسارٌ بحسبِ ما يجب لها، فلا تُزوَّجُ موسِرةٌ بمعسِرٍ (¬6) (¬7). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (صاحب عقار) عطف بيان (¬8). * قوله: (بحسب ما يجب لها) من مهر ونفقة وكسوة. * * * ¬
2 - باب المحرمات في النكاح
2 - بابٌ المحرَّمات في النكاح ضربان: (1) ضربٌ على الأبدِ. وهن أقسام (¬1): 1 - قسمٌ بالنَّسَب، وهُنَّ سبعٌ: الأمُّ، والجدةُ لأب أو أمٍّ وإن علَت (¬2)، والبناتُ: وبناتُ الولد وإن سَفَل ولو منفيَّاتٍ بِلِعانٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ "باب المحرمات في النكاح" (¬3) * قوله: (ضرب على الأبد) المعنى محرم أبدًا، وصحة اللفظ تُحْوجُ إلى تكلف؛ إذ المعدى [إليه] (¬4) محرم بـ (على) هو [الشخص الذي سيذكر ضمنًا لا نفس الأبد؛ لأنه ظرف للتحريم لا نفس المحرم] (¬5) عليه، فلعل التقدير: ضرب محرم على من سيذكر إلى الأبد، وقوله الآتي [في] (¬6) الثاني: "إلى أمد"، أخف من هذا ¬
أو من زنًا (¬1)، والأختُ من الجهات الثلاث، وبنتٌ لها أو لابنِها أو لبنتها (¬2)، وبنتُ كلِّ أخٍ [شقيق] (¬3)، وبنتُها، وبنتُ ابنها وإن نزلنَ كلُّهن (¬4). والعمةُ والخالةُ من كل جهةٍ، وإن عَلتَا: كعمةِ أبيه وأمِّه (¬5)، وعمةِ العم لأب -لا لأمٍّ-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لإتيانه بـ "إلى" التي لانتهاء الغاية دون "على"، وهو قرينة على إرادة ما قلناه. * قوله: (وعمة لأب [لا] لأم)؛ يعني إذا كان لعمٍّ إنسانٍ عمةٌ؛ أيْ: أخت أبي من أبيه حرمت على ذلك الإنسان؛ لأنها أخت جده من أبيه، فهي في درجة جدته أم أبي أبيه (¬6)، بخلاف ما إذا (¬7) كانت عمة العم [لأم] (¬8)؛ لأنه لا قرابة حينئذٍ بينها (¬9) وبين جدِّ ذلك الإنسان (¬10)، فقوله: (لأب) وكذا قوله: (لأم) متعلق ¬
وعمةِ الخالة لأب لا عمةِ الخالة لأم، وخالةِ العمة لأم، لا خالةِ العمة لأب (¬1)، فتحرمُ كلُّ نَسيبةٍ، سوى بنتِ عم وعمةٍ، وبنت خال وخالةٍ (¬2). 2 - الثاني: بالرضاع (¬3)، ولو محرَّمًا: كمن غصَب؛ أكرَهَ، امرأةً على إرضاع طفل (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ بقوله: (عمة) لا بـ (عم) فقط. * قوله: (وعمة الخالة لأب)؛ يعني: إذا كان لخالةِ إنسانٍ (¬5) عمةٌ لأب حرمت العمة على ذلك الإنسان؛ لأنها في مرتبة جده؛ أيْ (¬6): أبي أمه بخلاف ما إذا كانت عمة الخالة لأمها؛ لأنها تفسير أخت أبي الخالة لأم، وأبو الخالة لأم أجني من الأم، ومنه تعلم أن قوله: (لأب) (¬7) وكذا قوله: (لأم) متعلق بقوله [(عمة) لا بقوله] (¬8): (خالة) فقط. * قوله: (ولو محرَّمًا) أي: ولو كان الرضاع بمعنى الإرضاع ففيه استخدام حتى يلائم التمثيل بالإكراه، وأيضًا الرضاع نفسه ليس محرمًا وإن كان هو المحرِّم، فتدبر!. ¬
وتحريمُه كنسب (¬1)، حتى في مصاهرةٍ، فتحرمُ زوجةُ أبيه وولده من رضاع، كمن نسبٍ (¬2). لا أمُّ أخيه وأختُ ابنه من رضاع (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وتحريمه كنسب) شمل كلامه بنته من الرضاع بلبن ثاب عن وطء زنى، وصرَّح بذلك ابن رجب (¬4) (¬5)، لكن ابن نصر اللَّه استثنى هذه المسألة، وخالف شيخه [ابن رجب في ذلك (¬6)، تدبر!] (¬7)، [لكن ما في كلام شيخه] (¬8) مبني على نص الإمام (¬9)،. . . . . . ¬
3 - الثالث: بالمصاهَرةِ، وهُنَّ أربعٌ: أمهاتُ زوجتِه وإن علَوْنَ (¬1)، وحَلَائلُ عمودَي نسبه، ومثلُهن من رضاع، فيحرُمْنَ بمجرد عقدٍ (¬2)، لا بناتُهن (¬3) وأمهاتُهن (¬4)، والرَّبائبُ، وهُنَّ: بناتُ زوجةٍ دخَل بها وأن سَفَلن أو كُنَّ لربيب أو ابن ربيبة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فلا يعارض بالبحث (¬5) [كما] (¬6) هو في الإنصاف (¬7)، فتدبر!. * قوله: (وحلائل عمودَي النسب) وهن شيئان؛ حلائل الآباء وحلائل الأبناء. * [قوله] (¬8): (ومثلهن من رضاع) هذا يغني عنه قوله: (فتحرم زوجة أبيه وولده من رضاع). * قوله: (والربائب) جمع ربيبة، كما يعلم من تفسير المتن بقوله: (وهن. . . إلخ) فقوله: (أو كن لربيب أو ابن ربيبة) ليس مكررًا مع. * قوله: (وإن سفلْن)؛ لأن ابن الزوجة لم يدخل في الربائب، وكذا ابن ¬
فإن ماتت قبل دخول، أو أبانهَا بعد خلوةٍ وقبل وطءٍ: لم يحرُمن (¬1). وتَحِلُّ زوجةُ ربيب، وبنتُ زوجِ أم، وزوجةُ زوجِ أم (¬2)، ولأنثى: ابنُ زوجةِ ابن، وزوجُ زوجةِ أب. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الربيبة فلم تدخل بناتهما في قوله: (وإن سفلْن) فاحتاج لذكرهما. * قوله: (فإن ماتت قبل دخول. . . إلخ) العقد على البنات يحرم الأمهات والعقد على الأمهات لا يحرم البنات، وإنما يحرمن بالدخول الذي هو الوطء. * قوله: (وبنت زوج أم) مثال ذلك: رجل له أم متزوجة بشخص، وهذا الشخص له [بنت، فلابن زوجة الشخص أن يتزوج ببنته. * قوله: (وزوجة (¬3) زوج أم) مثال ذلك شخص له أم متزوجة بشخص وهذا الشخص له] (¬4) زوجة أخرى ثم أبانها، فلابن زوجته أن يتزوج بمبانته. * قوله: (ولأنثى ابن زوج ابن) مثال ذلك: امرأة لها ابن متزوج بامرأة، ولزوجة ابنها ولد من غيره، فلها أن تتزوج به. * قوله: (وزوج زوجة أب) مثال ذلك شخص متزوج بامرأة، وله بنت من خلافها، ثم إن الرجل طلق زوجته وتزوجت بشخص، فلمن تزوج بزوجة الرجل ¬
أو زوجة ابن (¬1). ولا يحرِّم في مصاهرةٍ إلا تغييبُ حَشَفة أصليةٍ في فرج أصليٍّ -ولو دبرًا وبشبهةٍ أو زنًى- بشرط حياتهما، وكون مثلهما يَطأ ويوطَأ (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ أن يأخذ ابنة المطلق عليها. * قوله: (أو زوجة ابن) مثال ذلك: ابن متزوج بامرأة ثم طلقها بعد ذلك، ثم تزوجت بشخص آخر، فلمن تزوج بزوجة الابن أن يتزوج بأم الابن. * قوله: (ولا يُحَرِّمُ في مصاهرة. . . إلخ) هذا حصر إضافي (¬3)؛ [أيْ] (¬4): بالنسبة لمن يحرم بالوطء، وإلا فحلائل الآباء وحلائل الأبناء وأمهات النساء لا يشترط في تحريمهن تغييب الحشفة ولا (¬5) الوطء مطلقًا، وفيه مع ما سيأتي نوع تناقض؛ فإن هذا يعطي أن استدخال الماء لا يكفي في التحريم، وعبارته في كتاب الصداق في فصل: (ويسقط كله. . . إلخ) (¬6): (لا إن تحمَّلت بمائه، ويثبت به نسب (¬7) وعدة ومصاهرة ولو من أجنبي)، فليحرر ذلك، ولعله قول، وما أشار إليه هنا هو ¬
ويحرمُ بوطءِ ذكرٍ ما يحرمُ بامرأةٍ، فلا يحِلُّ لكلٍّ من لائطٍ ومَلُوطٍ به أمُّ الآخر، ولا ابنتُه (¬1). 4 - الرابعُ؛ باللِّعَان. فمن لاعَنَ زوجتَه -ولو في نكاح فاسدٍ، أو بعدَ إبانةٍ- لنفي ولدٍ: حُرمت أبدًا (¬2)، ولو كذب نفسه (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ الصحيح، وهو الذي جزم به في الإقناع (¬4). * قوله: (فلا يحل لكل من لائط وملوط به أم الآخر ولا ابنته)؛ لأنهما صارا بمنزلة زوج وزوجة، فيحرم على الرجل أم الولد؛ [لأنها] (¬5) بمنزلة أم زوجته، وبنته (¬6)؛ لأنها بمنزلة بنتٍ دخل بأمها. ويحرم على الولد أم الرجل؛ لأنها صارت [بمنزلة] (¬7) أم زوجته، وبنته؛ لأنها صارت بمنزلة ربيبته تنزيلًا للرجل منزلة امرأة فيهما، فعلى هذا ينشر الحرمة؛ لأنه وطء في فرج، لكن قال شيخنا في شرحه بعد ¬
5 - الخامسُ زوجاتُ نبيِّنا -صلى اللَّه عليه وسلم- على غيره، ولو مَنْ فارقها، وهُنَّ أزواجه دنيا وأخرى (¬1). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ حكاية المتن وتعليله لنشر الحرمة بأنه وطئ في فرج، ما نصه: (قال في الشرح -يعني: الكبير-: الصحيح أن هذا لا ينشر الحرمة؛ فإن هؤلاء غير منصوص عليهن في التحريم، فيدخلن في عموم قوله -تعالى-: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: 24] (¬2)؛ ولأنهن (¬3) غير منصوص عليهن ولا في حكم المنصوص عليه، فوجب ألا يثبت حكم التحريم فيهن)، انتهى (¬4) ملخصًا. * قوله: (الخامس زوجات نبينا (¬5) -صلى اللَّه عليه وسلم-)؛ أيْ: دون إمائه على ما يفهمه كلام الإقناع (¬6)، فراجع!. * قوله: (ولو من فارقها) وجوَّز ابن حامد وغيره نكاح من فارقها في حياته، قاله في الفروع (¬7)، والمذهب خلاف ذلك. ¬
1 - فصل
1 - فصل (2) الضربُ الثاني: إلى أمَدٍ. وهنَّ نوعان (¬1): 1 - نوعٌ لأجل الجَمعْ. فيحرمُ بين أختَين، وبين امرأة وعمتها أو خالتها -وإن علتا من كل جهةٍ- من نسب أو رَضاعٍ (¬2). وبين خالتَين، أو عمتَين أو عمةٍ وخالةٍ، أو امرأتَين. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصلٌ (¬3) * قوله: (وبين خالتَين) صورتهما أن يتزوج كل من رجلَين بنت الآخر وتلد له بنتا، فالمولودتان كل منهما خالة الأخرى (¬4). * قوله: (أو عمتَين) كأن يتزوج كل من رجلَين أم الآخر وتلد له بنتًا فكل واحدة (¬5) من المولودتَين عمة الأخرى لأم (¬6). * قوله: (أو عمة وخالة) بأن يتزوج رجل امرأة وابنه (¬7) أمها وتلد كل واحدة ¬
لو كانت إحداهما ذكرًا والأخرى أنثى حرُم نكاحه لها، لقرابة أو رَضاع (¬1). لا بين أختِ شخص من أبيه وأخته من أمه (¬2)، ولا بين مُبانةِ شخص وبنته من غيرها، ولو في عقد (¬3)، فمن تزوَّج أختَين أو نحوهما -في عقدٍ، أو عقدَيْن معًا-: بطلا (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ منهما بنتًا، فبنت الابن خالة بنت الأب، وبنت الأب عمة بنت الابن (¬5). * قوله: (والأخرى أنثى) لا حاجة إليه، فتدبر!. * قوله: (لقرابة أو رضاع)؛ أيْ: لا مصاهرة فلا يضر الحكم (¬6) في قوله: ولا بين (¬7) مبانة شخص وبنته من غيرها)؛ لأنا لو فرضنا إحداهما ذكرًا لصارت الأنثى من حلائل الآباء أو الأبناء، وهي إنما تحرم بالمصاهرة لا بالرضاع ولا بالقرابة. * قوله: (ولا بين (¬8) مبانة شخص وبنته من غيرها)؛ أيْ: من غير المبانة. قال في الإنصاف (¬9): (لو كان لكل من رجلَين بنت، ووطئا أمة فألحق (¬10) ¬
وفي زمنَين: يبطل متأخر فقط كواقع في عدة الأخرى (¬1) -ولو بائنًا (¬2) - فإن جهل: فُسِخا (¬3). ولإحداهما نصف مهرها بقرعة (¬4). ومن مَلَك أختَ زوجته أو عمتها أو خالتها: صحَّ (¬5)، وحرُم أن يطأها حتى يفارق زوجته وتنقضي عدتها (¬6). ومن مَلَك أخْتين أو نحوَهما معًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولدها بهما (¬7) فتزوج رجل بالأمة وبالبنتَين فقد تزوج أم رجل وأختَيه، ذكره ابن عقيل واقتصر عليه في الفروع (¬8)، قلت: فيعايا بها وقد نظمها بعضهم لغزًا). * قوله: (ولو بائنًا) إشارة إلى الخلاف فيه. * قوله: (ومن ملك أخت زوجته. . . إلخ) قف على موضع مِنْ مواضع أربعة يجب على الرجل فيها العدة. * قوله: (ومن ملك أُختَين. . . إلخ) هذه ثانية المسائل التي تجب العدة ¬
صحَّ (¬1)، وله وطء أيِّهما شاء. وتحرمُ به الأخرى (¬2)، حتى يُحرِّمَ الموطوءةَ بإخراج عن ملكه، ولو ببيعٍ للحاجة أو هبةٍ، أو تزويجٍ بعد استبراءٍ (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ فيها على الرجل (¬4). * قوله: (وله وطء أيهما شاء) القياس أيتهما (¬5). * قوله: (أو هبة)؛ أيْ: لمن لا يملك استرجاعها منه كغير (¬6) ولده (¬7). * قوله: (بعد (¬8) استبراء) الظاهر أنه قيد في كل سابقة. ¬
ولا يكفي مجرَّدُ تحريم (¬1)، أو كتابةٌ، أو رهنٌ أو بيعٌ بشرط خيار له (¬2). فلو خالف ووَطئَ: لزمه أن يُمسِكَ عنهما حتى يحرم إحداهما -كما تقدَّم (¬3) -. فإن عادت لملكة -ولو قبلَ وطء الباقية-: لم يُصِب واحدةً حتى يحرمَ الأخرى (¬4)، ابنُ نصر اللَّه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو كتابة) (¬5)؛ لأنه مظنة التعجيز فترجع (¬6) إليه. * قوله: (لم يصب واحدة حتى يحرم الأخرى) قال في المبدع (¬7): (لأن الثانية صارت فراشًا؛ يعني: بمجرد تحريم الأولى، ولو لم يطأ تلك الثانية، وقد رجعت إليه التي كانت فراشًا لحرمت كل واحدة منهما بكون الأخرى فراشًا)، انتهى. ¬
". . . إن لم يجب استبراءٌ، فإن وجب: لم يلزم تركُ الباقية فيه" (¬1)، المنقحُ: "وهو حسنٌ" (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ واختار الموفق (¬3)، والشارح (¬4)، والناظم (¬5) أنها إن عادت قبل وطء أختها فالعائدة مباحة دون أختها (¬6)؛ يعني: رجوعًا للأصل وعملًا به. * قوله: (إن لم يجب استبراء) (¬7) كأن تزوجها شخص ثم طلقها قبل الدخول (¬8). * قوله: (فإن وجب لم يلزم (¬9) ترك الباقية فيه) فهي إذن للزوم الاستبراء، كأنها في حبال صاحب العدة، وكأنها لم تعد إليه، فله وطء التي كانت في ملكه حتى تتم (¬10) مدة استبراء العائدة إليه. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى- إطلاق كلامه يشمل ما إذا كان وجوبه من وطء ¬
ومن تزوَّج أختَ سُرِّيَّتِه -ولو بعدَ إعتاقِها زمنَ استبرائها-: لم يصح (¬1). وله نكاحُ أربع سواها (¬2)، وإن تزوَّجها بعد تحريم السُّرِّيَّةِ واستبرائها، ثم رجعتْ إليه السُّرِّيةُ: فالنكاح بحاله (¬3). ومن وطئَ امرأةً بشبهةٍ أو زنًا: حرم في عدَّتها نكاحُ أختها، ووطؤها: إن كانت زوجةً أو أمةً. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شبهة أو زنا. قال شيخنا (¬4): (إلا أن يُقال: مراده وجوب الاستبراء المترتب (¬5) على إزالة الملك، فلا يرد ما ذكر). * قوله: (فالنكاح بحاله) قال في الإقناع (¬6): (وحِلها باق، ولم يطأ واحدة منهما حتى يحرم عليه الأخرى)، انتهى، ويأتي بحث ابن نصر اللَّه هنا. * قوله: (ومن وطئ امرأة. . . إلخ) هذه ثالثة المسائل التي تجب العدة فيها على الرجل، فتدبر!. ¬
وأن يزيدَ على ثلاث غيرِها بعقدٍ أو وطءٍ (¬1). ولا يَحِلُّ نكاحُ موطوءةٍ بشبهةٍ في عدتها، إلا من واطئ، لا إن لزمتْها عدَّةٌ من غيره (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا يحل نكاح موطوءة بشبهة. . . إلخ) وسكت عن الموطوءة بزنى؛ لما سيأتي في الفصل بعده من أنها لا تحل له ولا لغيره حتى تتوب وتنقضي عدتها، والفرق بين الموطوءة بالشبهة والموطوءة بالزنى أن وطء الشبهة يلحق معه الولد، ووطء الزنى ليس كذلك، ونص الإمام على أن الوطء يزيد في الولد (¬3)، فعليه يكون الولد في المزني بها بعد العقد متولدًا من ماءَين (¬4) حلال وحرام، بخلاف وطء الشبهة؛ فإن الماء فيه ليس حرامًا فطُلب التحرز؛ لخلوص الولد من شائبة التحريم فيما يقتضيه، وهو وطء الزنى. * قوله: (لا إن لزمتها عدة. . . إلخ) (فإن لزمتها عدة من غير الواطئ بشبهة لم يجُز له نكاحها حتى تنقضي العدتان -كما في المحرر، وغيره-، قال ابن نصر اللَّه: والقياس أن له نكاحها إذا دخلت في عدة (¬5) وطئه -كما أشار إليه صاحب المغني-)، حاشية (¬6). ¬
وليس لحرٍّ جمعُ كثرَ من أربع (¬1)، إلا النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فكان له أن يتزوَّجَ بأيِّ عدد شاء (¬2)، ونسُخَ تحريمُ المنع (¬3)، ولا لعبد جمعُ أكثرَ من ثِنتَين، ولمن نصفُه حرٌّ فأكثر، جمع ثلاث (¬4). ومن طلَّق واحدةً من نهايةِ جمعِه: حرُم تزوُّجُه بدلَها حتى تنقضي عدَّتُها (¬5)، بخلاف موتها (¬6)، فإن قال: "أخبرتْني بانقضائها"، فكذبتْه: فلَهُ نكاحُ أختِها وبدلِها (¬7). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومن طلق واحدة. . . إلخ) هذه رابعة المسائل التي تجب فيها على الرجل العدة. ¬
2 - فصل
وتسقُط الرجعةُ (¬1) لا السُّكنَى والنفقةُ ونسبُ الولد (¬2). * * * 2 - فصلٌ 2 - النوع الثاني. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وتسقط الرجعة)؛ لأن دعواه انقضاء العدة منعته من ذلك (¬3). * قوله: (لا السكنى والنفقة)؛ لأن ذلك حق مالي، فلا يسقطه (¬4) مجرد دعواه. * قوله: (ونسب الولد)؛ لأن الحق فيه ليس للزوج وحده، فلا يسقطه مجرد دعواه -من غير لعان (¬5) -[نسب الولد؛ لأن الحق فيه] (¬6). وبخطه: (أيْ: إذا أتت به لمدة يلحقه فيها، بخلاف ما إذا أتت به بعد ثبوت إقرارها بانقضاء عدتها بالإقرار، وكان بعد ستة أشهر من ذلك) (¬7). فصلٌ (¬8) ¬
لعارضٍ يزول، فتحرُمُ زوجةُ غيره، ومعتدَّتُه، ومستبرَأةٌ منه (¬1)، وزانيةٌ -على زانٍ وغيرِه- حتى تتوب (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومعتدته)؛ أيْ: [و] (¬3) معتدة غيره سواء كانت تلك العدة من وطء مباح أو محرم، أو من غير وطء (¬4)، وبعضهم توهم أن الضمير عائد على مريد التزوج (¬5)، فأفتى به به. نه إذا طلَّق زوجته بائنًا ثم أراد أن يعقد عليها أنه لا يصح حتى تنقضي عدتها، وهذا كلام باطل لا قائل (¬6) به، ولا وجه له؛ لأن المقصود من العدة العلم ببراءة الرحم، وعدم اختلاط الأنساب، وهو مأمون هنا؛ لأن الماء ماؤه فالحكم له. * قوله: (وزانية (¬7) على زانٍ وغيره)؛ أيْ: تحرم الزانية (¬8) على الزاني وغيره حتى تنقضي عدتها وتتوب. ¬
بأن تُراوَدَ فتمتنعَ (¬1). ومطلقة (¬2) ثلاثًا حتى تنكحَ زوجًا غيره، وتنقضي عدتهما. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * فقوله: (وتنقضي) عطف على (تتوب) الذي هي مدخول (حتى) التي جعلت غاية لتحريم الزانية على الزاني وعلى غيره، وإنما أخر الفعل الثاني -وهو (تنقضي) - رومًا للاختصار بسبب اتصال ضمير التثنية به العائد على الزانية (¬3) والمطلقة ثلاثًا، وظاهره بل صريحه تحريم الزانية على الزاني حتى تنقضي عدتها وتتوب؛ لئلا يتولد الولد من وطء محرم ووطء حلال، وأما وطء الشبهة فليس بحرام، خلافًا للقاضي، فراجع حاشية شيخنا على الإقناع. * قوله: (بأن تراوَد فتمتنع) لا يقال: المراودة من التجسس على العيب المنهي عنه بقوله -تعالى-: {وَلَا تَجَسَّسُوا} [الحجرات: 12] (¬4)؛ لأنَّا نقول: الأمور بمقاصدها، والقصدُ من مراودتها العلم بأنها تصلح فراشًا له أو لغيره، فيُقْدِم على ذلك، أو بعدمه فلا يقدِم هو عليه، ويَنصح من كان كافلًا، أو من استنصحه في ذلك؛ إذ النصيحة واجبة، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وليس الغرض العلم بعيبها فقط، كما توهمه الموفق فقال (¬5) بحرمة المراودة (¬6). * قوله: (وتنقضي عدتهما)؛ أيْ: الزانية والمطلقة ثلاثًا. ¬
ومُحرِمة حتى تُحِلَّ (¬1). ومسلمةٌ على كافر حتى يُسلم (¬2)، وعلى مسلم، ولو عبدًا، كافرةٌ: غير حُرَّةٍ، كتابيةٍ، أبواها كتابيَّانِ، ولو من بني تَغْلِبَ ومن معناهم حتى تُسلم (¬3)، ومُنع النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- من نكاح كتابيةٍ (¬4)، كأمة مطلقًا (¬5) (¬6). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مطلقًا) (¬7)؛ (أيْ: في كل زمانٍ وعلى كل حال)، شرح (¬8). أقول: قد تقرر عندهم أن الإطلاق إما أن يكون في مقابلة تقييد سابق أو لاحق، ¬
ولكتابيٍّ نكاحُ مجوسيةٍ، ووطؤها بملك يمين (¬1)، لا مجوسيٌّ لكتابيةٍ (¬2). ولا يحلُّ لحُرٍّ مسلم نكاحُ أمةٍ مسلمة، إلا أن يَخافَ (¬3) عَنَتَ العُزُوبةِ: لحاجة متعةٍ أو خدمةٍ -ولو مع صغر زوجتِه الحُرَّة، أو غيبتها، أو مرضِها- ولا يجدُ طَولًا: مالًا حاضرًا يكفي لنكاح حُرَّةٍ (¬4) ولو كتابية (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فكان الظاهر أن يقول: سواء كانت كتابية أو غير كتابية، فما حكمة (¬6) العدول عن ذلك؟، فتدبر!. * قوله: (لا مجوسي لكتابية) انظر: هل هذا ولو قلنا إن الكفاءة شرط للزوم فقط؟ (¬7). * قوله: (ولا يحل. . . إلخ)؛ أيْ: يحرم ولا يصح. ¬
فتَحلُّ ولو قَدَرَ على ثمن أمةٍ (¬1)، ولا يبطل نكاحها: إن أيْسرَ ونكَحَ حُرةً عليها (¬2)، أو زال خوفُ العَنَتِ ونحوه (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولو قدر على ثمن أمة) خلافًا لصاحب الإقناع (¬4) ومن تبعهم هو (¬5). * قوله: (ولا يبطل نكاحها (¬6) إن أيسر) (¬7) مفهومه أنه لو كان النكاح مع اليسار أنه غير صحيح، وحينئذٍ فمعنى قوله أو لا: (ولا يحل)؛ أيْ: يحرم ولا يصح، ويدل ¬
وله -إن لم تُعِفَّه- نكاحُ أمةٍ أخرى إلى أن يَصِرْنَ أربعًا (¬1)، وكذا على حُرَّةٍ لم تُعفَّه، بشرطه (¬2)، وكتابيٌّ حرٌّ -في ذلك- كمسلمٍ (¬3). ويصح نكاحُ أمةٍ من بيت المال، ولا تصيرُ -إن ولَدتْ- أمَّ ولد (¬4)، ولا يكون ولدُ الأمةِ حُرًّا، إلا باشتراطٍ (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ لذلك قول الشيخ في الحاشية (¬6): (من تزوج (¬7) أمة ثم ادعى فَقْدَ أحد الشرطَين فُرق بينهما)، فتدبر!. * قوله: (وكذا على حرة لم تعفَّه) ليس هذا تكرارًا (¬8) مع قوله فيما سبق: (ولو مع صغر زوجته الحرة أو غيبتها) لجواز أن تكون كبيرة حاضرة ولم تعفَّه. * قوله: (ولا يكون ولد الأمة حرًا)؛ لأيْ: إن لم يكن ذا رحم محرم لمالكها) (¬9)، حاشية. * قوله: (إلا باشتراط)؛ أيْ: أو. . . . . . ¬
ولقِنٍّ ومدبَّرٍ ومكاتَبٍ ومبعَّض، نكاحُ أمةٍ -ولو لابنه- حتى على حُرَّةٍ (¬1)، وجمعٌ بينهما في عقد (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ غرر (¬3) -كما سيأتي في الباب بعده (¬4) -، ويبقى (¬5) النظر في محل ذلك الشرط هل هو صلب العقد كبقية شروط النكاح أو لا يتقيد بذلك، فلو غُرَّ بأمةٍ ثم تبين أمرها ورضي بالمقام يكون ما ولدته بعد ذلك رقيقًا، سواء اشترط حريته بعد التبين أو لا؟. كما هو ظاهر الإطلاق الآتي؛ لأنه لم يشترطه في قلب العقد، ينبغي أن تحرر المسألة؛ فإن شيخنا قد توقف في الإطلاق (¬6) الآتي (¬7)، تدبر!. ¬
لا نكاحُ سيدته (¬1). ولأمةٍ نكاحُ عبد -ولو لابنها- لا أن تتزوَّجَ سيدَها (¬2)، ولا لحُرٍّ أو حُرَّةٍ نكاحُ أمةِ أو عبدِ ولدهما (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا نكاح سيدته) علل بأنه يلزم عليه التعاكس في النفقة إذا (¬4) كانت قبل التزويج واجبة على السيدة ويعده على الزوج (¬5)، ولكن انظر هل يصلح هذا لأن يكون علة (¬6) مقتضية للمنع؟، فالأولى التعليل بنهي عمر عن ذلك (¬7). * قوله: (أو عبد ولدهما) (¬8) قال شيخنا: لإمكان التملك (¬9)، تدبر في العلة. ¬
كان مَلَك أحدُ الزوجَين. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإن ملك أحد الزوجَين) قيل: إن جعفر البرمكي (¬1) اشترى جارية كانت طِلبة هارون الرشيد (¬2)، فقال له: يا جعفر، بِعها أو هبها لي: فقال جعفر: زوجتي طالق ثلاثًا إن بعتها أو وهبتها، فقال الرشيد: زبيدة (¬3) طالق ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ثلاثًا إن لم [تبعنيها أو] (¬1) تهبنيها، فلما عجزا (¬2) عن تدبير الحيلة قال الرشيد: عليَّ بأبي يوسف (¬3)، فلما طُلِبَ وكان نصف الليل قام فزعًا، وقال: ما طُلبتُ في هذا الوقت إلا لأمرٍ حدث في الإسلام (¬4)، ثم ركب بغلته وقال للغلام: خذ في المخلاة (¬5) بعض شعير فقدمه (¬6) للبغلة إذا نزلت في دار الخلافة، فلما دخل قصَّا عليه القصة، فقال: يا أمير المؤمنين هذا أسهل ما يكون، يا جعفر بعه نصفها وهبه نصفها وتبرَّان ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في يمينكما، ففعلا (¬1) فقال الرشيد: أُريد وطأها من غير استبراء، فقال أبو يوسف: ائتني بمملوكٍ لك لم يبلغ تزوجها له، ثم يطلقها قبل الدخول، فيحل لك وطؤها في الحال، فلما زوجها من المملوك قال له: طلقها فامتنع، وبُذلَ له مالٌ كثير في نظير الطلاق، فأبى وقال: الطلاق بيدي، فقال أبو يوسف: يا أمير المؤمنين ملِّك العبد للجارية، قال: ملَّكته لها، [وقال لها] (¬2): قولي: قبلت، فقبلت، فقال أبو يوسف: حكمت بالتفريق بينهما؛ لأنه دخل في ملكها فانفسخ النكاح (¬3)، فقام أمير المؤمنين على قدمَيه، وقال: مثلك من يكون قاضيًا في زماني، واستدعى بأطباق الذهب فاغرقت بين يديه وقال لأبي يوسف: هل معك شيء توعي فيه، فتذكر مخلاة البغلة، فملئت وأخذها وانصرف، فلما أصبح قال لنظرائه: من تعلم منكم العلم فليتعلمه هكذا؛ فإني أُعطيتُ هذا المال في مسألتَين أو ثلاث، انتهى، من روض الآداب للحجازي (¬4). ¬
أو ولدُه الحُرُّ (¬1)، أو مكاتَبُه (¬2)، أو مكاتبُ ولده الزوجَ الآخر، أو بعضَه: انفسخ النكاحُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو ولده) هذا التعميم لا يتأتى إلا على قول الشيخ تقي الدين أن الأم كالأب في جواز التملك لما شاءت من مال ولدها (¬3)، فحرر!. ¬
ومن جمعَ في عقدٍ بين مباحةٍ ومحرَّمةٍ -كأيِّمٍ ومزوَّجةٍ-: صحَّ في الأيِّم (¬1)، وبين أمٍّ وبنتٍ: صحَّ في البنت (¬2)، ومن حرُم نكاحُها: حرمُ وطؤها بملكٍ، إلا الأمةَ الكتابية (¬3)، ولا يصح نكاحُ خنثى مشِكلٍ حتى يمبيَّنَ أمرُه (¬4)، ولا يحرُم في الجَنةِ زيادةُ العدد، والجمعُ بين المحَارم، وغيره (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (إلا الأمة الكتابية) فيحرم نكاحها ويحل وطؤها بملك اليمين. * قوله: (ولا يحرم في الجنة زيادة العدد والجمع بين المحارم وغيره) قاله (¬6) أبو العباس (¬7) وقال في الجن: إذا (¬8) دخلوا الجنة على قول الجمهور فإنا نراهم ولا يرونا، وقال: إذا أحب امرأة في الدنيا ولم يتزوجها وتصدق بمهرها وطلب من اللَّه -تعالى- أن تكون له زوجة في الجنة رجي (¬9) له ذلك. . . . . . ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ من اللَّه -[تعالى] (¬1) -، انتهى ذكره في غاية المطلب [للجراعي] (¬2) (¬3). وبخطه (¬4): ونقل بعض المالكية عن فنون ابن عنقيل: (حتى الأمرد)، انتهى، وهو غريب، بعيد، ضعيف؛ إذ أهل الجنة لا أدبار لهم، ولأن دبري آدم وحواء إنما حدثا (¬5) بعد الإهباط (¬6) لما تضررا بما في بطنهما أوحى اللَّه إلى جبريل أن اضرب برأس ريشة من جناحك بين أليتَيهما (¬7) من أسفل، ففعل، فخرج الخارج عقبه، وقال بعض الحنفية نحو ابن عقيل. * * * ¬
3 - باب الشروط في النكاح
3 - بابُ الشروطِ في النكاحِ ومحلُّ المعتبر منها: صُلبُ العقد. وكذا لو اتَّفقا عليه قبله، وهي قسمان (¬1): 1 - صحيحٌ لازمٌ للزوج (¬2)، فليس له فكُّه دونَ إبانتِها، ويُسنُّ وفاؤه به (¬3)، كزيادةِ مهر، أو نقدٍ معيَّن، أو لا يُخرجُها من دارها [أو بلدها] (¬4)، أو لا يتزوجُ أو لا يتسرَّى (¬5) عليها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الشروط في النكاح (¬6) ¬
أو لا يفرِّقُ بينها وبين أبوَيْها أو أولادِها، أو أن تُرضِعَ ولدَها الصغير (¬1)، أو يطلِّقُ ضَرَّتها (¬2)، أو يبيعُ أمتَه (¬3). فإن لم يَف: فلها الفسخ (¬4) على التراخي بفعلِه، لا عزمِه (¬5)، ولا يسقُط إلا بما يَدلُّ على رضًا: من قولٍ، أو تمكين مع العلم (¬6). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مع علم)؛ أيْ: مع علمها بعدم وفائه لها بما اشترطت (¬7) عليه لا إن لم تعلم؛ لأن الاختيار والاستمتاع والتمكين منه قبل العلم بعدم وفائه لا أثر له؛ لأن موجبه لم يثبت، فلا يكون له أثر، كالمسقط للشفعة قبل البيع. ¬
1 - فصل
لكن: لو شرَط ألا يسافرَ بها، فخدَعها وسافر بها، ثم كرهته، ولم تُسقط حقها من الشرط: لم يُكرهها بعد (¬1)، ومن شرط ألا يُخرجَها من منزل أبوَيْها، فمات أحدهما: بطُل الشرط (¬2). ومن شرَطتْ سُكناها مع أبيه، ثم أرادتْها منفردةً: فلها ذلك (¬3). * * * 1 - فصلٌ القِسمُ الثاني: فاسدٌ، وهو نوعانِ: ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولم تسقط حقها من الشرط لم يكرهها بعد) علم منه [أنها] (¬4) لو أسقطت حقها من الشرط فله إكراهها بعد، فانظر هذا مع أنها إنما أسقطته بناء على صدق مقالته فيما خدعها به، إلا أن يقيد المفهوم بما إذا أسقطت حقها بعد إنكشاف حقيقة الحال، وحينئذ فلا إشكال. "فصل" (¬5) ¬
1 - نوعٌ يُبطل النكاحَ من أصله (¬1)، وهو ثلاثة أشياءَ: 1 - نكاحُ الشِّغَار (¬2). وهو: أن يزوجَه وليَّتَه على أن يزوِّجَه الآخرُ وليَّتَه، ولا مهرَ بينهما (¬3)، أو يُجعلُ بُضْعُ كل واحدة -مع دراهَم معلومةٍ- مهرًا للأخرى (¬4)، فإن سمَّوا مهرًا مستقلًا -غير قليل، ولا حيلةٍ-: صحَّ (¬5)، وإن سُمِّيَ لإحداهما. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا حيلة) الواو للحال؛ أيْ: والحال أنه لا حيلة، وعبارة [الفروع] (¬6): غير قليل حيلة (¬7). ¬
صحَّ نكاحها فقط (¬1). 2 - الثاني: نكاحُ المحَلِّل (¬2). وهو: أن يتزوجَها على أنه إذا أحلَّها: طلَّقها، أو فلا نكاحَ بينهما (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (صحَّ نكاحها)؛ (أيْ: نكاح من سمى المهر لها)، شرح (¬4). * قوله: (فقط)؛ أيْ: دون من لم يسم لها؛ لأنه جعل بعضها في مقابلة بعض (¬5) الثانية فقط فبطل؛ لأنه شغار. * قوله: (الثاني نكاح المحلل)؛ لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لعن اللَّه المحلل والمحلل له" رواه أبو داود (¬6) وابن ماجه،. . . . . . ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والترمذي (¬1)، وقال: حديث حسن صحيح، والعمل عليه عند أهل العلم من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- منهم عمر بن الخطاب (¬2)، وابنه (¬3)، وعثمان بن ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عفان (¬1)، وروي عن علي (¬2)، وابن عباس، وقال ابن مسعود: (المحلل والمحلل له ملعونان (¬3) على لسان محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-) (¬4)، وروى ابن ماجه عن عقبة بن عامر (¬5) أن ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ألا أُخبركم بالتيس المستعار"، قالوا: بلى يا رسول اللَّه، قال: "هو المحلل، لعن اللَّه المحلل والمحلل له" (¬1). وروى الأثرم (¬2) عن قبيصة بن جابر (¬3) قال: سمعت [عمر] (¬4) يخطب الناس وهو يقول: (واللَّه لا أُوْتى (¬5) بمحلل ومحلل له إلا رجمتهما) (¬6)، وهو باطل حرام في قول عامة أهل العلم، منهم ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [الحسن] (¬1) والنخعي (¬2)، وقتادة (¬3)، ومالك، والليث (¬4)، ¬
. . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والثوري (¬1)، وابن المبارك (¬2)، والشافعي (¬3)، وهو قول الفقهاء من التابعين (¬4). ¬
أو ينويَه ولم يُذكر (¬1)، أو يتفقا عليه قبله (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو يتفقا عليه قبله) محله إذا بقي الزوج على نيته (¬3) على ما اتفقا (¬4) عليه، فلا تشكل (¬5) (¬6) قصة ذي الرقعتَين (¬7) (¬8). ¬
أو يزوِّجَ عبدَه بمطلَّقته ثلاثًا، بنيةِ هبته أو بعضِه أو بيعِه أو بعضِه منها: ليَفسخَ نكاحَها (¬1). ومن لا فُرقةَ بيدِه: لا أثرَ لنيتِه (¬2). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومن لا فرقة بيده لا أثر لنيته) كتب عليه تاج الدين البهوتي (¬3) ما نصه: (هذا ضعيف جدًّا والأصح أن المرأة ووليها وولي الزوج [كَهُوَ] (¬4) نِيَّةً واشتراطًا، ووكيل كموكل، ويشهد له استظهار المنقح [عدم الإحلال في الصورة المذكورة (¬5) وتصحيح المصنف لما استظهره المنقح] (¬6)، وهذا أولى من لزوم التناقض في كلامهم ولعل الحامل (¬7) لهم على قولهم: (من لا فرقة [بيده] (¬8) لا أثر لنيته) متابعة من ذكر ذلك من الأصحاب [كصاحب] (¬9) المحرر (¬10) وصاحب الفروع (¬11)، ثم ذكروا ما يعلم ¬
2 - فصل
2 - فصل فلو وهَبتْ مالًا لمن تَثِقُ به ليشتريَ مملوكًا، فاشتراه وزوَّجه بها، ثم وهبه أو بعضَه لها: انفسخ نكاحُها، ولم يكن هناك تحليلٌ مشروطٌ ولا منويٌّ ممن تؤثِّر نيتُه أو شرطُه، وهو: الزوج (¬1)، والأصحُّ قول المنقِّح: (قلتُ: الأظهرُ عدمُ الإحلالِ) (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ به ضعف ذلك، حيث رجحوا عدم الإحلال في هذه الصورة التي لم يوجد فيها نية، ولا شرط من الزوج، فليحفظ ذلك فإنه مهم جدًّا -واللَّه أعلم-)، انتهى. فصلٌ (¬3) * [قوله] (¬4): (ليشتري مملوكًا)؛ أيْ: لنفسه. * قوله: (فاشتراه)؛ أيْ: لنفسه. * قوله: (والأصح قول المنقح) هذا من المواضع التي صحح فيها المصنف، وقد صحح موضعَين هذا، وموضع آخر وهو قوله في السابع من شروط البيع فيما إذا عقدا سرًّا بثمن وعلانية بأكثر: (والأصح قول المنقح قلتُ: الأظهر أن الثمن هو الثاني إن كان في. . .) إلخ (¬5). ¬
3 - الثالثُ: نكاحُ المتْعةِ (¬1) وهو: أن يتزوجَها إلى مدة (¬2)، أو يَشرِطَ طلاقَها فيه بوقتٍ، أو ينوَيه بقلبه (¬3)، أو يتزوجَ الغريبُ بنيةِ طلاقها إذا خرَج (¬4)، أو يعلِّقَ على شرط -غير: "أو قبِلتُ إن شاء اللَّه"- مستقبَلٍ كـ: "زوَّجتُكَ إذا جاء رأسُ الشهر، أو إن رضيت أمُّها"، أو: "إن وضَعتْ زوجتي ابنةً فقد زوَّجتُكها" (¬5). ويصح على ماض أو حاضر (¬6) كـ: ". . . إن كانت بنتي، أو كنتُ وليَّها، أو إن انقضتْ عدَّتُها" -وهما يعلمان ذلك-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (الثالث نكاح المتعة) (¬7)؛ أيْ: وما معناه. * قوله: (أو يشترط (¬8) طلاقها فيه)؛ أيْ: في العقد. ¬
أو: ". . . شئتَ"، فقال: "شئتُ وقبلتُ"، ونحوه (¬1). النوع الثاني: أن يشترط أن لا مهر أو لا نفقة أو يقسم لها أكثر من ضَرَّتها أو أقل أو يشرطا أو أحدهما عدم وطء أو نحوه (¬2)، أو إن فارق رجع بما أنفق (¬3)، أو خيارًا في عقد أو مهر. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ونحوه) كرضيت. * قوله: (النوع الثاني. . . إلخ) غير مبطل بدليل ما يأتي (¬4)، وليقابل قسيمه السابق. * قوله: (أو خيار (¬5) في عقد) تقدم في الضمان أنه إذا شرط الخيار فيه أو في كفالة فسدا (¬6)، فانظر ما الفرق بين البابَين (¬7). ¬
3 - فصل
أو إن جاءها به في وقت كَذا وإلا فلا نكاح بينهما (¬1)، أو أن يسافر بها أو تستدعيه لوطء عند إرادتها أو ألَّا تُسلِّمَ نفسها إلى مدة كدا ونحوه، فيصح النكاح دون الشرط (¬2)، ومن طلق بشرط خيار وقع (¬3). * * * 3 - فصل وإن شرطَها مسلمةً، أو قيل: "زوَّجتُكَ هذه المسلمةَ"، أو ظنَّها مسلمةً -ولم تُعرَفْ بتقدُّمِ كفرٍ- فبانت كتابيَّةً (¬4)، أو بكرًا أو جميلةً أو نَسِيبةً، أو شرَط نفيَ عيب لا يُفسخُ به النكاحُ -فبانتْ بخلافه-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل (¬5) * قوله: (لا يفسخ به النكاح) كألا تكون عمياء أو صماء. . . . . . ¬
فله الخيار (¬1)، لا: إن شرَطها كتابيَّةً أو أمةً فبانت مسلمة (¬2) أو حُرَّة (¬3)، أو شرَط صفةً فبانتْ أعلى منها (¬4). ومن تزوَّج أمةً، وظن أو شرَط أنها حُرَّة، فولَدتْ: فولدُه حُرٌّ، ويَفدِي ما وُلد حيًّا (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو عوراء أو عرجى (¬6) (¬7). * قوله: (أو شرط صفة. . . إلخ) هذا من قبيل عطف العام على الخاص. * قوله: (ومن تزوج أمة)؛ أيْ: في الواقع ونفس الأمر، وكان الأولى أن يقال: امرأة -على قياس ما يأتي عكسه-. * قوله: (وظن) ([أنها (¬8)]؛ أيْ: حُرة الأصل، فإن ظن أنها عتيقة فلا خيار ¬
بقيمته يومَ ولادتِه (¬1). ثم إن كان ممن لا يَحلُّ له نكاحُ الأماء فُرِّق بينهما، وإلا: فله الخيار (¬2)، فإن رضيَ بالمُقام. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ له -كما في المحرر والفروع وغيرهما-، قال في الإنصاف: وهو المذهب؛ لأنه ظن خلاف الأصل المتيقن (¬3) فيها وهو الرق، ولا عبرة بظنه (¬4) المخالف للأصل)، حاشية (¬5). * قوله: (ثم إن كان)؛ أيْ: في حالة العقد. * قوله: (فإن رضي بالمقام)؛ [أيْ] (¬6): معها بعد ثبوت رقها بالبينة على الأصح، فلو أقرت بالرق لم يقبل قولها على زوجها (¬7). قال أحمد في رواية أبي الحارث: لا يستحقها بإقرار؛ لأن إقرارها يزيل النكاح عنها، ويثبت حقًّا على غيرها (¬8). ¬
فما ولَدتْ بعدُ: فرقيق (¬1). وإن كان المَغْرورُ عبدًا: فولدُه حُرٌّ، يَفديه إذا عَتَق؛ لتعلُّقِه بذمته (¬2). ويَرجعُ زوجٌ بفداءٍ وبالمسمَّى. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فما ولدت)؛ أيْ: حملت به وولدته، [لا ما ولدته] (¬3) من حملٍ قبل ذلك، تدبر!. * قوله: (فرقيق) وهل إذا اشترط (¬4) حريته يؤثر ذلك الشرط أو المعتبر الاشتراط في صلب العقد؟. فيه توقَّف شيخنا (¬5)، ويمكن أن يقال: إنه ينزل دوامه [منزلة] (¬6) ابتدائه، فكأن الاشتراط واقع في صلب العقد؛ بدليل التفصيل بين أن يكون الأب ممن يحل له نكاح الإماء أو لا، وراجع ما كتبناه قبيل ذلك! (¬7). * قوله: (ويرجع زوج)؛ أيْ: عبدًا كان أو حُرًّا، ولهذا أتى بالظاهر في محل الإضمار. ¬
على من غَرَّه (¬1): إن كان أجنبيًّا. وإن كان سَيِّدَها ولم تَعتِق بذلك (¬2)، أو إيَّاها -وهي مكاتبَةٌ-: فلا مهرَ له، ولا لها. وولدُها مكاتَبٌ، فيَغْرَمُ أبوه قيمتَه لها (¬3)، وإن كانت قِنًّا: تَعلق برقبتها (¬4). والمعْتَقُ بعضُها يجب لها البعضُ، فيسقُط، وولدُها يَغْرَم أبوه قدرَ رقِّه (¬5)، ولمستحِقِّ غُرمٍ، مطالَبةُ غارٍّ ابتداءً (¬6). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولم تعتق بذلك) بأن قال له: زوجتُكَ هذه المرأة، أما إن قال له: زوجتُكَ هذه الحُرة فإنها تعتق به؛ لاعترافه بحريتها. * قوله: (فيغرم أبوه قيمتَه لها) إن لم تكن هي الغارة، وما غرمه يرجع به على من غَرَّة (¬7). * قوله: (فيسقط)؛ لأنه لا فائدة في أن (¬8) يجب لها ما يرجع به عليها. * قوله: (ولمستحق (¬9) مطالبة غارٍّ ابتداء) وشرط رجوعه على الغارِّ أن يكون ¬
و"الغارُّ": من علم رقَّها ولم يبيِّنْه (¬1). ومن تزوجتْ رجلًا على أنه حُرٌّ أو تظنُّه حُرًّا، فبانَ عبدًا: فلها الخيارُ إن صحَّ النكاح (¬2)، وإن شرَطتْ صفةً. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قد شرط له [أنها] (¬3) حُرة، ولو لم يقارن الشرط العقد حتى [مع] (¬4) إبهامه (¬5) حريتها، قاله في المغني (¬6) وفي (¬7) الإقناع (¬8)، وفي شرح شيخنا له (¬9) ما يحتاج إلى دقة نظر في التطبيق بين المتن وشرحه في المنقول عن المغني والشرح. * قوله: (من علم رقها ولم يبينه) بأن ذكر له أنها حُرة، أو ذكر له ما يوهمه أنها حُرة -كما في شرح الإقناع (¬10) -، فراجعه!. * قوله: (ومن تزوجت. . . إلخ)؛ أيْ: حُرة أو أمة. * قوله: (إن صحَّ النكاح) (بأن كملت شروط النكاح، وكان بإذن سيده وقلنا [إن] (¬11) الكفاءة شرط للزوم لا للصحة، وإن كانت المرأة حُرة وقلنا الحرية ليست ¬
4 - فصل
فبانَ أقلَّ: فلا فَسْخَ، إلا بشرطِ حرية (¬1). * * * 4 - فصل ولمن عَتَقت كلُّها تحتَ رقيقٍ كلِّهِ، الفسخُ -وإلا (¬2) أو عَتَقا معًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ من شروط الكفاءة لا يبطل النكاح فهو صحيح، وللمرأة الخيار بين الفسخ والإمضاء، فإن اختارت إمضاءه فلأوليائها (¬3) الاعتراض عليها لعدم الكفاءة، وإن كانت أمة فينبغي أن يكون لها الخيار أيضًا؛ لأنه كما يثبت الخيار للعبد إذا غُرَّ بأمة يثبت للامة إذا غُرَّت بعبد)، حاشية (¬4). * قوله: (إلا بشرط حرية) فيه قصور، وكان الأولى أن يقول: إلا بما يخل بالكفاءة كما نبه عليه ابن نصر اللَّه -بحثًا (¬5) -. فصلٌ (¬6) * قوله: (وإلا) بأن لم تعتق كلها تحت رقيق كله بأنه عتق بعضها، أو عتقت ¬
فلا (¬1)، فتقولُ: "فسختُ نكاحي"، أو: "اخترتُ نفسي"، و: "طلقتُها"، كنايةٌ عن الفسخ (¬2) -ولو متراخيًا، ما لم يوجَدْ منها ما يدُلُّ على رضًى (¬3)، ولا يحتاج فسخُها لحكم حاكم (¬4). فإن عَتَق قبلَ فسخٍ، أو أمكنَتْه من وطئها أو مباشرتِها ونحوه (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تحت حُرٍّ أو مبعض، فإن كان كذلك فلا فسخ. * قوله: (وطَلقْتُهَا) يجوز قراءته بفتح الطاء وسكون اللام وفتح القاف [أي: الطلقة الواقعة منها، ويصح قراءته بتشديد اللام وسكون القاف] (¬6) على أن الضمير عائد على نفسها، والمعنى: وقولها طلقت نفسي كناية. . . إلخ، وأما على الضبط الأول فالمعنى: والطلقة الواقعة منها؛ أيْ: لنفسها كناية. . . إلخ، لكن في شرح شيخنا (¬7) ما يقتضي قراءته بالضبط الثاني فقط وليس بمتعيِّن. * قوله: (فإن (¬8) عتق قبل. . . إلخ) يعلم من هذا أن قوله -فيما سبق-: (أو ¬
-ولو جاهلةً عِتْقَها (¬1)، أو مِلْكَ الفسخِ-: بطل خيارُها (¬2). ولبنتِ تسع، أو دونِها: إذا بلَغتْها، ولمجنونةٍ -إِذا عقلتْ-: الخيارُ، دونَ وليٍّ (¬3)، فإن طُلقتْ قبله (¬4): وقع، وبطُل خيارُها إن كان بائنًا (¬5). وإن عَتَقتْ الرجعيَّةُ، أو عَتقتْ ثم طلقها رجعيًّا: فلها الخيارُ، فإن رضيتْ بالمقام: بطُل (¬6). ـــــــــــــــــــــــــــــ عتقا معًا) لا مفهوم له. ¬
ومتى فسَختْ بعدَ دخولٍ: فمهرُها لسيدٍ، وقبلَه: لا مهرَ (¬1). ومن شرَط معتِقُها ألا تفسخَ نكاحها ورضيتْ، أو بُذِل لها عوضٌ لتُسقط حقَّها من فسخٍ ملكتْه: صحَّ، ولزمها (¬2). ومن زوَّج مدبَّرةً لا يَملك غيرَها -وقيمتُها مئةٌ- بعبدٍ، على مئتين مهرًا، ثم مات: عَتَقتْ، ولا فسخَ قبل الدخول؛ لئلا يسقط المهر فلا تخرج من الثلث فيرقَّ بعضها فيمتنع الفسخ (¬3)، فهذه مستثناة من كلام من أطلق (¬4)، ولمالكٍ زوجَين بيعُهما وأحدِهما ولا فرقةَ بذلك (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ورضيت) وإذا لم ترض فإنها تعتق؛ لتشوف الشارع إليه. * [قوله] (¬6): (قبل الدخول) [المراد قبل وجود ما يقرره] (¬7) [من دخول] (¬8) أو خلوة أو نحوهما. * قوله: (لئلا يسقط المهر) لمجيء الفرقة من قِبَلِها. ¬
4 - باب حكم العيوب في النكاح
4 - بابُ حُكم العيوبِ في النكاحِ وأقسامُها المثبِتةُ للخيارِ ثلاثةٌ: 1 - قِسمٌ يَخْتصُّ بالرجل وهو: كونُه قد قُطع ذَكَرُه أو بعضُه، ولم يبقَ ما يمكن جماعٌ به (¬1)، ويُقبَلُ قولُها في عدم إِمكانه (¬2)، أو: قُطع خُصْيتاه، أو رُضَّ بَيْضتاه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ "باب [حكم] (¬3) العيوب في النكاح" * قوله: (المثبتة) أفهم كلام المصنف أن العيوب منها ما يثبت الخيار، ومنها ما لا يثبته، وأن المثبت للخيار أقسام ثلاثة، وسيأتي أن غير المثبت كالعور والعرج. * قوله: (أو رض (¬4) بيضتاه)؛ أيْ: عِرْقَهما (¬5). ¬
أو سُلّا (¬1)، أو: عِنِّينًا لا يمكنه وطءٌ, ولو لكبر أو مرض (¬2). فإن أقَرَّ بالعُنَّةِ، أو ثبتت ببينةٍ، أو عُدما فطلبتْ يمينَه، فَنكَل -ولم يَدَّعِ وطئًا- أُجِّلَ سنةً هلاليةً منذُ ترافُعِه (¬3)، ولا يُحتَسبُ عليه منها ما اعتزلتْه فقط (¬4)، فإن مضت -ولم يطأها- فلها الفسخُ (¬5). وإن قال: "وطئتُها"، وأنكرتْ -وهي ثيبٌ-: فقولُها إن ثبتتْ عُنَّتُه، وإلا: فقولُه (¬6). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو سُلا) (¬7) كان الظاهر "أو سلتا"، فتدبر!. ¬
وإن كانت بكرًا، وثبتتْ عُنَّتُهُ وبكارتُها: أُجِّل، وعليها اليمينُ إن قال: "أزلتُها وعادت" (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وثبتت) عنَّته وبكارتها. * مسألة: لو ادَّعى الزوج أنه وجد الزوجة ثيبًا، وادَّعت الزوجة أنه هو الذي أزال بكارتها فهل القول قول الزوجة أو الزوج؟. قال شيخنا: (قياس ما صححوه في البيع فيما إذا ادعى البائع حدوث العيب والمشتري قدمه أن القول هنا قول الزوج)، فحرر المسألة!، [واعلم أنه لا يظهر لاختلافهما فائدة إلا إذا لم يطأ أما إذا وطئ فإنه يستقر] (¬2) المسمى، ولا يرجع بالتفاوت بين مهر البكر والثيب خلافًا للشافعية (¬3)، فتدبر!؛ لئلا تغلط، ثم رأيته أثبت في شرح الإقناع (¬4) ما نصه: (لو ادعى الزوج بعد الوطء أنه وجد الزوجة ثيبًا، وقالت: بل كنتُ بكرًا، فالظاهر أن القول قولها؛ لأن الأصل السلامة، بخلاف ما تقدم في البيع إذا اختلف البائع والمشتري في ذلك؛ لأن الأصل براءة المشتري من الثمن)، انتهى. * قوله: (وعليها اليمين) مقتضى تنصيصه على أن عليها اليمين هنا وعدم تنصيصه [عليه] (¬5) في المسألة السابقة؛ أعني: إذا قطع بعض ذكره وادعت عدم إمكان ¬
وإن شُهِدَ بزوالها: لم يؤجَّل، وحُلِّف إن قالت: "زالت بغيره" (¬1)، وكذا إن لم تثبُت عُنَّتُه، وادَّعاه (¬2). ومن اعترفت بوطئه في قُبُلٍ بنكاح ترافَعا فيه -ولو مرة (¬3)، أو في حيض، ونفاس، أو إحرام، أو ردَّةٍ، ونحوِه- بعدَ ثبوت عُنَّةٍ: فقد زالتْ وإلا فليس بِعنِّين (¬4)، ولا تزول عُنَّةٌ بوطءِ غيرِ مدَّعيةٍ، أو في دُبُر (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ وطئه أنه يقبل قولها فيها بلا يمين، والفرق بينهما أن في مسألة قطع بعض الذكر الأقربُ عدم إمكان الوطء، لكن الإمكان جائز بمرجوحية، فلا تحلف حينئذ، وفي مسألة إزالة البكارة الطرفان متقاومان؛ لأن زوال العنَّة ممكن، كما أن التحام المحل ممكن فتحلف لتأكيد دعواها، هذا ما ظهر أولًا، ثم رأيته (¬6) في الإقناع (¬7) صرح في الأولى بقوله: (مع يمينها) ولم يتعقبه شيخنا (¬8). * قوله: (أو في دبر)؛ أيْ: أو في نكاح سابق على النكاح الذي وقع الترافع ¬
ومجنونٌ ثبتتْ عُنَّتُه، كعاقل: في ضرب المدة (¬1)، ومن حدث بها جنون فيها حتى انتهتْ، ولم يَطأ: فلوليِّها الفسخُ (¬2). ويسقُط حقُّ زوجةِ عنِّينٍ ومقطوعٍ بعضُ ذكرِه، بتغيبِ الحَشَفةِ أو قدرِها (¬3). 2 - وقسمٌ يختص بالمرأة، وهو: كونُ فرجها مسدودًا لا يَسْلكه ذكرٌ -فإن كان بأصل الخِلقةِ: فرَتْقاءُ, وإِلا: فقَرْناءُ وعَفْلاءُ- أو به بَخَرٌ، أو قُروح سيَّالةٌ (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ فيه (¬5)، فتدبر!. * قوله: (كعاقل في ضرب المدة)؛ أيْ:. . . . . . ¬
أو: كونها فَتْقاءَ: بانخراق ما بين سبيليْها، أو ما بين مَخْرَجِ بولٍ ومنيٍّ، أو مستحاضةً (¬1). 3 - وقسمٌ مشترَك، وهو: الجنونُ -ولو أحيانًا- والجُذام، والبَرَصُ وبَخَرُ فمٍ، واسْتِطلاقُ بول ونَجْوٍ، وباسور وناصُورٌ (¬2)، وقَرَع رأسٍ -وله ريح منكرةٌ (¬3) -. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في قول (¬4)، وعند ابن عقيل تكفي (¬5) دعواها ولا يتوقف ضرب المدة [على الثبوت (¬6)، وقد يقال: إن غرض المصنف التشبيه في مطلق ضرب المدة] (¬7)، وهو يتمشى على كل من القولَين. ¬
وكونُ أحدهما خُنثى (¬1). فيُفسخُ بكل من ذلك: ولو حدث بعدَ دخولٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وكون أحدهما خنثى)؛ أيْ: غير مشكل؛ لأن المشكل لا يصح نكاحه، وتقدم نقل كلام (¬2) شيخنا في شرحه (¬3). وأقول: يمكن حمل كلامه على الأعم، وعلى أنه لم يتبين ذلك إلا بعد العقد، وعند إرادة الوطء. * قوله: (فيفسخ (¬4) بكل من ذلك ولو حدث بعد دخول)؛ أيْ: كل ما يتأتى فيه الحدوث؛ إذ تقدم أن من (¬5) جملة الكل الرتق، وقد استثناه في الشرح الكبير (¬6) حيث كان [الزوج] (¬7) عِنِّينًا،. . . . . . ¬
أو كان بالفاسخ عيبٌ مثلُه أو مغايرٌ له (¬1). لا بغير ما ذُكر: كعَوَرٍ، وعَرَجٍ، وقطع يدٍ ورجل، وعمى، وخرَسٍ، وطرَشٍ، وكونُ أحدهما عَقيمًا أو نِضْوًا ونحوَه (¬2). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ أو مجبوبًا (¬3)، أو مقطوع الذكر. * قوله: (أو كان بالفاسخ عيب مثله أو مغاير [له]) (¬4). قال في الشرح [الكبير] (¬5): (إلا أن يجد المجبوب المرأة رتقاء فلا ينبغي أن يثبت لأحدهما الخيار على الآخر؛ لأن عيبه ليس هو المانع لصاحبه من الاستمتاع، وإنما المانع عيب نفسه) (¬6). * قوله: (لا بغير ما ذكر كعور. . . إلخ) هذا هو النوع الثاني من مطلق العيوب، وهو [ما] (¬7) لا يثبت به خيار. ¬
1 - فصل
1 - فصل ولا يثبُت خيارٌ في عيبٍ زال بعد عقدٍ، ولا لعالمٍ به وقتَه (¬1)، وهو على التراخي: لا يسقُط في عُنةٍ إلا بقولٍ (¬2)، ويسقطُ به ولو أبانَها ثم أعادها. ويسقُط في غير عُنةٍ، بما يدُلُّ على رضًى: من وطءٍ أو تمكينٍ مع علم به (¬3) كبِقَوْلٍ، ولو جَهِل الحكم (¬4)، أو زاد، أو ظنه يسيرًا (¬5). ولا يصح فسخٌ بلا حاكم، فيفسخُه أو يردُّه إلى من له الخيار (¬6)، ويصح مع غَيبةِ زوج (¬7)، فإن فُسخ قبلَ دخول: فلا مهر (¬8). ـــــــــــــــــــــــــــــ فصلٌ (¬9) * قوله: (فإن فسخ قبل دخول فلا مهر). ¬
ولها -بعدَ دخول أو خَلوةٍ- المسمَّى، كما لو طرأ العيب (¬1) ويَرجعُ به على مُغِرٍّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * مسألة: شخص قال لعبده: تزوج جارية فلان ورقبتك صداق لها، فزوجه مالك الجاريةِ [الجارية] (¬2) وملك رقبته، ثم أعتقه، فظهر العبد على عيب بالجارية -بعد عتقه وقبل الدخول، فاختار الفسخ- رجع على معتقه وهو مالك الجارية بقيمته (¬3)؛ لأنه مهر الجارية (¬4)، ويعايا بها فيقال: رقيق [عتق] (¬5) فوجبت (¬6) له قيمته على معتقه بسبب عتقه. * قوله: (ولها بعد دخول أو خلوة. . . [إلخ]) (¬7)؛ يعني: أو نحو ذلك مما يقرره كلمس لشهوة وتقبيلها بحضرة الناس (¬8). ¬
من زوجةٍ عاقلة، ووليٍّ، ووكيلٍ (¬1). ويُقبل قولُ وليٍّ -ولو مَحْرَمًا- في عدمِ علمٍ به (¬2)، فلو وُجِد من زوجةٍ ووليٍّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (من زوجة عاقلة) وشرط أبو عبد اللَّه ابن تيمية (¬3) بلوغها وقت العقد ليوجد تغرير محرم (¬4). * قوله: (في عدم علمه به) فإن كان الولي علم غرم، وإن لم يكن يعلم فالتغرير من المرأة، يرجع عليها بجميع الصداق، فإن ادَّعت أيضًا عدم العلم بذلك العيب، أو بكونه لا يفسخ به النكاح هل يقبل قولها أيضًا؟، وإذا قلنا بذلك -كما صرح به ¬
2 - فصل
فالضمانُ على الوليِّ (¬1)، ومثلُها -في رجوع على غارٍّ- لو زُوِّج امرأةً فأدخَلوا عليه غيرَها ويلحقُه الولدُ (¬2)، وإن طُلِّقتْ قبل دخول، أو مات أحدهما قبل العلم به: فلا رجوع (¬3). * * * 2 - فصل وليس لوليِّ صغير أو صغيرة، أو مجنونٍ أو مجنونة، أو أمةٍ -تزويجُهم بمَعِيبٍ يُردُّ به- ولا لوليِّ حرةٍ مكلفةٍ، تزويجُها [به] (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الزركشي (¬5) - فعلى من يرجع بالصداق؟!. * قوله: (فالضمان على الولي)؛ لأنه مباشر (¬6). فصل (¬7) * قوله: (تزويجهم) فيه تغليب الصغير والمجنون على المؤنث. ¬
بلا رضاها (¬1)، فلو فَعَل لم يصح: إن عَلم. وإلا: صحَّ. وله الفسخُ: إذا عَلِم (¬2). وإن اختارت مكلفةٌ مَجبوبًا أو عِنِّينًا: لم تُمنَع (¬3)، ومجنونًا أو مَجْذومًا أو أَبْرصَ: فلوليِّها العاقدِ منعُها (¬4). وإن علمتْ العيبَ بعد عقدٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وله الفسخ) هكذا في التنقيح (¬5)، وفي المغني (¬6)، والشرح (¬7)، ¬
أو حدَث به: لم تُجبرْ على الفسخ (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ وشرح ابن منجا (¬2) والزركشي في شرح الوجيز وغيرهم يجب عليه الفسخ، وقد يقال: المراد من الجواز: المستفاد من اللام (¬3) ما قابل الامتناع، وهو صادق بالوجوب، فلا مخالفة (¬4). * * * ¬
5 - باب نكاح الكفار
5 - باب نكاح الكفار وهو كنكاح المسلمين فيما يجب به وتحريم المحرمات (¬1)، ويُقَرُّون على محرَّمةٍ: ما اعتقدوا حِلَّها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب نكاح الكفار * [قوله] (¬2): (فيما يجب) أن يثبت ويترتب وليس المراد الوجوب الاصطلاحي، وإلا لما صحَّ بيان الشارح له بوجوب المهر وما معه (¬3)؛ لأن الواجب به اصطلاحًا هو المهر، لا وجوب المهر، وأيضًا لا يصح البيان بوقوع الطلاق؛ لأنه ليس واجبًا اصطلاحًا ولا الغباحة للزوج و [لا] (¬4) الإحصان بل يثبت ويترتب عليه كل ذلك. * قوله: (ما اعتقدوا. . . إلخ) ظرفية مصدرية؛ أيْ: مدة اعتقادهم حلها، أو المراد على أي محرمة اعتقدوا حلها على أحد الوجهَين اللذين قد ¬
ولم يرتَفِعوا إلينا (¬1)، فإن أتَوْنا قبلَ عقدِه: عقَدْناهُ على حُكمنا (¬2). وإن أتَونا بعدَه أو أسلَم الزوجان، فإن كانت المرأةُ تُباح إذًا: كعقدٍ في عدَّةٍ فرغت، أو على أختِ زوجةٍ ماتت، أو بلا شهودٍ أو وليٍّ أو صيغةٍ: أُقِرَّا (¬3). وإن حرُم ابتداءُ نكاحها الآن: كذات مَحْرَمٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جوزهما البيضاوي (¬4) في قوله -تعالى-: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا [بَعُوضَةً] (¬5)} [البقرة: 26] (¬6) من (¬7) أنها إبهامية تزيد النكرة إبهامًا وشياعًا وتسد عنها ¬
أو في عدَّةٍ لم تَفرغ (¬1)، أو حُبلَى ولو من زنًا (¬2)، أو شَرط الخيارَ فيه مطلقًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ طرق التقييد؛ كقوله: أعطني كتابًا ما [أيْ] (¬3): أيَّ كتاب كان (¬4). * قوله: (أو حبلى) هذا داخل في العدة التي لم تفرغ، فهو من عطف الخاص على العام. * قوله: (ولو من زنًا) ولو كان الزاني هو مريد تزويجها (¬5). * قوله: (مطلقًا)؛ أيْ: غير مقيد بمدة معينة. ¬
أو مدةً لم تمض (¬1)، أو استدام نكاح مطلقته ثلاثًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو مدة لم تمض) فيه نظر؛ فإن هذا من الشروط الفاسدة الغير (¬2) المفسدة، ويؤخذ من الإنصاف (¬3) أيضًا أن التفريق (¬4) بينهما مبني على ضعيف، وعبارة شيخنا في الحاشية: قوله: (أو شرط فيه الخيار مطلقًا) (¬5) أو مدة لم تمض قال في الإنصاف: (هذا [هو] (¬6) المذهب)، انتهى؛ يعني: إن قلنا: إن النكاح معه من المسلم لا يصح، كما في التنقيح حيث قال: أو شرط الخيار متى شاء إذا لم يصح من مسلم، انتهى، فتبين أن [بناء] (¬7) المسألة على مرجوح؛ إذ المذهب صحة النكاح المشروط فيه الخيار، وفساد الشرط -كما تقدم-)، انتهى المراد منه (¬8) فراجع (¬9)!. * قوله: (أو استدام نكاح مطلقته (¬10) ثلاثًا) انظر هل مثلها المطلقة واحدة على عوض أو يفرق بينهما، وقد يفرق بأن الطلاق الثلاث يمنع [ابتداء] (¬11) نكاحها [الآن] (¬12)، ¬
ولو معتقدًا حلَّها: فُرِّق بينهما (¬1). وإن وطئ حربيٌّ حربيةً -واعتقداهُ نكاحًا-: أُقِرَّا، وإلا: فلا (¬2)، ومتى صحَّ المسمَّى: أخذتْه، وإن قبضتْ الفاسد كله استقر (¬3)، وإن بقي شيء: وجب قسطه من مهر المثل ويعتبر فيما يدخله كيلٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بخلاف المطلقة واحدة بائنًا فإنه لا يمنع (¬4) [ابتداء] (¬5) نكاحه لها الآن؛ لأنها معتدته لا معتدة غيره، نعم يمتنع استدامة العقد الأول لانحلاله بالطلقة (¬6) البائنة. * قوله: (وإن وطئ حربي حربية) التقييد بالحربي والحربية ليس مرادًا، وإنما المراد على اعتقاد الحِل، والحربي وغيره في ذلك سواء, فراجع شرح شيخنا على الإقناع (¬7) تعلم به ما في شرحه للمنتهى (¬8)، وحرره!، وعاود النظر فيهما مرة أُخرى. * قوله: (وإن بقي شيء وجب قسطه من مهر المثل)؛ لأنها إذا لم تقبض شيئًا أو لم يسم لها مهر وجب لها مهر المثل، فما قبضته مضى حكمه، وما لم تقبضه منه يرجع إلى قسطه من مهر المثل (¬9). * قوله: (ويعتبر)؛ أيْ: القسط الباقي من المسمى إن كان المسمى معدودًا ¬
أو وزنٌ أو عدٌّ به (¬1). ولو أسلما فانقلبتْ خمرٌ خلًّا، ثم طلَّق ولم يدخُل. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [بالعد] (¬2)، فلو كان المسمى عشر جرار حمرًا وقبضت خمسة منها وجب لها نصف مهر المثل؛ لأن الخمسة نصف العشرة عددًا (¬3)، [وإن كان المسمى] (¬4) عشرة أرطال من شحم الخنزير وقبضت منها خمسة أرطال أعطيت نصف مهر المثل في نظير القسط الباقي (¬5)، لأنها نصف العشرة وزنًا، وهكذا (¬6). * قوله: (فانقلبت (¬7) خمر خلًّا)؛ أيْ: بنفسها (¬8)، أما لو انقلبت بفعل منه أو منها بقصد تخليل فإنه لا يرجع بشيء، أخذًا من قول شيخنا في شرحه قبيل ذلك: (وإن طلقها قبل الدخول ثم أسلما أو أحدهما قبل أخذ نصفه سقط؛ قياسًا على قرض الخمر ثم يسلم أحدهما) (¬9). ¬
1 - فصل
رَجَع بنصفه (¬1). ولو تلف الخلُّ قبل طلاقه: رَجَع بنصف مثله (¬2). وإن لم تقبضْ شيئًا، أو يُسمَّ مهرٌ: فلها مهرُ مثلها (¬3). * * * 1 - فصل وإن أسلم الزوجان معًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصلٌ (¬4) * قوله: (وإن أسلم الزوجان. . . إلخ) حاصله اثنا عشرة (¬5) صورة؛ لأن الزوجَين إما أن يكونا كتابييَّن، أو الزوج كتابي والزوجة غير كتابية، أو العكس (¬6) , ¬
أو زوجُ كتابيَّةٍ: فعلى نكاحهما (¬1)، وإن أسلمتْ كتابيَّةٌ تحت كافر، أو أحدُ غيرِ كتابيَّين، قبل دخولٍ: انفسخ (¬2). ولها نصفُ المهر: إن أسلم فقط، أو أسلما. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فهذه أربع، وعلى كل فإما أن يسلما معًا أو الزوج أولًا، أو الزوجة أولًا، فهذه ثلاثة، وحاصل ضربها في الأربعة (¬3) الأُوَل اثنا عشر (¬4) يبقى النكاح منها في ست، وهي: المعية بأقسامها الأربع وأولية الزوج إن كانت الزوجة [كتابية] (¬5) سواء كان الزوج كتابيًّا أو غيره، ويفرق بينهما في الست الباقية، وإن نظرت إلى كون الترافع تارة يكون قبل الدخول وتارة يكون بعده بلغت أربعًا وعشرين، فإذا كان قبل الدخول وكان السابق الزوج حقيقة أو ادعاء، كان لها نصف المهر؛ لأن الفرقة جاءت من قبله، وإن كانت هي السابقة فلا شيء لها؛ لأن الفرقة جاءت من قبلها، وإذا كان بعد الدخول، [فإن] (¬6) أسلم أحدهما مطلقًا ولحقه الثاني قبل انقضاء العدة فالنكاح بحاله وإلا تبينَّا فسخه منذ أسلم الأول. * قوله: (أو زوج كتابية)؛ يعني: وأبواها كتابيان -كما تقدم (¬7) -. ¬
وادَّعتْ سبْقَه (¬1)، أو قالا: "سبق أحدُنا، ولا نعلم عينه" (¬2). وإن قال: "أسلَمنا معًا فنحن على النكاح"، فأنكرتْهُ: فقولُها (¬3)، وإن أسلم أحدُهما بعد الدخول: وُقِفَ الأمرُ إلى انقضاءَ العدَّةِ (¬4)، فإن أسلم الثاني قبله: فعلى نكاحِهما. وإلا: تبَيَّنا فسخَه منذُ أسلم الأولُ (¬5). فلو وطئَ ولم يُسلِم الثاني فيها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فأنكرته)؛ أيْ: ادعت سبقه أو سبقها. * قوله: (فقولها)؛ لأن المعية نادرة بالنسبة لما ادعت من سبق أحدهما، ومعناه في الحاشية (¬6). * قوله: (قبله)؛ أيْ قبل انقضاء العدة (¬7). ¬
فلها مهرُ مثلها، وإن أسلم: فلا (¬1)، وإن أسلمتْ قبله: فلها نفقةُ العدَّة ولو لم يُسلم، وإن أسلم قبلها: فلا (¬2)، وإن اختلفا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فلها مهر مثلها) زائدًا على المهر الذي وقع عليه العقد، وإنما أوجبنا هذا المهر الثاني؛ لأنه يجب المهر بوطء الشبهة (¬3)، وإنما سكت عنه المصنف هنا اكتفاء بقوله فيما يأتي: (ويجب الصداق بكل حال). * قوله: (وإن أسلم فلا)، أيْ: فلا [مهر] (¬4) بسبب الوطء؛ لأنه تبين أنها زوجة (¬5)، لكن لها المهر الذي وقع عليه العقد واستقر بالدخول. * قوله: (فلها نفقة العدة) تشبيهًا لها بالرجعية في إمكان تلافي النكاح؛ لأنه يمكنه تلافيه بالإسلام (¬6). * قوله: (وإن أسلم قبلها فلا)؛ أيْ فلا نفقة إن لم تكن حاملًا (¬7). * قوله: (وإن اختلفا. . . إلخ) هذا علم مما تقدم، لكنه أعاده ليسوي بينه وبين مسألة الجهل في الثمرة المترتبة عليه، أو يقال إن الأولى مفروضة فيما إذا كان ذلك قبل الدخول، وهذه فيما إذا كان بعده، فتدبر!. ¬
في السابق (¬1)، أو جُهل الأمرُ: فقولها، ولها النفقةُ (¬2)، ويجب الصَّدَاقُ بكل حال (¬3). ومن هاجر إلينا بذمةٍ مؤيَّدةٍ، أو مسلمًا، أو مسلمةً -والآخر بدار الحرب- لم ينفسخ (¬4). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومن هاجر. . . إلخ)؛ أيْ: من الزوجَين وكان الظاهر ذكره. * قوله: (والآخر. . . إلخ)؛ أيْ: منهما. * قوله: (لم ينفسخ)؛ أيْ: لم ينفسخ نكاحه، وكان ذلك واجبًا ضرورة الربط، فتدبر (¬5)!. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: اعلم أن المراد: [لم] (¬6) ينفسخ بالهجرة؛ لأنه محل خلاف أبي حنيفة القائل بأن النكاح ينفسخ بمجرد المهاجرة (¬7)، ¬
2 - فصل
2 - فصل وإن أسلم وتحتَه أكثرُ من أربعٍ، فأسلَمْنَ أو كُنَّ كتابيَّاتٍ: اختار (¬1)، ولو مُحْرِمًا (¬2)، أربعًا منهن -ولو من ميِّتاتٍ- إن كان مكلفًا (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وليس المراد أنه لا ينفسخ ولا باختلاف الدين، بل هو على التفصيل السابق من كون المسلم هو الزوج أو الزوجة، وكون الزوجة كتابية أو غير كتابية وكونه معًا أو مرتبًا، وكونه قبل الدخول أو بعده، وإنما [لم] (¬4) ينبهوا (¬5) على ذلك هنا اعتمادًا على ما أسلفوه [أول الفصل] (¬6)، فتنبه!؛ لئلا تغفل. فصلٌ (¬7) * قوله: (وإن أسلم)؛ أيْ: حُرٌّ. * قوله: (وتحته أكثر. . . إلخ) ولو في عقد واحد (¬8). ¬
وإلا: وُقفَ الأمرُ حتى يُكلفَ (¬1)، ويَعتزلُ المختارات حتى تنقضي عدَّةُ المفارَقات -وأولُها: من حينِ اختياره (¬2) - أو يَمُتْنَ. وإن أسلَم بعضُهن -وليس الباقي كتابيَّاتٍ- مَلَك إمساكًا وفسخًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وقف) ([و] (¬3) عليه النفقة إلى أن يختار)، إقناع (¬4)، ويأتي مثله في المتن. * قوله: (حتى يكلف) (وليس لوليه أن يختار)، إقناع (¬5). * قوله: (حتى تنقضي عدة المفارقات)؛ أيْ: إن كُن أربعًا فأكثر (¬6). * قوله: (وإن أسلم بعضهن)؛ أيْ: وذلك البعض أكثر من أربع، تأمل!. ¬
في مسلِمةٍ خاصةً (¬1). وله تعجيلُ إمساك مطلقًا، وتأخيرُه حتى تنقضيَ عدَّةُ البقيةِ، أو يُسلِمْنَ (¬2)، فإن لم يُسلِمْنَ، أو أسلَمْنَ -وقد اختار أربعًا- فعدَّتُهن: منذُ أسلم (¬3)، فإن لم يَخترْ: أجبر بحبس ثم تعزير، وعليه نفقتُهن إلى أن يَختار (¬4). ويَكفي: "أمسكتُ هؤلاءِ"، أو: "تركتُ هؤلاءِ"، أو: "اخترتُ هذه"، لفسخٍ أو لإمساك ونحوه (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (في مسلمة) (¬6)؛ أيْ: في جنس مسلمة، فكأن التاء قصد بها [هنا] (¬7) الجنس، لا الواحدة. * قوله: (وله تعجيل)؛ أيْ: قبل إسلام البواقي، وقبل انقضاء عدتهن. * وقوله: (مطلقًا)؛ أيْ: سواء كان البواقي بعد من أسلم كتابيات أم لا، ¬
ويحصل اختيارٌ بوطءٍ أو طلاق (¬1) لا بظهار, أو إيلاء (¬2) وإن وطئَ الكلَّ تعين الأُولُ (¬3)، وإن طلق الكلَّ ثلاثًا: أُخرِج أربعٌ بقرعةٍ، وله نكاحُ البواقي (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو في مقابلة التفصيل السابق في قوله: (وليس الباقي كتابيات) تدبر!. * قوله: (تعيَّنَ الأُوَلُ) استدلالًا بتقديمهن في الوطء على تقديمهن في الرغبة عنده، بخلاف مسألة طلاق الكل؛ لأن الطلاق ينافي الرغبة [حتى] (¬5) فيمن أُخر طلاقها. * قوله: (وإن طلق الكل. . . إلخ) سواء كان الطلاق لهن معًا أو مرتبًا، فتدبر!. * قوله: (وله نكاح البواقي)؛ أيْ: بعد انقضاء عدة المخرجات (¬6). وبخطه؛ أيْ: إن كن أربعًا فأقل، أو المراد: النكاح منهن. ¬
والمهرُ لمن انفسخ نكاحُها بالاختيار: إن كان دخَل بها وإلا: فلا (¬1)، ولا يصح تعليق اختيار بشرطٍ (¬2)، ولا فسخُ نكاحِ مسلمةٍ: لم يتقدَّمْها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (والمهر)؛ أيْ: واجب. * قوله: (وإلا فلا)؛ (أيْ: وإن لم يكن دخل بواحدة منهن فلا مهر؛ لأن الفرقة جاءت من قبل الشارع (¬3) لتبين أن الفرقة وقعت بإسلامهم جميعًا، كفسخ النكاح لعيب أحد الزوجَين؛ ولأنه نكاح لا يقر عليه في الإسلام، فكأنه لم يوجد كالمجوسي يتزوج أخته ثم يسلمان قبل الدخول)، شرح شيخنا (¬4). * قوله: (ولا يصح تعليق اختيار (¬5) بشرط) كان يقول: كلما أسلمت واحدة فقد اخترتها، أو متى دخلت واحدة هذه الدار فقد اخترتها. [وبخطه] (¬6): وهل إذا شرط الخيار في الاختيار يصح الاختيار ويلغو الشرط، كما تقدم في الشروط في النكاح (¬7) من أن شرط الخيار فاسد في نفسه غير مفسد، أو ينبني على الخلاف فيه؟، فليحرر!. * قوله: (لم يتقدمها) المراد لم يصحبها؛ إذ لا يجب عليه فسخ نكاح واحدة ¬
إسلامُ أربعٍ (¬1). وإن مات قبل اختيار، فعلى الجميع أطولُ الأمرَين: من عدَّةِ وفاةٍ، أو ثلاثة قُروءٍ (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بعينها من المسلمات، سواء كانت متقدمة أو متأخرة، ولذا قال في المحرر (¬3): (لم يتقدمه)؛ أيْ: الفسخ، ففي أصل العبارة تحريف، أو المراد لم يتقدم حالة الفسخ -كما فسره به شيخنا في شرحه (¬4) -، فيوافق ما في المحرر. * [قوله] (¬5): (إسلام أربع)؛ أيْ: وليس في البواقي كتابيات (¬6)؛ ليوافق ما سلف. * قوله: (فعلى الجميع أطول الأمرَين)؛ أيْ: إن أمكن في حقها الأمران، أما الحامل فبانقضاء الحمل، وأما الصغيرة والآيسة فبالأشهر (¬7). * قوله: (من عدة وفاة أو ثلاثة قروء)؛ لأجل تيقن انقضاء العدة، ¬
3 - فصل
ويَرِثُ منه أربعٌ بقُرعةٍ (¬1). وإن أسلم -وتحتَه أختانِ- اختار منهما واحدةً (¬2)، وإن كانتا أمًّا وبنتًا: فسد نكاحُهما، إن كان دخَل بالأم، وإلا: فنكاحها وحدها (¬3). * * * 3 - فصل وإن أسلم وتحتَه إماءٌ، فأسلمْن معه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وحلها للأزواج. * قوله: (فنكاحها وحدها)؛ أيْ: الأم؛ لأنها تحرم بمجرد العقد على بنتها (¬4). فصلٌ (¬5) * قوله: (وإن أسلم)؛ أيْ: حُرٌّ. * قوله: (فأسلمن معه) وإنما لم يقل أو كُن كتابيات، كما تقدم ¬
أو في العدَّةِ مطلقًا: اختار، إن جاز له نكاحُهن وقتَ اجتماعِ إسلامِه بإسلامهن، وإلا: فسد (¬1). فإن كان موسرًا، فلم يُسلِمْن حتى أعسَر، أو أسلمتْ إحداهن بعدَه ثم عَتَقتْ ثم أسلم البواقي: فله الاختيارُ (¬2). وإن عَتَقتْ ثم أسلَمَتْ ثم أسلَمْن (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [في] (¬4) أول الفصل الذي قبله؛ لأنهن إذا كُن كتابيات انفسخ نكاحهن؛ لأن الحُرَّ المسلم لا يجوز له نكاح الأمة الكتابية، وإنما لم يقل أيضًا اختار أربعًا؛ لأنه لا يعتبر الاختيار إلا بقدر ما يعفه من غير نظر لخصوص عدد. * قوله: (مطلقًا) قبله أو بعده. * قوله: (فله الاختيار) منهن اعتبارًا بحالة الاختيار, وهي وقت حالة اجتماعه معهن على الإسلام (¬5)، وقد كانت عند اجتماع إسلامه بإسلامها رقيقة. ¬
أو عَتَقتْ ثم أسلمْنَ ثمَّ أسلمت (¬1)، أو عَتَقتْ بين إسلامِه وإسلامِها: تعيَّنتْ الأُولى، إن كانت تُعِفُّه (¬2). وإن أسلم وتحته حرةٌ وإماءٌ, فأسلمتْ الحرةُ في عدَّتِها قبلَهن أو بعدَهن: انفسخ نكاحُهن، وتعيَّنتْ الحرةُ: إن كانت تُعِفُّه (¬3)، هذا: إن لم يَعتِقْن ثم يُسلِمْن في العدةِ، فإن وُجِد ذلك فكالحرائر (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو عتقت بين إسلامه وإسلامها)؛ أيْ: بأن أسلمت أولًا ثم عتقت ثم أسلم (¬5) هو، وكذا عكسها. * قوله: (تعيَّنت الأولى إن كانت تعفه)؛ لأن البواقي لا يصح نكاحهن إلا مع الحاجة (¬6)، وهي غير موجودة هنا. * قوله: (فكالحرائر) فله أن يختار منهن أربعًا، وإن أسلمت الحُرة معه دون ¬
وإن أسلم عبدٌ وتحتَه إماءٌ, فأسلَمْن معه أو في العدَّةِ، ثم عَتَق أو لا: اختار ثِنْتَين (¬1)، وإن أسلم وعَتَق ثم أسلَمْن، أو أسلَمْن ثم عَتَق ثم أسلم: اختار أربعًا بشرطِه (¬2)، ولو كان تحتَه حرائرُ، فأسلَمْن معه: لم يكن لهن خيارُ الفسخ (¬3)، ولو أسلمتْ من تزوَّجتْ باثنَيْن في عقدٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الإماء ثبت نكاحها وانقطعت عصمة الإماء، وإن أسلم الإماء دون الحُرة وانقضت عدتها بانت باختلاف الدين، وله أن يختار من الإماء مع وجود الشرطَين، وليس له أن يختار من الإماء قبل انقضاء عدة الحُرة؛ لأنا لا نعلم أنها لا تسلم في عدتها (¬4). * قوله: (ثم عتق أو لا)؛ لأن المنظور إليه وقت اجتماع إسلامه بإسلامهن، وهو في تلك الحالة كان رقيقًا لا يجمع أكثر من ثنتَين. * قوله: (بشرطه) وهو أن يكون عادم الطول، خائف العنت حال اجتماعهم في الإسلام؛ لأنه المعتبر، وأيضًا بشرط ألا يعفه أقل من أربع (¬5). * [قوله] (¬6): (لم يكن لهن خيار الفسخ)؛ لأنهن كُن رضين به عبدًا كافرًا، ¬
4 - فصل
لم يكن لها أن تختارَ أحدَهما، ولو أسلموا معًا (¬1). * * * 4 - فصل وإن ارتدَّ أحدُ الزوجَين، أو هما معًا، قبلَ الدخول: انفسخ النكاحُ، ولها نصفُ المهر: إن سبَقها، أو ارتدَّ وحدَه (¬2). وتَقِفُ فُرقةٌ بعد دخول، على انقضاءِ عدَّةٍ (¬3). . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فرضاهن به عبدًا مسلمًا أولى (¬4). * [قوله] (¬5): (لم يكن لها أن تختار أحدهما)؛ لأن ذلك ليس سائغًا عند أحد من أهل الأديان، شرح (¬6). فصل (¬7) ¬
وتسقُط نفقة العدَّةِ، بردَّتها وحدَها (¬1)، وإن لم تَعُدْ -فوطئها فيها، أو طلَّق- وجب المهرُ، ولم يقع طلاق (¬2). وإن انتَقلا أو أحدُهما إلى دين لا يُقَرُّ عليه، أو تَمجَّسَ كتابيٌّ تحتَه كتابيَّةٌ (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وتسقط نفقة المعتدة (¬4) بردتها وحدها) لا بردته؛ لأنه يمكن تلافي نكاحها كزوج الرجعية، ولا بردتهما معًا (¬5). * قوله: (وإن لم يعد) (¬6)؛ أيْ: من ارتد منهما. * قوله: (ولم يقع طلاق)؛ لأنا تبينَّا أن الفرقة كانت حين اختلف الدينان، فلم يصادف [هذا] (¬7) الطلاق زوجة (¬8). * قوله: (إلى دين لا يُقرُّ عليه) كاليهودي يتنصر والنصراني يتهود. ¬
أو تَمَجَّسَتْ دونَه: فكرِدَّة (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فكردة) فإن [كان] (¬2) ذلك قبل الدخول انفسخ النكاح، وإن كان بعده توقف على انقضاء العدة (¬3). * * * ¬
19 - كتاب الصداق
19 - كِتَابُ الصَّدَاقِ
(19) كِتَابُ الصَّدَاقِ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الصداق (¬1) وله تسعة أسماء: الصَّدَاق، والصَّدُقَة، والمَهْر، والنِّحلة، والفريضة، والأَجْر، والعَلائِق، والعُقْر، والحِبَاء (¬2). ¬
وهو: العِوَضُ المسمَّى في عقدِ نكاح، وبعدَه (¬1). . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ (يقال: أصدقت المرأة، ومهرتها، ولا يقال: أمهرتها)، قاله في شرحه (¬2) تبعًا للمغني (¬3)، وجوَّزه الزجاج (¬4)، وقد نظمتُ عدة الأسماء فقلت: صداق ومهر نحلة وفريضة (¬5) ... حباء وأجر صدقة بلغاتها (¬6) ومن جملة الأسماء عقر علائق (¬7) ... فدارك ثمار العلم قبل فواتها * قوله: (وهو العوض المسمى في عقد نكاح) أولى من هذا التعريف قول الإقناع (¬8): (وهو العوض في النكاح ونحوه)، انتهى. ¬
وهو مشروع في نكاحٍ (¬1). وتُستحبُّ تسميتهُ فيه، وتخفيفُه، وأن يكونَ من أربعمائة وهو: صداقُ بناتِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى خمسمائة، وهي: صداقُ أزواجِه (¬2)، وإن زاد: فلا بأسَ (¬3)، وكان له -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يتزوَّجَ بلا مهرٍ (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ فأدخل بنحوه وطء الشبهة، ويوضح ذلك قول الزركشي (¬5): (الصداق [العوض] (¬6) الواجب في عقد النكاح أو ما قام مقامه، فالواجب يشمل المسمى ومهر المثل إن لم يكن مسمى، وما قام مقام النكاح ليدخل وطء الشبهة)، انتهى، لكن عبارة الإقناع أخصر، تدبر! * قوله: (وتستحب تسميته) ويكره ترك التسمية فمه، قاله في التبصرة (¬7). * قوله: (وتخفيفه) ظاهر العبارة أن المستحب (¬8) تخفيفه تخفيفًا لا ينقص به عن أربعمائة درهم، وعبارة غاية المطلب أحسن من هذه العبارة ونصها: (يستحب تسميته (¬9) في العقد وتخفيفه، وألا يزيد على مهر أزواجه -عليه السلام- ¬
ولَا يتقدَّرُ: فكلُّ ما صحَّ ثمنًا أو أُجرةً صحَّ مهرًا -وإن قَلَّ- ولو على منفعةِ. . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وبناته من أربعمائة إلى خمسمائة) (¬1)، انتهى. وهي صريحة في أن المستحب عدم الزيادة على غاية المهرَين، لا عدم النقصان عن أقلهما وهذا هو المراد، ويؤيده قول شيخنا في حاشيته وشرحه (¬2) أيضًا: (أيْ: يستحب تخفيف الصداق، وألا ينقص عن عشرة دراهم). * قوله: (فكل ما صحَّ ثمنًا أو أجرة صحَّ مهرًا) من عينٍ ودَينٍ، ومعجَّل ومؤجَّل (¬3). * قوله: (وإن قلَّ) وإن لم يكن له نصف متمول عادة (¬4). ¬
زوج (¬1) أو حرٍّ غيرِه معلومةٍ، مدةً معلومةً (¬2): كرعاية غنمها مدةً معلومةً أو عملٍ معلومٍ منه أو غيرِه: كخياطة ثوبها، وردِّ قِنِّها (¬3) من محل معيَّنٍ (¬4)، وتعليمِها معيَّنًا: من فقهٍ (¬5)، أو حديثٍ، أو شعرٍ مباح، أو أدبٍ، أو صنعةٍ، أو كتابةٍ (¬6) ولو لم يَعْرِفْه، ويتعلمُه ثم يعلِّمُها (¬7). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو حُرٍّ غيره) وكذا عبد بإذن سيده (¬8). * قوله: (ويتعلمه ثم يعلمها)؛ لأن التعليم يكون في ذمته، كما لو أصدقها (¬9) ¬
وإن تعلمتْه من غيره: لزمتْه أجرةُ تعليمها (¬1). وعليه -بطلاقها قبلَ تعليمٍ ودخولٍ- نصفُ الأجره (¬2)، وبعدَ دخولٍ: كلُّها (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مالًا في ذمته لا يقدر عليه حال الإصداق، ويجوز أن يقيم لها من يعلِّمها (¬4). * قوله: (لزمته أُجرة تعليمها) وكذلك لو تعذَّر عليه تعليمها، فلو جاءته بغيرها ليعلمها (¬5) لم يلزمه (¬6)، وكذا إذا (¬7) جاءها بغيره ليعلمها لم يلزمها؛ لأن الغرض يختلف (¬8). * قوله: (وبعد دخول كلها)؛ لأنها بالطلاق تصير أجنبية، فلا يؤمن في تعليمها الفتنة (¬9). ¬
وإن علمها ثم سقط: رَجَع بالأجرة، ومع تنصُّفِه بنصفها (¬1). ولو طلقها فوُجدتْ حافظةً لِمَا أصْدَقَها، وادَّعى تعليمَها وأنكرتْ: حَلفتْ (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ثم سقط)؛ أيْ: لموجب كما لو ارتدَّت (¬3)، أو فسخت النكاح لعيب. * قوله: (ومع تنصفه)؛ أيْ: تنصف الصداق الذي هو التعليم؛ يعني: وكان ذلك بعد تعليمها ليغاير ما سبق. * قوله: (بنصفها)؛ أيْ: بنصف أجرة التعليم. * قوله: (وأنكرت)؛ أيْ: تعليمه إياها، ولعل المراد وادعت أنها تعلمته من غيره بعد العقد. أما إذا ادَّعت تعلمه (¬4) من غيره قبل العقد فالظاهر معه؛ لأنها لو كانت حافظة له حالة العقد لما عملته (¬5) صداقًا لها، فتدبر! (¬6) (¬7). * قوله: (حلفت)؛ لأن الأصل عدم تعليمه إياها، وإن علمها ما أصدقها ¬
وإن أَصْدَقَها تعليمَ شيءٍ من القرآن -ولو معيَّنًا-: لم يصحَّ (¬1). ومن تزوَّج أو خالعَ نساءً بمهرٍ، أو عِوضٍ واحد: صحَّ، وقُسم بينهن على قدرِ مهورِ مثلهن (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تعليمه ثم نسيته (¬3) فليس عليه غير ذلك؛ لأنه قد وفى لها بما شرط (¬4). * قوله: (وإن أصدقها تعليم شيء من القرآن ولو معينًا لم يصح)؛ لأنه لا يجوز أخذ العوض في مقابلته (¬5)، وما جاء في الحديث: "زوجتكها بما معك من القرآن" (¬6)، فمعناه لأجل ما معك من القرآن (¬7). * قوله: (على قدر مهور (¬8) مثلهن) ويستخرج ذلك بالنسبة العددية ¬
ولو قال: ". . . بينهن"، فعلى عددِهن (¬1). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ الهندسية (¬2)، قال في الإقناع (¬3): (لو قال: [زوجتك] (¬4) ابنتي واشتريت منك هذا (¬5) بألف، فقال: بعتك وقبلت النكاح صحَّ، ويقسط الألف على قد مهر مثلها (¬6)، وإن قال: زوجتك ابنتي ولك هذا الألف بألفَين (¬7) [لم] (¬8) يصح؛ لأنه كمُدٍّ عجوة)، انتهى. قال شيخنا (¬9): (وانظر هل يبطل (¬10) النكاح أو التسمية فيصح ولها مهر المثل)، انتهى. أقول: الذي يظهر من التعليل هو الثاني؛ فإن كونه من قبيل مد عجوة إنما يقتضي فساد عقد البيع دون عقد النكاح، وليس النكاح بشرط [البيع] (¬11) باطلًا حتى يكون من الشروط المفسدة. ¬
1 - فصل
1 - فصل ويشترط علمه، فلو أصدقها دارًا أو دابة أو ثوبًا (¬1) أو عبدًا مطلقًا (¬2) أو ردَّ عبدِها أين كان أو خدمتها مدة فيما شاءت (¬3)، أو ما يُثمِرُ شجرُه ونحوَه، أو متاع بيتِه ونحوَه: لم يصحَّ (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل (¬5) * قوله: (ويشترط علمه)؛ أيْ: علم الصداق. * قوله: (أو ما يثمر شجره) في هذا العام أو مطلقًا (¬6). * قوله: (ونحوه) كما لو تزوجها على الحج بها (¬7). * قوله: (لم يصح)؛ أيْ: ما تقدم من التسمية؛ لأن هذه الأشياء مجهولة قدرًا وصفةً، والغرر والجهالة في ذلك كثيرة، ومثل ذلك لا يحتمل والنزاع قائم؛ لأن ذلك لا أصل له يرجع إليه؛ فإن الدار والدابة والثوب كل واحد منها على أنواع ¬
وكلُّ موضع لا تصح التسميةُ، أو خلا العقدُ عن ذكره، يجب مهرُ المثل بالعقد (¬1). ولا يضرُّ جهل يسيرٌ، فلو أصدَقها عبدًا من عبيده، أو دابَّةً من دوابِّه، أو قميصًا من قُمصانه، ونحوَه: صحَّ، ولها أحدُهم بقُرعةٍ (¬2)، وقنطارًا من زيت، أو قَفِيزًا من حِنطةٍ، ونحوَهما: صحَّ، ولها الوَسَطُ (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ مختلفة بالكبر والصغر، والجودة والرداءة، واسم الدابة يقع على اسم كل ما يدب (¬4)، وهو مختلف الأجناس، وحمل البطن قد لا يولد (¬5) حيًّا والشجرة قد لا تثمر، والعبد قد لا يحصل؛ لأنه لا يعلم أين (¬6). * قوله: (صحَّ) ويشترط للصحة فيما إذا أصدقها دابة من دوابه تعيين النوع كفرس من خيله، أو جمل من جماله، أو بغل من بغاله، أو حمار من حميره، أو بقرة من بقره -ونحو ذلك (¬7) -. ¬
ولا غَرَرٌ يُرجى زوالُه، فيصحُّ على معيَّنٍ آبِق أو مغتصبٍ يحصِّله، ودينِ سَلَم، ومَبيع اشتراه ولم يَقبضْه (¬1)، وعبدٍ موصوفٍ: فلو جاءها بقيمتِه (¬2)، أو خالعتْه على ذلك فجاءتْه بها: لم يلزم قبولها (¬3)، وعلى شرائه لها عبدَ زيد، فإن تعذْر شراؤه بقيمتِه: فلها قيمتُه (¬4)، وعلى أَلفٍ: إن لم تكن له زوجةٌ أو إن لم يُخرجها من دارها أو بلدها، وألفَيْن: إن كانت له زوجةٌ أو أخرجها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومبيع اشتراه) بكيل، أو وزن، أو عَدٍّ، أو ذرع، أو غير ذلك. * قوله: (وعبد موصوف)؛ لأن احتمال العقد لذلك أولى من احتماله ترك التسمية والرجوع إلى مهر (¬5) المثل، ويخالف البيع والإجارة، فإن العوض فيهما أحد ركنَي العقد، بخلاف النكاح (¬6). ¬
ونحوه: صحَّ (¬1). لا على أَلفٍ: إن كان أبوها حيًّا، وألفَين: إن كان ميتًا. وإن أَصدَقها عتْقَ قِنٍّ له: صحَّ (¬2)، لا طلاق زوجة له (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ونحوها) (¬4) كما لو تزوجها على ألف إن لم تكن له سرية، وألفَين إن كانت (¬5). * قوله: (صحَّ)؛ لأن خلو (¬6) المرأة من ضرة (¬7) أو سرية تغايرها وتضيق عليها من أكبر أغراضها المقصودة، وكذلك إبقاؤها في دارها أو بلدها بين أهلها وفي وطنها (¬8). * قوله (¬9): (وإن أصدقها عتق قنٍّ له صحَّ)؛ لأنه يصح الاعتياض عنه، وأيضًا فإنه يقدَّر (¬10) أنه دخل في ملكها ثم عتق عليها وهو مال. * قوله: (لا طلاق زوجة (¬11) له)؛ لأن خروج البضع ليس بمتمول. ¬
أو جَعَلَه إليها إلى مدةٍ (¬1)، ولها مهرُ مثلها (¬2). ومن قال لسيدتِه: "أعتقيني على أن أتزوَّجَكِ" فأعتقتْه، أو قالت ابتداءً: "أعتقتُكَ على أن تتزوَّجَني" عَتَق مَجَّانًا (¬3). ومن قال: "أعتِق عبدَك عني على أن أزوِّجكَ ابنتى"، لزمته قيمتُه بعِتقه، كـ "أعتِق عبدَك على أن أبيعَك عبدي" (¬4)، وما سُمِّيَ أو فُرض مؤجلًا. . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (عتق مجانًا) ولم يلزمه أن يتزوج بها؛ لأن ما اشترطته عليه حق له، فلا يلزمه، وإنما صحَّ في باب النكاح ولم يصح هنا؛ لأن بضع المرأة يبذل في مقابلته (¬5) العوض بخلاف [بضع] (¬6) الرجل؛ ولأنها شرطت عليه ما هو حق له (¬7). * قوله: (لزمته قيمته بعتقه) ولا يلزم القائل أن يزوجه ابنته (¬8). ¬
2 - فصل
ولم يُذكر مَحِلُّه: صحَّ، ومحلُّه: الفُرقةُ (¬1). * * * 2 - فصل وإن تزوجها على خمر أو خنزير أو مالٍ مغصوب: صحَّ، ووجب مهر المثل (¬2)، وعلى عبدٍ، فخرج حُرًّا أو مغصوبًا: فلها قيمتُه يومَ عقدٍ (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومَحِلُّهُ: الفرقةُ)؛ أيْ: البائنة (¬4). فصل (¬5) * قوله: (صحَّ)؛ أيْ: النكاح؛ لأن فساد العوض لا يزيد على عدمه ولو عدم كان النكاح صحيحًا، فكذلك إذا فسد (¬6). * قوله: (فلها قيمته)؛ لأن العقد وقع على التسمية ورضيت به إذ ظنته مملوكًا له فكان لها قيمته، كما لو ردته لعيبٍ (¬7) بخلاف ما إذا قال: أصدقتكِ هذا ¬
ولها في اثنين -بانَ أحدهُما حُرًّا-: الآخرُ، وقيمةُ الحُرِّ (¬1). وتُخيَّرُ في عينٍ: بانَ جزءٌ منها مستحقًّا، أو عيَّنَ ذَرْعَها فبانت أقلَّ بَيْنَ أخذه وقيمةِ ما نقص، وبينَ قيمة الجميع (¬2). وما وجدت به عيبًا، أو ناقصًا صفةً شرطتها: فكمبيعٍ ولمتزوجةٍ على عصير -بان خمرًا-: مثلُ العصير (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ الحُر، أو المغصوب، كأنها (¬4) رضيت بغير شيء لرضاها بما تعلم (¬5) أنه ليس بمال أو بما لا يقدر على تمليكه لها، فصار وجود التسمية كعدمها، فكان لها مهر المثل (¬6). * قوله: (فكمبيع) (¬7) فلها ردُّه، وأخذ بدله، أو إمساكه مع الأرض، ولو تزوجها، وقال: علي هذا الخمر، وأشار إلى خل، أو عبد فلان هذا، وأشار إلى عبده صحَّت التسمية، ولها المشار إليه، كما لو قال: بعتك هذا الأسود وأشار إلى أبيض، أو هذا الطويل وأشار إلى قصير (¬8). * قوله: (مثل العصير)؛. . . . . . ¬
ويصح على ألفٍ لها وألف لأبيها (¬1)، أو الكلُّ له: إن صحَّ تملُّكه (¬2). وإلا: فالكلُّ لها (¬3)، كشرطِ ذلك لغير الأب (¬4). ويَرجعُ إن فارق قبلَ دخولٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [أيْ] (¬5): إن وجد، فإن عدم فقيمته (¬6). * قوله: (إن صحَّ تملكه) بالشروط المذكورة في الهبة من كونه حُرًّا رشيدًا وألا يعطيه لغيرها من أولاده، وألا يكون ذلك في مرضهما (¬7). ¬
في الأولى بألفٍ، وفي الثانيةِ بقدرِ نصفه، ولا شيء على الأب إن قبَضه مع النية (¬1)، وقبلَ قبضه: يأخذُ من الباقي ما شاء، بشرطه (¬2). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (في الأولى بألفٍ) وهي التي في يدها، وهي نصف الألفَين. * قوله: (وفي الثانية بقدر نصفه)؛ أيْ: بقدر نصف الصداق، وهو ألف؛ [لأن] (¬3) [الصداق ألفان، فقدر نصفه ألف، وإنما غاير في الأسلوب؛ لأن الألف (¬4) في] (¬5) الصورة من غير الصداق؛ لأنها أخذت ألفًا وأبوها أخذ ألفًا، وفي الثانية لم تأخذ بحسب الظاهر شيئًا، ويرجع عليها بنظير نصف الصداق المقبوض بيد الأب، أو لأن المراد بقوله (أو الكل)؛ أيْ: كل الصداق، غير مقيد بكونه ألفَين، والتغاير حينئذٍ ظاهر، فتدبر!. * قوله: (ولا شيء على الأب إن قبضه (¬6) مع النية)؛ لأنا قدرنا أن الجميع لها ثم أخذه الأب منها. وبخطه: أيْ: في الصورتَين. * قوله: (بشرطه) وهو صحة تملك الأب. ¬
3 - فصل
3 - فصل ولأبٍ تزويجُ بكرٍ وثيِّبٍ بدونِ صداقِ مثلها، وإن كرهت (¬1)، ولا يلزم أحدًا تَتِمَّتُه (¬2). وإن فعل ذلك غيرُه بإذنها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصلٌ (¬3) * قوله: (وإن كرهت) (¬4)؛ لأن العوض (¬5) ليس بمقصود في النكاح، وإنما المقصود السكن، والازدواج، ووضع المرأة في بيت عند من يحفظها ويصونها ويحسن عشرتها، والظاهر من الأب مع تمام شفقته وبلوغ نظره ألا ينقصها من صداقها إلا لتحصيل المعاني المقصودة بالنكاح (¬6). * قوله: (غيره)؛ أيْ: وليٌّ غيرُه (¬7)؛ أيْ: غيرُ الأب، فغير صفة لموصوف محذوف. * قوله: (بإذنها)؛ أيْ: إن كانت رشيدة (¬8). ¬
صحَّ (¬1)، وبدونه: يلزم زوجا تَتمتُه (¬2)، ونصُّه: ". . . الوليُّ" (¬3)، كتَتمة مَن زوَّج بدون ما قدَّرته. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وبدونه يلزم زوجًا تتمته) في الأصح؛ لفساد التسمية، ويكون الولي ضامنًا، كما لو باع مالها (¬4) بدون قيمته (¬5). * قوله: (ونصه)؛ أيْ: الإمام، قال شيخنا (¬6): (هذه عبارة الفروع) (¬7)، قيل: وهي محرفة عن (يضمنه) (¬8)، وفي ذلك القيل نظر؛ لأن الشارح (¬9) مصرِّح بأنها من رواية ابن منصور مع قوله في الأول: في الأصح، وكل من ذلك دليل على ثبوت الروايتَين (¬10). ¬
ولا يصحُ كونُ المسمَّى مَن يَعتِق على زوجةٍ، إلا بإذنِ رشيدةٍ. وإن زوَّج ابنَه الصغيرَ بأكثرَ من مهر المثل: صحَّ، ولا يَضمنُه مع عُسْرة ابنٍ (¬1). ولو قيل له: "ابنُك فقيرٌ، من أينَ يؤخذُ الصداق؟ "، فقال: "عندي"، ولم يَزدْ على ذلك: لزمه (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا يضمنه مع عسرة [ابن]) (¬3) وإن تزوج امرأة فضمن أبوه أو غيره نفقتها عشر سنين صحَّ، موسرًا كان الابن أو معسرًا (¬4). * قوله: (ولم يزد على ذلك لزمه) كان الظاهر أن يقول: ولو لم يزد؛ لأنه لا يتوهم عدم الضمان عند زيادة ما يؤكد إرادته، أو المراد من قوله: (لزمه) كان ذلك كافيًا في لزومه [له] (¬5). ¬
4 - فصل
ولو قضاهُ عن ابنه، ثم طلَّق ولم يدخُل -ولو قبلَ بلوغٍ-: فنصفهُ للابن (¬1)، وللأب قبض صداق محجور عليها (¬2)، لا رشيدة -ولو بكرًا- إلا بإذنها (¬3). * * * 4 - فصل إن تزوَّج عبدٌ بإذنِ سيده: صحَّ (¬4). . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فنصفه للابن) وليس للأب الرجوع فيه، كالرجوع في الهبة؛ لأن الابن ملكه من غيره (¬5). قال ابن نصر اللَّه: (ما لم يلزم الأب إعفافه، فإن الراجع له) (¬6). فصل (¬7) ¬
وله نكاحُ أمةٍ ولو أمكنه حُرَّةٍ، ومتى أَذِن له وأطلق: نكَح واحدةً فقط (¬1). ويتعلق صداق (¬2) ونفقةٌ وكُسوةٌ ومسكَنٌ بذمةِ سيده (¬3)، وزائدٌ على مهر مثلٍ لم يؤذَنْ فيه، أو على ما سَمَّى له برقبته (¬4)، وبلا إذنِه: لا يصحُّ (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (برقبته) فيفديه السيد إن أراد أن يبيعه (¬6)، بخلاف ما يأتي فإنه يتعلق بذمته، فيتبع به بعد عتقه. * قوله: (وبلا إذنه لا يصح) وكذا لو أذن له في معينة أو من بلد معيَّن أو جنس معين فنكح غير ذلك، فإنه لا يصح (¬7). ¬
ويجب -في رقبتِه- بوطئه، مهرُ المثل (¬1) ومن زوَّج عبدَه أمتَه: لزمه مهرُ المثل يُتْبَعُ به بعد عتقٍ (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله] (¬3): (لزمه)؛ أيْ: العبد؛ يعني: تعلق بذمته (¬4)، وهو المراد بقول المصنف (يتبع به بعد عتقه) بخلاف الواجب في الرقبة فإنه يخير فيه السيد بين بيعه وفدائه -كما تقدم-. وبخطه (¬5): [لزمه] (¬6)؛ أيْ: العبد لا السيد؛ لأن الإنسان لا يجب له شيء على نفسه وإنما تعلق بذمته دون رقبته؛ لأن الرقبة مال السيد، ولا معنى لوجوب شيء له في ماله. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: (¬7) لزمه مهر المثل. قال شيخنا في شرح الإقناع (¬8): (وظاهره ولو سمي لها مهر لا يلزم إلا مهر ¬
وإن زوَّجه حُرَّةً وصحَّ، ثم باعه لها بثمن في الذمة من جنسِ المهر: تَقاصَّا بشرطِه (¬1). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المثل، وهو مخالف لما كتبه شيخنا الشيخ عبد الرحمن (¬2) بهامش المنتهى؛ حيث استظهر أنه إذا سمى السيد لها [مهرًا أنه لا يلزم إلا المسمى، وعبارته: إذا زوج السيد عبده بأمته ولم يسم السيد لها] (¬3) صداقًا صح النكاح ولزم العبد مهر المثل لسيده يتبع به بعد عتقه، وإن سمى السيد لها صداقًا] (¬4) فالظاهر أنه لا يلزمه إلا المسمى) انتهى. * قوله: (وصح) أي: بأن قلنا: إن الكفاءة شرط (¬5) للزوم لا للصحة (¬6). * قوله: (تقاصا بشرطه) (وهو أن يتفق الدَّيْنَان جنسًا وصفة وحلولًا ¬
5 - فصل
وإن باعه لها بمهرها: صحَّ قبلَ دخولٍ وبعدَه (¬1). ويَرجعُ سيدٌ، في فُرقةٍ قبل دخول بنصفِه (¬2). * * * 5 - فصل وتَملِكُ زوجةٌ -بعقدٍ -. . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو تأجيلًا أجلًا واحدًا، فإن تساوى المهر والثمن سقطا (¬3) وإلا سقط الأقل من الأكثر، ويبقى الباقي لمستحقه، وينفسخ النكاح لملكها زوجها، ولو جعل السيد العبد صداق زوجته الحرة بطل العقد) شرح شيخنا (¬4). * قوله: (وإن باعه لها بمهرها) صح وينفسخ النكاح؛ لملكها زوجها في هذه أيضًا. * قوله: (ويرجع سيد في فرقة قبل دخول بنصفه) (لأن البيع إنما تم بالسيد القائم مقام الزوج، فلم يتمحض سبب الفرقة من قِبَلِها، وكذا لو طلقت ونحوه قبل الدخول وكانت قبضت المهر فإن السيد يرجع عليها بنصفه) شرح شيخنا (¬5). فصل (¬6) ¬
جميعَ المسمَّى (¬1)، ولها نماءُ معيَّنٍ: كعبد ودارٍ، والتصرُّفُ فيه (¬2)، وضمانُه ونقصُه عليه إن منعها قبْضَه، وإِلا: فعليها، كزكاته (¬3). وغيرُ المعيَّن: -كقَفيزٍ من صُبْرةٍ- لم يدخُل في ضمانها، ولا تملكُ تصرُّفًا فيه إلا بقبضِه، كَمبيعٍ (¬4). ومن أقبَضَه ثم طلق قبل دخول، مَلك نصفَه قهرًا -إن بقي بصفته (¬5)، وله النصفُ فقط- مُشاعًا، أو معيَّنًا من متنصِّفٍ (¬6). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ملك نصفه قهرًا) كميراث، فما يحدث [من نماء] (¬7) بعد الطلاق بينهما (فلو أصدقها صيدًا ثم طلق وهو محرم دخل في يده ضرورة فله إمساكه) إقناع (¬8). * قوله: (إن بقي بصفته)؛ أيْ: لم يزد ولم ينقص. * قوله: (من متنصف) المنتصف (¬9) هو الشيء الذي يمكن قسمه. ¬
ويمنعُ ذلك بيعٌ -ولو مع خيارِها- وهبةٌ أُقبضتْ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويمنع ذلك)؛ أيْ: الرجوع. * قوله: (ولو مع خيارها). قال في الإقناع (¬1) -في باب اللقطة أثناء قوله: فصل ولا يجوز [له] (¬2) التصرف فيها حتى يعرف وعاءها. . . إلخ- ما نصه: (فإن أدركها مبيعة بيع الخيار للبائع (¬3) أوْ لَهما في زمنه وجب الفسخ)، انتهى. فانظر ما الفرق بينهما، وقد يفرق (¬4). * قوله: (وهبة أقبضت) (¬5) يحتاج إلى الفرق بين البيع بشرط الخيار والهبة إذا لم تقبض (¬6). ¬
وعتقٌ، ورهنٌ، وكتابةٌ، لا إجارةٌ، وتدبيرٌ، وتزويجٌ (¬1). فإن كان قد زاد زيادةً منفصلةً: رَجَع في نصف الأصل، والزيادة لها ولو كانت ولدَ أمةٍ (¬2)، وإن كانت متصلةً -وهي غير محجور عليها-: خُيِّرتْ بينَ دفع نصفِه زائدًا، وبين دفعِ نصف قيمته يومَ العقد إن كان متميِّزًا (¬3). . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وعتق) لزوال الملك (¬4). * قوله: (ورهن)؛ لأنه يراد للبيع (¬5). * قوله: (وكتابة)؛ لأنها تراد للعتق (¬6) (¬7). * [قوله] (¬8): (لا إجارة) فلا تمنعه لكن يتخير؛ لأنها نقص، فإن رجع لها لم ينفسخ. بل يصبر (¬9) إلى فراغها (¬10). * قوله: (ولو كانت ولدَ أمة)؛ لأن ذلك كالأمة المشتركة إذا ولدت. * قوله: (إن كان متميزًا)؛ لأن المتميز يدخل في ضمانها بالعقد فاعتبرت ¬
وغيرُه: له قيمةُ نصفه يوم فُرقةٍ، على أدنَى صفةٍ من عقدٍ إلى قبضٍ (¬1)، والمحجورُ عليها لا تُعطيه إلا نصفَ القيمة (¬2). وإن نقَص بغير جنايةٍ عليه: خُيِّرَ زوجٌ -غير محجورٍ عليه-، بيْنَ أخذِه ناقصًا، ولا شيءَ له غيرُه، وبَيْنَ أخذِ نصفِ قيمته يومَ عقدٍ، إن كان متميِّزًا (¬3)، وغيرُه يومَ الفرقةِ على أدنَى صفةٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صفته وقته (¬4). * قوله: (وغيره)؛ أيْ: غير المتميز كما لو أصدقها عبدًا من عبيده، أو بقرة من بقره إذا زاد زيادة متصلة ويتنصف (¬5) الصداق. * قوله: (من عقد إلى قبض)؛ لأنه في ضمان الزوج إلى أن تقبضه الزوجة (¬6). * قوله: (لا تعطيه)؛ أيْ: لا يعطى وليها. * قوله: (إلا نصف القيمة)؛ أيْ: حالة العقد. * قوله: (بغير جناية (¬7) عليه) كعبد نسي صنعته، أو طلعت لحيته، وطيب انقطعت رائحته، وعصير انقلب خلًّا. ¬
من عقدٍ إلى قبضٍ (¬1)، وإن اختاره ناقصًا بجنايةٍ: فله معَه نصفُ أَرْشِها (¬2). وإن زاد من وجهٍ، ونقَص من آخَرَ: فلكلٍّ الخيارُ (¬3)، ويثبُتُ بما فيه غرضٌ صحيح، وإن لم تَزدْ قيمتُه (¬4)، و"حَمْل" في أمةٍ: نقصٌ، وفي بهيمةٍ: زيادةٌ، ما لم يفسُد اللحم (¬5)، و"زرع" و"غَرْسٌ": نقصٌ لأرض (¬6). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (من عقد إلى قبض) والمحجور عليه لا يأخذ وليه إلا نصف قيمته -كما هو معلوم (¬7) -. * قوله: (وإن زاد من وجه ونقص من آخر) كعبد صغير كبر، ومصوغ (¬8) كسرته وأعادته صياغة أخرى، فروع (¬9). * قوله: (ويثبت)؛ أيْ: الخيار بين دفع النصف ونصف القيمة. * قوله: (بما فيه فرض صحيح) ككون العبد شفوقًا على أولاد مالكه. * قوله: (وزرع وفرس نقص لأرض). . . . . ¬
ولا أثَرَ لكسرِ مَصُوغٍ وإعادتِه كما كان، ولا لِسمَنٍ زال ثم عاد، ولا لارتفاعِ سوقٍ (¬1)، وإن تلِف، أو استُحِقَّ بدَينٍ رَجَع في مِثْليٍّ: بنصفِ مثله، وفي غيرِه: بنصف قيمةِ متميِّز يومَ عقدٍ، وغيرِه يومَ فرقةٍ على أدنَى صفةٍ من عقدٍ إلى قبضٍ (¬2). ولو كان ثوبًا فصبغَتْه، أو أرضًا فبَنَتْها -فبَذَل الزوج قيمةَ زائدٍ ليَملكَه-: فله ذلك (¬3)، وإن نقص في يدها بعدَ تنصُّفِه: ضَمنتْ نقصَه مطلقًا (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ وحرثها زيادة محضة متصلة (¬5). * قوله: (ولا لارتفاع (¬6) سوق) ولا لنقلها الملك ثم طلق وهو بيدها (¬7). * قوله: (فله ذلك) وإن بذلت له النصف بزيادته (¬8) لزم قبوله؛ لأنها زادته خيرًا. * قوله: (مطلقًا) متميزًا كان أوْ لا (¬9)؟. . . . . ¬
وما قُبض من مسمَّى بذمةٍ، كمعيَّن، إلا أنه يُعتبر في تقويمه صفتُه يومَ قبضه (¬1). و"الذي بيدِه عُقْدةُ النكاح": الزوجُ (¬2)، فإذا طلق قبل دخول، فأيُّهما عفا لصاحبه عما وجب له من مهر -وهو جائزُ التصرُّف- بَرِئ منه صاحبُه (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ طلبه ومنعته (¬4) أَوْ لا؟؛ لأنه لا يدخل في ضمانه إلا بالقبض، ومتى بقي ما قبضته إلى تنصفه وجب ردُّ نصفه بعينه في الأصح (¬5). * قوله: (يوم قبضه)؛ لأنه الوقت الذي ملكته فديه. * قوله: (فأيهما عفا لصاحبه. . . إلخ) سواء كان المعفو عنه عينًا أو دينًا، فإن كان دينًا، سقط بلفظ الهبة والتمليك والإسقاط والإبراء والعفو والصدقة والترك، ولا يفتقر إلى قبول (¬6)،. . . . . . ¬
ومتى أسقطته عنه، ثم طُلِّقتْ أو ارتدَّتْ -قبل دخول- رَجَع في الأولى: ببدل نصفه، وفي الثانية: ببدلِ جميعه. كعَوْدِه إليه ببيعٍ، أو هبتِها العينَ لأجنبيٍّ ثم وهبَها له (¬1). ولو وهبته نصفَه، ثم تنصَّف: رجعَ في النصف الباقي (¬2)، ولو تبرع أجنبي بأداءِ مهر: فالراجعُ للزوج (¬3)، ومثلُه: أداءُ ثمنٍ يُفسخُ لعيب (¬4). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ وإن كان [عينًا] (¬5) في يد أحدهما فعفا الذي هو في يده فهو هبة يصح بلفظ العفو والهبة والتمليك، ولا يصح بلفظ الإبراء والإسقاط، ويفتقر إلى القبض فيما يشترط القبض فيه، وإن عفا غير الذي هو بيده صحَّ بهذه الألفاظ كلها (¬6). ¬
6 - فصل
6 - فصل ويسقط كلُه -إلى غير مُتْعةٍ- بفُرقة لِعانٍ (¬1)، وفسخِه لعيبها (¬2)، أو من قبلها: كإسلامها تحت كافر، وردَّتِها. . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل (¬3) * قوله: (ويسقط كله)؛ أيْ: الصداق. * قوله: (إلى غير متعة) هذه العبارة لا تعطي المراد، والمراد: يسقط كله لا إلى شيء، فلا تجب متعة ولا غيرها، وعبارة شيخنا فى الحاشية (¬4): (أيْ: يسقط الصداق كله قبل الدخول بما يأتي، وإذا سقط لم تجب المتعة بدله بل يسقط إلى غير بدل)، انتهى. وهو بيان المراد من عبارة المصنف. * قوله: (أو من قِبَلها) فيه ذكر للعام بين خاصَّين، وحكمة نصه على الخاص الأول وهو قوله: (وفسخه لعيبها)؛ دفعًا لتوهم عدم سقوط الصداق؛ لكون الفرقة بحسب الظاهر جاءت من قبله، لا من قبلها، وحكمة نصه على الخاص الثاني وهو قوله: (كإسلامها تحت كافر)؛ لدفع توهم لزوم الصداق فيها لكون الفرقة جاءت من قبل الشارع لا من قبله ولا من قبلها، فتدبر!؛ فإنه من الخطرات. ¬
ورضاعها من ينفسخ به نكاحُها. وفسخِها لعيبه أو إعساره (¬1) (¬2) أو عدمِ وفائه بشرطٍ (¬3)، واختيارها لنفسها بجعله لها بسؤالها قبلَ دخول (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ورضاعِها من ينفسخ به نكاحها) كما لو أرضعت زوجة له صغيرة خمس رضعات. * قوله: (أو إعسار) (¬5) وهل مثله الفسخ لغيبة الزوج الغيبة المقتضية له المستوفية لشروطه؟ الظاهر أنه مثله، لكن رأيت في بعض فتاوى بعض المتقدمين ما يوهم خلاف ذلك، وليس مرادًا، وعبارته في جواب السؤال عن خصوص ذلك حيث فسخت نكاحها من عصمته لمسوغ شرعي سقط شطر المسمى؛ لأن الفرقة جاءت من قبلها، دون ما وجب لها من النفقة والكسوة بشرطه، انتهى؛ لأن المراد أنه سقط شطر المسمى الذي كان يجب لها بالفرقة قبل الدخول، وحيث سقط ذلك الشطر صار معناه أنه سقط كله، فتدبر!. * قوله: (قبل دخول) المراد به مطلق المقرر. ¬
ويَنتصَّفُ بشرائها زوجَها (¬1)، وفُرقةٍ من قِبَلِه: كطلاقِه وخُلعه -ولو بسؤالها- وإسلامِه، ما عدا مختارات من أسلم، ورِدَّتِه (¬2)، وشرائهِ إيَّاها. . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويتنصف بشرائها زوجها)؛ لأن البيع إنما تم بالسيد القائم مقام الزوج فلم يتمحض السبب منها (¬3). * قوله: (كطلاقه وخلعه ولو بسؤالها) (¬4) (وكذا تعليق طلاقها على فعلها وتوكلها فيه ففعلته)، وقال الشيخ تقي الدين: (لو علق طلاقها على صفةٍ من فعلها الذي لها من بُدٍّ ففعلته فلا مهر لها، وقواه ابن رجب)، إقناع (¬5). * قوله: (ما عدا مختارات من أسلم)؛ (أيْ: ما عدا مختاراته للفراق (¬6) قبل الدخول فلا مهر لها -كما تقدم-)، حاشية (¬7). ¬
ولو من مستحقٍّ مهرَها (¬1)، أو قِبَلِ أجنبيٍّ -كرضاعٍ ونحوه- قبلَ دخول (¬2). ويُقرِّرُه كاملًا: 1 - موتٌ ولو بقتلِ أحدِهما الآخرَ أو نفسَه (¬3)، أو موتُه بعد طلاق، في مرض موت، قبل دخول (¬4). . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولو من مستحق مهرها) وهو سيدها الذي زوجه إياها؛ لأن ذلك لا فعل فيه للزوجة، وإنما حصلت الفرقة بقبول زوجها (¬5). * قوله: (أو قِبَلَ أجنبي) وهو غير الزوجَين. * قوله: (ونحوه)؛ (أيْ: نحو الرضاع كما لو وطئ ابن الزوج أو والده (¬6) الزوجة)، حاشية (¬7). ¬
ما لم تتزوَّجْ أو ترتَدَّ (¬1). 2 - ووطؤها حيةً في فرجٍ ولو دُبرًا (¬2)، وخَلوةٌ بها عن مميِّز وبالغ مطلقًا مع علمِه، ولم تَمنعْه -إن كان يَطأُ مثلُه، ويُوطأ مثلُها (¬3) -، ولا تُقبلُ دعواهُ عدَم علمِه بها -ولو نائمًا، أو به عمًى (¬4)، أو بهما أو أحدِهما مانعٌ حسيٌّ- كجَبٍّ (¬5)، ورَتْقٍ- أو شرعيٌّ -كحيضٍ، وإحرامٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ووطؤها حية. . . إلخ) أما لو وطئها بعد الموت فإن المهر كان قد تقرر بالموت. * قوله: (مطلقًا) مسلمًا أو كافرًا ذكرًا أو أنثى عاقلًا أو مجنونًا (¬6). ¬
وصومٍ واجبٍ (¬1) -، 3، 4، 5 - ولمسٌ (¬2)، ونظرٌ إلى فرجها لشهوةٍ (¬3)، وتقبيلها بحضرة الناس (¬4). لا إن تحمَّلتْ بمائِهِ (¬5). ويثبُت به نسبٌ (¬6) وعدَّةٌ ومصاهرةٌ -ولو من أجنبيٍّ- لا رَجْعةٌ، ولو اتفقا على أنه لم يَطأ في الخلوة: لم يسقُط المهرُ، ولا العدَّةُ (¬7) ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بحضرة الناس) ليس بقيد -على ما في الإقناع- (¬8). * قوله: (ومصاهرة) يعارض ما سبق في المحرمات في النكاح، وتقدم التنبيه عليه مع الجواب عنه عند قول المصنف: "ولا يُحَرِّمُ في مصاهرةٍ إلا تغييبُ حشفةٍ أصليةٍ في فرجٍ أصليٍّ. . . إلخ" (¬9). * قوله: (ولو اتفقا على أنه لم يطأ في الخلوة لم يسقط المهر) (من الأصحاب ¬
ولا تثبت أحكام الوطء: من إحصان وحلِّها لمطلقها ثلاثًا ونحوهما (¬1). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ من (¬2) قال: الخلوة مقررة للمهر، لمظنة الوطء، ومنهم من قال: لحصول التمكين منها، وهي طريقة القاضي، وقال ابن عقيل: إنما قررث المهر كاملًا لأحد أمرَين: إما لإجماع الصحابة وهو حجة، وإما لأن طلاقها بعد الخلوة بها وردَّها، زهدٌ فيها، فيه ابتذال وكسرٌ فوجب (¬3) جبره (¬4) بالمهر، وقيل (¬5): بل المقرر هو استباحة ما لا يباح إلا بالنكاح من المرأة، فدخل في ذلك الخلوة واللمس بمجردها، وهو ظاهر كلام أحمد في رواية حرب)، ذكره في القواعد (¬6). * قوله: (ولا يثبت. . . إلخ)؛ أيْ: بالخلوة ودواعيها. ¬
7 - فصل
7 - فصل وإذا اختلفا، أو ورثتُهما، أو زوجٌ ووليُّ صغبرةٍ -في قدر صداق (¬1)، أو عيِنه، أو صفته، أو جنسِه (¬2). . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل (¬3) * قوله: (وإن اختلفا. . . إلخ) مثَّل الشارح (¬4) للاختلاف في العين بما إذا (¬5) ادعت أنه أصدقها هذه الأمة، فقال: بل هذا العبد (¬6)، وفي الصفة بما إذا قالت: أصدقتني (¬7) عبدًا روميًّا، فقال زنجيًا، وفي الجنس بما إذا قالت: أصدقني كذا من البر، فقال: بل من الشعير، وفيما يستقر به المهر بها إذا قالت: خلوتَ بي، قال: [لم] (¬8) أَخْلُ بك. * قوله: (أو صفته)؛ أيْ: إما بنفيها بالكلية أو بإثبات صفة غيرها. ¬
أو ما يَستقِرُّ به-: فقولُ زوجٍ أو وارثِه بيمينه (¬1)، وفي قبضٍ (¬2)، أو تسميةِ مهرِ مثل. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو ما يستقر به)؛ أيْ: يقرره. * قوله: (أو تسمية مهر مثل)؛ أيْ: اختلفا في أصل التسمية لا أنهم سمَّوا شيئًا واختلفوا (¬3) في قدره (¬4)، ولو حذف لفظة (مثل) لكان أولى، وفي الحاشية (¬5): (يعني: لو اختلفا (¬6) فقال: سميت [لك] (¬7) كذا (¬8) -وهو (¬9) دون مهر المثل- وقالت: بل سميت لي كذا -وهو قدر مهر المثل-، فقولها؛ لأنه الظاهر)، انتهى. وفيه مناقشة؛ إذ الكلام إنما هو في أصل التسمية، ففي الفروع مسألة: وإن ¬
فقولُها أو ورثتِها بيمين (¬1)، وإن تزوَّجها على صداقَين -سرٍّ، وعلانيةٍ-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ادَّعت التسمية فأنكر (¬2) قبل في تسمية (¬3) مهر المثل. . . إلخ) (¬4)، انتهى المقصود. ثم إن شيخنا رجع بعد برهة عن ذلك ذاهبًا إلى أن الخلاف في مهر المثل على معنى أن الزوج أنكر التسمية والزوجة ادَّعت تسمية مهر المثل مستندًا في ذلك إلى عبارة الفروع التي نقلناها، وأنت تراها لا دِلَّة فيها على ذلك، وعبارة الحاشية بعد الإصلاح: ([يعني] (¬5): لو (¬6) اختلفا فقال: لم أسمِّ لك مهرًا، وقالت (¬7): بل سميت لي كذا -وهو قدر مهر المثل-، فقولها؛ لأنه الظاهر)، انتهى. * قوله: (فقولها أو ورثتها بيمين) وإن أنكر أن يكون لها عليه صداق فالقول قولها قبل الدخول وبعده فيما يوافق مهر مثلها، سواء ادعى أنه وفاها أو أبرأته منه، أو قال: لا تستحق علي شيئًا، وإن دفع إليها ألفًا أو عرضًا فقال: دفعته صداقًا، وقالت: هبة فقوله مع يمينه، لكن إن كان من غير جنس الواجب فلها ردُّه ومطالبته بصداقها (¬8). ¬
أُخِذ بالزائد مطلقًا (¬1)، وتُلحَقُ به زيادةٌ بعد عقدٍ: فيما يُقرِّرُه ويُنصِّفُه (¬2)، وتُملَك به من حينها. فما بعد عتق زوجةٍ لها (¬3)، ولو قال: "هو عقدٌ أُسِر ثم أُظهِرَ"، وقالت: "عقدان بينهما فرقةٌ": فقولُها (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أخذ بالزائد مطلقًا) سواء كان الزائد صداق السر أو العلانية؛ لأن الزيادة تلحق بالصداق بعد العقد (¬5). * قوله: (وتلحق به زيادة بعد عقد) ما دامت في حباله (¬6). * قوله: (وتملك به من حينها)؛ أيْ: حين الزيادة. * قوله: [(فقولها)] (¬7)؛ أيْ: بيمينها؛ لأن الظاهر أن الثاني عقد صحيح يفيد حكمًا كالأول، ولها المهر في العقد الثاني إن كان دخل بها ونصف المهر في العقد الأول إن ادعى أنه لم يدخل بها قبل الطلاق، وإن أصر على الإنكار سئلت المرأة، فإن ادَّعت (¬8) أنه دخل بها في النكاح الأول ثم طلقها طلاقًا بائنًا ثم نكحها نكاحًا ثانيًا حلفت على ذلك واستحقت، وإن أقرت بما يسقط نصفه أو جميعه لزمها ¬
ولمن اتَّفقا قبل عقد على مهر، وعَقَداهُ بأكثرَ تجمُّلًا: فالمهرُ ما عُقد عليه (¬1)، ونَصَّ: "أنها تَفِي بما وَعدتْ به وشرَطتْه" (¬2). وهديةُ زوج ليست من المهر (¬3) فما قبلَ عقدٍ: إن وعَدُوه ولم يَفُوا رَجَع بها (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ما أقرت به، ذكره في الشرح (¬5). * قوله: (ونص أنها تفي بما وعدت)؛ أيْ: استحبابًا (¬6). * قوله: (فما قبلَ عقدٍ إنْ وَعَدُوه ولم يفوا رجع بها) قاله الشيخ تقي الدين (¬7)، وقال فيما إذا اتفقوا على النكاح من غير عقد فأعطى أباها لأجل ذلك شيئًا فماتت قبل العقد ليس له استرجاع ما أعطاهم (¬8). ¬
وما قُبض بسببِ نكاح: فكمهر (¬1)، وما كتب فيه المهرُ: لها، ولو طُلِّقتْ (¬2). وتُردُّ هديةٌ في كل فرقةٍ اختياريَّة مسقطةٍ للمهر، كفسخٍ -لفقد كفاءة، ونحوه- قبلَ الدخول (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وما قبض بسبب نكاح فَكَمَهْرٍ) كالذي يسمونه الميكلة (¬4). * قوله: (وما كتب فيه المهر لها) وكأنه نظر لهذا مَنْ جَوَّز كتابته في الحرير. * قوله: (وترد هدية في كل فرقة اختيارية) (كفسخ لعيب (¬5) ونحوه)، شرح (¬6). * قوله: (كفسخ لفقد كفاءة) ([أيْ] (¬7): كما ترد الهدية في الفسخ لفقد الكفاءة نصًّا، فألحق غير المنصوص عليه بالمنصوص عليه وليس تمثيلًا للفرقة الاختيارية -كما يعلم من الإنصاف والتنقيح-)، حاشية (¬8). * قوله: (ونحوه) كشراء (¬9) أحدهما للآخر (¬10). ¬
وتثبُت مع مقرِّر له أو لنصفه (¬1). ومن أخذ بسبب عقدٍ: كدلَّالٍ ونحوه -فإن فُسخ بيعٌ بإقالة، ونحوها- مما يقِفُ على تراضٍ: لم يرُدَّه، وإلا: ردَّه (¬2). وقياسه: نكاحٌ فُسِخ لفقد كفاءةٍ أو عيبٍ: فيردُّه، لا لردة ورضاع ومخالعة (¬3). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وتثبت (¬4) مع مقرر له) كالدخول [والموت والخلوة ونحوها. * قوله: (أو لنصفه) كطلاق قبل الدخول] (¬5). * قوله: (مما يقف على تراضٍ) قد يكون التراضي منهما في غير صورة الإقالة؛ كما إذا شرط كل منهما الخيار ثم رد كل منهما برضاه وبعضهم عزبت (¬6) عنه هذه الصورة، فادعى أنه لا يتصور التراضي منهما في غير مسألة الإقالة، وغفل عما في شرح شيخنا (¬7). ¬
8 - فصل في المفوضة
8 - فصلٌ في المفَوَّضةِ 1 - وتَفْويضُ بُضْع: بأن يزوَّجَ أبٌ بنتَه المجْبَرةَ، أو غيرَها بإذنها، أو غيرُ الأب. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل في [المفوضة] (¬1) (¬2) مأخوذة من التفويض؛ وهو الإهمال، كأن المهر أهمل حيث لم يسمَّ (¬3)، بكسر الواو اسم (¬4) فاعل، فالتفويض منسوب إليها، أو بفتحها اسم مفعول على أنه مضاف لوليها (¬5). * قوله: (وتفويض بضع) يؤخذ من حل شيخنا في شرحه (¬6) أن الواو داخلة على جملة محذوفة وأن قوله (تفويض بضع. . . إلخ) [بدل مفصل من مجمل، وأن التقدير والتفويض نوعان: تفويض بضع. . . إلخ] (¬7). ¬
بإذنها بلا مهر (¬1). 2 - وتَفْويضُ مهرٍ: كـ". . . على ما شاءت، أو شاء، أو شاء أجنبيٌّ"، نحوه، فالعقدُ صحيح، ويجب به مهرُ المثل (¬2)، ولها مع ذلك (¬3)، ومع فساد تسمية. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بلا مهر) فيصح ويجب لها مهر المثل؛ لأن المقصود من النكاح الوصلة (¬4) والاستمتاع دون الصداق، [ولا فرق بين] (¬5) أن يقول: زوجتك بغير [مهر] (¬6)، أو يزيد: لا في الحال ولا في المآل؛ لأن معناهما (¬7) واحد (¬8). * قوله: (ونحوه) كزوجتكها على حكمها أو حكمك أو حكم زيد (¬9). * قوله: (ويجب به)؛ أيْ: بالعقد، فلو فرض مهر أمته ثم باعها أو أعتقها ثم فرض المهر فهو لسيدها الأول (¬10). * قوله: (ومع فساد تسميته) كما لو زوجها على خمر أو خنزير أو كلب أو ¬
طلبُ فرضِه (¬1)، ويصح إبراؤها منه قبل فرضِه (¬2). فإن تراضَيا -ولو على قليل-: صحَّ، وإلا: فَرَضه حاكمٌ بقدرِه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حُرٍّ أو مال مغصوب (¬3). * قوله: (طلب فرضه) قبل الدخول وبعده، فإن (¬4) امتنع أجبر عليه؛ لأن النكاح لا يخلو من المهر (¬5). * قوله: (ويصح إبراؤها منه قبل فرضه) لانعقاد سببه كالعفو عن القصاص بعد الجرح وقبل الزهوق (¬6). * قوله: (فإن تراضيا -ولو على قليل- صحَّ) سواء كانا عالميَن بمهر المثل أو جاهلَين به؛ لأنه إذا فرض لها كثيرًا فقد بذل لها من ماله فوق ما وجب عليه، وإن فرض لها يسيرًا فقد رضيت بدون ما وجب لها (¬7). * قوله: (وإلا)؛ أيْ: وإن لم يتراضيا على شيء. * قوله: (فرضه حكم بقدره) قال في الإقناع: ([فإن] (¬8) فرض لها غير الزوج والحاكم مهر مثلها فرضيته لم يصح فرضه) (¬9). ¬
ويلزمهما فرضُه، كحكمِه (¬1)، فدل أن ثبوت سبب المطالبة -كتقديره أجرةَ مثلٍ أو نفقةً، ونحوه- حكمٌ، فلا يغيِّرُه حاكم آخرُ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه: ومتى صحَّ الفرض كان كالمسمى في العقد في أنه يتنصف بالطلاق ولا تجب المتعة معه (¬2). * قوله: (ويلزمهما (¬3) فرضه)؛ أيْ: الأخذ (¬4) بما فرضه. * قوله: (فدل. . . إلخ) هذا كلام صاحب الفروع (¬5). * قوله: كتقديره)؛ أيْ: الحاكم. * قوله: (أجرة مثل) وكفرض المهر هنا. * قوله: (ونحوه) لعل من نحوه تقدير معلوم لأحد من أهل وقف لم يعيِّن واقفه شيئًا أو لم يطَّلع على كتابه. * قوله: (حكم) فتكون هذه القاعدة مستثناة من عموم ما سيأتي في كتاب القضاء (¬6)، من أن الثبوت عندهم ليس بحكم، فتنبه (¬7)!. ¬
ما لم يتغيَّر السببُ (¬1). وإن مات أحدهما قبل دخولٍ وفرضٍ: وَرِثه صاحبُه، ولها مهرُ نسائها (¬2). وإن طُلِّقتْ قبلهما: لم يكن عليه إلا المتْعة (¬3). وهي: ما تجب لحرةٍ أو سيدِ أمةٍ على زوج، بطلاق قبل دخولٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ما لم يتغير السبب) كيسرة في النفقة أو عسرة (¬4) (¬5). * قوله: (وإن طلقت قبلهما)؛ أيْ: الدخول والفرض. * قوله: (إلا المتعة) وإن طلقت بعد الفرض وقبل الدخول فنصف ما فرض. وبخطه: وكذا ما يتنصف به الصداق غير الطلاق، وأما ما يسقط الصداق ¬
لمن لم يُسمَّ لها مهرٌ مطلقًا (¬1). على الموسِع قدرُه، وعلى المقتِرِ قَدَرُه (¬2)، فأعلاها: خادمٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كالردة (¬3) منها، فإنه يسقط المتعة؛ لأنها بدل نصف المسمى (¬4). * قوله: (مطلقًا)؛ أيْ: سواء، كانت مفوضة البضع أو مفوضة المهر أو سمي لها مهر فاسد كالخمر والخنزير، وسواء في ذلك الحُرُّ والعبد والحرة والأمة والمسلم والذمي والمسلمة والذمية، ولو وهب المفوضة شيئًا ثم طلقها لم تسقط المتعة نصًّا؛ لأن الهبة لا تنقص بها المتعة، كما لا ينتقص بها نصف المسمى، ولأنها إنما تجب بالطلاق فلا يصح قضاؤها قبله (¬5). وبخطه: وتستحب (¬6) لكل مطلقة غيرها، ويجوز الدخول بالمرأة قبل إعطائها شيئًا، مفوضة كانت أو غيرها، ويستحب (¬7) إعطاؤها شيئًا قبل الدخول (¬8). * [قوله] (¬9): (فأعلاها خادم)؛ أيْ: على الموسر. ¬
وأدناها: كسوةٌ تُجْزيها في صلاتها (¬1)، ولا تسقُط: إن وهبتْه مهرَ المثل قبل الفرقة (¬2). وإن دخلَ بها: استَقرَّ مهرُ المثل، ولا مُتعةَ: إن طُلِّقت بعدُ (¬3)، ومهرُ المِثْلِ معتَبرٌ بمن يساويها من جميع أقاربها: كامِّ وخالةٍ وعمةٍ وغيرهن، القُربَى فالقُربى في مالٍ وجمال، وعقل وأدبٍ، وسِنٍّ وبكارة أو ثيوبة وبلدٍ (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله] (¬5): (وأدناها (¬6) كسوة)؛ [أيْ] (¬7): على الفقير. * قوله: (وبلد) زاد في شرحه (¬8): (وصراحة نسب وكل ما يختلف به ¬
فإن لم يكن إلا دونَها: زِيدَتْ بقدرِ فضيلتها، أو إلا فوقَها: نُقِصتْ بقدر نقصِها (¬1). وتُعتَبرُ عادةٌ: في تأجيل (¬2) وغيره (¬3). فإن اختلفت (¬4) أو المهورُ: أُخذ بوسطٍ حالٍّ (¬5). وإن لم يكن لها أقاربُ: اعتُبِر شَبَهُهُا بنساءِ بلدها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصداق)، انتهى. وهذا شامل لصفة الدِّين التي زادها في المحرر (¬6). * قوله: (وغيره) كفي جنسه، وإن كانت عادتهم التخفيف على عشيرتهم (¬7) دون غيرهم اعتبر ذلك (¬8)، وكذا لو كانت عادتهم التخفيف لمعنى، كشرف الزوج ويساره ونحو ذلك اعتبر ذلك جريًا [على] (¬9) عادتهم (¬10). ¬
9 - فصل
فإن عُدِمن: فبأقربِ النساء شَبهًا بها، من أقربِ بلد إليها (¬1). * * * 9 - فصل ولا مهرَ بفُرقةٍ قبل دخول، في نكاح فاسدٍ, ولو بطلاقٍ أو موتِه (¬2)، وإن دخَل، أو خَلا بها: استَقرَّ المسمَّى (¬3). ويجب مهرُ المثل بوطءٍ -ولو من مجنون-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل (¬4) * قوله: (وإن دخل أو خلا بها. . . إلخ) انظر هل هذان قيد أو كل ما يقرر في العقد الصحيح يقرر في العقد الفاسد كالتقبيل بحضرة (¬5) الناس، ونحو ذلك مما تقدم، فليتأمل!. * قوله: (ويجب مهر المثل بوطء) في قبل أو دبر، قاله في المحرر (¬6)، ولو ¬
في باطل إجماعًا (¬1)، أو بشُبهةٍ (¬2)، أو مكرَهةً على زنًا: في قُبُلٍ (¬3) دون أرش بكارة (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ طلَّق زوجته قبل الدخول طلقة وظن أنها لا تبين بذلك فوطئها، وجب عليه نصف المسمى بالطلاق ومهر المثل بالوطء (¬5). * قوله: (في باطل إجماعًا) إن جهلت التحريم أما إن كانت عالمة مطاوعة فلا مهر؛ لأنه زنى يوجب الحد (¬6). * قوله: (أو مكرهة)؛ أيْ: أو كانت الموطوءة مكرهة، وكأنه لاحَظَ كون التنوين في "بوطءٍ" عوضًا عن المضاف إليه. * قوله: (دون أرش (¬7) بكارة) ويدخل الأرش في مهر المثل؛ لأنه يعتبر ببكر ¬
ويتعدَّدُ بتعدُّدِ شبهةٍ وإكراهٍ (¬1)، ويجب بوطء ميتة (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مثلها فلا يجب مرة أخرى، ولا فرق بين أن تكون (¬3) الموطوءة أجنبية أو من ذوات محارمه على الأصح كالمال ومهر الأمة، وفارق اللواط فإنه غير مضمون على أحد؛ لأن الشرع لم يرِد ببدله ولا هو إتلاف لشيء، فأشبه القبلة والوطء دون الفرج (¬4). * قوله: (ويتعدد بتعدد شبهة) فلو وطئها ظانًّا أنها زوجته فاطمة، ثم ظانًّا أنها زوجته عائشة، ثم ظانًّا أنها أمته وجب ثلاثة (¬5) مهور. * قوله: (ويجب بوطء ميتة) انظر [هل] (¬6) [له] ذلك ولو زوجته؟. قال شيخنا (¬7): (وظاهر إباحة القاضي نظر الزوج إلى فرج زوجته الميتة تارة وتحريمه أخرى وتصريح جميع الأصحاب بأن له تغسيلها أن بعض علق النكاح باق، ¬
لا مطاوعةٍ (¬1)، غير أمةٍ أو مبعَّضة -بقدرِ رِقٍّ (¬2) -، وعلى من أذهَبَ عُذْرةَ أجنبيَّهٍ بلا وطء، أرْشُ بكارتها (¬3)، وإن فَعله زوجٌ، ثم طلق قبل دخول: لم يكن عليه إلا نصفُ المسمَّى (¬4). ولا يصحُّ تزويجُ من نكاحُها فاسدٌ، قبل طلاقٍ أو فسخٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأنها ليست كالأجنبية من كل الوجوه، وأنه لا يجب بوطئها ميتة ما يجب بوطء غيرها)، فليحرر!. * [قوله] (¬5): (لا مطاوعة) انظر هل ولو غير مكلفة (¬6). * قوله: (أرش بكارتها) وهي ما بين مهر البكر والثيب قاله في الإقناع (¬7)، وهو مخالف لما يأتي في الجنايات (¬8) من أنه حكومة. * قوله: (ولا يصح تزويج من نكاحها فاسد قبل طلاق أو فسخ)؛ لأنه نكاح يسوغ الاجتهاد فيه، فاحتيج إلى إيقاع فرقة كالصحيح المختلف ¬
فإن أباهما زوجٌ: فسَخَه حاكمٌ (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ فيه؛ ولأن تزويجها من غير فرقة يفضي (¬2) إلى تسليط زوجَين عليها كل يعتقد صحة نكاحه، قاله في الشرح (¬3). فعلى هذا لو تزوجت بآخر قبل الفرقة لم يصح النكاح الثاني، ولم يجُز تزويجها لثالث (¬4) حتى يطلق الأوَّلان أو يفسخ نكاحهما (¬5). وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: وهل على قياس ذلك [البيع] (¬6) بالشراء الفاسد، فلا يصح بيعه لثان إلا بفسخٍ أو تقابلٍ، بحثه شيخنا وقال بعد مدة: (ينبغي أن يكون على قياسه، ثم رجع عنه اعتمادًا على تعليلهم الذي نقله الشارح في أول الفصل حيث قال (¬7): لأن العقد الفاسد [وجوده كعدمه] (¬8)، فإذا افترقا قبل الدخول بطلاق أو غيره (¬9) فلا مهر. . . فيه؛ لأنه عقد فاسد فيخلو من العوض كالبيع الفاسد)، انتهى، فليحرر!. ¬
ولزوجةٍ قبل دخولٍ، منعُ نفسِها حتى تَقبضَ مهرًا حالًّا (¬1) لا مؤجَّلًا حَلَّ (¬2)، ولها زمنه النفقة (¬3)، والسفر بلا إذنه (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولزوجة قبل دخول منع نفسها. . . إلخ) ولها المطالبة ولو لم [تصلح] (¬5) للاستمتاع، لا فرق بين المفوضة ومن سمي لها (¬6). * قوله: (ولها (¬7) زمنه النفقة) (إن صلحت للاستمتاع)، إقناع (¬8). وبخطه: قال شيخنا الموفق (¬9) إنما لها النفقة في الحضر دون السفر؛ لأنه لو بذل لها الصداق وهي غائبة لم يمكنه تسلمها بدليل (¬10) أنها لو سافرت بلا إذنه تسقط نفقتها (¬11) -كذا بخط شيخنا عبد الرحمن-. * قوله: (والسفر بلا إذنه)؛ لأنه لم يثبت له عليها حق الحبس، فهي كمن ¬
ولو قبضتْه وسلمت نفسَها، ثم بانَ مَعِيبًا: فلها منعُ نفسِها (¬1)، ولو أبَى كلٌّ تسليمَ ما وجب عليه: أُجبرَ زوجٌ ثم زوجةٌ (¬2)، وإن بادَرَ أحدُهما به: أُجبِرَ الآخرُ (¬3)، ولو أبَتِ التسليمَ بلا عذرٍ: فله استرجاع مهرٍ قُبض (¬4)، وإن دخل أو خَلا بها مطاوِعةً: لم تَملكْ منْعَ نفسِها بعدُ (¬5) (¬6). وإن أعسَر بمهرٍ حالٍّ -ولو بعدَ دخول-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا زوج لها، وبقاء درهم منه كبقاء جميعه كسائر الديون (¬7). * قوله: (ولو أبت التسليم بلا عذر فله استرجاع مهر قبض) ولو كانت محبوسة ولها عذر يمنع التسليم وجب تسليم الصداق (¬8). قال في الفروع (¬9): (ومن اعترف لامرأة بأن (¬10) هذا ابنه منها لزمه لها مهر ¬
فلحرَّة مكلفةٍ الفسخُ (¬1): ما لم تكن عالمة بعُسرتِه (¬2)، والخِيرَةُ لحرةٍ وسيدِ أمةٍ (¬3)، لا وليِّ صغيرة ومجنونة (¬4)، ولا يصح الفسخُ إلا بحكم حاكم (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ مثلها؟ لأنه (¬6) الظاهر -قاله في الترغيب-)، [انتهى] (¬7). * قوله: (لا ولي صغيرة ومجنونة)؛ لأنه لا حق له في المهر (¬8). * * * ¬
1 - باب الوليمة
1 - بابُ الوَلِيمةِ 1 - وهي: اجتماع لطعامِ عُرْسٍ خاصةً (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الوليمة (أصل الوليمة تمام الشيء واجتماعه؛ لأنها مشتقة من الالتئام وهو الاجتماع، قال ابن الأعرابي (¬2) يقال: أَوْلَمَ الرجل إذا اجتمع عقله وخلقه، ويقال للقيد (¬3): وَلْمٌ؛ لأنه يجمع إحدى الرِّجلَين إلى الأخرى (¬4)، وقال الأزهري (¬5): سمي طعام ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ العرس وليمة لاجتماع الرجل والمرأة)، انتهى (¬1). ومن هنا يعلم أن الوليمة اسم لطعام العرس لا للاجتماع -كما يوهمه (¬2) كلام المصنف تبعًا للتنقيح- (¬3). قال الحجاوي (¬4) في حاشيته: [الوليمة] (¬5): هي طعام العرس قاله أهل اللغة والفقهاء، وهو صريح في الأحاديث الصحيحة، وأما الاجتماع نفسه على طعام العرس فليس هو الوليمة خلافًا لما قاله في التنقيح، وهو غريب لا يعول عليه بل هو غير صحيح)؛ انتهى نقله شيخنا في حاشيته (¬6). ¬
2، 3، 4 - و"حِذَاق": لطعامٍ عند حِذَاقِ صبيٍّ (¬1)، و"عَذِيرةٌ" و"إعْذارٌ": لطعامِ خِتَانٍ، و"خُرْسةٌ" و"خُرْسٌ": لطعامِ ولادةٍ (¬2). 5، 6 - و"وَكيرةٌ": لدعوةِ بِناء، و"نَقِيعةٌ": لقدومِ غائب (¬3). 7، 8 - و"عَقِيقةٌ": لذِبْح مولود، و"مَأدُبةٌ": لكلِّ دعوةٍ لسببٍ وغيره (¬4). 9، 10 - و"وضِيمةٌ": لطعام مأتم. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وحذاق لطعام عند حذاق صبي) قال في القاموس (¬5): يوم حذاق الصبي يوم ختمه القرآن. * قوله: (ونقيعة لقدوم غائب)؛ أيْ: يصنع من غيره لأجله. * قوله: (وعقيقة لذِبح لمولود) (¬6) ينبغي أن يقر بكسر الذال بمعنى مذبوح حتى يوافق سابقه من أن هذه اسم النفس الطعام. ¬
و"تحفةٌ" (¬1): لطعام قادم (¬2). 11، 12 - و"شُنْدِخِيَّةٌ": لطعام إملاكٍ على زوجة، و"مُشْدَاخٌ": لمأكول في خَتمة القارئ (¬3). ولم يحَصُّوَها لإخاء وتَسَرٍّ باسم (¬4)، وتسمَّى الدعوةُ العامَّةُ: "الجَفَلى" والخاصةُ: "النقرَى" (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وتحفة لطعام قادم)؛ أيْ: يصنعه هو، قال ابن نصر اللَّه: فتكون التحفة من القادم والنقيعة له (¬6). * قوله: (وَمُشْدَاخ لمأكول في ختمة القارئ) ولعل الفرق بين المشداخ والحذاق أن الحذاق اسم للطعام الذي يصنع عند ختم الصبي القرآن تعلمًا، والمشداخ اسم لما يصنع عند ختم القرآن دراسة. * قوله: (وتسمى الدعوة العامة الجَفَلى والخاصة النقَرى) وعليه قول بعضهم: ¬
وتُسنُّ الوليمة بعقد (¬1). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نحن في المشتاة ندعو الجفلى ... لا ترى الآدب فينا ينتقر (¬2) * قوله: (وتسن (¬3) الوليمة بعقد) وقال الشيخ تقي الدين (¬4): (بالدخول) (¬5). قال في الإنصاف (¬6): (قلت: الأولى أن يقال: وقت الاستحباب موسع (¬7) من وقت النكاح (¬8) إلى انتهاء أيام العرس؛ لصحة الأخبار في هذا وهذا، وكمال السرور بعد الدخول ولكن قد جرت العادة بفعل ذلك قبل الدخول بيسير). وقال أيضًا (¬9): (ولو بشاة فأقل). وإن نكح أكثر من واحدة في عقد أو عقود أجزأته وليمة واحدة إن نواها عن الكل (¬10). ¬
وتجب إجابةُ من عيَّنه داعٍ مسلمٌ -يحرُم هجره، ومكسبُه طيبٌ- إليها، أول مرةٍ: بأن يدعوه في اليوم الأول (¬1)، وتُكرهُ إجابةُ من في ماله حرامٌ (¬2) كأكلِه منه، ومعاملتِه، وقبولِ هديتهِ وهبتِه، ونحوه (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وتجب إجابة من عينه داع. . . إلخ)؛ أيْ: إن لم يكن عذر كمرض أو تمريض أو اشتغال بحفظ مال أو كونه في شدة حَرٍّ أو برد أو مطر يبل الثياب أو وحَلٍ أو كونه أجيرًا ولم يأذن له مستأجر، وهي حق للداعي تسقط بعفوه (¬4). * قوله: (بأن يدعوه في اليوم الأول) وقدَّم في الترغيب: لا يلزم القاضي حضور وليمة عرس (¬5). * قوله: (وتكره إجابة من في ماله [حرام]) (¬6) قل أو كثر، وتقوى الكراهة وتضعف بحسب كثرة الحرام وقِلته (¬7). ¬
فإن دعا الجفَلَى: كَـ "أيُّها الناسُ! تعالَوْا إلى الطعام" (¬1)، أو في الثالثة (¬2)، أو دعاهُ ذميٌّ: كُرهتْ إجابتُه (¬3)، وتُسن في ثاني مرةٍ (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (كأيها الناس تعالوا إلى الطعام. . . إلخ) ويكره لأهل العلم والفضل الإسراع إلى الإجابة والتسامح فيه؛ لأن (¬5) فيه مذلة ودناة وَشَرَهًا ولاسيما الحاكم (¬6)، وإن كان المدعو مريضًا أو ممرضًا أو مشغولًا بحفظ أو شدة حَرٍّ أو برد أو مطر يبل الثياب أو وحَل أو كان أجيرًا ولم يأذن له المستأجر، لم تجب (¬7). وفي الترغيب: (إن علم حضور الأراذل ومَن مجالستهم تزري به لم تجب إجابته (¬8)، أو قال رسول رب الطعام: أمرت أن أدعو كل من لقيته أو أن ¬
وسائرُ الدعواتِ مباحةٌ، غيرَ عَقِيقةٍ: فتُسنُّ، ومأتمٍ: فتُكرهُ (¬1) (¬2)، والإجابةُ إِليها مستحبةٌ -غيرَ مأتم: فتُكرهُ (¬3) - ويُستحبُّ أكلُه ولو صائمًا، لا صومًا واجبًا، وإن أحَبَّ: دعا وانصرف (¬4). فإن دعاهُ أكثر من واحد: أجاب الأسبقَ قولًا، فالأدْيَنَ، فالأقربَ رحمًا فَجوَرًا، ثم قُرِع (¬5)، وإن عَلم أن في الدعوةِ منكرًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أدعو كل مَنْ شئته) (¬6)، انتهى (¬7). * قوله: (لا صومًا واجبًا) ويستحب الإخبار بصيامه ليعلم عذره فتزول التهمة (¬8). ¬
كزمر، وخمر، وأمكنه الإنكارُ: حضَر وأنكر، وإلا: لم يحضُر (¬1)، ولو حضَر فشاهَده: أزاله وجلس، فإن لم يقدر: انصرف (¬2)، وإن عَلم به -ولم يَره، ولم يَسمعه- أُبيحَ الجلوسُ (¬3). وإن شاهد سُتورًا معلقة فيها صُوَرُ حيوان: كُره (¬4)، لا إن كانت مبسوطةً، أو على وِسادةٍ (¬5)، وكُره سترُ حيطان بستور لا صُورَ فيها، أو فيها صورُ غيرِ حيوان، بلا ضرورةٍ: من حَرٍّ، أو بردٍ -إن لم تكن حريرًا- (¬6). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (كزمر وخمر) وعود وطبل وآنية ذهب أو فضة أو فرش محرمة (¬7). * قوله: (وإلا لم يحضر)؛ لئلا يكون قاصدًا لرؤيته أو سماعه. * قوله: (وإن شاهد ستورًا معلقة فيها صور حيوان كره)؛ أيْ: إن كان على صورة يعيش فيها الحيوان، ومقتضى القواعد أنه إن كان على صورة يعيش فيها الحيوان حرم، ولكن عبارة الإقناع (¬8) صريحة في أنه إذا كان على صورة لا يعيش ¬
ويحرُم به (¬1)، وجلوسٌ معه (¬2)، وأكلٌ بلا إذنٍ صريحٍ، أو قرينةٍ (¬3) ولو من بيت قريبه أو صديقه، ولم يُحرزه عنه (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ [فيها] (¬5) الحيوان يكون مباحًا لا مكروهًا، وظاهر كلام الإنصاف (¬6) أنه لا يحرم مطلقًا، قال: (وهو المذهب)، نقله شيخنا في الشرح (¬7) وأقره، فليحرر!. * قوله: (وأكل. . . إلخ)؛ أيْ: يحرم. * قوله: (ولو من بيت قريبه أو صديقه) لقوله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء: 29] (¬8). وقال الشافعية هي منسوخة بقوله -[تعالى] (¬9) -: {وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ} إلى قوله (¬10): {أَوْ صَدِيقِكُمْ} [النور: 61] (¬11)، ¬
والدعاء إلى الوليمةِ، أو تقديم الطعام إذنٌ فيه، لا في الدخول (¬1)، ولا يَملكُه من قُدِّم إليه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجوابه -كما نقله في قلائد المرجان- في الناسخ والمنسوخ أن هذه الآية منسوخة (¬2) بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس" (¬3) -وهو دليلنا (¬4) -. * قوله: (والدعاء إلى الوليمة [أو تقديم] (¬5) الطعم إذن فيه) قال في الغنية (¬6): ¬
بل يَهلِك على مِلكِ صاحبه (¬1). وتُسنُّ التسميةُ جهرًا على أكل وشرب، والحمدُ: إذا فرَغ (¬2)، وأكلُه مما يَليهِ بيمينه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ (لا يحتاج تقديم الطعام إذنًا إذا (¬3) جرت العادة في ذلك البلد بالأكل بذلك فيكون العرف إذنًا)، انتهى. * قوله: (بل يهلك (¬4) على ملك صاحبه) قال في الفروع (¬5): (ويحرم أخذ طعام، فإن علم بقرينة رضى مالكه ففي الترغيب: يكره ويتوجه يباح وأنه يكره مع ظنه رضاه). * قوله: (وتسن التسمية جهرًا على أكل وشرب) وفي الحديث: "فإن نسي أن يذكر اللَّه في أوله فليقل بسم اللَّه [أوله] (¬6) وآخره" (¬7). * قوله: (وأكله مما يليه) ويكره أكله مما يلي غيره إن كان [الطعام] (¬8) نوعًا ¬
بثلاث أصابعَ (¬1) وتخليلُ ما علقَ بأسنانه (¬2)، ومسحُ الصَّحْفةٍ، وأكلُ ما تناثرَ، وغضُّ طَرْفِه عن جليسه، وإيثار على نفسه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واحدًا فإن كان أنواعًا أو فاكهة قال الآمدي (¬3): (أو كان يأكل وحده فلا بأس)، ويستحب أن يصغر اللقمة وأن يجيد المضغ ويطيل البلع، قال الشيخ تقي الدين: إلا أن يكون هناك ما هو أهم من الإطالة، واستحب بعض الأصحاب تصغير الكسر، وينوي بأكله وشربه التقوِّي على الطاعة، ويبدأ الأكبر والأعلم وصاحب البيت ويكره لغيرهم السبق إلى الأكل، وإذا أكل معه ضرير استحب (¬4) أن يعلمه بما بين يديه (¬5). * قوله: (بثلاث أصابع) ولا يمسح يده حتى يلعقها (¬6). * قوله: (وغض طرفه عن جليسه) قال في الرعاية الكبرى (¬7) والآداب: ¬
وشربُه ثلاثًا (¬1)، وغَسلُ يدَيْه قبلَ طعام: متقدِّمًا به ربُّه، وبعدَه: متأخرًا به ربُّه (¬2). وكُره تنفُّسُه في الإناءَ (¬3)، وردُّ شيءٍ من فيه إليه (¬4)، ونفخُ الطعام، وكله حارًّا أو من أعلى الصحفة أو وسطِها، وفعلُ ما يَستقذِرُه من غيره، ومدحُ طعامه، وتقويمه، وعيبُ الطعام (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويأكل ويشرب مع أبناء الدنيا (¬6) بالأدب والمروءة، ومع الفقراء (¬7) بالإيثار، ومع الإخوان بالانبساط، ومع العلماء بالتعلم (¬8). وقال الإمام أحمد: يأكل بالسرور مع الإخوان، وبالإيثار مع الفقراء، والمرؤة مع أبناء الدنيا (¬9). ¬
وقِرَانُه في تمر مطلقًا (¬1)، وأن يفْجأ قومًا عندَ وضع طعامهم تعمُّدًا، وأكلٌ بشِماله بلا ضرورةٍ (¬2)، وأكله كثيرًا: بحيثُ يؤذيهِ (¬3)، أو قليلًا: بحيثُ يَضُرُّهُ، وشربُه من فم سِقَاءٍ (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مطلقًا) سواء كان له شريك أم لا [قال] (¬5): في الفروع (¬6): (قال في الترغيب، وشيخنا: ومثله قِرَانُ (¬7) ما العادة جارية بتناوله أفرادًا). * قوله: (وشربه من فم سقاء) وإذا شرب ناوله الأيمن (¬8)، قال في الترغيب: (وكذا في غسل يده، قال ابن أبي المجد (¬9):. . . . . . ¬
وفي أثناء طعام -بلا عادةٍ- (¬1)، وتعليةُ قَصعةٍ ونحوها بخُبز (¬2)، ونِثَارٌ، والتقاطُه (¬3)، ومن حصَل في حِجْره منه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وكذا في رش الماورد)، انتهى (¬4). * قوله: (وتعلية (¬5) قصعة ونحوها بخبز) ويجوز قطع اللحم بالسكين والنهي عنه لا يصح -قاله أحمد (¬6) -، ويكره أيضًا نفض يده في القصعة، وأن يقدم إليها رأسه عند وضع اللقمة في فمه، وأن يغمس اللقمة الدسمة في الخل أو الخل في الدسم، فقد يكرهه غيره، ولا بأس بوضع الخل والبقول على المائدة غير ما له ريحة كريهة، وينبغي أن يحول وجهه عند السعال والعطاس عن (¬7) الطعام أو يبعد عنه أو يجعل على فيه شيئًا؛ لئلا يخرج منه ما يقع في الطعام فيكره، أو يغمس بقية اللقمة التي أكل منها في المرقة، وكذا هندسة اللقمة بفمه قبل وضعها في الطعام، ¬
أو أخَذه: فله مطلقًا (¬1). وتُباح المناهَدة، وهي: أن يُخرجَ كلُّ واحد -من رفقةٍ- شيئًا من النفقة ويدفعونه إلى من يُنفق عليهم منه، ويأكلون جميعًا (¬2)، فلو أكل بعضُهم كثرَ، أو تصدَّق منه: فلا بأسَ (¬3). ويُسنُّ إعلانُ نكاح، وضربٌ بدُفٍّ [مباح] (¬4) فيه (¬5) وفي خِتانٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأن يأكل متكئًا أو مضطجعًا أو منبطحًا، ويسن لمن أكل مع الجماعة ألا يرفع يده قبلهم حتى يكتفوا (¬6). * قوله: (فله مطلقًا) قصد تملكه أَمْ [لا] (¬7) (¬8). * قوله: (وضرب بدف) مباح؛ أيْ: لا حلق فيه ولا صنوج. (ظاهر كلامه سواء كان [الضارب] (¬9) بالدف رجلًا أو امرأة قال في الفروع: وظاهر نصوصه وكلام ¬
وقدومِ غائب، ونحوِها (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحاب التسوية، وقال الموفق: ضرب الدف مخصوص (¬2) بالنساء، قال في: الرعاية ويكره للرجال مطلقًا)، انتهى -نقله شيخنا في الحاشية (¬3) -. * * * ¬
2 - باب عشرة النساء
2 - بابُ عِشْرَةِ النساء وهي: ما يكون بين الزوجَين: من الألفةِ والانضمام (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ باب عشرة النساء العِشْرة -بكسر العين- أصلها الاجتماع، يقال لكل جماعة: عشرة ومعشر (¬2)، والظاهر (¬3) أن المراد من قول: [عشرة النساء] (¬4) عشرة النساء الرجال أو عشرة الرجال النساء حتى يصح تفسيره بقوله: (وهي ما يكون. . . إلخ) ففيه طيٌّ، وأما جعل الزوجَين بمعنى الزوجَتين ففيه أن هذا الباب ليس خاصًّا بذلك، ولا حاجة إلى جعله هو المقصود بالترجمة وجعل ذكر ما عداه على سبيل الاستطراد، فاتبع طريق الإنصاف. ¬
يَلزم كلًّا معاشرةُ الآخر بالمعروف (¬1)، وألا يَمطُلَه بحقِّه (¬2)، ولَا يَتَكرَّهُ لبذلِه (¬3)، ويجب بعقدٍ تسليمُها ببيت زوجٍ: إن طلبها وهي حُرَّةٌ، ولم تشترط دارَها، وأمكن استمتاع بها (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (يلزم (¬5) كلًّا معاشرة الآخر بالمعروف) (ويستحب لكل واحد منهما تحسين الخلق لصاحبه والرفق به واحتمال أذاه، وينبغي إمساكها مع كراهته لها للآية (¬6)؛ قال ابن الجوزي (¬7): وغيره: قال ابن عباس: ربما ¬
ونصُّه: ". . . بنتُ تسع" (¬1) -ولو نِضْوَةَ الخِلقةِ- ويَستمتعُ بمن يُخشى عليها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رزق منها ولدًا فجعل اللَّه فيه خيرًا كثيرًا. قال: وقد ندبت الآية إلى إمساك المرأة مع الكراهة لها، ونبهت على معنيَين: أحدهما: أن الإنسان لا يعلم وجوه (¬2) الصلاح؛ فرب مكروه عاد محمودًا ومحمود عاد مذمومًا. والثاني: أنه لا يكاد يجد محبوبًا ليس فيه ما يكره فليصبر على ما يكره لما يحب. وقال (¬3) في [كتابه] (¬4) السر المصون: معاشرة المرأة بالتلطف مع إقامة الهيبة، ولا ينبغي أن يعلمها قدر ماله، ولا يفشي إليها سرًّا، ولا يكثر من الهبة (¬5) لها، وليكن غيورًا من غير إفراط لئلا (¬6) ترمي (¬7) بالشر من أجله، حاشية (¬8). * قوله: (ونصه: بنت تسع) وخالفه القاضي فقال: ليس ذلك قيدًا (¬9). ¬
كحائض (¬1). ويُقبَلُ قولُ ثقةٍ في ضِيقِ فرجها، وعَبَالةِ بهَرِه، ونحوِهما وتنَظرُهما -لحاجة- وقتَ اجتماعهما (¬2)، ويَلزمه تسلُّمُها: إن بذلَتْه (¬3). ولا يَلزم ابتداءً تسليمُ مُحْرِمةٍ ومريضةٍ وصغيرةٍ (¬4) وحائضٍ (¬5)، ولو قال: "لا أَطُأ" (¬6)، ومتى امتنعتْ قبل مرضٍ، ثم حدَث: فلا نفقةَ (¬7)، ولو أنكرَ أن وطأهُ يؤذيها: فعليها البيِّنةُ (¬8)، ومن استَمْهَل منهما: لزم إمْهالُه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (كحائض)؛ أيْ: مثل استمتاعه من الحائض؛ أيْ: دون الفرج (¬9). * قوله: (ويقبل قول ثقة) رجل أو امرأة -كما يعلم من أقسام المشهود به-، بل قال هناك: إن الرجل أولى لكماله، وقال أيضًا: إن الأحوط اثنتان (¬10). ¬
ما جرت عادةٌ بإصلاح أمرِه فيه (¬1)، لا لعملِ جِهاز (¬2). ولا يجب تسليمُ أمة -مع إطلاقٍ- إلا ليلًا (¬3)، فلو شُرط نهارًا، أو بذَله سيدٌ -وقد شرط كونها فيه عنده، أوْ لَا-: وجب تسلُّمُها (¬4)، وله الاستمتاع -ولو من جهةِ العَجيزةِ-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ما جرت عادة)؛ أيْ: مدة جرت العادة فيها. . . إلخ. * قوله: (وجب تسلمها) (¬5)؛ أيْ: نهارًا بمقتضى الشرط، كما يجب (¬6) تسلمها (¬7) ليلًا نظرًا للأصل وإلى مقتضى العقد. * قوله: (ولو من جهة العجيزة) لقوله -تعالى-: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] (¬8)؛ أيْ: في القُبُلِ لكن من أي جهة كانت، والآية نزلت ردًّا على اليهود القائلين بأن الحَولَ الذي [كان] (¬9) في بعض أولاد الأنصار ¬
في قُبُلٍ (¬1): ما لم يَضُرَّ أو يَشغلْ عن فرضٍ (¬2). والسفرُ بلا إذنها (¬3)، وبها، إلا أن تشترط بلدَها (¬4)، أو تكون أمةً: فليس له (¬5) -ولا لسيدٍ- سفرٌ بها، بلا إذنِ الآخر (¬6). ـــــــــــــــــــــــــــــ من جهة إتيان نسائهم (¬7) في أقبالهن من جهة العجيزة (¬8). * قوله: (إلا أن تشترط بلدها) لعل هذا الاستثناء مبني على كلام ¬
ولا يلزم -ولو بَوَّأها سيدُها مسكنًا (¬1) - أن يأتيَها الزوج فيه (¬2). وله السفرُ بعبده المزوَّجِ، واستخدامُه نهارًا (¬3). ولو قال سيدٌ: "بعتُكَها"، فقال: "بل زوَّجتَنِيها" وجب تسليمُها، وتَحلُّ له، ويلزمه الأقلُّ من ثمنِها أو مهرِها ويَحلف لثمنٍ (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الشيخ تقي الدين (¬5) من أنه يجب عليه الوفاء بالشرط، فإن امتنع أجبره الحاكم على الوفاء به [لا] (¬6) على ما أسلفه في أول باب الشروط (¬7) من أن الوفاء به سُنَّةٌ، ويمكن أن يحمل كلام المصنف هنا على أن المعنى: إلا أن تشترط بلدها فليس إلزامها (¬8) بذلك، فيجري على كل من القولَين فتدبر!. * قوله: (ويحلف)؛ أيْ: المشتري، [أيْ] (¬9): من ادُّعِيَ عليه بالشراء. ¬
زائدٍ (¬1). وما أَوْلَدَها فحُرٌّ: لا ولاءَ عليه. ونفقتُه على أبيه، ونفقتُها على الزوج. ولا يردُّها بعيبٍ، ولا غيره (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لزائد) (¬3)؛ أيْ لثمن زائد وأما المهر الزائد فلا يحلف لأجله؛ لأنه معترف به؛ ولأن السيد لا يدعيه؛ لأنه لا يدعي سببه -وهو الزوجية- بل يدعي البيع. * قوله: (وما أولدها)؛ [أيْ] (¬4): مدعي الزوجية. * قوله: (ولا يردها بعيب) ما لم يكن من العيوب التي للزوج فسخ النكاح بها على ما صرح (¬5) به في الإقناع في كتاب الشهادات (¬6)، وفي شرح الشيخ (¬7) إشارة إليه حيث قال: (بعيب لا يفسخ النكاح به)، انتهى، فتدبر!. * قوله: (ولا غيره) كالغبن (¬8) والتدليس (¬9). ¬
ولو ماتت قبلَ واطئ -وقد كسَبتْ- فلسيدٍ منه قدرُ ثمنها، وبقيتُه موقوفٌ حتى يصطلحا (¬1)، وبعدَه -وقد أَوْلَدَها- فحُرَّةٌ، ويرثُها ولدها: إن كان [حيًّا] (¬2)، وإلا: وُقف (¬3). ولو رَجَع سيدٌ، فصدَّقه الزوج: لم يُقبلْ في إسقاطِ حريةِ ولد، واسترجاعِها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (قدر ثمنها)؛ (أيْ: قدر باقي (¬4) ثمنها)، شرح (¬5). * قوله: (وإلا وُقِفَ) لعله: حتى يظهر لها وارث (¬6). * قوله: (فصدقه الزوج) الأَوْلى (¬7): فصدَّق (¬8) الزوج؛ إذْ (¬9) هذه دعوى الزوج أَوَّلًا فتدبر!، ولعل (الزوج) منصوب على البدلية من الضمير لا مرفوعٌ على الفاعلية، وقال أيضًا -رحمه اللَّه تعالى-: الأَوْلى (¬10): (فصدق الزَّوْجَ) بإسقاط الضمير ونصب الزوج على المفعولية، ويمكن توجيه كلام المصنف بجعل (الزوج) منصوبًا على البدلية من الضمير لا مرفوعًا على الفاعلية، فتدبر!. ¬
1 - فصل
إن صارت أمَّ ولد، ويُقبلُ في غيرهما، ولو رَجَع الزوج: ثبتت الحريةُ، ولزمه الثمنُ (¬1). * * * 1 - فصل ويحرم وطءٌ في حيض (¬2) أو دبر، وكذا عزلٌ بلا إذن حُرَّةٍ (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويقبل في غيرهما) (¬4) كاستحقاق ثمنها إذا قتلت، وملك تزويجها (¬5) إذا حلَّت للأزواج (¬6). * قوله: (ولو رجع الزوج)؛ أيْ: ووافق السيد على دعوى الشراء. فصل (¬7) * قوله: (ويحرم وطءٌ في حيض أو دبر) وذكروا في كتاب الحيض أن وطء الحائض حرام وليس بكبيرة، وأما إتيان المرأة في دبرها فمن الكبائر. ¬
أو سيد أمة (¬1)، إلا بدار حربٍ: فيُسنُّ مطلقًا (¬2)، ولها تقبيلُه، ولمسُه لشهوةٍ -ولو نائمًا- لا استدخالُ ذكرِه بلا إذنِه (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو سيد أمة)؛ لأن (¬4) الولد حق له (¬5)، يبقى النظر في هذا فيما إذا كان قد اشترط الزوج حرية الولد هل يتوقف أيضًا على إذن السيد، أو نقول إنه قد سقط حقه وبقي حق الأمة، فيؤخذ من هذا حينئذ أن مثل الحرة في استذانها الأَمةُ إذا كان قد اشترط حرية ولدها (¬6). * قوله: (مطلقًا)؛ أيْ: سواء كانت حُرة أو أمة وأذن له في ذلك أو لم يؤذن، ومحل ذلك، حيث كان ابتداء النكاح جائزًا كتزويج غير الأسير لضرورة، فإن كان محرمًا كتزويج الأسير مطلقًا وتزوج (¬7) غيره لغير ضرورة وجب العزل -كما ذكره المصنف في الشرح في أول كتاب النكاح (¬8) -. ¬
وله إلزامُها بغَسلِ نجاسةٍ (¬1)، وغُسلٍ من حيض ونفاس (¬2) وجنابةٍ: مكلفةً (¬3)، وأخذ ما يُعافُ: من شعر وظُفر (¬4). لا بعجنٍ أو خبزٍ أو طبخٍ، أو نحوها (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مكلفة) حال مقيدة لذات الجناية (¬6)، ومقتضى حل الشارح أنه خبر لكان المحذوفة مع اسمها (¬7). * قوله: (أو نحوها) (ككنس دار وملء ماء من بئر وطحن، وأوجب (¬8) ¬
وله منعُ ذميَّةٍ دخولَ بَيْعةٍ وكنيسة (¬1)، وشُربَ ما يُسكرها لا دونَه (¬2). ولا تُكرهُ على إفسادِ صومها أو صلاتها (¬3) أو سَبْتِها (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ الشيخ تقي الدين المعروف من مثلها لمثله)، شرح (¬5). * قوله: (وشرب ما يسكرها) من (¬6) خمر أو نبيذ، قال الشارح: لاتفاق الأديان على تحريمه (¬7). * قوله: (أو سَبْتِهَا) لم يقل: (أو عيدها) لما ذكروه في باب أحكام أهل الذمة من أن تحريم السبت باق بنص القرآن بخلاف يوم الأحد للنصارى، فإن تحريمه ليس بباق (¬8) -كذا (¬9) بهامش-، فليحرر وليتأمل! في قوله: بنص القرآن، ولعل في العبارة تحريفًا والأصل (ثابت) بدل (باق)؛ لأن قوله -تعالى-: {إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ} [الأعراف: 163] (¬10) الآية دليل على تحريمه [عليهم بقرينة ¬
ويلزمه وطءٌ في كل ثُلث سنة، مرةً: إن قدَر (¬1)، ومبيتٌ -بطلب- عند حُرَّةٍ ليلةً من أربعٍ (¬2)، وأمةٍ من سبعٍ (¬3)، وله أن ينفردَ في البقية (¬4)، وإن سافر فوقَ نصفِ سنةٍ -في غير حجٍّ أو غزوٍ واجبَين. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ التحيُّل، بخلاف الأحد؛ فإنه لم يرد في القرآن ما يقتضي ثبوت تحريمه] (¬5)، فتدبر!. * قوله: (في كل ثلث سنة) وهي مدة المُولِي (¬6). * قوله: (ومبيت)؛ أيْ: في المضجع، إقناع (¬7). * قوله: (عند حرة)؛ أيْ: زوجةٍ حرةٍ. * قوله: (وأمة)؛ أيْ: وزوجةٍ أمةٍ. * قوله: (من سبع)؛ لأن نهاية جمعه أربع فكأنها واحدة من أربع، وتفرض ¬
أو طلب رزق يَحتاج إليه- فطلبتْ قدومه: لزمه (¬1)، فإن أبى شيئًا من ذلك -بلا عذرٍ- فُرِّق بينهما بطلبها (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثلاثة حرائر والأمة على [النصف] (¬3) من الحرة فيكون للثلاثة (¬4) الحرائر ست ليالٍ، ولها الليلة السابعة (¬5) (¬6). وقال صاحب مغني ذوي الأفهام (¬7): أنه يبيت عندها ليلة من ثمانٍ، والأول أظهر، فتدبر!. * قوله: (فإن أبى شيئًا من ذلك)؛ (أيْ: الذي ذكر أنه واجب عليه من المبيت والوطء والقدوم من السفر)، شرح (¬8). * [قوله: (بينهما بطلبها) ولا يصح الفسخ هنا إلا بحكم حاكم؛ لأنه مختلف ¬
ولو قبلَ الدخولِ (¬1). وسُن عند وطءٍ قولُ: "بسم اللَّه، اللهم جَنِّبْنا الشيطانَ وجَنِّب الشيطانَ ما رزقتَنا" (¬2). وكُره: متجرِّديْن (¬3)، وإكثارُ كلام حالتَه، ونزعُه قبل فراغِها، ووطؤه بحيثُ يراهُ (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فيه، شرح] (¬5) (¬6). * قوله: (ولو قبل الدخول) (نصًّا؛ قال في رواية ابن منصور في رجل تزوج امرأة ولم يدخل بها يقول غدًا أدخل بها [غدًا أدخل بها] (¬7) إلى شهر هل يجبر على الدخول؟ قال: أذهب إلى أربعة [أشهر] (¬8) إن دخل بها وإلا فرق بينهما، فجعله كالمولي) (¬9)، شرح (¬10). ¬
أو يسمعهُ غيرُ طفل لا يعقل (¬1)، ولو رضيَا (¬2)، وأن يُحدِّثا بما جرى بينهما (¬3). وله الجمعُ بين وطءِ نسائه، أو معَ إمائه، بغُسلٍ -لا في مسكنٍ إلا برضا الزوجات- ومنعُ كلٍّ منهن من خروج (¬4)، ويحرُم بلا إذنِه أو ضرورةٍ: فلا نفقةَ (¬5)، وسُن إِذنُه: إذا مرض مَحْرَمٌ لها، أو مات (¬6). وله -إن خافه: لحبسٍ، أو نحوه- إسكانُها حيثُ لا يُمْكنها، فإن لم تُحفَظ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو ضرورة) كإتيانها بمأكل ومشرب (¬7) (¬8) , وليس من الضرورة عيادة مريضها ولا شهود جنازة قريبها، فيتوقف على إذنه لكن يستحب له إذنها في هذه الحالة -كما ذكره المصنف-. ¬
حُبستْ معه، فإن خِيفَ محذورٌ: ففي رِباطٍ ونحوه (¬1). وليس له منعُها من كلام أبوَيْها، ولا منعُهما من زيارتها (¬2)، ولا يلزمها طاعتهما في فراقٍ وزيارة ونحوهما (¬3). ولا تصحُّ إجارتُها لرضاع وخدمةٍ -بعد نكاح- بلا إِذنِه (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (حبست (¬5) معه)؛ (أيْ: إن كان مسكنًا لمثلها)، إقناع (¬6). * قوله: (ولا منعهما من زيارتها) (¬7) قال في الإنصاف (¬8): (قلت: الصواب في ذلك المفصيل، فإن عرف بقرائن الأحوال أنه يحدث بزيارتهما أو زيارة أحدهما ضرر للزوج فله المنع وإلا فلا)، انتهى كلامه. قال شيخنا (¬9): (وهذا هو الذي ينبغي أن يفتى به). * قوله: (ونحوهما) كعصيان الزوج (¬10). ¬
2 - فصل
وتصحُّ قبلَه، وتَلزم (¬1)، وله الوطءُ مطلقًا (¬2). * * * 2 - فصل وعلى غير طفلٍ، أن يسوِّيَ بين زوجاته: في قَسْمٍ (¬3)، وعِماده: الليلُ، والنهارُ يتْبَعه، وعكسُه مَن معيشتُه بليل كحارس (¬4). ويكونُ ليلةً وليلةً، إلا أن يرضَينَ بأكثر (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وتصح قبله) (¬6)؛ أيْ: قبل عقد النكاح. * قوله: (مطلقًا)؛ (أيْ: سواء أَضَرَّ (¬7) بالرضيع أَوْ لا)، حاشية (¬8). فصل (¬9) ¬
ولزوجةٍ أمة -مع حُرَّةٍ، ولو كتابيَّةٍ- ليلةً من ثلاثٍ، ولمبعَّضةٍ بالحساب (¬1)، وإن عَتَقت أمة في نوبتِها (¬2)، أو نوبة حُرَّةٍ سابقةٍ: فلها قَسْمُ حُرَّةٍ (¬3). وفي نوبةِ حُرَّةٍ مسبوقةٍ: يستأنِفُ القَسْمَ متساويًا (¬4). ويَطوف بمجنونٍ مأمونٍ وليُّه، ويحرُم تخصيصٌ بإفاقةٍ، فلو أفاق في نوبةِ واحدةٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولو كتابية) ويعايا بها فيقال: لنا: موضعٌ فيه المسلم على النصف من الكافر. * قوله: (أو نوبة حُرة) الظاهر أنه ليس بقيد. * قوله: (يستأنف)؛ أيْ: يتم الدور ويستأنف، فهو معطوف على مقدر-كما أشار إليه شيخنا في كل من الشرح (¬5) والحاشية (¬6) -. ¬
قَضَى يومَ جنونه للأخرى (¬1). وله أن يأتيَهُن، وأن يدعُوَهن إلى محله، وأن يأتيَ بعضًا ويدعوَ بعضًا، ولا يَلزمُ من دُعيَتْ إتيانٌ: مَا لم يكن سكَنُ مثلِها (¬2). ويَقسمُ لحائض ونُفساءَ، ومريضةٍ ومَعِيبةٍ (¬3) ورَتْقاءَ، وكتابيَّةٍ (¬4)، ومُحْرِمةٍ وزمِنةٍ، ومميِّزةٍ ومجنونةٍ مأمونةٍ، ومن آلَى أو ظاهَرَ منها، أو وُطئتْ بشبهةٍ، أو سافر بها بقرعةٍ: إذا قَدِم (¬5)، وليس له بداءة ولا سفرٌ بإحداهن، بلا قُرعةٍ (¬6)، إلا برضاهن ورضاه (¬7). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (قضى يوم جنونه)؛ أيْ: وقت جنونه والمراد ليلته، فهو من قبيل المجاز المرسل بمرتبتَين (¬8)، حيث استعمل المقيد وهو اليوم في مطلق الزمن، ثم استعمل مطلق الزمن مقيد وهو الليل -كما قالوه في المشفرة (¬9) -. * قوله: (ورتقاء) من عطف الخاص على العام. ¬
ويقضي -مع قرعةٍ، أو رضاهُن- ما تعقبه سفرٌ أو تخلله من إقامة (¬1)، ودونهما جميعَ غَيبتِه (¬2). ومتى بدأ بواحدةٍ -بقُرعةٍ، أوْ لَا-: لزمه مَبيتُ آتيةٍ عندَ ثانيةٍ (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ما)؛ أيْ: زمنًا؛ أيْ: نظير زمن إقامة تَعَقَّبَهُ سفر، بأن أقام في البلد الذي سافر إليه ثم أعقب تلك الإقامة سفره إلى وطنه، أو زمن إقامة تخلله سفر، بأن أقام في بلد ثم سافر، ثم أقام ثم سافر، فإنه يقضي الإقامات (¬4) التي تخللها السفر؛ أيْ: وقع في أثنائها، لا نفس مدة السفر الذي هو كناية عن الحل والترحال. وقد أشار الشارح (¬5) إلى الأولى بقوله: أيْ: مدة إقامته في البلد الذي سافر إليه، وإلى الثاني بقوله: أيْ: مدة إقامته في أثناء سفره، وإلى الثالث بقوله: لا زمن سيره وحله وترحاله، و (من إقامةٍ) في كلام المصنف بيان لـ: (ما) الموصوفة بـ (تعقبه) أو (تخلله)، فتدبر!. * قوله: (جميع غيبته)؛ أيْ: [مع] (¬6) ما تعقبه وكأنه لم ينص عليه لعلمه بالأولى (¬7). * قوله: (لزمه مبيت آتيةٍ) ما لم يَكُنَّ قد رضين بالقسم بأكثر من ليلة فلا يلزمه ذلك. والمصنف اقتصر على الأصل في القسم؛ فإن الأصل فيه أن يكون بليلة واحدة ¬
ويحرمُ أن يدخُلَ إلى غير ذاتِ ليلةٍ فيها إلا لضرورةٍ، وفي نهارِها إلا لحاجةٍ: كعِيادةٍ (¬1)، فإن لم يَلبَثْ: لم يقضِ، وإن لَبِثْ: لم يقضِ، وإن لَبِث أو جامَع: لزمه قضاءُ لُبْثٍ وجماعٍ (¬2) -لا قُبلةٍ ونحوِها- من حقِّ الأخرى (¬3)، وله قضاءُ أولِ ليل عن آخرِه (¬4) , وليلِ صيف عن شتاءٍ: وعكسُهما (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ كما أسلفه في قوله: (ويكون ليلة وليلة إلا أن يرضَين بأكثر). * قوله: (فيها)؛ أيْ: في الليلة التي ليست لها. * قوله: (وإن لبث)؛ أيْ: ليلًا أو نهارًا (¬6)، ومقتضى تصوير الشارح (¬7) بقوله: ¬
ومن انتَقل إلى بلد: لم يَبر أن يَصحَبَ إحداهن، والبواقيَ غيرُه إلا بقُرعةٍ (¬1)، ومن امتنعتْ من سفر أو مَبيتٍ معه (¬2)، أو سافرت لحاجتها -ولو بإذنه- سقط حقُّها؛ من قَسْم ونفقةٍ -لا لحاجتِه، ببعثِه (¬3) -. ولها هبةُ نَوْيتِها -بلا مال- (¬4) لزوجٍ يجعله لمن شاء، ولضرَّةٍ بإذنه (¬5) ولو أبَتْ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ (وهو أن يدخل في ليلة المظلومة. . . إلخ) أن الحكم خاص بالليل إلا (¬6) أن يكون مراده مجرد التمثيل. * قوله: (ومن انتقل)؛ أيْ: أراد الانتقال. * قوله: (ومن امتنعت من سفر)؛ أيْ: معه. * قوله: (ولضرة بإذنه) كما كانت سودة (¬7). . . . . . ¬
موهوبًا لها (¬1). وليس له نقلُه: لِيَلِيَ ليلتَها (¬2). ومتى رجعتْ -ولو في بعضِ ليلةٍ -: قَسَم (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تفعل مع عائشة (¬4) -رضي اللَّه [تعالى] (¬5) عنهما (¬6) -. ¬
ولَا يَقضِي بعضًا لم يَعلم به إلى فراغها (¬1)، ولها بذلُ قَسْمٍ ونفقةٍ وغيرِهما: ليُمسكَها، ويعودُ برجوعها (¬2). وتسن (¬3) تسويةٌ في وطءٍ -بين زوجاتِه- وفي قَسْمٍ -بينَ إمائه (¬4) - وعليه ألا يعضُلَهن إن لم يُرِدْ استمتاعًا بهن (¬5). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لم يعلم به إلى فراغها)؛ أيْ: استمر عدم علمه به إلى فراغها، ولو قال: إلى (¬6) بعد فراغها لكان أظهر. * قوله: (وعليه ألا يعضلهن) (¬7) [عبارة الإقناع تقتضي أن هذا مستحب ¬
3 - فصل
3 - فصل ومن تزوَّج بكرًا: أقام عندها سبعًا (¬1) ولو أمَةً (¬2)، ثم دارَ، وثيِّبًا ثلاثًا، وإن شاءت -لا هو- سبعًا: فَعَل (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا واجب و] (¬4) عبارته: (وتستحب (¬5) [التسوية] (¬6) بينهن وألا يعضلهن إن لم يرد الاستمتاع)، انتهى. إلا أن يحمل كلام المصنف على احتياجهن لذلك، وعبارة الإقناع (¬7) بعد ما نقلناه عنه تقتضي ذلك؛ فإنه قال: (وإن احتاجت الأَمَةُ إلى النكاح وجب عليه إعفافها إما بوطئها أو تزويجها أو بيعها)، انتهى. فصل (¬8) * قوله: (وإن شاءت لا هو. . . إلخ) رأيت ببعض الهوامش ما نصه: وإن شاء هو لا هي فثلاث، وإن شاءا (¬9) معًا فاحتمالان، ولم يعزُهما. ¬
وقَضى الكلَّ (¬1). وإن زُفَّتْ إليه امرأتانِ: كُره، وبَدأ بالداخلةِ أوَّلًا (¬2)، ويُقرع للتساوي (¬3)، وإن سافر من قَرَع. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وقضى الكل) هو مشكل وإن كان مقتضى الحديث (¬4)؛ إذْ كان الظاهر أنه لا يقضي إلا ما زاد على الثلاث (¬5)، وكأنه فعل ذلك تغليظًا عليها بطلبها ما زاد على حقها. * قوله: (ويقرع للتساوي) مقتضى ما سبق ما لم يرضيا بتقديم إحداهما، فإنه ¬
دخل حقُّ عقدٍ في قَسْم سفر، فيقضيه للأخرى بعد قدومه (¬1). وإن طلق واحدةً وقتَ قَسْمِها: أثِمَ، ويقضيه متى نكحها (¬2). ومن قَسَم لثِنتَين من ثلاث، تجدَّد حقُّ رابعةٍ برجوعها في هبةٍ أو عن نُشوزٍ، أو بنكاحٍ وفَّاها حقَّ عقده، ثم رُيعَ الزمن المستقبَل للرابعة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يتوقف على قرعة بل يكفي الرضا. * قوله: (في قسم سفر) كان الأولى: (في مدة سفر) إذْ لا قسم فيه، وفي الحاشية (¬3) ما يقتضي أن فيه نوع قسم، فراجعه!. * قوله: (أثِمَ) ويعايا بها فيقال: لنا: طلاق محرم، وليس زمن البدعة، ولا يقصد الفرار من الإرث. * قوله: (برجوعها في هبة)؛ [أيْ] (¬4): لنوبتها (¬5). * قوله: (حق عقده) من ثلاث أو سبع. * قوله: (ثم ربع الزمن المستقبل. . . إلخ)؛ (يعني: ربع الليلة (¬6) التي بعد ¬
وبقيتَه للثالثة، فإن أكمَل الحقَّ: ابتدَأ التسويةَ (¬1). ولو بات ليلة عند إحدى امرأتَيه، ثم نكَح: وفَّاها حقَّ عقدِه، ثم ليلةً للمظلومةِ، ثم نصفَ ليلة للثالثة، ثمَّ يَبتدِئ (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حق العقد للرابعة؛ لأنها واحدة من أربم اشتركن فيها (¬3)، وبقيتها للثالثة؛ لأن ضرتَيها (¬4) قد استوفيا حقيهما، لا يقال: قد استوفتا (¬5) ليلة ليلة وهذه قد استوفت دون ليلة؛ لأنا نقول: كانتا من ثلاث فلهما ليلتان، وهذه من أربع فلها ثلاثة (¬6) أرباع ليلة كما وفاها)، حاشية (¬7). * قوله: (ثم ليلة للمظلومة) هذا المذهب وقدمه في الفروع (¬8)، قاله في الإنصاف (¬9). قال شيخنا: (فقياس التي قبلها أن يكون لها ثلثا (¬10) الليلة وللجديدة (¬11) بقيتها، ¬
4 - فصل في النشوز
وله -نهارَ قَسم- أن يخرجَ لمعاشِه وقضاء حقوق الناس (¬1). * * * 4 - فصل في النشوز وهو: معصيتها إياه فيما يجب عليها (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولم يظهر لي الفرق بين المسألتَين، فتدبر!)، حاشية (¬3). وأيضًا لا يظهر وجه تسميتها مظلومة إلا إذا قسم لها أقل من ليلة، وقد يقال: إنها سميت [مظلومة] (¬4) بسبب قطع دورها بحق العقد، فتدبر!. * قوله: (وله نهار قسم)؛ أيْ: نهار ليلة قسم؛ إذْ عماده الليل (¬5). فصل في النشوز (¬6) ¬
وإذا ظهر منها أمارتُه: بأن منعتْه الاستمتاع، أو أجابته متبرِّمةً: وعَظها فإن أصرَّتْ: هجرَها في مَضْجَعٍ ما شاء، وفي كلامٍ ثلاثةَ أيام، لا فوقَها، فإن أصرَّتْ: ضرَبها -غيرَ شديد- عشرةَ أسواط، لا فوقَها (¬1)، ويُمنع منه مَن عُلم بمنعِه حقها، حتى يُوفِّيَه (¬2). وله تأديبُها على تركِ الفرائضِ، لا تعزيرُها في حادث متعلِّقٍ بحقِّ اللَّه -تعالى (¬3) -. فإن ادَّعى كلٌّ ظُلْمَ صاحبِه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويمنع منها) (¬4)؛ أيْ: الأشياء المتقدمة وهي الوعظ والهجر والضرب. * قوله: (وله تأدييها. . . إلخ) مقتضى صنيع "تحفة المودود" (¬5) أن هذا مستحب لا مباح فقط، فلعله عبر بلام الجواز؛ لأجل الرد فقط على القائل بعدم الجواز بالكلية، وهو قول في المذهب (¬6)، وحينئذ فلا ينافي الاستحباب. ¬
أسكنهما حاكم قُربَ ثقةٍ يُشرِف عليهما (¬1)، ويَكشِف حالَهما -كعدالةٍ وإفلاسٍ: من خِبْرةٍ باطنةٍ (¬2) - ويُلزمهما الحقَّ (¬3). فإن تعذر، وتشاقَّا: بَعث حَكَمَين -ذكرَين حُرَّين مكلفَين، مسلمَين عدلَين، يَعرِفان الجمعَ والتفريقَ-، والأوْلى: من أهلهما (¬4)، يوكِّلانِهما -لا جبرًا- في فعل الأصلح: من جمعٍ أو تفريقٍ، بعوضٍ أو دونِه (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (من خبرة باطنة) هذا بيان بالمباين وكان الظاهر أن يقول مما يتوقف على خبرة باطنة، ولعله تفسير للكاف على القول بأنها اسم بمعنى (مثل) كما هو مذهب الأخفش (¬6)، أو لما تضمنته من ذلك على مذهب الجمهور من ¬
ولا يصحُّ إبراءُ غير وكيلها في خُلعٍ فقط (¬1). وإن شرَطا ما لا يُنافِي نكاحًا: لزم، وإلا: فلا، كتركِ قسمٍ أو نفقةٍ، ولِمن رضيَ، العَوْدُ (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنها حرف، فتدبر!. * قوله: (ولا يصح [إبراءُ غير وكيلهما (¬3) في خلع فقط)؛ يعني: أنه لا يصح من أحد الوكيلَين] (¬4) إبراء إلا إذا أبرأ وكيل [الزوج وكيل] (¬5) الزوجة، فإنه يصح أن يبرئ وكيل الزوجة الزوج في خلع فقط؛ أي لا في غير الخلع (¬6)، قال في الإنصاف: (لا يصح الإبراء من الحَكَمَيْنِ إلا في الخلع خاصة من وكيل المرأة فقط -قاله المصنف والشارح وصاحب الفروع وغيرهم-) (¬7)، انتهى (¬8). * قوله: (لزم) هذا وارد على قولهم: ومحل المعتبر منها صلب العقد، إلا أن يقال: إنهم نزلوا هذه الحالة منزلة ابتداء العقد -نبه عليه شيخنا في شرحه (¬9) -. * قوله: (وإلا) بأن اشترطا شيئًا ينافي النكاح؛ كترك قسم وعدم النفقة ¬
ولا ينقطع نظرُهما بغيبة الزوجَيْن أو أحدِهما (¬1)، وينقطع بجنونِهما أو أحدِهما (¬2)، ونحوه: مما يُبطل الوكالةَ (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ -كما ذكره المصنف-. * قوله: (مما يبطل الوكالة) كالموت والعزل. * * * ¬
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
حَاشِيَةُ الخَلوتي على مُنْتَهَى الإرَادَاتِ [5]
حُقُوق الطَّبْع مَحْفُوظَة الطبعة الأولى 1432 هـ - 2011 م قَامَت بعمليات التنضيد الضوئي والإخراج الفني والطباعة دَار النَّوَادِر
20 - كتاب الخلع
20 - كِتَابُ الْخُلْعِ
(20) كِتَابُ الخُلْعِ وهو: فراقُ زوجتِه بعوضٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الخلع (¬1) سمي فراق الزوجة خلعًا تشبيهًا له باللباس؛ لأن المرأة تخلع نفسها كما يخلع اللباس من البدن؛ قال -تعالى-: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} [البقرة: 187] (¬2). قال الجلال (¬3): (هو كناية عن تعانقهما أو احتياج [كل] (¬4) منهما لصاحبه). ¬
بألفاظٍ مخصوصةٍ (¬1). ويُباح لسوءِ عِشرةٍ (¬2)، ولمبغِضةٍ: تَخشى ألا تُقيمَ حدودَ اللَّه -تعالى- في حقه (¬3). وتُسنُّ إجابتهما: حيثُ أُبيح (¬4)، إلا مع محبتِه لها: فيُسنُّ صبرُها، وعدمُ افتدائها (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بألفاظ) متعلق بحال محذوفة لا بيكون محذوفة؛ لأنه من تتمة الحد؛ إذ لا يخرج الطلاق على عوض إلا به. فتدبر!. * قوله: (ويباح. . . إلخ)؛ وقال الشيخ تقي الدين (¬6): يجب [حينئذٍ] (¬7). فالخلع باعتبار مجموع طلبه وإجابته تعتريه (¬8) الأحكام الخمسة، والكل يؤخذ ¬
ويُكرهُ -ويصحُّ- مع استقامةٍ (¬1)، ويحرُمُ -ولا يصحُّ- إن عضَلها لتَختلع (¬2)، ويقعُ رجعيًّا بلفظِ: "طلاقٍ" أو نيته (¬3) ويُباح ذلك مع زناها (¬4)، وإن أدَّبها: لنُشوزِها، أو تَرْكِها فرضًا -فخالعتْه لذلك-: صحَّ (¬5). ويصح -ويَلزم- ممن يقعُ طلاقُه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ من المتن صريحًا إلا الوجوب ما لم تُحمل الإباحة في كلامه على مقابل الحظر، فيصير كلامه (¬6) مشتملًا على الوجوب أيضًا لصدق الإباحة بالمعنى المذكور. * قوله: (ويكره) لعله منها ومنه في هذه الحالة، وهو مرتبط بما بعده؛ أيْ: يكره مع استقامة (¬7). * قوله: (ممن يقع طلاقه) لم يقل: من زوج، كما في الإقناع (¬8)؛ لأن عبارة ¬
وبذلُ عوضِه ممن يصح تبرُّعه (¬1)، ولو ممن شهدا بطلاقها ورُدَّا كفِي افتداءِ أسير (¬2)، فيصحُّ: "اخلعْها على كذا عليَّ"، أو: ". . . عليها وأنا ضامنٌ" ولا يَلزمُها: إِن لم تأذن (¬3). ويصحُّ سؤالُها على مالِ أجنبيٍّ بإذنِه، ودونِه: إن ضمنتْه (¬4)، ويقبِضُه زوجٌ ولو صغيرًا أو سفيهًا أو قِنًّا (¬5)، كمحجورٍ عليه لفلَسٍ، ومكاتَبٍ. المنَقِّحُ: "وقال الأكثر:. . . وليٌّ وسيدٌ، وهو أصح"، انتهى (¬6). ـــــــــــــــــــــــــــــ الإقناع لا تشمل الحاكم إذا طلق على المولي؛ فإن ظاهر كلام المصنف صحة الخلع منه، وظاهر كلام الإقناع عدم صحته؛ لأنه ليس بزوج، وما في المتن هو الصواب (¬7). * قوله: (وهو أصح) قال شيخنا في شرحه: (وهو المذهب -كما في الإنصاف-) (¬8). ¬
و: "طلقْ بنتي وأنت بريءٌ من مهرها" فَفَعَل: فرَجْعيٌّ، ولم يَبْرأ، ولم يَرجِع على الأب (¬1)، ولا تَطلُقُ إن قال: "طلقتُها إن بَرِئتُ منه" (¬2)، ولو قال: "إن أبرأتَني أنت منه فهي طالقٌ"، فأبرأهُ: لم تَطلق (¬3). وليس لأبِ صغيرةٍ أن يُخالِعَ من مالِها (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فأبرأه (¬5) لم تطلق) (ما لم يقصد الزوج مجرد الإتيان بلفظ الإبراء فإنها تطلق في هذه الحالة؛ لأن المعلق [عليه] (¬6) التلفظ به وقد وجد)، حاشية (¬7). * قوله: (وليس لأب) حذف الياء لغةً (¬8)، ومنه: ¬
ولا لأبِ صغيرٍ (¬1) أو مجنونٍ، أو سيدهما، أن يَخْلَعا أو يطلِّقا عنهما (¬2). وإن خالعتْ على شيءٍ أَمَةٌ بلا إذنِ سيدٍ (¬3)، أو محجورةٌ لسفهٍ أو صِغرٍ أو جنونٍ، لم يصحَّ ولو أذِن فيه وليٌّ (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بأبه اقتدى عدي في الكرم ... ومن يشابه أبه فما ظلم (¬5) * قوله: (أو محجورة) انظر: هل هذا جائز عربية أو القياس محجورًا عليها، فتدبر!. ¬
1 - فصل
ويقعُ -بلفظ "طلاقٍ"، أو نيته- رجعيًّا (¬1). ولا يبطل إبراء من ادعت سفهًا حالتَه بلا بينةٍ (¬2)، ويصح من محجور عليها لفلس في ذمتها (¬3). * * * 1 - فصل وهو: طلاقٌ بائنٌ، ما لم يقعْ بلفظٍ صريح في خُلعٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويقع. . . إلخ) فليس هذا مكرر (¬4) مع ما سبق؛ لأن كلًّا منهما في مسألة خاصة. فصل (¬5) * قوله: (وهو طلاق بائن ما لم يقع بلفظ صريح في خلع) (مفهومه أنه إذا كان بكناياته (¬6) ونوى به الخلع أنه يكون طلاقًا بائنًا، وهو مشكل على القواعد، لكن يؤخذ من الفروع أنه [رواية]) (¬7)، حاشية (¬8). ¬
-كـ: "فسختُ"، و: "خَلعتُ"، و: "فادَيتُ"- ولم يَنوِ به طلاقًا (¬1): فيكون فسخًا لا ينقُصُ به عددُ طلاقٍ (¬2)، ولو لم ينو خُلعًا. وكِناياتُه: "بارَيْتُك"، و: "أبْرأتُكِ"، و: "أبَنْتُكِ" (¬3)، فمعَ سؤالٍ وبَذْلٍ: يصح بلا نيةٍ، وإلا: فلا بُدَّ منها ممن أتَى بكنايةٍ (¬4)، وتُعتبر الصيغة منهما، فمنه: "خلعتُكِ -أو نحوُه- على كذا"، ومنها: "رضِيتُ"، أو نحوُه (¬5)، ويصح بكلِّ لغةٍ من أهلها، لا معلَّقًا كـ: "إن بذلتِ لي كذا فقد خلعتُكِ" (¬6). ويلغو شرطُ رجعةٍ (¬7) أو خيارٍ في خلعٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (من أهلها) لعل المراد بأهلها العارف بها؛ لأنهم شبهوه بالطلاق (¬8)، ¬
دونَه (¬1) ويَستحقُّ المسمَّى فيه (¬2)، ولا يقع بمعتدَّة من خلع طلاق، ولو وُوجِهتْ به (¬3). ومن خُولِع جزءٌ منها -كنصفِها، أو يدِها- لم يصحَّ الخُلعُ (¬4). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو يقع من العربي بلغة العجم إذا كان عارفًا بمدلول تلك الصيغة عند أهلها. * قوله: (دونه)؛ أيْ: دون الخلع فلا يلغو فيكون ما ذكر من الشروط الفاسدة الغير المفسدة (¬5). * قوله: (ومن خولع جزء منها كنصفها أو يدها لم يصح الخلع) يطلب الفرق بينه وبين الطلاق حيث قالوا بوقوع الطلاق، فتدبر! (¬6). وفي بعض الهوامش أنه قد يفرق بضعف (¬7) [الخلع] (¬8) لكونه يتوقف على ¬
2 - فصل
2 - فصل ولا يصحُّ إلا بعوضٍ (¬1). وكره بأكثرَ مما أعطاها (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ سؤال (¬3)، وبذل عوض والطلاق لا يتوقف على شيء من ذلك، انتهى، فتدبر!، قال: والعتق كالطلاق. وبخطه: عبارة الإقناع: (وإن قال خالعت يدك أو رجلك على كذا فقالت قبلت فإن نوى به طلاقًا وقع وإلا فلغو هذا معنى كلام الأزجي) (¬4)، انتهى. قال شيخنا في حاشيته (¬5): (قال في النهاية: يتفرع على قولنا الخلع فسخ أو طلاق مسألة ما إذا قال: خالعت يدك أو رجلك على كذا، فقبلت، فإن قلنا: الخلع فسخ لا يصح ذلك، وإن قلنا هو طلاق صحَّ، كما لو أضاف الطلاق إلى يدها أو رجلها)، انتهى. فصل (¬6) ¬
وهو على مُحرَّمٍ يعلمانِه -كخمرٍ، وخِنزيرٍ- كبلا عوضٍ (¬1)، فيقعُ رجعيًّا بنية طلاق (¬2)، وإن لمِ يعلَماه: كعلى عبدٍ (¬3) بان حُرًّا، أو مستحقًّا: صحَّ، وله بدله (¬4)، وإن بانَ مَعِيبًا: فله أرْشُه، أو قيمتُه ويرُدُّه (¬5)، وإن تخالَع كافرانِ بمحرَّم، ثم أسلَما أو أحدُهما قبل قبضِه: فلا شيءَ له (¬6). ويصح على رَضاعِ ولده مطلقًا، وينصرف إلى حَوْلَين أو تتَمتِهما (¬7)، وعليه، أو على كَفالتِه أو نفقتِه (¬8) أو سُكنَى دارها مدةً معيَّنةً. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بنية طلاق)؛ أيْ: أو لفظه. * قوله: (وإن لم يعلماه)؛ أيْ: وإن لم يعلما كون العوض محرمًا. * قوله: (فلا شيء له) وكان خلعًا صحيحًا إن تجرد عن لفظ الطلاق أو نيته، وإلا كان طلاقًا بائنًا. * قوله: (مطلقًا)؛ أيْ: غير مؤقت بزمن. ¬
-فلو لم تنتهِ حتى انهدمت، أو جَفَّ لبنها (¬1)، أو ماتت أو الولدُ- رَجَع ببقية حقه يومًا فيومًا (¬2)، ولا يلزمُها كفالةُ بدلهِ أو إرضاعُه (¬3)، ولا يُعتبر تقدير نفقةٍ ووصفُها، ويُرجَع لعُرْفٍ وعادةٍ (¬4)، ويصح على نفقةٍ ماضيةٍ، ومن حاملٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو إرضاعه)؛ (أيْ: إرضاع بدله؛ لأنه عقد على فعل في عين فينفسخ بتلفها كالدابة المستأجرة ولاختلاف الأولاد في الرضاع والتربية)، شرح (¬5). * قوله: (ومن حامل. . . إلخ) فيه أنها لا تملكها، وإنما هي للحمل على الصحيح من المذهب (¬6)، نعم هذا ظاهر على القول الثاني من أن النفقة لها بسبب (¬7) الحمل لا للحمل نفسه (¬8)، فحرره!. ¬
على نفقةِ حَمْلِها (¬1)، ويسقُطان (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ وأما الجواب بأنها لما كان لها قبضها صحَّ أن تخالع عليها ففيه أنه لا يلزم من صحة قبض الإنسان شيئًا صحة تصرفه فيه، ثم رأيت في كلام القاضي ما نصه: (إنما صحَّت المخالعة على نفقة الولد، وهي للولد (¬3) دونها؛ لأنها في التحقيق هي المالكة لها مدة الحمل، وبعد الوضع تأخذ أجرة رضاعها، فأما النفقة الزائدة على هذا من كسوة الطفل ودهنه، فلا يصح أن تعاوض به؛ لأنه (¬4) ليس في يدها ولا في حكم ما هو لها) (¬5)، انتهى (¬6). قال الزركشي: وكأنه تخصيص لكلام الخرقي -نقل ذلك شيخنا في الحاشية (¬7) -. * قوله: (ويسقطان)؛ أيْ: النفقة الماضية ونفقة الحمل. ¬
ولو خالعها، فأبرأته من نفقة حملها: بَرئ إلى فطامه (¬1)، ويصح على ما لا يصحُّ مهرًا: لجهالةٍ، أو غَرَرٍ (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولو خالعها)؛ أيْ: على شيء غير البراءة من نفقة الحمل بدليل [العطف] (¬3) بالفاء ولئلا تتكرر (¬4) مع ما قبلها، أشار إليه الشيخ في شرحه على الإقناع بتقدير قوله على شيء (¬5). * قوله: (فأبرأته من نفقة حملها برئ) في صحة إبرائها منها نظر (¬6) على المذهب؛ لأنها ليست لها بسبب الحمل بل للحمل -كما سيأتي-، وأيضًا فمقتضى صحة هذا مع قولهم أن البراءة مما [لم] (¬7) يجب غير صحيحة -كما حققه ابن نصر اللَّه- أن نفقة الحمل شاملة لنفقة الرضاع، وأن نفقة الرضاع وجبت بالحمل السابق على الوضع. * قوله: (إلى فطامه) قال شيخنا في الحاشية (¬8): (منه تعلم أن نفقة الحمل تتناول ما بعد الوضع إلى الفطام). ¬
فلمخالعٍ على ما بيدِها أو بيتِها -من دراهَم، أو متاع- ما بهما. فإن لم يكن شيءٌ: فله ثلاثةُ دراهمَ، أو ما يُسمَّى متاعًا (¬1). وعلى ما تَحمل شجرةٌ أو أمةٌ، أو ما في بطنِها ما يحصُل فإن لم يحصُل شيءٌ: وجب فيه (¬2)، وفيما يُجهل مطلقًا -كثوبٍ، ونحوِه-: مطلَقُ ما تناوله (¬3) الاسم (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ما بهما)؛ أيْ: من ذلك المسمى وإن قَلَّ أو لم يُتَمَوَّل. * قوله: (فإن لم يكن شيء)؛ أيْ: من الدراهم والمتاع. * قوله: (فله ثلاثة) (¬5)؛ لأنها أقل الجمع فهي المتيقنة (¬6). * قوله: (أو أمة) وهل تلزمه نفقة الأمة حينئذ؛ لأجل الحمل، فإنه قد صار ملكه أو أنه لا يملكه الا بالوضع، فلا نفقة عليه وحينئذ فيقتضي أن قوله: خالعتك على ما تضع (¬7) هذه الأمة مثل قوله: خالعتك على ما تحمل هذه الأمة، والظاهر بينهما فرق وإلا لما صحَّ الخلع في الأولى حال كون العوض حملًا، وفي ¬
3 - فصل
وعلى هذا الثوبِ الهَرَوِيِّ، فبَانَ مَرْوِيًّا ليس له غيره (¬1)، ويصح على هَرويِّ في الذمة، ويخيَّرُ: -إن أتتْه بمَرويِّ- بين ردِّه وإمساكِه (¬2). * * * 3 - فصل وطلاقٌ معلقٌ بعوضٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القول بصحة الخلع وملك العوض ملكًا متوقفًا على الوضع نظر. * قوله: ([وعلى] (¬3) هذا الثوب الهروي فبان مرويًّا). قال في المطلع: (الهروي منسوب إلى هراة كورة من كور العجم تكلمت بها العرب ومرْوي بسكون الراء منسوب إلى مرو، وهو بلد والنسبة إليه مروزي على غير قياس، وثوب مروي على القياس) (¬4)، انتهى. * قوله: (ليس له غيره) تغليبًا للإشارة. فصل (¬5) * قوله: (وطلاق معلق. . . إلخ) المراد: جُعِلَ في مقابلة عوض سواء كان ¬
كخُلع: في إبانةٍ (¬1)، فلو قال: "إن أعطيتني عبدًا فأنتِ طالقٌ"، طَلَقتْ بائنًا بأي عبدٍ أعطتْه، ومَلكه (¬2)، و: "إن أعطيتني هذا العبدَ، أو هذا الثوبَ الهَرَوِيَّ، فأنتِ طالق"، فأعطْته إيَّاهُ: طَلَقتْ، ولا شيءَ له: إن بانَ مَعِيبًا، أو مَرْويًّا (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بصيغة الشرط والتعليق أو لم يكن وليس غرضه بالمعلق ما قابل المنجز، فتدبر!، فسقط ما قصد صاحب الإقناع (¬4) التنكيت به على المنقح (¬5). * قوله: (طلقت بائنًا بأي عبد أعطته) بشرط أن يكون مما يمكن فيه نقل الملك، ولو مكاتبًا -خلافًا لما في الإقناع (¬6) - بدليل قوله الآتي: (وإن خرج بعضه مغصوبًا أو حرًّا لم تطلق). * قوله: (ولا شيء له إن بان [معيبًا أو] (¬7) مَرْويًّا) تغليبًا للإشارة. ¬
وإن بانَ مستحقَّ الدمِ، فقُتل: فأرْشُ عيبِه (¬1)، وإن خرَج أو بعضُه مغصوبًا، أو حُرًّا: لم تَطلُق (¬2)، وإن علَّقه على خمر أو نحوِه، فأعطتْه: فرَجْعيٌّ (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فأرش عيبه) ولعله هنا جميع قيمته على ما في البيع، كذا كان يفهم، ثم رأيت هذا قولًا لابن البنا (¬4) مقابلًا لما في المتن، وحكاه المصنف في شرحه (¬5) بقيل وبين كلام المتن بما يقتضي أن المراد من الأرش هنا [التفاوت] (¬6) بين القيمتَين، كما لو قُدِّرَ أن عند سلامته يساوي عشرين وعند جنايته يساوي خمسة [عشر] (¬7) فيكون الأرش خمسة عشر. * قوله: (فرجعي)؛ (لأنه ليس بعوض شرعي، وإنما وقع بصورة ¬
و"إن أعطيتني ثوبًا هَرَويًّا فأنتِ طالق". فأعطتْه مرويًّا (¬1)، أو هَرويًّا مغصوبًا: لم تَطلق، وإن أعطتْه هَرويًّا مَعيِبًا: فله مطالبتُها بسليم. و: "إن -أو إذا، أو متى- أعطيتني أو أقبضتني ألفًا، فأنت طالق"، لَزِم من جهتِه (¬2): فأيَّ وقتٍ أعطتْه على صفةٍ يمكنُه القبضُ ألفًا فأكثرَ وازِنةً، لإحضارِه وإذنهِا في قبضه -ولو مع نقصٍ في العدد- (¬3) بانتْ، وملكه وإن لم يقبضه (¬4). و: "وطَلِّقْني -أو اخلَعْني- بألفٍ أو على ألفٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الإعطاء لاستحالة حقيقته)، شرح (¬5). * قوله: (فله مطالبتها بسليم) (¬6)؛ أيْ: ووقع الطلاق المعلق -كما في الشرح (¬7) والحاشية (¬8) -، فتدبر! ¬
4 - فصل
أو ولكَ ألفٌ" (¬1)، أو: إن طلَّقتَني -أو خلعتَني- فلكَ ألفٌ، أو "أنتَ بَرِيءٌ منه"، فقال: "طلَّقتُكِ"، أو "خَلعتُكِ" ولو لم يَذكر الألفَ: بانت (¬2)، واستحقَّه (¬3) من غالب نقدِ البلد (¬4)، إن أجابها على الفَوْر، ولها الرجوع قبل إجابته (¬5). * * * 4 - فصل من سُئِلَ الخُلعَ على شيءٍ، فطلَّق: لم يَستحقَّه (¬6)، ووقع رجعيًّا (¬7). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل (¬8) ¬
ومن سُئِل الطلاقَ، فخَلَع: لم يصحَّ (¬1). و: "طلِّقْني -أو طلِّقْها- بألفٍ إلى شهر، أو بعدَ شهر". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (من سئل (¬2) الطلاق)؛ أيْ: على عوض. * قوله: (لم يصح)؛ أيْ: الخلع ثم إن نوى به طلاقًا وقع بائنًا واستحق العوض (¬3). * قوله: (إلى شهر) قيل "إلى" هنا بمعنى: "من" الابتدائية لا غايية؛ إذْ لم يذكر لها ابتداء، انتهى (¬4)، وهذا فيه نظر؛ إذْ أطبق المفسرون فيما رأيت على أن "إلى" في قوله -تعالى-: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} (¬5)، وما وجد بعده للغاية (¬6)، ¬
لم يَستحقَّه إلا بطلاقِها بعده (¬1)، و: ". . . من الآن إلى شهر"، لم يستحقَّه إلا بطلاقها قبله (¬2)، و: "طلِّقْني به على أن تطلِّقَ ضَرَّتي"، أو: ". . . على أن تطلِّقَها": صحَّ الشرطُ والعوضُ، وإن لم يَفِ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والجواب عن قوله: إذ لم يذكر لها ابتداء، أنه مقدر والقرينة عليه إلى، وهي غاية لمدة الإمهال لا لمدة تأجيل الألف، وإلا لاختلف (¬3) الحكم تدبر!. * [قوله] (¬4): (لم يستحقه إلا بطلاقها بعده)؛ أيْ: بعد شهر في المسألتَين فإذا طلقها قبله فيهما وقع رجعيًّا ولم يستحق شيئًا (¬5)، فتدبر!. وبخطه قال شيخنا في الحاشية (¬6): (أما في صورة (بعد) فواضح وأما في صورة [قبل] فلأنها تكون [بمعنى] (¬7) من الابتدائية، وقد ترجح هذا المعنى بكونه ¬
فله الأقلُّ مِنه ومن المسمَّى (¬1)، و: "طلِّقْني واحدةً بألفٍ، أو على ألفٍ، أو ولكَ ألفٌ"، ونحوَه، فطلَّق أكثر: استحقَّه (¬2)، ولو أجاب: بـ "أنتِ طالقٌ وطالقٌ وطالقٌ"، بانتْ بالأولى (¬3)، وإن ذكَر الألفَ عَقِبَ الثانيةِ: بانتْ بها. والأولى رجعيَّة، ولغَتْ الثالثةُ (¬4)، وإن ذكره عقبَها: طَلَقتْ ثلاثًا (¬5)، و: "طلِّقْني ثلاثًا بألفٍ"، فطلَّق أقلَّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جعل للطلاق غاية ولا غاية لآخره، وإنما الغاية لأوله)، انتهى. * قوله: (فله الأقل منه)؛ أيْ: من الألف، وهو المسمى في الخلع هنا. * قوله: (ومن المسمى)؛ أيْ: في النكاح. * قوله: (استحقه)؛ (أيْ: استحق الألف؛ لأنه أوقع ما استدعته وزيادة؛ لأن الثلاث واحدة وثتئان، ولذلك لو قال طلقي نفسك ثلاثًا، فطلقت نفسها واحدة وقع فيستحق العوض، بالواحدة وما حصل من الزيادة التي لم يبذل العوض فيها لم تستحق بها شيئًا) قاله في شرحه (¬6)، وفيه أنه لم يُجِبْها إلى عين ما سألته فمقتضى عكسها الآتي أنه لا يستحق شيئًا فتدبر!. ¬
لم يَستحقَّ شيئًا (¬1)، وإن لم يكن بقيَ من الثلاث إلا ما أوقَعَه -ولو لم تَعلم- استحَقَّ الألفَ (¬2). ولو قالت امرأتاهُ: "طلِّقْنا بألفٍ"، فطلَّق واحدةً: بانتْ بقِسْطِها (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لم يستحق شيئًا) (من الألف في الأصح؛ لأنها بذلت العوض في مقابلة شيء لم يُجِبْهَا إليه فلم يستحق (¬4) شيئًا، كما لو قال في المسابقة: من سبق إلى خمس إصابات فله ألف فسبق إلى بعضها فإنه لا يستحق شيئًا) قاله في شرحه (¬5)، فتأمل!. * قوله: (بانت بقسطها) (¬6)؛ لأن مقابلة الجملة بالجملة يقتضي انقسام الآحاد على الآحاد فحيث طلق واحدة استحق من الألف القسط المقابل لمهرها لا نصف الألف، قال شيخنا في حاشيته: (حيث قيل بتقسيطه)، انتهى (¬7)، يشير إلى أن بعضهم قال: إنه لا يستحق شيئًا ويقع رجعيًّا قياسًا (¬8) على ما بعدها (¬9). ¬
ولو قالته إحداهما: فرجعيٌّ، ولا شيءَ له (¬1)، و: "وأنتما طالقتانِ بألفٍ"، فقَبِلتْ واحدةٌ: طَلَقتْ بقسطِها (¬2)، و: "أنتُما طالقتانِ بألفٍ إن شئتما"، فقالتا: "شِئْنا" -وإحداهما غيرُ رشيدةٍ-: وقع بها رجعيًّا، ولا شيءَ عليها. وبالرشيدةِ بائنًا بقسطِها من الألف (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (إحداهما) (¬4)؛ أيْ: إحدى الزوجتَين سواء كانت المطلقة (¬5) السائلة أو ضرتها. * قوله: (ولا شيء له)؛ لأنها جعلت الألف في مقابلة طلاقهما وبطلاق واحدة منهما لم يحصل المطلوب ولم يستحق شيئًا، كما لو قال لإنسان: بِعني (¬6) عبدَيك (¬7) بألف فقال: بِعتك [أحدهما] (¬8) بخمسمئة (¬9). * قوله: (طلقت بقسطها) ووقع. . . . . . ¬
5 - فصل
و: "أنتِ طالقٌ وعليكِ ألفٌ، أو على ألفٍ، أو بألفٍ"، فَقبلتْ بالمجلس: بانتْ، واستَحقَّه (¬1). وإلا: وقع رجعيًّا (¬2). ولا ينقلبُ بائنًا: إن بذلتْه به بعدَ ردِّها (¬3)، ويصحُّ رجوعُه قبل قبولِها (¬4). * * * 5 - فصل إذا خالَعتْه في مرضِ موتها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالثانية (¬5) رجعيًّا. * قوله: (به)؛ أيْ: بالمجلس. فصل (¬6) ¬
فله الأقلُّ من المسمى أو إِرثِه منها (¬1)، وإن طلقها في مرضِ موته، ثم وصَّى أو أقَرَّ [لها] (¬2) بزائدٍ عن إرثها، لم تَستحِقَّ الزائدَ (¬3). وإن خالَعَها، وحاباها: فمن رأسِ المال (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فله الأقل من المسمى)؛ أيْ: المذكور (¬5) في الخلع. * قوله: (لم تستحق الزائد)؛ أيْ: حيث لم تُجِز الورثة (¬6) قياسًا على ما سبق في الوصية (¬7). * قوله: (فمن رأس المال) (¬8) ولا يكون ذلك من تبرعات المريض التي لا تنفذ إلا من الثلث؛ لأنه [لو] (¬9) طلقها بلا عوض [صحَّ] (¬10)، فمعه أولى -كما صرح به الشارح (¬11) -. ¬
ومن وَكَّل في خلع امرأتِه مطلقًا، فخالعَ بأنقصَ من مهرها ضَمِن النقصَ (¬1)، كان عيَّن له العوضَ، فنقَّصَ منه: لم يصحَّ الخُلعُ (¬2)، وإن زاد من وكَّلتْه وأطلَقتْ على مهرِها، أو من عيَّنت له العوضَ عليه: صحَّ الخُلعُ، ولزمتْه الزيادةُ (¬3). وإن خالف جنسًا، أو حُلولًا، أو نقدًا لبلدٍ: لم يصحَّ (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مطلقًا)؛ أيْ: أطلق بأن لم يعين القدر الذي يخالع عليه (¬5). وبخطه قوله: مطلقًا يصح فتح اللام على أنه: نعت مصدر محذوف؛ أيْ: توكيلًا (¬6) مطلقًا عن التقيد بقدر يخالع عليه، وكسرها: اسم فاعل على أنه: حالٌ من فاعل وَكَّلَ؛ أيْ: حل كونه مطلقًا؛ أيْ: غير معيَّن القدر الذي يخالع عليه، تدبر!. * وقوله: (أو من عينت)؛ أيْ: أو زاد من. . . إلخ. ¬
لا وكيلُها حُلولًا (¬1). ولا يَسقُط ما بَيْن متخالِعَيْن -من حقوقِ نكاحٍ أو غيرهِ- بسكوتٍ عنها (¬2)، ولا نفقةُ عدةِ حامل، ولا بقيةُ ما خُولِع على بعضه (¬3)، ويحرم الخلع حيلة لاسقاط يمين طلاق ولا يصح (¬4)، المنقِّح: "وغالب الناس واقع على ذلك" (¬5). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويحرم الخلع حيلة. . . إلخ) قال الشيخ تقي الدين (خلع الحيلة لا يصح على الأصح، كما لا يصح نكاح المحلل؛ لأنه ليس المقصود منه (¬6) الفرقة، وإنما يقصد منه بقاء المرأة مع زوجها كما في نكاح المحلل، والعقد لا يقصد منه نقيض مقصوده) (¬7)، انتهى. قلت: فعلم أن المراد أن الخلع لا يصح إذا وقع حيلة، سواء كان لإسقاط ¬
6 - فصل
6 - فصل إذا قال: "خالعتُكِ بألفٍ"، فأنكرتْهُ، أو قالت: "إنما خالعكَ غيري" (¬1) بانتْ وتَحلفُ لنفْي العوض (¬2)، وإن أقرَّت وقالت: "ضمِنه غيري، أو: في ذمتِه"، قال: ". . . في ذمتِك": لزمها (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يمين طلاق أو غيره، وإنما قيد المصنف بذلك كغيره جريًا على الغالب كيف لا مع قولهم: الحيل غير جائزة في شيء من أمور الدين (¬4). فصل (¬5) * قوله: (أو قالت إنما خالعك غيري)؛ أيْ: بغير إذني حتى ينتفي عنها اللزوم. * قوله: (لزمها)؛ لأنها مقِرة بالخلع مدعية على غيرها ضمان العوض فلزمها لإقرارها به ولا تسمع دعواها كذا في شرحه (¬6)، وتبعه على ذلك شيخنا في شرحه (¬7)، وقوله: (ولا تسمع دعواها)؛ أيْ: بمجردها أما لو صدقها ذلك الغير في أنه في ذمته، فإن الغرم عليه لاعترافه ففي إطلاقه عدم سماع الدعوى ما فيه. ¬
وإن اختَلفا في قدرِ عوضه، أو عينَّه، أو صفتِه، أو تأجيِله فقولها (¬1). وإن علَّق طلاقَها بصفةٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو تأجيله): قال في شرحه: (أيْ: تأجيل عوض الخلع بأن قال: خالعتك على ألف حالَّة، فقالت: بل [على] (¬2) ألف مؤجلة) (¬3)، انتهى. وعلم من هذا التقدير (¬4) أن المراد من الاختلاف في الحلول والتأجيل الاختلاف في أصل العوض المتصف بذلك مع صفته لا في الصفة، ولو كان المراد الثاني لخالف ما تقدم في البيع (¬5) من أن القول قول مدعي الحلول؛ لأنه الأصل. * قوله: (فقولها)؛ (أيْ: بيمينها (¬6)؛ لأنها غارمة وكذا إن خالعها على ألف وادعى أنها دنانير وادَّعت أنها دراهم، أو قال سألتني طلقة بألف. قالت بل ثلاثًا، فلا يستحقه فالقول قولها فيهما)، قاله في الشرح (¬7). ¬
ثم أبانَها، ثم تزوَّجها، فوُجدثْ طَلَقتْ، ولو كانت. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ثم أبانها) بخلع أو طلاق (¬1)، وكان ينبغي ذكر هذه المسألة عقب كلام المنقح (¬2) مفرّعًا على ما قبله (¬3). * قوله: (فَوُجِدتْ) قيد معتبر في الطلاق، وقوله: (ولو كانت. . . إلخ) يشير به إلى أن وجودها حال البينونة لا تنحل (¬4) به اليمين على الأصح (¬5). * قوله: (ولو كانت. . . إلخ)؛ لأن كلًّا من التعليق ووجود الصفة وُجِدا في النكاح ولو تخلل بينهما بينونة (¬6) ووجود الصفة في حال البينونة [لا تنحل به اليمين (¬7)، وقيل تنحل بوجودها حال البينونة] (¬8) (¬9). ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه -رحمه اللَّه تعالى- قوله: (ولو كانت. . . إلخ). أشار به إلى خلاف من قال: إنها إذا وجدت الصفة في حال بينونتها (¬1) انحلت اليمين وزالت الصفة ولا تعود، ولو (¬2) تزوجها فلا يقع بوجودها ثانيًا طلاق، بقي أن عموم قول الشارح (بخلع. . . [إلخ]) (¬3) (¬4) يشمل خلع الحيلة وغيره، وأنه لا يقع الطلاق المعلق: بوجود الصفة حال البينونة به (¬5)، مع أن المذهب -على ما سبق- أن خلع الحيلة لإسقاط يمين الطلاق لا يصح وأن وجوده كعدمه، فإذا وجدت الصفة وقع الطلاق المعلق عليها ولا يكون ذلك الخلع مانعًا من الوقوع، فينبغي حمل كلام المصنف والشرح على مجرد الإشارة إلى الخلاف، (وحمل الخلع على: خلع -في كلام الشارح- الذي لا حيلة فيه) (¬6) إن كان مراده إن حال ¬
وُجدتْ حالَ بَيْنُونَتِها (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ بينونتها، وقد يقال إن الخلع المحرم الغير الصحيح (¬2) لا توجد معه بينونة فلا يحتمله كلام الشارح (¬3) بل يتعين حمله (¬4) على خلع لا حيلة فيه، فتدبر!. قال ابن نصر اللَّه في حواشي الفروع (¬5): (لو قال إن أكلتِ هذا الرغيف فأنت طالق ثم أبانها، فكلت بعضه ثم أعادها إلى نكاحه فأكلت بقيته: أنها تطلق، [قال] (¬6) شيخنا -رحمه اللَّه-: وذكر صاحب المحرر في تعليقه على الهداية أن هذا هو المذهب سواء قلنا يكفي في الحنث وجود بعض الصفة أوْ لا، نعم إن قلنا يكفي وجود بعضها، وقد وجد حال البينونة، انبنى على الخلاف (¬7) في حل اليمين بالصفة الموجودة حال البينونة). * * * ¬
21 - كتاب الطلاق
21 - كِتَابُ الطَّلَاقِ
(21) كِتَابُ الطَّلَاقِ وهو: حَلُّ قَيْدِ النكاحِ، أو بعضِه (¬1)، ويُكرهُ بلا حاجةٍ (¬2)، ويُباح عندها (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الطلاق (¬4) * قوله: (ويكره بلا حاجة) لاشتماله على إزالة النكاح المشتمل على المصالح المندوب إليها (¬5). * قوله: (ويباح عندها)؛ أيْ: عند الحاجة؛. . . . . . ¬
ويُسنُّ: لتضرُّرِها بنكاح (¬1)، ولتركِها صلاةً وعفةً ونحوَها (¬2)، وهي كهو، فيُسنُّ أن تَختلِع: إن تَرك حقًّا للَّه -تعالى (¬3) -. ولا تجب طاعةُ أبوَيه -ولو عدلَين-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لسوء (¬4) خلق المرأة، والتضرر بها مع عدم حصول الغرض بها (¬5). * قوله: (ولتركها صلاة وعفة) بل قال الشيخ تقي الدين: (إذا كانت تزني لم يكن له أن يمسكها على تلك الحالة، بل يفارقها وإلا كان ديوثًا) (¬6)، انتهى (¬7). [ولا بأس] (¬8) بعضلها في هذه الحالة والتضييق (¬9) عليها (¬10)، وعلى هذا فالفراق واجب (¬11) عنده، وتقدم ذلك عنه في الخلع (¬12). ¬
في طلاقٍ (¬1)، أو منع من تزويج (¬2)، ولا يصحُّ إِلا من زوجٍ (¬3) -ولو مميِّزًا يعقله- (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولو مميزًا يعقله) فيصح طلاق المميز، وكذا ظهاره في أشهر الروايتَين (¬5)، وليس مبنيًّا على تكليفه -كما فعله الطوفي (¬6) - بل هو من قبيل ربط ¬
وحاكمٍ على مُولٍ. وتُعتبر إرادةُ لفظِه لمعناه، فلا طلاق لفقيهٍ يكررُه، وحاكٍ -ولو عن نفسه-، ولا نائمٍ (¬1). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأحكام بأسبابها، كما قالوا به في وجوب الزكاة والغرامات في ماله، نَبَّه عليه ابن نصر اللَّه الكناني (¬2) في شرح مختصر الروضة للطوفي (¬3)، فراجعه!. * قوله: (على مولٍ)؛ [أيْ] (¬4): بعد التربص إذا أبى الفيئة والطلاق (¬5). * قوله: (وتعتبر إرادة لفظه لمعناه)؛ (أيْ: يعتبر لوقوعه أن ¬
وزائلٍ عقلُه بجنونٍ أو إغماء أو بَرْسامٍ أو نشافٍ -ولو بضَرْبِه نفسَه (¬1) -، وكذا آكِلُ بَنْجٍ ونحوِه (¬2)، ومَن غَضِب حتى أُغميَ أو غُشيَ عليه (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ يستعمل لفظه مرادًا به ما وضع له بألا ينوي صرفه عنه لحكاية أو تعليم أو غيرهما، وهذا لا ينافي ما يأتي من أن الصريح لا يحتاج إلى نية؛ لأن المراد أنه لا يحتاج إلى نية إيقاع شيء (¬4) به)، قاله شيخنا في حاشيته (¬5). * قوله: (أو برسام) في بعض كتب الطب: البرسام ورم حار يعرض للحجاب الذي بين الكبد والمعاء ثم يتصل بالدماغ (¬6). * قوله: (وكذا آكل بنج)؛ لتداوِ أو لغير شيء (¬7)؛ لأنه لا لذ (¬8) فيه ¬
ويَقَعُ ممن أفاق من جنون أو إغماءٍ، فَذكر أنه طلَّق (¬1)، وممن شرب طوعًا مسكرًا، أو نحوَه: مما يَحرم بلا حاجةٍ، ولو خلَط في كلامه، أو سقط تمييزُه بين الأعيان (¬2)، ويؤاخَذُ بسائرِ أقواله، وكلِّ فعلٍ يُعتبَرُ له العقلُ: كإقرارٍ وظهارٍ وإيلاءٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وفرَّقَ الإمامُ بينه وبين السكران فألحقه بالجنون (¬3). * قوله: (ويقع ممن أفاق من جنون (¬4). . . إلخ) قال الموفق: وهذا -واللَّه أعلم- فيمن جنونه بذهاب معرفته بالكلية، وذهاب حواسه، فأما من كان جنونه لنشاف أو كان مبرسمًا، فإن ذلك يسقط حكم تصرفه، مع أن معرفته غير ذاهبة بالكلية، فلا [يضره] (¬5) ذكره للطلاق -إن شاء اللَّه تعالى (¬6) -. * قوله: (أو نحوه) كالحشيشة المسكرة (¬7). ¬
وقتلٍ وسرقةٍ وزنًا، ونحوِ ذلك (¬1). لا من مكرَهٍ لم يأثَمْ، [ولا] (¬2) ممن أكُرِهَ -ظلمًا- بعقوبةٍ، أو تهديدٍ له أو لولدِه -من قادرٍ بسَلْطَنةٍ، أو تغلُّبٍ: كلصٍّ ونحوِه-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لم يأثم)؛ [أيْ] (¬3): بسكره بأن لم يشرب أكثر مما أُكْرِهَ عليه، فلو أُكره على قليل لا يسكره فشرب كثيرًا يسكره وقع الطلاق فيه (¬4). * قوله: (ولا ممن أكره. . . إلخ)؛ أيْ: وعجز عن دفعه والهرب منه والاختفاء -كما في الإقناع (¬5) -. * قوله: (أو تهديد له. . . إلخ) وإذا كان التهديد بقتله أو قطع طرف وجبت الإجابة؛ لئلا يكون ملقيًا بيده إلى التهلكة مع عدم الضرر؛ لعدم وقوع طلاقه، انتهى (¬6). * قوله: (ونحوه) كقاطع طريق (¬7). ¬
بقتلٍ، أو قطع طَرَفٍ، أو ضربٍ، أو حبسٍ، أو أخذِ مالٍ: يَضُرُّه كثيرًا -وظَنَّ إيقاعَه-، فطلَّق تبعًا لقوله (¬1). وكمُكرَهٍ: مَن سُحرِ ليُطلِّقَ (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله] (¬3): (أو ضرب)؛ أيْ: لا يسيرٌ في حق من لا يبالي به، أما لذوي (¬4) المروءات على وجه يكون إخراقًا لصاحبه، وغَضًّا لَهُ وشهرة فهو كالضرب الكثير (¬5) -قاله الموفق (¬6)، والشارح (¬7) -. * قوله: (أو حبس)؛ [أيْ] (¬8): (أو قيد طويلَين)، إقناع (¬9). * [قوله] (¬10): (أو أخذ مال. . . إلخ) وإخراج (¬11) من دياره (¬12). * قوله: (وكمكره من سُحِر ليطلق). . . . . . ¬
لا مَن شُتِم أو أخرِقَ به (¬1). ومن قصد إيقاعَه دونَ دفع الإكراهِ، أو أكُرِهَ على طلاق معيَّنةٍ فطلَّق غيرَها، أو طلقةٍ فطلَّق أكثرَ: وَقع (¬2) لا إن أُكرِهَ على مُبْهَمةٍ فطلَّق معيَّنةً. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [قال] (¬3) في الإنصاف: (بل هو من أعظم الإكراهات) (¬4). * قوله: (أو أُخرِقَ به)؛ أيْ: أهين به (¬5). * قوله: (أو طلقة. . . إلخ). * فائدة: قال شيخنا: (لو أكره على الطلاق) (¬6) فطلَّق ثلاثًا فهل يقع؛ لأنه كان يمكنه التخلص بواحدة، أو لا؛ لأنه مما صدق الماهية؟. لم أر من تعرَّض لذلك، لكن مقتضى ما ذكروه في طلاق الفارِّ [إذا سألته] (¬7) [الطلاق فطلق ثلاثًا لم يكن فارًّا (¬8) بخلاف ما] (¬9) إذا سألته طلقة فطلق ثلاثًا أنه ¬
أو تَرك التأويلَ بلا عذرٍ (¬1)، وإكراهٌ على عتق ويمينٍ ونحوِهما، كلعلى طلاقٍ (¬2)، ويقَع بائنًا، ولا يُستحقُّ عوض -سُئِلَ عليه-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يقع)، انتهى (¬3)، فليحرر!. * قوله: (أو ترك التأويل بلا عذر) (فلا يقع طلاقه، ولكن ينبغي له أن يتأوَّل، خروجًا من خلف من أوجبه)، شرح (¬4). * قوله: (وإكراه (¬5) على عتق. . . إلخ) قال في الفروع (¬6): (لا يُقال لو كان الوعيد إكراهًا؛ لكنَّا مكرهين على العبادات فلا ثواب؛ [لأن أصحابنا قالوا: يجوز أن يقال: إننا مكرهون عليها، والثواب بفضله لا مستحقًّا عليه عندها (¬7)، ثم العبادات] (¬8) تفعل للرغبة -ذكره في الانتصار (¬9) -). ¬
في نكاح: قِيلَ بصحتِه، ولا يراها مطلِّق (¬1). ولا يكون بِدْعِيًّا في حيضٍ، لا خُلعٍ: لخُلُوِّهِ عن العوض (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (في نكاح قيل بصحته) كالنكاح بولاية فاسق، [أو شهادة فاسقَين] (¬3)، أو نكاح الأخت في عدة أختها، أو في نكاح الشغار، والمحلل، أو بلا شهود، أو شهود، أو بلا ولي، -وما أشبه ذلك (¬4) -. * قوله: (ولا يراها مطلق) نص (¬5) عليه، كما لو حكم به من يرى صحته، والحكم إنما (¬6) يكشف خافيًا أو ينفذ واقعًا؛ لأن الطلاق إزالة تملك (¬7) بني على التغليب (¬8)، فجاز أن ينفذ في العقود الفاسدة إذا لم يكن نفوذه إسقاط حق الغير، كالعتق في الكتابة الفاسدة بالأداء. * قوله: (لا خلع)؛ أيْ: لا يصح الخلع في النكاح الفاسد؛ لخلوه عن (¬9) العوض (¬10)؛ لأنه إذا كان الطلاق بائنًا بلا عوض لا يستحق العوض ببذله؛ لأنه ¬
ولا في باطلٍ إجماعًا (¬1) ولا في نكاح فُضُوليٍّ قبل إجازته. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مقابل للبضع (¬2)، وهو لا يملكه في النكاح الفاسد حتى يملك ما جعل له في نظير تفويته (¬3) عليه، لكن الطلاق ليس من شرط صحته أن يكون في مقابلة عوض، فيقع ولو لم يستحق العوض، وأما الخلع فمن شرط صحته وجود العوض، وهو لا يوجد (¬4) بمعنى أنه لا يملك في جانب النكاح الفاسد، فإذا انتفى العوض فسد الخلع، ومن هذا تعلم أن قوله: (لا خلع) عطف على الضمير المستتر في قوله: (ويقع) العائد على الطلاق، ومنه أيضًا تعلم أنه إذا كان الخلع بلفظ الطلاق، أو نيته أنه يقع بائنًا أيضًا. * قوله: (ولا في باطل إجماعًا) كمعتدة (¬5) وخامسة (¬6). * قوله: (ولا في نكاح فضولي) (¬7)؛ أيْ: على القول به، وهو ضعيف (¬8). * قوله: (قبل إجازته) وبعده يقع الطلاق؛ لأنه من النكاح الفاسد. ¬
1 - فصل
ولو نَفَذَ بها، وكذا عتقٌ في شراء فاسد (¬1). * * * 1 - فصل ومن صحَّ طلاقه: صحَّ توكيله فيه، وتوكُّله (¬2) ولوكيلٍ -لم يُحَدَّ له حدٌّ-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولو نَفَذَ بها)؛ أيْ: ولو قلنا: ينفذ بالإجازة (¬3). * قوله: (وكذا عتق في شراء فاسد)؛ أيْ: فينفذ -كما تقدم في الطلاق-، بخلاف الشراء الباطل (¬4). وبخطه: قال شيخنا: (وإن قال لمن اشتراها بعقد فاسد: أعتقتك وجعلتُ عتقك صداقك، صحَّ العتق ولم يبح (¬5) له نكاحها، وهو الورع؛ لأنا إنما صححنا العتق؛ لتشوف الشارع إليه، وأما النكاح فلأنه مترتب (¬6) على البيع الفاسد، وهو نفسه لا يبيح الوطء كالنكاح الفاسد أيضًا) (¬7). فصل (¬8) ¬
أن يطلق متى شاء (¬1)، لا وقتَ بدعةٍ (¬2)، ولا أكثرَ من واحدةٍ إلا أن يجعلَه له (¬3)، ولا يَملكُ بإطلاقٍ تعليقًا (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا وقت بدعة) قال في الإنصاف: (ليس للوكيل المطْلَق الطلاق [وقت بدعة] (¬5)، فإن فعل حَرُم (¬6) ولم يقع، صحَّحه الناظم، وقيل: يحرم ويقع، قَدَّمه في الرعايتَين، والحاوي الصغير، قلت: وهو ظاهر [كلام المصنف؛ يعني: الموفق، حيث قال: وله أن يطلق متى شاء -وهو ظاهر (¬7) -]، كلامه في الهداية، والمستوعب)، انتهى (¬8)، وجزم بوقوعه في الإقناع (¬9). * قوله: (ولا أكثر)؛ أيْ: لا يملك ذلك، فلو طلَّق ثلاثًا هل يحرم ويقع أو لا يقع إلا واحدة، أو لا يقع شيء؟ فراجع هذه المسألة والتي بعدها، هي قوله الآتي: "ولا تملك به أكثر من واحدة إلا أن يجعله لها" (¬10)، وقياس ¬
وإن وكَّل اثنَين: لم ينفردْ أحدُهما إلا بإذن من الموكِّل (¬1)، وإن وُكِّلا في ثلاث، فطلَّق أحدُهما أكثرَ من الآخر: وقَع ما اجتمعا عليه (¬2). وإن قال: "طلِّقي نفسَكِ"، كان لها ذلك (¬3) متراخِيًا (¬4)، كوكيل (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ما بحثه شيخنا بطريق القياس على مسألة الفارِّ أنه يقع هنا الطلاق الثلاث؛ [لأن الماهية كما تصدق بمفرد تصدق بسائر أفرادها، فيقع الثلاث] (¬6)، كما يقع في الحيض -صرح في الإقناع (¬7) بمسألة الحيض-، فليحرر، وليتدبر!. * قوله: (وقع ما اجتمعا عليه) [فإذا طلق واحد منهما واحدة وطلق الآخر ثنتَين وقع واحدة؛ لأنها هي التي اجتمعا عليها] (¬8)، ومثله الإقناع (¬9). * قوله: (كان (¬10) لها ذلك)؛ أيْ: طلاق نفسها (¬11). ¬
-ويبطل برجوع (¬1) - ولا تَملكُ أكثرَ من واحدة، إلا إن جعَله لها (¬2)، وتَملكُ الثلاثَ في: "طلاقُك بيدك" أو "وكَّلتُكِ فيه" (¬3)، وإن خَيَّر وكيلَه (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويبطل)؛ أيْ: ما جعله لها من طلاق نفسها، شارح (¬5)، والأولى إرجاع الضمير للتوكيل في الطلاق الأعم من ذلك (¬6)، ويمكن أن تكون (¬7) (ما) في عبارته مصدرية، إلا أنه لا يساعده قوله (¬8): (من طلاق. . . إلخ). * قوله: (إلا إن جعله لها) فتملك ما جعله لها، وطلقي نفسك فقالت: أنا طالق إذا قدم زيد، لم تطلق بقدومه؛ لأن إذنه انصرف إلى المنجَّز، فلم يتناول المعلق (¬9). ¬
أو زوجتَه، من ثلاث: ملَكا ثِنْتَين فأقلَّ، ووجب على النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- تَخْيِيرُ نسائه (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . * * * ¬
1 - باب سنة الطلاق وبدعته
1 - بابُ سُنَّةِ الطلاقِ وبِدْعَتِه السنة لمريدِه: إيقاع واحدةٍ في طهرٍ لم يُصبها فيه، ثم يَدَعُها حتى تنقضي عدَّتُها (¬1)، إلا في طُهر متعقِّبٍ لرجعةٍ، من طلاق في حيض. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ سُنَّةِ الطلاقِ وبِدْعَتِه معنى سنة الطلاق: إيقاعه على الوجه المشروع، ومعنى بدعته: إيقاعه على الوجه المحرم المنهي عنه (¬2) -راجع ما كتبناه (¬3) بهامش الحاشية-. * قوله: (في حيض) قال في المبدع: (ونفاس كحيض) (¬4). ¬
فبدعةٌ (¬1). وإن طلق مدخولًا بها في حيضٍ، أو طُهرٍ وَطئَ فيه ولم يستبِنْ حملُها (¬2)؛ أو علَّقه على أكلها ونحوهِ: مما يُعلم وقُوعه حالتَها: فبدعة (¬3) محرَّمٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فبدعة) ولا يحرم (¬4). * قوله: (فبدعة محرم) يؤخذ من التقييد في هذا أن الأول ليس بمحرم (¬5)، وهو كذلك على الصحيح (¬6). ¬
ويقع، وتُسنُّ رجعتُها. وإيقاع ثلاث -ولو بكلماتٍ، في طُهرٍ لم يصبها فيه، فأكثر (¬1)، لا بعدَ رجعةٍ أو عقدٍ (¬2) - محرَّمٌ. ولا سُنةَ ولا بدعةَ مطلقًا، لغير مدخول بها، وبَيِّنٍ حملُها، وصغيرةٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وتسن رجعتها) إذا راجعها وجب إمساكها حتى تطهر، فإذا طهرت سُنَّ أن يمسكها حتى تحيض حيضة أُخرى ثم تطهر، فإن طلقها في هذا الطهر قبل أن يصيبها، فهو طلاق سنة (¬3). * قوله: (وإيقاع) هو مبتدأ خبره قوله: (محرم). * قوله: (مطلقًا)؛ أيْ: لا في زمن، ولا في عدد (¬4)، قال شيخنا: (وهو مشكل في جانب العدد) (¬5)، تدبر!. ¬
وآيسةٍ (¬1)، فلو قال لإحداهن: "أنتِ طالق للسُّنةِ"، أو قال: ". . . للبِدْعةِ" طَلَقتْ في الحال (¬2)، و: ". . . للسُّنة طلقةٌ، والبدعةِ طلقةٌ"، وقَعَتا (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لإحداهن)؛ أيْ: غير المدخول بها، والحامل، والصغيرة، والآيسة، فتدبر (¬4). * قوله: (وقعتا)؛ لأن الطلاق لا يتصف (¬5) بذلك فتلغو الصفة، ويبقى الطلاق (¬6)، ولعل محله في وقوع الطلقتَين ما لم تكن الأولى على عوض؛ فإن البائن لا يلحقها الطلاق (¬7)، فتقع (¬8) الأولى فقط، ولعل محله أيضًا في غير المدخول بها؛ فينها تبين بالأولى على ما يأتي آخر الفصل (¬9)، ولعل قول المصنف الآتي: "إلا غير مدخول بها فتيين بواحدة" (¬10) راجع لهذه أيضًا، فتدبر!. ¬
ويُدَيَّنُ -في غير آيسةٍ- إذا قال: "أردتُ: إذا صارت من أهل ذلك" (¬1)، ويُقبَلُ حُكمًا (¬2). ولِمن لها سنُةٌ وبدعةٌ، إن قاله: فواحدةٌ في الحال، والأخرى في ضدِّ حالها إذًا (¬3)، و: ". . . للسُّنة" فقط، في طُهرٍ لم يَطأْ فيه: يَقَعُ في الحال، وفي حيضٍ: إذا طَهُرتْ، وفي طُهرٍ وَطِئَ فيه: إِذا طَهُرتْ من الحيضة المستقبَلةِ (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويدين)؛ أيْ: يوكل إلى دينه باطنًا. * قوله: (إذا) ظرف للمضاف إليه، وكذا ما يأتي منه. * قوله: (وفي حيض إذا طهرت) انظر لو كان قد طلقها في الحيض طلاقًا رجعيًّا، ثم راجعها، ثم قال لها -وهي حائض-: أنت طالق [للسنة (¬5)]؛ فإن ظاهر كلامه هنا يقتضي أنه يقع الطلاق في الطُّهر المتعقب للحيضة، وأنه يكون سنيًّا مع أنه قد استثناه فيما سبق من طلاق السنة (¬6)، غايته أنهم قالوا: إن الطلاق بدعي لكنه ليس بمحرم. * قوله: (إذا طهرت من الحيضة المستقبلة) لوجود الصفة إذًا، فلو أولج في ¬
و: ". . . للبدعةِ"، في حيض، أو طهرٍ وَطئَ فيه: يَقَعُ في الحال (¬1)، وإن لم يَطَأْ فيه: فإذا حاضت، أو وَطِئَها (¬2)، ويَنزِع في الحال: إن كان ثلاثًا، فإن بقي: حُدَّ عالمٌ وعُزِّرَ غيرُه (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ آخر الحيضة واتصل بأول الطهر، [أو أولج مع أول الطهر] (¬4)، لم يقع الطلاق في ذلك الطهر، لكن متى جاء (¬5) طهر لم يجامعها فيه طلقت في أوله. * قوله: (في حيض أو طهر) وكذا في طهر تعقب رجعة من طلاق وقع في حيض (¬6) -كما تقدم (¬7) -. * قوله: (إن كان ثلاثًا) قال الشارح: (أو مكملًا لما يملكه من عدد الطلاق)، انتهى (¬8). أشار به إلى أن قوله: (ثلاثًا) ليس بقيد؛ لئلا يخرج ما إذا كان واحدة، لكن سبقها ثنتان، وما إذا كان الزوج رقيقًا لا يملك إلا ثنتَين (¬9)، وبقي ما إذا كان واحدة ¬
و: "أنت طالق ثلاثًا للسُّنةِ"، تَطلقُ الأُولى في طهرٍ لم يطأْ [فيه] (¬1)، والثانية طاهرةٌ بعد رجعةٍ أو عقدٍ، وكذا الثالثةُ (¬2). و: ". . . طالقٌ ثلاثًا للسُّنةِ والبدعةِ نصفَين" (¬3)، أو لم يقل: "نصفَين"، أو قال: "بعضُهن للسُّنةِ، وبعضُهن للبدعةِ"، وقَع إذًا ثِنْتانِ، والثالثةُ في ضدِّ حالها إذًا (¬4)، فلو قال: "أردت تأخُّرَ ثِنْتَين قُبل حُكمًا" (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ على عوض، فإنه لا يشمله كلام المصنف، ولا الشارح، مع أن الحكم فيه كذلك، فلو قال: إن كان الطلاق بائنًا؛ لكان أشمل، فتدبر!. * قوله: (بعد رجعة) في هذا التقييد نظر؛ لأن الأولى إذا وقعت رجعية فالرجعية (¬6) يلحقها الطلاق (¬7)، ولو لم تراجع، فليحرر!. ¬
ولو قال: ". . . طلقتَيْن للسُّنةِ، وواحدةٌ للبدعةِ"، أو عكَس: فعلى ما قال (¬1). و: "أنتِ طالق في كل قُرْءٍ طلقةً" وهي حامل (¬2)، أو من اللَّائي لم يَحِضْنَ: لم تَطلُقْ حتى تحيض فتَطلُقُ في كل حيضةٍ طلقةً (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقد يُقال: التقييد بذلك بناء على ما أسلفه (¬4) من قوله: (وإيقاع ثلاث. . . إلخ) (¬5) فهو قيد لنفي الحرمة، حتى لا يصير بدعيًّا لو كانت الثلاث من غير تخلل رجعة، أو عقد لا لنفي الوقوع، فتدبر!. * قوله: (فعلى ما قال) ففي الأولى إن كانت الآن من أهل السنة وقع بها ثنتان والثالثة في ضد حالها، وعكسها بعكسها. * قوله: ([أو] (¬6) من اللائي (¬7) لم يحِضن) أي لم يكن قد حِضن، وانظر: ¬
1 - فصل
إلا غيرَ مدخول بها: فتَبِينُ بواحدةٍ (¬1). * * * 1 - فصل و: "أنتِ طالقٌ أحسنَ طلاقٍ أو أجملَه، أو أقربه أو أعدلَه، أو أكملَه أو أفضلَه، أو أتمَّه أو أسَنَّه" أو: ". . . طلقةً سُنيِّةً أو جليلةً"، ونحوَه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ما الحكم فيما إذا قال ذلك للآيسة، هل يقع في الحال واحدة أو ثلاث؟، ثم رأيته في الإقناع (¬2) قال: (وإن كانت آيسة لم تطلق)، انتهى. * قوله: (إلا غير مدخول بها فتبين بواحدة) ثم إن تزوج بها وقع بها في القرء الثاني طلقة ثانية، وكذا الحكم في الثالثة، وإن كانت حائضًا حيث قوله وقع بها واحدة في الحال، سواء كانت مدخولًا بها أو غير مدخول بها (¬3). فصل (¬4) ¬
كـ: ". . . للسُّنة" (¬1). و: ". . . أقبحَه أو أسمجَه (¬2)، أو أفحشَه أو أردأه، أو أنتنَه"، ونحوَه كـ: ". . . للبدعةِ" (¬3). إلا أن يَنويَ: "أحسنُ أحوالِك أو أقبحُها: أن تكوني مطلَّقة": فيَقَعُ في الحال (¬4). ولو قال: "نويتُ بأحسنِه -زمنَ بدعةٍ- شَبَهَه بخُلقها"، أو: ". . . بأقبحِه -زمنَ سُنةٍ -. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (كالسنة) (¬5)؛ لأن ذلك عبارة عن طلاق السنة، فإن كانت في طهر لم يصبها فيه وقع في الحال، وإلا فإذا صارت كذلك، ويصح وصف الطلاق بالسنة والحسن، والكمال والفضل؛ لكونه في ذلك الفضل موافقًا للسنة مطابقًا للشرع (¬6). * قوله: (شَبهه) تأمل هذه العبارة، وكأن (شبهه) مفعول له، كما فعله ¬
قُبْحَ عشرتِها"، أو عن "أحسنه" ونحوه: "أردتُ طلاقَ البدعةِ"، أو عن "أقبحِه" ونحوِه: "أردت طلاقَ السُّنةِ" دُيِّنَ، وقُبِل حُكمًا في الأغلظ فقط (¬1). و: ". . . طالقٌ طلقةً حسنة قبيحةً" (¬2)، أو: ". . . طالقٌ في الحال للسُّنةِ" وهي حائضٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الشيخ (¬3) في قبح أخذًا [من] (¬4) جر صاحب الإقناع لهما باللام (¬5)، حرر!. * قوله: (قبح عشرتها) (¬6) حرر العبارة، ووجهه في الحاشية (¬7) بأن التقدير (¬8): لقبح عشرتها، فهو مفعول به، وأما زمن سنة فمفعول به. * قوله: (في الأغلظ فقط)؛ أيْ: دون غيره، ما لم تقم قرينة على ذلك ¬
أو: ". . . في الحال للبدعةِ" في طُهر لم يَطَأْها فيه: تَطلقُ في الحال (¬1). ويُباح خُلعٌ وطلاقٌ -بسؤالها، على عوض- زمنَ بدعةٍ (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ -على ما في الإقناع (¬3) -. * قوله: (تطلق في الحال) ومن قال لزوجته: (أنت طالق طلاق الحرج (¬4)، فقال القاضي: معناه طلاق البدعة؛ لأن الحرج الضيق والإثم، فكأنه قال: طلاق الإثم [وطلاق البدعة] (¬5) طلاق (¬6) إثم) -نقله في الشرح الكبير (¬7) -. * قوله: (بسؤالها) (¬8)؛ أيْ: على عوض (¬9). * * * ¬
2 - باب صريح الطلاق وكنايته
2 - بابُ صَرِيح الطَّلاقِ وكِنَايَتِه الصَّريحُ: ما لا يَحتملُ غيرَه: من كل شيء (¬1)، والكِنايةُ: ما يَحتمِلُ غيرَه، ويَدُلُّ على معنى الصريحِ (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ باب صريح الطلاق وكنايته (¬3) * قوله: (ما لا يحتمل) (¬4)؛ [أيْ] (¬5): احتمالًا قويًّا فسقط به الاعتراض المشهور. وبخطه: فالمعتبر في الطلاق اللفظ دون النية التي لا يقارنها لفظ؛ لأن التلفظ هو الفعل المعبر (¬6) عما في النفس من الإرادة والعزم، والقطعُ بذلك إنما يكون مع مقارنة القول للإرادة (¬7). ¬
(أ) وصريحُه: لفظُ "طلاقٍ" وما تَصَرَّف منه (¬1)، غيرَ أمرٍ، ومضارع، و"مطلقةٍ" اسم فاعل (¬2)، فيَقعُ من مصرِّح ولو هازلًا أو لاعبًا (¬3)، أو فتَح تاءَ "أنتِ" (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وما تصرَّف منه) كطالق (¬5)، ومطلقة، وطلقتك (¬6). * قوله: (فيقع. . . إلخ) ظاهرًا وباطنًا (¬7) (¬8). * قوله: (أو فتح تاء أنت) (¬9)؛ لأنه واجهها بالإشارة والتعيين (¬10)، فسقط ¬
أو لم يَنوِه (¬1). وإن أراد: "طاهرًا" أو نحوَه فسبقَ لسانُه، أو: "طالقًا من وثاقٍ، أو من زوجٍ كان قبْلَه" (¬2)، وادَّعى ذلك (¬3)، أو قال: "أردتُ: إن قمتِ، فتركتُ الشرطَ"، أو قال: ". . . إن قمتِ"، ثم قال: "أردتُ: وقعدتِ -أو نحوه- فتركتُه، ولم أرِدْ طلاقًا" دُيِّنَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حكم اللفظ (¬4)، وقال الشيخ تقي الدين (¬5): (وهذه الصيغ إنشاء من حيث إنها تثبت الحكم وبها تم (¬6)، وهي إخبار لدلالتها على المعنى الذي في النفس). * قوله: (دين) انظره مع قولهم: (فيقع من مصرح ظاهرًا وباطنًا) (¬7)، كما نبه عليه الشارح عند شرح قوله: (فيقع من مصرحِ ولو هازلًا أو لاعبًا) (¬8)، إلا أن يقيد كلام الشارح بما لم يتأول (¬9). ¬
ولم يُقْبل حُكمًا (¬1). ومن قيل له: "أطلَّقتَ امرأتَك؟ "، قال: "نعم" -وأراد الكذب- طَلَقتْ (¬2)، و: "أخْلَيتَها؟ " ونحوُه، قال: "نعم" فكنايةٌ. وكذا: "ليس لي امرأةٌ"، أو: "لا امرأةَ لي" (¬3). فلو قيل: "ألكَ امرأة؟ ". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولم يقبل حكمًا)؛ لأنه خلاف ما يقتضيه الظاهر عرفًا؛ لبعد إرادة ذلك (¬4). * قوله: (طلقت)؛ لأن (نعم) صريح في الجواب، والجواب الصريح بلفظ الصريح صريح (¬5). * قوله: (وكذا. . . [إلخ]) (¬6)؛ أيْ: في التوقف على نية (¬7)، باعتبار (¬8) أن المرأة تحتمل الزوجة وغيرها، بخلاف: لا زوجة لي، أو ليس لي زوجة. ¬
قال "لا" -وأراد الكذب-: لم تَطْلق (¬1). وإن قيل لعالمٍ بالنحو: "ألم تطلِّق امرأتَك؟! "، فقال: "نعمْ": لم تَطلُق، وإن قال: "بلَى": طَلَقت (¬2). ومن أُشهِدَ عليه بطلاقٍ ثلاثٍ، ثم أُفتِيَ: "بأنه لا شيءَ عليه"، لم يؤاخَذ بإقراره. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وأراد الكذب لم تطلق) وكذا (¬3) لو نوى: ليس لي امرأة تخدمني، أو ترضيني، أو: إني كمن (¬4) لا امرأة [له] (¬5)، أو لم ينو (¬6) شيئًا (¬7)، بخلاف ما إذا قيل له: ألك زوجة؟ فقال: لا، فيقع ولو أراد الكذب (¬8). * قوله: (ومن أشهد عليه بطلاق ثلاث)؛ أيْ: بأنه أقرَّ أنه وقع عليه الطلاق الثلاث، وكان ذلك لتقدم يمين منه (¬9) يتوهم وقوعه (¬10). * قوله: (لم يؤاخذ بإقراره)؛ أيْ: السابق على الفتوى. ¬
لمعرفةِ مستنَدِه، ويُقبلُ قولُه: "أن مستندَه في إقراره بذلك"، ممن يجهله مثله (¬1). وإن أخرج زوجتَه من دارها، ولطمَها، أو أطعمها، أو سقاها، أو ألبسَها، أو قبَّلها، ونحوَه، وقال: "هذا طلاقُكِ". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لمعرفة مستنده) (¬2) في إقراره [وهو توهم] (¬3) الوقوع. * قوله: (ويقبل قوله) قال الشيخ تقي الدين: (بيمينه) (¬4). * قوله: (بذلك)؛ أيْ: توهم الوقوع (¬5)، ولو اتصل إقراره على الوجه المذكور بحاكمٍ وحَكَمَ بوقوع الطلاق اعتمادًا على مجرد الإقرار، فإنه لا يلتفت إليه، ولا يفرق بينهما؛ لما صرح به المصنف في موضع آخر من أن حكم الحاكم لا يخرج الشيء عن موضوعه، فحافظ على هذه وأتقنها فإنه قد وقع فيه كثير من الأغيياء الذين يدعون أنهم مُفتون وهم مفتونون (¬6)، ولا إلمام لهم بالمتون. ¬
طَلَقتْ، فلو فسَّره بمحتمِلٍ كأن نوى: "أن هذا سببُ طلاقكِ": قُبل حُكمًا (¬1). وإن قال: "كلَّما قلتِ شيئًا (¬2)، ولم أقل لكِ مثله". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (طلقت) (وكان ذلك صريحًا [كما] (¬3) نصَّ عليه؛ لأن ظاهر هذا اللفظ جعل هذا الفعل طلاقًا (¬4) [منه، فكأنه قال: أوقعت عليك بهذا الفعل طلاقًا لكن الفعل بنفسه لا يكون طلاقًا] (¬5)، فلابد من تقدير فيه ليصح لفظه به)، انتهى كلام الشارح (¬6). * وقوله (¬7): (فلا بُدَّ (¬8) من تقدير فيه)؛ أيْ: من تقدير هذا اللفظ، وأن يكون الأصل: هذا فيه طلاقك؛ أيْ: متضمن له. * قوله: (كأن نوى أن هذا سبب طلاقك)؛ أيْ: مستقبلًا (¬9). ¬
فأنتِ طالق، فقالت له: "أنتَ. . . "، أو: "أنتِ طالق"، فقال مثلَه: طلَقَتْ، ولو عقله (¬1) ولو نَوى: ". . . في وقتِ كذا" ونحوَه، تخصَّص به (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: ([طلقت]) (¬3) انظر هذا مع قولهم: (وتعتبر إرادة لفظه لمعناه) (¬4)؛ فإنه لم يرد ذلك، وإنما أراد التخلص من الطلاق المعلق، فليحرر. ويمكن تخصيص ذلك القيد بأنه لإخراج مثل كلام الحاكي، والنائم، والمجنون، بدليل قولهم: (إن الصريح في بابه لا يحتاج إلى نية)؛ إذ لولا مثل هذا الحمل لتناقضت هاتان القاعدتان. * قوله (¬5): (طلقت ولو علقه ولو نوى في وقت كذا تخصص به) حاصله: أنه إما أن يقول لها: أنت طالق إن دخلت الدار، أو أنت (¬6) طالق، وينوي في وقت كذا من غير نطق بالتقييد، أو أنت (¬7) طالق ويُطْلق، أو لا يقول شيئًا، فإن كان الأول وقع الطلاق في الحال؛ لأنه لم يقل لها مثل ما قالت له؛ لأن المنجَّز غير المعلَّق، وإن كان الثاني انحلَّت اليمين، ووقع الطلاق بالصيغة التي قالها في الوقت ¬
ومن طلَّق أو ظاهَر من زوجةٍ، ثم قال عقبَه لضَرَّتِها: "شرَكتُكِ. . . " أو: "أنتِ شريكتُها، أو مثلُها، أو كهي"، فصريحٌ فيهما (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ الذي عينه، وإن كان الثالث وقع في الحال بالتعليق (¬2) دون المشافهة، وإن كان الرابع وقع عند اليأس من القول، وهو قُبيل موته أو موتها -هذا خلاصة ما في الشرح (¬3)، والحاشية لشيخنا (¬4) -. والقول بأنه يقع فيما إذا خاطبها بالمعلَّق مخالف (¬5) لما هو منقول في روض الآداب عن أبي يوسف الموافق ما أفتى به ابن جرير الطبري (¬6) المنقول في الشرح (¬7). وبخطه على قول المصنف (تخصص به): وهل يقبل منه ذلك في الحكم أَوْ لا (¬8)؟ توقف فيه شيخنا ثم بعد برهة استظهر قبوله (¬9). ¬
ويقَعُ بـ: "أنتِ طالق. . . لا شيءَ (¬1)، أو ليس بشيءٍ، أو لا يلزمُكِ" (¬2)، أو: ". . . طلقةٌ لا تقعُ عليكِ، أو لا ينقُص بها عددُ الطلاق" (¬3)، لا بـ: "أنتِ طالق أوْ لا؟ " (¬4)، أو: ". . . طالقٌ واحدٌ أوْ لا؟ " (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويقع بـ: أنت طالق لا شيء. . . إلخ)؛ لأنه رفع لما أوقعه فلا يصح، كاستثناء (¬6) الجميع، وإن كان خبرًا (¬7) فهو كذب؛ لأن الواحدة إذا أوقعها وقعت (¬8). * قوله: (لا بـ: أنت طالق أوْ لا. . . إلخ)؛ لأنه استفهام لا إيقاع. ¬
ومن كتب صريحَ طلاقِ امرأتِهِ بما يَبِينُ: وقع (¬1)، وإن لم يَنوِه؛ لأنها صريحةٌ فيه (¬2)، فلو قال: "لم أرِدْ إلا تجويدَ خطي (¬3)، أو غَمَّ أهلي" (¬4)، أو قرأ ما كتبه، وقال: "لم أقصدْ إلا القراءةَ": قُبل حُكمًا (¬5). ويقعُ بإشارةٍ من أخرسَ فقط، فلو لم يَفهمها إلا بعضٌ: فكنايةٌ، وتأويلُه مع صريح، كمَع نطقٍ (¬6). ويقعُ ممن لم تبلغْه الدعوةُ (¬7). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويقع بإشارة من أخرس)؛ أيْ: مفهومة، وكذا كتابة وسكت عنها المعلم بالأولى من مسألة الناطق (¬8). ¬
1 - فصل
وصَريحُه بلسان العَجَم: "بهشْتَمْ" (¬1)، فمن قاله عارفًا معناهُ: وَقَع ما نواهُ (¬2)، فإن زاد: "بِسْيَارَ": فثلاثٌ (¬3)، وإن أتَى بِهِ، أو بصريحِ طلاقٍ، من لا يعرفُ معناهُ: لم يَقَعْ، ولو نَوى موجَبَه (¬4). * * * 1 - فصل (ب) وكناياتُه نوعان: ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بهشتم) بكسر الباء الموحدة والهاء وسكون الشين المعجمة وفتح التاء المثناة فوق (¬5). * قوله: (فمن قاله)؛ يعني: ولو عربيًّا حيث كان عارفًا معناه (¬6). فصل (¬7) * قوله: (وكناياته نوعان) ظاهرة وخفية، فالظاهرة الألفاظ (¬8) الموضوعة ¬
(أ) فالظاهرةُ: 1، 2، 3، 4، 5 - "أنتِ خَلِيَّةٌ، وبَريَّةٌ، وبائنٌ، وبَتَّةٌ، وبَتْلَةٌ" (¬1). 6، 7 - و"أنتِ حُرَّةٌ"، و"أنتِ الحَرَجُ" (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ للبينونة، والخفية الألفاظ الموضوعة للواحدة (¬3). * قوله: (وبائن) من البين، وهو الفراق (¬4). * قوله: (وبتة) من البتِّ، وهو القطع (¬5). * [قوله: (وبتلة) بتقديم الموحدة على المثناة فوق من البتل وهو قطع] (¬6) الوصلة (¬7). ¬
8، 9 - و"حبلُكِ على غارِبك"، و"تزوَّجي من شئتِ" (¬1). 10، 11، 12 - و"حَلَلْتِ للأزواج"، و"لا سبيلَ -أو لا سُلطانَ- لي عليكِ" (¬2). 13، 14، 15 - و"أعتقتُك" (¬3)، و"غَطِّ شعرَكِ"، و"تَقَنَّعي" (¬4). (ب) والخفيَّةُ: 1، 2، 3، 4 - "اخرُجي، واذهَبي، وذُوقي، وتَجَرَّعِي" (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وحبلك على غاربك)؛ أيْ: خلَّيت سبيلك، كما يخلى البعير في الصحراء وزمامه على غاربه (¬6)، وهو ما تقدم من الظهر وارتفع من العنق (¬7)؛ ليرعى ¬
5، 6، 7، 8 - و"خلَّيتُك"، و"أنتِ مُخَلَّاةٌ"، و"أنتِ واحدةٌ" (¬1)، و"لست لي بامرأةٍ" (¬2). 9، 10، 11، 12 - و"اعتدِّي، واستَبْرِئي، واعتزِلي" وشِبْهُه (¬3)، و"الحَقي بأهلكِ" (¬4). 13، 14 - و"لا حاجةَ لي فيكِ"، و"ما بقيَ شيءٌ" (¬5). 15، 16، 17، 18 - و"أغناكِ اللَّهُ". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كيف شاء (¬6). * قوله: (واعتدِّي)؛ أيْ: لأني (¬7) طلقتك، وإن لم يدخل بها لأنها (¬8) محل للعدة في الجملة (¬9). ¬
و"إن اللَّهَ قد طلَّقكِ" (¬1)، و"اللَّهُ قد أراحَكِ مني"، و"جرَى القلمُ" (¬2). 19، 20 - ولفظُ: "فِراقٍ"، و"سَرَاحٍ" (¬3)، وما تَصَرَّف منهما غيرَ ما استُثنيَ من لفظ الصريح (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإن اللَّه قد طلقك) قال ابن عقيل: (وكذا: فرق اللَّه بيني وبينك في الدنيا والآخرة) (¬5)، وقال الشيخ تقي الدين: (إن أبرأتيني فأنت طالق، فقالت (¬6): أبرأك اللَّه، مما تدعي (¬7) النساء على الرجال، فظن أنه بريء فطلق، قال: يبرأ) (¬8)، فهذه المسائل الثلاث الحكم فيها سواء (¬9)، ونظير ذلك: إن اللَّه قد باعك وقد أقالك -ونحو ذلك (¬10) -. * قوله: (غير ما استثني من لفظ الصريح) (وهو الأمر والمضارع، ومفارقة ¬
ولا يقعُ بكنايةٍ -ولو ظاهرةً- إلا بِنيَّةٍ (¬1) مقارنةٍ للَّفظ (¬2)، ولا تُشترط حالَ خصومةٍ، أو غضبٍ، أو سؤالِ طلاقها (¬3)، فلو لم يُرِدْهُ، أو أراد غيرَه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ومسرحة اسم فاعل)، انتهى من شرحه (¬4)، وظاهره أن: (مفارقة) يقع به فليحرر!. * قوله: (ولا يقع بكناية ولو ظاهرة إلا بنية)؛ لقصور رتبتها (¬5) عن رتبة (¬6) الصريح؛ ولأن الكناية لفظ يحتمل الطلاق وغيره، فلا يتعين له بدون النية (¬7). * قوله: (مقارنة للفظ)؛ (أيْ: يشترط أن يكون نية الطلاق مقارنة لأول (¬8) لفظة الكناية، وإن عزبت عنه بعد ذلك -كما في العبادات-، فلو نوى بعد تمام إتيانه بالكناية أو في أثنائها لم يقع الطلاق)، انتهى شرح (¬9) -وهو ضعيف- راجع الحاشية! (¬10). ¬
إذا: دُيِّنَ، ولم يُقبل حُكمًا (¬1). ويقعُ بظاهرةٍ ثلاثٌ، وإن نَوى واحدةً (¬2)، وبخفيَّةٍ رجعيَّةٌ: في مدخول بها، فإن نوَى أكثرَ: وقَع (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (إذا)؛ أيْ: في حال الخصومة وما بعده (¬4). * قوله: (ويقع بظاهرة ثلاث وإن نوى واحدة) وهذا قول علماء الصحابة منهم ابن عباس، وأبو هريرة (¬5)، وعائشة، وكان أحمد يكره الفتيا في الكنايات الظاهرة (¬6)، مع ميله إلى أنها ثلاث (¬7). ¬
وقوله: "أنا طالقٌ (¬1)، أو بائنٌ، أو حرامٌ، أو بَرِيءٌ" (¬2)، أو زاد: "منكِ"، و: "كُلِي، واشرَبي، واقعُدي، واقرُبي"، و"بارَكَ اللَّه عليك"، و"أنت مليحةٌ، أو قبيحةٌ" ونحوُه: لَغْوٌ لا يَقَعُ به طلاقٌ، وإن نواهُ (¬3). و: "أنتِ -أو الحِلُّ، أو ما أحَلَّ اللَّهُ- عليَّ حرامٌ"، ظهارٌ ولو نَوى طلاقًا، كنيَّتِه بـ: "أنتِ عليَّ كظهرِ أمِّي" (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وأنت أو الحل أو ما أحل اللَّه عليَّ حرام ظهار) (وإن صرح بتحريم المرأة أو نواها، كقوله: ما أحل اللَّه عليَّ حرام من أهل ومال، فهو آكد، وتجزئه كفارة الظهار؛ لتحريم المرأة والمال) إقناع في كتاب الظهار (¬5). وبخطه: قال في الإقناع (¬6): (ولو قال: عليَّ الحرام، أو يلزمني الحرام، أو الحرام يلزمني فلغو لا شيء [فيه] (¬7) مع الإطلاق، ومع نية أو قرينة ظهار، ويأتي في ¬
وإن قال لمحرَّمةٍ بحيضٍ ونحوِه، ونَوى "أنها محرَّمةٌ به": فلغوٌ (¬1). و: "ما أحَلَّ اللَّهُ عليَّ حرامٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بابه)، انتهى، ولم يذكر في باب الظهار أكثر من ذلك. وقال في الإنصاف (¬2): (الصواب أنه مع النية أو القرينة، كقوله: أنت عليَّ حرام، ثم رأيتُ ابن رزين قدَّمه)، انتهى. وفي الفروع في الظهار (¬3): (ويتوجه الوجهان إن نوى به طلاقًا (¬4) وإن (¬5) العرف قرينة). قال في تصحيح الفروع (¬6): (الصواب أنه يكون [به] (¬7) طلاقًا بالنية؛ لأن هذه الألفاظ أولى بأن تكون كناية من قوله: اخرجي ونحوه)، قال: (والصواب أن العرف قرينة واللَّه أعلم)، انتهى. * [قوله] (¬8): (ونوى أنها محرمة به. فلغو) وإلا كان ظهارًا. * قوله: (وما أحل اللَّه عليَّ حرام)؛ أعني: به الطلاق يقع (¬9) ثلاثًا (¬10). ¬
أعني به: الطلاق": يقعُ ثلاثٌ (¬1)، و: ". . . أعنِي به طلاقًا": يقعُ واحدةٌ (¬2)، و: "أنت علي حرامٌ"، ونَوى: "في حُرْمتِكِ على غيري": فكطلاق (¬3)، ولو قال: "فِرَاشي عليَّ حرامٌ"، فإن نَوى امرأتَه: فظِهارٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في شرحه: (أما كونها تطلق ثلاثًا، فيما إذا قال: أعني به الطلاق فلأن الألف واللام للاستغراق أو للعهد ولا معهود، فتحمل على الاستغراق، فيدخل فيه الطلاق الثلاث)، انتهى (¬4). قلت: يمكن أن تكون اللام للحقيقة والجنس، فلم يتعين أنْ تكون للاستغراق؛ إذ لا قرينة ويقع به واحدة فقط إذ ليست اللام (¬5) منحصرة في الاستغراق والعهد حتى إذا انتفى العهد تعين الاستغراق، هكذا كان يقرر شيخنا، ثم رجع عن ذلك الإشكال لقوله في الحاشية (¬6) -مقويًا لكلام الشارح- ما نصه: (ولا يتبادر حملها على الجنسية التي هي لام الحقيقة؛ إذ لا فائدة حينئذ للعدول عن التنكير الذي هو الأصل إلى التعريف)، انتهى. * قوله: (وأنت عليَّ حرام ونوى: في حرمتك على غيري) قال في شرحه: (قاله في الترغيب وغيره، واقتصر عليه في الفروع، ومعنى ذلك -واللَّه أعلم- أنت ¬
وإن نَوى فِراشَه: فيمينٌ (¬1). و: "أنتِ عليَّ كالمَيْتةِ والدم": يقعُ ما نواه: من طلاقٍ وظهارٍ ويمينٍ (¬2). فإن لم يَنوِ شيئًا: فظِهارٌ (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليَّ حرام كما أنت حرام على غيري، وحرمتها على غيره بكونها في حباله)، انتهى (¬4). فقد بين معنى (في حرمتك على غيري) وغايته أن (في) نائت (¬5) مناب (الكاف)، وأن وجه الشبه (¬6) لكونها في حباله، وهو غير لائق، ولعله سقط منه: (ليست) ليكون وجه الحرمة، فالظاهر أنه لا يقع به طلاق (¬7)، كما لو نوى بأنت عليَّ حرام الطلاق، وأما قوله: (فكطلاق)؛ أيْ: فكما لو نوى بهذا اللفظ، ولو كان غرضهم الطلاق لقالوا: فطالق (¬8). * قوله: (وأنت عليَّ كالميتة. . . إلخ) انظر لو قال: أردتُ بالميتة والدم ¬
ومن قال: "حلفتُ بالطلاق"، وكذَب: دُيِّنَ، ولزمه حُكمًا (¬1). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ المباحَين كالسمك والجراد والكبد والطحال (¬2) هل يديَّن ولا يقبل منه في الحكم، أو يقبل حكمًا (¬3) أيضًا ما لم يكن حال خصومة أو غضب أو سؤالها طلاقًا على قياس ما سبق؟ (¬4)، وحرر المسألة بالنقل!. * قوله: (ومن قال: حلفتُ بالطلاق) أو باللَّه -على ما في الإقناع (¬5) -. * قوله: (ولزمه حكمًا)؛ لأنه حق إنسان معين، فلا يقبل رجوعه [عنه] (¬6)، ولو قالت زوجته: حلفتَ بالطلاق الثلاث فقال: لم أحلف إلا بواحدة، أو قالت: علقت طلاقي على قدوم زيد، فقال: بل على قدوم عمرو، فالقول قوله؛ لأنه العالم (¬7) [بحال] (¬8) نفسه (¬9). ¬
2 - فصل
2 - فصل و: "أمرُك بيدك"، كنايةٌ ظاهرة: تَملك بها ثلاثًا (¬1)، و: "اختاري نفسَك"، خفيَّةٌ: ليس لها أن تطلِّقَ بها -ولا بـ: "طلِّقي نفسَك"- أكثرَ من واحدةٍ (¬2). ولها أن تطلِّقَ نفسَها متى شاءت: ما لم يَحُدَّ لها حدًّا، أو يَفسخْ، أو يطأ، أو ترُدَّ هي، إلا في "اختاري نفسك"، فيختَصُّ بالمجلس: ما لم يشتغِلا بقاطع (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل (¬4) * قوله: (أو يفسخ) (¬5)؛ أيْ: يرجع عن جُعْلِهِ لها (¬6). * قوله: (ما لم يشتغلا بقاطع) فإن قاما أو أحدهما من المجلس، أو خرجا ¬
ويصح جَعلُه لها بعده، وبجعلٍ، ويقعُ بكنايتها مع نية (¬1). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ من الكلام الذي كانا فيه إلى غيره بطل خيارهما (¬2)، وإن كان أحدهما قائمًا فركب أو مشى بطل، لا إن قعد أو كانت قاعدة فانكبَّت، أو منكبة فجلست، وإن تشاغلت بالصلاة بطُلت، وإن كانت في صلاة فأتمتها لم يبطل (¬3)، وإن أضافت إليها ركعتَين أخرييَن أو كانت راكبة فسارت بطل، لا إن أكلت يسيرًا، أو قالت: بسم اللَّه، أو سبحت شيئًا يسيرًا، أو قالت: ادع إليَّ (¬4) شهودًا أشهدهم على ذلك (¬5). * قوله: (بعده)؛ (أيْ: بعد المجلس، وأن يجعله لها متى شاءت كالوكيل، وله الرجوع قبل اختيارها، فإن وطئها كان رجوعًا لدلالته عليه، كما لو وكَّل غيرها في طلاقها ثم وطئها)، انتهى (¬6). * قوله: (ويقع بكنايتها مع نية) لا بدون نية، فلو قالت: اخترتُ نفسي، ولم تنو بذلك طلاقًا لم يقع شيء، فلفظة الأمر والخيار كناية في حق الزوج والزوجة يقتصر إلى نية كل منهما، فإن نوى أحدهما دون الآخر لم يقع؛ لأن الزوج إذا لم ¬
ولو جعَله لها بصريح (¬1)، وكذا وكيلٌ (¬2)، ولا يقعُ بقولها: "اختَرتُ بنِيةٍ"، حتى تقولَ: "نفسي، أو أبويَّ، أو الأزواجَ" (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ ينو، فما فوض [إليها] (¬4) الطلاق [فلا يصح أن توقعه، وإن نوى الزوج ولم تنو الزوجة فقد فوض إليها الطلاق] (¬5) ولم توقعه، شرح (¬6). * [قوله] (¬7): (حتى تقول: نفسي أو أبويَّ أو الأزواج) فلو قالت: اخترتُ زوجي لم يقع شيء، ولا يقع بقولها: أنت طالق، أو أنت مني طالق، أو طلقتك (¬8). قال في الروضة: (وصفة طلاقها طلقت نفسي، أو أنا منك طالق، وإن قالت: أنا طالق، لم يقع شيء) (¬9). ¬
ومتى اختلفا في نيةٍ: فقولُ مُوقِعٍ، وفي رجوعٍ: فقولُ زوجٍ (¬1) -ولو بعدَ إيقاعٍ- ونَصَّ: "أنه لا يُقبل بعده إلا ببيِّنةٍ" (¬2) المنقِّحُ: "وهو أظهرُ، وكذا دعوى عتقِه ورهنِه ونحوِه" (¬3). و: "وَهبتُكِ -ونحوُه- لأهلكِ، أو لنفسِك"، فمعَ قبولٍ: تقعُ رجعيَّة (¬4)، وإلا: فلغوٌ (¬5) (¬6). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فقول زوج) لعله ما لم تتصل بأزواج. * قوله: (إلا ببينة) فيقبل حينئذ، وظاهره ولو اتصلتْ بزوج غيره. * قوله: (لأهلك أو لنفسك)؛ أيْ: أو لأجنبي، كما ذكره الموفق (¬7)، وابن حمدان (¬8)، والمصنف تبع في الترك الزركشي؛ لأنه استشكل كونه كأهلها ونفسها ¬
كـ: "بعتُها" (¬1)، وتُعتبرُ نيةُ واهبٍ وموهوبٍ: ويقعُ أقلُّهما (¬2). وإن نوَى بهبةٍ أو أمرٍ أو خيارٍ، الطلاق في الحال. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ من جهة أنه لا حكم له عليها بخلاف نفسها وأهلها (¬3)، [تدبر!] (¬4). * قوله: (كبِعتها) فإنه لغو (¬5)، ولو نوى [به] (¬6) الطلاق (¬7). * قوله: (أو أمر) (¬8)؛ أيْ: في أمرك بيدك (¬9). * وقوله: (أو خيار) في: اختاري (¬10) نفسك (¬11)، وكان (¬12) الظاهر اختيار. ¬
وقع (¬1)، ومن طلّق في قلبه: لم يَقَعْ، وإن تلفَّظ به، أو حرَّك لسانَه: وقع ولو لم يَسمعه، بخلاف قراءةٍ في صلاةٍ (¬2). ومميِّزٌ ومميِّزةٌ، كبالغَيْن -فيما تقدَّم (¬3) -. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو حرك لسانه وقع) انظر لو حرك شفتيه دون لسانه. * قوله: (بخلاف قراءة) حيث اعتبر فيها السماع (¬4). * * * ¬
3 - باب ما يختلف به عدد الطلاق
3 - بابُ ما يَختلِفُ به عددُ الطلاق ويُعتبرُ بالرجال (¬1)، فيَملكُ حرٌّ (¬2) ومبعَّضٌ: ثلاثًا، ولو زوجَيْ أمةٍ (¬3)، وعبدٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ما يختلف به عدد الطلاق * قوله: (ما) مستعملة في صفة من يعقل؛ لأن المراد مما يختلف به العدد بالحرية والرقِيَّة، فتدبر!. * قوله: (ويعتبر بالرجال) روي [ذلك] (¬4) عن عمر وعثمان، وزيد وابن عباس (¬5) لملكه لها حال الوقوع (¬6). ¬
-ولو طرأ رقُّه، أو معَه حُرَّةٌ- ثِنْتَين (¬1). فلو علَّق عبدٌ الثلاثَ بشرطٍ، فوُجد بعد عتقِه: وقعتْ (¬2)، وإن علَّقها بعتقِه: فعَتَق: لغَتْ الثالثةُ (¬3). ولو عَتَق بعدَ طلقةٍ: مَلك تمامَ الثلاث. وبعدَ طلقتَيْن، أو عَتَقا معًا: لم يَملك ثالثةً (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولو طرأ رقه) بأن استرق بعد النكاح قبل الطلاق، بخلاف ما لو استرق بعد أن طلقها طلقتين فإن له عودهما (¬5)؛ لأنهما لما وقعتا في حريته كانتا غير محرمتَين، فلا يعتبر حكمهما بالرق الطارئ بعدهما (¬6). * قوله: (لغَت الثالثة) ووقع ثنتان. قال شيخنا (¬7): (لأن العتق سبب لوقوع الطلاق وسبب للحرية التي يترتب عليها ملك الثلاث، فيقع الطلاق في حال تجدد الحرية قبل أن يملك الثلاث فتلغو الثالثة -هذا ما ظهر لي في توجيهه، واللَّه أعلم-)، والترتب (¬8) هنا اعتباري؛ لأن ملك الثلاث متأخر في الاعتبار عن وقوع الثلاث؛ لأنه مترتب على الحرية (¬9)، والمترتب على [أحد] (¬10) ¬
وقوله: "أنتِ الطلاقُ"، أو: "يَلزمُني. . . "، أو: ". . . لازمٌ لي"، أو: ". . . عليَّ" ونحوُه: صريحٌ -منجَّزًا، أو معلّقًا، أو محلوفًا به-، ويقع به واحدةٌ -ما لم يَنِو أكثرَ (¬1) -. فمن معه عددٌ، وثمَّ نيةٌ، أو سببٌ يَقتضِي تعميمًا أو تخصيصًا: عُمل به، وإلا: وقع بكلِّ واحدةٍ طلقةُ (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المتساوييَن متأخر عن المساوي الآخر، ومن هنا تعلم أن معنى قوله: (لغَت الثالثة) أنها [لا تقع] (¬3) وأنه لا يملكها، خصوصًا وقد عطف المصنف عليه قوله: (ولو عتق بعد طلقة ملك تمام الثلاث) لكنه مخالف لما نقله شيخنا في الحاشية (¬4) عن الإنصاف (¬5) في الرجعة، وجعله أصحَّ الوجهَين. * قوله: (فمن معه عدد)؛ أيْ: فيما إذا قال: الطلاق يلزمني وما بعده (¬6). * قوله: (عمل به)؛ أيْ: بما ذكر من النية أو المسبب (¬7) (¬8). ¬
و: "أنتِ طالق" -ونَوى ثلاثًا-: فثلاثٌ كنيَّتِها بـ: "أنتِ طالق طلاقًا" (¬1)، و: "أنتِ طالق واحدةٌ" (¬2)، أو: ". . . واحدةٌ بائنةٌ"، أو: ". . . واحدةٌ بَتّةٌ": فرجعيَّةٌ في مدخول بها، ولو نَوى أكثرَ. و: "أنتِ طالقٌ واحدةً ثلاثًا"، أو: ". . . ثلاثًا واحدةٌ"، أو: ". . . طالقٌ بائنًا"، أو: ". . . طالق البَتّةَ"، أو: ". . . بلا رجعةٍ". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (كنِيتها)؛ أيْ: الثلاث (¬3). * قوله (¬4): (بـ: أنت طالق طلاقًا)؛ لأن المصدر يقع على القليل والكثير (¬5). * قوله: (أو واحدة بائنة) (¬6) قال شيخنا في الحاشية: (ومثله لو قال: واحدة تملكين بها نفسك) (¬7). * قوله: (البتة) بقطع الهمزة. ¬
فثلاثٌ، و: "أنتِ طالق هكذا" -وأشار بثلاث أصابعَ-: فثلاثٌ وإن أرد المقبوضتَين ويُصدَّق في إرادتهما: فثِنْتانِ (¬1). وإن لم يقل: "هكذا"، فواحدةٌ (¬2)، ومن أوقَع طلقةً، ثم قال: "جعلتُها ثلاثًا". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإن أراد المقبوضتَين. . . إلخ)؛ لأن الإشارة إلى العدد (¬3) تارة تكون (¬4) بقبض الأصابع، وتارة [تكون] (¬5) ببسطها (¬6)، ومنه قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "نحن أمة أُمية لا نحسُب ولا نكتب، الشهر هكذا وهكذا (¬7) "، وخنس بأصبعه في الثالثة، إشارة إلى أن الشهر يجيء تارة تامًّا وتارة ناقصًا. * قوله: (ويصدق. . . إلخ) جملة معترضة. * قوله: (وإن لم يقل هكذا)؛ أيْ: مع وجود الإشارة بأصابعه الثلاث (¬8). ¬
ولم يَنوِ استئنافَ طلاقٍ بعدها: فواحدةٌ (¬1). وإن قال: ". . . واحدة، بل هذه ثلاثًا": طَلَقتْ واحدةٌ، والأخرى ثلاثًا (¬2). وإن قال: "هذه. . .، لا بل هذه" (¬3)، أو: "أنتِ طالق، لا بل أنتِ طالق": طَلَقتا. ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله: (ولم ينو استئناف طلاق بعدها) فإن أراد الاستئناف وقع تتمة الثلاث] (¬4)، ولعله ما لم يكن (¬5) غير مدخول بها، أو كانت الأولى على عوض، فإنها تبين بها، ولا يلحقها طلاق بعد ذلك (¬6). * قوله: (وإن قال. . . إلخ)؛ [أيْ] (¬7): لإحدى امرأتَيه (¬8). * قوله: (طلقت)؛ أيْ: المخاطبة (¬9). * قوله: (طلقتا)؛ لأنه لا يصح إضرابه عمَّن طلقها (¬10). ¬
وإن قال: "هذه أو هذه، وهذه طالق"، وقَع بالثالثة وإحدى الأوليَيْن، كـ: "هذه أو هذه، بل هذه. . . " (¬1). وإن قال: "هذه. . . وهذه أو هذه"، وقَع بالأولى وإحدى الأخريَين، كـ: "هذه. . . بل هذه أو هذه" (¬2). و: "طالق كلَّ الطلاق، أو كثَره، أو جميعه، أو منتهاهُ أو غايتَه، أو أقصاهُ"، أو: ". . . عددَ الحَصَى، أو القَطرِ، أو الرملِ أو الريِح، أو الترابِ". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وقع بالثالثة)؛ لجزمه بالإيقاع بها (¬3). * قوله: (وإحدى الأوليَين)؛ لإتيانه بأو التي (¬4) لأحد الشيئَين (¬5) أو الأشياء. * قوله: (وأنت طالق كل الطلاق أو أكثره. . . إلخ) فيقع ثلاث، صححه في التنقيح (¬6)، وتصحيح الفروع (¬7) وصحح في الإنصاف (¬8) في أقصاه واحدة ما لم ينو أكثر. ¬
ونحوِه، أو: "يا مئة طالقٍ": فثلاثٌ، ولو نوَى واحدةً (¬1)، وكذا: ". . . كألفٍ" ونحوه (¬2)، فلو نوَى: "كألفٍ: في صعوبتِها"، قُبل حُكمًا (¬3). و: ". . . أشدَّه، أو أغلظَه، أو أطولَه، أو أعرضَه"، أو: ". . . مِلءَ البيتِ أو الدنيا، أو مِثلَ الجبلِ، أو عِظَمَه" ونحوِه: فطلقةٌ -إن لم يَنوِ أكثرَ (¬4) -. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ونحوه) كعظم الشمس أو القمر (¬5). * قوله: (فطلقة)؛ لأن هذا اللفظ لا يقتضي عددًا (¬6)، فهو راجع للكيف لا للكم. ¬
و: ". . . من طلقةٍ إلى ثلاث"، فثنتان (¬1)، و: ". . . طلقةً في ثِنتَيْن" -ونَوى طلقةً معهما-: فثلاثٌ (¬2). وإن نَوى موجَبَه عند الحُسَّاب -ويعرفُه، أوْ لا- فثِنْتانِ (¬3). وإن لم يَنوِ شيئًا: وقَع من حاسبٍ طلقتان. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فثنتان)؛ لأن ما بعد الغاية لا يدخل فيما قبلها، وما بين طلقة وثلاث يقع واحدة (¬4). * قوله: (أوْ لا) انظر [ما] (¬5) الفرق بين ما هنا وما تقدم في تصريح الطلاق (¬6) من أن من أتى بصريح الطلاق بلغة العجم وهو لا يعرفه لم يقع عليه شيء، وإن نوى موجبه عندهم، فليحرر!. * قوله: (وقع من حاسب طلقتان)؛ لأن الظاهر من حال الحاسب إرادة الضرب (¬7). ¬
1 - فصل
ومن غيرِه طلقةٌ (¬1) * * * 1 - فصل وجزءُ طلقةٍ، كهي. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومن غيره طلقة)؛ (لأن لفظ الإيقاع اقترن بالواحدة والاثنتان اللتان جعلهما ظرفًا لم يقترن بهما لفظ الإيقاع، فلا يقع دون القصد له وهذا لم يحصل القصد لإيقاعه فلا يقع)، قاله في شرحه (¬2)، وفي عبارته قياس من الشكل الأول، فتأمل!. وبخطه: ونصف (¬3) طلقة [في نصف طلقة] (¬4) [طلقت] (¬5) بكل حال؛ لأنه إن نوى المعية فواضح، وإن نوى موجبه عند الحساب فهو ربع طلقة، والطلاق لا يتبعض (¬6)، فتدبر!. فصل (¬7) ¬
فـ: "أنتِ طالق نصفَ -أو ثلثَ، أو سدسَ- أو وثلثَ وسدسَ طلقة"، أو: ". . . نصفَيْها" أو: ". . . نصفَ طلقةٍ، ثلثَ طلقة، سدسَ طلقةٍ"، أو: ". . . نصفَ، أو ثلثَ، أو سدسَ، أو ربعَ، أو ثُمنَ طلقتَين" ونحوه: فواحدةٌ (¬1). أو: ". . . نصفَي طلقتَين" (¬2)، أو: ". . . ثلاثةَ أنصاف -أو أربعةَ أثلاثِ، أو خمسةَ أرباع- طلقةٍ" ونحوَه: فثنْتان (¬3). و: "ثلاثةَ أنصافِ (¬4) -أو أربعةَ أثلاثِ، أو خمسةَ أرباعِ- طلقتَيْن" ونحوه، أو: ". . . نصفَ طلقةٍ، وثلث طلقةٍ، وسدسَ طلقةٍ". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو وثلث وسدس طلقة)؛ أيْ: لو قال: أنت طالق نصفه طلقة، وثلثها، وسدسها (¬5). * قوله: (فثنتان)؛ لأن الطلاق لا يتبعض (¬6). ¬
ونحوَه: فثلاثٌ (¬1). ولأربع: "أوقَعْتُ بينكن -أو عليكن- طلقةً، أو ثِنْتَين، أو ثلاثًا، أو أربعًا" (¬2)، أو لم يقل: "أوقعتُ": وقع بكلٍّ طلقةٌ (¬3). و: "خَمْسًا (¬4)، أو ستًّا، أو سَبعًا، أو ثمانيًا"، وقع بكلٍّ ثنْتان (¬5)، و: "تسعًا" فأكثرَ (¬6)، أو: ". . . طلقةً وطلقةً وطلقةً". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وقع بكلٍّ ثنتان)؛ لأنه في غير اللفظة الأخيرة يقع بكل واحدة طلقة وجزء بالأخيرة، وهي (¬7) ثمان، طلقتان كاملتان لا كسر فيهما حتى يجبر (¬8). ¬
وقَع ثلاثٌ (¬1)، كـ: "طلَّقتُكن ثلاثًا" (¬2)، و: "نصفكِ -ونحوه- أو بعضكِ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وقع ثلاث)؛ لأنه لما عطف بالواو واقتضى قسم كل طلقة على حدتها (¬3)، قال في الشرح: (ويستوي في ذلك المدخول بها وغيرها في قياس المذهب؛ لأن الواو لا تقتضي ترتيبًا، وإن قال: نصف طلقة، وثلث طلقة، وسدس طلقة فكذلك؛ لأن هذا (¬4) يقتضي وقوع ثلاث (¬5) على ما قدمنا، [وإن قال: أوقعت (¬6) بينكن طلقة فطلقة] (¬7)، أو: أوقعت بينكن طلقة ثم طلقة ثم طلقة طلقن (¬8) ثلاثًا إلا التي لم يدخل بها، فإنها لا تطلق إلا واحدة؛ لأنها بانت بالأولى فلم يلحقها ما بعدها) (¬9)، انتهى. ¬
أو جزءٌ منكِ أو دمُك، أو حياتُكِ، أو يدُكِ، أو إصبَعُكِ طالق" -ولها يدٌ أو إصبعٌ-: طَلَقت (¬1)، و: "شعَرُكِ، أو ظُفرُكِ، أو سنُّك (¬2)، أو ريقُك، أو دمعُكِ، أو لبنُكِ، أو مَنِيُّكِ، أو روحُك، أو حَملُكِ، أو سمعُكِ، أو بصرُكِ، أو سوادُك، أو بياضُك، أو نحوُها، أو يدُكِ -ولا يدَ لها-: طالقٌ" (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو جزء منك (¬4). . . إلخ) ليس المراد بالجزء المصطلح عليه، وهو الذي لا يقوم الشيء إلا به وإلا فينتقض ذلك بمثل: وسدس (¬5) الروح، بل المراد به ما لا ينفصل إلا بتألم. * قوله: (أو روحك)؛ لأنها ليست عضوًا، ولا يستمتع بها (¬6). * قوله: (ونحوها) كطولك أو قصرك (¬7). ¬
2 - فصل فيما تخالف به المدخول بها غيرها
أو: "إن قمتِ فهي طالق"، فقامت وقد قُطعت: لم تَطلُق (¬1)، وعتقٌ في ذلك: كطلاقٍ (¬2). * * * 2 - فصلٌ فيما تخالفُ به المدخولُ بها غيرها تَطْلق المدخولُ بها بـ: "أنتِ طالق، أنت طالق" ثِنْتَين، إلا أن ينوي بتكراره تأكيدًا متصلًا، أو إفهامًا (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله] (¬4): (لم تطلق)؛ لأن الشرط وجد في حال كونها لا يد لها، فصار كما لو قال لها: يدك طالق، ولا يد لها في أنها لم تطلق (¬5) (¬6). فصلٌ فيما تخالفُ به المدخولُ بها غيرها * قوله: (تطلق المدخول بها بأنت طالق أنت طالق) إن قيل جملة. * قوله: (أنت طالق) الثانية إما إنشاء أو خبر، ويلزم على كل منهما محذور، أما إن كانت إنشاء فيلزم وقوع ثانية، وإن كانت خبرية لزم عدم تطابق المؤكد مع ¬
وإن أكَّد أولى بثالثةٍ: لم يُقبل، وبهما (¬1)، أو ثانيةً بثالثةٍ: قُبل (¬2)، وإن أطلقَ التأكيدَ: فواحدةٌ (¬3)، و: "أنتِ طالقٌ وطالق وطالق": فثلاثٌ معًا (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المؤكد مع أنه يشترط؛ لأنه عينه، أجيب بأنها لإنشاء التوكيد أو الإفهام، ويحصل بالتطابق بكون كل منهما إنشائية، وإن اختلف ما أنشأتاه فالأولى أنشأت وقوع الطلاق، والثانية أنشأت التوكيد أو الإفهام (¬5). وبخطه: وأما غير المدخول بها فلا تطلق إلا واحدة، روي ذلك عن علي، وزيد بن ثابت، وابن مسعود (¬6). * قوله: (وإن أكد أولى بثالثة لم يقبل)؛ أيْ: لو قال لمدخول بها: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، وقصد تأكيد الأولى بالثالثة لم يقبل؛ للفصل بالثانية (¬7). * قوله: (فثلاث معًا) ولو غير مدخول بها (¬8). ¬
ويقبل حكمًا تأكيد ثانيةٍ بثالثةٍ لا أولى بثانية، وكذا "الفاء" و"ثُم" (¬1)، وإن غايرَ الحروف: لم تُقبل (¬2). ويقبلُ حكمًا تأكيدٌ في: "أنت مطلَّقةٌ، أنت مسرَّحةٌ، أنتِ مفارَقةٌ (¬3) "، لا مع "واوٍ" (¬4) أو "فاءٍ" أو "ثُم" (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا أولى بثانية) لعدم تطابق الجملتَين (¬6). * قوله: (وإن غاير الحروف لم يقبل) بأن قال: أنت طالق وطالق فطالق، أو: أنت طالق، فطالق، ثم طالق، أو: أنت طالق وطالق ثم طالق، أو: أنت طالق فطالق وطالق، أو: أنت طالق ثم طالق وطالق (¬7)، لم يقبل قوله في التأكيد لعدم المطابقة (¬8)، والتأكيد تكرير اللفظ الأول بصورته أو بمرادفه. * قوله: (ويقبل حكمًا تأكيد في: أنت مطلقة. . . إلخ)؛ للتطابق المعنوي (¬9). * قوله: (لا مع واو أو فاء أو ثم)؛ لأن. . . . . . ¬
وإن أتى بشرطٍ أو استثناءٍ أو صفةٍ، عَقِبَ جملةٍ: اختص بها، بخلاف معطوف ومعطوفٍ عليه (¬1)، و: "أنت طالق، لا بل أنت طالق"، فواحدةٌ (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ العطف يقتضي المغايرة (¬3). * قوله: (وإن أتى بشرط أو استثناء أو صفة عقب جملة اختص بها) فلو قال: أنت طالق أنت طالق (¬4) إن دخلت الدار وقعت الأولى في الحال، والثانية إذا دخل بها، أو قال: أنت طالق أنت طالق أنت طالق، إلا واحدة، اختص الاستثناء بالجملة الأخيرة فيقع (¬5) الثلاث، أو قال: أنت طالق أنت طالق صائمة، وقعت الأولى في الحال والثانية إذا صامَت (¬6). * قوله: (بخلاف معطوف. . . إلخ) لا في الاستثناء -على ما يأتي (¬7) -، وإن أوهم كلامه هنا خلاف (¬8) ذلك. * قوله: (وأنت (¬9) طالق لا بل أنت طالق فواحدة)؛ (لأنه صرح بنفي الأول ¬
و: "أنتِ طالق فطالقٌ، أو: ثم طالقٌ، أو: بل طالقٌ، أو: بل أنتِ طالقٌ" (¬1)، أو: ". . . طلقةً بل طلقتَيْن، أو بل طلقةً"، أو: ". . . طلقةً قبلَ طلقةٍ، أو قبلَها طلقةٌ" (¬2) -ولم يُردْ: "في نكاح، أو من زوج، قَبْلَ ذلك"، ويُقبلُ حُكمًا: إن كان وُجد (¬3) - أو: ". . . بعدَ طلقةٍ، أو بعدَها طلقةٌ (¬4) "، ولم يُردْ: "سيُوقِعُها". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ثم أثبته بعد نفيه، فيكون المثبت هو المنفي بعينه، وهو الطلقة (¬5) [الأولى] (¬6)، فلا يقع به طلقة ثانية، وهو قريب من معنى الاستدراك كأنه نسي (¬7) أن الطلاق [الموقع لا يتفى، فاستدرك وأثبته؛ لئلا يتوهم السامع أن الطلاق] (¬8) قد ارتفع بنفيه، فهذا إعادة الأول (¬9) لا استئناف (¬10) طلاق)، انتهى، ذكره ابن رجب في القواعد (¬11). ¬
ويُقبلُ حُكمًا (¬1): فثِنتانِ، إلا غيرَ مدخولٍ بها فتَبِينُ بالأولى، ولا يَلزمُ ما بعدَها (¬2). و: "أنت طالق طلقةً معَها طلقةٌ، أو مَع طلقةٍ"، أو: ". . . فوقَها. . .، أو فوق طلقةٍ"، أو: ". . . تحتَها. . .، أو تحتَ طلقةٍ"، أو: ". . . طالقٌ وطالق": فثِنْتانِ (¬3). و: ". . . طالقٌ طالق طالق"، فواحدةٌ: ما لم يَنوِ أكثرَ (¬4)، ومعلَّقٌ: في هذا كمنجَّزٍ (¬5). فـ: "إِن قمتِ فأنتِ طالقٌ وطالق وطالق"، أو أَخَّر الشرطَ، أو كرَّرهُ ثلاثًا بالجزاء، أو: ". . . فأنتِ طالق طلقة معَها طلقتانِ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فثنتان) سواء كانت مدخولًا بها أو غير مدخول بها؛ [لأنه أوقعه بلفظ يقتضي وقوع الطلقتين معًا. * قوله: (فواحدة)؛ لأنه لم يعقبها بلفظ يقتضي المغايرة (¬6). ¬
أو مع طلقتَين"، فقامت: فثلاث (¬1). و: "إن قمتِ فأنتِ طالق فطالقٌ، أو ثم طالق"، فقامت: فطلقةٌ -إن لم يدخُلْ بها-، وإلا: فثِنْتانِ (¬2)، وإن قصَد إفهامًا، أو تأكيدًا في مكرَّر مع جزاءٍ: فواحدةٌ (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فثلاث) وإن كانت غير مدخول بها] (¬4)؛ لأن الواو تقتضي الجمع من غير ترتيب (¬5)، وكذلك مع لا تقتضي الترتيب. * * * ¬
4 - باب الاستثناء في الطلاق
4 - بابُ الاستِثناءِ في الطلاقِ وهو: إخراجُ بعضِ الجملة بـ "إِلَّا"، أو ما قام مقامَها من متكلم واحدٍ (¬1)، وشُرط فيه: اتصالٌ معتادٌ (¬2) -لفظًا، أو حُكمًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الاستثناء في الطلاق (الاستثناء من الثني وهو الرجوع، يُقال: ثنى رأس البعير إذا عطفه إلى ورائه، فكأن المستثني رجع في قوله إلى ما قبله) (¬3). * قوله: (أو ما قام مقامها) كغير وسوى وليس (¬4). * قوله: (وشرط فيه اتصال معتاد)؛ أيْ: [أن] (¬5) يكون متصلًا [لا] (¬6) بالاصطلاح النحوي؛ لأن غير المتصل يقتضي رفع ما وقع بالأول والطلاق ¬
كانقطاعِه بتنفُّسٍ ونحوِه (¬1) -ونيَّتُه قبل تمامِ مستثنًى منه (¬2)، وكذا شرطٌ ملحَقٌ، وعطفٌ مغيِّر (¬3)، ويصح في نصفٍ فأقلَّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يمكن رفعه بخلاف المتصل؛ فإن الاتصال يجعل اللفظ جملة واحدة، ولولا هذا لما صحَّ التعليق (¬4). * [قوله] (¬5): (وكذا شرط ملحق)؛ أيْ: لاحِق لآخر الكلام، فيعتبر لصحة (¬6) [قوله] (¬7): أنت طالق إن دخلت الدار، نيةُ التعليق قبل تمام [قوله] (¬8): أنت طالق (¬9). * قوله: (وعطف مغير)؛ أيْ: إذا قال لزوجته: أنت طالق أَوْ لا، يشترط لعدم وقوع الطلاق أن ينوي قبل تمام (¬10): أنت طالق أن يقول بعده: ¬
من مطلقاتٍ وطَلَقات (¬1)، فـ: "أنت طالق ثنْتَين إلا طلقةً": يقع طلقةٌ (¬2)، و: ". . . ثلاثًا إلا طلقةً، أو إلا ثِنْتَين [إلا طلقة] (¬3) (¬4) أو إلا واحدةً إلا واحدةً، أو إلا واحدةً وإلا واحدةً"، أو: ". . . طلقةً وثِنْتَيْن إلا طلقةً"، أو: ". . . أربعًا إلا ثِنْتَين". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أَوْ لا، وكذا الاستثناء بالمشيئة ونية العدد (¬5) بالمواضع التي [نقول] (¬6) [في] (¬7) تأثيره (¬8) فيها (¬9). * قوله: (أو إلا ثنتَين إلا طلقة)؛ أيْ: لو قال: أنت طالق ثلاثًا إلا ثنتَين إلا طلقة صحَّ الاستثناء، ووقع ثنتان (¬10)؛ لأنه لم يسكت على الثنتَين، بل استثنى منهما ¬
يقعُ ثِنتانِ (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ واحدة، فصارا واحدة، واستثناؤها من الثلاث صحيح (¬2)، ويطلب الفرق بين ما هنا وما يأتي في الإقرار (¬3)، من أنه لو قال: له عليَّ عشرة إلا خمسة إلا ثلاثة إلا درهمَين إلا درهمًا لزمه خمسة فقط لا سبعة (¬4)، وعلى قياس ما صححوه هنا يلزمه سبعة (¬5). * قوله: (يقع ثنتان) (¬6) هذه الصورة واردة (¬7) على قاعدة ابن اللحام (¬8) في أن الاستثناء يرجع إلا ما يملكه وأن العطف يصيِّر الجملتَين واحدة (¬9). ¬
و: ". . . ثلاثًا إلا ثلاثًا، أو إلا ثِنْتَين (¬1)، أو إلا جزءَ طلقةٍ"، كنصفٍ وثلثٍ ونحوهما، أو: "إلا ثلاثًا إلا واحدةً"، أو: ". . . خمسًا -أو أربعًا- إلا ثلاثًا (¬2)، أو إلا واحدةً" (¬3)، أو: ". . . طالقٌ وطالق وطالق إلا واحدةً، أو إلا طالقًا"، أو: ". . . ثِنْتَين وطلقةً إلا طلقةً". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو إلا واحدة) (¬4)؛ أيْ: (أنت طالق أربعًا إلا واحدة) كذا في الشرح (¬5) يعني، وأما لو قال: أنت طالق أربعًا إلا ثلاثًا إلا واحدة، فإنه يقع ثنتان على قياس السابقة. * قوله: (أو طالق وطالق وطالق إلا واحدة)؛ أيْ: يقع ثلاثًا (¬6)؛ لأن الاستثناء يرجع إلى ما يليه، والذي يليه واحدة، واستثناء واحدة من واحدة باطل فوقع الثلاث (¬7)، وهذا وارد على قولهم: العطف بالواو يصيِّر الجملتَين كالجملة ¬
أو: ". . . ثِنْتَين ونصفًا إِلا طلقةً"، أو: "ثِنْتَين وثِنْتَين إلا ثنتَيْن، أو إِلا واحدةً": يقع ثلاثٌ (¬1)، كعطفِه بالفاءِ أو "ثم" (¬2). و: "أنتِ طالق ثلاثًا"، واستثنَى بقلبه: إِلا "واحدةً": يقعُ الثلاثُ (¬3). و: "نسائي الأربعُ طوالقُ"، واستثنَى واحدةً بقلبه: طَلَقن (¬4)، وإِن لم يقل: "الأربعُ": لم تَطلُق المستثناةُ (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ الواحدة -وهي قاعدة ابن اللحام (¬6) -. * قوله: (يقع الثلاث)؛ لأن العدد نص فيما يتناوله، فلا يرتفع بالنية ما ثبت بنص اللفظ؛ لأن اللفظ أقوى من النية. * قوله: (وإن لم يقل الأربع لم تطلق المستثناة) والفرق بينها والتي قبلها أن ¬
وإِن استثنَى من سألتْه طلاقها: دُيِّنَ، ولم يُقبل حُكمًا (¬1)، وإِن قالت: "طلِّق (¬2) نساءك": فقال: "نسائي طوالق": طَلَقتْ -ما لم يستثنِهَا (¬3) -. وفي القواعدِ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: (نسائي) (¬4) من غير ذكر عدد، اسم عام يجوز التعبير به عن بعض ما وضع له (¬5)، ولهذا استعمل العموم بالخصوص كثيرًا (¬6). * قوله: (ولم يقبل حكمًا)؛ لأنه خلاف الظاهر؛ ولأنها سبب الطلاق (¬7)، وسبب الحكم لا يجوز إخراجه من العموم بالتخصيص (¬8). * قوله: (ما لم يستثنها) ويقبل حكمًا؛ لأن خصوص السبب مقدم على عموم اللفظ (¬9). * قوله: (وفي القواعد) للعلَّامة (¬10) علاء الدين ابن اللحام (¬11). ¬
"قاعدةٌ، المذهبُ: أن الاستثناءَ يَرجِع إلى ما يملكه، والعطفَ بالواو يصيِّر الجملتَيْن واحدةً"، وقاله جمعٌ (¬1). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (قاعدة: المذهبُ) عبارته: وقاعدة المذهب أن. . . إلخ. * قوله: (والعطف بالواو يصيِّر الجملتَين واحدة) الذي قرره ابن هشام الأنصاري النحوي الحنبلي في (شرح بانت سعاد) -عند قوله: ولن يبلغها. . . البيت-: أن الواو تقتضي صيرورة المتعاطفين واحدًا في المفردات دون الجمل (¬2)، ومنه تعلم أن ما قاله ابن اللحام ليس قاعدة نحوية -كما يؤخذ من كلام ابن هشام-، ولا فقهية -كما يؤخذ من تعقب المنقح (¬3) له-، فتدبر!، نعم كلام ابن اللحام يتمشى على طريقة هشام بن [معاذ] (¬4) النحوي الكوفي (¬5)، قال ابن هشام: ¬
المنقِّحُ: "وليس على إطلاقِه" (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو من أئمة النحاة، لكن كلامه مردود. * قوله: (وليس على إطلاقه)؛ أيْ: ما قاله ابن اللحام في القواعد على إطلاقه (¬2) بدليل ما تقدم في قوله: (أنت طالق أربعًا إلا ثنتَين) حيث قالوا: [يقع ثنتان ولو رجع إلى ما يملكه وقع ثلاث؛ لأن استثناء (¬3) أكثر من النصف لا يصح، وقوله: أنت طالق وطالق وطالق إلا طالق (¬4) ونحوه، حيث قالوا] (¬5): يقع ثلاث، ولو صُيرا لِعطف الجمل (¬6) واحدة، كان بمنزلة قوله: أنت طالق ثلاثًا إلا واحدة (¬7) فيقع به ثنتان لا ثلاث (¬8). * * * ¬
5 - باب الطلاق في الماضي والمستقبل
5 - بابُ الطلاق في الماضي والمستقبَل إذا قال: "أنتِ طالقٌ أمسِ (¬1)، أو قبلَ أن أتزوَّجَكِ" -ونَوى وقوعَه إذًا-: وقَع، وإلا: لم يقع (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الطلاق في الماضي والمستقبل كان مقتضى الظاهر أن يزيد في الترجمة قوله: (والحال)؛ لأنه (¬3) سيتعرض لوقوعه فيه في قوله: (وأنت طالق اليوم أو في هذا الشهر يقع في الحال) والجواب: أنه ترجم لشيء وزاد عنه وهو لا يضر، أو أنه تركه لظهوره؛ إذ هو أكثر استعمالًا، أو لأنه (¬4) لا يخرج عنهما من حيث الوضع؛ لأن الحال أجزاء من طرفَي الماضي والمستقبل يعقب بعضها بعضًا من غير مهلة وتراخٍ، فتدبر!. * قوله: (ونوى وقوعه إذًا وقع) في الحال؛ لأنه مقِر على نفسه بما هو ¬
ولو مات أو جنَّ أو خَرِس قبل العلم بمراده (¬1). و: "أنت طالق ثلاثًا قبلَ قدوم زيدٍ بشهرٍ": فلها النفقة (¬2) , فإن قَدِم قبلَ مضيِّه، أو معَه: لم يقعْ (¬3). وإن قَدِم بعد شهرٍ وجزءٍ تَطلق فيه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أغلظ عليه (¬4). * قوله: (فلها النفقة) ولا تسقط بمجرد التعليق، حتى يتبين الحال (¬5). قال في الإنصاف: (فيعايا بها) (¬6)، فيقال امرأة مطلقة بائنًا, وليست حاملًا وتجب له النفقة. * قوله: (وجزء تطلق (¬7) فيه)؛ أيْ: يتسع لوقوع الطلاق فيه (¬8). ¬
تَبَيَّنَ وقوعُه (¬1)، وأن وطْأه محرَّمٌ ولها المهرُ (¬2):. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وأن وطأه محرم) قال في القواعد الأصولية في هذه المسألة (¬3): (جزم بعض أصحابنا بتحريم وطئها من حين عقد [الصفة، وقال في المستوعب: وقد قال بعض أصحابنا أنه يحرم عليه وطؤها من عقد] (¬4) هذه الصفة إلى حين موته؛ لأن كل شهر يأتي (¬5) يحتمل أن يكون شهر وقوع الطلاق فيه، قلت: ولم يذكر قبله ما يخالفه) (¬6)، انتهى. * قوله: (ولها المهر)؛ لأنه قد وطئ غير زوجته (¬7)، ولا حد؛ لأنه وطء شبهة. ¬
فإن خالَعَها بعد اليمينِ بيوم، وقَدمَ بعد شهرٍ ويومَيْن: صحَّ الخُلعُ، وبطَل الطلاقُ، وعكسُهما (¬1): بعد شهرٍ وساعةٍ (¬2)، وإن لم يقعِ الخُلعُ: رجعتْ بعوضِه، إلا الرجعيَّة: فيصحُّ خلعُها (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (صحَّ الخلع) ما لم يكن حيلة؛ لإسقاط يمين الطلاق (¬4). * قوله: (وبطُل الطلاق)؛ لأنه لو لم يكن خلع كان محل وقوعه بعد اليمين بيومَين، ومع الخلع (¬5) تبين سبق الخلع على محله فلم يصادف زوجة (¬6)، فتدبر!. * قوله: (وعكسهما. . . إلخ)؛ أيْ: يبطل الخلع ويصح الطلاق إن خالعها بعد اليمين بيومين وقدم زيد بعد شهر وساعة من اليمين (¬7)؛ لأن الخلع صادفها ¬
وكذا حُكمُ: ". . . قبلَ موتي بشهرٍ"، ولا إرثَ لبائنٍ: لعدمِ تُهمةٍ (¬1)، و: "إن متُّ فأنتِ طالق قبله بشهرٍ" ونحوِه: لم يصحَّ (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بائنًا بالطلاق (¬3) (¬4). * [قوله] (¬5): (وكذا حكم: قبل موتي بشهر) فلو مات أحدهما قبل مضي شهر أو معه (¬6) لم يقع طلاق؛ لأنه لا يقع في الماضي، وإن مات بعد عقد اليمين بشهر وساعة تبينَّا وقوع الطلاق من تلك الساعة (¬7). * قوله: ([لم يصحَّ]) (¬8)؛ أيْ: التعليق؛ لأنه أوقع الطلاق بعد الموت (¬9) فلم يقع قبله؛ لمضيِّه (¬10). ¬
ولا تطلق إن قال: ". . . بعد موتي، أو معه" (¬1)، وإن قال: ". . . يومَ موتي"، طلقتْ أوَّلَه (¬2)، و: ". . . قبلَ موتي": يقعُ في الحال (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: [(ولا تطلق إن قال: بعد موتي)؛ أيْ: أو موتك] (¬4). * قوله: (وإن قال: يوم موتي)؛ أيْ: أو موتك (¬5). * قوله: (طلقت أوله) لعله ما لم يقصد الفرار أيضًا. * قوله: (وقبل موتي يقع في الحال)؛ لأن ما قبل موته وهو من حين عقد الصفة محلٌّ للطلاق فوقع في أوله، وإن قال: قبل موتك، أو موت زيد فكذلك، وإن قال: قبيل موتي مصغرًا وقع في الجزء الذي يليه الموت؛ لأن التصغير يقتضي كون الذي يبقى جزءًا يسيرًا (¬6)، وإن قال: أنت طالق قبل قدوم زيد، فقال القاضي: تطلق في الحال (¬7). ¬
وإن قال: "أطولُكما حياةً طالقٌ"، فبموتِ إحداهما يقعُ بالأخرى (¬1)، وإن تزوَّج أمةَ أبيه، ثم قال: "إذا مات أبي أو اشتريتُكِ فأنتِ طالق" فمات أبوهُ، أو اشتراها: طَلَقت (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإن تزوج أمة أبيه) بشرط (¬3) أن يكون عادم الطول، خائف العنت، وألا يكون الأب قد وطئها (¬4)، فتدبر!. * قوله: (طلقت) في الأصح (¬5)؛ لأن الموت أو الشراء سبب ملكها، وطلاقها وفسخ النكاح يترتب على الملك، فيوجد الطلاق في زمن الملك السابق على الفسخ، فيثبت حكمه (¬6). ¬
ولو قال: "إن ملَكتُكِ فأنتِ طالق"، فمات أبوه أو اشتراها: لم تَطلُق (¬1)، ولو كانت مدبَّرةً، فمات أبوهُ: وقَع الطلاقُ والعتقُ معًا -إن خرجتْ من الثلث- (¬2). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه: لوجود الصفة حال الملك الذي يعقبه الفسخ. * قوله: (لم تطلق) وجهًا واحدًا (¬3)؛ لأن الطلاق يقع عقب الملك، وقد صادفها مملوكة (¬4) بفسخه النكاح، فلم يصادف الطلاق زوجة فلم يقع (¬5) (¬6). ¬
1 - فصل
1 - فصل ويُستعمل طلاقٌ ونحوُه استعمالَ القَسَم -ويُجعل جوابُ القسَم جوابَه- في غير المستحيل (¬1)، وإن علقه بفعلٍ مستحيلٍ عادةً: كـ: "أنتِ طالق إن -أو لا- صَعِدتِ السماء أو شاء الميتُ أو البهيمةُ، أو طِرْتِ، أو قلبتِ الحجرَ ذهبًا"، أو مستحيلٍ لذاتِه: كـ: ". . . إن رددتِ أمسِ، أو جمعتِ بين الضِّديْن، أو شرِبتِ ماءً الكوز" -ولا ماءَ فيه-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل (¬2) * قوله: (ونحوه) كالظهار، والعتق (¬3). * قوله: (في غير المستحيل) كلامه الآتي (¬4) منادٍ بأن هذا غير صحيح، فتأمل!. * قوله: (أو جمعت بين الضدَّين) انظر هذا مع ما يحكى عن ابن عربي (¬5): ¬
لم تَطلُق، كحلفه باللَّه عليه (¬1). وإِن علَّقه على نفيه: كـ: "أنت طالق لأشرَبَنَّ ماءً الكوز، أو إن لم أشربْه -ولا ماءَ فيه-, أو: لأصْعَدَنَّ السماءَ، أو إن لم أصعَدْها، أو لا طلعتِ الشمسُ، أو لأقتُلَنَّ فلانًا -فإذَا هو ميت: عَلمه، أوْ لا-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنه دخل مدينة فوجد فيها الضدَّين مجموعَين، وعن بعضهم أنه [كان] (¬2) يقلب الحجر ذهبًا, ولكن هذا لا يرد لقوله أول المسألة: (مستحيل عادة) تأمل. * [قوله] (¬3): (لم تطلق كحلفه باللَّه عليه)؛ لأنه علَّق الطلاق بصفة لم توجد؛ ولأن ما يقصد تبعيده (¬4) يعلَّق على المحال, كما في {وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ (¬5)} (¬6). ¬
أو لأطيرَنَّ، أو إن لم أطِرْ"، ونحوِه: وقَع في الحال (¬1)، وعتقٌ وظِهارٌ، وحرامٌ، ونذرٌ (¬2)، ويمينٌ باللَّه: كطلاق (¬3)، و: "أنتِ طالق اليومَ: إذا جاء غدٌ". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وقع في الحال)، كما لو قال: أنت طالق إن لم أبع عبدي، فمات العبد، ولأنه علق الطلاق على مدم فعل مستحيل، وعدمه معلوم في الحال وما بعده (¬4). * قوله: (وعتق. . . إلخ) مكرر مع قوله فيمها سبق: (ويستعمل طلاق ونحوه). * قوله: (وحرام) إنما زاده بين الظهار واليمين ليتجاذباه؛ لأنه إن كان تحريمًا للزوجة كان ظهارًا، وإن كان لغيرها كان يمينًا، فتدبر!. ¬
لَغْوٌ (¬1)، و: "أنتِ طالق ثلاثًا على مذهبِ السُّنةِ والشِّيعةِ واليهودِ والنصارى (¬2)، أو على سائرِ المذاهب": يقعُ ثلاثٌ (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله] (¬4): (لغو) لا يقع به شيء؛ لعدم تحقق شرطه؛ [لأن] (¬5) مقتضاه وقوع الطلاق اليوم إذا جاء الغد، ولا يأتي (¬6) غدٌ (¬7) إلا بعد ذهاب [اليوم الذي هو ذهاب] (¬8) محل الطلاق (¬9)، وانظر لِمَ لَمْ يحكم بإلغاء قوله: إذا جاء غد، ويقع الطلاق (¬10) في يوم الخطاب، فتدبر!، ثم رأيته قولًا ثانيًا، ورأيت فيها قولًا ثالثًا، وهو إلغاء اليوم ووقوعه في الغد، وهما محكيان في شرحه (¬11). * قوله: (يقع ثلاثًا) قد يؤخذ منه أن القول بوقوع واحدة فقط ليس مذهبًا ¬
2 - فصل في الطلاق في زمن مستقبل
2 - فصلٌ في الطلاقِ في زمنٍ مستقبَلٍ إذا قال: "أنت طالق غدًا، أو يومَ كذا": وقَع بأولهما (¬1). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لأهل السنة، ولا للشيعة، ولا اليهود، ولا النصاري، وهو مما يقوي النكير (¬2) على ابن تيمية (¬3)، فتدبر!. فصلٌ في الطلاقِ في زمنٍ مستقبَلٍ * قوله: (وقع بأولهما) وهو طلوع الفجر؛ لأنه جعلهما ظرفًا للطلاق، فإذا وجد ما يكون ظرفًا له طلقت (¬4)، كما لو قال: أنت طالق إن دخلت الدار، فإنها تطلق إذا دخل أول جزء منها (¬5). ¬
ولا يُدَيَّنُ (¬1)، ولا يُقبل حُكمًا إن قال: "أردتُ آخرَهما" (¬2)، و: ". . . في غدٍ، أو في رجب": يقعُ بأولهما (¬3)، وله وطءٌ قبلَ وقوع (¬4)، و: ". . . اليومَ، أو في هذا الشهرِ": يقع في الحال (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا يُدَيَّن (¬6) ولا يقبل حكمًا إن قال: أردت آخرهما)؛ لأن لفظه لا يحتمله (¬7)، كذا عللوا به، وفيه نظر؛ لأنه جعل الغد أو يوم كذا ظرفًا وهو يصدق بالأول والآخر والوسط، والفرق الذي ذكروه بين التصريح بـ (في) (¬8) وتركها إنما هو في الفعل الذي يصح أن يستغرق جميع أجزاء الزمان كالأشهر (¬9)، فليراجع!. ¬
فإن قال: "أردتُ: في آخر هذه الأوقاتِ" دُيِّن، وقبل حُكمًا (¬1)، و: "أنتِ طالق اليومَ، أو غدًا"، أو قال: ". . . في هذا الشهرِ، أو الآتي": وقع في الحال (¬2)، و: "أنت طالق اليومَ، وغدًا، وبعدَ غدٍ"، أو: ". . . في اليوم، وفي غدٍ، وفي بعده"، فواحدةٌ في الأولى (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (دين وقبل حكم)؛ لأن آخرها منها كوسطها، فإرادته لا تخالف ظاهر لفظه، فأما إذا (¬4) قال: أنت طالق أول (¬5) شهر كذا، أو غرته، أو رأسه، أو استقباله، أو مجيئه، فإنه لا يقبل قوله: أردت وسطه ولا آخره؛ لأن لفظه لا يحتمله" (¬6). * قوله: (وقع في الحال)؛ لأن (أو) لأحد الشيئَين، ولا مقتضى لتأخيره (¬7). ¬
كقوله: ". . . كلَّ يوم" (¬1)، وثلاثٌ في الثانية كقوله: ". . . في كلِّ يوم". و: "أنتِ طالق اليومَ إن لم أطلقكِ اليومَ" (¬2)، أو أسقَط "اليومَ" الأخير (¬3)، أو الأوَّل -ولم يطلقها في يومه-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وثلاث في الثانية)؛ لأن إتيانه بـ: (في) وتكرارها يدل على تكرار الطلاق (¬4). وبخطه: أيْ: مفرقة على الأيام الثلاثة. وبخطه أيضًا: [أي] (¬5) إن كانت مدخولًا بها وإلا فواحدة. * قوله: (أو الأول) في كونه إذا أسقط اليوم الأول يكون مثل ما لو أسقط اليوم الأخير نظر؛ إذ عليه لا يتبين وقوع الطلاق إلا قبيل موته (¬6)، وما قاله المصنف ¬
وقع بآخرِهِ (¬1). و: "أنت طالق يومَ يَقدمُ زيدً": يقعُ يومَ قدومه من أوَّله (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ محمول على أنه حذف من الثاني لدلالة الأول عليه، وإلا فسيأتي (¬3) في باب تعليق الطلاق بالشروط (¬4) أنه إذا قال لزوجاته الأربع: "أيتكن لم أطأ اليوم فضراتها طوالق، ولم يطأ واحدة طلقن ثلاثًا ثلاثًا"، "وإن أطلَق -يعني: أسقط لفظ اليوم- تقيد بالعمر"، فتدبر!. * قوله: (وقع بآخره)؛ لأن خروج اليوم يفوت به (¬5) طلاقها، فوجب وقوعه قبله في آخر وقت الإمكان كموت أحدهما (¬6). * قوله: (يقع يوم قدومه من أوله)؛ أيْ: يتبين (¬7) وقوعه من أوله (¬8)، وقياس ما سبق (¬9) في قوله: "أنت طالق قبل قدوم زيد بشهر"، أنه يحرم عليه الوطء نهارًا إلى أن يتبين الحال، فليحرر!. ¬
ولو ماتا غُدوةً وقَدِم بعد موتهما من ذلك اليومِ (¬1)، ولا يقعُ، إذا قُدِم به ميتًا أو مكرَهًا، إلا بنيةٍ (¬2)، ولا: إذا قَدِمَ ليلًا، مع نِيته نهارًا (¬3)، و: "أنت طالق في غدٍ إذا قدمَ زيد". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا يقع إذا قُدِمَ به ميتًا أو مكرهًا)؛ لأنه لم يقدم وإنما قُدِمَ به (¬4). * قوله: (ولا إذا قدم ليلًا مع نيته نهارًا) أما إن نوى به الوقت أو أطلق طلقت (¬5) -كما في الإقناع (¬6)، تبعًا للتنقيح (¬7) -، خلافًا لما في الإنصاف في مسألة الإطلاق (¬8)، وهو أظهر (¬9)؛ لأن الأيمان مبناها على العرف، ولا يرجع إلى اللغة إلا ¬
فماتت قبل قدومه: لم تطلق (¬1). و: "أنتِ طالق اليوم غدًا": فواحده في الحال، فإن نَوى: "في كلِّ يوم، أو بعض طلقة اليومَ وبعضها غدًا": فثِنتان (¬2)، وإن نَوى: ". . . بعضها اليومَ وبقيتها غدًا": فواحدةٌ (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا لم يكن عرفٌ (¬4). * قوله: (وأنت طالق اليوم غدًا فواحدة في الحال) وإن أراد بدل الغلط، ولعله لا يقبل؛ لأنه قليل في كلامهم -كما صرح به محققو (¬5) النحاة فلا يصح الحمل عليه-. * قوله: (وبعضها غدا) كان الواجب هنا الإظهار؛ لفساد المعنى بالإضمار؛ لأنه يقتضي أن الضمير رجع إلى [الطلقة] (¬6) التي أراد بعضها، فتكون كالتي بعدها، فيشكل الفرق. ¬
و: "أنت طالق إلى شهرٍ، أو حولٍ (¬1)، أو الشهرَ، أو الحولَ" ونحوه: يقع بمُضيِّه، إلا أن ينوي وقوعه إذًا: فيقعُ (¬2)، كـ: ". . . بُعدِ مكةَ أو إليها"، ولم يَنوِ بلوغها (¬3). و: "أنتِ طالق في أول الشهر": فبدخوله (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (يقع بمضيِّه) يقتضي أن التقدير: أنت طالق إلى الشهر، أو إلى الحول (¬5)، وأما على ما يوهمه تقدير الشارح من [أن] (¬6) نصبهما على الظرفية، وأن التقدير أنت طالق في الشهر، أو في الحول، فكان القياس وقوعه في الحال، وأنه يديَّن إن قال: نويت آخرهما، على ما سبق في نظيره (¬7). * قوله: (كبُعْدِ مكة) بضم الباء كما ضبطه المصنف بالقلم -وهو الموافق (¬8) للمعنى المراد هنا-. * قوله: (فبدخوله) ويدخل بغروب شمس آخر يوم من الذي قبله (¬9). ¬
و: ". . . في آخره": ففي آخر جزءٍ مثله (¬1)، و: ". . . في أوَّل آخره": فبفجرِ آخرِ يوم منه (¬2). و: ". . . في آخرِ أوَّله": فبفجر أولِ يوم منه (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فبفجر آخر يوم منه) ويحرم وطؤها في التاسع والعشرين (¬4)، إن كان الطلاق بائنًا؛ لاحتمال كونه آخرًا (¬5) -قاله في القواعد الأصولية نقلًا عن المذهب (¬6) -. * قوله: (فبفجر أول يوم منه)؛ لأن أول الشهر الليل، وآخره طلوع الفجر (¬7)، وفي الإقناع (¬8): أنه لا يقع إلا بغروب شمس أول يوم منه، وكأنه حمل أوله على ¬
و: "إذا مضى يوم فأنتِ طالق"، فإن كان نهارًا: وقع إذ عاد النهارُ إلى مثل وقتِه، وإن كان ليلًا: فبغروبِ شمسِ الغد (¬1). و: "إذا مضت سنةٌ. . . " فبمُضيِّ اثني عشر شهرًا بالأهِلَّةِ (¬2)، يُكمَّلُ ما حلَف في أثنائه بالعدد (¬3)، و: "إذا مضَت السنةُ. . . ": فبانسِلاخِ ذي الحِجةِ (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ اليوم الأول منه، وحكاه في شرحه (¬5) بـ (قيل) , وحكى وجهًا ثالثًا، وهو أنها تطلق بغروب شمس اليوم الخامس عشر منه. * قوله: (إلى مثل وقته)؛ أيْ: الذي تلفظ فيه من أمس ذلك النهار (¬6). * قوله: (ويكمل ما حلف في أثنائه بالعدد) ثلاثين يومًا (¬7)؛ لأن ¬
و: "إذا مضى شهرٌ. . . ": فبمُضي ثلاثين يومًا. و: "إذا مضَى الشهرُ. . . ": فبانْسِلاخِه (¬1). و: "أنتِ طالق كُلَّ يوم طلقة. . . " وكان تَلفُّظُه نهارًا: وقَع إذًا طلقةٌ، والثانيةُ بفجر اليوم الثاني، وكذا الثالثةُ (¬2). وإن: قال: ". . . في مجيء ثلاثةِ أيام": ففي أولِ الثالث (¬3). و: "أنتِ طالق في كل سنة طلقةً": تقعُ الأولى في الحال، والثانيةُ في أولِ المُحرَّم، وكذا الثالثةُ -إن كانت في عصْمتِه (¬4) -، ولو بانت حتى مَضتْ الثالثةُ (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الشهر اسم لما بين هلالَين، فإن تفرق كان ثلاثين يومًا (¬6). * قوله: (والثانية بفجر اليوم الثاني) إن (¬7) كانت مدخولًا بها، وإلا بانت بالأولى (¬8) -كما سبق (¬9) -. ¬
ثم تزوَّجها: لم يقَعا (¬1)، ولو نكحها في الثانيةِ، أو الثالثةِ: طَلَقتْ عقبَه (¬2). وإن قال فيها وفي: "إذا مضت السنة". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لم يقعا)؛ أيْ: الطلقة الثانية والثالثة (¬3)، ولو قلنا بعود الصفة لانقضاء زمنها (¬4) قبل عودها لعصمته (¬5)، ولا يمكن عودهما (¬6) بعد تجدد العصمة؛ لأن الزمان الماضي لا يعود، فتدبر!. * قوله: (طلقت عقبه)؛ أيْ: عقب نكاحها؛ لأنه [جزء] (¬7) من السنة التي جعلها ظرفًا للطلاق، ومحلًّا له، وكان سبيله أن يقع في أولها، فمنع منه كونها غير محل (¬8) للطلاق (¬9). * قوله: (وإن قال فيها)؛ أيْ: في هذه المسألة. * قوله: (وفي. . . إلخ)؛ أيْ: وفي مسألة إذا مضت السنة. . . إلخ. ¬
"أردتُ بالسنةِ: اثنَيْ عشرَ شهرًا": دُيِّنَ، وقُبل حُكمًا (¬1)، وإن قال: "أردتُ: كونَ ابتداءِ السنين المحرَّمَ": دُيِّن، ولم يُقبل حُكمًا (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولم يقبل حكمًا)؛ لأنه خلاف الظاهر (¬3). * * * ¬
6 - باب تعليق الطلاق بالشروط
6 - بابُ تعْليق الطلاقِ بالشروطِ وهو: ترتيبُ شيءٍ غير حاصل على شيءٍ حاصل، أو غيرِ حاصل بـ: "إنْ"، أو إحدى إخوتها (¬1)، ويصح -مع تقدمِ شرط، وتأخُّرِه- بصريحٍ، وبكنايةٍ مع قصدٍ (¬2). ولا يَضُرُّ فصلٌ بين شرطٍ وحكمِه، بكلام منتظِمٍ كـ: "أنتِ طالق -يا زانيةٌ- إن قمتِ"، ويقطعُه سكوتُه، وتسبيحُه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب تعليق الطلاق بالشروط * قوله: (ويصح مع تقدم شرط) نحو: إن دخلت الدار فأنت طالق (¬3)، أو فأنت خليَّة -إن قصده (¬4) أو قامت (¬5) قرينة عليه (¬6) -. ¬
ونحوُه (¬1)، و: "أنتِ طالق مريضةٌ" رفعًا ونصبًا: يقعُ بمرضها (¬2). و"مَن" و"أيُّ" المضافة إلى الشخص. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ونحوه) كاستغفاره (¬3)، وإذا انقطع التعليق وقع منجَّزًا (¬4). * قوله: (رفعًا. . . إلخ) فالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، والجملة في محل نصب على الحال، تقديره: وأنت مريضة، والنصب على الحال (¬5)، ولعل وقوعه بمرضها في جانب الرفع إذا قصد كون الواو للحال، أما إن قصد الاستئناف فإن الطلاق يقع في الحال تغليظًا، ثم إن كانت مريضة حالة الخطاب كان صادقًا في إخباره، وإلا كان كاذبًا أو مستعملًا في معنى السب (¬6)، والطلاق واقع في الحالَين، فتدبر!. * قوله: (ومَن) و (أي). . . إلخ (¬7) قوله هذا كان محله في الأدوات عند قوله: "ولو قمن، أو أقام (¬8) الأربع في "أيتكن" (¬9)، أو من قامت، أو. . . إلخ" (¬10). ¬
يقتضيان عمومَ ضميرهما: فاعلًا أو مفعولًا (¬1)، ولا يصحُّ إلا من زوجٍ، فـ: "إن تزوجتُ -أو عيَّن ولو عَتِيقتَه- فهي طالق". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فاعلًا أو مفعولًا) فالفاعل كقوله: من قامت، أو أيتكن قامت فهي طالق، فالضمير [في قامت] (¬2) العائد على (من) أو (أي) فاعل، [والمفعول كقوله: من أقمتها أو أيتكن أقمتها فهي طالق، فالضمير (¬3)] (¬4) وهو الهاء في (أقمتها) مفعول (¬5). * قوله: (فإن تزوجت)؛ أيْ: فلانة أو امرأة (¬6). * قوله: (ولو عتيقته) (¬7) فيه إشارة لخلاف (¬8) من يقول: لو عيَّن عتيقته (¬9) يقع بها (¬10). ¬
لم يقعْ بتزوُّجِها (¬1). و: "إن قمتِ فأنتِ طالق" -وهي أجنبيَّةٌ- فتزوَّجها، ثم قامت: لم يقع (¬2)، كحلفِه: "لا أفعَلنَّ كذا"، فلم تبقَ له زوجةٌ، ثم تزوَّج أخرى وفَعل (¬3). ويقعُ ما علَّق زوج بوجودِ شرطٍ، لا قبله ولو قال: "عجَّلتُه" (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ثم تزوج أخرى) مفهوم قوله: (أخرى) أنه لو تزوج بالموجودة حال التعليق أنه يقع بناء على القول بعود الصفة -ويه صرح شيخنا في شرحه على الإقناع (¬5) -. * قوله: (لا قبله ولو قال: عجلته) لم يتعجل؛ لأن الطلاق معلَّق بالشرط فليس له تغييره (¬6)، فإن أراد تعجيل طلاق سوى الطلاق المعلَّق ¬
1 - فصل
وإن قال: "سبق لساني بالشرط ولم أُرِدْه": وقعَ إذًا (¬1) * * * 1 - فصل وأدَوَاتُ الشرطِ المستعمَلةُ -غالبًا- في طلاق وعتاق، ستٌّ: "إن" و"إذَا" و"مَتَى" و"مَنْ" و"أيٌّ" و"كلَّما" (¬2). وهي (¬3) وحدَها: للتكرارِ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقع، فإذا جاء الزمن الذي علق الطلاق به وهي زوجته وقع أيضًا (¬4). فصل (¬5) * قوله: (وهي وحدها (¬6) للتكرار)؛ لأنها تعم الأوقات، فهي بمعنى كل وقت، فإذا قلت (¬7): كلما قمتَ قمتُ، فهو بمعنى كل وقت تقوم فيه أقوم فيه، فكذلك وجب التكرار (¬8)، وإنما لم يجب في متى؛ لأنها اسم زمان، بمعنى: أيَّ ¬
وكلُّها و"مَهْمَا" بلا "لَمْ" أو نيةِ فَوْرٍ، أو قرينتهِ: للتراخِي (¬1)، ومعَ "لَمْ": للفَورِ، إلا "إن" معَ عدمِ نيةِ فورٍ أو قرينتهِ (¬2). فـ: "إن -أو إذا، أو متى، أو مَهْما، أو مَن، أو أيَّتُكُن- قامت فطالقٌ". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقت، وبمعنى: "إذا"، فلا تقتضي إلا (¬3) ما يقتضيان، وكونها تستعمل للتكرار في بعض الأحيان لا يمنع استعمالها في غيره، ومثل ذلك: (أي)، (وإذا)؛ فإنهما يستعملان في الأمرَين (¬4). * قوله: (وكلها و"مهما" بلا "لَمْ". . . إلخ) سئل ابن الوردى (¬5) بما لفظه: أدوات التعليق تخفى علينا ... هل (¬6) لكم ضابط لكشف غطاها ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فأجاب بما نصه: كلما للتكرار وهي ومهما ... إن إذا أيٌّ مَنْ مَتَى معناها للتراخي مع الثبوت إذا لم ... يك (¬1) معها إن شئت أو أعطاها أو ضمان والكل في جانب النفي (¬2) ... لفور لا إن فذا في سواها قوله في النظم (¬3): (إذا لم يك (¬4) معها)؛ أيْ: مع (إنْ) خاصة، خلافًا لما يوهمه النظم من العموم؛ إذ غير (إن) مع الصيغ الثلاث (¬5) الآتية باقية على التراخي، وقوله: (إن شئت) أن هذا اللفظ، وقوله: (أو أعطاها)؛ أيْ: صيغة تقتضي التعليق على الإعطاء كـ: إن أعطيتني كذا فأنت طالق. وقوله: (أو ضمان) (¬6)؛ أيْ: صيغة تفيده بأن يكون الطلاق معلَّقًا عليه: كـ: إن ضمنت لي ما على زيد فأنت طالق، كذا أفاده شيخنا [علي] (¬7) الشبراملسي (¬8). ¬
وقَع بقيام، ولا يقعُ بتكرُّرِه إلا مع "كلما" (¬1)، ولو قُمْنَ أو أقام الأربعَ في: "أيَّتُكن، أو من قامت أو أقمتُها. . . ": طَلَقن (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه: انظر هل استعملت (لم) مع (مهما) أو ذكرها من حيث نية الفور والقرينة (¬3) فقط؟. * قوله: (وقع بقيام)؛ أيْ: وقع عقب القيام (¬4) المعلق عليه، وإن بعد زمنه على زمان الحلف (¬5). * قوله: (طلقن) لما تقدم (¬6) من أن مَنْ وأيًّا المضافة إلى الشخص يقتضيان عموم ضميرهما فاعلًا كان أم مفعولًا، ولو آخره إلى هنا وذكره تعليلًا لهذا الحكم لكان أحسن. ¬
ولو قال: "أيَّتكن لم أطأ اليومَ فضَرَّاتُها طوالقُ"، ولم يَطأْ: طَلَقن ثلاثًا ثلاثًا (¬1)، فإن وطئَ واحدةً: فثلاثٌ بعدمِ وطءِ ضَرَّاتِها، وهُنَّ ثِنتين ثِنْتَين وإن وطئَ ثِنتَين: فثنتانِ ثنتانِ، وهما واحدةً واحدةً، وإن وطئَ ثلاثًا: وقع بالموطوءاتِ فقط واحدةً واحدةً (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (طلقن ثلاثًا ثلاثًا) بيان ذلك أنه إذا لم يطأ واحدة فقد وجد التعليق فيها، فتطلق كل واحدة من ضرائرها طلقة، ولا تطلق هي [وكذلك إذا لم يطء ثانية فإنها تطلق كل واحدة من ضرائرها طلقة ولا تطلق هي] (¬3)، وهكذا فبترك وطء الأولى تطلق الثانية والثالثة والرابعة أطلقة طلقة، وبتركه في الثانية تطلق الأولى والثانية والرابعة] (¬4) طلقتَين طلقتَين، وفي الأولى والثانية طلقة طلقة، وإذا لم يطأ ثالثة طلقت الأولى والثانية والرابعة ثلاثًا، والأولى والثانية ثنتَين ثنتَين، وترك وطء الرابعة تطلق الأولى والثانية طلقة طلقة فيكمل طلاقهما (¬5). * قوله: (فثنتان)؛ أيْ: فيقع بالموطوءتَين ثنتان ثنتان (¬6). * قوله: (وهما واحدة واحدة)؛ أيْ: الثنتان الغير الموطوءتَين (¬7). ¬
وإن أَطلَق: تقيَّدَ بالعمر (¬1). ولو قال: "كلَّما أكلتِ رُمَّانةً فأنتِ طالق، وكلَّما أكلتِ نصف رمانةٍ فأنتِ طالق"، فأكلتْ رمانةً: فثلاثٌ (¬2). ولو كان بدلَ "كلّما". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإن أطلق تقيد بالعمر)؛ أيْ: عمره وعمرهن فأيتهن ماتت طلقت ضرائرها طلقة طلقة، وإن ماتت أخرى فكذلك، وإن مات هو طلقن كلهن كاملًا في آخر جزء من حياته (¬3)، إن قيل: كيف يتقيد بالعمر مع أن (أي) مع (لم) للفور؟، قلتُ: نعم هن للفور؛ لكن فيما يمكن فيه الفور، وهنا لا يتأتى ذلك، وقد قال في الإنصاف (¬4): أنها تكون مع (لم) للفور ما لم تقم قرينة على عدم إرادته والقرينة هنا الاستحالة)، فتدبر! (¬5). * قوله: (فثلاث) وفي الإقناع: إنها لا تطلق ثلاثًا إلا إذا أكلت جميع حباتها، فإن سقط منها شيء لم تطلق غير طلقة واحدة (¬6)، ولعل محل ذلك في المدخول بها، أما غيرها فإنها تبِين بأكل (¬7) النصف الأول. ¬
أداةٌ غيرُها: فثِنْتان (¬1). وإن علَّقه على صفاتٍ، فاجتَمَعنَ في عينٍ: كـ: "إِن رأيتِ رجلًا فأنتِ طالق، وإن رأيتِ أسْودَ فأنتِ طالق، وإن رأيتِ فقيهًا فأنتِ طالق"، فرأت رجلًا أسود فقيهًا: طَلَقتْ ثلاثًا (¬2). و: "إن لم أطلِّقك فأنتِ -أو فضَرَّتُكِ- طالق"، فمات أحدُهما أو أحدُهم: وقع إذا بقيَ من حياةِ الميت ما لا يتسعُ لإيقاعه (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فثنتان) طلقة بصفة النصف وطلقة بصفة الكامل، ولم يقع بصفة النصف الآخر شيء؛ لأنها لا تقتضي التكرار (¬4)، فإن نوى بقوله: (نصف رمانة) نصفًا منفردًا عن الرمانة وكانت مع الكلام قرينة تقتضي ذلك لم يحنث حتى تأكل ما نوى تعليق الطلاق [عليه] (¬5) (¬6). * قوله: (وقع إذا بقي من حياة الميت ما لا يتسع لإيقاعه)؛ لأنه علق الطلاق ¬
ولا يرثُ بائنًا، وتَرِثُه (¬1)، وإن نوَى وقتًا، أو قامت قرينةٌ بفورٍ: تَعلَّق به (¬2). و: "متى لم -أو إذا لم، أو أيَ وقُتٍ- لم أطلِّقكِ فأنتِ طالق" (¬3)، أو: "أيَّتكن لم -أو مَن لم- أطلِّقْها فهي طالق" فمضى زمن يمكن إيقاعُه فيه، ولم يَفعل: طَلَقتْ (¬4). و: "كلَّما لم أطلِّقْك فأنتِ طالق" فمضَى ما يمكن إيقاع ثلاثٍ مرتَّبةً فيه، ولم يطلِّقها: طلقتْ ثلاثًا إن دخل بها، وإلا: بانتْ بالأولى (¬5). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ على ترك الطلاق، فإذا مات الزوج فقد وجد الترك منه، وإذا ماتت هي أو ضرتها في الثانية فكذلك؛ لأن طلاقها فات بموتها (¬6). * قوله: (طلقت)؛ أيْ: المحلوف منها واحدة أو متعددة، كما في ¬
2 - فصل
2 - فصل وإن قال عاميٌّ: "أن قمتِ -بفتح الهمزة- فأنت طالق" فشرطٌ (¬1)، كنِيَّته (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ مسألة: أيتكن، أو: من لم أطلقها. فصل (¬3) * قوله: (كنيته)؛ أيْ: ما لو نوى به الشرط؛ لأن العامي لا يريد بذلك إلا الشرط، ولا يعرف أن مقتضاها التعليل ولا يريده، فلا يثبت له حكم ما لا يعرفه ولا يريده (¬4). وبخطه: قال شيخنا في شرح الإقناع: (أيْ: كما لو نوى بهذا اللفظ الشرط وإن كان نحويًّا) انتهى (¬5)، وفيه نظر؛ لأن (أن) المفتوحة الهمزة [لا تحتمل] (¬6) في النحو الشرط، فكيف يقبل منه ما لا يحتمله لفظه؟ فليحرر!. ¬
وإن قاله عارفٌ بمقتضاه (¬1)، أو قال: "أنتِ طالق إذْ قمتِ، أو وإن قمتِ، أو ولو قمتِ": طَلَقتْ في الحال (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإن قاله عارف [بمقتضاه)؛ أيْ: بمدلوله (¬3) اللغويِّ، وهو التعليل (¬4). * قوله: (طلقت في الحال]) (¬5)؛ أيْ: إن كان وجد، لا إن لم يوجد (¬6)؛ لأنه إنما طلقها لعلة فلا يقع إذا لم توجد (¬7) , وبذلك أفتى ابن عقيل في فنونه فيمن قيل له: زنت امرأتك، قال: هي طالق، ثم يتبين أنها لم تزن أنها لا تطلق، ¬
وكذا: "إِن -أو لو- قمتِ وأنتِ طالق". فإِن قال: "أردتُ الجزاءَ أو أن قيامَها وطلاقَها شرطانِ لشيءٍ، ثم أمسَكتُ": دُيِّنَ، وقُبل حُكمًا (¬1)، و: "أنتِ طالق لو قمتِ"، كـ: ". . . إن قمتِ". وإن قال: "إِن دخلتِ الدار فأنتِ طالق، وإن دخلتْ ضَرَّتُكِ". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجعل السبب كالشرط اللفظي وأولى (¬2). * قوله: (دُيِّن وقبل حكمًا)؛ لأن لفظه يحتمله، وهو أعلم بمراده (¬3)، وإن جعل لهذا جزاء فقال: إن دخلت الدار وأنت طالق فعبدي حر، صحَّ ولم يعتق حتى تدخل الدار وهي طالق (¬4). وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: ومثله لو قال: أردت بإن قمت (¬5)، وقت تقومين فإنها تستعمل فيما يستقبل من الزمان [على قلة] (¬6). وكذا إذا قصد بها الشرط؛ لأنها تستعمل في موضع (إن) الشرطية على قلة ¬
فمتى دخلتْ الأولى: طَلَقتْ، لا الأخرى بدخولها (¬1)، فإن قال: "أردت: جَعْلَ الثاني شرطًا لطلاقها أيضًا": طَلَقتْ ثِنْتَين (¬2). وإن قال: "أردتُ: أن دخولَ الثانيةِ شرطٌ لطلاقها": فعلَى ما أراد (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ لكونها على وزنها -كما في حواشي الغزي (¬4) على المطول (¬5)، وفي مغني اللبيب حيث قال: إن الظرف قد يستعمل استعمال الشرط-. * قوله: (فمتى دخلت الأولى طلقت) دخلت ضرتها أولى (¬6). * قوله: (فعلى ما أراد) وإن قال: أردتُ جعل دخولها شرطًا لطلاق (¬7) الأولى قبل منه -على ما في الإقناع (¬8) (¬9) -،. . . . . . ¬
و: "إن دخلتِ الدار وإن دخلت هذه فأنتِ طالق": لم تَطلُق إلا بدخولهما (¬1). و: "إن قمتِ فقعدتِ، أو ثم قعدتِ. . . "، أو: "إن قمت متى قعدت"، أو: "إن قعدتِ إذا قمتِ، أو متى قمتِ. . . ". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فالاحتمالات أربع (¬2). * قوله: ([لم تطلق إلا] (¬3) بدخولهما) مع أنه يحتمل أنه حذف من الأول (¬4) لدلالة الثاني (¬5) (¬6) فتدبر!. * قوله: (أو إن قمت (¬7) متى قعدت) وهذا وأمثاله (¬8) هو المسمى عند النحويين باعتراض الشرط على الشرط، فيقتضي تقديم المتأخر وتأخير المتقدم (¬9)؛ لأنه ¬
أو: "إن قعدتِ إن قمتِ فأنتِ طالق": لم تَطلُق حتى تقومَ ثم تقعُدَ (¬1). وإن عكَس ذلك: لم تَطلُق حتى تقعُدَ ثم تقوم (¬2)، و: "أنتِ طالق إن قمتِ وقعدتِ، أو لا قمتِ وقعدت": تَطلُق بوجودهما كيفما كان (¬3)، و: ". . . إن قمتِ أو قعدتِ، أو إن قمتِ وإن قعدت. . . " (¬4)، أو: ". . . لا قمتِ ولا قعدتِ": تطلُق بوجود أحدهما (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ جعل الثاني في اللفظ شرطا للذي قبله، والشرط يتقدم المشروط (¬6). * قوله: (لم تطلق حتى تقوم (¬7) ثم تقعد)؛ أيْ: إلا في قوله: (أو إن قمت متى قعدت) فإنها على العكس من ذلك (¬8)، وكان الأولى إسقاطها من ذلك المحل ¬
و: "إن أعطيتُك إن وعدتُك إن سألتني فأنتِ طالق": لم تَطلُق حتى تسألَه، ثم يَعِدَها، ثم يُعطيَها (¬1). و: "كلَّما أجنَبتُ فإن اغتسلتُ من حمَّام فأنت طالق"، فأجنَبَ ثلاثًا، واغتسل مرةً [فيه:] (¬2) فطلقةٌ (¬3)، ويقعُ ثلاثًا مع فعلٍ لم يَتردَّدْ مع كلِّ جنابةٍ: كموتِ زيد، وقدومِه (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فإنه قد صرح بها بعد (¬5). * قوله: (كموت زيد) (فإن (¬6) قال لها: كما أجنبت ومات زيد فأنت طالق، فأجنب ثلاثًا ومات زيد طلقت ثلاثًا)، شرح (¬7). * قوله: (وقدومه)؛ أيْ: من سفر معيَّن متَّحد. ¬
3 - فصل في تعليقه بالحيض
وإن أسقَط "الفاءَ" من جزاءٍ متأخرٍ: فكبقائها (¬1). * * * 3 - فصلٌ في تعْلِيقِه بالحيض إذا قال: "إذا حِضتِ فأنتِ طالق": يقعُ بأوَّله إن تبَيَّن حيضًا، وإلا: لم يقعْ (¬2). ويقعُ في: "إذا حِضت حيضة. . . ". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل في تعليقه بالحيض * قوله: (يقع بأوله) لوجود الصفة، ولذلك حكمنا بأنه حيض في المنع من الصلاة (¬3)، والصيام (¬4). * قوله: (إن تبين حيضًا) انظر ما فائدة قوله: (إن تبين حيضًا) مع أنه (¬5) أول حيض، وهو لا يكون أول حيض إلا إذا تبين أنه حيض؛ إذ أول الشيء جزء منه، فتأمل!. ¬
بانقطاعه (¬1) ولا يُعتدُّ بحيضةٍ عَلَّق فيها (¬2)، و: "كلَّما حِضتِ. . . " -أو زاد: "حيضةً"- تفرُغُ عِدَّتُها بآخرِ حيضة رابعة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقد يُجاب بأنه أطلق الخاص [الذي هو الحيض] (¬3)، وأراد به العام (¬4) والمعنى وقع بأول الدم إن تبين كون ذلك الدم حيضًا. * قوله: (ولا يعتد بحيضة علَّق فيها)؛ لأنه علَّق الطلاق بالمرة الواحدة من الحيض بحرف (إذا) وهو اسم لما يستقبل من الزمان (¬5)، [فيعتبر] (¬6) ابتداء الحيضة، وابتداؤها بعد التعليق (¬7). * قوله: (وكلما حِضت. . . (¬8)، أو زاد: حيضة (¬9). . . إلخ) فتطلق في (كلما حضت) بشروعها في حيضة مستقبلة، وكذا الثانية والثالثة (¬10)، وإن زاد ¬
وطلاقه في ثانية غيرُ بدْعِيِّ، و: "إذا حِضتِ نصفَ حيضةٍ فأنت طالق"، فإذا مضَتْ حيضةٌ مستقِرَّةٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حيضة (¬1) طلقت عند انقطاعه (¬2) -كما مر آنفًا في المتن (¬3) - بخلاف ما يفهم من الشرح (¬4) فإنه أناط الإيقاع بالشروع في المسألتَين. * قوله: (وطلاقه في ثانية غير بدعي)؛ أيْ: لعدم طول العدة (¬5)، وكذا في ثالثة (¬6)، وهو أولوي، ومفهومه أن طلاقه في الأولى يكون بدعيًّا، وذلك فيما إذا قال: "كلما حِضت"، وأما إذا قال: "كلما حِضت حيضة" فلا بدعة، ولا يفهم ذلك من المتن؛ لأن الطلاق لم يقع في الحيض وإنما يقع [عند] (¬7) انقطاعه كما علم من المتن أولًا (¬8). ¬
تَبيَّنَّا وقوعَه لنصفِها (¬1). ومتى ادَّعتْ حيضًا وأنكَر: فقولُها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله] (¬2): (تبينا وقوعه لنصفها)؛ لأنه علَّقه بنصف الحيضة والنصف لا يعرف (¬3) إلا بوجود الجميع (¬4)؛ لأن أيام الحيض قد تطول وقد تقصر، وقبل تبين مدتها بحكم وقوع الطلاق ظاهرًا بمضي نصف عادتها في الأصح؛ لأن الظاهر أن حيضها على السواء؛ ولأن الأحكام تتعلق بالعادة (¬5) فيتعلق بها وقوع (¬6) الطلاق (¬7). [وبخطه] (¬8): اللام للوقف، وحملها الشيخ على معنى من. * قوله: (فقولها)؛ [أيْ] (¬9): بلا يمين؛ لأنها أمينة على نفسها, ولا يعلم ¬
-كـ: "إن أضمرتِ بُغْضي فأنت طالق"، وادَّعْته (¬1) - لا في ولادةٍ وإن لم يُقِرَّ بالحمل، ولا في قيام ونحوِه (¬2)، ولو أقَرَّ به: طَلَقتْ، ولو أنكرتْه (¬3). و: "إذا طَهُرتِ فأنتِ طالق" -وهي حائض-: فإذا انقطع الدمُ (¬4)، وإلا: فإذا طَهَرتْ من [حيضة] (¬5) مستقبَلةٍ (¬6). ـــــــــــــــــــــــــــــ إلا من جهتها (¬7). * قوله: (فإذا طهرت من حيضة مستقبلة) ظاهره أنه لا يعتبر طهرها في أثناء الحيضة، مع أنه تقدم أنه طهر صحيح تغتسل (¬8) فيه وتصوم وتصلي (¬9)، إلا أن ¬
و: "إن حِضتِ فأنتِ وضَرّتُك طالقتان"، فقالت: "حِضتُ" وكذَّبها: طَلَقتْ وحدَها (¬1). و: "إن حِضتُما فأنتما طالقتانِ"، وادَّعَتاهُ، فصدَّقهما: طَلَقتا. وإن أكْذَبَهما: لم تَطلُقا. وإن أكْذَبَ إِحداهما: طَلَقت وحدَها (¬2). وإن قاله لأربعٍ، فادَّعَيْنَه، وصدَّقهن: طَلَقن، وإن صدَّق ثلاثًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يقال: ما هنا ملحق بالأيمان، وهي مبناها على العرف، وهذا لا يسمى طهرًا عرفًا، وإن كان طهرًا شرعًا. * قوله: (طلقت وحدها)؛ لأن قولها مقبول على نفسها وأما ضرتها فلا تطلق إلا أن تقيم بينة (¬3) على حيض المقول لها أو يقرَّ به (¬4)، فتطلقان وإن أكذبتاه (¬5). * قوله: (لم تطلقا)؛ أيْ: لم تطلق واحدة منهما؛ لأن طلاق كل واحدة منهما معلَّق بحيضها وحيض ضرتها، وإقرار كل واحدة غير مقبول في حق ضرتها (¬6). * قوله: (وإن كذب إحداهما طلقت وحدها)؛ لأن قولها مقبول في حقها وقد صدق ضرتها فوجد الشرطان في حقها ولم تطلق المصدقة؛ لأن قول المكذبة ¬
طَلَقتْ المكذَّبةُ. وإن صدَّق دونَ ثلاثٍ: لم يقعْ شيءٌ (¬1). وإن قال: "كلَّما حاضت إحداكن -أو أيَّتُكن حاضت- فضَرَّاتُها طوالقُ"، فادَّعَيْنَه، وصدَّقهن: طَلَقن كاملًا، وإن صدَّق واحدة: لم تَطلُق، وطَلَّق ضَرَّاتِها طلقةً طلقةً، وإن صدَّق ثِنْتَين: طَلَقتَا طلقةً طلقةً، والمكذَّبتانِ ثِنْتَين ثِنْتَين، وإن صدَّق ثلاثًا: طَلَقنَ ثِنْتَين ثِنْتَين، والمكذَّبةُ ثلاثًا (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ غير مقبول في حقها (¬3). * قوله: (طلقت المكذبة)؛ أيْ: وحدها؛ لأن قولها مقبول في حقها، وقد صدق صواحبها، فوجد حيض الأربع في حقها (¬4)؛ أيْ: وإن كان غير متَّحد الجهة. * قوله: (لم يقع شيء) لعدم وجود الشرط (¬5)؛ لأن قول كل واحدة من المكذبات لا يعمل به في حق الأخرى (¬6). ¬
و: "إن حِضتما حيضةً. . . ": طَلَقتا بشروعهما في حيضتَين (¬1). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (طلقتا بشروعهما في حيضتَين)؛ لأن وجود الحيضة الواحدة منهما محال، فيلغو قوله: (حيضة) ويصير كقوله: "إن حضتما فأنتما طالقتان" (¬2) -هكذا ذكره في الشرح (¬3) (¬4) - وعلى هذا لا تطلق إحداهما إذا شرعت في حيضة قبل الأخرى وإنما يقع بها إذا شرعت [ضرتها، فيقع بهما خلافًا لما في الإقناع (¬5)] (¬6). ¬
4 - فصل في تعليقه بالحمل والولادة
4 - فصلٌ في تعليقه بالحمْل والولادةِ إذا قال: "إن كنتِ حاملًا فأنتِ طالق"، فبانَت حاملًا زمن حلفٍ: وقع منه (¬1)، وإلا (¬2)، أو وَطئَ بعد. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل في تعليقه بالحمل والولادة * قوله: (وقع منه)؛ أيْ: من زمن الحلف، ويتبين كونها حاملًا زمنه بأن تلد لدون ستة أشهر من الحلف (¬3)، ويعيش، أو لدون أربع سنين، ولم يطأ بعد حلفه (¬4). * [قوله] (¬5): (وإلا)؛ أيْ: وإن لم يتبين كونها حاملًا حين حلفه بأن ولدته لأكثر من أربع سنين من حلفه (¬6) لم تطلق (¬7)؛. . . . . . ¬
-ووَلدتْ لستةِ أشهر فأكثرَ من أولِ وطئه-: لم تَطلُق (¬1)، و: "إن لم تكوني حاملًا"، فبالعكسِ (¬2). ويحرُم وطؤها قبل استبراءٍ: فيهما (¬3)، وقبلَ زوالِ رِيبةٍ، أو ظهورِ حملٍ في الثانية -إن كان بائنًا (¬4) -، ويحصُل بحيضةٍ موجودةٍ، أو مستقبَلةٍ، أو ماضيةٍ لم يَطأ بعدها (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ لعدم وجود الصفة (¬6). * قوله: (لم تطلق)؛ لأنه أمكن أن يكون الولد من الوطء المتجدد زمن غيره، فوقوع الطلاق مشكوك فيه، والعصمة ثابتة بيقين (¬7). * [قوله] (¬8): (فيهما)؛ أيْ: في صورتَي الإثبات والنفي (¬9). * قوله: (أو ماضية لم يطأ بعدها)؛ لأن المقصود معرفة براءة رحمها، فإن ¬
و: "إن -أو إذا- حمَلتِ. . . "، لم يقع إلا بحمل متجدِّد، ولا يَطأُ: إن كان وطئَ في طُهرِ حلفِه قبل حيض، ولا أكثرَ من مرةٍ كلَّ طهرٍ (¬1). و: "إن كنتِ حاملًا بذكرٍ فطلقةً، وبأنثى فثِنْتَين"، فولَدتْ ذكرَيْن: فطلقةٌ (¬2)، وأنثى مع ذكرٍ فأكثرَ: فثلاثٌ (¬3)، وإن قال: "إن كان حَملُكِ، أو ما في بطنك. . . " فولدتْهما: لم تَطلُق. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تأخر حيضها أُريت [النساء] (¬4) من أهل المعرفة (¬5). * قوله: (لم يقع إلا بمتجدد)؛ لأنه علَّق طلاقها على وجود أمر في زمن مستقبل (¬6). * قوله: (ولا أكثر من مرة كل طهر) لجواز أن تحمل من المرة الأولى (¬7). * قوله: (فثلاث) وإن ولدت خنثى مشكلًا فقياس ما يأتي، وقوع طلقة؛ ¬
ولو أسقَط "ما": طَلَقتْ ثلاثًا (¬1). وما عُلِّق على ولادةٍ: يقعُ بإلقاءَ ما تصير به أمةٌ أمَّ ولد (¬2)، و: "إن ولدت ذكرًا فطلقةٌ، وأنثى فثنِتَيْن"، فثلاثٌ بمَعيَّةٍ (¬3). وإن سبق أحدُهما دون ستةِ أشهر: وقع ما عُلِّق به، وبانَتْ بالثاني. . ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنها المحقق، ولأنه لا يخلو (¬4) من كونه ذكرًا أو أنثى. * [قوله] (¬5): (يقع بإلقاء ما تصير [به] (¬6) أمةٌ أمَ ولد) وهو ما تبين فيه خلق إنسان ولو خفيًّا، فلا تطلق بإلقاء علقة ونحوها (¬7). * قوله: (فثلاث بمعية) بحيث لا يسبق أحدهما الآخر بولادة الذكر طلقة وبولادة الأنثى طلقتَين (¬8). * قوله: (وبانت بالثاني)؛ أيْ: انقضت عدتها به (¬9). ¬
ولم تَطلق به (¬1)، كـ: "أنتِ طالق مع انقضاء عِدَّتِكِ" (¬2)، و. . . بستةِ أشهر فأكثرَ -وقد وَطئَ بينَهما-: فثلاثٌ (¬3)، ومتى أشكَل سابقٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولم تطلق به)؛ لأن العدة انقضت بوضعه فصادفها الطلاق بائنًا، فلم يقع، كما لو قال: إن مت فأنت طالق (¬4)، وقد نص (¬5) الإمام أحمد فيمن قال: أنت طالق مع موتي: أنها لا تطلق (¬6)، فهذا أولى. * قوله: (مع انقضاء عدتك) أو مع موتي -كما نص على ذلك الإمام-. * قوله: (فثلاث) لوجود العدة بالوطء بينهما (¬7)، فيكون الثاني من حمل مستأنف (¬8). * قوله: (ومتى أشكل سابق)؛ يعني: لم يعلم كونه ذكرًا. . . . . . ¬
فطلقةٌ بيقينٍ، ويَلْغُو ما زاد (¬1)، [ولا فرق بين من تلده حيًّا أو ميتًا] (¬2). و: "إن ولدتِ ذكرَين، أو أنثيَين، أو حيَّين، أو ميِّتَين، فأنت طالق"، فلا حِنْثَ بذكرٍ وأنثى: أحدُهما فقط حيٌّ، و: "كلَّما ولدتِ (¬3) -أو زاد: ولدًا- فأنتِ طالق"، فولدتْ ثلاثةً معًا: فثلاثٌ (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو أنثى (¬5) (¬6)، ولعل من إشكاله ما إذا كان خنثى مشكلًا، فإنه محتمل لكونه ذكرًا أو أنثى (¬7)، فيقع المحقَّقُ فقط وهو واحدة (¬8)، فليحرر!. * قوله: (فولدت ثلاثة معًا فثلاث)؛ لأن الولادة متعددة بالنسبة إلى كل واحد من الأولاد، فكما تنسب الولادة إلى واحد منهم تنسب إلى كل واحد ¬
5 - فصل في تعليقه بالطلاق
ومُتَعاقبَين: طَلَقتْ بأولٍ وبثانٍ، وبانَتْ بثالث (¬1). وإن ولدت اثنين وزاد: "للسنة" فطلقةٌ بطهرٍ ثم أخرى بعد طهرٍ من حيضةٍ (¬2). * * * 5 - فصلٌ في تعْليقهِ بالطلاق إذا قال. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ من الآخرين (¬3)، فالفعل متَّحد ذاتًا متعددٌ اعتبارًا (¬4)، فتدبر!. * قوله: (وبانت بثالث) ولم تطلق به؛ لأن العدة قد انقضت (¬5). * قوله: (وزاد للسنة)؛ أيْ: قال: كلما ولدت فأنت طالق للسنة (¬6)، والحاصل أنه يقع فيها ثنتان متفرقتان ضرورة (¬7) التقيد بقوله: (للسنة) فتقع كما أشار إليه المصنف واحدة بطهرها من النفاس والثانية بطهرها من حيضة تعقب الولادة (¬8). فصل في تعليقه بالطلاق ¬
"إن طلَّقتُك فأنتِ طالق"، ثم أوقَعه بائنًا: لم يقع ما عُلِّق، كمعلَّقٍ على خُلع (¬1)، وإن أوقَعه رجعيًّا، أو علَّقه بقيامها ثم بوقوع طلاقِها، فقامت: وقع ثِنْتان (¬2)، وإن علَّقه بقيامها ثم بطلاقه لها أو إيقاعِه، فقامت. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو علقه بقيامها. . . إلخ) بأن قال لها: إن قمت فأنت طالق ثم قال لها: إن وقع [عليك] (¬3) طلاقي فأنت طالق فقامت وقع ثنتان واحدة المعلقة (¬4) على القيام، وواحدة بوقوع الطلاق الحاصل بالقيام (¬5). * قوله: (وقع ثنتان) إن كانت مدخولًا بها، واحدة بقيامها وأخرى بوقوع الطلاق عليها بوجود الصفة التي [هي] (¬6) قيامها، وغير المدخول بها واحدة بقيامها فقط (¬7)، وبانت بها (¬8). ¬
فواحدةٌ (¬1)، وإن علَّقه بطلاقها ثم بقيامها، فقامت: فثِنْتانِ (¬2). و: "إن طلَّقتُكِ فأنتِ طالق"، ثم قال: "إن وقَع عليكِ طلاقي فأنتِ طالق"، ثم نَجَّزه رجعيًّا: فثلاث (¬3)، فلو قال: "أردتُ: إِذا طلَّقتُكِ طَلَقتِ، ولم أُردْ عقْدَ صفةٍ": دُيِّنَ، ولم يُقبل حُكمًا (¬4)، و: "كلَّما طلَّقتُكِ فأنتِ طالق". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فواحدة)؛ أيْ: بقيامها ولم تطلق بتعليق (¬5) الطلاق؛ لأنه لم يطلقها، ولم يوقعه عليها (¬6)؛ إذ الذي حصل بوجود القيام وقوع لا إيقاع. * قوله: (فثنتان) واحدة بقيامها وأخرى بتطليقها الحاصل بالقيام؛ لأن طلاقها بوجود الصفة تطليق لها (¬7). * [قوله] (¬8): (فثلاث) واحدة بالمباشرة وثنتان بالوقوع والإيقاع (¬9). ¬
ثم قال: "أنتِ طالق": فثِنْتان (¬1)، و: "كلَّما وقَع عليكِ طلاقي فأنتِ طالق"، ثم وقَع بمباشرةٍ أو سببٍ: فثلاثٌ -إن وقَعتْ الأُولى والثانيةُ رجعيَّتَين- (¬2)، ومن علّق الثلاثَ بتطليقٍ يَملك فيه الرجعةَ، ثم طلَّق واحدةً: وقع الثلاثُ (¬3). و: "كلَّما -أو إِنْ- وقع عليكِ طلاقي فأنتِ طالق قبلَه ثلاثًا". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ثم قال أنت طالق فثنتان) واحدة بالخطاب وأخرى بالتعليق لا أكثر؛ لأن التعليق لم يوجد إلا مرة (¬4). * قوله: (أو سبب) كمعلق على صفة وجدت (¬5). * قوله: (فثلاث)؛ لأن الثانية طلقة واقعة عليها، فتطلق بها الثالثة (¬6). * قوله: (ومن عَلَّق الثلاث. . . إلخ) كما لو قال: إن طلقتك طلاقًا أملك فيه الرجعة، فأنت طالق ثلاثًا (¬7). * قوله: (ثم طلَّق واحدة وقع الثلاث) كان الأولى أن يقول: وقع ثلاث أو ¬
ثم قال: "أنتِ طالق", فثلاثٌ: طلقةٌ بالمنجَّز، وتَتمتُها من المعلَّق، ويلغُو قوله: "قَبْلَه" (¬1)، وتُسمَّى: "السُّرَيْجيةَ". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقع ثلاثًا (¬2)؛ لأن كلامه يوهم أن الذي يقع هو الثلاث المعلَّقة مع (¬3) أنه وقع أولًا (¬4) واحدة ثم تمم (¬5) الثلاث من الثلاث المعلقة على قياس السريجية (¬6) الآتية. * قوله: (وتسمى السريجية)؛ لأنه أول من سئل عنها ابن سريج، وكنيته أبو العباس (¬7). ¬
ويقعُ بمن لم يدخُل بها المنجَّزةُ فقط (¬1). و: "إن وطئتُك وطئًا مباحًا -أو إن أبَنْتُكِ أو فسختُ نكاحَكِ، أو إن ظاهرتُ منكِ، أو إن راجعتُكِ- فأنتِ طالق قبله ثلاثًا"، ثم وُجد شيءٌ مما عُلِّق عليه: وقع الثلاثُ (¬2)، ولَغَا قولُه: "قَبْلَه" (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ثم وُجِدَ شيءٌ مما علَّق عليه) انظر: لو وطئها وهي حائض، والظاهر أنه لا يحنث لعدم وجود المعلَّق عليه، وهو الوطء المباح. * قوله: (ولغا قوله: قبله) ولا تبِين بقوله: أبنتك أو فسخت نكاحك، وإذًا لا إشكال في وقوع الطلاق بخلاف ما لو قال: إذا بِنت أو انفسخ نكاحك فأنت طالق قبله، ثم بانت منه بخلع أو غيره (¬4) أو فسخت نكاحها ¬
و: "كلَّما طلَّقتُ ضَرَّتَكِ فأنتِ طالق"، ئم قال مثلَه للضرَّةِ، ثم طلَّق الأولى: طَلَقتِ الضَّرَّةُ طلقةً، والأولى ثِنْتَين (¬1)، وإن طلَّق الضَّرَّةَ فقط: طَلَقتا طلقةً طلقةً (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ لمقتضٍ (¬3)، فإنها لا تطلق لزوال محل الطلاق (¬4). * قوله: (ثم طلق الأولى) لعله فقط. * قوله: (طلقت الضرة طلقة) (¬5)؛ أيْ: بوجود (¬6) الصفة (¬7). * قوله: (والأولى ثنتَين) (¬8) بالمباشرة ووجود الصفة (¬9). * قوله: (فقط) بخلاف ما إذا نجَّزه (¬10) لهما، فإنه يقع بالأولى ثلاث وبالثانية ثنتان، فتدبر!. * قوله: (طلقتا طلقة طلقة) الضرة بالمباشرة والأولى بالسبب، ولم يقع ¬
ومِثلُ ذلك: "إن -أو كلَّما- طلَّقتُ حَفْصةَ فعَمْرَةُ طالق"، ثم قال: "إنْ -أو كلَّما- طلَّقتُ عَمْرةَ فحفصةُ طالق": فحفصةُ كالضَّرَّةِ فيما قَبْلُ (¬1)، وعكسُ ذلك قولُه لعَمْرةَ: "إن طلَّقتُك فحفصةُ طالق"، ثم لحَفْصةَ: "إن طلَّقتُك فعمرةُ طالق": فحفصةُ هنا كعمرةَ هناك (¬2). ولأربع: "أيَّتُكنْ وقع عليها طلاقي فصَوَاحِبُها طوالقُ"، ثم أوقَعَه على إحداهن: طَلَقن كاملًا (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ بالثانية أخرى؛ لأن طلاق الأولى إنما وقع بالتعليق السابق على تعليق الثانية، فلم يحدث بعد تعليق طلاق الثانية طلاقها (¬4). * قوله: (طلقن (¬5) كاملًا)؛ أيْ: ثلاثًا [ثلاثًا] (¬6)؛ لأنه لما أوقعه على إحداهن طلقت بإيقاعه طلقة، وطلقت كل واحدة من ضراتها بوقوعه عليها طلقة، [وصار إذا ¬
و: "كلَّما طلَّقتُ واحدةً فعبدٌ حرٌّ، و. . . ثِنْتَين: فاثنانِ، و ... ثلاثًا: فثلاثة، و. . . أربعًا: فأربعة"، ثم طلَّقهن -ولو معًا- عَتَق خمسة عشرَ عبدًا (¬1)، وإن أتَى بدلَ "كلَّما"، بـ "إِن" أو نحوِها: عَتَق عشرةٌ (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ وقع بواحدة طلقة يقع بكل واحدة من صواحبها طلقة] (¬3)، وقد وقع الطلاق على جميعهن فطلقت كل واحدة طلاقًا كاملًا (¬4). وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: وهذا بخلاف ما لو قال لهن: أيتكن طلقتها، أو: أوقعت عليها طلاقي. . . إلخ، فإنه لا يقع بهن إلا طلقة طلقة، فتدبر!. * قوله: (عتق خمسة عشر عبدًا)؛ لأن فيهن أربع صفات هن أربع فيعتق أربعة وهن أربعة أفراد، فيعتق أربعة وهن اثنتان واثنتان، فيعتق أربعة، وفيهن ثلاث فيعتق ثلاثة، أو تقول: يعتق بالواحدة واحد (¬5) وبالثانية ثلاثة؛ لأن فيها صفتَين هي ¬
و: "إن أتاكِ طلاقي فأنتِ طالق"، ثم كتَب إليها: "إذا أتاكِ كتابي فأنتِ طالق"، فأتاها كاملًا، ولم يَنْمَحِ ذكرُ الطلاق: فثِنْتان (¬1)، فإن قال: "أردتُ: أنكِ طالق بالأوَّل". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واحدة، وهي [مع] (¬2) الأولى اثنتان، ويعتق بالثالثة أربعة؛ لأنها واحدة ومع الأولى والثانية ثلاث، ويعتق بالرابعة سبعة؛ لأن فيها ثلاث صفات هي واحدة، وهي مع الثالثة اثنتان وهي مع الثلاث التي قبلها أربع (¬3). وبخطه: وهذا مشى على ما تقدم (¬4) من أنه إذا علَّقه (¬5) على صفات فاجتمعن في عين واحدة طلقت بالجميع، كما لو قال لها: "إن رأيت رجلًا فأنت طالق، وإن رأيت أسود فأنت طالق، وإن رأيت فقيهًا فأنت طالق"، فرأت رجلًا أسود فقيهًا فإنها تطلق ثلاثًا -كما سبق (¬6) -. * قوله: (فثنتان) طلقة (¬7) بإتيان الطلاق وأخرى بإتيان الكتاب (¬8) (¬9). ¬
دُيِّن، وقُبل حُكمًا (¬1). ومن كتَب: "إذا قرأت كتابي فأنتِ طالق"، فقُرئَ عليها: وقع إن كانت أمِّيَّةً، وإلا: فلا (¬2). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومن كتب إذا قرأت كتابي. . . إلخ) ولا يثبت الكتاب إلا بشاهدَين مثل كتاب القاضي إلى القاضي [وإذا شهدا (¬3) عندها كفى وإن لم يشهدا عند الحاكم، لا إن شهدا أن هذا خطه (¬4)؛ لأنه يكفي ذلك في كتاب القاضي] (¬5) [إلى القاضي] (¬6) -على ما يأتي (¬7) -. وبخطه: ومن حلف لا يقرأ كتاب فلان فقرأه في نفسه ولم يحرك شفتيه به حنث؛ لأن هذا قراءة الكتاب (¬8) في العرف، فتصرف يمينه إليه إلا أن ينوي حقيقة القراءة فلا (¬9). ¬
6 - فصل في تعليقه بالحلف
6 - فصلٌ في تعْليقِه بالحَلِف إذا قال: "إن حلَفتُ بطلاقكِ فأنتِ طالق"، ثم علَّقه بما فيه حَثٌّ، أو منعٌ (¬1). أو تصديقُ خَبر أو تكذيبُه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل في تعليقه بالحلف * قوله: (بما فيه حث) (¬2)؛ أيْ: على فعل (¬3) كـ: (إن لم تدخلي الدار فأنت طالق) (¬4). * قوله: (أو منع)؛ أيْ: من فعل كـ: "إن دخلت الدار فأنت طالق" (¬5). * [قوله] (¬6): (أو تصديق خبر) كأنت طالق لقد قمت أو إن لم يكن هذا القول حقًّا (¬7). * قوله: (أو تكذيبه) كأنت طالق إن لم يكن هذا القول كذبًا (¬8). ¬
طَلَقتْ في الحال لا إن علَّقه بمشيئتها، أو حيضٍ، أو طُهرٍ (¬1)، أو طلوعِ الشمس. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (طلقت (¬2) في الحال) هذا كله في الحقيقة ليس (¬3) بيمين، وإنما سمي حلفًا تجوُّزًا لما فيه من الحثِّ (¬4) والكف والتكيد المقصود من الحلف (¬5)، فالحلف بالطلاق تعليق في الحقيقة، ولهذا قال [أبو] (¬6) يعلى الصغير (¬7): (لو حلف: لا حلفت فعلَّق طلاقها بشرط أو صفة (¬8) لم يحنث)، انتهى (¬9). * [قوله] (¬10): (لا إن علقه بمشيئتها) أو مشيئة غيرها (¬11). ¬
أو قدومِ الحاجِّ، ونحوِه (¬1). و: "إن حلفتُ بطلاقِك -أو إن كلمتُكِ- فأنتِ طالق"، وأعادهُ مرةً: فطلقةٌ، ومرتيَن: فثِنْتانِ، وثلاثًا: فثلاثٌ -ما لم يقصِد إفهامَها في: "إن حلفتُ" (¬2) -. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وثلاثًا فثلاث)؛ لأن كل مرة يوجد بها شرط الطلاق وينعقد شرط طلقة أخرى (¬3). * قوله: (ما لم يقصد إفهامها في إن حلفت)؛ [أيْ] (¬4): [إن] (¬5) كان متصلًا -كما سبق-. وبخطه: لا في: إن كلمتك؛ لأنه كلام قصد به الإفهام أو لم يقصده (¬6). ¬
وتَبِينُ غير مدخول بها بطلقةٍ، ولم تنعقدْ يمينُه الثانيةُ والثالثة، في مسألةِ الكلام (¬1)، و: "إن حلفتُ بطلاقكما فأنتما طالقتانِ"، وأعاده: وقع بكل طلقةٌ (¬2)، وإن لم يدخُل بإحداهما، فأعادهُ بعدُ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولم تنعقد يمينه الثانية والثالثة في مسألة الكلام)؛ لبينونتها في شروعه في الكلام، فلم يحصل جواب الشرط إلا وهي بائن، وانعقدت يمينه الثانية في مسألة الحلف؛ لأنها لا تبين إلا بعد انعقاد اليمين، فلو تزوجها بعد وحلف (¬3) بطلاقها طلقت (¬4). وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: حق العبارة أن يقال: ولم تنعقد يمينه الثالثة فيهما، ولا الثانية في مسألة الكلام؛ لأن عبارته تقتضي أن الثانية والثالثة تنعقدان في مسألة الحلف. * قوله: (وأعاده) وينبغي أن يقيد بكونه لا للإفهام. * [قوله] (¬5): (فأعاده بعد)؛ [أيْ: بعد] (¬6) أن وقع بكل واحدة طلقة (¬7). ¬
فلا طلاقَ (¬1)، ولو نكح البائنَ، ثم حلَف بطلاقها: طَلَقتا أيضًا طلقةً طلقة (¬2). و. . . بـ "كلَّما" بدلَ "إنْ":. . . ثلاثًا ثلاثًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فلا طلاق)؛ لأن الحلف بطلاق البائن غير معتد به (¬3). * قوله: (طلقتا أيضًا طلقة طلقة)؛ لأن الصفة الثانية منعقدة في حقهما (¬4) جميعًا، ذكره الأصحاب وأورد عليه أن طلاق كل واحدة منهما معلَّق بشرط الحلف بطلاقها مع طلاق ضرتها، فكل واحد من الحلفَين جزء لشرط طلاق كل واحدة منهما، فكما أنه لابد من الحلف بطلاقها (¬5) في زمن يكون فيه أهلًا لوقوع الطلاق، كذلك الحلف بطلاق ضرتها؛ لأنه جزء لشرط طلاق نفسها (¬6). وأجيب بأن وجود الصفة كلها في النكاح لا حاجة إليه، ويكفي وجود آخرها فيه فيقع الطلاق عقبه (¬7). * قوله: (وبكلما (¬8) بدل (إن) ثلاثًا ثلاثًا. . . إلخ)؛ لأن اليمين الأولى لم ¬
طلقةً عقبَ حلفِه ثانيًا، وطلقتين لما نكح البائن وحلف بطلاقها (¬1). ومن قال لزوجتَيْه حَفْصةَ وعَمْرة: "إن حلفتُ بطلاقكما فَعمرةُ طالق"، ثم أعاده: لم تَطلُق واحدةٌ منهما (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنحل باليمين الثانية؛ لأن "كلما"، للتكرار واليمين الثانية باقية فتكون اليمين الثالثة التي تكملت (¬3) بحلفِه على التي جدد نكاحها شرطا لليمين الأولى، والثانية فيقع بها طلقتان لذلك بخلاف ما لو كان التعليق بـ (إن) فإن اليمين الأولى تنحل بالثانية لعدم (¬4) اقتضائها التكرار (¬5)، فتبقى اليمين الثانية فقط, فإذا أعادها بعد الثانية مرة أخرى وجد شرط الثانية فانحلت أيضًا وتنعقد الثالثة (¬6). * قوله: (ثم أعاده) بأن قال: إن حلفت بطلاقكما فعمرة طالق، لم تطلق واحدة منهما؛ لأنه لم يحلف بطلاقها وإنما حلف بطلاق عمرة فقط (¬7)، وكذا لو أبدل عمرة بحفصة؛ لأنه لم يحلف بطلاق حفصة، وأما (¬8) الصيغة الأولى ¬
ولو قال بعدَه: "إن حلفتُ بطلاقكما فحَفصةُ طالق": طلَقتْ عَمرة (¬1)، ثم إن قال: "إن حلفتُ بطلاقكما فعَمرةُ طالق": لم تَطلق واحدةٌ منهما (¬2). ثم إن قال: "إن حلفتُ بطلاقكما فحَفصةُ طالق": طَلَقتْ حفصةُ (¬3). ولمدخول بِهما: "كلَّما حلفتُ بطلاقِ إحداكما -أو واحدةٍ منكما- فأنتما طالقتان"، وأعادهُ: طَلَقتا ثِنْتَين ثِنْتَين (¬4). وإن قال: ". . . فهي -أو فضَرَّتُها- طالق". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فهي تعليق فقط لا يحتسب بها في إيقاع الطلاق. * قوله: (ولو قال بعده)؛ أيْ: بعد ما أعاده. * قوله: (طلفث عَمْرةُ)؛ لأنه صدق عليه أنه (¬5) حلف بطلاقهما (¬6). * قوله: (طلقتا ثنتَين ثنتَين)؛ لأن قوله ذلك حلف بطلاق كل واحدة منهما، وحلفه بطلاق كل واحدة منهما يقتضي طلاق الثنتَين (¬7) (¬8) فطلقتا بحلفه ¬
وأعادهُ: فطلقةً طلقةً (¬1). وإن قال: ". . . فإحداكما طالق": فطلقةٌ لإحداهما تُعيَّن بقرعةٍ (¬2). ولإحداهما: " إن حلفتُ بطلاقِ ضَرَّتِكِ فأنتِ طالق"، ثم قاله للأخرى: طَلَقتْ الأولى، فإن أعادهُ للأولى: طَلَقتْ الأخرى (¬3). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ بطلاق واحدة (¬4) طلقة طلقة، وبحلفه (¬5) بطلاق الأخرى كذلك (¬6). * تتمة: لو قال: إن حلفت بعتق عبدي (¬7) فأنت طالق، ثم قال: إن حلفت بطلاقك فعبدي حُرٌّ طلقت، ثم إن قال لعبده: إن [حلفت] (¬8) بعتقك فامرأتي طالق عتق العبد، ولو قال: إن حلفت بعتقك فأنت حُرٌ ثم أعاده عتق (¬9). ¬
7 - فصل في تعليقه بالكلام والإذن والقربان
7 - فصلٌ في تعْلِيقه بالكلامِ والإذْنِ والقُرْبان إذا قال: "إن كلمتُكِ فأنتِ طالق، فتحقَّقي"، أو زجَرها فقال: "تَنَحَّي، أو اسكُتي، أو مُرِّي" ونحوَه (¬1)، أو قال: "إن قمتِ فأنتِ طالق": طَلَقت -ما لم يَنو غيرَه (¬2) -. ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل في تعليقه بالكلام والإذن (¬3) والقربان (¬4) * قوله: (فتحققي) ومثله ما لو كرر الجملة أو جزَّأها (¬5)، وقال: قصدت التأكيد أو الإفهام (¬6)، كما لو أعاد: إن [كلمتك] (¬7) فأنت طالق أو لفظ طالق فقط. * قوله: (ما لم ينو غيره)؛ أيْ: إلا أن (¬8) ينوي كلاما بعد انقضاء كلامه هذا أو ينوي بذلك ترك محادثتها أو ترك الاجتماع بها، ونحو ذلك فلا تطلق حتى يوجد الشرط (¬9)، ولو سمعها تذكره بسوء فقال: الكاذب لعنة اللَّه عليه ¬
و: "إن بدأتُكِ بكلام فأنتِ طالق"، فقال: "إن بدأتُكَ به فعبدي حرٌّ": انحلّتْ يمينُه -إِن لم تكنْ نيةٌ (¬1) -، ثم إن بدأتْه: حَنِثَتْ، وإن بدأها: انحلَّتْ يمينُها (¬2). وإن علَّقه بكلامها زيدًا، فكلمتْه فلم يسمع: لغفلةٍ، أو شغلٍ ونحوه (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حنث؛ لأنه كلَّمها (¬4). * قوله: (به)؛ أيْ: بكلام (¬5) فالضمير عائد على كلام النكرة. * قوله: (فكلمته) أو سلَّمت عليه حنث، فإن كان أحدهما إمامًا أو مأمومًا (¬6) لم يحنث بتسليم الصلاة إلا أن ينوي على المأمومين (¬7). * قوله: (ونحوه) كخفض صوتها. . . . . . ¬
أو وهو مجنونٌ، أو سكرانُ، أو أصمُّ يَسمعُ لولا المانع (¬1)، أو كاتَبَتْه أو راسلَتْه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وكانت منه بحيث لو رفعته لسمعها (¬2). * قوله: (أو وهو مجنون أو سكران)؛ أيْ: غير مصروعَين (¬3) بخلاف المصروعَين، فإنه لا حنث بكلامهما على ما في الإقناع (¬4). * قوله: (أو راسلته) (¬5) وإذا أرسلت إنسانًا يسأل أهل العلم عن مسألة أو حديث، فجاء الرسول فسأل المحلوف عليه لم يحنث بذلك (¬6)؛ لأنها لم تقصده بإرسال الرسول (¬7). ¬
ولم يَنْوِ مشافَهتَها (¬1) أو كلمتْ غَيرَه، وزيدٌ يسمع، تقصدُه به: حَنِث (¬2)، لا إن كلمتْه: ميتًا أو غائبًا أو مُغْمًى عليه أو نائمًا (¬3)، أو وهي مجنونةٌ (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولم ينوِ مشافهتها) قيد في الأخيرتَين (¬5)؛ لأنه لا مشافهة مع المكاتبة والمراسلة بخلاف ما قبلهما (¬6). * قوله: (أو مغمى عليه) بخلاف السكران فإنه يشعر. * قوله: ([أو] (¬7) وهي مجنونة) فإن كلمته وهي سكرى حنث -على ما في الإقناع (¬8) -. ¬
أو أشارت إليه (¬1). و: "إن كلَّمتما زيدًا وعَمرًا فأنتما طالقتانِ"، فكلمت كلُّ واحدةٍ واحدًا: طَلَقتا (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو أشارت اليه)؛ لأن الإشارة ليست كلاما عند أهل الشرع (¬3)؛ يعني: فلا اعتراض بما ثبت في اللغة وكذا بما ثبت في القرآن؛ إذ الآية قابلة للتأويل (¬4). * قوله: (طلقتا)؛ لأن المعلَّق عليه وجود الكلام منهما لهما، وقد وجد (¬5)، كما لو قال: إن ركبتما دابتَيكما (¬6) أو كلتما هذَين الرغيفَين، وكذا لو قال لعبدَيه ¬
لا إن قال: "إن كلَّمتما زيدًا وكلَّمتما عَمرًا. . . "، حتى يكلِّما كلًّا منهما (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك في العتق (¬2) (¬3). * قوله: (لا إن قال: إن كلمتما زيدًا. . . إلخ)؛ لأنه يرجع إلى معنى: إن كلمت كل واحدة منكما (¬4) كل واحدة منهما (¬5). ¬
و: "إن خالفت أمري فأنتِ طالق"، فنهاها، فخالفتْه -ولا نية-: لم يحنَث، ولو لم يَعرِف حقيقتهما (¬1). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فخالفته ولا نية لم يحنث) وكذا ضدها -على ما في الإقناع (¬2) -، وعبارته بعد هذه: (وإن نهيتك فخالفتني فأنت طالق فأمرها وخالفته لم يحنث)، انتهى. وفي بعض كتب الشافعية التفرقة بين المسألتَين وهو مشكل، وقد نظم بعضهم التفرقة مقرونة باستشكالها فقال: لو (¬3) قال إن خالفت (¬4) نهي تطلقي ... فخالفت أمرًا طلاقه انتفى وعكس (¬5) هذي لا وهذا النقل ... فأي (¬6) فرق أوضحن يا أفضل ¬
و: "إن خرجتِ -أو زاد: مرةً- بغير إذني، أو إلا بإذني، أو حتى آذَنَ لك، فأنت طالق"، فخرجتْ ولم يأذَن (¬1)، أو أَذن ثم نهاها (¬2) أو أذن ولم تَعلم (¬3)، أو علمتْ ثم كرَّرَته بلا إذنِه: طَلَقت (¬4)، لا إن أذن فيه كلَّما شاءت (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هكذا نظمه الشيخ عيسى الشهاوي (¬6) ومن خطه نقلت (¬7). * قوله: (وإن خرجت. . . إلخ) لما فرغ (¬8) من تطليقه بالكلام شرع في تعليقه بالإذن فقال: (وإن خرجت. . . إلخ). * قوله: (ثم خرجت بلا إذنه طلقت)؛ أيْ: أو أذن (¬9) إلى محل معيَّن فخرجت ¬
أو قال: ". . . إلا بإذنِ زيدٍ"، فمات زيدٌ، ثم خرجت (¬1). و: "إن خرجتِ إلى غير حمَّام بلا إِذني فأنتِ طالق"، فخرجتْ له ولغيرِه (¬2)، أو له ثم بدَا لها غيرُه: طَلَقت (¬3)، ومتى قال: "كنتُ أَذِنتُ. . . ". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ له ولغيره؛ [لأن الاستدامة فعل فيما عدا ما استثني -وسيأتي-. * قوله: (خرجت له ولغيره)] (¬4)؛ أيْ: طلقت؛ لأنها إذا خرجت له ولغيره صدق أنها خرجت لغيره (¬5). * قوله: (أو له ثم بدا لها غيره طلقت)؛ لأن ظاهر اليمين المنع من غير الحمام فكيفما صارت إليه حنث (¬6). * قوله: (ومتى قال: كنت أذنت)؛ أيْ: وعلمتِ بإذني حتى يكون مقيدًا له ¬
قُبل ببيِّنةٍ (¬1)، و: "إن قَرُبتِ دارَ كذا فأنتِ طالق": وقع بوقوفِها تحتَ فِنائها، ولصوقِها بجِدارها (¬2)، وبكسر راءِ "قرِبتِ": لم يقع حتى تدخُلَها (¬3). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ -على ما تقدم قبله بيسير-. * قوله: (قبل ببينة) (¬4) لا بدونها لوقوع الطلاق في الظاهر (¬5). * قوله: (وإن قربت. . . إلخ) ولما فرغ ثانيًا من تعليقه بالإذن شرع في تعليقه بالقربان. * قوله: (وبكسر (¬6) راء قربت لم يقع حتى تدخلها) (¬7)؛ (لأن (¬8) مقتضاهما ذلك، ذكرهما في الروضة)، انتهى فروع (¬9). ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في الصحاح (¬1): (قَرُبَ الشيء بالضم (¬2) يَقْرُبُ؛ أيْ: دنا وقَرِبْتُه (¬3) بالكسر أقْرَبُهُ (¬4) قُربَانًا إذا دنوت منه)، انتهى كلامه. والفرق بينهما بالاعتبار، فإن قصدت قرب الشيء منك قلت قَرُب بالضم قربًا، وإن قصدت قربك منه قلت: قَرِب بالكسر قربانًا، وهو خلاف ما نقلوه هنا عن الشاشي (¬5) -كما هو بالحاشية الأخرى- فانظره وحرره (¬6)!. وبخطه: قال ابن المقري (¬7): سمعت الشاشي يقول: إذا قيل: لا تقرب ¬
8 - فصل في تعليقه بالمشيئة
8 - فصلٌ في تعليقِه بالمشيئةِ إذا قال: "أنتِ طالق إنْ -أو إذا، أو متى، أو أنَّى، أو أيْنَ، أو كيف، أو حيثُ، أو أيَّ وقتٍ -شئت"، فشاءت (¬1) - ولو كارهة (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بفتح الراء كان معناه لا تتلبس (¬3) بالفعل، وإذا كان بالضم فمعناه (¬4) لا تدن [منه] (¬5) (¬6). فصل في تعليقه بالمشيئة * قوله: (فشاءت)؛ أيْ: بلفظها لا بقلبها (¬7). * قوله: (ولو كارهة) هذا هو الصواب (¬8) وفي التنقيح: مكرهة (¬9). ¬
أو بعدَ تراخٍ (¬1) أو رجوعِه-: وقع (¬2)، لا إن قالت: "شئْتُ إن شئتَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو رجوعه)؛ أيْ: عن التعليق (¬3). * [قوله] (¬4): (وقع)؛ أيْ: (¬5) الطلاق لوجود المعلَّق عليه وهو المشيئة وكان على التراخي بسائر التعاليق (¬6) فإن قيد المشيئة بوقت قيدت به (¬7). * قوله: (لا إن قالت: شئتُ [إن شئتَ]) (¬8)؛ لأنه [علَّق الطلاق] (¬9) على وجود (¬10) مشيئتها المحضة، ولم يوجد ذلك، وإنما وجد فيها مشيئة معلَّقة على شرط، وذلك غير ما علَّق عليه بالطلاق (¬11). ¬
أو شاء أبِي"، ولو شاء (¬1)، و: "أنت طالق إن شئتِ وشاء أبوكِ"، أو ". . . زيدٌ وعمروٌ": لم يقع حتى يشاءا (¬2)، و: "أنتِ طالق إن شاءَ زيدٌ"، فشاء ولو مميِّزًا يعقِلها، أو سكران (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله] (¬4): (أو إن شاء أبي (¬5) ولو شاء)؛ لأنه لم يوجد منها مشيئة مجزوم بها بل مشيئة متردد فيها بين كونها تشاء إن شاء أوْ لا. * قوله: (أو زيد وعمرو) أيْ: قال [لها] (¬6) أنت طالق إن شاء زيد وعمرو (¬7). * قوله: (لم يقع حتى يشاءا) أو [لو] (¬8) تراخت مشيئة أحدهما (¬9) عن الآخر (¬10). * قوله: (أو سكران) فيه أن مشيئة السكران هنا فيها عقوية ¬
أو بإشارةٍ مفهومةٍ ممن خَرِس، أو كان أخرسَ: وقع (¬1)، لا إن مات أو غاب (¬2) أو جُنَّ قبلها (¬3)، ولو قال: ". . . إلا أن يَشاءَ". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لغيره (¬4) وهم إنما أوقعوا طلاقه تغليظًا عليه (¬5)، ولعل ما قلناه هو الذي نظر إليه الموفق (¬6) وابن أخيه (¬7) في عدم وقوع الطلاق حيث قالا بأنه لا يقع إذا شاء زيد في حال سكره. * قوله: (ولو قال إلا أن يشاء)؛ أيْ: عدم الطلاق. ¬
فمات أو جُنَّ (¬1) أو أبَاها: وقع إذًا (¬2). وإن خَرِس -وفُهمتْ إشارتُه-: فكنُطقِه (¬3). وإن نَجَّز أو علَّق طلقةً إلا أن تشاءَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو أباها)؛ أيْ: أبى المشيئة (¬4). * قوله: (وقع إذًا)؛ أيْ: حين الموت أو الجنون أو الإباء وهو مشكل في الأخيرَين، وكان الظاهر أنه لا يقع إلا عند اليأس من المشيئة، وبمجرد الجنون أو الإباء لا يحصل اليأس لاحتمال الإفاقة والرضى بعده؛ إِذْ الفورية ليست بشرط -على ما يأتي في كلام الشارح (¬5) -. * قوله: (فكنطقه) قال شيخنا في شرحه (¬6): (قلت: وكذا كتابته) (¬7). ¬
هي (¬1) أو زيدٌ ثلاثًا (¬2)، أو ثلاثًا إلا أن تشاءَ (¬3) أو يشاءَ واحدةً (¬4)، فشاءت أو شاء ثلاثًا -في الأولى-: وقعتْ كواحدة في الثانية، وإِن شاءت أو شاء ثِنْتَين: فكما لو لم يشاءا (¬5). و: "أنتِ طالق وعبدي حُرٌّ إن شاء زيدٌ"، ولا نيةَ، فشاءهما: وقعَا، وإلا: لم يقع شيءٌ (¬6). ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله: (فكما لو لم يشاءا) فيقع واحدة في الأولى وثلاث في الثانية] (¬7) (¬8). * قوله: (وإلا لم يقع شيء)؛ أيْ: منهما؛ لأن المعطوف [والمعطوف] (¬9) ¬
و: "يا طالقُ -أو أنتِ طالق، أو عبدي حُرٌّ- إن شاء اللَّه"، أو قدَّم الاستثناء، أو قال: ". . . إلا أن يشاءَ اللَّه" (¬1)، أو: "إن لم -أو ما لم- يشأِ اللَّهُ": وقَعا (¬2). و: "إن قمتِ (¬3) -أو إن لم تَقومي- (¬4) فأنت طالق. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه كالشيء الواحد، وقد وليهما التعليق فيتوافقان عليه ولا تحصل المشيئة بواحد من العتق أو الطلاق (¬5)؛ لأن الطلاق [والعتق] (¬6) جملة واحدة (¬7) فلا تحصل المشيئة بأحد جزئَيها (¬8). ¬
أو حُرةٌ إن شاء اللَّه"، أو: "أنتِ طالقٌ أو حُرةٌ إن قمتِ (¬1) -أو إن لم تقومي (¬2)، أو لتَقُوميِن، أو لا قمتِ- إن شاء اللَّه" فإن نوَى رَدَّ المشيئة إلى الفعل: لم يقع به، وإلا: وقع (¬3) (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فإن نوى رد المشيئة إلى الفعل لم يقع به)؛ أيْ: بفعل ما حلف على تركه أو بترك ما حلف على فعله (¬5)، فمن قال لزوجته: أنت طالق لتدْخُلِنَّ الدار -إن شاء اللَّه- لم تطلق دخلت أو لم تدخل؛ لأنها إن دخلت فقد فعلت المحلوف عليه وإن لم تفعله، علمنا أن اللَّه سبحانه وتعالى لم يشأه؛ [إذ لو شاءه] (¬6) لوجد فإن ما شاء اللَّه كان وما لم يشأ لم يكن (¬7). * قوله: (وإلا. . . إلخ)؛ أيْ: لم ينوِ شيئًا أو نوى ردَّه إلى العتق (¬8) والطلاق (¬9) ¬
وإِن حلَف: "لا يَفعلُ إن شاء زيدٌ": لم تنعقدْ يمينُه حتى يشاءَ ألا يفعلَه (¬1). و: "أنتِ طالق لرضا زيدٍ أو مشيئته، أو لقيامِكِ" ونحوِه: يقعُ في الحال (¬2)، بخلافِ قوله: ". . . لقدومِ زيدٍ، أو لغدٍ" ونحوه (¬3)، فإن قال فيما ظاهرُه التَّعْليلُ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو إلى الطلاق فقط (¬4)، وانظر كلام الشارح (¬5). وبخطه: قال في الشرح (¬6) (فإن لم تعلم نيته فالظاهر رجوعه إلى الدخول، ويحتمل رجوعه إلى الطلاق). * قوله: (فإن قال. . . إلخ) مقتضى ما سبق (¬7)، ولو كان ذلك القائل عارفًا بالعربية. ¬
"أردتُ الشرطَ": قُبل حُكمًا (¬1)، و: "إن رضيَ أبوكِ فأنتِ طالق"، فأبَى، ثم رضيَ: وقع (¬2). و: "أنت طالق إن كنتِ تُحِبِّين أن يعذبَك اللَّهُ بالنار، أو تُبْغِضِين الجنةَ أو الحياةَ، ونحوَهما"، فقالت: "أُحِبُّ أو أُبْغضُ (¬3) ": لم تَطلُق إن قالت: "كذَبتُ" (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لم تطلق إن قالت: كذبت) وإن لم تقل كذبت فقال في الفروع (¬5): (لم تطلق، وقيل: إن [لم] (¬6) يقل بقلبك، وقيل: تطلق). ولو قال: -كما في التنقيح- إن كانت كاذبة، لكان أولى وأوضح (¬7). ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعبارة الإنصاف: (والأولى (¬1) أنها لا تطلق إذا كانت تعقله، أو كانت كاذبة، وهو المذهب قدمه في الفروع وجزم به في النظم واختاره ابن عقيل)، انتهى المقصود (¬2). ولو قال: إن كنت تحبين أو تبغضين (¬3) زيدًا فكانت طالق فأخبرته به طلقت وإن كذبت (¬4). ¬
ولو قال: ". . . بقلبكِ" (¬1). ولو قال: "إن كان أبوكِ يرضى بما فعلتِه فأنتِ طالق"، فقال: "ما رَضيِتُ"، ثم قال: "رضي": طَلقتْ، لا إن قال: "إن كان أبوكِ راضيًا به. . . " (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولو [قال] (¬3) بقلبك)؛ لاستحالة ذلك في العادة كقوله: إن كنت تعتقدين أن الجمل يلج في سم الخياط، فقالت: أعتقد؛ فكان عاقلًا لا يجوِّز ذلك فضلًا عن اعتقاده (¬4). * قوله: (طلقت)؛ لأنه (¬5) علَّقه على رضى مستقبل وقد وجد (¬6). * فائدة (¬7): لو قالت: أريد أن تطلقني، فقال: إن كنت تريدين، أو إذا أردت أن أطلقك، فأنت طالق، فظاهر الكلام يقتضي أنها تطلق بإرادة مستقبلة، ودلالة الحال على أنه أراد إيقاعه للإرادة (¬8) التي أخبرته بها، قاله في الفنون (¬9)، ونصر الثاني ¬
9 - فصل في مسائل متفرقة
وتعليق عتقٍ: كطلاق (¬1)، ويصح بالموت (¬2). * * * 9 - فصلٌ في مسائلَ متفرِّقةٍ إذا قال: "أنتِ طالق إِذا رأيت الهلالَ، أو عندَ رأسه": وقع -إذا رُؤيَ وقد غَرَبَتْ الشمس. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في أعلام الموقعين (¬3)، ومثله: تكونين طالقًا إذا دلَّت قرينة من غضب أو سؤال ونحوه على الحال دون الاستقبال (¬4). * قوله: (ويصح بالموت) وهو التدبير بخلاف الطلاق (¬5). فصل في مسائل متفرقة * قوله: (وقع إذا رؤي وقد غريت) ظاهره أنها لو رأته (¬6) قبل الغروب لا يقع ¬
أو تمت العِدَّةُ (¬1) -. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الطلاق، وهذا مما يقوي كلام شيخ الإسلام زكريا الشافعي (¬2) -السابق في الصوم (¬3) - من أن المراد من قولهم: الهلال المرئي نهارًا للمقبلة أنه دفع لما قيل أنه يكون للماضية؛ لا أنه للمستقبلة حقيقة، فلا يثبت برؤيته نهارًا كونه للماضية ولا للمستقبلة. * قوله: (أو تمت العدة) (¬4)؛ أيْ: ثلاثين يومًا؛ لأن رؤية الهلال في عرف الشرع العلم بأول الشهر، بخلاف رؤية [زيد] (¬5)؛ فإنه لم يثبت لها عرف شرعي فرجع إلى الحقيقة (¬6). ¬
وإن نَوى العيانَ، أو حقيقةَ رؤيتِها: قُبل حُكمًا (¬1)، وهو: هِلالٌ إلى ثالثةٍ، ثم يُقْمرُ (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه: ليس من قبيل اللف والنشر، بل المراد أنها تطلق في كل من الجانبَين بأحد الأمرَين -كما يعلم من كلام الشارح- فتدبر!. * قوله: (وإن نوى العِيان) (¬3) بكسر العين بأن قال المعلِّق: نويت إذا عاينت الهلال بأن لم يحصل لها دون معاينته غيم أو قتَر (¬4). * قوله: (وهو هلال إلى (¬5) ثالثة (¬6) ثم يقمر) فلو لم ترَ الهلال حتى صار قمرًا، ولا نية له تخالف لفظه لم يقع (¬7) (¬8). ¬
و: "إِن رأيتِ زيدًا فأنتِ طالق"، فرأتْه لا مكرَهةً -ولو ميِّتًا-، أو في ماءٍ، أو زُجاج شَفَّافٍ: طَلَقتْ، إلا مع نيةٍ أو قَرينة (¬1)، ولا تَطلُق: إن رأت خيالَه في ماءٍ أو مِرآةٍ، أو جالسةً عمياءَ (¬2). و: "من بشَّرتني (¬3) -أو أخبرتْني- بقدوم أخي فهي طالق"، فأخبره عددٌ معًا: طَلَقن (¬4)، وإلا: فسابقةٌ صُدِّقت، وإلا: فأولُ صادقةٍ (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (صَدَقت) بفتح الصاد والدال، وأما ضم الصاد وتشديد الدال فيقتضي أنه لو صدقها وهي كاذبة يقع الطلاق وليس كذلك (¬6). ¬
ومن حلَف عن شيء، ثم فَعَله مكرَهًا (¬1) أو مجنونًا (¬2) أو مُغمَى عليه أو نائمًا: لم يَحْنَث (¬3)، وناسيًا أو جاهلًا (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * مسألة: لو قال: إن كانت امرأتي في السوق فعبدي حُرٌّ، ثم قال: وإن كان عبدي في السوق فامرأتي طالق، وكانا في السوق عتق العبد ولم تطلق المرأة؛ لأن العبد عتق باللفظ [الأول] (¬5)، فلم يبق له في السوق عبد (¬6). * [قوله] (¬7): (أو جاهلًا)؛ أيْ: كونه المحذوف [عليه] (¬8) كدخول دار لا يعلم أنها لزيد أو جاهلًا أنه يحنث بمثل ذلك الفعل، كمن دخل الدار وظن ¬
أو عَقَدَها يَظُن صدْقَ نفسِه، فبَانَ بخلافه: يحنَثُ في طلاق وعتقٍ فقط (¬1)، و: "ليَفعَلنَّه"، فتركَه مكرَهًا أو ناسيًا: لم يحنَث (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنه لا يحنث (¬3) بمجرد ذلك بل بالمكث فيها مثلًا (¬4). وبخطه: وسكت عن السكران؛ لما سبق من أنه إذا كان قد شرب (¬5) مختارًا يؤاخذ بسائر أقواله وأفعاله التي يعتبر لها العقل. * قوله: (لم يحنث) [اقتضى كلام المتن أنه: (إذا حلف ليفعلنَّ شيئًا ثم تركه ناسيًا لم يحنث] (¬6) في الطلاق وغيره، بخلاف ما [لو] (¬7) حلف لا يفعله ففعله ناسيًا (¬8)، وهذا ما قطع به التنقيح (¬9) سوى بينهما جماعة في الحنث في الطلاق والعتق، ومشى عليه في الإقناع (¬10)، وقد يفرق بين الفعل والترك بأن الترك يكثر (¬11) فيه النسيان فيشق التحرز عنه بخلاف الفعل)، حاشية (¬12)، وكذا ¬
ومن يَمتنع بيمينِه، وقصَد منْعَه: كهو (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ في شرح شيخنا (¬2). * قوله: (ومن يمتنع بيمينه) كزوجته وغلامه وولده (¬3). * قوله: (كهو) (¬4) في الجهل (¬5) والنسيان (¬6) والإكراه (¬7) (¬8)، وإن حلف على من لا يمتنع بيمينه كالسلطان والأجنبي استوى العمد، [والسهو] (¬9)، والإكراه، وغيره؛ أيْ: يحنث الحالف في ذلك (¬10). * فائدة: لو حلف لا يبيع لزيد ثوبًا فوكَّل زيدٌ من يدفعه إلى من يبيعه، فدفعه ¬
و: "لا يدخُلُ على فلان بيتًا -أو لا يكلِّمُه أو يسلِّمُ عليه أو يُفارقُه- حتى يَقْضيَه"، فدخَل بيتًا هو فيه، أو سلم عليه -أو على قوم هو فيهم- ولم يعلم [به] (¬1) أو قضاهُ حقَّه ففارَقه فخرَج رَدِيئًا، أو أحالَه به ففارَقه ظنًّا منه أنه بَرَّ: حَنِث (¬2)، إلا في السلام والكلام (¬3)، وإن عَلم به في سلام-ولم يَنوه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الوكيل إلى الحالف، فباعه من غير علمه فكناسٍ (¬4). * [قوله] (¬5): (إلا في السلام أو الكلام) فلا؛ لأنه لم يعتمد بسلامه وكلامه المحذوف عليه (¬6)، وإنما دخل فيهم من حيث لم يعلم، فكأنه مستثنى منهم (¬7). * قوله: (ولم ينوه) الأولى: ولو ينوه؛ لأن هذا كالغاية. ¬
ولم يَستثنِه بقلبِه-: حَنِث (¬1). و: "لَيَفعلَن شيئًا"، لم يبرَّ حتى يَفعلَ جميعَه (¬2). و: "لا يفعله" (¬3)، أو من يَمتنعُ بيمينه: كزوجةٍ وقرابةٍ، وقصَد منْعَه -ولا نيةَ، ولا سببَ، ولا قَرينةَ- ففَعل بعضَه: لم يَحنَث (¬4). فمن حلَف على ممسِكٍ مأكولًا: "لا أكَلَهُ، ولا ألقاه، ولا أمسَكَهُ"، فأكل بعضًا ورمَى الباقيَ (¬5)، أو: "لا يدخُل دارًا"، فأدخلَها بعض جسده. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لم يحنث) نص عليه فيمن حلف على زوجته لا تدخل بيت أختها لم تطلق حتى تدخل كلها (¬6). * قوله: (فأكل بعضًا ورمى الباقي) لم يحنث؛ لأنه لم يأكله كله، ¬
أو دخَل طاق بابها، أو: "لا يَلبَسُ ثوبًا من غَزلِها"، فلبِس ثوبًا فيه منه، أو: "لا يشربُ ماءَ هذا الإناء"، فشرب بعضَه، أو: "لا يبيعُ عبدَه ولا يَهَبُه"، فباع أو وَهب بعضه (¬1)، أو: "لا يَستحِقُّ عليَّ فلانٌ شيئًا"، فقامت بيِّنةٌ بسببِ الحق: من قرضٍ أو نحوِه -دونَ أن يقولا: "وهو عليه"-: لم يَحنَث (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولم يلقه كله، ولم يمسكه كله (¬3). * قوله: (أو دخل طاق بابها)؛ أيْ: أو دخلها (¬4) مكرهًا (¬5). * قوله: (فباع أو وهب بعضه) لم يحنث؛ لأنه لم يبعه كله، ولم يهبه كله (¬6). * قوله: (دون أن يقولا وهو عليه لم يحنث) والظاهر أنه لا يقبل قولهما، وهو عليه إلى (¬7) الآن إلا إن كان مستندًا إلى علم يقين أو اعتراف من الحالف. ¬
و: "لا يَشربُ ماءَ هذا النهر" فشَرب منه، أو: "لا يَلبسُ من غَزلِها" فَلبِس ثوبًا فيه منه: حَنِث (¬1). و: "إن لَبِستُ ثوبًا (¬2) -أو لم يقل: ثوبًا- فأنتِ طالق"، ونَوى معيَّنًا: قُبل حُكمًا، سواءٌ أبطلاقٍ أم غيرِه (¬3)، و: "لا يلبَسُ ثوبًا أو يأكلُ طعامًا، اشتراهُ أو نسَجَه أو طبَخه زيدٌ". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: ([ولا يشرب] (¬4) ماء هذا النهر فشرب [منه]) (¬5)؛ أيْ: حنث؛ إذْ (¬6) شُرْبُ جميعه غير ممكن، فلا تنصرف (¬7) يمينه إليه، وكذا (¬8) ما علِّق على اسم جنس كالماء والخبز. ولو حلف لا يشرب من نهر فشرب من نهر يأخذ منه حنث (¬9). * قوله: (اشتراه)؛ أيْ: الثوب والطعام (أو نسجه)؛ أيْ: الثوب (أو طبخه)؛ ¬
فلَبِس ثوبًا نسَجه هو وغيرُه أو اشترياهُ (¬1) أو زيدٌ لغيره (¬2)، أو أكَل من طعام طبَخاهُ حَنِث (¬3)، وإن اشتَرى غيرُه شيئًا، فخَلَطه بما اشتَراه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أيْ: الطعام (¬4). * قوله: (أو اشترياه. . . إلخ) وكان مقتضى قواعد المذهب أنه لا يحنث؛ لأنه لم يتمحض الفعل من زيد (¬5)، وعلى هذا لو حلف أنه لا يدخل دار زيد فدخل دارًا (¬6) لزيد ولغيره أنه يحنث وصرح به في الإقناع (¬7). * قوله: (وإن اشتراه غيره)؛ أيْ: غير زيد (¬8). * قوله: (فخلطه)؛ أيْ: غير زيد (¬9). * قوله: (بما اشتراه) هو؛ أيْ: زيد (¬10). ¬
فأكَل أكثرَ مما اشترى شريكُه: حَنِث (¬1)، وإلا: فلا (¬2). و: "لا بِتُّ عندَ زيد": حَنِث بأكثرِ الليل، لا إن حلَف: "لا أقَمتُ عنده كلَّ الليل"، أو نواهُ، فأقام بعضَه، ولا إن حلَف: "لا بات أو أكَل ببلد". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (شريكه)؛ أيْ: شريك زيد (¬3). * قوله: (حنث)؛ أيْ: الحالف، والشركة، والتولية (¬4) والسَّلَم، والصلح على كل مال شراء (¬5). * قوله: (أو نواه) فعلى هذا يقبل منه [إذا] (¬6) قال: لابن (¬7) عند زيد دعوى نية الإقامة كل الليل (¬8). ¬
فبات أو أكَل خارجَ بُنيانِه (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو أكل خارج بنيانه)؛ أيْ: فإنه لا يحنث (¬2). * * * ¬
7 - باب التأويل في الحلف
7 - بابُ التَّأْويل في الحَلِف (¬1) وهو: أن يُريدَ بلفظ ما يخالف ظاهرَهُ (¬2)، ولا ينفعُ ظالمًا (¬3)، لقولِ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يَمِينُكَ على ما يُصدِّقُك به صاحبُك". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب التأويل في الحلف * قوله: (ولا ينفع ظالمًا) كالذي يستحلفه الحاكم على حق عنده فينصرف (¬4) يمينه إلى [ظاهر] (¬5) ما عناه المستحلف (¬6). * قوله: (لقول (¬7) رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-). . . . . . ¬
ويُباح لغيره (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ رواه مسلم (¬2) وأبو داود (¬3). * قوله: (ويباح لغيره)؛ أيْ: مظلومًا أو لا ولا (¬4). وبخطه (¬5): [رجل] (¬6) حلف بالطلاق أنه يحب الفتنة ويكره الحق، ويشهد بما لم تره عينه ولا يخاف من اللَّه ولا من رسوله، وهو مع ذلك عدل ولم يقع عليه ¬
فلو حلَف آكلٌ مع غيره تمرًا أو نحوَه: "لَتُميِّزنَّ نوَى ما أكلتَ، أو لَتُخْبرنَّ بعدده" فأفرد كلَّ نواةٍ، أو عَدَّ من واحدٍ إلى عددٍ يَتَحققُ دخولَ ما أكَل فيه (¬1)، أو: "لَيَطبُخَنَّ قدرًا برطلِ ملحٍ، ويأكُلُ منه فلا يجدُ طعمَ المِلح"، [فصَلقَ به بيضًا] (¬2) وأكله (¬3)، أو: "لا يأكلُ بَيْضًا ولا تُفاحًا، ولَيأكلَنَّ مما في هذا الوِعاء"، فوجده بيضًا وتُفاحًا، فعَمِل من البيض ناطِفًا (¬4) ومن التفاح شرابًا، وأكله (¬5)، أو مَن على سُلَّمٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الطلاق، فهذا رجل يحب المال والولد، ويكره الموت، ويشهد بالبعث والحساب، ولا يخاف من اللَّه ولا من رسوله الظلم والجور، وإن حلف أن خمسة زنوا بامرأة لزم الأول القتل، والثاني الرجم، والثالث الحد، والرابع نصف الحد، والخامس ما يلزمه شيء وبرَّ في يمينه، فالأول ذمي، والثاني محصن، والثالث بكر، والرابع عبد، والخامس حربي. ¬
"لا نزَلتُ إليكِ، ولا صَعِدتُ إلى هذه، ولا أقمتُ مكاني ساعةً"، فنزلتِ العُليا، وصعِدتُ السُّفلى، وطلع أو نزل، أو: "لا أقمتُ عليه، ولا نزلتُ منه، ولا صعِدتُ فيه"، فانتقَل إلى سُلَّم آخرَ: لم يَحنَث في الكل (¬1)، إلا مع حيلة (¬2) أو قصدٍ أو سببٍ (¬3). و: "لتقعُدَنَّ على بارِيَّةِ بيته، ولا يُدخلُه باريةً"، فأدخله قَصبًا ونسَج فيه، أو نسَج قصبًا كان فيه: حَنِث (¬4). و: "لا أقمتُ في هذا الماءِ، ولا خرجتُ منه" -وهو جارٍ -. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو قصد أو سبب) كمن حلف لتخبرنَّ بعدد ما أكلت، ونيتُه أو قصدُه أو السبب يقتضي الإخبار بكميته من غير زيادة ولا نقص (¬5). -[قوله] (¬6): (حنث) (¬7) قيل في تعليله: لحصول البارية ببيته (¬8)؛ لكن الظاهر أنه لا يحنث مع قصد التأويل؛ لأنه حلف على الدخول لا على الحصول (¬9). ¬
لم يَحنَث إلا بقصدٍ، أو بسبب (¬1)، وإن كان الماءُ راكِدًا: حَنِث ولو حُمل منه مكرَهًا (¬2)، وإن استحلَفَه ظالمٌ: "ما لِفُلانٍ عندكَ وَديعةٌ"، وهي عنده، فَعنَى بـ "ما": الذي، أو نَوى غيرَها أو غيرَ مكانِها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لم يحنث إلا بقصد أو سبب) خرج أو قام؛ لأنه إنما يقيم في غيره أو يخرج منه (¬3)؛ لأن البخاري يتبدل ويستخلف شيئًا فشيئًا، فلا يتصور الوقف (¬4) فيه. قال ابن رجب في قواعده: (وقياس المنصوص أنه يحنث ولاسيما والعرف (¬5) يشهد له والأيمان مرجعها إلى العرف -واللَّه أعلم-، ثم وجدت القاضي في الجامع الكبير ذكر نحو هذا)، انتهى (¬6). * قوله: (ولو حمل منه مكرهًا)؛ [لأنه] (¬7) يمكنه الامتناع فلم ¬
أو استَثْناها بقلبه: فلا حِنثَ (¬1). وكذا لو استحلفَه بطلاق أو عَتَاقٍ: "أن يَفعلَ (¬2) ما يَجُوز فعله، أو يَفعلَ ما لا يجوز"، أو "أنه لم يَفعلْ كذا" لشيءٍ لا يلزمُه الإقرارُ به، فحلَف، ونوَى بقوله: "طالقٌ" من عملٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يكن مكرهًا حقيقة، قال شيخنا (¬3): قاله في شرحه (¬4)، وكان غرضه التورك عليه (¬5)؛ لأنه يلزم منه ألا يوجد مُكْرِهٌ أصلًا. * قوله: (فلا حنث) ولو سرقت منه امرأته شيئًا فحلف بالطلاق لتصدقني (¬6) أسرقت مني شيئًا أم لا؟، فخافت (¬7) إن صَدَقَتْه، فإنها (¬8) تقول: ما سرقت [منك] (¬9)، وتعني الذي (¬10). * قوله: (ونوى بقوله: طالق. . . إلخ)؛ أيْ: طالق من عمل، وكان ينبغي تكرير لفظ طالق. ¬
وبقوله: "ثلاثًا" ثلاثة أيام، ونحوَه (¬1). وكذا إن قال: "قُلْ: زوجتي -أو كلُّ زوجةٍ لي- طالق إن فعلتُ كذا"، ونَوى زوجتَه العمياءَ، أو اليهوديةَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * فائدة (¬2): لو اشترى خمارَين وله ثلاث نسوة فحلف لتخمرن كل واحدة عشرين يومًا من الشهر، اختمرت الكبرى والوسطى بهما عشرة أيام، ثم أخذت الصغرى من الكبرى إلى آخر الشهر، واختمرت الكبرى بخمار الوسطى بعد العشرين إلى آخر الشهر، وكذا ركوبهن لبغلَين ثلاثة فراسخ لا يحمل كل بغل أكثر من امرأة. فقال: أنتن طوالق إن لم تركب كل امرأة منكن فرسخَين، وإن حلف ليقسمن هذا الزيت نصفَين ولا يستعير كيلًا ولا ميزانًا، وهو عشرة أرطال في ظرف، ومعه ظرف يسع ثلاثة (¬3) وآخر سبعة، أخذ بظرف [الثلاثة (¬4) منه ثلاث مرات، وأفرغ في ظرف السبعة يبقى في ظرف] (¬5) الثلاثة من المرة الثالثة رطلان ثم ألقى ما في ظرف السبعة في ظرف العشرة ثم ألقى ما في الثلاثي (¬6)، وهو رطلان في ظرف السبعة، ثم أخذ من ظرف العشرة ملء الثلاثي فألقاه في السبعة، يبقى فيه خمسة (¬7). * قوله: (ونوى زوجته العمياء)؛ أيْ: على وجه التصرف في الصفة، ¬
أو الحَبشيةَ ونحوه، أو نوى: كل زوجة تزوجتها بالصين ونحوه، ولا زوجة للحالف ولم يتزوَّج بما نواهُ، وكذا لو نوَى: "إن كنتُ فعلتُ كذا بالصين"، أو نحوِه من الأماكن التي لم يفعله فيها (¬1). وكذا: "قُلْ: نسائي طوالقُ إن كنتُ فعلتُ كذا"، ونوَى: بناتِه أو نحوَهن. ولو قال: "كلُّ ما أحلِّفك به فقُلْ: نعمْ"، أو: "اليمينُ التي أحلِّفك بها لازمة لكَ، قُلْ: نعم"، فقال: "نَعمْ"، ونوَى: بهيمةَ الأنعامِ (¬2). وكذا: "قُلْ: اليمينُ التي تحلفني بها -أو أيمانُ البَيْعةِ- لازمةٌ لي"، فقال، ونوَى: يدَه، أو الأيدي التي تُبسَطُ عند البَيْعة (¬3)، وكذا: "قُلْ: اليمينُ يميني، والنية نيتُكَ". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وصرفها إلى معنى: إن كان لي زوجة عمياء ونحوه فهي طالق والحال أنه لا. * قوله: (ونحوه) [كالرومية] (¬4)، ولم يكن له زوجة بهذه الأوصاف (¬5). ¬
ونَوى بيمينِه: يدَه، وبالنية: البَضعةَ من اللحم (¬1). وكذا: "قُلْ: إن فعلتُ كذا فزوجتي عليَّ كظهرِ أمي"، ونَوى بالظهرِ: ما يُركَب من خيل ونحوهِا، وكذا: لو نَوى بـ "مُظاهرٍ": انظرُ أيُّنا أشدُّ ظهرًا (¬2)، وكذا: "قُلْ: وإلا فكلُّ مملوكٍ في حُرٌّ"، ونوَى بـ "المملوك": الدقيقَ المَلْتُوتَ بالزيت أو السَّمنِ، وكذا لو نَوى بالحُرِّ: الفعلَ الجميل، أو الرملَ الذي ما وُطئَ، وبـ "الجارية": السفينةَ أو الريحَ وبـ "الحُرَّة": السَّحَابةَ الكثيرة المطر، أو الكريمة من النوق، وبـ "الأحرار": الَبقْلَ، وبـ "الحرائرِ": الأيامَ (¬3). ومن حلَف: "ما فلان هنا". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ونوى بيمينه يده)؛ [أيْ: اليمين] (¬4). * [قوله: (وبالنية البضعة من اللحم)؛ أيْ: قبل استوائها (¬5). * قوله: (ونوى (¬6)] بالأحرار: البَقْلَ)؛ لأن الناعم من البقل يسمى أحرارًا والخشن ذكورًا (¬7). ¬
وعيَّن موضعًا ليس فيه: لم يَحنَث (¬1). وعلى زوجتِه: "لا سرَقتِ مني شيئًا"، فخانَتْه في وَدِيعةٍ: لم يَحنَث إلا بنيةٍ أو سببٍ (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لم يحنث)؛ لأن الخيانة ليست سرقة (¬3). * قوله: (أو سبب) بأن تكون الخيانة هي المهيجة (¬4). * * * ¬
8 - باب الشك في الطلاق
8 - بابُ الشَّكِّ في الطلاقِ وهو -هنا-: مُطلَقُ التردُّدِ (¬1)، ولا يلزم (¬2) بشكٍّ فيه، أو فيما عُلِّق عليه، ولو عَدَمِيًّا (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ الشَّكِّ في الطلاقِ * [قوله] (¬4): (وهو هنا مطلق التردد) وأصله التردد بين أمرَين لا مزية لأحدهما على الآخر (¬5). * قوله: (ولو عدميًّا)؛ أيْ: ولو كان الشرط عدميًّا، كما لو قال: إذا لم أدخل الدار اليوم فهي طالق ومضى وشك (¬6)، فلا وقوع؛ لأن ¬
وسُن تركُ وطءٍ قبلَ رجعة (¬1)، [ويُباح بعدَها] (¬2) (¬3). وتمام الوَرع: قطعُ شكٍّ بها (¬4)، أو بعقدٍ أمكنَ وإلا: فبفرقةٍ ميتقَّنةٍ، بأن يقول: "إن لم تكن طلقت فهي طالق" (¬5)، ويُمنع حالفٌ: "لا يأكل تمرةً" ونحوها، اشتبهت بغيرها من أكلِ واحدةٍ (¬6). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اليقين بقاء العصمة (¬7)، قال الموفق: (والورع التزام الطلاق) (¬8). * قوله: (وسن ترك وطء قبل رجعة) ولو قلنا بحصول الرجعة [به] (¬9)؛ رعاية للخلاف (¬10). * قوله: (ويمنع حالفٌ لا يأكل تمرة. . . إلخ) وإن كانت يمينه ليأكلن هذه ¬
وإن لم نمنعه بذلك من الوطء (¬1). ومن شكَّ في عدده: بنى على اليقين (¬2)، فـ: "أنتِ طالق بعددِ ما طلق زيد زوجتَه"، وجُهل: فطلقةٌ (¬3)، ولامرأتَيه: "إحدكما طالقٌ"، وثم منويَّةٌ: طَلَقت، وإلا: أخرجت بقُرعةٍ (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ التمرة مثلًا، فلا يتحقق بره حتى يعلم أنه أكلها بأن يأكل [التمر] (¬5) الذي اختلطت به جميعه (¬6). * قوله: (فأنت (¬7) طالق بعدد [ما] (¬8) طلق زيد) وهل إذا علم [أن] (¬9) زيدًا لم يطلق، ينعقد الطلاق ويلغو قوله (بعدد. . . إلخ) أوْ لا؟. ¬
كمعيَّنةٍ منسيَّةٍ، وكقوله عن طائر: "إن كان غرابًا فحَفصةُ طالق، وإلا فعَمرةُ"، وجُهل (¬1)، وإن مات: أقرَع ورثتُه، ولا يطأُ قبلها (¬2)، وتجب النفقة (¬3)، ومتى ظهر أن المطلقةَ غيرُ المخرَجة، رُدَّت: ما لم تتزوَّج. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال شيخنا (¬4): (الظاهر أنه ينعقد ويلغو قوله: (بعدد. . . إلخ)، كما لو نوى الإحرام بمثل ما أحرم زيد، وتبين أن زيدًا لم يحرم في أنه ينعقد ويصرفه (¬5) لما شاء). * قوله: (وإن مات أقرع ورثته) وإن ماتتا أو إحداهما، وكان نوى المطلقة حلف لورثة الأخرى أنه لم ينوها وورثها (¬6)، أو للحيَّة ولم يرث الميتة، وإن كان لم ينوِ إحداهما أقرع (¬7). * قوله: (لم تتزوج)؛ أيْ المخرجة بالقرعة لتعلق (¬8) حق غيره بها، فلا يقبل ¬
أو يُحكَم بالقرعة (¬1). ولزوجتَيه أو أمتَيه: "إحداكما طالقٌ أو حُرةٌ غدًا"، فماتت إحداهما أو زال مِلكُه عنها قبله: وقع بالباقية (¬2). ومن زوَّج بنتًا من بناته، ثم مات وجُهلت: حرُم الكلُّ (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله في إبطاله (¬4). * قوله: (أو يحكم بالقرعة) فيه [أن حكم] (¬5) الحاكم لا يزيل الشيء عن أصله، وكان ما في شرح شيخنا على الإقناع ناظر إلى ذلك (¬6). * قوله: (حرم الكل) وقدم شيخنا في حاشيته في باب ركنَي النكاح وشروطه رواية عن الإمام نقلها حنبل: أنه يقرع إذا مات الولي فمن خرجت لها القرعة فهي ¬
ومن قال عن طائر: "إن كان غُرابًا فحَفْصةُ طالق، وإن كان حَمَامًا فَعمرةُ. . . "، وجُهل: لم تَطلُق واحدةٌ منهما (¬1). وإن قال: "إن كان غُرابًا فزوجتي طالق ثلاثًا، أو أمتي حُرةٌ"، وقال آخرُ: "إن لم يكن غُرابًا مِثلَه"، ولم يَعلما: لم يَطلُقا، ولم يَعتقا (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ زوجته (¬3)، وإن مات الزوج في هذه الحالة ورثته (¬4)، فانظر المصحح (¬5) منهما وليحرر!، وظاهر صنيع شيخنا [في شرحه] (¬6) هنا ما مشى عليه المصنف هو الصحيح من المذهب (¬7). * قوله: (لم تطلقا) (¬8) ولم تعتقا؛ لأن الحانث منهما ليس معلومًا (¬9). ¬
وحَرُمَ عليهما الوطءُ إلا مع اعتقادِ أحدِهما خطأ الآخر (¬1)، هو يشتريَ أحدُهما أمةَ الآخر: فيقرَع بينهما حينئذٍ (¬2). وإن كانت مشترَكةً بين موسِرَيْن. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وحرم عليهما الوطء)؛ لأن أحدهما حانث بيقين، وما عدا الوطء من الأحكام كالسكنى والكسوة والنفقة باقٍ في حق كل منهما (¬3). * قوله: (إلا مع اعتقاد أحدهما خطأ الآخر) فإن المعتقد خطأ رفيقه لا يحرم عليه وطء زوجته أو أمته ولا يحنث فيما بينه وبين اللَّه (¬4)؛ لأنه يمكن صدقه وإن أقر كل منهما أنه الحانث طلقت زوجتاهما أو عتق أمتاهما بإقرارهما على أنفسهما، وإن أقرَّ أحدهما حنث وحده، فإن ادَّعت امرأة أحدهما عليه الحنث فأنكرها فالقول قوله (¬5). * قوله: (أو يشتري. . . إلخ) ظاهر هذا صحة البيع لأحدهما وعلى قياسه صحته لغيرهما، وهل يتأتى تحريم الوطء وعدمه في المشتري إذا كان ¬
وقال كلٌّ منهما: ". . . فنصيبي حُرٌّ" عَتَقتْ على أحدهما، ويُميَّزُ بقرعةٍ (¬1). ولامرأتِه وأجنبيةٍ: "إِحداكما طالقٌ"، أو قال: "سَلمَى طالق" -واسمُهما سلمَى-: طَلَقتْ امرأتهُ (¬2)، فإن قال: "أردتُ الأجنبيةَ": دُيِّنَ، ولم يُقبل حُكمًا إلا بقرينةٍ (¬3). وإن نادَى مِن امرأتيَه هِنْدًا -فأجابتْه عَمْرةُ، أو لم تُجبْه وهي الحاضرةُ- فقال: "أنت طالق"، يظُنُّها المناداةَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عالمًا بالحال أو لا؟ تأمل!. واستظهر شيخنا الحرمة؛ لأنه ليس على يقين [من] (¬4) حل وطئها بملك اليمين، فتدبر!. * قوله: (إلا (¬5) بقرينة) (¬6) مثل أن يدفع بذلك ظالمًا أو يتخلص به من مكروه (¬7). ¬
طَلَقتْ دونَ عَمرةَ (¬1)، وإن عَلمها غَيرَ المناداةِ: طَلَقتا إن أراد طلاق المناداةِ، وإلا طَلَقتْ عَمرةُ فقط (¬2). كان قال لمن ظنَّها زوجتَه: "فلانةُ! أنتِ طالق" (¬3)، أو لم يُسمِّها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (طلقت دون عمرة)؛ لأن المناداة هي المقصودة بالطلاق (¬4). * قوله: (طلقتا) المناداة؛ لأنها المقصودة، والمجيبة؛ لأنه واجهها بالطلاق مع علمه أنها غير المناداة (¬5). * قوله: (فقط)؛ أيْ: دون هند؛ لأنها غير مواجهة (¬6) ولا مقصودة (¬7). ¬
طَلَقتْ زوجتُه (¬1). وكذا عكسُها (¬2)، ومِثْلُه: العِتقُ (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: خلافًا لما في الإقناع (¬4) قال المصنف في شرحه (¬5) معللًا لما في المتن: (لأنه واجهها بصريح الطلاق فوقع)، وقال قبل: (إنه الصحيح) أقول: ويطلب الفرق بين هذه المسألة والمسألة السابقة، وهي ما إذا نادى هندًا (¬6) فأجابته عمرة؛ إذ تقدم أنه لا يقع إلا بهند، وعلل الشارح (¬7) عدم وقوع الطلاق بعمرة [بقوله] (¬8): (وإنما لم تطلق عمرة على الأصح؛ لأنه لم يقصدها)، انتهى، فانظر هذا مع وجود القصد في الصورتَين، فليحرر!. * قوله: (وكذا عكسها) (بأن قال لزوجته ظانًا أنها أجنبية: أنت طالق فتطلق؛ ¬
ومن أوقَع بزوجتِه كلمة، وشَكَّ: هل هي طلاق أو ظِهارٌ؟: لم يلزمه شيءٌ (¬1)، وإن شَكَّ: هل ظاهرَ، أو حلَف باللَّه -تعالى-: لزمه -بحَنثٍ- أدنى كفارتَيهما (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنه واجهها بصريح الطلاق: كما لو علمها زوجته، ولا أثر لظنها أجنبية؛ لأنه لا يزيد على عدم إرادة الطلاق)، شرح (¬3). * قوله: (لزمه بحنث أدنى كفارتيهما) وهو كفارة يمين؛ لأنه اليقين، وما عداه مشكوك فيه، والأحوط أعلاها وهو كفارة الظهار (¬4). * * * ¬
22 - كتاب الرجعة
22 - كِتَابُ الرَّجْعَةِ
(22) كِتَابُ الرَّجْعَةِ وهي: إعادةُ مطلَّقةٍ غيرِ بائنٍ، إلى ما كانت عليه، بغيرِ عقدٍ (¬1). إذا طلَّق حُرٌّ من دخل أو خَلا بها في نكاح صحيح. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الرجعة قال الأزهري: الرجعة بعد (¬2) الطلاق أكثر ما يقال بالكسر، والفتح جائز، ويقال: جاءتني رجعة الكتاب؛ أيْ: جوابه، ولعله إنما قيلت بالكسر، لكون المرتجعة بقية في حال الارتجاع بعد الطلاق فهي كالرِّجعة (¬3) والجلسة (¬4)، وأما بالنظر إلى أنها فعل المرتجع مرة واحدة، فهي بالفتح فلهذا اتفق الناس على الفتح (¬5). * قوله: (إذا طلق. . . إلخ) فللرجعة أربعة شروط: الدخول أو الخلوة (¬6) ¬
أقلَّ من ثلاث، أو عبدٌ واحدةً -بلا عوَض-: فله (¬1)، ولوليِّ مجنونٍ في عدَّتها، رَجْعتُها -ولو كَرِهتْ (¬2)، أو أمةً على حُرةٍ (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بها، وكونها بطلاق عن نكاح صحيح، وكونه دون ما يملكه، وكونه بلا عوض، فإن فقد بعضها لم تصح الرجعة (¬4). ولا يشترط أن يريد (¬5) إصلاحها، والقَصْدُ من الآية (¬6) التحريض على الإصلاح، والمنع من الإضرار (¬7). * قوله: (أو أمة على حُرة) كحُرة على حُرة، وأمة على أمة، وحُرة على أمة (¬8). ¬
أو أبَى سيدٌ أو وليٌّ- بلفظ: "راجَعتُها"، و"رَجعتُها"، و"ارتَجعتُها"، و"أمسكتُها"، و"رَدَدتُها"، ونحوِه (¬1) -ولو زاد: "للمحبةِ"، أو "للإهانةِ" (¬2)، إلا أن يَنويَ رجعْتَها إلى ذلك بفراقها (¬3) - لا: "نكحتُها"، أو "تزوَّجتُها" (¬4)، وليس من شرطِها الإشهادُ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله] (¬5): (إلا أن ينوي رجعتها إلى ذلك بفراقها)، فلا رجعة لحصول التضاد (¬6)؛ لأن الرجعة لا تراد بالفراق (¬7)، ومقتضى ما تقدم أنه [لا] (¬8) يقع به طلاق؛ لأنه ليس بصريح ولا كناية. * قوله: (وليس من شرطها الإشهاد)؛ لأنها لا تفتقر إلى قبول (¬9)، وجملة ¬
وعنه: "بلى" (¬1)، فتبطلُ إن أوصَى الشهودَ بكتمانها (¬2). والرجعيَّةُ زوجةٌ: يصحُّ أن تُلاعِنَ وتطلَّقَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك أن الرجعة [لا] (¬3) تفتقر إلى ولي ولا صداق ولا رضى المرأة ولا علمها بإجماع أهل العلم (¬4). * قوله: (فتبطل إن أوصى الشهود بكتمانها) انظر ما الفرق بين هذا (¬5) وبين ما إذا (¬6) أوصاهم بكتمان العقد، وتقدم الفرق هناك بأن الرجعة يمكن تلافيها بخلاف العقد فإنه [قد] (¬7) لا يمكن تلافيه (¬8). * قوله: (والرجعية زوجة)؛ أيْ: يملك الزوج منها ما يملكه ممن (¬9) لم يطلقها (¬10). ¬
ويلحقُها ظِهارُه وإيلاؤه (¬1)، ولها أن تتَشرَّفَ له وتتَزيَّنَ، وله السَّفَرُ والخلوةُ بها، ووطؤها، وتحصُل به رجعتُها (¬2) -ولو لم يَنوِها- لا بمباشرةٍ، ونظرٍ لفرج. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويلحقها ظهاره وإيلاؤه) (¬3) ويرث كل من صاحبه إجماعًا ويصح خلعها (¬4)؛ لكن لا قسم لها صرح به (¬5) الموفق والشرح (¬6)، والزركشي في الحضانة (¬7)، ولعله مراد من أطلق (¬8). * قوله: (ويحصل به)؛ أيْ: بالوطء (ولو محرمًا)، قواعد (¬9). ¬
وكذا خلوةٌ لشهوةٍ (¬1)، إِلا على قولٍ المنقِّحُ: (اختاره الأكثرُ) (¬2). وتصح بعد طُهرٍ من ثالثة ولم تَغتسل (¬3)، وقبلَ وضع ولدٍ متأخر (¬4)، لا في رِدَّةٍ، ولا تعليقُها بشرط (¬5): كـ "كلَّما طلقتُكِ فقد راجعتُك". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه: ومقتضى قولهم: النزع [جماع] (¬6) أنه لو علق دون ثلاث بوطئها ثم وطئ فإنه يقع رجعيًّا والنزع جماع فتحصل به الرجعة -وبه صرح شيخنا في شرحه في باب الإيلاء (¬7) -. * قوله: (وتصح بعد طهر من ثالثة ولم تغتسل) نص عليه (¬8)، وعليه أكثر الأصحاب، وروي عن عمر وعلي وابن مسعود (¬9)؛ لأن أثر الحيض يمنع الوطء، ¬
ولو عَكسَه: صحَّ، وطَلَقتْ (¬1). ومتى اغتسلتْ من ثالثة، ولم يَرتَجعْها: بانت، ولم تَحِلَّ إلا بنكاح جديدٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كما يمنعه الحيض، فيوجب ما أوجبه الحيض (¬2)، وأما قطع الأحكام من الإرث والطلاق والنفقة وغيرها، فيحصل بانقطاع الدم رواية واحدة (¬3). وبخطه: هل المراد خصوص الغسل أو ما يشمل التَّيمم لعدم الماء؟، فليحرر!. * [قوله] (¬4): (ولو عكسه) بأن قال: [كلما] (¬5) راجعتك فقد طلقتك (¬6). * قوله: (ومتى اغتسلت. . . إلخ) وهل إذا راجعها في أثناء الغسل تحل له أو لا؟. توقف فيه شيخنا واستظهر صحة الرجعة، وأشار إلى ذلك في شرحه بقوله: (ولم (¬7) يرتجعها قبله)؛ إذ الظاهر أن مراده قبل تمامه (¬8)، فتدبر!. ¬
وتَعوُدُ على ما بقَي من طلاقها، ولو بعد وطءِ زوجٍ آخرَ (¬1). وإن أشهَدَ على رجعتِها، ولم تَعلم حتى اعتَدَّتْ ونكَحتْ من أصابها: رُدَّتْ إليه، ولا يطؤها حتى تَعتدَّ (¬2)، وكذا إن صدَّقاهُ (¬3)، وإن لم تثبُت رجعتُه وأنكراهُ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله] (¬4): (وتعود على ما بقي من طلاقها) وكذا لو كان الطلاق دون ثلاث، وهو على عوض ثم نكحها (¬5)؛ فإنها تعود على ما بقي من طلاقها، ولا عبرة بتجدد (¬6) العقد فيهما. * قوله: (ردَّت إليه)؛ لثبوت أنها زوجته وأن نكاح (¬7) الثاني فاسد (¬8). * قوله: (وكذا إن صدقاه)؛ لأن تصديقهما أبلغ من إقامة البينة (¬9). ¬
رُدَّ قوله (¬1)، وإن صدَّقه الثاني: بانَتْ منه (¬2)، وإن صدَّقته: لم تُقبَلْ على الثاني، ولا يَلزمُها مهرُ الأولِ له (¬3)، لكن: متى بانَتْ عادتْ إلى الأول بلا عقدٍ جديدٍ (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإن صدقه الثاني بانت منه) لاعترافه بفساد نكاحه (¬5). وعليه مهرها إن كان دخل بها، أو نصفه إن كان لم يدخل بها؛ لأنه لا يصدق على المرأة في إسقاط حقها عنه، ولا تُسَلَّم المرأة إلى المدعي؛ لأنه يقبل قول الثاني عليها (¬6)، قال في الإقناع: (والقول قولها بغير يمين) (¬7). * قوله: (لكن متى بانت عادت إلى الأول بلا عقد جديد) ولا يطأ الأول حتى تعتد للثاني (¬8)، وإن مات الأول قبل أن تبين من الثاني، فقال ¬
ومتى ادَّعتْ انقضاءَ عدتها، وأمكن: قُبلتْ، لا في شهر بحيضٍ، إلا ببينةٍ (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ الموفق (¬2) ومن تبعه: (ينبغي أن ترثه لإقراره بزوجيتها، وتصديقها له، وإن ماتت لم يرثها الأول لتعلُّق حق الثاني بالإرث، وإن مات الثاني [لم] (¬3) ترثه هي لإنكارها صحة نكاحه). * قوله: (ومن ادَّعت انقضاء عدتها وأمكن قبلت) لا فرق بين الفاسقة والمرضية (¬4)، والمسلمة والكافرة؛ لأن ما يقبل قول الإنسان فيه على نفسه لا يختلف باختلاف حاله (¬5) كإخباره عن نيته (¬6) فيما تعتبر فيه (¬7)، وإن لم يكن (¬8) انقضاء عدتها فيما ادعته، ومضى ما يمكن صدقها فيه نظرنا، فإن بقيت (¬9) على دعواها المردودة ¬
وأقلُّ ما تنقضِي عِدَّةُ حُرةٍ فيه -بأقْراء- تسعةٌ وعشرونَ يومًا ولحظةٌ (¬1)، وأمةٍ خمسةَ عشرَ ولحظةٌ (¬2)، ومن قالت ابتداءً: "انقضت عدَّتي"، فقال: "كنتُ راجعتُك"، وأنكرتْه، أو تداعَيَا معًا: فقولها، ولو صدَّقه سيدُ أمةٍ (¬3)، ومتى رَجَعتْ: قُبل، كَجحْدِ أحدِهما النكاحَ ثم يعترفُ به (¬4). وإن سبق فقال: "ارتجعتك"، فقالت: "انقضت عدتي قبل رجعتِكَ": فقوله (¬5). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ لم تسمع، وإن ادَّعت انقضاءها في المدة كلها أو في ما يمكن فيها قبلت (¬6) ¬
1 - فصل
1 - فصل وإن طلَّقها حُرٌّ ثلاثًا، أو عبدٌ ثِنْتَين -ولو عَتَق-: لم تَحِلَّ له حتى يطأَها زوجٌ غيرُه في قُبُل، مع انتشار (¬1) -ولو مجنونًا (¬2) أو خَصِيًّا (¬3)، أو نائمًا، أو مُغمَى عليه- (¬4) وأدخلتْه فيه (¬5)، أو ذِمِّيًّا وهي ذميةٌ، أو لم يُنزل (¬6) أو يَبلغْ عشرًا (¬7)، أو ظنَّها أجنبيةً (¬8). ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل (¬9) ¬
ويَكفِي تغييبُ الحشَفةِ أو قدرِها من مَجْبوب (¬1)، ووطءٌ محرَّمٌ لمرضٍ وضيقِ وقتِ صلاة ومسجدٍ، ولقبض مهر، ونحوه، لا لحيض، أو نفاس، أو إحرام، أو صومِ فرضٍ (¬2)، أو في دُبُرٍ أو نكاحٍ -باطلٍ أو فاسدٍ- أو رِدَّةٍ، أو بشبهةٍ، أو بملكِ يمين (¬3). وإن كانت أمةٌ، فاشتراها مطلِّقُها: لم تَحِلَّ (¬4). . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا لحيض) قال في القاعدة الخامسة والخمسين: (ولا عبرة بحل الوطء ولا عدمه؛ يعني في حصول الرجعة به، فلو وطئها في الحيض أو غيره كان رجعة)، انتهى (¬5). وحينئذ فيطلب الفرق بين [الرجعة] (¬6) والتحليل، حيث صرحوا -كما هنا- بأنه لا يحصل به التحليل، فتدبر!. ¬
ولو طلَّق عبدٌ طلقةً، ثم عَتَق: مَلك تتمِةَ ثلاثٍ، ككافر: طلَّق ثِنْتَين ثم رُقَّ (¬1)، ومن غاب عن مطلقته ثلاثًا ثم حضر، فذكرتْ: "أنها نكَحتْ من أصابها، وانقضت عدَّتُها"، وأمكن: فله نكاحُها -إذا غلب ظنَّه صدقُها (¬2) - لا إِن رَجَعتْ قبل عقدٍ (¬3)، ولا يُقبل بعده، فلو كذَّبها الثاني في وطءٍ: فقوله في تنصيفِ مهر، وقولُها في إباحتِها للأول (¬4)، وكذا: لو تزوَّجتْ حاضرًا وفارقها، وادَّعتْ إصابتَه وهو منكرُها (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (كـ: كافر طلَّق ثنتَين ثم رق) فإنه يملك الثالثة؛ لأن الثنتَين حين وقعتا كانت غير محرمتَين فلا تنقلبان (¬6) محرمتَين؛ كالعبد إذا طلَّق ثنتَين ثم عتق فإنه لا يملك الثالثة (¬7). * قوله: (فلو كذبها الثاني في وطء فقوله. . . إلخ) ولا يقبل قوله بمجرده في تكذيبه لها في العقد؛ لإمكان علمه من غير جهته كولي النكاح وشهود بخلاف ¬
ومِثلُ الأوَّلةِ: لو جاءت حاكمًا، وادَّعتْ: "أن زوجها طلَّقها، وانقضتْ عدَّتُها": فله تزويجُها -إن ظن صدقَها، ولاسِيَّما إن كان الزوج لا يُعرَفُ (¬1) -. ـــــــــــــــــــــــــــــ الوطء، فقياس بعضهم العقد على [الوطء] (¬2) قياس مع الفارق (¬3)، فتدبر!. * قوله: (ومثل الأولة) وهي المذكورة في قوله: (ومن غاب عن مطلقته (¬4) ثلاثًا. . . إلخ). * قوله: (فله تزويجها إن ظن صدقها) ولا يتوقف على إقامة بينة كالمقيس عليه (¬5). * * * ¬
23 - كتاب الإيلاء
23 - كِتَابُ الإِيْلاءِ
(23) كِتَابُ الإيلاءُ يحرُم، كظِهارٍ، وكان كلٌّ طلاقًا في الجاهليَّة (¬1)، وهو: حلفُ زوجٍ يمكنه الوطءُ، باللَّه -تعالى-، أو صِفتِه (¬2)، على تركِ وطءِ زوجتِه، الممكِنِ جماعُها (¬3)، وفي قُبُل أبدًا. . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الإيلاء (¬4) ¬
أو يُطلِقُ أو فوقَ أربعةِ أشهر، أو يَنويها (¬1). ويترتبُ حكمُه مع خِصاءٍ (¬2) وجَبِّ بعضِ ذكرٍ، وعارضٍ يُرجَى زواله: كحبس، لا عكسِه كرَتْقٍ (¬3)، ويُبطله جَبُّ كله وشللُه ونحوُهما، بعدَه (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو ينويها) عطف على مقدر؛ أيْ: يصرح بها، وهذا التقدير أولى من تقدير شيخنا في شرحه (¬5) (مصرحًا بها) لمناسبة المتعاطفَين. * قوله: (لا عكسه) (¬6)؛ أيْ: فلا يثبت (¬7) حكمه مع عارض لا يرجى زواله بأحدهما كرتق. . . إلخ (¬8)، وكان الظاهر حينئذ لا ضده. ¬
وَكمُولٍ في الحُكم: مَن ترك الوطءَ ضِرارًا بلا عذرٍ (¬1) أو حلفٍ (¬2)، وَمَن ظَاهَر ولم يُكفِّر (¬3). وإن حلف: "لا وطِئَها في دُبُرٍ أو دونَ فرجٍ"، أو: "لا جامَعَها إِلا جماع سُوءٍ" -يُريدُ ضعيفًا لا يزيد على التقاءِ الختَانَيْن- لم يكن مُولِيًا (¬4)، وإن أراد: "في الدبرِ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وكمُولٍ في الحكم: من ترك الوطء ضرارًا) (¬5)؛ أيْ: قصد بذلك ضرر الزوجة (¬6). * قوله: (وإن حلف لا وطئها) كان الظاهر لا يطؤها؛ إذ (¬7) حلفه على الماضي لا يتوهم كونه إيلاء، حتى ولو قال: في قبل، ويمكن أن يجاب بأن المعنى: وإن كان حلف. . . إلخ، ويكون من قبيل حكاية الحال الماضية التي كان قد وقع فيها الحلف على ترك الوطء في المستقبل. * قوله: (وإن أراد. . . إلخ)؛ أيْ: بقوله: (إلا جماع سوء) (¬8). ¬
أو دونَ الفرج"، صار مُولِيًا (¬1). ومن عرَف معنَى ما لا يَحتمل غيرَه، وأتَى به، وهو: ". . . لا نِكْتُكِ"، ". . . لا أدخلتْ ذكري -أو حَشَفتي- في فرجك"، وللبكر خاصةً: ". . . لا افتَضَضتُكِ": لم يُدَيَّنْ مطلقًا (¬2). و: ". . . لا اغتسلتُ منكِ، أو أفضَيْت إليك، أو غشِيتُكِ، أو لمستُك، أو أصبتُك (¬3)، أو افتَرشتُك (¬4)، أو وطِئتُك، أو جامعتُك. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * وقوله: (صار موليًا) أيْ: لأنه يؤول إلى الحلف (¬5) على ترك الوطء في القبل وهو إيلاء (¬6). * [قوله] (¬7): (لم يدين مطلقًا)؛ أيْ: ادعى عدم العلم بمعناه أو لم يدَّعه (¬8). ¬
أو باضَعتُك، أو باشرتُك، أو باعَلتُك، أو قَرُبتُك، أو مَسِستُك، أو أتيتُك" صريحٌ حكمًا: لا يحتاج إلى نيةٍ. ويُديَّنُ مع عدم قرينةٍ، ولا كفارةَ باطنًا (¬1). و: "لا ضاجَعتُكِ، أو دخلتُ إليك، أو قَرُبتُ فِراشَك أو بتُّ عندكِ"، ونحوَه: لا يكونُ مُوِليًا فيها إلا بنيةٍ أو قرينةٍ (¬2). ولا إيلاءَ بحلفٍ بنذر أو عتقٍ أو طلاقٍ (¬3)، ولا بـ: "إن وطِئتُك فانتِ زانيةٌ، أو فلِلَّه عليَّ صومُ أمسِ، أو هذا الشهر"، أو ". . . لا وطئتُك في هذا البلدِ (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا إيلاء بحلف بنذر (¬5). . . إلخ) وفي الإقناع (¬6) نوع تناقض؛ ¬
1 - فصل
أو مخضُوبةً، أو حتى تصومي نفلًا أو تقومي أو يأذنَ زيدٌ"، فيموتُ (¬1). و: "إن وطِئتُك فعبدي حرٌّ عن ظهاوي"، -وكان ظاهَرَ- فوَطِئَ: عَتَق عن الظِّهار. وإلا (¬2)، فوطئَ: لم يَعتِق (¬3). * * * 1 - فصل وإن جعَل غايته ما لا يوجَدُ في أربعة أشهر غالبًا كـ: "واللَّه! لا وطئتُك حتى (¬4) ينزلَ عيسى، أو يخرُجَ الدَّجالُ، أو حتى تحبَلي" -وهي آيسةٌ، أو لا ولم يَطأ أو يطأ ونيتُه حَبَلٌ متجدِّد-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فإنه بعد أن ذكر مثل ما هنا قال: (فإن قال: إن وطئتك فللَّه (¬5) علي أن أصلي عشرين ركعة كان موليًا) فليراجع وليحرر!. فصل (¬6) * قوله: (كـ: واللَّه. . . إلخ) هذان المثالان في التمثيل بهما لما ذكر نظر، إذ ليس لخروج الدجال ونزول عيسى حال غالبة [وغير غالبة] (¬7)؛ بمعنى أن أكثر أحوالهما ¬
أو محرَّمًا: ". . . حتى تشربي خمرًا"، أو إسقاط مالَها، أو هبتَه، أو إضاعتَه، ونحوَه: فمُولٍ (¬1)، كـ: ". . . حياتي أو حياتَكِ، أو ما عشتُ أو عشتِ" (¬2). لا إن غيَّاهُ بما لا يُظنُّ خلوُّ المدةِ منه -ولو خلتْ- كـ: ". . . حتى يركَبَ زيد"، ونحوِه (¬3) أو بالمدةِ: كـ: "واللَّهِ! لا وطئتُكِ أربعةَ أشهر، فإذا مضتْ فواللَّهِ لا وطئتُكِ أربعةَ أشهر! " (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ أن يوجدا (¬5) بعد مضي أربعة أشهر، ومن غير هذا الأكثر الغالب أن يوجدا (¬6) قبل مضيِّها، وهو بديهي الإشكال. * قوله: (أو محرمًا) عطف على قوله: (ما لا يوجد) (¬7). * قوله: (ونحوه) كـ: حتى تمرضي أو أمرض. ¬
أو قال: ". . . إلا برضاك أو اختيارك"، أو: ". . . إلا أن تختاري أو تشائي"، ولو لم تشأ بالمجلس (¬1). وإن قال: "واللَّه! لا وَطئتُك مدةً، أو ليطولَنَّ تركي لجماعِك" لم يكن مُولِيًا حتى يَنويَ: فوق أربعةِ أشهر (¬2). وإن علقه بشرط: كـ "إن وطئتُك فواللَّهِ! لا وطئتُك! "، أو "إن قمتِ -أو إن شئتِ- فواللَّهِ لا وطئتُك! " لم يصر مُولِيًا حتى يوجَدَ (¬3). ومتى أوْلَج زائدًا على الحَشَفة في الصورة الأوَّلةِ، ولا نيةَ: حَنِث (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومتى أولج زائدًا. . . إلخ) سكت عن النزع مع أنه تقدم أنه جماع، فليحرر!. * [قوله] (¬5): (في الصورة الأولة) (وهي قوله: إن وطئتك فواللَّه لا وطئتك)؛ شرح (¬6). * قوله: (ولا نية)؛ أيْ: تعين إرادته وطأً ثانيًا غير الوطء المتلبس به. ¬
و: "واللَّه! لا وطئتُك في السنة، أو سنةً إلا يومًا أو مرةً": فلا إيلاءَ حتى يطأَ وقد بقيَ فوقَ ثلثها (¬1). ويكون مُوليًا من أربع بـ "واللَّهِ! لا وطئتُ كلَّ واحدةٍ (¬2)، أو واحدةً منكن": فيَحنَثُ بوطءِ واحدة في الصورتَين (¬3)، وتَنحَلُّ يمينُه، ويُقبل في الثانية إرادةُ معيَّنةٍ، ومبهَمةٍ، وتخرُج بقرعة (¬4). و: "واللَّهِ! لا أطَؤكن (¬5)، أو لا وطئتُكن": لم يصر مُوليًا حتى يطأَ ثلاثًا، فتتعيَّنَ الباقيةُ (¬6). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
فلو عُدمتْ إحداهن (¬1): انحلت يمينه بخلاف ما قبلُ (¬2). وإن آلى من واحدةٍ وقال لأخرى: "أشركتك معها": لم يصِر موليًا من الثانية (¬3) بخلاف الظهار (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فلو عدمت إحداهن) (¬5)؛ أيْ: بموت أو إبانة (¬6). * قوله: (لم يصر موليًا من الثانية بخلاف الظهار)؛ لأن الإيلاء من أقسام اليمين باللَّه -[تعالى]- (¬7) التي لا تنعقد إلا بصريح القول المشتمل على اسم اللَّه تعالى أو صفة (¬8) من صفاته، والتشريك في اليمين كناية (¬9) بخلاف الظهار، فإنه ينعقد ¬
2 - فصل
2 - فصل ويصح من كافر، وقِنٍّ، ومميِّز وغضبانَ، وسكرانَ ومريضٍ مَرْجُوٍّ بُرْؤهُ، ومن لم يدخُل (¬1). لا من مجنونٍ، ومُغمًى عليه، وعاجز عن وطءٍ. . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالكناية (¬2) كالصريح (¬3) م. ص، ومثله الطلاق (¬4). فصل (¬5) * قوله: (ومميز) يؤخذ من مجموع ما هنا، وما يأتى في الأيمان (¬6) من اشتراط التكليف؛ لوجوب الكفارة: أنه ينعقد الإيلاء من المميز، ويؤخذ مما يأتي في الظهار (¬7): أنه ينعقد أيضًا من المميز ولا يطالب بالفيئة إلا بعد بلوغه -هذا خلاصة ما في الحاشية (¬8) -. ¬
لجَبٍّ كامل، أو شلل (¬1) ويُضرَبُ لِمُولٍ -ولو قِنًّا- مدةُ أربعةِ أشهر من يمينه، ويُحسبُ عليه زمنُ عُذره، لا عذرِها: كصغرٍ وجنون (¬2) ونُشوز وإحرام (¬3) ونِفاس (¬4) -بخلاف حيضٍ (¬5) -. ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله] (¬6): (لجب كامل أو شلل)؛ يعني: أو غيرهما، فما ذكر ليس بقيد (¬7). * قوله: (ويحسب (¬8) عليه زمن عدره) كسفره ومرضه (¬9) * قوله: (وجنون)، أيْ: مطبق بدليل ما بعده. ¬
وإن حدث عُذرُها: استُؤنفت [المدة] (¬1) [لزواله] (¬2) (¬3) لا إن حدث (¬4) عذرُه (¬5). وإن ارتَدَّا أو أحدُهما بعد دخول، ثم أسلَما أو أسلَم في العِدَّة: استُؤنفتْ المدةُ (¬6)، كمن بانَتْ ثم عادت في أثنائها (¬7). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لزواله) لعل اللام للتوقيت؛ أيْ: عند زواله (¬8). * قوله: (كمن بانت) (بفسخ أو طلاق أو انقضاء عدة من طلاق رجعي) حاشية (¬9). ¬
وإن طُلِّقتْ رجعيًّا في المدة: لم تنقطع ما دامت في العِدَّة (¬1)، وإن انقضتِ المدةُ -وبها عذرٌ يَمنع وطأها- لم تَملك [طلب] (¬2) الفيئة (¬3). وإنْ كَانَ به -وهوَ ممَّا يعجزُ به عن الوطءِ- أُمِرَ أن يفيءَ بلسانِه فيقول: "متى قدَرتُ جامعتُكِ". ثم متى قدرَ: وَطئَ أو طَلَّق (¬4)، ويُمهَلُ -لصلاةِ فرض، وتَغَدٍّ وهضمٍ، ونومٍ عن نُعاس، وتحلُّلٍ من إحرام، ونحوه- بقدره، ومظاهِرٌ لطلب رقبةٍ ثلاثةَ أيام. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * وقوله: (وبها عذر يمنع وطأها) وهو الحيض (¬5) إن كانت المدة انقضت أو لم تنقض؛ لأن الحيض لا يقطع المدة على ما سبق، [أو غير الحيض إن كان قد وقع عقب المدة لا إن وقع في أثنائها؛ لأنه يقطع المدة على ما سبق] (¬6)، والحالية المفهومة من الواو في كلام المصنف على الوجه الأول ظاهرة، وعلى الثاني باعتبار شدة المقارنة وقرب زمنها. ¬
لا لصوم (¬1)، فإن لم يَبق عذرٌ وطلبتْ، ولو أمةً، الفِيئةَ -وهي: الجماع- لزم القادرَ مع حِلِّ وطئها، وتطالِب غيرُ مكلفة: إذا كلفتْ، ولا مطالبةَ لوليٍّ وسيد (¬2). ويؤمَرُ بطلاقٍ من علق الثلاث بوطئها (¬3)، ويحرُم (¬4)، ومتى أوْلَج وتَمَّم، أو لَبِث: لحقه نسبُه، ولزمه المهرُ (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا لصوم)؛ يعني: لا يمهل لصوم منه وهو ستون بل يطلق الحاكم عليه (¬6)، ولا يؤمر بالوطء لتحريمه. * قوله: (ويؤمر بطلاق (¬7). . . إلخ) الظاهر أنه إنما يؤمر بعد وجوب الوطء عليه؛ أيْ: بعد مضي أربعة أشهر. ¬
ولا حَدَّ (¬1). وتَنحلُّ يمينُ من جامَع ولو مع تحريمه -كفي حيضٍ، أو نفاس، أو إحرام، أو صيامِ فرضٍ من أحدهما- ويُكفِّر (¬2). وأدنَى ما يكفي. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا حد)؛ أيْ: إن كان جاهلًا ليوافق ما تقدم في باب سنة الطلاق، وبدعته (¬3)، والمصنف (¬4) وافق هنا ما في الإنصاف (¬5) من أنه لا حد مطلقًا، ويفرق (¬6) بين البابَين بما ذكره شيخنا في الحاشية (¬7) من: (أن تتميم الوطء أو اللبث فيه هنا كوطء الشبهة من حيث إن الطلاق معلَّق على شيء إنما يقع عقبه، فهو مظنة أن يتوهم ألا يقع إلا بعد التخلص من ذلك الفعل -بخلافه فيما تقدم-؛ لأنه معلَّق على صيرورتها من أهل البدعة، ولا يخفى أن ذلك لا يتوقف على الفراغ من الوطء). قال: (وهذا ما ظهر لي وهو دقيق) (¬8). ¬
تغييبُ حشفَةٍ (¬1) أو قدرِها (¬2) -ولو من مكرَهٍ وناسٍ وجاهل ونائم ومجنون، أو أُدخِل ذكرُ نائمٍ (¬3). ولا كفارةَ فيهن (¬4) - في القُبُل. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولو من مكره) ذكر في الترغيب أن الجماع لا يتصور الإكراه عليه (¬5)، وتقدم في الصوم (¬6) ما يوافقه فيشكل قوله هنا: (ولا كفارة) بالنسبة إلى الإكراه، وقد يجمع بين كلام صاحب الترغيب وغيره بأن الإكراه يقع على الإقدام على الفعل -وهو ما أراده الأصحاب-، ولا يمكن أن يكون الفعل نفسه وهو الإيلاج عن إكراه؛ لأنه لا يكون إلا عن شهوة وانتشار (¬7)، والإكراه ينافي ذلك، وعليه يحمل كلام صاحب الترغيب. * قوله: (أو أدخل ذكر نائم) انظر ما فائدة هذا مع قوله: (ونائم) إلا أن يحمل الأول على الإيلاج منه، وهو بعيد جدًّا -كما لا يخفى-، فحرر!. * قوله: (في القبل) متعلِّق بتغييب الحشفة أو قدرها (¬8). ¬
فلا يخُرجُ من الفيئة بوطءٍ دون فرجٍ، أو في دُبُر (¬1). وإن لم يَفِ وأعْفَتْه: سقط حقُّها (¬2)، كعفوِها بعد زمن العُنْةِ. وإلا: أُمر أن يطلِّقَ -ولا تَبينُ برجعيٍّ (¬3) - فإن أبَى: طلَّق حاكم عليه طلقةً أو ثلاثًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا تبِين برجعي) دفع (¬4) لما قد يتوهم من أمر الحاكم بالطلاق كفسخه وهو طلاق بائن (¬5). * [قوله] (¬6): (أو ثلاثًا) انظر هذا مع أنه يحرم عليه الطلاق الثلاث بكلمة واحدة، فنائبه كذلك، -وفي شرح شيخنا إشارة إليه (¬7) -. ¬
أو فسَخ (¬1) (¬2). وإن قال: "فرَّقتُ بينكما"، فهو فسخٌ (¬3)، وإن ادَّعى بقاءَ المدة أو وطأها -وهي ثيب-: قُبِل (¬4). وإن ادَّعتْ بكارةً، فشَهد بها ثقةٌ: قُبلتْ (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فهو فسخ) لا ينقص به عدد الطلاق (¬6). قال شيخنا: (ولعل محله ما لم ينوِ به (¬7) الطلاق، فإنه كناية في الطلاق). ¬
وإلا: قُبل (¬1) وعليه اليمينُ فيهن. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإلا قبل)؛ أيْ: قوله في وطئها (¬2). * قوله: (وعليه اليمين فيهن) انظر: هذا مع أن اليمين لا تكون إلا في المال أو في ما يقصد به المال، حرر!. وقد يقال هذا في اليمين [التي] (¬3) يقضي بها مع الشاهد لا في مطلق اليمين فلا حاجة إلى ما حاوله شيخنا في شرحه (¬4) بقوله: (لأنه حق آدمي أشبه الدين). * * * ¬
24 - كتاب الظهار
24 - كِتَابُ الظِّهَارِ
(24) كِتَابُ الظِّهَارِ وهو: أن يُشبِّهَ امرأتَه أو عُضوًا منها بمن تحرُم عليه -ولو إلى أمدٍ-، أو بعضوٍ منها أو بذكرٍ أو بعضوٍ منه، ولو بغير عربيَّة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الظهار (¬1) * قوله: (ممن (¬2) تحرم عليه. . . إلخ) ليس غرضه اللف والنشر، فحينئذ يصدق المتن بثماني صور (¬3). ¬
واعتقد الحِلَّ مجوسيٌّ (¬1). نحوُ: "أنتِ -أو يدُكِ، أو وجهُك، أو أذُنُك- كظهرِ أو بطنِ أو رأسِ أو عينِ أمِّي، أو عمتي أو خالتي أو حماتي (¬2)، أو أختِ زوجتي أو عمتِها أو خالتِها، أو أجنبيةٍ، أو أبي أو أخي، أو أجنبيٍّ، أو زيدٍ، أو رَجلٍ" (¬3)، ولا يُدَيَّنُ (¬4). و: "أنتِ كظهرِ أمي طالقٌ"، أو عكْسَه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو أجنبية) في التمثيل بذلك مطلقًا لمن يحرم عليه إلى أمد نظر (¬5)، إلا أن يراد بالأمد ما يشمل (¬6) أدنى زمن كزمن العقد، أو المراد أجنبية هي زوجة غيره، أو معتدته، أو زائدة على نهاية الجمع، تدبر!. * قوله: (وأنت كظهر أمي طالق. . . إلخ) ومقتضى ما أسلفناه بالهامش أنه ¬
يلزمانه (¬1)، و: "أنتِ عليَّ -أو عندي، أو مِنِّي، أو معي- كأمي، أو مثلُ أمي"، وأطلَق: فظهار (¬2) وإن نوى: ". . . في الكرامةِ ونحوِها": دُيِّنَ، وقُبل حُكمًا (¬3)، و: "أنتِ أمي، أو كأمي، أو مثلُ أمي": ليس بظِهار. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لو ادعى بدل اللفظ (¬4)؛ لا يقبل منه؛ لأنه قليل في كلامهم. * قوله: (فظهار) يطلب الفرق بين هذه الصور (¬5)، وما إذا قال لها: أنس كأمي أو مثل أمي من غير أن يقول: عندي أو مني أو: معي، حيث قال في الثانية أنه ليس بظهار، وأشار شيخنا في شرحه (¬6) إلى الفرق بينهما بأن الصور الأول المتبادر منها الظهار ويحتمل غيره احتمالًا مرجوحًا يحتاج إلى نية، وأما الصور الثانية فظاهره في غيره الظهار وتحتمله احتمالًا مرجوحًا، وقُوَّةُ الاحتمال لشيء وكثرته توجب اشتراط النية في احتمال إرادة غيره ليتعين له؛ لأنه يصير كناية فيه فيحتاج (¬7) إلى نية (¬8)، والقرينة تقوم مقام النية -هذا حاصل ما في شرح شيخنا-. ¬
إِلا مع نيةٍ أو قرينةٍ (¬1). و: "أنتِ عليَّ حرام"، ظِهارٌ -ولو نَوى طلاقًا، أو يمينًا- (¬2)، لا إن زاد: "إن شاء اللَّه" (¬3)، أو سَبَق بها (¬4). و: "أنا مظاهِرٌ، أو عليَّ -أو يلزمُني- الظهارُ أو الحرامُ"، أو: "أنا عليكِ حرام، أو كظهرِ رجُل" -معَ نيةٍ أو قرينةٍ-: ظهارٌ (¬5)، وإلا: فلغوٌ (¬6). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو سبق بها)؛ أيْ: أتى بها سابقة على صيغة الظهار؛ يعني: فلا كفارة فيهما كاليمين (¬7). * [قوله] (¬8): (وإلا فلغو)؛ أيْ: وإن لم يكن هناك نية ظهار أو قرينة تدل ¬
كـ: "أمي -أو أختي- امرأتي، أو مثلُها، وأنتِ عليَّ كظهر البهيمة (¬1)، ووجهي من وجهِكِ حرامٌ"، وكالإضافةِ إلى شعَرٍ وظُفر، وريقٍ ولبن، ودمٍ وروح، وسمعٍ وبصرٍ (¬2). ولا ظِهارَ إن قالت لزوجها -أو علَّقتْ بتزويجه-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه فلغو، ومقتضاه (¬3): ولو نوى به الطلاق أو وجدت قرينة تدل عليه كالعرف، فتذكر ما كتبناه عند الكلام على كنايات الطلاق (¬4). * قوله: (كأمي. . . إلخ) انظر هذا مع احتمال أنه من قبيل عكس [التشبيه] (¬5) (¬6). ¬
1 - فصل
نظيرَ ما يصيرُ به مظاهِرًا، وعليها كفارتُه، والتمكينُ قبله (¬1)، ويُكرهُ دعاءُ أحدِهما الآخرَ بما يختصُّ بذي رَحِمٍ: كأبي، وأمي، وأخي، وأختي (¬2). * * * 1 - فصل ويصح من كلِّ من يصحُّ طلاقه (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وعليها كفارته والتمكين قبله) ولو قلنا: إنه يكون ظهارًا لحرم عليها تمكينه من الوطء حتى تكفر كما يحرم عليه الوطء قبل التكفير لو كان هو المظاهر، فالفرق ظاهر فسقط ما قيل حيث كانت الكفارة لازمة لها، فما فائدة كونه ليس بظهار؟، فتدبر فإنه بديع!. * وقوله: (بذي رحم)؛ أيْ: محرم (¬4). فصل (¬5) ¬
-ويُكفِّرُ كافر بمالٍ- (¬1)، ومن كلِّ زوجة لا من أمتِه أو أمِّ ولده، ويُكفِّر كيمينٍ بحنثٍ (¬2). وإن نجَّزه لأجنبيةٍ، أو علَّقه بتزويجها (¬3)، أو قال: "أنت عليَّ حرام". . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويكفر كافر بمال)؛ أيْ: بعتق أو إطعام لا بصوم؛ لأنه لا يصح منه (¬4)؛ لأنه يتوقف على نية وهو ليس من أهلها، فتدبر!. * قوله: (ويكفر كيمين بحنث) وله الوطء قبل التكفير -كما يعلم من قول المصنف الآتي-: (بخلاف [كفارة] (¬5) يمين) فتدبر!. * قوله: (أو علَّقه (¬6) بتزويجها) الأولى: بتزوجها (¬7). * قوله: (أو قال (¬8): أنت عليَّ حرام)؛. . . . . . ¬
ونوَى أبدًا: صحَّ ظهارًا، لا إن أطلق، أو نَوى غدًا، ويُقبل حكمًا (¬1). ويصح الظِّهارُ منجَّزًا، ومعلقًا -فمن حلف به أو بطلاقٍ أو عتقٍ، وحَنِث: لزمه- ومطلقًا، ومؤقتًا كـ: "أنتِ عليَّ كظهر أمي شهرَ رمضانَ"، إن وطئَ فيه: كفَّر، وإلا: زال (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ أيْ: لأجنبية (¬3). * قوله: (صحَّ ظهارًا) (¬4) انظر ما الفرق بين الظهار (¬5) والطلاق حيث صحَّ مثل هذا، ولزم في الظهار دون الطلاق حتى إنهم صححوا هذا في الظهار من المرأة أيضًا -كما تقدم في الفصل السابق-. وقد يقال: إن شبه الظهار باليمين أقوى من شبهه (¬6) بالطلاق بجامع وجوب الكفارة فيهما دون الطلاق، ولذلك لو حلف باللَّه على أنه لا يتزوج وتزوج لزمه كفارة يمين؛ لكن لما كان في المسألتين السابقتَين الحلف بلفظ الظهار لزمته (¬7) كفارته عملًا بمقتضى اللفظ -هكذا يؤخذ من شرح شيخنا على الإقناع (¬8) -. ¬
ويحرُم على مظاهِر ومظاهَرٍ منها وطءٌ ودوَاعيهِ، قبل تَكفيرٍ ولو بإطعام (¬1) -بخلاف كفارةِ يمين-، وتثْبث في ذمته بالعَوْدِ، وهو: الوطءُ (¬2)، ولو من مجنون، لا من مكرَه (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويحرم على مظاهِرٍ ومظاهَرٍ منها. . . إلخ) (¬4) حرمة الوطء [عليه] (¬5) ظاهرة، وأما حرمته عليها فهو في معنى حرمة التمكين أو الاستدخال إذا كان نائمًا أو نحوه؛ لأنه إيقاع (¬6) له فيما يحرم عليه، والحمل على فعل المحرم محرم، وهو العلة في تحريم دواعيه عليها؛ لأنه ربما حمله على الوطء المحرم. * قوله: (لا من مكره) معارض ما ذكروه في الصوم (¬7) من أن الوطء لا يتصور الإكراه عليه؛ لأن الانتشار اللازم للوطء (¬8) لا يكون إلا عن تحرك (¬9) الشهوة المتسبب ¬
ويأثم مكلَّف (¬1)، ثم لا يطأ حتى يُكفِّرَ (¬2) ويجزيه واحدةٌ، كمكرِّرٍ ظهارًا من واحدة -قبل تكفيرٍ- ولو بمجالسَ، أو أراد استئنافًا (¬3)، وكذا. . . من نساءٍ بكلمة، وبكلمات: لكلٍّ كفارة (¬4)، ويلزم إِخراجٌ بعزمٍ على وطءٍ ويُجزئُ قبله (¬5). وإن اشتَرى. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عن الرضى، فليحرر الفرق بين المجنون والمكره، وأسقط صاحب الإقناع (¬6) مسألة الإكراه نظرًا لكلام الترغيب الذي نقلناه عنه بالهامش في الباب قبله (¬7)، فالمصنف ماشٍ في هذَين البابَين على وتيرة واحدة مخالفًا في ذلك لما أسلفه في الصوم. ¬
2 - فصل
زوجتَه (¬1)، أو بانَت قبل الوطءِ ثم أعادها مطلقًا: فظِهارُه بحاله (¬2)، وإن مات أحدهما قبلَه: سقطتْ (¬3). * * * 2 - فصل وكفارته وكفارة وطء نهار رمضان على الترتيب: عتق رقبة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مطلقًا)؛ أيْ: سواء كان قبل أن تتزوج أو بعده (¬4)، وفي الشارح (¬5)؛ أيْ: ارتد أَوْ لَا، فتدبر!. * قوله: (سقطت)؛ أيْ: الكفارة (¬6). فصل (¬7) ¬
فإن لم يجد فصيام شهرَين متتابعَين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا (¬1). وكذا كفارة قتل إلا أنه لا يجب فيها إطعام (¬2)، والمعتبر وقت وجوبٍ؛ كحدٍّ وقودٍ (¬3) وإمكانُ الأداء مبنيٌّ على زكاةٍ. . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (إلا أنه لا يجب فيها إطعام) الأولى: [لكن] (¬4) لا إطعام (¬5) فيها -كما عبر به في الإقناع (¬6) -؛ لأن (¬7) كلام المصنف يوهم إجزاء الطعام، وأن المنفي إنما هو وجوبه وليس مرادًا، وإنما المراد أنه لا يدخلها الإطعام، وقد يقال: إن مراد المصنف أن الإطعام ليس من أنواع كفارة القتل الواجبة به فيساوي ما في الإقناع. * وقوله: (مبني على زكاة)؛ يعني: فليس شرطًا هنا كما أنه ليس شرطًا هناك (¬8). ¬
فلو أعسَر موسِرٌ قبل تكفير: لم يُجزئْه صومٌ (¬1)، ولو أيسَر معسِرٌ: لم يلزمه عتق (¬2)، ويُجزيهِ (¬3). ولا يلزم عتقٌ إلا لمالكِ رقبةٍ -ولو مشتبهةً برِقاب غيره. فيُعتقُ رقبةً، ثم يُقرع بين الرقاب: فيَخرُجُ من قَرَع- أو لمن تمكنه بثمن مثلها، أو مع زيادةٍ لا تُجحِفُ، أو نَسِيئةٍ وله مالٌ غائب أو دينٌ مؤجَّل (¬4) -لا بهبةٍ- (¬5) وتفضُلُ عما يحتاجه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
من أدنى مسكنٍ صالحٍ لمثله، وخادم -لكونِ مثله لا يخدمُ نفسَه، أو عجزِه- ومركوبٍ، وعَرْضِ بِذْلةٍ، وكتبِ علم يَحتاج إليها، وثياب تجمُّل، وكفايتِه ومن يَمُونُه دائمًا، ورأس مالِه لذلك (¬1)، ووفاءِ دين (¬2). ومن له فوقَ ما يصلح لمثله: من خادم ونحوه وأمكن بيعُه وشراءُ صالحٍ لمثله، ورقبةٍ بالفاضل: لزمه (¬3)، فلو تعذر، أو كان له سُرِّيَّةٌ يمكن بيعُها وشراءُ سُرِّيةٍ ورقبة بثمنها: لم يَلزمه (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لذلك)؛ أيْ: لكفايته وكفاية من يمونه (¬5). * وقوله: (لم يلزمه)؛ لأن غرضه (¬6) قد يتعلق بنفس السرية، فربما أضر به بيعها (¬7)،. . . . . . ¬
وشُرط في رقبةٍ في كفارةٍ، ونذرِ عتقٍ مطلقٍ: إسلامٌ، وسلامةٌ من عيب مُضرٍّ ضررًا بيِّنًا بالعمل: كعمى، وشللِ يد أو رجل، أو قطع إحداهما أو سَبَّابةٍ أو وُسطى أو إبهام من يد أو رِجل أو خِنصرٍ وبِنصرٍ من يد (¬1)، وقطعُ أنْملةٍ من إبهام، أو أنملتَين من غيره: ككُله (¬2). ويُجزئُ من قُطعتْ بِنصِرُه من إحدى يَدَيه أو رجلَيه وخِنصرُه من الأخرى (¬3)، أو جُدِع أنْفُه أو أذُنُه، أو يخنقُ أحيانًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولعله كذلك في كتب [العلم] (¬4). * قوله: (إسلام) (ولو كان من وجبت عليه كافرًا)، حاشية (¬5). * قوله: (أو جُدِع أنفه) بالدال المهملة (¬6)، قال صاحب مختار الصحاح (¬7): ¬
أو عُلِّق عتقُه بصفةٍ لم توجد، ومدبَّرٌ، وصغيرٌ، وولدُ زنًا، وأعرجُ يسيرًا ومَجْبوبٌ وخَصِيٌّ، وأصمُّ، وأخرسُ تُفهم إشارتُه، وأعورُ (¬1)، ومرهونٌ، ومؤجَّرٌ، وجانٍ، وأحمقُ، وحاملٌ (¬2)، ومكاتَبٌ لم يؤدِّ شيئًا لا من أدَّى شيئًا (¬3)، أو اشتُريَ بشرطِ عتقٍ، أو يَعتِقُ بقرابة (¬4). ومريضٌ مأيوسٌ (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ (الجدع: قطع الأنف وقطع الأذن أيضًا وقطع اليد (¬6) والشفة، وبابه قطع)، انتهى المقصود منه. * قوله: (وخصي) المراد: وخصي ولو مجبوبًا (¬7). ¬
ومغصوبٌ منه (¬1)، وزمِنٌ، ومُقْعَدٌ (¬2)، ونحيفٌ عاجز عن عمل، وأخرسُ أصمُّ ولو فُهمتْ إشارته، ومجنونٌ مُطبِق، وغائبٌ لم تَتَبين حياتُه، وموصَى بخدمته أبدًا، أو أمُّ ولدٍ، وجنينٌ (¬3). ومن أعتَق جزءًا ثم ما بقَي (¬4)، أو نصفَ قِنَّين: أجزأ (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لم تتبين حياته) فإن تبينت أجزأ على ما في الإقناع (¬6). * قوله: (ومن أعتق جزءًا ثم ما بقي) ظاهره أنه لا تقع السراية في باقيه إذا كان كله ملكه (¬7)، وظاهر ما في الإقناع (¬8) وشرحه (¬9) يخالفه، فليحرر!. ¬
لا ما سَرَى بعتقِ جزءٍ (¬1)، ومن عُلِّق عتقُه بظهارٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا ما سرى بعتق جزء) (¬2) ظاهره سواء كان الجزء الثاني في ملكه أو ملك الغير، وفي الإقناع (¬3) تفصيل، وهو أنه إن كان ما سرى إليه العتق ملكًا له أيضًا ونوى العتق عن الكفارة أجزأه، وإن كان ملك غيره لم يجزِه ذلك الجزء، ولو نوى (¬4) عتقه عن الكفارة، ويلزمه عتق مقداره من رقيق آخر (¬5). * قوله: (من علَّق عتقه بظهار. . . إلخ) الظاهر (¬6) أن المراد: أنه علَّق عتقه لا بقيد كونه عن ظهار (¬7)، أما لو قال [له] (¬8): إن ظاهرت من زوجتي فأنت حرٌّ عن ظهاري (¬9) ثم ظاهر (¬10) منها، فالظاهر أنه [يجزئه] (¬11)؛ لأنه إنما علَّق عتقه المقيد بكونه عن ظهار، فليراجع!. ¬
ثم ظاهَرَ: عَتَق، ولم يُجزئْه عن كفارته (¬1) كما لو نجَّزه عن ظهاره ثم ظاهَرَ (¬2) أو علَّق ظهارَه بشرطٍ فأعتقه قبله (¬3). ومن أعتَق غيرَ مُجزِئ -ظانًّا إجزاءَه- نَفَذ (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (كما لو نجَّزه عن ظهاره) بأن قال لقنِّه: أنت حُرٌّ الساعة عن ظهاري (¬5). * قوله: (ثم ظاهر) (¬6) فإنه إذا ظاهر عتق لوجود المعلَّق، ولم يجزئه عن ظهاره (¬7). * قوله: (أو علَّق ظهاره بشرط) بأن قال: إن قدم زيد فزوجتي علي كظهر أمي (¬8). * قوله: (نفذ) وبقية الكفارة في ذمته (¬9). ¬
3 - فصل
3 - فصل فإن لم يَجِدْ: صام -حُرًّا، أو قِنًّا- شهرَين (¬1) ويلزمُه تَبْييِتُ النيِة، وتَعيْينها جهةَ الكفارة (¬2)، والتتابُعُ، لا نيتهُ (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل (¬4) * قوله: (فإن لم يجد. . . إلخ) يحتمل أن يكون من قبيل حذف المفعول للعلم به والفاعل مستتر عائد على المظاهر (¬5)، ويحتمل أنه من تنزيل المتعدي منزلة اللازم، ويحتمل أن يكون (يجد) هنا بمعنى: ذي جدة؛ أيْ: ذي غنى من وجد يجد، والمعنى: (فإن لم يكن ذا جدة)، فلا حذف ولا تنزيل -وهو حسن-. * قوله: (حُرًّا) هل هو احتراز حتى عن المبعَّض أو يجزي دفعها إليه كالزكاة؟، وظاهر الإقناع (¬6) أنه يجزي دفعها إلى المبعَّض؛ لأنه قال: (يجزيْ دفعها إلى كل من يجوز دفع الزكاة إليه) (¬7)، وتقدم أنه يجوز دفع الزكاة إلى المبعَّض، فيكون ¬
وينقطعُ بوطءِ مظاهَرٍ منها -ولو ناسيًا- (¬1) أو مع عذرٍ يبيح الفطرَ، أو ليلًا لا غيرِها في الثلاثةِ، وبصوم غير رمضانَ، ويقعُ عما نواهُ، وبفطرٍ بلا عذرٍ (¬2)، لا برمضانَ، أو فطرٍ واجبٍ: كعيدٍ، وحيض، ونفاس، وجنون، ومرض مَخُوف، وحاملٍ ومُرْضِع: خوفًا على أنفسهما، أو لعذر يبيحه: كسفرٍ، ومرضٍ غير مخُوف، وحامل ومرضع لضررِ ولدهما (¬3) (¬4)، ومكرَهٍ، ومخطئ، وناسٍ، لا جاهلٍ (¬5). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: (حُرًّا) احترازًا عن القن الصرف، وفي قول شيخنا في الشرح (¬6): (كالزكاة) إشارة إلى ذلك، فتدبر!. ¬
4 - فصل
4 - فصل فإن لم يَستطع صومًا: لكبرٍ، أو مرضٍ -ولو رُجيَ بُرؤه- يُخاف زيادتُه أو تطاوله، أو لشَبق (¬1): أطعم ستين مسكينًا -مسلمًا (¬2)، حُرًّا، ولو أنثى (¬3) -، ولا يَضُرُّ وطءُ مظاهَرٍ منها أثناءَ إطعامٍ (¬4). ويُجزئُ دفعُها إلى صغير من أهلها -ولو لم جمل الطعامَ- ومكاتَبٍ (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل (¬6) * قوله: (ولا يضر وطء مظاهر منها أثناء إطعام)؛ أيْ: لا يبطل ما مضى (¬7)، وإلا فالحرمة حاصلة (¬8). ¬
ومن يُعطَى -من زكاةٍ- لحاجةٍ (¬1)، ومن ظنَّه مسكينًا فبان غنيًّا (¬2)، وإلى مسكينٍ -في يوم واحدٍ- من كفارتَين (¬3). لا إلى من تلزمه مُؤنته (¬4)، ولا تَرديدُها على مسكين ستين يومًا -إلا ألا يجدَ غيرَه (¬5) -. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإلى مسكين. . . إلخ) فيه أن العامل في المعطوف هو العامل في المعطوف عليه بخلاف البدل فإنه على نية تكراره، وحينئذ فلا تخلو العبارة عن ركاكة؛ لأن التقدير: ويجزئ (¬6) دفع الكفارة إلى مسكين في يوم واحد من كفارتَين، إلا أن يقال: إن العامل محذوف لا مقدر والعطف جُمَليٌّ لا إفرادي، والأصل: ويجزي (¬7) أن يدفع [إلى] (¬8) مسكين. . . إلخ، -وفي شرح ¬
ولو قدَّم إلى ستينَ ستينَ مُدًّا، وقال: "هذا بَيْنَكم"، فقَبِلوه، فإن قال: "بالسويةِ": أجزأ (¬1)، وإلا: فلا -ما لم يَعلم أن كلًّا أخذ قدرَ حقِّه (¬2) -. والواجبُ ما يُجزئ في فِطرةٍ: من بُرٍّ مُدٌّ، ومن غيرِه مُدَّانِ (¬3)، وسُنَّ إخراجُ أُدُمٍ مع مُجزئٍ (¬4)، ولا يجزئ خبز (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شيخنا (¬6) إشارة إليه- فتدبر!. * قوله: (والواجب ما يجزئ. . . إلخ) والذي يجزئ في فطرةٍ هو أحد الأنواع الخمسة التي هي: البر والشعير، والزبيب والتمر والأقط (¬7)، وإن مقدار الواجب من ذلك مختلفٌ فيهما؛ لأن الواجب في الفطرة أربعة أمداد من ¬
ولا غيرُ ما يجزئ في فِطرةٍ ولو كان قوتَ بلده (¬1)، ولا أن يغدِّيَ (¬2) المساكينَ أو يُعشِّيَهم (¬3) -بخلاف نذرِ إطعامِهم (¬4) - ولا القيمةُ، ولا عتقٌ وصومٌ وإطعامٌ إلا بنيةٍ (¬5)، ولا تكفي نيةُ التقرُّبِ فقط (¬6). فإن كانت واحدةً: لم يلزمْه تعيينُ سببِها (¬7). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أيِّ واحد منها (¬8)، وأما هنا فالواجب مد من البر أو نصف صاع من غيره، وربما أوهم كلامه غير ذلك. * قوله: (ولا القيمة) ظاهره ولو عدمت الأصناف الخمسة ويرجع حينئذ إلى غالب قوت البلد -كما أشار إليه شيخنا في شرحه (¬9) -. ¬
ويلزمُ -مع نسيانِه- كفارةٌ واحدة (¬1)، فإن عيَّن غيرَه غلطًا -وسببُها من جنسٍ يتداخل- أجزأهُ لجميع (¬2). وإن كانت أسبابُها من جنسٍ، لا يتداخل. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويلزم مع نسيانه)؛ أيْ: نسيان السبب (¬3). * وقوله: (كفارة واحدة) لم يبين هنا هل يكفي أدناها أو يعتبر أعلاها؛ لكنه قدم في آخر باب الشك في الطلاق ما نصه: (وإن شك هل ظاهر أو حلف باللَّه -تعالى- لزمه بحنث أدنى كفارتَيهما (¬4)، انتهى). قال في شرحه (¬5): (لأنه اليقين وما عداه مشكوك فيه، والأحوط أعلاها) (¬6)، انتهى. * [قوله] (¬7): (وسببها من جنس يتداخل) كما لو ظاهر من نسائه (¬8) بكلمة واحدة. * قوله: (وكانت أسبابها من جنس لا يتداخل) كما لو ظاهر من ¬
أو [من] (¬1) أجناس -كظهار وقتلٍ وصوم ويمين- فنَوى إحداها (¬2): أجزأ عن واحدةٍ ولا يجب تعيين سببها (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ نسائه (¬4) بكلمات (¬5). * قوله: (وصوم)؛ أيْ: وطء [في صوم؛ أيْ] (¬6) في نهار رمضان (¬7). * * * ¬
25 - كتاب اللعان
25 - كِتَابُ اللِّعَان
(25) كِتَابُ اللِّعَان وهو: شهاداتٌ مؤكداتٌ بأيْمانٍ من الجانبَين، مقرونةٌ بلعنٍ وغضبٍ، قائمةٌ مَقامَ حدِّ قذفٍ أو تعزير في جانبه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب اللعان (¬1) * قوله: (مقرونة بلعن)؛ أيْ: [من] (¬2) جانبه (¬3). * قوله: (وغضب)؛ أيْ: من جانبها (¬4). * قوله: (قائمة مقام حدِّ قذف)؛ أيْ: إن كانت محصنة (¬5). * قوله: (أو تعزير)؛ أيْ: إن كانت غير محصنة (¬6). ¬
وحبسٍ في جانبها (¬1). من قذف زوجتَه بزنًا -ولو بطُهرٍ وَطئَ فيه في قُبُلٍ أو دبرٍ- فكذبتْه: لزم ما يلزم بقذف أجنبيةٍ (¬2)، ويسقُط بتصديقها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وحبس في جانبها) [عبارة الإقناع (¬3) والتنقيح (¬4) والمبدع (¬5): وحدِّ زنى في جانبها] (¬6) [بدل قول المصنف: (وحبس في جانبها)] (¬7)، ولا تخالف (¬8) في نفس الأمر بين العبارتَين؛ لأن الحبس لابد منه إذا نكلت ويستمر إلى أن تقرَّ أربعًا أو تلاعن، فماذا أقرت أو لاعنت درأت الحد والحبس بذلك وانقطع، فإذا نكلت عنهما حُدَّت حدَّ الزنى (¬9)، فمن عبر بالحبس نظر إلى المبدأ، ومن عبر بالحدِّ نظر إلى الغاية (¬10). * قوله: (لزمه ما يلزم بقذف أجنبية) من الحدِّ أو التعزير. ¬
وله إسقاطُه بلِعانه -ولو وحده- حتى جَلدةً لم يبقَ غيرُها (¬1)، وله إقامةُ البيِّنةِ بعد لِعانِه ويثبُت موجَبُها (¬2). وصفتُه: أن يقولَ زوجٌ أربعًا: "أشهَدُ باللَّه: إني لمن الصادقينَ فيما رَميْتُها به من الزنى" ويُشير إليها، ولا حاجةَ لأن تسمَّى أو تُنسبَ إلا مع غَيبتها، ثم يزيدُ في خامسة: "وإن لعنةَ اللَّهِ عليه إن كان من الكاذبين" (¬3)، ثم زوجةٌ أربعًا: "أشهَدُ باللَّه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله] (¬4): (ولو وحده)؛ أيْ: ولو لاعن وحده ولم تلاعن هي (¬5). * قوله: (ويثبت موجبها)؛ [أيْ] (¬6): من حدِّ الزنى (¬7). * قوله: (أشهد باللَّه)؛ أيْ: مقسمًا أو حالفًا، فوافق قوله: (مؤكدات بأيمان)، فتدبر!. ¬
إنه لمن الكاذبينَ فيما رماني به من الزنى" (¬1)، ثم تزيدُ في خامسة: "إنَّ غضَبَ اللَّهِ عليها إن كان من الصادقينَ" (¬2). فإن نقَص لفظ من ذلك -ولو أتَيَا بالأكثرِ- وحَكم حاكمٌ أو بَدأتْ به (¬3)، أو قدَّمتِ "الغضبَ"، أو أبدَلتْه بـ "اللعنة" (¬4) أو "السَّخَطِ" (¬5)، أو قدَّم "اللعنةَ" (¬6)، أو أبدَلها بـ "الغضبِ"، أو "الإبعاد"، أو أبدَل "أشهَدُ" بـ "أقْسِمُ". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فإن نقص. . . إلخ) شرط. * قوله: (ولو. . . إلخ) غاية. * قوله: (وحكم (¬7) حاكم) عطف على مدخول (لو) فهو غاية أيضًا. ¬
أو "أحلفُ" (¬1)، أو أتَى به قبل إلقائه عليه، أو بلا حضورِ حاكم أو نائبِه، أو بغيرِ العربيةِ من يُحسنُها (¬2) -ولا يلزمُه تعلُّمُها. إن عجز عنه بها (¬3) - أو علَّقه بشرطٍ، أو عُدمتْ موالاةُ الكلماتِ: لم يصحَّ (¬4). ويصحُّ من أخرسَ (¬5)، وممن اعتُقِل لسانُه وأُيِسَ من نطقه -إقرار بزنًا، ولعانٌ بكتابةٍ (¬6) وإشارةٍ مفهومة (¬7)، فلو نطَق وأنكَر، أو قال: "لم أرد قذفًا ولعانًا"-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا يلزمه تعلمها. . . إلخ) اعتراضية. * قوله: (لم يصح) جواب الشرط. ¬
قُبل في لعان: في حدٍّ ونسب -لا فيما له من عَوْدِ زوجيَّةٍ-[وله أن يُلاعِن لهما] (¬1) (¬2)، وينتظر مرجُوٌّ نطقُه ثلاثةَ أيام (¬3). وسُن تلاعُنُهما قيامًا بحضرة جماعةٍ (¬4)، وألا ينقُصوا عن أربعة (¬5)، بوقتٍ ومكانٍ معظَّمَين (¬6). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (قبل فيما عليه. . . إلخ) (¬7) كان مقتضى التعبير: أُوخِذَ بما عليه من حدٍّ ونسب، ولم يقبل فيما له من عَود زوجيَّة، [ولكنه قصد الاختصار، وكأنه حينئذ استعمل الفعل في حقيقته] (¬8) ومجازه وهو جائز عندنا، فتدبر!. * قوله: (لا فيما له [من] (¬9) عَود زوجية) ويحتاج إلى الفرق حينئذ بين النسب والزوجية مع أنهم يقولون في مواضع أن الزوجية لا ترفع إلا بأمر محقق. * قوله: (وله أن يلاعن لهما)؛ أيْ: لنفي الحدِّ والولد (¬10). ¬
1 - فصل
وأن يأمرَ حاكمٌ من يَضَعُ يدَه على فم زوج وزوجةٍ -عند الخامسة- ويقولُ: "اتقِ اللَّهَ فإنها الموجِبةُ، وعذابُ الدنيا أهونُ من عذاب الآخرة" (¬1)، ويَبعثُ حاكم إلى "خَفِرَةٍ" (¬2)، من يُلاعِنُ بينهما (¬3)، ومن قذَف زوجتَين فأكثرَ -ولو بكلمةٍ- أفَرد كلَّ واحدةٍ بِلعانٍ (¬4). * * * 1 - فصل وشروطه ثلاثة: ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل (¬5) ¬
1 - كونه بين زوجَين مكلفَين ولو قنَّين أو فاسقَين أو ذميَّين أو أحدهما (¬1)، فَيُحدُّ بقذف أجنبيةٍ بزنى ولو نكحها بعدُ أو قال لها: "زنيتِ قبل أن أنكحكِ" (¬2) كمن أنكر قذف زوجته مع بينةٍ أو كذب نفسه (¬3)، ومن ملك زوجتَه، فأتت بولد -لا يمكن من ملكِ اليمينِ- فله نفيُه بلِعانٍ (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (كونه بين زوجَين) (ولو قبل الدخول) على ما في الإقناع (¬5)، ويلزمه نصف الصداق للفرقة التي تترتب (¬6) على اللعان؛ لأن الفرقة جاءت من قبله (¬7). * قوله: (لا يمكن كونه من ملك اليمين) (¬8) بأن أتت [به] (¬9) لدون ستة أشهر ¬
ويعزَّر بقذف زوجة صغيرة أو مجنونةٍ، ولا لِعانَ (¬1)، ويُلاعِن من قذَفها ثم أبانَها، أو قال: "أنتِ طالق -يا زانيةُ- ثلاثًا" (¬2). وإن قذَفَها في نكاح فاسدٍ، أو مُبانةً بزنًا في النكاح أو العدَّةِ، أو قال: "أنتِ طالق -ثلاثًا- يا زانيةُ": لاعَنَ لنفي ولدٍ، وإلا: حُدَّ (¬3). 2 - الثاني: سبقُ قذفِها بزنًا ولو في دُبرٍ، كـ: "زنيت أو يا زانيةُ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ من حين ملك اليمين وعاش (¬4). * [قوله] (¬5): (صغيرة)؛ أيْ: لا يجامع مثلها، وأما إن كانت ممن يجامع مثلها (¬6) كبنت تسع فإنه يحدُّ -على ما في الإقناع (¬7) -، وهو الموافق لما يأتي في باب حد القذف، فراجعه (¬8). ¬
أو رأيتكِ تزنينَ" (¬1). وإن قال: "ليس ولدُكِ مني"، أو قال معه: "ولم تزنِي، أو لا أقذِفُكِ، أو وُطئتِ بشبهةٍ أو مكرَهةً، أو نائمةً، أو مع إِغماءٍ أو جنونٍ": لحقه، ولا لِعانَ (¬2)، ومن أقَرَّ بأحد توأمَين: لحقه الآخرُ (¬3)، ويلاعِنُ لنفي الحدِّ (¬4). 3 - الثالثُ: أن تكذبَه ويستمرَّ إلى انقضاءِ اللِّعان (¬5). فإن صدَّقتْه -ولو مرةً- (¬6). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولم تَزنِي) بإثبات الياء؛ لأن الجازم إنما تسلط على النون إذ أصله تزنين من الأفعال الخمسة التي تجزم بحذف، [النون] (¬7)، وفي بعض النسخ بحذف الياء -وهو خلاف الصواب-. ¬
أو عفَتْ (¬1)، أو سكتتْ (¬2)، أو ثبت زناها بأربعةٍ سواهُ، أو قذَف مجنونةً بزنًا قبْلَه، أو محصَنةً فجُنَّتْ، أو خرساءَ، أو ناطقةً فخرستْ ولم تُفهَم إشارتُها (¬3)، أو صمَّاءَ: لحقه النسبُ، ولا لِعانَ (¬4). وإن مات أحدهما قبل تَتمتِه: توارَثَا وثبت النسبُ، ولا لعانَ، وإن مات الولد: فله لعانُها ونفيُه (¬5)، وإن لاعَنَ، ونكَلت: حُبستْ حتى تُقِرَّ أربعة، أو تُلاعِنَ (¬6). ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
2 - فصل
2 - فصل ويثبُت بتمامِ تلاعُنهِما أربعةُ أحكام: 1 - سقوطُ الحدِّ أو التعزيرِ حتى لمعيَّنٍ قذفَها به (¬1)، ولو أغفَله فيه. 2 - الثاني: الفُرقةُ ولو بلا فعلِ حاكم (¬2). 3 - الثالثُ: التحريمُ المؤبَّدُ ولو أكذَبَ نفسَه (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل (¬4) * قوله: (ولو أغفله (¬5) فيه)؛ أيْ: في اللعان (¬6). * قوله: (الثالث التحريم المؤبد) فيه أن الفرقة من لوازم التحريم المؤبد، فلا يظهر عدهما حكمين مستقلين، وكان يغنيه (¬7) عنهما أن يقول: الفرقة المؤبدة، ¬
أو كانت أمةً فاشتراها بعدَه (¬1). 4 - الرابعُ: انتفاءُ (¬2) الولد (¬3)، ويُعتبرُ لعه ذكرُه صريحًا: كـ: "أشهَدُ باللَّه: لقد رنتْ، وما هذا بولدي" (¬4)، وتَعكِس هي -أو تضمُّنًا- كقول مدَّعٍ زناها في طُهر لم يُصبها فيه، وأنه اعتزلها حتى ولَدَتْ: "أشهَدُ باللَّه: إني لصادقٌ فيما ادَّعيت عليها -أو رمَيتُها به- من زنًا" ونحوِه (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ ومما يؤيد ذلك أنهم استدلوا على التحريم المؤبد بقول عمر -رضي اللَّه عنه-: "المتلاعنان يفرق بينهما ولا يجتمعان أبدًا"، فراجع الشرح (¬6)!. ¬
ولو نفَى عددًا: كفاه لِعانٌ واحد (¬1)، وإن نفَى حملًا (¬2)، أو استَلْحَقَه، أو لاعَنَ عليه مع ذكرِه: لم يصح (¬3)، ويلاعنُ لدَرْءِ حدٍّ، وثانيًا -بعد وضعٍ- لنفيِه (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لم يصح)؛ ([أيْ] (¬5): نفيه (¬6)؛ لأن الحمل لا يثبت له حكم وإنما يثبت (¬7) له الأحكام في الإرث والوصية على خلاف القياس للنص؛ لكن ذكر في المحرر وشرحه [أنه] (¬8) لو ذكر ما يلزم منه نفي الولد بأن ادعى أنها زنت في طهر لم يصبها فيه، وأنه اعتزلها حتى ظهر حملها، ثم لاعنها لذلك، فإنه ينتفي الحمل إذا ¬
ولو نفَى حَمْلَ أجنبيةٍ: لم يُحَدَّ، كتعليقه قذفًا بشرطٍ، إلا: "أنتِ زانيةٌ إن شاء اللَّه"، لا: "زنيتِ إن شاء اللَّه" (¬1). وشُرط لنفي ولدٍ بلعان: ألا يتقدَّمَه إقرارٌ به، أو بتوأمِه أو بما يدُلُّ عليه (¬2)، كما لو نفاه وسَكت عنه توأمه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وضعته (¬3) لمدة الإمكان من حين ادعى ذلك؛ لأنه ادعى ما يلزم منه نفيه فانتفى عنه، كما لو لاعن عليه بعد ولادته، ولم يذكرا فيه خلافًا)، شرح شيخنا (¬4). * قوله: (لا زنيت -إن شاء اللَّه-)؛ (يعني: فلا يكون قذفًا، بخلاف: أنت زانية -إن شاء اللَّه-، وأكثر ما قيل في الفرق بينهما (¬5) أن الجملة الاسمية تدل على ثبوت الوصف فلا تقبل التعليق والجملة الفعلية تقبله (¬6)؛ كقولهم للمريض: طبت -إن شاء اللَّه-، ويكون مرادهم بذلك التبرك والتفاؤل بالعافية)، حاشية (¬7). * قوله: (ألا يتقدمه إقرار)؛ لأنه متى أقرَّ بتوأمه كان إقرارًا به، وهو مشكل على المذهب من أن الولد يمكن أن يتولد من ماءَين؛ لأنه إذا أمكن ذلك فإمكان تخلق كل من التوأمَين من ماء أولى (¬8)، فكان مقتضى ذلك أنه لو أقرَّ بأحد التوأمَين ¬
أو هُنِّئَ به فسكت أو أمَّن على الدعاء، أو أخَّر نفيَه -مع إمكانه- رجاءَ موته (¬1). وإن قال: "لم أعلم به، أو أن لي نفيَه، أو أنه على الفَوْر"، -وأمكن صدقُه- قُبِل (¬2). وإن أخَّره لعذر -كحبسٍ، ومرضٍ، وغَيْبةٍ، وحفظِ مال أو ذهابِ ليل، ونحوِ ذلك-: لم يسقُط نفيُه (¬3)، ومتى أكذَب نفسَه بعد نفيِه: حُدَّ لمحصنَةٍ، وعُزّر لغيرها (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لوجود شبهه به، ونفى الآخر لوجود شبهه (¬5) بأجنبي أنه لا يلحقه المنفي؛ لإمكان ذلك -كما عرفت-، وإن كان يضعفه ما يأتي من أنه لا أثر لشبه (¬6) مع فراش (¬7)، فتدبر!. ¬
3 - فصل فيما يلحق من النسب
وانجَرَّ النسَبُ من جهةِ الأم إلى جهة الأب -كوَلاءٍ- وتورَاثا (¬1)، ولا يَلحقُه باستلحاقِ ورثتِه بعدَه (¬2). والتوأمانِ المنفيَّانِ: أخَوانِ لأمٍّ (¬3)، ومَن نفَى مَن لا ينتفِي، وقال: "إنه من زنًا": حُدَّ -إن لم يلاعن (¬4) -. * * * 3 - فصلٌ فيما يَلحَقُ من النَّسب من أتت زوجتُه بولد، بعدَ نصف سنةٍ منذُ أمكن اجتماعُه بها (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومن نفى من لا ينتفي) (كمن أقرّ به (¬6) أو هُنِّئَ به فَأَمَّنَ أو سكت ونحوه)، شرح (¬7). فصل فيما يلحق به من النسب ¬
ولو مع غَيبةٍ فوقَ أربع سِنينَ -ولا ينقطِع الإمكانُ بحيض- أو لدونِ أربعِ سنينَ منذُ أبانَهَا (¬1)، ولو ابنَ عشرٍ فيهما: لحقه نسبُه (¬2)، ومعَ هذا لا يُحكمُ ببلوغه، ولا يُكمَّلُ به مهر. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا ينقطع الإمْكانُ بحيض) يشكل على هذا ما نقلوه عن الإمام في أول باب الحيض من أن الحامل لا تحيض (¬3)، وأن المرضع قَلَّ أن تحيض إلا أن يحمل كلام المصنف بدليل ما في الترغيب (¬4) على أن المعنى: لا ينقطع الإمكان بخروج دم يشبه الحيض؛ لاحتمال أن يكون دم فساد، ولولا هذا لما كان للاستبراء ولا للاعتداد بالأقراء فائدة، وعبارة الترغيب: (لاحتماله (¬5) دم فساد)، انتهى (¬6)، فتدبر!، وهو الظاهر أيضًا من عبارة الإقناع (¬7)، بل كلامه صريح فيه فإنه قال: (ولزم ألا يكون الدم حيضًا)، انتهى، فتدبر!. * قوله: (ولا يُكَمَّل به مهر) ما لم يثبت دخول أو خلوة (¬8). ¬
ولا تثبُتُ عدَّة ولا رجعةٌ (¬1). وإن لم يُمكن كونُه منه: كأنْ أتت به لدونِ نصف سنةٍ مندُ تزوَّجها وعاش، أو لأكثرَ من أربع سنينَ منذُ أبانهَا، أو أقرَّتْ (¬2) بانقضاء عدَّتِها بالقُروء، ثمَ ولدتْ لفوقِ نصف سنةٍ منها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا يثبت به عدة ولا رجعة) (¬3)؛ لأن السبب (¬4) الموجب لهما من الدخول أو الخلوة غير ثابت فلا يثبتان بدون [ثبوت] (¬5) سببهما (¬6). * قوله: (منذ تزوجها وعاش)؛ أيْ: مدة يمكن إلحاقه (¬7) بالأحياء فيها، ولو بقدر الاستهلال، وإن كانت عبارته [توهم] (¬8) خلاف ذلك. * قوله: (منها)؛ أيْ: من انقضاء العدة؛ يعني: لم يلحقه (¬9)، وانظر هذا مع قوله أول الفصل: (ولا ينقطع الإمكان بحيض) ما لم يحمل على التأويل السابق، ويشير إلى إرادة التأويل قول شيخنا في الحاشية (¬10): (فإن ولدت قبل مضي ستة أشهر ¬
أو فارقها حاملًا فوَضعتْ، ثم آخرَ بعد نصفِ سنةٍ، أو عُلم أنه لم يَجتمِع بها: بأن تزوَّجها بمحضرِ حكم أو غيره ثم أبانهَا (¬1) أو مات بالمجلس (¬2)، أو كان بينهما وقتَ عقدٍ مسافةٌ لا يقطعُها في المدة التي وَلدتْ فيها (¬3)، أو كان الزوجُ لم يَكمُل له عشرٌ (¬4)، أو قُطع ذَكرُه مع أُنَثَيْيه: لم يَلحَقْه (¬5). ويَلحق عِنِّينًا (¬6)، ومن قُطع ذَكرُه فقط (¬7). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ من آخر أقرائها لحقه ولزم ألا يكون الدم حيضًا)، انتهى، وما ذكره في الحاشية هو عبارة الإقناع (¬8) بحروفها، فراجعه!. * قوله: (ومن قطع) عطف على (عِنِّينًا). ¬
وكذا: من قُطع أُنثَياهُ فقط، عندَ الأكثر، وقيل: لا (¬1). المنقَحُ: "وهو الصحيح (¬2) ". وإن وَلدتْ رجعيةٌ بعدَ أربع سنينَ منذ طلَّقها وقبلَ انقضاءِ عدَّتها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وقيل لا. . . إلخ)؛ (لأنه لا يخلق من مائه ولد عادة، ولا وجد ذلك، أشبه ما لو قطع ذكره مع أنثيَيه)، انتهى، شرح شيخنا (¬3). * قوله: (وإن ولدت رجعية. . . إلخ)؛ يعني: أنه إذا طلَّق زوجته طلاقًا رجعيًّا وأتت (¬4) بولد بعد أربع سنين منذ طلقها، وقبل مضي أربع سنين منذ انقضاء عدتها، وكان ذلك مع إمكان اجتماعه بها -كما تقدم-، لحق به ذلك الولد؛ لأن الرجعية في حكم الزوجات في (¬5) السكنى والنفقة والحل ووقوع الطلاق، فأشبهت غير (¬6) المطلقة -المتقدم حكمها في أول الفصل- في قوله: (ومن أتت زوجته) إلى قوله (ولو مع غيبه فوق أربع سنين) (¬7). ¬
أو لأقلَّ من أربع سنينَ منذُ انقضتْ: لحق نسبُه (¬1). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الشارح (¬2): (بخلاف البائن)، انتهى. يعني فإنه [قد] (¬3) انقطع إمكان الاجتماع المباح بالبينونة، ومن حل الشارح حيث أدرج ما أدرج في قوله: وقبل (¬4) مضي أربع سنين منذ انقضاء عدتها تعلم (¬5) أن صحة المعنى (¬6) لا تتوقف على إسقاط قوله: (وقبل انقضاء عدتها)؛ لأن المراد أنها طرقها دم ثلاث مرات فتوهمته حيضًا، وإن وقع الضرب عليها بالقلم في كثير من نسخ التنقيح (¬7) غفلة عن ذلك المقدر؛ لكنه لا قرينة عليه، فحذف ما يحوج إليه أولى، وقد أسقطها الشويكي (¬8) في توضيحه (¬9). * قوله: (أو لأقل من أربع سنين. . . إلخ)؛ يعني: أو ولدت ¬
ومن أُخبرتْ بموتِ زوجها فاعتدَّتْ، ثم تزوَّجتْ: لَحِقَ بثانٍ ما وَلدتْ لنصفِ سنةٍ فأكثرَ (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ الرجعية ولدًا لأقل من أربع سنين منذ انقضت عدتها (¬2)؛ أيْ: ظاهرًا (¬3)؛ يعني: سواء كان لأقل من أربع سنين [منذ طلقها أيضًا أو لأكثر من أربع سنين] (¬4)، فغايرت ما سبق في قول المصنف: (وقبل انقضاء عدتها) مع ملاحظة تقدير الشارح بالعموم والخصوص، فليس مكررًا [معه] (¬5) -كما توهمه من ضرب على الأول في كثير من نسخ التنقيح-، وحكم هذه المسألة أيضًا أنه يلحق الولد بالمطلق (¬6) ولو كان انقضاء عدتها بالأقراء؛ لما سبق (¬7) من أنه يحمل على كونه دم فساد، وأن الرجعية في حكم الزوجات، فإمكان الاجتماع المباح [غير] (¬8) مُنتفٍ، فيحتمل أن يكون قد وطئها قبل انقضاء عدتها بخلاف البائن، فتدبر!. * قوله: (أخبرَت) ليس بقيد بل (¬9) مثله ما لو مات عندها، أو ¬
4 - فصل
4 - فصل ومن ثبت أو أقَرَّ أنه وطئَ أمتَه في الفرج أو دونَه، فوَلدتْ لنصف سنةٍ لَحِقَه (¬1)، ولو قال: "عزَلتُ، أو لم أُنزِل" (¬2) لا إن ادَّعى استبراءً، ويحلِفُ عليه (¬3)، ثم تَلِدُ لنصف سنة بعده. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فسخت عليه غائبًا ثم اعتدت وتزوجت (¬4)، وكذا حكم المفقود، فتدبر!. فصل (¬5) * قوله: (لا إن ادعى استبراء) بأن قال: استبرأتها (¬6) بعد أن وطئتها (¬7) بحيضة، وانظر هذا مع قوله فيما سبق: (ولا ينقطع الإمكان بحيض)، وتقدم تأويله، فارجع إليه!. * قوله: (ويحلف) الواو اعتراضية. ¬
وإن أقَرَّ بالوطء مرةً، ثم وَلدتْ -ولو بعدَ أربعِ سنينَ من وطئه-: لَحِقَه (¬1). ومن استَلحَق ولدًا: لم يَلْحَقه ما بعده بدون إقرارٍ آخر (¬2)، ومن أعتَق أو باع من أقَرَّ بوطئها، فوَلدتْ لدونِ نصف سنةٍ: لَحِقَه، والبيعُ باطل (¬3) ولو استَبْرَأها قبله، وكذا: إن لم يستبرِئها وولدتْه لأكثرَ، وادَّعى مشترٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومن استلحق ولدًا)؛ أيْ: من أمته (¬4). * قوله: (بدون إقرار آخر) ولا يصح أن يقال: يحتمل أن يكون توأمًا؛ لأنه متى كان بينهما ستة أشهر فأكثر تبينَّا أنه ليس بتوأم. * قوله: (والبيع باطل)؛ لتبين أنها أم ولد (¬5). * قوله: (ولو استبرأها قبله)؛ لأن الحامل لا تحيض -كما سبق (¬6) -. ¬
أنه من بائع (¬1)، وإن ادعاهُ مشترٍ لنفسه (¬2)، أو كلٌّ منهما أنَّه للآخر -والمشتري مقرٌّ بوطئها-: أُرِيَ القافةَ (¬3). وإن استُبرِئَتْ ثم وَلدتْ لفوقِ نصفِ سنةٍ، أو لم يُستبرَأ ولم يُقرَّ مشترٍ له به. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو كُلٌّ منهما) العامل فيه محذوف معطوف على (ادعى)، والقرينة موجودة، والتقدير: أو ادعى (¬4) كل منهما. . . إلخ، وليس عطفًا على (مشترٍ)؛ لأنه لا يظهر عليه؛ [لقوله: (أنه للآخر) موقع من الإعراب، إلا أنه بدل من الهاء في (ادعاه)، ويلزم عليه] (¬5) الفصل بين البدل والمبدل منه بالفاعل، وهو أجنبي من المفعول. * قوله: (ولم يقرَّ مشترٍ له)؛ أيْ: للبائع (¬6). ¬
لم يَلْحَق بائعًا (¬1)، وإن ادعاه، وصدَّقه مشترٍ في هذه، أو فيما إذا باع ولم يُقِرَّ بوطءٍ وأتت به لدونِ نصفِ سنةٍ: لَحِقَه، وبطُل البيع (¬2)، وإن لم يصدِّقه مشترٍ: فالولد عبد [له] (¬3) فيهما (¬4). وإن وَلدتْ من مجنون -مَن لا مِلْكَ له عليها ولا شبهةَ ملكٍ- لم يَلْحَقه (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لم يلحق بائعًا) مبني على أن الحامل لا تحيض. * قوله: (فالولد عبد له فيهما)؛ (أيْ: عبد للمشتري في صورة ما إذا لم تستبرأ، وأتت به لفوق ستة أشهر، [وصورةِ ما إذا باع ولم يقر بوطء وأتت به لدون ستة أشهر]) (¬6)، حاشية (¬7). * قوله: (من لا ملك له. . . إلخ)؛ أيْ: امرأة أعم من أن يكون أمة أو حرة، وحينئذ فقوله: (لا ملك له عليها) لا على رقبتها ولا على منفعة بضعها -أشار إليه الشيخ في شرحه (¬8) -. * قوله: (لم يلحقه)؛ لأن وطأه لم يستند إلى ملك. . . . . . ¬
ومن قال عن ولدٍ بيدِ سُرِّيَّتِه أو زوجتِه أو مطلَّقتِه: "ما هذا ولدي، ولا ولدتِه"، فإن شهدتْ مرضيَّةٌ بولادتها له: لحِقَه (¬1)، وإلا (¬2): فلا. ولا أثَرَ لشَبَهٍ مع فِراشٍ، وتَبَعيَّةُ نسبٍ لأبٍ، ما لم يَنْتفِ: كابنِ ملاعَنةٍ (¬3)، وتبعيَّةُ ملكٍ أو حريَّةٍ: لأمٍّ، إلا مع شرطٍ أو غُرورٍ (¬4)، وتبعيَّةُ دِينٍ لَخيْرِهما (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا إلى اعتقاد (¬6). * قوله: (ما لم ينتف) أو يَكُنْ (¬7) من زنى (¬8). * [قوله] (¬9): (إلا مع شرط أو غرور) أو جهل تحريم الوطء أو جهل الحكم -كما ¬
وتبعيَّةُ نجاسةٍ وحرمةِ أكل، لأخبثهما (¬1) (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ صرح به المصنف في باب الغصب في فصل: (ويجب (¬3) بوطء غاصب. . . إلخ) (¬4). * * * ¬
26 - كتاب العدد
26 - كِتَابُ العِدَدِ
(26) كِتَابُ العِدَدِ واحدُها: (عِدَّةٌ)، وهي: التربُّصُ المحدودُ شرعًا (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب العِدَدِ (¬2) * قوله: (وهي التربص)؛ أيْ: مدة التربص وهذا هو الموافق لما في المطلع، وعبارته: (العدد جمع عدة بكسر العين فيهما، وهي ما تعده المرأة من أيام أقرائها، أو أيام حملها، أو أربعة أشهر وعشر ليال. قال ابن فارس والجوهري: عدة المرأة أيام أقرائها والمرأة معتدة)، انتهى (¬3). ¬
ولا عدةَ في فُرقةِ حيٍّ قبل وطءٍ أو خَلْوةٍ، ولا لقُبلةٍ أو لمسٍ (¬1) وشُرط لَوَطءٍ؛ كونُها يوطَأ مثلُها، وكونُه يَلْحَق به ولد، ولخلوةٍ؛ طَوَاعِيتها، وعلمُه بها، ولو مع مانع: كإحرام وصوم، وجَبٍّ وعُنَّةٍ، ورَتْقٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وشُرِط لوطءٍ. . . إلخ) هذان الشرطان معتبران أيضًا في الخلوة مع الطواعية كما نبه عليه شيخنا في شرحه (¬2)، فتنبه له!. * قوله: (وكونه يلحق به ولد) يخرج من قُطع خصيتاه وَجُبَّ ذكره، فإنه يقتضي أنه لا عدة عليه؛ إذ هو لا يلحق به الولد مع أن عليها العدة حينئذ، ولو قال: ويطأ مثله، لكان أظهر -هذا حاصل الحاشية (¬3) -. ¬
وتلزم لوفاة مطلقًا (¬1)، ولا فرق في عدة بين نكاح فاسدٍ وصحيحٍ (¬2)، ولا عدةَ في باطل إلا بوطءٍ (¬3). والمعتَدَّاتُ ستٌّ: 1 - الحاملُ: وعدَّتُها: من موت وغيره إلى وضع كلِّ الولد (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مطلقًا)؛ (أيْ: سواء كان الزوج صغيرًا أو كبيرًا يمكنه الوطء أو لا دخل بها أو لا، كبيرة كانت أو صغيرة)، حاشية (¬5). أقول: قد [أخذ] (¬6) تفسير الطلاق بهذا (¬7) من قوله الآتي في المتوفى عنها زوجها: (ولو لم يولد لمثله أو يوطأ مثلها (¬8) أو قبل خلوة)، ولهذا قيل: إنه كالمكرر معه، فتدبر! (¬9). * قوله: (إلى وضع كل الولد) ظاهره ولو كان قد مات في بطنها، وهل ¬
أو الأخيرِ من عَددٍ (¬1)، ولا تنقضي إلا بما تصير به أمةٌ أمَّ ولد، فإن لم يَلْحَقْه: لصغرِه (¬2)، أو لكونه خَصيًّا مجْبوبًا، أو لولادتِها لدونِ نصف سنةٍ منذُ نكَحها ونحوِه، ويعيشُ: لم تنقض به (¬3). وأقل مدة حمل: ستة أشهر، وغالبها: تسعة، وأكثرها أربع سنين (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يجب لها نفقة ما دام الميت في بطنها؟ إن قلنا إن النفقة للحمل فلا -كما صرح به الشيخ في شرحه (¬5) -، وإن قلنا إنها لها بسببه، فإن كانت لأجل احتباس نفسها فالظاهر نعم، وإن كانت لأجل ما يحصل للولد (¬6) بسبب غذائها فلا فيما يظهر، فلتنظر (¬7) المسألة في كلامهم!. * قوله: (وأقل مدة حمل. . . إلخ) (قيل كانت مدة حمل مريم بعيسى ستة ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أشهر، وعن عطاء (¬1) وأبي العالية (¬2) والضحَّاك (¬3): سبعة أشهر، وقيل: ثمانية [أشهر] (¬4)، ولم يعش مولود وضع لثمانية إلا عيسى، وقيل: ثلاث ساعات، وقيل: حملته في ساعة، وصوِّر في ساعة، ووضعته في ساعة حين زالت الشمس من وضعها (¬5)، وعن ابن عباس كانت مدة الحمل ساعة واحدة، كما حملته نبذته. وقيل: حملته وهي بنت ثلاث عشرة (¬6) سنة، وقيل: بنت عشر، وقد كانت حاضت ¬
وأقلُّ مدةِ تَبَيُّنِ ولدٍ: أحدٌ وثمانون يومًا (¬1) ـــــــــــــــــــــــــــــ حيضتَين قبل أن تحمل، وقالوا: ما من مولود إلا يستهل غيره)، قاله الزمخشري (¬2) في تفسير (¬3) سورة مريم (¬4). * قوله: (وأقل مُدةِ تبيُّن ولدٍ أحد وثمانون يومًا) ظاهر كلام ابن حجر الهيتمي ¬
2 - الثانيةُ: المتوفَّى عنها زوجُها بلا حملٍ منه (¬1). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الشافعي (¬2) في شرح الأربعين النووية: أن ذلك مبنى على رواية ضعيفة وعبارته: (وفي رواية في سندها (¬3) السدي (¬4) وهو مختلف في توثيقه عن ابن مسعود وجماعة من الصحابة، أن التصوير لا يكون قبل ثمانين يومًا، [وبه أخذ طوائف من الفقهاء، وقالوا أقل ما يتبين فيه خلق الولد أحد وثمانون يومًا] (¬5)؛ لأنه لا يكون مضغة إلا في الأربعين الثانية، ولا يتخلق (¬6) قبل أن يكون مضغة)، انتهى (¬7). ¬
وإن كان من غيره: اعتدَّتْ للوفاة بعد وضعٍ (¬1) -ولو لم يولَدْ لمثله أو يوطأ مثلُها، أو قبلَ خلوةٍ-. وعدَّةُ حرة: أربعةُ أشهر وعشرُ ليال بعشرة أيام، وأمةٍ: نصفُها (¬2)، ومنصَّفةٍ: ثلاثةُ أشهر وثمانيةُ أيام (¬3)، وإن مات في عدةٍ مرتدٌّ، أو زوجُ كافرةٍ أسلمت (¬4)، أو زوجُ رجعيةٍ: سقطتْ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإن كان من غيره) بأن كانت قد وطئت بشبهة أو زنى وهي في حباله (¬5). * قوله: (ولو لم يولد لمثله. . . إلخ) هذا كالتكرار مع قوله -فيما تقدم-: (وتلزم لوفاة مطلقًا)، فتأمل!، وقد يقال: إنه تضمن (¬6) تفسير الإطلاق السابق، فلا تكرار، فتدبر!. * قوله: (وثمانية أيام) بجبر نصف يوم (¬7). * قوله: (وإن مات)؛ أيْ: أو قتل بعد دخول فيهما (¬8). ¬
وابتدأت عدةَ وفاةٍ من موته (¬1). وإن مات في عدةٍ أبانَها في الصحة لم تَنتقل (¬2)، وتَعتدُّ من أبانها في مرض موته، الأطولَ من عدة وفاةٍ وطلاق (¬3)، ما لم تكن أمةً أو ذِميةً، أو جاءت البَيْنُونةُ منها: فلطلاقٍ لا غير (¬4)، ولا تعتدُّ لموتٍ من انقضت عدتها قبله. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: ([الأطول] (¬5). . . إلخ) إن وجدت مفاضلة في الطول بخلاف الحامل؛ فإن العدة واحدة فيها (¬6)، ولذلك استثناها المصنف في الآتية، فتدبر!. * قوله: (قبله)؛ (أيْ: قبل الموت بحيض أو أشهر (¬7) أو وضع حمل)، شرح (¬8). ¬
ولو ورثت (¬1). ومن طلَّق معيَّنة ونسيَها، أو مبهَمةً، ثم مات قبل قُرعةٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولو ورثت)؛ لأن الذي ينقطع به الإرث عندنا هو التزوج [لا انقضاء العدة، خلافًا للشافعية (¬2)، وخلافًا (¬3) للمالكية في أنه لا ينقطع ولا بالتزوج] (¬4)، بل ولا بالاتصال بأزواج (¬5)، فتدبر!. * قوله: (ومن طلق. . . إلخ) لعل المراد طلاقًا بائنًا (¬6) لما تقدم من أن ¬
اعتَدَّ كلُّ نسائه، سوى حاملٍ، الأطولَ منهما (¬1). وإن ارتابت متوفَّى عنها، زمنَ تربصِها أو بعدَه -بإمارةِ حمل: كحركةٍ، أو انتفاخِ بطن، أو رفع حيضٍ-: لم يصحَّ نكاحُها حتى تزولَ الرِّيبةُ (¬2)، وإن ظهرت بعده دخَل بها أوْ لَا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الرجعية تسقط عدتها للفرقة وتنتقل للاعتداد للوفاة، وحينئذ فيعتد للكل (¬3) للوفاة لا الأطول، فتأمل!. * قوله: (اعتد كل نسائه) (¬4)؛ أيْ: وتخرج بعد ذلك واحدة بقرعة؛ لأجل توريث من عداها، ولا تخرج قبل الاعتداد؛ لإمكان خطأ القرعة، ولا يقال: الخطأ ممكن بعد أيضًا؛ لأنا نسلم؛ لكن لا يمكن توريث الكل. * قوله: (وإن ظهرت)؛ أيْ: الريبة (¬5). * قوله: (بعده)؛ أيْ: بعد النكاح (¬6)، وأما بعد التربص وقبل النكاح فتقدم في قوله: (أو بعده)، فتدبر!. * قوله: (دخل بها)؛ أيْ: من عقد عليها (¬7) بعد التربص وصحَّ عود الضمير عليه، وإن لم يذكر لعلمه من المقام. ¬
لم يفسُدْ، ولم يَحلَّ وطؤها حتى تزولَ (¬1)، ومتى وَلدتْ لدونِ نصف سنةٍ من عقدٍ: تبيَّنَّا فسادَه (¬2). 3 - الثالثةُ: ذاتُ الأقراءَ المفارَقةُ في الحياة ولو بثالثةٍ (¬3)، فتَعتدُّ حُرةٌ ومبعَّضةٌ بثلاثة قُروءٍ (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لم يفسد)؛ أيْ: العقد الواقع بعد مدة التربص (¬5). * قوله: (ولم يحل. . . إلخ)؛ أيْ: لمن عقد عليها بعد التربص (¬6). * قوله: (لدون نصف سنة من عقد)؛ [أيْ] (¬7): وعاش -على (¬8) ما تقدم-. * قوله: (تبينَّا فساده)؛ أيْ: بطلانه؛ إذ هي معتدة حينئذ (¬9). * قوله: (ولو بثالثة)؛ أيْ: بطلقة ثالثة (¬10). ¬
-وهي: الحِيَضُ (¬1) - وغيرُهما بقُرأَيْن (¬2)، وليس الطهرُ عدةً (¬3)، ولا يُعتدُّ بحيضة طُلقتْ فيها (¬4)، ولا يَحلُّ لغيره -إِذا انقطع دمُ الأخيرةِ- حتى تغتسلَ (¬5)، وتنقطعُ بقية الأحكام بانقطاعه (¬6). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا يعتد (¬7) بحيضة. . . إلخ)؛ أيْ: لا يحتسب. * قوله: (وتنقطع بقية الأحكام بانقطاعه) يعارضه ما سبق في الرجعة من ¬
ولا تُحسب مدةُ نفاس لمطلَّقةٍ بعد وضعٍ. 4 - الرابعةُ: من لم تَحِض لصغر أو إياس -المفارَقةُ في. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أن له مراجعتها إذا انقطع دم ثالثة ولم تغتسل (¬1)؛ ولذا فسر الشارح بقية الأحكام بالتوارث، ووقوع الطلاق، وصحة اللعان، وانقطاع النفقة، ونحوها (¬2)، فكأنه عام (¬3) أريد به خاص. * قوله: (ولا تحسب مدة نفاس لمطلقة بعد وضع) فلا بد من ثلاث حيض كاملة بعد تمام مدة النفاس، ولا تُنَزَّل مدة النفاس الباقية منزلة حيضة (¬4)، وإلا فمعلوم أنها ليست حيضًا لا حقيقة ولا حكمًا. * قوله: (أو إياس) يقال: يئس من الشيء وأيس (¬5) منه يأسًا (¬6) فيهما، فحقه أن يقول: أو يئس وأما الإياس فمصدر آيسه من الشيء إياسًا، فالآيسة قد آيسها (¬7) اللَّه -تبارك وتعالى- من الحيض؛ فلذلك استعمل مصدره؛ لكن استعمال (¬8) المصنف -رحمه اللَّه تعالى- يأبى (¬9) ذلك في قوله: (يئست ¬
الحياة (¬1) -فتَعتدُّ حُرةٌ بثلاثةِ أشهر من وقتِها، وأمةٌ بشهرَيْن (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويئس) (¬3)، هذا حاصل ما في المطلع (¬4)، وقد يقال: إنه (¬5) مصدر غير قياسي [ليئس] (¬6)، فلا اعتراض به. * قوله: (فتعتد حُرة بثلاثة أشهر) لعل وجهه أن الأشهر قائمة مقام الحيض، وفي الغالب أن المرأة لا تخلو لو كانت من ذوات الأقراء في كل شهر عن (¬7) حيضة (¬8)، وذات الأقراء تعتد بثلاث [حِيض] (¬9) إن كانت حُرة، وبحيضتَين إن كانت أمة، وبالحساب إن كانت مبعَّضة. * قوله: (من وقتها)؛ أيْ: الفرقة (¬10). ¬
ومبعَّضةٌ بالحساب (¬1)، وعدَّةُ بالغةٍ لم تَرَ حيضًا ولا نفاسًا، ومُستحاضةٍ ناسيةٍ لوقتِ حيضِها أو مبتدأةٍ كآيسةٍ (¬2). ومن علمتْ أن لها حيضةً في كل أربعينَ -مَثَلًا- فعدتُها ثلاثةُ أمثالِ ذلك، ومن لها عادةٌ أو تمييز: عملتْ به (¬3). وإن حاضت صغيرةٌ في عدتها: استأنفَتْها بالقُرء (¬4)، ومن يئستْ في عدةِ أقراءٍ: ابتدأَتْ عدةَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مثلًا)؛ أيْ: (واستحيضت ونسيت وقت حيضها)، شرح (¬5). * قوله: (وإن حاضت صغيرة)؛ أيْ: من كانت صغيرة وقت المفارقة، ثم طرقها الحيض في أثناء العدة. ¬
آيسةٍ (¬1). وإن عَتَقتْ معتدةٌ: أتمَّتْ عدة أمةٍ، إِلا الرجعيةَ: فُتتِمُّ عدةَ حُرةٍ (¬2). 5 - الخامسةُ: من ارتفع حيضُها، ولم تَدْرِ سببه (¬3). فتعقدُ للحمل غالبَ مدته، ثم تعتدُّ كآيسة -على ما فُصِّل (¬4) - ولا تَنتقِضُ بعودِ الحيض بعد المدة (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أتمت عدة أمة)؛ لأن الحرية لم توجد. . . في الزوجية (¬6). * قوله: (إلا الرجعية. . . إلخ)؛ لأنها في حكم الزوجات (¬7). * قوله: (على ما فُصِّلَ)؛ [أيْ] (¬8) في الحُرة والأمة (¬9). * قوله: (ولا تنتقض (¬10) بعَود (¬11) الحيض بعد المدة) لا قبله ولو بقليل ¬
وإن علمتْ ما رفَعه؛ من مرض، أو رَضاع ونحوه، فلا تزالُ حتى يعودَ فتَعتدُّ به، أو تَصِيرَ آيسةً، فتعتدُّ عدتَها (¬1). ويُقبلُ قولُ زوج: "إنه لم يُطلِّقْ إلا بعد حيض (¬2) أو ولادةٍ، أو في وقتِ كذا" (¬3). 6 - السادسةُ: امرأةُ المفقودِ، فتَتربَّصُ حرةٌ وأمةٌ ما تقدَّم في ميراثه، ثم تَعتدُّ للوفاة (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ -على ما في الإقناع (¬5) -. * قوله: (أو تصير آيسة) (¬6) جعله الشارح عطفًا على (يعود)، وهو ظاهر (¬7). * قوله: (ثم تعتد للوفاة)؛ [أيْ] (¬8) على التفصيل السابق في الحرة والأمة؛ لأنهما متساويان (¬9) في ذلك، خلافًا لما في التنقيح (¬10). ¬
ولا يُفتقرُ إلى حكمِ حاكم بضربِ المدةِ وعدةِ الوفاة (¬1)، ولا إلى طلاقِ وليِّ زوجِها بعد اعتدادِها (¬2). وينفُذ حكمٌ بالفرقة ظاهرًا فقط: بحيث لا يَمنع طلاقَ المفقود (¬3)، وتنقطعُ النفقةُ بتفريِقه، أو تزويِجها (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ وقد قال الحجاوي عنه: (إنه سهو) (¬5)، وقد يجاب عنه بأنَّ المنقح، إنما قصد أن الأمة كالحُرة في مدة التربص لا في عدة الوفاة (¬6) بقرينة ما أسلفه من أن الأمة على النصف من الحُرة فيها (¬7). ¬
ومن تزوَّجتْ قبل ما ذُكر: لم يصحَّ، ولو بَانَ أنه كان طلَّق أو ميتًا حين التزويج (¬1)، ومن تزوَّجت بشرطِه، ثم قَدِم قبل وطء الثاني: رُدَّتْ إلى قادم، ويُخيَّرُ -إن وَطئَ الثاني- بَيْن أخذِها بالعقد الأول ولو لم يُطلقِ الثاني، ويطأُ بعد عدته، وبَيْن تركِها معه بلا تجديدِ عقدِ (¬2) -المنقِّحُ: "قلتُ: الأصحُّ بعقدٍ"، انتهى (¬3) -. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولو بان أنه كان طلق. . . إلخ)؛ لأنها [حين] (¬4) التزويج لم تستند إلى مسوغ شرعي (¬5)، فتدبر!. * قوله: (المنقح قلت: الأصح بعقد، انتهى). ولا بد أن يكون ذلك بعد أن يطلقها الأول وتنقضي (¬6) عدتها منه -كما صرح في الرعاية بالأول-، والثاني -وهو وجوب العدة- هو مقتضى القواعد؛ لأنا نوجب العدة بوطء الشبهة (¬7)، فبالوطء المستند إلى العقد الصحيح وهو وطء (الأول أولى) (¬8)، فتنبه!، وأشار ¬
ويأخُذُ قدرَ الصداق الذي أعطاها من الثاني (¬1) ويرجعُ الثاني عليها بما أُخِذ منه (¬2)، وإن لم يَقدَم حتى مات الثاني: ورثتْه (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى ذلك في الحاشية (¬4). وبخطه: وما صححه المنقح قال عنه في شرح المقنع أنه الصحيح، وأنه يحمل فعل الصحابة عليه، فراجع شرح المصنف! (¬5). * قوله: (بما أخذ منه)؛ أيْ: بما أخذه الأول منه (¬6). * قوله: (ورِثَتْه)؛ (أيْ: لصحة نكاحه ظاهرًا)، حاشية (¬7)، وحينئذ فينبغي أن يقال -فيما تقدم في أسباب الإرث من أن منها عقد الزوجية الصحيح-: [أيْ] (¬8): ¬
بخلاف ما إذا مات الأول بعد تزوُّجها (¬1). ومن ظهر موتُه باستفاضةٍ أو بينةٍ: فكمفقودٍ، وتَضمنُ البينةُ ما تلف من مالِه ومهرَ الثاني (¬2)، ومتى فُرِّق بين زوجَيْن لموجِبٍ، ثم بانَ انتفاؤهُ: فكمفقودٍ (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ ولو ظاهرًا، فتدبر (¬4). * قوله: (بخلاف ما إذا مات الأول بعد تزوجها) (كل من المسألتَين مبني على القول بأن العقد صحيح غير محتاج إلى تجديد (¬5)، والمذهب خلافه (¬6)، وحينئذ فمقتضاه عكس ما قال المصنف، وهو أنها ترث الأول دون الثاني ما لم يكن الثاني عقد عليها بعد الطلاق والعدة)، حاشية (¬7). * قوله: (فكمفقود) (فإن كان قدومه قبل وطء الثاني رُدَّت للقادم، وبعده يخير بين أخذها وتركها للثاني ويأخذ مثل الصداق الذي أعطاه ¬
ومن أخبرَ بطلاقِ غائبٍ وأنه وكيلُ آخرَ في إنكاحه بها، وضَمن المهرَ، فنَكحته، ثم جاء الزوجُ فأنكر: فهي زوجتُه، ولها المهر (¬1)، وإن طلَّق غائب، أو مات: اعتَدَّت منذُ الفرقةِ وإن لم تُحِدَّ (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ هو لا الثاني)، حاشية (¬3). * قوله: (وضمن المهر) وظاهره أنه إذا لم يضمن المهر لا يلزمه شيء، تأمل!. * قوله: (فأنكر)؛ أيْ: الطلاق (¬4). * قوله: (ولها المهر) [إن] (¬5) كان الثاني وطئها، وإلا فلا (¬6). * قوله: (وإن لم تحِد)؛ يعني: وإن لم تفعل الإحداد (¬7) وهو ترك ¬
1 - فصل
وعدةُ موطوءةٍ بشبهةٍ أو زنًا: كمطلَّقةٍ (¬1)، إلا أمةً غيرَ مزوَّجةٍ: فتُستبرأُ بحيضةٍ (¬2)، ولا يحرمُ على زوج -زمنَ عدةٍ- غيرُ وطءٍ في فرج (¬3). ولا ينفسخُ نكاحٌ بزنًا، وإن أمسكها: استبرأها (¬4). * * * 1 - فصل وإن وُطئت معتدةٌ بشبهةٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الزينة والطيب (¬5). * قوله: (غير وطء في فرج)؛ أيْ: فلا يحرم عليه دواعي الوطء (¬6). فصل (¬7) ¬
أو نكاح فاسد: أتَمَّتْ عدةَ الأول (¬1)، ولا يُحسبُ منها مُقامُها عند الثاني (¬2) -وله رجعةُ رجعيةٍ في التَّتمة (¬3) -، ثمَّ اعتَدَّتْ لوطءِ الثاني. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو نكاح فاسد) كان الظاهر أن يقول: أو نكاح باطل؛ لأنه نكاح في العدة فلا يسمى فاسدًا بل باطلًا (¬4)، فإما أن يراد بالفاسد الباطل أو يكون ذلك بعد انقطاع الحيضة الثالثة وقبل الغسل، أو أنه في عدة الزنى، وتسميته فاسدًا لقول بعض الأئمة بعدم (¬5) العدة له، فهو صحيح عنده (¬6). * قوله: (ولا يحسب منها مقامها عند الثاني)؛ أيْ: بعد الوطء (¬7) -لما يأتي-. ¬
وإن ولدتْ من أحدهما عينًا، أو ألحقَته به قافةٌ، وأمكن: بأن تأتيَ به لنصفِ سنة فأكثرَ من وطءَ الثاني، ولأربع سنينَ فأقلَّ من بَيْنُونة الأول: لَحِقه، وانقضت عدتُها به، ثم اعتدَّتْ للآخر (¬1)، وإن ألحقته بهما لحق. وانقضت عدتها به منهما (¬2)، وإِن أشْكلَ، أو لم توجَدْ قافةٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (عينًا)؛ أيْ: بعينه (¬3) أو حال كونه معينًا (¬4)، وكلاهما مقصور على السماع. * قوله: (لحقه)؛ أيْ: لحق من ألحقته (¬5) القافة به منهما (¬6). * قوله: (وإن ألحقته بهما لحق) وإن نفته عنهما لم ينتف؛ لأن القافة يقبل قولها في الإثبات لا في (¬7) النفي، فتدبر!. ¬
ونحوُه: اعتدَّتْ، بعد وضعِه بثلاثةِ قُروءٍ (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ كذا في شرح الشيخ (¬2)؛ لكن كلام المصنف الآتي في أول كتاب الرضاع (¬3)، والسابق في باب اللقيط (¬4) يقتضي أنه (¬5) يقبل قولها في الإثبات، فليحرر!، ويجاب بما يؤخذ من كلام المصنف في شرحه (¬6) وهو أنه لا يطلق القول في ذلك، بل يقال: إن كان هناك فراش لأحدهما لا بعينه ونفته القافة عنهما، لا ينتفي بانتفائها عنهما ترجيحًا للفراش، وإن لم يكن هناك فراش كاللقيط وكمسألة الراضع الآتية فإنه ينتفي، وعبارة الشارح (¬7) هنا: (وإن نفته عنهما لم ينتف؛ لأن عمل القافة في ترجيح أحد صاحبَي الفراش لا في النفي عن الفراش كله)، انتهى (¬8)، فتدبر!. * قوله: (ونحوه) الذي يؤخذ من الحاشية أن قوله: (ونحوه) عطف على ¬
وإن وطِئها مُبِينُها فيها عمدًا: فكأجنبيٍّ (¬1)، وبشبهةٍ: استأنفت عدةً للوطء، ودخلت فيها بقيةُ الأولى (¬2). . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ (لم توجد)، والمعنى: وإن أشكل أو لم (¬3) توجد قافة أو وجدت (¬4)، ولكن اختلف قائفان (¬5). * قوله: (عمدًا)؛ أيْ: بزنًا (¬6)، بدليل قوله بعده: (وبشبهة). . . إلخ والفرق بين مسألتَي الزنى والشبهة مع أن الماء ماؤه في الصورتَين الاحتياط في وطء الزنى لتحقق أن الولد لم يكن قد تخلق منه، بخلاف وطء الشبهة فإنه لا ضرر فيه، وَلَوَّح [المحشي] (¬7) للفرق بأن النسب يلحق في وطء الشبهة بخلاف وطء الزنى. * قوله: (فكأجنبي) فتتم عِدَّةَ النكاح ثم تستأنف عدة للزنا (¬8). ¬
ومن وُطئتْ زوجتُه بشبهةٍ، ثم طلَّق: اعتدَّتْ له، ثم تُتِمُّ للشبهة (¬1)، ويحرُم وطءُ زوج -ولو معَ حملٍ منه- قبل عدةٍ واطئ (¬2). ومن تزوَّجت في عدتها: لم تنقطع حتى يطأ، ثم إذا فارقها: بَنتْ على عدتها من الأول، واستأنفتها للثاني (¬3) [وإن ولدت من إحداهما انقضت منه وتعتد للآخر، وإن أمكن كونه منهما فكما سبق] (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله: (ومن وطئت زوجته بشبهة) الظاهر أو زنى] (¬5). * قوله: (اعتدت له)؛ أيْ: لطلاق زوجها. * قوله: (ويحرم وطء زوج. . . إلخ) انظر ما فائدة هذا مع قول المصنف آخر الفصل السابق: (ولا يحرم على زوج زمن عدة غير وطء في فرج)، بل ربما يقال: إن ذلك (¬6) أفيد. ¬
وللثاني أن يَنكِحَها بعد العدَّتَين (¬1)، وتتعدَّدُ بتعدُّدِ واطئ بشبهةٍ (¬2)، لا بزنًا (¬3)، وكذا أمةٌ في اسْتِبراءٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وللثاني أن ينكحها بعد العدتيَن) ظاهره أنه ليس له أن ينكحها في (¬4) عدته، وهو مشكل. قاله ابن نصر اللَّه (¬5). أقول: الظاهر أنه لا يأتي كلام ابن نصر اللَّه إلا إذا كان الثاني غير عالم بأنها معتدة، أما إن كان عالمًا بذلك فالنكاح باطل والوطء محرم، ولا يعقد عليها حتى تنقضي عدتها لدخولها في عموم قول المصنف -فيما سبق- في المحرمات: (وزانية على زانٍ وغيره. . . (¬6) إلخ). * قوله: (لا بزنًا) تبع في ذلك ابن حمدان (¬7)، وخالف المنقح (¬8)، وهو ¬
ومن طُلقت طلقةً، فلم تنَقض عدتُها حتى طلقت أخرى: بنَت (¬1)، وإن راجعها ثم طلقها: استأنفتْ، كفسخِها بعد رجعةٍ لعتقٍ أو غيره (¬2)، وإن أبانَها، ثم نكحها في عدتها ثم طلقها قبلَ دخوله بها: بَنَت (¬3)، وإن انقضت قبل طلاقِه: فلا عدةَ له (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ وارد على قوله في الديباجة: (ولا أذكر قولًا غير ما قدم أو صحح في التنقيح). . . إلخ. * قوله: (وإن أبانها)؛ أيْ: بدون الثلاث كعلى عوض. * قوله: (ثم طلقها قبل دخوله)؛ أيْ: بالعقد الثاني. * قوله: (فلا عدة [له]) (¬5)؛ أيْ: للطلاق؛ لأنه طلاق قبل دخول وخلوة (¬6). ¬
2 - فصل
2 - فصل يحرُم إحدادٌ فوق ثلاث على ميتٍ غير زوج (¬1)، ويجبُ على زوجته بنكاح صحيح -ولو ذميةً، أو أمةً، أو غيرَ مكلَّفةٍ- زمن عدتِه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل (¬2) * قوله: (فوق ثلاث)؛ أيْ: ثلاثة أيام بلياليها (¬3). * قوله: (غير زوج) ظاهره أنه يحرم إحدادها فوق ثلاث على السيد، يطلب الفرق بين الزوج والسيد، وقد يقال: إنه وقوف مع النص (¬4) -كما هو صريح الحديث المذكور في الشرح (¬5) -، فتدبر!. ¬
ويجوزُ لبائن (¬1). وهو: تركُ زينةٍ، وطيبٍ: كزَعفَرانَ -ولو كان بها سُقْم (¬2) -، ولُبس حُليٍّ (¬3) -ولو خاتمًا-، وملوَّنٍ من ثياب لزينة -كأحمرَ وأصفرَ، وأخضرَ وأزرقَ صافِيَيْنِ (¬4)، وما صُبغ قبلَ نسجٍ كبَعدِه- (¬5)، وتحسينٍ بحناءٍ أو إِسْفِيذاجٍ، وتكحُّلٍ بأسودَ بلا حاجةٍ (¬6)، وادِّهانٍ بمطيبٍ (¬7). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويجوز لبائن) ولو كان بخلع (¬8)، لكن لا يسن -قاله في الرعاية (¬9) -. * قوله: (كَبَعْدِه)؛ أيْ: كحكم ما صبغ (¬10) بعده. ¬
وتحميرِ وجهٍ، وحَفِّه، ونحوِه (¬1)، ولا تُمنع من صَبرٍ -إلا في الوجه- ولا لُبسِ أبيضَ ولو حسنًا، ولا ملوَّنٍ لدفعِ وَسَخ -كَكُحْلِيٍّ ونحوِه- (¬2)، ولا من نِقابٍ، وأخذِ ظُفر ونحوِه، ولا من تنظيفٍ وغُسل (¬3). ويحرُم تحوُّلُها من مسكِنٍ وجبتْ فيه، إلا لحاجةٍ -كلخوفٍ (¬4) ولحقٍّ، وتحويلِ مالكِه لها، وطلبِه فوقَ أجرتِه، أو لا تجدُ ما تَكْتَرِي به إلا من مالها-: فيجوزُ إلى حيثُ شاءت (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وجبت فيه)؛ أيْ: العدة (¬6)، والمراد عدة الوفاة أو المطلقة رجعيًّا ¬
وتحوَّلُ لأذاها -لا مَن حولَها (¬1) -، ويلزم -متنقِّلةً بلا حاجةٍ- العَودُ (¬2)، وتنقضي العدَّةُ بمُضيٍّ للزمانِ حيثُ كانت (¬3)، ولا تخرُج إلا نهارًا لحاجتها (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ بدليل ما يأتي في النفقات، وبقرينة قوله فيما يأتي (¬5): (وتعتد بائن بمأمون من البلد)، إلى أن قال: (ورجعية في لزوم منزل كمتوفى عنها)، ففي قول المحشي: (وهي الذي مات زوجها، وهي ساكنة) فيه تخصيص للحكم؛ لكن اعتمادًا على ذكر المصنف للثانية صريحًا. * قوله: (لا من حولها) ويحولون لأذاهم لها، وعبارة المصنف توهم خلاف المراد، فلينتبه لها!، وربما يؤخذ ذلك من قول شيخنا في شرحه: (ولا يحول من حولها دفعًا لأذاها، ومنه يؤخذ تحويل الجار السوء ومن يؤذي غيره)، انتهى (¬6). فإن عمومه يتناولهم إذا كانوا يؤذونها، فتدبر!. * قوله: (ولا تخرج إلا نهارًا لحاجتها). . . . . . ¬
ومن سافرتْ بإذنِه أو مَعه لنُقلةٍ إلى بلد، فمات قبل مفارقةِ البُنيانِ، أو لغير النُّقلة -ولو لحجِّ- ولم تُحرِم قبل مسافةِ قصرٍ: اعتدَّتْ بمنزله (¬1)، وبعدَهما: تُخيَّرُ (¬2). وإن أحرمتْ -ولو قبلَ موته- وأمكن الجمعُ: عادت، وإلا: قُدِّم حجٌّ مع بُعدٍ (¬3)، وإلا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ (ولو وجدت من يقضيها الحاجة)، إقناع (¬4). * قوله: (وبعدهما تُخَيَّر)؛ أيْ: بعد مفارقة البنيان في الأولى، وبعد مسافة (¬5) القصر في الثانية (¬6). * قوله: (وأمكن الجمع)؛ أيْ: بين (¬7) العدة والحج (¬8). * قوله: (وإلا)؛ أيْ:. . . . . . ¬
فالعدَّةُ (¬1)، وتتحلّلُ لفوتِه بعُمرةٍ (¬2). وتَعتدُّ بائنٌ بمأمون من البلد حيثُ شاءت (¬3)، ولا تبيتُ إلا به (¬4)، ولا تسافرُ (¬5)، وإن سكَنتْ عُلوًا أو سُفْلًا، ومُبينٌ في الآخر -وبينهما باب مغلَقٌ، أو معهما مَحرَمٌ-: جاز (¬6). وإن أراد إسكانها بمنزله، أو غيرِه -مما يصلح لها- تحصينًا لفراشه، ولا محذورَ فيه: لزمها، وإن لم تَلزمه نفقةٌ -كمعتدةٍ لشبهةٍ أو نكاحٍ فاسد. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لم يمكن الجمع (¬7). * قوله: (كمعتدة)؛ (أيْ: في لزوم السكنى عليهن بما يختاره الواطء والسيد تحصينًا للفراش بلا محذور)، شرح (¬8). ¬
أو مستَبْرَأةٍ لعتقٍ (¬1) -، ورجعيةٌ: في لزومِ منزل: كمتوفَّى عنها (¬2)، وإن امتنع من لزمته سُكنَى: أُجبرَ (¬3)، وإن غاب: اكتَرى عنه حاكمٌ من مالِه، أو افتَرض عليه، أو فَرض أجرتَه. وإن اكتَرته بإذنِه أو إذنِ حاكم، أو بدونهما: رجعتْ (¬4)، ولو سكنت في ملكها: فلها أجرتُه (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو مستبرأة (¬6) لعتق) قال شيخنا في شرحه (¬7): (ولا يلزم السيد ولا الواطئ إسكانها حيث لا حمل (¬8)، انتهى. * قوله: (ورجعية في لزوم منزل)؛ أيْ: لا في لزوم إحداد (¬9). * قوله: (أو بدونهما) عبارة شيخنا في شرحه (¬10): (أيْ: دون إذنه وإذن حاكم، ولو مع قدرة على استئذان حاكم)، انتهى. ¬
ولو سكَنتْه -أو اكتَرَتْ- مع حضورِه وسكوتِه: فلا (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي نسخ المتن المجردة (أو بدونهما لعجز)، وهو لا يوافق هذا الحمل (¬2)، فتأمل!، وما في النسخ المجردة موافق لما في الإقناع (¬3)، فراجعه!. * قوله: (مع حضوره وسكوته فلا)؛ (أيْ: فلا رجوع لها عليه؛ لأنه ليس بغائب ولا ممتنع ولا آذن، كما لو أنفق على نفسه من لزمت غيره نفقته في مثل هذه الحالة)، حاشية (¬4). * * * ¬
1 - باب استبراء الإماء
1 - باب اسْتِبْرَاءِ الإماءِ وهو: قصدُ عِلمِ براءةِ رَحِمِ مِلكِ يمينٍ -حُدوثًا، أو زوالًا- من حملٍ غالبًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب استبراء الإماء الأظهر (¬1) أن السين للطلب، فمعنى الاستبراء طلب البراءة؛ لكن لما كان مَنْ طَلَبَ شيئًا قَصَدَ عِلْمَه، فسر الاستبراء بقصد العلم، تفسيرًا للشيء بلازم معناه على سبيل المجاز المرسل، والأدباء والفقهاء لا يتحاشون عن استعمال المجازات في الحدود (¬2). * قوله: (وهو. . . إلخ) تعريف بالفائدة، وإلا فالاستبراء التربص لذلك (¬3). * قوله: (حدوثًا)؛ أيْ: عند حدوث الملك بشراءٍ أو نحوه (¬4). * قوله: (أو زوالًا)؛ (أيْ: عند إرادة زواله (¬5) ببيع أو نحوه أو زوال استمتاعه ¬
بوضعٍ، أو حيضة، أو شهر، أو عَشَرَةٍ (¬1). ويجب في ثلاثةِ مواضعَ (¬2): 1 - أحدُها: إذا مَلك ذكرٌ ولو طفلًا، مَن يوطأُ مثلُها ولو مسبِيَّةً، أو لم تَحِضْ، حتى من طفل وأنثى. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [عنه] (¬3) كما لو أراد تزويجها)، حاشية ملخصًا (¬4)؛ يعني: فهو منصوب على الظرفية توسعًا بحذف الظرف، وإقامة ما كان مضافًا إليه مقامه، فانتصب انتصابه. * قوله: (بوضع) إن كانت حاملًا. * قوله: (أو حيضة) إن كانت من ذوات الأقراء. * قوله: (أو شهر) إن كانت آيسة أو صغيرة أو بالغة لم تحِض. * قوله: [(أو عشرة)؛ أيْ] (¬5): عشرة أشهر إن كانت قد ارتفع حيضها ولم تدر ما رفعه. وهذا وإن أجمله هنا فيأتي تفصيله في الفصل الأخير (¬6). * قوله: (حتى من طفل وأنثى) والاستبراء في هاتَين لمجرد التعبد لا لمعنى (¬7). ¬
لم يَحِلَّ استمتاعُه بها، ولو بقبلةٍ، حتى يَستَبْرِئَها (¬1)، فإن عَتَقتْ قبله: لم يجُز أن يَنكِحَها، ولم يصحَّ حتى يستبرئَها (¬2)، وليس لها نكاحُ غيره -ولو لم يكن بائعُها يطأُ- إلا على روايةٍ، المنقِّحُ: "وهي أصح" (¬3). ومن أخذ من مكاتَبه أمةً حاضت عنده (¬4)، أو باع أو وَهب -ونحوه- أمتَه، ثم عادت إليه بفسخ أو غيرِه حيثُ انتقل الملكُ: وجب استبراؤها ولو قبلَ قبضٍ (¬5)، لا إن عادت مكاتَبتُه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فإن عتقت قبله)؛ [أيْ] (¬6): قبل الاستبراء (¬7). * قوله: (وجب استبراؤها ولو قبل قبض) وهو هنا تعبدي أيضًا. ¬
أو رَحِمُها المحرَّم، أو رحمُ مكاتَبِه المحرَّمُ -بعجزٍ، أو فَكَّ أمتَه من رهنٍ، أو أخذ من عبده التاجرِ أمةً- وقد حِضْنَ قبل ذلك (¬1). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو رحمها المحرم. . . إلخ) يحتمل أن يكون معنى ذلك أن السيد إذا كاتب (¬2) أمة، ثم ملكت ذا رحمها كأمها، ثم عجزها، عادت إلى ملكه هي وما ملكته، فإذا كانت مملوكة المملوكة (¬3) قد (¬4) حاضت عندها قبل التعجيز، فللسيد وطؤها من غير استبراء، وأنه إذا كاتب عبدًا، ثم ملك ذا رحم محرم له كأمه، ثم عجزه سيده رجع إلى ملكه هو وما ملكه، فإذا كانت أم المكاتب قد حاضت عنده قبل تعجيزه، فللسيد وطؤها الآن من غير استبراء للعلم ببراءة الرحم. * قوله: (بعجز) (¬5)؛ (أيْ: بتعجيزه مكاتبه أو لكاتبته عن أداء الكتابة لسبق ملكه على المكاتبة، ومملوكتها ملكه بملكه لها؛ لأن مملوك المكاتب قبل الوفاء ملك للسيد، فإذا عجز عاد إليه)، انتهى -شرح شيخنا على الكتاب (¬6) -. * قوله: (قبل ذلك)؛ أيْ: قبل العود (¬7). ¬
أو أسلمت مجوسيَّةٌ أو وثنيَّةٌ (¬1) أو مرتدَّةٌ حاضت عنده، أو مالكٌ بعد ردَّةٍ (¬2) أو مَلَك صغيرةً لا يوطأُ مثلُها (¬3) ولا بملك أنثى من أنثى (¬4). وسُن لمن ملك زوجتَه -ليَعلمَ وقتَ حملِها-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو مالك)؛ أيْ: أسلم مالك الأمة (¬5)، وكانت حاضت قبل إسلامه، فله وطؤها الآن من غير استبراء. * قوله: (ولا بملك (¬6). . . إلخ)؛ أيْ: لا استبراء. * قوله: (من أنثى)؛ [أيْ] (¬7): أو ذكر (¬8). ¬
ومتى وَلدتْ لستةِ أشهر فكثرَ: فأمُّ ولدٍ -ولو أنكَر الولدَ بعد أن يُقِرَّ بوطئها- لا لأقلَّ ولا مع دعوى استبراءٍ (¬1)، ويجزئ استبراء من مُلِكت بشراء وهبة ووصية وغنيمة وغيرها قبل قبض (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا لأقل)؛ يعني: وعاش (¬3). * قوله: (ولا مع دعوى استبراء) قال الشارح (¬4): (لإنكاره كونها فراشًا له)، انتهى. ويحتاج المَحَلُّ إلى تحرير، ثم رأيت في حواشي ابن نصر اللَّه على الفروع ما نصه: (قوله: (ولا مع دعوى استبراء)؛ أيْ: إذا استبرأها بعد ملكه، ثم ولدت ولو لستة أشهر، ولم يقرَّ بوطئها في ملكه، فليست أم ولد)، انتهى (¬5)، ومنه تعلم أن المصنف تابع لصاحب الفروع في زيادة لفظ دعوى (¬6)، وأشار ابن نصر اللَّه في التقرير إلى أنه غير محتاج إليها، وأن في كلامه ترك قيد محتاج إليه وهو عدم الإقرار بوطئها، فتدبر!. * قوله: (وغيرها) كالإجارة والجعالة (¬7). ¬
ولمشترٍ زمن خيار (¬1)، وَيَدُ وكيل كَيَدِ موكل (¬2)، ومن ملك معتدة من غيره (¬3) أو مزوجة فطلق بعد دخول أو مات (¬4)، أو زوَّج أمته ثم طلقت بعد دخول: اكتفى بالعدة (¬5)، وله وطء معتدة منه فيها (¬6)، وإن طلقت من مُلكتْ مزوَّجة -قبل دخول-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولمشترٍ)؛ أيْ: يجزئ [استبراء] (¬7) المشتري (¬8). * قوله: (ثم طلقت بعد دخول. . . إلخ) مفهومه أنه لو كان الطلاق قبل الدخول أنه لا بد من الاستبراء؛ لأنه ليس هناك ما يكفي به عن الاستبراء -كما يأتي في المتن صريحًا-. ¬
وجب استبراؤها (¬1). 2 - الثاني: إذا وطئَ أمته، ثم أراد تزويجها أو بيعها: حرُما حتى يستبرئَها (¬2)، فلو خالف: صحَّ البيعُ دونَ النكاح (¬3)، وإن لم يَطأ: أُبيحا قبله (¬4). 3 - الثالث: إذا أعتَق أمَّ ولده أو سُرِّيتَه، أو مات عنها: لزمها استبراءُ نفسِها (¬5)، لا إن استبرأها قبل عتقِها. . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وجب استبراؤها) ويلغز بها في الجملة، فيقال: لنا: طلاق قبل الدخول أوجب الاعتداد، ويراد بالاعتداد الاستبراء. * قوله: (فلو خالف صحَّ البيع) كما يصح بيع المعتدة والمزوجة. * قوله: (أبيحا قبله)؛ أيْ: قبل الاستبراء (¬6). ¬
أو أراد تزوُّجَها، أو قبْلَ بيعِها فأعتَقها مشترٍ، أو أراد تزويجَها قبل وطئها، أو كانت مزوَّجةً أو معتدةً (¬1)، أو فرَغتْ عدتُها من زوجِها فأعتَقها قبل وطئه (¬2). وإن أبانَها قبلَ دخوله أو بعدَه، أو مات، فاعتدَّت ثم مات سيدُها: فلا استبراءَ -إن لم يَطأ، كمن لم يطأها أصلًا (¬3) -. ومن بِيعتْ ولم تستبرأ، فأعتَقها مشترٍ قبل وطءٍ واستبراءٍ: استَبرأتْ أو تَمَّمتْ ما وُجد عند مشترٍ (¬4). ومن اشترى أمة، وكان بائعُها يطؤها ولم يستبرِئْها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو أراد تزويجها) (¬5)؛ (يعني: بعد عتقها فلا يلزمها استبراء نفسها)، حاشية (¬6). * [قوله: (فلا استبراء إن لم يطأ)؛ (أيْ: إن لم يطأها سيدها بعد عدتها من زوجها؛ لزوال فراش السيد بتزويجها)، حاشية] (¬7). ¬
لم يجُز أن يزوِّجَها قبل استبرائها، وإن مات زوجُ أمِّ ولد وسيدُها، وجُهل أسبقُهما: فإِن كان بينهما فوق شهرَين وخمسةِ أيام، أو جُهلتْ المدةُ: لزمها، بعد موتِ آخرِهما، الأطولُ من عدةِ حُرة لوفاةٍ أو استبراءٍ (¬1). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لم يجُز أن يزوجها قبل استبراء) وكذا لا يجوز أن يطأها قبل استبراء. * قوله: (الأطول. . . إلخ) وفي الحاشية (¬2): (قال في الإنصاف: لأنه يحتمل أن يكون الزوج مات أخيرًا، فليس عليها إلا العدة منه عدة حُرة؛ لأن الزوجة لا يلزمها استبراء، ويحتمل أن يكون السيد مات أخيرًا بعد (¬3) الشهرين وخمسة أيام فقد انقضت عدتها، فيجب عليها الاستبراء، فوجب الأطول؛ لاندراج ما دونه [فيه] (¬4)، لكن قد تقدم أنه إذا مات سيدها بعد انقضاء عدتها لا استبراء إن لم يطأ؛ لأنها ليست فراشًا له، فيحمل (¬5) ما هنا على ما إذا شك في وطئه، أما إذا تحقق عدم وطئه فلا)، انتهى. ¬
1 - فصل
ولا تَرِثُ من زوج (¬1)، وإلا (¬2): اعتدَّتْ كحرةٍ، لوفاةٍ فقط (¬3). * * * 1 - فصل واستبراءُ حامل: بوضع، ومن تحيضُ: بحيضةٍ -لا بقيتها- ولو حاضت بعد شهر: فبحيضةٍ (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله] (¬5): (ولا ترث من الزوج)؛ (لأنها لم يتحقق حريتها قبل موت زوجها)، شرح شيخنا (¬6). * قوله: (وإلا. . . إلخ) بأن كان بينهما شهران (¬7) وخمسة أيام فقط أو أقل (¬8). فصل (¬9) ¬
وآيسةٍ، وصغيرةٍ (¬1)، وبالغةٍ لم تَحض: بشهرٍ (¬2) -وإن حاضت فيه: فبحيضةٍ (¬3) -، ومرتفع حيضُها -ولم تدرِ ما رفَعَه- فبعشرةِ أشهُر (¬4)، وإِن عَلمتْ: فكحُرةٍ (¬5). ويحرُم وطءٌ زمنَ استبراءٍ، ولا ينقطعُ به (¬6)، فإن حَمَلتْ قبلَ الحيضة: استبرأتْ بوضعِه (¬7)، وفيها -وقد ملَكها حائضًا- فكذلك (¬8). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فبعشرة أشهر) تسعة غالب الحمل، وشهر بعدها؛ لكونها آيسة (¬9). * قوله: (ويحرم وطء زمن استبراء) ودواعيه كذلك (¬10). ¬
وفي حيضةٍ ابتداؤها عنده (¬1): تَحِلُّ في الحال، لجعل ما مضى حيضةً (¬2). وتُصدَّق في حيض، فلو أنكرتْه، فقال: "أخبرتنِي به": صُدِّق (¬3)، وإن ادَّعت موروثةٌ تحريمَها على وارثٍ بوطءِ مورثِه (¬4)، أو مشتراةٌ أن لها زوجًا: صُدِّقتْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لجعل ما مضى حيضة) ظاهره (¬5)، ولو كان أقل (¬6) الحيض (¬7)، والظاهر أنه لا بد من صلوحه (¬8) لأن يكون حيضًا هذا مراده. * قوله: (صُدِّقت)؛ أيْ: فيهما. * * * ¬
27 - كتاب الرضاع
27 - كِتَابُ الرَّضَاعِ
(27) كِتَابُ الرَّضَاعِ وهو -شرعًا-: مصُّ لبنٍ ثابَ من حملٍ، من ثَدىِ أمرأةٍ، أو شربُه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الرضاع * قوله: (مَصُّ) (¬1)؛ أيْ: من له حولان فأقل (¬2). * قوله: (ثاب) قال في المطلع (¬3): (ثاب (¬4): اجتمع، من قولهم: ثاب الناس؛ أيْ: اجتمعوا). * قوله: (من (¬5) حمل) ولو قبل وضع أو لم يبِن (¬6) فيه خلق (¬7) إنسان. ¬
ونحوُه (¬1). ويُحرِّم كنسَبٍ: فمن أرضَعتْ -ولو مكرَهةً بلبنِ حملٍ لاحِقٍ بالواطئ- طفلًا: صارا -في تحريمِ نكاح. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ونحوه) كأكله بعد تجبينه والسعوط والوجور به (¬2)، وكذلك اللبن المشوب كالمخيض إن كانت صفته باقية على ما في الإقناع (¬3)، وسيأتي في المتن صريحًا (¬4). * قوله: (لاحِق بالواطئ) قيد فيه ضرورة ثبوت الأبوة لا الأمومة (¬5)، فإنها ثابتة مطلقًا، فتأمل! (¬6)، ومقتضى مجاراة [المتن] (¬7) أن يقال: وإذا لم يكن لاحقًا بالواطئ لم يصيرا أبوَيه، ولا يضر ثبوت الأمومة (¬8)؛ لأنه (¬9) إذا انتفت الأبوة انتفى الوصف الثابت بالتغليب للفظ الأب على لفظ الأم، فتدبره!؛ فإنه دقيق يدركه ذو فهم أنيق (¬10). ¬
وثبوتِ مَحرَميَّةٍ، وإباحةِ نظرٍ وخلوةٍ- أبويه، وهو ولدَهما، وأولادُه -وإن سفَلوا- أولادُ ولدِهما، وأولادُ كل منهما -من الآخر، أو غيرِه- إخْوتُه وأخواتُه، وآباؤهما أجداده وجَدَّاتُه، وإخْوانُهما وأخواتُهما أعمامُه وعماتُه وأخوالُه وخالاتُه (¬1). ولا تَنتشِر حرمةٌ إلى مَن بدرجةِ مُرْتضع أو فوقَه: من أخٍ وأختٍ، وأبٍ وأم، وعمٍّ، وخالٍ وخالة (¬2)، فتَحِلُّ مرضعة أبي مرتضعٍ وأخيه من نسب، وأمُّه وأختُه -من نسب- لأبيه وأخيه من رَضاع (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وثبوت محرمية)؛ (أيْ: كونه محرمًا لها، فيجوز لها السفر معه كولدها من النسب. والياء في (¬4) الـ (محرمية) للنسب نسبة إلى المحرم؛ أيْ: هيئة محرمية)، مطلع (¬5). انظر هل أول كلامه يشعر بأنها ياء المصدرية؟ (¬6). * قوله: (أو فوقه من أخ وأخت) (¬7) (قال في الكافي: لأن حرمة النسب ¬
كما تَحِلُّ لأخيه من أبيه: أختُه من أمه (¬1). ومن أرضَعتْ -بلبنِ حملٍ من زنًا، أو نُفِيَ بِلعانٍ- طفلًا: صار ولدًا لها (¬2)، وحرُم على الواطئ تحريمُ مصاهرةٍ: ولم تثبُت حرمةُ الرَّضاع. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تختص [به و] (¬3) بأولاده (¬4)، دون إخوته (¬5) وأخواته ومن هو أعلى منه، فكذلك الرضاع المتفرع عليه (¬6)، انتهى -نقله في الحاشية-. * قوله: (ومن أرضعت بلبن حمل من زنى) هذا محترز قوله: (لاحِق بالواطئ). * [قوله] (¬7): (وحرم على الواطئ تحريم مصاهرة)؛ لأنها بنت موطوءته (¬8). * قوله: (ولم تثبت حرمة الرضاع)؛ أيْ: دون المحرمية وإباحة النظر والخلوة فيما يظهر من مفهوم كلامه، وليس كذلك بل هي أولى بعدم الثبوت. ¬
في حقه (¬1)، وإن أرضعتْ -بلبنِ اثنَيْن وطِئَاها بشبهة- طفلًا، وثبتتْ أُبُوَّتُهما، أو أبوَّةُ أحدِهما، لمولودٍ: فالمرتضعُ ابنُهما، أو ابنُ أحدهما (¬2). وإلا (¬3) -بأن مات مولودٌ قبلَه، أو فُقدت قافةٌ، أو نَفَتْه عنهما أو أشكل أمرُه-: ثبتت حرمةُ الرَّضاع في حقهما (¬4). وإن ثابَ لبنٌ لمن لم تَحمِلْ -ولو حَمَل مثلُها- لم يَنشُر الحرمة (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بشبهة) قيد به؛ ليكون الحمل لاحقًا بهما (¬6). * قوله: (أو نفته (¬7) عنهما) تقدم الجواب عن الإشكال فيه من أن القافة يقبل قولها في الإثبات لا في النفي، بأنه يقبل قولها في النفي حيث لا فراش. * قوله: (وإن ثاب لبن. . . إلخ) بيان محترز قوله: (ثاب عن حمل). ¬
كلبنِ رجل (¬1)، وكذا لبنُ خنثى مشكِلٍ (¬2)، وبهيمةٍ (¬3)، ومن تزوَّج (¬4)، أو اشتَرى ذاتَ لبن من زوجٍ أو سيدٍ قبله، فزاد بوطئه، أو حَملتْ ولم يَزِد، أو زاد قبل أوانِه: فللأوَّلِ، وفي أوانِه (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (من زوج أو سيد) متعلِّق بـ (لبن)، ويشكل فيما إذا كان اللبن من السيد، فإنها صارت أم ولد له، وهي لا يصح بيعها إلا أن يقال يمكن تصويرها بما إذا ألقت ما لم تصر به الأمة أم ولد، أو أنه كان وطئها بزوجية أو شبهة قبل أن يملكها، وهو في هذه الصورة سيد باعتبار الحالة الراهنة -كما هو ظاهر (¬6) -. * قوله: (قبل أوانه) هو الزمن الذي يثوب فيه لبن الحامل (¬7)، ونقل ابن نصر اللَّه عن الرافعي (¬8) الشافعي أن أقل مدة يظهر فيها ذلك أربعون يومًا ¬
1 - فصل
-ولو انقطع ثم ثاب- (¬1) أو وَلدتْ، فلم يَزِد ولم ينقُص: فلهما (¬2)، فيصيرُ مرتضِعه ابنًا لهما، وإن زاد بعد وضعٍ: فللثاني وحدَه (¬3). * * * 1 - فصل وللحُرمةِ شرطانِ: ـــــــــــــــــــــــــــــ من حين الحمل (¬4). * قوله: (فيصير مرتضعه ابنًا لهما) (¬5) فيلغز بها ويقال: اثنان ثبتت أبوتهما لشخص (¬6) من غير حكم قافة، ولا توقف على قافة. فصل (¬7) ¬
1 - أحدُهما: أن يَرْتَضع في العامَين، فلو ارتَضع بعدهما بلحظةٍ: لم تثبُت (¬1). 2 - الثاني: أن يَرتضعَ خَمسَ رَضعَاتٍ (¬2)، ومتى امتصَّ ثم قطَعَه -ولو قهرًا، أو لتنفُّس أو مَلَّهُ (¬3)، أو لانتقالٍ إلى ثديٍ آخرَ أو مرضعَةٍ أخرى-: فرضعة (¬4)، ثم إن عاد -ولو قريبًا-: فثِنتانِ (¬5)، وسَعُوطٌ في أنفٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وسعوط في أنف. . . إلخ) هذا سبق في قوله: (أو شربه ونحوه) (¬6)، إلا أنه فصل هنا ما أجمله (¬7) هناك. ¬
ووَجُورٌ في فم: كرَضاع (¬1). ويُحرِّم ما جُبِّن (¬2) أو شِيبَ وصفاتُه باقيةٌ (¬3)، أو حُلِب من ميِّتةٍ (¬4) -ويحنَثُ به من حلف: لا يشربُ لبنًا- (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويحرم ما جُبِّنَ) فيحصل التحريم بخمس لُقم (¬6). * قوله: (ويحنث به)؛ أيْ: بما ذكر من اللبن المشوب ولبن المَيِّتَة (¬7). ¬
لا حُقنةٌ (¬1)، ولا أثَر لواصلٍ جوفًا لا يُغذِّي كمثانةٍ، وذكرٍ (¬2). ومن أرضَع خمسُ أمهات أولادِه -بلبنِه- زوجةً له صغرى، كلُّ واحدةٍ رضعةً حرُمتْ: لثبوتِ الأبُوَّةِ، لا أمهاتُ أولادِه: لعدمِ ثبوتِ الأمومة (¬3). ولو كانت المرضِعاتُ بناتَه (¬4) أو بناتَ زوجتِه: فلا أُمومةَ (¬5)، ولا يصير جَدًّا، ولا زوجتُه جدةً، ولا إخوةُ المرضِعاتِ أخوالًا، ولا أخواتُهن خالات. ومن أرضَعتْ أمُّه وبنتُه وإخوتُه وزوجتُه وزوجةُ ابنِه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا زوجته جدة)؛ أيْ (¬6): أم البنات (¬7). ¬
-طِفلةً- رضعةً رضعةً: لم تحرُم عليه (¬1)، ومن أرضَعتْ -بلبنِها من زوج- طفلًا ثلاثَ رَضعاتٍ، ثم انقطع، ثم أرضعتْه -بلبنِ زوج آخرَ- رضعتَين: ثبتت الأمومةُ، لا الأُبُوَّةُ، ولا يَحِلُّ مرتضعٌ -لو كان أنثى- لواحدٍ من الزوجَين (¬2). ومن زوَّج أمَّ ولدِه برضِيعٍ حُرٍّ: لم يصحَّ (¬3)، فلو أرضعتْه بلبنِه: لم تحرُم على السيد (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا يحل مرتضع [لو] (¬5) كان أنثى لواحد من الزوجَين)؛ لكونها صارت ربيبة (¬6)، فحرمت للمصاهرة لا للرضاع. * قوله: (لم يصح) حيث لم يكن محتاجًا للخدمة ولم يكن معسرًا (¬7). * قوله: (لم تحرم على السيد)؛ لأنه. . . . . . ¬
2 - فصل
2 - فصل ومن تزوَّج ذاتَ لبن (¬1) ولم يدخُل بها، وصغيرةً فأكثرَ (¬2)، فأَرَضَعتْ (¬3) -وهي زوجةٌ، أو بعدَ إبانةٍ- صغيرةً. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لم تثبت (¬4) الزوجية للرضيع فلم تثبت كونها (¬5) من حلائل الأبناء (¬6). بخلاف ما لو كان الرضيع [رقيقًا، فإنها بالرضاع بعد العقد (¬7) تحرم على كل من الرضيع والسيد، أما الرضيع] (¬8)؛ فلكونه (¬9) ولدها، وأما السيد؛ فلكونها صارت بالنسبة له من حلائل الأبناء -نبه عليه في الحاشية (¬10) -. فصل (¬11) * قوله: (وصغيرة) عطف بالواو المقتضية لمطلق الجمع إشارة إلى أنه لا فرق ¬
حرُمتْ أبدًا، وبقي نِكَاحُ الصغيرة (¬1) حتى تُرضِعَ ثانية. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بين أن يتزوج ذات اللبن أولًا أو آخرًا؛ لأن المدار على الحصول (¬2). * قوله: (حرمت)؛ أيْ: ذات اللبن (¬3) وقوله: (أبدًا)؛ [لأنها صارت أم زوجته (¬4)؛ لأن العقد على البنات يحرم الأمهات على الأبد] (¬5)، ولم نقل بأنه (¬6) ينفسخ نكاحها معًا بناء على ما يأتي من أنه إذا اجتمع في نكاحه ذات اللبن وينتها انفسخ نكاحهما؛ لأنهما لم يجتمعا [في] (¬7) حال ثبوت الأمومة، بل بمجرد تمام الرضاع انفسخ نكاح الكبيرة، فلم يجتمعا في نكاحه فلم يكن مثلها، وفي هذا نظر بَيِّن؛ فإن الرضاع ترتب عليه أمران أحدهيما علة للآخر، وهما ثبوت الأمومة والانفساخ، وثبوت الأمومة سابق في الاعتبار على الانفساخ (¬8) ضرورة أنه علة له، وحيث (¬9) اعتبر ثبوت الأمومة متقدمًا على الانفساخ صدق عليه أنه اجتمع في عقد نكاحه ذات لبن وبنتها، فلا فرق بيينهما، فالأَوْلَى في الجواب ¬
فينفسخُ نكاحُهما (¬1)، كما لو أرضعتْهما معًا (¬2). وإن أرضَعتْ ثلاثًا منفرِداتٍ (¬3)، أو ثِنْتَين معًا والثالثةَ منفردةً: انفسخ نكاحُ الأوَّلتَين. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أن يقال: إن عقد البنات لا ينفسخ إلا بالدخول بالأمهات، وقد فرض المسألة فيما إذا تزوج ذات لبن ولم يدخل بها. * قوله: (فينفسخ نكاحهما)، لأنهما صارا أختَين من الرضاع، واجتمعا في نكاحه، وثبتت الأخوة لهما معًا، فلا ترجيح لواحدة على الأخرى بإبقاء نكاحها أو انفساخه (¬4). * قوله: (والثالثة منفردة) كان الأولى التعبير بـ: ثم بدل الواو. * قوله: (انفسخ نكاح الأوَّلَتَيْنِ)؛ لأنه قد اجتمع في عصمته أختان (¬5) ¬
وبقي نِكاحُ الثالثة (¬1)، وإن أرضَعتْ الثلاث معًا -بأن شَربْنَه محلوبًا معًا من أوعِيةٍ أو إحداهن منفردة- ثم ثنتَين معًا: انفسخَ نكاحُ الجميع، ثم له أن يتزوج من الأصاغر (¬2). وإن كان دخل بالكبرى: حرُم الكلُّ على الأبد (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وبقي نكاح الثالثة)؛ لأنه في الصورتَين لم يبق في العصمة غيرها (¬4). * قوله: (بأن شربنه) (¬5) أو شربته واحدة محلوبًا والأخريان من ثديها أو كان لإحدى ثديَيها ثندتان (¬6) بأن خلقه اللَّه كذلك؛ فإنه يخلق ما يشاء. * قوله: (أو إحداهن) (¬7) عطف على قوله: (الثلاث). * قوله: (ثم له أن يتزوج من الأصاغر)؛ لأن تحريمهن لعارض الجمع، وقد زال (¬8). ¬
لا الأصاغرُ: إن ارتَضَعْن من أجنبية. ومن حرُمتْ عليه بنتُ امرأةٍ -كأمِّه وجدته وأخته، ورَبِيبتِه- إذا أرضَعتْ طفلةً: حرَّمتْها عليه (¬1)، ومن حرُمتْ عليه بنت رجل -كأبيه وجدِّه، وأخيه وابنِه- إذا أرضَعت زوجتُه بلبنِه طفلةً: حرَّمتْها عليه (¬2)، وينفسخ فيهما النكاحُ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا الأصاغر (¬3) إن ارتضعن من أجنبية) لكن متى اجتمع في نكاحه اثنتان من الأصاغر انفسخ نكاحهما؛ لثبوت الأخوة (¬4)، وكلامه موهِم. * قوله: (حرمت عليه)؛ (أيْ: الكبرى؛ لأنها صارت جدة نسائه، فدخلت في عموم: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ}) (¬5)، شرح (¬6). ¬
إن كانت زوجةً (¬1). ومَن لامرأتِه ثلاثُ بناتٍ من غيره، فأرضَعن ثلاثَ نسوة له كلُّ واحدةٍ واحدةً إرضاعًا كاملًا ولم يدخل بالكبرى: حرمت عليه، ولم ينفسخ نكاحُ واحدة من الصغار (¬2)، وإن أرضَعْن واحدةً -كلُّ واحدةٍ منهن رضعتَين-: حرُمتْ الكبرى (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولم ينفسخ نكاح واحدة من الصغار)؛ لأنهن لَسْن أخوات بل بنات خالات، والجمع بينهن لا يفسخ النكاح (¬4). * قوله: (وإن أرضعن واحدة كل واحدة منهن رضعتَين حرمت الكبرى) على طريقة (¬5) التنقيح (¬6)، لا على ما سبق له في لفصل (¬7) السابق (¬8)، وما سبق هو ما اختاره الموفق في المغني (¬9). . . . . . ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والشارح (¬1)، وصححه في الإنصاف (¬2)، حكي الخلاف في الإقناع في آخر الفصل الثالث (¬3). وفي حاشية شيخنا (¬4): (قوله: (حرمت الكبرى): هكذا في التنقيح (¬5)، قال الناظم: وهو الأقوى (¬6)، وقدمه في المحرر (¬7)، والرعايتَين (¬8)، والحاوي (¬9)، وقيل: لا تحرم، صححه الموفق في المغني (¬10)، وقال (¬11) الشارح: وهو (¬12) ¬
وإذا طلَّق زوجةً لها لبنٌ منه، فتزوَّجتْ بصبيٍّ، فأرضَعتْه بلبنِه إرضاعًا كاملًا: انفسخ نكاحُها، وحرُمت عليه وعلى الأول أبدًا (¬1)، ولو تزوَّجت (¬2) الصبيَّ أولًا، ثم فسَختْ نكاحَه لمقتضٍ، ثم تزوَّجت كبيرًا فصار لها منه لبن، فأرضَعتْ به الصبيَّ، أو زوَّج رجل أمتَه بعبدٍ له رَضيعٍ، ثم عَتَقتْ فاختارت فراقَه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أولى (¬3)، وصححه في الإنصاف (¬4)، ومشى عليه في المتن أولًا)، انتهى. * قوله: (فتزوجت بصبي)؛ أيْ: لم يتم له حولان (¬5). * قوله: (وعلى الأول أبدًا)؛ لأن الصبي التي (¬6) تزوجت به صارت أمه وصارت الزوجة من حلائل الأبناء (¬7). وبخطه: قال في المستوعب: (وهي مسألة عجيبة؛ لأنه تحريم طرأ برضاع ¬
3 - فصل
ثم تزوَّجتْ بمن أولَدَها فارضَعتْ بلبنه زوجَها الأولَ: حرُمتْ عليهما أبدًا (¬1). * * * 3 - فصل وكلُّ امرأةٍ أفسدتْ نكاحَ نفسها برَضاعٍ قبلَ الدخول: فلا مهرَ لها، وإن طِفْلَةً؛ بأن تَدُبَّ فترتَضِعَ من نائمةٍ أو مغمًى عليها (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أجنبي) (¬3)، وأقول: هذا التعجب (¬4) ساقط؛ لأن الإرضاع صيَّره ابنًا، فصارت من حلائل الأبناء. * [قوله] (¬5): (حرمت عليهما أبدًا) أما الصغير؛ فلأنها صارت أمه، وأما الكبير؛ فلأنها صارت من حلائل الأبناء بالنسبة له (¬6). فصل (¬7) ¬
ولا يسقُط بعدَه (¬1)، وإن أفسده غيرُها: لزمه قبلَ دخولٍ نصفُه، ومعده كلُّه، يُرجَعُ فيهما على مفسد، ولها الأخذُ من المفسِد (¬2)، ويوزَّع -مع تعدُّدِ مفسد- على رَضَعاتِهن المحرِّمةِ، لا على رؤوسهن (¬3) فلو أرضَعتْ امرأتُه الكبرى الصغرى، وانفسخ نكاحُهما: فعليه نصفُ مهرِ الصغرى، يَرجِعُ به على الكبرى، ولم يسقُط مهرُ الكبرى (¬4)، وإن كانت الصغرى دَبَّتْ، فارتَضعتْ منها وهي نائمةٌ: فلا مهرَ للصغرى، ويَرجعُ عليها بمهرِ الكبرى: إن دخَل بها، وإلا: فبنصفِه (¬5). ومن له ثلاثُ نسوةٍ، لهن لبن منه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا يسقط بعده)؛ أيْ: بعد الدخول (¬6). * قوله: (وانفسخ نكاحهما)؛ يعني بأن كان دخل بالكبرى (¬7). ¬
فارضعن زوجةً له صغرى -كلُّ واحدةٍ رضعتَيْن-: لم تحرُم المرضعاتُ، وحرُمتْ الصغرى، وعليه نصفُ مهرِها، يرجِعُ به عليهن أخماسًا (¬1)؛ خُمساهُ (¬2) على من أرضَعتْ مرتَيْن (¬3) وخُمسُه على من أرضَعتْ مرةً (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لم تحرم المرضعات) (¬5) بعدم ثبوت الأمومة (¬6)، هذه تخالف ما أسلفه. * قوله: (من أرضعت (¬7) مرتَين) (مَنْ) هنا واقعة على متعدد وهو اثنتان، والمراد خمساه على المرضعتَين (¬8) الأولتَين؛ أيْ: على كل واحدة منهما خمسه (¬9)؛ أيْ: النصف، وعلى الثالثة التي أرضعت (¬10) [رضعة] (¬11) تحرِّمه (¬12) خمسه، ¬
4 - فصل
4 - فصل وإن شُكَّ في رَضاع أو عَددِه: بُنَي على اليقين (¬1)، وإن شَهِدتْ به مَرضيَّةٌ: ثَبَت (¬2). ومن تزوَّج، ثم قال: (هي أختي من الرَّضاع). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ورضعتها الثانية لا اعتبار لها؛ لأنها زائدة على الرضاع (¬3) المحرِّم (¬4). فصل (¬5) * قوله: (وإن شك في رضاع. . . إلخ) بقي لو ثبت الرضاع وشك هل [كان في] (¬6) الحولَين أو بعد مضيهما هل يحكم بأنه قبل الحولين؛ لأن الأصل الصغر والحظر؟، أوْ لا؛ لأن الأصل الإباحة؟، والأول أظهر، فليحرر!. ثم رأيته قال في المبدع آخر الفصل الثاني من هذا الباب (¬7) ما نصه: (وإن شكَّت (¬8) المرضعة في الرضاع أو كماله في الحولَين ولا بينة، فلا تحريم)، انتهى. ¬
انفسخ النكاحُ حكمًا، وفيما بينه وبين اللَّهِ -تعالى-: إن كان صادقًا، وإلا: فالنكاحُ بحالِه (¬1)، ولها المهرُ بعدَ الدخول ولو صدَّقتْه، ما لم تطاوعه عالمةً بالتحريم (¬2)، ويسقُط قبله إن صدَّقتْه (¬3). وإن قالت هي ذلك، وأكْذَبَها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وربما أخذ ذلك من تعليل الإقناع (¬4)، وإن اختلف موضوع المسألتَين، فإنه قال: (وإذا شك في الرضاع أو عدده بُني على اليقين؛ لأن الأصل عدم الرضاع في المسألة الأولى، وعدم وجود الرضاع المحرِّم في الثانية)، انتهى، فتدبر!. وقد جزم بذلك شيخنا في شرحه (¬5) فقال بعد قول المصنف: (وإن شك في رضاع أو عدده بُني على اليقين): (وكذا لو شك في وقوعه في العامَين)، انتهى. * قوله: (وإلا فالنكاح بحاله) وعلى هذا فينبغي أن يتوقف نكاح غيره على طلاقه -كما في مسألة الوكيل المتقدمة في الباب قبله-. ¬
فهي زوجتُه حُكْمًا (¬1)، وإن قال: (هي ابنتي من الرَّضاع) -وهي في سِنٍّ لا يَحتمِل ذلك-: لم تحرُم، لتيقُّنِ كذبِه (¬2)، وإن احتَمَل، فكما لو قال: (هي أختي من الرَّضاع) (¬3) ولو ادَّعى بعد ذلك خطأً: لم يُقْبَل، كقولِه ذلك لأمتِه ثم يَرجعُ (¬4)، ولو قال أحدهما ذلك قبلَ النكاح: لم يُقبل رجوعُه ظاهرًا (¬5). ومن ادَّعى أخُوَّةَ أجنبيةٍ أو بُنُوَّتَها من رَضاع، وكذبتْه: قبلت (¬6) شهادةُ أمّها وبنتها، من نسبٍ بذلك، لا أمِّه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومن ادعى أخوة أجنبية) المراد بالأجنبية غير الزوجة (¬7). * قوله: (قبلت شهادة أمها)؛ لأنها شهادة عليها. * قوله: (وبنتها) فيه نظر؛ فإن البنت ليست على يقين من ذلك ضرورة ما لم تكن شهادة بموجب إقرار. * قوله: (لا أمِّهِ)؛ لأنها شهادة له. ¬
ولا بنتِه (¬1)، وإن ادَّعتْ ذلك هي، وكذَّبها: فالبعكسِ (¬2)، ولو ادَّعتْ أمةٌ أُخُوَّةً، بعدَ وطءٍ: لم يُقبل، وقَبْله (¬3): يُقبلُ في تحريم وطءٍ، لا ثبوتِ عتقٍ (¬4). وكره استرْضاع فاجرةٍ، ومشركةٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فالبعكس)؛ أيْ: فتقبل شهادة أمه وبنته لا أمها وبنتها (¬5). * قوله: (وقَبْلَه: يقبل في تحريم وطء) هذا كلام ابن نصر اللَّه (¬6)، وخالفه المنقح في تصحيح الفروع فقال: لا يقبل مطلقًا؛ لأن قولها لا يقبل بمجرده (¬7). ¬
وحَمْقاءَ، وسيئةِ الخلُق، وجَذماءَ، وبَرْصاءَ (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وبرصاء)؛ أيْ: ونحوها مما يخاف (¬2) تعدِّيه، وقال في الإنصاف: (الصواب المنع من إرضاع من به ذلك) (¬3). * * * ¬
28 - كتاب النفات
28 - كِتَابُ النَّفَاتِ
(28) كِتَابُ النفقاتُ: جمعُ (نَفَقةٍ)، وهي: كفايةُ من يَمُونُه خُبزًا وأُدْمًا، وكسوةً وسكنًا، وتوابعَها (¬1). وعلى زوجٍ ما لا غَنَاءَ لزوجةٍ عنه -ولو معتدَّةً من وطءِ شبهةٍ، غيرَ مطاوعةٍ- من مأكولٍ ومشروبٍ، وكسوةٍ وسُكنَى بالمعروف (¬2)، ويَعتبرُ حاكمٌ ذلك إن تنازَعا بحالِهما (¬3). فيَفرِضُ لموسِرةٍ مع موسِرٍ كفايتَها؛ خبزًا خاصًّا بأُدْمِه المعتادِ لمثلها (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب النفقات (¬5) ¬
ولحمًا عادةَ الموسِرين بمحَلِّهما (¬1) -وتُنْقَلُ متبرِّمة من أُدم إلى غيره، ولابُدَّ من ماعُونِ الدار، ويُكتَفى بخَزَفٍ وخشبٍ. والعَدلُ: ما يليق بهما (¬2) - وما يَلبَس مثلها؛ من حريرٍ وخَزٍّ، وجيِّدِ كَتَّانٍ وقطنٍ، وأقلُّه: قميصٌ وسَرَاويلُ، وطَرْحةٌ ومِقْنَعةٌ، ومَدَاسٌ وجُبةٌ للشتاء، وللنومِ: فراشٌ ولِحَافٌ ومخَدَّةٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومقنعة) (بكسر الميم ما تقنع به المرأة، وكذلك المقنع، قال الجوهري: والقناع أوسع من المقنعة) (¬3). * قوله: (ومَداس) (المداس بفتح الميم مَفعل (¬4) من داس يدوس؛ لكثرة الدوس عليه؛ كالمقبرة (¬5)؛ لكثرة القبور فيه، ولو سلك مسلك الآلات لكُسِرَ كالمِقَصِّ ونحوه)، مطلع (¬6). * قوله: (ومِخَدَّة) (المخدة بكسر الميم، قال الجوهري: لأنها توضع [تحت] (¬7) الخد)، مطلع (¬8). ¬
وللجلوس: بساطٌ ورفيعُ الحصير (¬1). ولفقيرةٍ مع فقيرٍ كفايتُها: خبزًا خُشْكارًا بأُدمه، وزيتَ مصباح، ولحمًا العادةَ، وما يَلبَسُ مثلُها، وينام فيه، ويَجلسُ عليه (¬2)، ولمتوسّطةٍ مع متوسِّطٍ، وموسِرةٍ مع فقيرٍ، وعكسِهما: ما بَيْن ذلك (¬3)، وموسِرٌ نصفُه حُرٌّ كمتوسِّطَيْن، ومعسِرٌ كدلك كمعسِرَين (¬4). وعليه مَؤونَةُ نظافتِها: من دُهنٍ، وسِدْرٍ، وثمنِ ماء ومُشْطٍ، وأجرةِ قيِّمةٍ، ونحوه. لا دواءٌ وأجرةُ طبيب. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (كذلك)؛ أيْ: نصفه حُرٌّ (¬5). ¬
وكذا ثمنُ طيبٍ وحِنِّاءٍ وخِضابٍ، ونحوُه (¬1). وإن أراد منها تزيُّنًا به أو قطْعَ رائحةٍ كريهةٍ، وأتَى به: لزمها، وعليها تركُ حِناءٍ وزينةٍ نَهى عنهما (¬2)، وعليه لمن بلا خادم ويُخْدمُ مثلُها ولو لمرض خادم واحد (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وكذا ثمن طيب)؛ أيْ: لا يلزمه (¬4)، فهو من مدخول لا، وفي المغني (¬5)، والترغيب (¬6) لا يلزمه لها خف (¬7) ولا ملحفة، ودليل ذلك؛ لكون المرأة لا تحتاج إلى ذلك إلا عند خروجها، وليس خروجها من حاجتها الضرورية المعتادة (¬8). ¬
وتجوز كتابية وتُلْزمُ بقبولها (¬1) ونفقتُه وكُسوتُه كفقيرَين، مع خُفٍّ ومِلْحفةٍ لحاجةِ خروجٍ (¬2) -ولو أنه لها- (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويجوز كتابية) (¬4) بالنصب صفة لمحذوف هو خبر كان المحذوفة، والتقدير: ويجوز كون الخادم امرأة [كتابية] (¬5). وبخطه: قال شيخنا في شرح الإقناع: (وكذا مجوسية ووثنية ونحوهما) (¬6). ¬
إلا في نظافة (¬1)، ونفقةُ مُكْرًى ومُعارٍ، على مُكْرٍ ومُعِيرٍ (¬2)، وتعيينُ خادِمٍ لها إليهما، وسواهُ إليه (¬3). وإن قالت: "أنا أخدُمُ نفسي، وآخُذُ ما يجب لخادمي" (¬4)، أو قال: "أنا أخدُمُكِ بنفسي"، وأبَى الآخرُ: لم يُجبَرْ (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (إلا في نظافة)؛ أيْ: (فلا يجب للخادم دهن ولا سدر ومشط ونحوه؛ لأن ذلك يراد للزينة وهي لا تطلب من الخادم)، شرح (¬6). * قوله: (وسواه)؛ أيْ: سوى خادمها (¬7). ¬
1 - فصل
وتَلزمُه مؤنسةٌ لحاجةٍ، لا أجرةُ من يوضِّئُ مريضةً بخلاف رقيقِه (¬1) * * * 1 - فصل والواجب دفع قوتٍ -لا بدلِه، ولا حبٍّ-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويلزمه مؤنسة لحاجة) بأن كانت بمكان مخوف ولها عدو تخاف (¬2) على نفسها منه؛ لأنه ليس من المعاشرة بالمعروف أن تقيم وحدها بمكان لا تأمن على نفسها فيه (¬3). فصل (¬4) ¬
أول نهار كل يوم (¬1)، ويجوز ما اتفقا عليه: من تعجيلٍ وتأخيرٍ ودفع عوضٍ، ولا يجبر من أبى (¬2)، ولا يملك الحكم فرض غير الواجب -كدراهم مثلًا- إلا باتفاقهما، وفي الفروع: "فأما مع الشقاق والحاجة -كالغائب مثلًا- فيتوجَّه الفرض؛ للحاجة إليه على ما لا يخفى" (¬3) ولا يعتاض عن الماضي بربوي (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (كدراهم) (¬5) قال في الهدي: (فرض الدراهم لا أصل له في كتاب اللَّه ولا سنة رسوله؛ لأنه معاوضة بغير الرضى عن غير مستقر، فلا يجوز) (¬6). * قوله: (ولا يعتاض عن الماضي بربوي) (كأن عوَّضها عن الخبز حنطة أو دقيقها (¬7)،. . . . . . ¬
وكسوةٍ وغطاءٍ ووطاءٍ ونحوهما، أول كل عام من زمن وجوب (¬1). وتملك ذلك بقبضٍ -فلا بدل لما سرق أو بلِي (¬2) - والتصرُّف فيه على وجهٍ لا يضرُّ بها (¬3)، وإن أكلت معه عادةً، أو كساها بلا إذنٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فلا يصح ولو تراضيا عليه؛ لأنه (¬4) ربا)، شرح (¬5). * [قوله] (¬6): (وكسوة) بالجر عطف على (قوت) (¬7). * قوله: (من زمن وجوب) لم يقل من زمن استمتاع (¬8)؛ لأنه لا يشمل (¬9) ما بذلت نفسها وامتنع، مع أن عموم كلامه يشمله وهو مراد، فتدبر!. ¬
سقطت (¬1)، ومتى انقضى العام -والكسوة باقيةٌ- فعليه كسوة للجديد (¬2)، بخلاف ماعون ونحوه، وإن قبضتها، ثم مات أو ماتت أو بانت قبل مضيِّهِ: رجع بقسط ما بقي. وكذا نفقةٌ تعجَّلتها (¬3)، لكن: لا يرجع ببقية يوم الفرقة، إلا على ناشز (¬4)، ويرجع ببقيتها من مال غائب، بعد موته، بظهوره (¬5)، ومن غاب، ولم ينفق: لزمه الماضي، ولو لم يفرضها حكم (¬6). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (والكسوة باقية) كان الظاهر في التعبير: ولو كانت الكسوة باقية. * قوله: (ومن غاب ولو ينفق) [لو أسقط لفظ: غاب، وحرف العطف الذي ¬
2 - فصل
2 - فصل ورجعية (¬1)، وبائنٌ حامل كزوجةٍ (¬2)، وتجب لحمل ملاعنةٍ، إلى أن ينفيه بلعانٍ بعد وضعه (¬3)، ومن أنفق يظنُّها حاملًا، فبانت حائلًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بعده لكان أشمل فتأمل!، وقد يقال: إنما قيد بالغائب؛ لأنه محل النص (¬4) وقيس عليه حاضر لم ينفق] (¬5)، كما يؤخذ من صنيع الشارح (¬6). فصل (¬7) ¬
رجع (¬1)، ومن تركه يظنُّها حائلًا، فبانت حاملًا: لزمه ما مضى (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومن تركه يظنها حائلًا فبانت حاملًا لزمه ما مضى) هذه [المسألة] (¬3) مخالفة للقواعد؛ لأن نفقة الحمل نفقة قريب تسقط بمضي الزمان (¬4)، فلعله مبني على القول بأن النفقة لها بسبب الحمل لا للحمل (¬5)، فليراجع!. ثم رأيت فيما كتبه المظفري (¬6) تلميذ المنقح بهامش التنقيح: أن هذه المسألة مستثناة من قولهم: نفقة القريب تسقط بمضي الزمان؛ يعني: وليست مبنية على القول بأن النفقة لها، ولكن دعوى الاستثناء لا تظهر إلا في كلامِ مَن نصَّ على أن النفقة للحمل، ثم على أن نفقة القريب مطلقًا تسقط بمضي الزمان، [وأما في كلامِ مثلِ المصنف -حيث تعرض لأن نفقة الحمل تسقط بمضي الزمان] (¬7)، كما يأتي بعد ذلك ¬
ومن ادَّعت حملًا: وجب إنفاق ثلاثة أشهر (¬1). فإن مضت ولم يبن: رجع (¬2)، بجلاف نفقة في نكاح تبيَّن فساده، وعلى أجنبيةٍ (¬3)، والنفقة للحمل. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بأسطر-، فيتعين حمله على القول الثاني، كما أشرنا إليه، فتدبر!. وما كتبه المظفري موافق لقول الإقناع في التي (¬4) قبلها، سواء قلنا: النفقة للحمل، أو: لها من أجله، في ظاهر كلامهم (¬5). * قوله: (بخلاف نفقة في نكاح تبين فساده) ولعل مثله النفقة على مبيع بشراء فاسد، فليحرر!. * قوله: (وعلى أجنبية)؛ أيْ: ولم تقع خطبة، أما إن وقعت خطبة، ولم يفوا بما وعدوه، فقد أسلفه المصنف أن له الرجوع (¬6). ¬
فتجب لناشز، وحامل من وطء شبهة أو نكاح فالمعد، وملك يمين ولو أعتقها. وعلى وارث زوج ميت، ومن مال حملٍ موسر، ولو تلفت: وجب بدلها، ولا فطرة لها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فتجب لناشز)؛ أيْ: حامل (¬1). * قوله: (وحامل من وطء شبهة) وهل تجب هنا على الزوج] (¬2) أيضًا؟. توقف فيه شيخنا (¬3)، ثم قال: لكن قوله في المسألة الآتية؛ يعني: (فيما إذا وطئت رجعية بشبهة أو نكاح فاسد) ومتى ثبت نسبه من أحدهما رجع عليه الآخر بما أنفق، فإنه يؤخذ منه أن النفقة لازمةٌ من ثبت نسب الحمل له، والنسب هنا ثابت من أول الأمر للواطئ، فتجب النفقة ابتداء عليه، ولا تجب على الزوج نفقة ثانية، وإلا لم يتأتى الرجوع في هذه المسألة، ولكن هذا المأخذ لا يسلم إلا إذا قلنا إنه يجب عليهما في المسألة الأخيرة نفقة واحدة للزوجية والحمل. * قوله: (وعلى وارث زوجٍ) [الأولى] (¬4) وعلى وارث حمل من زوج. . . إلخ (¬5). * قوله: (ولو تلفت وجب بدلها) ولو قلنا أنها لها لم يجب بدلها -كما تقدم-. ¬
ولا تجب على زوج رقيقٍ أو معسرٍ أو غائبٍ (¬1)، ولا على وارث مع عسر زوج (¬2)، وتسقط بمضيِّ الزمان (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا على وارث مع عسر زوج)؛ لأنه لا يرثه مع وجود أبيه، فانتفى شرط وجوب النفقة (¬4)، وقيده شيخنا بما إذا كان ذلك الوارث غير عمودَي نسبه (¬5)؛ إذ لا يشترط فيه ذلك (¬6) (¬7) -كما سيأتي في نفقة الأقارب (¬8) -. ¬
المنقِّح: "ما لم تستدن بإذن حكم، أو تنفق بنية الرجوع"، انتهى (¬1). وإن وطئت رجعيةٌ بشبهةٍ أو نكاح فاسد، ثم بان بها حمل يمكن كونه منهما: فنفقتها حتى تضع عليهما، ولا ترجع على زوجها: كبائنٍ معتدَّةٍ، ومتى ثبت نسبه من أحدهما: رجع عليه الآخر بما أنفق (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله] (¬3): (المنقح: ما لم تستدن بإذن حاكم)؛ أيْ: أو يفرضها (¬4). * [قوله] (¬5): (أو نكاح فاسد) إن قيل: كيف يتصور (¬6) كونه فاسدًا مع كونها رجعية؟، قيل: يتصور بأن يكون في آخر الحيضة الثالثة وقبل الطهر، أو يراد بالفاسد الباطل، ويكون الواطئ قد جهل الحال حتى يلتحق به الولد. * قوله: (ولا ترجع على زوجها) إذا ترك الإنفاق عليها؛ لأنها نفقة قريب. ¬
ولا نفقة لبائنٍ غير حامل (¬1)، ولا من تركةٍ لمتوفى عنها (¬2) أو لأم ولد (¬3)، ولا سكنى، ولا كسوة ولو حاملًا (¬4)، كزانيةٍ (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا سكنى) ولا يرد عليه قوله -تعالى-: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} (¬6)؛ لأن حديث فاطمة بنت قيس (¬7) الذي رواه الإمام أحمد والأثرم والحميدي (¬8) ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قد خصصه بالرجعية (¬1). قال الشارح: والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- هو المبين (¬2) عن اللَّه -تعالى- مراده، ولا شيء يدفع (¬3) ذلك، ومعلوم أنه أعلم بتاويل قوله -تعالى-: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} فراجع الشرحَين (¬4). ¬
3 - فصل
3 - فصل ومتى تسلَّم من يلزمه تسلُّمها، أو بذلته هي أو وليٌّ (¬1) -ولو مع صغر زوج (¬2) أو مرضع أو عنته أو جبِّ ذكره، أو تعدر وطءٍ؛ لحيض أو نفاس أو رتقٍ أو قرنٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل (¬3) * قوله: (ومتى تسلم (¬4) من يلزمه تسلمها. . . إلخ) (وهي التي يوطأُ مثلها وهي بنت تسع فأكثر)، انتهى، قاله في شرحه (¬5)، وهو الموافق لما أسلفه في المتن في الصداق (¬6)، ومثله (¬7) القاضي (¬8)، والمجد، وغيرهما (¬9). . . . . . ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بذلك (¬1)، وهو مقتضى نص أحمد في رواية عبد اللَّه وصالح (¬2)، وأناط الخرقي وأبو الخطاب وابن عقيل والشيرازي والموفق الحكم بمن يوطأ مثلها (¬3). قال في الإنصاف (¬4): (وهو أقعد (¬5)؛ فإن تمثيلهم بالسن فيه نظر؛ بل الاعتبار ¬
أو لكونها نضوةً أو مريضةً، أو حدث بها شيءٌ من ذلك عنده -لزمته نفقتها وكسوتها (¬1). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالقدرة على ذلك أولى أو متعيَّن، وهذا يختلف، فقد تكون (¬2) ابنة [تسع] (¬3) تقدر على الوطء وبنت عشر لا تقدر عليه، باعتبار كبرها وصغرها، مِن نحولها وسمنها، وقوتها وضعفها، لكن الذي يظهر أن مرادهم بذلك في الغالب، وقال الزركشي: وقد يحمل إطلاق من أطلق من الأصحاب على ذلك). يبقى النظر في حمل صاحب الإنصاف هل هو مقابل لما جزم به التنقيح أو مخالف له؛ فإنه قال: (أو تسلم من يلزمه تسلمها ولو تعذر وطؤها لمرض (¬4) أو حيض أو نفاس (¬5) أو رتق أو قرن أو لكونها نضوة الخلقة أو وجد بها شيء من ذلك عنده)، انتهى المقصود (¬6). ومقتضى العمل بخطبة التنقيح أن ما فيه هو المعتمد، وهو الذي مشى عليه المصنف بدليل قوله: (ولو مع صغر زوج) إلى أن قال: (أو لكونها نضوة أو مريضة أو حدث بها شيء من ذلك عنده). * قوله: (نضوة)؛ أيْ: نحيفة (¬7). ¬
لكن: لو امتنعت -ثم مرضت فبذلته- فلا نفقة [لها] (¬1) (¬2). ومن بذلته -وزوجها غائب- لم يفرض لها حتى يراسله حاكم، ويمضي زمن يمكن قدومه في مثله (¬3). ومن امتنعت، أو منعها غيرها، بعد دخول -ولو لقبض صداقها- فلا نفقة لها (¬4)، ومن سلَّم أمته ليلًا ونهارًا: فكحرةٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فلا نفقة لها)؛ يعني: على الزوج في المسألتَين، لكن فيما إذا منعها غيرها ينبغي أن تجب لها النفقة على مانعها؛ لأنه هو المفوت لها؛ ولئلا تسقط نفقتها من غير سبب حاصل منها. قال في تصحيح الفروع: (ولم أره (¬5) في كلام أحمد لكنه (¬6) قوي)، انتهى (¬7). * قوله: (فكحرة)؛ أيْ: فهي كحرة في (¬8) أنه يجب على زوجها نفقتها (¬9)، ¬
ولو أبى زوج (¬1)، وليلًا فقط: فنفقة نهارٍ على سيدٍ، وليلٍ -كعشاءٍ ووطاءٍ وغطاءٍ، ودهن مصباح ونحوه-: على زوجٍ (¬2)، ولا يصح تسليمها نهارًا فقط (¬3). ولا نفقة لناشز. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فالرابط محذوف -على ما يؤخذ من شرحه (¬4) -. * قوله: (ولا يصح تسليمها نهارًا فقط) لعله ما لم يكن الزوج ممن تَعَيُّشه [بالليل] (¬5) كحارس -كما هو مقتضى تعليلهم، كما أشار إليه الشارح (¬6) -. * قوله: (ولا نفقة لناشز)؛ أيْ: ما لم تكن حاملًا -كما سلف (¬7) [في الفصل] (¬8) الذي قبله (¬9) -. ¬
ولو بنكاح في عدة (¬1)، وتشطر لناشزٍ ليلًا، أو نهارًا، أو بعض أحدهما (¬2)، وبمجرَّد إسلام مرتدةٍ ومتخلفةٍ -ولو في غيبة زوج-: تلزمه (¬3)، لا إن أطاعت ناشز، حتى يعلم ويمضي ما يقدم في مثله (¬4)، ولا نفقة لمن سافرت لحاجتها أو لنزهةٍ أو زيارة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولو بنكاح في عدة) والنكاح حينئذ باطل (¬5). * قوله: (ولا نفقة لمن سافرت. . . إلخ). (قال ابن نصر اللَّه: أما سفرها؛ لانقطاع نفقتها؛ لتطالب بها عند حاكم أو لتفسخ نكاحها بسبب انقطاع نفقتها لعدم حاكم ببلدها (¬6) يرى الفسخ، فيحتمل [ألا تسقط بذلك؛ لأنه ضروري، كما لو خرجت إلى حكم ببلدها لتطالبه بنفقتها، ويحتمل] (¬7) سقوطها، ويحتمل الفرق بين قصير السفر وطويله)، حاشية (¬8). ¬
ولو بإذنه (¬1)، أو لتغريب (¬2)، أو حبست ولو ظلمًا، أو صامتْ لكفارةٍ، أو قضاء رمضان ووقته متسع (¬3)، أو صامت أو حجَّت نفلًا (¬4)، أو نذرًا معينًا في وقته فيهما، بلا إذنه، ولو أنَّ نذرهما لإذنه (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو لتغريب)؛ أيْ: فيما إذا زنت قبل دخول (¬6) فإنها حينئذ غير محصنة -على ما سيأتي (¬7) -. * قوله: (ووقته متسع) حال. * قوله: (فيهما)؛. . . . . . ¬
بخلاف من أحرمت بفريضة أو مكتوبة في وقتها، بسننها (¬1)، وقدرها في حج فرض، كحضرٍ. وإن اختلفا -ولا بينة- في بدل تسليم: حلف (¬2)، وفي نشوزٍ أو أخذ نفقة: حلفت (¬3). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ أيْ: في الصوم والحج -كما أشار إليه الشارح (¬4) -. * قوله: (بخلاف من أحرمت بفريضة)؛ أيْ: فريضة حج (¬5). * قوله: (مكتوبة)؛ أيْ: مكتوبة صلاة (¬6). ¬
4 - فصل
4 - فصل ومتى أعسر بنفقة معسر أو كسوته، أو ببعضهما (¬1)، أو بمسكنه (¬2)، أو صار لا يجد النفقة إلا يومًا دون يوم. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل (¬3) * قوله (¬4): (ومتى أعسر بنفقة معسر) المراد متى أعسر زوج بنفقة زوجته (¬5) بحيث إنه صار لا يمكنه تحصيل مقدار نفقة معسر؛ يعني: بحيث صار لا يجد القوت (¬6)، فتدبر!. * قوله: (ببعضهما) (¬7)؛ أيْ: النفقة والكسوة (¬8). ¬
خُيرت (¬1)، دون سيدها أو وليها (¬2)، بين فسخ فورًا ومتراخيًا، ومقام مع منع نفسها ودونه -ولا يمنعها تكسُّبًا، ولا يحبسها (¬3) - ولها الفسخ بعده، وكذا لو قالت: "رضيت عسرته"، أو تزوجته عالمة بها (¬4)، وتبقى نفقة معسر وكسوته ومسكنه -إن أقامت، ولم تمنع نفسها- دينًا في ذمته (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (خيرت)؛ أيْ: كانت مكلفة أو غير مكلفة حُرة أو رقيقة (¬6). وبخطه: قال شيخنا: (مقتضاه سماع الدعوى منهما) (¬7). * قوله: (ولم تمنع نفسها) [لا إن منعت نفسها] (¬8)؛ لأنها صارت في حكم الناشز. ¬
ومن قدر يكتسب: أجبر (¬1)، ومن تعذر عليه كسب أو بيع في بعض زمنه، أو مرض أو عجز عن اقتراض أيامًا يسيرة (¬2)، أو أعسر بماضيةٍ، أو بنفقة موسرٍ أو متوسطٍ، أو بأدْم، أو بنفقة الخادم: فلا فسخ، وتبقى نفقتهما والأدْم في ذمته (¬3) (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو بنفقة)؛ أيْ: بما يساويها. * قوله: (وتبقى نفقتهما) (¬5). قال المصنف في شرحه: (أيْ: الموسر والمتوسط) (¬6)، والأولى أن يفسر ضمير التثنية بالزوجة والخادم، كما يؤخذ ذلك من شرح الشيخ للنسخة التي وقعت له، وهي: (وتبقى (¬7) نفقتهم) بصيغة الجمع، حيث فسر ذلك بقوله: (أيْ: الموسر والمتوسط والخادم) (¬8). ¬
وإن منع موسر نفقة أو كسوة أو بعضهما، وقدرت على ماله أخذت كفايتها وكفاية ولدها ونحوه عرفًا، بلا إذنه (¬1)، ولا يقترض على أب، ولا ينفق على صغير من ماله. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وكفاية ولدها)؛ أيْ: الذي تجب على الأب نفقته كبيرًا أو صغيرًا. [وبخطه] (¬2): قوله: (ولدها)؛ أيْ: الصغير أو المجنون (¬3). * قوله: (ونحوه) كخادم (¬4). * قوله: (بلا إذنه). قال الشيخ تقي الدين: (والأضحية من أكل بالمعروف (¬5)، فلها فعلها) (¬6). * قوله: (ولا تقترض (¬7). . . إلخ)؛ أيْ: أمٌّ غير زوجة، فلا يعارضه ما يأتي ¬
بلا إذن وليه (¬1)، وإن لم تقدر (¬2): أجبره حاكم، فإن أبى: حبسه، أو دفعها منه يومًا بيوم (¬3). فإن غيَّب ماله وصبر على الحبس، أو غاب موسر وتعذرت نفقة باستدانةٍ وغيرها: فلها الفسخ (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في الباب بعده من قوله: (ولو غاب زوج فاستدانت لها ولأولادها الصغار رجعت) (¬5)؛ لأنه مفروض في الزوجة بدليل قوله: (زوج) دون أب -كما عبر به هنا (¬6) -، فتدبر!. * قوله: (فلها الفسخ) قال في الإقناع: (لا بتعذر الوطء إذا لم يقصد بغيبته الإضرار بتركه فإن قصده فلها الفسخ به إن كان سفره أكثر من أربعة أشهر) (¬7)، انتهى. ¬
ولا يصح -في ذلك كله- بلا حاكم (¬1)، فيفسخ بطلبها، أو تفسخ بأمره (¬2). وله بيع عقار أو عرض لغائب: إن لم يجد غيره. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهل مثله ما إذا (¬3) تحيل بأن صار يغيب أقل من أربعة أشهر، ثم يحضر (¬4) فلا يطأ ثم يسافر ومجموع السفرَين أو أكثر مع الإقامات المتخللة أكثر من أربعة أشهر، فليحرر!. * قوله: (ولا يصح في ذلك كله بلا حاكم) قال في الإقناع هنا: (وفسخ (¬5) الحاكم تفريق لا رجعة فيه) (¬6). * قوله: (وله بيع عقار) لعله ما لم يمكن (¬7) إيجاره بما يفي (¬8) بالنفقة الواجبة، وممكن جعل قول المصنف: (إن لم يجد غيره) شاملًا للأجرة (¬9)، فيكون جواز البيع مشروطًا بتعذر الإجارة أيضًا، فتدبر!. ¬
وينفق عليها يومًا بيوم، ولا يجوز أكثر (¬1)، ثم إن بان ميتًا قبل إنفاقه: حسب عليها ما أنفقته بنفسها، أو بأمر حاكم (¬2)، ومن أمكنه أخذ دينه: فموسرٌ (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (يومًا بيوم)؛ أيْ: (كما هو الواجب على الغائب)، شرح (¬4). * * * ¬
1 - باب نفقة الأقارب والمماليك
1 - باب نفقة الأقارب والمماليك وتجب أو إكمالها لأبوَيه وإن علوا، وولده، وإن سفل -حتى ذي الرَّحم منهم، حجبه معسرٌ، أو لا- (¬1) ولكل من يرثه بفرضٍ، أو تعصيبٍ (¬2)، لا برحمٍ (¬3): ممن سوى عمودَي نسبه، سواءٌ ورثه الآخر. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب نفقة الأقارب والمماليك ¬
-كأخٍ-، أو لا -كعمةٍ وعتيق- بمعروف، مع فقر من تجب له (¬1) وعجزه عن تكسُّب -ولا يعتبر نقصه: فتجب لصحيح مكلف لا حرفة له (¬2): إذا فضل عن قوت نفسه وتزوجثه ورفيقه بيومه وليلته، وكسوةٍ وسكنى- من حاصل أو متحصِّل لا من رأس مال، وثمن ملكٍ، وآلة عمل (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ (أيْ: من الآدميين والبهائم)، حاشية (¬4)، ولو أبقاه (¬5) على عمومه لكان أولى؛ لأن المصنف تعرض لغيرهما في قوله آخر الباب: (وتستحب نفقته على ماله غير الحيوان) (¬6). * قوله: (وعتيق) فيه: أن العتيق ليس من الأقارب فلم يدخل في المترجم له، فلعل المراد من الأقارب من يرثه المنفق بقرابة أو ولاء، أو يقال: هو داخل في عموم قوله: (ولكل من يرثه بفرض أو تعصيب) حملًا للتعصيب على الأعم من تعصيب القرابة أو الولاء -لما تقدم [من] (¬7) أن الولاء عصوبة سببها نعمة ¬
ومن قدر يكتسب: أجبر لنفقة قريبه (¬1)، لا امرأة على نكاح، وزوجة من تجب له: كهو (¬2)، ومن له -ولو حملًا- وارث دون أبٍ: فنفقته على قدر إرثهم منه (¬3)، والأب ينفرد بها (¬4)، فجدٌّ وأخٌ، أو أمُّ أمٍّ وأمُّ أبٍ: بينهما سواءٌ (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المعتق على رقيق-، فتدبر!. * قوله: (لا امرأة على نكاح)؛ أيْ: لأجل أن تنفق ما يتحصل من الصداق على قريبها (¬6). * قوله: (وزوجة) مبتدأ خبره قوله: (كهو). * قوله: (أو أمُّ أمٍّ وأم أب [بينهما] (¬7) سواء)؛ أيْ: النفقة بينهما سواء، ¬
وأمٌّ وجدٌّ، أو ابنٌ وبنتٌ: أثلاثًا (¬1)، وأمٌّ وبنتٌ، أو جدةٌ وبنتٌ: أرباعًا (¬2)، وجدةٌ وعاصبٌ غير أب: أسداسًا (¬3). وعلى هذا حسابها: فلا تلزم أبا أمٍّ مع أمٍّ (¬4)، وابن بنت معها (¬5)، ولا أخًا مع ابن. وتلزم (¬6) موسرًا -مع فقر الآخر- بقدر إرثه (¬7). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كما يأخذون التركة فرضًا وردًّا (¬8). * قوله: (وعاصب (¬9) غير أب) وأما الأب فينفرد بها كما -تقدم-. * قوله: (أسداسًا)؛ لأنهما يرثانه كذلك (¬10). * قوله: (وتلزم موسرًا مع فقر الآخر بقدر إرثه) فقط ولا يتحمل عن غيره ¬
وتلزم جدًّا موسرًا مع فقر أبٍ، وجدة موسرة مع فقر أم (¬1). ومن لم يكفِ ما فضل عنه جميع من تجب نفقته: بدأ بزوجته، فرقيقه، فأقرب، ثم العصبة، ثم التساوي (¬2)، فيقدَّم ولد على أبٍ، وأب على أمٍّ (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ما لا يقدر عليه إذا لم يجد غيره (¬4) ما لم يكن من عمودَي النسب، وإلا لزمه الجميع -على ما في الإقناع (¬5) -. * قوله: (بدأ بزوجته)؛ لأنها تجب [لها] (¬6) على سبيل المعاوضة (¬7). * قوله: (فرقيقه)؛ لأنها تجب مع اليسار والإعسار (¬8). * قوله: (وأب على أم)؛. . . . . . ¬
وأمٍّ على ولد ابن، وولد ابنٍ على جدٍّ (¬1)، وجدٌّ على أخٍ، وأبو أب على أبي أم (¬2)، وهو مع أبي أبي أبٍ مستويان (¬3) (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ لانفراده (¬5) بالولاية، واستحقاق الأخذ من ماله (¬6). * قوله: (وأم على ولد ابن)؛ لما لها من فضيلة العمل والرضاع والتربية ولقربها (¬7). * قوله: (وهو مع أبي أب مستويان) (¬8) مقتضى القواعد -وهو الموافق لما سيصرح به في الإعفاف (¬9) -: تقديم أبي الأب على أبي الأم؛ لأن الأول عصبة وإن بعد والثاني من ذوي الأرحام. ¬
1 - فصل
ولمستحقها الأخذ بلا إذن مع امتناع، كزوجةٍ (¬1)، ولا نفقة مع اختلاف دين، إلا بالولاء (¬2). * * * 1 - فصل ويجب إعفاف من تجب له: من عمودَي نسبه وغيرهم، بزوجة حرة، أو سُرِّيَّة تعفُّه (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا نفقة مع اختلاف دين) (ولو من عمودَي (¬4) النسب؛ لعدم التوارث، بخلاف نفقة الزوجة؛ لأنها عوض يجب مع الإعسار كالصداق) (¬5). فصل (¬6) * قوله: (ويجب إعفاف (¬7) من تجب (¬8) له. . . إلخ)؛ لأن ذلك مما يدعو ¬
ولا يملك استرجاعها مع غناه (¬1)، ويقدم تعيين قريب -والمهر سواء- على زوج (¬2) يُصدق "أنه تائق"، بلا يمين، ويعتبر عجزه (¬3)، ويكفي بواحدة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صاحبه إليه ويستضر بفقده (¬4)، وليس ذلك كالحلوى (¬5)؛ لأنه لا يستضر لفقدها (¬6). * تتمة: إذا اجتمع جدَّان ولم يمكنه إلا إعفاف أحدهما قدم الأقرب، إلا أن يكون أحدهما من جهة الأب فيقدم (¬7). * قوله: (ويعتبر عجزه) عن مهر أو ثمن أمة (¬8). * قوله: (ويكتفى بواحدة) زوجة حُرة أو سُرِّية (¬9). ¬
فإن ماتت: أعله ثانيًا (¬1). لا إن طلَّق بلا عذر (¬2)، ويلزم إعفاف أمٍّ كأبٍ، وخادم للجميع: لحاجةٍ، كزوجةٍ (¬3). ومن ترك ما وجب مدةً: لم يلزمه لما مضى، أطلقه الأكثر، وذكر بعضهم: ". . . إلا بفرض حاكم"، وزاد غيره. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فإن ماتت أعله ثانيًا)؛ لأنه [لا فعل] (¬4) له في ذلك (¬5)، والظاهر أن (ثانيًا) ليس بقيد. * قوله: (لا إن طلَّق بلا عذر)؛ لأنه هو الذي فوت على نفسه (¬6). * وقوله: (ويلزم إعفاف أم كأب) قال في الفروع ما حاصله: فظاهره لزوم نفقة زوجها إن تعذر تزويج دونها (¬7). ¬
"أو إذنه في استدانة" (¬1). ولو غاب زوج، فاستدانت لها ولأولادها الصغار: رجعت (¬2)، ولو امتنع منها زوج أو قريب: رجع عليه منفق بنِية رجوع (¬3)، وعلى من تلزمه نفقة صغير نفقة ظئره حولَين. ولا يفطم قبلهما إلا برضا أبوَيه (¬4)، أو سيده: إن كان رقيقًا، ما لم ينصر. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو إذنه في استدانة) أو إنفاق بنية رجوع -على ما سبق (¬5) -. * قوله: (فاستدانت (¬6) لها)؛ أيْ: الواجب لها. * قوله: (ولأولادها الصغار) ليس بقيد -على ما سبق- بل المجانين كذلك (¬7). * قوله: (رجع عليه منفق) ظاهره ولو كان المنفق هو الذي وجبت له. * قوله: (ولا يفطم (¬8) قبلهما إلا برضى أبوَيه) ويحرم إرضاعه بعدهما ولو ¬
ولأبيه منع أمه من خدمته، لا رضاعه ولو أنها في حباله. وهي أحق بأجرة مثلها، حتى مع متبرعة، أو زوج ثان ويرضى (¬1)، ويلزم حُرة مع خوف تلفه، وأمَّ ولد مطلقًا: مجَّانًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ برضاهما -قاله في الرعاية-، وظاهر كلام عيون المسائل الجواز (¬2). * قوله: (أو زوج ثانٍ)؛ أيْ: وإن سقط حقها من الحضانة بذلك إذا كان أجنبيَّا من المحضون -على ما يأتي في بابه (¬3) -. * قوله: (ويلزم مرة. . . إلخ)؛ أيْ: مع أجرة (¬4). * وقوله: (مجانًا) قيد في أم الولد فقط -على ما في شرح شيخنا (¬5) وهو خلاف ظاهر المتن-، فليحرر!. * قوله: (مجانًا)؛ أيْ: من غير أجرة (¬6). ¬
2 - فصل
ومتى عتقت: فكبائنٍ (¬1)، ولزوجٍ ثانٍ منعها من إرضاع ولدها من الأول، إلا لضرورته، أو شرطها (¬2). * * * 2 - فصل وتلزمه وسكنى عرفًا لرقيقه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فكبائن) (¬3)؛ أيْ: لا تجبر على إرضاعه (¬4). * قوله: (ولزوج ثان منعها من إرضاع ولدها من الأول) المراد من غيره، سواء كان من زوج أو شبهة أو زنى (¬5). فصل (¬6) * قوله: (وتلزمه)؛ أيْ: النفقة، والمراد بها ما يشمل الكسوة إن قرئ، وكسوته فيما يأتي بالجر، وإن قرئ (¬7) بالرفع فالمراد بالنفقة خصوصها، وهذا هو ¬
-ولو آبقًا، أو ناشزًا، أو ابن أمته [من حُرٍّ] (¬1) - من غالب قوت البلد (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الذي شرح عليه الشارح (¬3)، وعليه فيحتاج إلى تقييد الكسوة بكونها من غالب كسوة الأرقاء في ذلك البلد، والأولى أولى لعدم الاحتياج إلى التقييد، ولخلوها (¬4) عن إيهام كون المراد بقوله: (مطلقًا) سواء كان من غالب كسوة الأرقاء في ذلك البلد [أو لا] (¬5)، فتدبر!. * قوله: (ولو آبقًا أو ناشزًا) وهل تسقط بمضي الزمان أو لا؟ وعلى الثاني فهل يملك المطالبة بها من سيده أو لا (¬6)؟ وعلى الثاني فهل له الرجوع بما تحمل (¬7) منها على تركة [السيد] (¬8) لاستقرارها في ذمته أو لا؟ فليراجع كل ذلك، وليحرر!. * قوله: (من غالب قوت البلد)؛ أيْ: سواء كان قوت سيده أو دونه أو فوقه وأدم (¬9) مثله (¬10). ¬
وكسوته مطلقًا (¬1)، ولمبعَّضٍ بقدر رِقِّه، وبقيتها عليه (¬2). وعلى حُرةٍ نفقة ولدها من عبدٍ، وكذا مكاتبة ولو أنه من مكاتب، وكسبه لها (¬3). ويزوَّج بطلب غير أمة يستمتع بها, ولو مكاتبة بشرطه. وتصدَّق في أنه لم يطأ (¬4)، ومن غاب عن أمته غيبةً منقطعةً. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مطلقًا) سواء كان السيد غنيًّا أو فقيرًا أو متوسطًا (¬5). * قوله: (عليه)؛ أيْ: المبعض نفسه (¬6). * قوله: (بشرطه) وهو وطؤها (¬7). * قوله: (وتصدق)؛ أيْ (¬8): الرقيقة بلا يمين (¬9). ¬
فطلبت التزويج: زوَّجها من يلي ماله، وكذا أمة صبيٍّ ومجنون (¬1)، وإن غاب عن أم ولده: زوِّجت لحاجة نفقة (¬2)، المنقِّح: "وكذا لوطء" (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (زوجها من يلي ماله) وهو الحاكم -كما سبق في النكاح (¬4)، وصرح به الإقناع هنا (¬5) -، وهو ممن (¬6) حمله على رواية [أبي] (¬7) بكر التي اختارها أبو الخطاب (¬8). * قوله: (وإن غاب عن أم ولده زوجت) قال في الرعاية: زوجها الحاكم؛ لأنها ليست بماله وحفظ مهرها لسيدها (¬9). ¬
ويجب ألا يكفلوا مُشِقًّا كثيرًا، وأن يراحموا وقت قيلولة ونوم ولصلاةٍ مفروضة، ويركبهم عقبة لحاجة (¬1)، ومن بعث منهم في حاجة، فإن علم أنه لا يجد مسجدًا يصلي فيه: صلَّى، فلو عذر: أخَّر، وقضاها (¬2)، وإن لم يعلم، فوجد مسجدًا: قضى حاجته، ثم صلَّى، فلو صلَّى قبل. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فإن علم أنه لا يجد [مسجدًا يصلي فيه صلَّى) فيه؛ لأن (¬3) الصلاة لا تتوقف صحتها على] (¬4) مسجد، وإن قيل اعتبر؛ لأجل حضور الجماعة، قلنا: الجماعة ليست واجبة عليهم، فلعل المراد من المسجد ما تصح الصلاة فيه من بقاع الأرض. * [قوله] (¬5): (فلو عذر أخر) (¬6) انظر: هل ولو لزم خروج الوقت؟ (¬7). * قوله: (وقضاها)؛ أيْ: الحاجة (¬8). ¬
فلا بأس (¬1). وتسنُّ مداواتهم إن مرضوا (¬2)، وإطعامهم من طعامه (¬3)، ومن وليه: فمعه أو منه، ولا يأكل إلا بإذنه (¬4). وله تأديب زوجة، وولد -ولو مكلفًا مزوَّجًا- بضرب غير مبرِّح (¬5)، وكذا رقيق. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وتسن مداواتهم) وقيل: تجب، على ما في الفروع (¬6)، وفي الإنصاف خلافهما، وهو المذهب؛ لأنه تقدم أن ترك التداوي أفضل (¬7)، فيكون على قول مقابل لما أسلفه. * قوله: (ولا يأكل إلا بإذنه) ما لم يمنعه مما يوجب، (فإن منعه فله الأكل بلا إذنه -كما سبق في الزوجة والقريب-)، شرح شيخنا (¬8). ¬
ويقيده: إن خاف عليه (¬1)، ولا يشتم أبوَيه الكافرَين (¬2)، ولا يلزمه بيعه بطلبه مع القيام بحقه (¬3). وحرم أن تُسترضع أمة لغير ولدها، إلا بعد رِيِّه (¬4)، ولا تصح إجارتها -بلا إذن زوجٍ- زمن حقه (¬5)، ولا جبر على مخارجةٍ -وهي: جعل سيدٍ على رقيق، كل يوم أو شهر، شيئًا معلومًا له- وتجوز باتفاقهما: إن كانت قدر كسبه فأقلَّ بعد نفقته (¬6). ولا يتسرَّى عبد مطلقًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وتجوز)؛ أيْ: المخارجة على شيء معيَّن إن كان ذلك الشيء قدر كسبه فأقل، فلا بد من نوع تكلف، تدبر!. * قوله: ([مطلقًا]) (¬7)؛ أيْ: سواء قلنا:. . . . . . ¬
وتصحُّ -على مرجوحٍ- بإذن سيد (¬1)، المنقِّح: "وهو الأظهر، ونص عليه في رواية الجماعة، واختاره كثير من المحققين"، انتهى (¬2). فلا يملك سيد رجوعًا بعد تسرٍّ (¬3)، ولمبعَّض وطء أمة -ملكها بجزئه الحرِّ- بلا إذن (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إنه يملك بالتمليك (¬5) أو لا (¬6). * قوله: (ونص علبه في رواية الجماعة)، حيث أطلق الجماعة فالمراد بهم: عبد اللَّه ابن الإِمام، وأخوه صالح، وحنبل ابن عم الإِمام، وأبو بكر المروذي (¬7)، وإبراهيم الحربي، وأبو طالب، والميموني (¬8) -رضي اللَّه عنهم أجمعين (¬9) -. ¬
وعلى سيد -امتنع مما لرقيق- إزالة ملكه بطلبه، كفرقة زوجة (¬1). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وعلى سيد امتنع مما لرقيق) من نفقة وكسوة وإعفاف (¬2). * قوله: (إزالة ملكه [بطلبه]) (¬3) (وإذا لم تلائم أخلاق العبد أخلاق ¬
3 - فصل
3 - فصل وعلى مالك بهيمة إطعامها وسقيها (¬1)، وإن عجز عن نفقتها: أجبر على بيع، أو إجارة، أو ذبح مأكولٍ، فإن أبى: فعل حاكم الأصلح، أو اقترض عليه (¬2). ويجوز انتفاع بها في غير ما خلقت: كبقرٍ لحمل وركوب. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ سيده لزمه إخراجه عن ملكه، ولا يعذب خلق اللَّه -قاله الشيخ تقي الدين-)، حاشية (¬3). فصل (¬4) * قوله: (ويجوز انتفاع بها في غير ما خلقت) (¬5) وحديث: "إنما خلقت للحرث" (¬6) محمول على أن المراد. . . . . . ¬
وإبل وحمرٍ لحرثٍ ونحوه. وجيفتها له، ونقلها عليه (¬1). ويحرم لعنها، وتحميلها مشقًّا، وحلبها ما يضرُّ ولدها، وذبح غير مأكول لإراحته، وضرب وجهٍ، ووسم فيه، ويجوز في غيره لغرضٍ صحيح (¬2). ويكره خصاءٌ (¬3)، وجرُّ معرَفة وناصية (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنه معظم ما خلقت [له] (¬5)، وليس الحصر مرادًا، فراجع الشارح! (¬6). * قوله: (ويكره خصاء) بالكسر والمد -على ما في الصحاح (¬7) -. ¬
وذنب (¬1)، وتعليق جرس أو وتر (¬2)، ونزو حمار على فرس، وتستحبُّ نفقته على ماله غير الحيوان (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . * * * ¬
2 - باب الحضانة
2 - باب الحضانة وتجب (¬1)، وهي: حفظ صغيرٍ، ومعتوه -وهو: المختل العقل- ومجنون عما يضرهم، وتربيتهم بعمل مصالحهم (¬2). ومستحقها: رجلُ عصبةٍ، وامرأة وارثة: كأمٍّ، أو مدلية بوارث: كحالة، وبنت أخت، أو بعصبة: كعمة، وبنت أخ وعم، وذو رحمٍ: كأبي أمٍّ، ثم حاكم (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الحضانة (¬4) * قوله: (ومستحقها رجل عصبة)؛ أيْ: حُرٌّ، وكذا قوله: (وامرأة وارثة)؛ ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أي: حُرة، وكأنه استغنى عن هذا القيد بقوله الآتي: (ولا حضانة لمن فيه رق). . . إلخ وكذا كونه عدلًا مسلمًا. وبخطه: قوله: (ومستحقها رجل عصبة. . . إلخ) هذه العبارة مشكلة طردًا وعكسًا؛ لأنه يدخل بقوله: (أو مدلية بوارث) أم الأخ للأب، ويخرج الأخ للأم، ويبقى النظر في المعتق: هل له حق في الحضانة؟، ظاهر عموم كلامهم دخوله، وظاهر سكوتهم عن مرتبته أنه لا حق له (¬1)، هذا ويمكن أن يجاب عن الأول -باعتبار شقه الثاني- بأنه إما أن يراد بالعصبة ما يشمل أصحاب الفروض أو بذي الرحم [ما يشمله، وهذا سلكه شيخنا في شرحه تبعًا للمصنف -فيما يأتي- حيث عدَّه في ذوي (¬2) الرحم] (¬3)، وعن الشق الأول؛ أيْ: دخول أم الأخ للأب بأن: (مدلية) ليس بصفة لـ: (امرأة) بل لمحذوف (¬4) تقديره: (قريبة) -كما قدره شيخنا في شرحه (¬5) -؛ أيْ: أو قريبة مدلية بوارث، وأم الأخ للأب وإن أدلت بوارث، لكنها ليس (¬6) قريبة من هذه الجهة (¬7)، وإن أمكن كونها قريبة كبنت [عم] (¬8) أبي ذلك الأخ أو بنت عمته. ¬
وأمٌّ أولى -ولو بأجرة مثلها- كرضاع (¬1)، ثم أمهاتها: القربى فالقربى (¬2)، ثم أبٌ (¬3)، ثم أمهاته كذلك (¬4)، ثم جدٌّ كذلك، ثم أمهاته كذلك (¬5)، ثم أخت لأبوَين، ثم لأمٍّ ثم لأبٍ (¬6)، ثم خالة لأبوَين، ثم لأمٍّ, ثم لأب, ثم عمة كذلك (¬7)، ثم خالة أم. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
ثم خالة أب ثم عمته (¬1). ثم بنت أخ وأخت، ثم بنت عم وعمة، ثم بنت عم أبٍ وعمته -على التفصيل المتقدم (¬2) - ثم لباقي العصبة: الأقرب فالأقرب (¬3). وشرط كونه محرمًا (¬4) -ولو برضاع ونحوه- لأنثى بلغت سبعًا، ويسلمها غير محرم -تعذر غيره-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: ([ثم خالة أب] (¬5) ثم عمته)؛ (أيْ: عمة الأب، ولا حضانة لعمات بالأم مع عمات الأب؛ لأنهن يدلِين بأبي الأم وهو من ذوي الأرحام، وعمات [الأب] (¬6) يدلِين بالأب وهو أقوى العصبات)، شرح (¬7). * قوله: (ويسلمها غير محرم. . . إلخ) رأيت ببعض الهوامش ما نصه: (هذه المسألة مفرعة على ما اختاره في الهدي (¬8)، والمذهب أنه لا حضانة لغير المحرم ¬
إلى ثقة يختارها، أو محرمة، وكذا أمٌّ تزوجت وليس لولدها غيرُها (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا بلغت الأنثى سبعًا مطلقًا (¬2)، انتهى. وقد يقال: إن إبقاءها مع غير المحرم حينئذ ليس بسبب (¬3) الحضانة، بل لأجل الحفظ والصون، كما يدل على ذلك قول المصنف فيما يأتي: (وتكون (¬4) بنت سبع عند أب إلى زفاف)، فتدبر!. * قوله: (إلى ثقة يختارها) (¬5)؛ أيْ: إلى امرأة ثقة تختارها العصبة (¬6)، فتدبر! (¬7). * قوله: (وكذا أم تزوجت) بأجنبي من محضون -كما يأتي-؛ [أيْ] (¬8): فإنها تسلم ولدها إلى ثقة تختارها أو إلى محرمها (¬9). ¬
ثم لذي رحم، ذكر وأنثى، غير من تقدَّم (¬1) -وأولاهم: أبو أمٍّ, فأمهاته، فأخ لأمٍّ, فخال- ثم لحاكم (¬2). وتنتقل -مع امتناع مستحقها، أو عدم أهليته- إلى من بعده، وحضانة مبعَّض -لقريبٍ وسيدٍ- بمهايأة (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (غير من تقدم)؛ أيْ: غير العصبات المتقدمين؛ لأن ذوي الأرحام لهم قرابة في الجملة تشبه (¬4) قرابة العصبات (¬5). * قوله: (فأخ لأم) فيه أن الأخ من الأم ليس من ذوي الأرحام اصطلاحًا، وإن كان من ذوي الرحم؛ أيْ: القرابة (¬6). ¬
ولا حضانة لمن فيه رِق (¬1)، ولا لفاسق (¬2) , ولا كافر على مسلم، ولا لمُزوَّجة بأجنبي من محضون (¬3) من زمن عقد ولو رضي زوج (¬4)، وبمجرد زوال مانع -ولو بطلاق رجعي، ولم تمقض عدتها (¬5) - ورجوع ممتنع، يعود الحق (¬6). ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
1 - فصل
ومتى أراد أحد أبوَين نقله إلى بلد آمن، وطريقه مسافة قصر فأكثر (¬1)، ليسكنه: فأب أحق (¬2)، وإلى قريب لسكنى: فأمٌّ (¬3)، ولحاجة -بعد أو لا- فمقيم (¬4). * * * 1 - فصل وإن بلغ صبي سبع سنين عاقلًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فمقيم)، أيْ: أبًا كان أو أمًّا (¬5). فصل (¬6) ¬
خُير بين أبوَيه (¬1)، فإن اختار أباه: كان عنده ليلًا نهارًا، ولا يمنع زيارة أمه، ولا هي تمريضه (¬2)، وإن اختارها: كان عندها ليلًا، وعنده نهارًا: ليؤدِّبه ويعلمه (¬3)، وإن عاد فاختار الآخر: نقل إليه، ثم إن اختار الأول: رُدَّ إليه (¬4). ويُقرع: إن لم يختر، أو اختارهما (¬5). وإن بلغ رشيدًا: كان حيث شاء، ويستحب [له] (¬6) ألا ينفرد عن أبوَيه (¬7)، وإن استوى اثنان فأكثر فيها: أُقرع. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإن اختارها)؛ أيْ: ابتداءً. ¬
ما لم يبلغ محضون سبعًا -ولو أنثى-: فيُخير (¬1). والأحق من عصبة -عند عدم أبٍ أو أهليته- كأب؛ في تخيير وإقامة ونقلة، إن كان محرمًا لأنثى (¬2)، وسائر النساء المستحقات لها كأم؛ في ذلك (¬3). وتكون بنت سبع عند أب، إلى زفاف. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (كأب في تخيير) هو كالنعت السببي؛ أيْ: في تخيير من الطفل، واقعٍ ذلك التخيير منه بين أمه وبين ذلك الأحق. * قوله: (كأم في ذلك). قال شيخنا في شرحه (¬4): (أيْ: التخيير والإقامة والنقلة)، واقتصار على ذلك يقتضي أنهن لسن مثلها في كونها أحق بالحضانة بنفقة مثلها مع وجود متبرع، وهل هو كذلك؟ لم أر في المسألة نقلًا، ونقل بعضهم عن حواشي ابن نصر اللَّه على الفروع [التصريح] (¬5): بأن الجدة كالأم حتى في ذلك، لكني لم أطَّلع على الحاشية المذكورة فلتراجع! (¬6). ¬
وجوبًا (¬1) ويمنعها ومن يقوم مقامه, أن تنفرد, ولا تمنع أمٌّ من زيارتها -إن لم يُخف منها- ولا تمريضها ببيتها (¬2) , ولها زيارة أمها -إن مرضت (¬3) -, والمعتوه -ولو أنثى- عند أمه مطلقًا (¬4) , ولا يقرُّ من يحضن, بيد من لا يصونه ويصلحه (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مطلقًا)؛ أيْ: قبل البلوغ وبعده (¬6) , وسواء كان له ابن أو لا -كما هو (¬7) ظاهر الإطلاق-, فظاهره تقديم الأم على الابن, وانظر إذا عدمت: هل الابن أحق [به] (¬8) فيقدم (¬9) على غيره؟ وإذا لم يكن هذا الثاني مرادًا من الإطلاق, ففي أيِّ مرتبة يجعل الابن, وهل له حق؟ فليحرر. * * * ¬
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
حَاشِيَةُ الخَلوتي على مُنْتَهَى الإرَادَاتِ [6]
حُقُوق الطَّبْع مَحْفُوظَة الطبعة الأولى 1432 هـ - 2011 م قَامَت بعمليات التنضيد الضوئي والإخراج الفني والطباعة دَار النَّوَادِر
29 - كتاب الجنايات
29 - كِتَابُ الجِنَايَاتِ
(29) كِتَابُ الجنايات: جمع (جناية)، وهي التعدي على البدن بما يوجب قصاصًا، أو مالًا (¬1). والقتل ثلاثة أضرب: عمد يختص القود به، وشبه عمد، وخطأ (¬2). (أ) فالعمد: أن يقصد من يعلمه آدميًّا معصومًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الجنايات (¬3) ¬
فيقتله بما يغلب على الظن موتُه به، وله تسع صور (¬1): 1 - إحداها: أن يجرحه بما له نفوذ في البدن، من حديد -كسكين، ومسلة-، أو غيره -كشوكة-، ولو صغيرًا -كشرط حجَّام-، أو في غير مقتلٍ، أو بصغير -كغرزه لإبرة ونحوها- في مقتل -كالفؤاد والخصيتَين-، أو في غيره -كفخذٍ (¬2) ويدٍ- فتطول عِلَّته، أو يصير ضمِنًا، ولو لم يداوِ مجروح قادرٌ جرحَه حتى يموت (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فيقتله) إنما أتى به ليعلق به الجار والمجرور، لا للاحتراز؛ لأن الكلام في القتل. * قوله: (ولو صغيرًا)؛ أيْ: ولو كان هو؛ أيْ: الجرح بالفتح (¬4)؛ أعني: المصدر المأخوذ من (أن) مع الفعل، ووصفه بالصغر وتمثيله له بشرط الحجام قرينة على أنه أراد بالمصدر الحاصل به، فإرجاع الضمير للمصدر والوصف والتمثيل ناظران إليه، لكن على الحاصل به وهو الجرح بالضم، ففيه شبه استخدام، فتدبر!. * قوله: (أو يصير ضمنًا)؛ أيْ: متألمًا (¬5). ¬
أو يموت في الحال (¬1). ومن قطع -أو بط- سلعة (¬2) خطرة من مكلف، بلا إذنه، فمات: فعليه القود، لا ولي، من مجنون وصغيرٍ، لمصلحة (¬3). 2 - الثانية: أن يضربه بمثقل فوق عمود الفسطاط. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (من مكلف) فإن كان من غير مكلف بغير إذن وليه، هل يضمن مطلقًا، أو إن كان لغير مصلحة؟ (¬4). * قوله: (فوق عمود الفسطاط)؛ أيْ: أكبر منه. ¬
لا كهو (¬1) -وهو: الخشبة التي يقوم عليها بيت الشَّعر- أو بما يغلب على الظن موته به من كوذَين؛ وهو: ما يدق به الدقَّاقُ الثيابَ، ولُتٍّ، وسندانٍ، وحجر كبير- ولو في غير مقتل، أو في مقتل أو حال ضعف قوة -من مرض، أو صغر أو كبر، أو حَرٍّ أو برد، ونحوه- بدون ذلك، أو يعيده به، أو يلقي عليه حائطًا أو سقفًا ونحوهما، أو يلقيه من شاهق فيموت (¬2). وإن قال: "لم أقصد قتله": لم يصدق (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله] (¬4): (بدون ذلك) متعلق بـ: يضرب المقدر العامل في قوله: (في مقتل) (¬5). * قوله: (فيموت) قياس ما سبق أن يكون مثله أن يصير متألمأ، ولو تطاول الزمن حتى يموت (¬6). ¬
3 - الثالثة: أن يلقيه بزُبْيَة أسدٍ ونحوها، أو مكتوفًا بغضًا (¬1) بحضرة ذلك، أو في مضيق بحضرة حيَّة، أو يُنهِشه كلبًا أو حية، أو يلسعه عقربًا من القواتل غالبًا، فيُقتَل به (¬2). 4 - الرابعة: أن يلقيه في ماء يغرقه، أو نارٍ -ولا يمكنه التخلص- فيموت (¬3)، وإن أمكنه فيهما: فهدر (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (الثالثة: أن (¬5) يلقيه بزبية أسد) (¬6) هي حفرة بمكان عالٍ يصاد منها الأسد (¬7). * قوله: (وفي مضيق. . . إلخ) ظاهره: ولو غير مكتوف (¬8). * قوله: (فهدر)؛. . . . . . ¬
5 - الخامسة: أن يخنقه بحبل أو غيره، أو يسد فمه وأنفه، أو يعصر خصيتَيه زمنًا يموت في مثله -غالبًا- فيموت (¬1). 6 - السادسة: أن يحبسه ويمنعه الطعام والشراب -فيموت جوعًا وعطشًا- لزمن يموت فيه من ذلك غالبًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنه مهلك (¬2) لنفسه (¬3) (¬4)، وقال الظهيري (¬5) في شرح الوجيز: (لكن يضمن الفاعل به ما آلمته النار حال إلقائه فيها، وقبل (¬6) إمكان التخلص)، انتهى (¬7) -وهو حسن-. * قوله: (ويمنعه الطعام والشراب) الواو بمعنى أو -كما هو صريح الإقناع (¬8) -، وحينئذ فيحمل قوله: (جوعًا (¬9) وعطشًا) على مثل ذلك. * قوله: (لزمن يموت فيه غالبًا) قال ابن عقيل: (ومثله لو حبسه عن الدفء ¬
بشرط تعذر الطلب عليه (¬1)، وإلا: فلا دية، كتركه شد فَصدِه (¬2). 7 - السابعة: أن يسقيه سمًّا لا يعلم به، أو يخلطه بطعام ويطعمه، أو بطعام آكله، فيأكله جهلًا، فيموت (¬3)، فإن علم به آكل مكلف، أو خلطه بطعام نفسه، فأكله أحد بلا إذنه: فهدرٌ (¬4). 8 - الثامنة: أن يقتله بسحر يقتل غالبًا (¬5)، ومتى ادعى قاتل بسمٍّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في أيام الشتاء حتى مات) (¬6). * قوله: (كتركه شد فصده)؛ أيْ: كما أنه لا دية فيما إذا ترك المفصود شد فصد (¬7) نفسه حتى مات؛ لأنه ناشئ من فعل نفسه، فيكون هدرًا. هذا ما شرح عليه المصنف (¬8) وتبعه شيخنا (¬9)، وهو مبني على جعل الضمير في (تركه) للمفصود لا للفاصد، أما إن جعل راجعًا للفاصد فإنه يكون بمنزلة حبسه ومنعه الطعام والشراب حتى مات، وهو الذي كان يقرره شيخنا أولًا، ولا يمتنع ¬
أو سحر عدم علمه أنه قاتل، أو جهل مرضٍ: لم يقبل (¬1). 9 - التاسعة: أن يشهد رجلان على شخص بقتلٍ (¬2) عمد، أو بردة حيث امتنعت توبته، أو أربعة بزنى محصنٍ، فيقتل، ثم ترجع البينة وتقول (¬3): "عمدنا قتله"، أو يقول الححم أو الولي: "علمت كذبهما، وعمدت قتله": فيقاد بذلك كله وشبهه، بشرطه (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حمل المتن على كل منهما وإعطاء كل حكمه. * قوله: (حيث امتنعت توبته) (كأن شهدا أنه سب اللَّه أو رسولًا من رسله)، شرح (¬5). * [قوله: (فيقاد بذلك)؛ أيْ: يقع القود بذلك. * قوله: (وشبهه) [كما لو شهدا] (¬6) بأنه حربي] (¬7). * قوله: (بشرطه)؛ أيْ:. . . . . . ¬
ولا قود على بينة ولا حاكم، مع مباشرة ولي (¬1)، وبختص به مباشرٌ عالم، فولي، فبينة وحكم (¬2). ومتى لزمت حكمًا وبينةً دية: فعلى [عددهم] (¬3) (¬4). ولو قال واحد من ثلاثة فأكثر: "عمدنا"، وآخر: "أخطأنا": فلا قود، وعلى من قال: "عمدنا" حصته من الدية المغلظة، والآخر من المخففة (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بشرط القود الآتي في بابه (¬6). * قوله: (مع مباشرة ولي)؛ (يعني: حيث كان عالمًا بكذب الشهود أو فساد الحكم وعمد قتله)، حاشية (¬7). * قوله: (فبينة وحاكم) مقتضاه الاشتراك بدليل ما بعده، فتدبر!. * قوله: (وعلى من قال: عمدنا، حصته (¬8) من الدية المغلظة والآخر من المخففة) وسكت عمن سكت، والظاهر أنه لا شيء عليه؛ لأنه باق على شهادته أنه ¬
ومن اثنين: لزم المقرَّ بعمد القودُ، والآخر نصف الدية (¬1)، ولو قال كلٌّ: "عمدت وأخطأ شريكي": فعليهما القود (¬2)، ولو رجع وليٌّ وبينة: ضمنه ولي (¬3). ومن جعل في حلق من تحته حجرٌ أو نحوه خرَّاطةً. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القاتل ولم يأت بما يناقضها، فليحرر! (¬4). * قوله: (فعليهما القود) (لاعتراف كل منهما بتعمد القتل)، شرح (¬5). * قوله: (ضمنه ولي)؛ أيْ: فيقتل به، والمسألة الأولى مفروضة فيما إذا رجع كل من الحاكم والبينة والولي (¬6)، [وهذه فيما إذا رجع الولي والبينة فلا تكرار. ¬
1 - فصل
وشدها بعالٍ، ثم أزال ما تحته آخر عمدًا، فمات: فإن جهلها مزيل وَداه من ماله، وإلا قتل به (¬1). * * * 1 - فصل (¬2) (ب) وشبه العمد: أن يقصد جناية لا تقتل غالبًا، ولم يجرحه بها (¬3). كمن ضرب بسوط أو عصا أو حجر صغير، أو لكز، أو لكم غيره في غير مقتلٍ، أو ألقاه في ماءٍ قليل، أو سحره بما لا يقتل غالبًا فمات، أو صاح بعاقل اغتفله، أو بصغيرٍ أو معتوه على سطح فسقط، فمات (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وداه (¬5) من ماله) فيه: أنه كان] (¬6) الظاهر أن تكون الدية في ذلك على العاقلة؛ لأنه إما خطأ أو شبه عمد (¬7). ¬
2 - فصل
[أو ذهب عقله ونحوه] (¬1): ففيه الكفارة في مال جانٍ، والدية على عاقلته (¬2). * * * 2 - فصل (ج) والخطأ ضربان: أ - ضرب في القصد، وهو نوعان: 1 - أحدهما: أن يرمي ما يظنُّه صيدًا (¬3) أو مباح الدم، فيبين آدميًّا أو معصومًا (¬4)، أو يفعل ما له فعله فيقتل إنسانًا (¬5)، أو يتعمد القتل صغير أو مجنون (¬6): ففي ماله الكفارة، وعلى عاقلته الدّية (¬7). ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل (¬8) * قوله: (وعلى عاقلته الدية) انظر: ما الفرق بين هذا النوع وشبه (¬9) العمد؟ ¬
ومن قال: "كنت يوم قتلت صغيرًا أو مجنونًا"، وأمكن: صُدق بيمينه (¬1). 2 - الثاني: أن يَقتل -بدار حربٍ، أو صفِّ كفار- من يظنُّه حربيًّا، فيبين مسلمًا أو يرمي وجوبًا كفارًا تترَّسوا بمسلم -ويجب: حيث خيف على المسلمين إن لم يرمهم (¬2) - فيقصدهم دونه، فيقتله: ففيه الكفارة فقط (¬3). ب- الضرب الثاني: في الفعل؛ وهو: أن يرمي صيدًا أو هدفًا فيصيب آدميًّا لم يقصده (¬4). أو ينقلب -وهو (¬5) نائم، أو نحوه- على إنسان، فيموت، فالكفارة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والظاهر أن الفرق بين النوعَين إنما هو في تخفيف الدية هنا وتغليظها هناك، وأيضًا الفعل في الخطأ غير محرم وفي شبه العمد محرم (¬6)، تدبر!. * قوله: (فالكفارة)؛ أيْ: في ماله (¬7). ¬
وعلى عاقلته الدية (¬1)، لكن: لو كان الرامي ذميًّا، فأسلم بين رمي وإصابة: ضمن المقتول في ماله. ومن قتل بسبب: كحفر بئر، ونصب سكين أو حجر أو نحوه، تعديًا -إن قصد جنايةً-: فشبه عمد، وإلا: فخطأ. وإمساك الحية محرم وجناية، فلو قتلت ممسكها -من مدعي مشيخة، ونحوه-: فقاتل نفسه، ومع (¬2) ظن أنها لا تقتل: شبه عمد، بمنزلة من أكل حتى بَشِمَ (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وعلى عاقلته [الدية]) (¬4) هذا أيضًا شبيه بشبه العمد، والفارق بينهما إنما هو التخفيف والتغليظ في الدية (¬5). * قوله: (ضمن المقتول في ماله) دون مال عاقلته لمباينته دين عاقلته بإسلامه، ولا يمكن ضياع دية المقتول، فوجبت (¬6) في مال الجاني (¬7). * قوله: (بمنزلة من أكل حتى بشم) (¬8) [راجع لقوله: (فقاتل نفسه)؛ أيْ: ¬
ومن أريد قتله قودًا، فقال شخص: "أنا القاتل، لا هذا": فلا قود، وعلى مقرٍّ الدية (¬1)، ولو أقرَّ الثاني بعد إقرار الأول: قتل الأول (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ فيكون بمنزلة من أكل حتى بشم (¬3)] في كونه قاتل نفسه، فلا شيء على عاقلته لورثته (¬4) (¬5). * قوله: (قتل الأول)؛ أيْ: من كان أريد قتله قبل قول الشخص: أنا القاتل، ¬
3 - فصل
3 - فصل ويقتل العدد بواحد: إن صلح فعل كلٍّ للقتل به (¬1). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ووجه قتل الأول عند إقراره: (عدم التهمة ومصادفته الدعوى)، شرح شيخنا على المتن (¬2). فصل (¬3) * قوله: (ويقتل العدد بواحد. . . إلخ) لحديث علي -كرم اللَّه وجهه (¬4) -: (لو تمالأ أهل صنعاء على قتل واحد لقتلتهم به) (¬5). * قوله: (به) متعلق بفعل؛ أيْ: إن صلح فعل كل واحد به للقتل، ¬
وإلا -ولا تواطؤ-: فلا (¬1) ولا يجب -مع عفو- أكثر من ديةٍ (¬2)، وإن جرح واحد جرحًا، وآخر مئة: فسواءٌ (¬3). وإن قطع واحد من كوع، وآخر (¬4) من مرفقٍ -فإن كان برأ الأول-: فالقاتل الثاني (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا يضر الفصل بينهما بقوله: للقتل؛ لأن الظرف والجار والمجرور يتوسع [فيهما ما لا يتوسع] (¬6) في غيرهما. * قوله: (مع عفو)؛ أيْ: إلى مال. * قوله: (فسواء)؛ (أيْ: بالشرط السابق؛ وهو صلاحية فعل كل منهما للقتل لو انفرد)، شرح (¬7). * قوله: (فالقاتل الثاني) (ويطالب القاطع (¬8) الأول، فللولي قطع يده أو أخذ ¬
وإلا: فهما (¬1). وإن فعل واحد ما لا تبقى معه حياةٌ -كقطع حشوته، أو مريئه أو ودجَيه- ثم ذبحه آخر: فالقاتل الأول، ويعزر الثاني، كما لو جنى على ميت (¬2)، ولا يصح تصرُّف فيه: لو كان قنًّا (¬3). وإن رماه الأول من شاهق، فتلقاه الثاني بمحدد فقدَّه، أو شق الأول بطنه أو قطع طرفه، ثم ذبحه الثاني: فهو القاتل. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ديتها)، شرح (¬4). * قوله: (أو ودَجيه) وهما عرقان في جانبَي العنق (¬5). * قوله: (ولا يصح تصرف فيه)؛ أيْ: فيمن قطعت حشوته أو مريئه (¬6) أو ودجاه؛ لأنه صار لا بقاء له، وليس له حياة مستقرة (¬7). ¬
وعلى الأول موجب جراحته (¬1)، ومن رمي في لُجَّة، فتلقاه حوت فابتلعه: فالقود على راميه (¬2)، ومع قلة الماء، إن علم بالحوت: فكذلك، وإلا (¬3)، أو ألقاه مكتوفًا بفضاءٍ غير مُسبع، فمرَّ به دابةٌ فقتلته: فالدية (¬4)، ومن كره مكلفًا على قتل معيَّن، أو على أن يكره عليه، ففعل. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وعلى الأول موجب جراحته)؛ أيْ: [مقتضاها، و] (¬5) مقتضاه: أنه لا شيء على الأول [فيما إذا رماه] (¬6) في مسألة ما إذا رماه من شاهق، فتلقاه الثاني بمحدد فقدَّه (¬7) سوى التعزيز. * قوله: (فقتلته فالدية) يؤخذ من قول الشارح (¬8): (ولا قود؛ لأن الذي فعله لا يقتل غالبًا)، أنه شبه عمد، وحينئذ فيلزم فيه الدية على العاقلة والكفارة في مال الجاني، وكأنه سكت عن الكفارة لعلها مما سبق حيث كان من قبيل شبه العمد، فتدبر!. ¬
فعلى كل القود (¬1)، و: "اقتل نفسك، وإلا قتلتك": إكراه (¬2). ومن أمر بالقتل مكلفًا يجهل تحريمه أو صغيرًا أو مجنونًا، أو أمر به سلطانٌ، ظلمًا -من جهل ظلمه فيه-: لزم الآمر (¬3)، وإن علم المكلف تحريمه: لزمه (¬4)، وأُدِّب آمره (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فعلى كل القود) وسوَّوا هنا بين المباشر والمتسبب لقوة المسبب. * قوله: (واقتل نفسك وإلا قتلتك: إكراه) وهل إذا قتل نفسه يحرم؟ ثم رأيتهم نقلوا من الانتصار أنه [لا إثم و] (¬6) لا كفارة في مسألة: اقتلني وإلا قتلتك (¬7)، فانظر هل تكون هذه مثلها أو لا؟ بدليل أن صاحب الانتصار قال: (لا إثم هنا ولا كفارة) فقيَّد بـ "هنا"، كما نقله الشارح عنه حينئذ، فيطلب الفرق بين المسألتَين. * قوله: (أو أمر به سلطان ظلمًا من جهل ظلمه فيه. . . إلخ) [ظاهره: سواء علم المأمور تحريم القتل من حيث هو أم لا، حيث لم يعلم أن القتل بغير حق -وهذا ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مقتضى عبارة الإقناع أيضًا (¬1) -، ويظهر حينئذ الفرق في الأمر بين السلطان وغيره، ولذلك قال في الإقناع (¬2): (وإن كان الآمر غير السلطان فالقصاص على القائل بكل حال)؛ أيْ: حيث علم بتحريم القتل، بخلاف من نشا في غير بلاد الإسلام (¬3)، لكن صرح المصنف في شرحه (¬4) أن المأمور حيث علم التحريم فالقصاص عليه، سواء كان الآمر سلطانًا (¬5) أو غيره، وتابعه (¬6) الشيخ منصور -رحمه اللَّه تعالى (¬7) - على ذلك، وهو ظاهر إطلاق المتن أيضًا حيث قال: (وإن علم المكلف تحريمه لزمه) وقد علمت أنه مخالف -لما تقدم في مسألة السلطان-، ويمكن أن يجاب عن المتن وشارحَيه (¬8) بأن معنى علم المأمور التحريم مختلف؛ ففي مسألة غير السلطان: علمه بالتحريم أن يعلم أن القتل من حيث هو محرم، وفي مسألة السلطان: أن قتل ذلك الشخص الذي أمر بقتله محرَّمٌ؛ أيْ: بغير حق، والقرينة على هذا التأويل ما تقدم من قوله في جانب غير السلطان: (ومن أمر بالقتل مكلفًا يجهل تحريمه. . . إلخ)، وفي جانب السلطان: (أو أمر به سلطان ظلما من جهل ظلمه. . . إلخ)، فليتأمل وليحرر (¬9)!، [وهذه ليست من خط المحشِّي] (¬10). ¬
ومن دفع لغير مكلف آلة قتلٍ، ولم يأمره به، فقتل: لم يلزم الدافع شيءٌ (¬1)، ومن أمر قنَّ غيره بقتل قنِّ نفسه، أو أكرهه عليه: فلا شيء له (¬2). و: "اقتلني، أو اجرحني"، ففعل: فهدرٌ (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومن دفع لغير مكلف آلة قتل، ولم يأمره (¬4) به، فقتل، لم يلزم الدافع شيء) انظر ما الفرق بين ما هنا وما إذا دَفع المُحْرِمُ إلى غيره آلة صيد؛ حيث صرحوا في تلك بالضمان دون هذه، وقد يقال: إن الضمان هناك [مقيد بما إذا دفع آلة لمريد (¬5) الصيد، كما يظهر من كلام المصنف هناك (¬6)]، فلا تعارض بين المسألتَين. وأيضًا فآلة الصيد لا ينتفع (¬7) بها في غيره غالبًا، فالدفع كالتصريح بالأمر بالصيد، بخلاف القتل؛ فإنه قد ينتفع بها في غيره عادة كقطع شجر أو ذبح شاة، فلم يكن الدفع كالتصريح بالأمر بالقتل، فافترقا. * قوله: (فهدر) لعل المراد: ما لم يكن ذلك تهزُّؤًا (¬8). ¬
4 - فصل
كـ: "اقتلني، وإلا قتلتك" (¬1)، ولو قاله قنٌّ: ضُمن لسيده بقيمته (¬2). * * * 4 - فصل ومن أمسك إنسانًا لآخر حتى قتله (¬3)، أو حتى قطع طرفه فمات، أو فتح فمه حتى سقاه سمًّا: قُتل قاتل، وحبس ممسك حتى يموت (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ضمن لسيده بقيمته)؛ (لأن إذن القن في إتلاف نفسه لا يسري على سيده)، شرح (¬5). فصل (¬6) * قوله: (وحبس ممسك حتى يموت)؛ لأنه فعل به فعلًا (¬7) أوجب الموت؛ ¬
ومن قطع طرف هارب من قتلٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كما لو حبسه عن الطعام والشراب (¬1) حتى مات (¬2)، وهل في هذه المسألة إذا [حبس] (¬3) يمنع من الشراب والطعام؟ صرَّح شيخنا في شرحه بأنه لا يمنع منهما (¬4)، [ثم] (¬5) رأيت بخط الشيخ موسى الحجاوي صاحب الإقناع بهامشه (¬6) ما نصه: (ويطعم ويسقى في ظاهر كلامهم). وفي مبدع ابن مفلح: لا يطعم ولا يسقى، وهذا يجيء على قول من قال: الممسك يقتل؛ ولأن هذا من أنواع قتل العمد -كما تقدم أول الباب-، انتهى (¬7). * قوله: (ومن قطع طرف هارب من قتل) لعله ما لم يكن هاربًا من قتل بحق، فليحرر! (¬8). ¬
فحبس حتى أدركه قاتله أُقيد منه في طرفٍ، وهو في النفس كممسكٍ (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فحبس)؛ أيْ: امتنع من العدو. * قوله: (أقيد منه في طرف)؛ أيْ: من القاطع (¬2)، وأما القاتل فيقتل، وسكت عنه المصنف والشارحان، وكأنه للعلم به إذ هو مباشر. * قوله: (وهو)؛ أيْ: قاطع الطرف (¬3). * وقوله: (في النفس)؛ أيْ: فيما يتعلق بالنفس (كممسك)؛ أيْ: كممسك إنسان لآخر حتى قتله؛ لأنه حبسه للقتل، فكأنه أمسكه حتى قتله (¬4)؛ يعني: فيفعل به أمران: الأول: قطع طرفه الذي امتنع من العدو بسببه، والثاني: حبسه إلى أن يموت؛ لأنه حبس غيره حتى مات، بخلاف ما إذا لم يقصد حبسه للقتل، فإن عليه القطع فقط (¬5) -وله بقية في الشرح-. ¬
وإن اشترك عددٌ في قتلٍ -لا يقاد به البعض لو انفرد- كحُرٍّ وقنٍّ في قتل قنٍّ، وأبٍ أو ولي مقتصٍّ وأجنبي، وخاطئ وعامد، ومكلف وغير مكلف -أو: وسَبُع، أو ومقتول-: فالقود على القنِّ وشريك أب (¬1) -كمكرهٍ أبًا على قتل ولده (¬2) -، وعلى شريك قنٍّ: نصف قيمة المقتول، وعلى شريك غيرهما في حُرٍّ: نصف ديته، وفي قنٍّ: نصف قيمته (¬3). ومن جُرح عمدًا، فداواه بسُمٍّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (كمكرهٍ أبًا (¬4) على قتل)؛ أيْ: كما يجب القصاص على. . . إلخ (¬5). * قوله: (وعلى شريك غيرهما. . . إلخ) دخل فيه شريك ولي المقتص. * قوله: (فداواه)؛ أيْ: داوى المجروح جرحه (¬6). * قوله: (بِسُمّ)؛ أيْ: سم ساعة -قاله الحجاوي (¬7) -. ¬
أو خاطه في اللحم الحي، أو فعل ذلك وليه أو الحاكم، فمات: فلا قود على جارحه (¬1)، لكن: إن أوجَبَ الجرح قصاصًا: استوفي، وإلا: أخذ أرشه (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فلا قود)؛ أيْ: في النفس. * * * ¬
1 - باب شروط القصاص
1 - باب شروط القصاص وهي أربعة: 1 - أحدها: تكليف قاتل (¬1). 2 - ثانيها: عصمة مقتول (¬2)، ولو مستحَقًّا دمه بقتل لغير قاتله، فالقاتل لحربي، أو مرتد قبل توبةٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب شروط القصاص * قوله: (أحدهما تكليف)؛ أيْ: مع علمه بتحريم (¬3) القتل؛ قياسًا على ما سلف في مسألة الأمر (¬4)، فليحرر!، إلا أن يفرق ويطلب الفرق حينئذ. * قوله: (ولو مستحَقًّا دمُه)؛ يعني: فلا يكون استحقاق دمه مقتضيًا لهدر دمه (¬5). ¬
إن قبلت ظاهرًا، أو لزانٍ محصن ولو قبل ثبوته عند حاكم: لا قود ولا دية عليه، ولو أنه مثله، ويعزَّر (¬1). ومن قطع طرف مرتدٍّ أو حربيٍّ فأسلم ثم مات، أو رماه فأسلم ثم وقع به المرميُّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله: (إن قبلت ظاهرًا) أما إذا لم تكن مقبولة منه ظاهرًا بأن تحقق أنه إنما أسلم تحيلًا على عدم إهدار دمه] (¬2)، فوجودها كالعدم -وسيأتي في المتن ما يؤخذ منه موضع عدم قبولها-، وهو أن يكون من الاداط (¬3) بعد جرح أو بين رمي وإصابة (¬4). * قوله: (لا قود ولا دية عليه)؛ أيْ: ولا كفارة (¬5). * قوله: (ولو أنه مثله) يشمل ما إذا قتل حربي حربيًّا (¬6). قال شيخنا: وهو واضح إذا كان محاربًا له، أما إذا كان من طائفته (¬7) فهو معصوم بالنسبة له. ¬
فمات: فهدرٌ (¬1). ومن قطع طرفًا أو أكثر من مسلم، فارتدَ ثم مات: فلا قود (¬2)، وعليه الأقل من دية النفس أو ما قُطع (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فهدر)؛ (أيْ: غير مضمون بقصاص ولا دية على الرامي؛ لأنه بعد إسلامه لم يحدث من الجاني فعل، وإنما الموت أثر فعله المتقدم على إسلامه، وهو كان غير مضمون فأثره مثله)، حاشية (¬4). * قوله: (فلا قود)؛ (يعني: لا في النفس ولا في الطرف، أما الأول فلعدم العصمة، وأما الثاني فلأنه قطع صار قتلًا)، حاشية (¬5). ¬
1 - فصل
يستوفيه الإمام (¬1)، وإن عاد للإسلام -ولو بعد زمنٍ- تسري فيه الجناية: فكما لو لم يرتدَّ (¬2). * * * 1 - فصل 3 - الثالث: مكافاة مقتول حال جناية. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (يستوفيه الإمام)؛ لأن كسبه من ماله ومال المرتد فيء، لا ينظر فيه إلا الإمام (¬3). * قوله: (فكما لو لم يرتد)؛ يعني: (فيجب القصاص أو الدية كاملة؛ لأنهما متكافيان)، حاشية (¬4). فصل (¬5) ¬
بألا يفضله قاتله لإسلام أو حرية أو ملك (¬1): فيُقتل مسلم حرٌّ أو عبدٌ، وذمِّيٌّ ومستأمن حرٌّ أو عبدٌ بمثله (¬2)، وكتابيٌّ بمجوسيٍّ، وذميٌّ بمستأمن، وعكسهما (¬3)، وكافرٌ غير حربيٍّ -جنى ثم أسلم- بمسلمٍ (¬4). ومرتد بذميٍّ ومستأمن، ولو تاب وقبلت، وليست بعد جرح أو بين رمي وإصابة مانعةً من قودٍ (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بمثله) (¬6)؛ أيْ: في الإسلام مع الحرية أو في الإسلام مع الرق، ولا التفات إلى عدم التساوي في الأعضاء، ككون أحدهما مجدَّع الأطراف، أو معدوم الحواس، وكذا لا التفات (¬7) إلى التخالف في العلم والشرف والغنى والصحة أو ضدها (¬8)، فتدبر!. ¬
وقنٌّ بحُرٍّ وبقنٍّ، ولو أقل قيمة منه (¬1)، ولا ليكون أحدهما مكاتبًا (¬2)، أو كونهما لواحدٍ (¬3)، أو كون مقتول مسلم لذميٍّ (¬4)، ومن بعضه حرٌّ بمثله، وبأكثر حرية (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو كون مقتول. . . إلخ)؛ يعني: العبرة بمكأفاة القاتل للمقتول لا بمكأفاة المالكين (¬6). * قوله: (لذمي)؛ يعني: لو كان مالك المقتول المسلم ذميًّا ومالك القاتل مسلما، فإنه، لا عبرة بذلك ويقتل فيه (¬7). * قوله: (ومن بعضه حُرٌّ بمثله) كمن نصفه حُرٌّ بمن نصفه (¬8) حُرٌّ (¬9). * وقوله: (وبأكثر حرية)؛ أيْ: يقتل من نصفه حُرٌّ بمن ثلثاه حُرٌّ (¬10)، ¬
ومكلف بغير مكلفٍ. وذكر بخنثى (¬1) وأنثى، وعكسهما (¬2)، لا مسلم -ولو ارتدَّ- بكافرٍ (¬3)، ولا حرٌّ بقنٍّ (¬4)، ولا بمبعَّضٍ، ولا مكاتب بقنِّه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا مبعَّض بمبعَّض أقل حرية من قاتله (¬5)، وكان ينبغى زيادة المصنف له فى بيان المحترزات. * قوله: (ولو ارتد)؛ أيْ: بعد القتل (¬6)؛ لأن الاعتبار بحالته (¬7). * قوله: (ولا مكاتب بقنِّه)؛ لأنه فَضَلَه بالملك (¬8). ¬
ولو كان ذا رحم محرم له (¬1). وإن انتقض عهد ذميٍّ بقتل مسلم: قتل لنقضه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولو كان ذا رحم محرم له)؛ (أيْ: للمكاتب؛ لأنه ملكه فلا يقتل به كغيره من عبيده، وهذا أحد الوجهَين (¬2)، قال في الإنصاف: وهو المذهب، جزم به في المنور وقدَّمه في النظم، والثاني: يقتل به، وعلى الثاني مشى في الإقناع)، حاشية (¬3). * قوله: (وإن انتقض عهد ذمي بقتل مسلم)؛ أيْ: بسببه؛ أيْ: إن انتقض عهده وكان سبب انتقاضه قتله المسلم (¬4)؛ لأن لانتقاض العهد أسبابًا (¬5) كثيرة، وليس المراد أنه إذا قتل المسلم تارة (¬6) ينتقض عهده وتارة لا (¬7)، فتدبر!. ¬
وعليه دية الحرِّ، أو قيمة القنِّ (¬1). وإن قتل أو جرح ذميٌّ أو مرتدٌّ ذميًّا، أو قنٌّ قنًّا، ثم أسلم أو عتق -ولو قبل موت مجروح-: قتل به (¬2)، كما لو جُنَّ (¬3)، ولو جرح مسلمٌ ذميًّا، أو حرٌّ قنًّا، فأسلم أو عتق مجروحٌ، ثم مات: فلا قود (¬4)، وعليه دية حرٍّ مسلم (¬5). ويستحق (¬6) دية من أسلم وارثه المسلم. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (قتل به)؛ نظرًا لتساويهما حالة الجرح، ولم يعتبروا هنا حالة الزهوق (¬7). * قوله: (فلا قود) اعتبارًا بحالة الجناية دون حالة الزهوق (¬8) (¬9). ¬
ومن عتق سيده (¬1)، كقيمته لو لم يعتق، فلو جاوزت ديةٌ أرش جنايةٍ: فالزائد لورثته (¬2)، ولو وجب بهذه الجناية قود: فطلبه لورثته (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (سيده) (¬4) فاعل يستحق المقدر (¬5). * قوله: (فلو جاوزت دية. . . إلخ)؛ (أيْ: دية من عتق، [والمراد بأرش جنايته قيمته، وحينئذ فيكون المعنى: إذا زادت دية من عتق] (¬6) بعد الجناية عليه على قيمته، فقدر القيمة لسيده والزائد لورثته نسبًا إن استغرقوا، فإن لم يستغرقوا أو لم يكن [له ورثة] (¬7) من نسب ورثة سيده بالولاء)، شرح (¬8). * قوله: (ولو جبَّ بهذه الجناية قود) بأن كانت عمدًا من مكافئ له (¬9). * قوله: (فطلبه لورثته)؛ أيْ: لورثة العتيق؛ لأنه مات حرًّا، فإن اقتصوا فلا ¬
ومن جرح قنَّ نفسه، فعتق ثم مات: فلا قود (¬1)، وعليه ديته لورثته (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ شيء لسيده وإن عفوا على مال، فإن كان مثل قيمته، فلسيده، وإن زاد عليها فالزائد لورثته -على ما سبق (¬3) -. * قوله: (فعتق)؛ أيْ: بالجرح بأن كان فيه تمثيل أو بصيغة العتق (¬4)، أو كان علقه على جرحه (¬5). * قوله: (فلا قود) عليه؛ أيْ: على السيد اعتبارًا بحال الجناية (¬6). * وقوله: (وعليه ديته لورثته)؛ أيْ: العتيق. . . . . . ¬
وإن رمى مسلم ذميًّا عبدًا، فلم تقع به الرَّمية حتى عتق وأسلم، فمات منها: فلا قود، ولورثته -على رامٍ- دية حرٍّ مسلم (¬1). ومن قتل من يعرفه أو يظنه كافرًا، أو قنًّا (¬2)، أو قاتل أبيه، فبان تغيُّر حاله. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اعتبارًا بوقت الزهوق (¬3)، وهو شبيه بتبعيض الأحكام، فتدبر!. * قوله: (ومن فتل من يعرفه)؛ أيْ: كافرًا أو قنًا أو قاتل أبيه. * قوله: (فبان تغير حاله)؛ أيْ: فيما يمكن فيه ذلك، ولذلك قصره الشارح على ما عدا مسألة قاتل أبيه؛ لأنه (¬4) [لا] (¬5) يتأتى فيها تغير الحال (¬6). نعم يتأتى فيها تبين خلاف (¬7) الظن (¬8). ¬
2 - فصل
أو خلاف ظنِّه: فعليه القودُ (¬1). * * * 2 - فصل 4 - الرابع: كون مقتولٍ ليس بولدٍ وإن سفل، ولا بولد بنت وإن سفلت لقاتل (¬2): فيقتل ولد بأب وأم وجد وجدة (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله] (¬4): (فعليه القود) ظاهره سواء كان بدار الإسلام أو الكفر (¬5). فصل (¬6) ¬
لا أحدهم -من نسب- به (¬1)، ولو أنه حُرٌّ مسلم، والقاتل كافر قنٌّ، ويؤخذ حرٌّ بالدية (¬2). ومتى ورث قاتل أو ولده بعض دمه: فلا قود (¬3)، فلو قتل زوجته فورثها ولدهما (¬4)، أو قتل أخاها فورثته، ثم ماتت، فورثها القاتل أو ولده: سقط (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويؤخد حُرٌّ بالدية) ولا كفارة؛ لأن هذا قتل عمد عدوان. * قوله: (فورثها ولدها)؛ أيْ: منه (¬6). * قوله: (فورثها القاتل أو ولده سقط)؛ (لأنه إذا لم يجب للولد على والده بجنايته عليه، فلئلا تجب بالجناية على غيره أولى، ذكرًا كان الولد أو أنثى، جائزًا أو ¬
ومن قتل أباه أو أخاه، فورثه أخواه، ثم قتل أحدهما صاحبه: سقط القود عن الأول؛ لأنه ورث بعض دم نفسه (¬1). وإن قتل أحد ابنَين أباه -وهو زوج لأمه- ثم الآخرُ أمَّه: فلا قود على قاتل أبيه؛ لأرثه ثُمن أمه، وعليه سبعة أثمان ديته لأخيه، وله قتله، ويرثه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا؛ لأنه إذا لم يثبت بعْضه سقط كله؛ لأنه لا يتبعض)، شرح (¬2). * قوله: (سقط القود عن الأول)؛ أيْ: جميع القصاص لإرثه بعض دمه؛ لأن القصاص لا يتبعض، ويلزمه من الدية بقدر ما عليه [منه] (¬3). * قوله: (وله)؛ أيْ: قاتل الأب (¬4). * وقوله: (قتله)؛ أيْ: قتل أخيه بأمه (¬5). * وقوله: (ويرثه)؛ لأنه قتل بحق فلا يمنع الإرث، والمراد أنه يرثه حيث لا حاجب (¬6) (¬7) أو لا مانع سوى القتل. ¬
وعليهما -مع عدم زوجية- القود (¬1). ومن قتل من لا يعرف أو ملفوفًا، وادَّعى كفره أو رقَّه أو موته، وأنكر وليُّه (¬2)، أو شخصًا في داره، وادَّعى أنه دخل لقتلِه، أو أخذِ مالِه، فقتَله دَفْعًا عن نفسه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وعليهما -مع عدم زوجية- القود)؛ لأن كلًّا منهما ورث قتيل (¬3) أخيه وحده (¬4). * قوله: (وادعى) بالبناء للفاعل، وفاعله (¬5) ضمير القاتل (¬6). * قوله: (وأنكر وليه)؛ أيْ: أنه كان ميتًا، ومعنى كونه قتله: أنه فعل معه ما يقتل الحي غالبًا (¬7). ¬
وأنكَر وليُّه (¬1)، أو تَجارَحَ اثنانِ، وادَّعى كلٌّ الدَّفعَ عن نفسه: فالقَوَدُ، أو الديةُ، ويصدَّقُ منكِرٌ بيمينه (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فالقود أو الدية) هذا المجموع لا يصلح أن يكون جوابًا عن المسائل كلها؛ لأن جميع ما قبل قوله "أو تجارح" يجب فيه القود (¬3)، وأما قوله: "أو تجارح"، فيصلح ما ذكر (¬4) لأن يكون جوابًا عنه فقط. فلعل جواب الأوائل محذوف تقديره: فالقود، [وهكذا قدره شيخنا في شرحه (¬5)، فراجعه. ويحتمل أن يكون قوله: "فالقود] (¬6) أو الدية" راجعًا للنوعين، لكن باعتبار حالتين مختلفتين (¬7)، معناه في النوع الأول (¬8): فالقود إن أراده الولي، أو الدية إن [عفا إلى مال. ومعناه، في النوع الثاني (¬9): فالقود إن كان الجرح عمدًا، أو الدية ¬
ومتى صدَّق الوليُّ: فلا قودَ، ولا ديةَ (¬1). وإن اجتمع قومٌ بمحلٍّ، فقَتل وجرَح بعضٌ بعضًا، وجُهل الحالُ: فعلى عاقِلة المجروحين ديةُ القتلَى، يسقُط منها أَرْشُ الجِرَاحِ (¬2). ومن ادَّعى على آخرَ أنه قتَل مُوَرِّثَه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إن] (¬3) كان خطأ. هذا ما ظهر (¬4)، فتدبر. * قوله: (فعلى عاقلة المجروحين دية القتلى، يسقط منها أرش الجراح) قال شيخنا: (وهذا مشكل؛ لأن أرش الجرح للمجروح، والدية على العاقلة، فكيف يسقط أرش الجرح؟). انتهى (¬5). ثم رأيت مثل ذلك نقلًا عن الموفق، وأجاب (¬6) عنه الشيخ مرعي (¬7) بما ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حاصله: أن هذا احتمل أن يكون عمدًا، فتكون الدية عليهم، وأن يكون خطأ، فتكون الدية على العاقلة، وحيث احتمل، فالعدل ما ذكر. انتهى. واستشكل شيخنا هذا الجواب بعد العرض عليه، ولم يفصح بوجه الإشكال، وكان وجهه: أن احتمال كون القتل عمدًا مقتضيًا (¬1) للقصاص أو الدية، لا للدية فقط. والحق في الجواب (¬2) أن يقال: إن الدية إنما وجبت على العاقلة تحملًا، فكأنها واجبة على الجرحى، وهم مستحقون أرشَ الجراحة، فيسقط ذلك مما وجب عليهم، ويجب الباقي على العاقلة (¬3). لكن هذا الجواب ربما يعارضه ما يأتي في باب العفو عن القصاص من أنه: إن أُبرئ قاتلٌ من دية واجبة على عاقلته، لم يصح (¬4). قالوا (¬5): لوقوع (¬6) الإبراء على غير من [هو] (¬7) عليه الحق؛ كإبراء عمرو من دين زيد. ¬
فقال: "إنما قتله زيد"، فصدَّق زيدٌ: أُخِذ به (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أخذ به)، ولا يكون هذا معارضًا لما سلف في قوله: "أنا القاتل لا هو" (¬2)؛ لحمل الأول على ما إذا كان المدعى عليه ثبت عليه القتل [بإقرار، أو] (¬3) ببينة (¬4)، دون ما هنا. * * * ¬
2 - باب استيفاء القصاص
2 - باب استيفاء القصاص وهو فعلُ مجنيٍّ عليه، أو وليِّه بجانٍ مثلَ فعلِه، أو شبهَه (¬1). وشروطه ثلاثة: 1 - أحدها: تكليف مستحِقٍّ. ومع صغره أو جنونه يُحبس جانٍ لبلوغٍ، أو إفاقة (¬2). ولا يَملكُ استيفاءَهُ لهما أبٌ؛ كوصيٍّ، وحاكمٍ (¬3). فإن احتاجا لنفقةٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب استيفاء القصاص * قوله: (وهو فعلُ مجنيٍّ عليه) هذا لا يتأتى إلا إذا كانت الجناية فيما دون النفس (¬4). ¬
فلوليِّ مجنونٍ -لا صغيرٍ- العفوُ إلى الدية (¬1). وإن قَتَلا قاتِلَ مورِّثِهما، أو قطعا قاطِعَهما قهرًا: سقط حقُّهما (¬2)؛ كما لو اقتَصَّا ممن لا تَحمِلُ العائلُة ديتَه (¬3). 2 - الثاني: اتفاق المشتركين فيه على استيفائه. ويُنتظَرُ قدومُ غائبٍ، وبلوغٌ، وإفاقةٌ (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا صغيرٍ) تقدم في اللقيط المجني عليه؛ [أنه] (¬5) إذا كان فقيرًا يجب على الإمام العفوُ إلى الدية، فيما إذا قطع طرفه؛ لينفق عليه منها مع صغره (¬6)، فليحرر الفرق (¬7) بين ما هناك وما هنا، وقد يفرق بأن غير اللقيط قد يستغني بنفقة واجبة، فلم يكن عفو الولي إلى مال محتاجًا إليه، بل قد ينسب إلى [غرض] (¬8)؛ ¬
فلا ينفردُ به بعضُهم (¬1)؛ كديةٍ، وقِنٍّ مشترَكٍ؛ بخلافِ محارَبةٍ: لتحتُّمِه، وحدِّ قذفٍ: لوجوبه لكلِّ واحدٍ كاملًا (¬2). ومن مات: فوارثُهُ كهو (¬3). ومتى انفرد به مَن مُنع: عُزِّرَ فقط. ولشريكٍ في تَرِكَةِ جانٍ حقُّه من الدية، ويَرجعُ وارثُ جانٍ على مقتصٍّ بما فوق حقِّه (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ كإرادة دفع النفقة عن نفسه، فتدبر. * قوله: (بما فوق حقه)؛ أيْ: حقِّ المقتصِّ من الجاني، فلو كان الجاني أقلَّ ديةً من المقتول؛ بأن قتلتِ امرأةٌ رجلًا له ابنان، فقتلها أحدهما بغير إذن الآخر، فلمن لم يأذن نصفُ دية أبيه في تركة المرأة الجانية، وترجع (¬5) ورثتها على المقتص منها بنصف ديتها). حاشية (¬6). ¬
وإن عفا بعضُهم، ولو زوجًا أو زوجة، أو شَهِد -ولو مع فسقِهِ- بعفوِ شريكه: سقط القَوَدُ (¬1)، ولمن لم يَعْفُ حقُّه من الدية على جانٍ (¬2). ثم إن قتله عافٍ: قُتل، ولو ادَّعى نسيانَه أو جوازه. وكذا شريكٌ عالمٌ بالعفوِ، وسقوطِ القودِ به. وإلا وَدَاهُ (¬3). ويَستحقُّ كلُّ وارثٍ القودَ بقدرِ إرثه من مال (¬4)، ويَنتقلُ من مورِّثِه إليه (¬5). ومن لا وارثَ له: فالإمامُ وليُّه، له أن يَقتصَّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإلا. . . إلخ) (أي: لم يعلم بالعفو، [أو علم] (¬6) به لكنه لم يعلم بسقوط العفو به) شرح (¬7). ¬
أو يعفوَ إلى مال، لا مَجَّانًا (¬1). 3 - الثالث: أن يُؤمَنَ في استيفاءٍ تعدّيهِ إلى غيرِ جانٍ (¬2). فلو لزم القَوَدُ حاملًا، أو حائلًا، فحَملتْ: لم تُقتل حتى تضعَ، وتسقيَه اللِّبَأ. ثم إن وُجِد من يُرضعُه: قُتلتْ، وإلا، فحتى تَفطِمَه لحولَيْن (¬3). وكذا حدٌّ برَجْمٍ (¬4). وتُقادُ في طرَفٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو يعفو إلى مال) لو قال: فله أن يعفو إلى الدية -كما في المحرر، والوجيز- لكان أولى؛ لأنه هو المراد؛ إذْ هو لا يتصرف إلا بما فيه حظ ومصلحة، وكلامه يوهم أن له العفو إلى مال، ولو كان أقل من الدية، وليس كذلك كما نبه عليه الحجاوي في حاشيته على التنقيح، فتنبه. حاصل الحاشية (¬5). ¬
وتُحَدُّ بجَلْد بمجرَّد وَضْعٍ (¬1). ومتى ادَّعتْه، وأمكَنَ: قُبِل، وحُبست (¬2)، لقودٍ، ولو مع غَيْبَةِ وليِّ مقتولٍ -بخلاف حبسٍ في مالِ غائبٍ- لا لحدِّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وتحد بجلدٍ بمجرد وضعٍ) خلافًا للموفق حيث قال: ينتظر (¬3) بغير فورية (¬4) إلى انقضاء مدة النفاس والطهرِ منه؛ لتقوى على ذلك (¬5)، لكن المصنف تابع لكل مما في التنقيح (¬6) والإنصاف (¬7)، وإن كان كلام الموفق أظهرَ. ذكره شيخنا في شرحه (¬8). * قوله: (بخلاف حبس في مال غائب)؛ أيْ: (فإن المدين لا يحبس مع غيبة رب الدين). حاشية (¬9). * قوله: (لا لحد)؛ أيْ: لا تُحبس لحدٍّ، والمراد: للَّه تعالى، وأما إذا كان ¬
1 - فصل
حتى يتبيَّنَ أمرُها (¬1). ومن اقتَصَّ من حامل: ضَمِن جَنِينَها (¬2). * * * 1 - فصل ويحرُم استيفاءُ قَوَدٍ بلا حضرةِ سُلطانٍ أَو نائبِه (¬3)، وله تعزيرُ مخالِفٍ، ويقَعُ المُوقَع (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ لآدمي؛ كحد القذف، فتحبس له كما تحبس للقود، كما صرح به شيخنا في شرحه عليه (¬5). فصل (¬6) ¬
وعليه تفقُّدُ آلةِ استيفاءٍ: ليمنَعَ منه بكالَّةٍ (¬1). ويَنظر في الوليِّ: فإن كان يَقدِرُ على استيفاءٍ، ويُحسنُه: مكَّنه منه -ويُخيَّرُ بينَ أن يباشرَ، ولو في طرَفٍ، وبينَ أن يوكِّلَ-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فإن [كان] (¬2) يقدر على استيفاءٍ، ويحسنه، مَكَّنه منه)، وإذا أُمْكِنَ (¬3) من الاستيفاء، وضرب فأخطأ المحلَّ، فإن أقرَّ بالتعمد، عُزِّر، ولم يمكَّن من الإعادة إن أرادها، وإن ادَّعى الخطأ وأمكن؛ بأن كانت الضربة قريبة من المحل؛ قُبِل (¬4) قوله (¬5)، ومُكِّنَ (¬6) من الإعادة إن أرادها، وإن كانت بعيدة لم يقبل قوله (¬7)، ولم يمكَّن من الإعادة إن أرادها؛ لأنه تبين أنه لا يحسن الاستيفاء (¬8). ¬
وإلا: أُمر أن يوكِّل (¬1). وإن احتاج لأجرةٍ: فمن جانٍ (¬2)؛ كحدٍّ (¬3). ومَنْ له وليَّانِ فأكثرُ، وأراد كل مباشرته: قُدِّم واحدٌ بقُرعةٍ (¬4)، ووكّله من بقيَ (¬5). ويجوز اقتصاصُ جانٍ من نفسِه برضَا وليٍّ (¬6). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإلا. . . إلخ)؛ أيْ: إن لم يحسن الولي الاستيفاء بنفسه (¬7) (¬8). * قوله: (ويجوز اقتصاصُ جانٍ من نفسِه. . . إلخ) يؤخذ من قوله: "يجوز": أنه لا يكون في هذه الحالة عاصيًا بقتل نفسه. ¬
لا قطعُ نفسه في سرقة، ويسقط. بخلافِ حدِّ زنًى أو قذفٍ بإذنٍ (¬1). وله خَتْنُ نفسِه: إن قويَ، وأحسنَه (¬2). ويحرُم أن يُستوفَى في نفسٍ إلا بسيفٍ (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا قطع نفسه في سرقة) المراد: لا يجوز لولي أمر أن يأذن لسارق في قطع يد نفسه أو رجله في سرقة؛ لفوات الردع الذي يحصل بقطع غيره (¬4). * قوله: (ويسقط)؛ لوقوعه الموقع (¬5). * قوله: (بخلاف حد زنى، أو قذفٍ بإذن) (من الحاكم، فليس له استيفاؤه من نفسه، ولا يسقط بفعله؛ لفوات الردع الحاصل بفعل غيره) حاشية (¬6). * قوله: (ويحرم أن يُستوفى في نفسٍ إلا بسيفٍ)، ومحله العنقُ لا غيرُه (¬7). ¬
-كما لو قتلَه بمحرَّم في نفسه: كلِواطٍ، وتجريعِ خمرٍ-، وفي طرَفٍ إلا بسكينٍ ونحوِها: لئلَّا يحيِفَ (¬1). ومن قطعَ طرَفَ شخصٍ، ثم قتلَه قبل بُرْئِه: دخلَ قَوَدُ طرَفِه في قَوَدِ نفسِه، وكفَى قتله (¬2). ومن فعل به وليٌّ كفعلِه: لم يَضمنْه (¬3). فلو عفا -وقد قطع ما فيه دونَ ديةٍ-، فله تمامُها، وإن كان فيه ديةٌ: فلا شيءَ له، وإن كان فيه أكثرُ: فلا شيء عليه (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه: انظر (¬5): هل يعارض هذا ما أسلفه في قوله: "ومن أمسك إنسانًا لآخر حتى قتله، أو حتى قطع طرفه، فمات، أو فتح فيه حتى سقاه سمًا، قُتل قاتلٌ، وحبس ممسكٌ حتى يموت" (¬6)؟ انتهى؛ فإن فيه استيفاءً في النفس بغير السيف. * قوله: (وكفى قتله)؛ لاحتمال أنه لو لم يقتله، لسرت الجنايةُ إلى النفس، ¬
وأن زاد، أو تعدَّى بقطعِ طرَفِهِ: فلا قَوَدَ، ويَضْمَنُه بديتِهِ: عفا عنه، أوْ لَا (¬1). وإن كان قطع يَده، فقطع رجلَه، فعليه ديةُ رجلهِ (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ ولم تندمل، فيكون الواجب القصاصَ في النفس، لا في الطَّرَف. * قوله: (وإن زاد، أو تعدّى بقطع طَرَفه، فلا قوَد)، (وإن سرى الاستيفاءُ الذي حصلت فيه الزيادةُ إلى نفس المقتصِّ منه، أو بعض أعضائه؛ مثل: أن قطع إصبعه، فسرى، فعلى المقتصِّ نصفُ الدية، قال القاضي: كما لو جرحه جرحين: جرحًا في رِدَّته، وجرحًا بعد إسلامه، فمات منهما). حاشية (¬3). * قوله: (ويضمنه بديته، عفا عنه أَوْ لا) (¬4) [ما] (¬5) لم يكن التعدي ناشئًا عن اضطراب منه وحركته، فإن كان، فلا شيء على المقتص، فإن اختلفا، فقوله؛ أي: قول المقتص؛ لأن التعدي خلاف الأصل، فيقبل قوله منكِرِه. هنا حاصل الحاشية (¬6). * قوله: (فعله ديةُ رجله)؛ أيْ: ولا يقتص من الوليِّ في رجله؛ لأن له ¬
2 - فصل
وإن ظن وليُّ دمٍ أَنه اقتص في النفس، فلم يكن -وداواه أهلُه حتى بَرأَ- فإن شاء الوليُّ: دَفَع إليه ديةَ فعلِه، وقَتَله: وإلَّا: تَرَكه (¬1). * * * 2 - فصل ومن قتَل، أو قطَع عددًا في وقتٍ، أو أكثرَ، فرضي أولياءُ كلٍّ بقتلِه، أو المقطوعونَ بقطعِه: اكتُفِي به (¬2). وإن طلب وليُّ كلٍّ (¬3) قتله على الكمال. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شبهةً في أصل الأقدام تمنع وجوبَ القصاص، لكن لا يقع ذلك هدرًا، فتجب الدية (¬4)، واستحقاق القصاص في الدية باقٍ، فللوليِّ أن يقتص في يد الجاني، فتدبر. * قوله: (وإلا تركه) ظاهره: من غير شيء (¬5)، وهو مشكل. فصل (¬6) ¬
-وجنايتُه في وقت-: أُقرع (¬1). وإلا (¬2): أُقِيدَ للأول، ولمن بقيَ الديةُ: كما لو بادَرَ غيرُ وليِّ الأولِ، واقتَصَّ (¬3). وإن رضيَ وليُّ الأولِ بالديةِ: أُعطيها، وقُتل لثانٍ. وهَلُمَّ جَرًّا (¬4). وإن قَتل، وقطَعَ طرَفَ آخر: قُطع، ثم قُتل بعد اندِمال (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولمن بقي الديةُ)؛ [أي] (¬6): إن كان الباقي واحدًا، وإلا فدياتٌ بعددها. * [قوله] (¬7): (قطع ثم قتل)، ولا يعكس؛ لأنه [لا] (¬8) فائدة في قطعه بعد القتل؛ لعدم الإيلام الذي يحصل به التشفي (¬9). وإلى ذلك يشير المتنبي (¬10) بقوله: ¬
ولو قطع يدَ زيد، وإصبعَ عمرٍو من يدٍ نظيرتِها -وزيدٌ أسبقُ قُدِّم، ولعمرٍو ديةُ إصبعه (¬1). ومع سبقِ عمرٍو-: يُقاد لإصبعه، ثم ليدِ زيدٍ بلا أَرْشٍ (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ مَنْ يَهُنْ يَسْهُلِ الهَوَانُ عَلَيهِ ... مَا لِجُرْحٍ بِمَيِّتٍ إِيلَامُ وبخطه: (لو قطع يد رجل، ثم قتل آخر، ثم سرت جناية اليد إلى النفس، فهو قاتلٌ لهما، فإن تشاحَّا في الاستيفاء قُتل بالذي قتله، ووجبت الدية كاملة للمقتول بالسراية) حاشية (¬3). * * * ¬
3 - باب العفو عن القصاص
3 - بابُ العفوِ عن القِصاص ويجب بعملٍ القَوَدُ، أو الديَةُ، فَيُخَيَّرُ الوليُّ بينهما (¬1). وعفوُه مجانًا أفضلُ، ثم لا تعزير على جانٍ (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ باب العَفْوِ عن القِصاص * قوله: (فيخيَّر الوليُّ بينهما، وعفوُه مجانًا أفضلُ) يؤخذ منه أن يمنع الجمع (¬3). * قوله: (ثم لا تعزير على جانٍ) بعد العفو؛ لأنه إنما عليه حقٌّ واحد، وقد سقط (¬4)، ولأنه سيأتي أنه إنما يجب التعزيرُ في المعصية التي لا حدَّ فيها، ولا كفارةَ (¬5)، وهذه معصية يجب فيها الحد، وإن كان يسقط بالعفو. ¬
فإن اختار القودَ، أو عفا عن الدية فقط: فله أخذُها، والصلحُ على أكثرَ منها (¬1). وإن اختارها: تعيَّنتْ. فلو قتله بعدُ: قُتل به (¬2). وإن عفا مطلقًا (¬3)، أو على غيرِ مال، أو عن القودِ مطلقًا -ولو عن يدِه-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فإن اختار القودَ. . . إلخ) (¬4) حاصلُ جواب الشرطية الأولى: لم يتحتم ما اختاره من القود، بل له الرجوعُ بعد ذلك إلى الدية، وإلى الصلح على أكثر منها؛ لأنه فيهما انتقل عن الأعلى إلى الأدنى، وهو حقه (¬5). * قوله: (والصلحُ على أكثرَ منها) كما أن له أن يقتصَّ. وإنما سكت عنه؛ لكونه معلومًا؛ إذْ هو المختار في الأولى، وغير المعفو (¬6) عنه في الثانية. * قوله: (فلو قتله بعدُ (¬7)، قُتِلَ به) هو معلوم مما تقدم في الباب قبله (¬8). ¬
فله الديةُ (¬1). ولو هلك جانٍ: تعيَّنتْ في ماله (¬2)؛ كتعذُّرِه في طرَفه (¬3). ومن قطع طرَفًا محمدًا: كإصبعٍ، فعُفِيَ عنه، ثم سَرَتْ إلى عضوٍ آخرَ: كبقيةِ اليد، أو إلى النفس -والعفوُ على مالٍ (¬4)، أو على غير مال-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فله الدية)؛ لانصراف (¬5) ذلك إلى القصاص دون الدية؛ لأن العفو عن القصاص هو المطلوب الأعظم في باب القود (¬6). * قوله: (تعينت في ماله) إن كان، وإلا ضاع الحق (¬7). * قوله: (أو على غير مال. . . إلخ) فيه: أنهم صرحوا بأنه [إذا] (¬8) قال: عفوتُ على غير مال، سقطَ حقُّه من القصاص والدية، فلعل المراد: أنه عفا على ¬
فله تمامُ ديةِ ما سَرَتْ إليه (¬1)، ولو مع موتِ جانٍ (¬2). وإن ادَّعى عفوَه عن قودٍ ومالٍ، أو عنها وعن سِرايتها -فقال: "بَلْ إلى مالٍ"، أو: "دونَ سِرايتِها"- فقولُ عافٍ بيمينه (¬3). ومتى قتله جانٍ قبل بُرءٍ -وقد عفا على مال- فالقودُ، أو الديةُ كاملةً (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ شيء غير مال؛ كما لو عما على خمر أو خنزير، وقد أشار إلى ذلك الشارح بقوله: كخمر (¬5). * قوله: (فقولُ عافٍ بيمينه)؛ لأن الأصل عدمُ العفو عن جميعه (¬6). * قوله: (فالقود، أو الدية كاملة)؛ لأن القتل انفرد عن القطع، فعفوه عن القطع لا يمنع ما وجب بالقتل (¬7). ¬
ومن وكَّل في قودٍ، ثم عفا, ولم يَعلم وكيلُه حتى اقتَصَّ: فلا شيءَ عليهما (¬1). وإن عفا مجروحٌ عمدًا أو خطأ عن قودِ نكسِه، هو ديتِها: صح، كوارثِه (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله] (¬3): (فلا شيء عليهما) أما الوكيل، فلعدم تفريطه، وأما الموكل، فلأنه محسن (¬4). وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: انظر: لِمَ (¬5) لَمْ يقولوا بانعزال الوكيل بعفو الموكِّل؟ وتقدم أن عزل الوكيل لا يتوقَّف على العلم به (¬6)، فكان مقتضاه أن يكون ذلك خطأ من الوكيل، فتكون الدية على عاقلته. وكلام المصنف يحتمله؛ لأنه لا يلزم من نفي ذلك عن الوكيل نفيه عن عاقلته (¬7). ¬
فلو قال: "عفوتُ عن هذا الجَرح (¬1) -أو الضربةِ-" فلا شيءَ في سِرايتها, ولو لم يَقُلْ: "وما يحدُث منها" (¬2)؛ كما لو قال: "عفوتُ عن الجناية" (¬3)؛ بخلاف عفوِه على مالٍ، أو عن قودٍ فقط (¬4). ويصح قولُ مجروح: "أبرأتُك"، و"حَلَّلْتُك من دمي -أو قتلي-"، أو: "وهبتُك ذلك" ونحوُه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله] (¬5): (فلو قال: عفوت عن هذا الجرح) لعل المراد: جرحٌ فيه مقدَّر من قود، أو دية، حتى لا يعارض قولَه الآتي: "ولا يصح عفوه عن قود شجة (¬6) لا قود فيها، فوليه. . . إلخ". * [قوله] (¬7): (بخلاف عفوه على مال، أو عن قَوَد فقط) "بأن (¬8) قال: عفوت على مال، أو عفوت عن القود، فلا يبرأُ جانٍ من السراية؛ لعدم ما يتقضي براءته منها" شرح (¬9). * قوله: (ويصح قول مجروح: أبرأتك. . . إلخ) إنما صح ذلك، وإن كان ¬
معلَّقًا بموته. فلو عُوفيَ: بقيَ حقُّه؛ بخلافِ: "عفوتُ عنك" ونحوهِ (¬1). ولا يصحُّ عفوُه عن قودِ شَجَّةٍ لا قودَ فيها. فَلِوَليه -مع سِرايتِها- القودُ، أو الديةُ (¬2). وكلُّ عفوٍ صححناهُ من مجروح مجانًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ من تعليق الإبراء، وهو لا يصح تعليقه؛ لأنه خرج مخرج الوصية، وقد أشار إلى ذلك الشارح (¬3)، فتدبر. * قوله: (معلقًا بموته)؛ أيْ: موت المجروح (¬4). * قوله: (ونحوه)؛ كعفوت عن جنايتك؛ لتضمنه الجنايةَ وسرايتَها (¬5). * قوله: (ولا يصح عفوُه عن قودِ شجَّةٍ (¬6) لا قودَ فيها)؛ كالمنقِّلَة (¬7)، والمأمومة؛ لأنه عفو عما لم يجب (¬8). ¬
مما يوجبُ المالَ عينًا، فإنه إذا مات: يَعتبرُ من الثلث، ويُنْقَضُ للدَّين المستغرِقِ (¬1). وإن أوجَبَ قودًا: نَفَذ من أصل التَّرِكةِ (¬2)، ولو لم تكن سوى دمه (¬3). ومِثلُه: العفوُ عن قودٍ -بلا مالٍ- من محجورٍ عليه لسفهٍ أو فلسٍ، أو من الورثةِ، معَ دينٍ مستغرقٍ (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مما يوجب المالَ عينًا)؛ كالخطأ، وشبه العمد، ونحو الجائفة (¬5). * قوله: (يعتبر (¬6) من الثلث)؛ "أي: ثلث التركة، فينفذ (¬7) إن كان قدرَ الثلث أو أقلَّ، فإن زاد فبقدره؛ لإبرائه من مال بعد ثبوته في مرض اتصل به الموتُ، أشبهَ الدينَ". شرح (¬8). ¬
ومن قال لمن له عليه قودٌ في نفسٍ أو طَرَفٍ: "عفوتُ عن جنايتِك، أو عنك"، بَرِئَ من قودٍ وديةٍ (¬1). وإن أُبْرِئَ قاتلٌ من ديةٍ واجبةٍ على عاقلته، أو قِنٌّ من جنايةٍ يتعلقُ أرْشُها برقبته، لم يصحَّ (¬2). وإن أُبْرِئَتْ عاقلتُه، أو سيدُه، أو قال: "عفوتُ عن هذه الجنايةِ"، ولم يُسمِّ المُبْرَأ: صَحَّ (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (برئَ من قودٍ وديةٍ) انظر السر في ذكر هذا بعد قوله فيما سبق: "بخلاف: عفوتُ عنك، ونحوه"، وقد يقال: إنما ذكره هناك؛ لبيان تضمنه العفو عن الجناية وسرايتها، وهنا لبيان تضمنه العفو عن القود والدية. * قوله: (وإن أبرئ قاتل من دية واجبة على عاقلته)؛ أيْ: لم يصح، وفيه نظر؛ لأن العاقلة إنما وجب عليها ذلك تحملًا، والوجوب أصالة إنما هو على القاتل، فكان مقتضاه صحة البراءة، وتقدم ما يؤيده في حاشية شيخنا (¬4). * قوله: (لم يصح)؛ لأن الإبراء وقع لغير مَنْ عليه الحقُّ (¬5). ¬
وإن وجب لقنٍّ قودٌ، أو تعزيرُ قَذْفٍ: فله طلبُه، وإسقاطه. فإن مات: فلسيده (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله] (¬2): (فإن مات، فلسيده)؛ أيْ: ما كان للقنِّ من عفوٍ واسقاطٍ وضدِّهما، وهما: القودُ، وطلب التعزير. وانظر: هل للسيد الطلبُ بإقامة التعزير للقذف ولو لم يكن القن قد طلب (¬3) به في حياته، ويفرق بين حده وتعزيره (¬4) , وبين الحر والقن؟ يحرر ذلك. * * * ¬
4 - باب ما يوجب القصاص فيما دون النفس
4 - بابُ ما يُوجِبُ القِصاصَ فيما دونَ النفْسِ من أُخِذ بغيره في نفْسٍ: أُخِذ به فيما دونَها، ومن لا: فلا (¬1). وهو في نوعَيْن: -أطرافٍ، وجروحٍ- (¬2) بأربعةِ شروطٍ: 1 - أحدُها: العمدُ المَحْضُ (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ باب ما يوجب القصاص فيما دون النفس (¬4) * قوله: (ومَنْ لا، فَلا)؛ كالأبوين مع ولدهما، والحر مع العبد، والمسلم مع الكافر (¬5). * قوله: (بأربعة شروط)؛ أيْ: يجب. . . إلخ، هكذا قدره. . . . . . ¬
2 - الثاني: إِمكانُ الاستيفاء بلا حَيفٍ: بأن يكونَ القطعُ من مَفْصِلٍ، أو يَنتهيَ إلى حَدٍّ: كمارِنِ الأنفِ، وهو: ما لانَ منه (¬1). فلا قِصاصَ في جائِفَةٍ، ولا في كسرِ عظمٍ غيرِ سِنٍّ ونحوِه (¬2). ولا إن قطع القَصَبةَ، أو بعضَ ساعدٍ أو ساقٍ (¬3)، أو عَضُدٍ أو وَرِكٍ (¬4). وأما الأمْنُ من الحَيْف، فشرطٌ لجوازه (¬5). فيَقتصُّ من مَنْكِبٍ: ما لم يَخَفْ جائفةٌ (¬6). فإن خِيفَ: فله أن يَقتصَّ من مِرْفَقه (¬7). ـــــــــــــــــــــــــــــ الشارح (¬8)، فتدبر. * قوله: (فلا قصاص في جائفة)؛ أي جرحٍ واصِلٍ إلى باطن الجوف (¬9). ¬
ومن أَوْضَحَ، أو شَجَّ إنسانًا دونَ مُوضِحَةٍ (¬1)، أو لطمَة فذهبَ ضوءُ عينِه، أو شمُّه (¬2)، أو سمعُه، فُعل به كما فَعل. فإن ذَهَب، وإلا: فعل ما يُذهِبُه من غير جنايةٍ على حَدَقَةٍ أو أنفٍ أو أُذنٍ (¬3). فإن لم يمكن إلا بذلك: سقَط إلى الدية (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فُعِلَ (¬5) به كما فعل) ظاهره: حتى في اللطمة، وهو ما استشكل على المنقح (¬6) (¬7). ¬
ومن قُطعتْ يدُه من مِرْفَقٍ، فأراد القطعَ من كُوع: مُنع (¬1). 3 - الثالث: المساواةُ في الاسم والموضع (¬2). فيؤخذُ كلٌّ من أنفٍ، وذَكَرٍ مختونٍ أوْ لا، [وإصبع] (¬3)، وكفٍّ، ومِرْفَقٍ، ويُمنَى ويُسرَى من عين وأذنٍ -مثقوبةٍ أوْ لا- ويدٍ وَرِجْلٍ، وخُصيةٍ وأَلْيَةٍ وشُفْرٍ أُبِينَ، وعُليَا وسُفلى من شَفَةٍ، ويُمنَى ويُسرَى وعُليَا وسُفلى من سنٍّ مربوطةٍ أوْ لا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومن قطعت. . . إلخ) هذه المسألة حقها أن تذكر بعد الثالث؛ لأن العلة فيها عدمُ المساواة في الاسم والموضع، أو يذكر ما ذكره الشارح بقوله: "وإن (¬4) قطع يده من الكوع, فتآكلت إلى نصف الذراع، فلا قودَ، اعتبارًا بالاستقرار. قاله القاضي وغيره، وقدمه في الرعايتين، وصححه الناظم، وجزم به في الإقناع. وقال المجد: يقتص (¬5) هنا من الكوع؛ لأنه محل جنايته". انتهى (¬6). ¬
وجَفنٌ بمثلِهِ (¬1). ولو قطعَ صحيحٌ أَنْمُلةً عُليَا من شخص، ووُسطى من إصبع نظيرتِها من آخر ليس له عُليَا: خُيِّر ربُّ الوسطى بين أخذِ عَقْلِها الآنَ -ولا قصاصَ له بعدُ-، وصبر حتى تذهب عُليَا قاطعٍ بقودٍ أو غيرِه، ثم يَقتصُّ. ولا أَرْشَ له الآنَ؛ بخلافِ غَصْبِ مالٍ (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وجفن بمثله)؛ أيْ: أعلى أو أسفل، على قياس ما قبله. * قوله: (ولا أرشَ له الآنَ)؛ [أي] (¬3): في نظير (¬4) صبره، وحيلولته (¬5) بينه وبين استيفاء حقه؛ لأنه حبس لأجل حقه، لا عن حقه (¬6)، فتدبر. * [قوله] (¬7): (بخلاف غصبِ مالٍ)؛ أيْ: بخلاف المغصوب إذا تعذر ردُّه حالًا؛ فإن له أخذَ الأرشِ (¬8) مدةَ احتباسِه عنه؛ للحيلولة. هذا خلاصة ما في ¬
ويؤخذُ زائدٌ بمثله: موضِعًا وخِلْقَةً، ولو تفاوَتا قَدْرًا (¬1). لا أصليٌّ بزائد، أو عكسُه، ولو تراضَيَا عليه (¬2). ولا شيءٌ بما يخالفه (¬3)، فإن فَعَلا، فقطع يسارَ جانٍ مَن له قوَدٌ في يمينه بها بتراضيهما، أو قال: "اخرِج يمينَك"، فأخرَج يسارَه عمدًا، أو غلطًا، أو ظنًّا أنها تُجزئُ، فقطعها: أجزأتْ، ولا ضمانَ (¬4). وإن كان مجنونًا، فعلى المقتصِّ القودُ: إن عَلم أنها اليسارُ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حاشية (¬5) شيخنا على الإقناع (¬6)، وصرح به في الشرح هنا (¬7). * قوله: (ويؤخذ زائدٌ بمثله موضعًا وخِلقةً، ولو تفاوتا قدرًا) قال في الإقناع (¬8): "فإن لم يكن للجاني زائد يؤخذ، فحكومة". ¬
وأنها لا تُجزِئُ، وإن جهَل أحدهما: فعليه الديةُ (¬1). وإن كان المقتصُّ مجنونًا، والجاني عاقلًا، ذهبتْ هَدَرًا (¬2). 4 - الرابعُ: مراعاةُ الصحة والكمالِ (¬3). فلا تؤخذ كاملةُ أصابعَ أو أظفارٍ بناقصتِها (¬4): رضيَ الجاني أو لا، بل مع أظفارٍ مَعيبةٍ (¬5). ولا عينٌ صحيحةٌ بقائمة، ولا لسانٌ ناطقٌ بأخرسَ (¬6). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وذهبت هدرًا)؛ "لأن استيفاء المجنون لا أثر له، وقد أعانه بإخراج يده ليقطعها، أشبهَ ما لو قال عاقل لمجنون: اقتلني، فقتله" شرح (¬7). * قوله: (ولا عينٌ صحيحةٌ بقائمة)، وهي التي بياضها وسوادها صافيان، غير أن صاحبها لا يبصر. قاله الأزهري (¬8). ¬
ولا صحيحٌ بأشلَّ: -من يدٍ، ورجلٍ، وإصبعٍ، وذَكَرٍ (¬1) - ولو شُلَّ، أو ببعضِه شللٌ: كأنْمُلةٍ يدٍ (¬2). ولا ذَكَرُ فَحْلٍ بذَكَرِ خَصِيٍّ أو عِنِّينٍ (¬3). ويؤخذُ مارِنُ الأشَم الصحيح بمارنِ الأَخْشَم: الذي لا يجد رائحةَ شيء، والمخرومِ: الذي قُطع وترُ أنفِه، والمستخشِف: الرديء. وأُذُنُ سميع بأذنِ أصمَّ شلاءَ (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو ببعضه شلل) الشلل: فسادُ العضو، وذهابُ حركته (¬5). * قوله: (بمارن الأخشم (¬6). . . إلخ)؛ لأن الأنف صحيح، والعلة في الدماغ (¬7). ¬
1 - فصل
ومَعِيبٌ من ذلك كلِّه بمثلهِ: إن أُمنَ تلفط من قطع شلاءَ (¬1) وبصحيح (¬2) بلا أرشٍ (¬3). ويصدَّق وليُّ الجناية -بيمينه- في صحةِ ما جُنِيَ عليه (¬4). * * * 1 - فصل 1 - ومن أذهَب بعضَ لسانٍ، أو مارِنٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (إن أمن تلفٌ)؛ "بأن قال أهلُ الخبرة: إنه إذا قطع، لم تفسد العروق، ولم يدخل الهواء إلى البدن فيفسده، وإلا، سقط القصاص؛ لأنه لا يجوز أخذ نفسٍ بطرَف" شرح (¬5). فصل (¬6) ¬
أو شَفَةٍ، أو حَشَفةٍ، أو أُذُنٍ، أو سِنٍّ: أُقيدَ منه، مع أمنِ قلعِ سنِّه، بقدرِه، بنسبةِ الأجزاء: كنصفٍ وثلثٍ (¬1). ولا قَوَدَ، ولا دِيةَ لما رُجيَ عَوْدُه في مدة تقولها أهلُ الخبرة، من عينٍ: كسنٍّ ونحوِها، أو منفعةٍ: كعَدوٍ ونحوهِ (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بنسبة الأجزاء)؛ [أي] (¬3): لا بالمساحة (¬4) (¬5) (¬6). * قوله: (ولا دية (¬7) لما رُجي عوده. . . إلخ) ظاهرُه: سواءٌ رجع بعد مضي المدة، أم لا، ويعارضه ما يأتي. * قوله: (من عينٍ) المراد بها: ما قابل المنفعة (¬8). ¬
فلو مات فيها: تعيَّنتْ ديةُ الذاهب (¬1). وإن ادَّعى جانٍ عَوده: حلف ربُّ الجناية. ومتى عاد بحالِه: فلا أرشَ (¬2)، وناقصًا في قدرٍ أو صفةٍ: فحكومةٌ (¬3). ثم إن كان أخذ ديةً: ردَّها، أو اقتَصَّ: فلجانٍ الديةُ. ويَرُدُّها: إن عاد (¬4). ومن قُلِعَ سنُّه أو ظُفرُه، أو قُطع طرَفُه: كمارِنٍ، وأذنٍ، ونحوِهما، فردّه فالتَحَم، فله أرشُ نقصِهِ (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (في قدر) يخالف ما في الإقناع حيث قال: وإن عادت قصيرة، ضمن ما نقص منها بالحساب، ففي ثلثها ديتُها؛ كما لو كسر ثلثها. جزم به في الشرح. انتهى كلامه مع شيء من شرح شيخنا (¬6). ¬
وإن قَلعه قالعٌ بعدَ ذلك: فعليه ديتُه (¬1). ومن جعل مكانَ سنٍّ قُلعت عظمًا، أو سنًّا أخرى، ولو من آدميٍّ، فثبتَتْ: لم تسقُط ديةُ المقلوعة. وعلى مُبِينِ ما ثبتَ حُكومةٌ (¬2). ويُقبل قولُ وليٍّ -بيمينه- في عدمِ عَودِه والتحامِهِ (¬3). ولو كان التحامُه من جانٍ اقتُصَّ منه: أُقيدَ ثانيًا (¬4). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ ثم نبه [بعد] (¬5) ذلك على المخالفة. * قوله: (ولو كان التحامُه من جانٍ اقتصَّ منه، أقيد ثانيًا)؛ يعني: لو جنى إنسان على آخر بقلع سنه، فاقتص منه، [فأعادها المقتصُّ منه، فالتحمت، اقتصَّ منه] (¬6) ثانيًا لإزالة ما التحم؛ لأنه قلع سن (¬7) غيره دوامًا (¬8)، فتقلع سنه دوامًا، فكلما التحمت، أُزيل التحامها حتى تتحقق المقاصة (¬9). ¬
2 - فصل
2 - فصل 2 - النوع الثاني: الجروحُ. ويُشترط لجوازه فيها: انتهاؤها إلى عَظم؛ كجَرحِ عضُدٍ وساعدٍ وفخذٍ وساقٍ وقدمٍ، وكمُوضِحَةٍ (¬1). ولمجروحٍ أعظمَ منها؛ كهاشمةٍ، ومُنقِّلَةٍ، ومَأْمُومَةٍ: أن يقتصَّ مُوضِحَةً، ويأخُذَ ما بين ديتِها وديةِ تلك الشَّجَّةِ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه -رحمه اللَّه تعالى قوله-: (أُقيد منه ثانيًا) يطلب الفرق بين النفس والطَّرَف؛ فإنه تقدم: أنه إن ظن وليُّ دمٍ أنه اقتصَّ في النفس، فلم يكن، وداواه أهلُه حتى برأ: أنه إن شاء الولي، دفع إليه ديةَ فعله، وقتله، وإلا تركه (¬2)، وهنا قال: "أُقيد ثانيًا"، وظاهره: من غير دفع شيء، وكلام الإقناع (¬3) هنا وافق لكلامه فيما سبق (¬4)، وهو قول في مسألتنا هذه، فليحرر. فصل (¬5) * قوله: (ولمجروحٍ (¬6) أعظمَ منها. . . إلخ)؛ أيْ: جرحًا أعظم منها؛ أيْ: ¬
فيأخذُ في هاشمةٍ خَمسًا من الإبل، وفي منقِّلَةٍ عَشرًا (¬1). ومن خالفَ، وأقتَصَّ -مع خوفٍ- من مَنكِبٍ أو شَلَّاءَ، أو من قطع نصفِ ساعدِه ونحوِه، أو من مأمومةٍ أو جائفةٍ -مثلَ ذلك، ولم يَسْرِ-: وقَع الموْقعَ، ولم يلزمه شيءٌ (¬2). ويُعتَبَرُ قدرُ جُرْحٍ بمساحةٍ دونَ كثافةِ لحم (¬3). فمن أوضحَ بعضَ رأسٍ -والبعضُ كرأسِه وأكبرُ- أوضَحَه في كلِّه (¬4)، ولا أَرْشَ لزائدٍ (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ من الموضِحَة، والمعنى: ولمن جرح جرحًا أعظمَ من موضحة؛ كما لو كان جرحه هاشمةً، أو منفِّلَة (¬6): أن يقتص منه موضحة، مع أخذ ما بين الديتين، ولا يقتص مثل ما فعل به من هاشمة أو منقِّلَة؛ لعدم إمكان الاستيفاء بلا حيف (¬7). * قوله: (ولا أرش لزائد)؛ أيْ: فيما إذا كان البعض أكبر من رأس الجاني. ¬
ومن أوضَحه كلَّه -ورأسُه أكبرُ- أُوضحَ قدرَ شَجَّته من أَيِّ جانبٍ شاءَ المقتصُّ (¬1). ولو كانت بقدرِ بعضِ الرأس منهما: لم يُعدل عن جانبها إلى غيره (¬2). وإن اشترك عددٌ في قطع طَرَفٍ، أو جَرْحٍ موجِبٍ لقودٍ، ولو موضِحةً، ولم تتميَّز أفعالهم؛ كأن وضعوا حديدةً على يدٍ، وتحاملوا عليها حتى بانَتْ: فعلى كلٍّ القودُ (¬3). ومعَ تفرُّقِ أفعالِهم، أو قطعِ كلٍّ من جانب: لَا قودَ على أحد (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا قود على أحد) ظاهره: حتى مع التواطؤ (¬5)، وحيتئذ فيطلب الفرقُ بين النفس والطَّرَف، خصوصًا مع قولهم: من أخذ بغيره (¬6) في نفسٍ، أُخِذَ به فيما دونها. ¬
وتُضْمَنُ سِرايةُ جنايةٍ -ولو اندمَلَ جُرحٌ، واقتُصَّ، ثم انتقَض، فسَرَى- بقودٍ وديةٍ، في نفسٍ ودونِها (¬1). فلو قطع إصبعًا، فتأكّلَتْ أُخرى، أو اليدُ -وسقطتْ من مَفْصِل-: فالقودُ، وفيما يُشَلُّ الأرشُ (¬2). وسرايةُ القَوَدِ هدرٌ. فلو قطع طرفًا قودًا، فسرى إلى النفس، فلا شيء على قاطع (¬3)، لكن: لو قطعه قهرًا مع حَرٍّ أو بردٍ، أو بآلةٍ كآلَّةٍ، أو مسمومةٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال شيخنا: ويمكن الفرق بأن فعل كل واحد لو انفرد في حال التواطؤ على قتل النفس، لكان موجبًا للقصاص فيما دون النفس؛ بخلاف فعله في حال التواطؤ على قطع الطرف؛ فإنه لو انفرد فعلُ كل واحد، لم يكن موجبًا لشيء. حرر، وفي الحاشية زيادةُ توضيح للحمل، فراجعها (¬4). * قوله: (قهرًا). . . . . . ¬
ونحوِه: لزمه بقيةُ الدية (¬1)، ويحرم في طَرَف حتى يبرأ (¬2)، فإن اقتصَّ قبلُ: فسرايتهما بعدُ هدرٌ (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ لعل (¬4) المراد: قهرًا تعديًا؛ بأن تعدى عليه بالقطع في [حالة] (¬5) الحَرِّ ونحوِه (¬6). * قوله: (لزمته بقيةُ الدية) (فلو لم يبق من الدية شيء؛ [كما لو كان المقطوع إذًا ذكرًا (¬7)، فظاهر كلامهم] (¬8): لا شيء له، وفيه وقفة) (¬9). حاشية (¬10). * * * ¬
30 - كتاب الديات
30 - كِتَابُ الدِّيَاتِ
(30) كِتَابُ " الدِّيَاتُ": جمعُ "دِيَةٍ" وهي: المالُ المؤدَّى إلى مجنيٍّ عليه، أو وليِّه بسببِ جنايةٍ (¬1). من أتلف إنسانًا، أو جزءًا منه، بمباشرةٍ، أو سببٍ: فديةُ عمدٍ في ماله، وغيره على عاقلته، ولا تُطلبُ ديةُ طرَفٍ قبل بُرئه (¬2). فمن ألقى على آدميٍّ أفعَى، أو ألقاهُ عليها، فقتلتْه، أو طلبَه بسيفٍ ونحوِه مجرَّدٍ، فَتَلِف في هربه، ولو غيرَ ضرير، أو رَوَّعَه: بأن شهَرَهُ في وجهه، أو دَلَّاهُ من شاهِقٍ، فمات. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الديات * قوله: (من أتلف إنسانًا) مسلمًا، أو ذميًا، أو مستأمنًا، أو مهادنًا (¬3). * قوله: (فتلف في هريه، ولو غيرَ ضرير) سواء سقط من شاهق، أو انخسف به سقف، أو خَرَّ في بئر، أو لقيه سبع فافترسه، أو غرق في ماء، أو احترق بنارٍ، ¬
أو ذهب عقلُه (¬1)، أو حفَر بئرًا محرَّمًا حفرُه، أو وضَع أو رَمَى حجرًا أو قِشرَ بِطِّيخ، أو صَبَّ ماءً بفنائه، أو طريقٍ، أو بالَتْ بها دابتُه، ويدُه عليها؛ كراكبٍ، وسائقٍ، وقائدٍ، أو رَمى من منزله حجرًا أو غيرَه، أو حَملَ بيده رُمحًا جعَلَه بين يديه أو خلفَه -لا قائمًا في الهواء وهو يمشي- أو وقع على نائم بفِناءِ جدارٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وسواء كان صغيرًا أو مجنونًا، أو ضدهما؛ لأنه هلك بسبب عدوانه (¬2). * قوله: (محرَّمًا حفره) (¬3)؛ أيْ: حفره (¬4) لها، فالضمير للحافر، لا للبئر؛ لأنها مؤنثة، ويدل له قوله تعالى: {وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ} (¬5). وقول المصنف فيما [يأتي] (¬6): "ومن حفر بئرًا قصيرة، فعمقها (¬7) آخرُ. . . إلخ". وبخطه: بأن يكون في فنِائه أو فِناء غيره، أو في طريقٍ لغيرِ مصلحة المسلمين، ¬
فأتلف إنسانًا، أو تَلِف (¬1) به، فما معَ قصدٍ: شِبْهُ عمدٍ، وبدونِه: خطأ (¬2). ومن سلَّم على غيره، أو أمسكَ يدَه، فماتَ، ونحوُه، أو تلفَ واقعٌ على نائم: فهدرٌ (¬3). وإن حفَر بئرًا، ووضع آخرُ حجرًا أو نحوَه، فعَثَر به إنسانٌ، فوقع في البئر: ضَمِنَ واضعٌ؛ كدافعٍ إذا تعدَّيا (¬4). وإلا: فعلى متعدٍّ منهما (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ أو ملك غيره بغير إذنه (¬6). * [قوله] (¬7): (فأتلف إنسانًا) فيه إقامةُ الظاهر مقامَ الضمير لنكتة هي أن إتلاف غير الإنسان لا يتأتى فيه التفصيل الآتي، فتدبر. * قوله: (فهدر)، وأما إذا أعثر (¬8) في النائم غَيْرَهُ، فتلف بسببه، فيؤخذ حكمُها من المسألة الآتية في الفصل الآتي، وهي مسألة: ما إذا كان وافقًا وقاعدًا بطريق ضيق ¬
ومن حفر بئرًا قصيرةً، فَعمَّقها آخرُ: فضمانُ تالفٍ بينهما (¬1). وإن وضَع ثالثٌ فيها سكينًا: فَأَثلاثًا (¬2). وإن حفرها بملكِه، وستَرَها؛ ليقعَ فيها أحد، فمن دخل بإذنِه، وتلف بها: فالقَوَدُ. وإلا: فلا؛ كمكشوفةٍ: بحيثُ يراها، أو دخل بغير إذنه (¬3). ويُقبل قولُه في عدم إذنه، لا في كشفِها (¬4). وإن تلف أجيرٌ لحفرِها بها، أو دعا من يَحفرُ له بداره، أو بمعدِنٍ -فمات بهدم- فهَدْرٌ (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ غيرِ مملوكٍ لهما (¬6)، فتدبر. * قوله: (فأثلاثًا)؛ أيْ: فضمان تالفٍ بينهم أثلاثًا، فالجواب محذوف، "وأثلاثًا" حال منه. * قوله: (فمات بهدمٍ، فهدرٌ) سواء كان أقبضَهُ الأجرةَ، أَوْ لا؛ كما سيذكره الشارح آخر الباب (¬7). ¬
ومن قيَّد حُرًّا مُكلَّفًا، وغَلَّه (¬1)، أو غَصَب صغيرًا، فتَلِف بحيَّةٍ أو صاعقةٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومن قَيَّدَ حرًا مكلَّفًا، وغَلَّه) (مقتضى العطف بالواو: أنه إذا قيده (¬2)، ولم يغسله، أو غله ولم يقيده: أنه لا ضمان؛ لأنه يمكنه الفرار والدفع (¬3) عن نفسه، أشبَه ما لو ألقاه فيما يمكنه الخلاص منه). شرح (¬4). * قوله: (أو غصب صغيرًا، فتلف بحية، أو صاعقة)؛ أيْ: حبسه عن الهرب من الصاعقة، والبطش بالحية، أو دفعها عنه (¬5)، ومثل الصغير المجنون (¬6). قال الشيخ تقي الدين: (ومثل ذلك كلُّ سبب يختص البقعة؛ كالوباء، وانهدام سقف عليه، ونحوهما) (¬7) (¬8). ¬
1 - فصل
فالديةُ (¬1)، لا إن مات بمرضٍ أو فُجاءةً (¬2). * * * 1 - فصل وإن تجاذَبَ حُرَّانِ مُكَلَّفان حبلًا، أو نحوَه، فانقطع، فسقطا فماتا: فعلى عاقلةِ كلٍّ ديةُ الآخر، لكنْ نصفُ ديةِ المُنْكَبِّ مغلَّظَةٌ، والمستلقي مخفَّفَة (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فالدبة)؛ أيْ: للتعدي، وعُلم من ذلك: أنه من قَبيل شبهِ العمد. فصل (¬4) * قوله: (فعلى عاقلة (¬5) كلٍّ ديةُ الآخَر)؛ أيْ: كاملة، على الصحيح من المذهب (¬6)، وقيل: نصفها؛ كما حكاه في الإقناع، وقال عنه: إنه ¬
وإن اصطدما -ولو ضريرين- أو أحدُهما، فماتا: فكمتجاذِبَيْن (¬1). وإن اصطدما عمدًا -ويقتل غالبًا- فعمدٌ: يلزمُ كُلًّا ديةُ الآخر في ذمته، فيتقاصّان. وإلا: شبهُ عمدٍ (¬2). وإن كانا راكبين، أو أحدُهما: فما تلف من دابَّتَيْهما، فقيمتُه على الآخر (¬3). وإن كان أحدُهما واقفًا، أو قاعدًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ العدل، وعلى هذا الثاني يسقط النصف الثاني في نظير مشاركته في قتل نفسه. وهذا الخلاف جارٍ (¬4) -أيضًا- في مسألة الاصطدام؛ كما هو مصرح به فيها، فراجع الإقناع وشرحه (¬5). * قوله: (في ذمته) المراد: في ماله. * قوله: (وإلا، فشبه عمد)، فيلزم فيه الدية على العاقلة، والكفارة في ماله (¬6). ¬
فضمانُ ما لهما على سائرٍ (¬1)، وديتُهما على عاقلته؛ كما لو كانا بطريقٍ ضيقٍ مملوكٍ لهما، لا إن كان بضيقٍ غيرِ مملوك (¬2). ولا يضمنان لسائرٍ شيئًا (¬3). وإن اصطدم قِنَّانِ ماشيانِ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فضمان ما لهما)؛ أيْ: الواقف والقاعد (¬4). * قوله: (وديتهما)؛ أيْ: الواقف والقاعد (¬5). * قوله: (على عاقلته)؛ أيْ: السائر (¬6). * قوله: (لا إن (¬7) كانا بضيقٍ غيرِ مملوكٍ)؛ أيْ: لهما؛ لأنهما -أي: الواقف والقاعد- متعديان (¬8) بالوقوف والقعود في ملك غيرهما (¬9). ¬
فماتا، فهدرٌ (¬1). وإن مات أحدُهما: فقيمتُه في رقبة الآخر؛ كسائر جناياته (¬2). وإن كان حُرًّا وقِنًّا، وماتا: فقيمةُ قِنٍّ في تركَةِ حُرٍّ، وتجبُ ديةُ الحرِّ كاملةً في تلك القيمةِ (¬3). ومن أركَب صغيرين، لا ولايةَ له على واحدٍ منهما، فاصطدما، فماتا: فديتُهما وما تَلف لهما من ماله (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فماتا، فهدرٌ)؛ لأن دية كلٍّ منهما قد وجبت في رقبة الآخر، وقد تلف المحل بموتهما (¬5). * قوله: (كسائر جناياته)؛ أيْ: التي ليست بإذن السيد، ولا بأمره -على ما سبق (¬6) -. * قوله: (في تلك القيمة) إن اتسعت لها (¬7). ¬
وإن أركبهما وليٌّ لمصلحةٍ، أو ركبا من عندِ أنفسِهما: فكبالغَيْنِ مخطئينِ (¬1). وإن اصطدم كبير وصغير، فمات الصغيرُ: ضمنه الكبيرُ. وإن مات الكبيرُ: ضمنه مُرْكِبُ الصغيرِ (¬2). ومن قَرَّبَ صغيرًا من هدفٍ، فأصيبَ: ضمنه (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله] (¬4): (فكبالغين مخطئين)، فدية كل منهما على عاقلة الآخر (¬5). * قوله: (ضمنه مركب الصغير)، فإن كان قد ركب بنفسه، فدية الكبير على عاقلة الصغير، على قياس التي قبلها (¬6)، فليحرر (¬7). * قوله: (فأصيب، ضَمِنَه)؛ أيْ: ضمن الصغيرَ المصابَ مَنْ قَرَّبَهُ من الهدف دون رامي السهم ما لم يقصد، فإن يقصده الرامي، ضمنه وحده؛ لأنه مباشر، وذاك متسبب (¬8) (¬9). ¬
ومن أرسله لحاجةٍ، فأتلف نفسًا، أو مالًا: فجنايتُه خطأ من مُرْسِلِه. وإن جُنيَ عليه: ضَمِنَه، قال ابنُ حمدانَ: ". . . إن تعذَّرَ تضمينُ الجاني" (¬1). وإن كان قِنًّا: فكغصبه (¬2). ومن ألقى حجرًا (¬3) أو عِدْلًا مملوءًا بسفينةٍ، فَغَرِقَتْ: ضمنَ جميعَ ما فيها (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (خطأ من مرسله) (¬5)، فيضمنها المرسل (¬6). * [قوله] (¬7): (ضمنه)؛ أيْ: مرسله (¬8). * قوله: (فكغصبه)، فيضمن جنايته، والجناية عليه على ما فصل في بابه (¬9). * قوله: (ضمن جميع [ما فيها]) (¬10)، وكذا ضمن ما تلف من أجزائها. ¬
وإن رمى ثلاثةٌ بمَنْجَنيق، فقتل الحجرُ رابعًا قصدوه: فعمدٌ، وإلا: فعلى عَوَاقِلهم ديتُه أثلاثًا (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فعمد) هو تابع في ذلك لصاحب الرعاية (¬2). وفي الإنصاف (¬3): أنه شبهُ عمد ولو قصدوه (¬4)، والدية على عواقلهم، وتبعهم في الإقناع، وعبارته (¬5) [مع] (¬6) شرح شيخنا له: (وإن رمى ثلاثة بمنجنيق، فرجع الحجر فقتل رابعًا حرًّا، فعلى عواقلهم ديتهُ أثلاثًا، [ولا قودَ ولو قصدوه بعينه. فإن قصدوه، أو قصدوا جماعة قليلة] (¬7)، فشبه عمد؛ لأن قصد واحد بالمنجنيق لا يكاد يفضي إلى إتلافه. هذا مقتضى ما ذكر في الإنصاف: أنه المذهب، وعليه (¬8) الأصحاب، قال: واختار في الرعاية [أن] (¬9) ذلك عمد إن كان الغالب الإصابة. قلت: إن قصدوا رميه كان عمدًا، وإلا فلا. انتهى. وعليه مشى في المنتهى). انتهى (¬10). ¬
وإن قتل أحدَهم: سقط فعلُ نفسه وما يترتب عليه، وعلى عاقلة صاحبيه ثلثا ديتِه (¬1). وإن زادوا على ثلاثة: فالديةُ حالَّةً في أموالهم (¬2). ولا يضمَنُ من وضع الحجرَ وأمسك الكفةَ؛ كمن أوتَرَ وقرَّبَ السهم (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (حالَّة في أموالهم)؛ لأن العاقلة لا تحمل ما دون الثلث من الدية (¬4)، ولو حملناها هنا (¬5)، لحملت [ربعًا] (¬6) -مثلًا-، وهو دون ثلث (¬7). * قوله: (وقرب السهم)، ولم يرم، بل الضمانُ على الرامي (¬8). ¬
2 - فصل
2 - فصل ومن أتلف نفسَه أو طَرَفَه خطأً: فهدرٌ (¬1) كعمدٍ (¬2). ومن وقع في بئر أو حفرةٍ، ثم ثانٍ، ثم ثالثٌ، ثم رابعٌ -بعضُهم على بعض- فماتوا، أو بعضُهم: فدمُ الرابع هدرٌ، وديةُ الثالث عليه، وديةُ الثاني عليهما، وديةُ الأولِ عليهم (¬3). وإن جذَب الأولُ الثاني، والثاني الثالثَ، والثالثُ الرابعَ: فدية الرابع على الثالث (¬4)، والثالث على الثاني (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل (¬6) * قوله: (والثالث على الثاني) مقتضى القواعد: أنها على الثاني والرابع؛ لأنه وقع عليه (¬7). ¬
والثاني على الأول والثالث (¬1)، وديةُ الأولِ على الثاني والثالثِ نصفين (¬2). وإن هلك بوقعة الثالث: فضمانُ نصفة على الثاني، والباقي هدرٌ. ولو لم يسقُط بعضهم على بعض، بل ماتوا بسقوطهم، أو قتلهم أسدٌ فيما وقعوا فيه -ولم يتجاذبوا- فدماؤهم مهدرةٌ (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (والثاني على الأول والثالث)؛ لأنه مات بجذب الأول، وسقوطِ الثالث عليه، وانظر: لِمَ لَمْ يعتبروا ذلك في الثالث، فلم يوجبوا ديته على الثاني والرابع؟ وتقدم التنبيهُ عليه. * قوله: (نصفين) انظر: لِمَ لَمْ يشاركهم الرابع؟ ولعله لإمكان موته قبل وصول الرابع إليه، لكنهم لم يعتبروا ذلك في التي قبلها، فأوجبوا الدية على الثلاثة. * قوله: (فضمان نصفه على الثاني) مقتضى اليقواعد، وصريحُ كلامه في المسألة التي قبلها؛ حيث قال (¬4): "ودية الثاني على الأول والثالث": أن يضمن الثالث هنا ثلثًا، والثاني ثلثًا، والثلث الثالث يكون هدرًا في مقابلة فعله. * قوله: (ولو لم يسقط بعضهم على بعض. . . إلخ)؛ أيْ: ولا جذب أحدٌ منهم غيره؛ كما يأتي. ¬
وإن تجاذبُوا (¬1)، أو تدافعَ أو تزاحمَ جماعةٌ عند حفرةٍ، فسقط فيها أربعةٌ متجاذبين كما وصَفْنا، فقتلَهم أسدٌ أو نحوُه: فدمُ الأول هدرٌ، وعلى عاقلتهِ ديةُ الثاني، وعلى عاقلة الثاني ديةُ الثالث، وعلى عاقلة الثالثِ ديةُ الرابع (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فدمُ الأول هدرٌ)؛ لسقوطه لا بفعل أحد (¬3). * قوله: (وعلى عاقلة الثالث (¬4) دية الرابع)، وتسمى: مسألة الزُّبْيَة (¬5). ¬
ومن نام على سقف، فهوى به على قوم: لزمه المكثُ، ويضمنُ ما تلف بدوام مكثه، أو بانتقاله، لا بسقوطهِ (¬1). ومن اضطُرَّ إلى طعامِ غيرِ مضطرٍّ أو شرابه، فطلبه، فمنعه حتى مات، أو أخذ طعامَ فيرِه أو شرابَه -وهو عاجز- فتلف، أو دابتُه (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو بانتقاله) أعاد الجارَّ؛ لئلا يتوهَّم عطفه على "مكث" المسلط عليه "دوام"، فيقتضي: أنه لا يضمن إلا ما تلف بدوام الانتقال، لا بأصله، وليس كذلك. * قوله: (ومن اضطر إلى طعام غير مضطر)؛ أيْ: (¬3) ولا خائف الاضطرار، ¬
أو أخذ منه ما يدفع به صائلًا عليه؛ من سبُعٍ ونحوِه، فأهلكه: ضمِنَه، لا مَنْ أمكنه إنجاءُ نفسٍ من هَلَكَةٍ، فلم يفعل (¬1). ومن أَفْزَعَ، أو ضربَ -ولو صغيرًا -، فأحدثَ بغائطٍ أو بولٍ أو ريحٍ، ولم يَدُم: فعليه ثلثُ ديته، ويضمنُ -أيضًا- جنايتَه على نفسِه، أو غيرِه (¬2). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ على ما يأتي في الأطعمة (¬3)، ويؤخذ -أيضًا- من غضون كلام الشارح هنا (¬4)، فتنبه. * قوله: (ونحوه)؛ كنمر أو حية (¬5). * قوله: (فعليه ثلث ديته)، ويكون على عاقلته؛ كما صرح به صاحبُ نظمِ المفرداتِ جزمًا (¬6). ¬
3 - فصل
3 - فصل ومَنْ أدَّب ولدَه، أو زوجتَه في نشُوزٍ، أو معلِّمٌ صبيَّه، أو سلطانٌ رعيّتَهُ -ولم يُسرِف-، فتلف: لم يضمنه (¬1). ومَنْ أسرفَ، أو زادَ على ما يحصُل به المقصودُ، أو ضربَ مَنْ لا عقلَ له -من صبيٍّ، أو غيره- ضَمِن (¬2). ومن أسقَطَتْ بطلبِ سلطانٍ أو تهديدِه -لحقِّ اللَّه تعالى، أو غيرِه- أو ماتَتْ بوضعها، أو فَزَعًا، أو ذهب عقلُها (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل (¬4) * قوله: (أو معلِّم. . . إلخ) لو أسقط قوله: "معلم" و: "سلطان"، لكان أرشقَ في العبارة، وكذا قوله: "سلطان"، فتدبر. ولعله عطف على: "مَنْ" بتقدير "إن" الشرطية، والتقدير: "أو إن (¬5) أدب معلم صبيه، أو سلطان. . . إلخ" (¬6). ¬
أو استعْدى إنسانٌ: ضمِنَ السلطانُ ما كان بطلبه ابتداءً، والمستعدى ما كان بسبب (¬1)؛ كإسقاطها بتأديبٍ، أو قطعِ يدٍ لم يأذنْ سيدٌ فيهما، أو شُربِ دواءٍ لمرض (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو استعدى إنسان)؛ أيْ: بجماعة الشرطة -على ما في المحرر (¬3) -. * قوله: (ضمن السلطان ما كان بطلبه)؛ أيْ: أو تهديده، وسكت عنه؛ لعلمه بالأَوْلَى. * قوله: (والمستعدى ما كان بسببه). قال في الإقناع: (وظاهره: ولو كانت ظالمة) (¬4). * قوله: (أو قطع يد)؛ أيْ: في سرقة ونحوها (¬5). * قوله: (لم يأذنْ سيدٌ فيهما)؛ أيْ: التأديب، وقطع اليد (¬6)، وظاهره: أنه إذا أذن السيد فيهما: أنه لا ضمان على المؤدب، ولا القاطع، وهو كذلك؛ حيث كان كل منهما على وجه جائز؛ بأن كان التأديبُ لا إسرافَ فيه، والقطعُ ¬
ولو ماتت حاملٌ أو حملُها من ريحِ طعامٍ، أو نحوِه، ضمن: إن علم ربُّه ذلك عادةً (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ في سرقة أو نحوِها مما يوجب القطع؛ كما قيد به شيخُنا في شرحه على الإقناع (¬2)، أما إذا أسرف في التأديب المأذون في أصله، أو كان اليقطع لغير مبيح شرعي، فإنه يضمن، حتى مع الإذن؛ لأن المحرمات لا تستباح [بالإذن] (¬3) فيها؛ كما صرحوا به. وذكره شيخنا في تعليل المسألة المذكورة أول الفصل (¬4). * قوله: (ولو ماتت حامل أو حملها من ريح طعام ونحوه، ضمن). ظاهرُ الإطلاق: الضمانُ بمجرد العلم بالتضرر، ولو لم تطلب (¬5)، وهو يخالف ما سبق في قوله: "لا من أمكنه إنجاءُ نفسٍ من هلكة، فلم (¬6) يفعل"، وقد فرقوا بينها وبين مسألة منع الطعام، أو الشراب؛ حيث قالوا فيها (¬7) بالضمان، بالطلب وعدمه (¬8)، وأن عدم الضمان في الثانية لعدم الطلب. وقد يفرق بينهما؛ بأن مَنْ أمكنه الإنجاءُ ولم يفعله، لم يحصل منه فعلٌ يوجب الضمان (¬9)؛ بخلاف ¬
وإن سَلَّم بالغٌ عاقلٌ نفسَه أو ولدَه إلى سابحٍ حاذقٍ -ليعلمه- فغرِق (¬1)، أو أمرَ مكلَّفًا ينزلُ بئرًا، أو يصعد شجرةً، فهلك به: لم يضمنه، ولو أن الآمر سلطانٌ (¬2)؛ كاستئجارِه (¬3)، وإن لم يكن مكلَّفًا: ضمنه (¬4). ومن وضع على سطحه جرةً أو نحوَها -ولو متطرفةً- فسقطت بريحٍ أو نحوِها على آدميٍّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صاحب الطعام؛ فإنه حصل منه فعل يترتب عليه التلفُ عادة، وهو طبخ الطعام ذي الريح (¬5) المؤديةِ إلى ما ذكر (¬6)، فليحرر. * قوله: (أو نحوها) (¬7)؛ كالقُلَّةِ (¬8). . . . . . ¬
فتلف: لم يضمنه (¬1). ومن دفعَها حالَ سقوطها عن نفسِه، أو تدحرجت، فدفعها عنه: لم يضمن ما تلف (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ على طاقٍ أو رَفٍّ (¬3). * * * ¬
1 - باب مقادير ديات النفس
1 - بابُ مقادير ديات النّفْس ديةُ الحرِّ المسلم: مِئةُ بعيرٍ، أو مِئتا بقرة، أو ألفا شاةٍ، أو ألفُ مثقالٍ ذهبًا، أو اثنا عشر ألفَ درهمٍ فضةً (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ مقاديرِ دياتِ النفس (¬2) وتختلف بالإسلام، والحرية، والذكورة، وضدِّهَا، وكذا بكونه موجودًا (¬3) للعيان، أو جنينًا. * قوله: (أو مئتا بقرة) هذا وارد على قولهم: إن البقرة كالبَدَنَة في الإجزاء في الأضحية (¬4)، وفي جزاء الصيد، وعلى (¬5) أن كلًّا منهما يغني عن سَبْعِ شِياه، ولعل علةَ ذلك الورود. * قوله: (أو اثنا عشر ألف (¬6) درهم فضة)، وهذا يخالف ما ذكروه في ¬
وهذه الخمسةُ -فقط- أصولُها: إذا أَحضر مَنْ عليه ديةٌ أحدَها: لزمَ قبولُه (¬1). ويجب من إبلٍ -في عمدٍ، وشبهِه- خمسٌ وعشرونَ بنتَ مخاضٍ، وخمسٌ وعشرون بنتَ لَبُون، وخمسٌ وعشرونَ حِقَّةً. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الزكاة من أن العشرة (¬2) مثاقيل (¬3) من الذهب تعادل مئة درهم من الفضة (¬4) (¬5)، فتدبر. * قوله: (وهذه الخمسة فقط)؛ أيْ: دون الحلل (¬6) (¬7) على الأصح؛ خلافًا للقاضي ومن تبعه (¬8). * قوله: (أحدها) (¬9)؛ أيْ: الأصول الخمسة (¬10). ¬
وخمس وعشرونَ جَذَعةً (¬1). وتغلَّظُ في طَرَف، كنفسٍ. لا في غير إبل (¬2). وتجب في خطأٍ أخماسًا: عشرونَ من كلٍّ من الأربعةِ المذكورةِ، وعشرون ابنَ مخاض (¬3). ويؤخذُ في بقر: مُسِنَّاتٌ وأَتْبِعَةٌ، وفي غنمٍ: ثنايا وأَجْذِعَةٌ -نصفين- (¬4). وتُعتَبرُ السلامةُ من عيبٍ، لا أن تبلغَ قيمتُها ديةَ نقدٍ (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا في غير إبل)، أي: لا تغلَّظ ديةٌ في غير إبلٍ؛ (لعدم وروده). شرح (¬6). * قوله: (المذكورة)، أي: عشرون بنت مخاض، وعشرون بنت لبون، ¬
وديةُ أنثى بصفته: نصفُ ديته. ويستويان في موجبٍ دونَ ثلثِ ديةٍ (¬1). وديةُ خُنثى مشكِلٍ بالصفةِ: نصفُ ديةِ كلٍّ منهما. وكذا جراحُه (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ وعشرون حقة، وعشرون جذعة (¬3)، ويزاد على ذلك عشرون ابن مخاض (¬4). * قوله: (بصفته)؛ أيْ: بصفة توازي صفته؛ بأن تكون حرة مسلمة (¬5). * قوله: (ويستويان في موجب)؛ أيْ: يستويان فيما أوجب أقل من ثلث دية (¬6)، فـ "موجب" مضاف إلي "دون"، وفي عبارته تتابع الإضافات. * قوله: (وكذا جراحه) (¬7)؛ (يعني: على نصف كل منهما. وينبغي أن ¬
وديةُ كتابيٍّ حرٍّ -ذِميٍّ، أو معاهدٍ، أو مستأمنٍ-: نصفُ ديةِ حرٍّ مسلمٍ. وكذا جراحُه (¬1). وديةُ مجوسيٍّ حرٍّ -ذميٍّ، أو معاهدٍ، أو مستأمنٍ-، وحُرٍّ؛ من عابدِ وثنٍ، وغيرِه -مستأمنٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يقيد هذا بما زاد على ثلث الدية، أو نفس الثلث. أما [ما] (¬2) دونه، فيشترك فيه الذكر والأنثى، فالخنثى من باب أولى. انتهى). شرح (¬3) (¬4). ومعناه في الحاشية (¬5)، فليراجع. * قوله: (نصف (¬6) دية حر مسلم) (¬7)؛ أيْ: إن لم يكن القتل عمدًا، والقاتلُ مسلمًا، فإنها تساوي دية الحر [المسلم] (¬8) على ما سيأتي (¬9). * قوله: (أو معاهد) (¬10)؛. . . . . . ¬
أو معاهدٍ بدارنا-: ثمانُ مئةِ درهمٍ (¬1)، وجراحهُ بالنسبة (¬2). ومن تبلُغُه الدعوةُ: إن كان له أمانٌ، فديتُه ديةُ أهلِ دينه، فإن لم يُعرف دينُه، فكمجوسيٍّ. وإلَّا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [أي] (¬3): بدارنا (¬4)، أو غيرها، على ما في الإقناع (¬5) [صريحًا في ذلك. * قوله: (أو معاهد بدارنا)؛ أيْ: أو غيرها، على ما في الإقناع] (¬6)، لكن لا صريحًا، بل إطلاق. * قوله: (ومن تبلغه الدعوة)؛ أيْ: إن النبي [-صلى اللَّه عليه وسلم-] (¬7) أُرْسِلَ إلى الخلق كافة بالهدى والدين الحنيفي. * قوله: (إن كان [له] (¬8) أمان) يقتضيه؛ حيث لم يقيده بدارنا. * قوله: ([وإلا] (¬9). . . إلخ)؛ أيْ: لم يعرف له دين،. . . . . . ¬
فلا شيء فيه (¬1). وديةُ أُنثاهم: كنصفِ ذَكَرِهم (¬2). وتغلَّظُ ديةُ قتلِ خطأٍ في كلٍّ: من حَرَمِ مكةَ، وإحرامٍ، وشهرٍ حرامٍ. بثلث (¬3)، فمع اجتماعِ كلِّها: ديتانِ (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا كان له أمان (¬5). * قوله: (وتغليظ (¬6) دية قتل خطأ في كل من حرم مكة وإحرام. . . إلخ) علم منه: [أنه] (¬7) لا تغليظَ في دية القطع، وأنه لا تغليظ في دية القتل عمدًا، أو شبهه (¬8)، وهو مشكل في الأخير، ولكن الواقع أن التقييد بالخطأ (¬9) مبني (¬10) على الصحيح من المذهب؛ كما يعلم من حكاية الخلاف الذي في المسألة ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في الحاشية (¬1) (¬2) ومنه تعلم أن قول [الشيخ] (¬3) في شرحه عن المصنف: (لعله أراد بالخطأ: ما يعمُّ شبهَ العمد) (¬4) إخراجٌ للمتن عن ظاهره، وحملٌ له على غير الصحيح من المذهب. بقي النظرُ في قولهم (¬5): "حرم مكة"، هل المرادُ ظرفيتُه لكلٍّ من القاتل والمقتول، أو المقتول فقط، أو القاتل فقط؟ وكذا قوله: "وإحرام"، هل المرادُ إحرامٌ لكلٍّ منهما، أو للقاتل فقط، أو المقتول فقط؟ وهل ذلك خاص بما إذا كان المقتول مسلمًا، أو هو عام في الذميِّ؟ فحرره بالنقل الصريح (¬6). ¬
1 - فصل
وإن قتل مسلمٌ كافرًا عمدًا: أُضعفت ديتُه (¬1). * * * 1 - فصل وديةُ قِنٍّ: قيمتُه، ولو فوق ديةِ حُر (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه: قال شيخنا: فظاهره: أن المعتبر إحرامُ المقتول دونَ القاتل، وهو ظاهرُ ما في المغني، فراجعه (¬3). * [قوله] (¬4): (وإن قتل مسلمٌ كافرًا عمدًا، أُضعفت ديتُه) (¬5) لعل الإضعاف في نظير سقوط القصاص من غير (¬6) عفو (¬7). فصل (¬8) ¬
وفي جراحِه -إن قُدِّر من حر- بقسطه من قيمته، نقَص بجنايته أقلُّ من ذلك أو أكثرُ، وإلا: فما نقَصَه (¬1). فلو جُني على رأسه أو وجهه دونَ مُوضحَةٍ: ضُمِنَ بما نقصَ، ولو أنه أكثرُ من أَرْشِ موضحةٍ (¬2). وفي منصَّف: نصفُ ديةِ حر، ونصفُ قيمته. وكذا جراحُه (¬3). وليست أَمَةٌ كحرةٍ: في ردِّ أرشِ جراحٍ، بلغ ثلثَ قيمتها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (إن (¬4) قُدِّرَ من حر)؛ أي: إن كان له مقدرٌ في جانب الحر. * قوله: (وإلا)؛ أي: لم يكن في مثله مقدر من الحر (¬5). * قوله: (وفي مُنَصَّف)؛ أي: مبعض بالنصف (¬6). * قوله: (وليست أمةٌ كحرَّة في ردِّ أرشِ جراحٍ. . . إلخ)؛ لعدم الورود، ولأنه في الحرة (¬7) ثبت على خلاف الأصل، وما كان كذلك لا يقاس عليه، ¬
أو أكثرَ إلى نصفه (¬1). ومن قطعَ خُصيَتَيْ عبدٍ، أو أنفَه، أو أُذنيه: لزمَتْه قيمتُه (¬2). وإن قطعَ ذكرَه، ثم خصاة، فقيمتُه لقطعِ ذكرِه، وقيمتُه مقطوعَةُ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فيبقى (¬3) في الأمة لذلك، ولأنها مال، فبقي الضمان فيه على الأصل. [حاصل] (¬4) الشرح (¬5). * [قوله] (¬6): (وقيمتُه مقطوعة)؛ (أي: ناقصًا بقطع ذكرِه، لأنه لم يقطعهما إلا وقد نقصت (¬7) قيمته بقطع الذكر؛ بخلاف ما لو قطعهما (¬8) معًا؛ فإن عليه قيمته مرتين؛ لأن في كلٍّ [من] (¬9) ذلك من الحر ديةً كاملة؛ كما يأتي. وإن خصاه، ثم قطع ذكره، فعليه قيمتُه كاملة لقطع الخصيتين، وما نقص بقطع ذكره؛ لأنه ذكرُ خَصِيٍّ لا ديةَ فيه، ولا مقدَّرَ) شرح (¬10). ¬
2 - فصل
وملكُ سيدِه باقٍ عليه (¬1). * * * 2 - فصل وديةُ جنينٍ حرٍّ مسلمٍ، -ولو أنثى، أو ما تصيرُ به قِنٌّ أُمَّ وَلَدٍ- إن ظهر -أو بعضُه- ميتًا، ولو بعدَ موتِ أمِّه يجنايةٍ عمدًا، أو خطأً، فسقطَ، أو بقيتْ متألمةً حتى سقطَ، ولو بفعلها، أو كانت ذميَّةً حاملًا من ذميٍّ، ومات -ويُردُّ قولُها: "حملتُ من مسلم"- أو أمةٌ وهو حرٌّ، فتُقدَّرُ حُرَّةً. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: ([وملكُ] (¬2) سيدِه باقٍ (¬3) عليه)؛ خلافًا للحنفية؛ حيث قالوا: إنه يملكه جانٍ بما دفعه لسيده من قيمته (¬4). فصل (¬5) ¬
غُرَّةٌ، عبدٌ أو أَمَةٌ (¬1)، قيمتُها: خمسٌ من الإبل (¬2)، موروثةٌ عنه، كأنه سقط حيًا (¬3). فلا حقَّ فيها لقاتلٍ، ولا كاملِ رِقٍّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (غُرَّةٌ عبدٌ (¬4) أو أَمَةٌ) انظر: هل يعتريها (¬5) التغليظُ وعدمُه قياسًا على الدية، أو يقال: إنه يؤخذ من قوله -فيما تقدم- من أنه لا تغليظَ في غيرِ إبلٍ (¬6): أن الغرة لا تغلَّظ (¬7)؛ لدخولها في عموم النفي؟ (¬8). ¬
وبرثُها عَصَبةُ سيدٍ قاتلٍ جنينَ أمته الحرَّ (¬1)، ولا يُقبل فيها خصيٌّ ونحوُه، ولا معيبٌ يُرَدُّ في بيعٍ، ولا مَنْ له دونَ سبعِ سنين (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويرثها عصبةُ سيدٍ قاتلٍ جنينَ أمته الحر)؛ أيْ: إن لم يكن للجنين ورثةٌ من النسب (¬3). وبخطه: لعل مراده بالعصبة: أعمٌّ ممن يرث في باب الولاء بالتعصيب، أو بالفرض؛ كالأب، والجد، على ما فصل في بابه (¬4)، فتدبر. * قوله: (ولا يُقبل فيها خَصيٌّ)؛ أيْ: ولا خنثى، على ما في الإقناع (¬5). وبخطه: انظر ما الفرق بين الغرة والكفارة -ولو كفارة قتل-؛ حيث قالوا بإجزاء الخصي فيها. * قوله: (ولا من له (¬6) دون سبع سنين) انظر ما الفرق بينها وبين الرقبة التي وجبت في الكفارة؛ حيث اعتبروا هنا كونَها لسبع فأكثرَ دونَ ما هناك (¬7). ¬
وإن أعوزتْ: فالقيمةُ من أصلِ الدية. وتُعتبرُ سليمة مع سلامته وعيبِ الأم (¬1) (¬2). وجنينُ مُبَعَّضٍ بحسابِه (¬3). وفي قِنٍّ -ولو أنثى- عُشْرُ قيمةِ أَمَةٍ (¬4). وتقدَّر الحرةُ أَمَةً، ويؤخذُ عُشْرُ قيمتها يومَ جنايةٍ نقدًا (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وتعتبر سليمة مع سَلامَتهِ وعيبِ الأم)، فلو كانت الأم سليمة، والجنين مَعيبًا، هل يكفي كونها معيبة أيضًا، أوْ لا؟. توقف فيه شيخنا، ثم قال كما في شرحه: إنه إنما يتضح في الجنين القِنِّ، وأما الحر، فلا تختلف ديتُه بالاختلاف في السلامة والعيب بنحو الخرس والصمم (¬6)، ونقصِ بعضِ الأعضاء -على ما تقدم- (¬7)، فتدبر. * قوله: (وتقدر الحرةُ أمةٌ) يعني: فيما إذا كانت الأم حرة، والجنين رقيقًا؛ ¬
وإن ضرب بطن أَمَةٍ -فعتقَ جنينُها، ثم سقط (¬1) - أو بطنَ ميتةٍ، أو عضوًا، وخرج ميتًا -وشُوهدَ بالجوف يتحرك-: ففيه غُرَّةٌ (¬2). وفي محكومٍ بكفرِه: غرةٌ قيمتُها عُشرُ ديةِ أمّه (¬3). وإن كان أحدُ أبويه أشرفَ دينًا؛ كمجوسيةٍ تحت كتابيٍّ، أو كتابية -تحت مسلم-: فغرةٌ قيمتُها عُشر ديةِ الأمِّ لو كانت على ذلك الدِّين (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ بأن أعتق (¬5) الحاملَ واستثنى حملَها (¬6). * قوله: (فعتَقَ جنينُها) (بأن أعتقه سيده دونها، أو كان علَّق عتقَ جنينها على ضرب جانٍ بطنَها) شرح (¬7). وبخطه: أي: في وقت يصح عتقُه فيه، كذا ببعض الهوامش، فليحرر. ¬
وإن سقط حيًا لوقتٍ يعيش لمثلِه -وهو: نصفُ سنة فصاعدًا-، ولو لم يَسْتَهِلَّ (¬1): ففيه ما فيه مولودًا (¬2)، وإلا: فكَمَيِّتٍ (¬3). وإن اختلفا في خروجه حيًا -ولا بيِّنةَ- فقولُ جانٍ (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإلا فكميت)؛ أيْ: وإن لم يكن سقوطه لوقت يعيش لمثله فيه (¬5)، ولو سقط حيًا. كذا في شرحه (¬6). وظاهره: ولو استهلَّ صارخًا. [وأقول: قد يؤخذ منه: أنه لا يرث إذا استهل صارخًا] (¬7) إلا إذا كان في وقت يعيش لمثله، وهو نصف سنة فأكثر، فَقيِّدْ به ما سبق في الفرائض (¬8). وبخطه: الاستهلالُ: التصريح (¬9) عند النزول (¬10). * قوله: (فقولُ جانٍ)؛. . . . . . ¬
3 - فصل
وفي جنينِ دابةٍ: ما نقصَ أُمَّه (¬1). * * * 3 - فصل وإن جنى قِنٌّ خطأً، أو عمدًا لا قودَ فيه، أو فيه قودٌ، واختير المالُ، أو أتلفَ مالًا: خُيِّرَ سيدُه بين بيعِه في الجناية، وفدائِه (¬2). ثم إن كانتْ بأمرِه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أي: بيمينه (¬3). * قوله: (وفي جنين دابة ما نقصَ أمَّه)، فتقوَّمُ حالَ السقوط [وقبلَه، ويُدفع له الزائدُ على قيمتها بعد السقوط] (¬4). فصل (¬5) * قوله: (ثم إن كانت بأمره)؛ [أي] (¬6): والقنُّ أعجميٌّ، أو صبيٌّ، أوْ لا يعلم ¬
أو إذنِه: فداهُ بأرشِها كلِّه (¬1). وإلا -ولو أعتقَه، ولو بعدَ علمِه بالجناية-: فبالأقلِّ منه، أو من قيمته (¬2). وإن سلَّمه، فأبى وليٌّ قبولَه، وقال: "بِعْهُ أنتَ"، لم يلزمه، ويبيعُه حاكم (¬3). وله التصرفُ فيه، كوارثٍ في تَرِكة (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ التحريم؛ كما ذكروه في الرهن (¬5)، فالإطلاق ليس مرادًا فيما يظهر، وإلا [فلا] (¬6) فرق بين البابين، فليحرر. * قوله: (فبالأقل. . . إلخ) [على] (¬7) الأصح؛ خلافًا لرواية ابن منصور (¬8). * قوله: (كوارثٍ (¬9) في تركةٍ)؛ أيْ: تركةٍ تعلَّق بها دينٌ (¬10). ¬
وإن جنى عمدًا، فعفا وليُّ قَوَدٍ على رقبته: لم يملكه بغيرِ رضا سيدِه (¬1). وإن جنى على عددٍ خطأ: زاحمَ كلٌّ بحصته (¬2). فلو عفا البعضُ، أو كان واحدًا فمات، وعفا بعضُ ورثته، تعلق حقُّ الباقي بجميعه (¬3)، وشراءُ وليِّ قودٍ له عفوٌ عنه (¬4). وإن جَرَحَ حرًا، فعفا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فعفا وليُّ قودٍ على رقبته)؛ أيْ: عفا على مال هو رقبتُه. * قوله: (وشراءُ ولي قودٍ عفوٌ (¬5) عنه) (¬6)؛ لدخوله في ملكه اختيارًا (¬7)، وهل له الطلبُ بعد ذلك على البائع بالدية، أو المراد: أنه عفو عن القصاص والدية؟ يحرر. ¬
ثم مات من جراحته، ولا مال له، واختار سيدُه، فداهُ. فإن لزمَتْه قيمتُه لو لم يعفُ، فداهُ بثلثيها (¬1). وإن لزمَتْه الديةُ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ثم مات)؛ أي: المجروح. * وقوله: (عن جراحته) (¬2) معناه: أن موته تسبب عن جراحته، وليس معناه أنه لم يترك ما يورث عنه إلا قود جراحته؛ لأن هذا قد نبه عليه بعده بقوله: "ولا مال له"، فتدبر. وفي بعض النسخ "من" بدل "عن" (¬3)، وهي ظاهرة (¬4). * قوله: (فإن لزمته [قيمته] (¬5) لو لم يعفُ)؛ بأن كانت بغير إذن السيدِ وأمره (¬6). * قوله: (فداه بثلثيها) (¬7)؛ لأن تبرعات المريض باطلة فيما زاد على الثلث، فيصح العفو عن ثلث القيمة، ويطالب السيد بثلثيها فقط (¬8). * قوله: (وإن لزمته الدية)؛ بأن كانت بإذنه، أو بأمره (¬9). ¬
زِدْتَ نصفَها على قيمته، فيفديه بنسبةِ القيمة من المبلغ (¬1). ويَضْمَنُ مُعْتَقٌ ما تلفَ ببئرٍ حفرَهُ قِنًّا (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويضمن معتَقٌ ما تلف ببئر حفره قِنًّا) لعله ما لم يكن بإذن السيد، أو أمره، ولعله (¬3) مراد الشارح بقوله: (تعديًا) (¬4). * * * ¬
2 - باب دية الأعضاء، ومنافعها
2 - بابُ دِيَةِ الأعضاءِ، ومنافعِها (أ): من أتلفَ ما في الإنسانِ منه واحدٌ؛ كأنفٍ -ولو مع عوجه-، وذَكَرٍ -ولو لصغيرٍ أو شيخ فانٍ-، ولسانٍ ينطقُ به كبيرٌ، أو يحرِّكُه صغيرٌ ببكاءٍ: ففيه ديةُ نفسه (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ ديةِ الأعضاءِ ومنافعِها قال ابن عماد (¬2) في الذريعة (¬3): في الآدمي خمسة وأربعون عضوًا، منها ما يُذَكَّرُ، ومنها ما يُؤَنَّثُ، ومنها ما يجوز فيه التذكير والتأنيث. فالذي (¬4) يذكَّر: ستةَ عشرَ: المنخِر، والذقَن، والناجِذ (¬5)، والناب، والثغر، والخد، والرأس، والأنف، والشبر، والباع، والثدي، والبطن، والظهر، والمعاء (¬6)، ¬
وما فيه منه شيئانِ، ففيهما: الديةُ، وفي أحدِهما: نصفُها (¬1)؛ كعينينِ (¬2) -ولو مع حولٍ، أو عمشٍ-، ومع بياضٍ يُنقصُ البصرَ، ينقُصُ بقدرِه (¬3)، وأُذُنَيْنِ (¬4)، وشَفَتيْنِ، ولَحْيَيْنِ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والفم. والذي يؤنَّث: إحدى وعشرون: اليمين، والشمال، والإصبع، والعضُد، والضلَع، والكُراع، والعين، والأُذن، والكبد، والسنُّ، والرِّجْل، والساق، والوَرِك، والقدم، والقِتب -بكسر القاف: واحد الأقتاب، وهي الأمعاء-، والعَقِبُ، والكرش (¬5)، والعجُز، واليد، والكفُّ، والفخذ. والذي يجوز فيه التذكير والتأنيث: ثمانية: الضرس، واللسان، والعاتق، والعنق، والإبط، والذراع، والمتن، والقفا. وقد نظمها الإمام البارزي -رحمه اللَّه تعالى- (¬6) في قوله: ¬
وثَنْدُوَتَيْ رجلٍ، وأُنثييه، وثَدْيَي أُنثى، وإسْكَتَيْها (¬1) -وهما: شُفراها-، ويدينِ ورجلينِ (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ أَنِّثْ يمينًا شِمالًا إصبعًا عضُدًا ... ضِلْعًا كُراعًا وعينًا أُذْنًا الكَبِدا سِنًّا ورِجْلًا وساقًا ورْكَها قَدَمًا ... قِتْبًا وعقبًا وكرشًا عجزَها ويدا كَفًّا وفَخْذًا وذَكِّرْ مَنْخِرًا وقَفًا (¬3) ... وناجذًا (¬4) نابَ ثغرٍ خَدَّه (¬5) أبدا رأسًا جَبينًا وأَنْفًا شبرَ باعِهِمُ ... ثَدْيًا وبطنًا مِعًا ظَهْرًا فما سَرَدا هما بضرْسِ لسانٍ عاتقٍ عنقٍ ... إبطٍ (¬6) ذراعٍ ومتنٍ مع قَفًا وَرَدا * [قوله] (¬7): (وثَنْدُوَتَي رجل) إن ضَمَمْتَ الثاء همزتَ، وإن فتحتها، سهلتها واوًا (¬8) (¬9). ¬
وقدمُ أعرجَ، ويدُ أَعْسَمَ (¬1) -وهو: أعوجُ الرُّسْغِ- ومرتعشٍ، كصحيح (¬2). ومن له كفّانِ على ذراع، أو يدانِ وذراعانِ على عَضُدٍ -وتساوتا في غير بطشٍ- ففيهما حكومةٌ (¬3). وفي بطشٍ أيضًا: فيدٌ، وللزائدةِ حكومةٌ (¬4)، وفي إحداهما: نصفُ ديةِ يدٍ، وحكومةٌ (¬5). وفي إصبع إحداهما: خمسةُ أبعرةٍ (¬6). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وتساوتا في غير بطش) المراد: في عدم بطش؛ كما أشار إليه الشارح (¬7). ولو عبر به، لكان أظهرَ فتدبرْ، فإنه لا يلائمه قوله الآتي: * (وفي بطشٍ أيضًا)، فلعل المراد: تساويا في غير بطشٍ؛ كلون (¬8)، وطولٍ وقصرٍ. * قوله: (وفي إصبعٍ إحداهما خمسةُ أَبْعِرة)، وقال في الإقناع: (وإن قطع ¬
ولا يُقادانِ، ولا إحداهما بيدٍ (¬1). وكذا حكمُ رجلٍ (¬2). وفي أَلْيَتَيْن (¬3) -وهما: ما علا على الظهر، وعن استواءِ الفَخِذَيْنِ-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إصبعًا (¬4) من إحداهما، فنصف أرشِ إصبعٍ، وحكومةٌ). انتهى (¬5). (وهو الموافق لمقتضى قولهم: في قطع إحداهما نصفُ ديةِ [يدٍ] (¬6)، وحكومةٌ). حاشية (¬7). * قوله: (ولا يقادان، ولا إحداهما بيدٍ)، وأما لو جنى على إنسان، فقطع يدَه المساويةَ في الاسم لهذه اليد المتعددة، فاللازم الديةُ والحكومةُ، ولا قوَد؛ كما [هو] (¬8) صريح المتن (¬9)، فتدبر. * قوله: (وفي أليتين) (¬10) الأفصحُ أَلْيَيْن (¬11) -بفتح الهمزة وحذف التاء- (¬12). ¬
وإن لم يصلْ إلى العظم: الديةُ (¬1). وفي مَنْخِرَيْنِ: ثلثاها، وفي حاجزٍ: ثلثُها (¬2). وفي الأجفان: الديةُ، وفي أحدِها: ربعُها (¬3). وفي أصابع اليدين أو الرِّجْلَين: الديةُ، وفي إصبعٍ: عُشرُها (¬4). وفي الأنملةِ -ولو مع ظُفرٍ من إبهام-: نصفُ عُشْرٍ، ومن غيرِه: ثلثُه (¬5). وفي ظفرٍ لم يعُدْ -أو عاد أسودَ- خُمسُ ديةِ إصبع (¬6). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وفي الأجفان الدية) (يعني: ولو لأعمى). حاشية (¬7) * قوله: (خُمس ديةِ إصبعٍ) رواه زيدٌ عن ابن عباس (¬8). ¬
وفي سنٍّ، أو نابٍ (¬1)، أو ضرسٍ قُلعَ بسِنْخِهِ، أو الظاهرُ فقط -ولو من صغير، ولم يَعُدْ، أو عادَ أسودَ، واستمرَّ، أو أبيضَ ثم اسودَّ بلا عِلَّةٍ-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * فائدة: (الأسنان اثنان (¬2) وثلاثون: أربع ثنايا، وأربع رباعيات، وأربع أنياب، وعشرون ضرسًا، في كل جانب عشرةٌ، خمسةٌ من فوق، وخمسة من أسفل، فيكون في جميعها مئة وستون بعيرًا). حاشية (¬3). وقد نظم ذلك السيد عبد اللَّه الطبلاوي (¬4)، فقال: يُرَى (¬5) في فم الإنسان ثنتانِ بعدَها ... ثلاثون سِنًا نصفها ذكر يعلو فمنها (¬6) الثنايا أربعٌ ورَباعِيًا ... بها أربع (¬7)، والناب أربعةٌ مِثْلُ ¬
خمسٌ من الإبل (¬1). وفي سِنْخٍ وحدَه (¬2)، وسنٍّ أو ظُفْرٍ عادَ قصيرًا، أو متغيرًا، أو أبيضَ ثم اسودَّ لعلةٍ: حكومةٌ (¬3). وتجب ديةُ يدٍ ورجلٍ، بقطعٍ من كوعٍ وكعبٍ، ولا شيءَ في زائدٍ لو قُطعا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأضراسُه عشرون منها ضواحكٌ ... للأربعةِ (¬4) الأولى التي نابه (¬5) تتلو (¬6) وثنتان بعدَ العشرِ تُدعى طواحنًا .... والأربعة (¬7) القصوى النواجذ قد تخلو (¬8) * [قوله] (¬9): (ولا شيء في زائد لو قُطِعا)؛ أي: اليد والرجل (¬10)، وفي ¬
من فوق ذلك (¬1). وفي مارِنِ أنفٍ، وحَشَفَةِ ذَكَرٍ، وحَلْمَة ثَدْيٍ (¬2)، وتسويدِ سِنٍّ، وظُفُرٍ وأنفٍ وأُذنٍ؛ بحيثُ لا يزول (¬3) , وشللِ غيرِ أنفٍ وأُذُنٍ؛ كيدٍ ومثانةٍ، أو إذهابِ نفعِ عضوٍ: ديتُه كاملةً (¬4). وفي شَفَتَيْنِ -صارتا لا تنطبقان على أسنانٍ، أو اسْتَرْخَتا، فلم ينفصلا عنها-: ديتُهُما (¬5). وفي قطعِ أَشَلَّ، ومخرومٍ؛ من أُذنٍ وأَنفٍ، وأُذنِ أَصَمَّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ النسخة التي شرح عليها الشيخ: "لو قُطعا"، قال: والتذكيرُ باعتبار العضو (¬6). وبخطه: مقتضى الظاهر: "قُطعتا"؛ كما هو في النسخة التي حَشَّى عليها شيخُنا (¬7). * قوله: (وظفر)؛ أي: من غير قطع له، فليس مكررًا مع ما سبق. ¬
وأنفِ أَخْشَمَ: ديتُه كاملةً (¬1). وفي نصفِ ذَكَرٍ بالطولِ: نصفُ ديته (¬2). وفي عينٍ قائمةٍ بمكانها صحيحة، [غيرَ] (¬3) أنه ذهب نظرُها (¬4)، وعضوٍ ذهب نفعُه، وبقيت صورتُه (¬5)؛ كأشلَّ من يدٍ ورجلٍ، وإصبعٍ وثديٍ وذَكَرٍ، ولسانِ أخرسَ، أو طفلٍ بلغَ أن يحرِّكه ببكاءٍ -ولم يحركه-، وذَكَر خَصِيٍّ وعِنِّين، وسِنٍّ سوداءَ، وثديٍ بلا حَلمَةٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وفي نصف ذكر بالطول نصفُ ديته). وفي الإقناع -تبعًا لبعضهم-: ديتُه (¬6) كاملة، فراجعه (¬7). * قوله: (ولسان أخرس)؛ أي: لا ذوقَ له (¬8)؛ ليفرق بينه وبين ما سيأتي في دية المنافع (¬9)، وفي بعض النسخ: "لا ذوق له"، وهي واضحة. ¬
وذَكَرٍ بلا حَشَفَةٍ، وقَصَبه أنفٍ، وشَحْمةِ أُذنٍ، وزائدٍ من يدٍ ورِجْل وإصبعٍ وسِنٍّ (¬1)، وشللِ أنفٍ وأُذُنٍ، وتعويجِهِما: حكومةٌ (¬2). وفي ذَكَرٍ وأُنْثيَيْن -قُطعوا معًا، أو هو، ثم هما-: ديتان (¬3). وإن قطعتا، ثم قطع: ففيهما ديةٌ (¬4)، وفيه حكومةٌ (¬5). ومن قطع أنفًا، أو أُذنيَين، فذهب الشمُّ، أو السمعُ: فديتان (¬6). وتندرج ديةُ نفعِ باقي الأعضاء، في ديتها (¬7). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (قُطِعُوا) استعمل الواو هنا في أبعاض مَنْ يعقل، فهي بمنزلته (¬8). * قوله: (وتندرج دية [نفع] (¬9) باقي الأعضاء في ديتها)؛ (أي: غير الأنف ¬
1 - فصل في دية المنافع
1 - فصلٌ في دِيَةِ المنافع (ب): تجبُ كاملة في كل حاسّةٍ؛ من سمعٍ وبصرٍ، وشَمٍّ وذَوْق وفي كلامٍ، وعقلٍ (¬1)، وحَدَبٍ، وصَعَرٍ -بأنْ يُضربَ، فيصيرَ وجهُه في جانب-، وفي تسويدِه ولم يزُلْ، وصيرورتهِ لا يستمسكُ غائطًا أو بَوْلًا (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ والأذنين، فلو قلع عيني (¬3) شخص، وجبت دية العينين دون البصر؛ لأنه في العين، وهو تابع لها يذهب بذهابها؛ بخلاف الشم (¬4) والسمع؛ فإنهما في غير الأنف والأذنين، فلا تدخل ديةُ أحدهما في الآخر كالبصر مع الأجفان، والنطق مع الشفتين، فلو ذهب السمع من إحداهما دون الأخرى، فنصف الدية، وإن نقص فقط، فحكومة). حاشية (¬5). فصلٌ في دِيَة المنافع * قوله: (في كلِّ حاسة)؛ أي: كاملة؛ بدليل ما يأتي. * قوله: (وصيرورته لا يستمسك غائطًا أو بولًا) (¬6) المراد: لا يمسك؛ ¬
ومنفعةِ مشيٍ ونكاحٍ وأكلٍ وصوتٍ وبطشٍ (¬1). وفي بعضٍ يُعْلَمُ بقَدْرِه؛ كأن يُجَنَّ يومًا، ويُفيقَ آخَرَ، أو يَذهبَ ضوءُ عينٍ، أو شمُّ مَنْخِرٍ، أو سمعُ أذُنٍ، أو أحدُ المَذَاقِ الخمسِ، وهي: الحلاوةُ، والمرارةُ، والعُذوبةُ، والملُوحةُ، والحُموضةُ. وفي كل واحدةٍ: خُمسُ الديةِ (¬2). وفي بعضِ الكلام بحسابه، وبقسم على ثمانية وعشرين حرفًا (¬3). وإن لم يُعلم قدرُه؛ كنقص سمع وبصرٍ، وشمٍّ ومشيٍ، وانحناءٍ قليلًا، أو بأن صار مدهوشًا، أو في كلامه تَمْتَمَةٌ، أو عَجَلَةٌ، أو ثِقَلٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أي: لا يحبس (¬4). * قوله: (أو يذهب ضوءُ (¬5) عين، أو شَمُّ مَنْخِرٍ) الإضافة فيهما لأدنى ملابسة؛ ليوافق ما أسفله، فتدبر. ¬
أو لا يلتفتُ أو يبلعُ ريقَه إلا بشدَّة (¬1)، أو اسوَدَّ بياضُ عينيْه، أو احمرَّ، أو تقلَّصَتْ شفتُه بعضَ التقلُّص، أو تحرَّكتْ سِنُّه، أو احمرَّتْ، أو اصفرَّتْ، أو اخضرَّتْ، أو كَلَّتْ: فحكومة (¬2). ومن صار أَلْثَغَ: فله ديةُ الحرفِ الذاهِب (¬3). ولو أُذْهِبَ كلامُ أَلْثَغَ، فإن كان مأيوسًا من ذهاب لُثْغَتِه: ففيه بقسطِ ما ذهبَ من الحروف. وإلَّا -كصغيرٍ- فالديةُ (¬4). وإن قُطِع بعضُ اللسان، فذهب بعضُ الكلام: اعتُبِرَ أكثرُهما. فعلى من قطعَ ربعَ اللسان، فذهب نصفُ الكلام: نصفُ الدية، وعلى من قطع بقيته: تَتِمَّتُها مع حكومةٍ لربعِ اللسانِ (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومن صارَ ألثغَ. . . إلخ) في الصحاح (¬6): (اللثغة في اللسان: أن ¬
ولو قَطَع نصفَه، فذهب ربعُ الكلام، ثم آخرُ بقيتَهُ: فعلى الأولِ نصفُها، وعلى الثاني ثلاثةُ أرباعِها (¬1). ومن قَطع لسانهَ، فذهبَ نطقُه وذوقُه، أو كان أخرسَ: فديةٌ (¬2). وإن ذهبا، واللسانُ باقٍ (¬3)، أو كَسَرَ صُلْبَه، فذهبَ مشيُه ونكاحُه: فدِيتان (¬4). وإن ذهب ماؤه أو إحبالُه: فالديةُ (¬5). ولا يدخُلُ أَرْشُ جنايةٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تصير الراء غينًا، أو لامًا، والسين ثاء). انتهى، فتدبر هذا مع ما في الشارح (¬6) هنا؛ فإن كلامه يوهم أن الألثغ من سقط [من] (¬7) لسانه حرف (¬8) أعم من أن يكون قد سقط إلى بدل، أو لا (¬9) إلى بدل. * قوله: (أو كان أخرسَ، فديَةٌ)؛ أي في اللسان، ولا شيء في النطق ¬
أذهبتْ عقلَه، في ديتِه (¬1). ويُقبلُ قولُ مجنيٍّ عليه: في نقصِ بصرٍ وسمعٍ، وفي قدرِ ما أتلف كلٌّ من جانِيَيْنِ فأكثرَ (¬2). وإن اختلفا في ذهابِ بصرٍ: أُرِيَ أهلَ الخِبْرَةِ، وامتُحِنَ بتقريبِ شيءٍ إلى عينيه وقتَ غفلَتِه (¬3). وفي ذهاب سمعٍ أو شَمٍّ أو ذوقٍ: صِيحَ بيه وقتَ غفلَتِه، وأُتبِعَ بِمُنْتِنٍ، وأُطْعِمَ المُرَّ. فإن فزعَ من الصائح، أو من مقرَّبٍ لعينيه، أو عَبَسَ للمنتِنِ أو المرِّ: سقطت دعواهُ، وإلَّا: صُدِّق بيمينه (¬4). ويَرُدُّ الديةَ آخِدٌ عُلِمَ كَذِبُه (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ والذوق؛ لتبعيتهما (¬6) للسان (¬7). لا يقال: هذا يعارض ما تقدم (¬8) من أن في لسان ¬
2 - فصل
2 - فصل وفي كلٍّ -من الشُّعورِ الأربعةِ- الديةُ، وهي: شعرُ رأسٍ ولِحْيَةٍ وحاجِبَيْنِ وأهدابِ عينينِ. وفي حاجبٍ: نصفٌ، وفي هُدْبٍ: ربعٌ (¬1). وفي بعضِ كُلٍّ بقسطِه، وفي شارِبٍ: حكومة. وما عادَ: سقطَ ما فيه (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ الأخرس حكومة فقط؛ لأنا نقول: الذوق يفرق بينهما (¬3). فصلٌ (¬4) * قوله: (وهي شعرُ رأسٍ [ولحيةٍ]) (¬5) خفيفةً كانت أو كثيفةً، جميلة أو قبيحة، من صغير أو كبير (¬6). * قوله: (وفي شاربٍ حكومةٌ)؛ لأنه تابع لغيره (¬7). * قوله: (وما عاد، سقط ما فيه)؛ أي:. . . . . . ¬
ومن تَرَكَ -من لحيةٍ أو غيرِها- ما لا جمالَ فيه: فديتُه كاملةٌ (¬1). وإن قلعَ جفنًا بهُدْبه: فديةُ الجفنِ فقط (¬2). وإن قلع (¬3) لَحْيَيْنِ بأسنانِهما: فديةُ الكُلِّ (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ سقط ما فيه مقدرًا (¬5)، ولا ينافي (¬6) أنه لو عاد شيء منها متغيرًا عن حاله الأول، أن فيه حكومة كما سبق (¬7) في الأسنان (¬8). * قوله: (فديةُ الجفنِ فقط)، واندرجت فيها دية الهُدْب؛ كالأصابع (¬9) في اليد (¬10). * قوله: (فديةُ الكلِّ)؛ أي: دية اللَّحْيَين والأسنان؛ لأن الأسنان ليست متصلة باللحيين،. . . . . . ¬
وإن قطعَ كفًّا بأصابعه: لم تجب غيرُ ديةِ يدٍ، وإن كان به بعضُها: دخل في ديةِ الأصابعِ ما حاذاها، وعليه أَرْشُ بقيةِ الكَفِّ (¬1). وفي كَفٍّ بلا أصابعَ: وذراعٍ بلا كَفٍّ، وعَضُدٍ بلا ذراعٍ: ثلثُ ديتهِ (¬2). وكذا تفصيلُ رِجْلٍ (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنما هي مغروزة فيهما (¬4) (¬5). * قوله: (دخل في دية الأصابع ما حاذاها) (¬6)، وهذا صريح في أن الكف تابع للأصابع، عكس ما ذكروه في اليد. * قوله: (وفي كفٍّ بلا أصابعَ، وذراعٍ بلا كفٍّ، وعَضُدٍ بلا ذراعٍ ثلثُ ديتِه)؛ أي: الكف، مقتضى تشبيه الإمام لذلك بالعين القائمة (¬7): أن في كلٍّ ¬
وفي عينِ أعورَ: ديةٌ كاملةٌ (¬1)، وإن قلعَها صحيحٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حكومةً، لا ثلث الدية، وهو ماشى عليه في الإقناع (¬2)، واعترض على المنقح (¬3) فيما تبعه المصنف فيه. * قوله: (وفي عين أعورَ ديةٌ كاملةٌ) قضى به عمر، وعثمان، وعلي -رضي اللَّه عنهم- (¬4)، وقال به مالكٌ، والزهريُّ (¬5)، والليثُ، وقتَادَةُ، وإسحاقُ (¬6) (¬7). ¬
أُقِيدَ بشرطِه، وعليه معه نصفُ الدية (¬1). وإن قلعَ الأعورُ ما يماثلَ صحيحَتَه من صحيحٍ، عمدًا: فديةٌ كاملةٌ، ولا قَوَدَ (¬2). وخطأً: فنصفُها (¬3). وإن قلع عينَيْ صحيحٍ عَمْدًا: فالقَوَدُ، أو الديةُ فقط (¬4). وفي يدِ أَقْطَعَ أو رجلِه -ولو عمدًا (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أُقيدَ بشرطهِ) مفردٌ مضاف لمعرفة، فيعم؛ أي: بشروطه الأربعة المتقدمة في باب ما يوجب القصاص فيما دون النفس (¬6). * قوله: (فالقودُ، [أو الديةُ فقط)؛ أي: ولا يجمع بين القود] (¬7) ونصفِ الدية (¬8). ¬
أو مع ذهاب الأولى هَدْرًا- نصفُ ديتِه؛ كبقيةِ الأعضاءِ (¬1). ولو قطع يدَ صحيح: أُقيدَ بشرطِهِ (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو مع ذهابِ الأُولى)؛ أي: اليد الأولى، والرجل الأولى (¬3). * قوله: (ولو قطعَ يدَ صحيحٍ (¬4)، أُقيد (¬5) بشرطِه)؛ أي: التساوي في الاسم والموضع، وإمكانِ الاستيفاءِ مع عدمِ الحيفِ (¬6). * * * ¬
3 - باب الشجاج وكسر العظام
3 - بابُ الشِّجاجِ وكَسْرِ العِظامِ " الشَّجَّةُ": جَرْحُ الرأسِ، والوجهِ. وهي عَشْرٌ (¬1): (أ): خمسٌ من فيها حكومةٌ (¬2). 1 - "الحارِصَةُ": التي تَحْرِصُ الجلدَ؛ أي: تَشُقُّه ولا تُدْمِيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الشِّجاجِ وكسرِ العظامِ * قوله: (الشَّجَّةُ جَرْحُ الرأسِ والوَجْهِ، وهي عشرٌ، خمسٌ فيها حكومة. . . إلخ) وقلت في ذلك نظمًا: وشَجَّةٌ في الرأسِ أَيْ جَرْحٌ به ... ومثله وجهٌ فعي لحكمِهِ أفرادُها عشرٌ لنصفِها الفِدا ... حكومةٌ لا غيرُ كنْ مسترشِدًا حارِصَة (¬3) بازِلَةٌ وباضِعَه ... غائصةٌ سمحاقُ فاشكرْ جامِعَهْ وخمسةٌ قد قُدِّرت أُروشُها ... موضحةٌ نصفٌ لعشرِ أَرْشِها ¬
2 - ثم "البازِلَةُ"، "الدَّامِيَةُ"، "الدَّامِعَةُ": التي تُدْمِيه (¬1). 3 - ثم "الباضِعَةُ": التي تَبْضَعُ اللَّحْمَ (¬2). 4 - ثم "المُتَلاحِمَةُ": الغائِصَةُ فيه (¬3). 5 - ثم "السِّمْحاقُ": التي بينَها وبينَ العظمِ قشرةٌ (¬4). (ب): وخمسٌ فيها مقدَّرٌ (¬5): 1 - "المُوضِحَةُ": التي تُوضحُ العظمَ؛ أي: تُبرزه، ولو بقدرِ إبرةٍ (¬6). ـــــــــــــــــــــــــــــ هاشمةٌ عشرٌ أتى مُنَقِّلَهْ ... عشرٌ ونصفُه فخذْهُ واصغِ (¬7) لَهْ مَأْمومَةٌ دامِغَةٌ كِلاهما ... بثلثِها قعد أَرَّشوا فَلْيُفْهَما قد قالَهُ محمدُ بنُ أحمدَ [ا] ... الحنبليُّ وبالإلهِ يُهْتَدَى ¬
وفيها: نصفُ عُشْرِ الديةِ، فمن حُرٍّ: خمسةُ أَبْعِرةٍ (¬1). وهي: إن عمَّت رأسًا، ونزلت إلى وجهٍ: مُوضِحَتانِ (¬2). وإن أوضَحَه ثنتينِ بينَهما حاجزٌ: فعشرةٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله] (¬3): (فمن حُرٍّ)؛ أي: مسلمٍ حر (¬4)، صفة شخص، فيشمل الذكرَ والأنثى (¬5). * قوله: (وهي إن عَمَّتْ رأسًا، ونزلت إلى وجهٍ: موضِحَتان) العمومُ ليس بقيدٍ، بل المراد: جمعت بين الرأس والوجه. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى- (¬6): عبارة الإقناع: (وهي: إن عَمَّتْ رأسًا، أو لم تعمَّه، ونزلت إلى وجهٍ. . . إلخ) (¬7)، وليس غرضه من ذلك صورتين: إحداهما: أن تعمَّ الرأسَ، ولم تنزل إلى الوجه. الثانية: ألَّا تعمَّه، وتنزل إلى الوجه، بل غرضُه: الردُّ على المنقِّح في التقييدِ بذلك فقط (¬8). ¬
فإن ذهبَ بفعلِ جانٍ، أو سرايةٍ: صارا واحدةً (¬1). وإن خرقَه مجروحٌ، أو أجنبيٌّ: فثلاثٌ، على الأول منها ثِنْتانِ (¬2). ويصدَّقُ مجروحٌ -بيمينه- فيمن خَرَقَه، على الجاني. لا على الأجنبي (¬3). ومِثْلُه: مَنْ قطعَ ثلاثَ أصابعِ حرةٍ مسلمةٍ، عليه ثلاثون. فلو قطع رابعةً قبلَ بُرْءٍ: رُدَّت إلى عشرين. فإن اختلفا في قاطعها: صُدِّقت (¬4). وإن خرقَ جانٍ بين موضِحَتَيْن باطنًا (¬5)، أو مع ظاهرٍ: فواحدةٌ (¬6). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (صارا) صوابه: صارتا؛ أي: الموضحتان؛ إلا أن تجعل الموضحة بمعنى الجرح (¬7). ¬
وظاهرًا فقط: فثِنْتانِ (¬1). 2 - ثم "الهاشِمَةُ": التي تُوضحَ العظمَ، وتَهْشِمُهُ. وفيها عشرةُ أبعِرة. 3 - ثم "المُنقِّلَةُ": التي توضحُ، وتَهْشِمُ، وتنقُلُ العظمَ. وفيها خمسةَ عشرَ بعيرًا. 4 - ثم "المَأْمومَةُ": التي تصلُ إلى جلدةِ الدماغِ، وتسمَّى: "الآمَّةَ" و"أُمَّ الدِّماغِ". 5 - ثم "الدَّامِغَةُ": التي تخرِقُ الجلدةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وظاهرًا (¬2). . . إلخ) ويبقى الكلام في هذا الخرق، هل فيه شيء؟. ظاهرُ سكوته عنه: أنه لا شيءَ فيه، وظاهر قوله (¬3) الآتي: (وإن طعنه في خده. . . إلخ): أن فيه حكومة، فليحرر. * قوله: (ثم المأمومة) على لغة أهل الحجاز (¬4). * قوله: (وتسمى الآمَّة) على لغة أهل العراق (¬5). ¬
وفي كلٍّ منهما: ثلثُ الدية (¬1). وإن شجَّه شجةً -بعضُها هاشمةٌ أو موضحةٌ، وبقيتُها دونَها- فديةُ هاشمةٍ، أو موضحةٍ، فقط (¬2). وإن هشمَه بمثقل، ولم يوضِحْه (¬3)، أو طعنَه في خَدِّه، فوصلَ إلى فمِه (¬4)، أو نفَّذ أنفًا، أو ذَكَرًا، أو جفنًا إلى بَيْضَة العين (¬5)، أو أدخلَ إصبعَهُ فَرْجَ بِكْرٍ، أو داخلَ عظمِ فخذٍ، فحكومة (¬6). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو أدخلَ إصبعَه فرجَ بِكْرٍ)؛ أي: ولم يكن زوجًا (¬7)، فإن كان، اندرجت الحكومة في المهر. ¬
1 - فصل
1 - فصل وفي الجائِفَة: ثلثُ ديةٍ. وهي: ما يصلُ باطنَ جوفٍ؛ كبطنٍ -ولو لم تُخرَق معًا- وظهرٍ، وصدرٍ، وحلقٍ، ومَثانة، وبين خُصيتَيْنِ، ودُبُرٍ (¬1). وإن جرحَ جانبًا، فخرجَ من آخَرَ: فجائفتان (¬2). وإن جرحَ وَرِكَهُ، فوصل جوفَه، أو أوضَحَه، فوصل قفاه: فمع ديةِ جائفةٍ أو مُوضحة، حكومةٌ بجرحِ قفاهُ أو وَرِكِهِ (¬3). ومن وسَّع -فقط- جائفةً باطنًا وظاهرًا، أو فتقَ جائفةً مندَمِلَةً، أو موضِحَةً نبتَ شعرُها: فجائِفَةٌ، وموضِحَةٌ. وإلا: فحكومةٌ (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ فصلٌ (¬5) * قوله: (فجائفتان) قضى به أبو بكر، وعمرُ -رضي اللَّه عنهما- (¬6). ¬
ومن وَطِئَ زوجةً صغيرةً، أو نحيفةً لا يوطَأُ مثلُها، فخرقَ ما بينَ مَخْرَجِ بولٍ ومَنِيٍّ، أو ما بَيْنَ السبيلينِ: فالدِّيَةُ إنْ لم يَسْتَمْسِكْ بولٌ، وإلا: فجائفة (¬1). وإن كانت ممن يوطَأُ مثلُها لمثلِة، أو أجنبيةً كبيرةً مطاوِعَةً، ولا شُبْهَةَ، فوقعَ ذلكَ: فَهَدَرٌ (¬2). ولها -مع شبهةٍ. أو إكراهٍ- المهرُ، والديةُ: إن لم يستمسِكْ بولٌ. وإلا: ثلثُها (¬3). ويجب أَرْشُ بكارةٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإلا فجائفةٌ)، [و] (¬4) قضى به عمر (¬5). * [قوله] (¬6): (فهدرٌ) ما لم تكن أَمَةً؛ لأن حقَّ السيد لا يسقط بمطاوعتها (¬7). * قوله: (ويجب أَرْشُ بَكارَةٍ) المرادُ بالأرش هنا: الحكومة (¬8). ¬
مع فَتْقٍ بغيرِ وَطْءٍ (¬1). وإن التحمَ ما أرشُهُ مقدَّرٌ: لم يسقُط (¬2). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مع فَتْقٍ)؛ أي: من غيرِ زوجٍ، بإصبعه أو غيره، فهو (¬3) أعمُّ مما سبق، فليس مكررًا معه. * قوله: (وإن التَحَمَ ما أرشُه مقدَّرٌ، لم يسقطْ) تذكر ما تقدم في السن في باب: ما يوجب القصاص فيما دون النفس؛ حيث قال: (ومن قلع سنَّه أو ظُفره، أو قطعَ طرَفَهُ (¬4)؛ كمارنٍ، وأُذنٍ، ونحوِه، فردَّه فالتحمَ، فله أرشُ نقصِه، فإن قلعه قالعٌ بعد ذلك، فعليه ديتُه) (¬5). وانظر: هل يحتاج إلى الفرق بين ما في البابين؟ فإن كلامه هناك صريح في [أن الدية تسقط بالالتحام، ويبقى أرشُ النقصِ فقط، وكلامُه هنا صريحٌ [في] (¬6) لزوم] (¬7) الدية المعبر عنها بالأرش المقدر، فتدَبَّرْ. ¬
2 - فصل
2 - فصل وفي كسر ضِلعٍ -جُبِر مستقيمًا-: بعيرٌ (¬1). وكذا تَرْقُوَةٌ (¬2). وإلَّا: فحكومةٌ (¬3). وفي كسرِ كُلٍّ: من زَنْدٍ (¬4) وعَضُدٍ؛ وفخذٍ وساقٍ، وذراعٍ -وهو: الساعدُ الجامعُ لعظمَي الزَّنْدِ-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصلٌ (¬5) * قوله: (ضِلَع) تحريكُ اللامِ بالفتح أكثرُ من سكونها (¬6). * قوله: (جبر مستقيمًا)؛ أي: كما كان، وإن كان (¬7) معوجَّ الأصل (¬8). ¬
بعيرانِ (¬1). وفيما عدا ما ذُكِر من جرحٍ، وكسرِ عظمٍ؛ كَخَرَزَةِ صُلْبٍ وعُصْعُصٍ (¬2)، وعانةٍ: حكومةٌ (¬3). وهي: أن يُقَوَّمَ مجنيٌّ عليه كأنه قِنٌّ لا جنايةَ به، ثم وهي به قد بَرَأَتْ، فما نقص -من القيمة- فله، كنسبتِهِ، من الديةِ (¬4). ففيمن قُوِّمَ صحيحًا بعشرين، ومجنيًّا عليه بتسعةَ عشرَ: نصفُ عُشْرِ ديتِه (¬5). ولا يُبْلَغُ بحكومةِ محلٍّ -له مقدَّرٌ- مقدَّرُهُ (¬6)، فلا يُبْلَغُ بها أَرْشُ مُوضحةٍ، في شجَّةٍ دونهَا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
ولا ديةُ إصبعٍ أو أَنْمُلَةٍ، فيما دونَهما (¬1). فلو لم تُنقِصْه حالَ بُرْءٍ: قُوِّمَ حالَ جريانِ دمٍ (¬2). فإن لم تُنقصه أيضًا، أو زادته حسنًا: فلا شيءَ فيها (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو زادته حسنًا)؛ كشرط (¬4) الحبشي. * * * ¬
4 - باب العاقلة، وما تحمله
4 - بابُ العاقِلَةِ، وما تحْمِلُه وهي (¬1): من غَرِمَ ثلثَ ديةٍ فأكثرَ، بسببِ جنايةِ غيرِهِ (¬2). و"عاقِلَةُ جانٍ": ذكورُ عَصَبَتِهِ نَسَبًا ووَلاءً، حتى عمودَيْ نَسَبهِ، ومَنْ بَعُدَ (¬3). لكن: لو عُرف نسبُه من قبيلة، ولم يُعلم: من أَيِّ بطونها، لم يَعْقِلوا عنه (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ العاقلةِ وما تحملُه * قوله: (وهي مَنْ. . . إلخ) هذا تعريفٌ بالحكم، فهو دوريٌّ لا فائدة فيه، على أنه لو اقتصر على قوله: (وعاقلةُ جانٍ. . . إلخ)، لكان أَوْلَى وأحسنَ، فتدبر. وقد يجاب عنه بأنه تعريفٌ لفظي، وهو (¬5) يفتقر فيه ذلك. ¬
ويَعقِل هَرِمٌ، وزَمِنٌ، وأَعْمى (¬1)، وغائبٌ، كضدِّهِم (¬2). لا فقيرٌ -ولو مُعْتَمِلًا (¬3) - ولا صغيرٌ، أو مجنونٌ (¬4)، أو امرأةٌ، أو خُنْثى مشكِلٌ (¬5)، أو قِنٌّ (¬6)، أو مباينٌ لدِينِ جانٍ (¬7). ولا تَعاقُلَ بين ذِمِّيٍّ وحربيٍّ (¬8). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو مباينٌ لدينِ جانٍ)؛ (أي: لا يَعْقِل عن الجاني مَنْ بايَنَ دينَه، وظاهر كلامه كغيره: أنه لا فرقَ بين الولاء والنسب هنا، لكن مقتضى قوله في الكافي بناء على توريثهم (¬9): أن المباينَ في الدين يعقلُ في الولاء دونَ النسب؛ كما يرث ذو الولاء مع مباينة الدين دونَ النسب) حاشية (¬10). * قوله: (ولا تَعاقُلَ بين ذميٍّ وحربيٍّ) قال في. . . . . . ¬
وَيتَعاقَلُ أهلُ ذِمَّةٍ اتَّحدَتْ مِلَلُهم (¬1). وخطأُ إمامٍ وحاكمٍ -في حكمِهما في بيت المال- (¬2) كخطأ وكيلٍ (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شرحه (¬4): (في الأصحِّ؛ لعدمِ التوارثِ، وكمسلمٍ وكافرٍ). انتهى. لكن ذكر المصنفُ في ميراث أهل الملل (¬5): أنه إذا كان أخوان (¬6)، أحدُهما ذمي، والآخرُ حربي، ورث أحدُهما الآخر. فيناقضه قولُ الشارح: (لعدمِ التوارث)، فالأَوْلى إبدالُه بقوله: لعدم التناصر. أقول: يؤخذ من قول شيخنا في شرح الإقناع: (وقيل: بلى إن توارثا) (¬7): أن التوارث بينهما كعقلهما مبنيٌّ على ضعيف، وأن عدم تعاقلهما مبني على عدم توارثهما، وأنه هو الصحيح، فما في الشرح هنا (¬8) مقدَّمٌ على ما ذكره في كتاب الفرائض (¬9). * قوله: (كَخَطَأ وكيلٍ)؛ أي: عن عامة المسلمين، كذا في شرح المصنف (¬10)، ¬
وخطؤهما -في غير حكمٍ- على عاقلتهما (¬1). ومن لا عاقلةَ له، أو له، وعجَزَتْ عن الجيميع: فالواجبُ، أو تَتِمَّتُه -مع كفرِ جانٍ- عليه (¬2). ومع إسلامه: في بيتِ المالِ (¬3) حالًّا. وتسقُطُ بتعذُّرِ أخذٍ منه؛ لوجوبها ابتداءً عليها (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ وحمله شيخنا (¬5) على ما يعم الوكيلَ الخاصَّ، وجعلَ (¬6) التشبيهَ من جهةِ أن ما أتلفه من غير تعدٍّ ولا تفريطٍ غيرُ مضمون عليه، لا من جهة خاصة، وهي التصرف عن عامة المسلمين؛ كما لحظه (¬7) المصنف، فتدبر. * قوله: (أَوْ لَهُ، وعجزتْ عن الجميع)، وهل إذا أيسرَتْ بعد ذلك تُطالب، أو لا، قياسًا على الكفارات من أن المعتبر فيها وقتُ الوجوب؟. * قوله: (لوجوبه (¬8) ابتداءً عليها)، ولا يجب على الجاني، ومقتضى ما ذكروه ¬
ومن تغير دينُه، وقد رمى ثم أصابَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في فطرة الزوجة إذا أعسرَ زوجُها من أنها تؤخذ (¬1) منها، مع أنها واجبة عليه ابتداء (¬2): أنها تؤخذ من [الجاني] (¬3)، وهو قولٌ في المسألة (¬4)، وهو ظاهر (¬5)، وتقدم بالهامش إشارة إليه، فتذكَّرْهُ. ¬
فالواجبُ في ماله (¬1). وإن تغيَّرَ دِينُ جارحٍ حالَتَيْ جرحٍ وزُهوق: حملَتْه عاقَلتُه حالَ جرحٍ (¬2). وإن انجرَّ ولاءُ ابنِ معتقةٍ بينَ جرحٍ، أو رَمْي وتلفٍ: فكتغيُّرِ دينٍ فيهما (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فالواجبُ في ماله)، (ولا يعقل عنه المسلمون؛ لأنه لم يكن مسلمًا حالَ رميِهِ، ولا المعاهدون، لأنه لم يَجْنِ إلا وهو مسلمٌ. وكذا إن رمى وهو مسلمٌ، ثم ارتدَّ، ثم قتلَ السهمُ إنسانًا: لم يعقله أحد) شرح (¬4). * قوله: (حالتي جرح وزهوق)؛ أي: بين حالتي. . . إلخ. * قوله: (حملته (¬5) عاقلتُه [حال جرحٍ]) (¬6)؛ أي: المساوون له في دينه حالةَ الجرحِ، مسلمين أو كفارًا، إلا حالةَ الزهوق؛ لأن الزهوق ليس من فعله. كذا في الشرح (¬7)، وكان غرضه: الفرقَ بين هذه المسألة، والتي قبلها؛ من أنه في الأُولى كلٌّ من الرمي والإصابة من فعله؛ بخلاف هذه، فتدبر. * قوله: (فيهما)؛ (أي: في مسألتي الرمي والجرح، فتجب في ماله إذا انجرَّ ¬
1 - فصل
1 - فصل ولا تحملُ عَمْدًا، ولا صُلْحَ إنكارٍ، ولا اعترافًا: بأن يقرَّ على نفسه بجنايةٍ، خطأٍ أو شبهِ عمدٍ، توجِبُ ثلثَ ديةٍ فأكثرَ، وتُنكرُ العاقلةُ. ولا قيمةَ دابةٍ أو قِنٍّ، أو قيمةَ طَرَفِه، ولا جنايتَه، ولا ما دونَ ثلثِ ديةِ ذَكَرٍ مسلمٍ، إلا غُرَّةَ جنينٍ ماتَ مع أمه أو بعدَها بجنايةٍ واحدةٍ، لا قبلَها؛ لنقصه عن الثلث (¬1). وتحمِلُ شبهَ عمدٍ مُؤَجَّلًا في ثلاثِ سنينَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولاؤه؛ بأن عتق أبوه بين رميه وإصابته، ويجب (¬2) على مولى أمه إذا انجرَّ بين الجرح والزهوق) حاشية (¬3). لكن في الإقناع ما يخالفه (¬4) (¬5)؛ كما نبه عليه شيخنا فيما كتبه عليه (¬6). فصلٌ (¬7) ¬
كواجبٍ بخطأٍ (¬1). ويجتهدُ حاكمٌ في تحميلٍ: فيُحَمِّلُ كُلًّا ما يَسْهُل عليه، ويبدأُ بالأقربِ كإرثٍ (¬2). لكنْ: تؤخَذُ من بعيدٍ، لَغيْبَةِ قريبٍ (¬3). فإن تساوَوْا، وكَثُروا: وُزِّعَ الواجبُ بينهم (¬4). وما أوجبَ ثُلُثَ ديةٍ: أُخِذَ في رأسِ الحولِ، وثلثْيها فأَقلَّ: أُخِذَ رأسَ الحولِ ثلثٌ، والتتمةُ في رأسٍ آخَرَ (¬5). وإن زادَ -ولم يبلغ ديةً- أُخِذَ رأسَ كُلِّ حولٍ ثلثٌ، والتتمةُ في رأسِ ثالثٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
وإن أوجبَ ديةً أو أكثرَ بجنايةٍ واحدةٍ؛ كضربةٍ أذهبتِ السمعَ والبصَرَ: ففي كُلِّ حولٍ ثلثٌ (¬1). وبجنايتين، أو قَتَلَ اثنَيْنِ: فديتُهما في ثلاثٍ (¬2). وابتداءُ حولِ قتلٍ: من زُهوقٍ، وجَرْحٍ: من بُرءٍ (¬3). ومن صارَ أهلًا عندَ الحول: لَزِمَه (¬4). وإن حدثَ مانعٌ بعدَ الحولِ: فقسطُه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو قتل اثنين. . . إلخ)، ولو بجناية واحدة (¬5)، لكن يستثنى من عمومه مسألةُ الإقناع (¬6)، وهي ما إذا جنى على حاملٍ، فألقت جنينَها حيًا لوقتٍ يعيش فيه، ثم مات أيضًا بسبب تلك الجناية، فإنه تؤخذ ديتُهما منه في ست سنين. * قوله: (وإن حدث مانعٌ بعدَ الدخول، فقسطُه)؛ لأن المانع ما طرأ إلا بعد الاستقرار لذلك القسط، فيلزم. ¬
وإلا: سقطَ (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: [(وإلا) يكن بعدَ الحول؛ بأن كان معه، أو في أثنائه] (¬2) (¬3). * * * ¬
5 - باب كفارة القتل
5 - بابُ كَفَّارَةِ القتلِ وتلزمُ كاملةً في مالِ قاتلٍ لمَ يتعَمَّدْ (¬1) -ولو كافرًا (¬2)، أو قِنًّا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ كَفَّارَةِ القتلِ وتقدَّمَ بيانُها في كفارة [الظِّهار] (¬3) [من] (¬4) أنها عتقُ رقبةٍ، أو صيامُ شهرينِ متتابعينِ، ولا يدخلها إطعام (¬5)؛ يعني: كما هو مقتضى الآية (¬6). ¬
أو صغيرًا، أو مجنونًا (¬1)، أو إمامًا في خطأٍ يحملُه بيتُ المال (¬2)، أو مُشارِكًا (¬3)، أو بسببٍ بعدَ موتِه -نفسًا محرَّمَةً- ولو نفسَه، أو قِنَّهُ، أو مستأمنًا، أو جنينًا (¬4) -غيرَ أسيرٍ حربيٍّ يمكنه أن يأتي به الإمامَ، ونساءِ حربٍ وذُرِّيتِهِمْ، ومن لم تبلُغْه الدعوةُ (¬5). لا مُباحةً؛ كباغٍ، والقتلُ قصاصًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (يحملُه بيتُ المالِ)؛ بأن كان بسبب (¬6) خطئه في الحكم -على ما سبق- (¬7). * قوله: (نفسًا) مفعولُ (قاتلٍ) (¬8). * قوله: (ومن لم تبلُغْه الدعوةُ)؛ أي: دعوة الإسلام (¬9). ¬
أو حَدًّا، أو دَفْعًا عن نفسِه (¬1). ويُكَفِّر قِنٌّ بصومٍ (¬2). ومن مالِ غيرِ مُكَلَّفٍ وليُّه (¬3). ويتعددُ بتعدُّدِ قتلٍ (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . * * * ¬
6 - باب القسامة
6 - بابُ القَسَامَةِ وهي: أيمانٌ مكرَّرَةٌ في دَعْوَى قتلِ معصومٍ. فلا يكون في طَرَفٍ، ولا جُرْحٍ (¬1). وشروطُ صحتِها عشرةٌ: 1 - اللَّوْثُ، وهو العداوةُ الظاهرةُ (¬2) -وُجد مَعها أثرُ قتلٍ، أو لا (¬3) - ولو مع سيدٍ مقتولٍ، نَحْوَ ما كانَ بينَ الأنصارِ وأهلِ خَيْبَرَ، وما بينَ القبائلِ التي يطلبُ بعضُها بعضًا بثأرٍ (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ القَسامَةِ * قوله: (فلا تكون (¬5) في طَرَفٍ، ولا جرحٍ) كان ينبغي أن يزيد: ولا في قتلِ غيرِ معصومٍ؛ كحربيٍّ، وزانٍ محصَنٍ. * قوله: (وما بين القبائل التي يطلب بعضُها بعضًا بثأر)، وكما بين البغاة ¬
وليس مُغلِّبٌ على الظن صحةَ الدعوى: كتفرُّقِ جماعةٍ عن قتيلٍ، ووجودِهِ عندَ مَنْ معه مُحَدَّدٌ مُلَطَّخٌ بدمٍ، وشهادةِ من لم يثبُتْ بهم قتلٌ بلوث (¬1)؛ كقولِ مجروحٍ: "فلانٌ جَرَحَني" (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ وأهل العدل، وما بين الشرطة واللصوص (¬3). * قوله: (مُغلِّبٌ) على صيغة اسم الفاعل، اسمُ "ليس". * وقوله: (صحةَ) منصوب على أنه معمول "مغلِّب". * وقوله: (كتفرُّق) تمثيلٌ للمغلِّب. * قوله: (وشهادة من لم يثبت بهم قتلٌ)؛ كالنساء، والصبيان (¬4)، وأهل الفسق (¬5). * قوله: (بلَوْثٍ) خبر "ليس" (¬6)، والمعنى: وليس الأمر الذي يُغَلِّبُ على الظن صحةَ الدعوى لوثًا، وذلك المغلِّب؛ كتفرق جماعة عن قتيل. . . إلخ. تدبر. ¬
ومتى فُقِد -وليست الدعوى بعمدٍ- حَلَفَ مُدَّعًى عليه يمينًا واحدةً (¬1). ولا يمينَ في عمدٍ: فيُخَلَّى سبيلُه. وعلى رواية -فيها قوةٌ- يُحَلَّف، فلو نَكَلَ: لم يُقْضَ عليه بغيرِ الديةِ (¬2). 2 - الثاني: تكليفُ قاتلٍ؛ لتَصِحَّ الدَّعوى (¬3). 3 - الثالثُ: إمكانُ القتلِ منه. وإلَّا: كبقيةِ الدعاوَى (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا يمينَ)؛ أي: على مُدَّعًى عليه. * قوله: (وعلى رواية)؛ أي: وهي الصواب (¬5). * [قوله] (¬6): (فكبقية الدعاوى)؛ أي: التي يكذِّبُها الحسُّ (¬7). ¬
4 - الرابعُ: وصفُ القتلِ في الدعوى. فلو استحلَفَه حاكمٌ قبلَ تفصيلِه: لم يُعتدَّ به (¬1). 5 - الخامسُ: طلبُ جميعِ الوَرَثَةِ (¬2). 6 - السادسُ: اتفاقُهم على الدعوى (¬3). فلا يكفي عدمُ تكذيبِ بعضِهم بعضًا (¬4). 7 - السابعُ: اتفاقُهم على القتلِ (¬5). فإن أنكرَ بعضٌ: فلا قَسامَةَ (¬6). 8 - الثامنُ: اتفاقُهم على عينِ قاتلٍ. فلو قالَ بعضُ: "قتلَه زيدٌ"، وبعضٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (الرابعُ: وصفُ القتل)؛ (بأن يقول: جرحَه بسيف، أو سكين، أو غير ذلك في محل كذا من بدنه، أو: خنقه، أو ضربه بمثقَّل على رأسه أو بطنه) حاشية (¬7). * قوله: (الثامنُ: اتفاقُهم على عينِ قاتلٍ) انظر: هل هذا الشرطُ مع قوله: "فلو قال. . . إلخ" مغنٍ عن الشرط العاشر، أو الجمع لحكمة؟ ولعل الحكمة في ¬
"قتلَه بَكْرٌ"، فلا قَسامَةَ (¬1). ويُقبل تعيينُهم بعدَ قولهِم: "لا نعرفُه" (¬2). 9 - التاسعُ: كونُ فيهم ذكورٌ مُكَلَّفون (¬3). ولا يقدَحُ غيْبَةُ بعضِهم، وعدمُ تكليفِه، ونكولُه (¬4). فلذَكَرٍ حاضرٍ مكلَّفٍ أن يحلفَ بقِسْطِه، ويستحقُّ نصيبَه من الدية (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ الجمع بينهما: أن الثامن يوهم أنه متى اتفق على عين القاتل، صحت (¬6) القَسامة -ولو مع تعدد المتفق عليه-، والعاشر يؤخذ منه اعتبارُ الانفراد في عين المتفق عليه، وهذا مفهوم مما سيأتي، فتأمل. * قوله: (فلا قَسامةَ)، وكذا لو قال بعضهم: قتله زيدٌ، وقال بعضهم: لم يقتله زيدٌ، سواء كان المكذِّبُ عدلًا، أو فاسقًا؛ لأنه مقرٌّ على نفسه (¬7). * قوله: (التاسع: كونُ فيهم. . . إلخ) انظر: هل مثلُ هذا التركيب جائزٌ عربيةً، ¬
1 - فصل
ولمن قَدِم -أو كُلِّف- أن يحلِفَ بقسطِ نصيبِه، ويأخذَه (¬1). 10 - العاشرُ: كونُ الدعوى على واحدٍ مُعَيَّنٍ (¬2). فلو قالوا: "قَتَلَه هذا مع آخَرَ"، أو: "أحدُهما"، فلا قَسامَةَ (¬3). ولا يُشترطُ كونُها بقتلٍ عمدٍ (¬4). ويُقادُ فيها: إذا تَمَّتِ الشروطُ (¬5). * * * 1 - فصل ويُبدأ فيها بأَيْمانِ ذكورِ عَصَبَتِهِ الوارِثينَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو حذفُ المضاف إليه، وإبقاءُ المضاف، ويكون من المشبه بالغايات؟. فصلٌ (¬6) * قوله: (ذكور عَصَبَته) المراد بالعصبة: ما يشمل ذوي الفروض؛ بدليل أنه عد منها الزوجَ (¬7). ¬
فيحلفون خمسينَ بقدرِ إرْثهِم (¬1). ويُكَمِّلُ الكسرُ: كابنٍ وزوجٍ، يحلف الابنُ ثمانيةً وثلاثين، والزوجُ ثلاثةَ عشَر (¬2). فلو كان معهما بنتٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (والزوجُ ثلاث (¬3) عشرة) ظاهر قوله فيما سبق: "ثمانية"، وقولِه هنا: "ثلاثَ عشرةَ": أن اليمين يجوز فيها التذكيرُ والتأنيث (¬4)، ولا يقال: إن وجهه حذفُ المميز؛ لأن بعض مشايخنا نقل عن السبكي أن ذلك مختصٌّ بالأيام والليالي، ثم وقفتُ على كلام السبكي (¬5) في رسالته الموضوعة في الكلام على قوله ¬
حلف زوجٌ سبعةَ عشرَ، وابنٌ أربعةً وثلاثين (¬1). وإن كانوا ثلاثةَ بنينَ: حلف كُلٌّ سبعةَ عشَر (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ -عليه السلام-: "رُفِعَ القلمُ عن ثلاثٍ" (¬3)؛ فإذا هو موافقٌ لما نقله شيخنا من اختصاص الحكمِ بما ذكر. * قوله: (حلف زوجٌ سبعةَ عشرَ، وابنٌ أربعةً (¬4) وثلاثين)؛ باعتبار قَسْمِ الخمسينَ عليهما (¬5) أثلاثًا؛ نظرًا إلى (¬6) اختصاصها بذكور العَصَبة، ولا تُقسم أنصافًا؛ للإجحاف على الزوج، ولا أرباعًا؛ للإجحاف على الولد، وصارت شبيهة (¬7) بمسائل الردِّ من جهة أن مجموع النصف والربع ثلاثة أسهم من أربعة، فتجعل من ثلاثة، ويلغى (¬8) نصيبُ البنت؛ لأنه لا دخلَ لها في التحليف، فقسمت حصتها عليهما ¬
وإن انفردَ واحدٌ: حَلَفَها (¬1). وإن جاوزوا خمسين: حلف خمسون، كلُّ واحدٍ يمينًا (¬2). وسيدٌ كوارِثٍ (¬3). ويُعتبَرُ حضورُ مدَّع ومُدَّعى عليه: وقتَ حَلفٍ؛ كبيِّنةٍ عليه (¬4). لا موالاةُ الأيمان، ولا كونهُا في مجلسٍ (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ أثلاثًا بقدر إرثهما (¬6). * قوله: (حلف خمسون) وهل تخرجُ تلك الخمسون بالقرعة، أو باختيارهم لها؛ كما هو ظاهرُ الحديث، وإن (¬7) لم يكن نصًا في ذلك؟ (¬8). * قوله: (ولا كونُها في مجلس)؛ أي: ولا في زمان واحد. وتَرَكَه؛ لظهوره ¬
ومتى حَلَفَ الذكورُ: فالحقُّ -حتى في عمدٍ- للجميع (¬1). وإن نَكَلُوا، أو كانوا كلُّهم خَناثى، أو نساءً: حلف مُدَّعًى عليه خمسين، وبرئَ، إن رَضُوا (¬2)، ومتى نَكَلَ: لزمَتْه الديةُ (¬3). وليس للمدَّعي -إن ردَّها عليه- أن يحلفَ (¬4). وإن نَكَلُوا، ولم يرضَوْا بيمينه: فدى الإمامُ القتيلَ من بيتِ المال (¬5)؛ كميت في زَحْمَةٍ؛ كمجُمُعةٍ، وطَوافٍ (¬6). ـــــــــــــــــــــــــــــ من مسألة المكان. * قوله: (كَمَيتٍ (¬7) في زحمةٍ؛ كجمعةٍ، وطوافٍ). . . . . . ¬
وإن كان قتيلًا -وثَمَّ مَنْ بينَه وبينَه عداوةٌ- أُخِذَ به (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ احتج الامامُ بقضاءِ (¬2) عليٍّ، وموافقةِ (¬3) عمرَ له على ذلك -رضي اللَّه عنهما- (¬4). * قوله: (أُخذ به) (لعل المراد: مع وجود بقية الشروط؛ لأن اللَّوْثَ وحدَه ليس موجِبًا للأخذِ به) حاشية (¬5). * * * ¬
31 - كتاب الحدود
31 - كِتَابُ الحُدُودِ
(31) كِتَابُ الحُدُودِ وهي: جمع "حَدٍّ"، وهو: عقوبةٌ مُقَدَّرةٌ شَرْعًا في معصيةٍ؛ ليُمْنَعَ من الوقوعِ في مثلِها (¬1). ولا يجبُ إلا على مكلَّفٍ، ملتزِمٍ، عالمٍ بالتحريمِ (¬2). وإقامتُه لإمامٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب (¬3) الحدود * قوله: (ملتزِم)؛ أي: أحكامَ المسلمين، فدخل الذميُّ، وخرج الحربيُّ، والمستأمن (¬4)، والمعاهد، لكن تقدم في الهدنة: أنه (¬5) تؤخذ بحد الآدميِّ دون حدّ اللَّه تعالى (¬6). ¬
ونائبِه مطلقًا (¬1). وتحرُمُ شفاعةٌ وقبولُها، في حَدٍّ للَّه تعالى، بعدَ أن يبلُغَ الإمامَ. ولسيدٍ حُرٍّ مكلَّفٍ، عالمٍ به، وبشروطِه -ولو فاسقًا، أو امرأةً- إقامتُه بجَلْدٍ (¬2)، وإقامةُ تعزيرٍ على رقيقٍ كُلُّه له -ولو مكاتَبًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مطلقًا) سواءٌ كان للَّه، أو لآدميٍّ (¬3)، وسواء كان المقام عليه حُرًا، أو رقيقًا. * قوله: (ولسيدٍ حُرٍّ)، لا مكاتَبٍ (¬4)، ولا مبعَّضٍ. * [قوله] (¬5): (إقامتُه بجَلْدٍ)، لا بالرجم؛ لانتفاء شرط الإحصان؛ إذ من شرطه الحرية (¬6). * قوله: (ولو مكاتَبًا) (تبع فيه التنقيح، وهو مبني على ضعيف؛ كما في ¬
أو مرهونًا، أو مستأجَرًا- (¬1) لا مُزَوَّجَةٍ (¬2). وما ثبتَ بعلمِه (¬3) أو إقرارٍ، كبيِّنةٍ (¬4). وليس له قتلٌ في رِدَّةٍ، وقطعٌ في سَرِقَةٍ (¬5). وتجبُ إقامةُ الحدِّ، ولو كان مَنْ يُقيمُه شريكًا، أو عونًا لمن يُقيمه عليه في المعصيةِ (¬6). ـــــــــــــــــــــــــــــ تصحيح الفروع) حاشية (¬7). ¬
وتحرُمُ إقامتهُ بمسجدٍ (¬1)، أو أن يُقيمَهُ إمامٌ أو نائبُه بعلمِه (¬2)، أو وَصِيٌّ على رقيقِ مولِّيهِ كأجنبي (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وتحرُم إقامتُه بمسجد) يردُّ عليه قصةُ ماعز (¬4)؛ حيث رُجم (¬5) في مصلَّى العيد، وهو مسجدٌ عندنا، فانظر: ما الجواب؟ وقد يقال: إن معنى قولهم: "مصلَّى العيد مسجدٌ": أن له حكمَ المسجد في الجملة، لا من كلِّ وجه، أو يقال: هذه خصوصية للنبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فليحرر (¬6). ¬
ولا يَضمنُ مَنْ ليس له إقامتُه، فيما حَدُّه الإتلافُ (¬1). ويُضْرَبُ الرجلُ قائِمًا بسوطٍ -لا خَلَقٍ، ولا جديدٍ- بلا مَدٍّ، ولا رَبْطٍ، ولا تجريدٍ (¬2). ولا يُبالَغ في ضربٍ، ولا يُبدي ضاربٌ إِبْطَه في رفعِ يَدٍ (¬3). وسُنَّ تفريقُه على الأعضاء، ويُضرَبُ من جالسٍ ظهرُه وما قارَبَهُ. وبجبُ اتِّقاءُ وجهٍ، ورأسٍ، وفَرْجٍ، ومَقْتَلٍ (¬4). وامرأةٌ كرجلٍ، إلا أنها تُضرب جالسةً، وتُشَدُّ عليها ثيابُها، وتُمسَكُ يداها (¬5). ويُجزئُ بسوطٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بَسْوط) (¬6)؛ أي: من نوع الشجر، لا من الجِلْد، وأن يكون لا ثمرَ له (¬7). ¬
مغصوبٍ (¬1). وتُعْتبَرُ نِيَّةٌ، لا موالاةٌ (¬2). وأشدُّه: جلدُ زِنًى، فقذفٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا موالاة) قال الشيخ تقي الدين: فيه نظر؛ لأنه [لا] (¬3) يحصل منه حينئذ تألمٌ يقتضي زجرًا ولا ردعًا (¬4). * قوله: (وأشدُّه جَلْدُ زِنًى) إما أن تعتبر الأشديةُ بالوصف الذي يترتب عليه قوةُ الإسلام، أو باعتبار عموم المُقام عليه، وليس المرادُ: الأشدية بكثرة العدد؛ لأن ذلك لا يظهر بين حد القذف وشرب المسكر؛ إذ العدد فيهما واحد (¬5). * قوله: (فقذفٍ. . . إلخ) المعطوف (¬6) مجردٌ عن معنى الأشدية، والمعنى: فيليه (¬7) في الشدة قذفٌ. . . إلخ، وهذا التأويلُ لابدَّ منه، وإلا، فلو تساويا في ¬
فشُرْبٍ، فتعزير (¬1). وإن رأى إمامٌ -أو نائبُه- الضربَ حَدِّ شربٍ، بجريدٍ، أو نِعالٍ (¬2) -وقال جمعٌ: "وأَيْدٍ" (¬3)، المنقّحُ: "وهو أظهرُ"-، فله ذلك (¬4). ولا يؤخَّرُ حدٌّ لمرضٍ -ولو رُجِيَ زوالُه (¬5) - ولا لَحِرٍّ، أو بَرْدٍ (¬6). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأشدية، لم يتأت (¬7) الترتيب، فتدبر. * قوله: (ولا يؤخَّرُ حدٌّ (¬8) لمرضٍ) قيده في الإقناع بقوله: (حد زنى) (¬9)، والظاهر: أن ما هنا من الإطلاق أولى وأظهر، فتدبر. ¬
أو ضَعْفٍ (¬1). فإن كانَ جَلْدًا، وخيفَ من السوطِ: لم يتعيَّنْ، فيُقامُ بطرفِ ثوبٍ، وعُثْكولِ نخلٍ (¬2). ويؤخَّرُ لسُكْرٍ حتى يَصْحُوَ. فلو خالفَ: سقطَ إن أَحَسَّ، وإلَّا: فلا. ويؤخَّرُ قطعٌ خَوْفَ تَلَفٍ (¬3). ويحرُم -بعدَ حدٍّ- حبسٌ، وإيذاءٌ بكلامٍ (¬4). ومن ماتَ في تعزيرٍ، أو حَدٍّ بقطعٍ أو جَلْدٍ -ولم يلزمْ تأخيرهُ- فهَدرٌ (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو ضعفٍ)؛ بأن كان نِضْوَ الخِلْقة؛ كما عبر به في الإقناع (¬6). * قوله: (ولم يلزم تأخيرُه) قال شيخنا في الحاشية: "ينبغي عودُه للقطع ¬
ومن زادَ -ولو جلدةً (¬1) - أو في السوطِ، أو اعتمدَ في ضربه (¬2)، أو بسوطٍ لا يحتملُه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فقط؛ لأنه هو الذي [يلزم] (¬3) تأخيرُه على ما مر". انتهى. أقول: ذكر المصنف في غير هذا الباب: أن الحامل لا يقام عليها الحدُّ حتى تضعَ، وتسقيَ ولدها اللِّبَأَ (¬4)، فقد لزمَ تأخيرُ الحدِّ في بعض المواضع، كما لزم تأخيرُ القطع (¬5) في بعض المواضع، فلا حاجةَ إلى التخصيص، ثم رأيت المحشِّيَ تنبه لذلك، فحمله على العموم في شرحه (¬6)، وعدل عما صنعه في الحاشية (¬7)، فارجع إليه. * قوله: (أو في السوط)؛ أي: ضربه بسوطٍ زائدٍ في الكيفية على ما قُدِّر شرعًا (¬8). * وقوله: (أو بسوطٍ لا يحتمله)؛ أي: أو ضربه بسوطٍ مساوٍ لما قدر شرعًا، وهو لا يحتمل الضرب به؛ لمرضٍ أو نحوه. كذا يؤخَذ من شرح ¬
فَتَلِفَ: ضَمِنَه بديتِهِ (¬1). ومَنْ أُمر بزيادةٍ، فزادَ جهلًا: ضَمِنَهُ آمِرٌ (¬2)، وإلَّا: ضارِبٌ (¬3). وإن تعمَّده العادُّ فقط، أو أَخطأَ، وادَّعى ضاربٌ الجهلَ: ضَمِنه العادُّ (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ شيخنا على الإقناع (¬5). * [قوله] (¬6): (ضَمِنَه بديته)؛ أي: كاملةً، وقيل: ضمنه بنصفِها (¬7). أقول: وهو أقربُ للقواعد؛ لأنه ترتب على فعلٍ مأذونٍ فيه، وفعلِ غير مأذونٍ فيه، فتدبر. * قوله: (ضمنه العادُّ) (¬8)؛ لحصول التلف بسبب تعمُّده، أو خطئه (¬9) (¬10). ¬
وتعمُّدُ إمامٍ لزيادةٍ: شِبْهُ عمدٍ، تحملُه عاقلتُه (¬1). ولا يُحْفَرُ لرجمٍ ولو لأنثى، وثبتَ ببيِّنةٍ (¬2). ويجب في حدِّ زِنًا حضورُ إمامٍ، أو نائبِه (¬3)، وطائفةٍ من المؤمنين -ولو واحدًا (¬4) -. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (تحمله عاقِلَتُه)، والقياس وجوبُ الكفارة أيضًا في ماله، فليحرر (¬5). * قوله: (وثبت ببينةٍ) عطف على مدخولِ لو (¬6). * قوله: (ولو واحدًا) (¬7)؛ لأن الطائفة تطلق عليه،. . . . . . ¬
وسُنَّ حضورُ من شَهِدَ، وبُداءتُهم برَجْم، فلو ثبتَ لإقرارٍ: سُنَّ بداءةُ إمامٍ، أو مَنْ يُقيمُه (¬1). ومتى رجعَ مُقِرٌّ به، أو بسرقةٍ، أو شُرْبٍ، قبلَه -ولو بعدَ الشهادةِ على إقراره- لم يُقَم. وإن رجعَ في أثنائه، أو هَرَبَ: تُرِكَ (¬2). فإن تُمِّم: فلا قَوَدَ، وضُمِنَ راجِعٌ -لا هاربٌ- بالدية (¬3). وإن ثبتَ ببيِّنةٍ على الفعل، فهربَ: لم يُترك (¬4). ومن أتى حَدًّا: سَتَرَ نفسَه، ولم يجبْ -ولم يُسَنَّ- أن يُقرَّ به عندَ حاكمٍ (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ من قولهم: نَفْسٌ طائفة (¬6). ¬
1 - فصل
ومن قالَ لحاكمٍ: "أصَبْتُ حَدًّا"، لم يلزمْهُ شيءٌ (¬1). والحدُّ كفّارةٌ لذلك الذَّنبِ (¬2). * * * 1 - فصل وإن اجتمعتْ حدود للَّه تعالى من جنسٍ؛ بأن زنى، أو سرق، أو شرب مِرارًا، تداخَلَتْ: فلا يُحَدُّ سوى مرةٍ (¬3). ومن أجناس -وفيها قتلٌ- استُوفي وحدَه. وإلَّا: وجب أن يُبدأ بالأَخَفِّ فالأَخَفِّ (¬4). ويُستوفى حقوقُ آدميٍّ كلُّها، ويُبدأ -بغيرِ قتلٍ- الأخفُّ فالأخفُّ، وجوبًا (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ فصلٌ (¬6) ¬
وكذا لو اجتمعَتْ مع حدود اللَّه تعالى: ويُبدأ بحقِّ آدميٍّ (¬1). فلو زنى، وشرب، وقَذَفَ، وقَطَعَ يدًا: قُطع، ثم حُدَّ لقذفٍ، ثم لشربٍ، ثم لزنًى (¬2). لكن: لو قَتَل وارتدَّ، أو سرقَ وقطعَ يدًا: قُتل، أو قُطع، لهما (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: ([وقطع] (¬4) يد أقطع) (¬5)؛ لأنه حقُّ آدمي اتفاقًا (¬6). * قوله: (ثم حُدَّ لقذفٍ)؛ لأنه مختلَف في كونه حقَّ آدميٍّ (¬7). * قوله: (ثم لشربٍ) (¬8)؛ لأنه أخفُّ (¬9) من الزنى (¬10). ¬
2 - فصل
ولا يُستوفى حَدٌّ حتى يَبْرأَ ما قبلَه (¬1). * * * 2 - فصل (¬2) ومن قتلَ، أو أتى حَدًّا خارجَ [حرمِ] (¬3) مكةَ، ثم لجأَ -أو حربيٌّ، أو مرتَدٌّ- إليه: حَرُمَ أن يُؤاخَذَ -حتى بدونِ قتلٍ- فيه. لكن: لا يُبايَعُ، ولا يُشارى (¬4)، ولا يُكَلَّم حتى يخرجَ، فيقام عليه (¬5). ومن فعلَه فيه: أُخِذَ به فيه (¬6). ومن قُوتِل فيه: دفع عن نفسه فقط (¬7). ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
ولا تَعصم الأشهرُ الحُرُمُ شيئًا من الحدودِ والجناياتِ (¬1). وإذا أتى غازٍ حَدًّا، أو قَوَدًا، بأرضِ العدوِّ: لم يؤخَذْ به حتى يرجعَ إلى دارِ الإسلام (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . * * * ¬
1 - باب حد الزنى
1 - بابُ حَدِّ الزِّنى وهو: فعلُ الفاحشةِ في قُبُلٍ، أو دُبُرٍ (¬1). إذا زنى مُحْصَنٌ: وجبَ رجمُهُ حتى يموتَ. ولا يُجْلَدُ قبلَه، ولا يُنفى (¬2). و"المحصَنُ": مَنْ وَطِئَ زوجتَه بنكاحٍ صحيح -ولو كتابيةً- في قُبُلها -ولو في حيضٍ، أو صومٍ، أو إحرامٍ، ونحوِه- وهما مُكلَّفان حُرَّانِ (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ حدِّ الزِّنى * قوله: (وجب رَجْمُه) بالحجارة المتوسطة كالكفِّ، لا أكبر كالصخر، ولا أصغر كالحصى (¬4). ¬
-ولو ذمِّيين أو مستأمنين-، ولا يسقط بإسلام، وتصير هي -أيضًا- مُحصَنَةً (¬1). ولا إحصانَ لواحدٍ منهما، مَعَ فَقْدِ شيءٍ مما ذُكر (¬2). ويثبُتُ بقولِه: "وَطِئْتُها"، أو: "جامعتُها"، أو: "دخلتُ بها". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو مستأمنين)؛ أي: في ثبوت الإحصان، لا في وجوب الحد وإقامتِه (¬3)؛ لمنافاته ما تقدم في أول (¬4) كتاب الحدود من قوله: (ملتزم. . . إلخ) (¬5)، وفي باب الهدنة من أنه لا يقام عليه حدٌّ للَّه كحدِّ الزنى ونحوِه (¬6)، لكن هذا الحملَ يخالفه قولُه في شرحه هنا: (ويُحَدُّ المستأمنُ إذا زنى وهو مسلم، أو ذمي) (¬7)، ويمكن الجواب عنه؛ بأنا لم نُقم عليه الحدَّ [إلا] (¬8) في حال كونه ملتزِمًا لأحكامنا، لا في حال كونِه مستأمنًا (¬9). ¬
لا بولدِه منها مع إنكارِ وَطْئِها (¬1). وإن زنى حرٌّ غيرُ محصَنٍ: جُلدَ مِئةً، وغُرِّب عامًا (¬2)، ولو أنثى، بمَحْرَمٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا بولده منها مع إنكار وطئِها)؛ لأن الإحصانَ لا يثبتُ إلا بالوطء المحقق؛ بخلاف إلحاق الولد، فإنه يكفي فيه مجردُ الإمكان (¬3)، فتدبر. * [قوله] (¬4): (وغُرِّبَ عامًا) من غير حبسٍ في المغرَّبِ [إليه] (¬5)، فإن رجع قبل أن يمضي العام، أُعيد (¬6)، وليس لازمًا أن يُعاد إلى محلِّ تغريبه الأولِ، ولذلك لو رجعَ بعد تمام العامِ، ثم زنى، وأُريد تغريبه، فليس لازمًا أن يغرب في غير محله الذي غُرِّب إليه أولًا، فليحرر. * [قوله] (¬7): (بمحرم)؛ أي: ويكون تغريب الأنثى بمحرم (¬8). ¬
باذلٍ وجوبًا، وعليها أجرتُه؛ فإن تعذَّرَ منها، فمن بيتِ المال (¬1)، فإن أبى -أو تعذَّر- فوحدَها إلى مسافة قصرٍ (¬2). ويُغرَّبُ غريبٌ ومغرَّبٌ، إلى غيرِ وطنِهما (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (باذلٍ)؛ أي: (باذلٍ نفسَه للسفر معها وجوبًا؛ لعموم نهيها عن السفر بلا محرم) شرح (¬4). * قوله: (وجوبًا)؛ أي: عليها (¬5)، وعبارة الإقناع أظهر (¬6) (¬7). ¬
وإن زنى قِنٌّ: جُلِدَ خمسين، ولا يُغرَّب، ولا يُعيَّرُ. ويُجلَدُ ويغرَّبُ مبعَّضٌ بحسابهِ (¬1). وإن زنى محصَنٌ ببِكْرٍ: فلكلٍّ حَدُّه (¬2)، وزانٍ بذاتِ مَحْرمٍ كبغيرِها (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا يُعَيَّر)؛ أي: زانٍ (¬4)، وليس الضمير راجعًا للقِنِّ؛ لقصوره (¬5). * قوله: (ويغرَّبُ مبعَّضٌ بحسابهِ) (فالمنضَّف يُجلَد خمسًا (¬6) وسبعين جلدة، ويغرَّب نصفَ عام نصًا، ويُحسب زمنُ التغريب عليه من نصيبه الحر). شرح (¬7). * قوله: (فلكلٍّ حَدُّه)، لكن لا تُحد هي إلا (¬8) إذا كانت مطاوعة -كما تقدم مرارًا-. ¬
ولُوطيٌّ -فاعلٌ ومفعولٌ به- كزانٍ (¬1)، ومملوكُهُ كأجنبيٍّ (¬2). ودُبُرُ أجنبيةٍ كَلِواطٍ (¬3). ومن أَتى بهيمةً: عُزِّرَ، وقُتلَتْ (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ودُبُرُ أجنبيةٍ كَلِواطٍ)، أما دبرُ زوجته، فليس في الحكم كذلك، لكنه كبيرةٌ، ويعزر على فعله (¬5)، فتدبر. وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: في شرح المنار في أصول فقه الحنفية للشيخ زين (¬6) ما نصه: (قوله: كالكفر، مثالٌ لما قَبُح لعينه (¬7) وضعًا؛ لأن واضعَ اللغة (¬8) ¬
لكن: بالشهادةِ على فعلِه بها (¬1)، ويكفي إقرارُه: إن مَلَكَها (¬2)، ويحرُمُ أكلُها: فيَضْمَنُها (¬3). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ وضعه لفعل قبيح في ذاته عقلًا، من غير توقفٍ على ورودِ الشرع؛ لأن قُبْح كُفرانِ النعم [مركوزٌ] (¬4) في العقول، كما أن شكر المنعم واجبٌ عقلًا، ومن هذا النوع: الظلمُ، والعبث، والكذب، واللواط؛ كما ذكره القاآني (¬5)، وهو صريح في أن اللواط قبيحٌ [عقلًا، كما هو قبيح] (¬6) شرعًا وطبعًا، فلذا كان أقبحَ من الزنى؛ لعدم قبحه طبعًا، وحكم هذا النوع عدمُ الشرعية أصلًا) (¬7). انتهى. كذا بخط شيخنا غنيمي (¬8). ¬
1 - فصل
1 - فصل وشروطُه ثلاثةٌ (¬1): 1 - تغييبُ حَشَفَةٍ أصليةٍ، ولو من خَصِيٍّ، أو قدرِها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصلٌ (¬2) * قوله: (تغييب (¬3) حَشَفَةٍ أصليةٍ)؛ أي: بدون حائل؛ كما يؤخذ من قول أبي بكر (¬4): "يوجب الغسل" (¬5). ¬
لعدمٍ في فرجٍ أصليٍّ، من آدميٍّ حَيٍّ، ولو دُبُرًا (¬1). 2 - انتفاءُ الشُّبهةِ (¬2). فلو وَطِئ زوجَتَه في حيضٍ، أو نفاسٍ أو دُبُرٍ (¬3) أو أَمَتَة المحرَّمَةَ أبدًا برضاعٍ أو غيرِه، أو المزوَّجَةَ (¬4)، أو المعتدَّةَ، أو المرتدَّةَ، أو المجوسيةَ، أو أَمَةً له أو لولدِه أو مكاتَبِهِ، أو لبيتِ المالِ فيها شِرْكٌ (¬5)، أو في نكاحٍ أو ملكٍ مختلَفٍ فيه يَعتقدُ تحريمَهُ (¬6): كمتعةٍ، أو بلا وليٍّ (¬7). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
وشراءٍ فاسدٍ بعدَ قبضِهِ (¬1)، أو بعَقْدِ فُضولِيٍّ -ولو قَبْلَ الإجازةِ (¬2) - أو امرأةً على فراشِه، أو في منزلهِ ظَنَّها زوجَتَهُ، أو أَمَتَهُ، أو ظَنَّ أن له أو لولده فيها شركٌ؛ أو جهل تحريمَهُ؛ لقربِ إسلامِه، أو نشُوئِهِ بباديةٍ بعيدةٍ، أو تحريمَ نكاحٍ باطلٍ إجماعًا، ومثلُه يجهلُه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو ظَنَّ أنَّ له أو لولدِه (¬3) فيها شرك)، أو دعا أعمى زوجتَه أو أَمَتَه فأجابه غيرها (¬4)، فوطِئَها، فلا حَدَّ (¬5). وبخطه -رحمه اللَّه تعالى-: (صوابه: شركًا) إلا أن يقال: إن هذا على حدِّ قوله -عليه السلام-: "إِنَّ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ القِيَامَةِ المُصَوِّرُونَ" (¬6)، فيكون ¬
أو ادَّعى أنها زوجتُه، وأنكرتْ، فلا حَدَّ (¬1). ثم إن أقرَّتْ أربعًا بأنه زنى: حُدَّت (¬2). وإن وطئ في نكاح باطل إجماعًا مع علمه؛ كنكاح مزوَّجَةٍ، أو معتدَّةٍ، أو خامسةٍ، أو ذاتِ محرَمٍ من نسب أو رَضاعٍ، أو زنى بحربِيَّةٍ مستأمنةٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ "شرك" مبتدأ خبره أحد المجرورينِ (¬3)، والجملة خبر "أن"، واسمها ضمير الشأن (¬4)، واللَّه أعلم، أو هو منصوبٌ منونٌ، لكنه وقف عليه بحذف ألفه على لغة ربيعة. * قوله: (أو ادَّعى أنها زوجتُه. . . إلخ) وعلى قياس ما يأتي في السرقة أن يسمى هذا بالزاني الظريف (¬5). * قوله: (حُدَّتْ)؛ أي: إن تضمن إقرارها كونَها مطاوعةً عالمةً بالتحريم؛ كما أشار إليه الشيخ في شرحه (¬6). * قوله: (أو معتدَّةً)؛ أي: من غير زِنًى (¬7)؛ لأن. المعتدةَ منه مختلَفٌ في ¬
أو بمَنْ استأجَرَها لزنًى أو غيرِه، أو بمن له عليها قَوَدٌ، أو بامرأة، ثم تزوَّجها، أو مَلَكَها، أو أقرَّ عليها، فسكتَتْ، أو جحدَتْ، أو بمجنونةٍ (¬1)، أو صغيرةٍ يوطأ مثلُها (¬2)، أو أَمَتِهِ المحرَّمَةِ بنسبٍ، أو مُكْرَهًا، أو جاهِلًا بوجوبِ العقوبة: حُدَّ (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ صحةِ نكاحها (¬4). * قوله: (أو مُكْرَهًا)؛ أي: على الزنى، على الأصح، واختاره الأكثرُ (¬5)؛ لأن وطء (¬6) الرجل لا يكون إلا مع انتشار، والإكراهُ ينافيه (¬7). ¬
وإن مَكَّنَتْ مكلَّفَةٌ -من نفسها- مجنونًا، أو مميزًا، أو من يجهله، أو حربيًا، أو مستأمنًا، أو استدخَلَتْ ذَكَرَ نائمٍ: حُدَّتْ (¬1). لا إن أُكُرِهَتْ، أو مَلُوطٌ -بإلجاء، أو تهديدٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإن مَكَّنَت من نفسِها مجنونًا) (¬2)، لا حيوانًا (¬3) غيرَ آدميٍّ كقردٍ، فإنها لا تحدُّ بل تُعزر (¬4) [تعزيرًا] (¬5) بليغًا؛ كما صرح به في الإقناع (¬6) (¬7)، فتنبه. * قوله: (أو مُميزًا) هل المراد: من يطأ مثلُه، وهو ابن عشر؟ (¬8). * قوله: (حُدَّت)؛ أي: دونَ مَنِ استدخلَتْ ذكرَه، ومَنْ ذُكر قبله، ومن جملة ذلك: [المستأمن، وهو مما يقوي إشكال شيخنا السابق أول الباب (¬9) عند قوله: أو] (¬10) (مستأمنين) (¬11). ¬
أو منعِ طعامٍ أو شرابٍ- مع اضطرارٍ ونحوِه فيهما (¬1). 3 - ثبوته، وله صورتان: إحداهما: أن يُقرَّ به مكلَّفٌ -ولو قِنًّا- أربعَ مراتٍ، ولو في مجالسَ (¬2). ويُعتبر أن يُصرِّح بذِكْرِ حقيقةِ الوطء -لا بمن زنى- (¬3)، وألا يرجعَ حتى يَتِمَّ الحدُّ (¬4). فلو شهدَ أربعةٌ على إقرارِه به أربعًا، فَأنكرَ (¬5)، أو صَدَّقَهم دونَ أربعٍ: فلا حَدَّ عليه، ولا على مَنْ شهد (¬6). الثانية: أن يَشهدَ عليه في مجلسٍ أربعةُ رجالٍ عدولٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا على من شهدَ)؛ أي: ولا حدَّ للقذف على من شهدَ في هذه الحالة. ¬
-ولو جاؤوا متفرِّقين، أو صَدَّقهم- بزنًى واحدٍ، ويَصفونه (¬1). فإن شهدوا في مجلسينِ فأكثرَ، أو امتنعَ بعضُهم، أو لم يكمِّلْها (¬2)، أو كانوا -أو بعضُهم- لا تُقبل شهادتُهم فيه؛ لعمًى، أو فسقٍ (¬3)، أو لكونِ أحدِهم زوجًا، حُدُّوا للقذفِ، كما لو بانَ مشهودٌ عليه مجبوبًا، أو رتقاءَ، لا زوجٌ لاعَنَ، أو كانوا مَسْتوري الحالِ، أو ماتَ أحدُهم قبلَ وَصْفِهِ، أو بانَتْ عذراءَ (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويصفونه)، ويجوز للشهود حينئذٍ النظرُ إليهما لإقامة الشهادة عليهما (¬5). * قوله: (لا زوجٌ لاعَنَ)؛ (أي: لا يُحد زوجٌ لَاعَنَ زوجتَه بعدَ شهادته عليها بالزنى. وتقدم). حاشية (¬6). ¬
لأن عَيَّنَ اثنانِ زاويةً من بيتٍ (¬1) صغيرٍ عُرفًا، واثنان أُخرى منه، أو قال اثنان: "في قميصٍ أبيضَ، أو قائمةً"، واثنان: "في أحمرَ، أو نائمةً" كمُلَتْ شهادتُهم (¬2). وإن كان البيت كبيرًا، أو عيَّن اثنان بيتًا، أو بلدًا، أو يومًا، واثنان آخر: فَقَذَفَةٌ (¬3)، ولو اتفقوا على أن الزنى واحد. وإن قال اثنان: "زنى بها مطاوِعَةً"، وقال اثنان: ". . . مكرَهَةً". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قولة: (فَقَذَفَةٌ) لشهادةِ اثنينِ منهم بزنًى غيرِ الذي شهدَ به الآخرانِ، فلم تكمُل الشهادة في واحد منهما، فيُحَدُّون (¬4) للقذف (¬5). ¬
لم تكمُل (¬1)، وعلى شاهِدَيِ المطاوعَةِ حدَّانِ، وشاهِدَيِ الإكراهِ واحدٌ: لقَذفِ الرجلِ وحدَه (¬2). وإن قال اثنان: "وهي بيضاءُ"، وقال اثنانِ غيرَهُ: لم تُقبل (¬3). وإن شهدَ أربعةٌ، فرجعوا، أو بعضهم قبل حَدٍّ -ولو بعدَ حُكْمٍ- حُدَّ الجميعُ (¬4). وبعدَ حَدٍّ: يُحَدَّ راجعٌ فقط. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لم تكمل)، مع أنه يحتمل أن تكون في أول الفعل (¬5) مكرهةً، وفي انتهائه (¬6) مطاوعةً. * قوله: (وعلى شاهديِ المطاوعةِ حَدَّانِ)؛ لقذف الرجل، ولقذف المرأة (¬7). * قوله: (وبعدَ حَدٍّ يُحَدُّ راجعٌ فقط)، أي: دول مَنْ لم يرجع؛ لأن إقامة ¬
إن وُرِثَ حَدُّ قذفٍ (¬1). وإن شهد أربعةً بزناهُ بفلانةَ، فشهدَ أربعةٌ آخرونَ: "أَنَّ الشهودَ هُمُ الزُّناةُ بها"، حُدَّ الأولونَ فقط؛ للقذفِ وللزنى (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ الحدِّ كحكم الحاكم، فلا يُنقض (¬3) برجوع الشهودِ أو بعضِهم، لكن يلزمُ مَنْ رجع حدُّ القذفِ (¬4). * قوله: (إن وُرِثَ حَدُّ قذفٍ)؛ بأن كان قد طولب به قبلَ موته (¬5). * قوله: (حُدَّ الأولونَ)؛ لأنهم شهدوا بزنى لم يثبت، فهم قَذَفَةٌ، فيحدون للقذف، وثبت عليهم الزنى بشهادة الآخرين، فيحدون للزنى أيضًا (¬6). * قوله: (للقذفِ وللزِّنى) انظر: هل مرادُه: حدان لهما؛ على قياس التي تقدمت في قوله: (وعلى شاهدَيِ المطاوِعَةِ حدانِ)، أو مراده: حدٌّ واحد؛ لأنه قذفٌ لهما بكلمة واحدة على ما يأتي؟ فليحرر (¬7). ¬
وإن حملَتْ مَنْ لا لها زوجٌ، ولا سيدٌ: لم تُحَدَّ بذلك، بمجَرَّدِهِ (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لم تُحَدَّ بذلك بمجرده)؛ لاحتمال أن تكون (¬2) قد وُطئت وهي نائمة؛ كواقعة عمر، أو تحملَت بماءٍ؛ كواقعة عليٍّ -رضي اللَّه عنهما- (¬3)، لكنها تُسأل، ولا يجب سؤالها؛ لما فيه من إشاعة الفاحشة المنهي عنه (¬4). * * * ¬
2 - باب القذف
2 - بابُ القَذْفِ وهو: الرميُ بزنًى، أو لواطٍ، أو شهادةٌ بأحدِهما، ولم تكمُلِ البينةُ (¬1). ومن قذفَ وهو مكلَّفٌ مختارٌ -ولو أخرسَ بإشارةٍ- مُحْصَنًا -ولو مجبوبًا-، أو ذاتَ مَحْرَمٍ، أو رَتْقاءَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ القذفِ (¬2) المناسب لسابقه ولاحِقهِ أن يقول: بابُ حدِّ القذفِ، وليناسب الترجمةَ الأصليةَ، وهي: كتاب الحدود، فلينظر ما السرُّ في المخالفة؟. * قوله: (ولم تكمُلِ البينةُ)، أو كملت، ورجعوا، أو بعضُهم؛ بدليل ما سبق (¬3). * قوله: (بإشارةٍ)؛ أي: مفهومه: لا بكتابة؛ كما تقدم في الضمان (¬4). ¬
حُدَّ حرٌّ ثمانين، وقِنٌّ -ولو عتق عقبَ قذفٍ- أربعين (¬1)، ومبعَّضٌ بحسابِه (¬2). ويجبُ بقذفٍ على وجه الغَيْرَةِ (¬3)، لا على أبوَيْنِ -وإن علوا- لولدٍ -وإنْ سَفُلَ- كقَوَدٍ. فلا يَرثُه عليهما، وإن وَرِثَهُ أخوهُ لأمِّهِ، وحُدَّ له. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (حُدَّ حرٌّ ثمانين) كان الظاهر: حُدَّ حُرًّا؛ ليكون في "حر" ضمير يربطه بالشرط، وقد يجاب بأنه يكفي العمومُ في الربط؛ كما (¬4) في "زيدٌ نِعْمَ الرجلُ"، أو أن "حرٌّ" خبر لمبتدأ (¬5) محذوف مع واو الحال؛ أي: "وهو حرٌّ"، والجملة في محل نصب على الحال، وكذا يقال في "قِنٌّ" و"مبعَّضٌ". * قوله: (الغَيْرَة) -بفتح الغين المعجمة-؛ أي: الحميَّة (¬6). ¬
لتبعُّضِهِ (¬1). والحقُّ في حَدِّه للآدميِّ: فلا يُقامُ بلا طلبه (¬2)، لكنْ لا يستوفيه بنفْسِهِ (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله] (¬4): (لتبعُّضِه)؛ أي: لأنه يتأتى فيه التبعيض، لكن في غير هذه الصورة. كذا قرره شيخنا، وفي الشرح (¬5) تصوير التبعيض بملكِ طلبِ بعضِ الورثة له، وأنه يُحد لمن طلبه كاملًا، مع عفو باقيهم، فتنبهْ له. * قوله: (لكن لا يستوفيه بنفسه) (¬6)، فإن فعل، لا يُعتد به، وعلله القاضي بأنه (¬7) يعتبر نية الإمام أنه حد (¬8). ¬
ويسقُط بعفوِه -ولو بعدَ طلبٍ- لا عن بعضِهِ (¬1). ومن قذفَ غيرَ محصَنٍ -ولو قِنَّهُ- عُزِّر (¬2). و"المحصَن" هنا: الحُرُّ، المسلمُ، العاقلُ، العفيفُ عن الزنى ظاهرًا -ولو تائبًا منه (¬3) -. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويسقط بعفوه)، وبإقامة بينةٍ بما قذفه به، ويتصديقه (¬4) له فيه، ولِعانِه إن كان زوجًا (¬5). * قوله: (لا عَنْ بعضِه)؛ كما لو كان المقذوف جماعة بكلمة واحدة، فعليه لجميعهم واحد (¬6)، ولكل واحدٍ منهم حقٌّ في طلبه لإقامته، فلو عفا (¬7) أحدُهم لم يسقط حقُّ الباقين (¬8). ¬
وملاعَنةٌ، وولدُها، وولدُ زِنًى، كغيرِهم (¬1). ويُشترط كونُ مثلِه يطأُ، أو يوطَأُ، لا بلوغُه (¬2). ولا يُحَدُّ قاذفُ غيرِ بالغٍ، حتى يبلُغَ، وكذا لو جُنَّ، أو أُغمي عليه، قبلَ طلبِه، وبعدَه يُقام (¬3). ومن قذفَ غائِبًا: لم يُحَدَّ حتى يثبُتَ طلبُه في غيبتِه بشرطِه (¬4)، أو يحضُرَ ويَطْلُبَ (¬5). ومن قال لمحصَنَةٍ: "زنيتِ وأنتِ صغيرةٌ"، فإن فسَّره بدونِ تسعٍ، أو قاله لذكَرٍ، وفسَّره بدونِ عشرٍ: عُزِّر (¬6). وإلَّا: حُدَّ (¬7). ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله] (¬8): (بشرطه)، وهو أن يكون. . . . . . ¬
وإن قال: "وأنتِ كافرةٌ، أو أَمَةٌ، أو مجنونةٌ"، ولم يثبُت كونُها كذلك: حُدَّ؛ كما لو قذفَ مجهولةَ النسبِ، وادَّعَى رِقَّها، فأنكَرتْهُ (¬1). وإن ثبتَ كونُها كذلك: لم يُحَدَّ (¬2)، ولو قالت: "أردتَ قَذْفي في الحال"، وأنكرها (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ محصَنًا بالِغًا (¬4)، فتدبر. * قوله: (وادَّعَى رِقَّها، فأنكرَتْه)؛ [أي] (¬5): فإنه يُحد؛ لأن الأصل الحرية (¬6) (¬7). * قوله: (ولو قالت) أي: في قوله: "زنيتِ وأنتِ صغيرةٌ". * قوله: (وأنكرها)؛ يعني: فلا تحد (¬8). ¬
ويُصَدَّق قاذفٌ: "أن قذفَه حالَ صِغَرِ مقذوفٍ". فإن أقاما بيِّنتين، وكانتا مطلقتين، أو مؤرَّختينِ تاريخينِ مختلفينِ: فهما قذفانِ، موجبُ أحدِهما: الحدُّ، والآخرِ: التعزيرُ (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويُصدَّق قاذفٌ أن قذفَه حالَ صغرِ مقذوفٍ)؛ أي: فيمن (¬2) لم يثبت فيه [حكم] (¬3)، وهو ما دون العشر (¬4) في الذكر، وما دون التسع في الأنثى (¬5). وبخطه: أي: دون العشر والتسع (¬6). أَمّا قولُه فيما سبق: (ولا يُحد قاذفٌ غيرُ بالغٍ حتى يبلغَ)، فالمراد بالغير البالغ فيها: ابنُ عشر فأكثر، أو بنتُ تسع فأكثر، فلا تَناقض. * [قوله] (¬7): (فإن (¬8) موجبَ أحدِهما الحدُّ)، وهو [الحد] (¬9) في الكبر (¬10). * قوله: (والآخرُ التعزيرُ)، وهو الحد (¬11) في الصغر (¬12). ¬
وإن أُرِّختا تاريخًا واحدًا، وقالَتْ إحداهما: "وهو صغير"، والأخرى: "وهو كبير"، تعارَضَتا، وسقَطَتا (¬1). وكذا: لو كان تاريخُ بيِّنةِ المقذوف، قبلَ تاريخِ بينةِ القاذفِ (¬2). ومن قالَ لابنِ عشرينَ: "زنيتَ من ثلاثينَ سنةً"، لم يُحَدَّ. ولا يسقُط بِرِدَّةِ مقذوفٍ بعدَ طلبٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (تعارضَتا، وسقطتا)؛ لأنه لا يمكن أن يكون كبيرًا صغيرًا في آن واحد (¬3). * قوله: (وكذا لو كان تاريخُ بينةِ المقذوفِ قبل تاريخ بينةِ القاذفِ)؛ بأن قالت بينةُ المقذوفِ: قَذَفَهُ وهو كبير في سنة عشرين، وقالت بينة القاذف: قذفه وهو صغير في سنة ثلاثين، فإنهما يتعارضتان، [ويتساقطان] (¬4)، ويرجع إلى الأصل، وهو براءةُ القاذف، فلا يُحد، فتدبرْ. * قوله: (ومن قال لابن عشرين: زنيتَ من ثلاثين سنة، لم يُحد). قيل: للعلم بكذبه (¬5)، وظاهره: ولو احتمل إرادة المبالغة؛ لأن الحدود تُدرأ بالشُّبهات. ¬
1 - فصل
أو زوالِ إحصانِه -ولو لم يُحكَمْ بوجوبِهِ- (¬1). * * * 1 - فصل ويحرُم إلا في موضعين: 1 - أحدُهما: أن يرى زوجته تزني في طُهْرٍ لم يَطَأْ فيه، فيعتزلها، ثم تَلِدُ ما يمكنُ كونُه من الزاني. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو زوالِ إحصانٍ) صادق بزوال العقل، وهو ظاهر، وزوالِ العفة، وهو أيضًا ظاهر (¬2)، وبزوال الحرية؛ كان التحق بدار الحرب، فأُسر ورقَّ، وهل هو كذلك (¬3)؟ فليحرر. * قوله: (ولو لم يحكم بوجوبه) (¬4)؛ لأن المعتبر في الحدود وقت وجوبها (¬5). فصلٌ (¬6) ¬
فيلزمُه قذفُها، ونفيُه (¬1). وكذا: إن وَطِئَها في طُهْرٍ زنتْ فيه، وقويَ في ظَنِّه: أن الولدَ من الزاني؛ لشبهه به، ونحوِه (¬2). 2 - الثاني: أن يراها تزني، ولم تَلِدْ ما يلزمُه نفيُه، أو يستفيضَ زناها، أو يُخبرَهُ به ثقةٌ، أو يرى معروفًا به عندها، فيُباحُ قذفُها به (¬3). وفراقُها أولى (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فيلزمه قذفُها ونفيُه)؛ لأن ذلك يجري مجرى اليقين في أن الولد من الزاني، وإذا لم ينفه، لَحِقَه، وورثَه، وورث أقاربَه، وورثوا منه، ونظر إلى بناته وأَخواته؛ وليس ذلك بجائز (¬5). * قوله: (ونحوِه)؛ ككون الزوج عقيمًا (¬6). * قوله: (أو يخبره (¬7) به ثقةٌ) (¬8)، ولو واحدًا، وإن كانت لا تُحد إلا بشهادة أربعٍ. ¬
2 - فصل
وإن أتتْ بولدٍ يخالفُ لونُه لونَهما: لم يُبَح نفيُه بذلك بلا قَرينةٍ (¬1). * * * 2 - فصل وصريحُه: "يا مَنيُوكَةُ" -إن لم يفسِّرهُ بفعلِ زوجٍ- "يا منيوكُ"، "يا زاني"، "يا عاهِرُ"؛ أو: "قد زنيتِ، أو زنَى فرجُكِ"، ونحوُه (¬2)؛ أو: "يا مَعْفُوجُ" (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بلا قرينةٍ)؛ كأن رأى عندها رجلًا يشبه الولدَ الذي أتت به (¬4). فصلٌ (¬5) * قوله: (يا عاهر) من العُهْر، وهو في الأصل: إتيانُ المرأةِ ليلًا للفجور [بها] (¬6)، ثم غلب على الزنى (¬7). * قوله: (أو: يا مَعْفُوجُ) أصله: الضربُ،. . . . . . ¬
أو: "يا لوطِيُّ" (¬1). فإن قال: "أردتُ: زانيَ العينِ، أو عاهرَ اليدِ (¬2)، أو أنكَ من قومِ لوطٍ (¬3)، أو تعمل عملَهم غيرَ إتيانِ الذكورِ"، لم يُقبل (¬4). و: "لستَ لأبيكَ، أو بولَدِ فلانٍ" قذفٌ لأمه (¬5)، إلا منفيًا بلعانٍ: لم يستلحقه ملاعِنٌ، ولم يفسرْهُ بزنى أُمِّه. وكذا: إن نفاهُ عن قبيلَتِهِ (¬6). ـــــــــــــــــــــــــــــ ثم استعمل في الوطء في الدبر (¬7). * قوله: (وكذا إن نفاه عن قبيلته) أي: فإنه قذف لأمه (¬8). ¬
و: "ما أنتَ ابن فلانةَ" ليس بقذفٍ مطلقًا (¬1). و: "لست بولدي" كنايةٌ في قذفِ أُمِّه (¬2). و: "أنتَ أزنى الناسِ، أو من فلانةَ"، أو قال له: "يا زانيةُ"، أو لها: "يا زان" صريحٌ في المخاطَب بذلك، كفتح التاءَ وكسرِها لهما في "زنيتِ" (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مطلقًا)؛ أي: سواء أراد قذفَه بذلك، أم لا؛ لأن الولدَ من أمه على كل حال (¬4). * [قوله] (¬5): (كناية (¬6) في قذف أمِّه)؛ أي: فله حكمُ الكنايات الآتية (¬7). ¬
وليس بقاذف لفلانَة (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولبس بقاذفٍ لفلانةَ)، مع أن الأصلَ في أفعلِ التفضيلِ: اقتضاءُ المشاركة في أصل الفعل، إلا أنه قد يُستعمل في المنفرد بالفعل؛ كقوله تعالى: {أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى} (¬2)، وقوله تعالى: {فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ} (¬3)، وقولهم: "العسلُ أحلى من الخَلِّ" (¬4)، وحمل على خلاف الأصل فيه؛ لدرء (¬5) الحد (¬6). ¬
ومن قال عن اثنين: "أحدُهما زانٍ"، فقال أحدُهما: "أنا؟ "، فقال: "لا"، فقذفٌ للآخَرِ (¬1). و: "زنأْتِ"، مهموزًا، صريحٌ (¬2)، ولو زاد: "في الجَبَل (¬3)، أو عُرْفِ العربية" (¬4). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
3 - فصل
3 - فصل (ب) وكنايتُه والتعريضُ: "زنَتْ يداكَ، أو رِجْلاكَ، أو يدُكَ، أو رِجْلُكَ، أو بَدَنُكَ" (¬1)، و: "يا خنيثُ" -بالنون-، و"يا نَظيفُ" "يا عَفيفُ" (¬2). و: "يا قَحْبَةُ"، "يا فاجِرَةُ"، "يا خَبيثَةُ" (¬3). ولزوجةِ شخصٍ: "قد فضحْتِهِ، وغَطَّيْتِ -أو نَكَّسْتِ- رأسَهُ، وجعلتِ له قُرونًا، وعلَّقْتِ عليه أولادًا من غيرِه، وأفسدْتِ فِراشَهُ" (¬4). ولعربيٍّ: "يا نَبَطِيُّ"، "يا فارِسِيُّ"، "يا روِميُّ" (¬5)؛ ولأحدِهم: "يا عربيُّ" (¬6). ولمن يُخاصِمُهُ: "يا حلالُ ابنَ الحلالِ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصلٌ (¬7) * قوله: (ولمن يخاصمه: يا حلالُ ابن (¬8) الحلالِ. . . إلخ)؛ لأن مقام ¬
ما يعرفُكَ الناسُ بالزنى، أو: ما أنا بزانٍ، أو: ما أُمِّي بزانيةٍ" (¬1). أو يسمعُ مَنْ يقذِفُ شخصًا، فيقول: "صدقْتَ" (¬2)، أو: "صدقْتَ فيما قلتَ" (¬3). أو: "أخبرني -أو أَشْهدَني- فلانٌ: أنك زَنيتَ"، وكَذَّبه فلانٌ (¬4). فإن فَسَّرَه بمحتملٍ غيرَ قذفٍ: قُبِلَ، وعُزّر (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المخاصمة يستدعي أن يكون المرادُ: يا حلالُ يا ابنَ الحلال (¬6)، ادعاءً. وبخطه: لأن مقام المخاصمة يستدعي أن يكون المعنى على الاستفهام التقريري؛ أي: أما يعرفك الناس؟ [إلخ] (¬7). * قوله: (أو: ما أُمِّي بزانيةٍ)؛ أي: وإنما الزانيةُ أُمُّك. * قوله: (قُبِلَ)؛ أي: بيمينه على ما في الإقناع (¬8). * قوله: (وعُزِّرَ)؛ (لارتكابه معصيةً. . . . . . ¬
كقوله: "يا كافِرُ"، "يا فاسِقُ"، "يا فاجِرُ"، "يا حمارُ"، "يا تَيْسُ"، "يا رافِضِيُّ"، "يا خبيثَ البطنِ، أو الفَرْج"، "يا عدوَّ اللَّهِ"، "يا ظالمُ"، "يا كذَّابُ"، "يا خائنُ"، "يا شاربَ الخمرِ"، "يا مُخَنَّثُ"، "يا قَرْنانِ"، "يا قَوَّادُ" (¬1). ونحُوهما: "يا ديُّوثُ"، "يا كَشْحانُ"، "يا قَرْطَبانُ" (¬2)، "يا عِلْقُ" (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا حدَّ فيها ولا كفارةَ). شرح (¬4). * قوله: (يا قَوَّاد) القوادُ عند العامة: السمسارُ في الزنى (¬5). * [قوله] (¬6) (يا ديوثُ): الديوثُ هو: يرى زوجته تزني، ويُقِرُّها (¬7) عليه، ولا يفارقها (¬8)، وهذا المعنى [هو] (¬9) المراد من كلٍّ من: ¬
و"مَأْبونٌ" كـ "مُخَنَّثٍ" عُرْفًا (¬1). وإن قَذَفَ أهلَ بلدةٍ، أو جماعةً لا يُتصوَّرُ الزنى منهم عادةً، أو اختلفا، فقال أحدُهما: "الكاذبُ ابنُ الزانيةِ"، عُزِّرَ، ولا حدَّ؛ كقوله: "من رماني، فهو ابنُ الزانيةِ" (¬2). ومن قال لمكلَّفٍ أو غيرِه: "اقْذِفْني"، فقذَفَه، لم يُحَدَّ؛ لأنه حَقٌّ له: وعُزِّرَ (¬3). ومن قال لامرأتِه: "يا زانيةُ"، قالت: "بكَ زَنَيْتُ"، سقط. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كَشْحان (¬4)، وقَرْطَبان، إلا أن إبراهيم الحربي قال: لم أرهما في كلام العرب (¬5). * قوله (¬6): (سقط)، وكذا الشفعة (¬7)، وخيار الشرط (¬8). ¬
حقُّها بتصديقها، ولم تقِذْفه (¬1). ويُحَدَّان في: "زنى بكِ فلانٌ"، قالت: "بل أنتَ زنى بكَ" (¬2)؛ أو: "يا زانيةُ"، قالت: "بل أنتَ زانٍ" (¬3). وليس لولدِ مُحْصَنٍ قُذِفَ مُطالبةٌ؛ ما دام حيًّا (¬4). فإن ماتَ -ولم يطالبْ به-: سقط (¬5)، وإلا: فلا (¬6)، وهو لجميعِ الورَثةِ (¬7)، فلو عفا بعضُهم حُدَّ للباقي كاملًا (¬8). ومن قذفَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (حُدَّ للباقي)، وهذا معنى كونه يتبعَّض -كما ذكره الشارح فيما سبق-. ¬
مَيْتًا -ولو غيَر محَصنٍ- حُدَّ بطلبِ وارثٍ محصَنٍ خاصَّةً (¬1). ومن قذف نبيًا، أو أُمَّهُ: كفرَ، وقُتِل، حتى ولو تابَ، أو كانَ كافرًا فأسلمَ (¬2). لا: إن سبَّه، ثم أسلمَ (¬3). ولا يكفُرُ من قذفَ أباهُ إلى آدمَ (¬4). ومن قذف جماعةً -يتُصوَّرُ زناهم عادةً- بكلمةٍ، فطالبوا، أو أحدُهم، فحَدٌّ (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ميتًا)؛ [أي] (¬6): قذفه (¬7) بعد موته (¬8). * [قوله] (¬9): (خاصة)؛ لأن الحقَّ للوارث؛ لأنه الذي هو يلحقه ¬
وبكلماتٍ: فلكلِّ واحدٍ حَدٌّ (¬1). ومن حُدَّ لقذفٍ، ثم أعادَه (¬2) أو بعدَ لِعانِهِ: عُزِّرَ، ولا لعانَ (¬3). وبزنًى آخَرَ: حُدَّ مع طولِ الزمنِ؛ وإلا: فلا (¬4). ومن قَذَفَ مُقِرًا بزنًى -ولو دونَ أربعٍ- عُزِّر (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ العار (¬6)، فاعتُبر إحصانُه، فلا اعتراض بأن الميت لو كان حيًا غير محصن لا يُحد قاذفُه (¬7) (¬8)، فتدبر. * * * ¬
3 - باب حد المسكر
3 - بابُ حدِّ المُسْكِرِ كل مسكرٍ خمرٌ: يحُرم شربُ قليلهِ وكثيِره مطلقًا، ولو لعطشٍ (¬1)؛ بخلاف ماءٍ نجسٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ حَدِّ (¬2) المُسْكِر أي: تناولِه، والإضافةُ لأدنى ملابَسَة، وهذا قد أشار إليه الشارح (¬3). * قوله: (مطلقًا)؛ أي: سواء كان من العنب، أو الشعير، أو غيرهما (¬4). * قوله: (بخلاف ماءٍ نجس)؛ لما فيه (¬5) من البرد والرطوبة؛ بخلاف المسكِر (¬6). ¬
إلا لدفع لقمةٍ غُصَّ بها، ولم يجد غيرَه، وخافَ تلفًا. ويقدَّم عليه بولٌ، وعليهما ماءٌ نجسٌ (¬1). فإذا شَرِبَه، أو ما خُلط به -ولم يُستهلَكْ فيه-، أو استَعَطَ أو احتَقَنَ به، أو أكلَ عجينًا لُتَّ به -مسلمٌ مكلَّفٌ، عالمًا أن كثيرَه يُسْكِرِ، ويُصدَّقُ إن قال: "لم أعلم"، مختارًا- لحلّه لمكرَهٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويقدَّم عليه بولٌ)؛ لأنه لا حدَّ فيه؛ بخلاف المسكِر (¬2). * قوله: (وعليهما ماءٌ نجسٌ)؛ نظرًا لإباحة أصله (¬3)، وطهارته؛ بخلاف البول (¬4). * قوله: (مسلمٌ) فاعل "شربَ". * قوله: (لحلِّهِ لمكْرَه) بِوَعِيدِ (¬5)، أو ضرب، أو غيره (¬6) ¬
وصبرُهُ على الأذى أفضلُ (¬1) -أو وُجِد سكرانَ، أو تقايَأَها: حُدَّ (¬2) حُرُّ ثمانين (¬3)، ورقيقٌ أربعين (¬4) -، ولو ادَّعى جهلَ وجوبِ الحَدِّ (¬5). ويُعزَّرُ مَنْ وُجِدَ منه رائحتُها (¬6)، أو حَضَر شُربَها (¬7). لا شاربٌ جهلَ التحريمَ. ولا تُقبلُ دعوى الجهلِ ممن نشأَ بين المسلمين (¬8). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وصبرُه على الأذى أفضلُ)؛ [أي] (¬9) من شربها مكرهًا، وكذا كلُّ (¬10) ما جاز للمكره. ذكره القاضي (¬11). * قوله: (ولو ادَّعَى جهلَ وجوبِ الحدِّ)؛ لأنه يكفي العلمُ بالتحريم؛ كما ¬
ولا حَدَّ على كافرٍ لشربٍ (¬1). ويثبُت بإقرارٍ مرةً -كقذف (¬2) - أو شهادةِ عَدْلَيْن، ولو لم يقولا: "مختارًا، عالمًا تحريمَه" (¬3). ويحُرمُ عصيرٌ غَلَى (¬4)، أو أتَى عليه ثلاثةُ أيام بلياليهن (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ تقدم في الزنى (¬6). * قوله: (ويحرُمُ عصيرٌ غَلَى) (كغليان (¬7) القِدْرِ؛ بأن قذف بِزَبَدِه (¬8)، ولا فرقَ بينَ كونِ] (¬9) [العصيرِ] (¬10) من عنبٍ، أو قصبٍ، أو رمانٍ، أو غير ذلك، وظاهره: ¬
وإن طُبخ قبلَ تحريمٍ، حَلَّ؛ إن ذهبَ ثُلُثاهُ (¬1). ووضعُ زبيبٍ في خَرْدَلٍ، كعصير، وإن صُبَّ عليه خَلٌّ؛ أُكِلَ (¬2). ويُكرهُ الخَليطانِ؛ كنَبْذِ تمرٍ مع زبيبٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولو لم يسكر؛ لأن علةَ التحريم الشدةُ الحادثةُ فيه، وهي توجد بوجود الغليان، فإن غَلَى، حَرُم؛ لوجود علته) شرح (¬3). * قوله: (وإن طُبخ قبل تحريم، حلَّ إن ذهبَ ثُلُثاه)، وقال الموفق (¬4) والشارح (¬5) وغيرُهما: (الاعتبار في حلِّه بعدم الإسكار، سواء ذهب بطبخه ثلثاه، أو أقلُّ، أو أكثرُ). انتهى. وهو أظهر. * قوله: (كعصيرٍ)؛ أي: قبل (¬6) إن غَلَى، أو أتى عليه ثلاثة أيام بلياليهن. * قوله: (وإن صُبَّ عليه خلٌّ، أُكِلَ)؛ أي: قبل الغليان، أو مضي ثلاثة ¬
وكذا مُذَنِّبٌ وحدَه (¬1). لا وضْعُ تمرٍ أو زبيبٍ أو نحوِهما في ماء؛ لتحليتِه، ما لم يَشْتَدَّ، أو تَتِمَّ له ثلاثٌ (¬2)، ولا فُقَّاعٌ (¬3)، ولا انتباذٌ في "دبَّاء" و"حنْتَمٍ". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأيام (¬4)، ولو مضى عليه بعد ذلك ثلاثةُ أيام أو أكثرُ (¬5). * قوله: (ولا انتباذٌ (¬6) في دُبَّاءَ)؛ أي: القَرْعَةِ (¬7). * قوله: (وحَنْتَمٍ) (¬8) الجرةُ الخضراء (¬9). ¬
و"نَقِيرٍ"، و"مُزَفَّتٍ" (¬1). وإن غَلى عنبٌ -وهو عنبٌ- فلا بأسَ به (¬2). ومن تَشَبَّه بالشُّرَّابِ في مجلسِه وآنِيَتِه، وحاضَرَ مَن حاضَرَهُ بمحَاضِرِ الشُّرَّاب: حَرُمَ، وعُزِّرَ. قاله في "الرِّعاية" (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ونقيرٍ)؛ أي: ما نُقر من أصل النخل (¬4). * قوله: (ومُزَفَّتٍ) مدهونٍ بالزفتِ (¬5)، وكذا مدهونٌ بالقار (¬6). * قوله: (ومن تشبَّهَ بالشُّرَّاب في مجلسه، وآنيته، [وحاضَرَ مَنْ حاضره. . . إلخ) كأن المراد من هذه العبارة: أن من تشبه بالشُرَّابِ في مجلسه وآنيته] (¬7) وجمع في ذلك المجلس مَنْ عُرف بحضور محاضر الشراب، حَرُم عليه ذلك التشبُّه والجمع، وعُزر، وعليه: فالواو باقية على معناها، وليست بمعنى "أو"، فليراجَع كلامُ من تعرض لشرح عبارة الرعاية هذه. ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويحتمل أن تكون "الواو" بمعنى "أو"، ويكون المراد من المعطوف: أنه حاضر من حاضره؛ لكن بمجلس (¬1) الشرَّاب، أما من حاضرَ مَنْ تعاطى الشراب، لكن في غير مجلس التعاطي (¬2)، فإنه لا يحرُم عليه (¬3) ذلك؛ لأنه قلَّ أن يسلمَ الإنسانُ من مجالسةِ مَنْ سبق له الشربُ (¬4). فليحرر. وفي شرحِ شيخنا للإقناع ما نصه: * تتمة: (يحرم التشبهُ بشرَّاب الخمر، ويعزَّرُ فاعلُه، وإن كان المشروبُ مباحًا في نفسه، فلو اجتمع جماعةٌ، ورتَّبوا مجلسًا، وأحضروا آلاتِ الشراب، وأقداحَه، وصبوا فيها السكنجبين، ونصبوا ساقيًا يدور عليهم، فيأخذون من الساقي، ويشربون، ويجيء (¬5) بعضُهم بعضًا بكلماتهم المعتادة بينهم، حَرُم ذلك، وإن كان المشروبُ مباحًا في نفسه؛ لأن في ذلك تشبهًا بأهل الفساد. قاله الغزالي (¬6) في ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الإحياء في كتاب السماع). انتهى (¬1). ثم قال: (ومعناه: قولُ الرعاية). . . إلخ (¬2) * * * ¬
4 - باب التعزير
4 - بابُ التَّعْزِيرِ وهو: التأديبُ (¬1). ويجبُ في كلِّ معصيةٍ لا حَدَّ فيها، ولا كَفَّارةَ؛ كمباشرةِ أجنبيةٍ دونَ فَرْجٍ، وامرأةٍ لامرأةٍ، وسرقةٍ لا قطعَ فيها، وجنايةٍ لا قَوَدَ فيها، وقذفِ غيرِ ولدٍ بغيرِ زنًا (¬2)، ولَعْنَةٍ، وليسَ لمن لُعِنَ ردُّها (¬3). وكدُعاءٍ عليه، وشتمِه بغيرِ فِرْيَةٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب التَّعْزير * قوله: (لا قَطْعَ فيها)؛ كَمِنْ غيرِ حرزٍ، أو دون نصابٍ (¬4). * قوله: (وشتمه بغير فرية)؛ أي: بغير قذف (¬5)؛ إذ الفريةُ تطلق على القذف، ومنه قول علي -رضي اللَّه عنه-: (إذا سكر، هَذَى (¬6)، وإذا هذى، افترى، وإذا ¬
وكذا: "اللَّهُ أكبرُ عليك"، ونحوُ ذلك (¬1). قال بعضُ الأصحاب: "إلَّا إذا شتَمَ نفسَه، أو سبَّها" (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ افترى، لزمه ثمانون) (¬3). * قوله: (قال بعض الأصحاب)؛ أي: القاضي ومَنْ معه (¬4). * قوله: (إلا إذا شتم نفسَه، أو سَبَّها) لعله ما لم يتضمن سبَّ (¬5) أحدِ أبويه. ¬
ولا يُحتاج إلى مطالَبةٍ، فيُعزَّرُ مَن سَبَّ صاحبيًّا، ولو كان له وارثٌ ولم يطالِبْ (¬1). ويُعَزَّرُ -بعشرينَ سَوْطًا- بشربِ مسكرٍ في نهارِ رمضانَ، مع الحَدِّ (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا يحتاج إلى مطالبة) (¬3)؛ أي: الأصلُ في ذلك، فلا ينافي ما في كلام بعضهم -وهو القاضي في الأحكام السلطانية- من أنه يفتقر إلى مطالبة فيما إذا سب الولد أباه، ولا يعزر بغير طلب أبيه، على ما في الإقناع (¬4). * قوله: (ويُعزر بعشرين سوطًا بشربِ مُسكِرٍ في نهارِ رمضانَ مع الحَدِّ) ظاهرُ المتن: أنه لو أفطر في نهار رمضان، بغير مسكر، أن تعزيره لا يتقيَّدُ بعشرين سوطًا، لكنَّ قولَ شيخِنا في شرحِه (¬5) نقلًا عن عليٍّ: أنه أُتي بالنجاشي، وقد (¬6) شربَ خمرًا في [نهار] (¬7) رمضان (¬8)، فجلده ثمانين الحد، وعشرين سوطًا؛ ¬
ومَن وَطِئَ أَمَةَ امرأتِه، حُدَّ: ما لم تكن أَحَلَّتْها له (¬1). فَيُجْلَدُ مِئةً -إن عَلِم التحريمَ- فيهما (¬2). وإن وَلَدَت: لم يَلْحَقْه نسبُه (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ لفطره في رمضان: أن تعزير الفطر (¬4) في رمضان مقيدٌ بعشرين، ولو كان الفطرُ بغير المسكر، إلا أن يُحمل قولُ الراوي: "لفطره"؛ أي: لما تعاطاه، وهو الخمر. فليحرر. * قوله: (فيجلَدُ مئة) تعزيرًا لا حدًّا؛ بدليل قول المصنف فيما يأتي: "ولا يسقط حدٌّ بإباحةٍ في غير هذا الموضع". * قوله: (إن علم التحريم فيهما)؛ (أي: مسألة شرب المسكر في نهار رمضان، ومسألة وطء أَمَةِ امرأته (¬5) التي أحلَّتها له) شرح (¬6). * قوله: (وإن ولدت، لم يلحَقْه نسبُه) ظاهره: في كلٍّ من حالتي علمِ التحريمِ وعدمهِ. ¬
ولا يسقطُ حَدٌّ بإباحةٍ في غيِر هذا الموضعِ (¬1). ومن وَطِئَ أَمَةً -له فيها شِركٌ-، عزر بمئةٍ إلا سوطًا (¬2)، وله نَقْصُه (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الشارح: (لأنه لا ملك، ولا شبهة) (¬4). * قوله: (وله نقصُه)؛ (أي: لمن يقيم التعزيرَ نقصُه عما ذُكر؛ لأن أقلَّه ليس مقدَّرًا، فيرجع فيه إلى اجتهاد الحاكم، وكما يكون بالضرب، يكون بالحبس، والصفع، والتوبيخ، والعزل عن الولاية. قال الشيخ تقي الدين: وقد يكون التعزير بالنيل من عرضه؛ مثل أن يقال [له] (¬5): يا ظالمُ، يا معتدي، وبإقامته من المجلس. ويجوز التعزير أيضًا بصلبه حيًا. ولا يمنع من أكل ووضوء، ويصلي بالإيماء، ولا يُعيد. وفي الفنون (¬6). للسلطان سلوكُ [السياسة، وهو الحزمُ عندنا. ولا تقفُ] (¬7) السياسةُ على ما نطقَ به الشرعُ). حاشية (¬8). ¬
ولا يُزادُ في جَلْدٍ على عَشْرٍ، في غيرِ ما تقدَّم (¬1). ويحرُمُ تعزيزٌ بحَلْقِ لحيةٍ، وقطعِ طرَفٍ، وجَرْحٍ (¬2)، وأخذِ مالٍ، أو إتلافِه (¬3) , لا بتسويدِ وَجْهٍ (¬4)، ولا بأَنْ يُنادى عليه بَذنْبِه، ويُطافَ به مع ضربِه. ومن قال لذمِّيًّ: "يا حاجُّ"، أو لَعَنَه بغيرِ موجِبٍ: أُدِّب (¬5). ومن عُرِفَ بأذى الناسِ -حتى بعينه- حُبس حتى يموت. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (في غير ما تقدَّم)؛ أي: من المسائل (¬6) الثلاث (¬7). * قوله: (ومن قال لذميٍّ: يا حاجُّ. . . إلخ) وتأديبُه في هذا لا لاحتقاره، ¬
أو يتوبَ (¬1). المنقِّحُ: "لا يبعُدُ أن يُقتلَ العِائنُ: إذا كانَ يَقْتُل بعينِه غالبًا، وأما ما أتلفَه، فيغْرَمُهُ" انتهى (¬2). ومن استَمنَى -من رجلٍ أو أمرأة- لغيرِ حاجةٍ، حَرُمَ، وعُزَّرَ (¬3). وإن فعَله خوفًا من الزنى: فلا شيءَ عليه (¬4). فلا يُباحُ إلا إذا لم يَقدِر على نكاحٍ -ولو لأَمَةٍ- (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ بل لتعظيمه؛ حيث شبه من يقصد كنائسهم بقصَّاد بيتِ اللَّه الحرام، وتسميته حاجًّا (¬6). * قوله: (وإن فعله خوفًا من الزنى، فلا شيء عليه)، وأدخل فيه ابنُ نصر اللَّه اللواطَ، يعني: فإذا استمنى بيده خوفَ اللواط، فلا شيء عليه، وكذا أدخل فيه ¬
ولو اضطُرَّ إلى جماعٍ، وليس مَنْ يباح وَطْؤُها، حَرُمَ الوَطْءُ (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ خوف وطء البهيمة (¬2). * قوله: (حرم الوطء) ولو لبهيمة. * * * ¬
5 - باب القطع في السرقة
5 - بابُ القَطْعِ في السَّرِقَةِ وشروطُه ثمانيةٌ: 1 - أحدُها: السَّرِقَةُ، وهي: أخذُ مالٍ محترَمٍ لغيرِه، على وجهِ الاختفاءِ، من مالكِه أو نائِبِه (¬1). فيُقْطَعُ الطَّرَّارُ، وهو: مَنْ يَبُطُّ جَيْبًا، أو كُمًّا، أو غيرَهما، ويأخُذُ منه (¬2) -أو بعدَ سقوطِهِ-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ القَطْعِ في السَّرِقَةِ لم يقل: حد السرقة؛ كما في نظائره؛ لأن حدَّها يتضمن القطعَ، والغرم (¬3)، فلو عبر به، ثم قال: "وشروطه ثمانية"، لأوهم أن المذكورات شروط (¬4) لكل من القطع والغرم (¬5)، وليس كذلك كما يأتي. * قوله: (أو بعدَ سقوطِه)؛ لقرب ما بين مدةِ السقوط والتناول؛ كما يؤخذ ¬
نِصابًا (¬1). وكذا جاحدُ عارِيَّةٍ قيمتُها نِصابٌ (¬2)، لا وَدِيعةٍ، ولا مُنتهِبٌ، ومُخْتَلِسٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك من كلامه في آخر الرابع (¬3). * قوله: (وكذا (¬4) جاحدُ عارِيَّةٍ)، هل يعتبر في ذلك التكرار؛ كما يؤخذ من حديث المرأة التي كانت تجحد العواريَّ (¬5) الذي مستند الإمام في هذا الحكم؟ (¬6). ¬
وغاصِبٌ، وخائِنٌ (¬1). 2 - الثاني: كونُ سارقٍ مكلَّفًا، مختارًا، عالمًا بمسروقٍ، وبتحريمِه (¬2). فلا قطعَ على صغيرٍ، ومجنونٍ، ومُكرَهٍ (¬3) , ولا بسرقةِ مِنديلٍ بطرَفِه نِصابٌ مشدودٌ لم يَعلَمْه (¬4)، ولا بجَوْهَرٍ يَظنُّ قيمتَه دونَ نصابٍ، ولا على جاهلِ تحريم (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا بسرقَةِ مِنديلٍ)؛ أي: قيمته دون نصاب (¬6). * قوله: (ولا على جاهلِ تحريمٍ) (ولا تقبل دعوى الجهل ممن نشأ بالقرى (¬7) بين المسلمين) حاشية (¬8). وتقدم نظيره في حَدِّ المسكِر (¬9). ¬
3 - الثالثُ: كونُ مسروقٍ مالًا محترَمًا (¬1) ولو من غَلَّةِ وَقْفٍ، وليس من مُستَحِقِّيه. . . (¬2). لا من سارقٍ أو غاصبٍ ما سرَقَهُ أو غَصَبَه (¬3). وثمينٌ؛ كجوهرٍ، وما يُسرعُ فسادُه؛ كفاكهةٍ، وما أصلُه الإباحةُ؛ كمِلح. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وليس من مستحقِّيه) عُلم من قوله، "وليس من مستحقيه": أن المراد: وقف على معين (¬4) (¬5). * قوله: (أو غاصبٍ ما سرقَهُ أو غصبَه) [وكذا إذا سرقَ غيرَ ما سرقَه أو غصبَه] (¬6)؛ لكن من الحرز الذي فيه المسروقُ أو المغصوبُ -على ما يأتي في السادس- (¬7). * قوله: (وما أصلُه الاباحةُ؛ كملح) انظر: [ما] (¬8) الفرقُ بين الملح والماء، ¬
وترابٍ، وحجرٍ، ولبنٍ، وكَلأ، وثلج، وصيدٍ، كغيرِه (¬1)، سوى ماءٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مع قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الناسُ شركاءُ في ثلاثٍ"، وذكر منها الماءَ والملَح (¬2)؟ وقد جعل الشارحُ كونَ الماء لا يتمَوَّلُ عادةً فرقًا (¬3). * قوله: (وتراب) أرمني (¬4)، أو يُتداوى أو يُغسل أو يُصبغ به (¬5). * قوله: (كغيره) خبر (¬6) ["ثمين"] (¬7). * قوله: (سوى ماء) لأصل الإباحة (¬8). ¬
وسِرْجينٍ نجسٍ (¬1). ويُقطع بسرقةِ إناءِ نَقْدٍ، ودنانيرَ أو دراهمَ فيها تماثيلُ (¬2)، وكُتبِ عِلْمٍ (¬3). وقِنٍّ نائمٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وسرجين نجس) (¬4) لأنه لا يتمول عادة (¬5). * قوله: (ويقطع بسرقة إناء نقد) أي قيمته [نصاب] (¬6) (¬7). * قوله: (أو دراهم فيها تماثيل) مقتضى صنيع الإقناع أن قوله: "فيها" راجع للدراهم والدنانير فقط، ويكون الجمع باعتبار أفراد النوعين (¬8)، وليس راجعًا للإناء أيضًا كما يؤخذ من حل (¬9) الشارح (¬10) حيث قدر العامل، ولو قال: "فيهما" بالتثنية لكان أظهر، فتدبر. ¬
أو أعجميٍّ -ولو كبيرًا-، وصغيرٍ، ومجنونٍ (¬1). لا مكاتَبٍ (¬2) وأمِّ وَلَدٍ (¬3)، ولا حُرٍّ -ولو صغيرًا- (¬4)، ولا مُصْحفٍ (¬5)، ولا بما عليهما: من حُلِيٍّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو أعجمي)؛ [أي] (¬6): ولو مستيقظًا؛ كما يدل عليه كلام الإقناع، وعبارته: (فإن كان -أي: العبد- كبيرًا، لم يقطع سارقُه (¬7) إلا أن يكون نائمًا، [أو مجنونًا] (¬8)، أو أعجميًا لا يميز بين سيده وغيره في الطاعة). انتهى (¬9). قال شيخنا عقبه: (فيقطع بسرقته؛ لأنه في معنى الصغير). انتهى (¬10). * قوله: (ولا بما عليهما)؛ أي: الحر، والمصحف (¬11) (¬12). ¬
ونحوِه (¬1)، ولا بكتُبِ بِدَعٍ وتصاويرَ (¬2)، ولا بآلةِ لهوٍ (¬3)، ولا بصليبٍ، أو صنمِ نَقْدٍ (¬4)، ولا بآنيةٍ فيها خمرٌ، أو ماءٌ (¬5). 4 - الرابعُ: كونُه نِصَابًا (¬6)، وهو: ثلاثةُ دراهمَ -خالصةٍ، أو [تَخْلصُ من] (¬7) مغشوشة-، أو ربعُ دينارٍ (¬8)، ولو لم يُضرَبا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وتصاوير) ظاهره: ولو كانت من ذهب أو فضة، وينظر الفرقُ بينهما وبينَ الدراهم والدنانير التي فيها تماثيل؛ فإن الصورة محرمةٌ فيهما. ثم رأيت الشارح قَدَّر (¬9): وكتب تصاوير، وعليه: فلا إشكال (¬10)، فتدبر. نعم ¬
ويُكمَّلُ أحدُهما بالآخرِ (¬1)، أو ما يَبلُغُ قيمةَ أحدِهما: من غيرهِما (¬2). وتُعتَبر القيمةُ حالَ إخراجِه من الحِرْز. فلو نقَصتْ بعدَ إخراجِه؛ قُطع، لا إن أتلفه فيه بأكلٍ أو غيره. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُشكل بالصليب والصنمِ من نقد؛ لأن المحرمَ الصناعةُ، وعلله الشارح بأنه تابعٌ للصناعة المحرمة (¬3)، فتدبر. * قوله: (من غيرهما) بيان لـ: "ما" (¬4)، وعلم منه: أنه لو سرق أقلَّ من ربع دينار في زمان أو مكان يساوي فيه المسروقُ ثلاثةَ دراهمَ أو أكثرَ: أنه [لا يُقطع] (¬5)؛ لأنه لم يسرقْ ربعَ دينار، ولا (¬6) ثلاثةَ دراهمَ (¬7)، ولا ما يساوي أحدَهما من غيرِهما، ¬
أو نقَصَه بذبحٍ أو غيره، ثم أخرجَه (¬1). وإن مَلَكَه سارقٌ -ببيعٍ أو هبةٍ، أو غيرِهما- لم يسقُطِ القطعُ (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ بل منهما، فليحرر. * قوله: (لم يسقطِ القطعُ)؛ أي: بعد الترافُع إلى الحاكم، لا قبله؛ لتعذر شرط القطع، وهو الطلبُ، وليس للمسروق منه العفُو عن السارق نصًا (¬3). ¬
وإن سَرق فَرْدَ خُفٍّ -قيمةُ كلٍّ منفردًا: درهمان، ومعًا: عشرةٌ-: لم يُقطع (¬1)، وعليه ثمانيةٌ: قيمةُ المتلَفِ، ونقصُ التفرقةِ (¬2)، وكذا جزءٌ من كتاب (¬3). ويَضمنُ ما في وثيقةٍ أتلفها: إن تعذَّر (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومعًا عشرةٌ)؛ أي: وقيمتُها (¬5) معًا عشرةٌ، لا أن (¬6) المرادَ قيمةُ ما سرقه (¬7) عشرةٌ إذا كان مع الفرد الآخر، وإن الثمانية نقص التفريق (¬8)، لمخالفته بقية كلامه، وقوله: (وعليه ثمانيةٌ قيمةُ المتلَف، ونقصُ التفرقة) وجهه: أنه لما أتلف أحدَهما، وكانا يساويان عشرةً، صار الباقي يساوي وحدَه درهمين، فقد فَوَّتَ بإتلاف أحدِهما ثمانيةً، منها اثنان قيمة المتلَف، وستة نقص التفرقة؛ كما ذكر (¬9). * قوله: (إن تعذَّر)؛ أي: ما فيها؛ أي: استخلاصُه (¬10)، فما في الشرح بيانٌ ¬
وإن اشترك جماعةٌ في نِصاب: قُطعوا، حتى من لم يُخْرِج نصابًا (¬1). ولو لم يُقطع بعضهُم -لشُبهة، أو غيرها- قُطع الباقي (¬2). ويُقطعُ سارقُ نِصابٍ لجماعةٍ (¬3). وإن هتك اثنانِ حرْزًا، ودخلاه، فأخرَج أحدُهما المالَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لحاصل المعنى (¬4). * قوله: (أو غيرها)؛ (كأن (¬5) كان شريكًا لأبِ (¬6) ربِّ المالِ، أو عبدًا له، أو غَيْرَ مكلَّف) شرح (¬7). * قوله: (قُطِعَ الباقي) (إن كان ما أخذه نصابًا، وقيل: أو أقل) مبدع (¬8). * قوله: (وإن هتك اثنان حرزًا) هذا الكلام إلى آخر الرابع كان ¬
أو دخلَ أحدُهما، فقرَّبَهُ من النَّقْب، وأدخلَ الآخَرُ يدَه فأخرجَه (¬1)، أو وضعَه وسطَ النَّقْب، فأخَذه الخارِجُ: قُطِعا (¬2). وإن رماهُ إلى الخارج، أو ناوَلَه، فأخذَهُ أَوْ لَا، أوْ أعادهُ فيه أحدُهما: قُطع الداخلُ وحدَه (¬3). وإن هتكه أحدُهما، ودخل الآخَرُ، فأخرَجَ المالَ: فلا قَطْعَ عليهما (¬4)، ولو تواطَأَا (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ الأولى تأخيرُه، وذكرُه فيما يتعلق بالشرطِ الخامس؛ كما هو ظاهر (¬6)، فتدبر. * قوله: (ولو تواطأا)؛ لأن الحكم منوط بالفعل، لا بالقصد، ولا يؤاخذ (¬7) أحدُهما (¬8) بفعل الآخر، ولم يوجد من واحد منهما فعلُ ما يوجب القطعَ. هذا ¬
ومن نَقَبَ ودخلَ، فابتَلَعَ جواهرَ، أو ذهبًا، وخرَج به (¬1)، أو ترَك المتاع على بهيمةٍ، فخرجتْ به، أو في ماءٍ جارٍ، أو أمَر غيرَ مكلَّفٍ بإخراجه، فأخرجه (¬2)، أو على جدارٍ، فأخرجَتْه ريحٌ، أو رمَى به خارجًا، أو جذَبه بشيءٍ، أو اسْتتبعَ سَخْلَ شاةٍ (¬3)، أو تطيَّب فيه، ولو اجتَمع بَلَغ نصابًا (¬4)، أو هتَك الحِرْزَ، وأَخَذ المالَ وقتًا آخرَ (¬5)، أو أخَذَ بعضَه، ثم أخَذَ بقيتَه، وقَرُبَ ما بينهما (¬6). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حاصل كلامهم (¬7)، وفيه نظر؛ لأنه مع التواطُؤِ ينزل فعلُ غيره منزلةَ فعلِه عقوبةً عليه (¬8). * قوله: (وقَرُبَ ما بينهما) لعل المراد بالقرب: أن يكون دونَ ثلاثِ ليالٍ؛ ¬
أو فتَح أسفل كُوَّارَةٍ، فخرج العسلُ شيئًا فشيئًا، أو أخرجه إلى ساحةِ دارٍ من بيت مغلَقٍ منها (¬1) -ولو أن بابَها مغلقٌ-، قُطِع (¬2). ولو علَّم قردًا السرقَةَ: فالغُرمُ فقط (¬3). 5 - الخامسُ: إخراجُه من حِرزٍ، فلو سَرق من غير حرزٍ: فلا قَطْعَ (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ كما ذكروا مثله في المَعْدِن، ولكن ربما لمحت عبارة شيخنا في الحاشية (¬5): فيما إذا كانا (¬6) في ليلة، [حيث] (¬7) مثل للبعد (¬8) بما إذا كانا في ليلتين، ولعل الأول أظهر؛ لما فيه من حمل المطلق على المقيد في كلامهم (¬9). فتدبر. وأيضًا ما في الحاشية ربما يخالف ما في الإقناع (¬10)، فراجعه. ¬
ومن أخرَج بعضَ ثوبٍ -قيمتُه نصابٌ- قُطع به إن قطعه، وإلا: فلا (¬1). و"حِرز كلِّ مالٍ": ما حُفِظَ فيه عادةً. ويختلفُ باختلافِ جنسٍ، وبلدٍ، وعدلِ سلطان وقوَّتِه، وضدِّهما (¬2). فحرزُ جوهرٍ ونقدٍ وقُماشٍ في العُمْرَان: بدار ودكانٍ وراءَ غَلَقٍ وَثيقٍ (¬3). وصُندوقٌ بسوقٍ -وَثَمَّ حارسٌ- حرزٌ (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وراء غَلَقٍ (¬5) وثيقٍ)، والغلقُ (¬6) اسمٌ للقُفْلِ، خشبًا كان أو حديدًا (¬7). * قوله: (وصندوقٌ) مبتدأ خبره "حِرْزٌ" (¬8). ¬
وحرزُ بَقْلٍ، وقدُورِ باقِلَّاءِ وطبيخٍ، وخَزَفٍ -وثَم حارسٌ- وراءَ الشَّرائج (¬1). وحرزُ خَشَبٍ وحَطَبٍ: الحَظائرُ (¬2). وماشيةٍ: الصِّيَرُ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وراءَ الشرائجِ) واحدها شريجة، وهي [شيء] (¬3) يعمل من قصب أو خشب، يُضم بعضه إلى بعض بحبل أو غيره (¬4). * قوله: (وحرزُ خشبٍ وحطبٍ: الحظائرُ) جمعُ حظيرة -بالحاء المهملة والظاء المعجمة-، وهي ما يُعمل للإبل والغنم من الشجر، تأوي إليه، فيعبر (¬5) بعضُه في بعض، ويربط بحيث يعسُر أخذُ شيء منه على ما جرت به العادة (¬6). * قوله: (وماشيةٍ: الصِّيَرُ) واحدُها صِيْرةٌ، وهي حظيرة الغنم (¬7). ¬
وفي مَرْعًى: براعٍ يراها غالبًا (¬1). وسُفنٍ في شطٍّ: بربطِها. وإبلٍ باركةٍ معقولةٍ: بحافظٍ، حتى نائمٍ (¬2)، وحَمُولتِها: بتقطيرها مع قائدٍ يراها، ومع عدمِ تقطيرٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وفي مرعًى: براعٍ) (¬3)؛ أي: وحرزُ ماشية في مرعًى. . . إلخ (¬4). في عبارته شبهُ استخدام؛ لأنه أولًا استعمل الحرزَ بمعنى المكان الحفيظ، ثم استعمله بمعناه المصدري، وهو الإحراز، فالإخبارُ عنه بقوله: "وراءَ الشرائج"، وبقوله: "الحظائر" ناظرٌ للمعنى الأول، وقوله: "براعٍ"، وكذا ما بعده، ناظرٌ للثاني. * قوله: (وحَمولتها)؛ أي: الإبل الحاملة وهي-بفتح الحاء المهملة - (¬5) * قوله: (مع قائدٍ يراها)؛ أي: غالبًا (¬6)؛ كما يفهم من عبارة الإقناع (¬7). ¬
بسائقٍ يراها (¬1). وبيوتٌ في صحراءَ, أو بساتينَ: بملاحِظٍ، فإن كانت مغلقةً: فبنائمٍ، وكذَا خَيْمةٌ وخرْكاةٌ، ونحوُهُما (¬2). وحرزُ ثيابٍ في حمَّام، وأعدالٍ وغَزْلٍ بسُوقٍ (¬3) أو خانٍ، وما كان مشتَرَكًا في دخولٍ: بحافظ، كقعودِه على متاع (¬4). وإن فرَّطَ حافِظٌ، فنامَ، أو اشتغلَ: فلا قطعَ، وضَمِنَ حافظٌ، وإن لم يُستحفظَ (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بسائقٍ يراها)، ومن سرق الجملَ بما عليه، وصاحبُه نائمٌ عليه، لم يقطع؛ لأنه في يد صاحبه، وإن لم يكن صاحبُه عليه، قُطع (¬6). * قوله: (وضَمِنَ حافظٌ، وإن لم يُستحفظ). . . . . . ¬
وحرزُ كفنٍ مشروعٍ: بقبر على ميت (¬1). وحرزُ بابٍ: تركيبُه بموضعه (¬2)، وحَلقتِه: بتركيبها فيه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال (¬3) بعدَه في الإقناع: (وإن استُحفظ رجل آخر على متاعه في المسجد، فسرق، فإن فَرَّط في حفظه، فعليه الغرمُ إن كان التزم حفظَه، وأجابه إلى ما سأله، وإن لم يجبه، لكن سكتَ، لم يلزمْه) (¬4). أقول: ومنه يؤخذ أن السكوت [ليس] (¬5) إقرارًا دائمًا، فتدبر. * قوله: (وحرزُ كَفَنٍ مشروعٍ)، أما غيرُ المشروع كما لو كُفِّنَ الرجل في أكثرَ من ثلاثِ لفائفَ، أو المرأةُ في أكثرَ من خمسٍ، فسرق السارقُ الزائدَ، أو تُرك الميتُ في تابوت، فسرقه، أو تُرك معه طيبٌ مجموع، أو غيرُه [من ذهبٍ أو فضةٍ أو غيرِه] (¬6)، لم يُقطع بأخذِ شيء من ذلك (¬7). * قوله: (على ميت) فلو كان الميت أُكِلَ ونحوه، فسرق سارق كفنَه، فلا ¬
وتازيرٌ وجِدارٌ وسقفٌ كبابٍ (¬1) ونومٌ على رداءٍ (¬2)، أو مَجَرِّ فَرَسٍ، ولم يَزُلْ عنه، ونَعْلٌ برِجْلٍ: حرزٌ (¬3). فمَنْ نَبَشَ قبرًا، وأخَذ (¬4) الكَفَنَ (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قطعَ (¬6)، وعمومُ كلامِ المصنفِ يتناول ما لو كان القبرُ بالصحراء، وبمحوطٍ (¬7). * قوله: (وهو ملكٌ له)؛ أي: [الميتِ] (¬8)؛ استصحابًا لحالةِ الحياة، ولا يزول ملكُه إلا عما لا حاجةَ به إليه (¬9). ¬
أو سرَقَ رِتاجَ الكعبةِ، أو بابَ مسجدٍ، أو سقفَه، أو تأزيرَه (¬1)، أو سَحَب رداءه (¬2)، أو مَجَرَّ فرسِه من تحته، أو نعلًا من رِجْل -وبَلَغ نصابًا- قُطع (¬3). لا بستارةِ الكعبةِ الخارجةِ -ولو مَخِيطةً عليها- (¬4)، ولا بقناديلِ مسجدٍ وحُصرِه، ونحوهما: إن كان مسلِمًا (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو سرق رِتاجَ الكعبةِ) قال (¬6) في شرحه: (وهو بابها العظيم) (¬7). * قوله: ([أو] (¬8) سحب رداءه)، (أما لو تحول النائم عن ردائه بنحوِ مسجدٍ، فأخذَه سارقٌ، [لم] (¬9) يُقطع) شرح (¬10). * قوله: (ولا بقناديلِ مسجدٍ)؛ أي: ينتفع (¬11) بها فيه. قاله في الكافي ¬
ومن سرق ثَمَرًا، أو طَلْعًا، أو جُمَّارًا، أو ماشيةً، من غير حرزٍ؛ كمِنْ شجرةٍ -ولو ببستانٍ مُحوَّطٍ-، وثَمَّ حافظٌ: فلا قطعَ، وأُضعِفَتْ قيمتُه (¬1). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِه (¬2)، وعليه: فيقطع بما كان لزينة، وأما قناديلُ الكنيسة إذا سُرقت، فإنْ سرقَها كافرٌ، فلا كلام في أنه [لا] (¬3) يُقطع؛ قياسًا على المسلم إذا سرق قناديلَ المسجد، وإن سرقها مسلمٌ، فلا قطَع (¬4) أيضًا؛ لأن لنا الانتفاعَ بكنائسهم، والصلاةَ فيها، وليس لهم منعُنا من ذلك، فيدرأُ الحدُّ بذلك. كره شيخنا بحثًا. * قوله: (أو جُمَّارًا) (¬5) قال في المختار: (الجُمَّار -بالضم والتشديد-: شحمُ النخل) (¬6). * قوله: (وأُضعفت قيمتُه)، فتؤخذ قيمته مرتين (¬7). قال في شرحه: (ومعنى تضعيف قيمته على السارق: أنه يضمن عوض ما سرقه مرتين). انتهى (¬8). ¬
ولا تُضْعَفُ في غيرِ ما ذُكر (¬1) (¬2). ولا قَطَعَ عامَ مَجاعةِ غَلاءٍ: إن لم يَجدْ ما يشتريه، أو يَشتري به (¬3). 6 - السادسُ: انتفاءُ الشُّبهةِ (¬4). فلا قَطْعَ بسرقةٍ من عَمُودَيْ نسبِه، ولا من مالٍ له شِرْكٌ فيه، أو لأحدٍ ممن لا يُقطع بالسرقة منه، ولا من غنيمةٍ لأحدٍ -ممن ذُكر- فيها حقٌّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله] (¬5): (ولا قطعَ عَامَ مَجَاعَةِ غَلَاءٍ)؛ أي: مجاعة سببها غلاءٌ (¬6). * قوله (إن لم يجدْ ما يشتريه، أو يشتري به). قال جماعة: ما لم يبذل له، ولو بثمن غال (¬7). ¬
ولا مسلم من بيت المال (¬1)، إلا القِنَّ (¬2). المنقِّحُ: "والصحيحُ: لا قطعَ" انتهى (¬3). لأنه لا يُقطع بسرقةٍ من مالٍ لا يُقْطَع به سيدُه (¬4). ولا بسرقةِ مكاتِبٍ من مكاتَبه، وعكسُه، كقِنِّه (¬5). ولا بسرقةِ زوجٍ أو زوجةٍ من مالِ الآخرِ، ولو أُحْرِزَ عنه (¬6). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (من مالٍ لا يُقطع به سيدُه)؛ أي: (وسيده لا يُقطع بالسرقة من بيت المال، فكذا هو) شرح (¬7). * قوله: (ولا بسرقة زوجٍ أو زوجةٍ من مالِ الآخَرِ) أما عدمُ القطع في جانب ¬
ولا بسرقةِ مسروقٍ منه، أو مغصوبٍ منه، مالَ سارقٍ أو غاصبٍ، من الحرز الذي فيه العينُ المسروقةُ أو المغصوبةُ (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ الزوجة، فواضحٌ؛ لشبهة أن نفقتها واجبةٌ في ماله (¬2)، [وأن لها الأخذ من ماله] (¬3) بغير إذنِه في بعض المواضع بقدر نفقتِها، ونفقةِ أولادِها الصغارِ (¬4)، وأما عدمُه في جانب الزوج، فلا ينهض ما ذكروه علةً له، فليتدبر (¬5). * قوله: (ولا بسرقة مسروقٍ منه، أو مغصوبٍ منه. . . إلخ)؛ لأن له شبهةً في هتكِ الحرزِ من أجلِ أخذِ مالهِ (¬6)، وليس هذا مكررًا (¬7) مع ما أسلفه في الثالث (¬8)؛ لأن المتقدم فيما إذا سرق المسروقَ منه، أو المغصوبَ منه نفسَ المال المسروق أو المغصوب، وهنا فيما إذا سرق غير المال المذكور، لكن من الحرز ¬
وإن سرَقه من حرزٍ آخرَ، أو مالَ مَنْ له عليه دَين -لا بقَدْرِه: لعجزِه (¬1) - أو عينًا قُطع بها في سرقةٍ أخرى، أو آجَرَ أو أعار دارَه، ثم سرَق منها مالَ مستأجِرٍ أو مستعير (¬2)، أو من قرابةٍ غيرِ عمودَيْ نسبِه؛ كأخيه، ونحوِه -أو مسلمٌ من ذميٍّ، أو مستأمِنٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الذي فيه المال المذكور؛ للعلة المتقدمة، وهي أن له شبهةً في هتك ذلك الحرزِ، فتدبر. * قوله: (لا بِقَدْرِه؛ لعجزِه)؛ لأن بعض العلماء أباح له الأخذَ. إذًا فيكون ذلك شبهةً (¬3). * قوله: (أو عينًا قُطع بها في سرقةٍ أُخرى)؛ أي: قطع؛ لأنه لم ينزجر بالقطع الأول؛ بخلاف حدِّ القذف؛ فإنه لا يُعاد؛ لأن المقصود منه ظهورُ كذبه، وقد ظهر (¬4). * قوله: (ثم سرق منها مالَ مستأجِرٍ أو مستعيرٍ) انظر: لو كانت الدار مغصوبة، وهي ملك السارق، وسرق مالكُها من مال الغاصب الذي ¬
أو أحدُهما منه- قُطع (¬1). ومن سرق عينًا، وادَّعَى ملكَها، أو بعضَها، أو الإذنَ في دخولِ الحرز: لم يقطع (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ فيها شيئًا، أَيُقطع أم لا؛ لأنها ليست حرزًا، فلم تتم الشروط؟ وأقول: والظاهرُ أنها أولى (¬3) بعدم القطع مما إذا سرق من مكان فيه مالُه المسروقُ منه، أو المغصُوبُ منه، فليحرر (¬4). * قوله: (أو أحدُهما منه)، وكذا أحدُهما من الآخر (¬5)، وأحدُهما من مثلهِ (¬6). * قوله: (ومن سرقَ عينًا، وادَّعَى ملكَها، أو (¬7) بعضَها)؛ أي: فلا قطَع (¬8)، وسماه الشافعي: السارقَ الظريفَ (¬9). ¬
ويأخذُها مسروقٌ منه بيمينه (¬1). 7 - السابعُ: ثبوتُها بشهادةِ عَدْلَيْن يَصِفانها -ولا تُسْمعُ قبلَ الدَّعوى-، أو إقرارٍ مرتَيْن، ويَصِفُها (¬2)، ولا يَنزِعُ حتى يُقطع (¬3). ولا بأسَ بتَلْقِينه الإنكارَ (¬4). 8 - الثامنُ: مطالبةُ مسروقٍ منه، أو وكيلِه، أو وليِّه (¬5). فلو أقَرَّ بسرقةٍ من غائبٍ، أو قامت بها بيِّنةٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويأخدها [مسروقٌ] منه بيمينه) (¬6)؛ أي: حيث لا بينةَ للسارق (¬7)، أما إن كان له بينةٌ يُثبت بها الملكَ، فلا يملكُ انتزاعَها (¬8) منه، ولا يرجعُ إلى يمينه. * قوله: (ولا ينزع)؛ أي: يرجع عن إقراره (¬9). ¬
1 - فصل
انْتُظِرَ حضورُه ودعواه، فيُحبَس (¬1)، وتُعادُ (¬2) وإن كذَّب مدَّعٍ نفسَه: سقطَ القطعُ (¬3). * * * 1 - فصل وإذا وجب القطعُ: قُطعتْ يدُهُ اليُمنَى من مَفْصِلِ كفِّه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (انْتُظِرَ حضورُهُ ودعواه)؛ لتحقق المطالبة التي هي شرطٌ للقطع (¬4)، وإن كان للحاكم القضاءُ على الغائب (¬5) (¬6)؛ لأن هذا قضاءٌ له (¬7)، لا عليه. * قوله: (وتعاد)؛ أي: شهادة البينة بعد دعواه (¬8). فصل (¬9) * قوله: (قُطعت يدُه اليمنى)، وينبغي في قطع السارق أن يُقطع بأسهلِ ¬
وحُسِمتْ -وجوبًا - بغَمْسِها في زيتٍ مَغْلِيٍّ (¬1). وسُنَّ تعليقُها في عنقه ثلاثةَ أيام. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ما يمكن؛ بأن يجلس، ويُضبط لئلَّا يتحرَّكَ فيُخشى (¬2) على نفسه، وتُشَدُّ يدُه بحبل، وتُجَر حتى يتيقن المفصل، ثم توضع السكين، وتجر بقوة؛ لتقطع في مرة واحدة (¬3). * قوله: (وحُسمت وجوبًا بغمسِها في زيتٍ مَغْلِيٍّ)؛ لتسَدَّ أفواهُ العروق، فينقطعَ الدم؛ إذ لو تُرك بلا حسم، لنزف الدم، فأدى إلى موته (¬4). * وقوله (¬5): (وسُنَّ تعليقُها في عنقه) انظر هذا مع قولهم: إنه لا يُعَيَّرُ بمعصية (¬6)،. . . . . . ¬
إن رآه الإمامُ (¬1). فإن عاد: قُطعتْ رجلُه اليُسرَى من مَفْصِلِ كعبِه، بتركِ عَقبِهِ، وحُسمتْ (¬2). فإن عاد: حُبِسَ حتى يتوبَ، ويحرُمُ أن يُقطعَ (¬3). فلو سرَق -ويمينُه أو رجلُه اليسرى ذاهبةٌ- قُطع الباقي منهما (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ وقولهِم بقتل الدابةِ المفعولِ بها (¬5)، وتعليلهم ذلك بأنه قد يُعيَّر الفاعلُ بها عند رؤيتها (¬6). * قوله: (إن رآه الإمام)؛ أي: أداه (¬7) اجتهادُه إليه (¬8). ¬
ولو كان الذاهبُ يدَه اليسرى، ورجله اليمنى، لم يُقطعْ (¬1)؛ لتعطيلِ منفعةِ الجنس، وذَهابِ عُضوَيْنِ من شِقٍّ (¬2). ولو كان يدَيْه، أو يُسْراهما: لم تُقطعْ رجلهُ اليسرى (¬3). ولو كان رجلَيْه، أو يُمْناهما، قُطعتْ يُمنَى يَدَيْه (¬4)؛ لأنها الآلةُ، وَمحَلُّ النصِّ. ولو ذهبتْ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لتعطيلِ منفعةِ الجنس)، وهو اليدان، أو الرِّجْلان. * قوله: (وذهاب عضوين من شِقٍّ)، [وهما اليمينان، أو اليسريان. * قوله: (قُطعت يمينُ يديه)، ولو لزم عليه ذهابُ عضوين من شِقٍّ] (¬5)؛ للعلة المذكورة. ¬
بعدَ سرقتِه يمنى (¬1) أو يُسرَى يدَيْه، أو معَ رجلَيْه، أو إحداهما: سقطَ القطعُ (¬2). لا إن كان الذاهبُ يمنى أو يسرى رجلَيْه، أو هما (¬3). والشَّلَّاءُ -ولو أُمِنَ تلفُه بقطعها- وما ذَهب مُعْظَمُ نفعِها، كمعدومةٍ (¬4)، لا ما ذهب منها خِنصِرٌ وبِنْصِرٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو يسرى رِجْليه) هذا لإشكال (¬5) فيه، ولا استغرابَ، فكان الأَوْلى أن يقول: لا إن كان الذاهبُ يمينَ رجليه، أو هما. * قوله: (والشَّلَّاءُ) (¬6) مبتدأ خبرُه "كمعدومةٍ" (¬7). * قوله: (وما ذهبَ معظمُ نفعِها)؛ [كما] (¬8) لو قُطع منها ثلاثُ أصابع فأكثر (¬9). ¬
أو إصبعٌ سواهما، ولو الإبهام (¬1). وإن وجب قطعُ يُمناهُ، فقَطع قاطعٌ يُسراه بلا إذنِهِ عمدًا: فالقَوَدُ. وإلا: الديةُ، ولا تُقطعُ يمنى السارقِ (¬2). وفي "التنقيح": "بَلى" (¬3). ويَجتمع القطعُ والضمانُ: فيُردُّ ما سرَق إلى مالكه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فالقودُ)؛ أي: على قاطع (¬4). * قوله: (وإلا) قال في الشرح: (وإلا يتعمدْ قطعَ يسراه) (¬5)، وسكت عن محترز قوله: "بلا إذنه" (¬6). * قوله: (ويجتمع القطعُ والضمانُ)؛ لأنهما حقان يجبان لمستحقين، فجاز (¬7) اجتماعُهما (¬8). ¬
وإن تَلِفَ: فمِثلُ مثليٍّ، وقيمةُ غيرِه ويُعيدُ ما خرَّبَ: من حرزٍ (¬1). وعليه أجرةُ قاطعٍ (¬2)، وثمنُ زيتِ حَسْمٍ (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وبعيد ما خرب من حرز)؛ أي محترم (¬4) بالنسبة له، لا إن كان له شبهةٌ في هتكه (¬5)، فتدبر. وبخطه: قال شيخنا في شرحه: (والقياسُ [يضمنُ] (¬6) أرشَ نقصِه) (¬7). * * * ¬
6 - باب حد قطاع الطريق
6 - بابُ حَدِّ قُطَّاعِ الطَّريقِ وهم: المكلَّفونَ الملتزمون -ولو أنثى- الذين يَعْرِضون للناس بسلاح -ولو عصًا، أو حجرًا- (¬1) في صحراءَ، أو بُنيانٍ (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ حَدِّ قُطَّاعِ الطَّريقِ * قوله: (وهم المكلَّفون الملتزِمون)؛ أي: من مسلمٍ، وذميٍّ (¬3)، وينتقض (¬4) به عهدُ أهلِ الذمَّة، وتحلُّ دماؤهم وأموالُهم (¬5). * قوله: (ولو أنثى)؛ أي: ولو كان فيهم أنثى، وكان مقتضى الظاهر: ولو إناثًا، كذا قيل. ¬
أو بحرٍ، فيَغْصِبُون مالًا محترمًا، مجاهَرةً (¬1). ويُعتَبَرُ: 1، 2، 3 - ثبوتُه ببيِّنةٍ أو إقرارٍ مرتَيْن، والحِرْزُ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأقول: تأويلُه بقوله (¬2): ولو كان فيهم أنثى صحيحٌ في نفسه، إلا أنه تكلُّف (¬3)، وأما أنه كان [مقتضى] (¬4) الظاهر أن يقول: ولو إناثًا، ففيه نظر؛ لأنه يلزمُه الإخبارُ بالمؤنث عن المذكر من غيرِ تغليبٍ، فالأَوْلى أن يُجعل في "كان" المحذوفةِ ضميرٌ مفردٌ عائدٌ على المكلَّفِ المندرجِ في المكلَّفين، من باب إرجاعِ الضميرِ إلى جزءِ ما تقدمه، على قياس إرجاع إلى الحدث المنفهم من الفعل في نحو: {اعْدِلُوا هُوَ} (¬5)؛ أي: العدلُ، والتقدير هنا: ولو كان المكلفُ الملتزمُ المندرج في المكلفين الملتزمين أنثى، ومن هنا يظهر سر (¬6) قول شيخِنا في شرحه: (ولو كان المكلف الملتزم أنثى) (¬7)، فتدبر. * قوله: (والحرزُ)؛ أي: كونُه في القافلة (¬8)؛ بدليل ما سيأتي أيضًا (¬9). ¬
والنِّصابُ (¬1). فمن قُدِرَ عليه، وقد قَتَل -ولو مَنْ لا يُقادُ به؛ كولدِه، وقِنٍّ، وذميٍّ- لقصدِ ماله، وأخَذ مالًا: قُتل حتمًا، ثم صُلِب قَاتلُ من يُقادُ به حتى يَشتهِرَ، ولا يُقطعُ مع ذلك (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وقد قتل)؛ أي: (ولو بما لا يقتل غالبًا؛ كسوطٍ وعَصًا). إقناع (¬3). * قوله: (قُتل حتمًا)؛ أي: لحقِّ اللَّه تعالى (¬4). * قوله: (ثم صُلب قاتلُ. . . إلخ) قال في المبدع في غسل الميت: (مسألة قاطع الطريق: يُغسل أوَّلًا، ويصلى عليه، ثم يصلب، وقيل: يؤخران عن الصلب، قاله في التلخيص). انتهى (¬5). وعلى الثاني مُشي في الإقناع (¬6). ¬
ولو مات، أو قُتل قبل قتلِه للمُحارَبَةِ: لم يُصلَبْ (¬1). ولا يتَحتَّمُ قَوَدٌ فيما دونَ نَفْسٍ (¬2). و"رِدْءٌ" (¬3)، و"طلِيعٌ" كمباشِرٍ (¬4)، فرِدْءُ غيرِ مكلَّفٍ كهو (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ورده) (¬6)، وهو المساعدُ والمغيثُ لصاحبه عند احتياجه إليه (¬7). * قوله: (وطليعٌ)، وهو الذي يكشف للمحاريين حالَ القافلة ليأتوا إليها (¬8). * قوله: (كمباشِرٍ) (ظاهرُ إطلاقه: حتى في ضمان المال. وقال في المغني ¬
ولو قتَل بعضُهم: ثبت حكمُ القتل في حقِّ جميعِهم (¬1). وإن قتَل بعضٌ، وأخذ المالَ بعضٌ: تحتَّم قتلُ الجميعِ وصَلْبُهم (¬2). وإن قتَل بعضٌ لقصدِ المالِ: قُتل حتمًا، ولم يُصلَبْ (¬3). وإن لم يَقتُل، وأخذ نصابًا (¬4) لا شبهةَ له فيه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والوجيز: إلا في ضمان المال؛ فإنه يتعلق بآخذِه خاصةً، وحكي ذلك في (¬5) الفروع بعد أن أطلق قولًا فقال: وقيل: يضمن المالَ آخذُه، وقيل: قراره [عليه]) (¬6). حاشية (¬7). * قوله: (وإن قتلَ بعضٌ)؛ أي: لقصد المال (¬8). ¬
-لا من مفرَد عن قافلة- (¬1): قُطعت يدُه اليُمنى، ثم رجلُه اليُسرَى، في مَقامٍ واحدٍ حتمًا، وحُسِمتا، وخُلِّيَ. فلو كانت يدُه اليسرى مفقودةً (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا من مفرَدٍ (¬3) عن قافلةٍ) هي: المرادُ بالحرز فيما سبق (¬4). * قوله: (قُطعت يدُه اليمنى، ثم رجلُه (¬5) اليسرى) انظر: هل الترتيبُ والتعقيبُ المستفادان هنا من "ثم" معتبر، [أو غير معتبر] (¬6)؛ بدليل لفظ الآية (¬7)؛ حيث جيء فيها بالواو، إلا أن يقال: إنه بيان للمراد من الآية (¬8). * قوله: (مفقودةً) أعمُّ من مقطوعة، ولو عبر به في الثاني أيضًا، لكان ¬
أو يمينُه شَلَّاءَ، أو مقطوعةً، أو مستحَقَّةً في قَوَدٍ: قُطعتْ رجلُه اليُسرى فقط (¬1). وإن عَدِم يُمنى يَدَيْهٍ: لم تُقْطَع يمنى رِجْلَيه (¬2). وإن حاربَ ثانيةً، لم يُقطع منه شيءٌ (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ أولي، فتدبر. * [قوله] (¬4): (وإن عَدِمَ يمنى (¬5) يديه)؛ أي: بعد قطع الطريق، وقبل القدرة عليه، [فليس] (¬6) مكررًا مع ما قبله؛ لأن ذلك محمول (¬7) على ما إذا كان الفقدانُ (¬8) أو الشللُ سابقًا (¬9) على قطع الطريق؛ بدليل تعبير المصنفٌ بـ "كان" (¬10) في الأولى، وحذفها في الثانية. * قوله: (وإن حارب ثانيةً، لم يقطع منه شيء)؛ بخلاف السرقة؛ فإنه يُقطع ¬
وتتعيَّن ديةُ قَوَدٍ (¬1) لزِمَ بعدَ محاربتِهِ؛ لتقديمها: بسبْقِها، وكذا لو مات قبل قتلِه للمحاربةِ (¬2). وإن لم يَقتُل، ولا أخذَ مالًا: نُفِيَ، وشُرِّدَ (¬3)، ولو قِنًّا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لسرقة العين ثانيًا (¬4)، والفرق: أن في القطع للمحاربة يجمع ابتداء بين (¬5) قطع عضوين، فلو قطع في محاربة ثانية، يلزم عليه إما قطعُ عضوين من شِقٍّ، أو تعطيلُ منفعة الجنس، أو جميعُ ذلك، وفي السرقة لا يُقطع ابتداء إلا عضوٌ واحد، فلا يلزم من القطع ثانيًا شيء مما ذكر (¬6)، فتدبر. وبخطه: وهل يُحبس حتى يتوبَ كالسارق؟ (¬7). * قوله: (لتقديمِها بسبقِها)، ومفهومه: أنه لو لزمه قتلٌ قبلَ ¬
فلا يُتركُ يأوي إلى بلد، حتى تظهَرَ توبتُه (¬1)، وتُنفى الجماعة متفرِّقةً (¬2). ومن تاب منهم قبلَ قدرةٍ عليه، سقط عنه حقُّ اللَّه تعالى: من صَلْبٍ، وقطعٍ، ونفيٍ، وتحتُّم قتلٍ (¬3). وكذا خارجيٌّ، وباغٍ، ومرتدٌّ محاربٌ (¬4). ويؤخذُ غيرُ حربيٍّ أسلَم، بحقِّ اللَّه، وحقِّ آدميٍّ طَلَبَه (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ محاربته، [فليس] (¬6) يقدَّمُ على المحاربة لسبقهِ (¬7). * قوله: (وتُنفى الجماعةُ متفرقةً)؛ خشية أن يجتمعوا على المحاربة ثانيًا (¬8). * قوله: (ويؤخذ غيرُ حربيٍّ أسلمَ بحقِّ اللَّهِ تعالى)؛ أي: الذي يقول بوجوبه ¬
1 - فصل
ومن وجبَ عليه حدُّ سرقةٍ، أو زِنًى، أو شربٍ، فتابَ قبل ثُبوتهِ، سقطَ بمجرَّدٍ توبةٍ قبلَ إصلاحِ عملٍ، كبموتٍ (¬1). * * * 1 - فصل ومَنْ أُريدَتْ نفسُه، أو حُرمَتُه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه حالَ الكفر؛ ككفارةٍ، ونذرٍ (¬2)، فلا يَرِدُ أن المستأمنَ لا يُقام عليه حدٌّ للَّه؛ كحد الزنى (¬3) -كما تقدم أول كتاب الحدود (¬4) -. فصلٌ (¬5) * قوله: (ومن أُريدت نفسُه)؛ أي: ولو للفاحشة (¬6). * قوله: (أو حرمتُه)؛ أي: من أُمِّه وبنتِه وأختِه وزوجتِه، وسائرِ أقاربهِ (¬7). ¬
أو مالُه (¬1) -ولو قَلَّ-، أو لم يُكافِ المريدَ (¬2): فله دفعُه بأسهلِ ما يَظُنُّ اندفاعَه به. فإن لم يندفعْ إلا بقتلٍ: أُبِيح، ولا شيءَ عليه. وإن قُتل: كان شهيدًا (¬3). ومع مَزحٍ: يحرُم قتلٌ، ويُقادُ به (¬4). ولا يَضمن بهيمةً صالتْ عليه، ولا مَنْ دخلَ منزلَه متلَصِّصًا (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا من دخلَ منزلَه متلَصِّصًا)؛ لكن [لو] (¬6) أمره بالخروج، فخرج، كَفَّ عنه؛ لأن المقصودَ إخراجُه، فإن لم يخرج، فله ضربُه بأسهلِ ما يظنُّ اندفاعَه به، فإن خرج بالعصا، لم يجز ضربُه بالحديد، وإن وَلَّى هاربًا، لم يملك قتلَه، ولا اتباعَه (¬7). ¬
ويجبُ عن حرمتِه (¬1)، وكذا -في غير فتنةٍ- عن نفسِه (¬2)، ونفسِ غيرِه (¬3)، لا عَنْ مالِه (¬4). ولا يلزمُه حفظُه عن الضَّياع والهلاك، وله بَذْلُهُ (¬5). ويجبُ عن حرمةِ غيرهِ، وكذا مالُه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويجب عن حُرْمَته)، فمن وجد مع امرأته، أو أُمه، أو بنته، أو ابنه رجلًا يزني بهن، أو يَلوطُ به، وجب عليه قتلُه إن لم يندفع إلا به (¬6). * قوله: (وله بذله)؛ أي: لمن أراده ظلمًا (¬7). * قوله: (وكذا مالُه)؛ أي: مالُ غيره (¬8). ¬
مع ظنِّ سلامتِهما. وإلا: حَرُمَ (¬1). ويسقُط بإياسِه، لا بظنِّه أنه لا يفيد (¬2). ومن عضَّ يدَ شخصٍ -وحَرُمَ-، فانتزعَها -ولو بعنفٍ-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مع ظَنِّ سلامتهما)؛ (أي: الدافع (¬3)، والمدفوع عنه). كذا في شرحه (¬4). والمراد بالمدفوع عنه: المدفوعُ، وهو الذي عبر به [عنه] (¬5) في المذهب بـ "الطالب". * فائدة: كره أحمد الخروجَ إلى صيحةٍ بالليل؛ لأنه لا يدري (¬6) ما يكون (¬7). * قوله: (وحَرُمَ) الواو للحال؛ أي: وقد حكم بحرمة العض (¬8)، فإن كان مباحًا؛ بأن أمسكه في موضع يتضرر بإمساكه، ضمن ما سقط منها -على ما في ¬
فسقطت ثناياهُ: فَهَدَرٌ (¬1). وكذا ما في معنى العَضَّ. فإن عجَز: دفعَه كصائِلٍ (¬2). ومن نظرَ في بيتِ غيرِه، من خصاصِ بابٍ مغلقٍ ونحوِه (¬3) -ولو لم يتعمَّدْ، لكن (¬4): ظَنَّهُ متعَمِّدًا- (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحاشية الأخرى (¬6) -. * قوله: (فسقطت ثناياه، فهدرٌ) وإن كان العَضُّ مباحًا؛ مثل: إن أمسكه (¬7) في موقع يتضرر بإمساكه، أو بعض (¬8) يدَه، ونحوه مما لا يقدر على التخلص منه إلا بعضه، [فعضه] (¬9)، فما سقط من أسنانه، ضمنه (¬10). * قوله: (من خصاص. . . إلخ) هي الفُروج والخَلَل الذي يكون فيه (¬11). ¬
فخَذَفَ عينَه أو نَحوها، فتلِفت: فهَدَرٌ، ولا يَتبعُه (¬1)؛ بخلافِ مستمعٍ (¬2) وضَع أُذُنَه في خصاصِه قبلَ إنذارِه (¬3)، وناظرٍ من منفتحٍ (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فحذَفَ (¬5) عينَه. . . إلخ)؛ أي: بحصاةٍ، أو نحوِها، أو طعنه بعودٍ (¬6). * * * ¬
7 - باب قتال أهل البغي
7 - بابُ قتالِ أهْلِ البَغْيِ وهم: الخارجون على إِمامٍ -ولو غيرَ عدلٍ- بتأويلٍ سائغٍ، ولهم شَوْكةٌ، ولو لم يكن فيهم مُطاع (¬1). ومتى اختَلَّ شرطٌ من ذلك: فقُطاعُ طريقٍ (¬2). ونصبُ الإمامِ فرضُ كفايةٍ، ويثبُت -لإجماعٍ، ونصٍّ، واجتهاد، وقهرٍ- لقُرَشِيٍّ: حُرٍّ، ذَكَرٍ، عَدْلٍ، عالمٍ، كافٍ ابتداءً ودوامًا. ويُجْبَرُ متعيِّنٌ لها (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ قتالِ (¬4) أهلِ البَغْيِ * قوله: (ونَصْبُ الإمامِ فرضُ كفايةٍ) يخاطَبُ [به] (¬5) أهلُ الاجتهاد حتى يختاروا مَنْ توجد فيه شرائطُ الإمامة حتى ينتصبَ أحدُهم، ويُشترط في أهل الاجتهاد ¬
وهو وكيل: فله عَزْلُ نفسِه. ولهم عزلُه: إن سألها (¬1)، وإلا: فلا (¬2). ويحرُم قتالُه (¬3). وإن تنازعَها متكافِئَانِ: أُقِرعَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ثلاثةُ شروط: العدالةُ، والعلمُ المتوصَّلُ به إلى معرفة مَنْ يستحقُّ الإمامَة، وأن يكونَ من أهل الرأي والتدبير؛ بحيث يؤدِّي ذلك إلى اختيار مَنْ هو أصلحُ للإمامة (¬4). * قوله: (سَأَلَها) هي عبارةُ التنقيح (¬5). (قال الحجاوي في حاشيته: صوابه: سأله، [أي: سأل] (¬6) العزلَ؛ لقول الصدِّيق: أَقيلوني أَقيلوني، قالوا: لا نُقيلك (¬7)، وفهم من كلام المنقح: أنه إن سأل الخلافة ابتداءً، لهم عزلُه، وهو غريبٌ) (¬8). * قوله: (وإن تنازعها متكافئان، أُقرع)، فيبايَع مَنْ تخرج له القُرْعَة، ¬
وإن بُويعا، فالإمامُ: الأولُ (¬1). ومعًا، أو جُهل السابقُ: بطلَ العَقْدُ (¬2). وتَلزمُهُ مراسَلَةُ بُغاةٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وصفةُ العقدِ: أن يقول كلٌّ من أهل الحَلِّ والعَقْد: قد بايعناك على إقامةِ العدلِ والإنصافِ، والقيام بفروض الإمامة، ولا يحتاج -مع ذلك- إلى صَفْقَةِ (¬3) اليدِ (¬4). * قوله: (ويلزَمُه مراسلةُ بُغاةٍ) (¬5)، فالمراسلة بالكلام، أو الكتابةِ (¬6) تكون قبل [كلٍّ] (¬7) من الضربِ، والأَسْرِ، والقتلِ (¬8). وإلى ذلك يُشير قولُ بعضهم: المرءُ أولُ ما يروِّع بالكلا ... مِ وبالعصا هو ثاني الأحوالِ والقيدُ ثالثُها وإن لم يرتدِعْ ... فالسيفُ آخرُ حيلةِ المحتالِ (¬9) ¬
وإزالةُ شُبَهِهِم وما يدَّعونهُ: من مَظْلَمَةٍ (¬1). فإن فاؤوا، وإلا: لزمَ قادرًا قتالهُم (¬2). وعلى رعيَّتِه مَعُونتُه (¬3). فإن استَنْظَرُوهُ مدةً، ورجا فَيْئتَهم: أَنْظَرَهم. وإن خافَ مكيدةً: فلا -ولو أَعْطَوْهُ مالًا، أو رُهُنًا- (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ ولبعضهم، وأجاد، لكنَّه ترك القيدَ، وزاد الإشارة، فقال: يكفي اللبيبَ إشارةٌ مرموزةٌ ... وسِواهُ يُدْعى بالنداءِ العالي وسِواهُما بالوَخْزِ من دونِ العَصا ... ثم العَصا هي رابعُ الأحوالِ (¬5) هذا وضربًا كالحسامِ مرتبًا ... للحالتين كما ترى بمقالي [والقيد بعدَهما فكنْ مُتَنَبِّهًا (¬6) ... لزيادةٍ صَحَّتْ عن الأبطالِ] (¬7) (¬8) ثم الحسامُ يُهَزُّ تخويفًا بهِ ... والقتلُ آخرُ حيلةِ المحتالِ [وهذا البيتان اللذان قبل الأخير من زيادتي] (¬9). ¬
ويحرُم قتالُهم بما يَعُمُّ إتلافُه؛ كَمَنْجَنيقٍ، ونارٍ. واستعانةٌ بكافر -إلا لضرورةٍ، كفعلِهم إن لم نفعلُه-، وأخذُ مالِهم وذرَّيتِهم، وقتلُ مُدْبِرِهم وجَريحِهم (¬1)، ومن تَرَكَ القتالَ (¬2). ولا قَوَدَ فيه. ويُضْمَنُ (¬3). ويُكره (¬4) قصدُ رحمِهِ الباغي. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وقتلُ مُدْبِرِهِم وجريحِهِم)؛ أي: يحرُمُ ذلك على الصحيح من المذهب من عدم القول بكفرهم، فإن قلنا به؛ بأن كانت بدعتُهم قيلَ بالتكفير [بها] (¬5)؛ كما يأتي في كلام المصنف (¬6)، جاز قتلُ مدبِرِهم، والإجهازُ على جريحِهِم؛ كما يُعلَم من الكافي (¬7). * قوله: (ولا قَوَدَ فيه)؛ أي: مَنْ يحرُم قتلُه منهم (¬8). * قوله: (ويُكره قصدُ رحمِهِ الباغي)؛. . . . . . ¬
بقتلٍ (¬1). وتباحُ استعانةٌ عليهم -بسلاحِ أنفُسِهم وخيلِهم، وعبيدِهم وصبيانِهم- لضرورةٍ فقط (¬2). ومن أُسِر منهم -ولو صبيًا، أو أنثى- حُبسى حتى لا شَوْكَةَ ولا حربَ (¬3). وإذا انقضَتْ: فمن وَجَد منهم مالَه بيدِ غيرِه: أخَذَه (¬4). ولا يَضْمَنُ بُغاةٌ ما أتلفوهُ حالَ حربٍ (¬5)، كأهلِ عدلٍ (¬6). ويَضمَنانِ ما أتلَفا في غير حرب (¬7). وما أخذوا (¬8). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
حالَ امتناعِهم؛ من زكاةٍ، وخَراجٍ، وجِزيةٍ: اعْتُدَّ به. ويُقبلُ -بلا يمين- دعوَى دفعِ زكاةٍ إليهم، لا خراجٍ، ولا جزيةٍ، إلا ببيِّنةٍ (¬1). وهم -في شهادتِهم، وإمضاءِ حُكمِ حاكمهم- كأهلِ العدلِ (¬2). وإن استعانوا (¬3) بأهل ذِمَّةٍ أو عهدٍ: انتَفَضَ عهدُهم (¬4)، وصاروا كأهلِ حربٍ -لا إنِ (¬5) ادَّعَوْا شُبهةً: كوجوبِ إجابتِهم-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أي: يُكره لعدلٍ (¬6) أن يقصدَ رحمَه الباغي بقتلٍ (¬7). * قوله: (حالَ امتناعِهم)؛ أي: حالَ مَنَعَتِهم وشوكَتِهم (¬8). * قوله: (من زكاةٍ) متعلق بـ "أَخذوا". * قوله: (لا إن ادَّعَوْا شبهةً)؛ أي: (¬9) أهل الذمة والعهد (¬10). ¬
1 - فصل
ويضمنون ما أتلفوهُ: من نفسٍ ومالٍ (¬1). وإن استعانوا به. هلِ حربٍ، وأَمَّنُوهم: فكعَدَمِه (¬2). إلا أنهم (¬3) في أمانٍ، بالنسبة إلى بُغاةٍ (¬4). * * * 1 - فصل وإن أظهر قومٌ رأيَ الخَوَارجِ، ولم يَخْرُجوا عن قبضةِ الإمام: لم يتعرَّض لهم، وتَجرِي الأحكامُ عليهم كأهلِ العدلِ (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويضمنون) (¬6)؛ أي: أهل الذمة والعهد (¬7). فصل (¬8) ¬
وإن صرَّحُوا بسبِّ إمامٍ، أو عدلٍ، أو عَرَّضُوا به: عُزِّروا (¬1). ومن كفَّر أهلَ الحقِّ والصحابةَ، واستَحَلَّ دماءَ المسلمين بتأويلٍ: فَخَوارجُ بُغاةٌ، فَسَقةٌ، وعنه: "كفَّارٌ" (¬2)، المنقِّحُ: "وهو أظهرُ" (¬3). وإن اقتَتَلَتْ طائفتانِ لعَصَبِيَّةٍ أو رياسةٍ، فظالمتانِ: تَضمَنُ كلٌّ ما أتلفتْ على الأخرى (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإن صَرَّحُوا بِسَبِّ إمامٍ) لعل المراد: بغيرِ ألفاظِ القذفِ (¬5). * قوله: (وعنه: كفارٌ، المنقحُ: وهو أظهر) (¬6)، وعبارته في الإنصاف: (والذي ندين (¬7) اللَّه [به] (¬8): أنه كافر) (¬9). ¬
وضَمِنتا سواءٌ (¬1) ما جُهل مُتِلفُه؛ كما لو قُتِل داخلٌ بينهما لصلحٍ؛ وجُهل قاتِلُه (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . * * * ¬
8 - باب حكم المرتد
8 - باب حُكمِ المُرْتدِّ وهو: مَن كفَر -ولو مميِّزًا- طَوْعًا -ولو هازِلًا- بعدَ إسلامِه (¬1) -ولو كَرْهًا- بحقٍّ (¬2). فمن ادَّعى النُّبُوَّةَ، أو أشرَكَ باللَّه تعالى، أو سَبَّه، أو رسولًا أو مَلَكًا له، أو جَحَد رُبُوبِيَّته أو وحدانيَّتَه، أو صفةً، أو كتابًا، أو رسولًا، أو ملَكًا له، أو وجوبَ عبادةٍ من الخَمس -ومنها: الطهارةُ-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ حُكْمِ المُرْتَدِّ * قوله: (فمنِ ادَّعَى النبوةَ)، (أو صَدَّقَ مَنِ ادَّعاها) حاشية (¬3). * قوله: (ومنها الطهارةُ)؛ أي: ملحقةٌ بها في الحكم، والمرادُ بالخمس: أركانُ الإسلام المشار إليها في حديث: "بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمسٍ" (¬4). ¬
أو حُكمًا ظاهرًا مجمَعًا عليه إجماعًا قطعيًا؛ كتحريم زِنًى، أو لحمِ خِنزيرٍ، أو حِلِّ خبْزٍ ونحوِه، أو شَكَّ فيه -ومثلُه لا يَجهلهُ، أو يجهلُه، وعُرِّفَ وأَصَرَّ-، أو سجَد لكوكبٍ أو نحوِه، أو أتَى بقولٍ أو فعلٍ صريحٍ في الاستهزاء بالدِّين، أو امتَهَن القرآنَ، أو ادَّعى اختلاقَهُ، أو القدرةَ على مثلِه، أو أسقَط حُرْمَتَه: كَفَر (¬1). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو امْتَهَنَ القرآنَ) لا ينافي ما أسلفه (¬2) من أن كَتْبَهُ بحيثُ يُهان حرامٌ فقط؛ لأنه لا يلزم من جعلِه (¬3) عُرضةً للإهانة حصولُ الإهانةِ بالفعل، وأما ما هنا، ففيما إذا أهانه بالفعل؛ كان وضعه ابتداءً في القاذورات، أو ضَمَّخَه بالنجاسة، أو نحوِ ذلك من أنواع الإهانة. * قوله: (أو ادَّعَى اختلاقَه) (¬4)؛ أي: أنه ليس من عند اللَّه. ¬
لا: إن حَكى كفرًا سَمِعه ولا يعتقدُه (¬1). وإن ترك عبادةً من الخمس تهاوُنًا: لم يَكفُر، إلا بالصلاةِ، أو بشرطٍ أو ركنٍ لها مجمَعٍ عليه: إذا دُعِيَ إلى شيءٍ من ذلك، وامتَنع (¬2). ويُستَتابُ كمرتَدٍّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مُجْمَعٍ (¬3) عليه) عمومُ هذا يخالف ما تقدَّم في الصلاة من قوله: "يعتقد وجوبه" (¬4)؛ فإن مفهومه: سواءٌ كان متفقًا (¬5) عليه، أم لا. ¬
فإن أصَرَّ: قُتل بشرطِه، ويُقتلُ في غير ذلك حَدًّا (¬1). فمن ارتدَ مكلَّفًا مختارًا -ولو أنثى- دُعَي، واستُتِيبَ ثلاثةَ أيام وجوبًا (¬2) -وينبغي أن يُضيَّقَ، عليه، ويُحبَسَ (¬3) -. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (قُتل بشرطِه)، (وهو ألا يأتي بالصلاةِ زَمن الاستتابة، وأن يدعى كما تقدم. انتهى). شرح (¬4). * قوله: (ويُقتل في غير ذلك حَدًّا)؛ يعني، وأما في ذلك، فيقتل كفرًا. وحينئذ، فلا يُغَسَّل (¬5)، ولا يُكَفَّنُ، ولا يُصلَّى عليه، ولا يُدفَنُ في مقابر المسلمين، بل يُوارى لِعَدَمٍ (¬6)؛ كما نبه المصنف (¬7) على ذلك ونظائره؛ لعموم القاعدة التي ذكرها في غسل الميت (¬8). قال (¬9): "وكذا كلُّ صاحبِ بِدْعَة (¬10) مُكَفِّرَةٍ" (¬11). ¬
فإن تاب: لم يُعَزَّر، وإن أَصَرَّ، قُتل بالسيف (¬1)، إلا رسولَ كفارٍ؛ بدليلِ رسولَيْ مُسَيْلِمَةَ (¬2). ولا يقتُله إلا الإمامُ، أو نائبُه -فإن قتله غيرُهما بلا إذنٍ: أساءَ، وعُزِّر. ولا ضمانَ، ولو كان قبلَ استتابةٍ- إلا أن يَلحَقَ بدار حربٍ: فلكلِّ أحدٍ قتلُه، وأخذُ ما معه (¬3). ومن أطلَق الشارعُ كُفْره: كدعواهُ لغيرِ أبيه، ومن أتى عرَّافًا، فصدَّقه بما يقول، فهو تشديدٌ: لا يَخرجُ به عن الإسلام (¬4). وَيَصِحُّ إسلامُ مُمَيِّزٍ عَقِلَهُ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مسيلِمَةَ) (¬5) -بكسر اللام-، ومن فَتَحَ، فهو مُسَيْلَمَةُ. ¬
ورِدَّتُهُ (¬1). فإن أسلَم: حِيلَ بينَه وبينَ الكُفَّار (¬2). فإن قالَ بعدُ: "لمَ أدْرِ ما قلتُ" فكما لو ارتَدَّ (¬3). ولا يُقتل هو وسكرانُ ارتَدَّ حتى يُستَتابا بعدَ بلوغٍ وصَحْوٍ ثلاثةَ أيام (¬4). وإن ماتَ في سُكْرٍ (¬5)، أو قبلَ بلوغٍ: مات كافرًا. ولا تُقبَلُ في الدُّنيا توبةُ زنديقٍ (¬6). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
1 - فصل
-وهو: المنافقُ الذي يُظهِرُ الإسلامَ، ويُخفي الكفرَ (¬1) -، ولا من تكرَّرتْ رِدَّتُه، أو سَبَّ اللَّه تعالى، أو رسولًا (¬2)، أو ملَكًا له -صريحًا- (¬3)، أو تَنَقَّصَهُ، ولا ساحرٍ مُكَفَّرٍ بسحرِه (¬4). ومن أَظْهَرَ الخيرَ، وأبطَنَ الفسقَ، فكزنديقٍ في توبتِه (¬5). * * * 1 - فصل وتَوْبَةُ مرتدٍّ وكلِّ كافرٍ: إتيانُه بالشهادَتَيْن، معَ إِقرارِ جاحدٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصلٌ (¬6) * قوله: (وتَوْبَةُ مرتدٍّ وكُلِّ كافر: إتيانُه بالشهادَتَيْنِ، معَ إِقرارِ جاحدٍ. . . إلخ)، ¬
لفرضٍ أو تحليلٍ أو تحريمٍ أو نبيٍّ أو كتابٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وظاهره: أنه لا يعتبر مع ذلك الندمُ على ما صدر منه. ولم أر في ذلك نقلًا لأصحابنا، وصرح به إمامُ الحرمينِ من الشافعية (¬1)، ونقله عنه ابن المقري الشافعي في متن الووضة. فليراجع. وبخطه قال السهروردي (¬2) في "آداب المريدين": (وأجمعوا على أن كمالَ الإيمانِ إقرارٌ باللسان، وتصديقٌ بالجَنَان، وعملٌ بالأركان (¬3)، فمن تركَ الإقرارَ فهو كافرٌ، ومن ترك التصديقَ فهو منافقٌ، ومن ترك العملَ فهو فاسقٌ، ومن ترك الاتباعَ فهو مبتدِعٌ، وإن الناس يتفاضلون في الإيمان، وإن المعرفة بالقلبِ لا تنفع ما لم يتكلمْ بكلمتي الشهادة، إلا أن يكون له عذرٌ يثبُتُ بالشرع، ويرون الاستثناء في الإيمان من غير شكٍّ، بل على سبيل التأكيد والمبالغة؛ لأن ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأمر مغيَّبٌ؛ سئل الحسنُ البصريُّ (¬1): أمؤمن أنتَ حقًا؟ قال: إن أردتَ ما يُحْقَن به دمي، وتَحِلُّ به ذبيحتي ومناكحتي، فأنا مؤمن حقًّا، وإن أردتَ ما أدخل به الجنان، وأنجو به من النيران، ويرضى به الرحمن، فأنا مؤمن -إن شاء اللَّه [تعالى] (¬2) -. وقد استثنى اللَّه تعالى في كتابه في قوله: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} (¬3)، وليس هناك شك؛ بل أراد سبحانه -على ما ذكره بعضهم- تأديبَ عباده، وتنبيههم على أن الحقَّ إذا استثنى مع كمال علمه، فلا يجوز الحكمُ لأحدٍ من غير استثناءٍ (¬4)؛ لقصورِ علمه، وكذلك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لما خرج من المقبرةْ "وإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ (¬5) لَاحِقُونَ" (¬6). ¬
أو رسالةِ محمدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى غيرِ العربِ بما جَحَدهُ، أو قولِه: "أنا مسلمٌ" (¬1). ولا يُغني قوله: "محمدٌ رسولُ اللَّهِ" عن كلمةِ التوحيد -ولو من مُقِرٍّ به (¬2) -. ومن شُهِدَ عليه برِدَّةٍ -ولو بجحدٍ-، فأتَى بالشهادَتَيْنِ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولم يكن شاكًّا في الموت واللحوق بهم). انتهى المقصود. * قوله: (إلى غيرِ العرب)؛ كالعيسوية نسبة إلى عيسى الأصفهاني (¬3)، وهم فرقة من اليهود (¬4). * قوله: (أو قوله: أنا مسلم) عطفٌ على "إتيانه"، والمراد: مع إقراره بما ¬
لم يُكشَفْ عن شيءٍ: فلا يُعتَبرُ إقرارُه بما شُهِدَ عليه به؛ لصحتِهما من مسلمٍ، ومنه؛ بخلافِ توبةٍ من بدْعَةٍ (¬1). ويَكفِي جحدُه لردَّةٍ أقَرَّ بها، لا إن شُهِدَ عليه بها (¬2). وإن شُهِدَ أنه كفَر، فادَّعى الإكراهَ: قُبِلَ مع قرينةٍ فقط (¬3). ولو شَهد عليه بكلمةِ كفرٍ، فادَّعاهُ: قُبِل مطلقًا (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ جحده على قياس ما قبلها (¬5). وهو بحثُ صاحبِ المغني (¬6)، وهو وجيه (¬7)، فتدبر (¬8). * قوله: (فلا يعتبر إقرارُه بما شُهِدَ به عليه)؛ أي: بخلافِ ما أقرَّ به؛ لأن الشهادة -من حيث هي- تحتمل الصدقَ والكذبَ؛ بخلاف الإقرار، فلا مخالفةَ بينه وبين ما تقدَّم أولَ الفصل. * قوله: (مطلقًا)؛ أي: سواء كانت قرينة، أَوْ لا (¬9)؛ لجواز أن يكون حاكيًا ¬
وإن كُرِهَ ذِمِّيٌّ على إِقرارٍ بإسلامٍ: لم يَصِحَّ (¬1). وقولُ من شُهِدَ عليه: "أنا بريءٌ من كُلِّ دِينٍ يخالفُ دينَ الإسلام"، أو: "أنا مسلمٌ" توبةٌ (¬2). وإن كتبَ كافرٌ الشهادَتيْنِ: صار مسلمًا (¬3). ولو قال: "أسلمتُ"، أو: "أنا مسلمٌ"، أو: "أنا مؤمنٌ"، صار مسلمًا -فلو قال: "لم أُرِدِ الإسلامَ"، أو: "لم أعتقدْهُ"، أجبِرَ على الإسلام-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لها، أو غير معتقد ما يراد منها. * قوله: (وإن كتب كافرٌ الشهادتين، صار مسلمًا). قال الشيخ تقي الدين: (ومن شُفِعَ عنده في إنسان، فقال: لو جاء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يشفع فيه، ما قبلتُ منه، إن تابَ بعدَ القدرةِ عليه، قُتل (¬4)، لا قبلَها (¬5) -في أظهر قولَي العلماء-) (¬6). ¬
قد علم ما يُراد منه (¬1). وإن قال: "أنا مسلمٌ، ولا أنطِقُ بالشهادَتيْن"، لم يُحكَمْ بإسلامِهِ حتى يأتيَ بالشهادتيْن (¬2). و: "أَسْلِمْ وخُذ ألفًا، أو نحوَه"، فأسلَمَ، فلم يُعطِه، فأبَى الإسلامَ: قُتِل. وينبغي أن يَفِيَ (¬3). ومن أسلَمَ على أقلَّ من الخَمس: قُبِلَ منه، وأُمِرَ بالخَمْسِ (¬4). وإذا ماتَ مرتَدٌّ، فأقام وارثُه بيِّنةً أنه صلَّى بعدَها: حُكِم بإسلامه (¬5). ولا يبطُلُ إحصانُ مرتَدٍّ، ولا عبادةٌ فعَلَها قبلَ رِدَّتِه: إِذا تابَ (¬6). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (قد عُلم ما يُراد منه) المعنى (¬7) على التعليل، والتقدير: لأنه قد علم. . . إلخ. ¬
2 - فصل
2 - فصل ومن ارتدَّ، لم يَزُلْ مِلكُه (¬1)، ويَملِكُ بتملُّكٍ (¬2)، ويُمنعُ التصرُّفَ في مالِه. وتُقضَى منه ديونُه، وأُرُوشُ جناياتِه -ولو جناها بدارِ حربٍ، أو في فِئةٍ مرتدَّةٍ ممتنِعةٍ-، ويُنفَقُ منه عليه، وعلى مَنْ تَلزمُه نفقتُه (¬3). فإن أسلم، وإلا صار فَيْئًا من حينِ موتِه مرتدًّا (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ فصلٌ (¬5) * قوله (¬6): (أو في فئة (¬7) مرتدَّةٍ ممتنِعَةٍ)؛ أي: لهم قوة وشَوْكَة ومَنَعَةٌ يمنعون (¬8) عن أنفسهم بها. ¬
وإن لَحِقَ بدارِ حربٍ: فهو وما معه كحربِيِّ، وما بدارِنا: فَيءٌ من حينِ موتِه (¬1). ولو ارتدَّ أهلُ بلدٍ، وجَرى فيه حُكمُهم، فدارُ حربٍ: يُغنَمُ مالهُم، وولدٌ حَدَثَ بالردَّةِ (¬2). ويؤخذُ مرتدٌّ بحدٍّ أتاهُ في رِدَّتِه (¬3)، لا بقضاء ما تُرِكَ فيها من عبادةٍ (¬4). وإن لحِقَ زوجانِ مرتدَّانِ بدارِ حربٍ: لم يُستَرَقَّا، ولا مَن وُلِدَ لهما، أو حَمْلٌ قبلَ ردَّةٍ. ومن لم يُسلِمْ منهم: قُتِل (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أتاه) أي: [أتى] (¬6) موجبه، فهو من الحذف (¬7) والإيصال. * قوله: (قُتل)؛ أي: بعد أن يُستتاب (¬8). ¬
3 - فصل
ويجوزُ استرقاقُ الحادثِ فيها (¬1). ويُقَرُّ على كفرٍ بجزيةٍ (¬2). * * * 3 - فصل وساحرٌ يَركبُ المِكْنَسةَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فيها) (¬3)؛ (أي: في زمن ردَّةِ زوجينِ لحقا بدار حرب (¬4)؛ لأن ذلك الحادث كافرٌ وُلد بين كافرين، وليس بمرتدٍّ. نَصًّا). شرح (¬5). فصلٌ (¬6) * قوله: (وساحرٌ) السحر لغةً: صرفُ الشيء عن وجهه (¬7)، ¬
فتسيرُ به في الهواء -ونحوُه- كافرٌ؛ كمعتقدٍ حِلَّه (¬1). لا من يَسحَرُ بأدويةٍ، وتدخينٍ، وَسَقْيِ شيءٍ يَضُرُّ -ويُعزَّرُ بليغًا (¬2) -، ولا من يُعَزِّمُ على الجِنِّ، ويزعمُ: أنه يَجْمَعُها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واصطلاحًا: مزاولةُ النفوسِ (¬3) الخبيثةِ لأقوالٍ وأفعالٍ يترتَب عليها أمورٌ خارقةٌ للعادة (¬4). قال في شرحه: (وهو عُقَد ورُقًى، وكلامٌ يتكلَّم به مَنْ سَحَر (¬5)، أو يكتبه، أو يعمل شيئًا يؤثر في بدن المسحور، أو قلبه، أو عقله، من غير مباشرة له، وله حقيقةٌ، فمنه ما يقتل، ومنه ما يمرض، ومنه ما يأخذ الرجلَ عن امرأته (¬6)، فيمنعه من وطئها، ومنه ما يفرق به بين المرء وزوجه، وما يبغِّضُ أحدَهما في الآخر، وما يُحببه) (¬7). * قوله: (ونحوُه)؛ كالذي يدَّعي أن الكواكب تخاطبه (¬8). ¬
وتُطيعه (¬1)، ولا كاهنٌ، وعَرَّافٌ، ومنجِّمٌ (¬2). ولا يُقْتَلُ ساحرٌ كِتابِيٌّ أو نحوُه (¬3). ومُشَعْبِذٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا كاهنٌ)، وهو الذي له رِدْء (¬4) من الجن يأتيه بالأخبار (¬5). * قوله: (وعَرَّافٌ)، وهو (¬6) الذي يَخْرصُ ويتخَرَّص (¬7). * قوله: (ومنجِّمٌ)، وهو الذي ينظر في النجوم، ويستدلُّ بها على الحوادث (¬8). * قوله: (ومُشَعْبِذٌ) (¬9) مبتدأ،. . . . . . ¬
وقائِلٌ بزَجْرِ طيرٍ، وضاربٌ بحصًا وشعيرٍ وقِدَاحٍ، إن لم يَعتقِد إباحتَه، وأنه يَعلم به الأمورَ المغيَّبةَ: عُزِّرَ، ويُكَفُّ عنه، وإلا: كُفِّر (¬1). ويحرُم طِلَّسْمٌ، ورُقْيةٌ بغيرِ العربيِّ (¬2). ويجوز الحَلُّ بسحرٍ ضرورةً (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ وقوله: (إن لم يعتقدْ إباحَتَه) خبر المبتدأ (¬4). والشعبذة (¬5): خِفَّةٌ في الأيدي (¬6). * قوله: (وقائلٌ بزجرِ طيرٍ، وضارب بحصًا). لَعَمرُكَ مَا تَدْرِي الضَّوَارِبُ بِالحَصَا ... وَلَا زَاجِراتُ الطِّيرِ مَا اللَّهُ صَانِعُ * قوله: (ويجوز الحَلُّ بسحرٍ ضرورةً)، ويؤخذ منه: جوازُ تعلُّمِه وتعليمِه لأجل ذلك؛ لا لأجل الإضرار به. وبه صرح في الفروع (¬7). ¬
والكفارُ: أطفالُهم، ومن بَلَغَ منهم مجنونًا، معهم في النار (¬1). ومن وُلدَ أَعْمَى أَبْكَمَ أَصَمَّ، فمعَ أبوَيْه: كافرَيْنِ، أو مسلمَيْنِ -ولو أسلَما بعدَما بَلَغَ (¬2) -. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (معهم في النار) هو قولٌ من أقوالٍ عشرةٍ في المسألة (¬3). * * * ¬
32 - كتاب الأطعمة
32 - كِتَابُ الأَطْعِمَةَ
(32) كِتَابُ الأَطْعِمَةِ واحدُها: "طَعَامٌ"، وهو: ما يُؤْكَلُ ويُشْرَبُ (¬1). وأصلُها: الحِلُّ، فيَحِلُّ كلُّ طعامٍ طاهرٍ لا مَضَرَّةَ فيه (¬2)، حتى المِسكُ ونحوُه (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ كتابُ الأَطْعِمَةِ * قوله: (وأصلُها الحِلُّ)؛ أي: بناء على أن الأصل في الأشياء الإباحة (¬4). ¬
ويحرُم نَجِسٌ؛ كدمٍ وميتةٍ، ومُضِرٌّ؛ كسُمٍّ (¬1). ومن حيوانِ البَرِّ: حُمُرٌ أهليَّةٌ (¬2)، وفيلٌ (¬3). وما يَفترِسُ بنابِهِ؛ كأسدٍ، ونَمِرٍ، وذِئْبٍ، وفَهْدٍ، وكلبٍ، وخنزير، وقردٍ (¬4)، ودُبٍّ (¬5)، ونمس، وابنِ آوَى، وابنِ عِرْسٍ (¬6). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
وسِنَوْرٍ مُطْلَقًا (¬1)، وثعلبٍ (¬2)، وسِنْجابٍ (¬3)، وسَمّورٍ -وفَنَكٍ- (¬4). سوى ضَبُعٍ (¬5). ومن طيرٍ: ما يَصيدُ بِمِخْلَبِه؛ كعُقَابٍ، وبازٍ، وصَقْرٍ، وباشِقٍ، وشاهينٍ، وحِدَأَةٍ، وبُومَةٍ (¬6). وما يأكلُ الجِيَفَ (¬7)؛ كنَسْرٍ، ورَخَمٍ، ولَقْلَقٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * وقوله: (وسِنَّوْرٌ مطلقًا) أهليًا كان أو وحشيًا (¬8). * قوله: (وفَنَك) -بفتح الفاء والنون (¬9) -. ¬
وعَقْعَقٍ -وهو: القاق-، وغُرابِ البَيْنِ، والأَبقعِ (¬1). وما تَسْتَخْبِثُه العَرَبُ ذَوُو اليَسارِ (¬2)؛ كوَطواطٍ -ويسمَّى: "خُفَّاشًا" و"خُشَّافًا"- وفأرٍ (¬3)، وزُنْبُورٍ، ونحْلٍ (¬4)، وذُبابٍ، ونحوِها (¬5)، وهُدْهُدٍ، وصُرَدٍ (¬6)، وغُدَافٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (عقعق، وهو القاق) (¬7) نوعٌ من الغربان، ذنبه طويل، تتشاءم به العرب (¬8)، والظاهر: أن عطف غرابِ البينِ عليه تفسيريٌّ، فليراجعْ، وليحرَّرْ. * قوله: (وغُداف)، وهو غراب الغَيْط (¬9) (¬10)،. . . . . . ¬
وخُطّافٍ (¬1)، وقُنْفُذٍ، وحيةٍ، وحشراتٍ (¬2). وكلُّ ما أمَر الشرعُ بقتلِه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعلى هذا، فغراب (¬3) الغيط (¬4) غيرُ غرابِ الزرعِ؛ إذ الثاني مباحٌ -على ما سيأتي (¬5) -. * قوله: (وكلُّ ما أمر الشرعُ (¬6) بقتلِه)؛ كالفواسق [الخمس (¬7)] (¬8). ¬
أو نَهى عنه (¬1). وما تولَّدَ من مأكولٍ وغيرِه؛ كبغلٍ، وسِمْعٍ -وَلَدُ ضَبُعٍ من ذئبٍ-، وعِسْبارٍ -وَلَدُ ذِئبةٍ من ضِبْعانٍ (¬2) -. وما تجهلُه العربُ، ولا ذُكِرَ في الشرع: يُرَدُّ إلى أقربِ الأشياءِ شَبَهًا به. ولو أشْبَهَ مباحًا ومحرَّمًا: غُلِّبَ التحريمُ (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (من ضِبْعان) -بكسر الضاد وسكون الباء (¬4) -. * قوله: (وما تجهلُه العربُ) مبتدأ خبرُه قوله: "يرد". . . إلخ. * قوله: (إلى (¬5) أقربِ الأشياءِ شبهًا به)؛ أي: المتعارفة بالحجاز (¬6)؛ لأنها (¬7) محل العرب. * قوله: (غُلِّبَ التحريمُ)؛ أي: احتياطًا (¬8)، لا لأن الأصل (¬9) في الأشياء ¬
1 - فصل
وما تولَّدَ من مأكولٍ طاهرٍ: كذُبابِ باقِلَّاءَ، ودودِ خَلٍّ، ونحوِهما يؤكل تَبَعًا، لا أصلًا (¬1). وما أَحَدُ أَبَوَيْهِ المأكولَيْنِ مغصوبٌ: فكأمِّه (¬2). * * * 1 - فصل ويُباحُ ما عدا هذا، كبهيمةِ الأنعام. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحظرُ؛ لئلا يخالف ما أسلَفَه، فتدبر. * قوله: (لا أصلًا)؛ [أي] (¬3): لا منفردًا (¬4). * قوله: (فكأمِّهِ)؛ تنزيلًا للغصبِ منزلةَ الرقِّ [وعدمِه منزلةَ الحريةِ] (¬5)، والولدُ يتبع أُمه في الرقِّ والحرية. فصلٌ (¬6) ¬
والخيلِ، وباقي الوحشِ (¬1)؛ كزَرَافةٍ (¬2)، وأرنبٍ (¬3)، ووَبْرٍ، ويَرْبُوعٍ (¬4)، وبَقَرِ وَحْشٍ، وحُمُرِه، وضَبٍّ، وظِباءٍ، وباقي الطيرِ؛ كنَعامٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (كزَرافة)، قال في مختار الصحاح: ([الزرافة -بضم] (¬5) الزاي وفتحها، مخففة الفاء-: دابة). انتهى (¬6)، واقتصر ابن هشام في شرح الشذور على الفتح، ثم قال: (وقد عاب عَليَّ بعضُ الجُهَّال ما جزمتُ به من فتح الزاي، وقال: فيها الفتحُ والضمُّ، فبينت له أن هذه اللفظة (¬7) ذكرها أبو منصور موهوبُ بنُ (¬8) الجواليقيِّ (¬9) (¬10) في كتابه (فيما يغلط فيه العامة)، فقال في باب ما جاء مفتوحًا ¬
ودجَاجٍ، وطاوسٍ، وبَبَّغاء -وهي: الدُّرَّةُ-، وزاغٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والعامة تضمُّه، ما نصه: وهي الزَّرافة -بفتح الزاي (¬1) - لهذه الدابة [التي] (¬2) جُمعت فيها خِلَقٌ شتَّى، مأخوذة من قولهم للجمع من الناس: زرافة -بالفتح-، وهو الوجه، والعامة تضمها. انتهى كلامه (¬3). واللغات الشاذة لا تحصى، وإنما يعوَّل على ما عليه الفصحاء الموثوق بلغتهم).انتهى (¬4). * قوله: (ودجاجٌ) في مختار الصحاح: (والدجاج معروف، وفتحُ الدال أفصحُ من كسرها، الواحدةُ دَجاجة، ذكرًا كان أو أنثى، والهاء للإفراد؛ كحمامة، وبطة؛ ألا ترى (¬5) قول جرير (¬6): لَمَّا تَذَكَّرْتُ بِالدَّيْرَيْنِ (¬7) أَرَّقَنِي ... صَوْتُ الدَّجَاجِ وَضَرْبٌ بِالنَّوَاقِيسِ (¬8) (¬9) ¬
وغرابِ (¬1) زَرْعٍ (¬2). ويَحِلُّ (¬3) كُلُّ حيوانٍ بحريٍّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنما يعني: زقاءَ (¬4) الديوك) انتهى (¬5). والذي يخلص من كلامه: أن دجاج في داله الفتح والكسر، وأن الفتح أفصحُ، ودَجاجة في داله الفتحُ لا غير، أو أنه مثلُه، وسكت عن الضم فيهما، وفي [شرح] (¬6) الشذور لابن هشام: أنه ممنوع (¬7) في الدجاجة؛ لكنه ضعيف، فراجعه إن شئت (¬8). * قوله: (وغرابُ زَرْعٍ)، (فهو غيره، وقيل: هما شيء واحد) (¬9). حاشية (¬10). ¬
غيرَ ضِفْدِعٍ (¬1)، وحيَّةٍ (¬2)، وتِمْساحٍ (¬3) (¬4). وتحرُم الجَلَّالةُ-: التي أكثرُ عَلَفِها نَجاسةٌ- ولَبنُها وبَيْضُها، حتى تُحبسَ ثلاثًا، وتُطعَمَ الطاهرَ فقط (¬5). ويكرهُ ركوبُها (¬6). ويُباح أن يُعْلَفَ النجاسةَ ما لا يُذبَحُ أو يُحلَبُ قريبًا (¬7). وما سُقِيَ، أو سُمِّدَ بنجسٍ -من زرعٍ وثمرٍ- محرَّمٌ حتى يُسقَى بعدَه بطاهرٍ يَسْتهلِك عينَ النجاسةِ (¬8). ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
2 - فصل
ويُكرهُ أكلُ ترابٍ، وفحمٍ (¬1) وطينٍ (¬2)، وغُدَّةٍ، وأُذُنِ قلبٍ (¬3)، وبصلٍ، وثُومٍ ونحوهما (¬4) -ما لم يَنْضَج بطبخٍ- وحَبٍّ ديسَ بِحُمُرٍ. ومداومةُ كلِ لحمٍ، وماءُ بئرٍ بينَ قبورٍ، وشَوْكُها، وبَقْلُها. لا لحمٌ نَيءٌ ومُنْتِنٌ (¬5) * * * 2 - فصل ومَنِ اضطُرَّ -بأنْ خافَ التلفَ-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ونحوهما)؛ كدخانٍ ما لم يضرَّ، فإن أضر (¬6) شاربَه، حَرُم إجماعًا (¬7). فصلٌ (¬8) ¬
أَكَلَ وجوبًا من غيرِ سُمٍّ، ونحوِه: من محرَّمٍ (¬1) -ما يَسُدُّ رمقَه فقط (¬2) -، إن لم يكن في سفرٍ محرَّمٍ (¬3). فإن كان فيه -ولم يَتُبْ- فلا، وله التزوُّدُ: أن خاف، ويجب تقديمُ السؤالِ على أكله (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أكلَ وجوبًا) لعل "أكل" مستعملٌ في معنى "تناولَ"، أو "طَعِمَ"، فيشمل الشربَ أيضًا؛ إذ الأكلُ ليس بقيد (¬5). * قوله: (ويجب تقديمُ السؤالِ على أكلِه) خالف الشيخ تقي الدين، فقال بعد وجوبه (¬6): لما فيه [من] (¬7) المسألة، وهو حسن. ¬
وإن وجَد مَيْتَةً، وطعامًا يَجهلُ مالكَه؛ أو ميتةً وصيدًا حيًّا (¬1)، أو بَيضَ صيدٍ سليمًا -وهو مُحْرِمٌ- قدَّم الميتةَ، ويقدَّمُ عليها لحمُ صيدٍ ذبَحَهُ مُحْرِمٌ (¬2)، ويقدِّمُ على صيدٍ حيٍّ طعامًا يَجهل مالِكَه (¬3). ويقدِّم مضطرٌّ مَيْتَةً مختلَفًا فيها، على مجمَعٍ عليها (¬4). ويَتحرَّى في مُذَكَّاةٍ اشتَبهتْ بميتةٍ (¬5). ومن لم يجد إلا طعامَ غيره: فرَبُّه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإن وجد ميتةً)؛ أي: من غير آدميٍّ، أو من آدميٍّ لكن غير معصوم؛ بدليل ما يأتي (¬6). * قوله: (مطلقًا)؛ أي: مُحْرِمًا أو غيرَه (¬7). * قوله: (ومن لم [يجد] (¬8) إلا طعامَ غيرِه. . . إلخ]) تأمَّلْ هذه العبارة من ¬
-المضطَرُّ (¬1)، أو الخائفُ أن يُضْطَرَّ- أَحَقُّ به (¬2)، وليس له إيثارُه (¬3). وإلا: لزمه بدلُ ما يَسُدُّ رمقَه بقيمتِه (¬4)، ولو في ذمةِ معسرٍ (¬5). فإن أبى: أخَذه بالأسهلِ، ثم قهرًا، ويُعطيه عوضَه يومَ أخذِه (¬6). فإن منَعه: فله قتالُه عليه (¬7). فإن قُتِل المضطرُّ: ضَمِنَه ربُّ الطعام؛ بخلاف عكسِه (¬8). ـــــــــــــــــــــــــــــ جهة العربية، ولعلها على حذف العائد، والأصل: فربُّه (¬9) -المضطر أو. . . إلخ- ¬
وإن منَعَه إلا بما فوقَ القيمةِ، فاشتراه منه بذلك؛ كراهةَ أن يجريَ بينهما دمٌ، أو عجزًا عن قتالِه: لم يلزمه إلَّا القيمةُ (¬1). وكان للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أخذُ الماء من العطشان، وعلى كُلِّ أحدٍ أن يَقِيَهُ بنفسِه ومالِه، وله طلبُ ذلك (¬2). ومن اضطُرَّ إلى نفعِ مالِ الغيرِ مع بقاءِ عينه: وجبَ بذلهُ مجانًا مع عدمِ حاجتِهِ إليه (¬3)، ومن لم يجدْ إلا آدميًا مباحَ الدم؛ كحربيٍّ، وزانٍ محصَنٍ، فله قتلُه وأكلُه (¬4) لا أكلُ معصومٍ ميتٍ (¬5)، أو عضوٍ من أعضاءِ نفسِه (¬6). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ أحقُّ به منه، وفي مناظرة ابن هشام مع التقي السبكي: أن مثله لا يحتاج إلى تقدير، ويكفي العمومُ في الربط. ¬
3 - فصل
3 - فصل ومن مَرَّ بثمرةِ بستانٍ -لا حائِطَ عليه، ولا ناطِرَ- فلهُ الأكلُ (¬1)، ولو بلا حاجةٍ (¬2) مجانًا (¬3) -لا صعُودُ شجرِه، ولا ضربُه أو رميُه بشيءٍ-، ولا يَحمِلُ (¬4). ولا يأكلُ من مجنيٍّ مجموعٍ إلا لضرورةٍ (¬5). وكذا زرعٌ قائمٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل (¬6) * قوله: (ولا ناطِرُ) (¬7) -بالطاء المهملة-: من النطارة (¬8) وهي حفظُ البستان (¬9). * قوله: (وكذا زرعٌ قائمٌ)؛. . . . . . ¬
وشربُ لبنِ ماشيةٍ (¬1)، وألحَقَ جماعةٌ بذلك باقِلَّا، وحِمِّصًا أَخْضَرَيْنِ (¬2)، المنقِّحُ: "وهو قويٌّ" (¬3). ويَلزمُ مسلمًا ضيافةُ مسلمٍ مسافرٍ (¬4) في قريةٍ -لا مصرٍ (¬5) - يومًا وليلةً (¬6)، قَدْرَ كفايتِه مع أُدْمٍ، وإنزالُه ببيتِه مع عدمِ مسجدٍ وغيرِه (¬7). ـــــــــــــــــــــــــــــ (أي: زرعُ [بُرٍّ]) (¬8) حاشية (¬9). ¬
فإن أبَى: فللضيف طلبُه به عندَ حاكمٍ (¬1). فإن تعذَّر: جاز له الأخذُ من مالِه (¬2). وتُستحبُّ ثلاثًا، وما زاد: فصدقةٌ (¬3). وليس لِضيفانٍ قسمةُ طعامٍ قُدِّمَ لهم (¬4). ومن امتَنَع من الطيبَاتِ -بلا سببٍ شرعيٍّ- فمبَتَدعٌ. وما نُقِل عن الإمام أحمدَ: "أنه امتنعَ من البِطّيخِ؛ لعدمِ علمِه بكيفيَّةِ أكلِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-"، فكذبٌ (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وتُستحب ثلاثًا)؛ أي: تستحب الزيادةُ على الواجب إلى ثلاث، وهذا ما أشار إليه الشارح بقوله: (المراد: يومان مع اليوم الأول) (¬6). * * * ¬
1 - باب الذكاة
1 - بابُ الذَّكاةِ وهي: ذَبْحُ -أو نَحْرُ- حيوانٍ مقدورٍ عليه، مباحٍ أكلُه، يَعيشُ في البَرِّ -لا جَرادٍ ونحوِه- بقطعِ حُلقُومٍ ومَرِيءٍ، أو عَقْرُ ممتنِعٍ (¬1). ويُباحُ جرادٌ ونحوُه، وسمكٌ، ومَا لا يعيشُ إلا في الماء بدونِها (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ الذَّكاةِ * قوله: (ونحوه)؛ كالدَّبَى (¬3). * قوله: (بقطعِ حلقومٍ) الباء إما للتصوير، وهو ظاهر، وإما للسببية؛ فإن العامَّ يتحقق بسبب تحقق الخاصِّ. ¬
لا ما يعيش فيه وفي بَرٍّ، إلا بها (¬1). ويحرُمُ بلعُ سمكٍ حيًّا. وكُرِهَ شَيُّه حَيًّا، لا جرادٍ (¬2). وشروطُ ذكاةٍ أربعةٌ (¬3): ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا ما يعيش (¬4) فيه وفي بَرٍّ)؛ كالسلحفاة (¬5)، وكلب الماء (¬6)، قيل: وفرس (¬7) البحر. * قوله: (لا جراد)؛ أي: لا يكره شَيُّه حَيًّا (¬8). وبخطه: مقتضى قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تُعَذِّبُوا بِالنَّارِ؛ فإِنَّهُ لا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إِلَّا رَبُّهَا" (¬9): ¬
1 - أحدُها: كونُ فاعلٍ عاقلًا؛ ليصحَّ قصدُ التَّذْكِيَةِ، ولو متعدِّيًا، أو مُكْرَهًا (¬1) أو مُمَيِّزًا، أو قِنًّا، أو أُنثى، أو جُنُبًا، أو كِتابِيًّا (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنه (¬3) يحرم شَيُّ كلٍّ من السمكِ والجرادِ [حيًا] (¬4)، فراجع: شرح (¬5) الآداب الشرعية للحجاوي. * قوله: (أحدُها: كونُ فاعلٍ. . . إلخ)؛ أي: ذابحِ، أو ناحرِ، أو عاقرِ (¬6). * قوله: (ليصحَّ قصدُ التذكية)؛ أي: ليتأتَّى، وعلى هذا، فقصدُ التذكية هو الشرط في الحقيقة، والكونُ (¬7) عاقلًا شرطٌ في وجوده (¬8). وبخطه: يؤخذ منه: أن قصد التذكية شرطٌ، ولم يذكره في عِدادها (¬9). * قوله: (ولو متعدِّيًا. . . إلخ) يؤخذ من شرح المصنف: أنه أتى بـ "لو" للإشارة إلى الخلاف في بعض المذكورات، وإلى التعميم في بعضها؛ فإنه قال بعد قوله: ¬
-ولو حربيًّا، أو من نصارى بني تَغْلِبَ (¬1) -. لا مَنْ أحدُ أَبوَيْهِ غيرُ كتابيٍّ، ولا وثنيٌّ، ولا مجوسيٌّ، ولا زِنديقٌ، ولا مرتدٌّ، ولا سكرانُ (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ (ولو متعديًا (¬3) أو مكرهًا): (على الصحيح من المذهب، وعليه أكثرُ الأصحاب) (¬4)، وقال بعد قوله (¬5): (أو كتابيًا أو حربيا) (¬6) ما نصه: (قال في شرح المقنع: أجمع أهلُ العلم على إباحة ذبائح أهل الكتاب) إلى أن قال: (وسئُل أحمدُ عن ذبائح النصارى [أ] هل الحرب، فقال: لا بأس بها). انتهى (¬7). فتكون (¬8) "لو" هنا للتعميم، وقال بعد قوله: [(أو من نصارى بني تغلب): (على الأصح)، ولم يشر إلى الخلاف في قوله:] (¬9) ([لا] (¬10) مَنْ أحدُ أبويه غيرُ كتابيٍّ)، ولا فيما بعده، فيكون فيه للتعميم أيضًا (¬11)، فتدبَّر. ¬
فلو احتَكَّ مأكولٌ بمحدَّدِ بيدِه: لم يَحِلَّ. ولا يُعتَبرُ قصدُ الأكل (¬1). 2 - الثاني: الآلةُ: فيَحِلُّ بكلِّ محدَّدٍ -حتى حجرٍ، وقصَبٍ، وخشبٍ، وذهبٍ وفضةٍ، وعظمٍ غير سِنٍّ وظُفرٍ (¬2) - ولو مغصوبًا (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لم يحلَّ)، والظاهر: أن مثلَه لو طمح (¬4) عليه حيوان، فرماه بمحدَّد، فأصاب مذبَحَه: أنه لا يحلُّ؛ لعدمِ قصدِ التذكية (¬5). * قوله: (ولا يعتبر قصدُ الأكل) اكتفاءً بنيةِ التذكية (¬6) (¬7). * قوله: (غيرَ سِنٍّ) يؤخذ من الاستثناء: إن كان من عظم، وكان متصلًا (¬8): أن السن عظمٌ، لا عصبٌ، وهو قولٌ في المسألة. أما إن كان من مُحَدَّدٍ (¬9)، فالاستثناء متصلٌ مطلقًا، سواء قلنا: إن السنَّ عظمٌ أو عصبٌ. ¬
3 - الثالثُ: قطعُ حُلْقومٍ ومَرِيءٍ، لا شيءَ غيرهما (¬1)، ولا إبانَتُهما (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (الثالثُ: قطعُ حلقومٍ) مجرى النَّفَس (¬3). * قوله: (ومريءٍ) (¬4) مجرى الطعام والشراب (¬5). * قوله: (لا شيءَ غيرهما)؛ كالودجين (¬6)، فلا يُشترط قطعُهما، ولا قطعُ شيءٍ منهما (¬7). * قوله: (ولا إبانَتُهما)؛ أي: الحلقوم والمريء (¬8). ¬
ولا يضرُّ رفعُ يدهِ (¬1): إن أتَمَّ الذكاةَ على الفورِ (¬2). والسُّنَّةُ: نحرُ إبلٍ بطَعْنٍ بمُحَدَّدٍ (¬3) في لَبَّتِها، وذبحُ غيرِها (¬4). ومَنْ عكَس: أَجْزَأَ (¬5). وذكاةُ ما عُجِزَ عنه؛ كواقعٍ في بئرٍ، ومتوحِّشٍ: بجَرحِه حيثُ كان. فإن أعانه غيرُه؛ ككون رأسِه بماءٍ، ونحوِه: لم يَحِلَّ (¬6). وما ذُبح من قَفاهُ (¬7) -ولو عمدًا-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (في لَبَّتِها) -بفتح اللام-؛ أي: نحرِها (¬8). وبخطه: اللهبة (¬9): الوَهْدَة بين أصل الصدرِ والعنقِ (¬10)، وعبر عنها في ¬
إن أتت الآلةُ على محلِّ ذبحِه، وفيه حياةٌ مستقِرَّةٌ: حَلَّ. وإلا: فلا (¬1). ولو أبانَ رأسَه: حَلَّ مطلقًا (¬2). ومُلتَوٍ عنقُه، كمعجوزٍ عنه (¬3). وما أصابه سببُ الموت. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصحاح بالنحر (¬4). * قوله: (على محلِّ ذبحِه)، وهو الحلقومُ والمريءُ (¬5). * قوله: (مطلقًا)، سواء كان مبدأُ (¬6) القطع من جهة قفاه، أو وَجْهه، أو غيرِهما (¬7)، وسواء أتت (¬8) الآلةُ على محل الذبح وفيه حياة مستقرة، أو لا، على الأصح (¬9). ¬
من مُنْخَنِقَةٍ، ومَوْقُوذَة، ومُتَرَدِّيَةٍ، ونَطِيحةٍ، وأكيلةِ سَبُعٍ (¬1). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (من منخَنِقَةٍ)، وهي الميتةُ خنقًا (¬2)، وهذا ليس مرادًا؛ بدليل التفصيل الآتي، وكذا يقال في: "مَوْقوذَة"، "ونَطيحَة". * قوله: (وموقوذة)، وهي المقتولةُ ضربًا (¬3). * قوله: (ومتردِّيَة) وهي الساقطةُ من علوٍ إلى أسفل، فماتت. جلالين (¬4). * قوله: (ونطَيحة)، وهي المقتولة بنطح غيرِها لها. قاله في الجلالين (¬5). * قوله: (وأَكيلةِ سَبُعٍ)؛ أي: ما أكل السبعُ منه (¬6). ¬
ومَريضَةٍ (¬1)، وما صِيدَ بشبكةٍ أو شَرَكٍ، أُو أحْبُولَةٍ، أو فَخٍّ، أو أنقذَهُ من مَهْلَكَةٍ، فَذكَّاهُ، وحياتُه تُمكنُ زيادتُها على حركةِ مذبوحٍ: حَلَّ (¬2). والاحتياطُ: مع تحرُّكِه، ولو بيدٍ، أو رجلٍ، أو طَرفِ عينٍ، أو مَصْع ذَنَبٍ، ونحوِه. وما وُجِد منه ما يُقارِبُ الحركةَ المعهودةَ في الذبحِ المعتادِ -بعدَ ذبحِه- دَلَّ على إمكانِ الزيادةِ قِبلَه (¬3). وما قُطعَ حُلقومُه، أو أُبينتْ حُشْوَتُه (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (والاحتياطُ مع تحرُّكه)؛ أي: ألا يؤكل إلا مع تحركه بعد الذبح. . . إلخ (¬5) (¬6)، وهو الذي مشى عليه صاحب الإقناع (¬7). * قوله: (دلَّ على إمكان الزيادة قبلَه)؛ أي: فيحل (¬8). ¬
ونحوُه: فوجودُ حياتِه كعدمِها (¬1). 4 - الرابعُ: قولُ: "بسم اللَّه" عندَ حركةِ يدِه بذبحٍ (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله] (¬3): (فوجودُ حياتِه كعدمِها)؛ أي: فلا يحل (¬4). * قوله: (الرابعُ: قولُ: بسم اللَّه)؛ أي: قولُ الذابح، على ما (¬5) في الإقناع صريحًا هنا (¬6)، وعلى ما يأتي صريحًا في قول المصنف آخر الباب: "ولو جُهلت (¬7) تسميةُ (¬8) ذابحٍ" (¬9)، وكما هو ظاهرُ كلامِ المنتخَب، وعلى هذا، فلو تركها المذكِّي قصدًا، لم يحلَّ المذبوحُ عندنا -ولو وجدت التسميةُ [من] (¬10) غيره-، فليحرر. * قوله: (عندَ حركةِ يدهِ بذبحٍ) (وإذا لم يعلم هل سمى الذابحُ على الذبيحة، ¬
ويُجزئُ بغير عربيةٍ -ولو أحسنَها (¬1) -، وأن يُشيرَ أخرسُ (¬2). ويُسَنُّ معه التكبيرُ (¬3)، لا الصلاةُ على النبِي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬4). ومن بَدَا له ذبحُ غيرِ ما سمَّى عليه: أعادَ التسميَةَ (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ أو لا، فهي حلالٌ). حاشية (¬6). * قوله: (ولو أَحْسَنَها)؛ أي: العربية؛ لأن المقصودَ الذكرُ، وقد حصل؛ بخلاف الصلاة، فلا تنعقد بغير العربية؛ لأن المقصودَ اللفظُ (¬7). قال شيخنا: (قلت: مقتضى هذا التعليل والفرق: أنها تجزئ (¬8) في نحو الوضوء بغير العربية لمن يحسنها، ولم أجده). حاشية (¬9). ¬
وتسقُطُ بِسَهْوٍ (¬1)، لا جهلٍ (¬2). ويَضمَنُ أجيرٌ تَرَكَها: إن حرُمت (¬3). ومن ذكرَ معَ اسمِ اللَّه تعالى اسمَ غَيرِهِ: حَرُمَ، ولم تَحِلَّ (¬4). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وتسقط بسهو) (¬5) انظر: لو تذكرها في الأثناء، هل يجب فيما بقي؟. * قوله: (إن حرمت)؛ بأن كان التركُ عمدًا لمن يقول بوجوبها؛ كالحنبلي دون الشافعي الذي يرى عدم وجوبها (¬6). فتدبر. وكذا لو كان التركُ جهلًا؛ كما هو مقتضى قول المصنف: (وتسقط بسهوٍ لا جهلٍ) (¬7). * قوله: (ومَنْ ذكرَ مع اسم اللَّه تعالى اسمَ. . . إلخ) لعله بنى على أن معنى ¬
1 - فصل
1 - فصل وذكاةُ جَنينٍ مُباح خرَجَ ميتًا، أو متحرِّكًا كمذبوح -أشَعَرَ، أوْ لَا- بتَذْكِيةِ أُمَّهِ (¬1). واستَحَبَّ أحمدُ ذَبْحَه (¬2). ولم يُبَحْ -معَ حياةٍ مستقِرَّةٍ- إلا بذبحِه (¬3). ولا يؤثِّرُ محرَّمٌ: -كسِمْعٍ- في ذكاةِ أُمِّه (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله تعالى: {وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ} (¬5)، إمَّا وحده، أو مع اسم اللَّه (¬6). فصل (¬7) * قوله: (ولا يؤثر (¬8) مُحَرَّمٌ كسِمْعٍ (¬9) في ذكاةِ أُمَّه)؛ يعني: لا تؤثر حرمةُ ¬
ومن وَجأَ بطنَ أُمِّ جَنينٍ مُسَمِّيًا، فأصابَ مَذْبَحَه: فهو مُذَكًّى، والأمُّ مَيْتَةٌ (¬1). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ أكله في حِلِّ أكلِ أُمه بذكاتها (¬2)، أو لا تؤثر حرمةُ ذكاته في ذكاة أمه، بل ذكاتُها مباحةٌ (¬3)، وغيرُ مقتضيةٍ لحلِّ الجنين، فليست ذكاة للجنين المحرمِ الأكلِ [حتى تكون محرمةً، والتنوينُ في "محرَّمٌ" عوضٌ عن المضاف إليه؛ أي: محرم الأكل] (¬4). * قوله: (مُسَمِّيًا)، ولو كان قاصدًا بالتسمية الأمَّ فقط؛ لأنهما كشيء واحد؛ بدليل ما سلف من أن تذكيتها تذكيةٌ له، وليس هذا كما إذا سمى على حيوان، وعَنَّ لَهُ ذبحُ غيره من غير تسمية على الثاني؛ لأن كلًّا من الحيوانين مستقلٌّ له حكمُ نفسه، ففرق بين المسألتين، فتدبر. * قوله: (والأمُّ ميتةٌ)؛ أي: إن كان ذلك في حال القدرة على قطع الحلقوم والمريء ولم يفعله، وإلَّا، حلَّت الأخرى كما سلف، وأشار إليه الشارح هنا بقوله: (لفواتِ شرطِ الذكاة، وهو قطعُ الحلقوم والمريءِ مع القدرة). انتهى (¬5). ¬
2 - فصل
2 - فصل ويُكرهُ الذبحُ بآلةٍ كالَّةٍ، وحَدُّها والحيوانُ يراهُ، وسلخُه أوكسرُ عنقِه قبلَ زُهوقِ نَفْسِه (¬1)، ونفخُ لحمٍ يُباعُ (¬2). وسنَّ توجيهُهُ للقِبْلَة على شِقِّه الأيسرِ، ورِفْقٌ به، وحَملٌ على الآلَةِ بقُوَّةٍ، وإسراعٌ بالشَّحْطِ (¬3). وما ذُبح فغَرِقَ، أو تَرَدَّى من عُلُوٍّ، أو وَطئَ عليه شيءٌ يَقتُله مثلُه: لم يَحِلَّ (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ فصلٌ (¬5) * قوله: (وإسراعٌ بالشَّحْطِ)؛ أي: القطع (¬6). * قوله: (وما ذُبح، فغرقَ. . . إلخ) انظر: هل هذا مكرر مع قوله: "فإن أعانه غيرُه؛ ككون رأسه بما [ءٍ] ونحوه، لم يحلَّ" (¬7)، ويمكن الفرقُ بحمل الأول ¬
وإن ذبَحَ كتابيٌّ ما يحرمُ عليه يقينًا؛ كذي الظُّفُر (¬1)، أو ظَنًّا، فكان [أوْ لَا] (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على المعين (¬3) المقارن، وحملِ ما هنا على المعين (¬4) المتأخر (¬5)؛ بدليل العطف بالفاء؛ فإنها تقتضي تأخرَ المعطوف عن المعطوف [عليه] مع الفورية (¬6). * قوله: (كذي (¬7) الظُّفُر)، وهو ما ليس بمنفرِجِ الأصابعِ؛ كالنعام، والبطِّ، والإبل، وما ليس بمشقوق الأصابع (¬8). * قوله: (فكان)؛ أي: كما ظن من التحريم (¬9). * قوله: (أوْ لَا)؛ أي: أو لم يكن كما ظن؛ بل تبين كونه حلالًا له (¬10). ¬
كحال الرِّئةِ ونحوِها (¬1)، أو لِعيدِهِ، أو لِيَتَقَرَّبَ به إلى شيءٍ يُعَظّمُه، لم يحرُم علينا: إذا ذَكر اسمَ اللَّه تعالى فقط عليه (¬2). وإن ذبَح ما يَحِلُّ له: لم تحرُم علينا الشُّحُومُ المحرَّمةُ عليهم، وهي: شحمُ الثّرْبِ، والكُلْيتَيْنِ؛ كذبحٍ حنفيٍّ حيوانًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (كحالِ الرئةِ) (¬3) (¬4)؛ فإن حالَ الرئةِ (¬5)؛ من كونها لازقةً أو غيرَه، مظنونٌ، فإذا تحقق كونُها لازقةً، تحقق تحريمُها عليهم، وإذا تحقق (¬6) كونُها غيرَ لازقةٍ (¬7) [بـ]ـالأضلاع، تحقق كونُها غيرَ محرمةٍ عليهم، وهذا في زعمهم (¬8). * قوله: (وهي شَحْمُ الثَّرْبِ) (¬9) بوزن فَلْس؛ أي: الشحم الرقيق الذي يغشى ¬
فيَبينُ حاملًا، ونحوِه (¬1). ويحرُم علينا إطعامُهم شحمًا من ذَبِيحَتِنا؛ لبقاء تحريمِه (¬2). وتَحِلُّ ذبيحتُنا لهم مع اعتقادِهم تحريمَها (¬3). ويَحِلُّ مذبوحٌ منبوذٌ بمحلُّ يَحِلُّ ذبحُ أكثرِ أهلِهِ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الكرش والأمعاء (¬4). * قوله: (فيبين حاملًا) المقصود بالتمثيل: الحملُ (¬5). * قوله: (ونحوه)؛ كذبح مالكيٍّ فرسًا مسمَّيًا عليها، فتحلُّ لنا، وإن اعتقد تحريمها (¬6). * قوله: (لبقاء تحريمه) انظر هذا مع قولهم في الأصول: إن شرعه -صلى اللَّه عليه وسلم- نسخَ سائرَ الشرائع، وتقدم الجوابُ عنه بأن مرادهم: أنه وقع نسخُ الجملةِ بالجملة، ¬
ولو جُهِلَتْ تسميةُ ذابحٍ (¬1). ويَحِلُّ ما وُجِدَ ببطنِ سمكٍ، أو مأكولٍ مُذَكًّى، بحَوْصَلَتِه، أو في رَوْثِه: من سمكٍ، وجرادٍ، وحَبٍّ (¬2). ويحرُم بولٌ طاهرٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا يلزم منه نسخُ كلِّ جزءٍ (¬3) لكلِّ جزء (¬4). فلا يرد هذا، ولا ما تقدم في باب أحكام [أهل] (¬5) الذمة؛ من أنه (¬6) يحرم علينا إحضار اليهودي في يوم سبته معللًا ببقاء التحريم (¬7) كما [هو] (¬8) هنا، فتدبر. * قوله: (من سمكٍ) (¬9) بيان لـ "ما". * قوله: (ويحرُمُ بولٌ طاهرٌ)؛ أي: لاستقذاره،. . . . . . ¬
كَرَوْثٍ (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ لا لنجاسته (¬2)، وكان حقه أن يذكر في الأطعمة. * * * ¬
33 - كتاب الصيد
33 - كِتَابُ الصَّيدِ
(33) كِتَابُ الصَّيدِ وهو: اقتناصُ حيوانٍ: حلالٍ، مستوحِشٍ طبعًا، غيرِ مقدورٍ عليه (¬1). والمرادُ به هنا: "المصْيُودُ"، وهو: "حيوانٌ مقتنَصٌ حلالٌ. . . " إلى آخر الحدِّ (¬2). ويُباح لقاصِدِهِ (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كتابُ الصَّيْدِ * قوله: (المَصْيُود) هي لغةُ بني (¬4) تميمٍ، والفصحى: المَصِيدُ (¬5) (¬6). * [قوله] (¬7) (إلى آخر الحدِّ) يعني: متوحشِ طبعًا، غيرِ مقدورٍ عليه (¬8). ¬
ويُكْرَهُ لَهْوًا (¬1). وهو أفضلُ مأكولٍ، والزراعةُ أفضلُ مُكْتَسَبٍ (¬2). وأفضلُ التجارةِ: في بَزٍّ وعِطرٍ، وزرعٍ وغَرْسٍ، وماشِيَةٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وهو أفضلُ مأكول)؛ لأنه من كتساب المباح الخالي عن الشبهة (¬3). * قوله: (والزراعةُ أفضلُ مكتسَبٍ)؛ لأنها أقربُ إلى التوكل (¬4). * فائدة: سئل ابنُ عباس -رضي اللَّه عنهما- (¬5) عن صنائع الأنبياء، فقال: كان آدمُ حَرَّاثًا، وإدريس خَيَّاطًا، ونوحٌ وزكريا نجارًا، وهودٌ وصالحٌ تاجرًا، وإبراهيمُ زَرَّاعًا، وإسماعيلُ قَنَّاصًا، وإسحاقُ، ويعقوبُ، وشعيبٌ، وموسى رُعاةً، ويوسفُ، وسليمانُ مُلوكًا، وأيوبُ غنيًا، وهارونُ وزيرًا، وإلياسُ نَسَّاجًا، وداوُدَ زَرَّادًا، ويونسُ زاهدًا، وعيسى سَيَّاحًا، ومحمد -صلى اللَّه عليه وسلم- مجاهدًا -صلى اللَّه [عليه] (¬6) وعليهم أجمعين (¬7) -. ¬
وأبغضُها: في رقيقٍ، وصَرْفٍ (¬1). وأفضلُ الصناعةِ: خياطةٌ. ونصَّ: "أن كلَّ ما نُصِحَ فيه فهو حسَنٌ". وأدناها: حِيَاكةٌ، وحِجامَةٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وأبغضُها في رقيق)؛ لأنها تعريضٌ كالمال إلى الهلاك المقتضي لكثرةِ الندمِ والسخطِ المحرم. * [قوله] (¬2): (وصرفٍ)؛ لأنها [لا] تخلو عن حرمة غالبًا (¬3). * قوله: (وأفضلُ الصناعةِ خِياطةٌ). قال (¬4) في الرعاية: أفضلُ (¬5) المعاشِ التجارةُ، ثم ذكر ما ذكره المصنف (¬6). قال في الوجيز: يتوجه قول: الصناعةُ باليدِ أفضلُ (¬7). * قوله: (وأدناها حِياكَةٌ)؛ لأنها رذالة (¬8). * قوله: (وحِجامَةٌ)؛ لأن الكسبَ الحاصلَ بسببها خبيثٌ (¬9). ¬
ونحوُهما (¬1). [وأشدُّها كراهةً: صبغٌ، وصِياغَةٌ، وحِدادَةٌ، ونحوُها] (¬2) (¬3). ومن أدركَ مجروحًا متحرِّكًا فوقَ حركةِ مذبوحٍ، واتَّسَعَ الوقتُ لتذكِيَتِه: لم يُبَحْ إلا بها (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ونحوُهما)؛ كالقمامة (¬5). * قوله: (وحدادةٌ، ونحوُها)؛ كالقمامة، والزبالة، والدباغة، والجِزارة (¬6). قال الشارح: (لِما يدخلُها من الغِشِّ، ومن مخالطة النجاسة، قال في الفروع: والمرادُ: مع تمكُّنه من تعاطي ما هو أصلحُ منها. قاله ابن عقيل) (¬7). * قوله: (واتسعَ الوقتُ)، وسيأتي محترزه في المتن. ¬
ولو خَشِيَ موتَه، ولم يَجِدْ ما يُذَكّيه به (¬1). وإن امتَنع بعَدْوِه، فلم يَتمكَّنْ من ذبِحه حتى ماتَ تَعَبًا: فَحَلالٌ (¬2). وإن لم يَتَّسِع لها، فكمَيْتٍ: يَحِلُّ بأربعةِ شروطٍ (¬3): 1 - أحدُها: كونُ صائدٍ أهلًا لذكاةٍ (¬4)، ولو أعمَى (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولو (¬6) خشي (¬7) [موت] (¬8). . . إلخ) غاية. * قوله: (فحلالٌ)، (واختار ابن عقيل: أنه لا يحلٌّ؛ لأن الإتعابَ أعان [على] (¬9) قتله) شرح (¬10). * قوله: (أهلًا لذكاةٍ)؛ أي: تحل ذبيحتُه، وهو: المسلمُ، أو الكتابيُّ الذي ¬
فلا يَحلُّ صيدٌ شارَكَ في قتلِه مَنْ لا تَحلُّ ذَبِيحَتُه؛ كمجوسِيٍّ (¬1)، ومتولِّدٍ بينه وبين كتابيٍّ (¬2) ولو بجارِحِهِ، حتى ولو أَسلَم بعدَ إرسالِه (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ أبواه كتابيانِ (¬4). * قوله: (ولو بجارحِهِ) (¬5)؛ أي: ولو كان قتلُ الصيدِ بجارحِ مَنْ لا تحلُّ ذبيحته (¬6)؛ بدليل قوله: "ولو أسلمَ بعدَ إرسالِه"، فتدبر. * قوله: (حتى ولو أسلم [بعد] (¬7) إرساله)؛ لأن الاعتبار (¬8) بحالة الإرسال (¬9). ¬
وإن لم يُصِبْ مقتَلَه إِلا أحدُهما: عُمِل به (¬1). ولو أَثْخَنَه كلبُ مسلِمٍ، ثم قتَله كلبُ مجوسيٍّ، وفيه حياةٌ مستقِرَّةٌ: حَرُم، ويَضْمَنُه له (¬2). وإنْ أرسَلَ مسلمٌ كلبَه، فزَجَره مجوسيٌّ، فزاد عَدْوُه، أو رَدَّ عليه كلبُ مجوسيٍّ الصيدَ، فقتَلَهُ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإن لم يصبْ مقتلَه (¬3) إلا أحدُهما، عمل [به]) (¬4)، فإن كان الذي أصاب مقتله جارحُ مَنْ تحلُّ ذبيحتُه، حَلَّ، وإن كان غيرُه، لم تحلَّ (¬5). * قوله: (أَثْخَنَهُ)؛ أي: جَرَحه جرحًا موحِيًا (¬6). * [قوله] (¬7): (ويضمَنُه)؛ أي: يضمن المجوسيُّ الصيدَ للمسلم (¬8) بقيمتِه مجروحًا (¬9). ¬
أو ذَبحَ ما أمسكَه له مجوسيٌّ بكلبه: وقد جرحه غيرَ مُوحٍ، أو ارتَدَّ، أو مات بين رميه وإصابتِه: حَلَّ (¬1). وإن رَمى صيدًا فأثْبَتَه، ثم رماهُ أو آخَرُ فقتَلَه، أو أَوْحاهُ بعد إيحاءِ الأول: لم يَحِلَّ (¬2)، ولمثُبتِهِ قيمتُه مجروحًا، حتى ولو أَدرَك الأولُ ذَكاتَه، فلم يُذَكِّهِ (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (حَلَّ)؛ لأن المعتبر حال الإرسال والرمي (¬4). * قوله: (لم يحلَّ)؛ لأنه صار مقدورًا عليه بإثبات الأول، فلا يحل إلا بذبحه (¬5). * قوله: (حتى ولو أدركَ الأولُ ذكاته، فلم يُذَكِّه) يعني: فيكون مضمونًا على الثاني بقيمته مجروحًا، ولا يقال: إن الحرمة إنما جاءت بسبب تهاون الأول؛ حيث تمكَّن [من] تذكيته، ولم يذكِّه، فلا يكون مضمونًا على الثاني. ¬
إلا أن يُصيبَ الأولُ مَقْتَلَه، أو الثاني مَذْبَحَه: فيَحِلُّ، وعلى الثاني أَرْشُ خَرْقِ جِلْدِه (¬1). فلو كان المرْمِيُّ قِنًّا، أو شاةً للغير، ولم يُوحِياهُ، وسَرَيَا: فعلى الثاني نصفُ قيمتِه مجروحًا بالجَرحِ الأولِ، ويُكمِّلُها سليمًا الأولُ (¬2). وصيدٌ قُتل بإصابَتِهما معًا: حلالٌ بينهما؛ كذبحِه مشترِكَيْنِ (¬3). وكذا:. . . واحدٌ بعد واحدٍ، ووَجَدَاه ميتًا، وجُهل قاتِلُه (¬4). فإن قال الأول: "أنا أَثْبَتُّه، ثم قتلتَهُ أنتَ، فتَضْمَنُه". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (إلا أن يصيب الأولُ مَقْتَلَه)؛ كحلقومه، أو قلبه (¬5) (¬6). * قوله: (أو الثاني مذبَحَهُ)، وهو الحلقومُ والمريءُ. * قوله: (ويكملها سليمًا الأولُ)؛ فيغرم نصفَ قيمته سليمًا، [وما بين نصفِ قيمته سليمًا] (¬7)، ونصفِها مجروحًا. ¬
1 - فصل
فقال الآخر مثلَه: لم يَحِلَّ، ويتحالفانِ، ولا ضَمانَ (¬1). وإن قال: "أنا قتلتُه، ولم تُثْبِتْه أنتَ"، صُدِّقَ بيميِنهِ، وهُوَ لَهُ (¬2). * * * 1 - فصل 2 - الثاني: الآلةُ. وهي نوعانِ (¬3): (أ): مُحَدَّدٌ، فهو كآلةِ ذَبْحٍ (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإن قال: أنا قتلْتُه، ولم تثبتْه أنتَ)؛ أي: فيحلُّ لي، ولا ضمانَ عليَّ (¬5). * قوله: (صُدِّقَ بيمينه)؛ لأن الأصلَ بقاءُ امتناعه، ويحرم على مدعي إثباته؛ لاعترافه (¬6) بالتحريم (¬7). فصل (¬8) ¬
وشُرِطَ جَرحُه به. فإن قتَله بثِقَلِه؛ كشَبَكةٍ، وفَخٍّ، وعَصًا، وبُندُقَةٍ -ولو مع شَدْخٍ، أو قطعِ حُلقومٍ ومَرِيءٍ- أو بِعَرْضِ مِعْراضٍ (¬1) -وهو: خشبةٌ محدَّدةُ الطَّرَفِ-، ولم يَجرحْه: لم يُبَحْ. ومن نَصَبَ مِنْجَلًا، أو سكينًا، أو نحوَهما، مُسمِّيًا: حَلَّ ما قتَلهُ بجَرْحٍ (¬2)، ولو بعد موتِ ناصبٍ، أو رِدَّتِه (¬3)، وإلا: فلا. والحَجَرُ: إن كان له حَدٌّ، فكَمِعْراضٍ، وإلا، فكَبُنْدُقَةٍ، ولو خَرَقَ (¬4). ولم يُبَحْ ما قُتل بمحَدَّدٍ فيه سُمٌّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولو مع شَدْخٍ) أي: شَقٍّ (¬5). * قوله: (وهو خَشَبَةٌ) الأَوْلَى: "وهي"؛ مراعاةً للخبر. * قوله: (وإلَّا فلا)؛ أي: وإن لم يكنْ قتله بجرح، بل بثقله -مثلًا كما تقدم-, أو لم يكن سمى حالَ النصب (¬6) (¬7). ¬
مع احتمالِ إعانتِه على قتله (¬1). وما رُمي، فوقع في ماءٍ، أو تردَّى من عُلوٍّ، أو وَطئَ عليه شيءٌ -وكُلٌّ من ذلك يقتُل مثلُه- لم يَحِلَّ، ولو مع إيحاءِ جَرحٍ (¬2). وإن رماهُ بالهواء (¬3)، أو على شجرةٍ، أو حائطٍ، فسقطَ فماتَ (¬4)، أو غابَ ما عُقِرَ، أو أُصيبَ يقينًا -ولو ليلًا- ثم وُجِدَ -ولو بعدَ يومِه- مَيْتًا: حلَّ (¬5). كما لو وجدَهُ بفمِ جارِحِه، أو وهو يَعبَثُ به، أو فيه سهمُه (¬6). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإن رماه بالهوى (¬7). . . إلخ) حَقِّقِ الفرقَ بين هذه، والتي قبلَها ¬
ولا يَحِلُّ ما وُجد به أثرٌ آخَرُ، يُحتمَلُ إعانتُه في قتله (¬1). وما غابَ قبلَ عَقْرِه، ثم وجدَهُ وفيه سهمُه، أو عليه جارِحُه: حَلَّ (¬2). ولو وَجَدَ مع جارحِهِ آخَرَ، وجهِل: هل سُمِّي عليه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المتقدمِ نظيرُها في الذكاة -أيضًا- (¬3)، وهى ما [إذا] (¬4) رماه، فوقع في ماء، أو تردى من علو، أو وطئَ (¬5) عليه شيءٌ؛ حيث قيل (¬6) بعدمِ الحلِّ في تلك، وبالحلِّ في هذه. وما ذكره في الشرح من التعليل، وتبعه عليه المحشِّي؛ من أن سقوطه لابدَّ منه، وإلا، لما حلَّ طيرٌ أبدًا (¬7)، لا يصلح فرقًا، وإلا، لكان فرقًا بصورة المسألة، والفرقُ الحقيقيُّ إنما هو: بمعونة الماء، أو المشي (¬8) في الأولى، وعدم معونة ذلك في التي هنا، ولذلك حمل الشارح التردِّيَ في السابقة على التردِّي ¬
أو استَرْسَل بنفسِه، أوْ لَا؟ أو جُهِل (¬1) حالُ مرسِلِه: هل هو من أهلِ الصيدِ، أوْ لَا؟ ولم يُعلَم: أيٌّ قتلَه، أو عُلم أنهما قتلاهُ معًا، أو أن من جُهِلَ حالُه هو القاتِلُ: لم يُبَحْ (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ في ماء، لا على مطلق التردِّي حتى لا يخالفه ما هنا (¬3)، فتدبر. * قوله: (أو استرسلَ بنفسِه)؛ أي: انطلقَ، فالسينُ ليست للطلب، وإلَّا، لنافَى قولَه: "بنفسِه". * قوله: (لم يُبَحْ) تقدَّم في الذكاة: أنه إذا لم يعلم هل سَمَّى الذابحُ على الذبيحة، أو لا، فهي حلال (¬4). قالوا: لأن الأصل الحل (¬5)، وتقدم فيه أيضًا في كلام المصنف: أنه "يحلُّ مذبوحٌ منبوذٌ بمحلٍّ تحلُّ ذبيحةُ أكثرِ أهلِه، ولو جُهلت تسميةُ ذابحٍ" (¬6)، فما الفرق (¬7) بين البابين؟ (¬8). ¬
وإن عُلم وجودُ الشرائطِ المعتَبرةِ: حَلَّ. ثم إن كانا قتلاهُ معًا: فبَيْن صاحِبَيْهما، وإن قَتَلهَ أحدُهما: فلصاحبِه (¬1). وإن جُهِلَ الحالُ: فإن وُجِدا متعلِّقَيْن به، فبَيْنَهما، وإن وُجد أحدُهما متعلّقًا به، فلصاحبِه. ويَحْلِفُ من حُكِم له به (¬2). وإن وُجِدا ناحيةً: وُقِفَ الأمرُ حتى يَصطلِحا (¬3). فإن خِيفَ فسادُه: بِيعَ، واصطَلَحا على ثمنه (¬4). ويَحْرُمُ عضوٌ أبانَهُ صائِدٌ بمحَدَّدٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (الشرائطِ المعتبرةِ)؛ بأن كان المرسلُ له من أهل (¬5) الصيد، وأنه مسمَّى عليه (¬6). * قوله: (حَلَّ) كونُه يحلُّ في هذه الحالة واضحٌ، لا توقُّفَ فيه، وإنما ذكره (¬7)؛ ليرتب (¬8) عليه ما بعدَه، فتدبر. * قوله: (ويحرم عضوٌ أبَانَهُ صائدٌ. . . إلخ)؛. . . . . . ¬
مما به حياةٌ معتَبرةٌ (¬1) -لا: إن مات في الحال (¬2)، أو كانَ من حُوتٍ ونحوِه-. وإن بَقِيَ مُعَلَّقًا بجلْدِه: حَلَّ بِحِلِّه (¬3). (ب) النوع الثاني: جارحٌ (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ لما تقدم (¬5) أول الكتاب من أن ما أُبين (¬6) من حَيٍّ كميتةٍ (¬7). * قوله: (لا إن مات في الحال)؛ لأنا تحققنا أنه لم يَبِنْ (¬8) من حَيٍّ. قال الشارح: (أو بعدَه بقليل إذا كان في علاجِ الموت؛ أي: فلا بأس به) (¬9). * قوله: (ونحوِه)؛ أي: مما ميتتُه (¬10) ظاهرةٌ. ¬
فيُباحُ ما قتَل مُعَلَّمٌ، غيرُ كلبٍ أسودَ بَهيمٍ (¬1) -وهو ما لا بياضَ فيه (¬2) - فيحرُمُ صيدُه (¬3)، واقتناؤه (¬4)، ويُباحُ قتلُه (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فيباح ما قَتَلَ مُعَلَّمٌ)؛ (أي: سواءٌ كان مما يصيد بمِخْلَبه من الطيور؛ كالبازي، أو بنابه؛ كالفهد، والكلب) حاشية (¬6). * قوله: (وهو ما لا بياضَ فيه)، (أو: إلا نكتتان بين عينيه). إقناع (¬7). * قوله: (ويباح قتلُه) هو قولٌ في المسألة، والثاني: يُسن، ومشى عليه في الإقناع (¬8)، وقد يجمع بينهما؛ بحمل الإباحةِ على عدمِ التحريم، فيصدق بالاستحباب؛ بدليل قوله الآتي: "ولا يُباح قتلُ غيرِهما". ¬
ويجب قتلُ عَقُورٍ، لا: إن عَقَرتْ كلبةٌ من قَرُبَ من ولدِها، أو خَرَقَتْ ثوبَه. بل تُنقل. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويجب قتلُ عَقورٍ) العقورُ في اللغة: كلُّ ما يَعْقِر؛ أي: يجرح؛ من كلبٍ، وفهدٍ، وسَبُع، وغيرِه من الحيوانات؛ كما نص عليه الأزهريُّ (¬1)؛ لكن المراد هنا: الكلب، على ما في الشرحين (¬2)، وانظر: هل بين ما هنا من الوجوب، وما تقدم في الفدية من قول المصنف: "ويُسن قتلُ [كلِّ] (¬3) مؤذٍ غير آدميٍّ" (¬4) من الحكم بالاستحباب فقط نوعُ تعارض، أو ما هناك محمولٌ (¬5) على ما عدا العقور؛ بقرينة ما ذكر هنا من الحكم بوجوب قتله؟ فليحرر (¬6). ¬
ولا يباحُ قتلُ غيرِهما (¬1). ثم تعليمُ ما يصيدُ بنابِهِ؛ كفهدٍ، وكلبٍ: بأن يسترسلَ إذا أُرسِلَ، ويَنزجِرَ إذا زُجِرَ، وإذا أمسكَ لم يأكُلْ (¬2). لا تكرُّرُ ذلك (¬3). فلو أكلَ بعدُ: لم يخرُجْ عن كونِهِ مُعَلَّمًا (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا يُباح قتلُ غيرِهما)؛ أي: الأسودِ البهيم، والعقورِ (¬5)، ولعله ما لم يؤذِ بتنجيسِ ونحوِه؛ فإن آذى، دخل في عمومِ قولِ المصنف في باب محظورات الإحرام: "وسُنَّ (¬6) مطلقًا قتلُ كلِّ مؤذٍ غير آدميٍّ" (¬7) (¬8). * قوله: (لا تكرُّرُ ذلك)؛ أي: ما ذُكر من الاسترسال إذا أُرسل، والانزجار إذا زُجر، وعدم الأكل إذا أَمسكَ، وليس راجعًا لخصوص عدم الأكل كما توهم، فتدبر. ¬
ولم يحرُمُ ما تقدَّم من صيده (¬1)، ولم يُبَحُ ما أكل منه (¬2). ولو شَرِبَ دمَه: لم يحرُم (¬3). ويجبُ غسلُ ما أصابه فمُ كلبٍ (¬4). وتعليمُ ما يَصيدُ بِمِخْلَبِه؛ كبازٍ، وصَقرٍ، وعُقابٍ: بأن يَسترسلَ إذا أُرسِلَ، ويرجع إذا دُعي. لا بتركِ الأكلِ (¬5). ويُعتبرُ جرحُه؛ فلو قتلَه بصَدْمٍ، أو خَنْقٍ: لم يُبَحْ (¬6). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويجب غسلُ ما أصابَه فمُ كلبٍ)؛ أي: أو غيرِه مما هو نجسٌ (¬7). * قوله: (لا بتركِ الأكلِ)؛ (لأنه لا يمكن تعليمُه إلا بالأكل). شرح (¬8). ¬
2 - فصل
2 - فصل 3 - الثالثُ: قصدٌ الفعلِ، وهو: إرسالُ الآلةِ لقصدِ صيدٍ (¬1). فلو احتكَّ صيدٌ بمحَدَّد، أو سقطَ، فعقرَهُ بلا قَصْدٍ، أو استرسَلَ جارحٌ بنفسِه، فقتل صيدًا، لم يَحِلَّ، ولو زجَره، ما لم يَزِدْ في طلبه بزجره (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ فصلٌ (¬3) * قوله: (الثالثُ: قصدُ الفعلِ) هو من قَبيل إضافةِ الصفةِ لموصوفها؛ كجردِ قَطيفة؛ أي: الفعل المقصود، وقوله: "وهو إرسال. . . إلى" تفسير للفعل المقصود، لا للقصد نفسِه كما هو ظاهر. فتدبر. * قوله: (أو استرسلَ جارحٌ)؛ أي: انطلقَ، فالسينُ ليست للطلب، وإلَّا، لنافى قوله: "بنفسِه" كما سبق نظيره (¬4). * قوله: (ولو زجره) غاية. * قوله: (ما لم يَزِدْ في طلبِه بزجرِه)؛. . . . . . ¬
ومن رَمَى هَدَفًا، أو رائدًا صيدًا، ولم يَرَهُ (¬1)، أو حجرًا يظنُّه صيدًا (¬2)، أو ما عَلِمَه، أو ظَنَّه غيرَ صيدٍ -فقتلَ صيدًا- لم يَحِلَّ (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ أي: مع التسمية (¬4). * قوله: (ولم يره) رأى هنا عِلْمية، لا بَصَرِيَّة (¬5)، وإلا، فتقدَّمَ أن صيدَ الأعمى يحلُّ (¬6)، فتدبر (¬7). * قوله: (أو ما عَلِمَه)؛ أي: شيئًا علمه. . . إلخ. * قوله: (لم يَحِلَّ)؛ لعدم وجود الشرط، وهو قصدُ الصيد (¬8). ¬
وإن رمَى صيدًا، فأصاب غيرَه، أو واحدًا, فأصاب عددًا: حَلَّ الكلُّ (¬1). وكذا جارحٌ (¬2). ومن أعانت ريحٌ ما رمَى به، فقتلَ -ولولاها ما وَصَل-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله] (¬3): (وإن رمى صيدًا، فأصابَ غيرَه. . . إلخ) انظر ما الفرقُ بين هاتين المسألتين (¬4)، وبين ما إذا رمى حجرًا يظنه صيدًا، فأصاب صيدًا، مع أن قصد الصيد موجودٌ في الكلِّ. وقد يقال: الفرقُ بينهما قبولُ (¬5) المحلِّ للقصد في (¬6) هاتين المسألتين، وعدم قبوله في تلك (¬7). * قوله (¬8): (وكذا جارحٌ)؛ أي: (أُرسل على صيد، فأصابَ غيرَه، أو على واحدٍ، فأصاب عددًا). شرح (¬9). * قوله: (فقتلَ، ولولاها ما وصلَ)؛ أي: لم يحرُمْ؛ لأن الريحَ لا يمكن ¬
أو ردَّه حجرٌ أو غيرُه، فقتلَ: لم يحرُم (¬1). وتَحِلُّ طَريدةٌ، وهي: الصيدُ بينَ قومٍ يأخذونة قطعًا، وكذا النادُّ (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ التحرُّزُ عنها (¬3). * قوله: (وتَحِلُّ طريدةٌ، وهي الصيدُ بين قوم يأخذونة قطعًا) حتى يؤتى عليه، وهي (¬4) حي؛ لفعل الصحابة (¬5)، ومقتضى القواعد: أن ما أُخذ منها مع وجود الحياةِ المستقرة غيرُ حلال (¬6)، مع أن الإمام قال:. . . . . . ¬
ومن أثبتَ صيدًا: مَلَكه، ويَرُدُّه آخِذُه (¬1). وإن لم يُثْبِته، فدخل مَحَلَّ غيره، فأخذه ربُّ المحلِّ، أو وَثَب حوتٌ، فوقع بِحجْر شخصٍ، ولو بسفينةٍ، أو دخلَ ظَبْيٌ دارَه، فأغلقَ بابها، وجَهِلهَ، أو لم يَقصِدْ تملُّكَه، أو فَرَّخ في بُرْجه طائرٌ غيرُ مملوكٍ -وفرخُ مملوكةٍ لمالِكِها- أو أَحيا أرضًا بها كنزٌ: مَلَكه (¬2)؛ كنصبِ خَيْمَتِه، وفتحِ حجرِه لذلك، وكعملِ بركةٍ لسمكٍ، وشَبكةٍ وشَرَكٍ وفَخٍّ ومنِجَلٍ، وحَبسِ جارحٍ لصيدٍ، وبإلجائِهِ لِمضَيقٍ لا يُفْلِتُ منه (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ لا أرى به بأسًا (¬4)، فيكون مما ثبت على خلاف القياس، فلا يقاس عليها. * قوله: (وفرخُ مملوكةٍ لمالكِها) جملة معترضة. * قوله: (أو أَحْيا أرضًا بها كنزٌ، ملكَه) تقدم في باب إحياء الموات ما يخالف ذلك، وأنه لا يملك بملك الأرض، بل واجدُه أحقُّ به، سواء كان ربَّ الأرض، أو غيرَه، ما لم يكن ذلك الغير مستأجرًا لإخراجه، قالوا: لأنه مودع فيها ¬
ومن وقعَ بشبكتِه صيدٌ، فذهب بها (¬1)، فصادَهُ آخَرُ: فللثاني (¬2)، وإن وقعت سمكةٌ بسفينةٍ -لا بحجر أحدٍ-: فلربِّها (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ للنقل كالمتاع؛ بخلاف المعدِنِ الجامد (¬4)، فليحرر. وما ذكره المصنفُ هنا تابعٌ فيه لكل من التنقيحِ (¬5)، والإنصافِ تبعًا للفروع (¬6)، ولذلك قال المصنف في شرحه: (في الأصح) (¬7). قال شيخنا في شرحه: (والأولى حملُه على المعدِن الجامدِ؛ لأنه يملك بملك الأرض -كما تقدم-) (¬8). انتهى. وحينئذٍ فلا تعارض. * قوله: (فذهبَ بها) أي: على وجهٍ يمكنُه فيه التخلصُ (¬9) منها، والعدوُ؛ بدليل قولِ المصنف: (فصادَه آخَرُ) دونَ: فأخذَه آخَرُ. أما إذا كان على خلاف ¬
ومن حَصَلَ، أو عَشَّشَ بملكِهِ صيدٌ، أو طائرٌ: لم يَملِكْه (¬1)، وإن سقط -برمي- به: فله (¬2). ويحرُم صيدُ سمكٍ وغيرِهِ بنجاسَةٍ (¬3)، ويُكْرَهْ بشباشٍ، وهو: طيرٌ تُخيَّط عيناه، ويُربطُ. ومن وَكْرِهِ (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [ذلك] (¬5)، فإنه يكون لربِّ الشبكة؛ كما صرح به الشارحُ، فراجعه (¬6). * قوله: (أو عَشَّشَ (¬7) بِمِلْكِهِ. . . إلخ)؛ أي: في محلٍّ غيرِ محوطٍ؛ لأنه مثلُه ليس مُعَدًّا للصيد (¬8)؛ بخلاف البرج، فلا يعارض ما تقدم. * قوله: (يرمي [ربه]) (¬9) في أكثر النسخ (¬10): "به"، وهي مشكلة؛ لأن الحقَّ ¬
لا الفَرخُ، ولا الصيدُ ليلًا، أو بما يُسكر (¬1). ويباحُ بشبكةٍ، وفَخٍّ، ودِبْقٍ، وكُلِّ حيلةٍ (¬2)، لا بمنعِ ماءٍ (¬3). ومن أرسلَ صيدًا، وقال: "أَعْتَقْتُكَ". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ للرامي، لا لربِّ الأرض، على الصحيح من المذهب، وهو الذي مشى عليه في الإقناع (¬4)، وفي بعض النسخ: "برميِ رَبِّه"، وهي واضحةٌ لا غبار عليها. * قوله: (ودِبْقٍ) قال في مختار الصحاح: (الدبقُ: شيءٌ يلتصق كالغِرا، وتصاد به الطير) (¬5). انتهى. * قوله: (لا بمنعِ ماءٍ)؛ أي: صيدُ سمكٍ بمنع [ماء] (¬6) عن الأرض التي هو فيها (¬7)؛ لأن فيه تعذيبًا له (¬8). * قوله: (أو قال (¬9): أعتقتُكَ) قال ابن عقيل: (ولا يجوزُ أعتقتُك في حيوانٍ ¬
أو لم يَقُلْ: لم يَزُلْ مِلكُهُ عنه؛ كانفلاتِه (¬1)؛ بخلافِ نحوِ كسرةٍ أعرَضَ عنها: فيملِكُها آخِذُها (¬2). ومن وَجَد فيما صاد (¬3) علامَةَ مِلكٍ؛ كقِلادةٍ برقبته، وحَلْقةٍ بأُذُنِه، وقَصِّ جَناحِ طائرٍ، فلُقَطَةٌ (¬4). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ مأكولٍ؛ لأنه فعلُ الجاهلية) (¬5). * قوله: (فيملكُها آخذُها)؛ لأن هذا مما لا تتبعه همةُ أوساطِ الناس (¬6). * قوله: (فَلُقَطَةٌ)؛ أي: فما وجدَه لقطةٌ، فالرابطُ مقدَّر (¬7)، فتدبر. ¬
3 - فصل
3 - فصل 4 - الرابعُ: قولُ: "بسم اللَّه" عندَ إرسالِ جارحةٍ، أو رميٍ (¬1)؛ كما في ذَكاةٍ (¬2)، إلا أنها لا تسقُط هنا سهوًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فصلٌ (¬3) * قوله: (الرابعُ: قولُ: بسم اللَّه). * تنبيه: قال في باب الذكاة: "وتجزئ بغير عربيةٍ -ولو أحسنها-" (¬4)، ولم يتعرض لذلك هنا، وفي المسألة خلاف. قال في الإنصاف: (لا يشترط أن يسمى بالعربية، على الصحيح من المذهب، وعنه: يشترط إن كان يحسنها). انتهى (¬5). فإذا حمل ما قال (¬6) إنه الصحيح من المذهب على عمومه؛ أي: ولو أحسنها، كان البابان على وتيرة واحدة، فتدبر. * قوله: (لا تسقط هنا سهوًا)،. . . . . . ¬
ولا يَضُرُّ تقدُّمٌ يسيرٌ، وكذا تأخُرٌ كثيرٌ في جارح: إذا زجَرَه فانزَجَرَ (¬1). ولو سمَّى على صيدٍ، فأصاب غيرَه: حَلَّ (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وبالأَوْلى [أنها] (¬3) لا تسقط جهلًا (¬4). * قوله: (ولا يضرُّ تقدمٌ يسيرٌ)؛ أي: للتسمية (¬5). * قوله: (وكذا تأخُّرٌ كثيرٌ. . . إلخ)؛ أي: للتسمية (¬6). وبخطه: أفهَم كلامُه: أن التأخر اليسيرَ كالتقدم اليسير لا يضر مطلقًا (¬7). * قوله: (ولو سَمَّى على صيدٍ، فأصابَ غيرَه، حَلَّ) انظر ما الفرقُ بين الصيد ¬
إن سمَّى على سهمٍ، ثم ألقاهُ ورمَى بغيره (¬1). بخلافِ [ما] (¬2) لو سمَّى على سِكّينٍ، ثم ألقاها، وذبَحَ بغيرِها (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ لا [يُسَمَّى عليه]، والذكاةِ؛ حيث قال هناك: "ومن بَدا له ذبحُ غيرِ ما سَمَّى عليه، أعادَ التسميةَ" (¬4) (¬5) (¬6). * قوله: (بخلافِ ما لو سَمَّى على سكين، ثم ألقاها، وذبحَ بغيرها)؛ لأن ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ التسمية في جانب الصيد واقعة على السهم، لا على الصيد؛ لعدم حضورِه بين يديه، بل قد لا يُصاب، وفي جانبِ الذكاةِ التسميةُ واقعة على الذبيحةِ نفسِها، لا على السكين، فلا يضر الذبحُ بغيرها؛ بدليل ما تقدم من أنه لو بدا له ذبحُ غيرِ ما سمى عليه، أعادَ التسمية (¬1). * * * ¬
34 - كتاب الأيمان
34 - كِتَابُ الأَيمَانِ
(34) كِتَابُ الأَيْمَانِ واحِدُها: "يَمِينٌ"، وهي: القَسَمُ، والإيلاءُ، والحَلِفُ بألفاظٍ مخصوصةٍ (¬1). فـ "اليمينُ": توكيدُ حُكمٍ بذِكْرِ مُعَظَّمٍ على وجهٍ مخصوصٍ. وهي وجوابُها كشرطٍ وجزاءٍ (¬2). و"الحَلِفُ على مستقبَلٍ": إرادةُ تحقيقٍ خَبَرٍ فيه ممكنٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كتابُ الأَيْمانِ * قوله: (إرادةُ) لعل المراد: يراد به، والجملة خبرٌ عن قوله (¬3): "الحلف"، وانظر: هل يجوز أن يكون "الحلفُ" مبتدأ (¬4)؟. * وقوله: (إرادةَ) [بالنصب] (¬5) مفعولٌ لأجله، أو حالٌ، والعاملُ فيه معنى النسبة (¬6). ¬
بقولٍ يُقصد به الحثُّ على فعلِ الممكنِ، أو تركِه (¬1). و"الحَلِفُ على ماضٍ": إمَّا "بَرٌّ"، وهو: الصادق، أو "غَمُوسٌ"، وهو: الكاذبُ، أو "لَغْوٌ"، وهو: ما لا أجرَ فيه، ولا إثمَ، ولا كفّارةَ (¬2). و"اليمينُ الموجِبَةُ للكفارةِ بشرطِ الحِنْثِ" هي: التي باسم اللَّه تعالى الذي لا يُسمَّى به غيرُه: كـ "اللَّهِ" و"القديمِ الأزليِّ" و"الأوَّلِ الذي ليس قبلَه شيءٌ"، و"الآخِرِ الذي ليس بعدَه شيءٌ"، و"خالقِ الخلقِ"، و"رازقِ -أو ربِّ- العالَمينَ", و"العالِم لكلِّ شيءٍ"، و"الرحمن" (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * وقوله: (بقولٍ) متعلق بمحذوف على أنه الخبر (¬4)؛ أي: كان (¬5) يقول. * وقوله: (يقصد به. . . إلخ) صفةُ "قول". * قوله: (فيه)؛ أي: في المستقبل (¬6). * [قوله] (¬7): (هي التي باسمِ اللَّه تعالى) تدبَّرْ ما المرادُ بالاسم هنا؛ فإنه قد ¬
أو يُسمَّى به غيرُه -ولم يَنوِ الغيرَ-؛ "الرحيم"، و"العظيم"، و"القادر"، و"الربِّ"، و"الموْلَى"، و"الرازق"، و"الخالق"، (¬1)، ونحوه (¬2). أو بصفةٍ له؛ كـ "وجهِ اللَّهِ، وعَظَمَتِه، وكِبريائِه، وجَلالِه، وعِزَّتِه، وعَهْدِه، وميثاقِه، وحَقِّه، وأَمانَتِه"، و"إِدرادتِه، وقدرتِه وعلمِه" (¬3)، ولو نَوَى: مرادَه، أو مقدورَه، أو معلومَه (¬4). وإن لم يُضِفْها: لم يكن يمينًا، إِلا أن يَنويَ بها صفتَه تعالى (¬5). وأما ما لا يُعَدُّ من أسمائه تعالى؛ كـ "الشيءِ"، و"الموجود"، أو لَا ينصرفُ إطلاقُه إِليه، ويَحتمله؛ كـ "الحيِّ"، و"الواحدِ"، و"الكريم"، فإن نوَى به اللَّه تعالى. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عدَّ فيه ما هو صفةٌ بالاتفاق، وانظر: ما المرادُ بالصفةِ التي قابله بها (¬6)؟. * قوله: (من أسمائه تعالى) أراد بالاسم هنا: ما يشمل الصفة؛ بقرينة المقام. ¬
فيمينٌ، وإلا: فلا (¬1). وقولُه: "وايْمُ اللَّه"، أو: "لَعَمْرُ اللَّهِ"، يمينٌ (¬2)، لا (¬3): "ها اللَّهِ"، إلا بنية (¬4)، و"أقسمتُ، أو أُقسمُ، وشهدتُ أو أَشهدُ، وحلفتُ أو أحلفُ، وعزمتُ أو أَعزمُ (¬5) وآليت أو آلي (¬6)، وقَسَمًا وحَلِفًا وأَلِيَّةً (¬7)، وشهادةً، وعزيمةً باللَّه" يمينٌ، وإن نوى خبرًا فيما يحتمله (¬8)، أو لم يذكر اسمَ اللَّه تعالى فيها كُلِّها، ولم ينوِ يمينًا: فلا (¬9). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو آلى) كان مقتضى القياس: أَوْلى. ¬
1 - فصل
والحَلِفُ بكلام اللَّه تعالى، أو المصحفِ، أو القرآنِ، أو بسورةٍ أو آيةٍ منه، يمينٌ، فيها كفارةٌ واحدةٌ (¬1)، وكذا بالتوراة ونحوِها من كتب اللَّه تعالى (¬2). * * * 1 - فصل وحروفُ القَسَم: 1، 2، 3 "باءٌ" يليها مُظْهَرٌ ومُضْمَرٌ، و"واو" يليها مظهرٌ، و"تاء" يليها اسمُ اللَّه تعالى خاصَّةً (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في الصحاح (¬4): (والى يولي إيلاء: حلف). انتهى، فليحرر. فصلٌ (¬5) * قوله: (وتاء يليها (¬6) اسمُ اللَّه خاصةً)؛ أي: في بعض اللغات، ومن العرب من يقول: تربِّي، وتربِّ الكعبةِ (¬7). ¬
و: "باللَّهِ لأفعلَنَّ" يمينٌ. و: "أسالُكَ باللَّهِ لتفعَلنَّ"، نيتُه (¬1)، فإن أطلق: لم تنعقِدْ (¬2). ويصحُّ قسمٌ بغيرِ حرفِه؛ كـ "اللَّهِ لأفعلَنَّ" جَرًّا، ونَصْبًا (¬3)، فإن نَصَبَه بواوٍ، أو رفَعَه معها، أو دونها: فيمينٌ، إلا أن [لا] (¬4) ينويها عربيٌّ (¬5). ويُجابُ قسم -في إيجابِ-: بـ "إن" خفيفةً وثقيلةً، و"لام". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بإن خفيفةً وثقيلةً)؛ أي: بكسر الهمزة فيهما (¬6)، فالأُولى كقوله (¬7) تعالى: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} [الطارق: 4]، والثانية كقوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} (¬8). * قوله: (ولام)؛ أي: مع قد؛ كقوله تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ ¬
و"نوني" توكيدٍ، و"قد"، وبـ "بَلْ" عندَ الكوفيِّين (¬1). وفي نفي. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَقْوِيمٍ} [التين: 4] , (¬2) مع نوني التوكيد -أي: الثقيلة, أو الخفيفة-؛ كقوله تعالى {لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ} (¬3). وبقد بدون لام؛ كقوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس: 9]. * وقوله: (وبـ "بل"عند الكوفيين)؛كقوله (¬4) تعالى: {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (1) بَلْ عَجِبُوا} (¬5) [ق: 1 - 2]. وقال البصريون: الجوابُ محذوف، واختلفوا في تقديره (¬6)، فقيل: التقديرُ إنه لمعجزٌ، أو: إنه لواجبُ العملِ به، أو (¬7): إن محمدًا لصادقٌ، أشار إلى ذلك التقدير البيضاويُّ في سورة "ص"، وأحال عليه في سورة "ق" (¬8). ¬
بـ "ما" -و"إن" بمعناها-، وبـ "لا"، وتُحذف "لا" لفظًا، نحو: "واللَّهِ أفعلُ" (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإن بمعناها)؛ أي: بمعنى ما النافية (¬2). * وقوله: (وبلا)؛ أي: النافية (¬3)، فالأولُ كقوله تعالى: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} [النجم: 2]. والثاني كقوله تعالى: {وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى} (¬4). والثالثة (¬5) كقوله: وآلَيْتُ (¬6) لَا أَرْثِي لَهَا مِنْ كَلَالَةٍ (¬7) ... وَلَا مِنْ جَفًا حَتَّى تُلاقِي مُحَمَّدًا (¬8) * قوله (¬9): (وتحذف "لا" لفظًا)؛ أي: من جواب القسم، إذا كان الفعل مضارعًا (¬10)؛ كالمثال المذكور. ¬
ويُكرهُ حلفٌ بالأمانةِ (¬1)؛ كعتقٍ وطلاقٍ (¬2). ويحرم بذات غير اللَّه تعالى وصفته، سواءٌ أضافه إليه تعالى؛ كقوله: "ومخلوقِ اللَّهِ، ومقدوِرهِ، ومعلومِهِ، وكعبَتِهِ، ورسولِه" أو لا؛ كقوله: "والكعبةِ"، و"أبي" (¬3). ولا كفارةَ؛ وعندَ الأكثر: "إلا بمحمدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم-" (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويُكره حلفٌ بالأمانة) في الإقناع: (كراهة تحريم) (¬5)، وكأنه نظر إلى أن ظاهر الحديث (¬6) يقتضي التحريم، كما ذكره الزركشي (¬7). * قوله: (بذات غيرِ اللَّه تعالى) بإضافة ذات إلى غير. * وقوله: (وصفته) عطفٌ على ذات، والمراد: [أنه] (¬8) لا يحلف إلا باللَّه، ¬
ويجبُ الحلفُ لإنجاءِ معصومٍ من هَلَكَةٍ -ولو نفسَه-، ويُندبُ لمصلحةٍ، ويُباحُ على فعلِ مباحٍ أو تركِه (¬1). ويُكرهُ على فعلِ مكروهٍ، أو تركِ مندوبٍ (¬2). ويحرُم على فعلِ محرَّمٍ، أو تركِ واجبٍ، أو كاذبًا عالمًا (¬3). ومن حلفَ على فعلِ مكروهٍ، أو تركِ مندوبٍ: سُن حِنْثُه، وكُرِه بِرُّه (¬4). و. . . على فعلِ مندوبٍ، أو تركِ مكروهٍ: كُرِهَ حنثُه (¬5)، وسُنَّ برُّه (¬6). و. . . على فعلِ واجبٍ، أو تركِ محرَّمٍ: حَرُمَ حِنْثُه، ووَجَبَ بِرُّهُ (¬7). و. . . على فعلِ محرَّمٍ، أو تركِ واجبٍ: وجبَ حنثُه، وحرُم بِرُّهُ (¬8). ـــــــــــــــــــــــــــــ أو صفته، وأنه يحرم بغيرِهما ذاتًا وصفةً. * قوله: (أو كاذِبًا عالمًا)، وعلى هذا، فالحلف تعتريه الأحكامُ الخمسة (¬9)، وأما البِرُّ والحِنْثُ، ففيهما التفصيلُ الآتي، فتدبر. ¬
2 - فصل
ويُخيَّرُ في مباحٍ, وحفظُها فيه أولى؛ كافتداءِ مُحِقٍّ لواجِبِه عليه عندَ حاكم. ويُباح عندَ غيره (¬1). ولا يَلزمُ إبرارُ قَسمٍ؛ كإجابةِ سؤالٍ باللَّه تعالى (¬2). ويُسنُّ، لا تَكرارُ حلفٍ. فإن أفرَطَ: كُرِهَ (¬3). * * * 2 - فصل ولوجوبِ الكَفّارةِ أربعةُ شروطٍ: 1 - أحدُها: قصدُ عقدِ اليمينِ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويُخير في مباحٍ) هذا تتميمٌ لبقية الأحكام الخمسة فيما يتعلق بالحِنْثِ والبِرِّ، وحينئذٍ فتعتريهما (¬4) الأحكامُ الخمسة، كما تَعْتري اليمينَ (¬5). فصلٌ (¬6) ¬
فلا تنعقِدُ لَغْوًا؛ بأن سبقَتْ على لسانِه بلا قصدٍ؛ كقوله: "لا واللَّهِ"، و"بَلَى واللَّهِ" في عُرْضِ حديثِه (¬1). ولا من نائمٍ وصغيرٍ ومجنونٍ، ونحوِهم (¬2). 2 - الثاني: كونهُا على مستقْبَل مُمْكِنٍ. فلا تنعقدُ على ماضٍ كاذبًا عالمًا به، -وهي: "الغَمُوسُ" (¬3)؛ لغمسِهِ في الإثم، ثمَّ في النارِ (¬4) - أو ظانًّا صِدْقَ نفسِه، فيبينُ بخلافِه (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فلا تنعقِدُ لغوًا)، وظاهره: ولو في المستقبل (¬6). * [قوله] (¬7): (في عرض حديثه) عُرْض الكلام -بضم العين-: جانِبُه (¬8)، والمراد: في أثناء حديثه. ¬
ولا على وجود فعلٍ مستحيلٍ لذاتِه؛ كشربِ ماءِ الكوزِ، ولا ماءَ فيه. أو غيرِه: كقتلِ الميتِ وإحيائه (¬1). وتنعقدُ بحلفٍ على عدمِه، وتجبُ الكفارةُ في الحال (¬2). وكلُّ مكفِّرة كيمين باللَّه (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وتجبُ الكفارةُ في الحال) المراد: أنه لا ينتظر زمنًا (¬4) يتسع للفعل؛ لأن موضوع المسألة أنه مستحيل، فلا فائدة في الإنظار، فلا اعتراض بأن كفارة اليمين وغيرها واجبةٌ فورًا (¬5)، فلا خصوصية لهذه المسألة. فتدبر. * قوله: (وكلُّ مُكَفَّرَةٍ)؛ أي: (مقالة تجب (¬6) على قائلها الكفارةُ بها) قاله في شرحه (¬7)، وهذا يقتضي كونها على صيغة اسمِ الفاعل (¬8)، ولكن ضبطه شيخنا بصيغة اسمِ المفعول (¬9)، وقولُه: "كلُّ" مبتدأ، وقوله: "كيمينٍ باللَّه" هو الخبر. ¬
3 - الثالثُ: كونُ حالفٍ مختارًا. فلا تنعقدُ من مكرَهٍ عليها. 4 - الرابعُ: الحِنْثُ بفعلِ ما حلفَ على تركِه. أو تركِ ما حلَفَ على فِعله -ولو محرَّمَيْنِ- لا مكرَهًا، أو جاهِلًا، أو ناسِيًا (¬1). ومن استثنى فيما يُكفَّرُ؛ كيمينٍ باللَّه تعالى، ونَذْرٍ، وظِهارٍ، ونحوِه، بـ "إن شاء اللَّه، أو أراد اللَّهُ (¬2)، أو إلا أن يشاء اللَّهُ"، وقصدَ ذلك، واتَّصَلَ لفظًا أو حُكمًا؛ كقطعٍ بتنفُّسٍ، أو سعالٍ ونحوِه، ولم يَحنث: فعلَ أو ترَكَ. ويعتبر نطقُ غيرِ مظلومٍ خائفٍ. وقصدُ استثناءٍ قبلَ تمام مستثنًى منه، أو بعدَه قبلَ فراغِه، ومن شَكَّ فيه، فكمَنْ لم يستثنِ (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لم يحنث) ما لم يقصد بالمشيئة مجردَ التبرُّك (¬4). * [قوله] (¬5): (وقصد) إعادة لبيان المحل. ¬
3 - فصل
وإن حلفَ ليفعلَنَّ شيئًا، وعيَّن وقتًا، تعيَّن. وإلا: لم يحنث حتى ييئسَ من فعلِه؛ بتلفِ محلوفٍ عليه، أو موتِ حالفٍ، أو نحوِهما (¬1). * * * 3 - فصل من حرَّم حلالًا سوى زوجتِه؛ من طعامٍ، أو أَمَةٍ، أو لباسٍ، أو غيرِه (¬2)؛ كقوله: "ما أحَلَّ اللَّهُ عَلَيَّ حرامٌ" -ولا زوجةَ له- ونحوه، أو: "طعامي عليَّ كالميتةِ والدمِ"؛ أو علّقه بشرط؛ كـ "إن أكلتُه، فهو عليَّ حرامٌ"، لم يحرُم، وعليه كفارةُ يمين: إن فعَلَه (¬3). ومن قال: "هو يهوديٌّ, [أو نصرانيٌّ] (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصلٌ (¬5) * قوله: (ونحوِه)؛ كأن قال: ما أحلَّ اللَّه عليَّ غير زوجتي حرامٌ، أو كسبي عليَّ حرامٌ (¬6). ¬
أو كافرٌ (¬1)، أو مجوسيُّ، أو يعبدُ الصليبَ، أو غيرَ اللَّهِ، أو بريءٌ من اللَّه تعالى، أو من الإسلام، أو القرآنِ، أو النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-"، أو: ". . . يَكفُرُ باللَّه، أو لا يراه [اللَّه] (¬2) في موضعِ كذا"، أو: ". . . يَسْتَحِلُّ الزنى أو الخمرَ، أو أكلَ لحمِ الخنزيرِ، أو تركَ الصلاةِ، أو الصومِ، [أو] الزكاةِ، أو الحجِّ، أو الطهارة"، منجِّزًا؛ كـ "ليفعلنَّ كذا"، أو معلقًا؛ كـ "إن فعَل كذا"، فقد فَعَل محرَّمًا، وعليه كفارةُ يمينٍ: إن خالَفَ (¬3). وإن قال: "عصيتُ اللَّه -أو أنا أعصي اللَّه- في كلِّ ما أمرني، أو محوتُ المصحف (¬4)، أو أدخلَهُ اللَّهُ النارَ، أو قطعَ اللَّهُ يدَيه ورجلَيْهِ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فقد فعل محرَّمًا)؛ أي: أتى محرَّمًا [إذْ] (¬5) [إن] (¬6) هذا قولٌ لا فعلٌ، فتدبر. ¬
أو لَعَمْرُهُ ليفعلَنَّ -أو لأفعلُ- كذا" (¬1)، أو: "إن فعلَه، فعبدُ زيدٍ حُرٌّ (¬2)، أو مالُهُ صَدَقَةٌ"، ونحوَه: فلَغْوٌ (¬3). ويَلزمُ بحلفٍ: بـ "أيمانِ المسلمين" ظِهارٌ، وطلاقٌ، وعَتاقٌ، ونذرٌ، ويمينٌ باللَّه، معَ النية (¬4). و: بـ "أَيمانِ البَيْعَةِ" (¬5) -وهو يمينٌ رَتَّبَها الحَجَّاجُ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مع النية)، وإلَّا, فلغوٌ؛ لأنهم عَدُّوها [هنا] (¬6) من الكنايات، [الكناياتُ] (¬7) إذا تجرَّدَتْ عن النية (¬8)، تكونُ لَغْوًا (¬9). ¬
تتضمَّنُ اليمينَ باللَّه تعالى، والطلاقَ والعَتاقَ، وصدَقةَ المال (¬1) - ما فيها [إن] (¬2) عرَفها ونواها. وإلا: فلغوٌ. ومن حلفَ بأحدِها، فقال آخَرُ: "يميني في يمينك، أو عليها، أو مِثلُها"، أو: "أنا على مثلِ يمينك، أو أنا معكَ في يمينك"، يُريد التزامَ مثلِها: لزمَهُ، إلا في اليمينِ باللَّه تعالى (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (تتضمَّنُ اليمينَ باللَّه تعالى، والطلاقَ، والعتاقَ. . . إلخ)، فيدخل في كل من اليمينين الطلاقُ (¬4)، والعتاقُ، واليمينُ، وتنفرد الأولى باثنين: الظِّهارُ، والنذرُ، وتنفرد الثانيةُ بصدقة المال. * قوله: (ومن حلف بإحداها) (¬5)؛ (أي: إحدى الأيمان المذكورة؛ من طلاقٍ، أو عتاقٍ، أو ظِهارٍ، ونحوها). شرح (¬6). * قوله: (إلا في اليمين)؛ لأنها لا تنعقد بالكناية (¬7). ¬
4 - فصل في كفارة اليمين
ومن قال: "عليَّ نذرٌ، أو يمينٌ" فقط، أو: "عليَّ نذرٌ، أو: يمين -أو: عليَّ عهدُ اللَّهِ، أو ميثاقُه- إن فعلتُ كذا" وفَعَلَه: فعليه كفارةُ يمينٍ (¬1). ومن أخبرَ عن نفسِه بحَلِفٍ باللَّه تعالى، ولم يكن حَلَفَ، فكِذْبةٌ: لا كفارةَ فيها (¬2). * * * 4 - فصلٌ في كَفّارَة اليَمِينِ وتُجْمَعُ تخييرًا، ثم ترتيبًا، فيُخَيَّرُ مَنْ لزمَتْه بين ثلاثةٍ: إطعام عشرةِ مساكينَ من جنسٍ أو أكثرَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فقط)؛ أي: دون أن يقول: إن فعلت كذا (¬3). * قوله: (أو عليَّ نذرٌ أو يمينٌ)؛ أي: [إن] (¬4) فعلت كذا (¬5). * قوله: (فكِذْبَةٌ، لا كفارةَ فيها)، وتقدم في كتاب الطلاق: أنه لو قال: حلفتُ بالطلاق، وكذب، دُيِّنَ، ولزمه حكمًا، والفرقُ لائحٌ. فصلٌ في كَفَّارةِ اليَمِينِ ¬
أو كِسْوَتهم: للرجلِ ثوبٌ تجزئُه صلاتُه فيه، وللمرأة دِرعٌ وخِمارٌ كذلك. أو عِتقِ رقبةٍ (¬1). ويجزئُ: ما لم تذهبْ قُوَّتُه (¬2). فإن عجزَ؛ كعجزٍ عن فطرةٍ. صامَ ثلاثةَ أيامٍ متتابعةً وجوبًا إن لم يكن عذرٌ (¬3). ويُجزئُ أن يُطعِمَ بعضًا، ويَكسُوَ بعضًا، لا تكميلُ عتقٍ بإطعامٍ أو كسوةٍ، ولا إطعامٍ بصومٍ، كبقية الكفاراتِ (¬4). ومَن مالُه غائبٌ: يَستدينُ إن قَدَر، وإلا صام (¬5)، وتجبُ كفارةٌ ونذرٌ فورًا بحِنْثٍ (¬6)، وإخراجُها قبلَه وبعدَهُ سواءٌ (¬7). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويجزئُ ما لم تذهَبْ قُوَّتُه) كان ينبغي تقديمُ هذه الجملة على ¬
ولا تُجزئُ قبل حلف (¬1). ومن لزمته أيمان مُوجبُها واحدٌ -ولو على أفعالٍ- قبلَ تَكفيرٍ: فكفارةٌ واحدةٌ (¬2). وكذا حَلِف بنُذُورٍ مُكَرَّرةٍ (¬3). وإن اختلف موجِبُها -كظهارٍ ويمين باللَّه تعالى- لزماهُ، ولم يتداخلا (¬4). ومن حلف يمينًا على أجناسٍ: فكفارةٌ واحدةٌ، حَنِثَ في الجميعَ، أو في واحدٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: "وعتق رقبة"؛ لأنه من متعلقات (¬5) الكسوة، لا العتق؛ كما هو ظاهر. * قوله: (ولو على أفعالٍ)؛ نحو: واللَّهِ! لا دخلتُ دارَ فلانٍ، واللَّهِ! لا أكلتُ كذا، واللَّه! ولا لبستُ كذا، وحنث في الكل (¬6). * قوله: (ومن حلف يمينًا على أجناس)؛ أي: مختلفة؛ كقوله: واللَّهِ! لا ذهبتُ إلى فلان ولا كلمتُه، ولا أخذت منه (¬7). ¬
وتَنْحَلُّ في البقية (¬1). وليس لِقِنٍّ أن يُكَفِّرَ بغيرِ صومٍ، ولا لسيدِه منعُه منه (¬2)، ولا من نذرٍ (¬3). ومن بعضُه حُرٌّ كَحُرٍّ (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وتنحلُّ (¬5) في البقيةِ)؛ (لأنها يمين واحدة، وحنثُها واحد، وإن حلفَ أيمانًا على أجناسِ، كقوله: واللَّه! لا بعتُ كذا، واللَّه! لا اشتريتُ كذا، واللَّه! لا لبستُ كذا، فحنثَ في واحدة، وكَفَّر، ثم حنث في أخرى، لزمته كفارةٌ ثانية؛ لوجوبها في الحنث (¬6) بعد أن كَفَّر عن الأولى؛ كما لو وطئ [في] (¬7) نهار رمضانَ، فكفَّر، ثم وطئَ فيه أخرى؛ بخلاف مَا لو حنث في الكل قبل أن يكفِّر كما تقدم) شرح (¬8). * قوله: (ولا مِنْ نَذْرٍ)؛ أي نذرِ الصوم فيما يظهر (¬9)، وإلا، فتقدم أن له ¬
ويُكفِّرُ كافرٌ -ولو مرتدًا- بغيرِ صومٍ (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ منعَه من نذرِ الاعتكافِ بغيرِ إذنٍ (¬2)، تأمل. * * * ¬
1 - باب جامع الأيمان
1 - بابُ جامِعِ الأيْمانِ يُرجَعُ فيها إلى نِيَّةِ حالِفٍ -ليس بها ظالمًا- إذا احتملها لفظُه؛ كنيَّتِة بالسقفِ وبالبناء: السماءَ, وبالفراشِ وبالبساطِ: الأرضَ، وباللباسِ: الليلَ، وبـ "نسائي طوالق": أقاربَه النساءَ, وبـ "جَوَارِيَّ أحرارٌ": سفُنَه (¬1). ويُقبَلُ حُكمًا مع قُربِ احتمالٍ من ظاهرٍ وتوسُّطِه؛ فيُقَدَّمُ على عمومِ لفظِه (¬2). ويجوزُ التعريضُ -في مخاطبةٍ لغيرِ ظالمٍ- بلا حاجةٍ (¬3). فإن لم يَنوِ شيئًا: فإلى سببِ يمينٍ وما هَيَّجَها (¬4). فمن حلف: "ليَقْضِيَنَّ زيدًا غدًا". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ جامِعِ الأَيْمانِ ¬
فقضاهُ قَبله، لم يَحنَث: إذا قصَدَ عدمَ تجاوزِه، أو اقتضاهُ السبب (¬1). وكذا أكلُ شيءٍ وبيعهُ وفعلُه غدًا (¬2). و: "لأقضِينَّهُ، أو لا قَضَيْتُه غَدًا"، وقصَدَ مَطْلَه، فقضاهُ قبلَه: حَنِثَ (¬3). و: "لا يَبِيعُه إلا بمئةٍ" لم يَحنَث إلا إن باعَهُ بأَقَلَّ (¬4). و: "لا يبيعُه بها" حَنِث بها، وبأَقَلَّ (¬5). و: "لا يدخُلُ دارًا"، وقال: "نويتُ اليومَ"، قُبل حُكمًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فقضاه قبلَه) مفهومه: أنه إذا قضاه فيه، أو بعدَه: أنه لا يحنث، مع أن المطلَ ظُلمٌ، وهو ينافي الشرطَ السابق (¬6)، فتدبر. * قوله: (إلا (¬7) إنْ باعَه بأقلَّ)؛ يعني: لا بأكثرَ (¬8). * قوله: (قُبل حُكْمًا) قال في الإقناع: (في غير طلاقٍ وعتاقٍ) (¬9). ¬
فلا يحنثُ بالدخولِ في غيره (¬1). ومن دُعِيَ لغَداءٍ، فحلف لا يتغدَّى، لم يحنث بغداءٍ غيرِه: إن قصَدَه (¬2). و: "لا يَشربُ له الماءَ من عطشٍ"، ونيَّتُه، أو السببُ: قطعُ مِنَّتِه: حنِث بأكلِ خبزِه، واستعارةِ دابَّتهِ، وكلِّ ما فيه مِنّةٌ، لا بأقلَّ؛ كقعودِه في ضوء ناره (¬3). و: "لا تخرُجُ لتهنئةٍ ولا تعزيةٍ" (¬4) -ونوَى ألا تخرجَ أصلًا-، فخرجت لغيرهما (¬5)، أو: "لا يَلبَسُ ثوبًا من غزلها"؛ قطعًا للمِنَّةِ، فباعَه، واشترى بثمنه ثوبًا، أو انتفعَ به: حَنِث، لا إن انتفع بغيره (¬6). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا إن انتفعَ بغيرِه) فيه نظر؛ إذ المِنَّةُ حاصلةٌ، ومقتضاهُ الحنثُ، وقياسًا على الحنث بكلِّ حلوٍ (¬7) إذا حلفَ لا يأكلُ التمرَ لحلاوته (¬8). ¬
و. . . على شيءٍ لا يَنتَفعُ به، فانتفعَ به [هو] (¬1)، أو أحدٌ ممن في كنَفه: حَنِث. و: "لا يَأوِي معها بدارٍ" سَمَّاها، يَنوِي جفاءها -ولا سبب-، فأوى معها في غيرها: حَنِث (¬2). وأقلُّ الإيواءِ: ساعةٌ (¬3). و: "لا يَأوِي معها في هذا العيد" حَنِث بدخوله قبلَ صلاةِ العيد، لا بعدَها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ممن في كَنَفِه)؛ كزوجتِه، ورقيقِه، وولدِه الصغيرِ (¬4) الذين (¬5) تجبُ نفقتُهم عليه. وبخطه: في مختار الصحاح: (كَنَفَهُ: حاطَه وصانَه، وبابُه نصر، والكَنَفُ: الجانبُ) (¬6). انتهى؛ فقول الشارح: (أي: حيازته. . . إلخ) (¬7) بيانٌ لحاصل المعنى (¬8) المرادِ هنا. * قوله: (لا بعدَها)؛ أي: بناء على أن العيد اسم للصلاة، لا لليوم (¬9)، ¬
وإن قال: ". . . أيامَ العيدِ"، أُخذ بالعُرْف (¬1). و: "لا عدتُ رأيتُكِ تدخُلِينَها" يَنوِي منْعَها، فدخلتها: حَنِث، ولو لم يَرَها (¬2). و: "لا تركتِ هذا يخرجُ"، فأُفْلِتَ فخرجَ، أو قامت تصلّي، أو لحاجةٍ، فخرَج، إن نَوَى ألا يَخرُجَ: حَنِث؛ وإن نوَى ألا تدَعَه يخرُجُ: فلا (¬3). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ واستدل لذلك بما روي عن ابن عباس: "حَقٌّ على المسلمينَ إذا رَأَوْا هلالَ شَوَّالٍ أن يُكَبِّروا حتى يَفْرُغوا من عيدِهِمْ" (¬4). وقال ابنُ أبي موسى (¬5): (يتوجَّه ألا يأوي عندها في الفطرِ حتى تغرُبَ شمسُ يومِه، ولا يأويَ إليها في عيدِ الأضحى حتى تغيبَ شمسُ آخرِ يومٍ من أيام التشريق) ¬
1 - فصل
1 - فصل والعِبْرةُ بخُصوص السببِ، لا بعُمومِ اللفظ (¬1). فمن حلَفَ: "لا يدخُلُ بلدًا" لظلمٍ فيها، فزَالَ (¬2)، أو لوالٍ: "لا أرى منكَرًا إلا رفعه إليه، أو لا يخرُج إلا بإذنه"، ونحوَه، فعُزِلَ، أو على زوجةٍ فطلَّقَها، هو على رقيقِهِ فأعتقَهُ، ونحوه، لم يحنث بذلك بعدُ (¬3)، ولو لم يُرِدْ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نقله عنه في الحاشية (¬4)، وهذا أقربُ إلى العُرف. فصلٌ (¬5) ¬
"ما دام كذلك" (¬1)، إلا حالَ وجودِ صفةٍ عادت (¬2). فلو رأى المنكرَ في وِلايته، وأمكَنَ رفعُه، ولم يَرفَعْه حتى عُزِل: حَنِثَ بعزله (¬3)، ولو رفَعَه إليه بعدُ (¬4). وإن مات قبلَ إمكان رفعِه: حَنِث (¬5). وإن لم يُعيِّنِ الواليَ إذًا: لم يَتعيَّن (¬6). ولو لم يَعلم به إلا بعدَ علم الوالي: فات البِرُّ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (حَنِثَ)؛ لفوات الرفع (¬7)، وكان الظاهرُ عدمَ الحنثِ؛ لأنه لم يحصل منه تقصير. وعلى قياسه لو كان الميتُ قبلَ إمكانِ الرفعِ الحالفَ، فليحرر. * قوله: (فات البِرُّ)؛ أي: بالفرع. ¬
ولم يَحنَث؛ كما لو رآه معه (¬1). و. . . للصِّ: "لا يُخبِرُ به، أو يَغمِزُ عليه" فسُئل عَمَّنْ هو معَهم، فبرَّأَهم دونهَ-: ليُنبِّهَ عليه- حَنِث: إن لم ينوِ حقيقيةَ النطقِ أو الغمزِ (¬2). و: "ليتزوجَنَّ" يَبَرُّ بعقدٍ صحيح (¬3). و: "ليتزوجَنَّ عليها" -ولا نيةَ، ولا سببَ-: يَبَرُّ بدخولِه بنظيرتها، أو بمن (¬4) يَغُمُّها، أو تتأذى بها (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولم يحنثْ)؛ أي: بعدمه. * قوله: (أو الغَمْز) قال في الإقناع: "والغمزُ: أن يفعل فعلًا يُعلم به أنه هو اللصُّ". انتهى (¬6). ومقتضاه ولو بغير الطَّرْفِ، أو اليدِ (¬7)، أو الرأسِ. * قوله: (أو بمن تغمُّها، أو تتأذَّى بها)؛ أي:. . . . . . ¬
و: "ليطلقَنَّ ضَرَّتَها"، فطلقها رجعيًا: بَرَّ (¬1). و: "لا يكلِّمُها هَجْرًا"، فوطِئَها: حَنِث (¬2). و: "لا يأكلُ تمرًا لحلاوته"، حَنِث بكلِّ حُلوٍ (¬3)؛ بخلاف: أَعتقتُه -أو أُعتِقُه-؛ لأنه أسودُ، أو لسوادٍ، فلا يتجاوزُه (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ (ولو لم تكنْ نظيرَتَها) شرح (¬5). * قوله: (هَجرًا)؛ أي: بفتح الهاء، أما لو ضَمَّها، فإنه لا يحنث إلا بمشافهتها بكلام فاحش، لا إن (¬6) الهُجر (¬7) -بالضم- الفحشُ من الكلام (¬8). * قوله: (لأنه أسودُ، أو لسوادِه، فلا يتجاوزه) انظر: ما الفرق بين مسألةِ التمرِ، وما إذا قال: أعتق عبدي فلانًا لسواده، وكان له عبيدٌ سودٌ، حيث قيل في الثاني: إن المأذون له في الإعتاق لا يتخطَّى غيرَ المعين، ثم رأيتُ بخطِّ شيخِنا ¬
وإن قال: "إذا أمرتُكَ بشيءٍ لعلَّةٍ، فقس عليه كلَّ شيءٍ من مالي وجَدتَ فيه تلك العلةَ" ثم قال: "أعتِق عبدِي فلانًا؛ لأنه أسودُ": صح أن يعتِق (¬1) كلَّ عبدٍ له أسودَ (¬2). و: "لا تُعطِ فلانًا إبرةً" يريد عدمَ تعدِّيهِ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ العلامةِ أحمدَ الغنيميِّ نقلًا عن التلويح في أصول فقه الحنفية ما نصه: (وما أَجمع عليه أهلُ النظر من أنَّ دورانَ الشيءِ مع الشيءِ آيةُ كونِ المدارِ علةً للدائرِ، فإنما هو في الأحكام العقلية؛ لأنها لا تختلف باختلاف الأحوال؛ بخلاف الأحكام الشرعية؛ إذ (¬3) في القول بالطَّرد (¬4) فتحٌ لباب الحملِ (¬5) والتصرفِ في الشرع). انتهى (¬6). وبذلك يندفع الإشكال في هذا ونحوِه، فتدبر. * قوله: (يريدُ عدمَ تَعَدِّيه)؛ أي: عدمَ إعانته على التعدِّي؛ بدليل ¬
2 - فصل
فأعطاهُ سكينًا: حَنِث (¬1). و: "لا يكلمُ زيدًا لشربِه الخمرَ"، فكلّمه وقد تركَهُ: لم يَحنَثْ. ولا يُقبَلُ تعليلٌ بكذبٍ؛ فمن قال لقِنِّه، وهو أكبرُ منه: "أنتَ حُرٌّ؛ لأنك ابني"، ونحوُه (¬2)، أو لامرأتِه: "أنتِ طالقٌ: لأنكِ جَدَّتي"، وقَعَا. * * * 2 - فصل فإن عُدِم ذلك: رُجعِ إلى التعيين (¬3). فمن حلَف: "لا يدخُلُ دارَ فلانٍ هذه"، فدخلها، وقد باعها، أو وهي فضاءٌ, أو مسجدٌ، أو حمَّامُ، أو: "لا لبِستُ (¬4) هذا القميصَ". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ما في الشرح (¬5). * قوله: (ولا يكلم زيدًا لشربه الخمرَ، فكلَّمه وقد تركَهُ، لم يحنثْ) ظاهرُ مسألة التمر: أنه يحنث بكلامِ كلِّ من كان يشربُ الخمر، ولم أره. فصلٌ (¬6) ¬
فلَبسَه، وهو رداءٌ، أو عِمامةٌ، أو سراويلُ، أو: "لا كلمتُ هذا الصبيَّ"، فصار شيخًا، أو: ". . . امرأةَ فلان هذه، أو عبدَه، أو صديقَه [هذا] " (¬1)، فزال ذلك، ثم كلَّمهم، أو: "لا أكلتُ لحمَ هذا الحَمَلِ"، فصار كَبْشًا، أو: ". . . هذا الرُّطبَ"، فصار تمرًا، أو دِبْسًا، أو خلًّا، أو: ". . . هذا اللبنَ"، فصار جُبنًا ونحوَه، ثم أكلَه، ولا نيةَ، ولا سببَ: حَنِث (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (العمل) قال في المطلع: (الحَمَل بوزن فَرَس: الصغيرُ من أولادِ الضأنِ). انتهى (¬3). * [قوله] (¬4): (ولا نيةَ ولا سبَب، حَنِثَ)، وعلى قياسه لو حلف لا أكلتُ هذا البُسْرَ، فصار رُطَبًا، أو تمرًا، ولا نيةَ ولا سبَب، وانظر إذا قال: أكلتُ بُسرًا، أو رُطبًا، فأكل مذنبًا، هل يحنث لأنه أكلَ المحلوفَ عليه وزيادة؟ ثم رأيتُه قال في الإقناع ما نصه: (وإن حلفَ لا يأكلُ رُطبًا أو بُسرًا، فأكل مُذَنبًا، [أو] (¬5) مُنَصَّفًا، حَنِثَ؛ كما لو أكلَ نصفَ رُطَبَةٍ، ونصفَ بُسرةٍ منفردتينِ، فإن كان الحلفُ على الرطب، فأكل القدرَ الذي أرطبَ من المنصَّف, أو كان على البُسر، فأكل القدرَ الذي هو بُسر من المنصَّف، حنث، وإن أكل البسرَ من يمينه ¬
كقوله: ". . . دارَ فلانٍ" فقط، أو: ". . . التمرَ الحديثَ"، فعَتُقَ، أو: ". . . الرجُلَ الصحيحَ"، فمرضَ (¬1). وكالسفينةِ: تُنْقَضُ ثم تعاد (¬2)، والبيضةِ: تصيرُ فرخًا (¬3). فلو حلف: "ليأكُلنَّ من هذه البَيضةِ، أو التُّفاحةِ"، فعمِل منها شرابًا، أو ناطفًا، فأكلَه: بَرَّ (¬4). وكهاتين نحوُهما (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ على الرطب، أو الرطبَ من يمينه على البسر، لم يحنثا) (¬6) (¬7)، وسيأتي في كلام المصنف، فتنبه له (¬8). * قوله: (كقوله)؛ أي: كحنثه في قوله. . . إلخ. * قوله: (فقط) من غير أن يقول: هذه (¬9). * قوله: (فأكله، بَرَّ) وتقدم في التأويل في الحلف (¬10). * قوله: (وكهاتين نحوُهما)؛ أي: كالبيضة والتفاحة المعينتين نحوُهما، ¬
3 - فصل
3 - فصل فإن عدم [ذلك] (¬1)، رجع إلى ما يتناوله الاسمُ. ويُقدَّمُ شرعيٌّ، فعرفيٌّ، فلغويٌّ (¬2). (أ) ثم "الشرعيُّ": ما لَه موضوعٌ شرعًا، وموضوعٌ لغةً؛ كالصلاةِ والزكاةِ والصومِ والحجِّ، ونحوِ ذلك (¬3). فاليمينُ المطلقةُ تنصرفُ إلى الموضوعِ الشرعيِّ، وتتناولُ الصحيحَ منه (¬4). فمن حلَف: "لا يَنكِحُ، أو يبيعُ، أو يشتري" (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فمن حلف ليدخلنَّ دارَ فلان هذه، فعُملت مسجدًا، ودخلَها، بَرَّ (¬6). فصلٌ (¬7) * قوله: (فإن عدم ذلك)؛ أي: النية والسبب والتعيين (¬8). ¬
-والتَّشْركةُ والتَّوْلية والسَّلَمُ والصلحُ على مالٍ شراءٌ-، فعقَدَ عقدًا فاسدًا: لم يَحنَث. إلا أن حلَف: لا يَحُجُّ، فَحَجَّ حجًّا فاسدًا (¬1). ولو قيَّدَ يمينَه بممتَنِعِ الصِّحَّةِ؛ كـ "لا يبيعُ الخمرَ، أو الحُرَّ" (¬2)، أو قال لامرأته: "إن سرَقتِ مني شيئًا، وبعتنِيه (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (والشَّرِكَةُ. . . إلخ) (¬4) مبتدأ، خبرُه "شراء"، والجملة اعتراض. * قوله: (فعقد عقدًا فاسدًا، لم يحنثْ)، وأما قولهم: فاسدُ (¬5) العقودِ كصحيحِها؛ فالمراد مثله: التشبيهُ في الضمانِ وعدمِه، لا في سائر الأحكام، فتدبر. * قوله: (فحجَّ حَجًّا فاسِدًا)، حنثَ؛ لوجوب المضيِّ في فاسدِه؛ بخلافِ بقيةِ العبادات (¬6). ¬
-أو طلقتُ فلانةَ الأجنبيةَ- فأنتِ طالقٌ"، ففَعلتْ -أو فَعلَ-: حَنِثَ بصورةِ ذلك (¬1). ومن حلف: "لا يَحُجّ (¬2)، أو لا يَعتمِرُ"، حَنث بإحرامٍ به، أو بها (¬3)، و: "لا يصومُ"، بشروعٍ صحيحٍ (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو طَلَّقْتُ فلانةَ الأجنبية)، أو: أوقعتُ (¬5) عليها صورةَ طلاق (¬6). * قوله: (حنث بإحرام به، أو بها)؛ أي: أو باستدامةِ ذلك إن كان متلبِّسًا به -على ما يأتي في أول الفصل الذي قبل الأخير (¬7) -؛ خلافًا للإقناع هنا (¬8)، فتدبر، وكذا الصومُ، والصلاةُ (¬9) فتنبه لها، وفي شرح شيخنا أشارةٌ إليه (¬10). * قوله: (بشروع صحيح)؛ أي: في الصوم؛ لأنه يسمى صائمًا بالشروع ¬
و: "لا يصلِّي"، بالتكبيرِ (¬1)، ولو على جِنازَةٍ (¬2). لا مَن حلف: "لا يصومُ صومًا" حتى يصومَ يومًا (¬3)، أو: "لا يصلي صلاةٌ" حتى يَفرُغَ مما يقع عليه اسمُها (¬4)؛ كـ: "ليَفعلَنَّ". ـــــــــــــــــــــــــــــ فيه -ولو نفلًا- بنية (¬5) من النهار؛ حيث لم يأتِ بمنافٍ، فإذا صام يومًا تبينَّا أنه حنث منذ شرع، فلو كان حلفه بطلاق، وولدتْ بعد شروعه، انقضت عدتها. وإن كان حلفُه بطلاقٍ بائنٍ، وماتت في أثناء ذلك اليوم، لم (¬6) يرثْها (¬7). قال شيخنا: (قلت: فإن ماتَ هو، أو بطلَ الصومُ، فلا حنَث؛ لتبينِ (¬8) أن لا صومَ) (¬9)، وله بقيةٌ في الحاشية الأخرى، فتنبه. * قوله: (حتى يفرُغَ مما يقعُ عليه اسمُها)، وهو ركعة (¬10)؛ خلافًا لما ¬
و: "ليبيعَنَّ كذا"، فباعه بعَرَضٍ، أو نسيئةً: بَرَّ (¬1). و: "لا يَهبُ، أو يُهدِي، أو يُوصِي، أو يَتصدَّق, أو يُعِير"، حنثَ بفعلِه. لا إن حلف: "لا يبيعُ، أو يؤجِّرُ، أو يزوِّجُ فلانًا"، حتى يَقبلَ (¬2). و: "لا يَهَبُ زيدًا" فأهدَى إليه (¬3)، أو باعَه وحاباهُ (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يأتي في النذر (¬5). * قوله: (حنث بفعله) قال الشارح: (أي: إيجابه لذلك) (¬6)؛ يعني: ولا يتوقف على القبول كما أوضحه بعد (¬7)، وفيه شيء (¬8). ¬
أو وَقَف أو تصدَّق عليه صدقةَ تطوُّعٍ: حَنِث (¬1). لا: إن كانت واجبة، أو من نذرٍ، أو كفارةٍ، أو ضيَّفَهُ الواجبَ، أو أَبرأَه (¬2)، أو [أَعارَه] (¬3) (¬4)، أو وَصَّى له، أو حلَف: "لا يتصدَّق عليه"، فوَهبَه، أو: "لا تصدَّقَ"، فأطعمَ عيالَه (¬5). وإن نذَر أن يَهَبَ له. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو أبرأَه) راجعْ ما كتبناه (¬6) بهامش المتن من باب الهبة عند تعريفها (¬7). * قوله: (فأطعم عياله) لم يحنث؛ لأنه ليس صدقة عليه في العرف (¬8). ¬
4 - فصل
بَرَّ بالإيجاب؛ كيمينِه (¬1). * * * 4 - فصل (ب) و"العرفيُّ": ما اشتهر مجازُه حتى غلبَ على حقيقتِه (¬2). كالرَّاوِية، والظَّعِينَةِ، والدابَّة، والغائطِ، والعَذرَةِ، ونحوِه. فتتعلَّقُ اليمينُ بالعُرفِ، دونَ الحقيقةِ (¬3). فمن حلَف "لا يأكلُ عيشًا". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله] (¬4): (كيمينه) أي: كحلفه على ذلك ليفعلنه (¬5). فصلٌ (¬6) * قوله: (فمن حلف لا يأكل عَيشًا) العيش معناه لغةً: الحياة (¬7)، وعُرفًا: الخبز (¬8). ¬
حَنِث بأكلِ خبزٍ (¬1). و: "لا يطأُ امرأتَه أو أَمَتَه"، حَنِث بجِماعِها (¬2). و: "لا يتسرَّى"، حَنِث بوطءِ أَمَتهِ (¬3). و: "لا يطأُ، أو لا يَضَعُ قدمَه في دار"، حَنِث بدخولها راكبًا وماشيًا، وحافيًا ومُنتعِلًا (¬4)، لا بدخولِ مَقبَرةٍ (¬5). و: "لا يركبُ أو يدخُلُ بيتًا" حَنِث بركوب سفينةٍ، ودخولِ مسجدٍ وحمامٍ وبيتِ شَعْرٍ وأَدَمٍ وخَيمةٍ (¬6). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا يتسرَّى) التسرِّي لغةً: مأخوذٌ من السِّرِّ، وهو الشيءُ الخفيُّ، ويطلق لغةً على الجماعِ أيضًا، وعلى الذكر -على ما في المختار (¬7) -. * قوله: (ولا يَطَأُ)؛ أي: في دار، على حدِّ: يَجْرَحُ في عراقيبها نَصْلِي (¬8)؛ ¬
لا صُفَّةٍ ودِهلِيزٍ (¬1). و: "لا يَضْرِبُ فُلانَةً"، فخنَقَها، أو نتَفَ شعرَها، أو عَضَّها: حَنِث (¬2). و: "لا يَشُمُّ الرَّيحانَ" فشمَّ وردًا، أو بَنَفسجًا، أو ياسمينًا (¬3)، أو: "لا يشمُّ وردًا أو بنفْسَجًا، فشَمَّ دُهْنَهما، أو ماءَ الوردِ (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنزيلًا (¬5) للمتعدِّي (¬6) منزلةَ اللازم، نظرًا إلى أن المقدر ينبغي أن يكون على وَفْق (¬7) المذكور، فهو أَوْلى من تقدير الشارحِ: "دارًا" (¬8) (¬9)، فتدبر. * قوله: (لا صُفَّةٍ ودِهْليزٍ). ¬
5 - فصل
أو: "لا يشمُّ طِيبًا"، فشمَّ نبتًا ريحُه طيبٌ (¬1)، أو: "لا يَذُوقُ شيئًا"، فَازْدَرَدَهُ، ولم يُدْرِك مذاقَه: حَنِثَ (¬2). * * * 5 - فصل (ج) و"اللُّغَويُّ": ما لَم يغلِبْ مَجَازُه (¬3). فمن حَلفَ: "لا يأكلُ لحمًا"، حَنِث بسمكٍ (¬4)، ولحمٍ يحرُم (¬5). لا بمَرَقِ لحمٍ (¬6)، ولا بمُخٍّ (¬7)، وكبِدٍ، وكُليةٍ، وشحمِها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الشارح في تعليله: (لأن ذلك لا يسمَّى بيتًا) (¬8). فصلٌ (¬9) ¬
وشحمِ ثَرْبٍ, وكَرِشٍ، ومُصْرانٍ، وطِحالٍ، وقلب، وأَلْيةٍ، ودماغٍ، وقانصةٍ، وشحمٍ وكارعٍ، ولحم رأسٍ، ولسانٍ -إلا بنيةِ اجتنابِ الدَّسَمِ (¬1) -. و: "لا يأكلُ شَحْمًا" فأكَل شحمَ الظهر، أو الجنبِ (¬2)، أو سمينَهما (¬3)، أو الأليْةَ، أو السنامَ، حَنِث (¬4). لا: إن أكلَ لحمًا أحمرَ (¬5). و: "لا يأكُلُ لبنًا" فأكَلَه، ولو من صيدٍ، أوآدَمِيَّةٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وشحمِ ثَرْبٍ) (¬6) (بوزن فَلْسٍ: شحم رقيق يغشى المِعى). شرح (¬7). * قوله: (وقانصةٍ) (¬8) (واحدة القوانص، وهي للطير بمنزلة المصارين لغيرِها). مطلع (¬9). ¬
حَنِث (¬1)، لا: إن أكل زُبْدًا، أو سَمْنًا، أو كشكًا (¬2)، أو مَصْلًا (¬3)، أو جُنبًا، أو أَقِطًا، أو نحوَه (¬4)، أو: "لا يأكلُ زُبْدًا أو سَمْنًا"، فأكَل الآخرَ، ولم يظهر فيه طعمُه، أو: "لا يأكلُهما"، فأكل لبنًا (¬5). و: "لا يأكلُ رأسًا ولا بَيْضًا": حَنِثَ بأكلِ رأسِ طيرٍ وسمكٍ وجرادٍ، وبيضِ ذلك (¬6). و: "لا يأكُلُ من هذه البقرةِ": لا يَعُمُّ ولدًا ولبنًا (¬7). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (حنثَ) مقتضى قياسِ اللحم (¬8): أنه يحنث هنا [حتى] (¬9) ¬
و: "لا يأكلُ من هذا الدَّقيقِ"، فاستفَّهُ، أو خَبَزَهُ وأكله: حَنِث (¬1). و: "لا يأكلُ فاكهة" حَنِث بأكلِ بطِّيخٍ (¬2)، وكلِّ ثمرِ شجرٍ غيرِ بَرِّيٍّ -ولو يابسًا-؛ كصَنَوْبَرٍ، وعُنَّابٍ (¬3) , وَجوْزٍ ولَوْزٍ (¬4)، وبُندُقٍ وفُستُقٍ. وتمرٍ وتُوتٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بلبنٍ يحرُم (¬5) (¬6)، كذا بحثه شيخُنا -رحمه اللَّه تعالى- (¬7)، وربما يشير لذلك قولُ المصنف: (ولو من صيد)؛ لأن عمومه يتناول ما إذا كان الحالف مُحْرِمًا. * قوله: (وكلِّ ثمرِ شجرٍ غيرِ بريٍّ)؛ (كبلحٍ، وعنبٍ، ورمانٍ، وسفرجلٍ، وتفاحٍ، وكمثرى، وخوخٍ، ومشمشٍ، وأترجٍّ، وتينٍ, وتوتٍ، وموزٍ، وجميزٍ) حاشية (¬8)، وهو مبني على أن النخل والرمان من الفاكهة (¬9). ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في الكشاف: (فإن قلتَ: لِمَ عطف النخل والرمان على الفاكهة -يعني: في قوله تعالى: {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} [الرحمن: 68]؟ - قلت: اختصاصًا لهما، وبيانًا لفضلهما، كأنهما لما لهما من المزية جنسان آخران؛ كقوله: {وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} [البقرة: 98] (¬1)؛ أي: بعد قوله: (وملائكته)، أو لأن النخل ثَمَرَةُ (¬2) فاكهةٍ وطعامٌ، والرمانُ فاكهةٌ [ودواءٌ، فلم يخلصا للتفكه منه؛ قال أبو حنيفة (¬3) -رحمه اللَّه-: إذا حلف (¬4) لا يأكل فاكهة] (¬5)، فأكل رمانًا، أو رطبًا، لم يحنث. ¬
وزبيبٍ وتينٍ وَمِشمِشٍ وإجَّاصٍ ونحوِها, لا قِثّاءٍ وخِيارٍ (¬1)، وزيتونٍ وبَلُّوطٍ وبُطْمٍ، وزُعْرُورٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وخالفه صاحباه) (¬2). انتهى (¬3). * قوله: (وإجَّاص) كذا ضبطه في حاشية الإقناع؛ أي: بكسر الهمزة وتشديد الجيم (¬4)، وهو كذلك في شرح شيخنا (¬5). * قوله: (وزُعرور) بضم الزاي (¬6) (¬7). ¬
أحمرَ (¬1) وآسٍ، وسائرِ ثمرِ شجرٍ بَرِّيٍّ لا يُستطابُ. ولا قرعٍ وباذِنجانٍ. ولا ما يكون بالأرض؛ كجَزَرٍ ولِفْتٍ، وفُجْلٍ وقُلقاسٍ ونحوِه (¬2). و: "لا يأكلُ رُطَبًا أو بُسْرًا"، فأكَل مُذَنبًّا: حَنِث (¬3). لا: إن أكل تمرًا، أو حلَف " [لا] (¬4) يأكلُ رُطَبًا أو بُسْرًا"، فأكَل الآخَرَ (¬5)، أو: "لا يأكل تمرًا" فأكَل رُطبًا أو بُسرًا، أو دِبْسًا أو ناطِفًا (¬6). و: "لا يأكلُ أُدْمًا"، حنِث بأكلِ بيضٍ وشِواءٍ وجُبنٍ ومِلح، وتمرٍ وزيتون، ولبنٍ وخلٍّ، وكلِّ مُصْطَبَغٍ به (¬7). و: "لا يأكلُ قوتًا"، حَنِث بكلِ خبزٍ وتمرٍ وزبيبٍ وتينٍ ولحمٍ ولبنٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أَحمر) (بخلاف الأبيض) شرح شيخنا (¬8). ¬
وكل ما تبقى معه البُنْيَةُ (¬1). و: "لا يأكلُ طعامًا [مَّا] (¬2) "، حَنِث بكلِّ ما يؤكل ويُشرب (¬3). لا ماءٍ ودواءٍ، وورقِ شجرٍ وترابٍ، ونحوِها (¬4). و: "لا يشربُ ماءً"، حَنِث بماءٍ مِلْحٍ ونَجسٍ (¬5). لا بِجُلَّابٍ (¬6). و: "لا يتغدَّى"، فأكل بعدَ الزَّوَال، أو: "لا يتعشَّى"، فأكلَ بعد نصفِ الليل، أو: "لا يتسحَّر"، فأكَل قبله: لم يَحْنَثْ (¬7). ومن أكَل ما حلَف لا يأكلُه مستَهْلَكًا في غيرِه؛ كـ "سَمْنٍ"، فأكلَه في خَبِيصٍ، أو: "لا يأكلُ بَيضًا"، فأكَل ناطِفًا، أو: "لا يأكلُ شَعيرًا"، فأكلَ حِنطةً فيها حبَّاتُ شعيرٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومن أكلَ ما حلفَ لا يأكلهُ مستهْلَكًا [في غيره. . . إلخ)، ومثله من شرب ما حلف لا يشربه مستهلكًا] (¬8) في غيره؛ كمن حلف لا يشرب ماء، فشرب سكرًا مذابًا فيه؛ بحيث لا يجد طعم الماء فيه، [وكذا لو نقع فيه زبيب أو ¬
لمْ يَحْنَثْ إلا إذا ظهرَ طعمُ شيءٍ من محلوفٍ عليه (¬1). و: "لا يأكلُ سَويِقًا، أو هذا السَّويقَ"، فشَرِبَهُ، أو: "لا يشربُه"، فأكلَه: حَنِثَ (¬2). و: "لا يَطعَمُه"، حَنِث بأَكْلهِ وشُربِه ومَصِّه. لا بذَوْقِه (¬3). و: "لا يأكلُ، أو لا يشربُ، أو لا يفعلُهما". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نحوه؛ بحيث لا يجد طعم الماء فيه] (¬4)، وهذا فيه نظر، والأَوْلى التمثيلُ بالماء إذا وضع فيه عسلٌ أو جُلَّاب، أو باللبنِ (¬5) إذا وضع فيه سكر أو عسل، ولم يجد طعم الماء في الأولى، أو اللبن في الثانية، وإلا، فالسكر نفسُه ليس من المائعات حتى يصحَّ إسنادُ الشرب إليه، فليحرر. * قوله: (إلا إذا ظهر طعمُ شيءٍ من محلوفٍ عليه)، وتقدم مثلُه في محظورات الإحرام (¬6). ¬
لم يَحَنث بمصِّ قصبِ سكَّرٍ، ورُمَّانٍ (¬1). ولا بِبَلْعِ ذَوْبِ سكرٍ في فيه، بحلفِه: "لا يأكلُ سُكَّرًا" (¬2). و: "لا يأكلُ مائعًا" فأكَله بخبزٍ، أو: "لا يشربُ من النهر أو البئرِ" فاغتَرَف بإناءٍ وشَرِب: حَنِث (¬3). لا: إن حلف. "لا يشربُ من الكوز" فصَبَّ منه في إناءٍ وشَرِبه (¬4). و: "لا يأكلُ من هذه الشجرةِ"، حَنِث بثمرتِها فقط. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لم يحنث بِمَصِّ قصبِ سكرٍ ورُمَّانٍ)؛ (لأن ذلك لا يسمى في العرف أكلًا ولا شربًا). شارح (¬5). [و] (¬6) في التعليل نظر؛ لأن الكلام في المدلولات اللغوية لا العرفية. * قوله: (حنث بثمرتها فقط)؛ (أي: دون ورقها ونحوِه؛ لأنها هي التي ¬
6 - فصل
-ولو لَقَطَها من تحتِها (¬1) -. * * * 6 - فصل ومن حلف: "لا يلبَسُ شيئًا"، فلَبِس ثوبًا، أو دِرْعًا، أو جَوْشَنًا، أو خُفًّا، أو نعلًا: حَنِث (¬2). و: "لا يلبَسُ ثوبًا": حَنِث كيف لبِسَه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تتبادر للذهن، فاختصت اليمين بها) شرح (¬3). * قوله: (ولو لقطَها (¬4) من تحتِها)، وكذا لو أكلها في إناء؛ لأنها من الشجرة في الحالتين (¬5). فصلٌ (¬6) * قوله: (أو جَوْشَنًا)، أو عمامةً، أو قَلَنْسُوة (¬7). ¬
ولو تعمَّم به، أو ارتدَى بسراويلَ، أو اتَّزَرَ بقميصٍ. لا بطيِّه وترْكِه على رأسِه، ولا بنومِه عليه (¬1)، أو تدثُّرِه به (¬2). و: "لا يلبَسُ قميصًا"، فارتَدَى به: حَنِث (¬3). لا: إِذا اتَّزَرَ به (¬4). و: "لا يلبَسُ حُلِيًّا"، فلَبِس حِلْيةَ ذهبٍ أو فِضةٍ أو جوهرٍ (¬5)، أو مِنْطَقةً مُحلَّاةً (¬6). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولو تَعَمَّم (¬7) به، أو (¬8) ارتدَى بسراويل). قالوا: لأن ذلك ملبوس حقيقةً وعرفًا. لكن فيه نظر؛ إذ (¬9) العرفُ هنا قد اشتهر حتى غلب على الحقيقة، فلبسُ السراويل صار لا ينصرف عرفًا إلا إلى لبسه عادةً، مع أنه يُشكل -أيضًا- قولُهم: لو أدخل يدَه في الخف، أو [في] (¬10) النعل، ¬
أو خاتَمًا -ولو في غيرِ خنصِرٍ (¬1) -، أو دراهمَ أو دنانيرَ في مرسلةٍ: حَنِث (¬2). لا عَقيقًا أَو سَبَجًا أو حريرًا، ولا إن حلف: "لا يلبَسُ قَلَنْسُوَةً"، فلَبسها في رجله (¬3). و: "لا يدخُلُ دارَ فلانٍ، أو لا يركبُ دابتَه، أو لا يلبَسُ ثوبَه"، حَنِث بما جعَلَه لعبده. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لم يحنث؛ لأنهما لا يُلبسان في اليد، فليحرر. * قوله: (في مرسلة)؛ أي: مخنقة (¬4). * قوله: (فلبسَها في رجله) يطلب الفرقُ بين هذه وما إذا تعمم بالسراويل حيث قيل بالحنث -كما قدمه قريبًا-، فليحرر (¬5). * قوله: (حنثَ بما جعلَه لعبدِه) من دارٍ ودابةٍ وثوبٍ؛ لأن العبد لا يملك، ¬
أو آجَرَهُ، أو استأجره (¬1)، لا بما استعاره (¬2). و: "لا يدخلُ مسكَنَه": حَنِث بمستأجَرٍ ومستعارٍ (¬3) ومغصوبٍ يَسكُنُه (¬4)، لا بملكه الذي لا يسكُنُه (¬5). وإن قال: ". . . مِلكَه" لم يَحنَث بمستأجَرٍ (¬6). و: "لا يرْكَبُ دابّهَّ عبدِ فلانٍ". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فالملك لسيده (¬7). * قوله: (لم يحنث بمستأجَرٍ)؛ لأن الشيء إذا أُطلق إنما ينصرف لفرده الكامل، والكاملُ في الملكِ ملكُ العينِ والمنفعةِ، لا المنفعة فقط (¬8). وبخطه: وسكت عن المستعار؛ لأنه بالأَوْلى (¬9)، فتدبر. ¬
حَنِثَ بما جُعل برَسْمِه؛ كحلفِه: "لا يركبُ رَحْلَ هذه الدابةِ، أو لَا يبيعُه" (¬1). و: "لا يدخُلُ معيَّنَةً"، فدخَل سطحَها (¬2)، أو: "لا يدخلُ بابَها"، فحُوِّلَ، ودخله: حَنِث (¬3). لا: إن دخل طاق الباب، أو وقَف على حائطها (¬4). و: "لا يكلِّمُ إنسانًا"، حَنِث بكلامِ كلِّ إنسان، حتى بـ: "تنَحَّ" (¬5)، أو "اسكُت" (¬6). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (حنث بما جعل برسمه)؛ لأن الإضافة تأتي لأدنى ملابسة. * قوله: (فدخل سطحَها)؛ أي: حنث؛ لأن الهوى تابع للقرار (¬7). * قوله: (لا إن (¬8) دخلَ طاقَ البابِ)؛ لأن الدار في العرف عبارةٌ عما يغلق عليه الباب، وطاقُ الباب خارجٌ عن ذلك، فليس منها (¬9). ¬
لا بسلامٍ من صلاةٍ صلَّاها إمامًا (¬1). و: "لا كلمتُ زيدًا"، فكاتبَه، أو راسلَه: حَنِث، ما لم ينوِ مشافَهَتَه، لا (¬2) إذا أُرْتِجَ عليه في صلاةٍ، فَفَتح عليه (¬3). و: "لا بدأْتُه بكلامٍ"، فتكلَّما معًا: لم يَحنَث (¬4). و: "لا كلمتُه حتى يكلِّمَني أو يبدأَني بكلام"، فتكلَّما معًا: حَنِث (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فكاتَبَه (¬6)، أو راسلَه، حنثَ) ما لم يكن بآية قرآنية (¬7)؛ كما يعلم من علة المسألة الآتية (¬8). * قوله: (في صلاة) هذا ليس بقيد، كما يعلم من العلة المذكورة من أن ¬
و: "لا كلَّمْتُه حينًا (¬1)، أو الزمانَ، ولا نيةَ": فستةُ أشهُرٍ (¬2). و: ". . . زمنًا، أو أمدًا، أو دهرًا، أو بعيدًا، أو مَلِيًّا (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا (¬4) كلام اللَّه، لا كلامُ آدميٍّ (¬5). * قوله: (فستة أشهر). قال في الشرح: (نص عليه في الأولى (¬6)؛ لقول ابن عباس في قوله تعالى: {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ} [إبراهيم: 25]: إنه ستة أشهر (¬7)، وقال عكرمة (¬8)، وسعيدُ بنُ ¬
أو عُمُرًا (¬1)، أو طويلًا (¬2). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جُبير (¬3)، وأبو عُبيد (¬4): والزمانُ -معرَّفًا- في معناه). انتهى (¬5). ¬
أو حُقبًا (¬1)، أو وَقْتًا": فأقلُّ زمانٍ (¬2). و: "العمرَ (¬3)، أو الأَبَدَ، أو الدَّهْرَ": فكلُّ الزمانِ (¬4). و: ". . . أَشْهُرًا (¬5)، أو شُهورًا (¬6)، أو أَيامًا" فثلاثةٌ (¬7). و: ". . . إلى الحَصاد، أو الجِذَادِ". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو حُقْبًا)، والحقبُ -معرَّفًا (¬8) - ثمانون سنةً إقناع (¬9). أي: بسكونِ القاف، وأما بضمِّها، فهو الدهرُ. على ما في المطلع (¬10). * قوله: (فأقلُّ زمانٍ)؛ لأن هذه الأشياء لا حدَّ لها في اللغة، وتقع على القليل والكثير، فوجب حملهُ على أقلِّ ما يتناوله الاسمُ (¬11). ¬
فإلى أولِ مدتِه (¬1). و: ". . . الحَوْلَ": فحولٌ [كامل] (¬2)، لا تَتمَّتُه (¬3). و: "لا يتكلَّمُ" فقرأ، أو سبَّحَ، أو ذكرَ اللَّه تعالى (¬4)، أو قال لمن دَقَّ عليه: "ادخُلوها بسلامٍ آمِنِينَ"، يَقْصِدُ القرآنَ وتنبيهَه: لم يَحْنَثْ (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وقال لمن دقَّ عليه الباب: ادخُلوها بسلام (¬6) بقصدِ القرآن) هذه المسألة رباعية، وأحكامُ أقسامها الأربعة معلومة من المتن منطوقًا ومفهومًا، فإن قصد الذَّكْرَ والإعلامَ، لم يحنثْ، وكذا إن قصد الذكرَ فقط، [لكن الأولى بالمنطوق، والثانية بدلالة الفحوى، وإن قصد الإعلامَ فقط] (¬7)، أو أطلق، حنثَ، وكلاهما مفهوم من قوله: (وإن لم يقصد به القرآن)؛ لأنه صادق بقصدِ غيرِ القرآن، ويعدمِ القصد بالكلية؛ لأن السالبة تصدق بنفي الموضوع، فتدبر. ¬
وإن لم يَقصِد به القرآنَ: حَنِثَ. وحقيقةُ "الذِّكْرِ": ما نُطِقَ به (¬1). و: "لا مِلْكَ له"، لم يَحنَثْ بدَيْن. و: "لا مالَ له، أو: لا يَملِكُ مالًا"، حَنِث بغير زكوِيٍّ، وبدَيْنٍ (¬2)، وضائعٍ لم ييئس من عَوْدِه، ومغصوبٍ (¬3). لا بمستَأْجَرٍ (¬4). و: "ليضربَنّه بمئةٍ"، فجمَعَها، وضربه بها ضَربةً: بَرَّ (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا مِلْكَ له) يعني: إن حلف: لا ملَك له، ومثله ما بعده (¬6). * قوله: (حنث بغيرِ زكويٍّ)؛ أي: حنث حتى بغير زَكَوِيٍّ. * قوله: (ومغصوب) مقتضى الإطلاق بعد التقييد: أن المرادَ: أيِسَ من عوده، أَوْ لَا. * قوله: (لا بمستأجَر)؛ أي: لا بما هو تحت يده على وجه الإجارة. قال الشيخ في تعليله: (لأن العين المستأجَرَة لا تسمى (¬7) مالًا عرفًا؛ إذ لا يملك إلا منفعَتَها). انتهى بمعناه (¬8). ¬
لا إن حلف: "ليضربَنَّهُ مِئةً" -ولو آلَمَه (¬1) -. * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا إن (¬2) حلف ليضربَنَّهُ مِئةً، ولو (¬3) آلمه) هذا يُشكل عليه ما اكتفَوْا به في الحدود؛ من أنه يكفي الضربُ في المريض بالعُثْكولِ (¬4) (¬5)، مع أن العدد معتبَرٌ في ذلك، والجواب يُطلب من الشرح الكبير، وإن كان فيه نوعُ توقُّفٍ (¬6)،. . . . . . ¬
7 - فصل
7 - فصل وإن حلَف: "لا يَلبَسُ من غَزْلها"، وعليه منه، أو: "لا يركبُ، أو لا يلبَسُ، أو لا يقومُ، أو لا يعقدُ، أو لا يسافرُ، أو لا يَطأُ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقد يجاب: بأن الحدود يُفتقر (¬1) فيها ما لا يُفتقر (¬2) في غيرها؛ بدليل قولهم: تُدرأُ الحدودُ بالشُّبُهات، و-أيضًا-: مسألة المريض المذكورة (¬3) ثبتت (¬4) على خلاف القياس لقصة أيوب (¬5)، وما (¬6) ثبت على خلاف القياس لا يقاس عليه. فصلٌ (¬7) ¬
أو لا يُمسكُ، أو لا يُشارِك (¬1)، أو لا يصومُ، أو لا يَحُجُّ (¬2)، أو لا يَطوفُ"، وهو كذلك (¬3)، أو: "لا يدخُل دارًا، وهو داخلَها (¬4) "، أو: "لا يُضاجعُها على فراش"، فضاجعَتْه، ودامَ (¬5)، أو: "لا يدخلُ على فلانٍ بيتًا"، فدخل فلانٌ عليه، فأقام معه: حَنِث، ما لم تكن نيةٌ (¬6). لا إن حلف: "لا يتزوَّجُ، أو يتطهَّرُ، أو يتطيَّبُ"، فاستَدَامَ ذلك (¬7). و: "لا يُسْكِنُ (¬8)، أو لا يُساكِن فلانًا". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو لا يدخل [على] (¬9) فلانٍ بيتًا. . . إلخ) فيه نظر؛ لأن مدلولَ ¬
وهو ساكنٌ، أو مُساكِنٌ، فأقامَ فوقَ زمنٍ يمكنُه الخروجُ فيه عادةً نهارًا، بنفسِه وأهلِه ومتاعِه المقصودِ (¬1)، ولو بَنَى بينه وبين فلانٍ حاجزًا، وهما مُتساكِنانِ: حَنِث (¬2). لا: إن أودَع متاعَه، أو أعاره، أو مَلَّكه، أو لم يجدْ مسكَنًا، أو ما ينقُلُه به، أو أَبَتْ زوجتُه الخروجَ معه، ولا يمكنُه إجبارُها، ولا النُّقلةُ بدونِها، مع نيةِ النقلةِ إذا قَدَر. أو أمكنَتْه بدُونِها، فخرج وحدَه. أو كان بالدار حُجْرتانِ، لكُلِّ حجرةٍ بابٌ ومِرْفَقٌ، فسكَنَ كلُّ واحد حجرةً: ولا نيةَ، ولا سببَ (¬3) (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ الإقامةِ الموجودةِ غيرُ مدلولِ المحلوفِ عليه، فتدبر. * قوله: (أو ما ينقلُه به)، وظاهر هذا: أنه لا يلزمه إعارةُ ما ينقله به، وقياسُ ما تقدم في التيمم -أيضًا-: أنه لا يلزمه قبولُه هبةً؛ لما فيه من المِنَّة (¬5)، ¬
و [لا] (¬1) إن حلف على معيَّنةٍ: "لا ساكَنَتْه بها" -وهما غيرُ مُتَساكِنَيْنِ-، فبَنَيا بينَهما حائطًا، وفتَحَ كلٌّ لنفسِه بابًا، وسَكَناها (¬2). و: "ليخرُجَنَّ، أو ليرحَلَنَّ من الدارِ، أو لا يأوِي، أو لا ينزلُ فيها"؛ كـ: "لا يسكُنُها". وكذا: "البلدُ". إلا أنه يَبَرُّ بخروجِه وحدَه إذا حلف: "ليخرجَنَّ منه" (¬3)، ولا يَحنَثُ بعَوْدٍ إذا حلف: "ليخرجَنَّ، أو ليرحلَنَّ من الدارِ أو البلدِ"، وخرَج (¬4)، ما لم تكن نيةٌ، أو سَبَبٌ (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ فليحرر بالنقل الصريح. * قوله: (إذا حلف ليخرجَنَّ منه) عُلم منه: أن لا يكفي ذلك فيما إذا حلف ليرحلن (¬6). * قوله: (ما لم تكن نيةٌ أو سببٌ)؛ أي: يقتضيان [أن] (¬7) المراد: أنه ¬
والسَّفَرُ القصيرُ: سفرٌ يَبَرُّ به مَن حلَف: "ليُسافِرَنَّ"، ويَحْنَثُ به من حلَفَ: "لا يسافرُ" (¬1). وكذا: النومُ اليسيرُ، و: "لا يسكُنُ الدارَ"، فدخلها، أو كان فيها غيرَ سكن، فدامَ جلوسُه، لم يحنث (¬2). و: "لا يدخل دارًا"، فَحُمِلَ فأُدخِلَها، وأمكنه الامتناعُ، فلم يمتنعْ، أو: "لا يستخدِمُ رجلًا"، فخدمه وهو ساكتٌ: حنث (¬3). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ صار لا يدخلها (¬4). * قوله: (وأمكَنَهُ الامتناعُ، فلم يمتنعْ)، أما إذا لم يمكنه الامتناعُ، فإنه لا يحنث (¬5)، لكن لا يُقيم فوقَ مدةِ الإكراه، ومتى أقامَ غيرَ مكرَهٍ، حنثَ (¬6)، ولا تنحلُّ اليمين بالدخول على وجه الإكراه؛ لأن فعل المكره لاغٍ؛ خلافًا للشافعي -رضي اللَّه عنه- (¬7)، فإذا دخلها بعد ذلك اختيارًا، حنث؛. . . . . . ¬
8 - فصل
8 - فصل ومن حلف: "ليشربَنَّ هذا الماءَ، أو ليضربَنَّ غلامَه غدًا (¬1)، أو في غدٍ"، أو أطلَقَ، فتَلِفَ المحلوفُ عليه قبلَ الغدِ، أو فيه قبلَ الشربِ أو الضربِ: حَنِث حالَ تلفِه (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ كما صرح به الشيخُ في شرحه (¬3). فصلٌ (¬4) * قوله: (قبلَ الغَدِ، أو فيه)؛ أي: في مسألتي (¬5) التقييد (¬6)، وأما في مسألة الإطلاق، فالظاهر: أنه يحنث إذا مضى زمنٌ يتسع لفعل المحلوفِ عليه قبلَ التلفِ، ولم يفعل (¬7). ¬
لا: إن جُنَّ حالفٌ قبلَ الغدِ حتى خرجَ الغدُ (¬1). وإن أفاقَ قبلَ خروجِه: حَنِث -أمكَنَهُ فِعلُه أوْ لَا- من أولِ الغد، لا: إن ماتَ قبلَ الغَدِ، أو أُكرِه (¬2). وإن قال: ". . . اليومَ"، فأمكَنَهُ، فتَلِفَ: حَنِثَ عَقِبَه (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإن أفاقَ قبلَ خروجه، حنث)؛ أي: ولم يفعل المحلوفَ عليه في الجزء الباقي المتصف فيه بالإفاقة (¬4)، ولو لم يتسع للفعل؛ بأن كان آخر جزء منه، أو أنه جُنَّ عقبَ إفاقته (¬5) (¬6). * قوله: (أمكنه فعلُه أوْ لَا)؛ (أي: سواء أمكنه فعلُ المحلوف عليه في ذلك الجزء الذي أفاق فيه، أو لم يمكنه؛ لأنه أدرك جزءًا (¬7) يصح أن ينسب إليه فيه الحنثُ) حاشية (¬8). * قوله: (حنث عقبه)؛ أي:. . . . . . ¬
ولا يَبَرُّ بضربِه قبلَ وقتٍ عَيَّنَه، ولا مَيْتًا، ولا بضربٍ لا يؤلِمُ. ويَبَرُّ بضربه مجنونًا (¬1). و: "ليقضِيَنَّه حَقَّه غدًا"، فأبْرَأه اليومَ (¬2)، أو أخَذ عنه عَرْضًا (¬3)، أو مُنع منه كَرهًا (¬4)، أو ماتَ، فقضاهُ لورثَتِه: لم يَحنَث (¬5). و: "ليقضيَنَّه عندَ رأسِ الهلالِ، أو معَ، أو إلى رأسِه، أو اسْتِهلالِه، أو عندَ، أو معَ رأسِ الشهر"، فمحمَلُه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنه يتبين حنثُه من أوله (¬6)، ويحتاج إلى الفرق بين مسألتي اليوم والغد. * قوله: (فأبرأَهُ اليَوم)؛ أي: (لم يحنث؛ لأنه منعه بإبرائه من قضائه، أشبهَ المكرَهَ، والظاهر: أن مقصودَ اليمين البراءةُ إليه في الغد (¬7)، وقد حصلت) شرح (¬8). ¬
عندَ غروبِ الشمسِ من آخرِ الشهرِ، ويَحنَثُ بعدُ. ولا يَضُرُّ تأخُّرُ فراغِ كيلِه ووزنِه وعدِّه وزَرْعِه وأكلِه؛ لكثرتِه (¬1). و: "لا أخذتَ حقَّك مني"، فأُكرهَ على دفعِه (¬2)، أو أخَذه حاكمٌ، فدفَعه إلى غريمه، فأخَذه: حَنِث؛ كـ: "لا تأخذْ حقَّك عليَّ" (¬3). لا: إن أُكرِهَ قابضٌ، ولا إن وضَعَه بينَ يدَيْه، أو في حِجْره (¬4). إلا إن كانت يمينُه: "لا أُعطيكَهُ"؛ لبراءتِه -بمثل هذا- من ثمنٍ، ومُثْمَنٍ، وأُجرةٍ، وزكاةٍ (¬5). و: "لا فارقْتَني حتى أَستوفِيَ حَقِّي منكَ". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وأَكْلِه)؛ أي: فيما إذا حلف ليأكلنَّ كذا عند رأس الهلال -مثلًا- (¬6). * قوله: (فأُكره على دفعِه)؛ لأن الإكراه هنا بحق، فلا يؤثر عدمُ الحنث. * قوله: (لا إن أُكره قابضٌ)؛ لأنه إكراه بلا حق، فيؤثر عدم الحنث (¬7). ¬
ففارقَ أحدُهما الآخرَ، لا كَرهًا، قبل استيفاءٍ: حَنِثَ (¬1). و: "لا افترقنا (¬2) -أو لا فارقتُك- حتى أَستوفي حقِّي [منك] (¬3) "، فهرب (¬4)، أو فَلَّسَه حاكمٌ وحَكَم عليه بفراقه (¬5)، أوْ لَا، ففارقه؛ لعلمِه بوجوبِ مفارقتِه: حَنِث (¬6). وكذا: إن أَبْرَأَه: أو أذِنَ له أن يفارقَه، أو فارقَه من غير إذنٍ (¬7). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وكذا إن أبرأَهُ)، والفرق بين مسألة الاستيفاء هذه، والقضاء السابقة في قوله: (وليقضِينَّه حقَّه غدًا)؛ حيث قالوا هناك: إنه إذا أبرأه قبلَ الغد، لم يحنث، وهنا إذا أبرأه، يحنث. هو: أن المحلوف عليه في تلك نفسُ القضاء، والبراءةُ منعت منه، فصار كأنه مكرهٌ على تركه، فلم يحنث (¬8)، وهنا المحلوفُ عليه المفارقَةُ المغيَّاة بالاستيفاء، لا نفسُ الاستيفاء، فإذا حصلت المفارقة بعيد البراءة، صدق عليه أنه قد وجدت المفارقة المحلوفُ على تركها من غير استيفاء، وليست المفارقة مكرهًا ¬
لا إذا أُكرِها، أو قضاهُ بحقِّهِ عَرْضًا (¬1). وفعلُ وكيلِه، كهو (¬2). وكذا لو حلف: "لا يبيعُ زيدًا"، فباع ممن يَعلم أنه يشتريه له (¬3). ولو تَوَكَّلَ حالِفٌ: "لا يبيعُ"، ونحوه، في بيعٍ: لم يَحْنَثْ، أضافَه لموكِّله، أوْ لَا (¬4). و: "لا فارقتُكَ حَتَّى أُوَفِّيَكَ حَقَّك"، فأُبْرِئَ منه، أو أُكرِهَ على فراقِهِ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليها، ولا منزلةً منزلةَ المكرَه عليه (¬5)، لكن هذا الفرق لا ينهض في المسألة الآتية، وهي ما إذا قال مَنْ عليه الدينُ: لا فارقتك حتى أُوفيك حقك، فأبرئ منه، وفارقه؛ حيث قالوا فيها بعدم الحنث. فليحرر المقام. ويؤخذ من الإقناع (¬6) الجوابُ عن هذه؛ بأنه بمنزلة المكره حينئذ؛ (لأن فوات البِرِّ (¬7) منه لا فعلَ له فيه)، وإنما جاء من جانب المبرئ. تدبر. ¬
لم يَحْنَثْ (¬1). وإن كانَ الحقُّ عَيْنًا، فوُهِبَتْ له، وقَبِلَ: حَنِثَ، لا: إن أقبَضَها قبلُ (¬2). وإن كان حلَفَ: "لا أُفارقُكَ ولكَ في قِبَلِي حَقٌّ"، فأُبْرِئَ، أو وُهِب له، لم يَحنث مطلقًا (¬3). و: "قَدْرُ الفراقِ": ما عُدَّ عُرْفًا؛ كبيعٍ (¬4). و: "لا يَكْفُلُ مالًا"، فكَفَل بَدَنًا -وشرَط البراءةَ-: لم يَحنَث (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لم يحنث)؛ لأنه لا فعلَ له في فوات البِرِّ (¬6). * قوله: (فوهبت له)؛ أي: لمن هي تحتَ يدِه وديعةً، أو عاريةً، أو غصبًا. * قوله: (مطلقًا)؛ أي: سواء أقبضَ العينَ قبلَ ذلك، أم لا (¬7). * قوله: (وشَرَطَ البراءة، لم يحنث)، أما إن أطلق، فظاهرُه الحنث، وجزم ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ به شيخُنا في الشرح، ثم قال: (وعُلم منه صحةُ ذلك الشرط، فإن لم يشرط البراءة، حنث؛ لأنه يلزمه إذا عجز عن إحضاره). انتهى (¬1). * * * ¬
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
حَاشِيَةُ الخَلوتي على مُنْتَهَى الإرَادَاتِ [7]
حُقُوق الطَّبْع مَحْفُوظَة الطبعة الأولى 1432 هـ - 2011 م قَامَت بعمليات التنضيد الضوئي والإخراج الفني والطباعة دَار النَّوَادِر
2 - باب النذر
تَابِع كِتَابِ الأَيْمَانِ 2 - بابُ النَّذْرِ وهو: إلزامُ مُكَلَّفٍ مختارٍ -ولو كافرًا- بعبادةٍ (¬1) نفسَه، للَّه تعالى -بكلِّ قولٍ يَدُلُّ عليه-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ النَّذْرِ * قوله: (للَّه) (متعلق بـ: (إلزام)) شرح (¬2). ويرشد إلى ذلك التعلُّق قولُ صاحب الرعاية: (وهو قولٌ يلتزم به المكلَّفُ المختارُ للَّه [تعالى] (¬3) حَقًّا بعَلَيَّ للَّه، أو نذرتُ للَّه). انتهى (¬4). * قوله: (يدلُّ عليه)؛ أي: على النذر المعبَّرِ عنه بـ: "هو" (¬5)، وفيه دَوْرٌ؛ لأنه قد أخذ المعروف في التعريف، فالأَوْلى كونُه راجعًا لـ: "إلزام" (¬6)، وإن أمكن الجواب عن الأول بأنه تعريفٌ لفظي لا يضرُّ فيه ارتكابُ الدُّورِ. ¬
شيئًا غيرَ لازمٍ بأَصْلِ الشرعِ، ولا مُحالٍ. فلا تكفي نيتُه (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (غيرَ لازمٍ بأصلِ الشرعِ) هذا قولُ الأكثر (¬2)، وهو خلافُ الصحيح الذي مشى عليه في قوله (¬3)؛ والصحيحُ الانعقادُ (¬4)، فكان ينبغي اقتصارُه على قوله: (غير محال) (¬5)؛ بأن يقول في التعريف: وهو (¬6) إلزامُ مكلَّفٍ مختارٍ -ولو كافرًا- شيئًا غيرَ محال، وعبارتُه لا تخلو أيضًا عن شيء من جهة العربية، وذلك (¬7) أن عبارته توهم أن "ألزم" (¬8) يتعدَّى لثلاثة (¬9) مفاعيلَ؛ لأن "بعبادة" في موضع ¬
وهو مكروهٌ: "لا يأتي بخير"، ولا يَرُدُّ قَضاءً (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ المفعول، وقوله: "نفسَه" مفعولٌ ثانٍ صريح، وقوله: "شيئًا" مفعولٌ ثالثٌ صريح أيضًا، فإسقاطُ قوله: "بعبادة" متعينٌ من جهتين كما عرفته، وإسقاطُ قوله: "غيرَ لازم بأصلِ الشرع" متعينٌ من جهة واحدة، وقد يجاب عن قوله: "بعبادة" بأنه من مدخول "لو"؛ أي: ولو بعبادة في حق كافرٍ، أو متعلق "بمكلَّف" بمعنى: مأمور، لا بـ: "إلزام" (¬2). * قوله: (وهو مكروه) في الكراهة نظر؛ إذ الظاهرُ أن يكون أدنى مرتبة الإباحة، وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "النَّذْرُ لا يَأْتِي بِخَيْرٍ، وإنما يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ (¬3) البَخِيلِ" (¬4) لا يقتضي ذلك، ثم رأيت ما يصلُح مستندًا للكراهة إجمالًا، وهو ما نقله عبد اللَّه -يعني: عن أبيه- من قوله: (نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن النذر) (¬5)؛ فإنه يقتضي: أنه ثبت عن الإمام النهيُ بدليلٍ [خاص] (¬6)، ولذلك حرَّمه بعضُ المحدِّثين (¬7). ¬
وينعقدُ في واجبٍ؛ كـ "للَّهِ عَلَيَّ صومُ رمضانَ"، ونحوُه، فيُكفِّرُ إنْ لم يَصُمْهُ (¬1)؛ كحلفِه عليه (¬2). وعندَ الأكثر: "لا. . . "؛ كـ: "للَّهِ عَلَيَّ صومُ أَمْسِ"، ونحوِه من المُحالِ (¬3). وأنواع منعقِدٍ ستةٌ (¬4): 1 - أحدُها: المطلَقُ؛ كـ: "للَّهِ عليَّ نَذْرٌ". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وينعقدُ في واجبٍ) هذا لا يلائم قوله: (شيئًا غيرَ لازمٍ بأصلِ الشرع)، إلا أن يقال: لا يلزم من انعقاده لزومهُ بالإلزام؛ إذ هو لازمٌ بأصل الشرع. * قوله: (ونحوِه)؛ كصلاة ظُهر (¬5). * [قوله] (¬6): (إن لم يصمْه)؛ أي: أو نحوه، ولو قال: "إن لم يفعله"، لكان أَوْلى. ¬
أو: "إن فعلتُ كذا. . . "، ولا نيةَ، وفَعَلَه، فكفارةُ يمينٍ (¬1). 2 - الثاني: نذرُ لِجَاجٍ وغَضَبٍ (¬2)، وهو: تعليقُه بشرطٍ يَقصِدُ المنعَ منه، أو الحملَ عليه؛ كـ: "إن كلمتُك، أو إن لم أُخبرْك، فعليَّ الحجُّ، أو العتقُ، أو صومُ سنةٍ، أو مالي صدقةٌ"، فيُخيَّرُ بينَ فعلٍ، وكفارةِ يمينٍ (¬3). ولا يضرُّ قولُه: "على مذهبِ من يُلزِمُ بذلك"، أو: "لا أُقَلِّدُ من يَرَى الكفَّارَةَ"، ونحوُه (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو إن (¬5) فعلتُ كدا)؛ [أي] (¬6) فلله عليَّ نذرٌ (¬7). * قوله: (وغَضَبٍ) لعله من عطف المسبب على السبب. * قوله: (أو لا أُقَلِّدُ مَنْ يرى الكفارةَ)؛ أي: كفايةَ الكفارة (¬8)، فهو في معنى ما قبله. ¬
ومن علَّقَ صدقةَ شيءٍ ببيعِه، وآخرُ بشرائِهِ، فاشتراهُ: كَفَّرَ كلُّ واحدٍ كَفَّارةَ يمينٍ (¬1). 3 - الثالثُ: نذرُ مباحٍ؛ كـ: "للَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَلبَسَ ثوبي، أو أركبَ دابَّتِي"، فيُخَيَّرُ أيضًا (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وآخرُ بشرائه) عطفٌ على الضمير المستتر في (علّق). * [قوله] (¬3): (كَفَّرَ كلُّ واحدٍ كفارةَ يمينٍ). قال شيخنا في شرح الإقناع: (قلت: إن (¬4) تصدق به المشتري، خرج من العهدة). انتهى (¬5). يعني: ولا يلزمه الصدقةُ بما اشتراه عينًا؛ لأنه نذرُ لجاجٍ وغضبٍ. وقد ذكر المصنف أنه يُخير فيه بين الفعلِ، وكفارةِ اليمين، والفعلُ صارَ غير متأتٍّ من البائع بيعًا بتًّا، وأما المشتري، فيخير كما ذكره شيخنا (¬6)، والمصنفُ اقتصر في حقِّ المشتري على أحد الجائزين. * قوله: (الثالث: نذرٌ مباحٌ)؛ أي: مباح في ذاته؛ كالذي مثل به من اللبسِ والركوبِ، فلا ينافي ما يأتي من أنه إذا نذر صومَ الدهر، يلزمه (¬7)، مع أنهم ذكروا ¬
4 - الرابعُ: نذرُ مكروهٍ؛ كطلاقٍ ونحيوِه، فيُسَنُّ أن يُكفّرَ، ولا يفعلَه (¬1). 5 - الخامسُ: نذرُ معصيةٍ؛ كشربِ خمرٍ، وصومِ يومِ عيدٍ (¬2)، أو حَيْضٍ (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أن صوم الدهر مباح (¬4)؛ لأنه -وإن كان مباحًا- لكن أصله -وهو مطلق الصوم- مشروعٌ. * قوله: (الرابع: نذرٌ مكروهٌ)؛ أي: مكروه باعتبار أصلهِ؛ كالممثِّلِ به من الطلاق ونحوِه، لا مطلقًا، وإلا، فالإحرامُ قبلَ الميقاتِ قد تقدَّم أنه مكروه (¬5)، وسيأتي أنه إذا نذره من مكان معين قبل الميقات، يلزمه (¬6)؛ لكون أصله -وهو مطلقُ الإحرام- مشروعًا (¬7)، فتدبر. ¬
أو أيامِ التشريقِ (¬1)، فيحرُمُ الوفاءُ به، ويُكفّرُ من لم يفعلْه (¬2)، ويَقضِي غيرَ يومِ حيضٍ (¬3). ومن نذر ذبْحَ معصومٍ -حتى نفسه- فكفارَةٌ (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو أيام (¬5) التشريق) (¬6)؛ أي: نظرًا إلى ما هو الأغلبُ فيها، وإلا، فتقدم أنه يجوز صومُها عندم متعةٍ وقِرانٍ (¬7). * قوله: (ويقضي غيرَ يومِ حيضٍ). قال ابن اللحام في القاعدة الثالثة والستين من قواعده الأصولية: (لو نذرت المرأةُ صومَ يوم الحيض بمفردِه، أو نذرَ المكلَّف صومَ يومٍ أَكَلَ فيه؛ فإنه لا ينعقدُ نذرُه. ذكره طائفة في كتاب الخلاف محلَّ وفاق، وفرقوا بينه وبين العيدِ؛ بأن الحيضَ والأكلَ منافيان للصوم لمعنًى فيهما، والعيدُ ليس منافيًا (¬8) للصوم لمعنًى ¬
وتتعدَّدُ بتعدُّدِ وَلَدٍ: ما لم ينوِ معيَّنًا (¬1). 6 - السادسُ: نذرُ تَبَرُّرٍ؛ كصلاةٍ وصيامٍ، واعتكافٍ وصدقةٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فيه، وإنما المعنى في غيره، وهو كونُه في ضيافة اللَّه عز وجل). انتهى (¬2). * قوله: (وتتعدَّدُ (¬3) بتعدُّدِ ولدٍ) هذا مخالفٌ لما سبق في كفارة اليمين؛ من أن النذور إذا تكررت على شيء واحد، يكفي فيها كفارة واحدة، وتتداخل (¬4)، ولا يجدي نفعًا حملُ قوله: (وتتعدد. . . إلخ) على ما إذا لم يكن كَفَّرَ عن الأول؛ لأنه تقدم -أيضًا-: أنه إذا حلف يمينًا واحدة على متعدد، وكَفَّر عن أحدهما، انحلَّت اليمينُ، ولم يطلب منه أخرى [لآخَرَ] (¬5) (¬6)، والنذرُ كاليمين (¬7)، ويمكن دفعُ المساواة بما سيأتي؛ من أن النذرَ قد لا يتداخلُ؛ كما إذا نذر صومَ يومِ الخميس، ويومَ يقدم زيدٌ، ووافقَ قدومُه في يوم الخميس، وهو صائم؛ حيث صرح المصنف بأنه يلزمه قضاءُ يومِ القدوم (¬8)، فتدبر. ¬
وحجٍّ وعُمْرةٍ؛ بقصدِ التقرُّبِ مطلَقًا، أو علّقَ بشرطِ نعمةٍ، أو دفع نقمةٍ؛ كـ: "إن شفَىَ اللَّهُ مريضي، أو سَلِم مالي. . . "، أو حلَف بقصدِ التقرُّب؛ كـ "واللَّهِ! لئن سَلِم مالي لأتصدَّقَنَّ بكذا"، فوُجد شرطُه، لَزِمَه، ويجوزُ إخراجُه قبلَه (¬1). ولو نذرَ الصدقةَ مَن تُسَنُّ له. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقد يفرق بأن قدومه في أثناء اليوم منعَ من التبييت للنية المعينة (¬2) له، والنيةُ السابقةُ لم تعينْ غيرَ يومِ الخميس، ولم تعينْ يومَ القدوم، فتدبر. وسيأتي في كلام المصنف ما يدل على ذلك، فتنبه له (¬3). * قوله: (مطلقًا) لعله منصوبٌ على الحال. * وقوله: (أو علّقَ) عطف عليه، فله حكمُ الحالية، وصحَّ العطفُ؛ لأن (مطلقًا) اسمُ مفعول، فهو مشبهٌ للفعل. * قوله: (فوجد) متعلق ومرتبط بقوله: (أو علق بشرط)، وإنما جعل نائبُ الفاعل اسمًا ظاهرًا (¬4)؛ للتذكار، ولو حذفه واكتفى بضميره المستتر، لصح. * وأما قوله: (لزمَهُ)، فجواب شرطٍ مقدَّرٍ يدلُّ عليه ما ذُكر، والتقديرُ: فإن نذرَ ما ذكر على وجه الإطلاق والتقييد (¬5)، ووجد الشرط في النوع الثاني، لزمَه. * قوله: (ولو نذر الصدقةَ مَنْ تُسَنُّ له) لعله احترازٌ عمن لا يُسن له ذلك؛ ¬
بكلِّ مالِه، أو بألفٍ ونحوِه -وهو كلُّ مالِه- بقصدِ القُربةِ: أجزأَ ثلثُه (¬1). وببعضٍ مسمًّى: لَزِمَه (¬2). وإن نَوَى ثمينًا، أو مالًا دونَ مالٍ: أُخِذ بنيتِه (¬3). وإن نذَرَها بمالٍ -ونيتُه ألفٌ-: يُخرِجُ ما شاء (¬4). ويصرفُه للمساكينِ؛ كصدقةٍ مطلَقةٍ، ولا يُجزِيه إسقاطُ دَينٍ (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ كالمحجور عليه في ماله لحقِّ الغرماء، وهو المفلس، وكذا إذا لم يكن بيده إلا ما هو قدرُ حاجته فقط -كما يأتي (¬6) -. * قوله: (وببعضِ مُسَمًّى، لزمه)، والظاهر: أنه إذا نذر الصدقة ببعضٍ غيرِ معينٍ؛ كبعض مالي: أنه يلزمه أقلُّ ما يقع عليه الاسمُ. * قوله: (يُخرج ما شاء)، ولا يتعين ما نواه؛ لأن دلالة اللفظ أقوى، ولا يعارضه مفهومُ قوله السابق: (ولا نية) (¬7)؛ لأن النية هناك ليس معها شيء هو أقوى منها. ¬
ومن حلَف أو نذرَ: "لا ردَدْتُ سائلًا"، فكَمَنْ حلفَ أو نذرَ الصدقةَ بمالِه: فإن لم يَتحصَّل له إلا ما يحتاجُه، فكفارةُ يمينٍ، وإلا، تصدَّق بثلثِ الزائدِ (¬1). وَحبَّةُ بُرٍّ ونحوُها ليست سؤالَ السائل (¬2). و: "إِن مَلكتُ مالَ فلانٍ، فعليَّ الصدقةُ به"، فمَلَكه: فكمالِه (¬3). ومن حلفَ فقال: "عليَّ عتقُ رقبةٍ"، فحَنِث: فكفارةُ يمينٍ؛ [بخلاف الظهار] (¬4) (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله] (¬6): (وحبةُ بُرٍّ ونحوُها ليست سؤالَ السائل)؛ يعني: فلا يبر بها من حلف: لا رددتُ سائلًا. * قوله: (فكمالهِ)؛ أي فتجزئه الصدقة بثلثه (¬7)، وهو مفروضٌ فيما إذا كان نذرَ تبرُّرٍ بقصدِ القُربة، فلا ينافي ما تقدَّم في قسم اللِّجاجِ والغضبِ (¬8)؛ من أنه لو علَّقَ صدقةَ بشيء يبيعُه، وآخرُ بشرائه، فاشتراه، كَفَّرَ كلُّ واحدٍ كفارَة يمين، فتدبر. ¬
1 - فصل
1 - فصل ومن نذَر صومَ سنةٍ معيَّنةٍ: لم يدخُلْ في نذرِهِ رمضانُ، ويوما العيدِ (¬1)، وأيامُ التشريقِ (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ فصلٌ (¬3) * قوله: (لم يدخلْ في نذرهِ رمضانُ) تقدَّم أنه ينعقد في واجب (¬4)، فهل هذا يعارضُه، أو يقال: [إن هذا مبنيٌّ على القول الثاني؛ من أنه لا ينعقدُ في الواجب (¬5)، أو يقال] (¬6): إنه مبني حتى على الصحيح، ولا معارضة. وفرقٌ بين هذا وما تقدَّم؛ لأن ما تقدَّم فيما إذا نذر صومَ الواجب بمفرده، وما هنا فيما إذا نذر صومَ مدةٍ يدخلُ فيها الواجبُ، فمقتضاه: أنه إذا لم يصم رمضانَ حينئذ لعذرٍ: أنه لا يُكَفِّر. وهذا الفرق يُعلم مما فرقوا به بين ما إذا نذرَ صومَ يومِ عيدٍ، أو حيضٍ (¬7)، وما إذا نذرَ صومَ [يومِ] (¬8) الخميس -مثلًا-، فوافق شيئًا من ¬
وإن نذَر صومَ شهرٍ معيَّنٍ، فلم يَصُمْه لعذرٍ (¬1) أو غيرِه: فالقضاءُ (¬2) متتابعًا (¬3)، وكفارةُ يمينٍ. وإن صامَ قبلَه: لم يُجْزِئْه (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك؛ من أنه لا كفارة في الأولى (¬5)، ويكفر في الثانية (¬6)، فليحرر وليتنبه (¬7) لما يأتي في قول المصنف: (وكذا سُنَّةٌ في تتابعٍ، ويصوم اثني عشر شهرًا سوى رمضانَ. . . إلخ) (¬8). ¬
وإن أفطرَ منه لغيرِ عذرٍ: استأنَف شهرًا من يومِ فطرِه، وكَفَّرَ (¬1). ولعذرٍ: بَنَى، وقَضَى ما أَفطَرَهُ متتابِعًا مُتَّصِلًا بتمامِه (¬2)، وَكفَّرَ (¬3). وإن جُنَّهُ كُلَّهُ: لم يقضِه (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (شهرًا)؛ أي: مثلًا، ومثلُه صومُ [يوم] (¬5) جمعة، أو يومِ الخميس والاثنين، ويقضي ذلك كلَّه -على ما يأتي-. * قوله: (وإن جُنَّهُ) الضميرُ المستترُ (¬6) في محلِّ الرفعِ، والبارزُ في محل (¬7) النصبِ عائدٌ على الشهر، فنصبه نصبَ الظرف، لا المفعولِ به، فتدبر. وبخطه: انظر: هل يقيد ذلك بما إذا لم يتصل جنونُه بسُكْر؛ كما تقدم مثلُه في الصلاة؟ (¬8). ¬
وإن نذَر صومَ شهرٍ، وأطلَق: لزمَهُ التَّتابُعُ (¬1). فإن قطعَه بلا عذرٍ: استأنَفَهُ (¬2). ولعذرٍ: يُخَيَّرُ بينَه (¬3) بلا كفارةٍ، وبينَ البناءِ، ويُتِمُّ ثلاثين، ويكفِّرُ (¬4). وكذا "سَنةٌ": في تتابُعٍ (¬5)، ويصومُ اثنَيْ عشَر شهرًا، سوى رمضانَ وأيامِ النهي، ولو شرَط التتابُعَ، فيَقضِي (¬6). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لو شرَطَ التتابُعَ) غاية. ¬
و. . . سَنةً من الآنِ، أو من وقتِ كذا: فَكَمُعيَّنَةٍ (¬1). وإن نذَر صومَ الدهرِ: لزمَهُ (¬2)، فإن أفطَر: كفَّر فقط بغيرِ صومٍ (¬3)، ولا يدخُل رمضانُ، ويومُ نهيٍ، ويَقضِي فطرَه به (¬4). ويُصامُ لظِهارٍ ونحوِه منه، ويكفِّرُ مع صومِ ظهارٍ ونحوِه [فقط] (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وأن نذرَ صومَ الدهر، لزمَهُ)، وهو (¬6) من نذرِ المباح -على مقتضى ما ذكره في الإقناع في باب صوم التطوع-، وعبارته: (ويجوز صومُ الدهر، ولم يُكره إذا لم يترك به حقًا، ولا يخاف منه ضررًا). انتهى (¬7). * قوله: (ويقضي فطرَه)؛ أي: فطرَ الناذر به -أي: برمضان-، ولو كانت الأيام التي يقع فيها القضاءُ صومُها منذورٌ، لأن الواجب بأصلِ الشرعِ أقوى (¬8). * قوله: (ويُكَفِّر مع صومِ ظِهارٍ)؛ أي: لا مع صومِ قضاءِ رمضان؛ لأن سببَ ¬
وإن نذَر صومَ يومِ الخميسِ ونحوه، فوافَقَ عيدًا، أو حَيْضًا (¬1)، أو أيامَ تشريقٍ: أفطَر، وقضَى، وكَفّرَ (¬2). وإن نذَر صومَ يومِ يَقدَمُ زيدٌ، فقَدِمَ ليلًا: فلا شيءَ عليه (¬3). ونهارًا -وهو صائمٌ، وقد بَيَّت النيةَ بخبرٍ سمعه- صَحَّ، وأجزأَهُ (¬4). وإلَّا (¬5)، أو كان مُفْطِرًا، أو وافَقَ قدومُه يومًا من رمضانَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجوبِ النذر والظِّهار يُنسبان إليه؛ بخلاف رمضان؛ فإنه واجبٌ بأصل الشرع، ¬
أو يومَ عيدٍ (¬1)، أو حيضٍ: قَضى، وكفّر (¬2). وإن وافَقَ قدومُه وهو صائمٌ عن نذرٍ معيَّنٍ: أتَمَّه -ولا يُستحبُّ قضاؤه- ويَقضِي نذْرَ القدومِ (¬3)، كصائم: في قضاءِ رمضانَ، أو كفارةٍ، أو نذرٍ مطلَقٍ (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ لا بالإيجاب (¬5)، فتدبر. * قوله: (ويقضي نذرَ القُدوم) بقي ما إذا نذر صومَ يوم الخميس، [ويومَ يقدمُ زيدٌ، وعلم بخبرٍ سمعَه قدومَ زيدٍ في يوم الخميس] (¬6)، فبيَّتَ النيةَ عنه مشرِّكًا (¬7) بينهما، هل يصحُّ صومُه عنهما، أو عن أحدهما، أو لا يصحُّ (¬8) عن واحد منهما؟ وإذا لم يصح عنهما، فهل يكون في حكم المفطر (¬9)، أو ينقلب صومُه نفلًا؟ والظاهر هذا الأخيرُ؛ أخذًا من قول المصنف في أول كتاب الصيام: ¬
وإن وافَقَ يومَ نذرِه وهو مجنونٌ: فلا قضاءَ، ولا كفارةَ (¬1). ونذرُ اعتكافِه، كصومِه (¬2). وإن نذَر صومَ أيامٍ معدودةٍ -ولو ثلاثين- لم يلزمه تتابُعٌ إلا بشرطٍ أو نيةٍ (¬3). ومن نذر صومًا متتابعًا غيرَ معينٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ (وإن نوى خارجَ رمضانَ قضاءً ونَفْلًا، أو نَذْرًا، أو كفارةَ (¬4) ظهارٍ، فنفلٌ). انتهى (¬5). وهل على قياس قوله: (قضاءً ونفلًا) النذرُ والنفلُ، فإذا نذر صومَ يوم الخميس، فوافقَ يومَ عرفةَ، ونواه عنهما: أنه يكون نفلًا، ولا يجزئ عن النذر، فليحرر. * قوله: (وإن وافق يوم نذره (¬6) وهو مجنون، فلا قضاءَ) انظر: هل هذا يغني عنه قوله: (وإن جُنَّهُ كلَّه، لم يقضه)؟ (¬7). ¬
فأفطر لمرض يجبُ معه الفطرُ، أو لحيضٍ، خُيِّرَ بين استثنائه، ولا شيءَ عليه، وبين البناء، ويكفِّر (¬1). و. . . لسفرٍ، أو ما يُبيحُ الفطرَ مع القدرة على الصوم: لم ينقطعِ التَّتابُعُ (¬2). ولغير عذرٍ: يلزمُه أن يَستأنفَ بلا كَفَّارةٍ (¬3). ومن نذَر صومًا، فعجزَ عنه لِكِبَرٍ أو مرضٍ لا يُرجَى بُرْؤُه (¬4)، أو نذرَهُ حالَ عجزِهِ: أطعَم لكلِّ يومٍ مِسكينًا، وكَفَّرَ كفارةَ يمينٍ (¬5). وإن نذَر صلاةً ونحوَها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (يجب معه الفطرُ)؛ كخوفه تلفًا بصومه. ¬
وعجَزَ: فعليه الكفارةُ فقط (¬1). و. . . حجًّا: لَزِمَهُ. فإن لم يُطِقْهُ، ولا شيئًا منه: حُجَّ عنه. وإلا: أتَى بما يُطيقُه، وكفّر للباقي (¬2). ومعَ عجزِه عن زادٍ وراحلةٍ حالَ نذرِه: لا يَلزمُه. ثم إن وجدهما: لزمَهُ (¬3). وإن نذَر صومًا (¬4)، أو صومَ بعضِ يوم: لزمه يومٌ بنيتِه من الليل (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وعَجَزَ)؛ (يعني: عجزًا لا يُرجى زوالُه، فإن كان مرجوَّ الزوال (¬6)، انتظره، ولا كفارةَ؛ لعدمِ فواتِ الوقتِ) حاشية (¬7). * قوله: (فعليه الكفارةُ فقط) يطلب الفرقُ بين الصوم والصلاة، وكأنه عدمُ الورود. * قوله: (أتى بما يُطيقه، وكَفَّرَ) في الحاشية: (ويَستنيب في الباقي) (¬8). ¬
ونذرُ صومِ ليلةٍ لا ينعقدُ، ولا كفارةَ (¬1). وكذا نذرُ صومِ يومٍ أتَى فيه بمُنافٍ (¬2). وإن نذَر صلاةً، فركعتانِ (¬3) قائمًا لقادرٍ (¬4)؛ لأن الركعةَ لا تجزئُ في فرضٍ (¬5). وأربعًا بتسليمَتَيْنِ، أو أطلَق: تُجزئُ بتسليمةٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ونذرٌ) مبتدأ، خبرُه قولُه: (لا ينعقد). * قوله: (لأن الركعة لا تجزئ (¬6) في فرض) تقدَّم أنها تجزئ (¬7) في الفرض في الوجه الذي منعه الأكثر من أوجه صلاة الخوف، وهو أن يصلي الرباعية بكل طائفة ركعةً بلا قضاء (¬8)، إلا أن يقال: إن الفردَ النادر لا ينبني عليه حكمٌ، فتدبر. * قوله: (تجزئ (¬9) بتسليمةٍ) (¬10). . . . . . ¬
كعكسِه (¬1). ولِمن نذَر صلاةً جالسًا: أن يصليَها قائمًا (¬2). وإن نذَر المشيَ إلى بيتِ اللَّه الحرامِ، أو موضعٍ من مكةَ أو حَرَمِها، وأطلَق، أو قال: "غيرَ حاجٍّ ولا مُعْتَمِرٍ": لزمَهُ المَشيُ في حَجٍّ أو عُمرةٍ من مكانه (¬3)، لا إِحرامٌ قبلَ مِيقاتِه، ما لم ينوِ مكانًا بعيْنِه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال شيخنا: (أما في (¬4) مسألة الإطلاق، فواضح، وأما في مسألة التعيين، فمشكل؛ لأنه عين الإتيانَ بالعبادة على وجه أفضلَ، فكان الظاهرُ وجوبَ الإتيان بها على ذلك الوجه، وعدم إجزاء ما هو دونه، ويمكن أن يقال: إن النذر يذهب به مذهب الفرض، والفرضُ إذا كان أربعًا، إنما يكون بتسليمةٍ واحدة، فجاز مراعاةُ ذلك، فجاز (¬5) مراعاةُ لفظه). * قوله: (ولمن (¬6) نذرَ صلاةً جالسًا أن يُصَلِّيَها قائمًا)، ولا يلزمه ذلك؛ لأن ما نذره من جملة كيفيات الصلاة المشروعةِ في الجملة، فلا يقال: إن النذر يذهب مذهَبَ الفرض، وهو لا يصحُّ جالسًا مع القدرة على القيام. * قوله: (ما لم ينو مكانًا بعينهِ) مع أن الإحرام قبلَ الميقات مكروهٌ (¬7)، ¬
أو إِتيانَه، لا حقيقةَ المشي (¬1). وإن ركبَ لعجزٍ أو غيرِهِ، أو نذَرَ الركوبَ، فمشى: فكفارةُ يمينٍ (¬2). وإن نذَرَ المشيَ إلى مسجدِ المدينةِ، أو الأقصَى: لزمَهُ ذلك، والصلاةُ فيه (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ فمقتضى ما تقدَّم أولَ الباب (¬4): أنه يكفِّر فقط، ولا يفعله، إلا أن يقال: المرادُ بالمكروه: ما أصله مكروه، والإحرام مشروعُ الأصل، وفي شرح شيخنا هنا (¬5) إشارةٌ إليه (¬6). * قوله: (لزمه ذلك، والصلاةُ فيه)؛ أي: صلاةُ ركعتين (¬7)، قال شيخنا في شرحه: (إذِ (¬8) القصدُ بالنذر (¬9): القربةُ والطاعة، وإنما يحصل ذلك بالصلاة، فتضمن ¬
وإن عيَّن مسجدًا في غيرِ حَرَمٍ: لزمه -عندَ وصولِه- ركعتان (¬1). وإن نذَر رقبةً: فما يُجزئُ عن واجبٍ، إلا أن يُعيِّنَها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك نذرها؛ كنذر المشي إلى بيت اللَّه الحرام حيث وجب به أحد النسكين). انتهى (¬2). وبخطه: قال في الفروع: (لعله ما لم يكن الناذر امرأةً؛ لأفضلية بيتها) (¬3). * قوله: (في غير حَرَمٍ)؛ أي: في غير المساجد الثلاثة (¬4). * قوله: (لزمه عندَ وصولِه ركعتانِ). قال الشارح: (للعلةِ السابقة) (¬5). * قوله: (فما يجزئ عن واجب)، وهي المسلِمَةُ (¬6) السالمةُ (¬7) من العيوب ¬
فيُجزئُه ما عَيَّنه (¬1). لكن: لو مات المنذورُ، أو أتلَفَه ناذرٌ قبلَ عتقِه، لزمَهُ كفارةُ يمينٍ بلا عتقٍ (¬2). وعلى متلِفٍ غيرِه، قيمتُه له (¬3). و: "إن مَلَكتُ عبدَ زيدٍ، فلِلَّه عليَّ أن أُعتِقَه" يِقَصْدِ القُربةِ، أُلزِمَ بعتقِه: إذا مَلَكَه (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ المضرَّةِ بالعملِ ضررًا بَيِّنًا (¬5). * قوله: (لكن لو ماتَ المنذورُ)؛ أي: مَنْ حكمنا عليه بأنه منذورٌ، وسميناه بذلك (¬6)، ولا يُقَدَّرُ عتقُه؛ لئلا يلزم عليه حذفُ نائب الفاعل، وهو لا يُحذف، بل يستتر. * قوله: (بلا عتقٍ)؛ أي: لا يلزمُه مع [ما] (¬7) يكفر به من عتق أو غيره عتقُ رقبة يجعلُها من قيمته؛ بدليل ما ذكره المصنف في شرحه بيانًا لمقابلة مقوله: (وقيل: يُصرف قيمتهُ في الرقاب) (¬8). * قوله: (يقصد (¬9) القريةَ، أُلزم [بعتقه)، وأما في اللِّجاجِ والغضبِ، فتقدم في ¬
ومن نذَر طوافًا (¬1)، أو سَعْيًا، فأقَلُّه: أُسبوعٌ. وعلى أربعٍ: فطوافانِ (¬2)، أو سَعْيانِ (¬3). ومن نذَر طاعةً على وجهٍ منهيٍّ عنه؛ كالصلاةِ عُرْيانًا، أو الحجُّ حافِيًا حاسِرًا، ونحوِه: وَفَّى بها على الوجهِ المشروع. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نظيره (¬4): أنه يكفِّرُ كفارةَ يمين، ولا يلزمه عينًا] (¬5) (¬6)، فلا يعارض ما تقدم (¬7). * قوله: (فطوافان) (¬8): طوافٌ أصليٌّ، والثاني بدلُ النذر على يديه، ومثلُه في السعي، ولا يلزمه حبوًا (¬9). ¬
وتُلغَى تلك الصفةُ، ويكفِّرُ (¬1). ولا يلزمُ الوفاءُ بوعدٍ (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله: (ويكفِّر) تغليظًا عليه، [وهو] (¬3) أَوْلى من تعليل الشارح (¬4)] (¬5) * * * ¬
35 - كتاب القضاء والفتيا
35 - كِتَابُ القَضَاءِ وَالفُتيَا
(35) كِتَابُ القَضَاءِ وَالفُتيَا (أ) وهي: تَبْيِينُ الحُكْمِ الشرعيِّ (¬1). ولا يَلزمُ جوابُ ما لم يَقَعْ (¬2)، ولا ما لا يَحتمِلُه سائِلٌ (¬3)، ولا ما لا نفعَ فيه. ومَن عَدِم مُفْتِيًا في بلدِه وغيرِه، فحُكمُه: حُكمُ ما قَبْلَ الشَّرْعِ (¬4). ويحرُمُ تَساهُلُ مُفتٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كتابُ القَضاءِ والفُتْيَا * قوله: (فحكمُه [حكمُ] (¬5) ما قبلَ الشرعِ)؛ من إباحةِ، أو حظرٍ، أو وقفٍ (¬6)؛ على الخلاف فيه، والأولُ أرجحُ (¬7). ¬
وتقليدُ معروفٍ به (¬1). ويقلَّدُ العَدْلُ ولو مَيْتًا. ويُفتي مجتهدٌ فاسِقٌ نفسَه (¬2). ويقلِّدُ عامِّيٌّ مَنْ ظَنَّه عالمًا، لا: إن جَهِل عدالَتَهُ (¬3). ولمفتٍ رَدُّ الفُتْيا: إن كانَ بالبلدِ عالمٌ قائمٌ مَقامَه. وإلا: لم يجُزْ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وبفتي مجتهدٌ فاسقٌ نفسَه) إن في ذلك لعبرةً. * قوله: (لا إن جهلَ عدالَتَه)، ولو كان عدلًا (¬4). * قوله: (ولمفتٍ ردُّ الفُتيا إن كانَ بالبلد عالمٌ قائمٌ مقامَه)، وكذا إن خاف غائلتها -على ما في الإقناع (¬5) -. وبخطه: عُلم منه (¬6): أنه لو كان بها مَنْ هو معروف عند العامة بكونه مفتيًا، وهو جاهل أنه يتعين الجواب على العالم (¬7). ¬
كقولِ حاكمٍ لمن ارتَفَعَ إليه: "امْضِ إلى غيري" (¬1). ويحرُم إطلاقُ الفُتْيا في اسمٍ مشتَرَكٍ، فمن سُئِلَ: "أَيُؤْكَلُ في رمضانَ (¬2) بعدَ الفجر؟ "، لا بُدَّ أن يقولَ: "الأولَ، أو الثانيَ". وله تَخْيِيرُ من استفتاهُ بينَ قولِه وقولِ مخالفِه. ويَتخيَّرُ -وإن لم يُخَيِّرْهُ، لا لمنِ انتَسبَ لمذهبِ إمامٍ- أن يَتخيَّر في مسألةٍ ذاتِ قولَيْنِ (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (كقولِ حاكمٍ لمن ارتفعَ إليه: امضِ (¬4) إلى غيري) ولو كان بالبلد (¬5) من يقوم مقامه، [فالتشبيه في مطلق عدمِ الجوازِ، لا في عدمه حين لا يكون فيه مَنْ يقوم مقامه] (¬6). هكذا يؤخذ من الشرح (¬7). قال: (لأن تدافُعَ الحكومات يؤدِّي إلى ضياع الحقوق) (¬8). * قوله: (الأولَ) منصوب بـ "تعني" (¬9). * قوله: (لا لمنِ انتسبَ لمذهبِ إمامٍ أن يتخيرَ في مسألةٍ ذاتِ قولين) لإمامه، أو وجهين لأصحابه، فيفتي، أو يحكم بحسب ما يختار منهما، بل عليه أن ¬
ومن لم يجدْ إلا مفتيًا: لزمَهُ أخذُه بقولهِ. وكذا ملتزمٌ قولَ مفتٍ، وثَمَّ غيرُه. ويجوزُ تقليدُ مفضولٍ من المجتهدين (¬1). (ب) و"القضاء": تَبْيينُه، والإلزامُ به، وفَصْلُ الحكوماتِ (¬2). وهو فرضُ كفايةٍ؛ كالإمامةِ. فعلى الإمامِ أن يَنْصبَ بِكُلِّ إقليم قاضيًا. ويَختارُ لذلك أفضلَ من يجدُ: عِلْمًا ووَرَعًا، ويأمرُه بالتقوى، وتحرِّي العدلِ، وأن يَستخلِفَ في كُلِّ صُقْعٍ أفضلَ من يجدُ لهم (¬3). ويجبُ على من يَصلُح، إذا طُلِبَ، ولم يوجَدْ غيرُه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ينظر: أيهما أقربُ من قواعدِ (¬4) مذهبهِ، أو من الأدلة، فيعمل به؛ أي: يفتي، أو يحكم (¬5). * قوله: (في كلِّ صُقْع)؛ أي: ناحية من عمله (¬6). ¬
ممن يوثَقُ به: أن يدخُلَ فيه (¬1) إن لم يُشْغِلْه عَمَّا هو أَهَمُّ [منه] (¬2) (¬3). ومعَ وجودِ غيرِه، الأفضلُ: أَلَّا يُجيبَ (¬4). وكُرِه له طلبُه إذًا (¬5). ويحرُم بذلُ مالٍ فيه، وأَخْذُه، وطلبُه، وفيه مباشِرٌ أَهْلٌ (¬6). وتَصِحُّ تَولِيَةُ مفضولٍ (¬7) وحريصٍ عليها (¬8)، وتعليقُ وِلايةِ قضاءٍ وإمارةٍ بشرطٍ (¬9). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويحرُمُ بدلُ مالٍ فيه، وأخذُه وطلبُه وفيه مباشِرٌ أَهْلٌ)، ويبقى النظر في أحكامه حينئذ، هل تنفذ؟ ولو فسق بذلك؟ فليحرر. ¬
وشُرِطَ لصحَّتِها: 1، 2، 3، 4، 5 - كونُها من إِمامٍ، أو نائِبه فيه، وأن يَعرفَ أن المُوَلّى صالحٌ للقضاء، وتعيينُ ما يُوَلِّيه الحُكْمَ فيه؛ من عملٍ، وبلدٍ، ومشافَهَتُه بها، أو مكاتَبتُه، وإشهادُ عَدْلَيْن عليها، أو استفاضَتُها: إذا كان بلدُ الإمام خمسةَ أيام فما دون (¬1)، لا عدالةُ المولِّي (بكسر اللام) (¬2). وألفاظُها الصريحةُ سبعةٌ: "ولَّيْتُك الحُكْمَ، وَقلَّدْتُك الحكمَ، وفَوَّضْتُ (¬3) -أو رَدَدْتُ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (من عمل)؛ أي: ما يجمع بلادًا وقرى متفرقةً؛ كمصرَ ونواحيها (¬4). * قوله: (إذا كان بلد الإمام خمسةَ أيام)؛ أي: إذا كان بينَ بلد الإمام وبلد المولى خمسةُ أيام فما دون. ومفهومُه: أنه إذا كان بينهما فوقَ خمسةِ أيام: أنه لا تكفي (¬5) الاستفاضة (¬6). * قوله: (وألفاظُها الصريحةُ سبعةٌ). ¬
أو جعلْتُ- إليكَ الحكمَ، واستخلَفْتُك -أو استَنَبْتُك- في الحكمِ" (¬1). فإذا وُجد أحدُها، وقَبِلَ مولّى حاضِرٌ في المجلسِ، أو غائبٌ بعدَه (¬2)، أو شرعَ الغائبُ في العملِ: انعقدَتْ (¬3). والكنايةُ نحو: "اعتمدْتُ، أو عَوَّلْتُ عليكَ، ووَكَّلْتُ، أو أسنَدْتُ إليكَ". لا تنعقد إلا بقرينة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال (¬4) شيخنا عبدُ الرحمن: على عددِ أبوابِ جهنم (¬5). * قوله: ([أو] (¬6) غائبٌ)؛ أي: ولو كان بالبلد، لكنه غائب عن المجلس (¬7). * قوله: (بعده)؛ أي بعد بلوغ التولية له (¬8). * قوله: (إلا (¬9) بقرينة)؛ أي: تنفي الاحتمال، ومقتضى التمثيل والتعليلُ أنه ¬
1 - فصل
نحو: "فاحكمْ، أو: فَتَوَلَّ ما عَوَّلْتُ عليكَ فيه" (¬1). وإن قال: "من نَظر في الحكم في بلدِ كذا، من فلانٍ وفلانٍ، فقد وَلَّيْتُه" لم تنعقِدْ لمن نَظَر؛ لجهالتِه (¬2). وإن قال: "وَلَّيْتُ فُلانًا وفلانًا، فمن نَظَر منهما، فهو خليفتي" انعقدَتْ لهما، ويتعيَّنُ من سَبَقَ (¬3). * * * 1 - فصل وتُفِيدُ وِلايةُ حكمِ عامَّةٌ النظرَ في أشياءَ، والإلزامَ بها: 1 - فصل الحكومةِ، وأخذُ الحقِّ، ودفعُه لربِّه. ـــــــــــــــــــــــــــــ لا بدَّ من قرينة لفظية. فصلٌ (¬4) * قوله: (فصلُ الحكومة) بدلٌ من (أشياءَ) (¬5)، أو خبرُ مبتدأ محذوف، وأي، وهي: أي الأشياء فصل الحكومة. . . إلخ، فتدبر. ¬
2، 3 - والنظرُ في مالِ يتيمٍ ومجنونٍ وسفيهٍ وغائبٍ، والحَجْرُ لِسَفَهٍ وفَلَسٍ. 4، 5 - والنظرُ في وقوفِ عملِه؛ لتجريَ على شرطِها. وفي مصالحِ طرقِ عملِه وأَفْنِيَتِهِ. 6، 7 - وتنفيذُ الوصايا، وتزويجُ من لا وليَّ لها. 8 - وتصفُّحُ شهودِه وأُمَنائه؛ ليَستبدِلَ بمن ثَبَتَ جَرْحُه. 9، 10 - وإقامةُ حَدٍّ، وإمامَةُ جمعةٍ وعيدٍ (¬1): ما لم يُخَصَّا بإمام (¬2). 11 - وجبايةُ خَراجٍ وزكاةٍ، ما لم يُخَصَّا بعاملٍ (¬3). لا الاحتِسابَ على الباعةِ والمشترينَ، وإلزامَهم بالشرع (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
وله طلبُ رزقٍ من بيتِ المالِ، لنفسِه، وأُمَنائه، وخُلفائه، حتى مع عدمِ حاجةٍ (¬1). فإن لم يُجعل له شيءٌ -وليس له ما يكفيه- وقال للخصمَيْن: "لا أقضِي بينكما إلا بجُعْلٍ"، جاز (¬2). [لا مَنْ تعيَّنَ أن يُفتي وله كفايةٌ] (¬3). ومن يأخذُ من بيتِ المالِ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (إلا بجعل)؛ أي: ويعينه؛ لأن من شرط الجعالة تعيينُ الجُعْلِ (¬4). * قوله: (لا من تعيَّنَ أن يُفتي وله كفايةٌ). قال شيخنا في شرحه في بيان المحترزين: (فإن لم يتعين؛ بأن كان بالبلد عالم يقوم مقامه، أو لم يكن له كفاية، جاز) (¬5). انتهى (¬6). * قوله: (ومن يأخذ من بيت المال) لعل المراد: قدر كفايته (¬7). ¬
2 - فصل
لم يأخذْ أُجرةً لفُتياهُ، ولا لِخَطِّهِ (¬1). * * * 2 - فصل ويجوزُ أن يُوَلِّيَه عمومَ النظرِ في عمومِ العملِ، وأن يولِّيَه خاصًّا في أحدهما، أو فيهما (¬2)، فيولِّيه عمومَ النظرِ -خاصًا- بِمَحَلَّةٍ خاصةٍ، فينفُذُ حكمُه في مقيمٍ بها، وطارٍ إليها فقط (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصلٌ (¬4) * قوله: (ويجوز أن يولِّيَه عُمومَ النظرِ في عمومِ العمل)؛ بأن يوليه سائرَ الأحكام في سائر البلدان (¬5). * قوله: (وأنه يولِّيه خاصًّا في أحدِهما)، وتحتها صورتان؛ فالصورُ أربع (¬6). * قوله: (فقط)؛ أي: دون مَنْ كان مقيمًا، ثم رحل منها قبلَ ولايته. ¬
لكنْ: لو أَذِنَتْ له في تزويجها، فلم يزوِّجْها حتى خرجَتْ من عمله: لم يصحَّ؛ كما لو أذنتْ له، وهي في غيرِ عملِه، ثم دخلتْ إلى عملهِ (¬1). ولا يسمعُ بينةً في غير عملِه -وهو مَحَلُّ حكمِه-، وتجبُ إعادَةُ الشهادةِ فيه؛ كتعديلها (¬2). أو يولِّيَه الحكمَ في المُدَايَناتِ خاصَّةً، أو في قَدْرٍ من المالِ لَا يتجاوزُه، أو يَجعلَ إليه عقودَ الأَنْكحةِ، دونَ غيرِها (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله: (لم يصح)؛ أي: تزويجُه لها؛ لأنها حينئذٍ ليست في ولايته] (¬4) (¬5). * قوله: (ثم دخلت إلى عمله)؛ أي: بعد الإذن، فلا يصح تزويجُه لها بذلك الإذنِ؛ إذ لا عبرةَ بالإذن في غير عمله؛ لعدم الولاية عليها (¬6). * قوله: (كتعديلها)؛ أي: كما أنه لا بد من إعادة التعديل؛ لاحتمال طُروءِ (¬7) ما ينافي العدالةَ بين السماعَين، فتدبر. ¬
وله أن يولِّيَ مِنْ غيرِ مذهبِه (¬1)، وقاضِيَيْنِ فأكثرَ ببلدٍ، وإن اتَّحَدَ عملُهما (¬2). ويقدَّمُ قولُ طالبٍ -ولو عندَ نائبٍ-، فإن استَويَا (¬3) -كمُدَّعِيَيْنِ اختلفا في ثمنِ مَبيعٍ باقٍ (¬4) -: فأقربُ الحاكِمَيْن. ثم قُرْعَةٌ. وإن زالت [ولايةُ] (¬5) المَوَلِّي [بكسر اللامِ]، أو عُزِلَ المُولَّى (بفتحها) -مع صلاحيتِه- لم تبطُلْ وِلايتُه؛ لأنه نائبُ المسلمينَ، لا الإمامِ (¬6). ولو كان المستَنِيبُ قاضيًا، فعَزَلَ نُوَّابَه، أو زالَتْ ولايتُه بموتٍ أو غيرِه: انعزلوا (¬7). ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
وكذا والٍ، ومحتسِبٌ، وأميرُ جهادٍ، ووكيلُ بيتِ المالِ، ومن نُصِبَ لجبايَةِ مالٍ وصرفِه (¬1). ولا يبطُلُ ما فَرَضَهُ فارضٌ، في المستقبَل (¬2). ومن عَزَلَ نفسَه: انعزلَ (¬3)، لا بعزلٍ قبلَ علمِه (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا بعزلٍ قبلَ علمِه)؛ لتعلق قضايا الناس وأحكامِهم به، فيَشُقُّ؛ بخلاف الوكيل؛ فإنه يتصرف في أمرٍ خاصٍّ. شرح شيخنا (¬5). وفي شرحه على الإقناع تعليلٌ أحسنُ من هذا (¬6)،. . . . . . ¬
3 - فصل
ومن أُخْبِرَ بموتِ مُوَلّى ببلدٍ، وولَّى غيرَه، فبانَ حيًّا: لم ينعزلْ (¬1). * * * 3 - فصل ويُشترطُ كونُ قاضٍ: بالغًا، عاقلًا، ذَكَرًا، حُرًّا، مُسْلِمًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نقلَه عن الاختيارات (¬2). * قوله: (فبان حَيًّا، [لم] (¬3) ينعزلْ). قال شيخنا: (فيؤخَذُ من هذا: أن من أنهى شيئًا (¬4)، فولي بسبب إنهائه (¬5): أن ولايته لا تصح؛ لأنها كالمعلقة على صحة الإنهاء، وهذه مسألة كثيرةُ الوقوع، فليتنبه (¬6) لها). حاشية (¬7). فصلٌ (¬8) ¬
عَدْلًا (¬1)، ولو تائبًا من قَذْفٍ (¬2)، سَميعًا، بَصيرًا، متكلِّمًا، مجتهدًا -ولو في مذهبِ إمامِه للضرورة (¬3) -، فيُراعِي ألفاظَ إمامِه ومتأخِّرَها، ويقلِّدُ كبارَ مذهَبِه في ذلك، ويَحْكُمُ به -ولو اعتَقَدَ خلافَه- (¬4). لَا كونُه: كاتبًا (¬5)، أو وَرِعًا، أو زاهِدًا (¬6)، أو يَقِظًا (¬7)، أو مُثْبِتًا للقياس، أو حسَنَ الخُلُقِ. والأَوْلَى كونُه كذلكَ (¬8). وما يَمنعُ التوليةَ ابتداءً: يَمنعُها دوامًا، إلا فقْدَ السمعِ أو البصرِ (¬9) فيما ثبت عندَه، ولم يَحْكُم به: فإن ولايةَ حكمِه باقيةٌ فيه (¬10). ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
ويَتعيَّن عزلُه مع مرضٍ يمنعُه القضاءَ (¬1). ويصحُّ أن يولَّى عبدٌ إمارةَ يسَرِيَّةٍ، وقَسْمَ صَدَقَةٍ وفَيْءٍ، وإمامةَ صلاةٍ (¬2). و"المجْتهدُ": من يَعرِفُ -من الكتابِ والسُّنةِ-: "الحقيقةَ والمَجاز"، و"الأمرَ والنّهيَ"، و"المُجْمَلَ والمُبَيَّن"، و"المحْكَمَ والمتشابِهَ"، و"العامَّ والخاصَّ"، و"المُطلَقَ والمقيَّدَ"، و"الناسِخَ والمنسوخَ"، و"المستثنَى والمستثنَى منه"، وصحيحَ السُّنَّة وسقِيمَها، ومُتواتِرَها وآحادَها، ومُسنَدَها، والمنقطِعَ: -مما يَتعلّقُ بالأحكامِ- والمُجمَعَ عليه، والمختَلَفَ فيه، والقياسَ وشروطَه، وكيفَ يَستنبطُ؟ والعربيَّة المتداولَة بالحجاز والشامِ والعِراقِ، وما يُوالِيهم (¬3). فمن عَرَف أكثرَ فقط: صَلُحَ للفُتْيَا والقضاءِ (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإمامة (¬5) صلاة)؛ أي: غير جمعةٍ وعيدٍ (¬6). ¬
4 - فصل
4 - فصل (¬1) وإن حَكَّمَ اثنانِ فأكثرُ بينَهما صالحًا للقضاء: نفذَ حكمُه في كلِّ ما ينفُذُ فيه حكمُ مَنْ وَلَّاه إمامٌ أو نائبُه (¬2)، لكن: لكلٍّ منهما الرجوعُ قبلَ شروعِه في الحكم (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . * * * ¬
1 - باب أدب القاضي
1 - بابُ أدَبِ القاضي وهو: أخلاقُه التي يَنبغِي التخلُّقُ بها. و"الخُلُقُ": صورتُه الباطنةُ (¬1). يُسَنُّ: كونُه قَوِيًّا بلا عُنْفٍ، لَيِّنًا بلا ضَعفٍ، حليمًا، متأنيًّا، متفطِّنًا، عفيفًا، بصيرًا بأحكامِ الحُكّام قبلَه (¬2). وسؤالُه: إن وُلِّيَ في غير بلدِه -عن علمائِه وعدولِه، وإعلامُهم يومَ دخولِه: ليتلَقَّوْهُ- من غير أن يأمرَهم بتلَقِّيه (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ أَدَبِ القاضي * قوله: (مُتَفَطِّنًا) (¬4). قال في الشرح: (عالمًا بلغاتِ أهلِ ولايتِه) (¬5) ¬
ودخولُه -يومَ اثنينِ أو خميسٍ أو سبتٍ- ضَحْوَةً، لابسًا أجملَ ثيابِه. وكذا أصحابُه. ولا يَتطيَّرُ، وإن تفاءَلَ، فحسَنٌ (¬1). فيأتِي الجامعَ: فيصلّي ركعتَيْن، ويجلسُ مستقبِلًا، ويَأمُرُ بعهدِه -فيُقرأُ على الناس- ومن يناديهم بيومِ جلوسِه للحكم. ويُقِلُّ من كلامه إلا لحاجةٍ (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ودخوله (¬3) يوم اثنينِ. . . إلخ) استحبابُ يوم الاثنين؛ لأنه يومُ تنقلاته (¬4) -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬5)، ويوم السبت والخميس (¬6)؛ لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (بَرَكَةُ السَّبْتِ (¬7) وَالخَمِيسِ بُكْرَةً) (¬8) (¬9). ¬
ثم يَمضِي إلى منزله، ويُنْفِذُ: فيَتسلَّمُ دِيوانَ الحكمِ ممن كان قبلَه (¬1). ويأمُرُ كاتبًا ثقةً: يُثْبتُ ما تَسَلَّمه بمَحْصرِ عَدْلَيْن (¬2). ثم يخرُجُ يومَ الوعدِ بأعدلِ أحواله: غيرَ غَضبانَ، ولا جائعٍ، ولا حاقِنٍ، ولا مهمومٍ بما يَشغَلُه عن الفهم، فيُسلّمُ على من يَمُرُّ به -ولو صبيًّا-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويُنفِذُ)؛ أي: يبعث ثقةً (¬3). * قوله: (فيتسلمُ دِيوانَ الحكمِ) -بكسرِ الدالِ، وحُكيَ فتحُها- فارسيٌّ (¬4) معرَّبٌ (¬5). * قوله: (فيسلِّم على مَنْ يمرُّ به -ولو صبيًا-)؛ لأن السنة ¬
ثم على مَنْ بمجلسه (¬1). ويصلّي: إن كان بمسجدٍ تَحِيَّتَه، وإلا: خُيّر (¬2). والأفضلُ: الصلاةُ (¬3). ويَجلس على بِساطٍ ونحوِه (¬4)، ويدعو بالتوفيقِ والعِصْمَةِ: -مستعينًا، متوكلًا- سِرًّا (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ للراكب والماشي (¬6) السلامُ على الجالس (¬7). * قوله: (ويجلس على بساطٍ ونحوِه) يختص به؛ ليتميز [به] (¬8) عن غيره ¬
ولْيَكُنْ مجلِسُه لا يَتأذّى فيه بشَيءٍ، فَسِيحًا؛ كجامع -ويَصُونُه مما يُكرهُ فيه-، ودارٍ واسعةٍ وسَط البلدِ: إن أمكَنَ (¬1). ولا يَتَّخِذُ حاجِبًا ولا بَوَّابًا بلا عُذرٍ (¬2)، إلا في غيرِ مجلسِ الحُكم: إن شاء (¬3). ويعرضُ القِصَص. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ممن في المجلس؛ لأن هذا مقامٌ عظيم يجب فيه إظهارُ الحرمةِ؛ تعظيمًا للشرع (¬4). * [قوله] (¬5): (كجامعٍ)، فيجوز القضاءُ في المساجِد (¬6) والجوامعِ من غير كراهةٍ، أما الحائضُ، فتوكلُ، أو تأتي القاضيَ ببيته (¬7)، والجنبُ يغتسلُ (¬8). ¬
وبجبُ تقديمُ سابقٍ لا في أكثرَ من حكومةٍ (¬1). ويُقرِعُ: إن حضروا دفعةً، وتَشاحُّوا (¬2). وعليه العدلُ بين متحاكِمَيْن: في لَحْظِه، ولَفْظِه، ومجلسِه، ودخولٍ عليه (¬3). إلا إذا سَلَّم أحدُهما: فَيُردُّ، ولا يَنتظِرُ سلامَ الثاني (¬4)، وإلا المُسْلِمَ مع كافر: فيُقدَّمُ دخولًا (¬5)، ويُرفَعُ جلوسًا (¬6). ولا يُكرهُ قيامُه للخَصْمَيْن (¬7). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله] (¬8): (لا في (¬9) أكثرَ من حكومةٍ)، (وإن ادعى المدَّعَى عليه على ¬
ويحرمُ أن يُسارَّ أحدَهما، أو يُلَقِّنَه حُجَّةً، أو يُضَيّفَه، أو يُعلّمَه: كيف يَدَّعي؟ (¬1) إلا أن يَترُكَ ما يلزم ذكرُه؛ كشرطِ عقدٍ، وسببٍ ونحوه: فله أن يَسأل عنه (¬2). وله أن يَزِن، ويَشفَعَ؛ ليَضعَ عن خَصمه، أو يُنظِرَه (¬3). وأن يؤدِّبَ خَصْمًا افتاتَ عليه، ولو لم يَثبُت ببيِّنةٍ (¬4). وأن يَنتهرَهُ: إذا التَوَى (¬5). وسُنَّ أن يُحضِرَ مجلسَه فقهاءَ المذاهبِ، ومُشاورتُهم فيما يشكِلُ (¬6). فإن اتَّضَح، وإلا: أَخَّرَهُ، فلو حَكم ولم يَجتهد. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المدَّعِي، حكمَ بينهما؛ لأننا إنما نعتبر الأول فالأول في الدعوى، لا في المدعى عليه). إقناع (¬7). ¬
لم يصحَّ -ولو أصابَ الحقَّ- (¬1). ويحرُم تقليدُ غيرِه -ولو كان أعلمَ- (¬2)، والقضاءُ: وهو غضبانُ كثيرًا، أو حاقِنٌ، أو في شِدَّةِ جوعٍ أو عطشٍ، أو هَمٍّ، أو مللٍ أو كسلٍ أو نُعاسٍ، أو بردٍ مؤلِمٍ، أو حَرٍّ مزعجٍ. وإن خالف، فأصابَ الحقَّ: نَفَذ (¬3). وكان للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- القضاءُ مع ذلك، لأنه لا يجوزُ عليه غلطٌ يُقَرُّ عليه -لا قولًا، ولا فعلًا- في حُكمٍ (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لأنه [لا] (¬5) يجوز عليه غلطٌ (¬6) يُقَرُّ (¬7) عليه، لا قولًا (¬8)، ولا فعلًا في حكمٍ) هذه العبارة تعطي: أنه يجوز عليه خطأ لا يقر عليه، وهو مشكل، وأنه يجوز عليه الغلطُ في غير الحكم، والثاني واردٌ، فراجع الشرح (¬9). ¬
ويحرُم قبولُه رِشْوَةً. وكذا هَدِيَّةٌ، إلا ممن كان يُهاديهِ قبلَ ولايتِه: إذا لم تكن له حكومةٌ: فيُباحُ؛ كمفتٍ، ورَدُّها أَوْلى (¬1). فإن خالف: رُدَّتا لمعطٍ (¬2). ويُكرهُ بيعُه وشراؤه، إلا بوكيلٍ: لا يُعرَفْ به، وليس له ولا لوالٍ أن يتَّجِرَ (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويحرم قبولُه (¬4) رشوةً) -بتثليث الراء (¬5) -. * قوله: (ولا لوالٍ (¬6) أن يَتَّجِر) إلا أن يحتاج إلى مباشرةِ عقدِ البيع، ولم ¬
ويُسنُّ له عِيادةُ المَرْضَى، وشهادةُ الجنائزِ، وتوديعُ غازٍ وحاجٍّ: ما لم يشغَلْه (¬1). وهو: في دعواتٍ كغيرِه. ولا يجيبُ قومًا ويَدَع قومًا بلا عذرٍ (¬2). ويوصِّي الوكلاءَ والأعوانَ ببابه بالرفقِ بالخصومِ، وقِلَّة الطمعِ، ويجتَهدُ أن يكونوا شُيوخًا أو كُهولًا: من أهلِ الدِّين والعِفَّةِ والصِّيَانَةِ (¬3). ويُباحُ أن يَتَّخِذَ كاتبًا. ويُشترطُ كونهُ: مسلمًا، عدلًا (¬4). ويُسنُّ كونُه: حافظًا، عالمًا، ويَجلسُ بحيثُ يشاهِدُ ما يكتُبه. ويَجعلُ القِمَطْرَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يكن له ما يكفيه، فلا يُكره له أن يتجر (¬5). * قوله: (القِمَطْر) -بكسر القاف وفتح الميم وسكون الطاء- أعجميٌّ معرَّب (¬6). ¬
-وهو: ما تَجتمِعُ فيه القضايا مختومةً- بينَ يدَيْه (¬1). ويُسنُّ حكمُه بحضرةِ شُهودٍ، ويحرُم تعيينُه قومًا بالقبول (¬2). ولا يصحُّ، ولا يَنفُذُ حكمُه على عَدُوِّه (¬3) -بل يُفتِي (¬4) -، ولا لنفسِه (¬5)، ولا لمن لا تُقْبَلُ شهادتُه لهم (¬6). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا لمن لا تُقبل شهادتُه لهم) -ولو كانت الخصومة بين والديه، أو بين والده وولده (¬7) -. ¬
1 - فصل
وله استخلافُهم؛ كحكمِه لغيرِهم بشهادتِهم (¬1)، وعليهم. * * * 1 - فصل ويُسنُّ أن يَبدأَ بالمحبوسين، فيُنْفِذَ ثقةً: يكتُبُ أسماءَهم، ومَنْ حبَسهم، وفيم ذلك؟. ثم يُنادي في البلد: أنه ينظرُ في أمرهم. فإذا جلس لمَوعدِه، فمن حضر له خَصمٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وله استخلافُهم) (¬2)؛ أي: استنابتُهم في القضاء عنه إن كانوا أهلًا لذلك (¬3). فصلٌ (¬4) * قوله: (يكتب أسماءهم)؛ أي: أسماء المحابيس، كل واحدٍ في رقعة منفردة؛ لئلا يفضي إلى التكرار (¬5). * قوله: (فمن حضر له خصمٌ) تأمل هذه العبارة من جهة العربية، وحررها. ¬
نَظَر بينهما (¬1)، فإن كان حُبِس لتُعدَّلَ البينة: فإعادتُه مبنيَّةٌ على حبسِه في ذلك (¬2)، ويُقْبَلُ قولُ خصمِه: في أنه حبَسه بعدَ تكميلِ بَيِّنَتِهِ وتعديلِها (¬3). وإِنْ حُبِس بقيمةِ كلبٍ، أو خمرِ ذِمِّيٍّ، وصدَّقَهُ غريمُه: خُلِّيَ (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فإعادتُه مبنيةٌ (¬5) على حبسه في ذلك)، والأصحُّ: حبسُه في ذلك، فيعاد إلى الحبس (¬6). * [قوله] (¬7): (ويُقبل قولُ خصمِه في أنه حبسه بعد تكميلِ بَيِّنَتِه وتعديِلها)؛ لأن الظاهر: أن الحاكمَ إنما حكم عليه لحقٍّ ترتَّبَ عليه (¬8). قوله: (وإن حُبس بقيمة كلبٍ)؛ أي: في اعتقاد المدَّعي، وإلا، فالكلبُ ¬
وإن بانَ حبسُه في تُهمَةٍ، أو تعزيرٍ؛ كافْتِياتٍ على القاضي قبلَه، ونحوِه: خَلَّاهُ، أو أبقاهُ بقدرِ ما يَرَى (¬1). فإطلاقُه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا قيمَة له شرعًا (¬2)؛ لأنه لا يصح بيعُه (¬3)، ولا يضمن بقيمةٍ إذا أتلف (¬4) (¬5). * قوله: (أو تعزيرٍ) من ظرفيةِ (¬6) العامِّ للخاصِّ؛ لأن التعزير يكون بالحبس وغيرِه. * قوله: (قبلَه)؛ أي: الكائنِ قبلَه. * قوله: (ونحوِه)؛ أي: نحو الحبس] (¬7)؛ ككونه غائبًا (¬8). * قوله: (فإطلاقُه) مبتدأ خبرُه قول المصنف (حكمٌ). ¬
وإذنُه -ولو في قضاءِ دَينٍ ونفقةٍ ليرجعَ، ووضع ميزابٍ وبناءٍ، وغيرِه- وأمرُه بإراقةِ نبيذٍ، وقُرعتُه -حكمٌ: يَرْفَعُ الخِلافَ إن كان (¬1). وكذا نوعٌ من فعلِه؛ كتزويجِ يتيمةٍ، وشراءِ عينٍ غائبةٍ، وعقدِ نكاحٍ بلا وليٍّ (¬2)، وحكمُه بشيءٍ حكمٌ بلازمِه (¬3) (¬4). وإقرارُه غيرَه على فعلٍ مختلَفٍ فيه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وكدا نوعٌ من فعله. . . إلخ)؛ أي: في محل الحكم، وإنما أتي بهذه العبارة؛ فرارًا من بعض أفعاله؛ كأكله وشربه، ففرَّ (¬5) من محظور، فوقع في غيره. تأمل. * قوله: (وعقدِ نكاحٍ بلا وليٍّ)؛ أي: حيث رآه (¬6) كالحنفي (¬7). * قوله: (على فعل مختلَفٍ فيه)؛ أي: في صحته، أو حِلِّه (¬8). ¬
وثبوتُ شيءٍ عنده- ليس حكمًا به (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: ([و] (¬2) ثبوت شيء عنده. . . إلخ) انظره مع قوله في فصل المفوضة من كتاب الصداق تبعًا لصاحب الفروع: (فدلَّ أن ثبوتَ سببِ المطالبةِ؛ كتقديرِه أجرةَ مثلٍ، أو نفقة، ونحوه (¬3)، حكمٌ، فلا يغيره حاكمٌ آخَرُ ما لم يتغيرِ السببُ). انتهى (¬4). وقد حاول الشارح (¬5) الجواب عن (¬6) ذلك، حاصلُه: أن الفرق بين ثبوت شيء، وثبوتِ صفة شيء، وما هنا من (¬7) ثبوت الشيء، وهو ليس بحكمٍ (¬8) بصحته (¬9)؛ كثبوت وقفٍ وبيعٍ وإجارة، وما هناك من ثبوت صفة شيء؛ كصفة عدالة، وأهليةِ وصيةٍ، فإنه حكم. قال: (وكذا ثبوتُ سببِ المطالبة؛ كفرضِه مهرَ مثلٍ، أو نفقة أو أجرة -كما تقدم-). انتهى (¬10). ¬
وتنفيذُ الحكم يَتَضَّمنُ الحكمَ بصحةِ الحكم المنفَّذِ. وفي كلام الأصحاب ما يَدُلُّ على أنه حكمٌ. وفي كلام بعضهم: أنه عملٌ بالحكم، وإجازةٌ له، وإمضاءٌ؛ كتنفيذِ الوصيةِ (¬1). والحكمُ بالصحةِ يَستلزمَ ثبوتَ الملكِ والحِيازةِ قطعًا (¬2). والحكمُ بالمُوجَبِ: حكمٌ بموجَبِ الدعوي الثابِتة ببيِّنةٍ أو غيرِها. فالدعوة: المشتمِلةُ على ما يقتضِي صحةَ العقدِ المدعَى به، الحكمُ فيها بالموجَبِ: حكمٌ بالصحةِ. وغيرُ المشتملةِ على ذلك، الحكمُ فيها بالموجَبِ ليس حكمًا بها (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وتنفيذُ الحكم. . . إلخ) انظر هذا مع قول شارح المحرر في باب طريق الحكم وصفته: (نفس الحكم في شيء لا يكون حكمًا بصحة الحكم فيه، لكن لو نفذه حاكم آخرُ، لزمه إنفاذه؛ لأن الحكم المختلَف فيه صار محكومًا به، فيلزمه تنفيذُه كغيره) (¬4). * قوله: (ليس حكمًا بها)؛ أي: بالصحة؛ [لأنه صورةُ عقدٍ فقط (¬5)، وحينئذ (¬6) ¬
وقال بعضهم (¬1): "الحكمُ بالموجَب يستديِر صحةَ الصيغةِ، وأهليَّة التصرف. ويزيدُ الحكمُ بالصحة كونَ تصرُّفهِ في محلِّه". وقال أيضًا: "الحكمُ بالموجَبِ هو: الأثرُ الذي يُوجِبُه اللفظ، وبالصحة: كونُ اللفظِ بحيثُ يترتَّبُ عليه الأثر. وهما مختلفان. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فالحكمُ بالموجب على هذا القول عامٌّ فيهما، والحكمُ بالصحة] (¬2) أخصُّ منه، فبينهما على هذا القول عمومٌ وخصوصٌ مطلَقٌ. * قوله: (وقال بعضُهم)، وهو الشيخ الإمام تقيُّ الدين السبكيُّ، وتبعه ابنُ قُندس (¬3). * قوله: (يستدعي صحةَ الصيغِة)؛ أي: الإيجاب، والقبول، والمعاطاة (¬4). * قوله: (كونَ تصرُّفه في محلِّه) (¬5)؛ ككونه متصرِّفًا فيما له التصرُّفُ فيه (¬6). * قوله: (وهو الأَثَرُ)؛ أي: الحكمُ بالأثر، لا أنه الأثرُ نفسُه (¬7). * قوله: (بحيث يترتَّب عليه الأثرُ) من انتقال الملك والحيازة (¬8). ¬
فلا يُحكَمُ بالصحة إلا باجتماع الشرط (¬1). والحكم بالإقرارِ ونحوِه كالحكم بموجَبِهِ. والحكمُ بالموجَب لا يشملُ الفسادَ". انتهى (¬2). المنقِّحُ: "والعملُ على ذلك. وقالوا: الحكمُ بالموجَب يرفع الخلافَ" (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وقالوا: الحكمُ بالموجَبِ يرفعُ الخلافَ). رأيت بخط المصنف بآخر نسخة الأصل نقلًا عن خط ابن نصر اللَّه البغدادي ما نصه: (كثيرًا ما يقع في سجلات (¬4) القضاة: الحكمُ بالموجَب تارةً، والحكمُ بالصحة أخرى، وقد اختلف كلام المتأخرين في الفرق بينهما وعدمِه، ولم أجد لأحدِ من أصحابنا كلامًا منقولًا في ذلك. والذي نقوله -بعد الاعتصام باللَّه تعالى، وسؤالِه التوفيقَ-: أن الحكم بالصحة لا شك أنه يستلزم ثبوتَ الملك والحيازة قطعًا، فإذا ادَّعى رجل أنه ابتاع من أحدٍ عينًا، واعترف المدَّعَى عليه بذلك، لم يجز (¬5) للحاكمِ الحكمُ (¬6) بصحةِ البيع بمجرد ذلك حتى يدَّعي المدَّعَى [عليه] (¬7) أنه باعه العينَ المذكورةَ وهو مالكٌ لها، ويقيم ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ البينةَ بذلك، فأما لو اعترف البائع له بذلك، لم يكف في جواز الحكم بالصحة؛ لأن اعترافه يقتضي ادعاءه ملكَ العينِ المبيعةِ وقتَ البيع، ولا يثبت ذلك بمجرد دعواه، بل لابد من بينةٍ تشهد بملكه [و] (¬1) حيازته حالَ البيع حتى يسوغَ للحاكم الحكمُ (¬2) بالصحة. وأما الحكم بالموجَب -بفتح الجيم (¬3) -، فمعناه (¬4): الحكمُ بموجب الدعوى الثابتة بالبينةِ، أو غيرِها. هذا هو معنى (¬5) الموجَب، لا معنى له غير ذلك. فإذا قيل في السجل: وحكم بموجب ذلك، فإنما يقال ذلك بعد أن ذكر أنه ثبت عنده الأمر الفلانيُّ بدعوى مُدَّعٍ، وقيامِ البينة على دعواه، وبدعواه الثابتةِ بطريق من طرق الثبوت؛ كعلم القاضي، وغير ذلك، وحينئذ فينظر في الدعوى، فإن كانت مشتملةً على ما يقتضي صحةَ العقد المدعَى به، [كان الحكمُ فيها بالموجَب حكمًا بالصحة، وإن لم تكن الدعوى مشتملةً على ما يقتضي صحةَ العقد المدعى به] (¬6)، لم يكن الحكم بموجبها حكمًا بصحة العقد. ويتبين ذلك بمثالين: الأولُ: أن يدَّعي أنه باعه العينَ وهي في ملكه وحيازته، ولا مانع من بيعها، ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وتشهد له اليينةُ بذلك كلِّه، فإذا حكم الحكم (¬1) في ذلك بموجَبه، فذلك حكمٌ بصحة البيع؛ لأن موجَبَ الدعوى في ذلك (¬2) [صحةُ] (¬3) انتقال الملك إليه؛ لاستيفاء (¬4) شروطه، وصحةِ العقد، وقد حكم به، فيكون حكمًا بالصحة، وهذا ظاهر جليٌّ؛ إذ موجب الدعوى هو الأمر الذي أوجبته، فهي موجبة له، وهو موجب لها، والذي أوجبته في هذه الصورة صحةُ العقد -كما ذكرنا-، واللَّه أعلم. فإن (¬5) قيل: الصحةُ لم يقع بها دعوى، فكيف يصحُّ الحكمُ بها؟ قيل: إنه -وإن لم يقع في الدعوى صريحًا-، فهي واقعة فيها ضمنًا؛ لأن مقصودَ المشتري من الحكم ذلك. المثال الثاني: أن يدَّعي أنه باعه العينَ هذه، ولا يدَّعي أنها ملكُه، فيعترف له البائعُ بالبيع، أو ينكر، فتقوم (¬6) البينةُ (¬7)، فيحكم الحاكمُ بموجب ذلك. فموجب الدعوى في هذه الصورة هو: حصولُ صورةِ بيعٍ بينهما، ولم تشمل الدعوى على ما يقتضي صحةَ ذلك البيع؛ [لأنه لم يذكر في دعواه أن العينَ كانت ملكًا للبائع، ولم يُقم بذلك بينةً، وصحةُ البيع] (¬8) متوقفةٌ على ذلك، فلا يكون الحكمُ بالموجب ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا حكمًا بالصحة أصلًا؛ بخلاف التي قبلها. وقد تبين مما (¬1) ذكرناه: أن الحكم بالموجَب تارةً يكون كالحكم بالصحة، وتارة لا يكون كذلك. وهنا إشكال، وهو أن يقال: أي فائدة للحكم بالموجب إذا لم يجعلوه حكمًا بالصحة؟ إن قلتم: فائدتُه (¬2) ثبوتُ ذلك، قيل (¬3): الثبوتُ قد يُستفاد مما قد سبق من الألفاظ، وأيضًا الثبوتُ لا يقال فيه: حكم به، وإن قلتم: فائدتُه (¬4) الإلزامُ بتسليم العين، قيل: ذلك لم يقع في الدعوى، فكيف يحكم بما لم يُدَّع به؟ وجوابه: أن فائدة الحكم بالموجب أنه حكم على العاقد بمقتضى ما ثبت عليه من العقد، لا حكمٌ بالعقد، و [فائدتُه] (¬5): أنه (¬6) لو أراد العاقدُ رفعَ هذا العقد إلى من لا يرى صحته ليبطله، لم يجز ذلك له، ولا للحاكم (¬7)، حتى يتبين له موجب لعدم صحة العقد، فلو وقف على نفسه، ورفع إلى حنبلي، فحكم بموجبه، لم يكن [لـ:] (¬8) حاكمٍ شافعيٍّ بعدَ ذلك أن يسمع دعوى الواقف في إبطال الوقف بمقتضى كونِه وقفًا على النفس، وحاصلُه: أنه حكمٌ على العاقد بمقتضى عقده، لا حكمٌ بالعقد، ولا يخفى ما بينهما من التفاوت، واللَّه ¬
ومن لم يُعرف خصمُه، وأنكرَه: نُودِيَ بذلك، فإن لم يُعرف: حَلَّفه وخلَّاهُ (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ -سبحانه [وتعالى] (¬2) - أعلمُ). انتهى ما رأيته بخط المصنف نقلًا عن خط ابن نصر اللَّه، وقد ذكره المصنف بِرُمَّته في شرحه (¬3)، وزاد عليه ملخصَ رسالةٍ في ذلك للوليِّ العراقي الشافعي (¬4) -رحمه اللَّه تعالى (¬5) -. * وقوله: (حلفه) (¬6)؛ أي: على أنه لا خصم له. ¬
2 - فصل
ومع غَيبةِ خصمهِ: يَبعثُ إليه (¬1). ومع تأخُّرِه بلا عذرٍ: يُخَلَّى، والأوْلى بكفيلٍ (¬2). * * * 2 - فصل ثم. . . في أمر أيتامٍ ومجانينَ ووقوفٍ ووصايا: لا وليَّ لهم ولا ناظِرَ (¬3)، فلو نَفَّذ الأولُ وصيةَ موصًّى إليه: أمضاها الثاني (¬4)، فدَلَّ: أن إثباتَ صفةٍ؛ كعدالةٍ (¬5)، وجرحٍ، وأهليةِ موصًّى إليه ونحوه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومع غَيبة خصمِه يبعثُ إليه) ظاهره: ولو فوقَ مسافةِ قصرٍ (¬6). فصلٌ (¬7) ¬
حكمٌ يقبلُه حاكمٌ (¬1). ومن كان -من أمناء الحاكم للأطفال، أو الوصايا التي لا وصِيَّ لها، ونحوِه- بحاله: أقرَّه، ومن فُسِّقَ: عزَلَه (¬2). ويَضُمُّ إلى ضعيفٍ أمينًا. وله إبدالُه، والنظرُ في حالِ قاضٍ قبلَه، ولا يجب (¬3). ويحرُم أن يَنقُضَ من حكمٍ صالحٍ للقضاء. غيرَ ما خالف نصَّ كتابِ اللَّه تعالى، أو سُنَّةٍ متواترةٍ، أو آحادٍ (¬4)؛ كقتلِ مسلمٍ بكافرٍ، وجعلِ من وُجد عينُ مالِه عندَ من حُجر عليه أسوةَ الغُرَماءِ (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (للأطفال) انظر: ما معنى اللام (¬6) هنا، وَبِأَيِّ شيء تتعلق (¬7)؟. * قوله: (ومن فُسِّقَ منهم، عزلَه)؛ أي [من] (¬8) أمنائه، لا من جانب الموصي؛ إذ هو لا ينعزل بالفسق، بل يُضم إليه أمينٌ؛ ليوافقَ ما أسلفه في المتن في الوصايا (¬9). ¬
أو إجماعًا قطعيًا (¬1)، أو ما يعتقده (¬2): فيلزمُ نقضُه (¬3). ولا يُنقضُ حكمٌ بتزويجها نفسَها، ولا لمخالفةِ قياس (¬4)، ولا لعدمِ علمه الخلافَ في المسألة (¬5)، ولا إن حكم ببيِّنةِ خارجٍ أو داخلٍ، وجُهل علمُه ببينةٍ تُقابلُها (¬6). وما قلنا: "يُنقَض"، فالناقضُ له حاكمُه: إن كان. فيثبُتُ السببُ، وينقُضُه. ولا يُعتبرُ طلبُ ربِّ الحقِّ (¬7). ويَنقُضه: إن بانَ بمن شَهِد عنده ما لا يَرَي معَه (¬8) قبولَ الشهادة (¬9). وكذا كلُّ ما صادَف ما حَكمَ به -مختلفٍ فيه- ولم يَعْلَمْه (¬10). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مختَلَفٌ فيه) خبرُ مبتدأ محذوف، والجملة صفة أو صلة لـ "ما" ¬
3 - فصل
وتُنقضُ أحكامُ من لا يَصلُح، وإن وافقتِ الصوابَ (¬1). * * * 3 - فصل ومن استَعْداهُ على خَصْمٍ بالبلد، بما تتبعُه الهمةُ: لزمَهُ إحضارُه (¬2)، ولو لم يُحرِّر الدعوى (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ الأولى، أو "مختلَفٍ" (¬4) مجرور على أنه بدلٌ من "ما"، والتقدير: (وكذا كلُّ مختلَفٍ فيه صادفَ ما حكم به)، وهذه عبارة الإقناع (¬5)، فلو عبر بها مسقطًا (¬6) لـ "ما" الأولى، لكان (¬7) أولى. فصلٌ (¬8) ¬
ومن طلبَه خصمُه (¬1)، أو حاكمٌ: حيثُ يلزمُه إحضارُه بطلبه منه، لمجلس الحكم: لزمه الحضورُ (¬2). وإلا، أعلَمَ الواليَ به، ومتى حضر: فله تأديبُه بما يراهُ (¬3). ويعتبرُ تحريرُها في حاكمٍ معزولٍ (¬4) ومَنْ في معناهُ (¬5)، ثم يراسِلُه، فإن خرَج من العُهْدَة، وإلا: أحْضَرَه (¬6). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومتى حضر) (¬7)؛ أي: بعدَ امتناعه (¬8). * قوله: (فله تأديبُه)؛ أي: على امتناعِه (¬9). * وقوله: (في حاكمٍ)؛ أي: فيما إذا استدعى (¬10) على حاكم. . . إلخ. ¬
ولا يُعتبَرُ لإحضار مَنْ تَبْرُز لحوائجها مَحْرَمٌ (¬1). وغيرُ البَرْزَةِ توكِّلُ؛ كمريضٍ ونحوِه. وإن وجبت يمينٌ: أرسَلَ مَنْ يحلِّفُها (¬2). ومن ادَّعَى على غائبٍ بموضعٍ لا ححمَ به: بَعَث إلى من يَتوسَّطُ بينهما؛ فإن تعذَّر: حرَّر دَعواهُ، ثم أحضره -ولو بَعُدَ بعمَلِه- (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإن وجبتْ يمينٌ)؛ أي: على غير البَرْزَةِ (¬4). * قوله: (ثم أحضره)، أو حكمَ عليه مع غَيبتيه إذا توفرتْ شروطُ القضاء على الغائب (¬5). * قوله: (ولو بَعُدَ)؛ أي: مكانُه حيث كان بعمله (¬6). ¬
ومن ادَّعَى قِبلَ إنسانٍ شهادةً: لم تُسمع دعواهُ، ولم يُعْدَ عليه، ولم يحلَّف (¬1). ومن قال لحاكمٍ: "حكمتَ عليَّ بفاسِقَين عمدًا"، فأنكرَ، لم يحلَّف (¬2). وإن قال معزولٌ عدلٌ لا يُتَّهَم: "كنتُ حكمتُ في. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولم يُحلَّف) خلافًا للشيخ تقي الدين (¬3). * قوله: (ومن قال لحاكم: حكمتَ عليَّ بفاسقينِ عمدًا (¬4)، فأنكر، لم يُحلَّف)؛ لئلا يتطرق المدعَى عليهم إلى إبطال ما عليهم من الحقوق (¬5). ¬
ولايتي لفلانٍ على فلانٍ بكذا"، وهو ممن يسوغُ الحكمُ له: قُبِلَ. ولو لم يَذكُرْ مستندَه، ولو أَنَّ العادةَ: تسجيلُ أحكامِه، وضبطُها بشهودٍ (¬1). قال بعضُ المتأخرين (¬2): ". . . ما لم يَشتمِل على إبطالِ حكمِ حاكمٍ". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه (¬3): وهل يكون ذلك من الافتيات على الحاكم، فيعزر؟ (¬4). * قوله: (وهو ممن (¬5) يسوغ الحكمُ [له (¬6)])؛ (أي: وفلانٌ ممن يصحُّ حكمُ الحاكم له؛ بأن كان ممن تُقبل شهادته له؛ بأن لم يكن من عمودَي نسبه ونحوه؛ بخلاف أبيه وابنه وزوجته، ونحوهما) حاشية (¬7). * قوله: (ولو لم يذكر مستتندَه)؛ من بينةٍ أو إقرارٍ (¬8). * قوله: (قال بعض المتأخرين)، وهو القاضي مجدُ الدين (¬9). ¬
وحَسَّنَه بعضُهم (¬1). وإن أخبرَ حاكمٌ حكمًا بحكمٍ، أو ثبوتٍ -ولو في غيرِ عملِهما-، قُبِل، وعَمِل به: إذا بَلَغ عَمَله، لا معَ حضورِ المخبِرِ -وهما بعملهما- بالثبوت (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله] (¬3): (وحسنه بعضهم) وهو القاضي محبُّ الدين بنُ نصر اللَّه (¬4)، وكذا صاحبُ المبدع (¬5). * قوله: (بالثبوت) متعلق بـ "أخْبَرَ"؛ أي: لا إن (¬6) أخبر بمجرد الثبوت بدون الحكم؛ فإنه يصير من قَبيل نقلِ الشهادة، فتعتبر فيه شروطُ الشهادة على الشهادة (¬7). ¬
وكذا إخبارُ أميرِ جهادٍ، وأمينِ صدقةٍ، وناظرِ وقفٍ (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله] (¬2): (وكذا إخبارُ أميرِ جهادٍ)؛ (أي: بعد عزله بأمرٍ صدر منه حالَ ولايتِه، فيُقبل منه حيث يقبل في ولايته. قال في الانتصار: كل من صح منه إنشاءُ (¬3) أمر صحَّ منه إقرارُهُ به) شرح (¬4). * * * ¬
2 - باب طريق الحكم وصفته
2 - بابُ طريقِ الحُكمِ وصفَتِه " طريقُ كُلِّ شيءٍ": ما تُوُصِّل به إليه. و"الحُكمُ": الفَصْلُ (¬1). إذا حضر إليه خَصمانِ: فله أن يَسكتَ حتى يُبْدَأَ، وأن يقولَ: "أيُّكما المدَّعِي؟ " (¬2). ومن سبقَ بالدعوى: قُدِّمَ، ثم مَنْ قَرَع (¬3). فإذا انتهتْ حكومتُه: ادَّعى الآخرُ (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ طريقِ الحُكمِ وصِفَتِه ¬
ولا تُسمعُ دعوَى مقلوبةٌ (¬1)، ولا حِسْبةٌ بحقٍّ للَّه تعالى (¬2)؛ كعبادةٍ وَحدٍّ، وكفارةٍ، ونذرٍ، ونحوِه (¬3). وتُسمعُ بينةٌ بذلك. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا تُسمع [دعوى] (¬4) مقلوبةٌ)؛ كان يقول المدَّعَى عليه بدينار: أَدَّعي على (¬5) هذا أنه يدَّعي عليَّ بدينار (¬6). * قوله: (وحَدٍّ)؛ أي: حدِّ زنى، أو شربٍ (¬7)؛ بخلاف حدِّ القذف؛ فإنها تُسمع به؛ لأنه حقُّ آدميٍّ (¬8). ¬
وبعتقٍ -ولو أنكَر معتوقٌ-، وبحقٍّ غيرِ معيَّنٍ: كوقفٍ، ووصيةٍ على فقراءَ، أو مسجدٍ -على خَصْم (¬1)، وبوكالةٍ (¬2)، وإسنادِ وصيةٍ من غيرِ حضورِ خصمٍ (¬3). لا بحقٍّ معيَّنٍ قبلَ دعواه، ولا يمينُه إلا بعدَها، وبعدَ شهادةِ الشاهد -إن كان (¬4) -. وأجاز بعضُ أصحابنا سماعَهما لحفظِ وقفٍ وغيرِه -بالثبات، بلا خمس. والحنفيةُ، وبعضُ الشافعيةِ، وبعضُ أصحابنا- بخصمٍ مسخَّر (¬5). قال الشيخ تقيُّ الدين: "وعلى أصلِنا وأصلِ مالكٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (معتوقٌ) مقتضى اللغة الفصحى: مُعْتَقٌ، أو عتيقٌ (¬6). * قوله: (وبحقٍّ)؛ أي: تُسمع بينةٌ (¬7) بلا دعوى بحقٍّ. . . إلخ (¬8). * قوله: (سماعَهما)؛ أي: الدعوى والبينة (¬9). ¬
إما أن نُثبتَ الحقوق بالشهادةِ على الشهادةِ -وقاله بعضُ أصحابنا-، وإما أن يُسمَعا، ويُحْكَمَ بلا خصمٍ، وذكره بعضُ المالكيةِ والشافعيةِ. وهو مقتضى كلامِ أحمدَ وأصحابِه في مواضعَ؛ لأنا نسَمعُها على غائبٍ، وممتنعٍ، ونحوِه، فمع عَدَم خصمٍ أَوْلى؛ فإن المشتريَ -مثلًا- قبض المبيعَ، وسلَّمَ الثمنَ، فلا يَدَّعِي، ولا يُدَّعَى عليه. وإنما الغَرَضُ (¬1) الحكمُ؛ لخوفِ خصمٍ، وحاجةِ الناسِ -خصوصًا فيما فيه شُبهةٌ أو خلافٌ- لرفعِه" (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله] (¬3): (وإما أن يُسْمَعَا) (¬4)؛ أي: الدعوى والشهادة. * [قوله] (¬5): (لأنا نسمعهما)؛ أي: الدعوى والشهادة. * قوله: (لخوفِ خصمٍ) (¬6)؛ أي: في المستقبل (¬7). * قوله: (حاجةٌ) مبتدأ، وقوله: "لرفعه" متعلق بمحذوف على أنه الخبر؛ أي: داعيه (¬8) إليه (¬9). ¬
1 - فصل
المنقِّحُ: (وعملُ الناسِ عليه، وهو قويٌّ" (¬1). * * * 1 - فصل وتَصِحُّ بالقليل (¬2)، ويشترط: 1 - تحريرُها (¬3)، فلو كانت بدَيْنٍ على ميتٍ: ذَكَرَ موتَه، وحَرَّر الدَّينَ والتَّرِكَةَ (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه: (أي: رفع ما ذكر من الشبهة أو الخلاف) (¬5). * قوله: (وعملُ الناس عليه)؛ أي: على كلام الشيخ تقي الدين (¬6). فصلٌ (¬7) ¬
2 - وكونُها: معلومةً، إلا في وصيةٍ وإقرارٍ (¬1) وخُلعٍ على مجهولٍ، فلا يكفي قولُه عن دَعْوَى بورقَةٍ: "أدَّعي بما فيها" (¬2). 3 - مصرَّحًا بها، فلا يكفي: "لي عندَه كذا" حتى يقولَ: "وأنا مطالبُهُ به" (¬3)، ولا: "إنه أقرَّ لي بكذا" -ولو مجهولًا- حتى يقولَ: "وأُطالبُه به، أو بما يُفسِّرُه به". 4 - متعلقةً بالحال، فلا تَصِحُّ بمؤجَّلٍ؛ لإثباتِه (¬4). وتصحُّ بتدبيرٍ، وكتابةٍ، واستيلادٍ (¬5). 5 - منفَكَّةً عَمَّا يُكَذِّبُها، فلا تصحُّ: بـ "أنه قتَلَ، أو سرقَ من عشرينَ سنةً" وسِنُّه دونَها، ونحوِه (¬6). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مصرَّحًا بها) ليس مرتبطًا بما قبل، بل استئنافٌ لبيان الشرط الثالث. وبخطه: قوله: (مصرَّحًا بها)؛ أي: بما يلزمها من الطلب. ¬
لا ذِكرُ سببِ الاستحقاقِ (¬1). ويُعتَبرُ تعيينُ مُدَّعًى ابه بالمجلس، وإحضارُ عينٍ بالبلد؛ لتعَيَّنَ، ويجبُ على المدَّعَى عليه: إن أَقَرَّ أَنَّ بيدِه مثلَها (¬2). ولو ثبتَ أنها بيدِه -ببيِّنَةٍ، أو نُكولٍ- حُبسَ حتى يُحْضِرَها، أو يدَّعِيَ تلفَها: فيُصَدَّقُ للضرورة، وتكفي القيمةُ (¬3). وإن كانت غائبةً عن البلد، أو تالفةً، أو في الذمَّةِ -ولو غيرَ مِثلِيَّةٍ-: وصَفَها كسَلَمٍ، والأَوْلَى: ذكرُ قيمتِها أيضًا (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويعتبر. . . إلخ) لعله من تتمة بيان الشرط الأول، لا أنها شروط زائدة على الخمسة المذكورة (¬5). * قوله: (مثلَها)؛ أي: أن يحضره -أي: ذلك المثلَ- إن كان بالبلد أيضًا (¬6). ¬
ويكفي ذِكرُ قدرِ نقدِ البلدِ (¬1)، وقيمةِ جوهرٍ ونحوِه (¬2)، وشهرةُ عَقار -عندهما وعندَ حاكمٍ- عن تحديده (¬3). ولو قال: "أطالبُه بثبوتٍ غصَبَنِيه: قيمتُه عشرةٌ، فَيَرُدُّه: إن كان باقيًا، وإلَّا، فلا قيمتَه" (¬4)، أو: ". . . بثوبٍ" قيمتُه عشرةٌ، وأخذَه مني ليبيعه بعشرين، فيُعطينِيها: إن كان باعه، أو الثوبَ: إن كان باقيًا، أو قيمتَه: "إن تَلِف": صحَّ اصطلاحًا (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وشهرة عقار)؛ أي: فيكفي (¬6). * قوله: (فيعطنيها) (¬7) كان الظاهر: "فيعطينيها" بإثبات الياء؛ كما هو مقتضى صنيع الشارح (¬8)؛ حيث أثبتها في المعطوف، إلا أن يحمل على تقدير اللام؛ أي: فَلْيعطنيها؛ لأن الظاهر أنه طلبٌ لا خبرٌ. * قوله: (صحَّ اصطلاحًا)؛ أي: وشرعًا. ¬
ومن ادَّعى عَقْدًا -ولو غيرَ نكاحٍ- ذَكرَ شروطَه (¬1)، لا: إنِ ادَّعى استدامةَ الزوجيَّةِ (¬2). ويُجزئُ عن تعيينِ المرأة: -إن غابت- ذكرُ اسمِها ونسبِها (¬3). وإن ادَّعَتْه المرأةُ، وادَّعَتْ معه نفقةً، أو مَهْرًا، ونحوَهما: سُمعت دعواها. وإلا: فلا (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا إن ادعى استدامةَ الزوجيةِ)؛ أي: فلا يُشترط ذكر شروطِ النكاح؛ لأنه لم يَدَّعِ عقدًا، وإنما يَدَّعي خروجَها (¬5) عن طاعته (¬6). * قوله: (وإلَّا فلا)؛ أي: وإن لم تدَّع سوى النكاح، فلا تُسمع دعواها؛ لأنه حقٌّ للزوج عليها، فلا تُسمع دعواها بحقٍّ لغيرِها (¬7)؛ لأنها حينئذ دعوى مقلوبةٌ. ¬
ومتى جحَد الزوجيَّةَ، ونَوَى به الطلاقَ: لم تطلق (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومتى جحَد الزوجيةَ، ونوى به الطَّلاقَ، لم تطلق)؛ [أي] (¬2): بمجرد ذلك؛ لأن إنكاره النكاحَ ليس بطلاق (¬3). قال في المبدع: (إلا أن ينويه). انتهى (¬4). فأجراه مجرى الكنايات. وفي الإقناع: (ولا يكون جحودُه طلاقًا -ولو نواه-؛ لأن الجحودَ هنا لعقدِ النكاح؛ لا لكونها امرأتَه). انتهى (¬5). ومن كلامه يؤخذ الفرقُ بين جحدِ النكاح، وقوله: لا امرأةَ لي؛ حيث جعلوا الثانيَ طلاقًا مع النية؛ لأنه كنايةٌ في الطلاق (¬6)، وعلى ما في المبدع: لا فرق بين المسألتين كما علمت (¬7)، فتدبر. وبخطه: لو قال: لم تطلق، ولو نوى به الطلاقَ؛ لأنه حينئذ يتضمن الإشارةَ إلى خلافِ صاحب المبدع، والردّ عليه. ¬
ومن ادَّعى قَتْلَ مَوْرُوثه: ذَكر القتلَ عمدًا، أو شِبْهَه، أو خَطَأً، ويَصِفُه، وأن القاتلَ انفردَ، أوْ لَا (¬1). ولو قال: "قَدَّه نصفَيْن، وكان حيًّا، أو ضرَبَه وهو حيٌّ"، صَحَّ (¬2). وإن ادَّعى إرثًا: ذكَر سببَه (¬3). وإن ادَّعى مُحَلًّى (¬4) بأحدِ النقدَيْنِ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ذكرَ القتلَ عمدًا. . . إلخ)؛ أي: ذكرَ كونَ القتل عمدًا. . . إلخ (¬5). * قوله: (وهو حَيٌّ) الظاهرُ أن قولَه في (¬6) الأول (¬7): "وكان حيًا"، وفي الثاني: "وهو حي" لمجردِ التفنن. * قوله: (وإن ادَّعى إرثًا، ذكرَ (¬8) سببَه) قال الشارح (¬9): (أي: وجوبًا؛ لاختلافِ (¬10) أسبابِ الإرث، ولابد أن تكون الشهادة على سببٍ معين، ¬
2 - فصل
قَوَّمَه بالآخَرِ. و. . . بهما: فبأيِّهما شاء للحاجةِ (¬1). * * * 2 - فصل وإذا حررَّها: فللحاكم سؤالُ خصمِه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فكذا الدعوى). انتهى. وانظر: هل هذا يعارض قولَ المصنف [في] (¬2) ما سبق (¬3): "لا ذكر سبب الاستحقاق"؟. * قوله: (للحاجة)؛ أي: لانحصار الثمنية (¬4) فييهما (¬5)، وإذا ثبت (¬6)، أعطى عروضًا (¬7)؛ دفعًا للربا، وظاهره: أنه يجوز التقويم (¬8) بهما، وبأحدهما. فصلٌ (¬9) ¬
-وإن لم يَسألْ سؤالَه (¬1) -. فإن أقَرَّ: لم يُحكم له إلا بسؤالِه (¬2). كان أنكَر: بأنَّ قال لمدَّعٍ قرضًا أو ثمنًا: "ما أقْرَضَني، أو ما باعني، أو ما يَستحقُّ عليَّ ما ادَّعاهُ، ولا شيئًا منه، أو لا حَقَّ له عليَّ"، صَحَّ الجوابُ: ما لم يَعترِف بسببِ الحقِّ (¬3). ولهذا، لو أقَرَّتْ بمرضِها: -"أَنْ لا مهرَ لها"- لم يُقبل إلا ببيِّنةِ: أنها أخذتْه، أو أسقطَتْه في الصحة (¬4). و: "لي عليك مئةٌ" -فقال: "ليس لك مئةٌ"- اعتُبِر قولُه: "ولا شيء منها"؛ كيمينٍ؛ فإن نَكَل عما دونَ المئة. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإن لم يسأل سؤاله)؛ أي: وإن لم يسأل المدعي الحاكمَ أن يسأله (¬5). * قوله: (ولهذا لو أقرَّتْ. . . إلخ)؛ تنزيلًا لإقرارها منزلةَ تبرعِها في هذه الحالة. ¬
حُكم عليه بمئةٍ إلا جزءًا (¬1). ومن أجاب مدَّعِي استحقاقِ مَبيعٍ، بقولِه: "هو مِلكي، اشتريتُه من زيدٍ، وهو ملِكُه"، لم يَمنعْ رجوعَه عليه بثَمنٍ (¬2)؛ كما لو أجابَ بمجرَّد إنكارٍ (¬3)، أو انتُزِع من يدِه -ببيِّنةٍ- مِلكٌ: سابقٌ أو مطلَقٌ (¬4). ولو قال لمدَّع دينارًا: "لا يَستحقُّ عليَّ حَبَّةً"، صح الجوابُ، ويَعُمُّ الحَبَّاتِ، وما لم يَنْدرجْ في لفظِ "حبةٍ" من بابِ الفَحْوَى (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مدعي) مضاف، ولذلك ثبتت الياء. * قوله: (لم يمنع رجوعَه عليه بثمنٍ)؛ أي: بثمن المبيع المستحقِّ (¬6)؛ أي: (إذا أثبته ربُّه) شرح (¬7). * قوله: (من باب الفحوى) (¬8)؛ أي: الظاهر من عرض الكلام؛ إذ (¬9) الظاهرُ ¬
ولمدَّعٍ أن يقولَ: "لي بَيِّنَةٌ"، وللحاكم أن يقولَ: "ألَكَ بينةٌ؟ "، فإن قال: "نعم"، قال له: "إن شئتَ فأَحْضِرْها" (¬1). فإذا أحضَرَها: لم يَسأَلْها، ولم يُلَقِّنْها (¬2). فإذا شَهدتْ: سَمعها (¬3)، وحَرُم تَرْديدُها (¬4). ويُكرهُ تُعَنُّتُها وانتهارُها (¬5)، لا قولُه لمدَّعًى عليه: "أَلَكَ فيها دافِعٌ أو مَطعَنٌ؟ " (¬6). فإنِ اتَّضَحَ الحكمُ، وكان الحقُّ لمعيَّنٍ، وسأله: لزمه (¬7). ـــــــــــــــــــــــــــــ منه: أنه لا يستحق عليه من الدينار شيئًا، قَلَّ، ولا جَلَّ (¬8). * قوله: (وسأله، لزمَه)؛ أي: الحكمُ فورًا (¬9). ¬
ويحرُمُ -ولا يصحُّ- معَ علمِه بضدِّه، أو معَ لَبسٍ قبلَ البيانِ (¬1). ويحرُم الاعتراضُ عليه؛ لتركِه تسميةَ الشهودِ (¬2). قال في الفروع: "ويَتوجَّهُ مثلَه: حَكمتُ بكذا، ولم يَذكُر مستندَه" (¬3). وله الحكمُ ببينةٍ، وبإقرارٍ في مجلسِ حُكمِه -وإن لم يَسمَعْه غيرُه (¬4) -. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويحرم الاعتراضُ عليه)؛ أي: على الحاكم (¬5). * قوله: (ويتوجه (¬6) مثلُه)؛ أي: في حرمة الاعتراض (¬7). * قوله: (ولم يذكرْ مستندَه). ¬
لا بعلمِه في غير هذه ولو في غيرِ حَدٍّ (¬1)، إِلا على مرجوحةٍ. المنقِّحُ: "وقريبٌ منها العملُ بطريقٍ مشروعٍ؛ بأن يُولَّى الشاهدُ الباقي القضاءَ، لعذرٍ. وقد عَمِل به كثيرٌ من حُكامنا، وأعظمُهم الشارحُ". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال شيخنا: (ومثلُه الفتيا). * قوله: (لا بعلمه (¬2) في غيرِ هذه)، وهي ما إذا حكم بإقرارٍ سمعه في مجلس حكمه، ولم يسمعه غيره (¬3). * قوله: (وقريبٌ منها)؛ أي: تصحُّ أن تكون فردًا من أفرادها (¬4). * قوله: (بطريقِ مشروعٍ)؛ أي: بصورة تسمى بطريق مشروع (¬5). * وقوله: (بأن. . . إلخ) تصويرٌ لها. * قوله: (بأن يولِّي الشاهدُ الباقيَ)؛ أي: بعد موت رفيقه (¬6) (¬7). * قوله: (وأعظمُهُم الشارحُ)؛ أي: للمقنع (¬8). ¬
3 - فصل
انتهى (¬1). ويَعملُ بعلمِه: في عدالةِ بيِّنةٍ، وجَرحِها (¬2). ومن جاء ببيِّنةٍ فاسقةٍ: استَشْهَدَها الحاكمُ، وقال لمدَّعٍ: "زِدني شهودًا" (¬3). * * * 3 - فصل ويعتبر في البَيِّنَةِ: العدالةُ ظاهرًا، وكذا باطنًا (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله] (¬5): (استشهدها الحاكمُ) ولم يردَّها (¬6)؛ لئلَّا يفضحها (¬7). فصلٌ (¬8) ¬
لا في عقدِ نكاحٍ (¬1). و. . . مزكين: معرفةُ حاكمٍ خبرتَهما الباطنةَ بصحبةٍ، أو معاملةٍ، أو نحوِهما (¬2)، ومعرفتُهم كذلك لمن يُزكُّونه، ويكفي: "أشهدُ أنه عدلٌ" (¬3) وبينةٌ بجرحٍ مقدمةٌ (¬4). وتعديلُ الخصم وحدَه، أو تصديقُه للشاهدِ: تعديلٌ له (¬5). ولا تصحُّ التزكيَةُ في واقعةٍ واحدةٍ (¬6). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا تصحُّ التزكية في واقعةٍ واحدةٍ)؛ بأن يقيد المزكِّي تزكيتَه للشاهد بعينِ هذه الواقعة؛ كان يقول: أشهدُ أنه عدلٌ في شهادته في هذه القضية فقط (¬7)؛ لأنها تصير تزكيةً مقيدةً، فلا تكفي (¬8) في هذه الواقعة، ولا في غيرها ¬
ومن ثبتتْ عدالتُه مرةً؛ لزم البحثُ عنها مع طول المدةِ (¬1). ومتى ارتابَ من عدلَيْن -لم يَختبِرْ قوةَ ضبطِهِما ودينهِما- لزمه البحثُ: بسؤالِ كلِّ واحدٍ منفرِدًا عن كيفيَّةِ تحمُّلِه، ومَتى، وأيْنَ؟ وهل تحمَّلَ وحدَه، أو معَ صاحبه؟ (¬2). فإن اتَّفَقا: وعَظَهُما، وخَوَّفَهما. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالأَوْلى، فتدبر. * قوله: (لزم البحثُ عنها مع طول المدَّة)؛ لأن الأحوال قد تتغير مع تطاوُلِ الأزمان (¬3). قال: ومَنْ ذَا الَّذِي يَاعَزُّ لا (¬4) يَتَغَيَّرُ. * قوله: (ومتى) تحمَّلْتَها؛ ليذكر تاريخ (¬5) الشهادة (¬6). * قوله: (وأين) تحملتَ الشهادةَ؟ أي: في مسجدٍ، أو سوق، أو بيت، أو نحوِه؟ (¬7). ¬
فإن ثَبَتا: حَكمَ، وإلا: لم يَقْبَلْهما (¬1). ومن أقامَ بَيِّنةً، وسألَ حَبْسَ خصمِه، أو كَفيلًا به في غيرِ حَدٍّ، أو جَعْلَ مدعًى به بيدِ عدلٍ حتى تُزكى، أو أقامَ شاهدًا بمالٍ، وسألَ حَبْسَه حتى يُقيمَ الآخَرَ: أُجيب (¬2) ثلاثةَ أيام (¬3). لا: إن أقامَهُ بغيرِ مالٍ (¬4). وإن جَرَحَها الخصمُ -أو أراد جَرْحَها-: كُلِّف به بَيِّنةً (¬5). ويُنظَرُ لجَرحٍ وإرادتِه ثلاثةَ أيامٍ، ويلازمُه المدَّعي. فإن أَتى بها، وإلا: حُكِم عليه (¬6). ولا يُسمَعُ جرحٌ لم يُبَيِّنْ سببُه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا أن أقامه بغيرِ مالٍ)، فلا يجاب إلى حبسه حتى يقيم الآخَر (¬7). ¬
بذِكرِ قادحٍ فيه عن رؤيةٍ، هو استِفاضةٍ (¬1). ويُعرِّضُ جارحٌ بِزِنًا، فإن صَرَّحَ -ولم تَكمُلَ بيِّنَتُه-، حُدَّ (¬2). وإن جَهِلَ لسانَ خصمٍ: تَرجَم له مَنْ يَعرِفُه (¬3). ولا يُقبلُ -في ترجمةٍ وجَرحٍ وتعديلٍ ورسالةٍ، وتعريفٍ عندَ حاكم- في زِنًا، إلا أربعةٌ (¬4). وفي غيرِ مالٍ، إلا رجُلانِ (¬5). وفي مالٍ، إلا رجلانِ، أو رجلٌ وامرأتانِ (¬6). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وفي غير مالٍ إلا رجلان. . . إلخ) هذا سيأتي مفصلًا في أقسام المشهود به (¬7). ¬
وذلك شهادةٌ: يُعتبَرُ فيه (¬1) -وفيمن رَتَّبَهُ (¬2) حاكمٌ، يَسأَلُ سِرًّا عن الشهود: لتَزْكيةٍ، أو جَرحٍ- شروطُ الشهادةِ، وتجبُ المشافَهَةُ (¬3). ومَن نُصِبَ للحكم بجَرحٍ، أو تعديلٍ، أو سماعِ بينةٍ، قَنِع الحاكمُ بقوله وحدَه: إذا قامت البينةُ عندَه (¬4). ومن سأله حاكمٌ عن تَزكيَةِ مَنْ شَهِد عندَه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وذلك شهادةٌ)؛ أي: ما ذكر من الترجمةِ والجرحِ والتعديلِ والرسالةِ والتعريفِ (¬5). * قوله: (قنع الحاكم بقوله وحدَه)؛ لأنه حاكمٌ (¬6) [لا] (¬7) شاهدٌ حينئذ. * قوله: (عندَه) الضمير عائدٌ على "مَن". ¬
4 - فصل
أخبرَهُ، وإلا: لم يَجبْ (¬1). * * * 4 - فصل وإن قال المدَّعِي: "ما لِي بيِّنةٌ"، فقولُ منكِرٍ بيميِنه -إلا النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا ادَّعَى، أو ادُّعِيَ عليه: فقولُه بلا يمينٍ-، فيُعلِمُه حاكمٌ بذلك (¬2). فإن سأل إحلافَه، ولو عَلِمَ عدمَ قدرته على حَقِّه -ويُكرَهُ-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وإلا لم يَجبْ)؛ أي إخبارُه؛ لأنه لا يتعين إلا بعدَ السؤال (¬3). فصلٌ (¬4) * قوله: (فقولُه بلا يمينٍ) (¬5) كان مقتضى الظاهر: فقولُه بلا بينةٍ، ولا يمينٍ، ويكون من قبيل اللفِّ والنشرِ المرتَّبِ (¬6). ¬
أُحْلِفَ على صفةٍ جوابِه، وخُلِّيَ (¬1). وتحرُم دعواهُ ثانيًا وتحليفُه؛ كبَرِيءٍ (¬2). ولا يُعتَدُّ بيمينٍ إلا بأمرِ حاكمٍ؛ بسؤالِ مُدَّع طَوْعًا (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أُحْلِفَ على صفةِ جوابِه)؛ أي: لا على صفة الدعوى (¬4)؛ [أي]: لا يلزمه ذلك كما في شرح شيخنا (¬5). ومقتضاه: أنه يجوز [له] (¬6) الحلفُ على صفة الدعوى] (¬7)؛ لأنه (¬8) يتضمن صفةَ الجواب وزيادةً. * قوله: (كبريء)؛ أي: كما تحرم دعواه [على] (¬9) بريء (¬10). ¬
ولا يَصِلُها باستثناءٍ، وتحرُم تَوْرِيةٌ، وتأويلٌ -إِلا لمظلومٍ- (¬1)، وحَلِفُ معسِرٍ خاف حبسًا: "أنه لا حَقَّ له عليَّ"، ولو نَوَى: "الساعةَ" (¬2). ومن عليه مؤجَّلٌ: أراد غريمُه منْعَه من سفرٍ (¬3). ولا يَحلفُ في مختلَفٍ فيه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولو نوى الساعةَ)، (وجوزه صاحبُ الرعاية بالنية، قال في الفروع: وهو متجهٌ. وفي الإنصاف: وهو الصوابُ إن خاف حبسًا) شرح (¬4). * قوله: (ومن عليه مؤجَّلٌ. . . إلخ)؛ أي: يحرم عليه الحلفُ، ولو نوى الساعةَ على قياسِ ما قبلها (¬5). ونبه عليها شيخنا في شرحه (¬6). * قوله: (ولا يحلف في مختلَفٍ فيه)؛ (كما إذا باع شافعيٌّ لحمَ متروكِ التسميةِ عمدًا لحنبليٍّ بثمنٍ في الذمة، وطالبه به، فأنكر مجيبًا: لا حقَّ له عليَّ) شرح (¬7). ¬
لا يعتقدُه، نصًّا، وحَمَلَهُ "المُوَفَّق" على الورَعِ (¬1). ونقُل عنه: "لا يُعجِبُني"، وتوقَّف [فيها] (¬2) فيمن عامل بحيلةٍ؛ كـ "عِينَةٍ" (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا يعتقده)؛ [أي] (¬4) لا يعتقد صحةَ العقدِ فيه، [أوْ لا] (¬5) يعتقدُ لزومَ ما يترتب على ذلك العقد من المطالبة بالعِوَض. * قوله: (نصًا) [لعل] (¬6) المرادَ: أن الإمام نص على ذلك بصيغة هي صريحةٌ في النهي؛ كَلَا يحلف. وأن له نصًا ثانيًا بصيغة: لا يعجبني. كما يدل عليه قولُ صاحب الإقناع: (وقال أيضًا: لا يعجبني) (¬7)، وكأن هذا النص الثاني هو الحامل (¬8) لحمل الموفَّقِ النصَّ الأولَ على الورع. * قوله: (وتوقف فيها فيمن (¬9) [عامل] (¬10) بحيلة كَعِينَة) لعله [مع] (¬11) من ¬
فلو أُبْرِئَ منها: برئَ في هذه الدعوى. فلو جدَّدَها، وطلبَ اليمينَ، كان له ذلك (¬1). ومن لم يَحلِفْ، قال له حاكمٌ: "إن حلَفتَ، وإلا قضَيتُ عليك بالنُّكول" -ويُسنُّ تكرارُه ثلاثًا- (¬2)، فإن لم يَحلِف. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يرى الحيلة (¬3)؛ كشافعيٍّ (¬4)؛ قياسًا على مسألةِ متروكِ التسمية، أما مع من لا يراها؛ بأن كانا حنبليينِ، فالظاهر: أن [له] (¬5) الحلفَ، وأن توقفَ [الإمام] (¬6) ليس في مثله، فليحرر. * قوله: (فلو أُبرئ منها)؛ أي: من اليمين (¬7). * قوله: (إن حلفتَ)؛ أي: قطعتَ الخصومة. ¬
قضَى عليه بشرطِه (¬1). وهو كإقامةِ بَيِّنةٍ، لا كإقرارٍ (¬2) إلا من محجورٍ عليه لفَلَسٍ، ولا كبَذْلٍ (¬3). لكنْ: لا يُشارِكُ من قُضيَ له به على محجورٍ لفلسٍ، غُرماءَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بشرطه)، وهو سؤال (¬4) المدَّعَى عليه (¬5). * [قوله] (¬6): (لكن لا يشارك من قُضِيَ له به. . . إلخ)؛ لأنه في هذه الحالة ليس كإقامة البينة، ولا كالإقرار، وإلا لشارك (¬7)؛. . . . . . ¬
وإن قال مدَّعٍ: "لا أعلَم لي بيِّنةً"، ثم أتَى بها، أو قال عدلانِ: "نحن نشهَدُ لك"، فقال: "هذه بيِّنتي"، سُمِعت (¬1). لا إن قال: "ما لِي بَيِّنةٌ"، ثم أتَى بها (¬2)، أو قال [عدلان: نحن نشهَدُ لك، فقال: هذه بينتي. . . (¬3)، أو قال] (¬4): "كَذَبَ شهودي"، أو قال: "كُلُّ بينةٍ أقيمُها فهي زورٌ، أو باطلةٌ، أو لا حقَّ لي فيها". ولا تبطُلُ دعواهُ بذلك (¬5). ولا تُرَدُّ بذكرِ السببِ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كما يؤخذ [ذلك] (¬6) من صنيع الشارح (¬7). * قوله: (لا إن قال: ما لِي بينةٌ، ثم أتى بها)، مع أنه يحتمل أن يكون قال: عليَّ غلبة (¬8) الظن، ويكون معنى كلامه: ما لِي بينة فيما أعلم، فتدبَّرْ تجدْ. * قوله: (ولا تُرَدُّ بذكرِ السببِ)؛ أي: للحق المدعَى به؛ كبيعٍ، أو قرضٍ. ¬
بل بذكر سببٍ ذَكرَ المدَّعِي غيرَه (¬1)، ومتى شهدتْ بغيرِ مدَّعًى به: فهو مكذِّبٌ لها (¬2). ومن ادّعَى شيئًا: "أنه له الآنَ"، لم تُسمَعْ بيِّنتُه: "أَنه كانَ له أَمْسِ، أو في يدِه" حتى يُبيَّنَ سببُ يدِ الثاني، نحوُ: "غاصبةٍ" (¬3). بخلافِ ما لو شَهدَتْ: "أنه كان مِلْكَه بالأمسِ، اشتراهُ من ربِّ البلد"، فإنه يُقبَلُ (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بل بذكر سببٍ ذكرَ المدعي غيرَه)؛ كأن ادعى عليه دينًا بسبب قرضٍ، فشهدَتْ بدين بسببِ ثمنِ مبيعٍ (¬5). * قوله: (ومتى شهدَتْ بغير مدَّعًى به، فهو مكذِّبٌ لها)؛ أي: فلا تُسمع؛ لعدم مطابقتها للدعوى، لكن لو رجع، وادَّعى بما شهدَت به، ثم شهدَتْ به بعد الدعوى، قُبلت -على ما في المستوعب (¬6) -. * قوله: (فإنه يُقْبَل)، ولا يتوقف الحال على قول: ولم يزل مِلْكَه إلى الآن. ¬
ومن ادُّعيَ عليه بشيءٍ، فأقَرَّ بغيرِه، لزمَهُ: إذا صَدَّقَهُ المقَرُّ له. والدعوى بحالِها (¬1). وإن سأل إحلافَه، ولا يُقيمُها، فحَلَف: كان له إقامتُها (¬2). وإن قال: "لي بينةٌ، وأُريدُ يمينَهُ"، فإن كانتْ حاضرةً بالمجلس: فليس له إلا أحَدُهما (¬3)، وإلا: فله ذلك (¬4). وإن سأل ملازمتَه حتى يُقيمَها: أجيبَ في المجلس. فإن لم يُحضِرْها فيه: صرَفَه (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ مع أنه يحتمل أن تكون [العينُ] (¬6) رجعت إلى ربِّ اليد بإقالةٍ أو فسخٍ أو بيعٍ؛ استصحابًا للأصل. وقال الشيخ تقي الدين: (يعتبر زيادة ذلك) (¬7). * قوله: (صرفه) مقتضاه: ولو خافَ [هربه] (¬8)،. . . . . . ¬
وإن سألها حتى يَفرُغَ له الحاكم من شُغلِه مع غَيبةِ بينتِه وبُعدِها، أُجيبَ (¬1). وإن سكت مدَّعًى عليه، أو قال: "لا أُقِرُّ، ولا أُنكِرُ"، أو: "لا أعلمُ قدرَ حقِّه" (¬2) -ولا بينةَ-، قال الحكم: "إن أجَبتَ، وإلا جعلتُك ناكِلًا، وقضيتُ عليك". ويُسنُّ تَكرارُه ثلاثًا (¬3). ولو قال: إن ادعيتَ برَهْنِ كذا لي بيدكِ: أَجَبتُ، أو إن ادَّعيتَ هذا ثمنَ كذا بِعْتَنِيه، ولم أَقْبِضْه: فنَعَمْ، وإلا: "فلا حقَّ عليَّ"، فجوابٌ صحيحٌ، لا إن قال: "لي مَخْرَجٌ مما ادَّعاهُ" (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو مقتضى نص الإمام (¬5). * قوله: (وإن سألها)؛ (أي: سأل المدعي ملازمةَ خصمِه). شرح (¬6). * قوله: (لا إن قال: لي (¬7) مخرجٌ مما ادَّعاه)؛ يعني: (فليس جوابًا صحيحًا؛ ¬
وإن قال: "لي حسابٌ أُريدُ أن أَنظرَ فيه" (¬1)، أو -بعدَ ثبوتِ الدعوى ببيَّنةٍ- "قضَيتُه، أو أبرأَني، وليَ بيِّنةٌ به" -وسألَ الإنظارَ-: لزم إنظارُه ثلاثةَ أيام، وللمدَّعِي ملازمتُه (¬2). ولا يُنظَرُ إن قال: "لي بيِّنةٌ تَدفَعُ دعواه". فإن عَجَزَ حلفَ المدَّعِي على نفي ما ادعاهُ، واستحَقَّ (¬3)، فإن نَكَلَ، حُكِم عليه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لأن الجواب إما إقرار، أو إنكار، وليس هذا واحدًا (¬4) منهما) شرح (¬5). * قوله: (أو بعد ثبوتِ الدعوى)؛ [أي] (¬6) أو قال مدَّعًى عليه بعدَ. . . إلخ (¬7). * قوله: (ولي بينةٌ به)؛ أي: بما ادعاه من القضاء أو الإبراء (¬8). * قوله: (فإن نَكَلَ، حكم عليه)؛ أي: بعد قول الحاكم له: إن لم تحلف، جعلتُك ناكلًا، وقضيتُ عليك، ويكرره ثلاثًا قياسًا على ما سبق. ¬
5 - فصل
وصرف هذا: إن لم يكن أنكرَ سببَ الحقِّ (¬1). فأما إن أنكره، ثم ثبت، فادعى قضاءً، أو إبراءً سابقًا على إنكاره، لم يُقبل، وإن أقام به بيِّنةً (¬2). وإن قال مدَّعًى عليه بعينٍ: "كانت بيدِك أو لَكَ أَمْسِ"، لزمه إثباتُ سببِ زوالِ يدِه (¬3). * * * 5 - فصل ومن ادُّعِيَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لم يُقبل)؛ لما في كلامه من التدافع؛ لأن كلًّا من القضاء والإبراء يستدعيان سَبْقَ (¬4) الحقِّ، وثبوتَ سببه، وقد أنكره أولًا (¬5). * قوله: (وإن أقام) وَصْلِيَّة. فصلٌ (¬6) ¬
عليه عينًا بيدِه، فأَقَرَّ بها لحاضرٍ مكلَّفٍ: جُعِل الخَصمَ فيها، وحُلِّفَ مُدَّعًى عليه (¬1). فإن نَكَل: أُخِذ منه بَدَلُها (¬2) ثم إنْ صدَّقه المُقَرُّ له: فهو كأحدِ مُدَّعِيَيْنِ على ثالثٍ أقَرَّ له الثالثُ (¬3)، على ما يأتي. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (عليه) فيه إقامةُ غيرِ المفعول به مقامَ الفاعل، مع وجود المفعولِ به، وهو قليل، نص عليه ابنُ مالك (¬4). * قوله: (فهو كأحد مُدَّعِيينِ) كان الأخصرُ أن يقول: فهو الخصمُ. * [قوله] (¬5): (على ما يأتي)؛ (أي: في الدعاوي والبينات؛ من أنه يحلف المقر له، ويأخذها). حاشية (¬6). ¬
وإن قال: "ليست لي، ولا أعلَمُ لمن هي؟ "، أو قال ذلك المُقَرُّ له، وجُهل: لمن هي؟ سُلِّمَتْ لمدَّعٍ (¬1). فإن كانَا اثنَيْن: اقتَرعا عليها (¬2). وإن عاد ادَّعاها لنفسِه (¬3)، أو لثالثٍ، أو عاد المقَرُّ له أوَّلًا إلى دعواه -ولو قبل ذلك- لم يقبل. وإن أقرَّ بها لغائبٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (سُلِّمَتْ لمدَّعٍ). قال شيخنا في الحاشية: (وظاهره بلا يمين) (¬4) * قوله: (فإن كان اثنين) في بعض النسخ: "كانا" (¬5) بالتثنية، وكذا في الآتية، وهي أَوْلى. * قوله: (اقترعا عليها)، فمن خرجتِ القرعةُ له، حلفَ، وأخذها (¬6). * قوله: (لم يُقبل)؛ (لأنه مكذِّبٌ لهذه الدعوى، أو الإقرار الأول بقوله: هي لفلان. أو بقوله: ليست لي، ولا أعلم لمن هي) شرح (¬7). ¬
أو غيرِ مكلَّفٍ -وللمدَّعِي بيِّنةٌ- فهي له بلا يمينٍ (¬1). وإلا، فأقام المدَّعَى عليه بيِّنةَ: "أنها لمن سمَّاهُ" لم يَحلِف، وإلا: استُحْلِفَ، فإن نَكَل: غَرم بدلَها لمدَّعٍ. فإن كانا اثنَيْن: فبدَلَانٍ (¬2). وإن أقَرَّ بها المجهولٍ، قال حاكمٌ: "عَرِّفْهُ، وإلا: جعلتُك ناكِلًا، وقضيتُ عليك" (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فبدلان)؛ أي: لزمه بدلان، لكلٍّ منهما بدلٌ (¬4). وبخطه (¬5): مقتضى الاقتراع فيما سبق: أن يكون هنا كذلك، فما الفرق؟. * قوله: (وإن أَقَرَّ بها لمجهولٍ) (¬6) لم يذكر فيما سبق ما يحترز به عنه، فكان مقتضى الظاهر حينئذ أن يقول أولًا: فأقرَّ بها لحاضر مكلَّفٍ (¬7) معينٍ. . . إلخ، إلا أن يقال: إن الحضور قد يستلزم التعيين. ¬
6 - فصل
فإن عادَ ادَّعاها لنفسِه: لم يُقبَل [منه] (¬1) (¬2). * * * 6 - فصل من ادَّعى على غائبٍ مسافةَ قصرٍ بغيرِ عملهِ، أو مستترٍ بالبلدِ، أو بدونِ مسافةِ قَصْرٍ (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فإن عاد ادَّعاها لنفسه، لم يُقبل)؛ (لأن ظاهر جوابه أولًا: أنها لغيره، فداعوه ثانيًا أنها لنفسه مخالفةٌ لدعواه الأولى) شرح (¬4). فصلٌ (¬5) * قوله: (بغير عمله) (¬6) في الإقناع: (ولو بغير عمله) (¬7)، وهو أولى، والموافقُ لكلامهم، فتدبر. * قوله: (أو مستتر) (المراد به: الممتنعُ عن الحضور. قاله في ¬
أو ميتٍ (¬1)، أو غيرِ مكلَّفٍ -وله بَيِّنةٌ-: سُمِعتْ، وحُكمَ بها (¬2). لا في حقٍّ للَّه تعالى: لم يُقبل، فيُقضَى في سرقةٍ بغُرمٍ فقط (¬3). ولا يجبُ عليه يمينٌ على بقاءَ حَقِّه، إلا على روايةٍ (¬4). المنقِّحُ: "والعملُ عليها في هذه الأزمنة" (¬5). ثم إذا كُلِّفَ غيرُ مكلَّفٍ، ورَشَدَ، أو حضَر الغائبُ، أو ظهرَ المستترُ -فعلَى حُجتِه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الإنصاف) حاشية (¬6). * قوله: (بغُرمٍ (¬7) فقط)، ويكون من تبعيض الأحكام، فتعلم من ذلك جوازه في الجملة. * قوله: (إلا على رواية المنقِّح، والعملُ عليها. . . إلخ) وتسمَّى: يمينَ الاستظهار. ¬
فإن جَرَحَ البيِّنةَ، بأمرٍ، بعدَ أداءَ الشهادةِ، أو مطلقًا-: لم يُقبل، وإلا: قُبِل (¬1). والغائبُ دونَ ذلك: لم تُسمَعْ دعوَى ولا بينةٌ عليه، حتى يَحضُرَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فإن جرحَ البينةَ بأمرٍ بعد أداءِ الشهادة)؛ أي: بأمرٍ صدر منهم، [وثبت] (¬2) اتصافُهم به بعد أداء الشهادة. . . إلخ. وبخطه: أي: لأن ذلك يقتضي (¬3) أنهم كانوا حالَ أداء الشهادة عُدولًا (¬4). * قوله: (أو مطلقًا)؛ لأنه في حالة الإطلاق يحتمل أن يكون المجروح (¬5) به طارئًا بعد أداء الشهادة، فلم يتيقن كونه مبطلًا للحكم، هذا حاصل ما في الشرح (¬6). * قوله: (وإلا)؛ أي: وإنْ جرحها بأمر اتصفت به قبل أداء الشهادة (¬7). * قوله: (والغائب دون ذلك)؛ أي: مسافةِ القصر (¬8). والكلام في ¬
كحاضرٍ (¬1)؛ إلا أن يَمتنِعَ: فيُسمَعا (¬2). ثم إن وجَد له مالًا: وفَّاهُ منه. وإلا: قالَ للمدَّعِي: "إن عَرَفتَ له مالًا -وثَبَت عندي-: وَفَّيتُك منه" (¬3). والحكمُ للغائبِ لا يصحُّ إلا تبَعًا؛ كمن ادَّعى موتَ أبيه عنه وعن أخٍ له غائبٍ، أو غيرِ رشيدٍ، وله عندَ فلانٍ عينٌ أو دَيْنٌ، فثَبَتَ بإقرارٍ أو بيِّنةٍ: أخَذَ المدعي نصيبَه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ غير المستتر؛ بدليل قوله الآتي: "إلا أن يمتنع -أي: من الحضور-". * قوله: (كحاضرٍ)؛ أى: بالبلد، لا بالمجلس، وإلا، كان من تشبيه الشيء بنفسه، فتدبر. ¬
والحاكمُ نصيبَ الآخَرِ (¬1). وكالحكمِ بوقفٍ: يدخُلُ فيه مَنْ لم يُخْلَقْ، تبعًا (¬2). وكإثباتِ أحدِ الوكيلين الوكالةَ في غَيبةِ الآخرِ: فتثبُتُ له تبعًا (¬3). وسؤال أحدِ الغُرماء الحَجْرَ، كالكُلِّ (¬4). فالقضيَّةُ الواحدةُ المشتملةُ على عددٍ، أو أعيانٍ؛ كولدِ الأبَوينِ في "المُشَرَّكَةِ": الحكمُ فيها لواحدٍ، أو عليه، يَعُمُّه وغيرَه (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (والحاكمُ نصيبَ الآخَرِ)؛ (أي: وأخذَ الحاكمُ نصيبَ الآخرِ الغائبِ، أو غيرِ الرشيد، فيجعلُه عند أمينٍ له، أو يُكريه إن كان مما يُكرى، أو يحفظه له حتى يحضر) حاشية (¬6). * قوله: (فالقضيةُ الواحدةُ. . . إلخ) هذا كلام الشيخ تقي الدين -رحمه اللَّه تعالى (¬7) -. ¬
وحكمُه لطبَقَةٍ حُكمٌ للثانية: إن كان الشرطُ واحدًا (¬1). ثم مَنْ أبدَى ما يجوز أن يَمنعَ الأولَ من الحكم عليه لو عَلِمه، فلثانٍ الدَّفعُ به (¬2). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ثم [من] (¬3) أبدى ما يجوز أن يمنعَ (¬4) الأولَ من الحكم عليه -لو علمه-، فلثانٍ الدفعُ به) هذه عبارة الفروع (¬5)، ومعناها: أنه إن أظهر (¬6) أحدٌ من ¬
7 - فصل
7 - فصل ومن ادَّعَى: "أنَّ الحاكمَ حكمَ له بِحَقٍّ". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [أهل] (¬1) الطبقة الثانية فمَنْ بعدَها (¬2) أمرًا يمكن أن يمنع الأول به مَنْ قُدِّرَ أنه كَانَ ادَّعى عليه عند الحاكم بما يوجب انتزاعَ العينِ الموقوفةِ من يده من الحكم عليه بذلك لو علمه؛ أي: لو علم الأولُ ذلك الأمرَ الذي يمكن الدفعُ به، فلثانٍ -وهو المبدي للأمر- الدفعُ به كالأول؛ لأنه مثلُه في تلقي العين عن الواقف، وصورةُ ذلك: أن يدعي زيدٌ الأجنبيُّ -أي: الذي ليس من أهل الوقف- على عمرٍو الذي هو من أهله، لكن في الطبقة الأولى باستحقاق العقارِ الموقوفِ الواضعِ يدَه عليه بسبب دعوى استحقاقه لذلك، فيقيم بعضُ ولدِ عمرٍو -الذين هم من أهل الطبقة الثانية- بينةً تشهد بأن جدَّهم -وهو أبو عمرو الواقف- قد وقف العقار، وهو في ملكه، على ولدِه عمرٍو، ثم على أولاده، ولم يعلم عمرٌو بتلك البينة حين الدعوى عليه، فإن لولدِ عمرٍو المذكورِ دفعَ دعوى المدَّعي بالبينة المذكورة، وهذا قريبٌ مما تقدم في الوقف عند قول المصنف: "ويتلقاه كلُّ بطنٍ عن واقفِه" حيث فَرَّعَ عليه قولَه: "فلو امتنع (¬3) البطنُ الأول من اليمين، مع شاهدٍ لثبوت الوقف، فلمن بعدَهم الحلفُ". انتهى (¬4). فصلٌ (¬5) ¬
فصدَّقَه: قُبِلَ وحدَه؛ كقولِه ابتداءً: "حَكمتُ بكذا" (¬1). وإن لم يَذْكُره، فشهدَ به عدلانِ: قَبِلَهما، وأمضاهُ؛ لقدرتِه على إمضائه، ما لم يَتيقَّنْ صوابَ نفسِه. بخلافِ مَنْ نسيَ شهادتَه، فشهدا عندَه بها (¬2). وكذا إن شَهِدا: "أن فلانًا وفلانًا شهدا عندَك بكذا" (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (كقولِه ابتداءً)؛ أي: من غير أن يتقدم من المحكوم له مثلُ ذلك (¬4). * قوله: (وأمضاه)؛ أي: حكمَه السابق. * قوله: (بخلاف مَنْ نسيَ شهادتَه، فشهدا عنده بها)؛ لأنه لا يقدر على تنفيذ شهادته، وإنما يُمضيها الحاكم؛ بخلاف القاضي؛ فإنه يقدر على إمضاء حكمه (¬5) كما ذكره المصنف. * قوله: (وكذا إن شهدا أن فلانًا وفلانًا شهدا (¬6) عندَك (¬7) بكذا)، فيقبل ¬
وإن لم يَشهدْ بحكمِه أحدٌ، ووجَدَه ولو في قِمَطْرِه تحتَ خَتْمِه، أو شهادتَه بخطِّه، وَتيَقَّنَه، ولم يذْكُرْه: لم يَعمل به (¬1)؛ كخطِّ أبيه بحكمٍ أو شهادةٍ (¬2)، إلا على مرجوحٍ. المُنَقِّحُ: "وهو أظهرُ، وعليه العملُ" (¬3). ومن تحققَ الحاكمُ منه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شهادتَهَما، ويمضيه (¬4)، لكن بشرط (¬5) توفرِ شروط الشهادة على الشهادة؛ لأنه منها (¬6). * قوله: (وإن لم يشهد بحكمه)؛ [أي] (¬7): (ولا بأنَّ عدلينِ شهدا عنده بشيء) شرح (¬8). ¬
أنه لا يُفرِّقُ بين أن يَذكُرَ الشهادة، أو يَعتمدَ على معرفةِ الخطِّ، يَتَجَوَّزُ بذلك: لم يَجُزْ قبولُ شهادتِه (¬1). وإلا: حَرُمَ أن يسألَه عنه، ولا يجبُ أن يُخبِرَه بالصِّفَةِ (¬2). وحُكمُ الحاكم لا يُزيلُ الشيءَ عن صفتِه باطنًا (¬3): فمتى عَلِمَها حاكمٌ كاذبةً: لم ينفُذ، حتى ولو في (¬4) عقدٍ وفسخٍ (¬5). فمن حَكَم له -ببيِّنةِ زورٍ- بزوجِيَّةٍ امرأةٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أن يذكر الشهادة)؛ أي: يتذكرها. * قوله: (يتجوَّز (¬6) بذلك)؛ أي: بعدم الفرق بين الصورتين (¬7). ¬
فوطئ مع العِلم: فكزِنًى (¬1). ويصحُّ نكاحُها غيرَه (¬2). وإن حَكَم بطلاقِها ثلاثًا بشهودِ زورٍ: فهي زوجتُه باطنًا، ويُكره له اجتماعُه بها ظاهرًا، ولا يصحُّ نكاحُها غيرَه: ممن يَعلم بالحالِ (¬3). ومن حَكم لمجتهدٍ، أو عليه، بما يُخالِفُ اجتهادَه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فكزِنًى)، فيجب عليه الحدُّ بذلك في الأصح، وعليها أن تمتنع منه ما أمكنها، فإن كرهها، فالإثم عليه دونها؛ أي: وإن طاوعته، فهي -أيضًا- كزانية (¬4). * قوله: (ويصحُّ نكاحُها غيرَه). وقال الموفق: (لا يصحُّ؛ لإفضائه إلى وطئها من اثنين: أحدُهما بحكم الظاهر، والآخرُ بحكم الباطن) (¬5). ¬
عَمِل باطنًا بالحكم (¬1). وإن باع حنبليٌّ متروكَ التسميةِ، فحَكمَ بصحتِه شافعيٌّ: نَفَذَ (¬2). وإن رَدَّ حاكمٌ شهادةَ واحدٍ برمضانَ: لم يُؤَثِّرُ؛ كمِلكِ مطلَقٍ وأَوْلى؛ لأنه لا مدخل لحكمه في عبادةٍ ووقتٍ، وإنما هو فتوَى. فلا يقالُ: "حَكَمَ بكذبِه، أو بأنه لم يَرهُ" (¬3). ولو رُفع إليه حُكمٌ في مختلَفٍ فيه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (عمل باطنًا بالحكم)؛ أي: كعمله (¬4) به ظاهرًا (¬5) (¬6). * قوله: (وإن ردَّ حاكمٌ شهادةَ واحدٍ برمضانَ)؛ أي: بسبب من الأسباب، لا من جهة كونِ وحدَه (¬7). * قوله: (كمِلْكٍ مطلَق) لعله عن التاريخ (¬8)؛ بدليل قول المصنف: "ووقتٍ". ¬
لم يَلزمْهُ نقضُه، ليُنَفِّذَه: لزمَهُ تنفيذُه (¬1)، وإن لم يَرهُ (¬2). وكذا إن كان نفسُ الحكم مختلَفًا فيه (¬3)؛ كحكمه بعلمِه، وتزويجِهِ يتيمةً (¬4). وإن رَفَع إليه خَصمانِ عَقْدًا فاسِدًا عندَه فقط، وأقَرَّا: "بأنَّ نافذَ الحكمِ حَكمَ بصحتِه"، فله إلزامهما ذلك، وله ردُّه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لم يلزمه نقضُه) حالٌ (¬5)، واحترز به عما يلزمه نقضُه، وهو ما كان مخالفًا لكتابٍ، أو سُنَّةٍ، أو إجماعِ قطعيٍّ (¬6). * قوله: (لزمه تنفيذُه)؛ أي: إذا ثبت عنده حكمُ الحاكم السابق ببينةٍ. * وقوله فيما يأتي: (فله إلزامُهما (¬7) ذلك، وله ردُّه)؛. . . . . . ¬
والحكمُ بمذهبه (¬1). ومن قلد في صحةِ نكاح: لم يُفارق بتغيُّرِ اجتهادِه؛ كحكمٍ (¬2). بخلاف مجتهدٍ: نَكَح، ثم رأى بطلانه. ولا يَلزمُ إعلامُ المقلِّدِ بتغيُّرِه (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ [أي] (¬4): حيث لم يثبت عنده حكمُ من يراه المدعي به (¬5)، فلا تعارض بين المحلين. * قوله: (كحكم)؛ أي: كما لو حكم به حاكمٌ مجتهد يرى صحته حالَ الحكم، ثم تغير اجتهادُه، فرأى أنه باطل (¬6). * [قوله] (¬7): (بخلافِ مجتهدٍ نكحَ، ثم رأى بطلانَه)، فيلزمه أن يفارق؛ لأنه صار يتيقن تحريم وطئها (¬8). ¬
8 - فصل
وإن بانَ خطؤُه في إتلافٍ بمخالفةِ قاطعٍ (¬1)، أو خطأ مفتٍ ليس أهلًا: ضَمِنا (¬2). * * * 8 - فصل ومن غصَبَه إنسانٌ مالًا جَهْرًا، أو كانَ عندَه عينُ مالِه: فلهُ أخذُ قدرِ المغصوبِ جَهْرًا، وعينِ مالِه -ولو قهرًا (¬3) -. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بمخالفةِ قاطعٍ)، وهو الذي لا يحتمل التأويل (¬4)؛ بأن تنتفيَ عنه الاحتمالاتُ العشرُ المذكورة في الأصول. قال بعضهم: وهذا دونَ وجودِه خَرْطُ القَتاد، وشَيْبُ الغراب. تدبَّرْ. فصلٌ (¬5) ¬
لا أخذُ قدرِ دَيْنِه من مالِ مدينٍ تعذَّرَ أخذُ دَيْنِه منُه بحاكمٍ: لجَحْدٍ، أو غيرِه (¬1)، إلا إذا تعذَّرَ على ضَيْفٍ أخذُ حَقِّه بحاكمٍ (¬2)، أو منعَ زوجٌ -ومَنْ في معناهُ- ما وجبَ عليه؛ من نفقةٍ ونحوِها (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا أخذُ قدرِ دينِه من مالِ مَدينٍ. . . إلخ). قال في الإقناع: (وعنه: يجوز إن لم يكن معسرًا به، أو كان مؤجلًا، فيأخذ قدرَ حقِّه من جنسِه، وإلَّا قَوَّمَه، وأخذَ بقدرِه في الباطن متحرِّيًا للعدلِ). انتهى (¬4). وأقول: ينبغي أن يُقال مثلُ ذلك في كلٍّ من مسألة الضيفِ والزوجةِ ونحوِهما. * قوله: (ومَنْ في معناه)؛ (كمن وجبت عليه نفقةُ قريبِهِ) حاشية (¬5). * قوله: (ما وجبَ عليه) في موقع المفعول لـ: "منع". ¬
ولو كانَ لكلٍّ -من اثنينِ- على الآخَرِ دَيْنٌ من غيرِ جنسِهِ، فجَحَدَ أحدُهما: فليس للآخَرِ أن يَجْحَدَ (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (من غير جنسِه)، فإن كان من جنسه، تقاصَّا بشرطِها (¬2). * * * ¬
3 - باب حكم كتاب القاضي إلى القاضي
3 - بابُ حُكم كِتابِ القاضي إلى القاضي 1 - ويُقبَلُ في كُلِّ حَقٍّ لآدَمِيِّ -حتى فيما لا يُقبَلُ فيه إلا رجُلان؛ كقَوَدٍ، وطلاقٍ، ونحوِهما (¬1) - لا في حَدٍّ للَّه تعالى؛ كحدِّ زِنًا وشُرْبٍ (¬2). وفي هذه المسالةِ، ذكر الأصحابُ: "أن كِتابَ القاضي حكمُه كالشهادةِ على الشهادةِ؛ لأنه شهادةٌ على شهادةٍ" (¬3). وذكروا -فيما إذا تغيَّرتْ حالُه-: "أنه أصلٌ، ومَن شَهِد عليه فرعٌ. فلا يَسوغُ نقضُ حُكم مكتوبٍ إليه بإنكارِ الكاتبِ (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ حُكم كتابِ القاضي إلى القاضي * قوله: (تغيرت حالُه)؛ أي: حالُ القاضي الكاتبُ؛. . . . . . ¬
ولا يَقدَحُ في عدالةِ البيِّنةِ، بل يَمنعُ إنكارُه الحكمَ، كما يَمنعُه رجوعُ شهودِ الأصل" (¬1). فدَلَّ: أنه فرعٌ لمن شَهِد عندَه، وأصلٌ لمن شَهِد عليه (¬2)، وأنه يجوز أن يكون شهودُ فرعٍ أصلًا لفرعٍ (¬3). 2 - ويُقبَلُ فيما حُكم به: ليُنفِّذَه، وإن كانا ببلدٍ واحدٍ (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بأن فسقَ، ونحوِه (¬5). * قوله: (بل يمنعُ إنكارُه الحكَم)؛ أي: إنكار القاضي الكاتبِ حكمَ القاضي المكتوبِ إليه (¬6). * قوله: (فدلَّ)؛ أي: مجموعُ الكلامين المنقولَين عن الأصحاب في هذه المسألة. * قوله: (أنه فرعٌ)؛ أي: القاضي الكاتبُ (¬7). ¬
لا فيما ثبت عندَه: ليَحكمَ به (¬1). ولا إذا سَمع البينةَ، وجَعَل تعديلَها إلى الآخَر، وإلا في مسافةِ قصرٍ فأكثرَ (¬2). وله أن يكتُبَ إلى مُعَيَّنٍ، وإلى مَنْ يَصِلُ إليه: من قُضاةِ المسلمين (¬3). ويُشترطُ لقبوله: أن يُقرأ على عدلَيْن، ويعتبَرُ ضبطُهما لمعناهُ، وما يَتعلقُ به الحكمُ فقط. ثم يقولُ: "هذا كتابي إلى فلانِ بنِ فلانٍ"، ويَدفعُه إليهما (¬4). فإذا وصَلا، دفَعَاهُ إلى المكتوبِ إليه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا فيما ثبتَ عندَه ليحكمَ به)؛ (أي: إلا في مسافة قصر) حاشية (¬5). * قوله: (فإذا وصلا (¬6)، دفعاه (¬7) إلى المكتوبِ إليه) هذا ظاهرٌ فيما إذا كان ¬
وقالا: "نشَهدُ أنه كتابُ فلانٍ إليك، كتبه بعَمَلِهِ" (¬1). والاحتياطُ: ختمُه بعد أن يُقرأ عليهما، ولا يشترط، ولا قولهما (¬2): "وقُرئ علينا (¬3). وأُشْهِدْنا عليه" (¬4). ولا قولُ كاتبٍ: "أُشهدا عَلَيَّ" (¬5). وإنْ أشهدَهما عليه مدروجًا (¬6) مختومًا، لم يصحَّ (¬7). ـــــــــــــــــــــــــــــ المكتوبُ إليه مُعَيَّنًا. * قوله: (مدروجًا) هو من "أدرج"، وقياسه: مُدْرَجٌ كما نبه عليه الحجاويُّ في حاشيته، ولعله قصدَ المشاكلَة؛ كما أجابوا به عن قول الشاعر: فَتَّاكُ أَخْبِيَةٍ وَلَّاجُ أَبْوِبَةِ (¬8) ¬
وكتابُه في غيرِ عملِه، أو بعدَ عزلِه كخَبَره (¬1). 3 - ويُقبَلُ كتابُه في حيوان، بالصِّفَةِ: اكتفاءً بها؛ كمشهودٍ عليه، لا له (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن القياس في جمعِ (¬3) بابٍ أبوابٌ (¬4)، لكنه جمعه على أَبْوِبَة؛ لمشاكلة أَخْبِيَة (¬5)، ونظيره أيضًا قولهم: هنيئًا مريئًا؛ حيث لم يقولوا: ممرئًا؛ كما هو القياس؛ لأنه من أمرأ (¬6) الشرابَ (¬7)، قصدًا (¬8) لمشاكلة هنيئًا (¬9). * قوله: (لا له) يأتي في باب شروط من تُقبل شهادته (¬10) ما يخالفه؛ ¬
فإن لم تثبُت مشاركتُه له في صفتِه: أخَذَه مُدَّعِيهِ بكفيلٍ مختومًا عنُقُه، فيأتِي به القاضيَ الكاتبَ؛ لتَشهدَ البينةُ على عينه، ويقضيَ له به. ويكتُبُ له كتابًا: ليَبْرأ كفيلُه (¬1). وإن لم يثبُت ما ادَّعاه، فكمغصوبٍ (¬2). ولا يَحكم على مشهودٍ عليه بالصفةِ، حتى يُسمَّى، أو تَشهدَ على عينِه (¬3). وإذا وصَل الكتابُ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حيث قال: "وكذا لو تعذَّرَتْ (¬4) رؤيةُ مشهودٍ عليه، أو له، أو به"، فليحرر (¬5). * قوله: (فكمغصوبٍ)؛ أي: فهو في يده كمغصوب؛ لوضع (¬6) يده عليه. * قوله: (ولا يَحكُم على مشهود عليه بالصفة)؛ (بأن قالا (¬7): نشهد (¬8) على ¬
فأُحضِرَ الخصمُ المذكورُ فيه باسمِه ونسبِه وحِليتِه، فقال: "ما أنا بالمذكور"، قُبِل قولُه بيمينه، فإن نَكَل: قُضِيَ عليه (¬1). وإن أقَرَّ بالاسمِ والنَّسبِ، أو ثبت ببيِّنةٍ، فقال: "المحكومُ عليه غيري"، لم يُقْبَلْ إلا ببينةٍ: تَشهدُ أن بالبلدِ آخرَ كذلك -ولو ميتًا- يقَعُ به إشكالٌ، فيُتوقَّفُ حتى يُعلَمَ الخصمُ (¬2). وإن ماتَ القاضي الكاتبُ، أو عُزلَ: لم يَضُرَّ؛ كبيِّنةِ أصلٍ (¬3). وإن فُسِّق، فيَقدَحُ فيما ثبتَ عندَه ليحكُمَ به، خاصَّةً (¬4). ويَلزمُ من وصلَ إليه، العملُ به: تغيَّرَ المكتوبُ إليه، أَوْ لَا (¬5): اكتفاءً بالبيِّنةِ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رجل صفتُه كذا وكذا أنه اقترضَ من هذا كذا) شرح (¬6). * قوله: (فيقدح)؛ أي: فهو يقدح؛ إذ الجملةُ الفعليةُ إذا وقعت جوابًا، ¬
1 - فصل
بدليلِ ما لو ضاع، أو انمَحَى (¬1). ولو شَهِدا بخلافِ ما فيه، قُبِل: اعتمادًا على العلم (¬2). ومتى قَدِمَ الخصمُ -المُثبَتُ عليه- بلدَ الكاتبِ: فله الحكمُ عليه بلا إعادةِ شهادةٍ (¬3). * * * 1 - فصل وإذا حَكم عليه المكتوبُ إليه، فسأله أن يُشِهدَ عليه بما جرى؛ لئلا يَحكُمَ عليه الكاتبُ -أو من ثبتتْ براءتُه؛ كمن أنكَر، وحلَّفه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا تقترنُ بفاء؛ لأنه يصح جعلُها شرطًا، وما كان كذلك لا يُقرن بالفاء، كما صرح به ابنُ مالك وغيرُه (¬4)، وبما قدَّرناه -تبعًا للشارح (¬5) - تكون (¬6) الجملةُ اسميةً لا فعلية، فتدبَّر. فصلٌ (¬7) ¬
أو من ثبتَ حقُّه عنده-، أن يُشهدَ له بما جرى؛ من براءةٍ، أو ثبوتٍ مجرَّدٍ، أو متصلٍ بحكمٍ وتنفيذٍ -أو الحكمَ له بما ثبت عندَه- أجابه (¬1). وإن ساله مع الإشهادِ كتابتَه: وأتاه بورقةٍ: لزمه (¬2)؛ كساعٍ بأَخْذِ زكاةٍ (¬3). وما تضمَّنَ الحكمَ ببيِّنةٍ يُسمَّى: "سِجلًّا"، وغيرُه: "مَحْضَرًا" (¬4). والأَوْلى: جعلُ السِّجلِّ نُسْخَتَيْن: نسخةً يَدفعُها إليه، والأخرى عندَه (¬5). (أ) وصِفةُ المَحْضرِ: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"، حضَر القاضيَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (حضر القاضيَ) بالنصب على أنه مفعول مقدم (¬6). ¬
فلانَ بنَ فلانٍ: قاضيَ عبدِ اللَّه الإمامِ علَى كذا -وإن كانَ نائبًا- كتَبَ: "خليفةَ القاضي فلانٍ: قاضِي عبدِ اللَّه الإمامِ. . ." في مجلسِ حكمِه وقضائه بموضعِ كذا، مُدَّعٍ ذَكرَ: أنه فلانُ بنُ فلانٍ، وأحضَر معه مدَّعًى عليه، ذَكرَ: أنه فلانُ بنُ فلانٍ. ولا يُعتبَرُ ذِكرُ الجَدِّ بلا حاجةٍ، والأَوْلى: ذكرُ حِلْيَتِهما -إن جَهِلَهما-، فادعَى عليه كذا، فأقَرَّ له، أو فأنكَرَ، فقال للمدَّعِي: أَلَكَ بَيِّنةٌ؟ قال: نعم، فأحضَرَها، وسأله سماعَها، ففَعل. أو فأنكر، ولا بينةَ، وسأل تحليفَه، فحلَّفَه -وإن نَكَل: ذكَرَه، وأنه حَكَمَ بنُكوبه-، وسأله كتابةَ مَحْضَرٍ، فأجابه في يوم كذا، من شهرِ كذا، من سنةِ كذا (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مُدَّعٍ) فاعل "حضر" (¬2). ¬
ويعلِّمُ في الإقرارِ والإنكارِ والإحلافِ: "جَرَى الأمرُ على ذلك"، وفي البيِّنةِ: "شهِدا عندي بذلك" (¬1). وإن ثبت الحقُّ بإقرارٍ، لم يُحْتَجْ: "في مجلسِ حُكمِه" (¬2). (ب) وأما السِّجِلُّ، فهو لأنفاذِ ما ثبتَ عندَه، والحكم به (¬3). وصِفتُه: ". . . هذا ما أشهَدَ عليه القاضي فلانٌ -كما تقدم- مَنَ حضَرَه من الشهودِ، أشهَدَهم: أنه ثبتَ عندَه بشهادةِ فلانٍ وفلانٍ، وقد عَرفَهما بما رأى معَه قبولَ شهادتهما، بمَحْضرٍ مين خَصميْن -ويذكُرهما: إن كانا معروفيْن، وإلا قال: "مُدَّعٍ ومدَّعًى عليه"- جاز حضورُهما وسماعُ الدعوى من أحدِهما على الآخَرِ، مَعْرِفةُ فلانِ بنِ فلانٍ -ويَذكُرُ المشهودَ عليه- وإقرارُه طَوْعًا، في صحةٍ منه وجوازِ أمرٍ، بجميع ما سُمِّيَ ووُصِف في كتابٍ نُسختُه كذا، وينسخُ الكتابَ المُثبِتَ أَنَّ المَحْضَرَ جميعَه حرفًا بحرفٍ، فإذا فرغَ، قال: وإن القاضيَ أمضاهُ، وحَكم به عَلى ما هو الواجبُ في مِثله، بعدَ أن سأله ذلك، والإشهادَ به. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ذلك) مفعولُ "سألَ" الثاني. ¬
الخَصمُ المدَّعِي -وينْسبُه- ولم يَدفَعْه خصمُه بحُجةٍ، وجَعَل كلَّ ذي حُجَّةٍ على حُجَّتِهِ، وأشهَدَ القاضي فلانٌ على إنفاذِه، وحكمِه، وإمضائه -مَن حضَرَهُ- من الشهودِ، في مجلسِ حُكمِه، في اليوم المؤرَّخِ أعلاهُ" (¬1). وأمَر بكَتْبِ هذا السجلِّ نُسختَين متساويَتيْن: نسخةً بديوانِ الحُكمِ، ونسخةً يأخُذها مَن كتَبها له (¬2). ولو لم يُذكَر: "بمحضَرٍ من الخصمَيْن"، جاز؛ لجوازِ القضاءِ على الغائب (¬3). ويضُمُّ ما اجتَمع: -من مَحْضرٍ وسجلٍّ- ويَكتُب عليه: "مَحاضِرُ كذا من وقت كذا" (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (الخصمُ) فاعل "سأل" (¬5). * قوله: (مَنْ حضره) مفعولُ "أَشْهَدَ". * قوله: (ويكتب عليه: محاضر كذا من وقت كذا)؛ أي: على ما اجتمع ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ من المحاضر (¬1)، ويكتب على ما اجتمع من السجلات: [سجلات] (¬2) كذا من وقت كذا، وعبارة المصنف توهم غير المراد، فتنبه له. * * * ¬
4 - باب القسمة
4 - بابٌ " القِسْمَةُ ": تمييزُ بعضِ الأَنْصِباءَ عن بعضٍ، وإفرازُها عنها (¬1). وهي نوعان: 1 - أحدُهما: قسمةُ تَراضٍ، وتحرُم في مشتَركٍ لا ينقسِمُ إلا بضررٍ، أو ردِّ عوضٍ؛ كحَمَّامٍ، ودُورٍ صغارٍ، وشجرٍ مفردًا، وأرضٍ ببعضِها بئرٌ أو بناءٌ ونحوُه (¬2). ولا تَتعدَّلُ بأجزاءٍ ولا قيمةٍ، إلا برضا الشركاءِ كلِّهم (¬3). وحُكمُ هذه كبيعٍ: يَجُوز فيها ما يجوز فيها خاصَّةً لمالكٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ القِسْمَةِ * قوله: (خاصَّةً لمالكٍ)؛ أي: (إن كان غيرَ محجورٍ عليه) شرح (¬4). ¬
ووليٍّ (¬1). ولو قال أحدُهما: "أنا آخُذُ الأَدْنى، ويَبقى لي في الأعلى تَتمَّةُ حِصتي"، فلا إجْبارَ (¬2). ومن دعا شريكَهُ إلى بيع فيها: أُجْبِرَ. فإنْ أبَى: بِيعَ عليهما، وقُسِّم الثمنُ. وكذا: لو طلبَ الإجارةَ -ولو في وقفٍ (¬3) -. و: "الضررُ المانعُ من قسمةِ الإجبار". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ووليٍّ)؛ أي: (إن كان المالك محجورًا عليه) شرح (¬4). * قوله: (أُجبر)، أي: أُجبر شريكُه على البيع معه (¬5)، فالضميرُ عائد على غير من هو له، تدبَّرْ، لكنه متصلٌ بمن هو له. * قوله: (فإن أبى، بِيعَ عليهما)؛ أي: باعه حكمٌ (¬6)، والظاهر: أنه لا يتعين البيعُ، إلا إذا تعين طريقًا لدفع الضرر، وربما (¬7) يؤخذ ذلك من عموم قوله: "وكذا لو طلب الإجارةَ"؛ أي: لنفسه، أو لغيره، فتدبَّرْ. * قوله: (والضررُ المانعُ) مبتدأ خبرُه قولُه: "نقيصُ القيمة". ¬
نقصُ القيمةِ بها (¬1). وإن انفردَ أَحدُهما بالضررِ: كرَبِّ ثلُثٍ مع رَبِّ ثلثَيْنِ: فكما لو تضرَّرَا (¬2). وما تَلاصَق: من دُورٍ وعَضائدَ، وأقْرِحَةٍ، وهي: الأراضي التي لا ماءَ فيها ولا شجرَ: كمتفرِّقٍ، يُعتَبرُ الضررُ في كلِّ عينٍ على انفرادِها (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وما تلاصقَ) مبتدأٌ خبرُه "كمتفرقٍ". * قوله: (وعضائدُ)؛ أي: دكاكين، كذا في الشرح (¬4)، وفي الإقناع: (وهي الدكاكين اللِّطافُ الضَّيقة) (¬5)، وفي المطلع ما نصه: (العضائد: واحدةُ عَضَادَة، وهي ¬
ومن بَيْنَهما عبيدٌ، أو بهائمُ، أو ثيابٌ ونحوُها من جنسٍ، فطلب أحدُهما قَسْمَها أعيانًا بالقيمة، أُجبِرَ ممتنعٌ: إن تساوتِ القِيَمُ (¬1). وإلا: فلا (¬2)؛ كما لو اختلَف الجنسُ (¬3). وآجُرٌّ ولَبِنٌ متساوي القَوالِبِ: من قِسمةِ الأجزاءِ، ومتفاوتُهما: من قسمةِ التعديل (¬4). ومَن بَيْنَهما حائطٌ، أو عَرْصَةُ حائطٍ -وهي: التي لا بِناءَ فيها (¬5) -. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ما يُصنع لجريان الماء فيه من السواقي ذواتِ الكتفين، ومنه عِضَادتا الباب، وهما خشبتان (¬6) في جانبيه، فإن تلاصقت، لم يمكنْ قسمتُها (¬7)، وإن تباعدت، أمكنَ قسمتُها). انتهى (¬8). ¬
فطلَبَ أحدُهما قَسْمَهُ -ولو طولًا في كمال العَرْض-، أو العَرْصةِ عَرْضًا -ولو وَسِعتْ حائطَيْن-: لم يُجبَرْ ممتنِعٌ (¬1)؛ كمن بينَهما دارٌ لها عُلْوٌ وسُفْلٌ: طلَبَ أحدُهما جعْلَ السُّفلِ لواحدٍ، والعُلْوِ للآخَرِ، أو قَسْمَ سُفْلٍ لا عُلْوٍ، أو عَكْسَه، أو كُلَّ واحدٍ على حِدَةٍ (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فطلب أحدُهما قَسْمَه)؛ أي: ما ذُكر من الحائطِ، أو عرصتِه، ويصحُّ رجوعُه لأحد المتعاطفين بـ "أو"؛ كما صَنَعَ الشارحُ (¬3)، لكنه من القليل؛ إذ الكثيرُ المطابقةُ؛ كما في قوله تعالى {إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا} (¬4). * قوله: (أو كلٌّ على حِدَة)؛ أي: فإنه لا يُجير (¬5) ممتنع في شيء ¬
وإن طلَبَ قَسْمَهما معًا -ولا ضررَ-، وَجَبَ، وعُدِّلَ بالقيمة، لا ذِرَاعِ سُفلٍ بذراعَي عُلْوٍ، ولا ذراعٍ بذراعٍ (¬1). ولا إجبارَ في قِسمةِ المنافع (¬2). وإن اقتسماها بزمنٍ أو مكانٍ: صَحَّ جائزًا (¬3)، فلو رجَع أحدُهما بعدَ استيفاءِ نَوْيتِه: غَرِم ما انفردَ به (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ من ذلك كلِّه (¬5). * قوله: (لا ذراعِ سُفْلٍ بذراعَيْ (¬6) علوٍ، ولا ذراعٍ [بذراعٍ (¬7)])؛ أي: إلا برضاهما (¬8). * قوله: (غرم ما انفرد (¬9) به)؛ أي: حصتَه من أجرة ما انفرد به (¬10). ¬
ونفقةُ الحيوانِ -مدةَ كلِّ واحدٍ- عليه (¬1). ومَن بَيْنَهما مزروعةٌ، فطلَبَ أحدُهما قسمتَها دونَ زرعٍ: قُسِمتْ كخاليَةٍ (¬2). ومعَه، أو الزرعِ: لم يُجْبَرْ ممتنعٌ (¬3). فإنْ تراضَيا على أحدِهما -والزرعُ: قَصِيلٌ، أو قطنٌ-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله] (¬4): (ونفقةُ الحيوانِ)؛ أي: إذا تهايأه الشريكان (¬5). * قوله: (مدةَ كلِّ واحدٍ)؛ أي: مدة نوبةِ كلِّ واحد (¬6). * قوله: (عليه)؛ أي: على صاحب النوبة من المهايأة (¬7)، ومقتضاه: سواء غلت، أو رخُصت. ولو استوفى أحدُهما نوبته، ثم تَلِفَت المنافعُ في مدة الآخَر قبلَ تمكُّنه من القبض، فأفتى الشيخ تقيُّ الدين بأنه يرجع على الأول ببدلِ حصته من تلك المدة، ما لم يكن رضي بمنفعة الزمن المتأخر على أي حال كان (¬8). * قوله: (أو قُطْنٌ) المراد: (بشرط ألا يصل إلى حال يكون فيها موزونًا، ¬
جاز (¬1). وإن كانَ بذرًا، أو سُنبُلًا مشتدَّ الحَبِّ: فلا (¬2). وإن كان بينَهما نَهرٌ، أو قناةٌ، أو عينُ ماءٍ؛ فالنفقةُ لحاجةٍ بقدرِ حَقَّيْهما: والماءُ على ما شَرَطا عندَ الاستخراجِ (¬3). ولهما قِسمتُه بمُهايَأَةٍ بزمن. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وإلا، فكالحَبِّ المشتدِّ) شرح (¬4). * قوله: (وإن كان بذرًا، أو سنبلًا مشتدَّ الحَبِّ، فلا)؛ لأنه حبٌّ بحبٍّ مع الجهل [بالتساوي] (¬5)، وهو كالعلم بالتفاضل، وذلك رِبًا (¬6). * قوله: (على ما شرطا)؛ أي: إن كان موافقًا لقدر الملك والنفقة؛ [ليوافق (¬7) ما تقدم. ولذلك قال شيخنا في شرحه: (وإن كان الملك والنفقة] (¬8) بينهما نصفين، ¬
1 - فصل
أو بنَصْبِ خشبةٍ، أو حَجرٍ مستوٍ في مصطدَمِ الماء: فيه ثَقْبانِ بقدْرِ حَقَّيْهِما (¬1). ولكلٍّ سَقْيُ أرضٍ: -لا شرْبَ لها منه- بنصيبِه (¬2). * * * 1 - فصل 2 - الثاني: قِسمةُ إجْبارٍ، وهي: ما لا ضررَ فيها، ولا رَدَّ عوضٍ يُجبَرُ شريكُه أو وليُّه، ويَقسِمُ حاكمٌ على غائبٍ منهما -بطلبِ شريكٍ، أو وليِّه (¬3) قَسْمَ مشتَركٍ: من مَكيلِ جنسٍ، أو موزونِه- مسَّتْه النارُ؛ كدِبْسٍ وخَلِّ تمرٍ، أو لَا: كدُهنٍ ولبنٍ وخَلِّ عِنَبٍ -ومن قريةٍ، ودار كبيرةٍ، ودُكَّانٍ، وأرضٍ واسعتينِ، وبَساتينَ- ولو لم تتساوَ أجزاؤها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لم يصحَّ شرطُ التفاضل). انتهى (¬4). فصلٌ (¬5) ¬
إذا أمكنَ قَسْمُها بالتعديل، بألا يُجعل شيءٌ معها (¬1). ومن دعا شريكَه في بستانٍ إلى قَسْمِ شجرِه فقط: لم يُجبَرْ، وإلى قَسمِ أرضِه: أُجبِرَ، ودخل الشجرُ تبعًا (¬2). ومن بَيْنَهما أرضٌ: في بعضِها نخلٌ، وفي بعضٍ شجرٌ غيرُه، أو يَشربُ سَيْحًا، وبعضها بَعْلًا، قُدِّمَ مَنْ يطلب قسمةَ كلِّ عينٍ على حِدَةٍ: إن أمكنتْ تسويةٌ (¬3) في جيِّدِه ورديئِهِ (¬4). وإلَّا، قُسمتْ أعيانًا بالقيمةِ: إن أمكن التعديلُ. وإلا، فأبَى أحدُهما: لم يُجبَرْ (¬5). وهذا النوعُ: إفرازٌ (¬6)، فيَصحُّ قَسْمُ لحمِ هَدْيٍ وأَضاحِي. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وهدا النوع إفرازٌ) (¬7)؛ أي: مَحْضٌ، وإلا، فقد حقق المجدُ أن الأولى مركبة من بيع وإفراز، لا بيعٍ محضٍ (¬8)، ويؤخذ ذلك -أيضًا- من تعريف ¬
-لا رَطبٍ من شيءٍ بيابِسِه- وثمرٍ يُخْرَصُ خَرْصًا، وما يكالُ وَزنًا، وعكسِه -وإِن لم يُقبَض بالمجلس (¬1) - ومرهونٍ (¬2)، وموقوفٍ -ولو على جهة (¬3) - بلا رَدٍّ، وما بعضُه وقفٌ: بلا ردٍّ من رَبِّ الطِّلق. وتصحُّ: إن تراضَيا بردٍّ من أهلِ الوقفِ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المصنف لمطلق القسمة (¬4)، فتدبر. * قوله: (الطِّلْق) -بكسر الطاء-، سمي طِلْقًا؛ لأن ربه يتصرف فيه بما شاء (¬5). * قوله: (ويصحُّ إن تراضَيا بردٍّ من أهل الوقف)، وهل يكون ما أخذ زائدًا على قدر الوقف وقفًا مثلَه، أو لا يكون كذلك إلا إذا كان المردودُ [من] (¬6) مالِ ¬
ولا يحنث بها مَنْ حلفَ: "لا يبيعُ" (¬1)، ومتى ظهر فيها غبنٌ فاحشٌ: بطلت (¬2). ولا شُفْعَة في نوعَيْها (¬3)، ويُفسخان بعيبٍ (¬4). ويصح أن يتقاسما بأنفسِهِما، وأن يَنْصِبا قاسِمًا، وأن يسألا حاكمًا نَصْبَهُ، ويُشترط إسلامُه، وعدالتُه، ومعرفتُه بها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الوقف أو من غيره، لكن بنية الوقف؟ فليحرر. * قوله: (ولا يحنثُ بها)؛ أي: بالقسمةِ بنوعيها (¬5)، وإن كان أحدُ قسميها في معنى البيع (¬6)؛ لأن الأيمان مبناها على العرف، وهي لا تسمى بيعًا عرفًا، وإن كانت في معناه، وكلام المصنف يقتضي أن يحنث بالقسم الأول (¬7)، وكذا الشارح (¬8)؛ حيث فسر الضميرَ بـ: قسمة الإجبار، فتدبر. ¬
ويكفي واحدٌ لا مع تقويمٍ (¬1). وتُباحُ أُجرتُه (¬2)، وتُسمَّى: "القُسَامة" (بضم القاف) (¬3)، وهي بقدرِ الأملاكِ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله] (¬4): (لا مع تقويم) (¬5)؛ (أي: لا يكفي فيه واحدٌ؛ لأنه شهادةٌ لا بالقيمة، فلا يكفي فيه أقلُّ (¬6) من اثنين كباقي الشهادات) شرح (¬7). * قوله: (وتُباح أُجرتُه) انظر هذا مع قولهم في الإجارة على عمل: إنه يشترط ألا يختص فاعلُه أن يكون من أهل القربة -يعني: أن يكون مسلمًا (¬8) -، مع أنهم قد شرطوا هنا الإسلامَ والعدالةَ، وقول الشارح في تعليل الإباحة: (لأنها عوضٌ عن عمل لا يختص فاعلُه أن يكون من أهل القربة) (¬9) فيه نظر ظاهرٌ لا يحتاج في بيانه (¬10) إلى أكثر من قوله في المتن: "ويُشترط إسلامُه وعدالتُه. . . إلخ"؛ فإن ¬
ولو شرَط خلافَه (¬1). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اشتراط (¬2) الإسلام دليلُ التناقض، فتدبَّر. ويمكن حملُ الأجرة في كلام المصنف على الجُعْل، فليحرر (¬3). وفي شرح المصنف جوابٌ آخرُ (¬4)، والظاهر: أنه لا ينهض، فتدبر. والذي أجاب به المصنف في شرحه: (أن اشتراط الإسلام في قاسمٍ نصبه حاكمٌ من حيث نيابتُه عن الحاكم (¬5)، لا من حيثُ كونُه قاسمًا) (¬6). انتهى. وفيه ما فيه. * قوله: (ولو شَرَطَ خلافَه)؛ خلافًا لما في الإقناع؛ حيث قال: (ما لم يكن شرط) (¬7) (¬8). ¬
ولا ينفردُ بعضٌ باستئجارٍ (¬1)، وكقاسمٍ حافظٌ ونحوُه (¬2). ومتى لم يثبُتْ عندَ حاكمٍ أنه لهم: قَسَمَه، وذَكَر في كتابِ القِسمةِ: أنها بمجرَّد دَعواهم مِلكَه (¬3). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا ينفرد بعضٌ باستئجارٍ)؛ أي: استئجارِ قاسِمٍ (¬4). * قوله: (قَسَمَه)؛ أي: قسم الحاكمُ المشتركُ عليهما بإقرارهما وتراضيهما؛ لأن اليدَ دليلُ (¬5) الملك، ولا منازعَ لهم في الظاهر (¬6). * قوله: (وذكر في كتاب القسمة: أنها بمجرد دعواهم ملكَه)؛ يعني: ولا يحكم بالإجبار في هذه الحالة (¬7)؛ (لأنه يعتبر لحكمه بالإجبار ثلاثة شروط: ¬
2 - فصل
2 - فصل وتُعدَّل سهامٌ بالأجزاء: إن تساوت، وبالقيمة: إن اختلفَتْ، وبالرَّدِّ: إن اقتَضَتْه. ثم يُقرَع (¬1). وكيفَما أُقرِعَ: جاز. والأحوطُ: كتابةُ اسمِ كلِّ شريكٍ برُقعةٍ، ثم تُدْرَجُ في بنَادقَ من طينٍ أو شمعٍ متساويةٍ: قدرًا ووَزنًا، ويُقالُ لمن لم يَحضُر ذلك: "أَخْرِجْ بُندقةَ على هذا السهمِ". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أن يثبت عند الحاكم ملكُ الشركاء للمقسومِ بالبينة؛ لأن الإجبار حكمٌ، فلابدَّ فيه مما يثبت به الملك؛ بخلاف حالة الرضا. الثاني: أن يثبت أن لا ضررَ. الثالث: [أن يثبت] (¬2) إمكانُ تعديلِ السهام في العين المقسومة من غير شيء يُجعل فيها) حاشية (¬3). فصل (¬4) * قوله: (وبالرَّدِّ إن اقتضَتْه)؛ أي: إن توقفتْ عليه، وكان في محل يجوزُ فيه ردُّ العِوَض؛ لئلا يُشكل بما بعضُه وقفٌ، وكان ردُّ العوض [من] (¬5) ربِّ المِلْك الطلِّق (¬6). ¬
فمن خرَجَ اسمُه: فهو له. ثم كذلك الثاني، والباقي للثالث: إذا استوتْ سهامُهم، وكانوا ثلاثةً (¬1). وإن كتَبَ اسمَ كلِّ سهمٍ برُقْعةٍ، ثم قال: "أَخْرِجْ بُندقةً لفلانٍ، وبندقةً لفلانٍ" إلي أن ينتَهُوا: جاز (¬2). وإن اختَلفتْ سهامُهم: كنصفٍ، وثُلثٍ، وسدُسٍ: جُزِّئَ مقسومٌ بحسبِ أَقَلِّها، وهو هنا: ستةٌ، ولزمَ إخراجُ الأسماءِ على السهام، فيَكتُبُ باسمِ ربِّ النصفِ ثلاثَ رِقاعٍ، والثلثِ ثِنتَيْن، والسدْسِ رُقعةً -بحسبِ التْجزِئَةِ-، ثم يُخرِجُ بندقةً على أولِ سهم، فإن خرَج اسمُ ربِّ النصفِ، أخَذَه مع ثانٍ وثالثٍ، وإن خرَج اسمُ ربِّ الثلثِ، أخذه مع ثانٍ. ثم يُقرَع بين الآخرَيْن كذلك، والباقي للثالث (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وهو هنا ستة) هذا الإخبار (¬4) غيرُ صحيح ظاهرًا؛ لأن أقلَّها ليس ستة، بل سدسًا (¬5)، وكأن المعنى: بحسب مخرجِ أقلِّها، وهو هنا ستة (¬6). هذا تصحيح اللفظ، وأما المعنى، ففيه ما فيه؛ لأنه لا يتأتى ذلك إلا إذا كان مخرج ¬
3 - فصل
وتَلزمُ بخروجِ قُرعةٍ، ولو فيما فيه رَدٌّ أو ضررٌ (¬1). وإن خَيَّرَ أحدُهما الآخَرَ: فبرضاهما، وتفرُّقِهما (¬2) * * * 3 - فصل ومن ادَّعَى غلطًا فيما تقاسمَاهُ بأنفُسِهِما. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أقلِّها يجمعها كلَّها، فكان الأنسبُ أن يقول: جزيء (¬3) مقسوم من مخرجِ يعمُّ (¬4) جميعَ الأجزاء، وهو (¬5) هنا ستة، فتدبَّرْ. * قوله: (وتلزم. . . إلخ) هذا ينافي ما سبق في الخيار من أن خيار المجلس يثبت في هبة، وقسمة، وصلحٍ بمعناه (¬6)، فينبغي أن يُحمل ما هناك على ما إذا لم يكن فيها قرعةٌ، ويدل عليه أيضًا قوله: "وإن خير أحدُهما الآخرَ، فبرضاهما، وتفرقهما" (¬7)، فتأمل، وتمهل. فصلٌ (¬8) ¬
وأَشْهدا على رضاهما به: لم يُلتفتْ إليه (¬1). ويُقبَلُ ببينةٍ فيما قسمَةُ قاسمُ حاكمٍ، وإلَّا: حلَف منكِرٌ (¬2). وكذا: قاسمٌ نَصَباهُ (¬3). وإن استُحِقَّ بعدَها معيَّنٌ من حِصَّتَيْهما على السَّواء: لم تبطل فيما بقي (¬4)، إلا أن يكونَ ضررُ المستَحقِّ في نصيبِ أحدِهما أكثرَ؛ كسدِّ طريقِه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لم يُلتفَتْ إليه)؛ أي: إلى ما ادعاه من الغلط. * قوله: (ويُقبَل ببينةٍ)؛ أي: ما ادَّعاه من الغلط. * قوله: (المستحَقِّ) بصيغة اسمِ المفعول؛ كما يعلم ذلك من تقدير الشارح الموصوف بقوله: (المعين) (¬5). ¬
أو مَجْرَى مائِهِ، أو ضوئِهِ، ونحوِه: فتبطلُ؛ كما لو كان في إحداهما (¬1)، أو شائعًا -ولو فيهما (¬2) -. وإنِ ادَّعَى كلٌّ شيئًا: "أنه من سهمِه"، تحالَفا، ونُقِضتْ (¬3). ومن كان بنَى أو غرَس، فخرَج مستَحَقًّا، فَقُلِعَ، رجَعَ على شريكه بنصفِ قيمتِه، في قسمةِ تراضٍ فقط (¬4). ولمن خرج في نصيبه عيبٌ جَهِلَه إمساكٌ مع أَرْشٍ؛ كفسخٍ (¬5). ولا يَمنع دَينٌ على مَيْتٍ نَقْلَ تَرِكَتِه -بخلافِ ما يخرُجُ من ثلثِها: من معيَّنٍ موصًى به-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بخلاف ما يخرج من ثلثها من معين موصًى به) هذا مخرَّجٌ على ¬
فظهورُه بعدَ قسمةٍ لا يُبطِلُها (¬1)، ويصحُّ بيعُها قبلَ قضائه: إن قُضِيَ (¬2). فالنماءُ: لوارثٍ؛ كنَماءٍ جانٍ. ويصحُّ عتقُه (¬3). ومتى اقتَسما، فحصَل الطريقُ في حصةِ واحدٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ضعيف، إلا أن يُحمل على ما إذا كان الموصى له غيرَ معين، وإن كان عمومُ قولِ الشارح (¬4): (وثبت أن الموصي أوصى بثلث الأرض لمن تصحُّ الوصية له. . . إلخ) يأباه؛ فإنه شامل للمعَيَّنِ، وغيرِه، لكنَّ قولَ شيخنا في شرحه: (موصًى به لفقراءَ، أو مسجدٍ) (¬5)، فيه تخصيص له إذا كان الموصى له غيرَ معينٍ؛ ليتمشى على الصحيح. * قوله: (فالنماءُ لوارثٍ)؛ أي: متصلًا، أو منفصلًا، أما المنفصلُ، فواضح، وأما المتصلُ، فمعلومٌ من تمثيلِهم للنماء بغلو (¬6) الدار؛ إذ السِّمَنُ [مثلًا] (¬7) أولى من ذلك، فتدبر. ¬
-ولا مَنْفَذَ للآخَرِ- بَطَلَتْ (¬1)، وأيٌّ وقعتْ ظُلَّةُ دارٍ في نصيبِه: فَلَهُ (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا منفذَ للآخَرِ)؛ أي: [لا] (¬3) بالفعل، ولا بالإمكان؛ كما يُعلم من حل الشارح (¬4). * * * ¬
5 - باب الدعاوى والبينات
5 - بابُ الدَّعَاوَى والبَيِّناتِ " الدَّعْوَى": إضافةُ الإنسانِ إلى نفسِه استحقاقَ شيءٍ في يدِ غيرِه، أو ذِمَّتِه. و"المُدَّعِي": من يُطالِبُ غيرَه بحقٍّ يَذكُرُ استحقاقَه عليه. "والمدَّعَى عليه": المُطالَبُ (¬1). و"البيَّنةُ" العلامةُ الواضحةُ؛ كالشاهدِ فأكثرَ (¬2). ولا تصحُّ دعوَى إلَّا من جائزٍ تصرُّفُه (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ الدَّعاوَى والبَيِّناتِ (¬4) * قوله: (ولا تصحُّ دعوَى إلا من جائزِ التصرُّف) (¬5)، وهو الحرُّ المكلَّفُ الرشيدُ (¬6). ¬
وكذا: إنكارٌ، سِوَى إنكارِ سفيهٍ فيما يؤخَذُ به إذًا، وبعدَ فكِّ حَجْرٍ ويُحَلَّفُ: إذا أنكَرَ (¬1) (¬2). وإذا تَداعَيَا عَيْنًا، لم تَخْلُ من أربعةِ أحوالٍ (¬3): 1 - أحدُها: ألا تكونَ بيدِ أحدٍ، ولا ثَمَّ ظاهرٌ، ولا بيِّنةٌ: تحالَفَا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فيما يؤخذ به إذًا)؛ أي: في حال سَفَهه، وهو ما ليس بمال، وما لا يتعلق (¬4) بالمال، مقصودهُ: من طلاقٍ وحَدِّ قذفٍ، فيصحُّ منه إنكارُه (¬5) كما يصح إقرارُه به حالَ سفهِه (¬6). * قوله: (ويحلف إذا أنكر) وإذا امتنع من اليمين، لم يُقض عليه بالنكول؛ لأنه لا يُقضى به إلا في المال، وما يُقصد به المال، وفي كلام بعضهم: لم يُقض عليه إلا بعد فكِّ الحجرِ عنه (¬7). قال شيخنا: يعني: بعد تقدم دعوى أُخرى غيرِ الدعوى السابقة. * قوله: (وَلَا ثَمَّ ظاهرٌ) أي: مرجح لأحدهما كبناء أو شجر لأحدهما. ¬
وتَناصَفاها (¬1). وإن وُجِد ظاهرٌ لأحدهما: عُمل به (¬2). فلو تنازَعا عَرْصَةً بها شجرٌ أو بناءٌ لهما: فهي لهما. ولأحدِهما: فلَهُ (¬3) وإن تنازَعا مُسَنَّاةً بينَ نهرِ أحدِهما وأرضِ الآخرِ (¬4)، أو جِدارًا بين مِلكَيْهِما -حلَف كلُّ: "أن نصفَه له"، ويُقرعَ: إن تشاحَّا في المبتدِئ-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (عُمِلَ به)، فيأخذُه مَنِ الظاهرُ معه بيمينه (¬5). * قوله: (مسناةً) شبه الخشبة (¬6). * قوله: (ويُقرع إن تشاحَّا في المبتدئ)؛. . . . . . ¬
ولا يقدَحُ إن حلَف: "إن كلَّه له". وتَناصَفاهُ؛ كمعقودٍ ببنائهما (¬1). وإن كان معقودًا ببناءِ أحدهما وحدَه، أو متصلًا به اتصالًا لا يمكنُ إحداثُه عادةً (¬2)، أو له عليه أزَجٌ (¬3)، أو سُتْرةٌ: فله بيمينه (¬4). ولا ترجيحَ بوضعِ خشبةٍ (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أي: [في] (¬6) الحلف (¬7). * قوله: (أزجٌ) نوعٌ من البناء كالقبو (¬8). * قوله: (ولا ترجيحَ بوضعِ خشبةٍ) إن قرئ: "خَشَبه" بالإضافة، ¬
ولا بوجُوهِ آجُرٍّ وتَزويقٍ وتجْصيصٍ ومعَاقِد قِمْطٍ في خُصٍّ (¬1). وإن تنارع ربُّ عُلْوٍ وربُّ سُفْلٍ في سَقْفٍ بينَهما. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فهو مبني على الصحيح من أنه لا ترجيحَ بوضعِ الجذوع (¬2)، وإن قرئ خَشَبةٍ: واحدة الخشب، فهو مبني على الاحتمال الذي أبداه صاحب المبدع، واستظهره أنه لا ترجيحَ بوضعِ الجذعِ الواحد؛ بخلاف الجذعينِ فأكثرَ (¬3). * قوله: (ولا بوجوهِ آجُرٍّ) فيه ستُّ لغات (¬4) في المطلع (¬5). * قوله: (ومعاقد. . . إلخ) (المعاقد (¬6): واحدها معقِد -بكسر القاف-، على أنه موضعُ العِقْد، و-بفتحها- على أنه العِقْدُ نفسه. والقِمط -بكسر القاف-: ما يشد به الأخصاصُ، قاله الجوهري، وحكى الهروي: أنه القُمُط -بوزن عُنُق-، جمع قِماط، وهي الشرط التي يشد بها الخُصُّ، ويوثق من ليفٍ أو خُوصٍ أو غيرِهما. والخُصُّ: بيتٌ يُعمل من الخشب والقصب، وجمعه أَخصاص، وخِصاص، سمي به؛ لما فيه من الخصاص، وهي الفُرَجُ والأَنْقاب) (¬7). مطلع (¬8). ¬
تناصَفاهُ (¬1)، وفي سُلَّمٍ منصوبٍ، أو درجَةٍ: فلربِّ العُلْوِ، إلا أن يكونَ تحتها مسكَنٌ لربِّ السُّفلِ: فيَتَناصَفاها (¬2). وإن تنازَعا الصَّحْنَ: والدرجةُ بصدرِه: فبَيْنَهما (¬3). وإن كانت في الوسَط: فما إليها بَيْنَهما، وما وراءَه لربِّ السُّفلِ (¬4). وكذا: لو تنازَع ربُّ بابٍ بصدرِ دَرْبٍ غيرِ نافذٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (تناصفاه)؛ أي: بعد التحالف، وإنما أسقطه المصنفُ من الجميع؛ اعتمادًا على القاعدة التي سيذكرها في آخر الثالث من قوله: "وكلُّ من قلنا: هو له، فبيمينه". * قوله: (فلربِّ العُلْوِ)؛ أي: بيمينه؛ قياسًا على الأولى (¬5). * قوله: (فيتناصفاها)؛ أي: بعدَ التحالف (¬6). وبخطه: كان الظاهر إثباتُ النون؛ لأن المعنى ليس على النصب، وإن كان الاستئنافُ بالفاء قليلًا. ¬
1 - فصل
وربُّ بابٍ بوسطِه في الدَّرْب (¬1) * * * 1 - فصل 2 - الثاني: أن تكونَ بيدِ أحدهما. فهي له، ويَحِلف: إن لم تكن بيِّنةٌ (¬2) وإن سأل المدَّعَى عليه الحاكمَ كتابةَ مَحْضَرٍ بما جرى. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصلٌ (¬3) * قوله: (إن لم تكنْ بينةٌ)؛ أي: لمن ليستِ العينُ بيدِه (¬4)، فلا يُشكل -على ما سيأتي (¬5) من أنه لا تُسمع بينةُ داخلٍ إلا بعدَ سماعِ بينةِ خارجٍ (¬6) -، وإن كان ضعيفًا على ما صرَّح به في الإنصاف (¬7). ¬
2 - فصل
أجابَهُ، وذكر فيه: "أنه بَقِي العينَ بيدِه؛ لأنه لم يثبُت ما يَرفعُها" (¬1). ولا يثبُتُ مِلكٌ بذلك كما يثبُت ببينةِ. فلا شُفعةَ له بمجرَّد اليدِ (¬2) * * * 2 - فصل 3 - الثالثُ: أن تكونَ بيدَيْهما (¬3)، كطفلٍ: كلٌّ ممسِكٌ لبعضِه. فيَحْلِفُ كلٌّ -كما مَرَّ فيما يَتَنَصَّفُ-، وتَنَاصَفاهُ (¬4). إلا أن يدَّعي أحدهما نصفًا فأقلَّ، والآخرُ الجميعَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا يثبتُ مِلْكٌ بذلك)؛ أي: بوضع اليدِ بمجرده (¬5). فصلٌ (¬6) * قوله: (ويتناصفاه) (¬7) عطفٌ على: "يكونَ" (¬8) المنصوب بـ "أن"، وفي نسخة شيخنا المنقولة من خط المصنف: "وتناصفاه" -ماضيًا-، وهي موافقة لما ¬
أو أكثرَ مما بقيَ: فَيَحِلفُ مدَّعِي الأقلِّ، ويأخذُه (¬1). وإن كانَ مميِّزًا، فقال: "إني حُرٌّ": خُلِّيَ حتى تقومَ بيِّنةٌ برِقِّه (¬2). فإن قَوَيتْ يدُ أحدِهما؛ كحيوانٍ: واحدٌ سائقُه، أو آخذٌ بزمامه، وآخَرُ راكبُه، أو عليه حِمْلُه، أو واحدٌ عليه حِمْلُه، وآخرُ راكبُه. أو قيمصٍ: واحدٌ آخذ بكُمِّه، وآخرُ لابِسُه: فللثاني بيمينه (¬3). ويُعمَلُ بالظاهر فيما بيدَيْهما: مشاهدةً أو حُكمًا، أو بيدِ واحدٍ: مشاهدةً، والآخرِ: حكمًا (¬4). فلو نُوزِع ربُّ دابةٍ في رَحْلٍ عليها، أو ربُّ قِدْرٍ ونحوِه في شيءٍ فيه: فله. ولو نازع ربُّ دارٍ خَياطًا فيها في إِبْرةٍ، أو مِقَصٍّ، أو قَرَّابًا في قِرْبةٍ: فللثاني. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شرح عليه (¬5)، وهي واضحة. ¬
وعكسُه: الثوبُ والخابِيَةُ (¬1). وإن تنازَع مُكْرٍ ومُكْرٍ في رَفٍّ مقلوعٍ، أو مِصْراعٍ له شكلٌ منصوبٌ في الدار: فلربِّها. وإلا: فبَيْنَهما (¬2). وما جرتْ عادةٌ به، ولو [لم] (¬3) يدخُل في بيع: فلربِّها، وإلا: فلمُكْتَرٍ (¬4). وإن تنارع زوجانِ، أو ورثَتُهما، أو أحدُهما وورثةُ الآخَرِ -ولو مع رِقِّ أحدِهما- في قُماشِ البيت. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله] (¬5): (في رَفٍّ (¬6) مقلوعٍ)؛ أي: له شكل منصوب (¬7)، فحذف من الأول؛ لدلالة الثاني عليه، فهو من قبيل الاحتباك [فتدبر] (¬8). * قوله: (في قماش البيت) المراد به: المتاعُ، فيشمل الآنية، أو يُحمل ¬
ونحوِه فما يصْلُح لرجل: فله، ولها: فلها، ولهما: فلهما (¬1). وكذا صانعانِ في آلةِ دكانهما (¬2): فآلةُ كلِّ صنعةٍ لصانعِها (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ القماش على المتعارَف منه، وتدخل الآنية في قوله: "ونحوِه" (¬4)، فتدبر. * قوله: (فما يصلُح لرجلٍ)؛ أي: كعِمامة، وقمصانِ رجالٍ، وجبابِهم، وأقبيتهم، والطيالسة، والسلاح، وأشباهِه (¬5). * [وقوله: (وما يصلُح لها)؛ كحليٍّ، وقُمُص نساء، ومقانِعِهنَّ ومغازلهنَّ] (¬6) (¬7). * وقوله: (وما يصلُح لهما)؛ كفُرشٍ، وقماشٍ لم يُفَصَّل، وأَوانٍ، ونحوِها (¬8). ¬
وكلُّ من قلنا: "هو له"، فبيمينِه. ومتى كان لأحدِهما بينةٌ: حُكم له بها (¬1). وإن كان لكلٍّ بينةٌ، وتساوَتَا من كل وجهٍ: تعارضَتا، وتساقَطَتا، فيَتحالَفانِ، ويَتناصَفانِ ما بأيديهما (¬2). ويُقرَع: فيما ليس بيدِ أحدٍ، أو بيدِ ثالثٍ، ولم يُنازع (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ قال [شيخنا] (¬4) في الحاشية: (وقيل: إن كان هاك عادةٌ، عُمل بها. نقل الأثرم: المصحفُ لهما، فإن كانت لا تقرأ، ولا تُعرف بذلك، فهو له. وجزم به الزركشيُّ. قال في الإنصاف: وهو الصواب، وفي التنقيح: وهو أظهر). انتهى. حاشية (¬5). * قوله: (ويُقْرَع فيما ليس بيد أحدٍ) هذا ضعيف، والصحيحُ ما سبق (¬6) من ¬
وإن كان بيدِ أحدِهما: حُكِمَ به للمدَّعِي -وهو: الخارجُ- ببيِّنتِه (¬1)، وسواءٌ أُقيمتْ بينةُ منكِرٍ -وهو: الداخلُ- بعدَ رفع يدِه، أوْ لَا (¬2). وسواءٌ شهدتْ له: "أنها نُتِجتْ في مِلكِه، أو قَطِيعةٌ من إمامٍ"، أوْ لَا (¬3). وتُسمَعُ بيِّنتُه -وهو منكِرٌ- لادِّعائه المِلكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أنهما يتحالفان، ويتناصفان، فليحرر. * قوله: (نتُجَتْ) بالبناء للمجهول؛ [لأنه] (¬4) لم يسمع إلا أُنْتِجَتْ، لا نَتَجَتْ (¬5)، فاعلم تسلَمْ. ¬
وكذا: من ادُّعِي عليه تعدِّيًا ببلدٍ ووقتٍ معيَّنَيْن، وقامت به بيِّنةٌ -وهو منكِرٌ- فادَّعَى كذبَها، وأقام بينةً: "أنه كان به بمحلٍّ بعيدٍ عن ذلك البلد" (¬1). ولا تسمَعُ بيِّنةُ داخلٍ، مع دعمِ بينةِ خارج (¬2). ومعَ حضور البيِّنتَيْن، لا تُسمَعُ بينةُ داخلٍ قبل بينةِ خارجٍ وتعديلِها (¬3). وتُسمَعُ بعدَ التعديل: قبلَ الحكم، وبعدَه: قبلَ التسليم (¬4). فإن كانت بينةُ المنكرِ غائبةً حينَ رفَعْنا يدَه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أنه كان به)؛ أي (¬5): بذلك الوقت (¬6). * قوله: (ولا تُسمع بينةُ (¬7) داخلٍ. . . إلخ) هذا ضعيف -على ما في الإنصاف (¬8) -. ¬
فجاءتْ: وقد ادَّعَى ملكًا مطلقًا: فهي بينةُ خارج (¬1). وإن ادَّعاهُ مستندًا لما قبلَ يده: فبينة داخلٍ (¬2). وإن أقام الخارجُ بينةُ: "أنه اشتراها من الداخل"، وأقام الداخلُ بينةُ: "أنه اشتراها من الخارج"، قُدِّمتْ بينةُ الداخلِ؛ لأنه الخارجُ معنى (¬3). وإن أقام الخارجُ بينةً: "أنها مِلكُه"، والآخرُ بينةً: "أنه باعها منه، أو وَقَفها عليه، أو أعتَقها": قُدِّمتْ الثانيةُ، [ولم ترفع بينة الخارج يده] (¬4)؛ كقوله: "أبْرَأني من الدَّيْن" (¬5). أما لو قال: "لي بينةٌ غائبةٌ"، طُولبَ بالتسليم؛ لأن تأخيرَه يَطول (¬6). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مطلقًا)؛ أي: غير مستند لما قبل يده؛ بدليل المقابلة (¬7). ¬
ومتى أُرِّخَتَا: -والعينُ بيدَيْهما- في شهادةٍ بمِلكٍ أو يدٍ (¬1)، أو إحداهما فقط: فهُما سواءٌ (¬2)، إلا أن تشهدَ المتأخرةُ بانتقالِه عنه. ولا تُقدَّمُ احداهما بزيادةِ نِتَاج، أو سببِ مِلكٍ (¬3) أو اشتهارِ عدالةٍ، أو كثرةِ عَددٍ. ولا رجُلانِ على رجلٍ وامرأتَيْن (¬4)، أو ويمينٍ (¬5). ومتى ادَّعَى أحدُهما: "أنه اشتراها من زيدٍ وهي مِلكُه"، والآخرُ: "أنه اشتراها من عَمرٍو وهي ملكُه"، وأقاما بذلك بيِّنتَيْن: تعارضَتا (¬6). وإن شهدتْ إحداهما بالمِلكِ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بزيادة [نتاج]) (¬7)؛ أي: بزيادة ذكرِ نتاجٍ (¬8). ¬
3 - فصل
والأخرى بانتقالِه عنه له؛ كما لو أقام رجلٌ بينةً: "أن هذه الدارَ لأبِي خَلَّفَها تَرِكةً"، وأقامتْ امرأتُه بينةً: "أن أباهُ أصْدَقَها إيَّاها": قُدِّمتْ الناقلةُ؛ كبينةِ ملكٍ على بينةِ يدٍ (¬1). * * * 3 - فصل 4 - الرابعُ: أن تكونَ بيدِ ثالثٍ. فإن ادَّعاها لنفسِه: حلَف لكل واحدٍ يمينًا. فإن نَكَل عنهما: أخذاها منه وبدَلَها، واقترعا عليها (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ فصلٌ (¬3) * قوله: (فإن نَكَلَ عنهما)؛ أي: عن اليمينين (¬4). * [قوله] (¬5): (أخذاها منه وبدلَها)، (وهو مثلُها إن كانت مثلية، وقيمتُها إن كانت متقومةً؛ لأن العينَ تلفت بتفريطه، وهو ترك اليمين للأول، فوجب عليه بدلُها) حاشية (¬6). ¬
وإن أقَرَّ بها لهما: اقتَسَماها (¬1)، وحلَف لكلٍّ يمينًا بالنسبةِ إلى النصف الذي أقَرَّ به لصاحبه. وحلَف كلٌّ لصاحبِه على النصفِ المحكومِ له به. وإنْ نَكَل المُقِرُّ عن اليمين لكلٍّ منهما: أُخِذ منه بدَلُها، واقتسماهُ أيضًا. و. . . لأحدِهما بعينِه: حلَف، وأخَذها، ويَحلِفُ المُقِرُّ للآخرِ. فإن نَكَل: أُخد منه بدلُها (¬2). فإذا أخذها المُقَرُّ له، فأقام الآخرُ بينةً: أخَذها منه، وللمُقَرِّ له قيمتُها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وبخطه: كان الظاهر الاكتفاء [بها] (¬3)، وأنهما يتحالفان ويتناصفانها؛ لأنها المدَّعَى به، ولا مرجِّحَ لأحدِهما على الآخر؛ قياسًا على ما سبق (¬4)، ويُقال مثلُه في الآتية. * قوله: (واقتسماه أيضًا)، فيصير لكلِّ واحد منهما نصفُ العين، ونصفُ البدل. * قوله: (وللمُقَرِّ له قيمتُها) هو كلامُ الروضة، ولم يعرف لغيره (¬5)، لكنه ¬
على المُقِرِّ (¬1). وإن قال: "هي لأحدِهما، وأَجهَلُه"، فصدَّقاهُ: لم يَحِلف: وإلا: حلَف يمينًا واحدةً، ويُقرَعُ بينهما، فمن قَرَع: حلَف، وأخذها، ثم إن بَيَّنَهُ: قُبِلَ (¬2). ولهما القُرعةُ بعد تحلِيفه الواجبِ وقَبْلَه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حكاه كلٌّ من صاحبي الفروع (¬3) والإنصاف (¬4) عنه، وأَقَرَّاه (¬5). وبخطه: الأَوْلى: بدلُها؛ ليشمل المثلَ والقيمةَ على سياق ما قبله. * قوله: (وإلا)؛ أي: وإن لم يصدقاه في دعوى الجهل (¬6). * قوله: (ثم إن بَيَّنَه) ظاهرُه: ولو بعد القرعة، مع أنه تقدم أن القرعة بمنزلة حكمِ الحاكم ليس لآخرَ نقضُها (¬7)، فالأولى ما بحثه بعضُهم من أن المراد: قبل قرعة (¬8)، وهو متجه، ويؤيده ما يأتي في قول المصنف: "فلو عُلِمَ أنها للآخر، فقد ¬
فإن نَكَل: قُدِّمتْ القرعةُ (¬1). ويَحلفُ للمَقْروعِ: إن كذَّبه، فإن نَكَل: أُخِذ منه بدَلُها (¬2). وإن أنكرهما -ولم يُنازِع- أُقرِع (¬3). فلو عُلم أنها للآخر: فقد مَضى الحكمُ (¬4). وإن كان لأحدِهما بينةٌ: حُكم له بها (¬5). وإن كان لكلٍّ بينةٌ: تعارضَتا، سواءٌ أقَرَّ لهما، أو لأحدِهما لا بعيْنه، أو ليست بيدِ أحدٍ (¬6). ـــــــــــــــــــــــــــــ مضى الحكم"، فليحرر. * قوله: (فإن نَكَلَ، قُدِّمت) لعل المراد: تعينتْ (¬7). ¬
وإنْ أنكرهما، فأقاما بيِّنتَيْن، ثم أقَرَّ لأحدِهما بعينه: لم يُرَجَّحْ بذلك، وحُكْمُ التعارُضِ بحالِه، وإقرارُه صحيح (¬1). وإن كان إقرارُه قبلَ إقامتِهما: فالمُقَرُّ له كداخلٍ، والآخرُ كخارجٍ (¬2). وإن لم يدَّعِها، ولم يُقِرَّ بها لغيره، ولا بِينةَ: فهي لأحدهما بقُرعةٍ (¬3). فإن كان المدَّعَى به مكلَّفًا، وأقاما بينةً برِقِّه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فالمَقرُّ له كداخلٍ)؛ لأن اليد انتقلت إليه بإقرار مَنْ هي بيده (¬4). * قوله: (والآخرُ كخارجٍ)؛ لأنها ليست بيده، لا حقيقةً، ولا حكمًا (¬5). * قوله: (وإن لم يدَّعِها (¬6)، ولم يُقر بها لغيره، ولا بينةَ) انظر: هل هذه المسألةُ غيرُ المسألة المعبر عنها فيما سبق بقوله: "وإن أنكرهما، ولم ينازع (¬7)، أقرع"، إلا أن تُحمل الأولى على ما إذا أنكر صريحًا، وهذه على ما إذا سكت، فلم يدَّعِها، ولم يقرَّ بها، ولم ينكر بصريح القول، والحكمُ في المسألتين ¬
وأقام بينةً بحرِّيتِه: تعارضَتا (¬1). وإن لم يَدَّع حريةً، فأقَرَّ لأحدهما: فهو له. ولهما: فهو لهما (¬2). وإلا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واحدٌ كما ذكر (¬3). * قوله: (تعارضتا)، ورجع إلى الأصل، وهو الحرية (¬4). * قوله: (وإلا) (¬5)؛ بأن كان غيرَ مكلَّف (¬6)، وظاهرُ كلام المصنف [صحةُ] (¬7) إقرار المكلَّف بالرقِّ، وهو قطع به صاحب المحرر، واختاره في التلخيص، ومال إليه الحارثي (¬8)، وقدمه ابن رزين (¬9) في شرحه، لكن الذي صححه في الإنصاف ¬
لم يلتفت إلى قوله (¬1). ومن ادَّعى دارًا، وآخرُ نصفَها، فإن كانت بأيديهما -وأقاما بيِّنَتيْن- فهي لمدَّعِي الكلِّ (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ والمغني: عدم الصحة (¬3)، وهو الذي مشى عليه المصنف في اللقيط، وعبارته: "وإن أقرَّ به -أي: الرقِّ- لقيطٌ بالغ، لم يُقبل". انتهى (¬4). قالوا: ولو صدَّقه مُقَرٌّ له؛ لأنه يُبطل حقَّ اللَّه من الحرية. * [قوله] (¬5): (فهي لمدعي الكلِّ)، لأن (¬6) بينتَهُ بينةُ خارجٍ (¬7) بالنسبة للنصفِ (¬8) المتنازَعِ فيه (¬9). ¬
وإن كانت بيدِ ثالثٍ، فإن نازع: فلمدَّعِي كلِّها نصفٌ، والآخرُ لربِّ اليدِ بيمينه (¬1). وإن لم يُنازع: فقد ثبت أخذُ نصفِها لمدَّعِي الكلِّ، ويَقترِعانِ على الباقي. وإن لم تكن بينةٌ، فلمدَّعِي كلِّها نصفُها، ومن قَرَع في النصف: حلَف وأخَذه (¬2). ولو ادَّعى كلٌّ نصفَها، وصدَّق مَن بيدِه العينُ أحدَهما، وكذَّب الآخرَ، ولم يُنازع، فقيل: "يُسلَّمُ إليه"، وقيل: "يحفظُه حاكمٌ"، وقيل: "يُبْقَى بحالِه" (¬3). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (والآخرُ لربِّ اليدِ بيمينه) ما لم يُقم مُدَّعي النصفِ بينةً؛ فإنها تُسمع، وينتزعه من واضع اليد، فتفطَّنْ (¬4). * قوله: (فقيل. . . إلخ) قال شيخنا: مقتضى (¬5) القواعد: أن الصحيح الأول، وهو: أنه يسلَّم إليه؛ لأنه لا مدعٍ له غيره، وعبارتُه في الحاشية: (أطلق الأقوال في الترغيب، وحكاها عنه في الإنصاف، ولم يرجح شيئًا منها، ومقتضى ¬
4 - فصل
4 - فصل ومن بيده عبدٌ ادَّعَى: أنه اشتراه من زيدٍ، وادَّعَى العبدُ: "أن زيدًا أعتَقَه" (¬1)، أو ادَّعَى شخصٌ: "أن زيدًا باعه -أو وهبَه- له"، وادَّعَى آخرُ مثلَه -وأقام كلٌّ بينةً-، صَحَّحْنا أسبَقَ التصرُّفَيْن: إن عُلِم التاريخُ، وإلا: تساقطَتا (¬2). وكذا: إن كان العبدُ بيدِ نفسِه (¬3). ولو ادَّعيَا زوجيَّةَ امرأةٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ما تقدم فيمن ادعى عينًا بيده، فقال: ليس لي، ولا أعلم لمن هي، من أنها تسلَّم لمدعٍ: أنَّ النصفَ هنا يسلَّم للمدعي؛ إذْ لا فرقَ (¬4) بين دعوى الكلِّ ودعوى البعضِ). انتهى (¬5). فصلٌ (¬6) ¬
وأقامَ كلٌّ البينةَ -ولو كانت بيدِ أحدِهما-، سقطَتا (¬1). ولو أقام كلٌّ: ممن العينُ بيدَيْهما بينةً بشرائها من زيدٍ، وهي مِلكُه، بكذا -واتَّحدَ تاريخهما-، تحالَفا، وتناصَفاها. ولكلٍّ: أن يَرجعَ على زيد بنصفِ الثمن، وأن يفسَخَ ويَرجعَ بكلِّه، وأنْ يأخُدَ كلَّها مع فَسْخِ الآخَرِ (¬2). وإن سبَق تاريخُ أحدِهما: فهي له، وللثاني الثُّمنُ (¬3). وإن أطلَقتا، أو إحداهما: تعارضتَا في مِلكٍ إذًا، لا في شراءٍ، فيُقبَلُ من زيدٍ دعواها بيمينٍ لهما (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (سقطتا)، ولا يقبل إقرارُها لأحدهما، لأنها متهمةٌ (¬5). * قوله: (تحالفا، وتناصفاها)؛ لأن بينةَ كلٍّ منهما داخلةٌ في أحد النصفين، خارجة في النصف الآخر، فكانت العينُ بينهما نصفين (¬6). * قوله: (فيقبل من زيد دعواها)؛ أي: لنفسه (¬7). * وقوله: (لهما) متعلق بـ "يمين"؛ أي يمين يحلفها لهما، ولا يحتاج إلى ¬
وإن ادَّعَى اثنان ثَمنَ عينٍ بيدِ ثالثٍ -كلٌّ منهما "أنه اشتراها منه بثمنٍ سمَّاهُ"- فمن صدَّقَه، أو أقام بينةً: أخَذ ما ادَّعاهُ. وإلا: حلَف (¬1). وإن أقاما بيِّنَتَيْن -وهو منكِرٌ-، فإن اتَّحدَ تاريخُهما: تساقطتا، وإن اختَلف، أو أَطلَقَتا، أو إحداهما: عُمِل بهما (¬2). وإن قال أحدُهما: "غصبَنيِها"، والآخرُ: "مَلَّكَنِيها، أو أقَرَّ لي بها" -وأقاما بيِّنَتيْن- فهي للمغصوب منه، ولا يَغرَمُ للآخر شيئًا (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ تكرار اليمين لهما، ومن هذا التقدير (¬4) يُعلم أن قوله: "لهما" متعلق بقوله: "يمين" من حيث المعنى، لا "بدعواها"؛ لأن المراد: أنه يقبل منه دعواها لنفسه، وأنه يحلف يمينًا واحدة لهما (¬5)، فتدير. * قوله: (فهي للمغصوب منه)؛ (لأن بينته معها زيادةُ علم، وهو سببُ ثبوت اليد، والبينةُ الأخرى إنما تشهد بتصرفه فيها، فلا تعارضها) شرح (¬6). * قوله: (ولا يغرم للآخرِ شيئًا)؛ (لعدم المقتضي؛ إذ بطلانُ التمليك، أو ¬
وإن ادَّعَى: "أنه آجَرَهُ البيتَ بعشرةٍ"، فقال المستأجرُ. "بل كلَّ الدارِ" -وأقاما بيِّنتَيْن-، تعارضَتَا، ولا قِسمة هنا (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ الإقرارُ (¬2) لثبوتِ ملكٍ لغيرِ بغيرِ فعلِه لا يوجب عِوَضًا؛ بخلاف البيع؛ فإنه يوجب ردَّ الثمنِ؛ لأنه أخذَه بغير حق) شرح (¬3). * [قوله] (¬4): (ولا قسمةَ هنا)؛ أي: [لا] (¬5) يقتسمان (¬6) بقيةَ منفعةِ الدار (¬7). قال شيخنا في شرحه: (قلت: والظاهرُ من كلامهم: أن القول قولُ المؤجر بيمينه؛ لأنه منكر إجارةَ غيرِ البيت). انتهى (¬8). * * * ¬
6 - باب في تعارض البينتين
6 - بابٌ في تعَارُض البَيِّنَتَيْنِ وهو: "التَّعَادُلُ من كلِّ وجهٍ" (¬1). من قال لِقِنِّه: "متى قُتِلتُ، فأنت حُرٌّ"، لم تُقبَلْ دعوَى قِنِّه قتْلَه إلا ببينةٍ، وتُقدَّم على بينةِ وارثٍ (¬2). و: "إن مِتُّ في المحرَّم، فسالمٌ حُرٌّ، وفي صفرٍ، فغانمٌ حُرٌّ" -وأقام كلٌّ بينةً بمُوجِبِ عتقِه-، تساقطتَا ورُقَّا (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باب في تَعارُضِ (¬4) البَيِّنتينِ * قوله (¬5): (وتُقدَّم على بينةِ وارِثٍ)؛ لأن مع الأولى زيادةَ علم باعتبار ذكر سبب الموت (¬6). * قوله: (تساقطتا، ورقَّا)؛ لأن زهوق الروح لا يتعدد بالنسبة لشخص واحد، ¬
كما لو لم تَقمْ بينة، وجُهل وقتُه (¬1). وإن عُلم موتُه في أحدهما: أُقْرِع (¬2). و: "إن مِتُّ في مرضي هذا، فسالمٌ حرٌّ، وإن بَرِئتُ، فغانمٌ. . . " -وأقاما بيِّنَتيْن-، تساقطَتا ورُقَّا (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ فلا يتعدد (¬4) زمنُه، ولا مرجِّحَ لإحداهما (¬5) على الأخرى، ولجواز موته في غير المحرَّمِ وصفرٍ (¬6). * قوله: (وأقاما بينتين، تساقطتا ورقَّا). قال في شرح المقنع: (والقياسُ: أن يعتق أحدُهما بالقرعة). انتهى (¬7)، وهو كما قال (¬8)، ولأنه لا يظهر الفرقُ بين ما إذا تساقطت البينتان، وما إذا لم يكن هناك بينةٌ بالمرةِ، وقد حكم فيها بأنه يقرع، وهي التي بجنبها. ¬
وإن جُهِل: مِمَّ مات؟ -ولا بينةَ-، أُقْرِع (¬1). وكذا: إن أتَى بـ "مِن" بدلًا "في"، في التعارض (¬2). وأما في صورةِ الجهل: فيَعْتِقُ سالمٌ (¬3). وإن شهِدتْ على ميتٍ بينةٌ: "أنه وَصَّى بعتقِ سالمٍ"، وأخرى: "أنه وصَّى بعتقِ غانمٍ"، وكلُّ واحدٍ ثلثُ مالِه -ولم تُجزِ الورثةُ- عَتَقَ أحدُهما بقُرعةٍ (¬4). ولو كانت بينةُ غانمٍ وارثةً فاسقةً. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فيعتق سالم)؛ لأن الأصل دوامُ المرض، وعدمُ البرء (¬5) (¬6)؛ إذ الأصلُ بعد تحقُّق وجود الشيء (¬7) دوامُه. * قوله: (ولو كانت بينةُ غانمٍ وارثةً فاسقةً) سيأتي أنه يقول: "وخبرُ (¬8) وارثةٍ ¬
عَتَقَ سالمٌ، ويَعتِقُ غانمٌ بقُرعةٍ (¬1). وإن كانت عادلةً، وكذَّبتِ الأجنبيَّةَ: عُمِل بشهادتها، ولَغَا تكذيبُها. فيَنعكسُ الحكمُ (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ عادلةٍ كفاسقةٍ"، فما وجهُ التقييد هنا؟ وقد يقال: هذا في الشهادة، وذاك (¬3) في الخبر، وفرقٌ بين الخبر والشهادة؛ لأن الشهادة يُحتاط لها، ومع ذلك، فلو تعارض خبرُ الفاسقة، وشهادةُ الأجنبيةِ العادلةِ، قُدِّمت شهادة الأجنبية. * قوله: (عتق سالم)؛ عملًا ببينته (¬4)، ويعتق بلا قرعة؛ لأن بينةَ غانمٍ الفاسقة لا تعارضُها (¬5). * قوله: (ويعتق غانم بقرعة) مقتضى الظاهر: أن تنزل شهادةُ البينةِ الوارثةِ -ولو فاسقةً- منزلةَ الإجازة (¬6)، وأنه يعتق غانمٌ بمجرد شهادتها، وأنه لا يتوقف على قرعة، فعاود المسألة. * قوله: (فينعكس الحكم)؛ (أي: فيعتق غانم بلا قرعة؛ لشهادتها (¬7) بعتقه، وإقرارها أنه لم يعتق سواه، ويقف عتق سالم على القرعة). حاشية (¬8). ¬
ولو كانت فاسقةً، وكذَّبتْ، أو شهَدتْ برجوعِه عن عتق سالم: عَتَقا (¬1). ولو شَهدتْ برجوعه -ولا فِسْقَ، ولا تكذيبَ-: عَتَق غانمٌ؛ كأجنبيَّةِ (¬2). فلو كان -في هذه الصورةِ- غانمٌ سُدسَ مالِه: عَتَقا (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (عتقا) مقتضى قياس ما أسلفه من عتق الثاني بقرعة (¬4): أنه يتوقف عتقُ غانمٍ هنا على القرعة، وقد يؤخذ من كلام المصنف الفرقُ بينهما بالتكذيب، أو الشهادة بالرجوع في هذه، وعدمهما (¬5) في الأولى، فليحرر. * قوله: (ولا تكذيب)، فلو كذبت والحالة هذه (¬6) -من الشهادة-، بالرجوع مع العدالة، فالظاهرُ أنهما يعتقان، أما غانم، فظاهر، وأما سالم، فيتوقف ¬
ولم تُقبَلْ شهادتُهما (¬1). وخَبَرُ وارثةٍ عادلةٍ، كفاسقةٍ (¬2). وإن شَهدتْ بينةٌ بعتقِ سالمٍ في مرضه، وأخرى بعتقِ غانمٍ فيه: عَتَق السابقُ، فإن جُهِل: فأحدُهما بقُرْعةٍ (¬3). وكذا: لو كانت بينةُ غانمٍ وارثةً (¬4). فإن سبَقَتِ الأجنبيةُ، فكذَّبتْها الوارثةُ، أو سبَقَتِ الوارثةُ، وهي فاسقةٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عتقُه على خروجه بالقرعة؛ قياسًا على مسألة انعكاس الحكم السابقة، فليحرر. * قوله: (ولم تُقبل شهادتهما)؛ ([أي] (¬5): شهادةُ الوارثةِ بالرجوع؛ لأنها متهمةٌ بدفعِ السدس الآخَرِ عنها) حاشية (¬6). ¬
عَتَقا (¬1). وإن جُهِل أسبقُهما: عَتق واحدٌ بِقُرعةٍ (¬2). وإن قالت الوارثةُ: "ما أعتَق إلا غانمًا" -عَتق كلُّه، وحُكْم سالمٍ كغانمٍ- لو لم تَطعنْ [الورثة] (¬3) في بينتِه: في أنهَ يعتِق إن تقدَّم عتقُه، أو خرَجتْ له القُرعةُ (¬4). وإن كانت الوارثةُ فاسقةً، ولم تَطعنْ في بينةِ سالمٍ: عَتَق كلُّه، ويُنظَرُ في غانمٍ: فمعَ سَبْقِ عتقِه، أو خروجِ القرعةِ له، يعتِقُ كلُّه، ومع تأخُّرِه، أو خروجِها لسالم: لم يَعتِقْ منه شيءٌ (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (عتقا) مقتضى التي سلفت: أن من شهدت بسبقه الوارثةُ الفاسقةُ يعتق بقرعة. * قوله: (وإن جُهل أسبقُهما) ينبغي أن يُحمل على ما يغاير قَوله السابق: "فإن جهل" في التصوير؛ حتى لا يكون مكررًا، وهو أن يحمل الأول (¬6) ¬
1 - فصل
وإن كذَّبتْ بينةَ سالمٍ: عَتَقا (¬1). وتَدْبِيرٌ مع تَنْجيزٍ، كآخِرِ تَنْجيزَيْنِ مع أسبقِهما (¬2). * * * 1 - فصل ومن مات عنِ ابنَيْن: مسلمٍ وكافرٍ، فادَّعَى كلٌّ: "أنه مات على دِينه"، فكان عُرِفَ أصلُه: قُبِل قولُ مُدَّعِيه (¬3). وإلا، فميراثُه للكافر: إن اعتَرفَ المسلمُ بأُخُوَّتِه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على ما إذا كانت البينتان أجنبيتين، وهنا على ما إذا كانت إحداكما وارثةً. * قوله: (وإن كذبت)؛ أي بينةُ غانمٍ الوارثةُ الفاسقةُ (¬4). * قوله: (كآخرِ تنجيزينِ مع أسبقِهما)؛ يعني: فيجري (¬5) فيه التفصيلُ السابق من البينتين، فتدبَّر. فصلٌ (¬6) ¬
أو ثبتتْ ببيِّنةٍ. وإلا: فبَيْنَهما (¬1). وإن جُهل أصلُ دِينِه، وأقامَ كلٌّ بينةً بدعواهُ: تساقطتَا (¬2). وإن قالت بينةٌ: "نعرِفُه مسلمًا"، وأخرى: "نَعرِفُه كافرًا"، ولم يُؤرِّخا، وجُهل أصلُ دينِه: فميراثُه للمسلم (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو ثبتت ببينة)؛ (لأن المسلم لا يقر ولده (¬4) على الكفر في دار الإسلام، ولاعترافه بكفر (¬5) أبيه فيما مضى، وادعائِه إسلامَه، فجعل أصل دينه الكفر، والأصلُ بقاؤه) شرح (¬6). * قوله: (تساقطتا)؛ (أي: وتناصفا التركة، وتكون كالأولى التي لم يكن فيها مرجعٌ لدعوى أحدِهما المشار إليها بقوله: "وإلا، فبينَهما"). شرح (¬7). * قوله (¬8): (فميراثه للمسلم)؛ لأن الإسلام يطرأ على الكفر الأصلي، وعكسه ¬
وتُقدَّم الناقلةُ -إذا عُرِف أصلُ دينِه- فيهنَّ (¬1). ولو شَهدتْ: "أنه ماتَ ناطقًا بكلمةِ الإسلام"، وأخرى: "أنه مات ناطقًا بكلمةِ الكفر": تساقطَتا، عُرِف أصلُ دِينِه، أوْ لَا (¬2). وكذا: إن خَلَّفَ أبوين كافرَيْنِ، وابنَيْنِ مسلِمَيْنِ، أو أخًا وزوجةً مسلمَيْن، وابنًا كافرًا (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ خلاف (¬4) الظاهر؛ ولأن المرتدَّ لا يُقَر على رِدَّته (¬5). * قوله: (أو أخًا وزوجةً (¬6) مسلمين، وابنًا كافرًا. . . [إلخ]) (¬7) اعترضه شارح المحرر؛ بأنه يفضي إلى إقرار الزوجة المسلمة بيد الكافر، وهو مشكل على القواعد (¬8). ¬
ومتى نصَّفْنا المالَ، فنصفُه للأبوَيْن على ثلاثةٍ، ونصفُه للزوجةِ والأخِ على أربعةٍ (¬1). ومن ادَّعَى تقدُّمَ إسلامِه على موتِ موْرُوثِه [المسلمِ] (¬2)، أو على قَسْم تَرِكتِه: قُبِل ببينةٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في المستوعب: وعلى كل حال، يُغَسَّل، ويكفَّن، ويصلَّى عليه، ويدفَن في مقابِرِ المسلمين. انتهى (¬3). وهذا قولُ القاضي، وأما ابنُ عقيل، فقال: يدفَنُ منفردًا (¬4). * قوله: (أو على قَسْم تركتِه) يعني: بعد موتِ مورثه؛ بناء على ما هو من مفردات المذهب من أنه: إذا أسلمَ بعد موت أبيه المسلم، وقبل قَسْمِ تركته: [أنه يرثُ] (¬5)؛ ترغيبًا له في الإسلام (¬6) وتقدَّم. ¬
أو تصديقِ وارثٍ (¬1). وإن قال: "أسلمتُ في محرَّم، وماتَ في صفرٍ"، وقال الوارثُ: "مات قبلَ محرَّمٍ": وَرِثَ (¬2). ولو خَلّفَ حرٌّ ابنًا حرًّا، وابنًا كان قِنًّا، فادَّعى: "أنه عَتَق وأبوُه حَيٌّ" -ولا بينةَ-، صُدِّق أخوه في عدم ذلك (¬3). وإن ثبت عِتقُه برمضانَ، فقال الحرُّ: "مات أبي بشَعْبانَ". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ورث)؛ لأن الأصل بقاء حياته إلى صفر قياسًا على تعليلهم الآتي، وصرح به هنا أيضًا، فراجع الحاشية (¬4). * قوله: (صدق أخوه في عدم ذلك)؛ لأن الأصل بقاءُ الرقِّ (¬5)، ومدَّعي الأصل لا يُكلف البيانَ، ولأنه مدَّعًى عليه، ولعل المراد: صُدِّق بيمينه، فراجع. ¬
وقال العَتِيقُ: "بل بشوالٍ": صُدِّق العتيقُ (¬1). وتُقدَّم بينةُ الحرِّ، مع التعارُضِ (¬2). وإن شَهد اثنانِ على اثنَيْن بقتلٍ، فشَهِدا على الأَوَّلَيْنِ به، فصدَّق الوليُّ الأَوَّلَيْنِ فقط: حُكِم بهما. وإلا: فلا شيءَ (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله] (¬4): (صدق العتيقُ)؛ لأن الأصل بقاءُ حياة الأب إلى شوالٍ (¬5) (¬6)، ولعل المراد: بيمينه. * قوله: (حكم بهما)؛ (أي: بالشاهدين الأَوَّلين؛ لرجحانهما (¬7) بتصديق المشهودِ له) شرح (¬8). * قوله: (وإلا، فلا شيء)؛ أي: وإن لم يصدق الأولين فقط؛ بأن صدق الكلَّ، أو الآخرينِ (¬9)، أو كذَّبَ الكلَّ، أو الأولين فقط، فلا قتلَ، ولا ديةَ (¬10)، ¬
وإن شَهدتْ بتلفِ ثوبٍ، وقالت: "قيمتُه عشرونَ"، وأخرى: ". . . ثلاثونَ": ثبتَ الأقلُّ (¬1). وكذا: لو كان بكلِّ قيمةٍ شاهدٌ (¬2). والقائمةُ: كعينٍ ليتيم يُريد الوصيُّ بيعَها، أو إجارتَها -إن اختَلفا في قيمتها، أو أجْرِ مثلِها-: أخِذ بمن يصدِّقُها الحِسُّ؛ فإن احتَمَلْ: أُخِذ ببينةِ الأكثرِ (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وتعليله في الشرح (¬4). * قوله: (والقائمةُ)؛ أي: والعينُ القائمةُ (¬5). ¬
كما لو شَهدتْ بينةٌ: "أنه آجَرَ حِصَّةَ مُوَلّيهِ بأجرةِ مثلِها"، وبينةٌ: ". . . بنصفِها" (¬1). فلو أدَّى شاهدٌ، وأبَى الآخرُ، وقال: "احلِفْ بَدَلِي": أَثِمَ (¬2). ولا يُقيمُها على مسلمٍ بقتلِ كافرٍ (¬3). ومتى وَجبتْ: وجبتْ كتابتُها (¬4). وإن دُعِيَ فاسقٌ لتحمُّلِها: فله الحضورُ مع عدمِ غيرِه. ولا يحرُم أداؤهُ -ولو لم يكن فسقُه ظاهرًا- (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بنصفِها)؛ (أي: فيؤخذ بمن يصدقها الحس، فإن احتمل، فبينةُ الأكثر) شرح (¬6). * قوله: (ولا يقيمُها على مسلم بقتلِ كافرٍ) لعله عند من يرى قتلَ المسلم بالكافر؛ كالحنفي (¬7)، كما أشار إلى ذلك شيخنا في شرحه (¬8). ¬
ويحرم أخذُ أجرةٍ (¬1) وجُعْل عليها -ولو لم تتعيَّن عليه- (¬2). لكنْ: إن عجَز عن المشي، أو تأذَّى به، فله أخدُ أجرةِ موكوبٍ (¬3). ولِمَنْ عندَهُ شهادةٌ بحدٍّ للَّه تعالى: إقامتُها، وتَرْكُها (¬4). وللحاكم أن يُعرِّضَ لهم بالتوقُّف عنها؛ كتعريضِه لُمِقرٍّ؛ ليَرجِعَ (¬5). وتُقبَلُ بحدٍّ قديمٍ (¬6). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويحرم أخذ أجرةٍ وَجُعْل عليها -ولو لم يتعينْ عليه-) انظر: ما الفرقُ بينه وبين المؤذِّن، وما ذكروه أيضًا في القاضي إذا قال: لا أقضي بينكما إلا بجُعْل؛ من أنه يجوزُ له الأخذُ، ويجوز لهم الدفعُ، فليحرر (¬7). ¬
ومن قال: "احضُرَا لتَسمَعا قذفَ زيدٍ لي"، لزمهما (¬1). ومن عندَهُ شهادةٌ لآدميٍّ يعلمُها، لم يُقِمْها حتى يسألَه، وإلا: استُحِبَّ إعلامُه قبل إقامتِها (¬2). ويحرُم كَتْمُها: فيُقيمُها بطلبِه، ولو لم يَطلُبْها حاكمٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وكذا على تعليم القرآن، والفقه، والإفتاء، على تفصيلٍ (¬3) في الأخير كما تقدم (¬4). * قوله: (وإلا استحب)؛ أي: وإن لم يعلمها؛ أي: لم يعلم المشهود له أن عند الشاهد شهادة (¬5) [كان] (¬6) تحمَّلَها (¬7). ¬
ولا يَقدحُ فيه؛ كشهادة حِسْبَةٍ (¬1). ويجبُ إشهادٌ علَى نكاحٍ، ويُسَنُّ في كلِّ عقدٍ سواهُ (¬2). ويحرُم أن يَشهدَ إلا بما يَعلمُه برؤيةٍ أو سماعٍ غالبًا؛ لجوازِها ببقيَّةِ الحواسِّ قليلًا (¬3). فإن جَهِل حاضرًا، جاز أن يَشهد في حَضْرتِه؛ لمعرفةِ عينِه (¬4). وإن كان غائبًا، فعرَفه من يَسْكُنُ إليه: جاز [أن يشهد] (¬5) (¬6). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا يقدح فيه)؛ أي: كل من عدم الإعلام للمشهود له قبل إقامتها، ومن إقامتها بدون طلب الحاكم (¬7) (¬8)، فتدبر. ¬
ولو على امرأةٍ (¬1). ولا تُعتبَرُ إشارتُه إلى حاضرٍ، معَ نسبِه ووصْفِه (¬2). وإن شَهِدَ بإقرارٍ بحقٍّ: لم يُعتَبَرْ ذِكُر سببِه؛ كاستحقاقِ مالٍ، ولا قولُه: ". . . طَوْعًا في صحتِه مكلّفًا"، عملًا بالظاهر (¬3). وإن شهِدَ بسببٍ يوجِبُ الحقَّ، أو استحقاقِ غيرِه: ذَكرَه (¬4). و"الرُّؤُيةُ" تَختَصُّ الفعلَ؛ كقتلٍ، وسرقةٍ، وغصبٍ، وشربِ خمرٍ، ورَضاعٍ، وولادة (¬5). و"السَّماع" ضَربان: 1 - سماعٌ من مشهودٍ عليه؛ كعِتْقٍ، وطلاقٍ، وعَقْدٍ، وإقرارٍ، وحكمِ حاكِمٍ وإنفاذِه (¬6). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا تعتبر إشارتُه إلى حاضر مع نسبه ووصفه)، وكذا (¬7) لا يعتبر ¬
فتلزمُه الشهادةُ بما سَمِع: سواءٌ وقتَ الحاكمُ الحكمَ، أو استَشْهَدَهُ مشهودٌ عليه (¬1)، أو كان الشاهدُ مستخفِيًا حينَ تحمله، أو لَا (¬2). 2 - وسماعٌ بالاستفاضةِ فيما يَتعذَّر علمُه -غالبًا- بدونِها؛ كنسبٍ، وموتٍ، وملِكٍ مطلَقٍ، وعتقٍ، ووَلاءٍ، وولايةٍ، وعزلٍ، ونكاحٍ، وخُلعٍ، وطلاقٍ، ووقفٍ ومَصْرِفِه، ولا يَشهدُ باستفاضةٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الجمعُ بين نسبه ووصفه؛ إلا إذا كان لا يكفي بأن كان النسب مشتركًا، فيحتاج إلى وصف يخصصه، أو كان الوصف مشتركًا، والنسب (¬3) يخصصه. وبخطه: يعني: لا يحتاج إلى الجمع بين الإشارة وبين النسب والوصف، أما كونه إذا أشار، فلا حاجة إلى النسب والوصف، فواضح، وأما كونه لا يحتاج إلى الإشارة إليه بعد نسبه ووصفه، فمشكل؛ لاحتمال أن يذكره بما فيه اشتراك (¬4)، إلا أن يراد بعد نسبه ووصفه المميزين له. ¬
إلا عن عددٍ يَقَعُ بهم العلمُ (¬1). ويَلزمُ الحكِمُ بشهادةٍ: لم يُعلَمْ تلقِّيها من الاستفاضة، ومن قال: "شَهدتُ بها"، ففَرْعٌ (¬2). ومن سمع إنسانًا يُقِرُّ بنسبِ أبٍ أو ابنٍ ونحوِهما. فصدَّقه المُقَرُّ له، أو سكتَ: جاز أن يَشهدَ له به. لا: إن كذَّبه (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (إلا عن عدد يقع بهم العلم)؛ كعدد التواتر -على ما في شرحه (¬4) -. * قوله: (ويلزم الحكمُ بشهادةٍ لم يعلم تلقيها من الاستفاضة) (¬5) [مفهومه: أنه إذا علم أن تلقيها من الاستفاضة] (¬6): أنه لا يلزمه الحكمُ، فحينئذ لا يلزمه الحكمُ بثبوتٍ ولا غيره؛ مما المستند فيه الاستفاضة، وتوقف فيه شيخنا، فراجع الحاشية (¬7). ¬
وإن قال المتحاسبانِ: "لا تَشهَدوا علينا بما يَجري بيننا": لم يَمنعْ ذلك الشهادةَ، ولزومَ إقامتِها (¬1). ومن رأى شيئًا بيدِ إنسانِ يتَصرَّفُ فيه مدةً طويلةً كمالكٍ؛ من نقضٍ وبناءٍ، وإجارةٍ وإعارةٍ: فله الشهادةُ بالمِلكِ (¬2)؛ كمُعايَنةِ السبب: من بيعٍ وإرثٍ (¬3). وإلا: فباليدِ، والتصرُّفِ (¬4). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فله الشهادةُ بالملك) قال في الإقناع: (والورعُ ألا يشهدَ إلا باليد والتصرُّف) (¬5). * [قوله: (وإلا. . . إلخ)؛ أي: وإن لم يكن على الوجه المتقدم؛ من كونه بيده يتصرف فيه من مدة طويلة بما ذكر، فيشهد باليد والتصرف] (¬6)، ¬
2 - فصل
2 - فصل ومن شهِدَ بعقدٍ: اعتُبر ذِكرُ شروطِه. 1 - فيُعتَبر في "نكاحٍ": أنه تزوَّجها برضاها، إن لم تكن مُجْبَرةً. وبقيةُ الشروط (¬1). 2 - وفي: "رَضاعٍ": عددُ الرَّضَعاتِ، وأنه شرِب من ثَدْيها، أو من لبنٍ حُلب منه (¬2). 3 - وفي "قتلٍ": ذِكرُ القاتلِ، وأنه ضربَه بسيفٍ، أو جرَحه فقتَله، أو مات من ذلك. ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا يشهد بالملك (¬3). فصلٌ (¬4) * قوله: ([أو] (¬5) أنه شرب من ثديها)، وأن الشربَ كان في الحولَيْنِ (¬6). * قوله: (أو مات من ذلك) عطفٌ على مدخول الفاء، فهو لَفٌّ ونشرٌ في ¬
ولا يكفي: "جرَحَه فماتَ" (¬1). 4 - وفي "زِنًا": ذِكرُ مَزنِيٍّ بها. وأيْنَ؟ وكيف؟ وفي أي وقتِ؟ وأنه رأي ذكَرَه في فَرْجِها (¬2). 5 - وفي "سرِقةٍ": ذِكرُ مسروقٍ منه، ونِصابٍ، وحِرْز، وصِفتِها (¬3). 6 - وفي "قذفٍ": ذِكرُ مقذوفٍ، وصفةِ قذفٍ (¬4). 7 - وفي "إكراهٍ": أنه ضرَبه، أو هدَّدَهُ، وهو قادرٌ على وقوعٍ الفعل به، ونحوُه (¬5). وإن شَهدا: "أن هذا ابنُ أَمَتِه": لم يُحكَم له به حتى يقولا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الجملة؛ لأن الجرحَ أعمُّ من أن يكون موحِيًا (¬6)، أو غيرَ موحٍ؛ كما يؤخذ كلُّ ذلك من كلام الشارح (¬7). ¬
". . . وَلَدَتْه في مِلكِه (¬1) ". وإن شَهدا: "أن هذا الغَزلَ من قطنِه، أو الدَّقيقَ من حِنطتِه، أو الطيرَ من بَيْضتِه": حُكم له به (¬2). لا إن شَهدا: "أن هذه البَيضةَ من طَيْرِه (¬3). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (حكم له به)؛ (لأنه لا يتصور أن يكون الغزل، أو الدقيق، أو الطيرُ من قطنه (¬4)، أو حنطته، أو بيضته قبل ملكه للقطنِ (¬5) أو الحنطةِ أو البيضةِ، ولأن الغزلَ هو القطنُ، لكن تغيرت صفتُه، وكذا الدقيقُ والطيرُ، فكأن (¬6) البينةَ قالت: هذا غزلُه ودقيقُه وطيرُه، وليس كذلك الولدُ والثمرةُ؛ لأنهما (¬7) غيرُ الأم والشجرةِ) شرح (¬8). * قوله: (لا إن شهدا أن هذه البيضة من طيره)؛ لجواز أن تكون (¬9) الطيرةُ ¬
أو أنه اشتَرى هذا من زيدٍ، أو وقَفَه عليه، أو أعتَقَه" حتى يقولا: "وهو في ملكه" (¬1). ومن ادَّعَى إرْثَ ميتٍ، فشَهدا: "أنه وارثُه، لا يَعلمانِ غيرَه" (¬2)، أو قالا: ". . . في هذا البلدِ" -سواءٌ كانا من أهل الخِبْرةِ الباطنةِ، أوْ لَا- (¬3): سُلِّم إليه بغيرِ كفِيلِ (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باضَتْها قبل أن يملكها (¬5). * [قوله] (¬6): (حتى يقولا: وهو في ملكه)؛ (لجواز بيعه أو وقفه أو عتقه ما لا يملكه) شرح (¬7). ¬
و. . . به: إن شهدا بإرثِه فقطْ (¬1). ثم إن شَهِدا لآخرَ: "أنه وارثُه": شارَك الأوَّلَ. ولا تُرَدُّ الشهادةُ على نفي محصورٍ؛ بدليلِ هذه المسألة والإعسارِ، وغيرِهما (¬2). وإن شَهِد اثنانِ: "أنه ابنُه، لا وارثَ له غيرُه"، وآخَرانِ: "أن هذا ابنُه، لا وارثَ له غيرُه": قُسِمَ الإرثُ بينَهما (¬3). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فقط) يعني: ولم يقولا: ولا نعلم (¬4) له وارثًا سواه (¬5). * قوله: (شارك الأول)؛ أي: إن أمكنت المشاركة؛ بخلاف ما إذا كانت الشهادة الأولى بابن، والثانية بأخ، فتدبَّر. * قوله: (قسم الإرث بينهما)، ومثله بالأولى: ما إذا شهد اثنان أن هذا ابنُه، ولم يقولا: لا وارث له سواه، وشهد آخران لآخر أنه ابنه، لا وارثَ له سواه؛ لقبول ما اتفقا عليه من الإثبات؛ إذ لا تعارض فيه (¬6)، فتدبَّرْ. ¬
3 - فصل
3 - فصل وإن شَهِدا: "أنه طلَّق، أو أعتَق، أو أبطَل من وصاياهُ واحدةً"، ونَسِيا عينَها: لم يُقبَلْ (¬1). وإن شهدَ أحدُهما بغصبِ ثوبٍ أحمرَ، والآخرُ بغصبِ أبيضَ، أو أحدُهما: "أنه غصَبَه اليومَ"، والآخرُ: "أنه. . . أَمْسِ" لم تَكمُلْ (¬2). وكذا: كلُّ شهادةٍ على فعلٍ متْحِدٍ في نفسِه؛ كقتلِ زيدٍ، أو باتفاقِهما؛ كسرقةٍ، إذا اختلَفا في وقتِه، أو مكانِه، أو صفةٍ متعلّقةٍ به؛ كلونِه، وآلةِ قتلٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصلٌ (¬3) * قوله: (وكذا كلُّ شهادةٍ على فعلٍ متحدٍ في نفسه)؛ أي: باتحادِ مُتَعَلَّقِهِ؛ بخلاف ما يمكن فيه تَعَدُّدُ متعلَّقِهِ، كما يأتي قريبًا مع بيان [حكمه] (¬4)، فتنبه. * قوله: (أو باتفاقهما)؛ (أي: المشهود [له] (¬5)، والمشهود عليه) شرح (¬6). ¬
مما يَدُلُّ على تغايُرِ الفِعلَيْن (¬1). وإن أمكن تعدُّدُه، ولم يَشهدا بأنه متحِدٌ: فبكلِّ شيءٍ شاهدٌ، فيُعمَلُ بمقتضَى ذلك. ولا تنافِيَ (¬2). ولو كان بدَلَه بينةٌ: ثَبَتا هنا إن ادَّعاهما -وإلا: ما ادَّعاهُ-، وتساقطَتا في الأولى (¬3). وكفعلٍ -من قولٍ-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فيُعمَلُ بمقتضى ذلك)، (فإن ادَّعى الفعلين، وأقام أيضًا بكل منهما شاهدًا، وحلف مع كلِّ من الشاهدين يمينًا، ثبتتا) شرح (¬4). * قوله: (ثبتا هنا)؛ (أي: فيما إذا كان الفعل غير متحد لا في نفسه ولا باتفاقهما) شرح (¬5). * قوله: (وإلا [ما ادعاه (¬6)])؛ أي: ثبت ما ادعاه (¬7)، فهو من حذف الفعل؛ لقرينة، وهو جائز. ¬
نكاحٌ وقذفٌ، فقط (¬1). ولو كانت الشهادةُ على إقرارٍ بفعلٍ أو غيرِه -ولو نكاحًا أو قذفًا (¬2) -، أو شهِد واحدٌ بالفعل، وآخرُ على إقراره: جُمِعتْ (¬3). لا: إن شهد واحدٌ بعقدِ نكاحٍ، أو قتلٍ خطأٍ، وآخرُ على إقراره (¬4). ولمدَّعِي القتلِ أن يَحلفَ مع أحدهما، ويأخُذَ الدِّيَة، ومتى حلف مع شاهد الفعل: فعلَى العاقلة، ومع شاهد الإقرار. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فقط)؛ أي: دون غيرهما من الأقوال (¬5). * قوله: (لا إن شهد (¬6) [واحدٌ] (¬7) بعقدِ نكاح أو قتلٍ خطأٍ، وآخرُ على إقرارِه)؛ لأن الموجب مختلف؛ كما يُعلم مما بعده بسطر (¬8). ¬
ففي مال القاتل (¬1). ولو شَهدا بالقتلِ، أو الإقرارِ به، وزاد أحدُهما: "عمدًا": ثبت القتلُ، وصُدِّق المدَّعَى عليه في صفتِه (¬2). ومتى جَمَعْنا -مع اختلافِ وقتٍ- في قتلٍ أو طلاقٍ: فالإرثُ والعِدَّةُ يَلِيانِ آخِرَ المُدَّتَيْن (¬3). وإن شهد أحدُهما: "أنه أقَرَّ له بألفٍ أمسِ"، والآخَرُ: "أنه أقَرَّ له به اليومَ"، أو أحدُهما: "أنه باعه دارَهُ أمسِ"، والآخرُ: "أنه باعه إيَّاها اليومَ". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ففي مال القاتل)؛ (لأن العاقلة لا تحمل اعترافًا، والقتل ثبتَ باعترافه) شرح (¬4). * قوله: (ثبت القتل)؛ (لاتفاق الشاهدين عليه) شرح (¬5). * قوله: (وصدق المدعي عليه في صفته)؛ (أي: بيمينه، ولم تُقبل الزيادة؛ لعدم الاتفاق عليها) شرح (¬6). ¬
كَمُلتْ (¬1). وكذا: كلُّ شهادةٍ على قولٍ غيرِ نكاحٍ وقذفٍ (¬2). ولو شهد أحدُهما: "أنه أقَرَّ له بألفٍ"، والآخَرُ: "أنه أقَرَّ له بألفَيْن" (¬3)، أو أحدُهما: "أن له عليه ألفًا"، والآخرُ: "أن له عليه ألفَيْن": كَمُلتْ بألفٍ (¬4)، وله أن يَحِلفَ على الألفِ الآخَرِ مع شاهدِه (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (كملت)؛ لأن المشهود به واحد، فيجوز أن يعاد مرةً بعد أخرى (¬6). * قوله: (غير نكاح وقذف) قد يقال: لا حاجةَ إليه (¬7) بعد قوله أَوَّلًا: "وكفعلٍ من قول نكاحٌ وقذفٌ فقط". * قوله: (كملت بألف)؛ لاتفاقهما (¬8) عليه (¬9). ¬
ولو شهدا بمئةٍ، وآخَرانِ بعددٍ أقلَّ: دخَل، إلا معَ ما يَقتضِي التَعدُّدَ: فيلزَمانِه (¬1). ولو شهد واحدٌ بألفٍ، وآخرُ بألفٍ من قَرْضٍ: كَمُلتْ، لا: إن شهد واحدٌ بألفٍ من قرضٍ، وآخرُ بألفٍ من ثمن مَبيعٍ (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (إلا مع (¬3) ما يقتضي التعدُّدَ)؛ كما لو شهد اثنان بمئة قرضًا، وآخران بخمسين (¬4) ثمنَ مبيعٍ (¬5). * [قوله] (¬6): (كملت)؛ حملًا للمطلَق على المقيَّد (¬7). * قوله: (لا إن شهد واحدٌ بألف من قرض (¬8)، وآخرُ بألفٍ من ثمنِ مبيعٍ)؛ (فإنها لا تكمل، لكن لمشهود (¬9) له أن يحلف مع كل منهما، ويستحقهما، أو يحلف مع أحدهما، ويستحق ما شهد به) شرح (¬10). ¬
وإن شَهدا: "أن عليه ألفًا"، وقال أحدُهما: "قضاهُ بعضَه": بطلت شهادتُه (¬1). وإن شَهدا: "أنه أقرضَهُ ألفًا"، ثم قال أحدُهما: "قضاهُ نصفَه": صحت شهادتُهما (¬2). ولا يحلُّ لمن أخبرَهُ عدلٌ باقتضاءِ الحقِّ أو انتقاله أن يَشهدَ به (¬3). ولو شهدا على رجل: "أنه أخذَ من صغيرٍ ألفًا". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بطلتْ شهادتُه)؛ (أي: شهادة ذلك القائلِ وحدَه؛ لأن قوله: قضاه (¬4) بعضه يناقض شهادته عليه بالألف، فأفسدها) شرح (¬5). يعني: وله أن يحلف مع الآخر، ويستحق الألف؛ على قياس ما تقدم. * قوله: (أن يشهد به)؛ أي: بما كان تحمَّلَه قبلَ الإخبار (¬6)، وكلامُه يوهم خلافَ ذلك. ¬
وآخَرانِ على آخَرَ: "أنه أخَذ من الصغيرِ ألفًا": لزمَ وليَّهُ مطالبتُهما بأَلفَيْن، إلا أن تَشهدَ البيِّنتانِ على ألفٍ بعينها: فيَطلُبُها من أيِّهما شاء (¬1). ومن له بينةٌ بألفٍ، فقال: أُريدُ "أن تَشهدَ إليَّ بخمس مئة": لم يَجُز، ولو كان الحاكمُ لم يُوَلَّ الحكْم فوقَها (¬2). ولو شهد اثنانِ -في مَحْفِلٍ- على واحدٍ منهم: "أنه طَلَّقَ، أو أعتَقَ"، أو على خطيبٍ: "أنه قال، أو فعَل على المِنبَر في الخطبة شيئًا" لم يَشهدْ به غيرُهما، معَ المشاركةِ في سمعٍ وبصرٍ: قُبِلا (¬3). ولا يُعارِضُه قَوْلُ الأصحاب: "إذا انفرَدَ واحدٌ فيما تَتوفَّرُ الدَّواعي على نقلِه، معَ مشاركةِ كثيرينَ، رُدَّ" (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فيطلبها من أَيِهما شاء)، لكن لا مرجِّحَ لإحدى البينتين على الأخرى، فكان الظاهرُ أن يُقرع، أو يرجع على كلٍّ بنصفها، وفي إحداها كاملةً من واحد من غير قرعةٍ إجحافٌ، فليراجع، وليحرر. * قوله: (ولا يعارضه قولُ الاصحاب. . . إلخ)؛ (للفرق بين ما إذا شهد ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واحدٌ، وبين ما إذا شهد اثنان، وبين تقييدهم كونَ ذلك الشيء مما تتوفر الدواعي على نقله وعدمِه). حاشية (¬1). * * * ¬
7 - باب شروط من تقبل شهادته
7 - بابُ شُروطِ مَن تُقبَلُ شهادتُه وهي ستةٌ (¬1): 1 - أحدُها: البُلوغُ (¬2). فلا تُقبَلُ من صغيرٍ -ولو في حال أهلِ العدالة-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ شروطِ مَنْ تُقبل شهادتُه * قوله: (ولو في حال أهل العدالة)؛ بأن كان (¬3) متصفًا [بما يتصف] (¬4) به المكلَّفُ العَدْلُ (¬5). وبخطه: (قوله: (ولو في حال أهل العدالة) هو (¬6) أن يكون مسلمًا عاقلًا عدلًا، عالمًا بما يشهد به، غيرَ مُتَّهَم، ذكر ذلك في المغني، وقال السامُرِّي في المستوعب: لا يختلف المذهب في اشتراط هذه الخمسة) مطلع (¬7). ¬
مطلقًا (¬1). 2 - الثاني: العَقْلُ، وهو: نوعٌ من العلوم الضَّرُوريَّةِ (¬2). و"العاقلُ": من عَرَف الواجبَ عقلًا: الضَّروريَّ، وغيرَه، والمُمْكِنَ، والممتنِعَ، وما ينفعُه ويَضُرُّه -غالبًا- (¬3). فلا تُقبَلُ من مَعْتُوهٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مطلقًا)؛ أي: سواءٌ شهد بعضُهم على بعض، أم لا، في الجراح، أو غيره (¬4) (¬5). * قوله: (غالبًا)؛ لأن الناس لو اتفقوا على ذلك، لما اختلفت الآراء (¬6). * قوله: (فلا تُقبل من معتوه) مختلِّ العقل دونَ المجنون (¬7). ¬
ولا مجنونٍ، إلا مَن يُخْنَقُ أحيانًا: إذا شهدَ في إفاقته (¬1). 3 - الثالثُ: النُّطقُ (¬2). فلا تُقبَلُ من أخرَسَ (¬3) إلا إذا أدَّاها بخَطِّه (¬4). 4 - الرابعُ: الحِفْظُ. فلا تُقبَلُ من مغفَّلٍ، ومعروفٍ بكثرةِ غلطٍ وسهوٍ (¬5). 5 - الخامسُ: الإسلامُ. فلا تُقبَلُ من كافرٍ -ولو على مثلِه (¬6) -. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا مجنونٍ) مسلوبِ (¬7) العقل، ولهذا يقال: العقلُ بالجنون (¬8) [مسلوبٌ] (¬9)، وبالإغماء مغلوبٌ، وبالنوم محجوبٌ. ¬
غيرَ رجُلَيْن كتابيِّيْن (¬1)، عند عَدَمٍ، بوصيةِ ميتٍ بسفرٍ: مسلمٍ أو كافرٍ. ويُحلّفُهما حاكمٌ -وجوبًا- بعدَ العصر: "لا نشتَري به ثَمَنًا ولَوْ كانَ ذَا قُرْبى، وما خانا، ولا حَرَّفا، وإنها لوصِيَّتُه" (¬2). "فإن عُثِرَ علَى أنهما اسْتَحَقَّا إثْمًا". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا نشتري به ثمنًا)؛ (أي: باللَّه، أي: بالحلفِ، أو بتحريفِ الشهادة) مطلع (¬3). زاد بعضهم (¬4): أو بالشهادةِ. * [قوله] (¬5): (استحَقَّا إثمًا)؛ أي: كذبًا في شهادتهما (¬6). ¬
قام آخَرانِ -من أولياءِ الموصِي- فَحَلفا باللَّه تعالى: "لَشَهادتُنا أحَقُّ من شهادتِهما، ولقد خانا وكتَما". ويُقضَى لهم (¬1). 6 - السادسُ: العدالةُ، وهي: استواءُ أحوالِه في دينه، واعتدالُ أقوالِه وأفعالِه. ويُعتبرُ لها شيئانِ (¬2): 1 - الصلاحُ في الدِّين، وهو: أداءُ الفرائضِ بِرَواتِبِها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (السادس: العدالة)، وهي لغةً: الاستقامةُ والاستواءُ، ضِدّ الجَوْر، وهو المَيْل (¬3). * [قوله] (¬4): (وهو أداء افرائضِ) من الصلواتِ وغيرِها. * قوله: (برواتِبِها)؛ أي: برواتبِ ما لَهُ رواتبُ منها؛ إذ الصلواتُ من الفرائض، ولا وجه لقصرِ الشارح (¬5) له على خصوصِ الصلوات، بل ربما أوهمَ ¬
فلا تُقبَلُ ممن داوَمَ على تركِها، واجتنابُ المحرَّمِ؛ بأن لا يأتِيَ كبيرةً، ولا يُدْمِنَ على صغيرةٍ (¬1). والكذِبُ صغيرةٌ، إلا في شهادةِ زُورٍ، وكذبٍ على نبيٍّ، ورمي فِتَنٍ، ونحوِه: فكبيرةٌ (¬2). ويجبُ لتخليصِ مسلمٍ من قتل، ويُباحُ لإصلاحٍ وحربٍ وزوجةٍ فقط (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ غيرَ المراد. * [قوله] (¬4): (ونحوه)؛ ككذب على آحاد الرعية عند حاكمٍ ظالمٍ (¬5). ¬
"والكبيرةُ": ما فيه حدٌّ في الدنيا، أو وَعِيدٌ في الآخرةِ (¬1). فلا تُقبَل شهادةُ فاسقٍ بفعلٍ؛ كزانٍ، ودَيُّوثٍ، أو باعتقادٍ؛ كمقلِّدٍ في خَلْقِ القرآن، أو نفيِ الرؤيةِ، أو الرَّفْضِ، أو التَجهُّمِ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال أحمد: ويعرف الكذاب (¬2) بخُلفِ المواعيد (¬3). * [قوله] (¬4): (والكبيرةُ: ما فيه حَدٌّ في الدنيا، أو وعيدٌ في الآخرة) عبارة المطلع: (المنصوص عن الإمام أحمد في الكبيرة: أنها كلُّ ما أوجب حَدًّا في الدنيا؛ كالزنى، وشرب الخمر، أو وَعيدًا (¬5) في الآخرة؛ كأكل الربا، وشهادة الزور، وعقوق الوالدين، والصغيرةُ: ما دونَ ذلك؛ كالغيبة، والنظرِ المحرَّم). انتهى (¬6). وكلام المصنف ناظرٌ إليه. * [قوله] (¬7): (أو الرفض) باعتقادِ كفرِ الصحابة، أو فسقِهم -رضي اللَّه تعالى عنهم أجمعين (¬8) -. ¬
ونحوِه (¬1). ويُكَفَّرُ مجتهدُهم الداعيةُ (¬2). ولا قاذفٍ -حُدَّ، أوْ لَا- حتى يتوبَ (¬3). و"توبتُه": تكذيبُ نفسِه (¬4) -ولو كان صادقًا (¬5) -. و"توبةُ غيرِه": نَدَمٌ، وإقلاعٌ، وعزمٌ أَلَّا يَعُودَ (¬6). ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله] (¬7): (ونحوه)؛ كاعتقاد أن اللَّه ليس بمستوٍ على عرشه، وأن القرآن المكتوبَ في المصاحف ليس بكلام اللَّه، بل [هو] (¬8) عبارة عنه. قاله في شرحه (¬9). ¬
وإن كان بتركِ واجبٍ: فلا بُدَّ من فعلِه، ويُسارِع (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ قال المولى سعد الدين التفتازاني (¬2): (التحقيق: أن كلام اللَّه تعالى اسمٌ مشترك بين الكلام النفسيِّ القديم، ومعنى الإضافة: كونُه صفةً للَّه تعالى، وبين اللفظِ الحادثِ المؤلَّفِ من السور والآيات، ومعنى الإضافة: أنه مخلوق للَّه تعالى، ليس من تأليفات المخلوقين، وما وقع في عبارة بعض المشائخ أنه مجازٌ، فليس معناه أنه غيرُ موضوعٍ للنظمِ المؤلَّف، بل معناه: أن الكلام في التحقيق وبالذات اسمٌ للمعنى القائمِ بالنفس، وتسميةُ اللفظ به، ووضعُه لذلك، إنما هو باعتبار دلالته على المعنى، فلا نزاع لهم في الوضع والتسمية). انتهى (¬3). ومنه تعلم ما في ¬
ويُعتبَرُ رَدُّ مَظْلَمَةٍ، أو يَستحِلُّه ويَستمهِلُه معسِرٌ (¬1). ولا تصحُّ معلَّقةً (¬2). ولا يُشترط -لصحتِها من قذفٍ وغيبةٍ ونحوِهما- إعلامُه والتحلُّلُ منه (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ كلام الشارح، فتفطَّن؛ لئلا تَزِلَّ قَدَمُك. ¬
ومَن أخَذ بالرُّخَص: فُسِّقَ (¬1). ومن أتَى فرعًا مختلَفًا فيه؛ كمن تزوَّج بلا وليٍّ، أو بنتَه من زنًا، أو شَرِبَ من نبيذٍ ما لا يُسكرُ، أو أَخَّرَ الحجَّ قادرًا -إن اعتَقدَ تحريمَه-: رُدَّتْ (¬2)، وإن تأوَّل: فلا (¬3). 2 - الثاني: استعمالُ المروءةِ: بفعلِ ما يُجَمِّلُه ويَزِينُه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله] (¬4): (ومن أخذَ بالرُّخَص فَسَقَ) بأن كان يتبعها من المذاهب، فيعمل بها. قال في شرحه (¬5): وقال القرافي (¬6) المالكي: (معناه: أن يتبع الأقوال التي خفي مدركُها وضَعُف، يعني: ولو من مذهب واحد) (¬7). ¬
وتركِ ما يُدنِّسُه ويَشِينُه عادةً (¬1). فلا شهادةَ لِمُصافِعٍ، ومُتَمَسْخِرٍ، ورقَّاصٍ، ومُشَعْبِذٍ، ومُغَنٍّ -ويُكرهُ الغِناءُ، واستماعُه- وطُفَيليٍ، ومُتَزَيٍّ بزيٍّ يُسخَرُ منه (¬2). ولا لشاعرٍ يُفرِطُ في مدحٍ بإعطاءٍ، وفي ذمِّ بمنع، أو يُشَبِّبُ بمدحِ خمرٍ، أو بمُرْدٍ، أو بامرأةٍ معيَّنةٍ محرَّمةٍ. ويُفَسَّق بذلك، ولا تحرمُ روايتُه (¬3). ولا للاعبٍ بشطرَنْجِ غيرِ مقلّدٍ -كمعَ عِوَضٍ، أو تركِ واجبٍ، أو فعلِ محرَّمِ إجماعًا-، أو بِنَرْدِ، ويحرُمانِ، أو بكلِّ ما فيه دناءةٌ، حتى في أُرْجُوحَةٍ، أو رفعِ ثقيلٍ، وتحرُم مخاطَرتُه بنفسِه فيه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله] (¬4): (واستماعه) (إلا من أجنبية، فيحرم التلذذُ به، وكذا يحرم مع آلة لهو من حيث الآلةُ) شرح (¬5)، (وقيل: وبدونها من رجل وامرأة، وقيل: مباح ما لم يكن (¬6) منكر آخر) حاشية (¬7). ¬
وفي ثِقافٍ (¬1)، أو بحمَامٍ طَيَّارَةٍ (¬2). ولا لمُستَرْعيها من المزارع، أو ليَصيدَ بها حمَامَ غيرِه. وتُباحُ (¬3): للأنْس بصوتِها. واستفراخِها، وحَمْلِ كتُبٍ (¬4). ويُكرهُ حبسُ طيرٍ لنَغْمتِه (¬5). ولا لمن يأكُل بالسُّوق، لا يسيرًا؛ كلُقمةٍ، وتُفاحةٍ، ونحوِهما (¬6). ولا لمن يَمُدُّ رجلَيْه بمَجْمَع الناسِ، أو يَكشفُ -من بدَنِه- ما العادةُ تغطيتُه، أو يحدِّثُ بمُباضَعةِ أهلِه أو أَمَتِه، أو يُخاطِبُهما بفاحشٍ بينَ الناس، أو يدخُلُ الحمَّامَ بغيرِ مِئْزَرٍ، أو ينامُ بين جالسين -أو يَخرُجُ عن مستَوى الجلوسِ- بلا عذرٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا لمن يأكل في السوق) قال في الإنصاف: (بحضرة الناس. زاد (¬7) في الغُنية: أو على الطريق) (¬8). ¬
أو يَحكِي الضحكاتِ، ونحوه (¬1). ومتى وُجد الشرطُ؛ بأن بلَغ صغيرٌ، أو عَقَل مجنونٌ، أو أسلَم كافرٌ (¬2)، أو تابَ فاسقٌ: قُبِلتْ شهادتُه بمجرَّدِ ذلك (¬3). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو يحكي المضحكات، ونحوه). قال في الشرح: (ومن فعل شيئًا من هذا مختفيًا به، لم يمنع من قبول شهادته؛ لأن مروءته (¬4) لا تسقط به، وكذلك إن (¬5) فعله مرة، أو شيئًا قليلًا، لم تُرَدَّ شهادته؛ لأن صغير [المعاصي لا يمنع] (¬6) الشهادةَ إذا قَلَّ (¬7)، فهنا أَوْلى، ولأن المروءة لا تختلُّ بقليل هذا ما لم يكن عادةً) (¬8) (¬9). ¬
1 - فصل
1 - فصل ولا يُشترط الحُرِّيَّةُ: فتُقبَلُ شهادةُ عبدٍ وأمةٍ، في كُلِّ ما يُقبَلُ فيه حُرٌّ وحُرَّةٌ (¬1). ومتى تَعَيَّنَتْ عليه: حرُم منعُه (¬2). ولا كونُ الصِّناعةِ غيرَ دنَيئةٍ عُرفًا: فتُقبَلُ شهادةُ حجَّامٍ، وحدَّادٍ، وزبَّالٍ (¬3) وقَمَّام (¬4)، وكَنَّاس، وكَبَّاشٍ، وقَرَّادٍ، ودبَّابٍ، ونَفَّاطٍ (¬5) ونخَّال، وصَبَّاغٍ، ودَبَّاغٍ، وجَمَّال، وجَزَّارٍ، وكَسَّاحٍ (¬6)، وحائكٍ، وحارسٍ، وصائغٍ، ومُكَارٍ، وقَيِّمٍ (¬7). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصلٌ (¬8) ¬
-وكذا مَن لبس غيرَ زيِّ بلدٍ يسكُنُه، أو زبَّه المعتادَ، بلا عذرٍ- إذا حَسُنتْ طريقتُهم (¬1). وتُقبَلُ شهادةُ ولدِ زِنًا، حتى به، وبَدَوِيٍّ على قَرَويٍّ (¬2). وأَعْمى بما سَمعَ -إذا تيقَّن الصوتَ- وبالاستفاضةِ (¬3)، وبِمَرئيَّاتٍ: تحمَّلَها قبلَ عماهُ، ولو لم يُعرفْ المشهودُ عليهِ إلا بعيِنه: إذا وصفَهَ للحاكم بما يَتَميَّز له (¬4)، وكذاهـ: إن تعذَّرتْ رؤيةُ مشهودٍ له أو عليه أو بهِ؛ لموتٍ، أو غَيْبةٍ (¬5). والأصمُّ كسميعٍ: فيما رآهُ، أو سمِعَه قبلَ صَمَمِه (¬6). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وكذا إن تعذرت رؤيةُ مشهودٍ له أو عليه) راجعْ كتاب القاضي [إلى القاضي] (¬7)؛ فإنه قال هناك ما يقتضي أنها تُقبل إن تعذرتْ رؤيةُ مشهودٍ ¬
ومن شهدَ بحقٍّ عندَ حاكمٍ، ثم عَمِيَ، أو خَرِس، أو صُمَّ، أو جُنَّ، أو مات: لم يُمنَعِ الحكمُ بشهادتِه، إن كان عدلًا (¬1). وإن حدث مانعٌ؛ من كفر، أو فسقٍ، أو تُهمَةٍ -قبلَ الحكمِ- منعَه، غيرَ عداوةٍ ابتدأها مشهودٌ عليه؛ بأنْ قذَف البينةَ، أو قاوَلَها عندَ الحكومةِ (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه، لا له، وعبارته: "ويقبل (¬3) كتابُه في حيوانٍ بالصفةِ اكتفاءً بها لمشهودٍ عليه، لا له". انتهى (¬4). وقد وفق (¬5) شيخنا بين البابين؛ بأن ما تقدَّم في باب كتاب القاضي [إلى القاضي] (¬6) محمولٌ على ما إذا لم يكن عن تقدُّم دعوى، وما هنا على ما إذا كان مع دعوى (¬7). * قوله: (منعه)؛ (أي: الحكم بشهادته؛ لاحتمال وجود ذلك عند الشهادة، وانتفاؤه حينها شرطٌ للحكم بها) شرح (¬8). ¬
وبعدَه: يُستوفى مالٌ، لا حَدٌّ مطلقًا، ولا قَوَدٌ (¬1). وتُقبل شهادةُ الشخصِ على فعلِ نفسِه؛ كحاكمٍ على حكمِه بعدَ عزلٍ، وقاسمٍ، ومرضعةٍ على قسمته وإرضاعها -ولو بأجرةٍ (¬2) -. ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله] (¬3): (وبعده)؛ أي: وإن حدث مانع؛ من كفرٍ، أو فسقٍ بعد الحكم. . . إلخ (¬4)، فقوله: "وبعدَه" عطفٌ على قوله: "قبلَ الحكمِ". * قوله: (وتُقبل شهادةُ الشخصِ. . . إلخ) في تسمية هذا شهادةً نظرٌ، بل هو مجردُ خبرٍ. * * * ¬
8 - باب موانع الشهادة
8 - بابُ مَوَانِعِ الشهادةِ وهي سبعةٌ: 1 - أحدُها: كونُ مشهودٍ له يَمْلِكُه أو بعضَه، أو زوجًا (¬1) -ولو في الماضي (¬2) -. أو مِنْ عَمُودَيْ نسبِه -ولو لم يَجُرَّ به نفعًا غالبًا-؛ كبعقدِ نكاحٍ، أو قذفٍ (¬3). ويُقبَلُ لباقي أقارِبه؛ كأخيه، وعمه، ولولدِه من زِنًا ورَضاعٍ، ولصديقهِ وعَتِيقِه ومولاهُ (¬4). وإن شهدا على أبيهما بقذفِ ضَرَّةِ أُمِّهما. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ موانعِ الشهادة ¬
-وهي تحتَه-، أو طلاقِها: قُبِلا (¬1). ومن ادَّعَى على معتِقِ عبدَيْن: "أنه غصَبهما منه"، فشهد العتِيقانِ بصدقِه: لم تُقبَلُ؛ لَعْودِهما إلى الرقِّ. وكذا لو شهدا: "أن معتِقَهما كان -حين العتقِ- غيرَ بالغ"، ونحوَه، أو جَرّحا شاهِدَيْ حُرِّيَّتِهما (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وهي تحته) إنما قيد الشهادة بالقذف؛ بكون أمهما تحته؛ لأنه إذا لم يكن أمهما تحته، يكون هناك (¬3) [تهمة] (¬4) توهم أنهما إنما شهدا عليه بالقذف؛ ليقع به (¬5) الحدُّ عقوبةَ على طلاق أمهما؛ بخلاف الشهادة على طلاقها؛ فإنه لا يلحقه بقبولها عقوبةٌ. * قوله: (لعودِهما إلى الرقِّ)؛ أي: لما يلزم من قبول شهادتهما عودهما إلى الرق (¬6) (¬7). * قوله: (وكذا لو شهدا أن معتقهما كان حين العتق غيرَ بالغ) لعله ما لم تقترن شهادتُهما بما يؤكدها (¬8)؛ كالتاريخ المعين لكون الإعتاق ما وقع إلا زمن صغر، فتدبر. ¬
ولو عَتَقا بتدبيرِ أو وَصِيَّةٍ، فشهِدا بِدَيْنٍ، أو وصيةٍ مؤثِّرةٍ في الرقِّ: لم تُقبَلْ؛ لإقرارهما -بعد الحريةِ- برقِّهما لغيرِ سيدٍ (¬1). 2 - الثاني: أن يَجُرَّ بها نفعًا لنفسِه؛ كشهادته لرقيقِه -ولو مكاتبًا-، أو لِموْروثه بجُرحٍ قبل اندمالِه، أو لموصِيه، أو موكِّله فيما وكل فيه -ولو بعدَ انحلالِهما-، أو لشريكِه فيما هو شريكٌ فيه، أو لمستأجِرِه بما استأجَرَه فيه، أو مَنْ في حِجْره، أو غَريمٍ بمالٍ لمفلِسٍ بعد حَجرٍ (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لم يقبل (¬3) لإقرارهما بعد الحرية. . . إلخ) قد يقال: لعل مثله ما لو مات إنسان، وخَلَّف من جملة التركة عبدين، وورثه أخوه، فأعتق الأخُ العبدين، فبعدَ حريتهما شهدا بابن للميتٍ (¬4)، فهل يكون على قياسه أنه لا يُقبل منهما ذلك؛ لأنه يؤدي إلى إقرارهما بعد الحرية برقِّهما لغير السيد؟. * قوله: (أو لمستأجره [بما استأجره] (¬5) فيه)؛ (كمن (¬6) استأجر قصَّارًا ليقصر له ثوبًا، ثم نوزع (¬7) ربُّ الثوب فيه، فشهد له [به] (¬8) القصار، لم يقبل، وكذا ¬
أو أحدِ الشَّفيعيْن بعفوِ الآخرِ عن شُفعتِه (¬1). أو مَنْ له كلامٌ أو استحقاقٌ -وإن قَلَّ- في رِباطٍ، أو مدرسةٍ بمصلحة لها (¬2). وتُقبَلُ لمورِّثه -في مرضه- بدَينٍ (¬3). وإن حُكم بها ثم مات. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المضارِبُ لا تقبل شهادته بمالِ المضاربة) حاشية (¬4). وبخطه: قال شيخنا في شرحه: (للتهمة) (¬5)، وكأن وجهَ ذلك: أنه ما دام الحق ثابتًا للمؤجر، حكم ببقاء عقد الإجارة، وساغ (¬6) له الطلبُ عليه بالأجرة المعينة، ولو أزيد من أجرة المثل؛ بخلاف ما لو ثبت الملك لغير المؤجِر؛ فإنه لا يستحقُّ إلا أجرةَ عملهِ. * قوله: (وتُقبل لمورثه في مرضه بدين)؛ لأنه لا حقَّ له [في] (¬7) ماله حين الشهادة؛ كشهادته لامرأة يحتمل أن يتزوجها، أو غريم له بمال يحتمل أن يوفيه ¬
فوَرِثه: لم يتغيَّر الحكمُ (¬1). 3 - الثالثُ: أن يَدفعَ بها ضررًا عن نفسِه؛ كالعاقلِة بجَرح شهودِ قتلِ الخطأ، والغُرَماءِ بِجَرحِ شهودِ دَينٍ على مفلِسٍ، وكلِّ مَنْ لا تُقبَلُ شهادتُه له: إذا شَهِدَ بجَرحِ شاهدٍ عليه (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ منه، وإنما المانعُ ما يحصل به نفع عند الشهادة، وأما منعه من شهادته لمورثه بالجرح قبل الاندمال؛ لجواز أن يتجدد (¬3) له، وإن لم يكن له حق في الحال، ولأن الدية إذا وجبت تجب للوارث الشاهد به ابتداء، فكأنه شهد لنفسه؛ بخلاف الدين؛ فإنه إنما يجب للمشهود له، ثم يجوز أن ينتقل، ويجوز (¬4) ألا ينتقل. ذكره المصنف في شرحه (¬5). قال شيخنا في شرحه بعد نقله: (وفيه نظر على المذهب؛ إذ الديةُ -كما تقدم- تجبُ للمورث ابتداءً، ثم تنتقل للوارث، فهي كالدين في ذلك). انتهى (¬6). وقد يفرق بينهما؛ بأن الانتقال في التركة اعتباري، لا يطول زمنه، فهو في حكم العدم؛ بخلاف مسألة المريض؛ فإنه قد يبرأ من مرضه، ويطول زمن الصحة؛ بل قد يموت من يتوهم كونه وارثًا قبل موت ذلك المريض، فتدبر. ¬
4 - الرابع: العداوةُ لغيرِ اللَّه تعالى، سواءٌ كانت موروثةً، أو مكتسَبةً؛ كفرحِه بمَساءتِه، أو غَمِّه بفرحِه، وطلبِه له الشرَّ (¬1). 5 - الخامسُ: الحرصُ على أدائها قبلَ استشهادِ من يعلم بها. فلا يُقبَل على عدوِّه، إلا في عقدِ نكاح (¬2). فتَلغو من مقذفٍ (¬3) على قادفِه، ومقطوعٍ عليه الطريقُ على قاطِعه. ومن زوج في زِنًا، بخلاف قتلٍ وغيرِه (¬4)، [وكلُّ من لا تُقبل له، فإنها تُقبل عليه] (¬5) (¬6). قبْلَ الدعوى أو بعدَها (¬7)، إلا في عتقٍ وطلاقٍ ونحوِهما. 6 - السادسُ: العَصَبِيَّةُ، فلا شهادةَ لمن عُرِف بها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
وبالإفراطِ في الحَمِيَّةِ (¬1). 7 - السابعُ: أن تُرَدَّ لفسقِه، ثم يتوبَ، ويُعيدَها. فلا تُقبَل؛ للتُّهمَة (¬2). ولو لم يؤدِّها حتى تاب: قُبِلتْ (¬3). ولو شهد كافرًا، أو غيرَ مُكَلَّفٍ، أو أَخْرَسَ، فزالَ ذلكَ، وأعادُوها: قُبِلَتْ (¬4). لا: إن شهد لموَرِّثِه بجُرحٍ قبلَ بُرْئِه، أو لمكاتبَه (¬5)، أو بعفوِ شريكِه في شُفْعَةٍ عنها، فَرُدَّتْ (¬6). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فلا تُقبل للتهمة) (في أنه إنما تاب لتقبل شهادته، ولإزالة العار الذي لحقه بردِّها، ولأن ردَّه لفسقه حكمٌ، فلا يُرد بتوبته) (¬7) شرح (¬8). ¬
أو رُدَّتْ: لدفعِ ضررٍ، أو جَلْبِ نفعٍ، أو عداوةٍ (¬1). فبَرَأ مورِّثُه، وعَتَق مكاتَبُه، وعفا الشاهدُ عن شُفعتِه، وزال المانعُ، ثم أعادُوها. ومن شهدَ بحقٍّ مشترَكٍ بينَ مَنْ تُرَدُّ شهادتُه له، وأجنبيٍّ: رُدَّت؛ لأنها لا تَتبعَّض في نفسِها (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ثم أعادوها)؛ أي: فلا تُقبل، وفيه وجه: أنها تُقبل (¬3). * * * ¬
9 - باب أقسام المشهود به
9 - باب أقسامِ المَشْهودِ به وهي سبعةٌ (¬1): 1 - أحدُها: الزِّنى، ومُوجِبُ حَدِّه. فلا بُدَّ من أربعةِ رجالٍ يَشهدون به، أو أَنَّه أقَرَّ أربعًا (¬2). 2 - الثاني: إذا ادَّعَى مَنْ عُرِف بغِنًى: "أنه فقيرٌ"، فلا بُدَّ من ثلاثةِ رجالٍ (¬3). 3 - الثالثُ: القَوَدُ (¬4)، والإعسارُ (¬5)، ووطءٌ يُوجِبُ التَّعْزيرَ (¬6). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ أقسامِ المشهودِ به ¬
وبقيةُ الحدودِ: فلا بُدَّ من رجلَيْن (¬1)، ويثبُت القَوَدُ بإقرارٍ مرةً. 4 - الرابعُ: ما ليس بعُقُوبةٍ ولا مالٍ، ويَطِّلعُ عليه الرجالُ غالبًا؛ كنكاحٍ، ورجعةٍ، وخُلعٍ، وطلاقٍ، ونسَبٍ، ووَلاءٍ. وكذا توكيلٌ وإيصاءٌ في غيرِ مال -فكالذي قبْلَه- (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ويثبت قَوَدٌ بإقرار (¬3) مرة) (¬4)، وكذلك القذفُ، والشربُ (¬5). * [قوله] (¬6): (فكالذي قبله)، وحينئذ فكان ينبغي ضمُّ المنتشر (¬7)، ¬
5 - الخامسُ: المالُ، وما يُقصَدُ به المالُ؛ كقرضٍ، ورهنٍ، ووَديعةٍ، وغصبٍ، وإجارةٍ، وشركةٍ، وحَوَالةٍ، وصلع، وهِبَةٍ، وعتقٍ، وكتابةٍ، وتدبيرٍ، ومهرٍ وتسميتِه، ورِقٍّ مجهولٍ، وعاريَّةٍ وشُفعةٍ، وإتلافِ مالٍ وضمانِه، وتوكيلٍ وإيصاءٍ فيه، ووصية به لمعيَّن، ووقفٍ عليه، وبيعٍ وأجَلِه وخِيارِه (¬1)، وجنايةٍ -خطأ أو عمدًا (¬2) - لا تُوجِبُ قَوَدًا بحالٍ، أو توجِبُ مالًا، وفي بعضِها قَوَدٌ؛ كمَأمُومةِ، وهاشِمَةٍ، ومُنَقِّلَةٍ، له قَوَدُ مُوضِحَةٍ في ذلك. . . وفسخ عقدِ معاوَضَةٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجعلُهما قسمًا واحدًا. * قوله: (وضمانه) مفهومُه: أن الكفالة بالبدن لا يُقبل في دعواها إلا شهادةُ رجلين، وهل هو كذلك؟ الظاهرُ: لا، وأن المراد بالضمان: ما يشملهما؛ لأنها تؤول إلى المال عندنا (¬3). * قوله: (لمعيَّنٍ) انظر: غير المعين في الصورتين، هل لابدَّ فيه من شهادة رجلين، أو رجل وامرأتين؛ كما هو مقتضى المفهوم الظاهر؟ نعم؛ لأنه لا يتصور اليمينُ في غير المعين، تدبَّر. * [قوله] (¬4): (له قودُ موضِحَةٍ)؛ أي: مع أخذ تفاوتِ الدية كما تمم به الشارح (¬5). ¬
ودعوى قتلِ كافرٍ لأخذِ سَلَبِه، ودعوى أسيرٍ تقدَّمَ إسلامُه؛ لمنع رِقِّه، ونحوه. فيثبُتُ المالُ برجُلَيْن، ورجُلٍ وامرأتينِ، وبرجُلٍ ويمينٍ (¬1) -لا امرأتَيْن ويمينٍ (¬2) -، ويجبُ تقديمُ الشهادةِ عليه (¬3). ولو نَكَلَ عنه مَنْ أقام شاهدًا: حلَف مدَّعًى عليه: وسقَط الحقُّ، فإن نَكَلَ: حُكم عليه (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ودعوى قتلِ كافرٍ لأخذٍ (¬5) سَلَبه) تقدم في الجهاد: أنه (¬6) لابدَّ من رجلين نصًا، وقال هناك: وسيأتي في أقسام المشهود به ما يخالفه، فراجعه. * قوله: (فيثبُت المالُ برجلين. . . إلخ) كان الأولى إسقاطُ لفظ في "المال"؛ ليعود الضمير إلى هذا النوع، وفي الحاشية إشارة إليه، وإلى الجواب عنه (¬7). * قوله: (وسقط الحقُّ)؛ أي: الطلب به فقط، وليس المرادُ ¬
ولو كان لجماعةٍ حَقٌّ بشاهدٍ، فأقاموهُ فمن حلَفَ: أخَذ نصيبَه، ولا يُشاركُه مَنْ لم يحلِفْ، ولا تَحلِفُ ورثةُ ناكلٍ (¬1). 6 - السادسُ: داءُ دابَّةٍ ومُوضِحةٍ ونحوِهما: فيُقبَلُ قولُ طبيبٍ وبَيْطارٍ واحدٍ؛ لعدم غيرِه في معرفتِه (¬2). فإن لم يتعذَّر: فاثنانِ. وإن اختلَفا: قُدِّم قولُ مثبِتٍ (¬3). 7 - السابعُ: ما لا يَطَّلِعُ عليه الرجالُ غالبًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ السقوطَ حقيقةً؛ لئلا يعارضه ما يأتي في باب اليمين في الدعاوى؛ من أنها تقطع الخصومة، [و] (¬4) لا تُسقط الحقَّ (¬5)، فتدبَّر، ومثله في شرح الشيخ (¬6) وحاشيته (¬7). * قوله: (ولو كان لجماعة حَقٌّ)؛ أي: ماليٌّ (¬8)، وإنما تركه (¬9)؛ اعتمادًا على فهمه مما الكلام فيه. * قوله: (فيقبل قولُ طبيب)، أي: مسلم؛ لاعتبار شروط الشهادة فيه. ¬
كعيوب النساءِ تحت الثياب، والرَّضاعِ، والاستِهْلالِ، والبَكارةِ، والثُّيُوبةِ، والحيضِ، ونحوِه (¬1). وكذا جِراحةٌ وغيرُها في حمَّامٍ وعُرْسٍ، ونحوِهما؛ مما لا يَحضُرُه رجالٌ (¬2). فيكفي فيه امرأةٌ عَدْلٌ (¬3)، والأحوطُ: اثنتانِ (¬4). وإن شهدَ به رجلٌ، فأَوْلَى (¬5)؛ لكمالِه (¬6). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (مما لا يحضره رجال)؛ أي: غالبًا -كما سبق-؛ ليوافق (¬7) أولُ الكلام آخرَه؛ إذ لا يتأتى شهادةُ رجل على ما لا يحضره رجال، فلا يصح قوله بعد: "وإن شهد. . . إلخ". ¬
1 - فصل
1 - فصل ومن ادَّعتْ إقرارَ زوجِها بأُخُوَّةِ رَضاعٍ، فأنكَرَ: لم يُقبَلْ فيه إلَّا رجلانٍ (¬1). وإن شهدَ بقتلِ العمدِ رجلٌ وامرأتانِ: لم يثبُتْ شيءٌ (¬2). وإن شهدوا بسرقةٍ: ثبتَ المالُ دونَ القَطْع (¬3)، ويَغْرَمُه ناكِلٌ (¬4). وإذا ادَّعَى زوجٌ خُلعًا: قُبل فيه رجلٌ وامرأتانِ، أو ويمينُه. فيثبُتُ العِوضُ، وتَبينُ بمجرَّدِ دعواهُ (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ فصلٌ (¬6) * قوله: (لم يثبت شيء)؛ أي: لا قصاصٌ، ولا مالٌ (¬7). * قوله: (وإن ادَّعى زوجٌ خُلعًا، قُبل فيه رجلٌ وامرأتان. . . إلخ)؛ لأنه ¬
وإن ادَّعْته: لم يُقبَلْ فيه إلَّا رجلانِ (¬1). ومن أقامتْ رجلًا وامرأَتيْن بتزوُّجِها بمهرٍ: ثبت المهرُ (¬2). ومن حلَف بطلاقٍ: "ما سرَق، أو ما غصَب"، ونحوَه، فثبَت فعلُه برجلٍ وامراتَينٍ -أو ويمينٍ-: ثبت المالُ، ولم تَطْلُق (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ يدَّعي العوض، وهو مالٌ، والمالُ يثبت برجلين، ورجلٍ وامرأتين، ورجلٍ ويمين (¬4)، فتدبَّر. * قوله: (وإن ادَّعته، لم يُقبل فيه إلا رجلان)؛ لأنها تدعي الفسخَ دونَ المال، والفسخُ تقدَّمَ أنه لا يثبُتُ إلا برجلين (¬5). * قوله: ([ثبتَ] (¬6) المهرُ)؛ أي: دون النكاح؛ إذ لا يُقبل فيه [إلا رجلان] (¬7) (¬8)، ولأنه حقٌّ للرجل، وهي لا تَدَّعيه (¬9). * قوله: (ثبت المالُ، ولم تطلق)، ولا يقال: إن هذا من تبعُّض الشهادة، ¬
وإن شهد رجلٌ وامرأتانِ -لرجلٍ- أو رجلٌ، وحلَف معه: "أن فلانة أُمُّ ولدِه، وولدَها منه"، قضي له بها أُمَّ ولدٍ، ولا تثبتُ حريةُ ولدِها ولا نسبُه (¬1). ولو وُجِد على دابَّةٍ مكتوبٌ: "حَبيسٌ (*) في سبيل اللَّه"، أو على أُسْكُفَّةِ دارٍ، أو حائِطِها: "وَقْفٌ"، أو: "مسجِدٌ"، حُكِم به (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ وقد قدم أنها لا تتبعض؛ لأن الطلاق ليس مشهودًا به، بل أثر يترتب على المشهود [به] (¬3)، فتدبَّر. * قوله: (ولا ثثبت حريةُ ولدها، ولا نسبُه)؛ لأن كلًّا منهما لا يثبت إلا برجلين -كما تقدم (¬4) -. * قوله: (ولو وجد على دابة مكتوب: حبيسٌ في سبيل اللَّه) الظاهر: أن الثبوت لا يتوقف على الجمع بينهما، فلعله على معنى أو. [و] (¬5) بخطه في نسخة: مكتوبًا -بالنصب-، وهي أظهر؛ لأن "حبيسٌ" هو نائب الفاعل فيما يظهر، فتدبَّر. ¬
ولو وجده على كتُبِ علمٍ في خِزانةٍ مدةً طويلةً: فكذلك، وإلَّا عُمِل بالقرائنِ (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (في خزانة)؛ أي: مستقرة في خزانة (¬2) (¬3) مدة طويلة. * قوله: (وإلا عمل بالقرائن)؛ كأن علم سبق ملك (¬4) مورثه لها، وأن المكتوب بخطه، وعَرَفهُ، وحينئذ فلا يفتقر إلى كونها بخزانةِ وقفٍ مدةً طويلة -كما سبق-. * * * ¬
10 - باب الشهادة على الشهادة، والرجوع عنها، وأدائها
10 - بابُ الشهادةِ على الشهادةِ، والرجوعِ عنها، وأدائِهَا لا تُقبَلُ الشهادةُ على الشهادة، إلا بثمانيةِ شروطٍ: 1 - أحدُها: كونُها في حقٍّ: يُقبَلُ فيه كتابُ قاضٍ لقاضٍ (¬1). 2 - الثاني: تَعَذُّرُ شهودِ الأصلِ: بموتٍ، أو مرضٍ (¬2)، أو خوفٍ من سُلطانٍ، أو غيرِه (¬3)، أو غَيْبةٍ مسافةَ قصرٍ (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ الشهادةِ على الشهادة، والرجوعِ عنها، وأدائِها أي: بابُ بيانِ شروطها؛ أي: وياب بيان محلٍّ يصحُّ فيه الرجوعُ عنها؛ أي: وبابُ بيانِ الألفاظ التي تؤدَّى الشهادة بها. * قوله: (أحدها: كونُها في حقٍّ يُقبل فيه كتابُ قاضٍ إلى قاض) لو قال: ¬
3 - الثالثُ: دوامُ تعذُّرهم إلى صدورِ الحُكم. فمتى أمكنتْ شهادتُهم قبلَه: وُقِفَ على سماعها (¬1). 4 - الرابعُ: دوامُ عدالةِ أصلٍ وفرعٍ إليه. فمتى حدث قبلَه -من أحدهم- ما يَمنعُ قبولَه: وُقِفَ (¬2). 5 - الخامسُ: استرعاءُ الأصلِ الفرعَ (¬3)، أو غيرَه -وهو يَسمَعُ (¬4) -، فيقولُ: "اشهَدْ على شهادتي -أو اشهَدْ أني أشهَدُ-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ "في حقٍّ لآدمي"، لكان أَخْصَرَ وأفيدَ (¬5). * قوله: (الثالث: دوام تعذرهم)؛ أي: في العذر الذي يمكن انقطاعُه، وهو هنا ما عدا الموت. فتدبَّر. * قوله: (من أحدِهم) راعى الأفراد (¬6)، ولو راعى الأنواع، لقال: من أحدهما. ¬
أن فلانَ ابنَ فلانٍ -وقد عَرَفْته-، أشهَدَني على نفسِه، أو: شَهدْتُ عليه، أو أَقَرَّ عندي بكذا" (¬1). وإلا: لم يَشْهَدْ إلَّا إن سَمِعَه يشهدُ عندَ حاكمٍ، أو يَعْزُوها إلى سببٍ؛ كبيعٍ، وقَرْضٍ، ونحوِهما (¬2). 6 - السادسُ: أن يؤدِّيَها الفرعُ بصفةِ تحمُّلِه (¬3). وتثبُت شهادةُ شاهدَيْ الأصلِ بفرعَيْن، ولو على كلٍّ أصلٍ فرعٌ (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فلان ابن فلان) قال شيخنا العلامة أحمدُ الغنيميُّ في حاشيته على شرح الأزهرية -عندَ الكلام على حذف ألفِ ابنِ إذا وقع صفةَ لعلمٍ، ومضافًا إلى علمٍ آخرَ- ما نصه: (قوله: إذا كان في علم: أي: أو ما هو كناية (¬5) عنه؛ [نحو] (¬6): فلان ابن ¬
ويثبُتُ الحقُّ بفرعٍ مع أصلٍ آخرَ (¬1). ويصحُّ تحمُّلُ فرعٍ على فرعٍ، وأن يشهدَ النساءُ: في أصلٍ، وفرعٍ، وفرعِ فرعٍ (¬2). فيُقبل رجلان على رجلٍ وامرأتين (¬3)، ورجلٌ وامرأتان على مثلهم، أو على رجُلين: أصلَينِ أو فرعَينِ، وامرأةٌ على امرأةٍ فيما تقبل فيه المرأةُ (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ فلان). [انتهى] (¬5). * قوله: (ويثبت الحقُّ بفرع مع أصلٍ آخرَ)؛ لأن الفرعَ قائم مقامَ أصله (¬6)؛ بخلاف شهادة فرع مع أصله؛ لأنهما بمنزلة واحد. * قوله: (على مثلهم) تغليبًا للذَّكَر؛ لشرفه -ولو كان أقل عددًا-. * قوله: (فيما تُقبل فيه المرأةُ)،. . . . . . ¬
7 - السابعُ: تعيينُ فرعٍ لأصلٍ (¬1). 8 - الثامنُ: ثبوتُ عدالةِ الجميعِ (¬2). ولا يجبُ على فرعٍ تعديلُ أصلٍ. وتُقبَلُ به، وبموته، ونحوِه، لا تعديلُ شاهدٍ لرفيقِه (¬3). ومن شهدَ له شاهدا فرعٍ على أصلٍ، وتعذّر الآخرُ: حلَف، واستَحَقَّ (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو ما لا يَطَّلع عليه الرجالُ غالبًا (¬5). * قوله: (الثامن: ثبوتُ عدالةِ الجميع) انظر: هل يغني عن الشرط الثامن الشرطُ الرابع؛ لأن الدوام فرعُ الثبوت؟. * قوله: (وتعذَّر الآخر)؛ (أي: تعذر الأصل الآخر، ومن يشهد (¬6) على شهادته) شرح (¬7)، فيكون المراد: وتعذر الطرف الآخر أصلًا وفرعًا. ¬
وإذا أنكر الأصلُ شهادةَ الفرعِ: لم يُعملْ بها (¬1). ويَضمنُ شهودُ الفرع برجوعِهم بعدَ الحكمِ، ما لم يقولوا: "بانَ لنا كذبُ الأصولِ، أو غلطُهم" (¬2). وإن رجَع شهودُ الأصلِ بعدَه، لم يَضمَنُوا (¬3)، إلا إن قالوا: "كذَبْنا"، أو "غَلِطْنا" (¬4). وإن قالا بعدَه: "ما أشهَدْناهما بشيءٍ"، لم يَضمَنُ الفريقانِ شيئًا (¬5). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لم يعمل بها)؛ أي: بتلك الشهادة. * قوله: (بعده)؛ أي: بعد الحكم بشهادة الفرع (¬6). * قوله: (لم يضمنوا)، وكذا غيرهم لا ضمان عليه في هذه الحالة، فتدبَّر؛ لأنه لم يترتب الحكمُ على شهادتهم، بل على شهادة فرعِهم (¬7). * قوله: (لم يضمن الفريقان شيئًا)؛ (أي: مما حكم به؛ لأنه لم يثبت كذبُ ¬
1 - فصل
1 - فصل ومن زادَ في شهادتِه، أو نَقَصَ، لا بعدَ حكمٍ، أو أَدَّى بعدَ إنكارِها: قُبِل (¬1). وكذا قولُه: "لا أعرِفُ الشهادةَ"، ثم يَشهَدُ (¬2). وإن رَجَعَ: لَغَتْ، ولا حُكْمَ، ولم يَضمَنْ (¬3). وإن لم يُصرِّحْ برجوعٍ، بل قال للحاكمِ: "توقَّفْ"، فتوقَّفَ، ثم أعادها: قُبِلتْ (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ شاهدَي الفرع، ولا رجوعُ شاهدَي الأصل؛ إذ الرجوعُ إنما يكون بعد الشهادة، وهما أنكرا أصلَ الشهادة) شرح (¬5). فصلٌ (¬6) ¬
وإن رجَع شهودُ مالٍ (¬1) أو عتقٍ بعدَ حكمٍ قبلَ استيفاءٍ، أو بعدَه: لم يُنقَضْ. ويَضمَنون (¬2): ما لم يصدِّقْهُم مشهودٌ له بالمال، أو تكنِ الشهادةُ بدَينٍ، فتَبْرأ منه قبل أن يرجِعا. ولو قبَضه مشهودٌ له، ثم وهبَه لمشهودٍ عليه، ثم رجعَا: غَرِماهُ (¬3). ولا يَغرَمُ مُزَكٍّ، برجوعِ مُزكًّى (¬4). وإن رجَع -بعد حكمٍ- شهودُ طلاقٍ: فلا غُرْمَ، إلا قبلَ الدُّخُولِ (¬5): نصفَ المسمَّى. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا يغرم مزكٍّ برجوعِ مزكًّى)؛ لأن الحكم يتعلق بشهادة الشهود، لا المزكِّين (¬6). * قوله: (إلا قبل الدخول نصفُ المسمَّى) في العبارة حذفٌ لجواب الشرط؛ أي: ذا لغرمُ ثابتٌ (¬7). * وقوله: (نصفُ المسمَّى) خبر مبتدأ محذوف؛ أي: وهو نصفُ المسمَّى، ¬
أو بَدَلَه (¬1) وإن رجَع شهودُ القرابةِ وشهودُ الشراءِ: فالغرمُ على شهودِ القرابةِ (¬2). وإن رجَع شهودُ قَوَد، أو حَدٍّ، بعدَ حكمٍ، وقبلَ استيفاءٍ: لم يُستَوْفَ، ووجبت ديةُ قَوَدٍ (¬3). وإن استُوفِيَ، ثم قالوا: "أخطانا" غَرِموا ديةَ ما تَلِف، أو أَرْشَ الضربِ (¬4). ويَتقَسَّطُ الغُرمُ على عددِهم (¬5). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والجملةُ بيانٌ لقدر الغرم في هذه الحالة. * قوله: (أو بدله)، ولا ينتقض الحكم بالطلاق في الحالتين؛ لاحتمال التواطؤ. ¬
فلو رجعَ رجلٌ وعشرُ نسوةٍ في مالٍ، غرم سدسًا، وهُنَّ البقيةَ. وكذا رَضاعٌ (¬1). ولو شهدَ ستةٌ بِزِنًا (¬2)، أو أربعةٌ. . . واثنانِ بإحصانٍ، فرُجِمَ، ثم رجعُوا: لزمتْهم الدِّيَةُ أسداسًا (¬3). وإن كانوا خمسةً بزنًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وكذا رضاعٌ)؛ (أي: شهد به رجلٌ وعشر (¬4) نسوة بين زوجين، وفرق بينهما قبل الدخول، ثم رجعوا، وزع نصف الصداق عليهم (¬5)، على الرجل سدسه، وعليهن البقية سوية (¬6)؛ لما (¬7) تقدم) شرح (¬8). أي: من ترتب التفويت على رجوع جميعهم؛ كما لو أتلف جماعة مالًا (¬9). ¬
فأخماسًا (¬1). ولو رَجَع بعضُهم: غَرِمَ بقسطِه (¬2). ولو شهد أربعةٌ بزنًا، واثنانِ منهم بالإحصان، فرُجِمَ، ثم رجَعُوا: فعلى من شهد بالإحصان ثُلثَا الدِّيَةِ، وعلى الآخَرَيْنِ ثُلُثُها (¬3). وإن رجَع زائدٌ عن البيِّنةِ قبلَ حكمِ أو بعدَهُ: استُوفِيَ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فعلى من شهد بالإحصان (¬4) ثُلُثا الديةِ): ثلثٌ لشهادتهما بالزنى، وثلثٌ لشهادتهما بالإحصان (¬5). * قوله: (وعلى الآخرين ثلثُها)؛ لشهادتهما بالزنى فقط (¬6). * قوله: (عن البينة) هي [هنا] (¬7) بمعنى على (¬8). ¬
ويَحَدُّ الراجعُ؛ لقذفِه (¬1). ولو رجَع شهودُ زِنًا، أو إحصانٍ: غَرِموا الديةَ كاملةً (¬2). ورجوعُ شهودِ تزكيةٍ كرجوعِ مَنْ زَكَّوْهم (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (غرموا الديةَ كاملةً)، ولا قتل؛ لأن القاتلَ غيرُهم، وهم متسببون (¬4)، فَدُرِئَ عنهم القودُ لذلك (¬5)، ولزمهم المالُ (¬6). * قوله: (كرجوعِ مَنْ زَكَّوْهُم) (¬7) قال الشارح: (في جميع ما تقدم) (¬8). انتهى (¬9). أقول: انظر: هل يعارضه (¬10) قولُ المصنف فيما سبق: "ولا يغرم مُزكٍّ برجوع مزكًّى" (¬11). . . . . . ¬
وإن رجَعَ شهودُ تعلِيقِ عتقٍ أو طلاقٍ، وشهودُ شرطِه: غَرِموا بعَدَدِهم (¬1). وإن رجَع شهودُ كتابةِ: غَرِموا ما بيْن قيمتِه قِنًّا ومكاتَبًا (¬2)، فإن عَتَق: فما بَيْنَ قيمتِه ومالِ كتابةٍ. وكذا شهودٌ باستيلادٍ (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ أقول (¬4): لا تعارض؛ لأن الراجع هناك "المزكَّى" (¬5) بزنة اسمِ المفعول الذي (¬6) ترتَّبَ الحكمُ على شهادته، ولم يرجع المزكِّي -بزنة اسم الفاعل-، وهنا رجع المزكِّي -بزنة اسم الفاعل-، إنما حكم (¬7) مستندًا إلى تزكيتهم، فيترتَّب (¬8) عليهم الضمانُ، وفيه شيء، فليعاود مرة أخرى. * قوله: (أو طلاق)؛ أي: قبل دخول -على ما سبق- (¬9)، أما بعد ¬
ولا ضمانَ برجوعِ شهودِ كفالةٍ بنفسٍ، أو براءةٍ منها: "أنها زوجتُه"، أو: "أنه عفا عن دمِ عمدٍ"؛ لعدَمِ تضمُّنِه مالًا (¬1). ومن شهِد -بعدَ الحكم- بمُنافٍ للشهادة الأولى: فكرجوعٍ، وأَوْلَى (¬2). وإن حَكَمَ بشاهدٍ ويمينٍ، فرجَعَ الشاهدُ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الدخول، فلا غرم عليهم؛ لأن المهر استقرَّ على الزوج بالدخول. * قوله: (أو براءة منها)؛ (أي: من الكفالة بالنفس) شرح (¬3). * قوله: (تَضَمُّنِه مالًا) (قال في المبهج: قال القاضي: وهذا لا يصح؛ لأن الكفالة تتضمن المال بهرب المكفول، والقودُ قد يجب به مالٌ). انتهى شرح (¬4). * قوله: (ومن شهدَ بعدَ الحكم بمنافٍ للشهادةِ الأولى)؛ كأن شهدَ أولًا بقرض، وحكم به، ثم شهد ثانيًا بأنه وفاه، قبل (¬5). * قوله: (فكرجوعٍ وأَوْلى) هذا كلام الشيخ تقي الدين (¬6). ¬
غَرِمَ المالَ كلَّه (¬1). وإن بانَ -بعدَ حكم- كُفرُ شاهِدَيْهِ، أو فِسْقُهما (¬2)، أو أَنهما من عَمُودَيْ نسبِ محكومٍ له، أو عَدُوًّا محكومٍ عليه: نُقِضَ (¬3)، ورُجِعَ -بمالٍ، أو ببدلِه، وببدلِ قَوَدٍ مستوفًى- على محكومٍ له. وإن كان الحُكمُ للَّه تعالى؛ بإتلافٍ حِسِّيٍّ، أو بما سَرَى إليه: ضَمِنه مزَكُّونَ: إن كانوا، وإلا (¬4)، أو كانوا فَسَقَةً: فحاكمٌ (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (غرمَ المالَ كلَّه)؛ أي: الشاهدُ الراجعُ. * قوله: (نقض) (¬6)؛ أي: نقضه الإمامُ أو غيرهُ؛ كما في كلام ¬
وإذا عَلم حاكمٌ، بشاهدِ زُور: بإقرارِه، أو تَبَيُّنِ كذبِه يَقينًا: عَزَّرَه -ولو تاب- بما يَراهُ: ما لم يخالِفْ نصًّا، أو معناهُ (¬1)، وطيفَ به في المواضع التي يَشتهِرُ فيها، فيُقالُ: "إنَا وجدناهُ شاهدَ زُورٍ، فاجْتنِبُوهُ" (¬2). ولا يُعزَّرُ بتعارُضِ البَيِّنة، ولا بغلطِه في شهادته، أو رجوعِه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ غيره (¬3)، وفيه نظر، وعبارةُ المصنف تحتمل الحملَ على خصوص الإمام، فهي أسلم، ومقتضى ما سبق أنه ينقضه حاكمُهُ إن كانَ بعدَ إثباتِ السبب (¬4)، فليحرر. * قوله: (بما يراه)؛ أي: الإمامُ تعزيرًا (¬5)؛ كضربٍ، أو حبسٍ، أو كشفِ رأسٍ، ونحوِه (¬6). * وقوله: (ما لم يخالفْ نصًا أو معناه)؛ (كحلق لحيةٍ (¬7)، أو قطعِ طرفٍ، أو أخذِ مال) شرح (¬8). ¬
2 - فصل
ومتى ادَّعى شهودُ قَوَدٍ خطأً: عُزِّروُا (¬1) * * * 2 - فصل ولا تُقبَلُ الشهادةُ إلا بـ: "أَشهَدُ"، أو "شَهدتُ"، فلا يكفي: "أنا شاهدٌ"، ولا: "أعلَمُ"، أو أُحِقُّ (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومتى ادعى شهودُ قَوَدٍ خَطَأً، عُزِّرُوا) لعله قبلَ الاستيفاء، والمصنف تابعٌ للترغيب في إطلاقه (¬3)، أو أن المراد: عُزِّروا مع الغرم إن كانَ بعدَ الاستيفاء؛ ليوافق ما سبق من قوله: "وإن استوفي (¬4)؛ ثم قالوا: أخطأنا، غرموا به ما تلف. . . إلخ". فصلٌ (¬5) * قوله: (ولا تُقبل الشهادةُ إلا بأشهدُ، أو شهدتُ) نطقًا، أو خَطَّأً من غيرِ قادرٍ على النطق -على ما تقدم- (¬6)، فتدبَّر. ¬
ولو قال: "أشهَدُ بما وضعتُ به خطي"، أو مَن تقدَّمَه غيرُه: "أشهَدُ بمثلِ ما شَهِد به"، أو: "ولذلك -أو كذلك- أشهَدُ"، صحَّ في الأخيرتَيْنِ فقط (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بمثلِ ما شهد به)؛ أي: لم يصح فيها، ولا فيما قبلها؛ بدليل بقية (¬2) كلامه (¬3)، فتدبَّر. * قوله: (صح في الأخيرتين فقط)؛ أعني (¬4): قوله: "بذلك، أو كذلك". * * * ¬
11 - باب اليمين في الدعاوى
11 - بابُ اليَمينِ في الدَّعاوَى وهي تَقطعُ الخصومةَ حالًا، ولا تُسقطُ حَقًّا (¬1). ويُسْتَحْلَفُ منكِرٌ في كلِّ حقِّ آدميِّ: غيرِ نكاحٍ ورجعةٍ، وطلاقٍ وإيلاءٍ، وأصلِ رِقِّ؛ كدعوَى رِقِّ لَقِيطٍ، ووَلاءٍ، واستيلادٍ، ونسبٍ، وقذفٍ، وقصاصٍ في غيرِ قَسامَةٍ (¬2). ويُقْضَى -في مالٍ، وما يُقصَدُ به مالٌ- بنُكولٍ (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ اليمينِ في الدَّعاوَى * قوله: (ولا تُسقِط حَقًّا) فتُسمع البينةُ (¬4) بعدَ اليمين (¬5). ¬
ولا يُستحلَفُ في حقٍّ للَّه تعالى؛ كحَدٍّ، وعبادةٍ، وصدقةٍ، وكفارةٍ، ونَذْرٍ (¬1). ولا. . . شاهدٌ وحاكمٌ، ولا وَصِيٌّ على نَفْيِ دَيْنٍ [على] (¬2) موصٍ (¬3). ولا مدَّعًى عليه، بقولِ مُدَّعٍ: "ليَحلفْ: أنه ما حلفني، أني ما أُحلفه" (¬4). ولا مدَّعٍ طَلَبَ يمينِ خصمِه، فقال: "لِيحلفْ: أنه ما أَحْلَفَنِي" (¬5). وإنِ ادَّعَى وَصِيٌّ وصيةً للفقراء، فأنكَر الوَرَثَةُ: حُلِّفوا، فإن نَكَلوا: قُضيَ عليهم (¬6). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا شاهدٌ) عطفٌ [على] (¬7) الضمير المستتر في "يستحلف" من قوله: (ولا يُستحلف) العائد إلى المنكر، والفاصل موجود (¬8). ¬
ومن حلَف على فعلِ غيرِه، أو دعوَى عليه في إثباتٍ، أو فعلِ نفسِه، أو دعوَى عليه: حلَف على البَتِّ (¬1). ومن حلَف على نفيِ فعلِ غيرِه، أو نفِيِ دعوَى عليه: فعلى نَفْيِ العِلم (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومن حلف على فعلِ غيرِه، أو دعوى عليه في إثباتٍ. . . إلخ) هذه العبارة تشتمل على ثمان صور: الأولى: [الحلف] (¬3) على فعل نفسِه إثباتًا؛ كأن يدَّعي زيدٌ على عمرٍو أنه قضاه دَيْنَه، ويقيمَ بذلك شاهدًا، فيحلف معه. الثانية: الحلفُ على فعلِ نفسِه نفيًا؛ كأن يدَّعي على زيدٍ أنه غصب ونحوه، فينكر، ويحلف. الثالثة: الحلف في دعوى عليه إثباتًا؛ كأن يدَّعي على زيد أن هذه العينَ التي بيده ليست له، فيحلف أنها ملكُه، ولا يكفي في هذه الصورة قولُه [له] (¬4): واللَّهِ لا أعلم إلا أنها ملكي. الرابعة: الحلفُ في دعوى عليه نفيًا؛ كأن يدَّعي على زيد مئة درهم دَيْنًا، فيحلف على نفيها. هذه الأربع (¬5) هي المتعلقةُ بنفس الحالف، والحلفُ فيها كلِّها على البَتِّ. ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأما الصورُ الأربعُ الأخرى المتعلقة بالغير، فأولها، وهي الخامسة: الحلفُ على فعل الغير إثباتًا؛ كأن يدَّعي زيدٌ أن عمرًا باعه، أو وهبه كذا، ويقيم شاهدًا، فيحلف معه. والسادسة: الحلف على فعل الغير نفيًا؛ كأن يدَّعِيَ على شخص أن أباه (¬1) غصبَ، ونحوِه، فينكره، ويحلف. والسابعة: الحلفُ على دعوى على الغير إثباتًا (¬2)؛ كأن يدعي زيدٌ دينًا على عمرٍو، ويقيمَ شاهدًا، فيحلف معه. والثامنة: الحلفُ في دعوى [على] (¬3) الغير نفيًا؛ كأن يدعي على مورثه (¬4) دينًا، فينكره. والحلفُ في هذا القسم على البَتِّ في الإثبات، وعلى نفي العلم في النفي. واللَّه أعلم. وبخطه: قوله: (في إثبات) متعلق بكلٍّ من "فعل"، و"دعوى"، واحترز به عن فعل غيره، أو دعوى عليه في حالة النفي؛ فإنه إنما يحلف على نفي العلم -كما يأتي-، وعلم من إطلاق قوله: "أو فعل نفسه، أو دعوى عليه": أنه يحلف فيه على البَتِّ، سواءٌ كان في إثباتٍ، أو نفيٍ، وهو ظاهر، والصورُ حينئذٍ ثمان، فتنبه [لها] (¬5). ¬
1 - فصل
ورقيقُه كأجنبيٍّ: في حَلِفِه على نَفْيِ عِلْمِه (¬1). وأما بهيمتُه، فما يُنسَبُ إلى تقصيرٍ وتفريطٍ: فعلى البَتِّ، وإلا: فعلى نفيِ العِلم (¬2). ومن توجَّهَ عليه حَلِفٌ لجماعةٍ: حلَف لكلِّ واحدٍ يمينًا، ما لم يَرضَوْا بواحدةٍ (¬3). * * * 1 - فصل وتجزئُ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فما (¬4) ينسب إلى تقصيرٍ أو تفريطٍ)؛ (أي: فيه؛ كمن ادعى أن بهائمَ زيدٍ أفسدت زرعَه ليلًا بلا حبس، فأنكرها ربُّها) شرح (¬5). فصلٌ (¬6) ¬
باللَّه تعالى وحدَه (¬1). 1 - ولحاكمٍ تغليظُها (¬2) فيما فيه خطرٌ؛ كجنابةٍ لا توجب قَوَدًا، وعِتْقٍ، ونِصابِ زكاة (¬3) بلفظٍ: كـ "واللَّهِ الذي لا إلَه إلا هو عالمُ الغيبِ والشهادةِ، الرحمنُ الرحيم، الطالبُ الغالبُ، الضارُّ النافعُ، الذي يعلم خائنةَ الأعيُنِ وما تُخفِي الصدورُ" (¬4). ويقولُ يهوديٌّ: "واللَّهِ الذي أنزل التَوراةَ على موسَى، وفَلَق له البحرَ، وأنجاهُ من فِرعَونَ ومَلَئِهِ! " (¬5). ويقولُ نَصرانيٌّ: "واللَّهِ الذي أنزلَ الإنجيلَ على عيسَى، وجعَلَه يُحيي الموتَى، ويُبُرِئُ الأَكْمَهَ والأَبْرَصَ! " (¬6). ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
ويقولُ مَجُوسيٌّ ووَثَنِيٌّ: "واللَّهِ الذي خلَقني وصوَّرني ورزقني! " (¬1). ويَحلِفُ صابِئٌ، ومن يَعبُد غيرَ اللَّه تعالى: بـ "اللَّهِ تعالى" (¬2). 2 - وبزَمنٍ: كبَعْدِ العصرِ، أو بَيْنَ أَذانٍ وإقامةٍ (¬3). 3 - وبمكانٍ: فبمَكَّةَ: بينَ الرُّكْنِ والمَقامِ، وبالقُدْس: عندَ الصَّخْرةِ، وببقيةِ البلادِ: عندَ المِنْبَرِ (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ومن يعبد غيرَ اللَّه تعالى)؛ أي: من غير الأوثان؛ كعابد النار. * قوله: (وبقية البلاد عند المنبر)، ومنه: المدينة المنورة؛ بدليل الحديث المستدلِّ به في الشرح (¬5). ¬
ويحلفُ ذِمِّيٌّ: بموضعٍ يُعظمُه (¬1). 4 - زاد بعضُهم: "وبهَيْئةٍ"؛ كتحليفِه قائمًا مستقبِلَ القِبلةِ. ومن أبَى تغليظًا: لم يكن ناكِلًا (¬2). وإنْ رأى حاكمٌ تَرْكَه، فتَرَكَهُ: كان مُصيبًا (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . * * * ¬
36 - كتاب الإقرار
36 - كِتَابُ الإِقْرَارِ
(36) كِتَابُ الإِقْرَارِ وهو: إظهارُ مكلَّفٍ مُختارٍ ما عليه -بلفظٍ، أو كتابةٍ، أو إشارةِ أخرَسَ-، أو على موكِّلِه، أو مُوَلِّيه أو مُوَرِّثِه، بما يمكنُ صدقُه. وليسَ بإنشاءٍ (¬1). فيصحُّ -ولو مع إضافةِ الملكِ إليه (¬2) -. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كِتَابُ الإِقْرَارِ * قوله: (أو على موكِّلِه، أو مُوَلِّيهِ) (¬3)؛ أي: فيما يملك إنشاءه (¬4)؛ لأن من ملكَ إنشاءَ شيء، ملكَ الإقرارَ به (¬5). * قوله: (ولو مع إضافة الملكِ إليه) ظاهرُ التفريعِ: أنه لو كان أنشأ، لم يصح معَ إضافة الملك إليه، وفي وجهه خفاءٌ (¬6). ¬
ومن سكرانَ (¬1)، أو أخرسَ بإشارةٍ معلومةٍ (¬2)، أو صغيرٍ (¬3)، أو قِنٍّ: أُذِن لهما في تجارةٍ -في قدر ما أُذِن لهما فيه (¬4) -، لا [مِنْ] (¬5) مُكْرَهٍ عليه (¬6)، ولا بإشارةِ مُعْتقَلٍ لسانُه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وأخرس بإشارةٍ) هذا يغني عنه قوله: في التعريف "أو إشارة أخرس"، وكأنه أعاده؛ للتنبيه على القيد، وهو معلوم (¬7). * قوله: (لا مُكْرَه) هذا مفهوم من قوله: "مختار"، فلا حاجة إليه. * قوله: (ولا بإشارة معتقَلٍ لسانُه) انظر: ما الفرقُ بينه وبينَ الأخرس، وقد يفرق بأن هذا مرجُوَّ الزوالِ دون الخرسِ (¬8)؟. وبخطه: وأما بالكتابة (¬9)، فإنها تصح منه؛. . . . . . ¬
بمتصوَّرٍ من مُقِر التزامُه، بشرطِ كونِه بيدِه وولايتِه واختصاصه، لا معلومًا (¬1). وتُقبَلُ دعَوَى إكراهٍ بقرينةٍ؛ كتوكيلٍ به، أو أخذِ مالِه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كالقادر على النطق، وأولى (¬2). * قوله: (بمتصور من مقر التزامه) هذا معنى قوله: "بما يمكن صدقه" (¬3). * [قوله] (¬4): (واختصاصه) (لعل المراد: بما في اختصاصه ما في يد القنِّ المأذونِ له في التجارة -على ما تقدم-، ويأتي) حاشية (¬5). * قوله: (لا معلومًا)؛ أي: لا يُشترط كونُ المقَرِّ به معلومًا، فيصحُّ بالمجهول -كما يأتي (¬6) -. * قوله: (كتوكيل) (¬7) المرادُ به: الترسيم عليه، هـ، ونحوه؛ كالحبس -على ما في الحاشية (¬8) -. ¬
أو تهديدِ قادرٍ (¬1). وتُقدَّمُ بيِّنةُ إكراهٍ على طَوَاعِيَةٍ (¬2). ولو قال مَنْ ظاهرُهُ الإكراهُ: "علمْتُ أَني لو لم أُقِرَّ -أيضًا- أَطلَقُوني، فلم أكنْ مكرَهًا": لم يصحَّ؛ لأنه ظنٌّ منه، فلا يُعارِضُ يقينَ الإكراهِ (¬3). ومن أُكرِهَ لِيُقِرَّ بدرهمٍ، فأقَرَّ بدينارٍ، أو لزيدٍ، فأقَرَّ لعَمرٍو، أو على وزنِ مالٍ، فباع دارَه ونحوَه في ذلك: صَحّ (¬4)، وكُره الشرَاء منه (¬5). ويصحُّ إقرارُ صبيٍّ: "أنه بَلَغ باحتلامٍ" إذا بَلَغ عَشْرًا (¬6). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لم يصحَّ)؛ أي: لم يُقبل، ولم يؤاخذ بمقتضاه، بل هو مُكْرَه؛ كما يؤخذ من بقية كلامه. * قوله: (أو على وزنِ مالٍ، فباع دارَه ونحوَها) مقتضاه: ولو كان غيرَ قادرٍ على تحصيل ما أكُره عليه من غير ثمنِ ذلك المبيع، والظاهر: أنه غيرُ مراد. * قوله: (إذا بلغ عشرًا)؛. . . . . . ¬
ولا يُقبل بسنٍّ إلا ببيِّنة (¬1). وإن أقَرَّ بمالٍ، وقال بعدَ بلوغِه: "لم أكنْ حينَ إقراري بالغًا"، لم يُقبَلْ (¬2). وإن أقَرَّ من شُكَّ في بلوغِه، ثم أنكَر بلوغَه حالَ الشكِّ: صُدِّق بلا يمينٍ (¬3). وإن ادَّعى: "أنه أنْبَت بعلاجٍ، أو دواءٍ، لا ببلوغٍ"، لم يُقبَلْ (¬4). ومَنِ ادَّعَى جُنونًا. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أي: تَمَّ له عشرٌ (¬5). * قوله: (ولا يُقبل بسِنّ)؛ أي: أنه تم له خمس عشرة سنة (¬6). * [قوله] (¬7): (إلا ببينة) مقتضاه: أنه لا يكفي في ذلك الكتابةُ؛ كوجود (¬8) ¬
لم يُقبَلْ إلا ببيِّنةٍ (¬1). والمريضُ -ولو مرَضَ الموتِ المخُوفَ- يصحُّ إقرارُه بوارثٍ (¬2)، وبأَخْذِ دَيْنٍ من غيرِ وارثٍ، وبمالٍ له (¬3). ولا يُحَاصُّ مُقَرٌّ له غُرمَاءَ الصِّحَّة (¬4). لكنْ لو أقَرَّ -في مرضِه-. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ خط أبيه بوقت ولادته. * قوله: (ولا يُحَاصُّ (¬5) مُقَرٌّ لَهُ غرماءَ الصحةِ)؛ أي: بل يبدأ بغرماءِ (¬6) الصحة، فغير ماءِ (¬7) المرض (¬8). ¬
بِعَيْنٍ، ثم بِدَيْنٍ، أو عكسه: فرَبُّ العينِ أَحَقُّ (¬1). ولو أعتَق عبدًا لا يملكُ غيرَه -أو وهبَه، ثم أقَرَّ بدَيْنٍ-، نَفَذ عتقُه، وهِبَتُه، ولم يُنقَضا بإقرارِه (¬2). وإن أقَرَّ بمالٍ لوارثٍ: لم يقبلْ إلا ببيِّنةٍ (¬3)، أو إجازةٍ (¬4). فلو أقَرَّ لزوجتِه بمهرِ مثلِها: لزمَهُ بالزوجِيَّةِ، لا بإقرارِه (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فربُّ العينِ أحقُّ)؛ لأن إقراره بالعين يتعلَّق بذاتها، وبالدَّيْن (¬6) يتعلق بالذمَّة، والأولُ (¬7) أقوى، ولهذا لو أراد بيعَها لم يصح (¬8)، ومنع منه لحقِّ ربها. كذا في الشرح (¬9). ¬
وإن أقَرَّ لها بدَينٍ، ثم أبانهَا، ثم تزوَّجها: لم يُقبَلْ (¬1). وإن أقَرَّتْ: "أنها لا مهرَ لها": لم يصحَّ، إلا أن يُقيمَ بينةً بأخْذِه، أو إسقاطِه. وكذا حُكمُ كُلِّ دَينٍ ثابتٍ على وارثٍ (¬2). وإن أقرَّ لوارثٍ وأجنبيٍّ: صَحَّ للأجنبيِّ (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ثم أبانها)؛ أي: أو لم يُبِنْها. * وقوله: (ثم تزوَّجَها)؛ يعني: أو لم يتزوجها؛ لأن الاعتبارَ بحال (¬4) الإقرار، وهو حينئذ إقرارٌ لوارثٍ، فما ذكره في المحلين لا محترزَ له؛ [كما] (¬5) نبه عليه في الشرح (¬6). * قوله: (إلا أن يقيم بينةً بأخذِه)؛ أي: أخذِها المهرَ (¬7)، فهو من إضافة المصدر لمفعوله. * قوله: (صحَّ للأجنبي)؛ أي: صحةً غيرَ متوقفة على إجازةِ الورثة، ولا على ¬
والاعتبارُ: بحالةِ إقرارِه (¬1). فلو أقَرَّ لوارثٍ، فصار -عندَ الموتِ- غيرَ وارثٍ: لم يَلزَمْ (¬2). وإن أقَرَّ لغيرِ وارثٍ: لَزِم، ولو صار وارثًا (¬3). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ إقامة بينةٍ؛ أخذًا مما سلف (¬4). * قوله: (فصار عندَ الموت غيرَ وارثٍ)؛ كمن أقرَّ لأخيه، فحدث له ابنٌ يحجُبُه، أو قام به مانعٌ (¬5). * قوله: (لم يلزم)؛ لاقتران التهمة به حين وجوده (¬6). * قوله: (لزمَ، ولو صار وارثًا)؛ (لوجود الإقرار من أهله خاليًا عن التهمة، ولم يوجد ما يسقطه) شرح (¬7). ¬
1 - فصل
1 - فصل وإن أقَرَّ قِنٌّ -ولو آبِقًا- بِحَدٍّ، أو قَوَدٍ، أو طَلاقٍ، ونحوِه: صَحَّ. وأُخِذ به في الحال، ما لم يكنِ القودُ في نفسٍ: فبعدَ عتقٍ (¬1). فطلَبُ جوابِ دعواهُ منه ومن سيدِه جميعًا (¬2). ولا يُقبَلُ إقرارُ سيدِه عليه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصلٌ (¬3) * قوله: (ما لم يكنِ القَوَدُ في نفسٍ)؛ أي: (ويكذِّبُه سيدُه) شرح (¬4). * قوله: (فَطَلَبُ (¬5) جوابَ دعواه)؛ أي: القودَ في النفسِ (¬6). * قوله: (منه ومن سيده جميعًا)؛ لأنه لا يصحُّ من أحدِهما على الآخر (¬7). ¬
بغيرِ ما يوجِبُ مالًا فقط (¬1). وإن أقَرَّ غيرُ مأذونٍ له بمالٍ، أو بما يُوجِبُه، أو مأذونٌ له بما لا يَتعلق بالتجارة: فكَمَحْجورٍ عليه: يُتْبَعُ به بعدَ عتقِه (¬2). وما صَحَّ إقرارُ قِنٍّ به، فهو الخَصمُ فيه، وإلا: فسيدُه (¬3). وإن أقَرَّ مكاتَبٌ بجنايةٍ: تعلقتْ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بغير (¬4) ما يوجِبُ مالًا فقط)؛ كالعقوبة، والطلاق، والكفارة (¬5). * قوله: (وإلا، فسيدُه) عمومُ "إلَّا" (¬6) يعارضُ ما قبلَه (¬7) مما الخصمُ فيه القِنُّ والسيدُ معًا، فينبغي حملُه على بعض أفراده (¬8)، فتدبَّر. * قوله: (تعلَّقَتْ)؛ أي: الجنايةُ؛ أيْ (¬9): أَرْشُها (¬10). ¬
بذمَّتِه ورقبتِه (¬1)، ولا يُقبَلُ إقرارُ سيدِه عليه بذلك (¬2). و. . . قِنٌّ بسرقةِ مالٍ بيده، وكذَّبه سيدُه: قُبِل في قَطْعٍ، دونَ مالٍ (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بذمَّته ورقبته)؛ أي: فإن عتق، أتبع بها بعد العتق، وإلا، فهي في رقبته (¬4)، فيخير السيد في ذلك -على التفصيل السابق في بابه-. * قوله: (قيل في قطع)؛ أي: ويقطع (¬5) في الحال -على قياس ما قدَّمه أول الفصل (¬6) -؛ خلافًا لبعضهم (¬7)، ولا وجهَ له. * قوله: (دونَ مالٍ) مقتضى المقابلة: أنه لا يقبل، وهو مخالفٌ لما أسلفه في قوله: "وإن أَقَرَّ غيرُ مأذونٍ [له] (¬8) بمالٍ. . . إلخ" من أنه يتبع به بعد العتق، ¬
وإن أقرَّ غيرُ مُكاتَبٍ لسيدِه، أو سيدُه له بمالٍ: لم يصحَّ (¬1). وإن أقَرَّ: "أنه باعَهُ نفسَه بأَلْفٍ": عَتَق، ثم إن صَدَّقه: لزمَهُ، وإلا: حلَف (¬2). والإقرارُ لِقنٍّ غيرِه: إقرارٌ لسيدِه (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ ولذلك حمله شيخنا في حاشيته على ذلك ابتداءً، ولم يلتفت إلى ما يقتضيه سياقُ الكلام، فقال: (فلا يؤخَذ بالمال في الحال، بل بعد العتق). انتهى (¬4). فتدبَّر. * [قوله] (¬5): (لم يصحَّ) (أما في الأولى، فلأنه لم يُفِدْ شيئًا؛ لأنه لا يملكُ شيئًا يُقِرُّ به، وأما في الثانية، فلأن مالَ العبدِ لسيده، ولا يصح إقرارُ الإنسانِ لنفسه) شرح (¬6). * قوله: (وإن أقرَّ أنه باعه نفسَه. . . إلخ)؛ أي: لا على وجه الكتابة، وإلا، لتوقف على الاعتراف باستيفاء النجوم، فيحمل على صورة الافتداء. * قوله: (والإقرارُ لقِنٍّ غيرِه إقرار لسيدِه)؛ يعني: فيفصل في ذلك السيد بين ¬
و. . . لمسجدٍ، أو مقبَرةٍ، أو طريقٍ ونحوِه: يصحُّ -ولو أطلَق (¬1) -. ولا يصحُّ لدارٍ إلا مع السببِ، ولا لبهيمةٍ إلا إن قال: "عليَّ كذا بسببها" (¬2). و. . . لمالِكها: "عليَّ كذا بسببِ حَمْلِها"، فانفَصلْ ميتًا، وادَّعَى: "أنه بسببه" صح. وإلا: فلا (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ كونه وارثًا، أو غيرَ وارث، ولكلٍّ حكمه (¬4) -على ما سبق-، فتدبَّر. * [قوله: (ولو أطلق)؛ أي: لم يبين السبب؛ بدليل المقابلة] (¬5) (¬6). * قوله: (ولا لبهيمة) لعله: ما لم تكن حبيسًا. * قوله: (بسبب حملها)؛ أي: بسبب جناية على حملها. * قوله: (وإلَّا فلا)؛ أي: وإن (¬7) لم ينفصل بالمرة؛ لأن السالبة تصدق بنفي ¬
ويصحُّ لحَمْلٍ بمالٍ، فإن وُضعَ مَيْتًا، أو لم يكنْ حَمْلٌ: بَطَلَ (¬1). وإن وَلَدَتْ حيًّا وميتًا: فللحيِّ: وحيَّيْنِ، فلهما بالسَّوِيَّة -ولو ذكرًا وأنثى- ما لم يَعزُه إلى ما يُوجِبُ تَفاضُلًا؛ كإرثٍ أو وصيةٍ يَقتضيانِه: فيُعمَلُ به (¬2). و: "له عليَّ ألفٌ جعلتُها له"، أو نحوَه: فوَعْدٌ (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ الموضوع، أو انفصل حيًا أو ميتًا، لكن لم يأت في صيغة الإقرار بقوله: بسبب حملها، أو لم يدع مالكها أنه بسببه (¬4). * قوله: (كإرث)؛ أي: كإرثٍ يقتضي تفاضلًا (¬5)، فلا يرد الإخوة لأم (¬6). * قوله: (فَوَعْدٌ)؛ أي: لا يلزمه به شيء (¬7)، ومقتضى ما يأتي: فيما إذا وصل ¬
و: "له عليَّ ألفٌ أَقْرَضَنِيهِ"، يَلزمُه، لا إن قال: "أقرَضني ألفًا" (¬1). ومن أقَرَّ لمكلفٍ بمالٍ في يدِه -ولو برقِّ نفسِه، أو كان المقِرُّ به قِنًّا- فكذّبَه المُقَرُّ له: بَطَلَ، ويُقَرُّ بيدِ المقِرِّ (¬2). ولا يُقبَلُ عَوْدُ مُقَرٍّ له، إلى دعواهُ (¬3). وإن عاد المقِرُّ، فادَّعاهُ لنفسِه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بإقراره ما يغيره (¬4) أنه يكون إقرارًا بالألف، فيلزمه، ويلغو [قوله: "جعلتها له"، وهو قياس التي بعدها، فتدبر. * قوله: (يلزمه)، ويلغو] (¬5) قوله: "أقرضَنيه" (¬6). * قوله:، (لا إن قال: أقرضني ألفًا)؛ لأنه لا يتصور منه قرض (¬7). * قوله: (ولو برقِّ نفسِه)؛ أي: إذا كان مجهولَ النسب -كما تقدم (¬8) -. ¬
2 - فصل
أو لثالثٍ: قُبِل (¬1). * * * 2 - فصل ومن تزوَّجَ من جُهِلَ نسبُها، فَأقَرَّتْ برِقٍّ: لم يُقبل مُطْلَقًا (¬2). ومن أقرَّ بولدِ أَمَتِه: "أنه ابنُه"، ثم ماتَ ولم يُبَيِّنْ: هل حَمَلتْ به في مِلكِه، أو غيرِه؟ لم تَصِرْ به أُمَّ ولدٍ، إلا بقرينةٍ (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو لثالثٍ) (¬4)؛ أي: إن صدقه الثالثُ -قال قياس ما سبق (¬5) -. فصلٌ (¬6) * قوله: (مطلقًا)؛ أى: لا عليها، ولا على أولادها، ولا زوجها (¬7). ¬
وإن أقَرَّ رجلٌ بأُبُوَّةِ صغير، أو مجنونٍ، أو بأَبٍ، أو زوجٍ، أو مولًى اعتَقَه: قُبِل إقرارُه -ولو أسقط به وارثًا معروفًا- إن أمكنَ صدقُه،، لم يَدفعْ به نسبًا لغيره، وصدَّقه مُقَرٌّ به (¬1)، أو كان ميتًا (¬2). ولا يُعتَبرُ تصديقُ ولدٍ مع صغرٍ أو جنونٍ (¬3). ولو بلَغَ وعقَلَ، وأنكَر: لم يُسمَع إنكارُه (¬4). ويَكفِي في تصديقِ والدٍ بولدٍ، وعكسِه سكوتُه: إذا أقَرَّ به. ولا يُعتَبرُ في تصديقِ أحدِهما تَكرارُه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو زوج) المرادُ به: الزوجة؛ لأن صدرَ المسألة "أقر رجلٌ"، والشارح حول العبارة، فقال: (أو شخص بأبٍ، أو أقرت امرأة بزوج. . . إلخ) (¬5)، فتدبَّر. ¬
فيَشهَدُ الشاهدُ بنَسبِهما، بدُونِه (¬1). ولا يصحُّ إقرارُ مَنْ له نسبٌ معروفٌ، بغير هؤلاءَ الأربعةِ، إلا ورثةً أقرُّووا بمن لو أقَرَّ به مورِّثُهم: ثبتَ نسبُه (¬2). ومن ثبتَ نسبُه، فجاءت أُمُّه -بعدَ موتِ مقِرٍّ-، فادَّعتْ زوجِيَّتَه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بدونه)؛ أي: بدون تكرير التصديق بالسكوت (¬3). * قوله: (ولا يصح إقرارُ مَنْ له نسبٌ معروفٌ بغيرِ هؤلاءِ الأربعةِ) (وهم: الأبُ، والابن، والزوجُ، أو الزوجةُ، والمولَى المعتَقُ) حاشية (¬4). * قوله: (إلا ورثةً أقروا بمن لو أقرَّ به مورِّثُهم، ثبتَ نسبُه)؛ (كبنين بابن، وإخوة بابن للميت؛ لعدم التهمة) حاشية (¬5). * قوله: (فجاءت أُمُّه)؛ أي: أم مَنْ ثبت نسبُه من المقر. * قوله: (فادَّعَتْ زوجيَّتَه) (¬6)؛ أي: أنها زوجة للمقر (¬7). ¬
أو أختُه غيرُ توأَمته البُنُوَّةَ: لم يثبُت بذلك (¬1). ومن أقَرَّ بأخٍ في حياةِ أبيه، أو بِعَمِّ في حياةِ جَدِّه، لم يُقبَلْ (¬2). و. . . بعد موتِهما -ومعَه وارثٌ غيرُه- لمَ يَثْبُتِ النسَبُ، وللمُقَرِّ له -من الميراث- ما فضَل بيدِ مقِرٍّ، أو كُلُّه: إن أسقَطه. وإلَّا: ثبت (¬3). وإن أقَرَّ مجهولٌ نسبُه -ولا وَلاءَ عليه- بنسبِ وارثٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو أختُه غيرُ توءَمَتِه البنوَّةَ)؛ أي: وادَّعت البنوة؛ أي: أنها بنتٌ للمقِرِّ (¬4). * قوله: (لم يقبل)، لأنه يلزم (¬5) عليه أن يلحق بكلٍّ من الأب والجد (¬6) نسبُ مَنْ لم يُقِرَّا (¬7) به (¬8). * قوله: (وإلا ثبتَ)؛ أي: وإن لم يكن معه وارثٌ غيرُه، ثبتَ النسبُ (¬9). ¬
حتى أخٍ وَعمٍّ، فصدَّقَه، وأمكن: قُبِل، لا معَ ولاءٍ حتى يصَدِّقَه مولاه (¬1). ومَنْ عندَه أَمَةٌ: له منها أولادٌ، فأقَرَّ بها لغيره: قُبل عليها، لا على الأولاد (¬2). ومن أقَرَّتْ نكاحًا على نفسها -ولو سفيهةٌ، أو لاثنين- قُبِل (¬3). فلو أقاما بيِّنتَيْن: قُدِّم أسبقُهما، فإن جُهِل. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (قبل عليها، لا على الأولاد)؛ لاحتمال أن يكون تزوجها من المقر له، واشتراط حرية الأولاد، أو غُرَّ بها، أو وطئها بشُبهة؛ فإن الحريةَ ثابتةٌ للأولاد في هذه الصور كلِّها، مع ثبوتِ رِقِّيَّةِ الأمِّ، فلا تلازُمَ (¬4) بينَ الإقرارِ برقية الأم، [و] (¬5) رقية الولد، وحَمَلَ القاضي المسألة على أنه وطئَ أَمَةً يعتقد ملكَه لها، ثم علمَها ملكَ غيرِه، نقله عنه شيخُنا في شرحه (¬6)، وقد علمت أن ذلك الحمل ¬
فقولُ ولِيٍّ (¬1)، فإن جَهِلَه: فُسِخا (¬2). ولا ترجيحَ بيدٍ (¬3). وإن أقَرَّ به عليها وليُّها -وهي مُجْبَرةَ، أو مُقِرَّةٌ بالإذن- قُبِل (¬4). ومن ادَّعَى نكاحَ صغيرةٍ بيدِه: فسَخَه حاكمٌ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ليس بمتعين؛ لأنه يرجع إلى خصوصِ الشُّبهة. * قوله: (ولا ترجيحَ بيدٍ)؛ (لأن الحر لا [تثبت] (¬5) عليه اليدُ) شرح (¬6). * قوله: (فسخه حاكمٌ) (¬7) لعل المراد: فرّق بينهما؛ بدليل قوله الآتي: "ثم إن صَدَّقته إذا بلغَتْ، [قبل (¬8)] " (¬9)، فتدبر. ¬
ثم إن صَدَّقَتْه -إذا بلَغتْ-، قُبل (¬1). فدَلَّ أن مَنِ ادَّعتْ: "أن فلانًا زوْجُها"، فأنكَر، فطلَبتْ الفُرْقَةَ: يُحكمُ عليه (¬2). وإن أقَرَّ رجلٌ أو امرأةٌ بزوجيَّةِ الآخَرِ، فسكت، أو جَحَدَه، ثم صدَّقهَ: صحَّ، ووَرِثَه، لا: إن بقيَ على تكذيبِهِ حتى ماتَ (¬3). وإن أقَرَّ ورثةٌ بدَيْنٍ على مُوَرِّثهِمْ: قَضَوْه من تَرِكَتِه (¬4). وإن أقَرَّ بعضُهم -بلا شهادةٍ-، فبقدرِ إرثهِ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ثم إن صدَّقته إذا بلغت، قُبل) فيه: أن الاعتبار في الإقرار بحالته، وحالة الإقرار قد صرح بأنه يفسخ. وقد يقال: إنا إنما قلنا بأن الفرقة تتوقف على فسخ الحاكم؛ لاحتمال صدقه، ويحمَل (¬5) قوله: "ثم إن صدَّقته إذا بلغَتْ، قُبل" على ما إذا لم يكنْ قد فسخه الحاكم، وإلَّا، فقد تقدم أن فسخ الحاكم طلاقٌ بائن، إلا أن يحمل قوله: "والاعتبار في الإقرار بحالته": على ما يتعلق بالإرث خاصة، فتدبَّر. ¬
إن وَرِث النصفَ: فنصفُ الدَّين؛ كإقرارٍ بوصيةٍ (¬1). وإن شهدَ منهم عدلانِ -أو عدلٌ، وحلَف معه-، ثبتَ (¬2). ويُقدَّمُ ثابتٌ ببيِّنَةٍ (¬3)، فبإقرارِ ميتٍ -على ما أقَرَّ به وَرثَةٌ- (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ أو يحمَل قولُه: (فسخَه حاكمٌ) على معنى فَرَّقَ بينهما، لا على الفسخِ الاصطلاحي الذي يكون في حكم الطلاقِ البائنِ، فليحرَّرْ. * قوله: (حلف معه)؛ أي: ربُّ الدين، أو الوصيةِ (¬5). * * * ¬
1 - باب ما يحصل به الإقرار، وما يغيره
1 - باب ما يَحْصُلُ به الإقرارُ، وما يُغَيِّرُهُ من ادُّعِيَ عليه بألفٍ، فقال: "نعَمْ، أو أَجَلْ، أو بَلَى"، أو: "صَدَقْتَ"، أو "أنا -أو إني- مُقِرٌّ به"، أو "بدعواكَ" (¬1) أو: "مُقِرٌّ" فقط، أو "خُذْها، أو اتَّزِنْهَا، أو اقِبْضْها، أو أَحْرِزْها"، أو: "هي صحاحٌ" (¬2)، أو: "كأني جاحدٌ لكَ، أو كأني جحدتُك حَقَّكَ"، فلقد أقَرَّ (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ ما يَحْصُلُ بهِ الإِقرارُ، وما يُغَيِّرُهُ * قوله: (أو خُذْها) (¬4)؛ أي: من غير ضميرٍ يعود على المدَّعَى به؛ لاحتمال أن يكون مراده: "خذِ الجوابَ مني"، وهذا هو الفارقُ بينه وبين ما قبلَه، فتدبَّر. * قوله: (فقد أقَرَّ)؛ لأنه مثبت (¬5) لإقراره بالعلم به؛ إذ ما في علمه لا يحتمل ¬
لا إن قال: "أنا أُقِرُّ"، أو: "لا أنُكِرُ" (¬1)، أو "يجوز أن يكونَ محِقًّا، أو: عسَى، أو لعلَّ، أو أظُنُّ، أو أحسِبُ، أو أقَدِّرُ"، أو: "خُذ، أو اتَّزِنْ، أو أَحْرِزْ"، أو: "افتَحْ كُمَّكَ" (¬2). و: "بَلَى" -في جوابِ: "أليسَ لي عليكَ كذا؟ "- إقرارٌ (¬3)، "نعم"، إلا من عامِّيٍّ. وإن قال: "اقضِني دَيني عليكَ أَلْفًا، أو: اشترِ، أو أَعْطِني، أو سَلِّمْ إليَّ -ثوبِي هذا، أو فرسِي هذه"، أو: ". . . ألفًا من الذي عليكَ"، أو: "هل لي- أو: أَلي عليكَ ألفٌ؟ "، فقال: "نَعَمْ"، أو: "أمهِلني يومًا حتى أفتحَ الصُّندوقَ"، أو عليَّ ألفٌ إن شاء اللَّه، أو لا يَلزمُني إلا أَنْ يشاءَ اللَّهُ، أو: إلَّا أن يشاءَ زيدٌ، أو: إلا أن أقومَ، أو: في علمي، أو عِلمِ اللَّه، أو "فيما أعلَمُ" -لا: "فيما أظُنُّ"-، فقد أقَرَّ (¬4). وإن علق بشرطٍ، قُدِّم. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ غيرَ الوجوب؛ بخلافِ الظنِّ؛ فإنه يستعمل في الشكّ. ¬
كـ: "إن قَدِمَ زيدٌ -أو شاءَ، أو جاءَ رأسُ الشهرِ-، فله عليَّ كذا"، أو: "إن شَهد به زيدٌ، فهو صادقَ" لم يكن مُقِرًّا (¬1). وكذا إن أُخِّر، كـ "له عليَّ كذا إن قدِمَ زيدٌ، أو شاءَ، أو شَهِدَ به، أو جاءَ المطرُ، أو قمتِ" (¬2). إلا إذا قال (¬3): "إذا جاء وقتُ كذا" (¬4). ومتى فسَّره بـ "أجلٍ"، أو "وصيةٍ": قُبِل بيمينه؛ كمن أقَرَّ بغيرِ لسانه. وقال: "لم أدْرِ ما قلتُ" (¬5). وإن رجَع مُقِرٌّ بحقِّ آدمِيٍّ، أو زكاةٍ، أو كفارَةٍ: لم يُقبَلْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (كمن أقرَّ بغيرِ لسانه)؛ أي: لغتِه (¬6). * قوله: (وقال: لم أدرِ ما قلتُ)؛ أي: فإنه يقبل منه ذلك بيمينه (¬7). ¬
1 - فصل فيما إذا وصل به ما يغيره
1 - فصلٌ فيما إذا وَصَلَ به ما يُغَيِّرُهُ إذا قال: "له عليَّ -من ثمنِ خمرٍ- ألفٌ": لم يلزمْهُ (¬1). و: "له عليَّ ألفٌ من مُضَارَبَةٍ، أو وَدِيعَةٍ (¬2)، أو لا يلزمُني، أو قبَضَهُ، أو استَوْفَاه (¬3)، أو من ثمنِ خمرٍ (¬4)، أو ثمنِ مَبيعٍ لم أقبضْه، أو تَلِف قبلَ قبضِه (¬5)، أو مُضارَبةٍ تَلِفتْ، وشُرط عليَّ ضمانُها (¬6). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصلٌ (¬7) فيما إذا وَصَلَ به ما يُغَيِّرُهُ كان الظاهرُ في الترجمة أن يقول: فيما إذا وصل به ما يغيره، أو وصلَه بما يغيره؛ لأنه تعرض للقسمين، بل أول كلامه من القسم الذي لم يترجم [له] (¬8). * قوله: (أو قبضه، أو استوفاه)؛ (أي: قال: "له عليّ ألفٌ قبضَه، أو استوفاه"، كان مقرًا؛ لأنه رفع للجميع ما أقر به، فلم يقبل؛ كاستثناء الكل، وكذا في الوجيز). ¬
أو بكَفالةٍ على أنِّى بالخيار"، لزمه (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ قال شارحه: وذكر القاضي: أنه يقبل، قال (¬2): وحكاه (¬3) ابنُ هُبيرة (¬4) عن أحمد، وذكر أنه احتج في ذلك بمذهب ابنِ مسعود. انتهى. فعلمت أن هذه المسألة هي الآتية في كلامه في قوله: "وإن وصَلَه بقوله: ¬
و: "له -أو كان له- عليَّ كذا"، ويَسكُتُ، إقرارٌ (¬1). وإن وَصَلَه بقوله: "وبَرِئْتُ منه، أو: وقَضَيْتُه (¬2)، أو بعضَه" (¬3)، أو قال: "لي عليك مِئةٌ"، فقال: "قضَيْتُك منها عشرةً"، ولم يَعْزُه لسببٍ، فمنكِرٌ: يُقبَلَ قولُه بيمينه (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ وبرئتُ منه، أو وقبضتُه (¬5) "، والمصنف قد مشى فيها على كلام القاضي؛ فقد مشى أولًا على قول أبي الخطاب، وثانيًا على قول القاضي) حاشية (¬6). * قوله: (ويسكت)؛ [أي] (¬7) من غير عذرٍ، أما إن سكت لتنفسٍ أو سعالٍ أو نحوه، فكمن لم يسكت، كما تقدم نظائرُهُ في أبوابٍ متعددة. * قوله: (فقالَ قَضَيْتُكَ منها عشرةً) لعل جوابه يتضمن إقرارًا (¬8) بالمئة؛ لأنه ¬
ويصح استثناءُ النصفِ فأقلَّ (¬1): فيلزمُه ألفٌ. . .: "إلا ألفًا، أو: إلا ستَّ مِئَةٍ (¬2) " (¬3)، وخمسةٌ في: "ليس لك عليَّ عشرةٌ، إلا خمسةٌ"؛ بشرط ألا يسكت ما يمكنه كلامٌ فيه (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في معنى: نعم، لكن قضيتك. . . إلخ. فصحَّ كونُها من أفرادِ صورِ الإقرار (¬5). * قوله (¬6): (وخمسة) في "ليس لك عليَّ عشرًا إلا خمسة" هذه المسألة في غاية ما عللوا به أن الاستثناء من النفي إثبات (¬7)، والأَوْلى أن يكون [الاستثناء] (¬8) مَأْتِيًا به على وجه الإضراب، والمعنى: ليس لك عليَّ ¬
وأن يكونَ من الجنس والنوع (¬1). فـ "له عليَّ هؤلاء العبيدُ العشرةُ إلا واحدًا"، صحيحٌ ويَلزمُه تسليمُ تسعةٍ (¬2). فإن ماتوا (¬3) -أو قُتِلوا، أو غُصِبُوا- إلا واحدًا، فقال: "هو المستثنَى": قُبِل بيمينه (¬4). و: "له هذه الدارُ ولي نصفُها، أو إلَّا نصفَها. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [عشرةٌ] (¬5) كاملةٌ، بل عشرةٌ إلا خمسةً، أو أن "إلا" مستعملة ابتداء بمعنى: لكن، أو بل، والمعنى: ليس له عليَّ عشرةٌ، لكنْ خمسةٌ، أو: بل خمسةٌ. * قوله: [(وأن يكون من الجنس والنوع)] (¬6): وأن يكون ناويًا للاستثناء قبل تمام المستثنى منه؛ كما علم من كتاب الطلاق (¬7)؛ إذ لا فرقَ بين البابين فيما يظهر. * قوله: (وله هذه الدارُ ولي نصفُها) كان مقتضى القواعد إلغاء قوله: "ولي نصفُها". ¬
أو إلَّا هذا البيتَ"، أو: "هذه الدارُ له، وهذا البيتُ لي"، قُبِل -ولو كان أكثرَها-، لا إن قال: "إلا ثُلثَيها"، ونحوَه (¬1). و: "له دِرهمان وثلاثةٌ إلا درهمَيْن" (¬2)، أو: " [عَلَيَّ] خمسةٌ إلا درهمين ودرهمًا" (¬3) أو: ". . . درهمٌ ودرهمٌ إلا درهمًا" (¬4) يَلزمُه في الأُولَيَيْن خمسةٌ خمسةٌ، وفي الثالثةِ درهمانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو هذه الدار له، وهذا البيت لي) [كان مقتضى الظاهر إلغاء قوله: "وهذا البيت لي"] (¬5)، لكنَّهم نَزَّلوه منزلة الاستثناء. * قوله: (وفي الثالثة درهمان)؛ لأنه استثناء للدرهم من الدرهم (¬6)، لا من الدرهمين (¬7)؛ بناءً على قاعدة [أنَّ] (¬8) الاستثناء مما يليه،. . . . . . ¬
و: "له عليَّ مِئَةُ دِرهمٍ إلا ثَوْبًا (¬1)، أو: إلا دينارًا"، تلزمُه المِئةُ (¬2). ويصحُّ الاستثناءُ من الاستثناءِ (¬3): فـ "له عليَّ سبعةٌ، إلا ثلاثةً، إلا دِرهمًا: يَلزمُه خمسةٌ" (¬4). وكذا: ". . . عشرةٌ إلا خمسةً، إلا ثلاثةً، إلا درهمَيْنِ، إلَّا درهمًا" (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ لا من المجموع (¬6). * قوله: (وكذا عشرة. . . إلخ)؛ أي: يلزمه خمسة، وقيل: ستة، وقيل: سبعة، وقيل: ثمانية، وقيل: يلزمه العشرةُ. فالأقوال خمسةٌ أصحُّها الخمسةُ (¬7)، وتوجيهُ الكلِّ ظاهر (¬8)، فتدبَّر. ¬
2 - فصل
2 - فصل إن قال: "له عليَّ ألفٌ مؤجَّلَةٌ إلى كَذَا": قُبلِ قولُه في تأجيلِه (¬1). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ووجهُ المذهب (¬2): أَنَّا نصحح (¬3) الاستثناء الأول، ونبطل الثانيَ وما بُني عليه (¬4). فصلٌ (¬5) * قوله: (قُبل قولُه في تأجيله) تقدم في البيع: أنهما إن اختلفا في الحلول والتأجيل، فالقولُ [قولُ] (¬6) مُدَّعي الحلولِ (¬7)،. . . . . . ¬
حتى لو عزَاهُ إلى سببٍ قابلٍ للأمرَيْن (¬1). وإن سكتَ ما يُمكنهُ كلامٌ فيه، ثم قال: "مؤجَّلَةٌ، أو زُيُوفٌ، أو صِغارٌ"، لزمته حالَّةً جيادٌ وافِيةٌ (¬2)، إلا من ببلدٍ أوزانُهم ناقِصَةٌ، أو نقدُهم مغشوشٌ: فيلزمُه من دراهِمِها (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ وكذا الصَّداقُ (¬4)، فما الفرقُ بين ما هناك، وما هنا؟ (¬5)، وقد يفرق بأن ما هناك فيما إذا كانا (¬6) متفقين على ثبوت أصل الحق، ثم اختلفا في صفته، وهذا نظير المسألة الآتية فيما إذا سكت ما يمكنه كلامٌ فيه، ثم قال: مؤجلة، أو زُيوف، أو صغار، وهنا الاختلاف في الحق المتصف (¬7)، فقُبل قولُ المقِرِّ؛ لأنه غارمٌ، والقولُ قولُ الغارم بيمينه. * قوله: (جيادٌ) إسقاط الألف من "جياد" دليل على أن الثلاثة مرفوعة على أنها خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: هي جياد. . . إلخ، لا على أنها صفة للضمير المستتر ¬
و: "له عليَّ ألفٌ زُيُوفٌ"، قُبِل تفسيرُه بمغشوشةٍ، لا بما لا فِضةَ فيه (¬1). وإن قال: ". . . صِغارٌ"، قُبِل. . . بناقصةٍ (¬2). وإن قال: ". . . ناقصةٌ"، فناقصة (¬3). وإن قال: ". . . وازِنةٌ"، لزمهُ العَدَدُ والوزنُ (¬4). وإن قال: ". . . عَددًا" -وليس ببلدٍ يتعاملون بها عددًا-: لزماهُ (¬5). و: "له عليَّ دِرهمٌ، أو درهمٌ كبيرٌ، أو دُرَيْهِمٌ". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ العائد على "الألف"؛ إذ الضميرُ لا يوصف، وأما قولهم: اللهم صَلِّ (¬6) عليه الروؤف الرحيم، فقيل: إنه بدلٌ، وقيل: إنه شاذ يُحفَظ ولا يُقاس عليه، وفي بعض النسخ: "جيادًا" -بالألف-، وهو يقتضي كونَ الثلاثةِ منصوبةً على الحال، وهو واضح، وقد تُوَجَّه (¬7) الأُولى؛ بأن "جياد" مع إسقاط الألف منصوبٌ على الحال، وسلك لغةَ ربيعة على الوقف على المنصوب المنون بحذف ألفه (¬8) مع السكون. ¬
فدرهمٌ إسلاميُّ وازِنٌ (¬1). و: "له عندي ألفٌ"، وفسَّره بدَيْنٍ، أو وَديعةٍ: قُبِل (¬2). فلو قال: "قبَضه، أو تَلِفَ قبل ذلك (¬3)، أو ظننتُه باقيًا، ثم علمتُ تلَفَه": قُبِل (¬4). وإن قال: ". . . رهنٌ". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فدرهمٌ إسلاميٌّ) لعله ما لم يعارضه عرفٌ؛ كعرف مصر الآن، فيعمل به، فتدبَّر. * قوله: (فلو قال)؛ (أي: في جانب الوديعة، [لا في جانب الدين) حاشية (¬5). * قوله: (قبل)؛ لثبوت أحكام الوديعة] (¬6)؛ حيث فسره بها (¬7). ¬
فقال المدَّعِي: "وديعةٌ" (¬1)، أو قال: ". . . من ثمنٍ لم أقبِضْه". فقال: "بَلْ دَينٌ في ذِمَّتِك": فقولُ مُدَّعٍ (¬2). و: "له عليَّ -أو في ذِمِّتي- ألفٌ"، وفسَّره -متصلًا- بوديعة: قُبِل. ولا يُقبلُ دعوَى تلفِها، إلا إذا انفصلتْ عن تفسيره (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فقولُ مُدَّعٍ)؛ أي: أنه دينٌ بيمينه؛ لأنه اعترفَ له بدينٍ، وادعى عليه مبيعًا، أشبَهَ ما لو قال: له علي ألفٌ، ولي عنده مبيعٌ لم أقبضْه (¬4). * قوله: (وفسره متصلًا بوديعةٍ، قُبِلَ) هذا هو الصحيح من المذهب (¬5)، وقيل: إنه لا يُقبل -ولو متصلًا-؛ لأن الوديعة مما لا يصحُّ تعلُّقه بالذمَّة، فيلزمه ألفان: ألفٌ وديعةٌ، وألفٌ دينٌ؛ عملًا بالتفسير، وبقوله: في ذمتي، وعلةُ القول الثاني واضحةٌ، وهي واردة على القول الصحيح، إلا أن يكون صاحبُ القول الصحيح حمل قوله: (في ذمتي) على (¬6) معنى: في عهدتي وحفظي؛ كما هو معناها اللغوي. ¬
وإن أحضَرَه، وقال: "هو هذا، وهو وديعةٌ"، فقال مقَرٌّ له: "هذا وديعةٌ، وما أقررتَ به دَيْنٌ": صُدِّقَ (¬1). و: "له في هذا المالِ ألفٌ، أو في هذه الدارِ نصفُها": يلزمُه تسليمُه، ولا يُقبَل تفسيرُه لإنشاءِ هبةٍ (¬2). وكذا: "له في ميراثِ [أبِيِ] ألفٌ"، وهو دَينٌ على الترِكة (¬3). ويصحُّ: "دَيْني -الذي على زيدٍ- لعمرٍو"؛ كـ "لَهُ من مالي (¬4). . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (صُدِّقَ)؛ أي: مُقَرٌّ له بيمينه (¬5)، صححه في تصحيح الفروع وغيره (¬6). * قوله: (يلزمه تسليمُه)؛ أي: ما ذكر من الألف، أو نصف الدار. ¬
-أو فيه، أو في ميراثي من أبي- ألفٌ، أو نصفُه، أو داري هذه، أو نصفُها، أو منها -أو فيها- نصفُها"، ولو لم يَقُل: "بحقٍّ لَزِمَنِي" (¬1). فإن فسَّرهُ بهبةٍ، وقال: "بَدَا لي من تَقْبيضه": قُبِل (¬2). و: "له الدارُ: ثُلثَاها، أو عاريةٌ، أو هبةٌ أو هبةُ سُكنَى، أو هبةُ عارِيَّةٍ": عُمِل بالبدل، ويُعتَبرُ شرطُ هبة (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (من تقبيضه) متعلق بمحذوف، والأصل: بدا لي بداءٌ منعني من تقبيضه. * قوله: (قُبل)؛ لأن الإضافة إلى نفسه قرينةٌ على ذلك (¬4)؛ بخلاف المسألة السابقة، وهي قوله: "وله في هذا المال. . . إلخ"؛ لتجردها عنها. * قوله: (ويعتبر شرطُ هبة) من العلم بالموهوب، والقدرةِ على تسليمه، وكونِه [من] (¬5) جائزِ التصرُّف (¬6). ¬
ومن أقَرَّ: "أنه وهَبَ وأقبَضَ، أو رهَنَ وأقبَضَ"، أو أقَرَّ بقبضِ ثمنٍ أو غيرِه، ثم قال: "ما أقبَضْتُ، ولا قبَضتُ" -وهو غيرُ جاحدٍ لإقرارِه- (¬1) أو: "إن العقدَ وقع تَلجِئَةً" ونحوَه، ولا بينةَ، وسأل إحلافَ خصمِه: لزمَهُ (¬2). ولو أقَرَّ ببيعٍ، أو هبةٍ، أو إقباضٍ، ثم ادَّعَى فسادَه، وأنه أقَرَّ يظُنُّ الصحَّةَ: لم يُقْبَلْ، وله تحليفُ المقَرِّ له. فإن نَكَل. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لزمه)؛ أي: الحلفُ، فإن نَكَلَ عن اليمين، قُضي عليه بالنكول (¬3). * قوله: (ثم ادَّعى فسادَه)؛ أي: ما ذكر من البيع، أو الهبة، أو الإقباض، وفسادُ الأولين؛ بأن يتعلق بالمبيع أو الموهوب حقُّ الغير، أو يتخلَّف شيء من شروطهما (¬4)، وفسادُ الإقباض؛ بأن يكون أقبضَ المكيلَ أو الموزونَ (¬5) بغير الوزن، أو المعدودَ بغير العدِّ، أو المزروعَ (¬6) بغير الزرع، فتدبَّر. ¬
حلف هو ببُطلانِه (¬1). ومن باع، أو وَهَبَ، أو أعتَق عبدًا، ثم أقَرَّ به لغيره: لم يقبل، ويَغْرَمُهُ للمقَرِّ لَهُ (¬2). وإن قال: "لم يكن مِلكي، ثم مَلَكُه بعد": قُبِل ببينةٍ، ما لم يُكذّبْها؛ بأن كان أقَرَّ: "أنه مِلكُه"، أو قال: "قبَضتُ ثمنَ مِلكي" ونحوَه (¬3). ومن قال: "قبَضتُ منه ألفًا وَديعةً، فتَلِفَتْ"، فقال: ". . . ثمنَ مَبيعٍ لم يُقبِضْنِيه": لم يَضمَنْ، ويَضمنُ إن قاله: ". . . غَصْبًا" (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله] (¬5): (حلف (¬6) هو ببطلانِه)؛ لأنه مُدَّعًى عليه -يعني (¬7): بصحة ما أقر به-، فيحلف على فساده وبطلانِه. * قوله: (ويغرمه للمُقَرِّ له) لعله: إن صدَّقه. * قوله: (ويضمَن إن قالَ: غصبًا)؛ أي: المقرُّ له: قَبَضْتَها مني ¬
وعكسُه: "أَعطيتَني ألفًا وديعةً، فتَلِفَتْ"، فقال: ". . . غَصْبًا" (¬1). * * * ـــــــــــــــــــــــــــــ غَصْبًا (¬2). وفي حل الشارح هنا نظر ظاهر (¬3). * قوله: (وعكسُه) يصح أن يقرأ: "عكسَه" -بالنصب- مفعول. قال: ويكون قولُه: (أعطيتني) خبرًا لمبتدأ محذوف (¬4)، والجملةُ قُصد بها التفسير. والتقدير: ويضمن إن قال عكسَه، وهو أعطيتني ألفًا وديعةً. . . إلخ. وليس هذا من حكاية المفرد (¬5) الشاذة؛ لأن المفرد هنا [في] (¬6) معنى القول؛ كما في: قلتُ شعرًا وقصيدةً، والمراد بكونها عكسَ التي قبلها: أن في الأولى إعترافًا بفعل نفسِه، وسكوتًا عن فعل غيره، وفي الثانية اعترافٌ بفعل غيره، وسكوتٌ عن فعل نفسه، وليس عكسها في الحكمَ؛ لأن الحكم فيهما واحد، وهو الضمان، فتدبر. * قوله: (فقال غصبًا) وحكمُه حكمُ ما قبله من الضمان (¬7). ¬
3 - فصل
3 - فصل ومن قال: "غصَبتُ هذا العبدَ من زيدٍ، لا بل من عَمرٍو"، أو: "غَصَبتُه منه، وغصبَه هو من عَمرٍو"، أو: "هذا لزيدٍ، لا بل لعَمرٍو" (¬1)، أو: "مِلكُه لعَمرٍو، وغصبْتُه من زيدٍ"، فهو لزيدٍ، ويغَرَمُ قيمتَه لعَمرٍو (¬2). و: "غصَبتُه من زيدٍ، ومِلكُه لعَمرٍو"، فهو لزيدٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصلٌ (¬3) * قوله: (ومن. . . إلخ) انظر: الرابط؛ فإن الضميرَ المنفصلَ الآتي في قوله: (فهو) ليس عائدًا (¬4) على "مَنْ"، ولعله الضمير في "يغرم"؛ بناءً على الاجتزاء بالضمير في أحد الجملتين المتعاطفتين، ولو بغير الفاء؛ كما هو رأيٌ لبعضهم، فتدبَّر. * قوله: (ويغرم قيمتَه لعمرٍو)؛ أي: [إن] (¬5) صدقه عمرٌو. ¬
ولا يَغرَمُ لعمرٍو شيئًا (¬1). وإن: قال: "غصبتُه من أحدهما"، لزمه تعيينُه، ويَحلِف للآخَرِ. . . (¬2). وإن قال: "لا أعلمه"، فصدَّقاهُ: انتُزع من يده، وكانا خَصمَيْن فيه. وإن كذباهُ: حلَف لهما يمينًا واحدةً (¬3). و: "أخذتُه من زيدٍ": لزمَ ردُّه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا يغرم لعمرٍو شيئًا)؛ (لأنه إنما شهد له به، أشبهَ ما لو شهدَ [له] (¬4) بمالٍ (¬5) بيدِ غيرهِ) شرح (¬6). * قوله: (فصدَّقاه)؛ أي: في عدم العلم (¬7). * قوله: (وإن كَذَّباه)؛ أي: في دعوى عدم العلم (¬8). * قوله: (حلف لهما يمينًا واحدةً) انظر: هل هذا بظاهره يعارض ما أسلفه (¬9)؛ ¬
لاعترافِه باليد [له] (¬1) (¬2). و: "ملَكتُه -أو قَبضتُه، أو وصَل إليَّ- على يدِه"، لم يُعتبَرْ لزيدٍ قولٌ (¬3). ومن قال: "لزيدٍ عليَّ مئةُ درهمٍ، وإلا، للِعَمْرٍو"، أو "لزيدٍ مئةُ درهمٍ، وإلا، فَلِعَمرٍو مئةُ دينارٍ". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ من أن من توجَّه عليه (¬4) حلفٌ لجماعة، حلفَ لكلِّ واحدٍ يمينًا، ما لم يَرْضَوْا بواحدة، أو يقال: (¬5) إن ذاك فيما إذا كان الحقُّ لكل [واحد] (¬6) على سبيل الشمول، وهنا الحقُّ لواحد منهم (¬7) على سبيل البدل، فليحرَّرْ. وتقدم لهذه نظير في الرابع من الدعاوى (¬8) والبينات (¬9). * قوله: (لم يعتبر لزيد قولٌ)؛ من تصديقٍ، أو ضدِّه؛ لأنه لم يعترفْ له بيدٍ (¬10). ¬
فهي لزيدٍ، ولا شيءَ لعمرٍو (¬1). ومن أقَرَّ بألفٍ في وقتَيْن (¬2)، فإن ذكَر ما يقتضِي التعدُّدَ؛ كسببَيْن، أو أَجَلَيْن، أو سَكَّتَين (¬3): لزمهُ ألفانِ (¬4)، وإلا: ألفٌ، ولو تكرَّرَ الإشهادُ (¬5). وإن قيَّد أحدَهما بشيءٍ: فيُحمَلُ المطلقُ عليه (¬6). وإن ادَّعَى اثنانِ دارًا بيدِ غيرِهمَا شَرِكةً بينَهما بالسَّويَّةِ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولا شيءَ لعمرٍو)؛ لعدم صحة الإقرار له؛ لتعليقه (¬7) (¬8). * قوله: (ومن أقرَّ بألف. . . إلخ)؛ [أي] (¬9) لواحد (¬10). * قوله: (فيُحمل) فيه: أن الجواب لا يقترن بالفاء إلا إذا كان لا يصح جعلُه ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شرطًا (¬1) لـ (إنْ) أو غيرِها؛ كالجملة الاسمية، والفعلية التي فعلُها طلبيٌّ أو جامدٌّ، إلا أن تُجعل "إن" وصليةً، ويكون قوله: "فيُحمل المطلقُ عليه"؛ أي: على المقيد في (¬2) صورة التقييد؛ لأن العبارة صارت صادقةً بصورتين؛ إذ المعنى: سواء قيد أحدهما بشيء، أو لا، أو يقال: إن المنع في غير المضارعِ المثبتِ أو المنفيِّ بلا؛ كما نبه عليه ابنُ الحاجب (¬3) في كافيته، وابن الناظم (¬4) في شرح الألفية، بل صرح ابنُ الناظم بأن عدمَ اقترانه بالفاء أو إذا هو الأكثرُ فقط. ¬
فأقَرَّ لأحدِهما بنصفِهَا، فالمقَرُّ به بينَهما (¬1). ومن قال بمرضِ موتِه: "هذا الألفُ لُقَطَةٌ، فتصدَّقوا به" -ولا مالَ له غيرُه- لزم الورثةَ الصدقةُ بجميعه، ولو كذَّبوه (¬2). ومن ادَّعَى دَيْنًا على ميتٍ -وهو جميعُ ترِكتِه-، فصدَّقَه (¬3) الورثةُ، ثم آخرُ مثلَ ذلك، فصدَّقوهُ في مجلسٍ: فبَيْنهما. وإلا، فللأولِ (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (فالمقَرُّ به بينَهما)؛ لأن المقرَّ له يدَّعي أن الدار بينهما على سبيل الشيوع، فيكون كلُّ جزء منها (¬5) كذلك (¬6). * قوله: (ولو كَذَّبوه)؛ (أي: الورثةُ في أنه لُقَطَة؛ لأن أَمْرَهُ بالصدقة به دلَّ على تعديه فيه ونحوه مما يقتضي أنه لم يملكه، وهو [إقرارٌ لغير وارثٍ، فوجب] (¬7) ¬
وإن أقَرُّوا بها لزيدٍ، ثم لعَمرٍو: فهي لزيدٍ، ويَغرَمونها لعمرٍو (¬1). وإن أقَرُّوا لهما معًا: فبينَهما. ولأحدِهما: فهي له، ويَحِلفون للآخر (¬2). ومن خَلَّف ابنيْن ومِئتَيْن، وادَّعَى شخصٌ مئةً دينًا على الميت، فصدَّقه أحدُهما، وأنكَر الآخرُ: لزم المقِرَّ نصفُها، إلا أن يكون عدلًا، ويَشهدَ ويَحلفَ معه: فيأخذُها، وتكون الباقية بينَ الابنَيْن (¬3). وإن خَلَّف ابنَيْن وقِنَّين متساوِيَيِ القيمةِ -لا يَملِكُ غيرَهما-، فقال أحدُ الابنَيْن: "أبي أعتَق هذا بمرضٍ موته"، وقال الآخرُ: "بل هذا": عَتَق من كلٍّ ثُلثُه، وصار لكلِّ ابنٍ سدسُ من أقَرَّ بعتقِه، ونصفُ الآخر (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ امتثالُه؛ [كإقراره في الصحة]) (¬5) شرح (¬6). * قوله: (وصار لكلِّ ابنٍ سدسُ من أقر بعتقه، ونصفُ الآخَرِ)؛ (لأن حقَّ ¬
وإن قال أحدُهما: "أبي أعتَق هذا"، وقال الآخرُ: "أبي أعَتق أحدَهما، وأجهَلُه" -أُقرِع بينَهما، فإن وقَعتْ على من عيَّنَه أحدُهما- عَتق ثلثاهُ: إن لم يُجيزَا باقيَه (¬1). وإن وقعتْ على الآخر، فكما لو عيَّن الآخرُ الثاني (¬2). ـــــــــــــــــــــــــــــ كلٍّ من الابنين نصفُ القِنَّيْنِ، فيقبل قولُه في عتق حقِّه ممن عينه، وهو ثلثا النصف الذي هو له، وهو ثلثُ جميعهِ، ولأنه يعترف بحرية ثلثيه، فيقبل قولُه [في] حقه منهما، وهو الثلث، ويبقى الرقُّ في ثلث النصف، وهو سدس، ونصفُ العبد الذي ينكر عتقَه) شرح (¬3). * قوله: (فكما لو عين الآخر الثاني)؛ (يعني: فلكل من الابنين سدسُ القِنِّ الذي عَيَّنَه، ونصفُ الآخر، ويعتق من كلٍّ منهما ثلثٌ) شرح (¬4). * * * ¬
2 - باب الإقرار بالمجمل
2 - بابُ الإقرار بالمُجْمَل وهو: ما احتَمَل أمرَيْن [فأكثرَ] (¬1) على السَّواءِ ضدُّ: "المفسَّرِ" (¬2). من قال: "له عليَّ شيءٌ، أوْ كَذَا"، أو كرَّر بواوٍ أو بدونها، قِيلَ لَهُ: "فَسِّر"، فإن أَبَى: حُبِس حتى يفسِّرَ (¬3). ويُقبَل: بحدِّ قذفٍ (¬4)، وبحقِّ شُفْعَةٍ، وبما يجب ردُّهُ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ الإقرارِ بالمُجْمَلِ * قوله: (ضدّ المفسَّر) (¬5) مراده بالضدِّ هنا: مطلقُ المقابل، وإلا، فالضدان قد يرتفعان؛ كالسواد والبياض، وفي قول شيخنا في الحاشية: (وهو نقيضُ المبيَّنِ) (¬6) إشارةٌ إلى الاعتراض على المصنف بالتعبير بالضدِّ، وأنه كان الأولى إبدالُه بالنقيض. ¬
ككلبٍ مباحٍ نفعُه (¬1)، وبأقلِّ مالٍ (¬2). لا: بميتةٍ نَجِسةٍ، وخمرٍ، وخِنْزيرٍ، وردِّ سلامٍ، وتَشميتِ عاطسٍ، وعيادةِ مريضٍ، وإجابةِ دعوةٍ، ونحوِه (¬3). ولا بغير متموَّلٍ: كقشرِ جَوزَةٍ، وحَبَّهِ بُرٍّ أو شَعيرٍ (¬4). فإن مات قبلَهُ: لم يُؤخَذْ وارثُه بشيء، ولو خلف تَركةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ * [قوله] (¬5): (وخمر)؛ أي: لذميٍّ، لكن غير مستترة، ولغيرِ خَلَّالٍ؛ إذْ ذلك يجبُ ردُّه (¬6)، فتدبر. ونبه عليه شيخنا في حاشية الإقناع؛ حيث قيد الخمر بالذي لا يجوزُ إمساكُها (¬7). * وقوله: (كقشرِ جوزةٍ)؛ أي: غير جوزة الهند. * قوله: (ولو خلَّفَ تركةً) هذا بحثٌ لصاحب المحرر، وفي الإقناع ما يخالفه؛ حيث قال: (إن خَلَّف تركةً) (¬8). ¬
وإن قال: "لا عِلم لي بما أقررتُ به": حَلَف، ولزمه ما يقعُ عليه الاسمُ؛ كالوصيةِ بشيءِ (¬1). و: "غصبتُ منه -أو غصبتُه- شيئًا"، يُقبَلُ: بخمرٍ ونحوِه، لا بنفسِه، أو ولدِه. و: "غصَبتُه" فقط، يُقبَلُ: بحبسِه وسجنِة (¬2). و: "له عليَّ مالٌ، أو مالٌ عظيمٌ، أو خطيرٌ، أو كثيرٌ، أو جليلٌ، أو نفيسٌ، أو عزيزٌ"، أو زاد: "عند اللَّهِ، أو عندي": يُقبَلُ تفسيرُه بأقلِّ متموَّلٍ، وبأُمِّ ولدٍ (¬3). و: "له دراهمُ، أو دراهمُ كثيرةٌ". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ونحوِه)؛ كجلد ميتةٍ (¬4). * قوله: (يُقبل بحبسه)؛ أي: بمجرد الترسيم عليه (¬5). * [قوله] (¬6): [(وسجنه)؛ أي بالترسيم عليه مع السجن] (¬7). ¬
يُقبَلُ: بثلاثةٍ فأكثرَ (¬1)، لا بما يُوزَنُ بالدراهمِ عادةً؛ كإبرَيْسمٍ ونحوِه (¬2). و: "له عليَّ حَبَّةٌ"، أو قال: ". . . جَوزَةٌ -أو نحوُها-" ينصرفُ إلى الحقيقة، ولا يُقبلُ تفسيرُه: بحبةِ بُرٍّ ونحوِها، ولا بشيءٍ قدرِ جَوزةٍ (¬3). و: "له عليَّ كذا درهمٌ، أو كذا وكذا، أو كذا (¬4) درهمٌ" بالرفع، أو بالنصب: لزمه دِرهمٌ (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لا بما يوزَن بالدراهم عادةً؛ كإبريسَمٍ ونحوِه) ظاهره: ولو كان الموازن أعلى قيمة، وفيه شيء. * قوله: (ينصرف إلى الحقيقة) انظر: من صار عندَهم إطلاقُ الجوزة على الشجرة حقيقةً عرفيةً هل يتعينُ عندَهم تفسيرُه به؟. * قوله: (أو كذا وكذا، أو كذا كذا. . . [إلخ]) (¬6) فيه: أن أقل عدد مضاف أحد عشر، وأقل عدد معطوف أحد وعشرون، فكان الظاهر أن يجب فيهما ما ذكر، ¬
وإن قالَ الكلَّ بالجرِّ (¬1)، أو وَقَف: لزمَهُ بعضُ درهمٍ، ويفسِّرُه (¬2). و: "له عليَّ ألفٌ". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ خصوصًا إذا نصب المميز، فراجع رسالةَ ابن هشام في مسألة كذا (¬3). * قوله: (لزمه بعضُ درهم)؛ نظرًا لما قاله النَّظَّام (¬4)؛ من أن العددَ يُطلق على الواحد وعلى أجزائِه إطلاقًا حقيقيًا، فعلى هذا: يكون أقلُّ عددٍ ¬
وفسَّره بجنسٍ أو أجناسٍ (¬1) -لا بنحو كلابٍ- (¬2): قُبِل. و: "له على ألفٌ ودِرهمٌ، أو ألفٌ ودينارٌ، أو ألفٌ وثوبٌ، أو ألفٌ ومُدَبَّرٌ"، أو أَخَّر "الألفَ"، أو "ألفٌ وخمسُ مئةِ درهمٍ، أو ألفٌ وخمسونَ دينارًا"، أو لم يَعطِفْ، أو عَكَسَ: فالمُبهَم من جنسِ ما ذُكِر معه (¬3). ومِثلُه: ". . . درهمٌ ونصفٌ". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أُضيف (¬4) إلى معدوده بعض درهم، فلا يرد ما نص عليه النحاة من أن أقلَّ عددٍ أُضيف (¬5) إلى مميزه المفردِ مئةٌ، وأنه كان مقتضاه أن يلزمه مئةٌ. * قوله: (لا بنحوِ كلابٍ) انظر: هل هذا مع ما صدر به أول الباب؛ من أنه إذا "قال: له عليَّ شيءٌ، أو كذا"، يُقبل تفسيرُه بكلبٍ مباحٍ نفعُه؟ قال شيخنا: (وقد يقال: صرف (¬6) عن ذلك صارفٌ، وهو أن الشخص لا يقتني (¬7) ألفَ ¬
و: ". . . ألفٌ إلا درهمًا، أو إلا دينارًا" (¬1). و: "له عليَّ دراهمُ بدينارٍ"، لزمه دراهمُ بسعرِه. و: "له في هذا شِركٌ"، أو "هو شريكي فيه، أو شِركَةٌ بيننَا، أو لِي ولَهُ"، أو: "له فيه سَهْمٌ"، قُبل تفسيرُه حقَّ الشريكِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كلبٍ للصيدِ، ولا غيرِه) (¬2)، وحمله في الشرح على ما إذا فسره بالكلاب التى لا يصحُّ بيعُها (¬3). * قوله: (وله عليَّ دراهمُ بدينار، لزمَه دراهمُ بسعرِه) (¬4)؛ كأنهم جعلوا الباء (¬5) للبدلية، أو المقابلة، وحملوا الدراهم (¬6) على الجنس الصادق بالواحد والمتعدد، والمقابلة بالدينار قرينة على إرادة المتعدد؛ فكأنه قال: له عليَّ دراهمُ تقابل؛ أي: تساوي دينارًا، فتدبر. * قوله: (قُبل تفسير. . . إلخ) ظاهرُه: أنه يُقبل تفسيره في مسألة [السهم] (¬7) بأقلَّ من السدس، ولا يوافق ما أسلفه في الوصية (¬8)؛ فانظرِ الفرق. وقال ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضي: له سدسٌ (¬1)؛ نظرًا (¬2) لهذه القاعدة، وهو ظاهر. وبخطه: على قوله: (حق الشريك) ظاهرُه: ولو كان بدون النصف، وهو (¬3) مخالفٌ لقاعدة: أن مطلقَ الشركةِ يقتضي التسويةَ (¬4). وفي النكت: هما فيه سواء (¬5)، وهو مقتضى (¬6) القاعدة (¬7)، فانظر علَة الأول. قال شيخنا في تعليله: (يشهد لذلك قولُه تعالى: {وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} (¬8). وقد كان لأحدِهما نعجةٌ، وللآخر تسعةٌ وتسعون. وقد يقال: إن ¬
وإن قال: "له (¬1) فيه -أو منه- ألفٌ"، قيل له: فسِّر (¬2). ويُقبَلُ: بجنايةٍ، وبقوله: "نَقَدَهُ في ثَمنه، أو اشتَرى ربعَهُ به، أو له فيه شِرْكٌ". لا: بـ "أنه رَهنَه عندَهُ به" (¬3). و: له عليَّ أكثرُ مما لفلانٍ "ففسرَهُ بدونه"؛ لكثرة نفعه لِحلّه ونحوه: قُبِل (¬4). و: "له عليَّ مِثلُ ما في يدِ زيدٍ"، يلزمُه مثلُه (¬5). و: "لي عليكَ ألفٌ"، فقال: ". . . أكثرُ": لزمه، ويفسِّرُه (¬6). ـــــــــــــــــــــــــــــ القاعدة في لفظ الشركة، تدبَّر. * [قوله] (¬7): (لحلِّه) [علةٌ] (¬8) للعلة، لا علةٌ للأول مع حذف العاطف (¬9). ¬
1 - فصل
ولو ادَّعَى عليه مبلغًا، فقال: "لفلان عليَّ أكثرُ مما لك"، وقال: "أردتُ التَّهَزِيَ": لزمه حقٌّ لهما يُفَسِّرُه (¬1). * * * 1 - فصل من قال: "له عليَّ ما بين دِرهمٍ وعشرةٍ": لزمه ثمانيةٌ (¬2). و: ". . . من درهمٍ إلى عشرةٍ، أو ما بينَ درهمٍ إلى عشرةٍ". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (ولو ادَّعى عليه مبلغًا، فقال: لفلان. . . إلخ) كان المعنى: لفلانٍ عليَّ حقٌّ أكثرُ من حقِّك؛ فكأنه أقرَّ له بحقٍّ مبهمٍ، لا بعينِ المبلغِ الذي (¬3) ادَّعاه، وأقر لفلانٍ بحقٍّ مبهم أيضًا، لكنه أكثرُ من حقِّ الأَوَّل، فيلزمه حقٌّ لهما، لكن (¬4) متفاوتًا، ويفسره، ولا يُقبل منه دعوى التهزي (¬5). فصلٌ (¬6) ¬
لزمه تسعةٌ (¬1). وإن أراد مجموعَ الأعدادِ: لزمه خمسةٌ وخمسونَ (¬2). و: "له من عشرةٍ إلى عشرينَ، أو ما بَيْنَ عشرةٍ إلى عشرينَ": لزمه تسعةَ عَشَر (¬3). و: "له ما بَيْنَ [هذين] (¬4) الحائِطَيْن": لم يَدخُلا (¬5). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (لزمه تسعةٌ)؛ أي: بناءً على أن الغاية ليست داخلةً في المغيَّا (¬6)، وهو أحدُ استعمالاتٍ في اللغة، والصحيحُ منها: أنها إن كانت من جنس المغيَّا، دخلت، وإلَّا، فلا (¬7). * قوله: (لزمه تسعةَ عشَر) كان الظاهر أن يقول هنا أيضًا: ما لم ينو مجموع الأعداد. تدبَّر. ¬
و: "له دِرهمٌ فوقَ درهمٍ، أو تحتَ درهمٍ، أو فوقَه -أو تحتَه، أو قبلَه، أو بعدَه، أو معَه- درهمٌ"، أو: "دِرهمٌ بَل درهمان"، أو: "درهمانِ بَلْ درهمٌ" (¬1)، أو: "درهمٌ بلْ درهمٌ" أو: "درهمٌ لا بَلْ درهمٌ"، أو: "درهمٌ لكنْ درهمٌ"، أو: "درهمٌ فدرهمٌ": يلزمُه درهمانِ (¬2). وكذا: ". . . درهمٌ ودرهم" -فلو كرَّرَهُ ثلاثًا- "بالواو" (¬3)، أو "الفاء"، أو"ثُمَّ"، أو قال: ". . . درهم درهم درهم" (¬4)، ونَوَى بالثالثِ تأكيدَ الثاني: لم يُقبَلْ في الأولى. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (بل درهمان) قال شيخنا: (لأن ما نفاه داخلٌ فيما أثبته) (¬5)، لكن بهذا يُشكل المثالُ الذي بعده. * قوله: (لم يُقبل في الأولى)؛ أي: (¬6) المذكورُ فيها حرفُ العطف، واو، أو فاء (¬7)، أو ثم (¬8)، تدبَّر. ¬
وقُبل في الثانية (¬1). و: "له عليَّ دِرهمٌ قبلَه درهمٌ وبعدَه درهمٌ"، أو: ". . . هذا الدرهمُ بَلْ هذانِ الدرهمانِ": لزمته الثلاثةٌ (¬2). و: "له قَفِيزُ حِنْطَةٍ (¬3) بل قَفيزُ شَعير"، أو: ". . . درهمٌ بل دينارٌ": لزماهُ (¬4). و: "له [عليَّ] (¬5) درهمٌ في دينارٍ". . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وقُبل في الثانية)؛ أي: التي ليس فيها عاطف (¬6)، وكذا يُقبل فيها إن نوى بالثاني، أو بكلِّ من الثاني والثالث تأكيدَ الأول -كما تقدَّم في كتاب الطلاق (¬7) -. ¬
وأراد العطف، أو معنى "مع": لزماه (¬1). وإلا: فدرهمٌ (¬2). وإن فسَّرَهُ: برأسِ مالِ سَلَمٍ باقٍ عندَه في دينارٍ، وكذَّبَه المقَرُّ له: حلفَ، وأخَذ الدراهمَ (¬3). وإنْ صدَّقَه: لم يلزمْه شيءٌ (¬4). و: "له درهمٌ في ثوبٍ"، وأراد العطفَ، أو معنَى "مَع": لزماهُ (¬5). وإن فسَّرَهُ: برأسِ مالِ سَلَمٍ باقٍ عندَه. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (وأراد العطفَ)؛ أي: معنى التعاطف، والمرادُ: جعلُ هذا الكلام كنايةً عنه، وليس مرادُه أنه أرادَ استعماله (¬6) في (¬7) معنى العطف؛ لأنه لا علاقةَ مجوزة للاستعمال، فتدبَّر. * قوله: (وإلَّا، فدرهمٌ)؛ لأنه هو المقَرُّ به ظاهرًا (¬8)، وتُحمل الظرفيةُ على ظرفيةِ قيمةِ الدينار دراهم للدرهم. فتدبَّر. * قوله: (لم يلزمه شيءٌ)؛ أي: لأن سَلَمَ أحدِ النقدين في الآخر لا يصحُّ (¬9). * قوله: (وأرادَ العطفَ) هذه الإرادةُ لا تقتضيها لغة ولا عرفٌ. ¬
أو قال: ". . . في ثوبٍ اشتَريتُه منه إلى سنةٍ"، وكذبه المقَرُّ له: حلَف، وأخذ الدرهمَ، وإن صدَّقه: بطل إقرارُه (¬1). و: "له درهمٌ في عشرةٍ": يلزمُه درهمٌ (¬2)، ما لم يُخالفه عُرفٌ: فيَلزمُه مقتضاه (¬3)، أو يُرِدِ الحسابَ -ولو جاهلًا به-: فيلزمُه عشرةٌ، أو الجَمْعَ: فيلزمُه أحدَ عشرَ (¬4). و: "له تمرٌ في جِرابٍ، أو سكينٌ في قِرَابٍ. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (حلفَ، وأخدَ الدرهَم) (¬5)؛ لأنه وصل إقرارَه بما يغيره ويُبطله (¬6)، فهو بمنزلة رجوعِه عن (¬7) الإقرار، فلا يُقبل. تدبَّر. * قوله: (وإن صدقَّه، بطل إقرارُه)؛ (لأن السَّلَمَ يبطُل بالتفرُّق قبلَ القبضِ) شرح (¬8). ¬
أو ثوبٌ في مِنديلٍ، أو عبدٌ عليه عمامةٌ، أو دابَّةٌ عليها سَرْجٌ، أو فَصٌّ في خاتمٍ، أو جِرابٌ فيه تمرٌ، أو قِرابٌ فيه سيفٌ، أو مِنديلٌ فيه ثوبٌ، أو دابةٌ مُسْرَجةٌ، أو سَرجٌ على دابةٍ، أو عمامةٌ على عبدٍ"، أو: ". . . دارٌ مفروشةٌ، أو زيتٌ في زِقٍّ (¬1) "، ونحوه: ليس بإقرارٍ بالثاني (¬2)؛ كـ ". . . جَنِينٌ في جاريةٍ أو دابةٍ، ودابةٌ في بيت" (¬3)، وكـ: ". . . المئةُ الدرهمِ التي في هذا الكِيسِ". ويَلزمانِه: إن لم يكن فيه (¬4). ـــــــــــــــــــــــــــــ * قوله: (أو دابة مُسْرَجَة). وقال في الإنصاف: (إقرار بهما بلا خلاف أعلمُه)، والمصنفُ تبعَ ما في التنقيح (¬5)، لكن ينظر كلامه في التنقيح، مع قوله عما في الإنصاف: (بلا خافٍ أعلمه)، ولعله ظهر له ما في التنقيح بعدَ الإنصاف (¬6). * قوله: (ويلزمانه إن لم يكن فيه)؛ أي: فيما ذكر من البيت في الأولى، ¬
وكذا تَتِمَّتُها (¬1) ولو لم يُعَرِّفِ "المئةَ": لَزِمَتْه وتَتِمَّتُها. و: "له خاتَمٌ فيه فَصٌّ (¬2)، أو سيفٌ بِقرَابٍ": إقرارٌ بهما (¬3). وإقرارُه بشجرٍ أو شجرةٍ: ليس إقرارًا بأرضها، فلا يَملكُ غرسَ مكانِها لو ذهبتْ، ولا أجرةَ ما بقيَتْ (¬4). و. . . بأَمَةٍ، ليس بإقرارٍ بحَمْلِها (¬5). و: "له عليَّ درهمٌ أو دينارٌ"، ونحوُه: يَلزمُه أحدُهما. . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والكيس في الثانية (¬6). * قوله: (وكذا تتمتُها)؛ أي: المئة إن كان في الكيس بعضُها (¬7)، ولا يتأتَّى ذلك في الدابة. فتدبَّر. * قوله: (ولا أجرة ما بقيت)؛ أي: على مقر له بشجرٍ أو شجرةٍ (¬8). * قوله: (يلزمُه أحدُهما)، مع أن "أو" استُعملت للإضراب كـ "بل"؛ كما في ¬
ويُعيِّنُه (¬1). تمَّ الكتابُ، والحمدُ للَّه الواحدِ الوَهَّابِ، حمدًا وافِيًا دائمًا إلى يومِ الحساب. وصلى اللَّه [وسلم] (¬2) على سيدنا: "محمدٍ"، وآله الأنجابِ!. فرَغ جامِعُه من تبَييضِه في سابع عشرِي شعبانَ المكرَّم، سنة 942. وكتَبَهُ محمدُ بنُ أحمدَ بنِ عبدِ العزيزِ بنِ عليٍّ، الفُتُوحِيُّ الحنبليُّ. عفا اللَّه عنه، وعن والدَيْهِ وجميعِ المسلمين (¬3). ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله تعالى {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} [الصافات: 147]؛ أي: بل يزيدون. في قولٍ (¬4)، فكان مقتضاهُ: أن يلزماه -كما سلف-، لكنه لم يحمل على ذلك؛ لقلته؛ إذ هو مذهبٌ كوفي. * قوله: (ويعينه) (¬5). [تم الكتاب بعون اللَّه الملك الوهاب] (¬6) (¬7) * * * ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
قائمة المصادر والمراجع (1)
قائمة المصادر والمراجع (1) (*) أ - المخطوطات: 1 - حاشية ابن حميد على شرح المنتهى. مكتبة الأوقاف الكويتية، رقم (349). 2 - حاشية ابن فيروز على مختصر المقنع. المكتبة العلمية الصالحية بعنيزة. 3 - حاشية ابن قندس على الفروع. المكتبة السعودية، الرياض، رقم (468). 4 - حاشية ابن قندس على المحرر. المكتبة السعودية، الرياض، رقم (68). 5 - حاشية الإقناع للشيخ منصور البهوتي. المكتبة المحمودية، رقم (1408). 6 - حاشية التنقيح للحجاوي. مكتبة عنيزة الوطنية. 7 - حاشية الخَلوتي على الإقناع وشرحه. (تجريد الشيخ ابن حميد)، موجود لدى أحد طلبة العلم بالقصيم. 8 - حاشية الخَلوتي على الإقناع وشرحه. دار الكتب المصرية، رقم (160) فقه حنبلي. 9 - حاشية الروض المربع. للشيخ محمد الصالح العثيمين. 10 - حاشية الفروع، لابن نصر اللَّه. المكتبة السعودية، الرياض، رقم (29). 11 - حاشية المنتهى للشيخ منصور البَهوتي. مكتبة الأوقاف الكويتية، رقم (236). 12 - الحاوي الصغير: عبد الرحمن بن عمر الضرير. المكتبة المحمدية، محمد عبد الرحيم ابن الشيخ محمد علي سلطان العلماء، رقم (2260). ¬
ب- المطبوعات
13 - حواشي على المنتهى وشرحه من تقريرات الشيخ عبد اللَّه أبابطين وبعض تلاميذه، موجود لدى أحد طلبة العلم بالقصيم. 14 - رسالة في بيان ما فيه ثلاث لغات: ابن مالك. دار الكتب المصرية مجاميع اللغة، رقم (509). 15 - رسالة في تشبيه (كما صلَّيت): الدواني. مكتبة الحرم المكي، رقم (3929) مجاميع رقم (183/ 2). 16 - الرعاية الصغرى لابن حمدان، موجود لدى أحد طلبة العلم بالقصيم. 17 - الرعاية الكبرى لابن حمدان (ج 2). مركز البحث العلمي، جامعة أم القرى، رقم (40). 18 - شرح المقنع للحارثي. دار الكتب المصرية، رقم (6) فقه حنبلي. 19 - شرح منظومة الآداب للحجاوي. جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، رقم (7488). 20 - غاية المطلب في معرفة المذهب للجراعي. مكتبة أحمد الثالث، تركيا، رقم (1122). 21 - مختصر ابن تميم في الفقه. المكتبة الظاهرية. 22 - نظم زوائد الكافي على الخرقي: يحيى الصرصري، موجود لدى أحد طلبة العلم بالقصيم. 23 - الوجيز لابن أبي السري الدجيلي. مركز البحث العلمي جامعة أم القرى. * * * ب- المطبوعات: 1 - إتحاف السادة المتقين بشرح علوم الدين: الزبيدي، دار الفكر. 2 - الإتقان في علوم القرآن: السيوطي، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة. 3 - أحكام أهل الذمة: ابن القيم الجوزية، حققه وعلق حواشيه: د. صبحي الصالح، دار العلم للملايين الطبعة الثالثة 1983 م. 4 - أحكام الجنائز وبدعها: الألباني، مكتبة المعارف، الرياض 1412 هـ. 5 - الأحكام السلطانية: القاضي أبو يعلى، صححه وعلق عليه: محمد حامد الفقي، الطبعة الثالثة 1394 هـ، شركة مكتبة أحمد بن سعد بن نبهان بأندونيسيا.
6 - الإحكام في أصول الأحكام: الآمدي، تحقيق: عبد الرزاق عفيفي، المكتب الإسلامي دمشق 1402 هـ. 7 - أخبار مكة في قديم الدهر وحديثه: الفكهي، دراسة وتحقيق: د. عبد الملك بن عبد اللَّه بن دهيش، الطبعة الأولى 1407 هـ مكتبة ومطبعة النهضة الحديثة مكة المكرمة. 8 - أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار: الأزرقي، تحقيق: رشدي الصالح ملحس، الطبعة الخامسة 1408 هـ، مطابع دار الثقافة مكة المكرمة. 9 - الآداب الشرعية والمنح المرعية: ابن مفلح، الناشر مؤسسة قرطبة، القاهرة. 10 - الأداب المفرد: البخاري، تحقيق: الألباني، مكتبة المعارف الرياض. 11 - الأذكار النووية: النووي، تحقيق: محي الدين مستو، دار ابن كثير، دار الكلم الطيب، بيروت، الطبعة السادسة 1413 هـ. 12 - الإرشاد إلى سبيل الرشاد. ابن أبي موسى الهاشمي، تحقيق: د. عبد اللَّه التركي، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الأولى 1419 هـ. 13 - إرشاد الساري إلى مناسك الملا علي القاري: حسين بن محمد سعيد عبد الغني المكي الحنفي، مطبوع مع المسلك المتقسط، دار المعارف النعمانية، لاهور. 14 - إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل: الألباني، المكتب الإسلامي، الطبعة الثانية 1405 هـ. 15 - أسنى المطالب شرح روض الطالب: زكريا الأنصاري المكتبة الإسلامية. 16 - إِشارة التعيين في تراجم النحاة واللغويين: اليماني، شركة الطباعة العربية السعودية، الطبعة الأولى 1406 هـ. 17 - الأشباه والنظائر: السيوطي، تحقيق: محمد المعتصم باللَّه البغدادي، دار الكتاب العربي، الطبعة الأولى 1407 هـ. 18 - الإصابة في تمييز الصحابة: ابن حجر، مطبعة السعادة بالقاهرة، الطبعة الأولى 1328 هـ. 19 - إعراب القرآن وبيانه: محي الدين الدرويش، دار ابن كثير، الطبعة السادسة 1419 هـ.
20 - الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع: محمد الشربيني الخطيب، دار إحياء الكتب العربية بمصر. 21 - الإقناع لطالب الانتفاع: الحجاوي، تحقيق: د. عبد اللَّه التركي، يوزع على نفقة عبد الرحمن فقيه. 22 - آكام المرجان في غرائب الأخبار وأحكام الجان: الشبلي الحنفي، صححه وعلق عليه: د. عبد اللَّه الصديق، مكتبة ومطبعة محمد علي صبيح 1376 هـ. 23 - الألفية في الآداب الشرعية: ابن عبد القوي، اعتنى بها: محمد العجمي، دار البشائر الطبعة الأولى 1418 هـ. 24 - الأم: الشافعي، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الثانية 1403 هـ. 25 - الإنصاف في مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين: الأنباري، دار إحياء التراث مصر الطبعة الرابعة 1390 هـ. 26 - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف: المرداوي، تحقيق: د. عبد اللَّه التركي، د. عبد الفتاح الحلو، دار هجر، القاهرة، الطبعة الأولى 1414 هـ. 27 - أنوار التنزيل وأسرار التأويل: البيضاوي، مكتبة مصطفى البابي الحلبي، الطبعة الثانية 1388 هـ. 28 - أهوال القبور وأحوال أهلها إلى دار النشور: ابن رجب، تحقيق: خالد السبع، دار الكتاب العربي، الطبعة الخامسة 1418 هـ. 29 - الإيضاح شرح تلخيص المفتاح: الخطيب القزويني، مطبعة دار السعادة مصر، الطبعة الثانية 1342 هـ. 30 - الإيضاح والتبيان في معرفة المكيال والميزان: ابن الرفعة، دار الفكر، دمشق 1400 هـ. 31 - اختيار الأولى في شرح حديث اختصام الملأ الأعلى: ابن رجب، تحقيق: بشير عيون، مكتبة المؤيد 1405 هـ. 32 - الاختيارات الفقيهة من فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، اختارها: العلامة الشيخ علاء الدين البعلي الدمشقي، تحقيق: محمد حامد الفقي، مكتبة السنة المحمدية 1369 هـ.
33 - الاستيعاب في أسماء الأصحاب: ابن عبد البر، مطبعة السعادة بالقاهرة، 1328 هـ (على هامش الإصابة). 34 - اقتضاء الصراط المستقيم: شيخ الإسلام ابن تيمية، تحقيق: د. ناصر العقل، مكتبة الرشد، الطبعة الخامسة 1417 هـ. 35 - بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع: الكاساني الحنفي، المكتبة العلمية، بيروت لبنان. 36 - البداية والنهاية: ابن كثير، اعتنى بها عبد الرحمن اللاذقي، ومحمد بيضون، دار المعرفة، بيروت، لبنان 1418 هـ. 37 - البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع: الشوكاني، مطبعة السعادة، القاهرة، الطبعة الأولى 1348 هـ. 38 - بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة: السيوطي، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، مطبعة الحلبي، الطبعة الأولى. 39 - بلوغ المرام من أدلة الأحكام: ابن حجر، صححه وعلق عليه: محمد حامد الفقي، المكتبة التجارية الكبرى بمصر. 40 - تاج العروس: الزبيدي، مطبعة حكومة الكويت 1915 م. 41 - تاريخ الخلفاء: السيوطي، تحقيق: د. إبراهيم صالح، دار صادر، بيروت، الطبعة الأولى 1417 هـ. 42 - التاريخ القويم لمكة وبيت اللَّه الأمين: محمد طاهر الكردي، الطبعة الأولى 1385 هـ، مكتبة النهضة الحديثة، مكة المكرمة. 43 - التاريخ الكبير: البخاري، دار الكتب العلمية بيروت، لبنان. 44 - تاريخ بغداد: الخطيب البغدادي، دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان. 45 - تاريخ مدينة دمشق. ابن عساكر. دار البشائر. 46 - تاريخ مصر الحديث: جرجي زيدان، الطبعة الثالثة، مطبعة الهلال 1925 م. 47 - التبيان في آداب حملة القرآن: النووي، مكتبة دار البيان، الطبعة الأولى 1403 هـ.
48 - التحبير شرح التحرير: علاء الدين المرداوي، تحقيق: د. عبد الرحمن الجبرين، د. عوض القرني، د. أحمد السراح، مكتبة الرشد، الرياض، الطبعة الأولى 1421 هـ. 49 - تحرير ألفاظ التنبيه: النووي، تحقيق: د. محمد رضوان الداية، ود. فايز الداية، دار الفكر، دمشق، الطبعة الأولى 1410 هـ. 50 - تحفة الطلاب بشرح تنقيح اللباب: زكريا الأنصاري، دار المعرفة، بيروت. 51 - التذكرة في أحوال الموتى: ابن عبد البر، دار الرياض للتراث، القاهرة. 52 - التذليل والتذنيب على نهاية الغريب: السيوطي، دار الرفاعي، الرياض، الطبعة الأولى 1402 هـ. 53 - الترغيب والترهيب من الحديث الشريف: المنذري، تحقيق: محي الدين مستو، وسمير العطار، ويوسف بديوي، دار ابن كثير، دمشق، الطبعة الأولى 1414 هـ. 54 - تصحيح الفروع: المرداوي، مطبوع مع الفروع، دار مصر للطباعة، القاهرة 1388 هـ. 55 - التعليق المغني على الدارقطني: شمس الحق العظيم أبادي، عالم الكتب، بيروت، الطبعة الثالثة 1413 هـ. 56 - تفسير البغوي (معالم التنزيل): البغوي، تحقيق: محمد عبد اللَّه النمر، عثمان جمعة ضميرية، سليمان مسلم الحرش، دار طيبة، الرياض 1411 هـ. 57 - تفسير القرآن العظيم: ابن كثير الدمشقي، المكتبة التجارية، مكة المكرمة. 58 - تلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير: ابن حجر، تحقيق: د. شعبان محمد إسماعيل، الناشر مكتبة ابن تيمية، القاهرة. 59 - تلخيص المستدرك: الذهبي، دار الفكر، بيروت 1398 هـ. 60 - التنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع: المرداوي، المطبعة السلفية ومكتبتها. 61 - تهذيب الأسماء واللغات: النووي، الناشر: مكتبة ابن تيمية، القاهرة 1410 هـ. 62 - تهذيب التهذيب: ابن حجر، دار صادر، بيروت. 63 - تهذيب الكمال: المزي، تحقيق: بشار عواد، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى 1413 هـ.
64 - تهذيب اللغة: الأزهري، تحقيق: عبد السلام هارون، مكتبة ابن تيمية، القاهرة. 65 - تهذيب سنن أبي داود: ابن قيِّم الجوزية، مطبوع مع مختصر سنن أبي داود، دار المعرفة، بيروت، لبنان. 66 - توضيح الأحكام من بلوغ المرام: عبد اللَّه بن عبد الرحمن البسام، دار القبلة للثقافة الإسلامية، جدة، الطبعة الأولى 1413 هـ. 67 - التوضيح في الجمع بين المقنع والتنقيح: الشويكي، تحقيق: ناصر الميمان، المكتبة المكية، الطبعة الأولى 1418 هـ. 68 - جامع البيان في تأويل القرآن: ابن جرير الطبري، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى 1412 هـ، 1992 م. 69 - الجامع الصحيح وهو سنن الترمذي: محمد بن عيسى بن سورة، تحقيق: أحمد شاكر، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، عن الطبعة الأولى 1356 هـ. 70 - جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثًا من جوامع الكلم: ابن رجب، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، إبراهيم باجس، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الثالثة 1412 هـ - 1991 م. 71 - الجرح والتعديل: ابن أبي حاتم الرازي، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية بالهند، الطبعة الأولى 1371 هـ. 72 - جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على خير الأنام: ابن القيم، علق عليه: مشهور سليمان، دار ابن الجوزي، الطبعة الأولى 1417 هـ. 73 - الجمل على شرح المنهج: سليمان الجمل، دار إحياء التراث العربي. 74 - جواهر البلاغة: أحمد الهاشمي، دار إحياء التراث العربي. بيروت. 75 - الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية: القرضي الحنفي، تحقيق: د. عبد الفتاح الحلو، المطبعة الحلبية بمصر 1398 هـ. 76 - الجوهر النقي: ابن التركماني، مطبوع مع السنن الكبرى للبيهقي، دار المعرفة، بيروت لبنان 1413 هـ.
77 - حاشية الأمير على مغني اللبيب، دار إحياء الكتب العربية، عيسى الحلبي وشركاه. 78 - حاشية الباجوري على ابن قاسم الغزي: الشيخ إبراهيم الباجوري، مطبعة دار إحياء الكتب العربية بمصر. 79 - حاشية الدسوقي على الشرح الكبير: محمد بن عرفة الدسوقي، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع. 80 - حاشية الروض المربع: الشيخ عبد اللَّه عبد العزيز العنقري - مكتبة الرياض الحديثة، المملكة العربية السعودية، 1403 - 1983 م. 81 - حاشية الروض على شرح زاد المستنقع: الشيخ محمد بن صالح العثيمين، دار المؤيد، الطبعة الثانية 1418 هـ. 82 - حاشية الصبان على شرح الأشموني لألفية ابن مالك، دار الفكر. 83 - حاشية العلامة ابن حجر الهيتمي على شرح الإيضاح في مناسك الحج للنووي، دار الحديث للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان. 84 - حاشية اللبدي على نيل المآرب: عبد الغني اللبدي، تحقيق: د. محمد الأشقر، دار البشائر الإسلامية، الطبعة الثامنة 1419 هـ. 85 - حاشية ردِّ المختار: محمد أمين الشهير بابن عابدين على الدار المختار شرح تنوير الأبصار، دار الفكر، الطبعة الثانية 1386 هـ. 86 - الحافظ ابن حجر العسقلاني حياته وشعره: محمد يوسف أيوب، مكتبة الأدب، الرياض، الطبعة الأولى 1419 هـ. 87 - حلية الأولياء وطبقات الأصفياء: أبو نعيم الأصبهاني، الطبعة الأولى، مصر 1351 م. 88 - حواشي التنقيح: موسى الحجاوي، تحقيق: د. يحيى الجرادي، دار البخاري، الطبعة الثانية 1406 هـ. 89 - خزانة الأدب: عبد القادر البغدادي، تحقيق: عبد السلام هارون، مكتبة الخانجي، القاهرة 1981 م.
90 - خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر: المحبي، دار صادر، بيروت، لبنان. 91 - خلاصة تهذيب تهذيب الكمال في أسماء الرجال: الخزرجي الأنصاري، الناشر: مكتب المطبوعات الإسلامية بسورية، الطبعة الثانية 1391 هـ. 92 - الدر المنضد في أسماء كتب مذهب الامام أحمد: ابن حميد المكي الحنبلي (1292 - 1346 هـ) تحقيق: جاسم الدوسري، دار البشائر الإسلامية، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى 1410 هـ - 1990 م. 93 - الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي: إعداد: د. رضوان مختار بن غريبة، دار المجتمع، جدة، الطبعة الأولى 1411 هـ. 94 - الدراية في تخريج أحاديث الهداية: ابن حجر، صححه وعلق عليه: عبد اللَّه هاشم اليماني، دار المعرفة، بيروت، لبنان. 95 - الدرر الفرائد المنظمة في أخبار الحاج وطريق مكة المعظمة: عبد القادر الجزيري الحنبلي، إعداد: حمد الجاسر، من منشورات دار اليمامة للبحث والنشر، الرياض. 96 - الدرر الكامنة في أعيان المئة الثامنة: ابن حجر، تحقيق: محمد سيد جاد الحق، دار الكتب الحديثة، القاهرة، الطبعة الثانية. 97 - الديباج المذهب في معرفة علماء المذهب: ابن فرحون المالكي، تحقيق: محمد الأحمدي أبو النور، دار التراث، القاهرة 1393 هـ. 98 - الذيل على طبقات الحنابلة: ابن رجب، دار المعرفة، بيروت، لبنان. 99 - روضة الطالبين وعملة المفتين: النووي، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الثانية 1405 هـ. 100 - روضة الناظر: ابن قدامة، المطبعة السلفية ومكتبتها، الطبعة الأولى 1378 هـ. 101 - زاد المستنقع في اختصار المقنع: موصى الحجاوي، المطبعة السلفية ومكتبتها، الطبعة الثامنة 1398 هـ. 102 - زاد المسير: ابن الجوزي، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الثالثة 1404 هـ.
103 - زاد المعاد في هدي خير العباد: ابن قيم الجوزية، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، وعبد القادر الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان، الطبعة العاشرة 1405 هـ. 104 - الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي: الأزهري، دار الفكر، 1414 هـ. 105 - السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة: ابن حميد، تحقيق: بكر بن عبد اللَّه أبو زيد، ود. عبد الرحمن بن سليمان العثيمين، مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى 1416 - 1996 م. 106 - سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر: المرادي، صورة من الطبعة الأولى 1301 هـ. 107 - سنن أبي داود السجستاني، مراجعة وضبط وتعليق: محمد محي الدين عبد الحميد، مكتبة الرياض الحديثة. 108 - سنن ابن ماجه: القزويني، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان. 109 - سنن الدرامي: الدرامي، تحقيق: فواز أحمد زمرلي، وخالد السبع، العلمي، دار الكتاب العربي، بيروت 1407 هـ. 110 - السنن الكبرى: البيهقي، دار المعرفة، بيروت، لبنان، 1413 هـ. 111 - سنن النسائي بشرح الحافظ جلال الدين السيوطي، وحاشية السندي، اعتنى به: عبد الفتاح أبو غدة، الناشر: مكتب المطبوعات الإسلامية بحلب، الطبعة الثانية 1406 هـ. 112 - سنن سعيد بن منصور: تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي، دار الكتب العلمية، بيروت. 113 - سير أعلام النبلاء: الذهبي، أشرف على التحقيق: شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى 1409 هـ. 114 - شجرة النور الزكية في طبقات المالكية: محمد مخلوف، دار الفكر. 115 - شذرات الذهب: ابن العماد الحنبلي، تحقيق: محمود الأرناؤوط، دار ابن كثير، دمشق، الطبعة الأولى 1406 هـ. 116 - شرح الأشموني لألفية ابن مالك، دار الفكر.
117 - شرح التصريح على التوضيح: خالد الأزهري، دار الكتب العربية، عيسى الحلبي وشركاه. 118 - شرح الزركشي على مختصر الخرقي في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل: الزركشي، تحقيق وتعليق: د. عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن جبرين، الطبعة الأولى 1410 هـ. 119 - شرح العقيدة الطحاوية: ابن أبي العز الحنفي، خرَّج أحاديثها: الألباني، المكتب الإسلامي، الطبعة الثامنة 1404 هـ. 120 - شرح العمدة: (كتاب الصلاة): شيخ الإسلام ابن تيمية, تحقيق: د. خالد المشيقح، دار العاصمة، الطبعة الأولى 1418 هـ. 121 - شرح العمدة في الفقه (كتاب الطهارة): شيخ الإسلام ابن تيمية، تحقيق ودراسة: د. سعود بن صالح العطيشان، الطبعة الأولى 1412 هـ، مكتبة العبيكان، الرياض. 122 - شرح العمدة في بيان مناسك الحج والعمرة: شيخ الإسلام ابن تيمية، تحقيق ودراسة: صالح بن محمد الحسن، مكتبة الرشد، الطبعة الأولى 1412 هـ. 123 - شرح الكافية الشافية: ابن مالك، تحقيق: د. عبد المنعهم هريري، دار المأمون للتراث الطبعة الأولى 1402 هـ. 124 - الشرح الكبير: لشمس الدين ابن قدامة مع المقنع والإنصاف، تحقيق: د. عبد اللَّه التركي، هجر، الطبعة الأولى 1416 - 1996 م. 125 - الشرح الكبير لأبي البركات سيدي أحمد الدردير، مطبوع بهامش حاشية الدسوقي، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع. 126 - شرح الكوكب المنير: الفتوحي، تحقيق: د. محمد الزحيلي، ود. نزيه حماد، دار الفكر، دمشق 1400 هـ. 127 - الشرح الممتع على زاد المستقنع: الشيخ محمد صالح العثيمين، مكتبة العبيكان 1421 هـ. 128 - شرح المواقف: الإيجي، مطبعة السعادة، مصر 1325 هـ. 129 - شرح صحيح مسلم: الأبي، مكتبة طبرية، الرياض.
130 - شرح مختصر الروضة: الطوفي، تحقيق: د. عبد اللَّه بن المحسن التركي، مؤسسة الرسالة بيروت، الطبعة الثالثة 1419 هـ - 1998 م. 131 - شرح منتهى الإرادات: البَهوتي، عالم الكتب، بيروت. 132 - صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان: ابن بلبان الفارسي، حققه وخرَّج أحاديثه وعلق عليه: شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الثانية 1414 هـ. 133 - صحيح مسلم بشرح النووي دار الفكر 1401 هـ. 134 - صحيح مسلم: مسلم بن الحجاج القشيري، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، نشر وتوزيع: رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد. 135 - صفة الصفوة: ابن الجوزي، تحقيق: محمود فاخوري، الناشر: دار الوعي بحلب. 136 - الضوء اللامع لأهل القرن التاسع: السخاوي، دار مكتبة الحياة، بيروت، لبنان. 137 - طبقات الحفاظ: السيوطي، تحقيق: علي محمد عمر، الناشر: مكتبة وهبة، الطبعة الأولى 1393 هـ. 138 - طبقات الحنابلة: القاضي أبو يعلى، دار المعرفة، بيروت لبنان. 139 - الطبقات السنية في تراجم الحنقية: المولى الداري، تحقيق: عبد الفتاح الحلو، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة 1390 هـ. 140 - طبقات الشافعية الكبرى: السبكي، تحقيق: محمود محمد الطناحي، وعبد الفتاح محمد الحلو، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة. 141 - طبقات الشافعية: الأسنوي، تحقيق: عبد اللَّه الجبوري، دار العلوم، الرياض 1401 هـ. 142 - الطبقات الكبرى: ابن سعد، دار صادر، بيروت، لبنان. 143 - طبقات المفسرين: الداوودي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1403 هـ. 144 - طبقات المفسرين: السيوطي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1453 هـ. 145 - عقد الفرائد وكنز الفوائد: نظم ابن عبد القوي، طبع على نفقة الشيخ علي بن عبد اللَّه آل ثاني، منشورات المكتب الإسلامي بدمشق، الطبعة الأولى 1384 هـ.
146 - علماء خلال ثمانية قرون: الشيخ عبد اللَّه البسام، دار العاصمة، الطبعة الثانية 1419 هـ. 147 - عمل اليوم والليلة: ابن السني، تحقيق: أبو محمد عبد الرحمن كوثر البرني، مؤسسة علوم القرآن. 148 - عنوان المجد في تاريخ نجد: ابن بشر، تحقيق: عبد الرحمن آل الشيخ، مطبوعات دائرة الملك عبد العزيز 1403 هـ. 149 - عون المعبود شرح سنن أبي داود: العظيم آبادي، تحقيق: عبد الرحمن محمد عثمان، دار الفكر للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، الطبعة الثالثة 1399 هـ. 150 - غاية المنتهى في الجمع بين الإقناع والمنتهى: مرعي المقدسي، الطبعة الأولى على نفقة الشيخ علي بن عبد اللَّه ابن قاسم آل ثاني. 151 - غاية المنتهى في الجمع بين الإقناع والمنتهى: مرعي المقدسي، المؤسسة السعيدية 1401 هـ. 152 - غذاء الألباب شرح منظومة الآداب: السفاريني، مؤسسة قرطبة. 153 - الغنية لطالبي طريق الحق: عبد القادر الجيلاني، مطبعة محمد علي صبيح. 154 - فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني، المطبعة السلفية ومكتبتها، القاهرة. 155 - الفتح الرباني في ترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني، مع شرحه بلوغ الأماني: عبد الرحمن البنا، دار الشهاب، القاهرة. 156 - فتح العزيز شرح الوجيز: الرافعي، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع. 157 - فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب: زكريا الأنصاري، دار إحياء التراث العربي. 158 - الفتوحات الإلهية بتوضيح تفسير الجلالَين للدقائق الخفية: سلمان الجمل، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع. 159 - الفروع: ابن مفلح، دار مصر للطباعة، القاهرة 1388 هـ. 160 - الفوائد البهية في تراجم الحنفية: للكنوي، مطبعة السعادة، الطبعة الأولى 1324 هـ.
161 - الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة: الشوكاني، تحقيق: عبد الرحمن يحيى المعلمي اليماني، مكتبة السنة المحمدية، الطبعة الأولى 1380 هـ. 162 - فوات الوفيات: الكتبي، تحقيق: إحسان عباس، دار صادر، بيروت. 163 - فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت: محب الدين عبد الشكور البهاري، المطبعة الأميرية 1322 هـ. 164 - الفواكه العديدة: ابن منقور، المكتب الإسلامي، الطبعة الثانية. 165 - فيض القدير شرح الجامع الصغير: المناوي، الطبعة الثانية 1391 هـ، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزبع. 166 - القاموس المحيط: الفيروزأبادي، مؤسسة الرسالة، الطبعة الثانية 1407 هـ. 167 - القرى لقاصد أم القرى: محب الدين الطبري، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الثانية 1390 هـ. 168 - القواعد في الفقه الإسلامي: ابن رجب، دار المعرفة، بيروت، لبنان. 169 - القواعد والفوائد الأصولية: ابن اللحام، تحقيق: محمد حامد الفقي، مكتبة السنة المحمدية القاهرة. 170 - الكافي: ابن قدامة، تحقيق: د. عبد اللَّه التركي، دار هجر، الطبعة الأولى 1417 هـ. 171 - الكامل في التاريخ: ابن الأثير، دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة الرابعة 1403 هـ. 172 - الكتاب المصنف في الأحاديث والآثار: ابن أبي شيبة، اعتنى بتحقيقه وطبعه ونشره: مختار أحمد الندوي، الدار السلفية بالهند، الطبعة الأولى 1451 هـ. 173 - كشاف القناع من متن الإقناع: منصور البَهوتي، تعليق: هلال مصيلحي، الناشر: مكتبة النصر الحديثة بالرياض. 174 - الكشاف على حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل: الزمخشري، دار المعرفة، بيروت، لبنان.
175 - كشف الخفاء ومزيل الألباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس: إسماعيل العجلوني، تحقيق: د. أحمد القلاش، مكتبة التراث الإسلامي، حلب. 176 - كشف الظنون: حاجي خليفة، مكتبة المثنى، بغداد. 177 - الكواكب السائرة بأعيان المئة العاشرة: الغزي، دار الفكر، بيروت. 178 - لسان العرب: ابن منظور، دار صادر، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى 1410 هـ - 1990 م. 179 - لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف: ابن رجب الحنبلي، تحقيق: ياسين محمد السواس، دار ابن كثير، دمشق، بيروت، الطبعة الأولى 1413 هـ. 180 - المبدع في شرح المقنع: برهان الدين إبراهيم بن مفلح، المكتب الإسلامي 1980 م. 181 - مجالس شهر رمضان: الشيخ محمد بن صالح العثيمين 1456 هـ. 182 - مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر: عبد الرحمن بن محمد بن سليمان، دار الطباعة العامرة. 183 - مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: الهيثمي، دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان، الطبعة الثالثة 1402 هـ. 184 - المجموع شرح المهذب: النووي، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع. 185 - مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين، جمع وترتيب: فهد بن ناصر السليمان، دار الثريا. 186 - مختار الصحاح: الرازي، دار ابن كثير، بيروت، 1405 هـ. 187 - مختصر التحرير: ابن النجار، مكتبة الامام الشافعي، الطبعة الثانية 1410 هـ. 188 - مختصر سنن أبي داود: المنذري، تحقيق: محمد حامل الفقي، دار المعرفة، بيروت، لبنان. 189 - مختصر طبقات الحنابلة: الشطي، تحقيق: فواز أحمد زمرلي، دار الكتاب العربي بيروت 1406 هـ. 190 - المخصص: ابن سيده، دار الفكر، بيروت 1398 هـ.
191 - المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل: ابن بدران، تحقيق: د. عبد اللَّه التركي مؤسسة الرسالة، الطبعة الثانية 1401 هـ - 1991 م. 192 - المدونة: الإمام مالك، دار صادر، مصر، الطبعة الأولى 1323 هـ. 193 - مراتب الإجماع في العبادات والمعاملات والاعتقادات: ابن حزم، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان. 194 - مسائل الإمام أحمد بن حنبل: رواية ابنه صالح، تحقيق: د. فضل الرحمن دين محمد، الدار العلمية، دلهي، الهند، الطبعة الأولى 1408 هـ. 195 - مسائل الإمام أحمد: رواية: ابنه عبد اللَّه، المكتب الإسلامي، الطبعة الأولى 1401 هـ. 196 - المستدرك على الصحيحَين: الحاكم، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع 1398 هـ. 197 - المستوعب: السامري، تحقيق: د. عبد الملك بن دهيش، دار خضر، الطبعة الأولى 1420 هـ. 198 - المسلك المتقسط في المنسك المتوسط: علي القاري، دار المعارف النعمانية، لاهور. 199 - مسند الإمام أحمد بن حنبل، الناشر: المكتب الإسلامي، الطبعة الثانية 1398 هـ. 200 - مسند الشافعي، تحقيق: محمد زاهد الكوثري، دار الكتب العلمية، بيروت 1370 هـ. 201 - مشارق الأنوار على صحاح الآثار: عياض بن موسى السبتي، المكتبة العتيقة دار التراث، تونس، القاهرة. 202 - المصنف: عبد الرزاق بن همام الصنعاني، تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الثانية 1403 هـ. 203 - مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى: الرحيباني، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الأولى 1380 هـ. 204 - المطلع على أبواب المقنع: البعلي، المكتب الإسلامي 1401 هـ - 1981 م. 205 - معالم السنن: الخطابي، مطبوع مع مختصر سنن أبي داود، دار المعرفة، بيروت، لبنان.
206 - معالم مكة التاريخية والأثرية: عاتق بن غيث البلادي، دار مكة للنشر والتوزيع، الطبعة الثانية 1403 هـ. 207 - معجم البلدان: ياقوت الحموي، تحقيق: فريد الجندي، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى 1410 هـ. 208 - المعجم الكبير: الطبراني، الدار العربية، بغداد، الطبعة الأولى. 209 - معجم المؤلفين: عمر رضا كحالة، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان. 210 - معجم المصطلحات والألفاظ التاريخية: مصطفى عبد الكريم، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى 1416 هـ. 211 - المعجم الوسيط: إخراج: إبراهيم مصطفى، وأحمد حسن الزيات، وحامد عبد القادر، ومحمد علي النجار، مصر، مجمع اللغة العربية، والإدارة العامة للمعجمات وإحياء التراث 1400 هـ. 212 - معجم متن اللغة: أحمد رضا، دار مكتبة الحيان، بيروت 1377 هـ. 213 - معجم مقاييس اللغة: ابن فارس، تحقيق: عبد السلام هارون، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع 1399 هـ. 214 - المعرب من الكلام الأعجمي: الجواليقي، دار الكتب العلمية. 215 - معونة أولي النهى شرح المنتهى: الفتوحي، تحقيق: د. عبد الملك بن عبد اللَّه بن دهيش، دار خضر، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى 1410 هـ. 216 - مغني اللبيب عن كتب الأعاريب: ابن هشام، تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، المكتبة العصرية 1407 هـ. 217 - مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج: الشربيني الخطيب، مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر 1377 هـ. 218 - المغني: ابن قدامة، تحقيق: د. عبد اللَّه التركي، ود. عبد الفتاح الحلو، دار هجر للطباعة والنشر، الطبعة الأولى 1406 هـ.
219 - المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة: السخاوي، صححه وعلق حواشيه: عبد اللَّه محمد الصديق، الناشر: مكتبة الخانجي بالقاهرة، الطبعة الثانية 1414 هـ. 220 - المقصد الأرشد في ذكر أصحاب الإمام أحمد: ابن مفلح، تحقيق: د. عبد الرحمن العثيمين، مكتبة الراشد، الرياض، الطبعة الأولى 1410 هـ. 221 - المقنع: ابن قدامة، دار الكتب العلمية. 222 - الممتع شرح المقنع: المنجي التنوخي، تحقيق: د. عبد الملك بن دهيش، دار خضر، بيروت الطبعة الثانية 1418 هـ. 223 - المناسك وأماكن طرق الحج: أبو إسحاق الحربي، تحقيق: حمد الجاسر، منشورات وزارة الحج والأوقاف في المملكة العربية السعودية 1401 هـ. 224 - المنتقى من أخبار المصطفى: مجد الدين ابن تيمية، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الثانية 1393 هـ. 225 - منتهى الإرادات: الفتوحي، تحقيق: عبد الغني عبد الخالق، عالم الكتب. 226 - المنح الشافيات شرح نظم المفردات: منصور البهوتي المؤسسة السعيدية. 227 - المنهج الأحمد في تراجم أصحاب الإمام أحمد: العليمي، أشرف على تحقيقه: عبد القادر الأرناؤوط، دار صادر، بيروت، الطبعة الأولى 1417 هـ. 228 - المواقف: الجرجاني، مطبعة السعادة، مصر 1325 هـ. 229 - مواهب الجليل لشرح مختصر خليل الحطاب، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الثالثة 1413 هـ. 230 - موطأ الإمام مالك مطبوع مع شرحه تنوير الحوالك: الطبعة الأخيرة 1370 هـ، مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر. 231 - ميزان الاعتدال: الذهبي، تحقيق: علي محمد البجاوي، دار الفكر.
232 - النبوات: شيخ الإسلام ابن تيمية، تحقيق: د. عبد العزيز الطويان، مكتبة أضواء السلف، الرياض، الطبعة الأولى 1420 هـ. 233 - النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة: يوسف بن تغري بردي الأتابكي، دار الكتب المصرية، القاهرة، الطبعة الأولى 1357 هـ. 234 - نصب الراية لأحاديث الهداية: الزيلعي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، الطبعة الثالثة 1407 هـ. 235 - النعت الأكمل لأصحاب الإمام أحمد بن حنبل: الغزي، تحقيق: محمد مطيع الحافظ، ونزار أباظة، دار الفكر، 1402 هـ. 236 - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج: الرملي، مكتبة ومطبعة البابي الحلبي. 237 - النهاية في غريب الحديث والأثر: ابن الأثير، المطبعة الخيرية بمصر، الطبعة الأولى 1306 هـ. 238 - نوادر الأصول في معرفة أحاديث الرسول: الحكيم الترمذي، دار صادر، بيروت. 239 - نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار: الشوكاني، دار الجيل، بيروت، لبنان. 240 - هدية العارفين: إسماعيل البغدادي، مكتبة المثنى، بغداد. 241 - هداية المسالك إلى المذاهب الأربعة في المناسك: ابن جماعة، تحقيق: د. نور الدين عتر، دار البشائر الإسلامية، الطبعة الأولى 1414 هـ. 242 - الهداية: أبو الخطاب الكلوذاني، تحقيق: الشيخ إسماعيل الأنصاري، والشيخ صالح السليمان العمري، الطبعة الأولى 1390 هـ، مطابع القصيم. 243 - الوافي بالوفيات: الصفدي، دار فرانز شتايز بقيسبادان 1381 هـ. 244 - الوجيز في الفقه: ابن أبي السدس الدجيلي، تحقيق: عبد الرحمن بن سعدي الحربي، 1416 هـ. 245 - الوسم في الوشم: أحمد الخليجي، مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر.
246 - وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان: ابن خلكان، تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، الطبعة الأولى، القاهرة 1367 هـ. * * *
قائمة المصادر والمراجع (2)
قائمة المصادر والمراجع (2) (*) 1 - الاختيارات الفقهية: من فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، لعلاء الدين البعلي الدمشقي المعروف بابن اللحام -أشرف على تصحيحه: عبد الرحمن حسن محمود- من منشورات المؤسسة السعيدية بالرياض. 2 - إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل: لمحمد ناصر الألباني، بإشراف محمد زهير الشاويش - المكتب الإسلامي بيروت - لبنان - الطبعة الأولى 1399 هـ - 1979 م. 3 - الاستيعاب في معرفة الأصحاب: لابن عبد البر النمري القرطي (ت 463 هـ)، بهامش الإصابة في تمييز الصحابة - دار إحياء التراث العربي - بيروت - الطبعة الأولى 1338 هـ. 4 - أسد الغابة في معرفة الصحابة: لعز الدين الأثير علي محمد الجزري، مطبوعات الشعب - القاهرة. 5 - الإصابة في تمييز الصحابة: لابن حجر العسقلاني، دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان. 6 - الأعلام: لخير الدين الزركلي، دار العلم للملايين - بيروت - لبنان - الطبعة التاسعة 1990 م. 7 - أعلام الموقعين عن رب العالمين: لشمس الدين بن قيم الجوزية (ت 751 هـ)، تعليق: محمد محيي الدين عبد الحميد - دار الفكر - بيروت. 8 - الإفصاح عن معاني الصحاح: لابن هبيرة، من منشورات المؤسسة السعيدية بالرياض. 9 - الإقناع: للحجاوي، مع شرحه كشاف القناع، مكتبة نزار مصطفى الباز - المملكة العربية السعودية - الطبعة الثانية 1418 هـ - 1997 م. ¬
10 - ألفية ابن مالك في النحو والصرف: لمحمد بن عبد اللَّه بن مالك، مكتبة الصفدي. 11 - الأم: للشافعي -محمد بن إدريس الشافعي- مع مختصر المزني، دار الفكر - بيروت - لبنان - الطبعة الثانية 1403 هـ - 1983 م. 12 - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل: للمرداوي - دار إحياء التراث العربي، مؤسسة التاريخ العربي. بيروت. الطبعة الثانية. - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل: للمرداوي، مع المقنع والشرح الكبير، تحقيق د. عبد اللَّه بن عبد المحسن التركي - هجر - الطبعة الأولى 1416 هـ - 1996 م. 13 - أنيس الفقهاء في تعريفات الألفاظ المتداولة بين الفقهاء: لشيخ قاسم القونوي (ت 978 هـ)، تحقيق د. محمد الكبيسي - مؤسسة الكتب الثقافية - بيروت - الطبعة الثانية 1407 هـ. 14 - بدائع الزهور في وقائع الدهور: لابن إياس، إستانبول - الطبعة الأولى 1931 م - 1932 م. 15 - بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع: لعلاء الدين أبي بكر بن مسعود الكاساني (587 هـ)، دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان - الطبعة الثانية 1406 هـ. 16 - بدائع الفوائد: للعلامة أبي عبد اللَّه بن أبي بكر الدمشقي المعروف بابن قيم الجوزية (751 هـ)، دار الكتاب العربي - بيروت - بدون تاريخ. 17 - بداية المبتدئ في فقه الحنفية: لأبي الحسن علي بن أبي بكر المرغيناني (ت 592 هـ) مع شرح الهداية، بدون تحديد الناشر ولا تاريخ النشر. 18 - البداية والنهاية في التاريخ: لإسماعيل بن عمر بن كثير، الطبعة الأولى بمصر - سنة 1358 هـ. 19 - البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع: لمحمد بن علي الشوكاني، مطبعة السعادة - القاهرة - الطبعة الأولى 1348 هـ. 20 - تاج علماء الأندلس: لابن الفرضي، صورة عن الطبعة الأولى - سنة 1890 م - مدريد. 21 - تاريخ الأمم والملوك: لابن جرير الطبري، صورة من طبعة مطبعة الاستقامة - القاهرة - مصر- سنة 1357 هـ - 1939 م.
22 - تاريخ دمشق: لابن عساكر، صورة من طبعة سنة 1954 م - دمشق. 23 - تاريخ علماء بغداد: لمحمد رافع السلامي، الأهالي - الطبعة الأولى 1938 م. 24 - تاريخ العلماء النحويين من البصريين والكوفيين وغيرهم: للتنوخي، تحقيق: عبد الفتاح الحلو - الرياض - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية - المجلس العلمي 1401 هـ - 1981 م. 25 - تاريخ مصر الحديث: جرجي زيدان - الطبعة الثالثة - مطبعة الهلال 1925 م. 26 - تاريخ مصر السياسي في الأزمنة الحديثة: محمد رفعت بك، المطبعة الأميرية - القاهرة 1942 م. 27 - تجريد زوائد الغاية والشرح: لحسن الشطي، مع مطالب أولي النهى، الطبعة الثانية 1415 هـ - 1994 م. 28 - تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: للمباركفوري، أشرف على مراجعة أصوله: عبد الوهاب العبد اللطيف، دار الفكر - بيروت - لبنان. 29 - التحقيقات المرضية في المباحث القرضية: للشيخ صالح بن فوزان الفوزان، مطابع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية - الطبعة الثالثة 1400 هـ. 30 - تذكرة الحفاظ: للذهبي، دار إحياء التراث العربي - بيروت - لبنان. 31 - ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك: للقاضي عياض، تحقيق سعيد أحمد أعراب - المغرب - وزارة الشؤون الإسلامية 1982 م. 32 - تصحيح الفروع: للمرداوي، مع الفروع، تحقيق: أبي الزهراء حازم القاضي - دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان - الطبعة الأولى 1418 هـ - 1997 م. 33 - التعليق والمغني على سنن الدارقطني: أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني، الناشر: حديث أكادمي - نشاط آباد - فيصل آباد - باكستان - مطبعة فالكن - لاهور - باكستان. 34 - تفسير البغوي (معالم التنزيل): للبغوي، تحقيق: محمد عبد اللَّه النمر، عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش - دار طيبة - الرياض 1411 هـ.
35 - تفسير الطبري المسمى (جامع البيان في تأويل القرآن): لابن جرير الطبري، دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان - الطبعة الأولى 1412 هـ - 1992 م. 36 - تفسير غريب القرآن: لأبي محمد عبد اللَّه بن مسلم بن قتيبة (213 - 276 هـ)، تحقيق: السيد أحمد صقر - دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان- 1398 هـ - 1978 م. 37 - تفسير القرآن العظيم: لابن كثير، دار التراث العربي. 38 - التفسير الكبير، أو مفاتيح الغيب: لفخر الدين الرازي، دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان - الطبعة الأولى 1411 هـ - 1990 م. 39 - تقريب التهذيب: لابن حجر، تحقيق: محمد محمد عوَّامة - دار الرشيد - سورية - حلب - الطبعة الثالثة 1411 هـ -1991 م. 40 - تلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير: لابن حجر العسقلاني (ت 852 هـ)، تصحيح: عبد اللَّه هاشم اليماني -بدون ذكر الناشر- عام 1384 هـ. 41 - التنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع في فقه إمام السنة أحمد بن حنبل الشيباني: للمرداوي، من منشورات المؤسسة السعيدية - الرياض. 42 - تهذيب الأسماء واللغات: لمحيي الدين علي شرف النووي (ت 676 هـ) - دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان. 43 - تهذيب التهذيب: لابن حجر العسقلاني - دار الفكر - الطبعة الأولى 1404 هـ - 1984 م. 44 - تهذيب اللغة: للأزهري، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، مراجعة محمد علي النجار - المؤسسة المصرية العامة للتأليف والأنباء والنشر - الدار المصرية للتأليف والنشر - الدار القومية العربية للطباعة، 1384 هـ - 1964 م. 45 - التوقيف على مهمات التعاريف: لمحمد عبد الرؤوف المناوي، تحقيق: د. محمد رضوان الداية - دار الفكر المعاصر - بيروت - لبنان - دار الفكر- دمشق - سورية - الطبعة الأولى 1410 هـ - 1990 م. 46 - الجامع لأحكام القرآن: لأبي عبد اللَّه القرطبي، دار الفكر - الطبعة الثانية.
47 - جامع الترمذي: أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي، مع شرحه تحفة الأحوذي - دار الفكر بيروت - لبنان. 48 - جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثًا من جوامع الكلم: للإمام الحافظ ابن رجب (736 - 795 هـ) - تحقيق: شعيب الأرناؤوط، إبراهيم باجس - مؤسسة الرسالة - بيروت - الطبعة الثالثة 1412 هـ - 1991 م. 49 - جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس: للحميدي - القاهرة - مصر 1372 هـ. 50 - الجواهر المضيئة لعبد القادر بن أبي الوفاء - مير كتب خانة - الهند. 51 - حاشية الإقناع: لمنصور البهوتي، (مخطوط). 52 - حاشية الروض المربع: لعبد اللَّه بن عبد العزيز العنقري، مع الروض المربع - مكتبة الرياض الحديثة - المملكة العربية السعودية 1403 هـ - 1983 م. 53 - حاشية الشيخ عثمان بن أحمد النجدي على منتهى الإرادات: (النسخة المخطوطة). 54 - حاشية ابن عابدين (رد المحتار على الدر المختار): لمحمد أمين الشهير بابن عابدين - دار الفكر - بيروت - 1386 هـ. 55 - حاشية منتهى الإرادات: لمنصور البهوتي، (مخطوط). 56 - حاشية ابن نصر اللَّه على الفروع: (مخطوط). 57 - حلية الأولياء وطبقات الأصفياء: لأبي نعيم الأصبهاني - الطبعة الأولى - مصر 1351 هـ. 58 - حياة الحيوان: للدميري، اعتنى بتصحيحه الشيخ عبد اللطيف سامر بيتيه - دار إحياء التراث العربي - بيروت - لبنان - الطبعة الأولى. 59 - خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر: للعالم الفاضل محمد المحيي - طبعة مصورة من طبعة سنة 1284 هـ - مصر. - خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر: للعالم الفياضل محمد المحيي - دار صادر - بيروت - لبنان.
60 - الدراية في تخريج أحاديث الهداية: لابن حجر العسقلاني (ت 852 هـ) - دار المعرفة - بيروت - لبنان. 61 - الدرر الكامنة في أعيان المئة الثامنة: لأحمد بن علي بن حجر، تحقيق: محمد سيد جاد الحق - دار الكتب الحديثة - القاهرة - الطبعة الثانية 1385 هـ. 62 - الدرر الفرائد المنظمة في أخبار الحاج وطريق مكة المعظمة: لعبد القادر بن محمد بن عبد القادر الجزيري الحنبلي من أهل القرن العاشر، إعداد: حمد الجاسر - من منشورات دار اليمامة للبحث والنشر - الرياض - المملكة العربية السعودية. 63 - الدر المنضد في أسماء كتب مذهب الأمام أحمد: للعلامة عبد اللَّه بن علي بن حميد السبيعي المكي الحنبلي (1292 - 1346 هـ)، تحقيق: جاسم بن سليمان بن فهد الدوسري - دار البشائر الإسلامية - بيروت - لبنان - الطبعة الأولى 1410 هـ - 1990 م. 64 - الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب: لابن فرحون اليعمري المدني المالكي - دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان. - الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب: لابن فرحون المالكي، تحقيق: محمد الأحمدي أبو النور - دار التراث - القاهرة 1394 م. 65 - ديوان جرير: دار صادر للطباعة والنشر - دار بيروت للطباعة والنشر - بيروت - لبنان 1384 هـ - 1964 م. 66 - ذيل ابن عبد الهادي على طبقات ابن رجب: ليوسف بن حسن بن عبد الهادي - دار العاصمة - الرياض - الطبعة الأولى 1408 هـ. 67 - الذيل على طبقات الحنابلة لابن رجب: لزين الدين أحمد البغدادي ثم الدمشقي الحنبلي - دار المعرفة - بيروت - لبنان - مطبعة السنة المحمدية 1372 هـ - 1953 م. 68 - رؤوس المسائل: لجار اللَّه أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري (ت 538 هـ)، تحقيق: عبد اللَّه نذير أحمد، دار البشائر الإسلامية - بيروت - الطبعة الأولى 1407 هـ. 69 - روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني: للألوسي - دار الفكر.
70 - الروض المربع شرح زاد المستقنع: لمنصور البهوتي - مكتبة الرياض الحديثة - المملكة العربية السعودية - 1403 هـ -1983 م. 71 - روضة الطالبين وعمدة المفتين: للحافظ أبي زكريا محيي الدين بن شرف النووي (ت 676 هـ)، المكتب الإسلامي - بيروت - الطبعة الثانية 1405 هـ. 72 - زاد المسير: لأبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي (597 هـ)، المكتب الإسلامي - بيروت - الطبعة الثالثة 1404 هـ. 73 - السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة: لمحمد بن عبد اللَّه بن حميد النجدي ثم المكي، تحقيق: بكر بن عبد اللَّه أبو زيد، ود. عبد الرحمن بن سليمان العثيمين - مؤسسة الرسالة - بيروت - لبنان - الطبعة الأولى 1416 هـ - 1996 م. 74 - سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر: للمرادي، صورة من الطبعة الأولى - سنة 1301 هـ - مصر. 75 - سنن الدارقطني: للحافظ علي بن عمر الدارقطني (ت 385 هـ)، مع التعليق المغني عليها للعظيم آبادي - مطبعة فالكون بلاهور - باكستان. 76 - سنن الدارمي: أبو محمد عبد اللَّه بن عبد الرحمن الدارمي، تحقيق: فواز أحمد زمرلي، وخالد السبع العلمي - دار الكتاب العربي - بيروت 1407 هـ. - سنن الدارمي: تحقيق السيد عبد اللَّه هشام يماني المدني، الناضر: حديث أكاديمي - نشاط آباد فيصل آباد 1404 هـ - 1984 م. 77 - سنن أبي داود: سليمان بن الأشعث السجستاني - الناشر: دار الفكر. 78 - سنن سعيد بن منصور: تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي، دار الكتب العلمية بيروت. 79 - السنن الكبرى: للبيهقي، أبو بكر بن الحسن البيهقي - دار المعرفة - بيروت - لبنان 1413 هـ - 1992 م. 80 - سنن ابن ماجه: محمد بن يزيد القزويني، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي - الناشر دار الحديث.
81 - سنن النسائي: أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي، بشرح الحافظ جلال الدين السيوطي، تحقيق: مكتبة دار التراث - الطبعة الثانية 1412 هـ - 1992 م. 82 - سيرة أعلام النبلاء: للذهبي، أشرف على التحقيق: شعيب الأرناؤوط مؤسسة الرسالة - بيروت - لبنان - الطبعة الثامنة 1412 هـ - 1992 م. 83 - سيرة ابن هاشم السيرة النبوية: صورة من طبعة مطبعة البابي الحلبي - بمصر - سنة 1355 هـ. 84 - شجرة النور الزكية في طبقات المالكية: لمحمد بن محمد مخلوف - دار الفكر. 85 - شذرات الذهب في أخبار من ذهب: لابن العماد الحنبلي (ت 1089 هـ) - دار الآفاق الجديدة - بيروت - لبنان. 86 - شرح الخرشي على مختصر خليل: دار الفكر - بيروت - لبنان. 87 - شرح الزركشي على مختصر الخرقي في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل: لمحمد ابن عبد اللَّه الزركشي المصري (ت 772 هـ) - تحقيق: عبد اللَّه بن عبد الرحمن الجبرين - الطبعة الأولى 1410 هـ. 88 - الشرح الكبير على متن المقنع في فقه الإمام أحمد بن حنبل: لشمس الدين بن قدامة، مع المغني - دار الفكر - الطبعة الأولى 1404 هـ - 1984 م. - الشرح الكبير: لشمس الدين بن قدامة، مع المقنع، والإنصاف - تحقيق د. عبد اللَّه بن عبد المحسن التركي - هجر - الطبعة الأولى 1416 هـ - 1996 م. 89 - شرح الكوكب المنير المسمى (مختصر التحرير)، أو (المختبر المبتكر شرح المختصر في أصول الفقه): للعلامة محمد بن أحمد بن عبد العزيز الفتوحي (ت 972 هـ)، تحقيق د. محمد الزحيلي، ود. نزيه حماد - دار الفكر بدمشق 1400 هـ. 90 - شرح مختصر الروضة: للطوفي، تحقيق الدكتور: عبد اللَّه بن عبد المحسن التركي - مؤسسة الرسالة - بيروت - الطبعة الثالثة 1419 هـ - 1998 م. 91 - شرح منتهى الإرادات المسمى (دقائق أولي النهى بشرح المنتهى): لمنصور البهوتي - دار الفكر.
92 - الصحاح: لإسماعيل بن حماد الجوهري، تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار - دار العلم للملايين - بيروت - الطبعة الثانية 1399 هـ - 1979 م. 93 - صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري: تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، ومحب الدين الخطيب، ومراجعة: قصي محب الدين الخطيب - دار الريان للتراث - القاهرة - الطبعة الثانية 1409 هـ - 1988 م. 94 - صحيح ابن حبان (الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان): للأمير علاء الدين علي بن بلبان الفارسي (ت 739 هـ)، مؤسسة الرسالة - الطبعة الأولى 1412 هـ. 95 - صحيح مسلم: أبو الحسين مسلم بن حجاج القشيري بشرح النووي - دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان - الطبعة الأولى 1411 هـ - 1990 م. 96 - الضوء اللامع لأهل القرن التاسع: لمحمد بن عبد الرحمن السخاوي - دار مكتبة الحياة - بيروت - لبنان. 97 - ضياء السالك إلى أوضح المسالك: لمحمد بن عبد اللَّه بن النجار- دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان. 98 - طبقات الحنابلة: للقاضي أبي الحسين محمد بن أبي يعلى- دار المعرفة- بيروت - لبنان. 99 - طبقات الشافعية: للأسنوي، تحقيق: عبد اللَّه الجبوري - دار العلوم - الرياض - 1401 هـ. 100 - طبقات الشافعية الكبرى: لعبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي السبكي، تحقيق: محمود محمد الطناحي، وعبد الفتاح محمد الحلو- دار إحياء الكتب العربية - القاهرة. 101 - طبقات الفقهاء: للشيرازي، دار القلم - بيروت - لبنان. 102 - الطبقات الكبرى: لابن سعد، دار صادر - بيروت - لبنان. 103 - الطرق الحكمية من السياسة الشرعية، أو الفراسة المرضية في أحكام السياسة الشرعية: لابن قيم الجوزية، تحقيق: محمد حامد الفقي- دار الوطن - الرياض. 104 - عدة السالك إلى تحقيق أوضح المسالك: لمحمد محيي الدين عبد الحميد، مع أوضح المسالك، المكتبة العصرية - صيدا - بيروت.
105 - العدة شرح العمدة في مذهب إمام السنة أحمد بن حنبل الشيباني: لبهاء الدين عبد الرحمن المقدسي، المكتبة السلفية - القاهرة - الطبعة الثانية. 106 - العذب الفائض شرح عمدة الفارض: إمام الفرضيين الشيخ إبراهيم بن عبد اللَّه بن إبراهيم الفرضي على منظومة: عمدة كل فارض في علم الوصايا والفرائض المعرفة بألفية الفرائض للشيخ صالح بن حسن الأزهري الحنبلي، أمر بطباعته جلالة الملك فيصل بن عبد العزيز -رحمه اللَّه- ملك المملكة العربية السعودية. 107 - العقد الفريد: لابن عبد ربه الأندلسي، إعداد الأستاذ: عصام شعيتر - دار مكتبة الهلال - الطبعة الأولى 1986 م. 108 - العمدة في فقه إمام السنة أحمد بن حنبل الشيباني: للموفق بن قدامة، مع شرحه العدة: لبهاء الدين المقدسي - المكتبة السلفية - القاهرة - الطبعة الثانية. 109 - فتح الباري بشرح صحيح البخاري: لابن حجر العسقلاني، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، ومحب الدين الخطيب، ومراجعة: قصي محب الدين الخطيب - دار الريان للتراث - القاهرة - الطبعة الثانية 1409 هـ - 1988 م. - فتح الباري بشرح صحيح البخاري: لابن حجر العسقلاني - المكتبة السلفية. 110 - فتح القدير شرح الهداية: لكمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي المعروف بابن الهمام (ت 681 هـ) - دار إحياء التراث العربي، ومعه: الكفاية، والعناية. 111 - الفروع: لشمس الدين بن مفلح، تحقيق: أبي الزهراء حازم القاضي - دار الكتب العلمية - بيروت لبنان - الطبعة الأولى 1418 هـ - 1997 م. 112 - الفروق: للإمام القرافي المالكي، عالم الكتب - بيروت. 113 - فقه المواريث: دراسة مقارنة: للدكتور عبد الكريم اللاحم، تحت إشراف الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد - الطبعة الأولى 1413 هـ. 114 - الفهرست: لابن النديم - دار المعرفة - بيروت. 115 - القاموس المحيط: للإمام محمد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي - دار الفكر - بيروت - لبنان 1415 هـ - 1995 م.
116 - القواعد في الفقه الإسلامي: لابن رجب - دار المعرفة - بيروت - لبنان - توزيع دار الباز- مكة المكرمة. 117 - القواعد والفوائد الأصولية وما يتعلق بها من الأحكام الفرعية: لابن اللحام، تحقيق: عبد الكريم الفضيلي- المكتبة العصرية - صيدا - بيروت - الطبعة الأولى 1418 هـ - 1998 م. 118 - الكافي: لموفق الدين بن قدامة، المكتب الإسلامي- الطبعة الثانية 1399 هـ - 1979 م. - الكافي: لموفق الدين بن قدامة، تحقيق: د. عبد اللَّه بن عبد المحسن التركي، بالتعاون مع مركز البحوث والدراسات الإسلامية والعربية بدار هجر- الطبعة الأولى 1417 هـ - 1997 م. 119 - الكامل في التاريخ: لابن الأثير، طبعة مصورة من الطبعة الأولى- سنة 1303 هـ - 1925 م - بمصر. 120 - كتاب التمام لما صح في الروايتين والثلاث والأربع عن الامام، والمختار من الوجهين عن أصحابه العرانين الكرام: للقاضي أبي الحسين بن القاضي أبي يعلى، تحقيق: د. عبد اللَّه ابن محمد الطيار، د. عبد العزيز بن محمد الطيار، د. عبد العزيز بن محمد المد اللَّه - دار العاصمة - الرياض- الطبعة الأولى 1414 هـ. 121 - الكتاب المصنف: لأبي بكر بن أبي شيبة، تحقيق ونشر: مختار أحمد الندوي - المكتبة السلفية - بيروت - دمشق - الطبعة الأولى 1401 هـ - 1981 م. 122 - كشاف القناع عن متن الإقناع: لمنصور البهوتي، تحقيق: إبراهيم أحمد عبد الحميد - مكتبة نزار مصطفى الباز - المملكة العربية السعودية - الطبعة الثانية 1418 هـ - 1997 م. 123 - كشف الظنون: لحاجي خليفة - مكتبة المثنى - بغداد. 124 - لسان العرب: لابن منظور، دار صادر - لبنان - الطبعة الأولى 1410 هـ - 1990 م. 125 - المبسوط: لشمس الدين السرخسي، دار المعرفة - بيروت 1406 هـ. 126 - المبدع في شرح المقنع: لبرهان الدين بن مفلح - المكتب الإسلامي.
127 - مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية: جمع وترتيب: عبد الرحمن بن قاسم النجدي وابنه محمد - دار عالم الكتب - الرياض 1412 هـ - 1991 م. 128 - المحرر في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل: للإمام مجد الدين أبي البركات - مكتبة المعارف - الرياض - الطبعة الثانية 1404 هـ - 1984 م. 129 - مختار الصحاح: للرازي، تحقيق: محمود خاطر، وحمزة فتح اللَّه - مؤسسة الرسالة - بيروت - لبنان - دار البصائر- دمشق - سورية 1407 هـ - 1987 م. 130 - مختصر الروضة مع شرحه: للطوفي، تحقيق الدكتور: عبد اللَّه بن عبد المحسن التركي - مؤسسة الرسالة - بيروت - الطبعة الثالثة 1419 هـ - 1998 م. 131 - مختصر الخرقي مع المغني: تحقيق: د. عبد اللَّه بن عبد المحسن التركي، د. عبد الفتاح محمد الحلو - هجر - القاهرة - الطبعة الأولى 1410 هـ - 1990 م. 132 - مختصر طبقات الحنابلة: لمحمد جميل الشطي، تحقيق فواز أحمد زمرلي - دار الكتاب العربي - بيروت 1406 هـ. 133 - مختصر طبقات الحنابلة: جمع الشيخ جميل أفندي الشطي الحنبلي الدمشقي، مطبعة الترقي 1339 هـ. 134 - مختصر القدوري (الكتاب): لأبي الحسين أحمد بن محمد القدوري (ت 428 هـ) مع شرحه اللباب - دار إحياء التراث العربي - بيروت 1412 هـ. 135 - مداخل المؤلفين والأعلام العرب: لفكري الجزار - مكتبة الملك فهد الوطنية - 1411 هـ - 1991 م. 136 - المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل: لابن بدران، تحقيق: محمد أمين ضناوي - دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان - الطبعة الأولى 1417 هـ - 1996 م. - المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل: لابن بدران، تحقيق الدكتور عبد اللَّه بن عبد المحسن التركي - مؤسسة الرسالة - الطبعة الثانية 1401 هـ - 1991 م. 137 - المدونة الكبرى: للإمام مالك بن أنس الأصبحي رواية سحنون عن ابن القاسم، دار الفكر - بيروت.
138 - مرآة الزمان في تاريخ الأعيان (481 - 517 هـ / 1088 - 1123 م): لسبط ابن الجوزي -رحمه اللَّه- شمس الدين أبي المظفر يوسف بن قزاوغلي (581 - 654 هـ)، تحقيق: د. مسفر بن سالم بن عريج الغامدي - مركز إحياء التراث الإسلامي- بجامعة أم القرى - مكة المكرمة 1407 هـ - 1987 م. 139 - مسائل الإمام أحمد بن حنبل: رواية ابنه صالح، تحقيق: د. فضل الرحمن دين محمد - الدار العلمية - دلهي - الهند، الطبعة الأولى 1408 هـ - 1988 م. 140 - مسائل الإمام أحمد بن حنبل: رواية ابنه عبد اللَّه، تحقيق ودراسة الدكتور: علي سليمان المهنا - مكتبة الدار - المدينة المنورة، الطبعة الأولى 1406 هـ - 1986 م. 141 - مسائل أبي بكر: عبد العزيز المعروف بغلام الخلال التي خالف فيها الإمام أبا القاسم الخرقي الحنبلي، تحقيق: محمد بن عبد الرحمن بن حسين آل إسماعيل - مكتبة المعارف - الرياض- الطبعة الأولى 1413 هـ - 1993 م. 142 - المستدرك على الصحيحين: للإمام الحافظ أبي عبد اللَّه الحاكم النيسابوري. 143 - مسند الإمام أحمد بن حنبل: دار صادر، المكتب الإسلامي، بيروت. - مسند الإمام أحمد بن حنبل: دار الفكر العربي. 144 - مسند الحميدي: أبو بكر عبد اللَّه بن الزبير، تحقيق الأستاذ: حبيب الرحمن الأعظمي - نشر رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية. 145 - المصباح المنير: للفيومي، مكتبة لبنان - لبنان 1990 م. 146 - المصنف: للحافظ عبد الرزاق بن همام الصنعاني (ت 221 هـ) تعليق: حبيب الرحمن الأعظمي - المكتب الإسلامي - بيروت - الطبعة الثانية 1403 هـ. 147 - مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى: للسيوطي الرحيباني - الطبعة الثانية 1415 هـ - 1994 م.
148 - المطلع على أبواب المقنع: للبعلي، المكتب الإسلامي 1401 هـ - 1981 م. 149 - معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول في التوحيد: للشيخ حافظ بن أحمد حكمي - دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان - الطبعة الأولى 1403 هـ - 1983 م. 150 - معجم الأدباء، أو (إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب): لياقوت الحموي - صورة عن الطبعة الأولى، بمصر، سنة 1925 م. 151 - معجم المصطلحات الاقتصادية في لغة الفقهاء: للدكتور: نزيه حماد، الدار العالمية للكتاب الإسلامي، الطبعة الثالثة 1415 هـ. 152 - معجم المؤلفين: لعمر رضا كحالة - دار إحياء التراث العربي - بيروت - لبنان. 153 - معرفة السنن والآثار: لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي (ت 458 هـ)، تحقيق: د. عبد المعطي قلعجي - دار الوعي - القاهرة - الطبعة الأولى 1411 هـ. 154 - المعونة على مذهب عالم المدينة الإمام مالك بن أنس للقاضي عبد الوهاب البغدادي، تحقيق: حميش عبد الحق - مكتبة نزار مصطفى الباز - مكة المكرمة - 1415 هـ - 1995 م. 155 - معونة أولي النهى شرح المنتهى: للفتوحي الشهير بابن النجار، تحقيق: د. عبد الملك ابن عبد اللَّه بن دهيش - دار خضر - بيروت - لبنان - الطبعة الأولى 1416 هـ - 1996 م. 156 - المغني: للموفق بن قدامة، تحقيق: د. عبد اللَّه بن عبد المحسن التركي، ود. عبد الفتاح محمد الحلو - هجر - القاهرة - الطبعة الأولى 1410 هـ - 1990 م. 157 - مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج: للشيخ محمد الخطيب الشربيني- دار الفكر - بيروت. 158 - مفاكهة الخلان في حوادث الزمان: شمس الدين محمد بن طولون، دار إحياء الكتب العربية - لعيسى البابي الحلبي - القاهرة 1384 هـ. 159 - مفتاح السعادة ومصباح السيادة: لطاش كبري زادة، تحقيق: كامل بكري، دار الكتب الحديثة. 160 - المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة: لشمس الدين محمد
ابن عبد الرحمن السخاوي (902 هـ) - مكتبة الخانجي - بمصر 1375 هـ. 161 - المقصد الأرشد في ذكر أصحاب الإمام أحمد: لإبراهيم بن محمد بن عبد اللَّه بن مفلح، تحقيق: عبد الرحمن بن العثيمين - مكتبة الرشد - الرياض - الطبعة الأولى 1410 هـ. 162 - المقنع: لموفق الدين بن قدامة، مع الشرح الكبير والإنصاف، تحقيق: د. عبد اللَّه بن عبد المحسن التركي - هجر - الطبعة الأولى 1416 هـ - 1996 م. 163 - المقنع في شرح مختصر الخرقي: لابن البنا، تحقيق: د. عبد العزيز بن سليمان البعيمي - مكتبة الرشد - الرياض - الطبعة الثانية 1415 هـ - 1994 م. 164 - الممتع في شرح المقنع: للمنجي التنوخي، تحقيق: د. عبد الملك بن عبد اللَّه بن دهيش - دار خضر - الطبعة الأولى 1418 هـ - 1997 م. 165 - منتهى الإرادات: للفتوحي، تحقيق: عبد الغني عبد الخالق - عالم الكتب. 166 - المنهج الأحمد في تراجم الأمام أحمد: لعبد الرحمن محمد العليمي، تحقيق محمد محيى الدين عبد الحميد - عالم الكتب - بيروت - لبنان - الطبعة الثانية 1404 هـ. 167 - المهذب في فقه مذهب الإمام الشافعي: لأبي إسحاق ابراهيم بن علي الشيرازي (ت 476 هـ) - مطبعة عيسى البابي الحلبي - بمصر. 168 - الموسوعة الكويتية: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة الكويت - الطبعة الثانية - 1406 هـ - 1986 م. 169 - الموطأ: لمالك بن أنس، دار الريان للتراث - القاهرة - الطبعة الأولى 1408 هـ - 1988 م. 170 - ميزان الاعتدال: للذهبي، تحقيق: علي محمد البجاوي - دار الفكر. 171 - النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة: ليوسف بن تغري بردي الأتابكي - دار الكتب المصرية - القاهرة - الطبعة الأولى 1357 هـ. 172 - نصب الراية لأحاديث الهداية: للحافظ جمال الدين عبد اللَّه بن يوسف الزيلعي (ت 762 هـ)، دار الحديث.
173 - نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب: للمقري - مصر - سنة 1302 هـ. 174 - النهاية في غريب الحديث والأثر: لمجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري ابن الأثير (ت 606 هـ)، تحقيق: طاهر الزاوي، ومحمود الطناحي - المكتبة الإسلامية. 175 - الهداية شرح بداية المبتدئ: لشيخ الإسلام برهان الدين علي بن أبي بكر المرغيناني، مع تكملة شرح فتح القدير لابن الهمام الحنفي - دار الفكر - بيروت - الطبعة الثانية. 176 - هدية العارفين: لإسماعيل البغدادي - مكتبة المثنى - بغداد. 177 - الوافي بالوفيات: لصلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي - دار فرانز شتايز بقيسبادان - 1381 م. 178 - الوفيات: لمحمد بن رافع السلامي، مخطوط في دار الكتب المصرية تحت رقم 5/ 406، ومنه صورة في المكتبة المركزية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. 179 - وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان: لأحمد بن محمد بن أبي بكر بن خلكان، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد - الطبعة الأولى - القاهرة - سنة 1367 هـ. 180 - يتيمة الدهر: للثعالبي: الطبعة الأولى 1303 هـ - دمشق - سورية. * * *